فهل كان هذا هو ما تريده إيران من العلاقة بالإخوان وحماس !! إشغالهم بالتحالف السياسي و تمرير مخططات شيعية عبر حركة الجهاد وغيرها ؟؟ سؤال حائر ينتظر إجابة ؟(45/170)
مجلة الراصد الإسلامية
العدد السادس والأربعون – ربيع الثاني 1428هـ
* فاتحة القول:…وقفات مع إعادة فتح دار التقريب في القاهرة ..............................................…3
* فرق ومذاهب:…الطريقة النقشبندية .............................................................................…4
* سطور من الذاكرة:…صفحات من تاريخ المعنيين الدروز ..........................................................…11
* دراسات: …مراجعة لمنهج التعمل مع جيش المهدي ....................................................…14
* كتاب الشهر: …أثر الحركات الباطنية في عرقلة الجهاد .....................................................…43
* قالوا: …..................................................................................................…48
* جولة الصحافة : ……
الشيعة…- التبشير بالمذهب الشيعي في السودان يوتر العلاقات بين الطوائف .................... …51
…- الخطران الإسرائيلي والإيراني ............................................................…55
…- الشيعة في تونس ...........................................................................…57
…- المخاطر المستقبلية لصفقة غلق مرقد أبي لؤلؤة المجوسي ..........................…65
…- ترخيص حكومي مصري لمجلة شيعية .. وإعادة فتح دار التقريب ..................…70
…- تمرد الحوثيين في اليمن .. أبعاد ودروس ..............................................…74
…- حوار مع حسين فضل الله .. أكبر مرجع شيعي عربي .................................…78
…- صحيفة بحرينية تتهم وجدي غنيم بالتحريض على الفتنة الطائفية ..................…83
…- السلطات المغربية تتابع 6 مغاربة يسعون لنشر التشيع في البلاد ...................…88(46/1)
…- مفكر مغربي يرفض إقامة حزب للشيعة وينفي وجود مرتبة آية الله في بلاده ......…88
متفرقات…- فضائيات تعلن الحرب على الإسلام ......................................................…91
…- تنظيم دولي للمرتدين برعاية جهات أمريكية – ألمانية – فرنسية ...................…96
…- دراسة لجامعة تل أبيب تحذر من مخاطر تدين الشباب المصري على الأمن الإسرائيلي…99
…- راند توصي بدعم الليبراليين على حساب الإسلاميين ...................................…100
…- ظاهرة زواج النساء من القرآن الكريم في باكستان! ..................................…102
…- يزيديو العراق يهددون بالتبرؤ من الأكراد والانضمام للعرب .........................…104
وقفات مع 00
إعادة فتح دار التقريب في القاهرة
…تناقلت الوكالات خبر إعادة فتح دار التقريب في القاهرة وإعادة إصدار مجلة رسالة الإسلام ، وذلك عقب زيارة الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي للقاهرة، وقد دفعنا هذا الخبر للتأمل في مسار التقريب في زمننا هذا على الجانبين السني والشيعي ، فعدت لتصفح كتاب "مسألة التقريب" للدكتور ناصر القفاري، حيث لخص جهود التقريب التي تمت في الجانب السني فكانت كما يلي:
-…نشأة هذه الدار بتخطيط من مراجع الشيعة، على يد الشيخ محمد تقي قمي.
-…كانت مطالب دار التقريب، اعتماد مصادر الفكر الشيعي لدي أهل السنة، تدريس الفقه الشيعي في الأزهر وإسناده لأحد علماء الشيعة، والاعتراف بمسألة الإمامة.
-…تم إدخال الفكر والفقه الشيعي في مناهج الأزهر لكن اعتراض بعض العلماء أوقف تنفيذ ذلك الأمر.
-…أصدر شيخ الأزهر شلتوت فتوى بجواز التعبد بالمذهب الشيعي.
-…اقتراح طباعة بعض الكتب الشيعية، وقد تم بالفعل طبعها وبعضها على نفقة وزارة الأوقاف المصرية.
-…كانت مجلة دار التقريب "رسالة الإسلام" منبراً لترويج التشيع.(46/2)
…وقد توقفت هذه الدار سنة 1392 هـ ، ولكن بعد أن بذرت بعض البذور السيئة مما نراه اليوم من انتشار التشيع في مصر. ولم يكن لهذه الدار أي نشاط في أوساط الشيعة كالعراق أو إيران، كما لم يكن لها أي نشاط في طباعة أو ترويج كتب أهل السنة ي الأوساط الشيعية.
…كانت هذه مسيرة التقريب في الوسط السني، ولمعرفة مسار التقريب على الجانب الآخر هو الجانب الشيعي، عدنا لموقع مجمع التقريب في طهران ، وتصفحنا منجزاته ومنشوراته، فإذا المنشورات العربية هي منشورات شيعية أو سنية مخدوعة بالتشيع!! أما المنشورات الفارسية فلم تترجم أسمائها في الصفحة العربية من الموقع!!! وأما صور أعضاء لجان التقريب فهي صور لشخصيات شيعية فقط! وليس هناك نشاط للمجمع لتعريف المجتمع الإيراني على الفكر السني ، أو عقد ندوات ومحاضرات لعلماء السنة الثقات.أما مجلة المجمع والتي تسمي "التقريب" فليس فيها سوى مقالات تروج للتشيع أو لشخصيات سنية مخدوعة بالتشيع.
ونظن أن المقارنة بين المسارين واضحة ، فالقاعدة التي يسير عليها التقريب من وجهة النظر الشيعية هي: ما لنا فهو لنا وما لكم فنحن فيه شركاء !!!
الطريقة النقشبندية
الطريقة النقشبندية التي يصفها أنصارها بأنها فرقة معتدلة وأنها ملتزمة بالكتاب والسنة، بل ويعتبرونها بأنها طريقة الصحابة الكرام! حتى إن أحد شيوخهم وهو محمد بن عبد الله الحاني يقول: " اعلم أيها الطالب لمعرفة الله تعالى ـ وفقنا الله وإياك ـ أن معتقد ساداتنا النقشبندية قدس الله أسرارهم الزكية، هو معتقد أهل السنة والجماعة. ومبنى طريقتهم على حفظ أحكام الشريعة المطهرة". وإزاء ادعاءات النقشبندية هذه، فإننا نجد أن الحاجة ماسّة للتعرف أكثر عن عقائدها وممارساتها، ومقارنة الأقوال بالأفعال، علاوة على أن النقشبندية هي نموذج لإحدى الطرق الصوفية الرئيسية في العالم، والتي تنتشر بشكل خاص في آسيا.
البداية والتأسيس:(46/3)
تنسب النقشبندية إلى بهاء الدين محمد بن محمد البخاري الملقب بشاه نقشبند، المولود في بخارى سنة 717هـ، والمتوفى سنة 791هـ. وقد تتلمذ على يد الشيخ الصوفي محمد بابا السماسي في مدينة تماس، وبعد وفاة السماسي، انتقل نفشبند إلى سمرقند، حيث صحب عدداً من مشايخ الصوفية في ذلك العصر، على رأسهم عارف الدين عراني. وفي مسقط رأسه بخارى، أخذ يجمع حولة المريدين، ويلقي عليهم الدروس. وقد ترك عدداً من المؤلفات أبرزها (الأوراد البهائية، سلك الأنوار، هداية السالكين، تحفة الطالبين..).
وتوصف النفشبندية بأنها طريقة سلوكية، وسهلة، ودراويشية، ولها طريقة خاصة في الذكر.
أما لفظ "نقشبند" فهو مصطلحٌ فارسيٌّ مركّبٌ من كلمتين: إحداهما عربيةٌ؛ وهي "نقش" والثانية فارسيةٌ، وهي "بند" (بفتح الباءِ وسكون النّون والدّال) وكان يُطْلَقُ اسم »نقشبند« على الرسّام والنقّاش الّذي يعمل الوشي والنمنمة على الأقمشة في اللّهجة التركية القديمة. والمناسبةُ في أخذ هذه الكلمة وإطلاقها على هذه النحلة واضحةٌ. ذلك، يزعمون أنّهم يسعون إلى نقش محبة الله في قلوبهم بالذكر المتواصل والسلوك المأثور من سادتهم.وإضافة إلى اسم "النقشبندية" فإنه يطلق عليها: الصديقية، الطيفورية، الخواجكاينة، الأحرارية، المجددية..
يرى الباحث فريد الدين آيدن ، في كتابه " الطريقة النقشبندية بين ماضيها وحاضرها " أن سبب رواج النقشبندية بين الأتراك يعود لتشابه الصوفية مع ديانات الأتراك القديمة حيث "وَجَدُوا صلةً بين هذه الأمور وبين ما كانوا عليه في سابق أمرهم؛ لأنّهم كانوا على دينٍ اسمه »الشامانية« فكانوا يعتقدون في رهبانهم أنّهم ينفعون ويضرّون من دون الله، ويشفعون لهم عند الأرواح الإلهية المهيمنة ويتصرّفون عنها في الكون. وكذلك كانوا يتأمّلون ويتفكّرون في حكمة الله على أساليب الديانة البوذية والبرهمية".(46/4)
…وبين آيدن أن الأتراك قصدوا التميز عن الفرس والعرب فجعلوا النقشبندية في صيغة تقدم لهم الإسلام في قالب متميز عن الفرس والعرب " فاتّخذوا أبا بكر الصديق رضي الله عنه رمزًا لطريقتهم، كي يُلمحوا بذلك أنّهم على نقيضٍ للفرس الشيعة، كما اتّخذوا اللّغة الفارسيّة كَلُغَةِ العبادة في هذ الدين المُخْتَلَقِ لعدم الكفاءة في لغتهم. ووضعوا لهذا الدين آداباً ومبادئَ تختلف تمامًا عن أركان العبادة والدعاء في الإسلام بغية أن يستقلّوا بوُجْهَة نظرهم إلى الإسلام بخلاف ما يفهمه العرب".
وجاء في بعض مصادر الباحثين الأتراك أن عبدالله الإلهي هو الذي قام لأول مرة بنشر الطريقة النقشبندية في أراضي الدولة العثمانية ما بين 1481- 1512، وقام بمحاولة التأليف بين النقشبندية والطريقة الملاميّة، وكان ذلك في عهد السلطان بايزيد الثاني. ثم تابعه حيدر باشا في نشر هذه الطريقة أيام السلطان سليمان القانوني.
وكانت أول تكية لهم في البلاد العثمانية - على الأرجح - هي التي بنيت في مدينة أماسيا عام 1404ـ 1405م باسم تكية محمود شلبي، واحتل منصب المشيخة لأول مرة في هذه التكية الخواجة ركن الدين محمود البخاري الذي كان من خلفاء شاه نقشبند.
وورد في موسوعة اسطنبول أن السلطان العثماني محمد الفاتح اهتم بالنقشبنديين الذين كانوا خارج مملكته، وتولى حمايتهم، وقام بدعوة بعض زعمائهم أمثال نور الدين عبد الرحمن الجامي وعبدالله الأحرار، ليتمكن بذلك من الوقوف أمام تهديدات الشيعة الإيرانيين.."
أبرز عقائدهم:
…يعتقد النقشبنديون أن المؤسس الأول لطريقتهم هو أبو بكر الصديق. ويدعون بأنه كان يستعمل طريقة الذكر النقشبندية بحبس النفس ولا يتنفس إلا في الصباح وكان الناس يشمون رائحة اللحم المشوي فأخبرهم النبي ? أن هذه الرائحة كبد أبي بكر من كثرة ذكره لله!(46/5)
…ويعتقدون كما جاء في إرغام المريد للكوثري أن من لم يسلك طريقته فهو على خطر من دينه. ويعاملون مشايخ الطريقة الأموات معاملة الأحياء في الاستغاثة وتلقي فيوضات النور والهدى منهم ومبايعتهم وأخذ العلم عنهم ، كل ذلك وهم في قبورهم.
…ويعتقدون أن الصلة بالله إنما تحصل بالتقرب إليه بوضع صورة الشيخ في مخيلة المريد وبين عينيه عند ذكر الله. وهذه الصلة تسمى الرابطة وهي عندهم أوثق وأعظم تأثيراً من الرابطة التي يؤديها المسلمون خمس مرات في اليوم والليلة أي الصلاة. …
…ولا يقتصر شيوخ الطريقة على الإنس بل من الحيوانات شيوخ الطريقة كالفرس والهرة والفهد والنحلة. قال صاحب الرشحات: "وأما الحيوانات فلنا منهم شيوخ، ومن شيوخنا الذين اعتمدت عليهم الفرس فإن عبادته عجيبة ، فما استطعت أن أتصف بعبادتهم" وزعم أن السالكين يرون الله بالطريقة التجلية فيرون الله في جميع الأشياء من إنسان ونباتات وحيوانات بل ويتجلى الله في شكل فرس "رشحات عين الحياة" (ص133/ لعلي الهروي). فالله عندهم يتشكل ويظهر بأشكال مختلفة – تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا- .
بل وذكروا أن الله يصلي (كتاب السبع أسرار في مدارج الأخيار ص83 لمحمد معصوم)، وإن روح الإنسان لها شبه بالله (مكتوبات السرهندي 121 و 198 نور الهداية والعرفان 83).…
…وفي الوقت الذي يعتقدون فيه أن الله ظل، يعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يرى له ظل لا بالدليل ولا بالنهار لأنه نور محض [نور الهداية والعرفان ص24].…
…ويزعم النقشبنديون أن بهاء الدين نقشبند [مؤسس هذه الطريقة] كان يقول للرجل "مُت" فيموت ثم يقول له "قم حياً" فيحيا مرة أخرى" ["المواهب السرمدية" ص133 و"الأنوار القدسية" ص137 و"جامع كرامات الأولياء" 1/146] وكان يتمثل بأقوالِ الحلاج ومنها هذا البيت:
كفرتُ بدين الله والكفرُ واجبٌ……لديّ وعند المسلمين قبيح(46/6)
…["الأنوار القدسية" ص134 "الحدائق الوردية" ص134 "مكتوبات السرهندي" ص282]
…ويحكون أن شيخهم علمه أن يطلب المدد من كلاب الحضرة النقشبندية ويخدمهم بإخلاص وأنه اجتمع مرة بكلبِ وحرباء ، فحصل له من لقائهما بكاءً عظيماً وسمع لهما تأوهاً وحنيناً فاستلقى كل منهما على ظهره، ورفع الكلب قوائمه الأربع إلى السماء وأخذ يدعو الله، وكذلك فعلت الحرباء والشيخ واقفٌ يقول: آمين، يؤمِّنُ على دعاء الكلب والحرباء ["المواهب السرمدية في مناقب النقشبندية" 118-119 "الأنوار القدسية في مناقب النقشبندية" ص130].
والنقشبنديون يثبتون لمشايخهم العلم بالغيب في الوقت الذي نجد بعضهم يصرحون بنفي علم الله للغيب كما نقله صاحب الرشحات عن أولياء النقشبندية أنه قال: "إن الله تعالى ليس عالماً للغيب" ونسب السرهندي أصل هذا القول إلى ابن عربي.…وإما إثبات علم الغيب لأنفسهم فقد قال الدهلوي: "وللنقشبندية تصرفات عجيبة من التصرف في قوالب الناس" ["شفاء العليل ترجمة القول الجميل" ص104]
…وحكى الكوثري عن أبي الحسن الشاذلي أنه قال: "أطلعني الله على اللوح المحفوظ، فلولا التأدب مع جدي رسول الله لقلت هذا سعيد وهذا شقي" ["ارغام المريد شرح النظم العتيد لتوسل المريد برجال الطريقة النقشيندية" ص39].
نماذج من الكرامات التي ينسبونها لمشايخهم:
يقولون "حين توفي حبيب الله جان جانان النقشبندي ارتفع نصف القرآن إلى السماء ووقع في الدين فتور" ["الأنوار القدسية" (ص207)، "المواهب السرمدية" 231-232].
وكان شيخهم أحمد الفاروقي يقول: "كثيراً ما كان يُعرجُ بي فوق العرش وأرتفع فوقه بمقدار ما بين مركز الأرض وبينه، ورأيت مقام الإمام شاه نقشبند ... وقال "وأعلم أني كلما أريد العروج يتيسر لي" ["المواهب السرمدية" ص184 "الأنوار القدسية" 182].(46/7)
وكان أحد مشايخهم واسمه عبد الله الدهلوي يقول: "كما أن طلب الحلال فرض على المؤمنين كذلك ترك الحلال فرض على العارفين" ["المواهب السرمدية" ص185 "الأنوار القدسية" ص213].
ويدعون أن الشيخ عبيدالله أحرار له ميزة عجيبة فكان عنده قوة ينقل بها المرض من شخص لآخر" ["جامع كرامات الأولياء" (2/236)، "الأنوار القدسية" ص177]. ونص الدهلوي على أن نقل المرض من كرامات مشايخ هذه الطريقة. ["شفاء العليل ترجمة القول الجميل" ص104].
أما الشيخ محمد المعصوم الذي يعتبرونه غوثاً يستغيث به الناس ويصفونه بحضرة (القيوم) فقد سقط أحد مريديه عن فرسه في الصحراء، قال: فاستغثت بحضرة (القيوم) فحضر بنفسه وأيقظني"، وكذلك أشرف آخر من أتباعه على الغرق فاستغاث به فحضر في الحال وأنقذه.…
…وكان يغيث الناس في أقصى الأرض وهو جالس في مكانه. فقد استغاث به رجل في سفينة كانت تغرق فمد الشيخ يده وانتشل السفينة وهو في بيته أمام أصحابه الذين رأوا فجأة أن كُمّه صارت مبللة بعد أن رأوه يمدها في الهواء"! ["جامع كرامات الأولياء" (1/199)، "المواهب السرمدية" (210-213)، "الأنوار القدسية" ص195].
ويدعون بأن بهاء الدين نقشبند كان يجتمع بأرواح سلسلة المشايخ النقشبندية وأخذ العهد والولاية والتكليف منهم في المقبرة. ["المواهب السرمدية" ص113].
انتشارها:
تنتشر الطريقة النقشبندية في بلاد الشام والعراق وتركيا وكردستان وشمال القوقاز، إضافة إلى الصين وبعض جمهوريات أسيا الوسطى.
ففي تركيا، يعتبر جامع اسكندر باشا بحي محمد الفاتح في مدينة استانبول المركز الرئيسي للنقشبندية في تركيا.
وتنقسم هذه الطريقة في تركيا إلى عدة جماعات أهمها: جماعة اسكندر باشا التي كان يتزعمها محمود أسعد جو سشان، وجماعة إسماعيل أغا، وجماعة يحيالي، وجماعة أران كوي، وأوقاف المرادية.(46/8)
ويبدو أنه ليس بين هذه الفرق اختلافات جوهرية، إنما تختلف في بعض التفاصيل الخاضعة لاجتهاد كل شيخ من شيوخها.
وتعد جماعة اسكندر باشا أشهر فرق النقشبندية، وقد أسهمت في تأسيس حزب النظام الوطني سنة 1970م، وحزب الإنقاذ الوطني سنة 1972، اللذين أشرف على تأسيهما رئيس الوزراء التركي السابق نجم الدين أربكان, كما أن رئيس حزب الفضيلة الذي تأسس بعد حظر حزب "الرفاه" سنة 1997 رجائي قوطان يتمتع بعلاقات متينة مع أهل الطريقة النقشبندية حيث ترأس جمعيات أوقاف أكيول التابعة للجماعة.
وفي أوائل الثمانينات من القرن الماضي، لعبت النقشبندية دوراً كبيراً في توجيه الرأي العام، وقد أدركت الدولة هذه الحقيقة، فاستعانت بأتباع النقشبندية لإقناع الناس بالتصويت على الدستور عام 1982.
ولم يقتصر انضمام أنصار ومريدي النقشبندية على الأحزاب الإسلامية فقط، بل إن أنصارها ينتشرون في مختلف الأحزاب العلمانية، فرئيس الحزب الديمقراطي كورجوت أوزال هو عضو في الطريقة، كما أن الرئيس التركي الراحل تورجوت أوزال كان أحد مريدي زعيم النقشبندية السابق محمد زاهد كوتكو.
…النقشبنديّين اليوم في تركيا، موزَّعون في صفوف سبع جماعاتٍ رئيسةٍ و هذه الجماعات، يختلف بعضُها عن بعض من حيث التكوين الإجتماعيِّ والمستوى الثقافيِّ والنشاط السياسيِّ اختلافًا بارزًا.(46/9)
…وهم بالتحديد: العقيد المتشيّخ حسين حلمي إشيك؛ ورجل يتزعم قطاعًا كبيرًا من جماعة النور اسمه فتح الله كولان؛ ورجل في المنطقة الجنوبية قرب مدينة آديامان (وهو عربي مستكرَد)، احتلّ مكان أبيه وجدّه الّذي ذاع صيته بدعم جهاز المخابرات في عهد مندريس؛ وزعيم الطائفة السليمانية؛ ورجل متشيّخٌ مدسوسٌ (مثل الضابط الّذي مرّ ذكره) يقوم بنشاطاته في منطقة ساكاريا، ورجل من بقايا الشعب البُنْطُسيّ اليوناني من أهالي مدينة طربزون. قد اتخذ من مسجد إسماعيل آغا بإسطنبول مقرًا ومركزًا. وثَمَّ شخص أخر، قد خلّفه شيخ الداغستانيين. وهناك عدد أقل ارتباطًا برجال السياسة وهم خلفاء محمود سامي رمضان أوغلو المعروف بـ "شيخ التجار" في إسطنبول؛ وخلفاء إسماعيل حقي أهرامجي الّذي كان يبث دعوته من مدينة سيواس في أواسط آناضول.
وفي كردستان العراق يعتبر ضياء الدين خالد حسين المولود على الأرجح سنة 1779م والمعروف عند أصحابه باسم "مولانا خالد النقشبندي" هو مؤسس الطريقة النقشبندية الذي سافر إلى الهند سنة 1808م.
وهناك تعلم أصول الطريقة، وعاد لينشرها في بلاده وتحديداً في مدينة السليمانية التي يديرها حالياً حزب جلال الطالباني. وكان لخالد هذا أتباع كثيرون في كردستان وخارجها حتى وفاته سنة 1827م.
واستطاعت هذه الطريقة أن تفرض نفسها في كردستان بعد صراع مع أتباع الطريقة القادرية - التي تنتسب إلى عبد القادر الجيلاني -.
ومن الأحداث البارزة المعاصرة في كردستان فيما يتعلق بالنقشبندية إعادة رفاة زعماء الطائفة التي كان بعض أتباع جماعة أنصار الإسلام قد نبشوها خشية تحولها إلى مزارات يؤمها الناس.
وقد تم إعادة الرفاة باحتفال كبير حضره أنصار الطوائف الصوفية، وممثل جلال الطالباني الذي أعلن عن تخصيص مبلغ 700 ألف دولار أمريكي من ميزانية حكومة كردستان لإعادة إعمار المزارات النقشبندية، وفتح طريق جديد في المنطقة.(46/10)
ومن العائلات البارزة التي يتولى أفرادها مشيخة الطريقة: شمدين، وتافيلي، البرزاني.
وفي فلسطين، تعتبر الزوايا النقشبندية المعروفة بالأزبكية من المعالم البارزة في مدينة القدس، وتقع في حارة الواد، قرب باب الغوانمة.
ويقال أن الذي بناها مؤسس الطريقة بهاء الدين نقشبند فوق أرض أشتراها لإيواء الغرباء القادمين من بخارى وجاوة وتركستان، وقد أضيفت إليها فيما بعد بعض الغرف عندما تولى مسؤوليتها حسن بن الشيخ محمد الصالح الأزبكي سنة 1144هـ (1731م).
و في لبنان ، تنتسب فرقة الأحباش للطريقة النقشبندية ، ومعلوم أن الأحباش فرقة باطنية جمعت عدة مذاهب وأفكار وفتاوى شاذة شكلت بمجموعها فرقة منحرفة جديدة، وقد سبق أن عرفنا القارئ بها على صفحات مجلة "الراصد ".
الدور السياسي:
تم استغلال النقشبندية سياسياً من قبل الحكومات التركية لتمرير كثير من المخططات السياسية ، و تم استغلالهم أيضاً من قبل حكومة تركمنستان وحالياً يعد هشام قباني النقشبندى من أهم أدوات السياسة الأمريكية لترويج الإسلام الأمريكي .
وقد كان للشيخ شامل في الشيشان جهود مباركة في الجهاد ضد الروس، كما أنه مؤخرا أعلن عن جيش رجال الطريقة النقشبندية في العراق، وتختلف حوله الأراء بين من يجعله لعبة بعثية، وبعضهم يعده لعبة صوفية لاحتلال موقع سياسي وبعضهم يجعله فصيل ضعيف صوفي وطنى.
أهم شخصياتها العاصرة:
1-…محمد ناظم القبرصي الحقاني، من مواليد لارنكا في قبرص سنة 1933م، تخرج من جامعة استانبول ويتقن عدة لغات. وله عدة مؤلفات أشهرها "الطريق إلى الملكوت" وله أتباع كثيرون خاصة في سوريا ولبنان.
2-…عثمان سراج الدين عراقي الأصل استقر في استانبول، حيث شيّد مسجداً ومركزاً للنقشبندية فيها، عاش أكثر من مائة عام وتوفى عام 1997، ودفن في الزاوية النقشبندية في استانبول بتركيا.(46/11)
3-…محمود أسعد جوشان. وقد اختير رئيساً للطريقة بعد وفاة شيخها محمد زاهد كوتكو. وقد توفى جوشان سنة 2001 في حادث سير في استراليا التي اتخذها مقراً بعد مغادرته لبلده تركيا عقب حظر حزب الرفاه.
للاستزادة:
1-…الموسوعة الميسرة ـ إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
2-…الطرق الصوفية: ظروف النشأة وطبيعة الدور ـ ممدوح الزوبي.
3-…التصوف في البداية والتطرف في النهاية ـ السيد حسين الرجا.
4-…الطريقة النقشبندية بين ماضيها وحاضرها ـ الشيخ فريد الدين آيدن.
5-…موقع صيد الفوائد.
6-…موقع إسلام أون لاين.
صفحات من تاريخ المعنيين الدروز
الأسرة المعنية هي إحدى السلالات التي حكمت مناطق واسعة من لبنان، وهي أسرة من أمراء الدروز خلفت الأسرة الشهابية في الحكم في مناطق لبنان. ويرجح عدد من المؤرخين أن الأسرة المعنية من أصل كردي، نزلوا بين الدروز واتخذوا مذهبهم، وأصبحوا أمراء عليهم، وزعموا لهم بأنهم من سلالة معن بن زائدة، الذي كان من ولاة العباسيين، ومن أجواد العرب. ويعتبر الأمير فخر الدين المعني الثاني (1572- 1635م) أبرز أمراء هذه الدولة وقد حكم المناطق الممتدة بين يافا وطرابلس بين عامي 1590- 1625م( ).
وقد كان لفخر الدين مواقف مخزية في محاربته لدولة الخلافة العثمانية، واستعانته بالدول الأوربية، وتأليبها ضد العثمانيين، لتحقيق مصالحه واستقلاله بدولته الدرزية، وهو النهج الذي اتخذه من قبله التنوخيون الدروز خلال فترة الغزو المغولي والصليبي للعالم الإسلامي( ).
ويعود أول اصطدام للدروز بالدولة العثمانية إلى سنة 930هـ (1523م)، بعد تمردهم على حاكم دمشق، وقتلهم لجنوده، فكان أن قاتلهم، وأوقع بهم الهزيمة.(46/12)
وعندما تولى فخر الدين السلطة، كان عصر سلاطين العثمانيين العظام قد بدأ بالأفول، كما أن الدولة العثمانية كانت منهمكة في حروبها مع الدول الأوربية، فدخل فخر الدين في حروب محلية لتوسيع نفوذه في بلاد الشام، الأمر الذي جعل العثمانيين يتوجسون منه( )، وازداد توجسهم نظراً لتحركاته الخارجية.
وفي سنة 1613م توجه فخر الدين باتجاه أوروبا بينما كان القتال مندلعاً بين قواته وبين العثمانيين، وأثار وجوده في أوروبا اهتماماً كبيراً من قادتها "وكثرت التكهنات حول الغرض من زيارته ونتائجها المحتملة على المطامع الأوربية في المشرق وفي الإمبراطورية العثمانية عامة، فنشطت المطامع ذات الطبيعة الصليبية"( ). وكان فخر الدين قد وقع اتفاقيات مع الإمارات الأوروبية، تضمنت بعضها بنوداً عسكرية ضد الدولة العثمانية، وقد استقبله دوق توسكانا، الغراندوق قزمان الثاني بالترحاب، وأنزله في قصر فخم( ).
"وكان فخر الدين قد عقد سنة 1608م اتفاقاً مع الغراندوق فردينان الأول. وقبل ذلك بسنة عقد فردينان اتفاقية مع علي جانبولاذ، وأصبح للفلورنسيين سوق في حلب.
وفضلاً عن المزايا التجارية كان فخر الدين يأمل أن يحصل على السلاح لتعزيز مركزه في تعامله مع السلطات العثمانية وأعدائه المحليين مقابل منح الفلورنسيين امتيازات تجاريه، ومنح سفنهم حق اللجوء إلى مرافئه وبيع القمح إلى توسكانا بالرغم من الحظر السلطاني على تصدير القمح إلى أوروبا"( ).
"وفي أوائل سنة 1614، أرسل قزما الثاني أمير توسكانا بعثة إلى لبنان للاستقصاء، وإعداد تقرير عن الأحوال في بلاد فخر الدين ...
وكون قزما أرسل بعثة لاستقصاء الوضع الاقتصادي والعسكري والسياسي في لبنان يدل على مطامحه التي كانت تتجاوز التبادل التجاري( ).(46/13)
وحاول فخر الدين خلال السنوات الخمس التي قضاها في أوروبا (1613- 1618) الحصول على مساعدات عسكرية من إسبانيا وفرنسا والفاتيكان ضد العثمانيين، ولكن مسعاه فشل لأن الظروف الدولية في ذلك الوقت كانت غير صالحة( )، و"العالم المسيحي لم يكن في وضع يسمح له بتحقيق الوحدة المطلوبة للقيام بمثل هذا المشروع"( ).
وإضافة إلى محاولته إقامة تحالفات مع الإمارات الأوربية ضد الدولة العثمانية، أقام فخر الدين صلات مع الدولة الصفوية( ) الشيعية التي كانت قائمة في إيران، والتي قامت بالاعتداء واحتلال عدد من الدول الإسلامية التابعة للدولة العثمانية.
وبحكم علاقة فخر الدين بالدول الأوروبية، فإنه كان يعطف على الإرساليات الأوروبية، ويسمح لها بإنشاء مراكز في فلسطين ولبنان، وبسط يد الحماية لجميع النصارى في بلاد الشام، حتى صار الأوروبيون يسمونه (حامي النصارى في الشرق)( ).
"وكان عطف الأمير على الموارنة( ) وتحالفه معهم من أبرز مميزات سياسته الداخلية، وكان أيضاً عاملاً في هجرة الموارنة من مناطقهم إلى مناطق المسلمين، وانتشارهم في أكثر من ثلثي لبنان الحالي، مما قوى مركزهم السياسي في لبنان بعد ذلك"( ). واستمر الدروز في عدائهم للعثمانيين والولايات الإسلامية حتى بعد القضاء على الدولة المعنية، ففي سنة 1253هـ (1837م)، قام الدروز بتمرد على والي مصر، محمد علي باشا، وكان ذلك في جبل الدروز بحوران بسبب تجريدهم من السلاح، وتجنيدهم في الجيش، وبقي هذا التمرد مشتعلاً بعد أن انضم إليه دروز وادي التيم، رغم محاولات محمد علي القضاء عليه، إلى أن أرسل حملة قوية سنة 1256هـ (1840م)، فقضى على تمردهم( ).(46/14)
وعندما استشرى الضعف في الدولة العثمانية، بدأت الدول الأوروبية تستميل الأقليات إلى جانبها، فوقفت فرنسا بجانب الموارنة، ووقفت بريطانيا إلى جانب الدروز واستطاعت استمالتهم في عام 1841م، إذ امتنعوا عن دفع الضرائب، فجردت الدولة العثمانية حملة لتأديبهم، فتدخلت بريطانيا لدى السلطان العثماني، الذي أصدر أوامره إلى والي الشام مدحت باشا، بحل مشكلة الدروز سلمياً، وجاء في رسالة السلطان: "إن الإنجليز لا يسرون بما تتخذه من التدابير لتأديبهم". وهذا التدخل البريطاني شجع الدروز على التمادي في اعتداءاتهم، ومن بين المناطق التي كانت تتعرض للاعتداءات، حوران، حيث ندد مبعوث حوران في مجلس المبعوثان العثماني (البرلمان) باعتداءات الدروز، مطالباً الدولة باتخاذ إجراءات رادعة، وأنهى خطابه مطالباً الحكومة بإرسال قوة عسكرية إلى حوران "لصيانة العرض والدين والمال وتأمين الرعية من الخوف"( ) .
للاستزادة:
1ـ الفرق الإسلامية ـ الدكتور محمد أحمد الخطيب.
2ـ عقيدة الدروز عرض ونقد ـ د. محمد الخطيب.
3ـ الدروز في التاريخ ـ د. نجلا أبو عز الدين.
4ـ موسوعة ويكيبيديا.
مراجعة لمنهج التعامل مع جيش المهدي
[هذه الدراسة هي بالأصل الباب الأول من كتاب "غربان الخراب في وادي الرافدين السجل المختصر بالوثائق والصور لجرائم وحقيقة جيش المهدي والشيعة في العراق" تأليف : الشيخ الدكتور طه الدليمي، وجاء بعنوان "إلى متى نخدع؟ إلى متى نُخادع؟" وسيصدر قريباً بإذن الله.(46/15)
ولما كان يقدم نقداً علمياً لطريقة تعامل فئات عديدة مع جيش المهدي، أثبتت الأحداث عقمها وخطأها كان من الواجب إبراز هذه التجربة ودراستها للمستقبل، حتى تتراكم الخبرة وتنضج التجربة، خاصة ونحن مقبولون على مرحلة إثارة الطوائف والعرقيات المختلفة، مما يؤكد أهمية التفكير في طرح الحلول والمناهج السليمة للتعامل مع هذه المسائل، حتى لا نبقي أسرى ردات الفعل والإجتهادات السطحية ، وقديماً قالوا " العليق وقت الغارة لا يفيد".
وقد تم اختصار بعض الفقرات وحذف بعض الهوامش من الدراسة، لضرورات المساحة والمعالجة الصحفية، ولا يتحمل الدكتور طه الدليمى مسؤولية أي خطأ ينتج عن الاختصار. الراصد].
مدخل:
بينما كانت القوات الأمريكية تتهيأ لخوض معركة (الفلوجة) في بداية شهر نيسان 2004 كانت الأحداث تتسارع في مناطق أخرى لتؤدي في النهاية إلى وقوع معارك بينها وبين الشيعة من أتباع مقتدى الصدر: فقد أغلقت سلطات الاحتلال قبل بضعة أيام من ذلك صحيفة "الحوزة" الناطقة باسم مقتدى الصدر؛ فخرجت على أثر ذلك مظاهرات كبيرة تستنكر إغلاق الصحيفة. كما خرجت مظاهرات أخرى على إثر اعتقال السلطات الأمريكية الشيخ مصطفى اليعقوبي أحد أتباع مقتدى بتهمة الاشتراك في قتل الخائن عبد المجيد الخوئي. وخرجت كتائب "جيش المهدي" في استعراض عسكري طافت من خلاله شوارع بغداد عبرت فيه عن قوتها وهي تعلن - بلسان حالها - أن تيار الصدر موجود لا يمكن تجاهله.
وشيئاً فشيئاً جرّت هذه الممارسات وغيرها إلى احتكاك وتصادم بين الطرفين تطور آخر الأمر إلى قتال يحدث لأول مرة بين الشيعة وبين المحتلين منذ احتلال العراق قبل عام كامل تماماً!!(46/16)
وقد تزامن هذا القتال مع معركة (الفلوجة) الشرسة التي أدت إلى زيادة حدة القتال واشتداد ضراوته في جميع المناطق السنية الملتهبة من قبل. وتحول العراق كله تقريباً - ما عدا المحافظات الكردية الثلاث: أربيل والسليمانية ودهوك - إلى ساحة حرب مشتعلة ضد المحتلين. وبدا كأن توحداً قد حصل - ولو في الظاهر - بين أهل السنة والشيعة. وتعاطف العالم ووسائل إعلامه مع ما حدث.
في وسط هذه الأجواء المشحونة بالعاطفة والقلق والتوتر نسي أهل السنة كل شيء وانطلق الملأ منهم يهتفون باسم "مقتدى الصدر" ويرفعون صوره ويضفون عليه لقب "المجاهد"! بل منهم من استلف من خزين ذاكرته لقب (عمر المختار) رحمه الله : "شيخ المجاهدين" فتكرم به مجاناً عليه!!
(وانخرطت) المنابر في هذا الهتاف المحموم فكالت وعبت - وبلا حساب - من المدح والحمد. ووُزعت منشورات وعلقت ملصقات تمجد من كان قبل بضعة أيام محسوباً على فصيل العملاء! بل انتشرت دعاية مُفادها أن أفراداً من "جيش المهدي" شاركوا في القتال مع أهل الفلوجة! ولم تقتصر هذه التصورات والأوصاف على مقتدى وأنصاره وإنما اتسعت عند الكثيرين لتشمل عموم الشيعة في العراق!
وكان الله في عون عامة الجماهير وهي ترى بين عشية وضحاها كيف تنقلب الموازين وتضطرب الأسماء وتختلط المفاهيم وتستبدل الأقنعة وتتغير الجلود! وتتلفت متسائلاً هنا وهناك لتسمع من يقول: هذه سياسة!
نعم! سياسة. ولكن ينبغي أن نسأل قبل ذلك: أية سياسة هذه؟ سياسة أهل الإسلام المبدئية ؟ أم هي سياسة أهل الدنيا المصلحية؟!(46/17)
أيها القوم! إن سياستنا مقيدة بقيد الشرع فهي "سياسة شرعية"، وليست هي - كسياسة أهل الدنيا - سياسة منفلتة من كل قيد شرعي؛ فهي خاضعة للمصلحة على كل حال. وبهذا افترقنا عن غيرنا. وإلا فإن كثيراً من العلمانيين يصلون ويصومون، وهم داخلون في عموم مسمى المسلمين. لكنهم في أمور الدنيا أو السياسة يحتكمون إلى المصلحة حسب ما تراه عقولهم - أو أهواؤهم في الغالب - دون الرجوع أو الاحتكام إلى مقررات الشريعة. ويسمون هذا سياسة. وهم لهذا يقولون: لا علاقة للدين بأمور السياسة.
فما الفرق بيننا وبينهم إذا انسلخت سياستنا عن هذا القيد، وراحت تهيم في أودية المصالح بلا ضابط من الشرع الحكيم؟! ولماذا نحن "إسلاميون" وغيرنا "علمانيون" إذا كنا في الواقع -أو عند التطبيق - على حد سواء؟!
هل من السياسة الشرعية أن نقْلب الحقائق؟ ونتلاعب بالثوابت؟ ونزوّر الوقائع؟ ونُلغي الحقوق؟ ونجعل من الكفر إيماناً؟ ومن الإيمان كفراً؟ ومن العميل وطنياً؟ والخائن مجاهداً؟!
أو قل: هل مسموح لنا شرعاً أن نفعل ذلك كلما لاحت لنا مصلحة ولو كانت ظنية؟ ولم نكن مضطرين أو مكرهين؟ ثم أي مصلحة تتحقق من وراء ذلك ؟!
إن هذا الذي نراه يحدث ليس من الشرع.. ولا من السياسة - أي سياسة - في شيء! وإليكم البيان:
الفصل الأول: مخالفة الشرع
أما مخالفة ما تفعلون لشرع الله تعالى: فأنتم - أيها الشيوخ! - تعرفونها – أو هكذا ينبغي - قبل غيركم:
1-…تعرفون أن هؤلاء - بلا استثناء – يكفِّرونكم - وبلا استثناء -ويستحلون دماءكم وأموالكم.
2-…بل يكفرون صحابة رسول الله ?? بلا استثناء، ويسبونهم ويشتمونهم ويسمونهم بالناكثين والمارقين. ويسمون الشيخين (رضي الله عنهما) بـ"الجبت" و "الطاغوت".
3-…ويشتمون أعراض أمهات المؤمنين (رضي الله عنهن).
4-…وينكرون السنة المنقولة عن الصحابة ? .(46/18)
5-…بل لا يؤمنون بهذا القرآن الذي بين أيديكم، إنما يعتقدون تحريفه - كما يعتقدون تحريف السنة - على أيدي الصحابة.
ولست في مقام تعداد مخالفاتهم العقيدية. يكفيكم أن تتذكروا أن شعار أتباع الصدر: "انصرنا يا قائم آل محمد" ! وكم من مرة خرجوا على شاشات الفضائيات يستغيثون بالمهدي وعلي وأهل البيت ويستمدون منهم النصر على الأعداء !.
……ولا يجتمعون معنا في شيء: ولكن أريد فقط أن أذكِّر بأنهم لا يجتمعون معنا في شيء:
1-…لا في مساجدنا، فلهم معابد خاصة بهم يسمونها "حسينيات". وإن صلوا معنا فإنما يصلون (تقيةً) صلاة يعيدونها إذا انصرفوا إلى أهليهم لواذاً. والفتوى التي أخرجها محمد صادق - والد مقتدى - في عام 1998 بجواز الصلاة في مساجد أهل السنة، إنما أخرجها لمقاصد سياسية خطيرة كفانا الله شرها، ولم تكن بدافع شرعي سليم( ).
2-…ولا يجتمعون معنا في أذان، لا في مضمونه، ولا في توقيته! وها هي إذاعة وتلفزيون بغداد الاحتلال قسمت الأذان ما بيننا مناصفة: وقتان لهم ووقتان لنا! والحمد لله أن أذان الفجر يكون عنده الناس يغطون في نوم عميق فلا أذان ولا آذان! وإلا لتعرض اختلافنا - عفواً اتفاقنا! - إلى اختلاف..
3-…ولا يجتمعون معنا في صيام ولا فطور ولا عيد ولا شعائر ولا مشاعر.. دع عنك الكتاب والسنة والأصحاب! هذا ولا زال المخادع والمخدوع يقول: ليس بيننا من فرق: الدين واحد والرب واحد والنبي واحد والكتاب واحد والقبلة واحدة! وعجباً لقوم دينهم واحد، وربهم واحد، ونبيهم واحد، وكتابهم واحد، وقبلتهم واحدة، مختلفون بينهم إلى هذا الحد من الاختلاف!!!
أكثر المدن العراقية ابتهاجاً بالاحتلال "مدينة الثورة":(46/19)
أنسينا أن مدينة الثورة - التي هي أكثر المدن تبعية لخط الصدر وسميت بعد الاحتلال باسمه - كانت أكثر المناطق ابتهاجاً بالاحتلال؟! لقد كانوا يرقصون طرباً، ويهتفون فرحاً به وترحيباً بمن (حررهم) يوم كنا نذرف أسخن الدموع وننفث أحر الآهات. ويوم أقعدتنا الصدمة، وشلنا الذهول، كان أهل "الثورة" – وبقية إخوانهم الذين (حررهم) الاحتلال - يتحركون بكل همة ونشاط، وصدور ملؤها البهجة والانشراح لينهبوا مدينة السلام ويخربوا بغداد الحبيبة ويحرقوا مؤسساتها ومتاحفها فعل المغول والتتر!! .. لعنهم الله ! أخزاهم الله !
ما رأينا واحداً منهم يوحي مظهره الضاحك المستبشر بأنه يمكن أن يكون في صدره ذرة من الهم، أو تظهر على تعابير وجهه - ولو مجاملة لنا - مسحة رقيقة من الحزن على ما حل بوطننا! لقد أسكرتهم الحال حتى فقدوا العقل وفقدوا الحياء.. وظنوا أنه يوم الخلاص والنعيم المقيم. هكذا كانوا قبل عام! عام واحد فقط!! أنسيتم؟!!!
وأكثرهم شماتة بأهل السنة!
وكانوا يتلمظون شامتين بأهل السنة! وكأن الوطن الذي احتل هو وطن أهل السنة فقط وليس للشيعة من شراكة، أو نصيب فيه. أجل! إن الوطن الذي احتُل هو وطن أهل السنة. أما وطنهم هم فلا أدري أين كان؟ أم أين يكون؟! ترى !! ألهذا تركوه نهباً بيد الغاصبين؟ يستغيث ولا منهم من مغيث!! أنسيتم ذلك؟
الانتماء الغريزي للوطن:
والذي أراه - من خلال الرصد والتحليل - أن عامة الشيعة لا ينتمون إلى (الوطن) إلا انتماءاً غريزياً لا أكثر! أما الانتماء بمعنى الهوية، والكيان والوجود، والتأريخ والجذور، والدين والأمانة، والوفاء والحقوق فلم ألمس أو أحس أن له وجوداً في المشاعر المستبطنة لهؤلاء، ولا في حساباتهم الواعية.(46/20)
ولذلك تراهم إذا هدد (وطنهم) غازٍ أجنبي يتعاملون مع الحالة بحسابات الربح والخسارة! وهي حسابات وهمية على الدوام. لكن أصحابها لا يكتشفون خطأهم إلا بعد فوات الأوان. لتلبس الحالة الجديدة لباس الدين والوطنية! ويحمِّلوا الوطن وأهله منة منافحتهم عن أرباحهم الوهمية التي خسروها وهم يسرحون - عافاك الله في متاهات أوهامهم!.
وتستطيع أن تستحضر الحالة النفسية لهذا النموذج لو افترضت أنك قد عشت فترة طويلة في بلد أجنبي كألمانيا مثلاً. ما هو حقيقة انتمائك إلى هذا البلد؟ وما هو شعورك بخصوص هذا الانتماء؟ ولو حدث وأن تعرض للغزو من دولة أخرى ما هو موقفك؟ وكيف يكون حساب الأمور لديك ؟ لا سيما إذا كنت تشعر بالظلم والاضطهاد من قبل مواطنيك؟ هكذا كان عموم شيعة العراق في موقفهم من الاحتلال !
اغتصاب المساجد:
ثم عاجوا على مساجدنا فاغتصبوا منها ما اغتصبوا.. وباءت كل المحاولات التي قامت بها "هيئة علماء المسلمين" لإعادتها بالفشل، ولم يحصلوا - في نهاية الأمر - إلا على وعود كاذبة خاطئة.
في إحدى تلك المحاولات قال مقتدى مستهزئاً يخاطب وفداً من علماء أهل السنة ذهب إليه بهذا الشأن: كم عدد المساجد التي استولى عليها الشيعة منكم ؟ قالوا: (40) مسجداً. فأجابهم: (40) فقط؟! المفروض أن نقاسمكم المساجد مناصفة. علماً أن أكثر من تسعين بالمئة من المساجد اغتصبت من قبل أتباع مقتدى.
وفي خطبة الجمعة (3/4/2004) دعا مقتدى الصدر أهل السنة للصلاة في مساجد الشيعة لأنه - كما يدعي - لا فرق بين السنة والشيعة. فإن كان صادقاً في دعواه فليرجع المساجد السنية المغتصبة إلى أهل السنة، أو - على الأقل - ليرجع جامع (الحمزة) في مركز محافظة النجف، والذي اغتصبه أتباعه قبل أن يتباكى على مصير البلد ووحدة المسلمين! .
مسلسل الاغتيالات:(46/21)
هل نسيتم المشايخ والمصلين والعلماء والشخصيات السنية التي اغتيلت على أيدي زمر الخراب ؟! ناهيكم عمن قتل من رجال الدولة في العهد السابق بحجة كونهم من "أعوان النظام"! وأنتم تعلمون علم اليقين أن هذا الذي جرى وعدد الذين قتلوا هو أقل مما كنتم تتوقعون منهم بكثير!
مسلسل الاختطاف:
لقد خطفوا العديد من أهل السنة، كما هرب آخرون وتركوا مساكنهم في الديوانية خوفاً من الاختطاف. وحين تتبع ذوو العلاقة مصير بعضهم توصلوا إلى أنهم معتقلون لدى أتباع مقتدى في النجف ينتظرون محاكمتهم من قبل "محكمة" تابعة لمقتدى وفي الوقت نفسه لا يزال مصير بعضهم مجهولاً ، حيث لم يعثر على جثثهم بعد! من يطالب بحق هؤلاء؟ وعلى من تقع مسؤولية الحفاظ على دمائهم وأموالهم وحقهم في العيش الآمن الكريم؟ أم إننا لا نجيد غير الهتاف ما دام أن الدور لم يصل إلينا؟
من يدري؟ لعل الكثيرين منا يتصورون أنهم بهذا الهتاف يوقفون زحف هذا الشر فلا يصل إليهم! مثلهم كمثل الضفدعة التي يعلو نقيقها في الليالي لعلها تطرد به أفعى تريد التسلل إليها، وهي لا تدري أن الأفعى يضرب في صممها المثل، حتى قيل: أصم من أفعى!
أوقاف البصرة:
أم نسيتم استيلاء زمرة الصدر على أوقاف أهل السنة في البصرة حتى أُخرجوا منها بالقوة ؟!
مسلسل التهجير:
وكم من عوائل سنية هجرت ديارها؟! بسبب تهديد الشيعة لهم، من الصدريين وغيرهم، وملاحقتهم أمنياً وقضائياً بتهم مفتعلة على رأسها تهمة (الوهابية) القديمة الجديدة! أم إننا وهبنا ذاكرة نحسد عليها في قابلية النسيان ؟!! أم ماذا ؟!
الاعتقالات والوشايات:
هل تدرون كم من أهل السنة قد اعتقل ظلماً بالتهمة القديمة المتجددة: (الوهابية) ، والتهمة الجديدة: (الإرهاب)؟ وسلوا كم من المعتقلين في سجن أبي غريب وغيره من السجون الذين ذاقوا ويذوقون هناك صنوف العذاب والهوان بسبب وشايات خونة الشيعة، وفي مقدمتهم مقتدى وأتباعه؟!
دعاة الاحتلال:(46/22)
وبعد .. فهل نسيتم مَن دعا المحتلين وحثهم على غزو العراق بحجة التحرر من صدام حسين؟ وأغرى شرار الأرض وشذاذ الآفاق باحتلال بلادنا؟! ومهد لهم الطريق وزودهم بالمعلومات الاستخبارية ودلهم على المنافذ والطرق والمعالم والأشخاص؟
وقد ظهرت عمائمهم على السطح قبيل احتلال بغداد بأيام قلائل وهي توصي الناس وتدعوهم إلى عدم المقاومة. ودخل في الوقت نفسه عميل بريطانيا المقبور عبد المجيد الخوئي مدينة النجف يُخذّل الناس ويدعوهم إلى الترحيب بـ (المحررين) وعدم مقاومتهم، ويكذّب فتوى السيستاني بالجهاد التي أخرجها من كيسه قبيل بدء المعركة ويقول عنها: إنها مكذوبة عليه ، ولم يرد السيستاني عليه دعواه! بل ظل ساكتاً! والسكوت في مثل هذه المواطن من الرضا!
الترحيب بالمحتلين:
أليس مقتدى بن محمد محمد صادق الصدر هو الذي كان يقول: (إن خيارنا هو إدارة صراع سلمي وقانوني وشعبي من أجل جدولة الاحتلال)؟ وهو الذي وجه في خطاب له في رمضان/1424 رسالة إلى المحتلين يكلمهم فيها بأعذب الكلام، ويخاطبهم بأطيب الكلم ويصفهم بأنهم ضيوف حلوا على أهل العراق، وأنهم ليسوا أعداءً له فليس من عدو للعراق سوى صدام وأتباعه! جاء فيها: (إلى من هم في وطننا موجودون، إلى من قد حلوا في منزلنا الكبير ضيوفاً، إلى محبي السلام كما نحن له محبون ... إن الشعب العراقي لا يريد إلا خيراً بالأمريكيين؛ فليس عدو العراق إلا صدام وأتباعه وهم شرذمة قليلون، ونحن منهم براء إلى يوم يبعثون)( ).
فأي شرع - بعد هذا وغيره - يرضى بأن نزور الحق والحقيقة لنهتف عالياً باسم هؤلاء ونرفع منهم وقد وضعهم الله؟!
الحقد المتجذر على أهل السنة:(46/23)
ليس في نيتي أن أعقد بحثاً تحليلياً تفصيلياً عن الشيعة عموماً، أو مجموعة مقتدى الصدر خصوصاً. ومن منهم العميل؟ ومن منهم غير ذلك؟ وماذا فعلوا؟ وما هي حقيقتهم؟ بيد أني لا أريد أن أودع حديثي هذا قبل أن أنقل فقرات قليلة مما يصرح به علناً مقتدى وأتباعه ومن على شاكلته في جريدة "الحوزة الناطقة" باسمهم قبل إغلاقها علها تعطي انطباعاً عن حقيقة هؤلاء، وتكون دليلاً إضافياً على طائفيتهم وحقدهم الذي لا (ينطفي) على أهل السنة حتى لا نلدغ من هذا الجحر للمرة السبعين!!
تحت عنوان: "لو كان الله شيعياً لقاتلناه..!!" كتب أحدهم( ) ما يلي:
(حتى لو كان الله شيعياً لقاتلناه أو بالأحرى لجاهدناه، هذا هو المنطق الذي يعمل على أساسه العقل الجمعي لأبناء جلدتنا من أهل السنة .. نعم أبناء جلدتنا من سنة العراق الذين شاركناهم البأساء والضراء. أخوتنا الذين أردنا ونريد بكل صدق أن نعيش معهم بسلام وحب، أبناء جلدتنا الذين وبدل أن يستقبلونا بالأحضان مباركين لنا خروجنا من أعتى عملية تصفية جماعية تتعرض لها جماعة على مر التأريخ، وبدل أن يضعوا باقة ورد صغيرة على مقابرنا الجماعية، وجدنا أنهم يستنكرون علينا حتى مجرد بكاءنا (كذا) على من ابتلعتهم تلك المقابر).
ويستمر وهو يستهزئ بإسلام أهل السنة والجماعة قائلاً: (أهلاً بالإسلام على طريقة أهل السنة والجماعة، الطريقة التي تكشف فعلاً عن هشاشة هذا الذي فعله الإسلام فينا، ركة كل ما بناه هذا الشرع في دواخلنا).(46/24)
(منطق التصفية هذا - الذي يكنه المسلمين (كذا) السنة العراقيين للمسلمين الشيعة العراقيين كشف عن الكثير من الدلائل والإشارات، بدأ من صيحات (بالروح بالدم نفديك يا صدام) تلك التي تلت سقوط الطاغية وانتهاءً بصيحات (لا للانتخابات). إذ الصراخ بحياة الطاغية الجرذ( )، لم تكن (كذا) بدافع أنه قطع أذن العراقي (الشيعي والسني) ... إذاً فالهتاف بحياة صدام كان فقط حنيناً للمقابر الجماعية وطرباً بالعويل الشيعي الذي تصنعه. ومع أن الحقد الذي كان يقف وراء تلك الهتافات كان واضحاً، إلا أننا مع ذلك تجاهلناه وقلنا إن الهتافين عبارة عن مجموعة من الصداميين الأشرار.
نفس الأمر يقال عن استشهاد آية الله الحكيم، فمع أن اليد التي وقفت خلف ذلك الحادث المريع كانت معروفة ومعروفة جداً، إلا أننا مع ذلك كظمنا غيظنا واحتسبنا جراحنا عند الله وقلنا إن قتلة السيد الحكيم هم الماسونية وليس أحداً غيرهم. نعم نحن قلنا ذلك وفعلناه، وحتى عندما أخذ إخواننا من السنة يتظلمون منا ويشكون للآخرين الظلم والاضطهاد الشيعي لهم والذي كان فقط عبارة عن استرجاعنا( ) لمسجد أو مسجدين من كل ذلك الكم الهائل من المساجد التي استولوا هم عليه (كذا) برعاية قائدهم الفذ، مع أن هذا التظلم بدأ مريضاً ومشوهاً ويتنفس حقداً وتظليلاً للواقع، إلا أننا قلنا مع ذلك أن مجلس الشورى لا يمثل بالضرورة كامل رأي أبناء جلدتنا.
لكن ماذا سنفعل إذا كان مسلسل الحقد لا يريد أن ينتهي عند حد الرقص على الجراح، ولا عند قتل القادة والعلماء، ولا عند حد التظلم ولا حتى عند حد التهديد بالحرب الطائفية في جامع (ابن تيمية). ولا عند حد تجاهل كل الحقائق والإعلان بوقاحة عن أن الشيعة هم مجرد أقلية في المجتمع العراقي. وهو حتماً لن ينتهي عند حد رفض الانتخابات، التي يمكن لها أن تعطي الشيعة بعض (!!) ما يستحقون.(46/25)
إذا كان ذلك المسلسل لن ينتهي عند تلك الحدود فليكن واضحاً عند الشيعة أن الخطاب المعتدل والحكيم، الخطاب الذي يضغط على الجراح من أجل الحفاظ على بيضة الدين ووحدة صف المسلمين، ما عاد مجدياً، وهو لن يؤدي إلى استيقاظ إخوتنا في الدين من سباتهم المريض، ولن يدفع بهم إلى احترام حقوقنا في الحياة الكريمة أبداً. ولذلك فقط أريد أن أقول: اللعنة الدائمة الأبدية على كل من يفرح لرائحة الموت وهي تفوح من أجساد إخوته في الدين والإنسانية. اللعنة الدائمة الأبدية على كل من يريد أن يظل مسلسل الظلم والاضطهاد مستمراً وأبدياً. اللعنة الدائمة الأبدية على كل من يعامل الآخر منطلقاً من منطلقات فوقية تمييزية مريضة وعفنة( ).
مهما مددتم يد الأخوة صادقين فأنتم (كفرة كاذبون):
هذا غيض من فيض، أو قطرة من مستنقع ما تنشره الصحافة الشيعية – الصدرية وغير الصدرية؛ فملة الرفض واحدة - من طعن وتشهير بأهل السنة ولمزهم - بل التصريح - بوصمهم بالطائفية وظلم الشيعة وكونهم من أزلام النظام وأتباع صدام...
وأنا لا أدري هل نسي الشيعة أم تناسوا أن 75% من منتسبي جهاز حزب البعث كانوا منهم؟! والنسبة نفسها تنطبق على جهاز المخابرات!! ناهيك عن غيرهما من الأجهزة. وهذان الجهازان هما أخطر الأجهزة، وأكثرها فاعلية في التحكم في ميزان القوى في العراق. وأما أجهزة الإذاعة والتلفزيون والفن والصحافة والإعلام التي كانت تبوِِّق وتطبل للنظام فلا تقل نسبة الشيعة فيها عن 80% !
أما صيحات (بالروح بالدم نفديك يا صدام) فنحن أبناء العراق لم نرَ ولم نسمع كالشيعة رددها وردد غيرها من الصيحات و(الهوسات) العربية التي لا يجيدها أحد كما يجيدها أهل الجنوب! لقد كانوا يرددونها لصدام وهم يرقصون ويغنون نساءً ورجالاً ! ومن كان من الرجال يلبس عقالاً فإنه يضع يده على رأسه ويظل يقفز وهو يتلفت يميناً وشمالاً ويدور كأنه شيطان!
من ينسى ذلك؟! سبحان الله!(46/26)
وأما عدد فناني الجنوب وشعرائهم الذين تغنوا بأمجاد صدام وبطولاته – بالحق وبالباطل - لا سيما في (قادسية صدام) تلك الغصة التي يتجرعها الشعوبيون ولا يكادون يُسيغونها وقد كان وقودها - في غالبه - منهم ومن إخوانهم الإيرانيين.
إن ذلك العدد لا يمثل أمامه عدد الفنانين الآخرين – ومن جميع الطوائف والمذاهب والأعراق شيئاً ذا بال. أم نسينا حسين نعمة وسعدون جابر وياس خضر وسعدية الزيدي وفلاح عسكر؟! وقائمة طويلة لا أحسن عدها. أم نسينا صناديق (العُقُل) التي أرسلتها عشائر الجنوب إلى صدام في بغداد عهداً على الوفاء ورمزاً للشرف العربي الذي يجب الحفاظ عليه حتى الموت! ولا أدري ماذا كان مصيرها؟ لعلها احترقت بصاروخ توماهوك، أو قذيفة مدفع! فهل احترق معها العهد والشرف والنخوة العربية والوفاء بالوعد ومستحقات الانتساب إلى (الوطن)؟! وصدق من قال: رمتني بدائها وانسلت!!
فمن ذا الذي كان من (أتباع صدام) و(أزلام النظام)؟!
لا أريد الاسترسال كثيراً، غير أني أود أن أنقل (مختطفات) من أحد الأعداد الأخيرة من جريدة الحوزة الناطقة قبيل إغلاقها بقليل. فقد جاء في افتتاحية هذا العدد وفي مقال يعتبر من أخف المقالات وأكثرها اعتدالاً: (علينا أن نستكشف طريق المكاشفة مع الآخر، طريق محاورته بإنسانية جادة، علينا أن نتصارح بشأن الخلافات المذهبية التي بيننا، يقول كل منا للآخر وبصدق إنني أختلف معك تماماً، وإنني لا أرتضي الكثير مما تؤمن به، بل وأعتبره كفراً وجحوداً للملة، وخروجاً عن الدين...(46/27)
.. غير أنني بمقابل ذلك أؤمن بجدوى المشاركة في صنع المصير. ولو أننا - وبدل أن نتحاضن مع إخوتنا ونحن نتبادل تلك الابتسامات الماكرة والمضحكة - تواجهنا مع بعضنا البعض، وأعلن كل منا مخاوفه للآخر، ومقدار الشك والريبة به، ومدى الكره الذي يعمل في صدره تجاهه، لرأينا كيف أن الاحتقانات ستأخذ بالزوال شيئاً فشيئاً. من الحكمة أن نتحاسب، وأن يقدم كل منا أوراق مسؤوليته للآخر على مائدة الأخوة المتكافئة والصريحة. وليس من الحكمة أن نقدم لبعضنا البعض الكذب والدجل والأباطيل، مدعين أننا نسير حقاً على طريق الخلاص)( ).
وأنا أؤيد كاتب المقال في الأُسس التي استند إليها فيما خلص إليه من ضرورة الصراحة الكاملة بدلاً من اللف والدوران والضحك على الذقون المتبادل والمكشوف للطرفين، والذي لا يليق إلا بأهل النفاق! وأُحيي فيه صراحته ! ولكن أريد أن أتوجه إلى أهل السنة فأقول:
كفاكم مجاملة فإنها مكشوفة! وليس القوم أطفالاً أو مغفلين، بل ولا سليمي النية فهم فرسان مبدأ (التقية)، ومن طبع الإنسان عادة أن يرى الغير من خلال ما يراه في نفسه لا سيما المصابون بالأمراض والعقد النفسية. وتكفيكم هذه المصارحة: (إنهم لا يرتضون الكثير مما تؤمنون به بل ويعتبرونه كفراً وجحوداً للملة، وخروجاً عن الدين). وينظرون إليكم من خلال نافذتهم هذه فلا يعتقدون فيكم إلا أنكم تبادلونهم النظر نفسه ولو أقسمتم لهم ، وأشركتم بـ (الحرمين الشريفين) في كربلاء، وبالحوزة الناطقة والصامتة، والصادقة أيضاً، بل وبـ (مدينة الصدر المنورة)!.
إنكم مهما ابتسمتم في وجوههم فابتساماتكم ماكرة لا تستحق منهم سوى الضحك عليها لا لها! هم يصرحون بها!(46/28)
أتدرون لماذا؟ لأنهم مصابون بوباء اسمه عقدة الشك والتوهم وهذاء الاضطهاد (البارانويا Paranoia). وهو مرض معدٍ متفشٍّ في المجتمع الإيراني، ويصاب به كل المتشيعين تشيعاً إيرانياً أو فارسياً. هذا هو السبب ، أو – بالأحرى - هذه هي العلة!
ولذلك هم (يخافون منا، ويشكّون فينا، ويرتابون من نوايانا)! لذلك (هم يكرهوننا كرهاً يملأ عليهم صدورهم). ولذلك فمهما صدقتم وتوهمتم فإنكم (لا تقدمون لهم - في توهمهم - سوى الأكاذيب والدجل والأباطيل) ! هم يصرحون بذلك !
قطرات أخرى من مستنقع الطائفية:
وبعد .. فإن ما يكتب وينشر في الصحف الشيعية من الكتابات التي لا تنظر إلا بعين الطائفة، ولا يهمها إلا أمر الطائفة - لو أراد أحد أو مؤسسة عده لعجزت عن إحصاءه؛ لأن كثرته خارجة عن الحصر. ومع ذلك يصرخون ويتأوهون من التعصب الطائفي لدى الآخر، ويتباكون على الوحدة المضيعة بكل أشكالها!!
تأمل ما جاء في منشور لإحدى زمر الخراب الطائفية. ولا أريد منك سوى أن تعكس دعاواه ليعتدل الميزان:
بيان
[سرايا المختار الثقفي]
وصلت مؤخراً تقارير أثبت تهيؤ خلايا القتل والتفجير (السلفية) المتعاونة مع فضلات النظام المقبور لأجل تصعيد وتيرة الاعتداءات ضد الرموز والمصالح الشيعية، في عموم بغداد.. مدعومة من قبل (المساجد) الوهابية التي أضحت أوكارا للجريمة والممولة من سماسرة الاغتيال والمخابرات الأجنبية ومن تجار امتلأت كروشهم بأموال السحت و أثمان جرائم القتل والتفجير.(46/29)
إن هذه الخلايا التخريبية البائسة تمر مرحلياً بحالة من النشوة الكاذبة بعد أن أنعشتهم الثمار العفنة لعام من الاغتيال والتخريب والتآمر توجها الاتفاق المخزي والمذل في (الفلوجة) والذي قدموا فيه للمحتل تنازلات خطيرة تضمنت وعوداً بالتطبيع مع (إسرائيل) وإنشاء قواعد عسكرية ثابتة في العراق، ومنح الحصانة القضائية لجنود الاحتلال، فضلاً عن امتيازات اقتصادية مهمة، كل ذلك في مقابل وعود أمريكية بموقع إضافي في السلطة.. ترى أي دين هذا الذي قد بيع في الفلوجة مقابل (السلطة والحكم)؟؟
أين ذهبت نداءات (الجهاد ) و(المقاومة) التي تسابقت في إطلاقها قياداتهم الذليلة الكاذبة، وروجت لها أبواقهم الإعلامية المسعورة ؟؟ لماذا سكتوا عن ذبح الشيعة في كربلاء والنجف؟
لماذا ذبحوا أبناءنا في فلوجة الغدر؟
أين شيطان الحزب السفياني ودجالهم المراوغ ابن عبد الحميد الذي لا زال يدير عمليات الاغتيال في الخضراء وما حولها ثم يذرف دموع التماسيح على ضحاياه؟
أين دجالو هياة (كذا) علماء المنافقين؟ لماذا لا يصفون (الرئيس الجديد) بالعمالة وهو يزور بوش ويمشي في جنازة (المؤمن ريغان) ويمتدح أداء القوات الأمريكية؟.. إنه دين المخابرات الصدامية الذي حول جلاديها إلى أئمة للمساجد..(46/30)
.... وإذ تبين قيادة (سرايا المختار) احترامها لخط المرجعية الدينية وتفهمها لمواقف الأحزاب الشريفة كافة وللمسيرة السياسية الهادفة إلى إنهاء الاحتلال بالطرق السلمية، إلا إننا نمتلك فهمنا الخاص لظرف المعركة مع الإرهاب والتطرف والحقد الطائفي البغيض، ومن خلاله ننطلق في رسم أبعاد تحركنا وفق مبدأ (الدفاع عن النفس والحرمات) بوجه عدو حاقد لئيم دموي ومتغطرس لا يرضخ إلا لمنطق القوة، يستهدف وجودنا وكرامتنا.. ولن نقف مكتوفي الأيدي إزاء صلفه وإجرامه .. لقد جاء سيف (المختار) ليحسم الموقف بكل صرامة ووفق رؤية شرعية وسياسية وأخلاقية غاية في الوضوح، يشخص من خلالها العدو الحقيقي ليتم استئصاله، حتى ينعم مجتمعنا بالأمن والاستقرار في أجواء من الاعتدال والاخوة الحقة. كما نعلن تكاتفنا مع الأخوة في أجهزة الأمن والشرطة العراقية، وسيكون دورنا مساندا لهم لسد الثغرات التي لا تطالها يد القانون، حتى تتهاوى رؤوس الإرهاب في العراق كما تهاوى اللعين (عبد العزيز المقرن) في السعودية.
وإذ نعلن مسؤولياتنا عن العمليات البطولية التي نفذت مؤخراً في أحياء الغزالية والخضراء والعامرية والشعلة – وآخرها في الدولعي بحق بعض رؤوس الإرهاب والتطرف التي ابتغت بذرة الفتنة بين المسلمين، من خلال قتل المؤمنين وتخريب المساجد... فإننا اليوم نعلن (النفير العام) لكل خلايانا الجهادية استعداداً للرد على حملة الاعتداءات المتوقعة التي يخطط لها جرذان الوهابية والبعثية. وسيكون أسلوب الرد حاسما وسريعا وسيطال أبرز شياطينهم وأوكارهم ضمن المحيط الأقرب لمنطقة الاعتداء أو شخص المعتدى عليه، مهتدين بقوله تعالى: ((ولا تهنوا في ابتغاء القوة إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليماً حكيماً)) (النساء 104).(46/31)
لذا ندعو الأخوة المؤمنين من الشيعة – ومن السنة المعتدلين الشرفاء ( ) إلى المساهمة الفعالة في تطهير العراق من القتلة المأجورين .. من الشياطين المتسترة برداء الإسلام، المارقين وأصحاب اللحى الطويلة والجلابيب القصيرة – يهود الأمة( ) وشذاذ الآفاق وأعداء الله والإسلام والإنسانية ...
.. والمبادرة بالإبلاغ عن المشبوهين منهم وعن مجرمي البعث إلى الجهات المختصة التي تثقون بها – كما أمرت المرجعية العليا( ).. لا تأخذكم فيهم الرحمة كما لم يرحموا أبناءكم وإخوانكم.. لا تدعوهم أحياء طلقاء فيدفنوكم وأهليكم في مقابر
جماعية جديدة.. ندعوكم إلى التكاتف والتعاون مع مجاهدينا لتفويت الفرصة على أولئك النفر الضال، وإلى الصبر والتلاحم وشدة البأس، وابشروا قريبا بعراق خال من التطرف الوهابي الأعمى ومن البعث ، عندما نرسل معكم تلك الرؤوس العفنة إلى الجحيم بإذن الله. ((أن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)) (محمد7).
سرايا المختار الثقفي
القيادة المركزية
5/ ج1/1425هـ
لهذا أقول لكم..
لذلك أقول لكم: (ليس من الحكمة ما تفعلون، وليس هو طريق الخلاص ما تسلكون). ولا أرى بعد ذلك من السياسة هذا الذي أنتم فيه من الهتافات والمجاملات ومحاولات التقريب والجمع بين النقائض لأن الحكمة في واد وأنتم - أو ما أنتم فيه - في واد !
ليس هذا فقط! ولو كان لهان الخطب!! بل الشرع - وباعترافكم وعلمكم - في واد!
هذا وأسأل الله تعالى مخلصاً أن لا يكون مثلنا كمثل من قال الله تعالى فيه: (وَلاتُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (الكهف:28).……
الفصل الثاني: خسارة على صعيد السياسة أيضاً
وأما لبيان مخالفة ماتفعلون لقواعد السياسة فأقول: إن اللعبة السياسية تقوم على تحقيق الربح أو ما نسميه بـ"المصلحة". فيناقش الموضوع إذن على أساس حساب الأرباح في مقابل رأس المال المدفوع من أجل الحصول عليها.(46/32)
إن من بديهيات العمل التجاري التي لا تحتاج إلى أدنى خبرة أو معرفة: أن الربح الذي يتحقق برأسمال معين لا داعي لأن نزيد في مقدار رأس المال المدفوع تحصيلاً له لأنه حاصل من دون هذه الزيادة.
من هنا.. من هذه القاعدة المتفق عليها ننطلق في حسابنا فنسأل: من أجل ماذا كان ذلك الهتاف؟
والجواب: من أجل أمرين عظيمين: الأول: جذب الشيعة إلى ميدان الصراع العسكري، لتقوية جبهة المقاومة وتخفيف الضغط عن أهل السنة. والثاني: وإبعاد شبح الفتنة الطائفية.
هذا هو جوابكم الذي سمعناه مرراً وتكراراً. ولم نسمع من جواب غيره. فأقول.. وبالله وحده أستعين:
قانون "توازن الرعب":
أما شبح الفتنة الطائفية فإن قانون "توازن الرعب" كفيل بعلاجه. فلولا الخوف المتبادل بين الطرفين لكان ما كان من شر. وقد جرب الشيعة فابتدأوا تجربتهم بسلسلة من الاغتيالات في بغداد - كما حصل في مدينة الشعب والوشاش والحرية والرسالة وغيرها من الأماكن والمؤسسات - وفي البصرة وغيرها لم تتوقف أو تخف أخيراً إلا حينما رجع رد فعل المسلسل إلى ساحتهم؛ فأدرك من أدرك منهم أن لحم أهل السنة صعب الازدراد! فلا داعي لمخالفة الشرع وتحريف الحقائق وقلب الأمور والكذب والمدح الزائف من أجل تحصيل أمر حاصل! وليست هذه هي التي تدفع عنا شبح الاحتراب الطائفي.
وأما استدراج الشيعة إلى الميدان فكل مؤمن - بل كل عاقل خبر الناس وقرأ شيئاً من التأريخ - يدرك أن هذا واقع لا محالة، ولا يمكن أن لا يقع لأسباب كثيرة يجمعها اختلاف المصالح. والخلاف نراه يقع بين أهل الحق بسبب الجهل أو الهوى، فكيف به بين أهل الباطل؟! وقد وقع القتال بين القوم قبل أن نهتف لهم به، فدعوهم وما يصنعون. ولن يزيدهم هتافنا شيئاً ولا ينقصهم. فإن كان ولا بد فبالحق يكون من دون تزوير أو تحوير. وليكن قصداً دون إسراف أو تصوير الأشياء على غير حقيقتها وحجمها.(46/33)
بل إن هذا الهتاف - إن لم يكن متوازناً واضح المعالم لا تختلط فيه أو تميع الثوابت الشرعية بالمقاصد السياسية والمصالح الوطنية - فسينقلب خسارة كبيرة علينا من حيث أن الجمهور السني - الذي بدأ يصحو من نومه، ويستفيق من خدره على الكارثة التي أوقعه فيها أساطين التشيع - سيرجع مرة أخرى إلى كهفه وأحلامه؛ فنفقد دوره الميداني وتستمر العزلة بين النخبة القليلة الواعية وبين الجمهور المخدر الحالم؛ لأنه ما لم يتبين الحق من الباطل ويتأكد المسلم من هذا الفصل والتمييز لن تنطلق قواه وتظل كامنة أو مشلولة. وفي ذلك يقول تعالى: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (الأنعام:55) ويقول: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (الأنفال:37).
علماً أن الجمهور الشيعي يمتلك هذا الفصل والتمييز، ويعتقد - بلا لبس- أننا كفار لا نستحق منه غير السحق ! ولو على أيدي الكفرة الغزاة أو تحت أرجلهم !.
من هنا ترى العالم والعامي يتواجدان معاً في الميدان الشيعي، على عكس الميدان السني. وهذا أحد الأسباب الكبرى التي جعلت الباطل الرافضي يستشري في دولة الرشيد. وهي قضية تستحق منا التوقف والدراسة. وتكشف لنا مدى الخسارة التي تجتاحنا فيما لو رجع جمهورنا مرة أخرى إلى قمقمه بسبب هذه الهتافات العاطفية الساذجة.
هل تعلمون أن قادة الرافضة وعلماءهم يفرحون لهذه المجاملات المخذلة المخدرة؟ ويحاولون إشاعتها بيننا ويحرصون عليها حرصهم على تثقيف جمهورهم بالأفكار المضادة نحونا. وهم – حين يصرحون بمثل ما نصرح به من كلمات التقريب - مطمئنون إلى عدم تأثر جمهورهم المحقون بجرعات مضادة من مصل "التقية" على عكس جمهورنا .
وقفة في ظلال آية (الأنعام:)(46/34)
يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله تعالى: (أما ختام هذه الآية القصيرة : (( ولتستبين سبيل المجرمين )) فهو شأن عجيب!.. إنه يكشف عن خطة المنهج القرآني في العقيدة والحركة بهذه العقيدة ! إن هذا المنهج لا يعنى ببيان الحق وإظهاره حتى تستبين سبيل المؤمنين الصالحين فحسب. إنما يعنى كذلك ببيان الباطل وكشفه حتى تستبين سبيل الضالين المجرمين أيضاً.. إن استبانة سبيل المجرمين ضرورية لاستبانة سبيل المؤمنين . وذلك كالخط الفاصل يرسم عند مفرق الطريق !
إن هذا المنهج هو المنهج الذي قرره الله – سبحانه - ليتعامل مع النفوس البشرية.. ذلك أن الله سبحانه يعلم أن إنشاء اليقين الاعتقادي بالحق والخير يقتضي رؤية الجانب المضاد من الباطل والشر، والتأكد من أن هذا باطل ممحض وشر خالص، وأن ذلك حق ممحض وخير خالص ... (كما أن قوة الاندفاع بالحق لا تنشأ فقط من شعور صاحب الحق أنَّهُ على الحق ولكن كذلك من شعوره بأن الذي يحادده ويحاربه إنما هو على الباطل .. وأنه يسلك سبيل المجرمين، الذين يذكر الله في آية أخرى أنه جعل لكل نبي عدواً منهم ((وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين)) ليستقر في نفس النبي ونفوس المؤمنين أن الذين يعادونهم إنما هم المجرمون عن ثقة، وفي وضوح، وعن يقين.
إن سفور الكفر والشر والإجرام ضروري لوضوح الإيمان والخير والصلاح. واستبانة سبيل المجرمين هدف من أهداف التفصيل الرباني للآيات.
ذلك أن أي غبش أو شبهة في موقف المجرمين وفي سبيلهم ترتد غبشاً وشبهة في موقف المؤمنين وفي سبيلهم . فهما صفحتان متقابلتان وطريقان مفترقان .. ولا بد من وضوح الألوان والخطوط.(46/35)
ومن هنا يجب أن تبدأ كل حركة إسلامية، بتحديد سبيل المؤمنين ومنهجهم وعلاماتهم، وتحديد سبيل المجرمين ومنهجهم وعلاماتهم بحيث لا يختلط السبيلان ولا يتشابه العنوانان ولا تلتبس الملامح والسمات بين المؤمنين والمجرمين… وهذا التحديد كان قائماً وهذا الوضوح كان كاملاً يوم كان الإسلام يواجه المشركين في الجزيرة العربية فكانت سبيل المسلمين الصالحين هي سبيل الرسول ? ومن معه. وكانت سبيل المشركين المجرمين هي سبيل من لم يدخل معهم في هذا الدين..
ولكن المشقة الكبرى التي تواجه حركات الإسلام الحقيقية اليوم ليست في شيء من هذا .. إنها تتمثل في وجود أقوام من الناس من سلالات المسلمين… تهجر الإسلام حقيقة وتعلنه اسماً وتتنكر لمقومات الإسلام اعتقادا … وهذا أشق ما تواجهه حركات الإسلام الحقيقية في هذه الأوطان مع هؤلاء الأقوام! أشق ما تعانيه هذه الحركات هو عدم استبانة طريق المسلمين الصالحين وطريق المشركين المجرمين، واختلاط الشارات والعناوين، والتباس الأسماء والصفات والتيه الذي لا تتحدد فيه مفارق الطريق!
يعرف أعداء الحركات الإسلامية هذه الثغرة فيعكفون عليها توسيعاً وتمييعاً وتلبيساً وتخليطاً حتى يصبح الجهر بكلمة الفصل تهمة يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام! هذه هي المشقة الكبرى .. وهذه كذلك هي العقبة الأولى التي لا بد أن يجتازها أصحاب الدعوة إلى الله في كل جيل !
يجب أن تبدأ الدعوة إلى الله باستبانة سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين .. ويجب ألا تأخذ أصحاب الدعوة إلى الله في كلمة الحق والفصل هوادة ولا مداهنة. ولا تأخذهم فيها خشية ولا خوف ولا تقعدهم عنها لومة لائم ولا صيحة صائح … إن الإسلام ليس بهذا التميع الذي يظنه المخدوعون!... ((وكذلك نفصل الآيات، ولتستبين سبيل المجرمين)) ..(46/36)
أجل يجب أن يجتاز أصحاب الدعوة إلى الله هذه العقبة ؛ وأن تتم في نفوسهم هذه الاستبانة ؛ كي تنطلق طاقاتهم كلها في سبيل الله لا تصدها شبهة ، ولا يعوقها غبش ، ولا يميعها لبس . فإن طاقاتهم لا تنطلق إلا إذا اعتقدوا في يقين أنهم هم (المسلمون) وأن الذين يقفون في طريقهم ويصدونهم ويصدون الناس عن سبيل الله هم (المجرمون) …(( وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ))( ).
التحجج بالظرف:
قد يقال : نحن في ظرف حرج قد ينزلق بنا إلى الاقتتال الطائفي . وجواباً أقول - واسمعوا يا إخوتي ولو مرة واحدة نصيحة عارف مجرب مشفق عليكم:
التشخيص صحيح إلا أن العلاج فاشل مِاْئة بالمِاْئة: فهو من ناحية مخالف للشرع النازل من السماء وهذا أول دلائل فشله (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14). ومن ناحية أخرى فإن كل مجرب عاش الواقع وعرف نفسية المقابل يعلم يقيناً أن المجاملات لا تزيد هذا المقابل - ودعوكم من القلة التي لا أثر لها والتي يتبرقع أغلبها بـ (التقية) - إلا غياً وصلفاً وغروراً؛ لأنه - بسبب الشعور بعقدة الضعف أو النقص المتأصلة في (الشخصية الفارسية) وكل من انسكن بها من أصحاب التشيع الفارسي - يرى أي مبادرة إحسان أو تقارب أو مجاملة من الآخر ما هي إلا علامة ضعف فيه! لأنه هو لا يفعل ذلك إلا حين يكون ضعيفاً؛ فيتوهم الكل كذلك! ولا يستطيع غير ذلك!!
ثم هل هذه المجاملات هي التي منعت الاحتراب الطائفي؟ وهي التي خففت مسلسل الاغتيالات؟ أم اليقين بأن الآخر خصم لا يستهان به؟ وأن من أراد ابتلاعه غص به: أمريكا فما دونها من الأقزام والأذناب والأزلام؟! إذن فليرجعوا لكم مساجدكم ثمتاً لهذه المجاملات.
تخيل رجلاً قتلت ولده، وسلبت ماله، واعتديت على حرماته، ثم دعوته للصلح فإذا به يلبي دعوتك مسرعاً مسروراً دون أن يطالبك بدفع استحقاقاته من الصلح ؟! ماذا يمكن أن تقول عنه؟!(46/37)
إنه واحد من اثنين لا ثالث لهما: إما أنه رجل قد بيّت لك الغدر، وإما أنه رجل وضيع لايستحق الاحترام!
وأعتقد أنهم يستهينون بنا أشد الاستهانة حين يسمعون هتافاتنا المجانية تملأ الفضاء الرحب تمجيداً لمن اغتصب مساجدنا - ثم يتهموننا بكل وقاحة أننا الذين اغتصبنا مساجدهم (برعاية قائدنا الفذ) - واغتال خيرة أبنائنا، بل استقدم الكافر الغازي إلى بلادنا قبل أن يدفعوا استحقاق هذا الهتاف فيعيدوا - على الأقل - مساجدنا المغتصبة. هذا على افتراض أنهم انخدعوا. وذلك مستحيل .
أيها القوم! حقاً إنكم تهينوننا بهذا الصنيع. حقاً إنكم تعزفون ألحانكم - التي لا يسمعها غيركم - على جراحنا وآلامنا وأوتار مشاعرنا المترعة بالإحساس بالذل والعار والهزيمة !
الدفاع عن الوطن لا فضل فيه لأحد على أحد:
إن الموقف الشرعي الصحيح مما حدث - ويحدث - هو التأسي برسول الله ??? يوم ?????عقد وثيقته مع اليهود والمشركين في المدينة يدعوهم فيها ويلزمهم بالدفاع عن دولتهم ووطنهم المصغر "المدينة". وجعل ذلك واجباً في أعناق الجميع يحاسبون على التفريط به أشد الحساب!
ولم يحور ??? في تعاليم الشرع، ولم يزور – وحاشاه - فيسمي الأشياء بغير أسمائها كما هو ديدننا اليوم! لم يقل لليهود أو المشركين: أنتم على الحق، وليس بيننا من فرق! ولم يسمِّ عملهم - وما كان له أن يسميه - جهاداً قط ! كل الذي قال لهم بلغتنا: إن الدفاع عن الوطن واجب على الجميع. فمن نكل عنه أو تآمر وخان فليس له إلا الموت جزاءا. وهكذا كان مع بني قريضة حين نقضوا العهد وتآمروا على الوطن.(46/38)
فلنكن مسلمين حقاً؛ فنكون صرحاء نجهر بالحق من ربنا (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، ونمد يد المواطنة نحو الجميع، ونقول لهم: أدوا ما عليكم من واجب بغض النظر عن دينكم ومذهبكم. ولنتحد جميعاً ونجتمع على مصلحة الوطن فنحن فيه شركاء. فمن لبى النداء فواجبَه أدى، وله على الآخرين أن يقدروا له جهده، ويثنوا به عليه بما يستحق ضمن ضوابط الشرع وثوابت الدين. ومن نكل أو نكث فعلى نفسه، والله غني عنه، ولسنا في حاجة إليه.
أليس يقول الرب: (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة:249)؟ أم إن حسابات الحقل غير حسابات البيدر؟ فهذه مفاهيم نتلقاها في مجالس العلم، وحلقات الذكر، حتى إذا خرجنا إلى ميدان الحياة تبخرت عند أول اختبار!!
من تاب فلنفسه.. فدعونا من الضجيج:
إن الذي طبل للاحتلال ، وأغرى الأمريكان بغزو العراق ، هم رؤوس الشيعة - معممهم وعلمانيهم - ولكن بين مستخفٍ بالليل وساربٍ بالنهار. فإن عملوا على زوال ذلك فعن ذنبهم يكفِّرون.. ولسوء عملهم يصلحون.
ولو افترضنا أنهم أنجزوا هذه المهمة وحدهم دون غيرهم، لما عملوا سوى الواجب المفروض عليهم: فإن الاحتلال ليس سوى سيئة هم اجترحوها، وتركوا العراق الحبيب ينوء بها. فما بالنا ما إن اطلقت قذيفة حتى هتفنا غير مصدقين؟! وكأن العراق بلدنا نحن وحدنا، وليس بلدهم؛ فهم في ذلك علينا متفضلون!
ثم هل أنتم على دراية بالأسباب الدافعة ؟ وهل أنتم على اطلاع بما يدور في دهاليز السياسة وأروقة المؤامرات؟ وعلى علم بالأصابع الخفية التي تحرك (الدمى) من وراء ستار؟ ولا شك أنكم تعلمون أن (رجال الدين) الشيعة هم رجال سياسة قبل أن يكونوا رجال دين، لأن التشيع في أصله مشكلة سياسية وليست دينية. ولا أظنكم غافلين عن إيران ودورها في اللعبة . فأين المصلحة في وسط هذه المعمعة ؟!(46/39)
اتقوا الله..! لا تضعوا دماء الفلوجة في حقيبة المتلاعبين:
ألا فليعلم من تناسى كل هذا وأشاح بوجهه بعيداً عن جهة الحق والحقيقة، ليهتف لمقتدى ومن هو على خطه ونهجه أنه يقامر بدماء "الفلوجة". بل إنه يجمع تلك الدماء ليضعها في حقيبة أولئك هدية رخيصة على طبق من ذهب، وأنه لن يعود من وراء ذلك بشيء ذي بال. فأي خسارة كهذه ؟!
يقول تعالى: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (الأنعام:55). فأي خسارة كخسارة أهل الحق، وربح كربح أهل الباطل حين تخلط الأوراق، وتلتبس سبيل المجرمين بسبيل المؤمنين ؟!
الفصل الثالث: جذور العمالة
لنمسك بالخيط - كما يقال - من أوله. فإني حين سمعت ذلك الهتاف يقتحم عليّ هذه الحقائق يريد زعزعتها أو تهديمها - إن لم يكن عندي فعند كثير من الجمهور الذي ليس لديه القدرة على الغوص في لجة ما يسمع ويرى من الأمور المتناقضة ليلتقط من بينها جوهرة الحقيقة - شعرت بالحاجة الماسة إلى الرجوع شيئاً ما إلى الوراء للتعرف على جذور الحق من الباطل، والزيف من الحقيقة.
عقيدة "الإمامة".. هنا مكمن الداء:
لقد وجدنا - ونحن نعاني ما نعاني في هذا الواقع البائس- أن أهم سبب وراء هذا التذبذب في المواقف، والتبدل في الأحوال هو عقيدة "الإمامة" !!.
لقد أمست هذه العقدة عبئاً ثقيلاً مكلفاً، ومعبراً لمآرب خطيرة تصل إلى حد (الخيانة العظمى) والتدين بتسليم الوطن إلى الأجنبي الغازي، وطعن أهله من الخلف! وصرنا بسببها ندفع أثماناً باهضة أولها التفرقة الطائفية والتشرذم الاجتماعي، وليس آخرها الدم! لماذا ؟!!!!
(الإمامة) أعظم مرتبة من النبوة !!.. ومنكرها كافر:(46/40)
لأن (الإمامة) من أصول الدين الكبرى عند الإمامية على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم، ومنهم الطائفة الاثنى عشرية التي تمثل غالبية الشيعة اليوم . بل هي الأصل الأعظم من أصولهم. وهي أعلى مراتب العبودية التي يمكن لبشر أن يرتقي إليها، لا يفوقه في المرتبة سوى مرتبة الربوبية الخاصة بالرب جل وعلا. فلقد صرح كبار علمائهم في القديم والحديث، وجاء في معتمد مصادرهم أن (الإمامة) أعظم مرتبة من النبوة . وعلى هذا الأساس قالوا بكفر منكرها، وصرحوا بخروجه من ملة الإسلام!
تكفير أهل السنة واستحلال دمائهم:
هذا وأرجو أن يعلم من لم يكن يعلم من إخواننا الشيعة، أو لم يطلع على المصادر الموثوقة لديهم أنه قد ترتب على تكفير منكر (الإمامة) عندهم استحلال علمائهم دماء المسلمين وأموالهم( )! وهذا أخطر ما في القضية !!
رمتني بدائها وانسلت: ومع هذا يخرج على (الفضائيات) بعض المتحذلقين لينتقد الطرف الآخر ويتحدث عن (ثقافة العنف) و(ثقافة التكفير)! وأنا لا أدري كيف يتحدث عن هذه الأمور وينتقد ويهاجم الآخرين من يعتقد أن "الإمامة" من أصول الدين؟ وأن من لم يعتقد بها كافر: يحل دمه وماله؟! هل هناك ثقافة عنف وتكفير أبشع من هذه الثقافة؟!! ولا يعني هذا أني أبرئ الآخرين من هذا تماماً. ولكن أين من ينتسب إلى طائفة قامت أصولها على التكفير، وعدم الاعتراف بـ (الآخر)؟ ممن يعتري نهجه التطرف والتكفير عرضاً وخروجاً عن الخط العام، والمعالم الواضحة؟! هذا على فرض أن التكفير لم يصب موضعه.
يقتلون أهل الإسلام ويدَعون أهل الأوثان:(46/41)
وهذا هو سر قتالهم لأهل الإسلام، وتركهم لأهل الأوثان والصلبان. ومن كان منهم على غير هذي الحال فإنما غايرهم مدفوعاً بغيرة وطنية أو حمية قومية أو شجاعة وأصالة عشائرية: فإن كثيراً من الشيعة - لا سيما عندنا في العراق - ينحدرون من عشائر عربية، لا زالت تحتفظ بتقاليدها الأصيلة التي تأبى الضيم والإقامة على الذل أو الاستخذاء للأجنبي. بهذه المعاني يخالف هؤلاء الاصلاء الآخرين، وليس انطلاقاً من عقيدتهم الدينية الإمامية: فإن هذه العقيدة إذا تمكنت من شخص سلخته من الشعور بالانتماء للوطن، وقلعته من جذوره، وحولته إلى مصدر فتنة وبلاء على أبناء جلدته دون سواهم! وإذا كان هناك من فرق بين شيعة 2003م وشيعة 1920م فلعله يكمن هنا: لقد تمّ تدجينهم على هذه العقيدة طيلة ثمانين عاماً تمكن فيها أساطين التشيع الفارسي ودعاة الشعوبية المتسترون بعباءة التشيع من كبت عناصر الأصالة العشائرية والشخصية العربية والإسلامية لدى جمهور عريض منهم( ).
وإن كان ذلك لن يستمر طويلاً؛ لأن الطبع يغلب التطبع، وعندها سيحاول أولئك العلماء ركوب الموجة حتى لا ينفلت زمام الأمور من أيديهم. وهكذا تبدأ دورة أخرى من دورات الخداع والاستغفال، وتمضي عجلتها في دورانها قبل أن تنتبه عامة الجماهير إلى حقيقة ما يحدث، وسر ما يدور!
الخوارج الجدد:
أما اختلافهم مع أمم الكفر وقتالهم - إن حصل - فإنما هو اختلاف مصالح، واقتتال لتضارب هذه المصالح فيما بينهم كما يقاتل أي فرد أو مجموعة أو دولةٍ دولةً أخرى للأسباب نفسها.(46/42)
وهو لا يختلف عن قتالهم للمسلمين على مدار التأريخ سوى أنهم أكثر حرصاً عليه منه على قتال الكافرين! وفي هؤلاء وأمثالهم من الخوارج قال النبي ? : (يقتلون أهل الإسلام ويدَعون أهل الأوثان)( ). علماً أن هؤلاء هم أولى الملل بلقب (الخوارج). فإن (الخوارج) إنما سموا خوارج لأسباب. فإذا توفرت هذه الأسباب في غيرهم استحقوا أن يسمَّوا كذلك. وليسوا هم مجموعة محددة من الأشخاص.
خلفاء الخميني: أنت فرطنا ونحن بالأثر:
وضرب خلفاء الخميني أخزى الأمثلة من بعده في التعاون مع الكافرين ضد المسلمين! حين وضعوا أيديهم في يد (الشيطان الأكبر) - أو (الملاك الأطهر.. لا ندري) - في حربه واحتلاله لأفغانستان البلد المسلم كما فعل سلفهم الخميني من قبلُ مع الروس.
وكذلك فعلوا مع العراق حينما اجتاحته أمريكا وقوى الصليب كما فعل سلفهم ابن العلقمي ونصير الدين الطوسي من قبل مع التتر حينما اجتاحوا عاصمة الإسلام بغداد الحبيبة قبل سبعة قرون ونصف!
والتأريخ يعيد نفسه ويشهد على مئات الحركات التي لبست ثوب التشيع وخرجت على دولة الإسلام متذرعة بشتى الحجج على اختلاف أزمانها وأدوارها! ولا يخرج عن هذه القاعدة ما يسمى بـ(حزب الله) في جنوب لبنان، وإن سارع فيهم من سارع مدفوعين بمشاعر الإحباط فهم يهللون لأية بارقة (أمل) وإن كانت خلبا ! .
شيعة لبنان وموقفهم من الاجتياح الاسرائيلي عام 1982:
في لقاء أجرته جريدة (الشرق الأوسط) في 7/2/2004 مع الأمين العام الأسبق لـ"حزب الله" الشيخ صبحي الطفيلي صرح قائلاً: (ما يؤلمني أن المقاومة التي عاهدني شبابها على الموت في سبيل تحرير الأراضي العربية المحتلة تقف الآن حارس حدود للمستوطنات الإسرائيلية. ومن يحاول القيام بأي عمل ضد الإسرائيليين يلقون القبض عليه ويسام أنواع العذاب في السجون…(46/43)
وأنا أوجه كلامي إلى أبنائي في المقاومة لأقول لهم: إن ما تفعلونه حرام وخدمة للعدو وخيانة للقضية. ألقوا سلاحكم وارحلوا أو تمردوا وأطلقوا النار على عدوكم. ولا تجعلوا أحداً يخدعكم تحت عنوان أي فتوى أو ولاية فقيه: فلا فقيه في الدنيا يأمرني بأن أخدم عدوي. أنا آسف كيف أن المقاومة التي صنعناها بدماء شهدائنا تختطف وتحول إلى خدمة أعدائنا).
ثم يصرح بمعلومة خطيرة خافية على الكثيرين - وأنا كنت منهم - عن تأريخ الشيعة في جنوب لبنان يوم اجتاحته القوات الإسرائيلية فيقول في معرض حديثه عن الشارع الشيعي في العراق وتوقعاته عن تغيره في المستقبل من الموادعة إلى المواجهة كما حصل في جنوب لبنان: (الشارع الشيعي في العراق مثل أي شارع آخر تتحكم به عوامل كثيرة قبل أن يتحكم به عقله. القرى والمدن الشيعية في جنوب لبنان استقبلت الإسرائيلي بالورود والأرز جراء بعض الممارسات التي قامت بها فصائل فلسطينية(!!!). لكن هذه القرى نفسها بعد سنتين كانت في طليعة المقاومة).
وأيد وقوع هذا التصرف المخزي الأمين العام الحالي لـ "حزب الله" الشيخ حسن نصر الله بقوله : (أن نفتح جراحنا يعني أن يقتل أحدنا الآخر ليأتي الإسرائيلي ليتنزه في لبنان ولييأس الناس من كما يئسوا في اجتياح 1982، كان هناك عار أن هناك من رش الورد على الإسرائيليين عندما دخلوا. هل نقول إن هؤلاء الناس كلهم خبثاء أو عملاء؟ لا ولكن ما كان يحصل في الساحة اللبنانية أوصل الكثيرين من الناس إلى الحد الذي أصبحوا ينظرون فيه إلى العدو الإسرائيلي على أنه منقذ)( ).
من هذا أدركت أن استبشار الأمريكان أنفسهم قبل غزو العراق بأن العراقيين سيستقبلونهم بالورود، ربما يكون قد بنوه على هذه السابقة الشائنة من شيعة لبنان على اعتبار أن الشيعة في العراق يمثلون الأغلبية، كما أوهمهم بذلك كله عملاءهم.(46/44)
وهذا يؤيد ما أقوله وأعتقده من أن اختلاف الشيعة العقائديين مع ملل الكفر ليس اختلاف عقيدة - فإن عقيدتهم تغرس في نفوسهم تقبل المستعمر "المخلص الخارجي" - وإنما هو اختلاف مصالح. فإنه ما من قوم أو شعب على وجه الأرض - بصرف النظر عن دينهم وعقيدتهم - تغتصب أرضهم وتستباح ديارهم إلا ودافعوا الغاصب عنها، وقاتلوا لاسترجاعها ولو بعد حين.
بل ذلك أمر فطري غرسه الله سبحانه حتى في الحيوان! فالدجاجة تدافع عن قُنِّها وتقوم بنقر من يقتحمه عليها، وتهاجم دفاعاً عن فراخها.. والكلب يفعل ذلك أيضاً!
لقد هلل شيعة لبنان لليهود حين دخلوا أراضيهم أملاً بالخلاص على أيديهم. يسوقهم إلى ذلك علماءُهم الذين يعبئونهم نفسياً على الدوام بالحقد على شركائهم في الوطن، مستغلين معاناتهم المزمنة التي لا تزول من عقدة الشعور بالاضطهاد. وقد أعماهم ذلك عن رؤية المصير الأسود الذي صاروا ينساقون وهم ينحدرون إليه.
أما تبريره لذلك الفعل الشنيع بأنه من جراء بعض الممارسات التي قامت بها فصائل فلسطينية! فإنه ورقة التوت التي يبحث عنها - دائماً وأبداً - من يريدون أن يستروا بها سوءاتهم. وهو ما يوحي به على الدوام أولئك القادة من أجل جر الشعوب - التي تعاني من عقدة الحقد على الآخر، كاليهود، وعقدة الشعور بالنقص والضعف، وعقدة الشعور بالاضطهاد - إلى ما يريدون تحت ذرائع شتى. كما فعلوا على عهد هولاكو قديماً، وعهد الأمريكان حديثاً.
ولا يعدم المبطل أو المجرم من عذر يبرر به باطله أو جريمته، حتى إبليس في عصيانه! وحتى السامري في هذيانه!! وقديماً قال أسلافنا: لا تسأل صاحب البدعة عن بدعته فإنه قد أعد لكل بدعة جواباً، ولكن اسأله عن السنة فإنه لا يعرفها.
ولنفترض أن هناك فصائل فلسطينية مارست ضد شيعة لبنان نوعاً من الاعتداء أو الأذى - وليس العكس - أفيكون الحل بالاستنصار باليهود ؟! واستقبالهم بالأرز والورود ؟!!
هكذا هم على مر التأريخ:(46/45)
ولكن.. يظهر أنهم هكذا هم على مر التأريخ!
لقد هللوا لهولاكو حين دخوله بغداد، وأطلقوا عليه لقب (الفاتح)! كما استبشروا بالأمريكان حين دخولهم بغداد - وقد كانوا من قبل يستفتحون بهم علينا ويمنون أنفسهم بذلك! - وأطلقوا عليهم بعد الاجتياح - وبملء أفواه العمائم السود قبل البيض - لقب (المحررين)! وهذا ما سمعه منهم وشاهده القاصي والداني!
كذلك استنصر ابن العلقمي الشيعي الفارسي بهولاكو الكافر التتري، واستبشر به شيعته طمعاً بالخلاص من حكم العباسيين (السنة) تحججاً (ببعض الممارسات التي قام بها) أحمد ابن الخليفة ضدهم! وعليه فلتسقط بغداد.. ولتذهب معها الخلافة الإسلامية إلى الجحيم.. ولتغرق المنطقة بطوفان الكافر المحتل من أي ملة كان وهو يجتاح ديار المسلمين!!!
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته إلى السلطان الملك الناصر في شأن حرب التتار وحثه على البدء بقتالهم قبل أن يبدأوه : (إن غالب أهل البلاد قلوبهم مع المسلمين إلا الكفار من النصارى ونحوهم، وإلا الروافض ونحوهم من أهل البدع هواهم مع الكفار ، فإنهم أظهروا السرور بانكسار عسكر المسلمين وأظهروا الشماتة بجمهور المسلمين. وهذا معروف لهم من نوبة بغداد وحلب، وهذه النوبة أيضاً كما فعل أهل الجرد والكسروان. ولهذا خرجنا في غزوهم لما خرج إليهم العسكر . وكان في ذك خيرة عظيمة للمسلمين)( ).
وهذه هي حالة عامة روافض عراقنا وموقفهم من غزاة بلادنا كأن شيخ الإسلام ينظر إليهم من وراء حجب الغيب! أو كأننا ننظر إلى روافض زمانه! لا فرق! ولا عجب! فالمشرب والمصدر والعقيدة والعُقدة واحدة ! ترى .. !
لماذا نذبح على مر التأريخ بالحجة نفسها؟! وإلى متى يستمر هذا الزيف؟!!
ويعيد التأريخ نفسه:(46/46)
وها نحن اليوم في العراق نعاني منهم أشد العناء وأمرَّه!! لقد وضعوا بنادقهم في ظهورنا، وخناجرهم في خواصرنا، وتعاونوا مع المحتل الكافر علناً! بل هم الذين أغروه بغزو بلادنا، وهم الذين ورَّطوه في الدخول إليها! حتى إذا وضعت الحرب أوزارها، وخفت موجة النهب والتخريب التي كانوا هم سادتها وفرسانها، التفتوا إلى مساجدنا فاغتصبوا ما استطاعوا منها، ثم راحوا يغتالون رموزنا وعلماءنا وإخواننا، ويتجسسون علينا، ويكتبون التقارير ضدنا كما هو شأنهم على الدوام! ولولا خوفهم من العواقب الوخيمة، وانقلاب الطاولة فوق رؤوسهم لأغرقوا البلد في فتنة طائفية لا يعلم مداها إلا الله!
مع أن أهل السنة لا يستحقون منهم إلا الإجلال والإكبار على موقفهم المشرف من محتلي بلدهم أولاً، ومن الشيعة أنفسهم ثانياً: إذ تصرفوا معهم كإخوة يشاركونهم حق العيش في بلد واحد فلم يغتصبوا منهم مسجداً حتى في المناطق التي لا يمثل الشيعة فيها إلا أقلية لا يخشى خطرها، ولم يبتدئوا في الاعتداء على أحد منهم.
فكان الواجب الشرعي والوطني والأوْلى بهم أن يضعوا أيديهم في أيدي (إخوانهم) من أجل الخلاص من هذا البلاء، لا أن يكون أهل السنة هم أول المستهدفين، وآخرهم، بشرِّهم وحقدهم!
وبهذا أعطوا على أنفسهم الفرصة للقاصي والداني لأن يروهم قوماً لا يهمهم شيء – حتى لو كان هو الاحتلال! - بقدر ما يهمهم أمر أهل السنة إلى حد أن ينحدروا إلى مستوى من التفكير المتخلف وغير الواقعي إلى درجة أنهم يريدون أن يتخلصوا منهم ويلغوهم من الوجود! ولا شك أن هذا تفكير مغرق في السذاجة والتخلف وعدم الواقعية لا يمكن أن يصدر إلا ممن أعمى الحقد والشعور الطائفي أبصارهم. كالخوارج تماماً الذين حملهم فكرهم التكفيري على ما حملهم عليه فشغلوا الأمة بمشاكل لا داعي لها، ثم لم يجنوا في النهاية إلا الدمار والبوار. وهو مصير كل طائفة لا تؤمن بحق العيش للشريك الآخر.
اختلاف مصالح لا مبادئ:(46/47)
أما ما يظهر أحياناً من خلافات بينهم وبين المحتلين، فهو ما لا بد إلا أن يقع بين أصحاب الباطل نتيجة اختلاف أهوائهم وتضارب مصالحهم (تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى). كما هو واقع بينهم للسبب نفسه. وقد كنا نبشر بوقوع هذا قبل وقوعه. ونقول معه: إن أساطين التشيع الفارسي ومراجعه يوم يرون المصلحة في غير ما هم عليه، أو يضطرون إلى تبديل مواقفهم سيغيرون من لهجتهم، ويركبون الموجة ويُلبسون هذا الصراع المصلحي الدنيء لبوس الدين والجهاد والوطنية كما هو شأنهم وشأن أمثالهم ممن قال الله جل وعلا فيهم: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (النساء:141). (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) (النساء:143).
ولأن سنة الله في هؤلاء العمي لا تتخلف، فقد كتب الله عليهم الخُلف والاختلاف كما قال سبحانه: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت:41). ولكن كما قال هو سبحانه بعدها: (وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت:43)!. والسر في هذا التناقض والقلق والتذبذب والاضطراب كامن في عقائد القوم! إنها أخطر ما فيهم ، وعلى أساسها كان هذا الكم الهائل من الدماء والأشلاء.. والانبطاح للأعداء.(46/48)
وقد استغل علماؤهم - وغالبهم رجال سياسة قبل أن يكونوا علماء دين، وإيرانيون لا عرب - هذه العقائد أسوأ استغلال في قيادة عوامهم الذين لا يدرون من أمرهم شيئاً وهم يسيرون وراءهم وقد عصبت عيونهم بعصابة التقليد فهم ينحدرون إلى الهاوية ولا يستطيعون عن ذلك فكاكاً!
لا بد أن يصطرعوا: نعم ! لا بد أن يصطرعوا ! ما في ذلك شك. مقررات القرآن تخبر بذلك، وحركة التأريخ تشهد عليه. ليس هذا هو الغريب أو الأهم في الأمر!
الأهم من هذا كله أن هذا الصراع حين يقع يبرقع بلافتة الجهاد. مع أنه - في حقيقته ودوافعه - صراع مصالح وتزاحم إرادات، شأنه شأن أي صراع بين جميع المختلفين في العالم على اختلاف أعراقهم وأديانهم. حتى الخنازير والكلاب.
ولسنا ضد هذا .. ولا نعيبهم عليه. ولكن.. ينبغي أن تسمى الأشياء بأسمائها، وتلبس ما يليق بها من لبوس.
أما الجهاد فلا .. ولا كرامة:
لا بأس أن يسمى هذا نضالاً. لا بأس أن نسميه مقاومة، أو دفاعاً عن الوطن. والدفاع عن الوطن ومقاومة الغازي الأجنبي واجب على كل المواطنين حتى من غير المسلمين. وقد فرضه الرسول الأعظم ? على اليهود، وطالبهم به يوم "الأحزاب" فلما نقضوا ونكلوا وقد علم النبي ? أنهم تواطأوا مع الكافر الأجنبي، وهم الذين استقدموه قتلهم عن آخرهم فلا حرمة لدم مواطن رضي لكافر أن يركبه ليعبر به إلى ضفة الوطن .
أما أن يسمى هذا جهاداً فل ا.. ولا كرامة.
كيف ؟! والجهاد ثابت من ثوابت الدين يقوم على أركان وشروط أولها عقيدة واضحة لا غبش فيها تفرض على المسلم أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، لا حمية لقوم أو فئة، ولا من أجل مناصب سياسية ومكاسب دنيوية (إِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ) (التوبة:58).(46/49)
فعن أبي موسى الأشعري ? قال: سئل رسول الله ? عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياءً أي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله ? : (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)( ).
وفي رواية أخرى عنه ? أيضاً قال: سأل رجل النبي ? وهو منكس رأسه فقال: يا رسول الله ما القتال في سبيل الله تعالى؟ فإنّ أحدنا يقاتل حمية ويقاتل غضباً، فله أجر؟ قال: فرفع رسول الله ? رأسه إليه فقال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)( ).
المجاهدون العملاء..!
كيف يتحول مجاهداً من كان قد رضي بالكافر الغازي المحتل أن يدخل بلده على أجساد إخوانه يدنس أرضه، ويلطخ كرامته ويغتصب سيادته وينهب ثرواته وهو يهلل له ويصفق له ويسميه محرراً فاتحاً بهذه الحجة وتلك ؟! فكيف إذا تجاوز الأمر حد الرضا إلى العمل بكل وسيلة على ذلك؟!
أين الثوابت ؟! والله جل وعلا يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * ويَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ ).(46/50)
وتستمر هذه الصواعق الإلهية التي لا يغفل عنها إلا من طمست بصائرهم وعميت أبصارهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (المائدة:51-56).
والآيات في هذا كثيرة ولسنا في مقام البحث والاستقصاء. ولكن لا بأس أن نتذكر معاً هذه الآيات من سورة (آل عمران) ونقف عندها طويلاً عسى أن نستعيد بها وعينا: (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (آل عمران:166-168).(46/51)
حتى إذا انجلت غمامة الأحلام، وتبدد غبار الأوهام، وتبين لهم أنهم يمشون حفاة عراة على رمال السراب المحرقة، وليس في أيديهم غير قبض (الريح) فاختلفت المصالح واصطرعت الإرادات ولم يجدوا مناصاً من أن يحتكموا إلى لغة القوة غضباً وحمية وشجاعة... الخ - إلا من رحم - إذا بهؤلاء يتحولون - وبقرار رجعي - إلى... مجاهدين! يهلل لهم ويصفق وتوضع على رؤوسهم أكاليل الجهاد؟! ولسنا ننفس على أحد دفاعه عن حقوقه أو وطنه بأي صورة من الصور. إنما لا نرضى أن تختلط الأوراق وتتشابه العناوين.
عقائد تطير مع طيران القذائف والصواريخ:
ولا يرضينا أن تطير ثوابتنا وعقائدنا - كما طارت مرات ومرات، وهي مرشحة للطيران باستمرار - مع كل صاروخ يطير على إسرائيل! أو قذيفة تنطلق على الأمريكان.. لنجعل من الجهاد دابة يسومها كل مفلس! ليست أوسمة الإسلام صالحة للتعليق على كل مناط ، ولا الإسلام عبارة عن مواقف سياسية أو عسكرية، أو هو حمية عربية وعاطفة قومية أو وطنية - وإن كنا في النهاية والنتيجة نقف مع هذا كله، فلسنا نبخس الناس أشياءهم - إنه عقيدة وثوابت لها لوازمها ومبانيها التي لا تكون إلا حيث تكون عقيدته وثوابته.
التشيع وقابلية الاستعمار:
والأهم من هذا كله أن نعلم أن الثقافة والعقيدة الشيعية تغرس في معتنقيها "قابلية الاستدبار أو الاستعمار".
والسر يكمن في أن عقيدة "الإمامة" لا تترك مجالاً عند الإمامية لأن يروا الفرق بين المسلم الذي لا يدين بهذه العقيدة.. والكافر المعلن بكفره : إذ الكل عندهم كفار يحل دمهم ومالهم على حد سواء!!
بل إن المسلم عندهم أشر وأولى بالعداء! ليس بسبب ما يفرزه الاحتكاك المباشر من غيرة وحقد وعداوة لا يشعر بها الأقربون تجاه البعيد فحسب، بل إن هذه العقيدة قد بنوا عليها أحكاماً فقهية قائمة على أن المخالف أكثر سوءاً من الكافر الذي لا ينتمي أصلاً إلى الإسلام( ).(46/52)
وهكذا - حين يهدد الوطن - لا يكون لدى الشيعي الإمامي حرج في أن يحتل الأجنبي وطنه؛ لأنه لا فرق عنده اعتقادياً بين الكافر الخارجي و(الكافر) الداخلي. بل يسعون دائماً وأبداً إلى استقدام المحتل أملاً بالخلاص. وهو ما عبر عنه حسن نصر الله قائلاً: (أصبحوا ينظرون فيه إلى العدو الإسرائيلي على أنه منقذ) !.
ولذلك يُشيع هؤلاء - كلما استقدموا غازياً- مقولة خطيرة وينشرونها بين الناس تنص على أن: (الكافر العادل خير من المسلم الجائر). وقد انتشرت هذه المقولة أيام التهديدات الأمريكية قبيل غزو العراق.
وحين نقلب صفحات التأريخ نجد أن نصير الدين الطوسي قد أشاع هذه المقولة في أوساط أهل العراق قبيل غزو هولاكو عن طريق رسائله التي كان يرسلها إلى الأمراء، وعن طريق عملائه المنتشرين بين الناس!
وقد لوح نظيره مؤيد الدين بن العلقمي لشيعة بغداد والعراق بأن خلاصهم من (اضطهاد) أهل السنة ودولة الخلافة السنية سيكون على يد هولاكو. وهكذا جاء التتر كما جاء الأمريكان، وسمي هولاكو بالفاتح والمحرر كما سمي جورج بوش والأمريكان بالاسم نفسه!!للسبب نفسه.
لا بد من المصارحة.. يا دعاة الوحدة!
وليس كلامي هذا مانعاً من الوحدة الوطنية. بل أراه خادماً لها: لأنه ما لم تناقش الأمور بصراحة، وما لم توضح الجذور الحقيقية وراء الطائفية ، ووراء هذا الانبطاح المتكرر للأجنبي على مدى التأريخ على طاولة البحث الصريح تمسي دعوات التآلف والوحدة نوعاً من المجاملات الزائفة .(46/53)
ولست أقول هذا الكلام وأنا مستلقٍ أتثاءب على أريكة في إحدى جزر المحيط ، وإنما أقوله وأنا في وسط غبار المعمعة التي ندفع ثمنها ألواناً متعددة : الدم واحد منها! بسبب أولئك الذين باعوا وطنهم - بحكم الدين والعقيدة - ثم صاروا عملاء لمن اشتروه منهم بثمن بخس دراهم معدودة وكراسي مكسورة وكانوا فيه من الطامعين. فإن يتوبوا فهذا شأنهم وحدهم ، وهو أول ما يجب عليهم للتكفير عن جريرتهم. وإلا فإن قدر الله غالب، وسنته فيهم وفي أمثالهم ماضية. ليس بينهم وبينها إلا أيام معدودات سرعان ما تزول. وصدق الله تعالى وهو في ذلك يقول: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأنعام:129). فلا داعي لهذا الهتاف بالحق وبالباطل.
ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. وصلى الله تعالى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله.. أصحابه وأتباعه أجمعين.
الثلاثاء 3/5/2004
الأنبار الصامدة
…
?
أثر الحركات الباطنية في عرقلة الجهاد
تأليف: يوسف إبراهيم الشيخ عيد
تعتبر فترة الحروب الصليبية من الفترات الدقيقة والمهمة في تاريخنا الإسلامي، ولا تزال آثار تلك الحروب ماثلة للعيان، ومازال العالم الإسلامي يعاني منها، وما كانت الانتصارات الصليبية لتتحقق لولا تفكك العالم الإسلامي، وانقسامه على نفسه، ومنازعة العبيديين الفاطميين للخلافة العباسية، وظهور كثير من الزعامات الصغيرة التي كانت تطمح في تأسيس دول خاصة بها.(46/54)
وبالإضافة إلى هذا كله، ظهرت في العالم الإسلامي حركات باطنية هدامة، كان لها دور في زيادة تفكك العالم الإسلامي، وأنشأت التنظيمات السرية، وجمعت حولها الأتباع، وبثت فيهم الأفكار المنحرفة، وكان لهذه الحركات الدور الكبير في عصر الحروب الصليبية (وكذلك في الفترة التي سبقتها) حيث ساهمت بشكل واضح في عرقلة سير حركة الجهاد الإسلامية، من خلال إقامة التحالفات مع الصليبين، وفتح أراضيها لهم، لينفذوا من خلالها إلى بلاد المسلمين، إضافة إلى قيام أتباع الحركات الباطنية باغتيال ومحاولة اغتيال عدد كبير من القادة والأمراء والعلماء المسلمين، الذين انبروا لقتال الصليبيين.
ويحاول كتاب "أثر الحركات الباطنية في عرقلة الجهاد ضد الصليبيين" لمؤلفه يوسف إبراهيم الشيخ عيد، أن يعطي صورة مفصلة عن تلك الحركات الباطنية، وعن دورها المشبوه في تلك الفترة العصيبة من حياة الأمة الإسلامية.
واحتوى الكتاب الصادر عن دار المعالي سنة 1998م على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، إضافة إلى بعض الملاحق، وهو عبارة عن رسالة ماجستير في التاريخ تقدم بها المؤلف إلى كلية الشريعة بجامعة أم القرى سنة 1408هـ (1988م).
واستند المؤلف في كتابه إلى عدد كبير من المصادر القديمة، أبرزها: الكامل في التاريخ لابن الأثير، وكتاب ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي، واتعاظ الحنفا للمقريزي، والروضتين لأبي شامة، وكتاب مفرج الكروب في أخبار بني أيوب لابن واصل، ووفيات الأعيان لابن خلكان.
الفصل الأول: الحركات الباطنية عند قدوم الغزو الصليبي:
ويخصص المؤلف هذا الفصل لأربع حركات باطنية هدّامة هي: الإسماعيلية النزارية (الحشاشون)، والنزارية المستعلية (الفاطميون)، والنصيرية، والدروز. ويتحدث عن مناطق نفوذها، وعن علاقتها بالمسلمين من أهل السنة، ثم عن العلاقات بين النزارية والمستعلية.
أولاً: الحشاشون (الإسماعيلية النزارية):(46/55)
النزارية هي إحدى الحركات الباطنية التي ظهرت في أواخر القرن الخامس الهجري، وتنسب إلى نزار بن المستنصر بالله الفاطمي، الذي كان من المفترض ـ حسب التعاليم الإسماعيلية ـ أن يخلف والده في الحكم، كونه الأكبر بين إخوته، إلاّ أن الوزير الأفضل بن بدر الجمالي نحّى نزاراً وأجلس على الحكم مكانه أخاه الأصغر أحمد الملقب بالمستعلي، وسببت تلك الواقعة أكبر شرخ في جسم فرقة الإسماعيلية، ونشأت بموجب ذلك فرقتان:
1-…المستعلية، وتمثلها الدولة العبيدية الفاطمية.
2-…النزارية، الذين ظلوا متمسكين بولاية نزار، وقادهم آنذاك الحسن بن الصباح، وقد عرفت تلك الفرقة باسم (الحشاشين).
واستطاع ابن الصباح تأسيس دولة إسماعيلية مكونة من عدة قلاع وحصون، وأهمها قلعة آلموت في بلاد فارس، والتي أصبحت مركز هذه الدولة التي امتدت فيما بعد إلى أجزاء من بلاد الشام والعراق.
وكان أتباع الحسن بن الصباح شديدي الانقياد له، وبعد وفاته في سنة 518هـ تولى زعامة هذا الفرع من الإسماعيلية كيابزرك أميد، ثم أبناؤه وأحفاده من بعده. وفي وقت نشوء الحركة النزارية، كانت دولة السلاجقة تسيطر على الخلافة العباسية، وكان السلاجقة في أوج قوتهم وذروة توسعهم، لذلك اتسمت العلاقة بين السلاجقة والحشاشين في البداية بالعداء، وخاصة أن الحشاشين شكلوا مصدر خطر على المسلمين باستيلائهم على القلاع والحصون، وقطعهم للطريق وتخريبهم للقرى.
وكان أول من تنبأ بخطر هؤلاء الباطنية، الوزير نظام الملك، الذي اجتهد مع السلطان السلجوقي ملكشاه في محاربتهم واستئصال شأفتهم، لذلك غدا الوزير نظام الملك العدو اللدود للحسن بن الصباح وفرقته، فقاموا باغتياله سنة 485هـ ونظام الملك هو أول مسؤول يقوم الحشاشون باغتياله، الأمر الذي سيؤدي فيما بعد إلى ضعف دولة السلاجقة، وعدم قدرتها على التصدي للأخطار التي تواجه العالم الإسلامي، وبسبب المكانة والخبرة التي كان يتمتع بها نظام الملك.(46/56)
وعمل السلطان ملكشاه على القضاء على الحشاشين ـ بعد محاولات لإصلاحهم ـ إلاّ أن المنيّة عاجلته في نفس العام الذي توفي فيه وزيره نظام الملك، ودبّ النزاع بين أفراد البيت السلجوقي، وتراوحت علاقة السلاجقة بالحشاشين بين المهادنة والعداوة، ذلك أن الحشاشين تمكنوا من استمالة بعض الأمراء السلاجقة ضد أمراء آخرين.
ومع ذلك فقد جدّ بعض أمراء السلاجقة في محاربة الحشاشين، ومنهم السلطان محمد بن ملكشاه، الذي استطاع في سنة 524هـ استعادة قلعة آلموت، التي كانت مركز دولة الحشاشين.
وكانت العلاقة بين النزارية الحشاشين ومن جاورهم من المسلمين، علاقة عداء وحقد، فلطالما اعتدى الحشاشون على المسلمين من أهل السنة، وهاجموا مدنهم وقراهم، وقطعوا الطريق، وقتلوا الحجاج.
ولم يكن النزارية الحشاشون في بلاد الشام بعيدين عن سلوك إخوانهم في بلاد فارس، إذ كانوا يضمرون العداء لأهل السنة، وكانوا يقومون ببث الرعب بينهم، وقطع الطريق، ومحاربة من جاورهم من المسلمين. كما حاول الحشاشون في بلاد الشام، استمالة بعض القادة والوزراء إلى صفهم، ومنهم الأمير رضوان ملك حلب، وبعد وفاته تنبه ابنه ألب أرسلان لخطرهم، وقاتلهم وخلّص حلب منهم، بعد أن كان لهم هناك دار دعوة.
واستطاع النزارية في بلاد الشام أن يستولوا على عدد من الحصون والقلاع، وإضافة لذلك امتدت يد غدرهم إلى قادة الجهاد الإسلامي في تلك الفترة، وعلى رأسهم الأمير مودود صاحب الموصل، الذي تصدى للحركة الصليبية في بداياتها، وقتلوا هذا القائد الفذ، وهو يخرج من الجامع الأموي بدمشق بعد أدائه لصلاة الجمعة، في أحد أيام سنة 507هـ.
ثم حاول هؤلاء الباطنية بزعامة سنان راشد الدين في سنة 570هـ، اغتيال القائد البطل صلاح الدين الأيوبي، وكرروا المحاولة في العام التالي، لكن الله نجاه منهم، وبعد هذه المؤامرات توجه صلاح الدين لقتالهم، إلى أن دخلوا تحت طاعته.
ثانياً: الفاطميون (الإسماعيلية المستعلية):(46/57)
قامت الدولة العبيدية الفاطمية في مصر، وامتد سلطانها إلى المغرب العربي واليمن وجنوب بلاد الشام والحجاز، وهي تمثل الإسماعيلية المستعلية. وقد ادّعى ملوك هذه الدولة انتسابهم إلى آل بيت النبي ?، ونازعوا العباسيين خلافتهم، وفي عهدهم توالى سقوط الإمارات الإسلامية بيد الصليبيين، ولم يبذل الفاطميون ما يجب لوقف عدوان الصليبيين. بل توجهت سهامهم إلى دولة السلاجقة السنية، كما سيأتي بيانه.
ثالثاً: النصيرية (العلويون):
النصيرية إحدى الحركات الباطنية التي قامت في القرن الثالث الهجري، وتنتسب إلى محمد بن نصير البصري النميري. وتزعم هذه الفرقة بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه حلّت فيه الألوهية، وتكن العداء لأصحاب رسول الله ?، وإلى غير ذلك من العقائد الفاسدة.
وعند ابتداء الحروب الصليبية، كانت مناطق نفوذ النصيرية تتركز في: الموصل وديار بكر وحلب وطرسوس وجهات أنطاكية وجبلة، وأماكن أخرى عديدة في بلاد الشام. ولم يكن للنصيرية اتصال كبير بمن جاورهم من المسلمين، بسبب انغلاقهم على أنفسهم، إلاّ في فترة حروب المسلمين مع الصليبيين والتتار، ذلك أن النصيريين نزلوا من مناطقهم، منطلقين من حقدهم على المسلمين.
رابعاً: الدروز:
وهي فرقة إسماعيلية باطنية ادّعت ألوهية الحاكم بأمر الله، أحد حكام الدولة العبيدية الفاطمية. وتركز الدروز في بلاد الشام، بعد أن فرّ مؤسس مذهبهم، محمد بن إسماعيل الدرزي، من مصر إلى الشام عقب إعلانه ألوهية الحاكم بأمر الله، الأمر الذي جعل المسلمين في مصر يثورون عليه ويحاولون قتله.
ومثلهم مثل النصيريين، عاش الدروز منغلقين على أنفسهم إلاّ في بعض الفترات، ومنها فترة الحروب الصليبية، التي رأوا فيها فرصة للانتقام من المسلمين.
الفصل الثاني: العلاقات السياسية والعسكرية بين الفاطميين والصليبيين:(46/58)
يتناول المؤلف في هذا الفصل العلاقات المشبوهة بين الفاطميين والصليبيين وبوادر حسن النية التي أبداها الفاطميون تجاههم، ثم تحول العلاقات إلى الصدام، لمّا تجاوزت أطماع الصليبيين كل حد، وباتوا ينوون الاستيلاء على الأراضي والمدن التي بحوزة الفاطميين.
فعندما تحركت جموع الصليبيين من أوربا باتجاه الشرق، في أول حملة صليبية على العالم الإسلامي، لم يبدِ الفاطميون أية مبادرة لنصرة المسلمين، وتصدى لهذه المهمة السلاجقة، وأمراء الولايات الإسلامية الصغيرة، إلاّ أن الصليبيين تمكنوا من تحقيق انتصارات هامة، وسقطت بأيديهم العديد من المدن والولايات، كان أولها أنطاكيا سنة 491هـ، بعد حصار استمر أكثر من سبعة أشهر.
ولم يكتفِ الفاطميون، ووزيرهم الأفضل الجمالي بدور المتفرج والمتقاعس، بل عرضوا على الصليبيين التحالف والتعاون في القضاء على السلاجقة السنة واقتسام بلاد الشام بينهما، وتبادل الصليبيون والفاطميون السفارات والهدايا ومشاعر المودة والموالاة.
واستغل الفاطميون انشغال السلاجقة بمحاربة الصليبيين، وقاموا باحتلال بعض المدن التابعة للسلاجقة، ومنها بيت المقدس. يقول المؤلف في هذا الصدد: "لا شك أن سلوك الأفضل هذا كان عاملاً من أهم العوامل في انتصار الجيوش الصليبية، ووصولها إلى هدفها من دخول بيت المقدس واحتلال معظم بلاد الشام. لقد كان بمقدور الأفضل أن يقف في وجه الصليبيين ويتصدى لزحفهم ويرد عن بلاد المسلمين، فالأحوال في مصر كانت هادئة مستتبة وكانت مصر تتمتع بالرخاء، بالإضافة إلى ذلك كان الأفضل قادراً على المال والرجال".(46/59)
واستمرت سياسة الفاطميين في معاونة الصليبيين على الدول السنية حتى أواخر أيامها، وهذه المرة كان التعاون موجّها ضد قوات نور الدين زنكي ومساعديه أسد الدين شيركوه وصلاح الدين الأيوبي، الذين أبوا في قتال الصليبيين بلاء حسناً. وبالرغم من كل ما بذله الفاطميون للصليبيين من مودة وموالاة وعروض بالتعاون ضد الدول السنيّة، إلاّ أن مطامع الصليبيين كانت أكبر مما عرضه الفاطميون عليهم، واتجه الصليبيون لاحتلال المدن التي تحت سيطرة الفاطميين، الأمر الذي نتج عنه حدوث صدام بين الطرفين، كانت نتيجته في الغالب هزيمة العبيديين، والمزيد من سقوط المدن الإسلامية، إلى أن يسّر الله لهذه الأمة بطلاً كصلاح الدين، قام في سنة 567 بالقضاء على الدولة العبيدية الفاطمية التي ناصبت أهل السنة ومذهبهم العداء، وخذلتهم، وتركتهم لقمة سائغة للصليبيين، ليتفرغ صلاح الدين بعد ذلك لقتال الصليبيين وطردهم من بلاد الشام، وتعتبر موقعة حطين الشهيرة سنة 583هـ إحدى معارك المسلمين الكبرى بقيادة صلاح الدين والتي استرجعت بموجبها القدس، وأصلح فيها صلاح الدين ما أفسده الفاطميون.
الفصل الثالث: الحشاشون ودورهم في الحروب الصليبية:(46/60)
ومن الأدلة التي تثبت حقيقة التعاون بين النزارية وبين الصليبيين أن زعيمهم في بلاد الشام راشد الدين سنان أرسل في سنة 569هـ وفداً إلى "أملريك" ملك بيت المقدس، يقترح عليه اتفاقاً ضد القائد نور الدين محمود، ولوّح سنان لملك بين المقدس بأنه وقومه يفكرون بالتحول نحو النصرانية. وشن النزارية في بلاد فارس والشام حملة اغتيالات كبيرة شملت عدداً كبيراً من الأمراء والقادة والقضاة بهدف إضعاف الدول السنيّة في مواجهة الصليبيين، والأخطار الخارجية، فشملت جرائمهم اغتيال الوزير نظام الملك سنة 485هـ، وابنه الأكبر فخر الملك سنة 500هـ، وقاضي أصبهان عبيد الله بن علي الخطيبي سنة 502هـ وعدد كبير منهم الأمير مودود، وحاولوا قتل صلاح الدين كما سبق بيانه.
الفصل الرابع: النصيرية والدروز ودورهم في الحروب الصليبية :
ويورد المؤلف نماذج عديدة عن خيانات النصيريين والدروز للمسلمين، منها مساندة النصيريين للصليبيين خلال حصارهم أنطاكيا الذي استمر سبعة أشهر، أبدى المسلمون خلالها شجاعة نادرة، وقد كان الزعيم النصيري فيروز موكلاّ بحراسة أحد أبراج المدينة، فاتصل بالقائد الصليبي بوهيموند واتفق معه على تسليم البرج إليه، ودخول المدينة، وبالفعل تمكن الصليبيون ـ نتيجة خيانة النصيريين ـ من احتلال أنطاكيا وإعمال السيف في أهلها.وكان الدروز في ذلك على خطا النصيريين، فقد صالح أحد أمراء الدروز الصليبيين وانسحب من مدينة صيدا، وسلمها لهم سنة 504هـ. وبعد هذه الجولة من هذا الكتاب نقف متسائلين: هل يعيد التاريخ نفسه اليوم؟؟
المتعة الحرام!!
…قالوا: أعلن السيد محمد نوري يلماظ رئيس هيئة الشئون الدينية التركية في تصريحات لجريدة "صباح" التركية اليومية أنه تلقى تقارير حول انتشار "زواج المتعة" بين الشباب الأتراك .
إسلام أون لاين
…قلنا: المتعة كانت ولا تزال صنارة التشيع التي تصيد الأغبياء وأهل الأهواء.
زمن العجب!(46/61)
…قالوا: وزير مُكَلَّف بالإشراف علي هيكلة الحقل الديني (في المغرب الإسلامي ) يُعيِّن موظفا أمريكيا للإشراف علي المناهج الدراسية في احدي مؤسسات الإسلام الرسمي (دار الحديث الحسني) .
القدس العربي 30/3/2007
…قلنا: تقصير العلماء ينتج تفريط الولاة ، فيحاول الغلاة تصحيحه فينتج عنه مفاسد اكبر!!
ليس تصدير للثورة!!
…قالوا: سلم وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي رسالة من الرئيس علي عبد الله صالح إلي المرشد الأعلى لجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي، واتهم "عناصر أجنبية" بمحاولة إثارة الفتنة بين المذاهب الإسلامية في بلاده. و تضمنت طلباً صريحاً من المرجع الإيراني الأعلى وقف أ دعم للحوثي باعتباره يحاول شق صف الوحدة الوطنية اليمينة.
الزمان اللندنية 7/3/2007
…قلنا: كل هذه الحرب الطاحنة وليس هناك خوف من الشيعة العرب أن يعملوا لصالح إيران بدل بلدانهم !!
تشيع يقتدى بالنصرانية!!
…قالوا: دراسة تطالب بفتح الباب أمام نشر صور للرسول محمد على غرار صور السيد المسيح وأمه السيدة مريم، مؤكدا أن هذه الصور من شأنها أن تثير في نفوس المسلمين مشاعر القداسة وتزيد من ارتباط المسلم برسوله. رأيت الاعتماد على مجموعة الصور التي نشرت في كتاب "معراج نامة" الذي قام بترجمته عن الفارسية د. ثروت عكاشة والصادر عن دار المستقبل العربي عام 1987.
…من الجدير بالذكر أن صور النبي صلى الله عليه وسلم جاءت في عدة كتب تراثية منها صورة في مخطوط لكتاب "جامع التواريخ" الذي تم تأليفه عام 1314 هجرية في مدينة "تبريز" وهو محفوظ حاليا بمكتبة أدنبرا بسكوتلاندا.
د. احمد عبد الحليم عطية
أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة
العربية نت 15/3/2007
…قلنا: ما أكثر ما تسبق الكتب الفارسية إلى الفتن والمشاكل!!
بعضهم أولياء بعض(46/62)
…قالوا: أعلنت الطائفة اليهودية في إيران أمس استعدادها الكامل للدفاع عن المصالح الوطنية الإيرانية تنفيذاً لتعليمات مرشد الثورة السيد علي خامنئي والتصدي " لفراعنة العصر " .
السياسة الكويتية 12/4/2007
…قلنا: لو يقتدى بهم شيعة العرب فيعلنوا ولائهم لدولهم!!
حرية تعبير!!
…قالوا: قالت اللجنة السورية لحقوق الإنسان إنها تلقت أنباء عن وفاة المعتقل محمد علي درباك (72 عاما) في أحد السجون السورية بسبب سوء المعاملة بعد اعتقاله من قبل جهاز الأمن السياسي السوري بسبب قصيدة انتقد فيها الشيعة.
العربية نت 18/3/2007
…قلنا: ويحدثونك عن سوريا الصمود وواحة العرب والحرية.
نموذج للعدالة
…قالوا : نحن عندنا 3% من الشعب الأفغاني شيعة, وهم مسيطرون على 23% من المقاعد الوزارية في الحكومة.
نور الله سيلاب صافي (محلل سياسي أفغاني)
شبكة الدفاع عن السنة
…قلنا: هكذا الشيعة يصيحون دوماً أنهم مظلومون وهم في الحقيقة جائرون وظالمين.
وقاحة!
…قالوا: وجه تنظيم " شباب الشيعة المقاومة " تحذيرا إلى الشيخ محمد جوزو مفتى جبل لبنان ، بعدم تكرار تصريحاته التي هاجم فيها "حزب الله ".
الوطن العربي – 4/4/2007
…قلنا: حتى الانتقاد لا يطيقون سماعه!
ما الثمن؟
…قالوا: دافع حمدين صباحي رئيس حزب الكرامة الناصري بمصر ، عن الوفد الإيراني المشارك في مؤتمر المقاومة بالقاهرة .
صحيفة الحقيقة 4/4/2007
…قلنا: ما هو المشترك بين الناصرية والخمينية؟؟
الوطنية
…قالوا: الرئيس كذاب!!
يحيى الحوثي، شقيق قائد التمرد في اليمن
مقابلة مع مجلة الوطن العربي 28/3/2007
…قلنا: هذا هو الانتماء للوطن وقيادته .
التبشير الشيعي في السودان يوتر العلاقات بين الطوائف
العربية نت 18/3/2007 (باختصا )(46/63)
…دكتور أنت شاركت قبل بضعة أسابيع في مؤتمر الدوحة لحوار المذاهب الإسلامية، أشرت إلى إشكالية أو إلى عمليات تبشير بالمذهب الشيعي تقام في السودان من خلال معرض الكتاب اللي أقيم في السودان أخيراً ووجود مطويات تبشر بالمذهب الشيعي عن طريق مؤسسات إيرانية رسمية، هل تعتقد أنه في صعود الآن لنبرة الإشكالية المذهبية بين السنة والشيعة؟
…د. عصام البشير: يعني اعتقد أن هذه القضية هي التي تزيد من حالة بؤر الاحتقان والتوتر..
…تركي الدخيل: اللي هي التبشير بأحد المذهبين في أماكن المذهب الآخر.
…د. عصام البشير: نعم يعني حينما يأتي الشيعة إلى مجتمع كله قائم على السنة مثل حالة السودان ليظفروا ببعض مئات أو ببعض آلاف أو يقلّون أو يكثرون ما الذي يترتب على ذلك؟ الذي يترتب على ذلك أنك قمت بتوتير الأمن الفكري والاجتماعي بين أهل الوطن الواحد، وأعتقد أن هذه هي التي جعلت حدة الخلاف تستعر مع أشياء أخرى، خاصةً أن مثل هذا الطرح طرح قائم على مستفزات..
…تركي الدخيل: وش الأشياء الأخرى التي تستفز؟
…د. عصام البشير: يعني أنا أقول مثل هذا الطرح الذي يكون فيه تبشير مثلاً للشيعة في مجتمعات السنة يقوم على مستفزات لأنه يتعلق بخصوصيات وعقائد ومقدسات الطرف الآخر، وبالتالي فهذا باب من أبواب الفتنة التي يعني يتعذر معها حالة التقريب..
…تركي الدخيل: بس ألا يمارس السنة ذات الدور في أوساط الشيعة أحياناً في كثير من الفعاليات السنية؟
…د. عصام البشير: ما الذي يفعله السنة؟
تركي الدخيل: أيضاً يدعون الشيعة إلى أن يعتنقوا المذهب السني.(46/64)
…د. عصام البشير: هو شوف نفرق بين أمرين بين يعني الحديث في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إبراز الحقائق الموضوعية ونقاشها العلمي بين أوساط العلماء وأوساط الدعاة وأوساط طلبة العلم ومناهج العلماء وبين الاختراق المنظم الذي يكون مدعوماً ويكون مرعياً ويمارس بهذه العقلية الجمعية هذا يكون فيه استهداف يوتر العلاقة بين الأطراف السنة والشيعة، وأعتقد أن هذا..
…تركي الدخيل: أنت تصنف أنه في اختراق منظم من إيران لمجتمع السنة في السودان؟
…د. عصام البشير: أنا أعتقد هنالك محاولات كانت منظمة لتحقيق اختراقات في الكثير من المجتمعات، وأن هذا الأمر مما تم التنبيه إليه في مؤتمر الدوحة وكانت من إحدى التوصيات الكبرى والقرارات أننا إذا كنا نلتمس تعايشاً حقيقياً أن نعمل على احترام خصوصيات كل مجتمع وما يدين به.
…تركي الدخيل: طيب أليس من حقك قبل قليل أن تقول على الإسلاميين أن يطرحوا طرحهم فإذا قبلهم الناس فليتقدموا وإذا..
…د. عصام البشير: هنالك فرق بين الطرح وبين الطعن والتجريح والسباب والشتائم هل من الطرح أن تسب..
…تركي الدخيل: هذا كان موجوداً ضمن..
…د. عصام البشير: في معرض الكتاب نعم، ومجمع الفقه الإسلامي أصدر بياناً في هذا، وتمت تسمية بعض الكتب والمراجع وتمت تسمية بعض المقولات التي تم فيها نوع من التنقيص والسب والتجريح لمقام الصحابة لمقام زوجات النبي - عليه الصلاة والسلام - أمهات المؤمنين، فهذا لا يمكن أن يساعد على تهيئة مناخ يؤسس لقاعدة تعايش بين الأطراف و..
…تركي الدخيل: أشرت في ذات المؤتمر يا دكتور مؤتمر الدوحة وقلت أن حالة العراق وتداعياتها في المنطقة هي عقبة في سبيل التقارب بين السنة والشيعة؟
…د. عصام البشير: بمعنى آخر بمعنى آخر أن قضية التقريب الآن في محك عملي هذا المحك العملي..
تركي الدخيل: الواقع في العراق.(46/65)
…د. عصام البشير: الواقع في العراق ينبغي أن نخطوا خطوة عملية لأن القتل استحر على أساس الهوية على أساس التهجير على أساس البعد الطائفي وينبغي أن..
…تركي الدخيل: بس قتل متبادل وإن كان في نسبة أكبر من نسبة؟
د. عصام البشير: نعم بس ينبغي أن تلعب فيه القوة المؤثرة على الساحة وعلى رأسها إيران دوراً مهماً، وأن نعمل جميعنا على خفض أصوات الغلاة حتى نحقق التعايش ليس المقصود بالتقريب أن نذيب هذا الطرف في ذاك أو إلغاء الآخر أو محوه، ولكن نريد أن ننظم كيف ندير اختلافنا، كيف نوسع قاعدة المشترك، كيف نضيق مساحة الخلاف، كيف نتعايش بما يحترم كل منا الطرف الآخر، كيف نتجنب هذه المستفزات لدى كل طرف، كيف نحترم المقدسات لدى كل طرف، هذا التعايش الذي نريده، نحن في بلاد قائمة على أساس تعاون.
…تركي الدخيل: تعايش ولاّ تقريب؟
…د. عصام البشير: تعايش، يعني هو التعايش.
…تركي الدخيل: التعايش أنه أنا أقبلك وأرضى بما أنت عليه.
…د. عصام البشير: هذا وجه من وجوه التقريب، لأننا حينما نتعايش يمكن أن ندير حواراً، ثم ما معنى أن نستدعي معارك التاريخ التي لم نكن يعني شركاء في صنعها أو جزءاً منها تلك أمة قد خلت لها ما كسبت، واليوم أمامنا من التحديات ما يستنفذ كل طاقات الأمة، نعيش على تلك الخلافات التاريخية لنجترها ولندير حولها المعارك والحوار، ونحن أمام تحدٍّ نحن في غنىً عن أن نصرف الجهود إلى تلك الاجترارات التاريخية.
…تركي الدخيل: بس الغلو أليس غلواً متبادلاً أيضاً في أطراف السنة من يكفر الشيعة وبالتالي يستفزهم باتجاه أن ينحوا منحىً يستفز السنة فيما يتعلق بسبّ الصحابة، أو التعاطي مع المذهب السني.(46/66)
…د. عصام البشير: يعني نحن طرحنا ثلاث قضايا أساسية، القضية الأولى: قلنا أن ينال مقام آل البيت وما قال الصحابة ونساء النبي - صلى الله عليه وسلم - حقهم من التبجيل والتقدير ونحن نعتقد في جانب السنة تجاه آل البيت ليس هنالك إلا المودة، هنالك تجربة قامت بها مبرة الآل والأصحاب في الكويت هذه المبرة جسدت نموذجاً استخرجته من درر التاريخ كيف كان آل البيت يحبون الصحابة، وكيف كان الصحابة يحبون آل البيت، وما حدث بينهم من تزاوج ومصاهرة ونسب، نريد أن نخرج هذه الجوانب الإيجابية، الأمر الثاني: تجنب التبشير بالمذهب المخالف في المنطقة، الأمر الثالث: حرمة الدماء..
…تركي الدخيل: من الطرفين طبعاً.
…د. عصام البشير: إي نعم، والسنة لا يفعلون، الأمر الثالث: هو حرمة الدماء التي تقوم على أساس الهوية والمذهبية والطائفية.
…تركي الدخيل: هل ترى أي بوادر أمل في ظل ما يحدث من واقع سيء وسلبي على الأرض في العراق.
استطاعت أوروبا تجاوز جميع الاختلافات المذهبية:
…د. عصام البشير: الواقع سلبي ولكن لا بد من التحرك، ولا بد من التحرك ولأن قرن الطائفية إذا استعر بهذه الدرجة وتفاقم سيأتي على المنطقة كلها ويأكل الأخضر واليابس، ونحن ندعو الحقيقة الجميع ندعو العقلاء والحكماء من كل طرف أن يبحثوا عن هذه القواسم المشتركة أن يصونوا الدماء والأموال والأنفس والأعراض وأن يبحثوا عن صيغة توافق يعني استطاعت رب على صعيدين على الصعيد المذهبي بين البروتستانت والكاثوليك وسالت دماء غزيرة.(46/67)
…استطاعت أوروبا في الحرب العالمية الأولى والثانية والتي سالت فيها دماء غزيرة أن تتجاوز كل هذه المرارة، وأن تتفق وأن تتوحد في عملتها وفي برلمانها وأن تفتح حدودها على بعضها البعض، هذه تجربة عملية يمكن أن تقودنا إلى أن نفيد منها في تحقيق مثل هذا التقارب الذي ننشده، اليوم هنالك محاولات إلى تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم، إما على الأساس العرقي: عرب وأفارقة في شمال أفريقيا، عرب وبربر، عرب وفرس، عرب وأكراد وتركمان، أو على الأساس الديني: مسلمين وأقباط، أو على الأساس الطائفي والمذهبي: سنة وشيعة، تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم، الأمة ينبغي أن تفوت الفرصة على أعدائها وتبحث عن مواطن الاتفاق كثيرة، ونتجنب كل صور الاستفزاز الذي يمكن أن يعين على تجاوز هذه المحنة.
…تركي الدخيل: أنت ذكرت في ذات المؤتمر مؤتمر الدوحة لحوار المذاهب دكتور عصام البشير قلت أو طالبت المراجع الشيعية بإدانة واضحة تجاه هذه المسألة وهي ما يتعلق بسب الصحابة، ألا ترى بأن المراجع في الطرفين أو المراجع الفكرية في الطرفين وإن كانت المراجع واضحة في المذهب الشيعي أكثر من وضوحها في المذهب السني تمارس أيضاً تصعيد لهذه الطائفية في الوقت الراهن؟
…د. عصام البشير: مَن؟
…تركي الدخيل: المراجع في الطرفين ألا تمارس تصعيد للطائفية؟
…د. عصام البشير: ما هو شوف نتيجة هذه الظروف أصبحت هنالك فعل ورد فعل، اختلطت فيه الأمور التي تجري على أرض الواقع، سواء كان ذلك في العراق كان في مناطق أخر الآن بدأت تدخل في هذا الصعيد فأدى هذا إلى أن تكون هنالك ردات الأفعال، فأنا لا ينبغي أن أتحدث عن النتائج وأترك المقدمات، أن أتحدث عن الآثار وأترك الأسباب، فينبغي أن نعمل على قطع هذه المقدمات التي توصل إلى هذه النتائج التي لا نستطيع أن نتحكم في ردود الأفعال فيها، والناس جد متفاوتين في هذه المسألة.(46/68)
…تركي الدخيل: بس دكتور أنا قصدي أنه زي ما تطالبون علماء الشيعة مثلاً أو مراجع الشيعة لماذا لا يكون هناك أيضاً مطالبة لعلماء السنة بوقف التصعيد فيما يتعلق بتفكير الشيعة؟
…د. عصام البشير: نعم.. نعم وهذا أيضاً تمت الإشارة إليه تمت الإشارة إليه حتى في مؤتمر الدوحة أننا.. أننا ينبغي أن نشجب الغلاة من الطرفين أن نشجب الغلاة من الطرفين ومن ذلك الإصرار على قاعدة التكفير المطلق.
…تركي الدخيل: بس ممكن مقيد..
…د. عصام البشير: آه؟
…تركي الدخيل: مقيد أنا أقصد يعني..
…د. عصام البشير: لأ يعني قاعدة إطلاق التكفير على ملة أو على مذهب أو على طائفة بهذا فهذا لا يخدم هذه القضية، وأنا أعتقد كثير من القضايا يمكن أن يتحاور فيها أهل العلم في أروقة أخرى وفي مناسبات أخرى ما ينبغي أن تطرح لعامة الناس ولعامة الجماهير لتزيد من حالة الاشتعال في نفوسهم تجاه قضايا الأمة.
"الخطران" الإسرائيلي والإيراني
حسن برارى - الغد 12/4/2007
…هل إيران أكثر خطورة من إسرائيل أم العكس هو الصحيح؟ وإذا سلمنا أن إيران أكثر خطورة من إسرائيل، هل يعني ذلك أن إسرائيل لا تشكل خطرا على الأمن القومي العربي؟ وإذا اتفقنا مع مقولة أن إسرائيل هي أخطر، فهل يعني ذلك أن إيران لا تشكل خطرا وخطرا كبيرا ومحتملا على المنطقة؟
…أسوق هذه التساؤلات وأنا أتابع النقاش العام الذي يجري في العالم العربي حول مصدري التهديد المذكورين.(46/69)
…لا أعرف لماذا يلجأ أكثر المحللين والكتاب إلى تبني مقاربتين تقصي الواحدة منهما الأخرى. وآخر هذه المقالات هي للكاتب الكبير فهمي الهويدي على صفحات جريدة الشرق الأوسط يوم الثلاثاء الماضي. وبتركيزه المفرط على الخطر الإسرائيلي، الذي بالفعل هو خطر دائم، فإنه يقلل من أهمية الخطر الإيراني. وكأنه، عندما ينادي بتقديم الخطر الإسرائيلي، يريد منا ألا ننتبه للإستراتيجية الإيرانية الجديدة التي تسعى للهيمنة في الإقليم والتي تستعمل العراق ولبنان وتحاول استخدام حماس كأوراق مساومة في سياق المواجهة مع الولايات المتحدة.
…ويستند هذا الاتجاه في التحليل على الاعتقاد بأن الذي يروج للخطر الإيراني هو إسرائيل وأميركا وأن المستفيد من تبني العرب لمقاربة أمنية جديدة هو إسرائيل وأميركا. وبالتالي تسعى إسرائيل إلى غرس هذا التوجه عند العرب ليحدث التقارب بينهما ضد الخطر المشترك.
…في الخندق المقابل، كتب مأمون فندي في الصحيفة نفسها قبل ثلاثة أشهر عن الأسباب التي تدفعه للاعتقاد بأن إيران تمثل خطرا اكبر على العالم العربي من إسرائيل. وتعتمد هذه المدرسة التحليلية إلى مجموعة من الحقائق. فمثلا، وجود شيعة عرب في البلاد العربية. وهذا صحيح! ولكن مقولة إن إيران تجندهم لخدمة إستراتيجيتها بحاجة إلى إعادة نظر.
…أما الحقيقة الثانية فهي كون إيران دولة مسلمة تتبنى إيديولوجيا تساعدها في اختراق الساحة العربية لتمرير أهدافها التي لا تتماشى بالضرورة مع مصالح العرب، في هذا جزء كبير من الحقيقة، فالكثير من العرب يرى في إيران دولة مسلمة يمكن العيش معها والتنسيق معها لخدمة قضايا العرب. وهنا مكمن الخطورة الإيرانية لأن الدين الإسلامي يساعدها للظهور كالأخ، بخاصة عندما يطلق أحمدي نجاد تصريحات نارية لصالح الفلسطينيين.(46/70)
…بمعنى آخر يحاول المحذرون من الخطر الإيراني التنبيه إلى أن تسلل إيران للساحة العربية يتم دون الكثير من المشاكل، وعلى عكس محاولات إسرائيل. فإذا ما أرادت إسرائيل التقرب فستصطدم بالجماهير العربية التي تشك في كل شيء يصدر عن إسرائيل.
…كل واحد من هذين الاتجاهين في التحليل يمثل مدرسة فكرية أو أمنية. واتفق جزئيا مع كلا المدرستين لكن المطلوب مقاربة ثالثة لا تحتمل الخيارات الإقصائية. فمثلا، عندما نتحدث عن شكل التهديد وتصويره، يجب علينا الانتباه أن الدول تتبنى سياسات إقليمية لتعظيم مكاسبها على حساب الدول الأخرى. وهذا ينطبق على إسرائيل وإيران كما ينطبق على الأردن وسورية ومصر.. الخ. ومن هنا فإن التحالفات الإقليمية في المنطقة العربية ليست إيديولوجية في جلها وإنما تتم لتوفر عدو مشترك أو تهديد مشترك وتزول عندما ينتهي التهديد.
…نفهم محاولات إسرائيل لبناء تحالف سني إسرائيلي ضد التهديد المشترك (إيران). وكذلك نحاول فهم محاولات إيران لبناء تحالف إقليمي إيراني عربي ضد التهديد المشترك (إسرائيل). وكل دولة تعتقد بأنها تستطيع كسب العرب لجانبها. وربما يجب على العرب استبطان مهارة العمل السياسي والتعامل مع قضايا الإقليم العربي بنوع من الاستقلالية عن إيران وإسرائيل والانتباه بأن مصلحتهم تقتضي التركيز على مصدري التهديد معاً.
…ثم لماذا يأخذ العرب جانب أي من الدولتين. فالمنطق يقول أن على العرب الالتفات إلى بناء نظام عربي (بعد أن انكشف استراتيجيا) ونترك كلا من إيران وإسرائيل في صراع واستنزاف للموارد حتى يضعف كليهما.
الشيعة في تونس
نور الدين المباركى - دنيا الوطن – 24/ 1/2007
…ارتفعت مؤخرا أصوات في عدة دول عربية (الجزائر- المغرب – مصر- السودان – الأردن ...الخ)، تنبه إلى انتشار ظاهرة التشيع و تحذر من توسعها.(46/71)
…وذكرت عدة صحف و مجلات عربية اهتمت بالموضوع أن تونس من بين البلدان التي يشهد فيها "المذهب الشيعي توسعا ،خاصة خلال السنوات الأخيرة". و مع ذلك فإن هذه المسألة مازالت غير مطروحة رسميا و إعلاميا، إذ لم يصدر أي موقف يشير إلى ذلك و ينبه إلى هذا الأمر باستثناء بعض الكتابات المحدودة على شبكة الإنترنيت.
…وهناك عدة تفسيرات لهذا الأمر : فثمة من يقول إن حرية المعتقد أمر يكفله دستور البلاد و إن الدولة لا تتدخل في معتقدات الناس و المذاهب التي يعتنقونها .
…وهناك من يرجع الأمر إلى" طبيعة التونسيين " المتسامحة و قدرتهم على التعايش مع بعضهم البعض، بقطع النظر عن المعتقدات و المذاهب.
…فيما يرى البعض الآخر أن هذا "الصمت الرسمي" على انتشار التشيع في تونس مرده العلاقات بين الحكومة التونسية و الحكومة الإيرانية . و هي علاقات تو طدت خلال السنوات الأخيرة.
عدد شيعة تونس و انتشارهم:
…لا تتوفر أرقام رسمية حول عدد الشيعة في تونس ، غير أن الدكتور محمد التيجاني السماوي و هو أحد رموز التشيع يقدر عددهم ب"مئات الآلاف"، و يقول إنهم منتشرون في أغلب محافظات البلاد، ويمارسون شعائرهم و طقوسهم بحرية و دون أن يتعرضوا إلى أي نوع من المضايقات.
…ويقول أيضاً: إن عدد الشيعة (المذهب الجعفري) كان لا يتجاوز العشرات في أواخر الستينات وبداية السبعينات، لكنهم بدؤوا في التوسع و الانتشار بفضل الدعاة و توفر المراجع و الكتب الشيعية ، إلى أن بلغوا هذه المرحلة.
…ولا يخفي أنه قام في هذا الصدد بدور هام ، و يقول إن المرجع الشيعي المعروف محمد باقر الصدر لقبه ب"بذرة التشيع ، أي نبتة غرست في تونس فكانت مباركة و أتت أكلها كل حين.."(1).
ويرى شيعة تونس أن مذهب "آل البيت" ليس غريبا عن البلاد و أن جذوره تعود إلى" آلاف السنين". ومن خلال بعض وثائقهم و كتاباتهم ، يمكن تقسيم انتشار التشيع في تونس إلى أربعة مراحل كبرى، هي:(46/72)
•…المرحلة البربرية، والبربر هم سكان تونس الأوائل، فبالنسبة لهم كان للبربر في تونس"ولاء عظيم لأهل البيت و لهم فيها ثورات ، وبالخصوص في زمن استشهاد الإمام الحسين ، وجرى عليهم القتل و السبي مثل ما جرى على أهل المدينة من قبل السلطة الأموية آنذاك.."(2).
•…مرحلة الدولة الفاطمية (910 – 973 م) وتأسيس المهدية (921م) التي انتشر خلالها التشيع في تونس.
•…مرحلة أواخر الستينات و بداية السبعينات، وعرفت هذه المرحلة بدخول المذهب الجعفري، ويعد الدكتور محمد التيجاني السماوي أحد أهم رموزها، يقول في هذا الصدد:"..إن الشيعة انقرضت منذ عهد الفاطميين ولم يعد لها أثر، و من ثم ظهرت من جديد ، ولكن ليس بالطريقة الفاطمية التي كانت إسماعيلية باطنية ، إنما بالطريقة الحقيقية لمذهب الإمامية الإثني عشرية الجعفرية.."(3).
•…مرحلة الثمانينات، أي مباشر ة بعد انتصار "الثورة الإسلامية في إيران"، و يسميها السيد عماد الدين الحمروني(رئيس جمعية أهل البيت الثقافية و هي جمعية شيعية) بمرحلة " التشيع الحديث "، يقول " لقد ظهر التشيع الحديث مع ظهور داعي الله الإمام السيد الخميني و أول ظهور كان في بداية الثمانينات تحت اسم "المسلمين السائرين على خط الإمام".
…واللافت للانتباه أن السيد عماد الحمروني عند حديثه عن "التشيع الحديث " في تونس ، يوجه انتقادات "جارحة" لكل من الدكتور محمد التيجاني السماوي و مبارك بعداش( أحد رموز التشيع في تونس) و يقول" إن العاملين في سبيل المذهب الحق في بلادنا و منذ أكثر من عشرين عاما لم يروا أي جهد قام به كل من التيجاني السماوي و مبارك بعداش غير زرع الفتن و بث الفكر الطائفي و معاداة خط الولاية و لقد انتهجا سياسة خالف تعرف.."(4).
علاقتهم بالشأن الوطني:(46/73)
…لا يعرف للشيعة في تونس أي نشاط علني يمكن من خلاله تتبع مواقفهم و أرائهم في الشأن الوطني، وهو ما يجعل البحث في هذه المسألة تعترضه عدة عراقيل ، هذا بالإضافة إلى التباين الواضح بين رموزهم في كيفية التعامل مع الشأن الوطني و التدخل فيه.
…فالدكتور محمد التيجاني السماوي يقول " لا يوجد في تونس أية صحيفة ناطقة باسم الشيعة ، كما لا يوجد أي مسجد أو حسينية، ولكن نحن بحمد الله نتواصل مع وعلى مذهب الحق في تونس ... نحن لا نطالب لا بمسجد و لا حسينية و لا صحيفة لأن الأمور تجري رويداً رويداً .... أنا لا أتدخل في شؤون الحكم و الحكام و لدي مهمة أسمى من ذلك بكثير ، ألا وهي تقديم النصيحة و كشف الحقيقة.."(5).
…ويقول أيضاً: "...على علمي أنه ليس هناك أي عائق يعترض التشيع في تونس على شرط أن تكون الدعوة بالحكمة و الموعظة الحسنة ..و أن نتجنب التعرض للنظام القائم و لا نتآمر عليه.."(6).
…إذا كان هذا موقف الدكتور محمد التيجاني السماوي أي عدم التدخل في الشأن الوطني و اقتصار دور الشيعة على الدعوة ل"مذهب آل البيت" ، فإن موقف السيد عماد الدين الحمروني غير ذلك . فهو يرى أن شيعة تونس يهمهم الشأن الوطني و يتدخلون فيه، بل أنه يقول" إن التونسيين المنتمين إلى مدرسة أهل البيت و منذ الثمانينات من القرن الماضي متواجدون على الساحة الوطنية و شاركوا مشاركة فاعلة لإسقاط النظام البورقيبي... وإننا الفريق الوحيد الذي لم يسارع في 1987 لتأييد "انقلاب" السابع من نوفمبر ، بل أصدر البيانات في الداخل و الخارج للمطالبة بالعفو التشريعي العام و احترام الدستور و إعادة الحكم للشعب..."(7).(46/74)
…وفي الظرف الراهن ينادي السيد عماد الدين الحمروني ب" بروز حركة وفاق وطني من جيل ما بعد الاستقلال و إحياء الفكر الوطني الحر و الدفاع عن الانجازات الوطنية و أهمها الدولة و الدستور و الدعوة إلى توزيع عادل للثروة و تشجيع الثقافة الوطنية.."(8). كما أنه يقدم تقييمه لأداء المعارضة التونسية ( الليبرالية و اليسارية و الإسلامية )، يقول :" إن ارتباط المعارضة الليبرالية و اليسارية بالخارج و ارتباطها فكريا و تنظيميا بالمؤسسات و الأحزاب و المنظمات الغربية خصوصا الفرنسية أضعف مصداقيتها و أبعدها عن ثقافة الشعب ، إضافة إلى ارتماء الإسلاميين في حضن الحركة الوهابية جعلهم مرتعا لظهور و تمكن الفكر السلفي الطائفي.."(9). وإذا كان الدكتور محمد التيجاني السماوي ير ى أنه لا يوجد أي عائق يعترض التشيع في تونس و يفسر ذلك بأن "الدولة أعطت الحرية لكل إنسان بأن يكون شيعيا أو سنيا أو حتى شيوعيا ، و أن يكون ما يكون ...الحرية مسموحة بشكل مطلق و لا اعتراض من قبل الدولة.."(10). فإن بعض المتشيعين يعتبرون أن طريقهم لم يخل من العراقيل و المضايقات بسبب اعتناقهم مذهب "آل البيت".(46/75)
…يقول محمد الرصافي :" لم يخل طريقي من بعض العراقيل والأشواك، فقد اعتقلت في 7 أوت 1985م وحقق معي بشأن تشيعي وأطلق سراحي بعد 14 يوماً، ثم وقع طردي من العمل في 4 جانفي 1986م، ثم اعتقلت مرة أخرى في 21 أوت 1986 ولم يطلق سراحي إلاّ في 19 سبتمبر من نفس السنة، ثم وقع إعادتي إلى العمل بعد "انقلاب" السابع من نوفمبر تهدئة للأجواء في البلاد، ثم اعتقلت سنة 1991م ثلاثة أيام، تعرّضت خلالها للتعذيب ظلماً وعدواناً، ثم تعرّضت للطرد من عملي هذه المرة نهائياً سنة 1992 ثم اعتقلت سنة 1994 خمسة أيام وأطلق سراحي... فقد انقطعت سبل العيش في بلدي، ولم يعد بإمكاني أن استمر على تلك الوتيرة، مسلوب الحرية مضيقاً على لقمة عيشي، ولا علاج لذلك سوى اللجوء إلى إحدى الدول التي تتوفر فيها بعض الحرية.." (11).
كيف تشيعوا؟
…تكشف كتابات بعض الشيعة في تونس على شبكة الانترنيت، الظروف التي انتقلوا فيها من المذهب السني(المالكي) إلى المذهب الشيعي الجعفري.
…فالدكتور محمد التيجاني السماوي يقول إن نقاشاً تمّ بينه و بين أستاذ جامعي عراقي (شيعي) على متن باخرة كانت تقوم برحلة بين الإسكندرية و بيروت، وأن هذا النقاش كان مقدمة لطرح الأسئلة و البحث في مذهب آل البيت ، خاصة أنه اكتشف جهله لهذا المذهب. ويقول أن نقاشه فيما بعد مع عدد مع المراجع الشيعية (الخوئي ومحمد باقر الصدر) و مطالعته للكتب والمراجع الشيعية التي أرسلت له من العراق جعلته يقتنع بهذا المذهب و يعتنقه.
…أما السيد مبارك بعداش فإن قصة اعتناقه المذهب الشيعي ، انطلقت بعد أن عجز عن الإجابة عن عدّة أسئلة تدور بذهنه"... وكنت خلال هذه الفترة أبحث عمّا يشبع روحي ويروي ظمأى ويوقظ فطرتي ويجعل وجداني ممتلئ بشهود الله تعالى ..." إلى أن وجّهه أحد أصدقائه للاتصال بجماعة أهل البيت ، فربما يجد إجابات عن أسئلته.(46/76)
…ويقول إنه في أول لقاء مع هؤلاء وقف على جهله بالسيرة النبوية، وهو الذي كان يعتقد أنه ملمّ بها...و أنه عجز عن الإجابة عن الأسئلة التي طرحت عليه و لم يجد لها إجابات في مراجع السنة . وكان ذلك منطلقا لمراجعة معارفه و قراءة السيرة النبوية بعين أخرى ، أي من مصادر الشيعة، فوجد الإجابات التي كان يبحث عنها و "عاد إليه توازنه".
و في خصوص السيد عماد الدين الحمروني ، فيبدو أنه ينتمي إلى عائلة شيعية في الجنوب التونسي، يقول" إن أجدادي في الجنوب التونسي هم من شيعة آل محمد، قبل أن تصبح إيران شيعية في القرن السادس عشر ميلادي.."(12).
…فيما لا يخفي عدد آخر من المنتمين للمذهب الشيعي أن علاقاتهم بأقربائهم و أصدقائهم ، كانت وراء تحولهم من المذهب السني (المالكي) إلى المذهب الشيعي الجعفري(13).
و طبعا لا يمكن إهمال دور الدعاة في هذا الصدد، يقول الدكتور محمد التيجاني السماوي"...لقد تشيّع معي كثر من الأصدقاء الذين أصبحوا دعاة... بدأنا بالعشرات و أصبحنا آلاف مؤلفة بل تفوق مئات الألوف.."(14).
…واللافت للانتباه أن أغلب هؤلاء بعد "استبصارهم" و اعتناقهم مذهب آل البيت أصبحوا ينظرون نظرة "دونية" للمذهب السني لا تخلو من " السخرية " و" عدم "الاحترام".
…فالدكتور محمد التيجاني السماوي يروي في كتابه "ثم اهتديت"، رحلته إلى النجف و كيف التقى في أحد المساجد "مجموعة من الصبية " يرتدون العمائم عجز عن محاججتهم لغزارة علمهم و هو الذي قال له أحد شيوخ الأزهر "إن مكانك الأصلي هنا بيننا " بعد أن وقف على علمه و إلمامه بأمور الدين.(46/77)
…يقول الدكتور محمد التيجاني السماوي" أدخلني صديقي إلى مسجد في جانب الحرم مفروش كلّه بالسجاد، وفي محرابه آيات قرآنية منقوشة بخط جميل، ولفت انتباهي مجموعة من الصبيان المعممين جالسين قرب المحراب يتدارسون وكل واحد بيده كتاب فأعجبت لهذا المنظر الجميل ولم يسبق لي أن رأيت شيوخاً بهذا السن… طلب إليهم صديقي أن أجلس معهم ريثما يذهب للقاء(السيد) ورحّبوا بي وأحاطوني بنصف دائرة… سألوني من أي البلاد أنا، قلت: من تونس، قالوا: هل يوجد عندكم حوزات علمية؟
…أجبتهم: عندنا جامعات ومدارس، وانهالت عليّ الأسئلة من كل جانب، وكلها أسئلة مركّزة ومحرجة، …وسألني أحدهم: ما هو المذهب المتّبع في تونس؟ قلت: المذهب المالكي… قال: ألا تعرفون المذهب الجعفري؟ فقلت: خير إن شاء الله، ما هذا الاسم الجديد؟ …
…وابتسم قائلاً: عفواً إن المذهب الجعفري هو محض الإسلام… وعجبت لهذا الصبي الذكي يحفظ ما يقول مثل ما يحفظ أحدنا سورة من القرآن، وقد أدهشني أكثر عندما كان يسرد عليّ بعض المصادر التاريخية التي يحفظ عدد أجزائها وأبوابها، وقد استرسل معي في الحديث وكأنه أستاذ يعلّم تلميذه، وشعرت بالضعف أمامه، وتمنيت لو أنّي خرجت مع صديقي ولم أبق مع الصبيان، فما سألني أحدهم عن شيء يخص الفقه أو التاريخ إلاّ عجزت عن الجواب… وبقيت معهم أحاول تغيير الموضوع فكنت اسألهم عن أي شيء يلهيهم عن مسألتي… لأني عجزت وشعرت بالقصور، ولكن هيهات أن اعترف لهم وإن كنت في داخلي معترفاً، إذ أن ذلك المجد والعز والعلم الذي ركبني في مصر تبخر هنا وذاب، خصوصاً بعد لقاء هؤلاء الصبيان… وتصورت أن عقول هؤلاء الصبيان أكبر من عقول أولئك المشايخ الذين قابلتهم في الأزهر وأكبر من عقول علمائنا الذين عرفتهم (في تونس) (عن كتابه "ثم اهتديت" (ص 49 - 51).(46/78)
…أما السيد مبارك بعداش و هو أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية في تونس (سنية) و تشيع فيما بعد ، فيقول بعد أن بلغ خبر تشيعه إلى قيادات الجماعة " قال لي راشد( يقصد راشد الغنوشي): هنيئا! هل تشيعت؟ فقلت له: إنني أسألك عن ثلاثة أمور فإن أجبتني عنها تخليت عن التشيع.
…فقال: لا أريد أسئلتك لأنّنا لا نستطيع أن نجاري الشيعة في النقاش والحوار، فهم حزب قد شيدوا معتقدهم وأحكموا بناءه منذ زمن قديم، ولهم تاريخ حافل من أيام الإمام عليّ (عليه السلام) !.
…فاستغربت من جوابه! وكان اعترافه هذا محفّزاً لتمسكي بالتشيع، وذلك لأنّني كنت أظن أنّ الشيعة أضعف منّا، وإذا برائد حركة الأخوان في تونس يقرّ بضعف العامة ـ قديماً وحديثاً ـ أمام الإمامية، فوجدت من غير اللائق لأيّ عاقل أن يتسلح بالعصا ويترك السيف!"(15).
العلاقات مع إيران:
…بعض الأصوات التي ارتفعت في عدد من البلدان العربية تحذر من التوسع الشيعي لم تخف أن وراء هذه الظاهرة يقف " مخطط الإيراني للنفوذ والهيمنة" و أنها تعكس "تسلل و خطورة المشروع الإيراني في المنطقة". لكن أيضا هناك من قلل من أهمية الدور الإيراني معتبرا أن" هذه الانتقادات، مبالغ فيها و أن العالم الإسلامي يحتاج إلى التفاهم والتجانس، وأن آخر ما يحتاجه هو هذه الاتهامات المتبادلة".
…وفي تونس يرفض السيد عماد الدين الحمروني أن يكون شيعة تونس "صناعة خارجية "و يقول " إننا وعقيدتنا صناعة تونسية مائة بالمائة، و لسنا قوم تبع و لا جئنا بدعم خارجي و لا نمثل مصالح أجنبية ..." ولكنه يضيف "... إننا نعتز بالدولة الإسلامية في إيران فهي مفخرة كل مسلم.."(16).
…غير أن هناك من يشير إلى دور إيراني في دعم شيعة تونس و هو دعم معنوي بالأساس و يتمثل في توفير المراجع و الكتب الشيعية و تمكين الراغبين في مواصلة دراستهم في الحوزات العلمية...الخ و يقدمون في هذا الصدد عدة دلائل:(46/79)
-…إن الدكتور التيجاني السماوي يعترف أن محمد باقر الصدر لقبه ببذرة التشيع التي غرست بتونس، كما أن عدة وثائق في مواقع الشيعة الجعفرية على شبكة الانترنيت تربط بين انتشار هذا المذهب في تونس و بين " رحلة التيجاني السماوي الشهيرة إلى النجف".
-…وجود عدد من التونسيين الذين يدرسون بالحوزات العلمية في إيران و منهم من رجع خلال المدة الأخيرة إلى تونس.و يقول السيد عماد الحمروني في تدخل له على الموقع الالكتروني ل"شيعة الجزائر":" نحن ننتظر رجوع الإخوة الذين يدرسون في قم وسورية ومن هناك ستكون الانطلاقة الفعلية إن شاء الله" و يقول أيضا على الموقع ذاته:" أعلمك أني التقيت بإخوتنا من طلاب العلم في قم المقدسة من تونس و الجزائر و المغرب و دعوتهم إلى الاهتمام بشؤون التبليغ و التواصل مع إخوتهم من بني قومهم إننا و من خلال تكليفنا الشرعي أسسنا هذا العام جمعية أهل البيت الثقافية بتونس حتى تكون صوت المؤمنين الموالين في بلادنا وهي خطوة أولى لإحياء التشيع في بلاد المغرب الإسلامي.."(17).
-…ثمة حادثة يرويها شيعي تونسي و هو السيد محمد العربي التونسي( تشيعّ في أواخر السبعينات) ، يقول متحدثا عن الظروف التي اعتنق فيها المذهب الشيعي، إنه التقى طالبا إيرانيا يدرس بإحدى الكليات التونسية و أن هذا الطالب هو من عرفه على الدكتور محمد السماوي، يقول:" قال لي: إذا كنت تريد أن تعرف أكثر عن الشيعة فأنا أعرف شيخاً شيعياً تونسياً في بلدكم هذه.
فسألته: ما اسمه.
فقال لي: اسمه محمد التيجاني السماوي مؤلف كتاب (ثم اهتديت) وغيره.. عندها ذهلت ولم أصدق.
وقلت له: في بلدنا تونس شيخ شيعي ولم أسمع به ماذا تقول يا أخ؟.
فقال لي: نعم في تونس ومن مدينة قفصة. وموجود حالياً في مدينة قفصة، وكان وقتها يدرّس في الثانوية التقنية."
ويضيف أن هذا الشاب الايراني هو من اتصل بالدكتور محمد التيجاني السماوي الذي حضر الى العاصمة و رتب اللقاء بينهما.(46/80)
ويقول السيد محمد العربي التونسي أنه طلب من الدكتور السماوي أن يقيم معه بمنزله غير انه أجابه" لا أريد أن أثقل عليك فأريد أن أمكث بعض الأيام في الفندق، لأتمكن من الدعوة والاتصال لمن يريد الحوار والبحث عن طريق أهل البيت (عليهم السلام). وعن التشيع؟
فقلت له: هذا بيتي تحت تصرفك حتى ولو أردت أن تمكث شهراً أو شهرين. فالتفت وقال للأخ الإيراني محمد النبهاني: أنت احضر وأعطي موعداً للطلبة في الجامعة لمن يريد الحوار أو الاستفسار عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام) فاتصل الأخ الإيراني هاتفياً إلى بعض الطلبة وقال لهم: إن الشيخ التيجاني موجود حالياً في العاصمة (تونس) ومن يريد الحوار معه أو اللقاء فهو جاهز، وأخذ معه موعد في جامع يسمى بـ )سبحان الله) يوم الجمعة بعد صلاة العصر"(18).
-…إن الحكومة التونسية أقدمت في الثمانينات على قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران على خلفية"دعم إيران مجموعات الإسلاميين التي كانت تنشط آنذاك ضد النظام في تونس". وقد أعيدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميا في 1990. …
و لابد من الإشارة هنا أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة التونسية كانت متزامنة مع حملتها ضد حركة الاتجاه الإسلامي(النهضة حاليا)و هي حركة سنية .و كانت هذه الحركة ساندت الثورة الإسلامية في إيران و قامت بالدعاية لها في تونس.
ملاحظات لابد منها:
-…إن الحديث عن الشيعة في تونس لا يجب أن يدفع إلى الاعتقاد أنهم يشكلون "طائفة" بما يفتح الأبواب أمام الحديث عن "الطائفية" في تونس.هذه المسألة غير مطروحة بالمرة في تونس التي عرفت بوحدة أبنائها و نبذهم لكافة مظاهر التفرقة على أساس عرقي أو ديني أو مذهبي أو قبلي أو جهوي.
-…إلى جانب الشيعة توجد في تونس أقليات أخرى منها "الإباضية " و الجالية اليهودية و المسيحية و كلها تمارس طقوسها و شعائرها بحرية دون أن يشكلوا أي تهديد للنسيج الاجتماعي .
الهوامش:(46/81)
(1)…حديث للدكتور السماوي مع وكالة" إباء- الوكالة الشيعية للانباء".
(2)…من موقع "الشيعة في العالم".
(3)…من حديث الدكتور السماوي لوكالة إباء.
(4)…مداخلة في منتدى"شيعة الجزائر" بتاريخ 8 ماي 2004
(5)…من حديث الدكتور السماوي لوكالة الأنباء إباء.
(6)…مداخلة للدكتور السماوي في منتدى"يا حسين " بتاريخ5 أكتوبر 2004.
(7)…مداخلة للسيد عماد الدين الحمروني في المنتدى الكتابي لموقع "الحوار.نت" بتاريخ 30 ديسمبر 2006.
(8)…المصدر نفسه بتاريخ 29 نوفمبر 2006-12-2006.
(9)…المصدر نفسه بتاريخ 30 ديسمبر 2006.
(10)…مداخلة الدكتور السماوي في منتدى "يا حسين".
(11)…الموقع الالكتروني "المستبصرون".
(12)…(مداخلة السيد الحمروني في المنتدى الكتابي لموقع"الحوار.نت"بتاريخ 1 جانفي 2007.
(13)…الموقع الالكتروني"المستبصرون".
(14)…حديث الدكتور السماوي لوكالة الأنباء إباء.
(15)…الموقع الالكتروني "المستبصرون".
(16)…مداخلة السيد الحمروني في المنتدى الكتابي لموقع"الحوار. نت"بتاريخ 1 جانفي2007.
(17)…مداخلة في منتدى"شيعة الجزائر" بتاريخ 8 ماي 2004.
•…صحافي تونسيmnourddine@voila.fr
المخاطر المستقبلية لصفقة غلق مرقد أبو لؤلؤة المجوسي في إيران
مقابل صلاة الجمعة في القطيف السعودية
سمير عبيد - الملف نت 26/3/2007
…قررت السلطات الإيرانية قبل أيام إغلاق مرقد أبو لؤلؤة المجوسي بالشمع الأحمر (هكذا قرأنا في الصحافة الإيرانية والعربية) وهو قاتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والسبب لأنه أصبح مزاراً يحج له آلاف المواطنين الإيرانيين، ومن مختلف الطبقات الاجتماعية، وفي مقدمتها طبقة المتدينين والمتزمتين للمذهب الصفوي، وللتيار القومي الفارسي في إيران، مما شكل مشكلة وصدمة إلى المسلمين السنة في كل مكان، وهم الأغلبية في العالم، وهكذا شكّل حرجا شديدا إلى كثير من الشيعة العرب في العراق ولبنان والخليج وغيرها.(46/82)
…وكان موضوع أبو لؤلؤة مصدر خلاف بل مفجّر الخلافات بين السنّة وشيعة إيران الذين هم على المذهب الصفوي الذي أسسه ولأسباب سياسية الشاه إسماعيل الصفوي نكاية بالخليفة العثماني السني، ولقد خيّم موضوع أبو لؤلؤة المجوسي على مؤتمر الدوحة الأخير، والذي كان حول تقريب وجهات النظر بين المذاهب الإسلامية، إذ تحول إلى حلقات من النقاش والحوار الساخن والذي تبلور عنه المناظرة و اللقاء المتلفز بين فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي من الدوحة، وبين سماحة الشيخ هاشمي رفسنجاني من طهران وعبر قناة الجزيرة الفضائية، والذي أثار قضايا كثيرة ومهمة، أي أخرج الخلاف من حيز الغرف المغلقة للشارعين العربي والإسلامي.
…ولقد تفاعلت معه جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية، مما شكل قاعدة انطلاق لدى الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بأن يقرر زيارة المملكة العربية السعودية من أجل مناقشة القضايا السياسية والمذهبية بين البلدين، ولكن الرئيس نجاد لا يمثل الشيعة العرب إطلاقا، وكذلك أن الذين جاءوا مع الاحتلال وأصبحوا حكّاما على العراقيين وولاءهم لإيران لا يمثلون الطيف الشيعي العربي في العراق .. ويجب الانتباه لهذا الأمر، ولا يجب أنا تقاس الأمور من خلال ألوان العمائم والخواتم وعدد حبّات المسابح!!.
وأن المتابع يشعر بأن إيران استطاعت خطف الراية الشيعية والرأي الشيعي عِنوة وبالحراب بعد سيطرتها على النجف وكربلاء في العراق، وتحجيم وتغييب الصوت الشيعي العربي الذي هو الممثل الشرعي للشيعة العرب وللتشيّع الحقيقي، والذي هو على خلاف مع إيران ومع المذهب الصفوي فيها، لأن الشيعة في العراق ينهجون نهج التشيّع العلوي العقائدي، والذي ينهل من مدرسة أهل البيت ، وصولا للرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلّم.(46/83)
…وهذه قضية يجب أن ينتبه لها الشارع والإعلام العربيين، ويُنصفان فيها الشيعة العرب في العراق ولبنان والبلدان العربية الأخرى، لأن التشيّع العربي لا يمتلك مشروعا سياسيا للتصدير وينتقد جميع أنواع الطائفية والإثنية ويفتخر بالعروبة ....
…وفي الجانب الآخر بقيت المملكة العربية السعودية تمثل راية الإسلام السني ولقد غلب عليها السياسة أيضا، وعلى الرغم من السياسات والمؤامرات التي أرادت لها الانكفاء نحو الداخل، وتركها للراية العالميّة السنيّة، ولكن لو جئنا للحقيقة فأن الإسلام راية واحدة وواضحة،ولكننا لا يمكن أن نقفز على الأمور التي أصبحت حقائق، حيث أن هناك تفرعا واسعا في المذاهب الإسلامية والفكرية، ولكن هذا لا يعني ولا يسمح من خلاله القفز على الثوابت،ومنها راية الإسلام الواحدة، والقرآن الواحد والرسول الواحد والقبلة الإسلامية الواحدة.
…فجميل جداً أن تتم الاتفاقيات بين الدول والشعوب والقوى المختلفة فكرياً وسياسياً ومذهبياً، ولكن بعد أن تتوفر المصداقية والوفاء بالعهود، وبما أن لكل شعب في الأرض تاريخه وحضارته وثوابته ومحطاته ،والتي من خلالها نعرف وفاء ومصداقية الشعب سين والشعب صاد، ومن هذا المنطلق ونقولها للأسف الشديد فأن تاريخ الفُرس يُثبت بأنهم ينقضون العهود، وان ما يعرضونه بوجوههم وتصرفاتهم يختلف عن ما هو في قلوبهم وضمائرهم ونواياهم ( وخصوصا الذين يعملون في الحقل السياسي وأغلبية العاملين في الحقل الديني)، وضمن إستراتيجية ( التقيّة) والتي سرقوها من أدبيات المذهب الشيعي العلوي العربي، وأن الأخير أخذها من مدرسة أهل البيت ،ولكن الفرس وقادة التشيّع الصفوي استطاعوا إخراجها من محتواها الفولاذي والمُحدّد بدقة الاستخدام عند الضرورة القصوى ولمصلحة عليا، فجعلوها سفينة نبيلة محملة بالكذب والنفايات ولمصالح دنيوية وذاتية، أي أهبطوها وبالقوة والمؤامرات من السمو نحو القاع.(46/84)
…لهذا نحن من المتوجسين جدا من اتفاقية (إغلاق مرقد أبو لؤلؤة المجوسي مقابل صلاة الجمعة في القطيف السعودية) لأن مرقد أبو لؤلؤة فتنة ويجب إغلاقه دون مساومة أو اتفاقية، ومن ثم لا يجوز تمجيد القتلة ، فالقاتل يختلف عن المجاهد، فالأول لا يُمجّد وعلى أقل تقدير لا يُسب ولا يُحب عندما يعتقده البعض بطلاً، أما الثاني فيستحق التمجيد لأنه جاهد بروحه من أجل مُثل عليا سواء كانت وطنية أو اجتماعية أو دينية وغيرها، لهذا نحن مع تأدية جميع الشعائر الدينية، ولكن لأسباب دينية ووحدوية ووفاقية بين شرائح المجتمع للوصول نحو ثقافة الجمع والخير، وليس نحو ثقافة التفريق والشر، ولكننا نسأل السؤال المهم والذي هو: كيف ولماذا سمحت السلطات في المملكة العربية السعودية أخيرا للشيعة السعوديين في مدينة القطيف ولأول مرة بإقامة صلاة الجمعة وبقيادة الشيخ حسن الصفار في جامع بحي المجيدية؟ بصلاة الجمعة في القطيف.
