المجلد الأول
مقدمة
...
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيراً.
أما بعد: فإن القرآن الكريم كلام الله الذي أنزله على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليكون للعالمين نذيراً، وهو هدى ونور وشفاء لما في الصدور، كما أنه المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامي. لذا كان من مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم بيانه للناس، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:44] .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد بيّن لأصحابه معاني القرآن الكريم، كما بيّن لهم ألفاظه1. ثم إن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - إذا أشكل عليهم فهم شيء من القرآن، سألوه، فيفسره لهم. كما أنهم - أي الصحابة – كانوا
__________
1 أخرج الطبري في مقدمة تفسيره رقم82 بسنده عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: "حدثنا الذين كانوا يُقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلَّموا عشر آيات لم يخلّفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا".
وأخرج رقم81 عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن". وقد صحّح إسنادهما الشيخ محمود محمد شاكر.(1/5)
يفسرون القرآن لتلامذتهم من التابعين1، فنشروا ما علموه بحكمة وصيانة مع التحري والتدقيق.
وهذا اللون من التفسير هو المسمى بالتفسير بالمأثور، فهو إذاً تفسير القرآن بالقرآن، وبما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين بما يتعلق بتفسير القرآن الكريم. وقد دونّ العلماء الذين جاءوا في عصر التابعين ومن بعدهم تلك التفاسير في مصنفاتهم، منهم من أفردها بالتصنيف، ومنهم من جمعها مع السنة2.
__________
1 وقد كان من بينهم من تلقى جميع التفسير عن الصحابة، فقد أخرج الطبري في مقدمة التفسير رقم108 من طريق محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد قال: "عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها".
وأخرج رقم107 عن أبي كريب، حدثنا طلق بن غنام، عن عثمان المكي، عن ابن أبي مليكة قال: "رأيت مجاهداً يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، فيقول له ابن عباس "اكتب" قال: حتى سأله عن التفسير كله ". وانظر: مقدمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية ص35-38.
2 قال ابن أبي حاتم الرازي: فإن قيل كيف السبيل إلى معرفة ما ذكرت من معاني كتاب الله عز وجل ومعالم دينه؟ قيل: بالآثار الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه النجباء الألباء الذين شهدوا التنزيل وعرفوا التأويل، رضي الله تعالى عنهم. مقدمة الجرح والتعديل ص2. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن قال قائل: فما أحسن طريق التفسير؟ فالجواب: إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أُجمل في مكان فإنه قد فُسِّر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة؛ فإنها شارحة للقرآن وموضحة له ... إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعت في ذلك إلى أقوال الصحابة؛ فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوه من القرآن، والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح لاسيما علماؤهم وأكبراؤهم ... إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين. انظر: مقدمة في أصول =(1/6)
فكان الإمام البخاري رحمه الله ممن تصدى لتدوين سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، بل كان أول من أفرد الحديث الصحيح في مؤلف. وأفرد في مصنفه هذا كتابا في التفسير أيضا، كما أورد روايات وأحاديث تتعلق بتفسير بعض الآيات في كتب وأبواب أخرى من هذا الجامع الذي سماه "الجامع الصحيح"، فلا يكاد يخلو كتاب من كتبه أو باب من أبوابه مما له تعلق بتفسير آية قرآنية.
وقد تصدى جمع من العلماء لشرح هذا الجامع، وإيضاح ما خفي على الأذهان مما أودع فيه، منهم شيخ الإسلام في الحديث العلامة الحافظ ابن حجر رحمه الله، فكان شرحه لصحيح البخاري من أجل الشروح، بل هو أجلها وأشملها وأنفعها.
ولا شك أن شرحه هذا الذي سمّاه بـ "فتح الباري" يعد موسوعة كبيرة في المعارف الإسلامية عموما؛ فإن الحافظ ابن حجر رحمه الله قد أودع فيه علوما شتى ونافعة، لا نكاد نجد مثله في كتاب آخر، كما أنه يعتبر أكبر وأجمع ما ألفه ابن حجر. وهذا ليس بغريب؛ إذ أنه قضى في تأليفه خمسة وعشرين سنة، من بداية سنة817هـ إلى 842هـ، وكان جمعه للمقدمة في سنة813هـ1. ففيه
__________
= التفسير ص93 و95 و102. وقال الزركشي: لطالب التفسير مآخذ كثيرة أمهاتها أربعة: الأول: النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الطراز الأول، ولكن يجب الحذر من الضعيف فيه والموضوع؛ فإنه كثير. وإن سواد الأوراق سواد في القلب ... الثاني: الأخذ بقول الصحابي؛ فإن تفسيره عندهم بمنزلة المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كما قاله الحاكم في تفسيره ... إلى أن قال: وفي الرجوع إلى أقوال التابعين روايتان عن أحمد، واختار ابن عقيل المنع، وحكوه عن شعبة، لكن عمل المفسرين على خلافه، وقد حكوا في كتبهم أقوالهم ... وغالب أقوالهم تلقوها من الصحابة، ولعل اختلاف الرواية عن أحمد إنما هو فيما كان من أقوالهم وآرائهم. انظر: البرهان في علوم القرآن 2/156-160.
1 صرح بذلك في خاتمة الكتاب 13/556.(1/7)
مباحث فقهية قيمة، وفيه بيان لخفايا علم الرجال، وكشف عن مبهمات الحديث في المتن والإسناد، ومباحث لغوية مفيدة، كما فيه شرح لعدد من الآيات القرآنية.
ولقد نقل ابن حجر في هذا الكتاب العظيم روايات ونصوصا كثيرة في التفسير، من عدد من الكتب القيمة في التفسير والتي لا تزال في عداد المفقود، ومن تلك التفاسير المفقودة والتي نقل عنها ابن حجر:
تفسير الفريابي، وتفسير عبد بن حميد، وتفسير سفيان بن عيينة، وتفسير ابن المنذر، وتفسير إسحاق بن راهويه، وتفسير سنيد، وتفسير ابن مردويه، وأحكام القرآن لأبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق القاضي، وتفسير أبي الشيخ الأصبهاني وغيرها من التفاسير1.
وهذه الروايات الكثيرة التي نقلها ابن حجر من تلك الكتب منثورة في ثنايا هذا الكتاب. لذا عزمت على جمع تلك الروايات في مكان واحد وترتيبها وتخريجها وبيان درجتها من الصحة، في سبيل خدمة هذا الكتاب الجليل، وتسهيلا للباحثين. وذلك في رسالتي لإعداد مرحلة الدكتوراه بعنوان:
"الروايات التفسيرية في فتح الباري جمعًا ودراسةً".
__________
1 من بين هذه التفاسير تفسير عبد بن حميد وتفسير ابن المنذر وتفسير أبي إسحاق القاضي وهذه التفاسير الثلاثة فقد وجدت أجزاء منها، أما تفسير عبد بن حميد فتوجد منه قطعة فيها سورتا آل عمران والنساء، وهي على هامش تفسير ابن أبي حاتم المجلد الثاني، وهذه النسخة توجد في مكتبة أياصوفيا بإستنبول تحت رقم 175. وأما تفسير ابن المنذر فتوجد منه مجلد كامل فيه من الآية 21 سورة البقرة إلى الآية 94 من سورة النساء. وهو موجود أيضا على هامش تفسير ابن أبي حاتم المشار إليه. وأما أحكام القرآن لأبي إسحاق القاضي فيوجد منه جزء في سبع عشرة ورقة في القيروان بتونس. انظر: تاريخ التراث العربي لبروكلمان 2/151.(1/8)
أسباب اختيار الموضوع:
هناك أسباب ودوافع دفعتني لاختيار هذا الموضوع - غير ما ذكر -، وأهمها ما يلي:
1- مكانة الحافظ ابن حجر وشهرته ومنزلته عند العلماء، فهو "الحافظ المتقن الضابط الثقة المأمون" هكذا وصفه شيخه الحافظ العراقي1، وكذلك قيمة كتابه "فتح الباري" لدى العلماء وطلاب العلم2، من الأسباب التي دفعتني أيضا إلى اختيار هذا الموضوع. فهذا الكتاب - أعني فتح الباري - يعتبر أنفع كتبه على الإطلاق. ورغم أنه مطبوع عدة مرات، فإنه مازال بحاجة إلى دراسته من جوانب عدة. فهذا الموضوع يبحث في جانب من أهم جوانب هذا الكتاب، ألا وهو دراسة الروايات التفسيرية فيه؛ فإنه غزير بهذه المادة، إذ زاد عدد الروايات التفسيرية فيه على [3500] رواية. فجمع تلك الروايات وتخريجها ودراستها يعتبر إسهاما في خدمة هذا الكتاب العظيم.
2- تشجيع بعض الأفاضل من الأساتذة، فقد كنت أبحث عن موضوع يصلح أن يكون أطروحة لمرحلة الدكتوراه، أشار عليّ أستاذي الفاضل فضيلة الأستاذ الدكتور/ حكمت بشير ياسين، بجمع الروايات التفسيرية التي وقعت في كتاب فتح الباري ودراستها، وفي بادئ الأمر كنت أتهيب له بسبب كبر حجم هذا الموضوع، ولكنه - حفظه الله - أقنعني بأهمية هذا الموضوع وبجدوى العمل فيه، فانشرح صدري لذلك، وأقدمت عليه مستعينًا بالله.
__________
1 انظر: مبحث مكانة الحافظ ابن حجر وثناء العلماء عليه ص63.
2 انظر: مبحث قيمة فتح الباري العلمية ص76.(1/9)
3- أثناء عملي في رسالة الماجستير، جمعت مرويات ابن مردويه في التفسير من فتح الباري بالاشتراك مع الزملاء، فكنت أقرأ في هذا الكتاب العظيم، فقد ازداد شوقي لمزيد من الاطلاع على هذا الكتاب، فكنت أقرأ فيه، فلا أمرّ على سطر إلا وأرى أنه مفيد للغاية، ولم أر فيه أي استطراد ليس في مكانه.
4- لما كنت أحضر رسالة الماجستير، أشار عليّ بعض الزملاء في اختيار موضوع للمرحلة القادمة، يشمل تفسير كل سور القرآن الكريم، فمن ذلك الوقت وقع في نفسي ذلك، فرأيت أن هذا الموضوع سوف يأخذني للاطلاع على تفسير كل سور القرآن.
5- رغبتي الشديدة في دراسة الروايات التي تتعلق بتفسير القرآن، فمنذ أن حضّرت رسالة الماجستير المشار إليه آنفا، زدت رغبة في هذا الجانب، فقد تيقنت منذ ذلك الحين، أن الطريق الصحيح لمعرفة تفسير القرآن الكريم هو ما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم وسلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين.
فهذه هي أهم الأسباب التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع.(1/10)
خطة البحث:
تتكون خطة البحث من مقدمة وبابين وخاتمة وفهارس:
المقدمة، وقد تضمنت ما يلي:
- أهمية الموضوع.
- أسباب اختياره.
- عرض الخطة المرسومة للبحث.
- توضيح منهج الكتابة فيه.
- كلمة شكر وتقدير.
الباب الأول: دراسة حياة الحافظ ابن حجر - باختصار - وكتابه فتح الباري، وفيه أربعة فصول:
الفصل الأول: ترجمة الحافظ ابن حجر، وفيه أحد عشر مبحثا:
المبحث الأول: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه.
المبحث الثاني: مولده.
المبحث الثالث: نشأته وأسرته.
المبحث الرابع: نشأته العلمية وطلبه للعلم.
المبحث الخامس: رحلاته العلمية.
المبحث السادس: شيوخه.
المبحث السابع: تلاميذه.
المبحث الثامن: مذهبه.
المبحث التاسع: آثاره العلمية.
المبحث العاشر: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه.
المبحث الحادي عشر: وفاته.(1/11)
الفصل الثاني: دراسة فتح الباري، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: منهج ابن حجر في فتح الباري عموما.
المبحث الثاني: منهجه في تفسير الآيات القرآنية.
المبحث الثالث: قيمة فتح الباري العلمية وثناء العلماء عليه.
الفصل الثالث: جهود ابن حجر في تفسير القرآن الكريم وعلومه، من خلال كتابه فتح الباري، وفيه سبعة مباحث:
المبحث الأول: تفسيره للقرآن بالقرآن.
المبحث الثاني: تفسيره للقرآن بالسنة.
المبحث الثالث: تفسيره للقرآن بأقوال الصحابة.
المبحث الرابع: عنايته بأسباب النزول.
المبحث الخامس: تناوله لقضايا النسخ.
المبحث السادس: ذكره للقراءات.
المبحث السابع: بيانه لغريب القرآن.
الفصل الرابع: دراسة الروايات التفسيرية في فتح الباري، وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: منهجه في سياق الروايات التفسيرية.
المبحث الثاني: نقده للروايات والحكم عليها.
المبحث الثالث: عزوه للمصادر.
المبحث الرابع: موارده في الروايات التفسيرية.
الباب الثاني: الروايات التفسيرية في فتح الباري، وقد رتبتها حسب الآيات والسور القرآنية.
الخاتمة، ذكرت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها خلال البحث.(1/12)
الفهارس، عملت فهارس متنوعة، تسهيلا للباحث الكشف عن مراده. وهي كالتالي:
1- فهرس الآيات المستشهد بها.
2- فهرس الأحاديث.
3- فهرس الآثار الموقوفة والمقطوعة.
4- فهرس الأعلام المترجم لهم.
5- فهرس الأماكن والبقاع.
6- فهرس القبائل والشعوب.
7- فهرس الفرق.
8- فهرس المصادر والمراجع.
9- فهرس الموضوعات.
منهج الكتابة فيه:
هذا وقد سلكت في هذه الرسالة المنهج الآتي:
- تتبعت الرواياتِ التفسيريةَ في "فتح الباري" من أوله إلى آخره، سطرا سطرا، وذلك من خلال القراءة المتأنية للكتاب، وكلما وجدت رواية تفسيرية كنت أحددها، ثم دوّنت تلك الروايات في أوراق، كل رواية في ورقة مستقلة، مع الإشارة إلى مكانها في فتح الباري، مع ترك فراغ أسفل الصفحة للتعليق عليها. ثم عنونت كل ورقة منها بعنوان، وذلك بكتابة الآية ورقمها واسم السورة، وهذا العمل قد استغرق منّي وقت طويل، وذلك بسبب تشتت مظان تلك الروايات، وتقطيع الحافظ ابن حجر لها، الأمر الذي يجعل الإنسان محتاراً في كيفية التعامل مع هذه الآثار المتقطعة، بالإضافة إلى(1/13)
ذلك ما واجهني من أشغال خارجة عن إرادتي، فقد قضيت في هذا الجمع ما يقارب سنة كاملة.
ثم رتبت تلك الروايات حسب ترتيب السور والآيات في القرآن الكريم. وإذا وردت روايات متعددة في تفسير آية واحدة، فإني أراعي تقديم الأصح إلا أن يكون سياق ابن حجر لها على نسق لو قُدِّم أو أُخِّر يخل بالمعنى؛ فإن ابن حجر لا يورد جميع الروايات بكاملها غالبا؛ وإنما يورد رواية ثم يقول وعن غيره نحوه، أو وعند غيره زيادة كذا ونحو ذلك من العبارات. ففي هذه الحالة قد تكون رواية الغير هذه أقل درجة في الصحة من التي أورد بعدها، ولكن أضطر أن أسوقها كما أوردها.
وإذا وجدت رواية مكررة، أوردها ابن حجر في أكثر من موضع، فإن كان التكرار باللفظ، نقلتها من أول مكان ورد فيه، ثم أشرت إلى الأماكن الأخرى التي وردت فيها في الحاشية، وإن كان هناك اختلاف في اللفظ، حيث أوردها في مكان باختصار، ثم أوردها في مكان آخر بأطول من ذلك، أو أوردها من غير إسناد، ثم أوردها بالإسناد في مكان آخر، أو حكم عليها في مكان، ولم يحكم عليها في مكان آخر، فأختار الأكمل، والأشمل للحكم، أو الرواية، ثم أشير إلى الأماكن الأخرى في الحاشية. ثم رقمت الروايات بعد هذه التصفية.
- وكتبت في رأس الصفحة اسم السورة التي تناول البحث فيه كعنوان، تسهيلا للقارئ عن البحث عن أي سورة أراد البحث فيه.
- وذكرت الآية القرآنية التي تتناول تفسيرها قبل الرواية، مع رقمها، وذلك تسهيلا للبحث عنها أيضا.
- والتزمت رسم المصحف في كتابة الآيات القرآنية.(1/14)
منهج تخريج الروايات: تتبعت في تخريج الروايات المنهج الآتي:
- خرجت الروايات من كتب الحديث المعتمدة الأصلية وكتب التفسير المسندة، كتفسير عبد الرزاق، وتفسير سعيد بن منصور - وهو جزء من سننه -، وتفسير آدم ابن أبي إياس المنسوب إلى مجاهد، ومعاني القرآن للفراء والزجاج والنحاس، وتفسير النسائي - وهو جزء من السنن الكبرى - وتفسير الطبري وتفسير إسحاق بن إبراهيم البستي، وتفسير ابن أبي حاتم، وتفسير البغوي، وكتب نواسخ القرآن، وأسباب النزول، وفضائل القرآن المذكورة في قائمة المصادر والمراجع في آخر هذه الرسالة، محاولاً خلال ذلك الوصول إلى معرفة درجة الرواية من الصحة - قدر الاستطاعة - اعتماداً في ذلك على أقوال الأئمة النقاد المعتبرين من المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين.
- وإذا لم أجد له تخريجا في المصادر المعتمدة، فإني قد أذكر شاهداً، أو شواهد له إن وجدت أو تقدمت، أو أذكر من فسر به من المفسرين، وأوردوها في كتبهم من غير إسناد كابن الجوزي في زاد المسير والقرطبي في تفسيره وابن كثير في تفسيره والسيوطي في الدر المنثور وغيرهم، وإذا لم أجد شيئا سكت عنه أو قلت: لم أجده أو لم أقف على تخريج له أو لم أقف على من ذكره ونحو ذلك.
- إذا نسب ابن حجر إلى مصدر بعينه، فإني - في الأغلب - أخرج منه مع ذكر إسناده كاملا إلا إذا كان الإسناد مما يتكرر عنده؛ فإني في هذه الحالة ذكرت إسناده في المقدمة، ولا أذكر ذلك كل ما تكرر، وذلك تجنبا للتكرار.
- وإذا نسبه إلى أكثر من مصدر، فإني في هذه الحالة أخرجه من تلك المصادر إن وجدت أو من غيرها من مصادر التخريج.(1/15)
- إذا كان الحديث في صحيح مسلم أكتفي بتخريجه منه. إلا إذا نسبه إلى غيره، واللفظ المذكور عند ذلك الغير فإني أخرجه منه أيضا مع الإشارة إلى مكانه في صحيح مسلم.
- إذا علق البخاري الحديث عن صحابي أو تابعي، وذكر ابن حجر الذي أوصله، فإني أشير إلى تعليق البخاري في أول التخريج، ثم أتبعه بتخريجه من المصادر التي عزاه ابن حجر إليها ومن غيرها إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وإذا كان هذا المصدر مما هو مفقود أو في حكم المفقود، أو لم أعثر عليه، فأرجع إلى كتاب "تغليق التعليق" لابن حجر، فإنه أورد فيه ما علقه البخاري، ثم أوصلها بالإسناد.
- ترجمت لرجال الأسانيد الذين أوردهم ابن حجر، أما الذين وردت أسماؤهم في السند، ولم يذكرهم ابن حجر في الفتح، فلم أترجم لهم إلا في بعض الحالات مثل أن يكون هناك تصحيف أو أن الراوي لم يكن معروفا أو مشهورا أو ممن تكلم فيه جرحا، ونحو ذلك مما تدعو الحاجة إلى ترجمته فإني ترجمت له باختصار.
- عزوت الآيات المستشهد بها، وذلك بذكر اسم السورة، ورقم الآية.
- شرحت الكلمات الغريبة الواردة في الروايات، وعرفت بالأماكن والبقاع الواردة في الروايات،. وعرفت بالفرق الواردة في الروايات وهي قليلة جداً.
- ما وقع من التصحيف في بعض أسماء الرواة أثبت الصحيح ثم أشرت إلى ذلك في الحاشية.
- صححت الأخطاء التي وقعت في الآيات، من غير إشارة إلى ذلك.
- دراسة بعض الأسانيد والطرق المتكررة في هذه الرسالة.(1/16)
لما رأيت أن جلّ المادة العلمية في هذا الكتاب كانت عن الصحابة والتابعين، كأمثال ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم، وأن كثيراً منها جاءت بأسانيد قد تتكرر عشرات المرات، ولما رأيت ذلك أحببت أن أسجل نبذة عن بعض تلك الأسانيد التي تكررت، في هذه المقدمة، وذلك تجنبا للتكرار1.
وأبدأ بأكثرها تكراراً، فأقول:
أولا: الأسانيد عن ابن عباس رضي الله عنه:
ويعتبر عبد الله بن عباس رضي الله عنه أكثر الصحابة تفسيراً للقرآن، ولذا كان اعتماد ابن حجر على ما روي عنه كبيراً حيث بلغ عدد الروايات التفسيرية عنه في هذا الكتاب 936 رواية، من بين 3541 رواية.
وقد روى جمع غفير من التابعين عن ابن عباس رضي الله عنه. وأكثرها تكرارا في هذا الكتاب:
1- طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه.
وهي صحيفة مشهورة تداولها العلماء، فقد اعتمد عليها الإمام البخاري كثيراً في التراجم وغيرها، ولكنه لا يسميها بل يقول: قال ابن عباس أو يُذكر عن ابن عباس.
وعلي بن أبي طلحة: مولى بني العباس، أرسل عن ابن عباس رضي الله عنه
__________
1 اعتمدت في ذلك كثيراً على مقدمة الحافظ ابن حجر نفسه في كتابه "العجاب في بيان الأسباب"، وما نقل عنه السيوطي في الإتقان - في النوع الثمانين، في طبقات المفسرين -، وعلى مقدمة فضيلة الأستاذ الدكتور/ حكمت بشير ياسين في موسوعة الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور. ونُشِرَت هذه المقدمة في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في عددها 101-102، عام 1414هـ-1415هـ.(1/17)
ولم يره، وقد تُكلم في روايته عن ابن عباس رضي الله عنه بأنه لم يسمع منه. قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: سمعت دحيما يقول: إن علي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس رضي الله عنه التفسير1.
وقد أجاب عن ذلك أبو جعفر النحاس فقال: والذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس رضي الله عنه وإنما أخذ التفسير عن مجاهد وعكرمة، وهذا القول لا يوجب طعنا؛ لأنه أخذه عن رجلين ثقتين وهو في نفسه ثقة صدوق. اهـ2.
وذكر ابن حجر في العجاب الرواة الثقات عن ابن عباس رضي الله عنه فقال: وعلي صدوق لم يلق ابن عباس رضي الله عنه، لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه، فلذلك كان البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة3.
ونقل السيوطي عن ابن حجر أنه قال: بعد أن عرفت الواسطة وهو ثقة فلا ضير في ذلك4.
وروى أبو جعفر النحاس بإسناده عن الإمام أحمد قال: بمصر صحيفة تفسير رواها علي بن أبي طلحة، لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيراً5. ونقل ابن حجر العبارة عن معاني القرآن، ثم قال: وهذه النسخة كانت عند أبي صالح كاتب الليث رواها عن معاوية بن صالح،
__________
1 المراسيل ص118، رقم الترجمة 247.
2 الناسخ والمنسوخ 1/461-462.
3 مقدمة العجاب 1/207.
4 الإتقان 4/207.
5 أخرج النحاس في الناسخ والمنسوخ 1/462 بسنده عن الإمام أحمد، ولفظه "بمصر كتاب التأويل عن معاوية بن صالح، لو جاء رجل إلى مصر فكتبه ثم انصرف به ما كانت رحلته عندي ذهبت باطلا".(1/18)
عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه، وهي عند البخاري عن أبي صالح وقد اعتمد عليها في صحيحه هذا كثيراً، وهي عند الطبري وابن أبي حاتم وابن المنذر بوسائط بينهم وبين أبي صالح. اهـ1.
ويقول الدكتور محمد كامل حسين "نستطيع أن نقول: "إن صحيفة علي ابن أبي طلحة في تفسير القرآن الكريم، هي من أقدم الروايات التي دوّنت عن ابن عباس رضي الله عنه، وإن هذه الرواية من أصحّ الطرق عنه، وإن البخاري، وابن جرير الطبري وغيرهما نقلوا هذه الصحيفة في كتبهم، ومجمل القول: إن هذه الطريق من أصحّ الطرق في التفسير، عن ابن عباس رضي الله عنهما"2.
2- طريق عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه.
وهي من الطرق الصحيحة على شرط الشيخين. قال السيوطي: ومن جيّد الطرق عن ابن عباس طريق قيس، عن عطاء بن السائب، عن سعيد ابن جبير، عنه؛ وهذه الطريق صحيحة على شرط الشيخين. وكثيراً ما يخرج منها الفريابي، والحاكم في مستدركه3.
3- طريق سعيد بن جبير:
ومِن أكثر مَن روى عنه محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير. قال ابن حجر: هكذا بالشك، ولا يضر لكونه يدور على ثقة، وقد ذكر هذا الإسناد في مقدمة العجاب في بيان الأسباب ضمن أسانيد الثقات عن ابن عباس، فقال: والذين اشتهر عنهم القول في ذلك من التابعين أصحاب ابن عباس وفيهم ثقات وضعفاء، فمن الثقات مجاهد ابن جبر ويروي
__________
1 فتح الباري 8/438-439.
2 انظر: مقدمة معجم غريب القرآن لمحمد فؤاد عبد الباقي، ص هي.
3 الإتقان 4/208-209.(1/19)
التفسير من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، والطريق إلى ابن أبي نجيح قوية فإذا ورد عن غيره بينته، ومنهم عكرمة ويروى التفسير عنه من طريق الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عنه، ومن طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير - هكذا بالشك - ولا يضر لكونه يدور على ثقة ... ثم ذكر طريق علي بن أبي طلحة وعطاء بن أبي رباح ثم قال: ومن روايات الضعفاء فساقها ... 1. وقد حسّنه في فتح الباري2. كما حسّنه السيوطي في لباب النقول في أسباب النزول3 وقال في الإتقان4: وهي طريق جيدة وإسنادها حسن.
بينما قال عنه الإمام الذهبي: لا يعرف5 وفي الكاشف: وُثّق. وقال الحافظ ابن حجر6 مجهول. وسكت عنه البخاري وابن أبي حاتم7 وذكره ابن حبان في الثقات8. وقال الشيخ أحمد شاكر عن توثيق ابن حبان: وكفى بذلك معرفة وتوثيقا9.
وقد درس فضيلة الأستاذ الدكتور/ حكمت بشير هذا الإسناد في مقدمة موسوعة الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور هذا الإسناد، وحشد ما تقدم من أقوال النقاد، ثم حسّنه إعتمادا عليها، وذكر أيضا: أن الإمام
__________
1 مقدمة العجاب 1/203-209.
2 7/332، 8/231 و269، وانظر الأرقام 362، 450، 691.
3 ص62.
4 4/209.
5 ميزان الإعتدال 5/151، رقم الترجمة 8129.
6 التقريب 2/205.
7 التاريخ الكبير 1/225، والجرح والتعديل 8/88.
8 الثقات 7/392.
9 تفسير الطبري 1/219 في الحاشية.(1/20)
الطبري قد اعتمد على هذا الإسناد ورجّحه، وأن الحافظ ابن كثير صحّحه، وأن أبا داود روى له، وأنه يروي عن كتب، كتفسير سعيد بن جبير وعكرمة وأن جميع هذه الروايات في المغازي وهي مغازي ابن إسحاق، وقد تقبلتها الأمة. وأن ابن حبان ذكره في الثقات، وكذا قال عنه الإمام الذهبي في الكاشف: وُثِّق. وقد اعتمده الحافظ ابن حجر والهيثمي والسيوطي، وكذلك اعتبر الشيخ محمد نسيب الرفاعي الذي اختصر تفسير ابن كثير هذا الإسناد من الأسانيد الثابتة حيث ذكر في مقدمة مختصره شرطه أنه يختار أصحّ الأقوال ولا يسوق الروايات الضعيفة والموضوعة، وأكثر النقل بهذا الإسناد1.
4- طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنه.
وأكثر مَن روى مِن هذه الطريق عبد الملك بن جريج، لكن فيما يتعلق بالبقرة وآل عمران، وما عدا ذلك يكون عطاء هو الخرساني، وهو لم يسمع من ابن عباس، فيكون منقطعا، إلا إن صرح ابن جريج بأنه عطاء ابن أبي رباح. وقد ذكر ابن حجر هذا الإسناد ضمن أسانيد الثقات عن ابن عباس2.
ومن الطرق الضعيفة عن ابن عباس رضي الله عنه:
1- طريق محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه.
والكلبي ضعيف متهم بالكذب. قال ابن حجر: ومن روايات الضعفاء عن ابن عباس: التفسير المنسوب لأبي النضر محمد بن السائب الكلبي، فإنه
__________
1 انظر: مقدمة موسوعة الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور ص37-45.
2 انظر: مقدمة العجاب 1/208-209.(1/21)
يرويه عن أبي صالح، وهو مولى أم هانئ عن ابن عباس رضي الله عنه، والكلبي اتهموه بالكذب، وقد مرض فقال لأصحابه في مرضه: كل شيء حدثتكم عن أبي صالح كذب1.
2- طريق جويبر بن سعيد عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس رضي الله عنه.
والضحاك: صدوق كثير الإرسال، وقد وثقه الإمام أحمد وأبو زرعة وغيره.
ولكنه لم يسمع من ابن عباس رضي الله عنه. قال ابن حجر: صدوق كثير الإرسال، وفي سماعه من ابن عباس رضي الله عنه وغيره من الصحابة نظر. وقد أنكر سماعه من ابن عباس شعبة وأبو حاتم وأبو زرعة. وقد روى ابن أبي حاتم بسنده عن عبد الملك بن ميسرة قال: قلت للضحاك سمعت من ابن عباس؟ قال: لا. قلت: فهذا الذي تروي عمن أخذته؟ قال: عنك وعن ذا وعن ذا. وقال عبد الملك أيضا: الضحاك لم يلق ابن عباس، وإنما لقي سعيد بن جبير بالري فأخذ عنه التفسير. وروى ابن أبي حاتم بسنده عن مشاش قال: قلت للضحاك سمعت من ابن عباس شيئا؟ قال: لا. قلت: رأيته؟ قال: لا.
هذا وخالف أبو جناب الكلبي الضعيف المدلس، الثقات حيث روى عن الضحاك أنه قال: جاورت ابن عباس سبع سنين. فلا ينظر إلى مثله2.
3- طريق عطاء الخراساني، عن ابن عباس رضي الله عنه.
وعطاء هو ابن أبي مسلم أبو عثمان الخراساني، صدوق يهم كثيراً،
__________
1 مقدمة العجاب 1/209.
2 انظر: الجرح والتعديل 4/458، والمراسيل ص85، رقم149، وتهذيب التهذيب 4/397-398 والتقريب 1/373.(1/22)
ويرسل ويدلّس، مات سنة خمس وثلاثين ومائة1، وقد أورد ابن حجر هذا الطريق ضمن الطرق الضعيفة عن ابن عباس، حيث قال: ومنهم عثمان بن عطاء الخراساني: يروي التفسير عن أبيه، عن ابن عباس، ولم يسمع أبوه من ابن عباس2، وعثمان ضعيف3.
4- طريق عطية العوفي عن ابن عباس رضي الله عنه.
وهو عطية بن سعد بن جنادة العوفي، أبو الحسن، ضعيف، يدلس، ويخطئ كثيرا، رمي بالتشيع. ضعفه أحمد والثوري ويحيى وهشيم وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي وأبو داود والساجي. قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به ولا كتابة حديثه إلا على جهة التعجب. وقال الذهبي: تابعي شهير ضعيف4.
5- طريق عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه.
وقد ذكر ابن حجر هذه الطريق ضمن الطرق الضعيفة عن ابن عباس، حيث قال: ومنهم عطاء بن دينار، وفيه لين. روى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس تفسيراً، رواه عنه ابن لهيعة وهو ضعيف5.
6- طريق يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد عن ابن عباسرضي الله عنه.
ويزيد بن أبي زياد هذا مختلف فيه، قال ابن حجر: ضعيف، كبر فتغير وصار يتلقن، وكان شيعيا، وقد روى له مسلم إلا أن رواية مسلم عنه
__________
1 ينظر ترجمته في التقريب 2/23.
2 مقدمة العجاب 1/211.
3 ينظر ترجمته في التقريب 2/12.
4 ينظر ترجمته في: الجرح والتعديل 6/383، وميزان الاعتدال 3/476 رقم5667، والتهذيب 7/200-202، والتقريب 2/24.
5 مقدمة العجاب 1/214.(1/23)
كانت مقرونة1.
7- طريق الحكم بن أبان، عن عكرمة.
أورد الحافظ ابن حجر هذا الطريق ضمن روايات الضعفاء، حيث قال: ومنهم إبراهيم بن الحكم بن أبان العدني: وهو ضعيف يروي التفسير عن أبيه، عن عكرمة، وإنما ضعفوه لأنه وصل كثيراً من الأحاديث بذكر ابن عباس، وقد روى عنه تفسيرَه عبدُ بن حميد. اهـ2.
ثانيا: الإسناد عن قتادة بن دعامة السدوسي:
روي التفسير عن قتادة من طرق، وأكثرها ورودا في هذا الكتاب - وهي أشهرها -:
1- طريق معمر بن راشد الأزدي.
وأكثر من روى عنه التفسير عبد الرزاق، ذكره ابن حجر في الطرق الصحيحة في تفاسير التابعين3.
2- طريق سعيد بن أبي عروبة البصري.
روى الطبري في تفسيره من هذا الطريق كثيراً، وقد ذكره ابن حجر في الطرق الصحيحة في تفاسير التابعين4.
3- طريق شيبان بن عبد الرحمن النحوي.
روى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من هذا الطريق كثيراً،
__________
1 انظر: التهذيب 11/287، والتقريب 2/265.
2 مقدمة العجاب 1/213.
3 مقدمة العجاب 1/214.
4 المصدر السابق نفسه.(1/24)
وقد ذكره ابن حجر في الطرق الصحيحة في تفاسير التابعين1.
4- طريق سعيد بن بشير الأزدي.
وهذا من الطرق الضعيفة عن قتادة، وسعيد بن بشير الأزدي أو البصري، يروي عن قتادة وغيره، وعنه الوليد بن مسلم وغيره، ضعيف، بل وصفه بعضهم بأنه منكر الحديث، يروي عن قتادة منكرات، مات سنة تسع وستين ومائة2.
وقد روى من هذا الطريق ابن أبي حاتم في تفسيره وابن مردويه وغيرهما.
ثالثا: الإسناد عن مجاهد بن جبر المخزومي.
وأشهر الطرق عنه طريق ابن أبي نجيح، وقد ذكره ابن حجر في الطرق الصحيحة في تفاسير التابعين؛ إذ يقول: والذين اشتهر عنهم القول في التفسير من التابعين أصحاب ابن عباس، وفيهم ثقات وضعفاء، فمن الثقات: مجاهد بن جبر، ومن الطرق التي يُروى التفسير عنه طريق ابن أبي نجيح، والطريق إلى ابن أبي نجيح قوية3.
ومن الطرق إلى ابن أبي نجيح عن مجاهد:
1- طريق عيسى بن ميمون عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
2- وطريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
3- وطريق شبل بن عباد عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. وكلها طرق صحيحة4.
__________
1 المصدر السابق نفسه.
2 ينظر ترجمته في: الجرح والتعديل 4/6، والتهذيب 4/8، والتقريب 1/292.
3 مقدمة العجاب 1/203-204.
4 ينظر في ذلك: مقدمة موسوعة الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور ص60-63.(1/25)
رابعًا: الإسناد إلى أبي بن كعب رضي الله عنه.
وأكثر ما ورد عن أبي بن كعب من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي. وبعضه لا يسمي الربيع فوقه أحداً، وبعضه موقوفا على أبي العالية. وقد أورده ابن حجر ضمن الطرق الصحيحة في تفاسير التابعين1. وهذا إسناد حسن، وإن كان أبو جعفر الرازي صدوقا سيء الحفظ، وكذا الربيع بن أنس صدوقا له أوهام؛ لأن ما يرويه أبو جعفر ليس من حفظه وكذلك الربيع لا يرويه من حفظه، بل يرويان عن نسخة. وهي نسخة مشهورة. وقد حسّن الحافظ ابن حجر هذا الإسناد 2، وأفاد منها كبار المصنفين وبعضهم حكم عليها بالصحة مثل السيوطي فقال: "وأما أبي بن كعب فعنه نسخة كبيرة يرويها أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية عنه، وهذا إسناد صحيح، وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم منها كثيرا وكذا الحاكم في مستدركه وأحمد في مسنده"3.
خامسا: تفسير السدي الكبير.
والسدي هو إسماعيل بن عبد الرحمن السدي. قال ابن حجر: وهو كوفي صدوق، لكنه جمع التفسير من طرق منها عن أبي صالح، عن ابن عباس،
__________
1 المصدر السابق 1/215.
2 انظر على سبيل المثال: فتح الباري 6/366. ويأتي ذكره عند قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} ، برقم 34.
3 الإتقان 4/209-210. وانظر: التفسير والمفسرون للدكتور الذهبي 1/93، 115، وتفسير ابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم النص 8، الحاشية بتحقيق: الأستاد الدكتور/ حكمت بشير ياسين.(1/26)
وعن مُرّة بن شراحيل، عن ابن عباس، وعن ناس من الصحابة وغيرهم. وخلط روايات الجميع فلم تتميز رواية الثقة من الضعيف، ولم يلق السدي من الصحابة إلا أنس بن مالك1.
سادسا: تفسير زيد بن أسلم.
أورده ابن حجر ضمن تفاسير ضعفاء التابعين. حيث قال: ومن تفاسير ضعفاء التابعين فمَنْ بعدهم: تفسير زيد بن أسلم، من رواية ابنه عبد الرحمن، عنه. وهي نسخة كبيرة يرويها ابن وهب وغيره عن عبد الرحمن، عن أبيه، وعن غير أبيه. وفيها أشياء كثيرة لا يسندها لأحد. وعبد الرحمن من الضعفاء، وأبوه من الثقات2.
سابعا: تفسير مقاتل بن سليمان الأزدي.
أورده أيضا ابن حجر ضمن تفاسير ضعفاء التابعين فمن بعدهم. قال ابن حجر: ومنها تفسير مقاتل بن سليمان، وقد نسبوه إلى الكذب، وقال الشافعي: مقاتل قاتله الله تعالى، وإنما قال الشافعي فيه ذلك؛ لأنه اشتهر عنه القول بالتجسم.
وروى تفسير مقاتل هذا عنه: أبو عصمة نوح بن أبي مريم الجامع، وقد نسبوه إلى الكذب.
ورواه أيضا عن مقاتل هذيل بن حبيب وهو ضعيف لكنه أصلح حالاً من أبي عصمة3.
__________
1 مقدمة العجاب 1/211.
2 المصدر السابق 1/217.
3 المصدر السابق 1/217-218.(1/27)
ثامنا: تفسير مقاتل بن حيان.
قال ابن حجر: وتفسير مقاتل بن حيان، من طريق محمد بن مزاحم، عن بكير ابن معروف، عنه، ومقاتل هذا صدوق. اهـ1.
تاسعا: تفسير سُنَيْد، واسمه الحسين بن داود.
وقد أورده ابن حجر ضمن تفاسير ضعفاء التابعين فمن بعدهم. وقال: "يروي عن حجاج بن محمد المصيصي كثيراً، عن أنظاره، وفيه لين"2.
وهذا السند يتكرر عند ابن جرير كثيرا، وسُنيد، من حفاظ الحديث، وله تفسير مشهور. قال عنه ابن حجر في التقريب 1/335: ضعيف مع إمامته ومعرفته، لكونه كان يلقن حجاج بن محمد شيخه.
قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: رأيت سنيداً عند حجاج بن محمد وهو يسمع منه كتاب الجامع لابن جريج: أخبرت عن الزهري وأخبرت عن صفوان بن سليم وغير ذلك، قال: فجعل سنيد يقول لحجاج: يا أبا محمد قل: "ابن جريج عن الزهري" و"ابن جريج عن صفوان بن سليم"، قال: فكان يقول له هكذا، قال: ولم يحمده أبي فيما رآه يصنع بحجاج، وذمّه على ذلك، قال أبي: وبعض تلك الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة كان ابن جريج لا يبالي عن من أخذها.
وقال الخلال: وروي أن حجاجا كان هذا منه في وقت تغيره، ويرى أن أحاديث الناس عن حجاج صحاح إلا ما روى سنيد3.
__________
1 المصدر السابق 1/216.
2 المصدر السابق 1/219.
3 انظر: الجرح والتعديل 4/326، والتهذيب 4/214-215، والتقريب 1/335، وفتح الباري 8/253.(1/28)
كلمة شكر وتقدير
قال الله تعالى: {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} [لقمان: 12] ، وقال جل شأنه {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7] وقال النبي صلى الله عليه وسلم "من لم يشكر الناس، لم يشكر الله عز وجل" 1. وقال عليه الصلاة والسلام "من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أن قد كافأتموه" 2.
فعملا بهذين الأساسين لا يسعني في هذا المقام إلا أتضرع إلى الله عز وجل وأتوجه إليه سبحانه بالحمد والثناء والشكر على ما منَّ به عليّ من نعمه الكثيرة، من بينها أن منّ عليّ سبيل طريق العلم، كما أشكره سبحانه على توفيقه لإتمام هذه الرسالة؛ فله الحمد والشكر أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.
كما أوجه شكري وامتناني وتقديري إلى والدي العزيزين الَّذَّيْنِ تحمَّلا عِبْئَ تربيتي منذ طفولتي بكل فرح وسرور وبصدر رحب، حتى فارقا هذه الحياةَ الفانيةَ، وقد وجّهاني إلى سلوك طريق العلم الشرعي، فأدعو الله عز وجل أن يجزل مثوبتهما، ويسكنهما فسيح جناته.
كما يطيب لي أن أتوجه بخالص الشكر والامتنان والتقدير إلى فضيلة الشيخ أستاذي الفاضل الدكتور/ محمد عمر حوية الذي تفضل بالإشراف على هذه الرسالة، رغم انشغاله وما أنيط به من الأعمال، فقد بذل معي
__________
1 أخرجه الإمام أحمد 2/258 وغيره، من حديث أبي هريرة، بسند صحيح. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/183 وقال: رجاله ثقات.
2 أخرجه أبو داود 2/128، رقم1672 من حديث ابن عمر رضي الله عنه.(1/29)
الكثيرَ من أوقاته الثمينةِ في الاستماع إلى هذه الرسالة، وأسدَى كثيراً من توجيهاته الرشيدة وملاحظاته القيمة التي كانت لها الأثر البالغ في إنجاز هذه الرسالة على هذا الوجه.
كما أتوجه بالشكر والامتنان لأستاذي الفاضل فضيلة الدكتور/ أحمد بن عبد الله الزهراني المشرف الأول على هذه الرسالة الذي رسم لي الخطوط العريضة في أُوْلَى مراحلها. فكنت في بادئ الأمر محتارا في كيفية التعامل مع الرواية الواردة في الفتح، وكيفية تدوينها، والتفريق بين الروايات التفسيرية وغيرها من أقوال الأئمة، فكان - حفظه الله - خير عون لي - بعد الله عز وجل - في هذه المرحلة الحرِجة، كما كان يشجعني ويحثني دائما على الجد والمثابرة.
وأتوجه بخالص الشكر والامتنان لحكومة المملكة العربية السعودية - وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله - على ما تقدمه من الدعم والجهود المتواصلة لنشر تعاليم الإسلام في أرجاء المعمورة، وما هذه الجامعة المباركة إلا رمزاً لتلك الجهود المباركة.
ولا يفوتني أن أتقدم بالشكر والتقدير لهذه الجامعة المباركة التي احتضنتني طيلة فترة الدراسة فيها حتى وصلت إلى هذه المرحلة - ولله الحمد -، فأشكر القائمين على أمر هذا الصرح العلمي وأساتذته على ما يقدمونه لطلابه من تسهيلات ورعاية وتوجيهات في سبيل العلم والمعرفة، وفي مقدمتهم معالي مدير الجامعة فضيلة الدكتور/ صالح بن عبد الله العبود - حفظه الله -. وأشكر أيضا المسؤولين في كلية القرآن وأخصّ منهم بالذكر فضيلة عميدها الدكتور/ سليمان بن صالح الخزي، وفضيلة رئيس قسم التفسير الدكتور صالح كاتب.
وأشكر أيضا جميع مشايخي وأساتذتي الذين درّسوني طيلة أيام الدراسة في الجامعة والذين استفدت منهم أثناء إعداد الرسالة.(1/30)
وأتقدم بالشكر الجزيل وفائق الامتنان لكل من الأستاذين الفاضلين الكريمين، فضيلة الأستاذ الدكتور/ حكمت بن بشير ياسين، وفضيلة الدكتور/ عاصم بن عبد الله القريوتي - حفظهما الله - الذين تفضلا بقبول مناقشة هذه الرسالة وتحملا عناء قراءتها وتقويمها مع كثرة مشاغلهما وضيق وقتهما، فجزاهما الله عني خير الجزاء.
وأشكر زملائي وإخواني الذين ساعدوني في التصحيح والمقابلة وغير ذلك.
كما أشكر كل من قدّم لي يد العون والمساعدة في إنجاز هذه الرسالة سواء بإعارة كتاب أو إرشاد أو تصحيح أو غير ذلك.
وأكرّر شكري وتقديري لأستاذي فضيلةِ الأستاذ الدكتور/ حكمت بشير ياسين على إرشاده إيايَّ إلى هذا الموضوع القيم، وتشجيعِه إيايَّ على العمل فيه، وأشكره أيضا على توجيهاتِه وإرشاداتِه.
فجزى الله الجميع خير الجزاء وأجزل مثوبتهم وسدّد خطاهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.(1/31)
الباب الأول: دراسة حياة الحافظ ابن حجر وكتابه فتح الباري
الفصل الأول: ترجمة الحافظ ابن حجر
مدخل
...
الباب الأول: دراسة حياة الحافظ ابن حجر - باختصار -وكتابه فتح الباري
وفيه أربعة فصول:
الفصل الأول: ترجمة الحافظ ابن حجر.
الفصل الثاني: دراسة فتح الباري.
الفصل الثالث: جهود ابن حجر في تفسير القرآن الكريم، وعلومه، من خلال كتابه فتح الباري.
الفصل الرابع: دراسة الروايات التفسيرية في فتح الباري.(1/33)
الفصل الأول: ترجمة الحافظ ابن حجر
المبحث الأول: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه.
المبحث الثاني: مولده.
المبحث الثالث: نشأته وأسرته.
المبحث الرابع: نشأته العلمية وطلبه للعلم
المبحث الخامس: رحلاته العلمية.
المبحث السادس: شيوخه.
المبحث السابع: تلاميذه.
المبحث الثامن: مذهبه.
المبحث التاسع: آثاره العلمية.
المبحث العاشر: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه.
المبحث الحادي عشر: وفاته.(1/35)
ترجمة الحافظ ابن حجر
كتب ابن حجر عن نفسه في مصنفاته مثل رفع الإصر عن قضاة مصر وإنباء الغمر والمعجم المفهرس والمجمع المؤسس والدرر الكامنة، وهي متناثرة غير مجموعة.
ومن الذين ترجموا له أديب عصره العلامة بدر الدين محمد بن إبراهيم البشتكي ت 830هـ في كتابه "المطالع البدرية لمن اشتهر بالصناعة الشعرية".
ووصفه "بالشيخ العلامة المحدث الحافظ أوحد زمانه وسيد أقرانه في التصانيف المفيدة والفضائل العديدة"، وأورده في أعيان العصر1.
كما ترجم له تلميذه السخاوي في كتاب كبير سماه "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر".
وتعتبر ترجمته في "الجواهر والدرر" فريدة في بابها من حيث التفاصيل، فلقد جاءت مفصلة غزيرة المادة.
وقد قسّم السخاوي هذا الكتاب على عشرة أبواب، وقدّم له بمقدمة طويلة عرّف فيها الحافظ والمحدِّث والفرق بينهما مستعرضا آراء أئمة الحديث، ثم ذكر منهم أحفظهم، ثم ذكر نسب ومولد ابن حجر، وبعض أسلافه وسيرته وأسماء من حمل عنهم من شيوخه وأسانيده بالكتب وعقده لمجالس الإملاء ووظائفه وما علمه من مصنفاته وما كتبه ابن حجر بخطه من تصانيف غيره وتحريه في أموره كلها. وسرد أسماء جماعة من أخذوا عنه
__________
1 انظر: الضوء اللامع 2/32، والتبر المسبوك ص231، والذيل على رفع الإصر ص86-87، وابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته 1/17-18.(1/37)
دراية ورواية مرتبا إياهم على حروف المعجم، ثم وفاته ومراثي أدباء العصر له، وفي الخاتمة عدّد كتبا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم أسماء التراجم المنفردة للأنبياء والصحابة والأئمة والملوك والعلماء وأصحاب المذاهب والأدباء والشعراء وأئمة الحديث1.
__________
1 انظر: الجواهر والدرر 1/11-13، وابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته وموارده في الإصابة 1/21.(1/38)
المبحث الأول: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه
هو شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي ابن محمد بن أحمد بن حجر الكناني العسقلاني1 الشافعي المصري المولد والمنشأ والدار والوفاة، القاهري2.
واختلفت المصادر في اسم جده الرابع، فتذكر تارة محمود، وتارة أحمد، والذي يترجح أنه "أحمد" كما في الترجمة التي كتبها هو لنفسه، كما أن السخاوي أثبت ذلك، وقال: هذا هو المعتمد في نسبه3.
وقد اشتهر بـ"ابن حجر"، واختلفت المصادر في اعتباره اسما أو لقبا، وذهب بعضهم إلى القول بأنه نسبه إلى آل حجر، وهم قوم يسكنون الجنوب الآخر على بلاد الجزيرة4.
__________
1 الكناني نسبة إلى قبيلة كنانة، والعسقلاني نسبة إلى عسقلان، وهي مدينة بساحل الشام من فلسطين. انظر: الجواهر والدرر 1/48.
2 انظر: رفع الإصر ص85، والجواهر والدرر 1/46.
3 الجواهر والدرر 1/46-47، وابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته 1/46.
4 انظر: ابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته 1/51.(1/39)
المبحث الثاني: مولده.
ولد في الثاني والعشرين من شعبان سنة377هـ على شاطئ النيل بمصر1.
وفي هذا قال ابن حجر:
شعبان عام ثلاثة من بعد سبع ... مائة وسبعين اتفاق المولد2.
__________
1 انظر: الجواهر والدرر 1/46-49.
2 ابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته 1/51 نقلا عن عنوان الزمان 1/36.(1/40)
المبحث الثالث: نشأته وأسرته.
ونشأ ابن حجر يتيما - كما عبر هو عن نفسه -1 إذ مات أبوه العالم الأديب الشاعر التاجر سنة777هـ2. وكانت أمه قد ماتت قبل ذلك وهو طفل3.
وكان له أخ شقيق نشأ وطلب العلم، ثم مات فحزن عليه والده جداً، ولكن أحد المشايخ الصالحين بشره بأن الله سيخلف عليه غيره ويعمره، قال ابن حجر: "فولدت أنا له بعد ذلك بيسير، وفتح الله بما فتح"4. وليس له سوى شقيقة واحدة أكبر منه نشأت ومهرت في العلم وتوفيت شابة سنة798هـ، وقد وصفها أخوها بقوله "أمي بعد أمي"5.
وبعد وفاة أبيه، لم يكن له من يكفله، وكان والده قد أوصى قبل وفاته بولده اثنين من الذين كانت بينه وبينهم مودة، وأصبح اليتيم في وصاية "زكي الدين أبي بكر ابن نور الدين على الخرُّوبي" ت787هـ، وكان تاجراً كبيراً بمصر.
ولم يدخل الكتاب حتى أكمل خمس سنين، فأكمل حفظ القرآن الكريم وله تسع سنين6.
__________
1 انظر: رفع الإصر ص85.
2 ترجمه في "أنباء الغمر 1/174-175، ونقل السخاوي هذه الترجمة في الجواهر والدرر 1/51-53 ولم يصرح باسم مصدره.
3 رفع الإصر عن قضاة مصر ص85.
4 قال هذا في "الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة"، في ترجمة الشيخ يحيى الصنافيري ت 773هـ.
5 ترجمها في "أنباء الغمر" 3/302، وانظر: الجواهر والدرر 1/58-59.
6 رفع الإصر ص85.(1/41)
ولما بلغ الثاني عشر من عمره صلى بالناس التراويح في مكة في بيت الله الحرام، إذ أنه كان مع وصيه الخروبي في مكة في تلك السنة.
وسمع في تلك السنة "صحيح البخاري" على مسند الحجاز عفيف الدين عبد الله النشاوري1.
وقد نشأ الحافظ ابن حجر نشأة كانت في غاية العفة والصيانة والرياسة، وتذكر المصادر أن الخرُّوبي المذكور لم يأل جهداً في رعايته والعناية بتعليمه. فكان يستصحبه معه عند مجاورته في مكة2.
وظل يرعاه إلى أن مات سنة787هـ وكان الحافظ ابن حجر راهق ولم تعرف له صبوة ولم تضبط له زلة3.
__________
1 رفع الإصر ص85-86، والجواهر والدرر 1/63.
2 رفع الإصر ص85.
3 الجواهر والدرر 1/62.(1/42)
المبحث الرابع: نشأته العلمية، وطلبه للعلم.
قد حفظ ابن حجر القرآن الكريم في التاسعة من عمره - كما تقدم آنفا - وصلى بالناس التراويح بمكة سنة785هـ. وسمع في تلك السنة "صحيح البخاري" على مسند الحجاز عفيف الدين عبد الله النشاوري.
وفي سنة786هـ عاد من مكة، صحبة وصيه، إلى مصر محل إقامته، فحفظ كتبا من مختصرات العلوم "كالعمدة والحاوي الصغير ومختصر ابن الحاجب الأصلي، والملحة للحريري وغيرها"، وعرضها - كما هي العادة - على جماعة من أئمة العصر وكتبوا له خطوطهم بذلك1.
وكان الحافظ ابن حجر رزق في صغر سنه سرعة الحفظ بحيث كان يحفظ كل يوم نصف حزب، وبلغ من أمره في ذلك أن حفظ سورة مريم في يوم واحد2. وأنه كان يصحح الصفحة من الحاوي الصغير ثم يقرأها تأملا مرة أخرى، ثم يعرضها في الثانية حفظا، ولم يكن رحمه الله حفظه بالمدرسة على طريقة الأطفال، بل كان حفظه تأملا على طريقة الأدباء في ذلك غالبا3.
وتشير المصادر التي ترجم لابن حجر أن فتوراً حصل في نشاطه العلمي والثقافي، وفي هذا قال السخاوي: "فتر عزمه عن الاشتغال؛ لأنه لم يكن له من يحثه على ذلك، فلم يشتغل إلا بعد استكمال سبع عشرة سنة"4.
وفي مدة فتوره اشتغل بالتجارة فنشأ في وسط تجاري؛ لأن جده
__________
1 رفع الإصر، ص86، والجواهر والدرر 1/64، والضوء اللامع 2/36.
2 الجواهر والدرر 1/64.
3 المصدر السابق نفسه 1/64.
4 المصدر السابق 1/65، والذيل على رفع الإصر ص78-79.(1/43)
وأعمامه كانوا تجاراً، وكان وصيه الزكي الخروبي رئيسا للتجار في مصر.
ولعل لموت الخروبي سنة787هـ أثراً في فتور ابن حجر واشتغاله بالتجارة حيث فقد من كان يحثه على الاشتغال بالعلم، وهو في مرحلة يحتاج إلى ذلك1.
ثم عاد إلى الطلب سنة790هـ يقول السخاوي: "وحبب الله عز وجل إليه فنّ الحديث النبوي فأقبل عليه بكليته، وأول ما طلب بنفسه في سنة ثلاث وتسعين، لكنه لم يكثر من الطلب إلا في سنة ست وتسعين، فإنه - كما كتب بخطه رضي الله عنه - رفع الحجاب، وفتح الباب، وأقبل العزم المصمم على التحصيل، ووفق للهداية إلى سواء السبيل"2. وقال أيضا "واشتغل بطلب ما غلب على العادة طلبه، من أصل وفرع ولغة ونحوها، وطاف على شيوخ الدراية، لكنه كان في مدة الفترة - وهو في المكتب - وبعد ذلك حبب إليه النظر في التواريخ وأيام الناس - حتى إنه كان يستأجرها ممن عنده، فعلق بذهنه الصافي الرائق شيء كثير من أحوال الرواة، وكان ذلك بإشارة شخص من أهل الخير سماه صاحب الترجمة لي وأنسيته، وممن رغبه في ذلك أيضا البدر البشتكي، وأعانه عليه بإعارة "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني وغيره ... "3.
ولما بلغ التاسعة عشرة من عمره نظر في فنون الشعر، ففاق أقرانه فيها حتى لا يكاد يسمع شعراً إلا ويستحضر من أين أخذ ناظمه، وقال الشعر الرائق والنثر الفائق، ونظم مدائح نبوية ومقاطيع، وكتب عنه الأئمة من ذلك، ثم شغل عن ذلك بعد سنة800هـ، فلم ينظر في كتب الفن ودواوينه
__________
1 انظر: ابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته 1/59.
2 الجواهر والدرر 1/67.
3 المصدر السابق نفسه 1/65-66.(1/44)
إلا اتفاقا، وأكثر نظمه قبل سنة816هـ1.
وكان قد تتلمذ على خيرة علماء عصره الحافظ زين الدين العراقي ت806هـ الذي لازمه عشر سنوات، وحمل عنه جملة نافعة من علم الحديث سنداً ومتناً وعللا واصطلاحا، فقرأ عليه ألفيته وشرحها فنون الحديث، كما قرأ عليه نكته على ابن الصلاح وبعض الكتب الكبار والأجزاء القصار، وحمل جملة مستكثرة من أماليه واستملى عليه بعضها. وهو أول من أذن له بالتدريس في علوم الحديث عام 797هـ2.
__________
1 انظر: رفع الإصر ص87، والجواهر والدرر 1/66-67، وحسن المحاضرة 1/363.
2 الجواهر والدرر 1/67، وابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته 1/91.(1/45)
المبحث الخامس: رحلاته العلمية.
لقد رحل ابن حجر في طلب العلم وطاف بلادا شتى في سبيل الحصول على العلم والحديث، فهذا كان ديدنة العلماء، فكان أحدهم إذا حصّل ما في بلده من الأحاديث كان يرحل إلى بلدان أخرى لكي يسمع ما عند أهل تلك البلدة من العلماء.
رحلته إلى قوص:
في سنة793هـ رحل إلى قوص وغيرها من بلاد الصعيد، لكنه لم يستفد بها شيئا من المسموعات الحديثية، بل لقي جماعة من العلماء1.
رحلته إلى الإسكندرية:
وفي سنة797هـ رحل إلى الإسكندرية، وسمع من مسنديها، وأقام بها إلى أن تمت السنة، ودخل في التي تليها عدة أشهر، وكتب جزءاً سماه "الدرر المضيئة من فوائد إسكندرية" ذكر في مسموعه هنالك، وما وقع له من النظم والمراسلات وغير ذلك، انتقاه السخاوي ثم أعلن ندمه على عدم كتابته كله2.
رحلته إلى الحجاز:
وفي آخر شوال خرج قاصداً أرض الحجاز، فدخل الطور، فلقي بها عدداً من الفضلاء3.
__________
1 انظر: الجواهر والدرر 1/81.
2 انظر: المصدر السابق نفسه 1/84-85.
3 المصدر السابق نفسه 1/85.(1/46)
ذهابه إلى اليمن:
وفي ربيع الأول من سنة800هـ دخل بلاد اليمن، ولقي بها بعدد من العلماء منهم العلامة شيخ اللغويين مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي صاحب القاموس، فقرأ عليه أشياء1.
وقد خرّج وهو هنالك من مرويات نفسه، وكتب بخطه أشياء واجتمع بالملك الأشرف - ملك اليمن - وأهداه تذكرته الأدبية في أربعين مجلداً لطافا.
ورجع من اليمن وقد ازدادت معارفه وانتشرت علومه ولطائفه.
رحلته إلى مكة:
سافر من اليمن إلى مكة فوصلها سنة ثمانمائة، فحجّ في تلك السنة، وهذه هي حجة الإسلام، ولقي بها جمعا من العلماء والمسندين2.
وفي سنة806هـ سافر إلى اليمن مرة أخرى، فلقي بها بعدد من العلماء وحمل عنهم.
وفي هذه المرة انصدع المركب الذي كان فيه فغرق جميع ما معه من الأمتعة والنقد والكتب، ثم يسر الله تعالى بطلوع أكثرها بعد أن أقام ببعض الجزائر هناك أياما3.
وفي 16 من شعبان سنة802هـ قرأ على شيخه العراقي تصنيفه في أحاديث مسند أحمد وكتب له عليه:
__________
1 المصدر السابق نفسه 1/86-87.
2 المصدر السابق نفسه 1/89.
3 المصدر السابق نفسه 1/89-90.(1/47)
"قرأ عليّ هذا الجزء فيما وقع في "مسند أحمد" من الأحاديث التي قيل إنها موضوعة: صاحبه وكاتبه الشيخ المحدث المفيد المتقن شهاب الدين أبو العباس أحمد بن الإمام نور الدين علي ... "1. هذه الشهادة الكبيرة من حافظ كبير تكشف ما وصل إليه ابن حجر في تلك السنة.
رحلته إلى الشام:
وفي 23 من شعبان سنة802هـ خرج راحلا إلى الشام، فسمع بسر ياقوس وقطبة وغزة والرملة والخليل ودمشق والصالحية ونابلس وبيت المقدس وكانت إقامته بدمشق مائة يوم، ومسموعه في تلك المدة نحو ألف جزء حديثية، منها من الكتب الكبار: "المعجم الأوسط" للطبراني، ومن الكبير مجلد، والصغير بتمامه، ومن الدعاء مجلد، و"معرفة الصحابة" لابن مندة، والسنن للدارقطني، ومسند مسدد، والموطأ رواية أبي مصعب، ومن صحيح ابن خزيمة مجلد، ومن صحيح ابن حبان مجلد، ومن المختارة للضياء خمسة مجلدات، ومن الاستيعاب لابن عبد البر مجلد، وأكثر "مسند أبي يعلى"، وغير ذلك.
وقد كتب بخطه من الأجزاء الحديثية والفوائد النثرية والسماعات التي يلحقها في تصانيفه ونحوها ثماني مجلدات فأكثر، وعمل "أطراف كتاب المختارة" للحافظ الضياء المقدسي في مجلد ضخم.
وفي أول سنة803هـ عاد إلى القاهرة2. وقد حمل عن شيوخ كثيرين منهم نساء عدة قرأ عليهن كتبا مدهشة3.
__________
1 المصدر السابق نفسه 1/210.
2 رفع الإصر ص87-88.
3 انظر ما قرأه على فاطمة بنت محمد بن المنجا في "المعجم المفهرس" ص257-274، وعلى فاطمة بنت الهادي المقدسية فيه أيضا ص240-256.(1/48)
وفي هذه السنة توفي شيخه محب الدين بن الوحدية الذي نصحه أن يهتم بالفقه.
"اجتمع بي مرة بمصر فرآني حريصا على سماع الحديث وكتبه فقال: اصرف بعض هذه الهمة إلى الفقه، فإني أرى بطريق الفراسة أن علماء هذا البلد سينقرضون، وسيُحتاج إليك، فلا تقصر بنفسك، فنفعني كلمته، ولا أزال أترحم عليه لهذا السبب رحمه الله تعالى".
رحلته إلى حلب:
وكان حريصا، وهو في دمشق، على التوجه إلى حلب ليأخذ عن مسندها عمر بن ايدغمش، فبلغه وفاته، فتخلف عن التوجه إليها.
ثم في سنة836هـ توجه إليها مع العساكر المصريين والقضاة بقيادة الملك الأشرف برسباي الذي خرج لدفع أذى التركمان الذين تغلبوا على آمد وماردين وغيرهما.
وفي أثناء توجهه إلى حلب، كتب بحماة عن ابن حجة الحنفي أشياء من نظمه ومن غيره، كما كتب في حمص، والتقى في حلب بالتقي العلامة محب الدين بن الشحنة، وسأله عن محدث البلاد الحلبية سبط بن العجمي، واجتمع به، وسمّع عليه المسلسل بالأولية1.
وكان دخولهم إلى حلب في الخامس من رمضان سنة836هـ، وأقاموا بها خمسة عشر يوما، سمع خلالها عن مسنديها، وفي أثناء إقامته في حلب
__________
1 الجواهر والدرر 1/121-122.(1/49)
كان يذهب إلى ما جاورها من القرى، وحيثما عرف بتواجد أحد من المسندين أو المهتمين بالحديث أو الأدباء للسماع منهم، فزار عدداً من البلدان والقرى المجاورة لحلب1. كما عقد أثناء إقامته مجالس الإملاء بجامع بني أمية، حضره عدد من القضاة والمشائخ والحفاظ والفضلاء والطلبة2.
ثم رجعت العساكر في يوم السبت السابع من ذي الحجة، فرجع معهم ووصلوا إلى القاهرة3.
__________
1 انظر: المصدر السابق نفسه 1/122.
2 انظر: المصدر السابق نفسه 1/120-128.
3 المصدر السابق نفسه 1/128.(1/50)
المبحث السادس: شيوخه.
تلقى ابن حجر العلم عن كثيرين، وقد خصّص لشيوخه كتابه المسمى "المجمع المؤسس للمعجم المفهرس" قال في مقدمته "إن كثيراً من سلف المحدثين اعتنوا بجمع أسامي مشايخهم وتدوين أخبار كبارهم، فتغايرت مقاصدهم في الترجمة، فرأيت أن أحذو حذوهم، وأسير تلوهم لأتذكر عهدهم، وأجدد له الرحمة بعدهم، وجمعت أسامي شيوخي على المعجم مرتبا، وقسمته على قسمين مهذبا، فالأول مَن حملت عنه على طريق الرواية، والثاني من حملت عنه شيئا على طريق الرواية، وأضفت إلى الثاني من أخذت عنه شيئا في المذاكرة من الأقران ونحوهم، وقد قسمتهم من حيث العلو إلى خمس طبقات ... وقد بدا لي أن يكون هذا المعجم مشتملا على الفهرست جمعا بين النوعين، وتأصيلا للفرعين، فذكرت في ترجمة كل شخص جميع ما سمعته منه أو قرأته عليه إلا ما غاب عني ... "1.
وقد قسمهم تلميذه السخاوي إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: فيمن سمع منه ولو حديثا تاما، وعدتهم أزيد من [230] نفساً2.
القاسم الثاني: فيمن أجاز له وعدتهم أزيد من [220] 3.
القسم الثالث: فيمن أخذ عنه مذاكرة أو إنشادا، وعدتهم أزيد
__________
1 المجمع المؤسس 1/75-76.
2 الجواهر والدرر 1/135-149.
3 المصدر السابق 1/150-164.(1/51)
من [180] . فجملة الأقسام - من غير الحوالات -[630] نفساً1.
وأكتفي هنا بذكر أهم شيوخه الذين ذكرهم السخاوي، فيقول:
"واجتمع له من الشيوخ الذين يشار إليهم، ويعول في حل المشكلات عليهم، ما لم يجتمع لأحد من أهل عصره؛ لأن كل واحد منهم كان متبحراً ورأساً في فنّ اشتهر به لا يلحق فيه: فالبلقيني في سعة الحفظ وكثرة الاطلاع، وابن الملقن في كثرة التصانيف، والعراقي في معرفة علم الحديث ومتعلقاته، والهيثمي في حفظ المتون واستحضارها، والمجد الشيرازي في حفظ اللغة واطلاعه عليها، والغماري في معرفة العربية ومتعلقاتها، وكذا المحب ابن هشام كان حسن التصرف فيها لوفور ذكائه، وكان الغماري فائقا في حفظها، والأبناسي في حسن تعليمه وجودة تفهيمه، والعز ابن جماعة في تفننه في علوم كثيرة، بحيث أنه كان يقول: أنا أقرئ في خمسة عشر علماً لا يعرف علماء عصري أسماءها، والتنوخي في معرفته القراءات وعلو سنده فيها. وهم مع ذلك في غاية التبجيل لصاحب الترجمة والتكريم، والتحرز عن مخاطبته بغير تعظيم، بل ربما راجعوه للتفهيم"2.
__________
1 المصدر السابق 1/164-177.
2 انظر: المصدر السابق 1/79-80، والذيل على رفع الإصر ص79.(1/52)
المبحث السابع: تلاميذه.
لقد أخذ عن الحافظ ابن حجر عدد لا يحصون كثرة، ولقد كان رحمه الله مقصد الطالبين ومَحَط رحالهم، فقد توافدوا إليه من الأقطار المختلفة متحملين في ذلك المشاق والصعاب، بل انتهت إليه الرحلة. وكل ذلك يرجع بلا ريب إلى علو مرتبته وعلمه الغزير النافع.
ولقد سرد السخاوي في الجواهر والدرر أسماء جماعة من الذين أخذوا عنه دراية أو رواية مرتباً إياهم على حروف المعجم، وأوصل عددهم إلى خمسمائة شخص، وهم من أقطار شتى ومذاهب مختلفة. وذكر أن هذه القائمة قد أوردها من غير التزام لاستيفاء ما علم من ذلك1.
ومن هؤلاء التلاميذ:
- الحافظ ابن فهد المكي ت 871هـ محدث مكة، صاحب"لحظ الألحاظ"، سمع من ابن حجر لما لقيه بمكة2.
- العلامة محمد بن سليمان الكافيجي الحنفي ت 879هـ3.
- العلامة المفسر المحدث إبراهيم بن عمر البقاعي ت 885هـ4.
- العلامة المحدث المؤرخ محمد بن محمد الخيضري ت 894هـ5.
__________
1 الجواهر والدرر الورقة 253ب-273أ، وانظر: ابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته 1/106.
2 انظر: الجواهر والدرر 1/249.
3 انظر ترجمته في: الضوء اللامع 7/259.
4 انظر ترجمته في: الضوء اللامع 1/101.
5 انظر: ترجمته في الضوء اللامع 9/117.(1/53)
- الحافظ المؤرخ محمد بن عبد الرحمن السخاوي ت 902هـ1.
- العلامة المفنن الشيخ زكريا بن محمد الأنصاري ت 926هـ2.
__________
1 انظر: الضوء اللامع 2/40.
2 انظر ترجمته في "الذيل على رفع الإصر" ص140.(1/54)
المبحث الثامن: مذهبه.
تتفق المصادر التي ترجمت لابن حجر أنه كان شافعي المذهب، وله مؤلفات فقهية في المذهب الشافعي1.
ولقد كان الحافظ ابن حجر يتمتع من العلوم ما يؤهله أن يكون مجتهداً. فقد رأينا أنه أثناء شرحه لهذا الكتاب - أعني صحيح البخاري - يبحث كثيراً في مسائل الخلافات الفقهية، ويستدل للرأي الراجح، ويبين المرجوح من غير تعصب، مع الإشارة إلى احتمال المرجوح أحيانا، وله استنباطات فقهية بارعة، وبحوث قيمة نادرة. ويطرح أسئلة واردة على النص، ويجيب عنها بالحجة والبرهان.
__________
1 من ذلك شرح الروضة للنووي، وقد اختصر ابن حجر "الروضة"، ثم شرحه شرحا جمع فيه فوائد لا تحصى. ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 1/919.(1/55)
المبحث التاسع: آثاره العلمية
إن من فضل الله عز وجل على هذه الأمة أن قيّض لها في كل عصر علماء جهابذة وهبوا أنفسهم لخدمة هذا الدين، فعكفوا على خدمة دينهم تدريسا وتأليفا مخلصين في ذلك دون تعب أو كل.
وكان الحافظ ابن حجر من هؤلاء الأعلام الجهابذة الذين وهبوا أنفسهم لخدمة هذا الدين، تدريسا وتأليفا، وبخاصة علوم الحديث والسنة النبوية.
فقد بدأ في التأليف مبكراً، ففي سنة795هـ، وكان له من العمر اثنتان وعشرون سنة، اختصر "التلبيس" لابن الجوزي ت597هـ1، وكتب شيئا في العروض2، أما مؤلفاته الحديثية فقد ابتدأ بها سنة796هـ. فألف كتبا كثيراً في فنون الحديث وغيره، ووصلت مؤلفات قريبا من الثلاثمائة، فمن مؤلفاته ما كمل قبل مماته، ومنها ما بقي في المسودات، ومنها ما شرع فيه، ولم يكمل.
وقد كتب العلماء والباحثون عن مؤلفات ابن حجر قديما وحديثا، منهم:
تلميذ ابن حجر السخاوي، فقد أفرد كتابا عن ترجمة شيخه ابن حجر سمّاه "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر"، وقد بلغ عدد مصنفاته عنده 270 مصنفا3.
وكذلك البقاعي - وهو أيضا من تلاميذ ابن حجر -، فقد كتب عن حياة شيخه، وقال "ومصنفاته تناهز مائة وخمسين مصنفا"، ثم ذكر 140
__________
1 الجواهر والدرر الورقة 158ب.
2 المصدر السابق نفسه الورقة 159ب.
3 انظر: المصدر السابق الورقة 150-160.(1/56)
عنوانا، ومنها مالم يكمل ومالم يبيض1.
وممن كتب عن مؤلفاته في العصر الحديث:
الدكتور شاكر محمود عبد المنعم في كتابه "ابن حجر العسقلاني ومصنفاته ومنهجه وموارده في كتابه الإصابة"، أفرد فصلا خاصا بمؤلفاته2، رتّبها على العلوم، وقد أحصاها وتتبعها تتبعا جيداً، وأطال النفس في ذكرها وبيان المصادر التي تذكرها ودراستها دراسة وافية.
وكذلك الدكتور سعيد عبد الرحمن القزقي في دراسته لكتاب "تغليق التعليق" لابن حجر، فكتب عن مؤلفاته، ولم يستوعب، ووعد أنه سيقوم بحصر جميع مصنفاته وأماكن وجودها في كتاب "الجواهر والدرر"3.
وهناك دراسات أخرى قام بها باحثون، يبدو أنهم جميعا أفادوا من الدكتور شاكر، فكانت دراسته أشمل دراسة عن مصنفات ابن حجر حيث استغرق 432 صفحة من كتابه عن مؤلفات ابن حجر. وبلغ عددها عنده 281 مصنفا.
لذا سأكتفي باستعراض مؤلفاته في علوم القرآن وأهم مؤلفاته في الحديث وعلومه، مرتبا إياها على حروف المعجم:
أولا: مصنفاته في علوم القرآن:
1- الإتقان في جمع أحاديث فضائل القرآن من المرفوع والموقوف. لم يكمل4.
__________
1 انظر: عنوان الزمان 1/49-52.
2 الفصل الثالث من الباب الثاني، من الكتاب المذكور 1/157-398.
3 تغليق التعليق، القسم الأول: الدراسة 1/183.
4 ذكره السخاوي في الجواهر والدرر الورقة 152/أ، وحاجي خليفة في كشف الظنون 1/8 وقال: هو مختصر.(1/57)
2- الإحكام لبيان ما في القرآن من إبهام: جمع فيه بين كتابي السهيلي وابن عساكر بترتيب المبهمات على الأبواب. ويقع في مجلد ضخمة1.
3- تجريد التفسير من صحيح البخاري: رتبه على السور منسوبا لمن نقل عنه2.
4- العجاب في بيان الأسباب، بهذا الاسم صرح مؤلفه في نهاية مقدمته، ويسمى أسباب النزول، والأسباب، كما يسمى أيضا "الإعجاب ببيان الأسباب" أو "العباب في بيان الأسباب"3. ويحتوي هذا الكتاب على أسباب نزول الآيات القرآنية التي ذكر لها سبب في الروايات عن الصحابة والتابعين، ويقع الكتاب في مجلد ضخم، لم يبيض كله، بل شرع في تصنيفه، فكتب قدر مجلدة4.
__________
1 انظر: الجواهر والدرر الورقة 155/ب، وكشف الظنون 1/21، وشذرات الذهب 7/272.
2 الجواهر والدرر الورقة 155/أ، وكشف الظنون 2/555، و1/345، وشذرات الذهب 7/272.
3 انظر: العجاب، مقدمة التحقيق /114-115.
4 يرى بعض الباحثين - منهم محقق "العجاب" الدكتور عبد الحكيم محمد الأنيس في مقدمة التحقيق - أن ابن حجر كان قد أكمل هذا الكتاب، ثم شرع في تبييضه وكتب منه جزءاً؛ لأنه جاء في آخر المخطوط "إلى هنا انتهى ما وُجد من أسباب النزول لشيخ الإسلام العالم العلامة الحافظ شهاب الدين أبي الفضل أحمد ابن حجر بخطه ... "، وقبل هذا الكلام أورد نصا في سبب نزول قوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] ولم يكمل هذا النص، فمن المستغرب أن يتوقف المؤلف هكذا دون أن يكمل النص ولا يعود إليه بعدُ أبداً، وهذا وإن كان لا يدل على أنه أكمل الكتاب كله، لكن على الأقل قد يدل على أن لكلام المؤلف تتمة ضائعة. انظر: العجاب بتحقيق الدكتور عبد الحكيم الأنيس 1/121-124.(1/58)
5- وله كتاب نفيس يتعرض للآيات المتشابهات، كقوله تعالى في سورة البقرة [آية: 35] : {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} وكقوله في سورة الأعراف [آية: 19] {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} .
قال السخاوي: "وسمعت من يذكر أن شيخنا لخص ذلك من كتاب "درة التنزيل وغرة التأويل" الذي كتبه إبراهيم بن علي بن محمد المعروف بابن أبي الفرج الأردستاني من إملاء أبي عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب عليه وزاد شيخنا عليه مواضع كما أخبرني بذلك من وقف عليه، والظاهر أن بعضهم أخفاه فلا حول ولا قوة إلا بالله"1.
6- وفي علم معرفة ما وقع في القرآن من غريب لغة العرب، نظم القاضي تاج الدين السبكي منها سبعة وعشرين لفظا في أبيات وذيل عليه الحافظ ابن حجر وذيل السيوطي عليهما بالباقي وهو بضع وستون فتمت أكثر من مائة لفظ2.
وتجدر الإشارة هنا إلى غزارة علم الحافظ ابن حجر في التفسير، فمن قرأ كتبه، بخاصة كتابه "فتح الباري" يجد أنه قد أطال القول في تفسير الآيات القرآنية، وأسباب النزول. وإعجاز القرآن، ووجوه القراءات بكلام بليغ شامل، جمعه من أمهات الكتب3. وكان فيه آية من آيات الله تعالى. إلا أنه لم
__________
1 انظر: الجواهر والدرر الورقة 159/أ، وابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته 1/175. هذا ولم يذكر السخاوي عنوانه، لكنه أعطى وصفا موجزاً له.
2 مفتاح السعادة ج2/412-413.
3 تقدم الباحث فيصل العيدي إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض بموضوع لرسالة ماجستير بعنوان "تفسير الحافظ ابن حجر" من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الأنفال.(1/59)
يكن يدون ما يقع له من ذلك، مما لا يكون منقولا، وكان يظهر التأسف في إهماله تقييده، وكان يأتي في مجلسه من التفسير بدقائق، ومهمات، وغرائب لا توجد في سائر التفاسير، بل ينشئها من فكره، وكان يرد على الأسئلة من غير مراجعة كتاب لسعة حفظه، ومع ذلك كان يأخذ الحيطة والحذر في ذلك، فكان يقول "فضيحتنا من الله تعالى يتكلم في كلامه بالاحتمالات1.
ثانيا: مؤلفاته في الحديث وعلومه ورجاله:
وسأقتصر على ذكر أهمها، وهي:
- إتحاف المهرة بأطراف العشرة، جمع فيه أطراف أحد عشر كتابا. الموطأ، ومسند الشافعي، ومسند أحمد، وسنن الدارمي، وصحيح ابن خزيمة، ومنتقى ابن الجارود، وصحيح ابن حبان، ومستخرج أبي عوانة، ومستدرك الحاكم، وشرح معاني الآثار، وسنن الدارقطني.
- الإصابة في تمييز الصحابة.
- انتقاض الاعتراض أجاب على اعتراضات العيني على فتح الباري.
طبع بتحقيق: صبحي السامرائي.
- بلوغ المرام من أحاديث الأحكام.
- تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة.
- تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس.
- تغليق التعليق على صحيح البخاري.
__________
1 الجواهر والدرر الورقة 138/أ.(1/60)
- تقريب التهذيب.
- التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير.
- تهذيب التهذيب.
- الجمع بين الصحيحين. جمعه على الأبواب بالأسانيد والطرق.
- الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة.
- الدراية في تخريج أحاديث الهداية.
- زوائد مسند أحمد بن منيع.
- زوائد مسند الحارث بن أبي أسامة على الستة، ومسند أحمد.
- شرح الترمذي، شرع فيه فكتب منه قدر مجلدة مسودة، وفتر عزمه عنه.
- فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
- القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد.
- الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف.
- لسان الميزان.
- مختصر زوائد مسند البزار.
- المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي.
- المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية.
- معرفة الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة.
- نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر.
- نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر.
- النكت الظراف على الأطراف.
- النكت على صحيح البخاري.
- النكت على كتاب ابن الصلاح.(1/61)
- هدي الساري مقدمة فتح الباري.
وهذه أبرز مصنفاته في الحديث وعلومه والتراجم، وله مصنفات كثيرة في أجزاء حديثية، جمع في كل منها طرق أحاديث، منها: طرق حديث "الأعمال بالنيات"، وطرق حديث صلاة التسبيح، وطرق حديث "الإفك"، وطرق حديث "احتج آدم وموسى" وغيرها الكثير.(1/62)
المبحث العاشر: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه
لا شك أن الحافظ ابن حجر قد تبوأ مكانة عالية ومنزلة رفيعة، واكتسب شهرة واسعة في ميدان الحديث وعلومه، وذاع صيته وطارت شهرته في الآفاق. وقد أشار إلى هذه المكانة العلمية الكثير من شيوخه والذين عرفوا قدره وسعة اطلاعه، والكثير من تلاميذه الذين لازموا دروسه ووصفوه بالحفظ والإتقان والتقدم والعرفان، وكذلك الكثير من العلماء.
وممن شهد له بالتقدم في الحفظ والإتقان، والتوسع في المعارف من طبقة شيوخه:
- شيخه زين الدين العراقي، فقد أثنى عليه بقوله "الشيخ العالم الكامل الفاضل المحدث المفيد المجيد، الحافظ المتقن الضابظ الثقة المأمون ... جمع الرواة الشيوخ وميز بين الناسخ والمنسوخ، وجمع الموافقات والإبدال وميز بين الثقات والضعفاء من الرجال وأفرط بجده الحثيث حتى انخرط في سلك أهل الحديث، وحصل في الزمن اليسير على علم غزير"1.
ومن طبقة تلاميذه: الحافظ السخاوي، فقد أثنى عليه بكلمة ضافية في مقدمة كتابه "الجواهر والدرر" بيّن رتبته العالية وذكاءه الخارق وعلمه الغزير، ومما قال في وصفه بأنه "شيخ الإسلام وأوحد الأئمة الأعلام حافظ العصر وخاتمة المجتهدين قاضي القضاة أبو الفضل شهاب الدين الشهير بابن حجر"2. وقد عقد السخاوي في هذا الكتاب بابا خاصا في ثناء الأئمة عليه
__________
1 الجواهر والدرر 1/210.
2 انظر المصدر السابق 1/3-4.(1/63)
من الشيوخ والأقران وغيرهم1.
وأثنى عليه الحافظ السيوطي ووصفه بـ "إمام الحفاظ في زمانه، حافظ الديار المصدرية، بل حافظ الدنيا مطلقا، برع في الحديث وتقدم في جميع الفنون، - وقال أيضا -: حكي أنه شرب ماء زمزم ليصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ، فبلغها وزاد عليها، وانتهت إليه الرحلة والرياسة في الحديث في الدنيا بأسرها، فلم يكن في عصره حافظ سواه"2.
وممن شهد له بالإمامة والفضل والتقدم الإمام الشوكاني، قال: "الحافظ الكبير، الإمام المنفرد بمعرفة الحديث وعلله في الأزمنة المتأخرة ... وشهد له بالحفظ والإتقان القريب والبعيد، والعدو والصديق، حتى صار إطلاق لفظ "الحافظ" عليه كلمة إجماع"3.
فهذا الثناء العطر من هؤلاء الأئمة على الحافظ ابن حجر ليدلنا دلالة واضحة على على مكانته العلمية، وتبحره في العلوم، كما يتضح لنا من ذلك علو منزلته وأخلاقه وحسن سيرته الكريمة، فرحمه الله رحمة واسعة.
__________
1 انظر المصدر السابق، الباب الثالث منه 1/204-267.
2 حسن المحاضرة 1/363.
3 انظر: البدر الطالع 2/214-225.(1/64)
المبحث الحادي عشر: وفاته.
انقطع الحافظ ابن حجر في بيته بعد أن عزل نفسه من منصب قاضي القضاة في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة من سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة ولازم التصنيف، والتأليف ومجالس الإملاء، إلى أن مرض في ذي القعدة من السنة نفسها، رغم ذلك استمر في حضور الجامع للجمعة والجماعات والإقراء والإملاء، ولم يترك ذلك إلى أن اشتد به المرض جداً في يوم الثلاثاء رابع عشر من ذي الحجة، بحيث صار يصلي الفرض جالسا، وترك قيام الليل، ثم صرع يوم الأربعاء، وتكرر ذلك.
ثم أسلم الروح إلى بارئها في أواخر شهر ذي الحجة من سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة1. وقد ترك وصيته التي نقلها السخاوي، وفيها أنه أوصى لطلبة الحديث النبوي المواظبين على حضور مجالس الإملاء بجزء من تركته2.
يقول السخاوي: "ولم يزل على جلالته وعظمته في النفوس، ومداومته على أنواع الخيرات إلى أن توفي في أواخر ذي الحجة سنة852هـ، وكان له مشهد لم ير مَنْ حضره من الشيوخ، - فضلا عمن دونهم - مثله، وشهد أمير المؤمنين والسلطان فمن دونهما الصلاة عليه، وقدم السلطان الخليفة للصلاة، ودفن تجاه تربة الديلمي بالقرافة وتزاحم الأمراء والأكابر على حمل نعشه، ومشى إلى تربته مَن لم يمش نصف مسافتها قط، ولم
__________
1 الذيل على رفع الإصر ص88، والضوء اللامع 2/40.
2 الجواهر والدرر الورقة 279/أ، وكان السخاوي أحد هؤلاء.(1/65)
يخلف في مجموعة مثله، ورثاه غير واحد بما مقامه أجل منه"1.
وتوجهوا به إلى تربة الخروبي بجامع الديلمي، فدفنوه هناك بمقصورة صدر التربة المذكورة من جهة اليسار القبلة فسقية فيها غيره، وكان قد أوصى بدفنه بحوش والده وهو بتلك النواحي أيضا، لكن اعتذروا عن ذلك بما لا يسوى2.
ويقول السيوطي3: "وأخبرني الشهاب المنصوري4 أنه شهد جنازته، فلما وصل إلى المصلى أمطرت السماء على نعشه، فأنشد في ذلك الوقت:
قد بكت السحب على ... قاضي القضاة بالمطر
وانهدم الركن الذي ... كان مشيداً من حجر
كما رثاه عدد من الشعراء منهم الشهاب الحجازي5 بقصيدة تضم أكثر من خمسين بيتا.
__________
1 الضوء اللامع 2/40.
2 الضوء اللامع 2/40.
3 في "طبقات الحفاظ " ص548.
4 اسمه أحمد بن محمد بن علي المنصوري، كان أديبا بارعاً تفرد بالشعر في آخر عمره وله ديوان كبير. انظر ترجمته في "حسن المحاضرة" 1/574-575.
5 هو أبو الطيب أحمد بن محمد بن علي الأنصاري الخزرجي شهاب الدين ت875هـ-، الأديب الشاعر، أحد أعيان العصر، وصنف الكتب. انظر ترجمته في "حسن المحاضرة" 1/573-574.(1/66)
الفصل الثاني: دراسة فتح الباري
المبحث الأول: منهج ابن حجر في فتح الباري عموما
...
المبحث الأول: منهج ابن حجر في فتح الباري عموما
إن الحافظ ابن حجر لم يقتصر على شرح صحيح البخاري في فتح الباري، وإنما قام بعمل تحقيق ذي منهج فريد، إذ جمع نُسَخ البخاري. هذه النسخ التي حصل على إجازة روايتها، وأثبت الفروق بين هذه النسخ، وضبط النص، ووجّه وجمع وبيّن إضافة إلى ذلك الشرح العظيم، كما أفاد من المكتبة الإسلامية ذات المصادر الأصلية، وحشد لها حشداً لم يكن في أي كتاب من الكتب، إذ بلغت المصادر التي استعان بها الحافظ ابن حجر قراية ألف وأربعة مصدر في تأليفه لهذا الكتاب القيم، والعبرة ليست بالكثرة، وإنما بنوعية هذه المصادر الأصلية واختياره للنسخ النفيسة؛ فإنه كان يختار نُسَخا ذات قيمة علمية عظيمة، ولا شك أن هذه المصادر ساعدت الحافظ ابن حجر في الحكم على الروايات وخصوصا الروايات خارج الصحيحين في ذكر المتابعات والشواهد توصل إلى فوائد عظيمة؛ لأن بعض تلك الروايات ضعيفة، ولكن في تتبعه للمصادر يجد متابعات فترتقي الرواية الضعيفة إلى الحسن، أو يجد لها شواهد.
كما يبين خفايا علم الرجال، ورواياتهم في الصحيح، ويضبط الأسماء المشكلة بالحروف، ويبين درجاتهم من حيث الجرح والتعديل، ووفياتهم أحيانا.
كما تكلم على تفسير التراجم ومناسباتها بكلام دقيق عميق، واستنباط للأحكام منها، ونبّه على براعة البخاري في ترتيب أحاديث الباب الواحد، وترتيب الأبواب كذلك، وبيّن دقة نظر البخاري في تكرار(1/69)
الحديث، وفائدة إعادته.
وقرّر أن الإمام البخاري قد جمع في صحيحه بين الرواية والدراية، فيقول عن الصحيح - في معرض الرد على الكرماني على اعتراضه على البخاري في شرح بعض الكلمات الغريبة، بأن ذلك تكثير لحجم الكتاب لا لتكثير الفوائد - قال:
"وهذا الكتاب وإن كان أصل موضوعه إيراد الأحاديث الصحيحة، فإن أكثر العلماء فهموا من إيراد أقوال الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، أن مقصوده أن يكون كتابه جامعا للرواية والدراية، ومن جملة الدراية شرح غريب الحديث. وجرت عادته أن الحديث إذا وردت فيه لفظة غريبة وقعت أو أصلها أو نظيره في القرآن أن يشرح اللفظة القرآنية، فيفيد تفسير القرآن وتفسير الحديث معا"1.
وفي موضع آخر ينقل كلام الكرماني في اعتراضه على البخاري لإيراده بعض المباحث الفقهية، حيث يقول "وأمثال هذه المباحث غير مناسبة لوضع هذا الكتاب إذ هو خارج عن فنه". ورد عليه قائلا:
"وهو ردّ عجيب منه، لأن كتاب البخاري كما تقدم تقريره لم يقصد به إيراد الأحاديث نقلا صرفا، بل ظاهر وضعه أنه يجعل كتابا جامعا للأحكام وغيرها، وفقهه في تراجمه، فلذلك يورد فيه كثيراً الاختلافات العالي ويرجح أحيانا ويسكت أحيانا توقفا عن الجزم بالحكم، ويورد كثيراً من التفاسير ويشير فيه إلى كثير من العلل وترجيح بعض الطرق على بعض، فإذا أورد فيه شيئا من المباحث لم تستغرب، وأما رمزه إلى أن طريقة البحث
__________
1 انظر: فتح الباري 6/366.(1/70)
ليست من فنه، فتلك شكة ظاهر عنك عارها، فللبخاري أسوة بالأئمة الذين سلك طريقهم كالشافعي وأبي ثور والحميدي وأحمد وإسحاق، فهذه طريقتهم في البحث وهي محصلة للمقصود وإن لم يعرجوا على اصطلاح المتأخرين"1.
ويوفق بين روايات الصحيح التي تبدو متعارضة، أو ما يبدو متعارضة بين حديث البخاري وغيره من كتب السنة، أو يرجّح ما ورد في البخاري قائلا: "وما في الصحيح أصح أو أولى" ونحو ذلك من عبارات الترجيح2.
وفي شرحه لأبواب الفقه يرجع إلى أمهات كتب الفقه من المصادر الأصلية، ويبحث في الخلافات الفقهية، ويستدل للرأي الراجح، ويبين المرجوح من غير تعصب، مع الإشارة إلى احتمال المرجوح أحيانا، وله استنباطات فقهية بارعة، وبحوث قيمة نادرة. كما أنه كان يطرح أسئلة واردة على النص، ويجيب عنها بالحجة والبرهان.
ويشرح الحديث بالمكان اللائق به. ويشير إلى وجه إيراد الحديث في الباب إن كان ذلك خفيا، ويشرح ما له تعلق بذلك الباب، ويحيل إذا سبق شرحه أو على ما سيأتي.
وكان إذا حصل منه سهو ثم تنبه لذلك فإنه سرعان ما ينبه إلى ذلك ويرجع إلى الصواب، ومن أمثلة ذلك قال أثناء شرح قصة الإفك في تفسير سورة النور "وقد كنت أمليت في أوائل كتاب الوضوء أن قصة الإفك وقعت
__________
1 انظر: فتح الباري 12/325.
2 انظر على سبيل المثال: فتح الباري 8/535.(1/71)
قبل نزول الحجاب وهو سهو، والصواب بعد نزول الحجاب فليصلح هناك"1.
ويتكلم على نكت الحديث وفوائده، كما يتكلم على مبهمات الحديث في المتن والإسناد وعلى إشكالات واردة على الحديث.
ويحكم على ما أورده من الأحاديث في الشرح صحة وضعفا. وهذا الحكم على الروايات أسعف النقاد المعاصرين وحلّ كثيراً من المشكلات والمعضلات التي تعوق النقاد في الحكم على الروايات وخصوصا حينما لم يجدوا ترجمة للراوي أو يجد أن الراوي اختلف فيه أو أن الراوي قد سكت عنه.
ويتكلم على اللغويات بأسلوب سهل واضح، وإذا كثر الخلاف في اللفظة الواحدة استوعب الآراء، وردّ المرجوح، واختار الراجح مؤيداً بالدليل، كما يستشهد بالشعر المناسب إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
ويبين من له صحبة من الرواة ممن ليس كذلك، أو في صحبته شك أو اختلاف، ويختم كل كتاب من كتب الصحيح بخاتمة يذكر فيها عدد أحاديث ذلك الكتاب المرفوعة وما في حكمها، ويبين الموصول منها والمعلق، وعدد المكرر والخالص بلا تكرار، وما وافقه مسلم على تخريجه مما لم يوافقه، وعدد ما فيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم، مع أنه ينبه على ذلك خلال الشرح.
هذا بالإضافة إلى وصل المعلقات والمتابعات، وبيان ما وصله في موضع آخر من صحيحه مما لم يوصله منها فيه، أو ما صورته معلقا أثناء الحديث، أو حديث مستقل وهو موصول، أو ما صورته مرسل وهو موصول، ويبين ما كان من مرسلات الصحابة.
__________
1 فتح الباري 8/463.(1/72)
أما من حيث الأسلوب فهو يشرح الحديث بأسلوب بديع، ويردّ أوهام بعض شرّاح البخاري.
هذا مجمل لمزايا ومنهج ابن حجر في فتح الباري وطريقته في شرحه1.
__________
1 انظر: الحافظ ابن حجر العسقلاني أمير المؤمنين في الحديث، ص491-494.(1/73)
المبحث الثاني: منهجه في تفسير الآيات القرآنية.
والحقيقة أن هذا تابع لمنهجه في الشرح، إلا أنني لاحظت خلال هذه الدراسة أنه قد أطال القول في تفسير الآيات القرآنية، وأسباب النزول1. وإعجاز القرآن، ووجوه القراءات بكلام بليغ شامل، جمعه من أمهات الكتب، ونقل عن أئمة اللغة والتفسير والقراءات.
فقد أكثر النقل عن أبي عبيدة، والفراء في كتابيهما معاني القرآن، في تفسير المفردات القرآنية.
وأما ما يتعلق بالروايات التفسيرية، فقد أكثر النقل عن الإمام الطبري في تفسيره، ويعتبر هذا التفسير أهم مصادره في الروايات التفسيرية إطلاقا، ثم يأتي بعد ذلك تفسير ابن أبي حاتم، كما أكثر النقل عن عبد بن حميد وعبد الرزاق والفريابي والإمام أحمد وابن أبي شيبة وسعيد بن منصور والنسائي وغيرهم ممن جمعوا التفسير المسند.
ومن منهجه في تفسير الآيات القرآنية، أنه إذا ورد في تفسير آية روايات متعددة ثابتة أو اختلفت أقوال السلف في تفسير آية؛ فإنه يحاول إيراد هذه النصوص، ثم يحاول الجمع بين تلك الروايات، أو ترجيح ما صحّ من ذلك فمثلا لما شرح قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] أورد ثلاثين رواية في تفسير المراد بالصلاة الوسطى. وكذا لما شرح قوله
__________
1 وله كتاب في أسباب النزول سماه بـ "العجاب في بيان الأسباب "، لكنه لم يكمل وقد وصل فيه إلى قوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 78] . وقد طبع حديثا بتحقيق عبد الحكيم محمد الأنيس، نشرته دار ابن الجوزي بالدمام.(1/74)
تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أورد سبع عشرة رواية في بيان المراد بالحرث.
ولما شرح قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} [الإسراء: 79] أورد روايات مختلفة في تفسير المقام المحمود، ثم رجّح القول بأنه الشفاعة العظمى وأيّد هذا الترجيح بروايات متعددة عن السلف.
وعند قوله تعالى: {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [الكهف:94] أورد روايات كثيرة في وصف يأجوج ومأجوج وخروجهم على الناس، وفسادهم على أهل الأرض، ثم كيف يكون إهلاكهم والتخلص من شرهم.
وعند قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر:87] أورد ثلاث عشرة رواية في بيان المراد بالسبع المثاني1.
فهذا بعض النماذج في ذلك، والمطلع على هذه الرسالة يرى اهتمام ابن حجر في هذا الجانب، وقدرته على جمع الطرق والترجيح أو الجمع بين الروايات المختلفة.
__________
1 انظر فتح الباري 8/381-382.(1/75)
المبحث الثالث: قيمة فتح الباري العلمية وثناء العلماء عليه
ومما تقدم علم قيمة هذا الكتاب العظيم، فإنه شرح جامع وواف لصحيح البخاري، ويعتبر موسوعة كبيرة في المعارف الإسلامية عموما، فإن الحافظ ابن حجر رحمه الله قد أودع فيه علوما شتى ونافعة، لا نكاد نجد مثله في كتاب آخر، كما أنه يعتبر أكبر وأجمع ما ألفه ابن حجر. وقد قضى في تأليفه ربع قرن من الزمن. وقد أودع فيه مباحث قيمة في الفقه، وخفايا علم الرجال، وكشف عن مبهمات الحديث في المتن والإسناد، ومباحث لغوية مفيدة، كما فيه شرح لعدد من الآيات القرآنية. وأطال القول في تفسير الآيات القرآنية وأسباب النزول وإعجاز القرآن، ووجوه القراءات، بكلام بليغ شامل، جمعه من أمهات الكتب.
هذا وقد حظي هذا الكتاب الجليل بالثناء العظيم من عدد من العلماء. قال عنه ابن خلدون: "إن شرح البخاري دين على هذه الأمة1، يعني بذلك أن أحداً لم يوف ما يجب من الشرح، وقال حاجي خليفة: "لعل ذلك الدين قضي بشرح المحقق ابن حجر والقسطلاني والعيني بعد ذلك"2.
وقال عنه السيوطي: "لم يصنف أحد من الأولين ولا من الآخرين مثله"3.
ووصفه غيره بقوله "ما ألف في ملة الإسلام شرح على جميع المصنفات في علم الحديث مثل هذا الشرح"، وقال في موضع آخر: "أعلم أنه
__________
1 فهرس الفهارس 1/322.
