قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30)
30 - قالوا: كذلك قضى ربك إنه هو الحكيم فى كل ما يقضى، العليم الذى لا يخفى عليه شئ.(1/773)
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31)
31 - قال إبراهيم: فما شأنكم - بعد هذه البشارة - أيها المرسلون؟! .(1/773)
قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32)
32 -، 33، 34 - قالوا: إنا أُرسلنا إلى قوم مفرطين فى العصيان، لنلقى عليهم حجارة من طين لا يعلم كنهه إلا الله، مُعلَّمة مخصصة عند ربك للمجاوزين الحد فى الفجور.(1/773)
فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35)
35 -، 36 - فقضينا بإخراج من كان فى تلك القرية من المؤمنين، فما وجدنا فيها غير أهل بيت واحد من المسلمين.(1/773)
وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37)
37 - وتركنا فيها علامة تدل على هلاك أهلها، ليعتبر بها الذين يخافون العذاب الأليم.(1/773)
وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38)
38 - وفى قصة موسى عظة، إذ أرسلناه إلى فرعون مؤيداً ببرهان بيِّن.(1/773)
فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39)
39 - فأعرض فرعون عن الإيمان بموسى معتدا بقوَّته، وقال: هو ساحر أو مجنون.(1/773)
فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40)
40 - فأخذناه ومن اعتز بهم فرميناهم فى البحر، وهو مقترف ما يُلام عليه من الكفر والعناد.(1/773)
وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41)
41 - وفى قصة عاد عظة، إذ أرسلنا عليهم الريح التى لا خير فيها.(1/773)
مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)
42 - ما تترك من شئ مرّت عليه إلا جعلته كالعظم البالى.(1/774)
وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43)
43 -، 44 - وفى قصة ثمود آية، إذ قيل لهم: تمتعوا فى داركم إلى وقت معلوم، فتَجبَّروا وتعالوا عن الاستجابة لأمر ربهم، فأهلكتهم الصاعقة وهم يعاينون وقوعها بهم.(1/774)
فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45)
45 - فما تمكنوا من نهوض، وما كانوا قادرين على الانتصار بدفع العذاب.(1/774)
وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46)
46 - وقوم نوح أهلكناهم من قبل هؤلاء، إنهم كانوا قوماً خارجين عن طاعة الله.(1/774)
وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47)
47 -، 48 - والسماء أحكمناها بقوة، وإنا لقادرون على أكثر من ذلك. والأرض بسطناها، فنعم المهاد الذى ينتفع به الإنسان.(1/774)
وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49)
49 - ومن كل شئ خلقنا صنفين مزدوجين لعلكم تتذكرون فتؤمنوا بقدرتنا.(1/774)
فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)
50 -، 51 - فسارعوا إلى طاعة الله، إنى لكم من الله نذير مُبَيِّن عاقبة الإشراك.(1/774)
كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52)
52 - كذلك كان شأن الأمم مع رسلهم، ما أتى الذين من قبل قومك من رسول إلا قالوا: ساحر أو مجنون.(1/774)
أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53)
53 - أأوصى بعضهم بعضاً بهذا القول حتى تواردوا عليه؟ بل هم قوم متجاوزون الحدود فتلاقوا فى الطعن على الرسل.(1/774)
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)
54 - فأعرضْ عن هؤلاء المعاندين، فما أنت بملوم على عدم استجابتهم.(1/774)
وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)
55 - ودم على التذكير، فإن الذكرى تزيد المؤمنين بصيرة وقوة يقين.(1/775)
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)
56 - وما خلقت الجن والإنس لشئ يعود علىّ بالنفع، وإنما خلقتهم ليعبدونى، والعبادة نفع لهم.(1/775)
مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)
57 - ما أريد منهم من رزق - لأنى غنى عن العالمين - وما أريد أن يطعمونى لأنى أُطْعِم ولا أُطْعَم.(1/775)
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)
58 - إن الله - وحده - هو المتكفل برزق عباده، وهو ذو القوة الشديد الذى لا يعجز.(1/775)
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59)
59 - فإن للذين ظلموا أنفسهم بالكفر والتكذيب نصيباً من العذاب مثل نصيب أصحابهم من الأمم الماضية، فلا يستعجلونى بإنزال العذاب قبل أوانه.(1/775)
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)
60 - فهلاك للذين كفروا من يومهم الذى يوعدونه، لما فيه من الشدائد والأهوال.(1/775)
وَالطُّورِ (1)
1 -، 2، 3، 4، 5، 6 - أقسم بجبل طور سيناء الذى كلَّم الله عليه موسى، وبكتاب منزل من عند الله مكتوب فى صحف ميسرة للقراءة، وبالبيت المعمور بالطائقين والقائمين والركع السجود، وبالسماء المرفوعة بغير عمد، وبالبحر المملوء.(1/776)
إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7)
7 -، 8 - إن عذاب ربك الذى توعد به الكافرين لنازل بهم لا محالة، ليس له من دافع يدفعه عنهم.(1/776)
يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9)
9 -، 10 - يوم تضطرب السماء اضطراباً شديداً، وتنتقل الجبال من مقارها انتقالاً ظاهراً.(1/776)
فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11)
11 -، 12 - فهلاك شديد فى هذا اليوم للمكذبين بالحق، والذين هم فى باطل يلهون.(1/776)
يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13)
13 - يوم يُدْفعون إلى نار جهنم دفعاً عنيفاً.(1/776)
هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14)
14 - يقال لهم: هذه النار التى كنتم بها تكذبون فى الدنيا.(1/777)
أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (15)
15 - أبقيتم على إنكاركم، فهذا الذى تشاهدونه من النار سحراً؟ أم أنتم لا تبصرون! .(1/777)
اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16)
16 - ادخلوها وذوقوا حرَّها، فاصبروا على شدائدها أو لا تصبروا، فصبركم وعدمه سواء عليكم، إنما تلاقون اليوم جزاء ما كنتم تعملون فى الدنيا.(1/777)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17)
17 - إن المتقين فى جنات فسيحات، لا يحاط بوصفها، ونعيم عظيم كذلك.(1/777)
فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18)
18 - متنعمين بما أعطاهم ربهم، ووقاهم ربهم عذاب النار.(1/777)
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19)
19 - يقال لهم: كلوا طعاماً هنيئاً، واشربوا شراباً سائغاً، جزاء بما كنتم تعملون فى الدنيا.(1/777)
مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20)
20 - جالسين متكئين على أرائك مصفوفة، وزوجناهم بنساء بيض واسعات العيون حسانها.(1/777)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)
21 - والذين أمنوا واستحقوا درجات عالية، واتبعتهم ذريتهم بإيمان، ولم يبلغوا درجات الآباء، ألحقنا بهم ذريتهم، لتقر أعينهم بهم، وما نقصناهم شيئاً من ثواب أعمالهم. ولا يحمل الآباء شيئاً من أخطاء ذرياتهم، لأن كل إنسان مرهون بعمله، لا يؤخذ به غيره.(1/777)
وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22)
22 - وزدناهم بفاكهة كثيرة، ولحم مما يشتهون.(1/777)
يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)
23 - يتجاذبون فى الجنة - متوادين - كأساً مليئة بالشراب، لا يكون منهم بشربها كلام باطل، ولا عمل يستوجب الإثم.(1/777)
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24)
24 - ويطوف عليهم غلمان مُعَدُّون لخدمتهم، كأنهم فى الصفاء والبياض لؤلؤ مصون.(1/777)
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25)
25 - وأقبل بعض أهل الجنة على بعض، يسأل كل صاحبه عن عظم ما هم فيه وسببه.(1/778)
قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26)
26 -، 27 - قالوا: إنا كنا قبل هذا النعيم بين أهلينا خائفين من عذاب الله، فَمَنَّ الله علينا برحمته ووقانا عذاب النار.(1/778)
إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)
28 - إنا كنا من قبل فى الدنيا نعبده. إنه - وحده - هو المحسن الواسع الرحمة.(1/778)
فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)
29 - فَدُمْ على ما أنت عليه من التذكير، فما أنت - بما أنعم الله عليك من النبوة ورجاحة العقل - بكاهن، تخبر بالغيب دون علم، ولا مجنون تقول ما لا تقصد.(1/778)
أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)
30 -، 31 - بل أيقولون هو شاعر، ننتظر به نزول الموت؟ ، قل تهديداً لهم، انتظروا فإنى معكم من المنتظرين عاقبة أمرى وأمركم.(1/778)
أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32)
32 - أتأمرهم عقولهم بهذا القول المتناقض؟ ، فالكاهن والشاعر ذو فطنة وعقل، والمجنون لا عقل له، بل هم قوم مجاوزون الحد فى العناد.(1/778)
أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33)
33 - أيقولون: اختلق محمد القرآن؟ بل هم لمكابرتهم لا يؤمنون.(1/778)
فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34)
34 - فليأتوا بحديث مثل القرآن، إن كانوا صادقين فى قولهم: أن محمدا اختلقه.(1/778)
أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)
35 - أَخُلِقُوا من غير خالق. أم هم الذين خَلَقُوا أنفسهم، فلا يعترفون بخالق يعبدونه؟ .(1/778)
أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36)
36 - أخلقوا السموات والأرض على هذا الصنع البديع؟ بل هم لا يوقنون بما يجب للخالق، فلهذا يشركون به.(1/778)
أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37)
37 - أعندهم خزائن ربك يتصرفون فيها؟ ، بل أهم القاهرون المدبرون للأمور كما يشاءون؟ .(1/778)
أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38)
38 - بل ألهم مرقى يصعدون فيه إلى السماء، فيستمعون ما يقضي به الله؟ فليأت مستمعهم بحجة واضحة تصدق دعواه.(1/779)
أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39)
39 - بل ألله البنات كما تزعمون، ولكم البنين كما تحبون.(1/779)
أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40)
40 - بل أتسألهم شيئا من الأجر على تبليغ الرسالة، فهم لما يلحقهم من الغرامة مثقلون متبرمون.(1/779)
أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41)
41 - بل أعندهم علم الغيب، فهم يكتبون منه ما شاءوا؟.(1/779)
أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42)
42 - بل أيريدون مكرا بك وإبطالا لرسالتك؟ ، فالذين كفروا هم الذين يحيق بهم مكرهم.(1/779)
أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43)
43 - أم لهم معبود غير الله يمنعهم من عذاب الله، تنزيها لله عما يشركون.(1/779)
وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44)
44 - وإن يشاهدوا جزءا من السماء ساقطا عليهم لعذابهم، يقولوا عنادا: هو سحاب مجتمع.(1/779)
فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)
45 - فدعهم غير مكترث بهم، حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يهلكون.(1/779)
يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46)
46 - يوم لا يدفع عنهم مكرهم شيئا من العذاب، ولا هم يجدون ناصرا.(1/779)
وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)
47 - وإن للذين ظلموا عذابا غير العذاب الذي يهلكون به في الدنيا، ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك.(1/779)
وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)
48 - واصبر لحكم ربك بإمهالهم، وعلى ما يلحقك من أذاهم، فإنك في حفظنا ورعايتنا، فلن يضرك كيدهم، وسبح بحمد ربك حين تقوم.(1/779)
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)
49 - وتخير جزءا من الليل فسبحه فيه، وسبحه وقت إدبار النجوم.(1/779)
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)
1 -، 2 - أقسم بالنجم إذا هوى للغروب: ما عدل محمد عن طريق الحق وما اعتقد باطلا.(1/780)
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)
3 - وما يصدر نطقه فيما يتكلم به من القرآن عن هوى نفسه(1/780)
إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)
4 - ما القرآن الذي ينطق به إلا وحي من الله يوحيه إليه.(1/780)
عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)
5 - علَّمه هذا الوحى ملك شديد القوى.(1/781)
ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6)
6 -، 7 - ذو حصافة فى عقله ورأيه، فاستقام على صورته، وهو بالجهة العليا من السماء المقابلة للناظر.(1/781)
ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8)
8 -، 9 - ثم قرب جبريل منه، فزاد فى القرب، فكان دُنُوُّه قدر قوسين، بل أدنى من ذلك.(1/781)
فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)
10 - فأوحى جبريل إلى عبد الله ورسوله ما أوحاه، وأنه أمر عظيم الشأن بعيد الأثر.(1/781)
مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)
11 - ما أنكر فؤاد محمد ما رآه بصره.(1/781)
أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12)
12 - أتكذِّبون رسول الله، فتجادلونه على ما يراه معاينة؟ .(1/781)
وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)
13 -، 14، 15، 16، 17 - ولقد رأى محمد جبريل على صورته مرة أخرى، فى مكان لا يعلم علمه إلا الله، سماه «سدرة المنتهى» ، وأنبأ أن عنده جنة المأوى، إذ يغشاها ويغطيها من فضل الله ما لا يحيط به وصف، ما مال بصر محمد عما رآه، وما تجاوز ما أُمر برؤيته.(1/781)
لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)
18 - لقد رأى كثيراً من آيات الله وعجائبه العظمى.(1/781)
أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)
19 -، 20 - أعلمتم ذلك ففكرتم فى شأن اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، التى اتخذتموها آلهة تعبدونها؟ .(1/781)
أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21)
21 - أقسَّمتم الأمر فجعلتم لأنفسكم الذكور، وجعلتم لله الإناث؟ .(1/781)
تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22)
22 - تلك - إذن - قسمة جائرة، إذ تجعلون لله ما تكرهون.(1/781)
إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)
23 - ما الأصنام إلا مجرد أسماء ليس فيها شئ من معنى الألوهية، سميتموها أنتم وآباؤكم بمقتضى أهوائكم الباطلة، ما أنزل الله بها من حُجَّة تُصدق دعواكم فيها، ما يتبعون إلا الظن وما تهواه النفوس المنحرفة عن الفطرة السليمة، ولقد جاءهم من ربهم ما فيه هدايتهم لو اتبعوه.(1/782)
أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24)
24 -، 25 - بل ليس للإنسان ما تمناه من شفاعة هذه الأصنام أو غير ذلك مما تشتهيه نفسه، فلله - وحده - أمر الآخرة والدنيا جميعاً.(1/782)
وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26)
26 - وكثير من الملائكة فى السموات مع علو منزلتهم لا تغنى شفاعتهم شيئاً - ما - إلا بعد إذنه تعالى للشفيع ورضاه عن المشفوع له.(1/782)
إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27)
27 - إن الذين لا يؤمنون بالدار الآخرة ليصفون الملائكة بالأنوثة، فيقولون: الملائكة بنات الله.(1/782)
وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28)
28 - وما لهم بهذا القول من علم، ما يتبعون فيه إلا ظنهم الباطل، وإن الظن لا يغنى من الحق شيئاً.(1/782)
فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29)
29 - فانصرف عن هؤلاء الكافرين الذين أعرضوا عن القرآن ولم يكن همهم إلا الحياة الدنيا جاهدين فيما يصلحها.(1/782)
ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30)
30 - ذلك الذي يتبعونه فى عقائدهم وأعمالهم منتهى ما وصلوا إليه من العلم، إن ربك هو أعلم بمن أصر على الضلال، وهو أعلم بمن شأنه قبول الاهتداء.(1/782)
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31)
31 - ولله - وحده - ما فى السموات وما فى الأرض خلقاً وتدبيراً، ليجزى الضالين المسيئين بعملهم، ويجزى المهتدين المحسنين بالمثوبة الحسنى.(1/783)
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)
32 - الذين يجتنبون ما يكبر عقابه من الذنوب وما يعظم قبحه منها، لكن الصغائر من الذنوب يعفو الله عنها، إن ربك عظيم المغفرة، هو أعلم بأحوالكم، إذ خلقكم من الأرض، وإذ أنتم أجنة فى بطون أمهاتكم فى أطواركم المختلفة، فلا تصفوا أنفسكم بالتزكى مدحاً وتفاخراً، هو أعلم بمن اتقى، فزكت نفسه حقيقة بتقواه.(1/783)
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33)
33 -، 34، 35 - أتأملت فرأيت الذى أعرض عن اتباع الحق، وأعطى شيئاً قليلاً من المال، وقطع العطاء؟ {أعنده علم الغيب فهو منكشف له عما يدفعه إلى التولى عن الحق والبخل بالمال؟(1/783)
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36)
36 -، 37، 38 - بل ألم يخبَر بما فى صحف موسى وإبراهيم الذى بلغ الغاية فى الوفاء بما عاهد الله عليه: أنه لا تحمل نفس إثم نفس أخرى؟}(1/783)
وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)
39 - وأنه ليس للإنسان إلا جزاء عمله.(1/783)
وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40)
40 - وأن عمله سوف يعلن، فيُرى يوم القيامة تشريفاً للمحسن وتوبيخاً للمسئ.(1/783)
ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)
41 - ثم يجزى الإنسان على عمله الجزاء الأوفر.(1/783)
وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42)
42 - وأن إلى ربك - لا إلى غيره - المعاد.(1/784)
وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43)
43 - وأنه هو - وحده - بسط أسارير الوجوه وقبضها، وخلق أسباب البسط والقبض.(1/784)
وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)
44 - وأنه هو - وحده - سلب الحياة ووهبها.(1/784)
وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45)
45 -، 46 - وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى - من الإنسان والحيوان - من نطفة دافقة.(1/784)
وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (47)
47 - وأن عليه الإحياء بعد الإماتة.(1/784)
وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (48)
48 - وأنه - هو - أعطى ما يكفى، وأرضى بما يقتنى ويدخر.(1/784)
وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (49)
49 - وأنه - هو - رب هذا الكوكب العظيم المسمى بالشعرى.(1/784)
وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50)
50 -، 51 - وأنه أهلك عاداً الأولى قوم هود، وأهلك ثمود قوم صالح، فما أبقى عليهم.(1/784)
وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52)
52 - وأهلك قوم نوح من قبل هلاك عاد وثمود، إنهم كانوا - هم - أكثر ظلماً وأشد طغياناً من عاد وثمود.(1/784)
وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53)
53 - والقرى المنقلبة بقوم لوط هو الذى قلبها.(1/784)
فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54)
54 -، 55 - فأحاط بها من العذاب ما أحاط، فبأى نعمة من نعم ربك ترتاب!(1/784)
هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (56)
56 - هذا القرآن نذير من جنس النذر الأولى التى أنذرت بها الأمم السابقة.(1/784)
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57)
57 -، 58 - قربت القيامة، ليس لها من دون الله من يكشف عن وقت وقوعها.(1/785)
أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59)
59 -، 60، 61 - أتجحدون كل حق؟ ، فمن هذا القرآن تعجبون إنكاراً، وتضحكون استهزاءً وسخريةً، ولا تبكون كما يفعل الموقنون، وأنتم لاهون متكبرون؟!(1/785)
فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)
62 - فاسجدوا لله الذى أنزل القرآن هدى للناس، وأفْرِدوه بالعبادة جل جلاله.(1/785)
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)
1 - دنت القيامة وسينشق القمر لا محالة.(1/786)
وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)
2 - وإن ير الكفار معجزة عظيمة يُعرضوا عن الإيمان بها، ويقولون: هى سحر دائم متتابع.(1/786)
وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3)
3 - وكذَّبوا الرسل واتبعوا ما تزيِّنُهُ لهم أهواؤهم، وكل أمر منته إلى غاية يستقر عليها.(1/786)
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4)
4 - وأقسم لقد جاء الكفار من أخبار الأمم السابقة والحقائق الكونية ما فيه كفاية لزجرهم.(1/786)
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5)
5 - هذا الذى جاءهم حكمة عظيمة بالغة غايتها. فأى نفع تُفيد النُّذر من انصرف عنها؟ .(1/786)
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6)
6 - فأعرض - يا محمد - عن هؤلاء الكفار، وانتظر يوم يدعو داعى الله إلى أمر شديد تنكره النفوس.(1/787)
خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7)
7 - خاضعة أبصارهم من شدة الهول، يخرجون من القبور كأنهم - فى الكثرة والسرعة - جراد منتشر! {(1/787)
مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)
8 - مسرعين إلى الداع، ينظرون إليه فى ذل وخضوع، لا يتحول بصرهم عنه، يقول الكافرون يوم القيامة: هذا يوم صعب شديد.(1/787)
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9)
9 - كذَّبت قبل كفار مكة قوم نوح، فكذَّبوا نوحاً - عبدنا ورسولنا - ورموه بالجنون، وحالوا - بأنواع الأذى والتخويف - بينه وبين تبليغ الرسالة.(1/787)
فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10)
10 - فدعا نوح ربه إنى مغلوب من قومى، فانتقم لى منهم.(1/787)
فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11)
11 -، 12 - ففتحنا أبواب السماء بماء منصب كثير متتابع، وشققنا الأرض عيوناً متفجرة بالماء. فالتقى ماء السماء وماء الأرض على إهلاكهم الذى قدَّره الله تعالى.(1/787)
وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13)
13 -، 14 - وحملنا نوحاً على سفينة من خشب، وخيوط من ليف تشد ألواحها، تجرى على الماء بحفظنا، جزاء لنوح الذى استمر قومه على تكذيب دعوته.(1/787)
وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)
15 - ولقد تركنا حادثة إغراق الكافرين وإنجاء المؤمنين عظة، فهل من مُتَّعظ.(1/787)
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (16)
16 - فعلى أى حال كان عذابى وإنذارى للمخالفين؟} {(1/787)
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)
17 - وأقسم لقد سهَّلنا القرآن للتذكرة والاتعاظ، فهل من متعظ؟ .(1/787)
كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18)
18 - كذبت عاد رسولهم - هوداً - فعلى أى حال كان عذابى وإنذارى للمخالفين؟} !(1/787)
إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19)
19 -، 20 - إنا سلّطنا عليهم ريحاً باردة مدوية فى يوم شؤم دائم، تقلع الناس من أماكنهم، وترمى بهم على الأرض صرعى، كأنهم أصول نخل منقلع من مغارسه.(1/788)
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (21)
21 - فعلى أى حال كان عذابى وإنذارى للمخالفين! {(1/788)
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22)
22 - ولقد سهلنا القرآن للعظة والاعتبار، فهل من متعظ؟(1/788)
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23)
23 - كذَّبت ثمود بإنذارات نبيِّهم صالح.(1/788)
فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (24)
24 - فقالوا: أبشراً من عامتنا لا عصبية له نتبعه؟ ، إنا إذا اتبعناه لفى بُعْد عن الحق وجنون.(1/788)
أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25)
25 - أَاُنْزِلَ الوحى عليه من بيننا وفينا من هو أحق منه؟ بل هو كثير الكذب، منكر للنعمة.(1/788)
سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26)
26 - سيعلمون قريباً يوم ينزل بهم العذاب: مَنْ الكذَّاب المنكر للنعمة، أهم أم صالح رسولهم؟(1/788)
إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27)
27 - إنا مرسلو الناقة آية لرسولنا - صالح - امتحاناً لهم، فانتظرهم وتبصَّر ما هم فاعلون، واصبر على أذاهم حتى يأتى أمر الله.(1/788)
وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28)
28 - ونبئهم أن الماء مقسوم بينهم وبين الناقة، كل نصيب يحضره صاحبه فى يومه.(1/788)
فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29)
29 -، 30 - فنادوا صاحبهم، فتهيأ لعقر الناقة فعقروها. فعلى أى حال كان عذابى وإنذارى للمخالفين؟}(1/788)
إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31)
31 - إنا سلّطنا عليهم صيحة واحدةً فكانوا بها كشجر يابس يجمعه من يريد اتخاذ حظيرة!!(1/789)
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (32)
32 - ولقد سهّلنا القرآن للعظة والاعتبار، فهل من متعظ؟ .(1/789)
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33)
33 - كذبت قوم لوط بإنذارات رسولهم.(1/789)
إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34)
34 -، 35 - إنا أرسلنا عليهم ريحاً شديدة ترميهم بالحصى، إلا آل لوط المؤمنين نجَّيناهم من هذا العذاب آخر الليل، إنعاماً عليهم من عندنا، كذلك الإنعام العظيم نجزى به من شكر نعمتنا بالإيمان والطاعة.(1/789)
وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (36)
36 - ولقد خوَّف لوط قومه أخذتنا الشديدة، فشكوا فى إنذاراته تكذيباً له.(1/789)
وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37)
37 - ولقد أرادوا منه تمكينهم من ضيفه، فمحونا أبصارهم جزاء ما أرادوا، فقل لهم - تهكماً -: تجرعوا عذابى وإنذاراتى.(1/789)
وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (38)
38 -، 39 - ولقد فاجأهم فى الصباح الباكر عذاب ثابت دائم، فقيل لهم: تجرعوا عذابى وإنذاراتى.(1/789)
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (40)
40 - ولقد سهَّلنا القرآن للعظة والاعتبار، فهل من متعظ؟(1/789)
وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41)
41 - ولقد جاء آل فرعون الإنذارات المتتابعة.(1/789)
كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (42)
42 - كذبوا بآياتنا ومعجزاتنا التى جاءت على يد رسلنا، فأهلكناهم إهلاك قوى لا يُغْلَب. عظيم القدرة.(1/789)
أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43)
43 - أأنتم - أيها الكفار - أقوى من أولئكم الأقوام السابقين الذين أهلكوا؟ . بل ألكم براءة من العذاب فيما نزل من الكتب السماوية؟(1/790)
أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44)
44 - أيقول هؤلاء الكفار: نحن جمع مؤتلف ممتنع على أعدائه لا يغلب؟ .(1/790)
سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)
45 - سيغلب هذا الجمع، ويفرون مولين الأدبار.(1/790)
بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)
46 - بل القيامة موْعد عذابهم، والقيامة أعظم داهية وأقسى مرارة.(1/790)
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47)
47 - إن المجرمين من هؤلاء وأولئك فى هلاك وجحيم مستعر.(1/790)
يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48)
48 - يوم يُجَرُّون فى النار على وجوههم يقال لهم: قاسوا آلام جهنم وحرارتها.(1/790)
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)
49 - إنا خلقنا كل شئ، خلقناه بتقدير على ما تقتضيه الحكمة.(1/790)
وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50)
50 - وما أَمْرُنا لشئ أردناه إلا كلمة واحدة هى أن نقول له: «كن» فيكون فى سرعة الاستجابة كلمح البصر.(1/790)
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51)
51 - ولقد أهلكنا أشباهكم فى الكفر، فهل من متعظ؟ .(1/790)
وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52)
52 - وكل شئ فعلوه فى الدنيا مكتوب فى الصحف. مقيد عليهم.(1/790)
وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53)
53 - وكل صغير وكبير من الأعمال مكتوب لا يغيب منه شئ.(1/790)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54)
54 - إن المتقين فى جنات عظيمة الشأن، وأنها متعددة الأنواع.(1/790)
فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)
55 - فى مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم عند مليك عظيم القدرة.(1/790)
الرَّحْمَنُ (1)
1 -، 2 - الرحمن. علَّم الإنسان القرآن ويسَّره له.(1/791)
خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)
3 -، 4 - أوجد الإنسان. علمه الإبانة عما فى نفسه تمييزاً له عن غيره.(1/791)
الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5)
5 - الشمس والقمر يجريان فى بروجهما بحساب وتقدير لا إخلال فيه.(1/791)
وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)
6 - والنبات الذى لا ساق له، والشجر الذى يقوم على ساق يخضعان لله تعالى فى كل ما يريد بهما.(1/791)
وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7)
7 -، 8 - والسماء خلقها مرفوعة، وشرع العدل لئلا تتجاوزوا الحد.(1/791)
وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)
9 - وأقيموا الوزن بالعدل فى كل معاملاتكم، ولا تنقصوا الميزان.(1/791)
وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10)
10 - والأرض بسطها ومهَّدها للخلائق ينتفعون بها.(1/791)
فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11)
11 - فى الأرض أنواع كثيرة من الفاكهة، وفيها النخل ذات الأوعية التى فيها الثمر.(1/791)
وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12)
12 - وفيها الحب ذو القشر رزقاً لكم ولأنعامكم، وفيها كل نبْت طيب الرائحة.(1/792)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)
13 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان أيها الثقلان؟ {.(1/792)
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14)
14 -، 15 - خلق جنس الإنسان من طين يابس غير مطبوخ كالخزف، وخلق جنس الجان من لهيب خالص من نار} .(1/792)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16)
16 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {.(1/792)
رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17)
17 - رب مشرقى الشمس فى الصيف والشتاء، ورب مغربيها فيهما.(1/792)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18)
18 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟}(1/792)
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19)
19 -، 20 - أرسل الله البحرين العذب والملح يتجاوران ويتماسّ سطوحهما، بينهما حاجز من قدرة الله لا يطغى أحدهما على الآخر فيمتزجان.(1/792)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21)
21 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {(1/792)
يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22)
22 - يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان، تتخذون منهما حلية تلبسونها.(1/792)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (23)
23 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟}(1/792)
وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24)
24 - وله السفن المصنوعات بأيديكم الجاريات فى البحر، العظيمة كالجبال الشاهقة.(1/793)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (25)
25 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {(1/793)
كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)
26 -، 27 - كل من على الأرض زائل ويبقى الله صاحب العظمة والإنعام.(1/793)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28)
28 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟} .(1/793)
يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)
29 - يسأل الله جميع من فى السموات والأرض حاجاتهم، كل وقت هو فى شأن، يعز ويذل، ويعطى ويمنع.(1/793)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30)
30 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {.(1/793)
سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (31)
31 - فسنتفرغ لحسابكم يوم القيامة أيها الجن والإنس.(1/793)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32)
32 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟} .(1/793)
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)
33 - يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض هاربين فاخرجوا، لا تستطيعون الخروج إلا بقوة وقهر، ولن يكون لكم ذلك.(1/793)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34)
34 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟!(1/793)
يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35)
35 - يصب عليكما لهب من نار ونحاس مذاب، فلا تقدران على دفع هذا العذاب.(1/793)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36)
36 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {.(1/794)
فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37)
37 - فإذا انشقت السماء فكانت حمراء كدرة كالزيت المحترق.(1/794)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38)
38 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟}(1/794)
فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39)
39 - فيومئذ تنشق السماء فلا يسأل عن ذنبه إنس ولا جن.(1/794)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40)
40 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {(1/794)
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41)
41 - يُعرف المجرمون من الإنس والجن بعلامة يتميزون بها، فيؤخذ بمقدم رءوسهم وأقدامهم، فيلقى بهم فى جهنم.(1/794)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42)
42 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟}(1/794)
هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43)
43 -، 44 - يقال - تقريعا -: هذه جهنم التى يكذب بها المجرمون منكم، يترددون بين نارها وبين ماء متناه فى الحرارة.(1/794)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45)
45 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {(1/794)
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)
46 - ولمن خاف قدر ربه جنتان عظيمتان.(1/794)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47)
47 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟}(1/794)
ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48)
48 - ذات أغصان نضرة حسنة.(1/794)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49)
49 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟!(1/794)
فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50)
50 - فى هاتين الجنتين عينان تجريان.(1/794)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51)
51 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {(1/795)
فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52)
52 - فيهما من كل فاكهة صنفان.(1/795)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53)
53 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟}(1/795)
مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54)
54 - معتمدين مطمئنين على فرش بطائنها من ديباج خالص، وثمر الجنتين قريب للمتناول.(1/795)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55)
55 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {(1/795)
فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56)
56 - فى الجنان زوجات حابسات أبصارهن على أزواجهن، أبكار لم يقربهن إنس قبلهم ولا جان.(1/795)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57)
57 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟}(1/795)
كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)
58 - كأن هؤلاء الزوجات فى الحسن وصفاء اللون: الياقوت والمرجان.(1/795)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59)
59 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {(1/795)
هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)
60 - ما جزاء الإحسان فى العمل إلا الإحسان فى الثواب.(1/795)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61)
61 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟}(1/795)
وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62)
62 - ومن دون الجنتين السابقتين جنتان أخريان.(1/795)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63)
63 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {(1/795)
مُدْهَامَّتَانِ (64)
64 - خضراوان قد اشتدت خضرتهما حتى مالت إلى السود.(1/795)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65)
65 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟}(1/795)
فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66)
66 - فيهما عينان فوَّارتان بالماء لا تنقطعان.(1/795)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67)
67 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {(1/796)
فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68)
68 - فيهما فاكهة من صنوف مختلفة ونخل ورمان.(1/796)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69)
69 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟}(1/796)
فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70)
70 - فيهن زوجات طيبات الأخلاق، مشرقات الوجوه.(1/796)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71)
71 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {(1/796)
حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)
72 - حسان العيون مقصورات فى خيامهن.(1/796)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73)
73 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟}(1/796)
لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74)
74 - لم يقربهن إنس قبل أزواجهن ولا جان.(1/796)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75)
75 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟ {(1/796)
مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76)
76 - متكئين على فُرش ذوات أغطية خضر وطنافس حسان عجيبة الصنع.(1/796)
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77)
77 - فبأى نعمة من نعم ربكما تجحدان؟}(1/796)
تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78)
78 - تعالى وتنزَّه اسم ربك صاحب العظمة والإنعام.(1/796)
إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)
1 -، 2، 3 - إذا وقعت القيامة، لا تكون نفس مكذبة بوقوعها، هى خافضة للأشقياء رافعة للسعداء.(1/797)
إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4)
4 -، 5، 6 - إذا زُلزلت الأرض واهتزت اهتزازاً شديداً، وفتتت الجبال تفتيتاً دقيقاً، فصارت غباراً متطايراً.(1/797)
وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7)
7 - وصرتم جميعاً فى هذا اليوم بأعمالكم أصنافاً ثلاثة.(1/797)
فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8)
8 -، 9 - فأصحاب اليمين أهل المنزلة السنية ما أعظم مكانتهم، وأصحاب الشمال أهل المنزلة الدنية ما أسوأ حالهم.(1/798)
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)
10 -، 11، 12 - والسابقون إلى الخيرات فى الدنيا هم السابقون إلى الدرجات فى الآخرة، أولئك هم المقربون عند الله، يدخلهم ربهم فى جنات النعيم.(1/798)
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13)
13 -، 14 - هؤلاء المقربون جماعة كثيرة من الأمم السابقة وأنبيائهم، وقليل من أمة محمد بالنسبة إليهم.(1/798)
عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15)
15 -، 16 - على سرر منسوجة بالجواهر النفيسة. مضطجعين عليها فى راحة واستقرار. متقابلة وجوههم زيادة فى المحبة.(1/798)
يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17)
17 -، 18 - يدور عليهم للخدمة ولدان باقون أبداً على هذا الوصف بأقداح وأباريق مملوءة من شراب الجنة، وبكأس مملوءة خمراً من عيون جارية.(1/798)
لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19)
19 - لا يُصيبهم بشربها صداع يصرفهم عنها ولا تذهب عقولهم.(1/798)
وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20)
20 -، 21 - وفاكهة من أى نوع يختارونه ويرونه، ولحم طير مما ترغب فيه نفوسهم.(1/798)
وَحُورٌ عِينٌ (22)
22 -، 23، 24 - ونساء ذوات عيون واسعة. كأمثال اللؤلؤ المصون فى صدفه صفاء ورونقاً. يعطون هذا الجزاء بما كانوا يعملون من الصالحات فى الدنيا.(1/798)
لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25)
25 -، 26 - لا يسمعون فى الجنة كلاماً لا ينفع، ولا حديثاً يأثم سامعه إلا قول بعضهم لبعض: سلاماً سلاماً.(1/798)
وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27)
27 - وأصحاب اليمين لا يعلم أحد ما جزاء أصحاب اليمين.(1/799)
فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28)
28 -، 29، 30، 31، 32، 33، 34 - فى شجر من النبق مقطوع شوكه، وشجر من الموز متراكب ثمره بعضه فوق بعض، وظل منبسط لا يذهب، وماء منصب فى آنيتهم حيث شاءوه، وفاكهة كثيرة الأنواع والأصناف لا مقطوعة فى وقت من الأوقاف، ولا ممنوعة عمن يُريدها، وفرش عالية ناعمة.(1/799)
إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35)
35 -، 36، 37، 38 - إنا ابتدأنا خلق الحور العين ابتداءً، فخلقناهن أبكاراً محببات إلى أزواجهن متقاربات فى السن، مهيئات لنعيم أصحاب اليمين.(1/799)
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39)
39 -، 40 - أصحاب اليمين جماعة كثيرة من الأمم السابقة، وجماعة كثيرة من أمة محمد.(1/799)
وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41)
41 - وأصحاب الشمال لا يدرى أحد ما فيه أصحاب الشمال من العذاب.(1/799)
فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42)
42 -، 43، 44 - فى ريح حارة تنفذ فى المسام وتحيط بهم، وماء مُتَناه فى الحرارة يشربونه ويصب على رءوسهم، وفى ظل من دخان حار شديد السواد. لا بارد يخفف حرارة الجو، ولا كريم يعود عليهم بالنفع إذا استنشقوه.(1/799)
إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45)
45 - إنهم كانوا قبل هذا العذاب مسرفين فى الاستمتاع بنعيم الدنيا. لاهين عن طاعة الله تعالى.(1/799)
وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46)
46 - وكانوا يصمِّمون دائماً على الذنب العظيم الجرم. حيث أقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت.(1/799)
وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47)
47 - وكانوا يقولون - إنكاراً للإعادة -: أنُبعث إذا متنا وصار بعض أجسامنا تراباً وبعضها عظاماً بالية أئنا لعائدون إلى الحياة ثانياً؟ .(1/800)
أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48)
48 - أنبعث - نحن - وآباؤنا الأقدمون الذين صاروا تراباً متفرقاً ضالا فى الأرض.(1/800)
قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49)
49 -، 50 - قل - لهم - رداً لإنكارهم: إن الأولين من الأمم والآخرين الذين أنتم من جملتهم لمجموعون إلى وقت يوم مُعَيَّن لا يتجاوزونه.(1/800)
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51)
51 -، 52، 53 - ثم إنكم أيها الخارجون المنحرفون عن سبيل الهدى - المكذبون بالبعث - لآكلون فى جهنم من شجر هو الزَّقوم، فمالئون من هذا الشجر بطونكم من شدة الجوع.(1/800)
فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54)
54 -، 55 - فشاربون على ما تأكلون من هذا الشجر ماء مُتَنَاهياً فى الحرارة لا يروى ظمأ، فشاربون بكثرة كشرب الإبل العطاش التى لا تروى بشرب الماء.(1/800)
هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56)
56 - هذا الذى ذكر من ألوان العذاب هو ما أعد قِرى لهم يوم الجزاء.(1/800)
نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57)
57 - نحن ابتدأنا خلقكم من عدم، فهلا تقرون بقدرتنا على إعادتكم حين بعثكم؟ .(1/800)
أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58)
58 -، 59 - أفرأيتم ما تقذفونه فى الأرحام من النطف؟ أأنتم تقدرونه وتتعهدونه فى أطواره حتى يصير بشراً، أم نحن المقدرون له؟(1/800)
نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60)
60 -، 61 - نحن قضينا بينكم بالموت، وجعلنا لموتكم وقتاً معيَّناً، وما نحن بمغلوبين على أن نبدل صوركم بغيرها، وننشئكم فى خلق وصور لا تعهدونها.(1/800)
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (62)
62 - ولقد أيقنتم أن الله أنشأكم النشأة الأولى، فهلا تتذكرون أن مَن قدر عليها فهو على النشأة الأخرى أقدر؟(1/800)
أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63)
63 -، 64 - أفرأيتم ما تبذرونه من الحب فى الأرض؟ أأنتم تنبتونه أم نحن المنبتون له وحدنا؟ .(1/800)
لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)
65 -، 66، 67 - لو نشاء لصيَّرنا هذا النبات هشيماً متكسراً قبل أن يبلغ نضجه فلا تزالون تتعجبون من سوء ما أصابه قائلين: إنا لملزمون الغرم بعد جهدنا فيه. بل نحن سيئو الحظ، محرومون من الرزق.(1/800)
أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68)
68 -، 69 - أفرأيتم الماء العذب الذى تشربون منه، أأنتم أنزلتموه من السحاب أم نحن المنزلون له رحمة بكم؟(1/801)
لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70)
70 - لو نشاء صيَّرناه مالحاً لا يساغ، فهلا تشكرون الله أن جعله عذباً سائغاً؟ .(1/801)
أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71)
71 -، 72 - أفرأيتم النار التى توقدون؟ أأنتم أنبتم شجرتها وأودعتم فيها النار أم نحن المنشئون لها كذلك؟ .(1/801)
نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (73)
73 - نحن جعلنا هذه النار تذكيراً لنار جهنم عند رؤيتها، ومنفعة للنازلين بالقفر ينتفعون بها فى طهو طعامهم وتدفئتهم.(1/801)
فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)
74 - فدم على التسبيح بذكر اسم ربك العظيم، تنزيهاً وشكراً له على هذه النعم الجليلة.(1/801)
فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)
75 -، 76 - فأقسم - حقا - بمساقط النجوم عند غروبها آخر الليل أوقات التهجد والاستغفار، وإنه لقسم - لو تفكرون فى مدلوله - عظيم الخطر بعيد الأثر.(1/801)
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77)
77 -، 78 - إنه لقرآن كثير المنافع فى اللوح المحفوظ مصون لا يطلع عليه غير المقربين من الملائكة.(1/801)
لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)
79 -، 80 - لا يمس القرآن الكريم إلا المطهرون من الأدناس والأحداث. وهو منزَّل من عند الله رب الخلق أجمعين.(1/801)
أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81)
81 - أأنتم متهاونون بقدر هذا القرآن العظيم؟!(1/802)
وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)
82 - وتجعلون بدل شكر رزقكم أنكم تكذبونه.(1/802)
فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83)
83 -، 84، 85 - فهلا إذا بلغت روح أحدكم عند الموت مجرى النفس، وأنتم حين بلوغ الروح الحلقوم حول المحتَضِر تنظرون إليه، ونحن أقرب إلى المحتَضَر وأعلم بحاله منكم، ولكن لا تدركون ذلك ولا تحسونه.(1/802)
فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86)
86 -، 87 - فهلا - إن كنتم غير خاضعين لربوبيتنا - تردون روح المحتضر إليه إن كنتم صادقين فى أنكم ذوو قوة لا تقهر.(1/802)
فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88)
88 -، 89 - فأما إن كان المحتضر من السابقين المقربين فمآله راحة ورحمة ورزق طيب وجنة ذات نعيم.(1/802)
وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90)
90 -، 91 - وأما إن كان من أصحاب اليمين فيقال له تحية وتكريماً: سلام لك من إخوانك أصحاب اليمين.(1/802)
وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92)
92 -، 93، 94 - وأما إن كان من أصحاب الشمال المكذبين الضالين، فله نزل وقرى أعد له من ماء حار تناهت حرارته، وإحراق بنار شديدة الاتقاد.(1/802)
إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95)
95 - إن هذا الذى ذكر فى هذه السورة الكريمة لهو عين اليقين الثابت الذى لا يداخله شك.(1/802)
فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)
96 - فدم على التسبيح بذكر اسم ربك العظيم، تنزيهاً له وشكراً على آلائه.(1/802)
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)
1 - نزه الله تعالى ما فى السموات والأرض من الإنسان والحيوان والجماد، وهو الغالب الذى يصرِّف الأمور بما تقتضيه الحكمة.(1/803)
لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2)
2 - لله ملك السموات والأرض - لا لغيره - يتصرف فى كل ما فيهما. يفعل الإحياء والإماتة، وهو على كل شئ تام القدرة.(1/803)
هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)
3 - هو الموجود قبل كل شئ، والباقى بعد فناء كل شئ، والظاهر فى كل شئ، فكل شئ له آية، والباطن فلا تُدركه الأبصار، وهو بكل شئ ظاهر أو باطن تام العلم.(1/803)
هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)
4 - هو الذى خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام ثم استولى على العرش بتدبير ملكه، يعلم كل ما يغيب فى الأرض وما يخرج منها، وكل ما ينزل من السماء وما يصعد إليها، وهو عليم بكم محيط بشئونكم فى أى مكان كنتم، والله بما تعملون بصير، مطَّلع لا يخفى عليه شئ من ذلك.(1/804)
لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5)
5 - لله - وحده - ملك السموات والأرض، وإليه تعالى ترجع أمور خلقه، وتنتهى مصائرهم.(1/804)
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6)
6 - يُدخل من ساعات الليل فى النهار، ويُدخل من ساعات النهار فى الليل، فتختلف أطوالها، وهو العليم بمكنونات الصدور وما تُضمره القلوب.(1/804)
آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)
7 - صدقوا بالله ورسوله، وأنفقوا فى سبيل الله من المال الذى جعلكم الله خُلفاء فى التصرف فيه، فالذين آمنوا منكم بالله ورسوله - وأنفقوا مما استخلفهم فيه، لهم بذلك عند الله ثواب كبير.(1/804)
وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8)
8 - وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم للإيمان بربكم ويحثكم عليه، وقد أخذ الله ميثاقكم بالإيمان من قبل إن كنتم تريدون الإيمان فقد تحقق دليله.(1/804)
هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9)
9 - هو الذى ينِّزل على رسوله آيات واضحات من القرآن ليُخرجكم بها من الضلال إلى الهدى، وإن الله بكم لكثير الرأفة، واسع الرحمة.(1/804)
وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)
10 - وأى شئ حصل لكم فى ألا تنفقوا فى سبيل الله من أموالكم؟ ، ولله ميراث السموات والأرض يرث كل ما فيهما، ولا يبقى أحد مالكاً لشئ منهما. لا يستوى فى الدرجة والمثوبة منكم من أنفق من قبل فتح مكة وقاتل - والإسلام فى حاجة إلى من يسنده ويقويه - أولئك المنفقون المقاتلون قبل الفتح أعلى درجة من الذين أنفقوا بعد الفتح وقاتلوا، وكلا من الفريقين وعد الله المثوبة الحسنى مع تفاوت درجاتهم، والله بما تعملون خبير، فيجازى كلا بما يستحق.(1/805)
مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)
11 - مَنِ المُؤمِنُ الذى يُنفق فى سبيل الله مخلصاً، فيضاعف الله له ثوابه، وله فوق المضاعفة ثواب كريم يوم القيامة؟ .(1/805)
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)
12 - يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسبق نور إيمانهم وأعمالهم الطيبة أمامهم وعن أيمانهم، تقول لهم الملائكة: بُشراكم فى هذا اليوم جنات تجرى من تحت أشجارها الأنهار لا تخرجون منها أبداً، ذلك الجزاء هو الفوز العظيم لكم لقاء أعمالكم.(1/805)
يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)
13 - يوم يقول المنافقون والمنافقات للمؤمنين والمؤمنات: انتظرونا نُصِبْ بعض نوركم، قيل - توبيخاً لهم ارجعوا إلى حيث أعطينا هذا النور فاطلبوه، فضرب بين المؤمنين والمنافقين بحاجز له باب، باطن الحاجز الذى يلى الجنة فيه الرحمة والنعيم، وظاهر الحاجز الذى يلى النار من جهته النقمة والعذاب.(1/805)
يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14)
14 - ينادى المنافقون المؤمنين: ألم نكن فى الدنيا معكم وفى رفقتكم؟ فيرد المؤمنون: بلى، كنتم معنا كما تقولون، ولكنكم أهلكتم أنفسكم بالنفاق، وتمنيتم للمؤمنين الحوادث المهلكة، وشككتم فى أمور الدين، وخدعتكم الآمال. ووهمتم أنكم على خير حتى جاء الموت وخدعكم بعفو الله ومغفرته الشيطان.(1/805)
فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)
15 - فاليوم لا يقبل منكم ما تفتدون به أنفسكم من العذاب مهما أغليتم فى ذلك. ولا يقبل من الكافرين المعلنين كفرهم فدية كذلك، مرجعكم جميعاً النار. هى منزلكم الأوْلى بكم، وبئس المصير النار.(1/806)
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)
16 - ألم يحن الوقت للذين آمنوا أن ترق قلوبهم لذكر الله والقرآن الكريم، ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبلهم من اليهود والنصارى، عملوا به مدة فطال عليهم الزمن، فجمدت قلوبهم وكثير منهم خارجون عن حدود دينهم؟ .(1/806)
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17)
17 - اعلموا - أيها المؤمنون - أن الله يصلح الأرض ويهيئها للإنبات بنزول المطر بعد يبسها، قد وضَّحنا لكم الآيات، وضربنا لكم الأمثال لعلكم تعقلون ما فيها، فتخشع قلوبكم لذكر الله.(1/806)
إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18)
18 - إن المتصدقين والمتصدقات وأنفقوا فى سبيل الله نفقات طيبة بها نفوسهم يُضاعف الله لهم ثواب ذلك، ولهم فوق المضاعفة أجر كريم يوم القيامة.(1/806)
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19)
19 - والذين آمنوا بالله ورسله ولم يُفَرِّقُوا بين أحد منهم أولئك هم فى منزلة الصديقين والشهداء، لهم ثواب ونور يوم القيامة. مثل ثواب الصديقين والشهداء ونورهم، والذين كفروا وكذبوا بآيات الله أولئك هم أصحاب النار لا يفارقونها أبداً.(1/806)
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)
20 - اعلموا - أيها المغرورون بالدنيا - أنَّما الحياة الدنيا لعب لا ثمرة له، ولهو يشغل الإنسان عما ينفعه، وزينة لا تحصل شرفاً ذاتياً، وتفاخر بينكم بأنساب زائلة وعظام بالية، وتكاثر بالعدد فى الأموال والأولاد. مثلها فى ذلك مثل مطر أعجب الزراع نباته، ثم يكمل نضجه ويبلغ تمامه، فتراه عقب ذلك مصفراً آخذاً فى الجفاف، ثم يصير بعد فترة هشيماً جامداً متكسراً، لا يبقى منه ما ينفع، وفى الآخرة عذاب شديد لمن آثر الدنيا وأخذها بغير حقها، ومغفرة من الله لمن آثر آخرته على دُنياه، وليست الحياة الدنيا إلا متاع هو غرور لا حقيقة له لمن اطمأن بها ولم يجعلها ذريعة للآخرة.(1/807)
سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)
21 - سارعوا فى السبق إلى مغفرة من ربكم إلى جنة فسيحة الأرجاء، عرضها مثل عرض السموات والأرض هُيِّئت للذين صدقوا بالله ورسله. ذلك الجزاء العظيم فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده، والله - وحده - صاحب الفضل الذى جل أن تحيط بوصفه العقول.(1/807)
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)
22 - ما نزل من مصيبة فى الأرض من قحط أو نقص فى الثمرات أو غير ذلك، ولا فى أنفسكم من مرض أو فقر أو موت أو غير ذلك إلا مكتوبة فى اللوح مثبتة فى علم الله من قبل أن نوجدها فى الأرض أو فى الأنفس. إن ذلك الإثبات للمصيبة والعلم بها على الله سهل لإحاطة علمه بكل شئ.(1/807)
لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)
23 - أعْلمناكم بذلك لكيلا تحزنوا على ما لم تحصلوا عليه حزناً مفرطاً يجركم إلى السخط، ولا تفرحوا فرحاً مُبطراً بما أعطاكم. والله لا يحب كل متكبر فخور على الناس بما عنده.(1/807)
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24)
24 - الذين يضنون بأموالهم عن الإنفاق فى سبيل الله، ويأمرون الناس بالبخل بتحسينه لهم، ومَن يعرض عن طاعة الله فإن الله - وحده - الغنى عنه، المستحق بذاته للحمد والثناء.(1/807)
لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)
25 - لقد أرسلنا رسلنا الذين اصطفيناهم بالمعجزات القاطعة، وأنزلنا معهم الكتب المتضمنة للأحكام وشرائع الدين، والميزان الذى يحقق الإنصاف فى التعامل، ليتعامل الناس فيما بينهم بالعدل، وخلقنا الحديد فيه عذاب شديد فى الحرب، ومنافع للناس فى السلم، يستغلونه في التصنيع، لينتفعوا به فى مصالحهم ومعايشهم، وليعلم الله من ينصر دينه، وينصر رسله غائباً عنهم. إن الله قادر بذاته. لا يفتقر إلى عون أحد.(1/808)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26)
26 - ولقد أرسلنا نوحاً وإبراهيم وجعلنا فى ذريتهما النبوة والكتب الهادية، فبعض هذه الذرية سالكون طريق الهداية، وكثير منهم خارجون عن الطريق المستقيم.(1/808)
ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)