…ولكن حسب هذا الاتفاق السياسي أن الخاسر هو الطرف السعودي ، لأن الشمع الأحمر الذي أغلق به مرقد أبو لؤلؤة يُزال بفتوى بسيطة وسرية ، أو تحت مسرحية الضغط الجماهيري، أو زحف الزائرين ويعود مثلما كان لأن السعودية ليس لديها نواطيرا على بوابة مرقد أبو لؤلؤة، ولكن السلطات السعودية لا تستطيع إيقاف صلاة الجمعة لأنها ستقع في خطأ سياسي وقعت به قبلها السلطات العراقية أبان الحكم السابق، لأنها ستتحول إلى قضية سياسية وحقوقية، خصوصا وأن هناك قوى دولية وإقليمية ومحلية جاهزة لتطويرها كورقة كارثية على السعودية وعبر الإعلام والحرب النفسية وحقوق الأديان والأقليات ويدخلونها بمداخل ومتاهات معقدة.(46/85)
…أما إذا ظنت السعودية بأن الشيخ حسن الصفار رجل السعودية والحكومة والمجتمع السعودي، وأنه مزكي ولن يتآمر أو يعمل بالسر ضد المصالح السعودية، فأنها ستضع الشيخ الصفار بموقع وموقف آية الله السيد محمد صادق الصدر رحمه الله الذي قرر العمل بصلاة الجمعة في المدن الشيعية في العراق في أواخر التسعينات من القرن المنصرم ونجح نجاحاً باهراً، ودعمته الدولة العراقية آنذاك نحو تقوية المرجعيّة الشيعية العربية، ... لكنه تعرض إلى أبشع أنواع التسقيط والتخوين من قبل إيران، واتهموه بالتهم التالية وهي ( أنه ابن زنا ووالداه عقماء لا ينجبون، أنه ليس لديه أعلميّة وفيه مس، أنه عضو في المحفل الماسوني، أنه عميل للمخابرات العراقية، له علاقات سرية مع الموساد الإسرائيلي).(46/86)
…وكانت الكتيبات التي تُطبع وتُكتب في إيران ضد السيد الصدر وتشوه سمعته وسمعة أهله ويتم إدخالها نحو المدن العراقية عبر الأحواز العراقية ( المستنقعات) وبواسطة أنصار المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وكان يشرف على تأليف بعضها وطبعها هو إمام الجمعة الحالي في النجف وعضو المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، الإيراني صدر الدين القبانجي وكان الهدف إنهاء مرجعية الصدر، والسبب لأنه كان يهدف ويعمل نحو إعادة الحياة للمرجعيّة العربية في النجف، وانتشالها من الهيمنة الفارسية، ولهذا أطلق على مشروعه (الحوزة الناطقة) ولقد كسر الحاجز الفولاذي الذي فرضه رجال إيران في الحوزة العلمية في النجف وكربلاء عندما أغلقوا باب الانتساب للحوزة العلمية بوجه أبناء العراقيين العرب ،وأصبحت حكرا للتلاميذ الفرس والأفغان والهنود والآذريين وبعض اللبنانيين والبحرينيين الذين يوالون إيران، وأن كان من بينهم عراقيا عربيا وأصوله قبلية فهو إما جاء بالواسطة، أو أن أهله من المتصاهرين مع الإيرانيين، أو تم فرضه عليهم بقوة ما، ولذر الرماد في العيون، وكان يعامل بعنصرية واضحة ومعروفة، فحتى المخصصات التي تدفع له تكون ربع مخصصات التلميذ الإيراني والهندي والأفغاني، وعندما صمد السيد الصدر قرروا التخلص منه واتهموا النظام العراقي بقتله وانطلت المسرحية على الشعب العراقي.
…لهذا نعتقد ومن خبرتنا في هذا الملف أن الشيخ الصفار في طريقه للدعم الإيراني البريء في بداية الأمر أي التأييد، وتحت إستراتيجية التقيّة وإستراتيجية (تمسكن حتى تتمكن) ولكن عندما يتم التأسيس والسير في تثبيت صلاة الجمعة اجتماعيا وقانونيا سيُضغط عليه نحو زيادة الطلبات على السلطات السعودية،فأن قام بذلك سوف يضع السلطات السعودية في حرج،ويكون مصدر إزعاج لها، وأن حصل له أي شيء سواء تعطيل أو اعتقال أو استجواب فستكون مشكلة لها،وأن أعطته ما يريد سوف يكون بناء مشروعه لصالح إيران.(46/87)
…أما إذا أمتنع الشيخ الصفار ورفض ضغوط إيران سوف يكون مصيره بين مصيرين، أما الجلوس في بيته وعدم الخروج من قريته مثلما فعلوا مع الشيخ صبحي الطفيلي في لبنان ويضعون بدلا منه في القطيف، أو يكون مصيره كمصير السيد محمد صادق الصدر حيث مسلسل التسقيط والاتهام وصولا للتخلص منه واتهام السلطات السعودية بذلك، مثلما حصل في العراق عندما تم التخلص من السيد الصدر واتهام نظام صدام حسين بذلك.
…ولكن لنمر على بعض الحقائق، فلقد عُقد في مدينة ( قم) الإيرانية قبل عام ونصف تقريبا مؤتمر عالمي ،وبرعاية مرشد الجمهورية السيد علي الخامنئي وكان تحت شعار (شيعة علي هم الغالبون) وتأسست من رحمه منظمة ( الشيعي العالمية) والتي أمر المرشد أن تكون لها فروعا في جميع دول العالم ،وأن تُخصص لها ميزانية ضخمة ( وطبعا من النفط العراقي المهرب صوب إيران) ولقد صدر بيان في حينها بتوقيع رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية عبد العزيز الطبطبائي الاًصفهاني الحكيم ، والذي وزعه على جميع الفروع والمنظمات في العراق والعالم، وكانت هناك بعض التوصيات بأن يكون العمل ضد السعودية والأردن وغيرها من أجل بسط المشروع الإيراني - والكاتب يمتلك تلك الوثيقة ـ إضافة لهذا فهناك تدريبا قائما وعلى قدم وساق وبإشراف الحرس الثوري الإيراني في معسكر أطلقوا عليه ( فيلق مكة) في الصحراء العازلة بين النجف والسعودية، والفرع الآخر بين كربلاء والسعودية - ولدى الكاتب وثيقة بذلك - والهدف هو السعودية.(46/88)
أما الحقيقة الأخرى والتي مفادها أن الشيعة في العراق والدول العربية امتنعوا عن تأدية صلاة الجمعة والعذر لا يجوز العمل بها إلا بحضور الإمام العادل وتوفر الحكم العادل، وهذا ما عرفناه طيلة العقود الماضية في العراق، ويبدو أنها كانت إستراتيجية إيرانية خبيثة و بعيدة المدى بلورها وثقف عليها رجال إيران في المرجعية الشيعية في النجف كي يعطلوا عملية بروز رجال الدين العرب الشيعة، حتى يبسطوا هيمنتهم على الحوزة العلمية والمرجعية الشيعية في العراق، ولقد نجحوا.
…وعندما علم السيد الصدر الأول بهذا المخطط ونهض ضده تم التخلص منه ومن شقيقته وبوشاية طبعوا لأجلها الوثائق المزورة وسلموها للنظام السابق على أنه عميل لإيران فتم إعدامه وإعدام شقيقته، وهكذا تخلصوا من الصدر الثاني وهجّروا البقية الباقية وحجموا الطبقات العربية الأخرى.
…لهذا نسأل: هل انتبه الشيخ الصفار أخيرا بأنه الحاكم عادل والإمام العادل ويجب أن يقيم صلاة الجمعة في القطيف؟ علماً أن الحكم في المملكة وراثيا وينتهج نهجا واحداً ،فما الذي تغير كي يعتقد الشيخ الصفار بأن الأمور تغيرت ويجب أن يقيم صلاة الجمعة؟
…ونتناول الموضوع من باب التحليل رجاءا (كي لا يحملنا البعض بأننا نمدح السلطات السعودية أو نذمها، ولا يحملنا البعض بأننا ضد صلاة الجمعة وضد الشيعة في السعودية) فنكرر أننا نحلل القضية،ومن مختلف جهاتها وأبعادها كي نضع الأمور أمام القراء والناس ولمن يريد أن يتابع القضية.(46/89)
…لذا نحن نعتقد أن الشيخ الصفار كان معطلا بأمر فقهي وإفتائي لحين نضوج جزيئات المشروع، لهذا شعر بأنه أقوى من السابق، أي أصبحت البحرين والعراق في جيب إيران، وهناك فيلق مكة يتدرب قرب الحدود العراقية السعودية ،وهناك الحكومة والبرلمان في البحرين أصبحا تحت رحمة السلطات الإيرانية، ناهيك أن هناك السواعد والآذان العيون والكواتم داخل السفارات العراقية والتي أصبحت رديفا للسفارات والقنصليات والمراكز الثقافية الإيرانية ولصالح المشروع الإيراني، لهذا قرر البروز والضغط ، ولكننا لا نتمنى أن يكون في داخل الحكم السعودي رجلاً كـ ( ديك تشيني) والذي تبيّن أن معظم القرارات والإستراتيجيات التي أقنع الرئيس بوش والإدارة بها جاءت لصالح إيران، ولأجل هذا نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا مهما للغاية وبقلم الكاتب ـ نيكولاس كريستوف ـ وهو بعنوان ( هل ديك تشيني عميلا لإيران؟) ولقد نشر كاتب المقال مقالا مهما في العام الماضي بعنوان: ( كيف أصبح الرئيس الأميركي عميلا لإيران؟)
…لهذا وحسب اعتقادنا فأن الشيخ الصفار يشعر بالقوة والزهو هذه الأيام، وهو ذاهب في المشروع الإيراني بفرعه السعودي، لذا لا يجوز أن يتم الإنفاق السياسي على أمر ديني، بل يجب أن يكون هناك مشروعا سعوديا يُخرج المسامير الإيرانية من مشروع الشيخ الصفار، ومن ثم يتم دعمه نحو حق شرعي للشيعة في القطيف وغيرها، ولكن لا يجوز أن يكون منبرا كمنبر عبد العزيز الحكيم أي العمل ليل نهار من أجل المشروع الإيراني، ونخر السلم الأهلي وبنية المجتمع العراقي الاجتماعية والوطنية والمذهبية، فلا يجوز للصفار ولا لغير الصفار الفعل نفسه في السعودية ولا بغيرها، وبغض النظر عن قبولنا أو رفضنا،و بعدنا أو قربنا من النظام في السعودية.. فهنا الأمر ليس له علاقة بهذه الجدليات الشخصية والفكرية .
ملف التشيع في مصر
1 - ترخيص حكومي مصري لمجلة شيعية 00 وإعادة فتح دار التقريب(46/90)
العربية نت 29/3/2007
…يتم خلال الأيام القادمة في حي الزمالك الراقي بالقاهرة إعادة افتتاح دار التقريب بين السنة والشيعة التي أغلقها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بسبب الخلافات السياسية بين إيران ومصر في ذلك الوقت. كما تعود إلى الصدور الأسبوع القادم مجلة "رسالة الإسلام" المتخصصة في المذهب الشيعي، بترخيص حكومي مصري.
…وقال حسان عبد الله حسان أحد المسؤولين عن دار التقريب لـ "العربية.نت" إن برنامج زيارة الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي لجامعة الأزهر الخميس 29-3-2006 ولقائه بالشيخ د.محمد سيد طنطاوي تضمن بحث سبل تفعيل الحوار بين المذاهب الإسلامية، وأن أحد آليات هذا التفعيل هو الاتفاق على إعادة افتتاح هذه الدار التي تأسست العام 1948 في عهد الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق.
إصدار مجلة شيعية:
…وأضاف أنه تم الاتفاق أيضاً على إعادة إصدار مجلة "رسالة الإسلام" والمتخصصة في المذهب الشيعي بترخيص حكومي مصري وسوف يصدر العدد الأول منها الأسبوع القادم، وسيكون مضمون رسالته الإعلامية هو توضيح الفكر الشيعي الصحيح.
…وأوضح أنه تم أيضا الاتفاق على تفعيل دور لجنة التقريب بين المذاهب وأن تكون الدار هي مقر اجتماعاتها. وتتألف اللجنة من الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق والدكتور محمد الدسوقي والمستشار أسامة عيسى نجل الشيخ عبد العزيز عيسى أحد مؤسسي دار التقريب.
…وسوف تضم اللجنة من الجانب الإيراني عبد الله اليمنى نجل الإمام القمنى والمقيم حاليا في القاهرة. ومن جانبه قال عبد الله القمنى لـ"العربية.نت" إن السعي نحو التقريب بين المذاهب الإسلامية قد بدأ يتسارع خلال هذه الفترة وذلك في محاولة لوقف نزيف الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة والتي زرع ثمارها الاحتلال الأمريكي للعراق، وأن زيارة خاتمي لجامعة الأزهر ولقائه بالدكتور طنطاوي تأتي تتويجاً لهذا التقارب.
التقريب بين السنة والشيعة:(46/91)
وأكد خاتمي في محاضرته التي ألقاها صباح الخميس في قاعة محمد عبده بجامعة الأزهر، إن زيارته لهذه الجامعة العريقة تأتي إحياء لذكري وأفكار المرجعين الكبيرين في مجال التقريب بين المذاهب وهما الشيخ محمود شلتوت والمرجع الإمام القمنى ..
….. وأن الأزهر كما لعب دوراً كبيراً ومهماً في المنعطفات السياسية الحاسمة فهو يلعب دورا هاماً في مشروع التقريب بين المذاهب، وهو المشروع الذي يتعرض الآن لهجمة شرسة حيث تحاول بعض الأيادي غير النظيفة إجهاضه وتحويله من مجرد خلافات فقهية إلى نزاعات وحروب كبرى تهدد كيان الأمة.
…وأضاف أن هناك العديد من التحديات التي تواجه الأمة يأتي في مقدمتها التخلف المزمن والذي أصبح هو السمة الغالبة في العالم الإسلامي. وأكد أنه في سبيل ذلك لا بد من العودة الجادة إلى أصول القرآن وإطلاق عجلة التجديد في الفكر الإسلامي.
2 - بعد الجامعات ..الدعوة للمذهب الشيعي في مترو الأنفاق
المصريون 10 - 4 - 2007
…يبدو أن الدعوة للمذهب الشيعي في مصر تشهد مدا واسعا متنوع الأساليب لم يقتصر في الفترة الأخيرة على الجامعات بل وصل إلى مترو الأنفاق . . ففي مترو الأنفاق حاليا يتم الترويج لمطويات وأوراق تنتمي للفكر الشيعي وتحمل عناوين تخاطب تدين البسطاء مثل: أسماء الله الحسنى ووصايا الرسول الكريم لعلي بن أبي طالب وأشعار حول السيدة زينب في مشهد كربلاء .. ويتم الترويج لهذه المنشورات ذات السمت الشيعي تحت شعار: كلام الطيبين.
3 - طالب بحظر طباعة ونشر مجلة "آل البيت".. تقرير لمجمع البحوث الإسلامية يحذر من "مخططات" نشر التشيع بين المصريين
المصريون 23 - 3 - 2007(46/92)
…حذر تقرير للجنة المتابعة بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف من تنامي موجة انتشار الفكر الشيعي في مصر بالآونة الأخيرة، والذي يعتمد في ترويجه على الحرب التي خاضها "حزب الله" مع إسرائيل في جنوبي لبنان في الصيف الماضي. وأوضح أن الترويج للفكر الشيعي داخل المجتمع المصري يعتمد على نشر العديد من مطبوعات الشيعة في مصر وعلى رأسها مجلة "آل البيت" الذي طالب المجمع بحظر نشرها وتداولها في مصر. وكشفت مصادر بالمجمع لـ "المصريون" أن التقرير الذي سيتم عرضه على المجمع في اجتماعه الشهري القادم يتضمن كذلك الإشارة إلى توزيع مئات من المنشورات التي تدعو إلى التشيع وخاصة داخل جامعتي عين شمس والأزهر. وحذر التقرير أيضًا من تزايد العلماء المنتمين إلى المذهب السني المتعاطفين مع الشيعة وفكرهم وبخاصة الذي لا يتعرض بالسب والقذف للصحابة الإجلاء من أمثال أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان.
…واتهم، شيعة مصر بالسعي لنشر الفكر الشيعي بين المصريين، وقال إن هناك العديد من المركز الدينية الشيعة التي تمارس عملها بدعوى التوعية الدينية وتتخذها ستارًا لنشر أفكارها الخاصة بالشيعة بين المصريين. وحث التقرير، العلماء على ضرورة التصدي للتغلغل الشيعي ووقف المطبوعات وحظر الكتب التي تروج له في أوساط المسلمين، في وقت تعالت فيه التحذيرات من توغل المد الشيعي بالمنطقة العربية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق والمقاومة التي أبداها "حزب الله" أمام إسرائيل.
…وكان رئيس جامعة الأزهر الدكتور أحمد الطيب أشار في "مؤتمر الدوحة لحوار المذاهب الإسلامية"، إلى توزيع كتب شيعية في مصر في إطار الترويج لنشر التشيع بين المصريين. وقال إن هذه الكتب "تدعو لترك المذهب السني واتباع المذهب الشيعي"، ولفت إلى "أنها تأتي من خارج مصر وتسيء الى السنة ومكتوبة بأقلام كبار علماء الشيعة ويتناول بعضها عدالة الصحابة".(46/93)
4- شيخ الأزهر طالب خاتمي بوقف بلاده لمخطط نشر المذهب الشيعي في الدول السنية
"الحقيقة الدولية" ترصد بالتفصيل التحركات السرية للشيعة في مصر
صحيفة الحقيقة الدولية- 4/4/2007
يبذل الشيعة في مصر حاليا ـ حسب المراقبين ـ جهودا مكثفة لنشر المذهب الشيعي في مصر من خلال السيطرة على بعض المساجد والسعي للحصول على تراخيص بإنشاء ساحات لممارسة الطقوس الشيعية فضلا عن لعب دور نشر كبرى لأدوار مشبوهة لإغراق سوق الكتاب بالمؤلفات الشيعية القادمة في إيران ولبنان. وكشفت مصادر في "مشيخة الأزهر" أن الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر طالب الرئيس الإيراني محمد خاتمي خلال لقائهما أخيراً بالقاهرة بضرورة وضع حد لما أطلق عليه التبليغ المنظم للمذهب الشيعي في مصر وعدد من الدول العربية. وتفيد المعلومات أن الشيعة تمكنوا من السيطرة على مسجد عثمان بن عفان الكائن في شارع مبارك بعين شمس الشرقية، علما أن المسجد يخضع لسيطرة الطريقة البرهامية وهي إحدى الطرق الصوفية.
سيطرة شيعية على مسجد عثمان بن عفان: سمحت الطريقة البرهامية المذكورة لـ "الشيعة" بالسيطرة على المسجد وإلقاء دروس شيعية به يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع بعد الحادية عشرة ليلا بل أن الشيعية قاموا بإجبار بائع شرائط دينية خاصة بالمشايخ المعروفين مثل محمد حسان ومحمد حسين يعقوب وخالد الجندي ووجدي غنيم على مغادرة المكان، وذلك بقطع الكهرباء عن الشك أكثر من مرة. كما أسس الدكتور أحمد راسم النفيس أحد علماء الشيعة في مصر مسجداً لأتباع المذهب تحت منزله لإقامة الصلوات وصلاة الجمعة على المذهب الشيعي.
ساحة حسينية لـ "الشيعة":(46/94)
وتضيف المعلومات التي حصلت عليها "الحقيقة الدولية" أن عددا من الشيعة طلبوا من الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية إصدار فتوى تجيز إقامة ساحة حسينية للشيعة في مدينة السادس من أكتوبر لكنه رفض، وحاولت الاتصال به لكنه لم يرد على هاتفه، كما يعقد مركز أهل البيت بجوار السفارة الإيرانية بالدقي ندوات وإقامة احتفاليات بالمناسبات الشيعية.
ويقول صالح الورداني أحد المنتمين سابقاً للمذهب الشيعي إن العادات الشيعية لا تمارس علنا في مصر ولكنها تقام في بيوت الشيعة وفي بعض الأماكن المخصصة لذلك.
تشيع دور النشر:
وكشفت مصادر لـ "الحقيقة الدولية" أن إحدى دور النشر الكبيرة تقوم بطبع ونشر كتب الشيعة في مصر وتخصص مخزنا لتلك الكتب في مدينة نصر بجوار النادي الأهلي.
وأضافت أن صاحب دار نشر أخرى مشهورة بطبع الكتب الشيعية ويقوم بتصديرها إلى إيران وتوزيعها في مصر مقابل حصوله على السجاد الإيراني.
وذكرت المصادر أن حملات تصدير الكتب الشيعية من لبنان تتم عن طريق (م.ف) لبناني الجنسية وفشل أكثر من مرة في التعاقد مع العديد من دور النشر المصرية حتى استطاع إقناع (م.ع) والذي يقوم حاليا بتوزيع الكتب على العديد من المكتبات المتخصصة والمنتشرة في أنحاء الجمهورية، وحذرت المصادر من التوغل الشيعي في مصر بشكل أكبر عن طريق السودان لأنها البوابة الجنوبية لمصر وخاصة في ظل ضعف قبضة الحكومة السودانية على البلاد بشكل محكم. ففي المعرض الأخير للكتاب الذي أقيم في الخرطوم استطاع أحد المسؤولين السودانيين تخصيص جنح كامل لبيع الكتب ويجري تهريب العديد من الكتب إلى مصر عن طريق السودان.
ويعقد مدرس علوم بإحدى المدارس الخاصة العديد من اللقاءات والدروس في شارع أحمد عصمت بعين شمس الشرقية مع أتباع المذهب الشيعي. كما يتم توزيع مجلة البصائر اللبنانية مجاناً على السنة وطلاب الجامعات.
تمرد الحوثيين في اليمن: أبعاد ودروس
شحاته محمد ناصر(46/95)
موقع مركز الإمارات للدراسات والأبحاث الإستراتيجية
…منذ انطلاق تمرد الحوثيين في محافظة صعدة اليمنية عام 2004 ضد النظام اليمني، وهو يثير التساؤلات حول حقيقة أهدافه وأبعاده المختلفة، والأسباب التي تدفع إلى تجدده بين كل فترة وأخرى، وطبيعة التعامل اليمني معه على المستويين، السياسي والأمني؟ فيما أضافت اتهامات الرئيس اليمني "علي عبد الله صالح" للحوثيين يوم 19 فبراير/شباط 2007 بتنفيذ مخطط خارجي وإقليمي على حساب المصلحة الوطنية لليمن، بعداً جديداً للقضية، وطرحت المزيد من علامات الاستفهام حول طبيعة هذا المخطط الخارجي والإقليمي؟.
…لقد ظهرت "الحوثية" في نهاية التسعينيات بقيادة "حسين بدر الدين الحوثي" الذي أنشأ تنظيم "الشباب المؤمن" في عام 1997 بعد أن انشق عن حزب الحق الذي كان من القيادات البارزة فيه، وكان "الحوثي" عضواً سابقاً في مجلس النواب بعد فوزه في انتخابات عام 1993، وعلى الرغم من أن والده كان من أبرز المرجعيات الشيعية للمذهب الزيدي في اليمن، وهو أقرب مذاهب الشيعة إلى السنة، فإنه يبدو قريباً من المذهب الاثنى عشري الإمامي في إيران، وتمثل حركته خروجاً عن المذهب الشيعي الزيدي الذي يتبعه نحو 30 في المائة من سكان اليمن.
…وظلت حركة "الحوثي" لسنوات طويلة حركة ثقافية فكرية دعوية بعيدة عن السياسية، بل إنها تلقت دعماً من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في سعيه لمواجهة النفوذ الديني لحزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي المعارض، إلا أنه وبدءاً من عام 2002 بدأت الحركة تتجه إلى السياسة وتأخذ خط المعارضة ضد الحكومة والولايات المتحدة وإسرائيل.
…ومن هنا بدأت أولى مراحل الصراع بين الحوثي والسلطة في عام 2004، بعدما اتهمته السلطات اليمنية بادعاء الإمامة والمهدية والنبوة، ودفعت بعض علماء الزيدية إلى إصدار بيان أدان "انحرافاته" الفكرية وتهجمه على مقدسات الأمة.(46/96)
…ولا يعترف المتمردون الحوثيون بشرعية النظام الحالي في اليمن على اعتبار أنه جاء للسلطة بانقلاب عسكري عام 1962 وأطاح بحكم الإمام الذي كان يتبع المذهب الزيدي الشيعي. وقد أدت المواجهات المسلحة بين الجانبين إلى مقتل نحو خمسمائة شخص وأكثر من ألفي جريح، وخسائر مادية قدرت بنحو ستمائة مليون دولار، وانتهت بمقتل "حسين بدر الدين الحوثي" نفسه.
…المرحلة الثانية للصراع بدأت في فبراير/شباط 2005 بقيادة "الحوثي الأب"، وأسفرت عن اختفائه عن الساحة اليمنية، وتشير بعض التقارير إلى أنه قتل. أما المرحلة الثالثة فقد بدأت في أواخر عام 2005 وانتهت باتفاق بين الطرفين في فبراير 2006. ومع بداية عام 2007 بدأت المرحلة الرابعة للصراع بقيادة "عبد الملك"، أحد أبناء "الحوثي" وذلك على خلفية اتهام السلطات اليمنية للحوثيين بالعمل على طرد اليهود من محافظة صعدة.
…وتحظى المرحلة الرابعة، التي ما زالت مستمرة، بأهمية خاصة مقارنة بسابقاتها لعدد من الأسباب، الأول: أنها جاءت بعد العفو العام الذي أصدره الرئيس اليمني عن الحوثيين في عام 2006، وهذا أوصل رسالة مهمة إلى السلطات اليمنية مفادها أن القوة ربما تكون هي الطريق الوحيد لإنهاء هذه المشكلة.
…والثاني: أن البعد الدولي يبدو أكثر بروزاً في هذه المرحلة بسبب العامل اليهودي فيها؛ حيث أفادت تقارير بأن بعض الدول الأوروبية بدأت تتحرك من أجل إدراج منظمة "الشباب المؤمن "ضمن المنظمات الإرهابية في العالم بسبب موقفها من اليهود. كما طالب رئيس اللجنة الفرعية حول الشرق الأوسط بمجلس النواب الأمريكي الرئيس صالح بتعهد حول حماية الجالية اليهودية في بلاده، وطلبت الخارجية الأمريكية من السفير اليمني في واشنطن إيضاحات حول القضية.(46/97)
…السبب الثالث: أن البرلمان اليمني طلب من الحكومة حسم التمرد الحوثي "بصورة نهائية"، وهذا يعني أن السلطات اليمنية ربما تكون قد حسمت أمرها بشكل نهائي لصالح خيار القوة في مواجهة الحوثيين، مستغلة عدة أمور منها: فشل الوسائل السلمية في إيقاف هذا التمرد خلال السنوات الماضية، والعداء الأمريكي والأوروبي للحوثيين بسبب استهدافهم لليهود، إضافة إلى الاتهامات الموجهة لهم بتلقي دعم خارجي من قبل إيران، وهو ما يضمن دعماً من قبل قوى إقليمية عربية لصنعاء في هذه المواجهة.
…ورغم المواجهة المسلحة المستمرة بين الجانبين منذ عام 2004، فإن تمرد الحوثيين ما زال يمثل شوكة في خاصرة النظام اليمني، الذي لم يتمكن بعد من حسم هذا التمرد بصورة نهائية مثلما يطالب البرلمان، وذلك بالنظر إلى الكثير من التعقيدات والصعوبات التي تحيط بهذه القضية، فمن ناحية أولى تمكن جغرافية اليمن الجبلية أنصار "الحوثي" من الاحتماء بالجبال بصورة تمثل عائقاً أمام استهداف القوات الحكومية لهم. وهذه مشكلة تواجهها الحكومة اليمنية دائماً، وكان هذا واضحاً في حربها على الإرهاب التي استعانت فيها بدعم خارجي كبير خاصة من قبل الولايات المتحدة.
…ومن ناحية ثانية تشير التقارير المختلفة إلى توفر السلاح للحوثيين بشكل كبير، وذلك بالنظر إلى واقع ظاهرة انتشار السلاح في اليمن بشكل عام وسهولة الحصول عليه. ومن ناحية ثالثة استفاد الحوثيون من تردد الحكومة في حسم مواجهتهم منذ البداية، بل ودعمهم مالياً في بعض الأحيان من أجل استرضائهم.
… ومن ناحية رابعة وبالنظر إلى أن حركة التمرد تلك هي حركة شيعية تتمركز في محافظة صعدة ذات الأغلبية الشيعية، فإن هذا يمثل كابحاً للحكومة في التعامل معها؛ حيث لا تريد أن تبدو وكأنها تعادي الشيعة في اليمن، خاصة أن الحوثيين يعملون على العزف على هذا الوتر لكسب التعاطف الداخلي والخارجي.(46/98)
…ويذكر في هذا الإطار أن "حسين بدر الدين الحوثي" اشتكى إلى "آية الله السيستاني" المرجع الشيعي الأعلى في العراق، مما سماه اضطهاد السياسيين الزيديين في اليمن. كما أن الطابع القبلي المسيطر على اليمن يمثل هو الآخر عائقاً أمام السلطات اليمنية في المواجهة مع الحوثيين؛ حيث تشير المصادر المختلفة إلى أن هناك بعض القبائل التي تدعم الحوثيين بوازع الثأر من النظام الحاكم بسبب مقتل بعض أبنائها في المواجهات السابقة.
…وتنبع خطورة تمرد الحوثيين في اليمن، من أنه ينطوي على أبعاد مختلفة يمكن أن تتسع بشكل يؤدي إلى تشابك وتداخل الخيوط بين الداخل والخارج، والسياسي والمذهبي، والداخلي والإقليمي بشكل خطير. ويتمثل البعد السياسي في اتهام الحوثيين للنظام اليمني بأنه نظام موال للولايات المتحدة وإسرائيل ومن ثم لابد من مواجهته. إلا أن هذا البعد يعد أقل الأبعاد تأثيراً في مسار الأزمة أو تعبيراً عن حقيقتها في مواجهة البعدين المذهبي والإقليمي.
…وينبع البعد المذهبي من كون الحوثيين شيعة ينطلقون من منطلقات دينية مذهبية تعتمد على أنصار المذهب وترفع شعار المطالبة بحقوق الشيعة اليمنيين. والدولة من جانبها تركز أيضاً على معطيات مذهبية في مواجهتها لهم؛ إذ تتهمهم بالتآمر على النظام الجمهوري والتخطيط لإعادة نظام الإمامة، كما اتهمت الحوثي بادعاء الإمامة.
…ويكتسب هذا البعد أهميته من الإطار العام الذي يغزيه في المنطقة على ضوء التشنجات والتوترات الطائفية بين السنة والشيعة في أكثر من بلد عربي.
…أما البعد الإقليمي فربما يكون أخطر أبعاد الأزمة. ويتمثل هذا البعد في اتهام اليمن لأطراف خارجية بالتورط في دعم الحوثي في إطار تصفية الحسابات الإقليمية الأوسع، وإدارة صراعات المنطقة.(46/99)
…فتصريحات الرئيس اليمني التي اتهم فيها الحوثيين بتنفيذ مخططات خارجية، لم تكن الإشارة الأولى أو الوحيدة في هذا السياق؛ حيث وجهت الحكومة اليمنية أصابع الاتهام في مواجهات عامي 2004 و2005 إلى أيادٍ خارجية، وأشار الرئيس اليمني صراحة إلى ذلك في لقاء مع صحيفة السفير اللبنانية في يوليو/تموز 2004 ولكن دون الإفصاح عن أسماء دول أو جماعات معينة. وخلال الفترة الأخيرة أخذت الاتهامات بعداً أكثر جدية وإفصاحاً، وبدأت بعض الأسماء تطرح على لسان بعض المصادر اليمنية، منها إيران وليبيا والجماعات الشيعية في بعض دول الخليج العربية؛ حيث تقول المصادر اليمنية إن التحقيقات التي تم إجراؤها مع بعض أنصار الحوثي كشفت عن ارتباطات له مع بعض المرجعيات الشيعية في العراق وإيران. وقد عزز البيان الذي أصدرته الحوزة العلمية في النجف ونشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية في أبريل/نيسان 2005 تحت عنوان "نداء إلى محافل حقوق الإنسان في العالم"، من الشكوك حول علاقة الحوثي مع مؤسسات شيعية خارجية؛ إذ انتقد البيان أسلوب تعامل الحكومة اليمنية مع تمرد الحوثيين. واتهم الرئيس اليمني بتبني خطاب طائفي ضد الشيعة اليمنيين. ويربط المراقبون بين الاتهامات الموجهة إلى إيران في هذا الخصوص، وبين ما يتم ترديده بخصوص التحرك الإيراني من أجل دعم الشيعة في المنطقة ككل وتمكينهم سياسياً أسوة بما حدث في العراق.أما بالنسبة إلى الاتهامات الموجهة إلى ليبيا، فإنهم يربطون بينها وبين احتمالات سعي طرابلس إلى تصفية حساباتها مع السعودية من خلال دعم المد الشيعي على حدودها.(46/100)
على هذه الخلفية السابقة يمكن إبداء ملاحظتين مهمتين تمثلان دروساً من هذه الأزمة، الأولى: أن أزمة الحوثيين تأتي في سياق الانفجار الإقليمي لأزمات الأقليات في المنطقة، هذا الانفجار وإن كانت تختلف حدته من دولة لأخرى، إلا أنه يعكس حقيقة مهمة هي أن كثيراً من الدول العربية قد اهتمت ببناء الدولة بمؤسساتها وهياكلها المختلفة منذ الاستقلال، إلا أنها فشلت في بناء الأمة، ولهذا حينما تنهار مؤسسات الدولة، كما حدث في العراق بعد حرب 2003، أو تضعف وتقل قبضتها وتتراجع سطوتها، تبرز كل النزعات العرقية والمذهبية والدينية رافعة قفاز العصيان والتحدي في مواجهتها وكاشفة عن مجتمعات ممزقة لم تنصهر بعد ضمن إطار أمة متسقة. وهذا تحدٍ مصيري يواجه كل الدول العربية ذات المجتمعات غير المتجانسة اجتماعياً، ولابد من التعامل معه بموضوعية وجدية.
…الملاحظة الثانية: أن التوتر الطائفي في المنطقة، ينتج بؤراً صراعية باستمرار؛ حيث بدأ الأمر بالعراق ثم امتد إلى لبنان واليمن. والخطر أن يستمر المسلسل ليشمل مناطق أخرى إذا ما استمرت مظاهر الشحن المذهبي والفرز الطائفي والتحريض على الصدام وإقصاء الأخر. وفي ذلك رسالة مهمة إلى كل الدول التي تشهد ثنائية السنة والشيعة في العالم العربي.
حوار مع محمد حسين فضل الله 00 أكبر مرجع شيعي عربي
الأهرام العربي - 17 / 3 / 2007
(يكشف الحوار عن جانب غير ظاهر من شخصية فضل الله الموصوف بالاعتدال والتعقل!! الراصد)(46/101)
…مقدمة لفضل الله : لا يجوز ، نحن لابد أن ندرس المسألة من خلال المصلحة الإسلامية العليا ، ما الضرورات الإسلامية في هذا المجال ، وما دور هذا الظالم وذاك الظالم ، لأن المسألة قد تصل إلي حد أن بعض الظالمين ربما يظلمون الناس بطريقة يسقطون فيها كل الواقع الإسلامي في كل قضايا الناس الخاصة والعامة ، بينما يكون هناك ظالم آخر قد لا يكون بهذه الدرجة من الظلم ، إن المبدأ هو أن نحارب الظالمين بقدراتنا الخاصة الإسلامية من موقع المجتمع العادل القوي ، أما عندما تمس الضرورة بحيث يدور الأمر بين أن يسقط الواقع الإسلامي كله أو يبقي مع ظلم محدود ، فقد تتطلب الضرورة ذلك ، وهذا أمر يدرسه أولو الأمر من الخبراء المسلمين في تحديد المصلحة الإسلامية هنا وهناك .
* عند تطبيق هذه المفاهيم علي الحالة العراقية كيف تفسر موقف الشيعة من القوات الأجنبية؟
…نحن كنا نقف ضد النظام الحاكم السابق الطاغية صدام حسين لأنه الشخص الذي أربك العالم الإسلامي كله ، وفرض الحرب علي العراق وعلي إيران وعلي الكويت وصادر شعبه بطريقة أو بأخرى ، بالطريقة التي هيأ فيها الظروف للاحتلال الأمريكي .(46/102)
…إنني من خلال متابعتي لهذا الرجل ، أعرف أن هذا الرجل كان صنيعة أمريكية منذ البداية وأنه نفذ الخطوط الأمريكية من خلال السياسة الأمريكية التي أرادت تدمير الثورة الإسلامية في إيران ، وأرادت إنجاز الظروف الموضوعية لأن تتحرك بقواعدها في الخليج ليشعر الخليجيون بأنها ضرورة لأمنهم ، لتحميهم من هذا الرجل ، وما إلي ذلك قام به في داخل شعبه إلي ما يعرفه الكثيرون من الناس ، إنني أعتقد أنه كان صنيعة أمريكية وقد انتهت وظيفته وقد حاول الأمريكيون أن يخدعوا العراقيين بأن يصوروا لهم بأنهم جاءوا لتحريرهم ، في الوقت الذي كان الأمريكيون يدعمون صدام حسين ، عندما تتحرك عمليات المعارضة ضده ، من خلال مخابراتهم و حتى من خلال المخابرات السوفيتية آنذاك ، لأنه كانت هناك مسألة عالمية دولية لحماية هذا الرجل للقيام بما يريد أن يقوم به ، لذلك فقد خدع العراقيون بأن أمريكا جاءت من أجل أن تحررهم ، (الذي خدعوا هم الشيعة فقط فلماذا يعمم العراقيون؟؟ الراصد ) ولكن المسألة هي أن أمريكا جاءت من أجل تنفذ مشاريعها في المنطقة ومن أجل أن تحمي مصالحها ، كما صرح المسئولون الأمريكيون في ذلك عند احتلالهم للعراق .
…وقد كنت أول شخصية إسلامية أصدرت فتوى قبل بداية الاحتلال ، بأنه لا تجوز مساعدة السلطات الأمريكية للسيطرة علي الشعب العراقي ، وكنت لا أزال أتحدث عن أن مشكلة العراق هي مشكلة الاحتلال الأمريكي ، وليست مشكلة السنة من الشيعة ، ولكن الاحتلال الأمريكي الذي تتحرك مخابراته بالتحالف مع الموساد الإسرائيلي في العراق بالإضافة إلي القوي التكفيرية (الحقيقة أنها تتحالف مع الميلشيات الشيعية!! الراصد) التي أعلنت أنها تريد أن تقتل الشيعة في العراق ، في هذا المقام بطريقة متخلفة في فهم الواقع الإسلامي ، إنني أعتقد أن الاستعانة بأمريكا كالمستجير بالرمضاء من النار .(46/103)
* من المعلوم أن والد السيد مقتدي الصدر والي صدام حسين حتى قبيل مقتله باعتبار أن ذلك ما تقتضيه مصلحة الشيعة ولو وقتيا ، فكيف ترون ذلك الأمر؟
…أنا لا أعتقد أنه والي ، كما نعطيه كلمة المولاة ، ولكنه هادن ومعني المهادنة أنه لم تكن هناك أية ظروف تمكنه من المواجهة للنظام ، حتى إذا تحرك من خلال بعض مواقع القوة التي حصلت له من خلال التفاف الشعب العراقي حوله ( لاحظ إقصاء السنة من الشعب العراقي؟؟ الراصد) ، قام صدام باغتياله .
* وهل لهذا الموقف انعكاساته علي المواقف الملتبسة الحالية للتيار الصدري؟
…من الطبيعي أن السيد مقتدي الصدر هو شخص يعيش مشكلة اغتيال أبيه ، ومشكلة الشعب العراقي كله ، ولكننا نعتقد أنه انطلق الآن في معارضة الاحتلال الأمريكي بطريقة أو بأخرى ولعلي لا أذيع سرا إذا كنت أقول إن بعض الذين يؤيدونه يقومون بالمقاومة ضد الاحتلال الأمريكي .
* لكن في المقابل بعض مؤيديه أعضاء فيما يسمي بفرق الموت؟
…ربما لأن المشكلة التي حدثت في العراق هو أن العمليات التي كانت تقام ضد المسلمين الشيعة والتي كان آخرها تفجير مرقد الإمامين العسكريين أوجدت حالة ردة فعل ( لاحظ تبرئة الشيعة الذين بدأو الحرب على أهل السنة!! الراصد).
…إن كل مراجع الشيعة ، أصدروا فتاوى واضحة وصريحة بأنه لا يجوز أن يقوم أي مسلم شيعي بردة فعل ضد أي مسلم سني وأن قتل المسلم للمسلم حرام (غير صحيح ومن ذلك عدم حضورهم مؤتمر مكة. الراصد) ، سواء كان سنيا أم شيعيا وهذه الفتاوى محفوظة ومنشورة ، ولكن ما حدث في قضية تهديم مرقد الإمامين ( الراجح أنها من تدبير الشيعة. الراصد) أوجد صدمة وحالة تشبه حالة الجنون العاطفي ، مما أوجد تحرك ردود الفعل بعيداً عن الفتاوى التي تصدرها المراجع . وأحب أن أؤكد أن هناك بعض الكلمات أو بعض الإشارات التي تتحدث عن أن المسلمين الشيعة يقتلون المسلمين السنة ، ويهجرونهم.(46/104)
…لكن الواقع أن القتلى من المسلمين السنة أو المسلمين الشيعة كما أن التهجير مشترك فيما بينهما (لاحظ التحيز لشيعته وإنكاره لحقائق هي كالشمس.الراصد )، ولعل أبشع صورة من صور التفجيرات الوحشية هي ما حدث بالأمس من تفجير سوقين شعبيين تتحرك فيهما كل الأطياف العراقية سواء كانوا من السنة أم من الشيعة أم من المسيحيين ، أنا أدعو كل الإعلاميين وكل العلماء والمسلمين أن لا ينظروا إلي الأمور بعين واحدة بل أن يدرسوا الواقع العراقي ، واقع الفتنة التي يديرها الاحتلال ، لأن الاحتلال قرر وصرح من خلال نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني بأنه سوف يبقي طويلا في العراق وفي المنطقة ولعل من شروط شرعية بقائهم هو بقاء الفوضى الأمنية في العراق .
* لماذا لا تدعو لتشكيل لجنة إسلامية للتحقيق؟
…الواقع في العراق لا يسمح ، الفوضى المذهبية والفوضى السياسية والفوضى الذهنية إذا صح التعبير لا تسمح بأي موقف عاقل حيادي وأي تحقيق قضائي محايد (مثل رفضهم للمحكمة الدولية في لبنان الراصد).
* تقصد مرجعيا لا قضائيا؟
…قضائيا بمعني أنه الذي يتحرك علي أساس دراسة الأدلة الواقعية هنا وهناك .
* يري البعض أن لكم اتجاها خاصا فيما عرف بالاتجاه العروبى في المرجعية ، في مقابل ما يسمي ـ في الكتابات الناقدة ـ بالاتجاه الصفوي ، فما حقيقة ذلك؟(46/105)
أنا أعتقد بأن العروبة لا تمثل انحرافا عن الخط الإسلامي فالعروبة حالة إنسانية وعندما جاء الإسلام بها إلي العرب لم يشعر العرب بوجود أية مشكلة فيما يطرح عليهم الإسلام ولذلك آمنوا بالإسلام واحتضنوه وساعدوه وانفتحوا عليه وأعطوه وأخذوا منه ، ... وإنما انطلقت العقدة من العروبة عندما ' تأدلجت ' العروبة وعندما انطلقت بطريقة غير إنسانية فقد كنا نسمع في الأربعينيات كمحاكاة للنازية ، العرب فوق الجميع وكانت ردة فعل علي الشعوبية ، كان الشعوبيون ضد العرب ، وانطلقت الدعوة أيضاً قوية لتقول إن ' العرب فوق الجميع '، ثم بعد ذلك تأدلجت العروبة حيث دخلت فيها الاشتراكية والماركسية مما جعل المعارضة ليست للعروبة وإنما هي للماركسية أو الاشتراكية التي هي في قلب العروبة ، ... أن العروبة بحسب بعدها الإنساني لا مشكلة لنا معها ، ولكن المسألة هي الأيدلوجية التي أدخلت في قلب العروبة أما الصفويه فلا واقع لها الآن .
نحن نقول إن المسلمين الشيعة العرب ليسوا تابعين لإيران بالمعني السياسي أو الديني بل هناك من يؤيد إيران وهناك من لا يؤيدها ، أما حكاية الصفوية فهي حكاية لا تثبت أمام الواقع ، الشيعة العرب هم مسلمون يخلصون لوطنهم.
…ونحن قلنا ولا نزال نقول في لبنان وفي غير لبنان ليس للشيعة مشروع خاص بهم ، والشيعة في العراق لا يريدون أن تحكمهم إيران وكذا الأمر بالنسبة للشيعة في لبنان ، نحن نقول لنا صداقات مع إيران ومع دول أخري ولكننا نشعر بأن علينا أن نقرر مصيرنا في البلاد التي نعيشها بحسب مصالحنا الأساسية .
* ما حقيقة ما يتردد حول محاولات لنقل المرجعية من النجف؟(46/106)
…لم تكن المرجعية منطلقة من موقع معين بل كانت في أكثر المراحل في النجف وربما كان أكثر المراجع من غير العرب ، وكانت المرجعية تنطلق من خلال الكفاءة العلمية والثقة الدينية ، وليس هناك صراع بين مرجعية النجف ومرجعية قم ، نحن نلاحظ أن مرجعية النجف يتقدمها السيد علي السيستاني وهو إيراني ، ولذلك ليس هناك من يستطيع أن ينقل المرجعية من مكان إلي مكان لأنها تتبع التزامات وثقة الناس .
* ولكن يلاحظ غياب المرجع العربي عداكم؟
…نعم ولكن كان هناك مرجع عربي هو السيد محسن الحكيم والد محمد باقر الحكيم .
* ألا تري أن ذلك أحد أسباب الالتباس الذي يحدث تجاه الشيعة؟
…أظن ذلك ، ليس هناك إحساس بالجانب القومي عند الشيعة ، ولكن المسألة تتبع الثقة والكفاءة .
* هناك محطات في علاقة سماحتكم بحزب الله ، يري البعض أنها تكشف عن تذبذبها ، فما تفسير ذلك؟
…إنني منذ أن انطلقت في عملي الإسلامي كنت أنفتح علي كل الأجيال في العالم الإسلامي ، ولا سيما المسلمون الشيعة سواء في العراق أم لبنان أم الخليج أم غيرها ، وقد كان شباب حزب الله من الشباب الذين يستمعون إلي محاضراتي وأفكاري ، ولكنني لم ألتزم حزبا معينا ولم أعط أي حزب شرعية مطلقة بل كنت أدرس خطواته ومناهجه وبرامجه فقد أوافق علي بعض ولا أوافق علي البعض الآخر ، ولذلك كانت المسألة بالنسبة لحزب الله ، كذلك فحزب الله له قيادته الخاصة ، ومرجعيته ، ولذلك ربما يختلف معي في بعض الخطوط ، كما في ولاية الفقيه ، ليست المسألة تذبذبا ، ولكن اختلاف في وجهات النظر وفي الموقف ، لأنني لا أفرض نفسي لجهة معينة ولكني أنفتح علي العالم الإسلامي كله .
* هل من كلمة منكم للشعب المصري؟(46/107)
أننا نقول لكل إخواننا ولكل أهلنا في مصر ، إن مصر تمثل قلب العالم الإسلامي وقلب العالم العربي ، وأن مصر تنفتح في موقعها الجغرافي علي الخط الإسلامي وعلي الخط العربي وعلي الخط الإفريقي ، ونعتقد أن لمصر دورا كبيرا علي مستوي الثقافة الإسلامية المنفتحة علي كل قضايا المسلمين . ولا يزال المسلمون في العالم يتذكرون الشيخ محمد عبده والشيخ جمال الدين الأفغاني.
…وأيضاً يذكرون حركة التقريب التي كان يقودها الشيخ محمود شلتوت والشيخ عبد المجيد سليم وما إلي ذلك من الكبار الذين آمنوا بالوحدة الإسلامية.
…إننا ندعو المسلمين في مصر والذين عاشوا قوة الإسلام وعزة الإسلام إلي الأخذ بأسباب الوحدة الإسلامية وألا يتقبلوا أي شخص يريد إثارة الفتنة ، وأن يدرسوا القضايا التي يختلف عليها المسلمون دراسة موضوعية وأن ينفتحوا علي قضايا الحرية والعزة والكرامة للمسلمين ، إننا نريد للمصريين أن يتكاملوا مع كل العالم العربي في مواجهة الاستكبار العالمي ، لأن الاستكبار العالمي لا يريد خيرا لمصر ولا للعرب والمسلمين بل إنه يحاول أن يجعل إسرائيل فوق الجميع .
…إننا نقدر للشعب المصري أنه لم ينطلق في عملية التطبيع مع الإسرائيليين حتي عندما حدثت العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل .
…إننا نلتقي مع الشعب المصري الذي انطلق في محبة أهل البيت والانفتاح عليهم ، مع السيدة زينب ( أم هاشم )، ومع الإمام الحسين ، ومع كل آل البيت لأننا نعرف أن المصريين يحبون أهل البيت ، ويريدون أن ينفتحوا علي النبي وأهل بيته وصحابته الكرام حتي ينطلق الإسلام وينفتح المسلمون علي كل قضايا الواقع الإسلامي .…(46/108)
…إننا نريد للإخوة في مصر أن ينفتحوا علي قضايا العالم الإسلامي في كل التحديات التي تواجهه ونحن نقدر بكل قوة موقف الشعب المصري مع الشعب اللبناني ومع المقاومة الإسلامية في مواجهتها للعدو الإسرائيلي وانتصارها علي الجيش الإسرائيلي في عدوان تموز ، إننا معكم ، ونريد أن نتكامل معكم ، ونتواصل معكم ، ونرفض كل الذين يريدون إثارة الفتنة داخل مصر بين الأقباط والمسلمين ، لأن مصر لم تعرف في تاريخها مثل هذه الفتن ، كانت منفتحة متسامحة ، ونحن مع الانفتاح والتسامح ، نحن مع الحوار الإسلامي المسيحي ، ونحن مع الحوار كله ، لأن الحوار هو وحده الذي يمكن أن يحل المشكلة ، المحبة ، الرحمة ، التواصي بالحق ، التواصي بالصبر .
* سؤال أخير .. ما تعليقك علي ما يردده البعض من أن هناك محاولة لنشر التشيع في مصر؟
…إنني كنت أتحدث بمحبة أن يتحدث البعض عن هذه المسألة علي مستوي الظاهرة ، بمعني أن هناك خطة شيعية تنطلق من المرجعيات الشيعية في سبيل التحرك من أجل تشييع السنة ، إنني أسال كل هؤلاء أن يقدموا لنا إحصائيات دقيقة تنطلق من البحث الدقيق العميق في هذا المجال . ربما تحدث هناك بعض الحالات التي يقنع فيها شيعي سنيا بالتشيع ، (العجيب أن فضل الله نفسه عراب مخططات نشر التشيع في سوريا. الراصد!!).(46/109)
…كما أننا نعرف في العراق وفي لبنان وفي غيره أن هناك سنة أقنعوا بعض الشيعة بالتسنن ، إنني أنكر بكل محبة هذه المسألة كظاهرة في العالم الشيعي أو السني ، وإنما الذين أطلقوها من خلال الخطة الاستكبارية التي تقودها أمريكا من أجل تدمير العلاقات بين السنة والشيعة ، من جهة ومن جهة أخري فإن قضية الأفكار ملك الإنسان الذي يقتنع أو الذي يقنع ، وأتساءل لماذا تثار القضية في الدائرة الإسلامية ولا تثار في مسألة الملحدين أو أتباع الديانات الأخري الذين يبشرون المسلمين بالانتماء إلي هذا الدين ويتركون الإسلام؟ لماذا هذا التأكيد في الدائرة الإسلامية لإثارة الحساسيات ، وكأن العالم كله يواجه الإسلام كله ، نحن نعرف أن هناك حربا عالمية تقودها أمريكا ضد الإسلام والحلف الأطلسي بعد سقوط الاتحاد السوفيتي حيث اعتبروا العدو هو الإسلام .
صحيفة بحرينية تتهم وجدي غنيم? بالتحريض على الفتنة الطائفية 00
ونشر التطرف في البحرين
موقع آفاق 10/4/2007
(موقع أفاق علماني متطرف، وجريدة الأيام شيعية حاقدة، والازدواجية في الطرح صارخة، ولكن منهج القوم هو البدء بالاعتراض والشكوى حتى يكون أهل السنة في موقع الدفاع الضعيف دوماً. الراصد).
…نشرت صحيفة الأيام البحرينية تقريرا موسعا عن الداعية الإسلامي المصري الجنسية وجدي غنيم الثلاثاء اتهمته فيه بنشر التطرف والفتن الطائفية في البحرين، وتساءلت عن سبب وجوده في البلاد.(46/110)
…وقالت "لم يكن مفاجئاً خروج ما يسمى بـ "الداعية الإسلامي" وجدي غنيم على شاشات التلفاز في حزمة من القنوات الفضائية، حيث بدى كالحمام الزاجل الذي يطير من فضائية إلى فضائية أخرى، مثلما تعود على التنقل من بلد إلى آخر. وقبل البدء في الموضوع، يجب أن نبين ونوضح بشكل يقين، أنه لا أحد يعارض رجالات الدين والدعاة الذين ينشرون الفكر الإسلامي الصحيح في مجتمعاتنا، ولكن ما يحدث مع وجدي غنيم بالتحديد يدفعنا لأن نسلط الضوء أكثر لنكتشف الحقيقة، في عالم أصبح فيه الغث مختلطاً مع السمين، وأصبح من الصعب على الإنسان أن يكتشف الحقيقة إلا بعد تحليل وبحث واستقصاء وعناء.
…هناك تساؤلات خطيرة لمن يبحث ويتقصى خلف أقدام وجدي غنيم الذي وطئ بها العديد من البلدان والأراضي العربية والأجنبية، تساؤلات خطيرة، فربما لا يعرف المواطن البسيط ماذا يقول وجدي غنيم، أو لماذا اعتقل في مرات عديدة وفي بلدان مختلفة، ولماذا كان محجوراً عليه من السفر في مصر؟!. .. نعتقد أن العديد من الناس لا تعلم أنه يشتم الحكام العرب وينكل بهم بأبشع الشتائم؟!
…وفوق ذلك، نحن على يقين أيضاً أن العديد من الناس لم تسمع وجدي غنيم كيف يشتم رئيس دولته حسني مبارك؟!، الكثير من الناس أيضاً لم تسمع غنيم يثني على دعاة التكفير في مصر بل ويثني على من أفتى باغتيال أنور السادات! والكثير من الناس أيضاً لم تسمعه وهو يشتم مفتي الديار المصرية، ولم تقرأ رسالته لعمرو خالد التي وصفه فيها بـ "المضل المفتون".. كل ذلك موثق في تسجيلاته الصوتية. والتساؤلات الأكبر الذي تطرح نفسها مع طرح هذا الموضوع، من هي الجهة التي تدعم هذا الفكر المتطرف عندنا في البحرين، من هي الجهة التي منحته تأشيرة الدخول إلى البحرين بعد أن طرد من أمريكا ولم تسمح له مصر بالدخول، يطرح تساؤلات أخطر وسط أنباء بمنحه الجنسية؟!!.(46/111)
…وجدي غنيم.. "الزاجل" الذي يُنظِّر في برنامجه المباشر على قناة البحرين الفضائية لفكر مؤسس حركة الإخوان المسلمين حسن البنا - وهي الحركة التي صرح مؤخراً الرئيس حسني مبارك أنها خطر على الأمن الوطني - طرد من الولايات المتحدة الأمريكية لتهمتين، الأولى خرق قوانين الهجرة، والثانية تهديد الأمن القومي، بعد أن نفث فتنته التي تجعل أصحاب الديانات السماوية المختلفة يقعون في بعضهم البعض بعد أن تعودوا على العيش معاً هناك في أمريكا، وهي البلد التي يعرف عن شعبها بأنه ديمقراطي، خاصة وأن الجالية المسلمة هناك تؤكد ذلك.
…بالفعل، كان مفاجئاً في الواقع، خروجه في برنامج على القناة الفضائية عندنا في البحرين، بل وفي برنامج يبث على الهواء مباشرة، وهو الشيء الذي لم يمنح لأي "داعية" بحريني، وكأن البحرين "خُليت" من الدعاة المحترمين والمعتدلين، وهو ما تدعمه بعض الجهات التي تسعى لاختراق عقول بسطاء المواطنين لغرض في نفس يعقوب، ولكن مثلما يقول المثل: »إذا عرف السبب، بطل العجب«، ولنعرف معاً مدى قذارة السياسة التي أصبحت تستخدم الدين استخداماً سافراً للنيل من عقول المواطنين.
ينشر الفتنة بيننا!
…في حوالي الساعة الواحدة والنصف من يوم الاثنين 26 فبراير 2007 كان هناك برنامج ديني في إذاعة البحرين وعنوانه "احترام الآخر" وقال وجدي غنيم أن ما يفعله بعض "..." من إحياء الأربعين وإقامة العزاء هو بدعه وكفر وجهل، وقام يسخر أيضا بقوله أنهم يحيون الذكرى بعد أربعين يوماً وأيضا زودوها بعد سنه ويجعلونها سنوياً .. فهذا كله جهل. وقال أن الفضائيات التي تبث هذا الـ "..." هي فضائحيات ولا يجب مشاهدتها.. وقال يخرجون ويعطلون مصالح الناس ويزيدون على صدى الميكرفونات ويصيحون عو عو عو .. ثم يقول هل في القرآن عو عو .. وقال أن النبي أوصى بالحداد ثلاثة أيام فقط وما يقيمه "..." بعد ذلك فهو كله "..." وبدعه وحرام.
كمال الدين: قنبلة موقوتة!(46/112)
…إلى ذلك، أكد نائب رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" إبراهيم كمال الدين على أن ما طرحه وجدي غنيم يعتبر حافز لخلق فتنة داخلية في الوقت التي تسعى كل القوى الوطنية لإزالة الاحتقان الطائفي يأتينا أشخاص من تعيش خارج العصر لتبدد كل الجهود التي تسعى للتعايش والقبول بالآخر، وتعمل على مصادرة الحريات الشخصية، مع أننا نعيش في عصر الديمقراطية والحرية الشخصية المصانة، بأسلوب قريب من الناس وأسلوب ديني.
…وأشار إلى أن الدين ليس له وطن والداعية الديني يجب أن ينشر الكلمة الفاضلة والتعايش السلمي في كل الأمكنة والأزمنة، وهذا يتطلب علماء يتصفون بالوسطية وعدم التسويق لتيار معين أو احتكار وسائل الإعلام بصورة توجه المتابعين نحو فكر بعينة، ربما يهمش من خلاله الآخرون أو يروج من خلاله لأفكار تحارب الفكر الإسلامي المعتدل.
…وقال: "يجب أن نعرف أن الدعاة المتطرفين والمغالين في تطرفهم يكونون كالقنبلة الموقوتة التي ربما تفجر الوضع المحلي، بالإضافة إلى أن وجود مثل هذه النوعية والتيار المغالي والترويج له ليس ترويجاً للفكر الإسلامي بل وراء ذلك شيء أكبر، ربما يكون بدعم من قوى دولية أو تنظيمات سياسية عالمية متطرفة".
…وأضاف "لسنا في عصر الظلمات لكي نمنع المرأة عن العمل وعن الدراسة، فهذه نظرة من يريد أن يجر المجتمع للوراء، أو يسعى لتخلف المجتمع بعد كل الجهود التي أثمرت عن هذا المستوى من الحرية الشخصية والمساواة وحفظ حقوق المرأة".
وأبدى أسفه على وجود جمعيات سياسية تدعم مثل هذه التوجهات وتدعم الشخصيات التي تروج لهذا الفكر، وربما قامت باستقدام هذه الشخصيات وتهيئة الأجواء لهم ليتوسعوا في نشر تطلعاتهم الاستحواذية التي تقود المجتمع للخلف، فهم لا يريدون الديمقراطية ولا يؤمنون بها، ويتطلعون للانقلاب عليها في أي فرصة لذلك.
البقارة: نحن نستورد الفتن!(46/113)
…من جانبه اعتبر رئيس اللجنة السياسية بجمعة المنبر الديمقراطي التقدمي د. علي البقارة ما قام به غنيم اضطهاد عنصري واستغلال للسلطة الدينية في تكريس نوع من الاضطهاد بناء على نظرة شخصية له، وهذا ما يخالف المتعارف عليه بين أبناء المجتمع الذي وفد إليه، حسب رأيه.
…وقال: "نختلف جذرياً مع تصرف غنيم في العزل والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد، ففي جميع محافلنا يشارك النساء والرجال، والعزل أسلوب غير متبع لأننا مجتمع بحريني ملتزم والاختلاط لن يأتي لنا بإثم، لأن لنا ثقة بأنفسنا فما بالك بعزل البنات بناءً على تحجب أو غير تحجب الفتاة".
…وأوضح اعتقاده أن مشاركة غنيم في الخيم الانتخابية ساهم في مصادرة حقوق الناس في الاختيار نتيجة لفتواه الإسلامية بتحريم دعم المرأة، وإشاعته لمفاهيم قصور عقل المرأة، وغير ذلك من مفاهيم خارجة عن نطاق تكريم المرأة التي كفله الإسلام، والذي يخلق نوعاً من التمييز في المجتمع.
…وأشار البقارة إلى أن ما روج له غنيم في استبعاد المواطنين أو حتى المقيمين إذا كانت ديانتهم مسيحية، يؤدي إلى فتنة والفتنة أشد من القتل، فما ذنب أي طفلة بريئة لكي تحرم حتى من السلام عليها لأنها تدين بديانة مختلفة، مع أن هذا يتناقض مع ما أمر به الرسول وما قام به الخليفة الراشد عمر بن الخطاب عند دخول المسلمين للقدس.
…وأضاف "نحن نقوم عملياً باستيراد الفتن من خلال استيراد مثل هؤلاء الدعاة، مع العلم بأن لدينا أكفاء من رجال الدين الأمينين على هذا المجتمع، والذين يمكن أن يقوموا بدورهم بشكل أفضل من الدعاة المستوردين ، لأنهم يعرفون طبيعة المجتمع ويعرفون ما ينفع وما يضر هذا المجتمع بل ويعرفون الأسلوب الأنسب لدعوة المجتمع".(46/114)
…وتابع "لماذا نقبل بداعية وأمريكا صاحبة الحرية تطرده وكندا تطرده ومصر بلده الأصلي يطرده، مع العلم بأننا لسنا بحاجة استيراد أشخاص مطرودين في بلادنا ويقللون من قيمة العالم البحريني، وأعتقد أننا لا نرتضي وليس لدينا حاجة لأي داعية مرفوض من مجتمعه في مصر وفي الدول الأخرى، إذ أنه من غير المطمئن توطينه في البلد، إلا إذا كان ذلك يصب في مصلحة بعض الجمعيات الإسلامية السياسية التي تحشد لهم وتصب في اتجاههم وتكرس بعض الأساليب الخاطئة التي تروج لما يطرحون".
الرويعي: أين دور وزارة الإعلام!
…من جانبها أكدت رئيسة الاتحاد النسائي مريم الرويعي أن البحرين لا تشتكي قلة الدعاة حتى يتم استيرادهم من الخارج، حيث أن في المملكة علماء متخصصين في الدين والشريعة، لديهم وسطية يقوم عليها علماء من المملكة، وإذا كان من الضروري استقدام دعاة ووعاظ "فأعتقد أننا بحاجة لدعاة أفكارهم تتماشى مع السياسية العامة للدولة".
…وانتقدت الرويعي وسائل الإعلام لإعطاء هؤلاء الدعاة مساحات واسعة بدون مراقبة، إذ يجب أن تكون هناك مراقبة من وزارة الإعلام لما يطرحه هؤلاء الدعاة للتأكد من تماشي ما يطرحونه مع توجهات الدولة، خاصة فيما يتعلق بالمرأة وعمل المرأة والنزعات والطائفية وغيرها، لا أن يفتح لهم التلفزيون على مصراعيه دون رقابة. وأكدت أن الدور الذي قام به غنيم في الانتخابات كان سلبياً لأنه وجه ضد المرأة، وإعطائه الأولوية ليكون خطيباً على أحد المنابر في الجامعة أو في المدارس، ويبث رسائل من خلال محاضراته كأنها فتاوى دينية تقلل من شأن المرأة وتدعوها للتراجع عن الحريات التي كفلها الدستور، أمر يجب إعادة النظر فيه.
النجار: هو ضد الوحدة الوطنية:(46/115)
…أما الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان د. سبيكة النجار فقد علقت على تصرفات غنيم الأخيرة بالقول "إذا صح ما نقل عن تصرفات غنيم في إحدى المدارس فهو سلوك خاطئ، إذ ليس لأحد أن يفرض على الطلبة سلوك معين، لأن دور رجل الدين لا يقتصر على المحجبات فقط، ورجل الدين شخصية عامة يجب أن تشارك في توحيد جهود الجميع، لا أن تزرع بذور الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، باستغلال المكانة الدينية المتاحة لهم". وأشارت إلى أن مثل هذه التصرفات تزرع التفرقة بين أبناء المذاهب والأديان المختلفة والفرقة في المجتمع البحريني وهو ضد الوحدة الوطنية، ونحن في وطن متعدد الأعراق والأديان وحتى الأجانب لو كانوا في مدارس الحكومة يجب أن يعاملوا بنفس الطريقة لا أن نميز بين الطلبة، إذ أن هذا يتنافى مع حقوقهم الإنسانية فضلاً عن حقوقهم كمواطنين أو كطلبة.
…ودعت النجار وزارة التربية والتعليم لإجراء تحقيق في هذا الموضوع حتى لا تتكرر مثل هذه الأخطاء في المستقبل، مشددة على دور أولياء الأمور في التصدي لمثل هذه الظاهرة، خصوصاً وأن أبناءهم لم يقوموا بما هو خاطئ حتى يعاقبوا بفصلهم عن زملائهم واستبعادهم لآخر القاعة.(46/116)
…في الخلاصة، هناك تساؤلات تطرح نفسها، لماذا سمح لوجدي غنيم بدخول البحرين رغم أن العديد من الدول ترفض استقباله لأنها تعلم أنه سيسب إرباكاً على صعيدها الداخلي، فهل المملكة مستعدة لقبول هذا "التهريج" والاستخفاف بالدين وفق ما يطرحه وجدي غنيم، وهل الشعب البحريني مستعد أن يضحي بمكتسباته الإصلاحية من أجل فكر وجدي غنيم الذي ينسف كل الحقوق التي كفلها الدستور بل ينقلب انقلاباً شنيعاً عليها.. ما هي الأهداف من وراء استقدام وجدي غنيم من قبل جماعة الإخوان المسلمين، ولماذا استقطبوه في توقيت الانتخابات الماضية بالتحديد؟!.. في الحقيقة إننا في جزيرة يحيط البحر بها من أربع جهات، إما أن نلم شملنا ونعزز وحدتنا الوطنية وننبذ الفكر المتطرف والإقصائي، وإلا غرقنا جميعاً.. وكان الله في عون البلد.
بعد أن اعتنقوا المذهب وأعلنوا "ولاءهم" لإيران 00
السلطات المغربية تتابع 6 مغاربة "يسعون" لنشر "التشيع" في البلاد
العربية نت 20/2/2007
…تتابع مصالح الأمن المغربية عن كثب ملفات ستة مغاربة سافروا إلى إيران قبل أسبوعين من أجل الدراسة في الحوزة العلمية بمدينة قم، بعد اعتناقهم المذهب الشيعي، وإعلان ولائهم للجمهورية الإسلامية الإيرانية.(46/117)
…ومن المتوقع أن يعود المغاربة الستة، الذين يتحدرون من مدينة مكناس وتتراوح أعمارهم بين 24 و33 سنة إلى المغرب بعد إكمال دراستهم من أجل "استقطاب" معتنقين جدد للمذهب الشيعي، وضمان توسع فكره في عدد من المدن خصوصا المدن العتيقة مثل الرباط وسلا ومكناس، وذلك حسبما ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية. ولم يتسن معرفة الطريقة والترتيبات التي هاجر بها المغاربة الستة، ولا الجهات التي مولت تكاليف السفر إلى إيران، بيد أن مصادر مطلعة أشارت إلى نشاط إحدى الجمعيات الثقافية في الرباط التي سهلت ظروف السفر، والتي كانت دائما على علاقة مع إيران من خلال جلب كتب أعلام المذهب الشيعي إلى المغرب، وطباعة الرسائل العلمية التي يكتبها شيعة مغاربة.
…من جانب آخر، كان الباحث المغربي المعروف إدريس هاني نفى في حديث سابق لمجلة "المجلة" اللندنية أن تكون ظاهرة التشيع في المغرب بذلك الحجم الذي تثيره بعض الصحف بين الحين والآخر، خصوصا وأنه يعتبر نفسه أحد أكبر المهتمين بهذا الموضوع في المغرب. ويعتبر إدريس هاني أن المذهب الشيعي طبع دائما تاريخ المغرب من حيث التعلق بآل البيت، نافيا تسييس المسألة.
مفكر مغربي يرفض إقامة حزب للشيعة 00 وينفي وجود مرتبة آية الله ببلاده
العربية نت 6/4/2007
(نموذج جديد للتشيع في الأوساط السنية، يحتاج متابعة ودراسة. الراصد)
…رفض المفكر المغربي إدريس هاني عضو منتدى الحكمة للمفكرين والباحثين المغاربة إقامة حزب سياسي للشيعة في بلاده ، نافيا في الوقت نفسه أن يكون لشيعة المغرب أي تنسيق مع نظرائهم في المشرق العربي سواء أكان العراق أم لبنان، داعياً السنة والشيعة إلى الاستفادة من بعضهما البعض وإقامة ثقافة مشتركة تجمع المسلمين. كما أكد أنه لا يوجد أشخاص يحوزون مرتبة" آية الله" في بلاده.(46/118)
…وفي مقابلة خاصة مع العربية.نت قال هاني الذي ينظر له على أنه منظر الشيعة في المغرب إن من يظنون إنشاء حزب شيعي مغاربي وسيلة للتوعية و تدعيم المسار الشيعي بشمال غرب إفريقيا، هؤلاء لم يستوعبوا مفهوم الحزب ووظيفته السياسية، فهذا كلام لا معنى له ولا يعدوا أن يكون توجسات وتهيؤات لا رصيد لها من الواقع.
…وقال إن ما يتردد عن فتنة التشيع في المغرب ما هي إلا زوبعة في فنجان، وولع بتضخيم الأحداث، في نطاق معطيات مغلوطة وتحليلات تغلب عليها السذاجة، فهم يقصدون تلك القناعات التي يعبر عنها بعض المتشيعين كما لو كانت ظاهرة، فيما هي مسألة عفوية فردية لها نظائر في كل البلاد العربية وبلاد العالم، إنها قضية قناعات شخصية وليست حركة مبرمجة.
…أما في ما يتعلق بعملية التنسيق بين أفراد الشيعة داخل المغرب و شيعة المشرق، قال إنه لا وجود لهذا النوع من التنسيق،لا في المغرب ولا خارجه، فالمسألة فيها الكثير من المبالغة، وهي في حدود علمه شخصية عفوية غير منظمة ولا ممنهجة، فحتى مع وجود ما يوحي بذلك من خلال رصد حالات السفر والترحال إلى بعض المناطق الشيعية قصد السياحة أو الدراسة أو ما شابه، فليس ثمة شيء من هذا القبيل، والمشكلة أن الساحة الإسلامية لا سيما المتسيسة لها ولع بتضخيم الخطاب واستعمال مفردات كبيرة، أحيانا ًتكون أكبر ممن يتحدث بها.
…ويذهب هاني إلى القول حول تسميته كمنظر للشيعة بالمغرب قائلا:"إن كنت تقصدين أنني الوحيد في المغرب الذي يحرص على أن يحترم الآخرين ويعطي للحقائق ما تستحقه من الدراسة، فنعم، يقولون ذلك لأنني أدافع عن الشيعة ولا أريد أن نقع مرة أخرى في كوارث من قبيل ما عرفه العالم الإسلامي من صراعات دامية في الميدان ومعارك بيزنطية في الفكر، فإذا كنا نريد أن نعيش إخوة ومتقاربين ومتسامحين فعلينا أن نفهم بعضنا بعضا، ونتفهم بعضنا بعضا".(46/119)
…وتابع " كل قراءة استئصاليه تجريمية تأثيمية لجماعة مسلمة تعد بمئات الملايين، هو جريمة في حق وحدة الكيان الإسلامي، الذين يقولون ذلك هم حتما لم يقرؤوا كتاباتي التي تهدف إلى حل مشكلات الفكر العربي والإسلامي وكذا الإنساني، ومع ذلك لا أحد يمنع أحدا من أن يقول ما يشاء ويصف الآخرين بما يشاء، تلك وجهة نظرهم وهم أحرار في ذلك، فإنني أدافع عن صورة من التشيع و التسنن يجب أن تصبح ثقافة عند المسلمين، وهي أن للسنة نصيبها من التشيع لأهل البيت، كما للشيعة نصيبهم من السنة لأنهم اعتبروا السنة مصدرا ثانيا للتشريع بعد كتاب الله".
…وقال إن "الخلاف في الجملة يتجه إلى من أين نأخذ السنة؟ إنه سؤال المواسعة والمضايقة، بهذا المعنى يكون التشيع درجات والتسنن درجات، وعلى السنة أن يعاتبوا الشيعة بالسنة التي يدينون بها في مظانهم كما يمكن للشيعة أن يعاتبوا السنة بالتشيع الذي يدينون به في مظانهم أيضا."
…ويضيف أن العالم الإسلامي افتقد لكثير من التوازن، لذا ما كان بالإمكان أن يستفيد المسلمون بعضهم من بعض، و في حدود علمه إن الكثير من فقهاء الإمامية بقم أو النجف أو غيرها من حواضر العلم الإمامي ينفتحون على التراث الفقهي السني، ومثل هذا حصل لمن أدرك تاريخ الاجتهاد الشيعي.
…ودعا إلى الاقتصاد في الخلاف عبر القضاء على ما هو من جنس الأوهام التي لا تعبر عن واقع الأشياء،مطالبا ببناء ثقافة جديدة في الاختلاف قوامها الاختلاف دون خلاف. مبرزا عندما تصبح مقاصد مشتركة يمكن حل معضلة الطائفية والمذهبية، والإسلام يصبح هو المذهب والأمة على تعدديتها هي الطائفة.(46/120)
…وحول تصريح لمحمد بن بريكة المنسق الأعلى للطريقة القادرية في الجزائر من أن التشيع هو الفتنة القادمة على شمال إفريقيا ، يتأسف إدريس هاني لهذا التصريح و يعتبره فيه الكثير من الادعاء، ويعتقد أن هذه التصريحات المنقولة تقليدا عن بعض المشايخ. هي الفتنة بعينها تمشي على الأرض، ويستحسن لهذه الطريقة أن تلهي نفسها بكثير من الذكر والتخلية والتحلية، بدل أن تصبح مطية لغيرها في إلقاء الكلام على عواهنه
…واستطرد أن هذا الأخير ضرب مثلا بجامعة القرويين كقلعة حصينة ضد التشيع،وأبرز أن هذه الجامعة العظيمة التي يفتخر بها المغاربة لم تكن تحمل نبرة طائفية مريضة، بل كانت قبلة للمسلمين بكافة مذاهبهم وحتى غير المسلمين قصدوها وتربوا في أحضانها ووجدوا من تسامح علمائها ما رغبهم في طلب العلم بها، فإذا وجد بينها من يعبر عن رأيه تجاه جهة ما فذلك شأنه.
…وأضاف أن من بين علماء القرويين من هاجم الطرقية واتهمهم بالجهل وبدعهم كالحجوي في صفاء المورد وكذا في موقفه التجريمي من ثورة درقاوى، وثمة من دافع عن طقوسهم ردا على الحجوي كابن المواز، وهناك من جمع بين السلفية والطرقية كعبد الحي الكتاني وهناك من صحح حديث مدينة العلم وما شابه من روايات احتج بها الشيعة على فضل علي بن أبي طالب وهلم جرا.
… وقال إن تعبير الناس عن قناعاتهم وميلهم لمحبة أهل البيت هو راسخ في ثقافة المغاربة لا يتطلب أن نزبد ونرعد ونضرب أخماس بأسداس.(46/121)
…وفيما يخص الحركات الإسلامية بالمغرب، يرى هاني أن هذه الحركات مرت من أطوار عديدة وعرفت تطورا،وانتعاشا في وعيها وأدائها السياسي، وحينما يتحدث عن وضعية الحركة الإسلامية بقسوة الناقد فذلك لأنه يهمه أمر تقدمها وتطورها، فالتطور الذي طرأ على الحركة الإسلامية بالمغرب وغير وعيها وعلاقتها بالمشهد لم يكن تطورا طبيعيا، بل هو شكل من الاستجابة المشروطة لإكراهات المشهد السياسي، وبمعنى آخر إن الحركة الإسلامية لم تعش مخاضات سياسية حقيقية ولا قلقا فكريا كبيرا هو ما كان وراء تحول خطابها ومواقفها، وهذا بعكس الحركة الإسلامية بالمشرق.
…وقال إن الحركة الإسلامية في المغرب لا زالت تعيش على كل تصورات ومفاهيم نظيرتها بالمشرق العربي، لكنها في مواقفها، وظروفها متقدمة على غيرها، مثلا ما الذي يجعل الحركة الإسلامية في المغرب تعيش وضعا سياسية كاملا، بينما جماعة الإخوان المسلمين بمصر لم تدخل العملية السياسية بصورة كاملة، هذا مع أن فكر الإخوان المسلمين هو مرجعية الحركة الإسلامية بالمغرب، والجواب واضح، فإن النظام السياسي المغربي هو الفاعل الحقيقي الذي استطاع أن يفرض هذه المعادلة وقبل بوجود فصيل إسلامي داخل العملية السياسية، لكن هذا التقدم الذي نجده في الفعل السياسي للحركة الإسلامية في المغرب لا يوازيه تقدم في فكرها ورؤيتها،وتسمح اللعبة السياسية بأن تستعمل خطابا ملفقا، لكن مثل ذلك يفضح حينما يقع العقل النقدي على خطاب الحركة الإسلامية بالمغرب.
…وعن وجود أربعة أسماء مغربية وصلت إلى مرتبة "آية الله"، يفسر الأستاذ هاني ذلك بمثابة جهل يمشي على الأرض، وسذاجة تنطق بوقاحة، وإن أصل هذه الفرية مصدر واحد، حتى لو ظهرت هنا أو هناك، فمصدره شخص لا ينتمي للعمل الإعلامي بالأصالة ولا هو من أهل البحث والتحقيق.(46/122)
…ويضيف قائلا: "مشكلتنا في المغرب أننا نعيش الفوضى، حتى أنك لا تستطيع أن تميز بين الخبير والجاهل..ولا بين أهل الشأن وقراصنة الإعلام والثقافة، إن هذا العدد من آيات الله لا وجود له حتى في الدول التي توجد فيها أقليات شيعية تعد بمئات الألوف، حتما الذين قالوا ذلك لا يفهمون ما معنى أن يبلغ الفقيه مرتبة آية الله، أي أن يكون مجتهدا بالمعايير والشروط المقررة للاجتهاد،اللهم إلا أن يزعم هؤلاء بأنهم أدرى منا بهذا الأمر وتلك نكتة أخرى تفضح سذاجتهم."
8 فضائيات تعلن الحرب على الإسلام 00
والمنصّرون العرب يتسللون فضائيًا..!
صحيفة المدينة السعودية - 23/3/2007
…طالب الدكتور تركي بن خالد الظفيري أستاذ العقيدة وأمام وخطيب جامع أبو بكر الصديق بالرياض بمشروع إسلامي لمواجهة الفضائيات العربية التنصيرية، التي تبث سمومها لتشكيك المسلمين في دينهم، وزعزعة العقيدة، وقال الظفيري :إن هذه القنوات تجاوزت جميع الخطوط الحمراء وباتت تقدح في القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم ومبادئ الإسلام بكل صراحة، ودلل الشيخ الظفيري على ذلك بالدور الذي يقوم به القس زكريا بطرس من خلال برامجه في قناة (الحياة) التنصيرية العربية.
…وأضاف: إن بطرس الذي فصلته الكنيسة الأرثوذكسية المصرية يستخدم في برامجه كافة ألوان الخداع والكذب لتضليل المسلمين، وطالب بضرورة مطاردته قضائياً على افتراءاته، وان تقوم الدول الإسلامية بدورها في وقف هذه القناة التي تبث من قبرص وقال لقد شعرنا جميعاً بالغضب عندما نشرت الصحيفة الدانمركية الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، والآن زكريا بطرس يقدح في كتاب الله ويسب رسولنا الكريم بأحقر وأحطّ الألفاظ، فلماذا نترك هذا الرجل.(46/123)
…جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها الشيخ تركي بن خالد الظفيري في (أحدية الرشيد) والتي جاءت بعنوان (المنصرون العرب يتسللون فضائياً) حيث تناول بالرصد والتحليل الفضائيات التنصيرية باللغة العربية وقد حصر الحديث عن ثماني فضائيات وهي (المعجزة) و(سات 7) و(الحياة) و(المحبة) و(الكرامة) و(الشفاة) و(الروح) و(نورسات).
…وقال إن هذه القنوات لم تكتف فقط بالبث باللغة العربية بل أخذت تبث باللغات التركية والفارسية والأردية والمالوية، وسيستمر البث طوال الـ 24 ساعة، والأخطر منها التي بدأت في بث برامج مباشرة، وتستخدم قصصا وحكايات تدعي أن أصحابها كانوا مسلمين ثم تنصروا، ويبدأ في سرد حكاياتهم كيف دخلوا النصرانية.
…فقناة (سات 7) تبث برامجها من قبرص ، وتتوجه إلى آسيا وأفريقيا باللغة العربية، ثم بدأت بالبث باللغة الفارسية لإيران والتركية لتركيا، وقد بدأت القناة ببث لمدة ساعتين في عام 1995م، وفي عام 2004م أخذت تبث على مدار الـ 24 ساعة، وتقوم بتمويلها 25 جهة كنسية نصرانية بعضها من الدول العربية وبعضها في أوروبا وأمريكا، وقد بدأت (سات 7) في تخصيص قناة تنصيرية بالفارسية، ويقول القائمون عليها أن عدد مشاهديها بلغ ما بين 1.5 و 2مليون مشاهد.(46/124)
…وتعد قناة (الحياة) من أشرس القنوات العربية التنصيرية بسبب برامجها التي تسيئ مباشرة للإسلام، وهي تعلن صراحة الهجوم على الدين، وتجاوزت جميع الخطوط الحمراء. ويعتبر القس زكريا بطرس أسلوب الإثارة في الطرح على حساب مشاعر المسلمين فهو يتهم الإسلام بأنه دين شهواني وان القرآن مؤلفه محمد ومن خلال مائة حلقة في برنامج (حوار الحق) شكك بطرس في كل شيء عن الإسلام، أما في برنامجه (سؤال جريء) وهو أول برنامج مباشر استغل فيه زكريا بطرس كل أدوات التأثير للتطاول على القرآن الكريم، فقد خصص ثلاثين حلقة من مائة عن القرآن والطعن فيه، و14 حلقة للطعن في السنة، واتهام الرسول ? إنه إرهابي، وتطاول على زوجات الرسول ? بل وصل به الأمر أن اتهم ? في نسبه.
لماذا السكوت؟!
…وقال الشيخ الظفيري :لا اعرف لماذا يسكت عن هذا الرجل الذي لم يحترم حتى مشاعر المسلمين فقد وصف الحج بكل وقاحة انه (مقزز) وزعم أن الحج مأخوذ من (الحك) ونسبه إلى شيء من الشذوذ الجنسي وخصص حلقة كاملة عن الحجر الأسود.
…أما قناة (نور سات) فقال الشيخ الظفيري: إنها قناة تنصيرية وتبث من لبنان، وتتستر وراء الوطنية وهي في الحقيقة كما قال القائمون عليها إنها تنصيرية للتبشير بعودة المسيح ويشرف على هذه القناة مجلس البطاركة في لبنان.
…وقناة (المعجزة) وهي متخصصة في الحديث عن معجزات المسيح وكيف يشفي المريض وهو النافع، وتعد هذه القناة من اقل القنوات تطاولا على الإسلام، لأنها تدعي بأنها تدعو للتسامح بين الأديان، ولكن هناك برامج فيها كلها تطاول على الإسلام مثل برنامج (لم لا..؟!) حيث يقوم القائمون على البرنامج بإجراء مقابلات مع نصارى يهاجمون الإسلام ويقدحون في كتاب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ويشككون بأن الإسلام دين سماوي.(46/125)
…وتعرّض الشيخ الظفيري إلى قناة (المحبة) التنصيرية التي تشرف عليها الكنيسة الأرثوذكسية المصرية والتي انطلقت عام 2005 و يمولها رجال أعمال نصارى من داخل مصر ومن خارجها وقد حاول المسؤولون عن هذه القناة إطلاق بثها من خلال (النايل سات) أو (العرب سات) ولكن فشلوا وهي الآن تبث عبر (الهوت بيرد) القمر الصناعي الأوروبي ولكن محاولات القائمين على هذه القناة يحاولون بث قناة جديدة باسم (قبط سات) عبر النايل سات أو عرب سات ويدعون أنها قناة تهتم بالتاريخ والثقافة القبطية وحتى الآن محاولاتهم لم تنجح.
بين الهوت بيرد والنايل:
…وقال الشيخ تركي الظفيري :إن بث هذه الفضائيات التنصيرية عبر (الهوت بيرد) جعل نسبة المشاهدة أقل نظرا لإعراض الأغلبية العظمى من المشاهدين في الدول العربية عن التقاط بث القمر الأوروبي بسبب القنوات الجنسية الفاضحة وغيرها، ولكن ماذا لو نجح المنصرون في إطلاق فضائيات عبر (العرب سات) أو (النايل سات)؟!
…واستكمل الشيخ الظفيري الحديث عن فضائية (الكرامة) التي تبث برامجها من الولايات المتحدة وتمول من الكنائس هناك ومن النصارى في المهجر، وفضائية (الروح) التي تبث من إنجلترا. ولكنه توقف طويلاً عند قناة (الشيبان) وهي تعد أكبر مؤسسة بث إذاعي وتلفزيوني للتنصير، ويتبع هذه المؤسسة 650 محطة تليفزيونية وإذاعية وكلها تثبت بجميع اللغات العالمية، وبرامجها صريحة تطعن في الإسلام، وتحقيق رسالة المسيح، وتوصيل الإنجيل لأي فرد في أي مكان، وهم لديهم شبكة تضم جيوشا من المنصرين في كافة دول العالم، وعندما تتصل بهم من أي دولة، وتخبرهم حاجتك للتعرف عن أي شيء في النصرانية على الفور يحيلونك لأقرب شخص لك ويرسلون لك رقم هاتفه لتحدثه ليأتي إليك ويحل لك المسألة، وهم يقدمون كافة الخدمات لمن يريد إذا كنت في حاجة إلى كتب تنصيرية أو أناجيل أو شرائط فيديو أو أي شيء سوف تصل إليك، ولهم عناصر حتى في دول الخليج.(46/126)
الخطورة في التبعات:
…وقال الدكتور الظفيري : إن المشكلة الآن الفضائيات متاحة لأي شخص وأي جهة، ولا يستطيع أحد أن يوقف بث هذه القنوات أو التشويش عليها، وإن خطورتها في الشبهات التي تثيرها حول الإسلام وتستهدف في المقام الأول عوام الناس، والجيل الجديد من الشباب الذي لم يتلق العلوم الشرعية بطريقة كافية، وتستخدم الإبهار في الجذب، ومحاولة استمالة هذه الشرائح، إضافة إلى أنها تشكك المسلمين في دينهم وعقيدتهم وتعد خطرا على الأمن القومي للدول العربية والإسلامية، فلا يوجد مسلم على وجه الأرض يقبل أن يطعن في دينه أو عقيدته، ولا يقبل أحد أن يساء لرسول الله ? أو يقدح في الصحابة أو زوجات المسلمين، أو يسخر من الصلاة والصيام والحج وفرائض الإسلام،
…فمثل هذه القنوات تدفع بعض الشباب للتهور وارتكاب أفعال غير منضبطة، بسبب عدم العلم والحماس الزائد. ولقد رأينا عندما عرضت إحدى الكنائس في مدينة الإسكندرية في مصر مسرحية تسخر من الإسلام ومن رسول الله ? كيف خرجت التظاهرات العارمة ووقعت اشتباكات بين المسلمين والنصارى قتل فيها أحد المسلمين، ولولا فضل الله عز وجل لتفاقم الوضع، فما بال فضائيات تنصيرية تبث 24 ساعة برامج كلها إساءة وتطاول وسب وقذف في الإسلام والقرآن والرسول.
بطرس: أسلوب بذيء:
وأكد الظفيري: إن القس زكريا بطرس ساهم من حيث لا يدري في إفشال الجهود التنصيرية في المنطقة العربية، بأسلوبه البذيء وكلماته الوقحة على الإسلام، وكذبه وافتراءاته وهو الذي دفع الكنيسة المصرية لفصله منها، وجعل الكثير من النصارى يتبرؤون منه، وإن كنا نطالب ببيان واضح من الكنيسة المصرية لموقفها من القس زكريا بطرس لأن هذا الرجل يريد إشعال النار في المنطقة.(46/127)
…وقال الظفيري: إن المنصرين يفعلون كل شيء لخدمة مشروعهم التنصيري لذلك سابقوا في إنشاء الفضائيات ولم نصح نحن لهذه الفضائيات إلا بعد عشر سنوات، بل إن الفضائية الوحيدة التي ردت على الفضائيات العربية التنصيرية كانت قناة تابعة للقاديانيين.
…فقد بدأت الكنائس في استغلال التلفاز كوسيلة للتنصير في عام 1991، عند افتتاح تليفزيون (تيلي لوميار) ثم تلتها قناة (ساس7) في 1995م، وقد استطاع المنصرون اختراق بعد الفضائيات في البلاد الإسلامية ونشر ثقافتهم من خلال أفلام الكرتون والأفلام المدبلجة.
…وقال: إن الفضائيات التنصيرية العربية تستهدف عودة النصارى إلى دينهم ودعوة غير النصارى للدخول في النصرانية وتشكك المسلمين بدينهم، وجمع كلمة النصارى على اختلاف طوائفهم، ونشر الكتاب المقدس، لذلك يقدمون برامج متنوعة ويعرضونها بصورة محببة آل النفوس.
…وطالب الظفيري المسلمين بمواجهة هذه القنوات بإطلاق فضائيات ترد عليها، وإنشاء مراكز البحوث والدراسات التي ترصد الحركات التنصيرية والشبهات والتي يتم تداولها، وان هذا الدور يجب أن تقوم به الدول والمنظمات والهيئات والمؤسسات الحكومية والأهلية والشعبية والخيرية والأفراد لأن الخطر قائم والإساءة للإسلام تجاوزت الحدود.
تنظيم دولي للمرتدين برعاية جهات أمريكية ـ ألمانية ـ فرنسية
الأهرام العربي 17/ 4 / 2007
(هذا جزء من الهجمة الشيوعية الإلحادية القادمة على بلاد المسلمين بحجة حرية الكفر. الراصد)
…في الأيام القليلة الماضية ، تداولت أجهزة الإعلام إعلان احدي الناشطات في مجال حقوق الإنسان عن تأسيس اتحاد دولي للمرتدين عن الإسلام يسمي " بالمجلس المركزي للمسلمين السابقين في ألمانيا " والذي ترأسه الإيرانية مينا عهدي المرتدة عن الإسلام منذ نحو 15 عاما والتي أعلنت أن الهدف من تأسيس الاتحاد هو تأكيد حرية كل فرد في اختيار عقيدته الدينية .(46/128)
…كما تناولت وسائل الإعلام حدث الكاتبة المصرية الدكتورة نوال السعداوي التي صادر الأزهر بعض كتبها واتهمها بعض المتشددين بالارتداد عن الإسلام والتطاول علي ثوابت العقيدة وإنكار المعلوم من الدين بالضرورة .
…وإذا كان علماء الأزهر قد استنكروا تلك الخطوة واعتبروها طعنا في الإسلام فإن هذا الحدث يستدعي عددا من الأفكار التي تجب إثارتها ومناقشتها ، تبدأ من حكم المرتد وحرية الاعتقاد ، ولا تقف عند حدود الموقف الغربي الصاخب من حرية المصرية نوال السعداوي ، والإيرانية مينا أهادي والصمت الرهيب الذي أحاط بقضايا التبشير في البلدان الإسلامية والإفريقية .
…وقد باتت الردة من القضايا المثيرة للتساؤلات في الساحات السياسية العربية والإسلامية ، بينما يراها البعض قضية تجاوزتها متغيرات العصر !!
…وقد شهدت الولايات المتحدة مؤتمرا حول التفسير العلمي للقرآن من منظور علماني بالتزامن مع مؤتمر آخر ينظمه مرتدون عن الإسلام ، أعلنوا فيه عن تأسيس مجلس أعلي ' للمسلمين السابقين ' للتشجيع علي نبذ الإسلام و ' التصدي ' للهيئات الإسلامية في ألمانيا . وبحث أسباب تحول ثقافات الشرق الأوسط من الانفتاح خلال العصور الوسطي إلي مجتمعات دينية حاليا ' ومسألة حرية التعبير في المجتمعات الإسلامية وضرورة الإصلاح الثقافي وتغير الفلسفة الإسلامية وبناء ثقافة إسلامية عصرية .
…أسماء بعض أبرز منظمي المؤتمر ، ومنهم : مايكل ليدين الباحث في معهد ' أمريكان إنتربرايز ' المعروف بتمثيله لتيار المحافظين الجدد ، وشخصيات أخري من ' المؤسسة الأوروبية للديمقراطية ' وهي الفرع الأوروبي لمؤسسة ' الدفاع عن الديمقراطيات ' الأمريكية المحسوبة أيضا علي المحافظين الجدد .
…وعبر موقعهم علي الإنترنت قال سلامة نعمات ، مدير مكتب صحيفة ' الحياة ' في الولايات المتحدة وأحد المشاركين في المؤتمر ، إنه لن يكون هناك موقف واحد بين المشاركين إزاء مسائل العلمانية والإسلام .(46/129)
…وأضاف سلامة نعمات : يسلم المشاركون أن الدين بين الإنسان وربه وليس مسألة تفرض بتفسير معين علي الناس ، ولكن هناك بين الحضور من سيتحدث عن الجانب السياسي للإسلام ، ومنهم من يعتقد أن المشكلة ليست في الدين بل في التفسيرات والتوظيف السياسي له ، وهناك من يقول إنه علماني بمعني أنه ضد تدخل الدين في الحياة العامة ، والشيء الوحيد الذي يتفقون عليه أنهم ضد التطرف باسم الدين .
…ومن أبرز المتحدثين في أعمال المؤتمر ( نوني درويش ) ابنة ضابط المخابرات المصرية في غزة في الخمسينيات من القرن الماضي والتي اعتنقت المسيحية ، وأطلقت مشروعا أسمته ' عرب من أجل إسرائيل '، والتي تقول : إن سبب الحروب في المنطقة هو ' ثقافة الشرق الأوسط الإسلامية '، وما تسميه ' دعاية الكراهية التي يتم تعليمها للأطفال منذ الصغر '.
…وسبق أن ' استقبلها الرئيس الإسرائيلي موشه كاتساف ، في مكتبه وسلمها وثائق حول قتل والدها من قبل الجيش الإسرائيلي بسبب مسئوليته عن إرسال الفدائيين إلي إسرائيل كما ذكر موقع كاتساب .
…ووفاء سلطان الأمريكية من أصل سوري المعروفة بانتقادها الشديد للإسلام ، والكاتبة الباكستانية الأصل إرشاد مانجي التي هاجمت الإسلام بعد انتقادها بشدة علي دعوتها لممارسة الشذوذ الجنسي في كتابها المشكلة في الإسلام .
…أما في ألمانيا فقد أعلنت مجموعة من الألمان المنحدرين من أصول إيرانية وعربية ، عن تأسيس مجلس أعلي ' للمسلمين السابقين ' بهدف التشجيع علي نبذ الإسلام و ' التصدي ' للهيئات الإسلامية في البلاد .
وتترأس مينا عهدي الإيرانية الأصل والناشطة في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق المرأة ، المجلس الذي أنشئ علي غرار ' المجلس الأعلي لمسلمي ألمانيا '.
وتفسر ذلك بالقول بأن تمثيل المسلمين علي اختلاف وجهات نظرهم وأفكارهم انحصر في المجلس الأعلي لمسلمي ألمانيا والذي يعبر من وجهة نظرها عن ' الإسلام السياسي '.(46/130)
…وتخضع عهدي لحماية الشرطة منذ عدة أشهر بعدما أبلغت الشرطة بتلقيها وأعضاء في منظماتها تهديدات من متطرفين . وهي تعلق علي ذلك بالقول إن الأنشطة التي تقوم بها ليست جديدة وسبق أن تسببت لها في مشكلات كثيرة مع ' المنظمات الإسلامية '.
…وقد شهدت العاصمة الفرنسية باريس أخيرا اجتماع لفيف من اللادينيين والملحدين من الشرق والغرب لصياغة برنامج ضد ما يرونه خطراً متنامياً تشكله الديانات والساسة المتدينون علي الدول العلمانية في أنحاء المعمورة .
…وتزامن موعد اجتماع المؤتمر العالمي للادينيين مع الاحتفال بمرور مائة عام علي صدور قانون الفصل بين الدين والدولة الفرنسي ، وهي وثيقة مهمة تضع فرنسا إلي جانب الولايات المتحدة كحصنين للعلمانية .
…ويقول رئيس الاتحاد الدولي اللاديني والأخلاقي روي براون : مع انزلاق المجتمع الأمريكي نحو الدولة الدينية ، ومع تزايد التدين بل والأصولية في كل القارات ، لا بد أن نتخذ موقفا .
…والاتحاد الدولي اللاديني والأخلاقي الذي يشترك مع هيئة فرنسية أخري هي ،' التفكير الليبرالي ' والتي تضم مفكرين ليبراليين هو مظلة عالمية للادينيين والعلمانيين والملحدين تضم في عضويتها 95 منظمة من 35 دولة .
…ويقول المدير التنفيذي للاتحاد بابو جوجينيني وهو من الهند إن قيم التنوير في القرن الثامن عشر التي جسدها فلاسفة فرنسيون مثل فولتير وديدرو وفلاسفة بريطانيون مثل توم بين وديفيد هيوم تتعرض لهجوم متزايد . واستطرد يقول ' موضوع المؤتمر وهو الفصل بين الدين والدولة هو قضية مهمة لحرية الضمير في كل مكان '.
…وأضاف جوجينيني لكننا شهدنا في السنوات الأخيرة تغلغلا بطيئا للدين في الحياة العامة في عشرات الدول في الهند ونيجيريا وروسيا وسلوفاكيا وباكستان وبنجلاديش وبريطانيا وأيضا في الولايات المتحدة .(46/131)
…وعلي الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي يري اللادينيون والملحدون الأمريكيون أن الأصوليين المسيحيين الذين يساندون الرئيس الأمريكي جورج بوش ، يوسعون نفوذهم ليشمل المدارس والمختبرات العلمية بل والمتاحف الشهيرة .
…ويرون في هذا تهديدا للتناغم الاجتماعي لا في وجه غير المؤمنين فحسب وإنما في وجه الديانات الأخري . وقال رئيس تحرير مجلة ' البحث الحر ' بول كيرتز : لا شك بأننا علي شفا تحزبات دينية .
…واللادينيون هم حديثو العهد نسبيا في إفريقيا ، وإن كان بعض مفكري وكتاب القارة الكبار مثل النيجيري وول سوينكا والكيني نجوجي واثيونجو من الأتباع الملتزمين بالفلسفة الإنسانية .
…لكن السكرتير التنفيذي للحركة اللادينية في نيجيريا ، ليو ايجوي ، يقول إن غير المؤمنين هناك يواجهون استبعادا وتمييزا منهجيا وانتهاكا لحقوق الإنسان ... بينما يتصارع المتعصبون الإسلاميون والمسيحيون علي السلطة والنفوذ .
…ويقول أينايا ناريستي من الاتحاد اللاديني الراديكالي إن زعماء الحكومة العلمانية من الناحية الرسمية في الهند ، وهي دولة تتصارع فيها الجماعات الهندوسية والمسلمة غالبا ما يبرزون الشخصيات الدينية ويشركونها في احتفالات الدولة . ويضيف ناريستي حتي الحكومات الشيوعية في بعض الولايات مثل كيرالا تدعم ماليا الاحتفالات الدينية وتقول إن هذا يشجع السياحة .
…ويقول اللادينيون إنه حتى في روسيا التي أخضع الحكم الشيوعي السابق فيها الدين لرقابة صارمة جرت استمالة الكنيسة الأرثوذكسية في النظام الجديد . وكثيرا ما يظهر زعيم الكنيسة البطريرك الكنسي إلي جوار الرئيس فلاديمير بوتين الذي كثيرا ما يتباهي بنفسه بالتراث المسيحي لبلاده . ويجري الآن تدريس مبادئ الأرثوذكسية بما في ذلك الصلوات في مدارس الدولة .(46/132)
…ويقول رئيس الجمعية اللادينية الروسية وأستاذ الفلسفة في جامعة موسكو فاليري كوفاكين ، إن منظمته تشن حملة لم تحقق نجاحا لإدخال الفلسفة الإنسانية كبديل .
…ويقول ابن وراق الذي نشأ كمسلم في الهند ، وهو كاتب متخصص في ديانات الشرق الأوسط وآسيا إن غير المؤمنين منبوذون في بعض الدول الإسلامية بوصفهم كفارا ويمكن أن يواجهوا في كثير من الأماكن محاكمة رسمية تصل إلي الإعدام .
دراسة لجامعة تل أبيب تحذر من مخاطر تدين الشباب المصري على الأمن الإسرائيلي
موقع المصريون 6 - 4 - 2007
…قالت دراسة أعدتها جامعة تل أبيب ونشرت صحيفة "لوبون" الفرنسية مقتطفات منها إن هناك نموًا دينيًا وتربويًا للشباب المصري أصبح ظاهرا للعيان خلال الفترة الأخيرة، ما اعتبرته يشكل "خطرًا كبيرًا" على إسرائيل.
…وذكرت أن الشباب في الفترة العمرية ما بين 16 إلى 25 عامًا يكونون في مرحلة تكوين عقلي وتتسم عقولهم بالانفتاح ويتأثرون بالعاطفة، ومن هنا رأت الدراسة خطورة تأثرهم بالفضائيات الدينية التي استطاعت التأثير عليهم بشكل كبير. وأوضحت أن تلك الفضائيات لعبت دورًا مؤثرًا في نفوس الشباب بدعوتها إياهم إلى التحلي بمكارم الأخلاق والعبادة والتقرب إلى دينهم وتصفح القرآن وتناول الآيات التي تتحدث عن اليهود وحياتهم وطبائعهم، وهو ما يعني زيادة العداء لإسرائيل الذي ربما يصل إلى حد العنف، وفق الدراسة.
…ولفتت الدراسة إلى أن هناك عددًا من القنوات الإسلامية التي استطاعت جذب الشباب إليها وأهمها "الناس" و"المجد" و"الرسالة" و"اقرأ"، بالإضافة إلى اسطوانات دينية تباع بأسعار زهيدة ويتبادلها الشباب.
وقالت إن الشباب أقبل على هذه القنوات، لأن وعاظها تقربوا للشباب بعقولهم وتحدثوا لغتهم وارتدوا زيا معاصرا بعيدا عن الزي الإسلامي التقليدي، كما أصبحت لغة الخطاب الديني في تناول القضايا بها الكثير من المرونة.(46/133)
…وأوضحت الدراسة أن أكثر من 85 من الفتيات المصريات أصبحن يرتدين غطاء الرأس، و60% من الشباب يحمل في أمتعته القرآن وتتسم تصرفاتهم بقدر كبير من العقلانية والتروي بخلاف ما كان عليه الشباب قبل عشر سنوات حيث كان يظهر عليه التوحش الجنسي والإقدام على الخطايا وحب الذنوب.
وأوصت الدراسة، الشباب الإسرائيلي المستخدم لشبكة الإنترنت بأن يؤدي واجبه ويعمل ما يقدر عليه لإلهاء الشباب المصري عن حياته الجديدة الدينية، واقترحت قيام الفتيات والشواذ بإرسال صورهم وهم في أوضاع مخلة على الإنترنت وطلب التعارف والصداقة على مصريين شباب عسى أن يكون لهذا نتيجة "إيجابية".
راند توصي بدعم الليبراليين على حساب الإسلاميين
محمود جمعة-القاهرة
الجزيرة 8/4/2007…
أصدرت مؤسسة "راند" الأميركية للأبحاث تقريرا بعنوان "بناء شبكات مسلمة معتدلة"، رصد لصراع الغرب مع "العالم المسلم" وحركاته السياسية، مؤكدا أن هذا الصراع لن يحسم عسكريا بل ثقافيا.
…التقرير الذي صدر نهاية الشهر الماضي وصدرت نسخته الإنجليزية أمس قدم مجموعة توصيات لصانع القرار الأميركي ووضع معايير لتعريف "الاعتدال" بالمفهوم الأميركي، وطالب واشنطن بدعم التيار العلماني الليبرالي في مواجهة صعود الإسلاميين سياسيا.
…ويتوقع أن يجد التقرير الذي عقد المركز العربي للدراسات الإنسانية بالقاهرة ندوة بشأنه تأثيرا وصدى كبيرين لدى صانع القرار في واشنطن، نظرا لأنه يقدم أفكارا وحلولا جديدة في وقت تعاني فيه الإدارة الأميركية من أزمة أفكار بعد فشل إستراتيجياتها في الشرق الأوسط خاصة في العراق وفلسطين.
…تقرير مؤسسة راند الذي خرج في 10 فصول واستغرق إعداده 3 سنوات، طالب واشنطن بالإفادة من تجربة الحرب الباردة التي انتهت بسقوط النموذج الشيوعي، في "احتواء" الحركات الإسلامية، كما استعمل مصطلح العالم "المسلم" وليس "الإسلامي" بما يعني نقل الصراع مع مسلمي الغرب والدول غير الإسلامية.(46/134)
…وطالب التقرير الإدارة الأميركية بتركيز رسائلها الإعلامية على أطراف العالم الإسلامي مثل إندونيسيا والهند وماليزيا وأوروبا وأميركا بدلا من المركز المتمثل في المنطقة العربية، معتبرا أن التغيير في الأطراف أسهل ويحقق مكاسب أكبر.
…وصنف التقرير الجماعات في العالم الإسلامي إلى ثلاث، الأولى "العلمانيون الليبراليون"، والثانية "أعداء المشايخ" مثل تركيا وتونس، والثالثة "الإسلاميون الذين لا يرون مشكلة في أن تكون الديمقراطية حاكمة على الدين".
…وأوصى بالتعامل القوى مع الأولى والقليل مع الثانية وعدم التعامل مع المجموعة الأخيرة، وطالب كذلك بالتعامل مع "الإسلاميين التقليديين" وعرفهم بأنهم "الذين يقبلون بالصلاة في الأضرحة والقبور"، في إشارة واضحة للتيار الصوفي.
…ويعرض التقرير في فصله الأول أهمية دور المسجد وأنه أصبح ساحة للمعارضة الإسلامية بعد تضييق الخناق الحكومي عليها، موصيا بدعم "الدعاة الجدد الذين يعملون خارج المساجد" والبرامج الإعلامية الإسلامية "المعتدلة".
…وفي الفصل الثاني يرصد أوجه التشابه والاختلاف بين الحرب الباردة والصراع الحالي للغرب مع الإسلاميين، مقترحا استخدام الغرب لأساليب تلك الحرب مثل تجنيد مثقفين إسلاميين والإفادة من المهاجرين المسلمين في الغرب واستخدام منظمات المجتمع المدني لتقوية "المعتدلين" في مواجهة الإسلاميين.
…وتطرق الفصلان الثالث والرابع لموضوع الديمقراطية، حيث اعترف التقرير بأن الدعوة الأميركية لتطبيق الديمقراطية في العالم الإسلامي يمكن أن تضعف حلفاء واشنطن الإستراتيجيين لأنها أفرزت صعودا سياسيا لمناهضي واشنطن.
…أما الفصل الخامس فخصصه التقرير لتعريف "الاعتدال"، حيث وضع 11 سؤالا يتحدد وفق الإجابة عليها -بالمفهوم الأميركي- إطلاق صفة المعتدل أو المتطرف على الأشخاص والجماعات.(46/135)
…وتتعلق الأسئلة الـ11 بالموقف من العنف وتطبيق الديمقراطية وحرية الأديان وتعميم الشقين الجنائي والأخلاقي من الشريعة الإسلامية على القوانين المدنية والقبول بتولي شخصيات من الأقليات الدينية لمناصب رفيعة في الدول ذات الغالبية المسلمة والاعتراف بحقوق الإنسان العالمية.
…وانتقد التقرير كذلك الأزهر الشريف وقال "إنه ليس الجهة الوحيدة لتخريج الفقهاء وإن هناك جهات أخرى مهملة إعلاميا تخرج فقهاء ودعاة أفضل من الأزهر".
…وخصص التقرير الفصل الثامن للحديث عن الشرق الأوسط وحاجة واشنطن للتأكد من أن صراعها في هذه المنطقة هو صراع فكري وبالتالي لا يمكن حسمه عسكريا، مطالبا ببناء ديمقراطية في الشرق الأوسط على أساس علماني.
…ورصد التقرير في الفصل التاسع مشكلة اتهام المتعاونين مع واشنطن في مشروعها في العالم الإسلامي بـ"العمالة"، موصيا بتجنيد رجال دين مسلمين للبحث عن النصوص الشرعية والأدلة الفقهية التي تدعم بعض مواقف المعتدلين فيما يتعلق بقضايا حرية الرأي والاجتهاد وحقوق المرأة والأقليات وغيرها.
وقدم الفصل العاشر مجموعة من التوصيات النهائية لصانع القرار الأميركي، أهمها استخدام القطاع الخاص الأميركي وليس المؤسسات الحكومية لتنفيذ مشروع واشنطن بالمنطقة، والعمل على إبعاد شبهة العمالة عن المتعاونين، ونقل الصراع ليتحول إلى صراع بين الإسلاميين أنفسهم وأخيرا إنشاء جمعية عالمية لدعم "المعتدلين الإسلاميين" في مدينة ذات دلالة رمزية مثل "غرناطة"، دون تحديد رمزية تلك المدينة.
ظاهرة زواج النساء من "القران الكريم" في باكستان!!
العربية .نت 6/4/2007
(من مظاهر الخرافة والشرك بين مسلمي اليوم، الراصد)
…أثارت ظاهرة زواج النساء من "القران الكريم" جدلا كبيرا في الأوساط الباكستانية ، حيث تسعى الحكومة لمنعها، فيما تشجعها بعض الأسر خاصة في إقليم السند الجنوبي، وذلك لمنع المرأة من الزواج من أي شخص.(46/136)
…ويتم عقد قران المرأة على المصحف الشريف الذي يعتبر في هذه الحالة زوجها الذي تبقى معه في داخل الغرفة ولا يحل لها أن تقترب من أي رجل أو تقترن بأي احد حتى لو مات ولي أمرها لان جميع الرجال يخشون أن تحل عليهم اللعنة إذا هم اقتربوا من امرأة متزوجة من القرآن ، بحسب تقرير أوردته صحيفة السياسة الكويتية الجمعة 6-4-2007.
…ويقول علماء دين ومفكرون باكستانيون أنهم بالتعاون مع الحكومة وعلماء الاجتماع والناشطون السياسيون في إقليم السند الجنوبي الباكستاني يبذلون جهودا كبيرة من اجل القضاء على ظاهرة ما يعرف ب"زواج المرأة من القرآن الكريم" بأمر من ولي أمرها (والدها أو شقيقها) لمنعها من الزواج من أي رجل كان.
…ويوضحون أن هذه الجهود تأتي في وقت ترسخ فيه لدى العرقية السندية الباكستانية هذا النوع من الزواج من اجل استغلال الدين في حرمان المرأة من حقوقها الطبيعية في الزواج والإنجاب والميراث, بل وحق الحياة نفسه.
…ووفقا للصحيفة، يقول الباحث الباكستاني طاهر حيات أن هناك بعض الاختلاف حول هذا النوع من الزواج الذي قال عنه عدد من المؤرخين انه يمثل بعض التأثير المتبادل بين المسلمين والهندوس منذ فترة دولة الهند الواحدة وقبل انفصال باكستان في دولة مستقلة على 1947 من القرن الماضي.بينما يقول عدد آخر من الباحثين أن هذا النوع من الزواج الباطل هو موروث سندي خالص يعود إلى عادة خاصة لأبناء الإقليم الذي تحكمه الأنظمة القبلية والعشائرية.(46/137)
…وأوضح الباحث الباكستاني أن الهند كانت ومازالت عبارة عن خليط من الديانات والمذاهب والتقاليد ومزيج من العرقيات, إلا أن المسلمين والهندوس كانوا يمثلون اكبر هذه التكتلات الدينية في الهند القديمة التي كانت تشمل باكستان ، ولان المسلمين انفصلوا عن الهندوس بعد أن عايشوهم قرونا طويلة من الزمن لذا فقد ظلت لديهم بعض التقاليد الهندوسية حتى بعد انفصالهم في دولة مستقلة ذات طبيعة إسلامية, ومن بين ذلك هذا النوع من الزواج الباطل والذي يسمي الزواج بالمصحف الشريف. وقال أن هذا الزواج يمثل تقليدا ساريا في إقليم السند الباكستاني بشكل خاص (جنوب شرقي باكستاني على الحدود مع الهند وتقطنه عرقية يطلق عليها مسمى السنود إضافة إلى عرقيات محلية أخرى يرتكز زواج المرأة بالمصحف الشريف على منع حصولها على ميراثها من الأراضي الزراعية التي تعتبر وجه السيادة في المنطقة.
…وحول كيفية عقد هذا الزواج يقول متابعون لهذه الظاهرة انه لا بد أن تكتمل في المرأة جميع الشروط الشرعية لعقد القران الصحيح. (وغالبا ما تكون من أسرة ذات سيادة ونفوذ تخشى عليها) ثم يتم عقد القران على نسخة من المصحف في حفل يحضره الأقارب والجيران, وبعد ذلك لا يحق للمرأة أن تتزوج رجلا طيلة حياتها لأنها تصبح شخصية مقدسة يرجع إليها الكثير من الناس للتبرك وقضاء الحوائج ورد الشرور باعتبار أنها زوجة المصحف الشريف.
…وروى الباحث طاهر حيات قصة امرأة تعرضت لهذا النوع من الزواج, مشيرا إلى أنها بعد أن زوجها أقاربها من المصحف الشريف حملت وأنجبت, وعندما سألها أهلها عن تفسير لما حدث, اضطرت إلى إخفاء حقيقة علاقتها مع أحد الرجال, وقالت إنها لم تدع أي شخص يقترب منها , فما كان منهم إلا أن أسبغوا على المولود هالة من القدسية وأصبحوا يفدون إليه للتبرك وللتداوى من الأمراض.
يزيديو العراق يهددون بالتبرؤ من الأكراد والانضمام للعرب
العربية نت – 5/4/ 2007م(46/138)
…أكد مسئول رفيع المستوى في الطائفة اليزيدية العراقية أنهم سيتبرءون من الانتماء السياسي للأكراد إذا لم يقدموا الضمانات القانونية والدستورية لهم كمواطنين متساوين معهم في الحقوق والواجبات، ومنحهم الحرية والأمن والرعاية.
…وقال د.ميرزا حسن دنايي المستشار السابق لرئيس الجمهورية العراقية لشؤون الأقليات والمتحدث باسم الهيئة المشرفة على فعاليات اليزيدية في أوروبا "إن أي جهة سياسية تنوي الحصول على صوت مواطن يزيدي في استفتاء المناطق المتنازع عليها في سبتمبر 2007، عليها أن تثبت أنها تستطيع أن تمثله، وهذا الكلام موجه للأكراد والعرب على حد سواء".
…وتابع بأنه "إذا استمرت النظرة الفوقية من الأكراد، فلا الوقت ولا القرن الواحد والعشرين سيتركان لنا سوى خيار التبرؤ من الانتماء السياسي لهم، لأن اليزيديين ليسوا مستعدين لإلغاء وجودهم".
…وأضاف أن "تخوف بعض الأكراد من عدم حصولهم على أصوات تلك المناطق سيزول إذا راجعوا أنفسهم وسياستهم مع أبناء اليزيدية، وأعادوا النظر في بعض المواضيع وأعطوهم نوعا من الاهتمام والثقة، لكن إذا لم يفعلوا ذلك، وقدم العرب الضمانات المطلوبة فسنصوت لصالح انضمام مناطقنا لهم".
…واتهم د. ميرزا جهات كردية بتنفيذ مخطط لتفريغ مناطق اليزيديين في العراق، مشيرا إلى أن هناك الآن أكثر من 50 ألف شخص يزيدي سجلوا أنفسهم في دوائر اللاجئين بسوريا التابعة للأمم المتحدة بنية الخروج من العراق. ويناهز عدد اليزيديين في العراق نصف مليون نسمة، منهم 300 ألف يسكنون في قضاء سنجار، و200 ألف موزعين ما بين قضاء شيخان وبعض القرى والمجمعات المجاورة.
مواطنون من الدرجة الثالثة:(46/139)
…وقال إن المشكلة الأساسية تكمن في اعتبار اليزيديين مواطنين من الدرجة الثالثة، فمناطقهم تعاني من الإهمال الشديد بلا أدنى رعاية من مؤسسات الدولة في الإقليم أو من الحكومة المركزية في بغداد، فحتى حصة المواد التموينية يتم قطعها عنهم، حيث يسلبها الإرهابيون وهي في طريقها من الموصل أو من دهوك إلى سنجار.
…وأضاف: نحن لا نطلب امتيازات ولا أن نصبح فوق الآخرين، بل نريد أن نكون مواطنين عاديين يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات بالمساواة مع غيرنا، ولا نتعرض للإهمال والاضطهاد.
لا نقدس أي جهة:
…ويؤكد المستشار السابق لرئيس الجمهورية لشؤون الأقليات إن "هذه القاعدة أيضا تنطبق على علاقة اليزيديين بالعرب، فنحن لدينا توجه عام وهو عدم النظر بقدسية لجهة معينة وتسخير أنفسنا لها، ونقول بصريح العبارة إن على الجهة التي تريد أن تحصل على أصواتنا بشأن المناطق اليزيدية المتنازع عليها، أن تقدم ضمانات قانونية ودستورية بأننا لن نتعرض للاضطهاد".
…وتابع: نحن نشك في جدية أي منهما تجاه حقوقنا، بل إن البعض ربما يريد أن يصوت نيابة عنا، وهذا من ضمن أسباب محاولات القيادات الصغيرة من السياسيين المحليين الأكراد في المنطقة تهجيرنا من أرضنا، ولا أتصور أن تلك هي رغبات القيادات العليا لأنها أكثر نضجا وتفهما للإشكالية الكردستانية عامة
الكرة في ملعب الأكراد:
…وأضاف: الكرة ليست في ملعبنا، بل في ملعب قيادة التحالف الكردستاني، وكذلك في ملعب العرب. ولكن للأسف الشديد ليست هناك أي جهة منحت الثقة لنا، فلا أحد يريد أن يعترف بنا كمجموعة بشرية موجودة على هذه الأرض منذ أكثر من 5 آلاف سنة.
…واتهم ميرزا متنفذين في الحزب الديمقراطي الكردي بالاستيلاء على الأراضي في المناطق اليزيدية عبر إجبار أصحابها على بيعها بأسعار زهيدة، خصوصا أن تسجيل ملكية الأراضي بالنسبة لليزيديين متوقف منذ عامين.(46/140)
…ويؤكد أنهم يحوزون وثائق وأسماء متنفذين في جهات رسمية استولوا على أراض كثيرة، وهم وحدهم الذين يسمح لهم بتأسيس المؤسسات الاقتصادية والشركات ومحطات الوقود أو المحلات التجارية، أما اليزيدي المغلوب على أمره فلا يحق له أن يبني لدجاجاته "قناَ". وأضاف أن هناك 1200 عملية سطو على أراضي بلدية شيخان بدون أي وثيقة قانونية، وليس بين هؤلاء يزيدي أو مسيحي واحد.
"لوبي" يزيدي في أوروبا:
…وتحدث دنايي عن حجم قوة "لوبي" اليزيدية في أوروبا والضغوط التي يمكن أن يمارسها لصالح مواطنيهم في العراق، فقال إن الجالية اليزيدية موجودة في الدول الغربية الأوروبية منذ ستينيات القرن الماضي، ولدينا في ألمانيا أكثر من 60 ألف يزيدي، وطبعا نحن مندمجون إلى حد كبير في مجتمعاتنا الأوروبية، ولدينا ارتباطات وعلاقات سياسية ولنا أصدقاء في منظمات حقوق الإنسان".
…وأضاف: قمنا بتشكيل غرفة عمليات بمثابة هيئة تشرف على جميع الفعاليات السياسية والدبلوماسية اليزيدية في الدول الغربية، وتحركنا على عدة أصعدة حكومية وبرلمانية في ألمانيا والسويد وهولندا وأيضا خارج أوروبا في أمريكا وكندا، وعرضنا قضيتنا على جهات سياسية متعددة، وسنقوم بمظاهرة في 26 مايو القادم أمام مقر الاتحاد الأوروبي.
…وقال حسن دنايي: التقينا الأربعاء 4-4-2007 مع شخصيات من الحزب المعارض السويدي وأيضا مع شخصيات من الحكومة، وجميعهم متعاطفون مع قضيتنا.
…وعن الاستفزازات الدينية التي يواجهها اليزيديون يشير إلى أنها ترجع للاحتقان الطائفي، فحتى المسلم في العراق أصبح يقتل المسلم، وهذه حقيقة نحن نعرفها ونتأسف عليها. ولا شك أن أقليات صغيرة مثل اليزيدية والمسيحية والصابئة، ستكون حصتها كبيرة من هذا الاحتقان لأنها لا تستطيع أن تدافع عن نفسها".(46/141)
…وعن الوضع الاجتماعي والديني لليزيدية يقول إن الأوطان الأصلية لليزيديين هي تركيا وسورية والعراق وأرمينيا وجورجيا، وهناك جالية يزيدية في أوروبا تقدر من 90 إلى 100 ألف نسمة.
…ويشير إلى أن "فلسفة الديانة اليزيدية "الإيمان بالعلاقة المباشرة مع الله، ولهذا فان عبادتهم هي التضرع والدعاء ثلاث مرات في اليوم، أولها مع شروق الشمس، والثاني مع الغروب، والثالثة عند النوم. وفي الشروق والغروب يكون الدعاء باتجاه نور الشمس باعتباره نور الله على الأرض".
زواج الطبقات في اليزيدية:
…وعن العلاقات الاجتماعية كالمصاهرة والزواج يقول د.ميرزا حسن إن اليزيدية من الديانات غير التبشيرية وبالتالي فان الزواج لا يكون مختلطا بغيرهم، أي أنه داخلي فقط، ومن يتزوج من غير طائفته سواء كان رجلا أو امرأة فلا يعتبر يزيديا، وذلك من التقاليد القديمة وليس سببها أن اليزيديين يفضلون أنفسهم على غيرهم، ولكن تركيبتهم الاجتماعية والطبقات الدينية في ديانتهم تمنع ذلك.
…وقال إن الزواج لا يقتصر على المنع من خارج الطائفة، فهناك 6 طبقات في اليزيدية لا تستطيع أن تتزوج من الطبقة الأخرى، وهي المريد والشيخ والبير، وتنقسم طبقة الشيخ إلى ثلاث طبقات فرعية وطبقة البير إلى طبقتين فرعيتين. وتتكون كل طبقة من مجموعة من القبائل والعشائر.
…وعن الهوية القومية التي ينتمي إليها اليزيديون أوضح أن "أكثر من 70% من الأكراد كانوا يزيديين ثم أسلموا، وعلى الأقل 99% من اليزيديين يتحدثون اللهجة الكررومنجية وهي إحدى اللهجات الكردية، وتربطنا جميعا مجموعة من الأعراف والتقاليد".
…وأضاف أن "اليزيدية لهم خصوصية دينية واجتماعية ضمن المكون الكردستاني العام ولا ندعي أن لنا قومية مختلفة، ليس هناك خلاف في هذا الموضوع، وإنما الخلاف الوحيد خشيتنا من التعامل معنا بنظرة فوقية والنظر إلينا كأخ أصغر يجب أن يدفع ولا يحصل على شئ".
…(46/142)
مجلة الراصد الإسلامية
العدد السابع والأربعون – جمادى الأولى 1428هـ
* فاتحة القول:… ملف العدد : كيف نتعامل مع المشكلة الشيعية ............................................…3
* فرق ومذاهب:…الطريقة الخلوتية ..............................................................................…7
* سطور من الذاكرة:… الأمة تشكك بنسب العبيديين الفاطميين ....................................................…11
* دراسات: …معضلة رؤية الأحمرى!!.......................................................................
خدعة التحليل الانتقائي و المجتزأ للأحداث ..................................................
الدكتور الأحمري يقول: إني أعلم ما لا تعلمون ............................................
خدعة التحليل السياسي ......................................................................
عودة إيران لحراسة الجيران ...............................................................…16 22 27 35 46
* كتاب الشهر: …الصوفية والسياسة في مصر ...............................................................…71
* قالوا: …..................................................................................................…75
* جولة الصحافة : …الإسلام الليبرالي ..............................................................................…78
…وصفة أمريكية لدعم فكر الإسلام المعتدل ...................................................…92
…راند: 'خرائط طرق' لصناعة شبكات إسلامية معتدلة ......................................…98
…الخطر الصفوي الشعوبي على مسلمي روسيا ..............................................…102
…لماذا يكره الفرس العرب؟ ...................................................................…105(47/1)
…الكتاب العربي بمعرض طهران الدولي للكتاب ...............................................…107
…ألهذا فشل لقاء مُتكي ورايس؟ ................................................................…108
…علي الأهوازي: الدفاع الصفوي الكاذب عن فلسطين أدى إلى دفن قضية الأهواز ..…111
…لقاء مع الخالصي .............................................................................…117
…المنتسبون إلى التصوف أعظم الناس سباً لأهل الحق وطعناً في النبي ..................…134
…أسلمت فرُجمت ................................................................................…140
…النقد الشيعي الذاتي.. مراجعات على المراجعات ...........................................…141
…شكوي الإسماعيلية في السعودية ...........................................................…145
…قراءة في خطاب الإسماعيلية ................................................................…147
…ما هو سر سعد الدين ابراهيم؟ ..............................................................…151
…نسبة التشيع شمال لبنان 10 % ...........................................................…153
ملف العدد:
كيف نتعامل مع المشكلة الشيعية
…في هذا العدد من مجلة الراصد سنركز على مناقشة قضية كيفية التعامل مع المشكلة الشيعية، وهذا الموضوع مهم جداً ويحتاج للكثير من الدراسات والأبحاث، فالمشكلة الشيعية متعددة الأشكال والمستويات، يمكن محاولة تصنيفها بحسب الوضع السياسي على الشكل التالي:
1-…مستوى حصولهم على دولة وتنفيذ خططهم كما في إيران والعراق حالياً.
2-…مستوى وصولهم لرئاسة الدولة دون ثقل مساند ظاهر كجزر القمر.
3-…كون لهم ثقل سياسي قوي ومسيطر كلبنان والبحرين.
4-…لهم ثقل سياسي قوي كالكويت.
5-…لهم حضور ومطالب قوية كالسعودية.
6-…التمرد المسلح على الدولة والنظام كاليمن.(47/2)
7-…الصراع المسلح مع القوي السنية وليس النظام كالباكستان.
8-…تجمعات بسيطة لكن لها برنامج محدد للحصول على النفوذ كما في مصر والسودان وغيرها.
…أو يمكن تصنيفها بحسب العقيدة الشيعية إلى التصنيف التالي :
1-…الموقف من التبعية لولاية الفقيه. كحزب الله التابع لولاية الفقيه ، جيش المهدي الذي لا يعترف بها نظرياً على الأقل.
2-…الموقف من المرجعية الشيعية عربية أو فارسية أعجمية .كصراع النجف قم ، أو العداء لمحمد حسين فضل الله.
3-…الموقف من التبشير بالتشيع في أوساط السنة . كتيار الشيرازى المتطرف في التبشير بين السنة بالتشيع.
4-…الموقف من قبول غلو الفكر الشيعي . كأحمد الكاتب ومحمد حسين فضل الله.
هذه المشكلة الشيعية لا يمكننا هنا أن نناقش كافة أبعادها، ولذلك سنقتصر على مناقشة رؤية الدكتور محمد الأحمري "للمعضلة الشيعية".
…هذه المشكلة الشيعية لا يمكننا هنا أن نناقش كافة أبعادها، ولذلك سنقتصر على مناقشة رؤية الدكتور محمد الأحمري "للمعضلة الشيعية"، وليس المقصود بالتأكيد هو شخص د. الأحمري ولكن وجهة النظر التي عبر عنها، وهي الإصطفاف مع حزب الله وإيران في صراعاتها، لأنها تخوض حرباً مع أعداء الأمة.
…وذلك في مقابل الموقف القائل إيران تخوض صراعها مع أعداء الأمة بسبب تنازعهم جميعاً على الأمة، فلذلك كيف أنصر طرف يستبيحنى بكل وحشية على طرف يستبيحنى أيضاً بوحشية!!(47/3)
…وإيران لا تتورع عن عقد صفقة جديدة مع أمريكا ، لتتقاسم معها ثرواتنا وأوطاننا كما سبق أن فعلت وذلك حين تلاقت مصالحهما معاً. والمشكلة أن إيران إذا غادرت أمريكا المنطقة ستزيد من عدوانها على الأمة ، بل إيران تمارس عدوانها على الأمة في دينها ودنياها وهي تخوض صراعها المرير مع إسرائيل فتدعم إيران التشيع في فلسطين فأصبح من الفلسطينيين من لا يتورع عن سب أصحاب النبي ?، وكذلك في السودان الذي يواجه مؤامرة التفتيت تقوم إيران بنشر التشيع وتشغل أهله بالدفاع عن ثوابت الدين.
…أما سبب تخصيص الدكتور بالمناقشة فللأسباب التالية:
1-…د. الأحمري أبرز من عرض هذه النظرة في هذه الفترة.
2-…د. الأحمري ممن يدرك مدى خطورة التشيع وإيران على المستويين العقدي والسياسي.
3-…د. الأحمري لعله أول من دعا لهذه النظرة من داخل المدرسة السلفية، والتي تتفردة بالتحذير من الخطر الشيعيى والإيراني .
4-…مكانة د. الأحمري وتقدير الكثيرين له.
…وأهمية هذا الملف تنبع أنه في الوقت الذي كادت الأمة عبر مستوياتها كافة تدرك و تتفهم وتعلم حقيقة الخطر الشيعي والإيراني سياسياً وعقدياً، من خلال الممارسات الشيعية للقيادات الدينية والسياسية وأتباعهما في العراق ولبنان وإيران، أتت أطروحة د. الأحمري لتنسف هذا الوعي والإدراك بحجة الوعي وبحجة المخططات الاستعمارية أحياناً أخرى. هناك ثلاثة ملاحظات يمكن إيرادها بشكل مختصر حول رؤية د.الأحمري وسيكون لها مزيد مناقشة في داخل الملف :
1-…رؤية د. الأحمري حول التشيع تطورت مؤخراً ولكن باتجاه السلبية ، بعكس الغالبية من المفكرين والعلماء. وهذا يتضح من قراءة ما كتبه د. الأحمري سنة 2000 في مجلة "الصراط المستقيم" بعنوان "عودة إيران لحراسة الجيران" وما كتبه في مجلة المنار الجديد تحت عنوان " الترابي والخميني جدل الفكر والسياسة ". وسنعيد نشر مقالته "عودة إيران" داخل الملف.(47/4)
فكرة استقلال إيران وتحديها للقوي العظمي تحضي عند الدكتور بإعجاب كبير، تجعله يتغافل عن جرائمها وخيانتها بحق الإسلام والمسلمين، وهو في هذا يجانب الصواب في ميزان السياسة الشرعية حين يجعل الاستقلال المسخر لظلم المسلمين والاعتداء عليهم في دينهم ودنياهم كما في الإمارات أو الشيشان أو أفغانستان أو العراق أو حتى في داخل إيران ، ذنباً مغفورا بتحدي أمريكا!!
2-…د.الأحمري يتجاهل تماماً وجود مشروع شيعي، يخلق الفوضي في المنطقة ويستفيد منه بأقصي درجة متخيلة.
…ولتوضيح موقف "الراصد" نقول: هناك ثلاثة مشاريع كبري في المنطقة وهي، المشروع الصهيوني، المشروع الأمريكي، المشروع الإيراني، وهي تتصارع علينا تتفق أحياناً و تختلف حيناً.
…وهناك مشاريع فرعية هي: مشروع القاعدة المدمرة للذات ولو توفرت سلامة القصد، ومشروع الصحوة الإسلامية الغائم والمتحير ، ومشروع الحكومات العربية النائم أو الغائب.
…فنحن نرى أن المشاريع الكبري لا تريد بنا خيراً أبداً، ولا فرق أبداً بين من يثق بالمشروع الصهيوني أو الأمريكى وبين من يثق بالمشروع الإيراني فكلاهما ، واهم و بعضهم خائن للأمة.
…أما المشاريع الأخري فمشروع القاعدة ينطبق عليه قول النبي ? في أصحاب السفينة "فإن أخذوا على يديه نجا ونجوا جميعاً"، وأما مشروع الصحوة فلابد أن يتبلور بأسرع وقت وإلا تعاظمت المصائب، أما مشروع الحكومات فهو قد يحتاج لاحتلال أكثر من عاصمة عربية ليستيقظ!!!
يحتوى الملف على المواضيع التالية:
1-…معضلة رؤية د. الأحمري/ أسامة شحادة .
2-…خدعة التحليل الانتقائي و المجتزأ للأحداث /على حسين باكير.
3-…خدعة التحليل السياسي/ بندر الشويقي.
4-…د. الأحمري يقول: إني أعلم ما لا تعلمون/ عبد العزيز الحماد.
5-…عودة إيران لحراسة الجيران/ د. محمد الأحمري.(47/5)
وقد رغبنا أن يشاركنا د. الأحمري في تقديم وجهة نظره في مواد الملف ،ونحن من ذكرد.الأحمري بمقاله القديم " عودة إيران " فرحب بالنقاش والجدل الفكري ولكن آثر أن يواصل عرض وجهة نظره عبر مقالات جديدة وليس عبر الردود ، وقد طلب د. الأحمري عدم نشر مقاله "عودة إيران" " أما المقال القديم عن إيران والجيران فقد مر به زمن بعيد ولا آذن لكم بنشره لأنه لم يكتب عن الوضع الحالي مع أنني وجدت فيه عجبا إستشرافيا وبحكم ان غاية البعض الشتم فيكفي الملفات الأخيرة الصريحة والمباشرة، وسوف يحقق من يريد من سوء فهمها ومن تحريفها أو تزويرها ما يحب، " لكن نعتذر عن عدم تلبية طلبه لأنه المقال بعد نشره لا يصبح ملكاً كاتبه بل يصبح ملكاً عاماً إلا
إذا أعلن الكاتب تنصله منه وهو ما لم يفعله د.الأحمري بل أبدى اعتزازه به .
وتفاجئنا بعد أيام أن د.الأحمري أعاد نشر المقال "عودة إيران " في موقع العصر !! وكأنه استباق لما سيحدثه نشر الراصد لمقاله القديم من إضعاف لطرحه الجديد والغريب !!
وكتب في مقدمة جديدة له : " وكما يرى القارئ، فإن هذا البحث منه أجزاء كانت وقتية لتلك الفترة، ومنه أجزاء فكرية وسياسية يمكن أن يستفاد منها دون زمن، ومنها إستشرافات جاءت كفلق الصبح ". ونقول للدكتور فلماذا تغير موقفك حين صحت إستشرافاتك ؟؟
ولعل من المناسب هنا التنبيه على قضيتين الأولي : نحن لا نأيد الحرب على إيران ، فذلك لن يزيد أحوال المسلمين وخاصة السنة في إيران وما حولها إلا ضعفاً ، فإذا كانت إيران أكبر مستفيد من مستنقع العراق ، فقطعاً نحن أكبر خاسر من الحرب على إيران لعدم وجود مشروع ورؤية لنا للحرب وما بعد الحرب !!(47/6)
القضية الثانية : الخطر الإيراني علينا هو أكبر من خطر الاحتلال وذلك أنه يطابق توصيف د.الأحمري لـ " تلك الديكتاتوريات التي دمرت الأرواح بحجة القومية والوطنية فلهو ظلام داخلي انجلى بعون الله ، وزالت قواه ، وقد كان يجثم على روح الأمة ، ويصرفها عن ذاتها وقيمها وهويتها ومصيرها المشترك ، ولن يستطيع الغرب زرع أسوأ منه أو مثله، لأن " البعث" كان عقيدة، والقادمون في بعض البؤر المحتلة إنما هم وكلاء ، وهم مجردون عن العقائد والأصالة الأفكار المؤثرة، حالتهم حالة مجتثة ما لها من قرار ، أو نرجو ألا يكون لها قرار " ( ملامح المستقبل ص 270 ). وعندنا خطر التشيع أكبرمن" البعثية" لتلبسه بالإسلام .
…
الخلوتية
التأسيس:
…تنسب هذه الطريقة الصوفية إلى محمد بن أحمد بن محمد كريم الدين الخلوتي، المتوفى في مصر سنة 986هـ، وهو من أئمة الصوفية في خراسان في القرن العاشر الهجري. وقد ادّعى الخلوتي أنه أخذ طريقته من النبي ? مباشرة في اليقظة، لا في المنام، وكان يقول "طريقتي محمدية"( ).
والخلوتي ـ نسبة إلى الخلوة الصوفية ـ كان من أتباع الطريقة السهروردية( ) وأخذ التصوف عن إبراهيم الزاهد، ثم استقل بطريقته، وتفرغ لجمع الأتباع وتعليم المريدين( ).
أهم عقائدها:
1ـ القول بوحدة الوجود، مثل بقية الصوفية. يقول إسماعيل حقي: "للتوحيد ثلاث مراتب: توحيد المبتدئين (لا إله إلاّ الله)، وتوحيد المتوسطين (لا إله إلاّ أنت)، وأما المكمّل (فلا إله إلاّ أنا)( ).
ويقول شيخهم أحمد الدردير: "اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وأغرقنا في عين بحر الوحدة السارية في جميع الموجودات، وأذقنا لذة تجلي الذات"( ). حكى محمد الحفناوي عن كتابه "الفتوحات المدنية الهجرسية" قائلاً: "أظهرت فيه وحدة الوجود، حتى يظهر معناه الباهر للخاص والعام، مع كشف عن معضلات حكمية، من أهم مسائل الفصوص والفتوحات المكيّة، وربما يكون ـ بفضل الله ـ غني عنها"( ).(47/7)
2ـ الاعتقاد بـ "الحقيقة المحمدية"( ) ، يقول د. الحفني عن أبي البركات الدردير، أحد مشاهير هذه الطريقة:
…"ويبرز في مذهبه قوله بالحقيقة المحمدية، الذي يصدر فيه عن السلف من فلاسفة الصوفية، كالحلاج، وابن عربي، وابن الفارض، باعتبار أن النبي عليه الصلاة والسلام له في زعمهم حقيقتان: الحادثة التي نعرفها، والقديمة التي يستمد منها كل الأنبياء والأولياء، وهي المصدر لكل وجود وعرفان. وقول الدردير بهذه الحقيقة الثانية يخرجه من دائرة الإسلام"( ).
أبرز شخصياتها:
1ـ مؤسسها محمد الخلوتي، وقد سبق التعريف به.
2ـ مصطفى كمال الدين البكري، ولد بدمشق سنة 1099هـ، ولازم عبد الغني النابلسي، حتى تمكن من علوم القوم، وارتحل إلى مصر، وسكن داراً قرب الأزهر، فازدحم عليه الأتباع والمريدون، وعلى يده دخلت الخلوتية إلى مصر. له عدد من المؤلفات منها: "الوصية الجليلة للسالكين طريق الخلوتية"، و"فوائد الفرائد"، و"المنهل السائغ لوارده في ذكر صلوات الطريق وأوراده"، و"اللمحات في شرح صلوات ابن مشيش"، و"المورد العذب لذوي الورود في كشف معنى وحدة الوجود". وفي كتابه الأخير هذا يقرر عقيدة وحدة الوجود التي تؤمن بها الصوفية. وقد توفي مصطفى البكري بالقاهرة سنة 1161هـ.
3ـ إسماعيل حقي البروسوي، وهو تركي، ولد في (آيدوس) بتركيا، سنة 1063هـ، وسكن القسطنطينية، وانتقل إلى بروسة، وله مؤلفات منها:
ـ "روح البيان في تفسير القرآن".
ـ "الرسالة الخليلية في التصوف".
ـ "تسهيل طريق الأصول لتيسير الوصول في التصوف".
توفي إسماعيل حقي ببروسة سنة 1137هـ.
4ـ أحمد بن محمد العدوي، الشهير بأبي البركات الدردير، وهو من أئمة الخلوتية وفقهاء المالكية. ولد في صعيد مصر سنة 1127هـ، وتولى الإفتاء بمصر، ومشيخة الطريقة الخلوتية.(47/8)
له مؤلفات منها: "أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك"، و"منح القدير في شرح مختصر خليل"، و"تحفة الإخوان في آداب أهل العرفان". وله طريقة تفرعت من الخلوتية هي "الدرديرية".
توفي سنة 1201هـ. ودفن بمسجده بالغورية من أحياء القاهرة القديمة.
5ـ محمد الحفناوي، من مؤلفاته: "الفتوحات المدنية الهجرسية"، و"الجوهر النفيس".
فروعها في مصر:
…الطريقة …… شيخها
1ـ الشبراوية …محمد عبد الخالق الشبراوي
2ـ المحمدية …سليمان سامي محمود
3ـ الجنيدية …أحمد حسين الجنيدي
4ـ السمانية …عبد العزيز محمد الجمل
5ـ الضيفية …د. أحمد محمد الشواربي
6ـ العمرانية القبيسية …عوني أبو عمران القبيسي
7ـ المغازية …نضال علي المغازي
8ـ الهراوية الحفنية …محمد شمس الدين الهراوي
9ـ المروانية …عمر محمد مروان
10ـ الصاوية …أحمد السيد الصاوي
11ـ المسلمية …حسن محمد حسن المسلمي
12ـ العلوانية …مالك محمد علوان
13ـ الدومية …عبد الوهاب الأسيوطي
14ـ القصبية … …عبد الهادي أحمد القصبي
15ـ الغنيمية ……محمد أبو الوفا التفتازاني
16ـ القاياتية … …كامل القاياتي
17ـ البكرية …محمد كوبلاي البكري
18ـ الهاشمية …محمد محمود أبو هاشم
19ـ الجودية … …جودة عبد العليم البكري
20ـ البهوتية … …محمد عمر البهوتي
21 ـ المصلحية …خالد فريد المصيلحي
22ـ الدمرداشية( ).
ومن فروعها في تركيا: الجراحية، والاغتباشية، والعشاقية، والنيازية، والسنبلية، والشمسية، والكلشنية، والشجاعية( ).
ولها وجود في الأردن بزعامة الشيخ حسني الشريف، رئيس جمعية دار الإيمان وقد توسع نشاطهم مؤخراً.
وفي فلسطين تتواجد الطريقة الخلوتية القاسمية، ومن مؤسساتها كلية القواسمي في منطقة باقة الغربية، وهم على صلات قوية بالسلطات الإسرائيلية.
الأمة تشكك بنسب العبيديين الفاطميين(47/9)
احتلت قضية "نسب الأئمة العبيديين" أهمية كبرى، لدى معظم الذين كتبوا عن فرقة الإسماعيلية، أو الدراسات التي تناولت الدولة العبيدية الفاطمية، وهي الدولة التي تبنت المذهب الشيعي الإسماعيلي، واستمرت حوالي ثلاثة قرون من الزمان (297 – 567هـ).
وتنبع أهمية هذه المسألة من نظرية الإمامة الشيعية، التي تعتبر الإمامة ورئاسة الدولة حقاً مقدساً لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وعقبهم، وأنها منحصرة فيهم إلى يوم القيامة، وهذا المعتقد تشترك فيه جميع فرق الشيعة( ).
وإذا كان الانتماء إلى آل البيت شرطاً لتولي الإمامة عند فرق الشيعة، فقد لجأ بعضهم إلى نسب نفسه إلى ذلك البيت الطاهر، وقامت دول على ادّعاء النسب، على رأسها الدولة العبيدية، ومؤسسها عبيد الله المهدي، ذلك أن ادّعاء النسب الشريف يقرب المحكومين إلى الحاكم، ويوطد أركان الدولة، ويعمل على التصدي للمعارضين والمناوئين( ).
ومما جناه العبيديون من انتحال النسب الشريف، إخفاء أصلهم المجوسي، الذي أكده أغلب العلماء والمؤرخين - كما سيأتي بيانه - وهؤلاء العلماء كان لهم الدور الكبير في بيان زيف العبيديين، وفضح ادعاءاتهم، بشكل فردي وجماعي، وقد تمثلت إحدى الجهود الجماعية في "المحضر" الذي كُتب في بغداد سنة 402هـ، ويكذب انتساب العبيديين إلى آل البيت، ووقِّع عليه عدد كبير من علماء الأمة وفقهائها.
وتنسب الدولة العبيدية إلى أول حكامها عبيد الله المهدي، المولود في الكوفة بالعراق سنة 260هـ( ).
وذهب جمع من المؤرخين والباحثين إلى أن عبيد الله هذا اسمه الحقيقي: سعيد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن ميمون بن ديصان (القداح) أما ميمون فقد كان معاصراً لمحمد بن إسماعيل، الذي اعتبرته طائفة من الإسماعيلية إماماً لها( )، وكان أبوه (ديصان) مجوسياً.(47/10)
أما ميمون فقد أظهر الإسلام، وانخرط في صفوف الدعوة الإسماعيلية في وقت مبكر، ثم ورثه أبناؤه في الدعوة والعمل معاً، إذ تسلم الأمر من بعده ابنه (عبد الله) المتوفى سنة 180هـ، ثم (أحمد) و(الحسين)( ).
وقد انتقلت أسرة القداح إلى "السلمية" في سوريا بعدما أشيع عن انتقال أسرة محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق إليها، "وعندما وجدت الأسرة القداحية نفسها ذات إمكانات وطاقات بما تحصل عليه من مال ودعم مشبوه وتأييد من الإسماعيليين، عدّت نفسها من نسل محمد بن إسماعيل، وبخاصة عندما وجد هذا التشابه في الأسماء"( ).
وقد بدأ هذا الادّعاء بعد وفاة الحفيد الرابع لإسماعيل بن جعفر، والحفيد الرابع هو الحسين بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن جعفر، ولعلّ التشابه الكبير في الأسماء بين سلالة القداح، وسلالة إسماعيل، قد ساعد عبيد الله على انتحال نسب من إسماعيل، والمخطط القادم يوضح هذا التشابه.
الأسرة الإسماعيلية…الأسرة القدّاحية
إسماعيل
محمد
عبد الله
أحمد
الحسين
سعيد (عبيدالله)…ديصان (القداح)
ميمون
عبد الله
أحمد
الحسين
وبعد أن قضى جزءاً من حياته في الشام متخفيّاً عن نظر العباسيين، الذين كانوا يلاحقونه، ظهر عبيد الله في بلاد المغرب العربي، التي كانت بعيدة عن سيطرة ونفوذ العباسيين لينشر الدعوة هناك، ثم ادّعى أنه المهدي المنتظر، وتلقب بالمهدي.
وقد سبق انتقال عبيد الله المهدي إلى المغرب، إرسال الإسماعيليين أحد دعاتهم إلى هناك، وهو الحسين بن أحمد، الذي اشتهر باسم "أبي عبد الله الشيعي"، وقد حقق هناك نجاحاً في الدعوة إلى المذهب الإسماعيلي.
ويشكل عبيد الله المهدي أول أئمة الظهور عند الإسماعيليين، وقد استطاع تأسيس دولته في المغرب سنة 297هـ (909م) بعد انتصاره على دولة الأغالبة،ثم أخذت الدولة تتوسع شيئاً فشيئاً حتى شملت المغرب العربي ومصر والحجاز واليمن، وأجزاء من بلاد الشام وشمال العراق.(47/11)
وتشكل الفترة التي سبقت تأسيس الدولة العبيدية سنة 297هـ، مرحلة الستر والكتمان عند الإسماعيلية، وهو ما يزيد الأمر غموضاً فيما يتعلق بنسب الأئمة العبيديين.
وقد استند أهل السنة إلى أدلة كثيرة في نفي النسب الفاطمي عن العبيديين، منها:
1ـ تجنب أئمة العبيديين الإفصاح عن نسبهم، إذ أن رابع حكامهم المعز لدين الله عندما دخل مصر، ولقيه أشرافها وسألوه عن نسبه، اكتفى بأن سلّ لهم نصف سيفه وقال: هذا نسبي، ونثر عليهم ذهباً كثيراً وقال هذا حسبي( ).
كما أن ولده العزيز، عندما كتب إلى خليفة الأندلس عبد الرحمن الثالث الأموي كتاباً يسبّه ويهجوه فيه، جاء رده عليه: "... فإنك عرفتنا فهجوتنا، ولو عرفناك لأجبناك"( ).
2ـ اضطراب الإسماعيليين أنفسهم في نسب أئمتهم، واسم مؤسس دولتهم عبيد الله، فبعضهم يسميه "عبيد الله" و البعض "عبد الله" وآخرون يسمونه "سعيد الخير"، وبعض المتأخرين منهم يسمونه "محمداً"( ). كما اختلفوا في أسماء آبائه وأجداده اختلافاً كبيراً. يقول الشيخ إحسان إلهي ظهير: "لم تضطرب آراء الإسماعيلية في ذلك، وتختلف أقوالهم إلاّ لمحاولتهم جعل المهدي من البيت العلوي، وإعطائهم ظهوره صبغة التقديس حسب نبوءات الرسول ?، والأئمة من أهل بيته"( ).
3ـ إنكار آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من آل أبي طالب، المقيمين وقت إصدار المحضر في بغداد لصحة انتساب العبيديين إلى أبناء علي وفاطمة، وعلى رأس هؤلاء الشريف الرضي، والمرتضى، وأبوهما نقيب الطالبيين أبو أحمد الموسوي. ومنهم كذلك الشريف أخو محسن، والشريف ابن طباطبا( ).(47/12)
4ـ الموقف الذي جرى بين الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما والحسين بن علي رضي الله عنهما، لمّا كتب أهل الكوفة الكتب للحسين، يدعونه للقدوم إليهم ومبايعته، حيث قال ابن عمر للحسين: لا تذهب إليهم، فإني أخاف عليك أن تقتل، وإن جدّك (النبي ? ) قد خيّر بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة على الدنيا، وأنت بضعة منه، وإنه والله لا تنالها لا أنت ولا أحد من خلفك ولا من أهل بيتك.
يقول الشيخ ظهير: "فهذا الكلام الحسن الصحيح المتوجه المعقول، من هذا الصحابي الجليل، يقتضي أنه لا يلي الخلافة أحد من أهل البيت إلاّ محمد بن عبد الله المهدي الذي يكون في آخر الزمان عند نزول عيسى بن مريم، رغبة بهم عن الدنيا، وأن لا يدنسوا بها. ومعلوم أن هؤلاء (العبيديين) قد ملكوا ديار مصر مدة طويلة، فدلّ ذلك دلالة قوية ظاهرة على أنهم ليسوا من أهل البيت، كما نصّ عليه سادة الفقهاء"( ).
5ـ أن إنكار انتسابهم إلى آل البيت، كان محل اتفاق بين المسلمين وعلمائهم، منذ نشأة هذه الدولة، ومنذ وقت مبكر، وقد بدأ ذلك مع بداية عبيد الله المهدي، وكان أول الرادين عليه أبو العباس، الأخ الأكبر لأبي عبد الله الشيعي، وكذلك القرمطي الحسن الأعصم، وهو زعيم جماعة القرامطة التي تنتمي للإسماعيلية أيضاً.
وكان الإنكار عليهم ذائعاً شائعاً، حتى أن خامس حكامهم العزيز بن المعز، صعد المنبر أحد أيام الجمعة في أول حكمه، فرأى ورقة على المنبر فيها هذه الأبيات:
إنا سمعنا نسباً منكراً ……يتلى على المنبر في الجامع
إن كنت فيما تدعي صادقاً……فاذكر أباً بعد الأب الرابع
وإن ترد تحقيق ما قلته……فانسب لنا نفسك كالطائع( )
أو فدع الأنساب مستورة ……وادخل بنا في النسب الواسع
فإن أنساب بني هاشم……يقصر عنها طمع الطامع( )(47/13)
وقد وقفت الأمة بحكامها وعلمائها في وجه الإفساد الذي تبناه العبيديون، فألف الإمام أبو بكر الباقلاني كتاباً أسماه "كشف الأسرار وهتك الأستار"، بين فيه فضائحهم وقبائحهم.
لكن أهم المحاولات الجماعية التي تمت لفضح كذب العبيديين وتدليسهم، تمثل في "المحضر" الذي كتب في بغداد سنة 402هـ ووقع عليه جماعة كبيرة من العلماء والفقهاء والأشراف والمحدثين، وبينوا فيه كذب العبيديين، وتدليسهم، وشيئاً من أباطيلهم وزندقتهم.
وممن وقع على هذا المحضر من آل البيت: المرتضى والرضي وابن الأزرق الموسوي، وأبو طاهر بن أبي الطيب، ومُحمد بن محمد بن عمرو بن أبي يعلى. ومن الفقهاء: أبو محمد بن الأكفاني، وأبو القاسم الجزري، وأبو العباس بن الشيوري، وأبو حامد الاسفراييني، وأبو محمد بن الكفلي، وأبو الحسن القدوري...( ).
وفي سنة 444هـ، أصدر العلماء محضراً آخر، يتضمن نفس المطاعن، وزيد فيه أن العبيديين يرجعون إلى أصل يهودي أو مجوسي( ) حيث أن المحضر الأول لم يرد فيه ذكر لميمون القداح المجوسي وابنه( ).
للاستزادة:
(1)…"الإسماعيلية تاريخ وعقائد" ـ الشيخ إحسان إلهي ظهير.
(2)…"الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية" ـ د. محمد عبد الله عنان.
(3)…"الدولة الفاطمية في مصر" ـ د. أيمن فؤاد سيد.
(4)…"تاريخ الفاطميين في شمالي إفريقية ومصر وبلاد الشام" ـ محمد سهيل طقوش.
(5)…"الفاطميون بين صحة النسب وتزوير التاريخ" ـ محمد علي القطب.
(6)…"القرامطة" ـ محمود شاكر.
معضلة رؤية الدكتور الأحمري
أسامة شحادة
…عقب حلقة "إضاءات" في قناة العربية التي شارك بها الدكتور محمد الأحمري، أرسلت له أسأله عن كتابه الذي يعده عن إيران ، فرد علي بأنني قد أرى بعض فصوله قريباً، والحقيقة أنني كنت متشوقاً لمعرفة رأيه في إيران لكن بعد نشره لمقالته الأخيرة "رؤية في المعضلة الشيعية" والتي قد تكون احد فصول الكتاب ما عدت راغباً بصدوره!!(47/14)
…وكان هذا المقال حلقة في "ثلاثية" الدكتور الأحمري: " خدعة التحليل العقدي " و" حصاد التحليل العقدي " وأخيرا "رؤية في المعضلة الشيعية". والحقيقة أن عنوان مقاله الأخير لا ينطبق على محتواه، فقد ركز د.الأحمري على موضوعين هما: الصراع الغربي الإيراني، ووضع التجمعات الشيعية في الدول السنية.
جلد الذات:
… والمقالة كانت مليئة بجلد الذات والمسلمين وبالأخص أهل السنة وللأسف بغير حق، وهذا مما يزيد الألم في قلوب المحبين للدكتور الأحمري، فقد اتهم أهل السنة بجملة من الاتهامات الباطلة مثل :
-…اتهام المشايخ والعلماء بـ " إشعال نار الخلاف الطائفي لا ينطلق كله من حاجتهم، وقد لا تكون هذه الرؤية رؤيتهم، وربما دون إدراك واع منهم، بل هذه إستراتيجية للمحتلين معلنة ومطلوبة لتدمير الوحدات المضادة للاحتلال مثل: العراق، وإيران ولبنان، ومناطق الخليج". وهذا القول خبط من د.الأحمري، فموقف أهل السنة من الخميني ودعوته وثورته، تشكل قبل أن يتحول الموقف الأمريكي من الحياد أو الدعم غير المعلن إلى العداء بعد مشكلة احتلال السفارة الأمريكية واحتجاز الرهائن بطهران.
أما في العراق فقد وقف أهل السنة ضد تحريض القوى الشيعة للمحتل على غزوه، وفي الوقت الذي كانت فيه القوى الشيعية في أحضان الأمريكان كانت القوي السنية في الميدان، وكان المبصرون من علماء السنة الذين يحذرون من غدر الشيعة يلاقون الصد والإعراض من الحركات السنية كالإخوان وغيرهم أو من الحكومات العربية. أما لبنان فقد كان جزاء أهل السنة الذين ساعدوا الشيعة في صعودهم، الذل والهوان، حتى وصل الأمر بمنعهم من المقاومة!! فعن أي "الوحدات المضادة للاحتلال" تتحدث يا دكتور: هل من ساعد الأمريكان على غزو العراق وأفغانستان ، أو سكت ودعم ميليشيات الموت في بغداد يصنف عندك" الوحدات المضادة للاحتلال " ؟!(47/15)
-…يقول د.الأحمري " بدأت في مناطق إيرانية أعمال تستهدف إيران، وتستخدم الأقليات السنية والعرقية - وبتمويل قيل إنه عربي- لتفجير الخلافات بين الأقليات وبين الحكومة الإيرانية."
طبعا ً د.الأحمري يعلم قبل غيره – وللأسف -عجز الحكومات العربية عن التحرش بحزب الله أو حتى حزب الدعوة أو فيلق بدر ، فكيف بإيران ؟؟ لقد أطلق الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك تصريحات حول الشيعة وتعرضا بسبب ذلك لهجوم عنيف ولم يستطيعا الدفاع عنها. ثم أليس من العجيب أن يدين د.الأحمري تحركات لم يثبت على العرب بعد القيام بها ويتغاضي عن كل جرائم إيران في العراق ولبنان!! أم لم يثبت بعد عند د.الأحمري تدخل إيران في العراق ؟؟؟
-…يتهم د.الأحمري علماءنا " بالبقاء على كراسي التحريض والراحة والمعرفة التاريخية الورقية بالآخرين .... بل العمل تبين الموقف أولا ثم الذهاب للناس، ولقاء الفرس .... ويفتح باب المعرفة، ولو لم يتغير مذهب أحد، فإنه يوقف الناس على الكثير من الحقائق، ويزيل عن رؤوس الطرفين الأوهام والخرافات المتبادلة التي يصنعها النكران والبعد والوحشة من المخالف الغريب". وهذا اتهام عجيب، فما هي الخرافات والأوهام التي نروجها عن الشيعة؟!
-…حاول د.الأحمري نفي قضية تبني الشيعة تحريف القرآن ، فكان كلامه مما يسيء له ولمكانته، فلماذا لا يدفع الشيعة عن أنفسهم هذه الفرية، بتبنى حله وهو إصدار فتوى بتكفير كل من قال بتحريف القرآن من أي جهة كانت قديماً وحديثاً وفي قادم الأيام ؟؟ ألم يشاهد الدكتور دفاع الشيعة في مناظرات قناة المستقلة عمّن تبنى تحريف القرآن ؟؟ ألم يقرأ الدكتور وهو واسع الإطلاع على كتابات الشيعة المقرة بالتحريف؟ ألم يشاهد الدكتور المقاطع المبثوثة للعديد من رجالات الشيعة في عصرنا وهم يقرؤون آيات محرفة!!(47/16)
وكان الدكتور في نفيه لوجود أو دور ابن سبأ اليهودي ، كمن يحاول تغطية الشمس بكفه!! ولو بقي د.الأحمري على موقفه القديم " قد سبق لهذه الأمور العقدية والمنهجية جهابذة ، أغنونا عن تكرار القول " ( مجلة المنار الجديد عدد9 شتاء 2000م )، أقول لو بقي د. الأحمري على هذا القول لأصاب و سلم من نقد لاذع بحق من كثير من أصدقائه وأحبابه .
-…اتهم الدكتور التعصب العربي بأنه سبب عودة اللغة الفارسية، وقد يكون لهذا دور لكنه ليس الدور الوحيد كما يحب الدكتور أن يرى القضايا ، لكنه يزول حين يجلد المرء ذاته !! وهل هذا التعصب العربي كان حكراً على اللغة الفارسية فقط أم شمل ما عداها؟؟
-…يرى الدكتور أننا والشيعة لا نزال نعيش في حفر التاريخ!! وهذا اتهام باطل جداً، فكيف يساوى الدكتور بين الجاني والضحية!! الشيعة لا تزال تمارس ما سماه د.الأحمري " ثقافة الحزن " عبر طقوس عاشوراء ، ولذلك تروج وتنشر الخرافات والأكاذيب، ونحن نضطر لتوضيح الحقيقة للناس كلما احتك السنة بالشيعة، ولذلك تجد أن غالبية أهل السنة حتى المتدينين منهم لا يعلمون ما جرى في التاريخ في أي لقاء عفوي مع الشيعة ، بعكس الشيعة الذين يحفظون الأكاذيب بالصفحة والسطر!!(47/17)
-…يرى د.الأحمري أن أهل السنة في إيران، عارضوا الثورة الإيرانية حباً في التبعية والاحتلال، بعكس مواطنيهم الشيعة التواقين للحرية والاستقلال!! كما في قوله: " فلما استقل الشعب الإيراني وأصبحت له حكومته رفع في مناطق سنية عديدة التحذير من الشيعة، وكأنهم يدخلون التاريخ لأول مرة، وكان السبب الحقيقي استخدام التنافر العقدي لترسيخ التبعية للغرب، فأصبح الأمر وكأن التشيع محرر، والتسنن يصنع التبعية والخضوع". وقول د.الأحمري هذا تسطيح استغرب صدوره منه ، فلمصلحة من يتعامى الدكتور عن استبداد الخميني وزمرته، وخيانتهم وخداعهم للسنة الذين ناصروهم، وتحويل الثورة الشاملة لكل القوي ضد استبداد الشاه، لثورة شيعية متعصبة ترفض كل الأطياف سوى زمرة الخميني!!
…هذه نماذج من التهم التي لا يسندها دليل ولا تحليل سياسي مركب قام د.الأحمري بقذف إخوانه بها دون وجه حق ، فلماذا ؟؟
وهم الاستقلال الإيراني:
…د.الأحمري في هذه المقالة وغيرها لا يريد أن يري سوى فجر التحرر والإنعتاق من رقبة المستعمر، ولكون هذا الحلم في هذا الزمان صعب المنال، فإنه حاول العيش في فجر متخيل على يد إيران، فقام بنفي كل مساوئها ومخازيها ، وأوجد لها محاسن لم تخطر ببالها ليكتمل مشهد الفجر ويستمر للشروق !!
…فسبب الصراع بين إيران والغرب هو استقلال إيران! ولذلك كرر هذه الفكرة أكثر من مرة فقال مثلاً: "يواجه الغرب إيران ويعاديها –ليس لأنها شيعية أو سنية، ولا لكونها تقية أو فاجرة- بل بسبب استقلال إيران، وتقوية نفسها خارج حظيرة الاحتلال، وبسبب سلاحها النووي أخيراً".
…ويطالب د.الأحمري الدول السنية بتقليد إيران في استقلالها فيقول : " وكان التعامل الصحيح ليس شتم الشيعة، ولا البحث عن شتائم في قواميس القرون، والتنقيب عن المثالب، بل وضع برنامج استقلال من العبودية، والإفادة من استقلالهم لا من عقيدتهم ".(47/18)
…ودون خوض في تفاصيل استقلال إيران وما يتميز به عن غيره ، فهل من الاستقلال المشرف قمع غالب القوى الإيرانية في الداخل، سواء كانوا من السنة أو الشيعة العرب في الأحواز وغيرهم لكونهم مخالفين للزمرة الحاكمة !! هل من الاستقلال المشرف التسهيل للمحتلين احتلال دول الجوار السنية ، لزيادة النفوذ الشيعي الإيراني بها!! هل من الاستقلال المشرف التوسع على حساب دول الجوار السنة كالإمارات والعراق!! هل من الاستقلال المشرف التعاون مع النصارى الأرمن ضد الأذريين الشيعة!!
…لكن يبدو أن د.الأحمري - الذي لا يجهل هذه الحقائق بالتأكيد – يجعل القنبلة النووية سبباً للتجاوز عن كل هذه الخطايا والخطيئات ، فنجده يقول: " الغرب يخاف أشد الخوف من سلاح نووي إيراني، يعيد شيئا من التوازن في العالم، ويهدد الشر الصهيوني في العالم، والخوف من أنه قد يعطي المسلمين سلاحا نوويا بعد أن أخرج مشرف سلاح الباكستان من أيدي الباكستانيين. فالخوف من سلاح إيران حقيقي"، ولا نعرف من أعطي د. الأحمري عهداً أن يكون هذا السلاح للمسلمين؟؟ وهذا السلاح النووي لن يكون ضد الصهيونية والغرب بالتأكيد لكنه سيكون ضد المسلمين من جيرانه؟
…بل يواصل د.الأحمري إيراد حلم جميل بقوله : " فإن وجود قوة منافسة للصهاينة سوف يخفف من شرهم، ويقلل من نفوذهم، وربما يخفف من جرائم المذابح الصهيونية للعرب في فلسطين، ويقلل من تطلعاتهم في الأرض والتجارة والنفط والمياه، ويعطي للعرب الباقين مساحة من الخلاص من العبودية التامة لأحد الطرفين، وبخاصة أنه ليس هناك برنامج عربي منظور للاستقلال، ولا للسيادة، هذا في حال اعتبار إيران مجرد منافس للصهاينة وللغرب، ولا تربطه علاقات أخرى أحسن ولا أسوأ بالعرب".(47/19)
…والغريب أن د.الأحمري يورد مطالبة إيران على لسان لاريجاني أنه من الممكن أن تتنازل إيران عن السلاح النووي مقابل ثمن لائق، فطلب منه سولانا توضيح ذلك، فوضح له بأنهم يريدون هيمنة إيرانية على بقية شواطئ الخليج، لأن هذه مناطق شيعية وثروتها تذهب لحكام سنة!! "وبعد ذلك يطالبنا د.الأحمري بعدم العداء لإيران أو التحذير من الفكر الشيعي التوسعي والمسيطر في إيران!!
…ومن اللافت للنظر قيام د.الأحمري بتبرير مطامع إيران التوسعية في المنطقة، بل يكاد يحرضها على ذلك بدل تحذير إيران من مغبة مطامعها الشيعية في البلاد العربية والمسلمة إذ يقول: " فكيف يفترض عاقل أن التوسع واحتلال البلدان حق فقط للنصارى، وللصهاينة، ولا يجوز لغيرهم تحرير أرضه، ولا الدفاع عن عرضه، ولا التوسع في سواها، فنتهم الشيعة بالطموح في إمبراطورية، ونطالبهم أن يخنعوا مثلنا للمستعمرين؟"، "دولة قوية طامحة متماسكة وترى نفسها دينية وديمقراطية ترنو للمزيد، وبجوارها مستعمرات أو شبه مستعمرات خائفة وممزقة، فهل تلام على ضعفهم؟" ولا أجد ما أعلق به على كلام د. الأحمري .
تبرئة المجرم:
…رغم أن د. الأحمري ينطلق في مقالته هذه من أن هناك دراسات إستراتيجية غربية تروج لإسلامين (سني وشيعي) وأن التعاون مع الشيعة سيكون في صالح الغرب لأن الإسلام الشيعي متمدن ( بروتستاني ) بينما الإسلام السني متحجر (كاثوليكي) ، ويورد بعض الأمثلة من هذه الدراسات ويبين لنا أن الذين أعدوها هم من الشيعة ( والي نصر وراي تقية) ، إلا أن الملوم هم السنة!! والذين يجرون الأمة للصراع الطائفي هم السنة !!
…ويورد د. الأحمري أن من مصلحة الصهاينة الدخول في جدال سني شيعي حالياً ، ولا ندري هل نشر التشيع حالياً في فلسطين ومصر وبلاد المغرب، سيعجل بعودة القدس عند د. الأحمري مثلاً؟؟(47/20)
…يحذرنا د. الأحمري أيضا من تضخيم الغرب للخطر الإيراني على البلاد العربية فيقول : " بالغ المحتلون في ترويع الحكومات العربية من الشيعة، ومن الإسلام، ليتمكن النفوذ الصهيوني في مفاصل الأمة، وليقام تحالف: "الشرق الأوسط الجديد" المسمى: 6+ 2 ولكن الرقم الأهم مضمر، يفعل ويؤثر ولا ينطق به أحد، وهو تحالف يراد منه: مواجهة إيران، وإدخال الصهاينة في البنية السياسية العربية لمواجهة إيران، ولنسيان النازية والبربرية الصهيونية، التي ترهب كل يوم وتبيد ولا يرتفع ضد إرهابها صوت، ولتنضم الكيانات العربية في صلح يسمح بقتل الفلسطينيين وحصارهم وتجويعهم بحجة أنهم إرهابيون ما لم يقبلوا بالاستسلام للصهاينة، ويؤيدوا إنهاء الممانعة الإيرانية واللبنانية والسورية، لأن رفض الإرهاب الصهيوني النازي يصبح هو الإرهاب، والاستسلام له هو عين السلم والتمدن والتحضر".
…ولكن ما هو موقف د. الأحمري من ممارسات إيران الحقيقية على أرض الواقع في العراق من التعاون مع المحتل الأمريكي وقتل الفلسطينيين ببغداد ؟؟
…لماذا بغداد التي تعج بالاستخبارات الإسرائيلية لا يتعرض لهم أحد من رجالات إيران وهم بالألوف أو القوى "المضادة للمحتل " على حد تعبير د. الأحمري .
…نود سؤال د. الأحمري لمن كان يجب توجيه خطابك: إلى السنة الذين يتحركون بردة الفعل المتأخرة غالباً ولا تتميز بطول النفس، أم لإيران وأتباعها بالكف عن تنفيذ المخططات الاستعمارية والطائفية؟
…من الذي يتبنى سياسات العنف كمؤسسات دينية وسياسية السنة أم الشيعة ؟ من الذي سخر الفتوى لتنفيذ مطالب الاحتلال بتمرير الدستور والانتخابات السنة أم الشيعة؟ من الذي يحرك الطائفية والمطالب التعجيزية في وجه الدولة والنظام تجمعات الشيعة أم الأقلية السنية في إيران؟(47/21)
…من الذي رفض المشاركة في لقاء مكة لتحريم الدم العراقي السنة أم الشيعة؟ من الذي سخر الدولة العراقية لنفي الآخر السنة أم الشيعة؟ من الذي شحن اتباعه بالطائفية المقيتة واستحضر التاريخ ليسقطه على الواقع قنوات الشيعة العديدة أم قنوات الرقص السنية للأسف؟
…أسئلة طويلة وكثيرة يجب على د. الأحمري أن يجيب عليها حتى يعرف لمن يجب أن يوجه خطابه.
الأقليات في المجتمعات:
…نوافق د. الأحمري بشكل عام على دعوته لعدم حصار الأقليات الشيعية في المجتمعات السنية، وهو في الواقع غير حاصل ففي بعض الدول لا تستطيع الأكثرية السنية إغضاب الأقلية الشيعية لما لها من نفوذ وقوة، بعكس حال الأقلية السنية في إيران التي تعاني من كافة أشكال الحرمان والاضطهاد. ونحن نرى أن مد الجسور مع هذه الأقليات ودعوتهم وبيان حقيقة موقفنا من التشيع كفيل بإنقاذهم من الطائفية المقيتة التي يعيشون فيها .
ملاحظة منهجية:
…في مقالة د. الأحمري الأولى " خدعة التحليل العقدي " خلل منهجي كبير، وهو تقزيمه لدور العقيدة والفكر في التحليل السياسي وتضخيمه لدور المصلحة، وهذا خلط منهجي فاضح فمن أين يمكن تحديد المصلحة ؟ أليست المبادئ / العقائد / الأفكار هي التي تحدد المصالح !!
فإذا أمكن تحديد المبادئ و العقائد الحاكمة لأي تيار أو حزب أو دولة أمكن تحديد مصالحها وسياساتها، ولا نقع في فخ مزاعمها وأكاذيبها .
خاتمة:
…د. الأحمري في "ثلاثيته" هذه مأجور لاجتهاده أصاب أم أخطأ ، كما أنه مأجور لحثه الكثيرين على التفكير والبيان حول معضلة كبرى نعيشها .
الدكتور الأحمري يقول: إني أعلم ما لا تعلمون
عبد العزيز الحماد
(مفكرة الإسلام 13/9/2006)(47/22)
الدكتور محمد الأحمري سافر إلى أمريكا أرض الحرية وبلاد الديمقراطية في ربيع عمره، ورأى هناك ما لم نره في بلادنا، فشاهد السيارات والطائرات وناطحات السحاب، بل ربما زار شركة ناسا فرأى المركبات الفضائية، ووقف على ما يسمى بالقنوات الفضائية وكذا ما يعرف بالإنترنت، بينما ترزح بلادنا في التخلف، فلم نشهد شيئًا من ذلك، ولربما لا نشهده إلا بعد مئات السنين.
ولم يكن التخلف فقط في الجانب المعماري والتقني، بل شمل حتى التخلف الإنساني؛ فنحن نقبع تحت الاستبداد والقهر حتى عشقناه، ولم نعد نطيق الحياة بدونه، بل ولا تسمو نفوسنا للحرية.
ولذا فالدكتور ينظر لنا معاشر المستعبدين ممن لم ينعم بالسفر لتلك البلاد، ولم يذق طعم الحرية والديمقراطية نظرة شفقة ورحمة من وجه، ونظرة ازدراء من وجه آخر، خاصة أولئك النفر ممن تسلّم دفة التعليم الديني والفتوى لأننا [أسلمنا الاستبداد] و[شرّعنا الذل والخنوع].
وبعد رجوع الدكتور الفاضل للبلاد بعد أحداث ما يسمى بالحادي عشر من سبتمبر حمل على عاتقه محاولة تثقيف أهل البلاد، خاصة تلكم الفئة البليدة بقسميها المتزمت أو الساذج، فالدكتور يتقن لغة العلم والسياسة ـ الإنجليزية ـ،واطلع على مصادر العلم الحديث الذي غاب عن المتزمتين والسذج.
وقد ظهر جهل تلك الفئة المتزمتة أو الدراويش السذج في أحداث حرب حزب الله مع إسرائيل فكتب لهم الدكتور تلكم المقالة الصاعقة [التحليل العقدي] فأتي على أولهم وآخرهم، ثم ما لبث أن أُجري معه لقاء في [موقع الإسلام اليوم] فجاء بما لم يأت به الأوائل، فقرّع أولئك المتزمتين والدراويش مرة بعد مرة لعل وعسى أن يستفيقوا من سباتهم أو يرعون عن غيهم.
وفي ذلك اللقاء الغريب الذي أظهر فيه الدكتور أنه يعلم ما لا يعلم أولئك المتزمتين أو الدراويش ويرى ما لا يرون، ويفهم ما لا يفهمون، وأنه قد سبر أغوار الشرع كما سبر أغوار السياسة.(47/23)
قرأت المقال ثم قلبته وبدأت أقرأه من الأسفل للأعلى ومن اليسار لليمين لعلي أتبين بعض الأفكار التي قذفها الدكتور الأحمري في المقال، فوجدت أبرزها خمسة أفكار:
الفكرة الأولى: [المشايخ ليسوا مؤهلين للنظر في السياسية، ويندر أن نجد النجابة السياسية في المشايخ].
فهؤلاء المشايخ إما عقائديون متزمتون، أو دراويش طيبون، وهم كما قدمنا لا يعرفون لغة العلم ولم يسافروا لبلاد الثقافة، وقد يوجد فريق ثالث ـ من المشايخ ـ وهم الندرة، وأبرز علاماتهم متابعة الدكتور الأحمري في أطروحاته السياسية. ولأنهم متزمتون أو دراويش فقد [أكثروا من تكرار قضايا محددة في الاعتقاد، وخصوصًا في الأسماء والصفات بين أهل السنة وحزب الله ـ الشيعة ـ].
فهؤلاء المتزمتون أو الدراويش لم يطلعوا على ما اطلع عليه الدكتور الأحمري من الخلاف بين أهل السنة والرافضة ابتداءً من العصمة الذي بني عليه تكفير الصحابة وقذف أم المؤمنين عائشة إلى تحريف القرآن، وكذلك هؤلاء المتزمتون أو الدراويش حصروا الخلاف بالعقائد ولم ينظروا للمطامع السياسية التي تسعى لها إيران، والتي وصفها الدكتور بقوله: [الحس الإمبراطوري الصاعد].
والعجيب كيف فاتتهم هذه الخلافات الكبرى مع الشيعة والتي بينها شيخهم ابن تيمية في كتابه منهاج السنة النبوية، وقد تنبه الدكتور القرضاوي ـ غير المتزمت ولا الساذج ـ لهذه الخلافات فقال لصحيفة 'المصري اليوم' يوم السبت 2/9/2006م.: [حسن نصرالله لا يختلف عن الشيعة المتعصبين، فهو متمسك بشيعته ومبادئه ... أغلب الشيعة يؤمنون بأن القرآن كلام الله ولكن يقولون هذا ليس القرآن كله، وقالوا: إن مصحف فاطمة كان ضعف هذا المصحف.. وقد طالبتهم بالتوقف عن سب الصحابة، فهم يتقربون إلى الله بسبهم ولعنهم]. فهؤلاء ضيعوا الدين فحصروا الخلاف بالأسماء والصفات، وضيعوا الدنيا ولم ينتبهوا للخطر السياسي من إيران وأذنابها في لبنان وغير لبنان.(47/24)
ومع هذا الخلاف الذي اطلع عليه الدكتور إلا أنه يجب علينا الوقوف على أيدينا ورؤوسنا للأسفل حتى نرى الحقائق بوضوح، فلا أطماع سياسية ولا خطر عقدي علينا من إيران، ولا ذنب لها في لبنان.
ومرجع كل ذلك: أنّ الدكتور يعلم ما لا نعلم.
الفكرة الثانية: أن المشايخ بنوعيهم ـ المتزمتين أو الدراويش ـ عليهم قبل التحدث في السياسة معرفة [الجغرافيا السياسية المتجددة والمصالح عمومًا، ومنها الثروة والقوة والدين ـ أو المذهب ـ واللغة والتاريخ والجغرافيا والجنس والأشخاص].
والدكتور جازم أن المتزمتين أو الدراويش الذين خالفوه ليس لديهم أي اطلاع على هذه العلوم الفريدة التي لا يعرفها إلا الندرة من الناس وهم: الدكتور الأحمري والذين اتبعوه فقط، فهذه المعارف حكر على الندرة، أما المشايخ المتزمتون أو الدراويش فليس لهم أهلية النظر في هذه العلوم، ولو نظروا لما استوعبتها عقولهم الضعيفة ولا مداركهم المحدودة!!!
ولو كان عند بعضهم مواقع كبرى على الشبكة العنكبوتية وتترجم لهم عشرات التقارير العالمية، فإنهم لا يملكون الأهلية للنظر في السياسية، وتكمن الإشكالية في عقولهم المؤدلجة.
الفكرة الثالثة: يريدنا الدكتور أن نقف مع حزب الله [ولو بحلف كحلف الفضول].
وقد بلغ هؤلاء المشايخ المتزمتون أو الدراويش مبلغًا لم يعودوا يفهمون معه حتى في الدين!! فحلف الفضول له ارتباط بالسياسية الشرعية وقواعد الملة الإبراهيمية، ولكن لشدة تزمتهم ـ أو شدة طيبتهم ـ لم يستطيعوا قياس حلف الفضول على قضية حزب الله.(47/25)
ومن شدة جهل هؤلاء بالدين كما هم جهلة بالسياسة ألقى الدكتور على مسامعهم درسًا في الشرع فقال: [لو أخذ هؤلاء العقائديون بالفقه ـ فقه المصالح والمفاسد، والسياسة الشرعية ـ لوجدوا أنفسهم مع المقاومة اللبنانية، ولو وازنوا خير الخيريْن وشرّ الشرّيْن لعلموا أن موقفهم العقدي فقط كان خطأ. فالنبي عليه الصلاة والسلام تحالف مع خزاعة وهي بالمجمل قبيلة غير مسلمة، مع أنه 'كان فيها مسلمون' وشاور الصحابة في التصالح مع غطفان مقابل نسبة من ثمار المدينة].
فلو حاول أحدهم نقل قول شارون في مذكراته: [لم أر يومًا في الشيعة أعداءً لإسرائيل على المدى البعيد] لقال له الدكتور الأحمري: شارون يبغض الشيعة لأنهم أعداءه، وأنت متزمت أو درويش لا تفهم في السياسة.
ولو نقل آخر كلام مدير قسم الأمن بمركز الخليج للدراسات الدكتور مصطفى العلي: [إن 'إسرائيل' تمثل عدوًا مؤقتًا لإيران وذلك تبعًا لمصالحها.... إن الخلاف بين 'إسرائيل' وإيران وقتي فقط، ففي السابق تعاملت إيران في عهد آية الله الخميني مع 'إسرائيل' حيث كانت تمد الثانية الأولى بالسلاح طول فترة الحرب مع العراق].
ولو ذكر ثالث فضيحة [إيران جيت]، حين باعت إدارة ريغان سراً أسلحة لإيران، وذلك رغم الحظر المعلن على بيع الأسلحة إليها.
لابتسم الدكتور الأحمري وقال: مشكلتكم أنكم تنظرون للأمور نظرة عقائدية متزمتة!!
ولو رمى له رابع بقول أمين حزب الله الذي صرح به يوم الأحد 3/8/1427هـ: [إن قيادة حزب الله لم تتوقع ولو واحدًا بالمائة أن عملية الأسر ستؤدي إلى حرب بهذه السعة وبهذا الحجم؛ لأنه وبتاريخ الحروب هذا لم يحصل.. لو علمت أن عملية الأسر كانت ستقود إلى هذه النتيجة لما قمنا بها قطعًا]. وقال له: هذا اعتراف منه بالخطأ الذي وقع فيه.(47/26)
لقال له: يجب أن نقف مع حزب الله، ولا نلتفت لأي خلاف عقائدي أو سياسي ولا نلتفت كذلك للحقائق التأريخية لأنهم مظلومون، [ويجب أن نتحالف ضد الاحتلال] ولو دمرنا بلادنا كما دمر حزب الله لبنان بلا فائدة تذكر، ودمرنا عقائدنا بتأجيل الخلاف العقدي معهم.
الفكرة الرابعة: أن حزب الله الذي يأتمر بأمر مرشد الثورة، وينفذ أوامر حكومة طهران ليس له أي علاقة بقتل السنة في العراق، ومن خالف [فليس لديه نسبة من الوعي فهذا بلد وهذا بلد، وكل حالة تُناقش وحدها، وكل موقف يُتّخذ المناسب معه].
قضية أن عقيدتهم واحدة، أو أن مرجع الجميع لإيران، أو أن حزب الله هو الممثل الشرعي للثورة في لبنان حسب تصريحات قياداته المتكررة، كل هذا لا يفهم منه استواء الطرفين في العداوة لأهل السنة.
ومن حاول فهم غير ذلك فهو عقدي متزمت أو درويش، حزب الله الذي خرج من رحم مليشيات أمل التي ذبحت أهل السنة، ووكّل زعيمها 'نبيه بري' للتفاهم حول الأسرى، لا يحمل أي حقد على أهل السنة، ولو صرح أحد قاداته الميدانيين لصحيفة الغريديان البريطانية بتأريخ 29/7/ 2006م [أن الصراع ليس فقط ضد إسرائيل ولكن أيضًا ضد أهل السنة اللبنانيين، ... عندما تنتهي الحرب مع إسرائيل، ستبقى أمامنا عدة معارك لنخوضها في لبنان، الحرب الحقيقية ستبدأ بعد هذا المناوشات الحالية مع أولئك اللبنانيين الذين لم يقفوا معنا ...، وأيدينا ستطال كل من صرّح ضدنا.. فلتتوقف هذه الحرب ثم سنبدأ في تصفية الحسابات] فهو أيضًا لا يحمل أي حقد عليهم، ويمكن قياسهم على شيعة العراق!!!
الفكرة الخامسة: أن سبب رقي إيران [لأن لديهم دولة واعية منتخبة تمثل الناس، وتمثل الشعب، لديهم حكم ديمقراطي قوي].(47/27)
فإيران ديمقراطية، ولو أن ثلث الشعب لا قيمة له ولا حقوق له، ولا يسمح بحرية الصحافة، ولو أن مرشد الثورة من حقه حلّ المجلس المنتخب، بل من حقه عزل الرئيس، وبيده تغيير كل النظام، ولو أنهم قتلوا عشرات ممن خالفهم.
الحكومة الإيرانية ديمقراطية حتى لو سحلت 35% من الشعب من أهل السنة!! وهذه الحكومة ديمقراطية حتى لو سحلت 7% من الأكراد!!
هذه الحكومة ديمقراطية حتى لو منعت ترشيح 2500 مرشح إصلاحي إيراني معارض لها في الانتخابات الأخيرة، بحيث انخفض عدد النواب الإصلاحيين من 190 في عام 2000 م إلى قرابة 40 في عام 2004 م.
هذه الحكومة ديمقراطية رغم أن الانتخابات الأخيرة سجلت أقل نسبة من المنتخبين خلال الانتخابات الرئاسية التسع الأخيرة!!
هذه الحكومة ديمقراطية حتى لو كان رئيسها دكتاتوري مجرم مثل نجاد الذي شارك بقمع المعارضة الإيرانية الفارسية والكردية!!
هذه الحكومة ديمقراطية حتى لو كان رئيسها نجاد قائدًا لفرقة كوماندوز قامت باغتيال الشخصية الكردية المشهورة عبد الرحمن قاسملو في فيينا عام 1983م.
مع كل ذلك فهي دولة ديمقراطية، ويجب أن تقف على يديك حتى تراها كذلك، وإلا فأنت عقدي متزمت أو درويش مغفل. ولكنها ديمقراطية على طريقة الدكتور الأحمري.
ولا أدري لماذا لم تصنع الديمقراطية العز والشرف للكويت ودرجة ديمقراطيتها أكبر من إيران؟!!
ثم هل بدأ التسلح النووي مع ثورة الخميني الديمقراطية أم منذ عهد الشاة؟ أترك الجواب لأستاذ الديمقراطية الحديثة.