2 كشف الظنون 2/640.
3 طبقات الحفاظ 552.(1/76)
لم يؤلف في فقه الحديث مثل هذا الشرح"1.
وقيل للشوكاني: أما تشرح الجامع الصحيح للبخاري كما شرح الآخرون؟ فقال: "لا هجرة بعد الفتح"2.
وقد نظم شعراء العصر في مدح الشرح ومؤلفه قصائد، منها ما أنشد في مجلس الختم ومنها ما أنشد بعد ذلك3.
__________
1 فهرس الفهارس 1/323.
2 فهرس الفهارس 1/323.
3 انظر هذه القصائد في آخر المجلد الثالث عشر من فتح الباري.(1/77)
الفصل الثالث: جهود ابن حجر في تفسير القرآن الكريم وعلومه من خلال كتابه فتح الباري
مدخل
...
الفصل الثالث: جهود ابن حجر في تفسير القرآن الكريم وعلومه من خلال كتابه فتح الباري
وفيه سبعة:
المبحث الأول: تفسيره للقرآن بالقرآن.
المبحث الثاني: تفسيره للقرآن بالسنة.
المبحث الثالث: تفسيره للقرآن بأقوال الصحابة.
المبحث الرابع: عنايته بأسباب النزول.
المبحث الخامس: تناوله لقضايا النسخ.
المبحث السادس: ذكره للقراءات.
المبحث السابع: بيانه لغريب القرآن.(1/79)
لقد كان الحافظ ابن حجر رحمه الله واسع الاطلاع على تفسير القرآن الكريم وعلوم القرآن، كما أنه كان بحراً في علم الحديث. وقد ألّف كتبا فيما يتعلق بالتفسير وعلوم القرآن كتجريد التفسير من صحيح البخاري والعجاب في بيان الأسباب1، كما أن له مباحث قيمة في تفسير بعض الآيات أوردها أثناء شرحه لصحيح البخاري. وقد قال عنه تلميذه السخاوي: أما في التفسير فكأنه آية من آيات الله تعالى. وقال أيضا: ودرّس في أماكن كالتفسير بالحسينية والمنصورية. وكان يرد على الأسئلة من غير مراجعة كتاب لقوة حفظه وسعة اطلاعه وهو يفسر القرآن بالقرآن وبالحديث وبما أثر عن الصحابة والتابعين وعن أئمة اللغة وبأقوال المفسرين. فكان رحمه الله واسع الاطلاع على هذا الجانب، ولكنه لم يكن يدون ما يقع له من ذلك وكثيراً ما أظهر أسفه لهذا الأمر. كما أنه كان يأخذ الحيطة والحذر في تفسير القرآن، فكان يقول "فضيحتنا من الله تعالى يتكلم في كلامه بالاحتمالات2.
وأذكر في هذا الفصل نماذج من تفسير ابن حجر من خلال كتابه فتح الباري، في المباحث الآتية.
__________
1 انظر مبحث آثار ابن حجر العلمية، مصنفاته في علوم القرآن، ص56.
2 الجواهر الدرر الورقة 138/أ، وابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته وموارده في الإصابة 1/176.(1/81)
المبحث الأول: تفسيره للقرآن بالقرآن.
إن القرآن الكريم يفسر بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضا، فلا تعارض بين آياته، فما أُجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر.
فقد كان الحافظ ابن حجر لما شرح صحيح البخاري، وبخاصة كتاب التفسير منه كان يأخذا باعتبار ذلك. فإنه كثيراً ما يفسر القرآن بالقرآن، وله مباحث قيمة في تفسير بعض الآيات. وإليك أمثلة على ذلك.
فلما شرح حديث البخاري الذي أخرجه برقم4670 من حديث ابن عمر في قصة عبد الله بن أبي لما توفيّ، ثم سأل ابنه عبد الله بن عبد الله ابن أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه، فقام صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: يا رسول الله، أتصلي عليه، وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما خيَّرني الله فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة:80] ، وسأزيدن على السبعين ... " الحديث.
قال ابن حجر: ووقع عند ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس "فقال عمر: أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه؟ قال: "أين؟ " قال: قال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ} الآية. ثم قال ابن حجر: وهذا مثل رواية الباب، فكأن عمر قد فهم من الآية المذكورة ما هو الأكثر الأغلب من لسان العرب مِن أن أو ليست للتخيير، بل للتسوية في عدم الوصف المذكور، أي أن الاستغفار لهم وعدم الاستغفار سواء، وهو كقوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ(1/82)
أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [المنافقون: 6] إلى آخر كلامه1.
فإنه فسّر هنا آية التوبة بآية المنافقون، وبيّن أن أو التي في آية التوبة ليست للتخير، وإنما هي للتسوية في عدم الوصف المذكور، أي أن الاستغفار لهم وعدم الاستغفار سواء.
وكذلك لما شرح حديث ابن مسعود برقم4687 أن رجلا أصاب من امرأة قُبلة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأُنزلت عليه: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] قال الرجل: ألي هذه؟ قال: "لمن عمل بها من أمتي".
قال ابن حجر: وتمسك بظاهر قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} المرجئة، وقالوا: إن الحسنات تكفر كل سيئة كبيرة كانت أو صغيرة، وحمل الجمهور هذا المطلق على المقيد في الحديث الصحيح "إن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر" ... وقيل: المراد أن الحسنات تكون سببا في ترك السيئات كقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45] لا أنها تكفر شيئا حقيقة.
فقد فسر آية هود بآية العنكبوت في أن المراد بـ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} أنها تكون سببا في ترك السيئات، على قول من قال به.
__________
1 انظر: فتح الباري 8/335.(1/83)
المبحث الثاني: تفسيره للقرآن بالسنة.
وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم هو المصدر الثاني من مصادر التفسير، فإن السنة شارحة للقرآن وموضحة له، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] . فبيان ما في القرآن من إجمال هو مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم، لذا يجب على المفسر إذا وجد التفسير النبوي بطريق صحيح ثابت، ألا يعدو إلى غيره، فإنه - أعني التفسير النبوي هو الطراز الأول لتفسير القرآن.
ولقد اهتم الحافظ ابن حجر بهذا الجانب أيما اهتمام، فقد كان يبذل غاية وسعه في أن يجد حديثا صحيحا في تفسير السورة أو الآية التي تطرق إليها بالكلام والتفسير، وإن لم يجد شيئا من ذلك صرّح به، كما قال في سورة "لإيلاف قريش": أما هذه السورة فلم أر فيها حديثا مرفوعا صحيحا1.
والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، ومن ذلك:
ذكر في الفاتحة حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} اليهود {وَلا الضَّالِّينَ} النصارى" 2.
وفي سورة البقرة، عند قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] أورد عدة روايات في المراد بالصلاة الوسطى، منها حديث ابن مسعود قال: حبس المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى
__________
1 فتح الباري 8/730.
2 وهو في مسند الإمام أحمد 4/378-379، والترمذي 2954، وغيرهما، انظر: الرواية رقم 6.(1/84)
احمرت الشمس أو اصفرت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا" أو قال: "حشا الله أجوافهم وقبورهم نارا" 1.
وذكر في سورة يونس حديث صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا: إن لكم عند الله وعدا، فيقولون: ألم يبيض وجوهنا، ويزحزحنا عن النار، ويدخلنا الجنة؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم شيئا هو أحب إليهم منه"، ثم قرأ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] "2.
__________
1 أخرج الإمام مسلم 628-206، انظر: الرواية رقم258.
2 الحديث في صحيح مسلم 297، انظر: الرواية رقم992.(1/85)
المبحث الثالث: تفسيره للقرآن بأقوال الصحابة.
وتفسير الصحابة هو المصدر الثالث من مصادر تفسير القرآن؛ فإنهم شهدوا التنزيل وهم أعرف الناس به، لذا يعتبر تفسيرهم بمنزلة المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وهم أي الصحابة لم يكونوا في درجة واحدة بالنسبة لفهم معاني القرآن، بل تفاوتت مراتبهم، وأشكل على بعضهم ما ظهر لبعض الآخر منهم، وهذا يرجع إلى تفاوتهم في القوة العقلية، وتفاوتهم في معرفة ما أحاط بالقرآن من ظروف وملابسات. وهذا ليس بغريب؛ فإنه لا يحيط باللغة أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى علمه إياها.
ومن هنا نرى أن الذين اشتهروا بالتفسير من الصحابة عدد قليل. وقد عدّ السيوطي رحمه الله في الإتقان من اشتهر بالتفسير من الصحابة وسماهم، وهم الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وابن عباس، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير - رضي الله عنهم أجمعين -.
وليس معنى هذا أن غيرهم من الصحابة لم يتكلموا بالتفسير، بل هناك عدد آخر من الصحابة من تكلموا بتفسير القرآن غير هؤلاء: كأنس ابن مالك وأبي هريرة وعبد الله ابن عمر وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمرو ابن العاص وعائشة.
على أن أكثرهم رواية عبد الله بن عباس ثم عبد الله بن مسعود ثم علي بن أبي طالب ثم أبي بن كعب.
لذا نجد أن الحافظ ابن حجر قد أكثر النقل عن ابن عباس فيما يتعلق بتفسير القرآن. فنظرة عابرة إلى فهرس الآثار من هذا الكتاب تبرهن ذلك جليا؛ فإن ما في هذا الكتاب مما روي عنه قارب الربع؛ إذ بلغ ما روي عن(1/86)
ابن عباس 936 رواية من بين 3541 رواية.
كما أكثر النقل عن ابن مسعود وعلي بن أبي طالب وأبي بن كعب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير وعائشة وغيرهم.
وهذا النوع لا يحتاج إلى تمثيل؛ إذ هو غالب ما في الكتاب.
هذا وقد أضاف ابن حجر إلى هذا النقل الكثير أمراً زائدا لا نكاد نجده في كثير من الكتب التي تناول التفسير، ألا وهو أنه لا يكاد يذكر حديثا أو أثراً عن صحابي أو تابعي إلا ويحكم عليه صحة أو ضعفاً، وذلك إما بالتصريح بذلك، أو بالإشارة إلى ذلك، بأن يذكر موطن العلة ويشير إليها بأن يقول مثلا، وفيه فلان أو يقول مثلا وري هذا من طريق فلان. وبهذا فإنه قد أعطى الإشارة إلى الحكم على الرواية.(1/87)
المبحث الرابع: عنايته بأسباب النزول
لا شك إن معرفة أسباب النزول ضروري لمن يتصدى لتفسير كلام الله، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية "معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب"1.
وقال الواحدي: "..فآل الأمر بنا إلى إفادة المبتدئين المتسترين بعلوم الكتاب، إبانة ما أنزل فيه من الأسباب، إذ هي أوفى ما يجب الوقوف عليها، وأولى ما تصرف العناية إليها، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها، دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها2.
ولا طريق لمعرفة أسباب النزول إلا النقل الصحيح، قال الواحدي: ولا يحل القول في أسباب النزول، إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا النزيل ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها وجدوا في الطلاب3.
على أن اشتراط الرواية والسماع لا يكفي لإثبات ما وردت في الرواية من سبب نزول، بل لا بد من اشتراط صحة النقل، ولهذا انتقد ابن حجر الواحديَّ في إيراد كثير من أسباب النزول بغير إسناد، مع تصريحه بالمنع إلا فيما كان بالرواية والسماع، ثم فيما أورده بالرواية والسماع ما لا يثبت لوهاء بعض رواته4.
وللحافظ ابن حجر باع طويل في هذا الميدان، فإنه كثيراً ما يورد ما
__________
1 انظر: مقدمة في أصول التفسير ص47.
2 أسباب النزول، ص16.
3 المصدر السابق.
4 انظر انتقاد ابن حجر في مقدمة كتابه العجاب 1/199-200.(1/88)
ورد في سبب نزول الآية، والجدير بالذكر هنا أن الحافظ ابن حجر قد ألفّ كتاب خاصا في أسباب النزول سمّاه "العجاب في بيان الأسباب"1.
وإليك أمثلة لما أورده ابن حجر في أسباب نزول بعض الآيات في الفتح: ذكر عند قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] حديث زيد بن ثابت قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، ولم تكن صلاة أشد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، فنزلت {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} الآية2.
فأفادت هذه الرواية أن المراد بالصلاة الوسطى صلاة الظهر، على أن هناك روايات أصح منها تفيد أن المراد بها صلاة العصر3.
وذكر عند قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً} [البقرة: 80] من مرسل عكرمة قال: خاصمت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا: لن ندخل النار إلا أربعين ليلة، وسيخلفنا اليها قوم آخرون - يعنون محمداً وأصحابه - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على رءوسهم، "بل أنتم خالدون مخلدون لا يخلفكم فيها أحد"، فأنزل الله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً} الآية4.
وعند قوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] أورد حديث أبي أيوب من طريق أبي عمران قال: كنا بالقسطنطينية، فخرج
__________
1 انظر مبحث آثار ابن حجر العلمية، مصنفاته في علوم القرآن، ص57.
2 أخرجه أبو داود رقم411، انظر الرواية رقم 272.
3 انظر هذه الآثار في تفسير الآية المذكورة في هذا الكتاب.
4 أخرجه ابن جرير رقم1406، انظر الرواية رقم 65.(1/89)
صف عطيم من الروم، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، ثم رجع مقبلا، فصاح الناس: سبحان الله، ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب: أيها الناس، إنكم تؤولون هذه الآية على هذا التأويل، وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار: إنا لما أعزّ الله دينه وكثر ناصروه قلنا بيننا سراً: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أنا أقمنا فيها وأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله هذه الآية، فكانت التهلكة الإقامة التي أردناها1.
والأمثلة على ذلك كثيرة، والمتصفح لهذا الكتاب يجد أن الحافظ ابن حجر قد اهتم أيما اهتمام بهذا الجانب.
__________
1 أخرجه النسائي في التفسير 48، 49، انظر الرواية رقم 150.(1/90)
المبحث الخامس: تناوله لقضايا النسخ.
إن معرفة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم مهم جداً في الشريعة الإسلامية، إذ أنه ينبني عليه أحكام، فما ثبت فيه محكما غير منسوخ يجب العمل به، وما كان منسوخا منه لا يعمل به.
وقد كان السلف الصالح - رحمهم الله - يرون معرفة الناسخ والمنسوخ شرطا في أهلية المفسر للتفسير والمحدث للحديث. يقول يحيى بن أكثم التميمي رحمه الله وهو أحد عظماء السلف المتوفى سنة242هـ "ليس من العلوم كلها علم هو أوجب على العلماء وعلى المتعلمين، وعلى كافة المسلمين من علم ناسخ القرآن ومنسوخه؛ لأن الأخذ بناسخه واجب فرضاً والعمل به واجب لازم ديانة، والمنسوخ لا يعمل به ولا ينتهى إليه، فالواجب على كل عالم، علم ذلك لئلا يوجب على نفسه وعلى عباد الله أمراً لم يوجبه الله، أو يضع عنهم فرضاً أوجبه الله"1.
وللحافظ ابن حجر مباحث قيمة في هذا الباب، أوردها أثناء شرحه لصحيح البخاري، وكان يرد بعض الآراء والأوهام في دعوى نسخ بعض الآيات، والأمر خلاف ذلك. ومن أمثلة ما ذكر في قضايا النسخ:
ما أورده في سورة النساء من كتاب التفسير، باب {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} الآية [النساء: 33] ، والذي أخرجه الطبري من طريق قتادة قال: كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول: دمي دمك وترثني وأرثك، فلما جاء الإسلام أمروا أن يؤتوهم نصيبهم من الميراث
__________
1 انظر: جامع بيان العلم وفضله للحافظ يوسف بن عبد البر القرطبي 2/35.(1/91)
وهو السدس، ثم نسخ بالميراث فقال: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأحزاب: 6] 1، ومن طرق شتى عن جماعة من العلماء كذلك، ثم قال ابن حجر: "وهذا هو المعتمد، ويحتمل أن يكون النسخ وقع مرتين: الأولى حيث كان المعاقد يرث وحده دون العصبة فنزلت {وَلِكُلٍّ} وهي {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] فصاروا جميعا يرثون، وعلى هذا يتنزل حديث ابن عباس، ثم نسخ ذلك آية الأحزاب وخص الميراث بالعصبة وبقي للمعاقد النصر والإرفاد ونحوهما، وعلى هذا يتنزل بقية الآثار، وقد تعرض له ابن عباس في حديثه أيضا، لكن لم يذكر الناسخ الثاني، ولا بد منه، والله أعلم" ا. هـ.2.
وذكر في كتاب الحدود، باب البكران يجلدان وينفيان، حديث ابن عباس الذي أخرجه الطبراني قال: كن يحبسن في البيوت إن ماتت ماتت وإن عاشت عاشت: لما نزل {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [النساء:15] حتى نزلت {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور:2] 3.
وذكر أيضا حديث عبادة بن الصامت الذي روى مسلم وأصحاب السنن عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" 4.
__________
1 الأثر أخرجه ابن جرير رقم9269.
2 فتح الباري 8/249، انظر رقم 524.
3 أخرجه الطبراني في الكبير ج 11/رقم11134، انظر رقم 495.
4 أخرجه مسلم في صحيحه رقم1690-12، انظر رقم 492.(1/92)
المبحث السادس: ذكره للقراءات.
إن القرآن الكريم أنزلت على سبعة حرف، وذلك تسهيلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، فبأيها قرأ القارئ فمصيب، ففي حديث أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني جبريل فقال: اقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: إن أمتي لا تستطيع ذلك، حتى قال سبع مرات، فقال لي: اقرأ على سبعة أحرف، ولك بكل ردّة رددتها مسألة، فاحتاج إليّ الخلائق حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم" 1.
إضافة إلى ذلك فإن لهذه الأحرف فائدة عظمى في تنوع المعاني وزيادتها، إذ أنها تشتمل على أنواع كثيرة من المعاني المتغايرة المتنوعة، فباختلاف القراءة يختلف المعنى، وهذا الاختلاف إنما هو اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد. وهذا من إعجاز هذا القرآن العظيم.
لذا نجد أن الحافظ ابن حجر اهتم بهذا الجانب كثيراً أثناء شرحه، فإذا مرّ بآية أو كلمة فيها أكثر من قراءة يذكرها، ويبيّن مَن قرأ بها، كما ينبّه أحيانا هل هي متواترة أم شاذة.
فمثلا عند قوله تعالى: {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} [يوسف:23] ذكر القراءات الواردة فيها، وبيّن الشاذ منها من المتواتر، ونسب كل قراءة إلى من قرأ بها2.
كما نقل عند قوله تعالى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات:12] ما روى الطبري وابن أبي حاتم من طريق الأعمش عن أبي وائل عن شريح أنه أنكر
__________
1 أخرجه ابن جرير في تفسير رقم32 في حديث طويل، بإسنادين عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن أبي ابن كعب. وقد صحّح المحقق محمود محمد شاكر إسناده.
2 انظر: فتح الباري 8/364.(1/93)
قراءة {عَجِبْتُ} بالضم، ويقول إن الله لا يعجب وإنما يعجب من لا يعلم1، قال فذكرته لإبراهيم النخعي فقال: إن شريحا كان معجبا برأيه، وأن ابن مسعود كان يقرؤها بالضم وهو أعلم منه، ومن طريق أخرى عن الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود أنه قرأ {بَلْ عَجِبْتُ} بالرفع ويقول نظيرها: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ} [الرعد: 5] 2.
وعند قوله تعالى: {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ} [الإسراء: 93] نقل ما رواه عبد بن حميد بسنده عن مجاهد قال: كنا لا ندري ما الزخرف حتى رأيتها في قراءة عبد الله أي ابن مسعود "أو يكون لك بيت من ذهب"3.
وعن سعيد بن المسيب أنه كان يقرأ {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] فأنكر عليه سعد ابن أبي وقاص، واستدل بقوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى} [الأعلى: 6] ، وكانت قراءة سعد {أو تَنْساها} 4.
__________
1 مذهب أهل السنة والجماعة إثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم إثباتا يليق بجلاله وعظمته من غير تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل. وصفة العجب في حق الله سبحانه وتعالى قد ثبت في الحديث الصحيح الذي أخرجه الشيخان البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة الرجل الذي أضاف ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه "لقد عجب الله عز وجل، أو ضحك - من فلان وفلانة " الحديث. انظر: صحيح البخاري، تفسير سورة الحشر، ومسلم، كتاب الأشربة، باب إكرام الضيف.
2 وهما قراءتان متواتران - أعني قراءة الفتح والضم في قوله: {بَلْ عَجِبْتَ} -، وانظر رقم 2240-2241.
3 انظر رقم 1427.
4 أخرجه عبد الرزاق 1/55، وابن جرير رقم1755، 1756 وغيرهما، انظر: رقم 93.(1/94)
المبحث السابع: بيانه لغريب القرآن
ومعرفة هذا الفن أمر ضروري لمن يتصدى لتفسير القرآن الكريم. ويحتاج ذلك إلى معرفة علم اللغة، وفي الأثر عن ابن مسعود قال: أعربوا القرآن؛ فإنه عربي وإنه سيجئ أقوام ينفعون وليسوا بخياركم"1. والمراد بإعراب القرآن هنا معرفة معاني ألفاظه، وليس المراد به الإعراب المصطلح عليه عند النحاة؛ وهو ما يقابل اللحن؛ لأن القراءة مع فقده ليست قراءة، ولا ثواب فيها.
والحافظ ابن حجر متمكن في علم اللغة، وقد تقدم2 أنه كان شاعراً، وأنه نظم الشعر وهو في سن مبكر، وقال الشعر الرائق والنثر الفائق، ونظم مدائح نبوية ومقاطيع، ثم شغل عن ذلك. وقد رأيت أنه اهتم بهذا الجانب، فكان كثيراً ما يفسر ويشرح ألفاظاً تكون غير واضح المعنى، أو غريبة، أو يذكر روايات في هذا الصدد، وبخاصة لما يكون الإمام البخاري قد أورد شيئا منها في ترجمة الباب تعليقا، فإنه يذكر من رواه متصلا. إضافة إلى ذلك فإنه أورد في "هدي الساري" مقدمة "فتح الباري"، في الفصل الخامس: في سياق ما في الكتاب - صحيح البخاري - من الألفاظ الغريبة على ترتيب الحروف مشروحا. ومن ضمنها طائفة كبيرة من ألفاظ القرآن الغريبة.
ومن أمثلة ذلك:
عند قوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ} [النساء:88] أورد
__________
1 ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/166-167 وقال: رواه الطبراني من طرق وفيها ليث بن أبي سليم وفيه ضعف، وبقية رجال أحد الطرق رجال الصحيح.
2 في مبحث نشأته العلمية وطلبه للعلم ص43.(1/95)
ما أخرج الطبري من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله: {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} قال: بدّدهم، ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أوقعهم، ومن طريق قتادة قال: أهلكهم1، ثم قال - القائل ابن حجر - وهو تفسير باللازم، لأن الركس الرجوع، فكأنه ردّهم إلى حكمهم الأول2.
وعند قوله تعالى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا} [الانشقاق: 2] ، أورد عن مجاهد قال: {أَذِنَتْ} سمعت وأطاعت لربها، {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا} : أخرجت ما فيها من الموتى، {وَتَخَلَّتْ} أي عنهم أخرجه ابن أبي حاتم من طريقه3.
وأورد عند قوله تعالى: {وَفَاكِهَةً وَأَبّاً} [عبس:31] تسع عشرة رواية منها:
ما جاء عن ثابت عن أنس أن عمر قرأ: {وَفَاكِهَةً وَأَبّاً} فقال: ما الأب؟ ثم قال: ما كلفنا أو قال: ما أمرنا بهذا. وأورد طرق هذه الرواية، وما روي عن أبي بكر في هذا المعنى وهو أنه قرأ: {وَفَاكِهَةً وَأَبّاً} فقيل ما الأب؟ فقيل كذا وكذا فقال أبو بكر إن هذا لَهُوَ التكلف، أيُّ أرض تقلني أو أي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم".
ثم قال: وقد جاء أن ابن عباس فسر "الأب" عند عمر، فأورد ما أخرجه عبد بن حميد من طريق سعيد بن جبير قال: كان عمر يدني ابن عباس فذكر نحو القصة الماضية في تفسير: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} 4 وفي آخره وقال
__________
1 انظر الروايات من 567 إلى 569.
2 انظر: فتح الباري 8/256-257.
3 أخرج ابن جرير 30/113، 114 من طرق عن ابن أبي نجيح، عنه مفرقا، انظر رقم 3306.
4 يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم4970 - في تفسير قوله تعالى: {فَسَبِّحْ =(1/96)
تعالى: {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً} إلى قوله {وَأَبّاً} قال: فالسبعة رزق لبني آدم "والأب" ما تأكل الأنعام، ولم يذكر أن عمر أنكر عليه ذلك.
وما أخرج الطبري عن عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس قال: "الأب" ما تنبته الأرض مما تأكله الدواب، ولا يأكله الناس".
ثم أخرج - أي الطبري - من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بسند صحيح قال "الأب" الثمار الرطبة، وهذا أخرجه ابن أبي حاتم بلفظ "وفاكهة وأبا" قال: الثمار الرطبة.
ومن طريق عكرمة عن ابن عباس بسند حسن "الأب" الحشيش للبهائم.
ثم قال: وفيه قول آخر أخرجاه - أي الطبري وابن أبي حاتم - من طريق عطاء قال: كل شيء ينبت على وجه الأرض فهو أب.
ومن طريق الضحاك قال: "الأب" كل شيء أنبتت الأرض سوى الفاكهة1.
__________
= بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} - بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لِمَ تُدخِل هذا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم. فدعا ذات يوم فأدخله معهم، فما رُثيتُ أنه دعاني يومئذ إلا ليُرهم. قال: ما تقولون في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فقال بعضهم: أُمِرنا نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا، فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له، قال: إذا جاء نصر الله والفتح - وذلك علامة أجلك - فسبِّح بحمد ربك واستغفره إنه كان توّابا. فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول".
1 انظر الروايات من 3237 إلى 3256.(1/97)
الفصل الرابع: دراسة الروايات التفسيرية في فتح الباري
المبحث الأول: منهجه في سياق الروايات
...
الفصل الرابع: دراسة الروايات التفسيرية في فتح الباري
وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: منهجه في سياق الروايات.
المبحث الثاني: نقده للروايات والحكم عليها.
المبحث الثالث: عزوه للمصادر.
المبحث الرابع: موارده في الروايات التفسيرية.(1/98)
المبحث الأول: منهجه في سياق الروايات.
وقد أكثر الحافظ ابن حجر في فتح الباري في النقل للروايات التفسيرية، وبخاصة أثناء شرحه لكتاب التفسير من الصحيح، وأثناء إعدادي لهذه الرسالة، ودراسة تلك الروايات التفسيرية اتضح لي أمور في منهجه لسوق الروايات أسجلها هنا.
- أن من منهجه أنه إذا نقل رواية أو نصا فإنه يعزوها إلى من أخرجها إلا ما ندر من ذلك.
- وغالبا لا يسوق الرواية بإسنادها الكامل، وإنما يسوقها من ملتقى الإسناد، أو يذكر موطن العلة فيها.
- ومن منهجه في سياق الروايات أنه يقطعها، فلايسوق الرواية سياقة واحدة، بل يقطعها ويوردها مفرقة، وذلك لبيان الاختلاف الوارد في طرق الرواية، فيقول مثلا عند فلان بزيادة كذا، أو وليس عند فلان كذا، ونحو ذلك1.
__________
1 وهذا الأمر - أعني تقطيعه للروايات - واجهتني صعوبات كثيرة في سياق الروايات، حيث قد أقف متحيرا في كيفية التصرف بمثل هذا. ففي مثل هذه الحالات كنت أقرأ النص كاملا في الفتح ثم أقارنه بين المصدر الذي نقل عنه ابن حجر، ثم أسوق الرواية باللفظ الذي ساقه ابن حجر على ضوء ما ورد في ذلك المصدر.(1/101)
المبحث الثاني: نقده للروايات والحكم عليها.
ليس من منهج ابن حجر أن يورد رواية ثم لا ينقدها، فلا نكاد نجد رواية أوردها في هذا الكتاب إلا وقد حكم عليها تصحيحا أو تضعيفا، وما سكت عنه فلا ينزل عن درجة الحسن. وإن كان هذا في الغالب؛ فإن هناك روايات سكت عنها الحافظ وهي أقل درجة من ذلك.
وقد يورد رواية لنقد ما أورده وبيان نكارته ومخالفته للحديث الصحيح، مثال ذلك في سورة النور قال: "وفي رواية ابن إسحاق وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبوي ولا يذكرون لي شيئا من ذلك قال - أي ابن حجر -: وفيها أنها مرضت بضعا وعشرين ليلة، وهذا فيه رد على ما وقع في مرسل مقاتل بن حيان "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه قول أهل الإفك وكان شديد الغيرة قال: "لا تدخل عائشة رحلي"، فخرجت تبكي حتى أتت أباها، فقال: أنا أحق أن أخرجك، فانطلقت تجول لا يؤويها أحد حتى أنزل الله عذرها". قال الحافظ: وإنما ذكرته مع ظهور نكارته لإيراد الحاكم له في الإكليل وتبعه بعض من تأخر غير متأمل، لما فيه من النكارة والمخالفة للحديث الصحيح من عدة أوجه، فهو باطل"1.
ويجدر بي أن أذكر هنا أني وقفت على تضعيف الحافظ لبعض الروايات بضعف بعض الرواة فيها، ولكن عند الرجوع إلى المصدر المقتبس، وجدت أنه لا يوجد في إسناده ذلك الراوي الضعيف، فمن ذلك قوله2: "وروى أبو يعلى
__________
1 فتح الباري 8/464-465.
2 فتح الباري 8/510.(1/102)
من طريق أبي جعفر محمد بن علي قال: سألت أبا سعيد عن هذه الآية: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: 85] فقال: معاده آخرته، وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف".
ولكن عند الرجوع إلى مسند أبي يعلى تبين لي أنه ليس في إسناده جابر الجعفي، فقد أخرجه برقم 1131 قال: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا فضيل بن سليمان، حدثنا كثير بن قاروندا، عن أبي جعفر محمد بن علي - فذكرمثله. انظر رقم 2049.
كما وقفت على تحسينه لبعض الروايات مع وجود من هو متفق على تضعيفه في الإسناد. ومن أمثلة ذلك قوله1 "نقل ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن ابن عباس قال: "صلاة الوسطى هي المغرب".
فهذا الأثر أخرجه ابن أبي حاتم رقم2375 عن أبيه، عن أبي الجُماهر، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن عمه، عن ابن عباس - مثله. وسعيد ابن بشير ضعيف كما سيأتي في ترجمته برقم 45، وقد يكون التبس على الحافظ بسعيد ابن أبي عروبة، فإن كلايهما يرويان عن عن قتادة كما هو معروف. انظر رقم 277.
__________
1 فتح الباري 8/196.(1/103)
المبحث الثالث: عزوه للمصادر
أولا: ما نص على النقل من مصدر معين ولم أجده فيه، ووجدته في غيره.
ومن الجدير بالذكر أن حجر نقل في كل ما نقل بكل أمانة، وعزاه إلى أصحابها، ولكن بعض هذه الآثار لا نجدها في تلك المصادر التي بين أيدينا، وهذا الأمر يحتمل أن تكون النسخ التي اعتمد عليها الحافظ ابن حجر من تلك المصادر غير التي وصلت إلينا؛ فإنه كان يختار نسخا نفيسة ذات قيمة علمية عظيمة. فها أنا أورد بعض الأمثلة يؤكد هذا الاحتمال مع أن العلم اليقيني عند الله عز وجل.
قال ابن حجر "في رواية أيوب عن عكرمة عن ابن عباس لما نزلت: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} قال عمر: أي جمع يهزم؟ قال: فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدروع ويقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} أخرجه الطبري وابن مردويه"1. وقد أخرجه ابن جرير في تفسيره 27/108 قال: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن أيوب قال: لا أعلمه إلا عن عكرمة أن عمر قال لما نزلت: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} ... الحديث. ولم يذكر في إسناده "ابن عباس" كما ذكره ابن حجر. وهذا الحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 7/682 أيضا عن عكرمة، ثم ذكره عنه عن ابن عباس موصولا، ونسبه إلى ابن جرير، مما يؤكد أن ابن جرير رواه موصولا أيضا. ويزيده تأكيدا قول ابن حجر - عقب الرواية - "وهذا مما يؤيد ما قدمته أن ابن عباس حمل هذا
__________
1 فتح الباري 7/289.(1/104)
الحديث عن عمر"1.
ومن أمثلة ذلك أيضا: قوله 2 "وقد روى الطبري وغيره عن ابن عباس وغيره أن قوله تعالى في قصة إبراهيم: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} أي حاضت"، هكذا عزاه ابن حجر إلى الطبري، مع أني لم أجد هذه الرواية في تفسيره، ثم إن السيوطي لما ذكره في الدر المنثور 4/451 نسبها إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ، ولم ينسبه إلى الطبري. فلعل هذه النسبة سهو من الحافظ ابن حجر رحمه الله إلا أن يكون أخرجها في كتاب آخر غير التفسير - وما أظنه كذلك - أو تكون هذه الرواية سقطت من تفسيره من النسخة الموجودة بين أيدينا. والله تعالى أعلم بالصواب. انظر الرواية رقم 1027.
ومن ذلك أيضا قوله3: "أخرج الطبراني في "الصغير" بسند ضعيف عن أبي الدرداء قال ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من وصل رحمه أنسئ له في أجله، فقال: إنه ليس زيادة في عمره، قال الله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ} الآية، ولكن الرجل تكون له الذرية الصالحة يدعون له من بعده".
هكذا عزاه ابن حجر إلى الطبراني في "الصغير"، ولكن لم أجده فيه - وإنما وجدته في الأوسط برقم34: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، قال: حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي، قال: حدثنا سليمان بن عطاء، عن مسلمة بن عبد الله الجهني، عن عمه أبي مشجعة، عن أبي الدرداء - مرفوعا نحوه. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/156 وقال: رواه الطبراني في
__________
1 فتح الباري 7/290.
2 فتح الباري 1/400.
3 فتح الباري 10/416.(1/105)
الصغير والأوسط. انظر الرواية رقم 1272.
ومن أمثلة ذلك أيضا قوله 1: "وللترمذي والحاكم من طريق عثمان ابن عبد الرحمن القرظي قرأت عائشة: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام، 94] فقالت: وا سوأتاه، الرجال والنساء يحشرون جميعا ينظر بعضهم إلى سوأة بعض؟ فقال: " {لِكُلِّ امْرِئٍ} الآية وزاد: "لا ينظر الرجال إلى النساء ولا النساء إلى الرجال، شغل بعضهم عن بعض".
هكذا عزاه ابن حجر إلى الترمذي والحاكم، ولم أجده عند الترمذي، ولعل هذا العزو سهو منه رحمه الله؛ إذ أن الراوي عن عائشة "عثمان بن عبد الرحمن القرظي"، ليس من رجال الكتب الستة، ولم يترجم له في التهذيب أيضا. بل قال الشيخ محمود محمد شاكر: لم أجد له ترجمة ولا ذكرا في شيء من الكتب. انظر برقم 788.
وهذه أمثلة على هذا النوع، وهناك مواطن أخرى غير هذه وقفت عليها أثناء هذه الدراسة، وقد نبهت عليها في مواطنها.
ثانيا: ما نص على رواية راو معين، وهو مروي عن غيره.
من خلال دراستي للروايات التفسيرية في فتح الباري، وقفت على بعض الروايات التي أوردها ابن حجر عن رواة، نصّ ابن حجر على أنها رويت عنهم، ولكن عند الرجوع إلى المصادر التي نقل عنها ابن حجر تلك الروايات، وجدت أنها رويت عن غيرهم. وكنت أشرت إلى ذلك أينما وقفت عليها. وهنا أذكر بعضاً منها كأمثلة:
__________
1 فتح الباري 11/387.(1/106)
من ذلك قوله1: "روى الطبري بإسناد صحيح عن مجاهد في قوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} قال: أرادوا الجمعة فأخطؤوا، وأخذوا السبت مكانه".
ولم أجده عند الطبري عن مجاهد بهذا السياق، وإنما أخرج 14/193 من طريق محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة - بلفظه. وعنده من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد بلفظ " {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} اتبعوه وتركوا الجمعة"، نعم وقد أخرج عبد الرزاق في تفسيره 1/2/362 عن معمر قال: أخبرني من سمع مجاهداً يقول في قوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ} قال: أرادوا الجمعة، فأخذوا السبت مكانه". انظر: الرواية رقم 1314.
ومن ذلك أيضا قوله2: "أخرج الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله: {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً} [الإسراء: 7] قال: ليدمروا ما غلبوا عليه تدميرا".
ولم يقع لي عند الطبري من طريق سعيد، وإنما من طريق أبي ثور عن معمر، فقد أخرجه 15/36 حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد ابن ثور، عن معمر، عن قتادة. ولفظه: " {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً} قال: يدمّروا ما علوا تدميراً ... ". انظر: الرواية رقم 1325.
وقد تكرر مثل هذا، فقال أيضا3: "ومن طريق سعيد عن قتادة"
__________
1 فتح الباري 2/355.
2 فتح الباري 6/439.
3 فتح الباري 8/394.(1/107)
يزجي الفلك "أي: يسيرها في البحر".
وهذا أيضا ليس من طريق سعيد، وإنما من طريق محمد بن ثور، عن معمر؛ فقد أخرجه ابن جرير 15/122 حدثني محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة - فذكر مثله. انظر الرواية رقم 1382.
ومن أمثلة ذلك أيضا قوله1: " {إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} [الإسراء:75] ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: ضعف عذاب الدنيا والآخرة".
هكذا عزاه للطبري من طريق علي بن أبي طلحة، وهو ليس كذلك، وإنما هو من طريق العوفي. فقد أخرجه 15/131 من طريقه بهذا اللفظ. انظر رقم 1392.
ومن ذلك أيضا قوله2 في تفسير قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} : "ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: على طبيعته وعلى حدته".
وليس هو من طريق ابن أبي نجيح، وإنما من طريق ابن جريج؛ فقد أخرجه ابن جرير 15/154 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عنه - مثله. انظر الرواية رقم 1419.
ومن ذلك أيضا قوله3: وعن قتادة قال: {هَمْساً} صوت الأقدام، أخرجه عبد الرزاق".
__________
1 فتح الباري 8/393.
2 فتح الباري 8/393.
3 فتح الباري 8/433.(1/108)
مع أنه ليس عنده في تفسيره عن قتادة بهذا اللفظ، وإنما عن الثوري. انظر تفسير عبد الرزاق 2/19. وانظر الرواية رقم 1710.
ومن ذلك أيضا قوله1 "ووصله الفريابي والحاكم وابن جبير عن مجاهد قال: يقول: سوف أتوب".
هكذا ذكر هذا الأثر عن مجاهد، ثم عزاه للفريابي والحاكم وابن جبير، بينما علقه البخاري عن ابن عباس، ثم إن الحافظ وصله في تغليق التعليق 4/355 أيضا من طريق ابن عباس. وكذا ذكره السيوطي في الدر المنثور 8/344 ونسبه إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان، كلهم عن ابن عباس. انظر الرواية رقم 3138. وهذا نادر جداً.
ثالثا: ذكر الرواية مع عدم ذكر الراوي لها.
وكان الحافظ ابن حجر فيما ينقله ينسب إلى من أخرجه وإلى من روي عنه سواء كان من الصحابة أو التابعين، إلا أنه في بعض الأحيان قد خالف هذا المنهج، فيذكر الرواية ولم يبيّن الراوي.
ومن أمثلة ذلك قوله2: "أخرج ابن إسحاق في سؤال من سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن قصة أصحاب الكهف: "غدا أجيبكم"، فتأخر الوحي فنزلت {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} فقال: "إن شاء الله".
هكذا أورده من غير ذكر الراوي، وهذا الأثر مروي عن ابن عباس، فقد
__________
1 فتح الباري 8/681.
2 فتح الباري 11/603.(1/109)
ذكره ابن كثير في تفسيره 5/132- 33 قال "وقد ذكر محمد بن إسحاق سبب نزول هذه السورة الكريمة، قال: حدثني شيخ من أهل مصر، قدم علينا منذ بضع وأربعين سنة، عن عكرمة، عن ابن عباس - فذكره قصة اجتماع اليهود بالنبي صلى الله عليه وسلم وسؤالهم عن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح. وتأخر الوحي عنه ثم نزول جبريل عليه السلام سورة أصحاب الكهف".
ومن أمثلة ذلك أيضا قوله1: "أخرج ابن أبي حاتم من طريق جيدة أن قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} نزلت في صلاة العيد وزكاة الفطر، وسنده حسن".
لم يذكر ابن حجر قائله، ولا ذكر إسناده إلا أنه قال "وسنده حسن". انظر الرواية رقم 3339.
__________
1 فتح الباري 7/262.(1/110)
المبحث الرابع: موارده في الروايات التفسيرية:
لقد كثرت موارد ابن حجر في فتح الباري، وتنوعت مصادره حتى شملت كل لون من ألوان المعرفة. وكتب الباحثون حول موارده ومصادره في هذا الكتاب. أما ما يتعلق بموارده في التفسير وعلوم القرآن، فقد قام الزميل محمد أنور صاحب1 بدراسة هذا الجانب في فتح الباري دراسة شاملة، ضمّنها بابين: الباب الأول: موارده في التفسير، وقد ذكر فيه نيفا وستين مصدرا، والباب الثاني: موارده في علوم القرآن، ذكر فيه حوالي أربعين مصدرا.
والجدير بالذكر أن هناك مصادر أخرى غير التي وردت في تلك الدراسة، باعتبار أنها ليست مصادر في التفسير وعلوم القرآن. وقد نقل منها ابن حجر روايات تفسيرية، وهي كتب الجوامع والمصنفات والمعاجم والمسانيد والسنن وكتب التواريخ والسير والمغازي وكتب العقائد والنحل وكتب الفقه ونحو ذلك:
أولا: كتب الحديث:
- الموطأ، للإمام مالك بن أنس. انظر الأرقام 274، 458، 2979، 3443.
- الأدب المفرد، لمحمد بن إسماعيل البخاري. انظر 439، 1301، 1987.
__________
1 في رسالته المقدمة إلى قسم التفسير بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، لنيل درجة الماجستير في التفسير بعنوان "موارد الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في علوم القرآن من خلال كتابه "فتح الباري".(1/111)
- صحيح مسلم. نقل منه كثيراً. انظر على سبيل المثال الأرقام 135، 150، 204، 269.
- الجامع الصحيح، لأبي عيسى الترمذي. نقل عنه كثيراً، انظر على سبيل المثال الأرقام 6، 117، 264.
- الجامع، لسفيان بن عيينة. انظر: رقم 1528، 2934.
- الجامع، لسفيان الثوري. انظر: رقم 696.
- الجامع، لابن وهب. انظر: رقم 244.
- سنن أبي داود. نقل منه كثيراً، انظر على سبيل المثال الأرقام 1، 140، 150.
- سنن ابن ماجه. نقل منه كثيراً، انظر على سبيل المثال الأرقام 349، 402، 478.
- سنن النسائي. نقل منه كثيراً، انظر على سبيل المثال الأرقام 150، 203، 478.
- سنن الدارقطني، انظر على سبيل المثال الأرقام 158، 167، 470.
- سنن الدارمي. انظر رقم 837.
- صحيح ابن خزيمة. نقل منه كثيراً، انظر على سبيل المثال الأرقام 147، 158، 341، 1400.
- صحيح ابن حبان. نقل منه كثيراً، انظر على سبيل المثال الأرقام 1، 6، 150.
- المراسيل، لأبي داود. انظر رقم 645.
- مسند أبي داود الطيالسي. انظر على سبيل المثال الأرقام 275، 599.
- مسند أبي يعلى الموصلي، انظر على سبيل المثال الأرقام 221، 506، 547.(1/112)
- مسند الحميدي. انظر على سبيل المثال الأرقام 1175، 1304، 3237.
- مسند أحمد بن منيع. انظر رقم 2161، 2162.
- مسند البزار. انظر على سبيل المثال الأرقام 452، 581، 592.
- مسند أحمد بن حنبل. نقل منه كثيراً، انظر على سبيل المثال الأرقام 6، 8، 140، 157.
- مسند مسدد بن مسرهد. انظر رقم 535، 1067.
- مسند الهيثم بن كليب. انظر رقم 3013.
- مسند يعقوب بن شيبة. انظر رقم 1880.
- مسند إسحاق بن راهويه. انظر على سبيل المثال 176، 177، 212.
- تهذيب الآثار، لابن جرير الطبري. انظر رقم 2551.
- مصنف عبد الرزاق. انظر رقم 663.
- مصنف ابن أبي شيبة. انظر على سبيل المثال 169، 238، 484.
- المعجم الكبير للطبراني. نقل منه كثيراً، انظر على سبيل المثال الأرقام 16، 111، 394، 453، 581.
- المعجم الأوسط له. انظر 218، 454، 954.
- المعجم الصغير له. انظر: رقم 690، 1274.
كتب المستخرجات.
- مستخرج الإسماعيلي على صحيح البخاري. انظر 679،936،2126.
- مستخرج أبي نعيم على صحيح البخاري. انظر 162،2215،3239.
- المستدرك على الصحيحين البخاري ومسلم للحاكم النسابوري. نقل منه كثيراً، انظر على سبيل المثال الأرقام 109، 175، 790.(1/113)
- الأحاديث المختارة للضياء المقدسي. انظر: 1068، 1528، 3013.
- الصحيح، للحاكم النيسابوري. انظر 147.
- المستخرج، للبرقاني، انظر 2993.
كتب المغازي والسير والتواريخ.
- السيرة النبوية، لابن إسحاق، نقل منه كثيراً، انظر على سبيل المثال الأرقام 69، 576، 1820.
- المغازي، لابن إسحاق، انظر 421، 584، 686، 937.
- المغازي، ليونس بن بكير. انظر 2559.
- الإكليل للحاكم النيسابوري. انظر 2875.
- المغازي، لموسى بن عقبة. انظر 665، 1821.
- السيرة، لأبي معشر. انظر 1822.
- السيرة، لسليمان التيمي. انظر 3431.
- المغازي، لعروة بن الزبير. انظر 925.
- دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني. انظر 91، 883،
- دلائل النبوة للبيهقي. انظر 3532.
- أخبار مكة للفاكهي. انظر 114، 116، 1860، 2742، 2743.
- التاريخ، لأبي العباس السراج. انظر 1400، 3161.
- كتاب مكة، لعمر بن شبة. انظر 112، 3093.
- كتاب النسب، للزبير بن بكار. انظر 505، 735، 1527، 1529.(1/114)
كتب الطبقات والتراجم.
- الطبقات الكبرى لابن سعد. انظر 929، 2575، 3016.
- التاريخ الكبير لمحمد بن إسماعيل البخاري. انظر 2836.
- الحلية لأبي نعيم الأصبهاني. انظر 1878، 3271.
- الضعفاء الكبير، للعقيلي. انظر 297، 3101.
- الكامل، لابن عدي. انظر 1531.
- الصحابة، لابن جرير الطبري. انظر 2583.
- الصحابة، للبغوي. انظر 2583.
- الصحابة، لابن أبي عاصم. انظر 2583.
- الصحابة، لابن شاهين. انظر 239.
كتب العقائد والنحل.
- خلق أفعال العباد للبخاري. انظر 106، 2452، 2685.
- كتاب السنة، لأبي القاسم اللالكائي. انظر 1657.
- كتاب الإيمان لابن مندة. انظر 1414.
- كتاب التوحيد لابن خزيمة. انظر 2194، 2726، 2734.
- كتاب الإيمان، لعبد الرحمن بن رستة. انظر 535.
- شعب الإيمان للبيهقي. انظر 1104، 1198، 1893.
- الأسماء والصفات، للبيهقي. انظر 546، 2192، 3528.
- كتاب السنة، للخلال. انظر 2727.
- كتاب السنة، للطبراني. انظر رقم 298.(1/115)
كتب الزهد والرقائق.
- الذكر، لجعفر بن أحمد بن فارس. انظر 3540.
- الزهد، لهناد السري. انظر 3290.
- الرقائق، لابن مبارك. انظر 2349، 2568، 3446.
- الزهد، للإمام أحمد بن حنبل. انظر 195.
- البعث والنشور، للبيهقي. انظر 3070.
- كتاب البر والصلة، لعبد الله بن المبارك. انظر 1941.
- كتاب الأهوال، لابن وهب. انظر 3140.
- صفة الجنة، لأبي نعيم. انظر 2857.
- صفة الجنة، لابن أبي الدنيا. انظر 2874.
مصادر أخرى غير ما تقدم:
- غريب الحديث لإبراهيم الحربي. انظر 2098، 2173، 2263.
- التنوير، لابن دحية. انظر 3038.
- كتاب الحجة والتبيان، لأبي القاسم الطحاوي. انظر 2127.
- أمالي الصولي. انظر 1749.
- المجالسة، لأبي بكر الدينوري. انظر 1749.
- كتاب الفروق، لأبي إسماعيل الهروي. انظر 1654.
- كتاب الصلاة، لأبي نعيم. انظر 1139، 1401.
- كتاب الناسخ، لأبي داود. انظر 1281.
- غرائب شعبة، لابن مندة. انظر 1091.
- الأوائل، لأبي نعيم. انظر 895.(1/116)
- كتاب النكاح، ليزيد بن هارون. انظر 695.
- فوائد أبي بكر الآجري. انظر 466.
- المناسك، سعيد بن أبي عروبة. انظر 159.
- الأفراد، للدارقطني، انظر الأرقام 452.
- غرائب مالك، للدارقطني، انظر الأرقام 219.
- الجعديات، للبغوي. انظر 1646.
- كتاب الأم، للإمام محمد بن إدريس الشافعي، انظر 160.
- التمهيد، لابن عبد البر، انظر 723.
- المبهمات، لابن بشكوال، انظر 2490.
- فوائد الديباجي، انظر 3294.
- المحامليات، لأبي عبد الله الحسين بن إسماعيل الضبي. انظر 3296.
على أن اعتماده الأكبر، في نقل الروايات التفسيرية، كانت على كتب التفسير بالمأثور، وبالذات تفسير إمام المفسرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، ثم تفسير ابن أبي حاتم الرازي، كما نقل عن تفسير عبد بن حميد وتفسير ابن المنذر وتفسير عبد الرزاق وتفسير الفريابي وتفسير ابن مردويه وغيرها من التفاسير بالمأثور.(1/117)
الباب الثاني: الروايات التفسيرية في فتح الباري
سورة الفاتحة
قوله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} الآية: 1
أخرج أبو داود وصححه ابن حبان والحاكم من طريق عمرو ابن دينار1 عن سعيد بن جبير2 عن ابن عباس3 قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم ختم السورة حتى ينزل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} "، وفي رواية: "فإذا نزلت {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} علموا أن السورة قد انقضت"4.
__________
1 عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأثرم، الجُمَحي مولاهم، ثقة ثبت. مات سنة ست وعشرين ومائة. أخرج له الجماعة. التقريب 2/69.
2 سعيد بن جبير الأسدي مولاهم، الكوفي، ثقة ثبت فقيه، قتل بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين، ولم يكمل الخمسين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 4/11-13، والتقريب 1/292.
3 عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفهم في القرآن، فكان يسمى البحر، والحبر، لسعة علمه، وقال عمر: لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عشره منا أحد، مات سنة ثمان وستين بالطائف، وهو أحد المكثرين من الصحابة، وأحد العبادلة من فقهاء الصحابة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/291، رقم3037، والإصابة 4/121، رقم4799، والتقريب 1/425.
4 فتح الباري 9/42.
أخرجه أبو داود رقم788 - في الصلاة، باب من جهر بها أي {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} -، والحاكم 1/231 من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد ابن جبير، به. ورجاله رجال الصحيحين، وقد صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. =(1/121)
[2] عن أبي ميسرة1 "أن أول ما أمر به جبريل قال له: قل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} " هو مرسل، وإن كان رجاله ثقات، والمحفوظ أن أول ما نزل {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} وإنّ نزول الفاتحة كان بعد ذلك2.
__________
= وأخرجه البزار كشف الأستار، رقم2187 من طريق سفيان، به، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/313 مطولا، وقال: - قلت: روى أبو داود منه "لا يعرف خاتمة السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم فقط " - رواه البزار بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح. وصحح ابن كثير إسناده. انظر: التفسير 1/31. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/20 ونسبه إلى أبي داود والبزار والطبراني والحاكم - وصححه - والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس، ثم قال: زاد البزار والطبراني "فإذا نزلت عرف أن السورة قد ختمت، واستقلت، أو ابتدئت سورة أخرى".
1 اسمه عمرو بن شرحبيل الهمداني الكوفي، مشهور بكنيته، روى عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم، وروى عنه أبو وائل وأبو إسحاق السبيعي ومسروق وغيرهم. ثقة عابد مخضرم. مات سنة ثلاث وستين. أخرج له الجماعة إلا ابن ماجه. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 6/237، والتهذيب 8/42-43، والتقريب 2/72.
2 فتح الباري 8/719.
أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة كما في البداية والنهاية 3/9-10 والبيهقي في دلائل النبوة 2/158 كلاهما من حديث يونس بن بكير، عن يونس بن عمرو، عن أبيه، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، به في سياق طويل. وقال البيهقي عقبه: هذا منقطع، فإن كان محفوظا فيحمل أن يكون خبراً عن نزولها بعد ما نزلت عليه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1] ، و {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] والله أعلم. اهـ. وقال ابن كثير بعد ما نقل عن الكتابين المتقدمين: وهو مرسل، وفيه غرابة وهو كون الفاتحة أول ما نزل.
وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 14/292-293، والواحدي في أسباب النزول ص29 من وجهين عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة - بنحوه.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/10 ونسبه إلى ابن أبي شيبة في المصنف وأبي نعيم والبيهقي كلاهما في دلائل النبوة والواحدي والثعلبي عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل.(1/122)
قوله تعالى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} الآية: 2
[3] أورد الخطابي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " {الرَّحْمَنِ} و {الرَّحِيمِ} اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر"1.
[4] وعن مقاتل2 أنه نقل عن جماعة من التابعين مثله، وزاد فـ {الرَّحْمَنِ} بمعنى المترحم، و {الرَّحِيمِ} بمعنى المتعطف ... ، والحديث المذكور عن ابن عباس لا يثبت لأنه من رواية الكلبي عن أبي صالح عنه، والكلبي متروك الحديث، وكذلك مقاتل3.
__________
1 فتح الباري 13/359.
أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص51 من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، به. والكلبي ضعيف، بل متروك. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/24 ونسبه إلى البيهقي في الأسماء والصفات.
وقد نقل البيهقي عن الخطابي قال: فالرحمن ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في أرزاقهم وأسباب معايشهم ومصالحهم، وعمت المؤمن والكافر، والصالح والطالح، وأما الرحيم فخاص بالمؤمنين كقوله: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} [الأحزاب:43] قال: والرحيم وزنه فعيل بمعنى فاعل أي راحم، وبناء فعيل أيضا للمبالغة كعالم وعليم وقادر قدير. الأسماء والصفات ص50-51.
2 ومقاتل هو ابن سليمان بن بشير، الأزدي الخراساني، أبو الحسن البلخي، أصله من بلخ، عاش في البصرة ثم في بغداد، وكان مفسرا ومتكلما، لم يكن تفسيره للقرآن موضع تقدير؛ لأنه في شروحه كان يطلق العنان لخياله، ويكمل الجوانب الموجزة في القرآن الكريم بمأثورات النصارى واليهود. كذّبوه وهجروه، ورمي بالتجسم، مات سنة خمس ومائة. انظر ترجمته في: التهذيب 10/249-254، والتقريب 2/272، والميزان 5/298 رقم8741، وطبقات المفسرين للداودي 2/330.
3 فتح الباري 13/359.
ضعيف، وقد أشار إلى ذلك ابن حجر كما في الصلب.(1/123)
قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} الآية: 4
أخرج الحاكم من طريق السدي1 عن مرة الهمداني2 عن ابن مسعود3 وناس من الصحابة، في قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال: هو يوم الحساب ويوم الجزاء4.
__________
1 اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي - بضم المهملة وتشديد الدال - أبو محمد الكوفي، صدوق يهم ورمي بالتشيع، من الرابعة. قال يحيى القطان: لا بأس به، وقال أحمد: ثقة، وقال ابن معين: في حديثه ضعف، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال ابن عدي: هو عندي صدوق، وقال الفلاس عن ابن مهدي: ضعيف. مات سنة سبع وعشرين ومائة، أخرج له مسلم والأربعة.
انظر: الضعفاء الكبير 1/87، الجرح والتعديل 2/184، الكامل 1/274، الميزان 1/236-237 رقم907، وتهذيب التهذيب 1/273-274، والتقريب 1/81-72.
2 هو مرة بن شراحيل الهمْداني - بسكون الميم -، أبو إسماعيل الكوفي، وهو الذي يقال له مرة الطيب، ثقة عابد، من الثالثة، مات سنة ست وسبعين وقيل بعد ذلك، أخرج له الجماعة. انظر: التقريب 2/238.
3 هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، أبو عبد الرحمن، من السابقين الأولين، ومن كبار العلماء، من الصحابة، مناقبه جمة، وأمّره عمر على الكوفة، ومات سنة اثنتين وثلاثين، أو في التي بعدها بالمدينة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/381، رقم3182، والإصابة 4/198، رقم4970، والتقريب 1/450.
4 فتح الباري 8/156.
أخرجه الحاكم في المستدرك 2/258، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وليس عنده لفظ "ويوم الجزاء".
هذا الإسناد من أكثر الأسانيد دورانا في كتب التفسير المسندة، وبخاصة تفسير الطبري، ولأئمة الحديث كلام فيه وفي بعض رجاله، وفي هذا التفسير الذي جمعه السدي بهذه الأسانيد، وقد تعرّض له الطبري نفسه فقال: "وقد ذكر السدي عن ابن مسعود وابن عباس بهذا الإسناد، فإن كان صحيحا، ولست أعلمه صحيحا، إذ كنت بإسناده مرتابا ... "، ولم يبين علة ارتيابه في إسناده، وهو مع ارتيابه قد أكثر من الرواية به، ولكنه لم يجعلها حجة قط. =(1/124)
قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} الآية: 7
[6] روى أحمد وابن حبان من حديث عدي بن حاتم1 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} : اليهود، {الضَّالِّينَ} : النصارى"، هكذا أورده مختصرا، وهو عند الترمذي في حديث طويل2.
__________
= [انظر: تفسير الطبري 1/156-160 شاكر، الحاشية، و353-354] .
هذا وقد ذكر الحافظ ابن حجر - في مقدمة العجاب في بيان الأسباب 1/211 - السديَّ فيمن روى التفسير من الضعفاء من طبقة التابعين، وقال: وهو كوفي صدوق لكنه جمع التفسير من طرق منها: عن أبي صالح عن ابن عباس. وعن مرة بن شراحيل عن ابن مسعود. وعن ناس من الصحابة، وغيرهم. وخلط روايات الجميع، فلم تتميز روايات الثقة من الضعيف. ولم يلق السدي من الصحابة إلا أنس بن مالك. اهـ.
هذا وإن للشيخ محمود محمد شاكر في تعليقه على تفسير الطبري رأيا آخر، إذ يصحّح هذا الإسناد.
انظر: تفسير الطبري 1/353-354، 156-160 شاكر.
وله شواهد، فقد أخرج ابن أبي حاتم عن أبيه قال: ثنا محمود بن غيلان، ثنا سفيان بن عيينة، عن حميد الأعرج في قول الله {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال: يوم الجزاء. وروى البخاري تعليقا عن مجاهد: بالدين: بالحساب، مدينين: محاسبين، ووصلهما عبد بن حميد في التفسير من طريقين، وسيأتي ذكرهما برقم 2911 م، و3288 م.
1 عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج، الطائي، أبو طريف، صحابي شهير، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم سنة تسع، فأسلم، وكان نصرانيا قبل ذلك. وكان ممن ثبت على الإسلام في الردَّة، وحضر فتوح العراق وحروب علي، ومات سنة ثمان وستين، وقيل ابن مائة وعشرين سنة. وقيل ثمانين. انظر ترجمته في: أسد الغابة 4/7، رقم3610، والإصابة 4/388، رقم5491، والتقريب 2/16.
2 فتح الباري 8/159.
أخرجه الإمام أحمد 4/378-379، والترمذي في جامعه في التفسير، باب "ومن سورة فاتحة الكتاب" رقم2954، وابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم40، والطبراني في الكبير ج17/رقم237، والبيهقي في الدلائل 5/339-341، وابن حبان في =(1/125)
[7] وأخرجه ابن مردويه بإسناد حسن عن أبي ذر1 2.
__________
= صحيحه الإحسان رقم7206 كلهم من طريق غندر محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سماك بن حرب، عن عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم مرفوعا نحوه، ضمن حديث طويل في قصة قدوم عدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإسلامه. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 5/335 وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير عباد بن حبيش، وهو ثقة.
قلت: لم يوثقه غير ابن حبان، قال ابن حجر: مقبول، من الثالثة. انظر: الثقات 5/142، والتقريب 1/391.
وأخرجه الترمذي 2953 من طريق عمرو بن أبي قيس، عن سماك، به نحوه. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب.
قلت: إن سماك بن حرب لم ينفرد بروايته، فقد أخرجه ابن جرير 193، 207 من طريق سفيان ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، به. وقد صحّح إسناده الشيخ أحمد شاكر.
قال ابن كثير: وروي حديث عدي هذا من طرق، وله ألفاظ كثيرة. تفسير ابن كثير 1/46. وقال ابن أبي حاتم - عقب حديث عدي هذا -: ولا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف اختلافا. التفسير، الفاتحة والبقرة ص23. ونقل ابن حجر عن السهيلي قوله: وشاهد ذلك قوله تعالى في اليهود: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} [البقرة: 90] وفي النصارى: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً} [المائدة: 77] .
والحديث أورده السيوطي في الدر المنثور 1/42 ونسبه إلى أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه.
1 أبو ذر الغفاري، اسمه جندب بن جنادة - على الصحيح - صحابي مشهور، وكان من السابقين إلى الإسلام. وكان زاهدا صادقا اللهجة. مات سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان.
انظر ترجمته في: أسد الغابة 6/96، رقم5869، والإصابة 7/105، رقم9877.
2 فتح الباري 8/159.
أخرجه ابن مردويه كما في تفسير ابن كثير 1/46 من حديث إبراهيم بن طهمان، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عنه. ولفظه: قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغضوب عليهم؟ قال: "اليهود"، قلت: الضالين؟ قال: "النصارى". وقد حسن إسناده ابن حجر، كما في الصلب. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/42 ونسبه إلى ابن مردريه فقط.(1/126)
[8] وأخرجه أحمد من طريق عبد الله بن شقيق 1 أنه أخبره مَن سمع النبي صلى الله عليه وسلم نحوه2.
__________
1 هو عبد الله بن شقيق العقيلي أبو عبد الرحمن ويقال أبو محمد البصري، تابعي ثقة، روى عنه بديل بن ميسرة العقيلي وغيره، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، والأربعة، مات سنة ثمان ومائة.
انظر: تهذيب التهذيب 5/223-224، والتقريب 1/422.
2 فتح الباري 8/159.
أخرجه عبد الرزاق 1/37، ومن طريقه الإمام أحمد 5/32-33: ثنا معمر، عن بديل العقيلي، قال: أخبرني عبد الله بن شقيق أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى وهو على فرسه، فسأله رجل من بني القين، فذكره، ولفظه "قال: يا رسول الله من هؤلاء؟ قال: "المغضوب عليهم"، وأشار إلى اليهود"، قال: فمن هؤلاء؟ قال: "هؤلاء الضالين، يعني النصارى".
قلت: وفيه من لم يسم، فإن كان هو الصحابي فقط فلا يضر؛ لأن الصحابة كلهم عدول. ثم إن له شاهدين أحدهما من حديث عدي والآخر من حديث أبي ذر، وقد تقدما.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/42 ونسبه إلى عبد الرزاق وأحمد في مسنده وعبد بن حميد وابن جرير والبغوي في معجم الصحابة وابن المنذر وأبي الشيخ.(1/127)
سورة البقرة
قوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} الآية: 10
[9] روى الطبري من طريق قتادة1 في قوله {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} قال: ريبة وشك في أمر الله تعالى2.
[10] وصل ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي 3 عن أبي العالية4
__________
1 قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت، يقال: ولد أكمه. مات سنة بضع عشرة ومائة. أخرج له الجماعة. التقريب 2/123.
2 فتح الباري 8/162.
أخرجه ابن جرير رقم326 حدثنا المثنى بن إبراهيم قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك قراءة، عن سعيد، عن قتادة - مثله.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/76 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير.
3 أبو جعفر الرازي، التميمي مولاهم، مشهور بكنيته، واسمه عيسى بن عبد الله بن ماهان، روى عن الربيع ابن أنس وغيره، وعنه آدم بن أبي إياس وغيره. اختلفت أقوال علماء الجرح والتعديل فيه. فقال ابن حجر: صدوق سيء الحفظ، خصوصا عن مغيرة. وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، وقد روى عنه الناس، وأحاديثه عامتها مستقيمة وأرجو أنه لا بأس به. وقال أبو زرعة: شيخ يهم كثيرا. وقال أبو حاتم: ثقة صدوق صالح الحديث.
قلت: وخلاصة أقوالهم - كما نقل ابن حجر - أنه صدوق سيء الحفظ. انظر ترجمته في: التهذيب 12/59-60، والتقريب 2/406.
4 أبو العالية: هو رفيع - بالتصغير - ابن مهران أبو العالية الرياحي - بكسر الراء وبالتحتانية -، أدرك الجاهلية وأسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين ودخل على أبي بكر وصلى خلف عمر. روى عن أبي بن كعب وغيره، وعنه الربيع بن أنس وغيره. ثقة كثير الإرسال، مات سنة تسعين، وقيل ثلاث وتسعين، روى له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 3/246، والتقريب 1/252.(1/128)
في قوله {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي شك1.
[11] ومن طريق علي بن أبي طلحة 2 عن ابن عباس مثله3.
__________
1 فتح الباري 8/161-162. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم113 حدثنا عصام بن رواد بن الجراح العسقلاني، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، به. وذكره ابن حجر في تغليق التعليق 4/172 برواية ابن أبي حاتم هذه.
وإسناده حسن، وإن كان أبو جعفر الرازي صدوقا سيء الحفظ، وكذا الربيع بن أنس صدوقا له أوهام؛ لأن ما يرويه أبو جعفر ليس من حفظه وكذلك الربيع لا يرويه من حفظه، بل يرويان عن نسخة. وهي نسخة مشهورة، أفاد منها كبار المصنفين وبعضهم حكم عليها بالصحة مثل السيوطي فقال: "وأما أبي بن كعب فعنه نسخة كبيرة يرويها أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية عنه، وهذا إسناد صحيح، وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم منها كثيرا وكذا الحاكم في مستدركه وأحمد في مسنده". الإتقان 4/209-210.
هذا وقد حسن ابن حجر هذا الإسناد، وانظر على سبيل المثال: فتح الباري 6/366، ويأتي ذكره عند قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} ، برقم 34.
وانظر - إن شئت - ما كتبه المحقق فضيلة الأستاد الدكتور/ حكمت بشير ياسين في تعليقه على تفسير ابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم النص 8، الحاشية. وقد بين فضيلته صحة هذه النسخة، وأن كبار المصنفين أفادوا منها. وانظر أيضا: التفسير والمفسرون للدكتور الذهبي 1/93، 115.
2 علي بن أبي طلحة سالم، مولى بني العباس، سكن حمص، روى عن ابن عباس ولم يسمع منه. لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه، لذا كان البخاري وأبو حاتم وغيرهما يعتمدون على نسخة علي بن أبي طلحة في التفسير. قال ابن حجر: صدوق قد يخطئ. مات سنة ثلاث وأربعين ومائة. انظر ترجمته في: التهذيب 7/298-299،والتقريب 2/39.
3 فتح الباري 8/162.
لم أجده من طريق علي بن أبي طلحة. وقد أخرجه ابن جرير رقم322 وابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم112 كلاهما من طريق ابن إسحاق قال فيما حدثني محمد ابن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عنه - مثله. وانظر: سيرة ابن هشام 2/172.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر هذا الإسناد ضمن أسانيد الثقات عن ابن عباس، قال: ومن طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير، هكذا بالشك، ولا يضر لكونه يدور على ثقة ". اهـ. مقدمة العجاب 1/203-205.(1/129)
[12] ومن طريق عكرمة 1 قال: الرياء2.
[13] ومن طريق قتادة في قوله: {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} أي نفاقا3.
قوله تعالى: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} الآية: 14
[14] وصل عبد بن حميد عن شبابة 4 عن ورقاء 5، عن ابن أبي نجيح 6،
__________
1 عكرمة بن عبد الله، مولى ابن عباس، ثقة ثبت، عالم بالتفسير. مات سنة سبع ومائة. وقيل بعد ذلك. التقريب 2/30.
2 فتح الباري 8/162.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم109 حدثنا أبو زرعة، ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، عن مالك بن دينار، عن عكرمة. ولفظه "الزنا" بدل "الرياء". وذكره ابن كثير 1/74 عن عكرمة وطاوس بلفظ "الرياء".
3 فتح الباري 8/162.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم118 حدثنا محمد بن علي، أبنا العباس، ثنا يزيد، ثنا سعيد، عنه - مثله. قال المحقق فضيلة الدكتور أحمد عبد الله الزهراني في تعليقه على الرواية: في إسناده شيخ ابن أبي حاتم لم أقف له على ترجمة، وبقية رجاله ثقات.
4 شبابة بن سوار القزاري مولاهم أبو عمرو المدائني أصله من خراسان، روى عن ورقاء وغيره، وعنه عبد بن حميد وغيره. ثقة حافظ، رمي بالإرجاء. مات سنة بضع ومائتين. أخرج له الجماعة.
انظر ترجمته في: التهذيب 4/264-265، والتقريب 1/345.
5 ورقاء بن عمر اليشكري، أبو بشر الكوفي، نزيل المدائن، صدوق، في حديثه عن منصور لين. أخرج له الجماعة. التقريب 2/330.
6 عبد الله بن أبي نجيح، يسار المكي، أبو يسار، الثقفي مولاهم، ثقة رمي بالقدر، وربما دلّس، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة أو بعدها. أخرج له الجماعة. التقريب 1/456.(1/130)
عن مجاهد1 في قوله: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} قال: إلى أصحابهم من المنافقين والمشركين 2.
[15] ومن طريق شيبان 3 عن قتادة قال: إلى إخوانهم من المشركين ورؤوسهم وقادتهم في الشر4.
[16] وروى الطبري 5 نحوه عن ابن مسعود6.
__________
1 مجاهد بن جَبْر، أبو الحجاج المخزومي مولاهم، المكي، ثقة، إمام في التفسير وفي العلم. مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومائة، وله ثلاث وثمانون. أخرج له الجماعة. التقريب 2/229.
2 فتح الباري 8/161. وذكره البخاري عنه تعليقا.
ووصله في تغليق التعليق 4/172. وأخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم139 وآدم بن أبي إياس في تفسيره المسمى بتفسير مجاهد ص 69 كلاهما من طريق ورقاء، به. وأخرجه ابن جرير رقم355 من طريق شبل بن عباد، عن ابن أبي نجيح، به.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/79 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير.
3 شيبان بن عبد الرحمن التميمي مولاهم النحوي، - نسبة إلى نحو بن شمس من الأزد - أبو معاوية البصري نزيل الكوفة، روى عن قتادة ويحيى بن أبي كثير وسماك بن حرب وغيرهم. ثقة صاحب كتاب، مات سنة أربع وستين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 4/326-328، والتقريب 1/356.
4 فتح الباري 8/161.
أخرجه ابن جرير رقم352 عن بشر بن معاذ العقدي، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عنه - نحوه. وأخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم138 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، به نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/79 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير.
5 لقد تصحّف في طبعات فتح الباري "الطبري" إلى "الطبراني"، ووقع على الصواب في النسخة الخطية من الفتح.
6 فتح الباري 8/161.
أخرجه ابن جرير رقم351 من طريق أسباط، عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره، ولفظه "أما شياطينهم، فهم رءوسهم في الكفر". وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/79 بهذا اللفظ، ونسبه إلى ابن جرير.(1/131)
[17] ومن طريق ابن عباس قال: كان رجال من اليهود إذا لقوا الصحابة قالوا: إنا على دينكم، وإذا خلوا إلى شياطينهم - وهم أصحابهم - قالوا: إنا معكم1.
قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ} الآية: 19
[18] وصل الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {أَوْ كَصَيِّبٍ} قال: المطر2.
قوله تعالى: {وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} الآية: 19
[19] وصل عبد بن حميد بالإسناد المذكور3 عن مجاهد في قوله: {وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} قال: الله جامعهم، ووصله الطبري من وجه آخر عنه وزاد "في جهنم"4.
__________
1 فتح الباري 8/161.
أخرجه ابن جرير رقم349 حدثنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في الآية - فذكره بنحوه. والضحاك لم يلق ابن عباس، لذا فهو منقطع. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/78 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 2/518. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه الطبري رقم407 حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي، به.
3 المتقدم برقم 14 وهو عن شبابة، عن ورقاء، عن ابن نجيح، عن مجاهد.
4 فتح الباري 8/161. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أجرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/172 ثنا شبابة، عن ورقاء، عن ابن نجيح، عنه - مثله.
وأخرجه ابن جرير 466 من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن نجيح، به مثله، وزاد "في جهنم". وأخرجه 468 من طريق ابن جريج، عنه - مثله.
وهذان إسنادان صحيحان. والأثر ذكره السيطي في الدر المنثور 1/82-83 ونسبه إليهما.(1/132)
[20] ومن طريق ابن عباس في قوله: {وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} قال: منزل بهم النقمة1.
قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً} الآية: 22
[21] عن قتادة والربيع بن أنس2 {فِرَاشاً} مهادا، وصله الطبري عنهما 3.
__________
1 فتح الباري 8/161.
أخرجه ابن جرير رقم467، وابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم200 كلاهما من طريق ابن إسحاق قال فيما حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عنه - مثله.
وقد تقد الكلام على هذا الإسناد برقم 11.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/82 ونسبه إلى ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم.
2 الربيع بن أنس البكري الخراساني، ويقال الحنفي البصري، صدوق، وفي رواية أبي جعفر الرازي عنه اضطراب، أرسل عن أم سلمة، ورماه ابن معين بالتشيع المفرط. وذكره ابن حبان في الثقات. مات سنة أربعين ومائة. انظر ترجمته في: الجرح والعديل 3/454، والتهذيب 3/207، والتقريب 1/243.
3 فتح الباري 6/296.
أما أثر قتادة فأخرجه ابن جرير رقم476 حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عنه، به.
وأما أثر الربيع بن أنس فأخرجه ابن جرير أيضا رقم477 حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، عن عبد ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، به.(1/133)
[22] ومن طريق السدي بأسانيده {فِرَاشاً} هي فرش يمشى عليها وهي المهاد والقرار1.
قوله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
[23] روى ابن أبي حاتم من طريق أبي العالية قال: الند العدل2.
[24] ومن طريق الضحاك 3 عن ابن عباس قال: الأنداد الأشباه4.
__________
1 فتح الباري 6/296.
أخرجه ابن جرير رقم475 من طريق أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، به.
2 فتح الباري 8/163.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم231 من طريق أبي جعفر، عن الربيع، عنه في الآية نحوه. وعلقه ابن كثير 1/87 عن أبي العالية.
3 هو الضحاك بن مزاحم الهلالي الخراساني، قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ثقة مأمون، ووثقه أبو زرعة وغيره، كان معلم كتاب، واشتهر بالتفسير وعرف به، قال ابن حجر: صدوق كثير الإرسال، وفي سماعه من ابن عباس وغيره من الصحابة نظر. وقد أنكر سماعه من ابن عباس شعبة وأبو حاتم وأبو زرعة.
وقد روى ابن أبي حاتم بسنده عن عبد الملك بن ميسرة قال: قلت للضحاك سمعت من ابن عباس؟ قال: لا. قلت: فهذا الذي تروي عمن أخذته؟ قال: عنك وعن ذا وعن ذا.
وقال عبد الملك أيضا: الضحاك لم يلق ابن عباس، وإنما لقي سعيد بن جبير بالري فأخذ عنه التفسير.
وروى ابن أبي حاتم بسنده عن مشاش قال: قلت للضحاك سمعت من ابن عباس شيئا؟ قال: لا. قلت: رأيته؟ قال: لا.
وخالف أبو جناب الكلبي الضعيف المدلس، الثقات حيث روى عن الضحاك أنه قال: جاورت ابن عباس سبع سنين. فلا ينظر إلى مثله.
انظر: الجرح والتعديل 4/458، والمراسيل ص 85، رقم149، وتهذيب التهذيب 4/397-398 والتقريب 1/373.
4 فتح الباري 8/163. =(1/134)
قوله تعالى: {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً} الآية: 25
[25] وروى ابن أبي حاتم من طريق يحيى بن أبي كثير1 قال "يطوف الولدان على أهل الجنة بالفواكه فيأكلونها، ثم يؤتون بمثلها، فيقول أهل الجنة هذا الذي أتيتمونا به آنفا، فيقولون لهم: كلوا فإن اللون واحد والطعم مختلف2.
[26] وروى ابن أبي حاتم والطبري من طريق السدي بأسانيده قال: "أُتوا بالثمرة في الجنة، فلما نظروا إليها قالوا هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا3.
__________
= قال ابن جرير: والأنداد جمع ند، والند: العدل والمثل. تفسير الطبري 1/368.
أما الأثر فقد أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم229 حدثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر - يعني - ابن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، به. وأخرجه ابن جرير رقم484 من طريق الضحاك، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/87 وعزاه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.
وفيه بشر بن عمارة ضعيف، ثم إن فيه انقطاعا بين الضحاك وابن عباس، كما سبق بيان ذلك آنفا.
1 يحيى بن أبي كثير الطائي، مولاهم، أبو نصر اليمامي، ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل، مات سنة اثنتين وثلاثين بعد المائة، وقيل قبل ذلك. روى عن أنس وقد رآه. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 11/235-237 والتقريب 2/356.
2 فتح الباري 6/320.
أخرجه ابن أبي حاتم سورة البقرة، رقم262 حدثنا أبي، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا عامر بن يساف، عن يحيى بن أبي كثير - نحوه. ونقله ابن كثير 1/91 عن ابن أبي حاتم، ولم يعقّب عليه بشيء.
3 فتح الباري 6/320.
أخرجه ابن أبي حاتم سورة الفاتحة، رقم258 حدثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حماد، ثنا أسباط، عن السدي، به. وأخرجه ابن جرير رقم512 من طريق أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - فذكره بنحوه. وذكره ابن كثير 1/90 نقلا عن السدي في تفسيره، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/96 عن ابن مسعود وناس من الصحابة، وعزاه لابن جرير فقط. وانظر التعليق على الرواية رقم5.(1/135)
[27] وقال الحسن1: معنى قوله: {مُتَشَابِهاً} أي خيارا لا رداءة فيه2.
قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} الآية: 29
[28] أخرج الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عن أبي العالية في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} قال: ارتفع3.
قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} الآية: 30
[29] أسند الطبري من طريق ابن سابط4 مرفوعا قال: "الخليفة آدم،
__________
1 الحسن بن أبي الحسن البصري، واسم أبيه يسار، الأنصاري مولاهم، ثقة فقيه فاضل مشهور، وكان يرسل كثيرا ويدلّس، قال البزار: كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم فيتجوز ويقول: حدثنا وخطبنا، يعني قومه الذين حدّثوا وخطبوا بالبصرة، مات سنة عشر ومائة، وقد قارب التسعين. أخرج له الجماعة. التقريب 1/165.
2 فتح الباري 6/321.
أخرجه ابن جرير رقم519 حدثنا خلاد بن أسلم، قال: أخبرنا النضر بن شُميل، قال: أخبرنا أبو عامر، عن الحسن - نحوه. ولفظه "لا رذل فيها" مكان "لا رداءة فيها".
3 فتح الباري 13/405.
أخرجه ابن جرير رقم588 حُدِّثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبد بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس - فذكره من قوله، ولم يذكر "أبا العالية". وأخرجه ابن أبي حاتم سورة البقرة، رقم309 حدثنا عصام بن الرواد، ثنا آدم، ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية - مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/107 عن أبي العالية، ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي.
4 هو عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط الجُمحي، المكي، تابعي ثقة كثير الإرسال، أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عن عدد من الصحابة، وعنه ليث بن أبي سليم وغيره، مات سنة ثمان عشرة ومائة، روى له الجماعة إلا البخاري. انظر: التهذيب 6/163، والتقريب 1/480.(1/136)
والأرض مكة" 1.
قوله تعالى: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}
[30] نقل الطبري وغيره عن مجاهد {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} نعظمك2.
قوله تعالى: {وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا} الآية: 35
[31] ومن طريق مجاهد قال: الرغد الذي لا حساب فيه3.
__________
1 فتح الباري 6/364.
أخرجه ابن جرير رقم599 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عن ابن سابط - في تفسير قوله {فِي الْأَرْضِ} فيما معناه. ولفظه "قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دُحيت الأرض من مكة، وكانت الملائكة تطوف بالبيت، فهي أول من طاف به، وهي "الأرض" التي قال الله {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} ، وأخرجه ابن أبي حاتم سورة البقرة، رقم813 حدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة، حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، به. وقد نقله عنه ابن كثير 1/100 وقال: وهذا مرسل، وفي سنده ضعف، وفيه مدرك، وهو أن المراد بالأرض مكة، والله أعلم، فإن الظاهر أن المراد بالأرض أعم من ذلك ". وأخرجه ابن جرير رقم603 حدثني محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن ابن سابط - نحوه، ولفظه "قال في قوله " {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} " قال: يعنون به بني آدم".
2 فتح الباري 6/366.
هكذا أورد البخاري هذا التفسير في قوله {نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} ، وكذا ذكره ابن حجر، ثم عزاه للطبري، بينما ورد هذا التفسير لقوله {نُقَدِّسُ لَكَ} ، فأخرج ابن جرير رقم623 من طرق عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله {وَنُقَدِّسُ لَكَ} قال: "نعظّمك ونكبّرك".، وكذا أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/4-5 حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله {نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ} قال: نعظمك".
3 فتح الباري 8/164.
أخرجه ابن جرير رقم713، 714 من طريق عيسى، وشبل، كلاهما عن ابن أبي نجيح، عنه، مثله. وأخرجه رقم715 من طريق القاسم بن أبي بَزَّة، عنه - مثله.
قال أبو عبيدة: الرغد الكثير الذي لا يتعب من ماء أو عيش أو كلأ أن مال، يقال: قد أرغد فلان، إذا أصاب عيشا واسعا كثيرا. انظر: مجاز القرآن 1/38.(1/137)
[32] عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: {وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا} قال: الرغد سعة المعيشة، أخرجه الطبري1.
[33] وأخرج من طريق السدي عن رجاله قال: الرغد الهنيء2.
قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} الآية: 37
[34] وصل الطبري بإسناد حسن عن أبي العالية {فَتَلَقَّى آدَمُ} هو قوله تعالى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} 3.
__________
1 فتح الباري 8/164.
أخرجه ابن جرير رقم716 قال: حُدِّثت عن المنجاب بن الحارث، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، به.
وإسناده ضعيف، فشيخ الطبري لا يُدرى من هو؟ ثم إن فيه انقطاعا بين الضحاك وابن عباس.
2 فتح الباري 8/164.
أخرجه ابن جرير رقم712 قال: حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فذكره بمثله.
وإسناده ضعيف من أجل السدي؛ قال ابن حجر: وهو كوفي صدوق لكنه جمع التفسير من طرق منها: عن أبي صالح، عن ابن عباس. وعن مرة بن شراحيل، عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة، وغيرهم. وخلط روايات الجميع فلم تتميز روايات الثقة من الضعيف. ولم يلق السدي من الصحابة إلا أنس بن مالك. انظر: مقدمة العجاب 1/211-212. ثم إنه أبهم شيوخه في هذه الرواية قائلا "عن رجاله".
3 فتح الباري 6/366. أخرجه ابن جرير رقم779 من طريق آدم بن أبي إياس، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عنه -.(1/138)
قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} الآية: 45
[35] عن ابن عباس أنه نعي إليه أخوه قثم1 وهو في سفر، فاسترجع، ثم تنحى عن الطريق فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام وهو يقول: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} الآية. أخرجه الطبري في تفسيره بإسناد حسن2.
قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}
[36] وصل عبد بن حميد عن شبابة بالسند المذكور3 عن مجاهد {عَلَى الْخَاشِعِينَ} على المؤمنين حقا4.
__________
1 هو قُثَم - بضم القاف وفتح المثلثة - ابن العباس بن عبد المطلب الهاشمي، صحابي صغير، كان أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم، مات سنة سبع وخمسين. انظر: أسد الغابة 4/373-374 رقم4279، والإصابة 5/320-321 رقم7096.
2 فتح الباري 3/172.
أخرجه ابن جرير رقم852 حدثنا محمد بن العلاء، ويعقوب بن إبراهيم قالا: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، أن ابن عباس نعي إليه أخوه قثم - فذكره. وقد حسن إسناده ابن حجر كما في الصلب.
وأخرجه سعيد بن منصور رقم231 عن إسماعيل بن إبراهيم بن عليه، به نحوه. وأخرجه ابن الأثير في ترجمة قثم من طريق ابن علية، به. أسد الغابة 4/374.
والأثر ذكره ابن كثير في تفسيره 1/124 برواية ابن جرير، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/163 ونسبه إلى سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الشعب.
3 سند عبد بن حميد المشار إليه تقدم برقم 14. وانظر تغليق التعليق 4/172.
4 فتح الباري 8/161. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم859، وابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم494 كلاهما من طريق ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عنه - مثله. وعلقه ابن كثير 1/125 عنه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/164 وعزاه إلى عبد بن حميد.(1/139)
[37] وروى ابن أبي حاتم من طريق أبي العالية قال في قوله: {إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} قال: يعني الخائفين1.
[38] ومن طريق مقاتل بن حيان2 قال: يعني به المتواضعين3.
قوله تعالى: {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} الآية: 48
[39] روى ابن أبي حاتم من طريق السدي {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} قال: يعني لا تغني نفس مؤمنة عن نفس كافرة من المنفعة شيئا4.
__________
1 فتح الباري 8/161.
أخرجه ابن جرير رقم857 وابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم495 كلاهما من طريق آدم بن أبي إياس، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عنه - مثله. وعلقه ابن كثير 1/125 عنه، وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/164 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
2 هو مقاتل بن حيان النبطي أبو بسطام البلخي الخراز، ثقة صالح من العباد الصالحين والدعاة إلى الإسلام، صاحب سنة وصدق. حكى أبو الفتح الأزدي أن وكيعا كذبه. ورد عليه الذهبي وقال: "فابن حيان صدوق قوي الحديث، والذي كذبه وكيع فابن سليمان. وكذا رد عليه ابن حجر وقال "أخطأ الأزدي في زعمه أن وكيعا كذبه، وإنما كذب الذي بعده - وهو مقاتل بن سليمان الأزدي -. مات مقاتل قبل الخمسين ومائة.
انظر: الجرح والتعديل 8/353، وتهذيب التهذيب 10/248-249، والتقريب 2/272.
3 فتح الباري 8/161.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم496 قال: قرأت على محمد بن الفضل، ثنا محمد بن علي، ابنا أبو وهب، ثنا بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان، به.
علقه عنه ابن كثير 1/125، وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/164 ضمن تفسير الآية بطولها، ونسبه إلى البيهقي في الشعب.
4 فتح الباري 8/163.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم503 حدثنا أبو بكر بن أبي موسى الأنصارى، ثنا هارون بن حاتم، ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، عن أسباط، عن السدي، عن أبي مالك في الآية - فذكر مثله.
وهذا إسناد ضعيف، كما سبق بيانه برقم 33.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/166 موقوفا على السدي، ولم يذكر "عن أبي مالك"، ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.(1/140)
قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} الآية: 57
[40] وصل الفريابي عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: المنُّ صمغة، والسلوى الطير1.
[41] وكذا قال عبد بن حميد عن شبابة، عن ورقاء2.
[42] وروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: كان المنُّ ينزل على الشجر فيأكلون منه ما شاءوا3.
[43] ومن طريق عكرمة قال: كان مثل الرُّب4 الغليظ5.
__________
1 فتح الباري 8/164. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم966، 967، 982، 983، وابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم557 من طرق، عن ابن أبي نجيح، عنه - نحوه. ووصله ابن حجر في تغليق التعليق 4/173 به سندا ومتنا.
2 فتح الباري 8/164.
أخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/173 عن شبابة، عن ورقاء، به.
3 فتح الباري 8/164.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم556 من طريق معاوية بن صالح، عن علي ابن أبي طلحة، به نحوه. وعلقه ابن كثير 1/134 عن علي، عن ابن عباس، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/171 وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
4 الرُّبُّ: ما يطبخ من التمر، وهو الدبس أيضا. كذا قال ابن الأثير في النهاية 1/181.
5 فتح الباري 8/164.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم558 عن أبي عبد الله الطهراني، عن حفص ابن عمر العدني، عن الحكم بن أبان، عنه - نحوه.
و"حفص بن عمر العدني"، يروي عن "الحكم بن أبان"، ضعيف. انظر: تهذيب التهذيب 1/353، والتقريب 1/188.
وذكره ابن كثير 1/134 تعليقا عن عكرمة. وعزاه السيوطي في الدر المنثور 1/171 إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.(1/141)
[44] ومن طريق السدي قال: كان مثل الترنجبيل1 2.
[45] ومن طريق سعيد بن بشير3 عن قتادة قال: كان المن يسقط عليهم سقوط الثلج أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل4.
__________
1 في الدر المنثور "الترنجبين"، قال الزبيدي: التُرنجبين بالضم هو المنُّ المذكور في القرآن. والمن كل طل ينزل من السماء على شجر أو حجر ويحلو وينعقد عسلا ... كالشيرخشت والترنجبين، والسلوى طائر. انظر: تاج العروس - فصل الميم، من باب النون - 9/350، وفي غريب القرآن لابن قتيبة ص 49 "الطرنجبين" بالطاء بدل التاء.
2 فتح الباري 8/164.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم559 وابن جرير رقم973 كلاهما من طريق أسباط، عنه - نحوه مطولا. وعلقه عنه ابن كثير 1/134. وذكره السيوطي في الدر المثور 1/171 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم. وعنده "الترنجبين" بدل "الزنجبيل".
3 سعيد بن بشير الأزدي أو البصري، يروي عن قتادة وغيره، وعنه الوليد بن مسلم وغيره، ضعيف، بل وصفه بعضهم بأنه منكر الحديث، يروي عن قتادة منكرات، مات سنة تسع وستين ومائة.
انظر: الجرح والتعديل 4/6، والتهذيب 4/8، والتقريب 1/292.
4 فتح الباري 8/164.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم560 عن أبي زرعة، عن صفوان، عن الوليد، عن سعيد بن بشير، به نحوه.
وإسناده ضعيف من أجل "سعيد بن بشير"، لكن الأثر ورد بطريق صحيحة، فقد أخرج عبد الرزاق 1/46 ومن طريقه ابن جرير رقم968 عن معمر، عن قتادة - مختصرا. ولفظه "كان المنّ يسقط عليهم مثل الثلج".
وقال ابن حجر - بعدما أورها -: "هذه الأقوال كلها لا تنافي فيها".(1/142)
[46] ومن طريق وهب بن منبه 1 قال: المن خبز الرقاق 2.
قوله تعالى: {وَالسَّلْوَى}
[47] وروى ابن أبي حاتم أيضا من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: السلوى طائر يشبه السماني3.
[48] ومن طريق وهب بن منبه قال: هو السماني4.
[49] وعنه قال: هو طير سمين مثل الحمام5.
__________
1 وهب بن منبّه بن كامل اليماني، أبو عبد الله الأبناوي، ثقة، مات سنة بضع عشرة. أخرج له الجماعة إلا ابن ماجه ففي التفسير. التقريب 2/339.
2 فتح الباري 8/164.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم561 عن أبي عبد الله الطهراني، عن إسماعيل بن عبد الكريم، عن عبد الصمد بن معقل، عنه - نحوه. صحح إسناده المحقق. وأخرجه ابن جرير رقم972 عن المثنى، عن إسحاق، عن إسماعيل بن عبد الكريم، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/171 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.
3 فتح الباري 8/164.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم564 من طريق معاوية بن صالح، عن علي ابن أبي طلحة، به. علقه عنه ابن كثير 1/138. وعزاه السيوطي في الدر المنثور 1/171 لابن المنذر وابن أبي حاتم.
4 فتح الباري 8/164.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم565 من طريق سفيان - وهو ابن عيينة - عن عمرو بن دينار، عنه - نحوه مطولا. وهذا إسناد صحيح إلى وهب. وانظر تفسير ابن كثير 1/138. وعزاه السيوطي في الدر المنثور 1/172 لسفيان بن عيينة وابن أبي حاتم.
5 فتح الباري 8/164.
أخرجه ابن جرير رقم984 حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد قال: سمعت وهبا - وسئل: ما السلوى؟ فذكر مثله. أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم567 عن أبي عبد الله الطهراني، عن إسماعيل بن عبد الكريم، به. وإسناده صحيح تقدم برقم 46. علقه عنه ابن كثير 1/138. وعزاه السيوطي في الدر المنثور 1/172 لعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.(1/143)
[50] ومن طريق عكرمة قال: طير أكبر من العصفور1.
قوله تعالى: {وَفُومِهَا} الآية: 61
[51] أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما: أن الفوم الحنطة2.
[52] حكى الفراء في معاني القرآن عن عطاء 3 وقتادة قال: الفوم كل
__________
1 فتح الباري 8/164.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم568 عن أبي عبد الله محمد بن حماد الطهراني، عن حفص بن عمر، عن الحكم بن أبان، عنه - نحوه. ولفظه "وأما السلوى فطير كطير يكون باطنه أكبر من العصفور أو نحو ذلك". و"حفص بن عمر العدني" متفق على ضعفه، وقد تقدم برقم 43.
علقه عنه ابن كثير 1/138. وعزاه السيوطي في الدر المنثور 1/171 لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 8/162.
أما أثر ابن عباس فأخرجه ابن جرير رقم1073 من طريق علي بن أبي طلحة، عنه، به. وأخرجه رقم1074 من طريق الضحاك، ورقم1076 من طريق نافع بن أبي نعيم، عنه، به.
وأما أثر مجاهد فأخرجه ابن جرير رقم1064 من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عنه - نحوه. وأخرج رقم1063 من طريق سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء ومجاهد قوله {وَفُومِهَا} قالا: خبزها.
وأما غيرهما فقد أخرج ابن جرير عن كل من عطاء، وقتادة، والحسن، وأبي مالك، والسدي، وابن زيد مسندة عنهم. وانظر: تفسير ابن كثير 1/144-145.
3 هو عطاء بن أبي رباح، القرشي مولاهم المكي، ثقة فقيه فاضل، لكنه كثير الإرسال. قال يحيى القطان: مرسلات مجاهد أحب إلينا من مرسلات عطاء بكثير كان عطاء يأخذ من كل ضرب. وقال أحمد: ليس في المرسل أضعف من مرسل الحسن وعطاء كانا يأخذان من كل أحد. مات سنة أربع وعشرة ومائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: الميزان 2/70، والتقريب 2/22.(1/144)
حب يختبز1.
[53] وحكى ابن جرير أن في قراءة ابن مسعود "الثوم" بالمثلثة2.
[54] وبه فسره سعيد بن جبير وغيره3.
__________
1 فتح الباري 8/162.
أما أثر عطاء فقد أخرجه ابن جرير رقم1063، 1071 من طريق سفيان وحجاج كلاهما، عن ابن جريج، عن عطاء - نحوه، ولفظهما "وفومها: خبزها"، في رواية حجاج قال عقبه "قالها مجاهد".
وأما أثر قتادة فأخرجه أيضا ابن جرير رقم1066 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عنه وعن الحسن، به. وأخرجه رقم1065 من طريق يزيد، عن سعيد، عنه وعن الحسن - مثله. وعلقه ابن كثير 1/145 عنهما.
2 فتح الباري 8/162.
وقد حكى ابن جرير القراءة المذكورة، ولم يسندها قائلا: "وذُكر أن ذلك قراءة عبد الله ابن مسعود، ثم قال: فإن كان محفوظا فإنه من الحروف المبدلة، كقولهم: وقعوا في عاثور شرّ وعافور شرّ ... انظر تفسير الطبري 2/130، وتفسير ابن كثير 1/144. وعزى السيوطي في الدر المنثور 1/177 هذه القراءة لسعيد بن منصور وابن أبي داود في المصاحف.
هذا وقد أخرجه سعيد بن منصور رقم191 قال: نا سفيان - وهو ابن عيينة - وسئل عنه، فقال: كما يقرأ عبد الله "وثومها". وسنده معضل بين ابن عيينة وابن مسعود. وأخرجه ابن أبي داود في المصاحف ص 56 من طريق مسكين بن بُكَير، عن هارون ابن موسى قال: في قراءة ابن مسعود: من بقلها وقثائها وثومها وعدسها وبصلها. وهو أيضا معضل بين هارون وابن مسعود. وأخرجه من الطريق نفسه عن هارون قال: حدثنا صاحب لنا، عن أبي رَوْق، عن إبراهيم التيمي، عن ابن عباس قال: قراءتي قراءة زيد، وأنا آخذ ببضعة عشر حرفا من قراءة ابن مسعود، هذا أحدها: من بقلها وقثائها وثومها وعدسها وبصلها. وهذا أيضا ضعيف؛ لأن فيه راو لم يسم.
3 فتح الباري 8/162. أسند ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم619 عن الحسن - مثله، ثم قال: وروي عن سعيد بن جبير والربيع والضحاك نحو ذلك. وعلقه عنه ابن كثير 1/144. وانظر التعليق على ما قبله.(1/145)
قوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} الآية:62
[55] وصل ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية "الصابئين" فرقة من أهل الكتاب يقرءون الزبور1.
[56] وروى ابن مردويه بإسناد حسن عن ابن عباس قال: الصائبون ليس لهم كتاب2.
قوله تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} الآية: 63
[57] وصل عبد بالسند المذكور3 عن مجاهد {بِقُوَّةٍ} يعمل بما فيه4.
__________
1 فتح الباري 1/454.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة، رقم643 حدثنا عصام بن رواد، ثنا آدم، ثنا أبو جعفر، عن الربيع، به.
2 فتح الباري 1/454.
لم أقف على إسناده، وله شاهد فيما أخرج عبد الرزاق في تفسيره 1/47 عن الثوري، عن ليث، عن مجاهد في قوله {وَالصَّابِئِينَ} قال: الصابئون قوم بين اليهود والمجوس ليس له دين. وأثر مجاهد هذا ذكره ابن كثير ثم قال: وكذا رواه ابن أبي نجيح، عنه، وروي عن عطاء وسعيد بن جبير نحو ذلك. ثم رجّح هذا القول. انظر: تفسير القرآن العظيم 1/148.
وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور 1/183 عن مجاهد قال: سئل ابن عباس عن الصابئين؟ فقال: هو قوم بين اليهود والنصارى والمجوس، لا تحل ذبائحهم ولا مناكحهم، وقد عزاه إلى عبد الرزاق، هذا ولم أجده في تفسيره.
3 يقصد "عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد".
4 فتح الباري 8/161. وذكره البخاري عنه تعليقا. أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم661 من طريق ورقاء، به.(1/146)
[58] وروى ابن أبي حاتم والطبري من طريق أبي العالية قال: القوة الطاعة1.
[59] ومن طريق قتادة والسدي قال: القوة الجد والاجتهاد2.
قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} الآية: 66
[60] وصل ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي عن أبي العالية في قوله: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا} أي عقوبة لما خلا من ذنوبهم {وَمَا خَلْفَهَا} أي عبرة لمن بقي بعدهم من الناس3.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الآية: 67
[61] وقصة البقرة أوردها آدم بن أبي إياس في تفسيره قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ
__________
1 فتح الباري 8/161.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم660 حدثنا عصام بن رواد، ثنا آدم، ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عنه - مثله. وأخرجه ابن جرير رقم1128 عن المثنى، عن آدم، به. وعلق عنه ابن كثير 1/150.
2 فتح الباري 8/161.
أما أثر قتادة فأخرجه ابن جرير رقم1129 وابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم662 كلاهما من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عنه - نحوه. ولفظه "قال: القوة: الجد".
