{فأصحاب الميمنة} [سورة الواقعة: 8] وهم الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم، مبتدأ خبره {ما أصحاب الميمنة} خبره {ما أصحاب الميمنة} والتكرير يعني: تكرير الخبر بلفظ المبتدأ لا شك أنه لتعظيم، لتعظيم شأنه، فإذا كررت المبتدأ أو الخبر بنفس المبتدأ لا شك أن هذا يدل على تعظيم شأنه، وكذا لو كررت جواب الشرط بنفس لفظ فعل الشرط، ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله)) هذه تعظيم شأن الهجرة إلى الله ورسوله، لكن بالمقابل ((من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) ما كلف، لأن الهجرة لدينا أو للمرأة لا يستحق التعظيم، بل هو مستحق للذم، والسياق سياق ذم، قد يقول قائل مثلا: لماذا يذم من انتقل من بلد من إلى بلد من أجل أن يتزوج امرأة، أومن أجل أن يضارب في التجارة هل يذم من فعل ذلك؟ بحث عن زوجة في بلده فلم يجد فنتقل إلى بلد أخر عله أن يجد زوجة يذم وإلا ما يذم؟ هذا ما يذم، ومثله من ضاقت به المسالك في بلده في تجارته ما في عمل في بلده فنتقل إلى بدل أخر ونحن نرى الناس من غير ما. . . . . . . . . ينتقلون من بلد إلى بلد تبعا للوظائف، ولا أحد ينكر عليهم، نعم لمجرد الهجرة لمجرد الزوجة، أو لمجرد الدنيا هذا ما يلام صحابه قد فعل مباحا، لكن من هاجر من أجل الدنيا أو من أجل امرأة يتزوجها، وأظهر للناس، وأظهر للناس، أنه هاجر إلى الله ورسوله هذا الذي يذم، هذا الذي يذم، كما في القصة المعروفة في مهاجر أم قيس، يعني نقول ذلك لو استطردنا قليلا لكن التوضيح بالأمثلة مهم جدا لأن هذا قد يقول قائل الناس كلهم يسافرون من أجل التجارة من أجل الزواج حتى من أهل العلم من يفعل هذا، هل العلماء ينقلون من وظائفهم من مكان إلى مكان أو ينتقلون تبع لوظائفهم ولا أحد يلومهم، نقول: نظير ذلك من دخل قبل آذان المغرب في يوم الاثنين ومعه كيس فيه التمر، وفيه الماء، وفيه القهوة، وفيه أشياء قبل أذان المغرب بنصف ساعة وصلى بسط السماط ووضع التمر والقهوة والفناجيل والماء ومدري أيش والمناديل، وكل من دخل من باب المسجد تفضل يا أبو فلان افطر معنا، فلما أذن قال: بسم الله وأكل من التمر وشرب من القهوة، الرجل ما(24/14)
صام ولا في أحد يقول أن الأكل في مثل هذا الوقت في هذا المكان محرم، مباح الأكل، في المسجد وفي هذا الوقت مباح، لكن ما الذي أظهره لناس؟ أظهر لناس أنه صائم، فهو يذم من هذه الحيثية وأما مجرد الأكل في المسجد ما في إشكال مباح، وكذلك الأكل مع الأذان ما في إشكال، ولو أكل بعده أو قبله لا يختلف إلا إذا أظهر للناس سواء كان بمقامه، أو بحاله ولسان حاله فإنه منهم، وهكذا من هاجر إلى دنيا يصيبها وامرأة يتزوجها، وأظهر للناس أنه مهاجر إلى ورسوله، طيب هاجر من بلد إلى بلد يريد أن يتزوج، وقال للناس والله أنا بانتقل من هذا البلد، هذا كثرت فيه المعاصي والمنكرات، أنتقل إلى بلد المنكرات فيه تقل، والإخوان فيه كثر هناك يعينونك على الطاعة، هذا الذي أظهره للناس، هذا يذم من هذه الحيثية، وقس على هذا تصرفات كثيرة تشبه هذا التصرف، ويقع فيها كثير من الناس بحيث يشعر أو لا يشعر، {ما أصحاب الميمنة} تعظيم لشأنهم بدخولهم الجنة، لاشك أن من دخل الجنة، من زح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، فقد فاز، بعض الناس يستهين بأمر النار ويقول مادام الإيمان موجود أصله موجود والمعاصي لا توجب الخلود في النار فالأمر فيه سعة، هل يصبر على النار ولو لحظة؟ يختبر نفسه لا يمس نار، يأتي لمبة من اللمبات التي مشغلة من ربع ساعة أو خمس دقائق فيلمس يمس يكفي هذا، هل يستطيع أن يصبر أويثبت هل يستطيع أن يضع أصبعه على شيء حار، والله لا يستطيع، هل يستطيع أن يمشي حافي على الإسفلت في صلاة الظهر؟ ما يستطيع، البلدان تتفاوت لكن بلدان أمرها عظيم، إذا سرق الحذاء في صلاة الظهر خلاص يجلس في المسجد، أو العصر، وبعض الناس لا يطيق ذلك في صلاة المغرب والعشاء، لا يطيق؛ لأنه مترف فمثل هذه الأمور يؤاخذ عليها النطق بمثل هذه الأمور يؤخذ عليها أقل المشركين عذاب أبو طالب بشفاعة النبي -عليه الصلاة والسلام-، عليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه، فكيف بمن يغمس كله في النار على ما سيأتي - نسأل الله السلامة والعافية-.(24/15)
فالنطق بمثل هذا أمره عظيم، ومن يصبر على البلاء، من يصبر على البلاء؟ لو بات ليله وعرق في بدنه تغير عن وضعه الطبيعي يمكن يتمنى الموت من أجله، يتمنى مفارقة الحياة من أجله، أو صداع أو غير ذلك، يعني هناك أمراض في عرف الناس ليست شديدة، بل لا يزار من أبتلي بها كالزكام مثلا، لكن هل الوضع طبيعي مع الزكام؟ فيتغير كل شيء في الحياة، وهو زكام يعني يوم ثلاثة في الغالب ينتهي، فكيف بغيره، لو قطع منك أصبع وذلك النعم الموجودة في أبداننا لا نقدرها، لا يقدرها ألا من فقدها، وفي الحديث الصحيح: ((يصبح على سلاما كل واحد منكم صدقة)) السلاما المفاصل، يحتاج كل مفصل إلى صدقة شكر لهذا النعمة، طيب المفاصل تروح تتحرك على ما يريده الإنسان، طبيعي تتحرك لكن أنت تتصور إن أصبع عندك واحد لا تستطيع أن تثنيه، تعاني من هذا الأصبع من هذا الأصبع مالا يدركه إلا من ابتلي به، لو أن الرجل إذا مددت لا تنفك أو اليد تعبت تعبا شديدا بسببه ولذلك على الإنسان أن يشكر هذه النعم، والله -جل وعلا- يقبل القليل ويثيب عليه، يثيب عليه الثواب الجليل، إلى أن قال: ((ويكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى)) بدقيقتين ما تحتاج إلى أن تكلف نفسك، أو تسبح، وتهلل وتكبر ثلاثمائة وستين هذي أمرها يسير، فعلى الإنسان أن يهتم لهذه الأمور يعني الاستخفاف بهذه العقوبات أمور أهوال يعني ما قرأنا في كلام أهل العلم الشارح من الكتاب والسنة، يعني: في القرآن ما يغني عن غيره، وفي السنة أيضا ما يجعل الإنسان يعش خائفا وجلا، خوف لا يوصله إلى حد اليأس والقنوط بل يبعثه على العمل، لو قرأنا في سير الصالحين من سلف هذا الأمة عرفنا أن من كان بالله أعرف كان منه أخوف.
النبي - عليه الصلاة والسلام- كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ويصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل، والواحد منا يقول: إذا ما كان هناك خلود في النار والمآل إلى الجنة لماذا لا نستمتع، هذا كلام لن يصدر عن عقل فضلا عن دين، فإن الإنسان لو وضع يده على شيء في الشمس ما استطاع أن يصبر عليه، - والله المستعان-.(24/16)
{وأصحاب المشأمة} الشمال بأن يؤتى كل منهم كتابه بشماله، في مقابل أصاب الميمنة، {ما أصحاب المشأمة} ما أصحاب الميمنة تعظيم لشأنهم وما أصحاب المشأمة تحقير لشأنهم، وألئك تعظيم شأنهم بدخولهم الجنة، وهؤلاء تحقير شأنهم بدخولهم النار، - نسأل الله السلام والعافية – {والسابقون}، الآن الترتيب أحيانا يكون على سبيل التدلي، وأحيانا يكون عل سبيل الترقي، سبيل التدلي من الأسفل إلى الأعلى، من الأعلى إلى الأسفل هذا التدلي، والترقي من الأسفل إلى الأعلى، والذي عندنا بالنسبة للفظ الكلام المجمل، ما في ترتيب لأنه ذكر أصحاب الميمنة ثم أصحاب المشأمة ثم ذكر السابقين، يعني: لو كان على سبيل الترقي لذكر أصحاب المشأمة، ثم أصحاب الميمنة، ثم السابقين، ولو كان على سبيل التدلي لذكر السابقين، ثم أصحاب الميمنة، ثم أصحاب المشأمة، يعني: هناك لف ونشر، اللف حصل في أول الكلام {أصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة، والسابقون} هذا لف، نشره فيما بعد؛ لأنه بدأ بشرح أحوال السابقين، ثم ثنى بشرح حال أصحاب اليمين، ثم ثلث بحال أصحاب الشمال، يعني: لو كان ترتيب النشر التفصيلي على نفس ترتيب الإجمال قلنا: لف ونشر مرتب، وإذ اختل الترتيب قال أهل العلم: إنه لف وترتيب مشوش، يعني: يختلف عن ترتيب الإجمال، ابن القيم - رحمه الله تعالى- في كتابه طريق الهجرة ذكر الأصناف، ذكر الأصناف الثلاثة، وشرح البرنامج اليومي الذي يسيرون عليه كأنه واحد منهم، فشرح حال المقربين من الاستيقاظ إلى النوم، وشرح حال أصحاب اليمين الذين هم الأبرار من الاستيقاظ إلى النوم، ولما شرح الحال، حال المقربين ذكر أنه لم يشم لهم رائحة، لأن البرنامج الذي ذكره كأنه يحكي طريقته وخطته، هذا ليس بلازم عن أن الإنسان يتحدث عن ما يعرف ويكون مطبق له بحذافيره، قد يكون مقصر ومع ذلك ابن القيم معروف بالعباد، ومعروف بالإخلاص، روائح الإخلاص تشم من ثنايا كلامه، لكن مع ذلك قال: أنه ما شم لهم رائحة ولا شك أن هذا لا سبيل التواضع.
والله ما خوف الذنوب ... وإنها على سبيل العفو والغفران
لكن خوفي أن يزيغ القلب ... عن تحكيم هذا الوحي والقران(24/17)
أنت ما تخاف من المعصية في مقابل الشرك، لكنك تخاف المعصية بعتبار عظم من عصيت، لكن إذا قارنتها بالشرك هانت، لكنها بالنسبة إلى من عصيت أمرها عظيم، شرح حال المقربين، أنا أتمنى من كل واحد من الأخوان أن يرجع إلى هذا الكلام في طريق الهجرتين، شرح البرنامج خطة يسيرون عليها، ثم شرح حال الأبرار ومنهجهم الذي يسيرون عليه، ثم شرح أحوال طبقات الأخرى، يرجع إليها في هذا الكتاب النفيس، الجامع، النافع، الماتع، فهو من أنفس كتب ابن القيم -رحمه الله تعالى- وكل ما كتبه نفيس -رحمه الله-.
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - في قوله -جل وعلا-: {والسابقون السابقون} [سورة الواقعة: 10]، قال: والسابقون إلى الخير وهم الأنبياء مبتدأ السابقون تأكيد لتعظيم شأنهم، يعني تأكيد لفظي، {أولئك المقربون*في جنات النعيم} [سورة الواقعة: 11 - 12] السابقون إلى الخير الممتثلين لقوله -جل وعلا-: {سابقوا، سارعوا} وتجد بعض الناس يسمع الإقامة وكأنه لا يسمع، وقد وجد من سلف هذه الأمة من يقول: "إن من لا يحضر إلى المسجد حتى يدعا إنه لرجل سوء"، ما يحضر حتى يدعا حي على الصلاة حي على الفلاح، وتجد من يسمع الإقامة وكأنه لا يسمع، فإذا سمعت الأمر الإلهي فبادر للتطبيق، وإذا سمعت النهي فبادر بالترك ممتثلا.(24/18)
{سابقو، وسارعوا} لتكون ممن ينطبق عليه هذا الوصف، السابقون السابق من سبق غيره، سبق غيره، وإذا نظرنا إلى الأنبياء الذين خصهم المفسر بهذا الوصف، رأينا هم قد سبقوا غيرهم وهذا سبق مطلق، وهناك سبق نسبي، كسبق أبي بكر إلى الإسلام، وسبق خديجة، وسبق علي، سبق بلال، هؤلاء سابقون، وقد جاء وصف من صلى إلى القبلتين بالسابقين الأولين، على خلاف بين أهل العلم في المراد بالسابقين الأولين، فهم سابقون، وعلى قول المؤلف يخرجهم من السبق الذي وصفهم الله به في القرآن، السبق أمر نسبي فكل من سبق غيره إلى الخير وإلى ترك ما نهي عنه فهو سابق، فالسبق المطلق لا شك أنه للأنبياء، وهناك سبق نسبي، يتصف به من يسارع إلى الاستجابة للأنبياء، فهم سابقون وهناك الأولية المطلقة، والأولية النسبية وهذا معروف في لغة العرب ونصوص الشرع، يعني: حينما يقول في صلاة الكسوف: "صلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، صلاة الكسوف فقام قيام طويلا نحو من سورة البقرة، يعني نحوا من سورة البقرة، هذا طويل يعني: بقراءة النبي -عليه الصلاة والسلام-، نحتاج إلى ساعة أو أكثر، ثم ركع ركوعا طويلا، ثم قام رفع من الركوع فقام قيام طويلا دون القيام الأول"، الأول هنا أولية مطلقة وإلا نسبية؟ مطلقة؛ لأنه لم يتقدمه شيء، ثم ركع، ثم رفع، ثم سجد، سجدتين طويلتين قال في الركع الثاني دون الركوع الأول، في السجود الثاني دون السجود الأول، لكن في الركعة الثانية، قام إلى الركعة الثانية وقد تقدم قيامان، وركوعان، وسجودان، فقال: " قام قيام طويلا دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قيام طويلا دون القيام الأول"، الآن الأول ما المراد به؟ هل المراد به الأولية المطلقة، فتكون الثلاثة القيامات والثلاثة الركوعات، والثلاث السجدات متساوية، لأنها كلها تتصف بأنها دون الأولية أولية مطلقة، أو أن الصلاة متدرجة، القيام الأول أطول ثم الذي يليه، ثم الذي يليه، وهكذا الركوع والسجود؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم
طالب:. . . . . . . . .(24/19)
لا أهل العلم يقررونه نسبي لأن صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- على هذه الطريقة جاءت فكل قيام دون الذي قبله، وكل ركوع دون الذي قبله، فالذي يلي سابق بالنسبة للذي يليه، والذي يليه مسبوق بالنسبة للذي قبله، فالسبق نسبي، فالأنبياء هم السابقون سبقا مطلقا، سبقا مطلقا، وأول من آمن به الزمرة التي هي أول من يؤمن بالأنبياء هم السابقون، سبقا نسبيا بالنسبة لمن تأخر عنه، ومعنى كلمة سلف، يعني: مضى وسبق غيره ممن خلف، ومعلوم أن هذا المصطلح السلفي يمتد إلى نهاية القرن الثالث المنصوص عليه بقوله: ((خيركم قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم))، والخلاف في الرابع، وعلى كل حال حتى القرن مختلف فيه، هل المراد بأربعين سنة أو سبعين سنة أو مائة سنة، لكن الذي قرر ابن حجر القرون المفضلة التي تنتهي على رأس مائتين وعشرين من الهجرة، فهؤلاء سابقون لمن جاء بعدهم، فالسبق نسبي والمراد به: من اتصف به ولو تأخر زمانه على ما يختاره كثير من أهل العلم، إذا اتصف بهذا الوصف، وهو المسابقة والمسارعة، وإذا قلنا: أن المراد بالسابقين هم المقربون، هم المقربون قلنا: أن من المقربين من تقدم زمنه ومنهم من تأخر وسيأتي في قوله {ثلة من الأولين* وقليل من الآخرين} [سورة الواقعة: 13 - 14]، دل على أن السابقين لا يختصون بالأنبياء، لا يختص وصف السابقين بالأنبياء؛ لأنه قال: والسابقون إلى الخير وهم الأنبياء مبتدأ السابقون تأكيد لتعظيم شأنهم، أولئك المقربون. المقربون موجودون على مر العصور وهم من عمل بعملهم، من فعل المأمورات سواء كانت على سبيل الإلزام أو على سبيل الندب، وترك المحظورات سواء كان على سبيل الإلزام أو على سبيل الكراهية، من طبق هذا يستحق هذا الوصف، يستحق هذا الوصف لاسيما إذ اتصف بالمبادرة، مجرد ما يسمع الأمر يمتثل، ومجرد ما يسمع النهي يكف هذا يستحق أن يوصف بأنه سابق وأنه مقرب، وقوله {ثلة من الأولين* وقليل من الآخرين} حتى على اختياره هو في قوله: {ثلة من الأولين} مبتدأ أي: جماعة من الأمم الماضية. هل هذا الكلام يدل على اختصاص الأنبياء؟ جماعة من الأمم الماضية، وقليل من الآخرين من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهم السابقون من(24/20)
الأمم الماضية وهذه الأمة، يعني: كلامه يؤيد بعضه بعضا أو يرد بعضه على بعض؟ يرد بعضه على بعض؛ لأن كلامه {ثلة من الأولين} جماعة من الأمم الماضية، يعني المقصود بهم أنبياء الأمم الماضية فقط؟ أو ممن تبعهم واتصف بهذا الوصف، {وقليل من الآخرين} من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقال: {وقليل من الآخرين} وهم محمد -صلى الله عليه وسلم-، وثلة من الأولين جماعة الأنبياء السابقين، {وقليل من الآخرين} هم محمد -صلى الله عليه وسلم- كان كلامه يشهد بعضه لبعض لكنه قلق ما يمكن أن يفسر الكلام بهذا، لكن مع ذلك قوله: وهم الأنبياء قول ضعيف، والأنبياء وإن اتصفوا بهذا الوصف، وهم أحق الناس بهذا الوصف إلا أن الأمر لا يقتصر عليهم، بل كل من سبق إلى استجابة للأنبياء، وسبق وبادر إلى فعل الخيرات واجتناب المنكرات والمحظورات فإنه يستحق أن يوصف بأنه من السابقين، {ثلة من الأولين} يقول: مبتدأ خبره {على سرر موضونة} [سورة الواقعة: 15]، {ثلة من الأولين} مبتدأ أي: جماعة من الأمم الماضية، وقليل من الآخرين أي من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهم السابقون من الأمم الماضية وهذه الأمة، والخبر على سرر موضونة. هذا قول أن المراد ثلة أي جماعة من الأولين، والقلة من الآخرين من هذه الأمة يدل على أن من اتصف بهذا الوصف من الأمم السابقة لاسيما إذا نظرنا إلى المجموع من آدم إلى عيسى -عليه السلام-، يعني من سابق إلى الإيمان بهم والتصديق وإتباعهم أكثر ممن سابق وسارع في هذه الأمة، يعني: إذا نظرنا إلى الأفراد فإن هذا الكلام ليس بصحيح، وأن أتباع كل نبي السابقون فيهم أكثر من السابقين في هذه الأمة فهذا الكلام ليس بصحيح؛ لأنه يأتي النبي ومعه الرهط، ويأتي النبي ومعه الرجل والرجلان، ويأتي النبي وليس معه أحد، هل نقول أن أتباع الأنبياء ممن سارع إلى التصديق بهم كل واحد بعينة أسرع أكثر ممن سارع إلى التصديق بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني إذا نظرنا إلى المجموع، مجموع الأمم السابقة وقارنا السابقين منهم مع السابقين ممن آمن بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، صار للنظر مجال، أما إذا نظرنا إلى أفرادهم فلا، على أن من أهل العلم من يرجح أن الثلة من(24/21)
الأولين، والقليل من الآخرين كلهم من هذه الأمة، فالثلة من الأولين من الصدر الأول من هذه الأمة في الصحابة، والتابعون، المقربون كثيرة، لأن العلم فهيم أكثر، والعمل فيهم أكثر، بينما المقربون السابقون في آخر هذه الأمة أقل بكثير، لأنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، فمازال الخير ينقص وإن كان باقيا إلى قيام الساعة، وأنه يوجد قليل بالنسبة لمن تقدم ممن يتصف بهذا الوصف من هذه الأمة، ولا شك أن من يتصف بهذا الوصف يتمسك ويعتصم بالكتاب والسنة في الأزمان التي كثرت فيها الفتن والمنكرات، لا شك أن أمره عظيم وشأنه كبير وأجره لا شك أنه عظيم جدا ولذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داوود وهو حديث حسن: ((أن للعامل في آخر الزمان عند تغير الناس أجر خمسين من الصحابة؛ لأنهم قالوا: منا يا رسول أو منهم قال: بل منكم))؛ لأنه لا يجد من يعنيه، والفتن كثير والمغريات أكثر، بيمنا لا يوجد مغريات في الوقت السابق، نعم يوجد هواء ونفس وشيطان، لكن المغريات إلى أن فتحت الدنيا على الناس، قبل ثلاثين سنة فأمر الناس عن الجادة في الجملة، نعم الخير كثير الآن بل لو قال أحد إن الإقبال على الدين والإقبال على العلم أكثر من ذي قبل لما بعد، لكن العبرة بالعمل، يعني: يوجد علم لكن العمل قليل، بيمنا هو في السابقين العمل كثير، وإذا قارنا بين حال أهل العلم من سلف هذه الأمة وممن جاء بعدهم كما قرر ذلك الحافظ بن رجب في فضل علم السلف على الخلف، وجدنا أن العلم يكثر في المتأخرين من جهة القدر، الكم، وأما بالنسبة للكيف، فهو عند السلف أكثر، تجد كلام السلف قليل جدا كلمات معدودة لكنها كافية شافية، بينما الكلام كثير عند المتأخرين، ولكن يمكن أن يستغنى ببعضه عن بعض، يقرر الحافظ بن رجب -رحمه الله- أن من فضل عالم على غيره لكثرة كلامه فقد أجرى بسلف هذه الأمة، فقد أجرى بسلف هذه الأمة، يعني: لو قارنت بين العلماء في زماننا تجد منهم من يتكلم على الآية أو على الحديث بكلمات معدودة لكنها تكفي السامع وتشفيه، ومنهم من يطلق ويتكلم بكلام كثير جدا لكن تجد أكثره مكرر وفائدته قليلة، وهذا وصف علم السلف بالنسبة لعلم الخلف، قد(24/22)
يقول قائل: إن الناس احتاجوا إلى شيء من البسط والتفصيل ولذا يجيب شيخ الإسلام عن بعض الفتاوى بمائتي صفحة فتوى واحدة يكتبها مائة صفحة في جلسة والإمام أحمد يكتبها بكلمة، أو جملة، هل نقول أن شيخ الإسلام أعلم من الإمام أحمد؟ أبو بكر يفتي بكلمة أو يتوقف، وكذلك الصحابة ومن تبعهم بإحسان هذه طريقتهم، لكن كثر العلم وفرع وشقق، ومع ذلك صار على حساب العمل، صار على حساب العمل، - الله المستعان -، {قليل من الآخرين}، إذا قرن أن الثلة والقليل كلهم من هذه القلة، فمرده إلى هذا، وهو أنهم في أول الأمر على الجادة، وعلى قرب عهد بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، والمؤثرات قليلة والاختلاط بالأمم الأخرى قليل، بينما المؤثرات كثيرة، وزمان المتأخر ولذا تجدون والقلوب بين أصعبين من أصابع الرحمن تجد الإنسان اليوم على الجادة لكن من الغد أو بعد مدة تستنكر هذه الإنسان لاسيما إذا غاب عنك مدة ولو يسيرة، تجد فرق بين ما كان يعمله في العام الماضي، وما يعمله في هذه السنة، وكل إنسان يلمس هذا من نفسه، إلا من من الله عليه بتوبة ورجعة صادقة، تجده في يومه أفضل من أمسه وهكذا، لكن الكثير والغالب العكس، كل واحد منا ينظر إلى نفسه ويقارن بين حاله الآن وبين قبل عشرين سنة، كنا إذا سمعنا القرآن قبل عشرين سنة تجد البكاء كثير بين الناس فضلا عن ثلاثين وأربعين سنة، لكن الآن يقرأ القرآن بأصوات مؤثرة ولا حد يتحرك، ولا عاد حرك ساكن بين الناس، - والله المستعان-.(24/23)
وعلى كل حال في هذا الكلام قولان لأهل العلم منهم من يرى أن لثلة من الأولين من الأمم الماضية، ومن الآخرين من هذه الأمة، ومنهم من يرى أن الثلة والقلة كلهم من هذه الأمة، ولا شك أن المقربين في صدر هذه الأمة أكثر منهم في أخرها، وهم الصادقون من الأمم وهذه الأمة والخبر قوله: {على سرر موضونة} [سورة الواقعة: 15]، {على سرر موضونة}، أخذ يفصل في حال السابقين وهم بالنسبة للإجمال أخر من ذكر، وبالنسبة للتفصيل أول من ذكر، على سرر موضونة يعني منصوبة منسوجة يقول: بقضبان الذهب والجواهر، السرر المنسوجة بقضبان الذهب والجواهر، الذهب حرام على ذكور الأمة أن يشربوا فيه وأن يستعملوه، ولكنه في الآخرة حل لهم، والذهب والحرير يستعملها الكفار في الدنيا، وهي لهم في الدنيا ولنا في الآخرة، كما في جاء في الحديث ((هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)) فليس شيء ممنوع في الآخرة مما منع منه في الدنيا ومن استعماله في الدنيا مع علمه بأنه ممنوع منه كما في جاء في الخمر: ((من شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن سمع الغناء في الدنيا لم يسمع غناء الحور العين في الجنة)) والجزاء من جنس العمل، {على سرر} وهو جمع سرير وهو ما يجلس عليه وينام عليه موضونة يعني منسوجة بقضبان الذهب والجواهر، هناك جنتان من ذهب، وجنتان من فضة، على ما ذكر في سورة الرحمن، {متكئين عليها متقابلين} [سورة الواقعة: 16] {متكئين عليها} يعني: على هذه السرر، متقابلين وجوه بعضهم إلى وجوه الآخرين لا يولي أحدهم ظهره، بل الوجوه متقابلة، الوجوه متقابلة، كل إنسان يسمع هذا الكلام ويطمع فيه وتشرئبوا نفسه إليه، لكن مع الأسف أن تجد من يمني نفسه بهذا ولا يعمل أو يخالف أحيانا في بعض المراكب من وسائل النقل كراسي متقابلة، تجد كرسين هنا أو كرسين أو ثلاثة متقابلين، من الذي يركب في هذه ومن الذي يركب في هذه، تجد مع الأسف أن هذه فيها نساء ويقابلها لا رجال من غير محارمهن، هل مثل هؤلاء يرجون مثل هذه السرر التي عليها متقابلين وهن يخوضون في المحرمات؟ كل شيء برحمة أرحم الراحمين والعمل لا ينجي بذاته ((ولن ينجئ أحدكم أو أحدكم عمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن(24/24)
يتغمدني الله برحمته)) ولا يستطيع أحد أن يحكم على هؤلاء العصاة بحكم أو يقطع لهم بشيء لكن هذه وسائل وأسباب، هذه وسائل وأسباب ويحصل في هذه المراكب ما يحصل من المخالفات، ولذا يقول في هؤلاء: {متكئين عليها متقابلين} وإذا علمنا أن الجزاء من جنس العمل، {جزاء وفاقا} [سورة النبأ: 26]، هل يرجوا من يرتكب مثل هذا المحضور مثل هذا الترغيب؟ ومثل هذا الوعد، {على سرر متقابلين} [سورة الصافات: 44]، متقابلين حال، حال كونهم متقابلين من الضمير في الخبر، على سرر موضونة هذا الخبر متكئين حال، متقابلين حال، حال كونهم متكئين، وحال كونهم متقابلين، يقول: حالا من الضمير في الخبر، الخبر الذي هو على سرر موضونة والمراد: متعلق الجار والمجرور، متعلق الجار والمجرور.