ثم ختم الدكتور كلامه بنصيحة: [ليس من مصلحتنا إنشاء عداوات مع إيران في هذه المرحلة؛ لأن إيران قد تتصالح مع أمريكا وبسرعة، وقد تبيع المشروع النووي مقابل ثمن إستراتيجي كبير أهم شيء فيه نوع من النفوذ في منطقة الخليج، ووسط آسيا والعراق].(47/28)
مع الأسف أننا رفضنا الوقوف على أيدينا لنرى الأمور مقلوبة كما يراها الدكتور الأحمري ومن وافقه من الفضلاء، ورفضنا تأجير عقولنا لغيرنا ليفكر بدلاً عنا.
وإن هؤلاء الذين تنعتهم أنت بالمتزمتين العقائديين، وينعتهم الرئيس الأمريكي بالسلفيين أو الوهابيين هم الخطر الحقيقي على إسرائيل؛ إنهم أصحاب نظرة واضحة للأمور، وإن كانوا ضعافًا في هذه المرحلة، لكن تصوراتهم عن الولاء والبراء واضحة ويعرفون عدوهم جيدًا، وليس لديهم قابلية للتميع، ولديهم قوة دفع لكل من كان معهم ثم حاد عن الطريق، فليس ثمة خلط في المفاهيم والقيم.
وفي الختام يا سعادة الدكتور الفاضل إن كنتَ تعلم ما لا نعلم أو ترى ما لا نرى، فإنّا قوم قد بذلنا جهدنا في فهم ديننا والعمل به، والتنقيب عن مجريات الحياة، وبذلنا وسعنا واستعنا بربنا العظيم الجليل الكبير وهو لن يخذلنا، وهو أرحم الراحمين.
'اللهم! رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل. فاطر السماوات والأرض. عالم الغيب والشهادة. أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم'.
خدعة التحليل الانتقائي و المجتزأ للأحداث
تعقيباً على الدكتور الأحمري: التحليل الانتقائي و المجتزأ أكثر خداعا
علي حسين باكير
[نشر هذا المقال بشكل مختصر في موقع الإسلام اليوم بتاريخ 21-8-2006]
ترددت كثيرا في البداية قبل كتابة هذه التعقيبات على الحوار الذي أجراه الأخ عبد الله الرشيد في موقع (الإسلام اليوم) مع الدكتور محمد حامد الأحمري، و منبع التردد هذا سببه أنّي لم أرد أن أكتب ردّا بقدر ما هو تعقيب في حقيقة الأمر على ما ذكره الدكتور الفاضل في حواره. فمسألة الردود هذه الأيام يفسرها البعض على أنها نوع من التحدي و السجال الذي يدخل فيه المنطق الشخصي للأمور و لا فائدة و لا طائلة منه سوى الرد و الرد المضاد مع عدم الخروج باستنتاجات مفيدة للقارئ.(47/29)
و تلافيا لحصول ذلك و كي لا يفهم القارئ أننا في "حلبة مصارعة"، اخترنا كلمة تعقيب و ليس ردّا لكي تعبّر عن مضمون و محتوى مقالنا بشكل أفضل.
قرأت في البداية مقال الدكتور الأحمري الذي جاء بعنوان "خدعة التحليل العقديّ للأحداث" و قد أعجبني كثيرا و أتّفق معه على كثير ممّا جاء فيه بل إني لأزيد عليه فأقول إن هناك طائفة من العلماء والمفكرين المسلمين التي تعتمد العلمانية الدينية. و لمن لا يعرف العلمانية الدينية نقول له أنّها الوجه الآخر للعلمانية السياسية، ففي حين تدعو العلمانية السياسية و تعمل على فصل الدين عن الدولة (السياسة)، تقوم العلمانية الدينية و تعمل على فصل السياسة عن الدين و بالتالي تأتي تفسيراتها و شروحها فقهية و ليست دينية، و هذا لا يجوز لأن الدين لا ينفصل بأي حال من الأحوال عن السياسة وإلا فانه سيتحول في هذه الحالة إلى مجموعة من الأحكام الفقهية و الحركات و العبادات فقط و هذا ما و حاصل للأسف في العديد من البلدان الإسلامية.
و بعد إعجابي بهذا المقال، أردت أن اكتب مقالا مكمّلا لما جاء به الدكتور الأحمري بحيث يختصر كل من المقالين التفسيرات التي يقوم بها و يستند عليها مختلف المعنيين من محللين كتّاب أو فقهاء أو سياسيين أو كل من هم مسئولين عن الشأن العام و الكتابة فيه.
أردت ن أكتب بكل بساطة عمّا اسميه "أسلوب التحليل الانتقائي والمجتزئ" و هو أسلوب أكثر خداعا من أسلوب التحليل العقدي و أكثر رواجا و أخطر منه، و خطورته تكمن في أنّه أكثر تقبّلا لدى العامة التي لا تفهم التعقديات السياسية أو الدينية.(47/30)
و بينما كنت اعد للمقال، فوجئت بل و صدمت لكثير ممّا قاله الدكتور الأحمري في نصّه الحواري الذي نشر بعد أيام قليلة من نشر مقاله السابق "خدعة التحليل العقدي". فقد استغربت من استخدام الدكتور (ربما عن غير قصد) لأسلوب "التحليل الانتقائي و المجتزئ" الذي أكتب عنه، و للمفارقة، فانّ هذا الأسلوب هو أسلوب مشابه كثيرا في نتائجه للتحليل العقدي الذي كان الدكتور قد أسهب في شرحه و تحليله!!
ماهية التحليل الانتقائي و المجتزأ:
التحليل الانتقائي والمجتزئ هو أسلوب يستخدمه العديد من المحللين يقوم على تقسيم الظواهر أو الأحداث التي يراها المحلل إلى أقسام صغيرة معزولة عن واقعها العام و عن كليّتها وعن المفهوم الشمولي والسياق الذي أتت منه و فيه، فينظر إلى الأحداث على أنهّا مربعات مفصولة عن بعضها البعض لا علاقة لأحدها بالآخر و لا علاقة لها بما سبقها و لا بما هو لاحق بها.
وهذا الأسلوب يتيح للمحلل حريّة الحركة في تفسير و تحليل هذا الجزء أو تحميله ما لا يحتمل من معاني ومضامين وذلك عبر إدخال عدد من الأدوات الغير سوية فيه كالعاطفة أو الإيديولوجية أو الانتماء الحزبي أو المناخ الشعبي العام و الانفعال الشخصي أو غيرها من الأمور العشوائية و التي تفتقر إلى مرجع ثابت للقياس.(47/31)
وبما أن معظم المحللين أو كلّهم يسعون لكي يثبتوا للقارئ أنّ تحليلهم هو الأسلم والأصوب (إن لم يكن الوحيد السليم والصائب) فانّ هذا الأسلوب يتيح لصاحبه إمكانية التلاعب بالأجزاء أو بتفسيرها كما يشاء، فيما لا يملك صاحب التحليل العقدي أو صاحب التحليل الشمولي هذه المساحة من حريّة التلاعب ذلك أن هناك ثوابت لا بدّ له من الرجوع إليها سواء كان تحليله صحيحًا أو خاطئاً. ويحمل هذا الأسلوب من التحليل الانتقائي والمجتزئ مصداقية كبيرة على المستوى القصير الأجل، وتعتبر عملية كشفه من الصعوبة بمكان لأنه يعتمد في جزء منه على بعض الأدوات الصحيحة التي يتمّ استعمالها في التحليل السليم نفسه، بل ويستند في جزء منه أيضا إلى معلومات صحيحة وحقيقية لكي يزيد من التلبيس على العامّة.
الهدف الأساسي لهذا النهج و الأسلوب، إقناع القارئ بوجهة نظر المحلل عبر التضليل، و الهم الأساسي لدى المحلل في هذا الإطار يكون في توظيف المشهد المجتزئ في خدمة تحليله و الابتعاد بشكل كبير عن المنطق الشمولي أو النظرة الكليّة ليزيد من إقناع الناس بمنطقه.
فعالية هذا الأسلوب تكمن في أنّه صعب الكشف و انّه لا يتم التوصل إلى نتيجة بشان صحته أو عدمها إلا بعد فوات الأوان، كما أن المحلل يضطر من فترة إلى أخرى إلى تغيير تحليله لأن الأحداث القصيرة التي يبني عليها تتغيّر و تتبدّل بسرعة، و هكذا تتراكم التناقضات إلى أن تنفجر أخيرا بفضيحة كبيرة ، و هكذا يكون المحلل قد وقع في خطأ فادح جدا إذا لم يكن يعي ماذا يفعل وأهلك معه أقواماً. أما إذا كان يفعل ذلك عن قصد فسيعرف الجميع زيف ادّعائه و لكن بعد فوات الأوان و بعد أن يكون القارئ قد بلع الطعم.
استخدام التحليل المجتزأ و الانتقائي و نماذج عنه:(47/32)
وهذا الأسلوب أحد أهم الأساليب المتّبعة في وسائل الإعلام الغربية أو في مراكز صنع الرأي العام وتوجيهه وهو منتشر عندنا في العالم العربي لدى المحللين بشكل كبير منهم من يستخدمه عن قصد ومنهم عن جهل. ويستخدم هذا الأسلوب صنفين من الجهات أو المحللين:
الصنف الأول: هو صنف يعجز عن فهم أو تفسير التناقضات التابعة أو الموجودة ظاهرة معينة أو منهج معين فيعمل على تجزئة هذه الظاهرة أو الأحداث المتعلقة بها أو بمنهجها ليسهل له التعليق عليها و تطويعها كما يريد و بالتالي يشيح بنظر و فكر القارئ عن الناقضات و لا يضطر إلى شرحها أو تفسيرها و بالتالي كأنها لم تكن.
الصنف الثاني: هو صنف محترف يعرف تمام المعرفة أن القراءة الشمولية ليست في صالحه كما أن الإحاطة بالموضوع أو بالظاهرة أو بالحدث و لو حتى قدر المستطاع تضرّ به و بالفكرة التي يعمل على تأكيدها في مقاله أو خطابه أو نظريته أو ما شابه، فيلجأ بالتالي إلى الاعتماد على الانتقائية التي تخدم مصالحه و نظريته و تؤكّد تحليله و صحة ما ذهب إليه عند القارئ.
و تكمن خطورة هذا النوع من التحليل في انّه لا ينطلي على العامة أو الغوغاء فحسب بل إن هراءه ليطال بطريقة أو بأخرى المثقفين و غيرهم من رموز الفكر و المجتمع، و ذلك لأنّ هذا التحليل بالأساس وحتى يخدع العامة يجب أن يكون منسجما مع توجهاتهم خاصّة أولئك الذين لا يملكون مرجعا ثابتا سياسياً أو دينيا أو حتى ذاكرة مختزنة من الأحداث يرجعون إليها عند الأزمات أو التعقيدات.(47/33)
أما المثقف فهو إما إن يوافق على توجه العامة في هذه الحالة فيفقد أهميته الشخصية و رأيه الذاتي و نظرته للأمور (كمن ينزل إلى مظاهرة، عندها سيفقد شخصيته الذاتية وسيندمج مع المتظاهرين بل و سيتصرف وفق الإرادة الجماعية فيلتغي دوره، و قد يقوم بأعمال أو يوافق على آراء ما كان ليتبناها لو كان خارج المظاهرة .... حاولوا أن تنزلوا و لو مرة في مظاهرة لكي تختبروا طبيعة قولي).
وإما أن يعلن اعتراضه على هذا التحليل في وقت يكون فيه العامة أو الغوغاء غير مستعدين لتقبّل مثل هذا النقد و هذا الكلام عن الحقيقة والشمولية، وسيتّهم هذا المثقف أو المحلل بأنه يسعى للفتنة أو بأنه عميل لطرف من الأطراف أو سواء ذلك. وعلى الرغم من أنّنا نمر في هكذا حالة إلا أنني سأختار نماذج من الماضي وأترك للمستقبل أن يحكم على حاضرنا:
النموذج الأول (نموذج أتاتورك): وفق التحليل المجتزئ و الآني للأحداث كان أتاتورك بطلا إسلامياً ومجاهداً عظيماً و فاتحاً جديداً يجدد زمن الخلافة ويقيم دعائم الشريعة ويهزم الغرب وأعوانه من الصليبيين واليهود وقد انساق لهذا التحليل خلق كبير من الناس ومن المثقفين مثلا أمير الشعراء أحمد شوقي الذي شبهه بخالد ابن الوليد و من ثمّ بصلاح الدين ومعاركه بمعارك الإسلام الكبرى كبدر وبمنهجه منهج الشرع فقال في شعره:
الله أكبر كم في الفتح من عجب……يا خالد الترك جدد خالد العرب
حذوت حرب الصلاحيين في زمن……فيه القتال بلا شرع ولا أدب
يوم كبدر فخيل الحق راقصة……على الصعيد وخيل الله في السحب
تحية أيها الغازي وتهنئة……بآية الفتح تبقى آية الحقب(47/34)
الجميع يعرف ماذا فعل أتاتورك بعدها، و نحن لا نشبّه أتاتورك بأحد من عصرنا ولكن نقول ما سبب هذه المغالطة الكبيرة التي حصلت؟ أليست القراءة المجتزأة و الانتقائية؟ لو تمّ الأخذ بالصورة الإجمالية لأتاتورك ومحيطه وبيئته لتوصل المحلل إلى حقيقته منذ زمن، ولكن حتى لو فعل ذلك فعرف حقيقته وقرر البوح بها جهاراً، ماذا سيكون موقف العامة والخاصة منه؟ نتساءل ماذا لو صرّح أمير الشعراء في تلك الفترة بعكس ما قاله؟ سيتّهم بأنّه إما يسعى إلى هدم الخلافة أو أنه عميل لدى هذا الطرف أو ذاك.
ونذكّركم أن الحروب التي خاضها أتاتورك كانت حقيقية ولكن العبرة بالنتيجة النهائية للمشهد المرسوم والهدف منه وسبب هذا الخطأ الفادح هو أن العامة كانت ترى في أعمال أتاتورك وحروبه ضد الجيوش الغربية التي هي أيضا عدوة للإسلام والعرب والترك انتصارا لدولة الخلافة وللخليفة ولم يأخذوا بنظرية الاحتمالات المتعددة وتضارب الأجندات وكانوا ساذجين جداً كأولئك الذين يدافعون عن المشروع الإيراني حالياً وأدواته بحجّة أنّ إيران تجابه أمريكا أو إسرائيل التي هي عدوة للعرب.
النموذج الثاني وهو أقرب زمنيا (الخميني): عندما قامت ثورة الخميني في إيران ابتهج العامة في الدول العربية قاطبة و وصف الخميني بأنه باعث الروح الإسلامية من جديد وأمل الخلافة الضائعة وأمل المسلمين ورأت كثير من الحركات الإسلامية، الثورية وغيرها من مفكري ومثقفي الأمة في الخميني خلاصاً مما هي فيه فتطايرت إليه في إيران وفود التبريكات والتهاني بدءا من ياسر عرافات وليس انتهاءً بقادة الإخوان المسلمين وعلماء الدين الذين ما فتئوا يهللون ويكبّرون يثنون على الخميني و ثورته في كل كبيرة وصغيرة.…(47/35)
ولم يمض وقت طويل حتى تفاجأ أبو عمّار من أنّ أتباع الخميني في لبنان ممّا كانت حركة فتح قد درّبتهم عسكرياً وثوريا للمساعدة بالإطاحة بحكم الشاه، انقلبوا عليه وراحوا يقتلون أتباعه في لبنان بغطاء إسرائيلي وتعاون فاضح معهم (راجع مذكرات شارون)، و من ثمّ فوجئ جمع من قادة الإخوان المسلمين لما ظهرت فضيحة إيران-جيت إلى العلن فالجمهورية الإسلامية تشتري الأسلحة الإسرائيلية التي يقتل بها الفلسطينيون لتحارب بها في العراق و تذهب الأموال إلى أمريكا لتمويل حركات انقلابية أمريكا الوسطى والجنوبية!! فتراجع جمع من الإخوان عما كانوا يروجون للخميني به بعد انكشاف الحقيقة و لكن بعد ماذا؟ بعد أن هلك قوم كبير في هذه الفتنة!! و راح جزء آخر منهم يسوغ و يبرر على قاعدة المصالح.
و لو كانت القراءة شمولية و تعلّم هؤلاء أن السيد الخميني جاء من فرنسا و بحماية طائرات الـ أف 16 الأمريكية وأن هناك مصالح مشتركة ليس بالضرورة تكون ظاهرة للعيان و للعامة، لما وقعوا في هذا الفخ و هذه الفتنة. أنها القراءة المجتزأة و المتسرعة والآنية و الانتقائية يا إخوان، و الذي يخضع لها يصبح مجرد "خاروف" يساق هنا و هناك و في النهاية يتبين له أن الراعي ما هو إلا ذئب أخذه إلى مكان نائي ليبلعه!!
انتقاد حوار الدكتور الأحمري:
إن معظم ما قاله الدكتور الأحمري في حواره ينطبق على هذا الأسلوب و نفترض أنّه استعمله بغير قصد منه أو حرصا على عدم إبراز نقاط الخلاف. لكن بدا واضحاً أن دكتورنا الفاضل قد عمل على تجزئة الأحداث وفصلها عن بعضها البعض وهو يستخدم معايير مختلفة للحديث عن نفس الظاهرة.(47/36)
ففي حين يرفض الدكتور الحديث عن الشيعة ككل يتم اختزاله في واحد فيقول: "وهل الشيعة جماد! وهل هم على صورة واحدة دائماً بلا جغرافيا ولا فكر ولا ظروف تؤثر فيهم؟"، يقوم هو نفسه في الحوار باختزال السنّة عند الحديث عنهم فيقول: "والشيعة أثبتوا عقدياً وعملياً استمرارهم في مقاومة الاحتلال، بينما السنة تخلّوا، وأصبحت حكوماتهم هي التي تمثل مصالح الاحتلال، بينما في العالم الشيعي هناك مواجهة صريحة مع الاحتلال". و هذا معناه أن الدكتور إما أنه اعتبر أن السنة هم الحكّام دون الشعوب عندما قال: "بينما السنّة تخلوا عن مقاومة الاحتلال" و بالتالي اختزلنا، و يلومنا على حكّامنا الذين لم يكن لدينا أي دور في اختيارهم أو توليتهم أمرنا، وهذه بطبيعة الحال مصيبة، وإما انّه ينفي أن يكون المجاهدون للاحتلال الأمريكي في العراق و من قبله التحالف الدولي في أفغانستان و من قبله الروسي في الشيشان و الصربي في البوسنة وغيره الكثير الكثير في طرد المحتلين و نصرة المظلومين و المستضعفين، ينفي أن يكون هؤلاء المجاهدون من أهل السنّة، و هنا تكون المصيبة أكبر!!.
ثم يحق لنا أن نسأل الدكتور عن كلامه هذا فنقول له بكل محبّة ورحابة صدر: أين أثبت الشيعة عقدياً وعملياً استمرارهم في مقاومة الاحتلال كما يقول. هل هو في فتوى آية الله السيستاني التي أصدرها في خضم الاعتداء العالمي على العراق وأهله، يدعو فيها إلى عدم التعرّض للقوات الغازية، و التي نال على أثرها الشكر و الثناء من بوش و بلير في أول خطاب لهما للشعب العراقي (فلتراجع الوثائق) بعد إسقاط العراق وضياع أهله وتاريخه وجغرافيته ودينه وعرضه وماله وثرواته، أم قيام أتباع آية الله باقتحام الفلوجة ببركة علي وبعد التوكل على السيستاني!!.(47/37)
هل هذا هو الجانب العقدي للشيعة يا دكتور؟ أمّ هو وقوف الجمهورية الإسلامية بقيادة آية الله الخامنئي إلى جانب الأصولية المسيحية في الإطاحة بأفغانتسان والعراق، في حين إن الجمهورية العلمانية التركية رفضت حتى مجرد فتح مطارها للأمريكيين!! أم هو في وقوف إيران إلى جانب أرمينيا ضدّ أذربيجان؟ أو لعله تجاهل الشيشان.
لا أعلم أين هو الجانب العقدي و العملي الذي يتحدث عنه الدكتور الأحمري، بل انه لتصيبي الدهشة عندما أعلم أن الإسرائيليين أنفسهم يعلمون حقيقة اللعبة الإيرانية أكثر منّا نحن العرب، اذ يقول تقرير أورده معهد 'omedia' البحثي الإسرائيلي مؤخرا بعنوان 'إيران في حاجة لإسرائيل' للباحث 'زيو مائور'، قاله فيه: "أن إيران لا تشكل أي خطر على إسرائيل ولا تريد تدميرها، بل إنها في حاجة لإسرائيل وتعتبرها مكسبًا إستراتيجيًا هامًا حتى تظل قوة عظمى في المنطقة ولدعم مكانتها الإقليمية ولنشر مبادئ الثورة الإسلامية الإيرانية، وأنّها تستخدم اسرائيل ذريعة لتحقيق أهدافها".
و الأنكى من ذلك أن الدكتور يستعمل فيما بعد أسلوب التبرير في فضيحة إيران-كونترا فيقول: "إن قصة (إيران كونترا) لها تفسيرها الواضح، فهما بلدان في حرب، وهناك نقاط مصالح ومواجهة سمحت بتبادل أسرى مقابل سلاح ..
"لا نعلم معيار هذا المنطق، وهو نفس المنطق الذي يستخدمه أصحاب التطبيع فيما يتعلق بعملية السلام مع إسرائيل فيقولون إن المصالح تفرض بنا إجراء عملية سلام بدلاً من أن يتم تدمير اقتصادنا و شعبنا وما إلى هنالك في حروب لا طائل منها، ويدافعون عن التحالف مع أمريكا بالقول إنها الدولة العظمى الوحيدة في العالم ولا فائدة من مواجهتها، أليست هذه مصلحة ايضا؟!!
وقد ذكر الدكتور في مسألة الوقوف مع حزب الله "أنّه لو كان هؤلاء مجموعة وثنية واغتُصبت أرضهم، وقُتلوا بأيدي الظالمين لكان الحق على الناس (أي علينا) نصرة المظلوم".(47/38)
فأقول: إن مسألة الوقوف إلى جانب المظلوم والمستضعف أمر واجب، ولكن ما صعقني هو عدم تطبيق الدكتور لنفس المبدأ على الشيعة، فعندما سأله المحاور عن شيعة العراق و كيف ساهموا بإسقاط دولهم عبر التعاون مع المحتل قال مبررا بطريقة غير سوية: "أولاً الشيعة مثلوا حالة تحرير للعراقيين من صدام وهي قضية كبيرة بالنسبة لهم...".
أي حالة تحرير يا دكتوري؟ اللهم إلا إذا كنت ترى ما يجري اليوم تحريرا، ومن ثمّ فلنفترض أن الشعب العراقي شعب كافر و وثني و حاكمه لا يصلح لشيء، فبأي منطق و أي عقيدة وأي مصلحة يقف هؤلاء الشيعة إلى جانب الأمريكي في الإطاحة بشعبهم أولا و بدولتهم و بحضارتهم وأين الجانب العقدي يا دكتور لذي تتحدث عنه لدى الشيعة؟ لا نريد الجانب العقدي، ماذا عن الجانب الأخلاقي؟!!
ثمّ يحاول الدكتور أن يفصل ما يقوم به شيعة العراق عن حزب الله، و هو من ناحية المبدأ محقّ في هذا، فيقول: "أي إنسان لديه نسبة من الوعي يستطيع أن يفصل بين ذلك، فهذا بلد وهذا بلد، وكل حالة تُناقش وحدها، وكل موقف يُتّخذ المناسب معه".
ولكن طالما أن هذا بلد وهذا بلد لماذا يقوم حزب الله و بكل كوادره و قيادته بوصف المجاهدين في العراق وفي كل مكان في العالم "بإنشاء فلسطين لمصلحة ذاتية" بأنهم مرتزقة أو عملاء لأمريكا والموساد، وإن المقاومين في العراق هم إما تكفيريون وإما صدّاميون "والكلام موجود"، بماذا يفسر الدكتور ذلك؟! أم انّه يريدنا أن نرى الأحداث بعين واحدة كي تستقيم قراءته لها عندنا؟
و يبدو أن حتى إيران لا توافق على فصل ما يجري وعلى قول الدكتور الأحمري هذا بلد وهذا بلد. فهذا حجّة الإسلام علي أكبر محتشمي بور يكشف مؤخراً عن سر لصحيفة "شرق" الإيرانية ونشر حديثه في جريدة "الشرق الأوسط" بتاريخ 5/8/2006 يقول فيه:(47/39)
"إن علاقة حزب الله مع النظام الإيراني أبعد بكثير من علاقة نظام ثوري بحزب أو تنظيم ثوري خارج حدود بلاده، بحيث يبدو الحزب وكأنه جزء من مؤسسة الحكم في إيران، وعنصر أساسي في مؤسسته العسكرية والأمنية"، "إن جزءاً أساسياً من خبرة حزب الله العسكرية يعود إلى مشاركته في القتال مع الحرس الثوري الإيراني ضد الجيش العراقي خلال حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق، بحيث كان رجال الحزب يقاتلون ضمن صفوف قواتنا وبشكل مباشر"!!
طالما أن هذا بلد وهذا بلد فماذا يفعل حزب الله في إيران؟ ولماذا يحارب العراق طالما انّه لبناني؟ بل ولماذا لا يصمت على الأقل فيما يتعلّق بالمقاومة العراقية حاليا بدلا ًمن أن يشوهها و ينال منها.
و اذكر الدكتور الأحمري أن القراءة المجتزأة الخاصة بنا جعلتنا نعتقد فعلا أن فيلق بدر و من على شاكلته ممن نشأ في إيران هم فعلا ضدّ أمريكا وإسرائيل، ألم يكن فيلق بدر ومن على شاكلته يدعون ليل نهار بالموت لأمريكا و اسرائيل والشيطان الأكبر و الأصغر، و من ثمّ بليلة واحدة انقلب الأمر وأصبحوا يسبّحون بمجده و حمده!! سبحان مغيّر الأحوال، أليس باستطاعة من يغيّرها في العراق أن يغيرها في مكان آخر خاصّة انّ المراجع هي نفسها و أنّ الآيات هم نفسم؟!
وكم كنت أتمنى أن نستفيد من قدرات الدكتور الاحمري كعلم من أعلام الثقافة الإسلامية، في أن يطرح لنا مشروعا مع غيره من المفكرين للخروج من هذا المأزق الذي نحن واقعون فيه، بدلا من أن ينصحنا أن لا نعادي إيران أو نتحالف مع أمريكا، و كأنّ قدرنا هو أحد الخيارين و ليس لنا سواهما.
خدعة التحليل السياسي
بندر بن عبد الله الشويقي
لم أجد أنسبَ من هذا العنوان لأكتب تحته هذه الخواطر المتعلِّقة بطريقة صديقنا أبي عمرو د. محمد بن حامد الأحمري في معالجة الإشكالات المتعلقة بالمسألة الشيعية.(47/40)
وفي البدء أودُّ القولَ: إن من أثقل المواقف على النفس أن يضطرَّ المرء ليكتب محذِّراً من رأيٍ بالغ الخطر يتبناه فاضلٌ صادق النية، ناصحٌ لأمته، مريدٌ للخير والإصلاح.
غير أن مما يهوِّن الموقف أن الدكتور - وفقه الله - اتَّخذ لنفسه نهجاً ثابتاً في تضعيف عقول مخالفيه، ووصْفِهم بالغفلة وعدم الإدراك والاستغراق - جهلاً وسذاجةً - في خدمة مصالح الصهيونية والعدو المحتل. ففي ظني أني مهما قلتُ - بعد هذا - وكتبتُ، فلن أبلغَ مبلغَ الدكتور، ولن أباريه في ازدراء عقل ورأي مخالفه.
عند القصف اليهودي الأخير للبنان؛ كتب دكتورُنا الفاضل مقطوعةَ هجاءٍ شهيرةً عنوانها: "خدعة التحليل العقدي". رمى فيها حِمَماً بركانيةً على حمقى أغبياء مغفَّلين يقال لهم: "العقديون"، ثم أتبع مقطوعته تلك بمعلَّقةٍ هجائيةٍ ثانيةٍ تدور حول المعنى نفسه عنوانها "حصاد التحليل العقدي". ولما سُئل في برنامج (إضاءات) عن فكرة هاتين المقالتين ذكر أن الوضع في لبنان كان وضعَ حربٍ مع اليهود، ولم يكن وقتَ إثارة قضايا عقدية.
انتهت الحرب. وسكتت المدافع. وهدأت لبنان. لكن موقف الدكتور لم يتغيَّر، ومدافعه لم تسكُت. وكما كتبَ وقت الحرب عن "خدعة التحليل العقدي"، وعن "حصاد التحليل العقدي"، إذا به يعود من جديد ليكتب لنا مقالةً مطولةً عنوانها "رؤية في المعضِلة الشيعية"، حذَّر فيها من خطورة "التهييج العقدي"!!
فالدكتور - عافاه الله - ينتهي من "خدعة التحليل العقدي" ليكتُب عن "حصاد التحليل العقدي". وما إن يفرغ من ذلك حتى ينبري للحديث عن خطر "التهييج العقدي". من غير أن يخطر له أن يمرَّ في طريقه بشيءٍ اسمه خطر الإغضاء عن "الانحراف العقدي"، وعن أثر "التضليل العقدي" في ضياع الأمة.(47/41)
والحجة - دائماً - لدى الدكتور أن العدو يسعى لاستثمار الخلافات العقدية، فيجب ألا نخدم أهدافه بإثارتها!! فلتذهبْ - إذاً - عقائد المسلمين، وليأخُذ الشيعة وقتهم في نشر باطلهم، وليُمعِنوا في اختراق المجتمع السني، وتشييع السذَّج الغافلين. وعلى "العقديين" مقابلَ ذلك أن يتجنبوا "التهييج العقدي" حتى لا يخدموا أمريكا وإسرائيل بوقوفهم في وجه إخوانهم الشيعة!
هذا المنطق الذي يتحدث به د. الأحمريُّ هو الذي أوحى إليَّ بالحديث عن "خدعة التحليل السياسي"؛ فقد رأيتُ الدكتور أغرقَ نفسه في تتبع السياسة وتفاصيلها حتى صار ينطبق عليه ما ذكره هو في مقالة "حصاد التحليل العقدي" حين قرَّرَ أن : "المندمِج بقضيةٍ ما ينغرسُ فيها، ويصعُب عليه الرؤية خارجها؛ لأنه كرَّر موقفه على نفسه مراراً، حتى لم يعُد يسمح لها بالتفكير خارج الصندوق الذي وضعها فيه".
دكتورنا - أعزَّه الله - وضع نفسه في صندوق السياسة، فلم يعُد يستطيع السماح لعقله بالتفكير خارج ذلك الصندوق، حتى لو كان صندوقاً مشتملاً على أغلى ما تملكه الأمة، وهو عقيدتها وتوحيدها.
وصاحبُ "التحليل السياسي" الذي لا يبصر إلا السياسة؛ كثيراً ما تتشبع نفسه بالتهوين من العامل العقدي ومدى تأثيره في تسيير المواقف من حيث لا يشعر، بل ربما رفع صوته معلناً (بلسانه) عن يقينه بدور العامل العقدي في تحليل بعض المواقف، لكن عند التطبيق فهو لا يبصر شيئاً سوى السياسة.
د. الأحمري يملك كمَّاً هائلاً من المعلومات والمعارف السياسية، غير أنه حين يكتب يغرق في معلوماته تلك، فيعجز عن توظيفها للخروج بفكرةٍ متوازنةٍ، بسبب عدم قابليته للنظر برويةٍ فيما لدى الآخرين، مما له وقعٌ بالغ في القضية التي يتصدى للحديث عنها.(47/42)
وقد رأيته في واحدةٍ من مقاطع هجائه يذكر أن مِن الناس : مَنْ يُريح نفسه من عناء التفكير والفهم بوضع الآخرين في صناديق أو مجموعات، وأحزاب ومواقف. فيجعل هذا ليبرالياً، وذاك عقلانياً؛ ليسقط عن نفسه مشقة التفصيل والفهم.
فليتَ دكتورنا تنبَّهَ - أيضاً - إلى أن من الناس من يريح نفسه من عناء التفكير والفهم بوضع مخالفيه في صندوقٍ كُتبتْ عليه عبارة : "عقديون مغفَّلون".
دكتورنا الفاضل يرى أن "التحليل العقدي، والتفريق بين الناس بناءً عليه؛ كانَ ولم يزلْ أداةً مهمةً من أدوات المستعمرين". ويقول : "كم شيخٍ يقول وهو لا يدري أبعاد قوله، ويحلب في قدح المحتل الصهيوني أو غيره، وهو يرى أنه ينصر طائفةً أو عقيدةً أو مذهباً أو يدَّعي أنه ينير الطريق للأمة، بينما هو يرتكس بأتباعه في الظلمات، ويستعيدُ معارك الفرق والتاريخ ويغيب عن الشهود ومصالح الحاضر".
فالدكتور - سلَّمه الله - منزعجٌ من شيوخٍ سُذَّجٍ يرتكسون بأتباعهم في الظلمات، ويحلبون في القدح الصُّهيوني من خلال إثارة معارك تاريخية تغيبهم عن مصالح الحاضر!
وقد تعِبَ الناسُ - وكاتب هذه الأحرف منهم - ليشرحوا للدكتور أن استغلال العدو للخلاف السُّني الشيعي أمرٌ معروفٌ وليس بخافٍ عنهم، لكنهم يرون أن تجاهل أو تهوين الخطر الشيعي ليس حلاً؛ بل هو مما يزيد الواقع سوءاً وتدهوراً.
غير أن الدكتور يصرُّ - دائماً - على أن كلَّ من لا يرى رأيه فهو لا يعرف خطط الأعداء الصهاينة الأمريكيين. وإنما هو "عقديٌّ" مغفَّلٌ يحرث التاريخ لينبش خلافاتٍ ميتةً، يتلهَّى بها عن مشاكل العصر الحقيقية.
يقول الدكتور هذا مع علمه أن التشيُّع والرَّفض لم يكن في يومٍ من الأيام مشكلةً تاريخيةً تحتاج إلى نبشٍ وتفتيش، بل هي قضيةٌ حاضرةٌ أمام أعين الجميع، إلا إذا كان من رأي الدكتور أن الانحرافات العقدية تسقط بالتقادُم!(47/43)
في مقالته "حصاد التحليل العقدي" يقول د. الأحمري مخاطباً مخالفيه: "للنظر السياسي يا إخواننا تقسيماتٌ أُخَر، بعضها من بضاعتكم وبعضها تقع خارج ثقافتكم، وإلا لما صحَّ وجود سياسي وعقدي، ووجود رجل دين ورجل دولة أو سياسة".
في هذا الكلام نرى د. الأحمري يسند موقفه ويعضد رأيَه بالتنبيه إلى قاعدة احترام التخصُّص. فبما أنه صاحب سياسة؛ فعليكم معاشر "العقديين" التنحِّي عن طريقه كي يشرح للناس رؤيته هو للمعضلة الشيعية! لكن لو سألنا دكتورنا: ماذا لو سلَّم لك "العقديون" نظرك السياسي، فهل ستسلِّم لهم نظرهم العقدي؟!
الجواب بالتأكيد: لا!.. فالدكتور يدرك استحالة فصل القضايا بهذه الصورة السَّطحية التي يطرحها ويعلم ضعفها. غير أنه يريد الوصول إلى إخراس من يسميهم "عقديين" وحسبْ، فمن أجل ذلك فزع للحديث عن التخصُّص.
كلامُه في الظاهر معناه: (أنتم مجالكم "النظر العقدي" فدعوا عنكم (السياسة)!. لكن حقيقة موقفه:(أنتم لا تفهمون السياسة، فاسكتوا حتى عن العقائد).
وقد رأيتُه في كثيرٍ من كلامه لا يستطيع البعد عن "النظر العقدي"، ولا يقوى على تركه لأهله، مع أنه حين يتعرَّض لمناقشة مسائله يقع في أخطاء فادحة لها أثرها في تقييم الواقع، وتبعاً لذلك في معالجته.
سمعتُه في برنامج (إضاءات) يقول: "كيف نُشغل الطالب مثلاً لمدة سنتين أو ثلاث في قضية خلق القرآن؟ ما عندنا أحد الآن يقول بهذه القضية! نحتاج أن نتحدث عن قضية من قضايا الحريات أو قضايا مفاهيم جديدة".
هذا ما قاله الأستاذ الدكتور، سامحه الله. وعن نفسي فإني لا أعرفُ أحداً - من لدُنْ آدم وإلى اليوم - يشتغل سنتين أو ثلاث بتدريس قضية خلق القرآن! بل هي مسألة ضمن أبواب الاعتقاد يمرُّ عليها الطالب المتخصِّص ويتعلمها في مجالس معدودة.، غير أن ضِيقَ صدر الأستاذ بالمباحث العقدية هو الذي يدفعه لمثل هذا التهويل.
وأغرب من تهويله قوله بثقةٍ تامةٍ: (ما عندنا أحد يقول بهذه القضية)!!(47/44)
هذا الكلام من الدكتور يظهر منه أثر الاستغراق في "التحليل السياسي" وما يؤدي إليه من ضعفٍ في "النظر العقدي"، فالقول بخلق القرآن - لو علِمَ الدكتور - هو قولُ الشيعة الإمامية الذين منَعَنا من إزعاجه عند معالجته لمعضلتهم!
الشيعة الإمامية، ومعهم الشيعة الزيدية، ومثلهم إباضية عمان والمغرب - دعْ عنك جملةً من زنادقة أدباء الحداثة الذين يعتبرون القرآن نصاً أدبياً مخلوقاً قابلاً للنقد - كل هؤلاء يقولون بخلق القرآن إلى اليوم، لكنَّ الأستاذ لا يدري عن ذلك شيئاً بسبب صندوق السياسة المحكم الإقفال الذي حبسَ نفسه فيه، فلم يعُدْ قادراً على معرفة ما في سائر الصناديق.
على أني أقطع أن دكتورنا حتى لو علِمَ بذلك، فلن يختلفَ موقفه؛ لأن المسألة عنده في الأصل ليست ذاتَ بالٍ، والمشكلة لديه لا علاقة لها بوجود تلك الأقوال أو انقراضها، بل هي نابعةٌ من خصلةٍ واضحةٍ لدى الدكتور تتعلق بضيق صدره بالمباحث العقدية عموماً.
الدكتور يريد السياسة ولا شيءَ غير السياسة. هو يريد حديثاً عن (الحرية، وعن خطر الاستبداد السياسي، وعن الانتخابات والمشاركة الشعبية). فهذه القضايا هي العقائد القطعية والركائز اليقينية التي يقوم عليها بنيان الإسلام في نظر "المحلل السياسي".
أما شهادةُ ألا إله إلا الله، ونقضُ الشيعة لها بممارساتهم الشركية، وشهادةُ أن محمداً رسول الله، ونقضهم لها بعقيدة الإمامة والعصمة؛ فكلُّ هذا مما يمكن احتماله والتهوين من أمره، وبالإمكان اعتبار تفاصيله قضيةً تاريخيةً عفا عليها الزمن. لكن الذي لا يجوز السكوت عنه بحالٍ، هو "الانحراف السياسي"، وما يتفرَّع عنه!.(47/45)
وقد رأينا القصور في "النظر العقدي" يبرُز لدى معالجة الدكتور "للمعضلة الشيعية"، فحين تطفَّل على صندوق "العقديين"، وعاب عليهم رميَ الشيعة بالقول بتحريف القرآن؛ رأيناه يقول: إن هذا الموقف "في غاية الخطأ، لأسبابٍ، منها: أن القرآن الذي يقرأه الشيعة اليوم هو القرآن نفسه الذي بأيدي المسلمين في كلِّ مكان، ومن شكَّ فليذهب بنفسه لأقرب تجمُّعٍ أو مسجدٍ أو منزلٍ لهم، وسيجده القرآن الذي عنده".
فها هو ضعف "النظر العقدي" يتحدث عن نفسه، فالدكتور دخل للتحكيم في مسألة لا يملك تصوراً لأبعادها الحقيقية لأنها غير موجودة في صندوق السياسة الذي يهوى الدوران فيه. هو - بالتأكيد - لن يستوعب مذاهب وآراء الشيعة في القرآن ما دام مستغرقاً في متابعة تصريحات "تشيني" و"مارتن إنديك"، وكتابات "فوكوياما"، ومقالات "فريدمان". الدكتور أتى هنا بحجةٍ يراها قاطعةً في تبرئة الشيعة من ظلم "العقديين". فهو يقترح أن يذهب "العقديون" لمساجد الشيعة وتجمعاتهم، وينظروا في مصاحف الشيعة ليتأكدوا أن الذي يقرؤونه هو نفسه القرآن الذي (يقرأه) يقرؤه السنة.
ولو أن دكتورنا أنصت قليلاً لإخوانه "العقديين" لربما أخذه الحياء من ذكر مثل تلك الحجة، فالعقديون يعلمون أن أكثر الشيعة القائلين بالتحريف يؤمنون بهذا القرآن الموجود عندنا، لكن موضع الإشكال أنهم يعتقدون نقصَه، وأن الصحابة الكرام حذفوا منه آيات ولاية علي بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه - وفضائل آل البيت، ومثالب الصحابة!(47/46)
قد لا تعني هذه المسألة الكثير للدكتور، لكن لو أنه أعطى "العقديين" - الذين يعانون اضطهاده - فرصةً ليسمع منهم؛ لأراح نفسه من عناء الذهاب إلى مساجد وتجمعات الشيعة ومقارنة مصاحفهم بمصاحف أهل السنة. وقد رأيتُه في غمرة إصراره على تخطئة فرقة "العقديين"، وبيان ظلمهم للشيعة يذكرُ أن كتاب (فصل الخطاب في تحريف كلام رب الأرباب) كتابٌ منبوذٌ عند الشيعة، وغير متداوٍل حتى إنه لم يطبعْ إلا مرةً واحدةً، وفي الهند.
ولو أن دكتورنا - غفر الله - تواضع قليلاً لإخوانه "العقديين" هنا أيضاً، لعلمَ أن ذاك الكتاب القذر لم يُطبعْ في الهند قطْ، وإنما طُبعَ في إيران مركز التشيع والرَّفض. ولو أنه أرعى سمعه وعقله لشرح له "العقديون" أن المشكلة ليست محصورةً في كتاب (فصل الخطاب)، ولا في مكان طبعه.
فسواءٌ طُبعَ الكتاب في الهند أو نجازاكي أو في زُحَل. وسواءٌ طُبعَ طبعةً واحدةً أو اثنتين، أو لم يُطبَع قطْ. بل لو أن ذاك الكتاب لم يُخلَق في هذه الدنيا، ولا خُلِق مؤلفه.
كلُّ ذلك لا قيمة له ولا تأثير في المسألة التي يدرك "العقديون" وحدهم أبعادها وخطورتها. كتاب (فصل الخطاب) - لو عَلِم الدكتور - لا جديدَ فيه، فمؤلفه لم يزدْ على جمع المتفرِّق في كتب أعيان الشيعة القائلين بتحريف القرآن، تلك الكتب التي لا زالتْ تطبع إلى اليوم بالآلاف في طهران وفي قُم من غير أن يشعر الدكتور، وهي كتبٌ متداولةٌ وليست منبوذةً، بل هي محلُّ حفاوة علماء الشيعة، ومؤلفوها محلُّ تقديرٍ وإجلالٍ، بل هم معدودون عندهم من أئمة الإسلام وأعيانه المبرَّزين.
أقول هذا الكلام وأنا في شكٍّ كبيرٍ من فائدته في تغيير موقف الدكتور، فالتحقُّق من موقف الشيعة المعاصرين من القول بتحريف القرآن مبحثٌ "عقدي"، فهو - لذلك - ليس من محتويات صندوق دكتورنا الفاضل.(47/47)
لكنَّ "العقديين" - باعتبارهم يتحدثون في فنِّهم، ولأنهم ينطلقون من قواعد شرعية محكمة - لا يكفيهم أن يقول المعمَّم الشيعي: (أنا لا أقول بالتحريف)، سواءٌ صدق في قوله أو كذب، بل يريدون موقفاً واضحاً وحازماً من كلِّ من تجرَّأ على الطعن في دستور الأمة، فلا أقلَّ من الاتفاق على كفر القائل بذلك الفجور والتبرِّي منه.
قد يرى د. الأحمري في هذا الموقف شيئاً من المبالغة والتشدُّد، لكنَّ "العقديين" يريدون أن يفهم الدكتور أن للقرآن الكريم عندهم منزلةً عاليةً وأهميةً بالغةً، فهو عندهم أهمُّ من المفاعل النووي الإيراني الذي يُشفِق عليه الدكتور من الدَّمار، ويرجو أن يكون له دورٌ في إحداث توازن في المنطقة، وردع إسرائيل عن أطماعها التوسعية، وتخفيف مذابحها ضد الفلسطينيين!
وكما قلتُ في مسألة "خلق القرآن"؛ أقول في مسألة "تحريف القرآن"، فسواءٌ قال الشيعة بالتحريف أو لم يقولوا، فموقف الدكتور - غالباً - لن يتغير! بل لو أطبقَ الشيعة كلهم على القول بالتحريف؛ فالدكتور - وإن اعتبر هذا القول كفراً - فإنه سيوجب على "العقديين" الكفَّ عن "التهييج العقدي"، والبعد عن إثارة الخلاف المذهبي، لئلا يستفيد العدوُّ الصهيونيُّ الأمريكي من ذلك، فالموقف السياسي هو وحده الحاضر في عقل الأستاذ!
من آثار "خدعة التحليل السياسي" احتفاء د. الأحمري ببروز فكرة "ولاية الفقيه" لدى الشيعة، فهي - في تصوره - "هدمٌ ذكيٌّ لركن الإمامة في المذهب الشيعي"! كما أنها تمثِّلُ "تجديداً واقتراباً من الحلول الإسلامية بل والفطرية الطبيعية"، وقد استشهد في كلامه بقول أحد الكتاب: إن "ولاية الفقيه" خطوةٌ نحو التسنُّن!(47/48)
هذا التصور الساذج الذي طرحه الدكتور ما هو إلا نتيجة مباشرة للاستغراق التام في "التحليل السياسي". فالدكتور - سلمه الله - نظر فقط للأثر السياسي لفكرة "ولاية الفقيه" على الواقع الشيعي، فأداه نظره إلى أنها تمثل هدماً ذكياً لركن الإمامة لدى الشيعة، بل وتمثل تجديداً وخطوةً نحو التسنُّن! ولو أن أستاذنا اعتنى بـ "النظر العقدي" لربما كان له رأيٌ ثانٍ، ولأدرك حينها أثر "خداع التحليل السياسي" في اختلال الموازين الشرعية، وفي تغييب أصول المعتقد! "ولاية الفقيه" عند من يعرف بعدها العقدي أبعد ما تكون عن المفاهيم السُّنية، بل هي - في ذروة نضجها - أقرب إلى المفهوم الكنسي منها إلى المفاهيم الإسلامية!
قبل "ولاية الفقيه" كانَ الشيعة يقولون: (من ردَّ على الإمام المعصوم؛ فقد ردَّ على رسول الله، ومن ردَّ على رسول الله؛ فقد ردَّ على الله). أما بعد بروز فكرة ولاية الفقيه، فقد أصبح أنصارها يقولون: (الرَّد على الولي الفقيه، كالردِّ على الإمام المعصوم! والرَّد على الإمام كالرَّد على رسول الله ، والرَّد على الرسول كالرَّد على الله)!! والنتيجة النهائية لهذا الزيغ أن من ردَّ قول "الولي الفقيه"، فقد ردَّ على الله!! فهل هذا هدمٌ ذكي لمبدأ الإمامة، أو أنه إحياء خبيثٌ لها؟!
"ولاية الفقيه" في محصَّلها ترسيخٌ لمبدأ الإمامة في العقل الشيعي، والذين اخترعوا الفكرة إنما أرادوا تفعيل عقيدة الإمامة وتوظيفها لهدف إقامة دولة رافضية، يتمُّ فيها إحكام السيطرة على قطعان الشيعة الضالة بنَصب طاغوتٍ لهم يشركون به مع الله. وحسبَ هذه النظرية - عند أمثال الخميني - فإن "الولي الفقيه" له الطاعة المطلَقة، ليس في الشأن السياسي وحسبْ، بل حتى في جانب التشريع، فمن حقه تعليق وإيقاف أحكامٍ شرعيةٍ قطعيةٍ من مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج! فأينَ هُدِمَت فكرة الإمامة في مثل هذه الزندقة المكشوفة؟!(47/49)
هذه الضلالات المتراكمة لدى الشيعة الروافض من العسير جداً تصوير خطرها وحجمها الحقيقي لمن أغلق على نفسه صندوق السياسة. فمن أصعب المهام إقناع "المحلل السياسي" أن قوة الأمة في اجتماعها على معتقدها، وأن الخطر الخارجي - مهما يكن - فإنه لا يسوِّغ التهوين من شأن تلك الضلالات التي تستهدف الأمة في أعز ما تملك. شيءٌ واحدٌ يمكن أن يؤمن الدكتور بضرورة إثارته، وتفريق الأمة عليه، وتشتيت وحدتها من أجله، حتى لو كان في ذلك خدمةً للعدو الصهيوني الأمريكي!
فإذا كان الدكتور يعتبر إثارة الخلاف العقدي مع الشيعة حلباً في قدح العدو المحتل؛ فلنجرِّب أن نقول له: يجب عليك - إذاً - أن تكفَّ عن انتقاد الاستبداد السياسي للحكومات، وأن تمسك قلمك ولسانك عن المطالبة بالانتخابات والمشاركة الشعبية؛ لأن هذه المطالب هي عينها مطالب العدو الغربي الصهيوني الذي يضغط ويبتزُّ الحكومات بإثارتها، ليحملها في النهاية على تقديم تنازلات تضر بشعوبها.
بالطبع الدكتور لن يقبل مثل هذا الكلام، فهو لا يرى مانعاً أن يحلب في قدح العدو المحتل، لأجل تفعيل محتويات صندوقه، بل لا مانع لديه أن يهبَ عدوَّه البقرة كلها، متى ما تعلَّق الأمر بالرُّكن الأهم عنده: "السياسة"، و"الانتخاب". أما قضايا التوحيد والشرك، والسنة والبدعة، والهدى والضلال؛ فالمغفَّل من يخدم العدو بإثارتها، وهي - في نظر دكتورنا - قضايا تاريخية تنتمي لعصر أحمد بن حنبل، على حدِّ تعبيره في برنامج (إضاءات)!(47/50)
من مظاهر الضَّعف الكبرى في نهج "المحلل السياسي" أنه يطرح أراءً واقتراحاتٍ من كدِّ عقله، دون أن يكلِّفَ نفسه التوقف عند حكم الشرع فيها. وقد رأيتُ د. الأحمري يقترح - من أجل حلِّ المعضلة الشيعية - دمجَ الشيعة في المجتمع السُّني عن طريق رفع ما سماه بـ"الحصار الثقافي" عنهم، وفسح الحرية لهم في ممارسة دينهم المنحرف والدعوة إليه، وعدم إشعارهم بفروق بينهم وبين أهل السنة. بل رأيته يتمنَّى لو وُجد في البلاد السُّنية مراجع شيعية محلية، حتى يخفَّ ولاء الشيعة للمراجع الخارجيين!
ومع تقديري لحسن مقصد الدكتور، فإن الذي يقرأ مثل هذه المقترحات يشعر وكأنه يقرأ لمحللٍ ليبرالي أو علماني لا يرجعُ لأصلٍ ولا دينٍ، ولا تعنيه الانحرافات الدينية لدى الشيعة، إلا بقدر إضرارها بالجانب السياسي للدولة!
هو يتحدث عن الشيعة وكأنه يتكلم عن قبيلةٍ أو عِرْقٍ أو حزبٍ سياسي يريد أن يدمجه في المجتمع وحسب، فلا يخطر ببال الدكتور - وهو يطرح رؤيته - أن الشيعة فرقة منحرفة ضالة يتعين - شرعاً - تحجيمها ما أمكن، والسَّعي في معالجة ضلالاتها، بدلاً من تعميقها وترسيخ وجودها في المجتمع السُّني.
أقول هذا وعجبي يطول من مناداة الدكتور بإقامة مرجع شيعي (طاغوت) من صنعٍ محلي، ليعلِّم الناس الضلال وعقائد الحقد الأسود على خيار الأمة، بدلاً من أن يتعلموها من طاغوت مستورد!
فهل توقَّف الدكتور - قبل أن يتكلم بهذا - عند مدى شرعية مثل هذا المقترَح؟!
وهل نظر في أدلة الكتاب والسنة؛ ليعرفَ إن كان عقله أصاب ههنا أو أخطأ؟!
أو أن النظر في الكتاب والسنة أصبح - أيضاً - نبشاً في التاريخ؟!(47/51)
على أن الحل الذي يقترحه الدكتور - مع مناقضته للشرع - فإن الواقع يُثبت عدم جدواه؛ لأن انتماء الشيعي لمرجعه انتماءٌ دينيٌّ، تحكمه عوامل واعتبارات كثيرة، تأتي الحدود السياسية في آخرها. فها هو العراق أمام ناظري الدكتور متشبِّعٌ بالمراجع الشيعية المحلية، فهل منع ذلك من تبعية الشيعة للمراجع الإيرانية؟! وهذا لبنان يوجد به مرجع محليٌّ معروفٌ، ومع ذلك فإن أكثر اللبنانيين ينتمون لمراجع خارجية معارِضة ومعادية للمرجع المحلي!
أمرٌ آخر، لا أدري هل تفطن له الدكتور أو لا؟ فتنصيب مرجع محلي - لو حصل - فلن يكون للشيعة المحليين رأيٌ في اختياره حسب النظام الداخلي للعصابات الشيعية. فالمراجع خارج الحدود هم من يملك حقَّ تنصيب وإضافة مراجع جدُد، وهم - بالتأكيد - لن يسمحوا بوجود مرجعٍ خارج عن منظومتهم، وعليه فإن الثمرة النهائية لاقتراح الدكتور ستكون فتح قاعدة متقدِّمة للروافض داخل العُمق السُّني!
هذا الكلام أقوله على سبيل التنزل والاستطراد، وإلا فإن الميزان أولاً وآخراً للشرع الحنيف، وما كان الله ليرضى عن أمةٍ لا تمانع من ممارسة بعض أفرادها للكفر أوالفسوق العقدي علناً، بل والدعوة إليه بحمايةٍ من القانون، كما هو مطلب الأستاذ.
دكتورنا - سدَّد الله قلمه - كمَّمَ أفواه "العقديين"، ثم فشل في القيام مكانهم! فالخلل في كلامه لم يقتصر على ضعف "النظر العقدي"، بل تجاوز ذلك إلى ضعفٍ في معرفة واقع الشيعة القائم. وقد رأيته في تعريفه بالباحث الشيعي أحمد الكاتب يذكر أنه (نشأ شيعياً حركياً، ثم ذهب ليكمل دراسته العليا في قم، وسجَّل مسألة "الإمامة" موضوعاً لرسالة دكتوراه في الحوزة في قم).(47/52)
لا أدري كيف يتكلَّم بهذا من يتحدَّث دائماً عن جهل "العقديين" بواقع عصرهم! وكم أتمنى لو أن الشيعة لا يطَّلعون على مثل هذا الكلام لئلا يكون دكتورنا محلًَّ تندُّرهم!! أحمد الكاتب لم يتقدَّم - يوماً من الأيام - لنيل درجة الدكتوراه ولا الماجستير من حوزة قم، وذلك لسببٍ هين، وهو أن الحوزات الشيعية لا يوجد فيها شيء اسمه دكتوراه ولا دراسات عليا؛ هذه الألقاب - لو علمَ دكتورنا - لا وجود لها في عالم الحوزات الأسود، والذي يتخرَّج في الحوزة الشيعية إنما يتأهل لوضع العمامة على رأسه، والتزين بألقاب من مثل: حجة الإسلام، وآية الله، ونحو ذلك من ألقاب معتضدٍ ومعتَمدِ. وكلام الدكتور عن دراسات عليا ودكتوراه في حوزات قم يشبه قول القائل: إن فلاناً سجل أطروحة دكتوراه في جامع الرياض الكبير!
الدكتور - غفر الله - سَخِر من "العقديين"، واتهمهم بالجهل بالواقع، ثم أقام نفسه مقامهم في علاج المسألة الشيعية، ليكشف بعد هذا عن ضعف معرفته بواقع الشيعة، ومعتقداتهم، ونظام المرجعية عندهم، فضلاً عن منهجية التعليم في حوزاتهم السوداء. بقي أن أنبِّهَ إلى أن د. الأحمري حين يشرح رؤيته للمعضلة الشيعية، فإنه لا يطرح أفكاره بصفتها حلولاً طارئة لوضعٍ استثنائي مؤقت. فهو حين ينادي بتطبيع التشيُّع داخل المجتمع السني؛ لا يفعل ذلك اضطراراً، وحذراً من الخطر الخارجي المحدِق، وإنما يقول هذا باعتباره الأصل، انطلاقاً من قاعدة كبرى يؤمن بها تمام الإيمان.(47/53)
الدكتور - غفر الله له - يؤمِن بالحرية الفكرية بمفهومها الغربي؛ فمن رأيه ومذهبه أن الحرية الفكرية وحرية التعبير يجب أن تكون مصانةً ومتاحةً للجميع، فليس الرافضيُّ وحده الذي يجب أن تتاحَ له الفرصة لممارسة ضلاله والدعوة إليه! بل حتى الكافر الصَّريح، والشيوعي الملحد، من حقه ألا يُقمَع ويُقصَى، بل يجب أن يكون حرَّاً في إبداء رأيه والدعوة إليه! بل إن دكتورنا يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك؛ فلا مانعَ لديه من أن تفسحَ الدولة المسلمة لأحزابٍ سياسيةٍ تقوم على مبادئ الكفر والضلال!! فلا نهضة للأمة - حسب الدكتور - مالم يتسع صدرها لمثل هذه الحرية المترامية الأطراف!
هذا ما يقرِّره الأستاذ ويؤمن به، وقد سبقَ لي بحثٌ معه حول هذا المنحَى الخطير. ثم سمعته بعد ذلك ببرنامج (إضاءات) يذكر أن الإسلاميين "إذا كان عندهم استعدادٌ لوقف الآخرين وكبت حرياتهم فهذه قضية سيئة جداً"!
فليتَ شعري إذا لم يكن من هدف الداعية والمصْلِح إيقاف الباطل وإقصاءُ أهله؛ فما فائدة دعوته وإصلاحه إذاً؟!
حين أذكرُ هذا الكلام عن الدكتور - أصلح الله باله - فإني أريد بيان الزاوية التي نظر من خلالها وهو يتصدى لعلاج "المعضلة الشيعية"، فهو لا يبني فكرته من خلال ملابسات الواقع القائم، بل من خلال قناعةٍ داخلية راسخةٍ لا علاقةَ لها بتآمر الغربيين ضدنا.
الدكتور - رعاه الله - ينطلق من مجموعة تصورات ومفاهيم تجمعها كلمة "ديمقراطية"، ويخطئ من يظنُّ أنه عالج "المعضلة الشيعية" من خلال معرفته الواسعة بتعقيدات الوضع القائم كما يبدو من ظاهر الأمر، بل وكما يجتهد الدكتور في تصوير ذلك. فحديثه الدائم عن الحرية، وعن العقديين وصناديقهم المقفَلة، وكلامه عن ضرورة استيعاب مشاكل العصر، والبعد عن الاستغراق والتعصُّب لآراء الأسلاف، والتشاغل بالخلافات التاريخية.. كل هذا الكلام يتجه إلى مصبٍّ واحد، ينتهي عند دلتا "الديمقراطية".(47/54)
ودكتورنا - سلمه الله - لم يكن الأول في هذا الطريق، ولا أظنه سيكون الأخير؛ فهو من أناسٍ أرهقهم ضغط الواقع السياسي لأمتهم، فالتبستْ عليهم المسالك، واشتبهتْ عليهم الدروب، فاستبدلوا بالدعوة للتوحيد الدعوةَ للتعددية، واعتاضوا عن تحكيم الشرع بتحكيم صناديق الاقتراع ورأي الأكثرية، فصاروا يركضون طلباً لدولة الحرية، بدلاً من السعي لإقامة دولة الملة الحنيفية. وقد كان مدة ستة عشر عاماً قضاها في أمريكا (أرضَ العدو المحتل) أبلغَ الأثر في تشبُّع نفسه بمثل هذا التوجُّه.
ومن المفارقات أن تقرير مؤسسة (راند) الأخير جعلَ من أهم مواصفات الحليف والعميل الأمريكي: الإيمان بالديمقراطية والحرية الدينية والفكرية. والدكتور - بحسن نيةٍ - ممن يؤمن بذلك ويدعو إليه، وفي الوقت نفسه يتهم مخالفيه بخدمة مخططات العدو، والحلب في قدحه، وإلى الله المشتكى!
مما توقفتُ عنده قول الدكتور في برنامج (إضاءات) إنه يتحفظ على السلفية المعاصرة لأنها "أصبحت تقليداً للمرحلة التي عاشها الإمام أحمد وخصومه"، ولأن "السلفيَّ في العصر الحديث لا بدَّ أن يبحثَ عن المعتزلة حتى يخاصمَهم، ولا بدَّ أن يبحث عن الأشعرية حتى يخاصمهم، ولا بد أن يبحث عن الشيعة حتى يخاصمهم"!.
ومع ما في هذا الكلام من مبالغةٍ وخللٍ، فإني حين قرأته حمدتُ الله - عز وجلَّ - أن جعل النهج السَّلفي الأصيل هو الغالب والسائد بين أهل العلم وطلابه في بلدي، مع ما في تطبيقهم له من خللٍ وقصور ظاهرين. ولو أن الناس أطاعوا د. الأحمري لأضاعوا الدين ولم يصلحوا الدنيا. ولو آمن دعاة السنة بما يدعو إليه الدكتور لخسروا دولتهم، ولم يفلحوا في التخلُّص من النفوذ الأجنبي الذي يريد منا الدكتور تقديم السنة ثمناً للهرب منه.(47/55)
ومن خلال تتبعِ النشاط الشيعي في المنطقة، فأنا على يقينٍ من أن الطرح الذي يقدِّمه د.الأحمري لا يسبب أيَّ إزعاجٍ أو قلقٍ، لا لدعاة الرفض والتشيع، ولا للصهاينة الأمريكيين، بل إنه يمهد الأرضية التي يستطيعون غرس باطلهم فيها.
فالشيعة يستطيعون التعامل مع أمثال الدكتور بيُسرٍ وسهولةٍ، ولا يجدون أدنى مشقةٍ في تلهيته بشعارات الاتحاد في وجه العدو المشترك؛ لأنه لا ينطلق من قواعد شرعية واضحةٍ في نظرته إليهم، وإنما يتعامل معهم وفقَ ألاعيب السياسة التي يتقن شياطين الشيعة فنونها.
أما الدعوة السَّلفية - فمع ما فيها من ضعفٍ وانقسامٍ - فإنها تمثِّل الحاجز الأكبر، والسدَّ المنيع في وجه المدِّ الرافضي باعتراف أهله. فالروافض لا شكوى لهم اليوم إلا من "الوهابية" التي عجزوا عن اختراقها، فلجأوا للالتفاف عليها عن طريق العبث بأصحاب "التحليل السياسي" المبهورين ببطولات "حزب الله"، والمشفقين على مفاعل إيران النووي!
ومن الجانب الآخر إذا نظرنا للهيمنة الأمريكية الصهيونية التي تشغل الدكتور، فإن العدوَّ يعترف ويقرُّ - والدكتور يعرف هذا - أن السلفية تمثل التحدي الأكبر له، في حين أنه لا يحسب حساباً لأمثال الدكتور، إلا بقدر اتفاقه مع الطريقة السلفية، وتقرير (راند) لم يكن الشاهد الأول على ذلك.
بقيَ أن أقول في الختام: إني أؤيد الدكتور تماماً فيما ذكره في مقالته عن "المعضلة الشيعية" من التأكيد على ضرورة التوجه لعامة الشيعة بالدعوة والتوجيه، لكن هذا كله لا يلغي ضرورة تحصين المسلمين بتحذيرهم وتنفيرهم من الرَّفض وأئمته، فالمحافظة على رأس المال أولى من البحث عن مكاسب جديدة.
عودة إيران لحراسة الجيران
الصراط المستقيم (السنة التاسعة العدد91) ( صفر1421هـ) 5/2000
محمد الأحمري
…[هذه مقالة قيمة كتبها د.الأحمري ونحن نوافقه على ما جاء فيها ، قمنا بحذف بعض الاستطرادات غير الرئيسية. الراصد].
مقدمة مجلة الصراط المستقيم(47/56)
…ما لم نتعرض للقضايا الشائكة والعالقة في أوساط الجيل الإسلامي المعاصر بالتحري والمعالجة والتمحيص وطول النظر، ونباشر مهمة التصحيح الداخلي سواء للمقولات والأفهام الخاطئة أو الممارسات والقوالب المهترئة، فإن أكثر الملفات الساخنة المطروحة على ساحة العمل الإسلامي ستظل حبيسة الأقبية والدهاليز وخاضعة للمراوحة والتأرجح. نعم! إن وصف أفهام وأنماط معينة في التعامل مع الواقع بأنها قاصرة وعرجاء وبحاجة ملحة لوقفات هادئة وناقدة، هو بحد ذاته مسألة قيمية ونسبية، قد تستند لحجج شرعية وخبرات وتجارب وإرث تاريخي، غير أن التعامل مع التراث كثيراً ما يخضع لحسابات وسوابق، فكل يحاول جاهداً لأن يقولب ويكيف ما تقع عليه عيناه أو ما ينتقيه من مقولات ووقائع بما يوافق اختياره وما تبناه من طرائق ليضفي على ما انتهى إليه نوعاً من القداسة والهالة، ويبدو أن ظاهرة الافتتان الأخيرة بالتجربة السياسة الإيرانية داخل أوساط البعض ممن يحسب على الإسلاميين تترست بهذه المقولة (تعدد رؤى وقراءات التراث) لتسويغ هذا التوجه، طبعاً مع الاتكاء على معطيات أملتها التغيرات الأخيرة والنوازل الطارئة، ولكن ما غفل عنه هؤلاء هو أن الأمر أعمق من النظرات السطحية والنزوات العابرة لتداخله مع مسائل الاعتقاد، ثم لارتباطه بأبعاد مكانية (جيو ـ إستراتيجيه) وحيوية قد تخفى عن البعض أو قد يتكتمها، ومن ثم فلا مناص من خوض الرواحل وصناع الحياة وقادة الجيل لهذه المناطق "المحظورة" وبيان ما يحتاج إلى تبيين، إبراءً للذمة وإعذاراً إلى الله تعالى وباعتبار هذه الخطوة ـ بحد ذاتها ـ ركن ركين في تأصيل منهجية العمل الإسلامي المعاصر، ولبنة في صرح التصحيح الداخلي الذي يتصدر قائمة أولويات الهم الإسلامي الراهن. وإثراءً لهذه المعاني وإسهاماً منا في خوض غمار ما نزعم أنه تعرض للطي والإسكات ـ بشكل أو بآخر ـ اجتهدنا في اختراق إحدى هذه "الممنوعات" المصطنعة التي ظلت إلى(47/57)
وقت قريب ـ بل وإلى يومنا هذا ـ عرضة للمساومات والمزايدات، ونعني بها التجربة السياسية الإيرانية والدور الموكل إليها بشكل أو بآخر لحراسة "الخليج".
…والتهافت المشهود من بني جلدتنا ووجهتنا لاحتضان "ثورتها الثانية"، ورائد النبش في هذا الملف وسبر أغواره أحد حملة هم التصحيح الداخلي وصناع الاقتحام والدق على الصدر الأستاذ والمفكر الإسلامي الصاعد محمد الأحمري رئيس أمناء التجمع الإسلامي في أمريكا الشمالية.
"الإستراتيجية":
"الأهداف هي الآمال أو الأحلام التي يريد الفرد أو المجموع بلوغها، والإستراتيجية هي الطريقة العملية لبلوغ الهدف، والإستراتيجي هو منفذ الأهداف الذي تعود أن يحول الآمال إلى أعمال".
قبل قرابة خمسة وعشرين عاماً خرجت دراسة إستراتيجية في الولايات المتحدة تتحدث عن أن العقود القادمة لن تحمل للولايات المتحدة أي مفاجآت. وبعد أقل من خمس سنوات جاءت المفاجأة الكبيرة الثورة الإيرانية، وبارت التقديرات والمحاولات الكبيرة للإمساك بعنان الشعوب وأقدارها، فالله وحده هو الذي يملك كل شيء ويفعل ما يشاء ويقدر، ولا يضيع عمل عامل يجد لتغيير ما به. أما الناس فيحاولون ويقدرون ويغفلون، وقد أذن الله لهم وفطرهم على البحث والمحاولة وأرشدهم لطرق العمل والحركة والتفكير والتغيير، ولكن منهم من يقف حائراً فيجعل الحركة لغيره.(47/58)
تقفون والفلك المسير دائر وتقدرون فتضحك الأقدار فما أحوجنا أن نغادر الوقوف ونسعى للتفكير ثم العمل على صناعة مستقبل لنا ديناً ودنيا، كما نرى الأمم غيرنا تصنع مستقبلها فوق رؤوسنا، وكأننا مواد بناء جامدة لهم يصنعون بها مستقبلهم كيف أرادوا. وعلينا أن نحدد لنا أهدافاً وغاية فتنقلب طبائعها، وتتحرك فيها طاقات ما كان يراها الإنسان في نفسه ولا أمته قبل لحظات الوعي. في طريق البحث عن مادة هذا المقال وجدت نصاً لأحدهم يرثي مستقبل القوة الأمريكية، ويقول: "أمر محزن ألا يكون لدينا تحد كبير، وأكبر منه أن يمر زماننا بهدوء ورغد وسهولة إن ذلك علامة هرمنا وبعث حياة جديدة في مكان آخر من العالم!".
تلك ملاحظات قوم إحساسهم بالتاريخ السارب من اليد عميق، يتتبعون مرور الزمان، ويدرسون ملامح الحضارات وسحنة وجوهها في زمن الشباب والكهولة والشيخوخة. ويبحثون بكل جد عن وسائل تحافظ على حياة حضارتهم أشد من حرصهم على برنامج "كومبيوتري" جديد، أو على صناعة علاج لداء خطر. ومسكين من يفد من عالمنا ليقرأ في هذا الكم الهائل عندهم الذي يبحث في الإستراتيجية أو فلسفة الحضارة، أو مستقبل علاقاتهم بنا أو بغيرنا، لضخامة المادة المتوفرة التي تتجاوز قدرة فرد أو أفراد على الإحاطة بها. وقد نبالغ في تقدير قولهم ودراساتهم ونغر أنفسنا بتتبع آرائهم المتضاربة، أو قول بعضهم ضد بعض. ويخيل لنا أننا بتحيزنا لمدرسة أو فكرة نكون قد حسمنا الصراع لصالح آرائنا العاطفية.(47/59)
فمرة نصطف مع شبنجلر طربين فرحين بـ "تدهور الغرب"، أو مؤمنين على قول فوكوياما بأن العالم قد انتهى تاريخه (صراعه في التطور الفكري والعملي) عند الرأسمالية والديموقراطية الليبرالية ولم يعد للفكر مستقبل خارج هاتين الفكرتين. ولكل من الفكرتين جذورهما الدينية التي يعوزنا التحقيق فيهما. كما أننا لا نرود طرق البحث بأنفسنا بما نعرفه من حالنا وحال غيرنا. ويلحق نتيجة لذلك ألا يكون لنا دور في رسم مستقبل الحدث.
حيوية على الشاطئ الآخر:
ومنذ فترة ليست قصيرة وبعد متابعة تلك الدراسات والمقابلات الطويلة مع أو عن كتاب ومفكرين من إيران، يهتم بهم غربيون كثيرون من أمثال: كول وروبين رايت، وكيدي، وغيرهم. ومجمل هذه البحوث والدراسات تتعرض لدراسة الحركة الفكرية الكبيرة التي تتفاعل في المجتمع الشيعي.
ومستقبل الحكومة والشعب الذي يضطرب بما يزيد عن مائة وخمسين منظمة أو نقابة اجتماعية وسياسية وما يزيد عن ألف ومائة مطبوعة ما بين يومية وفصلية. وحركة فكرية لم تعيشها تلك البلاد منذ قرون، وهذه ظاهرة عامة في حركية الفكر الشيعي المعاصر في إيران وغيره.
يقول شيخهم محمد حسين فضل الله: "إن التشيع يشهد حركة اجتهاد لم يسبق لها مثيل إلا حركة الاجتهاد عند السنة في القرن الثاني الهجري"، وهذا إلى جانب الصراع بين اليمين والوسط واليسار السياسي، في مجتمع أقر بمبادئ دينية أو دنيوية يراها حقاً ـ حسب مذهبهم بانحرافاته ـ وهو سائر عليها، أحبها الناس في الخارج أم كرهوها. ويرى المراقبون في هذه الحيوية الفكرية والسياسية صفحة جديدة قد يكون لها أثرها على تاريخ العالم. فلم يُجْد مع هذه الثورة عزلها ولا حربها، ولا حصارها ولا نقدها، فهي تهرب كل يوم من يد الممسك بها. وتتلون في طريق سيرها نحو ما تريد.(47/60)
وكان مما قرأنا عنه منذ نحو عام أن هذه الثورة الإيرانية ستستعيد النفوذ الذي كان للشاه في الخليج العربي، وأن أمريكا تبحث عن شريك قوي في المنطقة. و
إيران لم تعد تلك الدولة الخطيرة المتزمتة ولا ذات الموقف المتشدد في علاقاتها نحو جيرانها، وأنه يسودها الانفتاح والوضوح والتقدم في مسيرة الإنسانية، وكلمات كثيرة من الترويج لا طرف لها مما أوحى بأن شيء يتجه للانفراج بين الخصمين.
وهذه العلاقات تدخل فصلاً مهماً من فصولها فهي من أغرب النماذج التي تستحق البحث والتأمل في دراسات العلاقات الدولية. فكل طرف له معاناته مع الآخر، وحرصه على بقاء خطوط للتعامل.(47/61)
ولعل من المناسب أن نعطي صورة للأزمة في العلاقة على الجانب الإيرانية. أولاً، خرج في إيران منذ سنوات فيلم بعنوان "رجل الثلج"، يبدأ هذا الفيلم كما لخصه كتاب "الخاتمية" بإظهار ممثل ساخر وهو يقف أمام شباك المراجعات داخل السفارة الأمريكية في أنقرة، متقدماً بطلب للحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، ووجه طلبه بالرفض كما يحدث لأكثر الطلبات، وأثار موقف السفارة الأمريكية حنق المواطن الإيراني، ويظهر عصبيته وغضبه، وتنفجر وطنيته ويصرخ بوجه موظفي السفارة قائلاً ماذا تريدون مني حتى تمنحوني التأشيرة المطلوبة؟ هل يلزمني أن أنضم إلى المعارضة الملكية المؤيدة لعودة ابن الشاه؟ أم لا بد أن أتحول إلى جاسوس يعمل لديكم؟ هل يجب أن أبيع وطني؟ وتتدفق أسئلة كلها تعدد الأسباب التي يمكن لصاحبها الإيراني أن تقبل بها طلبه. وتستمر مشاهد الفيلم حتى اللحظة الأخيرة منه، وهي تشرح المشاعر المزدوجة والحائرة للمواطن الإيراني العادي، بين رغبته الجامحة في زيارة أمريكا وبين إصراره الدفين على المحافظة على كرامته وعزته، وشخصيته المتميزة أو الوطنية، وأنفته التي ترفض شروط الحصول على التأشيرة القاضية بأن يتحول بطل الفيلم إلى امرأة، في إشارة إلى تشويه صورة المواطن الإيراني، حتى يتمكن (تتمكن) من الزواج بأمريكي، وليربح حق الدخول إلى الولايات الأمريكية. ويسافر بعد ذلك لأمريكا بعد أن غير جنسه. وينتهي الفيلم بأن يعود الممثل من أمريكا ويستعيد شخصيته الحقيقية. وقد عبر الفيلم بدرجة عالية من الحساسية والشفافية حقيقة المشاعر المتداخلة في أعماق العديد من الأوساط الإيرانية تجاه الولايات المتحدة، التي تشترك المسخ قبل العلاقة. وقد أثار الفيلم مشكلات كثيرة، ورفض عرضه لمدة ثلاث سنوات في طهران، ولكن خاتمي وحزبه سمحوا بإخراجه وعرضه. وإن كان الفيلم يمثل شخصاً ومعاناته ولكنه يشرح بوضوح طبيعة العلاقة التي تريدها أمريكا من التعامل مع(47/62)
إيران، وشروطها العسيرة والمدمرة لكيان من يريد أن يتعامل معها من موقع إنسانيته واستقلاله، أو من خلال إبقاء مصالحه( ).
كان هذا الفيلم يمثل نوعاً من الرد غير المباشر على فيلم "ليس بدون ابنتي" والذي صور الفرس والإسلام بصورة الخاطفين وغير الإنسانيين وذوي العنف والشراسة، وأن الأمريكي يصل في النهاية لأخذ حقه منهم مرغمين مقهورين، وتستطيع الأم أن تأخذ ابنتها من الأب الإيراني.
والصورة أو المشهد الذي ظهر في "رجل الثلج" لم يعد كله تمثيلاً بل فيه من الحقيقة ما يعرفه من يراقب تزمت أمريكا في العلاقات وعجرفتها؛ ثم إن الأيام لم تلبث أن تمر غير بعيدة حتى وجدنا وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين ألبرايت يوم 17 مارس 2000م، تقف على شباك العلاقات الإيرانية تقدم طلب العلاقة والمودة أو كادت، وتخطب عن حضارة إيران: "التي هي من أقدم حضارات العالم الحية"، كما قالت. وتنفخ الفخر والغرور في عظمة شعب فارس!
وقد وصلت هذه المحاضرة أو الخطبة نكدة للسامعين فقد مرت بطريق طويل من التمهيد وترتيب المكان أو المركز الإيراني الأمريكي الذي تصرح فيه بخطوتها وخطبتها الطويلة عن العلاقة العسرة. وبدأت بالمدح والقصص والاعتذار عن خطأ أمريكا في إحباط ثورة مصدق وامتهان شعب إيران بتلك الثورة المضادة التي أعادت تحكم الشاه وأمريكا في الشعب. ثم اعتذرت عن موقف أمريكا ومحاولتها قهر ومساندة صدام في الحرب التي عدتها أمريكا حربها على الثورة.(47/63)
وقد سبق مواقف وزيرة الخارجية ألبرايت حملة لإعادة العلاقة قامت بها الشركات البترولية الكبيرة وعدد من السياسيين والاقتصاديين، وقد تبين أن الذي خسر حرب العزلة ليست إيران فقط، بل أمريكا أيضاً. وما ذكرته الولايات المتحدة من أنها تفتح العلاقات التجارية مع إيران حرصاً على التبادل في مجالات: "الفستق والسجاد والكافيار والثمار المجففة"، ليست هذه البضائع هي كل المشكلة والمكسب، وليس نقص الفستق والسجاد في أمريكا، ولكن هناك أسباب دولية كبيرة تجعل العلاقة الجيدة والانفتاح بين أمريكا وإيران قضية إستراتيجية مهمة. ويحمل الخبر لإيران بشائر عديدة ومخاطر، فمن البشائر إمكان حصول إيران على ما يزيد عن عشرين مليار دولار هي الودائع الإيرانية منذ زمن الشاة كما تقول إيران، وتعترف أمريكا بأكثر من النصف من هذا المبلغ. والتصدير للبضائع الإيرانية، والأهم من كل هذا النفوذ للخليج العربي بشكل أكبر، ولمناطق وتجارات تمارسها إيران بطرق ملتوية. وقد قابل خامنئي الخبر بالشك والتحذير وبعبارات حانقة، أما خاتمي فلم يقل مهما من القول في هذه المناسبة. وظهر القبول منه، والقول الحذر من رفسنجاني، أما وزير الخارجية فبادر للترتيب التنفيذي للعلاقة، ويبدو أن هذا هو الموقف العملي المقرر، وتبقى كلمات للإعلام والاستهلاك العام معادية عند الجهتين تظهر خلاف الحقيقة ولكنها تساعد دائما في التحولات السياسية، ويهم وجودها للمناورين.
أسباب للتوجهات الجديدة:(47/64)
من هذه الأسباب ما هو معلن معروف ومنها ما هو مسكوت عنه أو متوقع ولكنه مهم أيضاً: فمن الأسباب المعلنة أهمية إيران في أمن الخليج "بتروله" ومستقبله، وقد سمته ألبرايت بـ "الخليج" فقط ولم تقل "الفارسي" كما يغلب على الأدبيات الأمريكية. ثم الأسباب التجارية التي أشرت لها. ومن الأسباب المتوقعة التي يتحدث عنها المراقبون وأظهرت مواقف الإيرانيين وتوجسهم وشكهم منها: أن أمريكا تريد بهذا الانفتاح والعلاقة إثارة أزمة داخلية وصراع بين المحافظين والإصلاحيين في إيران. وتأليب الحرب بين المعسكرين مما يعيد إيران إلى مرحلة التبعية التي سبقت الثورة، من خلال إثارة النزاع وعدم الاستقرار، أو سيطرة المعسكر المتغرب التابع الذي يجد لذته في التبعية للغرب، والهرب من الدين والذات، ويكتفي بالسفور والجينز والمكدونلدز ومظاهر التحلل والخذلان، كما هو مسيطر على عقول بقية المتغربين في العالم الإسلامي. ومن الأسباب غير المعلنة في الخطاب: أزمة العلاقة الأوروبية الأمريكية والخلاف التجاري، ودخول فرنسا والصين ميدان الاستثمار البترولي في إيران رغم المعارضة الأمريكية لهذا التوجه.
العامل الإسرائيلي وحزب الله والسلام:(47/65)
هنالك أيضاً رغبة أمريكية في إتمام عملية السلام وإنهاء العداء والإثارة الإيرانية ضد "إسرائيل" وتعويق مصالحها في العالم العربي والإسلامي ووسط آسيا الذي تشهد جمهورياته الإسلامية استثمارات "إسرائيلية" فاحشة في التقنية، والسياحة والتجارة العامة والعقارات. ومن أهم توابع الخلاص من عداء إيران "لإسرائيل": الخلاص من حزب الله في لبنان، فهو عنصر إرهاق "لإسرائيل"، وهو مثير للعداء ولنزعة الحرب والمواجهة في البلاد العربية، ومهيج للحرب ضدها، وأثبت الحزب رغم تواضع إمكاناته أن الحل هو الحرب، وهي اللغة الوحيدة التي تفهمها وتحترمها "إسرائيل". وهو الجبهة الوحيدة المفتوحة ضد اليهود في عالم العرب والمسلمين. تبرز أيضاً مشكلة الجواسيس اليهود المعتقلين في إيران وما يمكن أن يلقوه من مصير. وبالرغم من صغر هذه القضية فإن الأولوية تبقى "لإسرائيل" في العلاقات الأمريكية الخارجية، فهي قادرة على تحريك أمريكا لخدمة قضايا صغيرة كهذه.
حلف عسكري وإنذار مبكر:
لكوهين وزير الدفاع الأمريكي رحلتان سنويتان لمنطقة الخليج والدول العربية الحليفة، وفي رحلتيه الأخيرتين أخذ يسوق لمبادرة للدفاع المشترك بين الولايات المتحدة ودول الخليج ومصر والأردن، لتبادل المعلومات والإنذار عن أي خطر صاروخي لحماية المواطنين (واشنطن بوست 7 محرم 1421هـ، الموافق 11/4/2000م).
وتستعمل الولايات المتحدة صداماً لترويع العرب في المنطقة وإلزامهم بالطاعة لكل مشروع معروض عليهم وشراء أي سلاح يراد تصنيعه أو التخلص منه وقد سكتت أمريكا الآن عن الخطر الإيراني، فهل ستدخل إيران في هذا النظام؟ وأين موقع "إسرائيل" منه؟
مسألة الخليج العربي:(47/66)
لم يكن الخليج مسألة ثانوية في العلاقات الدولية منذ قرون طويلة، ولن يكن أقل خطورة في العقود القادمة، وأكثر القوى العظمى التي حكمت العالم كانت تجد نفسها محتاجة للمرور به، والسيطرة عليه يوم كان ممراً للتجارة في عصور سحيقة إلى زمن البرتغاليين ثم البريطانيين ثم الأمريكيين، ثم ما جاء به عهد البترول من تأكيد خطورة ثم الممر الدولي الذي حسر عن ذهب أسود مغر لكل دول العالم الطامحة، أو لشعوبه الفقيرة، وقد قامت على شاطئه الغربي أهم قاعدة أمريكية ضد روسيا في المنطقة منذ عام 1984م إلى اليوم، وقبل أن نتحدث عن العلاقات الإيرانية الأمريكية في الخليج، نمهد بمسائل تهم كل دارس لهذه العلاقة، منها:
غياب الإستراتجية المحلية:
تتعامل القوى الدولية الكبيرة مع الخليج كـ "غنيمة" (The prize) وهذا عنوان كتاب لرئيس تحرير صحيفة نيويورك تايمز عن البترول عامة والبترول في المنطقة خاصة. ويحرص الغرب على إبقاء هذه الغنيمة أو الضحية حية منتجة ومشلولة عن المقاومة عن المقاومة في نفس الوقت، وأبرز ملامح هذه الخطة السلبية الكبيرة التي يحاصر بها البحث السياسي والفكر والثقافة في المنطقة، ومن أكبر المحرمات على السكان والعلماء والمفكرين فيها بحث المسألة السياسية والاقتصادية، ويترك التفكير والقرار لمستشارين غربيين من خارج المنطقة...
العزلة ليست شراً مطلقاً:(47/67)
فرضت أمريكا عزلة على إيران منذ أكثر من عشرين عاماً، تضرر بها الشعب والاقتصاد. غير أن الإيرانيين قد استفادوا من هذه العزلة فوائد عديدة منها تكوين هويتهم وثقافتهم في فسحة من أمرهم كما يريدون، وتم تكوين دولتهم بلا تدخل من رقيب غريب، وهذه أمور لا يدركها إلا من عرف طريقة الغربيين المتواترة في هلهلة الثقافة الوطنية للأمم ومسخها لتصبح فلكلوراً شعبياً قديماً ميتاً، واستخدام المنافذ الثقافية لزرع الشقاق والنزاع وتعدد الولاءات داخل الدول المفتوجة. وهو بعض ما يهدف له الانفتاح المطلوب الآن.
…
وقد واجهوا إمكاناتهم دون زيف ولا تخيل وبلا أمل من حلول يقدمها مستشارون أو سفراء، فتمكنوا من استعمال ثروتهم أو محاولة التعامل معها واستخراجها سواء كانت مادة أو عملاً، وبحثوا عن رزقهم بأنفسهم كما لا تتمكن المستعمرات أن تفعل، واستطاعوا فتح الأسواق المجاورة لصناعتهم فقد فوجئ الغرب بدخول إيران في سوق السلاح الدولية بأسلحة رخيصة وفعالية كبيرة، وبدأوا في ممارسة مهنة الغربيين القديمة التي تبدأ باحتكار السوق الاقتصادي وتنتهي بالسياسي. فالتجارة والسياحة أولاً، ثم تأتي الجيوش لحماية التجارة والمصالح القومية أو الإستراتيجية كما يقولون. كما حدث مع شركة الهند الشرقية التي تأسست نحو عام 1600م، إذ لم تتدخل بريطانيا لحمايتها ـ احتلالها الهند ـ إلا بعد أكثر من قرنين. فهذه التجارة طليعة الاستعمار. وهي سنة القوى الغالبة تكررت في أماكن أخرى غير الهند وغير الخليج وشمال أفريقيا.(47/68)
وقد أفادت العزلة إيران فائدة كبيرة، وأفادهم حصار العراق في احتكار السوق العراقية. ومدوا أعناقهم لوسط آسيا وبدأوا يمارسون فيها أساليب المستعمرين، دون التزامات دولية أو تبعية للقرار الغربي. وتوفر استقلال القرار مع وجود الهوية الدينية الفكرية وتقدم صناعي ـ مقارنة بالجيران ـ كل هذا صنع لهم وللتعامل معهم جاذبية بين دول العالم الثالث المستبعدة من سياق النمو العالمي في إفريقيا وآسيا، مما يساعد على كسر حواجز العزلة الدولية. وهذا الانفتاح يعزل أمريكا ويساهم في صناعة وتقوية "السوق الدولي المتمرد" على القوة العظمى الذي تقوده الآن أوروبا ودول كثيرة حول العالم بعضها صغيرة مثل ماليزيا، وبعضها كبيرة جداً وتعمل على ذلك وقد لا تهمس بمرادها كشرق وجنوب آسيا عامة بما فيه الصين والهند.
الغرب ليس موقفاً واحداً:
الإجمال الذي يلقيه عدد منا على أوصاف الغرب يخدعنا عن مشاهدة الأمر كما هو والتعامل مع الواقع، فالغرب يحب لنا التخلف والكفر والفسوق والفقر والعلمانية والجهل، ولكنه يبقى مضطراً للتعامل معنا مهما كنا، فللغرب مصالح متضاربة يصطرع عليها من قرون...
سلع اقتصادية مؤثرة في الموقف:
بترول بحر قزوين في الفترة الأخيرة باهتمام أمريكي مبين، وبخاصة بعد أن أعلنت إيران عن خط الأنابيب الذي يمكنه أن يصدر 370.000 برميل يومياً ومخزون بحر قزوين لا يعرفه أحد. اما التقديرات فتقول بأن فيه حوالي عشرين مليار برميلاً وتصل به بعض التقديرات إلى 160 مليار برميل. ولكن الصين وفرنسا خرجت عن موقف أمريكا وبدأت الاستثمار وساهمت بنوك فرنسية في الاستثمار، وبعضها بدعم من لحكومة الفرنسية ثم مؤخراً وبعد بيانات أمريكا الودية أعلنت إيران اكتشاف حقول الغاز وبكميات هائلة.
وأخرى سياسية بين إيران و "إسرائيل":(47/69)
كان حزب الله في لبنان يمثل في خطتهم حلقة في الجبهة الشمالية الغربية للعالم الشيعي الموعود، الذي كان يفترض أن يقيم حكومته في لبنان، ويتصل نفوذه بالشيعة في سوريا( )، والعراق وإيران ولتقوم دولة عظمى من باكستان إلى لبنان، وقد خابت كثير من هذه الآمال، وقد صرح بها أبو الحسن بني صدر، وتحدث عنها حزب الله في منشوراته. أما وقد فشل المشروع نهائياً أو مؤقتاً فلن تبيع إيران الحزب رخيصاً، ولا يثمن لأمريكا أو "لإسرائيل"، ولكن لا بد لإيران أن تترك نفوذها العسكري في لبنان، لهذا سوف تحرص على المقايضة بينها وبين "إسرائيل"، ربما بالقوة العسكرية لحزب الله، وقد يكون لحزب الله مستقبل آخر بحيث يتحول عن دوره الحالي وأسلوب مواجهته ليصبح منظمة سياسية وثقافية وأعمالاً دعوية أو خيرية، وسيسبب هذا التغيير أثراً كبير على مسألة توازن المذاهب في لبنان والوجود الشيعي فيما جاورها. وليساهم مستقبلاً في إستراتيجية أوسع.
وحين تخرج إيران من جنوب لبنان "حزب الله"، فهل تقبض ثمن مغادرتها لجنوب لبنان نفوذاً أكبر في الخليج؟ نشرت جريدة هارتاز يوم الأربعاء الخامس من أبريل 2000م نقلاً عن وزير العدل "الإسرائيلي" يوسي بلين أن على "إسرائيل" أن تعيد النظر في علاقاتها مع إيران في ظروف التغيرات التي حصلت في إيران، وفي جو إمكان السلام مع سوريا، وأشار إلى التحسن في العلاقات الأوروبية الإيرانية، وأشارت الجريدة أن وزير الخارجية ديفيد ليفي وغيره يشاركون بلين الرأي، وإن لم يعلنوا ذلك.(47/70)
وكانت "إسرائيل" تعد إيران عدواً أما اليوم فيعدونها "تهديداً أمنياً" كما رفع خاتمي شعار "الإنسانية وعدم العداوة بين الشعب الأمريكي والشعب الإيراني ولا عداوة بين الثقافتين"، أعاد بيلين القول فيما يتعلق بالعلاقة بين "إسرائيل" وإيران بما يكاد أن يكون نص كلام خاتمي ونفى العداوة بين الشعب الإيراني والشعب اليهودي. وزاد قوله: "ولنا مصالح مشتركة في المنطقة". وتداخل كبير بين المصالح "الإسرائيلية" والإيرانية في الخليج، وقد لا يكون أهمها غاز قطر.
أم سيكون ثمن حزب الله مقابل نفوذ في وسط آسيا؟ لقد ألمحت أمريكا سابقاً إلى أنها قد تتخلى عن النفوذ في وسط آسيا، والأدلة على عكس هذا القول.
فقد أعلن المفكرون اليهودي برنارد لويس ـ له علاقة قوية بأصحاب القرارات ـ من منصة سياسية مهمة ـ هي مجلة الشؤون الخارجية( ) ـ أن الجمهوريات الإسلامية مما يدخل مستقبلاً في الشرق الأوسط، وفي دائرة نفوذ "إسرائيل"! ووسط آسيا من مناطق النزاع القادمة التي قد تسوى فيه بعض العلاقات بعد التسوية في البنان. وإيران لن تكون خارج هذه التسويات. وهي مرشحة لدور هنا أكثر من تركيا كما سيأتي.
الخروج من الخليج أم المشاركة؟
تتحدث بعض الجهات التي تصنع القرار عن مشاركة إيران في أمن الخليج، وأنه طعم سيقدم لإيران في الوقت المناسب، وقد تعامل البريطانيون مع إيران الشيعية ذات يوم لإبعاد شبح الوهابية عن الخليج، فهل كانت بريطانيا تهتم بسلامة الاعتقاد؟! ثم لما خرج البترول في عبدان تحالفت مع الكعبيين السنة في عربستان لإبعاد الفرس أو كما قالت الهرطقة الشيعية من المنطقة!(47/71)
وقد تحالف الغرب مع مسلمين في المنطقة وخارجها لرفع شعار التضامن الإسلامي ليكون حاجزاً ضد الشيوعية والقومية والبعث. وتحالفت أمريكا مع الخليج لإبعاد خطر الثورة عن الخليج، ومع العراق للقضاء على الثورة الإيرانية، ثم اتفقت مع إيران على عدم التدخل في العراق، عندما أرادت أمريكا إخراجه من الكويت وتدمير العراق. وكانت إيران مشلولة وقتها عن المشاركة، بعد الحرب العراقية الخليجية الأمريكية عليها، وفي الحرب التالية بين العراق وأمريكا كان واضحا قبل بدء الحرب أن الفائزين الوحيدين في المنطقة هما "إسرائيل" وإيران. وأن الحرب ستدمر اقتصاد دول الخليج وتحل بها البلاء.
"الحرب الطيبة":
... وما يخشاه الخليجيون من عودة الحراسة الإيرانية يبدو وكأنه أمر لا بد منه. ولكن خطر إيران اليوم أكثر من خطرها أيام الشاة، فالجديد هو ابنعاث فكرة أو عقيدة دينية شيعية جذابة لشيعة الخليج وزارعة للولاء واختراق النظم المحلية، وابنعاث فكرة سياسية ومذهب حريات وديموقراطية تخرب الهدوء والوداعة السائدة في الخليج، وتزرع بذور القلق والبحث عن نظم ذات احترام وتمثيل شعبي ومشاركة في صياغة القرار. وهذه عوامل لم تكن من قبل يوم كان الشاة قائماً كحارس مؤذ لكنه كان مقبولاً لأنه علماني بلا دين.
إستراتيجيات أغرب:(47/72)
كتبت ثلاث دراسات أخرى صدرت من مواقع مهمة عن باحثين في الخارجية وفي مجلس العلاقات الخارجية الذي يصدر مجلة الشؤون الخارجية تتوقع أن يكون في الجزيرة العربية ثلاث دول السعودية واليمن وعمان، فيكون هناك اليمن واحداً ـ والبحث منشور قبل توحيد اليمن ـ وعمان تدخل فيها الإمارات. أما السعودية فسوف تحتوي الكويت والبحرين وقطر( ). وهذا يصنع منطقة أقل تكليفاً أمنياً وعسكرياً وأسهل للتعامل دولياً، وتمثل مواجهة ممكنة مع إيران أو العراق وقت الحاجة. ومن المهم أن نعلم أن هذه عمليات اختبار أو إثارة، قد لا تعني ما ينشر فعلاً، فحرية التفكير والجدل في المستقبل عند الغربيين تجعلهم يبحثون أبعد الاحتمالات وأقربها ويدرسون البدائل الممكنة، ويعدون لها الحلول الأنسب، حتى لا يفاجئهم حدث.
هل تغامر أمريكا بإعادة إيران للحراسة؟
الذي يبدو أن ذلك ممكن جداً، فأسلحة إيران لهذا العمل هي: دولة منتخبة قوية، وسلاح كاف ويمكن إغراؤهم بالمزيد من الغرب، وهامش عربي في الخليج متعب للغرب بإزعاجه وكلامه وصراعاته الصغيرة التي ليس وراءها شيئ وأمريكا تبحث عن التعامل مع دول إقليمية قادرة على تولي مسؤوليتها وإن شاركتها في المغنم والمغرم.
ومن العوامل المؤثرة التي سوف يكون لها أثرها المستقبلي على العلاقة بين إيران والولايات المتحدة ما يلي:
ـ حدود التدخل الأمريكي في الوضع الداخلي لإيران، فقد وعدت وزيرة الخارجية الأمريكية بعدم التدخل في السياسة الداخلية واحترام الموقف الإيراني من قضايا، ولكن هذا أمر مستبعد أن تفكر فيه أمريكا وهي التي ما فتئت تحرك الصراعات الداخلية في الدول كما تريد.(47/73)
ـ علاقات إيران الخارجية وأذرعها الشيعية القوية، وبخاصة في مستقبل العراق ومستقبل حزب الله، وحدود النفوذ في الخليج. وهذه من وجوه النزاع بين الطرفين. فبقاء صدام يعطي فرصة أطول لمعرفة وتحديد البدائل المناسبة، وهو الآن خير نظام للغرب، ولاشك أن إيران أيضاً قد استفادت من بقاء صدام على هذا الحال، وعدم مجيء غيره.
ليس من حال لا يحول! فقد أعدت إيران للمستقبل العراقي بعد صدام ورسخت أقدامها في العراق خلال هذه السنوات العشر التي تلت الحرب بما لم يتيسر لها من قبل، وأصبح البديل القادم إيراني الهوى غالباً كما تقول أكثر التوقعات. وأمريكا تتعامل مع حقائق الواقع التي لا نرجوها بهذه الطريقة ولكن قومنا أضاعوا العراق ومستقبله بخدعة "علمانية المستقبل العراقي".
الصيف ضيعت اللبن ولكن بقي..:
بعد استسلام العراق تتابع العرب الخليجيون، وحتى من قبل الهزيمة، في البحث عن الديل المستقبلي، فزعمت أمريكا أنها سوف تعطيهم عراقاً علمانياً متغرباً وصديقاً موثوقاً! وبعد عشر سنين لم يتغير شيء ولم تأتي العلمانية العراقية الأمريكية، وبقي صدام وشبحه مخيماً والاستغلال والحرب قائمة.
بل الذي حدث أن إيران مدت أيديها لطلاب الحوزات وللسياسيين الشيعة، وفتحت جامعاتها ومعاهدها ومدارسها لشيعة العراق وأقامت حركة سياسية ودينية وزرعت الولاءات في كل مدينة، ولما هددت أمريكا بضربة نهائية لصدام مرة أخرى في عام 1999م هرب عدد كبير من سكان بغداد إلى القرى السنية لأنهم رأوا أن الشيعة سيأخذون بغداد حال حدوث أي اضطراب. فهم القوى التي قوي وعظم شأنها في عهد صدام الأخير.(47/74)
أما العالم السني المجاور للعراق والذي يمثل العراق عمقاً وامتداداً لعشائره وقبائله ولدينه فقد ترك ما بيده من إمكان صناعة مستقبل العراق، أو المساهمة في صناعته، كما ينفع المنطقة عامة، ويفيد السنة في العراق بخاصة ويرسخ مستقبلهم المنشود، فقد كانت دول السنة المجاورة تملك أن تفتح الجامعات والمدارس في الداخل أو على الحدود العراقية للشباب السني العراقي الذي كان يهيم بلا مأوى ولا استقرار، حتى تشردوا أو رحمتهم أمريكا وكنائسها واستقدمتهم، وكان بالإمكان أن يكون لهم مأوى وعمل وبناء مستقبل سياسي وثقافي كبير في بلدهم، ولكن للأسف، فقد راهن الخليجيون بإلحاح غيرهم عليهم وبتوجهات النافذين على انتصار شراذم العلمانيين المتغربين، وأبعدوا الإسلاميين وأرهبت أمريكا قلوبهم من أن يقبلوا السنة في أي من جبهات المعارضة.
وقد تحدث أحد كبار وزراء الخارجية الخليجيين عن توجيهات خارجية تمنعهم من القبول بالإسلاميين في أي بديل لصدام أو التعاون معهم. فكانت كل الجبهات المعارضة لصدام مرحباً بها ولو كان الحزب مكوناً من رجل وامرأته فقط، وكثيرة هذه الأحزاب الصورية والمخادعة كانت تتلقى مساعدات ومعونات سياسية ضخمة من الدول العربية ومن الغرب، وهي لا تقدر على شيئ في العراق مهما قل.
وعدد هذه الأحزاب يزيد عن ثمانية وعشرين حزباً معارضاً أو مرتزقاً، وربما زادت الآن كثيراً. واستبعدت مجموعات إسلامية كبيرة ومعتدلة من أن يكون لها وجود في مستقبل العراق، رغم وجودها واعتدالها وتاريخها الطويل. ولم تكن هذه المجموعات أيضاً حريصة على أن يكون لها مكان في معارضات مصطنعة بلا وجود.
أما إيران فقد أحيت الأحزاب الدينية الشيعية، وأوجدت أحزاباً جديدة مهمة، وقادة المعارضة الشيعية أغلبهم في إيران وفي داخل العراق، وصوتهم وتهديدهم عال، والحكيم والبياتي من الوجوه التي قد يكون لها أثر في مستقبل العراق القريب.
والذي بقي:(47/75)
أما الذي بقي فهو الخروج من الوصاية الأمريكية على طريقة التعامل مع العراق، وقبل ذلك مع مجمل السياسة. أو التفاوض معهم بما يعطي هامشاً للحرية السياسية في التعامل مع المسألة العراقية، وهذه الدول المجاورة في الخليج لو صدقت مع الله أو حتى مع مصلحتها لما تابعت الغواية الأمريكية في تحديد مستقبل علاقاتها مع العراق. فالجزيرة والعراق ليستا مما يمكن لأمريكا أن تكون حائلة بيهما طوال الزمن، ومصلحة الجزيرة في عراق سني إسلامي. وأي دولة علمانية قائمة أو موعودة فهي مهددة بدولة دينية بديلة إما سنية أو شيعية. وإن الإسلاميين العراقيين إن لم يحكموا وإلا فإنهم على الأقل سيكونون عمقاً إستراتيجياً مواجهاً للنفوذ الإيراني، فكبوة العراق قد لا تطول، ولن يكون العراق صدامياً للأبد، ومستقبل الخليج السني يعتمد كثيراً على استقرار وسنية وقوة العراق مهما تكن الخلافات، ومشكلات حاكم ستكون عابرة مهما طال حكمه أو أثره في العراق أو خارجه، وسنة العراق اليوم وتاريخياً هم أتباع الإمام أحمد عقدياً. وناصروا التوجهات السلفية وتبنوا نصرتها وتوجهها في الشام والجزيرة، والألوسي أحد النماذج المهمة لهذا التوجه، كما أن الإخوان العراقيين المتأخرين أكثر تسنناً من إخوانهم في مناطق أخرى عديدة.
موقف الأمريكيين من العلاقة:
ينصح الحكومة الأمريكية مفكرون كبار ومنهم من قضى خمسة وعشرين عاماً كجاسوس في إيران، وأجاد اللغة والثقافة ويتربع على مؤسسة مهمة تصنع أو تشارك في صناعة القرار، ويرى بعضهم أن العلاقة الجيدة الصريحة والمنفتحة مع إيران هي التي ستعيد للخليج استقراره. وهذا ما ينسجم مع مبدأ سابق جرى تحريره والحديث عنه مباشرة بعد استسلام العراق. وهذا المبدأ يقوم على أسس منها:
أولا: ضمان استمرار المصالح الأمريكية ويسرها، وعلى رأسها البترول رخيصاً، وضمان أمن "إسرائيل".(47/76)
ثانياً: أن تكون علاقات أمريكا مع الدول القوية في المنطقة، وتجمع قواها الدبلوماسية والإستراتيجية في مراكز قليلة، ولا تبذر قواها المالية والسياسية والعسكرية مع الهوامش الضعيفة، التي تتعب أصحاب القرار الأمريكي بتعقيد وتفصيل إداري، وطقوس دبلوماسية ومشكلات داخلية وخصومات دولية عديدة لا فائدة مها، وتستنزف العلاقة معها وقتاً وجهداً وربما مالاً طائلاً. ولهذا فأمريكا يهمها قيام علاقة قوية مستقرة وآمنة مع أحد الأطراف في الخليج، يقمع نيابة عنها، ويروج لها، ولا يفاجئها بمغامر مجهول في ليل ولا نهار. ولا يتطلع لأكبر من دور الحراسة، بحيث يكون مستوعباً لدرس نورييجا ـ في بنما ـ ودرس صدام، ولا بأس بأن يكون لهذا الحارس نصيبه من الغنيمة، كما تفرض الحقائق الجغرافية السياسية ومبدأ المشاركة.
ثالثاً: بعض ملامح إيران أصبحت واضحة وبعضها لم تحسم بعد، لأن الثورة لم ينته موسمها، ولم تتحد الكثير من معالم التكوين القادم، وإن أمكن فيما يبدو تسمية بعضها ثوابت، أقرتها الثورة وانتصرت فيها مثل:
ـ إسلامية هوية الشعب والدولة، وهذه مسألة لم تعد منطقة نقاش في الشارع ولا في هوية الأمة، ويخدع نفسه من يفرق بين الليبرالي والمتدين في هذا فالليبراليون الإيرانيون على عكس من يحملون هذا الاسم في الغرب ومن تبعه من بلاد المسلمين، يقرون ويؤيدون إسلامية الحكومة وهويتها الدينية.
ـ الديموقراطية أو الشورى أي اختيار الشعب لحاكمه النابه المرضي مسألة أخرى حسمت.
ـ استقلال القرار من النفوذ الغربي أو غيره، وهذا من أهم أسباب الانفتاح القادم.
ـ انتهاج بناء الدولة الغنية والمسلحة، التي نفعتها العزلة والحصار والحرب في المقاومة ورغم كل الجهود الأمريكية للحصار والمحاولات لهدم الثورة ولكنها استقرت واستمرت واستطاعت أن تحول الكثير من السلبيات إلى إيجابيات.(47/77)
ـ أن القوى والفئات السياسية في إيران أصبحت جزءاً من حكم شعبي متآلف لأنه يمثل الغالبية، وهو مرضي من قبل هذه الفئات غالباً.
ـ الثقة التي أولاها الشعب للحكومة وللمثلين المنتخبين تدل على نهاية وهم إسقاط الثورة بقوة غاشمة من الخارج، أو بعميل من الداخل.
لماذا المبادرة؟
لا ننسى أن أمريكا يهمها أمران: القوة في التفوق العسكري بيد والتفوق الديبلوماسي والمالي باليد الأخرى ولا يكفي أحدهما عن الآخر.
وتعمل لضرورة بقائها وتفردها بهما، وقد استطاعت إيران رغم فقرها أن تبني قوة عسكرية، وأن تبدأ تصدير السلاح، وأن تجد في أواسط آسيا وفي إفريقيا وفي الصين مناطق للتبادل الجاري، أشعر أمريكا بأن هؤلاء القوم يقتطعون قطعاً من السوق كل يوم. وأن العزلة لم تحطمهم ولم تنه دورهم ووجودهم، بل تجاوزوا حواجزها نحو آسيا وأوربا وإفريقيا.
وبقاء الموقف الأمريكي هذا يعطي لأوربا والصين نفوذاً اقتصادياً وسياسياً كبيراً قد لا تستفيد منه أمريكا في القريب وقد يضر جداً بمصالحها مستقبلاً فهذه الشركات الفرنسية تأخذ عقود البترول والطعام، وأمريكا لا تملك إلا محاولات تعد بفشل كبير مستقبلاً، فهذا السلام والهدوء الدولي لا يبشر القوى الدولية القديمة (أمريكا) بالخير القادم، فهو غالباً وسنة تاريخية: هدوء يصنع خروج القوى الكبرى من التاريخ، ولكن المستعمرات لا تراه، فهي مبهورة بشمس المدنية الغاربة، والمستقل تبنيه قوى أخرى لا تنتفع بقوتها ولا بعملها. وقد كان كرستوفر وزير الخارجية في الإدارة الأولى لكلينتون يقول: "أهم ما عرف في عمله أن أمريكا أقوى ـ لعله يريد في عيون العالم ـ مما تظن" فالمهابة والخوف المسيطر على العالم جعلهم يبالغون في قوتها.(47/78)
وعامل آخر مهم هو التطور قد يحدث للقوة الإسلامية في وسط آسيا وحوادث الشيشان مؤشر مهم وما يمكن أن تجلبه هذه من مشكلات منها نشر الجهاد ضد المستبدين في المنطقة. فيتحدث تقرير الاستخبارات الأمريكية بصراحة عن مخاطر انتشار المجاهدين الشياشانيين وأنصارهم للجمهوريات الإسلامية وزعمائها مما يهدد حلفاءها ويهدد استثماراتها البترولية، ونضيف: أهمية الاستثمارات "الإسرائيلية" في المنطق. وقد افتتحت وكالة الاستخبارات الأمريكية مكاتب جديدة في أغلب العواصم المسلمة في وسط آسيا، وتحدث رئيسها محذراً من الخطر السني المتطرف على هذه الدول وعلى المصالح الأمريكية من أفغانستان والشيشان! ولم يذكر إيران.
ومع هذا فلا تثق أمريكا بعد بالثورة تماماً ولكن المؤشرات والنداءات تقول الآن أن هذا الموسم آت قريباً. فانتصار خاتمي ثم تأييد هذا بالتوجه الجديد يجعل إيران تتجه لعلاقة جيدة مع الغرب بادر بها خاتمي تحت شعار حوار الحضارات، ويغازل غربيون كثيرون إيران، ففرنسا محافظة على علاقة خاصة وألمانيا أيضاً، والدول الصغيرة في أوروبا.
النفعية:
في إيران حاكم نفعي عملي (خاتمي)، يرى أن من المهم أن يقوم للنفعية سوق قوي وأنصار وزملاء وتلاميذ وهم ناجحون إلى الآن في توجيه مدرسة وحملة خاتمي، ومن قراءة كتابيه المنشورين بالعربية.…
وكتاب "الخاتمية" الذي يمثل هذا التيار يتبين هذا الرجل المتملص الذي يعرف ما يريد ويسعى له ويسخر الدين والفلسفة والعلاقة والثورة لهدفه، وعنده براعة في استخدام هذه المتناقضات، وتسخيرها لاستمراره ولاستمرار توجهه وأنصاره في الحكم، وهذا يمثل مرحلة جديدة في صعود الثورة نحو مرحلة أقوى وأكبر وأخلد في التأثير، أو سقوط مربع لهذه الجبهة على عتبة الصراع الفكري. وقد كان الغرب يحاول في الماضي أن يسقط الثورة من خارجها ولم يستطع فعدل إلى محاولة لإسقاطها من داخلها، باللعب بالصراع من داخله، أو فهم ما يتم والتعامل معه.(47/79)
من مأمنه يؤتى الحذر:
يتحدث خاتمي عن الانفتاح والحوار مع الحضارات وعينه على رغبات المتشوقين للانفتاح من الشباب الناخبين في الداخل، وعلى رضا أمريكا وغيرها في الخارج. وأمريكا سوف تفتح أحضانها لو جاءها، وتعطي المال الإيراني المحجوز في بنوكها، وستكون أمريكا أسعد لو اقترضت إيران من البنك الدولي، أو قدم لها البنك أي تسهيلات لمشاريع إنمائية واقتصادية كبيرة، ثم تدخل في ظلمات القروض وينتهي استقلالها. إن الدولار سوف يبذل رخيصاً لهم لو جاءوا، ولكنه سيكون ثمناً لما هو أهم منه، وسيكون آخر عهدهم بالاستقلال والحرية. والجيل القيادي يعي هذه الموازنة، ولكن الناخبين المؤثرين قد لا يعونها، وهذه من الصعوبات التي يواجهها أي نظام أو شعب طموح للكرامة والاستقلال في العالم الإسلامي في هذا العصر فماذا يصنع أمام بريق قوة دولية علمية مؤثرة، مسلحة ببريق السلاح والعدل والمال وشعوب العالم الإسلامي التي تنظر لنفسها فلا ترى إلا شعوباً أهلكها الاستبداد والجهل، وتعيش يومها قلقة بين دينها وهويتها وبين تبعية استعمارية مدمرة، لا ترضى بغير طريقها طريقاً: يقول مدير الاستخبارات الأمريكية جورج تنت: "كلما زادت قوتنا زاد الخطر علينا، نحن أقوى دولة في العالم، لكننا معرضون للخطر من الذين يختلفون معنا في المصالح والعقائد والقيم الأخلاقية". فإذا انتفت هذه الموانع رضيت عنهم أمريكا! قال تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}، ولكن حتى لو تحقق هذا فلن يرضوا كما يقول هذا المدير. ولن يكون المنفتحون الإيرانيون أرضى لأمريكا إلا عندما يكونوا خيرا لها من بدائل أخرى، أو تكاليف أكبر.
سيرة أمريكا مع أصدقائها:(47/80)
لم تبال أمريكا ولن تبالي مستقبلاً بخذلان من يرون أنفسهم أصدقاءها، فإن تبينت مصلحتها ذهبت معها فسياستها سياسة مقودة بمصالح مادية، وليس للدين والخلق فيها موقع كبير، وأصحاب التوجهات الدينية المحاربون في الكونغرس أو غيره، مدفوعون برغبات ناخبين متدينين.
والدين لحماية المال والقوة، والضغط على المسلمين لأسباب دينية ظاهره يصحبه أيضاً رغبات استعمارية كامنة أو ظاهرة. فالكنيسة أو البعثة العربية التنصيرية هي التي قادت أو سهلت طريق أمريكا لبترول الخليج. والشركات الأمريكية الكبرى تقود الحكومة الأمريكية بالقوة لحماية مصالحها ولفتح الأسواق الدولية لها. فالشركات هي التي تصنع الأسلحة وتمون الحكومة والجيش وغيرها. والصداقات مع أمريكا تخضع للمال والقوة أولاً ولا يرون فيها ثبات فهي تموج موج المال.(47/81)
والأصدقاء عليهم إدراك ذلك فحين انتهت صلاحية الشاة ولاح في الأفق بديل آخر أيدوه. ولم يفوا للشاة لحظة واحدة، ورموه من عرشه، فهو مد يديه يستجدي منهم أن يبقوه في المستشفى في نيويورك ولا يستجيبون، وهو الذي كان يدمره السرطان والخذلان، وزوجة الشاه التي كان يهتز لمكالمتها البيت الأبيض تقول كنت أحاول الاتصال بالبيت الأبيض فلا يرد علي أحد، ويتجاهلها حتى السكرتارية الصغار، ويقول لها موظف صغير في المستشفى في نيويورك: "أخرجيه! ـ يعني زوجها الشاه ـ فليس عندنا له مكان! المستشفى عندنا مزدحم"! لقد ضاقت أمريكا به، وضاقت الدنيا عن أن يكون له فيها سرير يموت عليه، ثم يقذفونه إلى المستعمرة بنما، فيهرب خائفاً ليستقبله السادات جثة مؤذية لمصر ولعلاقاتها، ولتزيد مصر في تاريخها فرعوناً ميتاً مستورداً. إن أمريكا تخضع كأي قوة لمن له هدف وغاية، وعنده ما يقوله وما يفعله وإن كان في جزيرة صغيرة جداً مثل كوبا، ولكنها تغالي في إذلال الضعفاء الجاهلين الخائفين، والهائمين على الدروب، بلا دين، ولا قيمة، ولا فلسفة للحياة، وإن كانت بلداً كبيراً: مصر أو إيران الشاه أو البرازيل. وتذل الذين يعبدون أنفسهم وشهواتهم، لأنها بضاعتها السهلة الرخيصة المصدرة، والمتوفرة لدى كل ضعيف، ووسيلتها لهدم الشعوب والقيم.(47/82)
وجاء دور مجاهدي خلق وبدأ التلميح ثم التصريح باعتبارهم مجموعة إرهابية، وهي المجموعة التي احتفلت بها أمريكا وحلفاؤها سنين وزودتها بالمال، والتدريب، وبنت لها مؤسسة إعلامية قوية ومدربة. وتلقت مساعدات كبيرة لتطيح بالثورة. والآن يواجه مجاهدو خلق مصيراً أسوأ من مصير جبهة الإنقاذ الليبية وهذا يعني على المدى الأبعد أن أمريكا تنطلق من المصلحة الواقعية المشتركة مع إيران، وليس من خلال شخص الحاكم أو نظام الحكم المرغوب ما دام تغييره الواقع لم يعد ممكناً في المدى القريب. ويعني أيضاً ترك الجيران يواجهون مصائرهم وصراعاتهم وحدهم. وهم على أي مصير مستقبلي يواجههم سوف يبيعون البترول ـ وهم تحت الحماية الإيرانية أو الأمريكية ـ لمن يشتري وسوف يرضخون دائماً للضغوط الدولية والإقليمية، ماداموا قلة ضعيفة وجاهلة وممزقة. وسوف تصبح أمريكا الصديق البعيد والملجأ المحبوب وليس المستعمر الكريه، الذي لا تقف رغباته وإذلاله عند حد.
المودة الصعبة وسقوط المبادئ:
حيرة أمريكا مع إيران كبيرة، واختيارها لهذا الطريق أذكى وأصعب، وقد تكون نتائج المغامرة القريبة معها احتواء القوة والصعود الإيراني، وتعطيل السلاح النووي الإيراني كما حصل مع مصر وغيرها، وإيقاف الاقتصاد النامي إذ بلغ النمو زمن رفسنجاني 3%، ولم يحقق كثيراً في زمن خاتمي، ويبرر هذا بأسباب منها تدني سعر البترول. ذلك في الزمن القريب.
أما مع المستقبل البعيد فقد يتحقق عكس الطموح الأمريكي، فتصبح إيران مع الزمن هي القوة النافذة في الخليج ويخرج البعيدون ويصغر الصغار. وتشتري إيران لها في المنطقة حرساً، وتخرج أمريكا من الخليج مقابل اتفاق وعهود ليس بعيداً أن تكون "إسرائيل" طرفاً فيها، ولم لا؟! فليست قصة إيران "كونترا" بعيدة، وحدثت في ذروة العداء أو كلام العداء "الإسرائيلي" الإيراني والإيراني الأمريكي، وهذا المستقبل النفعي قد يتغلب إن لم يكن هو الغالب الآن.(47/83)
صراع المبادئ والمصالح:
الثورة الإيرانية اليوم تتجه للتعامل الواقعي، ولو على حساب المبدأ المكلف، فقد كانوا يحبون تصدير الثورة في زمن مضى يوم كانوا مولعين بأيديولوجيين نشطين، واليوم يرون تصدير الديموقراطية، ولكنهم غداً سيكتشفون أن هذه العنقاء أيضاً لا تصلح للتصدير، فهي تكريم لا يصلح للهُمَّل ولا للمستعمرات، وكلا الحرية والديموقراطية طعام سام يفتك ببطون أطفال السياسة. ولكنه إن تسرب لهم فإنه ينميهم فيكبرون ويتمردون.
ومن قبلهم أمريكا عندما كانت غرة صغيرة شابة فاتكة أصرت زمناً على تصدير ثورتها وحريتها، وتولع متولعون بجمهوريتها وديموقراطيتها في كل مكان، ثم فهم الأمريكيون الدرس بعد قرابة قرنين فتركوا الثورة واتجهوا للحرية والديموقراطية، ثم عادوا بتحريمها على القاصرين الذين لا يفهمون الحرية!
فالحرية والديموقراطية تعلم الصغار في المستعمرات التمرد، ولن تبقى مستعمرات عامرة، ولا أسواق حرة، ولا بترولاً موفوراً، ولا سوقاً للسلاح فانقلب كهنة الديموقراطية يحذرون من سحرهم القديم. لأنهم أدركوا أن الصغار يتعلمون بسرعة، وتجرأ منهم من يحاول سحب البساط من الكبار، بسرعة فائقة.
فبدأ الكهنة يقيمون الحد على من يروج للحرية والديموقراطية، ويقلب السحر عليهم وقد فعل الإيرانيون فلا مناص من تحريم الحرية على غيرهم. إن الغرب لا يحب أن يحكم العالم الإسلامي إلا العساكر والجواسيس فقد أثبتوا كونهم خير حليف وسجان موثوق.
فهذه دولة الثورة والحرية أو ما سمي بالتنوير: فرنسا هي اليوم تقتل الجزائرين بجنودها الجزائريين لتحرم عليهم الحرية والديموقراطية! وأمريكا الرأسمالية تمنع حركة رأس المال الذي لغيرها حيث لا تريد، بل وتحجزه أمام أعين العالم وتقيم الحصار على دول عديدة تكاد أن تكون كلها إسلامية وتحرم الثورة والحرية ولديموقراطية وحقوق الإنسان على المستعمرات!
وجوه أخر للقوى القادمة:(47/84)
تركيا المجاورة بدأت تسبب قلقاً وشكاً كبيراً في مصيرها، مع أنها من أهم القواعد الأمريكية في المنطقة. كما أن دول أوروبا والولايات المتحدة لا تعرف الآثار الأبعد لقيام حكم أكثر عقلاً واعتدالاً مع الإسلام في تركيا، واحتمال اقتراب تركيا من الإسلام مسألة مخيفة للغرب، فتركيا ذات عمق عنصري ولغوي مع الجمهوريات الإسلامية في المنطقة الواقعة بين إسطنبول وغرب الصين تشترك معهم في اللغة والجنس، ولتركيا عمقها السني الأبعد، وبقاء تركيا وإيران مختلفتين ومتحالفتين مع الغرب أضبط لمستقبل الوجود الغربي.
وقد كانت أمريكا وأنصارها محظوظين بأن قامت الثورة في إيران ولم تقم في تركيا أو بلد سني عربي أو أعجمي آخر، ذلك أن إيران منذ تشيع قسم كبير منها قبيل الصفويين، ثم ألزم الصفويون لها على التشيع بالقوة، بدأت تحافظ على صياغة قومية خاصة للإسلام، فالتشيع والعنصرية الفارسية (الدين، واللغة، والجنس) ساعدتهم على التماسك وصناعة الهوية الداخلية لدولة قومية دينية، ولكن بالمقابل عزلتها هذه الهوية والخصوصية نفسياً ودينياً وسياسياً عن الجيران، ويمكن لهذه التركيبة أن تستخدم بطريق مختلفة. وأصبح من الممكن أن تقوم بدور قد لا يتفق مع مصالح دول العالم العربي والإسلامي المجاور، ويسهل عليها ربط مصلحتها بخصوم المسلمين بسهولة، تحت أي شعار أو مصلحة ضيقة لإيران "الفارسية الشيعية" وليس الموقف الإيراني من قضية الشيشان إلا مثالاً صغيراً في سياق قادم للعلاقات الإيرانية مع قوى دولية تنتفع إيران خاصة من العلاقات معها، وقد يخسر المسلمون كثيراً جراء تلك العلاقات.
الذين يسارعون فيهم:(47/85)
عدد كبير من الكتاب الإسلاميين، الذين يستخدمون الخطاب الإسلامي لأنه السائد المنتصر، يسارعون في التعلق والتمجيد لإيران ومنجزاتها، وهؤلاء يغفلون عن حقائق مهمة عميقة في العقول والقلوب وفي الثقافة والاعتقاد وتاريخ المنطقة، وليس بإمكان أحد نسيانها أو تجاهلها، يدركها الموالون لإيران في العراق، والخليج، ويدركها الذي لهم صلة بالتجمعات الشيعية في مناطق عربية أخرى.
من هذه الأمور الخلاف العقدي الكبير، والصنمية التي يغالي الشيعة فيها برفع آل البيت لها، واستخدام التشيع كسلاح قومي ضد العرب، ولا يجد حرجاً بعض من أصف منهم أن يذكره بصراحة وأن التشيع الصفوي ـ المتنفذ اليوم ـ مبني على العداوة مع العرب قوم عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي، وشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين. وأقاموا دينهم القومي( ) (الإسلام الشيعي) الذي له مقدساته في قم وقبر الرضا ثم قبر الخميني، وما يتبعه الشيعة في كل وقت من زعامات، ويخلطون الإسلام بقومية صارمة، تناقضه. ثم إن عملية التمجيد هذه لا تزيد عن مظهر إعجاب لدى بعضهم غير ذي معنى ولا يمكن نقل هذه الأفكار لحيز التطبيق، وبالتالي تكون تمهيداً لزرع عقدة استعمارية جديدة دون وعي! مع ما تحمله أيضاً من فقدان للهوية الشرعية. والنظر الشمولي في الواقعة قد يساهم كثيراً في إدراك أحسن الطرق للتعامل معها. وليس هذا موطن نقد الموقف الإسلامي بطرفيه لأن هذا له سياق آخر.
إيران القومية الإسلامية أم الاستعمارية القادمة:(47/86)
ينمو الحس القومي الإيراني في مرحلة استقرار الدولة وانتصار الدين بشكل لم يعهد من قبل، فالمعرضة السياسية كانت تتخذ الدين وسيلة لمقاومة فساد السلطة وللمواجهة أما وقد أصبح الدين حاكماً فإن القومية الفارسية قد تكون ملجأ المعارضة، ففي العام الماضي ـ كما يقول أمير طاهري ـ لم يعد اسم علي وحسين أكثر انتشاراً، بل أخذ مكانهما اسم: "آراش" واسم "داريوش" اللذان يعودان لإيران ما قبل الإسلام، وكلمة "ميهان" التي تعني وطن وكان يراها الخميني وثنية عادت للاستخدام، بل وظهرت صحيفة يومية باسم "هام ميهان" التي تعني "الوطني". وتضاعف زوار قبر قورش ملك فارس وزوار آثار بيرسيبلوس أربع مرات بعد حكم خاتمي بين عامي 1997م ـ 1999م. والملجأ الثاني الآخر لمقاومة السلطة ـ ولعله ظاهر الآن ـ هو التغريب أو ما يسمونه بالانفتاح. فهل سيكون هذا الانفتاح علمانية غربية؟ أم علمانية إسلامية وطنية؟ مسألة تستحق البحث والخوض في المجهول تماماً، غير أننا نطلق عنان التوقع لوضع يراه طائفة من الإيرانيين والفلاسفة الجدد مثل سروش أنه مجتمع يحترم الإسلام ويطبق منه ما يخدم مصلحته القومية ويجافي أي تحكم للمتدينين وأنصار ولاية الفقيه من الملالي ويعلمنون الإسلام من داخله، وهذا طرف فاعل في توجهات الرأي مؤثر في الواقع ومستنكر في العلن.(47/87)
ستشهد إيران المستقبل صراعاً بين قوميتها ودينها، بين تشيعها ومناصرتها لبقية الشيعة وبين مصالحها كما في الخليج وفي لبنان. ثم ما بعد تلك المرحلة بين الثقافة الاستعمارية والشعارات الإسلامية. فالفرق بين إيران الشاة والإسلامية في المستقبل القريب قد لا يكون مختلفاً كثيراً في جانبه القومي السياسي، وسيكون العامل القومي هو من أهم المكونات القادمة للسياسة الإيرانية، وسيكبر هذا الجانب ويطغى على سواه. ويكبر الخلاف من أجله مع المجاورين العرب وغيرهم. وسيفتح علاقات أقوى مع خصومهم. فالجيل الذي لم يواجه العلمانية الإيرانية وخلاعة الشاة وعمالته لن يكون خطابه الإيديولوجي أقوى مما كان. ولن يكون خطابه الإسلامي أعلى من المصالح القومية القريبة العاجلة.
وهي سنة الله في نسيان الأجيال المتأخرة ما مر بسابقيها، وعمر رضي الله عنه قال إنما يحل عرى الإسلام عروة عروة من نشأ في الإسلام ولم يعرف الجاهلية. ووجود أكثر من نصف الشعب الذي يقارب السبعين مليوناً هم أقل من الثلاثين عاماً في إيران لا يجعله يذكر الحروب ولا يذكر الشاه ولا الخميني، ولا يتذكر الصراع الماضي بين الدين والشاه، ولا يكره فكرة الاستعمار، وقد يقبل أن يمارسها أو أن تمارس عليه.
كما أن الحس القومي الفارسي والعنصري للدولة وشيعيتها مكونات مطلوبة لأدوار دولية قادمة يغفل عنها الجيران. فإيران المستقبل لا تريد للخليج أن يكون متديناً سنياً ولا حراً في قراراته. لأن صعود شأنه يبعث قلقاً كبيراً لها، وغفلته السادرة الآن خير مؤهل لأن يكون لإيران دور استعماري أكبر قريباً. ولن تستأذن أمريكا العرب عندما تتفاهم مع الفرس، وللفرس عمق ونصير داخلي شيعي في دول الخليج قد يستخدم دينه لمصلحة القومية الفارسية، وهو مكون كبير في العلاقات، وسيتعاظم دوره في مرحلة الهدوء والغفلة أو العلاقات الأكثر مرونة.(47/88)
وليس مما يمكن اعتباره ثانوياً في المعادلات السياسية لبعض مناطق الخليج. وسيكون موقفها من حريته كموقف القوى الطامعة الأخرى، التي تفيدها الديكتاتورية العلمانية والتبعية والغربية في المنطقة أكثر من سواها. لتكون القوة البديلة عن الغرب تحالفاً الآن وبعد رحيله المتوقع متصرفاً، فموقف أمريكا لم يتغير منذ زمن طويل ورأي نيكسون الشهير تتوارثه الإدارات اللاحقة: امرأة تتكئ على الذهب في الصحراء منفردة لن تعدم الغزاة. يقول مؤلف كتاب حراس الخليج: "والفترة الزمنية التي ستحافظ الولايات المتحدة خلالها على مواقعها في المنطقة سوف تتحدد على الأرجح بعوامل من خارج الخليج العربي.
والوصول إلى مستودعات البترول هو في نهاية المطاف وسيلة إلى غاية، وسوف تكشف مجريات الأمور ما إذا كان الأمريكيون سيستخدمون نفط الخليج في تنشيط النمو الاقتصادي الديناميكي في القرن الحادي والعشرين أم لا. فإذا لم يحدث فإن الأمريكيين سيكتشفون في يوم ما ـ ربما لن يكون بعيداً ـ أن دولة اوروبية أو آسيوية أو مجموعة من الدول سوف تتجه نحو تحقيق هدف أمني، تحل به محل الولايات المتحدة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً في المنطقة. ولكن إلى أن يجيء هذا اليوم فسيظل الأمريكيون هم حراس الخليج( ). وفي حال فراغ المنطقة من الحارس الغربي النافذ، وعدم الرضا عن إيران هل تكون الهند هي البديل الآسيوي؟(47/89)
ألم يأن لهذه المنطقة أن تتصالح مع نفسها ودينها وشعوبها، وأن تجعل لنعم الله العظيمة عليها أثراً يعود عليها بالخبر والعزة والمنعة، ولتتخلص من ربقة الغزاة والمحتلين منذ البرتغاليين إلى اليوم. إن المنطقة تملك كل مؤهلات العزة، ولكن المستعمرين في كل زمن يحذرونها من نفسها، فتكره قومها ودينها وتثق بالغرباء الغزاة، ويغرونها بشراء سلاحهم وإغناء أسواقهم بالشراء والاستيراد. وإنها ما لم تع وتعرف نفسها وتتجه للحق الذي تكرهه فسيبقى كل مستعمر يعدها بغيره، ويسملها لمن هو أقوى منه، والمستعمر القادم آسيوي قد تطول إقامته! وقي الله المسلمين من كل مكروه.
خطورة الفراغ الخليجي بإقصاء الدين:
يلعب الخبراء والمستشارون والصحفيون ومؤسسات التفكير (think tanks)، دوراً كبيراً في صناعة القرار الغربي. والمؤسسات ذات حضور مهم جداً في قرارات الحكومات الغربية، وليست هذه المؤسسات موجودة في العالم العربي، لذا يضطر أصحاب القرار فيها أن يستسلموا لخصومهم الذين تتوفر لديهم هذه المؤسسات، أو أنهم بحكم عقدة الخواجة يفقدون الثقة في أنفسهم وفي مؤسساتهم، ولم يعودوا قومهم أن يكون لهم رأي مختلف مع السلطة، فإن ظلت فلا هادي لها وتتلمس الهدى عند من يود لها الخسارة والضلال. وفي العالم العربي يحرم التفكير في أمور الدولة، والوعي بما يدور، ودراسة الواقع والمستقبل جريمة تسمى تدخلاً في السياسة، فينتصر الوهم والخوف وضروب أشبه بالكهانة السياسية التي تخسر في آخر المطاف، لأنها تبدأ بجهل وتنتهي بهزيمة. وقد تقام في العالم العربي مهرجانات صاخبة لقطعان من المنتفعين وبقايا ممن يرون أنفسهم محترفي سياسة وهم جاهلون ومن مخلفات اليسار والقومية، وبقية المدارس الفكرية الخاسرة.
وهذه طائفة جاثمة على القرارات ومصائر الشعوب ومؤهلاتها الوحيدة القدم وعدم الصلاحية للمغامرة السياسية والفكرية، وكراهية التوجه الإسلامي.(47/90)
إن الخليج فيه أوضح ملامح الخوف من التفكير، فصاحب القرار لا يستطيع أن يبوح بحريته من الخطورة الأمريكية المفاجئة، ويخشى ذكر الحقيقة ونقاشها مهما تكن خارج إرادته، ويتوقع أن شعبه يظن فيه عبقرية لا مثيل لها فليسكت خوفاً من الانكشاف، أو أن يقال لقد وثقت بغير موثوق، وسيتبدل الوهم والأماني بالحقيقة، ويتعامل مع أمنياته وليس مع الحقائق الواقعة التي يستبعدها حتى تعبر عن نفسها. والمفكر أو العالم أو السياسي لا مكان له، فلو تحدث قيل هذا يطمح أن يكون ثائراً أو أن يكون "آية الله". فليقبض على جمر الغبن ويصمت، فقد قرر له الغزاة موقعه وأن يكون بعيداً عن المسيرة الفكرية والسياسية لبلاده، فحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس. فيكون الأمر للرويبضة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، والروبيضة لا يفهم ولا يسمح لنفسه ولا لغيره به. وحال الإسلاميين في هذه المنطقة من العالم أنهم إن قالوا المحال رفعوا الأصوات وإن قالوا الحق أطالوا الهمس. فأصواتهم مصادرة، وحقوقهم مستباحة، والمؤسسة الفكرية الإسلامية محرمة ومصادرة الحقوق يتزايد فيها تحكم السلطة، وملكيتها المركزية عودة لأسلوب روسيا والتركيز الشيوعي للسلطة مع أن هذا زمن التخصيص والحريات في كل جوانب الحياة سوى هذا.
ولكن العالم المتقدم يجلب الشعب للمشاركة السياسية، ويتمنى منه المساهمة في الفهم والتوجيه للسياسة ونقد السلطة. فالحكومة التي يكثر نقدها صراحة أقدر على الإصلاح، والسلطة التي يتزلف لها المتزلفون والمداحون الدجالون تبادلهم بمثل ما يبذلون وتتزلف لعدوهم كما يتزلف لها رعاياها.(47/91)
لذا تعاني منطقة الخليج من الفراغ الفكري والسياسي، وهذا مما يساعد في ضعف البنية السياسية، ويزرع الخلل وعدم الثقة وسيطرة الخوف من الداخل والخارج، وهذه البنية هي أحسن الأجواء التي تمكن للمحتلين ولعشاق المغامرات الكبرى من المبادرة، بعد صنع التحالفات والمصالح للشاطئ الذي يتعود أن يكون "متصالحاً" مع الغزاة المختلفين، فتمزق هذه الجهة من الخليج سهل دور الغزاة في زماننا. ولا بد من وجود مجتمع مسلم متماسك، يسوده الدين والعدل والثقة، وبهذا يكون قادراً على مواجهة مشاريع الاستلحاق من القريب والبعيد.
ولم يعد ممكناً أن يقترح أحد على إيران إبعاد الدين عن السياسة، فهذا مكون من مكونات البلد التي تجاوزت النقاش، وشعار "احتشمي في طهران" يقابله شعار "ابتسمي في دبي"، وكريستيانا أمبور مراسلة سي إن إن تتحجب في طهران، وتخلعه على الشاطئ الغربي العربي.
ومنع أمريكا الدول العربية أن تدخل السياسة في الحياة تطفيف عليهم، فأمريكا تعترف أن جمعياتها التنصيرية (البعثة العربية) هي التي فتحت لها باب الخليج: والعلاقات العربية البترولية يعود فضل إنشائها وهيمنة امريكا عليها إلى البعثة الأمريكية التنصيرية التي سميت بالبعثة العربية، كما يقول تشارلز هاميلتون "يعترف الكثيرون بأنه لولا عمل البعثة العربية المبدع لما استطاع التجار الأمريكيون أن يشتركوا في استغلال مصادر البترول الهائلة في الشرق الأوسط( )".
التقية إلى الشاطئ الآخر:(47/92)
إن علينا أن نتدبر بوعي ودون وصاية أثر إبعاد الدين وترسيم وتجميد المؤسسة الشرعية في الشاطئ الغربي، بينما يحكم التشيع الحياة في إيران، وتقوم حركة وثورة فكرية دينية وسياسية حرة مناصرة لطائفتها في كل مكان بدعم من كيانهم العقدي السياسي. وتناقش كل أمورها على الملأ دون إرهاب جاسوسي ولا خوف. ويأخذ رجالها مكانتهم بقدراتهم وجدارتهم بلا تنصيب من مستعمريهم. وهنا يجدر بمن يعي الأمر أن يدرك أن مفاهيم التقية قد غادرت مجتمعهم منذ ثورة مصدق 1953م ثم وقفة 1963م ضد الشاه، ثم أكدتها ثورة 1979م، وغادرت مفاهيم الضعف هذه إلى مواقع أخرى في أماكن أخر، إما شيعة يمتطونها ويتمسكنوا حتى يتمكنوا، أو سنة تلبسوا هذا المفهوم تاريخاً وعملياً بأسوأ تفسيراته، فهو أخطر عليهم من عقائد الإمامية الأخرى التي تسربت للسنة.
ما يعدكم الله:
إن الله يعدكم مغفرة منه وفضلاً وعزة ولا يعدكم هؤلاء من النصارى والمنحرفة إلا الذل والقهر والاستعمار والتبعية، وهذا شأن عظيم رغم خصوصيته بمنطقة، إلا أنه يهم بقية الدول العربية والإسلامية المشرقية وغيرها، ومن شك فعليه بقصة الفاطميين فكرة ولدت في المشرق، ثم فرخت في الشام ثم قامت دولتها في الجزائر ثم حكمت مصر والشام والحجاز واليمن وغزت العراق في فتنة البساسيري الشهيرة. وللأسف فإن المعرفة والوعي تقود غالباً للتشاؤم، والتصرف الحق هو العلم والوعي ثم فعل الخير وتجنب المزالق، وقد أظهرت هنا جانباً مما يحدث أو يتوقع حدوثه، لائماً ومشيراً ومحذراً ومشفقاً، ومعرفاً بما يتم الآن من علاقات، لا دعوة للتشاؤم، بل توعية وقراءة في توجهات دولية يدور الحديث عنها لعل في ذلك بدء يقظة.(47/93)
إننا لم نر بعد أهدافاً لهذه الدول في قلب العالم السني، بلاد العرب المسلمين، ولم نر آمالاً لهم ولا أعمالاً لنتحدث عنها ولتكون بديلاً يتعلق به الناس فيها. ولم نرى منهم إلا محاولة الإسكات، وطلب الهدوء وأكل القوت وانتظار الموت. ولم نرد بهذا بذر الخوف ولا عدم الثقة، فمن يواجه هذا فعليه أن يكون واضحاً مع الواقع كما هو، ثم الإقبال على ذاته بالوعي والعمل لدينه وفتح مجالات الحرية والمزيد من العلم والاجتهاد والعدل والمزيد من الإعداد البشري كماً ونوعاً، للإنسان المسلم الواعي الحر الشجاع، فلا يحمي الذمار خائف، ولا يعز من قهر قومه، أو أخافهم، أو أذلهم، لأنه يبوء بها قبلهم، ويستولي عليها ذل الجاهلي من كل شيئ وعندما يتجه الناس للخير والإعداد، فآنذاك نتحدث عن بناء مستقبل. ويحسن بالمسلم أن يتفاءل ويعمل فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الفأل ويكره الطيرة. ولم يكن تفاؤله صلى الله عليه وسلم بارداً ولكنه يتفاءل في تنفيذ عمل معروف، وهدي قاصد محددة أهدافه وغاياته في الدنيا والآخرة. ولم يكن التفاؤل بالمعنى الميت الذي خيم على المسلمين المتأخرين، وهو أن تتمنى الخير وتأمله ولا تعمل له. أو تتفاءل بفعل السوء أو فاعليه، بل الفأل أساس التخطيط الإسلامي الصحيح. يسبقه ويعقبه ويصاحبه إخلاص ووعي وتفان في العمل. وهذه مسألة لا يصح أن تبقى في دائرة الصمت، فهو قرين الاستخذاء والهزيمة والعجز، والصمت قاتل العلم، وآفة الفهم، وما طال صمت قوم إلا طال ذلهم، وفقدوا حقوقهم، واستتبعتهم الأمم، نسأل الله أن يصرف عن المسلمين كل سوء، والله أعلم.…
?
الصوفية والسياسة في مصر(47/94)
بعد حادث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) بدأ الأميركيون، في ثنايا حملتهم الشاملة على «الإرهاب»، يدرسون إمكانية تعميم «الصوفية» لتصبح الشكل المستقبلي للإسلام، أو على الأقل تقوي شوكتها ويشتد ساعدها على الساحة الإسلامية، فتخصم من رصيد الجماعات والتنظيمات المتطرفة التي ترفع الإسلام شعاراً سياسياً لها، والتي أنتج بعضها «تنظيم القاعدة» على شاكلته. ويعول الأميركيون في تصورهم هذا على ما جادت به تجربة النقشبندية في تركيا، حيث استوعب المتصوفة قيم العلمانية، وطوروا رؤيتهم الدينية لتواكب العصر، وتتماشى مع النهج الديموقراطي على مستوى القيم والإجراءات.
في ظل هذا السياق، تأتي الطبعة الثانية من هذا الكتاب ("الصوفية والسياسة في مصر" / د. عمار علي حسن, دار شرقيات، 220 صفحة, يناير 2007)، والذي لاقت طبعته الأولى اهتماماً واسعاً من الأوساط الثقافية والسياسية والدينية داخل مصر وخارجها، لتواصل إسهامها في الجدل الدائر حول مكانة التصوف وتجلياته السياسية، خصوصاً بعد أن أفرد الباحث فصلاً جديداً في هذه الطبعة، يضع الصوفية المصرية موضع مقارنة بالتصوف في العالم الإسلامي، فكراً وحركة.
يشير الباحث إلى أن الرؤية الاستراتيجية الأميركية هذه لا تنبع من فراغ، بل تتأسس على جدل طال بين المستشرقين حول ما إذا كان التصوف الإسلامي ينطوي على حلول لمعضلة التطرف، وما إن كان فيه ما يقرِّب بين الإسلام والليبرالية، أو ما يسهل مهمة واشنطن في تجديد مناهج التعليم الديني في العالم الإسلامي.
… فهناك من المستشرقين من يعتبر التصوف «قلب الإسلام»، ومن يؤكد أن «مستقبل العالم الإسلامي سيكون حتماً للتيار الصوفي»، بل إن هناك من بين فقهاء المسلمين أنفسهم من يؤكد أن حل مشاكلنا الحياتية المعاصرة في يد التصوف، ...(47/95)
التصوف، في حقيقة الأمر لم يعد حالة من الزهد والتعبد الفردي، كما بدأ فقد صار مؤسسات ضخمة لها امتداد، عابر للقارات كافة، بعضها يجتهد في أن يلعب دوراً تنموياً وسياسياً واجتماعياً، وبعضها تماهى في الفولكلور وتم اختزاله إلى ظاهرة احتفالية، بعضها متسامح في التعامل مع الآخرين، بما في ذلك اتباع الطرق الصوفية المنافسة، وبعضها يدخل في تناحر مع الآخر ويعاديه، بعضها تعاون مع الاستعمار - وربما هو ما تريده الولايات المتحدة في الوقت الراهن- لكن أغلبها حارب المستعمر بضراوة، وجزء منها ساهم في التنمية بأبعادها الشاملة، وجزء كان عالة على المجتمع.
يضيف الباحث: الصوفية المصرية إن كانت أفرزت في عصور غابرة، ولمرات قليلة، شيوخاً ناطحوا السلاطين باستنادهم إلى التفاف جماهيري منقطع النظير ينساق حول أعمال باراسيكولوجية وأسطورية ومنافع مادية فإنها تحولت في الوقت المعاصر إلى مجرد خادم للحكام، وهي مسألة لا تخطئها عين من يتابع الاحتفالات الصوفية ولا يهملها عقل من يفكر في خطاب المتصوفة حيال السلطة من جهة، والحبل السري الذي يربط تنظيمهم بشقيه الإداري والروحي بجهاز الدولة الأمني والديني من جهة ثانية.
أما في تركيا، فبدءاً من نجم الدين أربكان زعيم حزب «الرفاة» وأحد رموز الطريقة النقشبندية وصولاً إلى أحد مريدية وهو الطيب رجب أردوغان زعيم حزب «العدالة والتنمية» تغالب الطرق الصوفية تقليديتها وتستغل الفضاء الواسع الذي يتيحه الفكر الصوفي من تسامح واعتراف بالآخر في وضع أطر ووسائط سياسية تجعلها متناغمة مع الحياة الديمقراطية التي تعتمد على التعددية، كما تستخدم ما في الصوفية من حض على التراحم والتماسك والصبر على المكاره في تعزيز ثقافة الإنجاز، ومن ثم السير قدماً على درب التنمية.(47/96)
ومن اليسير تتبع رصد الدور السياسي للطرق الصوفية سواء كان محدوداً خافتاً مثل ما عليه الحال في مصر، أو متسعاً ظاهراً، مثل ما قامت به المهدية في السودان، والسنوسية والقادرية والتيجانية والميريدية في وسط وغرب أفريقيا والنقشبندية والمولوية في آسيا الوسطى والقوقاز وشبه القارة الهندية وغيرها. لكن تناول دور الطرق الصوفية في إحداث «النمو الاقتصادي» على مستوى العالم الإسلامي برمته، أو حتى داخل كل دولة على حدة، لا يبدو عملاً يسيراً بأي حال من الأحوال، لأنه إما دور ضئيل لا يذكر في بعض الدول، أو غير مباشر يصعب تتبعه أو التيقن من حجمه، في دول أخرى.
وحتى لو كانت الصوفية تحكم من خلال حزب، مثلما هو الحال في تركيا، فإنها لا تعدو هنا كونها عنصراً من عناصر عدة تسهم في النمو الاقتصادي، من الصعب استخلاصه وتحديد معالمه، لأنه ذائب في الجهود الأخرى التي تجد على هذا الدرب.
وتتمثل الإشكالية الرئيسة لهذه الدراسة في تحليل (الدور الذي تلعبه الطرق الصوفية في تشكيل الثقافة السياسية المصرية) وذلك بتناول أساليب التنشئة السياسية لديها باعتبارها أداة نقل وخلق وتغيير الثقافة السياسية وكونها ضرورة لكل عضو في المجتمع كل يستطيع أن يتكيف مع البيئة السياسية التي تحيط به.……وهذا يتطلب فحص «القيم» و «المعارف» التي تغرسها الطرق الصوفية في نفوس وعقول أتباعها لمعرفة ما إذا كانت تدعو إلى الانخراط والمشاركة أم السلبية والانسحاب؟ وهل تقود إلى التغيير أم ترتكن إلى تكريس الوضع القائم؟ وما نوع الحكم الذي تقضي إليه «ديمقراطي»، أم «ديكتاتوري»؟ وما مدى ترسيبها لقيم عامة لها بعد سياسي مثل «العدالة» و«الحرية» و«المساواة» و«التسامح» أو مفاهيم سياسية مثل: «الوطنية» و«الهوية» و«الانتماء» و«الشرعية»... الخ.(47/97)
وما هو تصور الصوفية عن «الصديق» «العدو» داخلياً وخارجياً؟ وما هي علاقة الطرق الصوفية المباشرة وغير المباشرة بالنظام السياسي القائم؟ وذلك على أساس أن كل نظام سياسي يحتاج إلى ثقافة سياسية معينة تغذيه وتحافظ عليه وتضمن استقراره، فالحكم الفردي تلائمه ثقافة سياسية تتمحور عناصرها حول الخوف من السلطة وطاعتها مع ضعف الميل للمشاركة السياسية وفتور الإيمان بكرامة وذاتية الإنسان وعدم السماح بمعارضته، وفي المقابل فإن الحكم الديمقراطي يتطلب ثقافة ديمقراطية تؤكد على حرية الفرد وذاتيته وكرامته وصيانة حقوقه حتى لا يمكن لسلطة الحاكم أن تنال منها، فضلاً عن الشعور بالثقة والاقتدار السياسي لدى الأفراد.
وفي إطار سعي المثقفين الى بناء مشروع نهضوي لحل المشكلات الراهنة التي تواجه المجتمع المصري يصبح السؤال مبرراً حول إمكانية مساهمة التصوف في ذلك، فهل يمكن تحويل أيديولوجيا الصراع الداخلي «التصوف» إلى أيديولوجيا للمقاومة الخارجية؟ وهل يمكن الانتقال من الفرد إلى المجتمع ومن النفس إلى الأنفس؟ وإذا كان التصوف طريقاً يمر بثلاثة مراحل «أخلاقية» و«نفسية» و«يتافيزيقية» فهل يمكن إعادة بناء كل مرحلة لتنمية ثقافة سياسية أكثر فاعلية؟ أم من المجدي استبعاد «الطرح الصوفي» تماماً؟ وما مدى صدق وواقعية «الرؤى» التي ترى في الصوفية معادلاً دينياً للديمقراطية السياسية بما تحض عليه من تسامح وتحرر وانفتاح؟ وما هو الدور الذي قامت به الصوفية كإحدى مؤسسات المجتمع المدني في مصر؟ وهل يساعد هذا على خلق ثقافة سياسية مستقلة عن السلطة أم لا؟(47/98)
ويستطرد الباحث مؤكداً على أن هناك من توقعوا تراجع الطرق الصوفية أو اندثارها في المستقبل ويستندون في ذلك إلى ثلاثة عوامل: أولها: موجة التحديث التي تتسرب رويداً رويداً إلى عقل المجتمع المصري والتي ستضع ظاهرة تقليدية مثل «الطرقية» في موقف حرج. وثانيها: ظهور وترعرع أشكال أخرى للتدين تتمثل في جماعات شتى تستتر فوق خريطة مصر راحت تزاحم الصوفية، تنتقدها أحياناً وتجلدها أحيناً أخرى وتضربها في مقتل اعتقادها الخاص بكرامات الأولياء والتضرع للأضرحة. وثالثها: غياب الهدف السياسي الواضح للصوفية بينما تمتلكه القوى الإسلامية الأخرى، ما جعل المتصوفة جماعة لا يهمها تغيير المجتمع أو الانتصار لاتجاه سياسي معين وإن كان أفرادها يعرفون كالآخرين هموم الوطن ويتأثرون بها مثلما أثبتت هذه الدراسة. وهذا الابتعاد عن السياسة قد يؤدي مع الأيام إلى انصراف الناس عن الطرق الصوفية بقدر انصرافها عن قضية تمس حياة كل إنسان، وهي السياسة، التي تبدأ بالخدمات البسيطة في المجتمع المحلي، وتتصاعد لتصل إلى مستوى الحكومة المركزية ومنها إلى النظام العالمي، ما يجعل من الصعب على أي فرد أن يتجاهلها، فهي مقتحمة لا تعرف حدوداً ولا سدوداً.(47/99)
لكن يبدو أن الحقيقة تسير عكس هذه التوقعات فطوال القرن العشرين سارت الصوفية المصرية في اتجاه مخالف للرسم البياني الذي بشر به بعض الباحثين واستطاعت أن تضم بين مريديها بعض الفئات المحدثة. ولم تؤد أشكال التدين الأخرى إلى تراجع نفوذ المتصوفة بل حدث العكس، فالنظام الحاكم كان في مصلحته دائماً أن تكون الصوفية قوية ظاهرة في مواجهة القوى الإسلامية المناوئة له ولذا عمل طوال الوقت على إلهاب وقودها ليستمر مشتعلاً، ثم دخل الأمريكيون على الخط فزادوا هذا التوجه عمقاً، وأعطوه بعداً دولياً واستراتيجياً كبيراً. وفي نهاية الكتاب يطرح الباحث أسئلة عدة: هل الصواب هو هدم هذه التجمعات والمؤسسات التقليدية «الطرقية» وتقويضها لأنها تقف عائقاً أمام التحديث؟ أم أن الأصح هو تطويرها من الداخل بحيث تستطيع أن تجاري الحداثة؟ ولكن ما هو مقدار الصعوبة التي تقف حائلاً دون هذا التطور وما مدى استعداد الأنظمة الحاكمة التي تتوالى على عرش مصر لطرح هذه الأفكار؟ فهل سيستمر مسلسل الاتكاء على الصوفية لكسب الشرعية؟ أم سيأتي من يسعون إلى القيام بعملية جراحية شاملة للطرقية بحيث يتلافى المجتمع عيوبها ويستفيد من إيجابيتها؟ وما إمكانية أن يتقبل المتصوفة أنفسهم هذا التغير؟ هذه الأسئلة وغيرها ستبقى مطروحة في المستقبل المنظور ولكن الشيء الضروري الذي تختتم به هذه الدراسة رحلتها هو أن أي عملية تنمية للمجتمع المصري على المستويين السياسي والاقتصادي أو أي مشروع للنهضة لا يمكن أن يتجاهل المعضلات التي تطرحها الصوفية.
محمد عويس - الحياة - 3/3/2007
أول الرقص حنجلة!!(47/100)
…قالوا: تنظيم القاعدة يقيم علاقة وصلات مع الحكومة الإيرانية لأن عدوهما واحد وهو الولايات المتحدة الأمريكية. وزاد "هناك شخصيات في القاعدة تتابع ملف التعاون مع إيران مثل سيف العدل وأبو حفص الموريتاني ووجود شخصيات من القاعدة في إيران هو للتنسيق وهذا لا يعني أبدا أن القاعدة تقاتل وفق الطريقة والأجندة الإيرانية".
أبو جندل – حارس بن لادن/ العربية 3/5/2007
…قلنا: للأسف تورطت القاعدة في خدمة كثير من أهداف إيران ولو بدون قصد، فهاجمت الدول السنية المتصدية لمطامع إيران، واشتبكت مع القوي السنية في حين سلم منهم أعضاء المخابرات الإيرانية في العراق، وأضعفت كثيراً من الجهود والأعمال الدعوية بطيشها.
طريقة الشيعة في مقاومة إسرائيل!!
…قالوا: لم يجد أحد رموز التشيع أحمد حجازي في غزة سوى مجموعة من النساء السذج لنشر فكره المسموم وعقيدته الخبيثة التي تلقاها مقابل حفنة من الدولارات الإيرانية. حيث يقوم بإلقاء محاضرات للداعيات في مسجد القزمري في حي الشجاعية.
موقع الحقيقة/ لجنة الدفاع عن عقيدة أهل السنة في فلسطين
…قلنا: دائماً ما يصرخ بعض الطيبين في وجوهنا لا تشتتوا الجهود عن مقاومة إسرائيل بقضية الشيعة، ولكن لماذا يصمتون عن غزو الشيعة لنا في قلب المعركة مع إسرائيل؟؟
فشل التنصير
…قالوا: إن عدد معتنقي الإسلام بين مسيحي مصر ارتفع إلى حوالي خمسة آلاف سنوياً.
و نسبة من يعتنقون الإسلام من المسيحيين في مصر لأسباب عاطفية أو اقتصادية لا تتعدى ال5%، وأن 95 % يعتنقونه لأسباب عقدية بحتة ولا يعودون للمسيحية مرة أخرى، وأن الذي يعتنق الإسلام من المسيحيين لا يفكر في طلب دعم مادي أو مساعدات اقتصادية.
المجتمع 12/4/2007(47/101)
…قلنا:لا نقلل من خطر التبشير بين الدول العربية ، لكن حقيقة إن من يغزو عقول وقلوب أبنائنا هم أصحاب الفكر الإلحادي الماركسي أو الشهواني المادي ، فلو قارنا بين عدد من يتنصر أو يتأثر بدعاية التبشير وبين من سقط في مهاوى الشيوعية لكان الفارق رهيب جداً!!
إحذروا هذا الزمار!!
…قالوا: الشيخ حمزة يوسف على قناة أم بي سي يعظ المسلمين ضد المقاومتين العراقية والفلسطينية ويدعو لمحبة اليهود واقتصار التبرعات على الأكل والشرب وليس الجهاد! بعض الأصدقاء يقولون أن تأثيره كبير، خاصة بعدما بهر الناس في رمضان الماضي بحديثه عن روعة الإسلام والحضارة الإسلامية... وهو موظف رسمي في الإدارة الأمريكية.
د. ابرهيم علوش/ موقع الصوت العربي الحر
…قلنا: قد بدأت توصيات راند بالتنفيذ ، وحمزة يوسف والجفري يسيران على نفس الطريق.
الإعتدال المقلوب!
…قالوا: أورد تقرير راند اسم جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية في لبنان، على أنها فصيل إسلامي معتدل.
على حسين باكير/ العصر 5/5/2007
…قلنا: الأحباش جماعة دموية تكفيرية، متهمة بقتل الرئيس الحريرى، وهي ضالعة في العمالة للنظام السوري.
تغيير شكل من أجل الأكل!!
…قالوا: أسقط المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق كلمة الثورة من اسمه في خطوة توثق ارتباطه بالمرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله علي السيستاني، ليأخذ منه "إرشاداته"، بدلاً من اعتماد "ارشادات" المرشد الأعلى للجمهورية الايرانية خامنئي. وأكد مسؤول بارز في"المجلس" ان التعديلات ستزيد الصبغة العراقية للحزب.
العربية نت 12/5/2007
…قلنا: التقية دين الشيعة فهل سيتركوه في سياستهم ؟؟
نتاج الحضارة!!(47/102)
…قالوا: كشف مصدر في وزارة الداخلية المصرية أن إدارة مكافحة جرائم الآداب ضبطت أكثر من 45 ألف جريمة آداب منذ بداية عام 2006 وحتى مارس 2007، بينما شهد العام 2006 أكثر من 52 ألف جريمة تحرش جنسي واغتصاب. كما أرجع سبب ارتفاع معدلات الجرائم الجنسية إلى انتشار التقنيات الحديثة والانترنت والعري الفضائي الذي يتعرض له الشباب على مدار اليوم.
العربية نت 10/5/2007
…قلنا: هذا بسبب سيطرة الملاحدة واليساريين على مفاصل الثقافة في بلادنا ، والذين يشرعنون العري والانحلال ويحاربون الفضيلة والعفاف .
عودة الخرافة
…قالوا: أثار خبراء وعلماء اميركيون أخيراً ظاهرة ازدياد الأميركيين نحو اعتناق الخرافة والأسطورة والغيب في قراءة أمور الحياة، وهو ما يتناقض مع هذا التراث العلمي الهائل ومنتجاته العقلانية.
الحياة 27/4/2007
…قلنا: من الطبيعي اللجوء للخرافة لتعويض الجانب الإيماني في الحضارة الغربية حين تحجب شمس الإسلام عنهم .
التشيع الأوربي!!
…قالوا: أعلن في فرنسا عن " الفيدرالية الشيعية في فرنسا " تضم شيعة من لبنان والعراق والمغرب.
الوطن العربي 2/5/2007
…قلنا: من المهم متابعة مثل هذه التجمعات الشيعية في مهدها ، ودورها في تشييع السنة المغتربيين قبل أن تكبر وتصبح قضية لا يمكن إحتوائها.
تجمع شيعي لبناني جديد
…قالوا: سيتم الاعلان قريباً عن جمعية للعلماء والمجتهدين الشيعة" الذين لا علاقة لهم بحزب الله أو حركة أمل.
الشراع 30/4/2007
…قلنا: نأمل أن يكسر شيعة لبنان الحصار الذي يفرضه حزب الله وحركة أمل عليهم ، و يتحرروا من قبضة إيران وسوريا ، ليمكنهم التعايش بسلام مع جيرانهم في لبنان .
…
الإسلام الليبرالي
[الجزيرة – الاتجاه المعاكس 27/3/2007 باختصار](47/103)
فيصل القاسم: لماذا تبرع العديد من الإسلاميين لتنفيذ المشروع الأميركي الهادف إلى خلق ما يسمى بإسلام ليبرالي، لماذا وصلت براثن الاستعمار الجديد إلى الدين الحنيف ماذا بقي لنا من قلاعا تحمينا سوى الإسلام يتساءل آخر، ألم يدجنوه من خلال تغيير مناهج التعليم فلماذا يبشرون الآن بإسلام مدني مصنوع في مراكز البحوث الأميركية.
أليس الذين ينادون بدمقرطة الإسلام هم مجرد أدوات في أيدي القائمين على مشروع الإسلام الأميركاني الجديد، لماذا يقبل بعض الإسلاميين بتصنيفهم في خانة الليبراليين أصلا، لكن في المقابل أليس الإسلام دين اعتدال وتسامح ويسر، لماذا تثور ثائرة البعض لمجرد الدعوة إلى جعل الدين منسجما مع العصر، أليس السواد الأعظم من المسلمين أناس معتدلين يدعون إلى الديمقراطية والليبرالية، ألسنا بحاجة ماسة إلى عصرنة الكثير من المفاهيم العقدية البالية يضيف آخر، ما العيب في أن يسير المسلمون على هدي المثال التركي الذي يجمع بين الحداثة اللبرالية والقيم الإسلامية الأصيلة.
أليس من مصلحة المسلمين التحرر من سطوة رجال الدين وديكتاتورية العقيدة يتساءل آخر، ما العيب في أن يتصدى بعض الإسلاميين المتنورين لمشايخ السلخ والذبح الذين يريدون لمجتمعاتنا العيش في غياهب القرون الوسطى.
أليس الإسلاميين اللبراليون جديرين بالاحترام والتشجيع لا بالتكفير والتشنيع يضيف آخر، أسئلة أطرحها على الهواء مباشرة عبر الأقمار الصناعية من القاهرة على الكاتب الإسلامي الليبرالي جمال البنا وعلى الكاتب الإسلامي المعارض للموجة الإسلامية اللبرالية محمد إبراهيم مبروك نبدأ النقاش بعد الفاصل.
أميركا والسعي لتغيير الإسلام وأسبابه:(47/104)
فيصل القاسم: التصويت على موضوع هذه الحلقة هل تعتقد أن الدعوة إلى خلق إسلام لبرالي تهدف إلى أمركة الإسلام أو جعله منسجما مع العصر؟ أمركة الإسلام 85.8% جعله منسجما مع العصر 14.2% ولو بدأت مع السيد مبروك في القاهرة بهذه النتيجة سيد مبروك ماذا يمكن أن تقرأ في هذه النتيجة السواد الأعظم من المصوتين 85.8% يعتقدون أن كل هذا الكلام عن تجديد الإسلام وجعله منسجما مع العصر وإسلام لبرالي وإلى ما هنالك من هذا الكلام الهدف الرئيسي منه هو أمركة الإسلام خلق إسلام أميركاني ماذا تقرأ في هذه النتيجة؟
محمد إبراهيم مبروك - كاتب إسلامي معارض للموجة الإسلامية الليبرالية: بسم الله الرحمن الرحيم أعتقد إن أنا يعني مندهش إن النتيجة 85% أنا في تصوري إن النتيجة من المفروض أو أنه من المتوقع وهو ده الحقيقي إنها أي أعلى من ذلك بكثير ومسألة إسلام أميركاني الآن أنتم ترصدونها أما بالنسبة لي فقط كان لي أول دراسة حول هذا الموضوع كتنبؤ للمستقبل سنة 1989 كتابي كان الإسلام النفعي كنت لسه في أوائل العشرينات من العمر.
كان توقعي إن بعد سقوط الاتحاد السوفيتي كان لابد أن تفكر أميركا في السيطرة على العالم وكسر كل الأيدلوجيات والانتماءات الأخرى فكان الموجة الوحيدة الذي تتصدى لهم أو الأيدلوجية الوحيدة هي الإسلام، الكلام اللي هنقوله دلوقتي سريعا يعني إن منظري الإسلام اللبرالي ومنظري الصدام مع الإسلام ليس كما هو مشاع أنهم المحافظون الجدد فقط ولكن المنظرين الأميركيين من أمثال هنتغتون وفوكوياما وبرنارد لويس كل هؤلاء رأوا أن الصراع مع الإسلام هو الصراع الحقيقي وأن المشكلة في الإسلام ذاته وليس في الإسلاميين الإصوليين ومن هنا كان رأيهم أن لسيطرة الرأسمالية على العالم لابد من تفريغ الكيانات العالمية والأيدلوجيات العالمية من مضمونها القيمي.(47/105)
إذا كانت الأيدلوجيات الأخرى استطاعت أن تنهار سواء الماركسية، الوجودية، الكونفويشوسية، البوذية كل هذا الكلام لم يوجد نظام أيدلوجي متكامل من الممكن التصدي للرأسمالية البرغماتية الأميركية سوى النظام الإسلامي فكان ليس هناك غير طرحين أما الطرح العسكري..
السيطرة على الإسلام بالقوة وكسر شوكة الإسلام عسكريا إما أن أقدم إسلام بديل، إن أنا أحاول أن أذوّب القواعد الأساسية للإسلام في تقديم نوع من الإسلام اللبرالي الذي يتوافق مع المفهوم العلماني وكيف هذا من خلال تمييع القواعد الأساسية والأصولية للإسلام.
فكرة الإسلام اللبرالي هي فكرة بسيطة جدا إنني يعني أخلي الإسلام من الثوابت أطرح إسلام يحكمه العقل والمصلحة، أخلي أطرح إسلام يتفق مع العلمانية ومع الديمقراطية، مع العولمة، مع كل النظم والأفكار التي تطرحها أميركا، من خلال تفكيك القواعد والأصول الإسلامية يتحول الإسلام إلى مفردات كمية من الممكن أن أشكل فيها وأصنع وبالطريقة التي تتكيف مع المصالح الأميركية في المنطقة هذه المسألة ليست كانت من الناحية النظرية فقط ولكن هي أخذت مراحل على المستوى العملي سنة عالم السياسي الأميركي لونارد بيندر قدم كتاب اللبرالية الإسلامية وقال فيه إن تقديم تيار وسيادة تيار اللبرالية الإسلامية يجب أن يكون هو الوسيلة الوحيدة لكي تنجح اللبرالية السياسية في الشرق الأوسط وعالم السياسة.(47/106)
وليم بيكر سنة 2003 كتب كتاب برضه عن الإسلاميين اللبراليين وقال عنه إن هذا هو الإسلام الوحيد إسلام بلا خوف جاء التقرير لمؤسسة راند ودي مؤسسة بتعمل ولها علاقات مع المخابرات الأميركية شارل برنار عمل تقرير استراتيجي سنة 2003 حوالين الإسلام المدني الديمقراطي، الإسلام المدني الديمقراطي قسم الحركة الثقافية في العالم العربي والإسلامي إلى علمانيين حدثيين إسلاميين محافظين إسلاميين راديكاليين طبعا تجنب الإسلاميين الراديكاليين ده شيء مفهوم والمحافظين ولكن أيضا هي لم تضع يدها بالكامل على العلمانيين، هي رأت أن الأفضل في ترويج الحالة الأميركية هم الحدثيين من هم الحدثيين أشرح بس إشارة بسيطة.. الحداثيين دول هم العلمانيين في الحقيقة ولكنهم يطرحون أنفسهم بشكل إسلامي يزيفون من خلاله الإسلام ويميعون حقائقه ويقدمون من خلاله المفاهيم الأميركية فتكون وسيلتهم في نشر المفاهيم الأميركية أسهل من العلمانيين.
فيصل القاسم: جميل جدا وصلت الفكرة أطرح هذه الفكرة على السيد جمال البنا سيد جمال البنا لعلك استمعت إلى هذا الكلام يعني باختصار هناك هجمة هجوم على كل..(47/107)
جمال البنا - كاتب إسلامي ليبرالي: ما قلته كل ما ذكرته سيادتكم وما ذكره الأخ مبروك لا يعنيني في شيء مطلقا.أنا رجل أفكر من سنة 1946 في تجديد الإسلام هذا كتاب ديمقراطية جديدة الذي ظهر في سنة 1946 يتضمن فصلا بعنوان فهم جديد للدين في سنة 1943 لم يكن مستر بوش موجود ولا يوجد أب بوش نفسه فاهمني، في هذا الفصل قلت ما أقوله الآن لا تؤمنوا بالإيمان فحسب ولكن آمنوا بالإنسان لأن الإيمان قوة عمياء تائهة في بيداء المبادئ، إنها مادة خام للإيجار أو الاستيراد إلى آخره، إذاً في سنة 1946 كان هناك دعوة لفهم جديد للإسلام. فكل ما تقولونه عن الحداثة وعن هنتغتون وعن بوش لا يعنيني في شيء فاهمني، أنا دعوت إلى التجديد الإسلامي من سنة 1946 ولا أزال أواصل هذه الدعوة على نفس الأسس وأدعي وأقول وأكرر أن هذا هو الإسلام، إسلام القرآن، إسلام الرسول، أما ما تدعونه من إسلام فهو إسلام الفقهاء، هو الإسلام السلفي ليس الإسلام القرآني فاهمني، كل هذا الغثاء الذي تقولونه عن أميركا وغيره لا يعنيني في شيء، الأخ مبروك يعلم جيدا أنه جاءني قبل أن يصدر كتابه الأول ليرجوني أكتب له مقدمه حتى يمكن طبعه وكتبت له مقدمة طويلة وكان بها سعيدا كل السعادة وكان عن مبدئية الإسلام.. مبدئية فاهمني. الآن هو ينتقد إن الإسلام يكون العقل والمصلحة إذا لم يكن الإسلام العقل والمصلحة فماذا يكون، يكون التقليد يكون الإتباع القرآن {وإذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} وهذا هو ما تدعون إليه أنتم الآن فاهمني، إذاً دعوة تريد أن تعيد الإسلام إلى منابعه الرئيسية هي القرآن والرسول وتتجاوز كل ما جاء به الأسلاف من اجتهادات..(47/108)
اجتهادات بشرية ونحن لسنا ملزمين مطلقا بإتباع هذه الاجتهادات، لا نتعبد الله بما قاله بن حنبل أو مالك أو أبو حنيفة أو غيره وإنما نتعبد الله بما جاء في القرآن الكريم وبالسُنّة المنضبطة، بالقرآن والتي لا يدخلها الأحاديث الموضوعة أو الركيكة إذا ما أريد أن أقوله أولا دعوة من سنة 1946 أين كنتم يا من تتكلمون عن الإسلام سنة 1946 كنتم أطفالا أولم تكونوا قد ولدتم بعد مسألة.
ثانياً إن ما ندعو إليه هو الإسلام حقا ولن ينهض الإسلام إلا بأن نعود إلى القرآن وإلى الرسول وأن نتجاوز الفهم السلفي الذي يسيطر على العالم الإسلامي وعلى الفكر الإسلامي هو المسؤول عن تخلف المسلمين لا ندعو إلى هذا وأصدرنا ما بين 1946 وما بين 2000 نحو فقه جديد من ثلاثة أجزاء نحن نعمل وندأب أكثر من أربعين كتاب تقريبا صدر عن هذا الإسلام الذي يطهر الإسلام مما راكبوه عليه من غشاوات وأقول واجتهادات وفنون وأدخلوا فيها كل ما جاء في المجتمع الإسلامي من ملل ونحل وغيره وادعو أن هذا هو الإسلام، نحن نريد أن ننقي الإسلام من هذا، نريد إسلام دعوة لتحرير كما قال الله: {ويَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ والأَغْلالَ الَتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وعَزَّرُوهُ ونَصَرُوهُ واتَّبَعُوا النُّورَ}.{يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ} هذه هي دعوة الإسلام..أما كل هذه المجلات الضخمة والتفاصيل الدقيقة وغيره فلا يعنينا.
فيصل القاسم: طيب وصلت الفكرة، سيد مبروك أعتقد رد في غاية المنطق يعني عندما بدأ أمثال جمال البنا بالحديث عن تجديد الإسلام لم يكن هناك لا أميركا ولا مشروع لبرالي ولا شارل برنار ولا برنارد لويس ولا أحد يعني فماذا يمكن أن ترد على مثل هذا الكلام؟(47/109)
محمد إبراهيم مبروك: طيب بس لمحة سريعة كده أنا ذهبت إلى الأستاذ جمال البنا فعلا ده كان بمشورة دار نشر إخوانية أنا ما كنتش أعرف حاجة عن الأستاذ جمال البنا فكنت عيل صغير وعلشان يوافقوا على الكتاب قالوا هو ده اللى ممكن يفهم فيها وكتب لهم ساعتها وكنت سعيد لأني ما كنتش أعرف حاجة أنا هأنتقل إلى النقطة دي بعد أنا لم انتبه إلى فكر الأستاذ جمال البنا ومدى مخالفته للإسلام حقيقية إلا سنة 1999 بسبب كتابه.. وضحت أمامي المسألة أولا سأشير إلى كلامه هو هو بيقول من سنة 1948 أو 1946 أنه ابتدى يكتب عن الإسلام بصورة مختلفة هي المسألة ده ليس له علاقة باللبرالية المطروحة الآن، هي مسألة الليبرالية اللي بتحاول أميركا هو من الذي سيقوم عليها هي بتنتقي هؤلاء الذين يتسترون بالشكل الإسلامي ولكن أسسهم من الداخل علمانية. فالأستاذ البنا هو أحد هؤلاء، كان أنا أيضا يهمني جدا أن الناس تفهم يعني إيه علمانية، العلمانية هي التي تقتصر على العقل الإنساني في معرفة حقائق الوجود وتصريف شؤون الحياة، المرجعية الأساسية في كل شيء هي للعقل.(47/110)
النص لا قدسية له ويظل على جنب ينحى على جنب لكن كل أمر من أمور الحياة ومن أمور الفكر ومن أمور العقائد يرجع فيها إلى العلمانية ولذلك هذه العلمانية تتناقض مع الإسلام تناقضا تاما وتصير كفرا برأي كل فقهاء الأزهر وكل فقهاء السعودية وأنا لا أنسى الدكتور محمد البهي وزير الأوقاف يعني من الهيئة الرسمية للدولة كان كتب كتابا علمانية فصل الدين عن الدولة كفر صراح، هذه المسألة هامة جدا لأن كان فيه حلقة سابقة واحد قال فصل الدين عن الدولة ليس كفر وعلمانية جزئية هذا هراء مع احترامي للشخص الذي قال هذا الكلام وإنه هو تسبب في أن الآخر استهزأ بالدين الإسلامي ومنه لله وسوف ينتقم الله منه، أعود إلى الأستاذ جمال البنا هذه اللبرالية الأميركية بتنتقي هؤلاء الذين يتسترون في شكل مزيف ولكن الفحوى الداخلية هي فحوى العلمانية يعني فحوى تحكيم العقل في كل شأن من شؤون الحياة (عطل فني) والأمة يعني يذهب إلى الآيات ويذهب إلى الحديث ليؤولها لكي تتفق مع مفهومه..
فيصل القاسم: كيف ينفذ هؤلاء المشروع الأميركي باختصار؟(47/111)
محمد إبراهيم مبروك: هو نقض السُنّة وأسقط إسنادها ودعا أن النبي نهى عن كتابتها ولذلك قال إن السُنّة ننحيها على جنب ونحتكم فيها إلى الصريح من القرآن، نروح له في كتاب القرآن، رفض المفسرين، رفض الروايات التفسير من الحديث، رفض أسباب النزول التي تفسر القرآن، رفض قواعد اللغة العربية، رفض المحكم من القرآن وفي النهاية أسقط كل الثوابت من القرآن، قال القرآن ليس فيه محكم، إذا القرآن ليس فيه ثوابت رجع لأصول الفقه قال أصول الفقه نسقط كل الأشياء ونحكّم العقل والمصلحة وتتحول أصول الفقه الجديدة هي العدل، هي المساواة، هي الكلام العام والمصلحة وهكذا يعني في النهاية من الذي يحتكم في هؤلاء العقل الإنساني يعني في النهاية صارت العلمانية هي المرجع الأساسي لتفسير الدين الإسلامي وهي المتحكم فيه ثم يأتي بعد ذلك..يأتي بالآيات وبالأحاديث ليؤولها بما تتفق مع العقل هذا هو المنظور الذي يطرحه الأستاذ جمال البنا وسأشرح التفصيلات بعد كده.
فيصل القاسم: طيب السيد جمال البنا سمعت هذا الكلام يعني أنت حضرتك تقول إن نحن لا علاقة لنا بالمشاريع الأميركية لا من بعيد ولا من قريب لكن إذا نظرنا إلى ما تطرحونه كما يقول لك نجدها أنها صورة طبق الأصل عن المشاريع الأميركية ماذا تقول؟
جمال البنا: يا أخي هل يعقل أن الأميركان مثلا يحاربوا الإسلام لأنه بيتبع العقل أنا شخصيا بأقول بأعلى صوتي أن الإسلام والعقل شيء واحد وأن العقل من حقه أن يفصل في كل الأمور باستثناء ذات الله تعالى وطبيعته فهذه يعجز العقل عن استيعابها أما ما عدا ذلك فلا بد من العقل وإلا ما الذي يميز بيننا بين الخرافة والحقيقة إلا العقل.
أنا أستغرب أن يظهر شباب زي مبروك يعادي العقل في هذا العصر القائم على العقل بالقوة وبالعزة وبالرفاهية وبكل شيء على العقل أيه عاوز يجرد الإسلام من العقل حاجة غريبة يا أخي وبعدين هو أثار موضوع الدين والدولة ده موضوع يستحق جولة أخرى..(47/112)
ولكن أنا بأقول فعلا أنا أدعو إلى الفصل ما بين الدين والسلطة وأنا أرجع إلى التاريخ متى كان للإسلام دولة كان للإسلام دولة عشر سنوات حكم الرسول سنتين ونصف حكم أبي بكر عشر سنوات، حكم عمر بن الخطاب بعد هذا بدأ الخطأ الانشقاق قتل عثمان وهو يقرأ في القرآن، جاءت السيدة عائشة في هودجها كل السهام موجهة إلى الهودج كل الأيدي كل هؤلاء مسلمون وبعدين قتل علي بن أبي طالب الذي أراد أن يعيد الخلافة مرة ثانية وأخيرا في سنة أربعين هجرية حوّل معاوية بن أبي سفيان الخلافة إلى ملك عضوض من سنة أربعين هجرية حتى ألغى مصطفى كمال الخلافة ولم تكن هذه خلافة كانت ملكا وراثيا سلطويا كأي نظام ملك تمليك في روما أو في الهند أو في غيره فأين هي الدولة الإسلامية التي تدعون عنها..
فهمت والإسلام ليس دولة الإسلام والقرآن هداية هو يتجه إلى القلب، يتجه إلى النفس، يتجه إلى الأمة ولا يتجه إلى الدولة، الدولة أداة قهر لا دولة إلا بجيش وإلا ببوليس وإلا بسجون وإلا تفرض ضرائب، لم يكن في دولة المدينة التي أقامها الرسول هذا كله.. فاهمني، فالخياليين اللي يتصوروا أن دولة إسلامية تطبق الشريعة هذا خطأ وحتى لو وجد حكومة تطبق الشريعة فسيأتي تطبيقها مشوها، تطبيق الشريعة لا تطبق إلا بإيمان الأمة أولا ثم تتجه إلى الدولة بالوسائل الديمقراطية لكي تقيم الشريعة والدولة تراقب هذه الإقامة وتصحح خطأها وبعد كل هذا فما هي الشريعة إنها العدل مش أكثر من هذا.
فيصل القاسم: سيد مبروك سمعت هذا الكلام ألسنا بحاجة لمثل هؤلاء المتنورين يعني كيف ترد على هذه الكلام كلام في غاية المنطق؟(47/113)
محمد إبراهيم مبروك: أي منطق أنت تتكلم في إيه يا دكتور فيصل، منطق إيه اللي أنت تتكلم عنه ده أنا بأضحك طول الوقت، يا راجل هو لو الإسلام هو العقل طيب ما نلغي الإسلام ونخلي العقل وبعدين هو يقول إيه يقول إن أنا معادي للعقل، مسألة العقل دي مسألة هامة جدا يعني هو كون إن الإسلام يدعو إلى العقل هل معنى ذلك أنه يجب أن يتفق تماما مع العقل؟
للعقل في الإسلام إطاراته التي لا تتناقض مع النصوص القطعية ولا تتناقض مع ثوابت الدين أما لو فكيت الدين من ثوابته الأساسية تحول إلى مادة هلامية وتحول العقل هو السيد ومن ثم انتهت قداسة الإسلام وبقى الإسلام زيه زي أي فلسفة من الفلسفات تعتمد على العقل فقط، يبقى تميز الإسلام لكي يكون هناك دينا يجب أن تكون هناك محددات.
إحنا حربنا الأساسية مع هؤلاء أنهم يريدون تذويب هذه المحددات، إحنا بس كل الفكرة ده الوقت في هذه المرحلة بالذات إحنا بندافع عن الثوابت وهو إحنا بنقول هنطبق حاجة ولا هنعمل حاجة ما كل حاجة وقعت هي المسألة هو عمال بيقول متى الإسلام طبّق الإسلام طبّق لغاية لما دولة الخلافة كان موجود في أوائل القرن الماضي الإسلام طول عمره بيطبق والإسلام يطبق في وجدان الناس والإسلام بيطبق في المحاكم الشرعية والإسلام بيطبق حتى في المحاكم المدنية، لما حكموا على نصر حامد أبو زيد بالكفر يعني حتى المحاكم المدنية رأت أن هؤلاء الناس مقولتهم تتناقض مع الإسلام عندما يتولوا العلمانية كمرجعية أساسية تحتكم للعقل فقط وتنحي القداسة حكمت المحاكم المدنية على هؤلاء بالكفر.. فالمسألة شديدة الوضوح والإسلام متواجد ما أقدرش أقول الإسلام مش متواجد.
اتهام الإسلاميين الليبراليين بتنفيذ مخططات أميركا(47/114)
فيصل القاسم: يا سيد مبروك كيف ترد على السيد البنا عندما يقول نحن لا علاقة لنا بكل هذه المشاريع التي تتحدث عنها أنت مشاريع اللبرلة والمشاريع الأميركية بالنسبة للإسلام لا علاقة لنا بها، كيف تتهم هؤلاء بأنهم فعلا أدوات في يد المشروع الأميركي الذي يريد أن يخلق إسلاما لبراليا؟
محمد إبراهيم مبروك: سأقول من ناحيتين من ناحية التنظيم ومن الناحية العملية الواقعية، من ناحية التنظيم أميركا تبحث عن إسلام يخلوا من القواعد ويتفق مع العلمانية والأستاذ جمال البنا من حيث التنظيم يدعو إلى إسلام يسقط القواعد الأساسية ويحتكم إلى العلمانية.
أما بالنسبة لتفصيلات الشرعية في الإسلام أنا مقدم هنا جدول في آخر كتابي عن الإسلام اللبرالي مقدمة مقارنة ما بين مشروع السيد شارل برنار اللي هي الأميركية التابعة للمخابرات الأميركية وما بين أفكار الأستاذ جمال البنا في كل أمر من أمور الإسلام وكيف التطابق بين هؤلاء وهؤلاء وكأن الأستاذ جمال البنا هو اللي أشار إلى هؤلاء بهذه الأفكار ده من الناحية النظرية.
من الناحية العملية معروف أن الأستاذ جمال البنا يعني وضعه إيه في مركز ابن خلدون ومعروف مركز ابن خلدون صلته إيه بأميركا والمؤتمرات اللي حصلت في مصر بالمشاركة مع مؤسسة راند ومؤسسة مركز الدراسات ومركز سابان كل هذه المراكز البحثية الأميركية والتابعة للمخابرات أو اللي لها علاقة بيها كان الأستاذ جمال البنا موجود في هذه المؤتمرات ومع سعد الدين إبراهيم مع هذه الشلة المشبوهة كلها لترويج هذا الإسلام اللبرالي هما بيقدموا أنفسهم لأميركيا كبديل للنظم الحاكمة هي دي الفكرة اللي هما بيسعوا إليها طبعاً.(47/115)
أنا باستثني الأستاذ جمال من ذلك الأستاذ جمال البنا هو أزهد من ذلك لكن مشكلة الأستاذ جمال البنا أنه كان تحت الغطاء إلى أوائل التسعينات وإلى أوائل سنة 2000 إلى أن التقطه صلاح عيسى وقدم له هذا المجال والتقطه سعد الدين إبراهيم وقدموا له هذه الروح الراجل فرح يعني بصراحة وبقى ده الوقت نشر مائتي كتاب وكل يوم بيكتب فصل معين عن الإسلام يسقط فيه الحجاب ويسقط فيه الجهاد ويسقط فيه كل أمر من أمور الإسلام والآخر خالص، قال لهم مفيش حاجة اسمها حلال وحرام، كل واحد يبحث عن الأشياء يقرأ هو من نفسه ويلغي الفقهاء.