وأما أثر السدي فأخرجه ابن جرير رقم1130 من طريق أسباط، عنه - نحوه. ولفظه "بقوة يعني بجد واجتهاد".
3 فتح الباري 8/162.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم682، 686 من طريق آدم، عن أبي جعفر الرازي، به. وذكره ابن كثير 1/153 عنه معلقا.(1/147)
أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} قال: كان رجل من بني إسرائيل، غنيا ولم يكن له ولد، وكان له قريب وارث، فقتله ليرثه، ثم ألقاه على مجمع الطريق، وأتى موسى فقال: إن قريبي قُتل وأُتي إليّ أمر عظيم، وإني لا أجد أحدا يبيّن لي قاتله غيرك يا نبي الله، فنادى موسى في الناس: من كان عنده علم من هذا فليبينه، فلم يكن عندهم علم، فأوحى الله إليه: قل لهم فليذبحوا بقرة، فعجبوا وقالوا: كيف نطلب معرفة من قتل هذا القتيل فنؤمر بذبح بقرة؟ وكان ما قصه الله تعالى قال: {إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} يعني لا هرمة ولا صغيرة {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} أي نصف بين البكر والهرمة {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} أي صاف {تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} أي تعجبهم {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} الآية {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ} - أي لم يذلها العمل – {تُثِيرُ الْأَرْضَ} يعني ليست بذلول فتثير الأرض {وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ} يقول: ولا تعمل في الحرث {مُسَلَّمَةٌ} أي من العيوب {لا شِيَةَ فِيهَا} - أي لا بياض – {قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} قال: ولو أن القوم حين أمروا بذبح بقرة استضوا أي بقرة كانت لأجزأت عنهم، ولكنهم شددوا فشدد عليهم، ولولا أنهم استثنوا فقالوا: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} لما اهتدوا إليها أبدا، فبلغنا أنهم لم يجدوها إلا عند عجوز، فأغلت عليهم في الثمن، فقال لهم موسى: أنتم شددتم على أنفسكم فأعطوها ما سألت، فذبحوها، فأخذوا عظما منها فضربوا به القتيل فعاش فسمى لهم قاتله، ثم مات مكانه فأخذ قاتله، وهو قريبه الذي كان يريد أن يرثه فقتله الله على أسوأ عمله1.
__________
1 فتح الباري 6/440.
أخرجه ابن جرير رقم1173 حدثني قال: حدثنا آدم، به. ونقله ابن كثير 1/154 عن آدم بن أبي إياس في تفسيره، به سندا ومتنا.(1/148)
[62] وأخرج ابن جرير هذه القصة مطولا من طريق العوفي1 عن ابن عباس2.
[63] ومن طريق السدي كذلك3.
[64] وأخرجها هو وابن أبي حاتم وعبد بن حميد بإسناد صحيح عن محمد بن سيرين 4 عن عبيدة بن عمرو السلماني 5 أحد كبار التابعين6.
__________
1 هو عطية بن سعد بن جنادة العوفي، أبو الحسن، ضعيف، يدلس، ويخطئ كثيرا، رمي بالتشيع. قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به ولا كتابة حديثه إلا على جهة التعجب. وقال الذهبي: تابعي شهير ضعيف. مات سنة إحدى عشرة ومائة. انظر: الجرح والتعديل 6/383، وميزان الاعتدال 3/476 رقم5667 والتهذيب 7/200-202 والتقريب 2/24.
2 فتح الباري 6/440.
أخرجه ابن جرير رقم1299 من طريق العوفي، به نحو رواية أبي العالية. وفيه أن الذين قتله بنو أخيه.
3 فتح الباري 6/440.
أخرجه ابن جرير رقم1174 حدثني موسى قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي - فذكره بنحو رواية أبي العالية. وفيه "أن الرجل المقتول كانت له ابنة، وكان له ابن أخ محتاج. فخطب إليه ابن أخيه ابنته، فأبى أن يزوجه إياها، فغضب الفتى وقال: والله لأقتلن عمي، ولآخذنّ ماله، ولأنكحنّ ابنته، ولآكلنّ ديته! فذكر القصة بتمامها.
4 محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر بن أبي عمرة، البصري، ثقة ثبت عابد، كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى، مات سنة عشر ومائة. أخرج له الجماعة. التقريب 2/169.
5 عَبيدة بن عمرو السلماني، المرادي، أبو عمرو الكوفي، تابعي كبير، مخضرم، أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين ولم يلقه، روى عن علي وغيره من الصحابة، ثقة ثبت، مات في حدود السبعين، أخرج له الستة. انظر ترجمته في: التهذيب 7/78، والتقريب 1/547.
6 فتح الباري 6/440. أخرجه عبد بن حميد فيما ذكره ابن كثير 1/154، وابن جرير رقم1172، وابن أبي حاتم رقم695 من طرق عن محمد بن سيرين، به.(1/149)
قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً} الآية: 80
[65] وقد أخرج الطبري من طريق عكرمة قال: خاصمت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا: لن ندخل النار إلا أربعين ليلة، وسيخلفنا إليها قوم آخرون - يعنون محمداً وأصحابه - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على رءوسهم، "بل أنتم خالدون مخلدون لا يخلفكم فيها أحد"، فأنزل الله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً} الآية1.
[66] وأخرج الطبري أيضا من وجه آخر عن عكرمة قال: اجتمعت يهود تخاصم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: لن تصيبنا النار" فذكر نحوه وزاد "فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كذبتم، بل أنتم خالدون مخلدون، لا نخلفكم فيها أبدا إن شاء الله تعالى"، فنزل القرآن تصديقا للنبي صلى الله عليه وسلم2.
[67] ومن طريق ابن إسحاق3
__________
1 فتح الباري 10/246.
أخرجه ابن جرير رقم1406 حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا حفص ابن عمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، به.
2 فتح الباري 10/246.
أخرجه ابن جرير رقم1407 حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني الحكم بن أبان، عن عكرمة، به. وليس فيه قوله "فنزل القرآن تصديقا للنبي صلى الله عليه وسلم".
3 هو محمد بن إسحاق بن يسار، أبو بكر، المطلبي مولاهم، المدني، نزيل العراق، إمام المغازي. رأى أنس ابن مالك وابن المسيب وأبا سلمة بن عبد الرحمن، وروى عن أبيه وعميه عبد الرحمن وموسى والأعرج ونافع مولى ابن عمر والزهري وخلق كثير. اختلفت أقوال علماء الجرح والتعديل فيه، فقال الذهبي: وهو صالح الحديث، ما له عندي ذنب إلا ما قد حشا في السيرة من الأشياء المنكرة المنقطعة والأشعار المكذوبة. وقال أحمد بن حنبل: هو حسن الحديث. وقال ابن معين: ثقة، وليس بحجة. وقال ابن المديني: حديثه عندي صحيح. وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي. وقال الدارقطني: لا يحتج به. وقال ابن حجر في التقريب: صدوق يدلّس، ورمي بالتشيع والقدر. مات سنة خمسين ومائة. ويقال بعدها. انظر ترجمته في الجرح والتعديل 7/191، وميزان الاعتدال 4/388، رقم7197، والتهذيب 9/34، والتقريب 2/144.(1/150)
عن سيف بن سليمان1 عن مجاهد عن ابن عباس "إن اليهود كانوا يقولون: هذه الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذب بكل ألف سنة يوما في النار، وإنما هي سبعة أيام فنزلت" وهذا سند حسن2.
__________
1 في الفتح "سيف بن سليم" وهو تصحيف، فهو"سيف بن سليمان"، ويقال ابن أبي سليمان المخزومي مولاهم، أبو سليمان المكي، روى عن مجاهد وغيره، ثقة ثبت رمي بالقدر، مات بعد الخمسين ومائة. انظر ترجمته في: التهذيب 4/258، والتقريب 1/344.
2 فتح الباري 10/246.
لم أجد هذه الرواية في تفسير الطبري، مع أن ابن حجر عطفها على التي قبلها مما يفهم أنه عزاها إليه. هذا وقد نقلها ابن كثير 1/169 عن ابن إسحاق، حيث قال: قال محمد ابن أسحاق: عن سيف بن سليمان، عن مجاهد، به مثله. وابن إسحاق مدلّس، وقد عنعن.
وذكرها السيوطي في في أسباب النزول ص 20-21 وقال: أخرجها الطبراني في الكبير وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وقد ذكرها السيوطي في الدر المنثور 1/207 أيضا، ونسبها إلى ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والواحدي.
هذا وقد أخرجها كل من ابن جرير رقم1410، وابن أبي حاتم سورة الفاتحة والبقرة، رقم818، والواحدي ص 35 كلهم من طريق ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال: حدثني سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس - نحوه. وقد تقدم الكلام على هذا الإسناد في أوائل السورة رقم11.
ثم وجدتها عند الطبراني في الكبير من الطريق المذكوة هنا، فقد أخرجها برقم 1116 حدثنا الحسن بن علي المعمري، ثنا محمد بن حميد الرازي، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن سيف بن سليمان، عن مجاهد، عن ابن عباس - فذكر مثله. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/317 بهذا اللفظ، ولم يعزه لأحد، ولم يتكلم عليه بشيء، وهذا خلاف عادته.
هذا وقد حسن ابن حجر إسناده كما سبق في الصلب.(1/151)
[68] ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم1 حدثني أبي زيد ابن أسلم2 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليهود: "أنشدكم الله مَن أهل النار الذين ذكرهم الله في التوراة؟ " قالوا: إن الله غضب علينا غضبة فنمكث في النار أربعين يوما ثم نخرج فتخلفوننا فيها، فقال: "كذبتم، والله لا نخلفكم فيها أبدا"، فنزل القرآن تصديقا له. وهذان خبران مرسلان يقوي أحدهما الآخر، ويستفاد منهما تعيين مقدار الأيام المعدودة المذكورة في الآية3.
قوله تعالى: {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية: 89
[69] وروى ابن إسحاق في السيرة النبوية عن عاصم بن عمر بن قتادة 4 عن أشياخ لهم قالوا: فينا وفي اليهود نزلت، وذلك أنا كنا قد علوناهم في الجاهلية فكانوا يقولون: إن نبيا سيبعث قد أظل زمانه فنقتلكم معه، فلما
__________
1 عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي ولاء المدني، رجل صالح عابد لكنه ضعيف في الحديث بالاتفاق. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 5/233، والميزان 3/278 رقم4868، والتهذيب 6/161، والتقريب 1/480.
2 زيد بن أسلم العدوي، مولى عمر، أبو عبد الله، أو أبو أسامة، المدني، ثقة عالم، وكان يرسل، مات سنة ست وثلاثين. أخرج له الجماعة. التقريب 1/272.
3 فتح الباري 10/246.
أخرجه ابن جرير رقم1409 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال ابن زيد، به. وإسناده ضعيف، ثم إنه مرسل. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/207 وعزاه لابن جرير فقط.
4 هو عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأنصاري، أبو عمر المدني، ثقة، عالم بالمغازي، من الرابعة، مات بعد العشرين ومائة. أخرج له الجماعة. التقريب 1/385.(1/152)
بعث الله نبيه واتبعناه كفروا به، فنزلت1.
[70] وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن ابن عباس مطولا2.
[71] وروى الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله: {يَسْتَفْتِحُونَ} يستنصرون3.
[72] ومن طريق الضحاك عن ابن عباس قال: أي يستظهرون4.
__________
1 فتح الباري 8/162.
أخرجه ابن إسحاق سيرة ابن هشام 2/573 ومن طريق ابن جرير رقم1519 قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، به نحوه مطولا.
علق عليه الشيخ أحمد شاكر قائلا: هذا له حكم الحديث المرفوع، لأنه حكاية عن وقائع في عهد النبوة، كانت سببا لنزول الآية، تشير الآية إليها، الراجح أن يكون موصولا؛ لأن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري الظفري المدني: تابعي ثقة، وهو يحكي عن "أشياخ لهم"، فهم آله من الأنصار. وعلى هذا رجحنا اتصاله. اهـ قوله.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/215-216 ونسبه لابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وأبي نعيم، والبيهقي كلاهما في الدلائل.
2 فتح الباري 8/162.
أخرجه الحاكم 2/263 من طريق عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جده، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - فذكره مطولا. ولفظه "قال: كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود خيبر، فعاذت بهذا الدعاء "اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن نخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم " قال: فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء، فهزموا غطفان، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به، فأنزل الله وقد كانوا يستفتحون بك يا محمد على الكافرين. قال الحاكم: أدت الضرورة إلى إخراجه في التفسير، وهو غريب من حديثه، وعقبه الذهبي قائلا: لا ضرورة في ذلك، فعبد الملك متروك هالك.
3 فتح الباري 8/162.
إسناده ضعيف، أخرجه ابن جرير رقم1522 من طريق عطية العوفي، عنه مطولا. ولفظه "يستنصرون بخروج محمد صلى الله عليه وسلم على مشركي العرب، يعني بذلك أهل الكتاب، فلما بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم ورأوه من غيرهم، كفروا به وحسدوه.
4 فتح الباري 8/162. أخرجه ابن جرير رقم1532 حدثت عن المنجاب قال: حدثنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، به مطولا. وفيه بشر بن عمارة ضعيف، ثم إن الضحاك لم يلق ابن عباس فهو ضعيف.(1/153)
قوله تعالى: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} الآية: 90
[73] وصل عبد بن حميد من طريق قتادة {فَبَاءُوا} فانقلبوا1.
قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ} الآية: 97
[74] وصل الطبري من طريق عاصم 2 عن عكرمة قال: جبريل: عبد الله، وميكائيل: عبيد الله3، إيل الله4.
[75] ومن وجه آخر عن عكرمة "جبر" عبد، و"ميك" عبد 5 و"إيل" الله6.
__________
1 فتح الباري 8/162. وعلقه البخاري عنه.
قال ابن حجر في تغليق التعليق 4/172 قال عبد الرزاق في تفسيره: ثنا معمر، عن قتادة بهذا. اهـ. ولم يشر إلى رواية عبد بن حميد، كما لم يشر في الفتح إلى رواية عبد الرزاق هذه، ولم أجدها في تفسيره، وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/178 ونسبه إلى عبد بن حميد.
2 هو عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن البصري، ثقة، مات بعد سنة أربعين ومائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 5/38، والتقريب 1/384.
3 في الفتح "عبد الله"، والتصحيح من تفسير الطبري. ويأتي ما يدل عليه عن علي بن الحسين برقم 78.
4 فتح الباري 8/165. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم1624 حدثنا الحسين بن يزيد الضحاك، قال: حدثنا إسحاق بن منصور - هو السلوليّ - قال: حدثنا قيس - هو ابن الربيع -، عن عاصم، به مثله.
5 عند الطبري "وميكا" بالألف، وعلق عليه المحقق قائلا: لعله "وميكا" قال: "عبيد" بالتصغير، كما سلف آنفا. أهـ.
6 فتح الباري 8/165.
أخرجه ابن جرير رقم1628 عن ابن وكيع، عن أبيه، عن سفيان، عن خصيف، عن عكرمة - نحوه. وهذا إسناده ضعيف؛ ففيه ابن وكيع ضعيف، وخصيف صدوق سيئ الحفظ. التقريب 1/224.(1/154)
[76] ومن طريق يزيد النحوي1، عن عكرمة عن ابن عباس نحو الأول، وزاد: وكل اسم فيه "إيل" فهو الله2.
[77] ومن طريق عبد الله بن الحارث البصري - أحد التابعين - 3 قال: إيل الله بالعبرانية4.
[78] ومن طريق علي بن الحسين 5 قال: اسم جبريل عبد الله وميكائيل عبيد الله - يعني بالتصغير - وإسرافيل عبد الرحمن، وكل اسم فيه إيل فهو معبد لله6.
__________
1 يزيد بن أبي سعيد النحوي، أبو الحسن، القرشي مولاهم، المروزي، ثقة عابد، قتل ظلما سنة إحدى وثلاثين ومائة. التقريب 2/365.
2 فتح الباري 8/165.
أخرجه ابن جرير رقم1621 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، به. وفي إسناده "ابن حميد" شيخ الطبري، ضعيف.
3 الأنصاري، أبو الوليد، ثقة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، سمع من عدد من الصحابة، يروى عنه المنهال بن عمرو وغيره. أخرج له الجماعة.
انظر: الجرح والتعديل 5/31، والتهذيب 5/158-159، والتقريب 1/408.
4 فتح الباري 8/165.
أخرجه ابن جرير 1623 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث - مثله. وابن حميد شيخ الطبري ضعيف.
5 علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي زين العابدين، ثقة ثبت عابد فقيه فاضل مشهور، قال ابن عيينة عن الزهري: ما رأيت قرشيا أفضل منه. مات سنة ثلاث وتسعين، وقيل غير ذلك. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 7/268-270، والتقريب 2/35.
6 فتح الباري 8/165. =(1/155)
قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} الآية:102
[79] وأخرج1 بسند صحيح عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: انطلقت الشياطين في الأيام التي ابتلي فيها سليمان، فكتبت كتبا فيها سحر وكفر، ثم دفنتها تحت كرسيه ثم أخرجوها بعده فقرأوها على الناس2.
[80] وأخرج الطبري وغيره عن السدي: إن سليمان كان جمع كتب السحر والكهانة فدفنها تحت كرسيه، فلم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسي، فلما مات سليمان وذهبت العلماء الذين يعرفون الأمر جاءهم شيطان في صورة إنسان فقال لليهود: هل أدلكم على كنز لا نظير له؟ قالوا: نعم، قال: فاحفروا تحت الكرسي، فحفروا - وهو متنح عنهم - فوجدوا تلك الكتب، فقال لهم: إن سليمان كان يضبط الإنس والجن بهذا، ففشا فيهم أن سليمان كان ساحرا، فلما نزل القرآن بذكر سليمان في
__________
= أخرجه ابن جرير رقم1625 حدثني الحسين بن عمرو بن محمد العنقري، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن علي بن حسين - نحوه. وهذا إسناد ضعيف لأجل "الحسين بن عمرو العنقري"؛ فهو ضعيف، قال أبو زرعة: كان لايصدق. انظر: الجرح والتعديل 3/61-62.
وأخرجه أبو الشيخ في العظمة رقم382 من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد ابن عمرو بن عطاء، قال: قال لي علي بن الحسين - فذكره.
ومحمد بن إسحاق مدلّس، وقد عنعن.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/225 ونسبه إلى ابن جرير وأبي الشيخ في العظمة عن علي بن حسين.
1 أي الطبري؛ فإنه معطوف على سبق من التصريح به.
2 فتح الباري 10/224.
أخرجه ابن جرير رقم1654 حدثني سَلْم بن جُنادة السوائي، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به. وقد صحّح ابن حجر إسناده كما في الصلب.(1/156)
الأنبياء أنكرت اليهود ذلك، وقالوا إنما كان ساحرا، فنزلت هذه الآية1.
[81] ومن طريق سعيد بن جبير بسند صحيح نحوه2.
[82] ومن طريق عمران بن الحارث 3 عن ابن عباس موصولا بمعناه4.
__________
1 فتح الباري 10/223.
أخرجه ابن جرير رقم1646 حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي - نحوه. وفي أوله السبب الذي عمد سليمان عليه السلام إلى ذلك، ففيه "كانت الشياطين تصعد إلى السماء، فتقعد منها مقاعد للسمع، فيستمعون من كلام الملائكة فيما يكون في الأرض من موت أو غيث أو أمر، فيأتون الكهنة فيخبرونهم، فتحدث الكهنة الناس، فيجدونه كما قالوا، حتى إذا أمنتهم الكهنة كذبوا لهم فأدخلوا فيه غيره، فزادوا مع كل كلمة سبعين كلمة. فاكتتب الناس ذلك الحديث في الكتب، وفشا في بني إسرائيل أن الجن تعلم الغيب، فبعث سليمان في الناس فجمع تلك الكتب، فجعلها في صندوق ... إلخ. وذكره ابن كثير 1/194 عن السدي تعليقا، ولم يعلق عليه بشيء.
2 فتح الباري 10/223.
أخرجه ابن جرير رقم1659 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر ابن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، ولفظه "قال: كان سليمان يَتتبع ما في أيدي الشياطين من السحر، فيأخذه فيدفنه تحت كرسيه في بيت خزانته. فلم تقدر الشياطين أن يَصلوا إليه، فدنت إلى الإنس فقالوا لهم: أترديدون العلم الذي كان سليمان يسخّر به الشياطين والرياح وغير ذلك؟ قالوا: نعم، قالوا: فإنه في بيت خزانته وتحت كرسيه. فاستثارته الإنس فاستخرجوه فعملوا به. فقال أهل الحجاز: كان سليمان يعمل بهذا، وهذا سحر! فأنزل الله جل ثناؤه على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم براءة سليمان. فقال: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} الآية، فأنزل الله براءة سليمان على لسان نبيه عليه السلام.
وفي إسناده "ابن حميد" شيخ الطبري، ضعيف، هذا وقد صحّح ابن حجر إسناده، كما في الصلب.
والأثر ذكره ابن كثير 1/195 عن سعيد بن جبير تعليقا، ولم يعلق عليه بشيء.
3 عمران بن الحارث السلمي، أبو الحكم الكوفي، ثقة. أخرج له مسلم والنسائي. التقريب 2/82.
4 فتح الباري 10/223. =(1/157)
[83] وأخرج من طريق الربيع بن أنس نحوه ولكن قال: إن الشياطين هي التي كتبت كتب السحر ودفنتها تحت كرسيه، ثم لما مات سليمان استخرجته وقالوا: هذا العلم الذي كان سليمان يكتمه الناس1.
[84] وأخرجه من طريق محمد بن إسحاق، وزاد: أنهم نقشوا خاتما
__________
= أخرجه ابن جرير رقم1662 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عمران بن الحارث - فذكره، ولفظه " قال: بينا نحن عند ابن عباس إذ جاءه رجل، فقال له ابن عباس: من أين جئت؟ قال: من العراق، قال: من أَيّهِ؟ قال: من الكوفة. قال: فما الخبر؟ قال: تركتهم يتحدثون أن عليّا خارج إليهم. ففزع فقال: ما تقول لا أبا لك لو شعرنا ما نكحنا نساءه ولا قسمنا ميراثه، أما إني أحدثكم من ذلك أنه كانت الشياطين يسترقون السمع من السماء فيأتي أحدهم بكلمة حقّ قد سمعها، فإذا حدث منه صدق كذب معها سبعين كذبة، قال: فيشربها قلوب الناس فأطلع الله عليها سليمانَ فدفنها تحت كرسيه. فلما توفي سليمان بن داود قام شيطان بالطريق فقال: ألا أدلكم على كنزه الممَنّع الذي لا كنز مثله؟ تحت الكرسي. فأخرجوه فقالوا: هذا سحر. فتناسخها الأمم، حتى بقاياهم ما يتحدّث به أهل العراق. فأنزل الله عذر سليمان: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} ".
وأخرجه الحاكم 2/265 عن أبي زكريا العنبري، عن محمد بن عبد السلام، عن إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، به. وسكت عنه الحاكم، وقال الذهبي في التلخيص "صحيح".
1 فتح الباري 10/223.
أخرجه ابن جرير رقم1647 قال: حُدِّثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع - فذكره، ولفظه "قال في قوله: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} قالوا: إن اليهود سألوا محمداً صلى الله عليه وسلم زمانا عن أمور من التوراة، لا يسألونه عن شيء من ذلك إلا أنزل الله عليه ما سألوا عنه، فيخصمهم، فلما رأوا ذلك قالوا: هذا أعلم بما أنزل إلينا منّا! وأنهم سألوه عن السحر وخاصموه به، فأنزل الله جل وعز: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} . وإن الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه السحر" فذكره بنحوه.(1/158)
على نقش خاتم سليمان وختموا به الكتاب وكتبوا عنوانه "هذا ما كتب آصف بن برخياء الصديق الملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم" ثم دفنوه، فذكر نحو ما تقدم1.
__________
1 فتح الباري 10/223.
أخرجه ابن جرير رقم1650 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق - فذكره. ولفظه " قال: عمدت الشياطين حين عرفت موت سليمان بن داود عليه السلام، فكتبوا أصناف السحر: من كان يحبّ أن يبلغ كذا وكذا، فليفعل كذا وكذا. حتى إذا صنعوا أصناف السحر، جعلوه في كتاب، ثم ختموا عليه بخاتم على نقش خاتم سليمان، وكتبوا في عنوانه: "هذا ما كتب آصف بن برخيا الصدّيق للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم". ثم دفنوه تحت كرسيه، فاستخرجته بعد ذلك بقايا بني إسرائيل حين أحدثوا ما أحدثوا، فلما عثروا عليه قالوا: ما كان سليمان بن داود إلا بهذا. فأفشوا السحر في الناس وتعلموه وعلموه، فليس في أحد أكثر منه في يهود. فلما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نزل عليه من الله سليمان بن داود وعدّه فيمن عدّه من المرسلين، قال من كان بالمدينة من يهود: ألا تعجبون لمحمد صلى الله عليه وسلم يزعم أن سليمان بن داود كان نبيّا والله ما كان إلا ساحرا فأنزل الله في ذلك من قولهم على محمد صلى الله عليه وسلم: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} .
قال: كان حين ذهب ملك سليمان ارتدّ فِئَامٌ من الجنّ والإنس واتبعوا الشهوات. فلما رجع الله إلى سليمان ملكه، قام الناس على الدين كما كانوا. وإن سليمان ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيه. وتوفي سليمان حِدْثان ذلك، فظهرت الجنّ والإنس على الكتب بعد وفاة سليمان، وقالوا: هذا كتاب من الله نزل على سليمان أخفاه منا. فأخذوا به فجعلوه دينا، فأنزل الله: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} وهي المعازف واللعب وكلّ شيء يصدّ عن ذكر الله".
ونقله ابن كثير 1/195 عن ابن إسحاق، به.
وفي إسناده "ابن حميد"، شيخ الطبري، ضعيف، ثم إنه مرسل، فابن إسحاق لم يشهد التنزيل.(1/159)
[85] وأخرج من طريق العوفي عن ابن عباس نحو ما تقدم عن السدي، ولكن قال: إنهم لما وجدوا الكتب قالوا: هذا مما أنزل الله على سليمان فأخفاه منا1.
قوله تعالى: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} الآية: 102
[86] أخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي في قوله: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} أي: باعوا2.
__________
1 فتح الباري 10/223-224.
في تفسير الطبري ذكر هذا الإثر كجزء من رواية ابن إسحاق - كما سبق في الحاشية السابقة -، أما ابن كثير فذكره مستقلا، وقال: "وقال العوفي في تفسيره عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} الآية: وكان حين ذهب ملك سليمان ... " وساق الخبر كما ذكرت في الحاشية السابقة. والعوفي هو عطية ضعيف وقد تقدم برقم 71. وانظر: تفسير ابن كثير 1/193.
هذا وقد أشار إلى ذلك محقق تفسير الطبري الشيخ محمود محمد شاكر، وقال "فلست أدري أفي نسخ الطبري سقط، أم هذه جزء من رواية الطبري عن ابن إسحاق من حديث ابن عباس".
2 فتح الباري 8/162.
هكذا فسره أبو عبيدة في مجاز القرآن 1/48، وذكره البخاري في ترجمة الباب.
أخرجه ابن جرير رقم1716 وابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقتم1037 كلاهما من طريق أسباط، عن السدي، به. ولفظهما "يعني: اليهود يقول: بئس ما باعوا به أنفسهم".
قلت: وهو كذلك؛ لأن سياق الآيات فيهم، حيث يقول جل ثناءه {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [101-102] .
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/251 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.(1/160)
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا} الآية: 104
[87] وروى ابن أبي حاتم من طريق عباد بن منصور 1 عن الحسن قال: الراعن السخري من القول، نهاهم الله أن يسخروا من محمد صلى الله عليه وسلم2.
[88] وقد فسر مجاهد: لا تقولوا اسمع منا ونسمع منك3.
[89] وعن عطاء 4: كانت لغة تقولها الأنصار، فنهوا عنها5.
__________
1 عباد بن منصور الناجي أبو سلمة البصري، يروي عن الحسن وغيره، ضعيف تغير بآخره، وفي أحاديثه نكارة، وكان مدلسا وقدريا داعية للقدر. وكان قاضيا بالبصرة.
انظر: الجرح والتعديل 6/86، والتهذيب 5/90-91، والتقريب 1/393.
2 فتح الباري 8/162.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم1048 حدثنا الحسن بن أحمد، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار، ثنا سرور بن المغيرة، عن عباد بن منصور، به نحوه. وهذا إسناد ضعيف لحال "عباد بن منصور".
وفي البخاري راعنا من الرعونة، إذا أرادوا أن يحمقوا إنسانا قالوا راعنا، قال ابن حجر: هذا على قراءة من نون. وهي قراءة الحسن البصري وأبي حيوة، ووجهه أنها صفة لمصدر محذوف أي: لا تقولوا قولا راعنا. أي قولا ذا رعونة انتهى. وقد رد ابن جرير 2/466 قراءة الحسن هذه واعتبرها قراءة مخالفة لقراءة المسلمين، وأنه لا يجوز لأحد أن يقرأ بها لشذوذها وخروجها من قراءة المتقدمين والمتأخرين، وخلافها ما جاءت به الحجة من المسلمين.
انظر: زاد المسير 1/126، والبحر المحيط 1/338.
3 فتح الباري 8/162.
أخرجه ابن جرير رقم1726 من طريق عيسى، عن ابن نجيح، عنه، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/253 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير.
4 هو ابن أبي رباح.
5 فتح الباري 8/162-163.
أخرجه ابن جرير رقم1734 وابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم1046 كلاهما من طريق عبد الملك - وهو ابن أبي سليمان العرزمي - عن عطاء، به. وأخرجه ابن جرير رقم1733 من طريق عبد الرزاق، عن عطاء - نحوه. وذكره ابن كثير 1/214 عن عطاء تعليقا. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/253 وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، والنحاس في ناسخه.(1/161)
[90] وعن السدي قال: كان رجل يهودي يقال له رفاعة بن زيد1 يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول له: ارعني سمعك واسمع غير مسمع، فكان المسلمون يحسبون أن في ذلك تفخيما للنبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يقولون ذلك فنهوا عنه2.
[91] وروى أبو نعيم في "الدلائل" بسند ضعيف جداً عن ابن عباس قال: راعنا بلسان اليهود السب القبيح، فسمع سعد بن معاذ ناسا من اليهود خاطبوا بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لئن سمعتها من أحد منكم لأضربن عنقه"3.
__________
1 هو رفاعة بن زيد بن التابوت من يهود بني قريظة، وقال ابن إسحاق وابن جرير: هو من بني قينقاع، أحد عظماء اليهود. وهو الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هبت عليه الريح وهو قافل من غزوة بني المصطلق فاشتد عليه حتى أشفق المسلمون منها، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاتخافوا؛ فإنما هبّت لموت عظيم من عظماء الكفار"، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وجد رفاعة بن زيد بن التابوت مات ذلك اليوم الذي هبت فيه الريح. وكان رفاعة هذا من الذين أظهر الإسلام نفاقا.
انظر: سيرة ابن هشام ص 544، 557، 594، 603، 1116، وتفسير الطبري 2/462، وتفسير ابن أبي حاتم سورتا الفاتحة والبقرة، ص 320 الحاشية.
2 فتح الباري 8/163.
أخرجه ابن جرير رقم1738، وابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم1056 كلاهما من طريق أسباط، عن السدي - نحوه. وذكره ابن إسحاق في السيرة نحوه من غير إسناد سيرة ابن هشام 2/594 و3/1115-1116. وذكره ابن كثير 1/214 عن السدي، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/253 وعزاه ولابن جرير وابن المنذر.
3 فتح الباري 8/163.
لم يقع لي هذه الرواية في دلائل النبوة لأبي نعيم المطبوع، فالموجود منه إنما هو منتخب من دلائل النبوة، وأن أصل دلائل النبوة المطول مفقود، ولكن الحافظ ابن حجر قد كفانا البحث عن إسناده، فقد بين أن إسناده ضعيف جداً.(1/162)
قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} الآية: 106
[92] روى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {بِخَيْرٍ مِنْهَا} أي في المنفعة والرفق والرفعة1.
[93] أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "خطبنا عمر فقال: إن الله يقول {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} أي: نؤخرها"2.
[94] كان سعيد بن المسيب3 يقرأها {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا}
__________
1 فتح الباري 8/158.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم1074، وابن جرير رقم1771 كلاهما من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به نحوه. وأورده ابن كثير 1/217، وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/255 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات.
2 فتح الباري 8/167.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم1070 حدثنا عبيد الله بن إسماعيل البغدادي، حدثنا خلف، حدثنا الخفاف، عن إسماعيل بن مسلم، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ لأن "إسماعيل بن مسلم المكي أبو إسحاق البصري" متفق على ضعفه، وتوهين روايته في الحديث، بل له أحاديث مناكير. قال ابن حجر: ضعيف الحديث.
انظر: ميزان الاعتدال 1/248 رقم945، والتقريب 1/74.
والأثر نقله ابن كثير 1/216 عن ابن أبي حاتم بسنده ومتنه. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/255 ولم ينسبه إلا إلى ابن أبي حاتم.
3 سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات، الفقهاء الكبار، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل. وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما منه. مات بعد التسعين، وقد ناهز الثمانين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: 1/74-777، والتقريب 1/305-306.(1/163)
فأنكر عليه سعد بن أبي وقاص1، واستدل بقوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى} ، وكانت قراءة سعد {أَوْ تَنسَاهَا} 2.
[95] وروى ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: ربما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بالليل ونسيه بالنهار فنزلت3.
__________
1 هو سعد بن مالك بن وُهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزهري، أبو إسحاق، صحابي جليل وأحد العشرة المبشرين بالجنة، مات بالقيق سنة خمس وخمسين على المشهور. انظر: أسد الغابة 2/452، رقم2038، والتقريب 1/290.
2 فتح الباري 8/167.
أخرجه عبد الرزاق 1/55 ومن طريقه ابن جرير رقم1755، 1756 وسعيد بن منصور رقم208 وابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم1066 والحاكم 2/242 كلهم من طريق يعلى بن عطاء، عن القاسم بن ربيعة - نحوه. ولفظه - كما عند ابن جرير - قال القاسم: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: {ما ننسخ من ءاية أو تَنْسَهَا} ، قلت له: فإن سعيد بن المسيب يقرؤها: {أو تُنسها} ، قال: فقال سعد: إن القرآن لم ينزل على المسيب ولا على آل المسيب! قال الله: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى} [الأعلى:6] ، {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف:24] . وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
قلت: وفي هذا نظر؛ فإن القاسم هو عبد الله بن ربيعة، وربما نسب إلى جده، ليس من رجال الشيخين، أخرج أبو داود في الناسخ والنسائي، قال ابن حجر "مقبول "، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر ترجمته في: التهذيب 8/287، والتقريب 2/117.
والأثر ذكره ابن كثير 1/216، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/255 وعزاه لسعيد بن منصور وعبد الرزاق في تفسيره وأبي داود في ناسخه وابنه في المصاحف والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم.
3 فتح الباري 8/167.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم1065 حدثنا أبي، ثنا ابن نفيل، ثنا محمد بن الزبير الحراني، عن الحجاج الجزري، عن عكرمة، به نحوه. وهذا إسناد ضعيف، فمحمد بن الزبير الحراني يكنى أبا بشر لين الحديث. الجرح والتعديل 7/259. وأما شيخه الحجاج بن تميم الجزري فضعيف. انظر: التقريب 1/152. والحديث ذكره ابن كثير 1/216 عن ابن أبي حاتم بسنده ومتنه. وهو في الدر المنثور 1/254 وقد نسبه إلى ابن أبي حاتم والحاكم في الكنى وابن عدي وابن عساكر.(1/164)
قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} الآية: 124
[96] أخرج عبد الرزاق في تفسيره والطبري من طريقه بسند صحيح عن طاوس1 عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} قال: ابتلاه الله بالطهارة، خمس في الرأس، وخمس في الجسد2.
قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} الآية: 125
[97] روى عبد بن حميد بإسناد جيد عن مجاهد في قوله: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً} قال يحجون ثم يعودون3 4
__________
1 طاوس بن كيسان اليماني، أبو عبد الرحمن، الحميري مولاهم، الفارسي، ويقال اسمه ذكوان، وطاوس لقب، ثقة فقيه، فاضل، مات سنة ست ومائة، وقيل بعد ذلك. أخرج له الجماعة. التقريب 1/377.
2 فتح الباري 10/337.
أخرجه عبد الرزاق 1/57، ومن طريقه الطبري رقم1910 قال: أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، به. وتمامه قال: "في الرأس: قصّ الشارب، والمضمضة، والاستنشاق، والسِّواك، وفَرْق الرأس. وفي الجسد: تقليم الأظفار، وحَلق العانة، والخِتان، ونَتْف الإبط، وغَسل أثر الغائط والبول بالماء ". وقد صحّح ابن حجر إسناده كما في سبق.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/273 ونسبه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم - وصححه - والبيهقي في سننه.
قال ابن حجر عقبه: وصحّ عن ابن عباس أن الكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم فأتمهن هي خصال الفطرة ومنهن الختان.
3 قوله {مَثَابَةً} أي مرجعا للحجاج والعمار يتفرقون عنه، ثم يعودون إليه. كذا فسره ابن حجر.
4 لم أجده بهذا اللفظ إلا عند السيوطي في الدر المنثور 1/289 ولفظه "عن مجاهد في =(1/165)
[98] عن عطاء 1 {مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ} قال: عرفة وغيرها من المناسك؛ لأنه قام فيها ودعا2.
[99] وقال مجاهد: المراد بمقام إبراهيم الحرم كله3.
[100] وعن النخعي 4 الحرم كله5.
__________
= قوله: {مَثَابَةً لِلنَّاسِ} قال: يأتون إليه لا يقضون منه وطرا أبدا، يحجون ثم يعودون. وقد عزاه إلى سفيان بن عيينة وعبد الرواق وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان.
وقد أخرج عبد الرزاق 1/58، وابن جرير الأرقام 1963-1965 من طرق عن ابن أبي نجيح، عنه بلفظ "يثوبون إليه، لا يقضون منه وطراً".
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان رقم3995 من طريق آدم، نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عنه بلفظ "لا يقضون منه وطراً". اهـ. قلت: فهذه ألفاظ متقاربة، قريبة المعنى. والله أعلم.
1 هو ابن أبي رباح.
2 فتح الباري 3/440.
أخرجه ابن جرير 1993 من طريق عيسى، عن ابن أبي نجيح، عنه - نحوه. ولفظه: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} قال: لأني قد جعلته إماما فمقامه عرفة، والمزدلفة، والجمار.
3 فتح الباري 1/499.
أخرجه ابن جرير رقم1998 عن حماد بن زيد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في الآية قال: الحرم كله مقام إبراهيم.
4 إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أبو عمران الكوفي الفقيه، ثقة، إلا أنه يرسل كثيراً، مات سنة ست وتسعين، وهو ابن خمسين أو نحوها. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 1/155-156، والتقريب 1/46.
5 فتح الباري 3/440.
لم أهتد إلى من أخرجه، وانظر ما قبله.(1/166)
[101] وكذا رواه الكلبي1 عن أبي صالح2 عن ابن عباس3.
قوله تعالى: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} الآية: 128
[102] قال عبد بن حميد حدثنا يزيد بن هارون4 حدثنا سليمان التيمي5 عن أبي مجلز6 قال: "لما فرغ إبراهيم من البيت أتاه جبريل فأراه الطواف بالبيت سبعا، قال وأحسبه وبين الصفا والمروة، ثم أتى به عرفة فقال: أعرفت؟ قال: نعم، قال: فمن ثم سميت عرفات. ثم أتى به جمعا
__________
1 هو محمد بن السائب الكلبي، أبو النضر الكفي المفسر النسابة الأخباري. قال البخاري: أبو النضر الكلبي تركه يحيى وابن مهدي. ثم قال البخاري: قال علي: حدثنا يحيى بن سفيان، قال لي الكلبي: كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب. وقال أحمد بن زبير: قلت لأحمد بن حنبل: يحلّ النظر في تفسير الكلبي؟ قال: لا.
انظر ترجمته في ميزان الاعتدال 5/2 رقم7574.
2 اسمه باذام - بالذال المعجمة - ويقال: آخره نون، أبو صالح، مولى أم هانئ، ضعيف مدلس، أخرج له الأربعة. التقريب 1/93.
3 فتح الباري 3/440.
إسناده ضعيف؛ لأن الكلبي متروك، وأبو صالح ضعيف. وأخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم1207 من طريق عبد الله بن عيسى، ثنا داود بن أبي هند، عن مجاهد، عن ابن عباس - مثله. وهذا أيضا إسناد ضعيف، لضعف عبد الله بن عيسى.
4 يزيد بن هارون بن زاذان، السلمي مولاهم، أبو خالد الواسطي، ثقة متقن، عابد، مات سنة ست ومائتين، وقد قارب التسعين. أخرج له الجماعة. التقريب 1/372.
5 سليمان بن بلال التيمي مولاهم، أبو محمد وأبو أيوب المدني، ثقة، مات سنة سبع وسبعين ومائة، أخرج له الجماعة. التقريب 1/322.
6 اسمه لاحق بن حميد بن سعيد السّدوسي البصري، أبو مِجْلَز مشهور بكنيته، ثقة من التابعين، روى عنه سليمان التيمي وغيره، مات سنة ست وقيل تسع ومائة، وقيل قبل ذلك. أخرج له الجماعة.
انظر: الجرح والتعديل 9/124، وتهذيب التهذيب 11/171-172، والتقريب 2/340.(1/167)
فقال: ههنا يجمع الناس الصلاة. ثم أتى به منى فعرض لهما الشيطان، فأخذ جبريل سبع حصيات فقال: ارمه بها وكبّر مع كل حصاة1.
قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ} الآية: 138
[103] وصل عبد بن حميد من طريق منصور2 عن مجاهد قال: قوله: {صِبْغَةَ اللَّهِ} أي دين الله3.
[104] ومن طريق ابن أبي نجيح عنه قال: {صِبْغَةَ اللَّهِ} أي فطرة الله4.
[105] ومن طريق قتادة قال: إن اليهود تصبغ أبناءها تهودا، وكذلك النصارى، وإن صبغة الله الإسلام، وهو دين الله الذي بعث به نوحا ومن
__________
1 فتح الباري 3/440.
إسناده صحيح، ورجاله كلهم ثقات. وروي نحوه عن مجاهد أخرجه سعيد بن منصور رقم220 من طريق خُصيف، عن مجاهد. ونحوه عن قتادة. انظر: تفسير ابن كثير 1/267-268. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/332 ونسبه إلى ابن أبي شيبة.
2 هو منصرو بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبو عتاب الكوفي، روى عن مجاهد وغيره، وعنه جرير بن عبد الحميد وغيره، ثقة ثبت، وكا لا يدلس، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة. انظر ترجمته في: التهذيب 10/277-278، والتقريب 2/277.
3 فتح الباري 8/161.
أخرجه ابن جرير رقم2119، 2120 من طريق سفيان وابن أبي نجيح، كلاهما، عن مجاهد - مثله.
وبه فسره الضحاك عن ابن عباس، وأبو العالية، وعكرمة، وإبراهيم، والحسن، وقتادة، وعبد الله بن كثير، وعطية العوفي، والربيع بن أنس، والسدي. انظر: تفسير ابن كثير 1/272.
4 فتح الباري 8/161.
أخرجه ابن جرير رقم2126 من طريق عيسى، عن ابن أبي نجيح، عنه - مثله.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/340 ونسبه لعبد بن حميد وابن جرير.(1/168)
كان بعده1.
قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} الآية: 143
[106] وذكر في كتاب خلق أفعال العباد عقب حديث أبي سعيد في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} هم الطائفة المذكورة في حديث: "لا تزال طائفة من أمتي" 2.
قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} الآية: 144
[107] أخرج الطبري وغيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: "لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة - واليهود أكثر أهلها - يستقبلون بيت المقدس، أمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها سبعة عشر شهرا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يستقبل قبلة إبراهيم، فكان
__________
1 فتح الباري 8/161.
أخرجه ابن جرير رقم2113 من طريق يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عنه - نحوه.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/340 ونسبه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
2 فتح الباري 13/293.
أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد، ص 59 حدثنا إسحاق، حدثنا أبو أسامة، قال الأعمش، حدثنا أبو صالح، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجاء بنوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم يا رب، فتسأل أمته هل بلغلكم؟ فيقولون: ما جاءنا من نذير، فيقال: من شهودك؟ فيقول: فيقول: محمد وأمته، فيجاء بكم فيشهدون" ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} . قال أبو عبد الله - أي البخاري نفسه -: هم الطائفة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم".
وحديث أبي سعيد المشار إليه أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التفسير، باب {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} رقم4487 بسنده عن أبي سعيد مرفوعا.(1/169)
يدعو وينظر إلى السماء، فنزلت"1.
[108] ومن طريق مجاهد قال: إنما كان يحب أن يتحول إلى الكعبة لأن اليهود قالوا: يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا، فنزلت2.
قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} الآية: 157
[109] وصل الحاكم في المستدرك من طريق جرير3 عن منصور، عن مجاهد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر4 قال: نِعم العِدْلان ونعم العلاوة5 {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ
__________
1 فتح الباري 1/502.
أخرجه ابن جرير رقم2236 حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وفيه "ستة عشر شهرا " بدل "سبعة عشر شهرا"، وفي البخاري رقم399 من حديث البراء ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا".
2 فتح الباري 1/502.
أخرجه ابن جرير رقم2234 حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، به. وفي إسناده الحسين - وهو سنيد - ضعيف، ويأتي برقم 193.
3 هو جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي، أبو عبد الله الرازي القاضي، روى عن منصور بن المعتمر وغيره، وعنه إسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة وغيرهما، ثقة، مات سنة ثمان وثمانين ومائة.
انظر ترجمته في: التهذيب 2/65-66، التقريب 1/127.
4 عمر بن الخطاب بن نُفَيل القرشي العدوي، أمير المؤمنين، ثاني الخلفاء الراشدين، مشهور، جمّ المناقب، استشهد في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين. وولي الخلافة عشر سنين ونصفا. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 4/137، رقم3830، والإصابة 4/484، رقم5752، والتقريب 2/54.
5 العِدْلان: العِدل - بالكسر - نصف الحمل، يكون على أحد جنبي البعير. والعلاوة: ما توضع بين العدبين، وهي زيادة في الحمل، ذكر ذلك ابن كثير، وقال: وكذلك هؤلاء أعطوا ثوابهم وزيدوا أيضا.
انظر: القاموس ص: 928 باب اللام، فصل العين مادة "عدل" وص: 1182 باب الواو والياء، فصل العين مادة "علو" وتفسير ابن كثير 1/285.(1/170)
عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} ، {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} نعم العدلان، {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} نعم العلاوة. وهكذا أخرجه البيهقي عن الحاكم1.
[110] وأخرجه عبد بن حميد في تفسيره من وجه آخر عن منصور
__________
1 فتح الباري 3/172.
أخرجه الحاكم 2/270 ومن طريقه البيهقي في سننه 4/65 وفي شعب الإيمان رقم1587 قال: حدثني علي بن عيسى الحيري، ثنا مسدد بن قطن، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير، به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ولا أعلم خلافا بين أئمتنا أن سعيد بن المسيب أدرك أيام عمر رضي الله عنه، وإنما اختلفوا في سماعه منه. وقد صحّح ابن حجر إسناده في تغليق التعليق 2/470.
قلت: ورواية ابن المسيب عن عمر مرسلة كما روى ابن أبي حاتم عن أبيه وغيره. وقال يحيى بن معين: سعيد بن المسيب قد رأى عمر وكان صغيرا.... ولم يثبت له سماع من عمر. إلا أنه من المتفق عليه - كما قال ابن حجر - أن مرسلاته أصح المراسيل، لا لذاتها، بل بالنظر إلى قرائن أخرى.
قال الحاكم: "وأصحها - كما قال ابن معين - مراسيل ابن المسيب؛ لأنه من أولاد الصحابة، وأدرك العشرة، وفقيه أهل الحجاز، ومفتيهم وأول الفقهاء السبعة الذين يعتد مالك بإجماعهم كإجماع كافة الناس. وقد تأمل الأئمة المتقدمون مراسيله، فوجدوها بأسانيد صحيحة، وهذه الشرائط لم توجد في مراسيل غيره....". انظر: المراسيل ص 64، رقم الترجمة 112، وقواعد التحديث ص 141-142.
والأثر أخرجه أيضا سعيد بن منصور رقم233 عن سفيان بن عيينة، عن منصور، عن مجاهد قال: قال عمر بن الخطاب - فذكره. ولم يذكر "سعيد بن المسيب" فهو منقطع.(1/171)
من طريق نعيم بن أبي هند1 عن عمر نحوه2.
قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية: 158
[111] روى الطبراني وابن أبي حاتم في التفسير بإسناد حسن من حديث ابن عباس قال: قالت الأنصار: إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية، فأنزل الله عز وجل {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية3.
__________
1 نعيم بن أبي هند الأشجعي الكوفي، ثقة رمي بالنصب. قال أبو حاتم الرازي: قيل لسفيان الثوري: ما لَكَ لم تسمع من نعيم بن أبي هند؟ قال: كان يتناول عليا رضي الله عنه. مات سنة عشر ومائة.
انظر ترجمته في: التهذيب 10/417-418، والتقريب 2/306.
2 فتح الباري 3/172.
أخرجه عبد بن حميد في تفسيره كما في تغليق التعليق 2/470 من رواية نعيم بن أبي هند، عن عمر، به. وقال ابن حجر عقبه: وهو منقطع. وأخرجه - أي عبد بن حميد كما في المصدر السابق - عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن منصور، عن مجاهد، به.
3 فتح الباري 3/500.
أخرجه الطبراني في الأوسط مجمع البحرين، رقم1743 حدثنا موسى بن زكريا، ثنا عمر بن يحيى الأيلي، نا حفص بن جميع، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، به. قال الطبراني: لم يروه عن سماك إلا حفص، تفرد به عمر. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/251 رواه الطبراني في الأوسط، وفيه حفص بن جميع وهو ضعيف. وفي رواية سماك عن عكرمة خاصة فيها اضطراب. انظر: التقريب 1/332، والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/385 ولم ينسبه إلا إلى الطبراني في الأوسط.
هذا ولم أره في تفسير ابن أبي حاتم عن ابن عباس، وهذا مما سقط من طبعته؛ فإن الحافظ ابن حجر قد صرّح أنه في تفسير ابن أبي حاتم، فيستبعد جداً أن يصرح به إلا أن يكون موجوداً فيه، ثم إني قد وقفت على أكثر من موضع قد سقط من هذا التفسير في طبعته، فلا أدري هل السقط كان من أصل المخطوط أو من الطابع.
هذا وقد أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره رقم1430، 1431 من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة نحو هذا. وأثر عائشة هذا مجرج في الصحيحين كما تأتي الإشارة إلى ذلك في الذي بعده.(1/172)
[112] وفي "كتاب مكة" لعمر بن شبة بإسناد قوي عن مجاهد قال: قالت الأنصار: إن السعي بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية، فنزلت1.
[113] ومن طريق الكلبي قال: كان الناس أول ما أسلموا كرهوا الطواف بينهما؛ لأنه كان على كل واحد منهما صنم فنزلت2.
[114] روى الفاكهي وإسماعيل القاضي في الأحكام بإسناد صحيح، عن الشعبي3 قال: كان صنم بالصفا يُدعى أساف ووثن المروة يدعى نائلة،
__________
1 فتح الباري 3/501.
أخرجه سعيد بن منصور رقم235 عن إسماعيل بن إبراهيم، وابن جرير رقم2343، 2344 من طريق ابن علية وعيسى بن ميمون الجرشي، ثلاثتهم عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - مثله أو نحوه.
وهو مرسل، وله شاهد من حديث عائشة أخرجه الشيخان من طريق الزهري، عن عروة، عنها - نحوه.
البخاري: كتاب الحج، باب وجوب الصفا والمروة، رقم1643. ومسلم: كتاب الحج، باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به، رقم1277.
وأثر مجاهد ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/385 ونسبه إلى سعيد بن منصور، وعبد ابن حميد، وابن جرير.
2 فتح الباري 3/501.
ضعيف، بل ساقط؛ فإن الكلبي ضعيف متروك، ولكن ورد ذلك بطرق صحيحة عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما. انظر السابق والذي قبله.
3 الشعبي هو عامر بن شراحيل أبو عمر الكوفي، روى عن عدد من الصحابة والتابعين، منهم علي وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وآخرون. وعنه أبو إسحاق السبيعي ومغيرة وسماك بن حرب وآخرون. قال منصور الغداني عن الشعبي: أدركت خمسمائة من الصحابة. والشعبي ثقة مشهور فقيه فاضل، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه. مات بعد المائة وله نحو من ثمانين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/57-60 والتقريب 1/387.(1/173)
فكان أهل الجاهلية يسعون بينهما، فلما جاء الإسلام رمي بهما، وقالوا: إنما كان ذلك يصنعه أهل الجاهلية من أجل أوثانهم، فأمسكوا عن السعي بينهما، قال: فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية1.
[115] وذكر الواحدي في "أسبابه" عن ابن عباس نحو هذا، وزاد فيه "يزعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة فمسخا حجرين فوضعا على الصفا والمروة ليعتبر بهما، فلما طالت المدة عبدا" والباقي نحوه2.
[116] وروى الفاكهي بإسناد صحيح إلى أبي مجلز نحوه3.
قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} الآية: 163
[117] أخرج الترمذي من حديث أسماء بنت يزيد 4 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
__________
1 فتح الباري 3/500.
أخرجه الفاكهي في أخبار مكة 2/241، رقم1438 وابن جرير رقم2336 كلاهما من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، به.
والحديث ضعيف مع صحة إسناده؛ لأنه مرسل. وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/385 ونسبه إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
2 فتح الباري 3/501.
ذكره الواحدي في أسباب النزول ص 47-48 من غير إسناد قال، قال عمر بن الحسين أنه سأل ابن عباس - فذكره بنحوه.
3 فتح الباري 3/501.
أخرج الفاكهي في أخبار مكة 2/240، رقم1436 حدثنا حسين بن حسن، قال: أنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يحدث عن أبي مجلز. ولفظه قال "كان أهل الجاهلية يطوفون بين الصفا والمروة فقال المسلمون إنما كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك فأنزل الله عز وجل {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .
4 أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية، تكنى أم سلمة، ويقال: أم عامر، صحابية. وهي ابنة عمة معاذ بن جبل. قتلت يوم اليرموك تسعة من الروم بعمود فسطاطها. روى عنها شهر بن حوشب ومجاهد وغيرهما. انظر ترجمتها في: أسد الغابة 7/16، رقم6717، والإصابة 8/21، رقم10816، والتقريب 2/589.(1/174)
"اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} وفاتحة سورة آل عمران {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي وحسنه الترمذي1.
قوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} الآية: 166
[118] وصل عبد بن حميد والطبري وابن أبي حاتم بسند ضعيف عن ابن عباس {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} قال: المودة2.
[119] وكذا أخرجه عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد3.
[120] وللطبري من طريق العوفي عن ابن عباس قال: تقطعت بهم المنازل4.
__________
1 فتح الباري 11/224.
أخرجه الترمذي رقم3478، وابن ماجه رقم3855 كلاهما من طريقين، عن عيسى بن يونس، عن عبيد الله بن أبي زياد القدّاح، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وحسّنه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2764.
2 فتح الباري 11/393.
أخرجه ابن جرير رقم2423، وابن أبي حاتم رقم1493 كلاهما من طريق أبي عاصم، أنبأ عيسى يعني ابن ميمون، عن قيس يعني ابن سعد، عن عطاء، عن ابن عباس، به. وانظر: تغليق التعليق 5/181.
3 فتح الباري 11/393.
أخرجه ابن جرير رقم2420 حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد – {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} قال: المودة.
4 فتح الباري 11/393. أخرجه ابن جرير رقم2427 من طريق العوفي، به مثله. والعوفي هو عطية، ضعيف وقد تقدم.(1/175)
[121] ومن طريق الربيع بن أنس مثله1.
[122] وأخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن الربيع عن أبي العالية قال يعني أسباب الندامة2.
[123] وللطبري من طريق ابن جريج 3 عن ابن عباس قال: الأسباب الأرحام، وهذا منقطع4.
[124] ولابن أبي حاتم من طريق الضحاك قال: تقطعت بهم الأرحام، وتفرقت بهم المنازل في النار5.
__________
1 فتح الباري 11/393.
أخرجه ابن جرير رقم2428 حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعد، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} قال: الأسباب: المنازل. انظر التعليق على ما تقدم برقم 21.
2 فتح الباري 11/393.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1496 حدثنا عصام بن رواد، ثنا آدم، ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، به.
3 هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الأموي مولاهم، المكي، ثقة، فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل، مات سنة خمسين ومائة أو بعدها. انظر ترجمته في: التقريب 1/520.
4 فتح الباري 11/393.
أخرجه ابن جرير رقم2429 حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج، وقال ابن عباس - فذكره. وإسناده منقطع كما بين ذلك ابن حجر. ثم إن فيه الحسين وهو سنيد، ضعيف.
5 فتح الباري 11/393.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1495 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا هانئ بن سعيد يعني: النخعي، أبو أبي بكير، عن جويبر، عن الضحاك، به.(1/176)
[125] وأخرج عبد بن حميد والطبري وابن أبي حاتم من طريق عبيد المكتب1 عن مجاهد قال: تواصُلهم في الدنيا2.
[126] وللطبري من طريق ابن جريج عن مجاهد قال: تواصل كان بينهم بالمودة في الدنيا3.
[127] وله من طريق سعيد4 ولعبد5 من طريق شيبان كلاهما عن قتادة قال: الأسباب المواصلة التي كانت بينهم في الدنيا يتواصلون بها، ويتحابون فصارت عداوة يوم القيامة6.
__________
1 هو عبيد بن مهران، الكوفي، المكتّب، روى عن أبي الطفيل ومجاهد والشعبي وغيرهم، وعنه السفيان وجرير وشريك وغيرهم. ثقة. قال ابن سعد كان ثقة قليل الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر ترجمته في: التهذيب 7/68، والتقريب 1/545.
2 فتح الباري 11/393.
أخرجه ابن جرير رقم2418 حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن عبيد المكتب، به. وأخرجه ابن أبي حاتم رقم1493 حدثنا أحمد بن سنان، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، به.
3 فتح الباري 11/393.
أخرجه ابن جرير رقم2422 حدثني القاسم، قال: حدثني الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، به. وفيه الحسين وهو سنيد ضعيف.
4 هو ابن أبي عَروبة، مهران اليشكري، مولاهم، أبو النضر البصري، ثقة حافظ، له تصانيف، لكنه كثير التدليس، مات سنة ست وقيل سبع وخمسين ومائة. أخرج له الجماعة. انظر: التقريب 1/302.
5 هو ابن حميد.
6 فتح الباري 11/393.
أخرجه ابن جرير رقم2424 حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، به.(1/177)
[128] وللطبري من طريق معمر1 عن قتادة قال: هو الوُصُل الذي كان بينهم في الدنيا2.
[129] ولعبد من طريق السدي عن أبي صالح قال: الأعمال3.
[130] وهو عند الطبري عن السدي من قوله4.
قوله تعالى: {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} الآية: 168
[131] وروى ابن أبي حاتم من طريق عكرمة قال: {خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}
__________
1 هو معمر بن راشد، الأزدي مولاهم، أو عُروة البصري، نزيل اليمن، ثقة ثبت فاضل، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عُروة شيئا، وكذا فيما حدث به بالبصرة. مات سنة أربع وخمسين ومائة، وهو ابن ثمان وخمسين سنة. أخرج له الجماعة. التقريب 2/266.
2 فتح الباري 11/393.
أخرجه ابن جرير رقم2425 من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، به.
3 فتح الباري 11/393.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1498 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا عبيد الله بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن السدي، عن أبي صالح، به.
4 فتح الباري 11/393.
أخرجه ابن جرير رقم2430 حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي -: أما {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} فالأعمال. وقد ذكره ابن أبي حاتم عقب الرواية السابقة قائلا: وروي عن السدي نحوه ذلك.
قال الطبري: الأسباب جمع سبب وهو كل ما يتسبب به إلى طلبته وحاجته، فيقال للحبل سبب؛ لأنه يتوصل به إلى الحاجة التي يتعلق به إليها، وللطريق سبب للتسبب بركوبه إلى مالا يدرك إلا بقطعه، وللمصاهرة سبب للحرمة، وللوسيلة سبب للوصول بها إلى الحاجة، وكذلك كل ما كان به إدراك الطلبة فهو سبب لإدراكها.
وقال الراغب: السبب: الحبل الذي يُصْعَد به النخل وجمعه أسباب، وسمي كل ما يتوصل به إلى شيء سببا، وسمي العمامة والخمار والثوب الطويل سببا تشبيها بالحبل في الطول. انظر: تفسير الطبري 3/292، والمفردات ص 220 مادة "سبب".(1/178)
نزغات الشيطان1.
[132] ومن طريق مجاهد {خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} خطاه2.
[133] ومن طريق القاسم بن الوليد 3: قلت لقتادة فقال: كل معصية الله فهي من خطوات الشيطان4.
[134] وروى سعيد بن منصور عن أبي مجلز قال: {خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} النذور في المعاصي5.
__________
1 فتح الباري 8/163.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1506 حدثني أبو عبد الله الطهراني، أنبأ حفص بن عمر، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، به. وهذا إسناد ضعيف لأجل حفص بن عمر العدني، وقد تقد الكلام عليه برقم 43.
علقه عنه ابن كثير 1/292. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/403 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 8/163.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1505 من طريق شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عنه، به. وأخرجه ابن جرير رقم2440 من طريق شبل، عن ابن أبي نجيح، به مثله. وعلقه عنه ابن كثير 1/292. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/403 وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
3 هو القاسم بن الوليد الهمداني، أبو عبد الرحمن الكوفي القاضي، يروي عن قتادة وغيره، ويروي عنه حسين بن علي الجعفي وغيره، وثقه ابن معين والعجلي وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ ويخالف، قال ابن حجر: صدوق يُغرِب. مات سنة إحدى وأربعين ومائة.
انظر: الجرح والتعديل 7/122، والتهذيب 8/305-306، والتقريب 2/121.
4 فتح الباري 8/163.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1508 حدثنا أبي، ثنا ثابت بن محمد الزاهد، ثنا حسين الجعفي، عن القاسم بن الوليد الهمداني، به مثله.
5 فتح الباري 8/163. قال ابن حجر: كذا قال، واللفظ أعم من ذلك، فمِنْ في كلامه مقدرة.
أخرجه سعيد بن منصور رقم242 عن معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي مجلز - مثله. وهذا إسناد صحيح. وأخرجه ابن جرير رقم2444 من طريق جرير، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز - مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/404 وعزاه لعبد بن حميد وأبي الشيخ.(1/179)
قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} الآية: 172
[135] أخرج مسلم عن أبي هريرة 1 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس إن الله طيّب لا يقبل إلا طيّبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} [المؤمنون:51] وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} " الحديث2.
قوله تعالى:
{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} الآية 177
[136] روى عبد الرزاق وغيره من طريق مجاهد أن أبا ذر سأل النبي صلى الله عليه وسلم
__________
1 أبو هريرة الدوسي الصحابي الجليل، حافظ الصحابة، اختلف في اسمه واسم أبيه على أقوال. أشهرها أنه عبد الرحمن بن صخر. مات سنة بضع وخمسين، وهو ابن ثمان وسبعين سنة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 6/313، رقم6326، والإصابة 7/348، رقم10680، والتقريب 2/484.
2 فتح الباري 9/518.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم1015-65 - في الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها - من حديث فضيل بن مرزوق، عن عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة مثله. وذكره ابن كثير 1/294 برواية الإمام أحمد بهذا الإسناد، ثم أشار إلى رواية مسلم.
قال ابن حجر - عقب ذكره له -: "وهو من رواية فضيل بن مرزوق، وقد قال الترمذي إنه تفرد به، وهو ممن انفرد مسلم بالاحتجاج به دون البخاري، وقد وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: يهم كثيرا ولا يحتج به، وضعفه النسائي، وقال ابن حبان: كان يخطئ على الثقات، وقال الحاكم: عيب على مسلم إخراجه. ثم قال ابن حجر: فكأن الحديث لما لم يكن على شرط البخاري اقتصر على إيراده في الترجمة".(1/180)
عن الإيمان، فتلا عليه {لَيْسَ الْبِرَّ} إلى آخرها، ورجاله ثقات1.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} الآية: 178
[137] قيل: نزلت في حيّين من العرب كان لأحدهما طول على الآخر في الشرف فكانوا يتزوجون من نسائهم بغير مهر وإذا قتل منهم عبد قتلوا به حراً أو امرأة قتلوا بها رجلا، أخرجه الطبري عن الشعبي2.
__________
1 فتح الباري 2/51.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 11/128، رقم20110 عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد أن أبا ذر سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان - فذكره. قال ابن حجر كما في الصلب "ورجاله ثقات". وأخرجه ابن أبي حاتم رقم1539 حدثنا أبي، ثنا عبيد بن هشام الحلبي، ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عامر بن شفي، عن عبد الكريم، عن مجاهد، عن أبي ذر، به.
قلت: وإن كان رجاله ثقات لكنه منقطع؛ فإن مجاهداً لم يدرك أبا ذر. فقد نبه على ذلك ابن كثير 1/296 إذ ذكره برواية ابن أبي حاتم ثم قال: "وهذا منقطع؛ فإن مجاهداً لم يدرك أبا ذر؛ فإنه مات قديما، ثم ذكر رواية أخرى موقوفة على أبي ذر، وقال: وهذا أيضا منقطع، والله أعلم، ثم قال: وأما الكلام على تفسير هذه الآية فإن الله تعالى لما أمر المؤمنين بالتوجه إلى بيت المقدس، ثم حوَّلهم إلى الكعبة، شق ذلك على نفوس طائفة من أهل أهل الكتاب وبعض المسلمين، فأنزل الله تعالى بيان حكمته في ذلك، وهو أن المراد إنما هو طاعة الله عز وجل، وامتثال أوامره، والتوجه حيثما وجّه، واتباع ما شرع، فهذا هو البر والتقوى والإيمان الكامل، وليس في لزوم التوجه إلى جهة من المشرق إلى المغرب برّ ولا طاعة، إن لم يكن عن أمر الله وشرعه، ولهذا قال: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} - الآية، كما قال في الأضاحي والهدايا {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} ". اهـ.
2 فتح الباري 12/209-210.
أخرجه ابن جرير رقم2558 حدثني محمد بن المثنى، قال: حدثنا أبو الوليد - وحدثني المثنى، قال: حدثنا الحجاج - قالا: حدثنا حماد، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي - نحوه. ولفظه "قال في قوله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} ، قال: نزلت في قبيلتين من قبائل العرب اقتتلتا قتال عُميِّمَّة، فقالوا: نقتل بعبدنا فلان بن فلان، وبفلانة فلان بن فلان، فأنزل الله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} ".(1/181)
قوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً} الآية: 182
[138] عن عطاء {جَنَفاً} : مَيلا، رواه الطبري عنه بإسناد صحيح1.
قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} الآية: 185
[139] وقد أخرج أبو عبيد من طريق داود بن أبي هند2 قال: قلت للشعبي: قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} أم كان ينزل عليه في سائر السنة؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان ما أنزل الله فيحكم الله ما يشاء ويثبت ما يشاء3.
قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} الآية: 187
[140] روى أحمد وأبو داود والحاكم من طريق
__________
1 فتح الباري 5/357.
أخرجه ابن جرير الأرقام 2704-2706 من طرق عن عبد الملك، عن عطاء - مثله. وقد صحّح ابن حجر إسناده كما سبق.
2 داود بن أبي هند، القُشيري مولاهم، أبو بكر أبو أبو محمد، البصري، ثقة متقن، كان يهم بآخره، مات سنة أربعين ومائة، وقيل قبلها. أخرج له البخاري في التعاليق، ومسلم والأربعة. انظر ترجمته في: التهذيب 3/177، والتقريب 1/235.
3 فتح الباري 9/45.
أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن باب منازل القرآن بمكة والمدينة وذكر أوائله وأواخره، رقم17-56، ص 223 حدثنا ابن أبي عدي، عن داود بن أبي هند، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/458 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن الضريس عن داود بن أبي هند، به.(1/182)
عبد الرحمن بن أبي ليلى1، عن معاذ بن جبل2 قال: أحيل3 الصيام ثلاثة أحوال، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وصام عاشوراء. ثم إن الله فرض عليه الصيام وأنزل عليه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} فذكر الحديث إلى أن قال "وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا، ثم إن رجلا من الأنصار صلى العشاء، ثم نام فأصبح مجهودا، وكان عمر أصاب من النساء بعد ما نام فأنزل الله عز وجل: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} إلى قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} 4.
__________
1 عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني، ثم الكوفي، ثقة. اختلف في سماعه من عمر، روى عن معاذ بن جبل وغيره، وعنه عمرو بن مرة وغيره. مات بوقعة الجماجم سنة ست وثمانين، وقيل غرق. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 6/234، والتقريب 1/496.
2 معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الرحمن، من أعيان الصحابة. شهد بدرا وما بعدها. وكان إليه المنتهى في العلم بالأحاكم والقرآن. مات بالشام سنة ثمان عشرة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 5/187، رقم4960، والإصابة 6/107، رقم8055، والتقريب 2/255.
3 في الفتح في طبعاته وفي النسخة الخطية "أحل" والتصحيح من مصادر التخريج، ومعنى "أحيل الصيام ثلاثة أحوال" أنه غُيّر ثلاث تغييرات أو حوّل ثلاث تحويلات. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/463 مادة "حول".
4 فتح الباري 8/182.
قال ابن حجر: وهذا الحديث مشهور عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، لكنه لم يسمع من معاذ، وقد جاء عنه فيه "حدثنا أصحاب محمد"،.... فكأنه سمعه من غير معاذ أيضا. اهـ.
والحديث أخرجه الإمام أحمد 5/246-247 وأبو داود في سننه كتاب الصلاة، باب كيف الأذان رقم507 وابن أبي حاتم رقم1673 والحاكم 2/274 كلهم من طريق المسعودي، قال: حدثنا عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به نحوه مطولا ومختصرا. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.(1/183)
[141] أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن كعب ابن مالك1، عن أبيه2 قال: "كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر من عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمر عنده، فأراد امرأته، فقالت: إني قد نمت، قال: ما نمت، ووقع عليها. وصنع كعب بن مالك مثل ذلك، فنزلت3.
__________
1 عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري السلمي - بفتح اللام، نسبة إلى "بني سلمة" بكسرها - تابعي ثقة، كان قائد أبيه حين عمي، أخرج له الشيخان وغيرهما.
انظر ترجمته في: التقريب 1/442.
2 هو كعب بن مالك بن أبي كعب، الأنصاري، السلمي المدني، صحابي مشهور، وهو أحد الثلاثة الذين خلّفوا، مات في خلافة عليّ.
انظر ترجمته في: أسد الغابة 4/461-462 رقم4484 والإصابة 5/456-458 رقم7448 والتقريب 2/135.
3 فتح الباري 8/182.
أخرجه ابن جرير رقم2941 وابن أبي حاتم رقم1677 كلاهما من طريق ابن لهيعة قال: حدثني موسى بن جبير مولى بني سلمة: أنه سمع عبد الله بن كعب بن مالك يحدث عن أبيه - نحوه.
وذكره ابن كثير 1/318 عن الطبري، ثم قال: وهكذا روي عن مجاهد، وعطاء، وعكرمة، والسدي، وقتادة وغيرهم في سبب نزول هذا الآية في عمر بن الخطاب ومن صنع كما صنع، في صرمة بن قيس، فأباح الجماع والطعام والشراب في جميع الليل رحمة ورخصة ورفقا.
وقال ابن حجر - عقبها: و"من طريق أصحاب مجاهد وعطاء وعكرمة وغير واحد من غيرهم كالسدي وقتادة وثابت نحو هذا الحديث، لكن لم يزد واحد منهم في القصة على تسمية عمر إلا في حديث كعب بن مالك، والله أعلم".
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/475-476 ونسبه إلى أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم بسند حسن. قال الشيخ أحمد شاكر: "وإنما حسن إسناده، من أجل ابن لهيعة - فيما أرجح - وعندي أنه إسناد صحيح. وقال: ابن لهيعة مختلف فيه كثيرا، والتحقيق أنه ثقة صحيح الحديث!!! تفسير الطبري 3/497 الحاشية. قلت: والتحقيق الذي عليه علماء الجرح والتعديل فيه أنه حافظ اختلط بعد احتراق كتبه وذلك قبل وفاته بأربع سنين سنة تسع وستين أو سبعين ومائة، فأدخل في حديثه مناكير كثيرة. وقبل ذلك كان يدلس عن قوم ضعفاء عن قوم رآهم ثقات. وقد سبر العلماء أحاديثه فقبلوا منها من رواية العبادلة عنه؛ لأنهم كانوا يتبعون أصوله، وقبل أن يحصل له الاختلاط والاحتراق. وردوا ما سوى ذلك إلا في الاعتبارات والمتابعات. انظر: الجرح والتعديل 5/145 والمجروحين 2/11 والميزان 3/189، رقم4530 والتهذيب 5/327 والتقريب 1/444.(1/184)
[142] وروى ابن جرير من طريق ابن عباس نحوه1.
قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} الآية: 187
[143] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} يعني طاعة الله2.
قوله تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} الآية: 189
[144] أخرج عبد بن حميد بإسناد صحيح عن الحسن3 قال: كان الرجل في الجاهلية يهم بالشيء يصنعه فيُحبس عن ذلك، فلا يأتي بيتا من قبل بابه حتى يأتي الذي كان همّ به4.
__________
1 فتح الباري 8/182.
أخرجه ابن جرير رقم2940 من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس - نحو حديث كعب بن مالك.
2 فتح الباري 6/4.
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره رقم1693 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
3 هو البصري.
4 فتح الباري 3/622.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/493 ونسبه إلى عبد بن حميد فقط. وفيه أنه قاله في تفسير هذه الآية. قال ابن حجر: فجعل ذلك من باب الطيرة، وغيره جعل ذلك بسبب الإحرام. فتح الباري 3/622.(1/185)
[145] وعن محمد بن كعب القرظي1 قال: كان الرجل إذا اعتكف لم يدخل منزله من باب البيت فنزلت. وأخرجه ابن أبي حاتم بإسناد ضعيف2.
[146] وعن مجاهد قال: كان المشركون إذا أحرم الرجل منهم ثقب كوة في ظهر بيته فدخل منها، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ومعه رجل من المشركون فدخل من الباب، وذهب المشرك ليدخل من الكوة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما شأنك؟ " فقال: إني أحمسي3، فقال: "وأنا أحمسي". فنزلت". أخرجه الطبري4.
__________
1 محمد بن كعب بن سليم بن أسد، أبو حمزة القُرَظي، المدني، وكان قد نزل الكوفة مدة، ثقة عالم، ولد سنة أربعين على الصحيح، ووهم من قال ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال البخاري: إن أباه كان ممن لم ينبت من بني قريظة. مات محمد سنة عشرين، وقيل قبل ذلك. أخرج له الجماعة. التقريب 2/203.
2 فتح الباري 3/622.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1713 قال: ذُكر عن زيد بن الحباب، عن موسى بن عبيدة الربذي قال: سمعت محمد بن كعب القرظي - فذكره.
وإسناده ضعيف كما بين ابن حجر. وإنما كان سبب تحّرجهم في ذلك الإحرام كما في البخاري وغيره. انظر ما بعده.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/493 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
3 الحُمس جمع أحمس، وهم قريش، وخزاعة لنزولها مكة ومجاورتها قريشا، وكل من ولدت قريش من العرب وكنانة، وجَديلة قيس - وهم فهم وعدوان ابنا عمرو بن قيس عيلان -، وبنو عامر بن صعصعة، وكل من نزل مكة من قبائي العرب.
سُمّوا حمسا؛ لأنهم تحّمسوا في دينهم أي تشدّدوا. والحماسة: الشجاعة، كانوا يقفون بمزدلفة ولا يقفون بعرفة، ويقولون: نحن أهل الله فلا يخرج من الحرم، وكانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها وهم محرمون. انظر: سيرة ابن هشام 1/216-221، وتفسير الطبري رقم3840، والنهاية في غريب الحديث والأثر 1/440.
4 فتح الباري 3/622. أخرجه ابن جرير رقم3081 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عنه نحوه.(1/186)
[147] وأخرج ابن خزيمة والحاكم في صحيحيهما من طريق عمار ابن رُزيق1 عن الأعمش2 عن أبي سفيان3 عن جابر4 قال: كانت قريش تدعى الحمس، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام، وكانت الأنصار
__________
1 ورد في الفتح والمستدرك وغيرهما بتقديم الزاء مصحفا، وعمار هو ابن رُزَيق - بتقديم الراء، مصغراً - الضبي التميمي أبو الأحوص الكوفي، روى عن الأعمش وغيره، وعنه أبو الجواب الأحوص بن جواب وغيره. قال ابن حجر: لا بأس به، مات سنة تسع وخمسين، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. انظر ترجمته في: التهذيب 7/350، والتقريب 2/47.
2 اسمه سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، أبو محمد الكوفي الأعمش، ثقة حافظ، عارف بالقراءة، ورع، لكنه يدلّس، مات سنة سبع وأربعين ومائة، أو ثمان، وكان مولده أول إحدى وستين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 4/195-197، والتقريب 1/331.
3 اسمه طلحة بن نافع الواسطي، أبو سفيان، الإسكاف، نزل مكة، روى عن جابر ابن عبد الله وغيره، وعنه الأعمش وغيره. وهو راويته. قال النسائي وابن عدي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات. وفي التقريب: صدوق من الرابعة. وروى له البخاري مقرونا بغيره. في العلل الكبير لعلي بن المديني: أبو سفيان لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث، وقال فيها: أبو سفيان يكتب حديثه وليس بالقوي. قال أبو حاتم عن شعبة: لم يسمع أبو سفيان من جابر إلا أربعة أحاديث. قال ابن حجر: لم يخرج البخاري له سوى أربعة أحاديث عن جابر وأظنها التي عناها شيخه علي بن المديني منها حديثان في الأشربة قرنه بأبي صالح وفي الفضائل حديث اهتز العرش كذلك والرابع في تفسير سورة الجمعة قرنه بسالم بن أبي الجعد. وقال أبو بكر البزار هو في نفسه ثقة.
انظر ترجمته في: التهذيب 5/24، والتقريب 1/380.
4 جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، الأنصاري، صحابي ابن صحابي، غزا تسع عشرة غزوة، ومات بالمدينة بعد السبعين، وهو ابن أربع وتسعين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 1/392، رقم647، والإصابة 1/546، رقم1028، والتقريب 1/122.(1/187)
وسائر العرب لا يدخلون من الأبواب.
فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بستان فخرج من بابه، فخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري1، فقالوا: يا رسول الله، إن قطبة رجل فاجر؛ فإنه خرج معك من الباب. فقال: "ما حملك على ذلك؟ " فقال: رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت، قال: "إني أحمسي"، قال: فإن ديني دينك، فأنزل الله الآية2.
__________
1 هو قطبة بن عامر بن حديدة الأنصاري، يُكنى أبا زيد، ذكروه فيمن شهد بدرا والعقبة والمشاهد، وكانت معه راية بني سلمة يوم الفتح. وقال أبو حاتم: له صحبة، توفي في خلافة عمر، وقيل: في خلافة عثمان. انظر ترجمته في: الإصابة 5/338 رقم7133.
2 فتح الباري 3/621.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1710 عن أحمد بن منصور الرمادي، والحاكم 1/483 من طريق محمد بن إسحاق الصنعاني، قالا: حدثنا أبو الجواب، عن عمار بن زريق، به نحوه. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه الزيادة، ووافقه الذهبي.
قال ابن حجر - عقب ذكره -: "وهذا الإسناد وإن كان على شرط مسلم لكن اختلف في وصله على الأعمش عن أبي سفيان، فرواه عبد بن حميد عنه فلم يذكر جابراً، أخرجه تقي وأبو الشيخ في تفسيريهما من طريقه. وكذا سماه الكلبي في تفسيره عن أبي صالح عن ابن عباس. وكذا ذكر مقاتل بن سليمان في تفسيره ". فتح الباري 3/621.
وقد سبق في ترجمة أبي سفيان قول ابن المديني وشعبة إن أبا سفيان لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث، كما سبق قول ابن حجر أنه يظن أنها الأربعة الأحاديث التي أخرج له البخاري.
وقد أخرجه أيضا أبو الشيخ في تفسيره كما في الإصابة 5/338 عن أبي يحيى الرازي، عن سهل بن عثمان، عن عبيدة بن حميدة، عن الأعمش، عن أبي سفيان - مرسلا ولم يذكر جابرا. قال أبو الشيخ: رواه غيره عن سهل بن عثمان، فذكر في السند جابرا - يعني وصله -.
والحديث ذكره ابن كثير 1/327 ونسبه إلى ابن أبي حاتم. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/491 ونسبه إلى ابن أبي حاتم والحاكم.(1/188)
[148] وبين الزهري1 السبب في صنيعهم ذلك فقال: كان ناس من الأنصار إذا أهلّوا بالعمرة لم يحل بينهم وبين السماء شيء، فكان الرجل إذ أهل فبدت له حاجة في بيته لم يدخل من الباب من أجل السقف أن يحول بينه وبين السماء2.
[149] أخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق داود بن أبي هند، عن قيس بن حبتر النهشلي3 قال: كانوا إذا أحرموا لم يأتوا بيتا من قبل بابه، ولكن من قبل ظهره، وكانت الحُمُس تفعله، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا فاتبعه رجل يقال له رفاعة بن تابوت ولم يكن من الحمس" فذكر القصة وهذا مرسل4.
__________
1 هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة ابن كلاب القرشي الزهري، وكنيته أبو بكر، الفقيه الحافظ، متفق على جلالته وإتقانه، مات سنة خمس وعشرين ومائة، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين. أخرج له الجماعة. التقريب 2/207.
2 فتح الباري 3/622.
أخرجه ابن جرير رقم3082 حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري - فذكره بنحو حديث جابر. وفيه أن ذلك وقع زمن الحديبية بالعمرة، وفي آخره "فأنزل الله تعالى ذكره {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} . وهذا مرسل؛ فإن الزهري لم يحضر الواقعة. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/491 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
3 في الفتح "قيس بن جبير" وهو تصحيف، وكذا وقع التصحيف في الإصابة 2/406 وفي الدر المنثور 1/492.
و"قيس بن حبتر - بفتح الحاء المهملة والتاء المثناة بينهما باء موحدة ساكنة - هوالنهشلي التميمي، تابعي ثقة، وثقه أبو زرعة والنسائي وغيرهما.
انظر ترجمته في: التهذيب 8/348، والتقريب 2/128.
4 فتح الباري 3/621. =(1/189)
قوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} الآية: 195
[150] أخرج مسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم من طريق أسلم أبي عمران1 قال: كنا بالقسطنطينية، فخرج صف عطيم من الروم، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، ثم رجع مقبلا، فصاح الناس: سبحان الله، ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب 2: أيها الناس، إنكم تؤولون هذه الآية على هذا التأويل،
__________
= أخرجه ابن جرير رقم3077 حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا المعتمر ابن سليمان، قال: سمعت داود - وهو ابن أبي هند، به نحوه. وهذا إسناد مرسل؛ فإنه عن تابعي مرفوعا، فهو ضعيف. كما نبّه على ذلك الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على هذا الإسناد. وأخرجه عبد بن حميد كما في الإصابة 2/406 من طريق قيس بن حبتر، به.
وقال ابن حجر: في هذا المرسل نظر؛ لأن رفاعة بن تابوت معدود في المنافقين، وهو الذي هبّت الريح العظيمة لموته.
وقد ترجم ابن حجر في الإصابة - في القسم الأول - 2/406 رقم2667 لرفاعة ابن تابوت هذا، ونسبه إلى الأنصار، وقال: إن الذي هبت الريح لموته رفاعة بن تابوت آخر غير هذا. وقد تقدمت ترجمت رفاعة هذا برقم 90 عند قوله تعالى: {لا تَقُولُوا رَاعِنَا} .
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/492 ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير.
1 في الفتح في طبعاته "أسلم بن عمران"، وقد وقع كذلك عند الطيالسي، وأسباب النزول للواحدي، وفي النسخة الخطية من الفتح "أسلم بن أبي عمران" والصواب ما أثبت؛ فهو أسلم بن يزيد أبو عمران التُّجيبي المصري، يروي عن أبي أيوب وغيره، وعنه يزيد بن أبي حبيب وغيره، ثقة، من الثالثة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي. انظر ترجمته في: التهذيب 1/323، والتقريب 1/64.
2 اسمه خالد بن زيد بن كُليب الأنصاري، أبو أيوب، مشهور بكنيته، من كبار الصحابة، شهد بدرا ونزل النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة عليه، مات غازيا بالروم، سنة خمسين، وقيل بعدها. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/199، رقم2168، والإصابة 2/199، رقم2168، والتقريب 1/213.(1/190)
وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار: إنا لما أعزّ الله دينه وكثر ناصروه قلنا بيننا سراً: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أنا أقمنا فيها وأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله هذه الأية، فكانت التهلكة الإقامة التي أردناها1.
[151] وصح عن ابن عباس وجماعة من التابعين نحو ذلك في تأويل الآية2.
__________
1 فتح الباري 8/185.
هكذا عزاه ابن حجر لمسلم، وهو سبق قلم منه رحمه الله فإنه لم يخرجه كما يتبين ذلك عند التخريج.
والحديث صحيح أخرجه النسائي في تفسيره رقم48، 49 وأبو داود في الجهاد، باب في قوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} رقم2512 والترمذي في التفسير، باب "ومن سورة البقرة" رقم2972 - وقال حديث حسن صحيح غريب - وابن جرير رقم3179 والطيالسي رقم599 وابن حبان في صحيحه ج 11/رقم4711 والحاكم 2/84، 275 والواحدي في الأسباب ص 54 كلهم من طرق عن حيوة بن شريح، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران، به نحوه. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وأقره الذهبي.
قلت: وإنما هو صحيح، وليس على شرطهما؛ لأن أسلم أبا عمران ليس من رجالهما كما بين الحافظ نفسه في التقريب.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/500 ونسبه إلى عبد بن حميد وأبي داود والترمذي والنسائي وأبي يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في سننه.
2 فتح الباري 8/185.
أما أثر ابن عباس فأخرجه ابن جرير رقم3149 من طريق عمرو بن أبي قيس، عن عطاء، عن سعيد بن جبير عنه. ولفظه {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قال: ليس التهلكة أن يقتل الرجل في سبيل الله، ولكن الإمساك عن النفقة في سبيل الله. وذكره ابن كثير 1/332 معلقا عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، به.
وهذا القول هو الذي رجحه ابن حجر معللا ذلك لتصدير الآية بذكر النفقة، فهو المعتمد في نزولها، وأما قصرها عليه ففيه نظر؛ لأن العبرة بعموم اللفظ أهـ.(1/191)
[152] وروى ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم أنها كانت نزلت في ناس كانوا يغزون بغير نفقة1.
[153] ومن طريق الضحاك بن أبي جبيرة 2: "كان الأنصار يتصدقون، فأصابهم سنة فأمسكوا، فنزلت3.
[154] وروى ابن جرير وابن المنذر بإسناد صحيح عن مدرك بن عوف4
__________
1 فتح الباري 8/185.
قال ابن حجر: فيلزم على قوله اختلاف المأمورين، فالذين قيل لهم: "أنفقوا - وأحسنوا" أصحاب الأموال، والذين قيل لهم {وَلا تُلْقُوا} الغزاة بغير نفقة، ولا يخفى ما فيه. اهـ.
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم رقم1745 حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، أخبرني ابن وهب، أخبرني عبد الله بن عياش، عن زيد بن أسلم - نحوه مطولا. قال ابن أبي حاتم: وروي عن القاسم بن محمد، نحو ذلك.
وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة، وعبد الله بن عياش قال عنه ابن حجر: صدوق يغلط، أخرج له مسلم في الشواهد. التقريب 1/439. وأخرج ابن جرير رقم3166 حدثني يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد - فذكر نحوه.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/500 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم.
2 الضحاك بن أبي جبيرة، وقيل أبو جبيرة بن الضحاك، قال ابن حبان له صحبة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/45، رقم2550، والإصابة 3/383، رقم4180 و7/54، رقم9683.
3 فتح الباري 8/185.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1750 حدثنا أبي، ثنا هدبة، ثنا حماد بن سلمة، عن داود ابن أبي هند، عن الشعبي، عن الضحاك بن أبي جبيرة - نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/500 ونسبه إلى عبد بن حميد وأبي يعلى وابن جرير والبغوي في معجمه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن قانع والطبراني عن الضحاك بن أبي جبيرة.
4 مدرك بن عوف البجلي كوفي، روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، روى عنه قيس بن أبي حازم. كذا روى ابن أبي حاتم عن أبيه. وسكت عنه. ذكره في الجرح والتعديل 8/327.(1/192)
قال: إني لعند عمر، فقلت: إن لي جاراً رمى بنفسه في الحرب فقتل، فقال ناس: ألقى بيده إلى التهلكة، فقال عمر: كذبوا، لكنه اشترى الآخرة بالدنيا1.
[155] أخرج ابن جرير وابن المنذر وغيرهما بإسناد صحيح عن أبي إسحاق2 قال: قلت للبراء3: أرأيت قول الله عز وجل: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} هو الرجل يحمل على الكتيبة فيها ألف؟ قال: لا، ولكنه الرجل يذنب فيلقي بيده فيقول: لا توبة لي4.
__________
1 فتح الباري 8/185.
لم أجده عند ابن جرير، ولم يذكره السيوطي في الدر المنثور، وهذا وقد حكم عليه ابن حجر بالصحة، كما في سبق.
2 هو السَّبِيعي - بفتح المهملة وكسر الموحدة -، اسمه عمرو بن عبد الله الهمداني، ثقة عابد مكثر. ما سنة تسع وعشرين ومائة، وقيل قبل ذلك. التقريب 2/73.
3 البراء بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصاري، الأوسي، صحابي ابن صحابي، نزل الكوفة، أُستصغر يوم بدر، مات سنة اثنتين وسبعين. انظر ترجمته في: أسد الغابة 1/362، رقم389، والإصابة 1/411، رقم618، والتقريب 1/94.
4 فتح الباري 8/185.
أخرجه ابن جرير الأرقام 3167، 3169، 3170، 3171 من طريق أبي الأحوص، وسفيان الثوري، وإسرائيل، وغيرهم، عن أبي إسحاق، به نحوه. وأخرجه الحاكم 2/275-276 من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به نحوه. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
والأثر أورده السيوطي في الدر المنثور 1/500 ونسبه إلى وكيع، وسفيان بن عيينة، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم - وصححه - والبيهقي.(1/193)
[156] وعن النعمان بن بشير1 نحوه2.
[157] وأخرج أحمد من طريق أبي بكر - وهو ابن عياش -3 عن أبي إسحاق قال: قلت للبراء: الرجل يحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة؟ قال: لا؛ لأن الله تعالى قد بعث محمداً فقال: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} [النساء:84] فإنما ذلك في النفقة4.
__________
1 النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري، الخزرجي، له ولأبويه صحبة، سكن الشام، ثم ولي إمرة الكوفة، ثم قتل بحمص سنة خمس وستين وله أربع وستون سنة أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 5/310، رقم5237، والإصابة 6/346، رقم8749، والتقريب 2/303.
2 فتح الباري 8/185.
والأثر ذكره ابن كثير 1/332 تعليقا عن سماك بن حرب، عن النعمان بن بشير. وقال: رواه ابن مردويه. ولفظه: قال في قوله: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} أن يذنب الرجل الذنب فيقول: لا يغفر لي، فأنزل الله {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} .
وقد أخرجه الواحدي في الأسباب ص 54، والبيهقي في الشعب رقم7092 كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن سماك، به نحوه. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/320 وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجالهما رجال الصحيح. والأثر أورده السيوطي في الدر المنثور 1/501 ونسبه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه، والطبراني، واليبهقي في الشعب.
3 أبو بكر بن عيّاش بن سالم الأسدي، الكوفي المقرئ، الحناط، مشهور بكنيته، ثقة عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح. مات سنة أربع وتسعين ومائة، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين، وقد قارب المائة، روايته في مقدمة مسلم، وأخرج له الأربعة. التقريب 2/399.
4 فتح الباري 8/185.
علق عليه ابن حجر قائلا: "فإن كان محفوظا فلعل للبراء فيه جوابين، والأول - إشارة إلى التي قلبلها - من رواية الثوري وإسرائيل وأبي الأحوص ونحوهم - وكل منهم أتقن من أبي بكر، فكيف مع اجتماعهم وانفراده.
والأثر أخرجه الإمام أحمد 4/281 وابن جرير رقم3168 كلاهما من طريق أبي بكر بن عياش، به نحوه. وعلقه ابن كثير 1/332 عن أبي بكر بن عياش، به. وقال رواه ابن مردويه.(1/194)
قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الآية: 196
[158] وصل ابن خزيمة والدارقطني والحاكم من طريق ابن جريج، أخبرني نافع1، أن ابن عمر2 كان يقول: ليس من خلق الله أحد إلا عليه حجة وعمرة واجبتان من استطاع سبيلا، فمن زاد شيئا فهو خير وتطوع3.
[159] وقال سعيد بن أبي عروبة في المناسك عن أيوب4 عن نافع عن ابن عمر قال: الحج والعمرة فريضتان5.
__________
1 نافع، أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه، مشهور، مات سنة سبع عشرة ومائة، أو بعد ذلك. أخرج له الجماعة. التقريب 2/296.
2 هو عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي، أبو عبد الرحمن، ولد بعد المبعث بيسير، واستصغر يوم أحد، وهو أحد المكثرين من الصحابة، والعبادلة، وكان من أشد الناس اتباعا للأثر، مات سنة ثلاث وسبعين في آخرها أو التي تليها. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/336، رقم3082، والإصابة 4/155، رقم4852، والتقريب 1/435.
3 فتح الباري 3/597. وذكره البخاري عنه تعليقا مختصرا بلفظ "ليس أحد إلا وعليه حجة وعمرة".
والأثر أخرجه ابن خزيمة 4/356 رقم3066 والحاكم 1/471 من طريق ابن جريج، به. قال الحاكم هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/504 ونسبه إلى عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والحاكم - وصححه -.
4 أيوب بن أبي تميمة، كيسان السختياني، أبو بكر البصري، ثقة ثبت حجة، من كبار الفقهاء العباد، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة، وله خمس وستون. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 1/348، والتقريب 1/89.
5 فتح الباري 3/597.(1/195)
[160] وصل الشافعي وسعيد بن منصور كلاهما عن سفيان بن عيينة1 عن عمرو بن دينار سمعت طاوسا يقول سمعت ابن عباس يقول: والله إنها لقرينتها2 في كتاب الله {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} 3.
قوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} الآية: 196
[161] وصل الطبري من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة قال: كل شيء في القرآن "أو أو" فليختر أي الكفارات شاء، فإذا كان {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} فالأول الأول4.
[162] وقد أخرج أبو نعيم في المستخرج من طريق بشر بن المفضل5
__________
1 سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، أبو محمد، الكوفي، ثم المكي، ثقة حافظ فقيه إمام حجة، إلا أنه تغير بآخره، وكان ربما دلّس، لكن عن ثقات، وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار، مات في رجب سنة ثمان وتسعين ومائة، وله إحدى وتسعون سنة. أخرج له الجماعة. التقريب 1/312.
2 والضمير في قوله "لقرينتها" للفريضة، وكان أصل الكلام أن يقول لقرينته؛ لأن المراد الحج.
3 فتح الباري 3/597-598. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه الشافعي في الأم كتاب الحج، باب هل تجب العمرة وجوب الحج 2/113، وسعيد بن منصور كما في تغليق التعليق 3/118، كلاهما عن سفيان بن عيينة، به. وأخرجه ابن حجر في تغليق التعليق 3/117-118 بسنده إلى ابن عيينة، به.
والأثر أورده السيوطي في الدر المنثور 1/504 ونسبه إلى سفيان بن عيينة والشافعي في الأم والبيهقي.
4 فتح الباري 11/594.
أخرجه ابن جرير رقم3386 حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا أسباط بن محمد، قال: حدثنا داود - وهو ابن أبي هند، به.
5 بشر بن المفضل بن لاحق، الرَّقاشي، أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت عابد، مات سنة ست أو سبع وثمانين بعد المائة. أخرج له الجماعة. التقربت 1/101.(1/196)
عن ابن عون1 عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة2 قال "فيَّ نزلت هذه الآية، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم " فذكره3.
[163] وصل سفيان الثوري في تفسيره عن ليث بن أبي سليم4 عن مجاهد عن ابن عباس قال: كل شيء في القرآن "أو" نحو قوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} فهو فيه مخير، وما كان {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} فهو على الولاء أي على الترتيب، وليث ضعيف5.
[164] وقد جاء عن مجاهد من قوله بسند صحيح عند الطبري وغيره6.
__________
1 هو عبد الله بن عون بن أرْطبان، أبو عون البصري، ثقة ثبت فاضل، مات سنة خمسين ومائة على الصحيح. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 5/303، والتقريب 1/439.
2 كعب بن عُجْرة الأنصاري، أبو محمد، صحابي مشهور، مات بعد الخمسين، وله نيف وسبعون. انظر ترجمته في: أسد الغابة 4/454، رقم4471، والإصابة 5/447، رقم7434، والتقريب 2/135.
3 فتح الباري 11/595.
أخرج ابن جرير رقم3342 من طريق يزيد بن زريع، قال: حدثنا عبد الله بن عون، به نحوه. وأصله في البخاري برقم 6708 من وجه آخر عن ابن عون، بدون قوله "فيَّ نزلت هذه الآية".
وقال ابن حجر: "وفي رواية معتمر بن سليمان عن ابن عون عند الإسماعيلي "نزلت فيَّ هذه الآية {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} قال: فرآني النبي صلى الله عليه وسلم فقال أدن".
4 ليث بن أبي سليم، ضعيف. قال ابن حجر: صدوق اختلط أخيرا، فلم يتميز حديثه فترك. التقريب 2/138.
5 فتح الباري 11/594.
أخرجه ابن حجر في تغليق التعليق 5/205-206 بسنده إلى سفيان الثوري، به. وأخرج ابن جرير رقم3379 من طريق سفيان، عن ليث، به نحوه.
6 فتح الباري 11/594. أخرجه ابن جرير رقم3378 حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سيف ابن سليمان، عن مجاهد - فذكر نحوه. ولفظه "قال: كل شيء في القرآن "أو" "أو"، فهو بالخيار، مثل الجراب فيه الخيط الأبيض والأسود، فأيهما خرج أخذته".(1/197)
[165] وصل الطبري من طريق ابن جريج قال: قال عطاء: ما كان في القرآن "أو أو" فلصاحبه أن يختار أيَّه شاء، قال ابن جريج: وقال لي عمرو بن دينار نحوه، وسنده صحيح1.
[166] وقد أخرجه ابن عيينة في تفسيره عن ابن جريج عن عطاء قال: كل شيء في القرآن "أو" فصاحبه بالخيار، وسنده صحيح أيضا2.
قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} الآية: 197
[167] وصل الطبري والدارقطني من طريق ورقاء عن عبد الله ابن دينار3 عن ابن عمر قال: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة4.
__________
1 فتح الباري 11/594.
أخرجه ابن جرير رقم3383 حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: أخبرنا ابن جريج، به. وقد صحّح ابن حجر إسناده كما في الأعلى.
2 فتح الباري 11/594.
تقدم تخريجه في الذي قبله.
3 عبد الله بن دينار، العدوي مولاهم، أبوعبد الرحمن المدني، مولى ابن عمر، ثقة، مات سنة سبع وعشرين ومائة. أخرج له الجماعة. التقريب 1/413.
4 فتح الباري 3/420. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم3533 والدارقطني في سننه 2/226 رقم46 كلاهما من طريق ورقاء، به. وقد صحّح إسناده ابن حجر كما في اللصلب.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/524 ونسبه إلى وكيع وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم - وصححه - واليهقي في سننه من طرق عن ابن عمر.(1/198)
[168] وروى البيهقي من طريق عبد الله بن نمير1 عن عبيد الله بن عمر2، عن نافع، عن ابن عمر مثله. والإسنادان صحيحان3.