{يطوف عليهم} للخدمة {ولدان مخلدون} [سورة الواقعة: 17] ولدان غلمان وزنا ومعنا مخلدون والمراد بطوافه هنا: للخدمة، للخدمة، ولدان مخلدون على شكل الأولاد يهرمون، يعني: شباب صغير يخدمون أصحاب الجنة، يخدمون هذا النوع الذين هم السابقون، {يطوف عليهم ولدان مخلدون} [سورة الواقعة: 17]. وقال بعض من فتن وقال بعض من فتن: أن هؤلاء الغلمان وهؤلاء الولدان يطوفون، عليهم يقولن كلام قبيح لا ينبغي أن يذكر، ورد عليه، يعني: لو بحثتم عن كتاب خواطر شيطانية، وجدتم هذا القول القبيح والرد عليه، وأنا لا أستطيع أن أذكره، لكنه قول في غاية السوء.(24/25)
يطوف عليهم من أجل الخدمة ولدان مخلدون على شكل الأولاد لا يهرمون، منهم من قال: أن هؤلاء الولدان الذين هم من أولاد المؤمنين الذين لم يعلموا من الصالحات ما يستحقون به أن ينعموا لذواتهم، ولم يرتكبوا من المنكرات ما يعاقبون عليه بسببه فيدخول النار، هذا قول لكنه قول مردود لأن أولاد المؤمنين يتبعون آبائهم {ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء} [سورة الطور: 21]، وأطفال المسلمين في الجنة هذا القول المجزوم به المقطوع، ومنهم من يقول: أن هؤلاء الولدان هم أطفال المشركين مهيئون للخدمة، لأنهم لا يعاقبون بذنوب آبائهم، ولم يقدموا شيئا يجزون به دخول الجنة، وعلى كل حال الخلاف في أولاد المشركين قال فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((الله أعلم بما كانوا عاملين)) وابن القيم في طريق الهجرتين في طبقات الناس ذكر الأقوال في أولاد الكفار، وأولاد المسلمين.
على شكل الأولاد لا يهرمون، يعني: لا تتغير صورهم، لكن الأولاد في الدنيا تجده في المرحلة الابتدائية على شكل، في المرحلة الثانوية على شكل آخر، بعد ذلك صار رجل كبير، ثم به النقص، هذه حال الدنيا هذه حال الدنيا، أما في الجنة فحال هؤلاء الأولاد على سن واحدة، وعلى شكل واحد لا يتغير، أبد الآباد كما أن أهل الجنة سنهم ثلاثة وثلاثين لا يزيد، كما في الأحاديث الصحيحة، ((وطول كل واحد منهم ستون ذراعا، طول أبيهم)) كما في الصحيحين وغيرهم، وأما بالنسبة للعرض كما في المسند وغيره: ((سبعة أذرع))، كم باقي يا الأخوان.
ها، وصل يعني نقف عند هذا، يعني ما في مانع أن نواصل لكن بس أنا أخشى أن يكون في أحد يتضرر بالتأخير.
طالب:. . . . . . . . .
إيه بس أنا أخشى أن يكون في أحد مرتب أموره على شيء، على كل حال لن نستطيع أن نكمل كل ما يتعلق بالسابقين في هذا الدرس فيرجع إلى درس لاحق إن شاء الله، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
تواصل يا شيخ.
على كل حال من الغد إن شاء الله وما بعده سيكون الإقامة بعد نصف ساعة من الأذان، بعد نصف ساعة من الأذان، فترتب الأمور على هذا.(24/26)
تفسير الجلالين - سورة الواقعة (3)
تفسير الآيات من قوله: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ} إلى قوله: {لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ}.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم وحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد: ـ
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في شرح حال السابقين، يقول -رحمه الله تعالى-: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ} للخدمة {وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا} [سورة الإنسان: 19]، على شكل الأولاد لا يهرمون، بأقداح بأكواب الجار والمجرور المتعلق بيطوف، يعني يطوف هؤلاء الأولاد بالأكواب، والأكواب كما قال المؤلف أقداح لا عرى لها، يعني ليس لها شيء يمسك به، لا عرى لها وأباريق، لها عرى فرق بين القدح والإبريق أن الكوب قدح لا عرى له، لا عروة له يعني منه، ولا خرطوم له يصب منه، يعني أشبه ما يكون بهذا، ليس له عروة يحمل بها، وليس له خرطوم يصب منه هذه الأكواب، يقول أقداح لا عرى لها، وأباريق لها عرى، لها عروة تحمل منها، وخراطيم الخرطوم يصب منه، يسمونه البزبوز مثلاً، حتى بعض الحواشي قال: خراطيم، يعني: بزابيز، يعني: التي تصب منه هذا الأباريق، وكأس الكأس هو الإناء الذي يشرب به الخمر، يعني يشمل ما تقدم إلا أنه خاص بأنه يشرب به الخمر، واستعمال الناس للكأس، استعمال الناس للكأس، بناء على أنه إناء، كالكوب وكالقدح فاستعمالهم له استعمال عرفي عام، وأما بالنسبة للاصطلاح الخاص عند الشراب، فلا يسمون الإناء إلا كأس الذي يشرب به الخمر، - نسأل الله السلامة والعافية-.(25/1)
إناء يشرب به الخمر لكنه يشرب به خمر الآخرة، هذا الذي مذكور عندنا الذي يشرب خمر الآخرة، {وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ} [سورة الواقعة: 18] من معين، أي: خمر جارية، من منبع لا ينقطع أبدا؛ لأن فيها أنهار من خمر في الجنة أنهار من خمر كما ذكر في سورة القتال، من نعيم أن خمر جارية من منبع لا ينقطع أبدا، {لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} [سورة الواقعة: 19] هذا الخمر ليست كخمر الدنيا، لأن خمر الدنيا تذهب بالعقل، وينشأ عنها الصداع، وينشأ عنها أيضاً ارتفاع في الحرارة، وينشأ عنها مضار كثيرة جداً لا يمكن حصرها، {لا يصدعون عنها}، لا يحصل عنها صداع كما في خمر الدنيا، {ولا ينزفون} بفتح الزاي وكسرها، لا يصدعون عنها ولا ينزفون، بكسر الزاي هذه قراءة عاصم، وقرأ غيره بفتح الزاي، وهي قراءة نافع، وابن كثير، وابن عامر، ينزفون من نزف الشارب وأنزف، من نزف الشارب وأنزف، من نزف يكون المضارع ينزفون، نزف ينزف، ومن أنزف الرباعي يكون المضارع ينزفون كما هنا، أي: لا يحصل منها، لا يحصل لهم منها صداع، ولا ذهاب عقل، ولا ذهاب عقل، بخلاف خمر الدنيا، خمر الدنيا ينشأ عنها هذه العلل التي أعظمها ذهاب العقل الذي هو نماط التكليف، ذهاب العقل الذي مناط التكليف، وعلى هذا إذا شرب الإنسان وسكر وذهب عقله، هل يلحق بالمجنون؟ بمعنى أنه ترتفع عنه التكاليف أو يقال: أن هذا بسببه وبفعله بنفسه فيعاقب بنقيض قصده، فيخاطب بالتكاليف، وأهل العلم يختلفون في طلاق السكران هل يقع أو لا يقع، من قال يقع قال: هو الذي أذهب عقله بنفسه، فالتبعات الحاصلة على هذا الإذهاب لاحقة به، من باب ربط الأسباب بالمسببات، تسبب هو فلحقته التبعة، ومنهم من يقول لا يقع؛ لأن العقل هو مناط التكليف وقد ارتفع فيكون عليه إثمه، وترتفع عليه التكاليف، عليه إثم الشرب، وترتفع عنه التكاليف، لماذا عم لو اتصل أثناء شربه، هل يقتل أو لا يقتل؟ إذا قيل هو المتسبب لانتزاع عقله يؤاخذ لاسيما وأنه قد يتخذ مثل هذا ذريعة إذا ارآد أن يرتكب منكرا أو يقتل شخصاً شرب، ثم أثبت أنه شرب وحينئذٍ لا يؤاخذ، من أهل العلم من يرى من يبالغ في انفكاك الجهة، يبالغ في انفكاك الجهة، ويش معنى هذا؟ يقول: أن الشرب عليه(25/2)
إثمه ولا علاقة له بما يترتب عليه من ذلك، بعد ذلك، فإذا قتل عليه إثم الشرب، وعليه الحد، لكن قتل في حال ارتفاع عنه فيه التكليف، هذا المبالغة حتى قال ابن العربي: أنه لو اجتمع قوم يشربون في بيت فسقط عليهم السقف فماتوا يقول: عليهم أثم الشرب، ولهم أجر الشهادة؛ لأنهم سقط عليهم الهديم شهيد، ولا شك أن هذا مبالغة في انفكاك الجهة ولا يراها أكثر أهل العلم، بل إذا فعل شيء بطوعه واختياره يتحمل كل الآثار المترتبة على هذا العمل، ولو قلنا بمثل هذا القول لتذرع كثير من أصحاب المأرب والمقاصد بالوصول إلى ما يريدون بالشرب، إذا أراد أن يقتل شخصاً شرب خمر، وفي بداية النشوة يقتله ويقول: إنه سكران، طيب ماذا عن ما جاء في قصة ماعز، ماعز -رضي الله عنه وأرضاه- حصل منه هفوة وهو الزنا، ثم جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، تائباً يعرض نفسه على النبي -عليه الصلاة والسلام- لإقامة الحد، وهو يعرف أن إقامة الحد هي الرجم فقد نفسه، لأن الحدود كفارات، الحدود كفارات، فإذا رجم كما حصل، كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- انه بعد رجمه ينغمس في أنهار الجنة، من ضمن ما حصل من النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما ردده قال: ((أشربت خمراً))، كل هذا من أجل أن يدرأ عنه الحد -عليه الصلاة والسلام-، ((لعلك قبلت لعلك غمزت لعلك فعلت))، وهو مصر إلا أن يعترف بالزنا الموجب للحد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يعرض له لعله أن يرجع، وهل يقال هذا بالنسبة لكل أحد؟ لا ما يقال هذا بالنسبة لكل أحد يعني: من كانت حاله مثل حالة ماعز حصلت منه هذه الهفوة وهذه الزلة، وأراد من وصل إليه الأمر أن يستر عليه قبل ثبوت الحد، قبل ثبوته، أما إذا وصل الحد السلطان وثبت عنده كما جاء في الخبر: ((فإن عفا فلا عفا الله عنه))، ولا يجوز حتى الشفاعة في الحدود، كما جاء في حديث أسامة، ((أتشفع في حد من حدود الله)) المقصود أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عرض عله كثيراً وأطال له ترديده من أجل أن يرجع عن إقراره لماذا؟ لأنه حصلت منه هذه الهفوة وهذه الزلة وقد تاب توبة نصوحاً، الدليل عليها أنه قدم نفسه لله ولو كانت توبته غير صالحة(25/3)
وغير صحيحة لما صنع مثل هذا، المقصود أن مثل هذا يعرض له بالرجوع ما لم يثبت الحد، أما إذا ثبت الحد وأقر واعترف بما لا يحتمل أو شهد عليه الأربعة شهادة واضحة صريحة وأنه جامع المرأة كما يجامع زوجته، النبي - عليه الصلاة والسلام - قال: ((اذهبوا به فرجموه)) لم يجد خيار، لكن قوله الشاهد من ذلك قوله: أشربت خمراً، قال: أبك جنون ثم التفت إلى قومه كأنه يسألهم هل به شيء هل بعقله شيء؟ أبعقله شيء؟ قالوا ما علمنه إلا وفي العقل من صالحينا، أشربت خمر، هل شرب الخمر يدرأ الحد؟ لأنه في مثل هذا المقام الذي يلتمس فيه أدنى شيء أدنى شبه لدرأ الحد، لكن على القول بأن شرب الخمر بطوعه واختياره، بطوعه واختياره، أراد بذلك بالوصول إلى ما يريد من المقاصد التي لا يصل إليها مع كونه عاقلاً مكلفا، إلا بهذه الحيلة فإنه حينئذٍ يعاقب بنقيض قصده، علماً أن شرب الخمر من عظائم الأمور، وإن تساهل فيه الناس، وإن شربوه وسموا الخمر بغير اسمها، ومن شربه في الدنيا أن يشربه في الآخرة، ويسقى من طينة الخبال يوم القيامة، ويجلد الحد لأول مرة والثانية، والثالثة، والخلاف والرابعة، والخامسة هل يكتفا بالحد أو يقتل، كما جاء في الحديث معاوية وغيره ((فإذا شرب الرابعة)) وفي رواية: ((وإذا شرب الخامسة فقتلوه)) لأن قتل المدن هذا له أصل في الشرع وإن كان جمهور أهل العلم يرون أنه منسوخ، جمهور أهل العلم على أن قتل الشارب في الرابعة، والخامسة منسوخ، وابن حزم يقول بقوله، يقول: محكم وبجميع الشراح، وشيخ الإسلام، وابن القيم، والسيوطي، والشيخ أحمد شاكر يرون أنه محكم، لكنه تعزير وليس بحد، بمعنى أنه لا يقتل كل أحد وإنما يقتل بعض الشراب المسرفين، ويقتل في بعض المجتمعات التي لا تردعهم الحدود، لكي يرتدع هؤلاء، وإذا شرب الخرم ارتفع عنه الإيمان، ولا يشرب الخمر فهو يشربه وهو يشربها وهو مؤمن لكنه يعاوده إيمانه بعد ذلك لأنه لا يكفر بإجماع من يعتد بقوله خلافاً للخوارج، خمر الدنيا فيها إثم كبير ومنافع، إثم كبير ومنافع للناس، والإثم أكبر من النفع والإثم أكبر من النفع، ومن المعلوم والمقرر في قواعد الشرع أنه إذا كانت المفسدة محضة أو راجحة فالحكم التحريم، وهذا(25/4)
في غير الخمر، الخمر مقطوع بتحريمه بالنصوص في الكتاب والسنة، لكن إذا ترجحت المفسدة فالحكم حينئذٍ التحريم، وما المصلحة وما المنفعة من الخمر التي قال الله عنها وعن الميسر: {وفيهما منافع}، وقالوا: أن المنفعة هي من حيث مزاولة الاتجار بها فيها مكاسب مربحة، ولذلك تسمعون في بعض الأحيان أنه قبض على شخص عنده مصنع، يبيع الخمر، قد لا يشربه هو لكنه يتجر به، هذه منفعة بالنسبة له، لكن هل تقاوم المضرة مضرة الدون؟ لا لا تقاوم مضرة الدون ولذا يقال: {إثمهما أكبر من نفعهما}، وعلى أنه جاء في بعض الأخبار: أن الله -جل وعلا- لما حرم الخمرة سلبها المنافع، سلبها المنافع فهي حينئذ ضرر محض، ضرر محض، وأما الاتجار فيصل بأنواع المحرمات لكن العبرة بالبركة، قد يتجر الإنسان ببيع الخمر، ببيع الدخان، ببيع كذا مثل مهر البغي مثلاً، حلوان الكاهن، كلها من وجوه الكسب المحرم، وتدر على أصحابها الدراهم والدنانير لكن ماذا بعد ذلك، قد يشقى بهذه الدراهم والدنانير التي لا بركة فيها، وإذا نشأ جسده عليها وأنشأ من تحت يده من ذرية ونساء على هذا السحت فإن النار أولى به، - نسأل الله السلامة والعافية- وتساهل الناس بأمور المكاسب، تساهل الناس في أمور المكاسب قد يكون الذي يتجه بالخمر ألين، لكن الذين يتجرون بالدخان، الذين يأكلون الربا، الذين يتعالمون بالمشتبهات، هؤلاء كثرة، ولا شك أن طيب المكسب، وطيب المطعم من أعظم أسباب إجابة الدعاء: ((يا سعد أطيب مطعمك تكون مستجاب الدعوة))، ((وذكر الرجل يطيل السفر، يمد يديه إلى السماء أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب))، كونه يطول السفر هذا مظنة للإجابة، والمسافر له دعوة، وكونه أشعث أغبر هذا أقرب للانكسار القلب، وكونه يمد يديه هذا من أسباب الإجابة، والدعاء بهذا الاسم الكريم يا رب يا رب من مظنة الإجابة، كما قال أهل العلم في تفسير أخر آل عمران أنه من قال: يارب يا رب خمس مرات أجيبت دعوته، لأنهم قالوا: ربنا، ربنا، ربنا ثم فستجاب لهم، إذا اجتمعت هذه الأسباب الدعاء مظنة للإجابة، لكن ما المانع من الإجابة، مطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى استبعاد، إني يستجاب له، فعلى الإنسان أن يحرص(25/5)
على طيب المطعم.
{وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ} [سورة الواقعة: 20]، وفاكهة مما يتخيرون أنواع الفواكه، فاكهة كثيرة وإذ جئ بالفاكهة لأنها مما يتفكه به ويتنعم به وأهل الحجاز الذين نزل عليهم القرآن، نزل القرآن على النبي -عليه الصلاة والسلام-، بين أظهرهم الفاكهة عندهم، قليلة، مما يتخيرون فإذا تخير نوع من أنواع الفاكهة حصلت بين يديه من غير تعب ولا عنا، ولا تحتاج إلى حرث ولا إلى زرع، ولا إلى سقي، ولا إلى أن يكلف الإنسان أن يجنيها بل تحصل بين يديه من غير طلب بمجرد التخيل أو بمجرد أن يشتهي هذا الأمر يحصل بين يديه، {وَلَحْمِ طَيْرٍ} [سورة الواقعة: 21] قدم الفاكهة على اللحم، في هذا يقول ابن القيم: ينبغي أن يكون البدء بالفاكهة قبل الطعام، البدء بالفاكهة قبل الطعام.(25/6)
{وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ} [سورة الواقعة: 21] يعني: أي شيء يخطر على باله ويشتهيه ويميل إليه وترغبه نفسه يحصل بين يديه، وكما قيل في الخمر أنه لا مضرة فيها بوجه من الوجوه، فكذلك الطعام قد يقول قائل: إذا أكثر من الفاكهة يتضرر، يرتفع عليه شيء أو ينخفض عليه شيء، هذا لا يوجد في الجنة، وكذلك الطعام، {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ} ألا يقول بأنه يصاب بتخمة، أو يصاب بشيء مما كان يصاب به في الدنيا، ومما ومما هذه تفيد العموم من كل شيء يتخيلونه، ومن كل شيء يشتهونه، يعني: مهما كثر فإنهم يأكلون، ومع ذلك لا يبولون، ولا يتغوطون، وإنما تخرج فضلاتهم رشح، مسك {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ} ولهم أيضاً الاستمتاع بالنساء على أعظم وجوه الاستمتاع، كما أنهم ينتفعون بالأكل والشرب على أعظم وجوه الانتفاع كذلك يستمتعون بالنساء قال: ولهم بالاستمتاع حورعين، حور نساء شديدات سواد العيون وبياضها، عين أي: ضخام العيون، حور يقول: نساء شديدات سواد العيون وبياضها، يعني: هل الأفضل في العين أن تكون سوداء، شديدة السواد، أو فيها لون غير السواد إما خضرة، أو تكون من لون البني الداكن أو شيء من هذا، في الدنيا يرغب كثير من الناس في هذا، ولذلك كثير من النساء تلبس هذه العدسات الملونة، وهنا في الحور العين قال: نساء شديدات سواد العيون وبياضها، وقد يكون المفضل في الدنيا مفضول في الآخرة، ويكون الجمال في الدنيا ليس بجمال في الآخرة والعكس، والعكس، لكن المقصود هنا يقول المفسر: شديدات سواد العيون وبياضها، بياضها لا يخالطه شيء، وأن تجد في عيون بعض الناس يكون فيها نقط إما سوداء وإما حمرا، وهذه شديدة البيض، وبالنسبة للسود فإنه شديد أيضا، وإذا كانت العين بهذه المثابة كان السواد شديداً والبياض شديداً فإن هذه يقال لها حينئذٍ حوراء، عين ضخام العيون، ضخام العيون يعني: سعة العين بالنسبة للعدسات إذا كانت حاجة من أجل توضح المرأى لضعف في النظر هذا ما في إشكال، والتلوين إذا كان للتجمل فهو من نوع ما يتجمل به للزوج لا بأس به، لكن إذا كانت من غير حاجة للتجمل للزوج فإن هذا قد يدخل في التغيير لخلق الله، لكن إذا احتاجت(25/7)
إلى التجمل به فلا مانع كالتجمل بغيره من الإصباغ، الأصباغ التي توضع في الوجوه مما لا مضرة فيه، ولا يدخل في حيز المحضور لكونه من باب التشبه، فإذا سلم هذا الأمر من التشبه وأرادة به التزين لبعلها فهذا نوع من التبعل لزوج لا شيء فيه.
يقول: ضخام العيون، لا شك أن سعة العين أجمل من ضيقها، سعة العين في أعارف الناس قاطبة أجمع من ضيق العين، ضخام العيون يقول: كسرت عيونه بدل ضمها عينٍٍٍٍ الأصل أن العين مضمومة، العين في عين الأصل فيها أنها مضمومة لكن الضم لا يمكن مع الياء، فكسرت العين بمناسبة الياء، كسرت عينه بدل ضمها لمجانسة الياء لأن كل ما فيه الياء هذه حرف اللين فإن الضم لا تناسبه ولا تجانسه، والمناسب له والمجانس هي الياء، لكن ماذا عن عين مثلاً واحد العين، مفتوحة العين لماذا لا تكسر لمجانسة الياء؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(25/8)
الياء ساكنة لماذا لا نفتح العين؟ قلنا: أن الواو لا تناسب الياء فهل الفتحة تناسب الياء؟ ها لكن إذا فتحنا التبس المفرد بالجمع ولم نستطع أن، يعني لماذا عدلنا عن الفتحة إلى أولاً الضمة لا يمكن، لا تمكن تناسب الياء الفتحة يمكن النطق بها، لكنها تلتبس حينئذ بالمفرد، إذا قيل: {حور عَين} صارت مفردة والمراد الجمع " عِين" وواحد العين عينا، لأنه ليس الحديث عن العين نفسها، وإنما الحديث عن صاحبة العين، وصاحبة العين لا يقال لها: عين، وإنما يقال لها: عينا ومفاده عينا كحمراء، والجمع مثل حمر، حمراء جمعها حمر ولذا قال: الأصل في العين أن تكون مضمومة كالحاء في حمر، الأصل فيها أنها مضمومة كحمر، لماذا؟ لأن عين كحمر، جمع عينا كحمراء، وحمر مضموم الحاء لماذا لا تظم العين؟ لأنها لا تجانس الياء فعدل عنها إلى الكسرة، وفي قراءة بجر حور العين، القراءة التي معنى {وحورُ عين} وقبلها: {ولحم طير مما يشتهون} {ولحم طير مما يشتهون} والعطف على لحم المجرور يقتضى جر المعطوف عليه، تقول: {وحورٍ عينٍ} وإذا قرأ بهما قرأ بجر حورٍ عين كما هي قراءة حمزة والكسائي عطف على لحم طير، وهنا {حور عين}، يقدر قبله لهم، ولهم حور عين، وحور عين يكون حور مبتدأ مؤخر خبره محذوف تقديره لهم، لهم حور عين، وجاز الابتداء بالنكرة لأن أخرت، والتأخير يقتضي الاختصاص ففيه نوع وصف واختصاصه أيضاً وصفٌ بكونها عين، وإذا وصفت النكرة قل شيوعها وأشبهت المعرفة من هذه الحيثية، فجاز الإبتدأ بها، وإلا فلأصل ألا يجوز الابتداء بالنكرة.
{كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} [سورة الواقعة23]، {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} اللؤلؤ أفضل ما يحصل عليه من قاع البحار، اللؤلؤ وأيضاً والغواصون أكثر ما يحرصون عليه دون غيره، فهو شيئاٌُ نفيس ومع ذلك إذا ترك من غير كن من غير ظرف يوضع فيه فإن المؤثرات تغيره، لا يكون متلائلئاً كما كان أول استخراجه، ولذا قال: {مكنون} مصون يودع في ظرف يكنه عن المغيرات، عن المغيرات، كأمثال الكاف هذه نعم؟ الكاف لتشبيه وأمثال، ما قال: كاللؤلؤ المكنون ها؟
طالب:. . . . . . . . .(25/9)
إلا فيه للؤلؤ يمكن مكنون يكنى لأنه يصان، طيب ما يوجد لؤلؤ؟ يوجد لكن يوجد أيضاً لؤلؤ مصون ولؤلؤ غير مصون، يعني: إذا تركت للمؤثرات ما صار مصون، لكن إذا كنا واصينا عن هذه المؤثرات صار مصون مكنون، كأمثال، الكاف هذه للتشبيه وأمثال أيضاً تشبيه، وهنا تذكر ما قالوا في: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [سورة الشورى: 11]، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، عندنا مثل المثل، عندنا الكاف تشبيه، والمثل تشبيه، فيكون المعنى شبه الشبه، فليس مثل مثله، ليس مثل مثله، وهنا كأمثال هناك نفي وهنا إثبات، مثل المثل، إذا نفي مثل المثل، إذا قلت: زيدٌ ليس له نظير؛ زيد ليس له نظير، هل هو أبلغ أن تقول ليس لمثله نظير؟ أبلغ ليس لمثله نظير لماذا؟ لأن إذا نفينا مثل المثل فمن باب أولى أن ننفي المثل، فمن باب أولى أن ننفي المثل، رأى شخصٌ ثوب بيد إنسان يبيعه فقال له: اشتر لي مثل هذا الثوب، اشتر لي مثل هذا الثوب، اشتر لي مثل هذا الثوب، فشترا له الثوب نفسه، يلزمه أخذه أو لا يلزمه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يلزمه لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .(25/10)
لأن المثل أشبه شيء بالشيء نفسه، لأنه لو اشترى له مثل هذا الثوب لحتمل أن تكون المشابهة فيه تسعين بالمائة، لحتمل أن تكون المشابهة فيه تسعين بالمائة، لكنا لما شراء له الثوب نفسه، المشابهة مطابقة مائة بالمائة، لما اشترى له الثوب نفسه، قال له أنا لا أريد الثوب، أنا ما قلت لك تشتري لي الثوب، قلت لك اشتر لي مثل هذا الثوب، فذهب إلي القاضي شريح فألزمه بأخذ الثوب، فقال له: لا شيء أشبه بالشيء من الشيء نفسه، وإذا قلنا هنا كأمثال، يعني: أشباه أشباه اللؤلؤ المكنون فاللؤلؤ المكنون أمثل من أشباه، اللؤلؤ المكنون أمثل مما شبه به، إذا قلت فلانة مثل اللؤلؤة المكنونة، ومثل الجوهرة المصونة، هل معنى هذا أنها تطابقها من كل وجه، أما أنها تطابقها من بعض الوجوه، لا يلزم أن تطابقها من كل وجه، ولذا جاء في الحديث: ((أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر))، يعني: مثل أو شبه صورة القمر ليلية البدر المطابقة من كل وجه لا إنما المقصود بالإشراق والاستدارة، واللمعان وما أشبه ذلك، لكن بقية الأوصاف لا توجد في القمر، ليس فيه عينان وليس فيه فم، وليس فيه أنف، هل نقول أن هذه الزمرة ليس لها أنوف ولا أعين؟ لا فالتشبيه يكون من وجه دون وجه، فإذا قيل فلانة كأنها لؤلؤة مكنون فإنها تشبهها من بعض الوجوه لا من بعض الوجه، {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} المصون لأن الناس ما يدركون أجمل من هذه الأمر في دنياهم فشبه به وإلا فوجه الشبه من وجه وهو إن المعان والصيانة وعدم التغير من مؤثرات، وأنتم ترون نساء الدنيا وعموم الناس إذا تعرضوا للمغيرات تغيروا، إذا مكث في الشمس مدة تغير، وإذا مكث في هبوب الريح لاسيما في الأوقات الباردة يتغير الوجه، وهكذا لكن هن مصونات مكنونات لا تغيرهن ما يغير نساء الدنيا {جزاء} مفعول له، جزاء مفعوله، يعني: مفعول لأجله، أعطوا هذه الأمور واستحقوا هذه الأمور {جزاء بما كانوا يعملون}، {جزاء بما كانوا يعملون}، مفعول له أو مصدر، جوزوا بذلك جزاءً، أو استحقوا ذلك جزاء، إما مفعول له يعني لأجله أو مصدر والعامل مقدر، أي: جعلنا لهم ما ذكر من جزاء، يعني: جزاء مفعول له أو جزيناهم جزاء أو جازيناهم أو جزيناهم(25/11)
جزاء، فهو إما مفعول لأجله، أو مصدر {بما كانوا يعملون}، بما كانوا يعملون، في أصحاب اليمين ما قال جزاء بما كانوا يعلمون، قال ذلك في السابقين، قال ذلك في السابقين {جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة الواقعة: 24]، لأنهم بعملهم استحقوا هذه المنازل العلياء، وإن كان الأصل في دخولهم الجنة إنما كان برحمة الله -جل وعلا-، ((ولن يدخل أحدكم علمه الجنة، قالوا ولا أنت يا رسول الله، قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته))، وهنا قال: {جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فلإنسان من السابقين يدخل الجنة برحمة الله، برحمة أرحم الراحمين وكان عمله لا يدخله الجنة، هذا بالنسبة لنبي - عليه الصلاة والسلام- فكيف بمن دونه؟ فكيف بمن دونه؟ فهم يدخلون الجنة برحمة الله -جل وعلا-، لكن هذه المنازل بعد دخولهم برحمة الله استحقوها بما كانوا يعملون، فلو كان هناك، قيل: ((لن يدخل الجنة أحد بعمله)) وهنا قيل: جزاء بما كانوا يعملون نقول: دخولهم الجنة برحمة أرحم الراحمين، واستحقاقهم المنازل، بحسب أعمالهم، ومراتبهم في الجنة بحسب أعمالهم، في أصحاب اليمين ما قال: {جزاء بما كانوا يعملون}، وفي السابقين قال: {جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} لماذا؟ لأن السابقين لهم عمل كبير وكثير، ولذا لا بد من اعتباره ولا بد من التنصيص عليه بخلاف أصحاب اليمين، فدخولهم الجنة واستحقاقهم المنازل برحمة الله -جل وعلا-، بالرحمة أكثر مما يتعلق بالعمل، وهذا هو الفرق بين هذا وهذا، {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا} [سورة الواقعة: 25]، يعني: الجنة: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا} يعني: في الجنة لغواً فاحشاً من الكلام، كم نسمع في الدنيا من اللغو والرفث، والكلام الباطل والثرثرة فيما لا ينفع، نسمع هذه بكثرة، والخصومات والمنازعات، والشتم، والسب، نسمع كثيراً وهذا يقلق الإنسان لاسيما عندما يريد الراحة، يقلق كثيراً من هذا الأمر، لكن في الجنة لا يسمعون فيها لغواً فاحشاً من الكلام ولا تأثيماً يعني: ما يقع الإثم بسببه، ما يؤثم ليس هناك من الأسباب التي تدعوا إلى الإثم فضلاً عن وقوع الإثم، فهم لا يسمعون كلاماً فاحشاً ولا كلاماً يأثمون بسببه، لا كلام مباح لا يترتب عليه(25/12)
شيئاً من الثرثرة التي نسمعها في الدنيا لاسيما إذا كثرة، ولا ما يقع فيه الإثم من القذف، والسب، والشتم، إلا استثنى لكنه بمعنى لكن، لأنه منقطع، إلا قيلاً يعني: قولاً سلاماً سلاماً، لا يسمعون لغواً ولا تأثيماً، {إِلا قِيلًا سَلامًا سَلامًا} [سورة الواقعة: 26]، المستثنى من جنس المستثنى منه أو من غير جنسه؟
طالب: من غير جنسه.
من غير جنسه وهنا يقول الاستثناء هنا متصل وإلا منقطع؟ منقطع لأن المستثنى من غير الجنس المستثنى منه، فإذا قلت قام القوم إلا زيداً استثنى متصل لأن المستثنى من جنس المستثنى منه، وإذا قلت: قام القوم إلا حماراً صار الاستثناء منقطعاً لأن الاستثناء من غير جنس المستثنى منه، وهنا السلام ليس من جسن اللغو ولا التأثيم فهو استثناء منقطع ولذا قال إلا يعني: لكن، لكن يسمعون قيلاً، يعني قولاً سلاماً سلام بدل من قيلا، بدل يسمعون {سَلامًا سَلامًا} بدل من قيلاً فإنهم يسمعونه، فإنهم يسمعونه لأنه كلام طيب، لا لغو ولا تأثيم، ثم لما انتهى من بيان حال السابقين وهم المقربون بدأ بأصحاب اليمين وهم الأبرار، وهم الأبرار.
فقال: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} [سورة الواقعة: 27]، أصحاب اليمين تقدم أنهم هم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم، {فِي سِدْرٍ} [سورة الواقعة: 28]، السدر واحده سدرة مما يفرق بينا واحدة وجمعه بالتاء، كتمر، تمرة، شعر، شعرة، سدر، سدرة.
طالب:. . . . . . . . .
ها.
طالب:. . . . . . . . .(25/13)
مما يفرق بينه وبين والواحد بالتاء، قال: سدر هو شجر النبق، شجر النبق {فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ} [سورة الواقعة: 28]، السدر العادة أن فيه شوك كثير وثمر قليل، شوك كثير، وثمر قليل، هل يمتن بمثل هذا الشجر الذي هذا وصفه، يمتن به في الجنة؟ شجر شوكه كثير مؤذي وثمره قليل، لا يمتن بمثل هذا إلا إذا سلب المضرة وزيد بالمنفعة، ولذا قال في سدر شجر النبق، مخضود لا شوك فيه، مخظود لا شوك فيه، فجعل بدل هذا الشوك زيادة في الثمر، وجاء في وصف السدرة أن: ورقها كأذان الفيلة، ونبقها أو كقلال هجر، يعني: ثمرتها كقلال هجر، يعني: جميع ما في الجنة لا يشبهه ما في الدنيا لا يشبهه ما في الدنيا ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء، فالحبة الواحدة من ثمر الجنة تشبع، وإذا نبقها كقلال هجر، النبقة الواحدة، الثمرة الواحدة مثل القلة الكبيرة التي تصنع في هجر، {وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ} [سورة الواقعة: 29]،
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: {وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ} [سورة الواقعة: 29]، منضود بالحمل، والحمل ما يحمله من ثمرة، من أسفله إلى أعلاه يعني: مرصوص بعضه فوق بعض، وهذا كناية عن كثرته، {وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ} طلح منهم من يقول: هو الموز، هو الموز الفاكهة المعروفة، وفسر بتفاسير كثيرة، لكنا هذا هو الذي اختاره المفسرين، منضود، يعني: مرصوص بالحمل من أسفله إلى أعلاه، يعني: لا يوجد فجوات بين هذه الثمرات {وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ} [سورة الواقعة: 30]، دائم لا ينقطع، ضل ضليل لا نهاية له ولا انقطاع له، فلا يتعرضون لحر الشمس بل هم في الضل الدائم، {وَمَاء مَّسْكُوبٍ} [سورة الواقعة: 31]، جارٍ دائماً يعني: يجري دائماً يجري في أنهار بغير إخدود، {تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ} [سورة يونس: 9]، {تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} [سورة التوبة: 100]، من غير أخاديد كما جاء في الخبر.
أنهارها في غيرأخدود جرت ... سبحان ممسكها عن الفيضان(25/14)
يعني ما تسيح يمين ولا شمال، فهي تجري في مجرى واحد من غير أخاديد، وهي جارية دائماً لا تنقطع، جارية دائماً لا تنقطع، وإذا نظرنا إلى أمور الدنيا وجدنا الحياة معلقة بالماء، {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [سورة الأنبياء: 30]، وأشقى الناس الذين تقل عندهم المياه وأثرها يبدوا على كل شيء كما قال الله -جل وعلا-، يبدوا على بني آدم وعلى الحيوان، وعلى النبات، وعلى الجو، وعلى كل شيء، فلا يتصور عيش بلا ماء وهناك في الجنة، {وَمَاء مَّسْكُوبٍ} [سورة الواقعة: 31]، يجري دائماً، نحن لا نقدر هذه النعمة قدرها، ونهدرها ونتساهل في أمرها، وإذا وقع شيئاً من الاضطراب والإشكال، في هذه النعمة عرفنا قدرها، إذا انقطع الماء أو تعرض للخلل أو عطل عرفنا قدر الماء، إذا جلس الإنسان ينتظر الوايت أسبوع وعشرة أيام لكثرة من يطلبه وبعشرة أضعاف قيمته، عرفنا قيمة الماء، ومادام الإنسان يفتح الصنبور، ويغتسل ويتوضأ فإنه لا يسحب لذلك أدنى حساب، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع، والواحد منا ما يكفيه الصاع ليذهب الماء البارد ليأتي الحار، قبل الاستعمال، ثم إذا جاء الاستعمال فتح الصنبورعلى أعلى ما يكون ولا يدري أن هذه المياه مكلفة مرهقة بالنسبة للدولة، ومع ذلك جاء النهي عن الإسراف، وكل شيء فضلاً عمما تتوقف عليه الحياة، والحياة في كثير من البلدان مهددة لنضوب المياه وغور المياه، وكثير من المزارع أهملت وتركت كثير من الزروع سيبت، والمواشي لما قلت الأمطار هزلت ومات كثير منها كل هذا بسبب قلة الماء، والماء بين أيدينا ولا نقدره قدره، ولذلك امتن به على أهل الجنة فقال: {وَمَاء مَّسْكُوبٍ} لأن الواحد منا باعتباره لا يعرف قدر هذا الماء، يعرفه في أزمات إذا عطش وليس حوله ماء عرف قدر الماء، عرف قدر الماء، لكن باعتبار أنا لا نقدر هذا الماء قدرها، قد يقول قائل أين النص على الماء، الماء يمتن به, فيه نعم أعظم منه، وأي نعمة أعظم من نعمة الماء، لكن من الذي يقدره قدره حال وجوده عند فقده كل الناس، إذا روى الحاجة الماسة إليه عرفوا قدر الماء، وعرفوا كيف يتصرفون، وكيف يقتصدون، لكن مادام الماء موجوداً فإن(25/15)
كثير من الناس لا يحسن التصرف، وهذه نعمة من أعظم نعم الله -جل وعلا-.(25/16)
{وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ} [سورة الواقعة: 32]، {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ} هناك قال: {وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ} [سورة الواقعة: 20] بالنسبة للسابقين وما من صيغ العموم من الذي يتخيرونه، من أي شيء يتخيرونه، وهنا قال: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ} لأن الفاكهة في بلادهم قليلة، فقال: {فَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ}، ولم يرد ذلك إلى اختيارهم ولو كانوا، إذا كان في الجنة وعموم أهل الجنة إذا أشتهى أحدهم شيئاً كان حصل بين يديه، ((فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)) أي: شيء تتوهموا فإن الأمر فوق ذلك، وفاكهة كثيرة لا مقطوعة في زمن ولا ممنوعة بثمن، لا مقطوعة في زمن لماذا؟ لأن فاكهة الدنيا تأتي في زمن دون زمن، فاكهة الصيف في الصيف، وتنقطع في الشتاء، وفاكهة الشتاء وتنقطع في الصيف، هذا الأصل، لكن قدي يقول قائل إننا نأكل فكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف، فالفاكهة لا تنقطع، يعني: ألا تصور انقطاعها، هذا الآلات التي تحفظ هذه الفواكه ألا يتصور فيها الخراب، فتنقطع الفاكهة تبع لها، المصادر مصادر هذه الفواكه، ألا يتصور أن تعرض لما يتلف هذه الفواكه، الأجواء وما يحدث فيها من تغيرات من برد شديد وحر شديد ألا يتصور أن تنقطع هذه الفاكهة بسببها، البرد القارس الذي مر بالناس في الشتاء الماضي ألم يؤثر في الزروع والثمار؟ رأينا أكثر الأشجار تالفة بسبب شدة البرد، وقل مثل هذا في شدة الحر، فلا يقول قائل: والله عندنا ثلاجات وعندنا حوافظ وعندنا كذا، فاكهتنا لا تنقطع أبداً تنقطع بفساد هذه الحوافظ من جهة، وفساد هذه الزروع من جهة أخرى، كما حصل يعني: جاء في الشتاء الماضي برد شديد جداً يذكر كبار السن أن بعضهم ما أدرك مثله، فلما انجلى هذه البرد رأينا أن الأشجار كثير منها كثير منها رأت في بعض المزارع بنسبة تسعين بالمائة تالف، وانقطاع الماء أمره أشد، ورأيت شيخ كبيراً يرث المزرعة كابر عن كابر عن أبيه وعن جده فيها ما يزيد على ألف نخلة وفي كل سنة يغرق الأسواق بالتمور، رأيناه يبكى عند مزرعته ما أنتجت ولا تمرة واحدة، لأن الماء نبض، وهذا الفاكهة التي قد يقول القائل: إنها ليست مقطوعة، نأكل البرتقال صيف(25/17)
وشتاء، نأكل التفاح صيفاً وشتاء، والأصل أنه من زراعة الشتاء، ونأكل زراعة الصيف في الشتاء، ونأكل زراعة الشتاء في الصيف لا تنقطع نقول: هذه الحوافظ معرضة للتلف، والزروع أيضاً معرضة، والثمار بعد خروجها معرضة للتلف، بخلاف فاكهة كثيرة لا مقطوعة في زمن من الأزمان ولا ممنوعة، يقول المؤلف: بثمن، في الجنة لا تدفع ثمن أنت على السرير تتمنى الشيء يمثل بين يديك فوراً، وتأكل منه ما تأكل ويعود كما كان، ويعود كما كان، لا مقطوع بزمن ولا ممنوعة بثمن، يعني ما يحتاج أن تقول: والله أنا اليوم ما معي شيء، لا أستطيع أن آكل لأن ما معي فلوس ليست ممنوعة بثمن، ولا ممنوعة بصاحب، يمنك ولا بسور بستان ولا بارتفاع شجرة، ليست ممنوع بأي شيء يمنع الوصول إليها، وقول المؤلف بثمن مثال وإلا فالمنع قد يكون بالثمن وقد يكون بغيره، قد تأتي إلى صاحب البستان والثمن معك فيقول لك: ليس للبيع هذا فصاحبه يمنعه قد يكون البستان ممنوع بالأسوار، والأبواب، والثمن معك في جيبك وصاحبه يبيع عرف أنه يبيع لكنه في هذا الوقت مرتاح أو مسافر أو ما شابه ذلك فهو ممنوعة، والمنع يكون بأسباب كثيرة منها الثمن.
{وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ} [سورة الواقعة: 34]، فرش مرفوعة على السرر ارتفاعها كما قيل كما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام، إذا أرد لها صحابها تواضعت ثم بعد ذلك ترتفع به، فرش مرفوعة على السرر، يعني هل الأفضل أن ينام الإنسان على الأرض أو ينام على سرير؟ لا شك أن السرير يحفظ الفراش من الأوساخ ويحفظها من الحشرات والهوام، يحفظ الفراش فكيف بسريرٍ هذا ارتفاعه، - والله المستعان-.(25/18)
{إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء} [سورة الواقعة: 35]، {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء} يعني: بذلك الحور العين، وهل لا مضى لهن ذكر ليعود الضمير أنشأنهن يعني: الحور العين، هل مضى لهن ذكر؟ يفهم ذكر الحور العين من السرر، من الفرش يفهم ذكر الحور العين من الفرش، لأن الفراش ينام فيه الرجل مع امرأته وكذلك ينام فيه صاحب الجنة من أصاحب اليمين مع هذه الحور العين، {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ} لأنه قد يعود الضمير على عين المذكور، إذ فهم من السياق، أو من قرائن الأحوال {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [سورة ص: 32]، حتى توارت الضمير يعود على آيش؟ على الشمس هل مضى لها ذكر لم يمضي له ذكر لكنها معلومة، وهنا يقول: {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ} يعني: الحور العين إنشاءً من غير ولادة، من غير ولادة، كن فيكون خلاص، ما يحتاج إلى حمل وولاة وقبل ذلك جماع وقبل ذلك نكاح لا ما يحتاج ينشأن إنشاء لهم، {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء} يعني: الحور العين من غير ولادة.
{فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا} [سورة الواقعة: 36]، {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا} يعني: عذارا، وهناك فرق بين الأبكار والثيبات وإن جاء تقديم الثيبات على الأبكار، في سورة؟ ها
طالب:. . . . . . . . .
التحريم، في سورة التحريم، هنا قال: عذارا كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن عذارا ولا وجع، يعني: يقع عليها ثم يعود إليها مرة ثانية فيجدها بكر، ولا وجع ينشأ مما ينشأ عنه حال إزالة البكارة في الدنيا يحصل هناك وجع ويحصل هناك ألم، لكن في الجنة كلما يأتي يجدها عذراء ولا وجع حينئذ، كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن عذارا ولا وجع.
{عرباً} بضم الراء وسكونها، عرُباً وعرْباً، عرباً جمع عروب وهي المتحببة إلى زوجها، يقول العروب هي المتحببة إلى زوجها عشقا له، يعني تتحبب إليه وتستمليه بالتبعل وحسن التعامل ولين الكلام، محبة له وعشقا له لا تكلف، لأن التكلف لا بد أن ينقطع في يوم من الأيام، لكن هذا محبة وعشق جعله الله -جل وعلا- في هذه الحور.(25/19)
أتراباً، جمع ترب أي: مستويات في السن، أي: مستويات في السن، يعني على سن واحدة، وقيل: للمستويات في السن أتراب، كما يقال: إن المستوون في السن أقران، بالنسبة للرجال أقران، وبالنسبة للنساء أتراب، واستواهن في السن لأنهن كأنهن وقعن على التراب في وقت واحد، كأنهن ولدن في ساعة واحدة، هذا بنسبة لنساء الدنيا التي ولدن من أمهات، إذا قيل أتراب فكأنهن وقعن على الأرض على التراب في ساعة واحدة وفي وقت واحد، يقال: لهن أتراب، وهنا أنشأن إنشاء من غير ولادة، عرب متحببات لأزواجهن، أتراباً مستويات في السن.