دعوة الأستاذ جمال البنا فيها شيء يضحك بالفعل، هو بيقول كده بنصوص كتبه بيقول المفسرين والفقهاء ودكاترة الجامعة والدعاة على امتداد 14 قرن لم يفهموا الإسلام وهو فهمه لوحده، فإذا كانت المسألة هي دي عقلانية خلاص فلتتبع الناس هذه العقلانية، لكن أولا هذا كفر يخرج عن الإسلام وثانيا هذا لا يمت للعقل بشيء، هذا فيه نوع يتناقض مع العقل وفيه نوع عبثي، فيه نوع جنوني وفيه نوع كبير من العمالة حتى إذا كانت غير مقصودة إن كانت حتى مش بالاتفاق ولكنها هي واعية جدا أنها تتفق مع اللبرالية الأميركية وإن كانت الأمور العملية تقول أن له علاقات بهؤلاء الناس.
فيصل القاسم: طيب جميل سيد البنا سمعت هذا الكلام؟(47/116)
جمال البنا: يعلم إبراهيم مبروك أن جمال البنا أعظم من كل هذا، فهو يعلم هذا جيداً، بيقول الثوابت هو بيدافع عن الثوابت هذه الثوابت هل تتفق مع العقل أو لا تتفق مع العقل؟ إذا كانت لا تتفق مع العقل فأنا أول من يرفضها لأنه من غير المعقول أن يأتي الله تعالي بشيء اسمه ثوابت ويختلف مع العقل وأنا قلت إن العقل له صلاحية في الفصل في كل الأمور باستثناء ذات الله تعالي وطبيعته اللي هي تستعصي عليه، ثاني حاجة بيقول المحاكم المدنية حكمت على حامد أبو زيد، المحاكم المدنية حكمت بأغلب الأقوال من فقه أبي حنيفة، القاضي أمامه قانون مصري بيقول له بيلزمه اتباع هذا فهو حكم بهذا لم تكن حكما مدنيا ولكن حكما بأرجح الأقوال من فقه أبي حنيفة، حكاية ابن خلدون بيقولوها كثير قوي أحب أوضحها بقى ما دام أثارها على الملأ ووقت ما كنت أنا أدعو ييجي علماء الأزهر يقولوا ده مش مختص ده جاهل ده مش عارف.. بكل بساطة هؤلاء الذين لا يعلمون شيئا ولا يعقلون ويدافعوا عن الإسلام بحكم الوظيفة وبحكم المنصب وبحكم البرستيج اللي بيعملوه لما عرض علي الدكتور سعد الدين إبراهيم أن أكون أحد الأمناء وجدت في هذه قناة ممكن أن أتصل بها لا إلى الجمهور المصري فحسب وإنما إلى الجمهور الخارجي أيضا وأذكر أن كتبت له أني عندما قبلت الانضمام كنت أتمثل جمال الأفغاني وهو يدخل المحفل الماثوني ده كان في خطاب قبولي للانضمام ومع هذا فإني حملت ابن خلدون على أن يصدر كتبا عديدة عن الإسلام..(47/117)
فيصل القاسم: كيف يمكن أن نفهم المشاريع الأميركية الآن التي يتم العمل بها أو يتم إنشاؤها إن صح التعبير في مراكز البحوث الأميركية يتحدثون الآن عن بناء إسلام جديد عن باللغة الإنجليزية كيف يمكن أن نفسر هذا الاهتمام الأميركي بأشخاص من نفس هذه النوعية نوعية جمال البنا الذين يتحدثون عن الإسلام اللبرالي وكذا إذاً السيد مبروك محق عندما يتحدث عن هذه العلاقة المشبوهة بينكم وبين المشاريع الداعية إلى أمركة الإسلام؟
جمال البنا: أولا الحديث أكذب الحديث هو الظن ومن السهل الادعاء ولكن إثبات هذا بالدليل أنه يدعي بالشبهات أو بالظنون فهذا يعرف جيدا أن هذا ليس من الإسلام بعدين بتقول بناء إِسلام طيب ما هو إقبال كتب كتاب فيه إقبال من قمم التفكير الإسلامي إذا إحنا فعلا بندعو إلى إعادة تأسيس منظومة المعرفة الإسلامية من حديث ومن فقه ومن تفسير نقول هذا فاهمني أما.. أميركا تفعل ما تشاء، أميركا دولة عاوزه تؤثر على الإسلام ولكن إحنا ناس بنفكر في تجديد الإسلام قبل ما بوش يظهر وقبل ما أبو بوش يظهر لأننا مؤمنين بهذا من الأربعينات، فالكلام بتاعنا..
الكلام بتاعكم اقصروه عليّ محتل يكون هناك آخرين لا أعلمهم أما علاقتي بابن خلدون فأنا علاقتي قد أوضحتها في هذا وتركت هؤلاء الشيوخ الذين ليس لديهم إلا أن جمال البنا غير مختص وليس له أن يتحدث عن الفقه وليس له يريدون أن يجعلوا الدين كديانة مهنة، سبوبة كما يقول العامة في مصر ويرفضون أن يتحدث أي مفكر عن الدين، وجدت رجلا يرحب ويقبل أن أقول كل ما أريد وهذا كتاب الإسلام كما تقدمه دعوة الإحياء اِلإسلامي قدم له عملت المقدمة وأراد الدكتور سعد أنه يكتب.. تفضل.
فيصل القاسم: سيد إبراهيم مبروك سمعت هذا الكلام طيب نحن لماذا نشن كل هذه الحملات على كل من يدعو إلى جعل الإسلام منسجما مع العصر ونجعل منه عميلا وإلى ما هنالك من هذا الكلام في السياسة وفى الدين.(47/118)
محمد إبراهيم مبروك: معلش أنا عايز بس المشاهدين يعذروني إن فيه حاجة تضحّك برضه شوية، يعني بس هو أولا مسألة إن إيه هل بيقول لي أن الثوابت يجب أن تتفق مع العقل، ما تتفق معه أو ما لا تتفق معه، يعني ما تتفق نأخذه وما لا تتفق ما نأخذوش؟ ثوابت إيه اللي تتفق مع العقل في العقائد، هو العقل لو أنا أطلقته بدون محددات دينية يبقى أنهي عقل في الناس ربنا قال {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ} يعني الهوى ده في حسب الاعتقادات يمضي كيفما يشاء، أنا قرأت تاريخ الفلسفة من أول من الدنيا ابتدت إلى غاية النهارده، ما فيش فيلسوف قال حاجة تتفق مع الثاني حتى القيم المطلقة اللي هو بيتكلم عنها ده لما يقول مثلا كلمة العدل مثلا عدل مين؟
عند أفلاطون إن الناس الضعفاء يطردوا من جمهوريته. وعند نيتشه العدل أن الأقوياء يدوسوا على الضعفاء والعدل عند ماركس المساواة والعدل في الإسلام المساواة بين الناس مع مراعاة ما وجد الله كل منهم على حاله ومزاياه يعني هناك كل مفهوم لو أطلقته تسير الأمور عبارة عن اعتباطات خيالية، يبقي إذاً أنا لكي أقول أن هناك دين لازم أقول أن هناك محددات وركائز وثوابت معينة أتى بها هذا الدين، بقية مفهوم العقل يفهم العقل في إطار هذه الأشياء، فيه أشياء ثانية نحط العقل فيها لكن هناك ثوابت نقطة معلش برضه أصل هو طرح نقاط كثيرة يجب الإشارة إليها.(47/119)
نقطة بيتكلم على هو دلوقتي بيقول أن شيوخ الأزهر رافضينه طيب ورغم كده هو بيقدم دعوة الإحياء وكل الناس مش فاهمة حاجة من اللي هو بيقوله أنا هأقدم بس إيه أمثلة بسيطة خالص للي هو بيقوله في تجديد الإسلام، قال الصلاة تبقى صلاتين بس، قال الحدود يختلف أحكامها من زمان لزمان وما تنفعش إن هي تتطبق النهارده، قال الحجاب لم يشرع، أهم حاجة بقى في حكاية إن إحنا بنتهمه بالعلاقة بأميركا موضوع الجهاد يعني في ظل أن أميركا محتلة العالم الإسلامي بيقول ده الجهاد ده عبارة عن جهاد بلا قتال وجهاد قتال؛ الجهاد بلا قتال ده هو اللي إحنا حقتنا نمشي عليه.
أما جهاد القتال ده اتلغى وحكاية إن إحنا الناس تخرج من عبودية العباد إلى عبودية الإله دي مسألة تخريف وبيقول باللفظ في صفحة 121 في كتابه الجهاد أضغاث أحلام أما جهاد اليوم بلفظه وجهاد في سبيل الحياة هذه هي الدعوة الجديدة اللي الناس كلها مش فاهمة أي حاجة خالص عن الـ 14 قرن والأستاذ جمال البنا لوحده اللي فاهم.(47/120)
طيب إذا كانت المسألة اللي بيقولها جمال البنا ودعوته للإحياء ده هي لا تتفق مع أي عقل ولا أي حد وأنا سمعت من ناس كثير عن انطباعاتهم عنه ورأيت أن الناس مش متقبلينها طب هو مستقدم إيه قيمته في الموضوع قيمته في الموضوع أن تيجي واحدة زي هالة سرحان بتروج للدعارة باسم الليبرالية الأميركية في المنطقة، فلا تقدم لنا الدعارة باسم الليبرالية فقط ولكن تجيب ناس أمثال جمال البنا وتقول وهو قاعد وتقول الإسلام يبيح كذا وكذا وتتحدث عن الدعارة ويبقى هو عبارة عن سند لها في ذلك وتتحول المسألة يقول لك إيه ده الفقيه الفلاني قال كذا والمفكر الإسلامي قال كذا، قال يعني جمال البنا مفكر إسلامي هو أصلا مفكر علماني ولا يؤمن بالقضية من أولها لآخرها، هو رافض كل الأشكال الإسلامية ولكن هو بيستخدم فقط لهؤلاء اللبراليين العملاء لأميركا لكي يروج هذه المفاهيم وهذا الانحلال وهذه اللبرالية التي تريدها أميركا للسيطرة على المنطقة بتفكيك كل القيم الإسلامية ويستخدم هؤلاء كمسوخ فقط لتغطية كل هذه اللعبة القذرة.
إفراغ الجهاد في الإسلام من مضمونه
فيصل القاسم: طيب سيد البنا في الإطار نفسه كيف ترد على الذين يقولون بأننا يجب أن لا نتعامل مع الدين كما تعامل معه الغرب ويتعامل الآن، الإسلام يجب أن يبقى على حاله لأنه يعني أصبح القلعة الأخيرة التي لم تسقط بعد، القلعة الأخيرة التي يتسلح بها المسلمون، فلماذا تعملون على إفراغها من مضمونها وتفكيكها خدمة للمشاريع الغربية وخاصة فيما يخص الجهاد كيف يختلف يعني تختلف نظرتك إلى الجهاد عن نظرة بوش وعن نظرة الإسرائيليين في واقع الأمر؟(47/121)
جمال البنا: يا أخي أنا نشرت في جريدة الراية ثلاث مقالات بعنوان الإسلام خط الدفاع الأخير ضد العولمة والإذابة، الأخ مبروك بيدعي إدعاءات لا حد لها، بيقول الصلاة صلاتين يعني إيه صلاتين؟ أنا قلت الجمع بين الصلاتين عند الضرورات لأن الرسول أجازها وقال "لكي لا أشق على أمتي" فعليه أنه يكون أمين في كلامه ويعرف إن ده بيكلم جمهور يعني مثقف وفاهم وأدعوه ليحترم جمهوره ويحترم نفسه ويحترم من يتحدث أمامه..
محمد إبراهيم مبروك: يا أستاذ جمال النص عندي موجود في الكتاب برقم الصفحة كل حاجة بأقولها عندك موجودة برقم الصفحة.. أطلعلها لك من الكتاب دلوقتي اديني وقت والله أطلعها من الكتاب.. الكتاب موجود كل شيء أنت بتسقطه، أنت قلت الصلاة هي صلاة العصر وصلاة الفجر فقط والكلام منشور في جريدة القاهرة ومنشور بعد كده في كتبك وقلت إن ما فيش حجاب وأظن أن دي حكاية معروفة أن ما فيش حجاب وقلت إن رمضان السجاير فيه ما بتفطرش وقلت إن الست تؤم بالناس يعني مسائلك معروفة جدا يعني.
جمال البنا: أسمح لي يا أخ مبروك أقول أنك لم تفهم كلامي وده أمر مش غريب عليك أنك لا تفهم كلامي لأنه يمكن يكون فوق مستوى..
محمد إبراهيم مبروك: يا أستاذ جمال كلامك أبسط يفهمه الأطفال أبسط من إن أنا أتعمق فيه، يعني الكل يشهد مدى مقدرتي في فهم الفلسفة فما بالك كلامك أنت اللي الأطفال الصغيرة يعرفوه.
محمد إبراهيم مبروك: النصوص موجودة، الناس ترجع للكتب وتشوف أنا واجد النصوص ولا لم أوجدها هل افتريت عليك ولا ما افترتش..(47/122)
جمال البنا: ضروري أبين له حاجة الجهاد في الإسلام جهاد دفاعي لكي لا يكون فتنة ويكون الدين لله لأن المشركين أرادوا أن يفتنوا المؤمنين عن دينهم ويعيدوهم مرة أخرى إلى الشرك، كان لابد من مقاومة هذا، الجهاد في هذه الحالة دفاع عن حرية العقيدة وليس سبيلا لفرض العقيدة كما يعتقد بعض المهوسين أن الجهاد نشر الإسلام بالجهاد فاهمني وبعدين هناك كلمة جهاد وكلمة قتال وأي واحد يفهم لغة عربية يفهم أن دي كلمة ودي كلمة.
فإحنا قلنا الجهاد.. جهاد يعني إيه؟ دفاع عن العقيدة، دفاع عن الحرية، دفاع عن الملك ولكن ليس نشر الإسلام بالسيف، إن مستغرب على الناس الذين يريدون أن يجردوا الإسلام من مزاياه من أنه دين الحرية من أنه دين العقل..
محمد إبراهيم مبروك: يا رجل يعني معقولة أنا أقصد دلوقتي نشر الإسلام بالسيف.. يعني هذا كلام لا يعقل.. هذا الكلام لا يعقل..
محمد إبراهيم مبروك: أنا أقصد دلوقتي أنا عندي احتلال ويجب أن أدافع وأرفع دعوة الجهاد وأرفع الجهاد المسلح ضد هؤلاء المعتدين لما أتي في هذا الوقت وأدعو إلى أن يتحول الجهاد إلى جهاد في سبيل الحياة يبقى أنا بأغيب الناس عن الحقيقة وبأغيب الناس عن الدين، أنت الذي تفتري وأنت الذي لا تفهم كلامي أو أنت تتعمد أن لا تفهم.. هأجاهدهم زي ما أنا كاسر شوكتهم في العراق دلوقتي..
جمال البنا: هتجاهدهم بإيه يا أخ مبروك إن ما كنش عندك إذا كنت ضد العقل..
محمد إبراهيم مبروك: مين اللي قال إن أنا ضد العقل؟ من الذي قال هذا؟ أنا بأقول عندي ثوابت في الدين وأنا مع العقل كما تشاء..
جمال البنا: الله كل كلامك ضد العقل..
محمد إبراهيم مبروك: لا ما هو دي اتهامات أنت هو أن ما كنتش أن أنا أتنازل عن الإسلام بالكامل هتقول لي الإسلام ضد العقل..
جمال البنا: أذكر محددات لما لا تذكر أن الإسلام..(47/123)
محمد إبراهيم مبروك: أظن أنا لي كتاب في الحب ولي كتاب في الفن ولي يعني دعوتي مرنة وآرائي مرنة ولست من المتشددين كما تطرح وأنت تفهم هذا.
فيصل القاسم: طيب سيد البنا كيف ترد على هذا الكلام وأنا أسأل سؤال بسيط يعني الآن البعض يتساءل بأنه كما يحاولون دق آسافين بين العرب وتقسيمهم يعني إلى معتدلين ومتطرفين أنت تعرف أن هذا المصطلح ظهر في الآونة الأخيرة حلف المعدلين أو المعتدلين وحلف المتطرفين، يفعلون الشيء ذاته بما يخص الدين التركيز وهذا مذكور في الدراسات الأميركية يجب التركيز على هؤلاء اللبراليين.. الإسلاميين اللبراليين، السؤال المطروح كيف يمكن يعني لماذا تقبلون أن تصنفوا كلبراليين وأنتم تدعون أنكم مسلمون وباحثون وكاتبون مسلمون؟
جمال البنا: يا أستاذ فيصل أنا ذكرت لك أن هذا لا يعنيني لا تهمني السياسة الأميركية تذهب إلى الجحيم.
محمد إبراهيم مبروك: هو بيقول إن هوه ما بيهموش السياسة الأميركية في الوقت اللي بيقول أميركا رائعة رغم لوثاتها ده عنوان مقال ليه، أميركا رائعة رغم لوثاتها، في الوقت اللي أميركا تقتل المسلمين في العراق وفي أفغانستان وتساعد الصهاينة في فلسطين يعني المسألة واضحة أنا والله أني أرى أن أنا بأجتهد في أشياء ما لهاش لا تستحق أصلا..
فيصل القاسم: طيب دقيقة سيد البنا أنت تقول منذ البداية أن لا علاقة لك بكل هذا الكلام ولا بالمشاريع الأميركية التي يعني تهدف إلى أمركة الإسلام طيب كلام جميل لكن كيف تفسر لنا أن هذا الاهتمام الأميركي بأشخاص من أمثالك نراك دائما في كل المؤتمرات الأميركية والعلاقات الإسلامية وكذا ويعني حاملينك على الراحات إذا صح التعبير فيعني كيف تقول لنا أنك لا يهمك وأنت منخرط في هذه المشاريع.(47/124)
جمال البنا: يا سيدي أنا بأدعى في بعض الحالات ليس فحسب من أميركا من كل الهيئات عادة ولا أرفض مطلقا دعوى تقدم إلي مادمت أقول في كل محفل ما أريد أن أقوله كان الرسول يقول "خلوا بيني وبين الناس" أنا داعية أريد أن تخلو بيني وبين الناس أقول كل هذا الكلام آخر اجتماع كان دعا إليه معهد اسمه قبل كده بسنة وجدت كلهم بيتكلموا عن حماس.. حماس.. حماس فعارضتهم بقوة وقلت هذا الأمر لا يجوز أنه يكون ومن أجل هذا لم أدع إليهم وسعدت بأني لم أدع إليهم، فالعملية مش عملية الدعوة، يعني أنا جمال البنا معروف كلامى اللي بقوله من سنة 1946 قبل السياسات الأميركية ويستعصى على التأثير والاستحواذ والاستخدام ده كل ده ما بيتقالش هنا إحنا بنحمل أكثر من ثمانين عاما و يتقال على شبان صغيرين..
فيصل القاسم: طيب جميل جدا فيما تبقى من وقت سيد مبروك ماذا تتوقع لهذه يعني الموجة إذا صح التعبير مما تسميه بالإسلام اللبرالي ألا تعتقد أن هؤلاء قطعوا شوطا لا بأس من خلال الدعم الذي يقدم لهم من أميركا ومن مراكز البحوث الأميركية ومن بعض الدول العربية التي ترفع راية الإسلام من هنا وهي أكبر داعم للبرالية يعني ماذا تقول؟(47/125)
محمد إبراهيم مبروك: أنظر يا سيدي يعني نضع بقى الأستاذ جمال البنا على جنب.. المسألة كالتالي هو حقل اختبار بالنسبة للأميركيين إذا كان فيه احتقان إسلامي والناس متمسكة بالدين الإسلامي بقوة تطرح لهم الإسلام اللبرالي كصورة علمانية مزيفة، أما إذا لقت أن المسألة أن الناس غير متمسكين بالدين وما فيش احتقان ديني موجود في المنطقة تعلن عن علمانيتها السافرة وتقضي على كل الأشكال الإسلامية فبحسب الظرف اللي موجود في المنطقة، لكن اللي أنا بأري في الحالة الراهنة يعني أميركا بتضرب بالجزمة في العراق وفي أفغانستان وأميركا إن شاء الله راحلة وهتلم وراءها وهيتكنس وراءها كل الأشكال إسلام لبرالي وغير لبرالي وكل هذه الأشياء ستكنس تماما وراء أميركا.
فيصل القاسم: طيب سيد البنا الكلمة الأخيرة لك ماذا تتوقع لهذه اللبرلة إذا صح التعبير الإسلامية؟
جمال البنا: لا قيمة لما تقوم به أميركا مطلقا لأن الأمر إلينا نحن أميركا لها أنت تقول ما تقول ولها أن تريد ما تريد ولكن نحن الذين نرفض كل هذا ونقول لهم نحن أدرى بالإسلام منكم فاهمني ولا يمكن أننا لا نسمح لكم بأنكم تتدخلوا في الإسلام ولكن ما حدث هو أنهم قالوا إصلاح إسلامي ونحن نقول إصلاح إسلامي وسمعوا لما قالت أميركا الإصلاح الإسلامي سمعوا وبدؤوا ولكن وقت عام..
محمد إبراهيم مبروك: والله أنا أول الداعين إلى الإصلاح الإسلامي من داخل الإسلام..
فيصل القاسم: أشكرك جزيل الشكر يا جماعة انتهى الوقت أشكرك جزيل الشكر مشاهدي الكرام لم يبق لنا إلا أن أشكر ضيفينا من القاهرة السيد جمال البنا ومحمد إبراهيم مبروك نلتقي مساء الثلاثاء المقبل فحتى ذلك الحين هاهو فيصل القاسم يحييكم من الدوحة إلى اللقاء.
وصفة أمريكية لدعم فكر الإسلام المعتدل
حلفاء محتملون ...علمانيون وليبراليون ومتصوفة
خليل العناني - تقرير واشنطن 4/1/2007(47/126)
…تشير الدراسة التي أعدتها مؤسسة "راند" الأمريكية حول كيفية بناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين إلي أن هناك ثلاثة قطاعات مهمة في العالم الإسلامي قد تمثل نواة جيدة لبناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين من أجل مواجهة المتطرفين الإسلاميين. وهذه القطاعات هي:
1-…العلمانيين .
2-…الإسلاميين الليبراليين .
3-…المعتدلين التقليديين بما فيهم المتصوفة.
…بالنسبة للعلمانيين تشير الدراسة إلي أن التيار العلماني في العالم الإسلامي، خصوصاً في البلدان العربية، يعاني من الضعف والتهميش نظراً للعلاقة الوثيقة التي نشأت بين العلمانية والنظم الشمولية. وتشير الدراسة إلي وجود ثلاثة أنواع من العلمانيين:
…أولها، العلمانيين الليبراليين وهم الذين يؤيدون تطبيق القوانين العلمانية في الدول الإسلامية. وهم يؤمنون بالقيم العلمانية الغربية التي تقوم علي ما يسمي بـ"الدين المدني".
…أما النوع الثاني من العلمانيين فتطلق عليه الدراسة اسم "الأتاتوركيين" نسبة إلي العلمانية التركية، التي تحرم أي مظاهر للدين في الحياة العامة كالمدارس أو الأماكن العامة. وهي أقرب ما تكون للنموذج الفرنسي والتونسي، وخير مثال علي ذلك موقفهم من قضية الحجاب.
…أما النوع الثالث فتطلق عليه الدراسة "العلمانيين السلطويين" وقائمتهم تشمل البعثيين والناصريين والشيوعيين الجدد. وعلي الرغم من علمانيتهم الظاهرة إلا أن هؤلاء قد يتمسكون ببعض الرموز الدينية من الناحية الشكلية فقط من أجل كسب التعاطف الشعبي علي غرار ما فعل الرئيس العراقي السابق صدام حسين.(47/127)
…أما بالنسبة للإسلاميين الليبراليين، فعلي الرغم من أنهم يختلفون مع العلمانيين في أيديولوجيتهم السياسية، إلا أنهم يحملون أجندة فكرية وسياسية تتلاءم تماماً مع القيم الغربية، وهم يأتون من أوساط الإسلاميين التحديثين. وتشير الدراسة إلي أبرز أمثلة هؤلاء هو الناشط الإسلامي في ماليزيا "عليل أبصار عبد الله" وشبكته الليبرالية.
…وتري الدراسة أن هؤلاء لديهم نموذج خاص من الليبرالية الإسلامية يتواءم مع الديمقراطية الليبرالية الغربية خصوصاً فيما يتعلق بالديمقراطية وشكل الدولة وحقوق الإنسان والتعددية السياسية. بل الأكثر أن موقفهم من مسألة تطبيق الشريعة متقدم وبناء، علي حد وصف الدراسة، حيث ينظرون إلي الشريعة باعتبارها منتج تاريخي وأن بعض أحكامها لم يعد يتناسب مع الوضع الراهن. وفي هذا الإطار تشير الدراسة إلي ما كتبه الناشط السياسي التونسي "محمد شرفي" في كتابه (الإسلام والحرية .. الالتباس التاريخي) من أن الشريعة الإسلامية إبان الحكمين الأموي والعباسي كانت تعبيراً عن التحالف بين رجال الحكم ورجال الدين.
…وبالنسبة للإسلاميين التقليديين والصوفيين، تشير الدراسة إلي أنهم يشكلون الغالبية العظمي من سكان العالم الإسلامي، وهم يعبرون عن الإسلام المحافظ، ويؤكدون علي السير علي خطي السلف، والتمسك بالجانب الروحي للإسلام. وهم يعتمدون علي المذاهب الأربعة في فهمهم للإسلام. ووفقاً لهذه الدراسة فإن هؤلاء الإسلاميين من ألد أعداء الوهابيين والسلفيين الجهاديين.
…وتشير الدراسة إلي أن الصوفية تتمتع بمكانة ميزة في كل من البوسنة وسوريا وكازاخستان وإيران وإندونيسيا، في حين أنهم يأخذون شكلاً رسميا في المغرب وتركيا والهند وألبانيا وماليزيا. وتري الدراسة إلي أن بعض الجماعات الصوفية متشددة ومتطرفة، وتشير في هذا الصدد إلي "جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية أحباش" المتواجدة في لبنان.(47/128)
…وبالنسبة للدراسة فإن النموذج الذي تقدمه تجربة "فتح الله جولن" في تركيا تعد مثالاً للصوفية المتمدينة، فهي تعارض سياسة الدولة لفرض الشريعة الإسلامية، ويري أن علي الدولة ألا تسعي لفرض الدين علي المجتمع باعتبار أن الدين يمثل شكل من أشكال الخصوصية الفردية.
هل يمكن دمج الإسلاميين؟
…تشير الدراسة إلي الجدل المحتدم في الولايات المتحدة وأوروبا حول الموقف من دمج الإسلاميين في العملية السياسية، والتعامل معهم باعتبارهم شركاء. وتستعرض الدراسة وجهتي نظر مختلفتين حول هذه المسألة.
…الأولي تتبني الدمج وتقوم علي ثلاث حجج، أولها أن الإسلاميين يمثلون البديل المحتمل للنظم الشمولية في العالم الإسلامي خصوصاً في العالم العربي. ثانيها أن العديد من الجماعات الإسلامية تتبني أجندة ديمقراطية تقوم علي احترام التعددية وحقوق الأقليات كما هو الحال مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية. ثالثها، أن هؤلاء الإسلاميين الأكثر قدرة علي مواجهة الخطر الراديكالي الذي يمارس العنف والإرهاب، وهم أقدر علي ذلك من رجال الدين التقليديين.
…في حين تقوم وجهة النظر الأخرى التي تعارض دمج الإسلاميين ومعاملتهم كشركاء علي ثلاث حجج، أولها عدم التأكد من أن خطاب الإسلاميين بشأن موقفهم من الديمقراطية يعبر عن موقف تكتيكي أم استراتيجي. وما إذا كانوا سيقبلون بمبدأ الفصل بين الدين والدولة، وما إذا كانت فكرة الدولة الإسلامية لا تزال تهيمن علي مخيلتهم أم لا؟. ثانيها، إنه ربما يقوم هؤلاء الإسلاميين، علي المدى القصير، بدور فعال في مواجهة الجهاديين، وهو ما قد يفقدهم المصداقية أمام الشعوب، وتكون مواجهتهم مرتفعة الثمن في المدى الطويل.(47/129)
…وثالثها، أن أفضل طريق للتعاطي مع هؤلاء الإسلاميين يكون فقط من خلال تقوية شبكاتهم وجعلهم نداً لغيرهم من الجماعات قبل الحديث عن شراكة وتحالف معهم. وتخلص الدراسة في هذا الجزء إلي أن خمسة فئات يجب دعمها في العالم الإسلامي وهي، فئة الأكاديميين والمفكرين الليبراليين والعلمانيين، وفئة الشباب من رجال الدين وفئة نشطاء المجتمع المدني، وفئة الناشطين في مجال حقوق المرأة، وفئة الكتاب والصحفيين والإعلاميين.
الجناح الأوروبي للشبكة:
…تولي الدراسة اهتماما واضحاً للدور الذي يمكن أن تقوم به التجمعات الإسلامية في أوروبا في دعم شبكات المعتدلين الإسلاميين، حيث يصل عدد المسلمين في الدول الأوروبية إلي 15 مليون نسمة، بحسب الدراسة. وتحذر الدراسة من التعاطي مع عدد من زعماء المراكز الإسلامية في أوروبا باعتبارهم معتدلين ومنهم الإمام عبده لبن رئيس المركز الإسلامي في الدانمرك الذي لعب دوراً سلبياً في أزمة الرسوم الدانمركية، وذلك علي حد وصف الدراسة. في حين تشير الدراسة إلي ضرورة دعم المعتدلين الذين يعرفون أنفسهم باعتبارهم مسلمين أوروبيين، وتذكر هنا منتدى طلاب الاتحاد الأوروبي الذي يقوم بتنظيم برامج للتبادل الطلابي والثقافي لدعم فكرة الإسلام الليبرالي المعتدل. ويشارك في أنشطة هذه المؤسسة العديد من الصحفيين والكتاب والمثقفين، ومنهم ناصر خاضر عضو البرلمان الدانمركي عن الحزب الليبرالي الاجتماعي، ورشيد كاشي عضو البرلمان الفرنسي، والتونسية سامية لبيدا مؤسسة مجموعة من الجمعيات غير الحكومية لتقديم الصوت الإسلامي المعتدل في أوروبا.(47/130)
…فضلاً عن الشيخ الهادي الصباح أمام مسجد "باسوا" بألمانيا، الذي يدين العنف والتمييز ضد المسيحيين. وصهيب بن الشيخ، الذي يدين الأصولية. أما علي مستوي المؤسسات فتشير الدارسة إلي "الاتحاد الأسباني للجمعيات الإسلامية"، والاتحاد الوطني لمسلمي فرنسا، والمجلس الإسلامي البريطاني، فضلاً عن التجمعات الإسلامية في دول البلقان.
جناح جنوب شرق آسيا:
…تؤكد الدراسة علي أن بناء الشبكة في جنوب شرق آسيا لابد وأن ينطلق من ترسيخ التعاون مع مؤسسة "نهضة الأمة" التي تضم ما يقرب من 15 ألف شخص، والمؤسسة "المحمدية" التي تضم شبكة من المؤسسات التعليمية والاجتماعية.
…أيضا هناك شبكة الإسلاميين الليبراليين التي تكونت عام 2001 في مواجهة المد الأصولي الذي واجه أندونيسيا، والتي يرأسها "عليل أبصر عبد الله" الذي أصدر الإسلاميون المحافظون فتوى بتكفيره عام 2004، في حين أصدرت هيئة العلماء بإندونيسيا فتوى بإدانة أفكار التعددية والليبرالية والعلمانية واتهمتها بأنها معادية للإسلام. وترصد الدراسة مجموعة من المؤسسات في جنوب شرق آسيا يمكن النظر إليها باعتبارها من الشركاء المحتملين في شبكة الإسلاميين المعتدلين ومنها المدارس الإسلامية المنتشرة في جنوب شرق آسيا خاصة مدارس الفلاحين والطلبة.
جناح الشرق الأوسط:
…تشير الدراسة إلي مدي ضعف شبكات الإسلام المعتدل في الشرق الأوسط وهو ما يتطلب بحسب الدراسة خلق تيارات ليبرالية من أجل خطف التفسيرات المتطرفة للإسلام من أفواه الراديكاليين. وتؤكد الدراسة أنه في ظل غياب مؤسسات ليبرالية فإن "المساجد" تظل الأداة الوحيدة للتجنيد السياسي.
…وتري الدراسة أن التيار الليبرالي في مصر بحاجة للمساعدة، وأن هناك من يدعو لطلب الدعم من الولايات المتحدة من أجل بناء شبكات ليبرالية لزيادة التفاعل بين المثقفين الليبراليين. ذلك أن الإسلام "المصري" بطبيعته معتدل، ويتناقض مع نظيره السعودي.(47/131)
…في حين تعد الأردن بلداً نموذجياً لبناء شبكات معتدلة في العالم العربي، وتستشهد الدراسة في هذا الإطار بما قاله الدكتور مصطفي الحمارنة مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بعمان من أن "المجتمع الأردني أكثر نضجاً من الحكومة" وأن هناك طلب داخلي قوي علي الإصلاح والدمقرطة.
…وتشير الدراسة إلي أن معظم بلدان الخليج لديها إسلام معتدل كما هو الحال في الكويت والبحرين والإمارات، ولكن المشكلة أنه لا توجد شبكات تنظم المعتدلين في علاقات تفاعلية. في حين ينعم السلفيون والصوفيون بهذه الشبكات والروابط علي حد وصف الدراسة.
…بالنسبة للكويت فإن جماعة الإخوان المسلمين تهيمن علي جامعة الكويت وعلي بيت المال الكويتي، في حين يكافح الليبراليون في الكويت من أجل دعم الديمقراطية والتعددية والاعتدال.
…ومنهم علي سبيل المثال د. أحمد بشارة الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي في الكويت، د. شملان العيسي مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية في جامعة الكويت. ومحمد الجاسم رئيس تحرير جريدة الوطن. أما البحرين فتتمتع بمجتمع مدني حيوي ونابض، علي حد وصف الدراسة، وقد نجحت القوي الإسلامية بمختلف أشكالها من سلفيين وشيعة وإخوان مسلمين من حصد معظم المقاعد البرلمانية في انتخابات 2002. كما أن هناك دور فاعل للكتلة الاقتصادية التي تدافع عن الحريات واحترام حقوق الإنسان والاقتصاد الحر.
…أما في الإمارات خاصة في دبي وأبو ظبي فلا يوجد تيار ليبرالي حقيقي، وباستثناء ملتقي دبي الإصلاحي، وجمعية حقوق الإنسان في دبي لا توجد مؤسسات للتعبير. وتدور معظم أسماء المثقفين المعتدلين حول الدكتور محمد الركن مساعد عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات، وعبد الغفار حسين رئيس الجمعية الإماراتية لحقوق الإنسان.…(47/132)
…وعلي صعيد المشروعات البحثية تشير الدراسة إلي أن هناك مجموعة من المشاريع التي تقوم بها بعض المؤسسات الغربية من أجل دعم الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، منها علي سبيل المثال مؤسسة بن رشد لدعم حرية التفكير التي تتخذ من ألمانيا مقراً لها تدعم المفكرين العرب المستقلين، وقد أنشئت عام 1998.
…أيضا هناك مركز دراسات الإسلام والديمقراطية الموجود بواشنطن ينظم دورات وبرامج تدريبية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان ولقاءات للحوار في الأردن والمغرب والجزائر ومصر. ويتركز عمل المركز في عقد جلسات حوار بين مثقفين من مختلف التوجهات الفكرية من أجل تقريب وجهات النظر حول العديد من القضايا، كما أنه مهتم بتدريب طلاب من الشرق الأوسط علي مفاهيم الديمقراطية.
العلمانيون .. الحلقة المنسية في حرب الأفكار:
…تشير الدراسة إلي أن أحد الأطراف القوية التي يمكنها أن تلعب دوراً مؤثراً في حرب الأفكار هم العلمانيون في العالم الإسلامي، بيد أن ثمة عراقيل تواجه نمو التيار العلماني لعل أهمها:
-…ارتباط العلمانية، خصوصاً في العالم العربي، بالعديد من النظم الشمولية السلطوية.
-…ارتباط العلمانية بالتيار اليساري سواء كفرادى أو مجموعات، وهو ما يواجه بمعارضة دائمة، خاصة في الولايات المتحدة، حيث أن هناك حساسية من مراكز الأبحاث لدعم هذه التيارات.
-…يحوط مفهوم العلمانية الكثير من الغموض خصوصاً في العالم العربي، خاصة وأن البعض ينظر إليها باعتبارها ضد الدين.
…بيد أن ذلك لا يعني أنه من الصعوبة دعم التيار العلماني، حيث تشير الدراسة إلي بعض الكتاب العلمانيين في العالم العربي الذين يجب دعمهم، مثل الشاعر العربي علي أحمد سعيد المعروف باسم "أدونيس"، والمثقف المصري الدكتور نصر حامد أبو زيد، والمهندس الهندي "أصغر علي"، والفنان اللبناني مارسيل خليفة.(47/133)
…أما علي المستوي المؤسسي فتشير الدراسة إلي بعض المؤسسات العلمانية ومنها "ائتلاف المسلمين الأحرار" الذي أسسه المحامي الفلسطيني كمال نواش وله 12 فرع في الولايات المتحدة وفرع في كندا وأخر بمصر. ومؤسسة الدراسات الإسلامية التي أسسها أصغر علي في الهند عام 1980.
توصيات الدراسة:
…في نهاية الدراسة يشير الباحثون إلي مجموعة من التوصيات التي يجب علي الولايات المتحدة الالتفات إليها ويمكن إيجازها فيما يلي:
-…أن تشرع الولايات المتحدة في بناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين، وأن يكون ذلك جزء من الاستراتيجية الأمريكية الشاملة حول هذا الملف وهو ما يمكن تحقيقه من خلال وجود جهاز مؤسسي يقوم بهذا الجهد.
-…يجب أن تهتم الإدارة الأمريكية من خلال مبادرة دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط ببناء علاقات مع كل من العلمانيين ورجال الدين المعتدلين والمفكرين والصحفيين والناشطين في مجال المرأة.
-…وضع برامج محددة في مجالات التعليم الديمقراطي، الإعلام، جمعيات الدفاع المدنية.
-…عقد ورش عمل ودورات للمعتدلين والليبراليين والاستماع إلي أفكارهم.
-…بناء شبكة دولية لربط الليبراليين والمعتدلين الإسلاميين حول العالم ووضع برنامج محدد لتطوير أدواتهم وإمكاناتهم.
راند: 'خرائط طرق' لصناعة شبكات إسلامية معتدلة وإستراتيجيات لاختراق العالم الإسلامي
على حسين باكير - مجلة العصر 2/5/2007 ( هذا جزء من الدراسة )
أورد التقرير لأسماء أشخاص ومؤسسات وجهات بشكل محدد ومكشوف وتسميتها ضمن الحلفاء، سواء من المشايخ العلمانيين أو الليبراليين أو العلمانيين العاديين، والاستشهاد بأقوال البعض الآخر أو تبني ودعم وجهة نظرهم إزاء الإسلام، ومن بين الأسماء:
أ- الأشخاص:
1- مفتي مارسيليا "صهيب بن شيخ"، الذي يدعو علانية وصراحة إلى تأييد الحظر الفرنسي لارتداء الحجاب، وتطبيق مبادئ العلمانية بشكل عام.(47/134)
2- الأستاذ الأردني "شاكر النابلسي"، الذي يعيش في الولايات المتّحدة الأمريكية، وكان قد أصدر وثيقة تحمل اسم "الليبراليين العرب الجدد"، والتي جاء من بين أهدافها، ضرورة إخضاع القيم المقدسة والتقاليد والتشريعات والقيم الأخلاقية السائدة للمراجعة، معتبرا أن الشريعة لا تصلح لجميع العصور.
3- الأستاذ الكويتي "أحمد البغدادي"، الذي تعرض لمشكلات متكررة مع المحاكم، وواجه عقوبات بسبب اتهامات متنوعة، منها تعبيره عن اعتقاده بأن الرسول أخفق في إقناع بعض من دعاهم إلى الإسلام، وأنه يفضل أن يدرس نجله الموسيقى، بدلاً من القرآن, وإلى وجود صلة بين الدراسات القرآنية والتخلف الفكري والإرهاب.
4- المصري "طارق حجي"، والذي عمل كمدير تنفيذي لشركة تجارية، ونائبًا لرئيس شركة "شل" النفطية بمنطقة الشرق الأوسط سابقا, والذي يرى أنه لا ينبغي إقحام الدين في الإدارة الفعلية للحكم أو التشريع، أو حتى تطبيق هذه المبادئ والقيم في الحياة اليومية.
5- الكندية ـ الإيرانية "هوما ارجوماند"، مؤسسة الحملة المناهضة لإقامة محاكم "شريعة" في كندا. وتتميز وحضور دائم في أوروبا ووسائل الإعلام, وسبق لها أن تزعمت حملة أخرى ضد المدارس الدينية الإسلامية في الغرب، واصفة الإسلام السياسي بأنه حركة رجعية معادية لحقوق الإنسان، ويضطلع بدور كبير في تحول الأفراد للتوجهات الراديكالية. وقد حازت على جائزة تورونتو الإنسانية للعام 26م.(47/135)
6- الصومالية المولد "ايان هيرسي علي"، عضو البرلمان الهولندي سابقا. وهي من الشخصيات البارزة التي تمثل قيم العلمانية والحقوق المدنية وحكم القانون وحقوق المرأة والإنسان بشكل عام. وقد أعلنت عن إلحادها، وتنتقد صراحة جوانب حياة الرسول ومعاملة المرأة في الإسلام، والتي تعتبرها أنها نابعة من أساسيات وأصول الدين الإسلامي. وكانت من بين الذين ناهضوا إقرار محاكم تعمل على أساس الشريعة في كندا, وحصلت على العديد من الجوائز لنشاطاتها هذه في الأعوام 2004م، 2005م و2006م.
7- الكاتب السوري "محمد شحرور"، الذي يعتقد على سبيل المثال، أن القرآن لا ينص على عقوبة الموت بالنسبة لأي جريمة، وأن مصطلح الجهاد لا ينطبق على الظروف المعاصرة، وأنّ الرسول مجرد شخص مثير للإعجاب بشكل استثنائي.
8- الشاعر السوري "علي أحمد سعيد"، الملقب بـ"أدونيس"، والذي يُعَد من أشد المؤيدين للعلمانية, وقد أعرب عن اعتقاد بضرورة النظر إلى الدين باعتباره تجربة روحية وشخصية، بينما يجب إرجاع جميع القضايا المرتبطة بالشئون المدنية والإنسانية إلى القانون والشعب. وهو يرفض الدولة الدينية حتى وإن جاءت نتيجة لانتخابات ديمقراطية. ويكشف "أدونيس" عن مقت شخصي للدين، الذي يعتبره نتاجًا للخوف من الحرية والمسئولية, ولكنه يؤكد على ضرورة احترام المعتقدات الدينية، باعتبارها أمرًا شخصيًّا.
9- الأستاذ المصري "نصر أبو زيد"، الذي تعرض في العام 1995م، للمحاكمة، جراء إعلانه بأنه يعتبر القرآن عملاً أدبيًّا ونصًّا، ينبغي إخضاعه للتحليل العقلي والعلمي. وقد حصل فيما بعد وزوجته على اللجوء إلى هولندا.
10- المهندس الهندي "أصغر علي"، ممثل الإسلام العلماني.
11- الباكستاني "يونس شيخ"، الذي يرى بأنّ والدي الرسول لم يكونا مسلمين، وبأنّ الرسول نفسه لم يكن مسلما قبل أن يتلقى الوحي. وقد نجح شيخ في اللجوء إلى سويسرا بعد فترة سجن لمدة سنة في باكستان، نجا خلالها من الإعدام.(47/136)
12- الموسيقي اللبناني المشهور "مارسيل خليفة".
ب- المؤسسات التي تكرس جهدها من أجل دعم الإسلام العلماني:
1- ائتلاف المسلمين الأحرار: تصف نفسها بأن لديها 12 فرعًا بالولايات المتحدة وواحدًا في كندا واثنين في مصر. أسسها "كمال نواش"، مهاجر فلسطيني عمل كمحام، وترشح عن الحزب الجمهوري في انتخابات مجلس شيوخ ولاية فيرجينيا في العام 2003م، وينص صراحة على تطبيق العلمانية.
2- معهد الدراسات الإسلامية: تأسس في الهند عام 1980م على يد "أصغر علي"، وله مكتب في مومباي. ويصف المعهد نفسه بأنه يسعى إلى تحقيق غايات إصلاحية، وأنه أنشئ على يد من شعروا بالحاجة لإعادة التفكير بشأن عدد من القضايا المرتبطة بالإسلام وتحديث الإسلام, وقد كانت الثورة في إيران إحدى العوامل المحرضة على إنشائه.
3- مركز دراسة المجتمع والعلمانية: ومقرّه أيضا في مومباي. تأسس على يد مجموعة من المفكرين الهنود عام 1993م، ويناصر العلمانية باعتبارها العامل الوحيد الفاعل ضد خطر تنامي الانقسامات والصراعات الطائفية، والأساس الوحيد لمجتمع متناغم. ويصدر المركز فصلية متخصصة في هذا الجانب.
ج- المنظمات الفكرية أو الإنسانية التي تدعم "العلمانية المسلمة":
1- مؤسسة جيوردانو برونو: تحمل اسم فيلسوف ينتمي للقرن السادس عشر، تمّ إعدامه في روما لاتهامه بالهرطقة. يقع مقر المؤسسة في ألمانيا، وتستضيف لقاءات ومؤتمرات. وقد منحت المؤسسة جائزة لعالمة الاجتماع التركية - الألمانية المؤيدة للعلمانية والداعية لإخضاع المهاجرين للاختبارات، "نجلا كيليك".
2- مركز التحقيق الغربي: ومقره في هوليوود بولاية كاليفورنيا. تأسس على يد "بول كيرتز", وله دورية "فري أنكويري"، تتناول الكتابات النقدية المتعلقة بالإسلام والإسلاميين وفكرة العلمانية المسلمة.(47/137)
ويعتقد مؤسسو المركز أن إيران من المناطق الواعدة من حيث توسيع قاعدة تأييد القيم العلمانية، لما أثره حكم رجال الدين هناك من رد فعل عكسي تجاه الإسلام السياسي, و من اجل ذلك فقد خصصوا موقعا باللغة الفارسية.
3- المجتمع الوطني العلماني: منظمة بريطانية أنشئت في الأصل عام 1866م من قبل "تشارلز برادلو"، ولعبت دورًا كبيرًا في إبطال تعديل مادة "التحريض على الكراهية الدينية" من قانون مكافحة الكراهية العنصرية والدينية الصادر عام 2006م، والذي خشي العلمانيون من أن يسفر عن تقليص حرية التعبير وحق نقد الأديان.
4- العقلانية الدولية: وتضم مجموعة دولية من المفكرين والناشطين، الذين يمثلون طيفا واسعا من الأديان والثقافات.
د- مواقع الانترنت العلمانية الشهيرة:
1- موقع النّاقد: www.annaqed.com, قام بإنشائه عربي مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية, وأُضيف قسم انكليزي إليه فيما بعد، ويعدّ قسمه العربي من الأقسام المشهورة في الشرق الأوسط.
2- شفاف الشرق الأوسط: www.metrasparent.com, وهو موقع بثلاث لغات عربية، فرنسية وانكليزية. يؤمن الموقع مساحة تعبير للمفكرين الليبيراليين و للمثقفين في المنطقة, و ينشر ايضا دراسات و مقالات لمحللين و أكاديميين غربيين.
3- العقول الحرّة: www.free-minds.com, و هو موقع مقّره سعودي, ويقدم نفسه على أنه موقع دعوة، ويركز على قضايا الحقوق الاجتماعية, وضع المرأة, العلاقة بين الأديان. وعلى سبيل المثال, فالموقع يتحدّى أركان الإسلام الخمس، ليعتبر أن أولها، والمتمثل بـ"الشهادتين"، يستند إلى حديث غير موثوق، وأنه لا يجب إتباعه.
4- القنطرة: www.qantara.de, وهو موقع مدعوم من قبل الحكومة الألمانية. ولا يتخذ هذا الموقع مواقف علنية, وهو منتدى للنقاش وفيه الكثير من الآراء المحافظة (مثل قضية الحجاب)، ولكنه مع ذلك منتدى ليبرالي، ويدعو إلى تعزيز فصل الدين عن الدولة.(47/138)
5- لا شريعة: www.nosharia.com, وهو موقع باللغة العربية أيضا، مقره في كندا، ويتضمن خمس لغات أخرى: الفارسية, الكردية, الانكليزية, الفرنسية والألمانية. وقد تمّ إطلاق الموقع كردة فعل على موضوع محدد، وهو مطالبة المسلمين في كندى إلى إقامة محاكم "شرعية", وأطلق حملة معارضة كبيرة لمطالب المسلمين هذه، ومن ثمّ توسع في دعم العلمانية.
كما تضمّن التقرير العديد من أسماء الشخصيات والمؤسسات غير تلك التي ذكرناها، والواردة في الفصل التاسع من التقرير.
الخطر الصفوي الشعوبي على مسلمي روسيا
اعداد ياسر البعلبكي - الفرقان الكويتية 9/4/2007
…بدأ المد الإيراني يجتاح روسيا، فهذه إيران تعمل جاهدة لنشر الشعوبية في روسيا بالتعاون مع الدولة، ولها نشاط كبير منظم يبدو جلياً فيما يلي:
التأثير الإيراني على الأذريين:
…هناك ملايين الأذريين في موسكو، ولهم دور كبير في الحكومة، الأمر الذي زاد حرص إيران على دعوتهم، وأسست إيران في موسكو العديد من الجمعيات الصفوية تحت مسميات مختلفة، تعمل على نشر هذا المنهج وتدعو الشباب الأذري إلى مبايعتها، وتلك الجمعيات هي: أهل البيت - فاطمة الزهراء - إمام الزمان - إدراك.
التأثير الإيراني على التتار:
…معهد الرسول الأكرم في موسكو معهد صفوي يكثف نشاطه في موسكو بين الشباب التتري، تخرج منه الكثير، واعتمدوا وسائل لنشر مذهبهم، أهمها:
أ - تمويل البرامج التي تدعو إلى منهجهم.
ب - الأفلام التي تدعو بصفة مباشرة وغير مباشرة إلى الشعوبية.
جـ - مواقع الإنترنت.
التأثير الإيراني على المسلمين الجدد:
…تشيع حوالي -40%- من الذين أسلموا من روسيي سلاوان، تغدق إيران عليهم بالمغريات من شتى الألوان:
أ - الرشوة بالمال.
ب - الوظائف ذات الرواتب المرتفعة في موسكو.
جـ - تقديم المنح الدراسية في قم والمكافآت المغرية.
حيث تجد لذلك إعلانات منتشرة في الشوارع، علماً بأن الدراسة في روسيا باهظة التكاليف.(47/139)
-…أسست إيران للصفويين الروس المركز الإخباري الإرشادي الذي يديره عبدالكريم – تراس - تشرنيينكو، ترى نشاطهم جلياً إذ نشروا في مساجد أهل السنة في موسكو مجموعات منظمة من النساء والرجال الذين يدعون الناس إلى الشعوبية الجديدة. ومن دعواتهم المحرمة - زواج المتعة - كما أن إدارة المساجد في موسكو والتي تقبل عطاياهم تسمح لهم بذلك، ناهيك عن السماح لهم بممارسة صور من تعذيب النفس؛ كاللطم، وضرب السلاسل يوم عاشوراء.
-…وقد أعد مدير المركز الثقافي في السفارة الإيرانية في موسكو - سيد مهدي سناء - كتابه: -إيران: الإسلام والسلطة- الذي تمت طباعته عام 2001 بجامعة العلوم الروسية، ضمن مقاله: -الفكر السياسي في الجماعة الإسلامية- والذي وصف من خلاله الفكر الشيعي، وأجرى مقارنة بينه وبين الدين الإسلامي.
التآمر الإيراني مع الكنيسة الروسية البراوسلاف:
…العجيب أن الكنيسة الروسية لا تجري محاورات دينية إلا مع الصفويين، فقد أسست لجنة للحوار بين الكنيسة الروسية وإيران منذ ثمانية أعوام، علماً أن الجانب الديني معدوم، وما هو إلا للتورية عن الأهداف الدبلوماسية فقط.
…كما تتجلى المصلحة المزدوجة في هذا التعاون، حيث تخدع الكنيسة الروسية وزارة الخارجية الروسية للتقرب من إيران، وإيران تستخدم الكنيسة الروسية لتجنب المشكلات مع الحكومة الروسية.(47/140)
- وقد وعدت إيران بالاعتراف بالكنيسة الروسية وأن ديانتهم هي الأهم في روسيا -علماً أن الدولة علمانية-، وذلك مقابل أن تعترف الكنيسة الروسية بالصفويين بأنهم الفكر الأكثر، حيث يضمن لهم هذا الاعتراف أن الدعوة الإسلامية تبقى بين المسلمين لا تتعدى غيرهم، وكل من لا يلتزم بهذا الأمر من أهل السنة يرمى بالإرهاب والوهابية وأنه من القاعدة، مما يعني هلاكه، وقد صرح أحد المفتين من أهل السنة وفي وجه الصفويين بأنهم خانوا المسلمين بذلك، وقد طبقت إيران مثل هذا العمل في أذربيجان غير مطيعين لهم في وقت الحرب في ناغرني كراباح بمساعدتهم في أرمينيا.
- وفي مؤتمر لممثلي الديانات العالمية في موسكو في يناير 2006م وضعت الكنيسة الروسية ممثلاً عن الصفويين أذربيجان، ومن يطلقون عليه آية الله من إيران بجوار أكبر قساوسة روسيا، وعين أذير علييف أذري سكرتيراً لمجلس اتحاد الروس، ومستشاراً سياسياً لأحد المراكز السنية في روسيا -لطلغات تاج الدين.
…تهدف روسيا من وراء التقارب الروسي الإيراني إلى بسط سيادتها باستخدام سيادة إيران في العالم الإسلامي.
- وللوفود الإيرانية في موسكو نشاط كبير متنوع وخطير، وذلك من خلال:
أ – إقامة المعارض المختلفة.
ب - إقامة الموتمرات العلمية.
جـ - تأسيس ودعم مواقع الإنترنت الشعوبية.
د - فتح محطات إذاعية.
هـ - وضع الخطط الإعلامية في المجالات الدينية والثقافية.
- كما يزور -آية الله- روسيا كل عام ويقابل الإعلام الديني، والعلماء والمستشرقين، وتتم الموافقة على كل الخطط المطروحة لنشر الفكر الصفوي ويصرف التمويل مباشرة، كما أنه ساعد بطباعة الأخبار الإسلامية، لاسيما البرنامج الإسلامي الوحيد في الراديو الحكومي في روسيا.
- أضيف مسجدان للصفويين إلى أربعة مساجد، واحد منها للسفارة الإيرانية في موسكو.(47/141)
- تشيع إيران وتزعم أن العرب هم منبع الإرهاب، وأنهم يقومون بتدريب الكتائب المسلحة ضد الحكومة في الشيشان وفي القوقاز، وأن الصفويين يقاتلون ضدهم.
- شعارهم -العرب شر على روسيا وعلى الإسلام، وإيران هي الضمان والاستقرار، واحترام غير المسلمين، وهم الذين يحاورون أهل الحضارات-!!
- صورت وسائل الإعلام العرب على أنهم قتلة أشرار، جاؤوا لتدريب الإرهابيين في المجتمع الروسي، مما هيأ المناخ المناسب لإيران وزاد نشاطها.
- تحرص إيران على العلاقات الحسنة المباشرة مع أكبر الجمهوريات الإسلامية عبر بحر القزوين في روسيا -داغستان- التي تجاور إذربيجان في الجنوب وفيها أغلبية شعوبية.
- تبحث داغستان وإيران طرقاً لتطوير العلاقات الاقتصادية على حد زعم السفير الإيراني في روسيا غلام رضا الأنصاري، وقال السفير الإيراني خلال زيارته: إن العلاقات الحسنة منذ القدم مع جارتها التي يجمع بينهما بحر قزوين ويضبط تبادل البضائع عبر الموانئ الإيرانية.
- خلال زيارته التي لم تتجاوز يوماً واحداً تقابل مع رئيس داغستان موحو علييف، ومع إدارة وزارة المالية للجمهورية، كما سيزور السفير الميناء البحري لماحاشكالي، وسيتقابل مع طلبة الجامعة الحكومية في داغستان من كلية الإشراق.
- كما ذكر المكتب الإعلامي لرئيس داغستان أن السفير الإيراني يرغب بمقابلة أئمة المساجد التي تتبع للصفويين في ماحالشكالي ودربينت.
لماذا يكره الفرس العرب؟
حسن صبرا ، الشراع 30/4/2007
…لا أحد يريد أن يحاسب النظام الفارسي في إيران على انتمائه القومي الفارسي، واستحضاره تاريخه الذي يعتبره مجيداً، سواء حين يحتج على هوليوود لأنها أنتجت شريطاً يظهر تفوق 300 اسبرطي على جيش فارسي جرار، أو حين يصف احمدي نجاد نجاح بلاد فارس في تصنيع الوقود النووي بأنه نصر للأمة الايرانية (لم يقل أبدا اسلامية).(47/142)
…فالتاريخ الإيراني هو تاريخ بلاد فارس فعلاً، اما القوميات والأجزاء الجغرافية التي تشكل إيران الآن فهي أسيرة الانتصارات الفارسية في عصور ازدهار إمبراطورية بلاد فارس التي وصلت يوماً إلى الهند وأفغانستان شرقاً، والى اليمن جنوباً، والى مصر غرباً حتى حدود اليونان في أوروبا الشرقية.
…هكذا سيطرت بلاد فارس على جزء من أذربيجان (الأتراك) شمالي البلاد، فضمتها إلى إمبراطوريتها، وسيطرت على جزء من البلوش فضمتهم، كما سيطرت على الأكراد شمالي غرب البلاد فأصبحوا والعرب الذين سلمت الإمبراطورية البريطانية أراضيهم إلى بلاد فارس جزءاً منها.. فتكونت إيران من خمس قوميات يشكل الفرس عصبهم الأساس (70% تقريباً).
…ومثلما استخدم الفرس عرقهم الآري، لتشكيل العصبية الفارسية، استخدموا ايضاً القوة لتجسيد هذه العصبية وحمايتها، ثم استخدموا الدين لتوحيد بلادهم فـ(القوميات الخمس التي تشكل إيران هي قوميات دخلت الإسلام بعد نزول الرسالة على الرسول العربي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وحملها العرب إلى هذه الشعوب).. ثم استخدم الفرس العصبية الشيعية أيضا لحماية أنفسهم بدءاً من المنافسة العنيفة مع الدولة الإسلامية العامة وكانت دولة سنية قادها العثمانيون لـ 800 سنة تقريباً.
…هنا من حق العرب محاسبة الفرس على هذا الاستخدام للعصبية الشيعية وجعلها معادية للعرب، علماً بأن لا تشيّع خارج الإطار والانتماء العربيين، فالتشيع للإمام علي بن أبي طالب يجب أن يأخذ بالاعتبار أن الإمام علي عربي من قريش، ولم يكن يوماً فارسياً.(47/143)
…استخدم الفرس العصبية الشيعية لمواجهة العرب حتى يبدو أن النزاع هو نزاع مذهبي بين السنة والشيعة، والحقيقة انه استعلاء شعوبي فارسي على العرب، أن يحز في نفوس القوميين الفرس كيف أن عرباً من الصحراء حملوا إلى هذه الإمبراطورية رسالة دينية وهزموهم وأعطوهم عقيدتم الاسلامية وهي روح العروبة، وألغوا هذه الإمبراطورية وصار الإسلام العربي هو السائد فيها.
…هذه الهزيمة حصلت في عهد الخليفة العادل عمر بن الخطاب، بقيادة سعد بن أبي وقاص في معركة القادسية، ومنذ هذه الهزيمة بدأت الشعوبية الفارسية ضد العرب، وبلغت ذروتها في اغتيال أبو لؤلؤة الفارسي للخليفة الذي وضع أساس الدولة الإسلامية (العربية)، وما زال الفرس يحجون إلى مقام أبي لؤلؤة في إيران، لأنه انتقم للفرس بعد هزيمة القادسية بقتله عمر بن الخطاب.
…ولا يكره الفرس رجلاً في التاريخ كرههم لعمر، ولم يحب عليّ صحابياً جليلاً كما أحب عمر، وحتى يبرر الفرس هذا الكره لعمر يصطنعون الخلاف بينه وبين الإمام علي، وهذا الخلاف كذب وافتراء، فعمر تزوج شقيقة علي وعلي تزوج ابنة عمر، والإمام علي أطلق اسم عمر على احد أبنائه، فلما توفي أطلق اسم عمر على ابن آخر، فلما توفي أطلق اسم عمر على ابن ثالث، وقد عاش عمر بن علي بن أبي طالب حتى سن الثمانين، ولولا كبر سنه لشارك في معركة كربلاء التي استشهد فيها ثلاثة أبناء للإمام علي هم الحسين بن علي وأبو بكر بن علي وعثمان بن علي، كما استشهد أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
…كان عمر يردد (لولا علي لهلك عمر)، وكان علي بالنسبة لعمر هو المرشد الفقهي، فعمر كان القائد السياسي ومؤسس الدولة. واستخدام الفرس للعصبية الشيعية ضد العرب، بدأ من لحظة احتضان الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) لأن والدته هي ابنة كسرى يزدجرد آخر ملوك فارس الذي عاش هزيمة القادسية.(47/144)
…وقد كتب الفرس تاريخ الشيعة العرب كما شاؤوا من وجهة نظر العداء الشديد للعرب، وحيث ان اغلبية العرب مسلمون فإن حقد الفرس لم يميز بين العرب بادىء الامر، ثم وجدوا ان افضل فرصة للإنتقام من العرب هي في اختراقهم وقد جاءتهم الفرصة حين وجد اسماعيل الصفوي ان لا أمل للفرس بالسيطرة على العراق بأغلبيته الشيعية إلا بالتشيع انتقاماً من العثمانيين السنة الذين ينافسونهم على العراق..
…وما زال الفرس يستخدمون العصبية الشيعية لفتنة مزدوجة: فتنة سنية – شيعية، ثم فتنة شعوبية تستخدم الشيعة ضد العرب.
…كتبنا في البداية ان أحدا لا يحاسب الفرس على تمسكهم بقوميتهم، أما حين يستخدمون هذه القومية ضد العرب، فإنهم يضعون أنفسهم في جبهة العداء للعرب وهي جبهة عريضة.
الكتاب العربي بمعرض طهران الدولي للكتاب
إيلاف 7/5/2007 باختصار
…في الدورة العشرين لمعرض طهران الدولي للكتاب نحو ألفين ناشرا إيرانيا و740 ناشرا من 66 دولة وتأتي الكتب الانجليزية في المرتبة الأولى وتليها العربية بين المشاركين في القسم الدولي للمعرض. لكن معرض الكتاب هو في الواقع وبشكل خاص، عرس ثقافي لفئتين من المجتمع الايراني: أهل السنة وعرب الأهواز. وهذا ما تأكد لي يوم أمس عندما زرت المعرض وخاصة قسم الكتاب العربي منه.
…أقف أمام دار البيان وهي دار نشر مصرية وأمامي صاحب الدار ينادونه باسم السيد خالد. رجل ذو لحية كثة حيث بدا لي انه يمثل اخوان المسلمين لكن عندما سألته "هل أنت تمثل التيار الإسلامي في مصر" رد علي بالنكتة المصرية المعهودة:" إنني امثل التيار التجاري". واضاف خالد" إنني اشعر أن اللغة العربية عزيزة هنا". ومعظم المشترين في هذه الغرفة هم من أهل السنة الذين وفدوا من كردستان وبلوشستان ومناطق ايرانية اخرى لاقتناء الكتب الفقهية السنية التي تعرضها دور النشر المصرية واللبنانية ولم تنشر في إيران إلا نادرا.(47/145)
…"سوزلر" ناشر تركي يقدم الكتب باللغة العربية ومعظمها دينية و تاريخية و قسم قليل بالانجليزية. فقال لي مدير دارنشر سوزلر أن منظمي المعرض لم يسمحوا له بتقديم الكتب باللغة التركية. وأكد بأنه يمثل بعض الناشرين المصريين الذين لم يتمكنوا من المشاركة في المعرض. "دار الحكمة" و"دار الحافظ" و"دار الإيمان" ثلاث دور نشر سورية متلاصقات بعضها بالبعض تعرض كتب تاريخية و ادبية وعرفانية.
…وقال لي مسؤول دار الحافظ: إننا نشارك منذ 8 سنوات في معرض طهران للكتاب لكننا تفاجئنا برفع الدعم من الكتب العربية هذا العام. كما أنهم وضعوا الناشرين العرب في مكان سيء. حيث أتلفت الأمطار في اليوم الأول العديد من كتبنا فيما أنت تشاهد قسم الكتب اللاتينية سليم وكتبهم مدعومة. كما أن قطرات الماء لا تزال تتقاطر من السقف. وكان معظم الناشرين العرب والمتبضعون يشتكون من رفع الدعم من أسعار الكتب العربية، فيما الدعم لا يزال يشمل الكتب اللاتينية المعروضة من قبل الدول الغربية. وقد أشارت الصحف الإيرانية أيضا إلى استياء الناشرين العرب من هذا الأمر.
وفيما يشهد المعرض عاماً بعد عام انحسارا في مشاركة دور النشر اللبنانية كدار العلم للملايين و دار النهضة وما شابه ذلك نشاهد ازدياد حضور دور النشر النجفية من العراق كدار مجلس الأعلى للثورة الإسلامية و مؤسسة الغري للنشر حيث تعرض الكتب الشيعية المطبوعة في النجف.
… وفيما عزت نشرة المعرض اليومية عدم مشاركة بعض دور النشر العربية الى اسباب سياسية لم تكشف عنها، قال لي احد الإيرانيين العاملين مع دور النشر اللبنانية أن 14 دار نشر لبنانية لم تشارك بسبب التضييق على حرية التعبير وعرض الكتب المتنوعة فكريا وثقافيا و رفع الدعم عن الأسعار في الدورة العشرين لمعرض الكتاب في طهران.(47/146)
…فإذا كنت تريد ان تشاهد عرب الأهواز يمكنك أن تزور دور النشر العلمانية التي تعرض الكتب الفكرية والأدبية والتاريخية والقومية. والى جانب القاعة التي تضم الناشرين العرب والأجانب هناك قاعة باسم قاعة "خليج فارس" تضم دور النشر الخليجية كالكويت وقطر والسعودية. وكالأعوام السابقة يشهد الجناح السعودي إقبالا واسعا من قبل الزوار للحصول على نسخ من المصحف الشريف إضافة إلى تسجيلات للمصحف المرتل.
…ويبدو ان مقص الرقيب في وزارة الثقافة و الإرشاد الذي أثار استياء الكتاب في داخل إيران خلال عامين من حكومة الرئيس احمدي نجاد شمل الحقل الخارجي و خاصة الكتاب العربي ليضيق عام بعد عام على مشاركة دور النشر العربية و رقعة الكتب العربية المعروضة في معرض طهران الدولي للكتاب .
ألهذا فشل لقاء مُتكي ورايس؟
صالح القلاب الرأي 6/5/2007 (بتصرف)
…حسب النيويورك تايمز فإن عازفة كمان، كانت جريئة في عدم الإحتشام وفي إرتداء ثوب شفاف أحمر يكشف أجزاء حساسة من تضاريس جسمها، هي التي حالت دون لقاء عشاء بين كونداليزا رايس ومنوشهر متكي حيث خدش تبرُّج هذه العازفة حياء وزير خارجية إيران فغادر القاعة فور وقوع نظره عليها وبذلك فشل اللقاء المرتقب بينه وبين وزيرة الخارجية الأميركية.
…وإزاء هذا فإن بعض وزراء الخارجية العرب ... تهامسوا في ما بينهم بضرورة إرسال هذه العازفة إلى العراق عسى أن يغادرها الحرس الثوري الإيراني خجلاً كما غادر مُتكي قاعة العشاء وفشل اللقاء المرتقب بينه وبين كونداليزا رايس.(47/147)
…في كل الأحوال فإنه وإن كانت هذه الرواية، التي أوردتها نيويورك تايمز على لسان كونداليزا رايس، لا يمكن التشكيك فيها فإن ما لا يمكن التشكيك فيه أيضاً هو أن الأميركيين متهالكون في الإنفتاح على إيران أولاً وعلى سوريا بقدر أقل وهذا فهمته جمهورية الولي الفقيه منذ صدور تقرير بيكر - هاملتون على أنه دلالة ضعف ومؤشر هزيمة ولذلك فقد بادرت إلى التصعيد في العراق وبادرت إلى إظهار المزيد من التشدد بالنسبة للملف النووي وكل ذلك على أساس : إذا تراجع خصمك أمامك خطوة فضاعف هجومك عليه ليتراجع أمامك أكثر وأكثر .
…وبالطبع فإن ثوب عازفة الكمان الأحمر الشفاف الذي أخرج متكي من قاعة العشاء فلم يحصل اللقاء المرتقب بينه وبين كونداليزا رايس، لم يحل دون لقاء وزير الخارجية السوري وليد المعلم بوزيرة الخارجية الأميركية وهذا فهمه الأميركيون، الذين يبدو أنهم لازالوا لا يفهمون هذا الشرق وألاعيبه، على أنه دليل وجود إمكانية فعلية لدق أسفين بين الإيرانيين والسوريين ولذلك فإنه لابد من إغراء سوريا للإبتعاد عن إيران والخروج نهائياً ليس من فسطان هذه العازفة الجريئة وإنما من فسطاط الممانعة الذي عاد إليه خالد مشعل من أوسع الأبواب.
…لا يمكن أن تغادر سوريا موقعها في التحالف مع إيران مهما قدم لها الأميركيون من إغراءات فالمسألة أكثر تعقيداً مما تتحدث به واشنطن. حتى لو انتظر الأميركيون ألف عام فإن سوريا لن تفك تحالفها المنسوج بخيوط سرية متينة مع إيران والأمر هنا لا يتوقف عند مجرد تلاقي المصالح السياسية.. أنه أبعد من ذلك ولذلك فإن محاولات دق الأسافين لن تجدي ولن تفلح.(47/148)
…ولذلك أيضاً فإن واشنطن إن هي أرادت حلولاً غدت مضطرة إليها في العراق فإنه عليها أن تتعامل مع السوريين والإيرانيين ككتلة واحدة وكطرف واحد إن في حالات التقرب والإقتراب وإن في حالات التباعد والإبتعاد. على الأميركيين ألاَّ يُتعبوا أنفسهم ويُتعبوا غيرهم فسوريا قد تحاول إستدراجهم وهي ستلعب أوراقها بطريقة قد تشعرهم بأنهم إقتربوا من تحقيق ما يريدونه لكن ما يجب ان يكون مفهوماً هو ان التحالف الإيراني - السوري ليس وليد لحظة عابرة وأنه أمتن كثيراً مما تعتقده واشنطن.. وعلى من يشك في هذا التقدير أن يحاول التدقيق في مغزى ان يتم هذا التحالف فور نجاح الثورة الإيرانية.
علي الأهوازي:
الدفاع الصفوي الكاذب عن فلسطين أدى إلى دفن قضية الأهواز
الفرقان الكويتية 12/3/2007
…يعاني المواطنون العرب الأهواز من معاملة تمييزية واضطهاد من قبل السلطات الإيرانية التي تحاول طمس هويتهم العربية وحرمانهم من حقوقهم كأقليات، ويتعرضون باستمرار لملاحقة أجهزة الأمن الإيرانية للناشطين الأهواز، وبسبب أحكام محكمة الثورة الإيرانية للعديد منهم، يبدأ فصل ثان في معاناة الأهواز عندما يحاولون الفرار من مناطق سكناهم التاريخية إلى خارج إيران..(47/149)
…ولا شك أن الأهميّة الجغرافيّة لأي منطقة من شأنها أن تجعل تلك المنطقة محط أنظار الدول الأخرى لتأمين مصالحها وحمايتها، وهكذا بالنسبة إلى إقليم الأهواز -الأحواز- الذي يتميّز بموقع جغرافي بالغ الأهميّة بحكم وجوده على رأس الخليج العربي، ومحاذاته لشط العرب - كممر تجاري - ونظراً لما يتمتع به الإقليم من أهمية استراتيجية وثروات اقتصادية هائلة، فقد جعله عُرضة لمطامع القوى الأجنبية الكبرى التي جابت مياه الخليج العربي على مرّ التاريخ. ولذا رأينا من الضروري تسليط الضوء على جميع هذه العوامل الهامة، وتسليط الضوء على معاناة إخواننا العرب السنة هناك حتى تتضح الصورة وندرك حجم المعاناة التي خلفها الاحتلال الصفوي لذلك الإقليم فكان لقاؤنا هذا مع الناشط علي الأهوازي .
- الفرقان: هل من نبذة تعريفية موجزة بفضيلتكم وسبب لجوئكم إلى بريطانيا؟
- علي الأهوازي: أحب بداية أن أشكر الإخوة العاملين في مجلة الفرقان على إتاحتهم هذه الفرصة لنا كي نتكلم عن معاناة شعبنا المنسي الشعب العربي الأهوازي.
…أما عن أسباب توجهي إلى بريطانيا فأقول:
…أنا اسمى علي الأهوازي ناشط سياسي أهوازي أنتمي إلى الشعب العربي الأهوازي، سبب لجوئي إلى بريطانيا هو بسبب نشاطي السياسي المناهض للسياسات الإجرامية المتمثلة في الاغتصاب الصفوي للأرض الأهوازية وتشريد شعبنا وحرماننا حتى من تسمية أبنائنا بأسماء عربية ناهيك عن السياسات الأخرى مثل البطالة والإدمان الذي يتعمد النظام الإيراني بثه بين شبابنا كي يبقى الشباب العربي الأهوازي لا يفكر بحقوقه الشرعية والقومية والسياسية والاقتصادية ، وقد لفتت مناهضتي للظلم النظام الإيراني وقام بملاحقتي ما أدى بي أن أهرب من بطش النظام الإيراني واللجوء إلى نظام آمن كي أتمكن نقله من بيان معاناة شعبنا العربي الأهوازي إلى العالم أجمع.
- هل من نبذه تاريخية وجغرافية عن إقليم الأهواز وما يتمتع به من خيرات طبيعية؟(47/150)
- تقع الأهواز جغرافيا في الضفة الغربية من الخليج العربي، بل هي البوابة الشرقية بالنسبة للوطن العربي تقع في جنوب غربي ما تسمى بإيران الحالية تفصلها عن إيران جبالها الطبيعية، وهي جبال زاجروس وأيضا لها حدود طويلة مع جنوب العراق من البصرة حتى تشمل محافظة نيسان العراقية، وتبلغ مساحة إقليم الأهواز أكثر من 175 ألف كيلو متر مربع قسمها النظام الإيراني إلى أربع محافظات هي ميناء عباس وبو شهر والأهواز وعيلان.
…أما تاريخيا فقد كانت الأهواز معروفة بإمارة شيخ خزعل الكعبي وتتمتع باستقلال كامل قبل الحرب العالمية الأولى بسنين .
…وفي تلك الفترة كانت الدولة الإيرانية تنحصر في شمال إيران فقط، ولم يكن لها جندي واحد على الحدود الإيرانيه الأهوازية بينما كان للشيخ خزعل علاقات أخوية وودية مع كثير من حكام وشيوخ المنطقة من الكويت الشقيقة المتمثلة آنذاك بحكم الشيخ مبارك ـ رحمه الله ـ وأيضا مع العراق والسعودية وباقي شيوخ الجزيرة العربية بل كان الشيخ خزعل معروفا عند كثير من شيوخ الجزيرة العربية بحنكته السياسية وحل كثيرا من الخلافات الخليجية.
- ما سر الأطماع الإيرانية في إقليم الأهواز، وهل من تحليل للأطماع الإيرانية في الأهواز وأثرها على الدول العربيةالمجاورة؟
- منطقة الأهواز كما ذكرنا فيها خيرات كثيرة مثل النفط الذي يبلغ صادرات النفط منه أكثر من 90% كما أن أكثر من 80% من الغاز والكهرباء التي تغطي إيران تأتي من الأهواز ناهيك عن خصوبة أرض الأهواز وكثرة مياهه العذبة الجارية بأكثر من عشرة أنهر أصلية وفرعيه.(47/151)
…وتعزي أطماع إيران في تلك المنطقة إلى وجود تلك الخيرات أولا ؛ وأيضا لا ننسى الأطماع السياسية الإيرانية التي تصل إلى الادعاء بضم العديد من الدول العربية مثل العراق إلى إيران طبعا وهذه الأطماع لم تكن خافية على السياسيين والإخوة العرب، وحتى إيران لم يعد يكفيها مثل تلك الأطماع بل أخذت توسع نفوذها من خلال إيجاد وتدريب بعض الميلشيات والمنظمات والأحزاب، وهاهي ذي منظماته المجرمة في العراق مثل منظمة بدر الإرهابية وميلشياتها بقيادة عبد العزيز الحكيم وأيضا جيش المهدي المنفذين لسياسات إيران وممارساتهم الإجرامية والتخريبية والطائفية المتمثلة بالمد الصفوي الذي يسعى إلى قتل وتشريد كل ما هو عربي في العراق طبعا.
…هذا الدور والنفوذ موجود في باقي الدول العربية ومنها لبنان واليمن، وهذا النفوذ الإيراني هو في الواقع تنفذه الأحزاب الموالية لإيران، والذي يرتبط معظم أعضائهم بالحرس الثوري الإيراني ، وطبعا لا ننسى أسماء هذا الحزب الوهمية الذي كان يصدر مجلة تسمى مجلة النصر والتي تعبر عن أفكاره وأهدافه في طهران، كما كانت تقوم بدور تحريضي من قبل بعض المواطنين كي يقوموا بأدوار تخدم أهدافهم لأنهم يعولون على الفرس كي يقوموا بقلب نظام الحكم!
- ما البدايات التاريخية لضم إقليم عربستان أو ما يعرف الآن بخوزستان إلى إيران؟ وما آثار ذلك على وضع الشعب الأهوازي وعلاقاته مع دول الجوار؟(47/152)
- هي مؤامرة بريطانية إيرانية في ذلك الوقت حيث كان الاتحاد السوفيتي آنذاك يتقدم نحو المياه الدافئة، وأدى هذا التقدم إلى قلق كبير عند الحكومة البريطانية الأمر الذي جعل البريطانيين يفكرون بوقف هذا التقدم من خلال تقوية إيران اقتصاديا وعسكريا كي تتمكن من إيقاف هذا الخطر القادم الذي يهدد المصالح البريطانية من قبل الأهوازيين، وكان من آثار ذلك أولا عزل الشعب العربي الأهوازي عن أمته العربية وتجريده من قوميته العربية حتى لا ينتمي ولا يفكر بمحيطه العربي هذا في الجانب السياسي أما اقتصاديا فكان لذلك أثار سلبية على الشعب العربي الأهوازي بحرمان الأهواز من ثرواتهم الطبيعة ونشر البطالة و الإدمان ونقل الثروات الأهوازية إلى المحافظات الإيرانية وحتى المياه العذبة كي يبقى الشعب الأهوازي في فقر ولا يمكنه المطالبة بحقوق سياسيه قومية أواقتصادية أو دينية .. وهذا الوجود الصفوي ليس خطرا على مستقبل الأهوازيين فحسب وإنما له أثار تاريخية أخرى على باقي الدول العربية.
- ظل الأهواز يتمتعون باستقلالهم حتى عام 1925 عندما قضى الشاه رضا بهلوي على حكم الشيخ خزعل، فهل كان عهد الخميني وملالي إيران أفضل حالا؟(47/153)
- احتلال الأهواز من قبل محمد رضا شاه إيران السابق وتخلي البريطانيين عن الشيخ خزعل الذي كان لديه معاهدات كثيرة مع البريطانيين فتح المجال لرضا شاه أن يأتي بمقترحات عديدة بحق القبائل العربية التي هي الجيش الأهوازي لهذه الإمارة، وهذه الوعود الكاذبة التي كانت على سبيل المثال ادعاء رضا شاه أن له عداء مع شخص الشيخ خزعل وليس مع القبائل العربية كي يتمكن من السيطرة على الأهواز دون معارضة القبائل له، وهذا ما تم وبعدها قام رضا شاه بقمع كل القبائل العربية الأهوازية بعدما كشفت خطط هذا المحتل الفارسي، وبقي هذا الشعب الأهوازي مضطهدا مظلوما اقتصاديا وسياسيا وثقافيا حتى بروز شعار ثورة الخميني التي حاول من خلال تلك الشعارات إغراء الشعوب في إيران بما فيهم الشعب العربي الأهوازي الذي كان يذوق مرارة الاحتلال.
…وهذه الشعارات لقيت ترحيبا ليس في داخل إيران فحسب بل في كل العالم الاسلامي الذي كان يعاني قضية العصر وهي القضية الفلسطينية الأمر الذي أدى إلى تفاؤل كل القوميات الموجودة في إيران؛ حيث رحبت هذه القوميات بشعارات هذه الثورة وقامت بمساعدتها في عام 1970م.(47/154)
…ولكن ماذا حصل حقيقة في بداية الأمر أن قام العرب مهنئين بقيام هذه الثورة بزيارة الخميني في طهران ولكن الخميني رفض حتى أن يلتقي بواحد من هؤلاء المهنئين له من العرب له ولهذه الثورة التي انتصرت بأبناء الشعوب الموجودة في إيران بل فعل ما لم يفعل الشاه إبان حكمه حيث قام منذ توليه السلطة بقمع الشعب الأهوازي ابتداء من تاريخ 29/5/1979 وقتل ما يقرب من 500 نحسبهم شهداء - في هذا اليوم،لأنهم طالبوا بأبسط المطالب وإلى يومنا هذا والقمع الصفوي متواصل لكل ما هو عربي أهوازي، بل قام هذا النظام المجرم بإلقاء الأهوازيين من سياسيين من طائرات الهليكوبتر من ارتفاعات عالية، وهم مكتوفو الأيدي والأرجل هذا ما حصل عليه شعبنا العربي الأهوازي من قبل الحكم الشعوبي الصفوي الحاقد على كل ما هو عربي !
-عرب الأهواز شعب يبحث عن دولته، وإيران تفرض عليه فارسيتها وقهرها منذ 80 عاما، فلماذا لا تلقى قضيتكم تفاعلا إعلاميا يليق بحجمها وتاريخها؟
- طوال ثمانين عاما في الواقع كانت هناك أمور كثيرة أدت إلى عدم بروز القضية الأهوازية إعلاميا عربيا ودوليا، وهذه القضايا كانت في الوقت الذي عانت فيه الدول العربية من الاحتلال وأيضا وجود إيران في المنطقة بمساعدة بريطانيا أدى إلى غياب القضية الأهوازية عن الساحة العربية والعالمية، بالإضافة إلى الصراع العربي الاسرائيلي حول القضية الفلسطينية وشعارات إيران الكاذبة بمساعدة بعض المسلمين وخصوصا دفاعه الكاذب عن القضية الفلسطينية أدى إلى دفن الاستقلال بالنسبة للقضية الأهوازية، لأننا كلما أردنا أن نطرح قضيتنا على أشقائنا في الدول العربية نقابل بجواب إنكم تعيشون في دوله إسلاميه تدافع عن الإسلام وقضايا العرب بالأخص القضية الفلسطينية.(47/155)
…هكذا كان الرد من قبل الإخوة في الدول العربية، ولكن اليوم بعد أن انكشف زيفها ومعاداتها لكل ما هو عربي اتضح لكثير من الدول العربية زيف ادعاءات إيران وما نطرحه من خلال شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام المتاحة لنا، ولا ننسى دور الأهوازيين والجاليات الأهوازية الموجودة في الدول العربية وغيرها في تفعيل القضية الأهوازية وبيان معاناة الشعب العربي الأهوازي هذا مما لفت كثيراً من منظمات حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية وسائر المنظمات الأخرى المنادية بالدفاع عن الشعوب المظلومة.
- وماذا عن وضع الدعوة الإسلامية في الأهواز وهل يسمح ببناء المساجد ودور العلم والمدارس السنية؟
- التضييق على الدعوة الإسلامية في الأهواز بدأ منذ زمن بعيد وبالتحديد في الثمانينات ولكن القمع والتعتيم الإعلامي الذي كان ينتهجه النظام الإيراني تجاه الأهواز السنة كأن يقوم النظام الإيراني بلصق التهم المخلة بالسمعة الطيبة مثل الإدمان والمتاجرة بالمخدرات والخروج عن القانون حتى يبرر إعدام أبنائنا المتسننين، وإلى هذه اللحظة ينتهج النظام الإيراني هذا النهج ولا يسمح ببناء مسجد واحد لنا بوصفنا أهوازيين سنة.
…ولا يجوز لنا أن نتكلم أو نتدارس بلغتنا العربية، ولا يجوز لنا تسمية أبنائنا بأسماء عربية وباختصار فإن وضع الدعوة الإسلامية في الأهواز يؤسف له، بينما نشهد هنا في الكويت السفارات الإيرانية تمد أتباعها وتدعمهم دعماً واضحاً حتى باتت سفاراتهم مكاتب، ونتمنى من إخواننا في الدين أن ينتبهوا لهذا الأمر وهذا الخطر القائم من قبل الصفوية.
- تعرضت الأهواز للعديد من حملات القمع الإيراني لا سيما في 2005 واستخدام الرصاص الحي وتطور الأمر إلى قطع إمدادات المياه وتخريب المنشآت البترولية فإلى متى يبقى الحال كذلك برأيك؟(47/156)
- في الواقع هذه الحملات القمعية من قبل النظام الإيراني ضد العرب الأهوازيين لم تكن بدايتها في عام 2005 وإنما القمع الإيراني بدأ منذ اليوم الأول من الاحتلال ولكن كان هذا القمع والظلم الإيراني يتفاقم حتى نشوب الانتفاضة النيسانية في عام 2005 عندما تسربت رسالة من مكتب الرئيس خاتمي آنذاك تقضي بتهجير العرب من الأهواز إلى باقي المحافظات الإيرانية حتى تتفوق نسبة المحتلين من الفرس على العرب الأمر الذي أدى إلى نشوب انتفاضة سلمية في كل أنحاء الإقليم تطالب حكومة خاتمي بالكف عن تلك السياسات التي تقضي بتهجير العرب من ديارهم.
…وللأسف قام النظام الإيراني بقمع تلك المظاهرات السلمية بالرصاص مما أدى إلى قتل أكثر من 500 شاب أهوازي من شباب وبنات وحتى الأطفال وأيضا أكثر 3000 معتقل يواصل النظام الإيراني إعدامهم بتهم وهمية وباطلة.
…وفي هذه الأيام وبالتحديد في يوم الاثنين الماضي المصادف 12/2/2007 قام بإعدام أكثر من ثلاثة أهوازيين من هؤلاء المعتقلين لهذا ومن بعد كل هذه التضحيات أقسمنا أن نستمر بنضالنا حتى استعادة كل حقوقنا المسلوبة مهما كانت التضحيات بالرغم من التعتيم الإعلامي الإيراني.
- هل دخلت قضية عرب الأهواز صلب النقاشات الدولية والإقليمية الجارية هذه الأيام حول مستقبل إيران؟
- نعم دخلت القضية الأهوازية صلب المناقشات الدولية والإقليمية، لأنه أصبحت لدينا جاليات وأحزاب ونشطاء سياسيين في كل العالم، وأصبحنا نرتبط بمنظمات حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية والحضور المتواصل لدى أبنائنا في البرلمانات الأوروبية أدى إلى تفهم تلك الدول للقضية الأهوازية ومعاناتنا المتواصلة إقليميا أصبح أشقاؤنا العرب على مستوى الحكومات والشعوب والأحزاب يتفهمون قضيتنا ولا ننسى أن اتساع النفوذ الإيراني بواسطة الأحزاب الموالية لإيران أدى بأشقائنا إلى حد لا باس به أن يعيدوا النظر في تعاملهم مع إيران.(47/157)
…والإدانة التي نسمعها من قبل الاتحاد الأوربي ومنظمات حقوق الإنسان وبالتحديد في الآونه الاخيرة هي بسبب وجود الجاليات الأهوازية والأحزاب والنشطاء الذين يعملون على فضح الجرائم التي يرتكبها بحق الشعب العربي الأهوازي وكما تعلمون أصبح الأهوازيين موجودون في كل الدول الأوروبية وأمريكا وكندا وحتى استراليا هذا ما جعل كثير من الدول ومنظمات حقوق الإنسان تطلع إلى أبناء شعبنا الأعزل ولو كانت لدينا جاليات منذ زمن بعيد في الدول الأوروبية وأمريكا وسائر الدول العالم كما هو الآن لكانت الأمور تختلف عما نراه اليوم.
- وفي الختام أحب أن أشكر الإخوة العاملين على مجلة الفرقان وأقول لكم أخوانكم في الدين والمذهب ينظرون إلى مساعدتكم إعلاميا وأحب أن اذكر أيها الإخوة أن خطر إيران أصبح واضحا يهددنا ويهدد كل ما هو عربي.
لقاء مع الخالصي
الجزيرة بلا حدود 2/5/2007 باختصار
…[هذا اللقاء مع الخالصي رمز الإعتدال الشيعي يبرهن على مدى طائفية هذا الاعتدال!! فلقد نفي بكل وقاحة كافة جرائم الشيعة وجيش المهدي، وجادل بالباطل لإثبات وجود مقاومة شيعية ونفي تفرد أهل السنة بالمقاومة وحاول تسميتها مقاومة وطنية!! والغريب أن إيران وأتباع السيستانى اجبروا الجزيرة على الإعتذار للسيستاني، وذلك وفق سياسة جعل مرجعيات الشيعية من المقدسات التي لا يجوز التعرض لها لكن سب أصحاب الرسول رضوان الله عليهم مباح لكل سفهاء الشيعة. الراصد].(47/158)
أحمد منصور: تتفاقم الأحداث في العراق وتزداد سوءً يوما بعد يوم وفي الوقت الذي تعلن فيه الإدارة الأميركية من آن لآخر عن وجود خطة جديدة لضبط الأمن يزداد الانفلات الأمني وفي النهاية خرج علينا الجنرال بترايوس القائد العسكري الأميركي في العراق بخطته الجهنمية القائمة على الأسلوب الاستعماري القديم فرّق تسد ثم بدأ في تقطيع أوصال بغداد وعزل أحيائها في كنتونات داخل أسوار تقوم على فرز طائفي خالص وفي حلقة اليوم نحاول فهم بعض جوانب ما يدور خلف الكواليس على الساحة العراقية من خلال أحد الذين يعيشون تفصيلاتها آية الله جواد الخالصي الأمين العام للمؤتمر التأسيسي العراقي، ولد في منطقة الكاظمية في بغداد عام 1951، تخرج من معهد التكنولوجيا قسم الهندسة المدنية في بغداد، إلى جوار ذلك تلقى دراسته الدينية في الحوزة العلمية في مدرسة الإمام الخالصي في بغداد ثم أكمل دراسته في قم بإيران بعدما غادر العراق عام 1980، شارك في تأسيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ثم ترك العمل فيه بعد أقل من عامين على انطلاقته، عاد إلى العراق بعد سقوط نظام صدام حسين في أبريل من العام 2003 وشارك مع قوى كثيرة رافضة للاحتلال في مايو من العام 2004 في تأسيس المؤتمر التأسيسي العراقي ويعتبر من الرموز الشيعية البارزة التي تعارض الاحتلال.
الاحتلال الأميركي بالعراق والمتعاونين معه
أحمد منصور: إلى أين وصل المشروع السياسي للاحتلال الأميركي هناك؟(47/159)
جواد الخالصي: المشروع السياسي الذي جاء به الاحتلال وصل إلى طريق مسدود وكل عاقل كان يدرك أن هذا المشروع سينتهي إلى هذه النقطة، فلا أمل أمام هذا المشروع إلا الاعتراف بالجناية التي اقترفها بحق الشعب العراقي والجناية هي منطلقها أن حرب غير قانونية باعتراف الأمين العام للأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية قد شنت على العراق لأهداف سياسية بغيضة وقصيرة الأمد وقد ثبت فشل كل أو كذب كل المبررات التي قدمت لهذه الحرب ونحن مازلنا نعيش آثار هذه الحرب ونهايتها المأساوية كل يوم في أرض العراق.
أحمد منصور: أنت كنت أحد مؤسسي المجلس الأعلى للثورة الإسلامية تركت العمل بعد خلاف معهم في خلال عامين من تأسيسه الآن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية يعتبر الحاكم الرئيس الذي ينوب عن سلطات الاحتلال في إدارة شؤون العراق حسب رأي كثير من المراقبين كيف تنظر إلى العراقيين الذين ساهموا ولا زالوا يساهمون في تحقيق المشروع السياسي الأميركي للاحتلال؟
جواد الخالصي: في الحقيقة لا أحد في العراق يمارس حكما من الجهات العراقية التي تتصدى للأمر في الظاهر الحاكم هو الاحتلال وآخر الدلائل هو ما جرى في جدار الأعظمية الذي سمي في بعض وسائل الإعلام بجدار الأعظمية العظيم على غرار جدار الصين العظيم، هذا الأمر أصبح واضح للجميع أن الحكومة أعلنت أنها لا تريد الجدار وأنها تطالب برفعه ومع ذلك فاجئنا الإعلام بأن الجدار موجود ومنصوب، فلا أحد إذاً يملك قرارا في داخل العراق مع وجود المحتل حتى في الجوانب الإدارية المسؤولون والوزراء جميعا ينتظرون مشاورة المستشار الذي يجلس في الوزارة وهو الحاكم على صرف الدرهم والدينار وعلى إقرار أي مشروع تريده هذه الوزارة..
أحمد منصور: طيب يظهر المالكي ويتحدث كأنه الحاكم بأمره في العراق وكذلك كثير من الوزراء يظهرون ويتحدثون يعني ما هي سلطة هؤلاء وقدرتهم على صناعة أي قرار في العراق؟(47/160)
جواد الخالصي: لا سلطة لهم ولا قدرة على صناعة أي قرار في داخل العراق وللأسف أنهم يعترفون بهذا في الخفاء وبألم ولكن يتحملون وزر العملية في العلن.
الطائفية في العراق وعلاقة السُنّة والشيعة
أحمد منصور: لكن في النهاية هم ينفذون مشروع يقول كثير من المراقبين أنه مشروع طائفي في العراق؟
جواد الخالصي: هذا أيضا خطأ نعم هو غلافه طائفي لكن هو المشروع مشروع احتلالي أميركي يريد أن ينسخ الهوية العراقية الإسلامية من شعب العراق ومن ثم من شعوب المنطقة بل أكثر من هذا أنا لا أعتبره أميركيا صرفا المشروع في العراق هو بداية المشروع الصهيوني لتلك المنطقة.
أحمد منصور: كيف؟
جواد الخالصي: في الحرب على لبنان في تموز سمعنا جميعا وبشكل علني وطائرات إسرائيل تستعمل آخر القنابل الأميركية لقصف الشعب اللبناني وتدميره تخرج السيدة رايس لتقول هذه إرهاصات الولادة الجديدة للشرق الأوسط الجديد أو الكبير هذا يدل بدلالة واضحة على أنه هنالك مخطط هو في الحقيقة إسرائيلي ولكن يجري بأدوات أميركية كشف في لبنان بشكل أوضح وفي العراق هو هذا الذي يجري بنفس هذه الصيغة.(47/161)
أحمد منصور: في ثمانية أبريل 2004 سار الجحافل المشتركة من الشيعة والسُنّة إلى الفلوجة التي كانت محاصرة وكانوا يهتفون جميعا لا سُنّة ولا شيعة والعراق من بيعه وفي يوم الجمعة تسعة أبريل تم إقامة صلاة جمعة موحدة بين الشيعة والسُنّة في العراق وكان هناك تحالف ظاهر جدا بين مقتدى الصدر وجيش المهدي من ناحية في الانتفاضة التي كانوا يقومون بها في النجف وفي مدينة الصدر وفي نفس الوقت الانتفاضة التي كان يقوم بها السُنّة في الفلوجة وبعقوبة والرمادي ومناطق أخرى كثيرة في العراق، بعد ذلك أصبح جيش المهدي هو أعدى أعداء السُنّة في العراق وأصبح مقتدى الصدر يعادي السُنّة بشكل كبير جدا، ما الذي أدى إلى تبدل هذا المشهد الذي كان من أكبر المشاهد التي أكدت على أن العراقيين لا صراعات بينهم مذهبية في ذلك الوقت ما الذي أدى إلى أن ينتهي كل شيء بشكل سريع جدا وتصبح الصراعات المذهبية هي الأساس؟ الأمر وصل إلى أبعد من ذلك قام وفد من الفلوجة بزيارة النجف وقام وفد من النجف بزيارة الفلوجة وكان يعني صورة لم تتكرر وكان لم يكن هناك أي شكل من أشكال الصراع ما بين الطرفين؟
أحمد منصور: هل هذا الذي فسر بريمر في مذكراته حينما تحدث بشكل مبكر عن الحرب الطائفية في ذلك الوقت تحديدا؟
جواد الخالصي: نعم بل إن الحرب الطائفية كان مخطط لها قبل عشرين سنة من الحرب على العراق لكل المنطقة وتركزت في العراق بمرور الوقت، الخطة هي أن هذا التلاحم سيؤدي إلى إجماع شعبي عراقي على مواجهة الاحتلال ورفضه، فأفضل طريقة لذلك هو قيام مجاميع من القوى التي تحظى بدعم الاحتلال وتغطيته بافتعال أزمات هنا وهناك وبتصعيد طائفي خطير بحجة قتل الروافض لأنهم مثلا سلموا بغداد للمغول في العصر العباسي الأول أو قتل النواصب لأنهم شاركوا في قتل الحسين في كربلاء عام 61 للهجرة بمثل هذه الافتعالات الكاذبة..(47/162)
أحمد منصور: أنت كأنك تحمل الطرف الثاني المسؤولية في الوقت الذي بدأ فيه التصعيد من قبل الشيعة وليس من قبل السُنّة تحديدا بعدما تولى علاوي السلطة وأصبحت السلطة كلها في أيد الشيعة؟
جواد الخالصي: أكبر خطأ أن نحمل أحد الطرفين المسؤولية أنا لم أحمل السُنّة المسؤولية لكن لا أحمل الشيعة المسؤولية الذين قاموا بهذا العمل..
أحمد منصور: كيف لا تحمل السُنّة؟
جواد الخالصي: الذين قاموا بهذا العمل هم ليسوا من السُنّة ولا من الشيعة وحتى..
أحمد منصور: من الذي قام؟
جواد الخالصي: الحكومة التي أنشأت ..
أحمد منصور: إذاً ليس الشيعة وليس السُنّة الذين قاموا وهم الأدوات التي تنفذ من الذي قام؟
جواد الخالصي: سأصل إلى هذا بشكل مفصل وعندي بعض الأرقام الحكومات التي ذكرتها واحدة منها قبل قليل سيادتك ذكرتها ما مثلت الشيعة ولا يمكن أن تمثل الشيعة، هذه حكومة جاءت بها معادلة الاحتلال وإن كان البعض منهم أراد أن يعزف على نغم الطائفية آنذاك ويحاول الآن البعض الآخر أن يعزف على نغم الوطنية ورفض الطائفية لكن هذا هو ضمن المشروع الاحتلالي الذين قاموا بهذا العمل أستاذ أحمد أكثر من 160 ألف عنصر يعملون في شركات الأمن الخاصة التي تشكل هي جيش احتلال ثان غير ظاهر لا يتحمل أفراده المسؤولية ولا يحصى قتلاهم لو قتلوا ولا يسأل أحد عنهم..
أحمد منصور: يعني أنت تحمل المرتزقة ما يسمى بالمرتزقة في العراق المسؤولية عن هذا؟
جواد الخالصي: طبعا هذا مخطط جرى باسم بيد المرتزقة.
أحمد منصور: يعني هل هذا هروب من تحميل مقتدى الصدر والشيعة المسؤولية في أنهم هم الذين قاموا بعملية تقتيل واسعة أدت إلى تصاعد الصراع؟(47/163)
جواد الخالصي: لو كنت أعلم أن أحد من الشيعة أو السُنّة قتل عراقيا لذكرت اسمه هنا بشكل علني ولا ترددت في ذلك، الذين قاموا بالعمل وأثاروا الفتنة والذين هيجوا وصنعوا هذه الإنفجارات التي قتلت العشرات من الناس أو الذين قتلوا الناس على الهوية وأحرقوا عوائل كاملة هؤلاء كلهم هم ساروا في هذا المشروع الذي خططته هذه الجهات وهذه العصابات، من الخطأ أن نتهرب من توجيه التهمة إلى الفاعل الحقيقي ولو تمكن من استدراك بعض العناصر من هنا وهناك..
أحمد منصور: طيب الفاعل الحقيقي الذي تتهمه وهي شركات الأمن بأوامر من من تعمل شركات الأمن؟
جواد الخالصي: الموساد الإسرائيلي.
أحمد منصور: الموساد الإسرائيلي؟
جواد الخالصي: نعم.
أحمد منصور: والاحتلال الأميركي أين؟
جواد الخالصي: الاحتلال الأميركي من يعلم بالقضية هو مشارك في الجريمة ومن لا يعلم هو مستغفل وهو جزء من ضحايا هذه المهنة التي صنعتها أميركا.
أحمد منصور: من الذي يدفع لهذه الشركات؟
جواد الخالصي: المليارات التي ضاعت والتي سئل عنها بريمر فقال لا أدري إلى أين ذهبت، ألسنا نبحث عن عشر مليارات مفقودة.
أحمد منصور: يقولون إنها تصل إلى ثلاثين لكن بريمر سئل تحديدا عن ثمانية مليارات.
جواد الخالصي: أحسنت وأنا أعتقد أكثر من ثلاثين مليارات العراق أين تذهب وهذا..
أحمد منصور: بريمر في مذكراته أشار إلى جزء من هذا في أن كان توجيه الخطة في أبريل 2004 أن يتم الإنفاق من الأموال المخصصة لإعادة إعمار العراق على ما يسمى بشركات الأمن لكن هؤلاء المرتزقة الآن أنت تقول إنهم هم المسؤولون وهم الذين ينفذون هذه الجرائم هل لديك أدلة على إدعاءاتك؟
جواد الخالصي: نعم أنا لا أبرأ من من العراقيين انغمس في هذا المشروع الإجرامي حتى باسم المقاومة وباسم جيش المهدي وبأي أسم آخر قد يفتعلون هذه الجرائم ليبنسوبها لهذه الجهات حتى تقوم هذه الجهات بالتقاتل(47/164)
أحمد منصور: مرتزقة بتنفيذ الهجمات ثم تنسب إلى جيش المهدي أو إلى المقاومة؟
جواد الخالصي: المقاومة أو إلى جهة أخرى.
أحمد منصور: نعم؟
جواد الخالصي: كل العمليات الكبرى التي جرت في العراق وآخرها التفجير الذي حصل في كربلاء.
أحمد منصور: في أربعينات الحسين قبل..
جواد الخالصي: لا أربعينات الحسين قبل ثلاثة أيام..والتفجير الذي حصل لزوار الحسين في الحلة اللي أشرت إليه والاغتيالات الكبرى التي حصلت.
أحمد منصور: بس هذه التفجيرات لم يعلن أحد مسؤولياته عنها؟
جواد الخالصي: وهذا دليل على أن الذين يفعلونها قادرون على إخفاء هذه الأعمال وإخفاء اشتراكهم فيها.
أحمد منصور: كيف يتم تنفيذها طيب؟
جواد الخالصي: هذه الشركات أستاذ أحمد لابد من بعض المعلومات أنت تذكر ماذا جرى في البصرة عندما هاجمت القوات البريطانية وأخرجت سجناء من سجن البصرة، هذا الأمر تكرر في النجف، تكرر في الناصرية، تكرر في أماكن عديدة وأمسك مجموعة من البريطانيين وهم يلبسون الملابس العربية وهذا كشف على شاشات الفضائيات.
أحمد منصور: صحيح وكان معهم أسلاك وأدوات تفجير وغيرها.
جواد الخالصي: أحسنت هؤلاء مهمتهم أن يقوموا بتفجير في منطقة شيعية ليقولوا إن السُنّة هم الذين فعلوا هذا ويقوموا بالتفجير في منطقة سنية ليقولوا إن الشيعة فعلوا هذا ولا احد من أبناء العراق يمكن أن يتقبل أنه يفعل هذا أو ينسب هذا الفعل إلى عراقي مخلص، أؤكد أن لا أنفي أن بعض العراقيين استدرجوا لأن البعض الذين دربوا قبل الحرب دربوا في المجر البعض دربوا في جزيرة..
أحمد منصور: من العراقيين طبعا.
جواد الخالصي: قد يكون هؤلاء جزء هم من العصابات الفاعلة وقد يتمكن هؤلاء من استدراج بعض الأشخاص من هنا وهناك أفرض أشخاص أو مجموعة كانوا في جيش المهدي تمكن هؤلاء من اختراقهم ومن استدراجهم ومن إغرائهم ودفعهم بهذا المنحى الطائفي الخطير.
أحمد منصور: جيش المهدي هل يخضع لسلطة مقتدى فعلا؟(47/165)
جواد الخالصي: هو في الحقيقة ليس هنالك سيطرة كاملة على أجنحته حتى باعتراف القيادة، يعني حتى القادة فيه يقولون نحن لسنا مسيطرين تماما على الأجنحة والبعض من هذه الأجنحة تمرد على القرار وهذا أعلن.
أحمد منصور: يعني مثلا مثل أبو درع هذا الذي كان هذا يعني مشهورا بقتل السُنّة وكتبت تقارير في الصحف الغربية كثيرا عنه وكان يعني يقتل بأساليب ووسائل بشعة جدا وغيره يعني تجمعات أخرى كثيرة فيما يسمي بجيش المهدي تقوم بعمليات مشابهة لهذا هل يعني مقتدى برئ وبعيد عن هذا؟
جواد الخالصي: أنا اجزم أن السيد مقتدى الصدر والقيادات المخلصة التي نعرفها وعرفناها وشاركت في معارك الفلوجة كما تفضلت هي بعيدة عن المشاركة في مثل هذه الجرائم المنحطة.
أحمد منصور: لماذا لم يعلنوا براءتهم منه؟
جواد الخالصي: قد تطالبهم أو نطالبهم بإعلان اقوي ولكن هم أعلنوا مرات عديدة ذلك ونشروا بيانات.
أحمد منصور: هذه جرائم الآن العالم يتكلم عنها تحتاج إلى نوع من البراءة الواضحة والمعلنة لكن الذي حدث أن السيد مقتدى الصدر خرج بتصريحات طائفية أيضا ضد السُنّة فيما يتعلق بالشيخ حارث الضاري تحديدا وكانت مسيئة ليس إليه وحده وإنما إلى الشيعة جميعا وظهرت فيها الطائفية بشكل واضح.(47/166)
جواد الخالصي: يعني هذا الصراع أو هذا الاختلاف الذي استدرج إليه البعض سواء كان سيد مقتدى هاجم الشيخ حارث الضاري أو واحد آخر يهاجم سيد مقتدى الصدر أنا اعتبره جزء من نواتج هذه العملية الخطيرة التي لم نتمكن من الثبات في مواجهتها بشكل قطعي، أنا أريد أولا أن أبرئ الناس مثلا كثير من قيادات السُنّة تتهم بأمور وجرائم بحق الشيعة ومشكلتنا الكبرى أننا ننفي هذا عن القيادات السُنّية وخصوصا عن هيئة علماء المسلمين، المطلوب الآن هو أن لا نستدرج إلى هذا المستنقع في هذه المراحل الصعبة، القيادات الإسلامية سواء كان هيئة علماء المسلمين أو السيد مقتدى الصدر والتيار الصدري أو حتى المرجعية بأطوارها التقليدية الكل هم بريؤون من هذه الدماء من ناحية المشاركة الفعلية ولكن من حقك ومن حق كل مواطن أن يطالبهم بجهد أكبر في سبيل مواجهة هذه الحالة القاسية والبعض بذل جهدا.
أحمد منصور: الكلام ده بيساوي بين الجاني والضحية بشكل كبير جدا وبيعمم أو بيغمي المسألة وبيخرج ناس مسؤولة عن جرائم واضحة من المسؤولية؟
جواد الخالصي: أنت تريد أن تتهم أحدا فأنت حر في ذلك لكن أنا أكلمك عن معلوماتي.
أحمد منصور: ليس قضية اتهام أحد لكن هذه الجرائم لا تتم بهذا الشكل من البراءة من هذه الأطراف؟
جواد الخالصي: كيف يعني كيف لا تتم؟
أحمد منصور: في ظل أن الأطراف الشيعية تحديدا لم تعلن براءتها ولم تعلن إداناتها حتى على مستوى المراجع.
جواد الخالصي: لا أستاذ أحمد اسمح لي هذه المشكلة نعانيها في العراق كثيرا فأرجو أن أنقل لك الصورة في داخل العراق، نحن نعاني من مشكلة في داخل العراق عندما نبرأ أهل السُنّة من جرائم يفعلها من ذكرتهم لك يأتي أناس فيقولون السُنّة لم يتبرؤوا ولم يعلنوا وهذا في الطرف الشيعي عندما نقول لك الآن إن الشيعة كقيادات بريؤون من هذه الجرائم ويرفضون الوقوع فيها أنت تقول لي هذه تبرئة لهم.(47/167)
أحمد منصور: هم لم يبرؤوا أنفسهم هم ما طلعوش على الملئ ما طلعش السيستاني على الملأ وبرأ نفسه من هذا الأمر وأدانه بشكل واضح لم يخرج الصدر أيضا ويبرأ نفسه ويتبرأ من هذا بشكل واضح. فلم نحملهم أشياء هم لا يقولها وكأنهم منغسمون فيها؟
جواد الخالصي: لا حتى في الإعلام، حتى في الإعلام قالوا ذلك لكن في بعض الأحيان قد البعض لا يريد أن يسمع هذا كما يوجد في الطرف الآخر لا يرد سماع براءة أهل السُنّة أنا أريد أن أصل إلى نتيجة أن لا نكون.
أحمد منصور: لو ظهر الإعلان بشكل واضح لركزت عليه وسائل الإعلام، وسائل الإعلام شغلتها أن تركز (Highlight) يعني تركيز عالي على مثل هذه التصريحات؟
جواد الخالصي: سؤال مهم وسائل الإعلام شغلتها أن تخفي الحقائق لكي نبقى نحن في المعركة..: هذه وسائل الإعلام هذه مهمتها لا أنا أقول أنت شخصيا..
أحمد منصور: بشكل عام يا سيدي وسائل الإعلام تظهر ما تراه موجودا.فلا تحمل وسائل الإعلام يعني أخطائكم أنتم وسلوكياتكم في الساحة..
جواد الخالصي: وسائل الإعلام في العالم مرتبطة في أية جهة في العالم..
أحمد منصور: هات لي أي مرجع الآن شيعي بارز طلع وقال أن شركات المرتزقة هي المسؤولة عن هذه الأفعال ألا تتم هذه الأفعال في مناطق الشيعة؟
جواد الخالصي: نعم.
أحمد منصور: المعلومات التي تنقلها الآن أما تنقلها أنت عن أشخاص شهود عيان نقلوا لك أو سمعت منهم؟
جواد الخالصي: نعم؟
أحمد منصور: لماذا لا يتم الإعلان عن هذا، كيف تدخل قل لي الآن قول أنت الآن في جمع ضخم جدا للشيعة عليه حصار وقوة أمنية هائلة تحرسه لعشرات الكيلومترات ثم تقوم بالاختراق بعض السيارت وتتفجر في وسط الناس قل لي أنت؟(47/168)
جواد الخالصي: قد يكون بعض مراجع الشيعة ليس عندهم معلومات لأن البعض يقول نحن لسنا نملك أجهزة مخابرات وهذا خطأ منهم، عليهم أن تكون لهم معلومات لكن هذا نحن قلناه مرارا وأعلناه تكرارا وأنت في هذا تعتبرني أنا نائب عن الجميع في هذا الإعلان.
أحمد منصور: كيف تتم عمليات الاختراق؟ هذه سيارات تأتي رغم الحراسة الأمنية الموجودة وطبعا الكل يعني تابع أيضا عملية الاختطاف التي تمت للأميركان أثناء بحث اجتماع مهم في كربلاء لكن اتهمت جهات مخابرات خارجية بأنها نفذتها لكن أنا بأكلمك الآن جمع ضخم جدا للشيعة عليه حراسة كبيرة أيضا من الشيعة ثم تقوم سيارة باختراق هذا الجمع وتتفجر فتقتل عشرات ومئات الناس؟
جواد الخالصي: نفس هؤلاء الذين يتظاهرون بأنهم حراس البعض منهم من المدسوسين من هذه الشركات التي تحدثنا وهي التي تدخل هذا السيارات إلى هذه المجاميع وفي بعض الأحيان هنالك سيارات أميركية مباشرة عسكرية قامت بإدخال بعض هذ السيارات بحجة الحراسة والمشاركة في الحراسة.
أحمد منصور: لماذا لا تعلنون عن هذا، مدينة الصدر ثكنة عسكرية مغلقة لا يستطيع واحد مش شيعي ومش عارف مبادئ الشيعة يدخلها كل يوم سيارات تدخلها وتتفجر فيها.
جواد الخالصي: أنا أعلنت هذا مرارا وكثيرا غيري أعلنوا ولكن نرجو أن تكون هنالك فرصة قادمة لكي تتوضح هذه الصورة لأن الإشكال الذي كان حاصلا في داخل البلد كان يمنع من مواصلة هذه الإعلانات وكان هناك قوة تستغل صمت أو تراجع بعض المرجعيات الدينية عن التصدي..
أحمد منصور: هل هناك مليشيات شيعية متورطة أيضا في هذه العمليات بأن تقوم بدور في المساعدة في عمليات التفجير التي تتم بعلاقة مع شركات المرتزقة كما تقول أنت أو مع غيرها أو مع سلطات الاحتلال؟
جواد الخالصي: نعم هنالك مجموعات شيعية تقوم بهذه الأعمال كما توجد مجموعات في أطراف أخرى هذا كله صحيح.(47/169)
أحمد منصور: الآن يعني هذه الشركات أين يقيم المسؤولون عنها؟ وطبيعة علاقاتهم بالجيش الأميركي إيه إذا لديك معلومات؟
جواد الخالصي: يعني فندق بغداد مكان مشهور في شارع السعدون معروف بأنه مركز لرؤوس هذه الشركات منطقة المنصور ملئ لهذه الشركات وهنالك تقارير كثيرة نشرت حتى كتب صدرت عن هذا الموضوع، هذه الشركات في الحقيقة هي تقتل من أجل المال وقاتلها لا يحسبون ولا يسأل أحد عن أفعالها لهذا نحن سحبنا إلى هذا المنزلق الخطير وأصبحنا يتهم بعضنا بعضا بأهداف هذه الجرائم.
أحمد منصور: يعني الآن حينما يعلن الجيش الأميركي عن محاكمة جندي من جنوده لأنه قتل عراقيا مدنيا هل هذا نوع من التجميل والتغطية على جرائم أكبر ترتكبها هذه..
جواد الخالصي: نعم هذا تمويه على الحقيقة الكبرى..
أحمد منصور: التي هي؟
جواد الخالصي: التي هي أن الذين جاؤوا مع الاحتلال أو مع الجيش الأميركي يمارسون القتل بشكل مبرمج مما يؤدي إلى إحداث الفتنة في صفوف الشعب العراقي لكي يقوم العراقيون بعد ذلك بالاستمرار في أداء هذا الدور.
أحمد منصور: في تصريحات لك نشرت في صحيفة القدس العربي في ثلاثين نوفمبر الماضي 2006 حملت حكومة المالكي والميليشيات الشيعية مسؤولية قتل أهل السُنّة في العراق ما هي طبيعة المسؤولية التي تتحملها حكومة المالكي؟
جواد الخالصي: لا أذكر هذه التصريحات بشكل دقيق يعني..
أحمد منصور: هل تعتبر أن حكومة المالكي تتحمل مسؤولية فيما يتم من جرائم؟
جواد الخالصي: بالنسبة للجانب الطائفي لا أعتقد أن هنالك ممارسة طائفية من قبل الحكومة ولكن أعتبرها مسؤولة..
أحمد منصور: بعد كل اللي بتعمله ده ما فيش ممارسة طائفية؟
جواد الخالصي: لا أسمح لي في القتل يعني أنت تسألني هل أن الوزير وزير الداخلية الموجود الآن في الحكومة هو يأمر أناس بقتل السُنّة بشكل مباشر..(47/170)
أحمد منصور: يعني القوات العراقية التي تخرج الآن وتشارك القوات الأميركية في تطويق وفرز وقتل يعني هناك عمليات قتل تمت شاركت فيها الشرطة العراقية بشكل مباشر..
جواد الخالصي: صحيح لكن هذا يجري ضد الشيعة أيضا ضد السُنّة والشيعة..
أحمد منصور: من قبل الشرطة؟
جواد الخالصي: من قبل القوات الحكومية نعم..
أحمد منصور: الشرطة شيعة أصلا كيف يقتلوا في الشيعة ليس هناك حادث محدد أن قوات الشرطة الشيعية خرجت مع القوات الأميركية وحاصرت قرية شيعية وقتلت منها فيها لكن هناك عشرات الحوادث بالنسبة للسُنّة..
جواد الخالصي: موجود عشرات الحوادث ضد السُنّة هذا صحيح لكن أيضا توجد عشرات الحوادث في الديوانية والبصرة والناصرية اشتباكات الديوانية والعمارة ألم تسمع بها؟
أحمد منصور: هذه خلافات بين الشيعة بعضهم وبعض وبين الأحزاب المختلفة..
جواد الخالصي: لا هذا جزء من محاصرة القوى التي ترفض الاحتلال بنفس الأسلوب الذي يجري ضد أهل السُنّة أن فقط أريد أن أركز أن التأكيد على أن الحرب طائفية هذا جزء من المخطط الحرب هي ضد القوى الرافضة للاحتلال ويجري أحيانا تصعيد في طائفة ضد طائفة أخرى لكن على نفس الأساس الأول لذلك أنا حذر جدا من الانجرار إلى هذا التفسير الطائفي الذي يريد المحتلون أن يقدموه للشعب العراقي.
دور السيستاني والمرجعيات الشيعية في العراق
أحمد منصور: هناك اتهامات للمرجع الشيعي آية الله السيستاني بأنه دوره مغيب وممالئ للاحتلال لاسيما بعدما ذكر الحاكم الأميركي الأسبق بول بريمر في كتابه أنه كان بينه وبين السيستاني تعاون كبير وتبادل للرسائل وزاره أيضا وتكلم معه، ما طبيعة الدور الذي يقوم به آية الله السيستاني في العراق في ظل ما يقال أن دوره مغيب؟(47/171)
جواد الخالصي: أنا كلمت الجماعات التي تحسب على مكتب السيد السيستاني أو المقربة منه وطلبت منهم بشكل رسمي أن يكتب تحليل وتفسير لما كتبه الحاكم الأميركي في مذكراته، هذه المذكرات خطيرة جدا والادعاءات التي وردت فيها خطيرة وفي نظري يراد منها تشويه صورة الحركة الإسلامية وصورة المرجعية الدينية التي عرفت عبر تاريخها بأنها مرجعيات مقاومة للاحتلال، ما رأيته أنا شخصيا من السيد السيستاني في لقاء قديم معه استيحائه الشديد من الاحتلال والوجود الأميركي في العراق وعرض أمر أو عدة أمور لكي نواجه الاحتلال بخطوات عملية ولكن وجدنا أن هنالك تلكؤ كبير لا يستطيع الوضع الذي فيه نظام المرجعية أن يقدم عليه وهذا طبعا ليس تبريرا وليس دفاعا وإنما هذا هو الواقع الموجود الموروث في هذا النظام، لهذا أنا أعتقد أن الدور الذي كان يطلب من المرجعية في مواجهة الاحتلال لم يتم على الوجه الصحيح واستغل صمت المرجعية أو انكفاؤها في كثير من الأحيان لصالح مخطط الاحتلال البغيض وهذا ذكرته أنا في مرات وقبل فترة وجيزة كذب مرة أخرى كذبة كبرى على المرجعية مما أدى الإعلان عنها إلى تكذيب رسمي صدر ولكن هذا الذي صدر أيضا في نظري يحتاج إلى تطوير عملي لمواجهة الحالة.
أحمد منصور: هل السيستاني عاجز على أن يصدر فتوى تجرم ما تقوم به سلطات الاحتلال؟ هل السيستاني عاجز على أن يصدر فتوى يجيز مقاومة الاحتلال الذي أجازته الشرائع الوضعية الموجودة في الأمم المتحدة وفي المواثيق الدولية؟
جواد الخالصي: المفروض أنه ليس عاجزا وعليه أن يفعل حسب ما أظن وما أعتقد..
أحمد منصور: طيب أنت الآن تقول أن المرجعية عليها ظروف وأوضاع وأشياء هل هذه الظروف والأوضاع والأشياء لا تتيح للمرجعية أن تقول رأيا واضحا في قضية واضحة وضوح الشمس؟(47/172)
جواد الخالصي: التوصيف ليس للتبرير، وصف الحالة ليس للتبرير إنما المقصود من ذلك أن هنالك حالات موروثة تعيشها المرجعية تصبح من خلالها عاجزة عن أداء هذا الدور والمطلوب أن تقوم بهذا الدور.
أحمد منصور: أمال إيه الدور اللي تقوم به المرجعية فقط أخذ الخمس من الشيعة؟
جواد الخالصي: هذا واحد من الأدوار ودور آخر يراه أنصارها أنه لتهدئة الخواطر وإيقاف المآسي التي تجري في العراق حسب ظنهم وفي نظري هذا لم يكن كافيا والدليل على ذلك أن المآسي استمرت.
أحمد منصور: لماذا لم يصدر السيستاني إلى الآن فتوى تؤيد مقاومة الاحتلال الذي أقرته كافة الشرائع الاحتلال في كل الأنظمة الوضعية؟
جواد الخالصي: مقاومة الاحتلال واجب شرعي وواجب وطني وعليه إجماع البشر في كل مكان، تبريرهم الذي لا أشاركهم فيه أن الظروف لم تكن تسمح بمثل هذه الفتوى في مثل هذه الظروف وهذا التبرير، أنا أحد المشكلات التي أعانيها في الحوار مع الجماعة في كل أوضاعهم هناك.
أحمد منصور: ما تأثير الاحتلال على فتاوى السيستاني وآرائه؟
جواد الخالصي: ممكن توضيح السؤال..
أحمد منصور: ما هو تأثير الاحتلال على الفتاوى والآراء التي تصدر عن مكتب السيستاني؟
جواد الخالصي: يعني الاحتلال يحاول أن يجعل من المرجعية عموما ومن مكتب السيد السيستاني خصوصا حالة محايدة بحيث لا تظهر وكأنها معادية للاحتلال بينما الذين هم في المكتب والذين هم قريبون يقولون نحن عندنا موقف ضد الاحتلال ولكن قدراتنا على المواجهة أو اختيارنا لأسلوب المواجهة بهذه الكيفية.
أحمد منصور: الآن السياسيون العراقيون أصبحوا يتخذوا من النجف ومن المرجع مكانا يعني يستندوا فيه في تصرفاتهم، قام الوزير رئيس الوزراء بزيارة السيستاني، أخذ صك يفعل ما يشاء وكأنه يعني منح صك الغفران لما يقوم به من يتلاعب بمن هل السياسيون يتلاعبون بالمرجعية أم المرجعية تتلاعب بالسياسيين أم أن الاحتلال يتلاعب بهم جميعا؟(47/173)
جواد الخالصي: أنا أعتقد أنه من واجب المرجعية القطعي أن تمنع هذا التلاعب الخطير الذي يمارسه السياسيون من كل الأصناف وكثير من هؤلاء السياسيين هم يعملون مع مشروع الاحتلال لتنفيذه واستغلال اسم المرجعية للتنفيذ، فلابد من موقف صارم أمام هذه الحالة وهذا ما طالبنا به مرارا في داخل العراق.
أحمد منصور: هل طالبت من المرجعية أو من القريبين حولها بمثل هذا؟
جواد الخالصي: طبعا نحن طالبنا هذا مرارا..
أحمد منصور: وماذا كان ردهم؟ ولازالت رحلات الحج إلى المرجعية السياسيون من بغداد يقومون بها كل يوم؟
جواد الخالصي: في الأغلب لم يكن يأتينا الجواب الشافي القاطع في الوقت المناسب وفي بعض الأحيان كان يتم النجاح كما ذكرت في المثال الأخير حول قضية ما نسب إلى المرجعية في النجف.
أحمد منصور: آية الله السيستاني عمره الآن سبعة وسبعون عاما لابد في التفكير في من يخلفه من المؤهلون لخلافة السيستاني؟ يعني من الذي سيكون مرجعا بعده من المؤهل ليقوم بهذا؟.
جواد الخالصي: يعني إذا المقصود الناحية الدينية البحتة هناك مجموعة من الذين ينتظرون مثل هذا الدور، في داخل العراق أسماء كثيرة مطروحة..
أحمد منصور: هل يمكن أن يكون مرجع من خارج العراق؟
جواد الخالصي: نعم، يوجد أيضا كثيرون
أحمد منصور: من الذي يحدد من الذي يعين المرجع بريمر ولا الاحتلال ولا مين يعني؟
جواد الخالصي: المؤسسات الدينية عليها صراع وعليها تنافس.
أحمد منصور: خاصة عندكم الخمس بيخليه ملياردير..
جواد الخالصي: هذه النقطة أستاذ أحمد المرجعية تعينها إرادة الجماهير هذه الدور الطبيعي التلقائي إرادة الجماهير من خلال العلم والتقوى والجهاد..
أحمد منصور: ما شاء الله..
أحمد منصور: أنا مش عايز أغرق بس مين.. من الذي سيختار بديل السيستاني؟
جواد الخالصي: في الواقع هي الهيئة المحيطة بالمرجعية في النجف..(47/174)
أحمد منصور: يعني هم في النجف ما تأثير قم على اختيار المرجع؟ ما تأثير إيران على المرجعية في العراق؟
جواد الخالصي: هنالك علاقات غير متجانسة بين إيران والعراق والمرجعية في إيران والعراق وهنالك نوع من التواصل لكن في الحقيقة ليس هنالك انسجام كامل كما يظن البعض لأنني أجد أن كثيرا من الاختلافات حاصلة بين المرجعية في النجف وإيران أو مرجعية إيران.
أحمد منصور: هناك تقارير تتحدث عن أن السيستاني يهيئ ابنه محمود رضا لخلافته على غرار الزعماء العرب الآن الذين يهيؤون أبنائهم؟
جواد الخالصي: هذا لا يحصل في الوسط الإسلامي والشيعي بالذات لا يمكن.
أحمد منصور: هناك تقارير تتحدث عن شخص يدعى آية الله محمد إسحاق الفياض كخليفة للسيستاني وهو أفغاني الأصل؟
جواد الخالصي: نعم هو عالم من العلماء البارزين في الحوزة ولكن دوره الاجتماعي مضمحل تماما والبعض يخشى على النجف أنت الآن تنتقد المرجعية في النجف مرجعية السيد السيستاني.
أحمد منصور: أنا لا انتقد أنا أنقل ما يقول الآخرون وأنت انتقدته أكثر مني..
جواد الخالصي: لا.. لا أنا أقول.. أريد أن أكمل لا أنا ما انتقدته بمعنى أنا أريد أن أوصف الواقع لكي نخرج من هذه الأزمة لأن النقد الذي..
أحمد منصور: يعني هناك أزمة في المرجعية فعلا؟
جواد الخالصي: هناك أزمة في العراق، الأزمة التي نعيشها دما فطبعا المرجعية تعاني من هذه الأزمة وتعيش هذه الأزمة، هنالك من يتخوف على مستقبل المرجعية في النجف بعد السيد السيستاني يعني هذا المقدار الذي هو موجود وعليه كلام البعض يراه سيعدم فيما لو فقد السيد السيستاني.
أحمد منصور: يعني اللي هيجي.. هيجي أسوأ يعني؟
جواد الخالصي: يعني سيأتي من هو أقدر أو أضعف أو أبعد عن واقع الحالة الشعبية التي تريدها يعني تريد من المرجعية أن تعالجها في تلك الظروف.(47/175)
أحمد منصور: ما حقيقة أيضا أن السيستاني لا يعلم شيئا عما يدور حوله والفتاوى والآراء والأشياء كلها تنسق من المجموعة التي حوله وأختم ووزع وأقرأ خاصة أن السيستاني ما طلعش على وسيلة إعلام ولا بيتكلم ولا أي شيء.. يعني أصبح إماما غائبا يعني..
جواد الخالصي: هذا صحيح وهذا نحن معك نطالب بخروج المرجعية بشكل واضح على وسائل الإعلام بشكل قطعي لكي يوقف التقولات التي تحصل هذا صحيح لكن هنالك نقطة مهمة أنه يقال أنه لا يعلم كل شيء غير صحيح يعني هنالك أمور مهمة في بعض الأحيان تعرف بشكل أو بآخر مثلا قضية الانتخابات التي جرت في العراق كلنا علمنا أنها جرت بتأييد المرجعية وبعلمها، جاء منهم مقربون من المرجعية يقولون هذا غير صحيح بعد فترة مضى فيه القرار وصار فيها الأمر.
أحمد منصور: أين هي المقاومة الشيعية؟
جواد الخالصي: في البصرة.
أحمد منصور: الجيش الإسلامي في العراق في لقاء معي في برنامج بلا حدود بث فقط قبل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع قال لا توجد مقاومة شيعية في العراق وإلا فأين هي فلتعلن عن نفسها؟
جواد الخالصي: مع احتراماتي له واحتراماتي نفس الكلمة توجه للمقاومة العراقية كلها هي أصلا تصنيف المقاومة سُنّية ولا شيعية خطأ..
أحمد منصور: السُنّة هم الذين بدؤوا بالمقاومة والفصائل المعلنة كلها سُنّية..هات لي فصيل شيعي واحد يعلن عن نفسه أنه فصيل مقاومة.
جواد الخالصي: نحن نعتز بمقاومة الشعب العراقي السُنّة والشيعة ونفتخر بها هذا لا كلام فيه هذه مقاومة عراقية على كل عراقي مخلص أن يعتز بها، موقفنا واضح لا كلام فيه، الذين يريدون تشكيكنا في المقاومة يقولون من هي هذه المقاومة؟ لماذا لا تعلن أسمائها؟ لماذا لا تظهر على السطح؟ المقصود المقاومة التي سميتها أنت بالسُنّية بينما نفس السؤال يرد على الذين يقال المقاومة الشيعية الواقع في الأرض شيء آخر..
أحمد منصور: المقاومة السُنّية لها مواقع وتعلن عن نفسها..(47/176)
جواد الخالصي: البصرة والعمارة والناصرية ليليا البصرة فيها قصف على المواقع البريطانية ليليا أي واحد من أهل البصرة أسأله قل له هل يوجد هذا أم لا..
أحمد منصور: يا سيدي هناك وسائل إعلام لماذا يتم الإعلان عن المقاومة التي يقوم بها السُنّة ولا يعلن الشيعة عن المقاومة إذا كانوا يقومون..
جواد الخالصي: أستاذ أحمد وسائل الإعلام هي جزء من المؤامرة على العراق وعلى الشعب العراقي وعلى الأمة ولا تستطيع أن تخرج من هذه المؤامرة..هي ألم تسمي المثلث السُنّي بأنه مثلث سُنّي هذه مو وسائل إعلام هذا..
أحمد منصور: الآن مش عاوزين نغمي المسألة ونحملها لوسائل الإعلام، أي حد يعلن عن مقاومة وقت ما كان مقتدى الصدر يقاوم في أبريل 2004 في النجف كانت بتوصف بأنها مقاومة شيعية والإعلام كله كان يغطيها..
جواد الخالصي:لا، نحن اسمح لي أولا الحركة في النجف كانت طاغية بحيث لا يمكن إخفاؤها تجري في كل أنحاء العراق نحن ما هي مصلحتنا أن نقول أن المقاومة في زاوية محددة أو في مكان محدد حتى المقاومة السُنّية تقول نحن مقاومة وطنية نريد أن ننشرها في العراق كله، هذه القضية هي من الوقائع أنا شخصيا أنا في ليلة من الليالي كنت في البصرة فسمعت قصف فسألت أهل البصرة قالوا في كل ليلة نحن يحصل عندنا قصف..
أحمد منصور: متى كان هذا؟
جواد الخالصي: قبل أيام قبل فترة وجيزة يعني قبل خروجي من العراق الخروج الأخير وهنالك أخبار حتى الإعلام ينقلها يا أستاذ أحمد جنابك أحيانا..
أحمد منصور: ما هو فيه سُنّة برضه في البصرة يعني مش كلها..
جواد الخالصي: أهلا بهم نحن نعتز فيهم نعرفهم أيضا الكلام هو أن المقاومة في أي مكان في العالم لا تكون طائفية حين تكون طائفية فالعدو يريد أن يحجمها طائفيا..
أحمد منصور: لا هي المشكلة هنا أن هناك طائفة تعمل مع المشروع الأميركي في العراق تقوم بدور سياسي وتنفذه وهناك طائفة أخرى ترفض هذا المشروع وتحاول..(47/177)
جواد الخالصي: هذا الذي يريده الأميركان لإخفاء الحقائق عنا في العراق..
أحمد منصور: أحنا عايزين تنظيم شيعي واحد يطلع الآن يعلن زي ما عندنا أكثر من عشر تنظيمات سُنّية.. ويعلن عن عمليات..
جواد الخالصي: أسمح لي أستاذ أحمد هناك صراع سياسي في العراق، يوجد مع الاحتلال عراقيون من كل الطوائف وأنت تعرفهم يوجد منهم ضد الاحتلال عراقيون من كل الطوائف ويوجد مقاومة في العراق من كل الطوائف، هذه الحقيقة التي حاول الأميركان إخفائها إلى اليوم، أنت قرأت عما جرى في العمارة في معسكر أبو ناجي هذه الإندبندنت البريطانية كتبتها بالتفصيل ماذا جرى في هذا المعسكر وكيف تمكنوا من..
أحمد منصور: هناك تقارير أخرى تقول أن هذه عمليات تقوم بها المخابرات الإيرانية في تلك المناطق؟ من أجل تأديب الاحتلال وإرهابه وبيانه..
جواد الخالصي: التشكيك نفس التشكيك قائم في كل المقاومة، يوجد مقاومون من كل أنحاء العراق ومجاهدون يعملون من أجل إنهاء الاحتلال وكل سؤال في نظري يأتي هو سيأتي في سياق عمل شركات الأمن الخاصة لا أقول السؤال السؤال يجاب عليه لكن السؤال التشكيكي نحن عانينا كثيرا في داخل العراق في إقناع الناس أن المقاومة التي تجري فيما سموه المثلث السُنّي أنها مقاومة وطنية عراقية يجب أن نعتز بها ونفتخر بها وهذا رأينا..
أحمد منصور: أنت تعتبر أيضا عملية تفجير الإمامين قامت بها أيضا شركات الأمن الخاصة؟
جواد الخالصي: شركات الأمن الخاصة بالتعاون مع المحتل وإشرافه يعني لا أحد يستطيع أن يدخل إلى سامراء..
أحمد منصور: هناك معلومات تشير إلى أن يعني الزميلة أطوار رحمها الله لأنها كانت ستعلن عن الفاعل الحقيقي وتشير إلى هؤلاء ربما كان هذا سبب قتلها.
جواد الخالصي: طبعا رحمها الله هذا هو الصحيح وأهل السُنّة هم أول من استنكر الجريمة وأهل السُنّة أهل سامراء..(47/178)
أحمد منصور: أنا ذهبت إلى سامراء ورأيت أن سدنة هذا المقام كانوا من السُنّة جميعا والسُنّة هو الذين يشرفون منذ مئات السنين على المسجد لأن سامراء لا يقيم فيها شيعة..
جواد الخالصي: ومن العوائل السُنّية المعروفة يعني عوائل سامراء المعروفة..
المنتسبون إلى التصوف ..
أعظم الناس سباً لأهل الحق وطعناً في النبي صلى الله عليه وسلم
الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق
الوطن الكويتية 10/5/2007 بتصرف
…كانت جريدة الوطن قد اجرت لقاء مع السيد يوسف الرفاعي في 2/5/2007 ذهب فيه الرفاعي إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو إمام الصوفية، وأن جمهور أمة الإسلام قديماً وحديثاً كانوا صوفية وان الدسائس قد دخلت إلى كل العلوم الإسلامية غير القرآن، فلا غرابة أن يكون التصوف كذلك من العلوم التي دخلتها الدسائس! وحذر الذين ينتقدون التصوف من سوء العاقبة في الدنيا والآخرة، وختم لقاءه بأنه مستعد لمناظرة أي أحد في هذا الموضوع.
فرد عليه الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق بالرد التالي :
من يتصدى لإخراج الدسائس عن التصوف؟!(47/179)
…فأما قول السيد: إن كل العلوم قد دخلها الدس والتشويه إلا كتاب الله عز وجل. فهذا حق، فإن الحديث النبوي وهو أصل الدين الثاني بعد كتاب الله قد حاول الزنادقة والمجرمون والجاهلون أن يشوهوه ويبطلوه فوضعوا آلاف الآلاف من الأقوال المفتراة ونسبوها لرسول الله ?، فقام علماء الحديث بتنقية هذا كله وإخراج المدسوس والمغشوش وما أدخلته الزنادقة والمخرفون إلى الحديث وكان أعظم علم في الإسلام هو علم مصطلح الحديث الذي عُرف به ما نُقل عن الرسول حقاً وما افتراه الزنادقة والجاهلون ولولا العناية الإلهية وقيام علماء الحديث بهذا العمل العظيم لضاعت سنة النبي وسط هذا الطوفان من الأحاديث المكذوبة ولسقط الدين كله وانتهى الإسلام، وكذلك علم الفقه فإنه ما من أحد تكلم فيه بخطأ أو تشويه إلا تصدى له الأئمة الأعلام وعلماء هذا العلم بالرد عليه، كما قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: "ما منا إلا رد ورُدَّ عليه إلا صاحب هذا القبر".
…وكذلك الأمر في علم التوحيد، بل وعلم الكلام فهناك ردود الأشاعرة على الأشاعرة حتى أن بعضهم رد على أبي الحسن الأشعري نفسه، وبهذه الردود عرف الناس صحيح العلوم وسقيمها وعرفوا الأصيل والدخيل والصواب والخطأ.(47/180)
…ولكن التصوف لم يكن كذلك، فإن الزنادقة والمجرمين والدخلاء ادخلوا إلى الإسلام تحت مظلة التصوف كل عقائد الكفر والزندقة والإلحاد كالقول بالاتحاد والحلول ووحدة الوجود وادعاء الألوهية والربوبية والتصرف في الأكوان، ودعوة الناس إلى عبادة غير الله، كدعاء الأموات، والاستغاثة بهم، والسجود لهم، وادعاء الولاية لأفسق أهل الأرض وأحطهم أخلاقاً وأكبرهم نجاسة كالذين يأتون الحيوانات والذكران، والمحارم، هؤلاء الأنجاس ادخلوا وسلكوا مع اشرف واطهر خلق الله وأرضاهم إليه من الصحابة والتابعين بإحسان، هذا إلى تعظيم مشاهد الشرك والكفر والوثنية، وهجران المساجد هذا مع ما لا يحصى من البدع والمنكرات كالتغزل بالمردان واستباحة الفواحش والفجور باسم الدين، كل هذا وغيره ادخله الزنادقة إلى الإسلام تحت مسمى التصوف، وأصبح هذا كله من ضرورات هذا العلم ولوازمه.
…لم يوجد فيما أعلم صوفي واحد في القديم والحديث تصدى لشيء من ذلك وقام بنفي هذا الكفر والشرك والخرافة التي ادخلها الزنادقة إلى هذا العلم علم التصوف، إذا تجاوزنا وسميناه علماً، كما يدعي المنتسبون إليه، فليدلنا السيد يوسف على صوفي واحد في القديم والحديث والى يومنا هذا تصدى لشيء من هذه الضلالات وأنكرها!! كما فعل أهل العلوم الأخرى (الحديث والفقه... الخ) وهذا السيد يوسف الرفاعي من أكثر من خمسين سنة وهو يدافع عن التصوف ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً ولا يعرف له مقال واحد انتقد فيه شيئا من الكفر والزندقة التي دخلت إلى التصوف.
الرفاعي والخنازير(47/181)
…وكان الأجدر بالسيد يوسف وهو يتكلم عن الدسائس التي دخلت إلى التصوف أن يفعل شيئا من ذلك وان يبدأ بالطريقة الرفاعية فينفي عنها ما خالف الكتاب والسنة، فمن ذلك ما نسب إلى مؤسسها احمد الرفاعي من انه كان يسلم على الكلاب ويقول للخنازير: عموا صباحاً ومساءً!، وادعاؤه علم الغيب، وتحكمه في السموات والأرض بل وبيعه أراضي الجنة وإعطاؤه صكوكا بذلك، كما نقل صاحب كتاب "جامع كرامات الأولياء" يوسف النبهاني (1/439) هذا حيث يقول: "وقال الإمام اليافعي في كتابه "روض الرياحين": يروي أن الشيخ جمال الدين خطيب "أوينه" كان من كبار أصحاب سيدي احمد، وكان في "أوينه" بستان، فأراد أن يشتريه لضرورة دعته إلى شرائه، فطلب يوما من سيدي أحمد أن يرسل إلى صاحب البستان وهو الشيخ إسماعيل بن عبد المنعم شيخ "أوينة" ويكلمه في بستانه ويشتريه منه، فقال سيدي أحمد: سمعا وطاعة، أي أخي أنا أمشي إليه، ثم قام ومشى معه إلى صاحب البستان، وكان منزله في "أوينة"، فشفع إليه في المبيع المذكور فأبى، فكرر الشفاعة فقال: أي سيدي إن اشتريته مني بما أريد بعتك، فقال له: أي إسماعيل قل لي كم تريد في ثمنه؟. فقال: أي سيدي تشتريه مني بقصر في الجنة؟. فقال: أي ولدي من أنا حتى تطلب مني هذا، اطلب مني مهما أردت من الدنيا، فقال: أي سيدي ما أريد شيئا من الدنيا سوى ما ذكرت.(47/182)
…فنكّس سيدي أحمد رأسه واصفر لونه وتغير ثم رفعه وقد تبدلت الصفرة بحمرة، وقال: أي إسماعيل قل اشتريت منك البستان بما طلبت! فقال: أي سيدي اكتب لي خطك بذلك، فكتب له في ورقة: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى إسماعيل بن عبد المنعم من العبد الفقير الحقير أحمد بن أبي الحسن الرفاعي ضامنا له على كرم الله تعالى قصرا في الجنة، تحفه أربعة حدود: الأول إلى جنة عدن، الثاني إلى جنة المأوى، الثالث إلى جنة الخلد، الرابع إلى جنة الفردوس بجميع حوره وولدانه وفرشه وأسرته وأنهاره وأشجاره عوض بستانه في الدنيا، والله له شاهد وكفيل، ثم طوى الكتاب وسلمه إياه، فأخذه ومضى إلى أولاده وهم على الدالية يسقون ذرة كانوا قد زرعوها في البستان المذكور، فقال: انزلوا فقد بعت البستان المذكور إلى سيدي أحمد، فقالوا: كيف بعته ونحن محتاجون إليه؟. فعرّفهم بما جرى من حديث القصر وان خطه في يده بذلك، فأبوا أن يرضوا إلا أن يجعلهم شركاء فيه!... الخ".
…وكذلك ما زعم الرفاعية أن الله قد خصهم بان النار والسموم والحديد لا تؤثر فيه!. وكذلك ما نسب إلى محمد أبو الهدى الصيادي والمسمى بالرفاعي الثاني من انه أعظم أولياء الله على الإطلاق، ولولا ضيق المقام لنقلنا من كتبه هذا بنصوصه.
ابن عربي أكبر زنديق
…أقول: لا شك أن السيد يوسف أعلم مني ومن عشرات من أمثالي وأكثر اطلاعاً على الفكر الصوفي من نشأته والى يومنا هذا وكان الأجدر به أن يتصدى للدخلاء على التصوف (كما يقول) ولو انه كرس حياته الباقية - وندعو له بطول العمر- ليقوم بهذه المهمة، لتنقية تراث التصوف مما ادخله الكفار والزنادقة لكان هذا عملا مشكورا ويسجل في التاريخ كأول رجل يقوم بهذه المهمة الكبرى.(47/183)
…وأنا اعلم أن هذه مهمة عسيرة وقد تكون متعذرة أو مستحيلة، إذ كيف يمكن مثلا إزاحة مثل ابن عربي عن صدر التصوف وهو عندهم الشيخ الأكبر وكتبه ودواوينه هي أعظم مراجع التصوف، علما بأنه كان اكبر زنديق عرفته الأرض وهو الذي لم يترك كفرا في الأرض إلا وادخله إلى الإسلام!! وقد كفره علماء الإسلام المعاصرون له ومن بعدهم إلى يومنا هذا، وكذلك كيف يمكن للسيد يوسف أن يزيح من التصوف أمثال الحلاج والجيلي وابن الفارض والدباغ والتلمساني والنابلسي والسهروردي والبدوي واضرابهم من الزنادقة والملحدين أهل الحلول والاتحاد ووحدة الوجود من كبار الزنادقة الذين راموا إفساد دين الإسلام بإدخال عقائد الكفر إليه، وأصبحت أقوالهم من ضرورات الطريق الصوفي فلا يكون صوفيا إلا من أمر بها واعتقدها ودافع عنها!!.
…وسيكون عملا عظيما جدا لو استطاع السيد يوسف في حركته التصحيحة إلى التصوف أن يزيح أمثال احمد البدوي الذي لم يسجد لله ركعة عن صدر ما يسمونه بالولاية والفتوة، وان يعتق ملايين الملايين من الجهال المشركين الذين يحجون إلى قبره كل عام، ويدعونه من دون الله ويعتقدون بأنه ولي لله وقطب من أقطاب التصوف، والحال انه من أكابر زنادقة الأرض ومفسديهم!!
ولكن إذا أراد السيد يوسف أن يقوم بهذا المشروع العظيم ويعمل على تنقية التصوف مما علق به مما يخالف كتاب الله وسنة رسوله فليعتبرنا جنودا معه في هذا الطريق.
الصوفيون أكثر سباً لعلماء الإسلام
…وأما دعوة السيد السلفيين وغيرهم ألا يتطاولوا بالسب للمتصوفة وانه يحذرهم من غضب الله ونقمته، فهذا من السيد عجيب!!(47/184)
…فإنه يعلم أن أكبر الناس سباً لعلماء الإسلام هم زنادقة الصوفية قديماً وحديثاً، فقد سموا علماء الفقه والحديث علماء الرسوم والقشور والظاهرة، وسموا أنفسهم أهل الحقيقة وخاصة الخاصة، واتهموا علوم الكتاب والسنة أنها علوم مأخذوة من الموتى ويقولون أخذتم علمكم ميتا عن ميت، يقول أحدكم: حدثنا فلان عن فلان، وأين فلان قالوا: مات. وأما نحن فأخذنا علمنا من الحي الذي لا يموت!!
…يقول: أحدنا حدثني قلبي عن ربي، بل واحتقروا الرسول نفسه صلى الله عليه وسلم فقالوا "خضنا بحراً وقف الأنبياء بساحله"، وقالوا: إن شريعة النبي هي للعوام وأنا نحن الخواص فلنا شريعتنا اللدنّية الخاصة.
…وانظر ما ناله علماء الإسلام قديماً وحديثاً الذين تصدوا لانحرافات الصوفية كيف سبهم الصوفية وكفروهم وما زالوا. فالمنتسبون إلى التصوف هم أعظم الناس سبا لأهل الحق، وطعنا في الرسول وعلماء الإسلام، فهذا ابن عربي إمام القوم ومقدمهم يفضل نفسه على خاتم المرسلين فيدعي لنفسه الولاية الكبرى بل ختم الولاية جميعها ويقول: بأن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء، لأن الرسول يتلقى العلم من الملك «جبريل» وأما هو فيتلقى العلم من مصدره من الله، والذي يستقي من الله بلا واسطة أعظم ممن يأخذ من الله بواسطة، ولولا ضيق المقام لنقلنا نصوصه، بألفاظها.
…فإذا كان المتصوفة يقرون ابن عربي على مقالاته هذه، فمن أعظم الناس سباً وشتماً؟!! وأظن أن السيد يوسف لو راجع مواقفه من الذين يخالفون التصوف لوجد أنهم قد نالهم منه كثيرا من الأذى والسباب.
ليسوا جمهور الأمة(47/185)
…وأما قول السيد بأن الصوفية هم جمهور الأمة وسوادها الأعظم إن منهم الأئمة الأربعة، فهذا ليس بصحيح، فأول ذكر للصوفية كان في بداية القرن الثالث وقد سماهم الإمام الشافعي الزنادقة لمجرد إحداثهم السماع (الأغاني والأناشيد) بالمساجد، والإمام أبو حنيفة كان قبل ذلك لم يشاهد صوفيا قط وكذلك الإمام مالك وأما الإمام أحمد فقد حذر من أمثال الحارث المحاسبي وأمر بتنفير الناس عنه علما أن المحاسبي لم يدخل في البدع الكبرى كالحلول والاتحاد ووحدة الوجود إنما كان يتكلم في الوساوس والخطرات على غير طريقة السلف فأمر الإمام أحمد بتنفير الناس عنه، ولم يكن أحد من أهل القرن الأول والثاني صوفيا قط، وفي القرن الثالث ظهروا وأظهروا بعض بدعهم. أظهر الحلاج (الحسين بن منصور) بعض هذه البدع فحكم ثلاثمائة عالم معاصرون له بكفره وزندقته وصلب على جسر في بغداد. ولم يمر قرن يظهر فيه زنديق من زنادقتهم إلا وقتل على الزندقة، أو كفره عُلماء المسلمين وصاحوا به، وقد طُلب أكبر أئمتهم وهو ابن عربي ليُقتل على الزندقة فحماه بعض أهل البدع. وليس في الصوفية جميعهم عالم واحد انتفع المسلمون بعلمه في حديث أو فقه فقد كانوا أعداء للعلم الشرعي أصلا. وأضاف: نعم هناك من أهل العلم من انخدع بما عندهم كأبي حامد الغزالي رحمه الله الذي ختم حياته بالهجرة إلى التصوف والعيش في البراري وترك التدريس والتعليم، وقد شان كتابه "إحياء علوم الدين" بذكر تراهات الصوفية وخرافاتهم وإلباس عقائدهم الكفرية لباس الإسلام، ولعل الله تاب عليه في آخر عمره فقد قيل انه رجع إلى منهج أهل الحديث.
الرسول إمام المتقين لا الصوفية(47/186)
…إن الرسول ? إمام المتقين، وأما ما جاء من كلام السيد يوسف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام الصوفية وأنه أول صوفي فكلام كبير جدا، فإذا عُلم أن التصوف قد أضحى أكبر بدعة في الإسلام حوت كل أنواع الكفر والزندقة من الحلول والاتحاد ووحدة الوجود وتأليه البشر والحج إلى المشاهد والقبور وإظهار أشنع البدع العملية والعقائدية مما أصبح اسم التصوف لا ينفك عنه، فكيف يقال -مع ذلك- إن الرسول إمامهم علما بأن: كبراؤهم وقادتهم كذبوا عليه وفضلوا أنفسهم عليه وهل يكون الرسول إماما للكذاب الأكبر الذي يسمونه الشيخ الأكبر. والذي فضل نفسه على رسول الله وافترى عليه حيث يقول في ((فصوص الحكم)): "وبعد: فإني رأيت رسول الله ? في مبشرة أريتها في العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرين وستمائة بمحروسة دمشق، وبيده ? كتاب فقال لي: هذا (كتاب فصوص الحكم) خذه واخرج به إلى الناس ينتفعون به، فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منا كما أمرنا: فحققت الأمنية وأخلصت النية وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حده لي رسول الله ? من غير زيادة ولا نقصان".
…وقد ذكر ابن عربي في كتابه هذا الذي ادعى أنه أخذه من الرسول يدا بيد وأنه لم يزد فيه حرفا ولم ينقص منه حرفاً أكفر عقيدة في الأرض وهي القول بوحدة الوجود فمما قال فيه "ومن أسمائه العلي. على من؟ وليس ثم غيره!!"، والكتاب كله كفر من أوله لآخره حتى قال فيه الإمام الذهبي "إذا لم يكن هذا كفراً فليس في الأرض كفر!!." فكيف يكون الرسول ? إماما لهذا وأمثاله من أعلام التصوف القائلين بكل أنواع الكفر والزندقة، فهؤلاء جميعهم ومن على شاكلتهم ليس الرسول إماما لهم، وإنما إمامهم الشيطان الذي أوحى لهم بكل هذا الكذب والضلال، فالقول إن رسول الله إمام الصوفية من أعظم الشتم والسب لرسول الله ?.(47/187)
…وقال: كيف ارتضى السيد يوسف لنفسه أن يقول هذا القول وهو يعلم ما يندرج تحت اسم التصوف من الكفر والضلالات والكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم!
…وإذا شاء السيد الرفاعي في لقاء تلفزيوني لمناقشة هذه القضايا أمام الجمهور فنحن مستعدون.
أسلمت فرُجمت!
ربيع الحافظ - المصريون 4/5/2007
…رُجمت دعاء خليل بالحجارة حتى الموت، عقوبة لها على تركها ديانتها اليزيدية واعتناق الإسلام. رجمها شباب قريتها "بعشيقة" القريبة من مدينة الموصل في شمال العراق.
…إعدام دعاء أثار موجة غضب عارمة بين المسلمين الذين رفضوا استقبال زعيم الطائفة اليزيدية الذي قصد مساجد مدينة الموصل معتذراً عن الجريمة، ومناشداً علماء المسلمين حماية شباب طائفته ومستقبل الطائفة من أعمال الثأر لروح دعاء التي بدأت تلاحقهم.
…اليزيدية طائفة صغيرة انحرفت عن الإسلام في وقت مبكر، لا تشترك مع المسلمين في شيء من المعتقد أو أعمال العبادة، يستوطن عشرات آلاف من أتباعها قرى ومدناً صغيرة في المنطقة الشمالية من العراق، ويعرفون محلياً بعبدة الشيطان لعلاقتهم الغريبة به وإعراضهم عن الإساءة إليه بقول. ومع ذلك فقد اتسع المجتمع الإسلامي لهذا الجسم الغريب وآوى أتباعه، وضمن لهم الحقوق التي يتمتع بها غيرهم.
…ليس هذا فقط، فإنني أذكر عندما كنا نذهب في نزهات مدرسية في فصل الربيع ونحن فتية صوب الحقول الخضراء التي يقطنها اليزيديون، كيف كان مسؤول الرحلة يشدد قبل انطلاق الحافلة على أن رحلتنا ستمر على قرى يقطنها يزيديون، وعلينا تجنب كل ما قد يثير حفيظتهم الدينية وأنماط عيشهم ولباسهم، والتأكد من أن والدة أحدنا لم تضع سهواً ضمن الوجبة الغذائية "خساً" لأنه من النباتات التي لا يأكلها اليزيديون ولا يبيعونها ولا يشترونها.…(47/188)
أما في الجيش فقد كان شباب اليزيديين يتمتعون بمزايا لا يتمتع بها الشاب المسلم، منها السماح له بالإبقاء على اللحية والضفائر الطويلة على سبيل المثال.
…العلاقة بين هذه الأقليات - اليزيديون وغيرهم - وبين المحيط المسلم الكبير ونظامه الاجتماعي والسياسي من حولهم كانت عبر العهود والقرون علاقة المدلل الصغير مع الكافل الكبير، الذي يمنح لغيره ما يؤثره على نفسه وأهل بيته، ولم تتبدل الحال حتى هذا اليوم.
…أمَا وقد تقوض ذلك الكيان على كافة أوجهه، وعمت الفوضى الأوطان، فإن هذا الذي نراه اليوم هو عرفان الأقليات لجميل الغالبية والمقصود هنا أهل السنة على وجه الخصوص، الذين قام فقههم وبناؤهم السياسي والاجتماعي على أساس حماية مكونات المجتمع الأخرى، وكانوا خيمة للأقليات والملل والنحل التي لولاها لابتلع الكبير من الأقليات صغيرها ولانقرضوا جميعاً.ستبقى حماية الأقليات وصون حقوهم بنداً رئيسياً ضمن واجبات المجتمع المسلم، ولكن ما لا ينبغي أن يبقى هو الغفلة حيال بواطن هذه الأقليات والمبالغة في غض النظر عن مشاريعها وطوابيرها.
النقد الشيعي الذاتي.. مراجعات على المراجعات
مهنا الحبيل موقع الإسلام اليوم 26/4/2007
…خلال الأشهر القليلة الماضية برزت قضايا المراجعات في الفقه والمعتقد الشيعي من خلال أطروحات ثلاثة من أعمدة البناء الأيدلوجي للفكر الشيعي الحركي، وهما في ذات الوقت وجهاء لدى الطائفة في المنطقة، الأول الشيخ حسن الصفار، والثاني السيد محمد حسين فضل الله، والثالث الأستاذ أحمد الكاتب.(47/189)
…بعض هذه الأطروحات قديم ولكن أُعيد بعثه، وبعضها حديث عُزّزت به نظرية التصحيح التي يتبناها هذا الطرف أو ذاك من مدرسة النقد الذاتي الشيعي، وتأتي هذه المراجعات زمنياً في سياق ما أظهرته تجربة الفعاليات والتنظيمات الشيعية الحركية في العراق، والتي لا تزال قائمة وآثارها الكارثية على وحدة الأمة وسلامة النسيج والصف الوطني والاجتماعي فيها، وتتناول هذه الشخصيات التداعيات الراهنة، ولكن من منطلق المراجعات الفلسفية والفكرية التاريخية ودورها في التقريب بين الطائفتين، مع إصرار كل هذه الشخصيات تقريباً على عدم الاعتراف بخطيئة هذه الأطراف العراقية مع عمقها الإيراني عن مسؤولية تفجير الاحتقان الطائفي وتغذيته على هذا النحو الذي جرى، وهو إهمال يلغي جانباً مهماً من جدوى تشخيص الأزمة الراهنة. ومع ذلك فإن ما جاء من مراجعات ليس بالقليل ولا المحدود، وله تأثيراته العميقة لو فُعّل واستُكمل على الساحة الثقافية المباشرة لمناضلي الحركة الشيعية في الوطن العربي، ولنعد لاستعراض بعض هذه المراجعات:
…وفقاً لما نشرته شبكة راصد في القطيف، والتي تعتبر من أهم المواقع الفكرية والثقافية للحركة الشيعية في عموم المنطقة، ولها جمهور ضخم ومتابعة كبيرة من داخل الحركة الشيعية وخارجها فقد طرح الشيخ حسن الصفار في ندوة مركز بحوث العلوم والثقافة الإسلامية في مدينة قم ورقة ثقافية حول ما سماه انتكاسة مسيرة التقريب بين المذاهب الإسلامية، وذكر في هذا الصدد قوله: "يجب ألاّ نسمح لهذه الانتكاسة بأن تتحول إلى حالة إحباط ويأس في نفوس الوحدويين، وإلى تراجع في عزيمة الإصلاحيين وتطلعاتهم للوحدة والتقريب".
…وحمّل الشيخ الصفار جزءاً من المسؤولية إلى "انبعاث تيار سلفي شيعي في الحوزات العلمية يركز على قضايا الخلاف المذهبي، ويضخمها، ويجدد أطروحات الغلو والمبالغة في بعض القضايا الولائية الشعائرية".(47/190)
…هذا الغلو الذي ذكره الشيخ لم يعد آراء مبعثرة من هنا و هناك، ولكنه أصبح مادة ثقافية ملازمة لطرح خطاب الحركة الشيعية في وسائل الإعلام بقوة منذ احتلال العراق، بل كان ولا يزال هو المادة الثقافية والإعلامية للائتلاف العراقي الموحد منذ سقوط بغداد وتشكيله قائمته للانتخابات البرلمانية، وهو كذلك كان صدى قوياً ومؤثراً في استدعاءات الحكيم المتواترة في الساحة العراقية للتعبئة للولاء لمدرسة أهل البيت بحسب تعبيره وخطاب قناة الفرات ينضح بذلك.…
…وفي سياق الموضوع اعتبر الصفار "أن نمو هذا التيار سيكون على حساب أصالة مدرسة أهل البيت،
ويزيد في تعقيد العلاقة بين أتباعها وبقية المسلمين، كما ينفر الشرائح المثقفة الواعية من أبناء الشيعة".
…ورأى الصفار بأن من الصعب أن يقبل منا الآخرون إنكار اللعن والسب مادام موجوداً في نصوص دينية متداولة، وكذلك وجود ما سماه مقام كاشان (مقام أبو لؤلؤة المجوسي فاتل سيدنا عمر"، وهذا الاعتراف حول مقام كاشان يعتبر تاريخياً خاصة أن الأستاذ محمد صادق الحسيني الكاتب الإيراني المعروف ومستشار خاتمي الرئيس الإيراني السابق قد أنكر وجوده في حلقة الاتجاه المعاكس التي استضافته في الأشهر القليلة الماضية، واختتم الصفار ورقته بالطالبة بمعالجة جريئة من قبل (المرجعيات الدينية والجهات القيادية للعالم الشيعي).(47/191)
…هذه الورقة حين عُرضت في الموقع أثارت حشداً كبيراً من التعليقات أفصحت عن قوة وتعمق هذه القضايا في وجدان الطليعة الشيعية الحركية المعبأة في تقديري كمخزون فكري منذ قيام الثورة، وإن كانت موجودة في كتب الأقدمين، ولكنها لم تكن مُفعلّة كعقائد لازمة حتمية لا يجوز التخلي عنها في الخطاب الإعلامي، ومع وجود تعليقات عديدة أيدت الشيخ إلاّ أن الأكثر كان معارضاً أو مستغرباً أو مُستفزاً، ومن هذه المعارضات تعليق أحد القرّاء على أن هذا اللعن للشيخين (ورد في زيارة عاشوراء والتي قال عنها المراجع العظام في النجف وقم أنها فوق الشبهات، وكتب آخر مستهجناً ومشيراً لأحد الدعاة الحركيين للشيعة وهو الشيخ المهاجر (يا شيخ لقد أعلنها المهاجر لعنة الله على التقريب).
وآخر علق بقوله: الشيعة لا يلعنون من جيوبهم بل يلعنون من لعنه الله ورسوله فهل نتنازل عن لعن المنافقين والخارجين والناصبين العداوة لمحمد وآل محمد؟ لا وألف لا.…
…وبرز في تعليق لأحدهم مدى الصدمة الشعورية التي يستشعرها المناضل في الحركة بالدعوة لمثل هذه القضايا فقال: "وهل سيأتي اليوم الذي نحذف فيه الآيات المتعلقة باليهود والنصارى من القرآن لكي لا نجرح مشاعرهم".(47/192)
…أما السيد محمد حسين فضل الله الأمين العام السابق لحزب الله واحد المراجع الرئيسة لشيعة لبنان وبعض أبناء الطائفة في الخليج فقد تحدث في مسائل عديدة وواسعة في لقائه مع (العربية نت)، وأشار -ونادراً ما تبرز مثل هذه الإشارة في الخطاب الثقافي للحركة الشيعية المعاصرة- إلى قضية الألوهية و علاقة المبالغة والتطرف الممتد والمتطور في شأن قدرات سيدنا علي -رضي الله عنه- إلى درجة تمس حقوق الباري -عز وجل- وشراكته في حقوقه وقدرته، فكان خطاب الشيخ فضل الله في هذه القضية المفصلية لدى أهل السنة الذين يعتقدون بأن مدار الإسلام الأصلي هو التوحيد لله عز وجل، وتطهير الجنان والقول والعمل من كل ما يفضي إلى نقضه، فكان تأكيد هذا المعنى المهم من قبل الشيخ نقلة نوعية في هذا الخطاب الذي استنكر فيه ما يورده البعض عن سيدنا علي. وانداح في حواره مع العربية إلى مسائل شتى كلها بلا شك تدعو إلى الاقتراب من منهاج أهل السنة من الأذان حتى التربة. ولكن الشيخ تجنب القضية المفصلية المهمة التي أثارت عليه المراجع في إيران وهو تشككه في حادثة كسر الضلع للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، وموقف الشيخين المدّعى عليهما فيه، وهو ما وصل إلى حد تكفيره من بعض الأطراف وتحريم دفع الخمس إليه قبل أن يُصدر توضيحاً بدا فيه متراجعاً عن هذا الموقف التاريخي.
…وثالث هذه الشخصيات هو الأستاذ أحمد الكتاب الذي استضافه د. عزام التميمي في برنامج مراجعات لقناة (الحوار) عرض فيها الآراء المشهورة في كتبه عن الإمامة والغيبة والعصمة، وهو ثورة بلا شك في تاريخ التشيع إجمالاً نقض فيها الأستاذ الكاتب مفهوم عصمة الإمامة الغائبة التي لم يثبت ميلاد صاحبها الإمام الثاني عشر حسب تحقيق الكاتب، وبالتالي التشكيك بكل ما دون ورسخ وثبت من مدونات وفقه وأحكام على المخالفين، وهو هنا أهل السنة بناءً على هذه القضية.
وماذا بعد..؟(47/193)
من الواضح حجم المساحة التي أقدمت عليها تلك الشخصيات في قضية مراجعة ما كان يعتبر دون دليل أو عقد شرعي وعقلي على أنه ثوابت من أساسيات التشيع، ولكني هنا بكل أمل وصدق أرجو أن تقتحم شخصيات النقد والتصحيح والمراجعات الرئيسية لمسيرة التشيع القضية الكبرى التي من خلالها في نظري يتم تحقيق مساحة مهمة بل ومشروع إنقاذ لوحدة الأمة الإسلامية، وهو ما غاب عن طرح الأساتذة الثلاثة:
إنها قضية الموقف من الجيل الإسلامي الأول، لقد عكست ردود الأفعال والتعليقات هنا وهناك قوة هذه العقيدة التي ترى بأن المجتمع الإسلامي الأول الذي قاده أبو بكر الصديق بعد رسول الله، ومعه ثلة الأمة من المهاجرين والأنصار مجموعة من المرتدين من مشركي العرب، بغض النظر عن سبهم فقضية السب قضية سلوكية أخلاقية مهمة بلا شك، ولكن المفصل في الاعتقاد بأن هذا الدين قد أُختطف من قبل المرتدين العرب أو المشركين الذين أظهروا الدين لرسول الله ? لكنهم كانوا يبطنون الكفر سوى الستة المنتجبين في اعتقاد التشيع المنحرف، وهو ما تسمعه من جميع هذه الشخصيات التي تدعو للوحدة، فهي تردف دائما الصلاة على الهادي صلى الله عليه وآله وسلم بقولهم وصحبه المنتجبين إذا نطقوا لفظ الصحبة، وهي ما يعني أن المنتحبين الستة هم أهل الدين، أما الآخرون فهم وكما أكدت هذه التعليقات الظالم الأول ويقصدون أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- ومن يليه، ولعل من أهم المكاشفات التي بعثتها هذه المرحلة الزمنية من الإيجابيات على الرغم من إيلامها اعتراف الجميع بأن تكفير الصحابة وعداوتهم لآل البيت وليس قضية سبهم هي من مسلّمات الفقه الشيعي الحركي المنحرف، وتم تثبيت هذه القضية بقوة ورسوخ بعد الثورة الإيرانية.(47/194)
…هذه القضية المفصلية هي التي انفصل فيها التشيع المنحرف والتي اعتنى به العهد الصفوي عن التشيع العلوي العربي، وهو القاعدة الكارثية التي من خلالها أخفقت كل جهود المصالحة والوحدة؛ لأن هذه القاعدة تجعل أصحابها يؤمنون بأن العدو الأول المطلوب مواجهته هو: ليست مشاريع الاحتلال أو القوى الدولية المناهضة، ولكنهم أتباع وذوو الظالم الأول أبي بكر الصديق، وعلى ذلك يمكن التحالف مع سواهم وإن كان عدواً أو محتلاً، وهذه القاعدة هي التي مهدت لاحتلال العراق وتمزّق الأوطان وهي التي أدت إلى إخفاق ثلاث اتفاقيات لهيئة علماء المسلمين في العراق مع التيار الصدري بعد استدعائه إلى إيران عند كل مرة، وانتهت جهود التقارب والتضحيات التي بذلتها هيئة علماء المسلمين في العراق إلى فتوى حازم الأعرج المشهورة بهدم كل مسجد حسب تعبيره، وقتل كل إمام ناصبي والمسؤولية في رقبته كما قال، ولم يبق مسجد وصل إليه جيش المهدي لأهل السنة من السلفيين والصوفيين إلاّ فُجّر ونُحر بعض أئمته، وقُتلوا وقسْ على ذلك فتوى الآخرين مع قناعتنا الجلية بمسؤولية إضافية لجماعات العنف الوحشي القادمة من خارج العراق عن هذه الفتنة.
…إني أرجو أن يُنظم مؤتمر خاص حول هذه القضية، وهي الموقف من الجيل الأول وما نُحل عليهم؛ فهي السبيل الحقيقية والدعامة الدائمة للمصالحة والوحدة، وأحسب أن سماحة الوالد الشيخ يوسف القرضاوي أهل لهذه المهمة العظيمة بالدعوة إليها والتي لو تحققت لجمع الله بها طائفتين عظيمتين من المسلمين، ووحّد بينهما في مواجهة العدو الخارجي، وإني على ثقة بأن سماحة السيد فضل الله وإخوانه سيتقدمون خطوة شجاعة نحو إزالة هذا المفهوم الخطير الذي دمّر وحدة الأمة وعصف بها على الرغم من صعوبة وخطورة هذه الخطوة إلاّ أننا ندعو الله مخلصين أن يحقق لنا ما نصبو إليه جميعاً من الوحدة والنصر على الأعداء, اللهم آمين.
شكوى الإسماعيلية
بسم الله الرحمن الرحيم(47/195)
معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان سلمه الله
…السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
…نشير إلى ما ورد في خطاب خادم الحرمين الشريفين ، أمام مجلس الشورى بتاريخ 26ربيع الأول 1428هـ، حول الوحدة الوطنية والتسامح الإسلامي وتعميق مفاهيمهما ، حيث قال: " ... إن تأجيج الصراعات المذهبية وإحياء النعرات الإقليمية واستعلاء فئة في المجتمع على فئة أخرى يناقض مضامين الإسلام وسماحته ويشكل تهديدا للوحدة الوطنية وأمن المجتمع والدولة ... ".
…إن التصريحات الغير مسؤولة والفتاوي المنفعلة والبيانات المفتعلة، والتي تسيئ لمشاعر وقناعات شريحة من أبناء الوطن، هي التحدي بعينه لتماسكنا الداخلي وتطلعنا المستقبلي، لأنها بذلك تجذر التنافر المناطقي وتدفع بالإصطفاف الطائفي والنعرات الفئوية، التي لاتخدم سوى المتربصين بأمن ووحدة الكيان.
وبما أن المملكة وقفت دوما على مسافة واحدة من جميع المذاهب والفرق والطوائف التي تتشكل منها مجتمعات الدول الأخرى وكانت دوما داعية إلى الحوار والتفاهم والمصالحة في أي منطقة تظهر فيها بذور الفتنة والإنقسام ، فإننا ننشد تكريس تلك المنطلقات الإنسانية المعتدلة في الداخل السعودي وحمايتها من العابثين .(47/196)
…معالي الرئيس: اطلعنا جميعا على بيان اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، الصادر في الصحف السعودية يوم الاثنين 21ربيع الأول 1428هـ ، حول الدولة الفاطمية ودعاوي الحل المناسب لدولة الإسلام ، والذي ورد في أجزائه ما يلي : " ... إن تسمية تلك الدولة بالفاطمية تسمية كاذبة أراد بها أصحابها خداع المسلمين بالتسمي باسم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بين العلماء والمؤرخون في ذلك الزمان كذب تلك الدعوى، وأن مؤسسها أصله مجوسي ... "، " ... وأن هذا الحاكم بمصر هو وسلفه كفار فساق فجار ملحدون زنادقة معطلون للإسلام جاحدون ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون ، قد عطلوا الحدود وأباحوا الفروج وأحلوا الخمر وسفكوا الدماء وسبوا الأنبياء ولعنوا السلف وادعوا الربوبية ... " ، " ... إنه مما يتبين لكل أحد بعد الإطلاع على أقوال العلماء والمؤرخين أن هذه الدولة الفاطمية كان لها من الضرر والإضرار بالمسلمين ما يكفي في دفع كل من يرفع لواءها ويدعو بدعوتها ... ".
…تختتم اللجنة بيانها بعد أن ساقت تلك الإتهامات بفتوى إقصائية مفرقة فحواها " ... فلا يجوز بعد هذا كله أن ندعو الناس إلى الانتساب إلى تلك الدولة العبيدية الضالة، ومثل هذه الدعوة غش وخيانة للإسلام وأهله، ونصيحتنا لأئمة المسلمين وعامتهم بالإعتصام بالكتاب والسنة وجمع القلوب عليها ...".
…هذا البيان صدر عن لجنة رسمية من المفترض أن يكون اسمها دال على فحواها ومحتواها بحيث تخضع إصداراتها للتدقيق والتريث قبل أن تعمم فتواها في تكفير شريحة عريضة من المسلمين ثم تنشرها وسائل الإعلام المختلفة وكأنها تدعوا إلى الإنتقاص من شركاء الوطن الواحد والمتمسكين بالملة الواحدة إلى يوم الدين.(47/197)
…معالي الرئيس: لقد تلقى ابناء المذهب الإسماعيلي الفاطمي بمنطقة نجران، تلك الإجتهادات بالإستغراب لما حوته من إساءة بالغة ومقصودة، وما ورد في البيان من مغالطات تاريخية وعبارات التشكيك والتكفير وأوصاف لا ترقى لمفردات الإسلام وتشريعاته الربانية العادلة. كما إستنكروا ما جاء بعد ذلك من مقالات صحفية وتصريحات إعلامية تصب في وتزايد على ذلك التوجه الأحادي، التي إستقت معلوماتها واعتمدت على رؤى لمؤرخين وقفوا من الدولة الفاطمية موقف الخصوم. مثل هذه الفتاوي التي تقوم على الأنساب والمؤرخين، ولا تستند على أدلة من الكتاب والسنة مردودة على أصحابها، وكان من الإنصاف في أي تقييم متوازن لأي حقبة تاريخية معروفة، الأخذ بتعدد الدراسات ليدرك المهتم الطروحات البحثية كاملة دون تحيز ومواربة . إن الحقائق التي يجسدها الفكر الفاطمي وسلالة الأئمة والحكام، تستحق الدراسة والإلمام بكتب الفاطميون أنفسهم وانجازاتهم وعلماؤهم، ثم المؤرخون المحايدون ومن ثم النظر في مدونات مخالفيهم، للوصول لقناعة سليمة وصادقة وموثقة، والإبتعاد عن الروايات والمزاعم التي شوهت معالم التاريخ الإسلامي وأحداثه لأسباب سياسية ومواقف مغرضة صرفة .(47/198)
…يتبين لكل باحث عن الحق والحقيقة، أن الدولة الفاطمية التي قامت على المذهب الإسماعيلي نسبة إلى الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق ، رفعت رايات الإسلام ونشرت العلم والمعرفة، ولا تغيب على أحد معاني: المستنصر بالله والحاكم بأمر الله والجامع الأزهر ودار الحكمة وقاهرة المعز والصليحيون وابن سيناء والرازي ... وغيرهم ممن أثروا وأثروا في الحضارة الإسلامية. كما أن معتنقي المذهب الإسماعيلي الفاطمي، يؤمنون بأركان الإسلام، وكتبهم وعلومهم في الفقه والشريعة تنص على الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. لذا فهم لا يختلفون في عبادتهم عن غيرهم من المسلمين، فهم يحرمون ما حرم الله ويجتنبون الإثم والمعصية، ويحللون ما أحله الله جل وعلى.
…معالي الرئيس: إن الحقوق الإنسانية والتي منها حق الإختيار المذهبي ، مبنية على نصوص ونظم واعتبارات شرعية ومدنية ، لا يجب المساس بها أو التقليل من شأنها . التاريخ لا يمكن إلغاؤه وفق الإجتهادات المغايرة ، والتنابز بالألقاب مثلبة لا يقع فيها أولي العلم والمعرفة .
…لذا نشدد على تحييد كل الرؤى الطاعنة في التماسك الوطني ، ونؤكد على إحترام التعددية ومصداقية الفتاوي وموضوعية أهلها ، وتحري الأمانة في تتبع التاريخ وتطور دوله ومراحله ، كما كانت دون إبتذال أو تسييس للعقيدة وفروعها ، وتفهم مشاعر وأحاسيس جميع أبناء هذا الوطن على تباين طيفهم وطوائفهم ، لأن حدوده تتسع لكل التوجهات والإتجاهات دون تمييز ، ووضع حد لمسلسل تكفير المسلمين والذي يزرع الفتنة ويذهب بالهيبة .(47/199)
…وكجزء من هذا الكيان الكريم الذي ننتمي له بإرادة ونفتخر به بتصميم ، إرتبط بالإسماعيلية الفاطمية كحقيقة زمنية لا يمكن تجاهلها أو التغاضي عن خصوصيتها المنهجية. نتطلع لمعاليكم وهيئتكم الموقرة لمخاطبة المقام السامي بهذا الشأن ، والوزارات والهيئات المعنية ، مثل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، والشؤون الإسلامية والأوقاف ، والقضاء الأعلى، والعدل والإعلام، وما ترونه من مؤسسات ذات العلاقة بأمور المواطن ومطالبه . لقد أرفقنا لكم بيان اللجنة وبعض من المقالات التي تضمنت الكثير من الإساءات والمغالطات، والتي تتعارض مع توجهات القيادة العليا المعلنة في تركيزها على الوطن وأمنه وسلامه.
…حفظ الله وطننا وولاة أمره وشعبه من كل مكروه ، ووفق الله معاليكم والعاملين معكم ، ولكم جزيل الشكر والإمتنان على ما تؤدونه من أمانة ملقاة على عاتقكم تحسبون لها وتحاسبون عليها.
الثلاثاء 7/4/1428هـ
المقدمون من أبناء منطقة نجران :
الدكتور / محمد حسين آل عسكر ،الأستاذ / أحمد تركي آل صعب ،الأستاذ / مهدي محمد آل حطاب ،الأستاذ / حمد حسن ابو ساق ،المهندس / علي صالح آل شيبان ،الأستاذ / صالح علي عامر ،الأستاذ / مطارد علي آل مطارد ،الأستاذ / منصور حسن آل مستنير ،الأستاذ / محمد علي طحنون ،المهندس / قريضه مانع آل قريضه ،الأستاذ / علي مانع اليامي ،الأستاذ / حمد صالح آل حابس ،المهندس / حسن صالح الشتيوي ،الأستاذ / حسن هبه المكرمي،الدكتور / عباس حسن الجمالي ،الأستاذ / محمد صالح بالحارث ،الأستاذ / فهد علي الحابس ،المهندس / محمد مسفر العجمي ،المهندس / علي عبدالله الزبادين ،الأستاذ / سالم حمد آل سنان ،الأستاذ / راشد حمد آل منجم ،الأستاذ / محمد بن صالح آل فطيح ،الأستاذ / مانع حمد آل حيدر....(47/200)
... الأستاذ / سعيد هادي آل منصور ،الأستاذ / فهد أحمد آل زمانان ،المهندس / عبدالله علي المكرمي ،المهندس / صالح مانع اليامي ،الأستاذ / راشد سعود آل تيسان،الأستاذ / سعد حسين آل مهري،الأستاذ / دهيمان محمد القحص ،الأستاذ / عوض محمد الغباري ،الأستاذ / علي عبدالله الزحوف ،الأستاذ / حمد محمد آل سليمان،الأستاذ / سعيد حمد آل مرضي ،الأستاذ / صالح حسن المحامض ،المهندس / علي محمد آل حيدان ،الأستاذ / علي محمد المستنير ،الأستاذ / عمر جاهل اليامي،الأستاذ / هادي محمد النصيب ،الأستاذ / محمد مانع آل مطارد،الأستاذ / سعد حسن آل سالم،الأستاذ / حسين محمد غوجه ،الأستاذ / حسين مانع الغباري ، الاستاذ / حسين مرزوق سرار ،الأستاذ / رائد علي قوير،المهندس / عوض مانع اليامي ،الأستاذ / سعود محمد آل تيسان ، الأستاذ / علي محمد آل شريف ،المهندس / ظافر سالم العجمي ،الأستاذ / محمد أحمد آل شريف ،المهندس / جار الله مانع اليامي،الأستاذ / أحمد مانع آل حيدر،الأستاذ / حسين مهدي آل سالم ،الأستاذ / خالد حسين النجراني ،الأستاذ / عامر سالم آل سالم ،الأستاذ / حمد محمد آل مطارد ،الأستاذ / حسن رجب آل مشرف ،الأستاذ / مانع حسن الشتيوي ،الأستاذ / مرزوق صالح آل سالم ،الأستاذ / سليمان تركي آل صعب ،الأستاذ / خالد سعيد اليامي ،الأستاذ / سعود صالح آل شيبان ،الأستاذ / ريحان مساعد اليامي ،الأستاذ / بندر مبارك البشر ،الأستاذ / فارس جاهل اليامي ،الأستاذ / حسين عوض بن غرزه . والله ولي التوفيق
قراءة في خطاب "إسماعيلية" نجران
محمد بن سيف - الساحة السياسية
…فرحت كثيراً حين قرأتُ الخطاب الذي رفعه منسوبو الطائفة الإسماعيلية بنجران إلى الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان ، معترضين فيه على بيان اللجنة الدائمة للإفتاء حول الدولة العبيدية التي كانت تتبنى الفكر الإسماعيلي الباطني المناقض لدين الإسلام.(47/201)
…ومع أن هذا الخطاب ليس الأول من نوعه، لكنه الوحيد الذي يتعلق بأكبر جهة علمية في البلد. في حين أن غيره من الخطابات كان يتحدث عن مناهج تعليم، أو عن فكر متطرف، أو غير ذلك من الأسماء الخادعة. هذا الخطاب ينبغي أن يتوقف عنده كلُّ مُسلمٍ سنيٍّ يريد الإصلاح في هذا البلد.
…ينبغي أن يتوقف عنده المصلح، ليتفكرَ و ليسألَ نفسه : كيف يمكن التعامل مع مثل هذه القضايا ، في ظل مبادئ "المواطنة" و"التعددية" التي امتلأت أسماعنا بذكرها والمناداة بها؟
…فهل يمكن أن تُجرَّم اللجنة الدائمة للإفتاء لأنها أعلنت حكماً شرعياً لا جدال في صحته، عند أبناء السنة على الأقل؟!
…خطاب الطائفة الإسماعيلية ، يطرح بوضوحٍ و جلاءٍ أكبر إشكالات المشروع الذي يدعو إليه ـ بمكرٍ ، أو بغفلةٍ وسذاجةٍ ـ كثيرٌ ممن يقول إنه يتبنى الإصلاح في السعودية.
…هذا الخطاب وأمثاله يضع الدولة أمام مفترق طرقٍ، فإما : الإسلام ، أو العلمانية. ولا خيار ثالث بينهما.
… قد يبدو هذا الكلام غريباً بالنسبة لمن ينظر للأمور بسطحية مبالغ فيها، لكن بقليلٍ من التأمل سوف تتضح الصورة بتفاصيلها القبيحة.
…الدولة إذا أصرت على تبني الإسلام، فالإسلام ليس شعاراً، ولا هو اسمٌ مجردٌ فارغٌ من الأحكام ، بل هو منظومة من المبادئ والعقائد والنظم والقوانين الشرعية التي تقام عليها التشريعات الرسمية التي يجرَّم من يخالفها.
…وبما أن كل طائفة من الطوائف المنتسبة للإسلام لها تفسير خاصٌّ لدين الإسلام يناقض في كثيرٍ من جوانبه تفسيرات الطوائف الأخرى، فالدولة هنا سوف تضطر لتبني خيار واحدٍ لتقيم عليه نظام حكمها. لأنها في النهاية لا تستطيع الجمع بين المتناقضات في نظام حكمها وقوانينها وتشريعاتها.(47/202)
…الدولة إما أن تطرح الإسلام كله، أو تتبنى تفسيراً معيناً لتحكم به ، وتطبقه على رعاياها، وتلزم الجميع باحترامه والخضوع له. ثم تتحمل نتائج ذلك مهما كانت، وليرضَ عنها من يرضى، وليغضب من يغضب من المواطنين.
…هذا هو الطريق الأول. وهو طريق شائكٌ دون ريبٍ، و تطبيقه يحتاج إلى قوةٍ وحزمٍ، مع حسن سياسةٍ وتدبيرٍ حكيمٍ.
…أما الطريق الثاني فهو أشد وعورةً وصعوبة : و هو تبني نظام الحكم العلماني ، الذي يقوم على أساس عقد (عملٍ ) بين الدولة ومواطنيها لا علاقة للدين به. فالقوانين والأنظمة والتشريعات تسنُّ حسب أهواء المواطنين. من غير أن تتبنى الدولة نظاماً يسيء لدين طائفة من مواطنيها، أو يجرح مشاعرهم، حتى لو كان هذا النظام جزءاً من دين الإسلام.
…ولتوضيح الفكرة أكثر أرجع لخطاب الطائفة الإسماعيلية، فهم يريدون من الدولة تجريم بيان اللجنة الدائمة للإفتاء.
…ومن المعلوم أن التجريم لا بدَّ أن يكون مبنياً على مخالفة قانون.
…فأما قانون الدين، فاللجنة لم تخالفه، بل وافقته تمام الموافقة؟
…فعلى أي أساسٍ يريد الإسماعيليون إدانة أكبر جهة علمية في البلد؟
…إذا أراد أحدٌ تجريم لجنة الإفتاء ، فهو بحاجةٍ لقانون آخر لا علاقة له بالدين. وبعبارة أخرى، هو بحاجةٍ إلى قانون (لا ديني) (علماني).
…ومتى ما سنَّت الدولة قانوناً من هذا النوع، وجرَّمت من يدعو لمبدأ شرعي، فهنا تكون الدولة ـ حسب الشرع ـ هي المستحقة للتجريم!