قوله تعالى: {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} الآية: 197
[169] روى ابن أبي شيبة4 من طريق مقسم5 عن ابن عباس قال: {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} : تماري صاحبك حتى تغضبه6.
__________
1 عبد الله بن نمير - بنون مصغرا - الهمداني، أبو هشام الكوفي، ثقة، صاحب حديث، من أهل السنة، مات سنة تسع وتسعين، وله أربع وثمانون. أخرج له الجماعة. التقريب 1/457.
2 عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العُمري، المدني، أبو عثمان، ثقة ثبت، قدّمه أحمد بن صالح على مالك في نافع، وقدمه ابن معين في القاسم عن عائشة على الزهري عن عروة منها، مات سنة بضع وأربعين ومائة. أخرج له الجماعة. التقريب 1/537.
3 فتح الباري 3/420.
أخرجه الحاكم 2/276 ومن طريقه البيهقي 4/342 - في الحج، باب بيان أشهر الحج -، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان،، ثنا عبد الله بن نمير، به مثله. صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وصحح إسناده ابن حجر أيضا كما في سبق.
وأخرجه سعيد بن منصور رقم331 عن إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، به. وأخرجه ابن جرير رقم3532 وابن حجر في تغليق التعليق 3/58-59 من طريق حماد، عن عبيد الله بن عمر، به مثله.
4 في الفتح في طبعاته "ابن أبي نسيبة"، ولعله "ابن أبي شيبة" كما أثبت، تصحّف إلى "ابن أبي نسيبة " كما يتضح ذلك عند التخريج، وقد نسبه السيوطي في الدر المنثور فيمن نسبه إلى ابن أبي شيبة أيضا.
5 مِقسم بن بُجُرة، أبو القاسم، مولى عبد الله بن الحارث، ويقال له مولى ابن عباس، للزومه له، صدوق، وكان يرسل، مات سنة إحدى ومائة، وماله في البخاري سوى حديث واحد، وأخرج له أصحاب السنن الأربعة. التقريب 2/273.
6 فتح الباري 3/435. =(1/199)
[170] وكذا أخرجه عن ابن عمر مثله1.
[171] ومن طريق عكرمة وإبراهيم النخعي وعطاء بن يسار2 وغيرهم نحو قول ابن عباس3.
__________
= أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه كتاب الحج، باب في قوله تعالى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ} ، عن سفيان ابن عيينة، عن خصيف، عن مقسم، به.
وأخرجه ابن جرير رقم3672 حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عيينة، عن خصيف، عن مقسم، به مثله. وأخرجه رقم3693 من طريق عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري، عن خصيف، به. وأخرجه رقم3671 من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن التميمي، قال: سألت ابن عباس عن الجدال - فذكر مثله. وأخرجه ابن أبي حاتم رقم1831 من طريق سفيان، عن خصيف، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/528 ونسبه إلى وكيع وسفيان بن عيينة والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد ابن حميد وأبي يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طرق عن ابن عباس في الآية.
1 فتح الباري 3/435.
أخرجه الطبراني في الأوسط مجمع البحرين، رقم3295 حدثنا محمد بن يحيى بن سهل، ثنا يزيد بن حكيم، ثنا يحيى بن السكن، ثنا شريك، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر - نحوه. ولفظه " {وَلا جِدَالَ} المراء". وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 6/320 وفيه يحيى بن بن السكن وهو ضعيف. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/528 ونسبه إلى ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط. ويشهد له ما قبله.
2 عطاء بن يسار الهلالي، أبو محمد المدني، مولى ميمونة، ثقة فاضل، صاحب مواعظ وعبادة، مات سنة أربع وتسعين، وقيل بعد ذلك. أخرج له الجماعة. التقريب 2/23.
3 فتح الباري 3/435.
أما أثر عكرمة فأخرجه ابن جرير رقم3689 عن ابن وكيع، قال: حدثني أبي، عن النضر بن عربي، عن عكرمة، به.
وأما أثر النخعي فأخرجه ابن جرير أيضا رقم3684، 3686 من طريق شعبة، ومن طريق خالد، كلاهما عن المغيرة، عن إبراهيم النخعي - نحوه.
وأما أثر عطاء فأخرجه ابن جرير رقم3685 عن المثنى قال: حدثنا المعلى قال: حدثنا عبد العزيز، عن موسى بن عقبة، قال: سمعت عطاء بن يسار يحدث - فذكر نحوه.(1/200)
[172] وأخرج من طريق عبد العزيز بن رفيع1 عن مجاهد قال: قوله: {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} قال: قد استقام أمر الحج2.
[173] ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: قد صار الحج في ذي الحجة لا شهر ينسأ ولا شك في الحج، لأن أهل الجاهلية كانوا يحجون في غير ذي الحجة3.
قوله تعالى:
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} الآية: 198
[174] روى الطبري بإسناد صحيح عن أيوب4، عن عكرمة قال: كانت تقرأ هذه الآية: " {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج"5.
__________
1 عبد العزيز بن رُفيع - بفاء مصغراً - الأسدي، أبو عبد الملك المكي نزيل الكوفة، ثقة. مات سنة ثلاث ومائة. وقيل بعدها. وقد جاوز السبعين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التقريب 1/509.
2 فتح الباري 3/435.
أخرجه ابن جرير رقم3704 حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عبد العزيز بن رفيع، به نحوه.
3 فتح الباري 3/435.
أخرج ابن جرير الأرقام 3705-3706 و3708-3713 من طرق عن ابن أبي نجيح وغيره عن مجاهد - نحوه.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/530 ونسبه إلى سفيان بن عيينة وابن أبي شيبة.
4 هو السختياني.
5 فتح الباري 3/595.
نسب أبو حيان هذه القراءة إلى ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير، وهي قراءة شاذة. قال أبو حيان: والأولى جعل هذا تفسيراً؛ لأنه مخالف لسواد المصحف الذي أجمعت عليه الأمة. البحر المحيط 1/94.
والرواية أخرجها ابن جرير رقم3766 حدثنا ابن بشار قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: أخبرنا أيوب، به.(1/201)
[175] أخرج الحاكم في "المستدرك" من طريق عطاء عن عبيد بن عمير1، عن ابن عباس إن الناس في أول الحج كانوا يتبايعون بمنى وعرفة وسوق ذي المجاز ومواسم الحج، فخافوا البيع وهم حرم، فأنزل الله تعالى: لا {2 جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} ، في مواسم الحج". قال3: فحدثني عبيد بن عمير أنه كان يقرأها في المصحف4.
[176] ولأبي داود وإسحاق بن راهويه من طريق مجاهد عن ابن عباس: كانوا لا يتجرون بمنى، فأمروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات، وقرأ هذه الآية5.
__________
1 عبيد بن عمير بن قتادة الليثي، أبو عاصم المكي، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قاله مسلم، وعدّه غيره في كبار التابعين، وكان قاص أهل مكة، روى عن ابن عباس وغيره، وعنه عطاء وغيره. مجمع على ثقته. مات سنة ثمان وستين قاله ابن حبان في الثقات. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 7/65، والتقريب 1/544.
2 كذا ورد في الأثر، ولفظ الآية "ليس عليكم".
3 القائل هو عطاء.
4 فتح الباري 3/594.
أخرجه الحاكم 1/449 حدثنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي بهمدان، ثنا إبراهيم ابن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا ابن أبي ذئب، عن عطاء بن أبي رباح، به مثله.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وأصله في البخاري من طريق ابن جريج قال عمرو بن دينار قال ابن عباس رضي الله عنهما ولفظه "كان ذو المجاز وعكاظ متجر الناس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك حتى نزلت "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج".
صحيح البخاري، كتاب الحج، باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية.
5 فتح الباري 3/594. أخرجه أبو داود رقم1731 - في المناسك، باب التجارة في الحج - حدثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، به. وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم1523.(1/202)
[177] وأخرجه إسحاق في مسنده من هذا الوجه1 بلفظ "كانوا يمنعون البيع والتجارة في أيام الموسم يقولون: إنها أيام ذكر فنزلت2.
[178] وله3 من وجه آخر عن مجاهد، عن ابن عباس: كانوا يكرهون أن يدخلوا في حجهم التجارة حتى نزلت {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} 4.
__________
1 أي طريق يزيد بن أبي زياد عن عبيد بن عمير.
2 فتح الباري 3/594.
أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده مسند ابن عباس ح 133 - ق 279/ب أخبرنا الملائي - وهو أبو نعيم الفضل بن دكين - حدثنا يونس، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
وأخرجه ابن جرير 2/184 من طريق المثنى بن إبراهيم، عن أبي نعيم - هو الملائي، به مثله. إلا أنه زاد بعد الآية قوله "فحجوا ". وفي إسناده "يزيد بن أبي زياد" مختلف فيه، قال ابن حجر: ضعيف، كبر فتغير وصار يتلقن، وكان شيعيا، وقد روى له مسلم إلا أن رواية مسلم عنه كانت مقرونة. انظر: التهذيب 11/287، والتقريب 2/265.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/400 وعزاه إلى وكيع وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبي داود وابن جرير.
3 أي لإسحاق بن راهويه في مسنده.
4 فتح الباري 3/594-595.
أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده ح 132-ق 297/أ - مسند ابن عباس - أخبرنا جرير، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
وأخرجه أبو داود رقم1731 - في الحج، باب التجارة في الحج - من طريق يوسف ابن موسى، عن جرير، به نحوه. وإسناده صحيح وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/325.(1/203)
قوله تعالى:
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} الآية:201
[179] عن الحسن: "الحسنة" هي العلم والعبادة في الدنيا، أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح1.
[180] وعنه بسند ضعيف: الرزق الطيب والعلم النافع، وفي الآخرة الجنة2.
[181] وتفسير الحسنة في الآخرة بالجنة نقله ابن أبي حاتم أيضا عن السدي ومجاهد وإسماعيل بن أبي خالد3 ومقاتل بن حيان4.
__________
1 فتح الباري 11/192.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1879 حدثنا أبو زرعة، ينا أبو الأحوص محمد بن حيان، أخبرني عباد بن العوام، أخبرني هشام، عن الحسن، به. وقد صحّح ابن حجر إسناده كما في سبق.
2 فتح الباري 11/192.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1880 حدثنا أسيد بن عاصم، ثنا الحسين بن حفص، ثنا سفيان، عن رجل، عن الحسن - بلفظ "الرزق الطيب والعلم النافع في الدنيا "، ولم يذكر "وفي الآخرة الجنة "، وأخرج هذا الجزء الأخير رقم1884 بالسند المذكور قبله - أعني طريق عباد بن العوام، عن هشام -.
والإسناد الأول ضعيف؛ لأن فيه راويا مبهما.
3 إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي مولاهم البَجَلي، ثقة ثبت، مات سنة ست وأربعين ومائة. التقريب 1/68.
4 فتح الباري 11/192.
ذكر ذلك ابن أبي حاتم عقب روية الحسن من طريق عباد بن العوام عن هشام، والتي سبقت الإشارة إليها في الذي قبله.(1/204)
[182] وعن ابن الزبير1: يعملون في دنياهم لدنياهم وآخرتهم2.
[183] وعن قتادة هي العافية في الدنيا والآخرة3.
[184] وعن محمد بن كعب القرظي الزوجة الصالحة من الحسنات4.
[185] ونحوه عن يزيد بن أبي مالك5 6.
[186] وأخرج ابن المنذر من طريق سفيان الثوري7 قال: الحسنة في
__________
1 هو عبد الله بن الزبير بن العوّام، القرشي الأسدي، أبو بكر وأبو خُبيب، هاجرت أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق وهي حامل به. فكان أول مولود في الإسلام بالمدينة، فحنكه النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة لاكها في فيه، ثم حنّكه بها، فكان ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم أول شيء دخل جوفه، وولي الخلافة تسع سنين، قتل في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/241، رقم2949، والإصابة 4/78، رقم4700، والتقريب 1/415.
2 فتح الباري 11/192.
لم أقف على من ذكره غير ابن حجر في الفتح.
3 فتح الباري 11/192.
أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الرزاق رقم1881، 1885 أنبأ معمر، عن قتادة، به.
4 فتح الباري 11/192.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1882 حدثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، أخبرني عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن محمد بن كعب القرظي، به.
5 يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الهمداني، الدمشقي القاضي، صدوق، ربما وهم، مات سنة ثلاثين ومائة أو بعدها، وله أكثر من سبعين سنة. التقريب 2/368.
6 فتح الباري 11/192.
ذكره ابن أبي حاتم عقب رواية محمد بن كعب القرظي من غير إسناد بصيغة التمريض قائلا "وروي عن يزيد ابن مالك نحو ذلك ".
7 سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله الكوفي، ثقة حافظ فقيه، عابد إمام حجة، وكان ربما دلّس، مات سنة إحدى وستين ومائة، وله أربع وستون. التقريب 1/311.(1/205)
الدنيا الرزق الطيب والعلم وفي الآخرة الجنة1.
[187] ومن طريق سالم بن عبد الله بن عمر2 قال: الحسنة في الدنيا المنى3.
[188] ومن طريق السدي قال: المال4.
[189] ونقل الثعلبي عن السدي ومقاتل: حسنة الدنيا الرزق الحلال الواسع والعمل الصالح، وحسنة الآخرة المغفرة والثواب5.
__________
1 فتح الباري 11/192.
أخرجه سفيان الثوري في تفسيره 96: 92 ص 25 عن رجل عن الحسن، به. وزاد بعد قوله "والعمل" النافع في الدنيا، ولفظه "قال الرزق الطيب والعمل النافع في الدنيا، وفي الآخرة حسنة "إلى الجنة ". وإسناده ضعيف لجهالة راوٍ فيه.
2 سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، أبو عمر، أو أبو عبد الله، المدني، أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتا عابدا فاضلا،، كان يُشبّه بأبيه في الهدي والسمت، مات في آخر سنة ست ومائة على الصحيح، أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 3/378، والتقريب 1/280.
3 فتح الباري 11/192.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/561 عن سالم، لكن بلفظ "الثناء" بدل "المنى"، ونسبه إلى ابن المنذر فقط.
4 فتح الباري 11/192.
أخرجه ابن جرير رقم3883 حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، به. ولفظه "قال: هؤلاء المؤمنون، أما حسنة الدنيا فالمال، وأما حسنة الآخرة فالجنة ".
5 فتح الباري 11/192.
لم أجده في تفسيره عنهما، وإنما وجدته عن سفيان الثوري، فأخرجه عن أبي محمد المخلدي، قال: ثنا عبد الله بن محمد بن مسلم، قال: ثنا يوسف بن عبد الله، قال: ثنا ابن وهب، قال: سمعت سفيان الثوري يحدث بها في هذه الآية قال: في الدنيا حسنة: الرزق الطيب والعمل والعلم. تفسير الثعلبي ل 74 /أ.(1/206)
[190] وعن عطية1: حسنة الدنيا العلم والعمل به، وحسنة الآخرة تيسير الحساب ودخول الجنة2.
[191] وبسنده عن عوف قال: من آتاه الله الإسلام والقرآن والأهل والمال والولد فقد آتاه في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة3.
[192] ونقل الثعلبي عن علي4 أنها في الدنيا المرأة الصالحة وفي الآخرة الحوراء، وعذاب النار المرأة السوء5.
__________
1 هو العوفي.
2 فتح الباري 11/192.
ذكره الثعلبي في تفسيره ل 73/أعنه بدون إسناده.
3 فتح الباري 11/192.
أخرجه الثعلبي ل73/ب أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه الدينوي بقراءتي عليه، قال: ثنا موسى بن محمد ابن علي، قال: ثنا الحسين بن علويه القطان، قال: ثنا إسماعيل بن عيسى، ثنا المسيب، قال: ثنا عوف في هذه الآية - فذكره.
4 هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته فاطمة، من السابقين الأولين، وهو أول من أسلم من الصبيان، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ورابع الخلفاء الراشدين، مات في رمضان سنة أربعين، وله ثلاث وستون سنة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 4/87، رقم3789، والإصابة 4/464، رقم5704، والتقريب 2/39.
5 فتح الباري 11/192.
ذكره الثعلبي في تفسيره ل73/أعن علي بدون إسناده، وكذا ذكره القرطبي 2/286 عنه بغير إسناد وبصيغة التمريض قائلا "فَرُوِي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه " وذكره، ثم عقبه قائلا "قلت: وهذا فيه بُعْد، ولا يصح عن عليّ، لأن النار حقيقة في النار المحرقة، وعبارة المرأة عن النار تجوّز. اهـ.
قلت: والصواب في ذلك أن الحسنة في الدنيا تشمل كلّ خير دنيويّ، وأما في الآخرة، فلا شك أنها الجنة، لأن من لم ينلها يومئذ فقد حُرم جميع الحسنات. وهذا الذي رجّحه ابن جرير وابن كثير أيضا، فقد قال ابن كثير: فالحسنة في الدنيا تشمل كلّ مطلوب =(1/207)
قوله تعالى: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} الآية: 204
[193] وصل الطبري من طريق ابن جريج1 قلت لعطاء في قوله: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} قال: "الحرث" الزرع، "والنسل": من الناس والأنعام2.
__________
= دنيويّ، من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هنئ، وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين، ولا منافاة بينها، فإنها كلها مندرجة في الحسن في الدنيا. وأما الحسن في الآخرة: فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات، وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة، وأما النجاة من النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا، من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام. اهـ. انظر: تفسير ابن كثير 1/355-356، وتفسير القرطبي 2/286.
1 وقد تصحّف "ابن جريج " إلى "ابن جرير" في طبعات فتح الباري، ووقع على الصواب في النسخة الخطية.
2 فتح الباري 8/188.
أخرجه ابن جرير رقم3995 من طريق الحسين بن داود، عن حجاج، عن ابن جريج - بنحوه.
وهذا سند يتكرر عند ابن جرير كثيرا، وفيه "الحسين بن داود المِصيصي المحتسب"، وهو المشهور بـ "سنيد"، من حفاظ الحديث، وله تفسير مشهور. قال عنه ابن حجر في التقريب 1/335: ضعيف مع إمامته ومعرفته، لكونه كان يلقن حجاج بن محمد شيخه.
قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: رأيت سنيداً عند حجاج بن محمد وهو يسمع منه كتاب الجامع لابن جريج: أخبرت عن الزهري وأخبرت عن صفوان بن سليم وغير ذلك، قال: فجعل سنيد يقول لحجاج: يا أبا محمد قل: "ابن جريج عن الزهري" و"ابن جريج عن صفوان بن سليم"، قال: فكان يقول له هكذا، قال: ولم يحمده أبي فيما رآه يصنع بحجاج، وذمّه على ذلك، قال أبي: وبعض تلك الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة كان ابن جريج لا يبالي عن من أخذها.
قال الخلال: وروي أن حجاجا كان هذا منه في وقت تغيره، ويرى أن أحاديث الناس عن حجاج صحاح إلا ما روى سنيد. مات سنيد سنة ست وعشرين بعد المائتين.
انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 4/326، والتهذيب 4/214-215، والتقريب 1/335، وفتح الباري 8/253.(1/208)
[194] رواه ابن أبي حاتم وغيره عن العوفي عن ابن عباس1.
قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} الآية: 219
[195] وصل عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زيادات الزهد بسند صحيح عن الحسن البصري "العفو" الفضل، ولا لوم على الكفاف2.
[196] وأخرج عبد بن حميد أيضا من وجه آخر عن الحسن قال "أن لا تجهد مالك ثم تقعد تسأل الناس" 3.
[197] وقد أخرج ابن أبي حاتم من مرسل يحيى بن أبي كثير بسند صحيح إليه أنه "بلغه أن معاذ بن جبل وثعلبة سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: إن لنا أرقاء وأهلين، فما ننفق من أموالنا؟ فنزلت"4.
[198] وقد جاء عن ابن عباس وجماعة أن المراد بالعفو ما فضل عن
__________
1 أخرجه ابن أبي حاتم رقم1934 من طريق العوفي، عن ابن عباس - نحوه. والعوفي ضعيف وقد تقدم.
2 فتح الباري 9/497.
أخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/480 حدثنا عبد الله بن موسى، وأبو الوليد، عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن، به. وأخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات الزهد كما في تغليق التعليق 4/480 ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا يزيد، عن الحسن، به. وقد صحّح ابن حجر إسناده كما في الصلب.
3 فتح الباري 9/498.
أخرجه عبد بن حميد في تفسيره كما في تفسير ابن كثير 1/373 حدثنا هوذة بن خليفة، عن عوف، عن الحسن، به.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/607 ونسبه إلى عبد بن حميد فقط.
4 فتح الباري 9/498.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2068 حدثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا أبان، ثنا يحيى - وهو ابن أبي كثير، به.(1/209)
الأهل، أخرجه ابن أبي حاتم أيضا1.
[199] ومن طريق مجاهد قال: العفو الصدقة المفروضة2.
[200] ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: "العفو" ما لا يتبين في المال، وكان هذا قبل أن تفرض الصدقة3.
الآية:220: قوله تعالى:
{وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ}
[201] وقد روى عبد بن حميد من طريق قتادة قال: لما نزلت: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام:152] كانوا لا يخالطونهم في مطعم ولا غيره، فاشتد عليهم، فأنزل الله الرخصة {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} 4.
__________
1 فتح الباري 9/498.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2069 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا حفص بن عمر المكتب، وعقبة بن خالد عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، به.
وقال ابن أبي حاتم عقبه: وروي عن عبد الله بن عمر ومجاهد وعطاء والحسن وعكرمة ومحمد بن كعب وقتادة والقاسم وسالم وسعيد بن جبير وعطاء الخراساني والربيع بن أنس نحو ذلك.
2 فتح الباري 9/498.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2072 حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح قال: كان مجاهد يقول: - فذكره.
3 فتح الباري 9/498.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2073 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
4 فتح الباري 5/395. أخرج عبد الرزاق في تفسيره 1/89 عن معمر، عن قتادة - نحوه.(1/210)
[202] وروى الثوري في تفسيره عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير "أن سبب نزول الآية المذكورة: لما نزلت {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً} 1 عزلوا أموالهم عن أموالهم، فنزلت: {قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} قال: فخلطوا أموالهم بأموالهم"2.
[203] وقد وصله عطاء بن السائب3 بذكر ابن عباس فيه، أخرجه أبو داود والنسائي واللفظ له وصححه الحاكم من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} – {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً} اجتنب الناس مال اليتيم وطعامه، فشق ذلك عليهم، فشكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
__________
1 من الآية 10 من سورة النساء.
2 فتح الباري 5/395.
أخرجه الثوري في تفسيره 203: 29: 24 - في سورة النساء - عن سالم الأفطس، به.
3 هو عطاء بن السائب، أبو محمد، ويقال أبو السائب، الثقفي الكوفي، صدوق اختلط. مات سنة ست وثلاثين ومائة. أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن الأربعة. قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ثقة ثقة رجل صالح، وقال أبو طالب عن أحمد: من سمع منه قديما فسماعه صحيح، ومن سمع منه حديثا لم يكن بشيء، سمع منه قديما سفيان وشعبة، وسمع منه حديثا جرير وخالد وإسماعيل وعلي بن عاصم، وكان يرفع عن سعيد بن جبير أشياء لم يكن يرفعها. وقال ابن حجر - بعد أن نقل أقوال الأئمة فيه - "فيحصل لنا من مجموع كلامهم أن سفيان الثوري وشعبة وزهيراً وزائدة وحماد بن زيد وأيوب عنه صحيح ومن عداهم يتوقف فيه إلا حماد بن سلمة فاختلف قولهم والظاهر أنه سمع منه مرتين مرة مع أيوب كما يومي إليه كلام الدارقطني ومرة بعد ذلك لما دخل إليهم البصرة وسمع منه مع جرير وذويه والله أعلم. انظر ترجمته في: التهذيب 7/183، والتقريب 2/22.(1/211)
فنزلت {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} الآية"1.
[204] ورواه النسائي من وجه آخر عن عطاء بن السائب موصولا أيضا وزاد فيه "وأحل لهم خلطهم "2.
[205] وروى عبد بن حميد من طريق السدي عمن حدثه عن ابن عباس قال "المخالطة أن تشرب من لبنه ويشرب من لبنك وتأكل من قصعته ويأكل من قصعتك {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} من يتعمد أكل مال اليتيم ومن يتجنبه3.
قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُمْ} الآية: 220
[206] أخرج ابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
__________
1 فتح الباري 5/395.
أخرجه أبو داود في سننه في الوصايا، باب مخالطة اليتيم في الطعام، رقم2871 حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به. وذكره ابن كثير في تفسيره 3/359 وعزاه إلى أبي داود.
2 فتح الباري 5/395.
أخرجه النسائي في سننه في الوصايا، باب ما للوصي من مال اليتيم إذا قام عليه، رقم3670 أخبرنا عمرو بن علي قال حدثنا عمران بن عيينة قال حدثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. ولفظه قال: "في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً} قال كان يكون في حجر الرجل اليتيم فيعزل له طعامه وشرابه وآنيته فشق ذلك على المسلمين فأنزل الله عز وجل {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} في الدين فأحل لهم خلطتهم".
3 فتح الباري 5/395.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2082 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/613 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.(1/212)
{لاعْنَتَكُمْ} : لأحرجكم وضيَّق عليكم، ولكنه وسَّع ويسَّر فقال: {وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] يقول: يأكل الفقير إذا ولي مال اليتيم بقدر قيامه على ماله ومنفعته ما لم يسرف أن ينذر1.
[207] وأخرج ابن المنذر من طريق سعيد بن جبير قال في قوله: {لاعْنَتَكُمْ} : لأحرجكم2.
الآية: 222: قوله تعالى:
{وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}
[208] روى مسلم وأبو داود من حديث أنس 3 أن اليهود كانوا اذا حاضت المرأة أخرجوها من البيت، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنزلت الآية، فقال: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح"، فأنكرت اليهود ذلك، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا: يا رسول الله ألا نجامعهن في الحيض؟ يعني خلافا لليهود، فلم يؤذن في ذلك4.
__________
1 فتح الباري 5/394.
أخرجه ابن جرير رقم4204 حدثني علي بن داود، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي، به إلى نهاية آية النساء، ولم يذكر ما بعدها.
2 فتح الباري 5/394. لم أقف عليه مسندا، وقد سبق في الذي قبله عن ابن عباس مثله.
3 أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، خدمه عشر سنين. عُمِّر طويلا، وقد توفي سنة بضع وتسعين وهو آخر من توفي بالبصرة من الصحابة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 1/294، رقم258، والتقريب 1/84.
4 فتح الباري 1/399.
أخرجه الإمام أحمد 3/132 ومسلم في صحيحه رقم302-16 - في الحيض، باب الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد -، وأبو داود - في الطهارة، باب في مؤاكلة الحائض ومجامعتها، رقم258 - كلهم من حديث أنس - نحوه. وذكره ابن كثير 1/377-378 برواية الإمام أحمد، ثم أشار إلى رواية مسلم، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/618 ونسبه إلى أحمد وعبد بن حميد والدارمي ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبي يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن حبان والبيهقي في سننه.(1/213)
قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} الآية: 223
[209] روى أبو داود من طريق مجاهد عن ابن عباس1 قال: إن ابن عمر وهم والله يغفر له، إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب، فكانوا يأخذون بكثير من فعلهم، وكان أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف، وذلك أستر ما تكون المرأة، فأخذ ذلك الأنصار عنهم، وكان هذا الحي من قريش يتلذذون بنسائهم مقبلات ومدبرات ومستلقيات، فتزوج رجل من المهاجرين امرأة من الأنصار، فذهب يفعل فيها ذلك فامتنعت، فشَرِيَ2 أمرهما حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} مقبلات ومدبرات ومستلقيات، في الفرج3.
__________
1 سقطت كلمة "ابن" من الفتح، وهذا في الأغلب خطأ مطبعي.
2 في الفتح "فسري" بالسين المهملة، وهو خطأ قد يكون من النسّاخ أو من الطباعة، والصحيح بالشين المعجمة كما في السنن، و"شَرِيَ" بكسر الراء مثل "رَضِيَ" ومعناه: ارتفع وعظم وتفاقم.
انظر: النهاية 2/468-469.
3 فتح الباري 8/191.
أخرجه أبو داود رقم2164 - في النكاح، باب في جامع النكاح - حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ، حدثني محمد - يعني ابن سلمة - عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد - عنه. وأخرجه الحاكم 2/279 من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن محمد بن إسحاق سمع أبان بن صالح، عن مجاهد - نحوه. وسكت عنه الحاكم، وذكر الذهبي أنه على شرط مسلم. =(1/214)
............................................................................................
__________
= وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/629-630 ونسبه إلى ابن راهويه والدارمي وأبي داود وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه.
وأحسن منه ما صحّ توهيم من فهم عن ابن عمر، وأما ما روي عنه فإنه يحمل على أنه يأتيها في قبلها من دبرها، وذلك لما روى النسائي عن علي بن عثمان النفيلي، عن سعيد ابن عيسى، عن الفضل بن فضالة عن عبد الله بن سليمان الطويل، عن كعب بن علقمة، عن أبي النضر، أنه أخبره أنه قال لنافع مولى ابن عمر: إنه قد أكْثِرَ عليك القول، إنك تقول عن ابن عمر إنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن، قال: كذبوا عليّ، ولكن سأحدثك كيف كان الأمر: إن ابن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده، حتى بلغ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} . فقال: يا نافع، هل تعلم من أمر هذه الآية؟ قلت: لا، قال: إنا كنا معشر قريش نَجبي النساء، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار، أردنا منهن مثل ما كنا نريد فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود، إنما يُؤتَين على جنوبهن، فأنزل الله {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} . نقله ابن كثير ففي تفسيره 1/384 وقال: وهذا إسناد صحيح.
هذا ولم أهتد إليه في "المجتنى" ولا في "التفسير". وقد علق محققو تفسير ابن كثير قائلين: لم نجد فيما طبع من سنن النسائي الأحاديث التي تتناول هذه الآية.
وروى الدارمي في مسنده 1/260 - في الطهارة، باب من أتى امرأته في دبرها - حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث، عن الحارث بن يعقوب، عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال: قلت لابن عمر: ما تقول في الجوارى، أنُحَمَضُ لهن؟ قال: وما التحميض؟ فذكر الدُّبر، فقال: وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين؟
قال ابن كثير 1/388 وهذا إسناد صحيح ونص صريح منه بتحريم ذلك، فكل ما ورد عنه مما يحمل ويحتمل فهو مردود إلى هذا المحكم.
وقد أورد ابن كثير عن ابن مسعود وأبي الدرداء وأبي هريرة وابن عباس وعبد الله ابن عمرو بن العاص أثارا في تحريم ذلك، ثم قال: وهو الثابت بلا شك عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أنه يحرمه.
انظر: تفسير ابن كثير 1/383-389.
وقد نقل ابن عطية عن ابن عمر القول بإباحية الوطئ في الدبر، ثم قال وروي عنه خلافه، وتكفير من فعله، ثم قال: وهذا هو اللائق به ... إلى أن قال "ولا ينبغي لمؤمن بالله واليوم الآخر أن يعرج في هذه النازلة على زلة عالم بعد أن تصح عنه، والله المرشد لا رب غيره. المحرر الوجيز 2/183-184.
وقال ابن القيم - بعد أن أورد عددا من الروايات التي ذكرت هنا والتي لم تذكر -: قال "ومن ها هنا نشأ الغلط على من نُقل عنه الإباحة: من السلف والأئمة، فإنهم أباحوا: أن يكون الدبر طريقا إلى الوطء في الفرج، فيطأ من الدبر، لا في الدبر، فاشتبه على السامع: مَن نفى، أو لم يظن بينهما فرقا، فهذا الذي أباحه السلف والأئمة. فغلط عليهم الغالط أقبح الغلط وأفحشه ". انظر: الطب النبوي ص 204-205.(1/215)
[210] أخرجه أحمد والترمذي من وجه آخر صحيح عن ابن عباس قال: "جاء عمر فقال: يا رسول الله هلكت: حَوَّلْتُ رَحْلِي البارحة1، فأنزلت هذه الآية {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أقبل وأدبر، واتق الدبر والحيضة "2.
[211] وروى الخطيب في "الرواة عن مالك" من طريق إسرائيل
__________
1 قوله "حولت رحلي البارحة" قال ابن الأثير: كنى برحله عن زوجته، أراد به غِشْيانها في قبلها من جهة ظهرها؛ لأن المجامع يعلو المرأة ويركبها مما يلي وجهها، فحيث ركبها من جهة ظهرها كنى عنه بتحويل رَحْله، إما أن يريد به المنزل والمأوى، وإما أن يريد به الرَّحل الذي تركب عليه الإبل وهو الكور.
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 2/209
2 فتح الباري 8/191.
أخرجه الإمام أحمد 1/297 والترمذي رقم2980 - في التفسير، باب "ومن سورة البقرة" - وابن جرير رقم4347 من طريق الحسن بن موسى الأشيب، حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عنه بنحوه. قال الترمذي: حسن غريب.
وأخرجه النسائي في التفسير رقم60 وأبو يعلى رقم2736 وابن أبي حاتم رقم2134 وابن حبان الإحسان رقم4202 والطبراني ج 12/رقم12317 والبيهقي 7/198 والواحدي في أسباب النزول ص 68 والبغوي في التفسير 1/259 كلهم من طريق يونس بن محمد المؤدب عن يعقوب القمي، به.
وذكره ابن كثير 1/382 عن الإمام أحمد. وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/629 وزاد نسبته إلى ابن المنذر والخرائطي في مساوئ الأخلاق والضياء في المختارة.
والحديث ذكره الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2381 وقال: حسن.(1/216)
ابن روح1 قال: سألت مالكا2 عن ذلك فقال: ما أنتم قوم عرب؟ هل يكون الحرث إلا موضع الزرع 3؟
[212] أخرج أسحاق بن راهويه في مسنده وفي تفسيره عن النضر ابن شميل4 عن ابن عون، عن نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه، فأخذت عليه يوما، فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى قوله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} فقال: أتدرون فيما أنزلت هذه الآية؟ قلت: لا، قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن5.
__________
1 لم أقف على ترجمة له، وفي تفسير ابن كثير 1/389 "إسماعيل بن روح".
2 مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو عبد الله، المدني، إمام دار الهجرة، رأس المتقين وكبير المثبتين، حتى قال البخاري: أصح الأسانيد كلها: مالك عن نافع عن ابن عمر. مات سنة تسع وسبعين ومائة. التقريب 2/223.
3 فتح الباري 8/190.
أخرجه أبو بكر بن زياد النيسابوري فيما ذكره ابن كثير في تفسيره 1/389 حدثني إسماعيل بن حصن، حدثني إسماعيل بن روح، به. وزاد في آخره "لا تعدوا الفرج، قلت: يا أبا عبد الله، إنهم يقولون: إنك تقول ذلك؟ قال: يكذبون عليّ، يكذبون عليّ.
قال ابن كثير: فهذا هو الثابت عنه، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل وأصحابهم قاطبة، وهو قول سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، وعكرمة، وطاوس، وعطاء، وسعيد بن جبير، وعروة بن الزبير، ومجاهد بن جبر، والحسن وغيرهم من السلف: أنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار، ومنهم من يطلق على فاعله الكفر، وهو مذهب جمهور العلماء، وقد حكي في هذا شيء عن بعض فقهاء المدينة، حتى حكوه عن الإمام مالك، وفي صحته نظر. انتهى كلامه رحمه الله.
4 النضر بن شَميّل، المازني، أبو الحسن النحوي، نزيل مرو، ثقة ثبت، مات سنة أربع ومائتين، وله اثنتان وثمانون سنة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 10/390، والتقريب 2/301.
5 فتح الباري 8/190.
أخرجه ابن جرير رقم4326 من طريق هُشيم، قال: أخبرنا ابن عون، به. وأصل هذه الرواية أخرجها البخاري عن إسحاق بالإسناد المذكور، مبهمة. ولفظه "حتى انتهى إلى مكان قال: تدري فيم أنزلت؟ قلت: لا، قال: أنزلت في كذا وكذا ثم مضى".
هذا وقد أورد السيوطي في الدر 1/635-636 رواية المتن ونسبه إلى كل من إسحاق بن راهويه في مسنده وفي تفسيره والبخاري وابن جرير، مع أن لفظ البخاري ليس فيه قوله "إيتان النساء في أدبارهن" كما سبق بيانه.(1/217)
[213] وهكذا أورده ابن جرير من طريق إسماعيل بن علية1 عن ابن عون مثله2.
[214] ومن طريق إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي3 عن ابن عون نحوه4.
__________
1 هو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقْسم الأسدي مولاهم، أبو بشر البصري المعروف بابن عليّة، ثقة حافظ. مات سنة ثلاث وتسعين ومائة، وهو ابن ثلاث وثمانين. أخرج له الجماعة. التقريب 1/65-66.
2 فتح الباري 8/190.
أخرجه ابن جرير رقم4326 م حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، حدثنا ابن عون، عن نافع - فذكره، ولفظه "قال: قرأت ذات يوم {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ، فقال ابن عمر: أتدري فيم نزلت؟ قلت: لا! قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن". ونقله ابن كثير 1/383 برواية الطبري سندا ومتنا. هذا وقد كان سقط هذا الحديث من تفسير الطبري، ثم أثبته المحقق فيه إستنادا إلى ما نقله ابن كثير وابن حجر، وقد أشار - أي المحقق - إلى ذلك في الحاشية.
3 إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي، أبو إبراهيم البصري، ترجمه البخاري في الكبير، فلم يذكر فيه جرحا. وذكره ابن حبان في الثقات، وفي التقريب: "ليّن الحديث". مات سنة أربع وتسعين ومائة. أخرج له ابن ماجه. انظر ترجمته في: التاريخ الكبير 1/1/342 والثقات لابن حبان 8/94، والتهذيب 1/345، والتقريب 1/66.
4 فتح الباري 8/190.
أخرجه ابن جرير رقم4327 حدثني إبراهيم بن عبد الله بن مسلم أبو مسلم قال: حدثنا أبو عمر الضرير، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم صاحب الكرابيس، عن ابن عون، عن نافع - فذكره، ولفظه "قال: كنت أمسك على ابن عمر المصحف، إذ تلا هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ، فقال: أن يأتيها في دبرها ".(1/218)
[215] وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" عن معاذ1، عن ابن عون فأبهمه فقال: في كذا وكذا2.
[216] ووقع في "الجمع بين الصحيحين" للحميدي عن ابن عمر {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قال: يأتيها في الفرج3.
__________
1 هو معاذ بن معاذ بن نصر بن حسّان العنبري، أبو المثنى البصري القاضي، ثقة متقن، مات سنة ست وتسعين ومائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 10/175-177، والتقريب 2/257.
2 فتح الباري 8/190.
أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن باب القارئ يقرأ آي القرآن من مواضع مختلفة أو يفصل القراءة بالكلام، رقم9-25، ص 97 حدثنا معاذ، عن ابن عون، عن نافع - فذكره. ولفظه "قال: كان ابن عمر إذا قرأ لم يتكلم حتى يفرغ مما يريد أن يقرأه، قال: فدخل يوما، فقال: امسك عليَّ سورة البقرة، فأمسكتها عليه، فلما أتى على مكان منها، قال: أتدري فيم أنزلت؟ قلت: لا، قال: في كذا وكذا، ثم مضى في قراءته".
3 فتح الباري 8/189.
الأثر أخرجه البخاري رقم4527 بسنده من طريق عبد الصمد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر بدون قوله "الفرج". قال ابن حجر: قوله "يأتيها في الفرج" هكذا وقع في جميع النسخ - أي نسخ البخاري - لم يذكر ما بعد الظرف وهو المجرور، ووقع في "الجمع بين الصحيحين" يأتيها في الفرج وهو من عنده بحسب ما فهمه. وقال - أي ابن حجر - ثم وقفت على سلفه فيه وهو البرقاني فرأيت في نسخة الصنعاني "زاد البرقاني يعني الفرج"، ثم قال - أي ابن حجر أيضا - وليس مطابقا لما في نفس الرواية عن ابن عمر لما سأذكره " اهـ.
والأثر أخرجه ابن جرير رقم4331 عن أبي قلابة، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثني أبي، عن أيوب، به. ولفظه "قال: في الدبر".
هذا وقد أورده السيوطي في الدر المنثور 1/636 بلفظ ابن جرير، ونسبه إليه وإلى البخاري معا مع أن لفظ البخاري لم يذكر فيه ما بعد الظرف وهو المجرور كما سبق بيانه.(1/219)
[217] وأما رواية عبد الصمد فأخرجها ابن جرير في التفسير عن أبي قلابة الرقاشي1 عن عبد الصمد بن عبد الوارث2، حدثني أبي3، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر فذكره بلفظ "يأتيها في الدبر"4.
[218] وأما رواية محمد بن يحيى بن سعيد القطان فوصلها الطبراني في "الأوسط" من طريق أبي بكر الأعين5 عن محمد بن يحيى المذكور6، عن
__________
1 اسمه عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن محمد، أبو قلابة الرقاشي، روى عن عبد الصمد ابن بن الوارث وغيره، وروى عنه الأئمة، منهم ابن خزيمة، وابن جرير، وابن ماجه وآخرون. ذكره ابن حبان في الثقات. وفي التقريب "صدوق يخطئ، تغير حفظه لما سكن بغداد"، مات سنة ست وسبعين ومائتين، وله ست وثمانون سنة. انظر ترجمته في: التهذيب 6/371، والتقريب 1/522.
2 عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد، العنبري مولاهم، التَنُّوري، أبو سهل البصري، ذكره ابن حبان في الثقات، وثقه ابن سعد والحاكم وابن قانع. وفي التقريب "صدوق، ثبت في شعبة"، مات سنة سبع ومائتين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 6/291-292، والتقريب 1/507.
3 هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، العنبري، مولاهم، أبو عبيدة، التنوري، البصري، روى عن أيوب السختياني وغيره، وعنه ابنه عبد الصمد وغيره، ثقة ثبت، مات سنة ثمان ومائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 6/391، والتقريب 1/527.
4 فتح الباري 8/190.
تقدم تخريجه في الذي قبله. وقد أخرجه ابن جرير، به سندا ومتنا. وإسناده صحيح.
وأصله في البخاري رقم4527 عن إسحاق بن راهويه، عن عبد الصمد، عن أيوب، به بلفظ " يأتيها في " هكذا ولم يذكر المجرور. قال ابن حجر: هكذا وقع في جميع النسخ - أي نسخ البخاري - لم يذكر ما بعد الظرف وهو المجرور. وانظر: تغليق التعليق 4/180-181.
5 اسمه محمد بن أبي عتّاب البغدادي، أبو بكر الأعين، روى عن محمد بن يحيى بن سعيد القطان وغيره، وذكره ابن حبان في الثقات. وفي التقريب: صدوق، مات سنة أربعين بعد المائتين. انظر ترجمته في: التهذيب 9/298، والتقريب 2/189.
6 محمد بن يحيى بن سعيد بن القطان، أبو صالح البصري ولد العالم الشهير، ثقة وثقه ابن حبان، مات سنة، مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين على الصحيح. انظر ترجمته في: التهذيب 9/450، والتقريب 2/217.(1/220)
أبيه1، عن عبيد الله2، عن نافع، عن ابن عمر قال: إنما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} رخصة في إتيان الدبر، قال الطبراني: لم يروه عن عبيد الله بن عمر إلا يحيى بن سعيد، تفرد به ابنه محمد3.
[219] أخرج الدارقطني في "غرائب مالك" من طريق عبد العزيز الدراوردي4، عن مالك وعبيد الله بن عمر بن حفص وابن أبي ذئب5
__________
1 يحيى بن سعيد بن فرّوخ التميمي، أبو سعيد القطّان البصري، ثقة متقن حافظ، إمام قدوة، مات سنة ثمان وتسعين، وله ثمان وسبعون. أخرج له الجماعة. التقريب 2/348.
2 هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب.
3 فتح الباري 8/190.
أخرجه الطبراني كما في مجمع البحرين رقم3297 عن علي بن سعيد، ثنا محمد ابن أبي عتاب أبو بكر الأعين، به. قال الطبراني: لم يروه عن عبيد الله إلا يحيى ابن سعيد، تفرد به ابنه محمد بن يحيى.
وتعقبه ابن حجر قائلا: ولم يتفرد به يحيى بن سعيد، فقد رواه عبد العزيز الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر أيضا..... وروى هذا الحديث عن نافع أيضا جماعة غير من ذكرنا، ورواياتهم بذلك ثابتة عند ابن مردويه في تفسيره وفي فوائد الأصبهانيين لأبي الشيخ وتاريخ نيسابور للحاكم وغرائب مالك للدارقطني وغيرها. اهـ قوله.
وقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/322 وقال: رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه علي بن سعيد بن بشير هو حافظ، وقال فيه الدارقطني ليس بذاك، وبقية رجاله ثقات.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/636 ونسبه إلى الحسن بن سفيان في مسنده والطبراني في الأوسط والحاكم وأبي نعيم في المستخرج. وقد صحح إسناده السيوطي.
4 عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي، أبو محمد الجهني، مولاهم، المدني، صدوق، كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمري منكر، مات سنة ست، أو سبع وثمانين ومائة. أخرج له الجماعة. التقريب 1/512.
5 اسمه محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي العامري، أبو الحارث المدني، ثقة فقيه فاضل، مات سنة ثمان وخمسين ومائة، وقيل سنة تسع. أخرج له الجماعة. التقريب 2/184.(1/221)
ثلاثتهم عن نافع نحو رواية ابن عون عنه، ولفظه "نزلت في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها، فأعظم الناس ذلك فنزلت، قال: فقلت له من دبرها في قبلها، فقال: لا إلاّ في دبرها"1.
[220] وتابع نافعا على ذلك زيد بن أسلم عن ابن عمر، ورايته عند النسائي بإسناد صحيح2.
[221] أخرج أبو يعلى وابن مردويه وابن جرير والطحاوي من طريق
__________
1 فتح الباري 8/190.
أورده السيوطي في الدر المنثور 1/636 وقال: أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من طريق أبي بشر الدولابي، نبأنا أبو الحرث أحمد بن سعيد، نبأنا أبو ثابت محمد بن عبيد الله المدني، حدثني عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بالسند المذكور عن نافع قال: قال لي ابن عمر: أمسك عليّ المصحف يا نافع، فقرأ حتى أتى على {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قال لي: أتدري يا نافع فيم نزلت هذه الآية؟ قلت: لا، قال: نزلت في رجل من الأنصار ... إلخ.
2 فتح الباري 8/190.
لم أجده في تفسير النسائي ولا في سننه، ولكن الحافظ ابن كثير نقل في تفسيره 1/383 عن النسائي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر. ولفظه "أن رجلا أتى امرأته في دبرها، فوجد في نفسه من ذلك وجدا شديدا، فأنزل الله {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ". ثم نقل ابن كثير عقبه عن أبي حاتم الرازي قوله: لو كان هذا عند زيد بن أسلم، عن ابن عمر لما أولع الناس بنافع. ثم قال - أي ابن كثير -: وهذا تعليل منه لهذا الحديث.
هذا وقد علق محققو تفسير ابن كثير عليه قائلين: لم نجد فيما طبع من سنن النسائي الأحاديث التي تتناول هذه الآية.
والأثر أخرجه أيضا ابن جرير رقم4333 عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم - كمثل رواية النسائي سندا ومتنا. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/636 ونسبه إلى النسائي وابن جرير.(1/222)
زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري1 "أن رجلا أصاب امرأته في دبرها، فأنكر الناس ذلك عليه وقالوا: نعيّرها، فأنزل الله عز وجل هذه الآية2.
[222] وعلقه النسائي عن هشام بن سعد3 عن زيد4.
__________
1 اسمه سعد بن مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري، أبو سعيد الخدري، مشهور بكنيته، له ولأبيه صحبة، أُستصغر بأحد، ثم شهد ما بعدها، وروى الكثير، ومات بالمدينة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/451، رقم2036، والتقريب 1/289.
2 فتح الباري 8/191.
أخرجه أبو يعلى رقم1103 حدثنا الحارث بن سريج، حدثنا عبد الله بن نافع، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، به.
وزكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/323 وقال: رواه أبو يعلى عن شيخه الحارث ابن سريج القفال وهو ضعيف كذاب.
قلت: لكنه تابعه متابع فأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/40 حدثنا أحمد ابن داود، قال: أخبرنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا عبد بن نافع، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، به.
وأخرجه ابن جرير رقم4334 عن يونس، عن عبد الله بن نافع، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار - بنحوه مرسلا، لم يذكر أبا سعيد، فهو مرسل ضعيف.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/637 وزاد نسبته إلى إسحاق بن راهويه وابن مردويه، وقد حسن إسناده - أي السيوطي -.
3 في الفتح "هشام بن سعيد"، والصواب "هشام بن سعد " كما يعرف من تخريج الحديث السابق، ولأنه هو الذي يروي عن زيد بن أسلم، قال الآجري عن أبي داود "هشام ابن سعد" أثبت الناس في زيد بن أسلم، فهشام بن سعد هو المدني أبو عباد أو أبو سعد القرشي مولاهم، روى عن زيد بن أسلم ونافع مولى ابن عمر وعمرو بن شعيب وغيرهم، وعنه الليث والثوري ووكيع وغيرهم، قال ابن حجر: صدوق له أوهام. انظر ترجمته في: التهذيب 11/37، والتقريب 2/318.
4 فتح الباري 8/191.
لم أقف عليها عند النسائي، وانظر أيضا التعليق على رواية ابن عمر من طريق زيد بن أسلم، عنه المتقدم برقم 215.(1/223)
قوله تعالى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} الآية: 224
[223] وقد أخرجه الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ولفظه "لا تجعل الله عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير، ولكن كفِّر واصنع الخير1.
[224] وعن سعيد بن جبير: هو أن يحلف أن لايصل رحمه مثلا فيقال له صل، فيقول: قد حلفت2.
[225] عن زيد بن أسلم: لا تكثروا الحلف بالله وإن كنتم بررة3.
__________
1 فتح الباري 11/558.
أخرجه ابن جرير رقم4360 حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، به.
ونقله ابن كثير في تفسيره 1/390 برواية الطبري، ثم قال: وهكذا قال مسروق، والشعبي، وإبراهيم النخعي، ومجاهد، وطاوس، وسعيد بن جبير، وعطاء، وعكرمة، ومكحول، والزهري، والحسن، وقتادة، ومقاتل بن حيان، والربيع بن أنس، والضحاك، وعطاء الخراساني، والسدي. ثم قال - أي ابن كثير - ويؤيد ما قاله هؤلاء ما ثبت في الصحيحين البخاري، رقم5518، ومسلم، رقم1649-9 عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني والله - إن شاء الله - لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيتُ الذي هو خير وتحلّلتها ". وساق عن عبد الرحمن بن سمرة وأبي هريرة حديثين آخرين في هذا المعنى.
2 فتح الباري 11/558.
أخرجه ابن جرير رقم4355 حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا ابن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير - نحوه.
قال ابن حجر عقبه: "وعلى هذا فمعنى أن تبروا كراهة أن تبروا فينبغي أن يأتي الذي هو خير ويكفر".
3 فتح الباري 11/558.
لم أقف عليه مسندا. وقال ابن حجر: وفائدة ذلك: إثبات الهيبة في القلوب، ويشير إليه قوله {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} .(1/224)
قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} الآية: 225
[226] قال زيد بن أسلم في قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} قال: هو كقول الرجل: إن فعلت كذا فأنا كافر، قال: لا يؤاخذه الله حتى يعقد به قلبه1.
قوله تعالى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الآية: 226
[227] وأخرج الطبري عن إبراهيم النخعي قال: الفئ الرجوع باللسان2.
[228] ومثله عن أبي قلابة3.
[229] وعن سعيد بن المسيب والحسن وعكرمة: الفئ الرجوع بالقلب واللسان لمن به مانع عن الجماع، وفي غيره بالجماع4.
__________
1 فتح الباري 1/70.
أخرجه ابن جرير رقم4461 حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الكريم، قال: حدثنا إسماعيل بن مرزوق، قال حدثني يحيى بن أيوب، أن زيد بن أسلم كان يقول في قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} - فذكره.
2 فتح الباري 9/426.
أخرجه ابن جرير رقم4541 حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا الضحاك بن مخلد، عن سفيان، عن منصور وحماد، عن إبراهيم، به.
3 فتح الباري 9/426.
أخرجه ابن جرير رقم4544 من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة. ولفظه "قال: إن فاء في نفسه أجزأه، يقول: قد فاء ".
4 فتح الباري 9/426.
أما أثر الحسن وعكرمة فأخرج ابن جرير رقم4525، 4534 حدثنا محمد بن يحيى وحدثنا ابن بشار قالا: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن وعكرمة أنهما - نحوه.
وأما أثر سعيد بن المسيب فأخرجه ابن جرير أيضا رقم4539 حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني يونس، قال: قال ابن شهاب، حدثني سعيد بن المسيب - فذكر بمعناه.(1/225)
[230] ومن طريق أصحاب ابن مسعود منهم علقمة1 مثله2.
[231] ومن طريق الحكم3 عن مقسم عن ابن عباس: الفئ الجماع4.
[232] وعن مسروق5 وسعيد بن جبير والشعبي مثله، والأسانيد
__________
1 علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك النخعي الكوفي، ثقة ثبت فقيه، عابد، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، روى عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وغيرهم، وهو من أشهر رواة ابن مسعود، وأعرفهم به، وأعلمهم بعلمه، مات بعد الستين وقيل بعد السبعين. انظر ترجمته في: التهذيب 7/244، والتقريب 2/31.
2 فتح الباري 9/426.
أما أثر علقمة فأخرجه ابن جرير رقم4532 حدثنا عمران، قال: حدثنا عبد الوارث، قال: حدثنا عامر، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة - نحوه.
3 هو الحكم بن عُتَيبة، أبو محمد الكندي الكوفي، ثقة ثبت فقيه، إلا أنه ربما دلّس، مات سنة ثلاث عشرة ومائة، أو بعدها، وله نيف وستون سنة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 2/372، والتقريب 1/192.
4 فتح الباري 9/426.
أخرجه ابن جرير الأرقام من 4509 إلى 4512 من طرق عن عن الحكم بن عتيبة، به مثله.
وقد رجّح الطبري هذا القول، واستدل له إلى أن قال "غير أنه إذا حيل بينه وبين الفئ - الذي هو جماع - بعذر، فغير جائز أن يكون تاركا جماعها على الحقيقة، لأن المرء إنما يكون تاركا ماله إلى فعله وتركه سبيل. فأما من لم يكن له إلى فعل أمر سبيل، فغير كائن تاركه، فإذا كان ذلك كذلك، فإحداث العزم في نفسه على جماعها مجزئ عنه في حال العذر حتى يجد السبيل إلى جماعها. وإن أبدى ذلك بلسانه وأشهد على نفسه في تلك الحال بالأوبة والفيء، كان أعجب إليّ. ا. هـ كلامه رحمه الله. انظر: تفسير الطبري 4/373-374.
5 هو مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي، الكوفي، ثقة فقيه عابد، مخضرم، مات سنة اثنتين أو ثلاث وستين. انظر ترجمته في: التهذيب 10/100، والتقريب 2/242.(1/226)
بكل ذلك عنهم قوية1.
قوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} الآية: 228
[233] وقد روى الطبري بإسناد صحيح عن الزهري قال: بلغنا أن المراد بما خلق الله في أرحامهن: الحمل أو الحيض، فلا يحل لهن أن يكتمن ذلك، لتنقضي العدة ولا يملك الزوج الرجعة إذا كانت له2.
[234] وروى أيضا بإسناد حسن عن ابن عمر قال: "لا يحل لها إن
__________
1 فتح الباري 9/426.
أخرجه ابن جرير رقم4513، 4514 من طريق سفيان وشعبة، كلاهما عن حصين، عن الشعبي، عن مسروق، قال: الفئ الجماع.
وأخرج ابن جرير رقم4521 حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا الحجاج بن المنهال، قال: حدثنا حماد، عن حماد وإياس، عن الشعبي - قال أحدهما: عن مسروق، قال: الفئ الجماع، وقال الآخر: عن الشعبي: الفئ الجماع.
وأما أثر سعيد بن جبير فأخرجه ابن جرير رقم4519 من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن سعيد بن جبير قال: الفئ الجماع، لا عذر له إلا أن يجامع وإن كان في سجن أو سفر. وأخرج رقم4517، 4518 من طريقين عن سفيان، عن علي بن بذيمة، عن سعيد بن جبير قال: الفئ الجماع.
فائدة: قال ابن حجر: قال الطبري: اختلافهم في هذه من اختلافهم في تعريف الإيلاء، فمن خصه بترك الجماع قال: لا يفئ إلا بفعل الجماع، ومن قال: الإيلاء الحلف على ترك كلامها أو على أن يغيظها أو يسوءها أو نحو ذلك لم يشترط في الفئ الجماع، بل رجوعه بفعل ما حلف أن لا يفعله. فتح الباري 9/426. وانظر تفسير الطبري 4/472.
2 فتح الباري 1/424-425.
أخرجه ابن جرير رقم4727 حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، به.(1/227)
كانت حائضا أن تكتم حيضا، ولا إن كانت حاملا أن تكتم حملها"1.
[235] وعن مجاهد "لا تقول إني حائض وليست بحائض، ولا لست بحائض وهي حائض" وكذا في الجبل2.
قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} الآية: 229
[236] وصل عبد الرزاق قال: أنبأنا ابن جريج أخبرني ابن طاوس3 وقلت له: ما كان أبوك يقول في الفداء؟ قال: كان يقول ما قال الله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} ولم يكن يقول قول السفهاء: لا يحل حتى تقول لا أغتسل لك من جنابة، ولكنه يقول "إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله" فيما افترض لكل واحد منهما على صاحبه في العشرة والصحبة "4.
__________
1 فتح الباري 1/425.
أخرجه ابن جرير رقم4734 حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا الأشعث، عن نافع، عن ابن عمر، به.
2 فتح الباري 1/425.
أخرجه ابن جرير رقم4739 حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به.
3 هو عبد الله بن طاوس بن كيسان اليماني، أبو محمد، ثقة فاضل عابد، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة. التقريب 1/424.
4 فتح الباري 9/397.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 6/496 - في الطلاق، باب ما يحل من الفداء - عن ابن جريج، به. وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 5/109 - في الطلاق، ما قالوا في الرجل متى يطيب له أن يخلع امرأته - حدثنا ابن عُلية، عن ابن جريج - فذكره نحوه. ولفظه "قال: كان طاوس يقول: يحل الفداء ما قال الله {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} ولم يكن يقول قول السفهاء، حتى تقول: لا أغتسل لك من جنابة ... إلخ. وقد سقط من المطبوع قوله "أخبرني ابن طاوس وقلت له: ما كان أبوك يقول في الفداء ". ويعرف من هذا أن نسخ الحافظ ابن حجر أتقن من النسخ التي بين أيدينا وأكمل.(1/228)
[237] وأخرج ابن أبي شيبة عن وكيع1 عن يزيد بن إبراهيم2 عن الحسن في قوله: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} قال: ذلك في الخلع إذا قالت: لا أغتسل لك من جنابة3.
[238] روى ابن أبي شيبة من طريق القاسم4 أنه سئل عن قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} قال فيما افترض عليهما في العشرة والصحبة5.
قوله تعالى:
{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} الآية: 230
[239] أخرج مقاتل بن حيان في تفسيره ومن طريقه ابن شاهين في
__________
1 هو وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان الكوفي، ثقة حافظ عابد، مات سنة في سنة ست أو سبع وتسعين ومائة، وله سبعون سنة. التقريب 2/331.
2 يزيد بن إبراهيم التستري، أبو سعيد البصري التميمي مولاهم، روى عن الحسن وابن سيرين وابن أبي مليكة وعطاء وقتادة وغيرهم، وعنه وكيع وغيره، ثقة ثبت إلا في روايته عن قتادة، ففيها لين. مات سنة ثلاث وستين ومائة على الصحيح. انظر ترجمته في: التهذيب 11/272، والتقريب 2/361.
3 فتح الباري 9/398.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 5/108 عن وكيع، عن الحسن، به. ولم يذكر في إسناده "يزيد بن إبراهيم".
4 القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أبو محمد ويقال أبو عبد الرحمن، روى عنه ابن أبي مليكة وغيره، ثقة، من كبار التابعين، أحد الفقهاء بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه. مات سنة ست ومائة على الصحيح. انظر ترجمته في: التهذيب 8/299-301، والتقريب 2/120.
5 فتح الباري 9/398.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 5/109 نا ابن علية، عن محمد بن إسحاق قال: سئل القاسم بن محمد - فذكره.(1/229)
"الصحابة" ثم أبو موسى في قوله تعالى: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} قال "نزلت في عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك النضرية1 كانت تحت رفاعة بن وهب بن عتيك2 - وهو ابن عمها - فطلقها طلاقا بائنا فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، ثم طلقها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنه طلقني قبل أن يمسني أفأرجع إلى ابن عمي زوجي الأول؟ قال: "لا" الحديث3.
قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} الآية: 232
[240] روى ابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:
__________
1 عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك النضرية، صحابية ورد ذكرها في هذه القصة. انظر ترجمتها في: أسد الغابة 2/283 و7/190، والإصابة 2/408 و8/236.
2 هو رِفاعة بن سِمْوال، وقيل: رفاعة بن رفاعة القرظي، من بني قريظة، صحابي، وهو خال صفية بنت حييّبن أخطب أم المؤمنين، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أمها برة بنت سموال. وهو الذي طلق امرأته ثلاثا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير، وطلقها قبل أن يدخل بها - على ما وردت قصته كما هي هنا -. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/273، رقم1690، والإصابة 2/408، رقم2675.
3 فتح الباري 9/465.
ذكره ابن حجر في الإصابة 2/409 في ترجمة رفاعة، وقال: روى ابن شاهين من طريق تفسير مقاتل بن حيّان - فذكره.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/677-678 ونسبه إلى ابن المنذر عن مقاتل بن حيان. وأصل هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها بدون ذكر نزول الآية. ولفظه "قالت عائشة: دخلت امرأة رفاعة القرظي - وأنا وأبو بكر عند النبي صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن رفاعة طلقني البتة، وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني، وإنما عنده مثل الهُدْبَة، وأخذت هدبة من جلبابها، وخالد بن سعيد بن العاص بالباب لم يؤذن له، فقال: يا أبا بكر، ألا تنهى هذه عما تجهر به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم! فما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبسم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كأنك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا، حتى تذوق عُسَيْلته ويذوق عسيلتك". انظر: البخاري رقم5317، ومسلم رقم1433-112 ومسند أحمد 6/34 واللفظ له.(1/230)
هي في الرجل يطلق امرأته فتقضي عدتها، فيبدو له أن يراجعها وتريد المرأة ذلك، فتمنعه وليها1.
[241] وقع في تفسير الطبري من حديث ابن عباس أنها نزلت في ولي النكاح أن يضار وليّته فيمنعها من النكاح2.
[242] ووقع في رواية مبارك بن فضالة3 عن الحسن عند أبي مسلم الكجي "قال الحسن: علم الله حاجة الرجل إلى امرأته وحاجة المرأة إلى زوجها، فأنزل الله هذه الآية4.
قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} إلى قوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} الآية: 233
[243] وأخرج الطبري عن ابن عباس أن إرضاع الحولين مختص لمن
__________
1 فتح الباري 8/192.
أخرجه ابن جرير رقم4940 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عنه بنحوه. وعلقه ابن كثير 1/415 عن علي، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/685 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر.
وذكره ابن كثير 1/451 تعليقا عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. ثم قال: وكذا قال مسروق، وإبراهيم النخعي، والزهري، والضحاك أنها نزلت في ذلك، ثم قال: وهذا الذي قالوه ظاهر من الآية، كما جاء في الحديث "لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها " [أخرجه ابن ماجه، رقم1882] . صححه الشيخ الألباني دون الجملة الأخيرة. انظر: إراوء الغليل 6/248.
2 فتح الباري 9/186. انظر ما قبله.
3 مبارك بن فَضَالة - بفتح الفاء وتخفيف المعجمة -، أبو فضالة البصري، روى عن الحسن البصري وهشام ابن عروة وحميد الطويل وغيرهم، قال بهز أنا مبارك أنه جالس الحسن ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة سنة. صدوق يدلس ويسوّي، مات سنة ست وستين ومائة على الصحيح. انظر ترجمته في: التهذيب 10/27، والتقريب 2/227.
4 فتح الباري 9/187.(1/231)
وضعت لستة أشهر، فمهما وضعت لأكثر من ستة أشهر نقص من مدة الحولين تمسكا بقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} [الأحقاف:15] ، وسنده صحيح، إلا أنه اختلف في وصله أو وقفه على عكرمة1.
[244] وصل ابن وهب في جامعه عن يونس2 قال: قال ابن شهاب: نهى الله تعالى أن تضار والدة بولدها، وذلك أن تقول الوالدة: لستُ مرضعته، وهي أمثل له غذاء وأشفق عليه وأرفق به من غيرها، فليس لها أن تأبى بعد أن يعطيها من نفسه ما جعل الله عليه، وليس للمولود له أن يضارّ بولده والدته فيمنعها أن ترضعه ضرارا لها إلى غيرها، فلا جناح عليهما أن يسترضعا عن طيب نفس الوالد والولدة، فإن أرادا فصالا عن تراض3.
[245] وأخرجه ابن جرير من طريق عقيل4 عن ابن شهاب نحوه، وفيه
__________
1 فتح الباري 9/504-505.
قال ابن حجر عقبه: وتعقب بمن زاد حملها على ثلاثين شهرا فإنه يلزم إسقاط مدة الرضاعة ولا قائل به، والصحيح أنها محمولة على الغالب.
وقد أخرجه ابن جرير رقم4950 حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا داود، عن عكرمه، عن ابن عباس - نحوه.
وقال ابن حجر عقبه إيراده: "وسنده صحيح، إلا أنه اختلف في وصله أو وقفه على عكرمة".
2 هو يونس بن يزيد بن أبي النجاد، الأيلي، أبو يزيد مولى آل أبي سفيان، ثقة، إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا، وفي غير الزهري خطأ، مات ستة تسع وخمسين بعد المائة. أخرج له الجماعة. التقريب 2/386.
3 فتح الباري 9/505.
وصله ابن حجر في تغليق التعليق 4/480-481 وقال: هكذا رويناه في الجامع لابن وهب عن يونس. كما نقل العيني في عمدة القارئ 21/18 عن ابن وهب، به.
4 هو عُقَيل - بالضم - ابن خالد بن عَقيل - بالفتح - الأبلي أبو خالد الأموي، مولاهم، روى عن ابن شهاب وغيره، وعنه الليث بن سعد ونافع بن يزيد وغيرهما. ثقة ثبت. قال ابن معين: أثبت من روى عن الزهري مالك ثم معمر ثم عقيل. سكن المدينة ثم الشام ثم مصر، مات سنة أربع وأربعين ومائة على الصحيح. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 7/228، والتقريب 2/29.(1/232)
"الوالدات أحق برضاع أولادهن، وليس لوالدة أن تضارّ ولدها فتأبى رضاعه وهي تعطى عليه ما يعطى غيرها، وليس للمولود له أن ينزع ولده منها ضرارا لها، وهي تقبل من الأجر ما يعطى غيرها، فإن أرادا فصال الولد عن تراض منهما وتشاور دون الحولين فلا بأس"1.
[246] عن ابن عباس "فصاله" فطامه، أخرجه الطبري عنه وعن السدي وغيرهما2.
[247] وعن ابن عباس أن الحولين لغاية الإرضاع وأن لا رضاع بعدهما، أخرجه الطبري أيضا، ورجاله ثقات إلا أنه منقطع بين الزهري وابن عباس3.
[248] ثم أخرج بإسناد صحيح عن ابن مسعود قال: ماكان من
__________
1 فتح الباري 9/505.
أخرجه ابن جرير رقم4981، 5036 حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب - وسئل عن قول الله تعالى ذكره {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} إلى {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} - فذكره بنحوه.
2 فتح الباري 9/505.
أخرجه ابن جرير رقم5052 من طريق علي بن أبي طلحة، عنه نحوه. وأما عن السدي فأخرجه رقم5044 من طريق أسباط، عنه نحوه.
3 فتح الباري 9/505.
أخرجه ابن جرير رقم4956 من طريق آدم، قال: أخبرنا ابن أبي ذئب، قال حدثنا الزهري، عن ابن عباس وابن عمر - نحوه. وأخرجه رقم4957 من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، قال كان ابن عمر وابن عباس يقولان: لا رضاع بعد الحولين.
قال ابن حجر عقبه: "ورجاله ثقات إلا أنه منقطع بين الزهري وابن عباس ".(1/233)
رضاعة بعد الحولين فلا رضاع1.
[249] وعن ابن عباس أيضا بسند صحيح مثله2.
[250] ثم أسند عن قتادة قال: كان إرضاعها الحولين فرضا، ثم خفف بقوله تعالى: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} 3.
قوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} الآية: 233
[251] قال ابن عباس {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} : عليه أن لا يضار4.
[252] وبه قال الشعبي ومجاهد5.
__________
1 فتح الباري 9/505.
أخرجه ابن جرير رقم4958 حدثنا أبو السائب، قال: حدثنا حفص، عن الشيباني، عن أبي الضحى، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله، به.
وأخرجه رقم4961 حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم، أنه يحدث عن عبد الله - نحوه.
2 فتح الباري 9/505.
أخرجه ابن جرير رقم4963 من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن عمرو ابن دينار، عن ابن عباس. ولفظه "أنه قال: لا رضاع بعد فصال السنتين". وأخرجه رقم4962 من طريق إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عنه. ولفظه "ليس يحرِّم من الرضاع بعد التمام، إنما يحرِّم ما أنبت اللحم وأنشأ العظم ".
3 فتح الباري 9/505.
أخرجه ابن جرير رقم4965 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، به.
4 فتح الباري 9/514.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2291 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا حفص، عن أشعث، عن الشعبي، عن ابن عباس، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/690 ونسبه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
5 فتح الباري 9/514. نقل عنهما ابن أبي حاتم من غيره إسناد حيث قال عقب رواية ابن عباس الذي قبل هذا، قال: وروي عن مجاهد في أحد قوليه والشعبي والضحاك نحو ذلك.(1/234)
قوله تعالى: {لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً} الآية: 235
[253] وصل عبد بن حميد من طريق عمران بن حدير1 عن الحسن {لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً} قال: الزنا2.
[254] وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن قال: هو الفاحشة3.
[255] قال قتادة قوله: {سِرّاً} أي لا تأخذ عهدها في عدتها أن لا تتزوج غيره. وأخرجه إسماعيل القاضي في "الأحكام" وقال: هذا أحسن من قول من فسره بالزنا، لأن ما قبل الكلام وما بعده لا يدل عليه4.
قوله تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} الآية:235
[256] وصل الطبري من طريق عطاء الخراساني5 عن ابن عباس في
__________
1 عمران بن حُدَير - مصغرا - السدّي، أبو عبيدة، البصري، ثقة، مات سنة تسع وأربعين. أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. التقريب 2/82.
2 فتح الباري 9/180.
أخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/414 عن روح، عن عمران، به. وأخرجه ابن حجر في تغليق التعليق - في الموضع نفسه - بسنده إلى وكيع، عن عمران بن حدير، به.
3 فتح الباري 9/180.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/95 حدثنا معمر، عن قتادة، عن الحسن، به.
4 فتح الباري 9/180.
5 هو عطاء بن أبي مسلم أبو عثمان الخراساني، صدوق يهم كثيراً، ويرسل ويدلّس، مات سنة خمس وثلاثين ومائة. التقريب 2/23.(1/235)
قوله تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} يقول: حتى تنقضي العدة1.
قوله تعالى: {مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} الآية: 236
[257] روى ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: {مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} أي تنكحوهن2.
قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} الآية: 238
[258] عن ابن مسعود قال: حبس المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس أو اصفرت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا"، أو قال: "حشا الله أجوافهم وقبورهم نارا" 3.
__________
1 فتح الباري 9/180.
أخرجه ابن جرير رقم5185 حدثني القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، به.
وإسناده ضعيف؛ فإن عطاء الخراساني لم يسمع من ابن عباس، ثم في إسناده "الحسين" وهو سنيد، ضعيف مع إمامته كما تقدم في ترجمته برقم 193.
2 فتح الباري 8/272.
هكذا عزاه ابن حجر من طريق عكرمة، ولكنه في تفسيره من طريق علي بن أبي طلحة، فقد أخرجه رقم2346 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي ابن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} قال: المس: النكاح.
3 فتح الباري 8/195.
أشار إليه عند شرح حديث علي الذي أخرجه البخاري رقم4533 بقوله "ولمسلم عن ابن مسعود نحو حديث علي"، ولفظ حديث علي قال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: "حبسونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس، ملأ الله قبورهم وبيوتهم - أو أجوافهم - ناراً". والحديث أخرجه مسلم في المساجد، باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصرة، رقم628-206 بسنده بهذا اللفظ.
وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/724 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، والترمذي، وابن ماجه، وابن جرير، وابن المنذر.(1/236)
[259] روى أحمد والترمذي من حديث سمرة1 رفعه قال: "صلاة الوسطى صلاة العصر" 2.
[260] وروى ابن جرير من حديث أبي هريرة رفعه "الصلاة الوسطى صلاة العصر" 3.
[261] ومن طريق كهيل بن حرملة4 سئل أبو هريرة عن الصلاة
__________
1 سمرة بن جندب بن هلال الفزاري، حليف الأنصار، صحابي مشهور، له أحاديث، مات بالبصرة سنة ثمان وخمسين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/554، رقم2242، والإصابة 3/150، رقم3488، والتقريب 1/333.
2 فتح الباري 8/195.
أخرجه الإمام أحمد 5/22 والترمذي في التفسير، باب ومن "سورة البقرة" رقم2983 وابن جرير رقم5438، 5439 من طرق، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، كما صححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم238.
والحديث ذكره ابن كثير 1/430 برواية الإمام أحمد. كما أورده السيوطي في الدر المنثور 1/725 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي.
3 فتح الباري 8/195.
أخرجه ابن جرير رقم5432 حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثني عبد الوهاب بن عطاء، عن التيمي، عن أبي صالح، عنه - مرفوعا. وهذا إسناد صحيح، ورجاله ثقات. وقد صحح المحقق الشيخ محمود محمد شاكر إسناده.
وذكره ابن كثير 1/430 عن ابن جرير، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/726 ونسبه إلى ابن جرير واليهقي.
4 كهيل بن حرملة النميري، تابعي ثقة، سمع أبا هريرة، وروى عنه خالد سبلان. ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحا. وذكره ابن حبان في الثقات. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 7/173، والثقات 5/341.(1/237)
الوسطى فقال: اختلفنا فيها ونحن بفناء بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفينا أبو هاشم بن عتبة1 فقال: أنا أعلم لكم، فقال فاستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج إلينا فقال: أخبرنا أنها صلاة العصر2.
[262] ومن طريق عبد العزيز بن مروان3 أنه أرسل إلى رجل فقال:
__________
1 أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشي، يكنى أبا سفيان العبشمي. اختلف في اسمه، فقيل مِهْشَم، وقيل خالد، وقيل اسمه كنيته. أسلم يوم فتح مكة، ونزل الشام إلى أن مات في خلافة عثمان. روى عنه أبو هريرة. انظر ترجمته في: الإصابة 7/346 رقم10670.
2 فتح الباري 8/195.
الحديث ذكره ابن حجر في الإصابة 7/346 في ترجمة أبي هاشم بن عتبة، وقال أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، والبغوي، والحاكم أبو أحمد.
قلت: ونسبته إلى السنن ليس بصحيح. وقد بين ذلك الشيخ محمود محمد شاكر أيضا. ثم إن ذكر الهيثمي له في مجمع الزوائد، يؤكد على أنه ليس في السنن. والله أعلم.
وقد أخرجه ابن جرير رقم5436 حدثني المثنى، قال: حدثنا سليمان بن أحمد الجرشي الواسطي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: أخبرني صدقة بن خالد، قال: حدثني خالد بن دهقان، خالد بن سبلان عنه، به.
وسليمان بن أحمد الحرشي الشامي، ضعيف، بل رماه بعضهم بالكذب، انظر: الجرح والتعديل 4/101. لكنه لم ينفرد بهذا الحديث، فقد أخرجه الحاكم 3/638 من طريق العباس بن والوليد بن مزيد، عن محمد بن شعيب بن شابور، عن خالد بن دهقان، به. وأخرجه البزار كما في كشف الأستار رقم391 من طريق هشام بن عمّار، ثنا صدقة يعني ابن خالد، به.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 1/314 وقال: رواه الطبراني في الكبير، والبزار ... ورجاله موثقون. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/726 ونسبه إلى ابن سعد، والبزار، وابن جرير، الطبراني، والبغوي في معجمه.
3 هو عبد العزيز بن مروان بن الحكم، أبو الأصبغ، أخو الخليفة عبد الملك، وهو والد عمر، أمّره أبوه على على مصر، فأقام بها أكثر من عشرين سنة، وكان صدوقا، مات بعد الثمانين ومائة. أخرج له أبو داود. التقريب 1/512.(1/238)
أي شيء سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة الوسطى؟ فقال أرسلني أبو بكر وعمر أسأله وأنا غلام صغير فقال: هي العصر1.
[263] ومن حديث أبي مالك الأشعري2 رفعه: "الصلاة الوسطى صلاة العصر" 3.
__________
1 فتح الباري 8/195.
هكذا أورده من طريق عبد العزيز بن مروان، لكن الرواي له - كما في الطبري - ليس عبد العزيز، وإنما هو إبراهيم بن يزيد الدمشقي، كما يأتي بيانه عند التخريج.
أخرجه ابن جرير رقم5442 حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا عبد السلام، عن سالم مولى أبي نصير، قال: حدثني إبراهيم بن يزيد الدمشقي، قال: كنت جالسا عند عبد العزيز بن مروان، فقال: يا فلان، إذهب إلى فلان - فذكره بنحوه بأطول مما ذكره ابن حجر.
قال المحقق الشيخ محمود شاكر: هذا إسناد مجهول - عندي على الأقل - فلست أدري من "عبد السلام" شيخ أبي أحمد، و"سالم مولى أبي نصير" لم أجده كذلك ... ".
أما الرجل الذي حدث بهذا الحديث فليس هو الذي أرسل إليه، بل لم يرسل عبد العزيز أحدا، كما في رواية الطبري، وإنما قال لشخص كان عنده: يا فلان، إذهب إلى فلان، فقل له: أي شيء سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة الوسطى؟ فقال رجل جالس أرسلني أبو بكر وعمر....إلخ. وهذا الرجل الجالس عند عبد العزيز بن مروان الذي حدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون صحابيا. والله أعلم.
والحديث نقله ابن كثير 1/431 عن ابن جرير، وقال: "غريب". وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/726 ونسبه إلى الطبري.
2 صحابي، اختلف في اسمه، فقيل: اسمه عبيد، وقيل: عبد الله، وقيل: عمرو، وقيل: كعب بن كعب، وقيل: عامر بن الحارث، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه شريح بن عبيد الحضرمي وغيره. مات في طاعون عموان، سنة ثمان عشرة، أخرج له البخاري في التعاليق ومسلم والأربعة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 6/267، رقم6218، والتهذيب 12/239، والتقريب 2/468.
3 فتح الباري 8/195. =(1/239)
[264] وروى الترمذي وابن حبان من حديث ابن مسعود مثله1.
[265] وروى ابن جرير من طريق هشام بن عروة2، عن أبيه3 قال: "كان في مصحف عائشة: حافظوا على الصلوات الصلاة الوسطى
__________
= أخرجه ابن جرير رقم5445 حدثني محمد بن عوف الطائي، قال: حدثني محمد بن إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عنه، به.
والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/138 - ضمن حديث - وقال: رواه الطبراني، وفيه محمد بن إسماعيل بن عياش وهو ضعيف.
وذكره ابن كثير 1/431 برواية ابن جرير، ثم قال: إسناده لا بأس به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/727 ونسبه إلى ابن جرير والطبراني.
هذا وقول ابن كثير رحمه الله "إسناده لا بأس به" فيه نظر؛ لأن "محمد بن إسماعيل بن عياش" ضعفوه. قال ابن حجر: عابوا عليه أنه حدّث عن أبيه بغير سماع. وقال الشيخ محمود شاكر: ومثل هذا جريء على الحديث، لا يوثق براويته. انظر: التقريب 2/145، وتفسير الطبري رقم5445 الحاشية.
1 فتح الباري 8/195.
أخرجه الترمذي في الصلاة، باب ماجاء في الصلاة الوسطى أنه صلاة العصر، رقم181، وفي تفسير القرآن، باب "ومن سورة البقرة" رقم2985 من حديث طلحة ابن مصرف، عن زُبيد، عن مرة، عنه - مثله. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه الإحسان رقم1746 من طريق الجراح بن مخلد، عمرو ابن عاصم، عن همام، عن قتادة، عنه - مثله. وذكره ابن كثير 1/431 عن الترمذي، كما أورده السيوطي في الدر المنثور 1/721 ونسبه إلى ابن أبي شيبة، والترمذي، وابن حبان.
وقد تقدم عن ابن مسعود نحوه مطولا، انظر رقم 253.
2 هشام بن عروة بن الزبير بن العوّام الأسدي، ثقة فقيه، ربما دلّس، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومائة، وله سبع وثمانون سنة. أخرج له الجماعة. التقريب 2/319.
3 عروة بن الزبير بن العوّام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه مشهور، مات سنة أربع وتسعين على الصحيح، ومولده في أوائل خلافة عمر الفاروق. أخرج له الجماعة. التقريب 2/19.(1/240)
وهي صلاة العصر"1.
[266] وروى ابن المنذر من طريق مقسم عن ابن عباس قال "شغل الأحزاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن صلاة العصر حتى غربت الشمس فقال: "شغلونا عن الصلاة الوسطى" 2
[267] وأخرج أحمد من حديث أم سلمة3 وأبي أيوب وأبي سعيد
__________
1 فتح الباري 8/195.
أخرجه ابن جرير رقم5397 عن المثنى، قال: حدثنا الحجاج، قال: حدثنا حماد - وهو ابن سلمة - عن هشام بن عروة، عن أبيه، به. ونقله ابن كثير 1/432 عن ابن جرير سندا ومتنا. وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/727 ونسبه لابن جرير.
2 فتح الباري 8/195.
أخرجه ابن جرير رقم5435 عن المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا خالد - وهو ابن عبد الله الواسطي - عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم - وهو ابن بجرة، به.
وأخرج رقم5434 من وجه آخر عن خالد بن عبد الله، به بنحوه.
وابن أبي ليلى، قال عنه في التقريب 2/181 صدوق سيء الحفظ جداً. لكنه لم ينفرد به، فقد أخرج ابن جرير رقم5433 من حديث عباد بن العوام، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس نحوه. وقد صحح إسناده المحقق الشيخ محمود محمد شاكر.
وفي الإسناد علة أخرى، هو أن الحكم لم يسمع من مقسم إلاّ خمسة أحاديث، كما في التهذيب 2/373 عن أحمد، وقد عينها، وليس هذا منها، فعلى هذا فهو منقطع. وقد أشار إلى ذلك الشيخ محمود شاكر، ثم قال: وجدته عند الطحاوي في معاني الآثار 1/103 من طريق محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن ابن أبي ليلى - وهو محمد والد عمران - عن الحكم، عن مقسم وسعيد ابن جبير، عن ابن عباس. وقال - أي محمود شاكر - هذا إسناد صحيح جيد متصل.
قلت: وهكذا ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/725 من طريق مقسم، وسعيد بن جبير، عن ابن عباس، ونسبه إلى ابن جرير، وابن المنذر، والطبراني.
3 أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، واسمها هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، أم المؤمنين، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أبي سلمة، سنة أربع وقيل ثلاث، وعاشت بعد ذلك ستين سنة، ماتت سنة اثنتين وستين على الأصح. انظر ترجمتها في: أسد الغابة 7/329، رقم7472، والإصابة 8/404، رقم12065، والتقريب 617.(1/241)
وزيد بن ثابت1 وأبي هريرة وابن عباس من قولهم أنها صلاة العصر2.
[268] روى الترمذي والنسائي من طريق زر بن حبيش3 قال: "قلنا لعبيدة، سل عليا عن الصلاة الوسطى، فسأله فقال: كنا نرى أنها الصبح، حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر" 4.
__________
1 زيد بن ثابت بن الضحاك بن لوذان الأنصاري البخاري، أبو سعيد وأبو خارجة، صحابي مشهور، كان من كتاب الوحي، قال مسروق: كان من الراسخين في العلم. مات سنة خمس، أو ثمان وأربعين، وقيل بعد الخمسين. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/346، رقم1824، والإصابة 2/490، رقم2887، والتقريب 1/272.
2 فتح الباري 8/196.
هكذا ساق جميعها على نسق واحد. أما عن أبي هريرة وابن عباس فقد تقدم روايات عنهما بهذا المعنى. وأما عن أم سلمة، فقد ذكر السيوطي في الدر المنثور 1/725 عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "شغلونا عن الصلاة الوسطى - صلاة العصر - ملأ الله أجوافهم وقلوبهم ناراً". قال السيوطي: أخرجه الطبراني بسند صحيح. فقد أخرجه الطبراني في الكبير ج 23/رقم793 من طريق عبد الرحيم، عن مسلم الملائي عن القاسم بن مخيمرة، عن أم سلمة - مرفوعا مثله. قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/313 وفيه مسلم بن الملائي الأعور وهو ضعيف. وأما عن أبي سعيد فقد ذكر السيوطي في الدر المنثور 1/728 عنه قال: الصلاة الوسطى العصر. ونسبه إلى ابن المنذر والطحاوي. وأما عن زيد بن ثابت فقد ذكر السيوطي في الدر المنثور 1/728 أيضا عنه قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر.
3 زرّ بن حُبَيش بن حُباشة، الأسدي، الكوفي، أبو مريم، ثقة جليل، مخضرم، مات سنة إحدى، أو اثنتين، أو ثلاث وثمانين، وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 3/277، والتقريب 1/259.
4 فتح الباري 8/196.
قال ابن حجر: وهذه الرواية تدفع دعوى من زعم أن قوله "صلاة العصر" مدرج من تفسير بعض لرواة، وهي نص في أن كونها العصر من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وأن شبهة من =(1/242)
[269] روى مسلم عن البراء بن عازب "نزل حافظوا على الصلوات وصلاة العصر، فقرأناها ما شاء الله، ثم نسخت فنزلت "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، فقال رجل: فهي إذن صلاة العصر، فقال: أخبرتك كيف نزلت"1.
[270] وروى ابن جرير من طريق عوف الأعرابي2، عن أبي رجاء
__________
= قال إنها الصبح قوية، لكن كونه العصر هو المعتمد. اهـ.
هذا ولم أجده عند الترمذي ولا النسائي بهذا اللفظ وبهذا الإسناد، ولكن أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 1/576 - باب صلاة الوسطى - عن الثوري، عن عاصم، عن زر بن حبيش، به بهذا اللفظ. وأخرج ابن ماجه رقم684 في الصلاة، باب المحافظة على صلاة العصر، وأبو يعلى رقم390، 621 وابن حبان الإحسان رقم1745 كلهم من طريق حماد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، عن زر - بنحوه. وأخرج أحمد 1/150 من طريق شعبة، عن جابر، عن عاصم، به. وليس عندهم قول علي "كنا نرى أنها الصبح حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول".
وأما الذي وجدته عند الترمذي رقم2984 والنسائي 473 فليس من رواية عاصم، عن زر، وإنما هو من رواية أبي حسان الأعرج، عن عبيدة السلماني، عن علي.
والحديث أورده السيوطي في الدر المنثور 1/724 ونسبه إلى عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي.
1 فتح الباري 8/196.
أخرجه مسلم 630-208 في المساجد ومواضع الصلاة، باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، من حديث الفضيل بن مرزوق، عن شقيق بن عقبة، عن البراء بن عازب - بنحوه. ولفظه: قال البراء: "قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله، والله أعلم". قال مسلم عقبه: ورواه الأشجعي، عن سفيان الثوري، عن الأسود ابن قيس، عن شقيق بن عقبة، عن البراء بن عازب قال: قرأناها مع النبي صلى الله عليه وسلم زمانا.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/723 ونسبه إلى عبد بن حميد ومسلم وأبي داود في ناسخه وابن جرير والبيهقي.
2 هو عوف بن أبي جَميلة، الأعرابي العبدي، البصري، ثقة، رمي بالقدر والتشيع، مات سنة ست أو سبع وأربعين ومائة، وله ست وثمانون. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 8/148، والتقريب 2/78.(1/243)
العطاردي1 قال: "صليت خلف ابن عباس الصبح، فقنت فيها ورفع يديه، ثم قال: هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا أن نقوم فيها قانتين2.
[271] وأخرجه أيضا من وجه آخر عنه وعن ابن عمرو من طريق أبي العالية "صليت خلف عبد الله بن قيس3 بالبصرة في زمن عمر صلاة الغداة فقلت لهم: ما الصلاة الوسطى؟ قالوا: هي هذه الصلاة4.
__________
1 اسمه عمران بن ملحان، أبو رجاء العطاردي، تابعي قديم مخضرم، ثقة، عُمّر طويلا أزيد من 120 سنة، أخرج له الجماعة. مات سنة خمس ومائة. انظر: التقريب 2/85.
2 فتح الباري 8/196.
أخرجه ابن جرير الأرقام5475-5477 من طرق، عن عوف الأعرابي، به. وأخرجه رقم5478 من طريق عبد الوهاب - وهو ابن عبد المجيد الثقفي -، عن عوف، عن أبي المنهال، عن أبي العالية الرياحي، عن أبي رجاء - نحوه. وهذا إسناد صحيح كما بين ذلك المحقق.
ذكره ابن كثير 1/427 عن ابن جرير، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/718 ونسبه إلى عبد الرزاق، وابن أبي شيبة في المصنف، وابن الأنباري في المصاحف، وعبد ابن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي في سننه.
3 عبد الله بن قيس هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه.
4 فتح الباري 8/196.
أخرجه ابن جرير رقم5480 عن محمد بن عيسى الدامغاني، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا الربيع بن أنس، عن أبي العالية بنحوه. ولفظه "فقلت لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبي.... إلخ.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/719 ونسبه إلى عبد بن حميد، وابن جرير، وابن الأنباري.
قال ابن حجر: وهو قول أبي أمامة وأنس وجابر وأبي العالية وعبيد بن عمير وعطاء وعكرمة ومجاهد وغيرهم، نقله ابن أبي حاتم عنهم، وهو أحد قولي ابن عمر وابن عباس، ونقله مالك والترمذي عنهما، ونقله مالك بلاغا عن علي، والمعروف عنه خلافه. فتح الباري 8/196.(1/244)
[272] أخرج أبو داود من حديث زيد بن ثابت قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، ولم تكن صلاة أشد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، فنزلت {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} الآية1.
[273] وجاء عن أبي سعيد، وعائشة 2 القول بأنها الظهر. أخرجه ابن المنذر وغيره3.
__________
1 فتح الباري 8/196.
أخرجه أبو داود رقم411 في الصلاة، باب في وقت صلاة العصر، وابن جرير رقم5459 كلاهما عن محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني عمرو بن أبي حكيم، قال سمعت الزبرقان يحدث، عن عروة بن الزبير، عن زيد بن ثابت، به. وقد صحح إسناده محقق تفسير الطبري الشيخ محمود محمد شاكر.
وأخرجه الإمام أحمد 5/183 عن محمد بن جعفر، عن شعبة، به. وذكره ابن كثير 1/428 عن رواية المسند، ثم أشار إلى رواية أبي داود. وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/720 ونسبه إلى أحمد والبخاري في تاريخه، وأبي داود، وابن جرير، والطحاوي، والروياني، وأبي يعلى، والطبراني، والبيهقي.
2 هي عائشة بنت أبي بكر الصديق، أم المؤمنين، أفقه النساء مطلقا، ماتت سنة سبع وخمسين على الصحيح. انظر ترجمته في: أسد الغابة 7/186، رقم7093، والإصابة 8/231، رقم11461، والتقريب 2/606.
3 فتح الباري 8/196.
أما رواية أبي سعيد فأخرجها ابن جرير رقم5451 من طريق ابن شريح وابن لهيعة، قالا: حدثنا أبو عقيل زهرة بن معبد، أن سعيد بن المسيب حدثه أنه كان قاعدا هو وعروة بن الزبير وإبراهيم طلحة، فقال سعيد بن المسيب سمعت أبا سعيد الخدري - فذكره في حديث طويل. وقد صحح إسناده المحقق. أشار إليه ابن كثير 1/429. هذا وقد مضى برقم262 عن أبي سعيد بإسناد صحيح أنها العصر. والله أعلم.
وأما أثر عائشة فأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 1/577-578 - باب صلاة الوسطى - عن معمر، عن سعيد بن عبد الرحمن الجحش، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: أرسل زيد بن ثابت مولاه حرملة إلى عائشة يسألها عن الصلاة الوسطى، قالت: هي الظهر، قالت: فكان زيد يقول: هي الظهر، فلا أدري أعنها أخذه أو عن غيرها. ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/721 ونسبه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر. وأشار إليه ابن كثير 1/429.(1/245)
[274] وروى مالك في "الموطأ" عن زيد بن ثابت الجزم بأنها الظهر1.
[275] وروى الطيالسي من طريق زُهرة بن معبد 2 قال: "كنا عند زيد بن ثابت فأرسلوا إلى أسامة فسألوه عن الصلاة الوسطى، فقال: هي الظهر"3.
[276] ورواه أحمد من وجه آخر وزاد "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه إلا الصف أو الصفان والناس في قائلتهم وفي تجارتهم، فنزلت "4.
__________
1 فتح الباري 8/196.
أخرجه الإمام مالك رقم27 - في صلاة الجماعة، باب الصلاة الوسطى - عن داود ابن الحصين، عن ابن يربوع المخزومي، عن زيد، به.
وأخرج ابن جرير الأرقام 5446-5449 بأسانيد صحيحة عنه، به. وقد تقدم في الرواية السابقة قول حرملة "فكان زيد يقول هي الظهر....".
والأثر أورده السيوطي في الدر المنثور 1/721 ونسبه إلى مالك، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر.
2 زُهرة - بضم أوله - ابن معبد بن عبد الله بن هشام القرشي التيمي، أبو عقيل المدني، نزيل مصر، ثقة عابد، مات سنة سبع وعشرين ومائة، ويقال خمس وثلاثين. التقريب 1/263.
3 فتح الباري 8/196.
أخرجه الطيالسي رقم628، وابن أبي حاتم رقم2373 كلاهما من طريق ابن أبي ذئب، عن الزبرقان، عن زهرة بن معبد، به. وزاد في آخره "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها بالهجير". وهذا إسناد صحيح.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/720 ونسبه إلى الطيالسي، وابن أبي شيبة في المصنف، والبخاري في تاريخه، وابن أبي حاتم، وأبي يعلى، والروياني، والضياء المقدسي في المختارة، والبيهقي.
4 فتح الباري 8/196. أخرجه الإمام أحمد 5/206 عن يزيد - هو ابن هارون - عن ابن أبي ذئب، عن الزبرقان، عن أسامة ابن زيد - فذكره بنحوه في حديث طويل.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/720 ونسبه إلى أحمد، وابن منيع، والنسائي، وابن جرير، والشاشي، والضياء.(1/246)
[277] نقل ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن ابن عباس قال: "صلاة الوسطى هي المغرب1.
[278] وبه قال قبيصة بن ذؤيب2، أخرجه ابن جرير3.
__________
1 فتح الباري 8/196.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2375 عن أبيه، عن أبي الجُماهر، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن عمه، عن ابن عباس - مثله. وذكره ابن كثير 1/433 عن ابن أبي حاتم، وقال - أي ابن كثير - وفي إسناده نظر. هذا وقد حسن ابن حجر إسناده كما في الصلب!.
قلت: وفي تحسينه نظر؛ فكيف يحسن إسناده، وفيه سعيد بن بشير وهو ضعيف كما تقدم في ترجمته برقم 45، فلعله التبس عليه بسعيد بن أبي عروبة، فكلاهما يرويان عن عن قتادة كما هو معروف.
والأثر أورده السيوطي في الدر المنثور 1/729 ونسبه إلى ابن أبي حاتم.
2 قبيصة بن ذؤيب هو ابن حلحلة الجزاعي، تابعي كبير ثقة، من علماء هذا الأمة وفقهائها، قال ابن حجر: له رؤية، مات سنة بضع وثمانين. انظر ترجمته في: التقريب 2/122.
3 فتح الباري 8/196.
أخرجه ابن جرير رقم5471 عن أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا عبد السلام، عن إسحاق بن أبي فروة، عن رجل، عن قبيصة بن ذئيب - فذكره. ولفظه "قال: الصلاة الوسطى: صلاة المغرب، ألا ترى أنها ليست بأقلها، ولا أكثرها، ولا تقصر في السفر، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤخرها عن وقتها، ولم يعجلها".
قلت: وهذا استنباط منه، ولكنه يخالف ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها العصر. هذا إن ثبت. ولكنه لم يثبت، فلا ينسب إليه، فالقول لا ينسب لعالم إلا إن ثبت عنه. فإن هذا إسناد ضعيف، بل منهار. فإسحاق هو ابن عبد الله بن أبي فروة المدني ضعيف جداً، وقد كذّبه ابن معين. وقال أحمد بن حنبل: لا يحل الرواية عن إسحاق بن أبي فروة. انظر ترجمته في: الضعفاء الكبير 1/102، رقم119.
ثم رواه إسحاق - على ضعفه - عن رجل مبهم، فزاده ضعفا.(1/247)
[279] أخرج ابن أبي حاتم أيضا بإسناد حسن عن نافع قال: سئل ابن عمر فقال: هي كلهن، فحافظوا عليهن1.
[280] روى ابن جرير بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مختلفين في الصلاة الوسطى هكذا وشبّك بين أصابعه2.
__________
1 فتح الباري 8/196.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2376 م وابن جرير رقم5490 كلاهما عن يونس ابن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني هشام بن سعد، عن نافع، به مثله أو نحوه. وقد صحّح إسناده الشيخ محمود محمد شاكر. قال ابن حجر: إنه آخر ما صححه ابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 8/197.
أخرجه ابن جرير رقم5492 عن محمد بن بشار وابن المثنى قالا: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث عن سعيد بن المسيب - فذكره. قال المحقق الشيخ محمود محمد شاكر: "إسناده صحيح جداً". وقد ذكره ابن كثير 1/434 عن ابن جرير، كما أورده السيوطي في الدر المنثور 1/718 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
هذا وقد اختلف السلف والخلف في الصلاة الوسطى، أي الصلاة هي؟
- فقيل: إنها صلاة الظهر. وممن روي عنهم القول بذلك زيد بن ثابت، وأسامة بن زيد، وابن عمر، وأبو سعيد الخدري، وعائشة، وهو قول عروة بن الزبير، وعبد الله بن شداد ابن الهاد، وراية عن أبي حنيفة.
- ومنهم من قال: هي وسطى باعتبار أنها لا تقصر، وهي بين صلاتين رباعيتين مقصورتين، وترد المغرب.
- وقيل لأنها بين صلاتي ليل جهريتين، وصلاتي نهار سريتين.
- وقيل: إنها صلاة العصر. وهو قول الجمهور. قال الترمذي فيما ذكره ابن كثير 1/429 والبغوي معالم التنزيل 1/288 هو قول أكثر علماء الصحابة وغيرهم. وقال ابن عطية: هو قول جمهور الناس. وهو مذهب أحمد، والشافعي، وهو الصحيح عن أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد. واختاره ابن حبيب المالكي. انظر: المحرر الوجيز 2/234. =(1/248)
............................................................................................
__________
= وهذا الذي رجحه ابن كثير وساق عدداً من الروايات عن جمع من الصحابة، ثم قال: فهذه النصوص في المسألة لا تحتمل شيئا. ويؤكد ذلك الأمر بالمحافظة عليها، قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتر أهله وماله " متفق عليه: البخاري رقم552، ومسلم رقم626-201 وفي الصحيح أيضا عن بريدة بن الحصيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بكروا بالصلاة في يوم الغيم؛ فإنه من ترك صلاة العصر، فقد حبط عمله", رواه البخاري، برقم553. وانظر: تفسير ابن كثير 1/431.