{لأَصْحَابِ الْيَمِينِ} [سورة الواقعة: 38]، {لأَصْحَابِ الْيَمِينِ} الجار والمجرور لأصحاب متعلق بأنشأناهن أن شأناهن لأصحاب اليمين، ولذا قال: {لأصحاب اليمين} صلة أنشأنهن أو جعلناهن لأصحاب اليمين، طيب من أصحاب اليمين، {ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ*وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخِرِينَ}، {ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ*وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخِرِينَ} [سورة الواقعة: 40]، وهناك قال: وقليل من الآخرين، ثلة من الأولين وقليل من الآخرين، وهنا قال: {ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ*وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخِرِينَ} لماذا؟ لأن المقربين، المقربون يأتوا هنا ما جاء هناك، فالمراد بالأولين والآخرين، يعني: قول من يقول: إن الأولين من الأمم السابقة، والآخرين من هذه الأمم، هذا قول، وتقدم ذكره وقول آخر، أن الجميع من هذه الأمة، الجميع من هذه الأمة، ثلة الأولى والقليل بالنسبة للسابقين، والثلة الأولى والثلة الآخرة، بالنسبة لأصحاب اليمين كلهم من هذه الأمة، لكن لماذا كان السابقون قليل؟ كثير في الأولين قليل في الآخرين؟ وأصحاب اليمين كثير في الأولين وكثير في الآخرين؟ لماذا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(25/20)
نعم، لأن الناس يتغيرون كلما طال بهم العهد، كلما طال بهم العهد تغيروا زاد تغيرهم، ولا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، فوصف السابقين الذي اتصفوا به وهم المقربون وجودهم في صدر هذه الأمة أكثر من وجودهم في أخرها، لكن الوصف، وصف الأبرار أصحاب اليمين كما أنه وجود في صدر هذا الأمة موجود في أخرها على حد سواء، يعني: قد يكون في الآخرين باعتبار كثرة الناس، وإذا كان المجموع في السابق ممن مات عنهم النبي -عليه الصلاة والسلام- حدود مائة ألف، وتصور أن السابقين مثلاً منهم سبعون أو ستون ألف، وأصحاب اليمين البقية أربعون ألف من الصحابة، فالسابقون من الآخرين لم يصلوا إلى العدد الأول لأن المقربين أفراد، وقلة بالنسبة لأصحاب اليمين الأبرار، بينما الأبرار في غمرات أي: جموع كثيرة من المسلمين على مر العصور فيهم كثرة ولذا قال: {ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ*وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخِرِينَ} ما قال فيهم قليل من الآخرين، لماذا؟ يعني: قد يقول قائل مثلاً: بالنسبة لنتائج المدارس نفترض أن السابقين نضع مكانهم من تقديره ممتاز، وأصحاب اليمين من تقديرهم جيد جداً، وأصحاب الشمال هؤلاء هم الراسبون، أصحاب السابقون بامتياز كم عددهم، يكون كثير قليل لأن الدرجات المطلوبة لهذا التقدير صعبة وثقيلة، كما أن الأعمال المطلوبة من السابقين أيضاً ثقيلة على النفوس، وأصحاب اليمين تجدهم أكثر لأن الشرط أوسع كما أن من تقديرهم جيد جداً أو جيد عددهم كبير بالنسبة للناجحين، أكثر ممن قليل وتقديره ممتاز، هذا على سبيل التقريب، يعني: يوضح لنا أن السابقين بثقل الأوصاف لابد أن يكونوا قلة، لابد أن يكونوا قلة، بمقابل أصحاب اليمين الذين هم الأبرار، وأما بالنسبة لأصحاب الشمال وهم الذين نضرناهم بالراسبين فهم كثرة، بل أكثر لكثرة التفريط عند الناس، كثرة التفريط عند الناس، كم الساعة؟
طالب:. . . . . . . . .(25/21)
ثم قال بعد ذلك في الصنف الثالث: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ} [سورة الواقعة: 41]، وهم الذين يأخذون كتبهم بشمالهم، {فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ} [سورة الواقعة: 42]، السموم هي: الريح الحارة ومازال هذا اللفظ مستعمل، إذا اشتدت الريح قالوا: سموم، في سموم ريح حارة، من النار تنفث في المسام، سميت سموم لأنها تنفذ في مسام الجلد، وتصل إلى داخله، إذ جاء في الحديث الصحيح: ((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جنهم، وأشد ما يوجد من الحر فإنه من نفس جنهم وأشد من البرد فهو من زمهريرها))، - نسأل الله السلامة والعافية-، يعني: ناس ويذوقون الحر الشديد والبرد الشديد لكن كما قال الله -جل وعلا-: {هل من مدكر} ترد هذه الأمور إلى ظواهر طبيعة ويدرس وعلى مستوى عالي رؤساء دول يدرسون موضوع الاحتباس الحراري، وأن الحرارة في سنة ألفين وخمسين قد تصل إلى مبلغ لا يطيقه الناس، لكنهم لا يدكرون ولا يعتبرون، وإذا علموا من هذه الدنيا شيئاً فإنما علمهم في الظاهر، {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [سورة الروم: 7]، قد يقول قائل: كيف يعلمون ظاهر وهم عرفوا أسرار واخترعوا مخترعات أشياء قد يحار العقل فيها، نقول: نعم يعلمون ظاهر من الحياة الدنيا، ولا يعرفون حقيقة الحياة الدنيا، لأنهم لو علموا حقيقة الحياة الدنيا لأمنوا، والذي يعرف حقيقة الدنيا هو المسلم العامل المرضي لربه، هذا هو الذي يعلم حقيقة الحياة الدنيا، وإلم يعلم ظاهره، يعني ما يستطيع أن يخترع ولا يدرك كنه بعض المخترعات ولكنه يعرف حقيقة الدنيا، إلا أنه يسلم يحقق الهدف الذي من أجله خلق، وهؤلاء أصحاب المخترعات وأصحاب التقنيات لا يعلمون من الدنيا إلا الظاهر، لأنهم لو علموا حقيقة الحياة الدنيا لأسلموا لقادهم ذلك إلى الإيمان، ولذا قيل قال بعض أهل العلم: أنه لو أوصى من العقلاء أو بأعقل الناس لوقف وقفة وجعل لأعقل الناس صريف إلى العباد، الزهاد، الذين عرفوا حقيقة الدنيا وعزفوا عنها، فلن تستملهم، لكن مع ذلك لا بد من الحصول على ما تقول به هذه الحياة الدنيا، ولذا جاء: {وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [سورة القصص: 77]،(25/22)
فالعاقل هو الذي يجعل هذه الدنيا مجرد مرر للآخرة، ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، عابر السبيل)) الذي يحرص على أن يحمل الأشياء الثقيلة على ظهره وهو في الطريق؟ لا يحمل الخفيف، يحمل ما يبلغه ما يطول به بلاغه، وما عدا ذلك من أمور الدنيا لا يحمله لآلا يثقله ويوهنه يحبسه عن تحقيق الهدف الذي من أجله خلق، يقول: في سموم في ريح حارة من النار تنفذ في مسام الجلد، في مسام يعني تنفث إلى داخل البدن، وحميم ماء حار شديد الحرارة، سموم الهوا شديد الحرارة، والماء شديد الحرارة - نسأل الله السلامة والعافية-، فماء الحميم إذا أقبل به على وجه ليشرب منه سقطت جلدة وجه في الماء، نقول: حميم كم درجة الغيلان؟ لا، المسألة تختلف يعني الماء الحار، الماء الذي يعد لشاي أو للقهوة لا يمكن أن شربه إنسان على أنه ماء لا يمكن، تفتح السخان وتشرب ماء! هذا لا يمكن أن يستساغ، مع أنه بالنسبة للحميم لا شيء، كما أن نسبة نار الدنيا بالنسبة إلى نار الآخرة نسبة واحد إلى سبعين، ((جزء من سبعين جزء، قالوا وإن كانت كافية يا رسول الله، يعني نار الدنيا كافية للإحراق، قال لكنها فضلت عليها بتسعة وستين جزء))، فجاءه بعض بالآثار: ((أن من يدخل النار لو خرج منها لنام في ناركم))، باردة بالنسبة للنار الآخرة، وهنا في {فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ} [سورة الواقعة: 42]، ماء شديد الحرارة.(25/23)
{وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ} [سورة الواقعة: 43]، لأنه إذا لفحه السموم الحار وشرب من الماء الحار، هرع إلى ضل يستظل به فيجد الظل، فإذا وجده فإذا به من يحموم من دخان شديد السواد، يظنه ظل يتقي به من هذا السموم والحميم فيجده من يحموم، دخان شديد السواد لا بادر كغيره من الأظلال، الظل ليس ببارد، كما هو شأ الظل في الدنيا، الظل في الدنيا بالنسبة إلى العرى الشمس بارد، لا بارد كغيره من الضلال، ولا كريم حسن المنظر لأن فيه دخان شديد أسود ولا كريم، {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ} يعني: في الدنيا {مُتْرَفِينَ} [سورة الواقعة: 45]، لماذا استحقوا مثل هذا العذاب؟ لأنهم كانوا قبل ذلك يعني: في الحياة الدنيا مترفين منعمين لا يتعبون في الطاعة، يتركون الواجبات؛ لأنها تشق عليهم، تشق عليهم الطاعات، إذا نودي لصلاة الصبح برد، إذا نودي لصلاة الظهر والله حر شديد، العصر وقت راحة، المغرب إلى أخره، مترفين متنعمين، ترف جاء في النصوص كلها مذموم، الترف مذموم والإخلاد إلى الدنيا والراحة وعدم تكليف النفس هذا كله مذموم، وهذا سبب خراب الأمم والدول,كما قرر ذلك ابن خلدون في مقدمته، {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا} [سورة الإسراء: 16]، فالترف مذموم والإخلاد إلى الراحة مذموم، لا بد أن يكون المسلم جاداً في حياته عاملا بما أوجب الله عليه مجتنب لما نهي عنه بحزم وعلم وقوة، لا تردد فيه.
{إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ} يعني: في الدنيا مترفين منعمين لا يتعبون في الطاعة، {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ} [سورة الواقعة: 46]، الذنب يصرون على الذنب العظيم الذي هو الشرك، الذي هو أعظم الذنوب، فهم مشركون يعني: استحقوا الخلود في النار، لأنهم أصروا على الحنث العظيم، وقد يستحقون الدخول دخول النار من غير خلود لإصرارهم على الحنث، الذم الكبير من كبائر الذنوب، ولو لم يخلدوا فيها، إذا لم يصروا على شرك وماتوا على التوحيد فإنهم قد يعذبون بارتكابهم بعض الذنوب وإصرارهم عليها، يمتون على غير توبة منها، {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ} يعني: الذنب العظيم الذي هو الشرك.(25/24)
{وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [سورة الواقعة: 47]، {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا تراب وعظاماً أئنا لمبعوثون}، يستبعدون البعث لماذا؟ لأن من مات انقطعت أخباره وفارقت روحه حياته وبلي وفني جسده، وصار عظمه رميماً، {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [سورة يس: 78 - 79]، وكانوا يقولون على سبيل الاستبعاد: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [سورة الواقعة: 47] أئذا، أئنا، في الهمزتين في الموضعين التحقيق أئذا تحقيق الهمزتين في الهمزتين في الموضعين التحقيق، تحقيق الهمزتين بمعنى أنه: ينطق بالهمزتين مع التحقيق وتسهيل الثانية أئنا وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما أآئنا وإدخال ألف بينهما على الوجهين هذه قراءة قراء بها، {أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ} [سورة الواقعة: 48]، للعطف يعني: نحن وآباؤنا الأولون فتح الواو للعطف والهمزة للاستفهام، أوآباؤنا يبعثون كذلك، وهو في ذلك وفيمن قبله للاستبعاد، يعني: هذا الاستفهام يأتون به مستبعدين للبعث بالنسبة لهم ولأبائهم، قال: وهو في ذلك وفيمن قبله للاستبعاد وفي قراءة بسكون الواو، وياء قراءة ابن عامر وقالون، بسكون الواو أو آباؤنا عطفاً بأو، عطفاً بأو، والمعطوف عليه محل إن واسمها، {أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [سورة الواقعة: 47]، أو آباؤنا، ويكون معنى أو هنا معنى الواو لأن أو تأتي بمعنى الواو إذا لم يحصل هناك لبس، كأنه قال أئنا لمبعوثون أو آباؤنا يعني وآباؤنا الأولون فأو تأتي بمعنى الواو.
خير أبح قسم بأو وأبهم ... . . . . . . . . .
إلى أن قال:
وربما عاقبت الواو ... . . . . . . . . .
يعني ربما جاءت بمعنى الواو، أو بمكامن الواو عاقبة أي جاءت بمكانها، والمعطوف عليه بمحل إن في قوله: أئنا، أئنا لمبعوثون أو آباؤنا أي وآباؤنا.(25/25)
{قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ} [سورة الواقعة: 49]، {قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ} يعني من لدن آدم إلى قيام الساعة، من آدم -عليه السلام- إلى قيام الساعة، {قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ} {لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ} [سورة الواقعة: 50]، ميقات يعني: وقت يوم معلوم، أي: يوم القيامة، لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم إلى بمعنى: اللام، والأصل أن الجمع يعدى بفي لمجموعون في ميقات، في وقت يوم معلوم، لأنه ظرف والظرف يتضمن معنى في وكأن مجموعون ضمن معنى السوق، لمسوقون والسوق يعدا بالا، لمسوقون إلى ميقات يعني: لوقت يوم معلوم في أيام القيامة، ونحن بين أمرين إما أن نظمن الفعل الذي هو الجمع لمجموعون، نظمنه معنى ما يتعدى بالى كأن نقول: لمسوقون لمجموعون يعني: لمسوقون إلى ميقات يوم معلوم، أو نظمن الحرف معنى في، أو اللام كما قدره المؤلف، وأيهما أولى تضمين الفعل أو تضمين الحرف؟ نعم، تضمين الفعل أولى من تضمين الحرف، أهل العربية يقولون: إن الحروف تتقارب، يعني: يأتي بعضها في مكان بعض، {وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [سورة طه: 71] يعني: في جذوع النخل، يقولون إن الحروف تتقارب، وشيخ الإسلام ابن تيمية يقرر أن تضمين الأفعال أولى من تضمين الحروف، أولى من تضمين الحروف، وعلى كل حال التضمين موجود في لغة العرب، ويوجد في الحروف مالا يمكن تضمين الفعل بما لا يناسبه، إذا لا بد من تضمين الحرف أحياناً والأكثر هو تضمين الفعل، وشيخ الإسلام يقول: أبداً لا يمكن تضمين الحرف وتضمين الفعل هو المتعين، وأهل العربية كثير منهم يرى أن تضمين الحرف أسهل من تضمين الفعل، كم؟ نختصر على هذا والله أعلم،
وصلى الله وسلام وبارك على عبده نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.(25/26)
تفسير الجلالين - سورة الواقعة (4)
الكلام على التفسير الموضوعي- تفسير من قوله: {فمالؤون منها البطون} إلى قوله: {نحن جعلنها تذكرة ومتاعا}.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم وحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
هذا يقول: هل يشترط في المدلس أن يكون قد روى عن من دلس عنه غير ما دلسه أما أنه يكفي أن يكون قد عاصره أو لقيه؟
المدلس لا بد أن يصرح بالسماع ممن روى عنه، إذا كان ممن لا يحتمل الأئمة تدليسه، إذا كان ممن لا يحتمل الأئمة تدليسه، في الطبقة الثالثة فإنه لا بد من أن يصرح بالتحديث عمن فوقه، على ألا يوجد في السند مدلس تسوية، لاحتمال أن يكون قد أسقط راوي بين ثقتين أو ضعيف بين ثقتين لقي أحدهما الآخر وإذا وجد في السند راوي عرف بتدليس التسوية لا بد أن يصرح في السند كله بالتحديث، أما إذا لم يوجد من هذا النوع أحد فإنه يكفي في من عرف بالتدليس وروي به إذا لم يضف إلى ذلك قادح آخر، أما إذا وجد سببٌ أخر للقدح غير التدليس فلا يكفي أن يصرح بالتحديث.
يقول: شخص القائم على جمعية المتبرعين لأمور الخير، كالمساجد والتحفيظ في القرية وكان المبلغ مائتي ألف خسر فيها مائة ألف في الأسهم هل يضمنها أم لا؟ على أنه صاحب أسرة ومرتبه حوالي سبعة ألاف؟
المقصود: إذا كان ممن خول بالعمل في هذه الأموال، وصرح له من قبل المتبرعين بأن له أن يضارب ويساهم فيها، وإلا فلأصل أنه ليس له أن يتاجر فيها، هذه أموال قيمة عينة جهتها فتصرف فيها، وإذا أريد مثل هذا الزيادة في هذه الأموال، أن تودع في أوقاف تدر على هذه الجهات، تجمع هذه الأموال وتجعل في أوقاف يحسب أصلها ويستفاد من ريعها، أما تعريبها بهذه الطريقة لاسيما للأسهم التي لا يدرك كنهها، ولا يعرف مالها فيوماً تراها في الثرى، ويوماً في الثرياء، هذه ليست تجارة، هذه في الحقيقة ليست تجارة، والذي أراه أنه في هذه الحالة إلم يصرح له من أصحاب الأموال الذين دفعوها بأن يضارب فيها أنه يضمنها.
هذا يحكم: ما حكم المخيمات الصيفية وتوجيه الشباب إليها بدون علم وإنما القصص والعبر؟(26/1)
هذه المخيمات الصيفية والمراكز لا شك أنها إنما وضعت لحفظ الشباب من الضياع في أوقات العطل، هذا الأصل فيها، لكن على القائمين عليها أن يستغلوها بما ينفع الشباب، وأن لا يضيعوا أوقاتهم ويهدروها، ألا يضيعوها أن يرتبوا لهم دروس علمية تنفعهم، يرتبوا لهم حلقات تحفيظ، وحفظ متون وشرح ومحاضرات نافعة، ولا يكون أكثر الوقت مهدر في تمثيليات وأناشيد وما أشبه ذلك، وإن كانت هذه الأمور خفت في السنوات الأخيرة لكن مع ذلك على القائمين عليها أن يستغلوا أوقات لما ينفع هؤلاء الشباب.
هل يجوز تقبيل القرآن إذا وقع على الأرض؟
نقول: لا شك أن الداعي إلى هذه التقبيل أنما هو تعظيم القرآن، تعظيم القرآن، واحترام القرآن، لكن هذا لا يكفي بل لا بد أن يوجد له أصل من فعله -عليه الصلاة والسلام- أو من فعل صحابته، وجد ما يدل على ذلك من بعض الصحابة لكن أكثر الصحابة لم يفعلوا ذلك، كبارهم والمعول عليهم لم يفعلوا ذلك.
وكل خير في إتباع من سلف.
يقول: هل يثبت لله صفة القدمين أم قدم واحدة؟
في الحديث الصحيح: ((لا تزال جنهم يلقى فيها وهي تقول هل من مزيد هل من مزيد حتى يضع فيها ربنا العزة قدمه وفي رواية رجله حتى تقول قطٍ قط))، المقصود أن القدم ثابتة لله -عز وجل- والتثنية لا بد فيها من نص ملزم.
يقول: ما الفرق في نطق راهويه أو راهويه عندا لمحدثين، وأهل اللغة؟
أهل الحديث يتداولون أن النطق المعروف المتداول بينهم راهويه، ويروين في ذلك حديثاً ضعيفاً بل منكر أن ويه من أسماء الشيطان، ولذا المضطرد عند أهل اللغة راهويه مثل سيبويه ونفطويه، وهكذا هذه هي الجادة.
يقول: نسمع ونرى كثيراً ما يحصل لبعض الشباب من التعدي على بعض العلماء والمشايخ واتهامهم بأنهم سلطان بسبب فتوى في مسألة خلافية وغير ذلك، كيف يكون التعامل مع هؤلاء هداهم الله، وهل الطعن في علماء هذه البلاد أمرٌ يخوض فيه الناس؟(26/2)
على كل حال أعراض المسلمين عموم المسلمين حفرة من حفر النار، حفرة من حفر النار كما قال ابن دقيق العيد، وجاء في الغيبة ما جاء من نصوص الكتاب والسنة، هذا إذا كان في عامة الناس، الذي لا يترتب على الكلام فيهم أثر بالغ عام يشمل الناس كلهم، فكيف إذا تعدى ذلك إلى العلماء المحققين الراسخين الكلام فيهم يزهد عوام الناس فيهم، وإذا زهد الناس في علمائهم فعلى من يعولوا في بيان الدين وتلقي العلم، والفتوى إذا زهد الناس في أهل العلم ضاعوا كما هو حال كثير من المسلمين في كثير من البلدان، في كثير من البلدان، فلا يجوز حينئذٍ أن يتكلم فيهم بكلمة كسائر الناس، أضف إلى ذلك أن الأثر المترتب على الكلام فيهم أبلغ وأشد من الكلام المترتب على غيرهم، فليتق الله -جل وعلا- من أخذ أعراضهم ونشرها بلسانه وتلقاها بلسانه يتق الله -جل وعلا-ء في ذلك.
يقول: أنا كنت أطلب العلم بهمة عالية جداً ولكن النسيان، كأنه يقول: قتلني سواء في أمور ديني أو دنياي، فأرجوا الدعاء وسأدعو لك بظهر الغيب؟
نسأل الله -جل وعلا- أن يثبت العلم في قلبك، وأن يرزقك العلم الذي يدلك على العمل.
أسئلة كثيرة جداً عن المسعى الجديد والتوسعة الجديدة؟
هذا العمل لا شك أنه لا ينبغي أن يخوض فيه إلا من أدرك الصفاء والمروة على حقيقتهما، قبل التصرف فيهما، لأن البينية في السعي لا بد من تحققها، لا بد من تحققها، والذي لم يدرك الصفاء والمروة على حقيقتهما لا يدرك المسافة التي يجوز فيها السعي، وحينئذٍ عليه أن يكف عن ذلك وعليه أن يقتدي بمن رأى وعلى كل حال عوام المسلمين من اقتدى بمن تبرأ الذمة بتقليده سواء كان في الفعل أو الكف، على كل حال تبرأ ذمته في ذلك.
هل من السنة تغيير المحل في السنة الراتبة, ولقد سأل بعض العلماء وأجاب: بأنه ليس من السنة تغيير المحل؟(26/3)
طيب مادام سئل بعض العلماء لماذا تسأل مرة ثانية؟ هذه المسألة من يقول: بتغيير المحل هو لا يستند إلى أصل يمكن الاعتماد عليه, إلا مسألة التعدد، تعدد الأمكنة التي تشهد له، وأن هذا من آثاره التي تشهد له، من هذه الحيثية وإلا فقد جاء في صحيح البخاري: "ويذكر عن أبي هريرة، لا يتنوع الإمام في مكانه" يقول البخاري: ولم يصح، ولم يصح.
هذا يسأل عن قراءة القرآن في السبع كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمر: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد))؟(26/4)
هذا وميسر أن يقرأ الإنسان القرآن في سبع ولا يعوقه عن أي مصلحة سواء كانت هذه المصلحة تتعلق بالدين أو بالدنيا، بل هي عائد له على أمور دينه ودنياه، إذا جلس في مصلاه حتى تنتشر الشمس بإمكانه أن يقرأ القرآن في سبع، إذا جلس إلى أن تنتشر الشمس يعني: ساعة بعد الصلاة يقضي فيها الأذكار، وينتظر حتى يقرأ فيها أربعة أجزاء خمسة في اليوم الأول والثاني، وأربعة في بقية الأيام على تقسيم السلف، على تقسيم السلف وتحزيبهم للقرآن ثلاث في اليوم الأول البقرة وآل عمران والنساء، ثم خمس في اليوم الثاني، المائدة والأنعام والأنفال، والأعراف والتوبة، وسبع في اليوم الثالث، وتسع في اليوم الرابع، وإحدى عشرة في اليوم الخامس، وثلاثة عشرة في اليوم السادس، والمفصل من ق إلى آخره في اليوم السابع، وهذه لا تشق على طالب العلم، أبداً وإذا تعودها سهلة عليه جداً، لأن على طالب العلم أن يجعل لنفسه حزباً ثابت من القرآن لا يخل به، أما إذا ترك القراءة حسب التيسير، إن تقدم إلى الصلاة قبل الإقامة قرأ وإلا فلا، هذا لن يقرأ القرآن، الملاحظ على كثير من طلاب العلم يحرص أن يحفظ القرآن ثم إذا حفظ القرآن ضيع القرآن صار ماله ورد مرتب، يقرأ القرآن وإن قرأ نصيبه في جوف الليل فهو أفضل، أفضل لكن إذا كان ممن قيد بذنوبه عن قيام الليل فلا أقل من أن يجلس بعد صلاة الصبح ويقرأ هذا القدر المخصص لكل يوم من أيام الأسبوع، وحينئذ يقرأ القرآن ولا يعوقه هذا عن شيء من أمور دينه ولا دنياه، أمر سهل هذا أمر مجرب، نعرف شباب التزموا هذا فصاروا لا يفرطون فيه، ولا يسامون عليه سفراً ولا حضر، وأمورهم ماشية، أمورهم ماشية، قد يقول قائل: إنا مرتبطين بدروس بعد صلاة الصبح فكيف أقرأ القرآن؟ يا أخي بعد الدرس اجلس ساعة وتنتهي أو قم قبل صلاة الفجر بساعة وتنتهي، على كل حال ضع هذا من أولى أولوياتك وأهم اهتماماتك، ثم تجد الراحة، والمتعة في قضاء هذا الوقت مع كلام الله -جل وعلا-.
التقسيم ثلاث هذا في اليوم الأول: البقرة، وآل عمران، والنساء.
والثاني: خمس أي: بتدريج ثلاث، خمس، سبع، تسع، إحدى عشرة، ثلاثة عشرة، ثم بعد ذلك يبقى مفصل، من ق إلى آخر القرآن.(26/5)
البقرة وآل عمران والنساء في اليوم الأول، ثم المائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة خمس في اليوم التالي، ثم بعد ذلك من يونس إلى أخر النحل في اليوم الثالث، ثم من الإسراء إلى الشعراء في اليوم الرابع، ثم من الشعراء إلى ياسين في اليوم الخامس، ثم من ياسين إلى ق في اليوم السادس، ثم من ق إلى آخره في اليوم السابع، يعني: تقسيم متقارب نعم في اليوم الأول والثاني فيه زيادة لكن لا يمكن التقسيم بالحروف كما كان يفعل بعضهم، يقف على قوله: {فليتلطف} هذه حتى ولو كان هذا نصف القرآن بالحروف لا ينبغي؛ لأن مراعاة المعاني لا شك أنها مهمة بالنسبة إلى القرآن حتى الوقوف في أثناء سورة ولو قدر أن هذه ثلث أو ربع القرآن كما قرر عند أهل العلم، والتحديد هذا ثابت عن الصحابة في سنن أبي داوود، التحديد الذي ذكرته، ومن أراد أن يقرأ القرآن في ثلاث يقرأ إلى أخر التوبة في اليوم الأول، ثم إلى آخر ألم في سورة السجدة في اليوم الثاني، ثم إلى أخرا لقرآن في اليوم الثالث.
يقول: نرجو التذكير بالأيام البيض يوم غدٍ إن شاء الله- تعالى - يوم الأربعاء بدايتها؟
لكن هل هذا مجزوم به رؤيا الهلال؟ أو على التقويم؟ لا لا بد من رؤية الهلال.
يقول: تقدم لابنت أخي رجل يعمل في أحد البنوك التي لا تخلوا من المعاملات الربوية بل هو مشهور بذلك، وجاء والدها يستشيروني ويقول: الرجل مشهور بظرافته وحسن خلقه وحبه للغير إلا ما يؤثر عليه في هذا الجانب المذكور؟
مثل هذا لا بد أن تقبل قبل، قبل حسن الخلق أن يكون معروف بالديانة، ((من ترضون دينه، وأمانته فزوجوه))، لا بد أن يكون معروف بالديانة، محتاطاً لنفسه والذي يزاول هذه الأعمال لاشك أنها خرم في دينه، وأي: خرم في الربا من عظائم الأمور وإلم يزاوله بنفسه فقد أعان عليه.
يقول: انتشر في الآونة الأخيرة بين الشباب الحزبيات والمنابزات بالألفاظ والالتفاف حول الجماعات ثم ذكر بعض الجماعات؟(26/6)
لا شك أن هذا مما رضي به الشيطان في جزيرة العرب، لأنه أيس أن يعبد في جزيرة العرب ورضي بالتحريش، ورضي بالتحريش، ولا شك أن هذه الاشتغال بهذه الأمور عائق ومذهب لبركة العمر، مذهب لبركة العلم والعمل، وعلى طالب العلم أن يلتفت إلى ما هو بصدده، من طلب العلم من الوحيين وما يخدم الوحيين، اعتصم بالكتاب والسنة ويقتدي بمن سلف وإذا كان هناك من أهل العلم من تبرى الذمة بتقليده ورآه أرجح من غيره واعتمد فتواه أو قوله إذا لم يكن للنظر والاستدلال فله ذلك، على كل حال على طالب العلم أن ينجلي على نفسه ويترك القيل والقال، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن القيل والقال.
أسئلة كثيرة ما ندري ما نأخذ وما ندع، والوقت يضيق على، يضيق حقيقة عن تفسير الآيات التي التزمنا بها هذا في الصورة الأولى فضلاً عن الثانية، لكن هذه موضوع مهم.