27 - ثم تابعنا على آثار نوح وإبراهيم ومن سبقهما أو عاصرهما من الرسل برسلنا رسولاً بعد رسول، واتبعناهم بإرسال عيسى ابن مريم، وأوحينا إليه الإنجيل، وأودعنا فى قلوب المتبعين له شفقة شديدة ورقة وعطفاً، فابتدعوا زيادة فى العبادة وغلوا فى التدين رهبانية ما فرضناها عليهم ابتداء، ولكن التزموها ابتغاء رضوان الله تعالى، فما حافظوا عليها حق المحافظة، فأعطينا الذين آمنوا بمحمد نصيبهم من الأجر والثواب، وكثير منهم مكذبون بمحمد خارجون عن الطاعة والطريق المستقيم.(1/808)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)
28 - يا أيها الذين آمنوا خافوا عقاب الله، واثبتوا على إيمانكم برسوله يعطكم نصيبين من رحمته، ويجعل لكم نوراً تهتدون به، ويغفر لكم ما فرط من ذنوبكم والله واسع المغفرة وافر الرحمة.(1/809)
لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)
29 - يمنحكم الله تعالى كل ذلك ليعلم أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بمحمد أنهم لا يقدرون على شئ من إنعام الله يكسبونه لأنفسهم أو يمنحونه لغيرهم، وأن الفضل - كله - بيد الله - وحده - يؤتيه من يشاء من عباده، والله صاحب الفضل العظيم.(1/809)
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)
1 - قد سمع الله قول المرأة التى تراجعك فى شأن زوجها الذى ظاهَر منها، وتضرع إلى الله، والله يسمع ما تتراجعان به من الكلام. إن الله محيط سمعه بكل ما يسمع، محيط بصره بكل ما يبصر.(1/810)
الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)
2 - والذين يظاهرون منكم - أيها المؤمنون - من نسائهم بتشبيههن فى التحريم بأمهاتهم مخطئون، فليست الزوجات أمهاتهم. ما أمهاتهم - حقاَّ - إلا اللآئى ولدنهم، وإن المظاهرين ليقولون منكراً من القول تنفر منه الأذواق السليمة، وكذباً منحرفاً عن الحق، وإن الله لعظيم العفو والمغفرة عما سلف منكم.(1/810)
وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3)
3 - والذين يظاهرون من نسائهم ثم يراجعون ما قالوه فيظهر لهم خطؤهم، ويودون بقاء الزوجية، فعليهم عتق رقبة قبل أن يتماسا. ذلكم الذى أوجبه الله - من عتق الرقبة - عظة لكم توعظون به كيلا تعودوا والله بما تعملون خبير.(1/810)
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)
4 - فمَن لم يجد رقبة فعليه صيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا، فمَن لم يستطع ذلك الصوم فعليه إطعام ستين مسْكيناً. شرع الله ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله، وتعملوا بمقتضى هذا الإيمان، وتلك حدود الله فلا تتجاوزوها، وللكافرين عذاب شديد الألم.(1/811)
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (5)
5 - إن الذين يعاندون الله ورسوله خُذلوا كما خُذل الذين من قبلهم، وقد أنزلنا دلائل واضحات على الحق، وللجاحدين بها عذاب شديد الإهانة.(1/811)
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6)
6 - يوم يحييهم الله جميعاً بعد موتهم فيخبرهم بما عملوا، أحصاه الله عليهم ونسوه، والله على كل شئ شاهد مطلع.(1/811)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)
7 - ألم تعلم أن الله يعلم ما فى السموات وما فى الأرض ما يكون من مُسارّة بين ثلاثة إلا هو رابعهم بعلمه بما يتسارون به، ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أقل من ذلك ولا أكثر إلا وهو معهم. يعلم ما يتناجون به - أينما كانوا - ثم يُخبرهم يوم القيامة بكل ما عملوا. إن الله بكل شئ عليم.(1/811)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8)
8 - ألم تر - أيها الرسول - هؤلاء الذين نُهوا عن المسارة فيما بينهم بما يثير الشك فى نفوس المؤمنين، ثم يرجعون إلى ما نهوا عنه، ويتسارون فيما بينهم بالذنب يقترفونه، والعدوان يعتزمونه، ومعصيتهم لرسول الله، وإذا جاءوك حيوك بقول محرف لم يحيِّك به الله، ويقولون فى أنفسهم: هلا يعذبنا الله بما نقول إن كان رسولا حقاً؟ حسبهم جهنم يدخلونها ويحترقون بنارها، فبئس المآل مآلهم.(1/811)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9)
9 - يا أيها الذين صدَّقوا بالله ورسوله: إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالذنب والاعتداء ومخالفة الرسول، وتناجوا متواصين بالخير والتحرز عن الآثام، وخافوا الله الذى إليه - لا إلى غيره - تساقون بعد بعثكم.(1/812)
إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)
10 - إنما التناجى المثير للشك من تزْيين الشيطان ليُدخل الحزن على قلوب المؤمنين، وليس ذلك بضارهم شيئاً إلا بمشيئة الله، وعلى الله - وحده - فليعتمد المؤمنون.(1/812)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)
11 - يا أيها الذين صدَّقوا بالله ورسوله: إذا طلب منكم أن يوسع بعضكم فى المجالس لبعض فأوسعوا يوسع الله لكم، وإذا طلب منكم أن تنهضوا من مجالسكم فانهضوا. يُعْلِ الله مكانة المؤمنين المخلصين والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير.(1/812)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)
12 - يا أيها الذين صدَّقوا بالله ورسوله: إذا أردتم مناجاة رسول الله فقدِّموا قبل مناجاتكم صدقة، ذلك خير لكم وأطهر لقلوبكم، فإن لم تجدوا ما تتصدقون به فإن الله واسع المغفرة شامل الرحمة.(1/812)
أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)
13 - أخشيتم أن تلتزموا تقديم صدقات أمام مناجاتكم رسول الله؟ فإذا لم تقدموا وعفا الله عنكم فحافظوا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وأطيعوا الله ورسوله، والله خبير بعملكم فيجازيكم عليه.(1/812)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14)
14 - ألم تر - أيها الرسول - إلى المنافقين الذين وَالَوْا قوماً غضب الله عليهم. ما هؤلاء الموالون منكم ولا ممن وَالوُهم، ويجترئون على الحلف كذباً مع علمهم بكذبهم.(1/812)
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (15)
15 - أعد الله لهؤلاء المنافقين عذاباً بالغ الشدة. إنهم ساء ما كانوا يعملون من النفاق والحلف على الكذب.(1/813)
اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (16)
16 - اتخذوا أيمانهم وقاية لأنفسهم من القتل ولأولادهم من السبى، ولأموالهم من الغنيمة، فَصَدّوا بذلك عن سبيل الله، فلهم عذاب شديد الإهانة.(1/813)
لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (17)
17 - لن تدفع عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئاً. أولئك أهل النار هم فيها مخلدون.(1/813)
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18)
18 - يوم يبعثهم الله جميعاً فيقسمون له إنهم كانوا مؤمنين كما يقسمون لكم الآن، ويظنون أنهم بقسَمهم هذا على شئ من الدهاء ينفعهم. ألا إنهم هم البالغون الغاية فى الكذب.(1/813)
اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19)
19 - استولى عليهم الشيطان فأنساهم تذكر الله واستحضار عظمته، أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الذين بلغوا الغاية فى الخسران.(1/813)
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20)
20 - إن الذين يعاندون الله ورسوله أولئك فى عداد الذين بلغوا الغاية فى الذلة.(1/813)
كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)
21 - قضى الله لأنتصرن أنا ورسلى. إن الله تام القوة لا يغلبه غالب.(1/813)
لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)
22 - لا تجد قوماً يصدِّقون بالله واليوم الآخر يتبادلون المودة مع من عادى الله ورسوله، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو أقرباءهم، أولئك الذين لا يوالون من تطاول على الله ثَبَّت الله فى قلوبهم الإيمان، وأيدهم بقوة منه، ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها، لا ينقطع عنهم نعيمها. أحبهم الله وأحبوه أولئك حزب الله ألا إنّ حزب الله هم الفائزون.(1/813)
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)
1 - نزه الله عما لا يليق به كل ما فى السموات وما فى الأرض، وهو الغالب الذى لا يعجزه شئ، الحكيم فى تدبيره وأفعاله.(1/814)
هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2)
2 - هو الذى أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب - وهم يهود بنى النضير - من ديارهم عند أول إخراج لهم من جزيرة العرب. ما ظننتم - أيها المسلمون - أن يخرجوا من ديارهم لقوتهم، وظنوا - هم - أنهم مانعتهم حصونهم من بأس الله، فأخذهم الله من حيث لم يظنوا أن يؤخذوا من جهته، وألقى فى قلوبهم الفزع الشديد، يخربون بيوتهم بأيديهم ليتركوها خاوية، وأيدى المؤمنين ليقضوا على تحصنهم، فاتعظوا بما نزل بهم يا أصحاب العقول.(1/815)
وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3)
3 - ولولا أن كتب الله عليهم الإخراج من ديارهم على هذه الصورة الكريمة لعذَّبهم فى الدنيا بما هو أشد من الإخراج، ولهم فى الآخرة - مع هذا الإخراج - عذاب النار.(1/815)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4)
4 - ذلك الذى أصابهم فى الدنيا وما ينتظرهم فى الآخرة لأنهم عادوا الله ورسوله أشد العداء، ومن يُعَادِ الله هذا العداء فلن يفلت من عقابه، فإن الله شديد العقاب.(1/815)
مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)
5 - ما قطعتم - أيها المسلمون - من نخلة أو تركتموها باقية على ما كان عليه فبأمر الله. لا حرج عليكم فيه، ليعز المؤمنين، وليهين الفاسقين المنحرفين عن شرائعه.(1/815)
وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)
6 - وما أفاء الله وردَّه على رسوله من أموال بنى النضير فما أسرعتم فى السير إليه بخيل ولا إبل، ولكن الله يُسلط على مَن يشاء من عباده بلا قتال، والله على كل شئ تام القدرة.(1/815)
مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)
7 - ما رده الله على رسوله من أموال أهل القرى بغير إيجاف خيل أو ركوب، فهو لله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل؛ كيلا تكون الأموال متداولة بين الأغنياء منكم خاصة، وما جاءكم به الرسول من الأحكام فتمسكوا به، وما نهاكم عنه فاتركوه، واجعلوا لكم وقاية من غضب الله. إن الله شديد العقاب.(1/816)
لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)
8 - وكذلك يُعطى ما ردَّه الله على رسوله من أموال أهل القرى الفقراء المهاجرين الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم. يرجون زيادة من الله فى أرزاقهم ورضواناً، وينصرون الله ورسوله بنفوسهم وأموالهم، أولئك هم المؤمنون.(1/816)
وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)
9 - والأنصار الذين نزلوا المدينة وأقاموا بها، وأخلصوا الإيمان من قبل نزول المهاجرين بها، يحبُّون مَن هاجر إليهم من المسلمين، ولا يحسون فى نفوسهم شيئاً مما أوتى المهاجرون من الفئ، ويقدمون المهاجرين على أنفسهم ولو كان بهم حاجة، ومن يُحْفَظ - بتوفيق الله - من بخل نفسه الشديد فأولئك هم الفائزون بكل ما يحبون.(1/816)
وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)
10 - والمؤمنون الذين جاءوا بعد المهاجرين والأنصار يقولون: ربنا اغفر لنا ذنوبنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل فى قلوبنا حقداً للذين آمنوا. ربنا إنك بالغ الرأفة والرحمة.(1/816)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)
11 - ألم تنظر - متعجباً - إلى المنافقين، يتكرر منهم القول لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب - وهم بنو النضير -: والله إن أُجبرتم على الخروج من المدينة لنخرجن معكم، ولا نطيع فى شأنكم أحداً مهما طال الزمان، وإن قاتلكم المسلمون لننصركم، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فيما وعدوا به.(1/817)
لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12)
12 - لئن أُخرج اليهود لا يخرج المنافقون معهم، ولئن قوتلوا لا ينصرونهم، ولئن نصروهم ليفرون مدبرين ثم لا ينصرون.(1/817)
لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13)
13 - لأنتم - أيها المسلمون - أشد مهابة فى صدور المنافقين واليهود من الله؛ ذلك لأنهم قوم لا يعلمون حقيقة الإيمان.(1/817)
لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14)
14 - لا يقاتلكم اليهود مجتمعين إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدران يستترون بها، بأسهم بينهم شديد، تظنهم مجتمعين متحدين مع أن قلوبهم متفرقة، اتصافهم بهذه الصفات لأنهم قوم لا يعقلون عواقب الأمور.(1/817)
كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15)
15 - مثل بنى النضير كمثل الذين كفروا من قبلهم قريباً ذاقوا فى الدنيا عاقبة كفرهم ونقضهم العهود، ولهم فى الآخرة عذاب شديد الألم.(1/817)
كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)
16 - مثل المنافقين فى إغرائهم بنى النضير - بالتمرد على رسول الله - كمثل الشيطان حين أغرى الإنسان بترك الإيمان، فقال له: أكفر، فلما كفر قال، إنى برئ منك. إنى أخاف الله رب العالمين.(1/817)
فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17)
17 - فكان مآل الشيطان ومن أغواه أنهما فى النار خالدين فيها، وذلك الخلود جزاء المعتدين المتجاوزين سبيل الحق.(1/817)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)
18 - يا أيها الذين آمنوا اجعلوا لكم وقاية من عذاب الله بالتزام طاعته، ولتتدبر كل نفس أى شئ قَدَّمَتْ من العمل لغد، والتزموا تقوى الله. إن الله خبير بما تعملون، فيجازيكم عليه.(1/818)
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)
19 - ولا تكونوا - أيها المؤمنون - كالذين نسوا حقوق الله، فأنساهم أنفسهم - بما ابتلاهم من البلايا - فصاروا لا يعرفون ما ينفعها مما يضرها. أولئك هم الخارجون عن طاعة الله.(1/818)
لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)
20 - لا يستوى أصحاب النار المعذبون وأصحاب الجنة المنعمون. أصحاب الجنة هم - دون غيرهم - الفائزون بكل ما يحبون.(1/818)
لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)
21 - لو أنزلنا هذا القرآن على جبل شديد لرأيت هذا الجبل - على قوته - خاضعاً متشققاً من خشية الله، وتلك الأمثال نعرضها للناس لعلهم يتدبرون عواقب أمورهم.(1/818)
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22)
22 - هو الله الذى لا معبود بحق إلا هو - وحده - عالم ما غاب وما حضر، هو الرحمن الرحيم.(1/818)
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)
23 - هو الله الذى لا إله إلا هو، المالك لكل شئ على الحقيقة، الكامل عن كل نقص، المبرَّأ عما لا يليق، ذو السلامة من النقائص، المصدق رسله بما أيدهم به من معجزات، الرقيب على كل شئ، الغالب فلا يعجزه شئ، العظيم الشأن فى القوة والسلطان. المتعظم عما لا يليق بجماله وجلاله، تنزَّه الله وتعالى عما يشركون.(1/818)
هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)
24 - هو الله المبدع للأشياء من غير مثال سابق. الموجد لها بريئة من التفاوت، المصور لها على هيئاتها كما أراد. له الأسماء الحسنى، ينزهه عما لا يليق كل ما فى السموات والأرض، وهو الغالب الذى لا يعجزه شئ، الحكيم فى تدبيره وتشريعه.(1/818)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1)
1 - يا أيها الذين صدّقوا بالله ورسوله: لا تتخذوا أعدائى وأعداءكم أنصاراً تُفْضُون إليهم بالمحبة الخالصة، مع أنهم جحدوا بما جاءكم من الإيمان بالله ورسوله وكتابه، يخرجون الرسول ويخرجونكم من دياركم، لإيمانكم بالله ربكم، إن كنتم خرجتم من دياركم للجهاد فى سبيلى وطلب رضائى فلا تتولوا أعدائى، تُلْقُون إليهم بالمودة سراً، وأنا أعلم بما أسررتم وما أعلنتم، ومن يتخذ عدو الله ولياً له فقد ضل الطريق المستقيم.(1/819)
إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)
2 - إن يلقوكم ويتمكنوا منكم تظهر لكم عداوتهم، ويمدوا إليكم أيديهم وألسنتهم بما يسوؤكم، وتمنوا كفركم مثلهم.(1/820)
لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3)
3 - لن تنفعكم قراباتكم ولا أولادكم الذين تتخذونهم أولياء وهم عدو لله ولكم، يوم القيامة يفصل الله بينكم، فيجعل أعداءه فى النار وأولياءه فى الجنة، والله بكل ما تعملون بصير.(1/820)
قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4)
4 - قد كانت لكم قدوة حسنة تقتدون بها فى إبراهيم والذين آمنوا معه، حين قالوا لقومهم: إنا بريئون منكم ومن الآلهة التى تعبدونها من دون الله، جحدنا بكم وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء، لا تزول أبداً حتى تؤمنوا بالله - وحده - لكن قول إبراهيم لأبيه: لأطلبن لك المغفرة، وما أملك من الله من شئ - ليس مما يقتدى به - لأن ذلك كان قبل أن يعلم أنه مصمم على عداوته لله، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، قولوا: - أيها المؤمنون - ربنا عليك اعتمدنا، وإليك رجعنا، وإليك المصير فى الآخرة.(1/820)
رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)
5 - ربنا لا تجعلنا بحال نكون بها فتنة للذين كفروا، واغفر لنا ذنوبنا يا ربنا. إنك أنت العزيز الذى لا يغلب ذو الحكمة فيما قضى وقَدَّر.(1/820)
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)
6 - لقد كان لكم - أيها المؤمنون - فى إبراهيم والذين معه قدوة حسنة فى معاداتهم أعداء الله، هذه القدوة لمَن كان يرجو لقاء الله واليوم الآخر، ومَن يُعْرِض عن هذا الاقتداء فقد ظلم نفسه، فإن الله هو الغنى عما سواه، المستحق للحمد من كل ما عداه.(1/820)
عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)
7 - عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم من الكافرين مودة بتوفيقهم للإيمان، والله تام القدرة والله واسع المغفرة لمن تاب، رحيم بعباده.(1/820)
لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)
8 - لا ينهاكم الله عن الكافرين الذين لم يقاتلوكم ولم يخرجوكم من دياركم، أن تكرموهم وتمنحوهم صلتكم. إن الله يحب أهل البر والتواصل.(1/821)
إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)
9 - إنما ينهاكم الله عن الذين حاربوكم فى الدين ليصدوكم عنه، وأجبروكم على الخروج من دياركم، وعاونوا على إخراجكم منها أن تتخذوهم أنصاراً، ومن يتخذ هؤلاء أنصاراً فأولئك هم الظالمون لأنفسهم.(1/821)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)
10 - يا أيها الذين آمنوا: إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات من دار الشرك فاختبروهن لتعلموا صدق إيمانهن، الله أعلم بحقيقة إيمانهن، فإن اطمأننتم إلى إيمانهن فلا تردوهن إلى أزواجهن الكفار، فلا المؤمنات بعد هذا حلال للكافرين، ولا الكافرون حلال للمؤمنات، وآتوا الأزواج الكافرين ما أنفقوا من الصداق على زوجاتهم المهاجرات إليكم، ولا حرج عليكم أن تتزوجوا هؤلاء المهاجرات إذا آتيتموهن صداقهن، ولا تتمسكوا بعقد زوجية الكافرات الباقيات فى دار الشرك أو اللاحقات بها، واطلبوا من الكفار ما أنفقتم من صداق على اللاحقات بدار الشرك وليطلبوا - هم - ما أنفقوا على زوجاتهم المهاجرات. ذلكم - التشريع - حكم الله، يفصل به بينكم، والله عليم بمصالح عباده، حكيم فى تشريعه.(1/821)
وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)
11 - وإن أفلت منكم بعض زوجاتكم إلى الكفار، ثم حاربتموهم، فآتوا الذين ذهبت زوجاتهم مثل ما أنفقوا عليهن من صداق، واتقوا الله الذى أنتم به مؤمنون.(1/821)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)
12 - يا أيها النبى: إذا جاءك المؤمنات يعاهدنك على أن لا يشركن بالله شيئاً، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن، ولا يُلْحقْنَ بأزواجهن مَن ليس من أولادهن بهتاناً وكذباً يختلقنه بين أيديهن وأرجلهن، ولا يخالفنك فى معروف تدعوهن إليه، فعاهدهن على ذلك، واطلب لهن المغفرة من الله، إن الله عظيم المغفرة والرحمة.(1/822)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)
13 - يا أيها الذين صدقوا بالله ورسوله لا توالوا قوماً غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة وما فيها من ثواب وحساب كما يئس الكفار من إحياء أصحاب القبور.(1/822)
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)
1 - نزَّه الله عما لا يليق به كل ما فى السموت وما فى الأرض، وهو - وحده - الغالب على كل شئ، ذو الحكمة البالغة.(1/823)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)
2 - يا أيها الذين آمنوا: لأى غرض تقولون بألسنتكم ما لا تصدقه أفعالكم؟ .(1/823)
كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)
3 - كره الله كُرهاً شديداً أن تقولوا ما لا تفعلون.(1/823)
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)
4 - إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيل إعلاء كلمته متماسكين، كأنهم بُنيان مُحكم.(1/823)
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5)
5 - واذكر - يا محمد - حين قال موسى لقومه، لِمَ تؤذوننى وأنتم تعلمون أنى رسول الله إليكم؟ . فلما أصروا على الانحراف عن الحق أمال الله قلوبهم عن قبول الهداية، والله لا يهدى القوم الخارجين عن طاعته.(1/823)
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)
6 - واذكر حين قال عيسى ابن مريم: يا بنى إسرائيل إنى رسول الله إليكم مُصدقاً لما تقدم من التوراة، ومُبشراً برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد، فلما جاءهم الرسول المبشَّر به بالآيات الواضحات قالوا: هذا الذى جئتنا به سحر بيِّن.(1/824)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7)
7 - ومَنْ أشَدُّ ظلماً ممن اختلق على الله الكذب وهو يُدعى إلى الإسلام دين الحق والخير، والله لا يهدى القوم المصرين على الظلم.(1/824)
يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)
8 - يفترى بنو إسرائيل الكذب على الله، لكى يُطفئوا نور دينه بأفواههم، كمن يريد إطفاء نور الشمس بنفخة من فيه، والله مكمل نوره بإتمام دينه ولو كره الجاحدون.(1/824)
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)
9 - الله الذى أرسل رسوله - محمداً - بالقرآن هدى للناس وبالإسلام دين الحق، ليعليه على كل الأديان ولو كره المشركون.(1/824)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)
10 - يا أيها الذين آمنوا: هل أرشدكم إلى تجارة عظيمة تُنجيكم من عذاب شديد الألم؟ .(1/824)
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)
11 - هذه التجارة هى أن تثبتوا على الإيمان بالله ورسوله، وتُجاهدوا فى سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلك الذى أرشدكم إليه خير لكم إن كنتم تعلمون.(1/824)
يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)
12 - إن تؤمنوا وتجاهدوا فى سبيل الله يغفر لكم ذنوبكم، ويُدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار، ومساكن طيبة فى جنات عدن. ذلك الجزاء هو الفوز العظيم.(1/824)
وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)
13 - ونعمة أخرى لكم - أيها المؤمنون - المجاهدون تُحبونها، هى نصر من الله وفتح قريب تغنمون خيره، وبشر المؤمنين - يا محمد - بهذا الجزاء وهذه النعمة.(1/825)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)
14 - يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله إذا دعاكم رسول الله أن تكونوا أنصاره. كما كان أصفياء عيسى أنصاراً لله حين قال: من أنصارى إلى الله؟ فآمنت طائفة من بنى إسرائيل بعيسى، وكفرت طائفة، فَقَوَّيْنَا الذين آمنوا به على عدوهم الذين كفروا، فأصبحوا بتأييدنا منتصرين غالبين.(1/825)
يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)
1 - يُسبح لله وينزِّهه عما لا يليق به كل ما فى السموات وما فى الأرض. المالك لكل شئ. المتصرف فيه بلا منازع، المنزه تنزيهاً كاملاً عن كل نقص، الغالب على كل شئ، ذى الحكمة البالغة.(1/826)
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)
2 - الله هو الذى أرسل فى العرب الذين لا يعرفون الكتابة رسولاً منهم. يقرأ عليهم آياته ويُطهرهم من خبائث العقائد والأخلاق، ويُعلمهم القرآن والتَّفقه فى الدين، وأنهم كانوا قبل بعثته لفى انحراف عن الحق شديد الوضوح.(1/826)
وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)
3 - وبعثه فى آخرين منهم. لم يجيئوا بعد وسيجيئون، وهو - وحده - الغالب على كل شئ. ذو الحكمة البالغة فى كل أفعاله.(1/826)
ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)
4 - ذلك البعث فضل من الله يكرم به من يختار من عباده، والله - وحده - صاحب الفضل العظيم.(1/826)
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)
5 - مثل اليهود الذين عُلِّموا التوراة، وكلِّفوا العمل بها، ثم لم يعملوا. كمثل الحمار يحمل كتباً نافعة ولا يعرف ما فيها. ساء مثل القوم الذين كذَّبوا بآيات الله، والله لا يوفق إلى الهدى القوم الذين شأنهم الظلم.(1/827)
قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6)
6 - قل - يا محمد -: يا أيها الذين صاروا يهوداً، إن ادعيتم - باطلاً - أنكم أحباء الله من دون الناس جميعاً، فتمنوا من الله الموت إن كنتم صادقين فى دعوى حب الله لكم.(1/827)
وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7)
7 - قال الله: ولا يتمنى الموت يهودى أبداً بسبب ما قدَّموه من الكفر وسوء الفعال، والله محيط علمه بالظالمين.(1/827)
قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)
8 - قل: إن الموت الذى تهربون منه لا مهرب منه، فإنه ملاقيكم، ثم تردُّون إلى عالم السر والعلانية، فيخبركم بما كنتم تعملون.(1/827)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)
9 - يا أيها الذين آمنوا إذا أُذِّنَ للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله. حريصين عليه، واتركوا البيع، ذلكم الذى أُمرتم به أنفع لكم إن كنتم تعلمون.(1/827)
فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)
10 - فإذا أديتم الصلاة فتفرقوا فى الأرض لمصالحكم، واطلبوا من فضل الله، واذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم كثيراً، لعلكم تفوزون بخيرى الدنيا والآخرة.(1/827)
وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)
11 - وإذا أبصروا متاعاً للتجارة أو لهواً تفرقوا إليها وتركوك قائماً تخطب، قل: إن ما عند الله من الفضل والثواب أنفع لكم من اللهو ومن التجارة، والله خير الرازقين، فاطلبوا رزقه بطاعته.(1/827)
إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)
1 - إذا جاءك المنافقون - يا محمد - قالوا بألسنتهم: نشهد إنك لرسول الله، والله يعلم إنك لرسوله، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فى دعواهم الإيمان بك لعدم تصديقهم بقلوبهم.(1/828)
اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2)
2 - جعلوا أيمانهم الكاذبة وقاية لهم من المؤاخذة، فمنعوا أنفسهم عن طريق الله المستقيم. إنهم قَبُحَ ما كانوا يعملون فى النفاق والأيمان الكاذبة.(1/828)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3)
3 - ذلك - الذى دأبوا عليه من الظهور بغير حقيقته والحلف بالأيمان الكاذبة - بسبب أنهم آمنوا بألسنتهم، ثم كفروا بقلوبهم، فختم على قلوبهم بهذا الكفر، فهم لا يفهمون ما ينجيهم من عذاب الله.(1/828)
وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4)
4 - وإذا أبصرتهم تُعجبك أجسامهم لوجاهتهم، وإن يتحدثوا تسمع لقولهم لحلاوته، وهم مع ذلك فارغة قلوبهم من الإيمان كأنهم خُشب مسندة لا حياة فيها. يحسبون كل نازلة عليهم - لشعورهم بحقيقة حالهم - هم العدو فاحذرهم - طردهم الله من رحمته - كيف يُصرفون عن الحق إلى ما هم عليه من النفاق.(1/829)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5)
5 - وإذا قيل لهم: أقبلوا يستغفر لكم رسول الله حركوا رؤوسهم استهزاء، ورأيتهم يُعرضون وهم مستكبرون عن الامتثال.(1/829)
سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6)
6 - سواء على هؤلاء المنافقين استغفارك لهم أو عدم استغفارك لأنهم لن يرجعوا عن نفاقهم، فلن يغفر الله لهم، إن الله لا يهدى إلى الحق الخارجين على أمره، وغير المؤمنون به.(1/829)
هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7)
7 - هم الذين يقولون لأهل المدينة: لا تُنفقوا على مَن عند رسول الله من المؤمنين حتى يتفرقوا عنه، ولله خزائن السموات والأرض وما فيها من أرزاق يعطيها من يشاء ولكن المنافقين لا يفهمون ذلك.(1/829)
يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)
8 - يقول المنافقون متوعدين: والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن فريقنا الأعز منها فريق المؤمنين الأذل، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين لا لهؤلاء المتوعدين، ولكن المنافقين لا يعلمون.(1/829)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9)
9 - يا أيها الذين صدَّقوا بالله ورسوله، لا تشغلكم العناية بأموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله وأداء ما فرضه عليكم، ومن تشغله أمواله وأولاده عن ذلك فأولئك هم الخاسرون يوم القيامة.(1/829)
وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10)
10 - وأنفقوا - أيها المؤمنون - من الأموال التى رزقناكم مبادرين بذلك من قبل أن يأتى أحدكم الموت، فيقول نادماً: رب هلا أمهلتنى إلى وقت قصير، فَأَصَّدَّق وأكن من الصالحين فى عمل الصالحات.(1/830)
وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)
11 - ولن يمهل الله نفساً إذا حان وقت موتها، والله تام العلم بما تعملون، يجازيكم عليه.(1/830)
يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)
1 - ينزِّه الله عما لا يليق بجلاله كل ما فى السموات وما فى الأرض. له الملك التام - وحده - وله الثناء الجميل، وهو على كل شئ تام القدرة.(1/831)
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2)
2 - هو الذى تفرد بخلقكم من عدم، فمنكم منكر لألوهيته، ومنكم مصدق بها، والله بما تعملون بصير فيجازيكم على أعمالكم.(1/831)
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)
3 - خلق الله السموات والأرض بالحكمة البالغة، وصوَّركم فأحسن صوركم حيث جعلكم فى أحسن تقويم وإليه المرجع يوم القيامة.(1/831)
يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4)
4 - يعلم كلَّ ما فى السموات والأرض، ويعلم ما تُخفون وما تُعلنون من أقوال وأفعال، والله تام العلم بِمُضمرات الصدور.(1/832)
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (5)
5 - قد أتاكم خبر الذين كفروا من قبلكم، فتجرَّعوا سوء عاقبة أمرهم فى الدنيا، ولهم فى الآخرة عذاب شديد الألم.(1/832)
ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6)
6 - ذلك الذى أصابهم ويصيبهم من العذاب بسبب أنهم أتتهم رسلهم بالمعجزات الظاهرة، فقالوا منكرين: أبشرٌ مثلنا يرشدوننا، فأنكروا بعثتهم، وانصرفوا عن الحق، وأظهر الله غناه عن إيمانهم بإهلاكهم، والله تام الغنى عن خلقه، مستحق للثناء والحمد على جميل نعمه.(1/832)
زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7)
7 - ادَّعى الذين كفروا - باطلاً - أنهم لن يُبعثوا بعد الموت، قل لهم - يا محمد -: ليس الأمر كما زعمتم. أقسم بربى لتُبعثن بعد الموت، ولتخبرن بما عملتم فى الدنيا ثم تجازون عليه، وذلك البعث والحساب والجزاء على الله سهل يسير.(1/832)
فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8)
8 - فصدِّقوا بالله ورسوله، واهتدوا بالنور الذى أنزلناه إذ وضح لكم أن البعث آت لا ريب فيه، والله بما يصدر منكم من عمل تام العلم.(1/832)
يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)
9 - يوم يجمعكم فى يوم الجمع للأولين والآخرين يجازيكم على أعمالكم، ذلك يوم التغابن الذى يظهر فيه غُبْنَ الكافرين لانصرافهم عن الإيمان، وغبن المؤمنين المقصرين لتهاونهم فى تحصيل الطاعات، ومَن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يذهب عنه سيئاته، ويدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار ماكثين فيه أبداً. ذلك الجزاء هو الفوز العظيم(1/832)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (10)
10 - والذين جحدوا بالإيمان وكذَّبوا بمعجزاتنا التى أيدنا بها رسلنا، أولئك أصحاب النار ماكثين فيها، وساء المصير الذى صاروا إليه.(1/833)
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)
11 - ما أصاب العبد من بلاء إلا بتقدير الله، ومن يُصدِّق بالله يَهْدِ قلبه إلى الرضا بما كان، والله بكل شئ تام العلم.(1/833)
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12)
12 - وأطيعوا الله فيما كلَّفكم به، وأطيعو الرسول فيما بلَّغ عن ربه، فإن أعرضتم عن هذه الطاعة فلن يضره إعراضكم، فإنما على رسولنا إبلاغكم الرسالة بلاغاً بيناً.(1/833)
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (13)
13 - الله لا معبود - بحق - إلا هو، وعلى الله - وحده - فليعتمد المؤمنون فى كل أمورهم.(1/833)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)
14 - يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم بما يصرفونكم عن طاعة الله لتحقيق رغباتهم، فكونوا منهم على حذر، وإن تتجاوزوا عن سيئاتهم التى تقبل العفو، وتُعرضوا عنها وتستروها عليهم يغفر الله لكم، فإن الله واسع المغفرة والرحمة.(1/833)
إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15)
15 - إنما أموالكم وأولادكم ابتلاء وامتحان، إن اغتررتم بهما فُتنتم، وإن شكرتم عليها أُجرتم، والله عنده أجر عظيم للشاكرين.(1/833)
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)
16 - فابذلوا فى تقوى الله جُهدكم وطاقتكم، واسمعوا مواعظه وأطيعوا أوامره، وأنفقوا مما رزقكم فيما أمر بالإنفاق فيه، وافعلوا خيراً لأنفسكم، ومَن يكفِهِ الله بخل نفسه وحرصها على المال فأولئك هم الفائزون بكل خير.(1/833)
إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17)
17 - إن تنفقوا فى وجوه البر إنفاقاً مخلصين فيه يُضاعف الله لكم ثواب ما أنفقتم، ويغفر لكم ما فرط من ذنوبكم، والله عظيم الشكر والمكافأة للمحسنين، حليم فلا يُعَجِّل بالعقوبة على مَن عصاه.(1/833)
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)
18 - هو عالم كل ما غاب وما حضر، القوى القاهر، الحكيم فى تدبير خلقه الذى يضع كل شئ موضعه.(1/833)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)
1 - يا أيها النبى إذا أردتم أن تُطلِّقوا النساء فطلّقوهن مستقبلاً لعدتهن، واضبطوا العدة، واتقوا الله ربكم. لا تخرجوا المطلقات من مساكنهن التى طلقن فيها، ولا يخرجن منها إلا أن يفعلن فعلة منكرة واضحة، تلك الأحكام المتقدمة معالم الله، شرعها لعباده، ومن يُجاوز حدود الله فقد ظلم نفسه. لا تدرى لعل الله يوجد بعد ذلك الطلاق أمراً لا تتوقعه، فيتحابان.(1/834)
فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)
2 - فإذا قاربت المطلقات نهاية عدتهن، فراجعوهن مع حُسن مُعاشرة، أو فارقوهن من غير مضارة، وأشهدوا على الرجعة والمفارقة صاحبى عدالة منكم. وأدّوا الشهادة على وجهها خالصة لله. ذلكم الذى أمرتم به يوعظ به مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، ومَن يخف الله فيقف عند أوامره ونواهيه يجعل له مخرجاً من كل ضيق.(1/834)
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)
3 - ويُهيِّئ له أسباب الرزق من حيث لا يخطر على باله، ومَن يُفوض إلى الله كل أموره فهو كافيه، إن الله بالغ مراده، منفذ مشيئته. قد جعل الله لكل شئ وقتاً لا يعدوه، وتقديراً لا يجاوزه.(1/835)
وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)
4 - والمعتدات من المطلقات اللائى يئسن من لمحيض لكبرهن، إن لم تعلموا كيف يعتددن، فعدتهن ثلاثة أشهر، واللائى لم يحضن عدتهن كذلك، وصواحب الحمل عدتهن أن يضعن حملهن، ومن يتق الله فينفذ أحكامه يُيسر الله له أموره.(1/835)
ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)
5 - ذلك التشريع أمر الله - لا غير - أنزله إليكم، ومن يتق الله بالمحافظة على أحكامه يمح عنه خطاياه، ويُعظم له الجزاء.(1/835)
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6)
6 - أسكنوا المعتدات بعض أماكن سكناكم، على قدر طاقتكم، ولا تلحقوا بهن ضرراً، لتضيقوا عليهن فى السكنى. وإن كن ذوات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن، فإن أرضعت المطلقات لكم أولادكم فوفوهن أجورهن، وليأمر بعضكم بعضاً بما تُعورف عليه من سماحة وعدم تعنّت، وإن اختلف الرجل والمرأة فطلبت المرأة فى أجرة الرضاع كثيرا ولم يجبها الرجل إلى ذلك أو بذل الرجل قليلاً ولم توافقه عليه فليسترضع غيرها.(1/835)
لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)
7 - لينفق صاحب بسطة فى الرزق مما بسطه الله له، ومن ضُيِّق عليه رزقه فلينفق مما أعطاه الله، لا يكلف الله نفساً إلا ما أعطاها، سيجعل الله بعد ضيق فرجا.(1/835)
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8)
8 -، 9 - وكثير من القرى التى تجبَّر أهلها وأعرضوا عن أمر ربهم ورسله فحاسبناها حساباً شديداً. بتقصى كل ما فعلوه ومناقشتهم، وعذَّبناها عذاباً فظيعاً، فتجرَّعوا سوء مآل أمرهم، وكان عاقبة أمرهم خسراناً شديداً.(1/835)
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10)
10 -، 11 - هيأ الله لأهل القرى المتجبرين عذاباً بالغ الشدة، فاحذروا غضب الله - يا أصحاب العقول الراجحة - الذين اتصفوا بالإيمان. قد أنزل الله إليكم - ذا شرف ومكانة - رسولاً يقرأ عليكم آيات الله مُبَيِّنات لكم الحق من الباطل. ليُخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من ظلمات الضلال إلى نور الهداية، ومَن يصدِّق بالله ويعمل عملاً صالحاً يدخله جنات تجرى من خلالها الأنهار، مخلدا فيها أبداً، قد أحسن الله للمؤمن الصالح رزقاً طيباً.(1/836)
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)
12 - الله - وحده - الذى خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن، يجرى أمره بينهن، لتعلموا أن الله على كل شئ تام القدرة، وأن الله قد أحاط بكل شئ علما.(1/836)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)
1 - يا أيها النبى لِمَ تمنع نفسك عمَّا أحل الله لك؟! تريد إرضاء زوجاتك، والله بالغ المغفرة واسع الرحمة.(1/837)
قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)
2 - قد شرع الله لكم تحليل أيمانكم بالتكفير عنها، والله سيَّدكم ومُتولى أموركم، وهو التام العلم، فيشرع لكم ما فيه خيركم، الحكيم فيما يشرعه لكم.(1/837)
وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)
3 - واذكر حين أسرَّ النبى إلى بعض أزواجه حديثاً، فلما أخبرت به، وأطلع الله نبيه على إفشائه، أعلم بها بعضاً، وأعرض - تكرماً - عن بعض، فلما أعلمها به، قالت: من أعلمك هذا؟ قال: أنبأنى العليم بكل شئ. الذى لا تخفى عليه خافية.(1/837)
إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)
4 - إن ترجعا إلى الله نادمتين فقد فعلتما ما يوجب التوبة. لأنه قد مالت قلوبكما عما يحبه رسول الله من حفظ سره، وإن تتعاونا عليه بما يسوؤه، فإن الله هو ناصره وجبريل والمتصفون بالصلاح من المؤمنين والملائكة - بعد نصرة الله - مظاهرون له ومعينون.(1/838)
عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)
5 - عسى ربُّه إن طلقكن - أيتها الزوجات - أن يزوجه بدلا منكن زوجات خاضعات لله بالطاعة، مصدقات بقلوبهن. خاشعات لله. رجّاعات إلى الله. متعبدات متذللات له. ذاهبات فى طاعة الله كل مذهب، ثيبات وأبكاراً.(1/838)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)
6 - يا أيها الذين آمنوا: احفظوا أنفسكم وأهليكم من نار وقودها الناس والحجارة. يقوم على أمرها وتعذيب أهلها ملائكة قساة فى معاملتهم أقوياء. يتقبلون أوامر الله، وينفذون ما يؤمرون به، غير متوانين.(1/838)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)
7 - يُقال للكافرين يوم القيامة: لا تلتمسوا المعاذير اليوم، إنما تجزون ما كنتم تعملون فى الدنيا.(1/838)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)
8 - يا أيها الذين آمنوا: ارجعوا إلى الله من ذنوبكم رجعة بالغة فى الإخلاص، عسى ربكم أن يمحو عنكم سيئاتكم، ويُدخلكم جنات تجرى من تحت قصورها وأشجارها الأنهار. يوم يرفع الله شأن النبى والذين آمنوا معه، نور هؤلاء يسير أمامهم وهم بأيمانهم، يقولون - تقرباً إلى الله -: يا سيدنا ومالك أمرنا، أتمم لنا نورنا، حتى نهتدى إلى الجنة، وتجاوز عن ذنوبنا إنك على كل شئ تام القدرة.(1/838)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)
9 - يا أيها النبى: جاهد الكفار الذين أعلنوا كفرهم، والمنافقين الذين أبطنوه بما تملكه من قوة وحُجة. واشتد على الفريقين فى جهادك، ومستقرهم جهنم، وبئس المآل مآلهم.(1/838)
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)
10 - ذكر الله حالة عجيبة تعرف بها أحوال مماثلة للذين كفروا؛ هى امرأة نوح وامرأة لوط، كانتا تحت عصمة عبدين من خالص عبادنا صالحين، فخانتاهما بالتآمر عليهما وإفشاء سرهما إلى قومهما، فلم يدفع هذان العبدان الصالحان عن زوجتيهما من عذاب الله شيئاً، وقيل للزوجين عند هلاكهما: ادخلا النار مع الداخلين.(1/839)
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)
11 - وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت: رب ابن لى عندك - قريباً من رحمتك - بيتاً فى الجنة، وأنقذنى من سلطان فرعون وعمله، المسرف فى الظلم، وأنقذنى من القوم المعتدين.(1/839)
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)
12 - وضرب الله كذلك مثلاً للذين آمنوا مريم ابنة عمران التى حفظت فرجها فنفخنا فيه من روحنا، فحملت بعيسى، وصدقت بكلمات الله، وهى أوامره ونواهيه وكتبه المنزلة على رسله، وكانت من عداد المواظبين على طاعة الله.(1/839)
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)
1 - تعالى وازدادت بركات مَن يملك - وحده - التصرف فى جميع المخلوقات، وهو على كل شئ تام القدرة.(1/840)
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)
2 - الذى خلق الموت والحياة لغاية أرادها، هى أن يختبركم أيكم أصلح عملا وأخلص نية، وهو الغالب الذى لا يعجزه شئ. العفوُّ عن المقصرين.(1/840)
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3)
3 - الذى أبدع سبع سموات متوافقة على سنَّة واحدة من الإتقان. ما ترى فى صنع الله - الذى عمَّت رحمته خلقه - أى تفاوت. فأعد بصرك. هل تجد أى خلل؟ .(1/840)
ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)
4 - ثم أعد البصر مرة بعد مرة. يرجع إليك البصر مردوداً عن إصابة ما التمس من عيب، وهو متعب كليل.(1/840)
وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5)
5 - ولقد زيَّنا السماء القريبة التى تراها العيون بكواكب مضيئة، وجعلناها مصادر شهب، يُرْجَم بها الشياطين، وأعددنا لهم فى الآخرة عذاب النار الموقدة.(1/841)
وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6)
6 - وللذين لم يؤمنوا بربهم عذاب جهنم، وساءت عاقبة لهم هذه العاقبة.(1/841)
إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)
7 -، 8 - إذا طُرحوا فيها سمعوا لها صوتاً منكراً، وهى تغلى غلياناً شديداً. تكاد تتقطع وتتفرق من شدة الغضب عليهم. كلما أُلْقِىَ فيها جماعة منهم سألهم الموكلون بها - موبخين لهم -: ألم يأتكم رسول يحذركم لقاء يومكم هذا؟ .(1/841)
قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9)
9 - قالوا مُجيبين: قد جاءنا نذير فكذبناه، وقلنا: ما نزَّل الله من شئ عليك ولا على غيرك من الرسل، ما أنتم - أيها المدعون للرسالة - إلا فى انحراف بعيد عن الحق.(1/841)
وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)
10 - وقالوا: لو كنا نسمع سماع مَن يطلب الحق، أو نفكر فيما نُدعى إليه؛ ما كنا فى عداد أصحاب السعير.(1/841)
فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)
11 - فاعترفوا بتكذيبهم وكفرهم، فبعداً لأصحاب السعير عن رحمة الله.(1/841)
إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)
12 - إن الذين يخافون ربهم - وهم لا يرونه - لهم مغفرة لذنوبهم، وثواب عظيم على حسناتهم.(1/841)
وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13)
13 - واخفوا قولكم أو اعلنوه فهما عند الله سواء؛ لأنه عظيم الإحاطة، عليم بخفايا الصدور.(1/842)
أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)
14 - أليس يعلم الخالق لجميع الأشياء خلقه، وهو العالم بدقائق الأشياء وحقائقها؟ {(1/842)
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)
15 - هو الذى جعل لكم الأرض طيِّعة مُيَسرة، فامشوا فى جوانبها، وكلوا من رزقه الذى يخرجه لكم منها، وإليه - وحده - البعث للجزاء.(1/842)
أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)
16 - أأمنتم من فى السماء - سلطانه - أن يقطع بكم الأرض، فيفاجئكم أنها تضطرب اضطراباً شديداً؟}(1/842)
أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17)
17 - بل أأمنتم من فى السماء - سلطانه - أن يرسل عليكم ريحاً ترجمكم بالحصباء؟ {فستعلمون حينئذ هول وعيدى لكم.(1/842)
وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18)
18 - ولقد كذَّب الذين من قبل قومك رسلهم، فعلى أى حال من الشدة كان إنكارى عليهم بإهلاكهم وأخذهم؟}(1/842)
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)
19 - هل أصابهم العمى ولم ينظروا إلى الطير فوقهم باسطات أجنحتهن، ويقْبِضْنَهُن - حيناً بعد حين ما يمسكهن أن يقعن إلا الرحمن؟! إنه بكل شئ عليم خبير. يعطيه ما يصلح عليه أمره.(1/842)
أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20)
20 - بل من هذا الذى هو قوة لكم يدفع عنكم العذاب سوى الرحمن؟ {ما الكافرون إلا فى غرور بما يتوهمون.(1/843)
أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21)
21 - بل من هذا الذى يرزقكم - بما تكون به حياتكم وسعادتكم - إن حبس الله رزقه عنكم؟} بل تمادى الكافرون فى استكبارهم وشرودهم عن الحق.(1/843)
أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)
22 - فهل تنعكس الحال، فيكون مَنْ يمشى منكبا على وجهه أهدى فى سيره وقصده. أم من يمشى مستوى القامة على طريق لا اعوجاج فيه؟ {(1/843)
قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23)
23 - قل: هو الذى أوجدكم من العدم، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة التى هى أسباب عملكم وسعادتكم. قليلاً ما تؤدون شكر هذه النعم لواهبها.(1/843)
قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)
24 - قل: هو الذى بثكم فى الأرض، وإليه - وحده - تجمعون لحسابكم وجزائكم.(1/843)
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25)
25 - ويقول المنكرون للبعث: متى يتحقق هذا الوعد بالنشور؟} نبئونا بزمانه إن كنتم صادقين؟ {(1/843)
قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26)
26 - قل - يا محمد -: هذا علم اختص الله به، وإنما أنا نذير بيِّن الإنذار.(1/843)
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27)
27 - فلمَّا عاينوا الموعود به قريباً منهم، علت وجوه الكافرين الكآبة والذلة، وقيل - توبيخاً وإيلاماً لهم -: هذا الذى كنتم تطلبون تعجيله.(1/843)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28)
28 - قل: أخبرونى إن أماتنى الله ومَن معى من المؤمنين كما تتمنون، أو رحمنا فأخر آجالنا وعافانا من عذابه - فقد أنجانا فى الحالين - فمَن يمنع الكافرين من عذاب أليم استحقوه بكفرهم وغرورهم بآلهتهم؟}(1/843)
قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29)
29 - هو الرحمن صدَّقنا به ولم تصدِّقوا، وعليه - وحده - اعتمدنا، واعتمدتم على غيره، فستعلمون إذا نزل العذاب أى الفريقين هو فى انحراف بعيد عن الحق.(1/843)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)
30 - قل: أخبرونى إن أصبح ماؤكم ذاهباً فى الأرض لا تصلون إليه بأى سبب، فمَن غير الله يأتيكم بماء طاهر متدفق يصل إليه كل من أراده؟! .(1/843)
ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)
1 - ن: حرف من حروف المعجم التى بدئت بعض السور بها تحدياً للمكذبين وتنبيهاً للمصدقين.(1/844)
مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)
2 - أقسم بالقلم الذى يكتب به الملائكة وغيرهم، وبما يكتبونه من الخير والمنافع، ما أنت - وقد أنعم الله عليك بالنبوة - بضعيف العقل، ولا سفيه الرأى.(1/844)
وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3)
3 - وإن لك على ما تلقاه فى تبليغ الرسالة لثواباً عظيماً غير مقطوع.(1/844)
وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)
4 - وإنك لمستمسك بمحاسن الصفات ومحاسن الأفعال التى فطرك الله عليها.(1/844)
فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5)
5 -، 6 - فعن قريب تبصر - يا محمد - ويبصر الكافرون بأيكم الجنون.(1/844)
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7)
7 - إن ربك هو أعلم بمن حاد عن سبيله، وهو أعلم بالعقلاء المهتدين إليه.(1/844)
فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8)
8 -، 9 - فلا تترك ما أنت عليه من مخالفة للمكذبين. تمنوا لو تلين لهم بعض الشئ، فهم يلينون لك طمعاً فى تجاوبك معهم.(1/844)
وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10)
10 -، 11، 12، 13 - ولا تترك ما أنت عليه من مخالفتك كُلّ كَثِيرِ الحلف. حقير. عيّاب. مغتاب. نقّال للحديث بين الناس على وجه الإفساد بينهم. شديد الصد عن الخير. معتد. كثير الآثام. غليظ القلب. جاف الطبع. لئيم معروف الشر. فوق ما له من تلك الصفات الذميمة.(1/845)
أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14)
14 -، 15 - لأنه كان صاحب مال وبنين. كذَّبَ بآياتنا وأعرض عنها. إذا يتلى عليه القرآن قال: هذا قصص الأولين وخرافاتهم.(1/845)
سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)
16 - سنجعل على أنفه علامة لازمة. ليكون مفتضحاً بها أمام الناس.(1/845)
إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17)
17 -، 18 - إنا اختبرنا أهل مكة بالإنعام عليهم فكفروا. كما اختبرنا أصحاب الجنة حين حلفوا ليقطعن ثمار جنتهم مبكرين، ولا يذكرون الله فيعلقون الأمر بمشيئته.(1/845)
فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19)
19 -، 20 - فنزل بها بلاء شديد من ربك ليلاً وهم نائمون، فأصبحت كالليل المظلم مما أصابها.(1/845)
فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21)
21 -، 22 - فنادى بعضهم بعضاً عند الصباح. أن بكِّروا مقبلين على حرثكم إن كنتم مصرين على قطع الثمار.(1/845)
فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23)
23 -، 24 - فاندفعوا وهم يتهامسون متواصين: ألا يمكنن أحد منكم اليوم مسكيناً من دخولها عليكم.(1/845)
وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25)
25 - وساروا أول النهار إلى جنتهم على قصدهم السيئ الذين توهموا أنهم قادرين على تنفيذه.(1/845)
فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26)
26 -، 27 - فلما رأوها سواداً محترقة قالوا مضطربين: إنا لضالون فما هذه بجنتنا ثم بعد ذلك قالوا: بل هى جنتنا، ونحن محرومون.(1/845)
قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28)
28 - قال أعدلهم وأخيرهم - لائماً لهم -: ألم أقل لكم حين تواصيتم بحرمان المساكين: هلا تذكرون الله فتعدلوا عن نيتكم؟ {(1/846)
قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29)
29 - قالوا - بعد أن ثابوا إلى رشدهم -: ننزه الله أن يكون قد ظلمنا بما أصابنا. إنا كنا ظالمين أنفسنا لسوء قصدنا.(1/846)
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30)
30 -، 31 - فأقبل بعضهم على بعض يلوم كل منهم الآخر، قالوا: يا هلاكنا، إنا كنا مسرفين فى ظلمنا.(1/846)
عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32)
32 - عسى ربنا أن يعوِّضنا خيراً من جنتنا. إنا إلى ربنا - وحده - راغبون فى عفوه وتعويضه.(1/846)
كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)
33 - مثل ذلك الذى أصاب الجنة، يكون عذابى الذى أُنزلَه فى الدنيا بمَن يستحقه، ولعذاب الآخرة أكبر لو كان الناس يعلمون ذلك.(1/846)
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34)
34 - إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم الخالص.(1/846)
أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35)
35 -، 36 - أنظلم فى حكمنا فنجعل المسلمين كالكافرين؟} ماذا أصابكم؟ {كيف تحكمون مثل هذا الحكم الجائر؟} .(1/846)
أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37)
37 -، 38 - بل ألكم كتاب من الله فيه تقرأون؟ {إن لكم فيه للذى تتخيرونه}(1/846)
أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39)
39 - بل ألكم عهود علينا مؤكدة بالأَيْمان باقية إلى يوم القيامة، إن لكم للذى تحكمون به؟ {(1/846)
سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40)
40 - سل المشركين - يا محمد -: أيهم بذلك الحكم كفيل؟}(1/846)
أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41)
41 - بل ألهم مَن يشاركهم ويذهب مذهبهم فى هذا القول؟! فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين فى دعواهم.(1/846)
يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42)
42 -، 43 - يوم يشتد الأمر ويصعب، ويُدْعَى الكفار إلى السجود - تعجيزاً وتوبيخاً - فلا يستطيعون، منكسرة أبصارهم تغشاهم ذلة مرهقة، وقد كانوا يُدعوْن فى الدنيا إلى السجود وهم قادرون فلا يسجدون.(1/847)
فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44)
44 - فدعنى - يا محمد - ومن يكذِّب بهذا القرآن سندنيهم من العذاب درجة درجة من الجهة التى لا يعلمون أن العذاب يأتى منها.(1/847)
وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45)
45 - وأمهلهم بتأخير العذاب. إن تدبيرى قوى لا يفلت منه أحد.(1/847)
أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46)
46 - بل أتسألهم أجراً على تبليغ الرسالة، فهم من غرامة كلفتهم إيَّاها مثقلون؟!(1/847)
أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47)
47 - بل أعندهم علم الغيب فهم يكتبون عنه ما يحكمون به؟(1/847)
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)
48 - فاصبر لإمهالهم وتأخير نصرك عليهم، ولا تكن كيونس صاحب الحوت - فى العجلة والغضب على قومه - حين نادى ربه وهو مملوء غيظاً وغضباً طالباً تعجيل عذابهم.(1/847)
لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49)
49 - لولا أن تداركته نعمة ربه بقبول توبته، لطرح من بطن الحوت بالفضاء، وهو معاقب بزلته.(1/847)
فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)
50 - فاصطفاه ربه بقبول توبته، فجعله من الصالحين.(1/847)
وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)
51 - وإن يكاد الكافرون ليزيلونك عن مكانك، بنظرهم إليك - عداوةً وبُغْضاً - حين سمعوا القرآن، ويقولون: إنك لمجنون.(1/847)
وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)
52 - وما القرآن إلا عظة وحكمة وتذكير للعالمين.(1/847)
الْحَاقَّةُ (1)
1 -، 2 - القيامة الواقعة حقاً. ما القيامة الواقعة حقاً؟ .(1/848)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3)
3 - وأى شئ أدراك حقيقتها، وصور لك هولها وشدتها؟ .(1/848)
كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4)
4 - كذبت ثمود وعاد بالقيامة التى تقرع العالمين بأهوالها وشدائدها.(1/848)
فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5)
5 - فأما ثمود فأهلكوا بالواقعة التى جاوزت الحد فى الشدة.(1/848)
وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6)
6 - وأما عاد فأهلكوا بريح باردة عنيفة متمردة.(1/848)
سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)
7 - سلَّطَهَا الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام متتابعة لا تنقطع، فترى القوم فى مهاب الريح موتى كأنهم أصول نخل خاوية أجوافها.(1/848)
فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8)
8 - فهل ترى لهم من نفس باقية دون هلاك.(1/848)
وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9)
9 - وجاء فرعون ومَن قبله من الأمم التى كفرت، والجماعة المنصرفة عن الحق والفطرة السليمة بالأفعال ذات الخطأ العظيم الفاحش.(1/849)
فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10)
10 - فعصت كل أمة من هؤلاء رسول ربهم، فأخذهم بعقابه أخذة زائدة فى الشدة.(1/849)
إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11)
11 - إنا لما جاوز الماء حدَّه، وعلا فوق الجبال فى حادث الطوفان. حملناكم - بحمل أصولكم - فى السفينة الجارية.(1/849)
لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)
12 - لنجعل الواقعة التى كان فيها نجاة المؤمنين وإغراق الكافرين عبرة لكم وعظة، وتحفظها كلُّ أذُنٍ حافظة لما تسمع.(1/849)
فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13)
13 -، 14 - فإذا نفخ فى الصور نفخة واحدة، ورفعت الأرض والجبال عن موضعهما، فَدُكَّتا مرة واحدة.(1/849)
فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15)
15 -، 16 - فيومئذٍ نزلت النازلة، وانشقت السماء بزوال أحكامها، فهى يومئذٍ ضعيفة بعد أن كانت محكمة قوية.(1/849)
وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17)
17 - والملائكة على جوانبها، ويحمل عرش ربك فوق هؤلاء الملائكة يومئذ ثمانية.(1/849)
يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)
18 - يومئذ تعرضون للحساب لا يخفى منكم أى سر كنتم تكتمونه.(1/849)