…وإذا اقتنعت الدولة بذاك المسلك الأعوج، و وضعت قدمها على أول هذا الطريق، فسوف تجد نفسها في النهاية تسير في طريق العلمنة ونبذ الدين ، واعتماد قوانين مدنية صرفة، تصادم الأحكام الشرعية لاعتبارات تتعلق بمشاعر بعض مواطنيها من أهل الضلال.(47/203)
…هذا المسلك يندفع بعض الأفاضل للدعوة إليه من غير شعورٍ بعواقبه ومآلاته. فهم لا يملون ولا يكلون من رفع أصواتهم بعبارات "التعددية وتقبل الآخر وحرية التدين"، دون توضيح لحقيقة هذه الشعارات الملغَّمة. ويزيد الأمر سوءاً أن النصارى الغربيين يؤيدونهم على ذلك، ويضغطون علينا كي نسير كما ساروا هم قبلنا في هذا الطريق، لننتهي إلى ما انتهوا إليه. هم نبذوا دينهم، وأقاموا دولاً بأنظمة حكم علمانية، وقوانين مدنية (لا دينية ) لا تُستَمَد من أي شرعة سماوية.
هم اختاروا لأنفسهم تحييد الدين ، وإخراجه من التأثير في نظام الحكم لديهم.
والذي يقرأ تقرير مؤسسة راند الأمريكية الأخير سوف يبصر بعينيه أن هذا المنهج المنحرف هو الذي يريد كفرة النصارى منا أن نسير فيه، لنكون في النهاية كالذين قال الله فيهم : (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواءً ).
…تقرير (راند) يريد من الحكومة الأمريكية دعم ما سماه: التيارات المعتدلة لدى المسلمين.
…ثم يصف هذه التيارات بأنها : "التي تؤمن بالديمقراطية بمفهومها الواسع" ، وتؤمن بأنه يمكن للأقليات أن تتولى المناصب العليا ؟ ويمكن لغير المسلم أن يبني بحرية معابده في الدول الإسلامية".
فالذي يؤمن بحقوق الأقليات في احترام دينها وممارساتها هو المسلم المعتدل الذي يستحق دعم الأمريكيين.
فهل اتضحت الصورة الآن؟ إنها دعوة للعلمنة مغلفة بشعارات تلبس لبوس الإسلام. حتى صرنا نسمع حديث بعض الشيوخ عن التعددية وتقبل المخالف وحرية الفكر، أكثر من حديثهم عن التوحيد والسنة وتحكيم الشريعة ... والله المستعان.
ما هو سر سعد الدين إبراهيم؟
حسن صبرا - الشراع 30/4/2007 بتصرف(47/204)
…قدم نفسه أول الأمر ناصرياً ليبرالياً، وقد جهد كثيرون يسألونه ماذا تعني بالناصرية الليبرالية؟ فإذا تحدث رداً قال أنا ناصري لكنني ديموقراطي، وكان البعض يوافقه بأن جمال عبدالناصر قدم الديموقراطية الاجتماعية على الديموقراطية السياسية وهو القائل بأن حرية الخبز يجب أن تسبق حرية التصويت.
…لكن سعد الدين إبراهيم لم يستطع أن يجيب المدهوشين عن دفاعه المستميت عن الرئيس صدام حسين، كيف يظل ناصرياً ليبرالياً، ولم يستطع صدام حسين البعثي أن يكون ليبرالياً طيلة حياته.
…جاء جواب سعد الدين ابراهيم سريعاً، فبعد سلسلة مقالات وضع فيها صدام حسين في منزلة صلاح الدين وجمال عبدالناصر، إذا به يتطاول على الرئيس العراقي واصفاً إياه بأبشع الصفات، راوياً عنه أسوأ الوقائع.. وفي جميع الحالات طلّق سعد الدين ابراهيم العروبة والقومية ورموزها وذهب بعيداً في خياره الأخير الحالي المستمر منذ نحو 20 سنة، حين جعل همه الأول الاهتمام بما سماه الأقليات فإذا به يخلط عمداً بين العرب من الشيعة والعلويين والدروز.. وكلهم من المسلمين وبين الكرد مثلاً والأرمن وهم من قوميتين مختلفتين عن العرب حتى لو كان الكرد من المسلمين والأرمن من المسيحيين.
…ببساطة شديدة تجاوز سعد الدين إبراهيم واقع سايكس – بيكو الذي كان يحاربه نظرياً بإنتمائه القومي بين الناصرية والصدامية، إلى المشروع الأميركي – الصهيوني الحالي بتقسيم الوطن العربي بعد سايكس - بيكو إلى أقليات عربية إسلامية: شيعة وعلويين ودروزاً، وبين أقلية مصرية قبطية، وبعد ان ضمن ان للأكراد مشروع دولة ها هو يدعو إلى دولة للقبط في مصر وأخرى للشيعة في العراق (وربما في لبنان).(47/205)
…الخطوة الأخيرة لسعد الدين ابراهيم هي تبنيه الدعوات أو الحركات الإسلامية من مصر إلى لبنان والعراق.. في لبنان يتبنى سعد الدين ابراهيم كل طروحات حزب الله.. بل ويمثل له بوقاً إعلامياً شاملاً، وبعد حديث طويل خصه به أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله منذ عدة أشهر، أصبح سعد الدين ابراهيم سيف الحزب المسلول إعلامياً في عدة صحف مصرية وكويتية وقطرية وأردنية ومعظمها ذات اتجاه أو تمويل أو صداقة إسلامية.. ويبدو ان سعد الدين ابراهيم حسم أمره وكيلاً شرعياً للمشروع الصهيوني – الأميركي بتقسيم كل بلد عربي إلى عدة كيانات اعتماداً على القاعدة المذهبية.. ويبدو حصانه الرابح هذه المرة هم الشيعة في لبنان وفي العراق، و الأقباط أيضاً سواء داخل أرض الكنانة أو في الولايات المتحدة، حيث شارك وساهم في تنظيم مؤتمرهم الأخير تحت العلم الأميركي نكاية بالعلم المصري.
…يخرج سعد الدين إبراهيم من لقاء مع حسن نصرالله، فيتوجه مباشرة إلى إسرائيل، ليلتقي "أكاديميين" كلهم عملوا مع الموساد والشين بيت، ويعود سعد الدين ابراهيم من إسرائيل، ليكون "وسيط الخير" الذي يجمع نائباً من الإخوان (سعد الدين الكتاتني مع وفد من الحزب الديموقراطي الأميركي)..
…بالأمس عاد سعد الدين ابراهيم من زيارته الجديدة إلى الكيان الصهيوني، وهي واحدة من زيارات عدة لإسرائيل كل عام.. وكثيرون ينتظرون خطوته التالية، والباب أمامه واسع لزيارات لحزب الله في لبنان ولأقباط المهجر ولتبني قضاياهم.. وقد نذر سعد الدين ابراهيم نفسه لها في سنواته الأخيرة.
نسبة التشيع شمال لبنان 10 %
السياسة الكويتية 11/5/2007(47/206)
…ضيف هذا الحوار رجل عسكري عاصر العماد ميشيل عون عندما كان على رأس السلطة في لبنان وانخرط في تياره الوطني الحر لكنه قبل شهور انشق عليه مع آخرين وأسس حركة شباب لبنان الحر وترأسها... إنه خالد أحمد المراد الذي خص "السياسة" بحوار مثير تحدث فيه عن سبب افتراقه عن العماد بعد طول تأييد وقال: "حسبناه عون طلع فرعون" وبدا واثقاً بأن الرجل الساعي لرئاسة الجمهورية لن يحقق مراده ووصفه بأنه تاجر دماء وتاجر وطن وكل ما يهمه تحقيق حلمه ولكن طريقه نحو هذا الحلم مسدود... مسدود... مسدود. وفي الحوار المثير مع المراد أكد لنا أن نسبة التشيع في الشمال اللبناني تزيد عن العشرة في المئة وحمل المسؤولية لدول الخليج وناشدهم وحكومة بلاده توجيه الدعم صوب هذا الشمال.
* لماذا خرجتم من عباءة التيار الوطني الحر وانقلبتم على العماد عون؟
نحن لم ننقلب على العماد عون لكنه هو الذي انقلب على المبادئ التي حاربنا وناضلنا من أجلها.
* كم عددكم أنتم الذين انفصلتم عن العماد عون؟
أكثر من 300 شخص معلن.
* كم يمثل هذا العدد الذي خرج من قوة التيار الوطني الحر؟
…يمثل الكوادر الأساسية في التيار ويمثل العونيين الأساس وليس أحجار الدك المتمثلة في بعض الأحزاب اليسارية التي يتحصن فيها العماد عون.
* عون عاد من منفاه في 2005 والآن تكشفون عن خيانته قبل هذا التاريخ فهلا اكتشفتم خيانته بأثر رجعي؟(47/207)
…العماد عون لو عدنا إلى تصريحاته وهو في فرنسا سنجد أنه كان يطالب بما كان يطالب به وهو في السلطة كحل الميليشيات غير النظامية وكان يصف الوجود السوري بالاحتلال فماذا يعني تراجعه عن ذلك؟ وكيف يضحك على عقول البسطاء بهذا الشكل؟ العماد عون كان صاحب أول معول في خلخلة الوجود السوري في لبنان والآن يبدو على النقيض تماماً في موقفه من دمشق وكان يتساءل عن سبب تهرب السوريين من مسؤولية قتل الحريري, والآن يتراجع فهل لديك تفسير لهذا الانقلاب في المواقف والمبادئ بزاوية 180 درجة وهل يمكن أن يفسر أحد تضخم حسابه المصرفي وبنائه لقصر في "جونيه"؟ إنه الدعم الفارسي الذي جعله ينقلب على هذا النحو ويكون همه الوحيد تسلم الرئاسة. عون وعد اللبنانيين بعد تغير موقفه انه سيقنع حزب الله بنزع سلاحه وللاسف اصبح جنديا معهم لان همه فقط الرئاسة حتى ولو باع الجميع فقد بات تاجرا.
* ترى لماذا لم تتوسع مذكرة التفاهم التي وقعها عون قبل أكثر من عام مع حزب الله وقال عن توقيعها "صدفة إلهية"؟
…أصلا كل شيء في لبنان صار إلهيا فحرب تموز شيء الهي والزعيم الهي وكله الهي في الهي والله ينصرنا على من يعادينا وعليهم الاجابة لماذا لم تتوسع هذه المذكرة التفاهمية ومادمت فتحت هذا الموضوع فإن ورقة الاتفاقية تنص على اطلاق الأسرى اللبنانيين في السجون والمعتقلات السورية فأين عون من هؤلاء الذين كانوا يحاربون معه خصوصا وانه يقول بانهاء حالة العداء مع سورية؟
* افتراضا لو نجح عون وتسلم الرئاسة هل سيكون قادراً على نزع سلاح حزب الله كما وعد؟
مستحيل لأنه سلاح إلهي كما يقولون والقيادة إلهية فكيف يتم نزع السلاح.
* باختصار هل يمكن القول بأنكم حسبتموه "عون" فطلع "فرعون"؟
بالضبط وهذا اختصار رائع.
* ما صحة ما يتردد من أن هناك تخطيطا لاقامة جمهورية شيعية في لبنان؟(47/208)
…هذا هو الشيء الذي يخيفنا فحركة أمل وحزب الله مخترقان الشمال وهناك استملاكات بحجة الانماء الاجتماعي حيث يتم شراء الأراضي لطائفة من لون واحد وفي هذه الجزئية أود أن احمل نواب عكار خصوصا وتيار المستقبل عموما المسؤولية عن ما يحدث في "عكار" بشمال لبنان من تشييع واهمال للانماء فعكار أعطت ولم تأخذ ونأمل كثيرا في رئيس كتلة المستقبل النائب الشيخ سعد الحريري وقد بدأ بالفعل بجهود جبارة وأيضا نحن نحمل الحكومة المسؤولية وان كنا نتفق معها في كثير من الأمور السيادية الا أننا نختلف معها في بعض الأمور.
* كم تصل نسبة التشيع في الشمال اللبناني ؟
…عالية جدا والنسبة تتجاوز العشرة في المئة ونحن لسنا ضد الإخوة الشيعة لكننا تواقون للعيش بوفاق في بلد واحد ونحن نحمل دول الخليج المسؤولية في هذا الموضوع ونتطلع الى دور للمملكة العربية السعودية التي بدأت في التحرك وايقاظ العرب من غفلتهم, وأن مناطقنا تعاني الحرمان وهذا الحرمان يولد الانفجار .
* تلقي بالمسؤولية على دول الخليج لانها لم تساعد الشمال اللبناني ماديا؟
…ماديا ومعنويا واجتماعيا وحتى بالمراجع الدينية وأحمل المسؤولية كذلك لدار الافتاء في لبنان.(47/209)
مجلة الراصد الإسلامية
العدد الثامن والأربعون – جمادى الاخرة 1428هـ
* فاتحة القول…الراصد ومسيرة أربع أعوام ............................................…3
* فرق ومذاهب…سلسلة الطرق الصوفية ... التيجانية ...................................…6
* سطور من الذاكرة…الباطنية يقتلون الأمير مودود في بيت المعبود ........................…14
* دراسات …مواقف العلماء والمفكرين من الشيعة .. د. محمد حسين الذهبي .....…18
* كتاب الشهر: …الصابئة .. تأليف د. علي محمد عبدالوهاب ...........................…36
* قالوا ….............................................................................…41
* جولة الصحافة ……
…- طائفة البهرة تخطط لاحتلال الأزهر ................................. …43
…- الطرق الصوفية في السودان .........................................…45
…- من تصدير الثورة إلى تصدير المتعة .................................…51
…- التشيع يخترق المجتمع الجزائري ..................................…70
…- توظيف أتباع ابن عربي في الحرب على أتباع بن لادن ............…78
…- حسن العلوي: لا مستقبل للشيعة مع سياسة المشاكسة والتشهير …85
…- الصوفية في تركيا ......................................................…97
…- شيعة أمريكا.............................................................…102
…- مقابلة مع اميرة أيزيدية ...............................................…104
…- شيري شيري ...........................................................…106
الراصد ومسيرة أربع أعوام(48/1)
بصدور هذا العدد تكون مجلة الراصد قد أكملت اربع سنوات من عمرها، وقد شهدت هذه السنوات أحداثاً جسيمة ووقائع فظيعة لن تمحى من سجل التاريخ، وستدوّن إلى جوار أخبار التتار والمغول وحروب الفرنج وعباد الصليب. كما شهدت هذه الأعوام خيانات وجرائم جديدة تضاف إلى سجل الروافض والشيعة.
وقد اثبتت الأيام صواب رؤية الراصد والتي حذرت من الخطر القادم للشيعة، وأن الفرق بعامة ستكون وسيلة اليهود والصهاينة لاختراق المجتمعات الإسلامية، وقد كشفت التقارير الامريكية الحديثة كتقرير راند الأخير عن تفاصيل هذه الرؤية لإستغلال هذه الفرق (الشيعة، الصوفية، الأحباش ..) لحرب الإسلام ودعاة العودة للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، والذين هم شوكة في حلق أعداء الإسلام .
كما أننا في الراصد حذرنا من الإنخداع ببعض المجموعات الشيعية والتي ظهر للناس منها نوع صراع مع اليهود أو أمريكا ، ولكن سرعان ما ظهرت الحقائق فإذا جيش المهدي هو أكثر من أسال دماء المسلمين العزّل في العراق، وإذا حزب الله يحاول ابتلاع لبنان !!
وسبق للراصد أن حذرت من جهود التبشير بالتشيع في أوساط المسلمين والحركات الإسلامية، وسرعان ما ظهر للعيان جهود الشيعة في السودان وفلسطين وسوريا ومصر والمغرب والجزائر، وفي أوساط جماعة الإخوان في الأردن وحركة الجهاد في فلسطين .
وقد تنبأت الراصد بأحداث لبنان الأخيرة في مخيم نهر البارد، قبل سبعة شهور حيث توقعنا من خلال دراسة "المكر الصفوي والغباء القاعدي" أن عناصر القاعدة أو أنصارهم سيكونون هم من يفك الطوق عن حزب الله بإثارة المشاكل والصراعات لصالح سوريا وحزب الله، ضد الحكومة السنية والقوات الدولية، لترسيخ أن الخطر السني هو الخطر الحقيقي لا الخطر الشيعي .(48/2)
حيث قلنا في فاتحة القول عدد 41 بتاريخ ذو القعدة 1427هـ ما يلي : " ويقابل الإخوان المسلمين تيارات العنف من عصبة الأنصار والقاعدة وغيرهما، والتي لا ترى العالم إلا من منظار تصويب بندقية، ولكنها تغفل عن من يوجه بندقيتها !! ولذلك لا نستبعد و لا نستغرب قيام بعضهم بحسن نية - وإن كان فيهم قطعاً من هو خبيث النية كابن سبأ – بالهجوم على القوات الدولية في جنوب لبنان، أو اغتيال بعض الشخصيات اللبنانية بل السنية من أعداء سوريا وحزب الله ، باسم الجهاد ونصرة الدين ولكنه في الحقيقة يقدم الخدمات الجليلة لعدوه بسبب غبائه!!
وحتى لا يستغرب البعض صعوبة أن يقع " التيار الجهادي " في خدمة عدوه، نقول له هل سمعت أن هذه التيارات انتصرت للمجاهدين أو الضعفاء أو بلاد المسلمين من النظام السوري أو الإيراني أو حزب الله اللبناني!!؟؟ مع أن مواقع ومنتديات هؤلاء الجهاديين تصرخ بجرائم هذه الأنظمة في العراق وسوريا ولبنان ؟؟ " http://alrased.net/show_topic.php?topic_id=477
كما أن الراصد نبهت على وجود كثير من الفرق والطوائف التي لا يعرف عنها إلا المختصون، ومن ذلك طائفة الصابئة والتي لم يسمع بها كثير من الناس إلا بعد حادثة رجم الفتاة التي أسلمت، وغيرها من الطوائف كطائفة الشبك و الأغاخانية والبهرة.
وبفضل الله تم تحقيق كثير من أهداف الراصد والتي منها: توعية أهل السنة بخطر ما يقوم به قادة الفرق الضالة من مؤامرات ومكائد، وتنبه كثير من المسلمين لأهمية دور العقائد في حركة الطوائف والحركات المبتدعة، وتشكل وعي نقدي تجاه ألاعيب الفرق الضالة، وترسخ قناعة بأهمية رصد ومتابعة هذه الفرق الضالة والتي يراد أن يكون لها دور بارز في قيادة الأمة نحو تحقيق مصالح ومطامع الآخرين.(48/3)
ومن الأهداف المنجزة كذلك: تحذير الكثير من الشباب الصادق والمخلص من خدمة مخططات الفرق الضالة عبر تنفيذ أجندات مشبوهة باسم الجهاد والمقاومة. ولم يمكن تحقيق هذه الأهداف بعد توفيق الله إلا بجهود الخيرين والجنود المجهولين الذين كانوا يبذلون الكثير من أوقاتهم وجهودهم لتتواصل المسيرة، فلهم جميعاً الدعاء من الله بأن يجزيهم عنا خير الجزاء ويجعل هذه الجهود في موازين أعمالهم .
ولا يزال من الأهداف الكبري لمجلة الراصد، بلورة مشروع إسلامي متكامل للتصدى لهجمة الفرق الضالة ومن خلفها، ومعالجة قضية الرصد والتحليل للماضي والحاضر لتجنب مزالق المستقبل، وترسيخ الوعي النقدي بالخطر وكيفية المساهمة بعلاجه.
هذا المشروع الذي لم ينجز كاملاً يهدف للتحول من الدفاع إلى الهجوم بدعوة هؤلاء الناس وخاصة عوامهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وإرساء قواعد علمية شرعية واجتماعية وسياسية تتناقلها الأجيال لتتواصل المسيرة وتخرج من إطار الفردانية.
وهنا يأتي دورك أنت أخي القاريء الكريم لخدمة هذا المشروع المبارك بتقديم ما يلي:
*الالتزام بتسجيل عشرة عناوين بريدية لأصدقائك في قائمة المراسلات لتصل الراصد لأكبر شريحة ممكنة.
*المشاركة بالتعليق والتصويت على المقالات والأبحاث.
*نود من القادرين على الكتابة أن يقدموا لنا إسهاماتهم.
*تزويدنا بمواضيع تشعر أنها مهمة ولم نتاولها في أعداد الراصد.
*إذا توفرت لك أخبار أو مقالات تراها مهمة نرجوا تزويدنا بها .
للأسف أن رسائل الشتم والسب التي تردنا أكثر من رسائل النصح والتصحيح فلذلك نأمل أن تكتب لنا ملاحظاتك. نحتاج كل فكرة بناءة تساهم في دفع وتطوير مجلة الراصد . نرحب بكل مساعدة معنوية أو مادية كطبع بعض الأعداد وتوزيعها أو طباعة بعض الأبحاث أو كتاب الراصد.ونعدكم أن نكون عند حسن ظنكم ونقدم لكم المزيد من المفيد والنافع والله ولي التوفيق ،،،
سلسلة الطرق الصوفية
خامساً: التيجانية
نسبتها ونشأتها:(48/4)
تنسب الطريقة التيجانية إلى أبي العباس أحمد بن محمد بن المختار التيجاني، المولود في قرية عين ماضي، في الجزائر سنة 1150هـ (1737م)، والمتوفى سنة 1230هـ (1815م). وكعادة زعماء الطرق الصوفية، ينسب التيجاني نفسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته، وزاد على الصوفية بذلك، إذ ادّعى أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم يقظة، فردّ عليه أن نسبه إلى الحسن بن علي صحيح( ).
وقد كان التيجاني في بادئ أمره منتمياً إلى الطريقة الخلوتية( )، إضافة إلى القادرية والناصرية، لكنه بعد أن درس علوم التصوف، والتقى بعدد من شيوخ الصوفية في أسفاره، ترك هذه الفرق، وأسس طريقة جديدة في سنة 1196هـ، وكان ذلك في قرية أبي سمعون في الجزائر، ثم ارتحل إلى مدينة فاس بالمغرب سنة 1213 هـ، واتخذها قاعدة لنشر دعوته، وبقي بها حتى مات( ).
ويدعي التيجانيون أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أسس هذه الطريقة! إذ يقولون أن التيجاني عندما رجع إلى قرية أبي سمعون واستوطن بها، وقع له فيها الفتح سنة 1196هـ، وأذن له الرسول صلى الله عليه وسلم في تلقين الخلق، وعيّن له الورد الذي يلقنه...( ). ومن المغرب العربي، انتشرت هذه الطريقة في أفريقيا بعد ذلك انتشار النار في الهشيم( ). ويسمي أتباع هذه الطريقة أنفسهم "الأحباب".
…من عقائدهم:
1- إيمانهم بعقيدة وحدة الوجود( ) الفاسدة، على نحو ما يؤمن به الصوفية، إذ يقول التيجاني: "كل ذرة في الكون هي مرتبة للحق سبحانه وتعالى..." ولا يكون هذا إلاّ لمن عرف وحدة الوجود، فيشاهد فيها الفصل والوصول بأن الكثرة عين الوحدة، والوحدة عين الكثرة"( ).
ويقول عبيدة الشنقيطي التيجاني، وهو من أكبر أعلام هذه الطريقة: "وحدة الوجود اعتقاد صحيح شرعاً، يقبله العقل السليم بالوهب الإلهي، والفيض الرحماني، وإن لم يدركه بالنظر الفكري، لغموضه، وكونه فوق طوره"( ).(48/5)
2- إيمانهم بالفناء( )، ومن ذلك قول التيجاني: "... ومتى وصل إلى محبة الذات أعني أنه يشم رائحة منها فقط، انتقل إلى الفناء مرتبة بعد مرتبة، فيكون أمره أولاً ذهولاً عن الأكوان ثم سكراً ثم غيبة وفناء مع شعوره بالفناء، ثم إلى فناء الفناء..."( ) .
3- ادعاؤهم أن أتباعهم يدخلون الجنة مهما عصوا، إذ ادّعى التيجاني أن من رآه دخل الجنة ولو كان كافراً، وأن جميع آبائه وأمهاته في الجنة، وجميع أتباعه. وقال: " وليس لأحد من الرجال أن يدخل كافة أصحابه الجنة بغير حساب ولا عقاب ولو عملوا الذنوب ما عملوا، وبلغوا من المعاصي ما بلغوا إلاّ أنا وحدي،..."( ) .
4- الدعوة إلى الاستعانة والاستغاثة بغير الله، إذ حفلت كتبهم بالحث على الاستغاثة بشيخهم التيجاني، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم( )، وقالوا: "وأما كيفية التوسل به رضي الله عنه وبجده صلى الله عليه وسلم، فهي أنك مهما أردت حاجة من حوائج الدنيا والآخرة فصلِّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة "الفاتح لما أغلق" مائة مرة، واهدِ ثوابها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قضاء الحاجة التي تريدها ثم تقول: يا رب توسلت إليك بجاه القطب الكامل سيدنا أحمد بن محمد التجاني، وجاهه عندك أن تعطيني كذا وكذا، وتسمي حاجتك بعينها عشراً"( ).
5- ادعاؤهم أن مشايخهم يعلمون الغيب، وأنهم ورثوا مفاتح الغيب من محمد صلى الله عليه وسلم إذ يقولون عن شيخهم التيجاني: "ومن كماله رضي الله عنه ونفوذ بصيرته الربانية، وفراسته النورانية التي ظهر مقتضاها في معرفة أحوال الأصحاب، وفي غيرها من إظهار مضمرات، وإخبار بمغيبات، وعلم بعواقب الحاجات، وما يترتب عليها من المصالح والآفات وغير ذلك من الأمور الواقعات"( ).(48/6)
6- الغلو في شيوخهم، وعلى رأسهم التيجاني، تغلوّاً كبيراً، إذ يقول التجاني عن نفسه: إن روحه صلى الله عليه وسلم، تمدّ الرسل والأنبياء، وتمدّ الأقطاب والعارفين، من الأزل إلى الأبد. وإذا جمع الله تعالى خلقه في الموقف، ينادي منادٍ بأعلى صوته، يسمعه كل من في الموقف: يا أهل المحشر! هذا إمامكم (أي التجاني) الذي كان مددكم منه، فكل ما فاض من ذوات الأنبياء، تتلقاه ذاتي (أي التجاني)، ومني يتفرق على جميع الخلائق. ويصفه تابع له بقوله: إذا توجه أغنى وأقنى. وقال آخر: لا يتلقى واحد من الأولياء فيضاً من حضرة نبي إلاّ بواسطته( ).
يقول الدكتور الحفني معلّقاً على ذلك : "ونعت التجاني لنفسه بأنه يغني ويقني (يفقر) ويعلم الغيب هو نعتٌ من نعوت الله: (وأنه هو أغنى وأقنى)( ) (عالِمُ الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلاّ من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا)( ). وصفات الإلهية والربانية لا يوصف بها البشر، وقوله يخرجه من دائرة الإسلام"( ).
من كراماتهم المزعومة:
1- دأبت كل طريقة صوفية على اعتبار شيخها أفضل الأولياء، وقد سارت التيجانية على هذا النهج، وبالغوا في الثناء على شيخهم التيجاني حتى أوصلوه إلى مرتبة الربوبية ـ عياذاً بالله ـ إذ رووا عنه قوله: "إن الفيوض التي تفيض من ذات سيد الوجود صلى الله عليه وسلم تتلقاها ذوات الأنبياء، وكل ما فاض وبرز من ذوات الأنبياء تتلقاه ذاتي، ومني يتفرق على جميع الخلائق من نشأة العالم إلى النفخ في الصور".
وقال عنه أتباعه: "لا يتلقى ولي فيضاً من الله تعالى إلاّ بواسطته رضي الله عنه من حيث لا يشعر به، ومدده الخاص به إنما يتلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم"( ).(48/7)
2- الادعاء بأن التيجاني أول من يدخل الجنة، هو وأصحابه وأتباعه، وأن الله شفّعه في جميع الناس الذين عاشوا في القرن الذي عاش فيه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطاه ذكراً يسمى "صلاة الفاتح" يفضل أي ذكر في الأرض ستين ألف مرة بما في ذلك القرآن الكريم( ).
3- دخول الجنة لمن رأى التيجاني يومي الاثنين والجمعة! يقول صاحب كتاب "الفتح الرباني": "ومن رآه رضي الله عنه يوم الاثنين أو يوم الجمعة يدخل الجنة بغير حساب ولا عقاب بضمانته صلى الله عليه وسلم، وكذلك من رآه في بقية أيام الجمعة (الأسبوع) ولكن يختص رائيه اليومين المذكورين بأن يسعد سعادة لا شقاوة بعدها، يعني أنه لا يراه في هذين اليومين إلاً من سبق في علمه تعالى أنه يكون سعيداً، ويدخل في ذلك الكافر"( ).
4- وقد حكى علي بن حرازم عن أولياء يملكون كلمة "التكوين"، فيقولون للشيء كن فيكون( ).
أذكارهم وأورادهم الخاصة:
للتيجانيين مجموعة كبيرة من الأوراد والأذكار المبتدعة، منها ما هو لازم لمن دخل الطريق، ومنها ما هو اختياري( ).
أولاً: الأوراد اللازمة: 1- الورد: ويقرأ صباحاً مساءً، وهو:
ـ استغفر الله (مائة مرة).
ـ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأي صيغة (مائة مرة).
ـ الكلمة المشرفة لا إله إلاّ الله (مائة مرة). ولا بد من الترتيب في الأوراد( ).
ويرى التجانيون أن هذا الورد هو طريق المريد للوصول بشيخه، وبالله عز وجل( ).
2- الوظيفة: وتقرأ في اليوم، مرة إما صباحاً وإما مساءً وهي:
ـ استغفر الله العظيم الذي لا إله إلاّ هو الحي القيوم (30 مرة).
ـ صلاة الفاتح لما أغلق( ) (50 مرة).
ـ لا إله إلاّ الله (100 مرة).
ـ جوهرة الكمال( ) (12 مرة).
3- ذكر الجمعة: بذكر "لا إله إلاّ الله" ساعة أو أكثر متصلة بغروب الشمس بعد صلاة العصر يوم الجمعة. ويشترط في هذا الذكر ما يشترط بجوهرة الكمال من الطهارة المائية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم - بزعمهم - يحضرها( ) .(48/8)
ثانياً: الأوراد الاختيارية:
وهي كثيرة جداً منها: ياقوتة الحقائق، الصلاة الغيبية، الحزب السيفي، حزب البحر، الأسماء الإدريسية، استغفار الخضر، صلاة رفع الأعمال، المسبعات العشر، دعاء في قوت القلوب. ويشترط فيها الإذن الخاص من الشيخ، أو من يقوم مقامه( ) .
أهم شخصياتهم:
إضافة إلى مؤسس هذه الفرقة التجاني، فقد برز منها:
1- علي حرازم المغربي الفاسي، وهو أكبر خلفاء التجاني في حياته وبعد مماته. قال عنه التيجاني في رسالة بعثها إلى أهل تلمسان: "هو عوض عن نفسي وخليفتي، وقد أقمته مقام نفسي في تلقين أورادي وإعطاء طريقتي وكذا علومي وما انطوت عليه حقيقتي، فهو مني وأنا منه".
وقد التقى ابن حرازم بالتجاني أول مرة في مدينة "وجدة" المغربية في سنة 1191هـ، وذلك عندما ارتحل التجاني من تلمسان إلى فاس، وقد لقنه الطريقة الخلوتية، قبل أن يبتدع طريقته الجديدة. وقد توفي ابن حرازم سنة 1217هـ.
وعلي حرازم هو مؤلف أهم كتب الطريقة التيجانية، وهو كتاب "جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التيجاني". وقد قرأه مؤلفه بعد جمعه، على شيخه أحمد التجاني، فأجازه في سائر ما فيه "وكتب له بخط يده المباركة أوله وآخره بذلك في مسجد الديوان، فجاء بحمد الله محفوفاً باليمن والإسعاد..."( ).
وكتاب" جواهر المعاني" يتحدث عن فضل شيخهم وصفاته وكراماته المزعومة... وبلغ من الأهمية بمكان عندهم أن زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي ألّفه إذ زعموا أنه صلى الله عليه وسلم قال: "كتابي هذا وأنا ألفته"( ).
2- محمد بن المشري. كان أول اجتماعه بالتجاني سنة 1188هـ، وقد لقنه التجاني الطريقة الخلوتية قبل أن يبتدع طريقته الجديدة. كما اتخذه إماماً في الصلاة حتى سنة 1208هـ.
ولما نبغ ابن المشري خشي التجاني أن ينافسه مشيخة الطريقة، فأمره بالخروج إلى الصحراء، كما فعل مع نظيره السابق علي حرازم.
من أهم مؤلفاته:(48/9)
- كتاب "الجامع لما افترق من العلوم الفائضة من القطب المكتوم".
- كتاب "نصرة الشرفاء في الرد على أهل الجفاء".
3- عمر الفوتي السنغالي، المتوفى سنة 1281هـ (1864م)
كانت له حروب ضد الوثنيين وعملاء الاستعمار في أفريقيا.
من مؤلفاته:
- كتاب "رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم" وتحدث فيه عن أمور شتى مثل تفضيل الذكر على سائر الطاعات، والأمور التي تزيد في الإيمان، والحث على الدخول في طريقتهم، وغير ذلك.
- كتاب سيوف السعيد.
- كتاب "سفينة السعادة".
4- أحمد سكيرج العياشي، المولود بفاس بالمغرب سنة 1295هـ، وقد تولى القضاء سنوات طويلة، كما أنه من أكثر التجانيين كتابة وتأليفاً، وبلغت مؤلفاته حوالي 140 مؤلفاً منها: "الكوكب الوهاج"، قدم الرسوخ فيما لمؤلفه من الشيوخ، "قرة العيون في الجواب عن الأسئلة المودعة خبيئة الكون"، "كشف الحجاب عمن تلاقى مع سيدي أحمد التيجاني من الأصحاب".
وقد توفي أحمد سكيرج في مدينة مراكش المغربية سنة 1363هـ (1944م).
5- محمد الحافظ التيجاني: شيخ الطريقة التجانية السابق في مصر، ولد سنة 1315هـ، وتوفي سنة 1398هـ. من مؤلفاته: الحق في الحق والخلق، قصد السبيل في الطريقة التجانية، التوفيق بين الطوائف المعاصرة في الأصول، شروط الطريقة التجانية( ) -. وقد أسس في عام 1370 هـ مجلة "طريق الحق"، لنشر الطريقة.
6- أحمد الحافظ التيجاني: شيخ الطريقة الحالي في مصر.
فروعها وانتشارها:
للطريقة التيجانية سلسلة واحدة تعود إلى المؤسس، وليس من حق أحد من الأتباع إعطاء العهد لأي واحد بعد ذلك( ). وتعتبر دول أفريقيا معقل هذه الطريقة، وخاصة المغرب والسنغال. وقد حلت طريقتهم هناك محل الطريقة القادرية.
وقد ساهم تنقل التجاني بين المغرب وتونس والجزائر، إلى نشرها في تلك البلدان، التي تشجع له بعض حكامها، وساهموا في رعايتها ونشرها.(48/10)
أما في أفريقيا السوداء، فيعود انتشار التجانية إلى جهود عمر الفوتي، الذي تم الإشارة إليه قبل قليل، والذي دخل في حروب مع الوثنيين وعملاء الاستعمار، والمستعمر الفرنسي، واستطاع تأسيس دولة في أفريقيا هي دولة سوكوتو( ) .
الباطنية يقتلون الأمير مودود في بيت المعبود
تعود بنا الذاكرة في هذه السطور إلى العام 507هـ/ 1113م، حيث قتل الباطنية الأمير مودود، الذي كان السبّاق لقتال الصليبيين في بلاد الشام، واشتهر رحمه الله بأنه كان "دينّناً عادلاً كثير الخير".
ولم تكن تلك المرة الأولى التي يقدم فيها الباطنية من فرقة الإسماعيلية على قتل علماء المسلمين وأمرائهم ومصلحيهم، ففي سنة 485هـ أقدم الباطنية من الحشاشين الإسماعيلية على قتل الوزير نظام الملك، الذي كان له الدور الكبير في الحفاظ على دولة الخلافة العباسية من المؤامرات الباطنية، وعمل على نشر مذهب أهل السنة والجماعة، والعلوم الشرعية.
وفي سنة 571هـ حاول الباطنية اغتيال السلطان صلاح الدين الأيوبي، الذي كان قد أنهى حينها الدولة العبيدية الفاطيمة الشيعية التي جثمت على صدور المسلمين عدة قرون، كما كان السلطان في تلك الفترة منهمكاً بقتال الصليبيين.
وجاء قتل الأمير مودود بين تلك الجريمة، وتلك المحاولة ليؤكد على الأسلوب الذي انتهجته الباطنية بقتل أمراء أهل السنة وعلمائهم، ظناً منهم بأن هذا الأسلوب كفيل بالقضاء على مذهب ودعوة أهل السنة.… …وفي سنة 502هـ تولى الأمير مودود بن التونتكين ولاية الموصل، وكانت بلاد الشام القريبة من ولاية الموصل تعيش أجواء الحملة الصليبية الأولى التي بدأت سنة 489هـ عندما خشي الصليبيون أن يعود المسلمون إلى قوتهم في أعقاب ما حققوه من انتصارات في معركة ملاذ كرد سنة 463هـ بقيادة ألب أرسلان السلجوقي، وفي معركة الزلاقة في الأندلس سنة 479هـ بقيادة يوسف بن تاشفين.(48/11)
ولكن بعض العوامل أدت إلى ضعف دولة السلاجقة، ودخول بعض القبائل البربرية في النصرانية، وتحقيق الإمارات الإيطالية بعض الانتصارات على أمراء البحر المسلمين الذين كانوا يعيقون عمل السفن الإيطالية في البحر المتوسط، الأمر الذي جعل البابا إيربان الثاني يشعر بأن الظروف مواتية لغزو بلاد المسلمين واحتلال أراضيهم، خاصة بلاد المقدس، وبعد النفوذ الذي حصل عليه إيربان بعد اختياره بابا لروما سنة 481هـ.
دعا إيربان إلى اجتماع لرجال الدين سنة 489هـ في كليرمونت بفرنسا، ودعا إلى الحرب الصليبية، وطالب الأمراء بترك الخلافات القائمة بينهم، وقدّم لهم الصليب، وجعل مبرراً لهذه الحرب ما يقوم به السلاجقة من مضايقة للحجاج النصارى الذين يريدون بيت المقدس، وطلب أن يحتل النصارى بيت المقدس.……
وساهم بهذه الدعوة بطرس الناسك الفرنسي، وسار بجموع المتطوعين، وسبق جيوش الأمراء النصارى النظامية، وأخذوا يسببون الفوضى والدمار لكل المناطق التي مرّوا عليها، حتى النصرانية منها... وعندما وصلوا إلى بلاد المسلمين أحرقوا الأخضر واليابس وعاثوا في الأرض فساداً، فتصدى لهم السلاجقة في نيقية (جنوب تركيا) فأفنوهم عن بكرة أبيهم سنة 489.
وفي هذه الأثناء بدأت حملة أمراء الجيوش النظامية، فاتجه بعضهم إلى الرها (شمال العراق) واحتلوها وأسسوا بها إمارة نصرانية، وسار باقي القادة إلى أنطاكيا (شمال غرب سوريا)، فدخلوها عنوة سنة 491، بعد حصار دام سبعة أشهر، وقتلوا من أهلها أكثر من عشرة آلاف، وارتكبوا أبشع الجرائم، ثم اتجهوا بعدها نحو بيت المقدس.
فسار لقتالهم كربوقا صاحب الموصل، ودقاق صاحب دمشق، وجناح الدولة صاحب حمص، غير أن الصليبيين قد انتصروا عليهم، ودخلوا معرّة النعمان (بين حلب وحماة)، ووصلوا إلى بيت المقدس في عام 492 وقتلوا من أهلها أكثر من سبعين ألفاً، وخاضت خيولهم ببحر من الدماء.(48/12)
وكان العبيديون الفاطميون قد استغلوا تقدم الصليبيين من الشمال، فتقدموا هم من الجنوب، وكانوا قد دخلوا القدس، وطردوا السلاجقة منها، قبل وصول الصليبيين، وجرت مفاوضات بين العبيديين، وبين الصليبيين على أن يكون شمال بلاد الشام للصليبيين، وجنوبها للعبيديين، ثم نقض الصليبيون العهد عندما شعروا بالنصر.
وبسيطرة الصليبيين على بيت المقدس، ارتفعت معنويات سكان الإمارات الإيطالية، فبدأت سفنهم تجوب أطراف البحر المتوسط، وتقدم المساعدات والدعم للصليبيين، فاستطاعوا أن يأخذوا حيفا وقيسارية سنة 494، وعكا سنة 497، وطرابلس 503هـ بعد حصار سنتين، كما أخذوا جبلة في العام نفسه، وصيدا في العام التالي. وحاصروا صور عام 505 وكانت بيد العبيديين، فأمدّهم طغتكين صاحب دمشق، الذي سيبرز هو ومودود كأبرز قادة الجهاد ضد الصليبيين في تلك الفترة، بالمؤن والمساعدات، فلم يستطع الصليبيون احتلال مدينة صور.
والدور المشبوه الذي لعبه العبيديون في بداية الحروب الصليبية، يحتاج إلى وقفة، فقد أرسل بدر الجمالي، وزير المستعلي العبيدي، سنة 490هـ، سفارة من قبله إلى قادة الحملة الصليبية الأولى تحمل عرضاً خلاصته ـ كما ذكرنا ـ أن يتعاون العبيديون والصليبيون للقضاء على دول السلاجقة في بلاد الشام، وأن تقسم البلاد بينهما، بحيث يكون القسم الشمالي من الشام للصليبيين، في حين يحتفظ العبيديون بفلسطين.
ولمّا قام الأمير كربوق، صاحب الموصل آنذاك من قبل السلاجقة، بتجهيز قوة لمنع سقوط أنطاكيا بيد الصليبيين، وقف العبيديون موقف المتفرج، ولم يكتفوا بذلك، بل استغلوا الفرصة، وسيّروا جيشاً إلى بيت المقدس الذي كان بيد السلاجقة، وحاصروه ونصبوا عليه أكثر من أربعين منجنيقاً حتى تهدمت أسواره، وسيطروا عليه.(48/13)
وإزاء ما حلّ بالمسلمين من نكبات في بلاد الشام بسبب الحملة الصليبية، خرج الناس من الشام إلى بغداد لاستثارة الخليفة العباسي، والسلطان السلجوقي محمد ملكشاه، لكن المسلمين حينها كانوا في وضع لا يحسدون عليه، فالخلافة تعاني الضعف، والخلافات تدب في البيت السلجوقي، ومؤامرات العبيديين تحاك ضد المسلمين، حتى قال الإمام ابن كثير واصفاً ذلك الضعف: "... وخرج أعيان الفقهاء يحرضون الناس والملوك على الجهاد فلم يفسد ذلك شيئاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون".
لكن ذلك الضعف والتفكك لم يمنع الكثير من المحاولات الجادّة لمحاربة الصليبيين في تلك الفترة، وقد انتصر المسلمين في بعض المعارك، وقد أشرنا إلى أن أولى تلك المعارك التي انتصر بها السلاجقة سنة 489هـ في قونية، في عهد السلطان ركن الدين أبي المظفر ابن ملكشاه.
وبرز اسم أمير الموصل مودود كأحد قادة الجهاد ضد الصليبيين، إلى جانب طغتكين صاحب دمشق، فقد كان لهما همة عالية وجهد كبير في محاربة الحملة الصليبية الأولى، فقد ذكرنا أن طغتكين زوّد العبيديين بالمؤن والمساعدات في صور كي لا تسقط في يد الصليبيين، وكان من أسباب صمودها بحمد الله.
كما أنه أغار في سنة 499هـ على بلاد الجليل في شمال فلسيطين.
أما مودود، فيقول فيه ابن الأثير "وكان خيّراً عادلاً كثير الخير" وقد كان سبّاقاً لقتال الصليبيين لولا خذلان بعض الأمراء له، الأمر الذي جعله يترك العمل مع هؤلاء الأمراء، ويتوجه للعمل مع أمير دمشق طغتكين ويتفق معه على حرب الصليبيين في الشام، ففي سنة 505هـ أغار مودود على الصليبيين، وفي العام التالي سار إلى جهات طبريا، وأغار على مدينة طبريا. وقبل ذلك كان يجمع جنوده في إمارة الرها، وخرب الكثير من بلاد الأرمن الساكنين هناك، الذين كانوا يعانون الصليبيين القادمين من أوروبا، وأسر عدداً من جنود الصليبيين.(48/14)
وفي بداية سنة 507هـ كان مودود وطغتكين يقودان معركة حاسمة ضد الصليبيين في طبريا، يروي ابن الأثير في "الكامل" بعض أحداثها، فيقول: "في هذه السنة (أي 507هـ) اجتمع المسلمون وفيهم الأمير مودود بن التونتكين صاحب الموصل، وتميرك صاحب سنجار، والأمير أياز بن أيلغازي، وطغتكين صاحب دمشق.
وكان سبب اجتماع المسلمين أن ملك الفرنج بغدوين تابع الغارات على بلد دمشق، فغلت الأسعار فيها، وقلّت الأقوات، فأرسل طغتكين صاحبها إلى الأمير مودود يشرح له الحال، ويستنجده ويحثه على الوصول إليه، فجمع عسكراً، وسار فعبر الفرات آخر ذي القعدة سنة ست وخمسمائة، فخافه الفرنج.
وسمع طغتكين خبره، فسار إليه، ولقيه بسلميّة، واتفق رأيهم على قصد بغدوين ملك القدس، فساروا إلى الأردن، فنزل المسلمون عند الأقحوانة، ونزل الفرنج مع ملكهم بغدوين، وجوسلين صاحب جيشهم، وغيرهما من المقدمين والفرسان المشهورين ودخلوا بلاد الفرنج مع مودود، وجمع الفرنج فالتقوا عند طبرية ثالث عشر المحرم، واشتد القتال وصبر الفريقان".
ويتحدث ابن الأثير عن نتائج هذه المعركة فيقول: "ثم إن الفرنج انهزموا، وكثر القتل فيهم والأسر، وممن أسر ملكهم بغدوين فلم يعرف، فأخذ سلاحه، وأطلق فنجا، وغرق منهم في بحيرة طبرية ونهر الأردن كثير، وغنم المسلمون أموالهم وسلاحهم، ووصل الفرنج إلى مضيق دون طبرية، فلقيهم عسكر طرابلس وأنطاكية، فقويت نفوسهم بهم، وعاودوا الحرب، فأحاط بهم المسلمون من كل ناحية، وصعد الفرنج إلى جبل غرب طبرية فأقاموا به ستة وعشرين يوماً، والمسلمون بإزائهم يرمونهم بالنشاب فيصيبون من يقرب منهم ومنعوا الميرة عنهم لعلهم يخرجون إلى قتالهم، فلم يخرج منهم أحد، فسار المسلمون إلى بيسان ونهبوا بلاد الفرنج بين عكا إلى القدس، وخربوها وقتلوا من ظفروا به من النصارى".(48/15)
لكن لبعد جيوش المسلمين عن بلادهم، وانقطاع المادة عنهم، أذن مودود للعساكر في العودة والاستراحة ثم الاجتماع في الربيع لمعاودة الغزاة.
وإذا كان بداية هذا العام (507هـ) قد شهد انتصاراً مدوياً للمسلمين بقيادة مودود على الصليبيين وملكهم بغدوين، فما هي إلاّ أيام وأسابيع قلائل حتى شهد ربيع الأول من ذلك العام مأساة قتل الأمير مودود على يد أتباع الباطنية، إذ دخل مودود في الحادي والعشرين من ربيع الأول من ذلك العام دمشق ليقيم عند أميرها طغتكين إلى الربيع، فدخل الجامع الأموي في ذلك اليوم لأداء صلاة الجمعة، هو وطغتكين، فلما فرغوا من الصلاة، وخرج مودود إلى صحن الجامع ويده في يد طغتكين "وثب عليه باطني فضربه، فجرحه أربع جراحات، وقتل الباطني وأخذ رأسه، فلم يعرفه أحد، فأحرق".
وكان مودود رحمه الله يوم طُعن صائماً، فحمل إلى دار طغتكين، وحاولوا أن يجعلوه يفطر كي يسهل علاجه، فرفض، وقال "لا لقيت الله إلاّ صائماً" فمات من يومه رحمه الله.
وفي تفسيره لجريمة قتل مودود يقول ابن الأثير: "فقيل إن الباطنية بالشام خافوه وقتلوه، وتابعه ابن كثير في "البداية والنهاية" إذ يقول" "... فظفر باطني على مودود فقتله رحمه الله، وهكذا نفذ الباطنية الإسماعيلية ما كانوا يصبون إليه من قتل علماء المسلمين ومجاهديهم، ولم يكن مودود أولهم ولا آخرهم.
ومن الأمور العجيبة في هذه الجريمة أن ملك الفرنجة بغدوين لمّا وصله خبر قتل مودود، أرسل رسالة إلى طغتكين جاء فيها: "إن أمة قتلت عميدها يوم يعدها في بيت معبودها، لحقيق على الله أن يبيدها".
للاستزادة:
1- "الكامل في التاريخ" - ابن الأثير الجزء التاسع.
2- "البداية والنهاية" - الإمام ابن كثير الجزء الثاني عشر.
3- "الحركات الباطنية في العالم الإسلامي" ـ د. محمد الخطيب ص 446.
4- "التاريخ الإسلامي" (الدولة العباسية ـ الجزء السادس) محمود شاكر.
5- "أطلس تاريخ الإسلام" ـ د. حسين مؤنس ص 267.(48/16)
6- "خيانات الشيعة وأثرها في هزائم الأمة الإسلامية" ـ د. عماد علي عبد السميع ص 115.
مواقف العلماء والمفكرين من الشيعة
-23-
[هذه سلسلة من البحوث كتبها مجموعة من المفكرين والباحثين عن عقيدة وحقيقة مذهب الشيعة من خلفيات متنوعة ومتعددة ، نهدف منها بيان أن عقائد الشيعة التي تنكرها ثابتة عند كل الباحثين، ومقصد آخر هو هدم زعم الشيعة أن السلفيين أو الوهابيين هم فقط الذين يزعمون مخالفة الشيعة للإسلام. الراصد].
الدكتور محمد حسين الذهبي
وهو من علماء مصر والأزهر، وتولى وزارة الأوقاف المصرية ومن أهم كتبه كتاب "التفسير والمفسرون" وهو الذي اعتمدنا عليه في بيان موقفه من الشيعة.
كلمة إجمالية عن الشيعة وعقائدهم (ص3/2):
الشيعة في الأصل، هم الذين شايعوا عليا وأهل بيته ووالوهم، وقالوا: إن عليا هو الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الخلافة حق له، استحقها بوصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي لا تخرج عنه في حياته، ولا عن أبنائه بعد وفاته، وإن خرجت عنهم فذلك يرجع إلى واحد من أمرين:
أحدهما: أن يغتصب غاصب ظالم هذا الحق لنفسه.
ثانيهما: أن يتخلى صاحب الحق عنه في الظاهر، تقية منه، ودرءاً للشر عن نفسه وعن أتباعه.
وهذا المذهب الشيعي، من أقدم المذاهب الإسلامية، وقد كان مبدأ ظهوره في آخر عهد عثمان رضي الله عنه( ) ثم نما واتسع على عهد علي رضي الله عنه؛ إذ كان كلما اختلط رضي الله عنه بالناس تملكهم العجب، واستولت عليهم الدهشة، مما يظهر لهم من قوة دينه، ومكنون علمه، وعظيم مواهبه، فاستغل الدعاة كل هذا الإعجاب وأخذوا ينشرون مذهبهم بين الناس.
ثم جاء عصر بني أمية وفيه وقعت المظالم على العلويين، ونزلت بهم محن قاسية، أثارت كامن المحبة لهم، وحركت دفين الشفقة عليهم، ورأى الناس في علي وذريته شهداء هذا الظلم الأموي، فاتسع نطاق هذا المذهب الشيعي وكثر أنصاره.(48/17)
ويظهر لنا أن هذا الحب لعلي وأهل بيته، وتفضيلهم على من سواهم، ليس بالأمر الذي جد وحدث بعد عصر الصحابة، بل وجد من الصحابة من كان يحب عليا ويرى أنه أفضل من سائر الصحابة، وأنه أولى بالخلافة من غيره، كعمار بن ياسر، والمقداد بن الأسود، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وجابر بن عبد الله... وغيرهم كثير.
غير أن هذا الحب والتفضيل لم يمنع أصحابه من مبايعة الخلفاء الذين سبقوا عليا رضي الله عنه؛ لعلمهم أن الأمر شورى بينهم، وأن صلاح الإسلام والمسلمين لا بد له من شمل متحد وكلمة مجموعة، كما أن الأمر لم يصل إلى القول بالمبدأ الذي تكاد تتفق عليه كلمة الشيعة، ويرونه قوام مذهبهم وعقيدتهم وهو "أن الإمامة ليست من مصالح العامة التي تفوض إلى نظر الأمة، ويعين القائم بها بتعيينهم، بل هي ركن الدين وقاعدة الإسلام، ولا يجوز للنبي إغفاله ولا تفويضه إلى الأمة، بل يجب عليه تعيين الإمام لهم، ويكون معصوما من الكبائر والصغائر، وأن عليا رضي الله عنه، هو الذي عينه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه"( ).
لم يكن الشيعة جميعاً متفقين في المذهب، والعقيدة، بل تفرقت بهم الأهواء فانقسموا إلى فرق عدة، يرجع أساس اختلافها وانقسامها إلى عاملين قويين، كان لهما كل الأثر تقريبا في تعدد فرق الشيعة وتفرق مذاهبهم:
أولهما: اختلافهم في المبادئ والتعاليم، فمنهم من تغالى في تشيعه وتطرف فيه إلى حد جعله يلقي على الأئمة نوعا من التقديس والتعظيم، ويرمي كل من خالف عليا وحزبه بالكفر. ومنهم من اعتدل في تشيعه فاعتقد أحقية الأئمة بالإمامة وخطأ من خالفهم، ولكن ليس بالخطأ الذي يصل بصاحبه إلى درجة الكفر.(48/18)
وثانيهما: الاختلاف في تعيين الأئمة، وذلك أنهم اتفقوا جميعاً على إمامة علي رضي الله عنه، ثم على إمامة ابنه الحسن من بعده. ثم على إمامة الحسين من بعد أخيه. ولما قتل الحسين على عهد يزيد بن معاوية تعددت وجهة نظر الشيعة فيمن يكون الإمام بعد الحسين رضي الله عنه: ففريق يرى أن الخلافة بعد قتل الحسين انتقلت إلى أخيه من أبيه، محمد بن علي، المعروف بابن الحنفية، فبايعوه بها.
وفريق ثان، يرى حصر الإمامة في ولد علي من فاطمة، وقد أصبحت بعد قتل الحسين حقا لأولاد الحسن؛ لأنه أكبر أخوته فلا يؤثر بها غير أولاده، وهم ينتظرون كبرهم ليبايعوا أرشدهم.
وفريق ثالث، يرى ما يراه الفريق الثاني من حصرها في ولد علي من فاطمة، غاية الأمر أنه يقول: إن الحسن قد تنازل عنها فسقط حق أولاده فيها، وبقيت الإمامة لأولاد الحسين الذي قتل من أجلها فهم أولى بالانتظار.
بلغ عدد الفرق التي انقسم إليها الشيعة حداً كبيراً من الكثرة، منها من تغالى في تشيعه وتجاوز بمعتقداته حد العقل، والإيمان، ومنها من اعتدل في تشيعه فلم تبالغ كما بالغ غيرها.
الإمامية الإثنا عشرية (ص7/2):
أما الإمامية الإثنا عشرية، فيرون أن الإمامة بعد جعفر الصادق انتقلت إلى ابنه موسى الكاظم، ثم إلى ابنه علي الرضا، ثم إلى ابنه محمد الجواد، ثم إلى ابنه علي الهادي، ثم إلى ابنه الحسن العسكري، ثم إلى ابنه محمد المهدي المنتظر وهو الإمام الثاني عشر، ويزعمون أنه دخل سرداباً في دار أبيه بـ "سر من رأى" ولم يعد بعد، وأنه سيخرج في آخر الزمان، ليملأ الدنيا عدلا وأمناً، كما ملئت ظلماً وخوفاً.
وهؤلاء قد جاوزوا الحد في تقديسهم للأئمة، فزعموا: أن الإمام له صلة روحية بالله كصلة الأنبياء. وقالوا: إن الإيمان بالإمام جزء من الإيمان بالله، وأن من مات غير معتقد بالإمام فهو ميت على الكفر، وغير ذلك من اعتقاداتهم الباطلة في الأئمة.
أشهر تعاليم الإمامية الإثنى عشرية:(48/19)
وأشهر تعاليم الإمامية الإثنى عشرية أمور أربعة: العصمة، والمهدية، والرجعة، والتقية.
أما العصمة: فيقصدون منها أن الأئمة معصومون من الصغائر والكبائر في كل حياتهم، ولا يجوز عليهم شيء من الخطأ والنسيان.
وأما المهدية: فيقصدون منها الإمام المنتظر الذي يخرج في آخر الزمان فيملأ الأرض أمنا وعدلا، بعد أن ملئت خوفاً وجوراً. وأول من قال بهذا هو كيسان مولى علي بن أبي طالب في محمد بن الحنفية. ثم تسربت إلى طوائف الإمامية، فكان لكل منها مهدي منتظر( ).
وأما الرجعة: فهي عقيدة لازمة لفكرة المهدية، ومعناها: أنه بعد ظهور المهدي المنتظر، يرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا، ويرجع علي، والحسن، والحسين، بل وكل الأئمة، كما يرجع خصومهم، كأبي بكر وعمر، فيقتص لهؤلاء الأئمة من خصومهم، ثم يموتون جميعا، ثم يحيون يوم القيامة.
وأما التقية: فمعناها المداراة والمصانعة، وهي مبدأ أساسي عندهم، وجزء من الدين يكتمونه عن الناس، فهي نظام سري يسيرون على تعاليمه، فيدعون في الخفاء لإمامهم المختفي ويظهرون الطاعة لمن بيده الأمر، فإذا قويت شوكتهم أعلنوها ثورة مسلحة في وجه الدولة القائمة الظالمة.
هذه هي أهم تعاليم الإمامية الاثنى عشرية، وهم يستدلون على كل ما يقولون ويعتقدون بأدلة كثيرة، غير أنها لا تسلم لهم، ولا تثبت مدعاهم. ونحن نمسك عنها وعن ردها خوف الإطالة، وسيمر بك ـ إن شاء الله تعالى ـ شيء من ذلك.
موقف الإمامية الإثنى عشرية من تفسير القرآن الكريم (ص23/2):
للإمامية الإثنى عشرية معتقدات يدينون بها، وينفردون بها عمن عداهم من طوائف الشيعة. وهم حين يعتقدون هذه المعتقدات لا بد لهم ـ ما داموا يقرون بالإسلام ويعترفون بالقرآن ولو بوجه ما ـ أن يقيموا هذه العقائد على دعائم من نصوص القرآن الكريم، وأن يدافعوا عنها بكل ما يمكنهم من سلاح الجدل وقوة الدليل.
موقفهم من الأئمة وأثر ذلك في تفسيرهم:(48/20)
وإذا نحن استعرضنا هذه المعتقدات وجدنا أن أهمها يدور حول أئمتهم، فهم يلقون على الأئمة نوعا من التقديس والتعظيم، ويرون أن الأئمة (أركان الأرض أن تميد بأهلها، وحجة الله البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى)( ). ويرون أن الإمامة (زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعز المؤمنين)( ).
ولما كان الإمام عندهم فوق أن يحكم عليه، وفوق الناس في طينته وتصرفاته، فإنا نراهم يعتقدون بأن له صلة روحية بالله تعالى كتلك الصلة التي للأنبياء والرسول، وأنه مشرع ومنفذ، وأن الله قد فوض النبي والإمام في الدين، ويروون عن الصادق أنه قال: (إن الله خلق نبيه على أحسن أدب وأرشد عقل، ثم أدب نبيه فأحسن تأديبه فقال: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين( )".
ثم أثنى عليه فقال: (وإنك لعلى خلق عظيم( )) ثم بعد ذلك فوض إليه دينه، وفوض إليه التشريع فقال: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا( )" و "من يطع الرسول فقد أطاع الله( )".
الله فوض دينه إلى نبيه. ثم أن نبي الله فوض كل ذلك إلى علي وأولاده، سلمتم وجحده الناس، فوالله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا وأن تصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله، وما جعل الله لأحد خيراً في خلاف أمرنا( )).(48/21)
وحيث إن الله تعالى خلق النبي وكل إمام بعده على أحسن أدب وأرشد عقل، فلا يختار النبي ولا الإمام إلا ما فيه صلاح وثواب، ولا يخطر بقلب النبي ولا بقلب الإمام ما يخالف مشيئة الله وما يناقض مصلحة الأمة. فيفوض الله تعيين بعض الأمور إلى رأي النبي ورأي الإمام مثل الزيادة في عدد ركعات الفرض ومثل تعيين النوافل من الصلاة والصيام، وذلك إظهار لكرامة النبي والإمام، ولم يكن أصل التعيين إلا بالوحي، ثم لم يكن الاختيار إلا بالإلهام، وله في الشرع شواهد: حرم الله الخمر، وحرم النبي كل مسكر فأجازه الله، وفرض الله الفرائض ولم يذكر الجد، فجعل النبي للجد السدس، وكان النبي يبشر ويعطي الجنة على الله ويجيزه الله.
وأيضا فوض الله للنبي والأئمة من بعده أمور الخلق، وأمور الإدارة والسياسة من التأديب والتكميل والتعليم, وواجب على الناس طاعتهم في كل ذلك. قالوا: وهذا حق ثابت دلت الأخبار عليه.
وأيضا فوضهم الله تعالى في البيان، بيان الأحكام والإفتاء وتفسير آيات القرآن وتأويلها، ولهم أن يبينوا ولهم أن يسكتوا، ولهم فوق ذلك البيان كيفما أرادوا وعلى أي وجه شاءوا تَقيّة منهم وعلى حسب الأحوال والمصلحة.
والتفويض بهذا المعنى يدعون أنه حق ثابت لهم، والأخبار ناطقة به وشاهدة عليه. يقول صاحب الكافي (سأل ثلاثة من الناس الصادق عن آية واحدة في كتاب الله فأجاب كل واحد بجواب، أجاب ثلاثة بأجوبة ثلاثة، واختلاف الأجوبة في مسألة واحدة كان يقع إما على سبيل التقية وإما على سبيل التفويض( )).
وهناك نوع آخر من التفويض يثبتونه للنبي والأئمة، ذلك هو أن النبي أو الإمام له أن يحكم بظاهر الشريعة، وله أن يترك الظاهر ويحكم بما يراه وما يلهمه الله من الواقع وخالص الحق في كل واقعة، كما كان لصاحب موسى في قصة الكهف، وكما وقع لذي القرنين( ).(48/22)
ثم كان من توابع هذه العقيدة التي يعتقدونها في أئمتهم أن قالوا بعصمة الأئمة، وقالوا بالمهدي المنتظر، وقالوا بالرجعة، وقالوا بالتقية، وهذه كلها عقائد رسخت في أذهانهم وتمكنت من عقولهم، فأخذوا بعد هذا ينظرون إلى القرآن الكريم من خلال هذه العقائد ففسروا القرآن وفقاً لهواهم، وفهموا نصوصه وتأولوها حسبما تمليه عليهم العقيدة ويزينه لهم الهوى، وهذا تفسير بالرأي المذموم، تفسير من اعتقد أولا، ثم فسر ثانياً بعد أن اعتقد.
تأثر الإمامية الإثنى عشرية بآراء المعتزلة وأثر ذلك في تفسيرهم:
وهذا وإن الإمامية الإثنى عشرية لهم في نصوص القرآن التي تتصل بمسائل علم الكلام نظرة تتفق إلى حد كبير مع نظرة المعتزلة إلى هذه النصوص نفسها ولم يكن بينهم وبين المعتزلة خلاف إلا في مسائل قليلة، ويظهر أن هذا الارتباط الوثيق الذي كان بين الفريقين راجع إلى تتلمذ الكثير من شيوخ الشيعة وعلمائهم لبعض شيوخ المعتزلة، كما يظهر لنا جليا أن هذا الارتباط في التفكير شيء قديم غير جديد، فالحسن العسكري، والشريف المرتضى، وأبو علي الطبرسي، وغيرهم من قدماء الشيعة، ينظرون هذه النظرة الاعتزالية في تفاسيرهم التي بأيدينا، والتي تعرضنا لبعضها وسنعرض لبعضها الآخر قريبا.
بل إننا نجد الشريف المرتضى في "أماليه" يحاول محاولة جدية أنه يجعل عليا رضي الله عنه معتزليا أو رأس المعتزلة على الأصح( ). وليس من شك في أن هذه النظرات الاعتزالية كان لها أثر كبير في تفسيرهم، وستقف على شيء من ذلك إن شاء الله تعالى.
تأثرهم بمذاهبهم الفقهية والأصولية في تفاسيرهم:
ثم إن الشيعة لهم في الفقه وأصوله آراء خالفوا بها من سواهم. فمثلا نجدهم يذكرون أن أدلة الفقه أربعة وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع؛ ودليل العقل. أما الكتاب فلهم رأي فيه سنعرض له فيما بعد.
وأما السنة فهم غير أمناء ولا ملتزمين بما صح منها، وسنعرض لها فيما بعد أيضاً.(48/23)
وأما الإجماع فليس حجة بنفسه، وإنما يكون حجة إذا دخل الإمام المعصوم في المجمعين، أو كان الإجماع كاشفاً عن رأيه في المسألة، أو كان الإجماع عن دليل معتبر؛ فهو في الحقيقة داخل في الكتاب أو السنة. وأما دليل العقل عندهم فلا يدخل فيه القياس، ولا الاستحسان، ولا المصالح المرسلة، لأن ذلك كله ليس حجة عندهم( ).
وفي الفقه لهم مخالفات يشذون بها. فمثلا تراهم يقولون: إن فرض الرجلين في الوضوء هو المسح دون الغسل، ولا يجوزون المسح على الخفين، وجوزوا نكاح المتعة، وجوزا أن تورث الأنبياء، ولهم مخالفات في نظام الإرث، كإنكارهم للعول مثلا، ولهم مخالفات كثيرة غير ذلك في مسائل الاجتهاد.
لهذا كان طبيعياً أن يقف الإمامية الإثنا عشرية من الآيات التي تتعلق بالفقه وأصوله موقفاً فيه تعصب وتعسف، حتى يستطيعوا أن يخضعوا هذه النصوص ويجعلوها أدلة لآرائهم ومذاهبهم، كما كان طبيعياً، أن يتأولوا ما يعارضهم من الآيات والأحاديث، بل ووجدناهم أحياناً يزيدون في القرآن ما ليس منه ويدعون أنه قراءة أهل البيت، وهذا إمعان منهم في اللجاج، وإغراق في المخالفة والشذوذ.
احتيالهم على تركيز عقائدهم وترويجها:
ويظهر لنا أن الإمامية الاثنى عشرية لم يجدوا في القرآن كل ما يساعدهم على أغراضهم وميولهم، فراحوا:
أولا- يدعون أن القرآن له ظاهر وباطن بل وبواطن كثيرة، وأن علم جميع القرآن عند الأئمة، سواء في ذلك ما يتعلق بالظواهر وما يتعلق بالبواطن، وحجروا على العقول فمنعوا الناس من القول في القرآن بغير سماع من أئمتهم.
وراحوا - ثانياً - يدعون أن القرآن وارد كله أو جله في أئمتهم ومواليهم، وفي أعدائهم ومخالفيهم كذلك.
وراحوا - ثالثاً - يدعون أن القرآن حرّف وبدل عما كان عليه زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكل هذا لا أعتقد إلا أنه من قبيل الاحتيال على تركيز عقائدهم وإيهام الناس أنها مستقاة من القرآن الذي هو المنبع الأساسي والأول للدين.(48/24)
وأعجب من هذا، أنهم أخذوا يموهون على الناس، ويغرون العامة بما وضعوه من أحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أهل بيته، وطعنوا على الصحابة إلا نفراً قليلا منهم، ورموهم بكل نقيصة في الدين؛ ليجدوا لأنفسهم من وراء ذلك ثغرة يخرجون منها عندما تأخذ بخناقهم الأحاديث الصحيحة التي يرويها هؤلاء الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويحسن بنا ألا نمر سراعا على هذه النقط الأربعة بالذات، بل علينا أن نقف أمامها وقفة طويلة ودقيقة حتى نستطيع أن نقف على مدى هذه الأوهام والدعاوى التي كان لها أكبر الأثر في اتجاه التفسير عند الإمامية الإثنى عشرية، فنقول وبالله التوفيق:
1ـ ظاهر القرآن وباطنه:
يقول الإمامية الاثنا عشرية: إن القرآن له ظاهر وباطن. وهذه حقيقة نقرهم عليها ولا نعارضهم فيها بعدما صح لدينا من الأحاديث التي تقرر هذا المبدأ في التفسير( ).
غاية الأمر أن هؤلاء الإمامية لم يقفوا عند هذا الحد، بل تجاوزوا إلى القول بأن للقرآن سبعة وسبعين باطناً، ولم يقتصروا على ذلك بل تمادوا وادعوا أن الله تعالى جعل ظاهر القرآن في الدعوة إلى التوحيد والنبوة والرسالة، وجعل باطنه في الدعوة إلى الإمامة والولاية وما يتعلق بهما.
حرصهم على التوفيق بين ظاهر القرآن وباطنه:
ولقد كان من أثر هذا الرأي في القرآن، أن اشتد حرص هؤلاء القائلين به على أن يعقدوا صلة بين المعاني الظاهرة والمعاني الباطنة للقرآن، ويعملوا بكل ما في وسعهم وطاقتهم على إيجاد مناسبة بينهما حتى يقرّبوا هذا المبدأ من عقول الناس ويجعلوه أمراً سائغاً مقبولا.(48/25)
من أمثلة هذا التوفيق والربط بين ظاهر القرآن وباطنه، قوله تعالى في الآية (15) من سورة محمد عليه السلام "مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات." فهم يقرون أن هذا الظاهر مراد الله تعالى، ومراد له مع هذا الظاهر معنى آخر باطني هو علوم الأئمة عليهم السلام، ويقولون: إن الجامع بين المعنيين هو الانتفاع بكل منهما وبمثل هذا يوفقون بين المعاني الظاهرة والباطنة، حتى لا يكون مستبعدا إرادة الله لمعنى خاص بحسب ما يدل عليه ظاهر اللفظ، وإرادته لمعنى آخر بحسب ما يدل عليه باطن الأمر.
حملهم الناس على التسليم بما يدعون من المعاني الباطنة للقرآن:
وكأني بالإمامية الاثنى عشرية بعد أن ربطوا بين ظاهر القرآن وباطنه، وجمعوا بينهما بجامع التناسب والتشابه... كأني بهم يعتقدون أن مثل هذا الربط لا يكفي في حمل الناس على أن يذهبوا مذهبهم هذا، فحاولوا أن يحملوهم عليه من ناحية العقيدة والإرهاب الديني، الذي يشبه الإرهاب الكنسي للعامة في العصور المظلمة، من حمل الناس على ما يوحون به إليهم بعد أن حظروا عليهم إعمال العقل، وحالوا بينهم وبين حريتهم الفكرية، فقالوا: إن الإنسان يجب عليه أن يؤمن بظاهر القرآن وباطنه على السواء، كما يجب عليه أن يؤمن بمحكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه، ولا بد أن يكون ذلك على سبيل التفصيل إن وصل إليه علم ذلك مفصلا عن آل البيت، ويكفي فيه للإجمال إن لم يصل إليه التفصيل.
قالوا: ولا يجوز له أن ينكر الباطن بحال، وعليه أن يسلم بكل ما وصل إليه من ذلك عن طريق آل البيت وإن لم يفهم معناه، ولو أن إنساناً آمن بالظاهر وأنكر الباطن لكفر بذلك، كما لو أنكر الظاهر وآمن بالباطن أو الظاهر والباطن جميعاً.(48/26)
وحرصا منهم على تعطيل عقول الناس ومنعهم من النظر الحر في نصوص القرآن الكريم، قالوا: إن جميع معاني القرآن، سواء منها ما يتعلق بالظاهر وما يتعلق بالباطن، اختص بها النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة من بعده، فهم الذين عندهم علم الكتاب كله؛ لأن القرآن نزل في بيتهم (وأهل البيت أدرى بما في البيت).
أما من عداهم من الناس فلا يرون أدنى شبهة في قصور علمهم، وعدم إدراكه لكثير من معاني القرآن الظاهرة، فضلا عن معانيه الباطنة، قالوا: ولهذا لا يجوز لإنسان أن يقول في القرآن إلا بما وصل إليه من طريقهم غاية الأمر أنهم جوزوا لمن أخلص حبه وانقياده لله ولرسوله ولأهل البيت واستمد علومه من أهل البيت حتى أنس من نفسه العلم والمعرفة.. جوزوا لمثل هذا أن يستنبط من القرآن ما يتيسر له؛ لأنه بحبه لآل البيت وأخذه عنهم صار كأنه منهم وقد قيل (سلمان منا آل البيت).
أثر التفسير الباطني في تلاعبهم بنصوص القرآن:
ولقد كان من نتائج هذا التفسير الباطني للقرآن أن وجد القائلون به أمام أفكارهم مضطربا بالغا ومجالا رحبا، يتسع لكل ما يشاؤه الهوى وتزينه لهم العقيدة، فأخذوا يتصرفون في القرآن كما يحبون، وعلى أي وجه يشتهون، بعد ما ظنوا أن العامة قد انخدعت بأوهامهم وسلموا بأفكارهم ومبادئهم.
فقالوا - مثلا -: إن من لطف الله تعالى أن يشير بواسطة المعاني الباطنة لبعض الآيات إلى ما سيحدث في المستقبل من حوادث، ويعدون هذا من وجوه إعجازه، ثم يفرغون على هذه القاعدة ما يشاؤه لهم الهوى، وما يزينه في أعينهم داعي العقيدة وسلطانها، فيقولون مثلا في قوله تعالى في الآية (19) من سورة الانشقاق "لتركبن طبقا عن طبق" إنه إشارة إلى أن هذه الأمة ستسلك سبيل من كان قبلها من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء.(48/27)
كذلك مكن لهم القول بباطن القرآن من أن يقولوا: إن اللفظ الذي يراد به العموم ظاهراً كثيراً ما يراد به الخصوص بحسب المعنى الباطن، فمثلا لفظ الكافرين الذي يراد به العموم، يقولون: هو في الباطن مخصوص بمن كفر بولاية علي. كما مكنهم أيضا من أن يصرفوا الخطاب الذي هو موجه في الظاهر إلى الأمم السابقة أو إلى أفراد منها، إلى من يصدق عليه الخطاب في نظرهم من هذه الأمة بحسب الباطن، فمثلا قوله تعالى في الآية (159) من سورة الأعراف (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) يقولون فيه: قوم موسى في الباطن هم أهل الإسلام.
ولقد مكنهم أيضا من أن يتركوا أحياناً المعنى الظاهر ويقولوا بالباطن وحده، كما في قوله تعالى في الآيتين (74، 75) من سورة الإسراء "ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا. إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً" فالظاهر غير مراد عندهم، ويقولون عني بذلك غير النبي؛ لأن مثل هذا لا يليق أن يكون موجها للنبي عليه الصلاة والسلام، وإنما هو معنى به من قد مضى، أو هو من باب (إياك أعني واسمعي يا جارة).
كذلك مكنهم هذا المبدأ من إرجاع الضمير إلى ما لم يسبق له ذكر، كما في قوله تعالى في الآية (15) من سورة يونس "قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله..." حيث يفسرون (أو بدله) بمعنى أو بدل علياً. ومعلوم أن علياً لم يسبق له ذكر، ولم يكن الكلام مسوقا في شأن خلافته وولايته.
ومما ساغ لهم أن يقولوه بعد تقريرهم لمبدأ القول بالباطن: إن تأويل الآيات القرآنية لا يجري على أهل زمان واحد، بل عندهم أن كل فقرة من فقرات القرآن لها تأويل يجري في كل آن، وعلى أهل كل زمان، فمعاني القرآن على هذا متجددة حسب تجدد الأزمنة وما يكون فيها من حوادث.(48/28)
بل وساغ لهم ما هو أكثر من ذلك فقالوا: إن الآية الواحدة لها تأويلات كثيرة مختلفة متناقضة، وقالوا: إن الآية الواحدة يجوز أن يكون أولها في شيء وآخرها في شيء آخر.. ولا شك أن باب التأويل الباطني باب واسع يمكن لكل من ولجه أن يصل منه إلى كل ما يدور بخلده ويجيش بخاطره.
وليس لقائل أن يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صرح بأن للقرآن باطنا، وإن المفسرين جميعا يعترفون بذلك ويقولون به، فكيف توجه اللوم إلى الإمامية وحدهم؟ ليس لقائل أن يقول ذلك؛ لأن الباطن الذي أشار إليه الحديث وقال به جمهور المفسرين، هو عبارة عن التأويل الذي يحتمله اللفظ القرآني، ويمكن أن يكون من مدلولاته. أما الباطن الذي يقول به الشيعة فشيء يتفق مع أذواقهم ومشاربهم، وليس في اللفظ القرآني الكريم ما يدل عليه ولو بالإشارة.
مخلصهم من تناقض أقوالهم في التفسير:
ثم إن الإمامية الإثنى عشرية، أحسوا بخطر موقفهم وتحرجه عندما جوزوا أن يكون للآية الواحدة أكثر من تفسير واحد مع التناقض والاختلاف بين هذه التفاسير. فأخذوا يموّهون على العامة ويضللونهم، فقرروا من المبادئ ما أوجبوا الاعتقاد به أولا على الناس ليصلوا بعد ذلك إلى مخلص يتخلصون به من هذا المأزق الحرج، فكان من هذه المبادئ التي قرروها وأوجبوا الاعتقاد بها ما يأتي:
أولا: أن الإمام مفوض من قبل الله في تفسير القرآن.
ثانيا: أنه مفوض في سياسة الأمة.
ثالثا: التقية.
وكل واحد من هذه الثلاثة يمكن أن يكون مخلصاً للخروج من هذا التناقض الذي وقع في تفاسيرهم التي يروونها على أئمتهم، فيكون الإمام مفوضاً من قبل الله في تفسير القرآن مخلص لهم؛ لأن باب التفويض واسع. وكونه مفوضاً في سياسة الأمة مخلص أيضاً؛ لأن الإمام أعلم بالتنزيل والتأويل، وأعلم بما فيه صلاح السائل والسامع، فهو يجيب كل إنسان على حسب ما يرى فيه صلاح حاله.(48/29)
والقول بالتقية مخلص أوسع من سابقيه، لأن الإمام له أن يسكت ولا يجيب، تقية منه (قيل عند الباقر: إن الحسن البصري يزعم أن الذين يكتمون العلم تؤذي ريح بطونهم أهل النار، فقال الباقر: فهلك إذا مؤمن آل فرعون، ما زال العلم مكتوما منذ بعث الله نوحاً، فليذهب الحسن يميناً وشمالا، لا يوجد العلم إلا هاهنا.. وأشار إلى صدره( )).
وللإمام أن يجيب بحسب الأحوال وما يرى فيه المصلحة.. تقية منه أيضاً وبنوا على هذا (أن الإمام إن قال قولا على سبيل التقية، فللشيعي أن يأخذ به ويعمل بما قاله الإمام إن لم يتنبه الشيعي إلى أن قول الإمام كان على سبيل التقية)( ).
ونحن لا نظن أن الأئمة كانوا يلجئون إلى هذه التقية.. تقية الخداع في الأخبار، والنفاق في الأحكام، وإنما هي تمحلات يتمحلونها، ليخلصوا بها أنفسهم من هذا الارتباك الذي وقعوا فيه.
2ـ موقف القرآن من الأئمة وأوليائهم وأعدائهم:
ثم إن الإمامية الإثنى عشرية، قرروا أن الإقرار بإمامة علي ومن بعده من الأئمة والتزام حبهم وموالاتهم، وبغض مخالفيهم وأعدائهم، أصل من أصول الإيمان، بحيث لا يصلح إيمان المرء إلا إذا حصل ذلك، مع الإقرار بباقي الأصول، كما قرروا وجوب طاعة الأئمة، واعتقاد أفضليتهم على الخلائق أجمعين.
قرر الإمامية هذا كله، ثم أخذوا ينزلون نصوص القرآن على ما قرروه، بل وزادوا على ذلك فقالوا: إن كل آيات المدح والثناء وردت في الأئمة ومن والاهم، وكل آيات الذم والتقريع وردت في مخالفيهم وأعدائهم، بل ويدعون ما هو أكثر من ذلك فيقولون: إن جلّ القرآن بل كله، أنزل في الإرشاد إليهم، والإعلان بهم، والأمر بموافقتهم، والنهي عن مخالفتهم.(48/30)
ولقد كان من أثر زعمهم أن القرآن جله أوكله وارد في أئمتهم ومن والاهم، وفي أعدائهم ومن وافقهم، أن قالوا: إن ما نسبه الله إلى نفسه بصيغة الجمع أو ضميره سِرّه أن أراد إدخال النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة معه. قالوا: وهو مجاز شائع معروف، بل وبالغوا فقالوا: إن الأئمة هم المقصودون بالذات أحياناً كما في قوله تعالى: "وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" حيث رووا عن أبي جعفر محمد الباقر أنه قال فيها: إن الله أعظم وأعز وأجل من أي يظلم، ولكن خلطنا بنفسه فجعل ظلمه، وولايتنا ولايته، حيث يقول: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا" بمعنى الأئمة منا( ) أهـ.
وأعجب من هذا، أنهم جعلوا لفظ الجلالة، والإله والرب، مراداً به الإمام وكذا الضمائر الراجعة إليه سبحانه، وتأولوا ما أضافه الله إلى نفسه من الإطاعة والرضى والغنى والفقر مثلا، بما يتعلق بالإمام كإطاعته، ورضاه وغناه، وفقره... الخ، ويعدون ذلك من قبيل المجاز الشائع المعروف...
ولكن لا شيوع لمثل هذا المجاز ولا معرفة لنا به، إذ المجاز المتعارف عليه بين العلماء هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة تمنع من إرادة المعنى الأصلي، وأين العلاقة هنا؟ وإذا تكلفوا العلاقة فأين القرينة الصارفة للفظ عن حقيقته؟ ثم... لم هذا التكلف والعدول إلى المجاز، وقد تقرر أنه لا يعدل إلى المجاز إلا عند تعذر الحقيقة؟
3- تحريف القرآن وتبديله:(48/31)
وأحسب أن الإمامية الإثنى عشرية، عز عليهم أن يكون القرآن غير صحيح في عقيدتهم بالنسبة للائمة وموافقيهم، وبالنسبة لأعدائهم ومخالفيهم، وكأني بهم وقد تساءلوا فيما بينهم فقالوا: إذا كان القرآن جله وارداً في شأن الأئمة وشيعتهم، وفي شأن أعدائهم ومخالفيهم، فلم لم يأت القرآن بذلك صريحاً مع أنه المقصود أولا وبالذات؟ ولم اكتفى بالإشارة الباطنة فقط؟... كأني بهم بعد هذا التساؤل، وبعد هذا الاعتراض الذي أخذ بخناقهم، راحوا يتلمسون للتخلص منه كل سبيل، فلم يجدوا أسهل من القول بتحريف القرآن وتبديله، فقالوا: إن القرآن الذي جمعه علي عليه السلام، وتوارثه الأئمة من بعده، هو القرآن الصحيح الذي لم يتطرق إليه تحريف ولا تبديل، أما ما عداه فمحرف ومبدل، حذف منه كل ما ورد صريحاً في فضائل آل البيت، وكل ما ورد صريحاً في مثالب أعدائهم ومخالفيهم.
وأخبار التحريف متواترة عند الشيعة، ولهم في ذلك روايات كثيرة ويروونها عن آل البيت، وهم منها براء. يروي الكافي عن الصادق: أن القرآن الذي نزل به جبريل على محمد سبعة عشرة ألف آية، والتي بأيدينا منها ستة آلاف ومائتان وثلاث وستون آية، والبواقي مخزونة عند أهل البيت فيما جمعه علي( ).
ويقولون: إن سورة (لم يكن) كانت مشتملة على اسم سبعين رجلا من قريش بأنسابهم وآبائهم. وإن سورة (الأحزاب) كانت مثل سورة (الأنعام) أسقطوا منها فضائل أهل البيت. وإن سورة (الولاية) أسقطت بتمامها... وغير ذلك من خرافاتهم.
وأسخف مالهم في هذا الموضوع هو (أن جميع ما في المصحف كلام الله، إلا أنه بعض ما نزل. والباقي مما نزل عند المستحفظ لم يضع منه شيء وإذا قام القائم يقرؤه الناس كما أنزله الله على ما جمعه أمير المؤمنين علي)( ).(48/32)
ولقد اصطدم مدعو التحريف والتبديل، بنصوص من القرآن صريحة في هدم مدعاهم هذا، فمن تلك النصوص: قوله تعالى في الآية (9) من سورة الحجر (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ولكن سرعان ما تخلصوا منها بالتأويل فقالوا: (وإنا لحافظون.. أي عند الأئمة) وبمثل هذا التأويل يتخلصون من باقي النصوص المعارضة لهم. واصطدموا أيضاً بأمرين آخرين لهما عظيم الخطر على عقائدهم ومبادئهم:
أولهما: كيف تعتمدون في تعاليمكم ومعتقداتكم على هذا القرآن الذي بأيدينا وقد جزمتم بوقوع التحريف والتبديل فيه؟
ثانيهما: كيف توجبون على الناس أن يعترفوا بفضائل آل البيت، ويتبرءوا من أعدائهم ومخالفيهم، والحجة غير قائمة عليهم بعد أن حذف كل ذلك من القرآن؟
وقد أجابوا عن الأول: بأن التحريف إنما وقع فيما لا يخل بالمقصود كثير إخلال، كحذف اسم علي، وآل محمد، وأسماء المنافقين.
وأجابوا عن الثاني: بأن الله تعالى علم ما سيكون من وقوع التحريف والتبديل في القرآن، فلم يكتف بما جاء صريحاً في فضائل أهل البيت ومثالب أعدائهم، بل أشار إلى ذلك ودل عليه بحسب باطن القرآن وتأويله، وهذا قد سلم من التحريف والتبديل قطعا، فبقيت الحجة، قائمة على الناس وإن بدلوا الظاهر وحرفوه.
والحق أن الشيعية هم الذين حرفوا وبدلوا، فكثيراً ما يزيدون في القرآن ما ليس منه، ويدعون أنه قراءة أهل البيت، فمثلا نراهم عند قوله تعالى في الآية (67) من سورة المائدة: "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك" يزيدون (في شأن علي) وهي زيادة لم ترد إلا من طريقهم، وهي طريقة مطعون فيها.(48/33)
وهم الذين حرفوا القرآن أيضاً حيث تأولوه على غير ما أنزل الله (قيل للصادق: ألم يكن علي قوياً في دين الله؟ قال: بلى. قيل: فكيف ظهر عليه القوم ولم يدفعهم؟ وما منعه من ذلك؟ قال الصادق: آية في كتاب الله منعته. قيل: أي آية؟ قال: "لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليما" كان لله ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، ولم يكن علي يقتل الآباء حتى تخرج الودائع، فلما خرجت ظهر عليٌّ على من ظهر فقتلهم( ).
وروى العياشي عن الباقر أنه قال: لما قال النبي "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام" أنزل الله: "وما كنت متخذ المضلين عضدا( )".
وتقول أصول الكافي في قوله تعالى في الآية (127) من سورة النساء: "إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا" إن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان، آمنوا بالنبي أولا، ثم كفروا حيث عرضت عليهم ولاية علي، ثم آمنوا بالبيعة لعلي، ثم كفروا بعد موت النبي. ثم ازدادوا كفراً بأخذ البيعة من كل الأمة( ).
هذه أمثلة نذكرها ونضعها بين يدي القارئ الكريم ليحكم بنفسه حكما صادقاً: أن هؤلاء الشيعة، الذين يدعون التحريف والتبديل للقرآن، هم أنفسهم المحرفون لكتاب الله، المبدلون فيه، بصرفهم ألفاظ القرآن إلى غير مدلولاتها وتقولهم على الله بالهوى والتشهي.
4- موقفهم من الأحاديث النبوية وآثار الصحابة:(48/34)
ولقد رأى الإمامية الإثنا عشرية أنفسهم أمام كثرة من الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمام كثرة من الروايات المأثورة عن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. وفي تلك الأحاديث وهذه الآثار ما يخالف تعاليمهم مخالفة صريحة؛ لذا كان بدهيا أن يتخلص القوم من كل هذه الروايات، إما بطريق ردها، وإما بطريق تأويلها. والرد عندهم سهل ميسور؛ ذلك لأن الرواية إما أن تكون قولا لصحابي، وإما أن تكون قولا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق صحابي، وهم يجرحون معظم الصحابة، بل يكفرونهم لمبايعتهم أبا بكر أولا، ثم عمر من بعده ثم عثمان من بعدهما... وأما التأويل فباب واسع.. وهم أهله وأربابه.
فمثلا نجدهم يردون الأحاديث والآثار التي ثبتت في تحريم نكاح المتعة ونسخ حله، كما نجدهم، يردون أحاديث المسح على الخفين ويقولون: إنها من رواية المغيرة بن شعبة رأس المنافقين. ثم نجدهم يسلمون بصحة الرواية جدلا ولكنهم يتأولونها فيقولون: إن الخف الذي كان يلبسه النبي صلى الله عليه وسلم كان مشقوقاً من أعلى، فكان، يمسح على ظاهر قدمه من هذا الشق... وظاهر أن هذا تأويل بارد متكلف.
فإذا كان هؤلاء لا يقبلون أقوال الصحابة،ولا يثقون بروايتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذاً من يقبلون قوله؟ ومن يثقون بروايته؟.
الذي عليه الشيعة إلى اليوم، أنهم لا يأخذون الحديث إلا ممن كان شيعياً، ولا يقبلون تفسيرا إلا ممن كان شيعياً، ولا يثقون بشيء مطلقاً إلا إذا وصل لهم من طريق شيعي!!... وبهذا حصروا أنفسهم في دائرة خاصة، حتى كأنهم هم المسلمون وحدهم فإن عاشوا وسط السنيين فباطنهم لأنفسهم، وظاهرهم للتقية!!..(48/35)
وليت الأمر وقف بهم عند هذا الحد ـ حد الثقة بأشياعهم والاتهام لمن عداهم ـ بل وجدنا الرؤساء من الشيعة كجابر بن يزيد الجعفي وغيره "قد استغلوا أفكار الجمهور الساذجة، وقلوبهم الطيبة الطاهرة، وحبهم لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فراحوا يضعون الأحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آل بيته، ويضمنونها ما يرضي ميولهم المذهبية، وأغراضهم السيئة الدنيئة، ولم يفتهم أن يحكموا أسانيد هذا الشيعة لأنهم وجدوها مؤيدة لدعواهم...
ويعجبني هنا ما ذكره أبو المظفر الإسفرائيني في كتابه "التبصير في الدين"، وهو: أن الروافض (لما رأوا الجاحظ يتوسع في التصانيف، ويصنف لكل فريق، قالت له الروافض: صنف لنا كتاباً، فقال لهم: لست أدري لكم شبهة حتى أرتبها وأتصرف فيها، فقالوا له: إذاً على شيء نتمسك به "قال: لا أرى لكم وجها إلا أنكم إذا أردتم أن تقولوا شيئا تزعمونه، تقولون: إنه قول جعفر بن محمد الصادق، لا أعرف لكم سببا تستندون إليه غير هذا الكلام.. فتمسكوا بحمقهم وغباوتهم بهذه السوءة التي دلهم عليها، فكلما أرادوا أن يختلقوا بدعة أو يخترعوا كذبة، نسبوها إلى ذلك السيد الصادق، وهو عنها منزه ومن مقالتهم في الدارين برئ( )).
أهم الكتب التي يعتمدون عليها في رواية الأحاديث والأخبار:
هذا.. وللإمامية الاثنى عشرية كتب كثيرة، يعتمدون عليها في رواية الأحاديث والأخبار، وينزلونها من أنفسهم منزلة سامية، ويثقون بها وثوقاً بالغا، فمن أهم هذه الكتب ما يأتي:
أولا: كتاب "الكافي"، وهو أهم الكتب عند الإمامية الإثنى عشرية على الإطلاق، وهو لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني المتوفى سنة 328هـ أو 329هـ. وهو عندهم كالبخاري عند أهل السنة وهذا الكتاب يحتوي على ستة عشر ألف حديث، قسمها ـ كما فعل أهل السنة ـ إلى صحيح، وحسن، وضعيف. وهو يقع في ثلاث مجلدات: المجلد الأول في الأصول، والثاني والثالث في الفروع.(48/36)
ثانيا: كتاب "التهذيب" لمحمد بن الحسن الطوسي مجلدان في الفروع.
ثالثا: كتاب "من لا يحضره الفقيه"، لمحمد بن علي بن بابويه، وهو في الفروع.
رابعاً: كتاب الاستبصار فيما اختلف فيه من الأخيار، لمحمد بن الحسن الطوسي، اختصره من كتاب التهذيب.
هذه الكتب الأربعة، هي أمهات كتب الشيعة التي يعتمدون عليها ويثقون بها، وقد جمعها كتاب الوافي في ثلاث مجلدات كبيرة، وهو من مؤلفات محمد بن مرتضى، المعروف بملاّ محسن الكاشي.
وهناك كتب في الحديث ذكرها صاحب أعيان الشيعة غير ما تقدم، منها: "وسائل الشيعة إلى أحاديث الشريعة"، للشيخ محمد بن الحسن العاملي، و"بحار الأنوار في أحاديث النبي والأئمة الأطهار"، للشيخ محمد الباقر، وهي لا تقل أهمية عن الكتب المتقدمة( ).
والذي يقرأ في هذه الكتب لا يسعه أمام ما فيها من خرافات وأضاليل إلا أن يحكم بأن متونها موضوعة، وأسانيدها مفتعلة مصنوعة، كما لا يسعه إلا أن يحكم على هؤلاء الإمامية بأنهم قوم لا يحسنون الوضع؛ لأنهم ينقصهم الذوق، وتعوزهم المهارة، وإلا فأي ذوق وأية مهارة في تلك الرواية التي يروونها عن جعفر الصادق رضي الله عنه، وهي: أنه قال: (ما من مولود يولد إلا وإبليس من الأبالسة بحضرته، فأعلم الله أن المولود من شيعتنا حجبه من ذلك الشيطان، وإن لم يكن المولود من شيعتنا أثبت الشيطان أصبعه في دبر الغلام فكان مأبونا، وفي فرج الجارية فكانت فاجرة( )).
أظن أن القارئ معي في أن الذي وضع هذه الرواية واختلقها على جعفر الصادق، رجل ينقصه الذوق، وتعوزه المهارة، ونحن أمام هذه الأحاديث والروايات، لا يسعنا إلا أن نردها رداً باتاً، وذلك للأسباب الآتية:(48/37)
أولا: إن غالب هذه الأحاديث يروونها بدون سند، بل يعتمدون على مجرد وجودها في كتبهم. تروي كتب الشيعة أن إماماً من أئمة أهل البيت أولاد علي يقول: (ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله). ولكن بأي سند؟ تجيب كتب الشيعة: (إن شيوخنا رووا عن الباقر وعن الصادق وكانت التقية شديدة، وكانت الشيوخ تكتم الكتب، فلما خلت الشيوخ وماتت وصلت كتب الشيوخ إلينا، فقال إمام من الأئمة حدثوا بها فإنها صادقة( ) ).
ثانياً: إن ما روي من هذه الروايات مسنداً لا بد أن يكون في سنده شيعي متعصب لمذهبه، وقد قال رجال الحديث: إنه لا يقبل رواية المبتدع الذي يدعو لمذهبه ويروج له.
ثالثاً: (إن القاعدة المتفق عليها بين المحدثين أن كل متن يناقض المعقول، أو يخالف الأصول، أو يعارض الثابت من المنقول، فهو موضوع على الرسول) وغالب أحاديثهم لا تسلم لهم إذا عرضناها على هذه القاعدة.
وكلمة الحق والإنصاف: أنه لو تصفح إنسان أصول الكافي: وكتاب الوافي وغيرهما من الكتب التي يعتمد عليها الإمامية الإثنا عشرية، لظهر له أن معظم ما فيها من الأخبار موضوع وضع كذب وافتراء، وكثير مما روي في تأويل الآيات وتنزيلها، لا يدل إلا على جهل القائل بها وافترائه على الله، ولو صح ما ترويه هذه الكتب من تأويلات فاسدة للقرآن، لما كان قرآن، ولا إسلام، ولا شرف لأهل البيت، ولا ذكر لهم.
وبعد... فغالب ما في كتب الإمامية الإثنى عشرية في تأويل الآيات وتنزيلها، وفي ظاهر القرآن وباطنه، استخفاف بالقرآن الكريم، ولعب بآيات الذكر الحكيم... وإذا كان لهم في تأويل الآيات وتنزيلاتها أغلاط كثيرة، فليس من المعقول أن تكون كلها صادرة عن جهل منهم؛ بل المعقول أن بعضها قد صدر عن جهل، والكثير منها صدر عمداً عن هوى ملتزم، وللشيعة ـ كما بينا ـ أهواء التزمتها.
?
الصابئة
تأليف: د. علي محمد عبدالوهاب
أستاذ الأديان والمذاهب ـ جامعة الأزهر(48/38)
يتساءل كثير من الناس من هم الصابئة وما هي عقيدتهم ، وما حقيقة دينهم ؟ وذلك بعد تكرر سماع اسم هذه الطائفة في وسائل الإعلام ومن هنا نقدم تعريف بكتاب الصابئة .
تكتنف دراسة "الصابئة" عدة صعوبات أبرزها أن أتباع هذه الديانة يغلب عليهم الكتمان والإنزواء، ولولا ورود ذكرهم في ثلاثة مواضع من كتاب الله، للفّ النسيان هذه الديانة القديمة التي يتركز أتباعها في بلاد الرافدين.
وكتاب "الصابئة" لمؤلفه الدكتور علي محمد عبد الوهاب، إذ يقرر الحقيقة السابقة، فإنه يعتبر أن دراسة عقائدهم وطقوسهم على ما هي عليه من التقطيع والخبط والخلط فيها الكثير من الفوائد التاريخية.
ويؤكد الكتاب الصادر عن دار ركابي سنة 1996م في مقدمته، أن الصابئة وإن كانت تستقل بلغة مقدسة خاصة بها، وكتب وأحكام وتشريعات، إلاّ أنها تشترك مع أصحاب الأديان في شعائر كثيرة "فهم يشبهون البراهمة والمجوس والأورفيين وأصحاب النحل السرية، كما يشبهون النصارى واليهود والمسلمين، كما يشبهون الفلاسفة وأصحاب المذاهب العقلية في تفسير الوجود والموجودات" ص15.
أما اختلاف الصابئة مع هذه الأديان، فلأنهم ـ بحسب المؤلف ـ "تشبثوا بأصل قديم لا يفارقونه"، وأما أوجه الشبه والاقتراب، فيعزوها المؤلف إلى إقامة الصابئة عند فم الخليج، الأمر الذي يجعلهم في طريق كل قوم يتردد أبناؤها على هذا الإقليم أو يقيمون فيه. ويقسم المؤلف الكتاب الذي يقع في 180 صفحة إلى ستة فصول تحدث فيها عن موطن الصابئة وقوميتهم ولغتهم وفرقهم، وعن عقائدهم وعباداتهم وكتبهم وعلمائهم، وأحوالهم الشخصية وطقوسهم الجنائزية، وغير ذلك من المواضيع.
الفصل الأول: من هم الصابئة؟(48/39)
في أول فصول الكتاب يتحدث المؤلف عن الاختلاف في تحديد معنى كلمة "صابئة" وبعد استعراض مجموعة من الأقوال والآراء المختلفة، يرجح المؤلف أن الكلمة اشتقت من (صبَأ) الآرامية، التي تعني التعميد أو الصباغة، حيث يشكل التعميد أحد أهم شعائر وطقوس الصابئة المعروفين أيضا باسم المندائيين.
وفي هذا الفصل، يستعرض المؤلف آراء العلماء المسلمين وعلماء الملل والنحل في الصابئة، وقد تباينت آراء العلماء تبايناً كبيراً، فمنهم من قال بأن الصابئة "قوم بين المجوس واليهود والنصارى ليس لهم دين" وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير. في حين ذهب الربيع بن أنس وجابر بن زيد والضحاك وإسحاق بن راهويه إلى أن "الصابئة فرقة من أهل الكتاب يقرأون الزبور". وروي عن الحسن البصري أنه قال "إنهم كالمجوس"، وفي رواية أخرى عنه أنه قال "هم قوم يعبدون الملائكة" ص25، إلى غير ذلك من الأقوال.
الصابئة: أدوار وأطوار:
والاختلاف الواضح تجاه تحديد حقيقة دين الصابئة، يفسره المؤلف بأن "الديانات السابقة تفرعت منها فروع وشيع منوعة، كانت تنتقل من دور إلى دور، والصابئة قد مرت بأدوار وأطوار، ومن خلال هذه الأدوار يتضح لنا أصول ديانة الصابئة في كل دور وما طرأ عليه من تغيير" ص29.
وفيما يلي بيان لأهم الأطوار التي مرت بها الصابئة":
الدور الأول: عبادة النجوم والكواكب، التي كانت مشتهرة أيضا عند الأمم السابقة أمثال البابليين والمصريين القدماء والفرس واليونان.
وكانت ديانة الصابئة خلال هذا الطور تعتقد بتعدد القوى المدبرة لهذا الكون، وبوجود قوة أعلى تهمين على هذه القوى وتدبرها، كما زعموا أن ما يقيمونه من عبادات وطقوس عبارة عن وسائط تقربهم من تلك الأجرام والكواكب التي حلت فيها القوة.
وما زال في عقائد الصابئة شيء من تعظيم الكواكب والنجوم، لاسيما الكواكب السيارة السبع، وكذلك النجم القطبي الذي هو عبارة عن القبلة التي يتوجه إليها الصابئة في فروضهم.(48/40)
الدور الثاني: ويتمثل في الانتقال من عبادة الأجرام إلى عبادتها على هيئة الأصنام والرموز... ولايزال الصابئون الحاليون يقدسون مظاهر الطبيعة، ويرون في النار والشهب والرعد والبرق وسائر الظواهر الجوية رمزاً يعبر عن إحدى تلك الكواكب. وقد تخيلوا لتلك الأجرام العلوية أشكالاً خاصة نحتوا على صورها التماثيل المقامة في الأماكن المرتفعة.
الدور الثالث: وشهد تأثر تعاليم دينهم بالفلسفة نتيجة لانقطاع رهبانهم وكهنتهم إلى الدراسة والعبادة..
وكانت الأبحاث تدور عن حقيقة التمثيل والقوة، وعن قابلية الكواكب واستعدادها، وعن التأثيرات الكونية وعلاقتها بهذه الكواكب، وعن خواص الأسماء والحروف.
الدور الرابع: تأثرهم بالفترة التي سبقت ظهور المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، والفترة التي تلته "فقد مال الصابئة إلى الاعتقاد بأن يوحنا المعمدان (يحيى عليه السلام) هو الرجل المجدد المنتظر فاعتقدوا به، وعظموه، ومازال الصابئة حتى الآن يذكرون له بعض التعاليم، ويعتقدون به كنبي مجدد، أرسل إليهم دون غيرهم من البشر" ص34. وينبه المؤلف هنا إلى خطأ مفاده أن الصابئة انقرضت منذ ظهور المسيح، واندمجت في النصرانية، لأن الصابئة أو معظمهم مازالوا يقدسون ويعظمون الكواكب والنجوم.
مواطن الصابئة وقوميتهم ولغتهم:
يبين المؤلف في هذه المباحث أن موطن الصابئة هو حول ضفاف الرافدين، وبخاصة في المناطق السفلى من العراق فيما يطلق عليه اسم البطائح أو السواد، وكذلك في إقليم عربستان أو خوزستان الذي يتبع إيران حالياً. والصابئة أو المندائيون كما يطلقون على أنفسهم هم طائفة من القبائل الأرامية، ويتحدثون اللهجة المندائية الأرامية، وهي من اللغات السامية (ص50).
فرق الصابئة:
يؤكد المؤلف هنا أن فرقاً متعددة ومذاهب متشعبة تندمج كلها تحت اسم الصابئة على ما بينها من اختلاف في الأصول والفروع، وعلى ما أصابها من تطور في الزمان والمكان (ص52).(48/41)
ويعدد أربع فرق يعتبرها أشهر فرق هذه النحلة، وهي:
1ـ أصحاب الروحانيات: وهم الصابئة المندائيون.
2ـ أصحاب الهياكل: الصابئة الحرانيون.
3ـ أصحاب الأصنام: الصابئة الهنود.
4ـ صابئة الرومان واليونان وغيرهم.
وبعد بيان الفروقات بين الأقسام السابقة، وحقيقة معتقداتها، يذهب إلى أن الصابئة المندائيين، هم الفرقة الموجودة حالياً في العراق وإيران، والتي أشار إليها القرآن الكريم (سور البقرة والمائدة والحج)، أما الفرق الأخرى، فلم يعد لها وجود، وكانت آخر الفرق المنقرضة، الصابئة الحرانيين.
الفصل الثاني: كتب الصابئة وعلماؤها
أولاً: الكتب
للصابئة عدد كبير من الكتب المقدسة، باللغة المندائية، التي يعتقد الصابئة أن آدم عليه السلام كان يتكلم بها. وهذه الكتب ـ عموماً ـ غير مطبوعة، وقد قام بنسخها رجال الدين طيلة قرون عديدة.
وأعظم كتبهم يسمى "كنزا ربا" أي الكتاب المقدس، ويسمونه أيضاً "صحف آدم" ويتحدث عن التوحيد وصفات الخالق والمباحات والمحرمات وبدء الخليقة وغير ذلك.
ومن الكتب المقدسة عندهم: "سدرا يهيى" أي تعاليم يحيى. ومنها أيضاً: "العلستا، وسدرة اونشماثا، والديوانات، وسفر ملواشي" وغير ذلك.
ثانيا: العلماء ورجال الدين:
يتميز نظام رجال الدين الصابئة بالطبقية، وتتلخص أهم درجات الكهنوت في أقسام خمسة:
1- الحلالي: ويسمية العامة "الشماس" أو "الشكندة".
2- الترميذة: وهي وظيفة كهنوتية أعلى من الأولى، ويصل إليها الحلالي إذا فقه كتابي (سدرا دنشماثا، وأنياني)، أوحفظ قسماً كبيراً منهما.
3- الكنزبرا: ويشترط الصابئة في الترميذة الذي يريد أن يرتقي إلى درجة (كنزبرا) أن يكون حافظاً لكتاب "الكنزا" ومطلعاً على كثير من التفاسير والشروح الدينية، ومتزوجاً، وسبق له أن عقد مهراً لـ "ترميذة" من قبل.
4- الأرشمة: وهي كلمة مندائية معناها (رئيس الأمة)، وليس بين الصابئة اليوم من بلغ الدرجة بعد.(48/42)
5- الرباني: ويعتقد الصابئة أنه لم ينل هذه المرتبة من السابقين حتى الآن إلاّ يحيى بن زكريا عليهما السلام. وهناك أحكام عامة تتعلق برجال الدين يبينها المؤلف في الصفحات (78- 80) من قبيل أنه لا يجوز لرجل الدين أن يأكل من دار غير داره، إلاّ إذا كان قد عمد صاحبها بيده.
الفصل الثالث: العقيدة الدينية عند الصابئة
يحصر المؤلف بيان عقيدة الصابئة بأربعة أمور، معتبرها "قوام كل دين واعتقاد" وهي:
1- عقيدتهم في الخالق: ويبين المؤلف أن الصابئة يعتقدون بوجود الخالق وتنزيهه، وأنه حي أزلي، لكنهم يعتقدون (أو اعتقاد بعضهم) أنه يلي الإله في المنزلة 360 شخصاً... خلقوا ليفعلوا أفعال الإله، إلاّ أنهم ليسوا بالآلهة.
2- عقيدتهم في النبوة: يعتقد الصابئة أنهم يتبعون تعاليم آدم عليه السلام، وإليه ينسبون كتابهم المقدس (كنزا) (صحف آدم) غير أن تقادم العهد على الرسول الأول للدين، ونشوء بعض المذاهب الزائفة والأديان والوثنية... أدخلت تعاليم غريبة في الدين. فجاء يحيى عليه السلام ليخلص الدين من هذه المذاهب الدخيلة، ولم يكن رسولاً، بل نبيّاً خاصاً بهم.
3- اعتقادهم بالملائكة: يسمونهم (الروحانية أو الروحانيين)، ويتقربون إلى الله بهم لأنهم يعتقدون باستحالة الوصول إلى الله عز وجل، وينقل المؤلف عن الشهرستاني قوله عن الصابئة أنهم اعتبروا الروحانيات (الملائكة) هم الأسباب المتوسطون في الاختراع والإيجاد وتصريف الأمور من حال إلى حال...
4- عقيدتهم في اليوم الآخر: يعتقدون أن الصالحين منهم يذهبون بعد الوفاة إلى عالم الأنوار، وأن المذنبين يذهبون إلى عالم الظلام أو النار الموقدة، وهم لا يقرون بقيام الأجسام بعد وفاتها، وإنما تحاسب النفس خاصة.
ويضيف المؤلف على هذه الاعتقادات، اعتقادات أخرى تتعلق بفكرة الخير والشر، وبدء الخليقة والكون، تحمل في طياتها بعداً عن منهج التوحيد، كما يظهر من بيان عقيدتهم المشار إليها أعلاه.(48/43)
الفصل الرابع: العبادات
1- الطهارة: يبالغ الصابئة بطقوس الطهارة والاغتسال، لدرجة أنهم لا يجيزون الاغتسال إلاّ بالماء الجاري (الأنهار).
2- الصلاة: تقتصر هيئة الصلاة على الوقوف والركوع والجلوس على الأرض من دون سجود، وتؤدى ثلاث مرات في اليوم: قبيل طلوع الشمس، وعند الزوال (الظهر) وقبيل غروبها.
3- الصيام: يعتبرون أن الصوم شيء روحاني، أي بالابتعاد عن الشرور والرذائل، وهم يمتنعون عن أكل اللحوم 36 يوماً مقسمة بين أيام السنة مشابهة للنصارى، وإن كان بعضهم يجامل المسلمين بالصيام معهم في بداية شهر رمضان.
4- الميراث: لم تتطرق العقيدة الصابئة إلى مسألة الميراث، إلاّ أنه جاء في بعض كتبهم أن من أراد التصرف بتركته بعد وفاته، لابد أن يكون قد أحسن إلى الفقراء والمحتاجين في حياته.
ويتحدث المؤلف في الفصلين الأخيرين من الكتاب عن الأحوال الشخصية عند الصابئة، والتي تشمل الزواج بشكل أساسي، ثم يتناول طقوسهم الجنائزية، ونظرتهم إلى الموت.
تعدو الذئاب على من لا أسد له
…قالوا: اعترف تقرير أعدته لجنة المتابعة بمجمع البحوث الإسلامية بفشل الأزهر في مواجهة حملات التنصير التي تقودها منظمات شهيرة وعلى رأسها منظمة "كارتياس" بالعديد من الدول الأفريقية ذات الأغلبية المسلمة، وعلى رأسها النيجر وسيراليون والكونغو والكاميرون ، .. وقال إنها تفتقد إلى الكوادر القادرة على مواجهة مثل هذه الحملات، كما أن أعضاءها ليسوا معروفين للرأي العام.
موقع المصريون 15/5/2007
…قلنا: طبعا هم ليسوا لجنة رياضية أو فنية!!
ويقضى الأمر حين تغيب تيم
…قالوا: من المقرر أن يبدأ حفل ديني ضخم في الهند يعتنق خلاله الآلاف من الهندوس الديانة البوذية في مدينة مومباي... ويثير موضوع التحول الديني جدالا شديدا في الهند، بالأخص حين يكون إلى الإسلام أو المسيحية.
موقع المصريون 30/5/2007(48/44)
…قلنا: لو كان المسلمون على قدر التحدى لحرروا الملايين ليس من ربقة الإمتهان والعبودية فقط بل من ربقة الخرافة والوثنية أيضاً .
الكفر الفضائي!!
…قالوا: يتم بث قناة فضائية على القمر الصناعي المصري تروج للفكر المنحرف الذي تعتقده الطائفة الأحمدية .. ومؤخرا عرضت القناة برنامجا تسخر فيه من الأزهر الشريف وعلمائه ..
موقع المصريون 19/5/2007
…قلنا: أليس من المخجل أن يبث الكفر من خلال أجهزة أكبر دولة إسلامية عربية!!
نعم النصير!!
…قالوا: أعلنت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان اليوم الاثنين أن أكثر من سبعين ألف لاجئ أفغاني طردوا من إيران منذ شهر وأعيدوا إلى بلادهم.
الوكالة الشيعية للأنباء 21/5/2007
…قلنا: ويحدثونك عن نصرة الشيعة وإيران لقضايا المسلمين!!
سياحة عسكرية
…قالوا: ألقت قوات الأمن اليمينة القبض على مجموعة من العناصر الإيرانية، وُصفت بأنها "متورطة في أعمال إجرامية" في محافظة صعدة الشمالية، حسبما أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية اليمني رشاد العليمي أمس.
العربية نت 25/5/2007
…قلنا: لا تذهب بكم الظنون بعيداً ، فهم كانوا في رحلة صيد بريئة فقط !!
زاد في الطنبور نغمة!
…قالوا: أكدت مصادر عراقية أن ميليشيا "جيش المهدي" التابعة للشيعي مقتدى الصدر قامت بتكوين تشكيلات لفرق مسلحة جديدة أطلقت عليها اسم فصيل "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"وقد تلقت تدريبات في طهران بغرض تصفية وقتل عناصر من أهل السنة وارتكاب مجازر جديدة بعيداً عن إلصاق الجرائم بمليشيا جيش المهدي الدموية.
وكالة الأخبار الاسلامية 29/5/2007
…قلنا: المشكلة هي في قائمة المنكرات الشيعية ، مثل ترك زواج المتعة ! أو عدم إسالة الدماء يوم عاشوراء أو لا يحسن الزحف على عتابات الأضرحة أما أم الكبائر فهي حب الصحابة والتسمي بأسمائهم!!
فسينفقونها ثم تكون حسرة(48/45)
…قالوا: أعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عن رصد 2 مليون دولار أمريكي لتطوير الدراسات الإسلامية بالجامعات البريطانية، وتشجيع ما وصفه بـ"الإسلام المعتدل" بحسب صحف بريطانية وأمريكية.
وكالة الأخبار الإسلامية 5/6/2007
…قلنا: الاعتدال عندهم يعنى التفريط عندنا وذلك لأنهم لن يرضوا حتى نتبع دينهم !!
فمتي يسلم!!
…قالوا: أكد يحيي بن يعيش كبير حاخامات اليمن أنه يحتفظ بكتاب للتوراة يعود إلى ما قبل 500 سنة ورثه عن والده يعيش بن يحيى ويحوي البشارة بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم، وأن بها تطابق لما ورد في القرآن الكريم
وكالة الأخبار الإسلامية 29/5/2007
…قلنا :لو كان هذا الخبر عند غير المسلمين لعقد له ندوات عالمية وتسابقت الدول على تبنيه ولكن هذا مثال على غثائية أمتنا حالياً.
طائفة "البهرة" تخطط لاحتلال الأزهر!!
موقع الحقيقة الدولية
علمت “الحقيقة الدولية” أن بعض قادة طائفة البهرة الأثرياء من الهند وباكستان يخططون لشراء عشرات المنازل حول الأزهر بأعلى الأسعار من أجل تحويل المنطقة إلى عمارات سكنية تضمن تواجدهم معظم فترات العام إلى جانب مزاراتهم المقدسة.
وأكد بعض أهالي الحارات القريبة من الأزهر أنهم تلقوا عروضا من بعض البهرة والهنود لشراء منازل عائلاتهم القديمة عبر سماسرة بأسعار خيالية تعادل سبعة أضعاف الأسعار التي يقدمها لهم رجال الأعمال ومواطنون مصريون.
وكان البهرة قد اشتروا أكثر من 17 عقاراً حول مسجد الحاكم بأمر الله في أواخر السبعينيات حتى تحولت الحارتان الملتصقتان بالمسجد إلى قطعة من الهند.
كما تمكن كريم أغا خان زعيم الطائفة الإسماعيلية الأغاخانية احد أغنى عشرة رجال في العالم من شراء أرض فضاء بمساحة 25 فدانا خلف التل المواجه لمستشفى الحسين الجامعي وخصصها لتأسيس مشروع اسماه “المركز العلمي لبحوث المذاهب الإسلامية”.(48/46)
ومن المقرر أن يضفي هذا المركز لأول مرة وجودا ثقافيا رسميا على الفرق الإسماعيلية في مصر بدعوى التقريب بين المذاهب علما بان فقهاء الأزهر وشيوخه عبر العصور اختلفوا في تحديد وضعية الفرق الإسماعيلية في الإسلام فهناك من اعتبرهم أصحاب طريقة شيعية صوفية وهناك من أفتى بخروجهم عن الملة وكفرهم بما أنزل على محمد.
والطائفة الأغاخانية الإيرانية تتشابه في عدد من معتقداتها مع طائفة البهرة وتتمتع الطائفة الأغاخانية التي لا يتجاوز عددها في مصر 50 شخصا بعلاقات وثيقة مع النظام في مصر منذ عهد الملك فؤاد وحتى الآن ولم تتأثر هذه العلاقة بالانقلاب على الملكية حيث احتفظ الاغاخان السابق محمد الحسيني بعلاقات مميزة مع جمال عبد الناصر ووطدها أكثر حفيده كريم الذي يعد من أغنى عشرة رجال في العالم ويمتلك عشرات الأراضي والعقارات في القاهرة ومدن الصعيد الكبرى.
فوجود هذه الطائفة السياسي والاقتصادي أقوى من وجود البهرة بشكل ملحوظ رغم أن أتباعهم في مصر لا يتعدون حسب تقديرات كريم أغاخان نفسه خمسين شخصاً.
كان سلطان البهرة الدكتور محمد برهان الدين الزعيم الروحي لأكثر من ألفي هندي يسكنون مصر ينتمون إلى طائفته قد زار مصر مطلع الشهر الجاري وفي سرية تامة وابتعاد متعمد عن وسائل الإعلام شارك السلطان وابناه مظفر وحذيفة في احتفالات موسم زيارة الطائفة الإسماعيلية لمزارات القاهرة الفاطمية الأخيرة وذلك قبل يوم من لقائه بالرئيس مبارك حيث أم برهان الدين المصلين من أبناء طائفته الذين التفوا حوله يتسابقون على حمله في مسجد الحسين والجامع الأزهر.(48/47)
كما زار السلطان مساجد السيدات نفيسة وزينب ورقية ومسجد الحاكم بأمر الله وألقى هناك خطبة عن جده الذي يعتقد أنه مدفون في بئر المسجد وضريح قائد جيش علي بن أبي طالب في موقعة صفين مالك الاشتر شرقي المقطم ومسجد احمد بن طولون على الرغم أن صاحبه لم يكن من آل البيت أو من أئمتهم البارزين وسار السلطان بين شوارع حي الأزهر على محفة حملها ثمانية رجال بين أكثر من ألف بهري معظمهم من الحجيج القادمين بصحبته من الهند.
كما أن السلطان برهان الدين وولي عهده مظفر اجتمعا مع اثنين من قيادات البهرة في مصر وتركز معظم الحديث عن وعود تلقوها من الحكومة المصرية بمنح أبناء الطائفة المقيمين في الخارج تسهيلات للسفر إلى مصر أكثر من مرتين في العام الواحد وبحثهم مع الرئيس مبارك توسيع استثمارات الطائفة في مصر والتعاون لتطوير المزارات والمواسم السنوية للحج.
الطرق الصوفية في السودان
بي. بي. سي. 14/5/2007
صفاء الصالح
السودان بلد التصوف بامتياز، إذ يتسم الإسلام في السودان بصبغة صوفية خاصة، بل أن الحياة اليومية فيه تصبغ بهذا الطابع في الإيمان الفطري بالمشايخ والأولياء الصالحين. إما الأذكار والمدائح فتسمعها أنى سرت في الشوارع، في المطاعم المحلات التجارية المختلفة وفي باصات النقل وسيارات الأجرة وفضلا عن الإذاعة الخاصة بالمدائح النبوية تمتلئ الإذاعة والتلفزيون السودانيين بها.
انتشرت الطرق الصوفية في كل أرجاء السودان حتى وصل عددها حسب بعض الباحثين إلى حوالي أربعين طريقة أساسية وفرعية ، لعل أشهرها القادرية بفروعها المتعددة والختمية والسمانية والشاذليه والمكاشفية والمجذوبيه والادريسية الاحمدية والرشيديه والتيجانية والإسماعيلية وعدد من الطرق الثانوية.(48/48)
ويرى الدكتور حيدر إبراهيم رئيس مركز الدراسات السودانية ، إن الطرق الصوفية في السودان في الفترة الأخيرة أصبحت انشطارية وقد تحولت إلى فرق إقليمية وقبلية بعد أن كانت قومية حيث يخترق رجال الصوفية التنظيم القبلي ويفرزوا تنظيما اجتماعيا أوسع.
دخول الصوفية إلى السودان:
وتعد الشاذلية من أولى الطرق التي انتشرت في السودان قبل سقوط مملكة علوة عن طريق صهر الجز ولي المسمى شريف حمد أبو دنانه والذي استقر في بربر في عام 849 (1445م).
ويشير محمد الريح شيخ الطريقة القادرية العركية في الخرطوم إلى أن القادرية جاءت بعدها على يد الشيخ تاج الدين البهاري الذي نقل الطريقة من مركزها في بغداد وعاش في (وادي شعير) في الجزيرة لمدة سبعة أعوام.
تعد القادرية بتفرعاتها من أكثر الطرق انتشارا في السودان:
أما الطريقة القادرية العركية فقد نشأت على يد الشيخ دفع الله بن الشريف مقبل وقد جاء من الحجاز وقد اخذ بيعة الطريقة هناك من الشيخ حبيب الله العجمي خليفة الشيخ عبد القادر الجيلاني آنذاك، ثم جاء إلى السودان لنشر الدعوة واستقر في كردفان في منطقة تدعى (بئر سرار) ثم انتقل الى منطقة (أبو حراز)، حيث مركز الطريقة العام الآن.
وتعد القادرية بتفرعاتها من أكثر الطرق انتشارا في السودان ،ويقدر الشيخ الريح أتباع القادرية العركية في السودان بأربعة ملايين شخص .
ويرى المستشرق ج. سبنسر تريمنجهام أن مرحلة ثانية من المد الصوفي جاءت نتيجة لأحداث خارج السودان قد بدأت مع مستهل القرن التاسع عشر، كرد فعل للتوسع الأوربي السريع داخل الأراضي الإسلامية وظهور الوهابية ودعوتها للعودة للإسلام الأصلي ومهاجمتها لتأليه الأولياء والخرافات التي شابت الممارسة الإسلامية.(48/49)
ويصف السيد احمد بن ادريس الفاسي (توفي عام 1836 ) الصوفي والمصلح الديني الذي تأثر بالوهابية بأنه الشخص الأكثر تأثيرا في السودان رغم عدم دخوله إليه، إذ أسس الطريقة الادريسية التي انتشرت في السودان كما كان معلم الرجال الآخرين، وهم من اسس وادخل الى السودان طرقا أخرى ، كمحمد المجذوب الصغير (1796-1832 ) حفيد مؤسس المجذوبية ، والذي اعاد احياء طريقته ونشرها في الشرق وسط البجا والشيح ابراهيم الرشيدي (توفي عام 1874 ) وهو شايقي اسس الطريقة الادريسية في السودان من بين أماكن أخرى ومحمد عثمان الميرغني (1793 -1853 )مؤسس الطريقة الميرغنية او الختمية إحدى أهم الطرق في شرق السودان وشماله وفي الخرطوم بحري.
كما ادخل احمد الطيب البشير الجموعي وهو قادري درس في المدينة على يد الشيخ محمد بن عبد الكريم السمان ، الطريقة السمانية الى السودان عام 1800والتي انتشرت في وسط السودان.
ودخلت التيجانية من مصر إلى بربر قبل المهدية بوقت قصير، على يد محمد بن المختار (المتوفى عام 1882) والمعروف بود العلية ونشرها آخرون من عرب أفريقيا أمثال عمر جانبو من الهاوسا في دارفور وكردفان ، وتعد هذه الطريقة من أنشط الطرق في غرب أفريقيا واحد العوامل الأساسية في نشر الإسلام فيها. وهناك طرق أخرى اقل حجما كالبرهانية والتسعينية والدندراوية والعزمية والطرق المصرية كالإبراهيمية الدسوقية والرفاعية والاحمدية البدوية والبيومية.
المسيد والخلوة:…
يعد المسيد حيث يقيم شيخ الطريقة والخلوة حيث يتم حفظ القران الكريم وتعلم أسرار الطريقة المراكز الأساسية في بناء الطريقة ، الذي يتم على وفق تراتبية هرمية يقف في أعلاها (شيخ السجادة)، الذي عادة ما يكون له خلفاء يجيزهم لتولي شؤون الطريقة ونشرها في مناطق أخرى ،ومقدمون يتولون إدارة شؤون المسيد وأداء بعض الفعاليات نيابة عن الخليفة.(48/50)
وينقسم أتباع الطريقة إلى قسمين، وهما نخبة محددة من الدراويش أو الحيران الذين سلكوا الطريق ونذروا أنفسهم كليا له وانقطعوا عن الدنيا للعبادة واخذ أوراد الطريقة وإسرارها تحت توجيه شيخهم.
والقسم الثاني الذي يضم الأغلبية من أتباع الطريقة ، ويسمونهم أولاد الطريقة ، وهم من يمارسون حياتهم وأعمالهم العادية ولكنهم يشاركون في شعائر الطريقة واحتفالاتها.
تعد منطقة (ام ضو البان)، على بعد أكثر من أربعين كيلومتراً عن الخرطوم ،مثال للمنطقة الصوفية ، فهذه المدينةكما يتحدث الناس فيها، قد أسسها الشيخ العبيد منذ أكثر من مئة وخمس وستين سنة عندما أقام خلوته لتعليم القران فيها كما يحدثنا الشيخ الطيب خليفة الشيخ محمد البدر في ام ضو البان،
إذ يشير إلى أن الشيخ العبيد هو صوفي قادري كان سائحا في العبادة ونشر القران ، وكان برفقة زميل له يدعى الشيخ المقابلي حيث باتا في ضيافة رجل من هذه المنطقة قدم لهما الطعام، وقد قام هذا الرجل بمسح أرجلهما بالزيت، وإثناء المنام رأى الشيخ رؤيا دعته لان يؤسس خلوته في هذا المكان.
وواصل الشيخ العبيد طقس هذا الرجل فكان يمسح بالزيت أرجل طلبته إثناء منامهم ، كما اخذت المدينة اسمها الجديد من النار التي أشعلها في الخلوة لقراءة القران، ولم تنطفئ في المكان منذ ذلك الوقت ، حيث بات القادمين يستدلون على الخلوة في الليل عندما يرون تلك النار فتحول اسم المدينة من ام ضبان (ذبان ) إلى ام ضو البان ، في إشارة إلى نار القران عندما يراها المسافرون فيقولون (الضو بان).
هذه الخلوة استحالت إلى مجمع ديني كبير كان الأساس في تكوين المدينة يضم مسجدا ومراقد شيوخ الطريقة بدءا من الشيخ العبيد المؤسس في القرن التاسع عشر وعدد من خلفائه.(48/51)
وفي الخلوة ألان كما يؤكد الشيخ الطيب حوالي ألف وخمسمائة طالب من مختلف أنحاء السودان او من بلدان مجاورة تتراوح أعمارهم بين سن خمسة أعوام إلى السبعين، ينصرفون لدراسة القران لسنوات تتوزع على ست سنوات لحفظ القران وسنتين للتجويد وأربع سنوات للقراءات تتوزع بين الخلوة ومعهد ديني يعقبها.
وتقوم الخلوة بتوفير الطعام والملبس والعلاج لهم تراهم يمسكون بألواح خشبية يكتبون عليها الآيات القرآنية ثم يقومون بغسلها بعد حفظ الآية لكتابة آيات جديدة.
محمد بلولة احد طلاب هذا المعهد ، وقد انتقل إليه بعد ان قضى سبع سنوات في الخلوة ، حدثنا عن نظام الدراسة في الخلوة ، التي تبتدئ فجرا مع صلاة الفجر وبعد هذه الفترة ينتقلون إلى فترة الضحوية التي تنتهي في الساعة العاشرة والنصف صباحا.
ثم القيلولة وبعد القيلولة تأتي صلاة الظهر وتبدأ القراءة من الظهر حتى الساعة الثالثة والنصف ثم يأخذون استراحة لنصف ساعة ينتقلون بعدها إلى العصرية ومن ثم البركة التي يقوم بها الطالب بمراجعة حفظ لوحه.
وتأتي صلاة المغرب وتتواصل القراءة حتى صلاة العشاء وتتواصل بعدها حتى الساعة العاشرة والنصف ليلا ثم تأتي فترة (الأسبوع) حيث يقوم الطالب بمراجعة الأجزاء التي قام بحفظها من القران.
العباس الحسين محمد عثمان طالب أخر جاء من دارفور وقضى في الخلوة سنة ونصف وأكمل حفظ أربعة وعشرين جزءا من القرآن، ويقول انه سيكمل ثلاث سنوات ثم يذهب إلى زيارة أهله ليعود بعدها إلى الخلوة من جديد.
الشعائر: اذكار وأوراد:
يمثل الذكر جوهر الممارسة الصوفية، منذ تطورها في القرن الثاني الهجري، وتعني كما وردت في القران الكريم عبادة الله، كما يورد المستشرق تريمنجهام انها ترتبط ايضا بكلمة (ذكران) التي استخدمها السريان بالمعنى ذاته وينقسم لدى الطرق الصوفية الى ذكر صامت او خفي وذكر جلي.(48/52)
التأثير القوي للطرق الصوفية في الحياة السودانية، جعل مختلف الأنظمة والقوى السياسية حريصة على استثمار قوتها في معاركها السياسية
وقد تحول الذكر لدى بعض الطرق الصوفية من ممارسة صوفية تعبدية تأملية إلى طقس جماعي يشترك فيه أبناء الطريقة . ويرى بعض الباحثين أن الطرق السودانية قد أدخلت عناصر افريقية مميزة في ترديد الأغاني والذكر تخلو منها الصوفية المشرقية.
وتشتمل حلقات الذكر على قراءة الأوراد (مفردها ورد ويعني الصلاة الصوفية الخاصة ) والأحزاب القرآنية التي تتلى في أوقات مختلفة في اليوم او في أيام معينة ، وقد طور بعض المتصوفة الكبار أحزاب خاصة كما هي الحال مع الشاذلي والرفاعي والنواوي. ويستخدم التيجانية مصطلح (الوظيفة) التي يبدأون بقراءتها كما ألفها مؤسس الطريقة وتستعمل الاسماعيلية مصطلح (الراتب) للدلالة على شعائرها الخاصة.
ويبدأ الاستعداد للذكر بترديد كلمات (لا اله إلا الله ) وكلمة الله مع صفات معينة مثل الحي القيوم .. الخ ويصاحب الذكر ترديد أشعار ومدائح نبوية او لأولياء وشيوخ الطريقة على إيقاع الدفوف، الذي يبدأ بتكرار بطيء، يتصاعد تدريجيا حتى يصل إلى إيقاع متسارع في (النوبة) يرافقه أداء حركات عنيفة ، ووصول الدراويش إلى حالة انجذاب روحي خاص قد يصابون بغيبوبة، أو يؤدون حركات راقصة صعبة.
وقد حدثنا عنها الدرويش عوض موسى إسماعيل وهو يرتدي ثوباً رقع بقطع مختلفة الألوان وامتلأ ثوبه بالأزرار والمسابح قائلا أن الدراويش يشعرون خلالها بروحانية عالية،فيتواجدون أي تحدث لديهم أحوال لاشعورية ويقومون بحركات غريبة وقد يغمى عليهم وقد يصرخ أو يترجم البعض منهم أي يتحدث بلغات قديمة وانه كدرويش انه يشعر بسعادة طافحة ولا يشعر بأي تعب جسدي في هذه الحركات.(48/53)
ويقول الشيخ محمد الريح خليفة الطريقة القادرية العركية في الخرطوم : ان هذه اللغة التي ينطق بها الدراويش هي السريانية، لان المتصوفة الأوائل اعتادوا على استخدامها كلغة خاصة يتحدثون بها في ما بينهم، ربما بسبب القمع الذي تعرضوا له واتهامهم بالزندقة والتجديف اتجهوا إلى تعلم هذه اللغة حتى يكونوا في تقية من أمرهم عند تشاورهم في شؤونهم التي كان البعض يرى فيها خروجا ويتهمهم بالخروج عن الدين.
وتتباين الطرق في أورادها ومواعيد أذكارها ففي الطريقة السمانية تبدأ الأوراد في الثلث الثاني من الليل ، ثم ورد السحر ثم الشروق فالخواتيم مع الصلاة ، كما إن لديهم ورد المغرب بين صلاة المغرب والعشاء.
ويقيم الختمية أذكارهم بانتظام يومي الاثنين والجمعة وتسمى (الحضرة) التي تعقد في المجلس أو الزاوية أو في حوش الخليفة أو الشيخ أو لدى احد أعضاء الطريقة حين تكون لدية مناسبة خاصة فيطلب إقامتها لدية ،وحين ذاك تستهل ب(الزفة ) التي تبدأ من منزل الخليفة حيث يتجمع المريدين.
وتقام حلقات الذكر لدى القادرية كما يحدثنا الشيخ الطيب محمد البدر في ليلة الجمعة في السحر بعد منتصف الليل حتى آذان الفجر حيث تتلى المدائح للرسول ومشايخ الصوفية وعصر الجمعة بعد صلاة العصر وتسمى (العصرية) حيث تضرب النوبة.
وغير ذلك تحيى ليلة (المولد) وكذلك (الرجبية) في ذكرى الاسراء والمعراج وعقب كل عيد يكون هناك ذكر عصر كل يوم ولثلاثة أيام وصبيحة العيد تقام ضحوية كبيرة بعد صلاة العيد .
التصوف والسياسة:…(48/54)
ولعل هذا التأثير القوي للطرق الصوفية في الحياة السودانية، جعل مختلف الأنظمة والقوى السياسية حريصة على استثمار قوته تلك في معاركها السياسية، ما جعل الفرق الصوفية في السودان ليست بعيدة عن الممارسة السياسية ، بل أن نشوء الأحزاب السياسية التقليدية في السودان ارتبط بهذا التوزيع فتحدر الحزب الاتحادي الديمقراطي عن الطائفة الختمية وتحدر حزب الأمة عن طائفة الأنصار.
كما كان للحياة العصرية تداخلاتها مع رجالات الفرق الصوفية في السودان، إذ عمل البعض منهم أو أبناؤهم في مؤسسات الدولة وصار البعض منهم مستشارين ووزراء وسفراء.
وبرع البعض الآخر في الحياة الأكاديمية، كما هي الحال مع الشيخ حسن الفاتح قريب الله احد مشايخ الطريقة السمانية الطيبية، الذي وصل إلى درجة الأستاذية في الحياة الأكاديمية وترك أكثر من مئة مؤلف علمي . والشيخ كمال عمر الذي كان أمينا للشؤون السياسية في الاتحاد الاشتراكي في عهد الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري.
ويصف الدكتور حيدر إبراهيم لحظة نميري بأنها كانت مثالا للاستخدام السياسي للطرق الصوفية في المعارك السياسية لأنه عجز بنظره عن أن يبني حزبا سياسيا يجمع الناس حوله.
ويضيف ان الطرق الصوفية لا تلعب دورا سياسيا إلا عندما توظف وتستخدم من قبل السياسيين ، ويبدو أن ذلك هو ديدن السلطات والساسة الذين تعاقبوا على حكم السودان.
ويرى الدكتور إبراهيم ان هذه السلطات استخدمتهم لمحاربة مجموعة المثقفين الذين ظهروا بعد ثورة عام 1924 ونادي الخريجين ثم مؤتمر الخريجين ، وأنها نجحت في ذلك بل انه حتى الخريجين والانتلجنسيا السودانية قد وجدوا انهم لا يستطيعون التعامل مع الجماهير الا من خلال الطرق الصوفية.(48/55)
فانقسمت الانتلجنسيا نفسها إلى جزأين ،جزء ذهب مع عبد الرحمن المهدي والجزء الآخر مع عثمان الميرغني . ولم يخرج عن ذلك إلا جزء بسيط مع الأحزاب العقائدية إلا انه لم يؤثر سوى في أوساط محددة من الطلبة والطبقة الوسطى.
ويتحدث عن ما يسميه بصوفية (الافندية)، حيث دخل عدد من المثقفين الحديثين والموظفين والأكاديميين في سياق الطرق الصوفية لتحقيق مصالح خاصة، ويضرب مثلا بالطريقة البرهانية التي كانت تضم كبار الموظفين ولذلك كان يتم تحقيق مصالح مشتركة من خلال تداخل الأخوية الصوفية مع بيروقراطية الدولة.
ويخلص الدكتور حيدر إبراهيم الى انه إزاء الانشطارات والتي عاشتها الطرق الصوفية وتوزيعها الافليمي، وتوزع استخداماتها بين اتجاهات سياسية متعددة، فان دورها سيقتصر على الجانب الثقافي والاقتصادي ولن تلعب دورا سياسيا مهما في المرحلة القادمة.
من تصدير الثورة إلى تصدير المتعة
بقلم – علي الكاش (باختصار)
الايدز في إيران:
…في الصراع السياسي بين تيار المحافظين والتيار الإصلاحي، كانت هناك الكثير من النقاط محور خلاف بين الفريقين لكن الذي يخصنا في هذا البحث، هو المشاكل الجنسية التي أمست تشكيل تهديداًً حقيقياً للمجتمع الإيراني، وانتشار الايدز بسبب المخدرات وزواج المتعة، وانتشار دور الدعارة ولا سيما في المناطق ذات الطابع الديني مثل مدينة قم وطهران ومشهد.
…ويشكو محافظ مدينة قم من انتشار بيوت الدعارة في مدينته المقدسة، وهي مدينة الحوزة العلمية، وفي اجتماع مع المسئولين في المحافظة، ذكر بأن عدد بائعات الهوى في المدينة يتجاوز (20000) امرأة، هذا حسب ما مسجل في حين إن الأرقام الحقيقية هي أضعاف هذا العدد. فقد ألقي القبض عام 2001 على أكثر من (17000) امرأة تمارس الرذيلة تحت ستار "زواج المتعة".(48/56)
…وتشير المعلومات بأنه تم إلقاء القبض على أكثر من (10000) فتى وفتاة بسبب سلوكهم الذي لا يتوافق مع الإسلام، ومنطلقات الثورة الإسلامية، كما تم العثور على كميات كبيرة من المشروبات الروحية، وأوراق اللعب(القمار) وغيرها من "أدوات الوقوع في الحرام" كما يسميها زعماء الدين الإيرانيين.
…وتشير الصحف الإيرانية إلى أن مدينة قم تحولت إلى مرتع خصب لتجارة المخدرات أيضاً، وكشف عام 2001 عن فضيحة "غولشهر" التي هزت إيران وقتذاك عن إيجار الفتيات القاصرات وتزويجهن كرهاً عبر زواج المتعة.
…وكان الأمر يجري تحت رعاية رجال الدين وبتشجيع منهم، وكانت الفضيحة تتعلق بإنشاء "مؤسسة رعاية شؤون الفتيات الهاربات" عام 1997، وذلك لإيواء والاعتناء بالفتيات اللواتي يهربنّ من بيوتهنّ، بسبب تعرضهنّ للتحرش الجنسي من عوائلهن أو سوء المعاملة، أو بسبب إدمان آبائهنّ على المخدرات. وتبين بعد التحقيق أن رجال الدين والمسئولين الأمنيين وكبار القضاة قد تزوجوا منهن لساعات "زواج المتعة" دون اعتبارات العدة القانونية والشرعية، ومن ثم بدءوا بعرضهن على الزبائن، وقد أصيب عدد منهن بمرض الايدز. ويذكر حجة الإسلام موسوي بأن معلومات وصلت أليه تفيد بأن "فتيات" المؤسسة كن يغادرنها ليلاً رغم أن التعليمات لا تجيز ذلك وعلى متن حافلات تعود للحرس الثوري الإيراني، وسيق رئيس المركز(حجة الإسلام منتظري مقدم) مع عدد من رجال الدين ورجال الأمن والقضاء إلى العدالة.(48/57)
…وتم إغلاق المركز بسبب تحوله إلى مركز للتجارة والاستغلال الجنسي للمئات من الفتيات القاصرات، ومن الجدير بالذكر أن الرئيس السابق محمد خاتمي أصدر أوامر مشددة بالتكتم على أسماء رجال الدين الشيعة الذين وردت أسمائهم في التحقيق، ولا سيما أولئك المنتمين إلى الحوزة العلمية في قم للحفاظ على سمعتهم؟ ولكن بالرغم من هذه الإجراءات فقد تسربت بعض الأسماء ومنها حجة الإسلام حسين علي شاكري، وحجة الإسلام قلي زادة وآخرين.
…وكانت الفضيحة الثانية عندما ألقي القبض على سعيد هاني الذي قتل (16) مومس إرضاءً لله وحماية للدين، لأنهن عاهرات يفسدن الأخريان حسب قوله، ولا سيما أنهن يمارسن الدعارة تحت غطاء الزواج المؤقت قرب مدينة مشهد المقدسة، حيث مزار الأمام الرضا، وعقب رئيس الشرطة على أقوال المتهم بأن الدعارة "واقع مرير في إيران" وأن الأمر يحتاج إلى إرادة قومية، وشكا من عدم توفر مؤسسات إصلاحية للعاهرات.
…وفي تصريح لوزير الصحة الإيراني عام 2001 ذكر د.علي سياري بأن عدد المصابين المسجلين رسمياً بفيروس الايدز في طهران أكثر من (15) ألف شخص وأن العدد يتضاعف سنوياً بستة أضعاف.… …ويعرب المسئولون في وزارة الصحة الإيرانية عن خشيتهم من أن يكون عدد المصابين حالياً بحدود (60-70) ألف شخص، ويؤكد هؤلاء أن العدد الصحيح غير معروف وربما يتجاوز هذه التقديرات، وأوعز الوزير سبب انتشار المرض إلى زواج المتعة قائلاً "إن انتشار زواج المتعة جعل مكافحة هذا المرض صعباً، حيث يجيز القانون للرجال الزواج بأكثر من امرأة وبأوقات مختلفة مما يساعد على انتشار الأمراض التناسلية ومنها الايدز "، ويرى عدد من المحللين أن انتشار الايدز في إيران يرجع إلى :
…العامل الأول هو انتشار ظاهرة المخدرات وتعاطيها عبر وخز الإبر،حيث تشير المصادر بأن عدد المدمنين الإيرانيين يصل إلى حوالي (4) مليون شخص، منهم (200000) يتعاطونها عبر الإبر.(48/58)
…والعامل الثاني:- العلاقات الجنسية غير الشرعية كالبغاء وزواج المتعة الذي يشجع رجال الدين الإيرانيين عليه ويعتبرونه حلالاً.
…والعامل الثالث:- العوامل الاجتماعية والاقتصادية، بسبب الجهل والفقر وارتفاع نسبة الأميين، إضافة الى البطالة والتي تصل بحدود 25% من عدد القادرين على العمل، إضافة الى ارتفاع نسبة التضخم التي تصل الى35%، كما أن حوالي 53% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، يضاف الى ذلك ضعف الوعي الصحي، وانخفاض مستوى الخدمات الطبية، وعدم السيطرة على بيوت الدعارة.
…ويستغرب عدد من الإيرانيون قيام الدولة بشن المداهمات على الأماكن العامة، للبحث عن مرتدي الـ" تي شيرت" وبناطيل الجينز الأمريكية، أو البحث عن الأقراص المدمجة، والعاب الحاسوب، ومساحيق الزينة والماكياج باعتبارها أسلحة ثقافية يستخدمها الغرب لضرب الثورة الإسلامية ومبادئها، في حين أنها تغض النظر عن ظاهرة زواج المتعة وانتشار أماكن الدعارة وتجارة المخدرات؟ وترى الدكتورة (مينو محرز) الأخصائية المعروفة بمرض الإيدز ضرورة القيام بحملة توعية شاملة لمكافحة المرض، والقضاء على أسبابه ومنها المخدرات وزواج المتعة.
…وضع المنظرون الإيرانيون حلاً لمشكلة بيوت الدعارة وتفشي حالات الفساد والانحلال الخلقي، من خلال إنشاء ما يسمى " بيوت العفة" ولا شك أن القارئ من خلال العنوان سيتبادر إلى ذهنه بأنها بيوت لنشر الوعي الديني والثقافي والصحي، وإرشاد الفتيات إلى قواعد بناء الأسرة المقدسة في الإسلام، ولكن الحقيقية هي خلاف ذلك، فقد استبدلوا أسم"الدعارة" إلى "العفة" فقط تحت يافطة جمع النقيضين وبطريقة تدل على الفراغ الفكري، والسطحية الدينية، وذكروا بأن بيوت العفة الغرض منها مكافحة الفحشاء، والعلاقات غير المشروعة بين الجنسين، والأمراض الجنسية الناجمة عنها وخاصة مرض الايدز.(48/59)
…وتمكنت صحيفة الشرق الأوسط من الحصول على وثيقة تتضمن معلومات أغرب من الخيال عن طبيعة عمل هذه البيوت، ومنها ممارسة الرذيلة فيها تحت تسمية الزواج المؤقت أو زواج المتعة لمدة زمنية تتراوح بين ساعة واحدة و(99) عام؟؟ وان الزوجين " حسب تسمية الوثيقة" يمنحون الأذن بالإقامة في الفنادق أو إيجار البيوت، ويشرف على بيوت العفة رجل دين بدرجة أمام وطبيب وشرطي، للتأكد من خلوهم من الأمراض الجنسية، ولم يغيب عن خلد رجال الدين "الخمس" فأوجبوا أن تدفع أجور لرجال الدين من قبل المتمتعين، وحددت قيمة الزواج ما بين (30) ألف تومان إلى مليون حسب العمر والجمال وفترة الزواج، ولا يحتاج الرجل في هذا سوى مجهوده وشهادة سلامة صحية مع عدم تناسي تقديم الخمس للسادة؟؟
…وللحق فإن بيوت العفة وضعت شروطاً قاسية لمن يحق لهن ممارسة هذا الزواج وهنّ الأرامل، والنساء غير الراغبات بالزواج الدائم؟ والطالبات والفتيات اللواتي يقمن في مناطق بعيدة عن الأهل؟؟ إضافة إلى الفتيات غير الجميلات والمرضى؟؟
…والمدهش أن الجانب الإيراني بدلا من أن يضع الحلول الجذرية لهذه الآفة المميتة ويقتلع أسبابها، فإن الجهات الرسمية تتجاهلها وتصر على أن إيران تحتل مرتبة متأخرة في قائمة الدول التي ينتشر فيها الايدز.
زواج المتعة تعريفه ونبذة تاريخية عنه:(48/60)
…يعرف زواج المتعة بأنه عقد يقرر فيه الرجل والمرأة غير المتزوجة المدة التي يقرران خلالها البقاء مع بعضهما، والمال الذي تتقاضاه المرأة لقاء تقديم خدماتها الجنسية للرجل، وهو لا يتطلب عقد أو شهود أو تسجيل لدى المؤسسات الرسمية، كما يعرف كذلك بأنه زواج - إن صحت التسمية - يقصد به الطرفان بالاستمتاع الجسدي بينهما لفترة يتفق عليها، ولقاء أجر معين وينتهي بانتهاء أجله. ويختلف الزواج كرابطة مقدسة عن زواج المتعة في أن الأخير يتم بالاتفاق على أجل محدد، وتقع الفرقة بانتهاء الأجل، في حين أن الزواج الدائم ينهيه الطلاق البائن وتترتب عليه عدة واجبة شرعاً، كما أن المرأة يحق لها في زواج المتعة الأجر المتفق عليه فقط، في حين يترتب للزوجة الدائمة الحق في الميراث والنفقة وسائر حقوق الزوجية، كما أن عدة المطلقة من نكاح يضمر نيةّ الطلاق كعدة مثيلاتها، أما في المتعة فللمرأة بعد انقضاء متعتها عدة خاصة تخالف عدة المطلقة، كما أن الزواج بنية الطلاق قابل للاستمرار، إذا أرد الزوج ذلك وغير من نيته، ولا يحق له ذلك في زواج المتعة وكذلك للمتمتعة بعد انقضاء الأجل، وفي الوقت الذي لا يحق للرجل أن يتزوج أكثر من أربع نساء، ففي زواج المتعة يحق له ما يشاء حسب قدرته المالية والجنسية، والزواج الدائم يستدعي الإعلان عنه ووجود شهود ويسجل في دوائر الدولة، وهذا غير موجود في الزواج المؤقت، والهدف من الزواج هو الإنجاب وبناء الأسرة والمحافظة على النسل البشري، اما الزواج المؤقت فالهدف منه اللذة الجنسية فقط.(48/61)
…وتشير المصادر التاريخية بأن هذا النوع من الزواج عرف في الجاهلية وتبعها إلى الفترة الانتقالية الأولى للإسلام، فقد عرف الزواج المؤقت في عهد الرسول (صلى الله عليه و سلم) وحرمه الرسول بعد ذاك، ويرى عدد من علماء المسلمين، أن الرسول كان يتخذ سبلاً للترخيص فيما يخفف عن المسلمين عند الضرورة، حتى إذا أنسوا أحكامه عاد فحرمه، وكان السبب في السماح به، أن الفترة الانتقالية من الجاهلية إلى الإسلام، كان الزنا فيها منتشراً بين العرب، ولما أنضو تحت لواء الإسلام وبدأت الغزوات والجهاد ابتعدوا عن نسائهم وكان عدد منهم قد طلب من الرسول أن يستخصى، لكن الرسول نهى عن ذلك، وسمح لهم بزواج المتعة، وهو نفس ما درج عليه الإسلام في السماح بالربا وشرب الخمر ومن ثم نهى عنهما، وقد ورد ذلك في صحيحي مسلم والبخاري في أحاديث النهي، كما ورد عن الصحابي سبرة الجهني، بأنه "غزا مع النبي (صلى الله عليه و سلم) في فتح مكة، فأذن لهم في متعة النساء، فلم يخرج منها حتى حرمها الى يوم القيامة" وهكذا أجمع الفقهاء، وشذ عنهم أبن عباس (رض) حيث أباحها عند الضرورة، فقد سأله سائل عن متعة النساء فرخص بها، من ثم تبين له أن الناس توسعوا فيها ولم يقتصروا على الضرورة، فرجع عنها.(48/62)
…وتشير المصادر بأن الصحابة أجمعوا على تحريم نكاح المتعة، سوى ابن عباس ونفر قليل وأنه لم يكن مباحاً بشكل عام، وأقتصر على الضرورات فقط، ويرى العديد من الفقهاء أن الزواج هو الرابطة المقدسة في الإسلام مستشهدين بالكثير من الآيات الكريمة ومنها " وبعولتهن أحق بردهن" و "لهن مثل الذي عليهن بالمعروف" " حتى تنكح زوجاً غيره" والآية الكريمة " والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ". وتحدثنا الدكتورة شهلا الحائري في كتابها " المتعة" بأن زواج المتعة يرجع إلى الديانة المجوسية، وتشير الأساطير إلى زواج الملك رستم من ابنة الملك سامانغام بطريقة الزواج المؤقت، وأنجبا الملك سهراب ، وكذلك الأمر في الديانة الزرادشتية حيث يحق الزواج المؤقت بين أتباع الديانة حتى في حالة وجود زواج دائم بين الزوجين، فيحق لكل منهم أن يتزوج بشكل مؤقت، ومنذ سقوط نظام الشاه وتسلم الخميني السلطة عام 1979 أصبح زواج المتعة شائعاً في إيران.
موقف المذهب الشيعي:
…رغم أن الأحاديث المتواترة عن آل البيت رضوان الله عليهم بتحريم زواج المتعة، لكن فقهاء المذهب الشيعي الأثنى عشري سمحوا به استنادا إلى رواية أبن عباس من جهة وتنكيلاً لأبن عمر الذي نقل عنه أمر النهي، وقد سئل أبن عمر عن المتعة فقال: حرام ، فقيل له : أن أبن عباس يفتي بها فقال "فهلا تزمزم بها في زمان عمر". أي لماذا لم يفتي بها في زمن الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)؟(48/63)
…وتفيد المصادر الشيعية بأن عمر بن الخطاب أول من قام بتحريم زواج المتعة وليس الرسول، ومن المعروف عن عمر بن الخطاب قوله "لو تقدمت فيها (المتعة) لرجمت" ويدعي الفرس أن ابن الخطاب كان يخشى على أمته من العجم وحفاظاً على نسبهم حرم المتعة، منوهين بأنه لا يحق لعمر أن يحرم، مستندين إلى رواية أبن عباس، بالرغم انه ورد في صحيح مسلم حديث للرسول (صلى الله عليه و سلم) جاء فيه "كنت قد أبحت لكم زواج المتعة، وأن الله قد حرمه إلى يوم القيامة".
…كما ورد عن الترمذي حديث عن سفيان عن الزهري عن عبد الله والحسن أبني محمد بن علي عن أبيهما عن الأمام علي (ع) أن النبي (صلى الله عليه و سلم) نهى عن متعة النساء وعن لحوم الحمر.
…تذكر الروايات الشيعية أن الأمام جعفر الصادق (رضي الله عنه) سئل عن المتعة فأجاب بأن المتمتع "ينال ثواباً عن كل كلمة تبادلها مع المرأة، ويمنحه الله ثواباً عندما يمد يده إلى المرأة، وعندما يدخل عليها، يغفر الله جميع ما تقدم من ذنوبه، وعندما يغتسل تحل عليه رحمة الله ومغفرته عدة مرات، على عدد الشعرات التي تبللت بمياه الاغتسال".
…ولا شك أن الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة تفند هذا الادعاء المنسوب ظلماً للإمام الكبير (ع)، الذي حاشا أن يتكلم بهذه الطريقة المكشوفة، التي يتورع حتى السفهاء بالحديث عنها هكذا؟ فكيف بحفيد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم) ومن الطبيعي أن هذا الكلام المتهرئ من وضع الفرس فقد ورد في مراجعهم الكبرى عند المجلسي والطوسي والطبرسي والنعماني والكليني وغيرهم.
موقف رجال الدين المعاصرين من زواج المتعة(48/64)
…فيما يتعلق بالشريعة الإسلامية كان رجال الدين ينظرون لهذا المرض وغيرها من الأمراض الجنسية الناجمة عن العلاقات الجنسية غير الشرعية نظرة من يرتكب الخطيئة، انطلاقا من الدفع باتجاه إقامة علاقات جنسية مشروعة في إطار الزواج والابتعاد عن السلوكيات المنحرفة، وغالباً ما كان يحجر عن المرضى بسجون أو مناطق عازلة ويبعدون عن المجتمع.
…وبالنسبة للديانة المسيحية فقد كان رجال الدين يطالبون بمعاملة مرضاه بالرحمة و المسامحة وعدم نبذهم أو حجرهم، أما الديانة اليهودية فقد كانت قريبة من موقف علماء المسلمين في ممارسة العلاقات الجنسية ضمن الزواج باعتباره علاقة مقدسة ورابط اجتماعي وشرعي.…
…وفي الدورة التاسعة لمجمع الفقه الإسلامي الذي عقد عام 1991 رفض المجمع الزواج المؤقت، معتبراً أنه زواج فاسد لوجود معنى المتعة فيه، وهو مبني على جهالة.
…ومن ابرز الفقهاء المحدثين الذين رفضوا هذا الزواج واعتبروه محرماً الشيخ محمد شلتوت، رغم أنه من الدعاة غالى تقريب المذاهب، فقد ذكر بأن هذا الزواج ليس الزواج الذي شرعه الإسلام ونزل به القرآن، فقد ربط القرآن الزواج بأحكام كثيرة منها التوارث وثبوت النسب والنفقة الزوجية والعدة والطلاق والظهار واللعان وحرمة الزواج من خامسة وغير ذلك مما لا يوجد في الزواج المؤقت.
…كما أفتى الشيخ يوسف القرضاوي بأن الزواج في الإسلام عقد متين وميثاق غليظ يقوم على نية العشرة المؤبدة بين الطرفين، لتحقيق ثمرته النفسية من السكن النفسي والمودة والرحمة، وغايته النوعية من استمرار التناسل وامتداد بقاء النوع الإنساني، أما زواج المتعة فلا يتحقق فيه المعنى الذي أشرنا إليه.
…كما جاء عن الشيخ فيصل مولوي بأن هذا الزواج محرم، لأن الغاية الأساسية من الزواج هي بناء العائلة والتربية الصالحة للأبناء، وهذا يتم عبر الزواج الدائم.(48/65)
…أما الشيخ عبد الفتاح أدريس فقد ذكر بأن زواج المتعة لم يكن مباحاً بوجه عام، وإنما كان يباح في حال الغزو، عند شدة العزوبة على المجاهدين العازيين في سبيل الله، لأنهم تركوا زوجاتهم خلفهم، وكان الجهاد يستمر عدة أشهر، فكان الوحي ينزل على الرسول (صلى الله عليه و سلم) بإباحة هذه المتعة، ثم بعد أن ينتهي سبب تشريعها ترتفع الإباحة ويكون الحرمة، وقد تعدد هذا عدة مرات، وأقتصر أباحته على الغزو وعلى المجاهدين الغازين في سبيل الله، إلى أن جاء التحريم القاطع بنكاح المتعة، وأصبح أمر المتعة عند أهل السنة وغيرهم من المحرمات، ولم يقل بإباحته في أيامنا هذه إلا الشيعة الأمامية لتأويل عندهم بإباحته.
بعد تصدير الثورة الإسلامية تصدير الدعارة إلى العراق
…كان للانفلات الأمني الذي حصل بعد دخول قوات الاحتلال إلى العراق وما صاحبه من فوضى شملت كل مرافق الحياة، ولا سيما فتح الحدود أمام كل من هب ودبّ من كافة الجهات ونزوح مئات الآلاف من العراقيين من التبعية الإيرانية إلى العراق بدعوى أن النظام السابق طردهم، إضافة غالى محاولة النظام الإيراني بتغيير وطبوغرافية المنطقة الجنوبية لضمها إلى سيطرته، ولضمان فدرالية الجنوب فقد نزح هؤلاء الى العراق بدعم إيراني ودعم من الأحزاب الشيعية المنضوية تحت الولاء لإيران، وقام هؤلاء عبر المؤسسات الخيرية الإيرانية، والتي لم يجد العراقيون لحد الآن أي خير منها ومسميات أخرى بالتوافد بطريقة غير معقولة.
…ويذكر عضو مجلس محافظة كربلاء "بأنهم زودوا بالهويات العراقية وحصلوا على الجنسية العراقية رغم أن العديد منهم لا يتكلم العربية ويتكلمون الفارسية بطلاقة "وأشترى عدد كبير منهم أراضي وبيوت في المناطق الجنوبية من العراق وفي كربلاء والنجف.(48/66)
…وكشفت التقارير أن رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري وزع الكثير من الأراضي لهم تحت يافطة جمعيات إنسانية وبناء حسينيات، وأصبحوا مواطنين عراقيين رغم أنف الجميع، كما توافد مئات الألوف من الإيرانيين إلى المناطق المقدسة لغرض الحج، ومعذرة من هذه التسمية.
…ولكن كما هو معروف في المذهب الشيعي بأن شد الرحال إلى العتبات المقدسة في العراق أهم بكثير من شد الرحال إلى الكعبة المشرفة، ويطلق الإيرانيون لقب "حاج" على زائر هذه العتبات معتبرين أن الحج للكعبة لا يقل أهمية عن الحج لكربلاء والنجف بل إن بعض مصادرهم تعتبرها اوجب واهم من حج الكعبة، في الوقت الذي يسمونه في العراق " الزاير للرجل والزايرة للمرأة " وكان الزوار سابقاً – في ظل النظام البعثي السابق- يخضعون إلى تعليمات صارمة، وحتى على مستوى الوفود الرسمية؟
…وكان هؤلاء الوافدين بصفة زوار أو مؤسسات خيرية إيرانية تحت مسميات أسلامية، أو حجاج إيرانيين، قد جلبوا معهم أمراض إيران وخاصة المخدرات والايدز، عبر التزاوج مع العراقيين بـ"زواج المتعة" وكذلك عبر تعاطي المخدرات عن طريق الحقن بالإبر، وسنركز على موضوع الدعارة وزواج المتعة باعتباره العامل الأول لانتشار الأمراض التناسلية وأهمها الايدز، كما أكدت التقارير الدولية والمسئولين الإيرانيين والعراقيين على حد سواء.
القنوات الإيرانية
- عبر تجارة المخدرات، فقد كانت إيران المرجع الأول لتجارة المخدرات في العراق ومنطقة الخليج، وتم إلقاء القبض على المئات من المتاجرين بها والذين أكدوا بأنهم يجلبونها من إيران، كما أشارت الكثير من المصادر العراقية الرسمية إلى هذه الحقيقية وسننشر حلقة خاصة حول موضوع تجارة المخدرات في العراق وآثارها.(48/67)
- الترويج إلى زواج المتعة من خلال إرسال الآلاف من النساء إلى المنطقة الجنوبية من العراق والعتبات المقدسة كالنجف وكربلاء بدون "محرم" كما هو الأمر في الحج إلى الكعبة المشرفة، وكان عدد من هذه النسوة ممن يمارسن الرذيلة في إيران، وقد وجدن الفرصة مناسبة لمارستها في العراق لتحقيق الأرباح وتدمير أركان المجتمع العراقي بدعم من الجمهورية الإسلامية، التي اعتبرتها أفضل الطرق للحد من انتشار الظاهرة في إيران وتصديرها إلى العراق الممزق، لتنظيف إيران منها من جهة والاستفادة من الأموال الناجمة عنها، إضافة إلى تدمير الروابط الاجتماعية في العراق المحافظ على القيم واحترام رابطة الزواج وتقديسها وكذلك كطريقة للانتقام من البلد الذي أذاق زعمائها السم الزعاف خلال الحرب العراقية الإيرانية وإرجاع الحياة إلى المشروع الشعوبي القديم.
- الزوار الإيرانيون، حيث يشير عضو المجلس المحلي لمحافظة كربلاء بأنه " يؤم المدينة سنوياً الملايين من الزوار، وكانوا سابقاً – النظام البعثي السابق- يخضعون إلى تعليمات صارمة، وشروط معينة كي يتمكنوا من زيارة العراق والأماكن المقدسة" ومن المعروف أنه في النظام السابق كانت الشهادة الصحية للخلو من مرض الايدز، إضافة إلى وجود فرق صحية في المجمعات الحدودية تقوم بفحص الوافدين من الخارج "فحص الايدز" من الشروط الأساسية للدخول إلى العراق، وحتى على مستوى الوفود الرسمية، ولكن مع انهيار النظام انهارت كافة القوانين والنظم والتعليمات حتى تلك التي تصب في صالح العراق وشعبه، على اعتبار أنها جزء من أرث النظام السابق وألغيت أو تركت دون العمل بها؟(48/68)
…وكان هؤلاء الوافدين بصيغة مواطنين عراقيين أرجعت لهم حقوقهم، أو مؤسسات خيرية إيرانية تحت مسميات أسلامية، أو الحجاج الإيرانيين، ويشير السيد حسين حداد عضو اللجنة المكلفة بحفظ النظام في الحضرة الحسينية أن أكثر من (500) إيراني يطوفون في المقام، ولا حظ كلمة يطوفون لتأكيد كلامنا حول اعتبار الزيارة كالحج، ويوضح المسئول الأمني هاشم عبد الأمير أن الزوار "يجتاحون الحدود خلسة، ويتنقلون بالحافلات دون ادني تنظيم، ويدخلون معهم المخدرات".
…ويضيف عبد الحسن محمود أمام الضريح الحسين (ع) بأن "القادمين خلسة هم مصدر المشاكل للعراق، وإنهم يسيئون لسمعة الزوار" من خلال تصرفاتهم وقد جلبوا معهم أمراض إيران وخاصة المخدرات والايدز، عبر التزاوج مع العراقيين بـ"زواج المتعة" وكذلك عبر تعاطي المخدرات عن طريق الحقن بالإبر، وقد تحدثنا في حلقة سابقة عن موضوع المخدرات ودور إيران في تخريب العراق عبر هذه القناة، وسنركز على زواج المتعة باعتباره العامل الأول لانتشار الأمراض التناسلية وأهمها الايدز في العراق، كما أكدت التقارير الدولية والمسئولين الإيرانيين والعراقيين على حد سواء.
…ومن الجدير بالذكر أن مستشار الأمن القومي العراقي كريم شاهبوري (موفق الربيعي) خلال زيارته الأخيرة إلى البلد الأم إيران أكد على ضرورة تعزيز الجانب الأمني وآلية دخول الزوار الإيرانيين إلى العتبات المقدسة، ولكنه لم يبين ما هي هذه الآلية التي لم ترى البصر لحد الآن، وهل هي تخدم العراق أم الأجندة الإيرانية؟(48/69)
- قيام رجال الدين الإيرانيين الزائرين للعراق، والأحزاب الشيعية الموالية لإيران بترويج ظاهرة زواج المتعة والدعوة إليها، من خلال الإصرار على أنها حلال ولا تتنافى مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، والدليل أن كبار المراجع العظام يمارسونها بلا هوادة وفعلاً بدأ مفعول الدعاية الدينية يسري كالهشيم أولا بين الشباب العراقيين ومن ثم انتقلت العدوى إلى النساء العراقيات، وساعد على انتشار الظاهرة وجود العديد من النساء العوانس في العراق بسبب الحروب الثلاثة التي خاضها النظام السابق واستشهاد وأسر وتعويق أكثر من نصف مليون عراقي. يضاف إلى ذلك خلو العديد من الأسر العراقية بسبب هذه الحروب لسلطة الأب الذي أستشهد وعوق، علاوة على الفقر والحصار الاقتصادي، وسوء المعيشة بعد غزو العراق من قبل قوات التحالف، وانتشار حالات الاغتصاب في السجون ومراكز الشرطة من قبل هذه القوات والميليشيات التي تختطف النساء ويتحولن إلى الدعارة مخافة الرجوع إلى الأهل، وتشير المعلومات إلى تعرض أكثر من (2000) امرأة خلال العام الحالي إلى الخطف من قبل هذه الميليشيات، ناهيك عن اعترافات الجنود الأمريكان باغتصاب عدد من الحرائر العراقية وكانت آخرهم الشهيدة الملاك عبير قاسم حمزة.
- هناك العشرات من المؤسسات الخيرية الإيرانية في المناطق المقدسة في العراق وهي ذات نشاطات مخابراتية غريبة ومبهمة، ويشير عدد من العراقيين الذين يرفضون الإفصاح عن هوياتهم بسبب الخوف من القتل، باعتبار أن الإيرانيين هم أصحاب النفوذ الفعلي في مناطقهم وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، وان من جملة نشاطات هذه المؤسسات ترويج ظاهرة انتشار الدعارة وزواج المتعة من خلال البيوت التي تملكها، وتسخيرها لبعض رجال الدين من ذوي الأصول الإيرانية لعقد الزواج المؤقت والتشجيع عليه.(48/70)
- بسبب عدم الرقابة الحكومية على المطبوعات الواردة إلى العراق، فقد انصبت دور النشر الإيرانية بتسويق عشرات الألوف من الكتب الشيعية التي تخدم أغراضها في العراق، وكانت الأسعار مدعومة من قبل النظام الإيراني، وتباع بخصومات مالية كبيرة إلى الموزعين العراقيين تصل نسبتها إلى 75% من أسعارها الحقيقية، وبشروط دفع أشبه ما تكون بالمجانية، وراجت الكثير من المطبوعات التي تحرض شيعة العراق على زواج المتعة وتؤكد انه حلال في الإسلام وانه كان مباحاً في عهد الرسول (صلى الله عليه و سلم) لكن عمر ابن الخطاب هو الذي حرمه وانه لا يحق لعمر أن يحرم ما لم يحرمه الرسول، ويحدثنا أحد مستوردي الكتب من إيران، بأنه أستورد عشرات الألوف من كتاب شهلا الحائري "زواج المتعة" - وهي حفيدة آية الله الحائري التي تحلل الزواج المؤقت، وتنسب إلى الخليفة عمر بن الخطاب تحريمه وليس الرسول (صلى الله عليه و سلم) -وأن الطلب عليه متزايد في العراق، ولما سألته أليس في ذلك خطراً على الشباب؟ أجابني بأنه استفتى المراجع في النجف وشجعوه على جلبها لتنوير شيعة العراق حول هذه المسألة المهمة ؟
- مما شجع على ظاهرة انتشار الدعارة والزواج المؤقت أن بعض المناطق كانت مؤهلة لاكتسابها، لعوامل جغرافية وتاريخية، ففي البصرة عرفت مناطق محددة تنشط فيها بيوت البغاء والتي غالباً ما كان يرتادها الزوار من دول الخليج، مثل منطقة "البصرة القديمة" و"حي الطرب" وغيرها من الأماكن الكثيرة، وكذلك الأمر في الديوانية "منطقة الفوار" وفي ديالى "منطقة كنعان" ومناطق أخرى، لذا فقد استردت هذه المناطق مكانتها السابقة وازدهرت فيها التجارة من جديد، ولكن هذه المرة تحت غطاء الزواج المؤقت.(48/71)
من المعروف أن العراق كان من البلدان النظيفة من ناحية بيوت الدعارة، ورغم أن هذا لا يعني خلوه منها، ولكنها كانت مركزة في المناطق التي اشرنا أليها وسرعان ما اضمحلت، كما أن الأحكام القانونية كانت قاسية على من يطاله القضاء العراقي، وفي الماضي القريب كانت البيوت مركزة في أحياء بعيدة عن المدن، واتسمت بقذارتها وعدم توفير المياه والشروط الصحية فيها.
…وقد أختلف الأمر بعد غزو العراق، وفي حديث مع العلامة المغفور له جلال الحنفي، أمام جامع الخلفاء في بغداد، كنا نتسامر عن كتابه "جولة في مباغي بغداد" حيث كان رحمه الله يزور هذه الأماكن للتعرف عن أسباب الظاهرة، وينهى النساء عن هذا الإثم في برنامج أصلاحي ويدلهم على الطريق المستقيم، ويطالب الحكومة بتقديم الرعاية الاجتماعية والصحية للنساء، فسألني أن كنت أمتلك من الكتاب نسخة أضافية حيث فقدها بطريقة الإعارة! فرددت بالإيجاب فابتسم وقال أنها حصتي أو هديتي سمها ما شئت، وبادرته القول "يا شيخ أية فائدة منها الآن، لقد انتشرت المباغي في كل مكان من العراق، وأظنك بحاجة إلى طائرة مروحية وجيش من الورعين للوقوف عليها عليها"؟(48/72)
…عند إنشاء مجلس الحكم سيء الصيت، حاولت الأحزاب الشيعية الطائفية وبالذات حزب الدعوة الإسلامية والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وبإيعاز وتوجيه أيراني واضح، شرعنه هذا الزواج وتمريره بالقرار (137) الذي أبطل القانون المدني العراقي، فقد قام أبن إيران المدلل عبد العزيز الحكيم أثناء رئاسته لمجلس الحكم في ديسمبر عام 2003 بإلغاء قانون الأحوال الشخصية بالقرار (137) بالرغم من الصعوبة التي واجهته وهي صعوبة نسائية وليبرالية عربية كردية داخل المجلس وخارجه حتى ألغي قرار الإلغاء بعد تصويت الأكثرية ضده، وعند تسلم الباجةجي السلطة بعده ألغى القرار نهائياً، ويحاول الكاتب رشيد الخيون أنة يبرأ السيد السيستاني من دوره في اللعبة المكشوفة استنادا إلى كلام السيدة رجاء الخزاعي عضو المجلس سيْ الصيت والمنضوية تحت العباءة السيستانية، على اعتبار أن سماحته عندما سئل عن الأمر؟ ذكر "بأنه لا علاقة له به"!
ومن المعروف أن القانون المدني كان ساري المفعول على كافة الطوائف الدينية في العراق دون استثناء ولكن إلغاء القرار كان الغرض منه تحرير الشيعة من أحكامه وإتاحة الزواج المسيار وزواج المتعة، ويبدو أن المندوب السامي بول بريمر أدرك المغزى، وليس حباً بالزواج ألدائمي، ولكنه كشف الأصابع التي تقف وراء القرار المذكور، بالإضافة إلى رغبته بالحد من نفوذ التيار الإسلامي والشريعة الإسلامية في الحياة المدنية.
…لذلك فقد أوعز بإلغاء القرار، وكان صفعة كبيرة للأحزاب الموالية لإيران التي لم تكتف بالتشجيع والمجاهرة بزواج المتعة وإنما تحاول أن تعطيه الصبغة الرسمية لتفكيك المجتمع العراقي وتحطيم أسسه الأخلاقية، بما يتواءم ومفردات المسلسل الشعوبي ضد العراق الذي تدعمه إيران.
شواهد من العراق الجديد(48/73)
…تضافرت ظاهرة الفساد في العراق بعد غزو العراق من طرفين أولهما من الجارة المسلمة إيران، والثاني من قبل قوات الاحتلال ، فقد أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريراً عن انتشار ظاهرة الرقيق الأبيض بين الفتيات العراقيات، وارجع التقرير السبب إلى انهيار القوانين، وأشارت صحيفة "التايم" الأمريكية إلى أن ظاهرة التجارة الجنسية في أراضي العراق لم تراع السن القانونية للفتاة، فمن بين الضحايا فتيات في سن المراهقة وبعمر (14) سنة.
…وفي الوقت الذي ذكرت "جمعية حرية المرأة في العراق" بأن عدد الفتيات اللواتي اختطفن حوالي (2000) فتاة فأن المسئولين الغربيين يؤكدون بأن هذه الأرقام ليست حقيقية، وتفوق ذلك الرقم بكثير، وقد أعترف احد المهربين لصحيفة الشرق الأوسط عن مؤشرات انتشار تجارة الرقيق الأبيض في العراق، مشيراً بهذا الصدد " تجارة التهريب تبدأ من السلاح وتنتهي باللحم الأبيض"ويكشف المهرب أن" تجارة النساء (اللحم الأبيض) والأعضاء البشرية أصبحت رائجة في العراق، وهو يدار من قبل شبكات غاية في التعقيد، ويصعب التقرب منها" ويشير احد أفراد الشرطة العراقية " أن الأمر لم يعد يقتصر على الغجر وبنات الليل وإنما وصل إلى خريجات الجامعات" متخذاً لبوساً جديدة عبر زواج المتعة وزواج المسيار وغيرها.(48/74)
…وفي دراسة قامت بها "المنظمة العراقية للمتابعة والرصد" ذكرت بأن الأمراض الجنسية تشهد ارتفاعا كبيراً في العراق وخاصة في محافظات العراق الجنوبية والوسطى كالبصرة والنجف وكربلاء و واسط والقادسية وميسان وذي قار والمثنى وبابل، وهي التي يقطنها أكثرية شيعية، وأن زواج المتعة والتجارة بالمخدرات وانتشار بيوت الدعارة هي التي تقف وراء هذه الظاهرة، وفي دراسة للجنة "رقابة البيئة الصحية" و"الرقابة الاجتماعية" فأن هذه الزيادة اقترنت بتفشي ظاهرة زواج المتعة لدى أبناء الطائفة الشيعية، بعد أن كان هذا الزواج محظوراً أبان الحكم السابق، وفي أشارة خطيرة حول تفاقم الظاهرة تشير البيانات أن نسبة المصابين بالأمراض الجنسية تبلغ 50% ممن تزوج بطريقة المتعة؟
كما تشير تقديرات الدوائر الصحية في المحافظات ذات الأكثرية الشيعية بأن عدد الإصابات بالأمراض الجنسية ومنها الزهري والايدز، والتي تم تسجيلها بحدود (75000) ألف إصابة سجلت خلال عام واحد، وتؤكد الدراسة أن الأعداد الحقيقية أكبر من هذا بكثير، وان العديد لم يراجعوا بسبب القيود الاجتماعية !!مع العلم أن إعراض الايدز على سبيل المثال قد تظهر خلال ستة أشهر إلى سنتين؟
…وتشير أيضاً إلى أن العديد من الإصابات كانت قد رصدت من الوافدين من إيران، وهو الأمر الذي أصبح ملازماً لظاهرة السياحة الدينية وزواج المتعة، وتشير بعض الدراسات إلى أنه منذ غزو العراق تقدر حالات زواج المتعة بمليون حالة، وأن عدد من الرجال والنساء يرتبطون بالعديد في علاقات جنسية يومية تحت غطاء زواج المتعة، وانه بالرغم من وجود شروط مرنة في هذا الزواج لكن حتى هذه لا يلتزم بها المتمتعون.(48/75)
…ومن الغرائب أن تتم الكثير من هذه الزيجات في بيوت الدعارة، والتي تتمتع بحماية الميليشيات الشيعية، وكذلك أجهزة الشرطة والأمن، ويبدو أن الأمر قد أنطلى على العديد من الطالبات البسيطات والفقيرات الحال في الجامعات، حيث يشكو الكثير من الأساتذة والطلاب تنامي هذه الظاهرة في الجامعات العراقية ولاسيما في المناطق الجنوبية والمقدسة وخاصة من قبل الموسرين أو أبناء أصحاب النفوذ في العراق الجديد إضافة إلى عناصر الميليشيا.
…وفي آخر تصريح للدكتور حسين عبد الله الجابري مدير معهد الإمراض السارية والمعدية في مدينة النجف المقدسة، أكد بأن معدلات الإصابة بمرض الايدز في مناطق الجنوب العراقي ذات الأغلبية الشيعية في ارتفاع مخيف جداً، مرجعاً السبب في ذلك إلى انتشار ظاهرة زواج المتعة غير المبني على أية ضوابط صحية مع الأخذ بنظر الاعتبار تزايد عدد الزوار القادمين من إيران وباكستان.
…ووجه انتقادا لاذعاً للسادة (من آل النبي صلى الله عليه وسلم) كما يدعون الذين يروجون هذا الزواج ويكتبون عقوده بأقلامهم النتنة، مؤكداً أن مدد الزواج قد تكون أسبوع أو ليلة واحدة دون الحاجة إلى اخذ مستمسكات ثبوتية من المتعاقدين، واعتبر الجابري انه من المستحيل رصد حالات المرض وحامليه لمنعهم من نشر العدوى القاتلة إلى الغير.
…وقد حاول الجابري عبثاً دعوة الحوزة العمياء والمرجعيات العظمى بإيقاف زواج المتعة خلال فترة قصيرة ليتسنى للدوائر الصحية والتي يشرف عليها التيار الصدري وهنا مكمن الداء ترتيب شروط وضوابط لمثل هذه الزيجات وخاصة الإيرانيين القادمين من خارج الحدود، الذين يدفعون أموالا طائلة للتمتع بالعراقيات ليلة واحدة أو عدة ليالي بحضور احد السادة الذي يعب عليه العد فوق العشرة بدون الاستعانة بحصى أو مسبحة لإكمال الحساب؟ ويشير الجابري بأن عدد الحاملين للفيروس والذين سجلوا لمدة شهر في النجف فقط بلغ (80) مريضاً.(48/76)
…إن المعلومات السابقة الذكر تشير إلى ضلوع إيران كعامل مباشر في استفحال هذه الآفة في العراق، سواء كان عن طريق زوارها المصابين بهذه الأمراض التي ترسلهم إلى العراق، أو عبر الميليشيات التي ترعاها في العراق، أو من خلال المؤسسات الوهمية العاملة في العراق، ومن خلال تسخير المراجع الدينية من الفرس الذين يؤمنون بهذا النوع من الزواج رغم تداعياته الحالية، والمشاكل الناجمة عنه، وكان الأولى بالحكومة العراقية أن تأخذ بنظر الاعتبار انتشار المخدرات والأمراض الجنسية كإحدى أهم مسئولياتها لا أن تجعل الوضع الأمني شماعة تعلق عليها تجاهلها لبقية الظواهر المهددة للكيان العراقي.
…إن الموضوع ينبأ عن كارثة كبيرة تحدق بالعراق، وان قيام الدولة بمسؤولياتها تجاه الزوار الإيرانيين وبقية الوافدين إلى العراق، لا يمكن أن تكون بهذه الحالة المزرية واللامبالاة الغبية، وأن طلب الشهادة الصحية من الوافدين أمر مهم وواجب ويتعلق بسلامة العراق وشعبه، كما أنه لا بد من القيام بتوعية صحية وإرشادية للشباب من خلال وسائل الأعلام المختلفة للتنبيه على خطورة هذه الظواهر الغريبة عن المجتمع العراقي، فحتى وقت قريب كان شيعة العراق يرفضون الكلام عن زواج المتعة، وحتى لو كانوا فعلاً مؤمنين به كعقيدة لكنهم كانوا يرفضونه كممارسة، وان الطلب من امرأة عراقية شيعية الزواج بالمتعة كان يعد امتهانا لكرامتها، وغالباً ما كان المروجين لهذا الزواج يخرسون، ويحرجون عندما تسألهم: فيما إذا يوافقون على تزويجك بالمتعة من أحدى أخواتهم أو قريباتهم؟(48/77)
…وأذكر في حديث لي مع أحدى الأخوات العزيزات وهي هاشمية النسب وذات مستوى أكاديمي رفيع للغاية تحدثنا عن هذا الموضوع، فقالت أؤكد لك بأن هذا الأمر فيه الكثير من اللغط والافتراء على أئمتنا رضوان الله عليهم، وان شيعة العراق ترفض هذا النوع وتعتبره أقصر باب يؤدي الى الزنا، واستدركت لكنه يمارس بطريقة بشعة في طهران لعوامل ليس لها أية صلة بالدين والمذهب.
من النتائج الكارثية التي ترتبت على انتشار هذه الظاهرة ارتفاع معدل التجارة الرقيق الأبيض في العراق وقد اتخذت شكلين هي التجارة الداخلية بين المحافظات نفسها، وتجارة خارجية عبر تصدير البغاء الى دول الجوار التي ستكتوي بناره عاجلا أم آجلا. فقد كشف تقرير صادر عن الشبكة الاتحادية الإقليمية للإنباء (ايرين) بأن تجارة الرقيق الأبيض من العراق الى الخليج تشهد تزايداً ملحوظاً بع الغزو الأمريكي للعراق. حيث تقوم بعض الميليشيات والعصابات باستغلال حالات الفقر عبر تهريبهن الى دول الخليج تحت غطاء تأمين وظائف عمل لهن، وتشير المنظمة بأن(3500) فتاة عراقية سجلن كمفقودات في العراق ويشتبه في خضوعهن إلى الاستغلال الجنسي.
…ويؤكد الناشط الحقوقي طارق الشمري بأن معلومات جمعتها عدد منظمات إنسانية تشير إلى تورط كبار رجال المعممين في إدارة شبكات الدعارة، مضيفاً "لدينا معلومات عن تورط رجال دين في شركات من هذا النوع وخاصة في البصرة والعمارة، حيث يجري تهريب فتيات عراقيات إلى إيران تحت يافطة تلقي العلوم الشرعية في قم وطهران، وهناك يتم بيعهن إلى سماسرة الجنس.
…"موضحا بان الأمر لا يقتصر على رجال الدين فحب وإنما هناك هيئات حكومية تشارك في مثل هذه العمليات" أن هناك شبكات من هذا النوع يقودها بعض أعضاء المجالس في المحافظات وخاصة المحافظات الجنوبية، ولا يستطيع أحد من الأهالي أن يفضح دورهم بسبب الخشية من القتل، فأغلب هؤلاء ينتمون إلى أحزاب سياسية ولديهم ميليشيات.(48/78)
…وقد تمت تصفية عدد من الفتيات اللواتي عدن من تلك الدول بعد أن اكتشفن زيف تلك العمليات، ومنها ما أعلن عنه كما حصل في النجف والبصرة ومنها ما بقي طي الكتمان"
…إن هذه التصريحات تضعنا في حالة من الشك إزاء من يمكن أن يساهم في إطفاء نار هذه الرذيلة طالما أن المراجع العظمى يستمتعون ويحللونها وطالما إن الحكومة ممثلة بهيئاتها تشارك فيها أيضا ؟ من جهة أخرى إن الأحزاب الحاكمة والتي تحمل مع الأسف الشديد اسم الله سبحانه وتعالى أو الإسلام كحزب الدعوة الإسلامية والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الله فرع العراق وحزب الفضيلة وثأر الله وانتقام الله ، الله ينتقم منهم جميعا يدفعون باتجاه ترويج هذه الظاهرة البشعة،يضاف إلى ذلك الميليشيات المسعورة الناثرة للفساد والدعارة وخاصة جيش المهدي يحتضنون أماكن الدعارة ويروجون للبغاء.
…ولم يكتف قائد هذا الجيش الهزيل بالمتعة الفريدة فحولها إلى متعة جماعية عبرت فتوته الأخيرة والتي حاول بعض أنصاره إبعاده عنها لكنها كانت تحمل ختمه الشخصي وحتى لو لم يكن ذلك حقيقية وهو ما لم يكذبه هو نفسه بل بعض مرتزقته فهو يعلم علم اليقين أن هذه الظاهرة الشاذة موجودة بين صفوف الجيش الذي سيملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جورا؟
…فقد سألته إحدى الزينبيات إزهار حسن الفرطوسي نسبة إلى زينب الطاهرة عليها رضوان الله": "نحن جماعة من المؤمنات الزينبيات المناصرات لجيش المهدي، ونود أن نسأل سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد مقتدى الصدر حفظه الله بأن جماعة من جيش الإمام قد وجهوا لنا دعوة لحضور حفلة متعة جماعية في إحدى الحسينيات، وقد قالوا إن أجر المتعة مع الجماعة أكثر سبعين مرة من التمتع منفردا".(48/79)
…وتستطرد الزينبية البلهاء "سألنا أحد السادة وكلاء الشيخ محمد اليعقوبي عن المتعة الجماعية فنفى علمه بأي شيء يتعلق بهذا النوع من المتعة وقال إنها من البدع. فهل يجوز لنا التمتع الجماعي؟ علما بأنه محصور بعدة ساعات فقط (أي أقل من ليلة) وأن الغاية من هذه الحفلة هو سد رغبات جيش الإمام حصرا من الذين لا يستطيعون النكاح لانشغالهم بالمعركة مع النواصب وأن أجر التمتع يعود ريعه لتجهيز جيش الإمام بالسلاح. أجيبونا جزأكم الله خير الجزاء".