يقول: ما رأيكم في التفسير الموضوعي حيث نقول بعض الأخوان أن هناك من يعارض عليه؟(26/7)
التفسير الموضوعي إذا أضيف إلى التفسير التحليلي ينتفع به طالب العلم، فمثلاً في التفسير الموضوعي إذا أخذ موضوعاً مهماً من موضوعات القرآن وينفع في هذه ويقربه، مثل المفردات الراغب، يعني يجيلك المفردات في جميع القرآن ويفسرها في موضع واحد، فمثلاً إذا احتجنا إلى تفسير أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة في سورة الواقعة، إذا نظرنا إلى السورة بمفردها ألا يحصل في هذا نقص وخلل، لكن إذا قارنا فيها ما جاء في السور الأخرى كسورة البلد مثلاً اتضحت السورة لدينا أكثر، فإذا نظرنا إلى موضع أخر أنظم إلى ذلك ما نحتاج إليه في توضيح هذا اللفظ أكثر، يعني: لو جمع الإنسان لفظ أو مادة الترف في القرآن، أو الإخبات، مثلاً أو التقوى، يعني: كونه ينضر إليها في موضع واحد قد يكون هذا الموضع الذي نظر إليه بمفرده مجمل، وقد بني وفصل في موضع أخر، فإذا نظر إلى هذا الموضوع في جميع القرآن اتضحت له الصورة أكثر، يظهر هذا جلياً في قصص القرآن، فقصة آدم تكررت في مواضع من القرآن، قصة موسى تكررت في مواضع، في بعض المواضع تكون مجملة، وفي موضع آخر تكون مفصلة، وفي موضع ثالث تكون على صورة مغايرة لما تقدم، فإذا نظر إلى هذه القصة في جميع القرآن صار التصور كاملاً عنده، لكن إذا نظر إليها في موضع أخر وغفل عن المواضع الأخرى يكون التصور عنده ناقص، يكون التصور عنده ناقص، ولذا التفسير الموضوعي على هذه الكيفية، يعني: أنت مثلاً تبحث عن صفات المؤمنين، صفات المؤمنين لا بد أن تنظر إليها في جميع القرآن، فيكون من ناحية التفسير موضوعي لأن هذا موضوع فلا تنظر إليها من سورة البقرة فقط، بل تنظر إليها في جميع القرآن تتضح لك الصورة وتكتمل، لأن بعض المواضع مثل ما ذكرنا وذكر أهل العلم مجملة وبينة في المواضع الأخرى، وإذا أتي على جميع ما في القرآن على ما يخص هذا الموضوع، ثم بعد ذلك ثني بماء جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم ثلث بما جاء عن سلف هذه الأمة وأئمتها تكون الصورة واضحة مثل الشمس، يعني: الإنسان يحتاج إلى مؤلف مثل مدارج السالكين لابن القيم، مدارج السالكين لابن القيم، كتاب عظيم ومن أنفع ما يقرأه طالب العلم لكن ما يسلم من بعض بقايا الآثار التي(26/8)
أودعها المؤلف الأصل صاحب منازل السائرين، وابن القيم -رحمه الله- حاول أن يقرب كلامه لكنه لم يقضي على جميع ما عنده من المخالفات، رحمت الله عليه فبإمكانك أنت يا طالب العلم أن تؤلف كتاب نظير مدارج السالكين من غير أن ترجع إلى مدارج السالكين، شوف المنازل التي تكلم عنها ابن القيم، واكتب المنزلة ثم بعد ذلك اشرحها من خلال كتب اللغة، وأتمنى من كل طالب علم أن يعمل بنفسه، ولا يعتمد على غيره، اشرح هذه الكلمة من كتب اللغة، اجمع المنازل التي ذكرها ابن القيم، ثم منزلة منزلة، اشرحها من كتب اللغة، ثم بعد ذلك أنت بنفسك راجع القرآن والأمور متيسرة الآن ما يقال هذا يحتاج إلى حافظ، ما يحتاج إلى حافظ، بإمكانك من خلال المعجم المفهرس لألفاظ القرآن أن تجمع كل ما جاء في هذه اللفظة من القرآن تأتي بها وإن راجعت عليها بعض التفاسير المختصرة ووضحت معاني هذه الكلمات في المواضع كلها اتضحت لك الصورة، ترجع أيضاً إلى المعجم المفهرس لألفاظ الحديث فتذكر ما جاء في هذه اللفظة من أحاديث، ثم بعد ذلك تنضر في أقوال السلف من الصحابة والتابعين، ثم تقابل كلامك بكلام ابن القيم، تجد لابن القيم نفائس ودرر وشيء يعني: ما يخطر البال تضيفه إلى ما كتبت، يعني: إذا انتهى الكتاب يصير عندك من علوم الكتاب والسنة بهذه الطريقة، وأتت ثقة تامة أنك تكون قد أفدت فائدة عظيمة وفي الوقت نفسه ثابت راسخة لماذا؟ لأنك اعتمدت على نفسك ما اعتمدت على أحد، لأنك لو اعتمدت على أحد ما تدرك ما لوا اعتمدت على نفسك، وهذا هو التفسير الموضوعي. لو نجيب على عشرة أسئلة يجين عشرين، على هذا ما ننتهي، يقول: هذا السؤال مهم جداً يعني: في الحديث الذي ذكرناه، إن الشيطان أيس أن يعبد في جزيرة العرب ورضي بعد ذلك بالتحريش، وقد وجد الشرك الأكبر يعني: قبيل بعثة الإمام المجدد وجد الشرك الأكبر، وجد من يعبد الأحجار، وجد من يعبد الأشجار، وجد من يعبد الأولياء والصالحين والقبور في جزيرة العرب، وكون الشيطان أيس هذا على حد ظنه، وهو ظن أنه بعد أن انتشر الإسلام أنه خلاص لن يعبد الإسلام قوي، بعد الفتح قوي، وبعد ذلك من الفتح إلى وفاته عليه الصلاة والسلام صار في غاية القوة، فخيل(26/9)
للشيطان أنه لن يعبد بعد ذلك، فصار يقنع بالدون بالتحريش، لكن هل ظنه طابق الواقع أو خالف الواقع؟ وهل يكون حينئذٍ ظن أو وهم منه؟ لأن الواقع يشهد على خلاف ظنه، فالأدق أن نقول: توهم أنه لن يعبد في هذه الجزيرة، وأوصله حسرته وندمه على ذلك إلى أن أيس واستحسر أن يعبد، لكن هل ترك؟ ما ترك، {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [سورة فاطر: 6]، فهو عدو إلى قيام الساعة، فيقول والله م ما أخشى أن تسلكوا بعدي على التهويل من الدعوة إلى التوحيد لا، التوحيد رأس المال والدعوة إليه سبيل النبي - عليه الصلاة والسلام- وسبيل من اتبعه، لأنه لا يصح أي عمل من الأعمال بدون توحيد، بدون توحيد لا يصح أي عمل {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [سورة النساء: 48]، {لان أشركت ليحبطن عملك} ما في عمل يمكن أن يقبل بحال من الأحوال إلا بعد تحقيق التوحيد.(26/10)
يقول رحمه الله تعالى في قوله- جل وعلا-: {ثم إنكم أيه الضالون، لآكلون من شجر} ثم إنكم تأكيد بعد تأكيد، ضالون المكذبون، الذين يكذبون بيوم الدين، الذين يصرون على الحنث العظيم، الذي هو الشرك لآكلون من شجر من زقوم، ومن هذه تبعيضية وإلا بيانيه، يقول: بيان للشجر، من زقوم بيانيه، {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} يعني: بيانيه، وننزل {وننزل من القرآن ما هو شفاء} هل هي بيانية وإلا تبعيضية؟ نعم؟ هذه الأكثر على أنها بيانية، وأن القرآن كله شفاء، ومنهم من يقول تبعيضية، لكن ما الذي يترتب على ذلك؟ قال يترتب على ذلك أنه لو جيء لك بمريض تقرأ عليه، وقرأت: {تبت يدا أبي لهب وتب} أنه مظنة للشفاء لأنه القرآن كله شفاء، والي يقول تبعيضية يقول: لا اقرأ عليه ما يناسب القرآن، ما يناسب الحال، لأن من القرآن ما هو شفاء، ومن القرآن ما هو أحكام، ومن القرآن ما هو عقائد، ومن القرآن ما هو قصص، ومن القرآن إلى أخره من الموضوعات المتعددة في القرآن، فعلى هذا إذا جئ لك بمريض لا تقرأ عليه تبت، اقرأ عليه الفاتحة وما يدريك أنها رقية، اقرأ عليه المعوذتين، اقرأ عليه أية الكرسي، اقرأ عليه البقرة إذا كان مسحور، اقرأ عليه ما يناسب المقال، ومن الطرائف أنه دعي شخص لرقية مريض، وهذا الشخص يعرف أن هذا المريض يسرف على نفسه، يرتكب المنكرات، فأراد أن يعضه من خلال الرقي، فجاء له فقرأ عليه الآيات التي تحذر من المنكرات التي يرتكبها: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [سورة الفرقان: 68] ثم يكررها ثلاثاً وينفث عليه، هل هذه رقية؟ إذا قلنا بيانية وأن القرآن كله شفاء نعم، ويعرف عليه بعض المنكرات فأورد عليه الآيات كلها التي يعني اجتهاد من هذا الشاب، لكن هل هو اجتهاد مناسب وهل هذا وقته، وهل الموعظة تكون بمثل هذه الطريقة وهذا الأسلوب؟ هذا كله محل نظر، وإذا قلنا: إن من بيانية ما في إشكال إلم يكن ثم مانع فإنه يشفى لأن قلنا تبعيضية فإن هذه ليست من آية الرقية.(26/11)
{من زقوم} بيانية من بيانية بيان للشجر المذكور، من شجر {فَمَالِؤُونَ مِنْهَا} [سورة الواقعة: 23] منها أي من الشجر، والشجر مثل السدر ومثل التمر، مما يفرق بينه وبين واحده بالتاء، ويسمونه اسم جنس، فمالؤون منها أي: الشجر البطون، {فمالؤون منها البطون} هل البطن الذي يملأ بما يؤكل ويشرب أو المعدة فقط؟ نعم المأكول والمشروب يذهب إلى أين، إلى المعدة، لكن المعدة إذا امتلأت امتلأ البطن وهذا أمر مشاهد ومحسوس، إذا امتلأت المعدة امتلأ البطن، فصح أن يقال: {فمالؤون منها} لأن هناك استعمالات عرفية، بعض العامة إذا آلمه شيء سواء كان في المعدة أو في الرائية أو في الطحال أو في أي جز من أجزاء ما يحتويه البطن، قال: ما الذي يؤلمه يقول: الكبد، كبده تؤلمه، هذا استعمال عرفي عند كثير من العامة، في بعض الجهات ما يطلقون على ما الجوف كلي إلا الكبد، لكن العرف الخاص عند الأطباء يختلف عن هذا اختلاف جذري، ولذلك الذي لا يعرف هذا المصطلح العرف العام عند الناس، قد يعطيه من خلال كلامه علاج للكبد، ويتضرر به، والألم في الرائية مثلاً، والعامة تقول: امتلأ بطنه لأنه امتلأت معدته وبالتالي امتلأ البطن.
{فشاربون عليه} على هذا الزقوم الذي ملأ البطن، الزقوم المأكول من الحميم، {فشاربون عليه} يعني: على هذا المأكول من الحميم، وهو الماء الحار، الماء الحار، الذي جاء في بعض الأخبار: ((أنه إذا أدناه من وجهه سقطت جلدة وجهه))، وجاء في الأثر: " أنه لو جاء شخص يعرفه في الدنيا لعرفه من جلدة وجه الذي سقط"، حميم وهل يقول أن هذا الحميم أن درجته مائة أو ألف درجة الغليان فيه، الله أعلم بمقداره، إذا أدناه من وجهه سقطت جلدة وجهه، {فشاربون عليه من الحميم} فشاربون شرب، أو شَرب أو شِرب هذه الثلاث اللغات في هذه، لها شرب، ولكم شرب، وشرب بفتح الشين هم الجماعة الشراب الذين يشربون، ويقال لهم شرب، والشرب يقال: من مصدر شرب، يشرب شرباً، شرب الماء وسيشربه شرباً وشًرباً، يقول: بفتح الشين وضمها مصدر وابن مالك - رحمه الله- يقول:
فعلُ قياس المصدر المعدى ... منذ ثلاثة كرد رد(26/12)
الأصل الفتح في المصدر، والشرب أصل المصدر، وهنا يقول كلاهما مصدر، شرب، شُرباً، بفتح الشين وضمهما مصدر، يعني: بالفتح قرأ ابن كثير وابن عامر، وابن عمر، والكسائي وغيرهم قرؤوا بالضم شُرب، الهيم، الإبل العطاش، الأصل فيها أن الإبل الهائمة على وجهها، وفي الصحاري والبراري والقفار، هائمة على وجهه، ويترتب على ذلك العطش الشديد فإذا وصلت إلى الماء شربة شرب كثيراً، ولذا قال: الهيم الإبل العطاش، جمع هيمان للذكر، وهيما للأنثى، كعطشان وعطشاء، تقدم في قوله: عين مفرده عينا كحمراء عين مفرده عينا كحمراء وهنا قال: هيم جمع هيمان للذكر، وهيما للأنثى، وهناك مفرده عينا، وأعين، أعين، وعينا، وهنا قال: وذكرنا أنه هناك أن المؤلف - رحمه الله تعالى - سبق قلمه إلى هذا، لأن عين أصلها فعل بضم العين لكن كسرة للمجانسة، وهنا هيم أصلها فعل بضم الهاء فهي كحمر، وحينئذ يكون المفرد بالنسبة للمذكر أحمر أفعل، أهيم، وبالنسبة للمؤنث مثل حمراء هيما، لو عندنا مثلاً هيمان للمذكر، وهيما للأنثى، كعطشان وعطشا، إذا قلنا هيم الأصل أن الهاء مضمومة مثل عين فعل كحمر، والمفر حينئذ على أفعل وفعلا كأحمر وحمراء، وعلى هذا يكون مفرد هيم أهيم، بالنسبة للمذكر، وهيما بالنسبة للأنثى، خلافاً لما يقوله المؤلف -رحمه الله تعالى- حينما قال: جمع هيمان للذكر وهيما للأنثى، كعطشان وعطشا، ما تقدم من الأكل من هذه الشجرة، الخبيثة الزقوم، التي تملأ البطون والشرب عليها بكثرة من هذا الماء الحار شديد الحرارة، {هذا نزلهم} النزل ما يعد للضيف، ما يعد للضيف هذا نزلهم ما أعد لهم يوم الدين، يعني: يوم القيامة، يوم الجزاء، يوم الحساب هذا نزل، يعني: التعبير بما أعد لهؤلاء من الزقوم والماء الحميم الحار، بأنه نزلهم يعني: أول ما يقدم لهم كالنزل الذي يقدم للضيف أول ما يقدم وهذا على سبيل أيش؟
طالب:. . . . . . . . .(26/13)
نعم، على سبيل التهكم، على سبيل التهكم، لأن الضيف بصدد أن يكرم، وهؤلاء بصدد أن يهانوا، فلا يقال لهم في الأصل نزل، لكن من باب التهكم، كما في فبشرهم بعذاب أليم، الأصل في البشارة أنها بما يسر لكن البشارة بما يسوء على جهة التهكم، {نحن خلقناكم} يعني: أوجدناكم من عدم، {نحن خلقناكم} يعني: أوجدناكم من عدم، يعني: هل الإنسان وجد من لا شيء، أو وجد من مادة؟ يعني: آدم خلق من تراب، وحواء خلقت من ضلعه، والبقية بالتناسل بين الجنسين، حشا عيسى - عليه السلام - فإنه من أم بلا أب، يقول: أوجدناكم من عدم، يعني: هل وجد الجنس من لا شيء؟ نعم إذا نظرنا إلى جنسه فإن جنسه غير مسبوق به، يعني: آدم غير مسبوق بشيء من جنسه، وكونه يخلق من مادة من غير جنسه كأنه خلق من عدم، بالنسبة لجنسه وإلا هو خلق من شيء موجود وهو التراب، وغيره خلق مما يخرج بين الصلب والترائب، فإذا نظرنا إلى الأصل قلنا: أنه خلق من شيء لكن إذا نظرنا إلى الجنس فإنه خلق من عدم، كما قال المؤلف: أوجدناكم من عدم، فلولا هب، يعني: هلا تصدقون، يعني إذا نظر الإنسان في نفسه تأمل الإنسان في نفسه، يعني: هل خلق من لا شيء؟ هل خلق نفسه؟ هل يمكن أن يدعي أنه خلق نفسه؟ لا لابد أن يعترف بأن له خالق، ولذا الكفار المشركون يقرؤون بأن الله - جل وعلا- هو الخالق وهو الرازق، لكن لا يعترفون بالإلوهية ينبسون لغيره أو يشركون معه غيره أو يعبدون من يقربهم إليه زلفى، تصدقون بالبعث يعني: لا ينكرون أنهم خلقوا وأن الله خالقهم، لا ينكرون أن الله - جل وعلا- هو الخالق الرازق المدبر المميت، إذا كان يعترفون بهذا فلماذا لا يعترفون بالنشأة الأخرى بالعبث بعد الموت؟ إذا القادر على الإنشاء قادر على الإعادة وهو أهون عليه، وهو أهون عليه، القادر على الإنشاء قادر على الإعادة، وهذا لا شك أنه أهون والكل هين على الله - جل وعلا -، الكل هين؛ لأن الأولى والأخرى إنما تكونان بكن فأفعال التفضيل ليست على بابها، لكن في عرف الناس وتصورهم أن إعادة الشيء يعني: في المحسوسات تصنيعه للمرة الأولى مثل تصنيعه للمرة الثانية، لا يختلف، يختلف إعادة التصنيع يعني: عندك المادة موجودة، نعم تحتاج إلى شيء من(26/14)
التعديل تحتاج إلى شيء لإعادة الصناعة من جديد، والمادة موجودة، أسهل من كون المادة مفقودة بحيث: يسعى في تجميع المادة، ثم تجميع هذه المواد المجتمعة وإعادتها مرة ثانية، وهو أهون عليه، تصدقون بالبعث والقادر على الإنشاء قادر على الإرادة، {أفريتم ما تمنون * نحن خلقناكم} كان الخالق هو الله - جل وعلا - وأنتم تعرفون ويخاطب كفار قريش أنتم تعرفون كيف وجدتم وخرجتم في هذه الحياة الدنيا، يعني: كيف تمت العملية بين الزوج والزوجة ليخرج من بينهما ولد ذكر أو أنثى، {نحن خلقناكم} لكن كيف كان هذا الخلق! توضيحه في قوله {أفريتم ما تمنون} ترقون من المني في أرحام النساء، لهذا تمم العملية يعني: مبدأ العملية ومنشأ العملية من {أفريتم ما تمنون} تريقونه في أرحام النساء، ثم بعد الأطوار أربعين يوماً، ثم أربعين ثم أربعون، نعم؟ ثم بعد ذلك ينفخ فيه الروح ثم يتدرج في بطن أمه إلى أن يخرج إنسانا سوياً.
هذا سؤال تكرر كثيراً بل هو طلب.