(1) - وقال بعضهم: هي إحدى الصلوات الخمس لا بعينها. أبهمها الله تعالى تحريضا للعباد على المحافظة على أداء جميعها كما أخفى ليلة القدر في شهر رمضان، وساعة إجابة الدعوة يوم الجمعة، وأخفى الاسم الأعظم في الأسماء ليحافظوا على جميعا. ذكر هذا القول البغوي 1/289 ونسبه إلى البعض، ولم يبين.
- وحكى القرطبي في التفسير 3/210-213 عشرة أقوال في المراد بالصلاة الوسطى. وذكر ابن حجر الفتح 8/195-197 عشرين قولا فيها.
ومن هنا تبين لنا أنه ما مِن صلاة إلاّ وقد قيل إنها الصلاة الوسطى، وهذا اختلاف تضاد، فينبغي الرجوع إلى الترجيح، فمن خلال دراسة هذه المرويات ترجح لدي - والعلم عند الله - أن المراد بالصلاة الوسطى صلاة العصر؛ وذلك لأمور:
أولا: أنه لا يمكن أن تكون الصلاة الوسطى إلاّ إحدى الصلوات الخمس بعينها، فلا يمكن أن تكون هي كلها أو جميعا.
ثانيا: أن حديث يوم الأخزاب، وشغل المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن أداء صلاة العصر يومئذ - وفيه قوله صلى الله عليه وسلم "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر" - نص في محل الخلاف. والحديث رواه مسلم من حديث ابن مسعود، ورواه هو والبخاري من حديث علي، وهو مروي عن جماعة من الصحابة غيرهما؛ فما في الصحيح أصحّ من غيره. على أن في بعض طرق هذا الحديث عن علي قال: "كنا نرى أنها الصبح، حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر" - وقد تقدم برقم 263 -. قال ابن حجر الفتح 8/196 وهذه الرواية تدفع دعوى من زعم أن قوله "صلاة العصر" مدرج من تفسير بعض الرواة، وهي نص في أن كونها العصر من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وأن شبهة من قال: إنها الصبح قوية، لكن كونها العصر هو المعتمد. أهـ كلامه رحمه الله. =(1/249)
..............................................................................................
__________
= ثالثا: ما روى مسلم عن البراء بن عازب {حَافِظُوا عَلَى اْلصَّلَوَاتِ وَصلَواتِ واْلعصْرِ} فقرأناه ما شاء الله، ثم نسخت فنزلت {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} فقال رجل: فهي إذن صلاة العصر، فقال: قد أخبرتك كيف نزلت" - تقدم برقم 269.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا الحديث أقوى شبهة لمن زعم أنها غير العصر، فإنه يشعر بأنها أبهمت بعدما عينت، كذا قاله القرطبي. ثم رد عليه بقوله "وفي دعوى أنها عينت ثم أبهمت من حديث البراء نظر، بل وفيه أنها عينت ثم وصفت، ولهذا قال الرجل: فهي إذن العصر، ولم ينكر عليه البراء. ثم قال: وجواب البراء يشعر بالتوقف، ولكن يدفع هذا الاحتمال التصريح بها في حديث علي المتقدم.
رابعا: أن أدلة من قال إنها غير العصر يرجع إلى ثلاثة أنواع:
1- تنصيص بعض الصحابة وهو معارض بمثله ممن قال منهم أنها العصر، ويترجح قول العصر بالنص الصريح المرفوع. وإذا اختلف الصحابة لم يكن قول بعضهم حجة على غيره، فتبقى حجة المرفوع قائمة.
2- معارضة المرفوع بورود التأكيد على فعل غيرها كالحث على مواظبة على الصبح والعشاء، وهو معارض بما هو أقوى منه وهو الوعيد الشديد الوارد في ترك صلاة العصر، فعن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم "بكروا بصلاة العصر يوم الغيم؛ فإنه من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله " وفي رواية "فقد كفر " - أخرجه أحمد 5/361 وابن ماجه رقم694، وقد تقدمت الإشارة إليه برقم 253 - وإسناده صحيح. وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من فاتته العصر فكأنما وُتر أهله وماله". متفق عليه وقد تقدمت الإشارة إليه برقم 253.
3- ما جاء عن عائشة وحفصة من قراءة "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر".
انظر فتح الباري 8/198 وقد نقلها ابن حجر عن شيخه الحافظ صلاح الدين العلائي.
خامسا: القول بأنها صلاة العصر هو قول أكثر علماء الصحابة وغيرهم، وهو مذهب الجمهور، وهو الذي رجحه ابن كثير وساق عدداً من الروايات عن جمع من الصحابة، ثم قال: فهذه النصوص في المسألة لا تحتمل شيئا. انظر: تفسير ابن كثير 1/431.(1/250)
[281] روى مسلم وأحمد من طريق أبي يونس1، عن عائشة أنها أمرته أن يكتب لها مصحفا، فلما بلغت {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} قال: فأملت عليّ وصلاة العصر قالت: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم2.
[282] وروى مالك عن عمرو بن رافع3 قال: كنت أكتب مصحف لحفصة، فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني، فأملت عليّ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر4.
__________
1 أبو يونس مولى عائشة رضي الله عنها، ثقة وذكره ابن حبان في الثقات. انظر ترجمته في: التهذيب 12/310، والتقريب 2/492.
2 فتح الباري 8/197.
وهذه قراءة شاذة، لا يجوز القراءة بها على أنها قرآن، وهي قراءة تفسيرية، أصلها - كما تقدم في حديث البراء برقم 269 - أنها نزلت أولا "والعصر" ثم نزلت ثانيا بدلها "والصلاة الوسطى"، فجمع الراوي بينهما. وكذا ما ستأتي من الروايات كلها تخرج على أنها تفسيرية، ولا تثبت قرءانيتها؛ لأن هذه القراءة تخالف سواد المصحف، فلا يجوز القراءة بها على أنها قرآن، وإن صحت أسانيدها.
والحديث أخرجه مسلم رقم629-207 - في المساجد ومواضع الصلاة، باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر - بسنده، عن أبي يونس مولى عائشة - نحوه. وهو في المسند 6/73، وقد نقله ابن كثير 1/432 عن أحمد. وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/722 وزاد نسبته إلى مالك، عبد ابن حميد، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن جرير، وابن أبي داود، وابن الأنباري في المصاحف، والبيهقي في سننه.
3 عمرو بن رافع مولى عمر، تابعي، ورى عن حفصة، ذكره ابن حبان في الثقات، وذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، قال ابن حجر: مقبول.
انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 6/232، الثقات 5/178، والتهذيب 8/29-30، والتقريب 2/69.
4 فتح الباري 8/197.
أخرجه مالك في الموطأ 1/139 - في صلاة الجماعة، باب الصلاة الوسطى - عن زيد ابن أسلم، عن عمرو بن رافع، به. وهذا إسناد صحيح.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/722 ونسبه إلى مالك، وأبي عبيد، وعبد بن حميد، وأبي يعلى، وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف، والبيهقي في سننه.(1/251)
[283] وأخرجه ابن جرير من وجه آخر حسن عن عمرو بن رافع1.
[284] وروى ابن المنذر من طريق عبد الله بن رافع2 "أمرتني أم سلمة أن أكتب لها مصحفا" فذكر مثل حديث عمرو بن رافع سواء3.
[285] ومن طريق سالم بن عبد الله بن عمر أن حفصة أمرت إنسانا أن يكتب لها مصحفا نحوه4.
__________
1 فتح الباري 8/197.
أخرجه ابن جرير رقم5465 عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكيم المصري، قال: حدثنا أبي وشعيب، عن الليث، قال: حدثنا خالد بن يزيد، عن ابن أبي هلال، عن زيد، به نحوه.
والأثر ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/323 وقال: رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.
2 في الفتح "عبيد الله" - بالتصغير - ابن رافع، وهو خطأ، إما من ناسخ أو طابع، والصواب "عبد الله بن رافع، هو المخزومي، أبو رافع المدني، مولى أم سلمة أم المؤمنين عتاقة، تابعي ثقة، أخرج له مسلم والأربعة. انظر ترجمته في: التقريب 1/413.
3 فتح الباري 8/197.
أخرجه ابن جرير رقم5398 عن أبي كريب قال: حدثنا وكيع، عن داود بن قيس، قال: حدثني عبد ابن رافع مولى أم سلمة، به.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف 1/182 عن داود بن قيس، ولكن بلفظ "وصلاة العصر" يزيادة الواو.
وأخرجه ابن أبي داود في المصاحف ص 87-88 من طريق ابن قانع، ووكيع، وسفيان ثلاثتهم، عن داود بن قيس، به. وفي الطريقين الأولين بإثبات الواو، وفي الثالث بحذفها.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/723 ونسبه إلى وكيع، وابن أبي شيبة في المصنف، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي داود في المصاحف، وابن المنذر.
4 فتح الباري 8/197. أخرجه ابن جرير رقم5461 وابن أبي داود في المصاحف ص 85 كلاهما عن محمد ابن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن عبد الله ابن يزيد الأزدي، عن سالم بن عبد الله، به. وهذا إسناد صحيح.
وذكره ابن كثير 1/432 عن الطبري.(1/252)
[286] ومن طريق نافع أن حفصة أمرت مولى لها أن يكتب لها مصحفا فذكر مثله، وزاد "كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولها" قال: نافع: فقرأت ذلك المصحف فوجدت فيه الواو1.
[287] روى أبو عبيد بإسناد صحيح عن أبي بن كعب 2 أنه كان يقرأها حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر بغير واو3.
__________
1 فتح الباري 8/197.
أخرجه ابن جرير رقم5462 عن ابن المثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا عبيد الله، عن نافع، به. وذكره ابن كثير 1/432 عن ابن جرير.
وأخرجه ابن أبي داود في المصاحف ص 86 عن محمد بن بشار، عن عبد الوهاب الثقفي، به.
وإسناده صحيح. وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/728 ونسبه إلى عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي. ولم يذكر قول نافع في آخره.
2 أبي بن كعب بن قيس الأنصاري الخزرجي، أبو المنذر، سيد القراء، ويكنى أبا الطفيل أيضا. من فضلاء الصحابة، وفي الحديث عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة:1] ، قال: وسمّاني؟ قال: "نعم"، فبكى. [رواه البخاري في مناقب أبي، رقم3809 وغيره] . اختلف في سنة موته اختلافا كثيرا، وقيل سنة تسع عشرة، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين، وقيل غير ذلك. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 1/168-1171 رقم34، والإصابة 1/180 رقم32، والتقريب 1/48.
3 فتح الباري 8/197.
نسب أبو حيان هذه القراءة إلى أبيّ وابن عباس وعبيد بن عمير، على البدل. انظر: البحر المحيط 2/240.
والرواية قد أخرجها أبو عبيد في فضائل القرآن، باب الزوائد من الحروف التي خولف بها الخط في القرآن، 16-50، ص166 حدثنا ابن أبي زائدة، عن إسرائيل، عن عبد الملك ابن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب، به. وأوردها السيوطي في الدر المنثور 1/727 ونسبها إلى أبي عبيد في فضائله، وابن المنذر.(1/253)
قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} الآية: 238
[288] عن ابن مسعود {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} أي مطيعين، أخرجه ابن أبي حاتم بإسناد صحيح1.
[289] ونقله أيضا عن ابن عباس وجماعة من التابعين2.
[290] وذكر من وجه آخر عن ابن عباس قال: قانتين أي مصلين3.
[291] وعن مجاهد قال: من القنوت الركوع، والخشوع، وطول القيام، وغض البصر وخفض الجناح، والرهبة لله4.
__________
1 فتح الباري 8/198.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2378 حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، ثنا عبد الرحمن ابن مهدي، عن سفيان، عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله - نحوه. ولفظه "قال: القانت: الذي يطيع الله ورسوله".
2 قال ابن أبي حاتم عقب رواية عبد الله بن مسعود: وروي عن عبد الله بن عباس، ومجاهد، وعطاء، والحسن، وقتادة، والضحاك، وسعيد بن جبير، والشعبي، وعكرمة، وجابر بن زيد، ومقاتل بن حيان، وطاووس نحو ذلك.
3 فتح الباري 8/198.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2379 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا أسباط، عن مطرف، عن عطية، عن ابن عباس، به. و"عطية" هو العوفي، ضعيف. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/731 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
4 فتح الباري 8/198-199.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2381 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا ابن إدريس والمحاربي، عن ليث، عن مجاهد، به. وزاد في آخره "كان العلماء إذا قام أحدثن إلى الصلاة يهاب الرحمن أن يشد بصره أو يقلب العصى أو يلتفت في الصلاة أو يحدث نفسه من أمر الدنيا. =(1/254)
قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} الآية: 239
[292] وفي تفسير الطبري بسند صحيح عن مجاهد {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} إذا وقع الخوف فليصل الرجل على كل جهة قائما أو راكبا1.
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} الآية: 243
[293] وأخرج عبد الرزاق في تفسيره والطبري من طريق الحسن في
__________
= قال ابن أبي حاتم: والسياق لابن إدريس، وفي حديث المحاربي زيادة: أو يعبث بشيء.
وأخرجه سعيد بن منصور رقم406، وابن جرير الأرقام 5528-5531، ومحمد ابن نصر في تعظيم قدر الصلاة 1/188 رقم138، والأصبهاني في الترغيب 2/765 رقم1867 كلهم من طرق، عن ليث، به مثله ونحوه.
ومداره على ليث بن أبي سليم وهو ضعيف. قال ابن حجر: صدوق اختلط أخيرا، فلم يتميز حديثه فترك. التقريب 2/138.
وأودره السيوطي في الدر المنثور 1/731 ونسبه إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والأصبهاني في الترغيب، والبيهقي في شعب الإيمان.
وقد أخرج البخاري - في التفسير، باب {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} ، رقم 4534 - عن زيد بن أسلم قال: كنا نتكلم في الصلاة يكلم أحدنا أخاه في حاجته، حتى نزلت هذه الآية: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فأمرنا بالسكوت. قال ابن حجر: وهو أصح ما دل عليه في أن المراد بالقنوت في الآية السكوت، ثم قال: والمراد به السكوت عن كلام الناس لا مطلق الصمت، لأن الصلاة لا صمت فيها بل جميعها قرآن وذكر، والله أعلم. أهـ. فتح الباري 8/199.
1 فتح الباري 2/432.
أخرجه ابن جرير رقم5541 حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به.(1/255)
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} قال: فروا من الطاعون {فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} 1.
قوله تعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ} الآية: 255
[294] أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ} قال: السنة: النعاس2.
قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}
[295] وصل سفيان الثوري في تفسيره في رواية أبي حذيفة، عن سعيد بن جبير بإسناد صحيح في قوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} قال: عِلمه3.
[296] وأخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم من وجه آخر، عن
__________
1 فتح الباري 10/183-184.
أخرجه ابن جرير رقم5610 من طريق عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن عن الحسن، به. وهو في تفسير عبد الرزاق 1/97 عن معمر، عن قتادة.
2 فتح الباري 8/200.
أخرجه ابن جرير رقم5769 وابن أبي حاتم رقم2576 كلاهما من طريق معاوية بن صالح، عن علي ابن أبي طلحة، به.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/16 ونسبه إلى آدم بن أبي إياس، وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات.
3 فتح الباري 8/199. وذكره البخاري عنه تعليقا.
ولكن الراجح في تفسير الكرسي ما ثبت عن ابن عباس وأبي موسى - كما سيأتي برقم 299 و300 - أن الكرسي موضع القدمين.
والأثر أخرجه سفيان وهو الثوري في تفسيره رقم125: 45، ص 31 عن جعفر، عن سعيد بن جبير - مثله. وأخرجه ابن حجر في تغليق التعليق 4/185 من طريق أبي حذيفة، عن سفيان، عن جعفر، به.(1/256)
سعيد بن جبير فزاد فيه "عن ابن عباس"1.
[297] وأخرجه العقيلي من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم2.
[298] وهو عند الطبراني في "كتاب السنة" من هذا الوجه مرفوعا3.
[299] وقد روى ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس: أن الكرسي موضع القدمين4.
__________
1 فتح الباري 8/199.
أخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/186 عن عمرو بن عون، عن هشيم، عن مُطَرّف بن طريف، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، به. وأخرجه ابن أبي حاتم رقم2599 عن أبي سعيد الأشج، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن مطرف بن طريف، به مثله.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/16 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات.
2 فتح الباري 8/199.
أخرجه شجاع بن مخلد في تفسيره فيما ذكره ابن كثير 1/457 أخبرنا أبو عاصم، عن سفيان، عن عمار الدهني، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله قال: كرسيه موضع قدميه، والعرش لا يقدر قدره إلا الله عز وجل. وأخرجه ابن مردويه كما ذكره ابن كثير أيضا من طريق شجاع بن مخلد الفلاس، به. ونقله أيضا عن العقيلي في ترجمة شجاع بن مخلد، بهذا الإسناد.
هذا ولم أجد في الضعفاء الكبير ترجمة لشجاع هذا. والله أعلم.
ثم قال ابن كثير: وهو غلط - يعني رفع الحديث - كما ذكره في البداية والنهاية 1/13 وقال: والصواب أنه موقوف على ابن عباس.
3 فتح الباري 8/199.
قال ابن حجر هذ التفسير غريب، وكذا رويناه في "فوائد أبي الحسن علي بن عمر الحربي" مرفوعا، والموقوف أشبه. ثم نقل عن العقيلي قوله: إن رفعه خطأ.
4 فتح الباري 8/199. =(1/257)
[300] وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن أبي موسى1 مثله2.
[301] وأخرجا - ابن أبي حاتم وابن المنذر - عن السدي: أن الكرسي بين يدي العرش3.
__________
= أخرجه ابن أبي حاتم رقم2601 حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا أبو أحمد الزبيري، عن سفيان، عن عمار الدهني، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - مثله.
وأخرجه وكيع في تفسيره فيما ذكره ابن كثير 1/457 عن سفيان، عن عمار الدهني، به. وزاد "والعرش لا يقدر أحد قدره". وأخرجه الحاكم 2/282 من طريق أبي عاصم، عن سفيان، به. وقال: صحيح على شر الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/326 وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.
وأخرجه أبو الشيخ في العظمة رقم216، 217 من وجهين آخرين عن عمار الدهني، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/2/17 وزاد نسبته إلى الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والخطيب، البيهقي.
1 اسمه عبد الله بن قيس بن سليم بن حضَّار، أبو موسى الأشعري، صحابي مشهور، أمّره عمر ثم عثمان، وهو أحد الحكمين بصفّين، مات سنة خمسين، وقيل بعدها. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/364، رقم3137، والإصابة 4/181، رقم4916، والتقريب 1/441.
2 فتح الباري 8/199.
أخرجه ابن جرير رقم5789 وابن مندة في الرد على الجهمية ص 46 وأبو الشيخ في العظمة رقم245 والبيهقي في الأسماء والصفات ص 509 كلهم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثني أبي، قال: سمعت محمد بن جحادة، عن سلمة بن كهيل، عن عمارة بن عمير، عن أبي موسى، به. وكلهم زادوا في آخره "له أطيط كأطيط الرحل".
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/17 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ واليهقي في الأسماء والصفات.
3 فتح الباري 8/199.
قال ابن حجر: وليس ذلك مغايرا لما قبله، والله أعلم. اهـ.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2603 حدثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حماد، ثنا أسباط، عن السدي - مثله. وأخرجه ابن جرير رقم5790 من طريق السدي، به. وذكره ابن كثير 1/457 تعليقا عن السدي. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/18 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.(1/258)
[302] وفي حديث أبي ذر الطويل الذي صححه ابن حبان "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا ذر، ما السموات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة" 1.
[303] وله شاهد عن مجاهد أخرجه سعيد بن منصور في التفسير بسند صحيح عنه2.
[304] أخرج الطبري والبيهقي من طريق السدي عن أبي مالك3 في
__________
1 فتح الباري 13/411.
أخرجه ابن حبان في صحيحه الإحسان، رقم361 من طرق عن إبراهيم بن هشام ابن يحيى بن يحيى الغساني، قال: حدثنا أبي، عن جدي، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر - في حديث طويل. قال المحقق الشيخ شعيب الأرنؤط "إسناده ضعيف جدا، إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني الدمشقي، قال أبو حاتم: كذاب، كما في الجرح والتعديل 2/142، 143 وقال الذهبي: متروك، وكذبه أبو زرعة كما في ميزان الإعتدال 1/72.
وله طريق أخرى أخرجها ابن جرير رقم5794 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، حدثني أبي، عن أبي ذر - نحوه.
وقد ساقها الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/175 وقال: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، لكني أظن أنه منقطع. وقد ساق طرق أخرى له، ثم قال: وجملة القول: إن الحديث بهذه الطرق صحيح.
2 فتح الباري 13/411.
أخرجه سعيد بن منصور رقم425 حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد. ولفظه "قال: "ما السماوات والأرض في الكرسي، إلا بمنزلة حلقة ملقاة في أرض فلاة". وقد صحّح ابن حجر إسناده كما سلف.
3 اسمه غزوان أبو مالك الغفاري، الكوفي، مشهور بكنيته، تابعي معروف، ثقة، وذكره أبو أحمد العسكري في الصحابة، وذكره ابن حجر في القسم الرابع في الإصابة، وقال: هو تابعي. روى عنه سلمة بن كهيل وإسماعيل السدي وحصين بن عبد الرحمن وإسماعيل بن سميع. انظر ترجمته في: أسد الغابة 6/268، رقم6219، والإصابة 7/330، رقم10615، والتهذيب 8/220، والتقريب 2/105.(1/259)
قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} قال: إن الصخرة التي الأرض السابعة عليها وهي منتهى الخلق، على أرجائها أربعة من الملائكة، لكل أحد منهم أربعة أوجه: وجه إنسان وأسد وثور ونسر، فهم قيام عليها قد أحاطوا بالأرضين والسموات، رؤوسهم تحت الكرسي، والكرسي تحت العرش1.
__________
1 فتح الباري 13/411.
أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة ص 70، 142 عن أبيه، عن رجل، عن إسرائيل، عن السدي، به نحوه.
وأخرجه أبو الشيخ في العظمة رقم195-6 بأسانيده عن السدي، به بنحوه. وفيه "رؤوسهم تحت العرش" بدل "تحت الكرسي"، وزاد في آخره "والله عز وجل على الكرسي".
وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص 509 بسنده عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، به نحوه.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره رقم2602 من طريق عبيد الله بن موسى، به عن أبي مالك مختصرا بلفظ "الكرسي تحت الأرض". وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/18 وعزاه إلى عبد بن حميد وأبي الشيخ في العظمة والبيهقي.
قلت: وهذا الأثر فيما يبدو من الإسرائيليات، وهو مخالف لما صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لم يصح - فيما أعلم - أن هناك كرسيين، أحدهما تحت العرش - كما في هذا الأثر -، والآخر موضوع على العرش. والله تعالى أعلم. هذا وقد أشار إليه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/176، رقم109 - عند الكلام على حديث "ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة " الحديث - وقال "إنه لا يصح في صفة الكرسي غير هذا الحديث، كما في بعض الروايات أنه موضع القدمين، وأن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد، وأنه يحمله أربعة أملاك، لكل ملك أربعة وجوه ... إلخ، فهذا كله لا يصح مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضه أشد ضعفا من بعض. اهـ.(1/260)
قوله تعالى: {وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا}
[305] أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله {وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} يقول: لا يثقله1.
[306] وذكر مثله عن جماعة من التابعين2.
قوله تعالى: {وَهِيَ خَاوِيَةٌ} الآية: 259
[307] ذكر ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله: {وَهِيَ خَاوِيَةٌ} قال: ليس فيها أحد3.
قوله تعالى: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} الآية: 259
[308] أخرج ابن أبي حاتم من وجهين عن ابن عباس في قوله: {لَمْ
__________
1 فتح الباري 8/200.
أخرجه ابن جرير رقم5799 وابن أبي حاتم رقم2606 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/19 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَلا يَؤُودُهُ} أي لا يثقله، تقول آدني هذا الأمر أثقلني، وتقول: ما أداك فهو لي آئد أي ما أثقلك فهو لي مثقل. انظر: مجاز القرآن 1/78.
2 فتح الباري 8/200.
قال ابن أبي حاتم: وروي عن أبي العالية والضحاك ومكحول والسدي والربيع بن أنس والحسن وقتادة: قالوا: لا يثقل عليه حفظهما. تفسير القرآن العظيم 2/392.
3 فتح الباري 8/200.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2646 حدثنا محمد بن يحيى، أنبا العباس بن الوليد، ثنا يزيد ابن زريع، ثنا سعيد، عن قتادة - مثله.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/30 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.(1/261)
يَتَسَنَّهْ} قال: لم يتغير1.
[309] وعن السدي مثله قال: لم يحمض التين والعنب ولم يختمر العصير بل هما حلوان كما هما2.
قوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} الآية: 259
[310] أخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي في قوله: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} يقول: نخرجها، قال: فبعث الله ريحا فحملت عظامه من كل مكان ذهب به الطير والسباع فاجتمعت، فركب بعضها في بعض وهو ينظر، فصار عظما كله لا لحم له ولا دم3.
__________
1 فتح الباري 8/200. وهكذا فسره البخاري في ترجمة الباب.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2664 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا عبدة، عن النضر بن عربي، عن عكرمة، عن ابن عباس - مثله. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/326 وقال: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. قلت: هكذا قال، وإلا فالنضر بن عربي ليس من رجال الصحيح.
وأخرجه ابن أبي حاتم رقم2665 حدثنا أبو زرعة منجاب بن الحارث، أبنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس - مثله مطولا.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/30 وعزاه لأبي يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر من طرق عن ابن عباس.
2 فتح الباري 8/200.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2666 حدثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حماد، ثنا أسباط، عن السدي - نحوه.
وأخرجه ابن جرير رقم5923 عن موسى بن هارون، قال حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، به. والسدي ضعيف.
3 فتح الباري 8/200.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2680 حدثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حماد بن طلحة، ثنا أسباط، عن السدي نحوه. وأخرجه ابن جرير رقم5934 من طريق أسباط، به نحوه.(1/262)
قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} الآية: 260
[311] أخرج الطبري وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والحاكم من طريق عبد العزيز الماجشون1 عن محمد بن المنكدر2 عن ابن عباس قال "أرجى آية في القرآن هذه الآية {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} الآية، قال ابن عباس: هذا لما يعرض في الصدور ويسوس به الشيطان، فرضي الله من إبراهيم عليه السلام بأن قال: "بلى" 3.
[312] ومن طريق معمر عن قتادة عن ابن عباس نحوه4.
[313] ومن طريق علي بن زيد 5 عن سعيد بن المسيب عن ابن
__________
1 هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، الماجِشون، المدني، نزيل بغداد، مولى آل الهُدَير، روى عن محمد بن المنكدر وغيره، ثقة فقيه، مصنف، مات سنة أربع وستين ومائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 6/306، والتقريب 1/510.
2 هو محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهُدَير، التيمي، المدني، روى عن ابن عباس وغيره، وعنه عبد العزيز الماجشون وغيره، ثقة فاضل، مات سنة ثلاثين ومائة أو بعدها. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 9/417-419، والتقريب 2/210.
3 فتح الباري 6/411.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2694، والحاكم 1/60 كلاهما من طريق عبد العزيز ابن أبي سلمة الماجشون، عن محمد بن المنكدر، به. وصحّحه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي فقال: "فيه انقطاع". قال المحقق محمود محمد شاكر - بعد أن نقل تصحيح الحاكم وتعقيب الذهبي - "وكأن علة انقطاعه أن عبد العزيز بن أبي سلمة لم يدرك محمد بن المنكدر، فإنه مات سنة 130 هـ. تفسير الطبري 5/490 الحاشية.
قلت: وقد سبق في ترجمة الماجشون وابن المنكدر أن الأول يروي عن الثاني.
4 فتح الباري 6/411.
أخرجه عبد الرزاق 1/106 عن معمر، به. ولفظه " قال: ما في القرآن آية أرجى في نفسي منها - أي قوله تعالى: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} -".
5 وقع عند الطبري "زيد بن علي" كما يأتي في التخريج، وهو تصحيف بالقلب، وإنما هو علي بن زيد بن جدعان. وهو يروي عن سعيد بن المسيب، وعنه شعبة. انظر: تهذيب الكمال 11/69 و 12/483.(1/263)
عباس نحوه1.
[314] روى ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج "سألت عطاء عن هذه الآية قال: دخل قلب إبراهيم بعض ما يدخل قلوب الناس فقال ذلك"2.
[315] وروى الطبري من طريق حجاج3 عن ابن جريج قال "بلغني أن إبراهيم أتى على جيفة حمار عليه السباع والطير فعجب، وقال: رب لقد علمت لتجمعنها، ولكن رب أرني كيف تحيي الموتى"4.
__________
1 فتح الباري 6/411.
أخرجه ابن جرير رقم5971 حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت زيد بن علي يحدث عن رجل، عن سعيد بن المسيب، به. ولفظه "قال: اتَّعد عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو أن يجتمعا، قال: ونحن يومئذٍ شببة، فقال أحدهما لصاحبه: أيّ آية في كتاب الله أرجى لهذه الأمة؟ فقال عبد الله بن عمرو {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الزمر:53] ، حتى ختم الآية، فقال ابن عباس: أما إن كنت تقول إنها، وإن أرجى منها لهذه الأمة قول إبرهيم صلى الله عليه وسلم {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} ".
وإسناده ضعيف؛ ففيه راو مبهم.
وقال ابن حجر عقبه: وهذه طرق يشد بعضها بعضا، وإلى ذلك جنح عطاء. اهـ.
2 فتح الباري 6/411-412.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2690 قال: ذكر الحسن بن محمد بن الصباح، ثنا حجاج، عن ابن جريج، به. وأخرجه ابن جرير رقم5972 من طريق سنيد، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، به.
3 هو حجاج بن محمد المِصِّيصي الأعور، أبو محمد الترمذي الأصل، نزل بغداد ثم المصيصة، ثقة ثبت، لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته، مات ببغداد سنة ست ومائتين. أخرج له الجماعة. التقريب 1/154.
4 فتح الباري 6/412. أخرجه ابن جرير رقم5965 حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج، به نحوه. وهذا مرسل، ثم إنه من رواية سنيد، فقد تقدم أنه ضعيف مع إمامته.(1/264)
[316] روى الطبري وابن أبي حاتم من طريق السدي قال "لما اتخذ الله إبراهيم خليلا استأذنه ملك الموت أن يبشره فأذن له " فذكر قصة معه في كيفية قبض روح الكافر والمؤمن، قال: "فقام إبراهيم يدعو ربه: رب أرني كيف تحيي الموتى حتى أعلم أني خليلك"1.
__________
1 فتح الباري 6/412.
أخرجه ابن جرير رقم5968، وابن أبي حاتم رقم2689 كلاهما من طريق أسباط، عن السدي، به مطولا. ولفظه - كما عند الطبري -: "قال: لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً سأل ملك الموت ربه أن يأذن له أن يبشر إبراهيم بذلك، فأذن له، فأتى إبراهيم وليس في البيت فدخل داره، وكان إبراهيم أغير الناس، إن خرج أغلق الباب، فلما جاء وجد في داره رجلاً، فثار إليه ليأخذه، قال: من أذن لك أن تدخل داري؟ قال ملك الموت: أذن لي ربّ هذه الدار، قال إبراهيم: صدقت! وعرف أنه ملك الموت، قال: من أنت؟ قال: أنا ملك الموت جئتك أبشرك بأن الله قد اتخذك خليلاً. فحمد الله وقال: يا ملك الموت أرني الصورة التي تقبض فيها أنفاس الكفار. قال: يا إبراهيم لا تطيق ذلك. قال: بلى. قال: فأعرِضْ! فأعرض إبراهيم ثم نظر إليه، فإذا هو برجل أسود تنال رأسه السماء يخرج من فيه لهب النار، ليس من شعرة في جسده إلا في صورة رجل أسود يخرج من فيه ومسامعه لهب النار. فغشي على إبراهيم، ثم أفاق وقد تحوّل ملك الموت في الصورة الأولى، فقال: يا ملك الموت لو لم يلق الكافر عند الموت من البلاء والحزن إلا صورتك لكفاه، فأرني كيف تقبض أنفاس المؤمنين! قال: فأعرِضْ! فأعرض إبراهيم ثم التفت، فإذا هو برجل شاب أحسن الناس وجها وأطيبه ريحا، في ثياب بيض، فقال: يا ملك الموت لو لم يكن للمؤمن عند ربه من قرّة العين والكرامة إلا صورتك هذه لكان يكفيه. فانطلق ملك الموت، وقام إبراهيم يدعو ربه يقول: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} حتى أعلم أني خليلك {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} بأني خليلك، يقول تصدق، {قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} بِخُلولتك".اهـ.(1/265)
[317] وروى ابن أبي حاتم من طريق أبي العوام عن أبي سعيد قال "ليطمئن قلبي بالخلة"1.
[318] ومن طريق قيس بن مسلم2 عن سعيد بن جبير قال "ليطمئن قلبي أني خليلك"3.
[319] ومن طريق الضحاك عن ابن عباس "لأعلم أنك أجبت دعائي"4.
[320] ومن طريق علي بن أبي طلحة عنه "لأعلم أنك تجيبني إذا دعوتك"5.
[321] وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان6 عن عكرمة
__________
1 فتح الباري 6/412.
لم أجده في النسخة المطبوعة من تفسيره. ولا وقفت على ذكر له عند غير ابن حجر.
2 قيس بن مسلم الجَدلي، أبو عمرو الكوفي، روة عن سعيد بن جبير وغيره، وعنه سفيان الثوري وغيره. ثقة، رمي بالإرجاء. مات سنة عشرين ومائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 7103، التهذيب 8/361، والتقريب 2/130.
3 فتح الباري 6/412.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2697 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا وكيع، عن سفيان، عن قيس بن مسلم، به بلفظ " {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} قال: ليوقن".
4 فتح الباري 6/412.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2696 حدثنا أبو زرعة، ثنا منجاب، ابنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، به.
5 فتح الباري 6/412.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2696 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح كاتب الليث، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وزاد في آخره "وتعطيني إذا سألتك".
6 الحكم بن أبان العدني أبو عيسى، روى عن عكرمة وطاووس وشهربن حوشب وغيرهم، وعنه حفص بن عمر العدني وابن جريج ومعمر وابن عيينة وغيرهم، صدوق عابد، وله أوهام، مات سنة أربع وخمسين بعد المائة. أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن الأربعة في سننهم. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/113 وتهذيب التهذيب 1/190.(1/266)
قال: المراد "ليطمئن قلبي" أنهم يعلمون أنك تحيي الموتى1.
قوله تعالى: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}
[322] روى ابن جرير بسنده الصحيح إلى سعيد2 قال: قوله: {لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} أي يزداد يقيني3.
[323] وعن مجاهد قال: لأزداد إيمانا إلى إيماني4.
قوله تعالى: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ}
[324] أخرج ابن أبي حاتم من وجهين عن ابن عباس في قوله: {فَصُرْهُنَّ} قال: قطعهن5.
__________
1 فتح الباري 6/412.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2700 حدثنا محمد بن حماد الطهراني، أنا حفص بن عمر، ثنا الحكم بن أبان، به.
2 هو ابن جبير.
3 فتح الباري 2/47.
أخرجه ابن جرير رقم5982 حدثني المثنى، قال: حدثنا محمد بن كثير البصري، قال: حدثنا إسرائيل، قال: حدثنا أبو الهيثم، عن سعيد بن جبير، به. وأخرجه 5983 من طريق الفضل بن دكين، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الهيثم، به نحوه.
4 فتح الباري 2/47.
أخرجه ابن جرير رقم5984 حدثنا صالح بن مسمار، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا خلف ابن خليفة، قال: حدثنا ليث بن أبي سليم، عن مجاهد وإبراهيم - مثله. وليث ضعيف. انظر رقم 163.
5 فتح الباري 8/201.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2706 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس - مثله. وأخرجه رقم2707، 2708 من طريق أبي داود وابن أبي زائدة، كلاهم عن شعبة، أخبرني أبو جمرة، سمعت ابن عباس يقول - فذكر نحوه.
وأخرجه ابن جرير رقم5996 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عنه - مثله.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/35 ونسبه إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم واليهقي في الشعب.(1/267)
[325] ومن جماعة من التابعين1.
[326] ومن وجه آخر عن ابن عباس قال: "صرهن" أي أوثقهن ثم اذبحهن2.
قوله تعالى:
{كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً} الآية: 264
[327] روى الطبري من طريق سعيد، عن قتادة في هذه الآية قال: "هذا مثل ضربه الله الأعمال الكفار يوم القيامة، يقول: لا يقدر على شيء مما كسبوا يومئذ كما ترك هذا المطر الصفاة نقيا ليس عليه شيء3.
__________
1 فتح الباري 8/201.
قال ابن أبي حاتم - عقب رواية ابن أبي زائدة -: وروى عن أبي مالك وسعيد بن جبير ووهب بن منبه وأبي الأسود الدؤلي وعكرمة والحسن والسدي نحو ذلك.
2 فتح الباري 8/201.
أخرجه ابن جرير رقم6010 وابن أبي حاتم رقم2709 كلاهما من طريق عطية العوفي، عن ابن عباس - نحوه. والعوفي ضعيف.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/35 وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عوفي، عنه.
3 فتح الباري 3/277.
أخرجه ابن جرير رقم6040 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، به مثله.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/45 ونسبه لعبد بن حميد وابن جرير.(1/268)
[328] ومن طريق أسباط1، عن السدي نحوه2.
[329] وصل ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {فَتَرَكَهُ صَلْداً} أي ليس عليه شيء3.
[330] وروى ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال: فتركه يابسا لا ينبت شيئا4.
قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} الآية: 265
[331] وصل عبد - بن حميد عن روح بن عبادة5، عن عثمان ابن غياث6 سمعت عكرمة قال في قوله: {وَابِلٌ} قال: وابل مطر شديد،
__________
1 أسباط بن نصر الهمداني، أبو يوسف، ويقال أبو نصر، صدوق، كثير الخطأ، يُغْرِب. أخرج له البخاري في التعاليق ومسلم والأربعة. انظر ترجمته في: التهذيب 1/185، والتقريب 1/53.
2 فتح الباري 3/277.
أخرجه ابن جرير رقم6042 حدثني موسى قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، به نحوه.
3 فتح الباري 3/277 و8/200. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم6062 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/45 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
4 فتح الباري 8/200.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2749 حدثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحرث، أبنا بشر عن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/45 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
5 روح بن عُبادة بن العَلاء بن حسان القيسي، أبو محمد البصري، ثقة فاضل، له تصانيف، مات سنة خمس أو سبع ومائتين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 3/253، والتقريب 1/253.
6 عثمان بن غياث، الرّاسبي، أو الزهراني، البصري، ثقة، رمي بالإرجاء، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. انظر ترجمته في: التهذيب 7/133، والتقريب 2/13.(1/269)
والطل الندى، وهذا مثل عمل المؤمن1.
قوله تعالى: {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ} الآية: 266
[332] روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الإعصار ريح فيها سموم شديدة2.
[333] وروى الطبري عن السدي قال: الإعصار الريح، والنار السموم3.
[334] وعن الضحاك قال: الإعصار ريح فيها برد شديد4.
[335] وقد أخرج ابن أبي حاتم من طريق معمر قال: كان الحسن
__________
1 فتح الباري 3/277 و8/200. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه عبد بن حميد في تفسيره كما في تغليق التعليق 4/186-187 بهذا الإسناد.
2 فتح الباري 8/200.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2781 حدثنا أبي، ثنا قبيصة، ثنا سفيان، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عباس - نحوه. وأخرجه الحاكم 2/283 من طريقين عن قبيصة، به. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
أخرجه ابن جرير رقم6105 عن محمد بن عبد الله بن بزيع، حدثنا يوسف بن خالد السمتي، قال: حدثنا نافع بن مالك، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/49 ونسبه للفريابي وعبد بن حميد وأبي يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم.
3 فتح الباري 6/301.
أخرجه ابن جرير رقم6114 حدثني موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، به.
4 فتح الباري 6/301.
أخرجه ابن جرير رقم6117 حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك، به. وفيه جويبر وهو واهٍ.(1/270)
يقول: {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ} يقول: صر برد1.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} الآية: 267
[336] روى شعبة2 عن الحكم، عن مجاهد في هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال: من التجارة الحلال. أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق آدم3 عنه4.
[337] أخرج الطبري من طريق هُشَيم5، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد من {طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال: من التجارة، {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} قال: من الثمار6.
__________
1 فتح الباري 6/301.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2780 من طريق عبد الرزاق، أنبأ معمر، به.
2 شعبة بن الحجاج بن الورد العَتَكي مولاهم، أبو بسطام الواسطي، ثم البصري، ثقة، حافظ متقن، كان الثوري يقول: هو أمير المؤمنين في الحديث، وهو أول من فتّش بالعراق عن الرجال، وذبّ عن السنة، وكان عابدا، مات سنة ستين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 4/297، والتقريب 1/351.
3 هو آدم بن أبي إياس العسقلاني، ثقة عابد، مات سنة إحدى وعشرين ومائتين. التقريب 1/30.
4 فتح الباري 3/307.
أخرجه ابن جرير رقم6124 قال: عن المثنى، وابن أبي حاتم رقم2794 عن أبيه، كلاهما عن آدم، به مثله.
5 هُشَيم بن بَشير، أبو معاوية الواسطي، ثقة ثبت، كثير التدليس والإرسال الخفي، مات سنة ثلاث وثمانين، وقد قارب الثمانين.
أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 11/53، والتقريب 2/320.
6 فتح الباري 3/307. أخرجه ابن جرير رقم6134 حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال حدثنا هشيم، به.(1/271)
[338] ومن طريق أبي بكر الهذلي1، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة بن عمرو2، عن علي قال في قوله: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} قال: يعني الحب والثمر وكل شيء عليه زكاة3.
قوله تعالى: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}
[339] أخرج الترمذي من حديث البراء قال "كنا أصحاب نخل فكان الرجل يأتي بالقِنْو4 فيعلقه في المسجد؛ وكان بعض من لا يرغب في الخير يأتي بالقنو من الحَشَف5 والشِّيْص6 فيعلقه، فنزلت هذه الآية {وَلا تَيَمَّمُوا
__________
1 اسمه سُلمى بن عبد الله بن سلمى، وقيل رَوْح، روى عن ابن سيرين والشعبي وعكرمة وأبي الزبير وقتادة وغيرهم، قال ابن حجر: أخباري متروك الحديث. مات سنة سبع وستين ومائة. أخرج له ابن ماجه.
انظر ترجمته في: التهذيب 12/47-49، والتقريب 2/401.
2 عَبيدة بن عمرو السلماني، المرادي، أبو عمرو الكوفي، تابعي كبير، مخضرم، ثقة ثبت، كان شريح إذا أشكل عليه شيء سأله، مات سنة بضع وسبعين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 7/78، والتقريب 1/547.
3 فتح الباري 3/307.
أخرجه ابن جرير رقم6131 حدثني عصام بن روّاد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، به مثله. وفيه أبو بكر الهذلي وهو متروك كما سبق في ترجمته آنفا.
4 القِنْو: العِذْق بما فيه من الرّطب. والجمع أقناء، وقنوان. وفي التنزيل العزيز {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ} [الأنعام:99] . المعجم الوسيط ص 764، مادة "ق ن و".
5 الحَشَف - بالتحريك - أردأ التمر، أو الضعيف لا نوى له، أو اليابس الفاسد. ويقال: "أحشفا وسوء كيلة" لمن يجمع خصلتين مكروهتين. انظر: القاموس المحيط ص720، باب الفاء، فصل الحاء، مادة "حشف".
6 الشِّيْص: تمر لم يتم نضجه لسوء تأبيره أو لفساد آخر. المعجم الوسيط ص 503، مادة "ش ي ص".(1/272)
الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} فكنا بعد ذلك يجيء الرجل بصالح ما عنده1.
[340] ولأبي داود من حديث سهل بن حنيف 2 "فكان الناس يتيممون شرار ثمارهم ثم يخرجونها في الصدقة، فنزلت هذه الآية3.
قوله تعالى: {لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} الآية: 273
[341] روى أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة وابن حبان
__________
1 فتح الباري 9/518.
أخرجه الترمذي رقم2987 - في التفسير، باب ومن سورة البقرة - حدثنا عبد الله ابن عبد الرحمن، أخبرنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي مالك، عن البراء - بنحوه. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح. وقد صحّحه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2389.
وأخرجه ابن ماجه رقم1822 - في الزكاة، باب النهي أن يخرج في الصدقة شرّ ماله - من طريق أسباط ابن نصر، عن السدي، عن عدي بن ثابت، عن البراء - نحوه. قال البوصيري في الزوائد رقم655 هذا إسناده صحيح رجاله ثقات.
2 سهل بن حُنيف بن واهب الأنصاري الأوسي، صحابي، من أهل بدر، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن زيد بن ثابت، وعنه ابناه أبو أمامة أسعد وعبد الله وغيرهما. واستخلفه عليّ على البصرة، ومات في خلافته. انظر ترجمته في: الإصابة 3/165، رقم3540، وتهذيب التهذيب 4/220، والتقريب 1/336.
3 فتح الباري 9/518.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2802 حدثنا أبي، حدثنا أبو الوليد، حدثنا سليمان بن كثير، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه - فذكره. ولفظه "قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لونين من التمر: العرجون ولون الحُبَيق، وكان الناس يتيممون شرار ثمارهم ... الحديث. وأخرجه أبو داود رقم1607 - في الزكاة، باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة - من طريق سفيان بن حسين، عن الزهري، به نحوه. وليس فيه ذكر لنزول الآية، ثم أشار أبو داود إلى الطريق التي أخرج منها أبو داود قائلا: "وأسنده أيضا أبو الوليد عن سليمان بن كثير عن الزهري.(1/273)
من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد1، عن أبيه مرفوعا "من سأل وله قيمة أوقية 2 فقد ألحف". وفي رواية ابن خزيمة "فهو ملحف" 3.
[342] ولأحمد من حديث عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد رفعه "من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا" 4.
__________
1 عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، سعد بن مالك، الأنصاري الخزرجي، روى عن أبيه وغيره، وعنه عمارة بن غزية وغيره، ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، مات سنة اثنتي عشرة ومائة، وله سبع وسبعون. انظر ترجمته في: التهذيب 6/166، والتقريب 1/481.
2 ويأتي في حديث عبد الله بن عمرو برقم الفظ "أربعون درهما، والأوقية أربعون درهما كما قال مالك وغيره. وعند ابن أبي حاتم في آخره "والوقية: أربعون درهما".
3 فتح الباري 8/203.
أخرجه الإمام أحمد 3/7، 9 وأبو داود رقم1628 - في الزكاة، باب من يعطى من الصقة وحد الغني -، والنسائي رقم2595 - في الزكاة، باب من الملحف -، وابن أبي حاتم رقم2877، وابن خزيمة رقم2447 - في جماع أبواب صدقة التطوع، باب ذكر الغني تكون المسألة معه إلحافا -، وابن حبان الإحسان رقم3390 - في الزكاة، ذكر السبب الذي به يصير السائل ملحفا - كلهم من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن عمارة بن غزية، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، به مثله ونحوه.
وهذا إسناد صحيح، صححه كل من الشيخ الألباني الصحيحة 4/297 والدكتور/ محمد مصطفى الأعظمي صحيح ابن خزيمة 4/100 الحاشية والشيخ/ شعيب الأرناؤوط الإحسان 8/185 الحاشية. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/97 ونسبه لأحمد والطبراني وأبي داود والنسائي.
4 فتح الباري 8/203.
أخرجه أحمد 4/36 عن وكيع، حدثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء ابن يسار، به.
وإسناده صحيح، ورجاله رجال الشيخين غيرالرجل من بني أسد، وهو صحابي كما ورد التصريح بذلك في رواية مالك وأبي داود والنسائي - كما يأتي -، وجهالة الصحابي لا تضر.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/91 ونسبه لمالك وأحمد وأبي داود والنسائي.
وأخرجه مالك 2/999 ومن طريقه أبو داود رقم1627 والنسائي رقم2596 عن زيد بن أسلم، به بنحوه. ولفظه قال الأسدي: نزلت أنا وأهلي ببقيع الغرقد، فقال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأله لنا شيئا نأكله.... الحديث. قال مالك: والأوقية أربعون درهما.(1/274)
[343] ولأحمد والنسائي من حديث عمروبن شعيب1 عن أبيه2 عن جده3 رفعه "من سأل وله أربعون درهما فهو ملحف" 4.
قوله تعالى:
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً} الآية: 274
[344] عن قتادة وغيره أنها نزلت في قوم أنفقوا في سبيل الله من غير
__________
1 عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن العاص، روى عن أبيه وجلّ روايته عنه، وطاوس وسليمان بن يسار ومجاهد وعطاء والزهري وجماعة، وعنه عطاء وعمرو بن دينار وهشام ابن عروة وقتادة وغيرهم، صدوق. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 8/43-48 والتقريب 2/72.
2 شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، صدوق، ثبت، ثبت سماعة من جده. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 4/311-312 والتقريب 1/353.
3 المراد به الجد الأعلى لعمرو، وهو عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي، أحد السابقين المكثرين من الصحابة، أحد العباد له الفقهاء، مات في ذي الحجة ليالي الحرة على الأصح بالطائف على الراجح. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/345، رقم3092، والإصابة 4/165، رقم4865، والتقريب 1/436.
4 فتح الباري 8/203.
أخرجه النسائي رقم2594 - في الزكاة، باب من الملحف - أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: أنبأنا يحيى بن آدم، عن سفيان بن عيينة، عن داود بن شابور، عن عمرو بن شعيب، به. وأخرجه ابن خزيمة رقم2448 والبيهقي 7/24 وابن مردويه في تفسيره كما في تفسير ابن كثير 1/481 كلهم من طرق عن سفيان بن عيينة، به. وزاد ابن كثير نسبته إلى النسائي.
هذا وقد زاد ابن حجر نسبته لأحمد، ولم أهتد إليه بعد البحث والتقصي، ولم ينسبه ابن كثير إلا للنسائي وابن مردويه، كما لم يخرجه الشيخ الألباني في الصحيحة إلا من النسائي.(1/275)
إسراف ولا تقتير. ذكره الطبري وغيره1.
[345] عن أبي أمامة2 أنها نزلت في أصحاب الخيل الذين يربطون في سبيل الله أخرجه ابن أبي حاتم3.
[346] وعند عبد الرزاق بإسناد فيه ضعف إلى ابن عباس أنها نزلت في علي ابن أبي طالب كان عنده أربعة دراهم، فأنفق بالليل واحدا وبالنهار واحدا وفي السر واحد وفي العلانية واحدا4، ذكره الكلبي في تفسيره عن أبي صالح،
__________
1 فتح الباري 3/289.
أخرج ابن جرير رقم6233 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال، ثنا سعيد، عن قتادة في الآية قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول - فذكره بنحوه في حديث طويل.
وهذا مرسل مع صحة إسناده.
2 اسمه صُدَيّ بن عجلان أبو أمامة الباهلي، صحابي مشهور، سكن الشام، ومات بها، سنة ست وثمانين. انظر ترجمته في: الإصابة 3/339، رقم4079، والتقريب 1/366.
3 فتح الباري 3/289.
ذكره ابن أبي حاتم عقب رواية أسندها عن ابن عباس قائلا: وروي عن أبي أمامة وسعيد ابن المسيب ومكحول نحو ذلك. أما رواية ابن عباس المسندة فأخرجها عن أبي سعيد الأشج، ثنا زيد بن حباب، ثنا عبد الرحمن بن شريح، حدثني قيس بن الحجاج، حدثني حنش الصنعاني، قال: سمعت ابن عباس في قوله: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً} قال: هم الذين يعلفون الخيل في سبيل الله. انظر: تفسير القرآن العظيم 2/543.
هذا وقد أخرج الواحدي في الأسباب ص78 من طريق ابن أبي حاتم، حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: أخبرنا رجاء بن أبي سلمة، عن سليمان بن موسى الدمشقي، عن عجلان ابن سهل الباهلي، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي رضي الله عنه فذكر نحوه. ولفظه "من ارتبط فرسا في سبيل الله لم يرتبطه رياء ولا سمعة كان من الذين ينفقون أموالهم باليل والنهار". وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/100 بهذا اللفظ ونسبه إلى ابن عساكر فقط.
4 فتح الباري 3/289. =(1/276)
عن ابن عباس أيضا، وزاد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أما إن ذلك لك1.
قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} الآية: 275
[347] روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال "آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا"2.
__________
= أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/108 ومن طريقه الواحدي في الوسيط 1/392 وفي الأسباب ص 78 قال: حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس - مذكر مثله. وقد ضعّفه ابن حجر كما في الصلب.
قلت: والعلة فيه "عبد الوهاب بن مجاهد بن جبرالمكي"، لم يسمع من أبيه. قال ابن حجر: متروك، وكذبه الثوري. أخرج له ابن ماجه.
انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 6/69-70، والميزان رقم4324، والتهذيب 6/400-401، والتقريب 1/528.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/100-101 ونسبه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن عساكر من طريق عبد الوهاب ابن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس.
1 فتح الباري 3/289.
ذكره الواحدي في الأسباب ص 78-79 وفي الوسيط 1/391-392 عن الكلبي بغير إسناد. والكلبي متروك.
2 فتح الباري 8/203.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2889 حدثنا علي بن الحسين، ثنا أحمد بن عبد الرحمن، ثنا أبي، عن أبيه، ثنا الأشعث بن إسحاق بن سعد الأشعري، عن جعفر بن المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - مثله. وزاد في آخره "يخنق".
وأخرجه ابن جرير رقم6242 من طريق جرير، عن أشعث، بهذا الإسناد إلا أنه لم يذكر "ابن عباس".
وعلقه ابن كثير 1/482 عن ابن عباس، وقال رواه ابن أبي حاتم. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/102 ونسبه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.(1/277)
[348] ومن طريق ابن عبد الله بن مسعود، عن أبيه "أنه كان يقرأ إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس يوم القيامة"1.
قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} الآية: 276
[349] أخرج أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم من حديث ابن مسعود رفعه "إن الربا وإن كثر فإن عاقبته إلى قلة" 2.
قوله تعالى:
{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} الآية: 284
[350] أخرج مسلم عن أبي هريرة قال: لما نزلت {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} اشتد ذلك على الصحابة، فذكر
__________
1 فتح الباري 8/203.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم2887 حدثنا محمد بن مسلم بن وارة، ثنا أبو اليمان وأبو المغيرة، قالا: ثنا أبو بكر بن أبي مريم، ثنا ضمرة بن حبيب، عن ابن عبد الله ابن مسعود، به. وذكره ابن كثير 1/482 عن ابن أبي حاتم. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/104 ونسبه لأبي عبيد وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 8/204.
أخرجه أحمد 1/395 ومن طريقه الحاكم 2/37 عن حجاج، حدثنا شريك، عن الركين بن الربيع، عن أبيه، عن ابن مسعود - مثله. وهذا إسناد صحيح، ورجاله رجال الصحيح ما عدا شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - سيء الحفظ، لكن توبع، فقد أخرج ابن ماجه رقم2279 والطبراني في الكبير رقم10539 والحاكم 2/27 و4/317-318 من طريق إسرئيل، عن الركين، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وذكره ابن جرير رقم6252 عن ابن مسعود من غير إسناد. وذكره ابن كثير 1/487. كما ذكره السيوطي في الدر 2/106 ونسبه لأحمد وابن ماجه وابن جرير والحاكم - وصححه - والبيهقي في شعب الإيمان.(1/278)
الحديث في شكواهم ذلك وقوله صلى الله عليه وسلم لهم: "تريدون أن تقولوا مثل ما قال أهل الكتاب: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا سمعنا وأطعنا"، فقالوها فنزلت {آمَنَ الرَّسُولُ} إلى آخر السورة" وفيه في قوله: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قال: "نعم".
وفيها "فلما فعلوا نسخها الله، فأنزل الله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} إلى آخر السورة، ولم يذكر قصة ابن عمر1.
[351] وروى أحمد من طريق مجاهد قال: دخلت على ابن عباس فقلت: كنت عند ابن عمر فقرأ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ} فبكى، فقال قلوبنا ليست بأيدينا، فقال: قولوا سمعنا وأطعنا، فقالوا، فنسختها2 هذه
__________
1 فتح الباري 8/206.
أخرجه مسلم بسنده عنه بطوله. الصحيح: كتاب الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، رقم199-125.
وذكره ابن كثير 1/501-502 برواية أحمد ومسلم. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/127 وزاد نسبته لأبي داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
2 أي أزالت ما تضمنته من الشدة وبينت أنه وإن وقعت المحاسبة به لكنها لا تقع المؤاخذة به. أشار إلى ذلك الطبري فرارا من إثبات دخول النسخ في الأخبار.
وأجيب بأنه وإن كان خبرا لكنه يتضمن حكما، ومهما كان من الأخبار يتضمن الأحكام أمكن دخول النسخ فيه كسائر الأحكام، وإنما الذي لا يدخله النسخ من الأخبار ماكان خبرا محضا لا يتضمن حكما كالأخبار عما مضى من أحاديث الأمم ونحو ذلك.
ويحتمل أن يكون المراد بالنسخ في الحديث التخصيص؛ فإن المتقدمين يطلقون لفظ النسخ عليه كثيراً.
انظر: تفسير الطبري 6/118-119، وفتح الباري 8/207.
فائدة: قال ابن حجر: المراد بالمحاسبة في قوله {يُحَاسِبْكُمْ} بما يخفي الإنسان ما يصمم عليه ويشرع فيه دون ما يخطر له ولا يستمر عليه. والله أعلم. أهـ. الفتح 8/207.(1/279)
الآية: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} 1.
[352] وأصله عند مسلم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس دون قصة ابن عمر. وفيه قال: "قد فعلت"2.
__________
1 فتح الباري 8/206.
أخرجه أحمد 1/332 ومن طريقه ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 229 عن عبد الرزاق، عن معمر، عن حميد الأعرج، عن مجاهد، به. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/113-114 ومن طريقه ابن جرير رقم6461 عن جعفر بن سليمان عن حميد الأعرج، به.
فبهذا تبين أن لعبد الرزاق في هذا شيخين - معمر وجعفر بن سليمان - وكلاهما حدثه به عن حميد الأعرج.
والحديث ذكره ابن كثير 1/502-503 مع طرق أخرى له، وقال: فهذه طرق صحيحة عن ابن عباس. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/127-128 وزاد نسبته لابن المنذر.
2 فتح الباري 8/206 و11/552.
والحديث ذكره ابن كثير 1/502 عند تفسير هذه الآية بنصه عن الإمام أحمد والإمام مسلم. ولفظه "قال: لما نزلت هذه الآية {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قولوا: سمعنا وأطعنا وسَلَّمنا"، فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} إلى قوله: {فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} .
ثم قال ابن كثير: "وهكذا رواه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي كريب وإسحاق ابن إبراهيم، ثلاثتهم عن وكيع، به. وزاد: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قال: قد فعلت {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قال: قد فعلت {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} قال: قد فعلت {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا} قال: قد فعلت. اهـ. هذا وقد أخرجه مسلم رقم200-126 - في الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق - بسنده عنه. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/127 ونسبه لأحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات.(1/280)
[353] وأخرج الطبري بإسناد صحيح عن الزهري أنه سمع سعيد ابن مرجانة1 يقول: كنت عند ابن عمر فتلا هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ} فقال: والله لئن واخذنا الله بهذا لنهلكن، ثم بكى حتى سمع نشيجه، فقمت حتى أتيت ابن عباس فذكرت له ما قال ابن عمر وما فعل حين تلاها، فقال: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، لعمري لقد وجد المسلمون حين نزلت مثل ما وجد، فأنزل الله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} 2.
قوله تعالى: {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً} الآية: 286
[354] وصل الطبري من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً} أي عهدا3.
__________
1 سعيد بن مَرْجانة، وهو ابن عبد الله على الصحيح، ومرجانة أمه، أبو عثمان الحجازي، ثقة فاضل، مات قبل المائة بثلاث سنين. التقريب 1/304.
2 فتح الباري 8/206.
أخرجه ابن جرير رقم6459 عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، به.
وأخرجه الطبراني في الكبير ج 10/رقم10769، 10770 والبيهقي في شعب الإيمان رقم329 من طرق عن ابن شهاب، به نحوه.
وذكره ابن كثير 1/502 عن ابن جرير. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/128 وزاد نسبته لعبد بن حميد، وأبي داود في ناسخه.
3 فتح الباري 8/207. وذكره البخاري عنه تعليقا.
الإصر: عقد الشيء وحبسُه بقهره، يقال: أصرته فهو مأصور. والمأصَر والمأصِر محبَس السفينة. وقوله تعالى: {وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً} قيل: ثقلا. والإصر العهد المؤكَّد الذي يثبِّط ناقضه عن الثواب والخيرات. انظر: المفردات ص 18-19. وقال ابن حجر: وأصل الإصر الشيء الثقيل، ويطلق على الشديد. وتفسيره بالعهد تفسير باللازم؛ لأن الوفاء بالعهد شديد. فتح الباري 8/207.
أخرجه ابن جرير رقم6515 من طريق معاوية بن صالح، عن علي، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/135 ونسبه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.(1/281)
[355] وروى الطبري من طريق ابن جريج في قوله: {إِصْراً} قال: عهدا لا نطيق القيام به1.
__________
1 فتح الباري 8/207.
أخرجه ابن جرير رقم6517 عن القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال حدثني حجاج، عن ابن جريج، به. ولفظه "عهدا لا نطيفه ولا نستطيع القيام به". وفي إسناده الحسين وهو سنيد ضعيف.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/135 ونسبه لابن جرير فقط.(1/282)
سورة آل عمران
قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} الآية: 6
[356] وقد أخرج الطبري من طريق السدي في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} قال عن مرة الهمذاني عن ابن مسعود - وذكر أسانيد أخرى - قالوا: إذا وقعت النطفة في الرحم طارت في الجسد أربعين يوما، ثم تكون علقة أربعين يوما، ثم تكون مضغة أربعين يوما. فإذا أراد الله أن يخلقها، بعث ملكا فصورها كما يؤمر1.
قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} الآية: 7
[357] أخرج عبد بن حميد بالإسناد الذي ذكرته قريبا إلى مجاهد، قال في قوله تعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} قال: ما فيه من الحلال والحرام: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} وما سوى ذلك من متشابه يصدق بعضه بعضا، هو مثل قوله: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} [البقرة:26] ، ومثل قوله: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى
__________
1 فتح الباري 11/485.
أخرجه ابن جرير رقم6569 حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - نحوه. وهذا إسناد ضعيف.(1/283)
الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} [يونس:100] ، ومثل قوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد:17] 1.
قوله تعالى:
{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} الآية:7
[358] وصل عبد بن حميد بهذا الإسناد كذلك عن مجاهد: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} قال: شك: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} المشتبهات، الباب الذي ضلوا منه وبه هلكوا2.
قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}
[359] وصل عبد بن حميد من الطريق المذكور عن مجاهد في قوله {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} يعلمون تأويله و {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} الآية3.
__________
1 فتح الباري 8/209. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/190 ثنا روح، ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، به. وأخرجه آدم في تفسيره المنسوب إلى مجاهد ص 121-122 عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به بنحوه. وأخرجه ابن جرير رقم6585 من طريق عيسى وشبل، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/145 ونسبه إلى عبد بن حميد والفريابي.
2 فتح الباري 8/209-210. وذكره البخاري عنه تعليقا، بدون الزيادة التي في آخره "الباب الذي ضلوا منه وبه هلكوا".
أخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/190 بالإسناد السابق ذكره. وأخرج آدم في تفسير ص 122 أوله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عنه. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/147-148 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير.
3 فتح الباري 8/210. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه عبد بن حميد كما في الموضع السابق بالإسناد المذكور قريبا. وأخرجه آدم في تفسيره ص 122 عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به. كما أخرجه ابن جرير رقم6634 بهذا الإسناد، وأخرجه رقم6633 من طريق عيسى، عن ابن أبي نجيح، به.(1/284)
[360] ومن طريق قتادة قال: "قال الراسخون كما يسمعون آمنا به كل من عند ربنا: المتشابه والمحكم، فآمنوا بمتشابهه وعملوا بمحكمه فأصابوا1.
[361] وقد روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عباس أنه كان يقرأ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} 2.
قوله تعالى:
{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ} - إلى قوله - {لِأُولِي الْأَبْصَارِ} الآية: 12
[362] روى ابن إسحاق بإسناد حسن عن ابن عباس قال: لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا يوم بدر3 جمع يهود في سوق بني قينقاع فقال: "يا
__________
1 فتح الباري 8/210.
أخرجه ابن جرير رقم6644 من طريق يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة - نحوه مختصراً، ولفظه "آمنوا بمتشابهه وعملوا بمحكمه".
2 فتح الباري 8/210.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/116 ومن طريقه ابن جرير رقم6627 أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عنه، به. وهذا إسناد صحيح، و"ابن طاوس" اسمه عبد الله، ثقة فاضل عابد. وقد صحّح ابن حجر إسناده كما في الصلب. وقال - أي: ابن حجر -: والذي ذهب إليه مجاهد من تفسير الآية يقتضي أن تكون الواو في "الراسخون" عاطفة على معمول الاستثناء، وهذا يدل على أن الواو للاستئناف؛ لأن هذه الرواية وإن لم تثبت بها القراءة، لكن أقل درجاتها أن تكون خبرا بإسناد صحيح إلى ترجمان القرآن، فيقدم كلامه في ذلك على من دونه، ثم قال: ويؤيد ذلك أن الآية دلت على ذم متبعي المتشابه لوصفهم بالزيغ وابتغاء الفتنة. انظر: فتح الباري 8/210.
3 بدر: ماء مشهور بين مكة والمدينة أسفل وادي الصفراء، وبهذا المكان كانت الوقعة التي أظهر الله بها الإسلام وفرّق بين الحق والباطل في شهر رمضان سنة اثنتين للهجرة. وهي اليوم مدينة بدأت تظهر فيها معالم الحضارة. وتبعد عن المدينة 155 كيلا وعن مكة 310 أكيال، وتبعد عن سيف البحر قرابة 45 كيلا، وبها اليوم مدارس ومساجد وجامع كبير. وقد وقفت عليها. انظر: معجم البلدان 1/425، رقم1527، ومعجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية، ص 41.(1/285)
يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم ما أصاب قريشا يوم بدر، فقالوا: إنهم كانوا لا يعرفون القتال، ولو قاتلنا لعرفت أنّا الرجال، فأنزل الله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ} - إلى قوله – {لِأُولِي الْأَبْصَارِ} 1.
قوله تعالى: {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} الآية: 13
[363] روى الطبري من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} قال: الأخرى كفار قريش2.
قوله تعالى: {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} الآية: 14
[364] روى الثوري في تفسيره في رواية أبي حذيفة عنه بإسناد صحيح عن مجاهد في قوله: {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} المطَهَّمَة3 الحسان4.
__________
1 فتح الباري 7/332.
أخرجه ابن جرير رقم6666 من طريق محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس - نحوه. انظر رقم 11 الحاشية وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/158 ونسبه إلى ابن إسحاق وابن جرير والبيهقي في الدلائل.
2 فتح الباري 8/257.
أخرجه ابن جرير رقم6675 و6676 من طريق محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد ابن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس، مثله وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/158-169 ونسبه إلى ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم. انظر ما قبله.
3 المُطَهَّمَة: السمينة الفاحشة السمن. انظر: القاموس باب الميم، فصل الطاء، ص1022.
4 فتح الباري 8/208. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه سفيان الثوري في تفسيره رقم138: 2: 27، ص 34 عن حبيب بن أبي ثابت، عنه، مثله. وأخرجه عبد الرزاق 1/117 ومن طريقه ابن جرير رقم6739 ومن وجهين آخرين رقم6738، 6742 عن الثوري بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حجر في تغليق التعليق 4/188 بسنده إلى الثوري به. وأخرجه ابن جرير رقم6740، 6741 من طريق ابن أبي نجيح، عنه، به. والأثر أورده السيوطي في الدر المنثور 2/163 ونسبه لعبد بن حميد وابن جرير.(1/286)
[365] وصل الثوري في رواية أبي حذيفة عنه عن ابن جبير: المسومة: الراعية1 2.
[366] ووصل الطبري من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى3 مثله4.
[367] وأورد مثله عن ابن عباس من طريق العوفي عنه5.
__________
1 في تفسير الثوري "الراتعة"، يقال: رتعت الماشية في المكان، إذا أكلت وشربت ما شاءت في خصب وسعة. انظر: القاموس باب العين، فصل الراء، ص 648.
2 فتح الباري 8/208. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه الثوري في تفسيره رقم139: 3: 28 عن حبيب بن أبي ثابت، عنه بلفظ "الراتعة". وأخرجه ابن جرير الأرقام 6729-6732 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
3 عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، الخزاعي مولاهم الكوفي، ذكره ابن حبان في الثقات، روى عنه الأجلج الكندي وأسلم المنقري وسلمة بن كهيل ومنصور بن المعتمر وطلحة بن عمرو القناد وغيرهم. وقال ابن حجر: مقبول علق له البخاري - في هذا الموضع - وأخرج له أبو داود والنسائي.
انظر ترجمته في: الثقات 7/9، والتهذيب 5/254، والتقريب 1/427.
4 فتح الباري 8/208-209. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم6733 عن ابن وكيع، عن أبيه، عن طلحة القناد، عنه، مثله. وإسناده ضعيف من أجل ابن وكيع، واسمه سفيان، كان أبوه إماما حجة، وكان هو رجلا صالحا، ولكن ورّاقه أفسد عليه حديثه، وأدخل عليه ما ليس من روايته، ونصحه العلماء أن يدعه فلم يفعل، فمن أجل ذلك تركوه. انظر: المجروحين 1/355.
5 فتح الباري 8/209.
أخرجه ابن جرير رقم6734 من طريق العوفي، به. والعوفي ضعيف تقدم. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/162 ونسبه إلى ابن جرير فقط.(1/287)
قوله تعالى:
{وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} الآية: 27
[368] وصل عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله تعالى: {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} قال: الناس الأحياء من النطف الميتة والنطف الميتة من الناس الأحياء1.
قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} الآية: 31
[369] أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن البصري قال: كان قوم يزعمون أنهم يحبون الله، فأراد الله أن يجعل لقولهم تصديقا من عمل فأنزل الله هذه الآية2.
[370] وذكر الكلبي في تفسيره عن ابن عباس أنها نزلت حين قال اليهود {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة:18] 3.
__________
1 فتح الباري 8/209. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه الفريابي فيما ذكره ابن حجر في تغليق التعليق 4/189 عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به. وزاد في آخره "والأنعام". وأخرجه آدم في تفسيره ص 124 من طريق ورقاء، به نحوه. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/173 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 10/558.
أخرجه ابن جرير رقم6848 عن محمد بن سنان، وابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم379 عن الحسن بن أحمد، قالا: حدثنا أبو بكر الحنفي، قال: حدثنا عناد بن منصور، عن الحسن، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/178 ونسبه إليهما عن عباد بن منصور بلفظ الطبري.
والصواب عن عباد بن منصور عن الحسن كما في المصدرين المخرجين عنهما.
3 فتح الباري 10/558.
إسناده هالك، فالكلبي ضعيف متروك.(1/288)
[371] وفي تفسير محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير1: نزلت في نصارى نجران، قالوا: إنما نعبد المسيح حبا لله وتعظيما له2.
[372] وفي تفسير الضحاك عن ابن عباس أنها نزلت في قريش، قالوا: إنما نعبد الأصنام حبا لله لتقربنا إليه زلفى فنزلت3.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} الآية:33
[373] وقد ثبت عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} قال: محمد من آل إبراهيم4.
[374] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: "وآل عمران": المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين
__________
1 هو محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام الأسدي، المدني، روى عنه ابن إسحاق وغيره. ثقة. مات سنة بضع عشرة ومائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 9/81، والتقريب 2/150.
2 فتح الباري 10/558.
أخرجه ابن جرير رقم6849 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، به.
في إسناده "ابن حميد " شيخ الطبري ضعيف، و"محمد بن إسحاق"، مدلّس لم يصرّح بالسماع.
3 فتح الباري 10/558.
ضعيف؛ فإن الضحاك لم يلق ابن عباس.
4 فتح الباري 11/162.
لم أقف عليه مسنداً، ولكن قول ابن حجر "وقد ثبت عن ابن عباس" يدل على صحة هذا التفسير عن ابن عباس. والله أعلم.(1/289)
وآل محمد صلى الله عليه وسلم1.
قوله تعالى:
{أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً} الآية: 39
[375] وصل الثوري في تفسيره عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير {وَحَصُوراً} قال: لايأتي النساء2.
[376] وقد نقل الطبري عن سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد في قوله: {وَحَصُوراً} : لا يأتي النساء3.
__________
1 فتح الباري 6/469.
أخرجه ابن أبي حاتم آل عمران، رقم392 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/179-180 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وأخرجه ابن جرير رقم6851 من طريق عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية، به.
2 فتح الباري 8/209. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أصل الحصر: الحبس والمنع، يقال لمن لا يأتي النساء أعم من أن يكون ذلك بطبعه كالعنين أو بمجاهدة نفسه، وهو الممدوح والمراد في وصف يحيى عليه السلام. انظر: المفردات للراغب ص120 مادة "حصر" والشفا للقاضي عياض 1/116، وفتح الباري 8/209، وتفسير ابن كثير 1/30-31.
والأثر أخرجه سفيان الثوري في تفسيره رقم144: 8: 11، ص 35، ومن طريقه الطبري رقم6985 عن عطاء بن السائب، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/190 ونسبه لابن أبي شيبة وأحمد في الزهد.
3 فتح الباري 4/4.
أما أثر سعيد بن جبير فقد سبق تخريجه في الذي قبله، وأما عن عطاء فلم أجده عند الطبري، وإنما عنه عن سعيد كما في الأثر السابق.
وأما أثر مجاهد فأخرجه رقم6988 حدثني عبد الرحمن بن الأسود، قال: حدثنا محمد بن ربيعة، قال: حدثنا النضر بن عربي، عن مجاهد، به. وأخرجه رقم6989 من طريق عيسى، عن ابن أبي نجيح، عنه - نحوه.(1/290)
قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} الآية: 41
[377] وقد وصل عبد بن حميد والطبري وغيره من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: الإبكار أول الفجر، والعشي ميل الشمس إلى أن تغيب1.
قوله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} الآية: 45
[378] وصل سفيان الثوري في تفسيره رواية أبي حذيفة موسى ابن مسعود عنه عن منصور عن إبراهيم هو النخعي قال: المسيح الصديق2.
قوله تعالى: {وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ} الآية: 46
[379] وصل الفريابي من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ} قال: الكهل الحليم3.
__________
1 فتح الباري 6/326.
أخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 3/506، وابن جرير رقم7025 من طريق شبل، عن ابن أبي نجيح، به.
2 فتح الباري 6/472.
أخرجه الثوري في تفسيره 149: 13: 18 عن منصور، به.
قال الطبري: مراد إبراهيم بذلك أن الله مسحه فطهره من الذنوب، فهو فعيل بمعنى مفعول، قال ابن حجر: وهذا بخلاف تسمية الدجال المسيح فإنه فيعل بمعنى فاعل. انظر: تفسير الطبري 6/414، وفتح الباري 6/472.
3 فتح الباري 6/472. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/35، وابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم569 كلاهما من طريق ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به. وأخرجه، ابن جرير رقم7075 من طريق عيسى، عن ابن أبي نجيح، به. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/199 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر.(1/291)
قوله تعالى: {وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ} الآية: 49
[380] وصل الفريابي عن مجاهد: الأكمه من يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل1.
[381] وروى عبد بن حميد من طريق سعيد عن قتادة: كنا نتحدث أن الأكمه الذي يولد وهو مضموم العين2.
[382] ومن طريق عكرمة: الأكمه الأعمى3.
__________
1 فتح الباري 6/472.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/35 حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به. وأخرجه ابن جرير رقم7088، وابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم598 كلاهما من طريق عيسى يعني ابن ميمون بن دابة، عن ابن أبي نجيح، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/215 ونسبه إلى أبي عبيد والفريابي وعبد بن حميد والطبري وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد.
2 فتح الباري 6/473.
أخرجه ابن جرير رقم7090 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، به. ولفظه "مغموم العينين"، وقد علق المحقق في الحاشية قائلا "كان في المطبوعة "مضموم العينين"، وتوشك أن تكون في المخطوطة: "مغموم العينين"، ثم قال: وأنا أرجح أنها الصواب، فلذلك أثبتها على قرائي للخط. اهـ.
هذا وقد رجّح الطبري قول قتادة هذا، ونقل عنه ابن حجر أيضا، فقال: "الأشبه بتفسير الآية قول قتادة؛ لأن علاج مثل ذلك لا يدعيه أحد، والآية سيقت لبيان معجزة عيسى عليه السلام، فالأشبه أن يحمل المراد عليها ويكون أبلغ في إثبات المعجزة والله أعلم". انظر: تفسير الطبري 6/49، وفتح الباري 6/473.
3 فتح الباري 6/473.
هكذا في الفتح بلفظ "الأكمه الأعمى" معزواً لعكرمة، ولم أجده عنه، ولكن الذي ورد عنه - كما ذكر السيوطي وغيره - أنه قال "الأكمه الأعمش"، فقد أخرج ابن جرير رقم7097، وابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم599 كلاهما من طريق حفص ابن عمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله {وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ} قال: الأعمش. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/215 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري.
وأما تفسير "الأكمه" بالأعمى فقد أخرج ابن جرير عن السدي وابن عباس وقتادة والحسن على ما يأتي.(1/292)
[383] وكذا رواه الطبري عن السدي1.
[384] وعن ابن عباس أيضا2.
[385] وعن الحسن ونحوهم3.
قوله تعالى:
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية: 64
[386] أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس في قوله: {إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} قال: أي عدل4.
[387] وأخرج الطبري عن قتادة مثله5.
__________
1 فتح الباري 6/473.
أخرجه ابن جرير رقم7093 حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: {وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ} ، هو الأعمى.
2 فتح الباري 6/473.
أخرجه ابن جرير رقم7094 من طريق الحسين - وهو سنيد - قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: الأعمى.
3 فتح الباري 6/473.
أخرجه ابن جرير رقم7096 حدثني محمد بن سنان، قال: حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد بن منصور، عن الحسن في قوله {وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ} قال: الأعمى.
4 فتح الباري 8/216.
أخرجه ابن جرير رقم7198 من طريق إسحاق، وابن أبي حاتم رقم696 آل عمران من طريق أحمد بن عبد الرحمن، قالا: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، به. قلت: وهذا إسناد حسن. وقد أورده السيوطي في الدر المنثور 2/234 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.
5 فتح الباري 8/216. أخرجه ابن جرير رقم7197 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، به. وإسناده صحيح. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/234 ونسبه لابن جرير وابن المنذر.(1/293)
[388] وأخرج عن أبي العالية أن المراد بالكملة "لا إله إلا الله"1.
قوله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} الآية: 68
[389] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يقول: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} : وهم المؤمنون2.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} الآية: 77
[390] ذكر الطبري من طريق عكرمة أن الآية نزلت في حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف وغيرهما من اليهود الذين كتموا ما أنزل الله في التوراة من شأن النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا وحلفوا أنه من عند الله3.
__________
1 فتح الباري 8/216.
أخرجه ابن جرير رقم7199 وابن أبي حاتم رقم693 كلاهما من طريق عبد الله ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، به. وإسناده حسن. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/235 ونسبه إليهما.
وقد رجح ابن حجر هذا التفسير وأيده قائلا: وعلى ذلك يدل سياق الآية الذي تضمنه قوله {أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً} فإن جميع ذلك داخل تحت كلمة الحق وهي: "لاإله الا الله"، ثم قال: والكلمة على هذا بمعنى الكلام، وذلك سائغ في اللغة. انظر: فتح الباري 8/216.
2 فتح الباري 6/469.
أخرجه ابن أبي حاتم آل عمران، رقم732 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/239 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.
3 فتح الباري 8/213.
أخرجه ابن جرير رقم7278 حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عنه نحوه مختصرا. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/245-246 مختصرا، ونسبه إلى ابن جرير فقط.(1/294)
قوله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} الآية: 86
[391] وقد أخرج النسائي وصححه ابن حبان عن ابن عباس "كان رجل من الأنصار أسلم ثم ندم وأرسل إلى قومه فقالوا: يا رسول الله، هل له من توبة؟ فنزلت: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} - إلى قوله -: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} فأسلم1.
قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} الآية: 96
[392] أخرج إسحاق بن راهويه وابن أبي حاتم وغيرهما بإسناد صحيح عن علي قال "كانت البيوت قبله، ولكنه كان أول بيت وضع لعبادة الله "2.
__________
1 فتح الباري 12/268-269.
أخرجه الإمام أحمد 1/247، والنسائي في التفسير رقم85، وابن جرير رقم7362، وابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم914، 924 وابن حبان في صحيحه الإحسان، رقم4477، والحاكم 2/142 كلهم من طرق عن داود ابن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، به. والحديث إسناده حسن. وقد صححه الحاكم، وأقّره الذهبي.
2 فتح الباري 6/408.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم962 حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا شريك، عن مجالد، عن عامر الشعبي، عن علي، به. ونقله ابن كثير 2/64 برواية ابن أبي حاتم.
هذا وقد صحّح ابن حجر إسناده كما سلف. قلت: وفيه نظر؛ فإن مجالداً هو بن سعيد الهمداني، أبو عمرو الكوفي، ليس بالقوي، وقد تغيّر في آخر عمره. كما في التقريب 2/229 لابن حجر تفسه.(1/295)
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} الآية: 100
[393] قال عكرمة نزلت في شاس بن قيس اليهودي، دسّ على الأنصار من ذكرهم بالحروب التي كانت بينهم فتمادوا يقتتلون، فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فذكرهم فعرفوا أنها من الشيطان فعانق بعضهم بعضا ثم انصرفوا سامعين مطيعين، فنزلت، أخرجه إسحاق في تفسيره مطولا1.
[394] وأخرجه الطبراني من حديث ابن عباس موصولا2.
__________
1 فتح الباري 12/269.
أخرجه عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وإسحاق بن راهويه في تفسيره كما نقل عنهم ابن حجر في العجاب 2/724 والواحدي في أسباب النزول ص99 من طرق عن حماد ابن زيد، عن أيوب، عن عكرمة. ولفظه قال: "كان بين هذين الحيين الأوس والخزرج قتال في الجاهلية فلما جاء الإسلام اصطلحوا، وألف الله بين قلوبهم، فجلس يهودي مجلساً فيه نفر من الأوس والخزرج فأشد شعراً قاله أحد الحيّين في حروبهم، فكأنهم دخلهم من ذلك، فقال الآخرون: قد قال شاعرنا يوم كذا كذا وكذا، فقالوا: تعالوا نرد الحرب جذعة كما كانت فنادى هؤلاء يا للأوس، ونادى هؤلاء يا للخزرج، فاجتمعوا وأخذوا السلاح واصطفوا للقتال فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} الآية، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى قام بين الصفين فرفع صوته يقرؤها، فلما سمعوا صوته أنصتوا وجعلوا يستمعون له، فلما فرغ ألقوا السلاح، وعانق بعضهم بعضاً وجثوا يبكون ".
هذا ولم يقع لي في تفسير ابن أبي حاتم رواية عكرمة هذه، وإنما أخرج عن مجاهد وابن عباس نحوه. انظر: تفسير ابن أبي حاتم، سورة آل عمران ص 437-439.
2 فتح الباري 12/269.
أخرج الطبراني في الكبير ج12/رقم12666،12667 من طريقين، عن الأغر بن الصباح، عن خليفة بن حصين، عن أبي نصر، عن ابن عباس. ولفظه "قال: كانت الأوس والخزرج في الجاهلية بينهم شر، فبينما هم يوما جلوس ذكروا ما بينهم حتى غضبوا، فقام بعضهم إلى بعض بالسلاح، فنزلت {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} الآية كلها والآيتان بعدها إلى {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} ".(1/296)
قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآية: 110
[395] وروى ابن أبي حاتم والطبري من طريق السدي قال: قال عمر: لو شاء الله لقال أنتم خير أمة فكنا كلنا، ولكن قال: "كنتم"، فهي خاصة لأصحاب محمد ومن صنع مثل صنيعهم، وهذا منقطع1.
[396] وروى عبد الرزاق وأحمد والنسائي والحاكم من حديث ابن عباس بإسناد جيد قال: هم الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم"2.
__________
1 فتح الباري 8/225.
أخرجه ابن جرير رقم7608 وابن أبي حاتم رقم3970 كلاهما من طريق أسباط، عن السدي، به.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأنه من طريق السدي، وفيه علة أخرى، وهي انقطاع السند؛ فإن السدي - المتوفى سنة سبع وعشرين ومائة - لم يلق من الصحابة إلا أنس بن مالك. انظر: العجاب في بيان الأسباب لابن حجر 1/212، وفتح الباري 8/225.
فالصحيح في تفسير هذه الآية أنها عامة في جميع هذه الأمة كما بين ذلك الحافظ ابن كثير وغيره حيث قال: والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة كل قرن بحسبه، وخير قرونهم الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، كما قال في الآية الأخرى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} أي خياراً {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة:143] . انظر: تفسير ابن كثير 2/77.
والأثر قد أورده السيوطي في الدر المنثور 2/293 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 8/225. ثم قال ابن حجر: وهذا أخص من الذي قبله.
أخرجه عبد الرزاق 1/130 وأحمد 1/273، 319، 324، 354 والنسائي رقم92 وابن جرير رقم7611 وابن أبي حاتم رقم1157 آل عمران والحاكم 2/294 - وصححه على شرط مسلم، وأقره الذهبي - كلهم من طرق عن إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عنه، به.
قلت: وهذا إسناد جيد، وقد جوّده ابن حجر كما في سبق، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/330 وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح. كما صححه الشيخ أحمد شاكر في تفسير الطبري. وأخرجه ابن جرير رقم7607 من طريق ابن عطية، عن قيس، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/293 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن أبي شيبة، والفريابي، وابن المنذر والطبراني.(1/297)
[397] وللطبري1 من طريق ابن جريج عن عكرمة قال: نزلت في ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل2.
[398] وروى الطبري من طريق مجاهد قال: معناه على الشرط المذكور: تأمرون بالمعروف ... إلخ3.
[399] وجاء في سبب هذا الحديث ما أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق عكرمة قال: كان من قبلكم لا يأمن في بلاد هذا ولا هذا في بلاد هذا، فلما كنتم أنتم أمن فيكم الأحمر والأسود4.
__________
1 تصحف إلى "الطبراني" في النسخة المطبوعة من الفتح، ووقع على الصواب في النسخة الخطية.
2 فتح الباري 8/225. ثم قال ابن حجر: وهذا موقوف، فيه انقطاع، وهو أخص مما قبله.
أخرجه ابن جرير رقم7609 من طريق الحسين - وهو سنيد - قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قال عكرمة - فذكره. و"سنيد" ضعيف، ثم إنه موقوف على عكرمة، وفيه انقطاع.
3 فتح الباري 8/225. قال ابن حجر: وهذا أعم وهو نحو الأول.
أخرجه ابن جرير رقم7614 حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عنه، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/294 وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
4 فتح الباري 8/225.
هكذا عزاه ابن حجر للطبري وابن أبي حاتم، ولم أجده عند الطبري. وأخرجه ابن أبي حاتم رقم1162 آل عمران عن أبيه، قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحارث، حدثنا علي ابن الحسن بن شقيق، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عنه، به. وإسناده حسن، والقاسم بن محمد بن الحارث قال عنه أبو حاتم "صدوق" الجرح والتعديل 7/120، وبقية رجاله ثقات.(1/298)
[400] ومن وجه آخر عنه قال: لم تكن أمة دخل فيها من أصناف الناس مثل هذه الأمة1.
[401] وعن أبي بن كعب قال: لم تكن أمة أكثر استجابة في الإسلام من هذه الأمة، أخرجه الطبري بإسناد حسن عنه2.
[402] عن بهز بن حكيم3 عن أبيه4 عن جده5 "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذه الآية: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قال: "أنتم متممون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله " وهو حديث حسن صحيح أخرجه
__________
1 فتح الباري 8/225.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1171 آل عمران عن أبيه، أنبأ مالك بن إسماعيل، ثنا زهير، ثنا خصيف، عن عكرمة، به. قلت: "خصيف" صدوق، سيء الحفظ كما في التقريب 1/224 وباقي رجاله ثقات. والأثر أورده السيوطي في الدر المنثور 2/295 ولم يعزه إلا لابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 8/225.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1168 آل عمران من طريق عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية، عنه، به.
قلت: وهذا إسناد حسن، وقد تقدم. وأما الطبري فأخرجه رقم7618 بإسناد ضعيف لإبهامه شيخه موقوفا على الربيع. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/294 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
3 بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري، ثقة. وثقه ابن معين وابن المديني وغيرهما. انظر: الجرح والتعديل 2/430.
4 هو حكيم بن معاوية، تابعي ثقة، وثقه العجلي وابن حبان. ورى عن أبيه وغيره، وعنه ابنه بهز وغيره.
انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/207، والتهذيب 2/387-388، والتقريب 1/194.
5 هو معاوية بن حيدة، صحابي، قال ابن سعد: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وصحبه، وسأله عن أشياء. انظر ترجمته في: الإصابة 6/118-119 رقم8083.(1/299)
الترمذي وحسنه وابن ماجه والحاكم وصححه1.
[403] وله شاهد مرسل عن قتادة عند الطبري رجاله ثقات2.
[404] وفي حديث علي عند أحمد بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وجعلت أمتي خير الأمم" 3.
__________
1 فتح الباري 8/225.
أخرجه ابن جرير رقم873 - عند قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة:47]- من طريقين - طريق ابن علية، عن بهز، وطريق معمر بن راشد عن بهز، ثم أخرجه هنا في هذا الموضع رقم7621، 7622 بهذين الإسنادين منفصلين.
وأخرجه الترمذي رقم3001 والحاكم 4/84 كلاهما من طريق عبد الرزاق، عن معمر، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. والحديث ذكره ابن كثير في تفسيره 2/78 وقال: وهو حديث مشهور وقد حسنه الترمذي. قال ابن حجر - كما في الصلب - هو حديث حسن صحيح.
2 فتح الباري 8/225.
أخرجه ابن جرير رقم7623 عن بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، به. ولفظه " قال قتادة: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم وهو مسند ظهره إلى الكعبة: "نحن نكمل يوم القيامة سبعين أمة، نحن آخرها وخيرها". وإسناده صحيح إلا أنه مرسل. وقد أورده السيوطي في الدر المنثور 2/294 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
3 فتح الباري 8/225.
هذا جزء من حديث طويل أخرجه الإمام أحمد 1/98 عن عبد الرحمن، قال: حدثنا زهير، عن عبد الله - يعني ابن محمد بن عقيل - عن محمد بن علي - وهو ابن الحنفية - أنه سمع علي بن أبي طالب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء"، فقلنا: يا رسول الله، ما هو؟ قال: "نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت أحمد، وجعل التراب لي طهوراً، وجعلت أمتي خير الأمم".
قلت: إسناده حسن، ورجاله رجال الشيخين ما عدا عبد الله بن عقيل، فصدوق سيء الحفظ.
والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 1/265-266 وقال: "رواه أحمد وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل وهو سيء الحفظ قال الترمذي: صدوق وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجون بحديث ابن عقيل. قلت - القائل الهيثمي - فالحديث حسن والله أعلم". اهـ.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/294 ونسبه لأحمد، وقال: إسناده حسن.(1/300)
[405] أخرج ابن أبي حاتم والطبراني من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس "أتت قريش اليهود فقالوا: أيما جاء به موسى؟ قالوا: العصا ويده" الحديث، إلى أن قال: "فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا الصفا ذهبا، فنزلت هذه الآية " ورجاله ثقات، إلا الحماني؛ فإنه تكلم فيه، وقد خالفه الحسن بن موسى فرواه عن يعقوب عن جعفر عن سعيد مرسلا وهو أشبه1.
قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} - إلى قوله -: {أَمَنَةً نُعَاساً} الآية: 121
[406] وروى ابن أبي حاتم من طريق المسور بن مخرمة2 قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف أخبرني عن قصتكم يوم أحد3، قال: اقرأ العشرين
__________
1 فتح الباري 8/235.
ثم قال ابن حجر: وعلى تقدير كونه محفوظا وصله ففيه إشكال من جهة أن هذه السورة مدنية وقريش من أهل مكة، ثم قال: قلت: ويحتمل أن يكون سؤالهم لذلك بعد أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولا سيما في زمن الهدنة. فتح الباري 8/245.
2 المسور بن مَخْرَمة بن نوفل بن أُهَيْب بن عبد مناف بن زهرة، الزهري، أبو عبد الرحمن، له ولأبيه صحبة، مات سنة أربع وستين. انظر ترجمته في: أسد الغابة 5/170، رقم4926، والإصابة 6/93، رقم8011.
3 أحد: اسم الجبل الذي كانت عنده عزوة أحد، وهو جبل أحمر، يقع في الجهة الشمالية من المدينة، وعنده كانت الوقعة الفظيعة التي قتل فيها حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم وسبعون من الصحابة. انظر: معجم البلدان 1/135.(1/301)
ومائة1 من آل عمران تجدها {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} - إلى قوله -: {أَمَنَةً نُعَاساً} 2.
[407] وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة قال "غدا نبي الله من أهله يوم أحد يبوئ المؤمنين مقاعد للقتال3.
[408] ومن طريق مجاهد والسدي وغيرهما نحوه4.
[409] ومن طريق الحسن أن ذلك كان يوم الأحزاب5.
__________
1 في تفسير ابن أبي حاتم "اقرأ بعد العشرين ومائة"، وهو أولى؛ لأنها الآية الحادي والعشرين بعد المائة، ثم قال إلى قوله: {أَمَنَةً نُعَاساً} ، وهي الآية الرابعة والخمسين بعد المائة.
2 فتح الباري 7/347.
أخرجه ابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم1327 حدثنا الفضل بن شاذان، ثنا يحيى ابن عبد الحميد، ثنا عبد الله بن جعفر المخزومي، عن أبي عون، عن المسور بن مخرمة - نحوه. ولفظه "اقرأ بعد العشرين ومائة"، وفي آخره زيادة "قال: هم الذين طلبوا الأمان من المشركين ". وإسناده حسن.
وأخرجه الواحدي في أسباب النزول ص 103 من طريق أبي القاسم البغوي، عن يحيى بن عبد الحميد، به مثله.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/302 ونسبه إلى أبي يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم عن المسور بن مخرمة، به مطولا. وانظر: لباب النقول ص 56-57.
3 فتح الباري 7/347.
أخرجه ابن جرير رقم7709 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، به.
4 فتح الباري 7/347.
أما أثر مجاهد فأخرجه ابن جرير رقم7708 من طريق عيسى، عن ابن أبي نجيح، عنه بفظ "قال: مشى النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ على رجليه يبوئ المؤمنين".
وأما أثر السدي فأخرجه رقم7712 حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد ابن المفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي بلفظ " {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} قال: هذا يوم أحد".
5 فتح الباري 7/347. =(1/302)
قوله تعالى: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ} الآية: 124
[410] روى ابن أبي حاتم بسند صحيح إلى الشعبي " أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر يمد المشركين، فأنزل الله تعالى: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ} الآية، قال: فلم يمد كرز المشركين ولم يمد المسلمين بالخمسة "1.
__________
= أخرجه ابن جرير رقم7714 حدثني محمد بن سنان القزاز، قال: حدثنا أبو بكر الحنفي، قال: عباد، عن الحسن. ولفظه "في قوله: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} ، قال: يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، غدا يبوئ المؤمنين مقاعد للقتال يوم الأحزاب".
وهذا إسناد حسن. و"محمد بن سنان القزاز" شيخ الطبري، مختلف فيه حتى اتهمه بعضهم بالكذب. قال ابن حجر: إن كان عمدة من كذّبه كونه ادعى سماع هذا الحديث من ابن عبادة فهو جرح لين لعله استجاز روايته عنه بالوجادة، وقال مسلمة في الصلة: محمد بن سنان القزاز يكنى أبا الحسن بصري ثقة. التهذيب 9/183. وقال الأستاذ أحمد شاكر: محمد بن سنان القزاز شيخ الطبري تكلموا فيه من أجل حديث واحد: والحق أنه لا بأس به كما قال الدارقطني. انظر: تفسير الطبري 1/144 في الهامش.
وأخرجه ابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم1317 من طريق موسى بن محكم، ثنا أبو بكر الحنفي، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/303 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.
1 فتح الباري 7/285.
أخرجه ابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم1350 حدثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وُهَيب - هو ابن خالد بن عجلان الباهلي - عن داود - هو ابن أبي هند - عن عامر - هو الشعبي، به. وذكره ابن كثير 1/401 برواية ابن أبي حاتم.
وأخرجه ابن جرير رقم7743، 7746 من طريق بشر بن المفضل وابن علية كلاهما عن داود، به نحوه. وقد صحّح إسناده ابن حجر كما في الصلب. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/308 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي.(1/303)
[411] ومن طريق سعيد عن قتادة قال "أمد الله المسلمين بخمسة آلاف من الملائكة"1.
[412] وعن الربيع بن أنس قال "أمد الله المسلمين يوم بدر بألف، ثم زادهم فصاروا ثلاثة آلاف، ثم زادهم فصاروا خمسة آلاف"2.
قوله تعالى: {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} الآية: 125
[413] وصل الطبري من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة في قوله: {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} قال: فورهم3 ذلك كان يوم أحد غضبوا ليوم بدر بما لقوا4 5.
[414] وأخرجه عبد بن حميد من وجه آخر عن عكرمة في قوله: {مِنْ
__________
1 فتح الباري 7/285.
أخرجه ابن جرير رقم7754 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة - نحوه. وفي أوله زيادة مثل رواية الربيع الآتي برقم 412. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/308 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 7/285.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم1351 حدثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرحمن، ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، به. وهذا إسناد حسن.
3 أصل الفور العجلة والسرعة، ومنه فارت القدر، ويعبر به عن الغضب؛ لأن الغضبان يسارع إلى البطش. فتح الباري 8/209.
4 أي يأتيكم كفار قريش وتُبَّاعهم يوم أحد من غضبهم الذي غضبوه لِقَبْلاهم الذين قتلوا يوم بدر بها. انظر: تفسير الطبري 7/183.
5 فتح الباري 8/209. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم7771 حدثني محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، به. وأروده السيوطي في الدر المنثور 2/309 ونسبه إلى ابن جرير فقط.(1/304)
فَوْرِهِمْ هَذَا} قال: من وجوههم هذا1.
[415] عن عكرمة ومجاهد {فَوْرِهِمْ} : غضبهم2.
[416] وروي عن ابن عباس3.
[417] وقال الحسن وقتادة والسدي: معناه من وجههم4.
__________
1 فتح الباري 8/209.
أخرجه ابن جرير رقم7763 حدثا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن عثمان بن غياث، عنه - مثله. ولفظه "وجههم" بدل "وجوههم". وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/309 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير.
2 فتح الباري 7/286.
أما عن عكرمة فقد تقدم 413 عنه نحوه. وأما عن مجاهد فأخرجه ابن جرير رقم7774 من طريق الحسين - وهو سنيد - قال: حدثنا حجاج، قال: قال ابن جريج، قال مجاهد {مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} قال: من غضبهم هذا.
3 فتح الباري 7/286.
لم أجده عن ابن عباس، ولكن أخرج ابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم1356 من طريق العوفي، عن ابن عباس {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} يقول: من سفرهم هذا، ويقال: بل هو من غضبهم هذا.
قلت: ويبدوا - والله أعلم - أن قوله "ويقال" أي عن غير ابن عباس؛ فقد صرح بذلك في رواية الطبري، فقد أخرجه رقم7769 من طريق عطية العوفي أيضا، عن ابن عباس، به. ولفظه "ويقال - يعني عن غير ابن عباس - بل هو من غضبهم هذا ".
4 فتح الباري 7/286.
أما أثر الحسن فأخرجه ابن جرير رقم7766 حدثنا محمد بن سنان، قال: حدثنا أبو بكر الحنفي، قال: حدثنا عباد، عن الحسن في قوله {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} : من وجههم هذا.
وأما أثر قتادة فأخرجه أيضا ابن جرير رقم7764 من طريق يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة {مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} يقول: من وجههم هذا. وأخرجه أيضا رقم7765 من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة - مثله.