…أما الإجابة المنسوبة لمقتدى الصدر وتحمل توقيعا وختما باسمه، وتاريخها 23 شوال 1426 فجاء فيها ما يلي: "من المعلوم أن زواج المتعة حلال مبارك في مذهبنا وقد حاول النواصب تشكيكنا فيها ومنعنا منها مخافة أن يتكاثر أبناء مذهبنا ويكثر عددنا ونصبح قوة كبيرة، لذلك فإننا ندعو أبناء المذهب من عدم التحوط بأي شيء يتعلق بزواج المتعة، وإن إقامة حفلات المتعة الجماعية هي من الأمور التي أجازها مراجعنا العظام مع أخذ الحذر من عدم دخول أحد من غير المسلمين أو من أبناء العامة تلك الحفلات لئلا يطلعوا على عورات المؤمنات، ولعل هذا هو السبب في كراهة السيد اليعقوبي لها".
…وأضافت الفتوى: "هذا ومن المعلوم أن التمتع مع أحد جنود جيش الإمام أكثر أجرا من غيره، لأنه يبذل دمه من أجل مقدم الإمام، لذلك نرجو من الزينبيات عدم التبخل عليهم بشيء مما منحهن الله من نعمة بأجسادهن وأموالهن، وأننا ندعو الأخت الزينبية إلى مراجعة أحد وكلائنا المعتمدين لأخذ الاذن منه في إقامة تلك الحفلات حتى تكون تحت مراقبة تامة وسيطرة مطلقة من قبل جيش الإمام. وجزأكم الله خير جزاء المحسنين".(48/80)
…لا أرى أن الأمر يحتاج إلى تعليق فالجريمة ظاهرة والقتلة مكشوفين والضحايا موجودين، رغم تحفظنا على الكثير مما تضمنته الفتوى التي لا يصح أن يطلق عليها هذه التسمية، فمقتدى الصدر كما يدعوه البعض (سيد أتاري) لشغفة بلعبة الأتاري الصبيانية لم يصل بعد إلى درجة الإفتاء كي يفتي مثل هذه الفتوى الخرقا.،
…من جهة ثانية هناك تعارض بين الفرق الشيعية نفسها حول مشروعية أو عدم مشروعية هذا الزواج المبني على المتعة، فمنها من تحللها كالأثنى عشرية في حين تحرمها معظم الفرق الأخرى، كما أن ما يسمى بالمتعة الجماعية لا تعني أكثر من مفسدة جماعية وهي تذكرنا بنوادي العراة في أوربا وحتى هذه الأخيرة فيها ضوابط أفضل من زواج المتعة سواء كانت بالمفرد أو الجملة.
…بغض النظر عن الموقف الديني حيث إن رجال الدين أولى منا بمناقشة الموضوع باستفاضة ومعرفة، وبغض النظر كذلك عن الاتفاقيات الدولية التي تؤكد على احترام المرأة، وبغض النظر عن المسئولين في الحكومة العراقية المستمتعين أو المتسترين على هذه الحالة، وبغض النظر عن موقف العمامات السوداء أو الغمامات السوداء وهم يرون أن المجتمع يسير نحو الرذيلة والفناء ومع هذا فأنهم مصرون على إلباس حالة العري هذه لباس الدين.
…وبغض النظر عن القيم الاجتماعية والأخلاقية التي تمسك بها المجتمع العراق لما يزيد عن (1400) عاما رافضاً هذا النوع من الزواج معتبراً انه والزنا وجهان لعملة واحدة، بغض النظر عن كل هذه الأمور نقول للرجل العراقي قبل المرأة العراقية، هل ترضى بأن تستمع أمك أو أختك أو أبنتك أو قريبتك حتى مع توفر الشروط التي يدعيها أصحاب العمائم السوداء؟
…هل يمكنك أن تتحمل مسئولية ولادة طفل من هذا الزواج وتتولى رعاية شؤونه في ظل غياب الوالد المستمع بسفر أو موت أو مرض أو غياب تحت أية حجة باعتبارك ولي أمره؟(48/81)
…وهل تقبل أن يكون من صلبك وليد من رحم وطأه الكثير من قبلك؟ وما هو شعورك على سبيل الفرض بأن تكون أنت نفسك وليد متعة ؟ هل ستشعر بالكبرياء والفخر أم الخزي والعار؟ في الوقت الذي تدعون في مصادركم أن الصحابي عبد الله بن الزبير (رض) هو ابن متعة وتعتبرونها مثلمة عليه؟
…ولنفترض جدلاً انه ليس بمقدور الأب أو غيره إعالة هذه النطفة الخاطئة فمن يتحمل مسئوليتها الأم المستمتعة أو رجال الدين الذين يروجون لها أو الحكومة العاجزة باعتبار أن الجميع مشترك بهذه الجريمة النكراء؟
…وأنت كأب أو أخ أو ولي أمر فتاة ما هل تفضل أن ترتبط ابنتك أو أختك أو قريبتك بزواج دائم ومقدس أم بزواج متعة ؟ وأخيرا وليس آخراً هل أن الغرض من الزواج هو المتعة فقط ؟
…ثم نقول للماجدة العراقية لا بد أن تدركي بأنك عنوان أمتك وأخلاقها وكبريائها وفخرها وقيمها، وإنما تزهو الأمم بنسائهن إضافة إلى الرجال، ومعاذ الله أن ترهنني شيم الدين والوطن والعادات والتقاليد بلذة عابرة مع رجل سرعان ما يتركك ليحتضن امرأة أخرى بعد أن أخذ وطره منك ا ليتشارك الأمر نفسه مع العشرات من النساء؟ انك ذات مرتبة كبيرة في الدنيا مجدك الله جل جلالة بها فأنت الأم والأخت والبنت والحبيبة والصديقة وجمعيها عناوين مهمة في الحياة لا يمكن العيش دونها أو أن تستمر الحياة دونها.(48/82)
…انك من اكبر الأسماء في هذه الحياة فأنت الأم و المربية للأجيال كافة أنت الأرض الخصبة فان زرعت فيك بذرة طاهرة طيبة ستثمر نبتة مثلها والعكس صحيح ! أنت عنوان الوطنية تنشئين الأجيال على القيم والتقاليد الموروثة والعادات والتقاليد العريقة، تعلميهم حب الدين والوطن والتضحية مثلك ! مثلك الأعلى خديجة الكبرى و فاطمة الزهراء ونساء الرسول عليهن أفضل الصلوات وزينب والشيماء أخت الرسول وأسماء بنت ابي بكر الحامل ذات النطاقين ولم يمنعها حملها عن تأدية واجبها تجاه النبي وصاحبه الصديق ونساء آل البيت حرائر النبي العظيم والخنساء والآلاف من الرموز العربية والإسلامية. أنت حفيدة هؤلاء جميعا وحري بك المحافظة على هذه المكرمة التي منحها الله لك فطوبى لك أن فعلت ويا لغضب الله منك أن خالفت.
…لست واعضاً و لا مصلحاً وربما لا أصلح لذلك مطلقاً ولكنك أمي وأختي وزوجتي وشقيقتي وقريبتي ويكفي أنت ابنة وطني الأشم فحري أن أخشى عليك من غضب الدين والدنيا، ولكني سأقول لك فكرة خطرت على ذهني المولع بحبك، وهي انه في الوقت الذي جعل الله ثواب المؤمنين الصادقين والمجاهدين الجنة خالدين فيها، فأنه جلّ جلاله.وضع هذه الجنة تحت أقدام الأمهات، تتصوري ليس تحت يديك ولكن تحت أقدامك، لله درك فأية منزلة لكنّ عند الله؟ وأي مكرمة تحظين بها؟
…أو ليس الأجدر بك حفظ العهد مع الخالق والابتعاد عن الكبائر، ودرء اللذة الزائلة غير الناجمة عن العلاقة المقدسة التي أمر بها الله عبر الزواج وتكوين الأسرة؟ وأهمس هذه الحقيقية في أذنك بأن المومس تمارس البغاء تحت مبرر الحاجة الى المال، والمتمتعة تمارسه تحت تبرير اللذة، فان كان لدى الأول مبرر فأنه بلا شك اقوي من مبرر الثانية؟ وهذه مقارنة فيها إرشاد للبيب!(48/83)
…أما الحوزة العلمية والمراجع الدينية فنقول لهم عجباً لأمركم فأنكم أما أن تصمتوا صمت القبور بالحوزة الصامتة أو تجاهروا في أفسد الأمور لإشباع رغبات زائلة ما أنزل الله بها من سلطان فأن كنتم تروجون لهذا النوع من الدعارة وانتم قادة الأمة الدينيين فما عسى نقول للمفسدين؟
…وعلى سبيل الافتراض وليس الجزم أن زواج المتعة حلال في عقيدتكم وان من نتائجه كما تبين البيانات الدولية والعراقية هذه الآفات وأهمها الايدز ناهيك عن الضياع والفساد أليس من الواجب وقف الحد عنه ولو بشكل مؤقت طالما أنه زواج مؤقت؟ نقولها رحمة بالعراق وطناً وشعباً فأن كان لكم ثأراً فارسيا وصفويا من الإسلام الذي حطم مجوسيتكم قبل مئات القرون فقد أخذتم ما فيه الكفاية وأن كان بلا وجه حق؟
…لقد عانى هذا الشعب المسكين، ما عانى ولا أظن أنه يوجد في عقيدتكم ما يسمح بتدمير المجتمع وقتل النفس بهذه الآفات الخطيرة! نناشدكم بمرارة رغم أننا على ثقة بأننا نخاطب مجموعة من الطرشان والخرسان بأن تصحوا من غفوتكم، فالعراق في طريقه للهاوية وانتم أحد اكبر أسبابها! فماذا ستقولون لله عز وجل والتأريخ والأجيال القادمة فيا لبؤسنا بكم ويا لبؤسكم في الآخرة فقد ضيعتم دناياكم ودنيا غيركم وآخرتكم وآخرة غيركم.
…ونسأل قادة الأحزاب السياسية الشيعية أهكذا تصان كرامة نساءكم من الطائفة؟ أهكذا يأمر الدين؟ وهل هذا هو العراق الديمقراطي الذي تنون بنائه وأول ركن منه هو هدم نظام الأسرة والمجتمع ونشر الفساد والرذيلة ؟ ونسأل عبد العزيز الحكيم: هل هذا ما قصدته بدعوتك للدول العربية والإسلامية بـ "إتباع النموذج الإيراني في العلاقات مع العراق؟؟ هنيئاً لكم العراق الجديد!(48/84)
…نناشد العالم بأسره والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وكذلك الدول الإسلامية والمنظمات المنضوية تحت لواء الإسلام وتقديم الخدمات الإنسانية، ونناشد كل الخيرين من علمائنا من رجال الدين الأفاضل وبشكل خاص العلامة القرضاوي وشيخ الأزهر الشريف والقادة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وزعماء ألأحزاب الدينية والسياسية ورجال والأعلام بأن يضموا صوتهم إلى صوتنا في الكشف عن هذا المخطط الإيراني- الأمريكي اللئيم الذي يستهدف تدمير بنية المجتمع العراقي، وبث الخراب والفساد في ربوعه الطاهرة، وليستذكر الجميع أنه لمن المجحف أن يتحول هذا البلد العظيم مهبط الأنبياء والأولياء ومنارة المجد التلبد إلى مرتع للفساد والرذيلة وتجارة المخدرات؟
التشيع يخترق المجتمع الجزائري
بقلم: عبد المالك حداد
موقع الشهاب
…تعالت مؤخرا أصوات في عدة دول عربية (الجزائر- المغرب - مصر- السودان - الأردن... الخ)، تنبه إلى انتشار ظاهرة التشيع وتحذر من توسعها. وذكرت عدة صحف ومجلات عربية اهتمت بالموضوع أن الجزائر من بين البلدان التي يشهد فيها "المذهب الشيعي انتشارا بشكل سري في قطاعات واسعة من المجتمع الجزائري (السني بأغلبه)، خاصة خلال السنوات الأخيرة".(48/85)
…ومع ذلك فإن هذه المسألة مازالت غير مطروحة رسميا، إذ لم يصدر أي موقف يشير إلى ذلك وينبه إلى هذا الأمر باستثناء بعض الكتابات المحدودة في وسائل الإعلام - الصحف – إلى جانب تسليط بعض المواقع الإعلامية على شبكة الانترنيت الضوء على هذا الموضوع.. لكن لمحدودية زوارها في الداخل (كون مجال الانترنيت مقتصر على فئات محدودة في المجتمع الجزائري الذي لا تتوفر فيه شبكة الانترنيت إلا على نسبة 2,4 % من السكان المتصلين في وقت لا يتجاوز الذين يستعملون هذه التقنية 800 ألف من السكان، بمعدل 500 ألف مستعمل بصفة منتظمة) لم يُمكن أغلبية المجتمع من الاطلاع عليها، على عكس الصحف المكتوبة التي تعرف انتشارا كبيرا إلا أنها تتحاشى الخوض في الموضوع.
…وهناك عدة تفسيرات لهذا الأمر: فثمة من يقول إن حرية المعتقد أمر يكفله دستور البلاد وإن الدولة لا تتدخل في معتقدات الناس والمذاهب التي يعتنقونها.
…وهناك من يرجع الأمر إلى "طبيعة الجزائريين" المتسامحة وقدرتهم على التعايش مع بعضهم البعض، بقطع النظر عن المعتقدات والمذاهب.
…فيما يرى البعض الآخر أن هذا "الصمت الرسمي" على انتشار التشيع في الجزائر مرده العلاقات التي تحسنت بين الجزائر وإيران. وهي علاقات توطدت خلال السنوات الأخيرة.
عدد شيعة الجزائر وانتشارهم
…لا تتوفر أرقام رسمية حول عدد الشيعة في الجزائر، وبحسب مراقبين لا يزال الحضور الشيعي محتشما في الجزائر مقارنتا بذلك الحضور المسجل في بعض البلدان المغاربية كالمغرب الذي يبدو واضحا من خلال وجود ثلاث جمعيات شيعية ثقافية معترف بها على الأقل وهي "الغدير" و"البصائر" و"التواصل".(48/86)
…وإذا كان الحضور الشيعي في الجزائر محتشما، ويمكن ملاحظته في بعض الولايات والمدن مثل الجزائر العاصمة، باتنة، تبسة، خنشلة، تيارت، سيدي بلعباس. غير أن عددا من المواقع الشيعية عبر شبكة الانترنيت، من بينها موقع مركز الأبحاث العقائدية، وهو أكبر المواقع الشيعية، بالإضافة لـ "شبكة شيعة الجزائر" التي ترفع شعار "من المدرسة المصالية إلى المدرسة الخمينية"، تقول عبر تقارير نقلتها - هذه المواقع الإلكترونية - بأن المذهب الشيعي "يزداد انتشارا بشكل سرّي في قطاعات واسعة من المجتمع الجزائري، بعد أن نقله إليهم مدرسون وموظفون قدموا للعمل من العراق وسوريا ولبنان".
…ويرى المشرف العام على "شبكة شيعة الجزائر" والذي يسمي نفسه "محمد العامري" (30 عاما) أن الاستبصار - التشيع - في الجزائر "مستمر بحمد الله والاستبصار أكثر من منتشر بل منفجر في كامل أرجاء التراب الجزائري متنقلا عبر كل الطبقات الاجتماعية فسابقا كان يدور بين الشبان والآن ببركة صاحب العصر والزمان (عليه السلام) دخلت بيوت بكاملها في التشيع وسمعت أن أكبر متشيع عمره 69 سنة(..)".
…ولا يملك المشرف على شبكة "شيعة الجزائر"، أي إحصائيات أو أرقام على مدى انتشار التشيع بين الجزائريين : "ليس هناك إحصائيات حديثة وحتى إن كانت هناك إحصائيات تبقى سرا ولا تسلم لأيا كان لأسباب يطول شرحها".
…غير أن بعض المراقبين يقدرون عدد الشيعة في الجزائر بالمئات، وهم منتشرين في أغلب مدن البلاد، كان عددهم لا يتجاوز العشرات في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، يمارسون شعائرهم وطقوسهم بحرية كإحياء الحسينيات وقيام المآتم مع بداية كل محرم إلى العاشر منه، دون أن يتعرضوا إلى أي نوع من المضايقات.(48/87)
…ويرى الدكتور محمد بن بريكة، المنسق الأعلى للطريقة القادرية في الجزائر وعموم إفريقيا، في محاضرته "حصاد الثقافية" عن "نشأة الشيعة والتشيّع"'، أن غياب المرجعية الدينية وضعف المناعة الثقافية في الجزائر سيسهل اجتياح المد الشيعي وتناميه في الجزائر السنية "لأن الشيعة في الجزائر موجودون وهم حوالي 300".
…فيما يؤكد الباحث الجزائري فريد مسعودي أن انتشار المذهب الشيعي في الجزائر يعد ذاتي بالدرجة الأولى لأن وسائل الدعاية المتبعة تعتمد على الانتشار السري، بسبب عوائق موضوعية تتعلق بمدى قابلية المحيط لهذا النوع من الفكر، بمعنى أنه قد لا يتطور إلى درجة الظاهرة الاجتماعية.
…هذا ويرى المراقبين أن التشيع يتوسع وينتشر بفضل الدعاة النشطين الذين يتواجد أغلبهم بالمؤسسات التربوية، وتوفر المراجع الشيعية المتداولة كالمجلات والنشريات والكتب أبرزها : مرآة الأنوار، مشكاة الأسرار، تفسير العسكري، مجمع البيان، تفسير الكاشي، تفسير العلوي، تفسير السعادة للخرساني، ومجمع البيان وغيرها من المراجع الأخرى التي كانت متداولة ببعض المساجد وبين عامة المصلين والطلبة لعدم معرفة حقيقتها وخطرها على الكثير من القراء.
…كما كان لوجود جاليات شيعية من العراق وسوريا ولبنان في الجزائر دور في انتشار المذهب بين أهل البلاد حسب ما أشار إليه العامري : "اخوتنا العراقيون والسوريون واللبنانيون عندما كانوا في الجزائر كأساتذة ومدرسين لعبوا دورا في الدعوة وكانوا من الممهدين لقبول فكرة الولاء لمحمد وآله صلوات الله عليهم، وعندما اندلعت الثورة الإسلامية الإيرانية المباركة وجد خط الإمام الخميني (قدس الله سره) أرضية خصبة لنشاطه في أرض الثورة والرفض" !.(48/88)
…ويرى شيعة الجزائر أن مذهب "آل البيت" ليس غريبا عن البلاد وأن جذوره تعود إلى "آلاف السنين". بدليل أن الأمازيغ (البربر سكان الجزائر الأوائل) بالأصل كانوا شيعة، فبالنسبة لهم كان للبربر في الجزائر "ولاء عظيم لأهل البيت ولهم فيها ثورات، وبالخصوص في زمن استشهاد الإمام الحسين، وكانوا من الأوائل الذين فتحوا بيوتهم وصدورهم للفاطميين وحاربوا معهم جنبا لجنب.."
وتذكر "الجيرواس" وهي فتاة جزائرية من أصل بربري، أحد أعضاء شبكة شيعة الجزائر، عدة أمثلة للتأكيد على أمازيغ كانوا يعتنقون المذهب الشيعي، وذلك على حسب قولها:…
- بعض مناطق الأمازيغ لا يأكلون لحم الأرنب وهم لا يعلمون لماذا ؟! ومعلوم أن اللحم محرم عندنا نحن الشيعة.…
- في عاشوراء يتوقف الأمازيغ عن العمل ويقولون إن العمل في مثل هذا اليوم يجلب النحس وأن ما اكتسبته خلال ذلك اليوم لا بركة فيه.…
- يذبحون في عاشوراء دجاجا أو طيرا، فالمهم هو إسالة الدم في ذلك اليوم معتبرين أن هذا أمر مباركا دون أن يعلموا أن هذه الدماء رمز للتذكرة بدماء الحسين عليه السلام وأصحابه الذين استشهدوا في كربلاء.…
- عند الأمازيغ لا تجد أحدا اسمه أبو بكر أو عمر أو عائشة الخ.. لكنّك كثيرا ما تجد اسم سيد علي، وسيد احمد وكلمة سيد لا تجدها في أسماء أخرى عدا اسم علي واسم احمد الذي هو في حد ذاته محمد.
…
- إذا ذكر الأمازيغ اسم فاطمة سلام قالوا "للا فاطمة" أي السيدة فاطمة، وإذا ذكروا عائشة لم يدرجو لقب (للا).
…كما كان للمذهب الشيعي تواجد كبير في الجزائر خلال مرحلة الدولة الرستمية (776-908 م) التي أسسها الإباضيين وجعلوا من تيهرت (تيارت حاليا) عاصمة لهم ومهدا لثقافتهم وفكرهم في الشمال الإفريقي حتى قام الداعية الشيعي أبو عبيد الله الشيعي صاحب الفاطميين بالقضاء على دولتهم عام 908 م. وتحول الإباضيين نحو الجنوب الجزائري، واستقروا في منطقة وادي ميزاب (غرداية).(48/89)
…وكانت هناك دويلة أخرى قامت في الجنوب الغربي للجزائر وجنوب المغرب إلى جانب الدولة الرستيمة، سميت دولة سجلماسة (أو الدولة المدارية) (758 - 909 م) وهي دولة كالرستمية أسسها شيعة لكنهم على المذهب الصفري، وقد قضى الفاطميون عليها كذلك.
…ومع قيام الدولة الفاطمية (910 – 973 م)، انتشر التشيع بالطريقة الفاطمية التي كانت إسماعيلية باطنية في الجزائر وسائر مناطق المغرب العربي.
…إلا أن الشيعة انقرضت بعد عهد الفاطميين ولم يعد لها أثر، ولم يأتي ذكرها إلا أن ظهر التشيع الحديث مع ظهور الخميني بعد انتصار "الثورة الإسلامية في إيران" بالطريقة المنشرة بإيران لمذهب الإمامية لأثنى عشرية الجعفرية نهاية السبعينيات..
علاقتهم بالشأن الوطني
…لا يعرف للشيعة في الجزائر أي نشاط علني يمكن من خلاله تتبع مواقفهم وآرائهم في الشأن الوطني، وهو ما يجعل البحث في هذه المسألة تعترضه عدة عراقيل، كون لا يوجد لهم أية صحيفة ناطقة باسمهم، كما لا يوجد أي مسجد أو حسينية، ولكن ظهر لهم حديثا عدة مواقع إلكتروني في الشبكة العالمية جعلوا منها منبرا لهم، للحديث عن تواجدهم والتعبير عن آرائهم دون التدخل في شؤون الدولة بحكم أن لديهم – حسب زعمهم - مهمة أسمى من ذلك بكثير، ألا وهي تقديم النصيحة وكشف الحقيقة..
…ويرى "محمد العامري" المشرف العام على "شبكة شيعة الجزائر" أنه: "والحمد لله لا نعاني من أيّ مشاكل مع النظام حاليا وكما أن الشيعة لم يعتدوا على أيّ مادة من الدستور أو رمز من رموز الدولة، وإن كانت هناك بعض التحفظات عبر تصرفات بعض من يعتبرون أنفسهم فوق القانون، فهم بالنسبة لنا لا يمثلون شيئا بل هم يزيدون من انتشار التشيّع دون أن يشعروا بذلك لأن المظلوم منتصر عاجلا أو آجلا".(48/90)
…ويبرز العامري أنه لا يوجد أي عائق يعترض التشيع في الجزائر، ويفسر ذلك بعدم وجود أيّ "ممانعة من حيث المبدأ من قبل السلطات الجزائرية لانتشار التشيع"، مشيرا إلى أن المادة 61 من الدستور الجزائري تنصّ على "الحرية الفردية لكافة الشعب في اختيار معتقداتهم التي يختارونها"(..).
…وقال العامري أن معانات الشيعة في الآن مقتصرة مع المنظومة التربوية الجزائرية"(..)، وذلك نتيجة "تمرّدهم على البرامج المسطرة لهم أو المفروضة عليهم من طرف وزارة التربية والتعليم"!.
…هذا وبين القرار الأخير لوزير التربية الوطنية أبو بكر بن بوزيد، توقيف 11 مدرّسا شيعيا من المدارس التعليمية التي كانوا يشتغلون فيها، مدى اختراق الشيعة المدارس الجزائرية، وتفسيرا لمدى تدمر المدعو العامري من المنظومة التي تشرف عليها الوزارة.
…إلا أن الذي تنساه العامري أن الوزارة قامت بتحويل المبعدين إلى "أجهزة أو مناصب إدارية"، وكان الهدف من إبعادهم تأمين وحماية الوسط المدرسي وتجنب التأثير الشيعي المباشر على التلاميذ بالمؤسسات التربوية، وكذلك إبعاد المدرسة الجزائرية عن الولاءات والصراعات، سواء بين الأحزاب السياسية أو بين المذاهب الدينية. وجاء قرار وزارة التربية الوطنية، بعد أن ناشد مجموعة من الأولياء بمدينة الشريعة (ولاية تبسة) الجهات المعنية للتحرك بقوة لوضع حد من خطر المد الشيعي ببعض المؤسسات التربوية، أين يعمد بعض الأساتذة كما جاء في رسالة موقعة من قبل بعض الأولياء، لتمرير معتقدات وتوجهات شيعية والمعتمدة أساسا على تقديس آل البيت والطعن في بعض الصحابة وشتم بعضهم.(48/91)
…وغير بعيد عن مدينة الشريعة أرسلت مديرية التربية مؤخرا لجنة تحقيق لإحدى المتوسطات ببئر مقدم على إثر شكوى من مدير المتوسطة مفادها أن أستاذا قام أثناء إحدى الحصص بسب وشتم أحد الصحابة الكرام أمام مسمع التلاميذ الذين أبلغوا أولياءهم بالحادثة، حيث تحرك الأولياء بقوة وأخذت القضية أبعادا وتداعيات كبرى، كانت محل متابعة حتى من قبل المسؤولين بالمنطقة.
…وعلى الرغم من محاولات عدة أطراف طي الملف وتطويق المشكلة من خلال مطالبة بعض الجهات المسؤولة من الأستاذ الذي شتم الصحابة، تقديم اعتذار أمام الأولياء والتلاميذ، إلا أن البعض مازال يبدي تخوفا من أن تكون هذه السلوكات بداية لإحياء دعوة شيعية، خاصة وأن هناك معلومات تؤكد أن منطقة بئر مقدم والشريعة وتبسة يوجد بها عناصر من اتباع المذهب الشيعي، البعض منهم لا يتورع في الجهر بذلك والبعض الآخر مازال يستعمل كما يعرف عند الشيعة "التقية" درءا لأي مشكلة قد تلحق به.
كيف تشيعوا؟
…تكشف كتابات بعض الشيعة في الجزائر على شبكة الانترنيت، الظروف التي انتقلوا فيها من المذهب السني (المالكي) إلى المذهب الشيعي الجعفري.
…ويظهر جليا أن تحول الجزائريين إلى المذهب الشيعي ناتج عن علاقاتهم بأقربائهم وأصدقائهم، أو باحتكاكهم بالشيعة المقيمين بالبلاد أو بالسفر، كما أن للمراجع والكتب الشيعة أثر في قبولهم فكرة التشيع نتيجة الخواء الروحي وفقر الخطاب الذي أتبع العشرية الدموية، نهيك على انتشار الفضائيات الشيعية..
…كما أن العديد الشباب تأثروا بنضال "حزب الله" اللبناني مما جعلوهم يغيرون المذهب بقصد الانخراط في صفوفه أو المشاركة في نضاله المسلح ضد الكيان الصهيوني..
…ومن أسباب التشيع أيضا عند بعض الجزائريين كما يذكر الباحث فريد مسعودي، هو زواج المتعة حيث اكتشف من خلال جلسته مع الشباب الشيعي الجزائري أنه "مدمن" على زواج المتعة.(48/92)
…واللافت للانتباه أن أغلب هؤلاء بعد "استبصارهم" واعتناقهم مذهب آل البيت أصبحوا ينظرون نظرة "دونية" للمذهب السني لا تخلو من "السخرية " وعدم "الاحترام".
العلاقات مع إيران
…بعض الأصوات التي ارتفعت في عدد من البلدان العربية تحذر من التوسع الشيعي، لم تخف أن وراء هذه الظاهرة يقف "مخطط الإيراني للنفوذ والهيمنة" وأنها تعكس "تسلل وخطورة المشروع الإيراني في المنطقة".
…لكن أيضا هناك من قلل من أهمية الدور الإيراني معتبرا أن "هذه الانتقادات، مبالغ فيها وأن العالم الإسلامي يحتاج إلى التفاهم والتجانس، وأن آخر ما يحتاجه هو هذه الاتهامات المتبادلة".
…وفي الجزائر يرفض الشيخ عبد الرحمان شيبان، رئيس جمعية علماء المسلمين في الجزائر، والذي يعتبر واحدا من أبرز الشخصيات الإسلامية المنافحة عن "عروبة وإسلام الجزائر" في تصريحات خاصة لـ "قدس برس": "أن تكون هنالك حملة تشيع واضحة للعيان في الجزائر، وقال: "في الجزائر توجد تيارات ومدارس فكرية مختلفة، سلفيون وعلمانيون وتنصيريون وغيرهم لكن الغالبة سنية مالكية".
…وانتقد الشيخ شيبان بشدة، كل من يحاول تعميق الخلاف بين الشيعة والسنة، وقال: "هذه لعنات لن يغفرها الله سبحانه وتعالى لأحد، نعالج الخلافات بروح تقريبية، ذلك أن المسلمين مهزومون ومهانون لأنهم مختلفون لأن عقائدهم مختلفة". وأكد شيبان أن "القوة تأتي بالعزة، والعزة تأتي بالوحدة". ودعا إلى التركيز على الثوابت التي يلتقي حولها الجميع، من خلال إعادة الاعتبار للعلماء، وقال "أدعو أن تكون للعلماء كلمة، وأدعو الحكام إلى عدم تهميش العلماء".
…وكان وزير الشؤون الدينية والأوقاف أبو عبد الله غلام الله، قد نفى وجود "خطر شيعي" في الجزائر، ودعا لتفادي ما أسماه «التهويل الإعلامي» كون الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تعاطف مع "حزب الله" أو "إيران".(48/93)
…غير أن هناك من يشير إلى دور إيراني في دعم شيعة الجزائر وهو دعم معنوي بالأساس ويتمثل في توفير المراجع والكتب الشيعية وتمكين الراغبين في مواصلة دراستهم في الحوزات العلمية...الخ
…ويقدمون في هذا الصدد عدة دلائل منها العثور على كتب شيعية لدى بعض الطلبة في الثانويات والجامعات، بالإضافة إلى وجود عدد من الجزائريين الذين يدرسون بالحوزات العلمية في قم (إيران) وسورية ومنهم من رجع خلال المدة الأخيرة إلى الجزائر.
…بل الأمر تجاوز هذه المرحلة، فقد كشف عبد الرحمن سعيدي، البرلماني عن «حركة مجتمع السلم» ونائب رئيسها، لـ«الشرق الأوسط» عن وجود تنظيم حديث النشأة يدعى حزب الله المغاربي يقوده شيعي مغربي مقيم في ألمانيا.
…وقال إن "جماعة فكرية خارج الجزائر، تتحرك لإرساء قواعد حزب مغاربي بمنطقة المغرب العربي"، مشيراً إلى "شخص يقيم بشرق الجزائر متزوج من لبنانية، وله نفوذ في الأوساط الشيعية خارج الجزائر ويدعي أنه من كبار الشيعة في المنطقة المغاربية". وأضاف أن لديه معلومات مؤكدة تفيد بأنه "يتم التحضير في بلاد غربية وفي بلاد الشام لمشروع حزب الله المغاربي".
…وعن توسع المد الشيعي أكد الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي على هامش أعمال مؤتمر القدس الخامس المنعقد في الجزائر أن هذه الأخيرة من بلاد السنة المستهدفة إلى جانب المغرب، ليبيا، السودان، مصر.. محذّرا أئمة الشيعة من التيسير لمذهبهم في قواعد السنة، لأنه كما قال: "إذا كان عكس ذلك "لن أسكت وسأنتصر لسنة رسول الله وسنين الحقائق"، لكن ذلك سيكون "احتكاكا بين أهل المذاهب الإسلامية" لا يريد الشيخ الوصول إليه، فالهدف جمع كلمة الأمة "إذا أردنا أن نجمع ولا نفرّق، نبني ولا نهدّم، فلا يعتدي أهل مذهب على قواعد المذهب الآخر".(48/94)
…وكان موقفه خلال حرب لبنان الصائفة الماضية واضحا، إذ قال: "وقفت مع نصر الله في الحرب على لبنان وناصرته، ورديت الفتوى السعودية التي تقول بأنهم شيعة وحربهم باطلة، لكنني وقفت ضد التشيع بعد الحرب، عندما وجدت أنهم يريدون استغلال الموقف". وقد وجهه سماحته نداء "الجزائر بلد مالكي، اتركوا أهل السنة لمذاهبهم".
…فيما ذهب الدكتور محمد بن بريكة، المنسق الأعلى للطريقة القادرية في الجزائر وعموم إفريقيا، إلى المطالبة من السلطات الجزائرية بالتعجيل في استحداث منصب ''مفتي الجمهورية'' لدعم جهاز المناعة الثقافي الضعيف أصلا، الذي يسهل حسبه اجتياح المد الشيعي وتناميه، قبل أن يحذر من أن ''التشيّع هو الفتنة القادمة بعد التطرف الوهابي وفتنة اللامذهبية''. واعتبر ذات المتحدث خطر التشيّع قائما في ظل السكوت العام على هذه الظاهرة التي تهدد الجزائر أمنيا بالدرجة الأولى، وحث وسائل الإعلام على متابعة الظاهرة. مذكرا الأحزاب ''الغارقة في حمى الانتخابات'' بالواجب الواقع عليهم.
…للعلم الحكومة الجزائرية أقدمت في مارس 1993، على قطع علاقاتها الديبلوماسية مع إيران على خلفية "دعم إيران السياسي والإعلامي للجبهة الإسلامية للإنقاذ"، واتهام طهران بالتدخل في الشؤون الداخلية الجزائرية. كما تراجعت الجزائر عن رعاية المصالح الإيرانية في أميركا.
…وقد أعيدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميا في سبتمبر 2000. وتم تبادل السفراء في أكتوبر2001. زار الرئيس بوتفليقة إيران في أكتوبر 2003 كما زار الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي الجزائر في أكتوبر2004 وكان بذلك أول رئيس إيراني يزور الجزائر منذ الثورة سنة 1979. وقد أعلنت إيران عن دعمها سياسة بوتفليقة الساعية إلى المصالحة الوطنية.
ملاحظات لابد منها(48/95)
…إن الحديث عن الشيعة في الجزائر لا يجب أن يدفع إلى الاعتقاد أنهم يشكلون "طائفة" بما يفتح الأبواب أمام الحديث عن "الطائفية" في الجزائر. هذه المسألة غير مطروحة بالمرة في الجزائر التي عرفت بوحدة أبنائها ونبذهم لكافة مظاهر التفرقة على أساس عرقي أو ديني أو مذهبي أو قبلي أو جهوي. هذا وللعلم أنه إذا ثبت أنه يوجد عدد كبير من الشيعة في الجزائر، فمثلهم مثل أقليات أخرى منها كالجالية المسيحية كلها تمارس طقوسها وشعائرها بحرية دون أن يشكلوا أي تهديد للنسيج الاجتماعي.
توظيف أتباع ابن عربي في الحرب علي أتباع بن لادن
بقلم: منتصر حمادة
…لا يستقيم الحديث عن الحسابات الخارجية في توظيف ورقة التصوف بالدول العربية والإسلامية، في حربها المفتوحة ضد الحركات الإسلامية دون الإحالة علي بعض ثنايا تقرير معهد راند الشهير والصادر تحت عنوان: مشروع الإسلام المدني الديمقراطي.
…ومعهد راند معهد أكاديمي أمريكي، تأسس عام 1946 كمركز تطوير للمشاريع والبحوث (العلمية والسياسية والعسكرية) التابعة للقوات الجوية في وزارة الدفاع الامريكية، يوجد مقره في سانتا مونيكا (ولاية كاليفورنيا) متخصص في ملفات الشؤون الدولية والأمن القومي والسلامة العامة والإرهاب والأمن الداخلي، ولديه عدة فروع في أنحاء العالم، وتحديدا في هولندا والمانيا وبريطانيا وقطر.
…يُعتبر المعهد برأي المتتبعين بمثابة مؤسسة استخباراتية مستقلة تعمل بصورة مدنية كخط خلفي للقيادات السياسية والعسكرية الأمريكية في الداخل والخارج تقوم بتوفير كافة المعلومات وتجري الأبحاث والدراسات الاستراتيجية والعسكرية اللازمة لعمليات صنع القرار الأمريكي أو المحافظة عليه في الحاضر أو المستقبل.
…علي أن الخطوط العريضة للتقرير إياه سبقتها دراسات وأبحاث أكاديمية لرموز الاستشراق الأمريكي المعاصر ودهاقنة مؤسسات خزانات الأفكار التي تسطر الخطوط العريضة للسياسة الأمريكية الرسمية.(48/96)
…فهذا برنارد لويس، يصرح بأن الصراع الحالي هو صراع بين الحضارات، ورد فعل غير منطقي لمنافس قديم وتاريخي ضد تراثنا (اليهودي ـ النصراني)، وحاضرنا العلماني ، وهذا نفسه ما قاله صامويل هنتنغتون عن الحدود الدموية للصراع بين الإسلام والغرب.
…أما دانيال بايبس، فيري بأن الأصوليين الإسلاميين يتحدون الغرب بقوة وعمق أكبر مما فعل ويفعل الشيوعيون، فهؤلاء يخالفون سياساتنا ولكن لا يخالفون نظرتنا إلي العالم كله؛ بما في ذلك طريقة اللبس والعبادة .
…وأخيرا، نستشهد بالذي صدر عن فرانسيس فوكوياما، والذي أكد في مقال صدر بمجلة نيوزويك (عدد 25/12/2001)، أن الصراع الحالي ليس معركة ضد الإرهاب، ولا ضد الإسلام بوصفه دينا وحضارة، ولكنه صراع ضد الفاشية الإسلامية؛ أي العقيدة الأصولية غير المتسامحة، والتي تقف ضد الحداثة.…
… .. مضيفا أن التحدي الذي يواجه أمريكا هو أكثر من مجرد مجموعة صغيرة من الإرهابيين، فبحر الفاشية الإسلامية الذي يسبح فيه الإرهابيون يشكل تحديا إيديولوجيا أكثر من الخطر الشيوعي .. إن الصراع الأساسي ليس مع الإرهابيين فقط، ولكن مع الأصوليين الإسلاميين الذين يقدرهم دانيال بايبس بحوالي 15% إلي 10% من العالم الإسلامي، والذين يؤيدون أسامة بن لادن .
…يرى التقرير الصادر في شباط (فبراير) 2004 أنه يجب النظر إلي المسلمين عبر أربع فئات، وهي: مسلمون أصوليون، مسلمون تقليديون، مسلمون حداثيون، مسلمون علمانيون. وفيما يتعلق بالأصوليين، يدعو التقرير صراحة إلي محاربتهم واستئصالهم والقضاء عليهم وأفضلهم هو ميّتهم؛ لأنهم يعادون الديمقراطية والغرب ويتمسكون بما يسمي الجهاد وبالتفسير الدقيق للقرآن، وأنهم يريدون أن يعيدوا الخلافة الإسلامية، ويجب الحذر منهم؛ لأنهم لا يعارضون استخدام الوسائل الحديثة والعلم في تحقيق أهدافهم وهم قويو الحجة والمجادلة.(48/97)
…يجمع التقرير وتقارير أخري علي أن السلفيين والوهابيين يعتبرون من ألد أعداء الصوفية. وهم يعتبرونها فسادا شاذا للإسلام، ويرجع رفض التصوف من الإسلاميين المتطرفين من السنة إلي كتابات ابن تيمية في القرن الثالث عشر، والتي ردد صداها الشُّرّاح الجُدُد للإسلام المتطرف، مستشهدا بالذي صدر عن مؤسسة الحرمين في العربية السعودية من أعمال تندرج ضمن شيطنة التصوف، وتتهمهم إجمالا بأنهم يتمسكون بوجهة النظر التي تقول بأن كل الديانات صالحة، وتنشر وجهات نظر تدعو للسلام ، وأنهم ـ الصوفيون جعلوا المسلمين يعتقدون أن العمل والأسرة هما أعظم مجالين للجهاد، أكثر من إقامة شرع الله علي الأرض باستخدام السلاح .. وبسبب اضطهاد السلفيين والوهابيين للصوفية والتقليديين فقد تحولوا إلي حلفاء طبيعيين للغرب في المعركة ضد المتطرفين وضد الراديكالية الإسلامية، والمقصود بها ما يسمي السلفية الوهابية . أما عن آليات تفعيل هذه السياسات، أو ما وصفته هذه التقارير بـ التحدي الأمريكي للظروف التي تهدد مصالحها واستغلال الفرص في العالم الإسلامي بالتعاون مع أصدقائها ، فيتم عبر دعم التقليديين ضد الأصوليين والإقرار بضرورة نشر وترويج النقد التقليدي للعنف والتشدد الأصولي، وتغذية نقاط الاختلاف بين التقليديين والأصوليين، ودحض أي فرصة للتقارب أو التحالف بين التقليديين والأصوليين، وتعزيز التواجد الحداثي في المؤسسات التقليدية، وتأسيس شبكات إسلامية معتدلة مضادة للدعوات المتطرفة، وتدمير الشبكات المتطرفة وإصلاح المدارس الدينية والمساجد، ودعم الإسلام المدني، وتجفيف منابع المتطرفين وإشغال الإسلاميين بالسياسة العامة، وأخيرا، ضرورة تأييد الاتجاه الصوفي، ونشره، والدعوة إليه. وفي هذه الجزئية بالذات، يعتبر المغرب حسب البعض تلميذا نجيبا ومخلصا .(48/98)
…لم يكتب لهذه التقارير والأبحاث لأن تركن في أرشيف المكتبات الأمريكية ويطويها النسيان، وإنما اطلع المتتبعون علي العديد من التطبيقات العملية للتوصيات الواردة فيها.
…فليس صدفة أن يتفق كل من توماس رايلي السفير الأمريكي في المغرب ونظيره في مصر فرانسيس ريتشارد دوني، علي التقرب من رموز الطرق الصوفية التي تسلط عليها أضواء الإعلام الرسمي أكثر من غيرها.
…فهذا فرانسيس ريتشارد دوني، يشارك أهالي مدينة طنطا احتفالاتهم بمولد السيد البدوي، اتباعا لعادة استنها منذ وصوله إلي مصر، بل إنه حرص علي لقاء شيخ مشايخ الطرق الصوفية الشيخ حسن الشناوي في أحد سرادقات الطرق الصوفية، قبل أن يذهب برفقة محافظ الغربية اللواء مهندس الشافعي الدكروري، مترجلا وسط الجموع، إلي سرادق مشيخة عموم السادة الجازولية الحسينية، حيث حضر إحدي حلقات الذكر ليشارك الحضور أذكارهم علي نغمات الدف ومع التهليل وهو جالس علي الأرض. ولاحظ المراقبون إصرار السفير علي حضور معظم احتفالات المولد.
…أما توماس رايلي، فقد حضر رفقة عقيلته، يوم 14 نيسان (أبريل) 2006 عيد المولد النبوي الشريف الذي أحيته الطريقة القادرية البودشيشية، وبشهادة جريدة الصحراء المغربية المقربة من الدوائر الرسمية، فإن الطريقة القادرية البودشيشية عرفت انتشارا واسعا في السنوات الأخيرة بين الأطر العليا للدولة وكذا في الأوساط الراقية إذ ينظر إليها بعين الرضي من طرف السلطات التي تشجعها لتكون حاجزا دون وصول التيارات الإسلامية الراديكالية إلي دوائر البورجوازية الراقية.(48/99)
…واعتبر المستشرق الفرنسي المسلم إريك جيوفروي (المختص في الصوفية بجامعة لوكسمبورغ، شمال فرنسا) أن المستقبل في العالم الإسلامي سيكون حتما للتيار الصوفي. وقد استشهد الرجل بمجموعة من المعطيات الميدانية التي تزكي طرحه، ومنها أن الأنظمة العربية عملت علي إدماج الصوفية في الحكم بهدف محاربة الظاهرة الإسلامية، فوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب أحمد التوفيق صوفي، كما أن الشيخ أحمد الطيب في مصر، صوفي أيضا، وأصبح رئيس جامعة الأزهر بعد أن كان مفتيا للديار المصرية، وفي الجزائر وفي الحملة الانتخابية الأخيرة للفوز بمنصب الرئاسة، كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مقربا بشكل ملفت من التيار الصوفي ، ليخلص في العديد من مداخلاته، إلي أن الحركة الصوفية يمكن أن تكون بديلا للعمل السياسي الإسلامي في العالم الإسلامي.
…وبين مبادرات السفراء الأمريكيين، وثنايا التقارير الأكاديمية سالفة الذكر، والتعيينات الوزارية في العديد من الدول العربية والإسلامية، يتبين أن ورقة التصوف تخدم مصالح أكثر من طرف، علي حساب أطراف أخري يجمع بينها الانتماء إلي الحركات الإسلامية، سياسية كانت أو جهادية.
نحو تصويف المجتمع المغربي
…مهم جدا التوقف عند أمثلة تُؤكد إصرار صناع القرار السياسي بالمغرب علي الاحتضان الرسمي والعلني الذي أصبحت تحظي به الطرق الصوفية عموما، وخاصة منها الطريقة القادرية البودشيشية.
ـ في ثنايا المسابقة الوطنية التي نظمتها القناة المغربية الثانية والمخصصة لمرتلي القرآن الكريم، تميزت جميع حلقات المسابقة بتعريف أحد الإعلاميين الصوفيين بمشاهير التصوف المغربي وبأدبيات التصوف عموما. (نظمت المسابقة عبر ثلاث حلقات في غضون شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2006، الموافق لشهر رمضان 1427 هـ)(48/100)
ـ احتضنت مراكش يوم 19 كانون الأول (ديسمبر) 2006 ندوة علمية حول البعد الإنساني في الطقوس البوذية ، وأشرفت عليها جمعية مدنية للتنمية البشرية قريبة من مندوبية الشؤون الإسلامية بمراكش.
ـ احتضنت نفس المدينة يوم الجمعة 10 أيلول (سبتمبر) 2004 اللقاء الأول من لقاءات سيدي شيكر العالمية للمنتسبين إلي التصوف ، وقد تَمَيَّزَ اللقاء برسالة ملكية وجهها العاهل المغربي الملك محمد السادس للمشاركين، نقتبس منها المقطع التالي: لقد استوعب أبناء هذا البلد الطيب، منذ اعتناقهم للإسلام أن جوهر الدين هو تزكية النفس وتطهيرها من الأنانية والحقد والتعصب، وتحليها بمكارم الأخلاق، والتسامي عن الشهوات المذلة للقلب والروح والعقل، بضبط النفس ومراقبة سلوكها اليومي، ابتغاء للاكتمال الروحي المصطلح عليه بالتصوف .
ـ وأخيرا، أقيم مساء الاثنين 15 كانون الثاني (يناير) 2007 بالعاصمة السنغالية دكار، بناء علي تعليمات العاهل المغربي، حفل ديني كبير ترحما علي روح الخليفة العام السابق للأسرة العمرية، الشيخ تييرنو مونتاغا أحمدو تال، الذي توفي الجمعة 12 كانون الثاني (يناير) 2007 بدكار، عن سن تناهز 96 سنة، وكان لافتا حديث الناطق باسم الأسرة العمرية، حبيبو تال عن امتنانه للملك، وعلي عنايته السامية المتواصلة للتيجانيين ومريدي الطرق الأخري بالسنغال.(48/101)
…ما لا يختلف عليه اثنان من المتتبعين للشأن الإسلامي بالمغرب، أن هذا الأخير يُلَقَّبُ بـ أرض الأولياء دون سواه (مقابل الحديث عن المشرق كأرض الأنبياء)، من فرط الحضور القوي والملفت لرموز صوفية رَسَّخَت أسماءها في المشهد الصوفي العربي والإسلامي والعالمي، مما يسحب البساط عن التضخيم الذي يُرَوَّجُ له بخصوص الاستغلال الأمريكي لورقة التصوف في الحالة المغربية، لأننا لا نتحدث عن زرع حقل صوفي كُرهاً، أو استيراده من الخارج، ما دام المغرب (علي غرار مصر وتركيا) يضم حقلا إسلاميا مُصَدِّرا للتصوف وليس مُستَورِداً له، وكل ما يخص التدخل الأمريكي لا يخرج عن باب تقاطع المصالح بين واشنطن والرباط، وليس مرتبطا قسرا بضغوط/أوامر أمريكية تروم استغلال ورقة التصوف.
…وإجمالا، هناك إجماع من طرف المتتبعين علي أن التصوف في المغرب كان دوما أحد أهم مُقَوِّمَات تاريخ المغرب المجتمعي الدينية والروحية والثقافية والاجتماعية وحتي الاقتصادية والسياسية ، وهناك إجماع كذلك علي سياسة الدولة في الشأن الصوفي تبرر ما وصفه أحد الباحثين بمحاولات تصويف المجتمع و إخراج الفكر الصوفي من قوقعته إلي التواصل المباشر مع محيطه ومحاولة إدخاله في سيرورة تأطير المجتمع طالما أنه قام بذلك لمدة طويلة وبالتالي فهو الأكثر خبرة في هذا المضمار ويتوفر علي آليات وقنوات تلائم المجتمع وتركيبته وتنسجم مع هويته .
…القصد أنه لم يكن لورقة توظيف التصوف في إعادة الحقل الديني أن تثير العديد من ردود الفعل المتباينة لولا تضافر مجموعة من المعطيات المحلية والخارجية ـ يصفها البعض بأنها موضوعية ـ تدفع بالعديد من المراقبين بأن يمرروا وجهات نظر تقويمية تصب في التحذير من حسابات السلطة في الرهان علي ورقة التصوف.(48/102)
…وإذا كانت التصريحات الرسمية للناطقين الرسميين باسم الزوايا تترفع عن الخوض في الخلافات التي يثيرها إدماج رموز زاوية معينة دون سواها في دواليب الوزارة الوصية علي الشأن الديني، فإن الأمور تختلف تماما في كواليس الزوايا، إلي درجة تمرير اتهامات بالتواطؤ مع السلطة اتجاه هذه الزاوية أو نقد مواقف الخنوع والتقليل من وزن زوايا اتجاه زوايا أخري.
…هذا دون الحديث عن الانتقادات التي تُرَوَّجُ في كواليس الحركات الإسلامية، حيث الحديث عن تشجيع السلطة للخرافات والبِدَعِ والكُفرِيات ، بالصيغة التي تصدر مثلا عن التيار السلفي (العلمي والجهادي) وباقي الحركات الإسلامية المغربية ذات النزوع السلفي. (نموذج حركة التوحيد والإصلاح النواة الصلبة لحزب العدالة والتنمية).
أسئلة الرهان المعلقة
…هناك إجماع من طرف الباحثين والمتتبعين علي محدودية رهان الدولة (ومعها الإدارة الأمريكية) علي خيار التصوف، سواء في صراعها ضد الحركات الإسلامية المعتدلة بالنسبة للمغرب، أو في الحرب القائمة ضد الجهاديين بالنسبة للأمريكيين (أو ما يسمي بـ الحرب علي الإرهاب ). ولا تعدم الأدلة التي تصب في دعم خيار المحدودية.
…فالباحث المغربي محمد أتركين (رئيس تحرير فصلية وجهة نظر )، وإن كان يعترف بأنه من السابق لأوانه الحديث عن نتائج هذا التوجه، إلا أنه يقر أيضا بوجود العديد من المقاومات، منها حدود خطاب التصوف نفسه الذي لا يتجاوز إعماله فضاء المساجد وحلقات الوعظ والإرشاد وغير معزز في المدرسة والإعلام العموميين . ثم مقاومة العديد من المترجمين اليوميين للسياسة الدينية لهذا الخطاب ، وأخيرا هناك مقاومة ثالثة، وتتجلي في أن رسم هذه السياسة لم تكن محط مشاركة وتوافق المتدخلين في هندسة السياسة الدينية . (محمد أتركين. مقاومة مركبة لتوظيف التصوف. الأسبوعية الجديدة . الرباط. العدد 104. 2/2/2007)(48/103)
…وواضح أن خطاب الاطمئنان يبقي سيد الآراء في أجهزة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومع أن الصوفية معروف عنها الابتعاد عن الإسهام الرسمي في تدبير الشأن العام، فإنها في الحالة المغربية، تجد نفسها متورطة في إدارة هذا الشأن العام، والدخول في صراعات وحسابات سياسية لا قبل لها بها، وعوض التوقف عند تبعات هذه المآزق الأخلاقية، نجد أن التصفيق يبقي سيد ردود الفعل، فالكل يُصَفِّق حتي الآن لمغرب يقود ويُرَوِّج إسلاما رسميا قائما علي إعادة هيكلة الحقل الديني وتتأسس إعادة الهيكلة هذه علي الورقة الصوفية، ومن سمات هذا الإسلام الرسمي الصوفي أو إسلام التسامح والإخاء والمساواة والمحبة أنه لا يتردد مثلا في تنظيم مؤتمرات الأئمة والحاخامات ، ولا يمكن للناطقين باسمه أن يفكروا في تحرير فتوي تُحَرِّمُ مشاركة المغرب في الحرب الأمريكية/الكونية ضد الإرهاب، ولا بالأحري نقد جريدة غربية نشرت رسوما كاريكاتورية في حق نبي الإسلام (صلي الله عليه وسلم)، وهم علماء في دولة تَتَمَيَّزُ تحديدا بوجود مؤسسة إمارة المؤمنين.. للمفارقة.
…علي أن هناك مجموعة من الأسئلة العالقة واللصيقة بموضوع توظيف السلطة للتصوف في إعادة هيكلة الحقل الديني . ونوجزها في النقاط التالية:
ـ هل يمكن اختزال التصدي لمخلفات المذهب الوهابي عبر المراهنة علي توظيف الطرق والزوايا بالمغرب؟
…(وغني عن التذكير أن مجرد الإحالة علي الوهابية أصبحت مرادفا للشيطنة لدي صناع القرار السياسي في الإدارة الأمريكية من جهة، ولدي صناع القرار السياسي في الوطن العربي والعالم الإسلامي، دون الحديث عن خطاب الشيطنة الذي نلمسه في قراءات ومقالات الكتاب العرب المحسوبين علي التيار العلماني/الحداثي المعادي للتيار الإسلامي عموما).…(48/104)
ـ انتظر المتتبع المغربي عقودا من أجل الاطلاع علي نتائج استيراد الأدبيات الوهابية، والتي وظفت في حسابات سياسية ضد فرقاء يساريين وإسلاميين علي حد سواء، فهل علينا انتظار عقود أخري حتي نطلع علي نتائج توظيف ورقة التصوف اليوم؟…
ـ ما هي حقيقة المواقف السياسية لرموز الطرق والزوايا المغربية من أحداث الساحة العربية والإسلامية، وبالتحديد ما يتم في فلسطين والعراق؟…
ـ ما هي طبيعة الأدبيات الصوفية التي يعول عليها التصدي الفقهي لما يصدر عن الحركات الإسلامية القطرية، والتي تتنافس ضد السلطة تأسيسا علي أدبيات فقهية؟ وما هي طبيعة الأدبيات الصوفية التي يعول عليها التصدي الفقهي لما يصدر عن الحركات الإسلامية الجهادية، وفي مقدمتها تنظيم القاعدة ؟
ـ ما هي مواقف الزاوية من العمليات التي تصدر عن تنظيم القاعدة ، والتي لا تواكب فقط بتسطير أدبيات تشرعن تلك العمليات والتفجيرات، وإنما تمتد إلي حد إبداء تعاطف من باقي الإسلاميين الحركيين المحسوبين علي التيار المعتدل؟…
ـ بتعبير أفصح، ما قول رموز الزاوية في عقيدة الولاء والبراء التي تجسد/توجز جوهر أدبيات الحركات الإسلامية الجهادية؟…
ـ ألا يخشي أقطاب الزوايا من أن ينقلب توظيف السلطة لورقة التصوف نحو نتائج عكسية تخدش صورة الزاوية البعيدة أصلا عن أي استغلال سياسي ظرفي؟…
ـ هل يمكن أن يصل التواطؤ لدي حركة صوفية يتأسس خطابها علي الزهد في الدنيا نحو القبول بهذه السياسات والانخراط فيها؟ أم أن إغراءات السلطة أسمي من نصوص عبد الوهاب الشعراني وعبد القادر الجيلاني ومحيي الدين بن عربي؟…(48/105)
ـ يبقي أمامنا سؤال أخير ولكنه كبير، ما دام يهُمُّ أقطاب الزوايا بالمغرب، والذين يعلمون علم اليقين بأنه من حق الإدارة الأمريكية والسلطة في المغرب أن تراهن علي التصوف، خدمة لأغراض سياسية وأمنية بالدرجة الأولي، لأن السياسة كانت دوما لصيقة الدفاع عن المصالح الآنية والمستقبلية للسلطة الزمنية الحاكمة: ما هو قول مشايخ الطرق والزوايا في هذا التوظيف؟ وما هي مواقفهم إزاء ما وصفهم به مريد صوفي بـ هرولة صوفيين مغاربة نحو المناصب السياسية؟
حسن العلوي:
لا مستقبل للشيعة مع سياسة المشاكسة والتشهير والتشنيع
حوار: شادي جابر موقع الشهاب
…(مع تحفظ الراصد على موقف حسن العلوي من قضية السنة والشيعة، حيث يتسم موقفه بالتذبذب واحيانا بالانتهازية، لكن اجابته هنا كانت موفقة. الراصد).…
عمر والتشيع:
…ما الذي دفعك لتأليف وإصدار كتاب عمر والتشيع؟ هل ثمة علاقة بين تأليف هذا الكتاب وبين الصراع الطائفي الدائر في العراق هذه الأيام؟
…- إذا كنت تريد أن تتصالح مع خصمك وما دمت شيعياً كسياسي أو متنفذ أو صاحب أغلبية في البرلمان.. فلا يجوز لك أن تتصالح في القاعة وعندك فضائية تتعرض لمقدسات المسلمين، وتنال من الصحابة مع التركيز بشكل خاص على عمر وعائشة.. فكأن هذه الفضائيات تعطي مسوغاً فقهياً لإصدار فتوى ضد الشيعة يستخدمها الزرقاوي.. وغيره للذبح على الهوية.
…أنا نبهت في وقت مبكر إلى أن الشيعي لم يعد معتكفاً على منبر حسيني في قبو أو في حسينية مغلقة جميع الحاضرين فيها من الشيعة بحيث لا يعرف الآخر ماذا يحدث، فيأخذ الخطيب مداه في التشهير والتشنيع والأراجيف والأساطير، أما الآن فقد أصبح المنبر الحسيني يُبثّ عبر الفضائيات، والحديث ينقل للعالم العربي كله خلال لحظات..(48/106)
…ومن المعروف أن الشيعة هم أقلية محدودة في الوسط العربي والإسلامي إذ لا تتجاوز نسبتهم 10% من أعداد المسلمين في العالمين العربي والإسلامي، ومن هنا فأنت عندما تمثل الأقلية بهذه النسبة المتواضعة تكون كجزيرة محاطة ببحر سني، وبالتالي كيف ستتعامل أنت وأبناؤك مع هذا المحيط الكبير عندما تخرجون من محيطكم الصغير..
…فكتابي عن عمر ودعوتي هذه هي لكي يفهم الشيعة أن الأقلية لا مستقبل لها مع سياسة المشاكسة ومع منهج التشهير والتشنيع، وإنما في التجانس مع المحيط، وهذه دعوة سبق أن دعا إليها الشيخ الراحل محمد مهدي شمس الدين في لبنان.. وينبغي على الشيعة أن يتجانسوا مع محيطهم.
…كيف تلقت المراجع الشيعية سواء في العراق أو لبنان أو إيران كتابك الجديد؟.
-…ربما لم يصل إليهم بعد.. فلا أعرف ما موقفهم.
…وكيف كان رد فعل الحكومة العراقية عليه؟
…- الحكومة العراقية لا تقرأ، وإنما تستلم بعض التقارير، فمعلوماتها معلومات المخبرين وليست معلومات المطّلعين.
…هل هناك من علاقة بين استقالتك من منصبك كسفير للعراق في سوريا وبين إصدارك لهذا الكتاب؟
…- نعم أعتقد أن هناك علاقة.. أنا لم أباشر عملي في السفارة لكني توقعت بعد إصدار هذا الكتاب أنهم سيصدرون قراراً بإلغاء المرسوم الجمهوري بتعييني سفيراً في عام 2004، رغم أني لم أباشر ولم أستلم مكافأة شهرية ولم أستخدم أي أداة ولا أعلم أين هي السفارة، وإنما قيل لي إنها مجاورة للسفارة الأمريكية.. لم أذهب إلى السفارة يوماً، لكنهم ربما كانوا سيستغلون هذا الأمر، فأنا استعجلتهم.. سبقتهم إلى الأمر.
…قلت في كتابك إن المصريين افتخروا ببطلهم الجديد فأنصفوه وحملوه أسلوباً للإدارة، وأنموذجاً للزهد والتسامي، وروحاً للعدالة الإلهية فيما كبا أهل العراق كبوتهم، فلم يكتب فيه مثقف ينتسب إلي ثقافة التسنن..هل يأتي إصدارك لهذا الكتاب لقطع هذه الكبوة وإنصاف عمر بن الخطاب؟
…- محتمل.. نعم.(48/107)
…ألم تخشَ أن يزيد إصدار هذا الكتاب من غضب المراجع الدينية والعامة في الطائفة الشيعية ومن نقمتها عليك؟
…- أنا مغضوب عليّ شيعياً من قبل الإسلاميين الشيعة رغم كوني صاحب كتاب "الشيعة والدولة القومية" الذي كان أول كتاب يؤسس للحقوق المدنية للشيعة، وقد اعترف الدكتور أحمد الجلبي في مقابلة تلفزيونية مع قناة العراقية قبل أيام بأن كل عراقي مدين لكتابات حسن العلوي في الحقوق المدنية، فأنا لم أتكلم عن حقوق طائفية للشيعة وإنما عن حقوق مدنية للشيعة، لكنهم بشكل أو بآخر يعترفون بأن هذا الكتاب من أهم ما صدر من كتب الشيعة. ينشرونه في صحفهم ويشتمونني، يسرقونه ويطبعونه، ثم يضعون في المقدمة أنهم غير مسؤولين عما ورد في الكتاب من أفكار، نظراً لأن الكاتب كان بعثياً أو ليس إسلامياً، وغرض هؤلاء قائم مع كثير من اللؤم والضغينة فهم مملوؤن ضغينة ولؤماً ضد الآخر، هم يهاجمون الكاتب لأنه كان بعثياً قبل ربع قرن، فكيف لهم أن يتصالحوا مع البعثي وحامل السلاح الآن في العراق؟! إنهم يكذبون على الناس.
…هم يعترضون على من يكتب "الشيعة والدولة القومية" ثم يكتب "عمر والتشيع"، وأقول لهم هما كتاب واحد.. في الكتاب الأول كنت أتكلم عن الحقوق المدنية للشيعة والحقوق المهضومة، كنت ضد أن تتحول الدولة إلى مذهب حاكم ومذهب محكوم، وكان حينها الحاكم سنياً والمحكوم شيعياً.(48/108)
…وفي كتابي عن عمر بن الخطاب المذهب الحاكم شيعي والمحكوم سني.. أنا لا أغير موقفي فأنا كنت ومازلت ضد المذهب الحاكم سنياً كان أم شيعياً، لكن هناك قصوراً في فهم هذا المنهج، ولذلك فالمطلوب مني أن أوضح أكثر من ذلك. في كتابي "الشيعة والدولة القومية"، 400 صفحة وأنا أتكلم عن حقوق الشيعة الضائعة.. الحقوق المدنية وليست الدينية، والكتاب هو ضد أن تتمذهب الدولة وضد أن يكون هناك مذهب حاكم ومذهب محكوم، وأنا ذكرت أن المذهب المحكوم في هذه الدولة هم الشيعة.. والآن في العراق الأمريكي أصبح المذهب الحاكم هو الشيعي والمحكوم هو السني.
…هل يمكن القول إن هذا الكتاب يشكل طلاقاً بيّناً بينك وبين إيران وحلفائها؟
…- لم يكن بيني وبين إيران من زواج حتي يحدث الطلاق، هذا أولاً، وثانياً على العكس من أخطر ما في الكتاب هو الفصل عن الإمام الخميني باعتباره نموذجاً لفقه المشاركة، هو ترسّم خطى عمر بن الخطاب في فتح بلاد فارس خطوة خطوة، وعندما تعود إلى الكتاب ستجد ما لا يقل عن ثلاثين خطوة للإمام الخميني استمدها من عمر بن الخطاب فى فتح بلاد فارس، فكلتا التجربتين واحدة وهي واحدة لأنها محمدية وأنا من محبي الإمام الخميني.. وقد قال فيّ السيد الخامنئي بعد أن رفع كتاب "أسوار الطين في عقدة الكويت" عام 1996، وبين مجموعة من المساعدين ومنهم السيد محمد علي التسخيري، قال "إن كتب حسن العلوي تخدم البشرية"، وعندما قلت له إنني لست إسلامياً قال "نعم ولكن كتبك تخدم البشرية وتخدم الحقيقة".
الكتابة عن الخلفاء الراشدين
…أشرت في كتابك إلي أن ظهور بعض علماء الشيعة على الفضائيات العربية وتنافسهم في مسبة عمر عجل في إصدار الكتاب، هل هذا يعني أن الكتاب صدر قبل وقته؟.(48/109)
…- الكتاب دائماً يخضع للتوقيت.. هو لم يصدر الآن بسبب المداخلات التلفزيونية، ولكن هذه المداخلات ساهمت في توقيت إصدار الكتاب. أنا بدأت بتأليفه بعد كتابي "أسوار الطين في عقدة الكويت" أي منذ عام 1996، والكتاب يأتي ضمن موسوعة اسمها "الفتوح السفيانية"، وهذا الفصل الخاص بعمر، وهناك فصل خاص بعثمان ربما يصدر هذا العام، وعنوانه "عثمان بن عفان.. دماء على صفحات القرآن".
هل ستكتب عن باقي الخلفاء الراشدين.. أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما؟
…- لا.. لأن الكتابة عن علي بن أبي طالب لا تدخل في برنامج المصالحة ولا الكتابة عن أبي بكر، فأبو بكر كانت خلافته قصيرة، ولم يكن مثيراً للجدل، كان رضوان الله عليه شيخاً يتبع خطى الرسول عليه الصلاة والسلام.
…أما عمر فهو شخصية حيوية مثيرة للانتباه وللجدل، وهي قائمة حتى الآن.. وفيما يتعلق بالخليفة الثالث عثمان فهو لم يعش حياة ناشطة وإنما كانت وفاته هي المهمة، مقتله كان مفجعاً.. ولهذا كتبت عن حياة عمر وأكتب الآن عن ممات عثمان.. أما فيما يتعلق بالكتابة عن علي، فأفضل أن يقوم كاتب سني بهذه المهمة.
…هل ستتطرق إلى نتائج مقتل عثمان رضي الله عنه، وما سمي بقميص عثمان وحرب الجمل..؟
…- بالتأكيد.. أنا أعتقد أن مقتل عثمان بهذه الطريقة هو الذي هيأ لجميع الانقلابات العسكرية في الوطن العربي، وهذا يعني أن الرعاع في الشارع يستلبون السلطة.. في لحظة ما يتسورون الحيطان.. يدخلون القصر الملكي.. يقتلون الملك.. أو يسجنون الملك.. أو ينفون الملك.. ويصبحون ملوكاً مكانه باسم رؤساء جمهورية. السابقة الأولى كانت في مقتل عثمان، فأنا أعالج الموضوع معالجة سياسية وليست دينية، مقتل عثمان هو أول انقلاب للرعاع على السلطة الشرعية.
…هل يمكن القول أن حسن العلوي تأثر بعلي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب بنفس المقدار؟ وإن لم يكن فأي الرجلين كان تأثيره أكبر في نفس وضمير ووجدان حسن العلوي؟(48/110)
…- سؤالك يعكس الثقافة العربية الموروثة بالنظر إلى علي وعمر كخصمين، ولهذا تريد أن تعرف لمن أنحاز لهذا أو لذاك.. أنا أشفق على هؤلاء الذين إذا أرادوا التعبير عن عدم طائفيتهم قالوا نحن منصفون مع علي وعمر، وكأنهم يقرّون بوجود خصومة بين علي وعمر، فهم يجمعون هذه الخصومة بهذين الاسمين، وهذا السؤال يوحي كأنهما خصمان وعلى أن أذهب إلى أحدهما.
…أنا أعتقد أن كليهما كان واحداً لأن عمر وعلي ينتميان إلى المنظومة المحمدية.. هما شخص واحد وفلسفة واحدة، وهما أوضح وأبرز ثنائية في تاريخ الإسلام، وقد ظهرت في المزاج وفي السلوك وفي طريقة الحكم، ولذلك أبقى الإمام علي على جميع قرارات عمر بن الخطاب، فأبقى تحريم زواج المتعة كما هو مثلاً، ولم يغير أي كلمة في قرارات عمر سوى مسألة التسوية في العطاء.
…عمر وضع جدولاً تراتبياً في العطاء يعطي لعائلة الرسول أولاً وحسب القدم في الإسلام، وهو الذي قال: لا أساوي بين من قاتل رسول الله ومن قاتل معه.. وفي آخر حياته قال: لو عشت لقابل لأعدت الفضول إلى أصحابها، أي لو عشت للعام القادم لعدت إلى منهج التسوية في العطاء، وذلك بسبب الطريقة التي استخدمها بعدم التسوية في العطاء..
…وعلي بن أبي طالب استخدم التسوية وهي طريقة أبو بكر وطريقة عثمان لكن عمر اختص بعدم التسوية في العطاء، كذلك عمر أوصى من يأتي بعده بأن يبقي الولاة والعمال لمدة عام دون تغيير حتى لا يحدث اشتباك في الإدارة، ولأن هؤلاء لديهم خبرة أبقاهم عثمان بن عفان لمدة عام بينما لم يلتزم علي بن أبي طالب بهذا القرار لأن الوصية لم تشمله كونه لم يأتِ بعد عمر مباشرة وكان الخليفة الرابع..(48/111)
…وقد نصح بعض الصحابة الإمام علي بأن لا يغير وبأن يستخدم نفس الطريقة السابقة في إبقاء الولاة كما هم، لكن احتجاجات كثيرة ظهرت على بعض الولاة وكان لا بد من تغييرهم وقد غيّرهم، وهذه كانت بداية الإشكالات التي واجهت الإمام علي.. وفي غير ذلك فإن الإمام علي أبقي قرارات عمر كما هي لأن الحكم في زمن عمر كان حكماً مشتركاً لجميع الصحابة، وأكثر اثنين تشاركا هما علي وعمر، تشاركا في القرارات شراكة كانت أكثر من شوري، ولهذا قلت في كتابي إن علياً كان شريكاً في السلطة وليس مستشاراً.
التصالح مع التاريخ
…في كتابك عمر والتشيع تشترط لنجاح مشروع المصالحة الطائفية أن يبدأ من التصالح مع التاريخ، وتشير إلى أن حضور اجتماع للمصالحة دون الأخذ بهذا الشرط هو خداع للنفس وضحك على الذات.. لكن هناك من يتساءل لماذا نتصالح مع التاريخ؟ أليس الأجدى بنا أن نتصالح مع الحاضر لبناء المستقبل؟
…- منهجي اجتماعي أكثر منه سياسي، وعلى ضوء العلاقات والقوانين الاجتماعية يأتي الناتج السياسي، فالسياسة بنت المجتمع لكن الثقافة العربية الحديثة جعلت المجتمع ابن السياسة، وهذا هو الفرق بين الثوري والمحافظ.. فالمحافظ يعتقد أن السياسة هي بنت المجتمع أما الثوري فيقول بأن السياسة هي أم المجتمع وهي التي تخلق هذا المجتمع وتحدد ملامحه.
…الفرق بين الاثنين هو ما جعلني أذهب إلى التاريخ.. فالعمل السياسي سهل، إذ يمكن أن يلتقي الخصمان ويصفق الحاضرون وتصفق القاعة للمنصة وكأن الأمر انتهي، لكن العامل الاجتماعي يبقى، فالمجتمع العراقي منقسم منذ العصر العباسي إلى ربع علي وربع عمر، وعلينا أن نقر بذلك حتى لا نكذب علي أنفسنا..(48/112)
…وهذه أمور التقطها العالم الجريء الشجاع الدكتور علي الوردي الذي تتلمذت عليه في الكلية وما بعد الكلية.. وبقي صديقي حتي وفاته.. الدكتور الوردي صنفهم إلى جماعتين ربع علي وربع عمر، إذاً هناك انقسام اجتماعي، وهناك خطابان في المجتمع.. تأتي فترات يخمد هذا البركان وتأتي فترات أخرى لينشط.
…لكن هناك من يقول إن الاحتلال الأمريكي للعراق أطلق العنان للصراع الطائفي، فالطوائف كانت موجودة في العراق من قبل الاحتلال إلا أن ظهور الطائفية بهذا الشكل المخيف الذي نراه الآن لم يكن كذلك قبل مجيء الأمريكيين؟
…- أنا أعتقد أن الانشطار الطائفي في العراق موجود قبل أن تكتشف أمريكا وقبل أن يعرف العالم أن هناك قارة اسمها أمريكا، هو موجود منذ العصر العباسي، فالأمريكان لم يأتوا لنا بالطائفية.. الطائفية مستقرة والعراق ميدان ممتاز لحروب الطوائف، الدول تختار الصراع الطائفي، وقد اختارت تركيا وإيران "الدولة العثمانية والدولة الصفوية" هذا النوع من الصراع، وكان صراعاً طويلاً شهد حروباً دامية.. ولذلك لا يجوز بسهولة أن نأتي ونختصر التاريخ والمجتمع ونتعلق بالظاهرة السياسية العاجلة المرئية الواضحة، فنقول مثلاً إن الصراع في العراق بين السنة والشيعة أوجده الأمريكان.. ربما يكون الصحيح أن السنة والشيعة هم من جاء بالأمريكان..(48/113)
…فالسنة تحالفوا مع البريطانيين، والعراق البريطاني كان منذ عام 1921م حتى سقوطه عام 1958م عراقاً سنياً، كان الحاكم سنياً لكن الحكم لم يكن كذلك، بمعني أن الحكم لم يكن يسير على سنن المذاهب السنية الأربعة، كان الحاكم سنياً والقرار كذلك، وكان الحاكم يوظف الطائفة للاستئثار بالسلطة وامتيازاتها، أما الآن فقد انعكست الصورة لكن بنفس الطريقة فالقرار أصبح شيعياً.. الحاكم اليوم شيعي وليس الحكم شيعياً، فالعراق الأمريكي الذي بدأ في 9/ 4 / 2003م هو عراق شيعي، ونتج عن اتفاق بين الشيعة والأمريكان.. والخطر الكبير الآن في العراق هو في محاولة الحاكم الشيعي أن يجعل الحكم شيعياً.
أنا أعتقد أن الصراع كان موجوداً في التاريخ، لكنه اليوم صراع شرس وصل إلي مستويات مرعبة وهي تتمثل مع الأسف في القتل على الهوية.
الخلاف إيديولوجي سياسي
…في كتابك تشبه إيديولوجيا القطيعة الدينية بالإيديولوجيا الماركسية القائمة على نبذ وتجريم وإبطال أي اشتراكية أو فكرة صالحة خارج الجدلية الماركسية وقوانين التطور التاريخي القائل بالاشتراكية العلمية.. هل تساوي بذلك بين الإيديولوجيتين أو بين الإيديولوجيات كافة، وهل يمكن المقارنة بين النص الديني المستوحى من القرآن والسنة النبوية وبين النصوص الأخرى المعدة من قبل البشر؟
…- أنا أتحدث عن النهج الإيديولوجي.. عندما يقول الماركسي لأتباعه لا توجد إلا اشتراكية واحدة وما عداها خطأ. أنا أعتقد أن النهج الإيديولوجي واحد.(48/114)
…هناك منهج القطيعة عند من يقولون إن الإمام علي بن أبي طالب قاطع الصحابة والدولة بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم.. هؤلاء أشبههم بأصحاب منهج القطيعة من الماركسيين الذين لا يرون حياة أخرى أو اشتراكية أخرى خارج اشتراكيتهم، بينما اكتشفنا وجود اشتراكية أخرى في العالم، وتحديداً في السويد والدول الاسكندنافية، ثبت أنها أرقى بكثير من الاشتراكية السوفيتية التي اندثرت فيما بقيت الاشتراكية في تلك الدول. ومن هنا أنا أردت القول لأهل القطيعة اذهبوا إلى العالم الآخر ولا تكونوا كالماركسيين، ولم أكن أريد أن أقارن بين العقيدتين.
…إذا أردنا العودة إلى لبّ الخلاف بين السنة والشيعة.. من خلال أبحاثك الكثيرة في هذا المجال، هل تؤكد الآن مجدداً أن الخلاف السني الشيعي عموماً هو خلاف سياسي كما يذهب بعض المجددين من الباحثين الإسلاميين؟
…- في العراق الصراع سياسي نعم، وفي كتابي "الشيعة والدولة القومية" قلت إن الصراع سياسي وليس دينياً، وفي كتابي "عمر والتشيع" قلت إن الصراع سياسي أيضاً، فالصراع بالأساس سياسي، كان ولا يزال صراعاً على السلطة وبسببها، ولو لم تكن السلطة في العراق لما كان المجتمع العراقي يتصارع بهذه الحدة، فإذاً هناك دافع سياسي وهنا تأتي مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية كدولة احتلال.
…كان عمر بن الخطاب بعد أن اتسعت الدولة العربية وافتتح العراق يقول "لو مات جدي في طفّ الفرات لشعرت أن الله سيحاسب عمر عليه"، بمعني أنه كان يعتبر نفسه مسؤولاً حتى عن حياة العنزة على شاطئ الفرات.. ولكن انظر الآن إلى الرئيس بوش فهو ورغم كل هذه المذابح يظهر الآن على التلفزيون ليقول إن الوضع في العراق ممتاز ونحن متفائلون.. أين هو التفاؤل في ظل هذه المذابح التي تحصل الآن؟!.
…إلى أي حد في رأيك يسهم هؤلاء العلماء الذين يظهرون على الفضائيات في إشعال نار الفتنة الطائفية؟(48/115)
…- هؤلاء لا يشعلون الفتنة الطائفية، لأنهم ينتسبون إلى أقلية، وإنما هم يحرقون أنفسهم.. يقتلون أنفسهم.. هم ينتحرون بشتم عمر.
…لكن ماذا عن الطرف الآخر.. هناك من السنة من يكفر الشيعة ويهدر دماءهم؟
…- أنا أقدم منهجاً إصلاحياً، ويجب أن يكون هذا المنهج فعالاً عند الآخر.. عليك أن تلاحظ أنني أنحدر من عائلة شيعية ومن هنا يمكنني أن أتحدث عن الشيعة، وعلى سني آخر أن ينتقد السنة..
…أنا كنت دائماً في المعارضة أطلب من أصدقائي السنة أن يتبادلوا الأدوار، فأنا أنتقد سلوك الشيعي على أن ينتقد صديقي السني سلوك السني. عندما ينتقد السني الشيعة فكل الشيعة سيتكاتفون لأنه سني، وعندما يهاجم الشيعي السني سيتكاتف السنة أيضاً، إذاً كلاهما عديم المفعول ولا مصداقية ولا علمية له، لهذا أنا لا أتناول أخطاء السنة، أنا شيعي أتناول أخطاء الشيعة وعلى سني آخر أن ينتقد سلوك السنة. أما لماذا لم أتحدث عن فقهاء ومؤرخين محسوبين على أهل السنة ممن يكفرون الفرق الإسلامية الأخري فمنهجي لا يميل إلى توزيع السيئات على الأطراف، وإنما بالتقاط السلبي المتداول في بيئتي الخاصة.
…ما رأيك بمنهج الكاتب التونسي التيجاني السماوي الذي اختار أن ينقلب على كل شيء؟
…- هو خضع لرد فعل، كل ما حدث له أنه صار شيعياً على طريقة أصحاب المنابر، وهو خريج السوربون فصار روز خون السوربون "كلمة فارسية مركبة تعني قاريء كتاب الروضة الحسينية"، وأنا أعتقد أن هذا الرجل ليس مصلحاً وإنما هو رجل فضائحي، هو شتم عمر شتائم لا تليق بمثقف ولا تصدر عن باحث، وأنا لا أُقارن بهؤلاء لأنني لم أكن شيعياً وتسننت ولم أكن شيخاً من شيوخ الشيعة وصرت من شيوخ السنة.. أنا لست طرفاً في الصراع المذهبي، منهجي علمي، وحتى عندما أدافع عن الشيعة أتحدث عن حقوق مدنية وليس عن حقوق دينية.
…هل تحاول أن تكون على مسافة واحدة من الجميع؟(48/116)
…- لا.. أنا لست على مسافة واحدة من الجميع، بل مسافتي هم الشيعة الذين أتحدث عنهم.
…تُميز في كتابك بين المدرسة الشيعية في لبنان ونظيرتها في العراق.. وتعتبر أن المدرسة اللبنانية ألصق بمحيطها العربي وبشخصيتها الوطنية، لكنك ترى أن كليهما يتغذيان من الوريد الإيراني.. بالعودة إلى العملية التي قام بها حزب الله والتي وفرت بحسب الكثير من المحللين لإسرائيل الغطاء السياسي لشن عدوانها على لبنان في يوليو الماضي.. إذا قبلت بذلك، فهل يمكن أن تقبل بأن إيران استخدمت حزب الله لتوجيه رسالة إلى الولايات المتحدة والغرب بالتزامن مع إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي، وبالتالي تصبح الفروق بين المدرستين ليست أكثر من توزيع أدوار من قبل المرجع الشيعي المشترك في طهران؟
…- حزب الله هو المشروع السياسي لإيران، والإسلاميون الشيعة في العراق هم المشروع الطائفي لإيران، وبوجود الغالبية الشيعية في العراق يكون المشروع الطائفي مفيداً، ولكن في الوطن العربي لا توجد أغلبية شيعية كبيرة فالخطاب يجب أن يكون سياسياً، ضد أمريكا وضد إسرائيل.. وحزب الله هو مشروع سياسي وليس مشروعا طائفياً. والتفاصيل الأخرى أعتذر عن الإجابة عنها.
إعدام صدام وثقافة الموت
…من خلال معرفتك عن قرب بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.. كيف تلقيت أنباء محاكمته وإعدامه.. وهل كنت تتوقع أن يعدم بتلك الطريقة وفي هذا التوقيت بالذات؟(48/117)
…- تحدثت إلى "العربية نت"، وقلت أن صدام حسين سيعدم خلال الستة أشهر القادمة، أي قبل حلول ذكرى احتلال العراق في التاسع من أبريل 2007.. أنا أمضيت 23 عاماً من المعارضة ومن المعروف عني أنني زعيم المعارضة الإعلامية، والمعارضة هي إعلامية ولم تكن مسلحة أو تنظيمية.. فليس لدينا تنظيمات في العراق بل كانت هناك رسائل صغيرة تأتي للحزب الشيوعي، أما الأحزاب الأخري فليس لها تنظيمات. المعارضة كانت إعلامية وأنا كنت سيدها وتوقفت بعد سقوط النظام عن نقد النظام، وصرت أتكلم في كتبي منتقداً النظام السابق لأنه يستخدم الموت كطريقة عمل، كان يحكم بالموت على أقل الجنايات والجنح، فالنظام السابق كان يبدأ بالموت حتى إذا ظهرت لاحقاً للسلطة براءة هذا الشخص الذي أعدم سمي شهيداً. ومازلت على هذا المنهج. كنت أقول لصدام حسين إن الموت لا يصلح لحل المشكلات السياسية، فأنا ضد أن يكون الموت حلاً للمشكلات السياسية بل هو بداية لمشكلة جديدة، ومن مشاكل صدام حسين كثرة الموت والحكم بالموت على الآخرين.
…لكن رغم ذلك أنا لا أوافق جميع هؤلاء الشامتين الذين رقصوا لإعدام صدام حسين، فأنا لم أرقص مرة لإعدام أحد ولا أعتقد أنه من الرجولة أن يشمت السياسي بخصمه في ساعة المحنة، بل الرجولة هي أن تنتصف لخصمك، وهذا الأمر تعلمناه من تراثنا وثقافتنا منذ العصر الجاهلي حين كان الشاعر الجاهلي يشيد بخصمه، فإنصاف الخصم أهم سمة في السياسي، وإذا تخلّف السياسي عن هذا لم يكتب له النجاح، ولهذا فإن الإخفاق يتوالى في السياسة العربية، بينما النجاح يتوالى في السياسات الأوروبية..(48/118)
…الفرق بين السياسي العربي والغربي أن السياسي الغربي ينصف خصمه، أما السياسي العربي فلا يعترف بالخصم، وبالتالي لا يعترف بوجوده.. وأنا حريص على إنصاف خصمي، وقد استغرب الناس بعد 23 عاماً أنني أنصف صدام حسين وأتحدث عنه بود وبعاطفة، ربما نسي هؤلاء أن أول كتاب أصدرته عند خروجي من حزب البعث إلى المنفي كان عن عبد الكريم قاسم الذي وضعني في السجن نصف مدة حكمه، فأنا حُكمت سنتين وثلاثة أشهر، لكن هذا الكتاب كان أول كتاب أصدره بعد خروجي من السجن، وقد كتب عنه الكثير في العراق في محاولات للتقليل من أهميته، والسلطة في العراق أمرت بعض الكتاب أن يكتبوا ضد هذا الكتاب، وقد كتب ضده 16 كتاباًَ، لكنهم لا يذكرون كتابي هذا، فكما أنصفت عبد الكريم قاسم الذي سجنني أنصفت صدام حسين بنفس المنهج.
عباءة الطائفية
…هل ترى أن الحلّ لمشكلات العرب والمسلمين هو في قيام دولة علمانية؟
…- كلمة علمانية كلمة غير بريئة.. هي في كثير من الأحيان تعني التغريب واستنساخ المنهج الغربي، وهذه الكلمة تعافها نفسي. وهنا سألجأ إلي فهم محمّدي لتفسير موقفي.. كان خالد بن الوليد وجمع من الصحابة يأكلون طعاماً مشوياً، ومرّ الرسول صلي الله عليه وسلم فقالوا هلمّ إلى الطعام وعندما تقدم سألهم ماذا تأكلون، فقالوا نأكل ضبّاً، فتوقف النبي ولم يأكل فسألوه أحرام أم حلال أكل الضبّ؟ فقال ليس حراماً، فقالوا لماذا إذاً لم تأكل؟ فقال لم أجد قومي تألفه فعافته نفسي. وأنا كلما تذكرت العلمانية تذكرت لحم الضبّ هو ليس حراماً ولكن تعافه نفسي، فهذه كلمة لا أرتاح لها إلا بمعني البحث العلمي والمنهج العلمي لطه حسين وعلي الوردي.
…إلى أي حد في رأيك يمكن للكاتب خصوصاً وللإنسان عموماً سواء أكان شيعياً أم سنياً أن يخرج من عباءة الموروث وينفتح على الآخر السني أو الشيعي.. وما هي حدود الشجاعة والإرادة التي يجب أن يمتلكها لكي يقوم بذلك؟(48/119)
…- المطلوب من الكاتب أن يترسم خطى المدرسة المصرية في كتابة التاريخ الإسلامي، وهي التي سرنا عليها في هذا الكتاب.. وأنا لا أدخل في التفاضل بين المذاهب ولا أمارسه.. وأعتقد أن أعظم المفكرين يبقي مهمشاً إذا فعل ذلك.
…يحتاج الإنسان لكي يخرج من عباءة الطائفية إلى شيء من الشجاعة، وقد خرج الشاعر الجواهري من عباءة الطائفية بشجاعته، وكذلك فعل الشاعر معروف الرصافي، والمؤرخ ناجي معروف، ومحمد رضا الشبيبي مع أنه كان رجل دين شيعياً.. وأعتقد أن معظم المثقفين العراقيين غير الإسلاميين خرجوا من هذه العباءة.
…هذا بالنسبة للمثقفين.. لكن ماذا عن الإنسان المسلم بشكل عام.. كيف يخرج من عباءة الموروث الطائفي في ظل بوادر الفتنة الظاهرة اليوم في العراق على الأقل؟
…- على الإنسان المسلم بشكل عام أن يستقي المعلومات من مصادرها التاريخية بدون وسيط. المشكلة لا سيما عند التشيع في وجود هذا الوسيط الثقافي الذي يجلس على المنبر بين مجموعة من الأميين والمتعلمين على حد سواء، فيتحدث وكأنه يتحدث عن حقائق سماوية نهائية، وقد واجهت هذه المشكلة في بداية حياتي وواجهها الجواهري أيضاًً، لكننا استطعنا أن نخرج عنها بعد نمو ملكاتنا الفكرية وتطور وعينا الشخصي.
….. وبدأنا نطلع على الحقائق من مصادرها الرئيسية في الكتب القديمة والحديثة.. وهذا لم يتيسر لعامة الناس، فالخلل في مصدرهم الثقافي الذي يخلط الحقائق بالأساطير والأوهام ويميل إلى الإثارة الوجدانية ويكرس فيهم الغرائزية، لكن بشكل عام السنة ليس لهم موقف ضد أهل البيت، وبالتالي المشكلة ليست مع السنة، لا يوجد سني يكره أهل البيت، سواء أكان كاتباً أم رجل دين أم إنسانا عاديا..(48/120)
…فأئمة أهل البيت هم الولاة التقاة عند أهل السنة. وباستثناء الأفكار المتأخرة التي ظهرت عند التكفيريين ووصفهم المسلمين بأنهم كفار ووصف الشيعة بأنهم روافض وتعجيم التشيع وإعطاء العرب والشيعة هدية لإيران.. هذا خطأ منهجي متأخر الآن، أما الكتب الفقهية وكتب التاريخ العام، على سبيل المثال الطبري ككاتب سني لا يختلف كثيراً عن المسعودي الشيعي، وكذلك البلاذري السني لا يختلف عن اليعقوبي الشيعي. فكتب التاريخ العام كانت كتباً محايدة مكتوبة بلغة أكاديمية علمية راقية، وفيها إنصاف للجميع.
…المشكلة في الطرف الشيعي الذي لا يعترف بالصحابة ويشتمهم، هذا الجانب هو الذي عليه الخروج من عباءته.. المشكلة في ظهور كتابات متأخرة بدأت تكتب تاريخاً خاصاً مثل المجلسي في بحار الأنوار، والكاظميني صاحب كتاب "جواهر الولاية"، وكثير من هذه الكتب الفقهية التي ظهرت في إيران بمجلدات كثيرة.. هذه ابتعدت عن الروح الأكاديمية وكانت كتباً غير منصفة فيها تحامل كبير على الصحابة، وأصحاب المنابر يستلهمون معلوماتهم من هذه المصادر كمصادر تاريخية بدل أن يستلهموها من مصادر التاريخ العام كالبلاذري والمسعودي والطبري وابن الأثير..
…وإذا جاز لي أن أقدم نصيحة فهي أن يعود الجميع إلى التاريخ العربي العام، وليس إلى الكتب الفقهية المذهبية التي كتبت لغرض مذهبي مثل كتاب "بحار الأنوار"(2)، هذا كتاب سيء للغاية، وعلي الوردي كان أول كاتب مفكر نبه المثقفين إلى خطورة هذا الكتاب، والإمام الخميني نفسه ألغي أجزاءً وطبعات كثيرة من هذا الكتاب، لكن بعد وفاة الإمام عادوا فطبعوا المجلدات كاملة، وللأسف الشديد كتاب "بحار الأنوار" مصدر يقدم المعلومات غير الصحيحة للأجيال.
…في كتابك ذكرت شقيقك الراحل أكثر من مرة، واستشهدت بفقرات من مؤلفاته.. إلى أي حد تأثر حسن العلوي بالمفكر الراحل هادي العلوي؟(48/121)
…- أنا تلميذه الصغير.. ورغم أن الفرق بيني وبينه سنتان لكنه أكبر مني بقرن وأعلم مني بقرن وأعمق مني بقرن.
…نطرح هذه الأسئلة وغيرها، من منطلق أن أهل الصفة و الفقراء في العالم والمغرب يعتزون بأثر صوفي شهير جاء فيه أن حُب السلطة آخر ما يُنزَع من قلب المريد.
(1) المصدر: الراية القطرية.
(2) بحار الأنوار كتاب مشهور لدى الشيعة ألفه المجلسي، يحتوي على الكثير من الأحاديث عن النبي محمد والأئمة الإثنا عشر، ويعتبر كتاب "بحار الأنوار" من الكتب التي اكتسبت الخلود في تاريخ مصنفات الإمامية، فمن ناحية كان المؤلف من الذين تصدروا سلسلة العلماء، الذين قاموا بدور متميّز كحصن من حصون التشيع: سواء بسلوكه العملي، أيام تصديه لمنصب مشيخة الاسلام في اصفهان ، أو بسلوكه العبادي، أو في ترويجه لمعارف أهل البيت (ع). ومن ناحية أخرى فإن هذا الكتاب الذي يعد أوسع مجموعة حديثية عند الامامية، حوى أصنافا من الأخبار، مبوبة تبويبا فريد ، بلغت أكثر من 2500 بابا، وذلك في عصر لم يكن الوصول فيه إلى المصادر أمرا ميسورا. وقد أورد المجلسي في طيات كتابه، تحقيقات، وبيانات .
الصوفية في تركيا
باختصار من بحث "شهادة أولية على الحالة الإسلامية في تركيا"
وسام فؤاد
مشرف وحدة البحوث والتطوير بشبكة إسلام أون لاين
من موقع مركز دراسات الظاهرة الحضارية
الطرق الصوفية:(48/122)
…الطرق الصوفية التركية لها جذور تاريخية ترجع إلى مئات السنين، وظلت محافظة على وجودها بين أفراد المجتمع وطبقاته على الرغم من كل محاولات القضاء عليها. وكانت رسالة هذه الطرق حفظ الثقافة الإسلامية كشريعة ودين بما يتضمنه من عقائد وأخلاق وأحكام عبادية في نفوس الشعب التركي من خلال أشكال وطقوس دينية: أذكار وأوراد وأناشيد وابتهالات، وعكفت طرق أخرى صوفية على تحفيظ القرآن للناس في بيوت شيوخها أو منازل خاصة أنشأتها لهذا الغرض، وبعضها الآخر اكتفى بالتعبير عن روحانيته بالدروشة التي تصورها وسائل الإعلام العربية في كل مناسبة دينية معينة، واختصت كل فئة أو طريقة بلباس خاص بها، يميزها عن الأخرى.
…لم تكن هذه الطرق الصوفية - التي سنعرض لبعض مكوناتها - بأتباعها ومريديها المنتشرين في مختلف ربوع تركيا مجرد حشود بشرية لا وزن لها داخل المجتمع التركي، بل كانت طرفا محل تقدير قبل الجمهورية وبعدها، بحيث كان منها العلماء والقضاة والوزراء، وقامت بدور مشهود في حرب الاستقلال في السنوات الأولى لتأسيس الجمهورية، واحتفظت بدورها البارز برغم الإجراءات الكمالية التي رفضتها رفضا مطلقا. وإلى اليوم مازالت هذه الطرق تعد لاعبا فاعلا على مسرح الأحداث داخل المجتمع التركي.
…والواضح للمراقبين أن هذه الطرق لم تكن تتعاطى العمل السياسي المباشر في معظمها انسجاما مع فلسفتها ورؤيتها لعملية التغيير والبناء، إلا أن ذلك لم يمنعها من أن يكون لها دور بارز في الحياة السياسية التركية.…
وقد مر تعامل مصطفى كمال أتاتورك وحركته: الكماليون مع الطرق الصوفية بمرحلتين أساسيتين:
المرحلة الأولى: تميز موقف الكماليين تجاه الجماعات والطرق الصوفية بالود والاحترام، لأن الأمر كان يقتضي تغيير نمط التدين الإسلامي الرسمي أولا. وخلال هذه المرحلة تعاون الكماليون بصورة كاملة مع الجماعات الصوفية ضد مؤسسة الخلافة.(48/123)
…وفي حرب الاستقلال استخدم مصطفى كمال قادة الجماعات الصوفية لتعبئة الجماهير للجهاد ضد الغزاة، ولذا فان دستور 1924م ترك الجماعات الصوفية حرة من دون أي قيود دستورية.
…المرحلة الثانية: سن قانون جديد يقضي بحل هذه الجماعات، وذلك حينما أيقنت التجربة الكمالية أن هذه الطرق الصوفية تمثل تحديا أساسيا في مواجهتها. واستتبع عملية الحظر هذه إغلاق مقرات هذه الطرق، ومنع أصحابها من القيام بأي نشاط في أي مكان، فاضطرت إلى ممارسة نشاطاتها سرا على الرغم من موجة التشريد والنفي والتهجير التي تعرض لها كثير من شيوخها وأتباعها.
…عند استقرار الوضع قامت بعض هذه الطرق بتكوين جمعيات للإنفاق على طلاب مدارس الأئمة والخطباء لتعويض النقص الذي حصل نتيجة اختفاء الدعاة بسبب المحن التي تعرضوا لها، كما ظهرت طرق أخرى جديدة كرد فعل على الممارسات التي رافقت إجراءات العلمنة الكمالية التي استهدفت إقصاء الدين عن الحياة التركية العامة.
…مع بداية الخمسينات بدأ التضييق والحصار يتراجع عن الدين وأهله من رجالات التصوف وغيرهم من الجماعات والأفراد، وفي هذه الفترة أخذت العديد من هذه الطرق تخرج من سريتها، لتمارس نشاطاتها بشكل علني شيئا فشيئا، وساعدها على ذلك تنافس الزعماء السياسيين على كسب أصوات أتباعها عند اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، بل إن بعض زعماء الأحزاب كانوا لا يترددون في أن يعلنوا أنهم أعضاء في بعض هذه الطرق. ويمكن إجمال الحديث عن هذه الطرق فيما يلي:
أ - الطريقة النقشبندية:…
وهي من أعرق الطرق الصوفية في تركيا، وأكبرها وأوسعها انتشارا، لها امتدادات في مجموعة من دول العالم الإسلامي، مؤسسها هو محمد بهاء الدين النقشبندي الذي عاش في بخارى بين عامي 1317 و1389 هـ، وحمل الطريقة عنه إلى الأناضول أحد أتباعه وهو عبد الله السماوي في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، لتنتشر في مختلف أنحاء تركيا.…(48/124)
…شارك النقشبنديون في كل الانتفاضات التي ثارت في وجه الإجراءات التي اتخذها أتاتورك ورفاقه لعلمنة تركيا. ومع إقرار نظام التعددية الحزبية عاودت النقشبندية نشاطها، وعملت على تعزيز حضورها في أوساط أساتذة الجامعة وموظفي الدولة وأصحاب المهن الحرة. وهكذا صارت داخل النقشبندية ثلاثة تيارات فرعية يتزعم كل واحدة منها شيخ نقشبندي، وهي:…
…التيار الأول: وضم فئة الحرفيين والتجار الصغار من الطبقة الوسطى.…
…التيار الثاني: وضم مجموعة من المثقفين وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال وزعماء بعض الأحزاب السياسية.…
…التيار الثالث: وضم الشرائح الاجتماعية البسيطة من الناس من أهل المدن والقرى والأرياف.
وقد كان لهذه الطريقة علاقات مع القوى الحزبية التي تعتبر أداة المشاركة السياسية في تركيا العلمانية المدنية. وفي البداية كانت النقشبندية تدعم حزب النظام الوطني ثم حزب السلامة الوطني عند تأسيسهما من طرف السياسي الإسلامي نجم الدين أربكان الذي كان نقشبنديا، وبعد الانقلاب العسكري لسنة 1980 تشرذم النقشبنديون، فانتمت الغالبية إلى حزب الوطن الأم عند تأسيسه عام 1983، فيما أيد آخرون حزب الرفاه، ولا يزال هذا الانقسام بين الأحزاب قائما إلى اليوم.
ب - طرق صوفية أخرى:
…وتوجد طرق صوفية أخرى إلى جانب الطريقة النقشبندية أقل منها انتشارا وأعضاء، ويتعلق الأمر بالمولوية والتيجانية والقادرية والرفاعية والجراحية، وهي طرق صغيرة الحجم بالمقارنة مع الطريقة النقشبندية، لكنها هي الأخرى منتشرة في كثير من مناطق ومدن تركيا، لها نشاطاتها الخاصة بها، كما لها حضورها في دعم بعض الأحزاب دون أخرى.
الجماعات الإسلامية ذات البعد التربوي والفكري:(48/125)
…وهي جماعات تأسست كرد فعل متأخر نسبيا على إجراءات العلمنة الكمالية. وقد ظهرت هذه الجماعات في أواخر الخمسينات وبداية الستينات، ومنها على وجه الخصوص جماعة النور وتنسب إلى مؤسسها بديع الزمان سعيد النورسي، والجماعة السليمانية التي أسسها سليمان حلمي تونهان، الذي كان شيخا نقشبنديا. والبعض يضم الجماعة الإيشكشيكية، ومؤسسها هو حسن حلمي إيشيك، وهو ما لا يراه الباحث لأنها كانت - حركيا - خصما من الحالة الإسلامية لا إضافة لها، وعقديا - لها دعوات ليست ضمن الإسلام.
ما يميز هاتين الجماعتين حرصهما على أن يستقلا كل منهما بخط فكري يميزها عن غيرها من باقي الطرق الصوفية، وسنورد تعريفا مقتضبا عن كل جماعة من هذه الجماعات الثلاث.
أ - جماعة النور/النورجية:
…تنسب الجماعة إلى الشيخ بديع الزمان سعيد النورسي، وتعد من أكثر الجماعات الإسلامية حضورا وتأثيرا في شرائح المجتمع التركي، بالأرياف والمدن.…
…لم يشكل بديع الزمان النورسي جماعة النور في حياته أو لم يكن له دور في تنظيمها على شكل جماعة، بقدر ما كان يشكل مرجعا فكريا لمجموعة من أتباعه الذين لمسوا فيه صلاح الحال وقوة الإيمان. فقد اشتهر إضافة إلى علمه وتقواه وورعه بجهاده ضد الاحتلال الأجنبي وتعاونه مع جماعة الاتحاد والترقي قبل الاستقلال، ومواقفه الرافضة للإجراءات الكمالية بعد الاستقلال. وقد نال من جراء ذلك النفي والطرد والتشريد كباقي العلماء.…(48/126)
…ثم تأسست جماعة النور وتشكلت في شكل تنظيم بعد وفاة سعيد النورسي، حيث قام أتباعه بطبع رسائله المعروفة برسائل النور، التي تشكل الأساس النظري والمعرفي للجماعة. ومع أن هذه الرسائل لا تحدد مواقف ولا أهدافا سياسية واضحة، إلا أنها تحمل في طياتها رِؤى وتصورات عميقة فيما يخص تدبير شؤون حياة الإنسان الدنيوية والأخروية، مؤكدا على البعد التربوي الذي كان يحث أتباعه على ضرورة ترسيخه وتعميقه باعتباره الأساس والمنطلق لأي عملية تغييرية فردية أو جماعية.…
…إن المسألة الأساسية التي يؤكد عليها أتباع بديع الزمان النورسي هي الوصول إلى نظام حكم لا يتدخل في شؤونهم ولا يمارس القمع والضغط عليهم، أما فيما يخص طريقة تعاملهم مع مؤسسات الدولة فهم لا يرفضونه، وهو ما يؤكده وجودهم في مجموعة من المؤسسات العلمية من كليات ومعاهد وإدارات ووزارات ومؤسسات اجتماعية واقتصادية .
…وبخصوص نظرتهم إلى السياسة تحديدا فهي نابعة من تصور شيخهم، فقد كان موقفه تتحكم فيه ظروف معينة، ففي بدايات حركيته، يمكن القول أنه كان يمارس السياسة بطريقة غير مباشرة، دل على هذا الأمر انخراطه في حملة مواجهة الاحتلال من خلال نافذة جمعية الاتحاد والترقي قبل أن ينقلب عليه أصحابها، وبعد فترة نفيه سيؤطر سلوكه من خلال مبدأ كان كثيرا ما يردده وهو قوله" "أعوذ بالله من الشيطان والسياسة". لكن في المرحلة الأخيرة من حياته دخل المعترك السياسي، لا من أجل تكوين حزب سياسي بقدر ما من أجل إبعاد حزب الشعب الجمهوري عن الحكم، دون أن يعني ذلك اعتقاده في صلاح الأحزاب الأخرى.(48/127)
…اتبع تلامذة بديع الزمان النورسي هذه القاعدة في دعمهم للحزب الديمقراطي في بداية الانفراج السياسي، حيث أدلوا بأصواتهم لهذا الحزب في انتخابات 1950 و1954 و1957. إن فكرة عدم تفضيل تلامذة بديع الزمان النورسي الدخول للمعترك السياسي من خلال تأسيس حزب سياسي أي تحويل جماعتهم إلى حزب أمرا غير عام كانت تأخذ به جل الجماعات التي تنتسب للشيخ بديع الزمان النورسي، والتي بلغت اثنتا عشر جماعة.
… فقسم كبير من هذه الفرق اتجه إلى طبع الرسائل وتوزيعها ودعوة الناس إلى مفاهيمها، وتأسيس مدارس تربوية وتعليمية حرة في مستوى قوي تعليميا داخل تركيا وخارجها، يستقطبون لها أجود الطلاب، ويسهرون على تعليمهم. حتى إذا ما أصبحوا كوادر قوية علميا، انتفعوا وانتفع مجتمعهم من خبراتهم، تؤطر هذا القسم فرقة فتح الله جولين الذي يملك شبكة من أقوى المؤسسات التعليمية والإعلامية داخل وخارج تركيا. وقسم آخر منهم اكتفى بتلقين أفكار شيخهم لأتباعهم.
…وقسم آخر انخرط مع بعض الأحزاب السياسية. والى جانب هذه الفرق هناك فرق أخرى لا تفتأ تعلن انتسابها لبديع الزمان النورسي بينما يبتعد منهجها عن خط ذلك الشيخ كثيرا، ومنها جماعة "يني نسل" وجماعة "دعوى".
ب - السليمانيون:
…هم جماعة أسسها أحد شيوخ النقشبندية، وهو: سليمان حلمي تونهان، وقد اتصفت هذه الجماعة بالتشدد والراديكالية في معارضتها لأتاتورك وإجراءاته، وللنظام العلماني عموما ونمط الحياة الغربية التي أريد للمجتمع التركي الدخول في أتونه. وتنتشر هذه الجماعة داخل تركيا وخارجها في أوروبا الغربية ولا سيما في ألمانيا.…
…وقد دخل السليمانيون منذ تأسيس حركتهم في صراع مع رئاسة الشؤون الدينية التي لا تعتبرها ممثلة للإسلام. ويعلن أتباعها وكذا شيوخها أنهم مدركون حقا لحقيقة الصراع، ولذلك يدعون فئات المجتمع التركي إلى الالتحاق بجماعتهم.…(48/128)
…ويولي زعماء الجماعة السليمانية أهمية للعمل العام في المجال الثقافي، وهم تبعا لذلك يملكون مراكز ثقافية في أكثر مدن تركيا، كما عملوا على تأسيس مؤسسات موازية للمؤسسات الدينية التي تشرف عليها الدولة.…
…وتتصف الجماعة السليمانية بالانضباط الصارم لأعضائها، فهم خلافا للنقشبنديين ولجماعة النور يتحركون ككتلة واحدة أو جسم واحد في مجالات عدة.…
…أما في الجانب الاقتصادي فتتميز الجماعة السليمانية بمصادرها ومواردها الاقتصادية المهمة عبر مشاريعها التجارية المتعددة، وهذه ميزة غالبية الطرق الصوفية، أما بخصوص الولاءات السياسية لهذه الجماعة الدينية فتتسم بالظرفية وتتنوع بين مجموعة من الأحزاب اليمينية.
شيعة أمريكا
التجمع العالمي للشيعة المسلمين في أمريكا (أمة) يقيم مؤتمره السنوي الخامس
الوكالة الشيعية للأنباء
…استلهاما من الآية الكريمة (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) (المائدة:2).
…أقام التجمع العالمي للشيعة المسلمين في أمريكا (أمة) مؤتمره السنوي الخامس في العاصمة الأمريكية واشنطن في الفترة من 25 إلى 27 مايو 2007 تحت شعار " مستقبل الشيعة المسلمين في أمريكا "
…ومن البرامج الأساسية للمؤتمر ندوة الحوار بين الأديان والحضارات ، فبالإضافة إلى المحاضرات الدينية والتثقيفية يوفر المؤتمر للمشاركين ورش عمل متخصصة في مجالات مختلفة تساعدهم على تخطي العقبات التي تواجههم للعيش في الغرب بشكل عام وفي أمريكا وكندا بشكل خاص . كما توجد برامج خاصة للشباب والذي يركز على تدريبهم وتثقيفهم وتعليمهم ومساعدتهم لإكمال النصف الآخر من دينهم . كما يتخلل المؤتمر برامج صحية تثقيفية تشمل معرض للخدمات الطبية المجانية تشتمل على فحص السكر والكلسترول وضغط الدم و بي ام اي وغيرها . ومن الشخصيات التي حاضرت في المؤتمر:(48/129)
البروفسور السيد حسين نصر أستاذ العلوم الإسلامية في جامعة جورج واشنطن
الدكتور ماهر حتحوت رئيس المركز الإسلامي في جنوب كاليفورنيا
سماحة السيد مصطفى القزويني مؤسس و إمام المركز الإسلامي الثقافي في لوس أنجلس
سماحة السيد حسن القزويني إمام المركز الإسلامي في أمريكا الشمالية
البروفسور فيرنون جيمس شوبل أستاذ الدراسات الدينية في كلية كينيون بولاية أوهايو
البروفسور سليمان ينج أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة هاورد في واشنطن
الدكتور حسنين والجي المسئول السابق للخوجة في أمريكا
الأخت نجاح بزي الناشطة الإسلامية
الشيخ سخاوت حسين إكندا.مع الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه في نيوجرسي
الشيخ محمد الهي
الدكتور حميد ماواني أستاذ الدراسات الإسلامية
السيد جواد القزويني
السيد عمار النقشوان
…كما أقيمت ندوة خاصة عن شيعة العراق تحدث فيها سفير العراق في الأمم المتحدة الدكتور حامد البياتي و السيد بسام الحسيني مستشار رئيس الوزراء العراقي .
…هذا و قد شارك في الحضور على ما يربو من 3000 شخص من أبناء الجالية الشيعية المسلمة في الولايات المتحدة و كندا.
مقابلة مع أميرة أيزيدية
العربية نت 15/6/2007 باختصار
الأميرة عروبة بايزيد اسماعيل بك، هي ابنة أمير الطائفة السابق الذي مات قبل عدة سنوات، وابنة شقيق الأمير الحالي تحسين سعيد علي – 70 عاما –
و الأميرة عروبة التي ترأس تحرير صحيفة "أنا حرة" على الانترنت تعتبر أول امرأة يزيدية ترأس تحرير صحيفة من ضمن أربع صحف يصدرها ايزيديون خارج العراق للدفاع عن ما يسمونه حقوقهم المسلوبة، خاصة أن لهم ممثلا في البرلمان في كتلة التحالف الكردستاني.(48/130)
ويبلغ عدد الايزيديين في العراق نصف مليون نسمة يعيش 75 بالمائة في المنطقة الجبلية القريبة من الحدود السورية وعشرة بالمائة منهم في المنطقة الكردية في مدن دهوك والسليمانية واربيل و15 بالمائة في منطقة شيخان، ويقدر عددهم الاجمالي في العالم بحوالي 800 ألف نسمة.
وهم من الناحية القومية أكراد ويتكلمون اللهجة "الكرمانجية" لكنهم يشتكون دائما من مضايقات الأكراد لهم بسبب ديانتهم وتعرضهم للاحتقار والتنكيل.
قالت عروبة إنها من عائلة الامارة الايزيدية التي ترعى شؤون هذه الطائفة منذ سنوات طويلة جدا، وتوارثوا ذلك من أجدادهم، وأن والدها كان أميرا للطائفة حتى وفاته العام 1981 ثم خلفه عمها الأمير "تحسين".
وتتحدث عروبة عن قواعد وتقاليد دينية راسخة تتمسك بها عائلة الامارة طوال تاريخها فلا يمكن لنسائها ورجالها أن يتزوجوا من خارجها، ومن ثم يتم الزواج بين الأمراء والأميرات لتظل دماء العائلة نقية خالصة.
وتقول "حقا تسبب هذا الزواج الداخلي من العائلة عبر الزمن في بعض الأمراض الوراثية، لكن لا يمكننا أبدا التخلي عن هذا التقليد".
وتضيف: رغم أني رئيسة لتحرير صحيفة "أنا حرة" التي يوحي اسمها بالدفاع عن حقوق النساء، لا يمكننا أبدا الاقتراب من هذه القاعدة الدينية، فأي أميرة لا تستطيع الزواج من خارج عائلتها الأميرية. أنا نفسي متزوجة من أمير، وغيري أيضا، ولم يحدث أن تمردت أميرة أو أمير على هذه التقاليد
.
ولا يقتصر الأمر على عائلة الامارة، فالزواج المختلط ممنوع بين الطبقات على حد قولها، كل طبقة تتزوج من داخلها، وهذا أمر لا يمكن التحايل عليه "فنحن نعرف بعضنا وعشائرنا جيدا".
خارطة الطبقات الإيزيدية
وعن خارطة الطبقات في الطائفة الايزيدية تقول عروبة إنها تشمل 6 مواقع وهي" طبقة الأمير والشيخ، وطبقة الفقير المتعبد، وطبقة القوال الذي يرتل الأناشيد الدينية، وطبقة الكوجك، وطبقة البير، وطبقة المريد.(48/131)
وتضيف الأميرة عروبة إنهم من نسل "عدي بن مسافر" مؤسس الطائفة وله مزار في شمال العراق "يحجون" إليه. ورغم أنها تعيش في أوروبا فانها تتمسك بتقليد الزواج من داخل عائلة الامارة بالنسبة لأولادها، كونها أما لبنت وولدين "هذه تقاليدنا سنظل نتمسك بها".
وتؤكد بأن أحدا لا يملك أن يقوم بأي مبادرة لتغيير هذا التقليد، لأن ذلك معناه انهيار الايزيدية التي لها خصوصياتها التي تتميز بها. وترفض أن تتخصص صحيفتها الاليكترونية "انا حرة" في الدفاع عن حقوق المرأة الايزيدية ومن ضمنها الزواج قائلة "من المستحيل أن تفكر أي فتاة ايزيدية ان تتزوج من خارج طبقتها، ونحن في الصحيفة معنيون بشأن الديانة والطائفة بوجه عام، ولا مجال للحديث عن حقوق النساء".
وتوضح أن مركز الامارة الايزيدية يقع في الأصل في قرية "باعزرا" لكن الأمير يستقر حاليا في مدينة شيخان التي تقع في قلب اقليم كردستان، وعنده بيت في دهوك، ويمتلك في يده كل الصلاحيات فيما يخص الطائفة وتسيير أمورها الدينية والاجتماعية والسياسية.
وتعود جذور هذه الطائفة الى القرن الثاني عشر الميلادي، ومؤسسها هو عدي بن مسافر الذي ولد في دمشق عام 1162م وتوفي في مكان يبعد حوالى 10كلم عن شيخان.
شري شري`.. سيد روحي في ديارنا!
ياسر الزعاترة الدستور 29/5/2007
( هذا مذهب هندوسي مطور يغزو عقول بعض أبنائنا تحت يافطة تنمية أو التواصل مع الطبيعة !! أضفنا ملحق للمقال تعريف بفلسفة هذا الهندوسي من معجب به !!الراصد )
كتبنا غير مرة منتقدين دورات البرمجة اللغوية العصبية وما شابهها من دورات تنمية المهارات الذاتية التي تبيع على الشبان إمكانية أن يكون أحدهم قائداً أو مشروع قائد في غضون أسابيع ، أو أن يغدو زوجاً مثالياً أو سعيداً في غضون بضعة أيام ، وبالطبع على يد خبير متخصص.(48/132)
قبل شهور سمعت أن الأب الروحي للعبة البرمجة اللغوية العصبية قد أعلن كفره ببضاعته القديمة واكتشافه لمعطيات أخرى ، والنتيجة هي أن كل ما تم بيعه كان في معظمه بضاعة مغشوشة ، ما يمنح من شاركوا في تلك الدورات الحق في ملاحقة المؤسسات المعنية لتحصيل حقوقهم ، تماماً كما كان يفعل المصريون الغلابى عندما يتبين لهم أن الفيلم الذي شاهدوه (أي كلام) ، أو لم تعجبهم الخاتمة ، فيشرعون في التظاهر وتكسير المقاعد مرددين: "سيما أونطة ، هاتوا فلوسنا"،،
وإذا كنا نقول ذلك عن أقوام يبيعون الدورات ذات النمط الغربي مضافة إليها نكهات من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، فماذا عسانا نقول عن حكاية "شري شري" ، ذلك الفيسلوف أو الراهب أو "صاحب الطريقة" الهندي (سمه ما شئت) الذي حط في ديارنا مؤخراً وقدم محاضرات شهدت حضوراً كبيراً ، فيما كانت تنتهي بتدافع أعداد من الشبان من حول الرجل يطلبون بركاته الإلهية،،
مدرسة "شري شري" ، بحسب ما يقول صاحبها هي مدرسة روحية اجتماعية تأسست في الهند عام 1955 ، وهدفها "مساعدة الأشخاص من أجل الوصول إلى المعرفة التامة للنفس وإقامة بنية اجتماعية تؤمّن فيها طاقات الناس المادية والفكرية والروحية".
من الواضح أننا أمام لون من ألوان المدارس أو الطرق التي تتكاثر في (الهند) ، بلاد العجائب ، وحيث يخلط الرجل كما هي عادة الأديان الهندية بين تعاليم البوذية وبعض الأديان السماوية ليخرج بدين خاص أو طريقة خاصة ، الأمر الذي يجد صدى في غرب يعيش الكثير من الناس فيه خواءً يدفعهم نحو البحث عما يروي ظمأهم الروحي.
والحال أن شري شري ليس وحيداً في هذا المضمار ، فثمة في الغرب أشكال عديدة من هذه الصرعات ، من بينها ذات لون إسلامي ، وقد انتشرت خلال الأعوام الأخيرة في أمريكا والغرب ترجمات لجلال الدين الرومي ، المتصوف التركي الشهير.(48/133)
في عمان ، يبدو أن مثل هذه الصرعات تجد صداها في أوساط شبان من طبقة معينة يتابع بعضهم ما يجري في الغرب ، وقد أجزم هنا أن محاضرات شري شري لم تستقطب أحداً من الطبقات الأخرى ، ليس لأنهم لم يسمعوا به فقط ، وإنما لأن بضاعته لا تعنيهم من قريب ولا بعيد.
محزن أن يجد بعض شباننا في تعاليم "شري شري" ما يملأ فراغ أرواحهم ، مع أن بين أيديهم دينا عظيما يملأ الروح بالطمأنينة عبر سلوك يومي هادىء عنوانه التوازن بين حاجات الروح وحاجات الجسد ، كما يمنح النفس الشعور بالرضا حين تقدم الخدمة للآخرين طلباً لمرضاة الله عز وجل.
سيقول لنا البعض إن ما يقدمه "شري شري" لا علاقة له بالدين ، وهو قول غير صحيح لأن الرجل يقدم نفسه كسيد روحي للغبطة الإلهية كما في بعض الترجمات ، أو "بابا" بحسب بعض التعبيرات ، أو التجسيد الإنساني للإله أو الرب. وإذا لم يكن الأمر كذلك فلماذا كان بعض الشبان يلتفون من حوله ، بحسب ما روى لنا بعض الحضور ، ويتمسحون به ويطلبون منه البركة الإلهية؟،،
كيف يترك هؤلاء القوم ما لديهم من رصيد عظيم لدين هو الأكثر انتشاراً بين البشر لما يتسم به من مراعاة لحاجات الإنسان على مختلف الصعد ، ثم يذهبون إلى "شري شري" وتعاليمه؟،
ملحق
الهندوسية
تُعتبَر الهندوسية استمراراً للديانة الفيدية، وهي توحيدية متعددة الشكل، انتشرت منذ ألفي سنة قبل الميلاد. كانت تدعى أساساً البرهمانية، وترتكز على كتب الفيدا الطقوسية الأربعة التي كتبها الراؤون بالسنسكريتية، وتناقلتها التقاليد، منظِّمة الحياة الفردية والاجتماعية. يحافظ الرهبان البراهمة على النصوص والطقوس المقدسة ذات البعدين الكوني والاجتماعي والمؤدية إلى تحقيق الدهارما.(48/134)
براهما هو الإله المطلق الأساسي في الهند، وهو بعيد جداً إلى حدِّ أنه لم يبقَ له فيها معابد؛ ويؤثَر عليه الهنود شيفا، مدمِّر الأشكال ومجدد الكون عبر رقصته الكونية. أما فيشنو فهو رسول دائم ومستمر، حافظ الخير ومصحِّح الشر، يتجسد على الأرض ليعيد النظام فيها إلى نصابه. بالنسبة إلى الهندوسية، كريشنا هو الرسول الثاني، وبوذا هو التاسع؛ أما العاشر فلا يزال مجهولاً، لكن بعضهم يرى فيه يسوع المسيح والبعض الآخر محمداً. فالهندوسية تستطيع أن تدمج في ديانتها المعتقدات الدينية الخارجية، محافظة على ركنيها الأساسيين وهما: الذبيحة والتقمص.
يصحِّح أحد الشيوخ الروحيين للهندوسية، شري شري رافي شنكر، نظرة الغرب إلى ديانته، مؤكداً على أن الهندوسية تعترف بإله واحد يتجسَّد في أشكال ومراحل مختلفة من التاريخ البشري، متخذاً أسماء ولغات وتعاليم مختلفة، تبعاً لحاجات كل زمن، معتبراً في المقابل أن الديانات التوحيدية الأخرى حرمت الله تنوعه وحوَّلته إلى إله أوحد، تعسفي ومتطلِّب. ويضيف أن الهندوسية تهب معتنقيها الحرية المطلقة في سلوك الطريق التي يجدونها الأفضل لبلوغ الله، من دون أن تحمِّلهم أوزار الخوف والذنب. وهي ديانة لا تحاول أن تفرض نفسها بالقوة على الآخرين، لأن كل ديانة تعتقد نفسها متفوقة على سائر الديانات تتسبب بالعنف الجسدي أو النفسي حيال الآخرين. هذا الشعور بالتفوق ناتج من عدم معرفة الديانات الأخرى؛ إذ لكلٍّ منها طبعه الخاص وعبقريته المطابقين لمزاج البلد الذي نشأت فيه وثقافته وعاداته.(48/135)
كما يدعو شيخ الهندوسية الروحي هذا إلى معرفة الجوانب الصالحة من كلِّ ديانة وتقبُّل التنوع الديني في العالم عند بداية القرن الحادي والعشرين، ولا سيما أن في كل ديانة مكاناً للتطور تتكيف من خلاله مع الأزمنة المتغيرة، ذاك المكان الذي يمنع الديانات من الجمود أو التراجع والوقوع في الأصولية التي تقسِّم وتفرِّق وتحاكم نتيجة الجهل بالآخر.
فن الحياة
أنشأ شري شري رافي شنكر حركة "فن الحياة" عام 1982، وهي مؤسَّسة خيرية تهدف إلى تحسين نوعية الحياة جسدياً ومعنوياً عبر التسامي وتطوير إمكانات الفرد الداخلية واتخاذ مواقف اللاعنف من طريقة معرفة التنفس وأساليب أخرى تخفف الضغط عن أكثر من مليوني شخص موزعين على 130 بلداً في القارات الخمس.
يطبق شري رافي شنكر جوهر ديانته عملياً على الأرض، محاولاً إصلاح شوائب الهندوسية، بدءاً بمسكنه في بنغالور، حيث يستقبل المعتنقين والمعلِّمين من طبقات الهند المتعددة ومختلف الديانات، وصولاً إلى منع التجاوزات المتطرفة من بعض الهندوسيين في حق أقلِّيات دينية أخرى في الهند، مروراً باهتماماته البيئية المتنوعة، ليصب كل ذلك في جوهر رسالته التي يحددها بقدسية الحياة، داعياً إلى الاحتفال بها والاهتمام بالقريب ومشاركة ما نملك مع الأقل منا حظاً، لأن العالم كلَّه ملكنا وجميعنا واحد.
لو استهوت أحدَنا هذه الدعوة وصعب عليه تطبيقها، في إمكانه الاستعانة بمعلِّم روحي يساعده على توسيع آفاقه ومنحها مدى مختلفاً من غير أن يخشى فقدان حرية رأيه وتصرفاته، فيكتسب بذلك حرية داخلية، متحرراً من كبت الأفكار والتصرفات الموروثة ثقافياً ودينياً وعاطفياً، متخلِّياً عن سجن الأنا في سبيل اللقاء بالله.
كي يتم هذا اللقاء يمكن للإنسان اختيار طرق عديدة، منها الطاوية، وهي الدرب المنطلقة من الأزمنة قبل أصول الأزمنة والمؤدية إلى الخلود.(48/136)
مجلة الراصد الإسلامية
العدد التاسع والأربعون – ربيع الأول 1428هـ
* فاتحة القول:…أهل السنة ولعبتي السياسة والإعلام ...................... ..........................…3
* فرق ومذاهب:…الطريقة الدسوقية – الختمية ......................................................…5
* سطور من الذاكرة:…الحاكم العبيدي يعتزم نقل الحج إلى مصر!.......................................…10
* دراسات: …مواقف المفكرين والعلماء من الشيعة ....... ......................................…13
* كتاب الشهر: …- الموسوعة الشاملة للفرق المعاصر ...... ....................................
- الأقليات في المنطقة العربية وتأثيرها على الأمن القومي ...............…22
24
* قالوا: …...........................................................................................…32
* جولة الصحافة : ……
…- الطريقة التيجانية بالمغرب.. صوت مكتوم ومشيخة غائبة .................... …34
…- المغرب يستقوي بالتيجانية .. وحديث عن حرب دينية مع الجزائر .............…37
…- مولاي البشير أعمون .. الطريقة التيجانية ليست بحاجة إلى مؤتمرات ........…39
…- اللعب في منتصف ملعب الآخر................ ...................................…40
…- النفوذ الإيراني وكيفية التعامل معه................................................…41
…- ماذا يجري في بلوشستان الإيرانية ................................................…60
…- إيران تتوغل في تفاصيل الحياة العراقية ..........................................…43
…- بين لبنان وإيران .... ...............................................................…51
…- قلق مصري واسع من تنامي الدور الإيراني في إفريقيا .........................…52
…-…الأب الروحي لطائفة "القرأنيين" في مصر يقول:(49/1)
إنه لا يعترف بالسنة النبوية ويشكك في نسبتها إلى خاتم الأنبياء .....…55
…- قيادي في حزب الله يكتشف دور إيران وحزب الله اللبناني في العراق .........…56
…- حديث مع إمام مسجد بالقاهرة بناه العراقيون الشيعة ............................…58
…- شعية واشنطن يضعون خطة للقضاء على الوهابية...............................…62
…- أسئلة لشيعة تونس .................................................................…70
…- عمار الحكيم نسمع عن تدخل إيراني في العراق ! ...............................…74
أهل السنة ولعبتي السياسة والإعلام!!
صدم الكثير من الناس من فجاجة أمر اعتقال الهاشمي الوزير السنى في حكومة العراق بتهمة قتل نجلي الألوسي السني، ومع موافقتنا على محاسبة الجاني أياً كان منصبه أو انتمائه، إلا أن هذه المحاولة المفضوحة لتحسين صورة حكومة المالكي على حساب أهل السنة مرفوضة. وسبب هذا الرفض أنه لم تثبت بعد هذه التهمة أصلاً، كما أن المراد منها دب الشقاق والنزاع بين صفوف اهل السنة بكل أطيافهم.
والأهم في رفض هذه المطالبة هو أين أوامر الاعتقال لمن ثبت تورطهم ليس في اغتيال شخصين أو أكثر، بل في تكوين مليشيات تتبع الحكومة لقتل المواطنين بالجملة كصولاغ!! أين محاسبة الوزير والمسؤلين عن فضيحة دور الأيتام والاحتياجات الخاصة والتي صدمت كل صاحب ضمير حي!!
أين محاسبة ومحاكمة ناهبي المال العام و أصحاب حنفيات النفط المفتوحة؟؟ أين محاكمة قاتلي الشعب وهم يرتدون زي الشرطة والمغاوير؟؟ أين محاسبة خاطفي وقاتلي أساتذة وطلاب الجامعات؟؟
أين ..أين ..أين ............(49/2)
ولكن هكذا هي لعبتي السياسة والإعلام حين يمارسها الأنذال والخونة، وهكذا هي لعبتي السياسة والإعلام حين يمارسها أهل السنة دون خبرة أو وعي أو لنكن صرحاء حين يمارسونها بسذاجة وغباء سواء من قبل "أهل الجهاد" أو "أهل السياسة"، فتكون النتيجة مكاسب للخصوم وخسائر لأهل السنة.
إن من المقرر عند دارسي تاريخ الحركات الباطنية مقدرتها الفائقة على التنظيم والسرية والعمل تحت الأرض وإخفاء حقيقة أهدافها، ومن ذلك ما قام به القرامطة ومؤسسهم حمدان قرمط وبقية فرق الإسماعيلية، وقد سبقهم ابن سبأ اليهودي والذي سار على دربه كثير من أذكياء الشيعة كالوزير ابن العلقمي وإخوانه.
إن العلاقة بين السياسة والإعلام علاقة متشابكة تأثر كلا منها في الأخرى وتكاد تزول أحياناً الفواصل بينهما و كلا منها تتدخل في ترتيب أولويات الأخرى!!
ولذلك العمل السياسي يحتاج مع سلامة المنهج واستقامة الطريقة ذكاء ووعي بمصالح الشرع العليا مع إدراك لخبث الأطراف الأخرى ولذلك قال الفاروق: "لست بالخب والخب لا يخدعنى" ولكن أين كثير من أهل السنة من منهج عمر!!
لقد أخفق إعلام أهل السنة الرسمى والمرتبط بالحركات الإسلامية كذلك في ابراز حقيقة قضية أهل السنة في العراق وأنهم أصحاب الشرف والبطولة والمواقف الصحيحة وأنهم الطرف المعتدى عليه من الاحتلال الأمريكي والإيراني وأعوانهم من الشيعة .
وسبب هذا الإخفاق الإعلامي هو إخفاق الساسة الرسمين و قادة العمل الإسلامي في العراق وخارجه، فلحد الآن لم يتفق أهل السنة على مشروع سياسي أو برنامج عمل، كما أن من مارسوا السياسة منهم غلبوا مصلحتهم الحزبية على المصلحة العامة غالبا، وبعضهم كان موقفه السياسي هو الرفض الدائم المجاني مما منح الخصوم مكاسب مجانية!(49/3)
والبعض الآخر الذي لا يعرف سوى فوهة البندقية ، ولذلك كم ضاعت من الجهود حين رفض أهل البندقية التوقف وتسليم زمام الأمور لغيرهم ولعل لنا في طالبان عبرة ومثل! وشبهة هؤلاء أنهم يظنون أن المجاهد لا يفوقه أحد !! وهذا غباء.
إن أهل السنة لا يمكن لهم الخروج من دائرة ما هم فيه إلا بالرجوع إلى أهل العلم الثقات والنزول عند رأيهم شريطة أن يكون لهم مستشارين صادقين من أهل الخبرة الحقيقية ، فإن مشكلتنا اليوم هي في أن أغلب قادة العمل الإسلامي السياسي أو الجهادي ليسوا من العلماء الشرعيين الذين أثبتت الأيام صحة رأيهم، كما أن كثير من العلماء والدعاة يستعجلون الحكم على الأمور اعتماداً على قصاصات جرائد أو تلخيصات شباب غير مكتملين الخبرة والتجربة كما حدث في أزمة الخليج الثانية.
فإذا تكاملت الجهود أهل العلم الشرعي الراسخ مع أهل الخبرة الصادقة مع المنفذين لها من أهل السياسة والجهاد هناك تستقيم أمر أهل السنة في لعبتي الساسة والإعلام.
?
الطرق الصوفية:
الختمية
الختمية طريقة صوفية تنتشر بشكل خاص في السودان، وفي بعض الدول القريبة منها، وتتشابه في معتقداتها وأفكارها مع الطرق الصوفية الأخرى، التي سبق لنا تناولها في هذه الزاوية من الراصد.
وتنسب هذه الطريقة إلى محمد عثمان بن محمد الميرغني، المولود بالطائف سنة 1208هـ، والمتوفى سنة 1268هـ (1793ـ 1853م). وكان الميرغني يلقب نفسه بالختم، أو خاتم الأولياء، ومن هنا اشتق اسم هذه الطريقة "الختمية"( ). ومحمد عثمان الميرغني هو أحد تلاميذ أحمد بن إدريس شيخ الطريقة الإدريسية، وقد أرسله شيخه لنشر الطريقة الإدريسية الشاذلية في السودان فلاقى نجاحاً محدوداً.(49/4)
وبعد وفاة الشيخ أحمد وفاة الشيخ أحمد بن إدريس، سنة 1253هـ (1838م)، تنافس الميرغني ومحمد بن علي السنوسي (مؤسس الطريقة السنوسية) على خلافة الشيخ، واستطاع الميرغني المنافسة والحصول على الزعامة، كما استطاع أن يكوّن طريقته الختمية، وينشئ لها عدة زوايا في مكة وجدّة والمدينة والطائف، كما بعث بأبنائه إلى جنوب الجزيرة العربية ومصر والسودان للدعوة للطريقة ونشرها( ).
والختمية كما يقول مؤسسها هي جماع خمس طرق: النقشبندية، والقادرية، والشاذلية، والجنيدية، والميرغنية التي كانت لجدّه المحجوب( ).
والطريقة الختمية معجبة جداً بالشيعة والنموذج الإيراني ، وهي عدائية تجاه الدعوة السلفية وجماعة الإخوان المسلمين( ). ولهم تنظيم دقيق ومؤسسات للشباب والنساء تتولى الترويج للطريقة وتعتبر في نفس الوقت من روافد الحزب الاتحادى الديمقراطي التابع للطريقة( ).
وقد ترك الميرغني عدداً من المؤلفات يغلب عليها الطابع الصوفي في لغتها ومضمونها منها:
1-…"تاج التفسير لكلام الملك الكبير"، ويقع في جزئين.
2-…"النفائح المدنية في المدائح المصطفوية".
3-…"النفحات المكيّة واللمحات الحقيّة في شرح أسس الطريقة الختمية".
4-…"حمة الأحد"، وهو كتاب في الحديث، وضمّنه أنواعاً مختلفة من العبادات.
5-…"مجموع الأوراد الكبير".
6-…"الفتح المبروك في آداب السلوك".
7-…"فتح ديوان الرسول". وهو جزء من أربع صلوات ألفها الميرغني لأتباعه، وقسمها لسبعة أبواب، وكل باب خمسة فصول، وأمر أصحابه وأتباعه بتلاوة باب من الأبواب في كل يوم( ).
بعض عقائدهم:
1.…تبني عقيدة وحدة الوجود( )، والدفاع عنها، والإشادة بدعاتها، فإن من الأذكار المشروعة عند الختمية قولهم: "إلهي شرّفني بشروق نور لاهوتيتك في ناسوتيتى"، ومنها: "اللهم أغرقني في تجليك الأعظم"، ومنها أيضاً: "لا موجود إلاً الله" يقولونها خمسين مرّة( ).(49/5)
2.…تقديس الشيخ والاعتقاد بأنه ينفع ويضر من دون الله، وقد زعموا أنه عند الشدائد ينبغي للمرء اللجوء للميرغني، إذ يقولون:
ومهما أتاك خطب جليل فقم وناده وقل يا ميرغني( ).
وبلغ من درجة تقديسهم لشيخهم وشيوخهم القول بأنه يجب على المريد طاعة شيخه وإن خالف الشرع: "فإذا قال الشيخ للمريد أقرأ كذا، أو صُم كذا، أو قال له وهو صائم افطر، أو قال له لا تقم الليلة فإنه يطيعه"( ). كما زعموا أنه لا يجوز زيارة المريد للشيخ إلاّ على طهارة، وأن حضرة الشيخ هي حضرة الله( ).
3.…الإشراك في أسماء الله الحسنى وذكره سبحانه بأسماء لم يشرعها ولم ترد في كتابه ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في أذكارهم "أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم ... شمها حير حورب النور الأعلى عبطال فلا إله إلاّ هو رب العرش العظيم"( ).
4.…رفع مكانة النبي ? إلى فوق منزلة البشر، وقد صرفوا إليه بعض ما لا يجوز إلاّ لله، فوصفوه بأنه "رئيس ديوان الكبرياء، وإمام أهل بساط القرب، وذو الجمال المحبوب لأهل الحب،... وعظمة التجليات، وبحر محيط أسرار الصفات، ووسيلة آدم والخليل، وواسطة موسى ونوح، وحمدّ عيسى وداود، وخزانة عطاء الملائكة، وولي الخزانة لكل الكائنات، والطبيب الشافي والغيّاث الكافي، وباطن العلوم القرآنية، والفائض نور بيت الأنوار الإلهية"( ).
من كراماتهم المزعومة:
1-…ادّعاؤهم أن الله سبحانه وتعالى كلّم شيخهم الميرغني، وقال له: "أنت تذكرة لعبادي، ومن أراد الوصول إليّ فليتخذك سبيلاً، وأن من أحبك وتعلق بك هو الذي خلد في رحمتي، ومن أبغضك وتباعد عنك فهو الظالم المعدود له العذاب الأليم"( ).
2-…الزعم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للميرغني: "من صحبك ثلاثة أيام لا يموت إلاّ وليّاً، وأن من قبّل جبهتك كأنما قبّل جبهتي، ومن قبّل جبهتي دخل الجنة، ومن رآني أو رأى من رآني إلى خمس لم تمسه النار"( ).(49/6)
3-…والزعم بأن الميرغني أُعطي ورداً أو راتباً لا يقدر على قراءته أحد غير النبي ? والمهدي( ).
4-…قولهم في مدح شيخهم إنه لو كان نبيّ بعد محمد ?، لكان محمد عثمان الميرغني وقد قالوا:
ولو كان بعدي يأتي نبي فعثمان كان له أوحي( )
الانتشار:
تنتشر الطريقة الختمية بشكل رئيسي في السودان، وتحديداً في الخرطوم بحري وكسلا، وثمة من يعتبرها أكبر الطرق الصوفية في السودان على الإطلاق( ). كما تنتشر في بعض الدول القريبة من السودان (أرتيريا، مصر، أثيوبيا)، إضافة إلى انتشار بسيط في الحجاز (مكة والطائف) بسبب نشأة الطريقة هناك.
وفيما يتعلق بأرتيريا، فإن انتشار الختمية هناك يعود إلى هاشم ابن محمد عثمان الميرغني التي وصلها سنة 1301هـ، حيث ذهب إلى مدينة مصوع ثم سكن في حطملوا ومات فيها سنة 1319هـ. وقد انتشرت الطريقة في وسط قبائل بين عامر وحباب وعد تكليس وعد تماريام وأساورتة.
ولهم في السودان حزب سياسي وهو الحزب الاتحادى الديمقراطي ، وكافة أتباع الختمية ملزمون بتأييده، و لهذا الحزب مواقف متناقضة مع المصلحة الإسلامية كتأييده مؤخراً للعلمانية!! وموافقته على فصل الجنوب!! وهناك تملل بين المثقفين والمتعلمين من أبناء الطريقة الختمية تجاه ممارسات زعيم الطريقة والحزب الحالي محمد عثمان الميرغني( ).
أهم الشخصيات:
بالإضافة إلى مؤسسها محمد عثمان الميرغني، فقد برز في هذه الطريقة عدد من أبنائه وأحفاده من بعده، وبشكل خاص:
1-…ابنه الحسن، المولود بغرب السودان سنة 1235هـ (1816م)، وهو أحد الذين أرسلهم والده لنشر الطريقة في شمال السودان وشرقه. وأصبح الحسن شيخ الطريقة في السودان بعد وفاة والده، وأسس قرية الختمية بالقرب من مدينة كسلا في شرق السودان كمركز للطائفة، وقد لقي دعماً من الحكم المصري العثماني للسودان.
2-…محمد عثمان تاج السر بن الحسن ت سنة 1303هـ -1886م، وقد أصبح شيخاً للطريقة بعد وفاة والده.(49/7)
3-…علي بن محمد عثمان تاج السر، شيخ الطريقة بعد والده حتى وفاته سنة 1868م.
4-…محمد عثمان الميرغني بن علي، شيخ الطريقة الحالي، ولد سنة 1936، وقد انغمس في العمل السياسي، وهو رئيس الحزب الوطني الاتحادي.
للاستزادة:
1.…"الموسوعة الصوفية" - عبد المنعم الحفني.
2.…"الموسوعة الميسرة" - إصدار الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
3.…"عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية" - الدكتور أحمد القصير.
4.…"الطرق الصوفية في القارة الأفريقية" - الدكتور عبد الله عبد الرازق إبراهيم.
5.…"الطرق الصوفية نشأتها وعقائدها وآثارها" - الدكتور عبد الله السهلي.
6.…"الكشف عن حقيقة الصوفية" - محمود عبد الرؤوف القاسم.
الحاكم العبيدي يعتزم نقل الحج إلى مصر!
الحاكم بأمر الله هو سادس حكام الدولة العبيدية الفاطمية، التي اتخذت من عقيدة الشيعة الإسماعيلية مذهباً رسمياً، وقامت في شمال أفريقيا ومصر وبلاد الشام وأنحاء من الجزيرة العربية.
وقد حفلت كتب التاريخ، قديمها وحديثها، ببيان فساد عقيدة هذه الدولة ومسلكها، وقد كان للحاكم بأمر الله (الذي تولى الحكم خلال الفترة 386 - 411هـ /996ـ 1021م) نصيب الأسد من الحديث عن العبيديين، ذلك أنه تجاوز الحدود في فساد المعتقد، والقسوة، وغرابة الأطوار.
وقد دوّن المؤرخون والباحثون مخازي هذا الحاكم، ومنها: بطشه بمساعديه ووزرائه، وقواده وحاشيته، وقتلهم الواحد تلو الآخر، لدرجة أنه عبّر عن أسفه لأن أحد وزرائه، لم يمت بسيفه، إنما مات موتة طبيعية.
ومن مخازيه أنه "كتب على المساجد والجوامع سبّ أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وطلحة والزبير ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم في سنة خمس وتسعين وثلاثمائة" ( ).
وبلغ من درجة بغضه للصحابة أن منع أكل الملوخية التي كان يحبها معاوية، والجرجير الذي نسبوا إلى السيدة عائشة تناولها إياه( ).(49/8)
وذكروا من بطشه أنه كان يعذب بالنار، وأنه كثيراً ما كان يقطع الألسنة والأيدي قبل القتل، كما كان يأمر بإحراق الجثث بعد القتل، وقد جاوز ظلمه ووحشيته وقسوته جميع الحدود والأعراف إلى أنه كان يتلذذ بسفك الدماء وقتل الأبرياء( ).
لقد بلغ الحاكم بأمر الله من الظلم وفساد العقيدة مبلغاً، جعلت الإمام الذهبي يصفه في "سير أعلام النبلاء"، بأنه "فرعون زمانه"، ووصفه أ. جمال بدوي في كتابه "التفاريح" بأنه "الحاكم بأمر الشيطان".
ولم يقف فساد المعتقد عند الحاكم، بسب الصحابة والسلف، ومنع صلاة التراويح لمدة 10 سنوات، ونشره لعقائد الشيعة الإسماعيلية، ذلك أن الحاكم ـ أخزاه الله ـ أقدم على ادّعاء الألوهية، وشجع تلك "الدعوات الإلحادية التي هبّت على مصر من جانب دعاة الفرس الإسماعيليين الذين وجدوا في شخصية الحاكم واضطرابه العقلي، فرصة سانحة للكشف عن أغراضهم الخبيثة في هدم الإسلام"( ).
وحول تأليه الحاكم، نشأت فرقة الدروز، الذين يسمون أنفسهم الموحدين! وتمحور مذهبهم وعقيدتهم حول فكرة ألوهية الحاكم بأمر الله، "أما موقف الحاكم من دعوة التأليه، فكان تأييداً ورعاية، إذ سرّه بأن يلتفّ الناس حوله، ويتوحدوا حول شخصه من خلال مذهب جديد عرف باسم التوحيد، وأطلق على أتباعه اسم الموحدين( ).
ومما يظهر تأييد الحاكم لدعوى التأليه، حمايته لمحمد بن إسماعيل الدرزي، الذي تولى كبر هذه الدعوة، وإرساله إلى الشام لنشرها، وغضبه على أهل الفسطاط السنة في مصر لمّا جاهروا بتذمرهم من هذه الدعوة، وأرسل جنوده لمهاجمة المدينة وحرقها ونهبها( ).
ولم تقف جرائم الحاكم عند هذا الحد، ذلك أن بعض الجغرافيين والمؤرخين القدامى أشاروا إلى جريمة لم تولها كتب التاريخ الاهتمام اللازم، وهي عزم الحاكم بأمر الله في سنة 390هـ نقل الحج إلى مصر!(49/9)
وأول من أشار إلى هذه الجريمة الجغرافي أبو عبيد البكري الأندلسي، المتوفى سنة 487هـ (1094م) في كتاب المسالك والممالك ـ جغرافية مصر، فقد شيّد الحاكم بأمر الله ثلاثة مشاهد في المنطقة الواقعة بين الفسطاط والقاهرة، لينقل إليها رفات النبي صلى الله عليه وسلم، وصاحبيه أبي بكر وعمر، من المدينة المنورة، وكان الهدف من هذه "الجريمة" تحويل أنظار المسلمين إلى القاهرة عاصمة العبيديين، وجعلها في درجة قداسة مكة والمدينة( )، كما أن نبش قبري أبي بكر وعمر رضي الله عنهما يمكن أن يعبر عن الحقد الذي يكنه الشيعة لهذين الصحابيين الجليلين، خاصة وأن أحاديث الشيعة وأخبارهم ورواياتهم تؤيد ذلك( ).
وقد كتب لهذه المحاولة الفشل بحمد الله، وحفظ الله قبر نبيه صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، من إفساد الحاكم وزمرته. وقد أكد وقوع هذه المحاولة عدد من المؤرخين بعد البكري، أبرزهم، ابن فهد المكي، المتوفى سنة 885هـ (1480م) في كتابه "إتحاف الورى بأخبار أم القرى"، والمؤرخ المصري زين الجزيري، في كتابه "الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة"، ونور الدين السمهوري في كتابه "وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى"، وتقي الدين الفاسي في "العقد الثمين".
وكما أوردها حديثاً محمد إلياس عبد الغني، في كتابه "تاريخ المسجد النبوي الشريف"، متحدثاً عن خمس محاولات عبر التاريخ لسرقة جثة النبي صلى الله عليه وسلم، اثنتان منها في عهد الحاكم العبيدي.(49/10)
وتعود المحاولة الأولى إلى سنة 390هـ (100م) على الأرجح، حيث عهد الحاكم إلى أمير مكة أبي الفتوح الحسن بن جعفر الحسني بهذه المهمة، فمضى إلى المدينة المنورة، وأزال عنها إمرة بني الحسين، بسبب قدحهم في نسب الأئمة العبيديين( )، وجلس في مسجد رسول الله ?، وحضر إليه جماعة من أهلها، بلغهم ما جاء من أجله، ومعهم قارئ يعرف بالرّكباني، فقرأ من سورة التوبة الآيات التي تدعو إلى مقاتلة أئمة الكفر الناكثين بأيمانهم، فثار الحاضرون على أبي الفتوح، وكادوا يفتكون به، ولم يمنعهم من ذلك إلاّ خوفهم من العواقب خاصة أن البلاد كان يسيطر عليها العبيديون الذين يتخذون من القاهرة مقراً لهم.
ويؤكد المؤرخون أنه لم يكد يمضي بقية النهار، حتى أرسل الله ريحاً شديدة، كادت الأرض تزلزل منها حتى دحرجت الإبل بأقتابها، والخيل بسروجها، وهلك خلق كثير من الناس.
وحاول الحاكم نبش القبر مرة أخرى، فعهد هذه المرة إلى والي الرملة، ياروختكين العضدي، الذي أشارت إليه بعض المصادر بوصفه (أحد الزنادقة)، فقام ياروختكين بإرسال رجال من شيعته، وزودهم بأموال كثيرة، ونجحوا في حفر سرداب أسفل الدور المجاورة لمنزل الرسول ? مقابل القبر، لكن أهل مدينة رسول الله ? علموا بما صنع هؤلاء، وبنيتهم، فقتلوهم ومثّلوا بهم، ثم رصفوا تلك الحفرة بالحجارة وأفرغوا عليها الرصاص بحيث لا يطمع في الوصول إليها طامع أبداً( ).
وفي زماننا هذا قام بعض الشيعة بعمل مجسم للكعبة ويحجون له !! كما أنهم أقاموا ضريحاً للخميني على شكل الكعبة .
للاستزادة:
1-…"الدولة الفاطمية في مصر" تفسير جديد - د. أيمن فؤاد سيّد.
2-…"الفاطمية دولة التفاريح والتباريح" - جمال بدوي.
3-…"الإسماعيلية تاريخ وعقائد" - الشيخ إحسان إلهي ظهير.
4-…"تاريخ الفاطميين في شمالي إفريقية ومصر وبلاد الشام" - د. محمد سهيل طقوش.
5-…"تاريخ المسجد النبوي الشريف" - محمد إلياس عبد الغني.(49/11)
مواقف المفكرين والعلماء من الشيعة
(24)
[هذه سلسلة من البحوث كتبها مجموعة من المفكرين والباحثين عن عقيدة وحقيقة مذهب الشيعة من خلفيات متنوعة ومتعددة ، نهدف منها بيان أن عقائد الشيعة التي تنكرها ثابتة عند كل الباحثين ، ومقصد آخر هو هدم زعم الشيعة أن السلفيين أو الوهابيين هم فقط الذين يزعمون مخالفة الشيعة للإسلام. الراصد].
حوار هادئ مع أديب شيعي بأمريكا
أ. د. / محمد عبد المنعم البري
عميد مركز الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، رئيس جبهة علماء الأزهر الشريف سابقاً، وهذا المبحث هو خاتمة كتابه "الجذور اليهودية للشيعة في كتاب علل الشرايع" للصدوق الشيعي - دراسة نقدية "باختصار".
تمهيد:
ساقتني الأقدار للتشرف برحلة عمل في خدمة الدعوى الإسلامية خلال شعبان ورمضان وشوال سنة 1405 هـ "1985م" بَدْءًا بأوروبا وانتهاء بالولايات المتحدة الأمريكية.
...هيأت الأقدار الفرصة لي دون ترتيب سابق حيث لفت نظري الشباب المسلم، مع أول أمسية رمضانية فيه في رحاب أحد المراكز الإسلامية الكبرى بأقصى غرب الولايات المتحدة إلى أنه قد يتقدم من بين المتطوعين للترجمة الفورية خلال المحاضرة أديب شيعي ذو مقدرة أدبية، ويخشون أن يحرف الكلم عن مواضعه وفق أهوائهم وعقائدهم المخالفة تماما في كل شيء، فيسيء إلى مشاعر المسلمين الأمريكيين، أو يشوه الصورة الناصعة في قلوبهم عن الصحب الكرام والأئمة الراشدين الخلفاء ، وسلفنا الصالح - رضوان الله عليهم أجمعين. فاخترت غيره لهذا.(49/12)
وفي نهاية الأمسية، تلاقى الإخوة فيما بينهم مهنئين معانقين، وكذا الأخوات فيما بينهن فرحا بمقدم رمضان، إلا هذا الشيعي رأيته وحيدا، فتقدمت نحوه مصافحا مهنئا، ورجوته أن يجيبني على بعض الأسئلة التي توقعني في حيرة بين أهل السنة والشيعة، بالرجوع إلى العقل الحصيف والضمير الحي، ولا تصادم بينهما مع النص الإلهي الصادق على ألا يشهر في وجهي سلاح التَّقَّية، وهي استحلال الكذب طلبا للنجاة من الخصوم أو تضليل من يجهلون أسرار عقائدهم ، فبر بوعده معي ووافق مشكوراً.
طرح الأسئلة الأربعة المحيرة:
قلت لصاحبي: إن من ينشد الحق لوجه الحق وحده ، لا يعرف التعصب أو التحجر في الفكر ، يُذَكرني ذلك بما أُثر عن الإمام الأعظم أبي حنيفة في قوله: رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب ، ومن توجيه الأدب القرآني الرفيع في هذا المقام قول الحق سبحانه : {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [سورة سبأ الآية: 24].
والآن أُحسُّ بتهيؤ النفوس لطرح أسئلتي الأربعة التي حيرتني بين السنة والشيعة، لمعرفة المبطل من الُمحِق في الفريقين من خلال ذلك على سبيل المثال لا الحصر، فالمحيرات لا حصر لها، ولا أطلب الإجابة الآن ، بل أدع الفرصة لك للرجوع إلى بعض المصادر ، ثم عرضها على مرآة عقلك وقلبك وضميرك، والله يهديني وإياك سواء السبيل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
السؤال الأول حول الميراث النبوي الشريف:
يقول الحق سبحانه: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [ الكهف الآية: 46].
اختص الله سبحانه من اصطفاهم على العالمين من أنبيائه ورسله بسمات ونوادر وأمور خاصة يعيها جيدا كل من طوف في رياض السنة النبوية الشريفة ، ومما طرق مسامعنا على سبيل المثال لا الحصر:(49/13)
1- [الأنبياء يدفنون حيث يموتون]: وكان لهذه الخصوصية الشريفة معجزة طريفة ، فقد أقر بصحة هذا الحديث لأتباعه: الغلام القدياني وهو متنبئ كذاب انفض عنه جمهور كبير من ضحاياه بعد أن فضحه الله تعالى بينهم بموته في المرحاض على الغائط وأيقنوا بأنه كذاب ببركة هذا الحديث الشريف وسوء خاتمته.
2- [إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء]. والدليل على حفظ أجسادهم أمواتا ، قول الحق سبحانه في شأن يونس عليه السلام بعد أن التقمه الحوت: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ]. وفيه إشعار بالحفظ إلى يوم البعث.
3- [ نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة]: فالميراث النبوي: الدين والعلم والحكمة، لا الطين والعقار والحطام الفاني ، هذا بعض ما وعته الأمة من دروس نبيها وتوجيهاته ?، ما شذ عن ذلك إلا الشيعة.
إذ ادَّعوْا بأن الزهراء رضي الله عنها فور الفراغ من إيداع الجسد الشريف في قبره ، ذهبت إلى حبيب عُمْر أبيها أبي بكر الصديق ، خليفة رسول الله ?، مطالبة بميراثها في فدك ، فانتهرها على رؤوس الأشهاد ، وَرَكَلَها عمر ، وصفعها عثمان ، وهدد بحرق بيتها ، وهي ريحانة قلب رسول الله وعرضه ، وشرف علي رضي الله عنه ، وهو فارس مقدام ، من أوائل الشجعان في تاريخ الجهاد الإسلامي، ولا شك أن لكل فعل ردُّ فعل. فهل لا قدر الله استنوق الجمل، فلم يُؤْثَر له موقف في هذا الشأن، حتى في كتب الكذابين من الشيعة، والسكوت علامة الرضا كما يقولون، وهو ضرب من الدياثة التي يترفع عنها حثالة الناس وأوباش الرجال، ناهيك عن رجل من أشرف الشجعان، بما لا يدع مجالا لمتقول.(49/14)
ولا شك أن حرمة الأعراض في الإسلام ، تبذل في سبيلها المهج والأرواح، فمن مات دون عرضه فهو شهيد ، وكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، واليهودي المنافق عبد الله بن سبأ يجيد الضرب في كل الاتجاهات، للرموز المقدسة في الإسلام قبل غيرها، بطريق غير مباشر، وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ، فأبسط الدلائل تقول بإساءة اختيار الأصدقاء، لا سيما حبيب العْمُر كأبي بكر، ثم الفشل الذريع في تهذيبهم وتربيتهم ، وتقويم سلوكهم وفي الأمثلة: قل لي من تصاحب، أقل لك من أنت، ومن ربى لم يمت.
وتلك سجيه قديمة في اليهود، اشتهروا بها ، فقد طعنوا مريم العذراء البتول الطاهرة في شرفها بأسلوب ظاهره المدح والثناء، فهارون أخو موسى من أوائل العابدين الربانيين في بني إسرائيل وهو ما اتخذوه درعا في مقولتهم التي سجلها الحق سبحانه: {يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا}، فغايتهم بالطعن في أقرب الأحبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه، تسديد السهم الفاجر في سويداء فؤاده صلى الله عليه وسلم، ولعل سر افتضاح أمرهم أولا بأول، لمن في رأسه مسحة من عقل ونور ، ومرجعه إلى عظمة قول الله عز وجل: {والله يَعْصِمُكَ من الناس} من الآية الشريفة: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [سورة المائدة الآية 67].
وأظن أن العقل المتزن يرفض التسليم بمعركة الميراث النبوي المزعومة مع فاطمة لأمور منها:
(1) غياب موقف علي وهو الشجاع الغيور الشديد في الحق.(49/15)
(2) قطع الرجاء في استمرار الحياة، واليأس من طول الأمل في الدنيا لفاطمة، بعد أن بشرها أبوها حينما دخلت عليه وهو يحشرج فصرخت ـ واكرباه يا أبتاه ، فالتقطت مسامعه ذلك، فأشار إليها , وأعلمها أن لقاءه بالحبيب الأعلى لا يعد يوم كرب.
ثم قال لها: لا كرب على أبيك بعد اليوم، فرفعت رأسها واجمة، ثم أشار إليها مرة أخرى أن ادن مني يا بنية. فمالت برأسها إليه فبشرها بأنها أول من يلحق به من أهل بيته، فتهلل وجهها، ثم ودع الدنيا، ولحق بالرفيق الأعلى، فملأ الله بهذه البشارة قلبها سكينة ورضاء، وطمأنينة واستسلاما لقضاء الله وحكمه.
وجرت العادة أن المريض مثلاً، إذا أخبره الأطباء بدنو أجله، انقطع رجاؤه في الدنيا، وصرف نظره تماماً عن حطامها الفاني، والصراع حول متاعها الزائل: {قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً} [ سورة النساء الآية: 77].
فهل يطمئن العقل الكامل إلى صحة وقائع معركة الميراث بين فاطمة ورؤوس أصحاب أبيها من الأئمة الخلفاء الراشدين فور توديعه صلى الله عليه وسلم إلى دار الحق. وفق ما يدعي الشيعة، ويرفض ذلك بالكلية أهل السنة والجماعة وتلك القضية من أبرز أوجه الخلاف بين الشيعة والأمة.
السؤال الثاني حول : ( الإحداد على الحسين ):(49/16)
من المسلم به لدى الجميع أن أبا عبد الله الحسين سيد شباب أهل الجنة كما بشره جده صلى الله عليه وسلم وقد نال منازل الشهداء، وهم أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله، وإنما أذن الشرع الشريف بالإحداد للنساء دون الرجال، على الأموات لا على الأحياء، وكما ورد في السنة أنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج فأربعة أشهر وعشرا، وليس منا من لطم الخدود شق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية، وقد شاهدت إبان عملي كأستاذ بإحدى جامعات الخليج في الثمانينات الميلادية برنامجاً حاشدا في عاشوراء تحت شعار (الإحداد على الحسين) وعلى رأس الجميع قائدهم الخميني وقد جلل وجهه بالسواد ينوح ويلطم وجهه ويضربون أجسادهم بالسلاسل الحديدية، ويصرخون الرجال قبل النساء والأطفال، في مشهد درامي ملتهب فظيع، والمصورون الأجانب ووكالات الأنباء العالمية تصور للعالم كله هذه المآسي، وتبثها عير الأثير بالصوت والصورة، على أنها الوجه الأصيل الذي جاء به محمد للدنيا، باسم الإسلام كمنقذ للبشرية ورحمة مهداة للعالمين.
وقد اقتنصت هذه الفرصة إحدى أكبر دور البث والإعلام في إنجلترا (بي بي سي) لتصوير فيلم كامل مدته ثلاث ساعات يحوي فظائع هذه الأحداث يوزع عالميا تحت اسم (عاد سهم الإسلام للانطلاق من جديد) بعد قيام ما عرف بثورة الخميني في إيران، لتشويه وجه الإسلام ولترويع وتنفير البشر عن رائحته، فرفع الصوت على الميت مهما كان شأنه أو لطم الخدود من الكبائر لدى أهل السنة والجماعة. وهى عند الشيعة من مكفرات الذنوب. فإلى أي الرأيين يجنح ذو العقل الكامل الحصيف.
السؤال الثالث: حول نكاح المتعة:
من المعلوم لدى أهل السنة والجماعة عن أركان النكاح الشرعي في كتاب الله والسنة المطهرة ثبوت (الصداق) والإيجاب والقبول والولي والشاهدين والتأبيد، وهو البديل الإسلامي الجديد، لأنكحة الجاهلية، كالاستبضاع.(49/17)
والمتعة التي كانت سائدة، لم يعلم لها حرمة إلا في السنة السابعة من الهجرة، إبان فتح خيبر، إذ نزل جبريل بتحريمها ولحوم الحمر الأهلية على الأمة إلى يوم القيامة، من حديث علي رضي الله عنه، ولم يأخذ به الشيعة، وبذا بقي نكاح المتعة ولحوم الحمر الأهلية حلالاً زلالاً إلى ما شاء الله والإمامية الجعفرية الاثنا عشرية هي الطائفة الوحيدة في الشيعة الذين قالوا بحله دون سائر الطوائف التي تربو على المائة بل جعلوه من أبرز معالم دينهم دون سائر الملل.
والنكاح الدائم والمتعة ليس من أركانه لديهم وجود شاهدين وأقل مدة لعقد المتعة عندهم ، ما يفي وطأة واحدة، دون أدنى كلفة على الفحل، فلا طلاق ولا نفقة ولا حضانة ولا عدة إن كانت ممن لا يحملن ، لأن أركان المتعة عندهم الطرفان والمدة بعد دفع الإيجار لا غير.
وقد أثبت القرآن الكريم أن أكثر الناس لا يعقلون، والتقط شياطين الإنس لهم شراك الصيد من قول الحكيم الخبير سبحانه: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [ سورة آل عمران: 14].
فأغدقوا عليهم الكثير من المحظورات في شرع الله لدى أهل السنة والجماعة، كقضاء الليالي الحمراء والنزوات الجنسية مع أي عدد من النساء، بلا حد أعلى لأرقام من يعقد عليهم نكاح متعة، ولا أدنى تحمل لمسؤولية الرجال في الحضانة والتربية، مع اعتبار ابن المتعة أشرف عندهم من ابن النكاح الشرعي الدائم, ويطلق عليه ميرزا أي سيد أو شريف.
يقول أهل السنة والجماعة بحرمة ذلك كله، وقداسة الأعراض والنشء المسلم وحرمات المسلمين.(49/18)
ويرفض الشيعة الإمامية الجعفرية الاثنا عشرية هذا الحظر الشرعي، ويفتحون الباب على مصراعيه، في سوق رائجة لإيجار الفروج، دون أدنى مسئولية أو تفريق، بين النظرة الإسلامية للغايات والأهداف ثم الوسائل، فإلى أي الرأيين يطمئن القلب ويستقر العقل والضمير.
ومن أدلة الشيعة الإمامية الجعفرية الاثني عشرية على حل نكاح المتعة دون سائر الملل والديانات والفِرقَ ما ذكره فتح الله الكاشاني في تفسيره "منهج الصادقين" (ص356) ما نصه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من تمتع مرة كان درجته كدرجة الحسين عليه السلام، ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن عليه السلام، ومن تمتع ثلاث مرات كان درجته كدرجة علي بن أبي طالب عليه السلام، ومن تمتع أربع مرات فدرجته كدرجتي". وأورد دليلا آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ومن خرج من الدنيا ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجدع".
وهل بيوت الدعارة وعصابات تجارة الرقيق الأبيض، وأسواق النخاسة لاستباحة الأعراض والحرمات، التي تقبض عليها أجهزة الشرطة، لحماية المجتمع من جرائم الآداب العامة، وانتشار الأمراض السرية الخبيثة، وعلى رأسها الإيدز، الذي أطل على الإنسانية بوجهه المدمر الكئيب، والذي يعتبر بمثابة معجزة للوعيد النبوي الشريف أنه ما شاعت الفاحشة في قوم يعمل بها علانية إلا ضربهم الله بالعلل والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم، ومع كل ما سبق، فهو أمر له أداء شرعي مقدس في دين الشيعة ومن أجَلِّ القربات عندهم، لاستيفائه أهم الشروط والأركان ، وهي الرأسان والأجرة والمدة، ولو وطأة واحدة، دون أي التزامات أخرى.
السؤال الرابع: حول الحق الشرعي للرجال عندهم في الشذوذ الجنسي مع الزوجات:(49/19)
وهو من الحقوق المسلمة في دين الشيعة الإمامية الاثني عشرية، وكما هي عادتهم لا تعوزهم الحيلة في ليّ أعناق آي الذكر الحكيم، لتأييد مدعاهم في أي كارثة أو حكم شرعي خاص، واختلاق دليل قرآني يدعم نزواتهم.
ومن أدلتهم في هذا الشأن التي وردت في الكتب الأربعة، قول لوط عليه السلام لقومه فيما حكاه القرآن العزيز في قوله تعالى: {وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ} [ سورة هود الآية: 78].
ومن الثوابت في رسالة كل رسول إلى قومه، أن يحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، فقالت الشيعة: أشار إلى بناته، وهو يعلم أنهم إنما يريدون الأدبار، وذلك دليلهم على حل جرمهم، وتعاموا عما في الآية الشريفة من شواهد تدحض فريتهم، وتفضح عمايتهم مثل: يعملون السيئات ، أطهر لكم، اتقوا الله حتى آخر الآية.
أجل أشد الناس بلاءً الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل يبتلى المرء على قََدْرِ دينه.
ولم يكن حظ لوط عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم في التفسير المجوسي للقرآن، بأقل جرما وبشاعة من إفك اليهود، المسجل في أسفارهم إلى يومنا هذا، أن بناته تسلطوا على أبيهم رسول الله، ومصطفاه وسقوه خمرًا حتى الثمالة، ولما فقد وعيه تماما، مَارَسْن معه الفاحشة، وحملن منه، لغرض تحسين النسل في بني إسرائيل، مع التأكيد العلمي أن الإنسان إذا فقد الوعي أو غاب عقله، استحال أن يمارس الجنس أو أن ينتشر له قضيب، كمن يُهَيَّأ للجراحة بالبنج، ونحن معشر أهل السنة والجماعة، نؤمن بأن الله عز وجل عصم أنبياءه، من الصغائر والكبائر، وحباهم بالكمالات كلها، وحماهم من كل شين، أو عيب خلْقي أو خُلقي ، أليس الله بكاف عبده فأين الثرى من الثريا؟.(49/20)
تشدد الشيوخ في هذا الحق المزعوم:
يرى كبار شيوخهم في الفقه الشيعي أنَّ من حق الرجل أن يأتيها في مخرج الغائِط، حتى قال أحد شيوخهم آية الله الشريف الطباطبائي في كتابه "العروة الوثقى في الفقه الجعفري" حول هذا الموضوع: [بأن المرأة إذا تمنعت أن تؤتي دُبراً حل طلاقها ناشزا]. ومعنى الحكم بالنشوز إسقاط كافة حقوقها الشرعية مثل مؤخر الصداق والنفقة إلخ.
ولعل ذلك سرُّ ما تنشره وكالات الأنباء العالمية من أن أعلى نسبة لانتحار النساء في العالم في هذه المجتمعات الشيعية، كما ذكرت جريدة الأهرام القاهرية وغيرها، ورواج الكذب تحت شعار التقية سر نكبة الإنسانية بهم، والكذب من ألعن الكبائر في الإسلام لا يلتقي مع الإيمان في قلب عبد مطلقا، وإن من أفحش الذنوب أن تحدث إنسانا بحديث هو لك مصدق، وأنت عليه كاذب ، ولا يقبل حر شريف أن ينتصر لدينه وعقيدته بمثل هذه الأساليب الوضيعة التي تروج بين الشيعة كافتراء أحد صعاليكهم من لبنان على الإمام شيخ الإسلام الشيخ البشري شيخ الأزهر الأسبق في كتاب تحت اسم "المراجعات" حوى هراء يضحك الثكلى، وحفيده علمٌ ملء العين والقلب، ولا نزكي على الله أحدًا المستشار طارق البشري النائب الأول لرئيس مجلس الدولة المصري، وتراث جده الإسلامي ـ رحمه الله عليه ـ خير شاهد يدحض مفتريات الشيعة الأفاكين، ويلقي بها في مزبلة تاريخهم المشين. يقول الحق سبحانه : {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [سورة الأنبياء الآية: 18].
خلاصة الأسئلة الأربعة:(49/21)
قلت لصاحبي : يتناقض تماما الحكم في هذه القضايا الأربعة بيننا، ولديكم قاعدة أصولية في الفقه الشيعي تقول: (الرشد في خلافهم) أي المخالفة الدائمة لأهل السنة والجماعة ، حتى في إجماع الأمة على يوم عرفة، فهو عند الشيعة يتأخر يوما أو يسبق يوماً، كما هو مدون في الكتب الأربعة، وغيرها بما لا مجال لإنكاره.
بالنسبة لخلافنا حول الأسئلة الأربعة المطلوب فيها الرأي السديد المنصف للعقل والحكمة، والمنطق الرشيد المجرد عن العواطف العمياء، والمؤثرات الحمقاء.
1- بالنسبة للسؤال حول الميراث النبوي وتعرض فاطمة الزهراء - رضي الله عنها - لأبشع الإهانات من الأئمة الراشدين الخلفاء الثلاثة في قولكم، مع اتفاقنا بأنها تلقت البشارة في اللحظات الأخيرة من وداعه صلى الله عليه وسلم بأنها أول من يلحق به من أهل بيته، دون تحديد كم بقي لها من أنفاس في الدنيا.
وهل إذا تأكد الإنسان قرب موته ، وتعجل طلبه يدخل الحطام الفاني في دائرة اهتماماته، هذا إذا جهلت أن من خصوصيات الأنبياء ما تركوه صدقة. وأين غيرةُ أبي الحسن ، ورد الفعل إزاء هذا المنكر، هل استنوق الجمل حاشا لله. فإلى أي الرأيين يرتاح قلبك وضميرك؟
2- بالنسبة للإحداد شاهدت من خلال التلفاز الإيراني في عهد الخميني، مأتم عاشوراء في ذكرى استشهاد الحسين، التي مضى عليها أربعة عشر قرنا من الزمان تقريبا، حيث الألوف المؤلفة حول الإمام الخميني يضربون صدورهم وظهورهم بالسلاسل الحديدية، وقد جللوا وجوههم بالسواد في صورة فظيعة، يعجز القلم عن تصويرها ، خلال عملي كأستاذ بإحدى جامعات الخليج، يشهدها العالم كله في لحظة واحدة، عبر الأقمار الصناعية، فهل ترى فيها حسن عرض لرسالة الإسلام ، بوجه مشرف له في عيون الأعداء ولما جاء به خاتم الأنبياء رحمة للعالمين.(49/22)
والإحداد عندنا معشر أهل السنة والجماعة للنساء دون الرجال وعلى الأموات لا الأحياء ، ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فأربعة أشهر وعشرا، وقد حرَّمَ الله الموت على الشهداء ، فهم أحياء عند ربهم يرزقون.
فإلى أي الرأيين يطيب خاطرك ، ويطمئن قلبك؟
3 - وأما الوطء في الأدبار فهو جرم فظيع عندنا قد تصل فيه عقوبة الرجل بعد التعزير إلى الطلاق. أما عندكم فحلال زلال، وأدلتكم تطفح بها كتبكم ومراجعكم، [وكان الإنسان أكثر شيء جدلا]. ولم يجد الإيدز مفرخا براحا واسعاً إلا في هذه المحاضن، فإلى أي الاتجاهين تطمئن النفس ، ويسكن الفؤاد؟
وسأصبر حتى تختمر الأفكار في الذهن، وأنتظر الإجابة غدا إن شاء الله تعالى. ولا يصح لمثلك وقد قطع شوطا كبيراً في الثقافة والمعرفة، وبلغ شأوا في العلم والأدب لا يستهان به، أن يكون مقلداً محاكياً، مجاملاً للقطعان، تفاديا لحماقات الأكثرية الجاهلة التي ذبحت والد الدكتور موسى الموسوي في المسجد (الحسينية).
لأن ولده (أي الدكتور موسى) الذي يعيش في الغرب الآن، كان من كبار شيوخ الشيعة، وتجرأ على التصريح بإنكار ما ينكره العقل والعلم، من الجهالات المتوارثة التي تضحك الثكلى، انتقاماً من الجد ليكف عما شرع فيه، لا سيما والحق سبحانه وتعالى يقول: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [سورة الأعراف الآية: 179]. {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [ سورة الطلاق من الآية: 2، 3] .
وكانت المفاجأة المثيرة:(49/23)
إذْ أقبل في اليوم التالي مهموماً يلقي السلام تعلوه مسحة بؤس ومرارة، يقول بصوت متهدج خفيض: لقد فتحت الأسئلة في نفسي منافذ شتى، وتسرعت في مناقشة من حولي من الشباب المشاركين في العقيدة فيما أهمني، فهاجوا وماجوا، أو كما يقال حاصوا حيصة حمر الوحش، فهجرت مجلسهم ورفقتهم إلى حين، وأنا في خشية من أمري بسبب ذلك ، وقد أرحل عن أمريكا ، قلت: نحن في بلادنا نعيش دون المستوى بكثير ، ونُصبرُ أنفسنا بمثل الحديث القائل: (الدنيا جنةُ الكافر وسجن المؤمن )، ولو قدر الله لجوءا إلى مصر سأقبل معك سماحة شيخ الأزهر، لتكون رفيقنا في خدمة العلم بجامعة الأزهر ، كأستاذ للغات وآدابها، وتكابد معنا في سبيل الله ما نعانيه من عقبات المناوئين لنور الإسلام في الداخل والخارج والمعوقين، وخفقت عنه ببعض الملاطفة والمزاح ، ثم ختمت تهنئتي بهدايته بقول الحق سبحانه: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [سورة القصص الآية: 83].
الموسوعة الشاملة للفرق المعاصرة
أسامة شحادة وهيثم الكسواني
مكتبة مدبولى - 2007
صدر الجزء الأول من هذه الموسوعة في 200 صفحة واقتصرت على فرق الشيعة المعاصرة وهي: الشيخية، الاخبارية، الإثنى عشرية، البهائية، الإسماعيلية، البهرة، الآخاغانية، المكارمة، الزيدية.
وتميزت الموسوعة بحسب المؤلفين بـ :
1- اعتمادها على عقيدة وشريعة الإسلام السمحة.
2- اللغة السهلة والواضحة والهادئة في الطرح مع عدم المواربة أو إخفاء الحقائق.
3- بيان واقع الفرق في الوقت الحالي في حين تتكلم كثير من الموسوعات عن فترة ماضية تكاد تصل …إلى قرون.
4- اشتمالها على الخرائط والرسوم التوضيحية والصور للأماكن والشخصيات المتعلقة بالفرق.
5- ترتيب الموسوعة تاريخيا حسب ظهور كل فرقه وما تفرع عنها.
فمثلاً عند تناول فرقة الشيعة كان الترتيب كما يلي:(49/24)
الشيعة (مدخل عام) - الإثني عشرية - الإخبارية - الشيخية - البابية - البهائية، وذلك لتبقي الفكرة واضحة، ويظهر التطور التاريخي لها عبر العصور.
6- تعرضنا لبعض الفرق التي لا يكاد يعرضها إلا بعض المختصين في عالمنا، لأننا نرى أنه قد يكون لها شأن في قادم الأيام.
أما عن دافع تأليف هذه الموسوعة مع كثرة الكتب في الموضوع فيقول المؤلفان:
"إن وضع موسوعة شاملة عن كل الفرق المعاصرة والمنتشرة في العالم الإسلامي أو في أوساط المسلمين، بشكل علمي وموضوعي يعد حاجة ماسة، بسبب عالمنا الذي أصبح قرية صغيرة مع انتشار وسائل الاتصال والإعلام والمواصلات.
والحاجة تبرز أكثر لهذه الموسوعة بسبب تعرض العالم الإسلامي بشكل متزايد لسيل جارف من المعلومات والبرامج والأخبار عن الفرق الإسلامية المعاصرة لا تتوخى المصداقية والصحة في مادتها أوهي تهدف أصلاً للترويج لها".
و هذه الموسوعة تعد إضافة مهمة لمكتبة الفرق المعاصرة وننصح المهتمين بالاطلاع عليها لتميزها عن غالب ما كتب في الموضوع من وجهة نظر الراصد لتبنيها معتقد أهل السنة بوضوح والإنصاف مع الخصوم دون مجاملة على حساب الحق بحجة الوحدة أو الاعتداء على الخصوم بالكذب أو التقول عليهم دون دليل.
وهذه الموسوعة بحسب المؤلفين ستكون في ثمانية أجزاء، نسأل الله أن يوفقهم لإكمالها.
الأقليات في المنطقة العربية وتأثيرها على الأمن القومي العربي
لمجموعة من المؤلفين
نشره: مركز الدراسات الاستراتيجية وأكاديمية ناصر العسكرية 2005م
وهو في 253 صفحة
نشر هذا التلخيص ملف حصاد الفكر عدد (177)
تلخيص: علي عبد الفتاح الحاروني
منطقتنا العربية بها العديد من الأقليات العرقية، والدينية، والطائفية، واللغوية نتيجة لتفاعلات العديد من المؤثرات التاريخية والحضارية، والتي أفرزت جماعات سياسية وأخرى ثقافية مكونة من أقليات لها مطالب خاصة تحقق مصالحها طبقاً لوجهة نظرها.(49/25)
ولا شك أن القلاقل والاضطرابات التي تحدث مع الأقليات في المنطقة خلال الوقت الراهن، والتي تمثل وضعا مقلقا مستقبلاٌ، إنما ترجع إلى عوامل داخلية نتيجة للمعالجة الخاطئة للقضية من ناحية، والتخلف الذي تعيش فيه تلك الأقليات من ناحية أخرى، إضافة إلى عوامل أخرى خارجية، حيث مصالح الدول الأجنبية، والتي تسعى لتغذية تمرد الأقليات بهدف تقسيم الوطن العربي إلى دويلات يسهل السيطرة عليها.
ونظراً لخطورة تلك القضية قام مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة، وأكاديمية ناصر العسكرية بإعداد تلك الدراسة لإلقاء الضوء على أبعادها ومخاطرها على الأمن القومي العربي، وعلى ذلك يتم التطرق إلى أكثر الجماعات خطورة على الأمن القومي العربي، وخاصة الأكراد، والتركمان، والشيعة، والجنوب السوداني، والأقلية البربرية، والأقلية العلوية في سوريا، وذلك كله عبر ستة محاور رئيسية.
أولاً: المشكلة الكردية والأمن القومي العربي
إن التحليل العلمي الموضوعي لواقع وتطورات المشكلة الكردية في ارتباطاتها بقوى غير عربية إقليمية "شرق أوسطية" كإيران وتركيا، وقوى دولية كبرى، كالولايات المتحدة، وأوروبا، يكشف عن حقيقة ما تمثله هذه المشكلة واستغلالها من قبل هذه القوى الأجنبية من ثغرة في الأمن القومي سواء بالمعنى القطري (العراق) أو القومي (العربي)، لاسيما أنه من الوارد أن تكرر هذه القوى الدولية بعض سياساتها إزاء تلك المشكلة في الآونة الأخيرة (مثل خطة المنطقة الآمنة للأكراد في شمال العراق بعد حرب الخليج الثانية) في دول عربية أخرى، أو مناطق معينة مثل جنوب السودان.(49/26)
وفي محاولة لاستقراء واقع واحتمالات المستقبل للمشكلة الكردية وتأثيراتها في الأمن القومي العراقي والعربي، يمكن القول، إن هذه المشكلة بالغة التعقيد، فإضافة إلى تمسك الأكراد بهويتهم نتيجة التمايز العرقي واللغوي، والتنظيم الاجتماعي القبلي، فإن العمليات التمردية الكردية المدعومة إقليمياً وخارجياً، والأساليب الحكومية في التعامل معها، وخصوصاً القمع، والعنف الواسع النطاق، والمفتقر في كثير من الحالات للتمييز بين المتمردين المسلحين وغيرهم من المدنيين الأكراد ـ تؤدي إلى خلق حالة من عدم الثقة من جانب الأكراد إزاء الوعود الحكومية، ويزيد المشكلة تعقيداً ارتباطها بسعي قوى مجاورة غير عربية، وقوى دولية كبرى إلى استخدام الأكراد كأداة للضغط على العراق (وسياسة الإقليمية).
وتبرز هذه الناحية الأخيرة بدرجة أكبر في حالات معينة مثل سعى العراق إلى أداء دور إقليمي أكبر، لاسيما في الخليج، كما رأينا بصدد تحالف ودعم إيران للأكراد العراقيين، سواء في عهد الشاه في منتصف السبعينيات، أو في عهد الخميني خلال حرب الخليج الأولى أو في حالة دخول العراق في حروب واسعة النطاق، سواء مع إحدى البلدان المجاورة (حرب الخليج الأولى) أو غيرها.(49/27)
وبلا شك فإن عدم التوصل حتى الآن إلى تسوية دائمة للمشكلة الكردية في العراق ـ نتيجة عوامل تعود إلى الأكراد أنفسهم، وإلى السلطة العراقية الحاكمة، وخصائصها، وأساليبها في التعامل مع الأكراد وغيرهم من العراقيين، ولا يقل عن ذلك أهمية ارتباطات الأكراد بقوى مجاورة غير عربية، وقوى دولية كبرى ـ يشكل ثغر للأمن القومي العراقي، وللأمن العربي، لما يعنيه استمرار وتفاقم هذه المشكلة من تهديد للتكامل الإقليمي للعراق، الذي يمثل ركيزة مهمة للأمن العربي، وخلل بالتوازن في مواجهة أطماع قوى "شرق أوسطية" كإيران وتركيا وإسرائيل. والواقع القائم حالياً في شمال العراق بعد الحرب الأنجلو أمريكية، واحتلال العراق يكاد يدعم احتمالات تحول السلطة الكردية في المنطقة إلى دولة كردية، قد يتم إعلانها في المستقبل القريب، ولكن هناك عدداً من الباحثين يرون أن هذا الاحتمال يتسم بالضعف بالنظر إلى:
أ- عدم وجود مصلحة حقيقية للدول المجاورة، وتحديداً تركيا وإيران، في قيام مثل هذه الدولة، والتي قد تنقل عدواها إلى الأكراد في كل من البلدين، لاسيما وأن وضع أكراد العراق يظل أفضل نسبياً من وضع الأكراد، سواء في تركيا أو في إيران.
ب- هذا الواقع رغم أنه أكثر خطورة من وجهة نظر عراقية، عما شهدته المناطق العراقية الشمالية في منتصف السبعينيات خلال تمرد مصطفى البارزاني اعتماداً على شاه إيران بالأساس، وخلال حرب الخليج الأولى عندما سيطر المتمردون الأكراد بالتحالف مع الإيرانيين على مساحات واسعة من هذه المناطق، لا يختلف سوى في درجة خطورته عن هذين التمردين السابقين.
وفي كل من هذين التمردين انتهى الأمر (التمرد الكردي) عندما قررت القوى الإقليمية (إيران) الداعمة للأكراد العراقيين أن مصالحها وظروفها تقضي بالتضحية بالأكراد مقابل تحقيق بعض المكاسب من العراق (اتفاقية الجزائر مارس 1975م)، أو لصعوبة إلحاق هزيمة بالعراق (وقف حرب الخليج الأولى).(49/28)
ومن هنا يصير من المحتمل ـ ربما في فترة مقبلة غير بعيدة ـ أن ينتهي الواقع القائم حالياً في شمال العراق في غير صالح الأكراد، إذا رأت القوى الغربية، لاسيما الولايات المتحدة، أن مصالحها تتطلب إعادة قنوات الاتصال والعلاقات مع العراق.
ج- إضافة إلى العاملين السابقين فإن ما يعزز أيضاً احتمالات تغير الواقع القائم في شمال العراق في غير صالح الأكراد، هو الصراع الحالي على زعامة الحركة الكردية، ولاسيما بين "جلال طالباني" , "مسعود البارزاني" بجوانبه القبلية، وكذا التاريخية.
ثانياً: التركمان في العراق
من الصعب تناول مشكلة التركمان في العراق ومطالبهم السياسية، وآثارها على الأمن القومي العراقي والعربي بمعزل عن تركيا، واهتماماتها بأوضاع التركمان، ولاسيما في مرحلة ما بعد حرب الخليج الثانية خصوصاً في ظل ارتباط هذه المشكلة من وجهة نظر تركيا بالمشكلة الكردية وتطوراتها في العراق بعد الحرب.
إن اهتمامات تركيا بأوضاع الأقلية التركمانية في العراق، وانتقاداتها لما يتعرض لها أبناء هذه الأقلية من "اضطهاد وقمع وتمييز وسوء معاملة" ظاهرة ليست بالحديثة، إذ أنها سبقت زمنياً حرب الخليج الثانية بأكثر من عشر سنوات، ولكن لم تكن تركيا آنذاك قادرة على إثارة هذه المسألة مع العراق في ظل توازن القوى والمصالح المتبادلة آنذاك بين البلدين.(49/29)
وفي هذا الإطار لابد من الإشارة إلى أن التطورات الداخلية في العراق أتاحت فرصة تاريخية لتركيا للتعبير عن اهتمامها بوضع ومستقبل التركمان في العراق، ومن أبرز جوانب هذا الاهتمام الدعم التركي السياسي والمعنوي للحزب القومي العراقي التركماني الذي تأسس أصلاً في 11 من نوفمبر 1988م بغرض العمل من أجل قضية التركمان الخاضعين "للظلم والقهر والاستعباد في العراق"، علاوة على أن تركيا لن تقبل مطلقاً إقامة أي نظام جديد في العراق ـ خاصة في فترة ما بعد احتلال العراق ـ بشكل متحيز ضد أي جماعة، وخاصة التركمان الذين ترغب تركيا في أن يشغلوا مكانتهم في النظام الديمقراطي، كأحد العناصر الرئيسية في العراق، وأن يتمتعوا بالحقوق والحريات.