يقول: هل من كلمة إلى ضرورة الاحتساب من الأخوة وفقهم الله على المنكرات المنتشرة في المجتمع حتى لا تنخرق السفينة ويدرس الدين، واستشعار الأجر على ذلك؟(26/15)
يعني: نعلم جميعاً ويعرف كل من قرأ القرآن أن هذه الأمة إنما فضلت على غيرها بالأمر المعروف والنهي عن المنكر، {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [سورة آل عمران: 110] يعني: تقديم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان ألا يدل دلالة واضحة على أهميته، وأنه هو السبب الذي فضلنا فيه على سائر الأمم، وإلا فالأمم السابقة من أمن منهم من أسلم يؤمن بالله، ولا يقبل أي عمل إلا بالإيمان بالله، لكن لماذا قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله؟ لأنه هو السبب الذي فضلنا به، وإلا فالإيمان موجود فينا وموجود في غيرنا، من الأمم السابقة، فعلى الإنسان أن يستشعر من واجبه الذي أوجبه الله عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه)) ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وأهل العلم يجمعون على أنه لا يجوز تغيير المنكر بما يترتب عليه منكر أعظم منه، فعلى الإنسان أن ينكر حسب المرتبة التي يستطيعها، ويقدر عليها من غير تسبب في منكر أعظم، فلا بد في ذلك من توخي الأساليب التي تتحقق بها المصالح وتندفع بها المفاسد وإذا أردنا مصلحة ثم بعد ذلك ترتب على إرادتنا لهذا المصلحة مفسدة أعظم أو أردنا درأ مفسدة ثم ترتب على إرادتنا هذه مفسدة أعظم، فلا شك أن ارتكاب أخف الضررين من أجل تحصيل أعلى المصلحتين ودفع أعظم الضررين أمراٌ مقرر في الشرع، فعلينا أن نحتسب وعلينا أن نكر وعلينا أن نأمر وعلينا أن ننهى لكن بالطرق التي تترتب عليها المصالح وتندفع بها المفاسد، والكلمة الطبية مؤثرة بلا شك، والرفق ما دخل في شيء إلا زانة، قد يقول قائل: أن هذا الكلام يفهم منه أن من يقوم بهذا الأمر اشتهر عنهم العنف لا، لا لا ليس هذا المقصود وليس هذا المراد، الأخوان مازالوا على خير وما زالوا على جادة ولله الحمد ويقومون بعمل - نسأل الله أن يكافئهم وأن يدفع عنهم كل سوء -، لا ليس هذا هو المفهوم لأنه حين يطرق باب الرفق يظن أن باب العنف موجود، لكن هو مجرد تذكير للإخوان ومن أجل أن يقبل(26/16)
هذا الحق لأن الظرف الذي نعيشه يختلف عن عقود مضت، يختلف عن عقود مضت، فنحتاج إلى شيء من الحكمة أكثر مما كنا نحتاجه من قبل، - والله المستعان - والموضوع لا يخفى على أحد لكن بعض الناس إذا سمع هذا الموضوع يطرق بكثرة ظن أن الواقع خلافه، لا ليس الواقع خلافه، لكن يقال مثل هذا الكلام لتذكير به ولو سكت عنه، يعني: أمر أهل العلم من يعلم الناس أمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ظن خصمه أنه يؤلب الناس؛ لأن هذا الأمر مستهدف، هذا الموضوع مستهدف فلو لم نقل مثل هذا الكلام ونحن على يقين بأن الإخوان عندهم خبر وزاولوه على هذه الطريقة التي نشرحها ويشرحها غيرنا ولله الحمد لا يذكر شيء لا يكاد يذكر من مسائل التي قد يصاحبها شيء من الغيرة التي تحمل بعض الإخوان على أن يترك لبعض المغرضين شيء من الكلام في الموضوع، فإذا ذكر على هذا الموضوع عرف وأخذ عن الجميع صورة أن القصد هو الخير، وأن القصد رفع الشر ورفع الخبث الذي إذا كثر استحقت الأمة الهلاك بسببه، ((أنهلك وفينا الصالحون؟ قال نعم إذا كثر الخبث)) فهذه المساهمة في رفع أو في بذل السبب الذي يؤخر فيه الهلاك، وليعلم كل أمر وكل ناهي أن النتائج ليست بيده، وأن الله - جل وعلا- ينجي الذين ينهون عن السوء ولو لم يرتفع المنكر، {أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا} فلا بد من النهي عن السوء لينجوا الجميع، وبقدر ما يبذل في الإنكار والأمر والنهي يدفع الله جل وعلا عن المجتمعات من الشرور ما لا يعلمه ولا يحيط به إلا الله - جل وعلا -؛ لأن الإنسان مأمور أن يبذل بما يستطيع وإذا بذل ما يستطيع عذر وثوابه كامل، سواء تغير الواقع أو لم يتغير لأننا مطالبون ببذل السبب والنتائج بيد الله، وإذا كان النبي - عليه الصلاة والسلام - لا يستطيع أن يهدي من يحب فكيف بمن دونه، وهناك وسائل وهناك قنوات يمكن أن يؤخذ بها الصوت الذي لا يمكن أن يصل بمفرده، فطالب العلم يبلغ أهل العلم وأهل العلم يبلغون الولاة وحينئذ تتضافر الجهود ويقضى على المنكرات إن شاء الله – تعالى-.(26/17)
يقول رحمه الله - تعالى-: {أفريتم ما تمنون} أأنتم بتحقيق الهمزتين أأنتم وإبدال الثانية ألفا أأنتم وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركيب المواضع الأخرى، في المواضع الأخرى، {أأنتم تخلقونه}، {أأنتم أنزلتموه}، {أأنتم تزرعونه} إلى آخره، {أأنتم أنشأتم شجرتها} هذه هي المواضع الأخرى التي ستأتي، تخلقونه أي: هذه المادة التي تقذف في أرحام النساء، {أأنتم تخلقونه} أي: المني بشراً الزوج والمرأة في هذه العملية ينتهي دورهما بإلقاء هذه النطفة، ثم بعد ذلك هل يستطيع الأب أو تستطيع الأم أن تجعل هذه النطفة علقة؟ هل تستطيع أن تجعلها تصل إلى حد تكتمل بشراً سوياً؟ ليس بيد أحد شيء قد يقول قائل: أن الأطباء الآن نجحوا في أخذ حيوان من الرجل وبويضة من المرأة وتلقيحهما في مكان خارج الرحم، ثم بعد ذلك ينشأ هذا المولود في هذا المكان ويولد، لكن هل هذا بقدرتهم وإرادتهم؟! نعم لهم قدرة ولهم إرادة، لكنها مقيدة بإرادة الله - جل وعلا-، وإذا كان الموضع الأصلي لا يؤمن فيه من الإجهاض بتقدير الله - جل وعلا- فكيف بالفرع الذي هو طرف ثالث، {أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} أم هذه يعطف بها بعد الهمزة همزة التسوية أو همزة عن لفظ أي مغنية، وأم هنا {أأنتم تخلقونه أم نحن} هل هذه همزة تسوية! نعم؟ أو نقول هي منقطعة بمعنى بل، بل نحن وأم المنقطة يعطف بها المفرد ولا يعطف بها الجملة، ولا يعطف بها الجملة، والآن المعطوف نحن الخالقون مفرد وإلا جملة، جملة لكنها في معنى المفرد، بمعنى: أنه الخبر الخالقون لو حذف يتأثر الكلام؟ ما يتأثر الكلام فالتقدير أأنتم تخلقونه أم نحن فكأنها عطفت مفرد، وحينئذ يصح كونها منقطعة بمعنى بل، نحن قدرنا بالتشديد والتخفيف، بالتشديد قدرنا، وبالتخفيف قدرنا، قدرنا من التقدير، وقدرنا من القدر، نحن قدرنا يعني: من باب القدر الذي هو شقيق القضاء، قدرنا من التقدير وقدرنا بينكم، ومنهم من يقول: إن التخفيف والتشديد هنا بموضع واحد، والأصل بقدر بالتخفيف أنه من التضييق، {من قدر عليه رزقه}، يعني: من ضيق عليه رزقه لكن قالوا هنا سواء كانت بقراءة التشديد أو التخفيف بمعنى الواحد وهو القدر الذي هو شقيق القضاء، {بينكم(26/18)
الموتى وما نحن بمسبوقين} ما نحن بمسبوقين يعني: ما نحن بعاجزين مسبوقين، يعني: عاجزين، على أن نقدر ما نشاء، لسنا بعاجزين على أن نقدر ما نشاء وأن الله جل وعلا فعال لما يريد يخلق ما يشاء ويختار، يعني التقدير هذا {نحن قدرنا بينكم الموتى وما نحن بمسبوقين} يعني: بعاجزين ايش معنى بمسبوقين؟ مسبوقين على ما قدرناه، فإذا قدرنا الحياة لن يسبقنا أحد على إماتت من قدرنا حياته، لن يسبقنا أحد على ذلك؛ لأن لدينا القدرة التامة وما عدنا هو العاجز، ومن قدرنا عليه الموت لن يستطيع أحد إحيائه مهما بذل؛ لأن التقدير كله بيد الله، {على أن نبدل} على يعني: عن هنا جعل على بمعنى: عن، على أن نبدل نجعل أمثالكم مكانكم طيب هو جعل على بمعنى: عن، وقلنا: في درس مضى أن العلماء يختلفون في تضمين الأفعال وتضمين الحروف، هنا ضمن الحرف والأكثر على أن تضمين الفعل وهذا ما يقرره شيخ الإسلام أولى من تضمين الحرف، فنأتي بفعلٍ يضمنه ما يتعدى بعلى مسبوق عن كذا أو مسبوق على كذا؟.(26/19)
عجزت أوسبقت على كذا أو عن كذا، القرآن فيه على، والمفسر قدر عن فضمن عن، على بمعنى: عن وإذا أردنا أن نضمن الفعل وتبقى على في موضعها، فماذا نقول؟ نقول: وما نحن بمسبوقين، بل قادرين على أن نبدل، وما نحن بمسبوقين بل قادرين على أن نبدل نجعل أمثالكم مكانكم، نعم، أمثالهم على أن نبدل نجعل أمثالكم مكانكم يعني: المماثلة هنا في الأشكال أو في الأفعال؟ نعم؟ لا إذا هذب بأقوام وجاء بناس مثلهم في الأشكال في الهيئات وأفعالهم واحدة ما حصل تبديل، يعني: هل التبديل في الأوصاف أو في الأشخاص؟ نعم إذا تغيير الأشخاص بأشخاص غيرهم لا تختلف عنهم أوصافهم، {تتولوا نستبدل قوم غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} يعني: في الأفعال، هذا إذا قلنا: أن المراد تبديل الأوصاف فنأتي بأشخاص آخرين أوصافهم وأفعالهم تختلف عن أفعالكم وهذا تهديد، نجعل أمثالكم مكانكم، وننشئكم، أي: نخلقكم فيما لا تعلمون، وننشئكم يعني: نخلقكم في مالا تعلمون من الصور كالقردة والخنازير، لأنه قد يبدل الأشخاص مع الأوصاف، وقد يبدل الأوصاف دون الأشخاص وقد يبدل الأشخاص والأوصاف، قد تبدل الأوصاف الناس هم هم لكن بدل من أن يكونوا يعملون بالأعمال المغضبة المسخطة لله تبدل أوصافهم بأن يكونوا ممن يعمل بما يرضي الله - جل وعلا- وهذا هو المطلوب، فإن حصل وإلا بدلوا إما بغيرهم ممن يعمل بما يرضي الله - جل وعلا-، أو بأشخاصهم لكن مسخوا كما حصل في الأمم السابقة مسخوا قردة وخنازير، وذكرهم في القرآن وذكر ابن القيم - رحمه الله تعالى- في إغاثة اللهفان في فصل طويل جداً ما يحصل في هذه الأمة من المسخ، من المسخ لكثير من الناس قردة وخنازير، مسخ أشخاص ومسخ قلوب، وهذا أعظم - نسأل الله السلامة والعافية-، حتى ذكر في بعض الآثار أنه ذكر في آخر الزمان الرجلان يذهبان إلى المعصية، فيمسخ أحدهما خنزيراً، طيب الثاني أيش يصير يرجع يتوب، يحمد الله ويشكره على أن عافاه مما ابتلى به صاحبه، يشتمل على معصيته، يعني هذا مسخت صورته وهذا مسخ قلبه، - نسأل الله السلامة والعافية-، وأهل العلم يقررون أن مسخ الصورة أسهل من مسخ القلوب، وكثير من الناس يعيش بين المسلمين بل من طلبة العلم، بل ممن ينتسب إلى(26/20)
العلم يعيش وهو ممسوخ القلب، وابن القيم يقرر أن أكثر من يتعرض لهذا المسخ طائفتان من الناس، وكل ممن يغير ويحرف شرع الله - جل وعلا-، هؤلاء هم الذين يبتلون ولا نحتاج إلى مزيد التفصيل في هذا، فالأمر ليس بالسهل يعني: الإنسان يحمد الله أنه يعيش مرتاح ومبسوط ومتيسرة أموره ولكن ما يدري عن القلب، والمعول على هذا القلب {يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} [سورة الشعراء: 88 - 89]، على الإنسان أن يتحسس هذا القلب يراجع هذا القلب يسعى بما يصلح هذا القلب، الإنسان قد يفتن في العام مرة أو مرتين أو أكثر وقد يفتن في اليوم ثم لا يتوب ولا يدكر بل لا يدري هل هو مفتون أو غير مفتون؟ وهذه كارثة كون الإنسان يحسب أنه يحسن صنعاً وأنه بالعكس: {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [سورة الزمر: 47]، بعض السلف تلى هذه الآية وهو يعلم الناس يفسر لهم القرآن فأطبق المصحف ومشى، قال: أنا أخشى أن يكون هذا الدرس، هذا الدرس الذي أظن أنه يقربني إلى الله مما يبعدني إلى الله، {وبدا لهم من الله}، يظن أنه يحسن صنع وفي النهاية يكون عليه، لأن الأمر خطير جداً، أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة، منهم العالم الذي يعلم الناس، ماذا صنعت يا فلان تعلمت العلم سنين وأنا أتعلم ثم بعد ما تعلمت، عقود وهو يعلم الناس الخير والعلم والفضل وكم من الناس من انتفع به؟ لكن كما قيل: "انتفع الرسول وخاب المرسل"، ((يقال له: كذبت إنما تعلمت وعلمت ليقال عالم)) - والله المستعان - فهذا من الثلاث الذين هم أول من تسعر بهم النار، فعلى الإنسان أن يراجع نفسه، ولقد علمت القراءة التي اعتمدها المؤلف هي قراءة ابن كثير النشاآئت الأولى، النشآئة الأولى، أو النشأة هكذا، صورتها النشآئة وفي قراءة بسكون الشين يعني النشأة وهي قراءة من عدى ابن كثير وأبي عامر، {فلوا تذكرون} فيه إدغام التاء الثانية في الأصلي في الذال، تذكرون الأصل تتذكرون, فإذا أدغمت التاء الثانية في الذال صار اللفظ تذكرون، تذكرون، أما تذكرون ما في إدغام، وهنا يقول: في إدغام التاء الثانية في الأصل في الذال، يعني: في الأصل يعني قبل التخفيف، حتى صار(26/21)
اللفظ تذكرون {أفرأيتم ما تحرثونْ}، وإذا جاء السؤال بهذه الصيغة وبهذا الفعل فالمراد به: أخبروني، أخبروني عما تحرثون تثيرون في الأرض، وتلقون البذر فيها، تثيرون في الأرض وتلقون البذر فيها، هذه الحرث، يعني: الزراعة، الزراعة مكونة من: مراحل أولى هذه المراحل: حرث الأرض، يليها: إلقاء البذر في هذه الأرض، ثم: سقي هذا البذر كلها هذا من صنع المخلوق، من صنع المخلوق {أفرأيتم ما تحرثون} تثيرون في الأرض وتلقون البذر فيها {أأنتم تزرعونه}، نعم تحرثون تثيرون الأرض هذا واضح أنه من عمل المخلوق، أأنتم تزرعونه؛ لأن الزراعة تطلق على الإنبات، على الإنبات الحرث شيء، والزراعة شيء أخر، وإن كانت الزراعة تطلق في العرف على الحرث فلان يزرع وهذه مزرعة فلان تنسب إليه وتسند إليه، لكن الأصل لبن آدم والزراعة من الله - جل وعلا – التي هي الإنبات، أأنتم تزرعونه تنبتونه أم نحن الزارعون، أم نحن الزارعون، الزارع الذي أنبت هو الله - جل وعلا-، والله أنبتكم، والله أنبتكم، فالزارع الذي أنبت هو الله - جل وعلا-، لكن {أم نحن الزارعون} هل نأخذ من هذا اسم لله - جل وعلا - الزارع؟ كما قال بعضهم وكما قال في نحن الوارثون، {إن نحن نرث الأرض} فقالوا من أسمائه الحارث والزارع أم أن هذا إخبار ودائرة الإخبار أوسع لا يشتق منها اسم لكن يخبر عن الله بأنه زارع، يخبر عن الله بأنه طيب، لكن ليس من أسمائه الحسنى لا الزارع ولا الوارث ولا الطيب، ليست من الأسماء الحسنى وإنما يخبر بها عن الله - جل وعلا- ودائرة الإخبار أوسع من دائرة الأسماء الحسنى.(26/22)
{أم نحن الزارعون* لو نشاء} لو نشاء لجعلنه اللام هذه لام تأكيد ويؤتى بها حينما يكون هناك شيء من التردد عند المخطر، {لو نشاء لجعلناه حطاماً}، الفلاح حينما يحرث الأرض ويلقي فيها الزرع ويسقيها الأيام والشهور حتى يخرج النبات، يعني قد يخيل إليه في نفسه أنه هو الذي أنبت ولذا جاء الخطاب له مؤكداً {لو نشاء لجعلناه حطاماً} يعني: إذا كنتم لا تعترفون بأننا نحن الزارعون {لو نشاء لجعلناه حطاماً}، {لو نشاء لجعلناه} لأنه قد يكون في نفس المخاطب شيء من التردد فجيء به مؤكد لجعلناه حطاماً نباتاً يابساً لا حب فيه، نباتاً يابساً لا حب فيه، فظلتم أصله فظللتم، حذف تخفيفاً أي: أقمتم نهاراً تتفكهون أقمتم نهاراً، ظل فلان يفعل كذا وبات فلان يفعل كذا، ضل يعني يعمل بالنهار، وبات يعمل بالليل، بات يعمل بالليل، وضل يعمل بالنهار، ولا يلزم من البيتوت النوم، ولا يلزم من البيتوت النوم، لأنهم يقولون: بات فلان يرعى أو رعي القمر، وعين باتت تحرس في سبيل الله، ولا يلزم من البيتوت النوم، كما قرر ذلك أهل العلم وإن كانت في الليل، يعني: بات يفعل كذا، وضل يفعل كذا بالنهار، حذف تخفيفاً أي: أقمتم نهاراً لو أريد ألليل لقيل: فبتم تفكهون، لكن لما أريد النهار قال: فظلتم لأن الأصل أن وقت العلم هو النهار والليل سكن، تفكهون حذفت منه أحدى التاءين في الأصل، تعجبون من ذلك، تعجبون من ذلك، التفكه أصله: مأخوذ من الفاكهة، وقد يتوسع في معنى الفاكهة، وبعض الناس يتفكه في أعراض الناس، هذا من باب التوسع في الإطلاق، والنار فاكهة الشتاء، النار فاكهة الشتاء، فمن يرد أكل الفواكه في الشتاء فليصطلي، هذا من التوسع في إطلاق التفكه وإلا فالأصل أن تفكه مأخوذ من الفاكهة، حذفت منه أحد التاءين في الأصل، تعجبون من ذلك، تعجبون من ذلك، يعني: الإنسان يتعب الشهور حتى ينبت الزرع ثم بعد ذلك يكون حطاماً، يكون حطاماً يكون هشيماً تذروه الرياح، ثم بعد ذلك يصبح الناس يتحدثون في المجالس، حصل لفلان كذا، حصل لفلان كذا، وهم قسمان بالنسبة لصاحب الزرع: منهم من يتوجع ويتحسر، ومنهم من يتفكه ويتندر، والله المستعان.(26/23)
تعجبون من ذلك وتقولون: {إنا لمغرمون} نفقة زرعنا كأننا غرمنا وخسرنا ما بذلناه على هذا الزرع، ثم النتيجة لا شيء، {إنا لمغرمون، بل نحن} بل نحن محرومون أي: ممنوعون رزقنا، ممنوعون الرزق وهذا يحصل بسبب الذنب يصيب الإنسان وقد يحصل رفعة لدرجته في الآخرة ولو لم يكن في مقابل ذنب، {بل نحن محرومون} ممنوعون رزقنا.(26/24)
{أفرأيتم الماء الذي تشربون} يعني: نعمة من نعم الله، يعني: {أفريتم ما تمنون} من أعظم نعم الله على البشر يعني: هو سبب بقاء النوع الإنساني ثم بعد ذلك الزراعة التي من حصيلتها من يؤكل وتقوم به الحياة؛ ثم بعد ذلك الماء الذي تشربون لأن الماء وحده لا يكفي إلا ما جاء في ماء زمزم؛ لا بد من الطعام ثم الشراب، هذه نعم أصلاً النوع الإنساني إنما يتكون بمعاشرة الزوج مع زوجته على ما تقدم ثم بعد ذلك ما تنبته الأرض من المزروعات فيأكل ويبقى النوع ويستمر وإلا فإذا جاع مات، ثم بعد ذلك الماء الذي تشربون الذي منه حياة كل شيء، {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [سورة الأنبياء: 30]، {أفريتم الماء، أأنتم أنزلتموه من المزن} من السحاب، من السحاب جمع مزنا وهي السحابة، أم نحن المنزلون، أم نحن المنزلون، {أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون} من الذي ينزل المطر من السحاب هو الله جل وعلا ومن يدعي ذلك فهو كاذب هذه مسائل استمطار كل هذا لا قيمة له ولا ينبغي أن يختلف فيه مسلم، لماذا لأنه جعل خلاف ما جاء في الزارعة، في الزراعة قال: {لو نشاء جعلناه} لأنه قد يوجد من يتردد، لكن في هذا الماء الذي ينزل من السحاب قال: لو نشاء جعلنا لماذا؟ لأنه لن يوجد من يتردد، وهناك من يدعي استمطار وينزلون ومدري ايش كله لا قيمة له، {لو نشاء جعلناه} يعني: ملحاً لا يمكن شربه، ملحاً لا يمكن شربه، فلولا هلا يعني: حظ على الشكر لهذه النعمة، يعني: لو أتيت على الماء أنت عطشان شديد العطش ثم جئت إلى بئر فرحت بها فرحاً شديداًَ فنزعت فيها دلواً فلما شربت منه مججته في الأرض لماذا؟ لأنه أجاج ملح، لا يروي لا يروي الغليل، فهذا ضرره أكثر لأن الأجاج يزيد في العطش ومعلوم أن الطعام إذا زاد فيه الملح زاد فيه العطش، فإذا كان الماء كله أجاج ليش شديد الملوحة يعني هل استفاد الناس من البحار في الشرب؟ لا في الحديث: ((إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإذا توضئنا به عطشنا)) يعني: أنت كالبحر تعطش أنت في البحر نعم تعطش؛ لأن ماء البحر لا ينبت إلا عطش، فتصور أن كل المياه النازلة والنابعة كلها أجاج، ملح أليست هذه نعمة أن تجد الماء عذب زلال(26/25)
تشرب منه، والآن المليارات تصرف على التحلية من أجل أن يشرب الناس، هذا الماء الملح يشربونه عذاباً زلالاً فتصور كل ما يزل وكل ما ينبع كله ملح، يعني: أليس وجود الماء العذب نعمة من أعظم النعم، {فلولا تشكرون} هلا تشكرون الله - جل وعلا- على هذه النعم، {أفريتم النار} النار التي تورون أي: تقدح الذنب تشتعل النار سواء كانت من الشجر لأن هناك أعواد إذا مس بعضها بعضاً إنقدح وهناك حجارة يقدح بعضها في بعض، تنقدح منها النار، {أفريتم النار التي تورون} أيضاً النار نعمة من نعم الله، نعمة من نعم الله تذكرك بنار الآخرة، وتحملك على العمل للدار الآخرة، {أفريتم النار التي تورون} تخرجون من الشجر الأخضر وهذا من الغرائب والعجائب، لأن الشجر الأخضر الخضرة هذه دليل على نشوف هذه الشجرة وخلوها من الماء أو على وجود الماء؟ على وجود الماء فكون النار تخرج من الماء هذا من آيات الله - جل وعلا- من آيات الله {أفريتم النار التي تورون} يعني: تخرجون وتوقدون من الشجر الأخضر سواء كان ذلك في بداية الإيقاد من ضرب بعض العيدان على بعض، أو من استمرار الإيقاد بجمع هذه الأشجار وهذه الأخشاب، من الشجر الأخضر {أأنتم أنشأتم شجرها} أأنتم أنشأت شجرها كالمرخ والعفار والكلخ، قالوا: الكلخ أن هذا شجر يخرج من المغرب توقد منه النار، وأما المرخ والعفار فهو يخرج بكثرة في بلاد العرب، {أم نحن المنشؤون} يعني: لهذه الشجرة! الله - جل وعلا- هو المنشأ وأنت تصور نفسك أن ما عندك نار، عندك رز عند حب لكن ما عندك نار، ماذا تستفيد؟ تستفيد شيء ما تستفيد، فهي أيضاً من نعم الله - جل وعلا- أو من النعم المترتبة على هذه النار لا تكاد تحصى ولو لم يكن منها إلا أنها تذكر بنار الآخرة لكفى، وقد اجتمع قوم على نار يصطلون يستدفؤن وبينهم صبي في أول التمييز في السادسة في السابعة من العمر، رأى هذه النار فبكى، الكبار ما بكوا، لأن لهم سنين من عشرين سنة والي له خمسين سنة يشبون ها النيران وتدفون، لكن هذا الصبي بكاء، قال ما الذي يبكيك قال: أخاف من جهنم، قالوا: أنت الآن صغير ما عليك تكليف، إلى الآن ما كتب عليك سيئات، قال: لا أنا أشوفكم تبدؤون بالصغار الحطب الصغار قبل(26/26)
الكبار، هذا القلب الحي، وإلا فالأصل ما عليه تكليف هذا طفل، لكن كيف تذكر كيف اعتبر؟ هذا حث للكبار على مثل هذا التذكر، - والله المستعان-، {نحن جعلناها} يعني: هذه النار تذكرة لنار الآخرة، لنار جهنم وهذه من أعظم فوائدها، لو لم يكن فيها إلا هذه الفائدة كفى، لكن من منا من يتذكر هل من مدكر؟ القلوب تحتاج إلى تحريك تحتاج إلى إعادة نظر، تحتاج إلى مزاولة ما يشفيها من مرضها وما يحييها من موتها؛ {نحن جعلنها تذكرة ومتاعا} لنار جنهم ومتاعاً بلغة للمقوين للمسافرين من أقوى القوم إذا صاروا بالقوى بالقصر والمد أي: القصر وهو مفازة لا نبات فيها ولا ماء، للمقوين يعني: المسافرين، المسافر ما. . . . . . . . . للماء وإذا لم يجد مات، بينما المقيم إذا لم يجد وجد من يعينه من جار من قريب من بعيد يتسبب، لكن لما يكون مسافر في أرض قفر هو أحوج الناس إلى هذه النار، ومنهم من يقول: للمقوين للجائعين، كما يقال: بات فلان القوى، يعني: على جوع، وعلى كل حال هي متاع للجميع للمسافر والمقيم، للجائع وللشبعان، للغني وللفقير، للكبير والصغير، لكنها في حال السفر ضرورة، ضرورة يعني: إذا لم تجد ما توقد عليه على طعامك في بيتك وأنت مقيم ذهبت إلى الجيران عندكم كبريت، عندكم حطب، عندكم غاز، تنحل المشكلة، لكن المسافر في المفاوز الذي لا يجد من يعينه هو أشد الناس حاجة إلى هذه النار.
{فسبح} التسبيح هو التنزيه لله جل وعلا بسم قال: هذه زائدة والأصل فسبح ربك العظيم، يعني: نزه ربك العظيم الذي هو الله جل وعلا، فسبح نزه، {باسم} قال: زائدة ونقول: ليست بزائدة كما يسبح الرب جل وعلا وينزه عما لا يليق به كذلك ينزه ويسبح اسمه وينزه عما لا يليق به، أسماء الله الحسنى تنزه عما لا يليق بالله - جل وعلا-، فكلها حسنى وإذا لم ننزها أتينا على هذه الوصف وكونها حسنى أتينا عليها بالنقض ولله الحسنى {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ} [سورة الأعراف: 180]، الذين يلحدون هؤلاء هم الذين لا ينزهون الأسماء الحسنى، فعلينا أن ننزه ونسبح الأسماء الحسنى وتكون حينئذ اسم من أصل الكلمة، وأنه كما ينزه الرب جل وعلا تنزه أسمائه الحسنى وصفاته العلى عما لا يليق بجلاله وعظمته، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.(26/27)
تفسير الجلالين
تفسير سورة الواقعة (5)
تفسير من قوله: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} إلى آخر السورة.
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
يقول بعضهم: أننا إذا سمعنا القرآن أو قرأنا القرآن قد لا نتأثر، قد نقرأ القرآن ونسمع القرآن من بعض القراء ولا يؤثر فينا، ونسمع القرآن نفس السورة التي قرأت من قراء أخر ونتأثر بها كثيراً، يعني مثلما سمعنا الواقعة خلال الأيام الماضية، وسمعناها من قراءة الإمام، هذا يجده كل واحد منا، تتأثر بصوت قارا ولا تتأثر بصوت أخر، وقد تقرأ القرآن وقد تفهم من خلال قراءة كتب التفسير والتأثير يكون ضعيفا، بخلاف ما إذا سمعت القرآن من شخص إذا أوتي صوتاً حسن يتغنى بالقرآن يحسن صوته بالقرآن، فكثير من طلاب العلم يشكل عنده مثل هذا الاضطراب ومثل هذا الاختلاف ويسأل وقول: هل التأثير للصوت أو للقرآن، يعني إذا كان التأثير للقرآن فلا فرق بين أن يقرأ حسن الصوت أو من دونه، إذا كان التأثير للقرآن، وإذا كان التأثير للصوت فالإشكال باقي، يعني: كون الإنسان يتأثر بغير كلام الله والله -جل وعلا- يقول: {فذكر بالقرآن} وقد يستفيد بعض الحضور من قرأت السورة من الإمام أكثر مما استفاده من تفسير هذه السورة خلال الأيام أيام الدورة، لكن التذكير يحصل بالقرآن.(27/1)
هذا السؤال مشكل عند كثير من طلاب العلم ونقول لهم: أن التأثير والتأثر حصل بالقرآن المؤدى بهذا الصوت، ليس للصوت تأثير، التأثير للقرآن المؤدى بهذا الصوت، ولذا أمرنا أن نزين القرآن بأصواتنا، وأمرنا أن نتغنى بالقرآن واستمع النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي موسى وتأثر فالتأثير للقرآن المؤدى بهذا الصوت، بدليل أن الذي قرأ القرآن بصوت جميل وأثر في الناس لو قرأ كلاماً غير القرآن ما أثر في الناس، لو قرأ كلام مهما كان بلاغته وفصاحته لن يؤثر في الناس مثل تأثير القرآن؛ فدل على أن التأثير للقرآن المؤدى بهذا الصوت، والقراء فيهم كثرة، فإذا استمع طالب العلم لجمع من القراء وراء أن واحد منهم من بين هؤلاء القراء يؤثر فيه أكثر يعني: القرآن المؤدى بصوته يؤثر فيه أكثر فليلزمهم وليكثر من استماعه، لاسيما إذا كان القارئ ممن عرف بصدق النية وإخلاص العمل وإن كان من أهل العلم العالمين بالقرآن فهو أكثر تأثير، فأقول: أذا كان أحد القراء يؤثر فيك أكثر فأكثر من استماعه، وأنت تتأثر بالقرآن المؤدي بهذا الصوت، يعني: لو قرأ هذا القارئ قصيدة من القصائد، هل تبكي مثل تبكي لاستماع القرآن بصوته ولذا جاء الحديث: ((ليس منا من لم يتغنى بالقرآن)) على خلاف بين أهل العلم في معناه لكن الظاهر أنه معناه تحسين الصوت، ليس المراد أن يؤديه على لحون الأغاني ولحون الأعاجم، ولحون أهل الفسق والتمطيط الذي يخرج عن حقيقته بزيادة حروف كما يفعله بعض القراء، ولذا يحكم بعض أهل العلم على أن التلحين تلحين القرآن، والقراءة بالألحان وهي غير اللحن مبتدعة، مبتدعة، ومثل هذه الأصوات الملحنة من بعض القراء لا أثر لها في القلوب وهذا مجرب، يعني: يوجد قراء يمططون وأصواتهم جميلة لكن ما تؤثر في القلوب، مثلما تؤثر القراءة التي كما أمر الله -جل وعلا-، بالترتيل يعني: من غير زيادة لأن بعض القراء يزيد في حروف المد عما قرره أهل العلم لها، وهذه المسألة مشكلة عند كثير من طلاب العلم لأنه يقول قرآن + صوت = مؤثر، قرآن بدون صوت = غير مؤثر إذا ً التأثير للصوت ليس للقرآن، إذاً النتيجة يعني: إذا عادلناهم معادلة تصبح هذه النتيجة، لكن الواقع غير ذلك فالتأثير للقرآن(27/2)
المؤدى بهذا الصوت، والدليل واضح أنه لو أن هذا الصوت قرأ به غير القرآن ما أثر، يذكر في كتب التراجم أن زرارة بن أوفى من العباد المشهورين سمع من يقرأ {فإذ نقر في الناقور} وقال سمعها م الإمام في صلاة الصبح فمات، بعض العلماء يشكك في مثل هذه التصرفات وابن سيرين -رحمه الله- يوضع مثل هذا على جدار إن سقط فهو صادق وإلا يعني: كونه يمثل ما هو بصادق لكن كثير من أهل العلم يثبت التأثير إلى هذا الحدث بالنسبة للقرآن لأنه {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا} [سورة الحشر: 21] فالقلب الحي يحصل منه مثل هذا، لكن ليبس هذا كمال لأن هذا وإن كان استشعار لعظمة القرآن إلا أنه فيه ضعف في المورود يعني: قوة الوارد مع ضعف المورود بيمنا لو حصل قوة المورود مع قوة الوارد الذي هو القلب ما حصل التأثر إلى هذا الحد، يحصل تأثير النبي - عليه الصلاة والسلام - يتأثر بالقرآن ويبكي، ولصدر كأزيز المرجل لكن ما مات ولا حصل منه أنه غشي ولا لصحابته الكرام لكن إذا حصل ممن جاء بعدهم لا شك أن هذا علامة استشعار لعظمة القرآن وتأثر بالقرآن لكن القلب ما يتحمل مثل هذه الأمور لكن لا الإشكال الأكبر حينما يكون استشعار الوارث فيه ضعف مع ضعف الموروث ولا يحصل شيء؛ يعني كم قرأنا وكم سمعنا فإذ نقر في الناقور، يقول القائل: مثلاً زرارة بن نوفل هذا الذي مات في الصلاة، أو مرة يسمع {فإذا نقر في الناقور}، يعني: ما قرأها في عمره ولا سمعها في عمره، نقول: لا سمعها مراراً وقرأها مراراً، لكن هذا يجري على قول من يقول: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، لكن إذا زاد الإيمان في وقت من الأوقات ووصل إلى حد يستشعر فيه هذا الكلام السقيم، كما قال الله -جل وعلا- لا شك أنه بيتأثر وتسمعون في الأوقات الرسمية ما بين الأوقات التي ترجى فيها الإجابة، وقت النزول الإلهي العشر الأخر من رمضان الناس يقومون يتأثرون كثيرا لكن إذا انتهى رمضان خلاص لأن درجة الإيمان ترتفع وتنخفض، يزيد وينقص عن المسلم فيحصل فيه من التأثر عن الزيادة مالا يحصل فيه عند النقص،. . . . . . . . . بعض العلماء يشكك في حصول مثل هذا الأمور وكل يتحدث من(27/3)
مقامه، حسان بن أبي سنان يقول: ما رأيت شيئاً أهون من الورع: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) ما في شيء أسهل من الورع، وسفيان يقول: "ما قطع أعناق العباد والزهاد إلا الورع"، عجزوا عن الزهد والورع سفيان الثوري وهو من الأئمة في الزهد والورع، حسان بن أبي ثابت يقول: " ما رأيت شيئاً أهو على الورع"؛ لأنه سهل عليه هو يسره الله له هو لكن بالنسبة لباقي الناس فعلى هذا كل يتحدث من مقامه، يعني: في أمور الدنيا مثلاً، يعني: في المقاييس الدنيوية يقول الإنسان السكر علاجه سهل ترى يا الأخوان سهل، أمسك يدك وأطلق رجلك، يعني: لا تأكل كثير وامشي كثير، هل هذا سهل على المرضى المساكين؟ هذا ليس بسهل، يعني: من ابتلي بهذا المرض زادة رغته في الأكل، وفيما يثير هذا المرض، لكن الإنسان من مقامه يتحدث يمكن من الأصل هذا لا يحب الأكل يحب المشي من أصله، على كل حال مثل هذه الأمور لاسيما ما يتعلق بالقرآن على الإنسان أن يهتم بكتاب الله - والله المستعان -.