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)
19 - فأما مَن أُعطى كتابه بيمينه فيقول - معلناً سروره لمن حوله -: خذوا اقرأوا كتابى.(1/849)
إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20)
20 - إنى أيقنت فى الدنيا أنى ملاق حسابى، فأعددت نفسى لهذا اللقاء.(1/849)
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21)
21 - فهو فى عيشة يعمّها الرضى.(1/849)
فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22)
22 - فى جنة رفيعة المكان والدرجات.(1/849)
قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23)
23 - ثمارها قريبة التناول.(1/849)
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)
24 - كلوا واشربوا أكلاً وشرباً - لا مكروه فيهما، ولا أذى منهما - بما قدمتم من الأعمال الصالحة فى أيام الدنيا الماضية.(1/849)
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25)
25 -، 26 - وأما من أُعطى كتابه بشماله فيقول ندماً وحسرةً: يا ليتنى لم أُعْطَ كتابى، ولم أعلم ما حسابى.(1/850)
يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27)
27 - يا ليت الموتة التى متها كانت الفاصلة فى أمرى، فلم أُبعث بعدها.(1/850)
مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28)
28 -، 29 - ما نفعنى شئ ملكته فى الدنيا. ذهبت عنى صحتى، وزالت قوتى.(1/850)
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30)
30 -، 31، 32 - يُقال لخزنة جهنم: خذوه فاجمعوا يديه إلى عنقه، ثم لا تدخلوه إلا نار الجحيم، ثم فى سلسلة بالغة الطول فاسلكوه.(1/850)
إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33)
33 -، 34 - إنه كان لا يصدق بالله العظيم، ولا يحث أحداً على إطعام المسكين.(1/850)
فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35)
35 -، 36، 37 - فليس لهذا الكافر اليوم فى الجحيم قريب يدفع عنه، وليس له طعام إلا من غسالة أهل النار التى هى دم وقيح وصديد. لا يأكله إلا الخاطئون الذين تعمدوا الخطيئة وأصروا عليها.(1/850)
فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38)
38 -، 39، 40 - فلا أقسم بما تبصرون من المرئيات، وما لا تبصرون من عالم الغيب. إن القرآن لمن الله على لسان رسول رفيع المكانة.(1/850)
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41)
41 - وما القرآن بقول شاعر كما تزعمون، قليلاً ما يكون منكم إيمان بأن القرآن من عند الله.(1/850)
وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42)
42 - وما القرآن بسجع كسجع الكُهَّان الذى تعهدون. قليلاً ما يكون منكم تذكر وتأمل للفرق بينهما.(1/850)
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43)
43 - هو تنزيل ممن تعهد العالمين بالخلق والتربية.(1/850)
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44)
44 -، 45، 46 - ولو ادعى علينا شيئاً لم نقله لأخذنا منه كما يأخذ الآخذ بيمين من يُجهز عليه للحال، ثم لقطعنا منه نياط قلبه، فيموت لساعته.(1/850)
فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)
47 - فليس منكم أحد - مهما بلغت قوته - يحجز عقابنا عنه.(1/850)
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48)
48 - وإنَّ القرآن لعظة للذين يمتثلون أوامر الله، ويجتنبون نواهيه.(1/851)
وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49)
49 - وإنَّا لنعلم أن منكم مكذبين بالقرآن.(1/851)
وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50)
50 - وإنه لسبب فى ندامة شديدة على الجاحدين به، حين يرون عذابهم ونعيم المصدقين.(1/851)
وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51)
51 - وإن القرآن لحق ثابت لا ريب فيه.(1/851)
فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)
52 - فنزِّه ربك العظيم، ودُمْ على ذكر اسمه.(1/851)
سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1)
1 -، 2، 3 - دعا داع - استعجالا على سبيل الاستهزاء - بعذاب واقع من الله للكافرين لا محالة. ليس لذلك العذاب راد يصرفه عنهم، فوقوعه لا شك فيه، لأنه من الله صاحب الأمر والحكم النافذ.(1/852)
تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)
4 - تصعد الملائكة وجبريل إلى مهبط أمره فى يوم كان طوله خمسين ألف سنة من سِنى الدنيا.(1/852)
فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5)
5 -، 6، 7 - فاصبر - يا محمد - على استهزائهم واستعجالهم بالعذاب صبراً لا جزع فيه ولا شكوى منه. إن الكفار يرون يوم القيامة مستحيلاً لا يقع، ونراه هيناً فى قدرتنا غير متعذر علينا.(1/852)
يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8)
8 -، 9، 10 - يوم تكون السماء كالفضة المذابة، وتكون الجبال كالصوف المنفوش، ولا يسأل قريب قريبه كيف حالك، لأن كل واحد منهما مشغول بنفسه.(1/852)
يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11)
11 -، 12، 13، 14 - يتعارفون بينهم حتى يعرف بعضهم بعضاً - يقيناً - وهو مع ذلك لا يسأله. يود الكافر لو يفدى نفسه من عذاب يوم القيامة ببنيه، وزوجته وأخيه، وعشيرته التى تضمه وينتمى إليها، ومن فى الأرض جميعاً، ثم يُنجيه هذا الفداء.(1/853)
كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15)
15 -، 16، 17، 18 - ارتدع - أيها المجرم - عما تتمناه من الافتداء، إنّ النار لهب خالص، شديدة النزع ليديك ورجليك وسائر أطرافك، تنادى بالاسم مَن أعرض عن الحق، وترك الطاعة، وجمع المال فوضعه فى خزائنه، ولم يؤد حق الله فيه.(1/853)
إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)
19 -، 20، 21، 22، 23 - إن الإنسان طُبع على الهلع، شديد الجزع والسخط إذا مسه المكروه والعسر، شديد المنع والحرمان إذا أصابه الخير واليسر، إلا المصلين، الذين هم دائمون على صلاتهم فلا يتركونها فى وقت من الأوقات، فإن الله يعصمهم ويوفقهم إلى الخير.(1/853)
وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24)
24 -، 25 - والذين فى أموالهم حق مُعَيَّن مشروع. لمن يسأل المعونة منهم، ولمن يتعفف عن سؤالها.(1/853)
وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26)
26 -، 27، 28 - والذين يُصدِّقون بيوم الجزاء فيتزودون له، والذين هم من عذاب ربهم خائفون فيتقونه ولا يقعون فى أسبابه. إن عذاب ربهم غير مأمون لأحد أن يقع فيه.(1/853)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29)
29 -، 30، 31 - والذين هم حافظون لفروجهم فلا تغلبهم شهواتها، لكن على أزواجهم وإمائهم لا يحفظونها، لأنهم غير ملومين فى تركها على طبيعتها، فمن طلب متاعاً وراء الزوجات والإماء فأولئك هم المتجاوزون الحلال إلى الحرام.(1/853)
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32)
32 -، 33، 34 - والذين هم لأمانات الشرع وأمانات العباد وما التزموه لله وللناس حافظون غير خائنين ولا ناقضين، والذين هم بشهاداتهم قائمون بالحق غير كاتمين لما يعلمون، والذين هم على صلاتهم يحافظون، فيؤدونها على أكمل الوجه وأفضله.(1/854)
أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35)
35 - أصحاب هذه الصفات المحمودة فى جنات مكرمون من الله تعالى.(1/854)
فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36)
36 -، 37، 38 - أى شئ ثبت للذين كفروا إلى جهتك مسرعين ملتفين عن يمينك وشمالك جماعات؟! أيطمع كل امرئ منهم - وقد سمع وعد الله ورسوله للمؤمنين بالجنة - أن يدخل جنة نعيم؟ .(1/854)
كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (39)
39 - فليرتدعوا عن طمعهم فى دخولهم الجنة، إنا خلقناهم من ماء مهين.(1/854)
فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40)
40 -، 41 - فلا أقسم برب المشارق والمغارب من الأيام والكواكب، إنا لقادرون على أن نهلكهم ونأتى بمن هم أطوع منهم لله، وما نحن بعاجزين عن هذا التبديل.(1/854)
فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42)
42 - فاتركهم يخوضوا فى باطلهم، ويلعبوا بدنياهم، حتى يلاقوا يومهم الذى يوعدون فيه العذاب.(1/854)
يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43)
43 -، 44 - يوم يخرجون من القبور سراعاً إلى الداعى، كأنهم إلى ما كانوا قد نصبوه وعبدوه فى الدنيا من دون الله يسرعون، ذليلة أبصارهم، لا يستطيعون رفعها، تغشاهم المذلة والمهانة، ذلك اليوم كانوا يوعدون به فى الدنيا وهم يكذبون.(1/854)
إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1)
1 - إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه، وقلنا له: أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب شديد الإيلام.(1/855)
قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2)
2 -، 3، 4 - قال نوح: يا قوم إنى لكم نذير مُبَيِّن رسالة ربكم بلغة تعرفونها، أن أطيعوا الله واخضعوا له فى أداء الواجبات، وخافوه بترك المحظورات، وأطيعونى فيما أنصح لكم به، يغفر الله لكم ذنوبكم ويُمد فى أعماركم إلى أجل مسمى جعله غاية الطول فى العمر، إن الموت إذا جاء لا يؤخر أبداً، لو كنتم تعلمون ما يحل بكم من الندامة عند انقضاء أجلكم لآمنتم.(1/855)
قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5)
5 -، 6 - قال نوح: رب إنى دعوت قومى إلى الإيمان ليلاً ونهاراً بلا فتور، فلم يزدهم دعائى لهم إلا هروباً من طاعتك.(1/855)
وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7)
7 - وإنى كلما دعوتهم إلى الإيمان بك لتغفر لهم وضعوا أصابعهم فى آذانهم حتى لا يسمعوا دعوتى، وتغطوا بثيابهم حتى لا يروا وجهى، وأقاموا على كفرهم، وتعظموا عن إجابتى تعظماً بالغاً.(1/856)
ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8)
8 -، 9 - ثم إنى دعوتهم إليك بصوت مرفوع، ثم إنى جهرت بالدعوة فى حال، وأخفيتها إخفاء فى حال أخرى، حتى أجرب كل خطة.(1/856)
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)
10 -، 11، 12 - فقلت لقومى: اطلبوا مغفرة الكفار والعصيان من ربكم، إنه لم يزل غفاراً لذنوب مَن يرجع إليه، يرسل السماء عليكم غزيرة الدر بالمطر، ويمدكم بأموال وبنين هما زينة الحياة الدنيا، ويجعل لكم بساتين تنعمون بجمالها وثمارها، ويجعل لكم أنهاراً تسقون منها زرعكم ومواشيكم.(1/856)
مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13)
13 -، 14 - ما لكم لا تعظِّمون الله حق عظمته حتى ترجو تكريمكم بإنجائكم من العذاب، وقد خلقكم كَرَّاتٍ متدرجة، نطفاً ثم علقاً ثم مضغاً ثم عظاماً ولحما؟ .(1/856)
أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15)
15 -، 16 - ألم تنظروا كيف خلق الله سبع سموات بعضها فوق بعض، وجعل القمر فى هذه السموات نوراً ينبعث منها، وجعل الشمس مصباحاً يبصر أهل الدنيا فى ضوئه ما يحتاجون إلى رؤيته.(1/856)
وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17)
17 -، 18 - والله أنشأكم من الأرض فنبتم نباتاً عجيباً، ثم يعيدكم فى الأرض بعد الموت، ويخرجكم منها إخراجاً محققاً لا محالة.(1/856)
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19)
19 -، 20 - والله جعل لكم الأرض مبسوطة لتكون لكم طرقاً واسعة.(1/856)
قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21)
21 -، 22 - قال نوح: رب إن قومى عصَونى فيما أمرتهم به من الإيمان والاستغفار، واتبع الضعفاء منهم مَن لم يزده مالُه وولدُه إلا خسراناً فى الآخرة، ومكر أصحاب الأموال والأولاد بتابعيهم من الضعفاء مكراً بالغ النهاية فى العِظَم.(1/856)
وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23)
23 -، 24 - وقالوا لهم: لا تترُكنَّ عبادة آلهتكم، ولا تترُكُنَّ ودَّا ولا سواعاً ولا يغُوثَ ويعُوقَ ونسرا - وكانت أصناماً منحوتة على صور مختلفة من الحيوان - وقد أضل هؤلاء المتبوعون كثيراً من الناس، ولا تزد الظالمين لأنفسهم بالكفر والعناد إلا بُعداً عن الحق.(1/857)
مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25)
25 - بسبب ذنوبهم أُغرقوا بالطوفان، فأُدخلوا عقب هلاكهم ناراً عظيمة اللهب والإحراق، فلم يجدوا لهم من دون الله أنصاراً يدفعون عنهم العذاب.(1/857)
وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26)
26 - وقال نوح - بعد يأسه من قومه -: رب لا تترك على الأرض من الكافرين بك أحداً يدور فى الأرض ويدب عليها.(1/857)
إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27)
27 - إنك - يا رب - إن تتركهم دون إهلاك واستئصال يوقعوا عبادك فى الضلال ولا يلدوا إلا معانداً للحق شديد الكفر بك والعصيان لك.(1/857)
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)
28 - رب اعفُ عنى وعن والدىّ اللذين كانا سبباً فى وجودى، وعمن دخل بيتى مؤمناً بك، وعن المؤمنين والمؤمنات جميعاً، ولا تزد الكافرين إلا هلاكاً.(1/857)
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1)
1 -، 2 - قل يا - محمد - لأمتك: أوحى الله إلىَّ أن جماعة من الجن قد استمعوا إلى قراءتى للقرآن، فقالوا لقومهم: إنا سمعنا قرآناً بديعاً لم نسمع مثله من قبل، يدعو إلى الهدى والصواب، فآمنا - بالقرآن الذى سمعناه - ولن نشرك مع ربنا - الذى خلقنا وربانا - أحداً فى عبادته.(1/858)
وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3)
3 - وأنه تعالى قدر ربنا وعظمته، ما اتخذ زوجة ولا ولداً.(1/858)
وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4)
4 - وأنه كان يقول - جاهلنا على الله -: قولاً بعيداً عن الحق والصواب.(1/858)
وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5)
5 - وأنا ظننا أن لن تنسب الإنس والجن إلى الله ما لم يكن، ويصفوه بما لا يليق به.(1/858)
وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)
6 - وأنه كان رجال من الإنس يستجيرون برجال من الجن، فزاد رجال الإنس رجال الإنس الجن طُغياناً وسفهاً.(1/859)
وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7)
7 - وأن الجن ظنوا كما ظننتم - معشر الإنس - أن لن يبعث الله أحداً بعد الموت، ولا رسولاً من البشر إليهم.(1/859)
وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8)
8 - وأنا طلبنا بلوغ السماء فوجدناها مُلئت حرساً قوياً من الملائكة وشهباً محرقة من جهتها.(1/859)
وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)
9 - وأنا كنا - قبل اليوم - نقعد من السماء مقاعد لاستراق أخبار السماء، فمَن يرد الاستماع الآن يجد له شهاباً مترصداً ينقَضُّ عليه فيهلكه.(1/859)
وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10)
10 - وأنا لا نعلم أعذاب أريد بمَن فى الأرض - من حراسة السماء لمنع الاستماع - أم أراد بهم ربهم خيراً وهدى؟ .(1/859)
وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11)
11 - وأنا منا الأبرار المتقون ومنَّا دون ذلك، وهم قوم مقتصدون فى الصلاح، كنا ذوى مذاهب متفرقة.(1/859)
وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12)
12 - وأنا أيقنا أن لن نعجز الله - أينما كنا فى الأرض - ولن نعجزه هاربين من قضائه نحو السماء.(1/859)
وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13)
13 - وأنا لما سمعنا القرآن آمنا به، فمن يؤمن بربه فلا يخاف نقصاً من حسنة، ولا ظلماً يلحقه بزيادة فى سيئاته.(1/859)
وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14)
14 - وأنا منا المسلمون المِقرّون بالحق ومنا الحائدون عن طريق الهدى، فمن أسلم فأولئك قصدوا سبيل الحق مجتهدين فى اختياره.(1/859)
وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15)
15 - وأما الحائدون عن طريق الإسلام فكانوا لجهنم وقوداً.(1/859)
وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16)
16 - وأنه لو أطاع الإنس والجن ما يدعوهم إليه الإسلام ولم يحيدوا عنه لأعطاهم الله الماء الكثير الذى يحتاجون إليه.(1/859)
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17)
17 - لنختبرهم فيه كيف يشكرون لله نعمه عليهم، ومَن يُعرض عن عبادة ربه يدخله عذاباً شاقاً لا يطيقه.(1/860)
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)
18 - وأُوحى إلىَّ أن المساجد لله - وحده - فلا تدعوا فيها غيره وأخلصوا لعبادته وحده.(1/860)
وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)
19 - وأُوحى إلىَّ أنه لما قام عبد الله - محمد - فى صلاته يعبد الله كاد الجن يكونون عليه جماعات ملتفة، تعجباً مما رأوه وسمعوه.(1/860)
قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20)
20 - قل: إنما أعبد ربى - وحده - ولا أشرك به فى العبادة أحداً.(1/860)
قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21)
21 - قل: إنى لا أملك لكم دفع ضر ولا تحصيل هداية ونفع.(1/860)
قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22)
22 - قل: إنى لن يدفع عنى عذاب الله أحد إن عصيته، ولن أجد من دونه ملجأ أفر إليه من عذابه.(1/860)
إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23)
23 - لكن أملك تبليغاً عن الله ورسالاته التى بعثنى بها، ومن يعص الله ورسوله فأعرَضَ عن دين الله فإن له نار جهنم باقياً فيها أبداً.(1/860)
حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24)
24 - حتى إذا أبصروا ما يوعدونه من العذاب، فسيعلمون - عند حلوله بهم - من أضعف ناصراً وأقل عدداً أهم أم المؤمنون؟ .(1/860)
قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25)
25 - قل: ما أدرى - أيها الكافرون - أقريب ما توعدون من العذاب، أم يجعل له ربى غاية بعيدة؟!(1/861)
عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26)
26 -، 27 - هو عالم الغيب، فلا يطلع على غيبه أحداً من خلقه، إلا رسولاً ارتضاه لعلم بعض الغيب، فإنه يدخل من بين يدى الرسول ومن خلفه حفظة من الملائكة تحول بينه وبين الوساوس.(1/861)
لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28)
28 - ليعلم الله - وعلمه كائن ومحيط - أن الأنبياء قد أبلغوا رسالات ربهم، وقد علم تفصيلا بما عندهم، وعلم عدد الموجودات كلها، لا يغيب عنه شئ منها.(1/861)
يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)
1 -، 2، 3، 4 - يا أيها المتلفف بثيابه، قُمْ الليل مصلياً إلا قليلاً، قُمْ نصفْ الليل أو انقص من النصف قليلاً حتى تصل إلى الثلث، أو زد على النصف حتى تصل إلى الثلثين، واقرأ القرآن متمهلاً مبيناً للحروف والوقوف قراءة سالمة من أى نقصان.(1/862)
إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)
5 - إنا سنلقى عليك - أيها الرسول - قرآناً مشتملاً على الأوامر والنواهى والتكاليف الشاقة.(1/862)
إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)
6 - إن العبادة التى تكون بالليل، هى أشد رسوخاً فى القلب، وأبْيَن قولاً، لما يكون بالليل من هدوء وصفاء.(1/862)
إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7)
7 - إن لك فى النهار تقلباً فى مصالحك، واشتغالاً بأمور الرسالة، ففرِّغ نفسك ليلاً لعبادة ربك.(1/862)
وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8)
8 - وأجر على لسانك ذكر اسم مَن تعهدك بالخلق والتربية، وانقطع لعبادته من كل شئ انقطاعاً تاماً.(1/862)
رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9)
9 - هو مالك المشرق والمغرب لا معبود بحق إلا هو، فاتخذه كافياً لأمورك، كفيلاً بما وعدك.(1/863)
وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10)
10 - واصبر على ما يقولون من الأباطيل، وجانبهم بقلبك، وخالفهم فى أفعالهم، مع الإغضاء عنهم. وترك الانتقام منهم.(1/863)
وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11)
11 - واتركنى والمكذبين - أصحاب النعيم - وأمهلهم إمهالاً قصير الأمد.(1/863)
إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12)
12 -، 13 - إن لدينا للمكذبين فى الآخرة قيوداً ثقالاً، وناراً محرقة، وطعاماً ينشب فى الحلق لا يستساغ، وعذاباً شديد الإيلام لا يطاق.(1/863)
يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (14)
14 - يوم تتحرك الأرض والجبال حركة شديدة، وصارت الجبال رملاً مجتمعاً متناثراً بعد أن كانت حجارة صلبة متماسكة.(1/863)
إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15)
15 -، 16 - إنا أرسلنا إليكم يا أهل مكة - محمداً - رسولاً يشهد عليكم يوم القيامة بالإجابة والامتناع، كما أرسلنا موسى إلى فرعون رسولاً، فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذاً ثقيلاً شديداً.(1/863)
فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17)
17 - فكيف تدفعون عنكم إن كفرتم عذاب يوم يجعل الشُّبان لهوله شيوخاً ضعافاً.(1/863)
السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (18)
18 - السماء فى قوتها وعظمتها، شئ منشق فى ذلك اليوم لشدته وهوله، كان وعد الله واقعاً لا محالة.(1/863)
إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (19)
19 - إن هذه الآيات الناطقة بالوعد موعظة، فمَن شاء الانتفاع بها اتخذ إلى ربه سبيلا بالتقوى والخشية.(1/863)
إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)
20 - إن ربك يعلم أنك تقوم - يا محمد - أقل من ثلثى الليل أحياناً، وتقوم نصفه وثلثه أحياناً أخرى، ويقوم طائفة من أصحابك كما تقوم، ولا يقدر على تقدير الليل والنهار وضبط ساعاتهما إلا الله. علم أنه لا يمكنكم إحصاء كل جزء من أجزاء الليل والنهار. فخفف عليكم، فاقرءوا فى الصلاة ما تيسر من القرآن. علم أنه سيكون منكم مرضى يشق عليهم قيام الليل، وآخرون يتنقلون فى الأرض للتجارة والعمل يطلبون رزق الله، وآخرون يجاهدون فى سبيل الله لإعلاء كلمته، فاقرءوا ما تيسر من القرآن وواظبوا على فرائض الصلاة، وأعطوا الزكاة الواجبة عليكم، وأقرضوا الله قرضاً حسناً بإعطاء الفقراء نافلة فوق ما وجب لهم، وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوا ثوابه عند الله هو خيراً مما خلفتم وتركتم، وأجزل ثواباً، واستغفروا الله من فعل السيئات والتقصير فى الحسنات. إن الله غفور لذنوب المؤمنين، رحيم بهم.(1/864)
يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)
1 -، 2، 3، 4 - يا أيها المتدثر بثيابه قم من مضجعك فحذر الناس من عذاب الله إن لم يؤمنوا، وخُصَّ ربك - وحده - بالتعظيم، وثيابك فطهرها بالماء من النجاسة.(1/865)
وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)
5 -، 6، 7 - والعذاب فاترك، أى دُمْ على هَجْر ما يوصل إلى العذاب، ولا تعط أحداً مستكثراً لما تعطيه إيَّاه، ولمرضاة ربك فاصبر على الأوامر والنواهى وكل ما فيه جهد ومشقة.(1/865)
فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8)
8 -، 9، 10 - فإذا نفخ فى الصور، فذلك الوقت يومئذ شديد على الكافرين، غير سهل أن يخلصوا مما هم فيه من مناقشة الحساب، وغيره من الأهوال.(1/865)
ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)
11 -، 12، 13، 14، 15 - اتركنى وحدى مع مَن خلقته، فإنى أكفيك أمره، جعلت له مالاً مبسوطاً واسعاً غير منقطع، وبنين حضوراً معه، وبسطت له الجاه والرياسة بسطة تامة، ثم يطمع أن أزيده فى ماله وبنيه وجاهه بدون شكر؟ .(1/865)
كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16)
16 -، 17 - ردعاً له عن طمعه إنه كان للقرآن معانداً مكذباً، سأغشيه عقبة شاقة، لا يستطيع اقتحامها.(1/866)
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18)
18 -، 19، 20 - إنه فكَّر فى نفسه وهيَّأ ما يقوله من الطعن فى القرآن، فاستحق بذلك الهلاك، كيف هيَّأ هذا الطعن؟ ثم استحق الهلاك لأنه أعد هذا الطعن.(1/866)
ثُمَّ نَظَرَ (21)
21 -، 22، 23، 24 - ثم نظر فى وجوه الناس، ثم قطَّب وجهه وزاد فى كلوحه، ثم أعرض عن الحق وتعاظم أن يعترف به، فقال: ما هذا إلا سحر ينقل عن الأولين.(1/866)
إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)
25 - ما هذا إلا قول الخلق تعلمه - محمد - وادَّعى أنه من عند الله.(1/866)
سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26)
26 -، 27، 28، 29، 30 - سأُدخله جهنم ليحترق بها، وما أدراك ما جهنم؟ ، لا تبقى لحماً ولا تترك عظماً إلا أحرقته. مُسوِّدة لأعالى الجلد، عليها تسعة عشر يَلُون أمرها وتعذيب أهلها.(1/866)
وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31)
31 - وما جعلنا خزنة النار إلا ملائكة، وما جعلنا عدتهم تسعة عشر إلا اختباراً للذين كفروا، ليحصل اليقين للذين أوتوا الكتاب بأن ما يقوله القرآن عن خزنة جهنم إنما هو حق من الله تعالى - حيث وافق ذلك كتبهم - ويزداد الذين آمنوا بمحمد إيماناً، ولا يشك فى ذلك الذين أعطوا الكتاب والمؤمنون، وليقول الذين فى قلوبهم نفاق والكافرون: ما الذى أراده الله بهذا العدد المستغرب استغراب المثل؟ . . بمثل ذلك المذكور من الإضلال والهدى يضل الله الكافرين ويهدى المؤمنين، وما يعلم جنود ربك لفرط كثرتهم إلا هو - سبحانه وتعالى - وما سقر إلا تذكرة للبشر وتخويف لهم.(1/866)
كَلَّا وَالْقَمَرِ (32)
32 -، 33، 34، 35، 36 - ردعاً لمن ينذر بها ولم يخف، أقسم بالقمر، وبالليل إذا ذهب، وبالصبح إذا أضاء وانكشف إن سقر لأعظم الدواهى الكبرى إنذاراً وتخويفاً.(1/867)
لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37)
37 - إنذار للبشر لمَن شاء منكم أن يتقدم إلى الخير أو يتأخر عنه.(1/867)
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)
38 -، 39 - كل نفس بما عملت مأخوذة إلا المسلمين الذين فكُّوا رقابهم بالطاعة.(1/867)
فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40)
40 -، 41، 42 - هم فى جنات لا يُدرك وصفها، يسأل بعضهم بعضاً عن المجرمين، وقد سألوهم عن حالهم، ما أدخلكم فى سقر؟ .(1/867)
قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43)
43 -، 44، 45، 46، 47 - قالوا لم نك من المصلين كما كان يصلى المسلمون، ولم نك نطعم المسكين كما كان يطعم المسلمون، وكنا نندفع وننغمس فى الباطل والزور مع الخائضين فيه، وكنا نكذِّب بيوم الحساب والجزاء حتى أتانا الموت.(1/867)
فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)
48 - فما تغيثهم شفاعة الشافعين من الملائكة والنبيين والصالحين.(1/867)
فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49)
49 - فما لهم عن العظة بالقرآن منصرفين.(1/867)
كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50)
50 -، 51 - كأنهم حمر شديدة النفار فرَّت من مطارديها.(1/867)
بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52)
52 - بل يريد كل امرئ منهم أن يُؤتى صُحفاً من السماء واضحة مكشوفة تثبت صدْق الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.(1/867)
كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (53)
53 - ردْعاً لهم عما أرادوا. بل هم لا يخافون الآخرة، فأعرضوا عن التذكرة، وتفننوا فى طلب الآيات.(1/867)
كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54)
54 -، 55 - حقاً إن القرآن تذكرة بليغة كافية، فمن شاء أن يذكره ولا ينساه فعل.(1/867)
وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)
56 - وما يذكرون إلا بمشيئة الله، هو أهل لأن يُتقى وأهل لأن يَغْفر لمَن اتقاه.(1/867)
لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1)
1 -، 2، 3 - أقسم وأؤكد القسم بيوم القيامة - وهو الحق الثابت - وأقسم وأؤكد القسم بالنفس التى تلوم صاحبها على الذنب والتقصير، لتبعثن بعد جمع ما تفرق من عظامكم، أيحسب الإنسان - بعد أن خلقناه من عدم - أن لن نجمع ما بلى وتفرق من عظامه؟ .(1/868)
بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)
4 - بلى نجمعها قادرين على أن نُسوى ما دق من أطراف أصابعه، فكيف بما كبر من عظام جسمه؟ .(1/868)
بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5)
5 - بل أينكر الإنسان البعث، يريد أن يبقى على الفجور فيما يستقبل من أيام عمره كلها؟ {.(1/868)
يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6)
6 - يسأل مستبعداً قيام الساعة: متى يكون يوم القيامة؟} .(1/868)
فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7)
7 -، 8، 9، 10 - فإذا تحيَّر البصر فزعاً ودهشاً، وذهب ضوء القمر، وقرن بين الشمس والقمر فى الطلوع من المغرب، يقول الإنسان يومئذٍ: أين الفرار من العذاب؟! .(1/869)
كَلَّا لَا وَزَرَ (11)
11 -، 12 - ردعاً لك - أيها الإنسان - عن طلب المفر، لا ملجأ لك إلا إلى ربك - وحده - مستقر العباد من جنة أو نار.(1/869)
يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13)
13 - يُخْبَرُ الإنسان يومئذ بما قدمه من عمل وما أخره.(1/869)
بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)
14 -، 15 - بل الإنسان على نفسه حجة واضحة تلزمه بما فعل أو ترك، ولو طرح معاذيره وبسطها لا يمكنه أن يتخلص منها.(1/869)
لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)
16 -، 17 - لا تُحَرِّكْ بالقرآن لسانك حين الوحى لتعجل بقراءته وحفظه، إن علينا جمعه فى صدرك، وإثبات قراءته فى لسانك.(1/869)
فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)
18 -، 19 - فإذا قرأه عليك رسولنا فاتبع قراءته منصتاً لها، ثم إن علينا بعد ذلك بيانه لك إذا أشكل عليك شئ منه.(1/869)
كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20)
20 -، 21 - ردعاً لكم عن إنكار البعث وهو حق، بل أنتم تحبون الدنيا ومتاعها، وتتركون الآخرة ونعيمها.(1/869)
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22)
22 -، 23 - وجوه يومئذٍ حسنة ناعمة إلى ربها ناظرة بدون تحديد بصفة أو جهة أو مسافة.(1/869)
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24)
24 -، 25 - ووجوه يومئذٍ كالحة شديدة العبوس، تتوقع أن يفعل بها ما هو فى شدته داهية تقصم فقرات الظهر.(1/869)
كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26)
26 -، 27، 28، 29، 30 - ردعاً لكم عن حب الدنيا التى تفارقونها إذا بلغت الروح عظام النحر، وقال الحاضرون بعضهم لبعض: هل من راق يرقيه مما به؟ وظن المحتضر أن الذى نزل به هو فراق الدنيا المحبوبة، وبلغت به الشدة أقصاها، والتوت إحدى الساقين على الأخرى عند نزع الروح، إلى ربك يومئذٍ مساق العباد، إما إلى الجنة وإما إلى النار.(1/870)
فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31)
31 -، 32، 33 - أنكر الإنسان البعث فلا صدَّق بالرسول والقرآن، ولا أدَّى لله فرائض الصلوات، ولكن كذَّب القرآن، فأعرض عن الإيمان، ثم ذهب إلى أهله يمد ظهره متبختراً.(1/870)
أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34)
34 -، 35 - هلاك لك - أيها المكذب - فهلاك، ثم هلاك دائم لك، فهلاك.(1/870)
أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)
36 - أيحسب هذا الإنسان المنكر للبعث أن يُترك مهملاً يرتع فى حياته، ثم يموت ولا يبعث فيحاسب على عمله؟! {.(1/870)
أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37)
37 -، 38 - ألم يك الإنسان نطفة من مَنِىٍّ يقدر تكوينه فى الرحم، ثم صار قطعة دم جامد، فخلقه الله، فسواه فى أحسن تقويم؟} .(1/870)
فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39)
39 - فجعل منه الصنفين الذكر والأنثى.(1/870)
أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)
40 - أليس ذلك المبدع الفعَّال لهذه الأشياء بقادر على أن يُحْيى الموتى بعد جمع عظامهم؟ .(1/870)
هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)
1 - قد مضى على الإنسان حين من الزمان قبل أن ينفخ فيه الروح، لم يكن شيئاً يذكر باسمه، ولا يعرف ما يراد منه.(1/871)
إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)
2 - إنا خلقنا الإنسان من نطفة ذات عناصر شتى، مختبرين له بالتكاليف فيما بعد، فجعلناه ذا سمع وذا بصر، ليسمع الآيات ويرى الدلائل.(1/871)
إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)
3 - إنا بينا له طريق الهدى: إما مؤمنا وإما كافراً.(1/871)
إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4)
4 - إنا أعددنا للكافرين سلاسل لأرجلهم، وأغلالا لأيديهم وأعناقهم، ونارا موقدة.(1/871)
إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5)
5 -، 6 - إن الصادقين فى إيمانهم يشربون من خمر كان ما تمزج به ماء كافور، عيناً يشرب منها عباد الله يجرونها حيث شاءوا إجراء سهلاً.(1/871)
يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)
7 - يوفون بما أوجبوا على أنفسهم، ويخافون يوماً عظيماً كان ضرره البالغ فاشياً منتشراً كل الانتشار.(1/871)
وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)
8 - ويُطعمون الطعام - مع حبهم له، وحاجاتهم إليه - فقيراً عاجزاً عن الكسب، وصغيراً فقد أباه، ومأسورا لا يملك شيئاً.(1/872)
إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9)
9 - ويقولون فى أنفسهم: إنما نطعمكم لطلب ثواب الله، لا نريد منكم عوضاً أو هدية، ولا نريد منكم ثناء.(1/872)
إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10)
10 - إنا نخاف من ربنا يوماً اشتد عبوس مَن فيه، وقطَّبوا وجوههم وجباههم.(1/872)
فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11)
11 -، 12 - فصانهم الله من شدائد ذلك اليوم، وأعطاهم بدل عبوس الفجَّار حسناً فى وجوههم، وبهجة وفرحاً فى قلوبهم، وجزاهم بصبرهم جنة ملكها هنئ، وملبسها حرير ناعم الملمس.(1/872)
مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13)
13 - متكئين فى الجنة على السرر، لا يجدون فيها حر شمس، ولا شدة برد.(1/872)
وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14)
14 - وجنة وارفة عليهم ظلال أشجارها، وسَهَّلَ لهم أخذ ثمارها تسهيلاً.(1/872)
وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15)
15 -، 16 - ويطوف عليهم خدمهم بأوعية شراب من فضة، وبأكواب كوِّنت قوارير شفافة، قوارير مصنوعة من فضة، قدَّرها الساقون تقديرا على وفاق ما يشتهى الشاربون.(1/872)
وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17)
17 -، 18 - ويُسقى الأبرار فى الجنة خمرا كان ما تمزج به ما يشبه الزنجبيل فى الطعم، عينا فى الجنة تسمى - لسلامة شرابها وسهولة مساغه وطيبه - سلسبيلاً.(1/872)
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19)
19 - ويطوف عليهم - للبهجة والسرور - غلمان دائمون على حالهم، إذا أبصرتهم عند طوافهم بخفة ونشاط - لحسنهم وصفاء ألوانهم - لؤلؤا منثورا حولك مضيئا.(1/872)
وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20)
20 - وإذا أبصرت أى مكان فى الجنة رأيت فيه نعيما عظيما، وملكا واسعا.(1/873)
عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)
21 - يعلوهم ثياب من حرير رقيق خضر، وثياب من حرير غليظ، وجُعِلَتْ حُليهم التى فى أيديهم أساور من فضة، وسقاهم ربهم شرابا آخر طهورا لا رجس فيه ولا دنس.(1/873)
إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22)
22 - إن هذه النعيم أُعِدَّ لكم جزاء لأعمالكم، وكان سعيكم فى الدنيا محموداً عند الله مرضيا ومقبولاً.(1/873)
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (23)
23 - إنا - برحمتنا وحكمتنا - نزَّلنا عليك القرآن على وجه يسكن به فؤادك، ويدوم به حفظك، فلا تنساه أبداً.(1/873)
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24)
24 - فاصبر لحكم ربك بتأخير نصرتك على أعدائك، وابتلائك بأذاهم، ولا تُطع من المشركين من هو ذا إثم، أو مستغرقاً فى الكفر.(1/873)
وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25)
25 -، 26 - ودم على ذكر ربك، فصل الفجر بكرة، والظهر والعصر أصيلاً، ومن الليل فصل له المغرب والعشاء، وتهجد زمناً طويلاً من الليل.(1/873)
إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27)
27 - إن هؤلاء الكفرة يُحبون الدنيا ويؤثرونها على الآخرة، ويتركون خلف ظهورهم يوماً ثقيلاً كَرْبه شديدا هوله، فلم يعملوا ما ينجيهم من ذلك.(1/873)
نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28)
28 - نحن خلقناهم وأحكمنا خلقهم، وإذا شئنا أهلكناهم وَبَدَّلْنا أمثالهم ممن يطيع الله تبديلاً.(1/873)
إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29)
29 - إن هذه السورة عظة للعالمين، فمن شاء اتخذ بالإيمان والتقوى إلى ربه طريقاً يوصله إلى مغفرته وجنته.(1/873)
وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30)
30 - وما تشاءون شيئاً من الأشياء إلا إذا شاءه الله إن الله كان عليما بأحوالكم حكيما فيما يشاء ويختار.(1/873)
يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)
31 - يُدخل من يشاء فى جنته - فدخولها بفضله ورحمته - وأعد للظالمين عذاباً أليما.(1/873)
وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1)
1 -، 2، 3، 4، 5، 6، 7 - أقسم بالآيات المرسلة على لسان جبريل إلى محمد للعرف والخير، فالآيات القاهرات لسائر الأديان الباطلة تنسفها نسفاً، وبالآيات الناشرات للحكمة والهداية فى قلوب العالمين نشراً عظيماً، فالفارقات بين الحق والباطل فرقاً واضحاً، فالملقيات على الناس تذكرة تنفعهم - إعذاراً لهم وإنذاراً - فلا تكون لهم حُجة: إن الذى توعدونه من مجئ يوم القيامة لنازل لا ريب فيه.(1/874)
فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8)
8 -، 9، 10، 11 - فإذا النجوم مُحقت ذواتها، وإذا السماء شُقَّت، وإذا الجبال فُتِّتت ونسفتها الرياح نسفاً، وإذا الرسل عُيِّن لهم الوقت الذى يحضرون فيه للشهادة على الأمم.(1/874)
لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12)
12 -، 13، 14، 15 - لأى يوم أُخِّرت هذه الأمور العظيمة؟ ليوم يكون فيه الفصل بين الخلائق، وما أعلمك ما شأن يوم الفصل؟ هلاك دائم يومئذٍ للمكذبين بما أوعدهم به الرسل.(1/874)
أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16)
16 -، 17، 18 - ألم نُهلك الأولين من الأمم المكذبة، ثم نُتبع الأولين الآخرين فى الهلاك مثل ذلك الفعل نفعل بكل من أجرم وكفر بالله.(1/874)
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (19)
19 - هلاك يومئذٍ للمكذبين بما أوعدناهم.(1/875)
أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20)
20 -، 21، 22، 23، 24 - ألم نخلقكم من ماء حقير وهو النطفة، فجعلنا هذا الماء فى مقر يتمكن فيه، فيتم خلقه وتصويره مؤخراً إلى وقت قد علمه الله، فقدرنا على خلقه وتصويره وإخراجه، فنعم المقدرون الخالقون له نحن؟ ويل يومئذٍ للمكذبين بنعمة الخلق والتقدير.(1/875)
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25)
25 -، 26، 27، 28 - ألم نجعل الأرض ضامَّة على ظهرها أحياء لا يعدون، وفى بطنها أمواتٌ لا يحصرون، وجعلنا فيها جبالاً ثوابت عاليات، وأسقيناكم ماء عذباً سائغاً؟ هلاك يومئذٍ للمكذبين بهذه النعمة.(1/875)
انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29)
29 -، 30، 31 - يُقال للكافرين يوم الفصل: سيروا إلى النار التى كنتم بها تكذِّبون. سيروا إلى حرارة دخان من جهنم يتشعب لعِظمه ثلاث شعب. لا مظل من حر ذلك اليوم، ولا يغنى ذلك الظل من حر اللهب شيئاً.(1/875)
إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32)
32 -، 33، 34 - إن النار ترمى بما تطاير منها كالقَصْرِ فى العِظم. كأن الشرر جِمَالٌ سودٌ تضرب إلى الصفرة. هلاك يومئذ للمكذبين بأن هذه صفتها.(1/875)
هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35)
35 -، 36، 37 - هذا الذى قص عليكم إنه واقع يوم لا ينطقون بشئ ينفعهم، ولا يكون لهم إذْن فى النطق، ولا يصدر منهم اعتذار لأنه لا عذر لهم. هلاك يومئذٍ للمكذبين بهذا اليوم.(1/875)
هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (38)
38 -، 39، 40 - هذا يوم الفصل بين المحق والمبطل بجزاء كل بما يستحقه، جعلناكم - يا مكذبى محمد - والأولين المكذبين مثلكم، فإن كان لكم حيلة فى دفع هذا العذاب عنكم فاحتالوا، فاحضروا وتخلصوا من عذابى. هلاك يومئذٍ للمكذبين بوعيد الله.(1/875)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41)
41 -، 42، 43، 44، 45 - إن المتقين من عذاب الله فى ظلال وارفة، وعيون جارية، وفواكه مما يستطيبون. مقولاً لهم تحية وتكريماً: كلوا واشربوا أكلاً وشرباً هنيئاً بما كنتم تعملون فى الدنيا من الصالحات. إنا نجزى المحسنين بهذا الجزاء العظيم. هلاك يومئذٍ للمكذبين بالجنة.(1/875)
كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (46)
46 -، 47 - ويُقال للكافرين: كلوا وتمتعوا متاعاً ليس له بقاء. إنكم مجرمون بإشراككم بالله. هلاك يومئذٍ للمكذبين بالنعم.(1/876)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48)
48 -، 49 - وإذا قيل لهم: صلوا لله، واخشعوا إليه. لا يخشعون ولا يصلُّون. بل يُصرُّون على استكبارهم. هلاك يومئذٍ للمكذبين بأوامر الله ونواهيه.(1/876)
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50)
50 - فبأى حديث بعد القرآن يؤمنون إن لم يؤمنوا بالقرآن. مع أنه معجزة من السماء؟ .(1/876)
عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)
1 - عن أى شئ يسأل هؤلاء الجاحدون بعضهم بعضا؟ {(1/877)
عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)
2 -، 3 - عن الخبر العظيم، خبر البعث الذى هم موغلون فى الاختلاف فيه بين منكر له وشاك فيه.(1/877)
كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4)
4 - زجراً لهم عن هذا التساؤل، سيعلمون حقيقة الحال حين يرون البعث أمراً واقعاً.(1/877)
ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)
5 - ثم زجراً لهم، سيعلمون ذلك عندما يحل بهم النكال.(1/877)
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6)
6 - ألم يروا من آيات قدرتنا أنا جعلنا الأرض ممهدة للاستقرار عليها والتقلب فى أنحائها؟}(1/877)
وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7)
7 - وجعلنا الجبال أوتاداً للأرض تُثَبِّتها.(1/877)
وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8)
8 - وخلقناكم مزدوجين ذكوراً وإناثاً.(1/877)
وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9)
9 - وجعلنا نومكم راحة لكم من عناء العمل.(1/878)
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10)
10 - وجعلنا الليل ساتراً لكم بما يُغطِّيكم من ظلمته.(1/878)
وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)
11 - وجعلنا النهار وقت سعى لكم لتحصيل ما به تعيشون.(1/878)
وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12)
12 - وأقمنا فوقكم سبع سموات قويات محكمات.(1/878)
وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13)
13 - وأنشأنا شمساً مضيئة متوقدة.(1/878)
وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14)
14 - وأنزلنا من السحب الممطرة ماء قوى الانصباب.(1/878)
لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15)
15 - لنخرج بهذا لماء حبّاً ونباتاً غذاء للناس والحيوان.(1/878)
وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)
16 - وبساتين ذات أشجار ملتفة متشابكة الأغصان.(1/878)
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17)
17 - إن يوم الفصل بين الخلائق كان ميعاداً مقدراً للبعث.(1/878)
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18)
18 - يوم ينفخ فى الصور للبعث فتأتون إلى المحشر جماعات جماعات.(1/878)
وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19)
19 - وشققت السماء من كل جانب فصارت أبواباً.(1/878)
وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20)
20 - وسُيِّرت الجبال بعد قلعها من مقارها وتفتتها، فصارت تريك صورة الجبال وهى غبار متكاثف كالسراب يريك صورة الماء وليس بماء.(1/879)
إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21)
21 - إن جهنم كانت موضع رصد يترقب منه الخزنة أهلها.(1/879)
لِلطَّاغِينَ مَآبًا (22)
22 - للطغاة المتجبرين مصيراً سيئاً يجازون فيه ما انتهكوا من حدود الله وحرمات العباد.(1/879)
لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)
23 - ماكثين فيها دهوراً متتابعة.(1/879)
لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24)
24 - لا يذوقون فيها نسيماً ينفس عنهم حرها، ولا شراباً يسكن عطشهم فيها.(1/879)
إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25)
25 - لكن يذوقون ماء بالغاً الغاية فى الحرارة، وصديداً يسيل من جلود أهلها.(1/879)
جَزَاءً وِفَاقًا (26)
26 - جزاء موافقاً لأعمالهم السيئة.(1/879)
إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27)
27 - إنهم كانوا لا يتوقعون الحساب، فيعملوا للنجاة منه.(1/879)
وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (28)
28 - وكذَّبوا بآيات الله الدالة على البعث تكذيباً شديداً.(1/879)
وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29)
29 - وكل شئ ضبطناه كتابة.(1/879)
فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30)
30 - فذوقوا، فلن يكون لكم إلا المزيد من العذاب.(1/879)
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31)
31 - إن للذين يتقون ربهم نجاة من العذاب وظفراً بالجنة.(1/879)
حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32)
32 - حدائق مثمرة وأعنابا طيبة.(1/879)
وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33)
33 - وعذارى نواهد مُتَماثلات فى السن.(1/879)
وَكَأْسًا دِهَاقًا (34)
34 - وكأساً ممتلئة صافية.(1/879)
لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35)
35 - لا يسمعون فى الجنة لغواً من القول ولا كذاباً.(1/879)
جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)
36 - جزاء عظيماً من ربك، تفضلاً منه وإحساناً كافياً.(1/879)
رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37)
37 - رب السموات والأرض وما بينهما. الذى وسعت رحمته كل شئ لا يملك أحد حق من مخاطبته.(1/879)
يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)
38 - يوم يقوم جبريل والملائكة مصطفِّين خاشعين. لا يتكلم أحد منهم إلا من أذِن له الرحمن بالكلام، ونطق بالصواب.(1/880)
ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (39)
39 - ذلك اليوم الذى لا شك فيه، فمن شاء اتخذ إلى ربه مرجعاً كريماً والعمل الصالح.(1/880)
إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)
40 - إنا حذَّرناكم عذاباً قريباً وقوعه. يوم ينظر المرء ما قدَّمت يداه من عمل، ويقول الكافر متمنياً الخلاص: يا ليتنى بقيت تراباً بعد الموت، فلم أبعث ولم أحاسب.(1/880)
وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1)
1 - أقسم بكل ما أودعت فيه قوة نزع الأشياء من مقارها بشدة.(1/881)
وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (2)
2 - وبكل ما أودعت فيه قوة إخراج الأشياء فى خفة ولين.(1/881)
وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (3)
3 - وبكل ما أودعت فيه السرعة فى تأدية وظائفه بسهولة ويسر.(1/881)
فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (4)
4 - فالسابقات التى تسبق فى أداء ما وكِّل إليها سبقاً عظيماً.(1/881)
فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (5)
5 -، 6، 7 - فالمدبرات التى تدبر الأمور وتصرفها بما أودع فيها من خصائص: لتقومن الساعة يوم تزلزل النفخة الأولى جميع الكائنات، تتبعها النفخة الثانية التى يكون معها البعث.(1/881)
قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8)
8 - قلوب فى ذلك اليوم فزعة شديدة الاضطراب من الخوف.(1/881)
أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (9)
9 - أبصار أصحابها حزينة ذليلة منكسرة.(1/881)
يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10)
10 - يقول هؤلاء المنكرون للبعث -: أنرد بعد الموت أحياء إلى الخلقة الأولى كما كنا؟!(1/881)
أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11)
11 - أئذا صرنا عظاماً بالية نرد ونبعث من جديد؟ .(1/881)
قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12)
12 - قالوا - منكرين مستهزئين -: تلك الرجعة إن وقعت: رجعة خاسرة، ولسنا أهل خسران.(1/881)
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13)
13 -، 14 - لا تحسبوا الرجعة عسيرة، فإنما هى صحيحة واحدة، فإذا الموتى حضور بأرض المحشر.(1/882)
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15)
15 -، 16 - هل أتاك - يا محمد - حديث موسى حين ناداه ربُه بالوادى المطهر المسمى «طوى» .(1/882)
اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17)
17 - اذهب إلى فرعون الذى جاوز الحد فى الظلم.(1/882)
فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18)
18 - فقل: هل لك فى أن تتطهر؟(1/882)
وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19)
19 - وأرشدك إلى معرفة ربك، فتخشاه.(1/882)
فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20)
20 - فأرى موسى فرعونَ المعجزة الكبرى.(1/882)
فَكَذَّبَ وَعَصَى (21)
21 - فكذب فرعونُ موسى فيما جاء به، وعصاه فيما دعاه إليه.(1/882)
ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22)
22 - ثم تولى عنه يجتهد فى معارضته.(1/882)
فَحَشَرَ فَنَادَى (23)
23 -، 24 - فجمع السحرة، ودعا الناس فقال: أنا ربكم الأعلى.(1/882)
فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25)
25 - فعذَّبه الله عذاب المقالة الآخرة: وهى أنا ربكم الأعلى، وعذاب المقالة الأولى، وهى تكذيبه لموسى عليه السلام.(1/882)
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26)
26 - إن فى ذلك الحديث لعظة لمَن يخاف الله.(1/882)
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27)
27 -، 28 - أخَلْقُكُم - أيها المنكرون - للبعث أشقُ أم خلق السماء؟ ضم أجزاءها المتفرقة بعضها إلى بعض. رفع جرمها فوقكم، فجعلها مستوية لا تفاوت فيها ولا خلل.(1/882)
وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29)
29 - وأظلم ليلها وأظهر نهارها.(1/882)
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30)
30 - والأرض بعد ذلك بسَطَها ومهدها لسكنى أهلها.(1/882)
أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31)
31 - أخرج منها ماءها بتفجير عيونها، وإجراء أنهارها ونباتها ليقتات به الناس والدواب.(1/883)
وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32)
32 - والجبال ثبَّتها.(1/883)
مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33)
33 - متاعاً لكم ولأنعامكم.(1/883)
فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34)
34 - فإذا جاءت القيامة التى تعم أهوالها.(1/883)
يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (35)
35 - يوم يتذكر الإنسان ما عمله من خير أو شر.(1/883)
وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36)
36 - وأظهرت الجحيم إظهاراً بينا، ماثلة أمامكم.(1/883)
فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37)
37 -، 38، 39 - فأما مَن تجاوز الحد بعصيانه، واختار لنفسه الحياة الفانية، فإن النار المتأججة هى مأواه.(1/883)
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40)
40 -، 41 - وأما مَن خاف عظمة ربه وجلاله، وكف نفسه عن الشهوات، فإن دار النعيم هى المنزل لا غيرها.(1/883)
يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42)
42 - يسألونك - يا محمد - عن الساعة متى وقوعها؟ .(1/883)
فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43)
43 - ليس عِلْمها إليك حتى تذكرها لهم.(1/883)
إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44)
44 - إلى ربك منتهى علمها لا إلى غيره.(1/883)
إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45)
45 - إنما واجبك إنذار مَن يخاف لا الإعلام بوقتها.(1/883)
كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)
46 - كأنهم يوم يشاهدونها لم يلبثوا فى الدنيا إلا مقدار عشية أو ضحاها.(1/883)
عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)
1 - تغيَّر وجه النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ضائقا معرضا.(1/884)
أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2)
2 - لأِنْ جاءه الأعمى يسأل عن أمر دينه.(1/884)
وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3)
3 - ومَا يُدْريك لعل هذا الأعمى يتطهر بما يتلقاه عنك.(1/884)
أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)
4 - أو يتعظ فتنفعه العظة.(1/884)
أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5)
5 -، 6 - أما مَن استغنى بثروته وقوته فأنت تُقْبل عليه، وتهتم بتبليغه دعوتك.(1/884)
وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7)
7 - وأى شئ عليك إذا لم يتطهر بالإيمان؟!(1/884)
وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8)
8 -، 9، 10 - وأما مَن جاءك يسرع لطلب العلم والهداية، وهو يخاف الله فأنت عنه تتشاغل.(1/884)
كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11)
11 - حقاً إن هذه الآيات عظة.(1/884)
فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12)
12 - فمن شاء اتعظ بالقرآن.(1/884)
فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13)
13 - هو فى صحف مكرمة عند الله.(1/884)
مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14)
14 - عالية القدر والمكانة. منزهة عن كل نقص.(1/884)
بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15)
15 - بأيدى ملائكة جعلهم الله سفراء بينه وبين رسله.(1/885)
كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16)
16 - أخيار محسنين.(1/885)
قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17)
17 - هلاكاً للإنسان. ما أشد كفره! {(1/885)
مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18)
18 - أمَا يتذكر حقيقة أصله، ومن أى شئ خُلق؟}(1/885)
مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19)
19 - من ماء مهين. بدأ خلقه فقدَّره أطواراً.(1/885)
ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20)
20 - ثم يسر له الطريق إلى الإيمان، وأعلمه به.(1/885)
ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)
21 - ثم أماته، فكرمه بأن يقبر.(1/885)
ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22)
22 - ثم إذا شاء أحياه بعد الموت.(1/885)
كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)
23 - حقاً لمَّا يقض الإنسان - مع امتداد حياته فى الدنيا - ما أمره الله به من الإيمان والطاعة.(1/885)
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24)
24 - فليتأمل الإنسان شأن طعامه، كيف دبرناه ويسرناه! .(1/885)
أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25)
25 - إنا أنزلنا الغيث من السماء إنزالاً.(1/885)
ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26)
26 - ثم شققنا الأرض بالنبات شقاً.(1/885)
فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27)
27 - فأنبتنا فيها حبا يقتات به الناس.(1/885)
وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28)
28 - وعنباً ونباتاً يؤكل رطباً.(1/885)
وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29)
29 - وزيتوناً طيباً، ونخلاً مثمراً.(1/885)
وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30)
30 - وحدائق ملتفة الأغصان.(1/885)
وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31)
31 - وثماراً يتفكه بها، وعشباً تأكله البهائم.(1/885)
مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32)
32 - أنبتنا ذلك متاعاً لكم ولأنعامكم.(1/886)
فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33)
33 - فإذا جاءت صيحة القيامة التى تَصُم الآذان.(1/886)
يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34)
34 -، 35، 36 - يوم يهرب المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وزوجته وبنيه.(1/886)
لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)
37 - لكل امرئ من هؤلاء فى هذا اليوم شأن يشغله.(1/886)
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38)
38 -، 39 - وجوه فى هذا اليوم مضيئة مشرقة مسرورة بنعيم الله.(1/886)
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40)
40 - ووجوه فى هذا اليوم عليها غبار وكدورة.(1/886)
تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41)
41 - تغشاها ظلمة وسواد.(1/886)
أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)
42 - أولئك أصحاب هذه الوجوه الكفرة الفجرة.(1/886)
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1)
1 - إذا الشمس لُفَّتْ ومُحِىَ ضوؤها.(1/887)
وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2)
2 - وإذا النجوم انطمس نورها.(1/887)
وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3)
3 - وإذا الجبال حُرِّكت من أماكنها.(1/887)
وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4)
4 - والذى مَنْ شَأْنُه أن يحمل ويلد فقد خاصته.(1/887)
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5)
5 - وإذا الوحوش جُمِعت من أوكارها وجحورها ذاهلة من شدة الفزع.(1/887)
وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6)
6 - وإذا البحار تأججت ناراً.(1/887)
وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7)
7 - وإذا الأرواح قرنت بأجسادها.(1/887)
وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8)
8 -، 9 - وإذا المدفونة حية سئلت - ترضية لها، وسخطاً على من وَأدَها -: بأى جريرة قتلت، ولا ذنب لها؟ .(1/887)
وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10)
10 - وإذا الصحف التى كتبت فيها أعمال أصحابها بسطت عند الحساب.(1/887)
وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11)
11 - وإذا السماء أزيلت من مكانها.(1/887)
وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12)
12 - وإذا النار أوقدت إيقاداً شديداً.(1/887)
وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13)
13 - وإذا الجنة أُدْنيت وقربت.(1/888)
عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)
14 - إذا حدثت تلك الظواهر علمت كل نفس ما قدَّمته من خير أو شر.(1/888)
فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15)
15 - فأقسم قسماً مؤكداً بالنجوم التى تنقبض عند طلوعها، فيكون ضوؤها خافتاً.(1/888)
الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16)
16 - الجارية التى تستتر وقت غروبها.(1/888)
وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17)
17 - وبالليل إذا خف ظلامه عند إدباره.(1/888)
وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)
18 - وبالصبح إذا بدأ ضوؤه وهب نسيمه.(1/888)
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19)
19 - إن القرآن لقول رسول من الله كريم عليه.(1/888)
ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20)
20 - صاحب قوة فى أداء مهمته، صاحب مكانة ومنزلة عند الله ذى العرش.(1/888)
مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21)
21 - مطاع أمين على الوحى هناك فى الملأ الأعلى.(1/888)
وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22)
22 - وما رسولكم - الذى صاحبتموه وعرفتم رجاحة عقله - بمجنون.(1/888)
وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23)
23 - وأقسم: لقد رأى محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جبريل بالأفق المظهر لما يرى فيه.(1/888)
وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24)
24 - وما محمد على الوحى ببخيل يقصر فى تبليغه وتعليمه.(1/888)
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25)
25 - وما الوحى المنزل عليه بقول شيطان مطرود من رحمة الله.(1/888)
فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)
26 - فأى طريق أهدى من هذا الطريق تسلكون؟!(1/888)
إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27)
27 - ما القرآن إلا تذكير وموعظة للعالمين.(1/888)
لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)
28 - لمن أراد منكم الاستقامة وتحرى الحق والصواب.(1/888)
وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)
29 - وما تشاءون شيئاً إلا أن يشاء الله رب العالمين ذلك.(1/888)
إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1)
1 - إذا السماء انشقت.(1/889)
وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2)
2 - وإذا الكواكب تساقطت مُتبعثرة.(1/889)
وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3)
3 - وإذا البحار فُتِحَ بعضها فى بعض بزوال الحواجز بينها.(1/889)
وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)
4 - وإذا القبور بُعثرت، فخرج من فيها من الموتى.(1/889)
عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5)
5 - علمت كل نفس ما أسلفت من خير أو شر، وما أخرت من ذلك.(1/889)
يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)
6 - يا أيها الإنسان: أى شئ خدعك بربك الكريم حتى تجرأت على معصيته؟ .(1/889)
الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7)
7 - الذى أوجدك من العدم، فخلق لك أعضاء تنتفع بها. وجعلك معتدلاً متناسب الخلق.(1/889)
فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)
8 - فى أى صورة من الصور شاءها ربّك وأوجدك عليها.(1/889)
كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9)
9 - ردعا لكم. بل تكذبون بالجزاء يوم القيامة.(1/889)
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10)
10 -، 11، 12 - وإن عليكم لملائكة حافظين، كراماً لدينا، مسجلين عليكم أعمالكم، يعلمون الذى تفعلونه من خير وشر.(1/890)
إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13)
13 - إن الصادقين فى إيمانهم لفى نعيم عظيم.(1/890)
وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)
14 -، 15 - وإن الذين انشقوا عن أمر الله لفى نيران محرقة يدخلونها يوم الجزاء.(1/890)
وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16)
16 - وإنهم لن يفلتوا من جهنم وسيكونون بعض وقودها.(1/890)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17)
17 - وأى شئ أعلمك ما يوم الجزاء، وأمره خارج عن درايتك وتصورك؟ .(1/890)
ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18)
18 - ثم أى شئ أعلمك ما يوم الجزاء فى الهول والشدة؟ .(1/890)
يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)
19 - يوم لا تملك نفس لنفس شيئا من النفع أو الضرر والأمر يومئذٍ لله - وحده -.(1/890)
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)
1 -، 2، 3 - هلاك للمطففين. الذين إذا أخذوا لأنفسهم الكيل من الناس يأخذونه وافيا زائدا، وإذا كالوا للناس أو وزنوا لهم ينقصونهم حقهم الواجب لهم اعتداء عليهم.(1/891)
أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4)
4 -، 5 - ألا يخطر ببال هؤلاء المطففين أنهم سيبعثون ليوم عظيم الهول؟ .(1/891)
يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)
6 - يوم يقوم الناس لأمر رب العالمين وقضائه.(1/891)
كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)
7 - ارتدعوا عن التطفيف والغفلة عن البعث. وإن ما كُتب على الفجَّار من عملهم السيئ لفى سجين.(1/891)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8)
8 - وما أعلمك ما سجين؟ .(1/891)
كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9)
9 - هو كتاب مسطور بيِّن الكتابة.(1/891)
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10)
10 - هلاك للمكذبين يومَ إذْ يكون البعث والجزاء.(1/891)
الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11)
11 - الذين يُكذبون بيوم الجزاء.(1/892)
وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)
12 - وما يكذب بيوم الجزاء إلا كل متجاوز الحد مصرٍّ على الذنب.(1/892)
إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13)
13 - إذا تُتلى عليه آيات الله الناطقة بحصول الجزاء قال: أباطيل السابقين.(1/892)
كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)
14 - ارتدع - أيها المعتدى - عن هذا القول الباطل، بل غطى على قلوب المعتدين ما اكتسبوه من الكفر والمعاصى.(1/892)
كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)
15 - حقا إن المكذبين لمحجوبون عن رحمة ربهم يومئذٍ بسبب ما اكتسبوه من المعاصى.(1/892)
ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)
16 - ثم إنهم لداخلون الجحيم.(1/892)
ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)
17 - ثم يقال - تبكيتا لهم -: هذا العذاب النازل بكم الذى كنتم به تكذبون فى الدنيا.(1/892)
كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18)
18 - حقا إن ما كتب من أعمال المحسنين لفى عليين.(1/892)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)
19 - وما أعلمك ما عِليّون؟! والمعنى: تعظيم وتفخيم لهذا الكتاب وموضعه.(1/892)
كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20)
20 -، 21 - هو كتاب مسطور بيّن الكتابة، يحضره ويحفظه المقربون من الملائكة.(1/892)
إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22)
22 -، 23 - إن الإبرار لفى نعيم الجنة. على الأرائك ينظرون إلى ما أولاهم الله من النعمة والكرامة.(1/892)
تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)
24 - تعرف فى وجوههم بهجة النعيم ونضارته.(1/892)
يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25)
25 -، 26 - يُسْقَون من شراب خالص مصون لا تزيده الصيانة إلا طيبا، وفى نيل ذلك النعيم فليتسابق المتسابقون.(1/892)
وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27)
27 -، 28 - ومِزاج الرحيق من ماء تسنيم فى الجنة: عينا يشرب منها المقربون دون غيرهم من أهل الجنة.(1/892)
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29)
29 - إن الذين ارتكبوا الجُرْم فى حق الدين كانوا يضحكون استهزاء فى الدنيا من الذين آمنوا.(1/893)
وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30)
30 - وإذا مر المؤمنون بهم يغمز بعضهم بعضا استهزاء.(1/893)
وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31)
31 - وإذا رجع المجرمون إلى أهلهم رجعوا فرحين باستخفافهم بالمؤمنين.(1/893)
وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32)
32 -، 33 - وإذا رأوا المؤمنين، قالوا: إن هؤلاء لضالون لإيمانهم بمحمد، وما أرسل هؤلاء المجرمون حاكمين عليهم بالرشد أو الضلال حافظين لأعمالهم.(1/893)
فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34)
34 - فيوم الجزاء تجد الذين آمنوا من الكفار يضحكون جزاء ما ضحكوا سخرية بهم فى الدنيا.(1/893)
عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35)
35 - على الأسرَّة والمتكآت ينظر المؤمنون ما أولاهم الله من النعيم.(1/893)
هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)
36 - هل جوزى الكفار فى الآخرة ما كانوا يفعلون فى الدنيا؟ والاستفهام هنا للتقرير.(1/893)
إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)
1 - إذا السماء تصدعت بما يؤذن بزوالها.(1/894)
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2)
2 - وسمعت لربها وأطاعت، وجدير بها أن تسمع وتطيع.(1/894)
وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3)
3 - وإذا الأرض زيدت سعة بدك جبالها وإزالة آكامها، وتغيرت طبيعتها.(1/894)
وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4)
4 - ورمت ما بجوفها من الموتى والكنوز، وتخلت عنه.(1/894)
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5)
5 - وانقادت لربها فى زيادة سعتها، وإلقاء ما فى جوفها وتخليها عنه، وحقيق بها ذلك. إذا حدث كل ما تقدم لَقِىَ كل إنسان جزاء عمله.(1/894)
يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)
6 - يا أيها الإنسان: إنك مجدّ فى عملك جدا يوصلك إلى غايتك، فملاق ربك بعملك، فيجازيك عليه.(1/894)
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7)
7 -، 8، 9 - فأما مَن أعطى كتاب عمله بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا، ويرجع إلى عشيرته من المؤمنين مبتهجا.(1/894)
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10)
10 -، 11، 12 - وأما من أوتى كتابه بشماله من وراء ظهره تحقيرا لأمره، فسوف يصبح متمنيا هلاك نفسه ويدخل جهنم يحترق بنارها.(1/895)
إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13)
13 - إنه كان بين أهله فى الدنيا مسرورا بما أوتيه، لاهيا عن العمل لعاقبته.(1/895)
إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14)
14 - إنه ظن أنه لن يرجع إلى الله فيحاسبه.(1/895)
بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (15)
15 - بل سيرجع ويُحاسب، إن ربه كان به وبأعماله بصيرا.(1/895)
فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16)
16 - فأقسم قسما مؤكدا بحمرة الأفق بعد الغروب.(1/895)
وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17)
17 - والليل وما جَمَعَ ولَف فى ظلمته من الناس والدواب وغيرها.(1/895)
وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18)
18 -، 19 - والقمر إذا تكامل وتم نوره، لَتلاقُنَّ حالاً بعد حال، بعضها أشد من بعض، من الموت والبعث وأهوال القيامة.(1/895)
فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20)
20 - فأى شئ لهؤلاء الجاحدين يمنعهم من الإيمان بالله والبعث بعد وضوح الدلائل على وجوبه.(1/895)
وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (21)
21 - وإذا سمعوا آيات القرآن لا يسجدون ولا يخضعون.(1/895)
بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22)
22 - بل هؤلاء - لكفرهم - يُكذبون عنادا وتعالياً عن الحق.(1/895)
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23)
23 - والله أعلم بما يضمرون فى قلوبهم.(1/895)
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24)
24 - فبشِّرهم بعذاب أليم مستهزئا بهم.(1/895)
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)
25 - لكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم عند الله أجر غير مقطوع عنهم ولا محسوب عليهم.(1/895)
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)
1 - أقسم بالسماء ذات المنازل التى تنزلها الكواكب أثناء سيرها.(1/896)
وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2)
2 - وباليوم الموعود للحساب والجزاء.(1/896)
وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3)
3 - وبحاضر من الخلائق فى هذا اليوم، وما يحضر فيه من الأهوال والعجائب.(1/896)
قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)
4 - لقد لعن الله أصحاب الشق المستطيل فى الأرض.(1/896)
النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5)
5 - أصحاب النار ذات الوقود التى أضرموها لعذاب المؤمنين.(1/896)
إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6)
6 - إذ هم على حافتها قعود يشهدون عذاب المؤمنين.(1/896)
وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7)
7 - وهم على الذى يفعلون بالمؤمنين - من تعذيبهم - حضور.(1/896)
وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8)
8 - وما أنكروا من المؤمنين إلا إيمانهم بالله القوى الذى يُخشى عقابه، الحميد الذى يُرجى ثوابه.(1/897)
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)
9 - الذى له - وحده - ملك السموات والأرض، والله على كل شئ مما يفعله المؤمنون والكافرون شهيد يشهد ذلك ويجزى عليه.(1/897)
إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)
10 - إن الذين امتحنوا المؤمنين والمؤمنات فى دينهم بالأذى والتعذيب بالنار. ثم لم يرجعوا عن ذلك، فلهم فى الآخرة عذاب جهنم بكفرهم، ولهم عذاب الحريق بإحراقهم المؤمنين.(1/897)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11)
11 - إن الذين جمعوا إلى الإيمان بالله العمل الصالح. لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار. ذلك النعيم الذى جوزوا به هو الفوز الكبير.(1/897)
إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)
12 - إن أخذ ربك للجبابرة والظلمة بالغ الغاية فى الشدة.(1/897)
إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13)
13 - إنه - وحده - يبدأ الخلق ويعيدهم.(1/897)
وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14)
14 - وهو كثير المغفرة لمن تاب وأناب. كثير المحبة لمن أحبَّه وأطاعه.(1/897)
ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15)
15 - صاحب العرش ومالكه، عظيم فى ذاته وصفاته.(1/897)
فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)
16 - فعَّال لما يريد لا يتخلف عن قدرته مراد.(1/897)
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17)
17 - هل أتاك - يا محمد - حديث الجموع الطاغية من الأمم الخالية؟ .(1/897)
فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18)
18 - قوم فرعون، وثمود، وما حل بهم من جزاء تماديهم فى الباطل.(1/897)
بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19)
19 - بل الكافرون من قومك أشد فى تكذيبهم لك من تكذيب هؤلاء لرسلهم.(1/897)
وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20)
20 - والله متمكن منهم عالم بهم.(1/897)
بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21)
21 - بل ما جئتهم به قرآن عظيم بيِّن الدلالة على صدقك.(1/897)
فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)
22 - فى لوح محفوظ لا ترقى إليه قوة بتحريف أو تبديل.(1/897)
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1)
1 - أقسم بالسماء وبالنجم الذى يظهر ليلاً.(1/898)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2)
2 -، 3 - وأى شئ أعلمك ما حقيقة هذا النجم؟ هو الذى ينفذ ضوؤه فى الظلام.(1/898)
إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)
4 - ما كل نفس إلا عليها حافظ يرقبها ويحصى عليها أعمالها.(1/898)
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5)
5 - فليفكر الإنسان من أى شئ خلق؟ .(1/898)
خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6)
6 - خلق الإنسان من ماء متدفق.(1/898)
يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)
7 - يخرج هذا الماء من بين الصلب وعظام الصدر من الرجل والمرأة.(1/898)
إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)
8 - إن الله الذى خلقه هكذا ابتداء لقادر على إعادة خلقه بعد موته.(1/899)
يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9)
9 - يوم تُمَتَحن الضمائر، ويُميز بين ما طاب منها وما خبث.(1/899)
فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10)
10 - فما للإنسان فى ذلك الوقت من قوة ذاتية ولا خارجية يمتنع بها، ولا ناصر ينتصر به.(1/899)
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11)
11 - أقسم بالسماء ذات المطر الذى يعود ويتكرر.(1/899)
وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12)
12 - وبالأرض ذات الإنشقاقات التى تتكون منها البحار والأنهار.(1/899)
إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13)
13 -، 14 - إن القرآن فاصل بين الحق والباطل، وليس فيه شائبة اللعب والباطل.(1/899)
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15)
15 - إن المكذبين بالقرآن يمكرون فى إبطال أمره مكرا بالغ الغاية.(1/899)
وَأَكِيدُ كَيْدًا (16)
16 - وأجازيهم وأقابل كيدهم بكيد متين لا يدفعونه.(1/899)
فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)
17 - فأنظر الكافرين: أمهلهم إمهالا قريبا حتى آمرك فيهم بأمر حاسم.(1/899)
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)
1 - نزِّه اسم ربك الأعظم عما لا يليق به.(1/900)
الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2)
2 - الذى خلق كل شئ فجعله مستوى الخلق فى إحكام واتساق.(1/900)
وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3)
3 - والذى قدَّر لكل شئ ما يصلحه فهداه إليه.(1/900)
وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4)
4 - والذى أخرج من الأرض ما ترعاه الدواب من صنوف النباتات.(1/900)
فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5)
5 - فصيره بعد الخضرة يابسا مسودا.(1/900)
سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)
6 - سنجعلك - يا محمد - قارئا بإلهام منا، فلا تَنْس ما تحفظ.(1/900)
إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7)
7 - إلا ما شاء الله أن تنساه، إنه تعالى يعلم ما يجهر به عباده وما يخفونه من الأقوال والأفعال.(1/900)
وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8)
8 - ونوفقك للطريقة البالغة اليسر فى كل أحوالك.(1/901)
فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9)
9 - فذكر الناس إن نفعت الذكرى، فشأنها أن تنفع.(1/901)
سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10)
10 - سينتفع بتذكيرك من يخاف الله.(1/901)
وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11)
11 - ويتجنب الذكرى الأشقى المصر على العناد والكفر.(1/901)
الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12)
12 - الذى يدخل النار الكبرى المعدة للجزاء.(1/901)
ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (13)
13 - ثم لا يموت فى النار فيستريح بالموت، ولا يحيا حياة يهنأ بها.(1/901)
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)
14 - قد فاز مَن تطهر من الكفر والمعاصى.(1/901)
وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)
15 - وذكر اسم خالقه بقلبه ولسانه فصلى خاشعا ممثلا.(1/901)
بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16)
16 - لم تفعلوا ما يؤدى إلى الفلاح. بل تقدمون فى اهتمامكم الحياة الدنيا على الآخرة.(1/901)
وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)
17 - والآخرة خير من الدنيا بصفاء نعيمها، وأبقى بدوامه.(1/901)
إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18)
18 -، 19 - إن هذا المذكور فى هذه السورة لثابت فى الصحف الأولى - صحف إبراهيم وموسى - فهو مما توافقت فيه الأديان وسجلته الكتب السماوية.(1/901)
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)
1 - هل أتاك - يا محمد - حديث القيامة التى تغشى الناس بأهوالها؟ .(1/902)
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2)
2 -، 3 - وجوه يوم القيامة ذليلة، دائبة العمل فيما يتعبها ويشقيها فى النار.(1/902)
تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4)
4 - تدخل ناراً شديدة الحرارة.(1/902)
تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5)
5 - تشرب من عين تناهى حرها.(1/902)
لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6)
6 - ليس لهم طعام إلا من نوع خبيث يُعذَّب به آكله.(1/902)
لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7)
7 - لا يؤثر سمنا فى الأجسام، ولا ينفع شيئاً من جوع.(1/902)
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8)
8 -، 9، 10 - وجوه يوم القيامة ذات نضارة جزاء عملها الذى عملته فى الدنيا. راضية فى جنة مرتفعة مكاناً وقدراً.(1/902)
لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11)
11 -، 12 - لا تسمع فيها كلمات لا معنى لها ولا فائدة منها، فيها عين جارية بالماء لا تنقطع.(1/902)
فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13)
13 - فيها سرر مرتفعة مكاناً وقدراً زيادة لهم فى النعيم.(1/902)
وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14)
14 - وأكواب حاضرة بين أيديهم.(1/903)
وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15)
15 - ووسائد صف بعضها إلى جانب بعض.(1/903)
وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)
16 - وبُسط كثيرة متفرقة فى المجالس.(1/903)
أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17)
17 - أيهملون التدبر فى الآيات، فلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت خلقاً بديعاً يدل على قدرة الله؟ .(1/903)
وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18)
18 - وإلى السماء التى يشاهدونها دائماً، كيف رفعت رفعاً بعيد المدى بلا عمد؟ .(1/903)
وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19)
19 - وإلى الجبال التى يصعدون إلى قممها، كيف أقيمت شامخة، تمسك الأرض فلا تميل ولا تميد؟ .(1/903)
وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)
20 - وإلى الأرض التى يتقلبون عليها كيف بسطت ومهدت؟ .(1/903)
فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21)
21 -، 22 - فذكر بدعوتك، إنما مهمتك التبليغ، لست عليهم بمتسلط.(1/904)
إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23)
23 -، 24 - لكن من أعرض منهم وكفر، فيعذبه الله العذاب الأكبر الذى لا عذاب فوقه.(1/904)
إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25)
25 - إن إلينا رجوعهم بالموت والبعث، لا إلى غيرنا.(1/904)
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26)
26 - ثم إن علينا وحدنا حسابهم وجزاءهم.(1/904)
وَالْفَجْرِ (1)
1 - أقسم بضوء الصبح عند مطاردته الليل.(1/905)
وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)
2 - وبليال عشر مفضلة عند الله.(1/905)
وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)
3 - وبالزوج والفرد من كل شئ.(1/905)
وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)
4 - وبالليل إذ يَنْقَضى بحركة الكون العجيبة.(1/905)
هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5)
5 - هل فيما ذكر من الأشياء ما يراه العاقل قسماً مقنعاً؟(1/905)
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6)
6 -، 7 - ألم تعلم كيف أنزل ربك عقابه بعاد - قوم هود - أهل إرم ذات البناء الرفيع؟ {(1/905)
الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)
8 - التى لم يُخلق مثلها فى البلاد متانة وضخامة بناء.(1/905)
وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9)
9 - وألم تعلم كيف أنزل ربك عقابه بثمود - قوم صالح - الذين قطعوا الصخر من الجبال يبنون به القصور بالوادى؟}(1/905)
وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10)
10 - وألم تعلم كيف أنزل ربك عقابه بفرعون وجنوده الكثيرون الذين يشدون ملكه كما تشد الأوتاد الخيام؟!(1/905)
الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11)
11 - الذين تجاوزوا الحدود فى البلاد.(1/905)
فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12)
12 - فأكثروا فيها الفساد بالكفر والظلم.(1/905)
فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13)
13 - فأنزل عليهم ربك ألواناً ملهبة من العذاب.(1/906)
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)
14 - إن ربك ليرقب عمل الناس، ويحصيه عليهم، ويجازيهم به.(1/906)
فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)
15 - فأما الإنسان إذا ما اختبره ربه فأكرمه، ونعَّمه بالمال والجاه والقوة، فيقول مغترا بذلك: ربى فَضَّلَنى لاستحقاقى لهذا.(1/906)
وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)
16 - وأما إذا ما اختبره ربه بضيق الرزق فيقول - غافلا عن الحكمة فى ذلك -: ربى أهاننى.(1/906)
كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17)
17 - ارتدعوا، فليس الأمر كما تقولون. بل أنتم لا تكرمون اليتيم.(1/906)
وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18)
18 - ولا يحث بعضكم بعضاً على إطعام المساكين.(1/906)
وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19)
19 - وتأكلون المال الموروث أكلاً لمَّاً، لا تميزون فيه بين ما يحمد وما يذم.(1/906)
وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)
20 - وتحبون المال حباً كثيراً يدفعكم إلى الحرص على جمعه والبخل بإنفاقه.(1/906)
كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21)
21 - ارتدعوا عن تلك الأفعال لما ينتظركم من الوعيد إذا سويت الأرض تسوية بعد تسوية.(1/906)
وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)
22 - وجاء ربك مجيئاً يليق به سبحانه، وجاءت الملائكة صفا صفا.(1/906)
وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)
23 - وجئ يومئذٍ بجهنم دار العذاب. ويوم يحدث ذلك: يتذكر الإنسان ما فرَّط فيه، ومن أين له الذكرى النافعة، وقد فات أوانها؟(1/906)
يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)
24 - يقول نادماً: يا ليتنى قدَّمت فى الدنيا أعمالاً صالحةً تنفعنى لحياتى الآخرة.(1/906)
فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25)
25 -، 26 - فيومئذٍ تكون هذه الأحوال، لا يعذب أحد كعذاب الله، ولا يقيد أحد كقيده.(1/907)
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)
27 - يا أيتها النفس المطمئنة بالحق.(1/907)
ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28)
28 - ارجعى إلى رضوان ربك راضية بما أوتيت من النعم. مرضية بما قدَّمت من عمل.(1/907)
فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29)
29 - فادخلى فى زمرة عبادى الصالحين.(1/907)
وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)
30 - وادخلى جنتى دار النعيم المقيم.(1/907)
لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)
1 - أقسم قسماً مؤكداً بمكة البلد الحرام.(1/908)
وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2)
2 - وأنت مقيم بهذا البلد تزيده شرفاً وقدراً.(1/908)
وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3)
3 - وبوالد وما ولد وبهما حفظ النوع وبقاء العمران.(1/908)