وأما أثر السدي فأخرجه أيضا ابن جرير رقم7768 من طريق أسباط، عنه - مثله.(1/305)
قوله تعالى:
{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} الآية: 128
[418] وصل مسلم من رواية حماد بن سلمة عن ثابت1 عن أنس"أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد وهو يَسْلُت2 الدم عن وجهه: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته وأدموا وجهه؟ فأنزل الله عز وجل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية"3.
[419] عند أحمد ومسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج وجهه حتى سال الدم على وجهه فقال: كيف يُفْلِح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم، فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية4.
__________
1 ثابت بن أسلم البُنَاني، أبو محمد البصري، روى عن أنس وابن الزبير وغيرهما. ثقة عابد، مات سنة بضع وعشرين ومائة، وله ست وثمانون. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 2/3، والتقريب 1/115.
2 يَسْلُت: أي يمسح. انظر: النهاية 2/388 مادة "سلت".
3 فتح الباري 7/366. علقه البخاري عن ثابت، عن أنس.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم1791-104 من طريق حماد، به.
4 فتح الباري 8/227.
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه رقم1791-104 - في الجهاد والسير، باب غزوة أحد - بسنده عن أنس بن مالك - نحوه. وانظر مسند الإمام أحمد 3/99، 179، 206، 253، 288.
هذا وقد علقه البخاري في المغازي، في غزوة أحد، باب {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الفتح 7/365 قائلا: قال حميد وثابت عن أنس "شج النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فقال كيف يفلح قوم شجوا نبيهم، فنزلت {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} .
والحديث ذكره ابن كثير 2/97 كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/311-312 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في الدلائل.
قال ابن حجر: وطريق الجمع بينه وبين حديث ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم دعا على نفر من قريش فنزلت ... الحديث.
أخرجه البخاري رقم4559 - وهو أنه صلى الله عليه وسلم دعا على المذكورين، بعد هذه الحادثة، في صلاته، فنزلت الآية في الأمرين معاً، فيما وقع له من الأمر المذكور، وفيما نشأ عنه من الدعاء عليهم، وذلك كله في أحد.(1/306)
[420] وصل أحمد والترمذي والنسائي من طرق عن حميد عن أنس قال: شج النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فقال: كيف يفلح قوم شجّوا نبيهم؟ فنزلت: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} 1.
[421] وقال ابن إسحاق في المغازي "حدثني حميد الطويل عن أنس قال: كسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وشج وجهه، فجعل الدم يسيل على وجهه، وجعل يمسح الدم وهو يقول: كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم؟ فأنزل الله الآية2.
__________
1 فتح الباري 7/365 و6/521 وعزاه لمسلم أيضا. وعلقه البخاري عن حميد، وثابت، عن أنس.
أخرجه الإمام أحمد 3/99،178،179،210،206 وابن أبي حاتم في سورة آل عمران، رقم1388، والترمذي رقم3002، 3003، والنسائي في التفسير رقم97 من طرق عن حميد، عن أنس، به. وهذا إسناد صحيح، ورجاله رجال الشيخين، إلا أن حميد مدلس وقد عنعن، وقال ابن عدي: وأما ما ذكر عنه أنه لم يسمع من أنس إلا مقدار ما ذكر، وسمع الباقي من ثابت عنه، فأكثر ما في بابه أن بعض ما رواه عن أنس يدلسه وقد سمعه من ثابت، وقال الحافظ العلائي: فعلى تقدير أن يكون أحاديث حميد مدلَّسة فقد تبين الواسطة فيها وهو ثقة يحتج به. انظر: التهذيب 3/35-36، وإتحاف المهرة 1/603. وانظر ما قبله.
2 فتح الباري 7/365-366.
أخرجه ابن إسحاق سيرة ابن هشام 3/859 - في غزوة أحد، ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد - قال: حدثني حميد الطويل، عن أنس بن مالك، به. وأخرجه ابن جرير رقم7805 من طريق بشر بن المفضل، قال: حدثنا حميد، به مثله.(1/307)
[422] ولأحمد من طريق محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على أربعة، فنزلت، قال: وهداهم الله للإسلام1.
قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ} الآية: 135
[423] أخرج أحمد والأربعة وصححه ابن حبان من حديث علي ابن أبي طالب قال: حدثني أبو بكر الصديق وصدق أبو بكر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر فيحسن الطهور ثم يستغفر الله عز وجل إلا غفر له"، ثم تلا: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} الآية2.
__________
1 فتح الباري 8/226.
أخرجه الإمام أحمد 2/104 والترمذي رقم3005 - في التفسير، باب ومن سورة آل عمران - وابن جرير رقم7818 وابن أبي حاتم رقم1392 آل عمران كلهم من طريق خالد بن الحارث، عن محمد بن عجلان، به نحوه، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح يُستغرب من هذا الوجه من حديث نافع عن ابن عمر.
قلت: وإسناده حسن، ورجاله ثقات إلا محمد بن عجلان في روايته عن نافع اضطراب - كما سبق في ترجمته - ولكن له متابعة، أخرجها أحمد 2/118 عن هارون بن معروف المروزي، عن عبد الله بن وهب، عن أسامة بن زيد، عن نافع، به بنحوه. وقد صحح الشيخ أحمد شاكر - في المسند رقم5997 - وقال: وهو متابعة صحيحة لرواية ابن عجلان عن نافع، التي استغربها الترمذي، فكانت غير غريبة بهذه المتابعة الصحيحة.
والحديث ذكره ابن كثير 2/96 برواية أحمد، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/212-213 ونسبه إلى الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 11/98-99.
أخرجه الإمام أحمد 1/2، والترمذي رقم3006 - في التفسير، باب ومن سورة آل عمران -، والنسائي في التفسير رقم98، وفي عمل اليوم والليلة ص 138 - باب ما يفعل مَن بكى بذنب وما يقول -، وابن ماجه رقم1395 - في إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أن الصلاة كفّارة -، وابن جرير رقم7853، 7854، وابن حبان رقم623 كلهم من طرق عن علي بن ربيعة الوالبي، عن أسماء بن الحكم الفزاري، عن علي رضي الله عنه بنحوه.
والحديث إسناده حسن، وقد حسنه الترمذي، والشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2404. بينهما صحّحه ابن حبان.(1/308)
قوله تعالى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} .
[424] وللترمذي عن أبي بكر الصديق مرفوعا "ما أَصَرَّ من استغفر، وان عاد في اليوم سبعين مرة"،1.
[425] عند أحمد عن عبد الله بن عمرو مرفوعا قال: "ويل للمصرين
__________
1 فتح الباري 1/112.
أخرجه أبو داود رقم1514 - في الصلاة، باب في الاستغفار، والترمذي رقم3559 - في الدعوات، باب 107 -، وأبو يعلى في مسنده رقم137، وابن جرير رقم7863، وابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم1459 كلهم من طريق عبد الحميد الحماني، عن عثمان بن واقد، عن أبي نصيرة، عن مولى لأبي بكر الصديق، عن أبي بكر، به مرفوعا. وقد سقط من إسناده عند ابن أبي حاتم "أبو بكر".
قلت: وإسناده ضعيف لجهالة مولى أبي بكر، ومع هذا فقد حسّنه الحافظ ابن كثير قائلا "وقول علي بن المديني والترمذي: ليس إسناد هذا الحديث بذاك، فالظاهر إنما لأجل جهالة مولى أبي بكر، ولكن جهالة مثله لا تضر، لأنه تابعي كبير، ويكفيه نسبته إلى أبي بكر، فهو حديث حسن، والله أعلم ". اهـ قوله! كما حسّنه ابن حجر كما يأتي في الذي بعده.
هذا وقد ضعف الأئمة هذا الحديث. قال الترمذي: هذا حديث غريب إنما نعرفه من حديث أبي نُصَيرة، وليس إسناده بالقوي. وقد نوّه الطبري إلى تضعيفه إذ أورده بصيغة التمريض قائلا: وقد رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال - فذكر الحديث، وبعد هذا أورد إسناده. كما ذكره الشيخ الألباني في ضعيف سنن الترمذي 712 وقال: ضعيف.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/329 ونسبه إلى عبد بن حميد وأبي داود والترمذي وأبي يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن أبي بكر الصديق.(1/309)
الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون"، وإسناد كل منهما حسن1 2.
[426] وقال مجاهد وغيره: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أي يعلمون أن من تاب تاب الله عليه ثم لا يستغفرون3.
قوله تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} الآية: 139
[427] وأخرج الطبري من طريق مجاهد في قوله: {وَلا تَهِنُوا} أي لا تضعفوا4.
[428] ومن طريق الزهري قال "كثر في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم القتل والجراح حتى خلص إلى كل امرئ منهم نصيب، فاشتد حزنهم، فعزاهم
__________
1 يشير إلى هذه الرواية، والتي قبلها عن أبي بكر.
2 فتح الباري 1/112.
أخرجه الإمام أحمد 2/165 حدثنا يزيد، أخبرنا حَرِيز، حدثنا حِبّان الشرعبي، عن عبد الله بن عمرو ابن العاص - مرفوعا. وفي أوله "ارحموا تُرحموا، واغفروا يغفر الله لكم، ويل لأقماع القول، ويل للمصرين ... " الحديث. وأخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم380 من طريق محمد بن عثمان القرشي، قال حدثنا حريز، به. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 10/194 وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير حبان بن زيد الشرعبي، ووثقه ابن حبان، ورواه الطبراني كذلك. ونقله ابن كثير 2/106 برواية المسند، وقال: تفرد به أحمد رحمه الله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/328 ونسبه إلى أحمد وعبد بن حميد والبخاري في الأدب المفرد وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمرو.
3 فتح الباري 1/112.
أخرجه ابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم1468 حدثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - نحوه.
4 فتح الباري 7/347.
أخرجه ابن جرير رقم7887، 7888 من طريق عيسى وشبل كلاهما عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به.(1/310)
الله أحسن تعزية1.
[429] ومن طريق قتادة نحوه قال " فعزّاهم وحثّهم على قتال عدوهم، ونهاهم عن العجز"2.
[430] ومن طريق ابن جريج قال في قوله: {وَلا تَهِنُوا} أي لا تضعفوا في أمر عدوكم {وَلا تَحْزَنُوا} في أنفسكم فإنكم أنتم الأعلون. قال: والسبب فيها أنهم لما تفرقوا ثم رجعوا إلى الشعب قالوا: ما فعل فلان ما فعل فلان؟ فنعى بعضهم بعضا، وتحدثوا بينهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل، فكانوا في همّ وحزن، فبينما هم كذلك، إذ علا خالد بن الوليد بخيل المشركين فوقهم، فثاب نفر من المسلمين رماة قصدوا فرموا خيل المشركين حتى هزمهم الله، وعلا المسلمون الجبل والتقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم3.
[431] ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال: أقبل خالد بن الوليد
__________
1 فتح الباري 7/347.
أخرجه ابن جرير رقم7884 حدثنا المثنى، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري - نحوه. ولفظه "قال: كثر في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم القتل والجراح، حتى خلص إلى كل امرىء منهم اليأس، فأنزل الله عز وجل القرآن، فآسى فيه المؤمنين بأحسن ما آسى به قوما من المسلمين كانوا قبلهم من الأمم الماضية فقال: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} إلى قوله: {الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} ".
2 فتح الباري 7/347.
أخرجه ابن جرير رقم7885 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة - نحوه.
3 فتح الباري 7/347-348.
أخرجه ابن جرير رقم7890 حدثني القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج - بنحوه. والحسين هو سنيد وقد ضُعِّف.(1/311)
يريد أن يعلو الجبل عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا يعلون علينا"، فأنزل الله تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} 1.
قوله تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} الآية: 140
[432] أخرج ابن أبي حاتم من مرسل عكرمة قال "لما صعد النبي صلى الله عليه وسلم الجبل جاء أبو سفيان فقال: الحرب سجال فذكر القصة قال فأنزل الله تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} 2.
__________
1 فتح الباري 7/348.
أخرجه ابن جرير رقم7892 من طريق عطية العوفي، به. والعوفي ضعيف.
2 فتح الباري 7/352.
أخرجه ابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم1507 حدثنا أبو عبد الله محمد بن حماد الطهراني، ثنا حفص بن عمر العدني، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة - فذكره مطولا. ولفظه "قال: وندم المسلمون كيف خلّوا بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصعد النبي صلى الله عليه وسلم الجبل، وجمع أبو سفيان جمعه، وكان من أمرهم مما كان، فلما صعد النبي صلى الله عليه وسلم الجبل جاء أبو سفيان فقال: يا محمد ألا تخرج؟ الحرب سجال يوم لنا ويوم لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أجيبوا، لأصحابه، وقولوا: لاسواء، لاسواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار".
قال أبو سفيان: عزى لنا ولا عزى لكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم".
قال أبو سفيان: اعل هبل.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أعلى وأجل".
فقال أبو سفيان: موعدنا وموعدكم بدر الصغرى. ونام المسلون وبهم الكلوم. قال عكرمة: ففيهم نزلت {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} ".(1/312)
قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} الآية: 152
[433] أخرج الطبري من طريق السدي وغيره أن المراد بالوعد قوله صلى الله عليه وسلم للرماة "إنكم ستظهرون عليهم فلا تبرحوا من مكانكم حتى آمركم" 1.
[434] ومن طريق قتادة ومجاهد في قوله: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ} أي تقتلونهم2.
__________
1 فتح الباري 7/348.
أخرج الطبري رقم8004 حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي - قصة الرماة في غزوة أحد، ولم يذكر فيه اللفظ الوارد هنا، إلا أن الطبري فسر الوعد بقوله صلى الله عليه وسلم للرماة "إنكم ستظهرون عليهم فلا تبرحوا من مكانكم حتى آمركم"، ثم أورد تحته الرواية المذكورة. ولفظه "لما برز رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين بأُحد، أمر الرماة، فقاموا بأصل الجبل في وجوه خيل المشركين، وقال: "لا تبرحوا مَكانكم إن رأيتمونا قد هزمناهم، فإنّا لن نزال غالِبين ما ثَبَتّم مكانَكم" وأمّر عليهم عبد الله بن جبير أخا خوّات بن جبير، ثم إن طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين قام فقال: يا معشر أصحاب محمد، إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار، ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة، فهل منكم أحد يعجله الله بسيفي إلى الجنة، أو يعجلني بسيفه إلى النار؟ فقام إليه عليّ بن أبي طالب، فقال: والذي نفسي بيده، لا أفارقك حتى يعجلك الله بسيفي إلى النار، أو يعجلني بسيفك إلى الجنة! فضربه عليّ، فقطع رجله فسقط، فانكشفت عورته، فقال: أنشدك الله والرحم يا ابن عم! فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال لعليّ أصحابه: ما منعك أن تجهز عليه؟ قال: إن ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته فاستحييت منه. ثم شدّ الزبير بن العوّام والمقداد بن الأسود على المشركين، فهزماهم، وحمل النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فهزموا أبا سفيان، فلما رأى ذلك خالد بن الوليد وهو على خيل المشركين حمل، فرمته الرماة، فانقمع فلما نظر الرماة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في جوف عسكر المشركين ينتهبونه، بادروا الغنيمة، فقال بعضهم: لا نترك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانطلق عامتهم، فلحقوا بالعسكر فلما رأى خالد قلة الرماة، صاح في خيله، ثم حمل فقتل الرماة، ثم حمل على أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم فلما رأى المشركون أن خيلهم تقاتل، تنادوا، فشدّوا على المسلمين، فهزموهم وقتلوهم".
2 فتح الباري 7/348. أما أثر قتادة فأخرجه ابن جرير رقم8013 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة - نحوه. ولفظه قال: " {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} أي قتلا بإذنه".
وأما أثر مجاهد فأخرجه ابن جرير أيضا برقم 8014 حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عنه - مثله.(1/313)
قوله تعالى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}
[435] قال السدي عن عبد خير 1 قال: قال عبد الله بن مسعود "ما كنت أرى أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية يوم أحد: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} 2.
قوله تعالى: {فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ} الآية: 153
[436] روى عبد بن حميد من طريق مجاهد قال "كان الغم الأول حين سمعوا الصوت أن محمداً قد قتل، والثاني لما انحازوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصعدوا
__________
1 هو عبد خير بن يزيد الهمداني، أبو عمارة الكوفي، تابعي ثقة، أدرك الجاهلية، وروى عن أبي بكر، وابن مسعود وغيرهما. أخرج له الأربعة. انظر ترجمته في: التهذيب 6/113، والتقريب 1/470.
2 فتح الباري 7/348.
أخرجه ابن جرير رقم8035 حدثنا الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي، قال: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، به. وأخرجه ابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم1649 من طريق أسباط، به.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/330-331 وقال: رواه الطبراني في الأوسط، وأحمد في حديث طويل تقدم في وقعة أحد، ورجال الطبراني ثقات. وذكره ابن كثير 2/117 عن السدي تعليقا. كما ذكره ابن حجر في المطالب العالية 3/314، رقم3567 ونسبه إلى أبي بكر بن أبي شيبة. وكذا ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/349 ونسبه إلى أحمد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي بسند قال - أي السيوطي - عنه إنه صحيح.(1/314)
في الجبل فتذكروا قتل من قتل منهم فاغتموا1.
[437] وروى الطبري من طريق السدي نحوه لكن قال "الغم الأول ما فاتهم من الغنيمة والثاني ما أصابهم من الجراح " وزاد قال "لما صعدوا أقبل أبو سفيان بالخيل حتى أشرف عليهم، فنسوا ما كانوا من الحزن على من قتل منهم، واشتغلوا بدفع المشركين "2.
__________
1 فتح الباري 7/364.
أخرجه ابن جرير رقم8060 حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - نحوه. وأخرجه ابن أبي حاتم سورة آل عمران، رقم1667 من طريق شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به نحوه. إسناده صحيح، لكنه مرسل، فإن مجاهداً لم يشهد الواقعة.
وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/351 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 7/364.
أخرجه ابن جرير رقم8064 حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي. ولفظه "قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ يدعو الناس حتى انتهى إلى أصحاب الصخرة، فلما رأوه، وضع رجل سهما في قوسه، فأراد أن يرميه، فقال: " أنا رَسُولُ اللهِ" ففرحوا بذلك حين وجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا، وفرح رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى أن في أصحابه من يمتنع. فلما اجتمعوا وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذهب عنهم الحزن، فأقبلوا يذكرون الفتح وما فاتهم منه، ويذكرون أصحابهم الذين قتلوا. فأقبل أبو سفيان حتى أشرف عليهم فلما نظروا إليه، نسوا ذلك الذي كانوا عليه، وهمّهم أبو سفيان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس لهم أنْ يَعْلُونا، اللهُمّ إن تُقتل هذه العِصابةُ لا تُعْبد" ثم ندب أصحابه فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم، فقال أبو سفيان يومئذٍ: اعل هبل! حنظلة بحنظلة، ويوم بيوم بدر. وقتلوا يومئذٍ حنظلة بن الراهب وكان جنبا فغسلته الملائكة، وكان حنظلة بن أبي سفيان قُتل يوم بدر قال أبو سفيان: لنا العزّى، ولا عزّى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: "قل الله مولانا ولا مولى لكم". فقال أبو سفيان: فيكم محمد؟ قالوا: نعم، قال: أما إنها قد كانت فيكم مثلة، ما أمرت بها، ولا نهيت عنها، ولا سرّتني، ولا ساءتني فذكر الله إشراف أبي سفيان عليهم، فقال: {لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ} الغمّ الأوّل: ما فاتهم من الغنيمة والفتح والغمّ الثاني: إشراف العدوّ عليهم، لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة، ولا ما أصابكم من القتل حين تذكرون، فشغلهم أبو سفيان".(1/315)
قوله تعالى: {لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ}
[438] ومن طريق سعيد عن قتادة نحوه وزاد "وقوله: {لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} أي: من الغنيمة، {وَلا مَا أَصَابَكُمْ} أي: من الجراح وقتل إخوانكم1.
قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} الآية: 159
[439] ووقع في الأدب من رواية طاوس عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} قال: في بعض الأمر2.
__________
1 فتح الباري 7/364.
أخرجه ابن جرير رقم8059 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، به. ولفظه "قال: {فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ} ، كانوا تحدَّثوا يومئذ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أصيب، وكان الغم الآخر قتل أصحابهم والجراحات التي أصابتهم. قال: وذكر لنا أنه قتل يومئذ سبعون رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ستة وستون رجلا من الأنصار، وأربعة من المهاجرين، وقوله {لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} يقول: ما فاتكم من غنيمة القوم، {وَلا مَا أَصَابَكُمْ} في أنفسكم من القتل والجراحات". وهو أيضا مرسل مع صحة إسناده.
2 فتح الباري 13/341.
قال ابن حجر: قيل وهذا تفسير لا تلاوة.
وقد أخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم257 حدثنا صدقة، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمر بن حبيب، عن عمرو بن دينار، قال: قرأ ابن عباس: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} . وأخرجه سعيد بن منصور رقم535 قال: نا سفيان، عن رجل، عن عمرو ابن دينار، به. والرجل المبهم هو عمر بن حبيب كما سبق عند البخاري في الأدب المفرد. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/359 ونسبه إلى سعيد بن منصور والبخاري في الأدب وابن المنذر، وقد حسن إسناده.(1/316)
قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} الآية: 165
[440] ووقع عند مسلم من طريق ابن عباس عن عمر في قصة بدر قال "فلما كان يوم أحد قتل منهم سبعون وفرّوا، وكسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم وهُشِمَت البيضةُ على رأسه وسال الدم على وجهه. فأنزل الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} الآية1.
__________
1 فتح الباري 7/366.
هكذا عزاه ابن حجر لمسلم، ولم أجده عنده بهذا السياق. وقد أخرجه ابن أبي حاتم فيما ذكره ابن كثير 2/137 عن أبيه، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا قُراد أبو نوح، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا سماك الحنفي أبو زميل، حدثني ابن عباس، حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم أحد من العام المقبل، عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون، فرّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه - فذكر الحديث نحوه. هذا ولم أجد هذه الرواية في تفسير ابن أبي حاتم.
وأخرجه الإمام أحمد 1/30، 33 من حديث قراد أبي نوح، به بأطول منه. وهذا إسناد حسن، ورجاله رجال الصحيح.
هذا وقد أخرج مسلم رقم1763-58 هذا الحديث من طريق ابن المبارك، وعمر ابن يونس، كلاهما عن عكرمة بن عمار، به بسياق آخر، وليس فيه ذكر لنزول آية آل عمران، وكذا لم يذكر الحافظ المزي في تحفة الأشراف هذه الآية في هذا الحديث. والله تعالى أعلم. انظر: تحفة الأشراف رقم10496، 8/43.
ثم وقفت على نقل ابن حجر لهذا الحديث في كتابه العجاب 2/781-782 عن الإمام أحمد وأبي بكر بن أبي شيبة في مسنديهما بالسياق المذكور هنا سنداً ومتنا، وقال في آخره "وأصل الحديث في صحيح مسلم من هذا الوجه، وأوله: لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين! الحديث بطوله، وفيه "فقتلوا يومئذ سبعين، وأسروا سبعين، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم استشار أبا بكر وعمر في الأسرى، وفيه: أبكي للذي عرض عليّ أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة، وأنزل الله تعالى {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} [الأنفال:67] . فلم يذكر هنا آية آل عمران. والله تعالى أعلم بالصواب.(1/317)
قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً} الآية: 169
[441] أخرج مسلم من طريق مسروق قال "سألنا عبد الله بن مسعود عن هؤلاء الآيات قال: أما إنا قد سألنا عنها فقيل لنا: "إنه لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها" الحديث1.
قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} الآية: 172
[442] وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال "لما رجع المشركون عن أحد قالوا: لا محمداً قتلتم، ولا الكواعب2 ردفتم، بئسما صنعتم، فارجعوا، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فانتدبوا حتى بلغ حمراء الأسد3، فبلغ المشركون فقالوا: نرجع من قابل، فأنزل الله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية.
__________
1 فتح الباري 7/348.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم1887-121 - في الإمارة، باب في بيان أن أرواح الشهداء في الجنة - من حديث الأعمش، عن عبد الله بن مُرّة، عن مسروق، به نحوه. وذكره ابن كثير 2/140 برواية الإمام مسلم. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/373 ونسبه إلى عبد الرزاق في المصنف والفريابي وسعيد بن منصور وهناد وعبد ابن حميد ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل عن مسروق، به.
2 الكواعب: جمع الكاعب، وهي المرأة حين يبدو ثديها للنهود، ويقال الكَعاب - بالفتح - أيضا. انظر: النهاية في غريب الحديث 4/179.
3 حمراء الأسد: موضع على ثمانية أميال من المدينة. إليه انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في طلب المشركين. انظر: معجم البلدان 2/301.(1/318)
[443] أخرجه النسائي وابن مردويه، ورجاله رجال الصحيح إلا أن المحفوظ إرساله عن عكرمة ليس فيه ابن عباس1.
[444] ومن الطريق المرسلة أخرجه ابن أبي حاتم وغيره2.
قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} الآية: 173
[445] أخرج ابن مردويه عن أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فنزلت هذه الآية3.
__________
1 فتح الباري 8/228.
أخرجه النسائي في التفسير رقم103 وابن مردويه كما في تفسير ابن كثير 2/143 كلاهما من حديث محمد بن منصور، عن سفيان بن عيينة، به. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/124 عن ابن عباس، وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن منصور الجواز وهو ثقة. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/385-386 ونسبه إلى النسائي وابن أبي حاتم والطبراني من طريق عكرمة عن ابن عباس، ثم صحّح إسناده.
2 فتح الباري 8/229.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم4510 حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، ثنا سفيان ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة - فذكره.
3 فتح الباري 8/229.
أخرجه ابن مردويه كما في تفسير ابن كثير 2/147 حدثنا محمد بن معمر، حدثنا إبراهيم ابن موسى الثوري، أخبرنا عبد الرحيم بن محمد بن زياد السكري، أنبأنا أبو بن عياش، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/389 ونسبه إلى ابن مردويه والخطيب. وكذا ذكره في الإتقان 3/45 ونسبه إلى ابن مردويه.
وله شاهد من حديث ابن عباس - أخرجه البخاري رقم4563 - قال: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} .(1/319)
قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية: 179-181
[446] فقد روى الترمذي من حديث جابر أن الله لما كلم والد جابر وتمنى أن يرجع إلى الدنيا ثم قال "يا رب بلغ من ورائي، فأنزل الله: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية1.
قوله تعالى: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية: 180
[447] وروى أحمد والترمذي والنسائي وصححه ابن خزيمة من طريق أبي وائل عن عبد الله مرفوعا "لا يمنع عبد زكاة ماله إلا جعل الله له شجاعا أقرع يطوق في عنقه" ثم قرأ مصداقه في كتاب الله: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} 2.
__________
1 فتح الباري 6/31.
أخرجه الترمذي رقم3010 - في التفسير، باب ومن سورة آل عمران - حدثنا يحيى ابن حبيب بن عربي، حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري، قال: سمعت طلحة ابن خِراش، قال سمعت جابر بن عبد الله يقول - فذكره نحوه مطولا، ولفظه "قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: "يا جابر مالي أراك منكسرا؟ " قلت: يا رسول الله استشهد أبي قتل يوم أحد، وترك عيالا ودينا، قال: "أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ " قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: "ما كلمّ الله أحدا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كِفاحا، فقال: يا عبدي تمنّ عليّ أعطك. قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون"، قال: وأنزلت هذه الآية: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً} الآية.
2 فتح الباري 8/230.
وهناك أقوال أخرى في تأويل هذه الآية، فقيل: إنها نزلت في اليهود الذين سئلوا أن يخبروا بصفة محمد صلى الله عليه وسلم عندهم، فبخلوا بذلك وكتموه، قاله ابن جريج، واختاره الزجاج.
وقيل إنها نزلت في الذين يبخلون أن يؤدوا زكاة أموالهم، وهو قول ابن مسعود وأبي هريرة وابن عباس في رواية أبي صالح والشعبي ومجاهد، وفي رواية السدي في آخرين. =(1/320)
[448] روى عبد الرزاق وسعيد بن منصور من طريق إبراهيم النخعي بإسناد جيد في هذه الآية {سَيُطَوَّقُونَ} قال: بطوق من النار1.
قوله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً} الآية: 186
[449] ذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب ابن مالك أنها نزلت في كعب بن الأشرف فيما كان يهجو به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الشعر2.
__________
= وقيل: إنها نزلت فيمن يبخل بالنفقة في الجهاد.
وقيل: على العيال وذي الرحم والمحتاج. انظر: زاد المسير 1/512.
والقول الأول هو الراجح، وهو الذي دل عليه هذا الحديث وحديث البخاري رقم4565 عن أبي هريرة نحوه.
أما الحديث فأخرجه الإمام أحمد 1/377 والترمذي رقم3012 والنسائي في التفسير رقم104 وابن ماجه رقم1784 وابن جرير رقم8289 وابن خزيمة رقم2256 والبيهقي 4/81 كلهم من طريق ابن عيينة، عن جامع - وهو ابن أبي راشد الصيرفي - عن أبي وائل، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد صحّحه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2410.
وقد ذكره ابن كثير 2/152 برواية الإمام أحمد، كما أورده السيوطي في الدر المنثور 2/394 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه.
1 فتح الباري 8/230.
أخرجه عبد الرزاق 1/141 ومن طريقه ابن جرير رقم8290 عن الثوري، عن منصور، عنه، به. وأخرجه سعيد بن منصور رقم551 وابن جرير رقم8296 كلاهما من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور، به. وأخرجه ابن جرير رقم8294 من وجه آخر عن منصور، به. والأثر أورده السيوطي في الدر المنثور 2/395 ونسبه إلى عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 8/231. هكذا ذكره عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، ولم أجده عند عبد الرزاق عنه، وإنما وجدته موقوفا على الزهرير. انظر: تفسير عبد الرزاق 1/142. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/401 وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم عن الزهري، ثم قال - أي السيوطي - وأخرج ابن المنذر من طريق الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك مثله. اهـ.
هذا وقد أخرجه ابن جرير رقم8317، وابن أبي حاتم رقم4619 كلاهما من طريق عبد الرزاق، به موقوفا على الزهري.(1/321)
[450] وروى ابن أبي حاتم وابن المنذر بإسناد حسن عن ابن عباس أنها نزلت فيما كان بين أبي بكر وبين في قوله: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} - تعالى الله عن قوله -، فغضب أبو بكر فنزلت1.
قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} إلى قوله: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} الآيتان: 187، 188
[451] وروى عبد الرزاق من طريق سعيد بن جبير في قوله: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} قال: محمد، وفي قوله: {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} قال: بكتمانهم محمداً، وفي قوله: {أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} قال: قولهم نحن على دين إبراهيم2.
__________
1 فتح الباري 8/231.
أخرجه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام ص 592 ومن طريقه كل من ابن جرير رقم8300 وابن أبي حاتم رقم4617 قال: حدثنا محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، عن ابن عباس - فذكر القصة مطولا. وقد ذكره ابن كثير 2/153 برواية ابن أبي حاتم. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/396 وزاد نسبته لابن المنذر.
انظر رقم 11 الحاشية.
2 فتح الباري 8/235.
أخرجه عبد الرزاق 1/141 ومن طريقه ابن جرير رقم8322 عن الثوري، عن أبي الجحاف، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/402 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.(1/322)
قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} الآية: 199
[452] روى ابن أبي حاتم في التفسير من طريق ثابت 1، والدارقطني في الأفراد والبزار من طريق حميد2 كلاهما عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى على النجاشي قال بعض أصحابه صلى على علج3 من الحبشة، فنزلت: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} الآية4.
[453] وله شاهد في معجم الطبراني الكبير من حديث وحشي بن حرب5.
__________
1 ثابت بن أسلم البناني أبو محمد البصري، روى عن أنس وغيره، وعنه حماد بن سلمة وغيره، ثقة عابد. مات سنة سبع وعشرين بعد المائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 2/3-4، والتقريب 1/115.
2 حميد بن أبي حميد الطويل، روى عن أنس بن مالك وغيره، وعنه حماد بن سلمة وغيره. ذكره ابن حبان في الثقات وقال: هو الذي يقال له حميد بن أبي داود وكان يدلس، سمع من أنس ثمانية عشر حديثا وسمع من ثابت البناني فدلسّ عنه. وقال الحافظ العلائي - فيما نقله عنه ابن حجر وأقره -: فعلى تقدير أن يكون أحاديث حميد مدلسّة فقد تبين الواسطة فيها، وهو ثقة يحتج له. انظر: التهذيب 3/34-36 والتقريب 1/202.
3 العلج - بالكسر - الرجل من كفّار العجم. انظر: القاموس المحيط ص183 باب الجيم، فصل العين.
4 فتح الباري 3/188.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم4682 حدثنا أبي، ثنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم ابن أبي بزة المكي مؤذن مسجد الكعبة، ثنا مؤمل بن إسماعيل، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، به نحوه.
5 فتح الباري 3/188.
أخرجه الطبراني في الكبير ج22/رقم361 حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا هوبر ابن معاذ، ثنا محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني، ثنا وحشي بن حرب بن وحشي. ابن حرب، عن أبيه، عن جده. ولفظه قال: "لما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن أخاكم النجاشي قد مات قوموا فصلوا عليه " فقال رجل: يا رسول الله كيف نصلي عليه وقد مات في كفره؟ قال: "ألا تسمعون إلى قول الله عز وجل: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} إلى آخر الآية". وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 3/42 وقال: رواه الطبراني في الكبير، وفيه سليمان بن أبي داود الحراني وهو ضعيف.(1/323)
[454] وآخر عنده في الأوسط من حديث أبي سعيد، وزاد فيه "أن الذي طعن بذلك فيه كان منافقا"1.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} الآية: 200
[455] عن الحسن البصري وقتادة {اصْبِرُوا} على طاعة الله {وَصَابِرُوا} أعداء الله في الجهاد {وَرَابِطُوا} في سبيل الله2.
__________
1 فتح الباري 3/188.
أخرجه الطبراني في الأوسط قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن خنيس الدمياطي، ثنا أبو أسلم محمد بن مخلد الرعيني، نا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري نحوه. ولفظه "قال: لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفاة النجاشي، قال: اخرجوا، فصلوا على أخ لكم لم تروه قط، فخرجنا، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم، وصففنا خلفه، فصلى، وصلينا، فلما انصرفنا قال المنافقون: انظروا إلى هذا، خرج، فصلى على علج نصراني، لم يره قط، فأنزل الله {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} إلى آخر الآية. انظر: مجمع البحرين رقم1302 باب الصلاة على الغائب، و3926 باب مناقب النجاشي.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/41-42 وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد - كذا في مجمع الزوائد، والصواب عبد الرحمن بن زيد بن أسلم - وهو ضعيف.
قلت: وفيه أيضا أبو أسلم محمد بن مخلد وهو متروك. انظر: الميزان 5/157 رقم8151.
2 فتح الباري 6/85.
أما أثر الحسن البصري فأخرجه ابن جرير رقم8386 حدثنا المثنى، قال: حدثنا سويد ابن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن. ولفظه "قال: أمرهم أن يصبروا على دينهم، ولا يَدَعوه لشدة ولا رخاء ولا سرّاء ولا ضرّاء، وأمرهم أن يُصابروا الكفار، وأن يُرابطوا المشركين". وأما أثر قتادة فأخرجه رقم8387 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة. ولفظه "قال: أي اصبروا على طاعة الله، وصابروا أهل الضلالة، ورابطوا في سبيل الله". وأخرجه رقم8388 من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عنه - نحوه.(1/324)
[456] وعن محمد بن كعب القرظي: اصبروا على الطاعة وصابروا لانتظار الوعد ورابطوا العدو واتقوا الله فيما بينكم1.
[457] وعن زيد بن أسلم: اصبروا على الجهاد، وصابروا العدو، ورابطوا الخيل2.
[458] وفي الموطأ عن أبي هريرة مرفوعا "وانتظار الصلاة فذلك الرباط" 3.
__________
1 فتح الباري 6/85-86.
أخرجه ابن جرير رقم8391 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني أبو صخر، عن محمد بن كعب القرظي - نحوه. و"أبو صخر"، صدوق يهم، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر: التقريب 1/202.
2 فتح الباري 6/86.
أخرجه ابن جرير رقم8392 حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا جعفر ابن عون، قال: أخبرنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم - نحوه. ولفظه "ورابطوا على عدوكم" بدل "ورابطوا الخيل".
3 فتح الباري 6/86.
أخرجه الإمام مالك في الموطأ 1/161 - كتاب قصر الصلاة في السفر، باب انتظار الصلاة والمشي إليها - عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة - مرفوعا. ولفظه "ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء عند المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط. فذلكم الرباط. فذلكم الرباط ".
وأخرجه مسلم في صحيحه رقم251-41 - في الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره - بسنده عن أبي هريرة، به مرفوعا. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/417 ونسبه إلى مالك والشافعي وعبد الرزاق وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم.(1/325)
[459] وهو في السنن عن أبي سعيد1.
[460] وفي المستدرك عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن الآية نزلت في ذلك2.
__________
1 فتح الباري 6/86.
لم أجده في السنن من حديث أبي سعيد، وإنما وجدته من حديث أبي هريرة. انظر ما قبله، وانظر أيضا تفسير ابن كثير 2/170-171.
2 فتح الباري 6/86.
أخرجه الحاكم 2/301 من طريق سعيد بن منصور، ثنا ابن المبارك، أنبأ مصعب ابن ثابت، حدثني داود بن صالح، قال: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن - فذكره. ولفظه "قال: يا ابن أخي هل تدري في أي شيء نزلت هذه الآية {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} ؟ قال: قلت: لا، قال: يا ابن أخي إني سمعت أبا هريرة يقول: لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم غزو يرابط فيه، ولكن انتظار الصلاة بعد الصلاة". قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وذكره ابن كثير 2/171، به مثله.(1/326)
سورة النساء
قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} الآية:1
[461] قال ابن عباس: أي اتقوا الأرحام وصلوها، أخرجه ابن أبي حاتم عنه1.
قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً} الآية: 2
[462] وصل ابن أبي حاتم عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ حُوباً} قال: إثما عظيما2.
[463] ووصله الطبري من طريق مجاهد والسدي والحسن وقتادة مثله3.
__________
1 فتح الباري 6/527.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم4726 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي، به.
2 فتح الباري 8/246. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم4740 حدثنا أبي، ثنا نثر بن علي الجهضمي، ثنا عبيد يعني ابن عقيل، ثنا مسلمة بن علقمة، قال سمعت داود يعني ابن أبي هند، به مثله.
3 فتح الباري 8/246.
أما أثر مجاهد فأخرجه ابن جرير رقم8448، 8449 من طريقين، عن ابن أبي نجيح، عنه - مثله.
وأما أثر السدي فأخرجه رقم8451 من طريق أسباط، عنه.
وأما أثر الحسن فأخرجه رقم8455 من طريق يحيى بن سعيد، عن قرة بن خالد، عنه.
وأما أثر قتادة فأخرجه رقم8452 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عنه.(1/327)
قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} الآية: 3
[464] عن مجاهد قال في معنى قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} أي إذا كنتم تخافون أن لا تعدلوا في مال اليتامى فتحرجتم أن لا تلهوها، فتحرجوا من الزنا، وانكحوا ما طاب لكم من النساء، أخرجه الطبري1.
قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}
[465] وصل سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} قال: أن لا تميلوا2.
[466] ورويناه في "فوائد أبي بكر الآجري" بإسناد آخر صحيح إلى
__________
1 فتح الباري 8/240.
أخرجه ابن جرير رقم8475، 8476 من طريق عيسى وشبل كلاهما عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - نحوه. وهذا إسناد صحيح. وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/428 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 8/246.
أخرجه سعيد بن منصور كما في تغليق التعليق 4/194 حدثنا زكريا بن عدي، عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به.
وأخرجه ابن جرير رقم8500، 8501 من وجهين آخرين - من طريق علي بن أبي طلحة، ومن طريق عطية العوفي - كلاهما عن ابن عباس - يه.
هذا ولم أجده في سنن سعيد بن منصور، وقد يكون سقط من النسخة التي بين أيدينا، وورد فيه عن إبراهيم النخعي وعكرمة وعامر الشعبي - مثله. انظر: سنن سعيد بن منصور 3/1144-1146.
وأخرج ابن أبي حاتم رقم4761 من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الآية قال: ألا تجورو. قال ابن أبي حاتم: قال أبي: هذا حديث خطأ، والصحيح عن عائشة موقوف.
وقال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن عباس، وعائشة، ومجاهد، وعكرمة، والحسن وأبي مالك، وأبي رزين، والنخعي، والشعبي، والضحاك، وعطاء الخراساني، وقتادة، والسدي، ومقاتل بن حيان أنهم قالوا: ألا تميلوا. وانظر: تفسير ابن كثير 2/185.(1/328)
الشعبي عن ابن عباس1.
[467] ووصله الطبري من طريق الحسن ومجاهد وعكرمة والنخعي والسدي وقتادة وغيرهم مثله2.
[468] وجاء مثله مرفوعا صححه ابن حبان من حديث عائشة3.
__________
1 فتح الباري 8/246.
أخرجه سعيد بن منصور رقم558 وابن أبي شيبة في المصنف 4/361 كلاهما من طريقين عن بيان، عن الشعبي، عن ابن عباس - بلفظ علي بن أبي طلحة. وفي رواية سعيد بن منصور قال: أراه قال عن ابن عباس - هكذا بالشك -. وانظر ما قبله.
2 فتح الباري 8/246.
أما أثر الحسن فأخرجه ابن جرير رقم8486 حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا يونس، عن الحسن، به.
وأما أثر مجاهد فأخرجه رقم8488 من طريق ابن أبي نجيح، ورقم8487 من طريق القاسم بن أبي بزة كلاهما عن مجاهد، به.
وأما أثر عكرمة فأخرجه رقم8490 من طريق داود بن أبي هند، ورقم8491 من طريق حريت، عن عكرمة، به.
وأما أثر إبراهيم النخعي فأخرجه رقم8492، 8493 من طريقين عن مغيرة، عن إبراهيم، به.
وأما أثر السدي فأخرجه رقم8499 من طريق أسباط بن نصر، عنه - مثله.
وأما أثر قتادة فأخرجه رقم8496 من طريق يزيد، عن سعيد، ورقم8497 من طريق عبد الرزاق عن معمر، كلاهما عن قتادة - مثله.
3 فتح الباري 8/246.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم4761 حدثنا محمد بن عوف الحمصي، وعلان بن المغيرة المصري قالا: ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم يعني دحيماً، ثنا محمد بن شعيب، عن عمر بن محمد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} قال: ألا تجوروا. قال ابن أبي حاتم: قال أبي: هذا حديث خطأ، الصحيح عن عائشة موقوف، ثم قال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن عباس، وعائشة، ومجاهد وعكرمة والحسن وأبي مالك وأبي رزين والنخعي والشعبي والضحاك وعطاء الخراساني وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان أنهم قالوا: ألا تميلوا. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/430 ونسبه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه.(1/329)
[469] وروى ابن المنذر عن الشافعي: {أَلَّا تَعُولُوا} أن لا يكثروا عيالكم1.
[470] وقد جاء عن زيد بن أسلم نحو ما قال الشافعي، أسنده الدارقطني2.
قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} الآية:4
[471] وصل ابن أبي حاتم والطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} قال: النحلة المهر3.
__________
1 فتح الباري 8/246.
ذكر ابن كثير 2/184 هذا القول وبين أنه مرجوح، فقال: وقوله {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} قال بعضهم: أدنى أن لا تكثر عائلتكم، قاله زيد بن أسلم وسفيان بن عيينة والشافعي - رحمهم الله - وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} أي: فقراً {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة:28] ، ثم استشهد له ببيت شعر، ثم قال: والعرب تقول: عال الرجل يعيل عَيلة: إذا افتقر، وقال: ولكن في هذا التفسير ها هنا نظر؛ فإنه كما يخشى كثرة العائلة من تعداد الحرائر، كذلك يخشى من تعداد السراري أيضا، وقال أيضا: والصحيح قول الجمهور {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} أي: لا تجوروا، يقال: عال في الحكم إذا قسط وظلم وجار. اهـ.
2 فتح الباري 8/246.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم4763 قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهب، أخبرني الليث بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم في قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} - فذكر نحوه. ولفظه "يقول: ذلك أدنى ألا يكثر من تعولوا". وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/430 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
3 فتح الباري 8/246. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم8507، وابن أبي حاتم رقم4770 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/431 ونسبه إليهما.(1/330)
[472] وروى الطبري عن قتادة قال: نحلة أي فريضة1.
[473] ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم2 قال: النحلة في كلام العرب الواجب3، قال: ليس ينبغي لأحد أن ينكح إلا بصداق4.
[474] أسند الطبري إلى سيار5 عن أبي صالح6 قال: إن المخاطب
__________
1 فتح الباري 8/246.
أخرجه ابن جرير رقم8506 من طريق يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عنه، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/431 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير.
2 عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي ولاء المدني، رجل صالح عابد لكنه ضعيف في الحديث بالاتفاق. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 5/233، والميزان 3/278 رقم4868، والتهذيب 6/161، والتقريب 1/480.
3 قال ابن الأثير: النُّحل: العطية والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق، يقال نَحَله يَنْحَله نُحْلا بالضم. والنِّحْلة بالكسر: العطية. انظر: النهاية 5/29. وفي حديث النعمان بن بشير "نحلني أبي غلاما فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأشهده، فقال: "أكلّ ولدك نحلت ... ؟ " الحديث مسند أحمد 4/269،271،273.
هذا وقد ردّ ابن حجر هذا التفسير قائلا: والنحلة في كلام العرب العطية لا كما قال ابن زيد. اهـ.
4 فتح الباري 8/246.
أخرجه ابن جرير رقم8509 عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول - فذكره. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/431 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
5 هو سيار أبو الحكم العنزي الواسطي ويقال البصري، روى عنه هشيم وغيره. ثقة، مات سنة اثنتين وعشرين ومائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 4/256، والتقريب 1/343.
6 هو ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت، أدرك بعض الصحابة وروى عنهم. مات سنة إحدى ومائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 3/189-190، والتقريب 1/238.(1/331)
بذلك أولياء النساء، كان الرجل إذا زوّج امرأة أخذ صداقها دونها فنهوا عن ذلك1.
قوله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} الآية: 5
[475] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "قواما" قوامكم من معايشكم2.
[476] ووصله الطبري من هذا الوجه بلفظ: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} يعني قوامكم من معايشكم، يقول لا تعمد إلى مالك الذي جعله الله لك معيشة فتعطيه امرأتك ونحوها3.
__________
1 فتح الباري 8/246.
أخرجه ابن جرير رقم8510 حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: حدثنا هشيم، عن سيار، به. وفي آخره "ونزلت {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} ". وأخرجه سعيد بن منصور رقم559 عن هشيم، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/431 ونسبه إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
هذا وقد اختار الطبري قول ابن عباس القائل بأن المراد بالصدُقات المهر، وأن الخطاب موجه إلى أزواج النساء، أن يؤتوهن صدُقاتهن؛ لأنه قال في أول الآية {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} ولم يقل "فأنكحوا". انظر: تفسير الطبري 7/554.
2 فتح الباري 8/237. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم4791 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به بأطول منه سياقا. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/432 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر، وانظر: تغليق التعليق 4/193.
3 فتح الباري 8/237.
أخرجه ابن جرير رقم8560 عن المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/432 وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم وابن المنذر.(1/332)
قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} الآية: 6
[477] وأخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: يعني يأكل مال اليتيم ويبادر إلى أن يبلغ فيحول بينه وبين ماله1.
[478] أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن الجارود وابن أبي حاتم من طريق حسين المكتب 2 عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن عندي يتيما له مال، وليس عندي شيء، أفآكل من ماله؟ قال: "بالمعروف" وإسناده قوي3.
[479] وذكر الطبري من طريق السدي "أخبرني من سمع ابن عباس يقول في قوله: {وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} قال: بأطراف أصابعه4.
__________
1 فتح الباري 8/241.
أخرجه ابن جرير رقم8590 من طرق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وأروده السيوطي في الدر المنثور 2/435 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
2 هو حسين بن ذكوان المعلم المكتب العوذي البصري، روى عن عمرو بن شعيب وغيره، قال ابن حجر: ثقة، ربما وهم. مات سنة خمس وأربعين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/52، والتهذيب 2/293، والتقريب 1/175-176.
3 فتح الباري 8/241.
أخرجه الإمام أحمد 2/186، 215 وأبو داود رقم2872 والنسائي في سننه رقم3668 وابن ماجه رقم2718 وابن أبي حاتم رقم4824 من طرق عن حسين المعلم المكتب، به نحوه. وقد قوى ابن حجر إسناده كما في الأعلى. والحديث ذكره ابن كثير 2/189 برواية ابن أبي حاتم. كما أورده السيوطي في الدر المنثور 2/437 وزاد نسبته إلى النحاس في ناسخه.
4 فتح الباري 8/241.
أخرجه ابن جرير رقم8621، 8622 من طريقين عن سفيان، عن السدي، قال: أخبرني من سمع ابن عباس يقول - فذكره. السدي ضعيف، ثم في إسناده راوٍ مجهول.(1/333)
[480] ومن طريق عكرمة "يأكل ولا يكتسي"1.
[481] ومن طريق إبراهيم النخعي "يأكل ما سد الجوعة ووارى العورة2.
[482] وقال الحسن بن حي 3: يأكل وصى الأب بالمعروف، وأما قيم الحاكم فله أجرة فلا يأكل شيئا4.
[483] وأغرب ربيعة 5 فقال: المراد الولي بما يصنع باليتيم إن كان غنيا وسع عليه، وإن كان فقيرا أنفق عليه بقدره، وهذا أبعد الأقوال كلها6.
__________
1 فتح الباري 8/241.
أخرجه ابن جرير رقم8624 حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا حرمي بن عمارة، حدثنا شعبة، عن عمارة، عنه - نحوه.
2 فتح الباري 8/241.
أخرجه ابن جرير الأرقام 8626، 8627، 8628 من طرق عن مغيرة، عن إبراهيم النخعي - نحوه.
قلت: و"مغيرة" هو ابن مقسم ثقة متقن، لكنه يدلسّ، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع. وذكره ابن حجر في الطبقة الثالثة من طبقات المدلسين، وهم: من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثم إلا بما صرحوا فيه بالسماع. لذا إسناده يكون ضعيف. انظر: طبقات المدلسين ص 112 رقم107.
3 هو الحسن بن صالح بن صالح بن حي الهمداني الثوري، قال البخاري: يقال حي لقب، ثقة، فقيه، عابد، رمي بالتشيع، ما سنة تسع وستين ومائة، وكان مولده سنة مائة. انظر ترجمته في: التهذيب 2/248-251، والتقريب 1/167.
4 فتح الباري 8/241.
5 ربيعة بن أبي عبد الرحمن، التيمي مولاهم، أبو عثمان المدني، المعروف بـ ربيعة الرأي، واسم أبيه فرّوخ، ثقة فقيه مشهور، مات سنة ست وثلاثين ومائة - على الصحيح -، وقيل سنة ثلاث ومائة، وقال الباجي: سنة اثنتين وأربعين ومائة. أخرج له الجماعة. التقريب 1/247.
6 فتح الباري 8/241-242.
أخرج ابن أبي حاتم رقم4835 أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، أنبأ ابن وهب، حدثني نافع بن أبي نعيم القارئ، قال: سألت يحيى بن سعيد، وربيعة عن قول الله {فَلْيَأْكُلْ =(1/334)
[484] وصل ابن أبي شيبة من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} قالت: أنزل الله ذلك في والي مال اليتيم يقوم عليه بما يصلحه إن كان محتاجا أن يأكل منه1.
قوله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً}
[485] في تفسير الطبري عن السدي {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً} أي شهيدا 2.
قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً} الآية: 8
[486] وعند الحاكم من طريق عمرو بن أبي قيس3 عن الشيباني4
__________
= بِالْمَعْرُوفِ} - فذكر نحوه. ولفظه "قالا: ذلك في اليتيم إن كان فقيرا أنفق عليه بقدر فقره، ولم يكن للولي منه شيء. وأورد السيوطي في الدر المنثور 2/438 بهذا اللفظ، ونسبه إلى ابن أبي حاتم. وقد ذكره ابن كثير 2/190 وعقبة قائلا: "وهذا بعيد من السياق؛ لأنه قال: {وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ} يعني: من الأولياء {وَمَنْ كَانَ فَقِيراً} أي منهم {فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} أي: بالتي هي أحسن، كما قال في الآية الأخرى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} أي: لا تقربوه إلا مصلحين له، وإن احتجتم إليه أكلتم منه بالمعروف" اهـ. وقال ابن حجر - كما في الأعلى -: وهذا أبعد الأقوال كلها.
1 فتح الباري 13/151. وعلقه البخاري بلفظ "وقالت عائشة: يأكل الوصي بقدر عمالته".
أخرجه ابن أبي شيبة 6/382، رقم1427 حدثنا عبدة بن سليمان، عن هشام ابن عروة، به.
2 فتح الباري 5/392.
أخرجه ابن جرير رقم8654 حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، به.
3 عمرو بن أبي قيس الرازي الأزرق كوفي نزل الري، روى عنه عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي وغيره. ذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن حجر: صدوق له أوهام. أخرج له البخاري في التعاليق والأربعة. انظر ترجمته في: التهذيب 8/82، والتقريب 2/77.
4 هو سليمان بن أبي سليمان أبو إسحاق الشيباني مولاهم الكوفي، روى عن عكرمة وغيره، ثقة. مات في حدود الأربعين ومائة.
أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 4/172-173، والتقريب 1/325.(1/335)
عن عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال: ترضخ لهم وإن كان في المال تقصير اعتذر إليهم1.
[487] أخرج عبد الرزاق بإسناد صحيح عن القاسم بن محمد 2 "أن عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي بكر قسم ميراث أبيه عبد الرحمن في حياة عائشة، فلم يدع في الدار ذا قرابة ولا مسكينا إلاّ أعطاه من ميراث أبيه" وتلا الآية "قال القاسم: فذكرته لابن عباس فقال: ما أصاب، ليس ذلك له، إنما ذلك إلى الوصي، وإنما ذلك في العصبة، أي ندب للميت أن يوصي لهم3.
__________
1 فتح الباري 8/242.
أخرجه الحاكم 2/303 أخبرني أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، ثنا حامد بن محمود، ثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي، ثنا عمرو بن أبي قيس، به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن جرير رقم8701 من طريق عنبسة، عن الشيباني، به نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/440 ونسبه إلى ابن أبي داود في ناسخه وابن جرير والحاكم.
2 القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أبو محمد ويقال أبو عبد الرحمن، روى عنه ابن أبي مليكة وغيره، ثقة، من كبار التابعين، أحد الفقهاء بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه. مات سنة ست ومائة على الصحيح. انظر ترجمته في: التهذيب 8/299-301، والتقريب 2/120.
3 فتح الباري 8/242.
أخرجه عبد الرزاق 1/149 ومن طريقه ابن جرير رقم8682 عن ابن جريج، قال: أخبرني ابن أبي مليكة أن أسماء ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر والقاسم بن محمد أخبراه - فذكره. وأخرجه ابن جرير رقم8681 من طريق ابن المبارك، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، به نحوه.
وقد صحّح ابن حجر إسناده كما في الأعلى. والأثر أورده السيوطي في الدر المنثور 2/441 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وأبي داود في ناسخه وابن أبي حاتم والبيهقي وابن أبي مليكة. =(1/336)
[488] وعن ابن سيرين1 وطائفة: المراد بقوله: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} اصنعوا لهم طعاما يأكلونه، وأنها على العموم في مال المحجور وغيره،
__________
= فائدة: اختلف أهل التأويل في هذه الآية هل هي منسوخة أم أنها محكمة: فقد صحّ عن ابن عباس فيما رواه البخاري في الوصايا رقم2759 عنه قال: إن ناسا يزعمون أنه هذه الآية نسخت، لا والله ما نسخت، ولكنها مما تهاون الناس به، هما واليان وال يرث وذاك الذي يرزق، ووال لا يرث فذاك الذي يقول بالمعروف، يقول: لا أملك لك أن أعطيك ". وهو الذي صح عن ابن عباس، وهو المعتمد.
وجاءت عنه روايات من أوجه ضعيفة عند ابن أبي حاتم وابن مردويه أنها منسوخة، نسختها آية الميراث، وصحّ ذلك عن سعيد بن المسيب، وهو قول القاسم بن محمد وعكرمة وغير واحد، وبه قال الأئمة الأربعة وأصحابهم.
وجاء عن ابن عباس قول آخر - وهو هذا الأثر - وهذا لا ينافي ما صحّ عنه من أن الآية محكمة وليست بمنسوخة.
وقيل معنى الآية: وإذا حضر قسمة الميراث قرابة الميت ممن لا يرث واليتامى والمساكين فإن نفوسهم تتشوف إلى أخذ شيء منه، ولا سيما إن كان جزيلا، فأمر الله سبحانه أن يرضخ لهم بشيء على سبيل البر والإحسان.
واختلف من قال بذلك هل الأمر فيه على الندب أو الوجوب؟
فقال مجاهد وطائفة: هي على الوجوب فعلى الوارث أن يعطي هذه الأصناف ما طابت به نفسه. أخرجه ابن جرير رقم8661، 8662،8670 من طرق عن ابن أبي نجيح عنه. وهو قول ابن حزم.
وقال آخرون: أطعموهم، وأن ذلك على سبيل الاستحباب، وهو المعتمد؛ لأنه لو كان على الوجوب لاقتضى استحقاقا في التركة ومشاركة في الميراث بجهة مجهولة فيفضي إلى التنازع والتقاطع.
انظر: تفسير الطبري 8/7-18، وتفسير ابن أبي حاتم 3/874-876، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص 253-257، وفتح الباري 8/242، وتفسير القرطبي 5/33-34، وتفسير ابن كثير 2/191-193.
1 هو محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر بن أبي عمرة، البصري، ثقة ثبت عابد، كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى، مات سنة عشر ومائة. أخرج له الجماعة. التقريب 2/169.(1/337)
والله أعلم1.
قوله تعالى: {وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} الآية: 9
[489] أخرج الطبري من وجه آخر عن السدي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {قَوْلاً سَدِيداً} قال: القول السديد أن يقول لمن حضره الموت: قدم لنفسك واترك لولدك2.
قوله تعالى:
{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... } الآية:11
[490] أخرج أحمد وأصحاب السنن وصححه الحاكم من طريق
__________
1 فتح الباري 8/243.
لم أجده، وقريب منه ما أخرجه ابن أبي حاتم رقم4859 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا ابن علية، عن يونس، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة في قوله: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ} قال: ولي عبيدة وصية فأمر بشاة، فذبحت، فأطعم أصحاب هذه الآية وقال: لولا هذه الآية لكان هذا من مالي. ونقله عنه ابن كثير 2/192.
2 فتح الباري 11/300.
لم أجده عند الطبري من طريق السدي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وإنما من طريق السدي من قوله، فأخرجه رقم8711 حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ - نحوه. ولفظه " {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} الرجل يحضره الموت، فيحضره القوم عند الوصية، فلا ينبغي لهم أن يقولوا له: أوص بمالك كله وقدم لنفسك، فإن الله سيرزق عيالك، ولا يتركوه يوصي بماله كله، يقول للذين حضروا: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ} فيقول كما يخاف أحدكم على عياله لو مات - إذ يتركهم صغاراً ضعافاً لا شيء لهم - الضيعة بعده، فليخف ذلك على عيال أخيه المسلم، فيقول له القول السديد".(1/338)
عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد، وأن عمهما أخذ مالهما. قال: "يقضي الله في ذلك"، فنزلت آية الميراث، فأرسل إلى عمهما فقال: "أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن فما بقي فهو لك" 1.
[491] روى الطبري عن ابن عباس أنها لما نزلت قالوا: يا رسول الله أنعطي الجارية الصغيرة نصف الميراث وهي لا تركب الفرس ولا تدافع العدو؟ قال: وكانوا في الجاهلية لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل القوم2.
قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} الآية: 15
[492] روى مسلم وأصحاب السنن من حديث عبادة بن الصامت "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر
__________
1 فتح الباري 8/244 و12/4.
أخرجه الإمام أحمد 3/352 وأبو داود رقم2891 والترمذي رقم2092 وابن ماجه رقم2720 والحاكم 4/333-334 كلهم من طرق عن عبد الله بن محمد ابن عقيل، به. قال الترمذي: هذا حديث صحيح لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن محمد ابن عقيل. وصحّحه الحاكم، ووافقه الذهبي. وقد حسّنه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم1701. والحديث أورده السيوطي في الدر المنثور 2/445 وزاد نسبته إلى ابن سعد وابن أبي شيبة ومسدد والطيالسي وابن أبي عمر وابن منيع وابن أبي أسامة وأبي يعلى وابن أبي حاتم وابن حبان والبيهقي.
2 فتح الباري 8/245.
أخرجه ابن جرير رقم8726 من طريق عطية العوفي عنه نحوه مطولا. والعوفي ضعيف، تقدم.(1/339)
جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب 1 جلد مائة 2 والرجم" 3.
[493] وصل عبد بن حميد عن ابن عباس بإسناد صحيح {لَهُنَّ سَبِيلاً} يعني الرجم للثيب والجلد للبكر4.
__________
1 قوله "البكر بالبكر ... والثيب بالثيب"، ليس على سبيل الاشتراك، بل حد البكر الجلد والتغريب سواء زنى ببكر أو بثيب، وحد الثيب الرجم، سواء زنى بثيب أم ببكر، فهو تشبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب. انظر: شرح النووي على مسلم 11/203.
2 هذا الحكم - أعني جلد الزاني المحصن قبل الرجم - مختلف فيه:
فذهب الإمام أحمد وإسحاق وداود وابن المنذر إلى أن الزاني المحصن يجلد ثم يرجم.
وقال الجمهور وهي رواية عن أحمد أيضا: لا يجمع بينهما، وقالوا إن هذا الحديث منسوخ، والناسخ له ما ثيت في قصة ماعز أن النبي صلى الله عليه وسلم رجمه ولم يذكر الجلد، وكذلك في قصة الغامدية والجهنية واليهوديين لم يذكر الجلد مع الرجم. قال الشافعي: فدلّت السنة على أن الجلد ثابت على البكر وساقط عن الثيب. والدليل على أن قصة ماعز متراخية عن هذا الحديث - أعني حديث عبادة - أن حديث عبادة ناسخ لما شرع أولا من حبس الزاني في البيوت، فنسخ الحبس بالجلد وزيد للثيب الرجم. انظر: سنن الترمذي 4/33 وتفسير الطبري 8/80-81، وأحكام القرآن لابن العربي 1/359، وتفسير ابن كثير 2/205، وفتح الباري 12/119.
3 فتح الباري 8/238 و12/157.
اختلف أهل التأويل في هذه الآية، هل هي محكمة أم منسوخة. فقيل: هي محكمة وهذا الحديث مفسر لها، وقيل: بل هي منسوخة بالآية التي في أول سورة النور {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [الآية:2] . وقيل: إن آية النور في البكرين، وهذه الآية في الثيبين. انظر: نواسخ القرآن ص 262-265، وشرح النووي على مسلم 11/201.
أما الحديث فأخرجه مسلم في صحيحه رقم1690-12 - في الحدود، باب حد الزنى - بسنده عن عبادة بن الصامت، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/457 ونسبه إلى عبد الرزاق والشافعي والطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والدارمي ومسلم وأصحاب السنن الأربعة وابن الجارود والطحاوي وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وابن حبان.
4 فتح الباري 8/238. وذكره البخاري عنه تعليقا. أخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/193 حدثني عمرو بن عوف، ثنا هشيم، عن عوف حدثني محمد، عن ابن عباس - نحوه.(1/340)
[494] وقد روى الطبري من حديث ابن عباس قال: فلما نزلت سورة النساء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا حبس بعد سورة النساء" 1.
[495] وأخرج الطبراني من حديث ابن عباس قال: كن يحبسن في البيوت إن ماتت ماتت وإن عاشت عاشت، لما نزل: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} حتى نزلت: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور:2] 2.
__________
1 فتح الباري 8/238.
أخرجه الطبراني في الكبير ج 11/رقم12033 والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/96-97 والبيهقي في سننه 6/162 كلهم من حديث عبد الله بن لهيعة، عن أخيه عيسى بن لهيعة، عن عكرمة عن ابن عباس، به. قال البيهقي: قال الدارقطني: لم يسنده غير ابن لهيعة عن أخيه وهما ضعيفان. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/5 رواه الطبراني وفيه عيسى بن لهيعة وهو ضعيف. اهـ. فالحديث ضعيف من أجلهما. وقد ذكره ابن كثير 2/205 برواية الطبراني، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/457 ونسبه إلى الطبراني والبيهقي.
2 فتح الباري 12/157-158.
أخرجه الطبراني في الكبير ج 11/رقم11134 حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن يوسف الفريابي، ثنا قيس بن الربيع، عن مسلم - هو الأعور -، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/5 وقال: رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف.
ولكنه توبع تابعه محمد بن زكريا، فقد أخرجه النحاس في ناسخه 2/165-166 رقم335 من طريق أبي شريح محمد بن زكريا مقرونا بابن أبي مريم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضا ابن أبي حاتم رقم4977 من طريق جرير، عن مسلم الأعور، به مختصراً. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/455 ونسبه إلى الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبزار والطبراني من طريق مجاهد عن ابن عباس.(1/341)
قوله تعالى: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} الآية: 19
[496] وصل الطبري وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ} لا تقهروهن {لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} يعني الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر، فيضرها لتفتدي1.
[497] وأسند عن السدي والضحاك نحوه2.
[498] وعن مجاهد أن المخاطب بذلك أولياء المرأة كالعضل المذكور في سورة البقرة3 4.
__________
1 فتح الباري 8/245. وذكره البخاري عنه تعليقا مختصرا.
أخرجه ابن جرير رقم8884، وابن أبي حاتم رقم5037 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
2 فتح الباري 8/245.
أما أثر السدي فأخرجه ابن جرير رقم8888 حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي. ولفظه {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} أما "تعضلوهن"، فيقول: تضارّوهن ليفتدين منكم".
وأما أثر الضحاك فأخرجه ابن جرير رقم8889 قال: حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ} قال: العضل: أن يكره الرجل امرأته، فيضربها حتى يفتدي منه، قال: الله تبارك وتعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} .
3 يشير إلى قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [الآية:232] .
4 فتح الباري 8/245 - 246. أخرجه ابن جرير رقم8890، 8891 من طريق عيسى وشبل عن ابن أبي نجيح، عنه مثله.
هذا وقد ضعّف الطبري هذا القول ورجّح قول ابن عباس ومن معه، وهو أن المخاطب بذلك الزوج وليس الولي، مبينا بأن الولي ليس ممن آتاها شيئا حتى يذهب ببعضه بالافتداء منه. انظر: تفسير الطبري 8/113-114.(1/342)
[449] روى الطبري من طريق ابن جريج عن عكرمة أنها نزلت في قصة خاصة قال: نزلت في كُبَيشة بنت معن بن عاصم من الأوس 1 وكانت تحت أبي قيس بن الأسلت 2، فتوفي عنها، فجنح عليها ابنه، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله، لا أنا ورثت زوجي، ولا تركت فأنكح، فنزلت هذه الآية 3.
[500] وبإسناد حسن عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال: "لما توفي أبو قيس بن الأسلت أراد ابنه أن يتزوج امرأته، وكان ذلك لهم في الجاهلية فأنزل الله هذه الآية4.
__________
1 ترجم لها ابن الأثير في أسد الغابة 7/243 رقم7246.
2 ترجمته في أسد الغابة 6/250 رقم6186، والإصابة 7/277 رقم10434.
3 فتح الباري 8/247.
أخرجه ابن جرير رقم8873 حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، به. وإسناده ضعيف لأجل الحسين، وهو سنيد. وأخرجه ابن الأثير في ترجمة كُبيشة بنت معن أسد الغابة 6/251، 7/243 من حديث ابن جريج، به. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/463 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر.
4 فتح الباري 8/247.
أخرجه ابن جرير رقم8870 حدثنا أحمد بن محمد الطوسي، قال: حدثنا عبد الرحمن ابن صالح، قال: حدثني محمد بن فضيل، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن أبي أمامة ابن سهل بن حنيف، عن أبيه، به. وقد حسّن ابن حجر إسناده كما في الأعلى. وأخرجه النسائي في التفسير رقم115 وابن مردويه كما في تفسير ابن كثبر 2/206-207 من طريق علي بن المنذر الطريقي عن محمد بن فضيل، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/462 وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.(1/343)
[501] وقد روى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "كان الرجل إذا مات وترك امرأة ألقى عليها حميمه ثوبا فمنعها من الناس، فإن كانت جميلة تروجها وإن كانت دميمة 1 حبسها حتى تموت ويرثها2.
[502] وروى الطبري أيضا من طريق الحسن والسدي وغيرهما "كان الرجل يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه الصداق".
[503] وزاد السدي "إن سبق الوارث فألقى عليها ثوبه كان أحق بها، وإن سبقت هي إلى أهلها فهي أحق بنفسها" 3.
قوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً} الآية: 20
أخرج عبد الرزاق من طريق أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال عمر: لا تغالوا في مهور النساء، فقالت امرأة: ليس ذلك لك يا عمر، إن الله يقول: "وآتيتم إحداهن قنطارا من ذهب"، قال: وكذلك هي في قراءة
__________
1 دميمة: أي قبيحة، والدّمامة - بالفتح - القصر والقبح. انظر: النهاية 2/134.
2 فتح الباري 8/247.
أخرجه ابن جرير رقم8882 حدثني المثنى، حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/462 وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
3 فتح الباري 8/247.
أما أثر الحسن فأخرجه ابن جرير رقم8871 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى ابن واضح، عن الحسين ابن واقد، عن يزيد النحوي، عن الحسن وعكرمة قالا، فذكر نحوه. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/462 عن عكرمة، ولكنه نسبه إلى أبي داود فقط.
وأما أثر السدي فأخرجه رقم8877 عن محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي - فذكر نحوه.(1/344)
ابن مسعود، فقال عمر: امرأة خاصمت عمر فخصمته1.
[505] وأخرجه الزبير بن بكار من وجه آخر منقطع "فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ "2.
[506] وأخرجه أبو يعلى من وجه آخر عن مسروق عن عمر فذكره متصلا مطولا3.
__________
1 فتح الباري 9/204.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه رقم10420 - في النكاح، باب غلاء الصداق - ومن طريقه ابن المنذر فيما ذكره ابن كثير 2/213 عن قيس بن ربيع، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السلمي، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/466 ونسبه إلى عبد الرزاق وابن المنذر، عن أبي عبد الرحمن السلمي، به.
2 فتح الباري 9/204.
أخرجه الزبير بن بكار فيما ذكره ابن كثير 2/213 حدثني عمي مصعب بن عبد الله، عن جدي، قال: قال عمر بن الخطاب - فذكر نحو رواية أبي عبد الرحمن. وإسناده منقطع، وقد أشار إلى ذلك ابن حجر كما في الأعلى، وابن كثير أيضا.
3 فتح الباري 9/204.
أخرجه أبو يعلى فيما ذكره ابن كثير في تفسيره 2/212-213 حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن إسحاق، حدثني محمد بن عبد الرحمن، عن المجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق. ولفظه "قال: ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أيها الناس، ما إكثاركم في صُدُق النساء. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإنما الصّدُقات فيما بينهم أربعمائة درهم، فما دون ذلك، ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم إليها. فلا أعرفنّ ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم. قال: ثم نزل، فاعترضته امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين، نهيتَ الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم، قال: نعم، فقالت: أما سمعت ما أنزل الله في القرآن؟ قال: وأي ذلك؟ فقالت: أما سمعت الله يقول: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً} الآية؟ قال: فقال: اللهم غفراً، كل الناس أفقه من عمر. ثم رجع فركب المنبر فقال: إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صداقهن على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب. قال أبو يعلى: وأظنه قال: فمن طابت نفسه فليفعل". قال ابن كثير - عقبه -: إسناده جيد قوي.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/466 ونسبه إلى سعيد بن منصور وأبي يعلى - بسند جيد - عن مسروق.(1/345)
قوله تعالى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} الآية: 21
[507] روى ابن أبي حاتم من طريق بكر بن عبد الله المزني1 عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} قال: الإفضاء الجماع2.
قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ} الآية: 23
[508] أخرج عبد الرزاق وابن المنذر وغيرهما من طريق إبراهيم بن عبيد3
__________
1 بكر بن عبد الله بن عمرو المزني أبو عبد الله البصري، روى عن ابن عباس وغيره، وعنه عاصم الأحول وغيره. تابعي ثقة ثبت جليل، مات سنة ست ومائة. أخرج له الجماعة.
انظر ترجمته في: التهذيب 1/424، والتقريب 1/106.
2 فتح الباري 8/272.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم5066 حدثنا أبي، ثنا مقاتل بن محمد، ثنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن بكر بن عبد الله المزني، به. وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه رقم10826 عن الثوري، به. وأخرجه ابن جرير رقم8916 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عاصم، به. ونقله ابن حجر في تغليق التعليق 4/202-203 برواية ابن أبي حاتم، لكن وقع في الإسناد تصحيف بقلب "مقاتل بن محمد" إلى "محمد بن مقاتل". ومقاتل بن محمد هو النصراباذي الرازي، روى عن وكيع وغيره، وعنه أبو حاتم وغيره. ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 8/355. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/467 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
3 إبراهيم بن عبيد بن رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان الزُرقي، الأنصاري، قال أبو زرعة: مدني أنصاري ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات. وفي التقريب "صدوق" أخرج له مسلم. انظر ترجمته في: التهذيب 1/125، والتقريب 1/39.(1/346)
عن مالك بن أوس1 قال: كانت عندي امرأة قد ولدت لي، فماتت فوجدت عليها، فلقيت علي بن أبي طالب فقال لي: مالك؟ فأخبرته، فقال: ألها ابنة؟ يعني من غيرك، قلت: نعم، قال: كانت في حجرك؟ قلت: لا، هي في الطائف2، قال: فانكحها، قلت: فأين قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ} قال: إنها لم تكن في حجرك3.
[509] وهو عند ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق إبراهيم بن عبيد ابن رفاعة، وإبراهيم ثقة تابعي معروف، وأبوه وجده صحابيان، والأثر صحيح عن علي4.
__________
1 مالك بن أوس بن الحدثان بن سعد بن يربوع البصري أبو سعيد المدني، مختلف في صحبته، قال ابن حجر: له رؤية، وذكره في الإصابة في القسم الأول. روى عن عمر وعثمان وعلي وغيرهم. مات سنة اثنتين وتسعين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: الإصابة 5/525، رقم7611، والتهذيب 10/9.
2 الطائف مدينة في السفوح الشرقية لسراة الحجاز، شرق مكة مع مَيْل يسير إلى الجنوب على 99 كيلا، يصلها بمكة طريقان. وترتفع عن سطح البحر 1630 متراً، وهي مصيف مثالي. انظر: معجم معالم الحجاز 5/219.
3 فتح الباري 9/158.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه رقم10833 - في النكاح، باب {وَرَبَائِبُكُمُ} - عن ابن جريج، قال: أخبرني إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، به.
4 فتح الباري 9/158.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم5087 حدثنا أبو زرعة، حدثنا إبراهيم بن موسى، أنبأنا هشام - يعني ابن يوسف - عن ابن جريج، حدثني إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، به. وفي آخره "وإنما ذلك إذا كانت في حجرك". ونقله ابن كثير في تفسيره 2/219-220 ثم قال: هذا إسناد قوي ثابت إلى علي بن أبي طالب، على شرط مسلم، وهو قول غريب جداً، ثم قال: وإلى هذا ذهب داود بن علي الظاهري وأصحابه، وحكاه أبو القاسم الرافعي عن مالك رحمه الله، واختاره ابن حزم. وقال - أي ابن كثير - وحكى لي شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي أنه عرض هذا على الشيخ الإمام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله فاستشكله، وتوقف في ذلك، والله أعلم. اهـ. كلام الحافظ ابن كثير – رحمه الله.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/474 ونسبه إلى عبد الرزاق وابن أبي حاتم بسند قال عنه: صحيح، عن مالك بن أوس بن الحدثان.(1/347)
قوله تعالى: {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}
[510] روى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} قال: الدخول النكاح1.
قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية:24
[511] وصل إسماعيل القاضي في كتاب "أحكام القرآن" بإسناد صحيح من طريق سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس بن مالك أنه قال في قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ} ذوات الأزواج الحرائر {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} فإذا هو لا يرى بما مَلَكَ اليمين بأساً أن يتزع الرجلُ الجارية من عبده فيطأها2.
[512] وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق أخرى عن التيمي بلفظ "ذوات البعول" وكان يقول: بيعها طلاقها3.
__________
1 فتح الباري 8/272.
والمراد بالنكاح هنا الجماع، وليس المراد مجرد العقد، هكذا قال ابن جرير أيضا.
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم رقم5091 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. ونقله عنه ابن حجر في تغليق التعليق 4/202. وأخرجه ابن جرير رقم8958 من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، به.
2 فتح الباري 9/154.
أخرجه إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن" كما في تغليق التعليق 4/399 ثنا مسدد، ثنا معتمر بن سليمان، سمعت أبي يحدث عن أبي مجلز، به.
3 فتح الباري 9/154.
أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة 4/266 - في النكاح، باب في قوله {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} - ثنا يحيى ابن سعيد، عن التيمي، عن أبي مجلز، عن أنس، به. وأخرجه إسماعيل القاضي كما في تغليق التعليق 4/399 ثنا مسدد، ثنا يحيى، عن التيميّ، به.(1/348)
[513] وصل الفريابي وعبد بن حميد بإسناد صحيح عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} : لا يحل له أن يتزوج فوق أربع نسوة، فما زاد منهن فهن عليه حرام كأمه وابنته وأخته، وأخرجه البيهقي1.
قوله تعالى: {غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} الآية:25
[514] وقد أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} 2: زواني {وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} 3: أخلاء4.
__________
1 فتح الباري 9/154.
أخرجه عبد بن حميد في تفسيره كما في تغليق التعليق 4/400 حدثني ابن أبي رزمة، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/480 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/150 - في النكاح، باب عدد ما يحل من الحرائر والإماء -، أنا أبو عبد الله الحافظ وغيره، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا إبراهيم بن مرزوق، ثنا أبو عامر، عن إسرائيل، به نحوه. ولفظه "فإن فعل فهي عليه مثل أمه وأخته".
2 المسافحات جمع مسافحة، مأخوذ من السفاح وهو من أسماء الزنا، مأخوذ من سَفَحْتُ الماء إذا صببته. انظر: النهاية 2/371، وفتح الباري 12/162.
3 الأخدان: جمع خدن بكسر أوله وسكون ثانيه وهو الخدين والمراد به الصاحب، قال الراغب: وأكثر ما يستعمل فيمن يصاحب غيره بشهوة، يقال: خِدْن المرأة وخدينها. انظر: المفردات ص 144 مادة "خدن"، وفتح الباري 12/162.
4 فتح الباري 12/162.
أخرجه ابن جرير رقم9074، وابن أبي حاتم رقم5152، 5155 كلاهما من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.(1/349)
قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ}
[515] عن ابن عباس وطائفة: إحصانها التزويج1.
قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} الآية: 29
[516] وصل أبو داود والحاكم من طريق يحيى بن أيوب2 عن يزيد ابن أبي حبيب3 عن عمران بن أبي أنس4 عن عبد الرحمن بن جبير5 عن
__________
1 فتح الباري 12/161.
أخرجه ابن جرير رقم9101 من طريق سنيد، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، به. وأخرج رقم9100 من طريق علي بن أبي طلحة، عنه قال: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} يعني: إذا تروجن حرّا. وأخرجه رقم9102 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن عكرمة، أن ابن عباس كان يقرأ {فَإِذَا أُحْصِنَّ} يقول: تزوّجن. سنيد وابن وكيع ضعيفان، لكنهما توبعا كما رأيت.
2 يحيى بن أيوب الغافقي، أبو العباس المصري، روى عن يزيد بن أبي حبيب وغيره، وعنه جرير بن حازم وغيره، صدوق ربما أخطأ، مات سنة ثمان وستين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 11/163-165، والتقريب 2/343.
3 يزيد بن أبي حبيب المصري، أبو رجاء، روى عن عمران بن أبي أنس وغيره، وعنه يحيى بن أيوب المصري وغيره. ثقة فقيه، وكان يرسل، مات سنة ثمان وعشرين ومائة، وقد قارب الثمانين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 11/278، والتقريب 2/363.
4 عمران بن أبي أنس القرشي، العامري، المدني، نزيل الإسكندرية، روى عن عبد الرحمن ابن جبير وغيره. وعنه يزيد بن أبي حبيب وغيره. ثقة، مات سنة سبع عشرة ومائة بالمدينة. انظر ترجمته في: التهذيب 8/109، والتقريب 2/82.
5 عبد الرحمن بن جُبير، المصري المؤذن، العامري، ورى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عقبة بن عامر وأبي الدرداء، وعن عمرو بن العاص وقيل بينهما أبو قيس وغيرهم. وعنه عمران بن أبي أنس وغيره. ثقة عارف بالفرائض، مات سنة سبع وتسعين، وقيل بعدها، أخرج له مسلم وأصحاب السنن إلا ابن ماجه. انظر ترجمته في: التهذيب 6/140، والتقريب 1/475.(1/350)
عمرو بن العاص قال: "احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت أن أغتسل فأهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟ " فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله يقول: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا"1.
قوله تعالى:
{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} الآية: 31
[517] روي عن ابن عباس أن الكبيرة كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب، أخرجه ابن أبي حاتم بسند لا بأس به، إلا أن فيه انقطاعا2.
[518] وجاء نحو هذا عن الحسن البصري3.
__________
1 فتح الباري 1/454. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه أبو داود رقم334 - في الطهارة، باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم -، والحاكم 1/177 كلاهما من طريق وهب بن جرير بن حازم، قال: أخبرنا أبي، قال: سمعت يحيى بن أيوب، به.
وأخرجه أيضا أبو داود رقم335، والحاكم 1/177 من طريق ابن لهيعة وعمرو ابن الحارث، عن يزيد ابن أبي حبيب، بهذا الإسناد. وقال فيه: "عن عبد الرحمن ابن جبير، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص - وذكره الحديث نحوه. وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم323.
2 فتح الباري 10/410.
لم أجده عند ابن أبي حاتم بهذا اللفظ، ولكن أخرجه ابن جرير رقم9212 بسند صحيح قال: حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس - مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/499 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
3 فتح الباري 10/410. ذكره ابن أبي حاتم من غير إسناد، عقب رواية ابن عباس السابقة من طريق عكرمة.(1/351)
[519] وأخرج من وجه آخر متصل لا بأس برجاله أيضا عن ابن عباس قال: كل ما توعد الله عليه بالنار كبيرة1.
قوله تعالى:
{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} الآية: 33
[520] أخرج عبد الرزاق عن معمر في قوله: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قال: الموالي الأولياء، الأب والأخ والابن وغيرهم من العصبة، وأخرجه إسماعيل القاضي في "الأحكام" من طريق محمد بن ثور2 عن معمر3.
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}
[521] وروى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كان الرجل يعاقد الرجل، فإذا مات ورثه الآخر، فأنزل الله عز وجل: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ
__________
1 فتح الباري 10/410.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم5215 حدثنا علي بن حرب الموصلي، ثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
2 محمد بن ثور الصنعاني أبو عبد الله العابد، روى عن معمر وابن جرير وعوف الأعرابي ويحيى بن العلاء الرازي، وروى عنه فضيل بن عياض وعبد الرزاق، ومحمد بن عبد الأعلى وغيرهم. ثقة، مات سنة تسعين ومائة تقريبا. أخرج له أبو داود والنسائي. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 9/76 والتقريب 2/149.
3 فتح الباري 8/248.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/176 ومن طريقه ابن جرير رقم9263 عن معمر عن قتادة، به.(1/352)
إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً} [الأحزاب:6] يقول: إلا أن توصوا لأوليائكم الذين عاقدتم1.
[522] وأسند الطبري عن غير ابن عباس قال: كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر، فنسخ ذلك2.
[523] ومن طريق سعيد بن جبير قال: كان الرجل يعاقد الرجل فيرثه، وعاقد أبو بكر مولى فورثه3.
__________
1 فتح الباري 8/249.
أخرجه ابن جرير رقم9268 حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، به نحوه. وزاد في آخره "فهو لهم جائز من ثلث مال الميت، وذلك هو المعروف". وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/509 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن مردويه.
2 فتح الباري 8/249.
والغير المشار إليه هنا عكرمة والحسن البصري، فقد أخرج ابن جرير رقم9266 من طريق يحيى بن واضح، عن الحسن بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن، مثله. وفي آخره "فنسخ الله ذلك في الأنفال فقال {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال:75] .
ثم وجدت هذا عن ابن عباس أيضا، فقد أخرج أبو داود رقم2921 - في الفرائض، باب نسخ ميراث العقد بميراث الرحم - قال: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت، حدثني علي ابن حسين، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر، فنسخ ذلك الأنفال، فقال: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} . ذكره الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم2535 وقال: حسن صحيح. وقد أورده السيوطي في الدر المنثور 2/510 عن عكرمة عن ابن عباس، ونسبه إلى أبي داود وابن جرير وابن مردويه.
3 فتح الباري 8/249. أخرجه ابن جرير رقم9267 حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، به. وأخرجه سعيد بن منصور رقم625 عن هشيم، عن أبي بشر، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/510 ونسبه إلى سعيد ابن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.(1/353)
[524] ومن طريق قتادة: كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول: دمي دمك وترثني وأرثك، فلما جاء الإسلام أمروا أن يؤتوهم نصيبهم من الميراث وهو السدس، ثم نسخ بالميراث فقال: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى} ، ومن طرق شتى عن جماعة من العلماء كذلك، وهذا هو المعتمد1.
[525] وقد وقع في رواية العوفي عن ابن عباس قال: كان الرجل في الجاهلية يلحق به الرجل فيكون تابعه، فإذا مات الرجل صار لأقاربه الميراث، وبقي تابعه ليس له شيء، فنزلت: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} فكانوا يعطونه من ميراثه، ثم نزلت: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ
__________
1 فتح الباري 8/249.
قال ابن حجر: "ويحتمل أن يكون النسخ وقع مرتين: الأولى حيث كان المعاقد يرث وحده دون العصبة فنزلت {وَلِكُلٍّ} وهي {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} فصاروا جميعا يرثون، وعلى هذا يتنزل حديث ابن عباس، ثم نسخ ذلك آية الأحزاب وخص الميراث بالعصبة وبقي للمعاقد النصر والإرفاد ونحوهما، وعلى هذا يتنزل بقية الآثار، وقد تعرض له ابن عباس في حديثه أيضا، لكن لم يذكر الناسخ الثاني، ولا بد منه، والله أعلم ". فتح الباري 8/249.
والأثر أخرجه ابن جرير رقم9269 حدثنا بشر بن معاذ، حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة - نحوه. وأخرجه عبد الرزاق 1/157 عن معمر، عنه، نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/510 ونسبه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير.(1/354)
بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} فنسخ ذلك1.
قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} الآية: 35
[526] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {شِقَاقَ} : تفاسد2.
قوله تعالى: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} الآية: 36
[527] أخرج الطبري بسند حسن عن ابن عباس: الجار القريب من بينهما قرابة والجار الجنب بخلافه3.
[528] وأخرج الطبري أيضا عن نوف البكالي4 أحد التابعين: الجار
__________
1 فتح الباري 12/30.
أخرجه ابن جرير رقم9274 من طريق عطية العوفي، عن ابن عباس، به.
قال ابن حجر - عقبه -: "والعوفي ضعيف، والذي في البخاري هو الصحيح المعتمد ".
قلت: يقصد به ما رواه البخاري رقم6747 من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس في {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} قال: كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث الأنصاريَّ المهاجريُّ دون ذوي رحمه للإخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، فلما نزلت {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قال: نسختها {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} .
2 فتح الباري 8/265.
أخرجه ابن جرير رقم9418، وابن أبي حاتم رقم5280 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/524 مطولا، ونسبه إليهما وإلى ابن المنذر والبيهقي.
3 فتح الباري 10/441.
أخرجه ابن جرير رقم9437، 9447 من طريق معاوية، عن علي، عن ابن عباس، به مفرقا.
4 هو نَوْف بن فَضَالة الحميري البِكَالي، أبو يزيد، ويقال أبو رشيد ويقال أبو رشدين ويقال أبو عمرو شامي وهو ابن امرأة كعب الأحبار، روى عن علي وأبي أيوب وثوبان وعبد الله بن عمرو وكعب الأحبار، وعنه أبو إسحاق الهمداني وشهر بن حوشب وسعيد بن جبير وغيرهم. ذكره البخاري في الأوسط في فصل من مات بين التسعين إلى المائة، وذكره ابن حبان في الثقات. قال ابن حجر في التقريب "مستور". انظر ترجمته في: التهذيب 10/436، والتقريب 2/309.(1/355)
القريب المسلم والجار الجنب غيره1.
قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} الآية: 43
[529] روى الطبري من طريق قتادة قال: الصعيد الأرض التي ليس فيها شجر ولا بنات2.
[530] ومن طريق عمرو بن قيس3 قال: الصعيد التراب4.
[531] ومن طريق ابن زيد قال: الصعيد الأرض المستوية5.
__________
1 فتح الباري 10/441.
أخرجه ابن جرير رقم9446، 9456 حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن نوف الشامي، به مفرقا، قال في الجار الجنب "اليهودي والنصراني". وقد ردّه ابن جرير قائلا: وهذا أيضا مما لا معنى له.
2 فتح الباري 8/252.
أخرجه ابن جرير رقم9644 حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/551 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
3 هو عمرو بن قيس الملائي، أبو عبد الله الكوفي، ثقة متقن، عابد. مات سنة بضع وأربعين ومائة. انظر ترجمته في: التهذيب 8/81082، والتقريب 2/77.
4 فتح الباري 8/252.
أخرجه ابن جرير رقم9646 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الحكم بن بشير، قال: حدثنا عمرو بن قيس الملائي، به. وإسناده حسن، والحكم بن بشير صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر التهذيب 2/365، والتقريب 1/190. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/551 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
5 فتح الباري 8/252.
أخرجه ابن جرير رقم9645 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال ابن زيد، به.(1/356)
[532] وروى عبد الرزاق من طريق ابن عباس: "الصعيد الطيب" الحرث1.
قوله تعالى: {آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} الآية: 47
[533] أسند الطبري عن قتادة: المراد أن تعود الأوجه في الأقفية2.
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} الآية: 51
[534] وصل ابن أبي حاتم من طريق وهب بن منبه قال: سألت جابر ابن عبد الله عن الطواغيت التي يتحاكمون إليها؟ فقال: إن في جهينة3 واحداً، وفي أسلم4 واحداً، وفي هلال5 واحداً، وفي كل حي واحداً، وهم
__________
1 فتح الباري 8/252.
لم أجده، ولم يذكر في تفسير عبد الرزاق.
قال الطبري: والصواب أن الصعيد وجه الأرض المستوية الخالية من النبات والغُروس والبناء. انظر: جامع البيان 8/408.
2 فتح الباري 8/251.
أخرج عبد الرزاق 1/163 ومن طريقه ابن جرير رقم9716 قال: أخبرنا معمر، عن قتادة - نحوه. ولفظه "قال: نحوِّل وجوههم قِبَل ظهورهم ".
3 قبيلة من قضاعة، واسمه زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحف بن قضاعة، نزلت الكوفة وبها محله، وبعضهم نزل البصرة. انظر: الأنساب 2/134، وفتح الباري 8/8.
4 قبيلة تنسب إلى أسلم بن أقصى بن حارثة بن عمرو، وهما أخوان: خزاعة وأسلم، ومنهم أبو برزة الأسلمي. انظر: الأنساب 1/151-152.
5 هلال: قبيلة ينتسبون إلى هلال بن عامر بن صعصعة، منهم ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين وجماعة من الصحابة وغيره. انظر: فتح الباري 8/252.(1/357)
كهّان تنزل عليهم الشياطين1.
[535] وصل عبد بن حميد في تفسيره ومسدد في مسنده وعبد الرحمن ابن رُسْتَة2 في كتاب الإيمان كلهم من طريق أبي إسحاق عن حسان بن فائد3 عن عمر قال: الجبت السحر والطاغوت الشيطان، وإسناده قوي4.
[536] وروى الطبري عن مجاهد مثل قول عمر، وزاد "والطاغوت
__________
1 فتح الباري 8/252. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/195 قال: ثنا أبي، ثنا الحسن بن الصّبّاح، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، حدثني إبراهيم بن عقيل، عن أبيه عقيل بن معقل، عن وهب بن منبه، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/582-583 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
2 هو عبد الرحمن بن عمر بن بن يزيد بن كثير الزهري، أبو الحسن الأصبهاني، لقبه رُسْتَة، ثقة، له غرائب وتصانيف، من صغار العاشرة، مات سنة خمسين بعد المائتين، وله اثنان وسبعون سنة. أخرج له ماجه. انظر ترجمته في التهذيب 6/213، والتقريب 1/492.
3 هو حسّان بن فائد - بالفاء - العَبْسي الكوفي، يروي عن عمر، روى عنه أبو إسحاق السبيعي فقط. قال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/233، والتهذيب 2/220.
4 فتح الباري 8/252. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/196 ومسدد في مسنده الكبير كما في تغليق التعليق 4/196 وابن جرير رقم9766 وابن أبي حاتم رقم5449 كلهم من طرق عن شعبة، عن أبي إسحاق، به. وأخرجه ابن حجر بسنده إلى عبد الرحمن بن عمر رستة، ثنا عبد الرحمن، ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، به. وأخرجه ابن جرير رقم9767 من طريق سفيان، به. وأخرجه سعيد بن منصور رقم649 عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، به نحوه.
وقد قوّى ابن حجر إسناده كما في الأعلى، وقال: وقد وقع التصريح بسماع أبي إسحاق له من حسان، وسماع حسان من عمر في رواية رستة. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/564 وزاد نسبته إلى الفريابي وابن المنذر.(1/358)
الشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه1.
[537] ومن طريق سعيد بن جبير وأبي العالية قالا: الجبت الساحر، والطاغوت الكاهن2.
[538] وصل عبد بن حميد بإسناد صحيح عن عكرمة قال: الجبت بلسان الحبشة شيطان والطاغوت الكاهن3.
[539] ومن طريق قتادة مثله بغير ذكر الحبشة قال: كنا نتحدث أن الجبت الشيطان والطاغوت الكاهن4.
__________
1 فتح الباري 8/252.
أخرجه ابن جرير رقم9770 حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عنه، به. وزاد في آخره "وهو صاحب أمرهم".
2 فتح الباري 8/252.
أما أثر سعيد بن جبير فأخرجه ابن جرير رقم9773 حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير - نحوه في تفسير الآية. ولفظه "الجبت الساحر بلسان الحبشة". وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/565 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
وأما أثر أبي العالية فأخرجه رقم9775 حدثنا ابن المثنى، قال: حدثني عبد الأعلى، قال: حدثنا داود، عن أبي العالية،، به. ولكنه عكس، فقال: "الطاغوت: الساحر، والجبت الكاهن". وقد أورده السيوطي في الدر المنثور 2/565 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
3 فتح الباري 8/252. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/196 ثنا أبو الدليد، ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن عكرمة، به. وقد صحّح إسناده ابن حجر كما في الأعلى. وقد أورده السيوطي في الدر المنثور 2/564 ونسبه إلى عبد بن حميد فقط.
4 فتح الباري 8/252.
أخرجه ابن جرير رقم9777 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/565 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير.(1/359)
[540] ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال: الجبت الأصنام، والطواغيت الذين كانوا يعبرون عن الأصنام بالكذب، قال: وزعم رجال أن الجبت الكاهن، والطاغوت رجل من اليهود يُدعَى كعب بن الأشرف1.
[541] ومن طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: الجبت حييّ بن أخطب، والطاغوت كعب بن الأشرف2.
[542] أخرج الطبري بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير قال: الجبت الساحر بلسان الحبشة والطاغوت الكاهن3.
قوله تعالى: {وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً} الآية: 55
[543] أخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك {وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً} أي وقودا4.
__________
1 فتح الباري 8/252.
أخرجه ابن جرير رقم9765 من طريق العوفي، عنه، به. والعوفي ضعيف تقدم. وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/564 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 8/252.
أخرجه ابن جرير رقم9782 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وأروده السيوطي في الدر المنثور 2/564 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.
3 فتح الباري 8/252.
أخرجه ابن جرير رقم9773 حدثنا ابن بشار، قال: حدثن محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/565 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
4 فتح الباري 8/251.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم5489 حدثنا أبو بكر بن أبي موسى الكوفي، ثنا هارون ابن حاتم، ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، عن أسباط، عن السدي، به.(1/360)
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} الآية: 58
[544] عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: نزلت في الولاة1.
[545] وعن ابن عباس هي عامة في جميع الأمانات2.
[546] ساق البيهقي في الأسماء والصفات حديث أبي هريرة الذي أخرجه أبو داود بسند قوي على شرط مسلم من رواية أبي يونس "عن أبي هريرة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقروها" يعني قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} - إلى قوله تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} ويضع إصبعيه، قال أبو يونس وضع أبو هريرة إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه3.
__________
1 فتح الباري 5/55.
هكذا نسبه ابن حجر إلى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ولم يعزه إلى مصدر، فقد أخرجه ابن جرير رقم9839 حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: حدثنا أبو أسامة، عن أبي مكين، عن زيد بن أسلم - فذكره. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/571 ونسبه إلى ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم نحوه.
2 فتح الباري 5/55.
لم أجد من ذكره بهذا اللفظ غير ابن حجر، فقد ذكر ابن كثير 2/298 قال سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى عن رجل عن ابن عباس قوله {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} قال هي مبهمة للبروالفاجر.
ثم ذكر ابن كثير أن المشهور أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، صاحب الكعبة المعظمة، الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم، لما أخذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة يوم الفتح، ثم رده عليه. وقال - أي ابن كثير -: "وسواء كانت نزلت في ذلك أولا، فحكمها عام، ولهذا قال ابن عباس ومحمد بن الحنفية: هي للبر والفاجر، أي: هي أمر لكل أحد. اهـ. تفسير القرآن العظيم 2/300.
3 فتح الباري 13/373.
أخرجه أبو داود في سننه رقم4728 - في السنة، باب في الجهمية - حدثنا علي بن نصر ومحمد بن يونس النسائي، قالا: ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، ثنا حرملة - يعني ابن عمران - حدثني أبو يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة، به.
قال البيهقي: وأراد بهذه الإشارة تحقيق إثبات السمع والبصر لله ببيان محلهما من الإنسان، يريد أن له سمعا وبصرا لا أن المراد به العلم، فلو كان كذلك لأشار إلى القلب؛ لأنه محل العلم، ولم يرد بذلك الجارحة، فإن الله تعالى منزه عن مشابهة المخلوقين. الأسماء والصفات ص: 179.(1/361)
قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} الآية:59
[547] وقع عند أحمد وأبي يعلى والطبراني من حديث ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فقال: "ألستم تعلمون أن مَنْ أطاعني فقد أطاع الله وأن مِنْ طاعة الله طاعتي"، قالوا: بلى نشهد، قال: "فإن مِنْ طاعتي أن تطيعوا أمراءكم" وفي لفظ "أئمتكم" 1.
[548] قال ابن عيينة: سألت زيد بن أسلم عنها ولم يكن بالمدينة أحد يفسر القرآن بعد محمد بن كعب مثله فقال: اقرأ ما قبلها تعرف، فقرأت: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} الآية فقال: هذه في الولاة2.
__________
1 فتح الباري 13/112.
أخرجه أحمد 2/93، وأبو يعلى رقم5450، والطبراني في الكبير ج12/ رقم13238، وابن حبان الإحسان، رقم2109 كلهم من طريق عقبة بن أبي الصهباء، قال: سمعت سالما، قال: حدثني ابن عمر، به نحوه. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 2/70 وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير، روجاله ثقات.