نكمل تفسير السورة وبعد ذلك نرجع إلى ما نستطيع الإجابة عليه من الأسئلة.(27/4)
في آخر الدر س الماضي في قوله -جل وعلا-: {فسبح باسم ربك العظيم} يقول المؤلف: فسبح نزه بسم زائد والذي معه الكتاب حتى في المصحف قراءة باسم فيها ألف. بينما لو نظرنا إليها في البسملة من أول القرآن إلى أخره وفي الكتابات العادية يعني: لا يختص هذا بالرسم العثماني وجدناها بدون ألف، وهنا كتبت بألف، {فسبح باسم ربك العظيم}، وكذلك في أخر السورة لماذا كتبت بالألف هنا ولم تكتب بالألف في البسملة؟ لأن البسملة تكثر كتابتها تكتب باستمرار كل ما كتب شيء صدر بـ {بسم الله الرحمن الرحيم} فحذفت هذه الألف تخفيفاً وهو ألف وصل يعني حذفت الباء لا بد من كتابتها، لكنها تكتب كما تنطق تخفيفاً وهنا ما تتكرر مثل هذه إلا قليلا، ولذا تكتب على الأصل بالألف، هناك بالأمس قالوا: اسم زائدة يقول المؤلف اسم زاده وقررنا أنها بزائدة، لأنه كما ينزه الرب -جل وعلا- تنزه أسمائه الحسنى عما لا يليق به -جل وعلا- العظيم إعرابها: وصف تابع للمتضايفين، للمضاف ومضاف إليه، تابع للمتضايفين وكل من المضاف والمضاف إليه مجرور، كل منهما مجرور، والوصف مجرور، فهل هو وصف للمضاف أو للمضاف إليه؟
يعني التابع للمتضايفين هل يكون تابع للمضاف أو للمضاف إليه؟ كما تقول مررت بغلام. . . . . . . . . هذا وجه وإذا قلنا: أن المتحدث عنه الغلام وليس بزيد، قلنا أنه الأولى بالوصف لكن ليست هناك قاعدة مضطردة والسياق هو الذي يحدد المراد، وإذا جاء في قوله -جل وعلا-: {ويبقى وجه ربك ذو} وقال في آخر السورة: {تبارك اسم ربك ذي} في الآية الأولى وصل المضاف، وفي الثانية التابع للمضاف إليه، إلا إذا كان الإعراب بالحروف ما في إشكال وإذا اختلف إعراب المضاف صار مرفوعاً أو منصوباً، والمضاف إليه بالطبع مجرور انتهى الإشكال، لكن إذا كان الإعراب بالحركات والمضاف والمضاف إليه كلاهما مجروران.(27/5)
يعني لو قلت: " ضربت غلاب يزيد" " ضربت غلاب يزيد" تقول: الطويلَ أو الطويلِ؟ ها؟ الطويلَ إذا قلنا: أنه وصف للغلام المضروب لأنه مفعول، وإذا قلنا: الطويلٍِ فإنه وصف ليزيد المضاف إليه، وإن كان مجروراً بالفتحة لكن وصفه يجر بالكسرة، وهنا {فسبح باسم ربك} العظيم وصف للاسم أو للرب؟ يعني: إذا استحضرنا آيتي الرحمن وقلنا: في الآية الأولى {ويبقى وجه ربك ذو} والآية الثالثة: {تبارك اسم ربك ذِي} فلاسم إذا كان مضاف إلى الرب فالوصف للاسم وإلا للرب؟ نعم؟ يعني إذا قسنا على آية الرحمن للمضاف إليه، {تبارك اسم ربك ذي} فهو وصف للمضاف إليه، ومسألة الاسم، والمسمى، وهل الاسم عين المسمى أو غيره؟ مسألة يطول الكلام فيها، لكن هنا إذا وجد الاسم وأضيف إلى الرب فالوصف للرب لا للاسم، لكن إذا أضيف الوجه للرب فالوصف يكون للوجه لأنه أخص، وهنا الإضافة إضافة الاسم للرب فالذي يستحق الوصف الاسم أو الرب؟ نعم هنا إذا قلنا أن هذه لاغية نظير ما جاء في سورة الرحمن في آخر سورة الرحمن قلنا: أن العظيم وصف للرب، ترى هذه مسائل دقيقة وتشكل بعض الناس في إعرابه ما يدري فتحتاج إلى مزيد انتباه لاسيما أنه ليس هناك قاعدة أو ضابط عند اللغويين يضبط مثل هذا لا، السياق هو الذي يحدد، وقلنا إذا كان الإعراب بالحروف واختلف إعراب المضاف عن المضاف إليه ما في إشكال، كما في أيتي الرحمن، لكن الإشكال في مثل هذا الموقع، ومثل " مررت بغلام زيدٍ الفاضلٍ" هنا تقف حائر إلا إذا كنت تعرف الغلام وتعرف زيد، وأن أحدهما فاضل والثاني ليس بفاضل، ينتهي الإشكال لكن متى لك في مثل هذه الأمثلة، ما يمكن تقف عليها لأن أكثرها لا حقيقة له ولا واقع له، ثم بعد هذا يقول المؤلف في قوله -جل وعلا- {فلا أقسم بمواقع النجوم} يقول: فلا أقسم لا زائدة، لا زائدة، لماذا؟ لأنه قال: {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} الآن الآية الأولى لو قلنا أن لا نافية، لقلنا أنه ما فيه قسم لما قال: {فلا أقسم} وقلنا: أن لا نافية ما في قسم لكن قوله -جل وعلا-: {وإنه لقسم} إثبات أنه قسم ومؤكد وموصوف بأنه عظيم قسم عظيم أيضاً، هل في قسم وإلا ما في قسم؟ لأن الله -جل وعلا- يقول: {فلا أقسم}، ثم قال: {وإنه(27/6)
لقسم} يعني: لو قلنا لا ناهية نافية، لا نافية للقسم وقلنا: أنه لا قسم قلنا هذا تناقض، اللهم إلا إذا سلطنا لا على مقدر، إذا قدرنا نفينا شيء مضمر ثم أثبتنا القسم بمواقع النجوم أو فلا أقسم بمواقع النجوم، وأقسم بذاتي أو نفسي وإنه لقسم إلى أخره، يعني: كما قيل في قوله -جل وعلا- في الساعة: {أَكَادُ أُخْفِيهَا} [سورة طه: 15] هل الأسلوب يدل على أنه أخفاها أو لم يخفها؟ نعم؟ {أكاد أخفيها} يدل على أنه أخفاها أو لم يخفها؟ لعله لم يخفها، لكن النصوص كلها، النصوص القطعية من الكتاب والسنة هل فيها ما يدل على أن أحد ولو جبريل ولو محمد يعرف متى تقوم الساعة؟ أبداً ما يمكن إذاً أخفاها، فكيف قال أكاد أخفيها احتيج لأن يقال أكاد أخفيها حتى عن نفسي مبالغة في الإخفاء، وهنا حينما يقول: {فلا أقسم} هل هذا قسم؟ إذا قلنا نفي قلنا مع قوله: {وإنه لقسم} تناقض لكن المؤلف قال: لا زائدة، لا زائدة في قراءة الحسن، {فلا أقسم} يعني: زيادة في التوكيد قسم ومؤكد بلام التوكيد، {فلا أقسم بمواقع النجوم} طيب الألف التي بين لا والقاف مو وضعها، تؤثر وإلا ما تؤثر، يعني: عندنا ألفين وفي قوله، وفي قول الحسن بقراءة الحسن: {فلا أقسم} ألف واحد حمزة فقط، نعم له نظير في القرآن إدخال ألف لا محل لها في الكلمة، في قصة الهدهد مع سليمان في سورة النمل: {لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا} [سورة النمل: 21] الآية واحد وعشرين، صفحة ثلاثة وثمان وسبعين في المصحف، الآية واحد وعشرين {لأعذبنه عذاباً شديداً} في ألف زائدة بين الهمزة وبين الدال؟ في وإلا ما في؟ ها
طالب:. . . . . . . . .
أو لأذبحنه ها أو لأذبحنه، ما في؟
طالب:. . . . . . . . .
أحد الإخوان قال: ما في أو لأذبحنه، يعني: لو قرأنا اللفظة على مقتضى قواعدنا لقلنا أولآ أذبحنه لأن فيه لام ألف وبعدها ألف، وهنا يمشي على قراءة الحسن فلا أقسم فلا اقسم، يعني: بدل فلآ أقسم، فتكون هذا الهمزة هذه الألف زائدة مثل ما زيدت في أو لأذبحنه، المشكلة إلي ما معاهم كتب ما يستطيعون يتابعونا مع أنه في مصحف ما هذا في القرآن نفسه، وايش كتبت؟
طالب:. . . . . . . . .(27/7)
لالا لا تكتب زائدة لا تكتب هي زائدة في الرسم لأنها لا تنطق يعني: الرسم الذي اتفق عليه الصحابة لا يجوز تغييره بحال، وإن خالف مقتضى اللغة العربية، لكن الكلام مافش عليه أنا جبت هذا من باب التنظير لما معنا، من باب التنظير لما معنا، لأنه يقول شوفو: {فلا أقسم} الحسن يقرأ فلا اقسم يثبت القسم المؤكد، كيف الألف الموجودة شو أضعها المفسر قال لا كل ألف هذه كلها زائدة، والأصل سأقسم مواقع النجوم، والحسن يقول: "بدلاً من أن نقول لام ألف زائدة نقول ألف فقط زائدة وتبقى لام ألف وعليها همزة وتكون: {فلا أقسم} نظير أو لأذبحنه، الرسم القرآني الرسم العثماني فيه كثير من المخالفات من الرسم الإملائي الذي تعودنا عليه، أمور كثيرة جداً.
يقول: فلا أقسم: لا زائدة، {بمواقع النجوم} وعلى كل حال له قسم سواء قلنا: أن لام زائدة كما قال المؤلف ومعلوم معلوم أن الزيادة بمعنى الزيادة التي لا معنى لها ولا موقع لها هذا القرآن مصون عنها، مصون عن الزيادة والنقصان، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [سورة الحجر: 9] لكن ايش معنى الزيادة بعض المفسرين يتأدب ويقول: صلة، ما يقول زائدة صلة تشبيه لها بصلة الموصول الذي لا محل لها من الإعراب، وإلا قد تكون زيادة الحرف من باب الزيادة في المعنى للتأكيد مثلاً.(27/8)
{فلا أقسم}، لا يقول: زائدة بمواقع النجوم. تدل الزيادة في قوله فيما بعد {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} مالفرق بين قوله: {ما منعك أن تسجد} و {ما منعك ألا تسجد}؟ ما الفرق بينهما، فيه فرق من حيث المعنى؟ أنت لماذا تقول ما في فرق؟ لأنك تعرف أن المعنى متخمن في ذهنك فاهم القصة بعمومها لكنك ما دققت في الألفاظ، كيف يمكن أن نستصحب القصة ومعناها وظاهرة في ذهنك لكن الفرق، ليش وجدت هذه أل-لا- وفقدت في موضع أخر؟ زيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى لكن الحروف يعني: إدخال النافي في مشكلة من حيث المعنى، إذا قررنا أنه بفعل نافذ فيكون خلاف الواقع، أنت تعرفون أن هذا الدرس أخر الدروس لو بدنا نسترسل في هذا الأمور وإلا تنتهي لها نظائر كثيرة جداً وفي كل علم من العلوم إن بغيتم أمثله جدا لكن نرجو من المستطرد لأن آخر درس ودنا نكمل السورة على أي وجه، فالمقصود أنه قسم حاصل ومؤكد، قسم حاصل ومؤكد سواء قلنا: مثلما قرأ الحسن {فلا أقسم}، أو قلنا: {فلآ أقسم} وقلنا: أن لا زائدة كما قال المؤلف: أضمرنا شيء منفي بلا وأثبتنا القسم، كما قرر بعضهم، من الواقع الموجود، يقول: بمساقطها لبرودها، بمساقطها لبرودها، {بمواقع النجوم} يقول: بمساقطها لغروبها. يعني: معروفُ أن الوقوع هو السقوط، إذا قيل وقع شيء على الأرض معناه سقط فهو فسر اللفظ بمواقع النجوم، يعني: بمساقطها للغروبها، وهذا ما في إشكال من حيث اللفظ، ومنهم من يقول: إن مواقع النجوم المراد به: تنزيل القرآن يعني: ما ينزل من القرآن منجماً، ويسمى هذا النزول المنجم المفرق للحكمة الإلهية من أجل أن يستوعب لأنه لو نزل جملة واحدة لصعب استيعابه، من أجل أن يستوعب ينزل منجماً وقد نزل منجماً مفرقاً على حسب الوقائع والحوادث، هذه النجوم كل وحد منها نجم، تفريق تفريق الأشياء، والإتيان بها مفرقة لا دفعة واحدة كل واحد منها يسمى نجم كنجوم الكتابة مثلاً ويش معنى نجوم الكتابة؟ أو نجوم البيع بالتقسيط، يعني: تشتري سيارة بملغ كذا تدفع كل شهر كذا، كل قسط يمسى نجم، ونجوم الكتابة كل دفعة يدفعها المكاتب نجم، يسمونهم نجوم الكتابة وهنا كل دفعة من القرآن أية أو آيتين أو خمس أو أقل أو أكثر(27/9)
يمسى نجم، وجمع هذه. . . . . . . . . فيكون الإقسام حينئذٍ بالقرآن الذي نزل منجماً، {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} الذي يرجح هذا القول ما سيأتي بعد في الحديث عن القرآن، وإنه أي: القسم بها لو تعلمون عظيم، يعني: لو كنت من ذوي العلم لعلمتم عظم هذا القسم، لأنه إن كان قسم بمواقع النجوم التي خلفت زينة للسماء، وهداية للمسافرين، ورجوماً للشياطين، إن كان قسما بمواقعها فقوله: {لو تعلمون} لا شك أن هذه مما خفي علينا، ايش معنى مواقع النجوم يقسم بها، ما هو القسم بالنجوم القسم بمواقعها، هذا لا شك أنه خفي علينا وإلا الإشارة في قوله: {لو تعلمون} وإذا كان القسم بمواقع النجوم الذي هو القرآن الذي نزل منجماً فلا شك أننا لن نستطيع أن نحيد بقدر هذا الكتاب الذي أقسم به، وجاء القسم والقرآن في المواضع، وجاء القرآن بالقسم في مواقع، ق والقرآن، {وإنه لقسم لو تعلمون}، يعني: لو كنتم من ذوي العلم لعلمتم هذا القسم وكل ما كان الإنسان أكثر علم إذ بانت عظمة هذا الكتاب في قلبه، تزداد عظمة القرآن في قلبه لماذا؟ لأنه كلام الله وفضله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، {إنه لقرآن كريم}، إنه المتلوا عليكم كما يقول المؤلف المدون بين الدفتين المنزل من قبل الله -جل وعلا- الذي تكلم به بحرف وصوتٍ يسمع {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ} [سورة التوبة: 6] منه -جل وعلا- بد لأنه هو الذي تكلم به إبتدا وإن وصل مرة إلى جبريل، ومرة إلى محمد، كما في سورة الحاقة نسب إلى محمد، وفي سورة التكوير نسب إلى جبريل، لكنه الكلام واحد، الكلام الواحد هل يمكن أن يصدر من اثنين؟ مستحيل، ونسب إلى محمد بنص الرسالة {لقول رسول} ونسب إلى جبريل كذلك بلفظ الرسالة، مما يدل على أنه من مرسل إلى رسول، والكلام حقيقة ينسب إلى من قاله ابتداء لا من قاله مبلغاً، إنه المتلوا عليكم لقرآن كريم، قرآن كريم هذا الكتاب، هو الكتاب الذي من قام يقرأه كأنهما خاطب الرحمن بالكلم، يعني: تجلس في زاوية من مسجدك أو في بيتك أو أي مكان تخلوا فيه بهذا الكتاب، يعني أنت تكلم الله -جل وعلا- وهو ويأمرك وينهاك مباشرة بهذا الكتاب، وأي كلام أفضل من كلام الله، {لقرآن كريم} وجملة(27/10)
مؤكدة بأن والام، اللام التي يسمونها ها؟ اللام الأيش المزحلقة، الأصل أنها لام تأكيد تقترن بالمبتدأ، لكن لا يمكن أن يتوالا مؤكدان فزحلقوها وأخروها إلى الخبر، إنه المتلوا عليكم لقرآن كريم، كريم من كل وجه، يعني خوذ منه بلا حد، وأي كرم يصل إلى هذا الحد، كل يأخذ من القرآن بلا حد، العالم يأخذ، الفقيه يأخذ، الداعية يأخذ، القاص يأخذ، من يداوي المرضى ويعالجهم يأخذ، إلى غير ذلك ممن لا يحاط به، فهذه أعلى أنواع الكرم أن يؤخذ من الشيء ويستفيد منه كل أحد، أي كرم أعظم من هذا، إذا كان يوصف المرء بالكرام لأنه استفاد منه مجموعة من الناس ويش هذا الكرم، فيكف بمن يستفيد منه جميع الثقلين؟ إنه لقرآن كريم، في كتاب مكنون، في كتاب مكنون في كتاب مكتوب، لأن كتاب مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابتً وكتبً والمراد به المكتوب يعني لو تمسي مابين يديك كتاب مثلاً ايش معك يا أخي معي كتاب، كتاب لا تريد به نفس مصدر كتبا، وإنما تريد المكتوب الجامع للمسائل العلمية، وهنا المكتوب الجامع لكلام الله المنزل على نبيه -عليه الصلاة والسلام-، فالمراد به المكتوب، مكنون، يعني: مصون محفوظ من الزيادة والنقصان: {إنا نحن نزلنا الذكر} من زاد فيه حرف ليس منه يكفر بها، ومن نقص منه حرفاً أجمع عليه الصحابة فإنه بهذا يكفر أيضاً فالذي بين الدفتين المصحف هذا مقطوع به ومكنون ومصون، يقول: وهو المصحف.
{في كتاب مكنون} المصحف في كتاب، أو الكتاب هو المصحف يعني القرآن في كتاب، يعني: في مصحف، مكتوب بين دفتين في مجلد مصون من أن يزاد فيه أو أن ينقص منه، منهم من يقول: أن المراد بالكتاب المكنون اللوح المحفوظ، {أنه لقرآن كريم في كتاب مكنون} يعني: في اللوح المحفوظ.(27/11)
{لا يمسه} يقول: خبر بمعنى النهي إلا المطهرون الذين طهروا أنفسهم من الأحداث، إذا قلنا: المراد به المصحف عين القرآن في كتاب وهو المصحف، مكنون مصون هذا قول والذي مشى عليها المؤلف وإذا قلنا بالقول الثاني وهو أن المراد بالكتاب المكنون اللوح المحفوظ، {لا يسمه إلا المطهرون} على القول الأول وعلى ما جرى عليه المؤلف أنه من بني آدم لا يسمه إلا طاهر، ويؤيده ما جاء في كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم- لعمر بن حزم: ((وألا يمس القرآن إلا طاهر))، وألا يمس القرآن إلا طاهر، فلا يمس يجوز مس القرآن بغير طهارة، طيب إذا قلنا أن المراد: بالكتاب المكنون اللوح المحفوظ ولا يمسه إلا المطهرون، يعني: الملائكة، الملائكة مطهرون، هل يدل هذا على المنع من نفس القرآن من غير طهارة؟ يعني: على قول الأول ظاهر أنه لا يمس القرآن إلا طاهر إلا متطهر، وهنا لا يسمه إلا المطهرون الذين طهروا أنفسهم من الأحداث، والمراد بهم: بني آدم، أو قل من المكلفين على قول الثاني هو أن الكتاب المكنون، المراد به: اللوح المحفوظ، ولا يسمه إلا المطهرون يعني: من الملائكة، هل في هذا ما يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا طاهر من البشر؟ منهم من يقول: ما في دلالة على أنه تجب الطهارة، نعم القرآن لا يقرآن لا يقرآه جنب، وفي حكمه الحائض عند الجمهور لكن يبقى الطهارة من الحدث الأصغر، هل تشترط في مس المصحف؟ هذا القول بلا إشكال، تجب، المراد أنه الكتاب المكنون المصحف، ولا يسمه إلا المطهرون من بني آدم، وأما عن القول الثاني ففيه دليل، وإلا ما فيه دليل؟ شيخ الإسلام يرجح أن المراد: بالكتاب المكنون اللوح المحفوظ وألا يمسه إلا المطهرون الملائكة، فهل شيخ الإسلام يقول: بأنه يجوز بأن يمس المصحف شخص غير طاهر، نعم، لا، لماذا؟ ويستدل بالآية يستدل بالآية، ها؟ لا يستدل من الآية، من الآية الدليل، وأنه لا يجوز أن يمس القرآن إلا طاهر، من الآية، والكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ والمطهرون هم الملائكة نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(27/12)
لأن المسألة ثانية فائته لكن الكلام على اختيار شيخ الإسلام - رحمه الله - في أن المراد بالكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ وأنه لا يسمه إلا المطهرون الملائكة، ويستدل بها على أن بني آدم لا يجوز لواحد منهم أن يمس المصحف إلا طاهر بالآية، يقول: إذا منع الملائكة وهم مطهرون في الأصل ما يحتاج إلى كلام، ما يحتاجون إلى طهارة هم مطهرون في الأصل، لا تعتريهم الأحداث، نعم، فيمنعون من مسه وهو في اللوح المحفوظ فمن باب أولى أن يمنع المحدث من بني أن يمس المصحف، يعني: ما بنقول إذا قلنا: أن المراد باللوح المحفوظ بالكتاب المكنون اللوح المحفوظ، ولا يمسه إلا المطهرون الملائكة انتهت المسألة ولنا: أن نمس المصحف لا نقول: أنت ممنوع من باب أولى، بألا تمس المصحف، كما قرر شيخ الإسلام - رحمه الله-.