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4)
4 - لقد خلقنا الإنسان فى مشقة وتعب منذ نشأته إلى منتهى أمره.(1/908)
أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5)
5 - أيظن الإنسان المخلوق فى هذه المشقة أن لن يقدر على إخضاعه أحد؟(1/908)
يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6)
6 - يقول: أنفقت فى عداوة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والصَّد عن دعوته مالاً كثيراً.(1/908)
أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7)
7 - أيظن أن أمره قد خفى فلم يطَّلع عليه أحد حتى من خلقه؟(1/908)
أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8)
8 -، 9 - ألم نخلق له عينين ينظر بهما؟ ولساناً وشفتين ليتمكن من النطق والإبانة؟(1/908)
وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)
10 - وبيَّنا له طريقى الخير والشر وهيَّأناه للاختيار؟(1/908)
فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)
11 - فلا انتفع بما هيَّأناه له، ولا تخطى العقبة التى تحول بينه وبين النجاة، وهى شح نفسه.(1/908)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12)
12 - وأى شئ أعلمك ما اقتحام العقبة؟!(1/908)
فَكُّ رَقَبَةٍ (13)
13 - عتق لنفس وتحريرها من العبودية.(1/909)
أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14)
14 - أو إطعام فى حالات المجاعة.(1/909)
يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15)
15 - يتيماً ذا قرابة يُواسى لرحمه وفقره.(1/909)
أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16)
16 - أو مسكيناً ذا حاجة وافتقار.(1/909)
ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)
17 - ثم كان مع ذلك من أهل الإيمان الذين يتواصون فيما بينهم بالصبر وبالرحمة.(1/909)
أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)
18 - أولئك الموصوفون بهذه الصفات هم السعداء أصحاب اليمين.(1/909)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19)
19 - والذين كفروا بما نصبناه دليلاً على الحق من كتاب وحجة هم الأشقياء أهل الشؤم والعذاب.(1/909)
عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)
20 - عليهم نار مطبقة مُغلَّقة أبوابها.(1/909)
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)
1 - أقسم بالشمس وبضوئها وإشراقها وحرارتها.(1/910)
وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2)
2 - وبالقمر إذا تبعها وخلَفها فى الإضاءة بعد غروبها.(1/910)
وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3)
3 - وبالنهار إذا أظهر الشمس واضحة غير محجوبة.(1/910)
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4)
4 - وبالليل إذا يغشى الشمس، فيغطى ضوءها.(1/910)
وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5)
5 - وبالسماء وبالقادر العظيم الذى رفعها وأحكم بناءها.(1/910)
وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6)
6 - وبالأرض وبالقادر العظيم الذى بسطها من كل جانب، وهيَّأها للاستقرار، وجعلها مهادا للإنسان.(1/910)
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7)
7 - وبالنفس ومَن أنشأها وعدَّلها بما أودع فيها من القوى.(1/910)
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)
8 - فعرفها الحسن والقبيح، ومنحها القدرة على فعل ما تريد منهما.(1/910)
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)
9 - قد فاز من طَهَّرَ نفسه بالطاعات وعمل الخير.(1/910)
وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)
10 - وقد خسر من أخفى فضائلها، وأمات استعدادها للخير.(1/910)
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11)
11 -، 12 - كذَّبت ثمود نبيها بطغيانها وبغيها، حين نهض أشقاها مريداً عقر الناقة.(1/910)
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13)
13 - فقال لهم صالح - رسول الله -: اتركوا ناقة الله تأكل فى أرض الله، واحذروا منعها الشرب فى يومها.(1/911)
فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14)
14 - فكذَّبوا رسولهم فى وعيده فعقروها، فدمر عليهم ربهم ديارهم بذنبهم، فسواها بالأرض.(1/911)
وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)
15 - ولا يخاف تبعة هذه العقوبة؛ لأنها الجزاء العادل لما صنعوا.(1/911)
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)
1 - أقسم بالليل حين يعم ظلامه.(1/912)
وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)
2 - وبالنهار إذا سطع ضوؤه.(1/912)
وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)
3 - وبالله الذى خلق الصنفين الذكر والأنثى من كل ما يتوالد.(1/912)
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)
4 - إن سعيكم لمختلِف، فمنه ما يسعد به الساعى، ومنه ما يشقى به.(1/912)
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)
5 -، 6، 7 - فأما مَن أنفق فى سبيل الله، وخاف ربه فاجتنب محارمه، وأيقن بالفضيلة الحسنى، وهى الإيمان بالله عن علم، فسنهيئه للخصلة التى تؤدى إلى يسر وراحة بتوجيهه إلى طريق الخير.(1/912)
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)
8 -، 9، 10 - وأما مَن بخل بماله فلم يؤد حق الله فيه، واستغنى به عما عند الله، وكذب بالخصلة الحسنى، فسنهيئه للخصلة التى تؤدى إلى العسر والشقاء الأبدى.(1/912)
وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)
11 - وأى شئ من العذاب يدفعه عنه ماله الذى بخل به إذا هلك؟(1/912)
إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12)
12 - إن علينا بمقتضى حكمتنا أن نبين للخلق طريق الهدى.(1/912)
وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (13)
13 - وإن لنا - وحدنا - لأمر التصرف فى الدارين.(1/913)
فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14)
14 - فَخَوَّفْتُكُم ناراً تتوقد وتتلهب.(1/913)
لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15)
15 -، 16 - لا يدخلها مخلَّدا فيها إلا الكافر الذى كذَّب بالحق وأعرض عن آيات ربه.(1/913)
وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17)
17 -، 18 - وسيُبعد عنها المبالغ الأكثر خشية لله وإعراضا عن معاصيه. الذى يعطى ماله فى وجوه اليسر يتطهر من رجس البخل ودنس الإمساك.(1/913)
وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19)
19 - وليس لأحد عند هذا المنفق من نعمة أو يد يكافأ بهما.(1/913)
إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20)
20 - لكن يعطيه ابتغاء وجه ربه الأعلى.(1/913)
وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)
21 - ولسوف ينال من ربه ما يبتغيه على أكمل الوجوه حتى يتحقق له الرضا.(1/913)
وَالضُّحَى (1)
1 - أقسم بوقت ارتفاع الشمس. والنشاط فى العمل.(1/914)
وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)
2 - وبالليل إذا سكن وامتد ظلامه.(1/914)
مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)
3 - ما تركك ربك - يا محمد - وما كرهك.(1/914)
وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)
4 - ولعاقبة أمرك ونهايته خير من بدايته.(1/914)
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)
5 - وأقسم لسوف يعطيك ربك من خيرى الدنيا والآخرة حتى ترضى.(1/914)
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6)
6 - ألم يجدك يتيماً تحتاج إلى مَن يرعاك، فآواك إلى مَن يحسن القيام بأمرك؟(1/914)
وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7)
7 - ووجدك حائراً لا تقنعك المعتقدات حولك، فهداك إلى منهج الحق؟(1/914)
وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)
8 - ووجدك فقيراً من المال فأغناك بما أعطاك من رزق؟(1/914)
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)
9 -، 10، 11 - إذا كان هذا حالنا معك، فأما اليتيم فلا تذله، وأما السائل فلا ترده بقسوة، وأما بنعمة ربك فحدِّث شكراً لله وإظهاراً للنعمة.(1/914)
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)
1 - قد شرحنا لك صدرك بما أودعنا فيه من الهدى والإيمان.(1/915)
وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2)
2 - وخففنا عنك ما أثقل ظهرك من أعباء الدعوة بمساندتك وتيسير أمرك.(1/915)
الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3)
3 - الذى أثقل ظهرك.(1/915)
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)
4 - ونوهنا باسمك، فجعلناه مذكوراً على لسان كل مؤمن مقروناً باسمنا.(1/915)
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5)
5 - تلك بعض نعمتنا عليك، فكن على ثقة من ألطافه تعالى، فإن من العسر يسراً كثيراً يحيط به.(1/915)
إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)
6 - إن مع العسر يسراً كثيراً كذلك.(1/915)
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7)
7 - فإذا فرغت من أمر الدعوة ومقتضيات الجهاد، فاجتهد فى العبادة وأتعب نفسك فيها.(1/915)
وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)
8 - وإلى ربك - وحده - فاتجه بمسألتك وحاجتك.(1/915)
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1)
1 - أقسم بالتين والزيتون لبركتهما وعظيم منفعتهما.(1/916)
وَطُورِ سِينِينَ (2)
2 - وبالجبل الذى كلَّم الله عليه موسى.(1/916)
وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)
3 - وهذا البلد - مكة - المعظمة، يشهد بعظمتها مَن زارها. الآمن مَنْ دخلها.(1/916)
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)
4 - لقد خلقنا جنس الإنسان مقوماً فى أحسن ما يكون من التعديل. متصفاً بأجمل ما يكون من الصفات.(1/916)
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)
5 - ثم أنزلنا درجته إلى أسفل سافلين لعدم قيامه بموجب ما خلقناه عليه.(1/916)
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)
6 - لكن الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحة، فلهم أجر غير مقطوع عنهم ولا ممنون به عليهم.(1/916)
فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)
7 - فأى شئ يحملك على التكذيب بالبعث والجزاء. بعد أن وضحت قدرتنا على ذلك؟ {(1/916)
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)
8 - أليس الله الذى فعل ما أنبأناك به بأحكم الحاكمين صنعاً وتدبيراً؟}(1/916)
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)
1 - اقرأ - يا محمد - ما يوحى إليك مفتتحاً باسم ربك الذى له - وحده - القدرة على الخلق.(1/917)
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)
2 - أوجد الإنسان الكامل الجسم والعلم من علق.(1/917)
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)
3 - امض فى القراءة وربك الأكرم يقدرك ولا يخذلك.(1/917)
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)
4 - الذى علَّم الإنسان الكتابة بالقلم ولم يكن يعلمها.(1/917)
عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)
5 - علم الإنسان ما لم يكن يخطر بباله.(1/917)
كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6)
6 -، 7 - حقاً إن الإنسان ليجاوز الحدود يستكبر على ربه، من أجل أن رأى نفسه ذا غنى وثراء.(1/917)
إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)
8 - إن إلى ربك - وحده - يا محمد رجوع الكل بالبعث والجزاء.(1/917)
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9)
9 -، 10 - أأبصرت هذا الطاغى الذى ينهى عبداً عن الصلاة إذا صلى؟ {(1/917)
أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11)
11 -، 12 - أخبرنى عن حال هذا الطاغى إن كان على الهدى فى نهيه، أو أمر بالتقوى فيما أمر.(1/917)
أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13)
13 - أخبرنى عن حال هذا الناهى إن كذَّب بما جاء به الرسول، وأعرض عن الإيمان والعمل الطيب.(1/917)
أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)
14 - أجهل أن الله يطلع على أحواله فيجازيه بها؟}(1/917)
كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15)
15 - ردْعاً لهذا الناهى، لئن لم ينزجر عما هو عليه لنأخذن بناصيته إلى النار بشدة.(1/918)
نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)
16 - ناصية يعلو وجه صاحبها الكذب وآثار الخطيئة.(1/918)
فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)
17 - فليطلب عشيرته وأهل مجلسه ليكونوا نصراء فى الدنيا أو فى الآخرة.(1/918)
سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)
18 - سندعو جنودنا لينصروا محمداً ومَن معه، وليدفعوا هذا الناهى وأعوانه إلى جهنم.(1/918)
كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)
19 - ردْعاً لهذا الناهى، لا تطعه فيما نهاك عنه، ودم على صلاتك وواظب على سجودك، وتقرَّب بذلك إلى ربك.(1/918)
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)
1 - إنا أنزلنا القرآن فى ليلة القدر والشرف.(1/919)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)
2 - وأى شئ أعلمك ما ليلة القدر والشرف؟!(1/919)
لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)
3 - ليلة القدر والشرف خير من ألف شهر بما اختصت به من تنزيل القرآن الكريم.(1/919)
تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)
4 - تنزل الملائكة وجبريل فيها إلى الأرض بإذن ربهم من أجل كل أمر.(1/919)
سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)
5 - أمان من الأذى والسوء، هى كذلك حتى مطلع الفجر.(1/919)
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1)
1 - لم يكن الذين كفروا بالله وبرسوله من اليهود والنصارى، ومن المشركين منصرفين عن غفلتهم وجهلهم بالحق حتى تأتيهم الحُجة القاطعة.(1/920)
رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2)
2 -، 3 - رسول مبعوث من عند الله يقرأ عليهم صحفاً مُنزَّهة عن الباطل، فيها أحكام مستقيمة ناطقة بالحق والصواب.(1/920)
وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)
4 - وما تفرق الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى. إلا من بعد ما جاءتهم الحُجة الواضحة الدالة على أن محمداً هو رسول الله الموعود به فى كتبهم.(1/920)
وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)
5 - وما كُلِّفوا بما كُلِّفوا به إلا لتكون عبادتهم لله مخلصين له الدين، مائلين عن الباطل مستقيمين على الحق، وأن يحافظوا على الصلاة ويؤدوا الزكاة، وذلك دين الملة المستقيمة.(1/920)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6)
6 - إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين فى نار جهنم يصلونها ولا يخرجون منها. أولئك هم شر الخليقة عقيدة وعملاً.(1/920)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)
7 - إن الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الأعمال الصالحة، أولئك هم خير الخليقة عقيدة وعملاً.(1/920)
جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)
8 - جزاؤهم فى الآخرة على ما قدموا من الإيمان والأعمال الصالحة، جنات إقامة تجرى من تحتها الأنهار ماكثين فيها أبداً، قَبِلَ الله أعمالهم، وشكروا إحسانه إليهم. ذلك الجزاء لمَن خاف عقاب ربه، فآمن وعمل صالحاً.(1/921)
إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)
1 - إذا حُرِّكت الأرض حركة شديدة، واضطربت أقوى ما يكون من التحريك والاضطراب الذى تطيقه وتحتمله.(1/922)
وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)
2 - وأخرجت الأرض ما فى بطنها من الكنوز والموتى.(1/922)
وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3)
3 - وقال الإنسان فى دهشة وخوف: ما للأرض تتزلزل، وتخرج ما فى بطنها. جاءت الساعة؟!(1/922)
يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)
4 -، 5 - يومئذٍ تُحَدِّث الأرض الإنسان أخبارها التى أفزعته بأن ربه وخالقه أوحى لها: أن تتزلزل وتضطرب، فسارعت إلى امتثال أمره.(1/922)
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6)
6 - يومئذٍ يخرج الناس من قبورهم سراعاً متفرقين، ليتبيَّنوا حسابهم وجزاءهم الذى وعدهم الله به.(1/922)
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)
7 - فمن يعمل زنة ذرة من التراب خيراً. يره فى صحيفته ويلق جزاءه عليه.(1/922)
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)
8 - ومن يعمل زنة ذرة من التراب شراً. يره كذلك، ويلق جزاءه ولا يظلم ربك أحداً.(1/922)
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)
1 - أقسم بخيل الجهاد المسرعات، يسمع لأنفاسها صوت هو: الضبح.(1/923)
فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2)
2 - بالخيل التى تخرج شرر النار من الأرض بوقْع حوافرها واندفاعها فى سيرها.(1/923)
فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3)
3 - بالخيل التى تغير على العدو قبل طلوع الشمس.(1/923)
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4)
4 - فأثارت هذه الخيل فى مواقع العدو غباراً كثيفاً لا يشق.(1/923)
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)
5 - فجعلن الغبار يتوسط جمع العدو حتى يصيبه الرعب والفزع.(1/923)
إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)
6 - إن الإنسان لنعم ربه التى لا تحصى لشديد الكفران والجحود.(1/923)
وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7)
7 - وإنه على ذلك فى الآخرة لشهيد على نفسه معترف بذنوبه.(1/923)
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)
8 - وإنه لحبه المال وحرصه عليه لبخيل به لا يؤدى ما وجب فيه.(1/923)
أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9)
9 -، 10 - أجهل عاقبة أمره فلا يعلم إذا نُشِر ما فى القبور من أجساد، وجُمِع ما فى الصدور - وقد سُجل فى صحفهم - من خير اكتسبوه وشر اقترفوه.(1/923)
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)
11 - إن ربهم وخالقهم - بأعمالهم وجزائهم يوم البعث والحساب - لخبير.(1/923)
الْقَارِعَةُ (1)
1 - هى القيامة التى تبدأ بالنفخة الأولى، وتنتهى بفصل القضاء بين الناس.(1/924)
مَا الْقَارِعَةُ (2)
2 - أى شئ عجيب - هى - فى ضخامتها وخطرها وفظاعتها؟ {(1/924)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3)
3 - أى شئ أعلمك ما شأن القارعة فى هولها على النفوس؟}(1/924)
يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4)
4 - هى كائنة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث كثرة وتدافعاً يميناً وشمالاً ضعيفاً ذليلاً.(1/924)
وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5)
5 - وتكون الجبال كالصوف الملون المنفوش فى تفرق الأجزاء والتطاير فى الجو هنا وهناك.(1/924)
فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6)
6 -، 7 - فأما مَن ثقلت موازينه فرجحت حسناته على سيئاته، فهو فى عيشة يرضاها صاحبها تطيب نفسه بها.(1/924)
وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8)
8 -، 9 - وأما مَن خفت موازينه فرجحت سيئاته على حسناته، فمأواه جهنم.(1/924)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10)
10 - وما أعلمك ما الهاوية؟!(1/924)
نَارٌ حَامِيَةٌ (11)
11 - نار حامية لا تبلغ حرارتها أية نار مهما سُعِّرت وألقى فيها من وقود.(1/924)
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)
1 -، 2 - شغلكم عن الواجبات والطاعات تباهيكم بالأولاد والأنصار، وتفاخركم بالأموال والأحساب والأنساب حتى أصابكم الموت.(1/925)
كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3)
3 - حقا سوف تعلمون عاقبة سفهكم وتفريطكم.(1/925)
ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)
4 - ثم حقا سوف تعلمون حتماً تلك العاقبة.(1/925)
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5)
5 - حقا لو تعلمون يقيناً سوء مصيركم لفزعتم من تكاثركم وتزودتم لآخرتكم.(1/925)
لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6)
6 - أقسم لكم وأؤكد - أيها الناس - أنكم ستشاهدون النار الموقدة.(1/925)
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7)
7 - ثم أقسم وأؤكد أنكم ستشاهدونها عياناً ويقيناً.(1/925)
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)
8 - ثم أقسم وأؤكد أنكم ستحاسبون على ألوان النعيم الذى أُترفتم فيه واستمتعتم به، ولم تؤدوا فيه حق لله.(1/925)
وَالْعَصْرِ (1)
1 - أقسم بالزمان لكثرة ما انطوى عليه من عجائب وعبر.(1/926)
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)
2 - إن كل إنسان لفى نوع من الخسران. لما يغلب عليه من الأهواء والشهوات.(1/926)
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
3 - إلا الذين آمنوا بالله وعملوا الصالحات، وأقاموا على الطاعات، وأوصى بعضهم بعضا بالتمسك بالحق اعتقادا وقولاً وعملاً، وأوصى بعضهم بعضا بالصبر على المشاق التى تعترض مَن يعتصم بالدين، فهؤلاء ناجون من الخسران. مُفلحون فى الدنيا والآخرة.(1/926)
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)
1 - عذاب شديد وهلاك لمن دأبه أن يعيب الناس بالقول أو بالإشارة أو يتكلم فى أعراضهم.(1/927)
الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2)
2 - الذى جمع مالاً كثيرا وأحصى عدَّه مرة بعد أخرى حبا له، وتلذذا بإحصائه. دون أن يؤدى فيه حق الله تعالى.(1/927)
يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)
3 - يظن أن ماله يخلده فى الدنيا ويدفع عنه ما يكره.(1/927)
كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)
4 - ليرتدع عن هذا الظن، والله ليطرحن - لسوء عمله - فى النار التى تحطم كل ما يلقى فيها.(1/927)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5)
5 - وأى شئ أعلمك ما حقيقة هذه النار الحطمة؟(1/927)
نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6)
6 - نار الله المسعَّرة بأمره الموقدة دائما.(1/927)
الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)
7 - التى تصل القلوب وتُحيط بها.(1/927)
إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8)
8 -، 9 - إنها عليهم مغلَّقة الأبواب، وهم موثقون فيها مشدودون إلى عُمُدٍ ممدودة. فلا حركة لهم فيها ولا خلاص لهم منها.(1/927)
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)
1 - قد علمت - يا محمد - علماً لا يخالطه شك فِعْل ربك بأصحاب الفيل؛ الذين قصدوا الاعتداء على البيت الحرام.(1/928)
أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2)
2 - قد علمت أن الله قد جعل سعيهم لتخريب الكعبة فى تضييع وإبطال، فخيب مسعاهم، ولم ينالوا قصدهم.(1/928)
وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3)
3 - وسلَّط الله عليهم من جنوده طيرا أتتهم جماعات متتابعة وأحاطت بهم من كل ناحية.(1/928)
تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)
4 - تقذفهم بحجارة من جهنم.(1/928)
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)
5 - فجعلهم كورق زرع أصابته آفة فأتلفته.(1/928)
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)
1 -، 2 - أعجبوا لما يَسَّرْتُ لهم رحلة الشتاء إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى الشام فى اطمئنان وأمن للاتجار وابتغاء الرزق.(1/929)
فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)
3 - فليخلصوا العبادة لرب هذا البيت الذى مكَّنهم من هاتين الرحلتين.(1/929)
الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)
4 - الذى أطعمهم من جوع وهم بواد غير ذى زرع، وآمنهم من خوف والناس يُتَخطَّفون من حولهم.(1/929)
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1)
1 - أَعَرَفْت الذى يكذب بالجزاء والحساب فى الآخرة؟(1/930)
فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2)
2 -، 3 - إن أردت أن تعرفه فهو الذى يدفع اليتيم دفعا عنيفا، ويقهره ويظلمه، ولا يحث على إطعام المسكين.(1/930)
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)
4 -، 5 - فهلاك للمصلين المتصفين بهذه الصفات الذين هم عن صلاتهم غافلون غير منتفعين بها.(1/930)
الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6)
6 - الذين هم يظهرون للناس أعمالهم لينالوا المنزلة فى قلوبهم والثناء عليهم.(1/930)
وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)
7 - ويمنعون معروفهم ومعونتهم عن الناس.(1/930)
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)
1 - إنا أوليناك الخير الكثير الدائم فى الدنيا والآخرة.(1/931)
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)
2 - وإذا أعطيت ذلك فَدُمْ على الصلاة لربك خالصة له، وانحر ذبائحك شكرا لله على ما أولاك من كرامة، وخصَّك من خير.(1/931)
إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
3 - إن مَن يكرهك هو المنقطع عن كل خير.(1/931)
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)
1 - قل - يا محمد -: يا أيها الكافرون المصرون على كفرهم.(1/932)
لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)
2 - لا أعبد الذي تعبدون من دون الله.(1/932)
وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)
3 - ولا أنتم عابدون الذى أعبد، وهو الله وحده.(1/932)
وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4)
4 - ولا أنا عابد مثل عبادتكم لأنكم مشركون.(1/932)
وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5)
5 - ولا أنتم عابدون مثل عبادتى لأنها التوحيد.(1/932)
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
6 - لكم دينكم الذى اعتقدتموه، ولى دينى الذى ارتضاه الله لى.(1/932)
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)
1 - إذا تحقق نصر الله والفتح لك وللمؤمنين.(1/933)
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)
2 - ورأيت الناس يدخلون فى دين الله جماعات جماعات.(1/933)
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)
3 - فاشكر ربك، وسبح بحمده. واطلب مغفرته لك ولأمتك. إنه كان تَوَّابا كثير القبول لتوبة عباده.(1/933)
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)
1 - هلكت يدا أبى لهب اللتان كان يؤذى بهما المسلمين، وهلك معهما.(1/934)
مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)
2 - ما دفع عنه عذاب الله ماله الذى كان له، ولا جاهه الذى كسبه.(1/934)
سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)
3 - سيدخل نارا مشتعلة يحترق فيها.(1/934)
وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)
4 - وستدخل امرأته حَمَّالة النميمة بين الناس النار كما دخلها.(1/934)
فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
5 - فى عنقها حبل من ليف للتنكيل بها.(1/934)
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)
1 - قل - يا محمد - لمن قالوا مستهزئين: صف لنا ربك: هو الله أحد لا سواه، ولا شريك له.(1/935)
اللَّهُ الصَّمَدُ (2)
2 - الله المقصود - وحده - فى الحوائج والمطالب.(1/935)
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)
3 -، 4 - لم يتخذ ولدا، ولم يولد من أب أو أم، ولم يكن له أحد شبيها أو نظيرا، وليس كمثله شئ.(1/935)
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)
1 - قل أعتصم برب الصبح الذى ينجلى الليل عنه.(1/936)
مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)
2 - من شر كل ذى شر من المخلوقات التى لا يدفع شرها إلا مالك أمرها.(1/936)
وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)
3 - ومن شر الليل إذا اشتد ظلامه.(1/936)
وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)
4 - ومن شر من يسعى بين الناس بالإفساد باستخدام السحر.(1/936)
وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
5 - ومن شر حاسد يتمنى زوال النعمة عن غيره.(1/936)
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)
1 - قل: أعتصم برب الناس ومدبِّر شئونهم.(1/937)
مَلِكِ النَّاسِ (2)
2 - مالك الناس ملكاً تاماً حاكمين أو محكومين.(1/937)
إِلَهِ النَّاسِ (3)
3 - إله الناس القادر على التصرف الكامل فيهم.(1/937)
مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4)
4 - من شر الموسوس للناس الذى يمتنع إذا استعنت عليه بالله.(1/937)
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)
5 - الذى يُلقى - فى خفية - فى صدور الناس ما يصرفها عن سبيل الرشاد.(1/937)
مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
6 - من الجن والإنس.(1/937)