قال ابن حجر: وفي الحديث وجوب طاعة ولاة الأمور وهي مقيدة بغير الأمر بالمعصية.
2 فتح الباري 13/111.(1/362)
قوله تعالى: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}
[549] عن أبي هريرة قال: هم الأمراء، أخرجه الطبري بإسناد صحيح1.
[550] وأخرج عن ميمون بن مهران2 وغيره نحوه3.
[551] وعن جابر بن عبد الله قال: هم أهل العلم والخير4.
__________
1 فتح الباري 8/254.
أخرجه ابن جرير رقم9856 حدثني أبو السائب سلم بن جنادة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به. وعلق عليه المحقق الشيخ محمود محمد شاكر قائلا: هذا موقوف على أبي هريرة، وإسناده صحيح، ومعناه صحيح. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/574 ونسبه إلى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
هذا وقد رجّحه ابن جرير قائلا: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال هم الأمراء والولاة لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان لله طاعة وللمسلمين مصلحة. انظر: جامع البيان 8/502.
2 ميمون بن مهران الجزري، أبو أيوب من أهل الكوفة، ثم نزل الرقة، ولي الجزية لعمر ابن عبد العزيز، ثقة فقيه، يرسل. مات سنة سبع عشرة بعد المائة. أخرج له الجماعة إلا البخاري، فأخرج له في الأدب المفرد. انظر: التقريب 2/292.
3 فتح الباري 8/254.
أخرجه ابن جرير رقم9859 عن ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث، قال: سأل مسلمةُ ميمونَ بن مهران عن قوله {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} قال: أصحاب السرايا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/574 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
4 فتح الباري 8/254.
أخرجه ابن جرير رقم9862 حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن علي ابن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله - نحوه.
قلت: سفيان بن وكيع - شيخ الطبري - ضعيف وقد تقدم. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/575 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه.(1/363)
[552] وعن مجاهد وعطاء والحسن وأبي العالية: هم العلماء1.
[553] ومن وجه آخر أصح منه عن مجاهد قال: هم الصحابة2.
[554] وعن عكرمة قال: أبو بكر وعمر3.
[555] وقد روى الطبري أن هذه الآية نزلت في قصة جرت لعمار ابن ياسر مع خالد بن الوليد، وكان خالد أميراً فأجار عمار رجلا بغير أمره فتخاصما، فنزلت4.
__________
1 فتح الباري 8/254.
أما أثر مجاهد فأخرجه ابن جرير رقم9868 من طريق سفيان، عن حصين، عنه. وأخرج رقم9865 من طريق ابن أبي نجيح - عنه نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/575 ونسبه إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.
وأما أثر عطاء فأخرجه رقم9869 عن يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاء بن السائب - فذكر نحوه.
وأما أثر الحسن فأخرجه رقم9871 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عنه، بهذا اللفظ.
وأما أثر أبي العالية فأخرجه رقم9873 من طريق ابن أبي جعفر الرازي، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، عنه - فذكره نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/575 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن جرير.
2 فتح الباري 8/254.
أخرجه ابن جرير رقم9874 عن يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/575 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
3 فتح الباري 8/254.
أخرجه ابن جرير رقم9875 عن أحمد بن عمرو البصري قال: حدثنا حفص بن عمر العدني، قال: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، به.
حفص بن عمر العدني ضعيف تقدم برقم43. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/575 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر.
4 فتح الباري 8/254. ولم يعزه إلى القائل، وهو من قول السدي. =(1/364)
قوله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} الآية: 60-65
[556] روى إسحاق بن راهويه في تفسيره بإسناد صحيح عن الشعبي قال: "كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة، فدعا اليهودي المنافق إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة، ودعا المنافق اليهودي إلى حكامهم1؛ لأنه علم أنهم يأخذونها، فأنزل الله هذه الآيات إلى قوله: {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} 2.
__________
= فقد أخرجه ابن جرير رقم9861 عن محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي - فذكره مطولا.
وهذا مرسل، والسدي ضعيف. وذكره ابن كثير 2/303 بروية ابن جرير، ثم قال: وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق عن السدي مرسلا، ورواه ابن مردويه من رواية الحكم ابن ظهير عن السدي، عن أبي صالح، عن ابن عباس فذكره بنحوه، والله أعلم. اهـ.
قلت: وأبو صالح هو باذام مولى أم هانئ، ضعيف. والأثر أورده السيوطي في الدر المنثور 2/573-574 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي مرسلا.
قال ابن حجر: "ورجح الشافعي الأول واحتج له بأن قريشا كانوا لا يعرفون الإمارة ولا ينقادون إلى أمير، فأمروا بالطاعة لمن ولي الأمر، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم "من أطاع أميري فقد أطاعني" متفق عليه.
واختار الطبري حملها على العموم وإن نزلت في سبب خاص، والله أعلم.
1 قال ابن حجر: "وروى الطبري بإسناد صحيح عن ابن عباس "أن حاكم اليهود يومئذ كان أبا برزة الأسلمي قبل أن يسلم ويصحب. وروى بإسناد آخر صحيح إلى مجاهد أنه كعب بن الأشرف ". فتح الباري 5/37. وانظر تفسير الطبري 8/523.
2 فتح الباري 5/37.
أخرجه ابن جرير رقم9891 حدثني محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا داود، عن عامر - نحوه. وأخرجه رقم9892، 9893 من وجهين آخرين عن داود، به مطولا نحوه. وهو مرسل مع صحة إسناده. وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/580 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر.(1/365)
[557] وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد نحوه1.
[558] وقد روى الكلبي في تفسيره عن أبي صالح عن ابن عباس قال: "نزلت هذه الآية في رجل من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومة، فقال اليهودي: انطلق بنا إلى محمد، وقال المنافق: بل نأتي كعب بن الأشرف" فذكر القصة، وفيه أن عمر قتل المنافق وأن ذلك سبب نزول هذه الآيات وتسمية عمر "الفاروق"2.
قوله تعالى:
{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية: 65
[559] أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن عبد العزيز3 عن
__________
1 فتح الباري 5/37.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم5548 حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، ولفظ "قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} قال: تنازع رجل من المنافقين ورجل من اليهود، فقال المنافق: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف، وقال اليهودي: اذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. إسناده صحيح، لكنه موقوف. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/582 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 5/37-38.
أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص 133 من طريق الكلبي، به نحوه. والكلبي متروك. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/582 ونسبه إلى الثعلبي.
قال ابن حجر: وهذا الإسناد وإن كان ضعيفا لكن تقوى بطريق مجاهد، ولا يضره الاختلاف لإمكان التعدد.
3 سعيد بن عبد العزيز التنوخي أبو محمد ويقال أبو عبد العزيز الدمشقي، روى عن الزهري وغيره، وعنه أبو حيوة وغيره، ثقة، إمام، سوّاه أحمد بالأوزاعي، وقدّمه أبو مُسهِر، ولكنه اختلط في آخر عمره. مات سنة سبع وستين ومائة، وقيل بعدها، وله بضع وسبعون. أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم والأربعة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 4/42-43، التهذيب 4/53، والتقريب 1/301.(1/366)
الزهري عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية قال: "نزلت في الزبير بن العوام وحاطب ابن أبي بلتعة اختصما في ماء" الحديث، وإسناده قوي مع إرساله؛ فإن كان سعيد بن المسيب سمعه من الزبير فيكون موصولا1.
قوله تعالى:
{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} الآية: 83
[560] وقد وقع عند مسلم من حديث عمر في سبب نزولها "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هجر نساءه وشاع أنه طلقهن وأن عمر جاءه فقال: أطلقت نساءك؟ قال: "لا"، قال: فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق نساءه فنزلت هذه الآية، فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر2.
__________
1 فتح الباري 5/35-36.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم5559 حدثنا أبي، ثنا عمرو بن عثمان، ثنا أبو حيوة، ثنا سعيد بن عبد العزيز، به. وفي آخره "فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقى الأعلى ثم الأسفل ". وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/584 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
وأصل هذا الحديث أخرجه البخاري رقم2359، 2360 - في المساقاة - من طريق الزهري عن عروة، عن عبد الله بن الزبير، ولكن فيه "أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير" ولم يسمه.
2 فتح الباري 8/257.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم1479-30 - في الطلاق، باب في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن - بسنده في حديث طويل، وهذا آخره وبعده "وأنزل الله آية التخيير". وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/600 ونسبه إلى عبد بن حميد ومسلم وابن أبي حاتم. هذا وتأتي في محله - في سورة الأحزاب - أحاديث عن التخيير هذا.(1/367)
[561] وصل ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {أَذَاعُوا بِهِ} أي أفشوه1.
قوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} الآية: 85
[562] قال الحسن وقتادة: الكفل الوزر والإثم2.
قوله تعالى: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} الآية: 86
[563] وثبت عن ابن عباس أنه قال: من سلم عليك فرد عليه ولو كان مجوسيا3.
[564] وبه قال الشعبي4.
[565] وقتادة5.
__________
1 فتح الباري 8/257.
أخرجه ابن جرير رقم9993 حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، عن ابن جريج، عن ابن عباس - نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/600 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر.
2 فتح الباري 10/452.
أخرج ابن جرير رقم10120 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: الكفل هو الإثم.
3 فتح الباري 11/42.
أخرجه ابن جرير رقم10039 حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن الحسن بن صالح، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، به. وزاد في آخره "فإن الله يقول: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} ". وأخرجه ابن أبي حاتم رقم5729 حدثنا علي بن حرب الموصلي، ثنا حميد ابن عبد الرحمن الرؤاسي، به.
4 فتح الباري 11/42.
لم أقف على من ذكره غير ابن حجر.
5 فتح الباري 11/42. أخرجه ابن جرير الأرقام 10040-10042 من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، عنه قال في قوله {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} يقول: حيوا بأحسن منها، أي على المسلمين، {أَوْ رُدُّوهَا} : أي على أهل الكتاب".(1/368)
[566] وقال عطاء: الآية مخصوصة بالمسلمين فلا يرد السلام على الكافر مطلقا1.
قوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} الآية: 88
[567] وصل الطبري من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله: {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} قال: بدّدهم2.
[568] ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أوقعهم3.
__________
1 فتح الباري 11/42.
أخرجه ابن جرير رقم10034 من طريق الحسين - وهو سنيد -، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء - نحوه. ولفظ "قوله: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} قال: في أهل الإسلام".
وأخرجه رقم10035 حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج فيما قرئ عليه، عن عطاء - مثله.
2 فتح الباري 8/256. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم10061 عن القاسم، حدثني الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، به نحوه. ولفظه "ردّهم".
هذا وقد سقط من الإسناد شيخ الطبري وهو القاسم، فإن هذا من الأسانيد المتكررة عنده، ثم إن ابن حجر نقل الرواية نفسها في تغليق التعليق 4/197 وثبت فيه "حدثنا القاسم". ولفظه كما هو في الأعلى "بدّدهم".
و"الركس" معناه قلب الشيء على رأسه وردّ أوله إلى آخره، يقال: أركسه فرُكِس وارتكس في أمره، ومعنى الآية: أي أنه ردّهم إلى كفرهم. انظر: المفردات ص 202 مادة "ركس".
3 فتح الباري 8/256. أخرجه ابن جرير رقم10062 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.(1/369)
[569] ومن طريق قتادة قال: أهلكهم1.
[570] وأخرج ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم عن ابن سعد ابن معاذ 2 قال: نزلت هذه الآية في الأنصار، خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من لي بمن يؤذيني؟ " فذكر منازعة سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وأسيد بن حضير ومحمد بن مسلمة، قال: فأنزل الله هذه الآية 3.
__________
1 فتح الباري 8/256.
أخرجه ابن جرير رقم10063 عن القاسم، حدثنا الحسين، قال: حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة، به. وأخرجه رقم10064 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عنه بلفظ "أهلكهم بما عملوا". قال ابن حجر: وهو تفسير باللازم؛ لأن الركس الرجوع، فكأنه ردهم إلى حكمهم الأول.
2 في الفتح "عن أبي سعيد بن معاذ"، والتصحيح من سنن سعيد بن منصور وتفسير ابن أبي حاتم. ولسعد بن معاذ ابنان هما: عبد الله وعمرو؛ ولم يُصرح في أي مرجع أيهما هو، وفي أية حال هما صحابيان ذكرهما الحافظ ابن حجر في القسم الأول من الإصابة 4/97، 524 رقم4732، 5857 وقال في ترجمة عمرو "وسعد مات بعد أن حكم في بني قريظة سنة أربع أو خمس، قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين أو ست، ومهما كان سنّ عمرو عند موت أبيه، فهو زيادة على ذلك، فلذلك ذكرته في هذا القسم، والله أعلم". اهـ.
3 فتح الباري 7/356.
أخرجه سعيد بن منصور رقم663 نا عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، به نحوه. وأخرجه وابن أبي حاتم رقم5740 من طريق يحيى بن أبي الخصيب، ثنا عبد العزيز بن محمد، به. ولفظه "قال: ويجمع في بيته من يؤذيني، فقام سعد بن معاذ فقال: إن كان منا قتلناه يا رسول الله، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا فأطعناك، فقام سعد بن عبادة فقال: ما بك طاعة رسول الله يا ابن معاذ، ولكن عرفت ما هو منك، فقام أسيد بن حضير فقال: يا ابن عبادة، إنك منافق تحب المنافقين، فقام محمد ابن مسلمة فقال: اسكتوا أيها الناس؛ فإن فينا رسول الله، فهو يأمر فينفذ لأمره، فأنزل الله {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} ". قلت: وفي إسناده زيد بن أسلم معروف بالإرسال، ولم يصرح بالسماع من ابن سعد بن معاذ.
هذا وقد ذكره الحافظ ابن كثير 2/327 عن زيد بن أسلم مرسلا، ثم قال: وهذا غريب. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/609 ونسبه إلى سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم، به.
قلت: وقد صحّ هذا الحديث من غير هذا الوجه - كما سيأتي في سورة النور في قصة الإفك - برقم1872، ولكن ليس فيه ذكر نزول هذه الآية. والله أعلم.(1/370)
[571] أخرج أحمد من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه "أن قوما أتوا المدينة فأسلموا، فأصابهم الوباء فرجعوا، واستقبلهم ناس من الصحابة فأخبروهم، فقال بعضهم: نافقوا، وقال بعضهم: لا، فنزلت1.
[572] وأخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي سلمة مرسلا2.
__________
1 فتح الباري 7/356.
أخرجه الإمام أحمد 1/192 من طريق محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه - بنحوه مطولا.
وفي إسناده محمد بن إسحاق، وهو مدلّس، ولم يصرح بالسماع. ثم إن أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه - كما تقدم في ترجمته -. ولكنه توبع عند ابن أبي حاتم - كما يأتي في الذي بعده، إلا أنه أيضا مرسل.
2 فتح الباري 7/356.
أخرجه رقم5742 من طريق إسماعيل بن عبيد الله بن أبي سفيان، أن ابن شهاب حدّثه، أن أبا سلمة بن عبد الرحمن - فذكر الحديث نحوه. هكذا أرسله ولم يذكر "عبد الرحمن بن عوف" في الإسناد.
قلت: والصحيح في سبب نزولها ما أخرجه البخاري رقم4050، وغيره من حديث زيد بن ثابت، قال: "لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى غزوة أحد، رجع ناس ممن خرج معه، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فرقتين: فرقة تقول نقاتلهم، وفرقة تقول: لا نقاتلهم، فنزلت {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} الحديث. وهذا الذي رجّحه ابن حجر، بينما رجّح إمام المفسرين أبو جعفر ابن جرير الطبري القول الثاني القائل بأنها نزلت في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوم كانوا ارتدوا عن الإسلام بعد إسلامهم من أهل مكة. ولهذا قال ابن حجر - بعد ترجيحه لما دلت عليه رواية البخاري -: "ويحتمل أن تكون نزلت في الأمرين جميعا ". انظر: تفسير الطبري 9/13، وفتح الباري 7/356.(1/371)
قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} الآية: 90
[573] وفي رواية الحسن عن سراقة قال: فبلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي، فأتيته فقلت: أحب أن توادع قومي، فإن أسلم قومك أسلموا، وإلا أمنت منهم، ففعل ذلك، قال: ففيهم نزلت {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} الآية1.
قوله تعالى: {جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ}
[574] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
__________
1 فتح الباري 7/242.
الحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/613 ونسبه إلى ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي نعيم في الدلائل عن الحسن، به مطولا.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه رقم18461 - في المغازي، ما قالوا في مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وقدوم من قدم -، وابن أبي حاتم فيما ذكره ابن كثير في تفسيره 2/327 كلاهما من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن الحسن، به مطولا. ولفظه "أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال: لما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم على أهل بدر وأحد وأسلم من حولهم، قال سراقة: بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج، فأتيته فقلت: أنشدك النعمة، فقالوا: صه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوه، ما تريد"؟ قال: بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي وأنا أريد أن توادعهم، فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام، وإن لم يسلموا لم تخشن قلوب قومك عليهم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد خالد بن الوليد فقال: "اذهب معه فافعل ما يريد" فصالحهم خالد على ألا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أسلمت قريش أسلموا معهم، فأنزل الله {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ} ". وزاد في المصنف عند ابن أبي شيبة 14/232، والسيوطي في الدر المنثور 2/613 "حتى بلغ {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} فكان من وصل إليهم كانوا معهم على عهدهم". وزاد ابن أبي شيبة في روايته "قال الحسن: فالذين حصرت صدورهم بنو مدلج، فمن وصل إلى بني مدلج من غيرهم كان في مثل عهدهم".(1/372)
في قوله: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} قال: ضاقت1.
[575] وقد روى ابن أبي حاتم من طريق مجاهد أنها نزلت في هلال ابن عويمر الأسلمي، وكان بينه وبين المسلمين عهد، وقصده ناس من قومه فكره أن يقاتل المسلمين وكره أن يقاتل قومه2.
قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} الآية: 92
[576] ذكر ابن إسحاق في السيرة سبب نزولها عن عبد الرحمن ابن الحارث بن عبد الله بن عياش - بتحتانية وشين معجمة - أي ابن ربيعة المخزومي 3 قال: "قال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق4: نزلت هذه الآية في جدك عياش بن أبي ربيعة والحارث بن يزيد من بني عامر بن لؤي وكان يؤذيهم بمكة وهو كافر، فلما هاجر المسلمون أسلم الحارث وأقبل مهاجراً حتى إذا كان بظاهر الحرة لقيه عياش بن أبي ربيعة فظنه على شركه
__________
1 فتح الباري 8/356.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/197 عن أبيه، ثنا أبو صالح، ثنا معاوية، عن علي، به.
2 فتح الباري 8/256.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم5760 حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - نحوه مختصرا. وليس عنده "وكان بينه وبين المسلمين عهد، وقصده ناس من قومه". والباقي نحوه.
3 عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عيّاش بن أبي ربيعة المخزومي، أبو الحارث المدني، صدوق له أوهام، مات سنة ثلاث وأربعين، وله ثلاث وستون سنة. سئل يحيى بن معين عنه فقال: صالح. انظر ترجمته في الجرح والتعديل 5/224، والتقريب 1/476.
4 القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه، مات سنة ست ومائة على الصحيح. أخرج له الجماعة. انظر: التقريب 2/120.(1/373)
فعلاه بالسيف حتى قتله، فنزلت1، روى هذه القصة أبو يعلى من طريق حماد بن سلمة عن ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث عن عبد الرحمن ابن القاسم2 عن أبيه فذكرها مرسلة أيضا، وزاد في السند "عبد الرحمن ابن القاسم"3.
[577] وأخرج ابن أبي حاتم في التفسير من طريق سعيد بن جبير أن عياش بن أبي ربيعة حلف ليقتلن الحارث بن يزيد إن ظفر به، فذكر نحوه4.
[578] ومن طريق مجاهد نحوه، لكن لم يسم الحارث، وفي سياقه ما يدل على أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أسلم ثم خرج فقتله عياش بن أبي ربيعة5.
__________
1 فتح الباري 12/212.
لم أقف عليه مسنداً، وهو مرسل، والمرسل من أنواع الضعيف.
2 عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، التيمي، أبو محمد المدني، ثقة جليل، قال ابن عيينة: كان أفضل أهل زمانه، مات سنة ست وعشرين ومائة، وقيل بعدها. أخرج له الجماعة. التقريب 1/495.
3 فتح الباري 12/212.
4 فتح الباري 12/212.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم5782 حدثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثني ابن لهيعة، حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، به. وفيه "وكان الحارث يومئذ مشركا، وأسلم الحارث ولم يعلم به عياش، فلقيه بالمدينة فقتله وكان قتله ذلك خطأ".
5 فتح الباري 12/212.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم5781 حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - فذكره. ولفظه "قال قوله {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً} عياش بن أبي ربيعة قتل رجلا مؤمن كان يعذبه هو وأبو جهل وهو أخوه لأمه في أبتاع النبي صلى الله عليه وسلم، وعياش يحسب أن ذاك الرجل كافر كما هو، وكان عياش هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا، جاءه أبو جهل وهو أخوه لأمه، فقال: إن أمك تناشدك رحمها وحقها أن ترجع إليها، وهي أسماء بنت مخرمة، فأقبل معه فربطه أبو جهل، حتى قدم به مكة، فلما رآه الكفار زادهم كفراً وافتتاناً، فقالوا: إن أبا جهل ليقدر من محمد على ما يشاء ويأخذ أصحابه".(1/374)
قوله تعالى:
{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} الآية: 93
[579] أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير في قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} قال: نزلت في مقيس بن ضبابة، وكان أسلم هو وأخوه هشام، فقتل هشاما رجل من الأنصار غِيْلة1 فلم يُعرف، فأرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يأمرهم أن يدفعوا إلى مقيس دية أخيه ففعلوا، فأخذ الدية وقتل الرسول ولحق بمكة مرتداً، فنزلت فيه. وهو ممن أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه يوم الفتح2.
[580] وأخرج إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن" بسند حسن أن هذه الآية لما نزلت قال المهاجرون والأنصار وجبت، حتى نزل {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} 3 4.
__________
1 أي في خُفية واغتيال، وغِيْلة: فِعْلة من الاغتيال، وهو أن يُخدع ويُقتَل في موضع لا يراه فيه أحد. النهاية 3/403 مادة "غيل".
2 فتح الباري 8/258.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم5816 حدثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد الله، حدثني ابن لهيعة، حدثني عطاء ابن دينار، عن سعيد بن جبير - نحوه مطولا. وليس فيه "وهو ممن أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه يوم الفتح"، وفي آخره "وروي عن عكرمة أنه قال: له توبة".
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/623 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط. وانظر التعليق على رقم 141، وما سيأتي برقم 590.
3 الآية 48 من هذه السورة.
4 فتح الباري 12/188.(1/375)
قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الآية: 94
[581] وصل البزار والدارقطني في "الأفراد" والطبراني في "الكبير"، من رواية أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم والد محمد بن أبي بكر المقدمي عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها المقداد، فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا وبقي رجل له مال كثير لم يبرح فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فأهوى إليه المقداد فقتله، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا مقداد، قتلت رجلا قال لا إله إلا الله، كيف لك بلا إله إلاّ الله غدا؟ ". وأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمقداد: "كان رجلا مؤمنا يخفي إيمانه مع كفار قوم، فأظهر إيمانه فقتلته، فكذلك كنت أنت تخفي إيمانك بمكة من قبل"، قال الدارقطني: تفرد به حبيب وتفرد به أبو بكر عنه1.
__________
1 فتح الباري 8/258، 12/190. أورده ابن حجر في التفسيرمختصرا، وفي الديات بأطول منه، وسقته بسياق واحد. وذكره البخاري في "الديات" عنه تعليقا مختصرا، ولفظه "وقال حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد، عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم للمقداد: "إذا كان رجل ممن يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهره فقلته ... " الحديث.
والحديث أخرجه البزار كما في كشف الأستار، رقم2202 والطبراني في الكبير ج12/رقم12379 كلاهما من طريق جعفر بن سلمة الوراق، ثنا أبو بكر بن علي ابن مقدم، ثنا حبيب بن أبي عمرة، به نحوه. قال البزار: لا نعلمه يروى إلا عن ابن عباس، ولا له عنه إلا هذا الطريق. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/11-12 وقال: رواه البزار وإسناده جيد. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/633 ونسبه إلى البزار والدارقطني في الإفراد والطبراني.(1/376)
[582] وقد تابع أبا بكر سفيان الثوري، لكنه أرسله، أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عنه. ولفظ وكيع بسنده عن سعيد بن جبير "خرج المقداد بن الأسود في سرية" فذكر الحديث مختصرا إلى قوله "فنزلت"1.
[583] وأخرجه الطبري من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الثوري كذلك2.
[584] روى ابن إسحاق في "المغازي"، وأخرجه أحمد من طريقه عن عبد الله ابن أبي حدرد الأسلمي3 قال: "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة ومحلم بن جثّامة، فمر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي فسلم علينا، فحمل عليه محلم فقتله، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم
__________
1 فتح الباري 12/191.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 10/124-125، رقم8989 و 12/377، رقم14050 حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير - مرسلا. وأخرجه ابن جرير رقم10224 حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، به مرسلا أيضا، ولفظه " قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} قال: خرج المقداد بن الأسود في سرية، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فمرّوا برجل في غنيمة له، فقال: إني مسلم، فقتله المقداد، فلما قدموا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال: الغنيمة". وابن وكيع - شيخ الطبري - وإن كان ضعيفا إلا أنه تابعه ابن أبي شيبة في روايته عن وكيع كما رأيت.
2 فتح الباري 12/191.
لم أهتد إليه في تفسير الطبري.
3 عبد الله بن أبي حَدْرَد الأسلمي، واسم أبي حدرد سلامة بن عُمير. له صحبة، يكنى أبا محمد، وأول مشاهده الحديبية وخيبر وما بعدها. توفي سنة إحدى وسبعين زمن مصعب بن الزبير. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/211-212، رقم2890، والإصابة 4/48، رقم4640.(1/377)
وأخبرناه الخبر نزل القرآن" فذكر هذه الآية1.
[585] وأخرجها ابن إسحاق من طريق ابن عمر أتم سياقا من هذا، وزاد أنه كان بين عامر ومحلم عداوة في الجاهلية2.
[586] وفي رواية سماك3 عن عكرمة عن ابن عباس عند أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه "مر رجل من بني سليم بنفر من الصحابة وهو يسوق غنما له فسلم عليهم، وقالوا: ما سلم علينا إلا ليتعوذ منا، فعمدوا له فقتلوه، وأتوا بغنمه النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت4.
__________
1 فتح الباري 8/259.
أخرجه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام 4/1483 ومن طريقه كل من ابن أبي شيبة في مصنفه 14/547،رقم18859، والإمام أحمد 6/11 وابن جرير رقم10212 قال - أي ابن إسحاق - حدثني يزيد بن عبد الله بن قُسَيط، عن القعقاع بن عبد الله ابن أبي حَدْرَد، عن أبيه عبد الله بن حدرد - نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/633 وزاد نسبته إلى ابن سعد وابن أبي شيبة والطبراني وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل.
2 فتح الباري 8/259.
قال ابن حجر: وهذه عندي قصة أخرى، ولا مانع أن تنزل الآية في الأمرين معا.
أما هذا الحديث فأخرجه ابن جرير رقم10211 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر - فذكره مطولا نحو رواية عبد الله بن أبي حدرد. وفيه "وكانت بينهم حِنّة في الجاهلية" - أي حقد -. وقد ذكره ابن كثير 2/338 برواية ابن جرير، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/633 مختصرا، ونسبه إلى ابن جرير أيضا.
3 سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي البكري الكوفي، أبو المغيرة، صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بآخره، فكان ربما يلقن. مات سنة ثلاث وعشرين ومائة. التقريب 1/332.
4 فتح الباري 8/258.
أخرجه أحمد 1/229، 272 والترمذي رقم3030 وابن جرير رقم10217 والحاكم 2/235 كلهم من طرق عن إسرائيل، عن سماك، به. قال الترمذي: حديث حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. =(1/378)
[587] روى الثعلبي من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، أن اسم المقتول مرداس بن نهيك من أهل فدك، وأن اسم القاتل أسامة بن زيد، وأن اسم أمير السرية غالب بن فضالة الليثي، وأن قوم مرداس لما أنهزموا بقي هو وحده وكان ألجأ غنمه بجبل، فلما لحقوه قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقتله أسامة بن زيد، فلما رجعوا نزلت الآية1.
[588] وكذا أخرج الطبري من طريق السدي نحوه2.
[589] وأخرجه عبد بن حميد من طريق قتادة نحوه، وفي آخره "لأن تحية المسلمين السلام بها يتعارفون3.
__________
= قلت: رواية سماك عن عكرمة خاصة فيها اضطراب كما سبق، لكنه توبع عليه، فقد أخرج الشيخان البخاري: 4591، ومسلم: 3025 وغيرهما من طرق عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} قال: كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون، فقال: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غنيمته فنزلت {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} .
فالحديث حسن لغيره. وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2426. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/632 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة والطبراني وعبد بن حميد وابن المنذر.
1 فتح الباري 8/258.
ضعيف الإسناد؛ فإن الكلبي ضعيف بل متروك، وكذا أبو صالح ضعيف.
2 فتح الباري 8/258-259.
أخرجه ابن جرير رقم10221 حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي - فذكره مطولا نحو رواية الكلبي.
3 فتح الباري 8/258، 259.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/634 عن قتادة، ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير. ولفظه "قال قتادة في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} قال: هذا الحديث في شأن مرداس، رجل من غطفان، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشا عليهم غالب الليثي إلى أهل فدك، وبه ناس من غطفان، وكان مرداس منهم، ففر أصحابه فقال مرداس: إني مؤمن وإني غير متبعكم. فصبّحته الخيل غدوة، فلما لقوه سلم عيلهم مرداس، فتلقاه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقتلوه، وأخذوا ما كان معه من متاع، فأنزل الله في شأنه {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} لأن تحية المسلمين السلام، بها يتعارفون، وبها يحيي بعضهم بعضا".
وقد أخرجه ابن جرير رقم10220 حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة - مثله.(1/379)
[590] وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر قال: "أنزلت هذه الآية: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ} في مرداس"1.
قوله تعالى:
{لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} الآية:95
[591] وقد أخرج الترمذي من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج أخبرني عبد الكريم2 سمع مقسما مولى عبد الله بن الحارث يحدث عن ابن عباس أنه قال: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} عن بدر والخارجون إلى بدر، لما نزلت غزوة بدر قال عبد الله بن جحش3
__________
1 فتح الباري 8/259.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم5828 حدثنا إبراهيم بن عتيق الدمشقي، ثنا مروان يعني ابن محمد الطاطري، ثنا ابن لهيعة، حدثني أبو الزبير، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/634 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط. وقد حسنه ابن حجر قائلا: وهذا شاهد حسن. فتح الباري 8/259.
2 عبد الكريم بن مالك الجزري، أبو سعيد مولى بني أمية، وهو الخضري، ثقة، مات سنة سبع وعشرين ومائة. أخرج له الجماعة. التقريب 1/516.
3 وقع في رواية الطبري "أبو أحمد بن جحش"، وجزم ابن حجر بأنه هو الصواب. وقال: فإن عبد الله أخوه، وأما هو فاسمه "عبد" بغير إضافة، وهو مشهور بكنيته. اهـ. وعبد الله بن جحش لم يكن أعمى، وقد شهد بدرا، وقتل يوم أحد. ومترجم في أسد الغابة 3/194 رقم2858 والإصابة 4/31 رقم4601، وأخوه "أبو أحمد" مترجم أيضا في أسد الغابة 6/5، رقم5669 والإصابة 7/5 رقم9509 وفيهما "وكان أبو أحمد ضريرا، يطوف بمكة أعلاها وأسفلها بغير قائد، وكانت عنده الفارعة بنت أبي سفيان ابن حرب، وشهد بدراً والمشاهد. وانظر: تفسير الطبري 9/92 الحاشية. وهما أخوان لأم المؤمنين زينب بنت جحش. وأمهم أُميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/380)
وابن أم مكتوم الأعميان: يا رسول الله هل لنا رخصة؟ فنزلت: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} . فهؤلاء القاعدون غبر أولي الضرر: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجَاتٍ مِنْهُ} على القاعدين من المؤمنين غبر أولي الضرر1.
[592] وفي حديث الفَلَتان بن عاصم2 في هذه القصة "قال: فقال
__________
1 فتح الباري 8/262.
أخرجه الترمذي رقم3032 عن شيخه الحسن بن محمد الزعفراني، حدثنا الحجاج بن محمد، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن عباس. وأخرجه ابن جرير رقم10242 من طريق الحسين - وهو سنيد - عن حجاج، به مثله بدون قوله "فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر ... "إلخ. وقد بين ابن حجر أن هذا القدر - أعني من قوله "فهؤلاء القاعدون ... " - مدرج في الخبر من كلام ابن جريج. والحديث ذكره ابن كثير 2/341 برواية الترمذي، كما أورده السيوطي في الدر المنثور 2/641 وزاد نسبته إلى النسائي وابن المنذر والبيهقي في سننه.
هذا وأصل هذا الحديث أخرجه البخاري رقم4595 مختصرا، ولفظه "لايستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر والخارجون إلى بدر".
2 الفَلَتَان - بفتح الفاء واللام وبمثناة فوقانية - ابن عاصم الجرمي، صحابي. قال البخاري وابن أبي حاتم وابن السكن وابن حبان: له صحبة، قال البغوي: سكن المدينة، وقال ابن حبان: عداده في الكوفيين. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. انظر ترجمته في: أسد الغابة 4/351 رقم4242، والإصابة 5/288-289 رقم7021.(1/381)
الأعمى: ما ذنبنا؟ فأنزل الله، فقلنا له إنه يوحى إليه، فخاف أن ينزل في أمره شيء، فجعل يقول: أتوب إلى الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للكاتب: "اكتب {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} ، أخرجه البزار والطبراني وصححه ابن حبان1.
قوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} الآية:97
[593] وفي رواية عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس عند ابن المنذر والطبري "كان قوم من أهل مكة قد أسلموا وكانوا يخفون الإسلام، فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر، فأصيب بعضهم ببعض، فقال المسلمون: هؤلاء كانوا مسلمين فأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت2. فكتبوا بها إلى من بقي بمكة
__________
1 فتح الباري 8/261.
أخرجه أبو يعلى رقم1583 والبزار كشف الأستار، رقم2203 والطبراني في الكبير ج18/رقم856 وابن حبان الإحسان، رقم4712 كلهم من طريق إبراهيم بن الحجاج، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عاصم بن كليب، قال: حدثني أبي، عن خالي الفلتان بن عاصم، به نحوه. وأوله "قال: كنا قعودا مع النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل عليه، وكان إذا أنزل عليه ذاب بصره مفتوحة عيناه وفرغ سمعه وبصره قلبه لما جاء من الله، فلما فرغ قال لكاتب: " اكتب لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله" الآية، فقام الأعمى فقال: ما ذنبنا؟ الحديث.
والحديث إسناده صحيح، وقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 5/273 و 7/12 وقال: رواه أبو يعلى والبزار والطبراني، ورجال أبي يعلى ثقات، كما قوّى الشيخ شعيب الأرنؤوط إسناده في تعليقه على الإحسان 11/11. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/641-642 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد. وللحديث شاهد من حديث البراء بن عازب، عند البخاري رقم4593 وغيره. ولفظه " قال: لما نزلت {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا فكتبها، فجاء ابن أم مكتوم فشكا ضرارته فأنزل الله {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} .
2 أي هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} الآية.(1/382)
منهم وأنهم لا عذر لهم، فخرجوا فلحقهم المشركون ففتنوهم فرجعوا فنزلت: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت:10] فكتب إليهم المسلمون بذلك فحزنوا، فنزلت: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا} الآية [النحل:110] ، فكتبوا إليهم بذلك، فخرجوا فلحقوهم، فنجا من نجا وقتل من قتل1.
قوله تعالى:
{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً} الآية: 100
[594] وروى عبد الرزاق عن معمر عن الحسن في قوله: {مُرَاغَماً} قال: متحولا2.
[595] وكذا أخرجه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس3.
__________
1 فتح الباري 8/263.
أخرجه ابن جرير رقم10260 وابن أبي حاتم رقم5863 قالا: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا محمد بن شريك المكي، عن عمرو بن دينار، به. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. وقد نقله ابن كثير 2/342-343 برواية ابن أبي حاتم، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/646 وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه.
2 فتح الباري 8/256.
أخرجه عبد الرزاق 1/169 به سندا ومتنا. وأخرجه ابن جرير رقم10299 من وجه آخر عن معمر، به.
3 فتح الباري 8/256.
أخرجه ابن جرير رقم10296 وابن أبي حاتم رقم5878 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/650 وزاد نسبته إلى ابن المنذر.(1/383)
قوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}
[596] وقد روى الطبري من طريق سعيد بن جبير والسدي وغيرهما أن الآية نزلت في رجل كان مسلما مقيما بمكة، فلما سمع قوله تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} 1 قال لأهله وهو مريض أخرجوني إلى جهة المدينة فأخرجوه فمات في الطريق، فنزلت2.
قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية: 101
[597] وقد سأل يعلى بن أمية الصحابي3 عمر بن الخطاب عن قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فذكر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال:
__________
1 من الآية 97 من السورة نفسها.
2 فتح الباري 6/18.
أما أثر سعيد بن جبير فأخرجه ابن جرير رقم10282 حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير - نحوه. وسمىّ ذلك الرجل المسلم بأنه "رجل من خزاعة يقال له ضمرة ابن العيص" أو "العيص بن ضمرة بن زنباع". قال ابن حجر: واسمه ضمرة على الصحيح. انظر: الفتح 6/18.
وأما أثر السدي فأخرجه رقم10290 حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد ابن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي - بنحوه. وفيه تسمية ذلك الرجل المسلم بأنه "ضمرة بن جندب الضمري".
3 يعلى بن أمية بن أبي عُبيدة بن همّام التميمي، حليف قريش، صحابي مشهور، مات سنة بضع وأربعين. انظر ترجمته في: أسد الغابة 5/486، رقم5647، والتقريب 2/377.(1/384)
"صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته"، أخرجه مسلم1.
قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ... وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً} الآية:102
[598] وروى أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن حبان من حديث أبي عياش الزرقي2 قال "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعُسْفان3 فصلى بنا الظهر وعلى المشركين يومئذ خالد ابن الوليد، فقالوا: لقد أصبنا منهم غفلة، ثم قال: إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم، فنزلت صلاة الخوف بين الظهر والعصر، فصلى بنا العصر ففرقنا فرقتين" الحديث4.
__________
1 فتح الباري 2/430.
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه رقم686-4 - أول صلاة المسافرين وقصرها - بسنده إلى يعلى بن أمية، به. وفيه أنه تلا هذه الآية، فقال: أقد أمن الناس؟ فقال عمر: عجبت مما عجبت منه! فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: ... الحديث. وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/655 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأحمد ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود وابن خزيمة والطحاوي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن حبان كلهم عن يعلى بن أمية.
2 أبو عيّاش الزُّرقي الأنصاري، اسمه زيد بن الصامت، ويقال ابن النعمان، ويقال اسمه عبيد بن معاوية، وقيل عبد الرحمن بن معاوية بن الصامت. صحابي شهد أحداً وما بعدها، ويقال إنه عاش إلى خلافة معاوية. انظر ترجمته في: أسد الغابة 6/229، رقم6144، والإصابة 7/245، رقم10315، والتقريب 2/458.
3 عُسْفَان - بضم أوله وسكون ثانيه ثم فاء وآخره نون - فُعْلان، وهي بلدة على 80 كيلا من مكة شمالا على الجادة إلى المدينة، وهي مجمع ثلاث طرق مُزَفّتة: طريق إلى المدينة وقبيله إلى مكة، وآخر إلى جدة. وهي منهلة من مناهل الطريق، وهي حدّ تهامة. انظر: معجم البلدان 4/137، رقم8395، ومعجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية ص 208.
4 فتح الباري 7/423.
أخرجه الإمام أحمد 4/60، وأبو داود رقم1236 - في الصلاة، باب صلاة الخوف -، والنسائي 3/176-177، رقم1550 - في صلاة الخوف -، =(1/385)
[599] عند الطيالسي وغيره "أن المشركين قالوا: دعوهم فإن لهم صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم، قال فنزل جبريل فأخبره، فصلى بأصحابه العصر، وصفهم صفين" فذكر صفة صلاة الخوف1.
[600] وقد أخرج مسلم من طريق زهير بن معاوية عن أبي الزبير عن جابر قال "غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم قوما من جهينة، فقاتلونا قتالا شديدا، فلما أن صلينا الظهر قال المشركون: لو ملنا عليهم ميلة واحدة لأفظعناهم، فأخبر جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قال وقالوا: ستأتيهم صلاة هي أحب إليهم من الأولاد" فذكر الحديث2.
__________
= وابن جرير رقم10378، وابن حبان الإحسان، رقم2876، والحاكم 1/337-338 كلهم من طرق عن منصور، عن مجاهد، عن أبي عياش الزرقي، به. وصحّحه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
والحديث ذكره ابن حجر في الإصابة 7/245 في ترجمة أبي عياش باختصار، ونسبه إلى أبي داود والنسائي، ثم قال: وسنده جيد.
كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/659 ونسبه إلى عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدراقطني والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي عياش الزرقي.
1 فتح الباري 7/423.
أخرجه أبو داود الطيالسي رقم1347 حدثنا ورقاء، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي عياش الزرقي، به. وفيه أنه قال "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الظهر فقال المشركون: إن لهم صلاة بعد هذا أحب إليهم من أبنائهم وأموالهم وأنفسهم، يعنون صلاة العصر، فنزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر فأخبره ونزلت هذه الآية {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} الآية، فحضرت العصر فصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه صفين وعليهم السلاح ... الحديث.
2 فتح الباري 7/423.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم84-308 - في صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف - حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثنا زهير، به. فذكره صفة صلاة الخوف.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/665 نحوه، ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق أبي الزبير عن جابر.(1/386)
قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} الآية: 103
[601] وروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {مَوْقُوتاً} قال: مفروضا1.
[602] عن مجاهد {مَوْقُوتاً} قال: مفروضا2.
قوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثاً} الآية: 117
[603] وعن الحسن البصري: لم يكن حي من أحياء العرب إلا ولهم صنم يعبدونه يسمى أنثى بني فلان3.
__________
1 فتح الباري 8/256.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم5917 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/6، 9 وعزاه إلى ابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 2/3.
أخرجه ابن جرير رقم10390 حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/667 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
3 فتح الباري 8/257.
أخرجه سعيد بن منصور رقم688 عن نوح بن قيس الحُدّاني، عن أبي رجاء محمد ابن سيف، عن الحسن، به. وزاد في آخره، فأنزل الله عز وجل {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَاناً مَرِيداً} . وأخرجه ابن جرير رقم10438 و10439 من طريق يزيد بن هارون ومسلم بن إبراهيم، كلاهما عن نوح بن قيس، به. وهو مرسل مع صحة إسناده. وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/687 ونسبه إلى سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر.(1/387)
[604] وفي رواية عبد الله بن أحمد في مسند أبيه عن أبي بن كعب في هذه الآية قال: "مع كل صنم جنية " ورواته ثقات. ومن هذا الوجه أخرجه ابن أبي حاتم1.
[605] وروى ابن أبي حاتم من طريق قتادة في قوله: {مَرِيداً} قال: متمردا على2 معصية الله3.
قوله تعالى: {فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ} الآية: 119
[606] وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: كانوا يبتكون آذانها لطواغيتهم4.
__________
1 فتح الباري 8/257.
أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد مسند أبيه المسند 5/135 عن هدبة بن عبد الوهاب، ومحمود بن غيلان، قالا: ثنا الفضل بن موسى، أنا حسين بن واقد، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، به. وقال ابن حجر - كما في الأعلى -: ورواته ثقات.
وأخرجه ابن أبي حاتم رقم5970 حدثنا أبي، عم محمود بن غيلان، به مثله. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/686 وعزاه لعبد الله في الزوائد وابن المنذر وابن أبي حاتم والضياء في المختارة.
2 ومعناه: استمر على معصية الله، يقال: مَرَدَ على الشيء: أي مَرَنَ واستمرّ. انظر: القاموس باب الدال، فصل الميم، ص 288.
3 فتح الباري 8/257.
أخرجه ابن جرير رقم10443 وابن أبي حاتم رقم5977 كلاهما من طريق يزيد ابن زريع، عن سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة - مثله. وزاد ابن أبي حاتم "لعنه الله". والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/688 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
4 فتح الباري 8/257.
أخرجه عبد الرزاق 1/173 بهذا الإسناد. وزاد في أوله "التبكيك في البحيرة والسائبة" وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/688 ونسبه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.(1/388)
قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} الآية: 123
[607] ولمسلم من طريق محمد بن قيس بن مخرمة1 عن أبي هريرة "لما نزلت: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} بلغت من المسلمين مبلغا شديدا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قاربوا وسددوا، ففي كل ما يُصاب به المسلم كفارة، حتى النكبة ينكبها والشوكة يشاكها" 2.
[608] وأخرج أحمد وصححه ابن حبان من طريق عبيد بن عمير عن عائشة "أن رجلا تلا هذه الآية: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} فقال: إنا لنجزى بكل ما عملناه؟ هلكنا إذاً، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "نعم يُجْزَى به في الدنيا من مصيبة في جسده مما يُؤذِيه" 3.
[609] وأخرجه أحمد وصححه ابن حبان أيضا من حديث أبي بكر
__________
1 محمد بن قيس بن مَخرمة، ابن المطلب المطلبي، يقال له رؤية، ذكره ابن حجر في القسم الثاني من الإصابة 6/201، رقم8330، وقد وثقه أبو داود وغيره. وانظر: التقريب 2/202.
2 فتح الباري 10/104.
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه رقم2574 - في البر والصلة والآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك - بسنده إلى محمد بن قيس بن مخرمة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/697 ونسبه إلى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه.
3 فتح الباري 10/104.
أخرجه الإمام أحمد 6/65-66 من طريق هارون بن معروف، وابن حبان الإحسان، رقم2923 من طريق حرملة بن يحيى، قالا: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكر بن سوادة حدثه، أن يزيد بن أبي يزيد حدثه، عن عُبيد بن عمير، به. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/15 وقال: رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح.(1/389)
الصديق أنه قال: يا رسول الله، كيف الصلاح بعد هذه الآية: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} ؟ فقال: "غفر الله لك يا أبا بكر، ألست تمرض، ألست تحزن؟ " قال: قلت: بلى، قال: "هو ما تجزون به" 1.
قوله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} الآية: 127
[610] وروى ابن أبي حاتم من طريق السدي قال: كان لجابر بنت عم دميمة، ولها مال ورثته عن أبيها، وكان جابر يرغب عن نكاحها، ولا ينكحها خشية أن يذهب الزوج بمالها، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنزلت2.
قوله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}
[611] عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} قال: نزلت في الغنية والمعدمة3.
__________
1 فتح الباري 10/104.
أخرجه أحمد 1/11 وابن جرير الأرقام 10524-10527، وأبو يعلى الأرقام 98-101 والحاكم 3/74-75 وابن حبان الإحسان، رقم2910 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي بكر بن أبي زُهير الثقفي، عن أبي بكر الصديق، به. وقد صححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
و"أبو بكر بن أبي زهير الثقفي من صغار التابعين لم يسمع من أبي بكر الصديق، فسنده منقطع، ولكن له شواهد. وانظرتفسير ابن كثير 2/370.
2 فتح الباري 8/265.
أخرجه ابن جرير رقم10552 من طريق أسباط، عن السدي - نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/708 ولم ينسبه إلا إلى ابن جرير.
3 فتح الباري 8/240. ولم يعزه إلى أحد. =(1/390)
قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً} الآية: 128
[612] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً} قال: يعني البغض1.
[613] وعن علي: نزلت في المرأة تكون عند الرجل تكره مفارقته، فيصطلحان على أن يجيئها كل ثلاثة أيام أو أربعة2.
__________
= ولم أجده بهذا اللفظ، وعند ابن جرير عنه، نحوه؛ فقد أخرجه رقم10543 حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: أخبرني الحجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن كثير، أنه سمع سعيد بن جبير يقول - فذكر تفسير الآية مطولا، وفي آخره قال: "وكان الولي إذا كانت المرأة ذات جمال ومال رغب فيها ونكحها واستأثر بها، وإذا لم تكن ذات جمال ومال أنكحها ولم يَنْكِحها".
قال ابن حجر: والمروي هنا عن عائشة - يريد رواية البخاري عن عروة في الباب - أوضح في أن الآية الأولى - وهي قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} - نزلت في الغنية، وهذه الآية نزلت في المعدمة. ولفظه "عن عروة أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} فقالت: يا ابن أختي، هذه اليتيمة تكون في حجر وليّها تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وليُّها أن يتزوجها بغير أن يُقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يُعطيها غيرُه، فنُهوا عن أن يَنكحوهنّ إلا أن يُقسطوا لهن ويبلغوا لهن أعلى سنتهن في الصداق، فأُمِروا أن يَنكِحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.... قالت عائشة: وقول الله في آية أخرى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال، قالت: فنهوا أن ينكحوا عن من رغبوا في ماله وجماله في يتامى النساء إلا بالقسط، من أجل رغبتهم عنهن إذا كنّ قليلات المال والجمال".
1 فتح الباري 8/265. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6039 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
2 فتح الباري 8/266. ولم يعزه ابن حجر إلى أحد.
لم أجده بهذا اللفظ. وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور 2/711 عن علي بن أبي طالب نحوه، ولفظه "أنه سئل عن هذه الآية فقال: هو الرجل عنده امرأتان، فتكون إحداهما قد عجزت أو تكون دميمة فيريد فراقها، فتصالحه على أن يكون عندها ليلة وعند الأخرى ليالي ولا يفارقها، فما طابت به نفسها فلا بأس به، فإن رجعت سوّى بينهما. وقد نسبه السيوطي إلى الطيالسي وابن أبي شيبة وابن راهويه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي. وقد أخرج ابن جرير الأرقام 10575-10578 من طرق عن سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة، عن علي - نحو ما ذكره السيوطي.(1/391)
[614] وروى الحاكم من طريق ابن المسيب عن رافع بن خديج "أنه كانت تحته امرأة، فتزوج عليه شابة، فآثر البكر عليها، فنازعته فطلقها ثم قال لها إن شئت راجعتك وصبرت، فقالت: راجعني، فراجعها، ثم لم تصبر فطلقها، قال: فذلك الصلح الذي بلغنا أن الله أنزل فيه هذه الآية1.
[615] وروى الترمذي من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! لا تطلقني، واجعل يومي لعائشة ففعل، ونزلت هذه الآية" وقال: حسن غريب2.
__________
1 فتح الباري 8/266.
أخرجه عبد الرزاق 1/175 ومن طريقه كل من ابن جرير رقم10600 والحاكم 2/308-309 عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار، به بنحوه. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/711 وزاد نسبته إلى مالك وعبد بن حميد وابن المنذر.
2 فتح الباري 8/266.
أخرجه أبو داود الطيالسي رقم2683 والترمذي رقم3040 وابن جرير رقم10608 والطبراني في الكبير ج11/رقم11746 كلهم من طريق سماك، به نحوه. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح سننن الترمذي رقم2434. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/710 وزاد نسبته إلى ابن المنذر والبيهقي في سننه.
قلت: وقد تقدم القول بأن في رواية سماك، عن عكرمة فيها اضطرابا. ولكن للحديث شاهد في الصحيحين من حديث عائشة بدون ذكر الآية. ولفظه "قالت: لما كبرت سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لها بيوم سودة". أخرجاه من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عنها البخاري، في النكاح، باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها، وكيف يقسم ذلك، رقم 5213، ومسلم، في الرضاع، باب جواز هبة نوبتها لضرتها، رقم1463-47. وعند ابن سعد في الطبقات 8/53 من حديث الواقدي، عن ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، به نحوه، وفيه "وفي ذلك نزلت {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً} الآية.(1/392)
[616] روى أبو داود عن أحمد بن يونس1 عن عبد الرحمن ابن أبي الزناد2 عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في القسم " الحديث، وفيه "ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وخافت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! يومي لعائشة، فقبل ذلك منها، ففيها وأشباهها نزلت: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً} الآية3.
__________
1 هو أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله بن قيس الكوفي التميمي اليربوعي، وقد ينسب إلى جده، روى عن الثوري وابن عيينة وابن أبي الزناد وخلق، وعنه البخاري ومسلم وأبو داود والباقون. ثقة حافظ، مات سنة سبع وعشرين بعد المائتين، وهو ابن أربع وتسعين سنة. انظر ترجمته في: التهذيب 1/44، والتقريب 1/19.
2 عبد الرحمن بن أبي الزناد، عبد الله بن ذكوان، المدني، مولى قريش، صدوق، تغير حفظه لما قدم بغداد، وكان فقيها، مات سنة أربع وسبعين، وله أربع وسبعون سنة. انظر: التقريب 1/479-480.
3 فتح الباري 9/313.
أخرجه أبو داود رقم2135 - في النكاح، باب في القسم بين النساء - حدثنا أحمد ابن يونس، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، به. وأخرجه الحاكم 2/186 من طريق أحمد بن يونس، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وذكره الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم1868 وقال: "حسن صحيح".
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/710 ونسبه إلى ابن سعد وأبي داود والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة.(1/393)
قوله تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ}
[617] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} قال: هواه في الشيء يحرص عليه1.
قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} الآية: 129
[618] وقد أخرج البيهقي من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا} الآية، قال: في الحب والجماع2.
[619] وعن عبيدة بن عمرو السلماني 3 مثله4.
قوله تعالى: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}
[260] وصل ابن أبي حاتم بإسناد صحيح من طريق يزيد النحوي عن
__________
1 فتح الباري 8/265. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم10625 وابن أبي حاتم رقم6051 كلاهما من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/712 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
2 فتح الباري 9/313.
أخرجه البيهقي 7/298، وابن جرير رقم10636 كلاهما من طريق معاوية بن صالح، عن علي - مثله.
3 عبيدة بن عمرو السلماني المرادي أو عمرو الكوفي، تابعي كبير، أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين ولم يلقه. وروى عن علي وابن مسعود وابن الزبير. روى عنه محمد ابن سيرين وغيره. ثقة ثبت، كان شريح إذا أشكل عليه شيء سأله، والصحيح أنه مات قبل سنة سبعين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 7/78، والتقريب 1/547.
4 فتح الباري 9/313.
أخرجه ابن جرير الأرقام 10627-10630 و10632، 10633 من طرق عن محمد ابن سيرين، عن عبيدة بن عمرو السلماني، به.(1/394)
عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} : قال لا هي أيِّم1 ولا ذات زوج2.
قوله تعالى: {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} الآية:135
[621] وصل الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا} قال: تلووا ألسنتكم بشهادة أو تعرضوا عنها3.
[622] ومن طريق العوفي عن ابن عباس في قوله في هذه الآية قال: تلوي لسانك بغير الحق وهي، اللَّجاجة، فلا تقيم الشهادة على وجهها، و"الإعراض" عنها الترك4.
[623] وعن مجاهد من طرق حاصلها أنه فسّر اللي بالتحريف، والإعراض بالترك5.
__________
1 الأيم - بفتح الهمزة وتشديد التحتانية - هي التي لا زوج لها. فتح الباري 8/265.
2 فتح الباري 8/265. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6063 حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا علي بن الحسن بن شقيق، أنبأ الحسين بن واقد، أنبأ يزيد النحوي، به. وقد صحّح إسناده ابن حجر كما في الأعلى. وذكره في تغليق التعليق 4/199 برواية ابن أبي حاتم، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/713 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
3 فتح الباري 8/256 و5/262. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم10684 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/714 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
4 فتح الباري 5/263.
أخرجه ابن جرير رقم10685 من طريق عطية العوفي، عنه، به.
5 فتح الباري 5/263.
أخرجه ابن جرير الأرقام 10686-10688 من طرق عن ابن أبي نجيح، عنه - بمعناه.(1/395)
[624] وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: أن تدخل في شهادتك ما يبطلها أو تعرض عنها فلا تشهدها1.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} الآية: 137
[625] فسر ابن عباس فيما أخرجه ابن أبي حاتم وغيره عنه، بأن المراد من مات منهم على ذلك2.
قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} الآية: 145
[626] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الدرك الأسفل: النار3.
قوله تعالى: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} الآية:148
[627] روى الطبري من طريق السدي قال في قوله: {إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} أي فانتصر بمثل ما ظُلم به، فليس عليه ملام4.
__________
1 فتح الباري 8/256.
أخرجه عبد الرزاق 1/176 به سندا ومتنا.
2 فتح الباري 12/273.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6114 حدثنا أبي، ثنا أحمد بن عبدة، ثنا حفص بن جميع، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس. ولفظه "في قوله: {ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً} قال: تموا على كفرهم حتى ماتوا". وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/717 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
3 فتح الباري 8/266. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم10744 وابن أبي حاتم رقم6155 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/722 ونسبه إليهما.
4 فتح الباري 5/99. أخرجه ابن جرير رقم10762 حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، به. ولفظه "فليس عليه جناح" بدل "فليس عليه ملام".
قال ابن حجر: وفي الباب حديث أخرجه النسائي وابن ماجه بإسناد حسن من طريق التيمي عن عروة عن عائشة قالت: دخلت على زينب بنت جحش فسبتني، فردعها النبي صلى الله عليه وسلم فأبت، فقال لي: سبيها، فسببتها حتى جف ريقها في فمها، فرأيت وجهه يتهلل. فتح الباري 5/99.(1/396)
[628] وعن مجاهد {إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} فانتصر، فإن له أن يجهر بالسوء1.
[629] وعنه نزلت في رجل نزل بقوم فلم يُضَيِّفوه، فرخص له أن يقول فيهم2.
[630] وعن ابن عباس المراد بالجهر من القول الدعاء، فرخص للمظلوم أن يدعو على من ظلمه3.
قوله تعالى: {أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ} الآية: 149
[631] أخرج الطبري من طريق السدي في قوله {أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ} أي عن ظلم4.
__________
1 فتح الباري 5/99.
أخرجه ابن جرير رقم10756 حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به. وأخرجه رقم10757 من طريق شبل، عن ابن أبي نجيح، مثله.
2 فتح الباري 5/99.
أخرجه ابن جرير الأرقام 10758-10761 من طرق عن مجاهد - نحوه.
ونزولها في واقعة عين لا يمنع حملها على عمومها، كما أوضح ذلك ابن حجر. انظر: فتح الباري 5/99.
3 فتح الباري 5/99.
أخرجه ابن جرير 10749 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عنه، به.
4 فتح الباري 5/100.
لم أجده في تفسير الطبري، ولا وجدت من ذكره غير ابن حجر.(1/397)
[632] وعن الحسن: رخص له إذا سبه أحد أن يسبه1.
قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} الآية:159
[633] رواه ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس بإسناد صحيح {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} أي إلا ليؤمن بعيسى قبل موت عيسى2.
[634] ومن طريق أبي رجاء عن الحسن قال: قبل موت عيسى: والله إنه الآن لحي ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون3.
قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} الآية: 171
[635] في تفسير عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: "كلمته" كن فكان4.
__________
1 فتح الباري 5/100.
لم أجده في تفسير الطبري، ولا في غيره.
2 فتح الباري 6/492.
أخرجه ابن جرير رقم10794 حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، به. وصحّح إسناده ابن حجر كما في الأعلى. وأخرجه رقم10795 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان، به. وابن وكيع ضعيف، لكنه توبع عليه في رواية ابن بشار عن عبد الرحمن كما رأيت.
3 فتح الباري 6/492.
أخرجه ابن جرير رقم10798 حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، به.
4 فتح الباري 6/474.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/177 به سنداً ومتناً.(1/398)
قوله تعالى: {وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ} الآية: 172
[636] وقد وصل ابن أبي حاتم بإسناد صحيح من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ} قال: يستكبر1 2.
[637] وأسند الطبري عن قتادة قال: يحتشم3.
قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ... } الآية:176
[638] أخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر الصديق قال: الكلالة من لم يرثه أب ولا ابن4.
__________
1 "يستنكف": وهو استفعال من النكف، وهو الأنفة، يقال: نكفتُ من كذا واستنكفتُ منه: أنفتُ، والمراد دفع ذلك عنه، وأصله من نكفتُ الشيء نحّيته، ومنه نكفت الدمع بالإصبع إذا منعته من الجري على الخدّ. انظر: المفردات ص 596 مادة "نكف"، ومعاني القرآن للزجاج 2/136، وفتح الباري 8/237.
2 فتح الباري 8/237.
قال ابن حجر: وهو عجيب؛ فإن في الآية عطف الاستكبار على الاستنكاف فالظاهر أنه غيره، ويمكن أن يحمل على التوكيد.
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم رقم6317 حدثنا أبي، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ هشام ابن يوسف، عن ابن جريج، به. وقد صحّح ابن حجر إسناده كما في الأعلى.
3 فتح الباري 8/237.
أخرجه ابن جرير رقم10856 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة - مثله.
4 فتح الباري 8/268.
قال ابن حجر: وهو قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. هذا ولم أجده عند ابن أبي شيبة في مصنفه بهذا اللفظ، فقد أخرج 11/415، رقم1146 عن أبي معاوية، عن عاصم، عن الشعبي، قال: قال أبو بكر: رأيت في الكلالة رأيا، فإن يك صوابا فمن الله، وإن يك خطأ فمن قِبَلِي والشيطان؛ الكلالة ما عدا الولد والوالد. وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور 2/756 عن أبي بكر الصديق نحوه، ولفظه "قال: من مات ليس له ولد ولا والد فورثته كلالة، فضج منه علي ثم رجع إلى قوله" وقد نسبه السيوطي إلى عبد بن حميد فقط.(1/399)
[639] وروى عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عمرو ابن شرحبيل قال: ما رأيتهم إلا تواطئوا على ذلك1، وهذا إسناد صحيح2.
[640] وعن عطاء: الكلالة هي المال3.
[641] ولكثرة الاختلاف فيها صح عن عمر أنه قال: لم أقل في الكلالة شيئا4.
[642] وفي النسائي من طريق أبي الزبير عن جابر قال: "اشتكيت، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أوصي لأخواتي بالثلث؟ قال: "أحسن"، قلت: بالشطر، قال: "أحسن". ثم خرج ثم دخل علي فقال: "لا أراك تموت من وجعك هذا، إن الله أنزل وبين ما لأخواتك وهو الثلثان"، فكان جابر يقول: نزلت هذه الآية فيّ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} 5.
__________
1 أي أن الكلالة من لا ولد له ولا والد.
2 فتح الباري 8/268.
أخرجه عبد الرزاق 1/177 به سندا ومتنا. وقد صحح ابن حجر إسناده كما في الأعلى. وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/756 ولم ينسبه إلاّ إلى عبد الرزاق.
3 فتح الباري 8/268.
لم أقف على من ذكره غير ابن حجر.
4 فتح الباري 8/268.
5 فتح الباري 8/268 و12/4.
قال ابن حجر: وهذه قصة أخرى لجابر غير التي تقدمت في أول تفسير سورة النساء فيما يظهر لي. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/755 ونسبه إلى ابن سعد والنسائي وابن جرير والبيهقي في سننه.(1/400)
[643] وعن ابن عباس قال: لا ترث الأخت إلا إذا لم تكن بنت، لقوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} 1.
[644] أخرج البيهقي بسند صحيح عن سعد بن أبي وقاص: استفتوا عن ميراث غيرهم من الإخوة فنزلت2.
[645] وقد أخرج أبو داود في "المراسيل" من وجه آخر عن أبي إسحاق عن أبي سلمة بن عبد الرحمن "جاء رجل فقال: يا رسول الله، ما الكلالة؟ قال: من لم يترك ولدا ولا والدا فورثته كلالة"3.
[646] ووقع في صحيح مسلم عن عمر أنه خطب ثم قال "إني لا أدع بعدي شيئا أهم عندي من الكلالة، وما راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما راجعته في الكلالة، حتى طعن بإصبعه في صدري فقال: ألا يكفيك آية الصيف التي
__________
1 فتح الباري 8/268. ولم يعزه إلى أحد.
2 فتح الباري 12/4.
3 فتح الباري 12/26.
أخرجه أبو داود في "المراسيل" - 58 باب الكلالة - عن حسين بن علي الأسود، عن يحيى ابن آدم، عن عمارة بن رزيق، عن عمرو بن عبد الله بن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، بهذا. وأخرجه الحاكم 4/336 من طريق يحيى ابن عبد الحميد الحماني، ثنا يحيى بن آدم، بهذا الإسناد موصولا عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: الحماني ضعيف.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/754 ونسبه إلى عبد بن حميد وأبي داود في المراسيل والبيهقي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، ثم نسبه إلى الحاكم موصولا عن أبي سلمة عن أبي هريرة.(1/401)
في آخر سورة النساء1.
__________
1 فتح الباري 12/26.
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه رقم1617-9 - في الفرائض، باب ميراث الكلالة -، بسنده إلى معدان بن أبي طلحة قال: إن عمر بن الخطاب خطب يوم الجمعة. الحديث. وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/754 ونسبه إلى مالك ومسلم وابن جرير والبيهقي عن عمر.(1/402)
سورة المائدة
قوله تعالى: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} الآية: 3
[647] وصل ابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله: {النُّصُبِ} قال: أنصاب يذبحون عليها1.
__________
1 فتح الباري 8/277.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/204 ثنا الحسن بن محمد بن الصباح، ثنا حجاج بن محمد، أخبرني ابن جريج، وعثمان بن عطاء، عن عطاء، به مثله. وعطاء هو الخراساني ولم يسمع من ابن عباس، لذا فهو منقطع. قال ابن حجر في معرض بيان حال مَنْ نقل عنه التفسير من التابعين ومن بعدهم: "والذين اشتهر عنهم القول في ذلك - أي التفسير - من التابعين أصحاب ابن عباس، وفيهم ثقات وضعفاء، فذكر من الثقات "ومن طريق ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، ثم قال: لكن فيما يتعلق بالبقرة وآل عمران، وما عدا ذلك يكون عطاء هو الخراساني، وهو لم يسمع من ابن عباس، فيكون منقطعا، إلا إن صرح ابن جريج بأنه عطاء بن أبي رباح " انظر: مقدمة العجاب 1/208-209.
هذا ولم أجد في تفسير ابن أبي حاتم بهذا اللفظ، فقد أخرجه عند قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ} [الآية:90] بالسند نفسه بلفظ "الأنصاب حجارة كانوا يذبحون لها".
و"النُّصُب" واحد الأنصاب، وهي الحجارة التي كانوا يعبدونها"، كذا قال أبو عبيدة. وقال ابن قتيبة: هي حجارة أوصنم كانوا ينصبونها ويذبحون عندها، فينصب عليها دماء الذبائح. والأنصاب أيضا نَصْب - بفتح أوله ثم سكون - وهي الأصنام. ورجّح الطبري بأن النصب هي الأوثان من الحجارة، كان المشركون يقربون لها، وليست بأصنام. وأخرج عدة روايات تدلّ على هذا المعنى. انظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة 1/152 وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص 140-141، وجامع البيان 9/508.(1/403)
قوله تعالى: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ}
[648] وصل ابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس {بِالْأَزْلامِ} القداح يقتسمون بها في الأمور1.
[649] وروى الطبري من طريق سعيد بن جبير قال: الأزلام حصى بيض2.
[650] ومن طريق مجاهد قال: حجارة مكتوب عليها3.
__________
1 فتح الباري 8/277. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6754 حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، ثنا حجاج بن محمد، أنا ابن جريج وعثمان بن عطاء، عن عطاء، به. وذكره ابن حجر في تغليق التعليق 4/204 به سندا ومتنا. قال ابن أبي حاتم: وروي عن الحسن ومجاهد وعطاء وإبراهيم ومقاتل بن حيان نحو ذلك. وقد صحّح إسناده الشيخ بدر الدين العيني في عمدة القارئ 18/208 قائلا: ورواه أبو محمد ابن أبي حاتم بسند صحيح نحوه!.
قلت: وفي تصحيحه نظر؛ فكيف يكون صحيحا مع ما في إسناده من الانقطاع بين عطاء وابن عباس. ولعله ظن أن المراد بعطاء هو ابن أبي رباح. وانظر التعليق على ما قبله.
فائدة: قال ابن جرير: كانوا في الجاهلية يعمدون إلى ثلاثة سهام، على أحدها مكتوب "افعل" وعلى الثاني "لا تفعل" والثالث "غُفُل".
وقال الفراء: كان على الواحد "أمرني ربي" وعلى الثاني "نهاني ربي" وعلى الثالث "غُفُل"، فإذا أراد أحدهم الأمر أخرج واحداً، فإن طلع الآمر فعل، أو الناهي ترك، أو الغفل أعاد. انظر: معاني القرآن للفراء 1/301، وجامع البيان 9/510.
2 فتح الباري 8/277.
أخرجه ابن جرير رقم11059 عن ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن شريك، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، به. وزاد "كانوا يضربون بها".
قلت: وإسناده ضعيف لضعف شيخ الطبري "ابن وكيع".
3 فتح الباري 8/277.
أخرجه ابن جرير رقم11061 عن ابن وكيع، قال حدثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عنه، به. وزاد " يسمونها القداح". قلت: وإسناده ضعيف كسابقه.(1/404)
[651] وعنه كانوا يضربون بها لكل سفر وغزو وتجارة1.
قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} الآية: 3
[652] أخرج الطبري بسند فيه ابن لهيعة عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت يوم الاثنين2.
[653] وأخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس أن اليوم المذكور ليس بمعلوم3.
__________
1 فتح الباري 8/277.
قال ابن حجر: وهذا محمول على غير التي كانت في الكعبة. والذي تحصل من كلام أهل النقل أن الأزلام كانت عندهم على ثلاثة أنحاء: أحدها لكل واحد، وهي ثلاثة كما تقدم. وثانيها للأحكام، وهي التي عند الكعبة، وكان عند كل كاهن وحاكم للعرب مثل ذلك. وثالثها قداح الميسر. انظر فتح الباري 8/277.
والأثر أخرجه ابن جرير رقم11062 عن محمد بن عمرو، حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به. وأخرجه رقم11063 من طريق شبل عن ابن أبي نجيح، به مثله.
2 فتح الباري 8/281.
أخرجه ابن جرير رقم11109 حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا محمد ابن حرب، قال حدثنا ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش، عن ابن عباس - فذكره في حديث طويل. وقد ذكره ابن كثير 3/25 وقال: إنه أثر غريب، وإسناده ضعيف. ثم قال: ولعل ابن عباس أراد أنها نزلت يوم عيدين اثنين كما تقدم - يعني به ما ورد عن ابن عباس أنه قال "إنها نزلت في يوم عيدين اثنين: يوم عيد، ويوم جمعة" أخرجه الطبري برقم11098 - فاشتبه على الراوي، والله أعلم. اهـ.
3 فتح الباري 8/271.
أخرجه ابن جرير رقم11113 حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس - نحوه. وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالضعفاء.(1/405)
[654] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {مَخْمَصَةٍ} قال: مجاعة1.
[655] عند الترمذي من حديث ابن عباس" أن يهوديا سأله عن ذلك اليوم فقال: "نزلت في يوم عيدين، يوم جمعة ويوم عرفة"2.
قوله تعالى: {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ}
[656] نقل الطبري عن ابن عباس وغيره {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} معناه: غير متعمد لإثم3.
قوله تعالى: {مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} الآية: 4
[657] وأخرج سعيد بن منصور من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا أرسلت كلبك المعلم فسميت فأكل فلا تأكل، وإذا أكل قبل أن
__________
1 فتح الباري 8/269.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/200-201 من طريق معاوية بن صالح، عن علي، به.
2 فتح الباري 1/105.
أخرجه الترمذي رقم3044 - في تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة - حدثنا عبد بن حميد، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّار - فذكره. ولفظه "قال: قرأ ابن عباس {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} وعنده يهودي فقال: لو أنزلت هذه علينا لاتخذنا يومها عيداً، قال ابن عباس: فإنها نزلت في يوم عيد في يوم جمعة ويوم عرفة".
3 فتح الباري 5/357.
أخرجه ابن جرير رقم11119 حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/20 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.(1/406)
يأتي صاحبه فليس بعالم لقول الله عز وجل: {مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} وينبغي إذا فعل ذلك أن يضربه حتى يدع ذلك الخُلُق1.
قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} الآية: 5
[658] وصل البيهقي من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} قال: ذبائحهم2.
قوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} الآية: 6
[659] روى إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن" من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} قال: هو الجماع3.
[660] وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير بإسناد صحيح4.
__________
1 فتح الباري 9/610.
هكذا عزاه ابن حجر لسعيد بن منصور، مع أني لم أجده عنده في كتاب التفسير، ولعله في كتاب الصيد. والله أعلم.
والأثر أخرجه ابن جرير رقم11162 حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم، قالا: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا أبو المعلى، عن سعيد بن جبير، به.
2 فتح الباري 9/637.
أخرجه ابن جرير رقم11247، والبيهقي في سننه 9/282 كلاهما من طريق عبد الله ابن صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/24 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي في سننه.
3 فتح الباري 8/272.
أخرجه إسماعيل القاضي كما في تغليق التعليق 4/203 عن مسدد، ثنا يحيى، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد، به.
4 فتح الباري 8/272.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/202 ثنا أبو سعيد الأشج، ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} قال: هو الجماع.(1/407)
[661] وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن ابن عباس قال: هو الجماع، ولكن الله يُعِفُّ1 ويُكْنِي2.
[662] وروى عبد بن حميد من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: الملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث والغشيان والجماع كله النكاح، ولكن الله يُكْنِي3.
[663] وروى عبد الرزاق من طريق بكر بن عبد الله المزني قال: قال ابن عباس: إن الله حيي كريم يكني عما شاء، الدخول والتغشي والإفضاء والمباشرة والرفث واللمس: الجماع، إلا أن الله حيي كريم يكني بما شاء عما شاء. وإسناده صحيح4.
__________
1 وقع في الفتح "يعفو"، والتصحيح من تفسير عبد الرزاق، وهو الأليق به هنا.
2 فتح الباري 8/272.
أخرجه عبد الرزاق 1/184-185 به سندا ومتنا.
3 فتح الباري 8/272.
أخرجه إسماعيل القاضي كما في تغليق التعليق 4/203 وابن المنذر فيما ذكره العيني في عمدة القارئ 18/200 كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، به نحوه. وذكر السيوطي في الدر المنثور 3/30-31 نحوه، ونسبه إلى عبد بن حميد فقط.
4 فتح الباري 9/158 و8/272.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه في النكاح، باب {وَرَبَائِبُكُمُ} 6/277، رقم10826 عن الثوري، عن عاصم الأحول، عن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن عباس - نحوه.
وأخرجه إسماعيل القاضي كما في تغليق التعليق 4/203 حدثنا مسدد، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا عاصم الأحول، عن بكر بن عبد الله، به.(1/408)
قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً}
[664] روى الطبراني من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير1 عن عائشة قالت: لما كان من أمر عقدي ما كان، وقال أهل الإفك ما قالوا، خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أخرى، فسقطت أيضا عقدي حتى حبس الناس على التماسه، فقال لي أبو بكر: يا بنية في كل سفر تكونين عناء وبلاء على الناس؟ فأنزل الله عز وجل الرخصة في تيمم، فقال أبو بكر: إنك لمباركة، ثلاثا. وفي إسناده محمد بن حميد الرازي، وفيه مقال2.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} الآية: 11
[665] ذكر موسى بن عقبة في المغازي قال: كانت النضير قد دسوا
__________
1 عباد بن بن عبد الله بن الزبير بن العوّام، كان قاضي مكة زمن أبيه، وخليفته إذا حجّ، ثقة. أخرج له الجماعة. التقريب 1/392.
2 فتح الباري 1/435.
أخرجه الطبراني في الكبير ج 23/رقم159 حدثنا القاسم بن عباد الخطابي، ثنا محمد ابن حميد الرازي، ثنا سلمة بن الفضل وإبراهيم بن المختار، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، به نحوه. قال ابن حجر: "وفي إسناده محمد ابن حميد الرازي، وفيه مقال".
قلت: وللحديث متابعة جيدة أخرجها البخاري رقم4608 بسنده عن عائشة قالت: سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة، فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل، فثنى رأسه في حجري راقداً، فأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة وقال: حبستِ الناس في قلادة، فبي الموتُ لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مني، وقد أوجعني، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ، وحضرت الصبح، فالتُمِسَ الماءُ فلم يوجد، فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} إلى آخر الآية، فقال أسيد بن الحضير: لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر، ما أنتم إلا بركة لهم".(1/409)
إلى قريش وحضوهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلّوهم على العورة، ثم ذكر مجيء النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الرجلين وطلبه أن يعينوه في ديتهما، وهمّهم بالغدر به صلى الله عليه وسلم، قال: وفي ذلك نزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} الآية1.
قوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} الآية: 13
[666] عن قتادة في قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} قال: بنقضهم، أخرجه الطبري من طريقه2.
ق وله تعالى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} الآية: 14
[667] وقد روى ابن أبي حاتم من طريق مجاهد في قوله: {فَأَغْرَيْنَا} قال: ألقينا3.
__________
1 فتح الباري 7/332.
هذه الواقعة أخرجها ابن جرير رقم11557 من طريق محمد بن إسحاق، عن عاصم ابن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر - فذكره بنحوه. وهذا مرسل، ثم إن ابن إسحاق مدلّس ولم يصرح بالتحديث.
2 فتح الباري 8/268.
أخرجه ابن جرير رقم11584 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، به.
وكذا قال أبو عبيدة في مجاز القرآن 1/157 قال: والعرب تستعمل "ما" في كلامهم توكيدا، فإن كان الذي قبلها يجر أو يرفع أو ينصب عمل فيما بعدها.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/41 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
3 فتح الباري 8/269.
أخرجه آدم في تفسيره المسمى بتفسير مجاهد ص190 نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - مثله، وزاد في آخره "يعني بين اليهود والنصارى".(1/410)
قوله تعالى: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} الآية:21
[668] عن ابن إسحاق: كتب لكم أي وهب لكم، أخرجه الطبري1.
[669] وأخرج من طريق السدي أن معناه أمر2.
قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً} الآية: 27
[670] وذكر السدي في تفسيره عن مشايخه بأسانيده أن سبب قتل قابيل لأخيه هابيل، أن آدم كان يزوج ذكر كل بطن من ولده بأنثى الآخر، وأن أخت قابيل كانت أحسن من أخت هابيل، فأراد قابيل أن يستأثر أخته فمنعه آدم، فلما ألحّ عليه، أمرهما أن يقرّبا قربانا، فقرّب قابيل حزمة من زرع، وكان صاحب زرع، وقرّب هابيل جذعة سمينة، وكان صاحب مواشي، فنزلت نار فأكلت قربان هابيل دون قابيل، وكان ذلك سبب الشر بينهما3.
__________
1 فتح الباري 8/269.
أخرجه ابن جرير رقم11653 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد ابن إسحاق، به.
2 فتح الباري 8/269.
أخرجه ابن جرير رقم11654 حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، به.
قال الطبري: والمراد أنه قدرها لسكنى بني إسرائيل في الجملة، فلا يرد كون المخاطبين بذلك لم يسكنوها؛ لأن المراد جنسهم، بل قد سكنها بعض أولئك كيوشع وهو ممن خوطب بذلك قطعا. انظر: جامع البيان 10/169، ونقله عنه ابن حجر في الفتح 8/269.
3 فتح الباري 6/369.
أخرجه ابن جرير رقم11715 حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي فيما ذكر، عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - فذكر نحوه. والسدي ضعيف وقد تقدم. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/54 - 55 عن ابن مسعود عن ناس من الصحابة، ونسبه إلى ابن جرير فقط.(1/411)
قوله تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ} الآية: 29
[671] روى الطبري من طريق مجاهد قال: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ} أن تكون عليك خطيئتك ودمي1.
قوله تعالى: {فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} الآية: 32
[672] أخرج الطبري عن الحسن ومجاهد وقتادة "قتل الناس جميعا، وأحيا الناس جميعا" معناه تغليظ الوزر والتعظيم في قتل المؤمن، ولفظ الحسن "إن قاتل النفس الواحد يصير إلى النار كما لو قتل الناس جميعا2.
__________
1 فتح الباري 8/269.
أخرجه ابن جرير رقم11733 حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به. وزاد في آخره "تبوء بهما جميعا".
2 فتح الباري 12/192.
هكذا جمع ابن حجر قول الثلاثة وساقها بسياق واحد، ثم قال ولفظ الحسن "إن قاتل النفس الواحد يصير إلى النار كما لو قتل الناس جميعا "، مع أن هذا القول لم يخرج الطبري عن الحسن، وإنما عن مجاهد. فأخرجه الأرقام11774-11778 من طريق خصيف وغيره عنه، بهذا اللفظ.
نعم وقد أخرج - أي الطبري - عن الحسن وقتادة ما دلّ عليه اللفظ الأول، فأخرج رقم11799 من طريق عبد الرزاق، عن معمر قال: تلا قتادة {مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} قال: عظم والله أمرها، وعظم والله وِزْرها!
وأخرج رقم11801 من طريق سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سعيد ابن زيد، قال: سمعت خالداً أبا الفضل قال: سمعت الحسن تلا هذه الآية {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} إلى قوله {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} ثم قال: عظَّم والله في الوزر كما تسمعون، ورغَّب والله في الأجر كما تسمعون! إذا ظننت، يا ابن آدم أنك لو قتلت الناس جميعا، فإن لك من عملك ما تفوز به من النار!! كذبتك والله نفسك، وكذبك الشيطان".
هذا وقد اختار الطبري هذا القول ورجّحه. انظر: تفسير الطبري 10/240-241.(1/412)
[673] أخرج الطبري عن زيد بن أسلم: يجب عليه من القود بقتله المؤمن مثل ما يجب عليه لو قتل الناس جميعا؛ لأنه لا يكون عليه غير قتله واحدة فجميعهم1.
[674] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وَمَنْ أَحْيَاهَا} يعني من حرّم قتلها إلا بحق حَيِيَ الناس منه جميعا2.
قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية: 33
أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة حديث العُرَنِيِّيْن 3 وفي آخره قال: "بلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية4.
__________
1 فتح الباري 12/192.
أخرجه ابن جرير رقم11787 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} فذكر نحوه، ثم قال: كان أبي يقول ذلك.
2 فتح الباري 8/270. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم11781، وابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/201 كلاهما من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به نحوه.
3 العُرَنِيِّيْن: نسبة إلى عُرَينة، حي من قضاعة من القحطانية، وهي قبيلة من بَجِيلة. وعُرَينة وادٍ بين عرفات ومنى. الأنساب للسمعاني 4/182، ومعجم قبائل العرب لعمر رضا كحالة 2/776.
4 فتح الباري 12/109. =(1/413)
[676] ووقع مثله في حديث أبي هريرة1.
[677] وأخرج الطبري من طريق روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس في آخر قصة العُرَنِيّين قال: فذكر لنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} 2.
__________
= وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فقال بعضهم: هذه الآية ناسخة لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله في أمر العرنيين من التمثيل بهم، وسمل أعينهم، وتركهم حتى ماتوا. فممن قال هذا محمد بن سيرين. وقال آخرون: بل ذلك حكم ثابت في نظرائهم أبداً. انظر للمزيد: الناسخ والمنسوخ للنحاس 2/274-278، وتفسير الطبري 10/252-253، وتفسير القرطبي 6/98-99.
أما هذا الأثر فقد أخرجه عبد الرزاق في مصنفه باب المحاربة 10/106-107، رقم18538 عن معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك. ولفظه قال: "أن نفراً من عكل وعرينة تكلموا في الإسلام فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه أنهم كانوا أهل ضرع، ولم يكونوا أهل ريف، فاجتووا المدينة وشكوا حمّاها فأمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بذود، وأمر لهم براع، وأمرهم أن يخرجوا من المدينة فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فانطلقوا حتى إذا كانوا بناحية الحرة، كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم وساقوا الذود، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث الطلب في طلبهم، فأتي بهم، فسمل أعينهم وقطع أيديهم وأرجلهم، وتُركوا بناحية الحرة يقضموا حجارتها حتى ماتوا. قال قتادة: فبلغنا أن هذه الآية أنزلت فيهم {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية كلها".
1 فتح الباري 12/109.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 10/107، رقم18541 عن إبراهيم، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة. ولفظه قال: "قدم على النبي صلى الله عليه وسلم رجال من بني فزارة قد ماتوا هزلاً، فأمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى لقاحه، يشربوا منها حتى صحّوا، ثم غدوا على لقاحه فرسقوها، فطُلبوا فأُتِيَ بهم النبي صلى الله عليه وسلم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم. قال أبو هريرة فنزلت فيهم هذه الآية {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ، قال: فترك النبي صلى الله عليه وسلم سمل الأعين بعد". والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/67 ونسبه إلى عبد الرزاق فقط.
2 فتح الباري 12/110.
أخرجه ابن جرير رقم11808 حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا روح بن عبادة، قال: حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن أنس - فذكره قصة العرنيين. ولفظه قال: "إن رهطا من عُكل وعُرَينة أتوا النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله أنا أهل ضَرْع ولم نكن أهل ريف، وإنا استوخمنا المدينة. فأمر لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم بَذوْد وراع، وأمرهم أن يخرجوا فيها فيشربوا من ألبانها وأبوالها. فقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستاقوا الذود، وكفروا بعد إسلامهم. فأتِيَ بهم النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وتركهم في الحرّة حتى ماتوا. فذكر لنا - الحديث.(1/414)
[678] وأخرج نحوه من وجه آخر عن أنس1.
[679] وأخرج الإسماعيلي هناك من طريق مروان بن معاوية عن معاوية بن أبي العباس عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} قال: هم من عُكَل2 3.
[680] وصل ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير والحسن: المحاربة لله الكفر به4.
__________
1 فتح الباري 12/110.
أخرجه ابن جرير رقم11816، 11854 حدثنا عليّ بن سهل، قال: حدثنا الوليد ابن مسلم، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب: أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس بن مالك يسأله عن هذه الآية - فذكر نحوه. ولفظه "فكتب إليه أنس يخبره أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر العرنيين، وهم من بجيلة. قال أنس: فارتدوا عن الإسلام، وقتلوا الراعي، وساقوا الإبل، وأخافوا السبيل، وأصابوا الفرْج الحرام".
2 عُكَل: قبيلة من الرباب تُسْتحمق، يقولون لمن يستحمقمونه عُكَلِي. وهي بطن من طابخة، من العدنانية، وعكل اسم امرأة حضنت بني عو بن وائل بن عبد مناة بن أدّ ابن طابخة بن إلياس بن مضر، فغلبت عليهم وسموا باسمها. انظر: معجم البلدان 4/161، رقم8505، والأنساب 2/396، والقاموس ص 932.
3 فتح الباري 12/110.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/66-67 ونسبه إلى الحافظ عبد الغني في إيضاح الإشكال من طريق أبي قلابة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
4 فتح الباري 8/274. وعلقه البخاري في ترجمة الباب ولم ينسبه لقائل.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في عمدة القارئ 18/203 حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى ابن عبد الله بن بكير، حدثني ابن لهيعة، حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير في قوله عز وجل: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} قال: يعني بالمحاربة الكفر بعد الإسلام. وابن لهيعة ضعيف. وانظر التعليق على رقم 141.(1/415)
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} الآية: 41
[681] عند الطبري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ناشده قال "يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم ليعلمون أنك نبي مرسل ولكنهم يحسدونك "وقال في آخر الحديث "ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا ونزلت فيه: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} الآية1.
__________
1 فتح الباري 12/169.
هذا جزء من حديث طويل رواه أبو هريرة، وأخرجه الطبري رقم11921 من طريق ابن إسحاق، قال: حدثني الزهري، قال: سمعت رجلا من مزينة يحدث، عن سعيد ابن المسيب، أن أبا هريرة حدثهم - فذكر الحديث بطوله. ولفظه قال: " إن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدارس حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وقد زنى رجل منهم بعد إحصانه بامرأة من يهود قد أحصنت. فقالوا: انطلقوا بهذا الرجل وبهذه المرأة إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فاسألوه كيف الحكم فيهما، وولُّوه الحكم عليهما، فإن عمل فيهما بعملكم من التحميم، وهو الجلد بحبل من ليف مطليّ بقارٍ، ثم يُسوّد وجوههما، ثم يُحملان على حمارين وتحوّل وجوههما من قِبَل دبر الحمار، فاتبعوه، فإنما هو ملك. وإن هو حكم فيهما بالرجم فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلُبكموه. فأتوه فقالوا: يا محمد هذا الرجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت، فاحكم فيهما، فقد وليّناك الحكم فيهما، فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى أحبارهم في بيت المدارس، فقال: "يا مَعْشَرَ اليَهُودِ أخْرِجُوا إليّ أعْلَمَكُم " فأخرجوا إليه عبد الله بن صُورِيا الأعور. وقد روي بعض بني قريظة أنهم أخرجوا إليه يومئذٍ مع ابن صوريا أبا ياسر بن أخطب ووهب بن يهودا، فقالوا: هؤلاء علماؤنا فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حصل أمرهم، إلى أن قالوا لابن صوريا: هذا أعلم من بقي بالتوراة. فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان غلاما شابا من أحدثهم سناً، فألظّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة، يقول: "يا ابْنَ صُورِيا أنْشُدُك الله وأذكرك أيادِيه عِنْدَ بني إسْرائيل، هل تَعْلَمُ أنّ الله حَكَمَ فيمَنْ زَنَى بَعْدَ إحْصَانِهِ بالرّجْمِ في التّوْرَاة؟ " فقال: اللهمّ نعم! أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعلمون أنكّ نبيّ مرسل، ولكنهم يحسدونَك. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بهما فرُجما عند باب مسجده في بني عثمان بن غالب بن النجار. ثم كفر بعد ذلك ابن صُوريا، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} ". وإسناده ضعيف، ففيه راوٍ لم يسم.(1/416)
قوله تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} الآية: 42
[682] وأخرج أبو داود من طريق علي بن صالح بن حي1 عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان قريظة والنضير، وكان النضير أشرف من قريظة، فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النضير قتل به، وإذا قتل رجل من النضير رجلا من قريظة يُودى بمائة وسق من التمر، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجل من النضير رجلا من قريظة، فقالوا: ادفعوا لنا نقتله، فقالوا: بيننا وبينكم النبي صلى الله عليه وسلم، فأتوه، فنزلت {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} والقسط: النفس بالنفس، ثم نزلت: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} 2.
__________
1 علي بن صالح بن صالح بن حيّ الهمداني، أبو محمد، الكوفي، ثقة عابد، روى عن أبيه وأبي إسحاق السبيعي وسلمة بن كهيل وسماك بن حرب وغيرهم، وعنه عبيد الله بن موسى وغيره، مات سنة إحدى وخمسين ومائة، وقيل بعدها. انظر ترجمته في: التهذيب 7/292، والتقريب 2/38.
2 فتح الباري 12/210.
أخرجه أبو داود في سننه رقم4494 - في الديات، باب النفس بالنفس -، والنسائي في سننه رقم4746 - في القسامة -، وابن أبي حاتم رقم6391، والحاكم 4/366-367 كلهم من طريق عبيد الله بن موسى، عن علي بن صالح، به. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن جرير رقم11975 من طريق عبيد الله بن موسى، به مثله، دون قوله "والقسط: النفس بالنفس إلخ ". وصحّحه الشيخ الألباني في سنن أبي داود رقم3740.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/83 ونسبه إلى ابن أبي شيبة، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس.(1/417)
قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} الآية: 48
[683] أورد ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} قال: القرآن أمين على كل كتاب كان قبله1.
[684] وروى عبد بن حميد من طريق أَرْبِدة التميمي2 عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} قال: مؤتمنا عليه3.
[685] وساق البيهقي من طريق مجاهد قال: المهيمن الشاهد4.
__________
1 فتح الباري 8/269 و13/366. وعزاه إلى البيهقي أيضا.
أخرجه ابن جرير رقم12114 وابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/201-202 كلاهما من طريق معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/95 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي.
2 أَرْبِدة - بسكون الراء بعدها موحدة مكسورة - ويقال: أربد التميمي المفسر، تابعي كوفي أصله من البصرة. روى عن ابن عباس، وروى عنه أبو إسحاق السبيعي والمنهال بن عمرو. وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات. وذكره ابن أبي حاتم، وسكت عنه. وقال ابن حجر: صدوق. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 2/345، والتهذيب 1/173، والتقريب 1/50.
3 فتح الباري 8/269 و13/366. وعزاه إلى البيهقي أيضا.
أخرجه عبد بن حميد كما في عمدة القارئ 18/197 حدثنا سليمان بن دواد، عن شعبة، عن أبي إسحاق، سمعت التميمي، سمعت ابن عباس - فذكره. وأخرجه ابن جرير الأرقام 12102-12113 من طرق عن أبي إسحاق، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/95 ونسبه إلى الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات.
4 فتح الباري 13/366.
أخرجه ابن جرير رقم12106 حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، به. وفي إسناده الحسين وهو سنيد ضعيف. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/95 ونسبه إلى آدم بن أبي إياس وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي.(1/418)
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} - إلى قوله – {يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} الآية:51
[686] وروى ابن إسحاق في المغازي عن أبيه1 عن عبادة بن الوليد2 عن عبادة ابن الصامت3 قال "لما حاربت بنو قينقاع قام بأمرهم عبد الله ابن أبي، فمشى عبادة بن الصامت، وكان له من حلفهم مثل الذي لعبد الله ابن أبي، فتبرأ عبادة منهم. قال: فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} - إلى قوله – {يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} وكان عبد الله بن أبي لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يمنّ عليهم قال: يامحمد، إنهم منعوني من الأسود والأحمر، وإنّي امرؤ أخشى
__________
1 هو إسحاق بن يسار المدني المطلبي، والد محمد صاحب المغازي، ثقة. روى له أبو داود في المراسيل.
انظر ترجمته في: التهذيب 1/225، والتقريب 1/62.
2 عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري، أبو الصامت المدني، ويقال له: عبد الله. روى عن أبيه وجده وعائشة وجابر بن عبد الله وغيرهم، وعنه ابن إسحاق وغيره. ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات.
انظر ترجمته في: التهذيب 5/100، والتقريب 1/396.
3 عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي، أبو الوليد المدني، أحد النقباء، صحابي بدري مشهور، قال ابن سعد: مات بالرملة من أرض الشام سنة أربع وثلاثين في خلافة عثمان رضي الله عنهما.
انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى 7/387، أسد الغابة 3/158، رقم2791، والإصابة 3/505، رقم4515.(1/419)
الدوائر، فوهبهم له1.
[687] وعند البيهقي من طريق عياض الأشعري2 عن أبي موسى أنه استكتب نصرانيا فانتهره عمر، وقرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} الآية. فقال أبو موسى: والله ما توليته، وإنما كان يكتب، فقال: أما وجدت في أهل الإسلام من يكتب، لا تدنهم إذ أقصاهم الله، ولا تأتمنهم إذ خوّنهم الله، ولا تُعِزّهم بعد أن ذلّهم الله3.
__________
1 فتح الباري 7/332.
أخرجه ابن إسحاق سيرة ابن هشام 2/810-811 ومن طريقه ابن جرير رقم12158، والبيهقي في الدلائل 3/174-175 قال: حدثني أبي إسحاق ابن يسار، عن عُبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت - قال: لما حاربت بنو قينقاع - فذكره بنحوه، ولم يقل "عن عبادة بن الصامت".
وأخرجه ابن أبي حاتم رقم6506 بهذا الإسناد، وقال: "عن عبادة بن الوليد، عن عبادة بن الصامت".
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/98 ونسبه إلى ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن عبادة ابن الوليد، أن عبادة بن الصامت قال - فذكره.
2 عياض بن عمرو الأشعري، قال ابن حبان له صحبة، وقال البغوي: يُشك في صحبته، وجزم أبو حاتم بأن حديثه مرسل، وأنه رأى أبا عبيدة بن الجرّاح، فيكون حديثه مرسلا. قال ابن حجر: صحابي له حديث. انظر ترجمته في: أسد الغابة 4/314، رقم4158، والإصابة 4/629، رقم6154، والتقريب 2/96.
3 فتح الباري 13/184.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6510 من طريق عمرو بن أبي قيس، والبيهقي في شعب الإيمان رقم9384 من طريق أسباط، كلاهما عن سماك بن حرب، عن عياض الأشعري، به نحوه.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/100 بنحوه، وعزاه لابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان.(1/420)
قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} الآية: 67
[688] أخرج ابن أبي شيبة من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال "كنا إذا نزلنا طلبنا للنبي صلى الله عليه وسلم أعظم شجرة وأظلها، فنزل تحت شجرة، فجاء رجل، فأخذ سيفه فقال: يا محمد من يمنعك مني؟ قال: الله. فأنزل الله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} وهذا إسناد حسن1.
[689] أخرج الترمذي من طريق عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} 2.
__________
1 فتح الباري 6/98.
أخرجه ابن حبان في صحيحه فيما ذكره ابن كثير في تفسيره 3/146 من طريق مؤمل ابن إسماعيل، وابن مردويه كما في تفسير ابن كثير 3/146 من طريق آدم، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/119 ونسبه إلى ابن حبان وابن مردويه. كما ذكره السيوطي في أسباب النزول ص 94-95 ونسبه إلى ابن حبان في صحيحه. هذا ولم أهتد إليه في صحيح ابن حبان، إلا أني وجدت فيه قصة الرجل الذي سلّ السيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر بن عبد الله. انظر الإحسان 7/136-139. وحديث جابر هذا أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما. انظر: البخاري كتاب الجهاد، باب من علق سيفه بالشجر ومسلم، كتاب الفضائل، باب توكله على الله.
2 فتح الباري 13/219.
أخرجه الترمذي رقم3046 - في تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة - حدثنا عبد بن حميد، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحارث بن عبيد، عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق، به. وزاد في آخره "فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة، فقال لهم: "يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله". قال الترمذي: هذا حديث غريب، وروى بعضهم هذا الحديث عن الجريري عن عبد الله بن شقيق قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحرس، ولم يذكروا فيه عن عائشة". وحسّنه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2440. وذكره ابن كثير 3/144 برواية ابن أبي حاتم، ثم أشار إلى رواية الترمذي وابن جرير والحاكم وسعيد بن منصور له.(1/421)
[690] وأخرج الطبراني في الصغير من حديث أبي سعيد "كان العباس فيمن يحرس النبي صلى الله عليه وسلم، فلما نزلت هذه الآية ترك"1.
قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} الآية: 68
[691] وقد روى ابن أبي حاتم أن الآية نزلت في سبب خاص، فأخرج بإسناد حسن من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال "جاء مالك ابن الصيف وجماعة من الأحبار فقالوا: يا محمد، ألست تزعم أنك على ملكة إبراهيم وتؤمن بما في التوراة وتشهد أنها حق؟ قال: بلى، ولكنكم كتمتم منها ما أمرتم ببيانه، فأنا أبرأ مما أحدثتموه. قالوا: فإنا نتمسك بما في أيدينا من الهدى والحق ولا نؤمن بك ولا بما جئت به، فأنزل الله هذه الآية2.
__________
1 فتح الباري 13/219.
أخرجه الطبراني في الصغير الروض الداني 1/255، رقم418، وعنه ابن مردويه كما في تفسير ابن كثير 3/144 قال: حدثنا حمد بن محمد بن حمد أبو نصر الكاتب البغدادي، حدثنا كردوس بن محمد الواسطي، حدثنا معلى بن عبد الرحمن، عن فضيل ابن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، به. قال الطبراني: لم يروه عن فضيل إلا المعلى، ولا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد. اهـ. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/20 وقال: رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه عطية العوفي، وهو ضعيف، في إسناده "معلى بن عبد الرحمن"، متهم بالوضع. انظر: التقريب 2/265.
2 فتح الباري 8/269.
أخرجه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام 1/602-603 ومن طريقه كل من ابن جرير رقم12284 وابن أبي حاتم رقم6618 حدثني محمد أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، به بنحوه. وقد حسن ابن حجر إسناده كما في الأعلى.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/120-121 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وأبي الشيخ.(1/422)
قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا} الآية: 87
[692] في الترمذي محسنا من حديث ابن عباس "أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إذا أكلت من هذا اللحم انتشرت، وإني حرمت عليَّ اللحم فنزلت"1.