من ناحية أخرى؛ أثار الجانب التركي مسألة ضمان أمن وحقوق التركمان في إطار الإصلاحات السياسية في العراق بعد احتلال العراق.
وفي النهاية يمكن التأكيد على أن إثارة تركيا لقضية التركمان في المرحلة الدقيقة من مراحل تطور الأحداث في العراق ـ رغم قلة أهميتها في مشكلة العراق ـ إنما تعكس رغبتها في خلق دور إقليمي مؤثر في المنطقة لتحقيق أهداف قومية غير خافية، ومنها الحصول على مكاسب من العراق بالضغط عليها في المسألة التركمانية، بالإضافة إلى الكردية، ومن ناحية أخرى استغلال القضية في كسب ود الأحزاب المعارضة داخل تركيا نفسها، الأمر الذي يتطلب جهوداً عربية مشتركة لوقف هذا التحرك التركي المهدد للأمن القومي العراقي.
ثالثا: الأقلية العلوية في سوريا(49/30)
تمثل الطائفة العلوية في سوريا ظاهرة فريدة؛ حيث لا تخضع هذه الأقلية العددية لسيطرة الأغلبية، بل تسيطر هي على النظام منذ عام 1966م، أي أنها تحظى بنصيب من السلطة يفوق نسبتها العددية على حساب كل من الأغلبية السنية، والأقليات الأخرى، وقد تسبب هذا الصعود العلوي في انتشار ظاهرة عدم الاستقرار السياسي في سوريا؛ حيث أدى الاحتكار العلوي للسلطة إلى معارضة إسلامية قوية للنظام، سنية بالأساس، لا سيما في نهاية السبعينيات وأوائل الثمانينيات، واستخدام النظام سياسة قمعية عنيفة في مواجهة التنظيمات الإسلامية المعارضة، كان أبرزها قصف مدينة حماة عام 1982م.
ويتهم النظام السوري النظام العراقي بتأييد الجماعات المعارضة، كما اتهم الأردن أيضاً بدعم هذه الجماعات عن طريق التسامح مع قياداتها المقيمة في الأردن.
رابعاً: الأقليات الشيعية في العالم العربي والأمن القومي العربي
إن هناك تأثيراً سلبياً للأقليات الشيعية في العالم العربي على الأمن القومي العربي، ويتمثل هذا التهديد فيما يلي:
أ- إعاقة عملية التكامل القومي، وتهديد الاستقرار السياسي، ويتضح هذا في كل من دول الخليج، والعراق، وسوريا، ولبنان، حيث تقوم الأقليات الشيعية بأنشطة عنيفة في مواجهة النظام (العراق ـ لبنان ـ الكويت ـ السعودية ـ الإمارات ـ البحرين)، وتؤدي سيطرتها إلى قيام الطوائف الأخرى بأعمال عنف تهدد الاستقرار السياسي (سوريا).
ب- إعاقة تتبنى موقفا عربياً واحداً، ويتضح هذا من السلوك السوري في لبنان، ومن السلوك السوري خلال الحرب العراقية الإيرانية؛ حيث تأثر الموقف السوري بالتحالف مع إيران.(49/31)
ج- تيسير السبل أمام قوى إقليمية ودولية معادية للتدخل في الشئون العربية، ويتضح هذا من العلاقة بين حزب الله اللبناني، والنظام الإسلامي في إيران، ومن دعم إيران للقوى المعارضة الشيعية في العراق. ويتضح هذا أيضاً من التحالف بين الكتائب اللبنانية وإسرائيل، لاسيما خلال زعامة بشير الجميل للقوات اللبنانية، والدعم الأمريكي والفرنسي للطوائف المسيحية اللبنانية.
د- عرقلة حل الصراع العربي ـ الإسرائيلي، ويتضح هذا من خلال التأثير السلبي للخلاف السوري ـ العراقي على تكوين جبهة شرقية في مواجهة إسرائيل خلال مرحلة الصراع المسلح، ومن خلال الأداء السيئ للجيش السوري في حرب 1967م بسبب حالات الطرد التي كانت تتم لأسباب طائفية، ... ودعم إيران للمنظمات اللبنانية (حزب الله) والفلسطينية (حماس والجهاد الإسلامي) لعرقلة عملية السلام العربي/ الإسرائيلي لأسباب تخص المصالح الإيرانية.
خامساً: الأقليات في السودان الجنوبي وتأثيرها على الأمن العربي
يموج جنوب السودان بالعديد من الأجناس واللغات والأديان والثقافات، حتى أنه لا تسود بين قاطنيه حضارة متجانسة، وطبقاً لدراسات علماء الأجناس يمكن تصنيف سكان الجنوب إلى المجموعات الثلاث الرئيسية الأتية، وذلك استناداً إلى معايير اللغة السائدة، والأصل التاريخي والخصائص التكوينية والبيولوجية، وتتمثل في النيليين (ويتألفون من قبائل الدنكا والشلوك والنوير، والأنواك، والبورون وغيرها)، والنيليين الحاميين (ويتألفون من قبائل المورلي والبارى والديدينجا والبريا والتوباسا واللاتوكا). والقبائل السودانية (وهي تتألف من الأزاندى والمورو، ماو وغيرها من القبائل الصغيرة التي تعيش غالباً غرب النيل، وقرب الحدود الجنوبية الغربية للسودان).(49/32)
ومن الثابت تاريخياً أن هذه القبائل الجنوبية لم تنشأ أصلاً في السودان الجنوبي، ولا هي تقضي كل حياتها فيه، وعليه فإن الفوارق في السلالة والأصل التايخي بين القبائل المختلفة في السودان الجنوبي، قد أدت إلى تنوع وتعدد اللهجات المستخدمة فيما بينها، وكذلك اختلاف نظمها السياسية وأنماط حياتها الاقتصادية والدينية، ويبلغ عدد اللغات الرئيسية المستخدمة في السودان الجنوبي نحو (12 لغة) على أقل تقدير. ولا شك أن الصراع الدائر في السودان الجنوبي والأهداف الرامية إلى انفصال الجنوب تترك جميعها أثاراً بالغة الخطورة على الأمن القومي العربي في مجمله، والأمن القومي المصري خاصة، ويمكن أن نشير إلى ثلاثة تأثيرات مهمة:
أ- انفصال الجنوب قد يؤدي إلى تفكك السودان الموحد باعتباره أحد الحلقات المهمة في الحزام الجنوبي للأمن القومي العربي.
ب- استمرار الصراع والحرب الأهلية في الجنوب يفتح المجال أمام تدخلات خارجية عديدة، بما يزيد من تأثيراتها الرامية إلى تقويض أطراف النظام الإقليمي العربي
ج- تأثيرات الصراع في الجنوب السوداني على قضايا تأمين الحدود الجنوبية لمصر، بما في ذلك ضمان وصول حصتها من مياه النيل.(49/33)
وفي هذا الإطار يجب الإشارة إلى أن أحد المبادئ المهمة والثابتة التي اتبعتها، ولا تزال القوى المعادية للوطن العربي، والتي تمثل تهديداً للأمن القومي العربي هو مبدأ شد الأطراف، ومضمون هذا المبدأ أن إضعاف الجسد العربي يجب أن يأخذ طريقتين مختلفتين في أن واحد: إحداهما تتجه إلى القلب، والثانية تتجه إلى الأطراف، أي إضعاف الأطراف من خلال عملية جذب سياسية محورها إبعاد الأطراف عن مساندة منطقة القلب، وهو ما يؤدي إلى إضعاف القلب، واختلال توازن الجسد، ومن ثم تسهيل عملية الانهيار التي يسعى أعداء الوطن العربي إلى تحقيقها. ولا شك أن هذا المبدأ يمثل خطورة حقيقية على الجسد العربي في امتداده، ولاسيما السودان، إذ أنه يؤدي إلى تمزيق وحدة السودان، واقتطاع أجزائه الغنية، حيث في الشرق أثيوبيا، وفي الجنوب أوغندة، وفي الغرب تشاد.
وفي النهاية يمكن القول؛ إن التمايز السلالي والثقافي الذي يطرحه السودان الجنوبي بغرض حقه في نوع من الحكم الذاتي، على أن مناهج وسياسات الحكومات المركزية المتعاقبة في السودان منذ الاستقلال قد أدت إلى تصميم أهل الجنوب على المضي قدماً في طرح بديل الانفصال عن الشمال، وتكوين ما يسمى "بالسودان الجديد" وهو ما أفصح عنه مؤتمر توريت الذي عقدته الحركة الشعبية لتحرير السودان عام 1991م.(49/34)
وإذا كانت الخيارات المطروحة الآن بصفة عامة من جانب القوى السياسية الفاعلة في الجنوب، يمكن حصرها في ثلاثة خيارات أساسية تتراوح بين القبول بمبدأ سودان علماني موحدة، وحكم ذاتي للجنوب في إطار اتحاد فيدرالي، وانفصال الجنوب في إطار دولة السودان الجديد، فإن خيار الانفصال يمكن أن يؤدي إلى تفجير السودان، وانهيار الدولة المركزية، وتفتتها بين دويلات صغيرة، تابعة لجيرانها الأفارقة، وهو ما يمثل تهديداً مباشراً لنظام الأمن القومي العربي والمصري، وتتمثل أهم تلك التهديدات في التأثير على الحزام الأمني الجنوبي للأمن القومي العربي، وفتح المجال أمام التدخلات الأجنبية، والتأثير على تأمين حدود مصر الجنوبية، خاصة فيما يتعلق بقضايا المياه.
سادساً: الأقلية البربرية والاستقرار السياسي
ربما كانت أكبر الجماعات اللغوية غير العربية في الوطن العربي هي البربر في دول المغرب العربي الكبير (المغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، وموريتانيا)، واللغة البربرية - أو كما يسميها أصحابها (الأمازيغية) - ليست لغة واحدة، ولكنها لهجات متعددة.
ورغم أن التعريب لم يشمل إلا بعض البربر إلا أن عملية (الأسلمة) قد شملتهم جميعاً، والذين اعتنقوا الإسلام في أعقاب الفتح العربي مباشرة، تحمسوا وحملوا لواء دعوته وأصبحوا جنوداً بواسل للجيوش الإسلامية، ومنهم "طارق بن زياد".
والتنظيم الاجتماعي للبربر لا يختلف كثيراً عن مثيله بين العرب؛ حيث يتمحور حول القبيلة والعشيرة، ولعل أكبر التجمعات البربرية التي تجوب الصحراء الكبرى، هي قبائل الطوارق، وتشمل منطقة ترحالها كلاً من جنوب الجزائر،وليبيا، والنيجر، ومالي.
والبربر لهم العديد من المطالب، أهمها: ضرورة اعتراف الحكومة بهم، أو الاعتراف الدستوري والمؤسسي باللغة البربرية واللهجة الأمازيغية كلغة رسمية وقومية، كما في الجزائر، احترام حقوق الإنسان والحريات الديموقراطية، والحق في الاختلاف... إلخ.(49/35)
وإذا ما نظرنا إلى طبيعة الأقلية البربرية نجد أنها من أقل الأقليات إثارة للقلاقل والاضطرابات، ومن ثم تهديدها للاستقرار السياسي يعد محدوداً مقارنة بأقليات أخرى عديدة، سواء كانت دينية أو قومية، أو... إلخ، إلا أن عدم تفهم الأمور الدينية والإنسانية، لتلك الأقلية البربرية، يؤدي إلى اتساع الهوة بين المسلمين العرب والمسلمين غير العرب من تلك الأقلية، وهي تبدو كافية لتسلل المشاريع التقسيمية الخطيرة، التي يعاني منها كل المسلمين وكل العرب في هذا الجزء من العالم، ويرى البعض أن لهذه المشاريع ثلاثة أبعاد رئيسية لها تأثيرها على الأمن القومي العربي وهي:
أ- البعد الأول: هو ضرب الوحدة القائمة تحت المظلة الإسلامية بين القوميات المتعددة، وذلك بإثارة الفتن بين الإثنيات، وتشجيعها على الانفصال والتطلع نحو إقامة دويلات خاصة بها.
ب- البعد الثاني: هو ضرب الوحدة الإسلامية نفسها عن طريق إثارة الفتن المذهبية، واختلاق تيارات هدامة باسم الإسلام.
ج- البعد الثالث: هو ضرب التعايش الإسلامي القائم في ظل الانتماء العربي الواحد، وفي ظل البعد الأول، أي البعد القومي، فإن مشاريع التقسيم تتمركز حول المجموعتين الأهم والأكبر، معاً: الأكراد والبربر، وتنطوي تحت اللغوية غير العربية بضع جماعات لا تتخذ العربية لغة أولى، وإن اتخذتها لغة ثانية في اضطراد الأخذ بسياسات التعريب، ومن ثم فإن التلكؤ في الاستجابة أو التعاطف مع المطالب الخاصة بهذه الأقلية يؤدي إلى تصعيد النزعات الانفصالية بين أبنائها، خاصة إذا وجدت دعماً أو تشجيعاً من قوى أجنبية، والتحدي الإثنى هو أحد المداخل السهلة للاختراق الأجنبي لبنية المجتمع، والدولة القطرية.(49/36)
وفي النهاية يمكن القول بأن قضايا عدم اندماج الأقليات العرقية، أو الدينية، أو اللغوية، أو العقائدية تعد من أهم مصادر تهديد الأمن القومي العربي، لما يمكن أن يترتب عليها من استثمار للمصادر الرئيسة للتهديد، وما يمكن أن تؤدي إليه من هدر للقدرات الوطنية والقومية.
ولاشك أن هذا البعد الداخلي يمكن تجنبه، إذا ما اتخذت الدولة السياسات الكفيلة بدمج الأقليات دمجاً قومياً في إطار مفهوم الأمة الواحدة، وذلك بتحقيق أعلى درجة ممكنة من المساواة وعدم التمييز، ولعل هذا يتوقف على مدى ما يتوفر لدى الدولة من قدرات، ومدى ما تملكه من آليات توزيع لهذه القدرات وغيرها من الموارد، ومدى ما تشعر به كافة الأقليات بالمساواة مع غيرها.
وفي هذا الإطار تكمن أهمية توقيع اتفاقات ملزمة سواء بين الدول العربية، أو دول الجوار، توضع فيها أسس معالجة قضايا الأقليات في المنطقة.
باب شر
قالو: في سابقة هي الأولى والأخطر وفي مخالفة لما اجمع عليه علماء الأمة الإسلامية طوال تاريخها يتردد أن مجمع البحوث الإسلامية أقر نشر صورة للرسول الكريم ضمن موسوعة تعرف باسم "موسوعة الأديان العالمية" ..
المصريون: بتاريخ 10 - 7 – 2007
قلنا: إلى متى ستبقي مجاملة الغرب هدف بعض الدعاة والعلماء!!
الحقيقة لمن يعقل!
قالوا: وهدد كبير المستشارين العسكريين لدى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي شامخاني بضرب دول الخليج بالصواريخ الباليستيه.
مجلة الشراع (11/6/2007)
قلنا: المشكلة أن منا من لا يصدق أن هذه هي النوايا الحقيقية لإيران!
الفراغ الديني
قالوا: كشف تقرير إخباري عن وجود طائفة لعبدة الشيطان في تونس مكونة من نحو 70 شابا أغلبهم من طلبة الجامعات والمدارس الثانوية.
تلفزيون الدنيا 20/6/2007
قلنا: حين تحارب تونس دين الرحمن لا بد أن يعبد الشيطان !
ابتزاز
قالوا: إن العراق يقاتل تنظيم القاعدة نيابة عن الدول العربية.
عبد العزيز الحكيم - الرأي 9/6/2007(49/37)
قلنا: الحقيقة هي أن إيران ساعدت على تقوية تنظيم القاعدة في العراق والدول العربية لتمرير تهديدات وسياسات إيران.
بروفة
قالوا: التظاهرات التي قامت في البحرين مؤخرا ورائها جهات راديكالية ظهرت فجأة في صفوف شيعة البحرين تملك عناصر تدربت في إيران.
الوطن العربي 27/6/2007
قلنا: حين تقرن الأقوال بالأفعال تحصل على القوة والمكانة ، فهل تدرك الدول العربية الحقيقة الإيرانية، وتقتدي بها للحصول على القوة بالأفعال لا الأقوال!!
مصيبة على الحالين
قالوا: دعمنا لحماس دعم معنوي وروحاني.
محمد علي حسيني المتحدث باسم الخارجية الإيرانية
الغد 24/6/2007
قلنا: إن كان صادقا فبالمجان قدمت حماس خدماتها لإيران ! وإن كان كاذباً فلماذا عجزنا عن التأثير بحماس رغم أن الدعم المالي السني لها يفوق الإيراني بمراحل ؟
خطر قادم!
قالوا: تستعد لأول مرة " الفيدرالية الشيعية في فرنسا" لخوض انتخابات " المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ".
الوطن العربي 6/6/2007
قلنا: قد لا يطول الوقت حتى يصبح الشيعة في أوربا وأمريكا قوة تقود المسلمين في المهجر بسبب غياب رؤية إستراتيجية للدول الإسلامية والحركات الإسلامية.
رسالة وصلت!
قالوا: إن البحرين جزء من الأراضي الإيرانية وقد انفصلت عن إيران اثر تسوية غير قانونية بين الشاه المعدوم وحكومتي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا". و "إن المطلب الأساسي للشعب البحريني حاليا هو إعادة هذه المحافظة التي تم فصلها عن إيران إلى الوطن الأم والأصلي أي إيران الإسلامية".
شريعت مداري رئيس تحرير صحيفة كيهان
10/7/2007
قلنا: لا تزال إيران ترسل رسائلها لدول الخليج ، وقد اختارت البحرين كونها أضعف نقطة في الخليج وليس مهما التظاهرات ولا التصريحات الهادئة ، المهم الخطوات العملية الهادئة لصد الطماع!
الطريقة التيجانية بالمغرب .. صوت مكتوم ومشيخة غائبة
مجلة مدارك فبراير 2007
عمر العمري(49/38)
سلطت وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة الضوء على الطريقة التيجانية، وذلك بسبب الجدل الذي أحدثه عقد الجزائر لمؤتمر دولي ما بين 23 و25 من شهر نوفمبر الماضي، جمعت فيه «الإخوان التيجانيين» من كل أنحاء العالم، ولم يحضره التيجانيون المغاربة.وقد طرح أكثر من تساؤل حول الأسباب الكامنة وراء تراجع الأدوار المختلفة للتيجانيين المغاربة على الصعيدين المحلي والدولي.
حسب بعض العارفين بخبايا التصوف بالمغرب، فإن الجزائر، باستضافتها لمؤتمر الإخوان التيجانيين لأول مرة، تريد أن توجه رسائل عديدة إلى المغرب، أولها أن الطريقة التيجانية طريقة جزائرية، متذرعة في ذلك بأن أحمد التيجاني مؤسس الطريقة، ولد بقرية «عين ماضي»، وهي منطقة تقع الآن تحت السيادة الجزائرية.…
أما الرسالة الثانية المبطنة، فهي منازعة المغرب نفوذه الديني والروحي الذي يحظى به من قبل أقطاب الصوفية في العالم، خاصة الولاء المعنوي والتاريخي الذي يقدمه أهل الطريقة التيجانية، الموجودون بكثرة في البلدان الإفريقية، لإمارة المؤمنين بالمغرب.
التيجانية بالمغرب تترك الفراغ:
وتذكر تلك المصادر أن الجزائر ما كانت لتقدم على مزاحمة المغرب في هذا المجال، الذي احتكره عبر التاريخ، لولا الفراغ الذي تركه التيجانيون المغاربة، لعدم أخذهم المبادرة في تنظيم المؤتمرات واللقاءات التواصلية مع تيجانيي العالم، تأكيدا للدور القيادي الذي لعبوه طيلة قرون من الزمن، وتكريسا لنفوذهم الروحي الذي امتد خارج المغرب.…فكان آخر مؤتمر جمع أقطاب الصوفية في العالم هو ذاك الذي نظمه الحسن الثاني بالمغرب سنة 1985، وقد خصص للطريقة التيجانية، ومنذ ذلك التاريخ فشل التيجانيون في عقد لقاء ثان يجمع أعلام طريقتهم المنتشرين في العالم.…
فما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا «الغياب» الذي اعتبره البعض سلبيا؟
صوت مكتوم:(49/39)
إن ما تلاحظه المصادر المذكورة هو أن الطريقة التيجانية بالمغرب بدأ «إشعاعها» يخفت تدريجيا داخل الوطن، ولم تستطع أن تطور من أدائها التربوي والروحي بما يتماشى مع متطلبات العصر. ويمكن رصد هذا التراجع على مستويين اثنين: النشاط الإعلامي والنشاط العلمي.
يشير أكثر من مصدر - من داخل الطريقة - إلى أنه لا يكاد يوجد لها حضور إعلامي على الساحة الوطنية، إلا نادرا. هذا، مقارنة مع بعض الزوايا الأخرى، التي سجلت حضورا إعلاميا متميزا في السنوات الأخيرة، ونفوذا متزايدا داخل دواليب السلطة والإدارة.
وفسرت مصادر أخرى أن أهل الطريقة لا يحبون الظهور ويفضلون أداء دورهم التربوي دون «بهرجة إعلامية»، إلا أن آخرين يردون على ذلك بكون الطريقة لا تستغل أطرها في مجال وسائل التواصل الحديثة، مثل الانترنيت والفضاء السمعي ـ البصري، ولم تعمل على خلق منابر إعلامية تليق بمستوى وحجم الطريقة التي يفوق عدد أتباعها 350 مليون نسمة في العالم. فلماذا لا تتوفر على الأقل على منبر مكتوب تتواصل به مع أتباعها عبر العالم. وعلى مستوى الإنترنيت، هناك موقع للطريقة، لكنه يخص التيجانيين الجزائريين.
ومن جهة أخرى، يلاحظ بعض المتتبعين أن الطريقة التيجانية كانت طريقة العلماء بامتياز، في لحظات تاريخية معينة، بل لقد تربع على رئاسة القرويين علماء من التيجانية ذاع صيتهم في العالم.
وكان هؤلاء العلماء بمثابة المنارة التي توجه الأتباع والمريدين، انطلاقا من الزاوية الأم بمدينة فاس العريقة في العلم. هذا الأمر -حسب المصادر- لم يعد حاصلا الآن، وتوارى هؤلاء إلى الوراء تاركين المجال لغيرهم ليحتل الصفوف الأمامية، بالرغم من عدم توفر شروط العلم فيهم وانعدام المؤهلات الكافية لقيادة الطريقة في هذه المرحلة التي تعتمد على التواصل التقني المتطور.
مشيخة غائبة:(49/40)
لم تتردد تلك المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن اسمها، في التأكيد على أن المشاكل «الداخلية» التي تعاني منها الطريقة التيجانية تتجلى بالخصوص في غياب «مشيخة» كاريزمية تتوفر فيها شروط إخراج الطريقة من منطقة الفتور التي دخلت إليها منذ مدة.…ويرجعون هذا الغياب إلى المعطيات التالية:
1- يوجد في المغرب مقدم يتصدر الطريقة يتخذ مقرا له مدينة فاس، ويسمى مقدم الزاوية الكبرى. وكان آخر مقدم شرعي لها هو «سيدي إدريس بن محمد بن عابد العراقي»، وما زال على قيد الحياة، وهو رجل علم وأستاذ في القرويين، إلا أنه بسبب كبر السن والمرض لم يعد قادرا على حمل أتعاب «التقديم». وبعده، لم ينصب أي مقدم للطريقة بالكيفية المطلوبة، فوقع فراغ ملحوظ ودخلت الطريقة في شيء من الخلل. لأن الأصل في تنصيب مقدم الزاوية الكبرى - حسب مصادر من داخل الطريقة - هو أن الشيوخ الكبار يجتمعون فيما بينهم ويرشحون «مقدما» لهم، وهذه المسألة لم تتم مراعاتها في تنصيب المقدم الحالي.
2- يوجد الآن على رأس الطريقة التيجانية أحد أحفاد الشيخ الأكبر أحمد التيجاني، مؤسس الطريقة.
وحسب المصادر نفسها، فإن المقدم الحالي يدير أمور الزاوية بصفته مقدما لها، استنادا إلى نسبه الشريف، الذي يرجع إلى الحسن بن علي، حيث يلتقي مع الشرفاء العلويين في محمد النفس الزكية.
وتؤكد المصادر ذاتها أن هناك فصلا واضحا داخل الطريقة بين المشيخة والنسب، وأن المقدم لا يشترط فيه أن يكون نسبه شريفا، أو أن يكون من أولاد الشيخ، ولكن المطلوب هو أن يكون ذا علم وأن يحصل الإجماع حوله. هذا الفراغ كان له تأثير بالغ على نشاط الطريقة، حيث يعطى الإذن بالتقديم، في بعض الحالات، لمقدمين في أنحاء المغرب لم يكونوا بالمستوى المطلوب، مما أدى إلى ظهور بعد الاختلالات التنظيمية، وبعض التراجعات على مستوى الأدوار الاجتماعية التي كانت تلعبها الطريقة في السابق.(49/41)
3- لقد عرف تاريخيا أن السلاطين العلويين كانوا يعطون ظهائر التوقير والاحترام لبعض الزوايا الصوفية ومن بينها الزاوية التيجانية. هذا الظهير كان يعطى لنقيب الشرفاء التيجانيين. وآخر ظهير حصل عليه شريف تيجاني هو لفائدة «سيدي البشير بن سيدي محمد الكبير التيجاني»، الذي توفي قبل ثلاث سنوات، وقد منحه له الملك الحسن الثاني. ومنذ وفاته لم يعط أي ظهير للتيجانيين كما جرت عليه العادة التاريخية من عهد السلطان مولاي سليمان، الذي احتضن الشيخ الأكبر للطريقة وفتح له مدينة فاس وسمح له بتأسيس زاويته الكبرى، بل هناك من يقول إن هذا السلطان اعتنق بدوره الطريقة التيجانية، مثلما حصل أيضا مع السلطان مولاي حفيظ ومحمد الخامس.
كان لهذه المعطيات مجتمعة تأثير على نشاط الطريقة التيجانية داخل المغرب وامتد ذلك إلى خارجه، مما ولد فراغا استثمره الجزائريون أخيرا بدعوتهم إلى مؤتمر دولي، حاولوا من خلاله جمع صفوف التيجانيين عبر العالم، وتقديم نفسها كوريث شرعي لطريقتهم وكراع أول لمصالحهم.
الدور الإفريقي للتيجانيين المغاربة:
تشير بعض المصادر إلى أن تحرك الجزائر المفاجئ على مستوى تنظيم ملتقى الإخوان الجزائريين على أراضيها، يخفي مناورة دبلوماسية مبطنة، وهي محاولة الاستفادة من «اللون الأسمر للطريقة». وتشير المصادر إلى أن حضور السنغاليين لمؤتمر الجزائر ربما أخاف المغاربة، أمام غياب الأدوار التي كان من الممكن أن تقوم بها الزاوية التيجانية بالمغرب في إفريقيا، وأمام تزايد النشاط الدبلوماسي الجزائري بالسنغال، فحاولت الدبلوماسية المغربية الرسمية أن تملأ هذا الفراغ. ولوحظ ذلك في الزيارة الأخيرة التي قام بها الملك محمد السادس لهذا البلد الإفريقي، وهو تحرك دبلوماسي استباقي، يعمل على إبطال مفعول الدبلوماسية الجزائرية بالمنطقة. وتبعت زيارة الملك للسنغال زيارة أخرى قام بها الوزير الأول إدريس جطو ووزير الداخلية شكيب بنموسى.(49/42)
وعُزز ذلك بتكفل الملك محمد السادس بالحفل الديني الذي أقيم يناير الماضي بدكار، ترحما على الخليفة العام السابق للأسرة العمرية، وجاء في برقية التعزية الملكية: «إننا نؤكد لكم، ولجميع مريدي الطريقة التيجانية، التي يشكل المغرب موطئها المرجعي الأبرز، نظرا لكونه يحتضن بفاس قبر العلم الإسلامي الكبير، سيدي أحمد التيجاني". إن الاستنتاج الذي أثاره المتتبعون لشؤون التصوف بالمغرب هو أن ما حدث في الجزائر هو دعوة صريحة إلى أهل الطريقة التيجانية بالمغرب لمراجعة شؤونهم الداخلية ورص صفوفهم وتمكين علمائهم من أخذ المبادرة والزعامة الروحية التي كانت لأهل المغرب وبات الآن يحوم حولها الجيران.
بعد أن احتضنت ولاية الأغواط ملتقى دولياً للطريقة في نوفمبر الماضي
المغرب يستقوي بالتيجانية .. وحديث عن "حرب دينية" مع الجزائر
العربية نت 1/7/2007
تعهد شيوخ وعلماء دين من أكثر من أربعين دولة ينتسبون إلى الطريقة التيجانية بالعمل على نشر طريقتهم التي تحظى بدعم الدولة العلوية (السلالة الحاكمة في المغرب) في إفريقيا، خاصة في الساحل والعمق الأفريقي، وهو ما اعتبره محللون صراعا خفيا بين المغرب والجزائر لبسط نفوذهما الديني في هذه المناطق.
وصدر البيان الختامي لـ"جمع المنتسبين إلى الطريقة التيجانية" الذي أنهى أشغاله أمس السبت 30-6-2007 بعد ثلاثة أيام من الاجتماعات في فاس العاصمة العلمية والثقافية للمغرب، التي يوجد بها أيضا ضريح احمد التيجاني مؤسس الطريقة المنسوبة إليه.
وأشار البيان إلى "الإقرار برعاية الدولة العلوية لمشائخ الطريقة التيجانية ومساعدتهم على نشر التربية الروحية وترسيخ قيم الإسلام المثلى، وبخاصة في الساحل وفي العمق الأفريقي."
وضم اللقاء أكثر من 1400 مشارك يمثلون أكثر من أربعين دولة من أفريقيا وأوروبا وآسيا والولايات المتحدة.(49/43)
وأثارت الصحافة المغربية بالموازاة مع هذا الجمع "خلافا مغربيا جزائريا حول الطريقة التيجانية" بل إن هناك من ذهب إلى حد اعتبار "الأمر يتعلق بحرب دينية بين المغرب والجزائر".
وكتبت يومية الصباح في عدد يوم الجمعة الماضي إن الجزائر "تبحث عن موقع داخل الحقل الديني المغربي ومنافسة إمارة المؤمنين في امتداداتها الدينية داخل عدد من الزوايا في الدول المجاورة."
وكانت الجزائر قد احتضنت في نوفمبر تشرين الثاني الماضي ملتقى دوليا للطريقة التيجانية في ولاية الأغواط. وولد احمد التيجاني مؤسس الطريقة في العام 1737 ميلادية بقرية عين ماضي بالجزائر ثم انتقل الى العيش في المغرب. وأسس طريقته المتصوفة وتوفي في العام 1815 ميلادية ودفن بفاس. ويعيش المغرب والجزائر البلدان الجاران حساسيات سياسية بالأساس بسبب النزاع حول الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو التي تدعمها الجزائر.
وتعهد البيان بالعمل على تجديد مثل هذه اللقاءات العالمية كل سنتين على ارض المملكة المغربية كما أكد على "اعتبار رسالة أمير المؤمنين محمد السادس وثيقة مرجعية جامعة لهذا اللقاء ونشرها على أوسع نطاق في جميع الزوايا أمام عشرات الملايين من المريدين في جميع أنحاء العالم، وذلك لتجسيد معاني الأخوة والتسامح والتضامن على أوسع نطاق."
وكان العاهل المغربي محمد السادس قد أثار في رسالة وجهها إلى المشاركين في بداية أشغال الملتقى دور الملوك العلويين في "رعاية مشائخ الطريقة التيجانية، وترسيخ قيم الإسلام المثلى ومكارم الأخلاق العليا في أوساطهم الاجتماعية وبخاصة في بلدان الساحل والعمق الأفريقي."(49/44)
وقال إن "تاريخ الإسلام في أفريقيا ولاسيما في بلدانها جنوبي الصحراء يؤكد أن هذا الدين لم ينتشر إلا بفضل مشايخ الطرق الصوفية والتجار المسلمين المغاربة الأتقياء، وفي مقدمتهم شيوخ الطريقة التيجانية وأتباعها." ونفت جهات رسمية أي تداخل بين ما هو سياسي وديني في هذا الجمع.
وقال أحمد قسطاس مدير الشؤون الإسلامية في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية: "نحن لا نخلط أبدا بين ما هو سياسي وديني. السياسي متروك للقادة فيما بينهم لكن ما هو ديني للجميع."
وأضاف "نحن لا ننكر أن أحمد التيجاني مولود في الجزائر، وهذا لا اسميه صراعا؛ فمولاي عبد القادر الجيلاني أيضا ولد في العراق لكنه عرف في شمال أفريقيا أكثر، وله أتباع ومحبون متعصبون له في هذه المناطق أكثر من العراق."
وقال انه في "ذلك الوقت لم يكن هناك جزائر ومغرب كان هناك مغرب إسلامي، لم تكن هناك حدود فهذه مسائل ضيقة متجاوزة .. المهم أن العالم يتجه الآن نحو التصوف لإعادة تربية أرواح المسلمين وتوجيه أفكارهم نحو الرحمة والشفقة والحب." وقال عبد القادر عبد الله كوري حاكم ولاية النيجر في شمال نيجيريا إن "عدد النيجيريين الذين يتبعون للطريقة التيجانية 30 مليون نسمة مفتخرون بجذورهم المغربية." وأضاف "هناك نهضة في مجال الإيمان الآن، والتصوف هو أحسن طريقة لتثبيت الوسطية والاعتدال طبقا لتعاليم الإسلام."
مولاي البشير أعمون:
الطريقة التيجانية ليست في حاجة إلى مؤتمرات
مجلة مدارك فبراير 2007
أجرى الحوار: عمر العمري
يؤكد مولاي البشير أعمون، أستاذ بدار القرآن ومفتش التعليم العتيق بالرباط ومشرف على بعض الزوايا التيجانية، أن التجيانيين المغاربة لو تم استدعاؤهم بالطريقة الصحيحة لحضروا المؤتمر الذي عقدته أخيراً الجزائر، مشيرا إلى أن هناك جهات معينة تريد أن تخضع الطريقة للأهواء الشخصية، وجعلها ورقة لعملها السياسي.(49/45)
* لماذا لم يحضر التيجانيون المغاربة لمؤتمر الجزائر؟
إن السبب يرجع إما إلى أن الجزائريين لم يستدعوا المغاربة للمؤتمر الأخير بالصفة الرسمية والطريقة الديبلوماسية المعروفة والذي حصل أنه تم الاتصال بشخصيات معينة بطريقة منفردة.
* معنى كلامكم أن المسألة فيها" إن"؟
الجزائريون يريدون أن يستغلوا الطريقة التيجانية في غير ما جعلت له. فهي جعلت للسلوك والعبادة والوصول إلى الله تعالى. لكن جهات معينة تريد أن تخضعها لأهوائها، وجعلها ورقة لعملها السياسي.
* هناك خشية من يؤدي انعقاد المؤتمر الأخير بالجزائر إلى إحداث الشقاق بين أهل الطريقة؟
ما حدث أخيرا من ردود الأفعال حول انعقاد مؤتمر الجزائر، إنما هو زيادة في التعريف بالطريقة التيجانية، وبآرائها الصحيحة، وبأهلها. ينبغي أن أؤكد أن التيجانيين الذين حضروا المؤتمر حضروا لغاية واحدة وهي خدمة الطريقة. أما المنظمون، فإن كانت لهم أغراض أخرى، فإنما لكل امرئ ما نوى.
* لماذا لم يأخذ التيجانيون المغاربة مبادرة تنظيم مؤتمر كما فعل الجزائريون؟
الطريقة التيجانية لم تكن في حاجة إلى مؤتمرات.. فهدفها هو توحيد المسلمين، ولا تقبل أن تكون وسيلة للتفريق بينهم. وإذا كان هناك من داع لجمع الناس، فهو لخدمة تلك الأهداف، وليس للدعاية أو لتحقيق أغراض أخرى. وللإشارة، فقد نظم المغرب سنة 1985، تحت رعاية المرحوم الحسن الثاني، مؤتمرا عالميا لجميع الطرق الصوفية، وقد خصصت الدورة لطريقة التيجانية.
* هناك من يقول إن الطريقة الآن تسير بدون شيخ؟
المشيخة عندنا منعدمة، ولفظ الشيخ لا يطلق إلا على أحمد التيجاني. والمؤطر في الطرقة التيجانية، باللفظ العصري، إما أن يكون خليفة أو مقدما، ويشترط فيهما العلم. وعندنا الآن علماء أكفاء ولكن لا يحبون الظهور. وكل مقدم في المغرب يدبر شؤون زاويته، حسب تعاليم الطريقة المنصوص عليها في الكتب، وليس حسب تعاليمه.
اللعب في منتصف ملعب الآخر(49/46)
عبد الرحمن الراشد
الشرق الأوسط 3/6/2007
على مدى ثلاث سنوات كانت إستراتيجية إيران اللعب في منتصف ملعب الآخر، لهذا رأينا عشرات المعارك عبر حلفائها مثل حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، وفرق الموت والعمليات الانتحارية في العراق، والحوثيين في شمال اليمن، التي ألهت المنطقة عن كل شيء آخر. وليست أحداث مخيم نهر البارد إلا معركة أخرى في مفهوم إشغال الآخرين في خريطة عريضة ضمن مواجهة سياسية وعسكرية مستمرة حتى إيصال المنطقة والقوى الخارجية إلى مرحلة لصالحها.
والرابط واضح وهو أن جميع هذه القوى، على اختلاف طوائفها وقياداتها ودولها، تنتهي عند إيران، التي تدعمها وتدافع عنها وتنسق أحيانا بين بعضها بعضا. من وراء كل ذلك تريد إيران أن تضغط لتحقيق معادلة واضحة المعالم، النفوذ والهيمنة على منطقة الشرق الأوسط. ولقد نجحت طهران بالفعل في إشغال المنطقة لأنها ورفاقها استطاعوا خلق بؤر توتر جديدة او تنشيط قديمة في الدول الأربع. والاشتباكات متعددة الدرجات، عسكرية أو سياسية. فهي بين حماس وفتح، وحزب الله وفريق الأكثرية، مع غارات لا تتوقف في البصرة وبغداد لفرق محسوبة على إيران، سنية وشيعية، وتركيز على خلق جبهة مستمرة القتال في شمال اليمن.
وقد دفعت الأحداث المرهقة والدامية للمنطقة الكثيرين للتساؤل، خاصة مع وجود براهين واضحة على أنها أحداث مترابطة، كيف نجح معسكر طهران في تبني سياسة اللعب في منتصف ملعب الثاني، وعجز الجانب الآخر عن مواجهتها. أي بدل أن يكون الدفاع والتمترس هما السياسة تنقل إيران اللعب إلى منتصف ملعب الآخر حتى ينشغل بأزماته في الأراضي الفلسطينية ولبنان والعراق واليمن؟ اختارت إيران إن توظف عن بعد القوى المتململة في المنطقة لصالحها لأنها لا تستطيع التدخل المباشر عسكريا أو سياسيا.(49/47)
ولم تكن في حاجة إلى اختراع أدواتها في المنطقة، نظرا لوجود قضايا حقيقية، وأطراف متنازعة، وكل ما تفعله هو دعمها وتحريضها والتنسيق بين نشاطاتها أحيانا، كما حدث في الصيف الماضي عندما خطفت حماس جنديا إسرائيليا، وتبعه حزب الله فخطف جنديين آخرين، ونشبت حرب زادت من رقعة النزاع وحدته. والأمر أكثر وضوحا في العراق، حيث استمرت طهران في تحريك كل المناطق حتى أوصلت الأمور إلى مرحلة اضطرت الأميركيين إلى الجلوس مع الإيرانيين في بغداد في اعتراف واضح بان إيران المدبر لمعظم الأزمة.
وسبق ذلك أن اضطرت السعودية أيضا إلى الاتصال بإيران من اجل إيقاف معارك الشوارع في لبنان، التي بدأت بحرق الإطارات و اعتصامات وسط العاصمة واشتباك بين طلبة الجامعة اللبنانية. وبالفعل تمكنت إيران من السيطرة على الوضع وأوقفت المواجهات وأعلن حزب الله إيقاف المظاهرات وسحب رجاله. لكن ما أن أطفئت نار حتى أشعلت أخرى في لبنان وغزة والعراق واليمن. وطالما أن هذه الدول المتورطة تشعر أنها في منأى عن العقاب ستستمر في اختراع أو تجديد بؤر للصدام وإبقاء المنطقة في حال احتراق مستمرة.
النفوذ الايراني وكيفية التعامل معه؟!
رجا طلب
الملف نت 25/6/2007(49/48)
شئنا أم أبينا فان النفوذ الإيراني في الإقليم والمنطقة آخذ بالازدياد والتعاظم بصورة كبيرة منذ سقوط النظام العراقي السابق، وذلك بعد سنوات طويلة من الانكفاء والترصد كانت إيران فيها تضمد جراح حرب الثماني سنوات وتعالج تحدياتها الداخلية التي انعكست عليها من جراء الوضع الإقليمي والدولي ونتائج سياسة الاحتواء التي اعتمدتها إدارة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، فقد عادت طهران إلى اتباع نهجها القديم في ''تصدير الثورة'' بعد فوز الرئيس الحالي احمدي نجاد بالانتخابات الرئاسية التي جرت قبل عام تقريبا، وهو النجاح الذي كان بمثابة انقلاب عملي على النهج الإصلاحي الذي حاول الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي أن يعززه داخل النظام السياسي الإيراني، كما كان هذا الفوز أيضا هزيمة ساحقة لهاشمي رافسنجاني ممثل تيار الاعتدال والانفتاح السياسي على الغرب الذي خسر منصب الرئاسة في مواجهة نجاد.
ومنذ عام تقريبا نجد أن النفوذ الإيراني تعزز في عموم الإقليم والمنطقة للدرجة التي أصبحت فيها طهران ليست جارا فقط لدول الخليج العربي والعراق بل امتد نفوذها لتصبح جارا لإسرائيل ومصر من خلال حركة حماس وسيطرتها العسكرية على قطاع غزة.(49/49)
لقد اعتقدت الإدارة الأميركية أن تغيير نظام طالبان في أفغانستان وتغيير نظام صدام حسين في العراق سوف يشكل من خلال وجودها العسكري في البلدين المذكورين ضغطا جيوسياسيا على طهران، إلا أن المفاجأة بالنسبة لواشنطن تحديدا كانت في أن السياسة الهجومية التي اتبعها الرئيس نجاد واعتماده بقوة على أدوات طهران الإقليمية وتقديم الدعم العسكري والمالي للقوة المعادية لواشنطن في أفغانستان والعراق بما في ذلك القاعدة، قد افشل نظرية ''الكماشة الجيوسياسية'' التي اعتقدت واشنطن أنها قادرة بها على محاصرة طهران وإضعافها، بل على العكس فقد نجت السياسة الإيرانية من خلال دعم القاعدة (الدعم يتم بشكل اختراقات أمنية واستخبارية) والمليشيات الشيعية من زيادة المأزق العسكري والأمني الأميركي في البلدين، وهو تماما ما هدفت إليه طهران، أي منع واشنطن من انجاز نصر سياسي أو امني أو استقرار في المشروعين الأفغاني والعراقي، وبالتالي فان طهران تكون قد حققت هدفين مزدوجين في آن معا الأول هو تعطيل مشروع المحاصرة الأميركي لها وإفقاده فاعليته و الثاني تحويل الوضع الأمني والاستقرار في البلدين إلى أوراق مساومة تستطيع من خلالها إما الاعتراف بدور لها في الملفين وجني مكاسب هذا الاعتراف أو من خلال استثمارها في عقد صفقات يكون أساسها شطب نظرية '' المعادلة الصفرية المسماة (ZERO-SUM) التي حاولت واشنطن اعتمادها في التعامل مع النفوذ الإيراني.(49/50)
... لقد نجت طهران عبر أوراقها وأدواتها الإقليمية الإضافية في لبنان ( عبر حزب الله والمعارضة اللبنانية التابعة له) وفي فلسطين عبر حركتي حماس والجهاد الإسلامي من خلق خارطة جيوسياسية مضادة و ضاغطة ليس على واشنطن بل على حلفاء واشنطن من دول الاعتدال العربية، حيث باتت طهران على قناعة أن الضغط على واشنطن في الملفين العراقي والأفغاني ليس كافيا لجني ثمار سياسية سريعة، فهي تعتقد أن '' تهديد الاستقرار في هذه الدول '' سيجعلها هي الأخرى إما تتخذ مواقف متناقضة مع السياسة الأميركية تجاه طهران أي النجاح بتحييدها وإما قيامها بدور ضاغط على واشنطن لصالح الموقف الإيراني أي بمعنى آخر توظيف هذه الدول لخدمة الرؤية الإيرانية وهذا من الناحية العملية تم انجازه مع بعض الدول التي بدأت بتبرير السياسة الإيرانية في الإقليم وألان تعمل على ترويجها والدعوة للانصياع لها خوفا من التداعيات الأمنية في حالة التصادم معها .
في ظل هذه الصورة التي نشاهد فيها بوضوح تنامي النفوذ الإيراني ومحاصرته لدول الاعتدال العربي، أصبح من غير الممكن التلكؤ في وضع تصورات عملية لإطلاق هجوم سياسي مضاد يعمل على محاصرة الدور الإيراني وإضعافه، بعد أن نجح هذا الدور في تعطيل كل الحلول العربية في لبنان (فشل مهمة عمرو موسي الأخيرة) والانقلاب على اتفاق مكة في فلسطين ومنع أي دور عربي في محاولة إنقاذ العراق من كارثته.(49/51)
ربما يبادر البعض إلى السؤال وما هو شكل هذا الهجوم ؟؟، أقول هناك طريقان ، الأول الحوار الجدي والعملي الذي يكفل محاصرة هذا النفوذ وهو طريق صعب ومعقد وفرصه محدودة وبخاصة بعد أن لمست إيران نتائج سياساتها العملية، أما الطريق الثاني فهو العمل على عزلها إقليميا ودوليا والانخراط في مشروع مضاد لها تماما ومحاصرة أدواتها الإقليمية بصورة فاعلة ، فالوقت ليس لصالح المنظومة العربية المعتدلة بعد أن باتت طهران لاعبا أساسيا في العراق ولبنان والآن في فلسطين.
[تقرير خاص أعدته وحدة الدراسات الإيرانية في الجامعة الأردنية]
إيران تتوغل في تفاصيل الحياة العراقية
العرب اليوم 11/7/2007 وليد شنيكات
"قبل اغتيال أبي مصعب الزرقاوي, زعيم القاعدة في العراق, في حزيران ,2006 لم يكن هناك اهتمام كبير بطبيعة التدخل الإيراني في العراق. فقد كان التركيز منصبا على إنهاء الحرب, وتدمير حزب البعث, وبناء عراق جديد. والاهم من كل هذا هو انه كان هناك تصميم على ربط الحرب على العراق بالحرب على الإرهاب, وبخاصة القاعدة " حسب تقرير خاص أعدته وحدة الدراسات الإيرانية في الجامعة الأردنية.
ويضيف التقرير الذي اشرف على إعداده مدير الوحدة د.محجوب الزويري ان النقاش المتعلق بالدور الإيراني في العراق في العواصم الغربية- وبصورة اكبر من العواصم العربية- تركز حول امكانية استخدام العداء الإيراني للعراق لإقناع إيران بالانضمام إلى التحالف الدولي في مهمته لتغيير النظام.
"الإستراتيجية الكبرى" وعملية صنع القرار:(49/52)
ويمكن القول إن لدى إيران "إستراتيجية كبرى" بالنسبة للعراق مرتبطة "بالأمن القومي في إيران". والهدف من هذه الإستراتيجية هو ضمان إلا يشكّل العراق تهديدا لأمن إيران بأي شكل من الأشكال, أو ألا يتم التلاعب به بحيث يصبح خطرا على إيران. يقول التقرير. وقد برز هذا النهج نحو العراق نتيجة للحرب الإيرانية العراقية التي دامت ثمانِ سنوات, و جعلت إيران تنظر إلى العراق باعتباره خطرا على مصالحها الجيواستراتيجية, والاقتصادية, والدينية على المستوى الإقليمي. وتخشى إيران أيضا" أن يواصل العراق الجديد اتباع سياسة معادية لإيران." وعليه, من الضروري جدا لإيران حماية هذه المصالح الإقليمية عن طريق الحفاظ على وجودها في العراق. علاوة على ذلك, يرسل وجود إيران في العراق رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة بأنها فشلت في إقامة نظام موال لأمريكا في بغداد, كما يؤكد الحقيقة القائلة أن "مبدأ تغيير الأنظمة السياسية في السياسية الخارجية الأمريكية قد فشل."
ويؤكد التقرير أيضا أن عملية صنع القرار المتعلق بالعراق في إيران معقدة وصعبة الفهم. ومع ذلك, فمن الصحيح القول إن المجلس الأعلى للأمن القومي يشارك بصورة كاملة في هذه العملية, وكذلك دوائر صنع القرار المهمة الأخرى في إيران, بما فيها الحكومة, ومجلس تشخيص مصلحة النظام, والمخابرات والأمن, وفيلق الحرس الثوري الإسلامي والمؤسسة الدينية (الحوزة), ومكتب آية الله خامنئي. وعلى الرغم من ضرورة موافقة مجلس الأمن القومي على الخطوط العريضة للاستراتيجيات ذات الصلة بالأمن يقول التقرير الا ان كل مؤسسة معنية تمتلك مساحة للمناورة في إطار هذه الخطوط العريضة.
الأساليب الإيرانية:(49/53)
وأشار التقرير بوضوح إلى أن إيران كانت مستعدة جيدا لملء الفراغ السياسي الذي أحدثه انهيار النظام العراقي. فمنذ الأيام الأولى للتحضيرات للحملة العسكرية ضد العراق, وبعد الاجتماعات التي تم عقدها بين المسئولين الإيرانيين ونظرائهم الأمريكيين والأوروبيين, كانت إيران متأكدة تماما من شن الحرب على العراق. لذا, كان معارضو نظام صدام مستعدين بطريقتين: الأولى هي انه تم تشجيع الزعماء الدينيين الشيعة, مثل محمد باقر الحكيم وغيره, على حضور الاجتماعات التي تم عقدها في واشنطن, ولندن, والسليمانية في المنطقة الكردية شمال العراق. وقد كانت هذه الاجتماعات مصادر ممتازة للمعلومات المتعلقة بالخطط الأمريكية والغربية بشان العراق.
والطريقة الثانية هي تقوية العلاقات مع شخصيات المعارضة الشيعية العلمانية, مثل احمد الجلبي, ومع القادة الأكراد في شمال العراق. وقد أقامت إيران علاقات وثيقة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني, بقيادة مسعود برازاني, بالإضافة إلى إقامة صلات طيبة مع الاتحاد الوطني الكردستاني, بقيادة جلال طالباني, الرئيس الحالي للعراق. ومن خلال إقامة هذه الصلات وتقويتها اعد الإيرانيون أنفسهم لتداعيات انهيار نظام صدام.
ففي الوقت الذي كانت فيه قوات التحالف تتقدم باتجاه بغداد, تركوا الجنوب (ومعظم سكانه من الشيعة) كان فيلق بدر- والحرس الثوري الإيراني- يأخذ مواقعه في مدن جنوب العراق. وكان هذا تكتيك مهم لتنفيذ الإستراتيجية الإيرانية بالتدخل في الشؤون العراقية. وكان كل هذا مصحوبا بدعاية إعلامية واسعة تهدف إلى نشر رسالة مفادها أن الشيعة العراقيين, ولكونهم يشكلون 60 في المئة من عدد السكان في العراق وفقا للاحصاءات التي تم نشرها على نطاق واسع من قبل الدوائر الغربية والنخبة السياسية الجديدة في العراق, يمتلكون الحق الشرعي في تولي القيادة في العراق ما بعد صدام.(49/54)
في ذلك الوقت, اعتمدت إيران تكتيكا آخر, إذ صوّرت التدخل الإيراني في العراق بوصفه شكلا من أشكال المساعدة للنظام العراقي الجديد يهدف إلى ضمان الاستقرار السياسي. وبدا هذا جليا في التصريحات الإيرانية التي كانت تؤكد أن ما يحدث داخل العراق هو شان عراقي, وتقارن الدور الإيراني في العراق ومع أن أغلبية الذين تم انتخابهم لعضوية الحكومة المؤقتة كانوا من الشيعة, إلا أن إيران ادّعت أن هذه المسالة ليست عاملا محفزا لعلاقاتها مع العراق.
وخلال الحرب التي اندلعت بين البلدين في الثمانينيات, تبنت العراق سياسة ترحيل العراقيين من أصول إيرانية إلى إيران ومصادرة جميع ممتلكاتهم. وكانت هذه السياسة تهدف إلى تامين العراق من خطر أي جواسيس محتملين, ولكنها كانت فرصة ذهبية لإيران لاستغلال العامل البشري العراقي في المجهود الحربي. وفي الوقت الراهن, تحاول إيران تحقيق أهدافها في العراق من خلال التأكيد على ولائها للشيعة داخل العراق. بعبارة أخرى, تبذل إيران جهدا جبارا لضمان أن يظل الشيعة داخل العراق أقوياء, حيث أنها ترى انه يمكن التعويل عليهم في تحقيق المصالح الإيرانية في العراق. ومع ذلك, فانه من المهم لإيران القيام بهذا الأمر في سياق سياسي, لا سياق ديني.
فمن جهة, يعني هذا دعم أولئك الذين يحكمون العراق, مثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق (الذي حذف مؤخرا كلمة "الثورة" من اسمه ليصبح المجلس الأعلى الإسلامي العراقي), والمؤتمر الوطني العراقي, وحزب الدعوة الإسلامي. ومن جهة أخرى, فان إيران تدعم أولئك الذين يعارضون الاحتلال وبعض مظاهر العملية السياسية, مثل آية الله السيستاني, ومقتدى الصدر, والمجموعات المسلحة من السنة والشيعة.(49/55)
وعن طريق اتباع هذا النهج المزدوج, يمكن لإيران إبقاء جميع القنوات مفتوحة واثبات قدرتها السياسية على إدارة الأزمة في العراق. وتخدم هذه الأزمة المصالح الإيرانية, لأنها تبقي الولايات المتحدة مشغولة في العراق, وتظهر فشل أمريكا في الترويج للديمقراطية في الشرق الأوسط وفي إحلال الاستقرار في العراق الجديد. ووجود فصائل مسلحة في العراق مهم بالنسبة لإيران, والاهم من ذلك هو أنها بشكل أو بآخر تعمل لحساب إيران.
مستويات التدخل:
هناك اربعة مستويات للتدخل الايراني في العراق: 1) العلاقات مع القادة الدينيين, 2) العلاقات مع المسؤولين الحكوميين, 3) العلاقات مع المجموعات المسلحة, 4) العلاقات الاقتصادية, بما في ذلك تقديم المعونات. وسيت مناقشة كل مستوى على حدة.
يتعلق مستوى التدخل الأول بالعلاقات الإيرانية مع القادة الدينيين العراقيين. فقد تم الحفاظ على هذه العلاقات وفقا للإستراتيجية المُعلنة بإبراز التأثير الإيراني في المؤسسة الدينية العراقية, الذي دفع باتجاه بناء العراق الجديد وإحلال الاستقرار فيه. ولإيران علاقة قوية مع المجموعات الدينية الشيعية, مثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق, "وذراعه السياسي, فيلق بدر, الذي تحوّل الآن إلى منظمة سياسية (تُدعى) منظمة بدر".
وقد تأسس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية -والذي قرر في أيار 2007 حذف كلمة (الثورة) ليصبح اسمه الجديد (المجلس الإسلامي الأعلى في العراق)- تحت قيادة محمد باقر الحكيم, الذي اغتيل في انفجار في مدن النجف عام2003 وتولى شقيقه, عبد العزيز الحكيم, قيادة المجلس بعد ذلك. ويُعتبر المجلس أساس ما يُعرف اليوم بالتحالف الشيعي في العراق.(49/56)
ولإيران أيضا صلات مع الاتحاد الوطني الكردستاني, كما أنها أبقت على علاقاتها مع المجموعات العلمانية الشيعية, وبخاصة المؤتمر الوطني العراقي, الذي كان تحت قيادة احمد الجلبي. وتمثّل هذه المنظمات وقادتها النخبة العراقية الجديدة, الأمر الذي يزيد من أهمية علاقاتها الوثيقة مع الإيرانيين. ومن المهم كذلك الأخذ بالاعتبار زيارات المسئولين الإيرانيين, بمن فيهم وزير الشؤون الخارجية, والسفير الإيراني, إلى آية الله السيستاني.
ويمكن فهم طبيعة العلاقة بين إيران والمجموعات الدينية الشيعية بوصفها إحدى أدوات التأثير الإيرانية. ويمكن القول إن إيران كانت تموّل بعض هذه المنظمات حين تم نفيها من العراق في ظل نظام البعث, الا انه من الصعب تقديم أدلة واضحة على ذلك. وكانت إيران تشترك مع هؤلاء القادة في هدف رئيسي: القضاء على نظام البعث العراقي.
ولكن لم تكن هناك رؤية واضحة لطبيعة العلاقة حين ينجح تغيير النظام. فقد خططت إيران أن تكون لاعبا شديد الأهمية في العراق الجديد بغض النظر عن آية ضغوط قد تواجهها. وبناء على ذلك, لم تكن هناك قيود على تدخلها. والكيفية التي مارست فيها إيران نفوذها من خلال القادة الشيعة ليست واضحة, ولكن قد يكون من الصحيح القول أن المصالح السياسية المشتركة تجعل الجانبين وكأنهما ينسقان جهودهما.
أما مستوى التدخل الثاني, فيحدث من خلال وسيط "رسمي", يتم من خلاله الحفاظ على العلاقات الرسمية مع القادة السياسيين في العراق. وتتطور مثل هذه العلاقات على مرأى العالم كله عبر اجتماعات قد يتم عقدها بين مسئولين من أي دولتين.(49/57)
ولكن من المهم الإشارة هنا إلى أن العلاقات الرسمية بين الدولتين وصلت إلى المرحلة التي يمكن فيها للجانب الإيراني اختراق المؤسسات الحكومية العراقية. وقد قال احد الدبلوماسيين الإيرانيين بثقة, معلقا على هذا الوضع: "إذا اتصلت بأي مكتب حكومي في العراق, فسيرد عليك خمسة أشخاص على الأقل يتحدثون اللغة الفارسية." بالإضافة إلى ذلك, يلجا المشرّعون الشيعة إلى الحديث باللغة الفارسية في كافتيريا البرلمان العراقي إذا كانوا لا يريدون أن يتم سماع محادثاتهم."
ولطالما دعمت إيران جميع الحكومات العراقية المُنتخبة. وقد كان هذا الدعم مهما, وفقا للمواقف العربية السنية, لان جميع أولئك الذين فازوا بالانتخابات في العراق مرتبطون بإيران من نواح عديدة.
ودائما ما كان المسئولون العراقيون, عند تولي مناصبهم في الحكومة, يحرصون على أن تكون زيارة طهران على رأس قائمة المهام الخاصة بهم. وقد تبنى معظم السياسيين العراقيين هذه السياسة خلال الأربعة أعوام الماضية, التي نشأت من العزلة السياسية التي عانى منها هؤلاء السياسيون, وبخاصة من الحكومات العربية. ورئيس الوزراء السابق, إبراهيم الجعفري, الذي يمثل حزب الدعوة الإسلامي- المدعوم والممول من قبل إيران- زار إيران في تموز2006 كما زار نوري المالكي, رئيس الوزراء الحالي, إيران في ايلول2006 .
وفي تشرين الثاني ,2006 زار الرئيس العراقي, جلال طالباني, طهران أيضا. والى جانب هذه الرحلات, فان هناك رحلات منتظمة يقوم بها أعضاء البرلمان, والوزراء, والعسكريون. ومن الجدير بالذكر أيضا أن مقتدى الصدر, الزعيم الشيعي البارز, زار طهران والتقى بمسؤولين إيرانيين عام2005 والاستثناء الوحيد هو رئيس الوزراء المؤقت, إياد علاوي, الذي تمت دعوته لزيارة إيران, ولكنه لم يقبل الدعوة. وقد اتضح تدريجيا انه يشعر بالقلق حيال الدور الإيراني في العراق.(49/58)
لقد أظهرت أزمة المحتجزين الإيرانيين الخمسة الذين اعتقلتهم الولايات المتحدة في اربيل تأثير الحكومة الإيرانية على كبار السياسيين العراقيين. وردا على احتجازهم, قررت إيران عدم المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد في ايار الماضي. وأرسلت العراق وزير خارجيتها إلى طهران لتامين المشاركة الإيرانية. وعلى الرغم من انه تم رفض هذه المبادرة من قبل الحكومة الإيرانية, إلا أن إيران غيرت لاحقا قرارها وشاركت في المؤتمر.
كما نجحت جهود المسؤولين العراقيين أيضا في إقناع الولايات المتحدة بالموافقة على زيارات عائلية إلى المحتجزين الإيرانيين. وأشارت التقارير إلى أن هذه الأزمة "أوجدت صدعا بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية التي يسيطر عليها الشيعة".
ويحدث المستوى الثالث من التدخل الإيراني في العراق من خلال الطيف الأمني. ويتجلى ذلك في إنشاء خلايا تعمل في إطار المجموعات المقاتلة في العراق. ويعتبر جهاز المخابرات الإيراني العراق بوصفه احد التحديات الرئيسية التي يواجهها, وعليه, يرى أن الوجود الإيراني داخل المجموعات المقاتلة هناك أمر بالغ الأهمية. وتقدم إيران بعض العناصر إلى العراق مع الدعم اللوجستي تحت ذريعة مواجهة الاحتلال أو مواجهة المجموعات السياسية التي تعمل لتهميش الشيعة في العراق. وهذه المجموعات سرية للغاية في طبيعتها, وقد تمكنت من اختراق فيلق بدر, بالإضافة إلى مجموعات عراقية شيعية أخرى تم تشكيلها لحماية المناطق والمؤسسات الشيعية. ومن الصعب التنبؤ بعدد المتسللين في العراق; إلا أن حالة الفوضى التي تسود جنوب العراق, وعدم القدرة على السيطرة على الحدود الإيرانية العراقية, تسهّل تنقلاتهم, وتجعل من اليسير عليهم الاختباء داخل العراق.(49/59)
من المهم الإشارة هنا إلى الدور الحيوي الذي يؤديه العنصر البشري فيما يتعلق بالمستوى الأمني. فالعائدون العراقيون مثلا تربطهم علاقات قوية بأجهزة الأمن الإيرانية. والمثير للاهتمام هو أن المفوضية أشارت إلى أن عدد المهاجرين العراقيين في إيران انخفض بشكل ملحوظ, بعد سقوط بغداد- من 300.000 إلى 70.000 شخص.
ويدل انخفاض عدد المهاجرين العراقيين في إيران على أن أولئك العراقيين الذين عادوا إلى العراق كانوا مرتبطين, بصورة ما, بالدوائر الإيرانية, بما في ذلك الأجهزة الأمنية. وفي الواقع, كانت هذه الرابطة احد الأسباب وراء عدم الثقة بين أولئك الشيعة ومقتدى الصدر. وعليه من المنطقي الافتراض أن العائدين العراقيين مستعدون للتعاون مع أجهزة الأمن الإيرانية. علاوة على ذلك, فان لدى إيران اكبر مجموعة من الأجانب الداخلين إلى العراق. وبموجب اتفاقية وقعتها إيران مع العراق, يُسمح لـ 1500 حاج إيراني بالدخول إلى العراق يوميا.
وتتبع إيران النهج نفسه في التعامل مع العراقيين من أصول عربية وفارسية. ويبدو أن إيران تتعامل مع القضية وفي ذهنها حقيقة واحدة: من هم الأشخاص الذين من المرجّح أن ينفذوا الإستراتيجية الإيرانية ويساعدوا على تحقيق الأهداف الإيرانية في العراق؟ إن كان هؤلاء الأشخاص هم السنة, فلن تتردد إيران في دعمهم. ومن الممكن القول انه يمكن فهم الروابط بين إيران والمجموعات المسلحة من السنة, بمن فيهم القاعدة, بوصفها وسيلة للتسبب بتدهور الأوضاع في العراق, بحيث تواجه الولايات المتحدة تحديات أعظم في التعامل معه. ومرة أخرى, من المهم فهم التدخل الإيراني في العراق ضمن سياق سياسي, وبغير ذلك, سيبدو من الصعب تتبع وتقييم مثل هذا التدخل.
قبضة المساعدات:(49/60)
أما مستوى التدخل الرابع, فيحدث من خلال "المساعدات". فقد وعدت طهران بتقديم أكثر من 100 مليون دولار لإعادة بناء العراق, شريطة ألا يتم دفع هذه المساعدات إلى الحكومة العراقية مباشرة, بل يتم استخدامها بدلا من ذلك في إقامة مشروعات للبنية التحتية في النجف وكربلاء. ووعدت إيران بالمساعدة في إعادة بناء مطار النجف, ووصل شبكة سكة الحديد التي تصل إيران بالعراق, وذلك كخطوة نحو زيادة التجارة والسياحة الدينية. "تمنح إيران النجف 20 مليون دولار سنويا لبناء وتحسين المرافق السياحية للحجاج.. وتحصل كربلاء على حوالي 3 ملايين دولار سنويا".
وفي كانون الأول ,2006 وقعت إيران اتفاقية تضمنت دفع مبلغ مليار دولار للعراق, وسيتم دفع جزء من هذا المبلغ لدعم ميزانية الحكومة العراقية. إلا انه سيتم إنفاق بقية المبلغ على تطوير مختلف القطاعات العراقية, بالإضافة إلى تدريب الموظفين في القطاع العام في العراق. وتلقت إيران بالفعل آلاف المتدربين في قطاعات البريد, والصحة, والتعليم, والأمن. كما وقع البلدان اتفاقية أمنية ستؤدي إلى تبادل المعلومات الأمنية. وبما أن الحكومة في بغداد عاجزة عن معالجة التحديات الأمنية, فمن الصعب جدا معرفة التقدم الحقيقي الذي تحرزه الدولتان على المستوى الاقتصادي, وفيما إذا تم تنفيذ هذه الاتفاقيات أم لا.(49/61)
تؤدي إيران دورا مهما في اقتصاد العراق. وعلى الرغم من حقيقة عدم وجود إحصائيات دقيقة حول حجم العلاقات الاقتصادية بين إيران والعراق, إلا أن التجارة بين الدولتين نمت بنسبة 30 في المئة منذ عام2003 وتؤكد الإحصائيات المتوفرة أن صادرات إيران غير النفطية إلى العراق تتجاوز مليار دولار. وقد صدرت إيران منتجات حيوانية بقيمة تتجاوز 79 مليون دولار إلى العراق في الأربعة أشهر الأولى من عام2006 وتجاوزت قيمة المستوردات العراقية من المواد الصحية والأدوية الإيرانية مبلغ 5 ملايين دولار. وتوفر إيران للعراق أيضا 150 ميغاواط من الكهرباء, التي سيتم زيادتها قريبا إلى 1650 ميغا واط.
إلى جانب ذلك, أقامت إيران علاقات اقتصادية مستقلة مع الأكراد في العراق. ونتيجة لذلك, " تأتي نسبة تقارب 30 إلى 40 في المئة من الصادرات الكردستانية من إيران. كما يعتمد أكراد العراق على مستوردات الغاز من إيران." علاوة على ذلك, تشير التقارير إلى أن 200 شركة إيرانية بدأت نشاطاتها في مجالات مختلفة في العراق. وقد وقعت منطقة كيش التجارية الحرة في ايران مذكرة تفاهم مع كردستان العراقية لتوسيع التبادلات الثنائية, التي تشتمل على اتفاقية لإقامة خط جوي بين منطقة كيش التجارية الحرة وكردستان العراقية.
ولا شك أن إيران لم تكن لتستطيع تحقيق كل هذا دون إقامة وجود ملموس لها في العراق. وسفارة ايران الرئيسية اليوم موجودة في بغداد, بالإضافة إلى قنصليتين مهمتين جدا في كربلاء والبصرة. وهناك كذلك مكتب دبلوماسي في شمال العراق سيتم تحويله إلى قنصلية بحلول نهاية هذا العام.
وعلى الرغم مما تفعله في العراق, إلا انه يبدو أن هذا هو رد فعل لإيران. ومع ذلك, فان المتابعة الدقيقة لهذا التدخل, ولطبيعة العلاقة مع النخبة العراقية الجديدة, والمستويات المتعددة لهذا التدخل الإيراني, لا يترك مجالا للشك في أن هناك نوعا من التخطيط والمبادرة من الجانب الإيراني.(49/62)
وأوضح التقرير أن إصرار إيران على تطوير برامجها الخاصة بتخصيب اليورانيوم أدى إلى تعرضها لعقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتتصور إيران أن الدول السنية العربية تعمل مع الولايات المتحدة في تشكيل تحالف جديد كخطوة تمهيدية لمهاجمة إيران. ووفقا للمسؤولين الإيرانيين, فان هذا السيناريو يجبر إيران على تعزيز وجودها في العراق. ويبدو أن جميع المحاولات السابقة التي قام بها النظام الإيراني لإقناع جيرانه العرب بنواياه الحسنة فيما يتعلق بكل من البرنامج النووي والتدخل الإيراني في العراق قد فشلت. فلم يكن لاجتماع شهر آذار الماضي في بغداد, الذي حضرته كل من إيران والولايات المتحدة, تأثير فعلي على الأوضاع في العراق أو على العلاقات الإيرانية الأمريكية.
واستنادا إلى الفهم الإيراني, فان الاجتماعات السابقة قد أثبتت أن جبال الشك بين الدول السنية المجاورة وإيران تحتاج إلى الكثير من العمل لهدمها, وذلك ببساطة بسبب العامل الأمريكي. وعليه يبدو من الصعب تصور إيران تعمل مع الدول السنية المجاورة والولايات المتحدة, حتى حين تكون هناك مصالح مشتركة. لكنها تفضّل العمل بصورة مباشرة مع تركيا وسورية فيما يتعلق بالقضية الكردية.
اليوم, هناك قلق حقيقي في الشارع السني العربي بشان الدور الإيراني في العراق ولبنان. وهناك ظاهرة جديدة يمكن تسميتها "الخوف من إيران" أو "الخوف من الشيعة". وتتسبب هذه الظاهرة بالمزيد من الانقسامات في المجتمعات العربية في الشرق الأوسط, وبخاصة بين السنة والشيعة. ولا شك أن هذا سيؤثر سلبا في وحدة المجتمعات, ويؤدي إلى المزيد من الانقسام.(49/63)
وبالنسبة لإيران, فان الأهم هو الحفاظ على علاقات قوية مع السكان الأكراد في العراق. وستوجد مثل هذه السياسة سوء الظن بين أكراد إيران والأكراد في العراق. كما تسهّل هذه السياسة مهمة إيران المتمثلة بالسيطرة على الأكراد في إيران, الذين قد يتم استغلالهم من قبل الولايات المتحدة في أي نزاع مستقبلي بين إيران والولايات المتحدة.
لقد نجحت الاستراتيجية الإيرانية في العراق في إبقاء جميع اللاعبين السياسيين- الدينيين والعلمانيين- مرتبطين بطهران. إلا أن هذا الانجاز استند إلى عوامل جغرافية وجيوسياسية أخرى. ففي الماضي, استفادت إيران من التصور القائل أن العراق يشكل التهديد الرئيسي على الأمن الإقليمي, ولكن في الوقت الحاضر, يتم تصوير إيران بوصفها خطرا جديا على الأمن الإقليمي والدولي. وقد أسهم البرنامج النووي الإيراني, والتصريحات التي يدلي بها الرئيس الإيراني, محمود احمدي نجاد, بشان إسرائيل, في تشكيل تحالف دولي جديد ضد إيران. وهذا التحالف, الذي تقوده الولايات المتحدة ينتقد باستمرار التدخل الإيراني في العراق, وقد حذّر إيران من العواقب الوخيمة لذلك التدخل.
بين لبنان وإيران
فهد الفانك - الرأي 9/6/2007
هناك مؤشرات ودلائل على أن إسرائيل كانت تخطط لضرب لبنان قبل أن يقوم مقاتلو حزب الله بقتل ستة جنود إسرائيليين وخطف اثنين.
الأمين العام لحزب الله يؤكد على هذه الحقيقة ليعفي نفسه من مسؤولية إشعال الحرب التي ألحقت الدمار بلبنان، وإن عملية الحزب داخل حدود إسرائيل يوم 12 تموز لم تكن السبب الحقيقي للعدوان.…(49/64)
لنفرض أن هذا صحيح، فإسرائيل لديها خطط جاهزة لمهاجمة كل دولة عربية مجاورة، تستخرجها عند اللزوم وتبقى في الحفظ حتى تلزم، لكن حزب الله تطوع بتقديم العذر الذي تتذرع به إسرائيل لشن حرب يبدو كأنها دفاعية رداً على استفزاز حزب الله، ومع ذلك فإن السيد حسن نصر الله أكد سابقاً أنه ما كان ليأمر بالعملية لو عرف أن رد إسرائيل سيكون بهذا العنف، معترفاً بسوء التقدير الذي دفع الشعب اللبناني ثمنه.…
في موقف آخر للأمين العام لحزب الله يعترف بعلاقته مع إيران، والواقع أن آية الله الخميني هو الذي كان يعين قادة الحزب، وهو يعترف بأن الأسلحة وملايين الدولارات تتدفق على الحزب من إيران، ولكنها أموال طاهرة لأنها غير مشروطة، وأن الأعمال التي قام بها الحزب حتى الآن كانت لخدمة مصالح لبنان وليس إيران. فالحزب كما يقول أمينه العام يوظف علاقاته الخارجية لصالح لبنان، ولا يستغل لبنان لصالح إيران أو سورية.…
أما إن الأموال الإيرانية غير مشروطة فقد يكون صحيحاً شكلاً، أي عدم وجود اتفاقيات موقعة يلتزم فيها حزب الله بتنفيذ ما تطلبه إيران، لكن طاعة قادة حزب الله لولاية الفقية الإيراني-أدام الله ظله- مطلقة، وإيران ليست جمعية خيرية توزع الأموال والسلاح حرصاً على مصالح لبنان، فهي دولة ذات مصالح وطموحات إقليمية، وتواجه تهديدات وتحديات، وبحاجة لذراع تضرب من خلاله عند اللزوم وهي في مأمن من الرد . وقد أجاد الحزب لعب هذا الدور مدة طويلة لحساب سورية أيضاً، وهو يسعى الآن لحمايتها من المحكمة الدولية ولو على حساب استقرار لبنان الاقتصادي والسياسي.…
إيران تخلت عن حليفها مصطفى البرزاني مقابل نصف شط العرب بموجب اتفاق الجزائر (1975)، ومن الممكن أن تتخلى عن حزب الله مقابل إطلاق يدها في العراق والخليج، وتركها تتحول إلى دولة نووية.
في ظل تراجع الدور العربي
قلق مصري واسع من تنامي الدور الإيراني في إفريقيا
العرب اليوم - 3/7/2007(49/65)
القاهرة - الدور الإيراني "المستجد" في القارة السمراء, فرض نفسه داخل الدوائر السياسية في مصر, التي ربطت بين التحركات الإيرانية في أفريقيا مع تراجع الدور المصري الذي كان بارزا وفاعلا ومؤثرا في أفريقيا في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر, وان الدور الإيراني في أفريقيا له انعكاساته الإقليمية, ويثير القلق!!
وتؤكد الدوائر السياسية إن إيران تقوم بتحركات واسعة في القارة الإفريقية بما في ذلك دول حوض النيل على المستوى الثقافي والاقتصادي والسياسي, وان حجم التبادل الاقتصادي بين إيران والدول الإفريقية يصل إلى حوالي 300 مليون دولار, فضلا عن إنشاء إيران العديد من المراكز الثقافية في الدول الإفريقية.
وأكد سياسيون وخبراء إستراتيجيون مصريون في ورشة عمل عقدت حول »الدور الإيراني في أفريقيا وانعكاساته الإقليمية«.. على ضرورة تطوير الدور المصري في إفريقيا, وان تعيد مصر قراءة الخريطة السياسية في أفريقيا بعد إن سعت العديد من القوى لتدعيم تواجدها في القارة مثل إسرائيل وأمريكا والصين ثم إيران!!
وقال الدكتور محمد عبد السلام - الخبير الاستراتيجي بمركز الدراسات السياسية - إن إيران لفتت الانتباه إلى دورها في أفريقيا في عام 2005 حينما قام الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي بجولة افريقية زار خلالها 7 دول افريقية, وإيران تسعى لإقامة بعض التكتلات مثل التكتل الإفريقي الآسيوي, كما كانت هناك تحركات إيرانية للعب دور محوري في إفريقيا من خلال بعض الدول مثل زيمبابوي ..(49/66)
وأضاف د.عبد السلام: إذا كانت إيران تسعى إلى التركيز على إقامة السدود ومشروعات الكهرباء والمياه فإن ذلك أمر مهم بالنسبة لمصر لأن لدينا مصالح مهمة في هذه المنطقة ومن حقنا إن نراقبها, ومع أهمية دراسة السياسة الإيرانية تجاه مناطق معينة ومنها أفريقيا.. وان على مصر إن تراقب العديد من القوى التي بدأت تنشط في أفريقيا منذ فترة مثل الصين وإيران والولايات المتحدة التي بدأت تنشئ قيادة خاصة لأفريقيا, فضلا عن أن هناك أطرافا إقليمية تتحرك في القارة من داخلها مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا وإثيوبيا.
وقال الدكتور محمد السعيد إدريس: الآن نستطيع أن نقول إن هناك ثلاث دوائر للاشتباك بين مصر وإيران: في الخليج, والمشرق العربي, وأفريقيا, مما يستدعي أن يعيد العقل المصري ترتيباته مرة أخرى فيما يخص العلاقة بإيران.
وأضاف: أن هناك مشروعا إمبراطوريا إيرانيا بالفعل, ولكننا ننسى أن مصر كانت إمبراطورية هي الأخرى, وان العقل الإيراني يعترف بمصر كقوة وإمبراطورية, ولكن هناك من يسرع ليقوم بدوره وهناك من يتباطأ عن ذلك الدور, ونحن الآن أمام حقيقة واضحة وهي أن إيران موجودة بقوة في أفريقيا على المستوى الثقافي والاستراتيجي والاقتصادي, وأنها ليست في انتظار استئذان مصر كي تتواجد هناك, وليس عيبا أن تتواجد إيران في أفريقيا, ولكن العيب على مصر إلا تتحرك ولا تتطور في هذه المنطقة الإستراتيجية بالنسبة لها, رغم انه وفي أيام الرئيس جمال عبد الناصر كان لمصر دور محوري في أفريقيا, ولكن الآن هناك منافسون كثيرون مثل المشروع الأمريكي والإسرائيلي والإيراني والصيني..
إذا أين العقل السياسي المصري من كل ذلك?! وقال الدكتور محمد السعيد إدريس: إن المربع الإيراني يكاد يكون المربع الوحيد الذي لم يحسم فيه الصراع الدولي خاصة بعد أن أصبحت إيران معضلة للقوى الكبرى منذ قيام الثورة الإسلامية عام .1979(49/67)
ويقول الدكتور مدحت حماد – أستاذ الدراسات الإيرانية - إن إيران غير منكفئة على نفسها, ولكن علينا أن نتساءل هل تريد إيران أن تعيد نفوذها القديم في أفريقيا وباب المندب ثم إلى مصر منذ 2500 عام.
وأضاف: إذا كان البحر المتوسط مركز تهديد استراتيجي لمصر وسيناء وثغرة أمنية, فإن القرن الأفريقي يمثل العمق الاستراتيجي لمصر, وبالتالي إذا كان هذا المكان له هذه الأهمية في العقل الإيراني, فالمتوقع أن تصطدم الدولتان - مصر وإيران - ولكن لا يجب أن تفكر مصر في اقتلاع الجذور الإيرانية القديمة في أفريقيا ولكن عليها أن تفكر في كيفية استثمارها مع مراعاة أن إيران تهتم بتأمين نفوذها في أفريقيا حيث أن صاروخ »شهاب 3« يغطي كل منطقة القرن الأفريقي بينما يغطي »شهاب 4« نصف القارة الإفريقية من ليبيا إلى جنوب أفريقيا!
وقال د. مدحت حماد: يجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات للحيلولة دون حدوث صراع إقليمي بين مصر وإيران منها إنشاء منظمة إقليمية جديدة تضم »الخليج والقرن الإفريقي« كي تستطيع أن تقوم بالتنسيق الحقيقي بين قوى المنطقة بمشاركة إيران, كما أننا ندعو الرئيس مبارك إلى المبادرة بدعوة »علي خامنئي«المرشد الأعلى للثورة الإسلامية لزيارة مصر أو العكس وبذلك يكون الرئيس مبارك قد غير محاولة التوازن الإقليمي في المنطقة خاصة أن» خامنئي«لم يخرج عن حدود إيران منذ عام ..1989 كما ندعو إلى قمة ثلاثية تضم مصر وإيران والسعودية وبذلك نستطيع أن نقول إن المنطقة بدأت تتغير وتحقق مصالحها بعيدا عن مصالح القوى الكبرى.(49/68)
وقالت الدكتورة باكينام الشرقاوي - أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة - إن الدور الإيراني في أفريقيا لم يصل إلى مرحلة التهديد بالنسبة لمصر, لان التحرك الإيراني يأتي في إطار دعوة إيران لعودة التعددية القطبية وإنهاء حالة الأحادية القطبية من خلال التعاون بين القوى الإقليمية المختلفة.. وأضافت: نحن نعلم أن هناك دعما ضخما يقدمه الشيعة في غرب أفريقيا لحزب الله بشكل سنوي يصل إلى 200 مليون دولار, وان الامتدادات الشيعية في بلاد أخرى تكون لتحقيق أهداف سياسية غير مذهبية بالدرجة الأولى وان الجهاز الدبلوماسي الإيراني من أنشط الأجهزة الدبلوماسية في المنطقة مع الجهاز الدبلوماسي التركي, ولذلك يجب على مصر توسيع دورها الإقليمي مثلما تفعل تركيا.
وأضافت: إن إيران لديها وضوح لأهداف بعيدة المدى لما تريد أن تحققه على عكس مصر!!
الأب الروحي لـ 'طائفة القرآنيين' في مصر يقول:
انه لا يعترف بالسنة النبوية ويشكك في نسبتها إلى خاتم الأنبياء
الملف- القاهرة 4/7/2007
قال الكاتب المصري أحمد صبحي منصور الذي يعرف بأنه الأب الروحي لطائفة "القرآنيين" في مصر في تصريحات نشرت الأربعاء إنه لا يعترف بـ"السنة النبوية" رافضا نسبة "الأحاديث النبوية" إلى النبي محمد بدعوى أن هذه الأحاديث مصدر للفتاوى "التي يكون بها الإسلام متهما بالإرهاب والعنف" مضيفا أن المسلمين "اخترعوا" تلك الأحاديث لـ"تبرير خروجهم عن القرآن". ونقلت صحيفة "الدستور" الأسبوعية المستقلة في عددها الصادر الأربعاء عن منصور، الذي كان مدرسا في جامعة الأزهر قبل فصله في ثمانينيات القرن الماضي بسبب اتهامه بإنكار "السنة النبوية"، أن "السنة وفق مفهومها في القرآن الكريم هي شرع الله تعالى المذكور في القرآن وتلك هي السنة العملية التي نتمسك بها أي العبادات التي نحافظ عليها".(49/69)
ومضى منصور قائلا إن "السنة القولية أي الأحاديث فهي عندنا حديث الله تعالى في القرآن الذي نؤمن به وحده" مشيرا إلى أن "الأحاديث النبوية" هي "أحاديث البخاري والشافعي ومسلم ومالك وغيرهم والتي دونوها في العصرين العباسي والمملوكي أي بعد موت النبي محمد عليه السلام بقرنين وأكثر".
وأسس أحمد صبحي منصور مذهبا يدعو للاكتفاء بالقرآن كمصدر للتشريع الإسلامي عرف أتباعه في ما بعد بـ"طائفة القرآنيين" وسافر قبل قرابة عشرين عاما إلى الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى مصر ليصبح أحد أقطاب مركز "ابن خلدون" لحقوق الإنسان الذي أسسه عالم الاجتماع المصري-الأميركي سعد الدين إبراهيم غير أنه هاجر إلى الولايات المتحدة عام 2000 بعد مشكلات قانونية واجهها المركز ومؤسسه.
وقال منصور، بحسب الصحيفة، إن "القرآنيين" يرفضون نسبة "الأحاديث النبوية" للنبي محمد "ونرفض أن تكون جزءا من الإسلام لأن الإسلام اكتمل بالقرآن .. نؤمن أنه (النبي) بلغ الرسالة كاملة تامة .. ولكن المسلمين بعده بدلوا وغيروا وحاولوا تبرير وتسويغ ما يفعلون فاخترعوا تلك الأحاديث لتبرر لهم خروجهم عن الإسلام وتفرقهم وحروبهم".
وشدد على أن طائفته، التي قال إن عدد أفرادها سيصبح بالملايين لو "تم رفع الاضطهاد" عنهم، ترى أن "أحاديث البخاري وغيره مما يسمونها سنة ليست سوى ثقافة دينية تعبر عن عصرها وقائليها وليس لها علاقة بالإسلام أو نبي الإسلام" مشيرا إلى أن هذه الأحاديث "تعبر عن عصورها الوسطى وتعكس ما ساد في هذه العصور من ظلم باسم الدين".
وقالت "الدستور" إن رسالة الدكتوراه الخاصة بمنصور لاقت عراقيل في سبعينيات القرن الماضي بسبب أفكاره عن السنة النبوية. كما سجن شهرين في أواخر الثمانينيات بتهمة إنكار السنة. ويعيش منصور حاليا في الولايات المتحدة حيث يلقي محاضرات في بعض الجامعات وينشر مقالاته على شبكة الإنترنت.(49/70)
واعتقلت السلطات المصرية في أيار/مايو عددا من أتباع "طائفة القرآنيين" التي يصفها معارضو أفكارها من المسلمين الآخرين بـ"الطائفة الضالة". غير أن منصور تساءل في تصريحاته التي نشرتها "الدستور" اليوم: " لماذا يعتقلوننا ونحن من يقوم بمواجهة الأخوان المسلمين ثقافيا وسلميا من داخل الإسلام نفسه؟".
يشار إلى أن الحكومة المصرية صعدت خلال الأشهر الماضية من حملتها ضد جماعة "الإخوان المسلمون" المحظورة قانونا في البلاد. وشهد النصف الأول من العام الجاري استفتاء على 34 تعديلا دستوريا في مصر يحظر عدد منها العمل السياسي على أساس ديني وهو ما رآه البعض محاولة للحد من نفوذ الجماعة على الساحة السياسية بعد أن فاز الإخوان في الانتخابات التشريعية الأخيرة بـ88 مقعدا في البرلمان.
واعتقلت السلطات أيضا بعض قادة وكوادر الجماعة بينهم النائب الثاني للمرشد العام خيرت الشاطر.
قيادي في حزب الله يكشف دور إيران وحزب الله اللبناني في العراق
الملف نت 10/7/2007
اعترف القيادي في "حزب الله" اللبناني علي موسى دقدوق بضلوعه في عملية استهدفت حياة 5 جنود أميركيين في كربلاء في مارس الماضي، وبإدارة "الحزب" لمعسكر في إيران يتولى تدريب المقاتلين وإرسالهم إلى العراق.
ونقلت صحيفة الرأي العام الكويتية الاعترافات عن مصدر غربي في بغداد، على صلة وثيقة بملف التحقيقات التي جرت مع القيادي في "حزب الله" اللبناني علي موسى دقدوق، والذي اعتقلته القوات البريطانية في البصرة بتاريخ 20 مارس من العام الحالي والمحتجز لدى القوات الأميركية في معسكر مطار بغداد.(49/71)
وقال المصدر "إن دقدوق كان يحمل أوراقاً عراقية مزورة باسم حامد محمد اللامي لحظة اعتقاله في البصرة مع قائد الخلايا في "حزب الله" العراقي قيس الخزعلي، وادعى دقدوق في حينه انه أصم وأبكم، إلى درجة كادت فيها حيلته تنطلي على الأطباء الذين عاينوه بأنه عاجز عن النطق والسمع بعد أن رأوا آثاراً لجروح على عنقه عززت من ادعاءاته بأنه صاحب إعاقة".
وتابع المصدر "لكن صبر الانكليز في تحقيقاتهم مع من ادعى بأنه أبكم وأصم أوصلهم إلى حقيقة مفادها بأنه لبناني من عيتا الشعب في جنوب لبنان وليس عراقياً، وذلك بعد أن حرر زردة لسانه واعترف بأنه ينتمي إلى "حزب الله".
ومما قاله المصدر الغربي نقلاً عن علي موسى دقدوق انه "انضم إلى (حزب الله) في عام 1983 والتحق بالوحدات العسكرية عام 1987، وشارك بين عامي 1988-1990 في الحرب اللبنانية إلى جانب قوات الحزب". وتابع "ان دقدوق كان انتقل في عام 1990 إلى منطقة بنت جبيل وقاتل ضد القوات الإسرائيلية". وبعد ذلك، أضاف المصدر "ان دقدوق وبين عامي 1992 و1994 خضع لدورات تدريبية عالية أهلته لأن يصبح قائداً لمجموعة من مجموعات القوات الخاصة في "حزب الله"، ودائماً كان يؤتمر بامرته حوالي 60 مقاتلاً".
وحسب ما جاء في اعترافات القيادي في "حزب الله" علي موسى دقدوق زاد المصدر "انه وبعد مقتل شقيقه إبراهيم على يد الإسرائيليين في جنوب لبنان تلقى دورات دينية خاصة بـ "حزب الله" ليتمكن من تدريس المقاتلين في وحدته، وانه تولى فرقة لحماية الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ما بين عامي 1994 و1996".
ومضى المصدر "ان دقدوق اعترف بتوليه قيادة قوات "حزب الله" في اقليم التفاح (جنوب لبنان) في عام 1997 وحتى عام 2000 ومن ثم قائداً لمنطقة بنت جبيل، وبعد الانسحاب الاسرائيلي في العام 2000 شغل قائدا ميدانيا لجبهة الجنوب بالكامل".(49/72)
وقال المصدر الغربي نقلاً عما ورد في اعترافات دقدوق انه في بداية عام 2006 عرض عليه مسؤول عمليات "حزب الله" في العراق السيد يوسف هاشم ان كان تمتلكه الرغبة للانتقال إلى العراق ومقاتلة قوات الاحتلال، وأبدى موافقته المبدئية.
وأضاف "انه في مايو 2006 وبعد أن أخذ الاذن من قيادة الحزب سافر إلى طهران برفقة السيد يوسف هاشم والتقيا فيها بأحد كبار القادة في الحرس الثوري الإيراني، واستقر بعد ذلك في معسكر تدريبي يديره "حزب الله" ويبعد حوالي ساعتين بالسيارة عن العاصمة طهران، ويضم المعسكر في أي وقت ما بين 20 إلى 60 متدرباً عراقياً".
وعن فترة التدريب في المعسكر قال المصدر "إن دقدوق قال إنها تستمر من شهر إلى شهرين ويختبر خلالها المتدربون في عمليات التفجير عن بعد بطرق متطورة وعمليات جمع المعلومات والقنص والتفخيخ".
وتابع "وبعد انتهاء الدورة العملياتية هذه ينتقل المتدربون إلى العراق لتشكيل خلايا سرية والتي يتولى قيادتها قائد خلايا (حزب الله) في العراق قيس الخزعلي والذي اعتقل في البصرة مع دقدوق في الوقت ذاته بتاريخ 20 من مارس الماضي، واعتقل معهما أيضاً ليث الخزعلي".
وعرج المصدر الغربي على قول ان أزهر الدليمي والذي شغل مستشارا لقائد الخلايا السرية في "حزب الله" قيس الخزعلي لقي حتفه في نهاية شهر مايو الماضي على يد الأميركيين.
وأفضى المصدر إلى ان دقدوق اعترف بزيارته العراق 4 مرات منذ عام 2006 وحتى تاريخ اعتقاله في مارس الماضي، وكانت كل زيارة يقوم بها إلى الأراضي العراقية تستغرق من 3 إلى 4 أسابيع".(49/73)
وعن المهام التي اضطلع بها دقدوق خلال الزيارات العراقية تلك قال المصدر "ان المهمة الأساسية للقيادي في حزب الله دقدوق كانت معرفة الاحتياجات اللوجستية للخلايا السرية، وان غالبية اوقاته كان يمضيها في جنوب العراق، ومن ثم اعترافه بأنه كان المسؤول المباشر عن الهجوم الذي أودى بحياة 5 أميركيين في كربلاء في 3 مارس من العام الحالي".
وقال المصدر الغربي نقلاً عما ذكره دقدوق في التحقيقات معه بأن "حزب الله في لبنان يجند الشباب في المساجد وتستغرق عملية التدريب والتأكد من ولاء المجندين عامين قبل قبولهم للانضواء تحت راية الحزب، وفصل فترة العامين بالقول إن الأشهر الستة الأولى تشمل التدريب والحصص الدينية مع التأكد من شخصية وخلفية ومقدرة المجند، وبعد ذلك ينضم المجند ولمدة عام إلى مجموعة حديثة الانخراط في تدريبات عسكرية مع الاستمرار في دراسة الشخصية، وفي نهاية الـ 18 شهراً يعطى المتدرب مهمات محددة لاختبار قدراته وولائه حتى يصبح عضواً كاملاً في الحزب".
"العربية.نت" تتحدث مع إمام مسجد بالقاهرة بناه عراقيون شيعة
العربية نت 25 /6/2007
أكد نائب في مجلس الشعب المصري أنه تقدم بطلب احاطة إلى لجنة الشؤون الدينية بشأن ما تردد عن تقدم بعض المهاجرين العراقيين بطلب إلى كل من رئيس الحكومة ووزير الأوقاف بإنشاء مسجد لاقامة الشعائر الشيعية في مدينة السادس من اكتوبر – 30 كم شمال القاهرة - التي يقطنها عدة آلاف منهم.
وفي حين تعذر الحصول على تعليق فوري من وزارة الأوقاف التي تشرف على إدارة المساجد، أكد عضو بارز في أمانة السياسات بالحزب الوطني، أنهم تقدموا بالفعل بهذا الطلب الذي رفضته الجهات الأمنية.(49/74)
من جانبه نفى الباحث والصحفي العراقي المقيم في مصر عبدالكريم العلوجي تقدم العراقيين بانشاء مساجد شيعية أو حسينيات في مناطق تمركزهم في القاهرة، قائلا إنهم من طبقات ميسورة ويمارسون حياتهم في مصر وفقا لقوانينها ويؤدون عباداتهم في مساجدها بدون أي تأثير مذهبي.
إلا أن مصريا شيعيا كشف لـ"العربية.نت" أنه يعمل إماما لمسجد باسم "آل البيت" في مدينة 6 اكتوبر بمكافأة شهرية من وزارة الأوقاف، مشيرا إلى أن التصريح له لم يتم على أساس أنه شيعي ولا على أساس تصنيف هذا المسجد بأنه تابع للشيعة، لكن كثيرا من العراقيين يحرصون على الصلاة فيه لأنه يتحدث في خطبه عن مآثر "آل البيت".
استفسر ولا ألوم:
وقال د. جمال زهران عضو مجلس الشعب وأستاذ العلاقات الدولية ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة طنطا إنه تقدم بطلب الإحاطة ليس بغرض توجيه اللوم ولكن للاستفسار فقط، مؤكدا أن من حق العراقيين الشيعة الذين يقيمون في القاهرة حاليا أن تكون لهم حسينياتهم أو المساجد التي يمارسون فيها شعائرهم الخاصة.
وأضاف أنه تقدم بطلب الإحاطة مستفسرا عما نشرته بعض الصحف المصرية بهذا الخصوص ومدى دقته، ولم يقصد تجريم هذا الأمر، لكن الدورة البرلمانية انفضت الخميس الماضي 21-6-2007 دون أن يسمع إجابة من الجهات المختصة، مشيرا إلى أن "هذه الأمور بالطبع يتم احالتها إلى الملف الأمني".
وأوضح أن من حق هؤلاء العراقيين الذين يقال إن عددهم في مصر وصل إلى 300 ألف أن يكون للشيعة منهم مساجد يمارسون فيها عباداتهم، خاصة أنهم من الأغنياء ويقيمون في مصر لاستثمار أموالهم واختاروا مدينة 6 اكتوبر وهي إحدى المدن الجديدة للسكن وإقامة مشاريعهم.
وأشار إلى أن إنشاء حسينيات أو مساجد للشيعة "سيكون أمرا جديدا في مصر، لكن يجب أن نقبله كواقع، وبصفتي أستاذ علوم سياسية قبل أن أكون نائبا أرى أن تبادل الشعوب وتلاحمها وتغلغلها المتبادل زاوية عروبية لابد منها.(49/75)
فقد كانت مصر في الماضي تقوم بتصدير أبنائها والآن تقوم باستقبال أبناء بعض الدول العربية، وكلها متغيرات يجب التعامل معها بواقعية، خاصة أن ظروفا صعبة أجبرت العراقيين على المجيء إلى مصر التي تعتبر مكانا طاردا وليس جاذبا.
العراقيون .. ظاهرة في مصر
وقال د.جهاد عودة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة حلوان وعضو أمانة السياسات بالحزب الوطني التي تتمتع بنفوذ قوي في رسم السياسة المصرية ويترأسها جمال مبارك نجل الرئيس المصري إن الأرقام المذكورة حول عدد العراقيين في مصر ليست دقيقة، إذ أنهم موجودون تحت صفات مختلفة ويتعذر احصاؤهم، إلا أنهم أصبحوا يمثلون ظاهرة، لها تأثير اقتصادي، وتأثير ديني لأن منهم شيعة كثيرين.
وأكد د.عودة صحة تقدمهم بطلب انشاء "حسينية" في مدينة السادس من اكتوبر – التي يتركزون فيها – إلا أن الجهات الأمنية رفضت ذلك. وتحدث عن أثار سلبية للعراقيين على سوق العمل في مصر، وعلى أسعار العقارات، وفي ارتفاع التضخم بعض الشيء، قائلا: المشكلة أنهم أغنياء، وبعضهم جاءوا بأموال كثيرة مما يولد طلبا متزايدا خارج طبيعة السوق القائمة مما يضر بالمؤشرات الكلية للاقتصاد المصري.
من جهته قال الباحث والصحفي العراقي المقيم في القاهرة د.عبدالكريم العلوجي إنه لا يمكن لأحد الفصل بين العراقي السني والعراقي الشيعي من الذين جاءوا إلى مصر، وأنهم يؤدون عباداتهم مع باقي المسلمين في المساجد الموجودة ويحترمون قوانين ونظم المجتمع.
وقال إن "هذه مجرد إشاعات متداولة نتيجة زيادة أعداد العراقيين في مصر، ونقمة البعض على ذلك بحجة تأثيرهم على سوق العمل المصري، مشيرا إلى المبالغة في حجمهم الذي يرى أنه لا يتجاوز 30 ألف نسمة، مشيرا إلى أن أغلبهم من الميسورين الذين جاءوا بأموالهم، وانشئوا مشاريع ومحلات سوبر ماركت يعمل فيها مصريون".(49/76)
وأوضح العلوجي إن العراقيين المهاجرين إلى مصر، يتمركزون في مدينة السادس من اكتوبر، ومدينة نصر، وبين شارعي الهرم وفيصل في الجيزة وفي ضاحية المعادي الراقية بالقاهرة، وفي مدينة الإسكندرية، وكذلك في محافظتي بني سويف والشرقية.
واستطرد بأن الحديث عن طلب إنشاء حسينيات أثر على العراقيين من ناحية منح التأشيرات التي ترفضها السلطات المصرية حاليا إلا في حالات خاصة، معتبرا أن أثارة مثل هذا الموضوع بمثابة بلاغ كاذب ضد العراقيين الموجودين في القاهرة، مندهشا من أن البعض في مصر يبدي ضجره من إقامة 30 ألف عراقي بينهم كضيوف مؤقتين، بينما تقبل العراق في مرحلة سابقة معيشة 7 ملايين مصري عندما كانت أحواله جيدة.
مسجد بناه عراقيون شيعة
وتحدثت "العربية.نت" إلى محمد سيف عضو المجلس الأعلى لرعاية آل البيت الذي قال إنه ينتمي للمذهب الشيعي ويعمل إماما لمسجد "آل البيت" في 6 اكتوبر بتصريح من وزارة الأوقاف وبمكافأة مالية شهرية.
سيف ينتمي إلى قبائل الجعافرة في أسوان الذين يقولون إن نسبهم ينتهي عند الحسين بن علي رضي الله عنه، مشيرا إلى أنه شيعي أبا عن جد وليس متشيعا. وقال إنه الآن موجود في اسوان – جنوب مصر – بعد تحويله إليها مدرسا للفيزياء والكيمياء، وترك الخطابة في ذلك المسجد، ولكنه يحاول العودة مجددا إلى القاهرة. وأوضح "كنت أخطب في المسجد عن فضائل آل البيت، متحدثا من كتب السنة، ولا تدري وزارة الأوقاف أنني شيعي، ولا يعتبره الناس مسجدا شيعيا حتى من العراقيين الذين يأتون للصلاة فيه".
وقال محمد سيف إن مسجد "آل البيت" يقع بجانب مطابع جريدة الأهرام في المنطقة الثانية في مدينة 6 اكتوبر وتشرف عليه وزارة الأوقاف لكن الذي بناه عراقيون شيعة لأداء الصلاة، وأنه يتقاضى مبلغ 12 جنيها مكافأة من وزارة الاوقاف عن كل صلاة جمعة يؤمها، ويحمل "كارنيها" من الوزارة يتيح له الامامة والخطابة في جميع مساجد الجمهورية.(49/77)
وذكرت جريدة "الدستور" المصرية اليومية المستقلة يوم 17-6-2007 أن العراقيين الذين تقدموا بطلب انشاء مسجد لهم في مدينة 6 اكتوبر، تعللوا ببعد مقر المجلس الأعلى لآل البيت في حي الدقي بالجيزة عن أماكن اقامتهم، حيث كانوا يمارسون فيه شعائرهم، وقالت إن "السفير العراقي في القاهرة بذل محاولات لاحتواء وتلطيف الأجواء بين الجالية الشيعية والحكومة المصرية من خلال الحوار معهم في اماكن تمركزهم في مدينة السادس من اكتوبر، وطالبهم بعدم اثارة المشاكل مع الحكومة المصرية، محذرا من أي مشكلة قد تضع الحكومتين المصرية والعراقية في موقف حرج للغاية".
من جهته نفى محمد الدريني رئيس المجلس الأعلى لرعاية آل البيت لـ"العربية.نت" "وجود مقر للمجلس في حي الدقي يتردد عليه الشيعة العراقيون لممارسة شعائرهم اثر رفض الحكومة انشاء مسجد خاص لهم في مدينة السادس من اكتوبر".
وقال: "سبق أن تقدمت ببلاغ للنائب العام حول قيام مجموعة بانتحال صفة الأشراف والتحدث باسم المجلس الأعلى لآل البيت وإصدار عدد من جريدة "آل البيت" المملوكة لي شخصيا، وهي نفس المجموعة التي افتتحت مقرا باسم المجلس في حي الدقي، وقامت بفتح قنوات اتصال مع شيعة العراق، وهو ما تحقق فيه النيابة حاليا.
"شيعة واشنطن" يضعون خطة للقضاء على الوهابية
واشنطن - وطن -(49/78)
قدم نزار حيدر، مدير مركز الإعلام العراقي بواشنطن في المهرجان الخطابي الذي نظمته الجاليات المسلمة في مركز الإمام علي (عليه السلام) في العاصمة الأميركية واشنطن خطة لضرب الدعوة الوهابية، ومع أن الشيعة لا وزن لهم في أمريكا إلا أنهم يعملون لنشر باطلهم في ساحة فارغة من التوعية والتوضيح بحقيقة الدعوة السلفية الوهابية ، وهذه الخطة مليئة بالأكاذيب والافتراءات، وهي تقوم على مغالطة كبرى وهي الخلط بين الدعوة السلفية الوهابية والدولة السعودية وبين تنظيم القاعدة، رغم أن الدعوة السلفية والدولة السعودية تبرأت من تنظيم القاعدة علناً بل هما من أكبر المتضررين من أعمال تنظيم القاعدة، فلا يجوز تحميل أخطاء وجرائم تنظيم القاعدة للدعوة السلفية أو الدولة السعودية.
ولما كان من سنن الله في كونه أن الفوضى لا تغلب النظام ولو كان النظام لترويج باطل !! ولتحذير أهل الشأن نقدم مجمل هذه الخطة
ومن الملفت للنظر أن هذه الخطة هي ما تقوم إيران والقوى المتحالفة معها حاليا ًبتنفيذه على أرض الواقع لمن يتأمل!! الراصد.
إن خطر الوهابية لا يقتصر على الشيعة فقط، بالرغم من أنهم المتضرر الأول منها وأنهم اكبر ضحاياها منذ نشوئها قبل أكثر من قرنين ولحد الآن، بسبب عدائها لمدرسة أهل بيت النبوة والرسالة، وإنما يتعدى ذلك إلى البشرية جمعاء بغض النظر عن الدين أو المذهب أو الاتجاه الفكري، فمثل خطرها كمثل الخطر العالمي الذي كانت تمثله النازية والفاشية منتصف القرن الماضي، أو كمثل الشيوعية خلال القرن الماضي بأكمله تقريبا.(49/79)
إن الوهابية حزب سياسي تلفع بالدين، فهي ليست مذهب من مذاهب المسلمين أبدا، كما أنها ليست حركة إصلاحية، كما يحاول بعض الكتاب والباحثين تصويرها، بل هي حركة تدميرية هدامة، تعتمد الإلغاء والإقصاء والتكفير وعدم الاعتراف بالآخر ما لم يلتزم بكل ما تذهب إليه، أنها حركة تدميرية تلجا إلى كل الوسائل غير الشريفة للوصول إلى أهدافها ونيل مآربها، وعلى رأس هذه الوسائل، القتل وانتهاك الأعراض واستباحة الحرمات والاستيلاء على مال (العدو) الوهمي.
إنها فكر شمولي خطير يعتمد التطرف والعنف والكراهية وإلغاء الآخر والحقد والتكفير لتصفية الخصم، فهي خطر على الشيعة كما انها خطر على السنة، وخطر على الإسلام كما أنها خطر على المسيحية، ويخطئ من يظن أنها في خدمة هذا المذهب أو ذاك الآخر من المذاهب الإسلامية، أنها في نهاية المطاف فكر هدام يسعى لتدمير الإسلام من خلال تصويره وكأنه دين القتل والتدمير والعنف والذبح، او كأنه دين لا يعترف بأحد ما لم يسلم أمره إليهم جملة وتفصيلا وبلا نقاش أو حوار، أو انه دين متخلف لا يعترف بالآخر ولا يعتمد الحوار والمنطق والدليل العقلي، ولا يعترف بالأديان السماوية الأخرى، أو انه دين لا يعتقد بالتعايش بين بني البشر الذين قال عنهم الإمام امير المؤمنين في وصيته إلى ابنه الإمام الحسن عليهما السلام {الناس صنفان، أما أخ لك في الدين أو نضير لك في الخلق} أو انه دين لا يعترف بالتعدد والتنوع الذي خلقه الله تعالى من اجل خير وصلاح البشرية، من خلال التعارف والتواصل وتاليا التكامل. (واضح جداً حجم الكذب والافتراء على الدعوة السلفية مع وضوح نفس التكفير للدعوة السلفية وهو حقيقة موقف الشيعة من مخالفيهم . الراصد).(49/80)
إذا أراد المسلمون أن ينقذوا دينهم من التضليل والخداع والغش، وإذا أرادوا أن يوضحوا الصورة الحقيقية التي عليها دينهم الحنيف، وإذا أرادوا أن يردوا على الشبهات التي تحوم حول دينهم المقدس، واذا أرادوا أن ينقذوا شباب الأمة والجيل الصاعد من أبنائهم من خطر الوقوع في فخ وشراك مجموعات العنف والإرهاب التي ترتدي عباءة الإسلام، إذا أرادوا كل ذلك، فعليهم أن يقاطعوا الوهابية ويحاربونها ويقضون عليها قبل أن تقضي عليهم وعلى دينهم، بعد أن تحولت الوهابية اليوم إلى أداة طيعة ومعول هدام بيد كل متخلف وجاهل يسعى إلى تدمير الإسلام وهدم أركانه، من وعاظ سلاطين وحكام جور وأجهزة مخابرات دولية ومؤسسات تناصب الإسلام الحنيف العداء المستحكم.
على المسلمين بمختلف مذاهبهم، أن يميزوا أنفسهم عن الوهابية، وان يتبرؤوا منها، كما ان عليهم ان يوضحوا للعالم بان الوهابية لا تمثل الإسلام وان فقهاءها وعلماءها فئة ضالة تحاول تسخير الدين لخدمة أغراضها الدنيوية الدنيئة، وأنهم يتلفعون بالدين والدين منهم براء براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.
إن من العيب حقا ومن المخجل أن تصادر حفنة من وعاظ السلاطين ومن فقهاء البلاط من فقهاء التكفير الذين سخرهم آل سعود وأمثالهم لخدمة أغراضهم السياسية الدنيئة، إن من العيب أن تصادر مثل هذه الحفنة السيئة الإسلام لتتاجر به، لتخدع العالم بان أمراء ساقطين تافهين مثل أمراء آل سعود هم ولاة الأمر، وهم ممن لم يفقه بكتاب الله تعالى آية، فكيف سوقهم فقهاء البلاط للأمة وكانهم ولاة الأمر؟ أليس ذلك الامر مخجل؟ فأين اذن علماء الأمة الأمناء وفقهاءها المتدينون وولاتها الملتزمون؟.(49/81)
إن مثل هذا النوع من البشر لا يمكن ردعه ولا يمكن أن نضع حدا لجرائمه البشعة ضد الإنسان، ومن المستحيل وقفه عند حد معين ما لم يتم التعامل معه بكل قسوة وغلظة ليرتدع ويتوقف عن ارتكاب الجريمة المنظمة، ولذلك جاء الخطاب القرآني مع أمثال هؤلاء قاسيا وعنيفا ورادعا وشديدا جدا لا رحمة فيه ولا لين ولا تسامح، لان خطر أمثال هؤلاء كبيرا جدا قد يؤدي إلى كوارث اجتماعية وإنسانية مرعبة والى فساد كبير ما لم يتم التعامل معهم بمثل هذه القسوة.
ومن اجل أن لا نتكلم كثيرا ونفعل القليل، كما هي عادتنا في كل مرة يرتكب فيها المجرمون أعمالهم البشعة، قال نزار حيدر، دعونا نحدد تفاصيل مشروع عمل للقضاء على الفكر الوهابي والى الابد.
أولا؛ التحرك على هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، من اجل إصدار قرار دولي يجرم الوهابية، باعتبارها فكر شمولي تدميري لا إنساني يشكل خطرا على البشرية.(49/82)
ومن اجل تشكيل قناعة دولية بهذا الصدد، يلزم تذكير المجتمع الدولي ببعض الحقائق الدامغة التي تؤكد هذه الحقيقة التي نذهب إليها، منها، على سبيل المثال لا الحصر، إن تنظيم القاعدة الوهابي التكفيري تمكن حتى الآن من تجنيد عناصر إلى صفوفه ينتمون إلى أكثر من (57) دولة، ما يعني انه نجح في تجنيد رعايا دول أوربية كذلك بالإضافة إلى رعايا الدول العربية والإسلامية، وربما سينجح في تجنيد مواطنين من القارة الأميركية واستراليا وكل دول العالم، ما لم يواجه بقرار دولي يجرمه كفكر لا إنساني تدميري، وعندها سيتضاعف خطره على البشرية، ومنها كذلك أن حركة طالبان الإرهابية التكفيرية، التي كانت الملجأ والملاذ الآمن لهذا التنظيم الإرهابي، هي التي ورطت المجتمع الدولي بحرب طارئة لم تكن البشرية بحاجة إليها، ولو لم تتمكن طالبان من الوصول إلى السلطة في أفغانستان لتطلق النار من هناك على المجتمع الدولي وبالتالي لتهدد السلم والأمن الدوليين، كما أن تنظيم القاعدة الإرهابي ضرب بعملياته الإجرامية العالم في الاتجاهات الأربعة، فلم يسلم من شره بلد أو شعب من الشعوب في هذا العالم المترامي الأطراف، بعد أن اصدر فتوى كفر فيها العالم اجمع، ما يعني أن خطره عالميا وليس إقليميا أو محليا.
أما الدور التدميري السيئ الذي تلعبه الوهابية والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بها في العراق، فهي علامة واضحة لتحدي إرادة العراقيين والمجتمع الدولي الذي يقف إلى جانبهم في مساعيهم الرامية إلى بناء النظام السياسي الديمقراطي للعراق الجديد، في إطار قرارات الشرعية الدولية، فلا يخفى على احد، ولا يمكن أن يتساهل معه احد أبدا، لأنه تدميريا بكل معنى الكلمة، لدرجة انه بات يشكل تهديدا مباشرا للأمن الإقليمي والدولي.(49/83)
على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية في التصدي لخطر هذا الحزب المتخلف، فكما تعاون المجتمع الدولي واتفق واتحد ووضع يدا بيد للقضاء على النازية في ألمانيا، بعد أن تأكد له بان خطرها عالميا وشاملا وليس محليا أو إقليميا، من خلال الحرب المدمرة التي شنتها على العالم، لدرجة أن ألمانيا لا زالت تدفع تعويضات تلك الحرب وما سببته من مآسي على البشرية، من جانب، ولدرجة، من جانب آخر، لا زال المتقدم لطلب الجنسية الأميركية يسأل عما إذا كان في يوم من الأيام قد عمل في صفوف النازية أو أي من مؤسساتها وهيئاتها، بالرغم من مرور أكثر من (60) عاما على نهاية أسطورة النازية، وبالرغم من تقادم الأجيال، كذلك يجب أن يصدر المجتمع الدولي قرارا يجرم فيه الوهابية ويطارد زعاماتها وأنصارها وكل من يتعاطف معها من قريب او بعيد، سلطة كانت أم مؤسسة أم شخص، حالها حال النازية والشوفينية والشيوعية، وكل الأفكار العنفية الإرهابية الهدامة، التي تقوم في فلسفتها الفكرية والثقافية على القتل والتدمير والسعي لإلغاء الآخر، ومطالبة كل متورط بدفع التعويضات للضحايا والمتضررين منها .
ثانيا؛ التحرك على الهيئات الدولية، والعالمية، كالأميركية والاروربية، لإدراج زعماء وفقهاء التكفير في القائمة السوداء، لحرمانهم من المال وحرية الحركة والاتصال بالعالم، لمحاصرتهم وتحديد خطرهم وتاليا للقضاء عليهم نهائيا، وكلنا يعرف جيدا ما للفتوى (الدينية) من اثر كبير على عملية غسيل الدماغ التي يتعرض لها المغفلون من الشباب في مختلف دول العالم والتي من خلالها نجح الإرهابيون التكفيريون في تجنيدهم إلى صفوفهم، وتحويلهم إلى كتل ناسفة وملتهبة تدمر الإنسان والحضارة وتهدد البشرية بمخاطر جمة.(49/84)
ثالثا؛ التحرك على هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لإصدار قرار يمهل نظام آل سعود مدة زمنية محددة للتبرؤ علنا وبكل صراحة ووضوح من الحزب الوهابي، والبدء بتصفية أوكاره وتجفيف البرك العفنة والمستنقعات الآسنة التي يعيش فيها.
لقد وعد السعوديون، بعيد أحداث الحادي عشر من سبتمبر مباشرة، المجتمع الدولي، بأنهم سيبذلون قصارى جهدهم، وأنهم سيفعلون المستحيل من اجل القضاء على الفكر الوهابي المتخلف الإرهابي بعد أن تأكد للجميع من انه هو الذي يقف وراء العقلية والثقافة التي هزت العالم بتلك الأحداث، إلا أنهم لم يفعلوا ما يلزم عليهم فعله إذ لا زال الوهابيون هم الآمرون والناهون في مؤسسات الدولة السعودية، ولا زالت مدارسهم ومراكزهم أعشاش ومفقسات تفرخ الإرهاب وترعى الإرهابيين، ولا زال المال والفتوى والإعلام وكل شيء في خدمتهم، يتأسس وينمو ويكبر ويصدر في السعودية ومنها ومن بقية دول الخليج.
لذلك يجب أن يحدد المجتمع الدولي مهلة زمنية محددة وثابتة للنظام في السعودية للإسراع في تصفية الفكر الوهابي، وإلا فيجب أن يتم التعامل مع الوهابية وأسرة آل سعود على أنهما وجهان لعملة واحدة هي الإرهاب، وأنهما شريكان في كل قطرة دم تراق في هذا العالم باسم الدين والدين منهم براء.
إن أي محاولة لتبرئة آل سعود من المسؤولية هو وهم ووهم كبير جدا، إذ ما كان باستطاعة الوهابيية أن يشتد عودها بهذا الشكل المرعب إن لم تجد الحواضن الدافئة في السعودية وأمثالها من دول المنطقة، تنفق عليها المال وتدافع عنها وتصد عنها الهجمات وتغطيها بالإعلام والدعاية وتهئ لها كل مستلزمات القوة والديمومة والاستمرارية والانتشار.(49/85)
ولذلك لا يعقل أن نحارب القاعدة في العراق، مثلا، في الوقت الذي لا زال فيه مجرى نهر الإرهاب والعنف يصب في بلاد الرافدين قادما من السعودية والكويت وقطر والإمارات والأردن ومصر والباكستان وغيرها من الدول التي تحتضن الإرهابيين، وقبلهم مصنع الفكر الذي ينتج هذا العنف والإرهاب، والعناصر المستعدة لتفجير نفسها لتقتل الأبرياء في كل مكان.
إنها حرب استنزاف يديرها آل سعود وأمثالهم، بأدوات الوهابيين والتنظيمات الإرهابية، فلا يجب أن ننخدع بها أبدا، وقديما قيل، إذا أردت أن تقضي على الحية وتبعد عنك خطرها، بادر على الفور إلى قطع رأسها، ولا تلتهي أو تنشغل بذيلها.
إن خطر دور آل سعود في دعم وإسناد الوهابية، يتمثل في أن السلطة والمال والبترول والإعلام (السعودي) كلها في خدمتهم، ولذلك لا يمكن الفصل بين آل سعود والوهابية، إلا إذا قررت الاسرة أن تفك ارتباطها العضوي مع هذا الحزب الإرهابي المتخلف.
رابعا؛ تنظيم ملفات موثقة وعلمية ودقيقة وبكل اللغات العالمية الحية وغير الحية بجرائم الحزب الوهابي منذ تأسيسه وتمكينه وانتشاره بتحالفه مع أسرة آل سعود ولحد الآن، بالأسماء والتواريخ والصور والأماكن، ليطلع الرأي العام على وسائله التدميرية التي سخرها لبسط نفوذه، وكيف انه اصدر فتاوى القتل والتدمير والغزو الهمجي البربري ووضعها في خدمة آل سعود ليبسطوا بها نفوذهم في المنطقة، وليتعرف الرأي العام على حجم الخطر الذي يشكله هذا الحزب الخطير بأفكاره ووسائله، من خلال التعرف على مساحة ضحاياه الجغرافية.(49/86)
خامسا؛ تنظيم ملفات موثقة، وبمختلف اللغات العالمية كذلك، بكل فتاوى التكفير، على مدى القرنين الماضين، أي منذ تاسيس الحزب الوهابي ولحد الان، مشفوعة بالبطاقة الشخصية لـ (الفقيه) الذي أصدرها، ليس فقط تلك الفتاوى التي تكفر الشيعة، أبدا، وإنما كل الفتاوى التي تكفر الشيعي والسني والمسيحي واليهودي وأصحاب بقية الديانات الأخرى، سواء السماوية منها وغير السماوية كالمجوسية والصابئة التي ذكرهما القرآن الكريم اعترافا بهما وبمن يتبعهما، كدليل على اعتراف الإسلام بالآخر، مهما اختلف مع الله ورسالته الخاتمة. ومن المهم جدا أن تشفع هذه الملفات كذلك، بفتاوى القتل واستباحة الدماء والحرمات والأعراض والأموال، فان مصادر التاريخ الحديث تكتظ بمثل هذه الفتاوى التي راح ضحيتها الملايين من الأبرياء من مسلمين ومسيحيين ويهود، وعلى وجه التحديد من شيعة، وان ما نراه اليوم من قتل منظم للشيعي أولا ومن ثم للمسيحي واليوم للسني على يد تنظيمات الوهابيين الإرهابية في العراق، إنما هو غيض من فيض جرائمهم، وان ما نراه اليوم في العراق من تحالف الوهابية مع أيتام النظام البائد، واتفاقهم على القتل وتحالفهم على تدمير العراق، على قاعدة علي وعلى أعدائي، إنما بسبب التلازم والتشابه بين فكر الحزبين القائم على الالغاء وعدم الاعتراف بالآخر باي شكل من الأشكال. كما يجب أن تشفع هذه الملفات بملفات أخرى توثق الأماكن المقدسة التي تم تدميرها بفتاوى التكفير الوهابي من مساجد ومراقد مقدسة ومزارات وكنائس ودور عبادة ونصب تذكارية يحترمها أصحابها وغير ذلك.(49/87)
سادسا؛ تنظيم حملة إعلامية وسياسية وديبلوماسية منظمة ومستمرة لفضح هذا النهج الدموي التدميري المتخلف، وتحذير الرأي العام العربي والاسلامي والعالمي من خطره، ليس على العرب والمسلمين فحسب، وإنما على البشرية جمعاء. ويجب أن تسخر مثل هذه الحملة كل الوسائل والأدوات الحضارية والتكنولوجية لتصل إلى كل العالم، فالإعلام والندوات والتظاهرات السلمية ومعارض الصور والأفلام والمسلسلات بعض هذه الوسائل. على العرب والمسلمين ان يعوا جيدا بان الوهابية لا تخدمهم وهي الضرر الأول والخطر الأكبر المحدق بدينهم، فالوهابية شوهت صورة الاسلام، وقلبت الحقائق ولوت عنق الحقيقة خدمة لأغراضها الدنيئة.
كما ان على العالم (المسيحي) على وجه التحديد، أن يتيقن كذلك من أن خطر الفكر الوهابي لا يقتصر على العرب والمسلمين فقط وإنما يتهدد المجتمع الدولي وكل المجتمعات الحرة، وأنها خطر محدق بالسلام العالمي، وان ما نراه اليوم من جرائم القتل والتهجير وتدمير دور العبادة التي يتعرض لها المسيحيون وغيرهم من اتباع الديانات الأخرى من غير المسلمين في العراق، إنما هي رسالة القوم إلى كل العالم، فاليوم العراق وغدا كل العالم، الذي سيحوله الإرهابيون من الوهابيين والتكفيريين إلى عراق كبير يعيثون فيه فسادا وقتلا وتدميرا، والى مسرح كبير للجريمة.
لقد عاد الوهابيون، وللأسف الشديد، ليستغلوا الحرية التي يعيشونها في بلاد الغرب، ومنها أميركا، ليحولوا المساجد والمدارس الدينية وحلقات الذكر الديني، إلى أوكار لتدريس الكراهية والتكفير والحقد على الآخر، وان على سلطات هذه البلدان أن تنتبه إلى ما يخطط له وينفذه هؤلاء التكفيريون التضليليون، قبل أن ينجحوا في تجنيد العناصر الساذجة والبسيطة في الثقافة والتفكير والعاطفية، لخدمة مشاريعهم التكفيرية القاتلة والمدمرة.(49/88)
كما أن عليهم الانتباه إلى الدور الخطير الذي تلعبه سفارات نظام آل سعود في مثل هذه البلدان، من خلال الدعم المالي والتغطية الدبلوماسية للعناصر الوهابية التي عادت تنتشر في كل مكان، مستغلة أجواء الحرية والديمقراطية التي يتمتعون بها في البلدان الحرة.
ومن اجل كل ذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يتعامل مع الوهابية بمنطق القرآن الكريم الذي يقول عز من قائل {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فسادا في الأرض أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب اليم} لردعهم والى الأبد، ما لم يغيروا.
18 حزيران 2007
أسئلة لشيعة تونس
الإخوة الأفاضل في موقع الراصد السلام عليكم ورحمة الله و بركاته وبعد أشكركم كثيرا على مجهوداتكم لكشف مخططات الاختراق الرافضي ، وبالنسبة للشيعة في تونس فهم يعملون بأمان و اطمئنان و تقدم لهم كل التسهيلات لنشر مذهبهم و قد سمح لهم على قلة عددهم بتأسيس جمعية هي جمعية أهل البيت الثقافية التي يرأسها عماد الحمروني وهو من الموالين للمخابرات الإيرانية و مرشد الثورة الخمينية وعنده عدواة مع خط رافضي آخر من معارضي ولاية الفقيه مثل التيجاني السماوي . كما افتتح مؤخرا مركز ثقافي إيراني في تونس.
أود أن أطلعكم على مقال طريف نشرته أسبوعية " الوطن " ، ويليه مقال نشره عماد الحمروني في موقع الكتروني تونسي يشرف عليه عناصر من حركة النهضة التونسية مقيمين في أوروبا .
أسبوعية "الوطن" لسان حال "الحزب الديمقراطي الوحدوي" (معترف به وممثل في البرلمان)، نشرت ملفا مثيرا من إعداد نور الدين إمباركي حمل عنوان: انتشار الشيعة في تونس .. عفوي أم مشروع فتنة للأجيال القادمة ؟ وذلك بتاريخ 13 /7/ 2007
"لماذا رفض السيد عماد الدين الحمروني الإجابة عن الأسئلة
التي وجهتها إليه "الوطن"؟(49/89)
رفض السيد عماد الدين الحمروني رئيس جمعية أهل البيت الثقافية (جمعية شيعية تونسية) الإجابة عن أسئلة وجهناها إليه عن طريق البريد الإلكتروني. وقد اتصلنا به في مرحلة أولى وطلبنا منه إجراء حوار صحفي وخيرناه بين أن يكون هذا الحوار مباشرا أو عن طريق البريد الإلكتروني. فطلب منا إرسال الأسئلة إليه وهو ما قمنا به وبعد يوم أعلمنا أنه يأسف لعدم الإجابة عن أسئلتنا لأنها حسب اعتقاده غير جدية !! وفي الحقيقة لا نفهم ما هي الأسئلة الجدية التي يقصدها السيد عماد الدين الحمروني وهو الذي لا يُفوّت فرصة علىَ شبكة الانترنيت للرد على التساؤلات أو الاستفسارات.
وفيما يلي نص الأسئلة ورده عليها كما ورد بأخطائه اللغوية:
السؤال الأول: ما حقيقة عدد المنتسبين لمِذهب آل البيت َّ تونس؟ الدكتور التيجاني السماوي يقدّر عددهم.« بمئات الألوف » وبعض المواقع الشيعية على شبكة الانترنيت تقدر نسبتهم بأكثر من 2 % من عدد السكان... وثمّة من يقول أن عددهم لا يتجاوز بعض مئات؟
السؤال الثاني: تشير كتاباتكم على شبكة الانترنيت (وأيضا كتابات عدد آخر من المستبصرين) أنّ المذهب الشيعي َّ في تونس تعود جذوره إلى مئات السنين (البربر... الدولة الفاطمية...) لكن هناك من يقول أن هذا الكلام الهدف منه إيجاد نوع من « الشرعية التاريخية » لا أكثر ولا أقل؟
السؤال الثالث: تحدثتم َّ أكثر من مناسبة عن« التشيع الحديث » في تونس، ما المقصود بذلك... وفيما يختلف « التشيع القديم » عن « التشيع الحديث »؟
السؤال الرابع: أسستم سنة 2003 "جمعية أهل البيت الثقافية" ما هو دور هذه الجمعية وما هو نشاطها ... وهل هذه الجمعية معترف بها قانونيا؟(49/90)
السؤال الخامس: هناك حديث عن دعم إيراني لنشاطكم َّ تونس...ما هي حدود هذا الدعم؟ السؤال السادس: تصدرون من حين لآخر بيانات ذات طابع سياسي تهم الأوضاع الداخلية والخارجية... فيما يشير عدد آخر من المنتسبين للمذهب الشيعي أنّه لا علاقة لهم بالسياسة وان دورهم هو الدعاية لمذهب آل البيت فقط؟
السؤال السابع: ذكرتم في إحدى المناسبات "إن التونسيين المنتسبين إلى مدرسة أهل البيت (...) شاركوا مشاركة فاعلة لإسقاط النظام البورقيبي" هل من توضيح في هذه النقطة وكيف قمتم بهذا الدور؟
السؤال الثامن: وجّهتم اتهامات لبعض رموز التشييع في تونس (الدكتور التيجاني السماوي ومبارك بعداش) وقلتم أن دورهما كان زرع الفتن... ما المقصود بكلامكم هذا وكيف قاما بزرع الفتن؟
السؤال التاسع: ما موقفكم من المقاومة العراقية( العربية السنية) التي تخوض المعارك ضد الاحتلال الأمريكي؟
السؤال العاشر: لو كنت شيعيا مقيما َّ العراق أي صف ستختار... صف المقاومة أم صف القيادات الشيعية الموالية لإيران؟
السؤال الحادي عشر: في عدد من البلدان العربية (بما في ذلك في شمال أفريقيا)، ثمّة حسينيات ومراكز شيعية وفي تونس إلى حدّ علمنا لا توجد هذه الحسينيات وغيرها ... هل طالبتم بحقكم َّ ذلك؟
السؤال الثاني عشر: كيف تقيمون طقوسكم وتحيون أعيادكم؟
السؤال الثالث عشر: من الأسس العقائدية في مذهبكم ولاية الفقيه المعصوم الذي يستمد شرعيته من علاقة روحانية غامضة مع الله...هذا المفهوم يتناقض مع ابسط قواعد الديمقراطية ما رأيكم ؟
السؤال الرّابع عشر: في تونس من هو مرجعكم الدستور أم الشيخ السيستاني أم آية الله خامنئي؟
السؤال الخامس عشر : زواج المتعة محرم عند السنّة ومباح لدى الشيعة ومحرم قانونا أيضا...هل ستطالبون بالسماح لهذه الصيغة من الزواج بتونس؟(49/91)
السؤال السادس عشر: سبّ ولعن وشتم الصحابة أمر معروف لدى الشيعة هل تعتقدون أن ممارستكم لهذا الأمر سيثير الفتنة في تونس؟
السؤال السابع عشر: ما رأيكم في موضوع الحجاب بما انه أيضا فرض على الشيعة وكما تعلمون فان هناك موقف رسمي من الموضوع ؟
السؤال الثامن عشر: ساندتم السلطة خلال الأحداث الأخيرة المتعلقة بالمِجموعة الإرهابية وكان هذا نفس تكتيك الإسلاميين مع السلطة ضد اليسار في السبعينات يبدو أنكم في نفس إطار اللعبة ؟
السؤال التاسع عشر : ابرز المتشيعين في تونس درسوا في الحوزات العلمية في إيران ولابد لهذه الأمور من خطوط تمويل من أين تستمدون إمكانياتكم لحركتكم في الداخل والخارج وهي على ما يبدو أصبحت نشطة ومكثفة ؟
السؤال العشرين : الولاء عند الشيعة للوطن أم للولي الفقيه خاصة عند ما تتعارض مصلحة الوطن مع مواقف الولي الفقيه ؟
مقال عماد الحمروني الذي نشره على موقع تونس نيوز بتاريخ 14 تموز الجاري
بسمه تعالى إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم في عيد النصر المجيد نصر الوعد الصادق نتقدم بأحر التهاني وأعلى التبريكات إلى سيد المقاومة الإسلامية السيد حجة الإسلام و المسلمين حسن نصر الله حفظه الله و إلى عوائل الشهداء الأبرار المجاهدين والى كل المقاومة البطلة و الشعب اللبناني الصامد لقد هزمت الأحزاب شر هزيمة و مكروا ومكر الله و الله خير الماكرين لقد غير هذا النصر كل الموازين في المنطقة و أصبح صقر لبنان صقر العرب وسيد قوى المقاومة و الممانعة من المحيط إلى الخليج ونادت الشعوب العربية يا نصر الله يا حبيب دمر دمر تل أبيب و رفعت صور القائد المجاهد في الازهر الشريف و في ارض الحجاز و صنعاء و الرباط و تونس وباريس و كل العواصم(49/92)
دول العالم لقد اهتزت عروش الأمراء و الملوك فسارعوا إلى رفع معنويات العدو والتشكيك بأداء المقاومة و تحميلها مسؤولية الحرب و الدمار و منذ ذلك الانتصار الإلاهي و مع اعتراف العدو بالهزيمة يواصل المنافقون ومن في قلوبهم مرض في حملتهم الإعلامية و السياسية و الاستخبارتية لكي لا يتحول هذا الانتصار في لبنان البطولة إلى انتصار لكل العرب و المسلمين عام بعد الانتصار ما زالت أثاره إلى هذا اليوم واستطاعت المقاومة الثبات واصبحت المناعة الوحيدة للوحدة الوطنية و أظهرت القدرة الميدانية و العلمية الفائقة و أدارت المعركة بكل اقتدار انه عصر السيد حسن عصر الإسلام المحمدي الأصيل عصر سقوط الأقنعة عن الأنظمة و الحركات المشبوهة الموالية لأعداء الوطن و الدين و قل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون و لله غيب السموات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده و توكل عليه و ما ربك بغافل عما تعملون .
السيد عماد الدين الحمروني جمعية أهل البيت الثقافية- تونس
عمار الحكيم:نسمع من الأمريكان إن هناك تدخلا إيرانيا في العراق
الملف - بغداد 18/7/2007
اكد عمار الحكيم نجل الزعيم الشيعي عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وزعيم كتلة الائتلاف العراقي الموحد حرص العراق على بناء علاقات أيجابية وبناءة مع كل دول الجوار ولكن وبنفس المقدار حذر هذه الدول من التدخل في الشؤون الداخلية للعراق أو الإساءة لأبناء الشعب.
وقال في مقابلة أجرتها معه مجلة"نيوزويك" الأمريكية حول النقاش الدائر في الاوساط السياسية الامريكية للانسحاب من العراق كنا نرغب دوماً ان تكون الظروف مناسبة لعودة القوات الأجنبية إلى أوطانها وهو امر منوط بوضع جداول زمنية لبناء القوات العراقية وكلما حققنا المزيد من التقدم في بناء قواتنا كلما استغنينا عن القوات الاجنبية.(49/93)
واضاف انه من الطبيعي ان يترك الانسحاب المبكر فراغا امنيا كبيرا قد لاتكون القوى الامنية قادرة على ملئه كما انه قد يعطي للمجموعات المسلحة خارج أطار الدولة الفرصة للتصدي وملء الفراغ وكذلك فهو يعرّض التجربة السياسية في العراق إلى إخطار الأمر الذي يؤدي إلى تشجيع بعض الدول والقوى الإقليمية في التدخل واللعب بدور أمني من شانه أرباك السيادة العراقية وتعريضها للخطر.
واجاب بنعم على سؤال الصحيفة حول وجود اتصالات له مع المسؤولين في السفارة الأمريكية في بغداد مضيفا"ونحن نستقبلهم ونحاورهم في مختلف المواضيع التي تهم العراق حيث استقبلنا السفير كروكر وكذلك موفدة الرئيس بوش الى العراق وتحدثنا عن رؤيتنا في مختلف الامور والقضايا التي تهم العراق والمعالجات المطلوبة وطبيعة الوضع السياسي والقيام بمشاريع ومبادرات للخروج بالبلاد من الوضع الصعب الذي يمر به ، وقد تركت موفدة الرئيس بوش انطباع لدي بانها تريد الوصول بالوضع العراقي الى معالجات واقعية وموضوعية وقد طرحنا لها رؤيتنا بوضوح تجاه مختلف الملفات عسى ان تاخذ طريقها في السياسة الامريكية تجاه العراق".(49/94)
وقال عن الجهود الامريكية لتعديل قانون اجتثاث البعث بحجة انجاح خطة المصالحة الوطنية " اننا ومنذ اليوم الاول لسقوط النظام الصدامي قلنا ان اكثرية البعثيين انخرطوا في صفوف البعث أما لظروفهم المعاشية او بالاكراه وهم لم يرتكبوا الجرائم ، وعليه فان اكثر البعثيين يجب ان يمارسوا حياتهم الطبيعية ، الا هناك عدد من البعثيين كانوا يعملون في المؤسسات القمعية للنظام وهؤلاء نطلق عليهم الصداميين ، ويجب ان لا يأخذوا مواقع حساسة في الدولة، ولكن حتى هؤلاء يجب ان تراعى شؤونهم الانسانية ومنها اعطاء الرواتب التقاعدية لعوائلهم وبامكانهم ان يندمجوا في المجتمع ولكن يجب ان لا يحتلوا مواقع حساسة في دوائر الدولة، فهذا الشيء نعترض عليه ،أما اولئك الذين يثبت تورطهم بجرائم ضد الشعب العراقي فيجب ان يقدّموا للعدالة".
واضاف "نحن نتساءل هل يعطى من كان يؤمن بالنازية ومتورط بافعالها مواقع حساسة في المانيا مثلا ان ربط المصالحة بعدد قليل من الناس كانوا في مواقع خطيرة ويساعدون صدام في نهجه القمعي وأذرع له في مؤسساته الحديدية شيء غير صحيح ، وفيه ظلم كبير لمختلف شرائح المجتمع العراقي بما في ذلك بعض المكونات في أن يمثلهم مثل هؤلاء الناس". وفي جوابه على سؤال المراسل حول وجود بعض البعثيين من هذا النوع داخل العملية السياسية في الوقت الحاضر، وهل تمت مناقشة ابعادهم عن العملية السياسية(49/95)
واشار عمار الى ان نظام الاقاليم واحد من الانظمة المتطورة أداريا في العالم وهو يعطي الناس الفرص لأن يأخذوا أدوارهم الحقيقية وفي نفس الوقت توجد حكومة مركزية تجمع الناس كما في النظام الاداري للولايات المتحدة وغيرها من دول العالم ، ونحن نعتقد أن نظام الاقاليم سوف يوحّد العراق وان الناس سوف تشعر أنها مساهمة وتنشدّ الى هذا الوطن الذي يعطيها فرص المشاركة ، كما أن العقلية الشرق أوسطية هي عقلية الرجل الواحد القوي ، ولذلك فأن عدم وجود الأقاليم يختزل كل الصلاحيات بيد الحكومة المركزية في بغداد وسيمنع الناس أن يأخذوا أدوارهم في أدارة البلاد ، كما ان الفيدرالية تضع حد للشعور التاريخي بالتهميش الذي يعاني منه غالبية المواطنين في اغلب المناطق في البلاد" .
وقال حول المواجهات التي تحدث بين فترة واخرى في البصرة وباقي مناطق جنوب العراق يجب ان نعرف أن هذه الصراعات عادة ما تكون بين الحكومة المحلية هناك والقوى التي تتمرد على القانون وهذه نقطة مهمة يجب ان نلاحظها وبالتاكيد كلما ارتفعت جهوزيّة القوى الامنية وقويت الحكومة كلما تمكنت الدولة من السيطرة على تلك الاحداث وأوقفتها عند حدّها.
ونفى عمار علمه بوجود تدخل ايراني وقال "كمبدأ عام نحن توّاقون لبناء علاقات أيجابية وبناءة ّمع كل دول الجوار وبنفس المقدار نحذر من أي تدخل من قبل هذه الدول ، نحن نسمع من الامريكان حول تدخل ايراني في العراق ، والإيرانيون ينكرون ذلك معتبرين أنها تأتي على خلفية التصعيد بين البلدين عن قضايا أخرى ، فإذا كانت هذه الاتهامات سياسية نأمل معالجتها وتسويتها بين الطرفين حتى لاتؤثر بشكل أو بآخر على الوضع في العراق ، واذا كانت واقعية فهي مرفوضة من قبلنا ، لذلك دعونا منذ البداية الى حوار بين البلدين بشان العراق".(49/96)
وقال نجل الحكيم ردا على الاتهامات والاشاعات التي توجّه حول امتلاكه الاموال والامكانيات الكبيرة"ان مؤسستنا ثقافية خيرية وهي مؤسسة شهيد المحراب وقد اصبح لها مقعد في الامم المتحدة ( NGO ) ، كما ان لها ( 84) فرعا في العراق، والناس يرون ابنية لهذه المؤسسة ، واغلبها مستاجرة وبعقود رسمية كما ان هناك متبرعين وتم شراء القليل منها وهي مسجلة باسم المؤسسة وليس باسمي الخاص".
وأضاف "يبدو ان وجود هذه الأبنية يعطي فرصة لبعض الجهات " مع الاسف " وعلى خلفيات سياسية للتشهير بنا وكأنها ملك شخصي لنا وليس للمؤسسة ، وللعلم أنا لاأملك ألا بيتا واحدا متواضعا تم بناءه قبل 45 سنة".
وأشار الى "ان من نشاطات المؤسسة أيضا ان هناك (65) الف يتيم مكفولين في هذه المؤسسة وتقوم برعايتهم كما أن كثيرا من الناس يتحدثون عن حرّاسي الشخصيين وهم في الحقيقة مجموعة من افراد الشرطة والجيش وضعوا تحت تصرفي بعد تعرّضي إلى ( 13) عملية اغتيال،وأنا حقيقة أتضايق من وجود الحراس ولكن هذا ماتفرضه عليّ الظروف حتى أستطيع أن أخدم أبناء الشعب العراقي".
ونفى تسلمه مناصب جديدة بعد مرض والده عبد العزيز الحكيم مشيرا الى"ان عملي الذي اعتز به كثيراً هو العمل الثقافي في مؤسسة شهيد المحراب وانا امين عام هذه المؤسسة ولكن حينما داهم المرض والدي اضطررت للقدوم الى بغداد بطلب من السادة قادة المجلس الاعلى والتصدي للعمل في المكتب ولذلك اتواجد مؤقتاً حتى عودة الوالد لكي اعود لعملي الثقافي السابق".
وقال حول العلاقة والمشتركة الموجودة بين عائلتي الحكيم والصدر هناك اواصر ومشتركات كبيرة بين الأسرتين ، حيث ان والدتي من اسرة الصدر.
وبين "انه قابل مقتدى الصدر في النجف الاشرف وهو لقاء الاقارب والارحام وهذه بطبيعة الحال لقاءات لا تحتاج الى مناسبة كما ان الحديث كان بغالبيته عن الشؤون الثقافية والهموم العامة".
…(49/97)
مجلة الراصد الإسلامية
العدد الخمسون – شعبان 1428هـ
* فاتحة القول:…موقفنا مما قد يحدث بين أمريكا وإيران ................. ..........................…3
* فرق ومذاهب:…دين الدروز وعقيدتهم .......... ......................................................…5
* سطور من الذاكرة:…ابن عباس يناظر الخوارج ...........................................................…17
* دراسات: …موقف الشيعة وإيران من جماعة الإخوان المسلمين ..............................…20
* كتاب الشهر: …- الكليني وتأويلاته الباطنية للآيات القرآنية في كتابه "أصول الكافي" ..........…29
* قالوا: …...........................................................................................…31
* جولة الصحافة : ……
…- 50 ضريحاً لحل المشاكل النفسية والجنسية والاجتماعية للمغاربة ........... …35
…- أحمد الخطيب يعاود نشاطه عبر حركة سياسية .................................…39
…- أخطر دراسة عن التغلغل الإيراني في العراق .. تحذر من خطره على الدول العربية ..................................................................................…41
…- زعيم شيعة المغرب يقول: إن بلاده شيعية بالثقافة والهوية....................…47
…- الأقليات في الخليج العربي ........................................................…48
…- المخابرات العراقية هي الدعامة الأخيرة للتصدي للهيمنة الإيرانية..............…51
…- إيران تعلن مشروعها للخليج .......................................................…52
…- جزر الإمارات المحتلة وشاهنشاهية الملالي ......................................…57
…- حزب الله في الكويت ..................................... .........................…60
…- التنورة أكثر رقصات المصريين جمالاً وتعقيداً............................…63(50/1)
…- خلافات الصوفية والسلفية تؤخر قيام مرجعية موحدة للسنة ..................…67
…- حلقات الذكر تجذب الأوروبيين وتأخذ بأيديهم إلى الإسلام ....................…71
…- غناء في الليالي الموحشة ........................................ .............…72
…- فتنة جديدة يشعلها الغرب ضد الإسلام .............................................…74
…- نحن وإيران .. سوء فهم أم تخلف ..............................................…79
موقفنا مما قد يحدث بين أمريكا وإيران!!
لا يزال الجميع يترقب ما ستأتي به الأيام القادمة، من حرب أو هجوم أو ضربة أو حتى صفقة بين إيران وأمريكا!
الصراع على النفوذ والسيطرة على المنطقة العربية هو حقيقة ما يتقاتل عليه الطرفان، ولذلك يحاول كل منهما جرّ دول المنطقة لصفّه بالتأييد أو الحياد عبر الترغيب الأمريكي أو الترهيب الإيراني، ولكن لا تزال دول المنطقة مترددة لم تحسم أمرها بين أمريكا الطامعة بخيراتها ونفطها أو إيران الساعية لأكثر من ذلك بكثير مما يعدّ مشهد نهاية صدام معه شيء قليل !!
وكلا الطرفين يسعى نحو مصالحه فقط وإن تظاهر بالحرص على مصالح دول المنطقة، فالحقيقة أن ثمة مشروعا أمريكيا ومشروعا إيرانيا لا يختلفان على رغبتهما السيطرة على على بلداننا وثرواتنا لكنهما مختلفان حول الأولى به منهما!
ورغم أن أمريكا تدفع الغالي والثمين لإسرائيل حين تريد منها موقفا، وإيران من جهة أخرى تنفق الكثير لشراء مواقف الآخرين إلا أن الغريب أن كلا الطرفين يريد كسب موقف دول المنطقة لصفّه مجاناً دون أي ثمن!
ودول المنطقة طبعاً هي الخاسر الأكبر لأنها مقصد الصراع وقد تكون ساحته، ولأنها للآن لم تحدد أهدافها وطريقها فستكون لعبة بيد الآخرين.(50/2)
وأكثر من هذا أن عواطف كثير من الناس هي مع أي طرف ضد أمريكا، وهذا جهل فاضح وغباء كبير، فأمريكا لا يجهل أحد اعتداءها علينا لكن أيضا هناك كثيرون اعتدوا علينا وكانت أمريكا معنا ضدهم لمصلحة لها مشتركة معنا، كما كان الأمر في أفغانستان (أيام الاتحاد السوفييتي) والبوسنة.
وفي هذا الصراع الجديد ليس الطرف المعادى لأمريكا طرفا مسالما لنا أو محايد تجاهنا، بل هو طرف لا يقل في عدوانه علينا عن أمريكا بل هو متفوق عليها بكثير، فإيران لا تخفى مطامعها في دول الخليج بل هي تحتل بعضاً منه، ولعل مطالبة رئيس تحرير صحيفة كيهان بحق طهران في إمتلاك البحرين مؤشر على هذه المطامع، كما أن تلميحات أو قل تهديدات إيران بتثوير شيعة الخليج على حكوماتهم وضرب منشآت النفط في الخليج جرس إنذار يجب أن ينتبه له بجدية كبيرة .
ليس من مصلحتنا حصول الصراع بين الطرفين وليس من مصلحتنا أيضاً بقاء تهديد الطرفين لنا وابتزازنا دوماً! وهذا يحدث بسبب ضعفنا وضياع بوصلتنا في تقديرالأمور على حقيقتها.
لسنا مرغمين على الإصطفاف مع جهة ضد أخرى لأننا نعلم أن الطرفين سيغدر بنا بعدها.
يجب أن لا ننساق وراء عواطف الجماهير وبعض الإسلاميين الذين يعميهم عداء وبغض أمريكا عن رؤية خطر المشروع الإيراني، كما يجب أن لاننساق خلف المستشارين العلمانيين الذين لا يخالفون لأمريكا رغبة، ولتكن مواقفنا يحكمها مصلحتنا نحن المصلحة النابعة من موافقة الشرع الإسلامي لا مصلحة إرضاء الجماهير أو البقاء في الكراسي للحصول على رضى أمريكا .(50/3)
يجب أن نبادر لفهم حقيقة أبعاد المشروعين الأمريكي والإيراني، وحجم أخطارهما علينا، وكيفية الإستفادة من الثغرات الموجودة فيهما، كما يجب توعية الجماهير بذلك حتى لا تنساق خلف الشعارات المضللة، سواء بحب أمريكا أو كرهها، يجب أن يحقق هذا النزاع بين المشروعين مكاسب على حساب مصالحنا الشرعية من الحرية والنفط والتدين. ولنكف عن تقديم المواقف و الأفعال المجانية لكلا الطرفين، ولتكن لنا مطالب واضحة من الطرفين ونستغل حاجتهم لتأييدنا، على أن لا يكبل ذلك أيدينا بل يجعلنا أكثر قدرة على العمل لتحقيق مصالحنا.
لماذا لا نطالب إيران الآن بإرجاع جزر الإمارات المحتلة كبادرة على حسن النوايا وسلامة المشروع النووي؟ لماذا لا نضغط على إيران لتحسين أوضاع أهل السنة فيها لتكون دليلا على عدم وجود مشروع هلال أو قوس شيعي! لنطالب إيران بإدانة القتل الطائفي والسرقة الشيعية لنفط العراق على يد حلفائها هناك.
وفي المقابل: لماذا لا نطالب أمريكا بموقف حقيقي تجاه جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، لنطالب أمريكا بإنهاء احتلالها للعراق، لنطالب أمريكا بوقف إرهابها تجاه المؤسسات الإسلامية الخيرية والدعوية.
يجب علينا دراسة كل الإحتمالات لما قد يحدث و تحديد موقفنا قبل حدوث الواقعة وتبصير الجماهير، وإلا لطمتنا فتنة مرة أخرى كفتنة " حرب حزب الله "، والتي لا نزال نعانى منها لليوم، فهل يبادر أهل الشأن من العلماء والساسة لذلك ؟؟
دين الدروز وعقيدتهم
[ننشر هذا العدد رسائل وصلت الراصد من بعض الدروز المتعصبين، يهددون فيها ويتوعدون أن ننشر على الصفحة الأولى رسائلهم ليهتدي الناس إلى الحق الذي هو دين الدروز!! نحن نشر هذه الرسائل ليس خوفاً منهم و لا دعوة إلى باطلهم، ولكن لبيان حقيقة المعتقد الدرزي من كلام أتباعه المعاصرون، وتذكيرا لبعض الطيبين أن هذه العقائد لا تزال تعيش بين كثير من الناس!! [الراصد].
(1) المقدمة: تهديد ووعيد!!(50/4)
من الفرقد [جبريل, حمزة بن علي بن أحمد الزوزني, سليمان بن داود, سلمان الفارسي...] إمام دين التوحيد: الموضوع بشأن: صدور أمر يتعلق بأصحاب المواقع. والمنتديات, وجميع هيكلياتها (كل حسب مكانته فيها ....). وجميع الهيكليات التي تقف خلف هذه المنتديات والمواقع (كل حسب مكانته... ). بخصوص دين التوحيد الدروز؟؟!!, وإله دين التوحيد, وملائكة دين التوحيد ....[ قد يضع موقع ما, أو منتدى ما, عبارة أنيقة ملفتة للنظر .... ينشرها على صفحات موقعه, أو منتداه مفادها "إن إدارة موقع ما, أو منتدى ما, غير مسؤولة عما يكتبه الآخرين على صفحاتها".
نقول لهم إنه عندنا, هناك عاملين مشتركين لخلق مساحة يطّلع من خلالها البشر على أمر ما [أرضية المشروع] وهذا بمثابة موقعك, أو منتداك والمساحة التي يمكنك التحرك فيها, والمشروع المبنى على هذه الأرضية [وهو مساهماتكم وكتاباتكم أنتم بالخاصة وتطلعاتكم وطموحاتكم وتخصيصاتكم, ومن بعد كل ذلك تأتي مساهمات الآخرين ] ...
ومنه نقول لهيكليات المواقع, وما يسمى بمنتديات. أنتم مسؤولون مسؤولية مباشرة وتامة, عن جميع ما يجري على ساحات مشروعكم [منتداكم, ناديكم ... موقعكم] لأن هذا المكان بمثابة بيتكم, تبنونه حسبما تريدون, وتؤثثونه وتزينونه كما تريدون, وما كتابات الآخرين فيه, ما هي إلا بمثابة جزء من حديقة هذا البناء، لذلك تحملوا مسؤولية ما فعلت أيديكم [تحمل مسؤولية كاملة], أما أجزاء الحديقة الكاتبين الآخرين في الموقع فحساب كل منهم حسبما يكتب وما فيه من تضليل, والعدد من الناس الذين أضلهم, والعدد من الناس الذين أضلوهم من أضلهم ... وهكذا على مدار الساعة. وبالتالي أنتم [القائمين على هذه المواقع] تتحملون أوزاركم, وأوزار من يكتب في مواقعكم أيضاً [لأنكم أتحتم له المجال], وأوزار جميع من أضليتموهم من خلال مواقعكم عن الحقائق وعن المعاني الحقيقية لوجود البشر وما خلقوا من أجله...].(50/5)
هذا من خلال تقييمنا لكم كمسلك توحيد, ولسوف نحاسبكم على جميع هذه الأمور ... حساب عسير لكونكم ضالين مضلين, حيث تضلون أعداد كبيرة من البشر, كل لحظة, وكل ساعة تمر, والضالين الذين أضللتموهم في كل لحظة, كل منهم يضل مجموعة, وعلى مدار الساعة, لذلك أنتم المواقع والمنتديات, يعتبر كل موقع أو منتدى منكم, رأس هرم من أهرام الضلال والمروق. والخطيئة والخلاعة, والفسق والعهر والدنس والإلحاد..... ] ولنطلق اصطلاحاً على كل ما تسمونه [موقع, أو منتدى] اسم ماخور ..... يجب عليك أولاً الآن, أن تنشر آخر ما وصلك فيما يتعلق بدين التوحيد (الدروز (وما يتعلق بإله دين التوحيد, وبملائكة دين التوحيد, وكلمة التوحيد.
ويجب عليك [أمراً] أن تنشر جميع ما قلناه على صفحاتك الرئيسية لإحقاق الحق والعدل. ويكون النشر دونما إبطاء, أو مواربة, أو مماحكة .... وإلا .... فلا تلومن إلا نفسك ....., أنت ومن هم خلفك ..... هل لديك فكرة , كيف تسلخ وأنت حياً, ويحشى جلدك تبناً ويخاط, وتشوى (وأنت بلا جلد ) حتى لا ينتن لحمك ... حيث تشوى قليلاً أو كثيراً, وتبقى على هذه الحالة .. زمناً تبكي فيه دماً ألماً وندماً. وقد نسامحك (فيما يتعلق بهذا الفعل [الذي نحن بصدده], وقد لا نسامحك.
(وعندها تبقى الزمن الذي نريده لك هكذا .. وتعرض على النار للشواء يومياً .... وقد تشوى حتى الحرق الشديد, الذي يشوى فيه العظم أيضاً, وتبقى حيا. وعندها تتمنى الموت في كل لحظاتك فلا يأتيك, وتعلق على أحد أبواب القاهرة أو في ساحاتها مصلوباً, وكل يوم في موقع جديد [أنت وجلدك المحشي تبناً] .. زمناً حتى نرضى, وقد لا نرضى .. موازياً ذلك أفعالك, وتجاوزك لجميع الإنذارات والتنبيهات .... وهذا شكل من الأشكال البسيطة للمعالجات الغير مزمنة, وتتطبيب أمثالكم .... وهناك المعالجات منها الشافي تماماً ومنها الجراحي الإستئصالي, للأورام الخبيثة, المعششة في نفوسكم, وعقولكم, ومخيلاتكم .(50/6)
أصبحت هذه المنتديات والمواقع , سوق عكاظ , أو تجمعات الأسواق الرئيسية للسلع الاستهلاكية. والسلعة الرئيسية في جميعها, دين التوحيد, وإله دين التوحيد, وملائكة دين التوحيد ..... [ما قلناه هنا, هذا أمر مضاف إلى الموازين] أما ميزان الثواب والعقاب, وميزان حرمة وكرامة الخالق العظيم الذي ستحاسبون به, حسب مكاييله وأوزانه [ فهذا أمر أخر .... لسنا بصدده الآن.]
(2) من هم الدروز؟؟
لكي يفهم المرء ويعي ويستوعب ويفسر الأمور بالشكل الصحيح والحقيقي (فيما يتعلق بشأن مسلك التوحيد "الدروز؟؟ (وجب عليه معرفة الأسس والقوانين والأدلة الدامغة , التي يجب عليه أن يسير بمقتضاها ليعرف ماهية مسلك التوحيد).
(لماذا؟؟ ... لأن هذا الدين له أسراره, التي لا يعرفها إلا التابعين له ... لذلك جميع من كتب عن هذا الدين من الآخرين, كتبوا بدون علم أو معرفة أو حقائق [فالجهل المركب والمؤسس على الدوافع والنوايا المبيتة، كان القاسم المشترك في جميع ما كتب في هذا المجال] . وللجهل الحالك في هذا المجال ولتطاول العميان والمعتوهين الذي فاق كل تصور. وجب علينا أن ننير لكم شمعة توحيدية في حلكة ظلمتكم, تنير دياجير جهلكم, وتعطيكم بارقة نور في أذهانكم, عما يختص به دين التوحيد....]).
ولنقل لكم [من البداية], و ليعلم الجميع .بأن دين التوحيد, وإن كان في آخر الأدوار, كان مرتبطاً بالإسلام (ظاهرياً [لسريته] ), فلا يعني هذا أنه فرع من الإسلام [حتماً]. فلم يكن فرعاً من ظاهره [السنة] ولا من باطنه [الشيعة] قطعاً. فكان زمن المسيحية, مرتبطاً بها [ظاهرياً] أيضاً. ولم يكن فرعاً لا من ظاهرها, ولا من باطنها (النصرانية.( وأيضاً زمن اليهودية كان دين التوحيد متزامناً معها, ومرتبط بها ظاهرياً [لخصوصية دور ملائكة التوحيد وأنبيائه في تنشئة الأديان الأخرى حسب مفاهيم وأسس وخصوصية هذه الأديان. وليس معنى هذا إرشادهم وتعليمهم ماهية دين التوحيد].(50/7)
لكنه أيضاً [أي دين التوحيد], لم يكن فرعاً لا من ظاهرها ولا من باطنها. لماذا؟؟ وببساطة ... لأن دين التوحيد مستقل عن جميع الأديان, ومنفرد بذاته [أي لا يختلط مع أي منها، لأنه غريب عنها بصفاته ومفاهيمه وركائزه. ومتعارض معها بخصوصياته وعمومياته. [وسابق لها جميعها. حيث بدأ دين التوحيد, منذ بدء خلقة الأنفس البشرية (أي منذ أكثر من 343 مليون سنة) ومازال مستمراً حتى الآن. (فمن رضي عنهم الخالق العظيم" من الموحدين " الذين استكملوا أعمالهم. فقد عرجوا وغابوا معه ومع الملائكة والنبيين وكل حسب درجته ومنزلته [وتعدادهم ثلث مجموع البشر عامة]. ومن لم يستكمل أعماله "من الموحدين" أو لم يكن مرضى عنه, ما زال بين باقي البشر على هذه الجزائر والأقاليم من الأرض. ريثما تقوم الساعة حيث يأتي بهم [أي بالموحدين الذين عرجوا وغابوا] يأتي بهم "الملك المظفر المسعود, الإمام المهدي المنتظر"لفيفاً وجيوشاً جرارة [ فرق الحق ] ..... ). فمن تكون إذن يا ترى اليهودية, المسيحية, الإسلام؟؟؟!!!. فجميعهم نقطة من بحر زمن دين التوحيد. ومنذ الخليقة كان البشر على [3] مسالك:
أهل الظاهر (يعبدون العدم) وسراطهم الوهم "لافتقارهم لإرشاد وتعليم الملائكة والنبيين".
وأهل الباطن (يعبدون المخلوقين) "أيضاً لافتقارهم لإرشاد وتعليم الملائكة والنبيين".
وأهل المسلك الثالث, مسلك التوحيد يعبدون إله حقيقي واحد لا إله إلا هو (بالإثبات والتحقق. " بإرشاد وتعليم مباشر ومستمر, من الملائكة والنبيين [الخاصين بدين التوحيد ]").(50/8)
ولا بد من تسليط الضوء على مسلك التوحيد, "وبالمختصر المفيد" لمعرفة حقيقة الأمر. منذ خلقة الكون بما فيه, تجلى الخالق العظيم لخلقه, بصورة ناسوتية ([كهم], أي صورة كصورة البشر, أنما أفعالها وخصوصياتها, وجميع أمورها تدل "بالبراهين القاطعة, الدامغة المثبتة" أنها ليست صورة بشرية). وسبب التجلي بهذه الصورة للمؤانسة ورحمة وشفقة. وهداية المستجيبين. وبتجانس (في ظاهر الأمر). فلو كان التجلي بصورة أخرى لنفر وهرب منها جميع البشر. والغاية من التجلي "بالدرجة الأولى" إظهار قدرات ومعجزات من الصورة الناسوتية "للمستجيبين لدين التوحيد [ فقط ]" ليتوطد عندهم الإيمان والتحقق من الحقائق, وترسيخ تثبيتهم وصريح إقرارهم بألوهية الصورة الناسوتية. وليزول من نفوسهم ما يخالجها من شكوك أو عدم تصديق".
وكل ذلك يكون قبل كتابة الميثاق والعهد عليهم. إذاً الأمر هكذا ... هناك دعوة لتوحيد الصورة الناسوتية [لجميع البشر]. فمن استجاب من جميع البشر يُعَلَّم دين التوحيد ويسجل اسمه في [سجل المستجيبين لدين التوحيد], ثم يظهر إمام التوحيد ويوثق هذا [السجل ].
ثم تتجلى الصورة الناسوتية (وتظهر قدراتها ومعجزاتها [للمستجيبين لدين التوحيد فقط]) .)ومن بعد توثق المستجيبين من الصورة الناسوتية, وبالحقائق الدامغة, وإقرارهم من تلقاء أنفسهم بتوحيد وألوهية تلك الصورة الناسوتية, عندها يؤخذ عليهم العهد والميثاق (اختيارياً, أي ليس بالإجبار) للصورة الناسوتية .... وفي كل دور جديد يتكرر كل ما قلناه في هذا المجال.(50/9)
ومثال ذلك أول أدوار الحياة الدنيا هو دور العلي {أي كان اسم الصورة الناسوتية في ذاك الدور [العلي]، وكان العلي متواجداً بهذا الاسم (قبل أن يخلق الكون بما فيه), واستمر تواجد الصورة الناسوتية [باسم العلي] دوراً كاملاً [بعد خلقة الكون والمخلوقات جميعها]. وهذا هو أول أدوار الحياة الدنيا}. إذا هذا هو أول أدوار الحياة الدنيا [بدء الخليقة], كانت الصورة الناسوتية متجلية [باسم العلي], وكان إمام التوحيد ظاهراً باسم [العقل الكلي], ومن إظهار الصورة الناسوتية [ العلي] لمعجزاتها، كان جميع البشر, يعرفون أنه الإله, وكان جميع البشر على التوحيد والإقرار بألوهية الصورة المسماة [العلي] ... وبعد ذلك ظهر الإبليس باسم الضد الروحاني والشيطان باسم الند الروحاني, وأخذا يعيثان الفساد في الأرض, ويظهران قدرات فوق قدرات البشر. فارتدت جموع وحشود كبيرة عن توحيد الصورة الناسوتية المسماة [العلي]. ]وغضب عليهم العلي, وأوقف معجزاته وقدراته بينهم, وعزز معجزات وقدرات الإبليس والشيطان, وعندها ادعيا (الإبليس, والشيطان) الألوهية, وازدادت أتباعهم بشدة. وبدا لجميعهم أن [ العلي بشر عادي] هذا ما أراده العلي تماماً لأنه كان غاضب عليهم, ومنع ملائكة التوحيد وأنبيائه من إرشادهم وتنبيههم.
] لا الذين عصمهم الله وملائكته [ وكانت فتنة كبيرة], وهم الذين بقوا على توحيد الصورة المسماة [العلي] والإقرار بالإلوهية لها [ فهؤلاء لم يكن العلي غاضب منهم], واستمر في إظهار القدرات والمعجزات العظيمة لهم لتثبيتهم, وهؤلاء هم الموحدين [نواة دين التوحيد]. أما من اتبع الإبليس فسموا أهل الظاهر, ومن اتبع الشيطان سموا أهل الباطن.(50/10)
وعندما غضب عليهم [ العلي], أيضاً غضبت عليهم الملائكة والأنبياء، وانقطع عنهم (أي عن الظاهر والباطن) فيض تعليم وإرشاد الملائكة والنبيين [قد يقول قائل ما علاقتنا نحن بهؤلاء الأقدمين منذ أكثر من (343) مليون سنة ونيف نقول له وببساطة ,أنتم أنفسكم هؤلاء الأقدمين]، هذا معنى "أي البدن" البشري فقط "كقميص تلبسه النفس. كيف؟؟!! لأن حقيقة الأمر أن النفوس البشرية أزلية كخالقها, لا تفنى ولا تموت وإنما تنتقل في الأقمصة البشرية [أي الأبدان والأجسام" البشرية فقط" التي هي تفنى ومعاذ الله أن تنتقل النفس البشرية إلى الحيوان أو الطير أو إلى النبات أو إلى الجماد كما تعتقده بعض فئات الباطنية ... وخليطها من حلول وتناسخ]. حيث تنتقل الأنفس البشرية من جيل لآخر. والبدن هو أداة النفس والروح حيث تعمل وتفعل و تجترح من خلاله, وتكتسب الحسنات والسيئات بالأفعال التي يقوم بها هذا البدن [من تحت تأثيرها ونفوذها عليه] ...
ونحن لسنا بصدد شرح موضوع التقمص إنما هذا عنوان كبير لحقيقة الأمر. إذن هذه النفوس التي كانت زمن خلقة الكون هي نفسها في جميع أجيالها في جميع الأدوار. وأيضاً نقول إن النفوس البشرية جميعها الموجودة في هذه اللحظة الزمنية هي نفسها كانت في أجيالها السابقة في زمن الإسلام وأيضاً زمن المسيحية, وأيضاً زمن اليهودية.
وأيضاً زمن نوح وآدم .. وفي جميع الأدوار السابقة. لذلك ميزان هذه النفوس , وقت القيامة ليس على جيلها هذا فقط, إنما على جميع أجيالها منذ 343 مليون سنة ونيف حتى لحظة قيام الساعة, وكتاب كل نفس من نفوس البشر مكتوب عليها منذ خلقتها حتى لحظة قيام الساعة [ ما عدا الموحدين الذين غابوا وعرجوا , فقد حاسبوا , ورضي عليهم الله والملائكة والنبيين وتعدادهم ثلث مجموع البشر , وكل منهم بمنزلته الخاصة به باستحقاق] .(50/11)
وبعد أن غابت الصورة المسماة [ العلي ] وسبب غيابها , غضبها من أهل الظاهر والباطن , وخليطهما . ظهرت الدعاة والأنبياء والرسل تدعو إلى توحيد الصورة الناسوتية المسماة "نيلياس" . وأخبروا عن قدراتها ومعجزاتها وعن أسس التوحيد وتعاليمه وأخبروا عن قرب ظهور الأمام المنتظر باسم "الفرقد" فمن استجاب من كل البشر. سجلت أسمائهم في سجل المستجيبين.
ثم ظهر الأمام "الفرقد" فوثق سجل هؤلاء المستجيبين, ونشر دعاته (لإرشاد وتعليم المستجيبين "فقط "), حسب منازلهم. و تبشيراً بقرب تجلي الخالق العظيم بصورة "نيلياس". وتجلت الصورة باسم " نيلياس. وما الصورة إلا كشعاع نور الشمس من الشمس (شعاع من اللاهوت "لا إله إلا هو").
ثم أظهرت الصورة الناسوتية القدرات والمعجزات (للمستجيبين فقط). التي لا يقدر على أقل جزء منها جميع البشر. ليترسخ التوحيد والإقرار بألوهية تلك الصورة. وبعد ذلك أخذ الإمام العظيم "الفرقد " العهد والميثاق على المستجيبين لدين التوحيد. والإقرار بالتوحيد والألوهية لتلك الصورة المسماة" نيلياس".
وبعد الميثاق سموا المستجيبين بالموحدين. وكانت لهم تعاليمهم وكتبهم الخاصة, من تأليف إمامهم العظيم " الفرقد " ومن تأليف الملائكة ذوي المنازل العليا "تهديهم السراط المستقيم" وبعد غيبة الصورة الناسوتية "نيلياس", بدأ دور جديد. وبدأ البشر بالشرور والكفر والظلم والإلحاد ... وتكرر ما قلناه .... حيث بدأت الملائكة والأنبياء والرسل بالدعوة للتوحيد والدعوة لظهور إمام التوحيد "باسم أخر حسب اسم ذاك الدور" ولتجلي الصورة الناسوتية "باسم أخر [يكون اسم الدور متعلقاً باسمها]". والعالم كما هو جميعه بين 3 مسالك: ظاهر, وباطن, ومسلك توحيد.
ماذا يعني ذلك. يعني ذلك أن مسلك التوحيد مستقل منذ بدء الخليقة عن جميع الأديان الأخرى "من ظاهر أو باطن أو خليط منها".(50/12)
ومن دور الصورة الناسوتية المسماة "العلي " (وهي أول أدوار الحياة الدنيا), إلى الصورة الناسوتية المسماة "البار" هناك 70 دوراً, ومدة الـ 70 دور 343 مليون سنة, وخلالها تجلى الخالق العظيم بمئات الصور الناسوتية. وكل صورة ناسوتية لها أسم" يتسمى بها ذاك الدور". وأيضاً في كل دعوة توحيدية كان يظهر فيها إمام التوحيد باسم خاص " متناسب مع اسم ذاك الدور" .وكان دور "البار" الدور 71. وكان اسم أمام التوحيد بذاك الدور [دور البار] " آدم الصفا, شطنيل الحكيم ".
ومن دور البار حتى دور الحاكم "آخر أدوار الحياة الدنيا", تجلى الخالق العظيم بعدة صور ناسوتية منها (عليا, وأبو زكريا، والمعل, والقائم, والمعز, والمنصور, والعزيز, والحاكم). وخصوصية دور الصورة المسماة "الحاكم بأمر الله الفاطمي" بأنها الدور 72, وهي آخر أدوار الحياة الدنيا وخاتمتها. ومنها نعرف أن أدوار الحياة الدنيا قد تقضت, ونحن منذ غيبة الصورة المسماة "الحاكم" بأول أدوار الآخرة. وما هي إلا فترة وجيزة ريثما تستكمل الأعمال. وبعدها تقوم القيامة ويوضع الميزان للقصاص والثواب . ودور الآخرة هو الدور 73 ونحن في بدايته الآن.
ونأخذ مثال على تجلي الصورة الناسوتية (المسماة بالقائم, المعز, العزيز, المنصور, الحاكم" هؤلاء فقط. (باقي الأئمة الفاطميين من البشر، وأيضاً هم من سلالة بشرية مهينة. من بعد أن زنت أم علي الظاهر (الذي ادعى أنه ابن الصورة المسماة بالحاكم) وحملت به من شيعي. فهم شيعة " من علي الظاهر ومن بعده من الأئمة الفاطميين ) .......(50/13)
قدرات ومعجزات الصورة الناسوتيه ظهرت للمستجيبين لدين التوحيد) فقط). وقلنا هدف تجلي الصورة تثبيت المستجيبين (فقط), واقرارهم بعد التخيير "بعد إظهار معجزات الصورة ", إقرارهم بالتوحيد والألوهية لتلك الصورة. لذلك لا نستغرب أن يرى الآخرين (الظاهر والباطن, وخليطهما ..), تلك الصورة الناسوتية. أن يروها بشراً عادياً, لأنهم ليسوا غاية تجلي الصورة, (وهذا تماماً ما تريده الصورة الناسوتية). وفي دور الصورة المسماة "الحاكم", لخصوصية دورها.
آخر أدوار الحياة الدنيا وختامها, أُعلِنَت دعوة التوحيد من قبل الملائكة والأنبياء والرسل ,يدعون كافة البشر (جميعهم) لتوحيد تلك الصورة المسماة "الحاكم. فمن استجاب سجل في سجل المستجيبين. وهذه خصوصية الدعاة. بعدها ظهر إمام التوحيد حيث وثَّق سجل المستجيبين لدعوة التوحيد. وعرضه في (ظاهر الأمر) على الصورة الناسوتية "الحاكم بأمر الله " المتظاهرة بالإمامة (قبل إشهار التوحيد لها. (وبعد ذلك أُمِرَ الأمام حمزة بن علي, أن يدعو المستجيبين (بعد أن أظهرت لهم الصورة الناسوتية بعض قدراتها ومعجزاتها), أن يدعوهم (وبالتخيير) لكتابة العهد والميثاق بالإقرار بتوحيد, وألوهية تلك الصورة الناسوتية المسماة "الحاكم بأمر الله الفاطمي", وبعد الميثاق سموا بالموحدين ....
وأما أسم الدروز فأطلق على الموحدين من قِبَل الحاقدين والكارهين لهذا الدين. ومن الغلاة الذين قتلهم الغل والكراهية. فما نشتكين الدرزي إلا ألد أعداء دين التوحيد. وهو مارق, زنديق, سكيني, وأعماله وصفاته لا تليق بأقل المرتدين, بل بأقل العهرة الفساق, المتزندقين, الزناة , الكفار. ومن معرفة الكارهين والباغضين لدين التوحيد, بصفات وأعمال الدرزي المخزية . قاموا بوصم الموحدين بالدرزي, ومنها جاء مصطلح الدروز .(50/14)
ونعود فنقول إن إمام التوحيد في دور "الحاكم" هو حمزة بن علي بن أحمد الزوزني. وكان يُسَمَّى في أدوار سابقة: ذو معة, العقل الكلي, الفرقد,......, آدم الصفا (شطنيل) جبريل, شعيب , فوثاغورس, أبقراط, أمحوتب, هود، سليمان بن داوود, عين الزمان, قائم الزمان, إمام الحق, إمام التوحيد, مسيح الحق والأمم (غير عيسى بن مريم), الهادي، المهدي المنتظر, الملك المظفر, ريدان , سلمان الفارسي، المسعود .....
ومن أسماء أبو إبراهيم إسمعيل بن محمد بن حامد التميمي في أدواره السابقة: النفس الكلي, ذو مصة, هرمس الهرامسة, اخناتون, خنتاتون فونتا، أفلاطون, أخنوخ الأوان, ادريس, الياس, الخضر أبو العباس, مارجرجس, إيليا، هابيل, آصف بن برخيا, حزقيائيل أو حزقيا, ميخائيل, ميكائيل, يوحنا المعمداني, يحيى بن زكريا , المقداد بن الأسود الكندي, صالح صاحب الناقة, العبد الصالح ....
ومن أسماء أبو عبد الله محمد بن وهب القرشي: أرسطو, عزرائيل ,إشعيا، متى, اليعفوري, أبا ذر الغفاري .... ومن أسماء أبو الخير سلامة بن عبد الوهاب السامري في أدواره السابقة: إسرافيل, أمليخيا, مرقس, عمار بن ياسر ... ومن أسماء أبو الحسن علي بن أحمد الطائي السموقي " بهاء الدين , الملقب بالضيف " في أدواره السابقة : سقراط , إرميا , لوقا , النجاشي .....
ولقد ذكرنا من هم ملائكة التوحيد , ووجب علينا الآن : أن نذكر بعض أدوار الأبليس والشيطان , ومن يكونا: فأما من أسماء الإبليس في أدواره التي تواجد فيها: [وهو نفسه لكن تكرر بأقمصة مختلفة]: الضد الروحاني, حارت بن ترماح الإصبهاني, نوح, موسى, ابراهيم, عيسى بن مريم, إبرهة الحبشي [الأشرم], محمد بن عبدالله [بن ابي كبشة] [هذا حقيقة دين الدروز الكفر بالنبي ? وجعله إبليس والعياذ بالله، الراصد], أبا يزيد، مخلد بن كيداد, محمد بن إسماعيل, عبد الرحيم ابن الياس ....(50/15)
أما الشيطان في أدواره السابقة: [وهو نفسه يتكرر بالأقمصة] : الند الروحاني, عزازيل , قابيل، سام بن نوح, هارون بن عمران, يوشع بن نون , شمعون, علي بن أبي طالب, عباس بن شعيب, القداح .....
(3) ومن هو الحاكم بأمر الله الفاطمي؟؟؟
من صفات الحاكم بأمر الله الفاطمي صفات تنفي عنه أنه من البشر(صفات دائمة لا تتغير) لا يأكل, لا يشرب, لا ينام, لا يتبول, لا يتغوط. لا ظل له. لا تأثير لظروف وعوامل الطبيعة والمناخ والطقس عليه: من حر شديد أو برد قارص أو مهرير أو عواصف مطرية أو ثلجية أو زوابع أو أعاصير أو عواصف رملية ... لا جسد له، وإنما هو صورة ناسوتية (أي كصورة البشر لكنها حقيقةً ليست صورة بشرية) ومن صفات هذه الصورة إنه عند الاقتراب منها ومحاولة لمسها فإن اليد تسبح بالفراغ والهواء، وتنتقل الصورة بلمح البصر من مكان لآخر قريباً كان أم بعيداً, بغير تقلقل ولا تململ ولا حركة ولا سكون . ومن صفات الصورة الناسوتية أيضاً (وهذا الأمر خاص بالموحدين) تبدو كأنها مرآة صقيلة يرى الموحد بها شكله وكأنه ينظر بالمرآة العادية, لكن بفارق كبير ,فالمرآة العادية تظهر اعتلال جسمه إن كان مصاباً بعاهة جسمية أو آفة ما أو عيب أو ندبة أو آثار حرق أو جرح قديم أو تشوهاً ما.(50/16)
بينما بالنظر في الصورة الناسوتية تختفي جميع العيوب الجسمية ويرى الناظر صورته تامة كاملة بأبهى وأجمل شكل لها خالية من جميع العيوب. والأكثر من ذلك فلو كان هناك حشد كبير قبالة هذه الصورة الناسوتية, فإن كل واحد من هؤلاء يرى صورته فقط ولا يرى صور الآخرين. لم يتخذ له زوجة ولا ولدا, والكثير من البعيدين (أي الذين هم ليسوا بتماس مع مولاي الحاكم) قالوا غير ذلك لاعتقادهم بأنه بشر مثلهم يحتاج لما يحتاجون له, وأكثر من ذلك جعلوا له ولدا, فما علي الظاهر إلا لقيط شيعي, ومن تقريب مولاي الحاكم له, حكمة بالغة. ليطمئن علي الظاهر ويظهر كل خبائث نفسه, وليتوهم بأن مولاي الحاكم غير قادر على كشفه (هم يمكرون والله يمكر والله خير الماكرين ) [لاحظ نقله خطأ للآية مما يؤكد على بعدهم عن القرآن! الراصد], فعلي الظاهر هو الدجال.
وكان مولاي الحاكم يعلم ما سيفعله بالموحدين بعد غيبته, فعندما وجده الذين ليسوا بتماس مولاي الحاكم مقرباً عنده (مقرباً لغاية وحكمة) قالوا هذا ابن الحاكم, لكنهم لا يعلمون أن لا زوجة لمولاي الحاكم, والأمر مشابه في تقريب عبد الرحيم بن إلياس، وعباس بن شعيب, وأحمد بن العوام .... وغيرهم لان عبد الرحيم بن إلياس هو نفسه محمد بن عبد الله, وعباس بن شعيب هو نفسه علي بن ابي طالب, وأحمد بن العوام هو نفس عثمان بن عفان وجعفر الضرير هو نفس عمر بن الخطاب .. وغيرهم وهو عليم بجميعهم .أيضاً ليس له آباء أو أجداد فالقائم والمعز والمنصور والعزيز, جميعهم مقامات ربانية, ناسوت متعدد (في ظاهر الأمر) للاهوت واحد لا إله إلا هو, فالحاكم هو القائم وهو المعز وهو المنصور وهو العزيز, أيضاً لم يتخذوا زوجة ولا ولداً، ببساطة لأنهم ليسوا بشراً (بل الأصح لأنه ليس بشراً).(50/17)
وقد تواجد الناسوت في أكثر من مقام في نفس الوقت, كتواجد العزيز والحاكم بنفس الوقت, وهو هو نفسه, أو تواجد ثلاث صور ناسوتية بنفس الوقت, الحاكم والعزيز والمنصور وهم جميعاً واحد للاهوت واحد (وهذا شكل من المقدرة والأعجاز, والممثول الحقيقي للأب والإبن وروح القدس، فجميعها مسميات لناسوت واحد). عالم بالغيب, وكان أهل القاهرة يخافونه في السر والعلانية, لأنه عاقب كثيراً منهم لأمور اقترفوها في السر والعلانية.
وكان يعلمها لوحده من ذاته دونما إرساله من يتنصت أو يسترق السمع, وكان يأتي بالمذنبين من جميع أنحاء مصر. أي لو أذنب شخص في القاهرة , وبنفس الوقت أذنب شخص أو مجموعة أشخاص في الصعيد, وبنفس الوقت مجموعة في القاهرة وغيرهم وغيرهم, كان يأتي بهم جميعاً ويذكرهم بأسمائهم ولأي ذنب أتى بهم, وزمن ارتكاب كل واحد منهم لذنبه, ويستغربون ويتعجبون ولا يستطيعون الإنكار, ويعترف كل منهم بالحال.
ومعرفته بالغيب دونما زيادة أو نقصان, أي لا يفتري على أحد منهم بقول زائد عما عمل بالمقابل لا ينقص شيئاً مما ارتكب هذا الشخص , أو ارتكبوا. كان يعلم السرائر وخفايا النفوس ويأتي بالمذنبين, ويواجههم بجميع ما أضمروه في نفوسهم , وساعة ارتكابهم هذه الذنوب التي أضمروها في نفوسهم. وعندما أمر أهل القاهرة أن يسجدوا له عند ذكر اسمه على منابر الجوامع, فسجدت القاهرة جميعها له إلا بعض الأئمة والشيوخ, الذين قالوا نحن في بيوتنا فمن يرانا, فأتى بهم جميعاً وواجههم بما قالوا وبما أضمروا وبالوقت والساعة، فما كان من كل منهم سوى الاعتراف, وعاقبهم على ذلك لكل واحد منهم عقاب يوازي ذنبه المعلن والمضمر.(50/18)
كان يعلم الغيب المستقبلي: وكان يذكر أن بتاريخ كذا بساعة كذا بدقيقة كذا سيحدث كذا وكذا, في جميع المجالات .... حروباً, براكين, زلازل، ظروف معيشية, مجاعات, أسواق ,سلع, غلاء, ... وأيضاً بالأمور المستقبلية للبشر, فكان يقول فلان في يوم كذا في وقت كذا سوف يفعل كذا وكذا, ..... وجميع ما يقوله لا نقاش فيه ولا زيادة ولا نقصان.
باختصار يعلم غيب السموات والأرض, وغيب الماضي والحاضر والمستقبل. هزمه الجيوش الجرارة: بظهوره لهم بصورته الناسوتيه وبمفرده وكان يستخدم الأداة حسب الذنب فإن كان الذنب صغيراً, كانت تتملك عناصر الجيش الرجفة أو الرعدة والخوف, بينما القواد والأمراء تتملكهم الرهبة والرعب الشديد, وان أرادوا أن يهجموا يُقمَحوا (أي يقيدوا ويغلوا في الأيدي والأقدام والأعناق لكن بدون قيد أو أغلال) ,أو يقصموا (وكأن جميع عناصر الجيش مقصومة الظهر مشلولة الرجلين يزحفون على الأرض زحفا), أويفلجوا (حيث تصبح الرجل اليمنى والساعد اليمنى التي تحمل السلاح مشلولة ولا يستطيع تحريكها ), أو يجمدوا (يجمد كل منهم بالوضعية التي كان فيها, فإن كان فاغراً يبقى فاه مفتوحا مجمداً, أو رافعاً ساعده يبقى ساعده مرفوعاً مجمداً ....) أو يصلّبوا(حيث يصبح الفرد منهم كالتمثال الجلمود بدون حراك), أو يُغرَقوا (حيث تغرق الأقدام في الأرض حسب النوايا, وقد يغرقوا جميعهم حتى الخصر أو أكثر ...) , أو يمطروا (من غمام يتطاير منه الشرر , يهبط عليهم ويلف كامل الجيش ) , أو يسمعوا صيحة (فإذ هم جميعاً خامدون إلا من أراد له الحياة ) [آية محرفة، الراصد].
وأن كان الجرم كبيراً يصعقوا كصعق البرق جميعاً دفعة واحدة بأقل من لمح البصر , أو يخسف بهم (يقلب عاليها أسفلها ويتبدل وجه الأرض وكأن لم يكن أحد من الجيوش الجرارة هنا), ويميت من أراد ويبقي حياً من أراد.(50/19)
وإن أراد أن يصفح عنهم يثني عزيمتهم ويؤثر على نفوسهم , ويجعلهم يتخذون قراراً بتأجيل الحرب ويجعلهم يعودون إلى ديارهم , دونما أن يظهر لهم أو يتحرك من مقامه , وإن كان غير راض على قوم ما يؤثر على نفوسهم في بلادهم دونما أن يظهر لهم أو ينتقل من مقامه , ليجمعوا جحافلهم , ويأتي بهم من تلقاء أنفسهم إلى المكان الذي يريده فيظهر لهم كلمع البرق ليقع عقابه بهم موازياً لذنبهم , وما ظهوره وتنقله إلا كلمع البرق بل أسرع.