{تنزيلُ} يعني: منزل من رب العالمين، تنزيل يقول: منزل من رب العالمين، ها؟
طالب:. . . . . . . . .(27/13)
إيه، يأتي مسائل تفصيلية لهذه المسألة ومس المصحف من غير طهارة، هل يراد به نفس الحروف القرآن بمعنى أنه لا مانع من أن تمس المصحف من أطراف الورق أو تحمل المصحف من خلاف الجلد من خارج الجلد أو العلاقة، أو الكيس؟ العلماء يختلفون في هذا، منهم من يقول: أبداً، ولا بكيس تحمل المصحف، ومنهم من يقول: لا تمس المصحف لأن هذا كله مصحف، بما فيه الجلد وأطراف الورق، ومنهم من يقول: المراد بالقرآن الحروف، فإذا مسست أطراف الورق، أو حملت المصحف من جلده هذا ما مسسته القرآن الذي هو كلام الله لكن يثبت تبعاً عند أهل العلم يثبت تبعاً مالا يثبت استقلالاً، يثبت تبعاً مالا يثبت استقلالاً هذه الورقة الأصل أنها مخلوق الحبر مخلوق، فأنت لست مخلوق نقول: لا أنت مسست كلام الله، لأن هذا تابع لكلام الله وكلام الله ما يكون إلا بالحروف التي كتبت به والأوراق التي كتبت عليه، يثبت تبعاً مالا يثبت استقلالاً، أحياناً المسألة تحتاج إلى، المسألة لها فروع كثيرة يعني: إذا كان المصحف مكتوب كاملاً ومجرد عن أي شي قلنا: لا يجوز مسه، لكن إذا كان مصحف وعلى هامشه تفسير، مثل: تفسير الجلالين، أو تفسير ابن سعدي -رحمه الله- الجميع، هل نقول أنك تمس التفسير ولا تمس المصحف، ألي بيدك تفسير وإلا مصحف؟ تفسير، لكن الحكم إذا كان القرآن متميز مثل ما هنا في برواز لأنه قد يكون في تفسير مطبوع ما فيه قرآن متميز إنما ممزوج مع الكلام، الكلام القرآن الممزوج مع غيره هذا ما في إشكال، لأنك تمس تفسير لكن إذا كان متميزاً مثل ما حصل في السنوات الأخيرة يطبع من المصحف متميز وعلى هامشه القرآن نقول لك أن تمس التفسير وتقرأ في التفسير لكن لا تمس القرآن، تفضل.
يقول: بالنسبة لتفسير الجلالين الذي بين أيدينا هل يأخذ حكم التفسير أم حكم المصحف؟(27/14)
أم إذا طبع القرآن ممزوجاً بكلام المفسر هذا لا إشكال أنه تفسير وأنت تقرأ في تفسيره مهما كان في اختصاره، أما إذا كان القرآن مطبوع على جهة الاستقلال كما حصل في الآونة الأخيرة طبعوا ابن كثير على هامش المصحف على كبره، طبعوا الجلالين وطبعوا ابن سعدي طبعوا تفاسير كثيرة حتى البغوي وابن الجوزي كلها طبعة على هامش المصحف، هنا يقال: الحكم للغالب، الحكم للغالب، كما يقرر أهل العلم، وأشكل هذا على بعض الناس فعد حروف التفسير وحروف القرآن، عد حروف التفسير وحروف القرآن، فوجد الحروف متساوية إلى سورة المزمل، ثم بعد ذلك زادة حروف التفسير قليلاً على حروف القرآن فنحلت المسألة هذه، فيجوز أن تقرأ في التفسير على أنك تقرأ في التفسير لا تقرأ في القرآن من غير طهارة لأنه أكثر الحكم للغالب، يعني ابن السعدي ما في إشكال لأن التفسير أكثر بكثير، ابن كثير يعني من باب أولى لأنه أكثر، وهكذا، لكن لو وجدت قرآن على هامشه مفردات، من مفردات القرآن، لا نقول: تقرأ في القرآن لأن المفردات هذه قليلة.(27/15)
في مسائل كثيرة متعلقة بالمصحف، وبالقرآن، من حيث: احترامه، وتوقيره، وتقديره، بحيث لا يتكأ عليه ولا يوضع عليه شيء، ينبغي أن يكون فوق كل ما يوضع على الأرض، ولا تمد الأرجل إليه، ولا يكون خلف الظهر إذا قصد ذلك، وإذا لم يوجد ما يوضع عليه إلا الأرض فلا مانع من أن يوضع على الأرض، لا مانع من أن يوضع على الأرض، وأهل العلم يصرحون بأن وضعه على الأرض خلاف ألأولى، خلاف ألأولى، ومثل هذا أي ضروري إذا لم يجد شيء لكن إذ كان عندك مكتبة مثلاً وتريد أن ترصها على الأرض فأنت ترتب لا شك أن القرآن في أعلى هذه الكتب وما قرب من القرآن هو الذي يليه؛ حتى قالوا كتب النحو وكتب كذا هي التي تكون على الأرض، ثم يكون فوقها كتب، الكتب التي هي أقرب منها إلى الكتاب والسنة، المقصود أن مثل هذه الكتب ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار وأن يحترم القرآن، ويقدر القرآن، ولا يبقى بعض الناس نراه إذا أراد أن يسجد سجدة التلاوة تركه منشوراً هكذا، وسجد يصرح أهل العلم بأن هذا مكروه، أن يترك القرآن منشور، فضلاً عن كون وقد رأيت وسألت عن أنه يقلب، تكون الآيات وأوراق القرآن على الأرض والجلد من فوق هذا أشد - نسأل الله العافية -، أشد بكثير من أن يبقى منشور والجلد الذي يلي الأرض، {لا يمسه} خبر بمعنى النهي، إلا المطهرون الذين طهروا نفوسهم من الأحداث، يعني من بني آدم، {لا يمسه} خبر بمعنى النهي لماذا لا يكون خبر، لأنه لا يجوز الخلف بخبر الله -جل وعلا- وقد وجد من يمس القرآن وهو غير طاهر سوا كان من المكلفين المخالفين، المتساهلين، أو من الأطفال الذين يمسون المصحف من أجل حفظ المصحف ولو منعوا من مسه بغير طهارة لا منعوا لأدى ذلك إلى منعه من حفظه، وأهل العلم يتسامحون في حق الصبي، و {لا} هذه قال: خبر بمعنى النهي، لألا تكون خبرا محضاً، لا تقل خبر محض لأنه وجد من خالف هذا الخبر فعلى هذا يقع الخلف في خبر الله وهذا لا يجوز، فهي خبر لكن المراد بها: النهي ولو قلنا لا نهاية ايش يترتب عليه؟ يعني: مع الإدغام ما في فارق من حيث اللفظ سواء قلنا: ناهية أو النافية أو الناهية مع الإدغام، لكن لو فككنا الإدغام لقلنا لا يمسسه إذا قلنا: لا الناهية لم يمسسهم سوء(27/16)
وهنا نقول لا يمسسه إلا المطهرون إذا قلنا: أن لا ناهية، وأما مع الإدغام فإنه لا يختلف النطق بيمسه لا سميا وأن الضمير مرفوع، يعني: حرك بالضمة لمجانسة حركة الضمير، ولذلك قالوا في قوله: إنا لم نرده إليك لأنا إلا أنا حرم لم نرده إليك، لو فككنا الإدغام لقلنا: لم نردده إليك، لكن مادام وجد الإدغام فيحرك بحركة مجانسة للضمير، ولذا لو قال: لم نردها لو كانت المصير من المؤنث قال: لم نردها حركنا الحرف المضعف بما يناسب الضمير وهو الفتح، ولا يبين الجزم إلا في حال الفك دون الإدغام، {إلا المطهرون} الذين طهروا أنفسهم من الأحداث {تنزيل}، يعني منزل من رب العالمين وكلامه منه بدأ وإليه يعود، فيرفع في أخر الزمان من الصدور ومن المصاحف وعلى الإنسان أن يستغل مدة بقائه القرآن لأنه لا يؤمن أن تقوم من الأيام ثم إذا القرآن رفع، تأتي إلى المصحف وإذا به كالدفتر ما في كلام، حاول تسترجع حافظ ما في فائدة، فعلى الإنسان أن يستكثر منه مادام موجوداً وبالإمكان والقدرة موجودة، أنت في وقت سعة الآن والحرف بعشر حسنات، الختمة بثلاثة ملايين حسنة، كيف بدك تكسب ثلاثة ملايين بمدة يسيرة فالقرآن على طالب العلم أن يستكثر منه.(27/17)
{تنزيل من رب العالمين أفبهذا الحديث} القرآن ويطلق عليه أنه حديث بالنسبة للكتب السابقة قديمة، وهذا حديث، وأيضاً حديث بالإطلاق العام وهو ما يتحدث به ويتكلم به، وهو محدث كما جاء في قوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ} [سورة الأنبياء: 2] وإن كان كلام الله -جل وعلا- الذي هو صفته قديم، يعني قديم النوع حادث متجدد الآحاد فالله -جل وعلا- تكلم في القدم في الأزل، ويتكلم متى شاء، إذا شاء، بما شاء، {أفبهذا الحديث} مدهنون متهانون مكذبون، {أفبهذا الحديث} يقول المفسر: متهانون مكذبون، والإدهان والمداهنة كلها التنازل، تعني التنازل {ودوا لو تدهنوا} يعني: تتنازل عن شيء مما جئت به فيدهنون يتنازلون أيضاً عما بعض ما يصرون عليه، والمداهنة حرام لماذا؟ لأنها تنازل عما أوجب الله عليك، تنازل عما أوجب الله، هذا مداهنة بخلاف المدارات، المدارات شرعية بينما المداهنات محرمة والفرق بينهما أن المدارات لا يترتب عليها ارتكاب محظور ولا فعل، ارتكاب محظور ولا ترك مأمور، بينما المداهنة لا بد أن يترتب عليها شيء من ذلك، {ودوا لو تدهنوا} والمدارات لا بد منها، النبي -عليه الصلاة والسلام-، لما طرق عليه الباب من طرق قال: ((بئس أخو العشيرة))، لما دخل أجيب له ودخل انبسط معه في الكلام يعني ما عامله معاملة من يستحق هذا اللفظ هذا الذم بئس يعني المدارات ما في شيء لكن الإشكال في المداهنة {ودوا لو تدهن فيدهنون}، {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} يقول: متهاونون مكذبون، {وتجعلون رزقكم} من المطر أي الشكر أنكم تكذبون، {وتجعلون رزقكم} الرزق الأصل فيه المطر الذي ينزل من المساء لإحياء الأرض ومن عليها، وبه تقوم حياة كل حي، الرزق هذا هو المطر والمقصود به هنا الشكر لماذا؟ لأنه قوبل بالتكذيب، قوبل بالتكذيب يعني بدلاً من أن تقول مطرنا بفضل الله ورحمته تقول: مطرنا بنو كذا وكذا، يقول أنكم تكذبون بسقيا الله حيث قلتم: مطرنا بنو كذا وكذا، وأصبح النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو بالحديبية إثر سماء يعني: عقب نزول مطر, ((فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: يقول الله -جل وعلا-: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فمن قال: مطرنا(27/18)
بفضل الله ورحمته فهو مؤمن بي كافر بالكوكب، وإذا قال: مطرنا بنو كذا وكذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب)) فنسبة التأثير إلى الكواكب كفر- نسأل الله العافية-، لكن بعض الناس يستعمل الباء، يستعمل الباء بدل في، أين أبوك يا فلان بالمسجد، أين أبوك بالمسجد بالعمل بالبيت، والأصل أن يقول: في المسجد في العمل، وإذا قال: مطرنا في نو كذا وكذا وفي لظرفية، كما يقولون: مطرنا في الوقت الفلاني هذا من حيث المعنى ما في إشكال لكن الإشكال في المشابهة في المشابهة بقول الكفار والاحتمال قائم، لكن إذا خلا عن اعتقاد أن النو له أثر إذا كان يعتقد أن المطر من هذا النوع فهذا كفر أكبر مخرج عن الملة، لكن إذا كان يعتقد أن المطر من الله -جل وعلا- والنو سبب هذا أخف من الكفر الأكبر لكن مع ذلك هو شرك لماذا؟ لأنه جعل النو سبب وهو في الحقيقة ليس بسببٍٍٍ لا شرعي، ولا عرف عادي مضطرد، اتخذ ما ليس بسبب سبب وهذا نوع من الشرك، حيث قلتم: مطرنا بنو كذا {فلولا} تحضيض يعني: فهلا إذا بلغت الروح، إذا بلغت الروح وقت النزع الحلقوم الذي هو مجرى الطعام الذي هو الروح صعد إلى أن وصلت إلى الحلقوم وسدت المجرى عن النفس فهلا يقول فلولا إذا بلغت الحلقوم أي ما في ذكر للروح ولا في شيء تقدم يمكن أن يفهم منه أن الضمير يعود إلى الروح نقول: إذا كان ما يعود إليه الضمير معلوم لدى السامع والمخاطب فإنه يجوز يحذفه {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [سورة ص: 32] ما في ما يدل على الشمس مالها ذكر سابق، ما في ما يدل على ذلك فيجوز الحذف إذا لم يقع فيه لبس، وهنا إذا بلغت الحلقوم يعني: يقصد بذلك الروح في وقت النزع في وقت الاحتضار، والحلقوم مجرى الطعام.(27/19)
{وأنتم} يا حاضري الميت حينئذٍ تنظرون إليه، طيب {فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون} إلى هذا الميت الذي في النزع هل تستطيعون بما أوتيتم من قوة وكثرة، وذكاء وخبرة، هل تستطيعون بكاملكم أن تردوا هذا الروح إلى مقرها بعد أن بلغت الحلقوم، يقول: {ونحن أقرب إليه منكم} المؤلف يقول: بالعلم القرب بالعلم، وليس قرب حسياً {ونحن أقرب إليه منكم} الله -جل وعلا- يدني وينزل إلى السماء الدنيا، وأقرب من حبل الوريد على خلاف بين العلماء في آية ق وهذا الآية التي {نحن أقرب إليه منكم} هل المراد به الرب -جل وعلا- أو الملائكة الذين يقبضون الروح بأمره مسألة خلافية بين أهل العلم، والسبب في ذلك الضمير {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} وهنا {ونحن أقرب إليه منكم} يعني: الملائكة الذين وكلوا بقبض روحه ملك الموت وأعيانه، ومنهم من يقول أن هذا من آيات الصفات قرب بجلاله وعضمته والضمير وإن كان ضمير جمع إلا أن العرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع كما قرره الإمام البخاري في تفسير {إن أنزلناه} من صحيحة، {ونحن أقرب إليه منكم} من البصيرة يقول المؤلف أي لا تعلمون ذلك، لا تبصرون ما المانع أن يكون من البصر، والمشاهدة لأن من يحضر المحتضر لا يشاهد شيء، لا يبصر شيء لا يبصر ملك الموت ولا أعوانه، ولا لا يبصر شيء لا مانع من أن يكون قوله ولا تبصرون من البصر الذي هو الرؤيا والمشاهدة وأما من البصيرة أيضاً كذلك لا يمكن أن يعلم مثل هذا الأمر لخفائه عن الأنظار وعن القلوب، فلولا الموضع الثاني يعني فهلا كسابقه {إن كنتم غير مدينين} مجزيين بأن تبعثوا أي: غير مبعوثين على حسب زعمكم، فلولا إن كنتم غير مدينين المراد بالدين هنا أو بالدين الجزاء، {مالك يوم الدين} يعني يوم الجزاء، {فلولا إن كنتم غير مدينين} مجزيين، والجزاء متى يكون؟ يكون بعد البعث، وإذا كانوا منكرون البعث فهم منكرون الجزاء، فإذا كنتم تنكرون البعث، وتنكرون الجزاء، {فلولا إن كنتم غير مدينين} يعني: غير مجزيين ومن باب أولى غير مبعوثين، مجزيين بأن تبعثوا أي: غير مبعوثين على حد زعمكم، {ترجعونها}، ترجعونها، من الفعل الثلاثي، هل يقال رجع وإلا أرجع؟ يعني اشتريت سيارة أو أي: سلعة(27/20)
فما أعجبتك وأعدتها إلى صحابها، تقول: رجعت السيارة أو أرجعت السيارة؟ ها وهنا ترجِعونها أو تُرجعونها؟ يأتي بالممثلات من الرباعي {فَإِن رَّجَعَكَ اللهُ} [سورة التوبة: 83]، رجعك وأرجعك بمعنى واحد، وهنا ترجعونها من الثلاثي، تردون الروح إلى الجسد، بعد بلوغ الحلقوم، يعني إن كنتم بالفعل تستطيعون أو تنكرون البعث والجزء ابدوا بمنع المقدمات، أبدأو بمنع المقدمات لأنه إذا وجدت المقدامات وجدت النتائج، أنتم إذا أرتم إلا يبعث وألا يحاسب ولا يجازا أمنعوا عنه الموت ليستمر في الحياة، {ترجعون} تردون الروح إلى الجسد بعد بلوغ الحلقوم إن كنتم صادقين فيما زعمتم؛ فلولا الثانية تأكيد للأولى يعني تأكيد لفظي، لأنه جاء: {فلولا إذا بلغت}، والثانية: {فلولا إن كنتم غير مدينين} الثانية تأكيد لفظي للأولى، وإذا {فلولا إذا بلغت الحلقوم} وإذا ظرف لترجعونها المتعلق به، المتعلق به الشرطان، والمعنى: هلا ترجعونها إن نفيتم البعث صادقين في نفيه لينتفي عن محلها الموت كالبعث، يعني إذا رجعتم الروح هذه إلى وضعها الطبيعي، إن كنتم تقدرون تستطيعون ذلك فرجعوا الروح إلى وضعها الطبيعي، لماذا؟ لألا يترتب على ذلك أن تفارق بدنه ثم يموت ثم يقبر بعد ذلك يبعث ثم يحاسب ويجازى، إذا كنتم تستطيعون منع الموت فبإمكانكم أن تنفوا جميع ما يترتب عليه، لكن من يستطيع أن يمنع الموت! وإذا كنتم لا تستطيعون أن تمنعوا الموت، ثلة من الأذكياء والعباقرة محتفين بأحب الناس إليهم وتنزعوا روحه من بين يديهم، لا يستطيعون أن يتصرفوا يا الله هات تكلم أين ذكائكم ردوا هذا الروح التي تطلع، وإذا لم تستطيعوا أن تفعلوا هذا فالموت حاصل لا محالة، وإذا اعترفتم بهذا واعترفتم بعجزكم، لماذا لا تعترفون بالبعث وما يترتب عليه؟ ترجعونها إن كنتم صادقين فيما زعمتم، والمعنى: هلا ترجعونها إن نفيتم الباعث صادقين في نفيه أي لينتفي عن محلها الموت كالبعث، فإما إن كان الميت من المقربين، يعني: في أول السورة، قسمهم على حسب أعمالهم في حال الحياة، ثم ذكر وضعهم حال الوفاة ثم ما يحصل لهم بعد البعث، ما الذي يحصل لهم في قبورهم، وبعد ما يبعثون من قبورهم؟ على ما تقدم، كلُ على منزلته(27/21)
ومرتبته، {فأما إن كان} الميت {من المقربين}، يعني: من السابقين من الصنف الأول {فروحٌ وريحان وجنة نعيم} يعني: فله روح يعني: استراحة، يرتاح من عناء الدنيا وشقائها وما جبلت عليه وما طبعت عليهم من أكدار، يستريح ولذا جاء في الحديث: ((مستريح ومستراح منه)) يعني: بعض الناس يستريح من عناء الدنيا إذا كان مأآله إلى خير ومن الناس مستراح منه يرتاح منه الناس في هذه الدنيا ويكون مأآله إلى خلاف ذلك في الآخرة.
{فروح} أي: فله استراحة وراحة {وريحان}، رزق حسن هكذا يقول المؤلف، روح وريحان، روح منهم من قرأها يقول روح، روح وعبر بالروح عن الحياة أن له حياة أفضل من هذه التي فارقها، وريحان يعني: رائحة طيبة وجاء في بعض الأخبار أن ملك الموت معه ما يودع فيه هذه الروح مما رائحته طيبة، وقد حصل يعني في بعض الجنائز أنها تشم هذه الروح، رائحة الريحان، رائحة المسك من الشهيد وغيره تشم {فروح وريحان} يقول: رزق حسن، {وجنت نعيم} وهل، وهل الجواب عندنا أنا شرط وإن كذلك، شرطان عندنا شرطان وكل من الشرطين يحتاج إلى فعل للشرط وجواب للشرط، {فأما إن كان من المقربين فروح وريحان} هذا الجواب جواب الشرط، هل هو لأن أو لإن؟ أو لهما؟ يقول المؤلف: أقوال، يعني عندهم في القاعدة إذا اجتمع شرط وقسم فالجواب للسابق منهم، الجواب للسابق منهما، لكن إذا اجتمع شرطان في الجوال لأيهما؟ ثلاثة أقوال: ـ
1/ إما للأول للسابق2/ أو للمتأخر3/ أو لهما معا من باب الاكتفاء بجواب أحد الشرطين، هذا الصنف الأول الذين هم المقربون وهم السابقون في صدر الصورة.
{وأما إن كان من أصحاب اليمين} وهم الصنف الثاني {فسلام لك} يعني: أصحاب اليمين الذين يعطون كتبهم بأيمانهم {فسلام لك} أي: السلامة.(27/22)
يقول: فسلام لك، أي: له {وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين} والمفسر يقول: {فسلام لك} يعني: له السلام، صاحب اليمين سلام لك، أي: له السلامة، السلامة لصاحب اليمين والظاهر من السياق أن صاحب اليمين يسلم على غيره، {فسلام لك من أصحاب اليمين} يعني: ظاهر السياق أن صاحب اليمين هذا يسلم على غيره، وعلى من يسلم المخاطب بقوله لك؟ كل من يصح أن يخاطب بمثل هذا الكلام وأول من خوطب به النبي -عليه الصلاة والسلام-، سلام لك يا محمد أدعوا لك بالسلامة وسلام لأتباعك لكل من يقرأ، لكل من يقرأ مخاطب بهذا الضمير، ضمير الخطاب، له السلامة من العذاب من أصحاب اليمين من جهة أنه منهم، يعني من أصحاب اليمين يعني لأنك أنت من أصحاب اليمين فأنت تسلم عليهم وهم يسلمون عليك.
{وأما إن كان من المكذبين الضالين} قال في أصحاب اليمين قال: {وأما إن كان من أصاحب اليمين} مقتضى التنظير أن يقال: وأما إن كان من أصحاب الشمال، هي التي تقابل اليمين، لكنه قال: {وأما إن كان من المكذبين الضالين} يعني التسوية بالوصف المؤثر، هم أصحاب الشمال وانتهينا أخذوا كتبهم بشمالهم بشمائلهم، لكن لماذا أخذوها بشمائلهم؟ هنا وصف مؤثر وهو التكذيب والظلال، لماذا استحقوا هذا العذاب؟ استحقوه لهذا الوصف المؤثر وهو التكذيب والضلال.
{فنزل من حميم} يعني جزائهم - نسأل الله السلامة والعافية-، نزل من حميم على ما تقدم {وتصلية جحيم} نار تتلظى عذاب أبدي سرمدي، {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ} [سورة النساء: 56] هذا بالنسبة لصلي النار وأما بالنسبة للحميم فذكرناه بالأمس وهو الماء الحار الذي إذا أدناه الواحد من وجهه سقطت جلدت وجهه كما قال ذلك أهل العلم.(27/23)
{وتصلية جحيم، إن هذا} يقول: من إضافة الموصوف إلى صفته، يعني كأنه قال: إن هذا لهو اليقين الحق، من إضافة الموصوف إلى صفته، الحق اليقين وإذا قلنا: بالعكس من ضابط الصفة إلى الموصوف، قلنا: اليقين الحق، وهناك ما يسمى بحق القين، وعلم اليقين، وعين اليقين، ثلاثة أشياء كلها تضاف إلى القين فعلم اليقين، يعني: العلم الضروري الواقع بواسطة الخبر، أي: جاءك مائة من الثقات وقالوا: أن العسل يباع في السوق، هذا علم اليقين، ألا تستطيع أن تترد في الخبر مع أنه جاءك هذا العدد الكبير ممن تثق بهم هذا علم اليقين، فإذا ذهبت إلى السوق ورأيت العسل يباع في الأسواق صار " عين القين" فإذ أخذت بملعقة وأدخلت أصبعك ولعقته صار " حق اليقين" وهذا أعلى الدرجات ولذا قال: {إن هذا لهو حق} يقول: من إضافة الموصف إلى صفته.
{فسبح باسم ربك العظيم} يعني: على ما تقدم في الآية التي بدأنا بها الدرس، {فسبح بسم ربك} يعني قال: سبح نزه واسم زائدة والعظيم الله -جل وعلا-، نعم وكون المفسر العظيم بالله -جل وعلا- دل على أنه وصف للمضاف إليه على ما تقدم، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
يقول: ما حكم ترتيل الأحاديث النبوية لأن هذا الأمر قد كثر في الآونة الأخيرة؟
أما بالنسبة لترتيل على ضوء القواعد والقوانين التي وضعت لترتيل كلام الله -جل وعلا- فلا يجوز تشبيه كلام المخلوق، وإن كان النبي -عليه الصلاة والسلام- بكلام الله -جل وعلا-، يعني قواعد التجويد لا يجوز أن تطبق على غير كلام الله -جل وعلا-، يرتل الحديث أو غير من كلام البشر كما يرتل القرآن لا، لكن قراءة الحديث من غير تطبيق لقواعد التجويد بأصوات حسنة هذا ما في إشكال، بل قد تكون أدعى إلى الإصغاء ومن ثم الانتباه والفهم.
هذا يقول: يذكر بعض المشتغلين بالإعجاز العلمي للقرآن بأن مواقع النجوم، النجوم هي أماكنها فهل ذلك وجهة؟
نعم، لما تقول موقع الشيء الفلاني تريد بذلك مكانه وإن أردت على ما ذكر المفسر وغيره من المفسرين أن المواقع مساقط النجوم فالمكان الذي يقع فيه هو الذي يسقط فيه.
يقول: ما حكم زكاة البهيمة المعلفة؟(27/24)
يعني تعلف طول طول الحول، مدة الحول كاملة، هذه ليس فها زكاة إلا إذا كانت معدة للبيع أما زكاة السائمة لا بد أن تكون ممن يسوم الحول أو أكثر الحول يعني يرعى.
يقول: والدي يرغب في بقائي هنا في هذه المنطقة وأنا أرغب في أن أواصل الدراسة في الماجستير خارج هذه المنطقة علماً بأن دراستي هنا ليست في التخصص الذي أريده وأتقنه؟
أطع أباك، أطع أباك.
هذا يطلب الإجازة في تفسير الجلالين؟
أنا إلى الآن لم أجز أحد، لا في الجلالين ولا في أي كتاب سواء كان في كتب السنة أو غيرها، يرحمك الله.
يقول: أريد أن أتوب من أيمان حلفتها غير صادقة من أي. . . . . . . . .(27/25)