جميع هذه الأشكال استعملها , إن كان ذلك على جيوش, أو عشائر, أو أشخاص مختارين, وهناك أسلوب الجلب والجر حيث كان يأتي المذنب إليه مسحوباً من وسط أهله وعشيرته, مجروراً من تلقاء نفسه, وكأن هناك جنوداً يدفعونه و يجرونه وإن عاند يجر على الأرض جراً، وكان أهله وذويه وعشيرته يرتعبون ويتعجبون كيف يجر ويشحط على الأرض من تلقاء نفسه ولا يستطيع أحد مساعدته حتى ولا الاقتراب منه.…وهناك شكل أخر هو الذبح حيث ينحر المذنب الذي يستأهل الذبح من الوريد إلى الوريد ويطبق على كبار الطغاة والمنافقين والظلمة, وهذا الشكل مخيف للمذنب وعبرة ومأدبة لكل من حضر وغاب.
وهناك أسلوب السلخ حيث يسلخ جلده ويحشى تبناً ويوضع على باب زويلة أو أي باب أو ساحة من ساحات القاهرة المعزية, مأدبة له وللآخرين . قالت السنة إن إلهنا فوق سابع سماء جالس على كرسي العرش, وقالت الشيعة إن إلهنا هو إمامنا علي بن أبي طالب.
قال مولاي الحاكم بأمر الله بعزتي وجلالي وارتفاعي بأعلى علو مكاني ما جئت من أجلكم ولا من أجل أن أثنيكم عن معتقدكم, لكن لنا لقاء آخر لا ينفع به الندم ولا تفيد به الشفاعة. فهناك أشخاصاً اخترتهم بنفسي من مسلك التوحيد, جئت من أجلهم ومن أجل هدايتهم، لمعرفتي بهم منذ أكثر من 343 مليون سنة, وهم أيضاً يعرفوني.(50/20)
قالت اليهود إلهنا إله بني إسرائيل, وقالت النصارى يسوعنا يجلس على يمين أبيه مع الربة مريم, قال مولاي الحاكم بأمر الله أنتم الآن احملوا قرامي الحطب في أعناقكم وأنتم احملوا صلبانكم, وانتظروني. أنسيتم لقائنا بمقابر طير بالقرافة, ووثيقة العهد الذي كتبتموه على أنفسكم ودونها إمامي سلمان الفارسي, والذي هو حاضر الآن معنا فهو الأمام حمزة بن علي بن أحمد.
ومن كتب على نفسه الوثيقة والعهد في زمن الأمام سلمان هو أنتم أنفسكم, وهل يخفى علي خافية في الماضي أو الحاضر أو المستقبل, أم تحسبوني أنسى, أو لم أكن حاضراً . قالت السنة والشيعة إلاَّ رسول الله, قال مولاي الحاكم بأمر الله وهل أبقيتم أنتم وجحافلكم الزاحفة ماء لوجه الله !!!؟؟؟(50/21)
أأصبحت عندكم طوراً طاغية وديكتاتوراً, وطوراً جزاراً, وتارة مجنوناً, وتارة مهزلة وحديثاً للتندر والفكاهة في مراقصكم الليلية التي تسمونها حلقات الذكر والمجالس الإيمانية، وتارة غريب الأطوار , وعلكة تتعلكها مومساتكم وكركوزاتكم , وفي مقاهيكم ومنتدياتكم وشوارعكم ومسارحكم وترهاتكم ..... وتدافعتم شرفاً إلاَّ رسول الله .... من يكون رسول الله؟؟؟, ألا تستحيون من وجه الله, إنها ذكرى لمن يدّكر, ولنا لقاء آخر, ومقابل هذه الغمزات واللمزات سوف تبكون بدل الدمع دماً فانتظروني, فإن كنت ربكم فالويل ثم الويل لجميعكم, وأن وجدتم إله غيري فهنيئا لكم. قال الأمام أبو الفضل حمزة بن علي بن أحمد الزوزني الصفوي: بل إلاَّ وجه الله. فأنا المهدي المنتظر, وأنا صاحب القيامة والميزان, وأخبركم أن لا شفاعة عندي لأحد حتى لو كانت شفاعة الملائكة الكروبيين, طالما الله لن يشفع لكم, وأقول أيضاً إن وجدتم إماماً غيري, فهنيئاً لكم. لكن إن جيء بكم ولم تجدوا غيري (ولن تجدوا غيري) فلسوف تروا العجب العجاب, ولسوف أحاسبكم بأثقل الموازين, ميزان حرمة الخالق العظيم و كرامته. فيا ويلكم مني , فانتظروني , فأنا بغاية الشوق لكم .. .
ابن عباس يناظر الخوارج!
ابتع أهل السنة والجماعة، وعلى وجه الخصوص حكامهم وعلماؤهم، طرقاً عديدة للتعامل مع الفرق المخالفة، توزعت بين اللين والشدة، بحسب ما تقتضيه الظروف. وبرغم ما لقيه أهل السنة قديماً وحديثاً من هذه الفرق من نشر للبدعة والانحراف، ومن الإيذاء والتآمر، ورفع السلاح احياناً، إلاّ أن أهل السنة من عملت ما اتبعوه من أساليب نحو أتباع هذه الفرق: دعوتهم ونصحهم، ومناظراتهم لبيان الحق وإظهاره أمام عموم المسلمين ونصحاً وأداءً لواجب الدعوة والنصيحة وأملاً في أن يهدي الله أقواماً منهم إلى طريق الحق والخير.(50/22)
وقد شاهدنا قبل عدة سنوات على شاشة بعض القنوات الفضائية مناظرات بين بعض علماء أهل السنة، وبين بعض علماء الشيعة الاثنى عشرية، وقد ساهمت تلك المناظرات في بيان الباطل الذي يعتقده الشيعة.
ولم تكن المناظرات بين علماء أهل السنة، ورؤوس الفرق أمراً جديداً، فقد نشرنا في العدد ... من الراصد أمر مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية لمبتدعة الطريقة الرفاعية الصوفية، الذين افتضيح أمرهم وما هم عليه من السحر والشعوذة والخرافة وخداع بسطاء المسلمين، ليكون المسلم على بيّنة من أمر هؤلاء وغيرهم.
ومن المناظرات التي سجلتها لنا كتب الفرق والتاريخ، مناظرة الصحابي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما للخوارج الذين خرجوا على خليفة المسلمين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أعقاب حادثة التحكيم التي جرت بعد معركة صفين بين جيشي علي ومعاوية. تعود بنا الذاكرة بادى ذي بدء إلى عام 37هـ، وهو العام الذي شهد معركة صفين بين جيشي علي ومعاوية، وما تبعها من لجوء الفريقين إلى التحكيم حقناً للدماء.
وبالرغم من أن التحكيم لاقى ارتياحاً في صفوف المسلمين الذين أنهكتهم الحرب، وساهم في حقن دماء المسلمين، إلاّ أن نفراً من جيش علي رضي الله عنه، رأوا في التحكيم مخالفة شرعية وإثماً وباطلاً.(50/23)
هؤلاء القوم الذين عرفوا فيما بعد بـ "الخوارج" لم يكتفوا برفض التحكيم وآثاره إنما خرجوا على خليفة المسلمين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وصاروا يقومون عليه في المسجد ويصيحون قائلين "لا حكم إلاّ لله" معتقدين أنّ علياً بلجوئه إلى التحكيم خالف مبدأ أن الحكم لله وحده، وحملهم ذلك على إعلان الحرب على المسلمين وخليفتهم والإفساد في الأرض. وبالرغم من الصرامة التي أبداها علي تجاه إفسادهم، إلاّ أنه كان حريصاً على حوارهم وهدايتهم لعلمه بجهلهم وتنطعهم في الدين، وأن إفسادهم ناتج عن شبهات وجهل، فكان يحاورهم. وفي إحدى المرات أرسل علي رضي الله عنه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهو حبر الأمة وترجمان القرآن لمناقشتهم ومحاورتهم في الأمور التي نقموها على علي رضي الله عنه وجعلتهم يخرجون عليه ويفارقون جماعة المسلمين.
وفي السطور القادمة يروي ابن عباس أمر مناظرته مع هؤلاء الخوارج: يقول رضي الله عنه: لما اجتمعت الخوارج في دارها وهم ستة آلاف أو نحوها قلت لعلي: يا أمير المؤمنين لعلي ألقى هؤلاء - أي لأحاورهم - قال: فإني أخافهم عليك، قلت: كلا، فلبس ابن عباس حلتين من أحسن الحلل، وكان جهيراً جميلاً، قال: فأتيت القوم فلما رأوني قالوا مرحباً بابن عباس وما هذه الحلة؟ قلت: وما تنكرون من ذلك لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة من أحسن الحلل، قال ثم تلوت عليهم: {قلْ مَنْ حَرَّمَ زيِنَة اللهِ التِي أخْرجَ لِعبَادِهِ} سورة الأعراف (32).
قالوا فما جاء بك؟ قلت: جئتكم من عند أمير المؤمنين ومن عند أصحاب رسول الله ?، ولا أرى فيكم أحداً منهم، ولأبلغنكم ما قالوا، ولأبلغنهم ما تقولون، فما تنقمون من ابن عم رسول الله ? وصهره؟(50/24)
فقالوا: ننقم عليه ثلاث خلال، أحداهن: أنه حكّم الرجال في دين الله وما للرجال ولحكم الله، والثانية: أنه قاتل فلم يُسبِ ولم يغنم، فإن كان قد حل قتالهم فقد حل سبيهم وإلا فلا. والثالثة: محا نفسه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير المشركين.
قلت: هل غير هذا؟ قالوا: حسبنا هذا، قلت: أرأيتم إن خرجت لكم من كتاب الله وسنة رسوله أراجعون أنتم؟ قالوا: وما يمنعنا، قلت: أما قولكم إنه حكّم الرجال في أمر الله، فإني سمعت الله يقول في كتابه: {يا أيُّها الذينَ آمنُوا لاَ تقتلُوا الصَّيدَ وأنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قتلهُ منكم متعمداً فجَزاء مثلُ مَا قتَلَ مِنَ النعَم يَحّكُمُ بهِ ذوَا عَدّلٍ منكُم} سورة المائدة (95)، وذلك في ثمن صيد أرنب أو نحوه قيمته ربع درهم فوض الله الحكم فيه إلى الرجال، ولو شاء أن يحكم لحَكمَ، وقال: {وَإنْ خفتمْ شِقاق بَينهما فابْعثوا حَكماً من أهلهِ وَحَكماً من أهلِهَا} سورة النساء (35)؛ أخرجتُ من هذه؟ قالوا: نعم. قلت: وأما قولكم قاتل فلم يسب فإنه قاتل أمكم - أي عائشة( ) - فإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها أمكم فما حل سباؤها، فأنتم بين ضلالتين؛ أخرجتُ من هذه قالوا: نعم. قلت وأما قولكم: إنه محا اسمه من أمير المؤمنين( ) فإني أنبئكم عن ذلك أما تعلمون أن رسول الله ? يوم الحديبية جرى الكتاب بينه وبين سهيل بن عمرو، فقال يا علي اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقالوا - أي المشركين - لو علمنا أنك رسول الله ما قاتلناك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال اللهم إنك تعلم أني رسولك ثم أخذ الصحيفة فمحاها بيده، ثم قال يا علي اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله، فوالله ما أخرجه ذلك من النبوة؛ أخرجتُ من هذه؟ قالوا: نعم.
قال الراوي عن ابن عباس: (فرجع ثلثهم إلى جيش علي، وانصرف ثلثهم، وقُتل بقيتم على الضلالة).(50/25)
إن مناظرة ابن عباس للخوارج وحرصه على إزالة شبهاتهم تدل على حرص أهل السنة قديماً وحديثاً على إظهار الحق والرحمة بالخلق، قدوتهم في ذلك رسول الله ? الذي لقي من أهل مكة الأذى الكثير، فلم يزده ذلك إلاّ حرصاً على دعوتهم وهدايتهم.
الأمر الثاني في هذه المناظرة: ضرورة أن يتحلى المناظر بالعلم والفصاحة والنباهة، فقد أحسن علي رضي الله عنه عندما أرسل إلى الخوارج، عبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن، وابن عم رسول الله ?.
ثالثاً: أن يكون المناظر على علم بفكر القوم الذين يناظرهم ومنطقهم، ليسهل عليه التعامل معهم، ودعوتهم بما يناسب حالهم.
رابعاً: لا ييأس المسلم من المبتدعة وأصحاب الأفكار المنحرفة، فقد هدى الله عدداً كبيراً من هؤلاء الخوارج، وعادوا إلى جادة الصواب على يد ابن عباس.
للاستزادة:
(1)…"الفرق بين الفرق" الإمام عبد القاهر البغدادي.
(2)…"البداية والنهاية" (الجزء السابع) - الإمام ابن كثير.
موقف الشيعة وإيران من جماعة الإخوان المسلمين
هذه الدراسة تهدف لبيان موقف ورؤية إيران والشيعة، من جماعة الإخوان، ذلك أن جماعة الإخوان متعاطفة مع الشيعة وإيران، وأحياناً تكون في مقدمة المدافعين عنهما رغم الممارسات السلبية التي تقوم بها إيران والشيعة في حق الإسلام والمسلمين .
تمهيد : موقف جماعة الإخوان المسلمين من الشيعة والثورة الخمينية
…لقد كان ولا يزال موقف الإخوان من الشيعية موقفا متساهلا وذلك بسبب منهج الجماعة القائم على إحسان الظن بالمسلمين وعدم التدقيق على خلفياتهم العقدية، خاصة إذا كانوا في صراع مع القوى المعتدية على الأمة الإسلامية. وحين قامت الثورة الخمينية واستولت على إيران، ساندتها جماعة الإخوان وفرحت بها، وهذه بعض مواقف الإخوان من الشيعة وإيران:(50/26)
1- دور البنا وجماعة الإخوان في تشجيع التقارب بين السنة والشيعة: لقد شجع الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، دعوة التقريب مع الشيعة، وكان من المؤيدين لجماعة التقريب في مصر، بعكس صديقه وأستاذه الأستاذ محب الدين الخطيب الذي كان من أوائل المدركين للخطر الشيعي وألف كتابه "الخطوط العريضة لمذهب الشيعة".
2- د. مصطفى السباعي، المراقب العام للإخوان في سوريا، ذكر في كتابه"السنة النبوية" موقفه المؤيد للتقريب مع الشيعة ومن ثم تبين له عدم جدية الطرف الشيعي في التقريب.
3- الأستاذ عمر التلمساني، المرشد العام الثالث للإخوان المسلمين كتب مقالاً في مجلة "الدعوة" العدد 105 يوليو 1985 بعنوان (شيعة وسنة) قال فيه :" التقريب بين الشيعة والسنة واجب الفقهاء الآن" وقال فيه أيضاً: "ولم تفتر علاقة الإخوان بزعماء الشيعة فاتصلوا بآية الله الكاشاني واستضافوا في مصر نوّاب صفوي.
ويقول أيضاً: "وبعيداً عن كل الخلافات السياسية بين الشيعة وغيرهم، فما يزال الإخوان المسلمون حريصين كل الحرص على أن يقوم شيء من التقارب المحسوس بين المذاهب المختلفة في صفوف المسلمين". ويقول التلمساني أيضاً:" إن فقهاء الطائفتين يعتبرون مقصرين في واجبهم الديني إذا لم يعملوا على تحقيق هذا التقريب الذي يتمناه كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها" ويقول أيضاً :" فعلى فقهائنا أن يبذروا فكرة التقريب إعداداً لمستقبل المسلمين" أهـ.
ومرشد الإخوان المسلمين التلمساني رحمه الله كتب هذا الكلام في عام 1985م أي بعد أن مضى على قيام الثورة الخمينية خمسة أعوام، وهذه الفترة كافية لأن تقوم إيران بتحقيق وعودها وشعاراتها بالوحدة ولكن ذلك لم يحدث.(50/27)
4- الشيخ محمد الغزالي يقول في كتابه "كيف نفهم الإسلام" ص 142 : "ولم تنج العقائد من عقبى الاضطراب الذي أصاب سياسة الحكم وذلك أن شهوات الاستعلاء و الاستئثار أقحمت فيها ما ليس منها فإذا المسلمون قسمان كبيران (شيعة وسنة) مع أن الفريقين يؤمنان بالله وحده وبرسالة محمد ? ولا يزيد أحدهما على الآخر في استجماع عناصر الاعتقاد التي تصلح بها الدين وتلتمس النجاة".
وفي موضع آخر يقول الغزالي: "وكان خاتمة المطاف أن جعل الشقاق بين الشيعة والسنة متصلاً بأصول العقيدة!! ليتمزق الدين الواحد مزقتين وتتشعب الأمة الواحدة إلى شعبتين كلاهما يتربص بالآخر الدوائر، بل يتربص به ريب المنون، إن كل أمريء يعين على هذه الفرقة بكلمة فهو ممن تتناولهم الآية: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [الأنعام:159]".
ويقول الغزالي أيضاً: "فإن الفريقين يقيمان صلتهما بالإسلام على الإيمان بكتاب الله وسنة رسوله فإن اشتجرت الآراء بعد ذلك في الفروع الفقهية و التشريعية فإن مذاهب المسلمين كلها سواء في أن للمجتهد أجره أخطأ أم أصاب".. ثم يقول :" إن المدى بين الشيعة والسنة كالمدى بين المذهب الفقهي لأبي حنيفة والمذهب الفقهي لمالك أو الشافعي"، ثم يختم الغزالي كلامه بقوله: "ونحن نرى الجميع سواء في نشدان الحقيقة وإن اختلفت الأساليب"أهـ.
5- راشد الغنوشي يقول في كتاب "الحركة الإسلامية و التحديث (ص17): "ولكن الذي عنينا من بين ذلك الاتجاه الذي ينطلق من مفهوم الإسلام الشامل مستهدفاً إقامة المجتمع المسلم و الدولة الإسلامية على أساس ذلك التصور الشامل وهذا المفهوم ينطبق على ثلاثة اتجاهات كبرى: الإخوان المسلمين، الجماعات الإسلامية بباكستان، وحركة الإمام الخميني في إيران" أهـ .(50/28)
6- أبو الأعلى المودودي رحمه الله ( ) قال لمجلة "الدعوة" العدد 19 أغسطس 1979م رداً على سؤال وجهته إليه حول الثورة الخمينية في إيران:" وثورة الخميني ثورة إسلامية و القائمون عليها هم جماعة إسلامية وشباب تلقوا التربية في الحركات الإسلامية وعلى جميع المسلمين عامة والحركات الإسلامية خاصة أن تؤيد هذه الثورة وتتعاون معها في جميع المجالات" أهـ.
7- وجاء في مجلة "المجتمع" (العدد 478 بتاريخ 29/4/1980 ص 15) تحت عنوان"خسارة علمية": الشيخ محمد باقر الصدر أحد أبرز المراجع العلمية المعاصرين للمذهب الجعفري.. وأحد أبرز المفكرين الإسلاميين الذين برزوا من فقهاء المذهب الجعفري.. وله كتابات إسلامية جيدة تداولها أيدي المفكرين ككتاب (اقتصادنا) و(فلسفتنا) وغيرهما من الكتب.. لقد تأكد مؤخراً إعدامه بسبب أحداث سياسية .. ونحن بعيداً عن الجانب السياسي .. و الخلاف المذهبي.. نرى أن في فقدان الشيخ الصدر خسارة لثروة علمية كان وجودها يثري المكتبة العربية والإسلامية" أ هـ.
8- "الثورة الإيرانية في الميزان" كان عنوان افتتاحية مجلة "المجتمع" - الممثلة للإخوان المسلمين في الكويت - وقد كتبها الأستاذ إسماعيل الشطي، أحد رموز الإخوان ورئيس تحرير المجتمع قال فيها: "وبما أن الشيعة الإمامية من الأمة المسلمة و الملة المحمدية فمناصرتهم وتأييدهم واجب إن كان عدوهم الخارجي من الأمم الكافرة والملل الجاهلية ..
فالشيعة الإمامية ترفع لواء الأمة الإسلامية و الشاة يرفع لواء المجوسية المبطن بالحقد النصراني اليهودي.. فليس من الحق أن يؤيد لواء المجوسية النصرانية اليهودية ويترك لواء الأمة الإسلامية". ثم يقول الشطي أيضاً في مقاله:" ويرى هذا الصوت أن محاولة تأسيس مؤسسات إسلامية في إيران تجربة تستحق الرصد كما تستحق التأييد لأنها ستكون رصيداً لأي دولة إسلامية تقوم في المنطقة إن شاء الله.. وما ذلك على الله ببعيد"( ) إهـ.(50/29)
9- لقد قامت جماعة الإخوان باستئجار طائرة خاصة لقيادات الجماعة من عدة دول للقيام برحلة تهنئة للخميني في طهران بنجاح الثورة .
10- د. طارق السويدان في محاضرته" الحوار في الساحة الإسلامية واقع ومعالجات" يقول: "واعتقد أن نقاط الاتفاق كثيرة جداً، واعتقد أيضاً أن نقاط القصور كثيرة جداً، ولأضرب مثالاً واضحاً من القضايا الرئيسية يعتز به الأخوة الشيعة: قضية تبجيل وتعظيم أهل البيت عليهم السلام، وكنت تأملت في هذه المسألة عند أهل السنة والجماعة فوجدت أيضاً عند أهل السنة والجماعة تبجيل وتعظيم لأهل البيت، لكن إظهار هذا التبجيل والتعظيم عند أهل السنة بالتأكيد أقل مما هو عند الشيعة، وهذا أنا أقوله بلا تردد قصور عند الأخوة السنة، ويجب أن يعبروا عن حبهم وولائهم وتعظيمهم لأهل البيت، أنا ما أقول هذا الكلام مجاملة لكم، هذا دين، هذا كلام دين موجود في كتاب الله تعالى وموجود في السنة النبوية، وموجود في التطبيق الواضح فتعبيرنا نحن السنة عن قضية حبنا لأهل البيت أقلّ مما ينبغي فيجب أن يزاد".
11- ومواقف جماعة الإخوان المسلمين في دعم حزب الله اللبناني في حربه الأخيرة كانت في غاية التأييد للحزب ورفض أي نقاش حول طائفية حزب الله الشيعية، وأبرزها حملة علماء الإخوان على فتوي الشيخ عبد الله بن جبرين.
وحتى لا نطيل في بيان مشاعر الود لجماعة الإخوان تجاه الشيعة وإيران نحيل القارئ الكريم لكتاب عز الدين إبراهيم "موقف الحركات الإسلامية من الشيعة" لمزيد من المواقف الإخوانية المتعاطفة مع الشيعة وإيران.
موقف إيران و الشيعة من جماعة الإخوان المسلمين
لتسهيل البحث سنجعله في ثلاثة أقسا :
- موقف إيران من الإخوان.
- موقف الشيعة من الإخوان.
- موقف المتشيعين من الإخوان.
1- موقف إيران من جماعة الإخوان:(50/30)
سنعتمد في معرفة موقف إيران من جماعة الإخوان من خلال دراسة ماجستير إيرانية للباحث الإيراني عباس خامه يار "إيران والإخوان المسلمون" والتي تناولت بالتفصيل العلاقات بين إيران، وجماعة الإخوان المسلمين، قبل انتصار ثورة الخميني سنة 1979، وبعدها. يذكر عباس خامه يار ان هناك عناصر إلتقاء بين الشيعة والإخوان يتمثل بالفكر الوحدوي، وموقفهما المشترك من القومية، وقضية فلسطين.
والذي يعنيه خامه يار هنا بالفكر الوحدوي عند الإخوان المسلمين، هو أن هذه الجماعة عموماً لا تحمل موقفاً سلبياً أو عدائياً تجاه العقائد والأفكار الشيعية ،أما الفكر الوحدوي عند الشيعة، أو عند الحركة الشيعية الإيرانية، فيعني به التصريحات أو الكتابات التي صدرت من الخميني وبعض مراجع الشيعة بضرورة التقارب بين السنة والشيعة، واتحادهما لمواجهة الأخطار الخارجية.
ومن ثم يحدد عوامل الافتراق الفكرية بين الإخوان والشيعة وإيران وهي طبيعة الحكومة وشكلها المختلف في رأي الحركتين، واختلاف النظرة إلى معسكري الشرق والغرب، والمسار الإصلاحي والثوري.
وهنا تبدأ صورة الموقف الإيراني الحقيقي من الإخوان تتضح، فجماعة الإخوان حسب نظرة الباحث "لا يهتمون بشخص الحاكم ولا بمواصفاته التي ينبغي أن يتحلى بها ولا بوقت وكيفية تنفيذه للأحكام" (ص163).
…
والحكم السابق الذي أصدره خامه يار على الإخوان، ومن خلالهم على أهل السنة، قراءة مغلوطة لقول حسن البنا الذي أورده المؤلف بعد إصداره لحكمه السابق، حيث يقول البنا: "فالإخوان المسلمون لا يطلبون الحكم لأنفسهم، فإن وجدوا من الأمة من يستعد لحمل هذا العبء وأداء الأمانة والحكم بمنهاج إسلامي قرآني فهم جنوده وأنصاره وأعوانه، وإن لم يجدوا الحكم من منهاجهم فسيعملون لاستخلاصه".(50/31)
وبنفس المعنى يقول المرشد الثالث للإخوان ،عمر التلمساني رحمه الله: "فلا يعنينا شخص من يحكم، ولكن في المقام الأول يهمنا نوع الحكم وشكله ونظامه وبعد ذلك فليحكم من يحكم".
وبالتالي فإن التصريحات السابقة للبنا والتلمساني تعني أن الإخوان لا يشترطون أن يكون الحاكم من جماعتهم، إنما ليحكم من يحكم، شريطة أن يحكم بالشريعة، وإذا فعل الحاكم ذلك، فإن الإخوان سيكونون له عوناً وسنداً. أما الفهم المغلوط الذي خرج به خامه يار حول الحاكم عند أهل السنة والإخوان، وتصويرهم بأنهم مع جور السلطان وظلمه كما ذكر ذلك في مواضع عديدة من الكتاب، أمر منافٍ للواقع والحقائق، لا سيما وأن بعض الأقوال كانت تفتقد للعزو وذكر المصدر.
مما تأخذه الحركة الشيعية على جماعة الإخوان المسلمين أنها تصدت بقوة للغزو الشيوعي و الماركسي الذي شكل خطراً جسيماً على الشعوب الإسلامية في حقبة السيتنات والسبيعنيات من القرن الماضي!!
كذلك من مؤاخذات الحركة الشيعية وإيران على جماعة الإخوان أنها " حركة إصلاحية محافظة، وليست حركة انقلابية" ص189 ، وأن سياستها تقوم على التربية والتثقيف والدعوة، وعدم جواز الخروج على الحاكم الظالم، واعتماد أساليب العمل السلمي، ومنه العمل البرلماني... (مع بعض الاستثناءات).
أما "الحركة الإسلامية الإيرانية" فإنها تشكك في هذا المنهج الإخواني، السلمي التربوي، متسائلة: "ما الذي أسفر عنه الأسلوب الإصلاحي التربوي للإخوان بعد خمسين سنة من تجربته؟ وإذا كنّا نتقبل جواب الإخوان على أنه لم يغير الحكومات ولكنه خلق قاعدة عريضة ودائمة، فإن سؤالاً آخر يطرح نفسه، وهو: هل يستحق هذا الأمر كل هذا الثمن الباهظ"؟ (ص202).(50/32)
وتحاول "الحركة الإسلامية الإيرانية" التدليل على صحة نهجها الثوري بانتصار الثورة على نظام الشاه سنة 1979م، وهي "ترتكز على الأصول الشيعية في عملها، وتتأثر بالأحداث التاريخية، وبالمظالم التي تعرض لها الشيعة على امتداد تاريخهم، وبالمعارضة التقليدية التي عرفوا بها حكام الجور والظلم، ويطلقون شعار (كل أرض كربلاء، كل يوم عاشوراء) مقتدين بالمنهج الدموي الذي سلكه الإمام الحسين في كربلاء.…
ويبقى الخيار مفتوحاً أمام زعماء هذه الحركة لاختيار الظروف الزمانية والمكانية المناسبة واختيار أقصر الطرق لتحقيق هدفهم السامي" (ص 203).
وقول خامه يار السابق لا يدع مجالا للشك في خطورة الفكر الشيعي وأنه لا يمكن الوثوق به، حيث يهدف لتثوير الحركات السنية وهو ما ثبت خطأه وعدم جوازه شرعاً ولا جدواه عقلاً.
ومما يثير الاستغراب في هذا الصدد أن المؤلف رغم اعترافه بأن السياسات الإيرانية من تشجيع التجمعات الشيعية على التمرد ودعم نشاطات التشييع في أوساط أهل السنة وظلم السنة في إيران كانت سبباً في نفور أهل السنة من الثورة، إلاّ أنه يحمل الإخوان مسؤولية فتور العلاقات مع إيران، معتبراً أنها انساقت وراء الدعاية "الوهابية" ضد الشيعة وإيران، وكأن إيران لا تتحمل مسؤولية إزاء نفور السنة والإخوان عن مذهبهم وثورتهم.
ويستمر المؤلف في تحميل الإخوان مسؤولية ضعف الصلة مع الثورة، لأن الإخوان أخذوا على الثورة مواجهاتها الدموية مع أعدائها، والأحكام التي أصدرتها المحاكم الثورية، واشتراط الدستور أن يكون رئيس الجمهورية شيعياً وإيرانيا، وتحديد نظام ولاية الفقيه كأسلوب للحكم في إيران وحاكمية فئة رجال الدين... (ص228)، وكأن المطلوب من جماعة الإخوان السمع والطاعة المطلقة لإيران ، فهل يدرك ذلك قادة الإخوان.(50/33)
ومن المواقف المهمة لإيران تجاه جماعة الإخوان، هو خذلانهم في أحداث حماه حين قام النظام النصيرى البعثي بإبادة جماعة الإخوان المسلمين ، ولم تحاول إيران أن توقف المجزرة على أقل تقدير، بل انحازت للنظام النصيري!! وهذا أمر يصرح به قادة الإخوان في سوريا .وبهذا يتضح أن إيران تنظر لعلاقتها بجماعة الإخوان على أنها وسيلة لتحقيق مصالحها الشيعية وليست علاقة نزيهة تقوم على أسس الوحدة وعاطفة الإسلام كما تتصور جماعة الإخوان ، فهل يدرك الإخوان ذلك؟؟
2 - موقف الشيعة من الإخوان:
يمكن للباحث الوقوف على العديد من التصريحات والمواقف التي تكشف عن حقيقة نظرة الشيعة للإخوان المسلمين ومنها:
أ- أفتى الشيخ أحمد المهري الزعيم الشيعي البارز في الكويت بتحريم التبرّع لحركة حماس أو مساعدتها، مكرراً بلسانه الفتوى ثلاث مرات:حرام! حرام! حرام!، وفي معيّة الفتوى وفرة من الافتراءات والأكاذيب والتخرصات والحقد الأسود الذي يطمس على العيون، وذلك سنة 2006 م.
ب- بعد أن طفح الكيل بالشيخ يوسف القرضاوي من الممارسات الشيعية الطائفية في العراق والتي أوغلت في القتل على الهوية فبلغ القتلى مئات الألوف، أصدر بعض التصريحات المتأخرة دفاعاً عن هؤلاء الضعفاء والمساكين، فخرجت المنتديات والمواقع الشيعية بسب القرضاوي الذي دافع دفاع المستميت عن حزب الله قبل بضعة شهور من ذلك.(50/34)
فهذا إدريس هاني متشيع من المغرب يخاطب القرضاوي قائلا: "وكنا ننتظر منكم أن تخرجوا من قصوركم المنعمة ورفاهيتكم الفاحشة وتذهبوا إلى العراق وتقبلوا أن تتواضعوا وتجلسوا مع السيد السيستاني على الحصير وتأكلوا من يابس مأكوله وتلطخوا أحذيتكم الملكية بالطين" و" أقول لك بأنك، بهذه الحركات المكوكية الطائفية، تجاوزت حدك ومارست سلطانك الغاشم وبدأت تتصرف كأمبراطور يصادر الأمة حقها في الاختلاف ويكرهها بالضغط على تبني الرأي الواحد ويستهين بعقول الأمة.." و يقول:" نرجو أن تتعقلوا أكثر وتخدموا التقريب والوحدة من طرقها الصحيحة لا من طرق الاستبداد والتجديف والتهريج..".
هذا بعض كلامه على القرضاوي مع أن إدريس هاني قال في بداية مقاله "يشهد الله أنني حاولت أن أجتهد وسعي، لكي أتفهم ما جاء في تصريحكم خلال مؤتمر الحوار بين المذاهب الإسلامية الذي أنهى مؤخرا أشغاله في الدوحة..وذلك لأنني أريد أن أصدق نفسي بأن ما يصدر عنكم هو نابع من تقدير خاطئ ومتسرع للأحداث وليس وراءه نية سوء وتبييت مدبر. أتمنى أن أبقى على هذا الاعتقاد وأرفض سواه ولو كان هو الحقيقة المرة .. فلو أردت أن أقرأ تحركاتكم الأخيرة وأحللها حسب ما يفعل عادة كل مهجوس بداء المؤامرة الذي عفانا الله منه، لقلنا الكثير مما لا تحمد عقباه".
ج- أما إذا ذهب القارئ في جولة في المنتديات الشيعية فسيجد السب والشتم لجماعة الإخوان وخاصة لحركة حماس ووصفها بأنها وهابية، تكفيرية، إرهابية، ناصبية، معادية لشيعة آل البيت، كما سيجد اتهام قادة حماس التاريخيين كالشيخ أحمد ياسين والدكتور الرنتيسي بأنهم نواصب وكفار. ولذلك أظهر العديد من كتابهم الشماتة بمقتل الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي وتهنئة شارون على ذلك، حيث نقلت مواقع الإنترنت قول أحدهم أخزاه الله "تسلم ايدك يا شارون"!!
3- موقف المتشيعين من الإخوان:(50/35)
يعتبر موقف المتشيعين المصريين من الإخوان المسلمون في غاية السوء، دون مبرر واضح، وهو يتنوع من الشتم إلى التحقير والإزدراء ، ورميهم بالعمالة للغرب، ناهيك عن التكفير والتخوين.
1-…يقول د.أحمد راسم النفيس وهو من أبرز قادة المتشيعين في مصر، وله مقال أسبوعي في صحيفة القاهرة وكثيراً ما يهاجم جماعة الإخوان في مقالاته وزاد هجومه عليهم بعد سيطرة حماس على غزة.
في كتابه "رحلتى مع الشيعة والتشيع في مصر" يصرح أنه انضم للإخوان لمدة 10 سنوات حتى بداية عام 1985م (ص 13)، وقد وصف سلوكهم بأنه هو"الفجور الأخلاقي الذي أدمنه هؤلاء الأفاكين" (ص14)، كما يعتبر أن حسن البنا "هو أول من افتتح ثقافة العنف المعاصرة ... وانتهى به الأمر لأن يقتل (رأساً برأس) وليس شهيداً كما يزعم الأفاقون ومزورو التاريخ المعاصر" (ص17). ويواصل النفيس ( ص 26) توصيف فكر جماعة الإخوان بقوله: "الثابت أن منظري الإخوان قد اتخذوا من ابن تيمية مرجعاً فقهياً لفتواهم الدموية، ذلك الفكر التكفيري الدموي الذي ما زال يترعرع و يتمدد في حماية هؤلاء الجهال المنتفخين".
2 - وفي كتابه "الجماعات الإسلامية محاولة استمساخ الأمة" (ص120) يقول: "لعبت جماعة الإخوان دوراً رئيسا في تعقيد أزمة مصر"!! ويكرر (ص193، 221) أن البنا مؤسس فكر التكفير. ويؤيد منع ترخيص جماعة الإخوان في مصر (ص178). وهذه برقيات سريعة من كتاب النفيس "الجماعات الاسلامية":
" بطل الكشافة مؤسس الإخوان" (ص155 ). ويقول عن الشيخ سعيد حوى: "فالرجل لم يكف عن إطلاق مدافعه الثقيلة على الأمة العليلة" (ص54 ).
وعن مأمون الهضيبي يقول: "إنه نموذج للعامل على غير بصيرة لم تزده شدة السير إلا بعداً عن الطريق الواضح" (ص59 ).
ويصف المستشار البهنساوى بأنه "أحد محامي الضلال" (ص255).(50/36)
3 – أما الشيخ يوسف القرضاوي، فيفرد له النفيس مجلدا خاصاً! بعنوان "القرضاوي وكيل الله أم وكيل بنى أمية"، ملأه بالطعن والشتم للقرضاوي بسبب كتابه "تاريخنا المفترى عليه"، وهذه بعض شتائم النفيس للقرضاوي "منطق الشيخ المهترئ" و"الفتاوى الذي يتكسب هؤلاء السادة منه" (ص90).
" الرجل متسق مع واقعه البائس وارتمائه في أحضان سلطة أموية عربية تعمل في خدمة الصليبية والصهيونية" (ص91). "وبعد أن ألقى الشيخ تلك القذيفة السامة" (ص97).
4- أما صالح الورداني الزعيم المتشيع في مصر، المبشر بمذهب جديد! في كتابه "أزمة الحركة الإسلامية المعاصرة من الحنابلة إلى طالبان" فيقول عن جماعة الإخوان: "هم الذين أرضعوا التيارات الإسلامية الناشئة الفكر الوهابي الذي اكتووا بناره فيما بعد .." (ص42)، و يتهم جماعة الإخوان أنهم" دخلوا في تحالف غير مباشر مع النظام البعثي العلماني ضد نظام إسلامي" (ص77) ويقصد العراق وإيران! أما سبب فشل الإخوان فهو يعود بحسب الورداني إلى "البعد السلفي الذي حال بينهم وبين فقه الواقع فقهاً صحيحاً وكان عبد الناصر أفقه به منهم" (ص101).
وبعد، هذه هي الحقيقة التي يجب ان يعلمها الجميع وخاصة جماعة الإخوان وهي أن الشيعة لا يحبون أهل السنة حتى لو كانوا متعاطفين معهم كجماعة الإخوان المسلمين، وذلك أن كل من لا يؤمن بإمامة الإثنى عشر وأنها ركن من أركان الإسلام هو كافر!!
فإذا كان هذا الكره والعدوان من الشيعة على جماعة الإخوان المسلمين المتعاطفة معهم ، فكيف سيكون موقف الشيعة من بقية أهل السنة وخاصة غير المتعاطفين معهم ؟؟
فلنكف عن تقديم الهدايا والأعطيات من التأييد والثناء والدفاع عن من لا يستحق ذلك ، وهو في الحقيقة يضمر لنا العداوة و البغضاء .
الكليني وتأويلاته الباطنية للآيات القرآنية
في كتابه "أصول الكافي"
د. صلاح عبدالفتاح الخالدي(50/37)
يعالج هذا الكتاب قضية مهمة وهي حقيقة النظرة الشيعية للقرآن الكريم وذلك من خلال أهم كتاب حديثي في التراث الشيعي "أصول الكافي للكليني"، وهو بذلك يتجاوز قضية موقف الشيعة من قضية تحريف القرآن والتي يحاولون إنكارها ونفيها عنهم، فجاء هذا الكتاب ليكشف عن حقيقة نظرة الشيعة للقرآن الكريم من خلال أصح مروياتهم والتي تعالج تفسير القرآن فإذا هي تهدم القرآن باسم تفسيره!
وقد صدر هذا الكتاب عن دار عمار – الأردن، سنة 2007م ويقع في (324) صفحة من القطع الكبير.
قدم د. صلاح الخالدي لكتابه بمقدمة بيّن فيها أن كثيراً من الفرق الإسلامية لم تحسن فهم آيات القرآن، وأن هذا الخطأ في فهم آيات القرآن يقع من جهتين:
1-…الخطأ في المدلول والدليل معاً، كأن يكون عندهم مبادئ سابقة مخالفة للقرآن فيحاولون إيجاد شواهد لها من القرآن، وهذا صنيع الشيعة والمعتزلة والخوارج وغيرهم.
2-…الخطأ في الدليل دون المدلول، وهو أن يكون المدلول صوابا لكن ليس هذا مراد الآية، كما حصل لبعض مفسرى السنة. ويقرر د.الخالدي بحكم تخصصه في التفسير، أن تفاسير الشيعة من أهم الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن. أما عن سبب اختيار كتاب الكافي ليكون موضوع الدراسة فيقول د. الخالدي إن الكافي سمي بذلك لأن الشيعة يعتبرونه كافياً لهم كما نقلوا عن إمامهم المهدي!!
وقد تناولت دراسة الخالدي: مقدمة الكافي، وكتاب فضل العلم، والتوحيد، والحجة وهو أطولها، والإيمان والكفر، وفضل القرآن.(50/38)
وبحسب المؤلف فإن معظم روايات التفسير خاطئة والمعانى التي قدمها فيها مردودة ، فقد بلغت عدد الآيات التي تناولتها الدراسة 226 آية، وبالرغم من أن الروايات التاريخية التي تتحدث عن القرآن وعن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه تشكك بحفظ القرآن، إلا أن د.الخالدي لم يهتم بها لأنها ليست من التفسير، كما لم يهتم بدراسة أسانيد هذه الروايات لأن دراسه الخالدي هي دراسة للمتن، لأن أغلب رواة الشيعة مطعون فيهم عند أهل السنة.
وحرص الخالدي على الابتعاد عن الحكم والاتهام واكتفي بالعرض والنقد، كما أنه دعا الباحثين لدراسة مرويات الكافي بحسب الموضوعات وبيان مدى موافقتها للإسلام وذلك من باب النصح للشيعة وتقديم الحقيقة لهم. وهذه بعض الأمثلة من روايات التفسير في الكليني والتي نقدها الخالدي بحسب ترقيمه:
1- قوله تعالي: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} [سورة عبس الآية 24]، روى الكليني عن أبي جعفر: هو علمه الذي يأخذه عمن يأخذه.
13- قوله تعالي: {آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي} [سورة الحجر الآية 87]، روى الكليني عن أبي جعفر: نحن المثاني.
22- قوله تعالي:{يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء} [سورة البقرة الآية 269]، روى الكليني عن أبى عبد الله: الحكمة هي طاعة الله ومعرفة الإمام.
139- قوله تعالي: {ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ} [سورة يونس الآية 15]، روى الكليني عن جعفر الصادق: قالوا: أو بدل علياً.
وهكذا تتوالى هذه الروايات العجيبة والغريبة والتي تهدف إلى هدم القرآن والعياذ بالله .
دين الحب(50/39)
قالوا: تم عقد مؤتمر بعنوان (الإيمان والحب والوحدة) بمدينة همبورج بألمانيا (25 - 27) مايو 2006، تحت رعاية الطريقة البرهانية بألمانيا، وقد دعا المؤتمر إلى حوار مفتوح من القلب بين الأديان فى إطار من التسامح والألفة، وتحدث فيه مجموعة مشهورة من العلماء ورجال الدين وغيرهم من المساهمين لعرض مفاهيم رسالات الأنبياء، وكيف كان الحب هو الرسالة المحورية التى ربطت جميع الأديان السماوية.
موقع الطريقة البرهامية
قلنا: صفحة جديدة مخزية في سجل الصوفية الترويج لدين الحب بديلاً عن الإسلام!!
علماء قم ينظمون حملة ضد السعودية بزعم صدور فتاوى سعودية تدعو لتخريب المراقد الشيعية
(مؤامرة جديدة)
قالوا: "إنه إذا لم نتوصل إلى عقد جلسة مع علماء المملكة (السعودية) فإننا سندعو الأمم المتحدة لفرض حصار سياسي واقتصادي ضد المملكة".
المرجع مكارم الشيرازي أحد أبرز مراجع قم
الوطن السعودية
قلنا: يقومون بكل الجرائم والمكائد ثم لا يخجلون من المطالبة بالمزيد من المكاسب.
علمائنا قدوتنا
قالوا: أظهر استطلاع للرأي أشرفت عليه مؤسسة أمريكية بارزة وأُجري في 47 دولة في أنحاء العالم أن شعوب الدول الإسلامية تفوقت تفوقا ساحقاً في مقدار رضى شعوبها عن قادتهم الدينيين وعن تأثيرهم على المجتمعات فيما سجلت الدول الغنية الغربية سخطا كبيرا على أوضاعها الدينية وعلى دور رجال الدين هناك.
العربية نت 25/6/2007
قلنا: الحمد لله وهذا من مبشرات الخير لهذه الأمة.
إجرام لا ينتهي
قالوا: قُتل في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء 18-7-2007 إمام من الطائفة السنية في نيجيريا كان قد اعتقل على خلفية أحداث طائفية مع الشيعة وتم الإفراج عنه قبل شهرين.
وكالات
قلنا : في كل مكان يعجزون عن مقارعة الحجة والدليل على بطلان دينهم فيلجؤن للقتل !!
الثمرة المرة(50/40)
قالوا: "قبل الثورة، في زمن الشاه ورغم أن الناس كانوا يقامرون ويشربون الكحول، لم يكن احد يجرؤ على الحديث عن الدين، أو انتقاده وكان الإيرانيون جميعاً يحترمون ويلتزمون بشهري رمضان ومحرم. أما الآن، وفي عهد الجمهورية الإسلامية فان الناس يتحدون كل هذه التعاليم، خصوصاً بين الشباب فلم يعودوا يصدقون أو يؤمنون بشيء".
الشرق الاوسط 9/8/2007
قلنا: هذه هي نتيجة الإنحراف عن الحق واتباع الأهواء.
كعبة في إيران
قالوا: أقامت مجموعة من الإيرانيين مجسماً، يماثل مبنى الكعبة في ضواحي إحدى المدن الإيرانية وبادرت بالطواف وإقامة مناسك الحج حوله وادعوا أن ذلك يكافئ الحج في مكة المكرمة!!
المجتمع نقلاً عن وكالة "رجاء نيوز" 7/7/2007
قلنا : لن تكون آخر خرافاتهم وبدعهم .
جنون في الكفر!
قالوا: قاتل من رومانيا حاول رفع قضية على الله، لأن حياته كانت صعبة، لكن المحكمة رفضت القضية على أساس أن عنوان الله مجهول ولا يمكن توصيل إجراءات المحكمة.
أخبار مكتوب 19/7/2007
قلنا: لسنا نعرف أيهما أشد كفراً الشاكي أم القضاة؟؟
غزو جديد!
قالوا: خريج من معهد الدراسات الإسماعيلية يساعد في الخطة التعليمية الوطنية في أفغانستان.
موقع معهد الدراسات الإسماعيلية
قلنا: متى يقتنع بعض الناس بخطورة انبعاث الفرق الباطلة بين المسلمين ؟؟
وما تخفي صدورهم أعظم
قالوا: نائب شيعي بحريني يصف أئمة الحرمين الشريفين أنهم "نواصب".
وكالات 8/ 2007
قلنا : أئمة الحرم لا بواكي لهم، أما مراجع الشيعة فتصدر البرلمانات والحكومات والهيئات مئات البيانات المنددة والمحتجة لهم، أما أهل السنة فنيام!!
قائد الجيوش
قالوا: سأل صحفي في أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي شنت على لبنان أحد قادة حزب الله فقال له: هل ستتخلون عن سلاحكم؟ فأجاب نعم، ولكن للإمام الثاني عشر .
نقلاً عن (العرب اليوم في 25/12/2006).
قلنا: هل يدرك إخواننا حقيقة حزب الله ؟؟
البغيض(50/41)
قالوا: دعا ياسر الحبيب الداعية المنتسب للشيعة الإمامية إلى تحرير مكة والمدينة من الوهابية في مقطع فيديو، إلى جانب أنه طعن في حكام آل سعود ودعا إلى تجريم الوهابية عالمياً في مقطع آخر.
صحيفة الوئام
قلنا: اللهم إنا نعوذ بك من عجز التقي وجلد الفاجر.
تحت الطلب
قالوا: «خطوة يتم طبخها في طناجر عين التينة والمجلس الشيعي وحارة حريك حول إقدام المجلس على تعيين مفتٍ جديد لصور وجبل عامل كرديف للمفتي الأصيل العلامة السيد علي الأمين، وفي معلومات خاصة أن الرئيس برّي وقّع على القرار».
المحرر الغربي 27/7/2007
قلنا: حزب الله وحركة أمل لا تتحملان خروج صوت شيعي أكثر عقلانية ووطنية منهم.
الشيء من معدنه لا يستغرب
قالوا: صبحي منصور زعيم القرآنيين يبرر تهديدات نائب أمريكي بضرب الكعبة ويندد بالمسلمين ووصفه بالشجاعة وسمو الخلق وعلو الثقافة ..
المصريون 4 - 8 - 2007
قلنا: ولذلك تدافع عن القرآنيين وزعيمهم أمريكا.
شوكة في عيونهم
قالوا: حلقة نقاشية تعقد في هولندا في سبتمبر القادم حول الوهابية وموقفها من الشيعة.
موقع البرلمان الشيعي الهولندي
قلنا : ليكن هناك مزيداً من الجهد والعمل لنشر دعوة التوحيد .
نعم الحامي
قالوا: شنت "اللجنة الأمريكية الدولية للحريات الدينية" هجوماً حاداً على مصر بسبب اعتقال السلطات 5 أفراد من "القرآنيين" .
قلنا: لو فرضنا أن القرآنيين هم أهل الحق فلم تحرص أمريكا على نصرتهم؟؟
50 ضريحاً تحل المشاكل ..
النفسية .. والجنسية .. والاجتماعية .. للمغاربة
العربية نت 6/8/2007
(هناك اغفال مقصود لحكم الذهاب للأضرحة من قبل معد التقرير ، حيث أن غالب ما يحدث عن الأضرحة هو من الشرك والبدعة. الراصد).
يلجأ كثير من المغاربة إلى أضرحة الأولياء والتقرب إليها بهدف حل مشاكلهم الاجتماعية والنفسية والجنسية, ويعتقد البعض أن كل ضريح يسهم في حل نوع معين من المشكلات والصعوبات التي تواجههم.(50/42)
ومن أبرز هذه الأضرحة التي يبلغ عددها نحو 50, ضريح "سيدي ميمون" بالمنطقة الشرقية من المغرب الذي يشتهر بين عامة الناس بكون المرأة العاقر التي تلجأ إليه تلد بعد وقت قصير وتعود إليها خصوبتها المفقودة, وضريح "سيدي يحيى بن يونس" الذي "يزوج" العوانس.
ويحكي الدكتور عبد المجيد كمي الاختصاصي النفسي أن صديقا له مكانته التعليمية المعتبرة، لم تكن زوجته تلد رغم مرور سنوات عديدة على زواجهما وعرض حالتهما على عشرات الأطباء والمختصين لكن بدون جدوى إلى أن لجأ إلى ذلك الضريح، فلم تمر سوى أسابيع قليلة وحملت زوجته، فسميا مولودهما الأول "ميمون" نسبة وتيمنا بصاحب الضريح.
أضرحة مختصة .. حتى بالحمل !
ويُعرف ضريح "سيدي يحيى بنيونس" شرق البلاد بكونه يزوج العوانس، وضريح سيدي عبد الرحمن "مول المجمر" في نواحي الدار البيضاء وهو مشهور بأنه يعالج "العكس" عند النساء خاصة اللواتي يعانين من مشاكل شخصية أو أسرية، ويبطل مفعول السحر من خلال التبخر عنده ببخار الرصاص المذاب، وضريح "لالة يطو" الذي تفد إليه كل زوجة راغبة في أن تجعل زوجها يحترق شوقا إليها ويعود إليها صاغراً مطيعاً.
وهناك ضريح أكثر شهرة هو ضريح "بوشعيب الرداد" بنواحي مدينة آزمور المغربية، المعروف وسط مرتاديه وزواره بكونه ملاذ النساء المشتكيات الباكيات من حظهن العاثر، فتمشي إليه المرأة العاقر للتبرك، حيث تفتح حزامها داخل الضريح وتتركه هناك ليبيت ليلة بغية نيل بركة ولي الله بوشعيب الرداد، التي تجعلها - حسب اعتقادها - ذات رحم خصبة، ومنهن من تلجأ إلى هذا الضريح للحفاظ على زوج متمرد أو يسعى للزواج بثانية.…(50/43)
ومن الأضرحة المشهورة أيضا بالمغرب ضريح "لالة عيشة البحرية" بضواحي آزمور وهو "مختص" في طرد شبح العنوسة عن الفتيات اللائي فاتهن قطار الزواج، وتقوم العانس داخل الضريح بمزج الحناء بماء الورد وبلوازم أخرى وتخط بيدها اسم زوجها الموعود على جدار الضريح بجانب كثير من الأسماء الأخرى ما يدل على توافد العديد من العوانس على نفس الضريح ومن أجل الغاية ذاتها.
دراما نفسية:
ويفسر الدكتور عبد المجيد كمي أن العانس حين تلجأ للضريح تذهب إليه بثقة عمياء، وبانقياد تام وهو ما يسميه المغاربة "التسليم" أو "النية"، ويسميه أهل الاختصاص العلاج بالإيحاء، والثقة هنا لها دور في التخفيف عن الضغط النفسي على هذه العانس أو أي زائر للضريح من أجل غاية أخرى.
والمصابون بالنوبات الهستيرية ـ يردف الخبير النفسي ـ يستجيبون أيضا لخاصية الإيحاء وتفيدهم زيارة الأضرحة حيث يعتبر مكانا مناسبا لتفريغ شحناتهم النفسية الشديدة، فالمرأة التي تتخبط وتسقط بعنف على قبر الولي بالضريح أو في أرجائه والناس يحيطون بها ورواد الضريح يهتمون بها.
ويضيف أن هذه الظروف التي تحف بمثل هذه الزائرة المريضة تخف من حدة مشكلتها، فضلا عن ما يمكن تسميته "الدراما النفسية"، حيث يجد زائر الضريح لغرض معين عينات بشرية ترنو لنفس الهدف أو أشخاص آخرين لها حوائج أخرى فيتحاكون مما يفضي إلى متنفس للعلاج، غير أن هذا لا يعني أن ارتياد الأضرحة كله إيجابيات بل إن سلبياته وعواقبه أعقد مما يمكن تصوره"...
خيارات غير محسومة:(50/44)
ويعتبر الأخصائي الاجتماعي الدكتور عمر حمداش أن الأضرحة بالمغرب تعتبر مؤسسة اجتماعية قائمة الذات عبرت عن حكمة جماعية في تدبير العلاقات والأوضاع الاجتماعية العادية وفي التعامل مع الأحوال الخاصة من أزمات وتوترات وهو ما ينبغي إيلاؤه التقدير عوض ذلك الموقف الانطباعي العام المستصغر لشأنها. ويعزو حمداش سبب الإقبال على الأضرحة من المغاربة إلى كون الخيارات العامة للناس غير محسومة بعد، فهي "خيارات تكون متوجهة حينا بقيم العلم والعصر الحديث ومتوجهة حينا آخر بقيم الإرث التراثي والثقافي المحلي أو الديني العام، ويمكن أن تكون بعض حالات الفشل أو تعثر مسارات التعامل مع ماهو جديد وحديث مناسبة لتجريب أو استعادة أو استعادة المنظومة الثقافية التقليدية برمتها بما في ذلك اللجوء إلى الأضرحة وممارسة ما يرتبط بها من طقوس ومسلكيات، ويصير وضع الزيارة والضريح في مثل هذه الحالات المرتبكة محققا لمكاسب رمزية واجتماعية هامة.
التفسير السياسي:
وتفشي الأضرحة في قرى المغرب ومدنه، ومكانتها الدينية والاجتماعية والثقافية والنفسية تعود إلى عوامل أخرى كثيرة معقدة، يذكر منها الصحفي الباحث مصطفى حيران أن "مغاربة القاع الاجتماعي والاقتصادي كانوا دائما في حاجة إلى ذلك التفسير الخارق لبعض الظواهر التي استعصت على أذهانهم، من قبيل وجود شخصيات دينية، عبر الأجيال السالفة أتت أشياء خارقة كزهد في الدنيا والناس (لسبب من الأسباب) أو كرامات من قبيل علاج الناس..إلخ، وبطبيعة الحال فإن مستوى الوعي المتدني للناس فضلا عن وجود مصلحة معينة في استمرار الظاهرة، يُفسِّر استمرارها باعتبارها تنتمي لزمن طفولة الوعي البشري.(50/45)
ويعطي الباحث المغربي تفسيرات سياسية لظاهرة إقبال المغاربة على الأضرحة طلبا للعلاج وقضاء الحاجات، ويقول إن أي مركز حكم في كل المجتمعات، يسعى إلى استثمار بعض عناصر المحافظة الاجتماعية والدينية والثقافية المتأصلة أو المكتسبة لدى المحكومين، غير أن مكونات المحافظة تختلف من مجتمع لآخر، وبالنسبة للمغرب فإنها تتخذ أشكالا غاية في الخرافة والشعوذة، مثل الأضرحة والمواسم وما يُحيط بها من طقوس وثنية جديرة بمتحف التاريخ، وسعي صلب الحكم – أي المخزن – إلى استثمار هذا التخلف الديني والثقافي، يؤكد أن استمرار شكل حكمه التقليدي رهين – في جزء كبير منه – ببقاء مثل هذه المظاهر المتخلفة.
الآثار الاجتماعية:
والإقبال على هذه الأضرحة والإدمان على زيارتها ووضع الثقة النفسية والاجتماعية فيها لحل مشكل ما أو علاج مرض معين تؤشر على وجود مواقف ومشاعر وسلوكات دالة على تلك الحظوة التي مايزال الضريح يحتلها في وجدان ورؤى المغاربة. ولا أدل على ذلك، يشرح الدكتور عمر حمداش، من اقتران بعض الأيام الأسبوعية والمناسبات الاجتماعية أو بعض الاحتياجات العائلية والشخصية بمثل هذه الزيارات المتواترة عند عدد لا يستهان به من المغاربة وخاصة النساء منهم بأجيالهم المختلفة، ويمكن أن تكون فترات مثل الصيف مناسبة لإنعاش ملموس وواضح لمثل هذه الحالات.(50/46)
ويضيف الخبير الاجتماعي أن الإدمان على زيارة الأضرحة قد يكون مكلفا في ما يتعلق بالانعكاسات الاجتماعية السالبة المحتملة لعلاقات الزوج بزوجته أو علاقات الجيران ببعضهم، أو ما يمكن أن يصادف المرء أثناء الزيارة من متاعب صحية أو بدنية قد لا تجد الصدى والتفهم المطلوب على صعيد الأسرة بالأساس في ظل اتخاذ موقف رافض أحيانا من الرجال لزيارات تعتبر مشبوهة تقوم بها النساء، مما يجعل التوتر يجد أرضا خصبة له عبر الزيارة والتبرك بالضريح بعد أن كان الضريح مناسبة فيما سبق لتخفيض التوترات ومعالجة الأزمات وتسوية الخلافات والبحث عن حلول.
ضرب وتنكيل:
من جانبه، يطرح الأخصائي النفسي عبد المجيد كمي مشكلة خطيرة تحدث في بعض الأضرحة بالمغرب من قبيل ما يحدث مثلا في ضريح "بويا عمر" بنواحي مراكش، حيث يقوم بعض القيمين على الضريح المذكور باستغلال البسطاء بل وضرب المرضى النفسيين والمصابين ببعض الأمراض العصبية الذين يزورون الضريح باعتباره مكانا مشهورا في المغرب بمداواة هذه العينة من المصابين.
ويردف كمي أنهم أحيانا يتعرضون للتجويع والتخويف والتنكيل بدعوى أن ذلك سيفيدهم في العلاج، وتزداد حالتهم سوءا من قلة الأكل بل من التخدير أحيانا، ويجمع المرضى 10 إلى 15 فردا في حجرة واحدة في ظروف لا إنسانية، وهذا يحمل معه خطورة حيث لا يأتينا مثل هؤلاء المرضى إلا بعد استشراء المرض النفسي فيهم مما يؤخر العلاج الحقيقي والفعال"...
رضا رسمي:(50/47)
أما الموقف الرسمي من الأضرحة وما يجري فيها فهو موقف مشجع، حيث يقول عبد العزيز سميح مسؤول وقيم عن ضريح معروف تؤمه النساء العاقرات طلبا للعلاج وللخصوبة: إن الضريح بالمغرب يؤدي دوره الاجتماعي والروحاني، والدولة تشجع الأضرحة التي يبلغ عددها زهاء 50 ضريحا بالمغرب، ولا تضع أية عراقيل على الذهاب إليها والتبرك بها لأن الضريح قد يلعب دور المستشفى ودور الطبيب المعالج، وإلا إذا لم تكن هناك أضرحة لطالب مرتادوها وزوارها ببناء مستشفيات ومستوصفات وتطوير البنية الصحية في المغرب.
وقد يتعذر هذا على الدولة أحيانا، لهذا تجد أن هناك رضا رسميا حول دور الضريح واستيعابه لكثير من المشاكل الفردية والأسرية، عدا احتوائه لبعض المطالب الاجتماعية المتنامية.
جدير بالذكر أن الأضرحة بالمغرب تعتبر مثل المساجد والزوايا والمدارس العتيقة فضاءات ومؤسسات تابعة للدولة، تخضع لوصاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وللتنظيم الداخلي لهيكلها ومصالحها، حيث تسهر مثلا مصلحة تسيير الأملاك الوقفية بالوزارة بمراقبة جميع الأضرحة الموجودة بالمغرب، وتهتم مصلحة الأعمال الاجتماعية بشؤونها وبالمواسيم والتظاهرات الدينية التي تقام في فضاءات هذه الأضرحة.
أحمد الخطيب يعاود نشاطه عبر حركة سياسية
العربية نت 7 /8/2007
قال الضابط اللبناني السابق الشهير، أحمد الخطيب، إن توازن التكوين الطائفي للجيش اللبناني على مستوى الأفراد "قد خرق"، مشيرا إلى أن "أعداد المسلمين في الجيش تفوق أعداد المسيحيين، ويكاد أبناء الطائفة السنيّة يشكلون ما نسبته 46% تقريباً من عناصر الجيش على مستوى الأفراد". واستبعد الخطيب فكرة أن يلعب الجيش دورا ما في المعركة الرئاسية المقبلة في لبنان، قائلا إن الجيش يلعب دوراً في ضبط الوضع الأمني، وإزالة حالة الاحتقان الداخلي منعاً للفتنة الواردة، وخارج هذا الإطار لا يمكن ان يلعب دوراً.(50/48)
وأحمد الخطيب ضباط الجيش اللبناني سابقاً، والقائد السابق لـ"جيش لبنان العربي" الذي انشق في عزّ الحرب الأهلية على قيادته مشكلاً جيش لبنان العربي الذي تحالف مع المقاومة الفلسطينية، وسيطر على حوالي 80% من الأراضي اللبنانية. غاب بفعل الأحداث، وهو اليوم يعود مطلقاً حركة لبنان العربي بعد حوالي 25 عاماً على إنهاء الجيش العربي.
ووفقا للصحافة اللبنانية فإن الخطيب، وعند دخول القوات السورية إلى لبنان، اعتُقل مع العديد من رفاقه وحكمت عليه المحكمة العسكرية السورية بالإعدام، وبقي في السجون السورية قرابة سنتين، إلى أن أتت الوساطة العراقية والمصرية والليبية وأُطلق سراحه.
وضع الجيش اللبناني:
وفي حديثه لـ"العربية.نت"، أرجع الخطيب تأخر الجيش اللبناني في حسم معركة البارد، إلى الإعداد الكبير على مستوى التحصين الموجود في المخيم منذ زمن ياسر عرفات، ولكنه يؤكد على ثقته بأن الجيش قادر على حسم المعركة ولو بعد حين. وعن التغيرات التي طرأت على الجيش يقول الخطيب: أولاً عقيدته القتالية، ثمّ التوازن على مستوى الضباط والقيادة حيث لم تكن متوفرة سابقاً وكانت لصالح طوائف معيّنة.
وفيما يتعلق بالتكوين الطائفي على مستوى الأفراد، قال الخطيب إن التوازن على مستوى الأفراد قد خرق، فاليوم أعداد المسلمين في الجيش تفوق أعداد المسيحيين، ويكاد أبناء الطائفة السنيّة يشكلون ما نسبته 46% تقريباً من عناصر الجيش على مستوى الأفراد، والسبب في ذلك يعود إلى افتقارهم إلى فرص العمل، في حين أن أبناء الطوائف الأخرى لهم مجالات عمل إما في الخارج، وإما في تنظيمات محلية.
وحول قدرة الجيش على لعب دور على مستوى رئاسة الجمهورية يرى الخطيب أن الجيش يلعب دوراً في ضبط الوضع الأمني، وإزالة حالة الاحتقان الداخلي منعاً للفتنة الواردة، وخارج هذا الإطار لا يمكن ان يلعب دوراً.(50/49)
وأما بخصوص قائده فيرى أنه يحظى بثقة الجميع، واسمه من الأسماء المطروحة لتولي الرئاسة ولكن دون ذلك عقبات منها ما يعود إلى الدستور الذي لا يسمح بذلك إلا بتعديل، وهذا ما يحتاج إلى توافق القوى السياسية ولا يكون ذلك إلا من خلال حلّ شامل، ومنها أن بعض القوى تتحاشى العودة للمؤسسة العسكرية لتولي موقع الرئاسة .
علاقته بآل الحريري:
وعن حركته التي أطلقها اخيراً وهي حركة لبنان العربي، يقول إنها خرجت من رحم جيش لبنان العربي لأنه يعتبر حل المشكلة اللبنانية لا يكون من خلال المشاريع الطائفية والمذهبية، بل من خلال إلتقاء كل الطاوئف، وجيش لبنان العربي قد جمع هؤلاء سابقاً وهكذا حركة لبنان العربي.
وبخصوص حجم هذه الحركة وصحة ما يقال عن استنادها إلى شعبية آل الحريري، يقول إن شعبية الحركة هي شعبية الجيش العربي، ولا أخفي الصلات الوثيقة مع آل الحريري خصوصاً وان الشهيد رفيق الحريري (رئيس وزراء لبنان الأسبق) قد حاول العمل على إنصاف أفراد جيش لبنان العربي الذين غبنوا في حقوقهم، إسوة بباقي أفراد الجيش من الذين كانوا على صلة بإسرائيل، وهذا ما أكد عليه الشيخ سعد الحريري (زعيم تيار المستقبل). وحول علاقته بتيار المستقبل، يقول "تربطه بالشيخ سعد علاقة لا تشوبها شائبة وإن كانت هناك بعض التحفظات على بعض المسؤولين المحيطين". وحول نظرته للحكومة وموقفه منها، "فهو يقف إلى جانبها ويدعمها ويختار لها لقب الحكومة المقاومة".
جيش السنة ؟
وعن صحة ما قيل عن تشكيله لجيش للسنّة في لبنان، نفى الخطيب أن يكون الكلام الذي أطلقه العقيد القذافي حول هذا الموضوع يعنيه في شيء، وقال جيشي لم يكن طائفياً او مذهبياً بل عربياً، وحركتي كذلك، وأضاف "أرفض الفرز الطائفي والمذهبي لأن ذلك يخدم إسرائيل".(50/50)
وعن علاقته بحزب الله، قال الخطيب : كنا الطليعة في المقاومة، قاومنا عسكرياً ولنا أكثر من خمسمائة شهيد بوجه إسرائيل، وقاوم الرئيس الحريري والرئيس السنيورة سياسياً، واوجد الرئيس الحريري تفاهم نيسان كغطاء للمقاومة، وعلاقتنا بحزب الله تحكمها هذه القاعدة. نحن مع أية بندقية بوجه إسرائيل.
وحول حصرية امتلاك السلاح في الساحة اللبنانية قال الخطيب، المقاومة ليست حكراً ولا وقفاً على طائفة أو حزب معيّن فقط، وانا مع انخراط جميع اللبنانيين في مشروع مواجهة إسرائيل وذلك بالإنتظام من داخل الدولة وخصوصاً المؤسسات العسكرية والتنسيق معها لأجل ذلك.
اخطر دراسة عن التغلغل الايراني في العراق ..
تحذر من خطره على الدول العربية
الاحزاب والمليشيات الدينية تدار بشكل مباشر من قبل المخابرات الايرانية
الملف نت 30/7/2007
كشفت دراسة حديثة عن التغلغل الإيراني في العراق أن العديد من المنظمات والمليشيات المتواجدة في مدينة البصرة تدار بشكل مباشر من قبل المخابرات الايرانية.
وبينت الدراسة التي أعدها باحث متخصص أن لكل من المنظمات والمليشيات الوارد ذكرها تاليا ثلاثة مستشارين إيرانيين يشرفون على الجوانب السياسية والعسكرية والاستخبارية وتعهد إليهم مهمات التدريب والتسليح والتمويل ووضع الخطط ومتابعة تنفيذها.
وبحسب الدراسة التي ينشرها الملف نت فان إيران سلمت تلك الأحزاب أسلحة وذخائر متنوعة أبرزها صواريخ مضادة لطائرات الهيلوكبتر، وصواريخ فجر3.
وتمضي الدراسة للقول أن إيران أنشأت فرقا للموت من أعضاء المنظمات والمليشيات مهمتهم تنفيذ عمليات التصفية الجسدية في شتى أنحاء العراق. تاليا نص الدراسة:(50/51)
بدأت تنكشف الكثير من الحقائق التي طالما تهربت منها حكومتي الاشيقر "إبراهيم الجعفري ونوري المالكي وربما أبرزها استفحال النفوذ الإيرانية في العراق عموما وفي مدينة البصرة خصوصا حيث ظهرت جلياً لكل مواطن بصري ما تقوم به فرق الموت، وأهم هذا الحركات والمنظمات تشمل (المجلس الأعلى {منظمة غدر} حزب الدعوة الإسلامية، حزب الدعوة تنظيم العراق، منظمة ثأر الله أمينها العام المجرم يوسف سنادي الموسوي الذي له علاقة مباشرة مع (الحرس الثوري الإيراني) وكان يلتقي يومياً مع ضابط الارتباط أحمد أباد الذي يسكن البصرة، العشار، الكزارة. حركة حزب الله، منظمة العمل الإسلامي، حركة مجاهدي الثورة الإسلامية، حركة سيد الشهداء، حركة 15 شعبان أمينها العام المقبور مفيد عبد الزهرة، منظمة الطليعة الإسلامية، التابعة لمؤسسة(شهيد المحراب) التي يتزعمها عمار الحكيم، حركة بقيت الله، حزب الفضيلة، حزب الوفاق الإسلامي، التيار الصدري ومرجعيته الإيراني المجرم كاظم الحائري.
يتولى ضباط الحرس الثوري الإيراني وضباط المخابرات الإيرانية الإشراف على كافة نشاطات الأحزاب والحركات المذكورة أعلاه حيث يتواجد هؤلاء الضباط في مقرات هذه الاحزاب والحركات في المحافظات الجنوبية والوسطى والفرات الأوسط وفي بغداد وديالى.
وهناك ثلاثة مستشارين في كل حركة وحزب وهم المستشار السياسي والعسكري والاستخباري، ويقومون بعمليات التدريب العسكري والتدريب الاستخباري والتسليح والتمويل المادي ووضع الخطط لها خلال المرحلة الحالية ومتابعة تنفيذ هذة الخطط...(50/52)
منذ احتلال العراق ولهذا اليوم قامت إيران بإدخال كميات كبيرة من الأسلحة المختلفة شملت(هاونات مختلفة الأحجام قاذفا -b-rg-7 ورشاشات متوسطة أسلحة خفيفة - قناصات - أسلحة ضد الطائرات السمتية - كواتم صوت - أعتده بكميات كبيرة لمختلفة الأسلحة وأخيراً تم تزويد ميلشيات(جيش المهدي) صواريخ أيراني فجر 3 بالتنسيق وبمساعدة عناصر الأحزاب والحركات أعلاه، وإيصالها إلى مقراتها ليجري لاحقاً إخفاءها وتخزينها في الأماكن المخصصة لها وذلك عن طريق محافظات البصرة، الشلامجة، شط العرب، العمارة، قلعة صالح، العزير، واسط، بدرة وجصان، هور الحويزة، ديالى.
قامت إيران منذ احتلال العراق ولحد الأن بأقامة عشرات الدورات للتدريب العسكري وحرب العصابات والشوارع والتدريب الاستبخاري داخل إيران وبأشراف الحرس الثوري والاطلاعات الإيرانية لعناصر الأحزاب والحركات المذكورة أعلاه قيادات الأجنحة العسكرية ومن ثم أعادتهم إلى العراق حيث أن الحدود بين العراق وأيران سائبة وعملية الدخول والخروج منها تتم بكل سهولة من خلال ممرات ومن جميع المنافذ البرية والبحرية....
فرق الموت(50/53)
قام الحرس الإيراني والمخابرات بتشكيل (فرق الموت) وهي مجاميع للاغتيالات والتصفية من عناصر الأحزاب والحركات أعلاه وبداخلها عدد من العناصر الإيرانية وجرى تدريبها داخل إيران على عمليات الاغتيال والخطف وتسليحها وتمويلها والإشراف على عملها والتي تعمل بغطاء تشكيلات وزارتي الداخلية والدفاع وقوائم الأسماء المطلوب قتلها وخطفها وعناوينهم تصل من إيران إلى العراق وبعض تلك الشخصيات تم خطفها وإرسالها إلى إيران وتشمل عمليات الاغتيال والخطف(كبار الضباط في الجيش، الطيارين، ضباط الأجهزة الأمنية، الأطباء، أساتذة الجامعات، البعثيين، رجال الدين البارزين والمؤثرين، شيوخ العشائر الرافضين للأحتلال ...الخ) وعلى سبيل المثال للحصر بلغ عدد قتلى البعث في مدينة صدام 1211 بعثي، وضابط عسكري وأجهزة أمنية ورؤساء عشائر. وفي محافظة البصرة بلغ عدد قتلى البعث 622و28 و36 أستاذ من جامعة البصرة وتربوي. المخابرات الإيرانية تعمل في العراق من الجنوب إلى الوسط إلى الشمال وبكل قوتها وبحرية عالية وتقوم بممارسة نشاطها من خلال الواجهات الاستخبارية المنتشرة في العراق من(مؤسسات العمل الخيري، المستشفيات، شركات السياحة، المنتشرة بالعراق، المكاتب التجارية..).
كما عملت إيران على زج الكثير من العناصر ذات التبعية الإيرانية والأشخاص من ذوي الأصول الإيرانية داخل مؤسسات وزارتي الداخلية والدفاع ووزارات الدولة لأستخادمهم لاحقا في تحقيق أهدافها داخل العراق كما عملت على زيادة كادر السفارة الإيرانية ليصل إلى أكثر من خمسين دبلوماسيا خدمة لأهدافها بالاضافة إلى القنصليات بالمحافظات الجنوبية والفرات الأوسط ....
قامت المخابرات الإيرانية بتشكيل سرايا وفرق للموت وعلى سبيل المثال:
1- سرايا القصاص التي يرأسها رافد المالكي ويسكن مدينة البصرة - كرمة علي (جيش المهدي).(50/54)
2- سرايا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يرأسها ناظم الساري يسكن الحيانية شارع 60(جيش …المهدي).
3- ثار الله وأمينها العام يوسف سنادي الذي يقوم بقتل الرفاق والضباط.
4- 15 شعبان ويرأسها حاليا حمزة البطاط.
5- منظمة الطليعة ويرأسها جبار الموسوي يسكن حس الانتصار.
6- منظمة بدر يرأسها أبو شاكر الرومي يسكن الطويسة انشط هذة المنظمة لاغتيالات قاسم ابن …الحمرة.
7- حركة سيد الشهداء سيد داغر الموسوي وأنشط هذه الحركة نافع السيمري.
8- حزب الدعوة تنظيم العراق يرأسها عطية الجبوري .
9- الفضيلة يرأسها إسماعيل مصبح أخو المحافظ.
وعلى ضوء ما تقدم فأن هذه الاحزاب والحركات المتواجدة في البصرة فقط.
أما في بغداد فمسئول عن "فرق الموت" جلال الصغير بالتنسيق والتعاون مع محافظ بغداد حسين طحان.
زرع الايرانيين في العراق:
1-…عملت أيران منذ احتلال العراق على أنشاء ودعم (الفرس) في العراق وزيادة حجمهم ونفوذهم وجعلهم ذوي نفوذ مادي واجتماعي وديني وسياسي وعسكري بما يجعلهم يبسطون سيطرتهم على كافة شيعة العراق واستخدامهم لمصلحة إيران والعمل على السيطرة على المؤسسة الدينية في النجف من قبل رجال الدين من ذوي الأصول الإيرانية لإصدار الفتاوي التي تخدم الأهداف والمصالح الإيرانية.
ولذلك عملت إيران منذ بداية الاحتلال على إدخال الكثير من العراقيين وغير العراقيين من إيران بشكل عشوائي وغير منظم وفتحت جميع منافذ حدودها مع العراق من أجل أتمام هذه القضية وبمساعدة الأحزاب والمنظمات الموالية لها، حيث تم أسكان العوائل في معسكرات الجيش العراقي ودوائر الدولة الأخرى المحتلة ومن ثم أصبحت واقع حال ...
2-…تعيين كبار الضباط في الداخلية والجنسية والإقامة من الأحزاب الموالية لإيران حيث تم تعين العديد منهم.كما قامت بما يلي:
أ ) أعداد قوائم مزورة لمحافظة بغداد تعود لأشخاص ليس لهم قيود في دائرة الجنسية العراقية وقدمت على أساس أنهم مسفرين ..(50/55)
ب ) منح هويات عودة الى المسفرين الى إيران بدون ضوابط وآخرين قادمين من جنوب لبنان وكثير منهم من عناصر المخابرات الإيرانية والحرس الثوري ..
اجتثاث (97) ضابطاً من المعارضين لهذا الموضوع كما تم أحالة (اللواء سعدي) مدير ديوان الوزارة على التقاعد لنفس السبب وتم نقل (العميد طيف طارق الجوعان) مدير الإقامة كونه معارض لهذا الموضوع وكذلك العمل على أيفاد العديد من الضباط إلى إيران لأخذ دورات في هذا الموضوع، كما وقامت إيران بإصدار وثائق جنسية بموجب المادة كافة العراقيين المسفرين من سنة (1970_1980) وتزويدهم بشهادة الجنسية العراقية والعمل على فتح فرع للجنسية العراقية في إيران لهذا الغرض(التزوير).
صدور قرار (6262 في 28/6/2005) الذي يعطي الموافقة على وضع أشارة التجميد على قيود الأجانب غير الحاصلين على شهادة الجنسية العراقية بغض النظر فيما أذا حصلت الموافقة على الجنسية من عدمه وعملياً سيتم حصول جميع الأجانب المسجلين خطأ في سجلات النفوس وهم في غالبهم من الإيرانيين على بطاقة الأحوال المدنية ومن ثم الحصول على البطاقة التموينية وبالتالي أصبحوا مواطنين عراقيين ويشاركون في أشكال الحياة، حيث أن المخطط له أن يصل عدد الإيرانيين الذي يمنحون الجنسية العراقية إلى مليونين ونصف مليون خلال السنوات الأربع القادمة ...
1- بتوجيه من المخابرات الإيرانية أتسم خطاب الأحزاب والحركات القادمة من إيران بالوطنية والحديث عن وحدة العراق والمساواة بين كافة أطياف شعب العراق والعدل ...الخ وهم يعملون تمام عكس كل ذلك وفق أهداف وأجندة خاصة بهم.
2- في اجتماع سري لقادة المجلس الأعلى في مقرهم بالجادرية أقسموا بالقضاء على كل وطني شريف رافض للاحتلال وعملائه، بالتعاون مع أيران والمحتل من خلال وسائل القتل أو الاعتقال أو تشريدهم خارج العراق وتهميش دورهم في عملية قيادة العراق ...(50/56)
3- قيام الحكومة الحالية بمنح استثمارات واسعة لأيران وأشخاص إيرانيين داخل العراق وخاصة في مناطق الجنوب وكربلاء والنجف للعمل على ربط هاتين المدينتين (بمدينة قم) وبالتالي ربطهما بإيران ونرى ان هناك تواجدا غير مسبوق وكثيف للإيرانيين داخل هذه المدن .
ربط قم بالنجف:
4-… في لقاء للجعفري ضم عدد من مسؤولي المسفرين والإيرانين الذين دخلوا العراق بعد الاحتلال وعدهم بتوزيع قطع أراضي سكنية لهم بين (الدجيل وسامراء) حيث من المؤمل بناء دور سكنية هناك من قبل الحكومة خلال الأربع سنوات القادمة وإسكان فيها ما يقارب مليون إلى نصف مليون من الذين منحهم الجنسية العراقية لأهداف سياسية والغرض منه الربط بين مدينة قم ومدينة كربلاء والنجف وبغداد وسامراء وأن مخطط بناء مرقدي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) الأن جاهز لبنائة من قبل إيران .
5-… عملت الأحزاب والحركات القادمة من أيران على زج عناصرها في كافة المؤسسات الدولة العسكرية والامنية والتعليمية والسياسية وغيرها واحتلال المناصب المهمة والحساسة التي تمكنهم من السيطرة على مقدرات البلد وقراره السياسي وأبعاد كل الوطنيين الشرفاء الرافضين للاحتلال وعملائه والتضيق عليهم وهم سائرون في هذه السياسة وبكل قوة.
6- يعمل بعض مسؤولي الحركات والأحزاب القادمة من إيران على تشكيل قوى وأجهزة أمنية خاصة بهم في المنطقة الجنوبية فهذا مسؤول حزب الدعوة فرع العراق / يشكل ما يسمى (بالأمن الوطني في محافظات الجنوب وواسط) وبأشرافه، للقيام بالعمليات القذرة تجاه الخصوم من الشيعة العرب الوطنيين الرافضين للتبعية الإيرانية.(50/57)
1-… أن نشاط الأحزاب والحركات القادمة من أيران والدور التخريبي الذي تلعبه إيران داخل العراق وكذلك نشاط الحرس (الثوري الإيراني) والمخابرات الايرانية (الاطلاعات) مؤشر واضح بكل تفاصيله للمحتل ولكنة ساكت ولا يتخذ أي أجراء ازائه فالاهداف بينهما مشتركة طالما أصبح العملاء خرقة يمسح الأمريكان بها قاذوراتهم وجرائمهم وبهذا أن التحالف الأمريكي - الإيراني وهو الخطر الأول على العراق والأمة العربية لأنه تحالف يقوم رسمياً وفعلياً على تذويب هوية العراق وتقسيمه وتقاسمه وتمزيق عرب العراق الى أقلية مهملة لا شأن لها ...
2-… من خلال ما تقدم أصبح العراق ساحة مستباحة لإيران وأصبحت هي اللاعب الأقوى في داخل العراق وأصبحت ممسكة بمفاصل حيوية في البنى السياسية والاجتماعية والدينية للمجتمع العراقي فلابد من موقف عربي شعبي رسمي قوى ودافع يحدث توازناً سياسياً في المنطقة وفي داخل الساحة السياسة
3- ظهر جلياً من خلال الوثائق والأدلة الثبوتية المتماسكة بأن المشروع الإيراني ليس مشروعاً إسلاميا ولا مشروعاً مذهبياً وإنما مشروع قومي أيراني يتخذ من الإسلام والتشييع أدوات لبسط الهيمنة والنفوذ وينطلق من سيكولوجية تحتقر العرب وتكرههم . وبهذا أصبح الخطر الإيراني على أبواب الدول العربية وخاصة الخليجية وهناك خلايا نائمة إيرانية (يعني من المجندين إيرانيا) للأسف عرب مجندون إيرانيا) وهناك خلايا نائمة في أغلب الدول العربية وأصبحت إيران تطوق بعض الدول العربية .(50/58)
4-… ضرورة أقامة جبهة وطنية وقومية في أطار مبدئي وسياسي يسع الجميع، كل على حسب قدرته وهمته أي (موقف الحد الأدنى) لرفض الاحتلال ومحاربته والعمل على أخراجه وإخراج عملائه والتحرير الشامل والكامل للوطن على أساس برنامج سياسي واحد، وكذلك بحاجة إلى الدعم العربي سواء كان دعماً حكومياً او دعماً شعبياً والدعم العربي ضروري للقوى الوطنية العراقية ومن دون الدعم العربي لا يمكن لهذه القوى الوطنية أن تتحرك بقوة داخل المجتمع العراقي لأن قوة المادة تمتلك أقوى صفوف الدعم المالي والسياسي والإعلامي واللوجستي .... وفي الختام إيران تحارب كل وطني شريف وغيور بدليل اعترض إيران على مشاركة إياد علاوي في اجتماع القوى السياسة في بغداد.
زعيم شيعة المغرب يقول: إن بلاده شيعية بـ"الثقافة والهوية"
العربية نت 8/8/2007
نفى المفكر الشيعي المغربي، ادريس هاني، الاتهامات التي ترميه بنشر التشيع في المغرب، قائلا إن المغرب "بلد شيعي من حيث ثقافته وهويته لأن تاريخه يدل على ذلك رغم أنه يبدو الآن بلدا سنيا بالمعنى المصطلح عليه". وأكد أن ذلك ليس من سياسته الفكرية حاليا لكونه يعيش في بلد سني، ويحترم قناعات واختيارات الناس فضلا عن الدول، ويرى أن الشيعة لا يطلبون من الآخر سوى الاعتراف والقبول بهم كآخر مختلف.
لست رجل إيران بالمغرب:
واعتبر زعيم الشيعة المغاربة ـ كما يلقبه البعض ـ في حديث خص به موقع "العربية. نت" أن المسألة التي تثار كثيرا حوله بكونه رجل إيران بالمغرب ليست سوى "صورة نمطية يراد لها أن تتشكل اليوم بأقل تكلفة في الاقناع. ويضيف: "إيران بلد أحترم اختياراته ومواقفه ولا أنظر إليه نظرة أسطورية كما يفعل آخرون، و لعل هذا هو سبب الاتهام". وأردف موضحا أنه بهذا المعنى سيكون رجل كوبا في المغرب أو رجل فينزويلا في المغرب طالما ينصف مواقف هؤلاء. وهذا ما أسماه أسطرة الأمم والدول والهذيان فيما يدعى بـ"الإيرانوفوبيا".(50/59)
المغرب بلد شيعي هوية وثقافة:
ولم يخف هاني قناعاته بأن المغرب بلد شيعي من حيث ثقافته وهويته لأن تاريخه يدل على ذلك، رغم أنه بلد سني بالمعنى المصطلح. وهذه النظرة الواسعة لمفهومي التسنن والتشيع عند هاني هي ما تجعله يقول إن الهوية الدينية للعالم الإسلامي اليوم لم تعد تستجيب لسلطة المذهب الواحد، فهي هوية مركبة ومفتوحة يمكن لمس آثار التسنن والتشيع معا في ثقافتها.
ويركز المفكر الشيعي على مثال بارز يؤشر به على أن المغرب بلد شيعي ثقافة وهوية، ويقصد بذلك بعض التعبيرات الاحتفالية العاشورائية، من حيث إبداء الحزن، لكن مع وجود غموض كثير في هذه الطقوس ومع خلط لثقافة محلية جعلت من هذه المراسيم، وفق هاني، أشبه ما تكون بطقوس ذات سمة محلية محضة
وطالب بأن يتحرر المسلمون من النظر إلى أنفسهم كمذاهب وطوائف "إن كانوا يريدون الخروج من جحيم تاريخ لم يقرؤوه جيدا لذا لم ينصفهم جيدا"، فالتشيع - على حد قول هاني - لم ينشأ ليكون مذهبا أو طائفة ، بل إنه حركة احتجاج من داخل الأمة، لهذا يضيف الرجل بأنه وجب قراءة التشيع في التسنن والعكس صحيح، وبهذا المعنى ليس التشيع انقلابا على السنة بل هو جملة تدخلات تصحيحية وتوجيهية. على هذا الأساس أيضا يصبح معرفة التسنن والتشيع معا طريقا إلى القبض على صورة أمثل للإسلام.
دولة الأدارسة شيعية:
وحول تاريخ التشيع بالمغرب، أكد المفكر الشيعي المغربي في الحوار ذاته أنه من الممكن أن تتم قراءة التاريخ كما نشاء، ولكن لا أهمية لهذا التاريخ إذا لم يخدم الحاضر والمستقبل في رهانات جديدة وآفاق أكبر. ثم يتساءل المتحدث "هل إذا كانت دولة الأدارسة بالمغرب مثلا دولة شيعية وهي كذلك، على حد قوله، هل هذا يعني أن ندعو إلى إقامتها بهذه المغالطة التاريخية كما يحاول البعض اليوم الحديث عن دعوة لاستعادة الدولة الفاطمية في شمال أفريقيا.(50/60)
التقريب ليس ضيافة ثلاثة أيام: ووصف ادريس هاني في الحوار مع العربية. نت، عملية التقريب بين المذاهب التي يقوم بها بعض المفكرين والمشايخ في العالم الإسلامي بأنها " عملية شاقة، وسفينة تسعى لخوض بحر من العناد والتحديات التي تفرضها قرون من العصبية التي جعلت المذهب غاية الإسلام وليس العكس".
وقال "الوحدة والتقريب ليست ضيافة ثلاثة أيام يجامل فيها السنة الشيعة والعكس، بل هي موقف تاريخي لم يتأهل له العقل العربي والإسلامي كما ينبغي".
الأقليات في الخليج العربي
صادق إسماعيل محمد - إسلام أون لاين
يبدو للمتأمل في الجغرافيا الإثنية، بما يشمل السكان الأصليين وغيرهم، ويشمل حملة جنسيات دول منطقة الخليج العربي والأجانب.. يبدو أن الأغلبية في المنطقة تتكون من العرب المسلمين بمذهبهم السني، أما كل الجماعات الأخرى فتندرج تحت ما يمكن وصفه بالأقليات، وبصفة عامة تتسم المنطقة بتباين شديد في هيكلة السكان، حيث توجد ثلاث دول هي الإمارات والكويت وقطر تزيد فيها نسبة السكان الأجانب عن السكان الأصليين، حيث تقدر نسبتهم بـ (81%،51.5%، 75%) على الترتيب، في حين أن الدول الثلاث الأخرى وهي السعودية والبحرين وسلطنة عمان تتميز بتواجد سكاني محلي أكبر، وإن كان ذلك لا ينفي وجود نسبة ليست بالقليلة من الجنسيات الأخرى تمثل (20.2% و33% و18%) على الترتيب في تلك الدول.
التعددية المذهبية والدينية
وتنتشر الأقليات في المنطقة على أساس الدين والعرق؛ فعلى أساس الدين يأتي الشيعة في المقدمة حيث يشكلون 12% من إجمالي السكان الأصليين، وتختلف نسبتهم من دولة لأخرى؛ ففي البحرين تتراوح نسبتهم بين 60 و65%، تليها الكويت بنسبة 30%، ثم السعودية بنسبة تتراوح بين 15 و20%، وتبلغ نسبتهم في قطر 16%، ويشكلون نفس النسبة بدولة الإمارات، ولا تتعدى نسبتهم 10% في سلطنة عمان.(50/61)
ويأتي المسيحيون في المرتبة الثانية؛ فعلى الرغم من عدم وجودهم ببعض دول المنطقة كما هو الحال في السعودية وسلطنة عمان، فإنه توجد أقلية مسيحية في باقي دول المنطقة، وفي المقدمة مملكة البحرين بنسبة 9%، تليها قطر بنسبة 8.5%، ثم كل من الكويت والإمارات بنسبة لا تتجاوز 5%. وجدير بالذكر أن مصدر الوجود المسيحي بالمنطقة يعود لوجود أعداد كبيرة من ذوي الجنسيات الأجنبية بتلك الدول، سواء للعمل أو ضمن القوات الأجنبية الموجودة بالقواعد العسكرية بالمنطقة. أما ثالث الفئات دينيا فهم اليهود، وعددهم قليل جدا، وهم في مملكة البحرين فقط ولا وجود لهم في بقية دول الخليج، وتشير المصادر إلى أن يهود البحرين بضع عائلات، وكان لهم ممثل يهودي في البرلمان إلا أنه لا يوجد بيان رسمي دقيق بعددهم الفعلي.
التعددية العرقية:(50/62)
على أساس العرق توجد ثلاث أقليات رئيسية، أولها الإيرانيون الذين يشكلون نسبة قليلة من إجمالي السكان؛ ففي قطر يشكلون 10%، ونفس النسبة بمملكة البحرين، وفي الكويت تبلغ نسبتهم 4%، وفي الإمارات تبلغ 12%، بينما تقل نسبة تواجدهم في الدول الثلاث الأخرى؛ ففي السعودية هم دون 4% من إجمالي السكان، أما في سلطنة عمان فلا يوجد تحديد دقيق لنسبة الوجود الإيراني بها. أما الآسيويون فيشكلون الأقلية الأكبر عددًا بدول الخليج وهم من الهنود والترك والصينيين والأفغان والبنجال والباكستانيين والبلوش والمالاويين، وتختلف نسبة وجودهم من دولة لأخرى؛ ففي سلطنة عمان تبلغ 17%، وفي الكويت 9%، وفي السعودية حوالي 4%، وفي البحرين 17%، وترتفع هذه النسبة في كل من قطر والإمارات، فتبلغ في قطر 40% من إجمالي عدد السكان، وتزيد في الإمارات على 50%، وهى نسبة مرتفعة للغاية. وفي المرتبة الثالثة يأتي الأفارقة من جنسيات وأعراق مختلفة، مثل النوبيين والكنوز والزنج والزغاوة والهوسا وغيرهم، ففي السعودية لا تتعدى نسبتهم 5% من إجمالي عدد السكان، وفي سلطنة عمان 2%، أما في باقي الدول فتتراوح بين 1 و2%.
تأثير الأقليات:
لوجود هذه الأقليات، بالمنظورين الديني والعرقي، تأثيرات سياسية على دول المنطقة، فعلى صعيد الأقليات الدينية المذهبية يبرز أمر الشيعة كقوة شعبية تسعى للتأثير على السياسة العامة للدول الخليجية، ولتكون لهم مكانة أهم وأكبر في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتسعى للاستفادة من كل ما يمكن أن يتاح لها، كما في الوضع البحريني الجديد حيث سمحت "الإصلاحات" لهم بأخذ مكانة كبرى في مجمل نواحي الحياة العامة، كما استفاد الشيعة في الكويت من حالة "الانفتاح السياسي" فأصبح لهم ممثلون في البرلمان الكويتي، حيث توجد خمسة مقاعد في مجلس الأمة الكويتي للشيعة.(50/63)
وعلى الجانب الاقتصادي سعى الشيعة إلى لعب دور مهم في الاستحواذ على مشاريع اقتصادية وتكنولوجية غاية في الأهمية داخل دول الخليج، كما يحتل تجار الشيعة مكانة كبيرة ومهمة في تجارة بعض أنواع البضائع في المنطقة.
وعلى صعيد الأقليات العرقية مثل الآسيويين والأفارقة والإيرانيين تظهر الآثار على كافة سياسات دول الخليج؛ فعلى المستوى السياسي، أصبحت هناك إمكانية لتدويل قضايا العمالة في الخليج، بل وتسييسها في إطار العولمة واتفاقيات العمل الدولية التي تتجه نحو توطين العمالة الأجنبية الوافدة، ومساواتها مع العمالة الوطنية في كافة الحقوق؛ الأمر الذي يحمل معه تحوّل مواطني هذه الدول إلى أقليات في غضون عقدين من الزمن، في حال تصديق حكوماتها على اتفاقيات العمل الدولية.
والأخطر أن تتحول تلك العمالة إلى قوى سياسية ضاغطة في المستقبل، وقد بدأ كثير من المراقبين الخليجيين يحذرون مما سموه "تهنيد" الخليج خلال العقود المقبلة، ومن أن شبه القارة الهندية باتت قادرة على أن تضغط على صانع القرار السياسي الخليجي لصالح الجالية الهندية الكبيرة.
وعلى مستوى السياسات الاقتصادية أدّى وجود الأقليات إلى استنزاف الموارد الاقتصادية عبر التحويلات المالية؛ فخلال الفترة من 1995 إلى 2000 كان متوسط حجم التحويلات حوالي 24.3 مليار دولار في السنة بمعدل 1.2%، أما في الفترة من 2001 إلى 2004 فارتفع إلى حوالي 27 مليار دولار في السنة.
كما تأثرت الأوضاع الاجتماعية نتيجة وجود هذه الأقليات؛ فلا يمكن إغفال أثر المدارس الأجنبية على الرغم من أنها أنشئت في البداية لتعليم أبناء الجاليات الأجنبية؛ فالواقع أن خطرها امتد إلى أبناء الخليج الأصليين وبدأت تؤثر في هويتهم العربية.(50/64)
وفي إطار "التعددية الثقافية" عبر مدارس ونوادٍ وجرائد وبرامج تلفزيونية خاصة للأقليات الأجنبية، ازداد الخطر على مستقبل اللغة العربية، وعلى الانسجام التعليمي والثقافي بين أبناء المنطقة الخليجية، ويتوقع في المستقبل القريب أن تفرز هذه المدارس الخاصة أجيالا من أبناء المنطقة نفسها لا ينتمون إلى النسيج الثقافي والتعليمي واللغوي لها، كما أن لبعض الأقليات دورا اجتماعيا خطيرا على صعيد التبشير الديني والانتشار الثقافي، إضافة إلى التأثير الصادر عن العمالة في قطاعات معينة (خدمة المنازل، وقيادة السيارات، وتربية الأطفال...)؛ وهو ما يؤثر على العادات والتقاليد والقيم، خاصة فيما يتعلق بالشعائر الدينية والعلاقات وأنماط السلوك وكذلك الثقافة والتآلف الاجتماعي.
المخابرات العراقية هي الدعامة الاخيرة للتصدي للهيمنة الإيرانية..
الملف نت 30/7/2007
أثارت تصريحات وزير الدولة لشؤون الأمن العراقي شيروان الوائلي المفاجئة التي هاجم بها رئيس جهاز المخابرات العراقية محمد الشهواني قائلا إن "لنا نظرة خاصة به" كاشفا أن الولايات المتحدة هي التي تمول هذا الجهاز في مسعى للتشكيك بوطنيته.
واعتبر السياسي العراقي محمد رجب عبد المجيد في معرض رده على تصريحات الوائلي ان جهاز المخابرات هو الجهاز الوحيد الذي يتسم بالوطنية، والدعامة الأخيرة للتصدي للهيمنة الإيرانية على العراق.
وتساءل عبد المجيد الذي يعد من ضباط الجهاز السابقين ، كما عمل في المعارضة ضد نظام صدام منذ بداية التسعينات: محمد الشهواني ضحى بأولاده الثلاثة الذين اعدمهم النظام السابق في سبيل العراق، فليقل لي شيروان الوائلي بماذا ضحى..!؟ وأين كان هو عندما كنا مطاردين من قبل أجهزة صدام الأمنية. لكي نقبل منه هكذا تصريحات.(50/65)
وأضاف عبد المجيد في تصريحات خاصة بالملف نت انه إذا كانت للوائلي نظرة خاصة بالشهواني فنحن أيضا وكافة الوطنيين العراقيين الذين يرفضون الطائفية والهيمنة الأجنبية الإيرانية أو غيرها، لنا نظرتنا الخاصة له.وفسر عبد المجيد تلقي جهاز المخابرات تمويله من الولايات المتحدة بامتناع الوائلي عن تمويل هذا الجهاز "إلا إذا رضخ لأجندته المبهمة ..والتي نشك فيها".
واشاد عبد المجيد بالدور البطولي والوطني الذي يتطلع به جهاز المخابرات العراقية ودفاع الجهاز المستميت عن وحدة وارض العراق.
علما ان هذا الجهاز محارب الان وتحاك ضده المؤامرات من قبل إيران والمليشيات وأمثال الوائلي لدوره في زرع الروح الوطنية والوحدوية بين أبناء شعبه. ويكفي هذا الجهاز فخرا انه الوحيد الذي يضم قسما مختصا بايران، وسبق ان منعت شخصيات في الحكومة من دخول هذا القسم إبان زيارة المالكي له.وكثير من ضباطه الوطنيين تمت تصفيتهم على يد أجهزة المخابرات الإيرانية وأذنابها في العراق.
ويتهم الوائلي شخصيا بالولاء لإيران .. وتعتقد مصادر الملف نت أن تصريحاته الأخيرة بدور المخابرات الإيرانية بقصف المنطقة الخضراء مجرد ذر للرماد في العيون.
إيران تعلن مشروعها للخليج..السؤال: أينَ وصلَ؟
الإسلام اليوم - مهنا الحبيل 24 / 7 / 2007(50/66)
لم تكنْ تصريحات السيد شريعة مداريْ والمتضمنة ضمن مقاله الرئيس في صحيفة (كيهان) الإيرانية جديدةً على المراقب السياسي العربي، وخاصةً المنتمي للعمق الإسلامي والقومي للشعب العربي في الخليج، بل على العكس من ذلك فالراصد لمراحل المخطط الإستراتيجي للثورة الإيرانية الذي تطوَّرَ جموحه وطموحه بعد شراكته في احتلال العراق، وما كشفَ عنه برنامجه السياسي المكثف للتوغل الاستراتيجي والسياسي والثقافي في منطقة الخليج يعزز رسمَ الصورة والمشهد المتوقع لآمالِ الإيرانيين، والذيْ عبَّر عنه القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني شريعة مداري، وهو رئيس تحرير الصحيفة المذكورة.
وإن ما يحتاجه المراقب السياسي العربي إعادة ترتيب مقدمات المشهد السياسي الذي يصنعه الإيرانيون وتوقيت هذا التصريح في سياق المشهد الكامل للقيادة المركزية للثورة الإيرانية، وتحركات فصائلها في منطقة الخليج العربي، وخاصةً بعدَ سقوط بغداد ومهمَّة المحلل السياسي المنتمي للهوية التاريخية للخليج العربي أن يُؤسس تحليله بصورةٍ هادئة تتضمَّن المقدمات والوسائط والنتائج التي قفزتْ بالإيرانيين للتصريح بهذا المشروع.
والحقيقة أنَّ أصلَ المشروع الإيرانيْ وأطماعه في الخليج لم تكن تقف مطلقاً عندَ البحرين الدولة، والتي تقوم على أرخبيل البحرين الذي يُشكل الكيان السياسي لمملكة البحرين، وإنما كانَ يُركِّز على الساحل الغربي للخليج، وهوَ ما تضمنته تصريحات لاريجاني في مفاوضاته الأخيرة مع سولانا، إضافةً إلى مواضع ومواقف متعددة تنصّ على هذا المفهوم إضافةً إلى التعبئة الأيدلوجية لإيران الثورة نحوَ الخليج، وإنما خُصصت مملكة البحرين بهذا الاستهداف لاعتبارين رئيسين:(50/67)
الأول: محاولة اقتطاع وعزلِ البحرين عن عمقها الديموغرافي والجغرافي والتاريخي والعقدي والقومي ليسهلَ تحقيق المشروع مرحلياً، وتجنب رفع مستوى الاستفزاز لباقي دول الخليج، وإن كانَ استهدافها سيكون تحصيلاً حاصلاً لو وقعَ للبحرين مكروه لا سمحَ الله.
والاعتبار الثاني: حجم المتابعة والثقة لدى أوساط السيد خامنئي لمستوى الحركة الثقافية الإيرانية في الخليج، خاصةً بعدَ مشروع الاستفتاء ووضع البحرين تحتَ الوصاية الدولية بموجب الخطاب الذي تقدَّمتْ به طلائع هذه الحركة إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
المشروع الإيراني في أصوله الأيدلوجية:
إنَّ العودة لأصول المشروع وموقف الثورة الإيرانية من عروبة الخليج حينَ إعادة قراءة تاريخ الثورة منذ 1979 يرتكزُ على العقيدة السياسية للثورة الإيرانية بهذا الشأن، وهيَ تقوم على محورين:(50/68)
الأول: قوميْ لإيران الإمبراطورية العظمى عبر أطوار التاريخ وحتى عهد الشاه الذي كانَ له موقفٌ مماثل امتدَّ بجموحٍ أشد عبر حكومات الثورة الإيرانية. والمحور الثاني: عقدي طائفي موجهٌ في الأصل لمواجهة المجتمع العربي وفقاً لمبدأ أساسي في الصراع لدى الثورة الإيرانية بينَ معسكر كربلاء وبينَ معسكر السقيفة بقيادة الخليفة الراشد أبي بكر الصديق، ومن يليه من الخلفاء حتى المجتمع العربي الحالي. هذا الفكر الذي كانَ يُعتقد سابقاً بأنه للتعبئة الأيدلوجية المجردة أصبحَ لاحقاً وقوداً لمشاريع سياسية فُعّلت بعنف في العراق و أفغانستان، معَ الأخذ بالاعتبار أن كلا النظامين كانا من أشد الخصوم للولايات المتحدة الأمريكية أي "للشيطان الأكبر". وإنَّ ما يُعزز دور هذه التعبئة الأيدلوجية للثورة الإيرانية في تفعيل المشاريع السياسية ذلك السيل من التصريحات للأطراف ذات الثقافة الإيرانية في المنطقة، وعلى رأسها نوري المالكي، وإبراهيم الجعفري، وعبد العزيز الحكيم، و حديث القنوات الطائفية في العراق والخليج كقناة (الفرات) تُؤكد دائماً أن المعركة منذ 1400 عام وليست وليدة الأحداث الراهنة بالنسبة لهمْ.
وهكذا بنتْ إيران الثورة أيدلوجيا و ثقافة لمحازبيها سواء كانوا منَ العراق أو باقيْ دول الخليج العربي، وكانَ كل ذلك يُفصَح عنه جهاراً في المهرجانات الخطابية الحاشدة التي تنظمها الثورة في أعوامها الثلاثة الأولى وخلال الحرب العراقية الإيرانية، وسُجّل ذلك في مواضع عدة تواترت في الخليج خلالَ صعود خط الإمام "أي الزعيم الراحل الخميني" كانت تُوجَّه مباشرة إلى مناطق الخليج المستهدفة إيرانياً أو عبرَ تصريحات مناضليْ ومحازبي الثورة من أبناء الخليج.
التقاطع الأمريكي الإيرانيْ.. كيفَ التقيا؟(50/69)
ثمَّ بدأت الثورة الإيرانية دوراً جديداً مختلفاً في أسلوبه للتعاطي معَ هذه القضية خاصةً بعدَ تفجير الخبر 95 حيثُ وجد الساسة الإيرانيون وفصائلهمْ أنَّ خطاب الثورة يترتب عليه تكاليف وخسائر سياسية وإعلامية، وبالتاليْ من غير المناسب الاستمرار فيه، خاصةً أنَّ هذا التغير في التكتيك تزامنَ معَ تأمين قاعدة فكرية من الانتماء أصبحتْ فروعاً للثورة معَ تشكلها في أنشطة وتيارات وجمعيات بعدَ سلسلة من المواجهات مع السلطات المحلية، سواء كانَ ذلك عبرَ مطالب حقوقية مستحقة أو تصعيدٍ سياسي ميداني وإعلامي على الأرض يُسجل ميلاداً وحضوراً متزايداً لهذا الانتماء للثقافة الإيرانية...
عندَ هذه المرحلة الحساسة دشنتْ حركات الثقافة الإيرانية في الخليج ما اعتبر العهد الأمريكي الإيراني المزدوج لها، وذلكَ عبرَ مدّ الجسور بينَ هذه الفروع الثقافية للثورة الإيرانية في الخليج وبين مؤسسات واشنطن العديدة، بدءاً من الكونجرسْ حتى باقي الفعاليات الإعلامية والحقوقية، وذلكَ تحتَ خطاب موحد لكلا القوتين هو المحاصصة الطائفية إعلامياً وحقوقياً وسياسياً، هذه التغطية التي تتابعت عليها وسائل الإعلام الأمريكية والإيرانية في المنطقة، والتركيز على التلاعب بالأرقام الديموغرافبة للخليج بحيث تتناغم مع خريطة مجلة البنتاغون التي نشرت للخليج الجديد قبل عدة أشهر. وعُزّز هذا العهد معَ التقدم الإستراتيجي النوعي بين القوتين في الحالة العراقية كما جاء في تصريح بيكر – هاملتون ومصادر عديدة أخرى هذه الشراكة التي حظيت بتأييد جارف وحماس منقطع النظير من فروع الثقافة الإيرانية في الخليج العربي لمشروع احتلال العراق.…(50/70)
لقد كانت الإستراتيجية الأمريكية تقوم على الاستفادة من هذه الحركات التي تحمست لاحتلال العراق واستباحته بحكم عدائها المتطرف للوجود العربي، ليسَ في مواجهة نظام الحكم السابق في بغداد وحسب بل إلى تاريخ الوجود العربي وارتباطه بفلسفة إسلامية موحدة يعتبرها الإيرانيون مناوئة لمفاهيمهم الطائفية، هذا الاستخدام الأمريكي كانَ يتبلور بوساطة تسخير نظرية العميل المزدوج باستخدام هذه الحركات في مناطقها عبرَ خطاب المحاصصة الطائفية لتسويغ مشاريع التدخل الأمريكي.
الموقف الإيراني:
في المقابل أدرك الإيرانيون إمكانية استثمار هذه المحاولة الأمريكية، وشجعوا فصائلهم الفكرية بقوة على الانخراط فيها واللجوء إلى كل مؤسسات واشنطن السياسية والإستراتيجية والإعلامية، معَ تفاوت بين حالة العراق والدول الأخرى بحسب مصالح واشنطن الإستراتيجية وعلاقاتها مع حكومات المنطقة.
ومن ثمَّ كانتْ طهران في حالة تحفُّز لاستثمار تعثر البغل الأمريكي ومحاصرته بعدَ أن يكون في موضع الرجم من قبل قوى مقاومة أخرى، ثم يبدأ الإيرانيون برجمه وتوسعة دائرة سقوطه حتى يتمكنوا من تحقيق أكبر فرصة استثمارية لهم وإن كانتْ هذه المعركة بين الطرفين لا تزال محتدمة، ولا يمكن الجزم بالشكل النهائي للطرف المتغلب تماماً في ميدان المواجهة.…
إن وصولنا إلى هذه النقطة في التحليل يُدخلنا إلى الموضوع مباشرة، وهو تطور هذه الفصائل الثقافية الإيرانية عبرَ هذا التقاطع الأمريكي الإيراني ووصولها إلى مستويات متقدمة تجعل من إعادة طرح هوية الخليج "الفارسي" -حسبَ اعتقاد الثورة- أمرٌ مناسب جداً، وهو الأمر الذي لم تغفل عنه الثورة، ولم تتراجع عنه، وإن هدأت من خطابها السياسي حوله.
من هنا نستطيع تأطير تصريح شريعة مداري بأبعاده الثلاثة:(50/71)
البعد الأول: أنه لأجل إعادة التذكير بثوابت الثورة الإيرانية في الخليج العربي وبالتاليْ إرسال رسائل إلى الخلايا النائمة والنشطة عن ضرورة تفعيل هذا المشروع، والذي في الأصل تمَّ التأسيس له مبدئياً عبر مطالبة الاستفتاء والهجوم المنظم على الهوية العربية للخليج خلال فترات طويلة وصلت إلى مرحلة متقدمة قبلَ تصريح شريعة مداري، والذي لا يمكن فصله مطلقاً عن المطالبة بالاستفتاء على هوية البحرين الذي تقدمت له حركة الوصاية الدولية البحرينية والتابعة ثقافياً لإيران منذ قرابة العام إلى مجلس الأمن بحكم أنه الجهة المختصة من خلال مكتب الأمين العام لتجعلها تاريخاً وورقة تبني عليها الدبلوماسية الإيرانية لاحقاً مشروعها الإستراتيجي.
إن تصريح شريعة مداري يأخذ المنحى القانوني والسياسي معاً لهذا الخطاب بحكم ارتباطه بالرجل الأول في نظام الثورة الإيرانية؛ أي السيد الخامنئي، والذي يُحدد مساراتها والمرتبطة به أصلاً رئاسة تحرير هذه الصحيفة في طهران.
ومن هنا يكون البعد الثاني للتصريح: هو بالون اختبار لجس نبض المجتمع العربي في الخليج الموالي والمعادي للثورة الإيرانية، ومدى مناسبة الوقت للتقدم به إلى الأمام.…
أما البعد الثالث للتصريح: فهو رسالة إنذار للخليج في حال استخدام أراضيها للهجوم الأمريكي الذي يُتحدث عنه بين آونة وأخرى ارتفاعاً وانخفاضاً مع فاعلية متكتم عليها في المفاوضات بين الطرفين، وهو ما لا يتناسب معَ قرع طبول الحرب المزمعة بينَ واشنطن وطهران.. في كل الأحوال يتبين أن حجم وفاعلية هذا المشروع مرتبط بالمخطط، وبرنامجه على الأرض، ومدى نجاح فصائل الثورة الإيرانية في المنطقة بالتقدم في مضماره، وهو ما بلغ مستويات عالية للبنية التحتية لهذا المشروع.
المواجهة بين المشروع الإيراني والعمق القومي الإسلامي للخليج كيف يكون؟(50/72)
وهنا بطبيعة الحال يبرز السؤال المركزي: أينَ الدور الخليجي العربي بعمقه القومي الإسلامي لمواجهة هذا المشروع؟ إن سياق الموقف الفوري للدبلوماسية البحرينية -كما تقتضيه الأعراف الدبلوماسية المعروفة- أمرٌ متفهم للغاية، وقد قامتْ بما تستوجبه هذه الحالة بناءً على هذا العرف الدولي، خاصةً مع حرصها على عدم التجاذب العميق الذي قد يُؤدي إلى سلبيات للمجتمع المحتقن أصلاً، بسبب مواقف وأعمال طهران في العراق والخليج، وإن كانَ ما أظهرته الأطياف المتعددة في المجتمع من رفض هذا التصريح أمرٌ إيجابي للغاية، ولكنه لا يُلغي ضرورة البناء السياسي المقاوم لهذا المشروع خليجياً..
خاصة وأن تصريح "متقي" كانَ ذكياً وتجنَّبَ إثبات العكس لمضمون مقالة شريعة مداري، وهوَ أن البحرين بلد عربي ينتمي إلى عمقه القومي الإسلامي، المرتبط قطعاً بجغرافيا الخليج والجزيرة، إضافة إلى جانب السيادة، هذا هو المعاكس والمصحح لمقال شريعة مداري، ومن هنا يجب أن يكون المدخل الصريح والواضح بأن إيماننا بهوية البحرين لا يقوم على استفتاءات، إنما الاستفتاء يكون على صياغة العلاقة السياسية بين الحاكم والمحكوم ونظامه الدستوري، وإن الإجراءات الديموقراطية في الأصل لا تجعل سيادة الدولة المرتبطة بهويتها مبنية على استفتاء، فضلاً على أن هوية البحرين العربية محسومةٌ أصلاً على أساسين:
الأساس الأول: التاريخ القومي العربي وعلاقة بالبحرين الكبرى، وعلاقة الأخيرة بجغرافيا الجزيرة العربية التي تشكلها جغرافية دول مجلس التعاون الخليجي والعراق واليمن.…(50/73)
والأساس الثاني: الشرعية الإسلامية المرتبطة بدخول البحرين قديماً منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم للإسلام وارتباطها التام بعهده وعهد خلفائه، والأدوار العربية الإسلامية المتتابعة بعد ذلك، بغض النظر عن الانحرافات السياسية الكبرى التي تخللت مسيرة التاريخ الإسلامي؛ فهذا لا يغير شيئاً في أصل الهوية، ولذا أعتقد بأن ردود الأفعال لم تكن بحجم دلالات التصريح؛ خاصة من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ثانياً تكثيف الحراك الوطني الملتزم بالهوية وثقافتها العربية الإسلامية لتفعيل كل أوجه الارتباط والوحدة الاندماجية بين الشعب العربي في منطقة الخليج والمبادرة من البحرين ونحو البحرين بكل ما يُعزز هذا الحراك.
ثالثاً: تعزيز الإيمان بمبدأ الحقوق والمساواة لأبناء الطائفتين وعزل حركة الثقافة الإيرانية في المجتمع المرتبطة بهذا المشروع ومخططاتها، معَ الحفاظ على وحدة النسيج الوطني، وإني أعتقد بأن المشروع الإصلاحي لعاهل البحرين كانَ له دورٌ إيجابي بسبب أجواء الحريات السياسية والحقوق المدنية التي كفلها هذا المشروع، وخاصة إلغاء مؤسسة أمن الدولة والخضوع للقانون الدستوري، فأصبحت لديه قدرةٌ ومناعة لامتصاص مثل هذه الصدمات القوية.…
وإن مما ينبغي تبيينه بجلاء في هذا الصدد أن مواجهة هذا المشروع ومقاومته لا تستهدف شعوب إيران المسلمة سواء ذات الأصول العربية أو الأخرى، والتي كانت ولا تزال جماعات منهم جزءاً من النسيج الوطني للشعب العربي في الخليج، وليست أيضاً موجهة على أساس مذهبي، إنما هي مشرعة لمواجهة كارثة توحد التعصب الفارسي المقيت المندمج مع عقيدة الشاه إسماعيل الصفوي وامتداداته التاريخية، وصولاً لانحراف الثورة الإيرانية نحو هذا المنهج بتطرف شديد.
رابعاً: إعادة طرح مشروع الوحدة الخليجية، والذي سبق أن تحدثنا عنه، وكذلك الاتحاد الكونفدرالي مع السعودية وتكريسه كمادة دستورية في البرلمان البحريني.(50/74)
ختاماً: إن مراهنة أهل الخليج على الأمريكيين خيار خطير لا يُوثق به أبداً، وحين يتراجع فجأة مع قوة المشروع الإيراني تكونُ الخسائر فادحة وغير قابلة للتعويض، وتذهب بالمصلحة والهوية والسيادة الوطنية، وحينئذٍ لا يُجدي القولُ ولا العملُ وقد سبق السيف العذل.…
المصدر: الإسلام اليوم
جزر الإمارات المحتلة وشاهنشاهية الملالي
محمد الحمادي "الاتحاد" الاماراتية 26/6/2007
تمادى كثيراً في الأسبوع الماضي "حسين شريعتمداري" مستشار خامنئي، وهو كذلك يشغل منصب رئيس تحرير صحيفة "كيهان"، وادعى أن جزر الإمارات الثلاث المحتلة، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، إيرانية بل وزاد في جهله عندما قال بأن مملكة البحرين هي محافظة إيرانية... ولا يخفى على أحد لماذا صرح شريعتمداري بذلك، فإيران تعاني من مشاكل داخلية سياسية واجتماعية كبيرة، وأزمة اقتصادية متفاقمة، وضغط دولي متزايد بسبب طموحاتها النووية، كما بدأت مؤخراً تعاني من تورطها في الحرب الدائرة على أرض العراق والأزمة الخانقة في لبنان وتتصور أنها بادعاءاتها تلك لن يرى العالم مشكلاتها الكبيرة.(50/75)
بالإضافة إلى أمور مقلقة أخرى مسكوت عنها وتتعامل معها بصمت حتى لا تلفت الأنظار إليها مثل عروبة الجانب الشرقي من الخليج العربي بأكمله، بكل ما يحوي من جزر ومدن وموانئ حيث إمارة عربستان في الشمال التي كان يسكنها قبيل سقوطها تحت الحكم الفارسي في عام 1925 ما يزيد على مليوني عربي ينتمون إلى قبائل عربية عريقة، وحيث كانت تقوم سلسلة من الإمارات العربية على امتداد ذلك الجانب إلى جنوب الخليج حيث إمارة لنجة العربية والتي سقطت كلها تحت الحكم الفارسي... ويبدو أن "نجاح" تدخل إيران في الشؤون العراقية واللبنانية والفلسطينية واليمنية في الفترة الأخيرة وكذلك صمت المجتمع الدولي عن اضطهاد النظام الإيراني للعرب والقوميات الأخرى داخل إيران، أغرى هذا النظام كي يتطاول على جيرانه العرب في دول الخليج وهذا ما لم نكن ننتظره من "الجارة الإسلامية!.…
لا أحد يريد في هذا التوقيت أن يفتح هذه الملفات وغيرها من الملفات التي من شأنها أن تكون مصدر قلق وأرق لجيران لا نتمنى لهم إلا الخير... لذا على طهران أن تتحمل مسؤولياتها ولا تعلق أخطاءها على الآخرين، فلا شيء يبرر أن تنقل مشاكلها إلينا، فلن يقبل أحد بأن تنقل طهران معركتها مع الولايات المتحدة الأميركية إلى دول الخليج العربي. وأحلام النظام الإيراني ليست "مشكلة" دول المنطقة حتى لو اكتشف هذا النظام متأخراً أن أحلامه أكبر من إمكانياته وبعيدة عن الواقع الذي يعيشه، بل لا علاقة لها بالقرن الحادي والعشرين!(50/76)
كما أن مشاريع تصدير الثورة يجب أن تتوقف وعلى النظام الإيراني أن يرى حقيقة وضعه على الأرض فثورته صارت في وضع لا تحسد عليه وكل ما حولها تغير إلا الملالي الذين لا يزالون مصرين على أن يعيشوا في القرن الماضي ويتعاملوا مع جيرانهم بالمنطق الشاهنشاهي! والأفضل لطهران بدل أن تستمر في أطماعها غير المشروعة بالهيمنة على المنطقة والتدخل في شؤون دول مستقلة لها كيانها وشرعيتها أن تهتم بأحوال شعبها في الداخل وأن لا تستمر في سياسة "حافة الهاوية" التي تجعل المنطقة كلها على كف عفريت.
إيران اليوم مطالبة بأن تقرن أقوالها بأفعالها تجاه جيرانها العرب فهي تدعي –بأقوالها- أنها تريد حسن الجوار مع دول الخليج العربي وفي المقابل تقوم بأمور تنقض كل أقوالها ولا علاقة لها بحسن الجوار! والجمهورية الإيرانية "الإسلامية" التي تدعي أنها تناصر الفلسطينيين وتريد إنهاء احتلال وطنهم... تصر على احتلال أراض لجارة مسلمة!(50/77)
الفرق بيننا وبين الآخرين هو أننا كأصحاب حق هو أننا ندعو إلى إنهاء احتلال الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، بشكل سلمي، ونتمسك بسياسة حسن الجوار التي نعنيها قولاً وفعلاً ولا ندعيها كغيرنا، نحن نتكلم عن الحوار الثنائي المباشر لا عن الحرب والتهديد المباشر، وندعو إلى اللجوء إلى الشرعية الدولية لإنهاء هذا الاحتلال أو عرض القضية أمام محكمة العدل الدولية وليس كغيرنا الذي لا يكتفي باحتلال هذه الجزر بل ويتطاول بادعاء ملكيته لدولة قائمة لها كيانها وشرعيتها! إن موقف دولة الإمارات العربية المتحدة في مطالبتها بحقوقها المشروعة في جزرها الثلاث التي تحتلها إيران تلاقي دائماً التأييد والدعم الكاملين من الدول العربية، ومن جميع القوى المحبة للسلام في العالم... ففضلاً عن المواقف الإماراتية والوثائق التاريخية التي تؤكد عروبة الجزر الثلاث، فإن هناك وثائق بريطانية تعود إلى بدايات الوجود البريطاني في الخليج وهناك وثائق عثمانية تؤكد استقلالية إمارة لنجة العربية على السواحل الشرقية للخليج العربي، كما أن هناك أيضاً وثائق إيرانية تعود إلى العقد الثالث من القرن الحالي تعترف ضمناً بتبعية الجزر الثلاث إلى إمارتي الشارقة ورأس الخيمة.
وفي وقت كانت فيه بريطانيا تنسحب من شرق السويس قامت إيران "الشاهنشاهية" باحتلال جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، وكانت في فبراير من نفس العام قد أعلنت عن رغبتها في احتلال الجزر... وقبل يومين فقط من إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة -2 ديسمبر 1971- تم الاحتلال وفرضت طهران بذلك أمراً واقعا.ً(50/78)
توقع الكثيرون بعد قيام جمهورية إسلامية في إيران أن يراعي هذا النظام "الإسلامي" أصول التعايش السلمي وحسن الجوار وأن يعيد لأصحاب الحق حقوقهم وأن يعيد جزر الإمارات، لكن اليوم وبعد مرور ثلاثين عاماً على سقوط نظام الشاه لا نرى من نظام الملالي "الإسلامي" الجار إلا تمسكاً وتصلباً أكبر بجزر ليست من حقهم! ولا نرى من ملالي طهران إلا تناغماً مع "شاهنشاهية" كانوا يدعون محاربتها. على الرغم من ذلك فإن دولة الإمارات لم تتوقف يوماً عن التأكيد على حقها في هذه الجزر والمطالبة بانسحاب إيراني منها وفي أول بيان لدولة الاتحاد كانت هناك مطالبة واضحة بإنهاء احتلال إيران للجزر الثلاث.
بعد سنوات ومع بداية الحرب العراقية الإيرانية وحرصاً من الإمارات على عدم إثارة أزمات إضافية في المنطقة، فإن الإمارات لم تشأ تصعيد موضوع الجزر وظلت كذلك إلى ما بعد غزو صدام للكويت وتحرير الكويت –فبراير 1992م- التزاماً بموقفها الأخلاقي في عدم إثارة القضية وعدم استغلال الوضع الذي كانت فيه إيران للضغط عليها للمطالبة بالجزر الثلاث المحتلة واتبعت الإمارات كما هي اليوم النهج السلمي لتسوية هذه المشكلة... ولكن جاء الرد الإيراني على هذا الموقف الأخلاقي احتلالاً جديداً ففي أغسطس 1992 احتلت قوات البحرية الإيرانية جزيرة أبو موسى مجدداً!(50/79)
كنا نتوقع في الماضي تقديراً إيرانياً لذلك الموقف الأخلاقي من الإمارات ولكننا كما نحن اليوم نكتشف العكس ونرى أن الجيران في طهران يعتبرون موقف الإمارات الأخلاقي ضعفاً يريدون من خلاله الضغط على الدولة أو الإيحاء للمجتمع الدولي بأن قضية الجزر مفتعلة وأنها جزر إيرانية! ورغم كل ذلك فالإمارات وعلى لسان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله ورعاه"، أكدت من جديد أنها لن تستغل الأوضاع الإقليمية الحالية للضغط في موضع الجزر الإماراتية المحتلة الثلاث، فمنذ بدأ الحديث عن ضربات أميركية لإيران أكدت الإمارات أنها ملتزمة بموقفها السابق ومطالبها بإنهاء الاحتلال بالطرق السلمية. بالإطلاع على الوثائق التي تشير إلى ممارسة الحكام العرب لحقوقهم وملكيتهم لهذه الجزر من قبل عام 1887 والى عام 1971، فإن ذلك يعتبر كافياً لإعطاء الأحقية والملكية للإمارات استناداً لأحكام القانون الدولي.
"حزب الله" في الكويت
جاسم الشمالي
الوطن العربي 25/7/2007
ماذا تريد إيران من الكويت. وهل وجدت طهران أن الوقت قد حان لتحقيق أهدافها في هذا البلد الذي يشكل مع مناطق أخرى مطامع تقليدية لحكام طهران منذ عقود طويلة سواء في عهد الشاه أو في عهد الملالي. وما هو مغزى الاعتداء الأخير على الدبلوماسي الكويتي في طهران ؟!(50/80)
هذا السؤال وغيره يسيطر حاليا على أحاديث المنديات والديوانيات الكويتية... خاصة أن عملية الاختراق الإيرانية المستمرة لشيعة الكويت تأتي في إطار المشروع الإيراني الأكبر الذي انطلق من عملية فرض نفوذ إيراني على شيعة العراق ومحاولات أخرى جرت ويقال إنها مازالت تجري على خط شيعة البحرين؛ خاصة مع تعمد نشر المقال ـ الذي أثار زوبعة كبرى ـ مؤخرا لأحد مستشاري علي خامنئي؛ والذي أكد فيه أن البحرين هي محافظة إيرانية اقتطعت من طهران دون سند قانوني؛ وأن سكانها يريدون العودة للوطن الأم! مع العلم أن صحيفة كويتية هي التي ترجمة المقال وأعادت نشره؛ وإلا لكان قد مر دون أن ينتبه إليه أحد.
ويرى مراقبون أن الاعتداء الذي تعرض له مؤخرا أحد الدبلوماسيين الكويتيين في طهرا؛ يحمل رسالة تخويف وإرهاب من نظام الملالي إلى المنطقة؛ أ:ثر من كونه حادث عرضيا مثلما صورته جهات إيرانية.
مواجهة.. وإضرابات:
وإذا كانت الساحة الكويتية تشهد في الآونة الأخيرة حالة من الجدل السياسي الشديدة، ووصل الأمر إلى الزج بأسماء عدد من شيوخ العائلة الحاكمة فيها. فإن مصادر كويتية مطلعة تشير إلى أن أمير البلاد يترك بإرادته هذه الحالة كما هي عليها لشغل الأوساط السياسية فيها، لأنه لا يريد في الوت الحاضر أن يجيب على أسئلة استراتيجية مهمة تتعلق بمستقبل الإمارة.
وتؤكد المصادر أن إيران تستغل هذا الأمر جيدا لتمرير مخططها الذي يعتمد حاليا على مراقبة حالة الجدل الحادة التي تشهدها الساحة الكويتية خاصة في البرلمان، ثم التدخل والانحياز لطرف على حساب الآخر بنفس طريقة ما حدث في لبنان وتكوين كتلة موحدة ضد الحكومة، وبالتالي الانتقال إلى محاولة تنفيذ مرحلة شديدة الخطورة، تتمثل في نقل النموذج اللبناني إلى هذه الإمارة، والعمل على إحداث حالة من الفوضى السياسية لتعم البلد.(50/81)
ودفع مجموعة من السياسيين الشيعة المتعاطفين سرا مع طهران إلى تفعيل المواجهة مع الحكومة عبر البرلمان وفي الشارع من خلال قيام التجار الشيعة الذين يسيطرون على أنشطة اقتصادية عديدة، أهمها سوق المواد الغذائية للجملة والمفرق، بتجييش أبناء مذهبهم ـ الذين يشكلون 30% من إجمالي السكان ـ ضد السلطة بزعم ما يعانونه من تمييز ورفض الحكومة منح مائة ألف منهم الجنسية رغم أنهم لا يعرفون موطنا غير الكويت التي ولدوا وعاشوا فيها، وكذلك عدم السماح لهم بإقامة شعائرهم وطقوسهم الخاصة بحرية كاملة، وبطء الإجراءات في ترخيص بناء مساجد جديدة لهم، فمقارنة بألف مسجد للسنة يملك الشيعة 26 مسجداً و140 حسينية.
وتؤكد المصادر أن طهران طلبت من بعض السياسيين الكويتيين الموالين لها السفر إلى لبنان للتعرف على أرض الواقع على طريقة تنظيم الإضرابات والاعتصامات، وبالفعل سافر هؤلاء السياسيون إلى بيروت سراً وعقدوا عدة اجتماعات مع نظراء لهم من حزب الله، وتشير المصادر إلى أن الجانبين ـ وبالتنسيق مع طهران ـ اتفقا على سفر كوادر من حزب الله إلى الكويت للإشراف المباشر على تحركات الشارع هناك، مع تكفل عدد من النافذين الشيعة الكويتيين بطريقة إدخال هذه الكوادر وتأمين الإقامة القانونية لهم عن طريق إلحاقهم بكفالة بعض أصحاب المتاجر وفي معلومات "الوطن العربي" أن المخطط الإيراني يستهدف من خلال هذه المواجهة دفع الأسرة الحاكمة إلى حل البرلمان وتعطيل مؤسسات الدولة وبالتالي إصابة الحياة السياسية بالشلل، ومن ثم زيادة الإضرابات والاعتصامات في الشارع؛ وهنا يكون المجال مفتوحا أكثر للتدخل الإيراني غير المباشر للسيطرة على الإمارة، وهناك أنباء غير مؤكدة تشير إلى تدفق أسلحة إيرانية عبر شط العرب إلى الكويت؛ ورغم التواجد الأميركي المكثف في هذه المنطقة إلا أن مافيات تهريب الأسلحة تملك الحيل والرشاوي لتمرير ما تريد.(50/82)
ويرى مراقبون أن الكويت تمثل أهمية خاصة لدى إيرن التي تريد السيطرة عليها عبر الاضطرابات السياسية وذلك لتكون ظهيراً لأي كيان شيعي شبه مستقل في جنوب العراق.
يذكر هنا أن للشيعة تمثيلهم في السلطتين التشريعية والتنفيذية بالكويت.. ففي انتخابات مجلس الأمة "البرلمان" الأخيرة، في يونيو "حزيران" 2006، فاز الشيعة بأربعة مقاعد من أصل 50مقعداً. أما في الحكومة التي تشكلت في يوليو "تموز" 2006، برئاسة الشيخ ناصر الصباح، فهم ممثلون بوزيرين، هما: معصومة المبارك وزيرة الاتصالات، وعبد الهادي الصالح، وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة، وللشيعة وجود أيضاً في السلك الدبلوماسي، وفي الشرطة والجيش، وتقلد واحد منهم منصب رئيس أركان الجيش، إلا أن وجودهم في جهاز الأمن الوطني محدود.
ومن أكثر الشخصيات الشيعية المؤثرة في الكويت، المرجع السيد محمد باقر المهري، الأمين العام لتجمع علماء المسلمين الشيعة، والوكيل المعتمد للمرجع آية الله العظمى علي السيستاني في الكويت، وأيضاً حسن جوهر، النائب في البرلمان الحالي، وهو مستقل لكنه مقرب من التحالف الإسلامي الوطني، ويعد من أبرز المعارضين. وكذلك صالح عاشور، النائب في البرلمان الحالي، وهو عضو مؤسس لتجمع العادلة والسلام الذي يشارك في ائتلاف التجمعات الوطني؛ وعدنان عبد الصمد وأحمد حاجي لارى، وهما نائبان حاليان من التحالف الإسلامي الوطني، وأيضاً الأكاديمي الدكتور يوسف الزلزلة، وهو نائب ووزير سابق، ويعد من أبرز شخصيات تجمع الميثاق الوطني، وهو من السادة الذين ترجع جذورهم إلى آل البيت النبوي الشريف مما يجعل له وضعاً خاصاً لدى الشيعة.
الهجرة من إيران:(50/83)
وقد لعبت الهجرة من إيران إلى الكويت في العصور الحديثة دوراً كبيراً في زيادة عدد الشيعة في الكويت. وكانت هذه الهجرة المنظمة والكثيفة تهدف إلى الاستفادة من الرخاء المأمول بسبب اكتشاف النفط، إضافة إلى رغبة إيران في تشكيل تجمعات شيعية كبيرة في دول الخليج، تسهل على طهران المطالبة بهذه المناطق وادعاء ملكيتها لها، كما حدث في جزر الإمارات الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التي احتلتها إيران سنة 1971 وأعادت احتلالها سنة 1992، وكما حدث أيضاً في المطالبة الإيرانية المستمرة بدولة البحرين. ونصف شيعة الكويت هم من أصول عربية، والنصف الأخر من أصول إيرانية وفدت إلى الكويت وإلى دول خليجية أخرى في القرون الثلاثة الماضية، وقد تعرب معظمهم واكتسب جنسية هذه البلاد، ولا يزال معظمهم يحتفظ بكثير من عناصر الثقافة الفارسية، بما في ذلك اللغة.
أما هجرة الإيرانيين الشيعة إلى دول الخليج ومنها الكويت، وقد أشار د. عبد الله الغريب إلى جانب من المخطط الإيراني للسيطرة على الخليج، حيث اعتبرت الهجرة إحدى ركائز هذا المخطط. وتدفق على الكويت، ودول الخليج الأخرى عدد كبير من الأيدي العاملة الإيرانية، كثير منهم جاء بطرق غير مشروعة، وساعدهم في الإقامة التجار الإيرانيين، الذين أصبحوا مواطنين من أهل الخليج، بل ووكلاء وشركاء لأفراد من الأسرة الحاكمة، وبعضهم تسلل عن طريق البحر، واستفاد العمال الإيرانيين من الفراغ الذي كان يعيش فيه الخليج العربي بعد الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى تواطؤ الاستعمار البريطاني مع إيران.
وسعى هؤلاء الإيرانيون إلى التسلل إلى أجهز الدولة الحساسة، خاصة تلك التي تمنح الجنسية والإقامة، حيث كان شيوخ الخليج يتساهلون في منح الجنسية، وكانت جوازات السفر تباع كأي سلعة.
الوضع الديمغرافي:(50/84)
يمثل الشيعة في الكويت أقلية، فوفقاً لتقرير "الحرية الدينية في العالم" لعام 2006، الذي تصدره الخارجية الأميركية، يشكل الشيعة نسبة 30% من عدد السكان المواطنين، الذين يبلغ عددهم 973 ألفا، علماً بأن العدد الإجمالي لسكان الكويت "مواطنين ووافدين"، يصل إلى مليونين 900 ألفً تقريباً.. كما يوجد نحو عشرة آلاف من طائفة البهرة "الشيعية" الهنود. ويتركز أغلب الشيعة في العاصمة والمناطق المجاورة لها، مثل الرميثية والشرق والدسمة ودسمان وبنيد القار والقادسية والجابرية وحولى، وتوجد أقلية شيعية في محافظة الجهراء.
التنورة أكثر رقصات المصريين جمالاً وتعقيداً
سهى على رجب - القاهرة 24/7/2007
هذا المقال يكشف حقيقة الرقص الصوفي وأنه تحايل على الشرع ! ويفلسف الرقص بأنه تعبير عن الاتصال بين السماء والأرض وذلك كبديل عن العبادات الشرعية كالصلاة والصيام ، كما أن هذا الرقص الصوفي يعبر عن عقائد الصوفية من الحلول والاتحاد ووحدة الوجود . الراصد(50/85)
يقول باحث الفنون ومؤرخها الانجليزي هافيلوك أليس: "إن الرقص بوصفه فنا لا يمكن أن يموت بل سيظل دائم التجدد، لا بوصفه فنا فحسب، بل باعتباره عادة اجتماعية يتجدد بعثها من روح الشعب". من حكمة الله في خلقه أنه جعل للإنسان الخيال والتخيل والقدرة على التأمل مضافا إلى عقله الذي يفكر ويميز ويبتكر ويديه التي تنفذ وعينيه التي ترى وهذا ما فعله الإنسان في اختراعه لأشكال الرقص المختلفة فلكل أمة رقصة اشتهرت بها، وأسلوب الرقص يختلف من سلالة إلى أخرى ومن بلد إلى بلد آخر والرقص يتكيف وفقا لعوامل عديدة، ولأن المصري له طبيعته الخاصة التي تميل إلى التراث فابتكر رقصة هي حقاً سفير له في كل البلدان العربية، رقصة تتقبل بالترحاب والتصفيق الحاد ينظر لها بعينين مبهورتين إنها رقصة (التنورة) الشعبية التي برزت في كل الاحتفالات العربية والعالمية في الفترة الماضية وقد اشتهرت بالأداء العالي المتميز. وداخل أنسجة التنورة تغلغلنا لنهدي قارئنا أسرار رقصة التنورة التي بهرت جمهور العالم...
الكل يرقص:
يقول الأستاذ/ محمد أمين الباحث الفولكلوري بالمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية.. لقد حرم الفقه الإسلامي الرقص فما كان من الإنسان المسلم إلا أن يتحايل على الموقف ليجد شكلاً ما للرقص وذلك لعدم وجود أمة لا ترقص، والرقص في ارتباطه الأول هو الممارسات الطقسية المرتكزة على أساس عقائدي مثل رقصات استجلاب المطر، ورقصات استجداء الآلهة عند الفراعنة والإغريق، فاخترع الإنسان المسلم (الذكر) رقصة مناسبة له فأصبحت حركات التمايل من خلال الثبات التي نراها في حلقات الذِكر وهي النوع الأول من الرقص الإسلامي وأكثر الطوائف التي استخدمت هذا النوع من الرقص هم الصوفيون.(50/86)
وتعتبر الطريقة المولوية هي أحد أشهر الطرق الصوفية في مصر والتي اعتمدت في حلقات ذكرها على رقصة التنورة بل إنها هي مخترعة رقصة التنورة، والقصة بدأت بـ (التكايا) حيث كان كل أمير وشيخ لطريقة من الطرق الصوفية ينشئ تكية وهي مكان يعتبر مضيفة لأبناء السبيل والفقراء والغرباء والدراويش والدراويش هم موردي أحد الشيوخ أو الأولياء فكان يقام في الليل حلقات الذكر داخل التكية.
وكانت تكية (جلال الدين الرومي) الذي ولد في 1207 وتوفي 1273هـ مؤسس الطريقة المولوية الذي لقب بمولانا كلقب تشريفي أعطاه له والده وكان موطنه (قونية) بتركيا فكان ما يميز هذه الطريقة هي حلقة الذكر التي اختلفت عن باقي حلقات الذكر فتميزت حلقتهم بالتعقيد والرمزية حيث يبدأ الذكر بعمل حلقة لا تقل عن أربعين درويشا بملابسهم المختلفة الألوان ما بين الأخضر والأحمر والأسود والأبيض - ولا ندري سببا لاختلاف ألوان ملابس الدراويش - في البداية يرددون لفظ الجلالة على التواتر، ويقومون مع كل ترديدة بإحناء رؤسهم وأجسامهم ويخطون في اتجاه اليمين فتلف الحلقة كلها بسرعة، وبعد فترة قصيرة يبدأ درويش منهم بالدوران حول نفسه وسط حلقة الذكر وهو يعمل برجليه معا ويداه ممدودتان، ويسرع في حركته فتنتشر ملابسه (تنورته) على شكل مظلة أو شمسية ويظل يدور هكذا حوالي عشر دقائق ثم ينحني أمام شيخه الجالس داخل الحلقة الكبيرة ثم ينضم إلى الدراويش الذين كانوا قد بدأوا يذكرون اسم الله بقوة متزايدة، ويقفزون إلى اليمين بدلا من الخطو دو أن يظهر أي تعب أو ترنح، بعد ذلك يقوم ستة دراويش بعمل حلقة داخل الحلقة الكبيرة وكل منهم قد وضع ذراعه على كتفي جاريه، ثم يأخذون في الذكر بسرعة أشد ويظلون هكذا عشر دقائق، ثم يجلسون للراحة وبعد ربع ساعة ينهضون للذكر ثانية ويضاف هذه المرة شخصان يرقصان وفي يديهما دفوف يدقون عليها في تواتر.(50/87)
ومما هو جدير بالذكر أن طائفة المولوية لها طريقة خاصة في طريقة لبسها وفي طريقة توظيف حركاتها التعبيرية المصاحبة لآلات موسيقية بعينها، هذه التقاليد ثابتة ولم يحدث فيها أي تغيير ولم يمحها الزمن ولم يحدث فيها أي تطور لا في اللبس ولا في الرقص ولا في الغناء ولا في الآلات الموسيقية المصاحبة.
الحاناتي:
هذا عن نشأة التنورة، وعن كيفية انتشار التنورة كنوع من الرقص الشعبي يقول الدكتور/ عصمت يحيى، رئيس أكاديمية الفنون والعميد السابق للمعهد العالي للفنون الشعبية، والعميد الأسبق لمعهد البالية ومسئول الفرق الفنية بأكاديمية الفنون...
إن الرقصات الشعبية بكل أساليبها هي من إنتاج البيئة المحيطة وهي في الوقت نفسه ضرورة للتعبير العاطفي والنفسي العاطفي والنفسي والروحي لمجتمعاتها وممارستيها ولذا فنحن نجد (الحاناتي) وهو الراقص المؤدي لرقصة التنورة هو المعبر عما يجيش به من مشاعر عن طريق اللف والدوران حول الذات. ولقد كان أول انتشار رقصة التنورة كرقصة شعبية مصرية لها فرق محترفة ومعترف بها هو أشهر راقصية الراحل (بندق) والذي شاهده السيد فاروق حسني وأعجب برقصته فقرر أن تقوم الوزارة متمثلة في البيت المغني للفنون الشعبية ومسرح البالون برعاية هذا الراقص وفرقته.(50/88)
ثم اتضح للمسؤلين أن هناك بمصر العديد من راقصى التنورة الجيدين فقامت الدولة برعايتهم جميعاً واهتمت بهم وأقامت لهم الحفلات في مسارح الدولة حتى انتشرت الرقصة في كل أرجاء جمهورية مصر العربية وأصبحت مصر تشتهر بهذا الرقصة التي تشارك حاليا في كل مهرجانات الفنون الشعبية على مستوى العالم، كما يتم استضافتها لعمل تايلوهات راقصة في افتتاح المهرجانات السياحة والثقافية بالدول العربية. والحقيقة أن رقصة التنورة الآن اختلفت عن أصلها الحقيقي وهو ذلك الأصل العقائدي حيث اختلف شكل التنورة المستخدمة فدخل بها ألوان عديدة لتعطي تأثيرات بصرية تشكيلية على الجمهور أثناء دوران الحاناتي وأصبحت التنورة الآن أحد أهم مظاهر الأعراس في مصر مهما اختلفت الطبقة التي ينتمي إليها العروسان، وأحيانا تقدم في الجنوب ويكون الحاناتي فوق جواد مستعرضا مدى مهارته وقدرته على التحكم في تنورته.(50/89)
وكانت زيارتنا التالية لذلك الشخص غريب الأطوار صاحب المواصفات الخاصة والبنيان الجسدي المميز (الحاناتي) أو راقص التنورة عواد الشعلة 36 سنة من منطقة السيدة زينب بالقاهرة، يقول عواد منذ أن كنت طفلا في السابعة وأنا أشارك والدي حضور الحضرة وحلقات الذكر وعندما بلغت الثانية عشرة من عمري اشتركت في إحدى فرق الإنشاد التي كانت تتميز بوجود اثنين من أمهر راقصي التنورة فعشقتها، وأتذكر يوما دخلت إلى غرفة الملابس وأمسكت بالتنورة وحاولت ارتدائها فشاهدني (عم سيد) الراقص الكبير فضحك وسألني هل تريد أن ترقص؟ فأجبت بنعم فقال لي حب التنورة أولا وتذكر الله في كل لحظة واعلم أنك تفعل ذلك جبا وتقربا إلى الله وزهدا في الدنيا فنحن لا نلف من أجل الرقص أو اللهو بل نلف من أجل أن نسمو ونرتفع، ظللت أفكر في هذا الكلام مما يقرب من سنة حتى قررت أن أفعلها وذهبت إلى (عم مجلي) وهو الترزي الذي يقوم بحياكة التنورة فأخذ مقاسي ليصنع لي واحدة وطلبت منه أن يبقى هذا سراً بيني وبينه وبالفعل أخذتها وأخذت أمرن نفسي وكنت أجهد كثيراً في بادئ الأمر حتى وصلت إلى مستوى معقول فذهبت إلى عم سيد لأخبره فاختبرني وقال لي بعد أن انتهيت أنت لازلت تفكر في التنورة فقط وليس فيما وراءها ولكن لا بأس، حتى عرفت طعم السمو بعد أن مارست الطقس كاملا بالإيقاع ونغمات الموسيقى وكلمة الله تتردد في أذني وعلى لساني.
ميلاد العالم:(50/90)
وعن أليات هذه الرقصة يقول عواد غالبا لا يكون الحاناتي مرتديا تنورة واحدة بل ثلاث أو أربع يتم صنعها من القماش الخشن الذي يصنع منه الخيام (قماش الخيامية) ليتحمل الاستخدام الشاق له وتيارات الهواء المتدفقة أثناء الدوران. أبدأ باللف حول نفسي من الشمال إلى اليمين ـ عكس اتجاه عقارب الساعة ـ ويكون ذراعي الأيمن متجها إلى السماء والأيسر إلى الأرض وكلما زاد صوت الايقاع ازيد من سرعة اللف فأشعر بأني ارتفعت عن الأرض فأبدأ بخلع سترتي العلوية (الصديري) وغالبا ما يكون أحمر أو أخضر من الستان ثم بعد ذلك أبدأ في فك التنورات وكل واحدة أقوم باللعب بها بكل الأشكال حول خصري وبكلتا يدي وإلى اليمين وإلى اليسار وأعلى وأسفل وهكذا حتى أتجرد من جميع التنورات ومع التنورة الأخيرة أقوم بتطبيقها على شكل مولود إشارة إلى ميلاد العالم وبداية الخليقة بانفصال الأرض عن السماء، ثم أتناول خمسة دفوف ألعب بها بين يدي وأشكلها تشكيلات مختلفة وأنا مستمر في الدوران دون توقف ولكن بسرعات مختلفة، ويمكن أن يكون بجواري اثنان من الحاناتية أصغر مني سنا وغالباً لا أكون شاعراً بما يدور حولي بل إنها أصبحت أشبه بالشكل الآلي لأني وقتها أكون بعيداً تماما عما يدور من حولي حتى لفظ الجلالة في نهاية الرقصة يكون قد تحول إلى (آآآه) من فرط الانتشاء والذوبان في حب الله.(50/91)
ويضيف إن الحاناتي هو رمز الأرض مركز الكون وهي تدور حول نفسها بينما تدور الكواكب الأخرى حولها وتتمثل الكواكب في الحاناتيين اللذين يرقصان بجواري وهما (الشمس والقمر) ويكون الدراويش من خلفي والذين يقومون بنقر الدفوف بعدد الكواكب بالمجموعة الشمسية، وتصبح الحركة من اليسار إلى اليمين هي حركتي الشروق والغروب، أما عن الذراعين فأحدهما سماوي والآخر أرضي وهنا يكون الحاناتي هو (الإنسان) نقطة التقاء الأرض بالسماء قبل الخليقة وقبل انفصالهما عن بعضهما البعض، فالتنورة دائما تصنع من طبقتين أقوم بفصلهما أثناء اللف، والطبقتان هما الأرض والسماء، والتنورة في بداية الرقصة تعني العالم تعني العالم قبل انفصال الأرض عن السماء وقبل بداية الخيقة وبوصولي لمرحلة خلع التنورات فأنا بذلك ارتقي وأرتفع وكلما تخلصت من تنورة تخلصت من تعلقي بالأرض لأتخلص تماما من الشق الأرضوي لأرقى إلى الشق السماوي، لأصل إلى النقاء التام وصفاء الروح، ولذا فمن الصعب بل يكاد يكون من المستحيل أن يستطيع انسان عادي أن يمارس رقص التنورة.
خلافات الصوفية والسلفية تؤخر قيام مرجعية موحدة للسنة بالبحرين
العربية نت 1 يوليو 2007
قال الشيخ الدكتور ناجي العربي، الذي يعتبر "شيخ الصوفية" في البحرين، إنه يسعى لإقامة مرجعية موحدة للسنة في البحرين، مرحباً بالتعاون مع علماء أهل السنة في البحرين"شريطة أن لا يكونوا من المتعصبين أو المتحزبين الذين يحتكرون الحق في جماعتهم"، في إشارة منه إلى السلفيين.
ويأتي هذا الإعلان عن السعي لإنشاء مرجعية سنية موحدة في وقت يتبادل فيه السلفيون وصوفية البحرين اتهامات بـ"الانحراف" أو التكفير، وذلك وسط حديث عن الدعم الذي تناله الصوفية من قبل بعض الأطراف الشيعية.(50/92)
وقال الشيخ ناجي العربي للعربية.نت إن "الشيعة مسلمون وهم في حظيرة الإسلام بالرغم من أننا نختلف معهم في بعض المسائل في الفروع والأصول ومظلة الإسلام تشمل كل المسلمين".
ونفى شيخ الصوفية الإقرار بالاحتفالات المختلطة بين الرجال والنساء والرقص. وقال: "معتقداتنا معتقدات أهل السنة والجماعة (...) الصوفية لا تقوم بمثل هذه الأعمال (...) هناك من يدعون الانتساب للصوفية ونحن لا نقرهم على ذلك".
وتحدث "العربي" عن نشر "إشاعات" تتحدث عن قيام إيران بدعمه في الانتخابات الماضية لتخويف الناس منه ودفعهم لعدم التصويت إليه. وقال: "لقد اتهمت من قبلهم (السلفية والإخوان( بأني موال للشيعة وسأقوم ببناء مأتم (حسينية) لهم إذا ما نجحت في الانتخابات.
وساند عدد من الشيعة الشيخ ناجي العربي الذي ترشح للانتخابات النيابية التي أقيمت في نوفبر/ تشرين الثاني من العام الماضي في الدائرة الخامسة بالمحرق قبل أن يخسر لصالح سامي قمبر أحد مرشحي الإخوان المسلمين.
تكفير الصوفيين:
ويشتكي أتباع المدرسة الصوفية في البحرين من الحملات المستمرة لتكفيرهم وتضليلهم، ويتحدث هؤلاء عن ممارسات عديدة يقوم بها "غلاة السلفية" في التضييق عليهم، علما أن الصوفية لا تعاني من مضايقات من قبل الدولة بسبب هامش الحرية الكبير الذي تعيشه الطوائف في البحرين.
ويقول الشيخ العربي "إن التكفير الذي تتعرض له جماعته أمر قائم وضجة لم تهدأ". ويضيف"هذه الأفعال من الإخوة السلفية والإخوان المسلمين صارت بالنسبة لنا شيئا عاديا اعتدنا سماعه أو قراءته وهذا الأمر مشهور".
ويتهم الدكتور "العربي" الأستاذ المساعد بجامعة البحرين السلفية بـ"نبذ وتحطيم الآخر" فيما يتهم تيار الإخوان بـ"الاستحواذ والسعي وراء مصالحه الخاصة". ويقول أتباع المدرسة الصوفية إن بعض خصومهم ينشرون بين العوام أن "الصوفية والكفر شيء واحد".(50/93)
وتقول الصوفية إن السلفيين والإخوان يسيطرون على وزارة العدل، والأوقاف السنية، والمساجد والجمعيات الخيرية.
غير أن الشيخ عادل المعاودة، شيخ السلفيين، يقول لـ"العربية.نت" إنه "لا أحد يمارس الإقصاء كما يفعل الصوفية من تملقهم للحكام والمسؤولين لإبعاد الدعاة". ويتحدث الشيخ "المعاودة" عن معاناة التيار السلفي قبل ربع قرن عندما كان يعاني التهميش على حد قوله لكنه يستدرك"لقد بدأ التيار السلفي يقوى لكنه حتى الآن لم يحصل على ما يستحقه".
وتمثل جمعية الإمام مالك التي يرأسها الشيخ إبراهيم المريخي بعض صوفية البحرين، لكن الشيخ ناجي العربي وبعض أصحابه غير منضوين فيها.
ويعد الشيخ ناجي العربي أحد أساتذة الحديث والفقه، ويأتيه طلبة العلم والصوفية من خارج البحرين، ويزوره هذه الأيام طلبة الداعية اليمني الشيخ الحبيب علي الجفري وهم في دورة علمية مكثفة في علوم الحديث.
وأمام اتهامات الصوفية، دافع شيخ سلفية البحرين الشيخ عادل المعاودة في حديثه مع لـ"العربية.نت" عن جماعته ودفع بـ"انحراف الصوفية". يقول الشيخ المعاودة:" الصوفية بها بدع وخرافة وانحراف وهي متفاوتة فيما بينها". ويضيف"بعضهم لديه مخالفات صغيرة وبعضهم لديه انحرافات تفضي للكفر".
من جانبه رفض الدكتور "العربي" تكفير شيخ سلفية البحرين الشيخ عادل المعاودة على يد جماعة مجهولة تدعى "أنصار الخلافة" قبل أسابيع. وقال:"إننا لا نقر تكفيره (المعاودة) رغم أنه كم فسَّق وبدَّع الناس" لكنه استدرك "بعد أن فرغ (السلفية) من تكفير الآخرين تفرغوا لبعضهم البعض (...) وهذا الفعل خطأ ولا نقر تكفير أحد إلا بحجة واضحة ظاهرة" .فيما يرد الشيخ عادل المعاودة عن نفسه قائلاً:"مازلت أفسق الفاسق، وأبدع المبتدع، وأكفر الكافر وهذا ديني (...) لكن ناجي العربي دفع بعدم الصلاة خلفي قبل سنوات".(50/94)
ويدافع الشيخ ناجي العربي عن نفسه قائلاً: "دفعت بعدم الصلاة خلف عادل المعاودة لأنه يقول بالتجسيم ونحن لا نرى الصلاة وراء من يقول بالتجسيم".
عدد الصوفية وفرقهم في البحرين:
ينقل المتصوفة عن "سيد الطائفة" الإمام أبو القاسم الجنيد المتوفى في 279 هـ الذي يعرف التصوف بـ"تصفية القلب عن موافقة البرية، ومفارقة الأخلاق الطبيعية، وإخماد صفات البشرية (..) والنصح لجميع الأمة، والوفاء لله على الحقيقة، واتباع الرسول (?) في الشريعة".…
ولا يعرف بالتحديد عدد منتسبي هذه المدرسة في البحرين، لكن الشيخ ناجي العربي (43 عاماً) يعتقد أن"العدد كثير جداً (...) أهل البحرين قبل أن تنتشر أفكار "السلفية" و"الإخوان المسلمون" كلهم صوفية إذا نظرنا إلى أن التصوف كما يظنه كثير من الناس وهو الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وزيارة النبي (?) والتعلق والحب الشديد له (?).
يقول (إ.أ) أحد طلبة العلم عند الصوفية: "عندما نحتفل بالمولد النبوي نتفاجأ بأناس كثر وجوههم غير مألوفة يحضرون للاحتفال".
ويخالفهم الشيخ عادل المعاودة قائلا: "نعم لقد كان الناس على هذه الخرافات والبدع قبل 25 عاماً عندما كان الجهل منتشراً" متسائلاً "أين هم الآن؟".
وينتسب صوفية البحرين إلى عدة طرق، وقد تأثروا بشيخهم في البحرين محمد بن علي الحجازي المتوفى في يوليو 1996 والذي كان مجازاً على الطريقة النقشبندية والقادرية، ويوافقه الشيخ ناجي العربي المجاز على عدة طرق لكنه ينتمي للطريقة القادرية نسبة إلى الشيخ عبدالقادر الجيلاني المولود في 470 هجرية في جيلان الواقعة في بلاد الديلم (شمالي إيران) والمتوفى سنة 561 هـ.
بدّعونا لاحتفالنا بالمولد النبوي:(50/95)
وقال شيخ الصوفية لـ"العربية.نت" من مكتبه الذي يحوي مكتبة ضخمة إن فتاوى التبديع والتضليل تنهال على جماعته في كل مناسبة خصوصاً في الاحتفال بالمولد النبوي. ويعتقد الصوفية أن الاحتفال بالمولد النبوي "أمر جائز وهو سنة". وتقام احتفالات المولد النبوي في 12 ربيع الأول من كل عام بحسب التقويم الهجري.
وتحدث الدكتور "العربي" عن عجز جماعته عن الاحتفال بالمولد في السنوات القليلة الماضية بشكل علني في المساجد.
وقال: " لقد كنا نحتفل في السنوات الأخيرة بالمولد في المساجد والبيوت (...) غير أن الوضع اختلف" مرجعاً الأمر إلى "سيطرة السلفيين والإخوان على بيوت الله".
وترتبط الصوفية في البحرين بقريناتها في الخليج والعالم العربي. ويسافر الطلبة بين هذه الدولة لأخذ العلم على أيدي مشايخ هذه المدرسة في البحرين والسعودية والشام ومصر والمغرب الغربي.
ويتحدث الدكتور ناجي العربي عن مشاركة جماعته في احتفالات المولد التي تقام في الرياض والحجاز والمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية.
ونفى شيخ الصوفية الإقرار بالاحتفالات المختلطة بين الرجال والنساء والرقص. وقال: "معتقداتنا معتقدات أهل السنة والجماعة (...) الصوفية لا تقوم بمثل هذه الأعمال (...) هناك من يدعون الانتساب للصوفية ونحن لا نقرهم على ذلك".
الموقف من الحكام والعلمانيين:
ويرفض الدكتور ناجي العربي الخروج على الحاكم قائلاً إن موقف"أهل السنة والجماعة ثابت في هذا الباب". ويفصل الدكتور الذي درس في الأزهر وجامعة الزيتونية وجامعة محمد الخامس بالمغرب"إننا لا نخرج على الحاكم ولا نبيح هذا الأمر (...) إن لهم في أعناقنا بيعة وهذا موقف الصوفية لأنهم أعيان أهل السنة والجماعة وصوفتهم".(50/96)
ويرى الدكتور "العربي" أستاذ اللغة العربية بجامعة البحرين "أن هناك ظلما واقعا على الشعوب من حكامهم" لكنه يفضل خيار "المناصحة سراً وعلانية ولكنها العلانية التي لا يقصد منها الفضيحة" محرماً اللجوء إلى "القوى الخبيثة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا".
وحول موقفه من العلمانيين قال الدكتور "العربي" إنه لا يحب هذه التوصيفات، مضيفاً: "الكثير ممن يسمون بالعلمانيين يصلون في المساجد وليس قصدهم الوقوف ضد الدين إنما تسللت إلى أنفسهم أفكار من هنا وهناك. نحن لا نكفرهم إلا من أتى بكفر بواح".
ويرى أنه من "الواجب الانفتاح عليهم بقصد التقارب وبيان الخطأ والصواب". لكنه في الوقت نفسه حذر من المساس بالدين قائلا:" نحن سلم لمن سالم الدين وحرب لمن حاربه".
حلقات الذكر تجذب الأوربيين وتأخذ بأيديهم إلى الإسلام
مجلة الصوفية 6/2007
في مقابلة مع الدكتورة فوزية الفيشاوى عميدة الجالية العربية فى سويسرا والأستاذة بقسم الدراسات العربية والإسلامية بكلية الآداب جامعة جنيف.
* المنهج الصوفى هل تقومون من خلال المؤسسات التى تعملون فيها بدور دعوى فى البلاد الأوروبية؟(50/97)
فى الحقيقة نحن لا نقوم بدور دعوى يستهدف تحويل غير المسلمين إلى مسلمين لكننا نعمل على تصحيح صورة الإسلام وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن هذا الدين وعندما يستمع الفربيون إلى حقائق الإسلام نجد عددا منهم يعتنقون الإسلام من تلقاء أنفسهم ونحن كما ذكرت لا نعتبر أن دورنا فى أوروبا هو الدعوة إلى الإسلام لكننا نوضح قيم الإسلام ومبادئه ونقدم لمحات عن شخصية النبى محمد - صلى الله عليه وسلم - وعن مكانة المرأة فى الإسلام وعناية الاسلام بالإنسان بصفة عامة وهذا يجعل النيرين يدخلون فى الإسلام .…وأذكر على سبيل المثال في سويسرا أن هناك عددا كبيرا من السويسريين خاصة النساء يعتنقن الإسلام وينتهجن المنهج الصوفى ويلتزمن بتعاليم ومبادئ التصوف لأنهن يجدن فى التصوف روحانية تفتقدها بلادهم لأن المجتمعات الغربية مادية جدا وكل شئ فيها يدور حول المادة والعقل والواقع وهذه المجتمعات تنقصها الروحانيات لذلك يتقرب كثيرون منهم إلى الإسلام ولى التصوف لانهم يجدون فيه روحانيات ويلمسون فيه خطابا للروح والنفس البشرية ويجدون فيه بعض القيم التى افتقدوها ولذلك يعود هؤلاء إلى الله سبحانه وتعالى - ويتقربون إليه من خلال التصوف والزهد والفكر وهم يدخلون فى الإسلام بهذه الطريقة .
* حلقات الذكرهل توجد فى سويسرا طرق صوفية ؟ وهل هناك أنشطة لأتباع التصوف؟(50/98)
هناك كثير من الصوفية يعقدون حلقات ذكر وهذه الحلقات تجذب الأوروبيين وهم يعتقدون فى البداية أنها فولكلور شعبى ثم يسألون عما يردده المتصوفة فى هذه الحلقات فنقول لهم مثلا هذه أسماء الله الحسنى وهذه أيات قرأنية فيحبون المعانى الروحانية الموجودة فى أسماء الله الحسنى خاصة وأن شيوخ الصوفية يقدمون شرحا وافيا لكل اسم من هذه الأسماء وهذا يجذب الأوروبيين ويدخل عدد منهم الإسلام بهذه الطريقة وهناك طرق صوفية كثيرة فى سويسرا لكنها تدعو إلى الروحانيات والزهد والتقربإلى الله والابتعاد عن الماديات والتسامح مع الآخرين .
غناء في الليالي الموحشة
حسين شريعتمداري - كيهان الإيرانية
(شريعتمدارى صاحب مقالة المطالبة بالبحرين في مقالة جديدة يأكد فيها مطلب إيران بجزر الإمارات. الراصد).
«غناء الليالي الموحشة»، عبارة تتردد في ثقافة طهران القديمة. والعبارة جرت مثلاً. فيقول المعمرون، وهم قلة في أيامنا، إن طهران قبل سنوات، كانت مدينة هادئة وقليلة الازدحام. كان يخيم عليها السكون. وإذا أضطر الناس الى المرور في أزقتها المظلمة والموحشة، في أوقات متأخرة من الليل، واعترتهم الرهبة من الظلمة والسكون، كانوا يغنون للتغلب على خوفهم بأصوات عالية. وعرفت هذه الأغاني بأغاني الليالي الموحشة. وإذا ارتفع صوت أحد المارين بهذه الأغاني، كانت ترافقه عبارات الإعجاب، وتعليقات مثل «حبيبي»، و «عزيزي»، و «أمان أمان»، وغيرها. وكان بعض السكان المتحمسين، والملمين بسبب أغاني العابرين هذه، يطلّون برؤوسهم من النوافذ، ويصيحون بالعابر «نحن معك!»، ويرافقونه بالغناء.(50/99)
وفي يوم سابق من الأسبوع، أصدر وزراء خارجية ودفاع وأمن دول مجلس التعاون الخليجي، في اختتام اجتماع دام ثلاثة أيام، بياناً ادعوا فيه سيادة الإمارات العربية المتحدة على الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغر وأبو موسى. وأعلنوا مساندتهم الدعوى، وطالبوا الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحل الخلاف على السيادة من طريق المفاوضات.
وتعود نشأة دول مجلس التعاون الخليجي الى قرن واحد. وهذه الدول تعلم حق العلم أن سيادة إيران على الجزر الثلاث نهائية، والوثائق في هذا الشأن لا تقبل الشك. وينبغي ألا يخطر ببالهم تصور يوم ينالون فيه من هذه السيادة. وعليه، ومهما كان باعثهم على تكرار الادعاء الواهي، فهو، قطعاً، ليس توقع خروج هذه الجزر الثلاث من السيادة الإيرانية. فما هو باعثهم إذاً؟
ويقتضي الجواب عن السؤال، أولاً، التذكير بالوثائق التي تقطع في السيادة الإيرانية على الجزر الثلاث.
1 – الى خرائط كثيرة تعود الى العهد اليوناني القديم (قبل الميلاد)، وتشير كلها الى أن جزر الخليج (الفارسي) كلها هي جزء من إيران، وتعتبر الخرائط الرسمية الحديثة، الصادرة في دول مثل بريطانيا وفرنسا وروسيا والبرتغال وإسبانيا وغيرها، وهي وثائق محفوظة، جزر الخليج (الفارس)، وفيها طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى، جزءاً من الأرض الإيرانية.
2 – في 1830، أعد الكابتن جي بي بروكس BRUKS، بأمر من شركة الهند الشرقية، الاستعمارية الانكليزية، خريطة ملونة للخليج (الفارسي). وتحفظ نسخ ملونة من الخريطة في وزارة الخارجية البريطانية، ومركز الوثائق للأمم المتحدة. ورسم بروكس الجزر الثلاث: طنب الصغرى والكبرى وأبو موسى بلون الأرض الإيرانية.
3 – في 1835، كلفت الحكومة البريطانية صاموئيل هنل ترسيم حدود دول الخليج الفارسي. فرسم خطاً افتراضياً في مياه الخليج، حيث الجزر الثلاث في القسم العلوي الشمالي لهذا الخط الافتراضي، واعتبرها عائدة لإيران.(50/100)
4 – في كانون الثاني (يناير) 1836، عين العقيد موريسن خلفاء لصماوئيل هنل على متابعة المهمة. وبعد المفاوضات مع الشيوخ المحليين كشف عن الخريطة التي أعدت بتوقيعهم. فجاءت الجزر الثلاث داخل حدود السيطرة والسيادة الإيرانيتين، وتوغلت في عمق الحدود.
5 – في 1881، قامت البحرية البريطانية برسم خريطة جديدة لمنطقة الخليج، فكانت الجزر والأراضي الإيرانية من لون واحد.
6 – في 1886 أعدت الاستخبارات البريطانية خريطة لإيران لونت فيها الجزر الثلاث بلون الأراضي الإيرانية.
7 – في 1908، منحت الحكومة الإيرانية الشركة الألمانية، ونغهاوس، امتياز استخراج الحديد (التراب الأحمر) في جزيرة أبو موسى فاعترضت الحكومة البريطانية، وكانت علاقاتها بالحكومة الإيرانية متوترة. وطالبت بالامتياز للشركات البريطانية. وهذا يثبت السيادة الإيرانية.
8 – والوثيقة الأساسية والوحيدة التي تقدمها الإمارات لإثبات حقها هي رسالة وجهها الآمر الإيراني لبندر لنكه، الشيخ يوسف، في 1882، الى الشيخ حميد القاسمي، حاكم رأس الخيمة، قال فيها، من باب التعارف والأدب وبالأسلوب الذي كان متداولاً في كثير من الرسائل المشابهة، بأن «أبو موسى لكم» (أي في خدمتكم).
9 – في القانون الدولي والقوانين المتعلقة بالحدود والأراضي، تحدد سيادة أي دولة على أي منطقة بناء على طرق منها «الملكية التاريخية»، والسيادة المؤثرة (أي العلم المرفوع عليها)، وتعيين الحاكم، ومرابطة القوات العسكرية. والطرق هذه، والمعايير القانونية، تثبت سيادة إيران القطعية على الجزر الثلاثة.
10 – ومن الدول الأعضاء في مجلس التعاون، لمسايرة البحرين الدول الأعضاء الأخرى حساب منفصل. فالبحرين كانت جزءاً من الأرض الإيرانية. وخسرتها إيران جراء صفقة غير قانونية بين الشاه البائد وبين الحكومتين الأميركية والبريطانية أدت الى انفصالها عن إيران.(50/101)
11 – وبعد العودة الى الوثائق السابقة التي تؤكد السيادة الإيرانية القطعية على الجزر الثلاث، يجب العودة الى السؤال عن باعث دول مجلس التعاون على تجديد الادعاءات الواهية بسيادة الإمارات على الجزر الثلاث. فهل يسع هذه الادعاءات غير الكشف عن ان الباعث هو الزلزال الذي ضربت الثورة الإسلامية به حكوماتهم القروسطية والمغتصبة؟ فهذه الدول كلها نشأت عن تدخل الدول الكبرى المباشر ودعمها. وليس في مستطاع شعوبها الاضطلاع بأي دور، مهما كان صغيراً، في تعيين حوماتها. ولا شأن للشعوب لا في السياسة ولا في القرارات. وحكام هذه الدول يدركون ان الزلزال الذي سببه نموذج الجمهورية الإسلامية الإيرانية سينتج عنه انهيار أنظمتهم غير القانونية. وفي هذه المسألة، فهم محقون! ومعاداة إيران الإسلامية هي أحد خياراتهم الاستراتيجية. وهو خيار يعود بالخطر، ليس على إيران، بل على دوام سلطتهم.
لضرب استقرار المجتمعات الإسلامية ..
فتنة جديدة يشعلها الغرب ضد الإسلام
محمد جمال عرفة "المجتمع" 7/7/2007
القضية قديمة.. لكنها تجددت بعد الاعلان عن توجيه اتهامات من النيابة المصرية لتلك لطائفة "القرآنيين" المنحرفة. فالقرآنيون ليسوا سوى فئة مغرضة تستهدف النيل من السنة النبوية وإنكار الأحاديث النبوية تحت دعاوى الإصلاح الديني وإعمال الفكر. والخطورة أنهم يجدون من يحتضنهم في الغرب ويعطيهم حق اللجوء السياسي مثلهم مثل سلمان رشدي بزعم أن إسلامهم هو الإسلام المعتدل، الذي يريده الغرب!
وكانت نيابة أمن الدولة في مصر قد وجهت مؤخراً تهمة "ازدراء الأديان" إلى خمسة أفراد من هذه الطائفة. وكُشف النقاب عن توغل خبيث لهذه الطائفة التي تنكر السنة النبوية، وثارت تساؤلات حول سر رعاية أمريكا والغرب لمثل هذه الفئات الضالة التي تسعى لهدم الإسلام؛ بدعاوى الإصلاح والتطوير ورفض الأحاديث النبوية والسنة المطهرة.(50/102)
وكانت التحقيقات مع المتهمين قد أوضحت أن أربعة منهم قالوا إنهم لا يصلون ركعات السُنّة، لأنها تستند إلى أحاديث لا يثقون في صحتها، موضحين أنهم لا يؤمنون بالسنة النبوية القولية لاستنادها إلى رواة، قد يكون بعضهم غير محل ثقة، أو يضيف إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم من هذا المنطلق لا يعتدون بالسُنّة القولية على عكس السنة الفعلية، مثل الصلاة والحج والتي رئي الرسول يقوم بها، واستمر الناس في القيام بها من بعده دون تغيير.
واللافت هنا أن زعيم الطائفة د.أحمد صبحي منصور، المفصول من جامعة الأزهر والمحكوم عليه بالردة من قبل هيئة ثلاثية من كبار علماء الأزهر الشريف، يؤكد في موقعه على الإنترنت أن هذه الاعتقالات الأخيرة هي الموجة الثالثة خلال عشرين عاماً، حيث "تعرض القرآنيون الداعون للسلم والإصلاح إلى موجتين من الاعتقال، في عام 1987م، وعام 2000م"، وفق كلامه.
ويقول في تفسيره للتصعيد الأخير والمفاجئ ضد القرآنيين إن السبب: "ربما تدخل الأزهر، وظهور جهل الشيوخ، ونجاح موقع أهل القرآن في تبصير الناس بحقائق الإسلام المجهولة، ونجاح الدعوة للإصلاح الديني التي يتبناها موقع أهل القرآن، وهو واضح من انتشار الاهتمام بمناقشة ما كان مسكوتاً عنه، هذا بالإضافة إلى دعوة الموقع إلى الديمقراطية والإصلاح السياسي بطريقة سلمية".
وبشكل عام يؤكد د. منصور أن هناك أربعة أسباب لحملة الاعتقالات لأنصاره وضمه هو للقضية، رغم أنه "مفكر مسلم يحتكم إلى القرآن في إصلاح المسلمين، وناشط في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة، بما في ذلك الدفاع عن الأقباط" حسبما يقول وهذه الأسباب الأربعة هي:…
1- لموازنة اعتقال بعض الإخوان في الانتخابات: فكأن النظام يقول اعتقلنا الإخوان وأعداءهم ثقافياً؛ على اعتبار أن القرآنيين ضد ثقافة الإخوان المسلمين ليس كأشخاص أو كتنظيم وإنما لخلطهم الدين بالسياسة.(50/103)
2- بسبب جذب موقع "أهل القرآن" الإلكتروني للقراء: والذي وصفه منصور بأنه يحرز تقدماً في مجال إصلاح العقول.
3- "موضوع الأزهر": موضحاً أن فقهاء الأزهر وصلوا إلى درك رضاعة الكبير والتبرك ببول الرسول صلى الله عليه وسلم، والفتاوى الساقطة وأثاروا الرأي العام ضدهم، وهم يعتقدون أننا الذين أجبرناهم على الدفاع عن هذه الأحاديث التي يعتبرونها سنة ونعتبرها نحن مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم.
4 أما السبب الأخير الذي قد يكون وراء هذا الاستهداف فهو علاقته الوطيدة مع د.سعد الدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون وأستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والمعروف بولائه الشديد للمشروع الأمريكي في المنطقة.
نشاط القرآنيين:
وفقاً لآراء العديد من المؤرخين، ظهرت طائفة القرآنيين منذ السبعينيات في باكستان، ثم بدأت في الانتشار بترويج فكرة الاستناد إلى القرآن فقط، مستغلين أن أهل السنة يعتمدون على جمع الأحاديث من أهل البيت والصحابة، في حين أن الشيعة يرفضون الأحاديث الواردة عن الصحابة.(50/104)
وهنا بدأ القرآنيون يرددون مقولة حق يريدون بها باطلاً، وهي أن الحل لهذا الخلاف الأخذ بالقرآن فقط في عملية التشريع. ومع أن الظاهر أن ما يوحد القرآنيين هو إنكار السنة النبوية والأحاديث التي يرويها الصحابة مثل أبي هريرة. فالحقيقة أن هؤلاء القرآنيين ليسوا على قلب رجل واحد وهناك خلافات وانقسامات بينهم في العالم. وعلى سبيل المثال، اتجهت طائفة القرآنيين الموجودة بمصر ويتزعمها د.أحمد صبحي منصور المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية إلى إنشاء موقع على الإنترنت تحت مسمى "أهل القرآن"؛ بهدف التعبير عن معتقداتهم والترويج لمبادئهم الرافضة تماماً، للاستدلال بأية أحاديث نبوية أو قدسية، واعتبار هذا الموقع اللبنة الأولى لتجميع القرآنيين في كل أنحاء العالم، وتوثيق الروابط بينهم، والتعاون معاً في الأمور الدنيوية والدينية، ويحتوي الموقع على نشأة تيار القرآنيين في مصر على يد د. منصور الذي فصل من جامعة الأزهر عام 1987م، ويفتح الموقع الباب واسعاً لمن يرغبون في اعتناق فكر الطائفة.
وبالمقابل هناك موقع آخر يسمى "موقع القرآنيين" يقول إن الموقع مخصص للقرآنيين أو القرآنيين أو أهل القرآن، ويقوم عليه شخص جزائري يدعى نورالحاج محمد. يقول: "إن القرآنيين وكما عرفتهم هم كغيرهم فئة ضالة إلا من رحم ربك، فإنهم غير صادقين فيما يزعمون على أنهم يتبعون التنزيل وحده مصدراً للتشريع، فلقد وجدت منهم اعتراضاً كبيراً على التنزيل، حين عرضت عليهم التشريع الذي أنزله الله".(50/105)
وتؤكد البيانات الموجودة على موقع أحمد صبحي منصور أن تيار القرآنيين ينتشر في العديد من الدول ويزعم أن له أنصاراً كثيرين. وللتدليل على هذا يستضيف الموقع نحو 100 شخصية من مختلف الدول من مصر، وأفغانستان، والأردن وفلسطين وسورية والعراق، إلى جانب مجموعة كبيرة من المصريين المقيمين في الداخل والخارج، وأشهرهم د. سعد الدين إبراهيم، والكاتب المسرحي علي سالم، وهو من كبار أنصار التطبيع مع العدو الصهيوني وبعض غلاة العلمانيين مثل الكاتب سيد القمني وكمال غبريال.
أسرار وخرافات:
وقد كتب شخص يدعى "الزين القرآني" على موقع "شفاف الإلكتروني" يشرح بعض الأسرار حول الطائفة منها توارث أجيال منهم لفكرة الأخذ بالقرآن فقط مع إنكار السنة النبوية، وتلقي محاضرات في لقاءات أسبوعية لدراسة هذا المذهب بمعدل 4 ساعات يومياً لمدة 52 يوماً في العام، وأنهم يرفضون السيرة النبوية والحديث والتفاسير وعلم النحو على طريقة سيبويه، ويرفضون حجاب المرأة ويقولون إنها غير مطالبة سوى بستر الأعضاء التناسلية فقط، وأنه لا عورة للرجل، ولا يوجد زنا على الإطلاق ويبيحون ملكية ذات اليمين للنساء؛ باعتبارها من المعاشرة وليست عبودية، ولا يحرمون أكل لحم الخنزير أو شرب الخمر، ولا عقوبة عندهم على ممارسة الجنس بين الذكور أو المثلية بين السيدات، وأيضاً المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث!
مدرسة فكرية فقط:
ويؤكد أحمد صبحي منصور في حوار صحفي منشور على موقعه أن القرآنيين ليسوا جماعة أو فئة أو طائفة يمكن أن تسجلهم أو أن تجمعهم في مؤتمر أو أن تضمهم في تنظيم، ولكنهم فقط "منهج عقلي في فهم الإسلام". ويشدد: "إننا اتجاه فكرى عقلي منهجي في فهم الإسلام، ويريد الإصلاح السلمي للمسلمين من داخل الإسلام؛ بعد أن ثبت فشل القائمين على المؤسسات الدينية الرسمية في القيام بالإصلاح، بل ثبت أنهم سبب التخلف واتهام الإسلام بالتطرف والإرهاب والتخلف".(50/106)
ويحاول مغازلة السلطات بالقول: "ليس للقرآنيين طموح سياسي من أي نوع، وكل صاحب طموح سياسي نحن منه براء لأنه يسيء إلى إسلامنا العظيم باتخاذه مطية لحطام دنيوي، والإسلام عندنا أرفع وأعز من أن يتخذه البعض وسيلة مواصلات يركبها للحكم والسيطرة والثروة والسلطة. كل طموحنا هو في الآخرة. ويتركز في أننا نرجو أن نكون أشهاداً على قومنا يوم القيامة".
وتقول أزهار صبحي منصور من طائفة القرآنيين وشقيقة "منصور" لمجلة "المصور" المصرية الحكومية 29 يونيو 2007م: "لسنا جماعة أو تنظيماً، فنحن مجرد مدرسة فكرية تتبع المفكر والأب الروحي د.أحمد صبحي منصور، فهو ليس زعيماً كما يطلق عليه البعض، وقد قرر الهجرة لأمريكا أوائل عام 1988م. وعند عودته أواخر العام نفسه تم القبض عليه بالمطار وأفرج عنه بعد محاولاتهم الشديدة إرجاعه عن هذا الفكر لكنه رفض بشدة، ثم قرر العودة مجددًا لأمريكا عام 2001م كلاجئ سياسي، خاصة بعد إغلاق "مركز ابن خلدون" الذي يرأسه سعد الدين إبراهيم المنبر الذي كان يحاول من خلاله نقل أفكاره". واللافت هنا أن أنصار هؤلاء القرآنيين في مصر وغالبيتهم من عائلة صبحي منصور يؤكدون أنه ليست لديهم أماكن للتجمع ولا تتم أية لقاءات منظمة، وأن كل ما كان يجمعهم بالدكتور صبحي منصور هو صلاة الجمعة في منزلهم، ويطالبون بإقامة مركز أو معهد علمي رسمي لحمايتهم من الهجوم عليهم؛ خصوصاً أنهم الآن "ضعاف وفقراء" كما يقولون.
الصلاة على الذقن!(50/107)
ويؤكد د.محمد السعيد مشتهري مدير "مركز بحوث دراسات القرآن الكريم" أن هؤلاء القرآنيين منقسمون فعلياً إلى عدة فرق؛ فمنهم فريق يسجد في صلاته على الذقن؛ استنادًا لقوله تعالى {يخرون للأذقان سجدا}، وآخرون يرون إمكانية جواز أداء مناسك الحج في أي يوم من أيام أشهر الحج؛ استناداً لقوله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}، كما أن فريقاً آخر يبيح تعدد الزوجات.
حقيقة صبحي منصور:
في عام 1994م سعى "مركز ابن خلدون" الذي يشرف عليه د. سعد الدين إبراهيم لعقد مؤتمر تحت عنوان (الأقليات) بتمويل من جهات أمريكية وأوروبية، اضطرت الحكومة المصرية لرفض عقد المؤتمر على أرضها؛ خصوصاً أن المؤتمر سيركز بشكل خاص على الأقباط المصريين كأقلية، زاعماً أنهم مضطهدون، فاضطر القائمون على المؤتمر لعقده في قبرص في نفس العام.
وقد طرح في هذا المؤتمر المشبوه مقترح للتركيز على تغيير المناهج الدراسية في الدول التي يزعم أن بها أقلية دينية أو عرقية مضطهدة بغرض إعطاء مساحة أكبر في هذه المناهج لشرح الأصول الحضارية أو العرقية أو الدينية التي تنتمي لها أقلية ما كأحد الحلول لمنع اضطهاد الأقليات. وقد عرضت مؤسسة (EZE) ) الألمانية تمويل دراسة مشروع لجعل التعليم (أكثر حساسية لهموم الأقليات) بحيث تثمر في النهاية مقترحاً جديداً للتعليم الديني في مصر يعطي مساحة أكبر للحضارة القبطية في مناهج التعليم.…
وخلال الفترة ما بين 1995 1998م قام المركز بتنفيذ ما اتفق عليه، وأعد دراسة متكاملة للمراحل التعليمية ما قبل التعليم الجامعي في ستة كتب تحت عنوان "مشروع التعليم والتسامح" أخطرها هو "مقترح التربية الدينية لمراحل التعليم قبل الجامعي" الذي أعده، ومعه فريق البحث التابع لمركز ابن خلدون والذي يضم 13عضواً ستة منهم نصارى.(50/108)
وقد ظل العمل في هذا المشروع الخبيث يسير في الظلام بهدوء وبعلم وزير التعليم المصري السابق د. حسين كامل بهاء الدين، إلى أن قيض الله من أطلع عليه بعض علماء الأزهر ثم تسريبه لوسائل الإعلام المصرية، ليتم كشف أكبر جريمة يجري تدبيرها للتعليم الأزهري في مصر بعد جريمة تقليص مساحة المواد الدينية الفقهية، التي نفذت بالفعل على مناهج طلاب الثانوية الأزهرية وكشفتها (المجتمع) في عام 1998م، والتي وصفها علماء الأزهر الشريف بأنها تستهدف علمنة التعليم الأزهري ودمجه في مناهج وزارة التعليم المصرية.
سلسلة أوهام للطعن في الدين:
تفاصيل هذا المشروع الخبيث الذي أعده د. منصور لا تخرج كثيراً عن أفكاره الجديدة. فالمشروع القديم (مشروع التعليم قبل الجامعي)، سعى لتشويه صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنكار العصمة والشفاعة (د.منصور صاحب المشروع زعم في حوار مع "المجتمع" حينئذ أن القرآن به (150) آية تنكر شفاعة النبي محمد!)، ويروج علناً للدولة العلمانية، وقد دفع ذلك الأزهر الشريف للتدخل والإدلاء برأيه، بعدما طالب عدد من نواب البرلمان بذلك، ورفض الأزهر ذلك المشروع.
وطالب المشروع بحذف ثلاثة أشياء من مناهج التربية والتعليم الحالية، وهي: الغيبيات التشريعات الأخلاقيات.…
وزعم أن الغيبيات مجرد أكاذيب، وخاصة ما جاء منها في السنة لأن النبي لا يعلم الغيب ولا يعلم شيئاً عن علامات الساعة وليس له أن يتحدث عن تلك الغيبيات!
وهاجم المشروع أيضاً (الإسناد) أي الأحاديث النبوية فقال: "أقام الإسناد ديناً جديداً مخالفاً للقرآن، وأكسب ذلك الدين المخالف قدسية حين نسبه للنبي".(50/109)