[693] وروى ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس أنها نزلت في ناس قالوا: "نترك شهوات الدنيا ونسيح في الأرض" الحديث2.
__________
1 فتح الباري 8/276.
أخرجه الترمذي رقم3054 - في التفسير، باب "ومن سورة المائدة" -، وابن جرير رقم12350، وابن أبي حاتم رقم6687 كلهم من طريق أبي عاصم النبيل، حدثنا عثمان بن سعد، حدثنا عكرمة، عن ابن عباس - نحوه. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. ورواه بعضهم عن عثمان بن سعد مرسلا، ليس فيه عن ابن عباس، ورواه خالد الحذاء عن عكرمة مرسلا. صحّحه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2441. والحديث ذكره ابن كثير 3/160 برواية ابن أبي حاتم، ثم أشار إلى تخريج الترمذي وابن جرير له. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/139 ونسبه إلى الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عدي في الكامل والطبراني وابن مردويه.
2 فتح الباري 8/276.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6689 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح كاتب الليث، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به نحوه. ولفظه "قال: نزلت هذه الآية في رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا نقطع مذاكيرنا ونترك شهوات الدنيا ونسيح في الأرض كما يفعل الرهبان. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فذكر لهم ذلك، فقالوا: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأنكح النساء، فمن أخذ بسنتي فهو مني ومن لم يأخذ بسنتي فليس مني ". وذكره ابن كثير 3/160 برواية ابن أبي حاتم.
وأخرجه ابن جرير رقم12346 من طريق علي بن أبي طلحة، به نحوه.(1/423)
[694] وعند ابن مردويه من طريق الحسن العرني 1 "كان علي في أناس ممن أرادوا أن يحرموا الشهوات، فنزلت الآية في المائدة2.
[695] أخرج يزيد بن هارون في كتاب النكاح ومن طريقه البيهقي بسند صحيح عن يوسف بن ماهك3 "أن أعرابيا أتى ابن عباس فقال: إني جعلت امرأتي حراما، قال: ليست عليك بحرام. قال: أرأيت قول الله تعالى {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائيلُ عَلَى نَفْسِهِ} الآية؟ فقال ابن عباس: إن إسرائيل كان به عرق النسا فجعل على نفسه إن شفاه الله أن لا يأكل العروق من كل شيء، وليست بحرام يعني على هذه الأمة4.
[696] أخرج الثوري في جامعه وابن المنذر من طريقه بسند صحيح عن ابن مسعود أنه جيء عنده بطعام فتنحى رجل فقال: إني حرمته أن لا آكله،
__________
1 في الفتح "العدني" - بالدال المهملة - وهو تصحيف، وهو الحسن بن الحسين العرني الكوفي، روى عن شريك والمعلى بن عرفان وكادح بن جعفر، روى عنه ابنه الحسين وأحمد بن عثمان بن حكيم الأزدي. قال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الرحمن قال: سألت أبي عنه فقال: لم يكن بصدوق عندهم، كان من رؤساء الشيعة. انظر: الجرح والتعديل 3/6.
2 فتح الباري 9/104.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/143 ونسبه إلى ابن مردويه فقط. والأثر ضعيف لما تقدم من حال الحسن العرني، فإنه متهم كما نقل عن أبي حاتم الرازي. والله أعلم.
3 يوسف بن مَاهِك بن بُهْزاد الفارسي، المكي مولى قريش، ثقة، مات سنة ست ومائة، وقيل قبل ذلك. انظر ترجمته في: التهذيب 11/370، والتقريب 2/382.
4 فتح الباري 9/372-373.
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/351 عن أبي عبد الله الحافط - وهو الحاكم - أنا أبو العباس محمد ابن يعقوب، نا الحسن بن مكرم، نا يزيد بن هارون، أنا شعبة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، به. وقد صحّح ابن حجر إسناده كما في الأعلى.(1/424)
فقال: ادن فكل وكفر عن يمينك، ثم تلا هذه الآية إلى قوله: {وَلا تَعْتَدُوا} 1.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} الآية: 90، 93
[697] وقد أخرج أحمد ومسلم في سبب نزول هذه الآية عن سعد ابن أبي وقاص قال: صنع رجل من الأنصار طعاما فدعانا فشربنا الخمر قبل أن تحرم حتى سكرنا، فتفاخرنا، إلى أن قال: فنزلت: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} {فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} - إلى قوله -: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} 2.
[698] وأخرج النسائي والبيهقي بسند صحيح عن ابن عباس أنه لما نزل تحريم الخمر في قبيلتين من الأنصار شربوا، فلما ثمل القوم عبث بعضهم ببعض، فلما أن صحوا جعل الرجل يرى في وجهه ورأسه الأثر فيقول: صنع هذا أخي فلان، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن، فيقول: والله لو كان بي رحيما ما صنع بي هذا، حتى وقعت في قلوبهم الضغائن، فأنزل الله عز وجل هذه
__________
1 فتح الباري 11/575.
أخرجه الثوري كما في تفسير ابن كثير 3/161، ومن طريقه ابن أبي حاتم رقم6691 عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: كنا عند عبد الله ابن مسعود - فذكر هـ.
وأخرجه الحاكم 2/313-314 من طريق إسحاق بن راهويه، عن جرير، عن منصور، به. وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 فتح الباري 8/278.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم1748-43، 44 - في فضائل الصحابة، باب في فضائل سعد - بسنده عن سعد - نحوه مطولا. وهو في المسند 1/181، 186. وقد ذكره ابن كثير 3/176 برواية البيهقي مختصراً، ثم أشار إلى رواية مسلم.(1/425)
الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} - إلى قوله -: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} قال: فقال ناس من المتكلفين1: هي رجس، وهي في بطن فلان وقد قتل يوم أحد، فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} - إلى -: {الْمُحْسِنِينَ} إلى آخرها2.
[699] وروى أصحاب السنن من طريق أبي ميسرة عن عمر أنه قال:
__________
1 قال ابن حجر: روى البزار من حديث جابر أن الذين قالوا ذلك كانوا من اليهود. فتح الباري 8/278.
قلت: وحديث جابر هذا أخرجه البزار في مسنده كما في تفسير ابن كثير 3/177 حدثنا أحمد بن عبدة، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، سمع جابر بن عبد الله يقول - فذكره. ولفظه "اصطبح ناس الخمر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قتلوا شهداء يوم أحد، فقالت اليهود: فقد مات بعض الذين قتلوا وهي في بطونهم، فأنزل الله {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} . قال البزار: وهذا إسناد صحيح. وقال ابن كثير بعد أن نقل قول البزار هذا "وهو كما قال، ولكن في سياقه غرابة".
وأصل هذا الحديث في البخاري رقم4618 ولكن لم يذكر فيه قول اليهود ولا ذكر نزول الآية، ولفظه "قال جابر: صبحّ ناس غذاة أحد الخمر، فقتلوا من يومهم جميعاً، وذلك قبل تحريمها".
2 فتح الباري 10/31 و8/279.
أخرجه النسائي في تفسيره رقم171 وابن جرير رقم12522 والطبراني في الكبير رقم12459 والحاكم 4/141-142 والبيهقي في سننه 8/285-286 كلهم من طريق ربيعة بن كلثوم بن جبر، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - نحوه. سكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: صحيح على شرط مسلم. ونقل السيوطي عن الحاكم تصحيحه. كما صحح ابن حجر إسناده كما في الأعلى. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/21 وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وذكره ابن كثير 3/176 برواية البيهقي ثم أشار إلى رواية النسائي. وأورده السيوطي في الدر المنثور 3/158-159 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.(1/426)
اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت الآية التي في البقرة: {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} [الآية:219] فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت التي في النساء: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [الآية:43] فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت التي في المائدة: {فَاجْتَنِبُوهُ - إلى قوله -: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} فقال عمر: انتهينا انتهينا، وصححه علي بن المديني والترمذي1.
[700] وأخرج أحمد من حديث أبي هريرة نحوه دون قصة عمر، لكن قال عند نزول آية البقرة "فقال الناس: ما حرّم علينا، فكانوا يشربون، حتى أم رجل أصحابه في المغرب فخلط في قراءته فنزلت الآية التي في النساء، فكانوا يشربون ولا يقرب الرجل الصلاة حتى يفيق، ثم نزلت آية المائدة فقالوا: يا رسول الله ناس قتلوا في سبيل الله وماتوا على فرشهم وكانوا يشربونها، فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} الآية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو حرّم عليهم لتركوه كما تركتموه" 2.
__________
1 فتح الباري 8/279.
أخرجه أحمد 1/53 وأبو داود رقم3670 والترمذي رقم3049 والنسائي رقم5555 وابن جرير رقم12512 والحاكم 2/278 كلهم من طرق عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عمر - نحوه. قال ابن حجر: صححه علي بن المديني والترمذي، وأشار إلى تصحيحهما الحافظ ابن كثير أيضا، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، كما صححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2443. هذا وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/605 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي الشيخ والضياء في المختارة وأبي يعلى والبيهقي والنحاس في الناسخ والمنسوخ.
2 فتح الباري 8/279-280. =(1/427)
[701] وفي مسند الطيالسي من حديث ابن عمر نحوه، وقال "في الآية الأولى قيل حرّمت الخمر، فقالوا: دعنا يا رسول الله ننتفع بها، وفي الثانية فقيل حرمت الخمر، فقالوا: لا إنا لا نشربها قرب الصلاة، وقال في الثالثة فقالوا: يا رسول الله حرمت الخمر1.
[702] وأخرج الطبراني وابن مردويه وصححه الحاكم من طريق
__________
= أخرجه أحمد 2/351-352 حدثنا سُرَيج يعني ابن النعمان، حدثنا أبو معشر، عن أبي وهب مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة، به. وأوله "قال: حرمت الخمر ثلاث مرات، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} إلى آخر الآية، فقال الناس: ما حرّم علينا ... الحديث. والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 5/54 وقال: رواه أحمد، وأبو وهب مولى أبي هريرة لم يجرحه أحد ولم يوثقه، وأبو نجيح ضعيف لسوء حفظه، وقد وثقه غير واحد، وسريج ثقة. قلت: و"أبو معشر" اسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي، - وليس أبو نجيح كما ذكر الهيثمي -. وللحديث شواهد تقدمت، فهو بهذه الشواهد ترتفع إلى درجة الحسن لغيره.
والحديث أورده السيوطي في الدر المنثور 3/157 ونسبه إلى أحمد فقط.
1 فتح الباري 8/280.
أخرجه الطيالسي في مسنده رقم1957 حدثنا محمد بن أبي حميد، عن أبي توبة المصري، قال: سمعت ابن عمر يقول - فذكره. ولفظه "نزلت في الخمر ثلاث آيات، فأول شيء نزل {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} الآية [البقرة:219] ، فقيل: حرمت الخمر، فقيل يا رسول الله، دعنا ننتفع بها كما قال الله عز وجل، فسكت عنهم ثم نزلت هذه الآية {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء:43] فقيل حرمت، فقالوا: لا يا رسول الله، إنا لا نشربها قرب الصلاة، فسكت عنهم، ثم نزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّمت الخمر ... الحديث.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/158-159 ونسبه إلى الطيالسي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان.(1/428)
طلحة بن مُصَرِّف1 عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزل تحريم الخمر مشى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض فقالوا: حرمت الخمر وجعلت عدلا للشرك2.
قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا} الآية: 93
[703] وصل النسائي والطحاوي من طريق يحيى بن فليح3 عن ثور4 عن عكرمة عن ابن عباس مطولا ولفظه "إن الشُّرَّاب كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأيدي والنعال والعصا حتى توفي، فكانوا في خلافة أبي بكر
__________
1 طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب اليامي، أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله الكوفي، روى عن أنس وعبد الله بن أبي أوفى وقرة بن شراحيل وخيثمة بن عبد الرحمن وسعيد ابن جبير ومجاهد وغيرهم، ثقة قارئ، فاضل، مات سنة ثلاث عشرة ومائة.
انظر ترجمته في: التهذيب 5/23، والتقريب 1/389-380.
2 فتح الباري 10/31.
قيل يشير إلى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية، فإن الأنصاب والأزلام من عمل المشركين بتزيين الشيطان، فنسب العمل إليه. قاله ابن حجر في الفتح 10/310.
والأثر أخرجه الحاكم 4/144، والطبراني في الكبير ج 12/رقم12399 كلاهما من طريق الحسن ابن عمرو الفقيمي عن طلحة بن مصرف، به. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 5/55 وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
3 يحيى بن فليح: ترجم له ابن حجر في اللسان 6/273 وقال: قال ابن حزم: مجهول، وقال مرة: ليس بالقوي. ولم يعقب عليه ابن حجر بشيء.
4 هو ثور بن زيد الديلي مولاهم المدني، روى عن أبي الزناد وعكرمة والحسن بن البصري، ثقة، مات سنة خمس وثلاثين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 2/29، والتقريب 1/120.(1/429)
أكثر منهم، فقال أبو بكر: لو فرضنا لهم حدا، فتوخى نحو ماكانوا يضربون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فجلدهم أربعين حتى توفي، ثم كان عمر فجلدهم كذلك حتى أتي برجل " فذكر قصة وأنه تأول قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} وأن ابن عباس ناظره في ذلك واحتج ببقية الآية، وهو قوله تعالى: {إِذَا مَا اتَّقَوْا} والذي يرتكب ما حرّمه الله ليس بمتق، فقال عمر: ما ترون؟ فقال عليّ، فذكره وزاد بعد قوله: "وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون جلدة، فأمر به عمر فجلده ثمانين"1.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} الآية: 95
[704] قيل السبب في نزول هذه الآية أن أبا اليَسْر قتل حمار وحش وهو محرم في عمرة الحديبية2
__________
1 فتح الباري 12/69.
أخرجه النسائي في الكبري 3/252، رقم5288، والحاكم 4/375، والبيهقي في السنن 8/320، 321 كلهم من حديث يحيى بن فليح أبي المغيرة الخزاعي، ثنا ثور ابن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس - بنحوه. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقرّه الذهبي.
قلت: وقد عرفت من ترجمة يحيى بن فليح أنه مجهول، فكيف يصحّ إسناده؟
هذا وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/161 ونسبه إلى أبي الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه.
2 الحُدَيبية: بضم الحاء وفتح الدال وياء ساكنة وباء موحدة مكسورة وياء مشددة أو هي مخففة، قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بابع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها أصحابه بيعة الرضوان، وتقع على بعد 22 كيلا غرب مكة على طريق جدة القديم، وهو خارج الحرم غير بعيدة منه، على مرأى. انظر: معجم البلدان 2/265، رقم3558، ومعجم المعالم الجغرافية ص 94.
وعمرة الحديبية هي تلك العمرة التي أحرم النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية شهر ذي القعدة سنة ست للهجرة، خرج صلى الله عليه وسلم معتمراً لا يريد حربا وساق معه الهدي، فلما سمعت به قريش خرجوا إلى ذي طوى يعاهدون الله لا يدخلها عليهم أبداً. ثم جرى هناك الصلح بينه وبين سهيل بن عمرو. وأحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من إحرامه.
انظر: سيرة ابن هشام 3/1133-1134.(1/430)
فنزلت، حكاه مقاتل في تفسيره1.
قوله تعالى: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ}
[705] أخرج الطبري بإسناد صحيح إلى عبد الله بن عبيد بن عمير2 قال: قال ابن عباس: الهدي شاة، فقيل له في ذلك، فقال: أنا أقرأ عليكم من كتاب الله ما تقودون به، ما في الظبي؟ قالوا: شاة، قال: فإن الله تعالى يقول: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} 3.
قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} الآية: 96
[706] وصل الطبري من طريق أبي بكر بن حفص 4 عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} قال: طعامه ميتته5.
__________
1 فتح الباري 4/21.
لم أقف عليه مسنداً.
2 عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي المكي، ثقة، استشهد غازيا سنة ثلاث عشرة. أخرج له مسلم والأربعة. التقريب 1/431.
3 فتح الباري 3/535.
لم أهتد إليه في تفسير الطبري.
4 اسمه عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص الزهري أبو بكر المدني، مشهور بكنيته، ثقة، أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 5/165، والتقريب 1/409.
5 فتح الباري 9/615.
أخرجه ابن جرير رقم12697 حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثني الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد، به.(1/431)
[707] وأخرج عبد الرزاق من وجه آخر عن ابن عباس وذكر صيد البحر: لا تأكل منه طافيا. في سنده الأجلج وهو لين1.
[708] وصل عبد الرزاق في التفسير عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: صيد الأنهار وقلات السيل أصيد بحر هو؟ قال: نعم، ثم تلا: {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً} [فاطر:12] 2.
قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ} الآية: 97
[709] وقد روى ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن الحسن البصري أنه تلا هذه الآية فقال: لا يزال الناس على دين ما حجوا البيت واستقبلوا القبلة3.
[710] وعن عطاء قال: {قِيَاماً لِلنَّاسِ} لو تركوه عاما لم ينظروا أن يهلكوا4.
__________
1 فتح الباري 9/615.
2 فتح الباري 9/616.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 4/453، رقم8422 - في المناسك، باب صيد الأنهار - عن ابن جريج، به.
3 فتح الباري 3/455.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6857 عن أبيه، قال: حدثنا الحجاج بن المنهال، ثنا حماد، عن حميد، عن الحسن - مثله. وقد صحّح إسناده ابن حجر كما في الأعلى. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/202 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
4 فتح الباري 3/455.
لم أقف على من أسنده، وقد عطف ابن حجر على الرواية السابقة بالواو مما يوحي أنه عزاه لابن أبي حاتم، ولكن لم أجده فيه.(1/432)
قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الآية:101
[711] روى الطبري من طريق أبي صالح عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان محمارّ وجهه حتى جلس على المنبر، فقام إليه رجل فقال: أين أبي؟ 1 قال: "في النار". فقام آخر فقال: "من أبي؟ " فقال: "حذافة". فقام عمر - فذكر كلامه وزاد فيه - وبالقرآن إماما، قال: فسكن غضبه ونزلت هذه الآية2.
[712] وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الكريم عن عكرمة قال: نزلت في الذي سأل عن أبيه3.
[713] وعن سعيد بن جبير في الذين سألوا عن البحيرة وغيرها4.
[714] وعن مقسم فيما سأل الأمم أنبياءها عن الآيات5.
__________
1 وقع في الفتح "أين أنا"، والتصحيح من تفسير الطبري وتفسير ابن كثير.
2 فتح الباري 8/281.
أخرجه ابن جرير رقم12802 حدثنا الحارث، حدثنا عبد العزيز، حدثنا قيس، عن أبي حصين، عن أبي صالح، به. وكلام عمر المشار إليه في الحديث "فقال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالقرآن إماما، إنا يا رسول الله، حديثو عهد بجاهلية وشرك، والله يعلم مَن آباؤنا" - الحديث. والحديث نقله ابن كثير 3/199 عن الطبري، وقال: إسناده جيد، كما جوّده ابن حجر. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/205-206 ونسبه إلى ابن جرير والفريابي وابن مردويه.
3 فتح الباري 8/282.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6879 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا كثير بن هشام، ثنا فرات ابن سلمان، عن عبد الكريم، به نحوه.
4 فتح الباري 8/282.
ذكره ابن أبي حاتم عقب رواية عكرمة المتقدم من غير إسناد.
5 فتح الباري 8/282. هذا أيضا ذكره عقب رواية عكرمة المتقدم من غير إسناد.(1/433)
[715] وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطية قال "نهوا أن يسألوا مثل ما سأل النصارى من المائدة فأصبحوا بها كافرين1.
[716] روى الترمذي من حديث علي قال "لما نزلت: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} قالوا: يا رسول الله في كل عام؟ فسكت، ثم قالوا: يا رسول الله في كل عام؟ فقال: "لا، ولو قلت نعم لوجبت". فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا} 2.
__________
1 فتح الباري 8/282.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم6881 من طريق عطية العوفي، عن ابن عباس - بنحوه. والعوفي ضعيف. هذا وقد نقل ابن حجر عن الماوردي ترجيحه له، ثم قال: "وكأنه من حيث المعنى، لوقوع قصة المائدة في السورة بعد ذلك، واستبعد نزولها في قصة من سأل عن أبيه أو عن الحج كل عام، قال ابن حجر: وهو إغفال منه لما في الصحيح ".
2 فتح الباري 8/282.
أخرجه الإمام أحمد 1/113 والترمذي رقم814 و3055 وابن ماجه رقم2884 والحاكم 2/293-294 كلهم من طريق منصور بن وردان الأسدي، حدثنا علي ابن عبد الأعلى، عن أبيه، عن أبي البَخْتَري، عن علي، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من حديث علي. وسكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: مخول رافضي وعبد الأعلى هو ابن عامر ضعفه أحمد.
قلت: وفيه علة أخرى وهي الانقطاع؛ فأبو البختري - واسمه سعيد بن فيروز - لم يدرك عليا، كما بين ذلك البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما. انظر: المراسيل لابن أبي حاتم رقم الترجمة 115، والجرح والتعديل 4/54، وتهذيب التهذيب 4/65، والتقريب 1/303. وقد ذكره الشيخ الألباني في ضعيف سنن الترمذي رقم134 و584 وقال: ضعيف.
والحديث ذكره ابن كثير 3/200 برواية الإمام أحمد، ثم أشار إلى رواية الترمذي وابن ماجه، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/207 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني وابن مردويه.(1/434)
[717] وقد روى أحمد من حديث أبي هريرة والطبري من حديث أبي أمامة نحو حديث علي هذا1.
[718] وكذا أخرجه من وجه ضعيف ومن آخر منقطع عن ابن عباس2.
[719] أخرج الطبري وسعيد بن منصور من طريق خُصَيف3 عن
__________
1 فتح الباري 8/282.
أما حديث أبي هريرة فأخرجه الإمام أحمد 2/508 حدثنا يزيد، أنا الربيع بن مسلم القرشي، عن محمد ابن زياد، عن أبي هريرة قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها الناس إن الله عز وجل قد فرض عليكم الحج فحجوا ... فذكر الحديث نحوه. ولكن ليس فيه ذكر لنزول الآية.
نعم أخرجه ابن جرير رقم12804 من طريق إبراهيم بن مسلم الهجري، عن أبي عياض، عن أبي هريرة - فذكر نحو حديث محمد بن زياد، وفيه "فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} حتى ختم الآية. و"إبراهيم بن مسلم الهجري" هذا ضعيف، لكنه متابع، كما يشهد له ما قبله وما بعده.
وهو حديث أبي أمامة فأخرجه ابن جرير رقم12807 حدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري، قال: حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر، حدثنا أبو مطيع معاوية ابن يحيى، عن صفوان بن عمر، حدثني سليم بن عامر، قال: سمعت أبا أمامة يقول: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فقال: "كتب عليكم الحج" - فذكر نحوه بأطول منه سياقا. وقد نقله ابن كثير في تفسيره 3/201 وقال: في إسناده ضعف.
2 فتح الباري 8/282.
أخرج ابن جرير رقم12808 من طريق عطية العوفي عن ابن عباس - بنحو حديث أبي أمامة، وفيه أن السائل رجل من بني أسد. والعوفي ضعيف.
وأخرج رقم12809 من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس - نحوه.
3 خُصيف - بالصاد المهملة مصغرا، ابن عبد الرحمن الجزري، أبو عون، روى عن عطاء وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم، صدوق، سيء الحفظ، خلط بآخره، ورمي بالإرجاء، مات سنة سبع وثلاثين ومائة. انظر ترجمته في: التهذيب 3/123-124، والتقريب 1/224.(1/435)
مجاهد عن ابن عباس: أن المراد بالأشياء البحيرة والوصيلة والسائبة والحام. قال1 فكان عكرمة يقول: إنهم كانوا يسألون عن الآيات، فنهوا عن ذلك. قال: والمراد بالآيات نحو سؤال قريش أن يجعل الصفا لهم ذهبا، وسؤال اليهود أن ينزل عليهم كتابا من السماء ونحو ذلك2.
[720] ذكر مسلم من رواية محمد بن زياد3 عن أبي هريرة "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا"، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم"، ثم قال: "ذروني ما تركتكم" الحديث4. وأخرجه الدارقطني مختصرا وزاد فيه فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
__________
1 القائل هو خصيف.
2 فتح الباري 8/282.
أخرجه سعيد بن منصور رقم839، وأخرجه ابن جرير رقم12811 كلاهما من حديث عتاب بن بشير، عن خُصيف، به نحوه، بدون الزيادة من قوله "والمراد بالآيات نحو سؤال قريش " إلى آخره.
وسنده ضعيف لما تقدم من حال خصيف كما أن رواية عتاب عنه منكرة هكذا قال الإمام أحمد. انظر: تهذيب التهذيب 7/84. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/208 وعزاه لسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.
3 محمد بن زياد القرشي الجُمَحي مولاهم، أبو الحارث المدني، نزيل البصرة، روى عن أبي هريرة وغيره، وعنه الربيع بن مسلم وغيره، ثقة ثبت، ربما دلس. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 9/149، والتقريب 2/162.
4 فتح الباري 13/260.
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه رقم1337-412 - في الحج، باب فرض الحج مرة في العمر - حدثني زهير بن حرب، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الربيع بن مسلم القرشي، عن محمد بن زياد، به. وليس فيه ذكر لنزول الآية.
وأصله في صحيح البخاري رقم7288 من رواية أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا بدون ذكر السبب، وبدون ذكر نزول الآية. ولفظه " قال صلى الله عليه وسلم: "دعوني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم".(1/436)
آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} 1.
[721] وله شاهد عن ابن عباس عند الطبري في التفسير، فيه "لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت لما استطعتم، فاتركوني ما تركتكم" الحديث وفيه "فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الآية2.
[722] وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال: لما نزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ} الآية، كنا قد اتقينا أن نسأله صلى الله عليه وسلم فأتينا أعرابيا فرشوناه بردا وقلنا: سل النبي صلى الله عليه وسلم3.
__________
1 فتح الباري 13/260.
أخرجه الدارقطني 2/181، وابن خزيمة في صحيحه رقم2508، وابن حبان الإحسان، رقم3704 كلهم من طريق الربيع بن مسلم، قال: حدثني محمد بن زياد، به. وعندهم جميعا ذكر نزول الآية.
2 فتح الباري 13/260.
أخرجه ابن جرير رقم12808 من طريق عطية العوفي، عنه، به. والعوفي ضعيف.
وأخرج رقم12809 نحوه من طريق علي بن أبي طلحة، عنه.
3 فتح الباري 13/266.
أخرجه الإمام أحمد 5/266 والطبراني في الكبير ج8/رقم7867 من طريق أبي المغيرة، عن معاوية ابن رفاعة، عن علي بن يزيد، عن القاسم مولى بني يزيد، عن أبي أمامة - بنحوه مطولا. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 1/204-205 وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير - وعند ابن ماجه طرف منه - وإسناد الطبراني أصح؛ لأن في إسناد أحمد علي بن يزيد، وهو ضعيف جداً، وهو عند الطبراني من طرق في بعضها الحجاج ابن أرطأة، وهو مدلس صدوق يكتب حديثه، وليس ممن يتعمد الكذب، والله أعلم. أهـ.(1/437)
[723] نقل ابن عبد البر عن رواية مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته "لا يسألني أحد عن شيء إلا أخبرته، ولو سألني عن أبيه"، فقام عبد الله ابن حذافة، وذكر فيه عتاب أمه له وجوابه، وذكر فيه "فقام رجل فسأل عن الحج، فذكره، وفيه فقام سعد مولى شيبة فقال: من أنا يا رسول الله؟ قال: أنت سعد بن سالم مولى شيبة، فيه فقام رجل من بني أسد فقال: أين أنا؟ قال في النار. فذكر قصة عمر قال: فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ} الآية، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال وكثرة السؤال1.
__________
1 فتح الباري 13/270.
هذا مجموع من عدة أحاديث أخرجها مسلم، وساقها ابن عبد البر - كما نقل عنه ابن حجر - بسياق واحد.
فأخرج رقم2359-134 - في الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم - من حديث أنس بن مالك، ولفظه "قال بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيء. فخطب فقال: "عرضت علي الجنة والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا"، قال: فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أشد منه، قال: غطوّا رءوسهم، ولهم حنين، قال: فقام عمر، فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، قال: فقام ذاك الرجل فقال: من أبي؟ قال: "أبوك فلان"، فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} ".
وأخرج رقم2359-137 من حديث أنس أيضا، ولفظه قال: "أن الناس سألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة فخرج ذات يوم فصعد المنبر فقال: "سلوني لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم" فلما سمع ذلك القوم أرموا ورهبوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر قال أنس فجعلت ألتفت يمينا وشمالا فإذا كل رجل لاف رأسه في ثوبه يبكي فأنشأ رجل من المسجد كان يلاحى فيدعى لغير أبيه فقال: يا نبي الله من أبي؟ قال: "أبوك حذافة" ثم أنشأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا عائذا بالله من سوء الفتن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم أر كاليوم قط في الخير والشر إني صورت لي الجنة والنار فرأيتهما دون هذا الحائط".
وأخرجه رقم2360-138 من حديث أبي موسى قال: "قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن =(1/438)
قوله تعالى:
{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ} الآية: 103
[724] روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: البحيرة من الإبل كانت الناقة إذا نتجت خمس بطون، فإن كان الخامس ذكرا كان للرجال دون النساء، وإن كانت أنثى بتكت أذنها ثم أرسلت فلم يخزوا لها وبراً ولم يشربواً لها لبناً ولم يركبوا لها ظهراً، وإن تكن ميتة فهم فيه شركاء: الرجال والنساء1.
[725] وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: السائبة كانوا يسيبون بعض إبلهم فلا تمنع حوضا أن تشرب فيه2.
[726] وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: الوصيلة الشاة كانت إذا ولدت سبعة فإن كان السابع ذكرا ذبح وأكل وإن كان أنثى تركت وإن كان ذكرا وأنثى قالوا: وصلت أخاها فترك ولم يذبح3.
__________
= أشياء كرهها فلما أكثر عليه غضب ثم قال للناس: "سلوني عم شئتم" فقال رجل: مَنْ أبي؟ قال: "أبوك حذافة"، فقام آخر فقال: من أبي يا رسول الله؟ قال: "أبوك سالم مولى شيبة" فلما رأى عمر ما في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغضب قال: يا رسول الله إنا نتوب إلى الله وفي رواية أبي كريب قال: من أبي يا رسول الله قال: "أبوك سالم مولى شيبة".
وأصله في البخاري رقم7295 من حديث أنس بن مالك مختصراً، ولفظه قال: "قال رجل يا نبي الله، من أبي؟ قال: "أبوك فلان"، ونزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ} الآية".
1 فتح الباري 8/284.
أخرجه عبد الرزاق 1/197-198 به سندا ومتنا.
2 فتح الباري 8/284.
أخرجه عبد الرزاق 1/197-198 به سندا ومتنا مع الأثر السابق في سياق واحد.
3 فتح الباري 8/284.
أخرجه عبد الرزاق 1/197-198 به سندا ومتنا مع الأثرين السابقين في سياق واحد.(1/439)
[727] أخرج ابن مردويه من طريق خالد بن حميد المهري1 عن ابن الهاد - وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي - 2 عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "رأيت عمرو ابن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار"، وكان أول من سيّب السوائب، والسائبة التي كانت تسيب فلا يحمل عليها شيء، والبحيرة التي يمنع درّها للطواغيت، فلا يحلبها أحد من الناس. والوصيلة الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل، ثم تنثي ثانيا، فكانوا يسمونها للطواغيت3.
قوله تعالى: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً} الآية: 107
[728] وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة "فإن عثر على أنهما استحقا إثما: إن اطلع منهما على خيانة"4.
__________
1 خالد بن حميد المَهْر أبو حميد الإسكندراني، ذكره ابن حبان في الثقات. قال ابن حجر: لا بأس به. مات سنة تسع وستين بعد المائة. أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وابن ماجه في التفسير. انظر ترجمته في: التهذيب 3/73، والتقريب 1/212.
2 يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، أبو عبد الله المدني، ثقة مكثر. مات سنة تسع وثلاثين ومائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: والتقريب 2/367.
3 فتح الباري 8/285.
قال ابن حجر عقبه: وأخرجه أبو عوانة وابن أبي عاصم في "الأوائل" والبيهقي والطبراني من طرق عن الليث عن ابن الهاد بالمرفوع فقط. ثم عقبه قائلا: وظهر أن في رواية خالد بن حميد إدراجا، وأن التفسير من كلام سعيد بن المسيب، والله أعلم.
والحديث أخرجه ابن مردويه في تفسيره كما في تغليق التعليق 4/408 ثنا محمد بن أحمد، ثنا أحمد بن محمد بن عصم، ثنا أبو حفص عمر بن حفص الوصابيّ، ثنا محمد بن حميد، ثنا خالد بن حميد المهري، به.
4 فتح الباري 5/410.
أخرجه ابن جرير رقم19262 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، به. وزاد في آخره "أنهما كذبا أو كتما".(1/440)
[729] وعن ابن عباس "أن الآية نزلت فيمن مات مسافرا وليس عنده أحد من المسلمين، فإن اتهما استحلفا، أخرجه الطبري بإسناد رجاله ثقات1.
قوله تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} الآية: 111
[730] وصل ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس: سمي الحواريين لبياض ثيابهم، وإنهم كانوا صيادين، وإسناده صحيح إليه2.
[731] وأخرج عن الضحاك أن الحواري هو الغسال بالنبطية، لكنهم يجعلون الحاء هاء3.
[732] وعن قتادة: الحواري هو الذي يصلح للخلافة4.
[733] وعنه: هو الوزير5.
__________
1 فتح الباري 5/412.
أخرجه ابن جرير رقم12946، 12947 حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عنه - نحوه.
2 فتح الباري 7/80.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم7006 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي عثمان النهدي عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عنه، به.
3 فتح الباري 7/80.
أخرج ابن أبي حاتم رقم7008 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثن الوليد بن القاسم، عن جويبر، عن الضحاك - نحوه. ولم يذكر فيه قوله "هو الغسال"، وإنما قال: "مرّ عيسى عليه الصلاة والسلام بقوم ضالين فدعاهم فأجابوه قال: فلذلك سمّاهم الحواريين، قال: وبالنبطية هواري، وبالعربية المجور". وفي إسناده جويبر وهو ضعيف.
4 فتح الباري 7/80.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم7009 حدثنا أبي، ثنا ابن الطباع، ثنا إسماعيل بن علية، عن روح بن القاسم، عن قتادة - نحوه. ولفظه "قال: الحواريون هم الزمق تصلح لهم الخلافة".
5 فتح الباري 7/80.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم7010 من طريق عبد الرزاق، قال: معمر، قال قتادة، به.(1/441)
[734] وعن ابن عيينة: هو الناصر، أخرجه الترمذي وغيره عنه1.
[735] وعند الزبير بن بكار من طريق مسلمة بن عبد الله بن عروة2 مثله3.
[736] وقال الزبير عن محمد بن سلام: سألت يونس بن حبيب عن الحواري: قال: الخالص4.
[737] وعن ابن الكلبي: الحواري الخليل5.
__________
1 فتح الباري 7/80.
ذكره الترمذي في جامعه 5/604 - في المناقب، باب 24 - عقب حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل نبي حواريا وإن حواريّ الزبير بن العوام".
2 مسلمة بن عبد الله بن عروة بن الزبير، روى عن زيد بن أبي عتاب، عن أبي سلمة، روى عنه محمد بن عمر. قال ابن أبي حاتم: خط عليه أبي وقال: هذا هو الواقدي. انظر: الجرح والتعديل 8/270.
3 فتح الباري 7/80.
ضعيف الإسناد، فإن مسلمة بن عبد الله بن عروة قد ضعّفه أبو حاتم كما تقدم في ترجمته.
4 فتح الباري 7/80.
5 فتح الباري 7/80.(1/442)
سورة الأنعام
قوله تعالى: {ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ} الآية:2
[738] أخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي في قوله: {ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ} أي تشكون1.
قوله تعالى: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} الآية: 9
[739] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} يقول: لشبهنا عليهم2.
قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ} الآية: 19
[740] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
__________
1 فتح الباري 8/290.
أخرجه ابن جرير رقم13071 حدثني محمد بن الحسين، قال: أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، به.
وأخرجه ابن أبي حاتم 7102 عن أحمد بن عثمان بن حكيم الأزدي ثنا أحمد ابن مفضل، به.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/249 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن السديّ.
2 فتح الباري 8/287. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم13089 وابن أبي حاتم رقم7132 كلاهما من طريق معاوية عن علي، به. وذكره ابن حجر في تغليق التعليق 4/209 برواية ابن أبي حاتم. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/251 ونسبه إليهما.(1/443)
في قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ} يعني أهل مكة، وقوله: {وَمَنْ بَلَغَ} قال: ومن بلغه هذا القرآن من الناس فهو له نذير1.
قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} الآية: 23
[741] وصل ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} قال: معذرتهم2.
[742] وقال معمر عن قتادة: {فِتْنَتُهُمْ} مقالتهم، قال3: وسمعت من يقول: معذرتهم، أخرجه عبد الرزاق4.
[743] وأخرج عبد بن حميد، عن يونس5، عن شيبان عن قتادة في
__________
1 فتح الباري 8/287. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم13125 وابن أبي حاتم رقم7161،7163 كلاهما من طريق معاوية عن علي، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/256 وزاد نسبته إلى ابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات.
2 فتح الباري 8/287.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/208-209 وعمدة القاري 18/219 عن أبيه، حدثنا إبراهيم ابن موسى، أنا هشام بن يوسف، عن ابن جريج، به. وقد سقطت هذه الرواية من تفسير ابن أبي حاتم - طبعة مكتبة الباز التجارية -. وأورده السيوطي في الدر المنثور 3/258 ونسبه إليه وإلى ابن جرير.
وأخرجه ابن جرير رقم13135 من طريق سنيد، ثني حجاج، عن ابن جريج، به بلفظ {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} قال: قولهم. وسنيد ضعيف.
3 القائل هو معمر:
4 فتح الباري 8/287.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/206 ومن طريق ابن جرير رقم13124 عن معمر، به سندا ومتنا.
5 يونس بن محمد بن مسلم البغدادي أبو محمد، الحافظ المؤدب، ثقة ثبت، مات سنة سبع ومئتين. أخرج له الجماعة.
انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 11/394 والتقريب 2/386.(1/444)
قوله: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} قال: معذرتهم1.
قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} الآية: 25
[744] وقال معمر عن قتادة في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً} قال: يسمعون بآذانهم ولا يعون منها شيئا كمثل البهيمة تسمع القول ولا تدري ما يقال لها2.
قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} الآية: 26
[745] وصل ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} قال: يتباعدون3.
__________
1 فتح الباري 8/287.
هذا إسناد صحيح. وأخرج ابن جرير عن قتادة مثله بإسناد آخر.
فأخرجه 13138 عن ابن بشار وابن المثنى كلا هما عن محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، به. وأخرجه 13139 من طريق يزيد النحوي عن سعيد ابن أبي عروبة عنه نحوه.
2 فتح الباري 8/288. ولم يعزه إلى مصدر.
وقد أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/208-209 ومن طريقه ابن جرير رقم13152 وابن أبي حاتم رقم7192 عن معمر، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/259 ونسبه إلى هؤلاء.
3 فتح الباري 8/287. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/209 عن أبيه، قال: حدثنا إبراهيم، حدثنا هشام، عن ابن جريج، به. وأخرجه ابن جرير رقم13160 من طريق علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس مثله.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/260 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق علي عنه.(1/445)
[746] وكذا قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة1.
[747] وأخرجه من وجه آخر عن ابن عباس: نزلت في أبي طالب كان ينهى المشركين عن أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتباعد عما جاء به. وصحّحه الحاكم من هذا الوجه2.
__________
1 فتح الباري 8/287.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/205، به سندا ومتنا. وأخرجه ابن جرير رقم13168 من طريق محمد بن ثور عن معمر عنه نحوه.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/261 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
2 فتح الباري 8/287.
ورد في تفسير هذه الآية قولان: هذا أحدهما - وهو من كان من المشركين ينهى أن يؤذى النبي صلى الله عليه وسلم ويتباعد عما جاء به من الحق.
والثاني: أن المراد أنهم ينهون الناس عن اتباع الحق، وتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم والانقياد للقرآن، ولا يتركون أحدا ينتفع.
وهذا القول الثاني هو الذي رجحه الطبري 11/315 وابن كثير 3/242. وهو الذي صح عن ابن عباس فيما رواه ابن جرير رقم31360 من طريق علي ابن أبي طلحة عنه.
وبه قال: محمد بن الحنفية ومجاهد وقتادة والضحاك وغير واحد. انظر تفسير ابن كثير 3/242.
وأما هذا الأثر فقد أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/206، ومن طريق البيهقي في دلائل النبوة 2/340 وابن جرير رقم13170، 13171، 13172 من حديث سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عمن سمع ابن عباس يقول - فذكره.
وأخرجه سعيد ابن منصور في سننه رقم874 عن حماد بن شعيب عن حبيب بن أبي ثابت عمن سمع ابن عباس - فذكره.
فالإسناد بهذا ضعيف لإبهام الواسطة بين حبيب وابن عباس. على أنه اختلف على حبيب بن أبي ثابت في هذا الحديث، فرواه حماد بن شعيب وسفيان الثوري وأبو محمد الأسدي ثلاثتهم عن حبيب، عمن سمع ابن عباس.
وخالفهم قيس بن الربيع فلم يذكر واسطة بين حبيب وابن عباس، وإنما قال: عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس وكذا خالفهم حمزة بن حبيب فجعل الواسطة سعيد بن جبير ولذا فالإسناد مضطرب. =(1/446)
قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ} الآية: 35
[748] وصل ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس {نَفَقاً} سربا1.
قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ} الآية: 46
[749] روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {يَصْدِفُونَ} أي يعرضون عنها2.
قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} الآية:59
[750] روى الطبري عن السدي قال: مفاتح الغيب خزائن الغيب3.
__________
= والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/260 وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه.
أما رواية حمزة بن حبيب، فأخرجها الحاكم 2/315 ومن طريق البيهقي في دلائل النبوة 2/340-341 من طريق علي بن حمشاد العدل - شيخ الحاكم - ثنا محمد بن منده الأصبهاني، ثنا بكر بن بكار، ثنا حمزة بن حبيب، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس - فذكر نحوه. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي على التصحيح دون أن يذكر على أنه على شرط الشيخين.
قلت: وقد ذهل الذهبي رحمه الله عن تعقب الحاكم، فإن بكر بن بكار ضعيف، ضعفه ابن معين وابن أبي حاتم والنسائي وغيرهم، وكذا الراوي عنه محمد بن منده ضعيف جدا. قال ابن أبي حاتم "لم يكن عندي بصدوق". انظر: الجرح والتعديل 2/382-383 و8/107 وميزان الاعتدال 1/343 رقم1274.
1 فتح الباري 8/266.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم7245 حدثنا أبي، ثنا إبراهيم بن موسى، أنا هشام بن يوسف، عن ابن جريج، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/266 ونسبه إلى الطستي فقط.
2 فتح الباري 8/290.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/206-207، به سندا ومتنا.
3 فتح الباري 8/291. أخرجه الطبري رقم13305 وابن أبي حاتم رقم7368 كلا هما من طريق أسباط عن السدي به.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/277 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.(1/447)
[751] وروى الطبري من طريق ابن مسعود قال: أعطي نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء إلاّ مفاتح الغيب1.
قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} الآية: 65
[752] ثبت في صحيح مسلم من حديث ثوبان2 رفعه: " إن الله زوى 3 لي مشارق الأرض ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها" الحديث وفيه "وإني سألت ربي أن لا يهلك أمتي بسنة
__________
1 فتح الباري 8/291 عزاه إلى الطبري.
أخرجه ابن جرير رقم13306 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن مسعر، عن عمرو ابن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن ابن مسعود، به. وذكره السيوطي في الدر 3/278 ونسبه إليه وإلى ابن مردويه وفي إسناده ابن وكيع وهو ضعيف، لكنه متابع عليه.
فقد أخرجه الإمام أحمد 1/445 عن وكيع بهذا الإسناد نحوه. فهذا إسناد حسن، وقد أورده ابن كثير 6/356 بهذا الإسناد وقال: "وهذا إسناد حسن على شرط أصحاب السنن ولم يخرجوه". وأخرجه أحمد 1/386، 438 وأبو يعلى رقم5153 من طرق عن عمر بن مرة، به نحوه. وأورده السيوطي في الدر المنثور 6/532 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن مردويه.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/266 وقال: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجالهما رجال الصحيح. كما صحح إسناده كل من الشيخ أحمد محمد شاكر والشيخ محمود شاكر انظر: مسند أحمد، رقم3659 شاكر، الحاشية وتفسير الطبري 11/402 الحاشية.
2 ثَوبان بن بُجْدُد، وقيل ابن جحدر الهاشمي، مولى النبي صلى الله عليه وسلم، صحبه ولازمه، ونزل بعده الشام، ومات بحمص سنة أربع وخمسين. انظر ترجمته في: أسد الغابة 1/480، رقم624، والإصابة 1/527، رقم969.
3 زوي لي: أي جمعها وقبضها حتى يراها جميعا. انظر النهاية 2/320.(1/448)
عامة 1 وأن لا يسلط عليهم عدوا من غير أنفسهم، وأن لا يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض، فقال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا من غيرهم يستبيح بَيْضَتهم 2 حتى يكون بعضهم يهلك بعضا" 3.
[753] وأخرج الطبري من حديث شداد4 نحوه بإسناد صحيح5.
__________
1 بسنة عامة: أي قحط يعمهم، بل إن وقع قحط فيكون في ناحية يسيرة، بالنسبة إلى باقي بلاد الإسلام.
انظر النهاية 2/413 وشرح النووي على مسلم 18/231.
2 بيضتهم: أي مجتمعهم وموضع سلطانهم، ومستقر دعوتهم أي عدوا يستأصلهم ويهلكهم جميعا.
انظر النهاية 1/172.
3 فتح الباري 8/293.
أخرجه الأمام مسلم في صحيحه رقم2889-19 بسنده عن ثوبان نحوه.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/285-286 بأطول منه سياقا. وقد ساقه بلفظ الحاكم، ونسبه إلى أحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجة والبزار وابن حبان والحاكم - وصححه - وابن مردويه.
قال النووي: وهذا الحديث فيه معجزات ظاهرة وقعت كلها بحمد الله، كما أخبر به صلى الله عليه وسلم..... وفيه إشارة إلى أن ملك هذه الأمة يكون معظم امتداده في جهتي المشرق والمغرب، وهكذا وقع، وأما في جهتي الجنوب والشمال فقليل بالنسبة إلى المشرق والمغرب شرح مسلم على النووي 18/230-231
4 شداد بن أوس بن ثابت الأنصاري، أبو يعلى، وهو ابن أخي حسان بن ثابت، صحابي، مات بالشام قبل الستين أو بعدها. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/613، رقم2393، والإصابة 3/258، رقم3866، والتقريب 1/347.
5 فتح الباري 8/293.
أخرجه ابن جرير رقم13368 حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء الرجي، عن شداد، به مرفوعا. قال ابن حجر: إسناده صحيح، وذكره ابن كثير 3/268 برواية الإمام أحمد، وقال: ليس في شيء في الكتب الستة، وإسناده جيد قوي. وذكره الهيتمي في مجمع الزوائد 7/224 وقال: رواه أحمد والبزار. ورجال أحمد رجال الصحيح.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/288-289 ونسبه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه.(1/449)
[754] روى الطبري1 من مرسل الحسن2 قال: لما نزلت: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ} الآية سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه فهبط جبريل فقال: فقال "يا محمد إنك سألت ربك أربعا فأعطاك اثنتين ومنعك اثنتين: أن يأتيهم عذاب من فوقهم أو من تحت أرجلهم فيستأصل كما استأصل الأمم الذين كذبوا أنبياءهم، ولكنه يلبسهم شيعا ويذيق بأسهم بأس بعض" وهذان عذابان لأهل الإقرار بالكتاب والتصديق بالأنبياء3.
[755] روى ابن مردويه من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دعوت الله أن يرفع عن أمتي أربعا، فرفع عنهم ثنتين وأبى أن يرفع عنهم اثنتين. دعوت الله أن يرفع عنهم الرجم من السماء والخسف من الأرض، وأن لا يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض، فرفع الله عنهم الخسف
__________
1 في النسخة الخطية من الفتح وفي طبعاته "الطبراني"، وهو خطأ، ولعله من الناسخ، والصواب كما أثبت، لما سيأتي بيان ذلك عند التخريج.
2 هو البصري.
3 فتح الباري 8/293.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/289-290 عن الحسن مرسلا بأطول منه سياقا، وعزاه إلى ابن جرير الطبري فقط.
هذا وقد أخرجه ابن جرير رقم13375 عن القاسم، قال: حدثنا الحسين، حدثني حجاج عن أبي بكر عن الحسن نحوه. وإسناده ضعيف لضعف الحسين وهو سنيد، ثم إنه مرسل، والمرسل من أنواع الضعيف.(1/450)
والرجم، وأبى أن يرفع عنهم الأخريين1.
[756] عن ابن عباس عن ابن مردويه مرفوعا "سألت ربي لأمتي أربعا فأعطاني اثنتين ومنعني اثنتين: سألته أن يرفع عنهم الرجم من السماء والغرق من الأرض فرفعهما". الحديث2.
[757] عن سعيد بن أبي وقاص عند مسلم مرفوعا: "سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يهلكهم بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها" 3.
[758] وعند الطبري من حديث جابر بن سمرة4 لكن بلفظ " أن لا
__________
1 فتح الباري 8/292.
أخرجه ابن مردويه فيما نقل عنه ابن كثير 3/269 حدثنا محمد ابن أحمد بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد ابن عاصم، حدثنا أبو الدرداء المروزي، حدثنا إسحاق بن عبد الله ابن كيسان، حدثني أبي عن عكرمة عن ابن عباس - فذكره، وفيه " الغرق " بدل "الخسف".
و"إسحاق بن عبد الله بن كيسان" ذكره ابن أبي حاتم، وسكت عنه، وذكره الذهبي وقال: لينه أبو أحمد الحاكم. انظر الجرح والتعديل 2/228 وميزان الاعتدال 1/194 ولسان الميزان 1/365. وعبد الله بن كيسان هو أبو مجاهد المروزي، قال اابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: هو ضعيف الحديث. انظر: الجرح والتعديل 5/143.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/284 ولم ينسبه إلا لابن مردويه.
2 فتح الباري 8/293.
انظر ما قبله، وفيه "الخسف" بدل "الغرق".
3 فتح الباري 8/293.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم2890-20،21 من حديث عامر بن سعد ابن أبي وقاص عن أبيه - نحوه.
وذكره ابن كثير في تفسيره 3/265-266 برواية أحمد ومسلم. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/285 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وأبي الشيخ وابن مردويه وابن خزيمة وابن حبان.
4 جابر بن سَمرة بن جُنَادة السُّوائي، صحابي ابن صحابي، نزل الكوفة ومات بها، بعد سنة سبعين. انظر ترجمته في: أسد الغابة 1/488، رقم638، والإصابة 1/542، رقم1020، والتقريب 1/122.(1/451)
يهلكوا جوعا" 1.
[759] وعند الترمذي وابن مردويه من حديث خباب2 نحوه وفيه "وأن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا" 3.
__________
1 فتح الباري 8/293.
هكذا نسبه إلى الطبري، ولم أجده عنده ولعله الطبراني، فأخرجه ج1/رقم179 - في مسند علي - حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا منجاب بن الحارث ثنا أبو حذيفة الثعلبي عن زياد بن علاقة عن جابر بن سمرة السوائي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: - فذكره. وفيه "يا رب لا تهلك أمتي جوعا ... " الحديث. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/225 وفيه أبو حذيفة الثعلبي ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
وذكره ابن كثير 3/269 برواية الطبراني هذه.
2 خبّاب بن الأرَت، أبو عبد الله، من السابقين إلى الإسلام، وكان يعذب في الله، وشهد بدراً، ثم نزل الكوفة، ومات بها سنة سبع وثلاثين. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/147، رقم1407، والإصابة 2/221، رقم2215، والتقريب 1/222.
3 فتح الباري 8/293.
أخرجه الترمذي في الفتن رقم2175 حدثنا محمد بن بشار، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال سمعت النعمان بن راشد يحدث عن الزهري، عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن خباب بن الأرت عن أبيه - فذكره نحوه. قال الترمذي هذا حديث حسن غريب صحيح.
وإسناده صحيح. وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي 1767.
وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/210 وأحمد 5/108-109 والنسائي في سننه رقم1638 وابن حبان في صحيحه رقم7236 كلهم من حديث الزهري، به. وأخرجه ابن جرير رقم13370 من حديث الزهري مرسلا. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/287-288 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.(1/452)
[760] وكذا في حديث نافع بن خالد الخزاعي1 عن أبيه2 عند الطبراني3.
[761] وعند أحمد من حديث أبي بصرة - بالباء والصاد المهملة - 4 نحوه لكن قال بدل خصلة الإهلاك "أن لا يجمعهم على ضلالة" 5.
__________
1 نافع بن خالد الخزاعي، روى عن أبيه، روى عنه أبو مالك الأشجعي سعد بن طارق، ترجم له البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. وترجم له ابن حجر في الميزان 6/145 وأخطأ فيه حيث قال: قال ابن أبي حاتم عن أبيه في ترجمة خالد هو ونافع ابنه مجهولان. اهـ. فهذا سهو منه رحمه الله؛ فإن الذي قال ذلك عنه ابن أبي حاتم خالد آخر، ترجم له ابن أبي حاتم عقب ترجمة خالد الخزاعي. هذا وقد نبّه الشيخ محمود محمد شاكر في تعليقه على تفسير الطبري على ذلك. انظر: التاريخ الكبير 4/2/85، والجرح والتعديل 3/362، وتفسير الطبري 11/424.
2 خالد الخزاعي، والد نافع، صحابي كان من أصحاب الشجرة، وحديثه في الكوفيين. انظر: الجرح والتعديل 3/362، والإصابة 2/220، رقم2214.
3 فتح الباري 8/293.
أخرجه ابن جرير رقم13367 من طريق مروان بن معاوية الفزاري، وابن مردويه كما في تفسير ابن كثير 3/268 من طريق محمد بن فضيل، كلاهما عن أبي مالك الأشجعي عن نافع بن خالد، به نحوه.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/226 وقال: رواه الطبراني بأسانيد، ورجال بعضها رجال الصحيح غير نافع بن خالد، وقد ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه أحد ورواه البزار. وذكره ابن حجر في الإصابة في ترجمة خالد الخزاعي 2/221 رقم الترجمة 2214 وقال: وهذا خبر رجال ثقات. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/288 ونسبه لابن جرير وابن مردويه.
4 هو جميل بن بَصرة الغفاري، وقيل بصرة بن أبي بصرة، صحابي سكن مصر. انظر: أسد الغابة 1/553، رقم780.
5 فتح الباري 8/293.
أخرجه الأمام أحمد 6/396 حدثنا يونس - وهو ابن محمد المؤدب - حدثنا ليث - وهو ابن سعد - عن أبي وهب الخولان رجل قد سماه عن أبي بصرة الغفاري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم - فذكره. وأخرجه الطبراني ج2/رقم2171 من حديث الليث، به. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/224-225 وقال: رواه أحمد والطبراني، وفيه راوٍ لم يسم.
وذكره ابن كثير 3/269 ورواية الإمام أحمد، وقال: لم يخرجه أحد من أصحاب كتب السنة. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/286 وزاد نسبته إلى ابن مردويه.(1/453)
[762] وكذا للطبري من مرسل الحسن1.
[763] وعند ابن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر، عن السدي قال: {يَلْبِسَكُمْ} يخلطكم الالتباس2.
[764] وللطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {شِيَعاً} قال: الأهواء المختلفة3.
[765] ووقع عند ابن مردويه من حديث أبي بن كعب قال في قوله تعالى: {عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ} قال: الرجم، {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قال: الخسف4.
[766] وقد روى أحمد والترمذي من حديث سعد بن أبي وقاص قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ} إلى آخرها
__________
1 فتح الباري 8/293.
أخرجه الطبري رقم13373 حدثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن - فذكر نحو حديث سعد بن أبي وقاص.
2 فتح الباري 8/291. وهكذا فسره البخاري في ترجمة الباب.
3 فتح الباري 8/291-292.
أخرجه ابن جرير رقم13356 وابن أبي حاتم رقم7412 كلا هما من طريق معاوية ابن صالح عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/283 ونسبه إليه وإلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
4 فتح الباري 8/292.
لم أقف على من أسنده.(1/454)
فقال: "أما أنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد" 1.
[767] روى أحمد والطبري من حديث أبي بن كعب في هذه الآية: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ} الآية قال: هن أربع، وكلهن واقع لا محالة، فمضت اثنتان بعد وفاة نبيهم بخمس وعشرين سنة ألبسوا شيعا وذاق بعضهم بأس بعض، وبقيت اثنتان واقعتان لا محالة الخسف والرجم2.
__________
1 فتح الباري 8/292.
أخرجه الإمام أحمد 1/171 والترمذي رقم3066 وابن أبي حاتم في تفسيره تفسير سورة الأنعام، رقم349 كلهم من طريق أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن راشد ابن سعد عن سعد ابن أبي وقاص، به.
وهذا إسناد ضعيف، لضعف أبي بكر بن أبي مريم ثم إنه منقطع، فإن رواية راشد بن سعد عن سعد بن أبي وقاص مرسلة كما قال أبو زرعة. انظر: التقريب 2 398 والمراسيل لابن أبي حاتم رقم84 ترجمة راشد بن سعد.
قال الترمذي كما في تفسير ابن كثير 3/265 هذا حديث غريب وفي النسخ المطبوعة في السنن حسن غريب. كما ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف سنن الترمذي رقم592.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/ 284 وزاد نسبته غلى نعيم بن حماد في الفتن وابن مردويه.
2 فتح الباري 8/292.
أخرجه الإمام أحمد 8/134-135 أخرجه ابن جرير رقم13380 كلاهم من طريق وكيع، عن أبي جعفر الرازي عن الربيع، عن أبي العالية عنه نحوه.
وهذا إسناد صحيح، فقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/24 وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات، كما صحح إسناده محقق تفسير الطبري: محمود محمد شاكر.
إلاّ أنه معلل بأن أبي بن كعب لم يدرك سنة خمس وعشرين من الوفاة النبوية، ولهذا قال: ابن حجر وغيره: فكأن حديثه انتهى عند قوله: "لا محالة"، والباقي من كلام بعض الرواة. انظر فتح الباري 8/292 وتفسير الطبري 11/433 الحاشية. والأثر ذكره ابن كثير في تفسيره 3/270 ونسبه إلى أحمد وابن أبي حاتم، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/284 وزاد نسبته لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبي الشيخ، وابن مردويه، وأبي نعيم في الحلية.(1/455)
[768] ولابن أبي حاتم من حديث أبي هريرة رفعه " سألت ربي لأمتي أربعا فأعطاني ثلاثا ومنعني واحدة: سألته أن لا يكفر أمتي حملة فأعطانيها، وسألته أن لا يُظهر عليهم عدوا من غيرهم فأعطانيها، وسألته أن لا يعذبهم بما عذب به الأمم قبلهم فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها" 1.
[769] وللطبري2 في طريق السدي مرسلا نحوه3.
[770] روى ابن أبي حاتم من طريق السدي عن شيوخه: أن المراد بالعذاب من فوق: الرجم، ومن تحت: الخسف4.
__________
1 فتح الباري 8/293.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم7415 عن أبي سعيد ابن يحيى بن سعيد القطان، عن عمرو ابن محمد العنقري حدثنا أسباط، عن السدي، عن أبي المنهال، عن أبي هريرة، به مرفوعاً. وأخرجه ابن مردويه كما في تفسير ابن كثير 3/269-270 من هذا الطريق. وإسناده ضعيف، لأنه من طريق السدي، وله شواهد تقدمت. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/289 ونسبه إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه.
2 في الفتح الطبراني، ولعله خطأ مطبعي، والمثبت هو الصواب، كما يتبين عند التخريج.
3 فتح الباري 8/292.
أخرجه ابن جرير رقم13374 حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عنه - نحوه. ولفظه "قال السدي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني سألت ربي خصالا، فأعطاني ثلاثا ومنعني واحدة: سألته أن لا تكفر أمتي صفقة واحدة، فأعطانيها، وسألته أن لا يُظهر عليهم عدوا من غيرهم، فأعطانيها. وسألته أن لا يعذبهم بما عذّب به الأمم من قبلهم، فأعطانيها. وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم، فمنعنيها". قلت: وفيه السدي وهو ضعيف، ثم إنه مرسل أيضا.
4 فتح الباري 8/292.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم7402 و7409 حدثنا أحمد بن سنان، ثنا عبد الرحمن ابن مهدي، عن سفيان، عن السدي، عن أبي مالك، به مفرقا. وهو ضعيف كسابقه.(1/456)
[771] وأخرج من طريق ابن عباس أن المراد بالفوق أئمة السوء وبالتحت خدم السوء1.
قوله تعالى: {أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ} الآية: 70
[772] روى معمر، عن قتادة في قوله تعالى: {أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ} قال: تحبس. قال قتادة وقال الحسن: أي تسلم أي إلى الهلال. أخرجه عبد الرزاق2.
[773] وصل إلى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ} يعني أن تُفْضَح3.
__________
1 فتح الباري 8/292..
أخرجه ابن جرير رقم13349 وابن أبي حاتم رقم7400، 7407 كلاهما عن يونس بن عبد الأعلى، قال: أنا ابن وهب، سمعت خلاد بن سليمان يقول: سمعت عامر بن عبد الرحمن يقول: إن ابن عباس كان يقول في هذه الآية. فذكره. وذكره ابن كثير 3/271 برواية ابن أبي حاتم.
ورجال إسناده ثقات إلاّ عامر بن عبد الرحمن. وقد ذكره البخاري وابن أبي حاتم في ترجمة خلاد، وذكرا أنه سمع منه. وقال: محقق تفسير الطبري محمد ومحمد شاكر - بعد أن نقل ما ذكراه -: ولكني لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من المراجع، وهذا عجيب، وكذا قال الهيثمي: لم أجد من ترجمه.
انظر: التاريخ الكبير 2/1/172 والجرح والتعديل 3/365 وتفسير الطبري 11/418 الحاشية ومجمع الزوائد 4/127.
2 فتح الباري 8/290.
أخرجه ابن جرير رقم13412 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة - مثله.
وأما قول الحسن فأخرجه أيضا ابن جرير 13407 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الحسن، به. ولم يذكر عنده قتاده بين الحسن ومعمر. وأخرجه ابن أبي حاتم رقم7454 من طريق عبد الرزاق، به.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/295 عن قتادة، ونسبه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
3 فتح الباري 8/287. وذكره البخاري عنه تعليقا. أخرجه ابن جرير رقم13414 وابن أبي حاتم رقم7453 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح - عن علي، به. وذكره ابن حجر في تغليق التعليق 4/209 برواية ابن أبي حاتم. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/294 ونسبه إليهما وإلى ابن المنذر.(1/457)
[774] روى عبد بن حميد من طريق مجاهد {أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ} أي تُسْلَم1.
[775] ومن طريق قتادة: تحبس2.
[776] وروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا} يعني فُضِحُوا3.
[777] روى معمر عن قتادة في قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَا} أي لو جاءت بملء الأرض ذهبا لم يقبل، أخرجه عبدا لرزاق وغيره4.
__________
1 فتح الباري 8/287.
أخرجه ابن جرير رقم13408، 1349 من طريقين عن ابن أبي نجيح عنه - مثله.
2 فتح الباري 8/287.
أخرجه ابن جرير رقم13411، 13412 من طريق محمد بن ثور وعبد الرزاق كلاهما عن معمر عنه - مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/295 مطولا، ونسبه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. وانظر رقم 767.
3 فتح الباري 8/287. وذكره البخاري عنه تعليقا ولكنه أورده من الفعل الرباعي "أفضحوا". قال ابن حجر: وهي لغة، يقال: فُضِحَ واُفْضِحَ.
والأثر أخرجه ابن جرير رقم13420، وابن أبي حاتم رقم7458 كلاهما من طريق معاوية عن علي، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/294 وعزاه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
4 فتح الباري 8/290.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/212، به سندا ومتنا. وأخرجه ابن أبي حاتم رقم7455 من طريق عبد الرزاق، به مثله.(1/458)
قوله تعالى: {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ} الآية: 71
[778] عن قتادة في قوله تعالى: {اسْتَهْوَتْهُ} أي أضلته، أخرجه عبد الرزاق1.
قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} الآية: 74
[779] حكى الطبري من طريق ضعيفة عن مجاهد أن آزر اسم الصنم2.
قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} الآية: 82
[780] عند ابن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر، عن السدي {يَلْبِسُوا} يخلطوا3.
[781] عند ابن مردويه من طريق عيسى بن يونس 4 عن الأعمش مختصرا ولفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}
__________
1 فتح الباري 8/290.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/212 عن معمر عنه مثله.
2 فتح الباري 8/499.
أخرجه ابن جرير رقم13438 من طريق الثوري، قال: أخبرني رجل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - نحوه. وأخرجه رقم13439 عن ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به.
والإسنادان ضعيفان، أما الأول ففيه راو لم يسم، وأما الثاني ففيه "ابن وكيع" شيخ الطبري ضعيف. هذا وقد وصفه ابن حجر عقب ذكره بالشذوذ.
3 فتح الباري 8/291.
لم يقع لي في تفسير ابن أبي حاتم.
4 عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، أخو إسرائيل، كوفي نزل الشام مرابطا، ثقة مأمون، مات سنة سبع وثمانين ومائة. وقيل سنة إحدى وتسعين ومائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 8/212، والتقريب 2/103.(1/459)
قال: بشرك1.
[782] ومن طريق أبي أحمد الزبيري 2 عن سفيان الثوري عن الأعمش مثله سواء3.
[783] وقد أخرجه الطبري من طريق منصور عن إبراهيم في قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} قال: لم يخلطوه بشرك، هكذا أورده موقوفا على إبراهيم4.
[784] ومن وجه آخر عن علقمة مثله5.
[785] وأخرج من طريق الأسود بن هلال6 عن أبي بكر الصديق
__________
1 فتح الباري 12/265.
هذا مرسل، وقد جاء من غير طريق عيسى بن يونس عن الأعمش، عند غير ابن مردويه موصولا. انظر ما بعده.
2 اسمه محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمرو بن درهم الأسدي، أبو أحمد الزبيري الكوفي، ثقة ثبت، إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري. مات سنة ثلاث ومائتين. أخرج له الجماعة. التقريب 2/176.
3 فتح الباري 12/265.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم7543 حدثنا عمر بن شبة النميري، ثنا أبو أحمد، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} قال: "بشرك".
4 فتح الباري 12/265.
أخرجه ابن جرير رقم13482 حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: حدثنا فضيل، عن منصور، به.
5 فتح الباري 12/265.
أخرجه ابن جرير رقم13481 حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، به.
6 الأسود بن هلال المحاربي أبو سلام الكوفي، مخضرم، له إدراك، هاجر زمن عمر، لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه، وروى عن عمر ومعاذ بن جبل وأبي هريرة وابن مسعود، ثقة جليل، مات سنة أربع وثمانين. انظر ترجمته في: التاريخ الكبير 1/1/449، والجرح والتعديل 2/292، والتهذيب 1/299، والتقريب 1/77.(1/460)
مثله موقوفا عليه1.
[786] وعن عمر أنه قرأ هذه الآية ففزع، فسأل أبي بن كعب فقال: إنما هو ولم يلبسوا إيمانهم بشرك2.
[787] ومن طريق زيد بن صُوحَان3 أنه قال لسلمان: آية قد بلغت
__________
1 فتح الباري 12/265.
أخرجه ابن جرير رقم13484 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير وابن إدريس، عن الشيباني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن الأسود بن هلال، به موقوفا. وإسناده ضعيف؛ فإن "الأسود بن هلال" لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه، فهو منقطع، وفيه أيضا "ابن وكيع" شيخ الطبري ضعيف.
وأخرجه ابن جرير رقم13485 من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن أبي بكر - مثله. وهذا أيضا مرسل؛ فإن أبا إسحاق وهو السبيعي مدلسّ، وقد ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه. انظر: التهذيب 8/56.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/308 ونسبه للفريابي، وابن أبي شيبة، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن جرير، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه.
2 فتح الباري 12/265.
أخرجه ابن جرير رقم13496 حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن فضيل، عن مطرف، عن أبي عثمان عمرو بن سالم، قال: قرأ عمر بن الخطاب هذه الآية - فذكره. وأخرجه رقم13497 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أسباط، عن محمد بن مطرف، عن ابن سالم، به.
3 زيد بن صُوحَان بن حُجُر بن الحارث العبدي. صحابي نزل الكوفة، وكان يكنى أبا عائشة فمن شدة حبه لسمان الفارسي اكتنى أبا سلمان. قال ابن سعد: كان قليل الحديث. قطعت يده يوم جلولاء، ثم قتل يوم الجمل. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/363، رقم1848، والإصابة 2/504، رقم2917، وتعجيل المفعة 1/559، رقم352.(1/461)
مني كل مبلغ، فذكرها، فقال سلمان: هو الشرك، فَسُرَّ زيد بذلك1.
[788] وأورد من طرق جماعة من الصحابة ومن التابعين مثل ذلك2.
[789] ثم أورد عن عكرمة قولا آخر أنها خاصة بمن لم يهاجر3.
[790] ومن وجه آخر عن علي أنه قال: هذه الآية لإبراهيم خاصة، ليست لهذه الأمة، وسندهما ضعيف4، ورواه الحاكم في "المستدرك"، وفيه أنه قرأ هذه الآية - فذكر نحوه5.
__________
1 فتح الباري 12/265.
أخرجه ابن جرير رقم13486 حدثنا هناد، قال: حدثنا وكيع، عن سعيد بن عبيد الطائي، عن أبي الأشعر العبدي، عن أبيه، أن زيد بن صوحان سأل سلمان - فذكره.
2 فتح الباري 12/265.
أخرج ابن جرير عن ابن مسعود وإبراهيم النخعي وعلقمة وحذيفة وابن عباس وغيرهم. انظر تفسير الطبري 11/494-502.
3 فتح الباري 12/265.
أخرجه ابن جرير رقم13512 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى بن يمان وحميد ابن عبد الرحمن، عن قيس بن الربيع، عن سماك، عن عكرمة. ولفظه " {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} قال: هي لمن هاجر إلى المدينة".
4 فتح الباري 12/265.
أخرجه ابن جرير رقم13511 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى بن يمان وحميد ابن عبد الرحمن، عن قيس بن الربيع، عن زياد بن علاقة، عن زياد بن حرملة، عن علي، به. وقد ضعّفه ابن حجر كما في الأعلى، وقال المحقق الشيخ محمود محمد شاكر: "والخبر ضعيف، لجهالة "زياد بن حرملة"، حتى يعرف من هو"؟ فلم أجد له ذكراً في شيء من الكتب".
وصوّب الطبري القول الأول وأنها على العموم لجميع المؤمنين. انظر: تفسير الطبري 11/503.
5 فتح الباري 6/395.
أخرجه الحاكم 2/316 أخبرنا أبو بكر الشافعي، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن زياد بن علاقة، عن زياد بن حرملة، قال: سمعت علي بن أبي طالب يقرأ هذه الآية - فذكره. وزاد في آخره "وليست في هذه الأمة". وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي.(1/462)
قوله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} الآية: 83
[791] وعن زيد بن أسلم في قوله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} قال: بالعلم1.
قوله تعالى:
{وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} الآية:93
[792] روى الطبري2 وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} قال: هذا عند الموت، والبسط الضرب، يضربون وجوههم وأدبارهم3.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} الآية: 94
[793] وللترمذي والحاكم من طريق عثمان بن عبد الرحمن القرظي4 "قرأت عائشة: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}
__________
1 فتح الباري 1/141. ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/310 ونسبه إلى أبي الشيخ من طريق مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم.
2 في الفتح الطبراني لعل الصواب الطبري كما أثبت.
3 فتح الباري 3/233 و 8/288 وذكر البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم13563 وابن أبي حاتم رقم7635 كلاهما من طريق معاوية عن علي، به. وعند الطبري زاد في آخره "يضربون وجوههم وأدبارهم. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/321 ونسبه إليهما وإلى ابن المنذر.
4 لم أجد ترجمته، قال الشيخ محمود محمد شاكر - في تعليقه على تفسير الطبري - ما نصه: "وأما "القرظي"، فقد بينه الحاكم في المستدرك في إسناده وأنه "عثمان بن عبد الرحمن القرظي"، ولكنه مع هذا البيان، لم يزل مجهولا؛ فإني لم أجد له ترجمة ولا ذكراً في شيء من الكتب". اهـ. انظر: تفسير الطبري 11/545 الحاشية.(1/463)
فقالت: واسوأتاه، الرجال والنساء يحشرون جميعا ينظر بعضهم إلى سوأة بعض؟ فقال: "لكل امرئ"، الآية وزاد: لا ينظر الرجال إلى النساء ولا النساء إلى الرجال، شغل بعضهم عن بعض"1.
قوله تعالى: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ} الآية: 96
[794] وصل الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ} يعني بالإصباح ضوء الشمس بالنهار، وضوء القمر
__________
1 فتح الباري 11/387.
هكذا عزاه ابن حجر إلى الترمذي والحاكم، ولم أجده عند الترمذي، ولعل هذه النسبة سبق منه رحمه الله؛ إذ أن الراوي عن عائشة "عثمان بن عبد الرحمن القرظي"، ليس من رجال الكتب الستة، ولم يترجم له في التهذيب أيضا. بل قال الشيخ محمود محمد شاكر - كما سبق قريبا -: لم أجد له ترجمة ولا ذكرا في شيء من الكتب.
هذا وقد أخرجه ابن أبي حاتم رقم7639، والحاكم 4/565 كلاهما من طريق عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن سعيد بن أبي هلال حدثه، أنه سمع عثمان بن عبد الرحمن القرظي - فذكره. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وعلق عليه الذهبي فقال: "صحيح، فيه انقطاع".
قال الشيخ محمود محمد شاكر: وانقطاع هذا الإسناد هو فيما أرجح، أن "عثمان بن عبد الرحمن القرظي" لم يسمع من عائشة. انظر: تفسير الطبري 11/545 الحاشية.
وأخرجه ابن جرير رقم13570 بهذا الإسناد، لكن قال: "أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، قال أخبرني عمرو " فذكره. وعلق عليه المحقق قائلا: "عندي أنه زيادة من الناسخ، لأن عبد الله بن وهب يروي مباشرة عن "عمرو بن الحارث"، كما يروي عن "عبد الرحمن بن زيد بن أسلم "، ولما كثر إسناد أبي جعفر "حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال قال ابن زيد"، أسرع قلم الناسخ بإثبات " ابن زيد" مقحما في هذا الإسناد، كما دلّ عليه إسناد الحاكم ". اهـ.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/323 ونسبه إلى ابن أبي حاتم والحاكم.(1/464)
بالليل1.
[795] وأخرج الطبري عن مجاهد في قوله: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ} قال: إضاءة الصبح2.
[796] وقد أخرج الطبري من طريق الضحاك: الإصباح خالق النور، نور النهار3.
قوله تعالى: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً}
[797] روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً} قال: يدوران في حساب.4
قوله تعالى: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} الآية: 98
[798] قال معمر عن قتادة في قوله: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} قال:
__________
1 فتح الباري 12/361.
أخرجه ابن جرير رقم13599 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/325 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 12/361.
أخرجه ابن جرير رقم13601 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، قال: حدثنا عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن القاسم بن أبي برة، عن مجاهد، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/325 بلفظ "إضاءة الفجر"، ونسبه إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
3 فتح الباري 12/361.
أخرجه ابن جرير رقم13603 قال: حُدِّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول - فذكره.
4 فتح الباري 8/289
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/214 ومن طريق ابن أبي حاتم رقم7678، به سندا ومتنا.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/326 ونسبه إليه وإلى عبد بن حميد وابن المنذر.(1/465)
مستقر في الرحم ومستودع في الصلب، أخرجه عبد الرزاق1.
[799] وأخرج سعيد بن منصور من حديث ابن عباس مثله بإسناد صحيح، وصححه الحاكم2.
[800] أخرج عبد بن حميد من حديث محمد بن الحنفية 3: مستقر في صلب الأب ومستودع في رحم الأم4.
[801] وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال: مستقرها في الدنيا ومستودعها في الآخرة5.
__________
1 فتح الباري 8/289.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/214 به سندا ومتنا.
2 فتح الباري 8/289
أخرجه سعيد بن منصور في سننه رقم892 عن هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه. ولفظه "قال: المستودع ما في الصلب، والمستقر ما في الرحم، مما هو حي ومما قد مات. وهشيم مدلس، وقد عنعن، لكنه صرح بالسماع - في روايتي ابن جرير والحاكم الآتيتين فأخرجه ابن جرير رقم13621 من طريق عمرو بن عون، كلاهما عن هشيم قال: أخبرنا أبو بشر، به. وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وقد صحح إسناده ابن حجر كما في الأعلى.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/331-332 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
3 هو محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو القاسم بن الحنفية، المدني، ثقة عالم، مات بعد الثمانين. التقريب 2/192.
4 فتح الباري 8/289. وهكذا فسره البخاري.
لم أقف على إسناده، والصواب - والله أعلم - أن معنى الآية "مستقر في الرحم ومستودع في الصلب" كما فسر قتادة وابن عباس.
5 فتح الباري 8/289.
أخرجه عبد الرزاق 2/215 عن ابن عيينة عن إسماعيل ابن أبي خالد عن إبراهيم قال: قال ابن مسعود - فذكره. وأخرجه ابن أبي حاتم رقم7684، 7695 من طريق عبد الرزاق، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/332 ونسبه إلى عبد الرزاق وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.(1/466)
[802] وللطبراني من حديثه: المستقر الرحم والمستودع الأرض1.
قوله تعالى: {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً} الآية: 111
[803] روى ابن جرير عن مجاهد قال: {قُبُلاً} أي أفواجًا2.
__________
1 فتح الباري 8/289.
أخرجه الطبراني في الكبير ج9/رقم9016 حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن يوسف الفريابي ثنا قيس ابن الربيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن إبراهيم عنه مثله، مع زيادة في آخره "التي يموت فيها ".
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/24 وقال رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد ابن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف.
وله طريق أخرى صحيحة أخرجها سعيد بن منصور رقم895 ومن طريق الطبراني ج9/رقم9017 ثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن إبراهيم قال: قال عبد الله، ولفظه: "مستودعها في الدنيا ومستقرها في الرحم "
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/24 وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن إبراهيم لم يدرك ابن مسعود.
وإبراهيم هو النخعي، ثقة، إلا أنه يرسل كثيرا ولم يلق أحدا من الصحابة، إلا عائشة، ولم يسمع منها شيئا، وأدرك أنسا ولم يسمع منه،. رواه ابن أبي حاتم عن أبيه. ونقل ابن حجر في التهذيب عن العلائي قوله " هو مكثر في الإرسال، وجماعة في الأئمة صححوا مراسيله، وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود "
انظر: المراسيل لابن أبي حاتم رقم الترجمة 1 وتهذيب التهذيب 1/155-156 والتقريب 1/46.
وعلى هذا مراسيل النخعي عن ابن مسعود صحيحة على أنه قد وصله كما قال البيهقي وغيره.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/332 ونسبه إلى الفريابي وسعيد ابن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والطبراني عن ابن مسعود، ولفظه "المستودع المكان الذي تموت فيه" بدل "والمستودع الأرض".وهو بمعناه وإن اختلف اللفظ.
2 فتح الباري 8/296
قال ابن جرير: أي حشرنا عليهم كل شيء قبيلة صنفا صنفا وجماعة جماعة، فيكون القبل جمع قبيل الذي هو جمع قبيلة، فيكون القبل جمع الجمع. جامع البيان 12/48-49. والأثر أخرجه ابن جرير رقم13760 عن القاسم، حدثنا الحسين، قال: حدثني الحجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد - فذكره. وإسناده ضعيف، لأن فيه إرسال ابن جريج، و"الحسين" - وهو سنيد - ضعيف.(1/467)
[804] وقد روى ابن أبي حاتم وابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه عن ابن عباس في قوله: {كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً} أي: معاينة1.
قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} الآية:121
[805] أخرج أبو داود وابن ماجه والطبري بسند صحيح عن ابن عباس في قوله: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} قال "كانوا يقولون: ما ذكر عليه اسم الله فلا تأكلوه، وما لم يذكر عليه اسم الله فكلوه، قال الله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} " 2.
[806] وأخرج أبو داود والطبري أيضا من وجه آخر عن ابن عباس
__________
1 فتح الباري 8/296.
أخرجه ابن جرير رقم13757 وابن أبي حاتم رقم7783 كلاهما من طريق معاوية عن علي، به.
2 فتح الباري 9/624.
أخرجه أبو داود رقم2818 - في الأضاحي، باب في ذبائح أهل الكتاب -، وابن ماجه رقم3173 - في الذبائح، باب التسمية عند الذبح -، وابن جرير رقم13822 كلهم من طريق إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/348 بنحوه، ونسبه إلى الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبي داود وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وأبي الشيخ وابن مردويه والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس.
وصححه ابن حجر كما في الأعلى، كما صححه الشيخ الألباني في صحيح سنن ابن ماجه رقم2444.(1/468)
قال "جاءت اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: نأكل مما قتلنا ولا نأكل مما قتله الله؟ فنزلت: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} إلى آخر الآية1.
[807] وأخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس نحوه وساق إلى قوله: {لَمُشْرِكُونَ} إن أطعتموهم فيما نهيتكم عنه2.
[808] ومن طريق معمر عن قتادة في هذه الآية {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ
__________
1 فتح الباري 9/624.
أخرجه أبو داود رقم2819، وابن جرير رقم13825 كلاهما من طريق عمران ابن عيينة، عن عطاء ابن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/346-347 وعزاه لأبي داود والترمذي - وحسنه - والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس.
وقد ذكره ابن كثير في تفسيره 3/320-321 وقال: وهذا الحديث فيه نظر من وجوه ثلاثة: أحدها: أن اليهود لا يرون إباحة الميتة حتى يجادلوا. الثاني: أن الآية من الأنعام، وهي مكية. الثالث: أن هذا الحديث رواه الترمذي عن محمد بن موسى الحرشي، عن زياد بن عبد الله البكائي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. ورواه الترمذي بلفظ "أتى ناس النبي صلى الله عليه وسلم ... " فذكره وقال: حسن غريب. ورُوي عن سعيد بن جبير مرسلا.
والحديث صححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم2445.
2 فتح الباري 9/624.
أخرجه ابن جرير رقم13815 حدثنا المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. ولفظه "قوله {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ} قال: قالوا: يا محمد، أمّا ما قتلتم وذبحتم فتأكلونه، وأمّا ما قتل ربُّكم فتحرِّمونه! فأنزل الله {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} ، وإن أطعتموهم في أكل ما نهيتكم عنه، إنكم إذاً لمشركون". وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور 3/349 ونسبه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عباس.(1/469)
إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} قال جادلهم المشركون في الذبيحة فذكر نحوه1.
[809] ومن طريق أسباط عن السدي نحوه2.
[810] ومن طريق ابن جريج قلت: لعطاء: ما قوله: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} ؟ قال: يأمركم بذكر اسمه على الطعام والشراب والذبح، قلت: فما قوله: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} ؟ قال: ينهى عن ذبائح كانت في الجاهلية على الأوثان3.
قوله تعالى: {قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ} الآية: 128
[811] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {اسْتَكْثَرْتُمْ} أضللتم كثيرًا4.
__________
1 فتح الباري 9/624.
أخرجه ابن جرير رقم13819 حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، به. فذكره نحوه رواية ابن عباس.
2 فتح الباري 9/624.
أخرجه ابن جرير رقم13821 حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي. ولفظه: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} ، إن المشركين قالوا للمسلمين: كيف تزعمون أنكم تتبعون مرضاة الله، وما ذبح الله فلا تأكلونه، وما ذبحتم أنتم أكلتموه؟ فقال الله: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ} فأكلتم الميتتة {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} ".
3 فتح الباري 9/624.
أخرجه ابن جرير رقم13826 حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا: حدثنا أبو عاصم، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قلت لعطاء - فذكره بمثله. وزاد في آخره "كانت تذبحها العرب وقريش".
4 فتح الباري 8/288. وذكره البخاري عنه تعليقا. أخرجه ابن جرير رقم13885 وابن أبي حاتم رقم7890 كلاهما من طريق معاوية عن علي، به. ولفظهما "أضللتم منهم كثيرا". وذكره ابن حجر في تغليق التعليق 4/210 برواية ابن أبي حاتم.
كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/357 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وأبي الشيخ.(1/470)
قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيباً} الآية: 136
[812] وصل إلى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيباً} الآية قال: جعلوا لله من ثمراتهم وما لهم نصيبا، وللشيطان والأوثان نصيبا، فإن سقط من ثمرة ما جعلوا لله في نصيب الشيطان تركوه، وإن سقط مما جعلوا للشيطان في نصيب الله لقطوه1.
[813] روى عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: كانوا يسمون لله جزءا من الحرث ولشركائهم جزءا، فما ذهبت به الريح مما سموا لله إلى جزء أوثانهم تركوه وقالوا: الله غني عن هذا، وما ذهبت به الريح من جزء أوثانهم إلى جزء الله أخذوه2.
__________
1 فتح الباري 8/288. وذكره البخاري عنه تعليقا مختصرا.
أخرجه ابن جرير رقم13900 وابن أبي حاتم رقم7911 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح عن علي، به. وذكره ابن حجر في تغليق التعليق4/210 برواية ابن أبي حاتم. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/362 ونسبه إليهما وإلى ابن المنذر والبيهقي في سننه.
2 فتح الباري 8/288.
أخرجه ابن جرير رقم13902، 13903 من طريق عيسى وشبل كلاهما عن ابن أبي نجيح عنه - نحوه. وأخرجه ابن أبي حاتم رقم7914 من طريق ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به. وزادا في آخره "والأنعام التي سموا لله البحيرة والسائبة". وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/363 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.(1/471)
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ} الآية: 141
[814] وصل ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء1 عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ} قال: ما يعرش من الكَرْم، {وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ} : مالا يعرش2.
قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}
[815] قال ابن عباس {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} : هي الواجبة3.
[816] أخرجه ابن جرير عن أنس4.
[817] وقال ابن عمر: هو شيء سوى الزكاة، أخرجه ابن مردويه5.
__________
1 هو الخراساني.
2 فتح الباري 8/287. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم13958 من طريق الحسين - وهو سنيد - قال: حدثني حجاج عن ابن جريج، به. وزاد في آخره "من الكرم". وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/367 ونسبه إلى أبي الشيخ فقط. في وإسناده سنيد ضعيف، فإن عطاء الخراساني لم يسمع من ابن عباس، ففيه انقطاع.
3 فتح الباري 3/351.
أخرجه ابن جرير رقم13971 من طريق علي بن أبي طلحة عنه - نحوه. ولفظه "قال: يعني بحقه: زكاته المفروضة يوم يكال أو يُعلم كيله".
4 فتح الباري 3/351.
أخرجه ابن جرير رقم13963 حدثنا عمرو، قال: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا يزيد بن درهم، قال: سمعت أنس بن مالك يقول - فذكره. ولفظه "الزكاة المفروضة".
5 فتح الباري 3/351. ذكره ابن كثير في تفسيره 3/342 تعليقا عن الأشعث عن محمد ابن سيرين ونافع عن ابن عمر. ولفظه قال: "في قوله {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} قال: كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة". ثم قال ابن كثير: رواه ابن مردويه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/185 حدثنا عبد الرحيم، عن أشعث، به نحوه. ولفظه "من حضرك يومئذ أن تعطيه القبضات وليس بزكاة ". وأخرجه النحاس في الناسخ والمنسوخ 2/327، رقم477، والطبري رقم14001 كلاهما من طريق أشعث، به نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/368 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر والنحاس وأبي الشيخ والطبراني وابن مردويه والبيهقي.(1/472)
[818] وبه قال عطاء وغيره1.
قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً} الآية: 142
[819] وصل ابن أبي حاتم أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {حَمُولَةً وَفَرْشاً} : فأما "الحمولة" فالإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه2.
[820] قال معمر عن قتادة عن الحسن " الحمولة" ما حمل عليه منها، و"الفرش" حواشيها يعني صغارها. قال: قتادة وكان غير الحسن يقول 3: "الحمولة" الإبل والبقر و"الفرش" الغنم. أخرجه عبد الرزاق4.
[821] عن ابن مسعود: "الحمولة" ما حمل من الإبل. والفرش الصغار، أخرجه الطبري والحاكم وصححه5.
__________
1 فتح الباري 3/351.
أخرجه ابن جرير رقم13989 من طريق ابن المبارك عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء ابن أبي رباح في قوله {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} قال: يعطى من حصاده يومئذ ما تيسر، وليس بالزكاة.
2 فتح الباري 8/287.
أخرجه ابن جرير رقم14058 وابن أبي حاتم رقم7972، كلاهما من طريق معاوية عن علي، به. وذكره ابن حجر في تغليق التعليق 4/209 برواية ابن أبي حاتم. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/370 وزاد نسبته إلى ابن المنذر.
3 قال ابن حجر: أحسبه ذكره عن عكرمة.
4 فتح الباري 8/287.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/219-220 به سندا ومتنا.
5 فتح الباري 8/287. =(1/473)
قوله تعالى: {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ} الآية: 143
[822] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ} يعني هل تشتمل إلا على ذكر أو أنثى، فلم تحرمون بعضا وتحلون بعضا1؟
قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} الآية: 145
[823] في رواية ابن مردويه وصححه الحاكم من طريق محمد
__________
= أخرجه ابن جرير رقم14047 عن ابن وكيع عن أبيه عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عنه نحوه.
قلت: ابن وكيع شيخ الطبري ضعيف، لكنه توبع عليه عند ابن أبي حاتم والحاكم. فقد أخرجه ابن أبي حاتم رقم7970، 7974 حدثنا أبو سعيد الأشجع ثنا عبيد الله بن موسى أنبأ سفيان، به مثله. وأخرجه الحاكم 2/317 قال: أخبر أبو بكر الشافعي، ثنا إسحاق ابن الحسن ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، به مثله. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الطبراني ج 9/رقم9018 من طريق الفريابي، ثنا سفيان، به. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/25 رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد ابن أبي مريم وهو ضعيف.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/370 وزاد نسبته إلي الفريابي وعبد بن حميد وأبي عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
1 فتح الباري 8/295. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم14075 وابن أبي حاتم رقم7993 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره ابن حجر في تغليق التعليق 4/210 برواية ابن أبي حاتم، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/371 ونسبه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.(1/474)
ابن شريك1 عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء2 عن ابن عباس قال "كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرا، فبعث الله نبيه وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم حرامه، فما أحل فيه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو. وتلا هذه الآية {قُلْ لا أَجِدُ} إلى آخرها "3.
[824] وقد أخرجه أحمد مطولا من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال "ماتت شاة لسودة بنت زمعة فقالت: يا رسول الله، ماتت فلانة، فقال: "فلولا أخذتم مسكها" 4، فقالت: نأخذ مسك شاة قد ماتت؟ فقال: "إنما قال الله {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ
__________
1 محمد بن شريك المكي أبو عثمان، روى عن عمرو بن دينار وغيره، ثقة، مات سنة ثمان وستين ومائة.
انظر ترجمته في: التهذيب 9/197، والتقريب 2/170.
2 اسمه جابر بن زيد أبو الشعثاء الأزدي، مشهور بكنيته، روى عن ابن عباس وغيره، وعنه عمرو بن دينار وغيره. ثقة فقيه، مات سنة ثلاث وتسعين، ويقال مائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 2/34، والتقريب 1/122.
3 فتح الباري 9/655.
أخرجه أبو بكر بن مردويه كما في تفسير ابن كثير 3/347، والحاكم 4/115 قالا: حدثنا محمد بن علي بن دحيم، حدثنا أحمد بن حازم، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدثنا محمد بن شريك، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس، به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وأخرجه أبو داود رقم355 - في الأطعمة، باب ما لم يذكر تحريمه -، وابن أبي حاتم رقم8000 كلاهما من حديث أبي نعيم الفضل بن دكين، به. وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم3225. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/372 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وأبي الشيخ.
4 مَسكها: وهو جلد الدابة. انظر: القاموس باب الكاف، فصل الميم، ص857، والنهاية 4/331.(1/475)
يَكُونَ مَيْتَةً} الآية، وإنكم لا تطعمونه، إن تدبغوه تنتفعوا به، قال: فأرسلت إليها فسلخت مسكها فدبغته فاتخذت منه قربة. الحديث1.
قوله تعالى: {كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} الآية: 146
[825] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: البعير والنعامة2.
[826] وروى من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله.3
[827] روى ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: {كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} هو الذي ليس بمنفرج الأصابع، يعني ليس بمشقوق الأصابع، منها الإبل والنعام، وإسناده حسن4.
__________
1 فتح الباري 9/659-660.
أخرجه الإمام أحمد 1/327-328 حدثنا عفان، حدثنا أبو عوانة، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/373 ونسبه إلى أحمد والبخاري والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه.
قلت: لم يخرج البخاري بهذا السياق، وبهذا الإسناد، وإنما أخرج رقم6686 طرفا منه من حديث الشعبي عن عكرمة عن ابن عباس عن سودة زرج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ماتت لنا شاة فدبغنا مَسكها، ثم ما زلنا ننبذ فيه حتى صار شنا.
2 فتح الباري 8/295.
أخرجه ابن جرير رقم14092 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/377 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه.
3 فتح الباري 8/295.
أخرجه ابن جرير رقم14096، 14097 من طريق عيسى وشبل كلاهما عن ابن أبي نجيح، به.
4 فتح الباري 8/295. أخرجه ابن أبي حاتم رقم8033 أبو سعيد بن يحيى ابن سعيد القطان، ثنا يحيى بن آدم، ثنا شريك عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير، به. وقد حسن إسناده ابن حجر كما في الأعلى.(1/476)
[828] وأخرجه ابن جرير من طريق سعيد بن جبير مثله مفرقا وليس فيه ابن عباس1.
[829] ومن طريق قتادة قال: البعير والنعامة وأشباهه من الطير والحيوانات والحيتان2.
[830] وصل ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الحوايا3 هو المعبر4.
__________
1 فتح الباري 8/295.
أخرجه ابن جرير رقم14094 عن ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن آدم، عن شريك، عن عطاء، عن سعيد، ولفظه {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} قال: هو الذي ليس بمنفرج الأصابع. وأخرجه رقم14095 عن علي بن الحسين الأزدي، قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن شريك عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير. ولفظه "قال: كل شيء متفرق الأصابع منه الديك".
2 أخرجه ابن جرير رقم14098 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة - فذكر نحوه، وليس فيه "والحيوانات". وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/377 ونسبه إلى عبد بن حميد فقط.
3 الحوايا جمع، واحدها حاوية، وحاوية، وحوية، وهو ما تَحَوَى من البطن فاجتمع واستدار، وهي بنات اللبن، وهي المباعر، وتسمن المرابض، وفيها الأمعاء. كذا قال الطبري. قال: ومعنى الكلام: ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحوما، إلا ما حملت ظهورهما، أو ما حملت الحوايا. انظر: تفسير الطبري 12/203.
4 فتح الباري 8/295. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم14109 وابن أبي حاتم رقم7037 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/378 ونسبه إليهما وإلى ابن المنذر والبيهقي.(1/477)
[831] وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مثله1.
[832] وقال سعيد بن جبير قال: الحوايا المباعر، أخرجه ابن جرير2.
قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} الآية:151
[833] عن قتادة في قوله: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} قال: المراد سر الفواحش وعلانيتها، رواه ابن جرير عنه3.
[834] عن ابن عباس قال: كانوا في الجاهلية لا يرون بالزنا بأسا في السر ويستقبحونه في العلانية، فحرم الله الزنا في السر والعلانية، رواه ابن جرير عنه4.
[835] عن سعيد بن جبير ومجاهد "ما ظهر" نكاح الأمهات، "وما بطن" الزنا، رواه الطبري5.
__________
1 فتح الباري 8/295.
أخرجه عبد الرزاق 2/221 به سندا ومتنا.
2 فتح الباري 8/295.
أخرجه ابن جرير رقم14113 حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن عطاء، عن سعيد بن جبير - مثله. وأخرجه رقم14114 عن ابن وكيع، عن يحيى ابن آدم، عن شريك، عن عطاء، به. وقد تقدم أن "ابن وكيع" ضعيف.
3 فتح الباري 8/302.
أخرجه ابن جرير رقم14143 حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عنه مثله. وأخرجه رقم14144 من طريق محمد بن ثور عن معمر عن قتادة نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/383 ونسبه لعبد بن حميد وأبي الشيخ.
4 فتح الباري 8/302.
أخرجه ابن جرير رقم14142 وابن أبي حاتم رقم8066 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة عنه مثله.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/383 وزاد نسبته إلى بن المنذر وابن مردويه.
5 فتح الباري 8/302. =(1/478)
قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} الآية: 158
[836] ثبت في صحيح مسلم من طريق أبي حازم1 عن أبي هريرة رفعه "ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض" 2.
[837] وأخرج أحمد والدارمي وعبد بن حميد في تفسيره كلهم من طريق أبي هند عن معاوية رفعه "لا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها" 3.
__________
= هكذا عزاه ابن حجر إلى الطبري، ولم أجده عنده. وقد أخرج ابن أبي حاتم رقم8067 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة ثنا محمد بن الحسن ثنا إبراهيم بن طهمان عن عطاء عن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله. ثم قال ابن أبي حاتم: وروى عن سعيد بن جبير نحو ذلك ولم يذكر إسناده.
أما أثر مجاهد فقد أخرجه ابن جرير رقم14145 عن ابن وكيع، قال: ثنا أبي عن أبيه، عن خصيف، عن مجاهد {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} قال: ما ظهر: جمع بين الأختين، وتزويج الرجل امرأة أبيه من بعده، وما بطن: الزنا.
قلت: وإسناده ضعيف، من أجل ابن وكيع وخصيف.
1 هو سلمان أبو حازم الأشجعي الكوفي، روى عن مولاته عزة الأشجعية وابن عمر وأبي هريرة والحسن والحسين وابن الزبير وغيرهم، عنه الأعمش ومنصور وأبو مالك الأشجعي وغيرهم. ثقة، مات على رأس المائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 4/123، والتقريب 1/315.
2 فتح الباري 11/353 و13/91-92 وعزاه للترمذي أيضا.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم158-249 - في الإيمان، باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان - بسنده عن أبي حازم، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/389 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وأحمد وعبد ابن حميد ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مردويه والبيهقي.
3 فتح الباري 11/355.
أخرجه الإمام أحمد 4/99 حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا جرير بن عثمان، قال: =(1/479)
[838] وأسند الطبري عن ابن مسعود أن المراد بالبعض إحدى ثلاث هذه أو خروج الدابة أو الدجال1.
__________
= ثنا عبد الرحمن ابن أبي عوف الجرشي، عن أبي هند البجلي، عن معاوية بن أبي سفيان، به.
وأخرجه أحمد في مسند عبد الرحمن بن عوف 1/192 بسند آخر حسن عن معاوية وعبد الرحمن وعبد الله ابن عمرو بن العاص - مرفوعا. ولفظه "قال: حدثنا الحكم بن نافع حدثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم ابن زرعة عن شريح بن عبيد يردّه إلى مالك بن يخامر عن ابن السعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل" فقال معاوية وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله ابن عمرو بن العاص إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الهجرة خصلتان إحداهما أن تهجر السيئات والأخرى أن تهاجر إلى الله ورسوله ولا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب فإذا. طلعت طبع على كل قلب بما فيه وكُفِيَ الناس العمل". وبهذا اللفظ أورده ابن كثير في تفسيره 3/371 عند تفسير هذه الآية.
1 فتح الباري 11/353.
أخرجه ابن جرير رقم14244 من طريق المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: قال عبد الله - وهو ابن مسعود - نحوه. ولفظه "قال: التوبة معروضة على ابن آدم إن قبلها، ما لم تخرج إحدى ثلاث: ما لم تطلع الشمس من مغربها، أو الدابة ن أو فتح يأجوج ومأجوج". والمسعودي ضعيف.(1/480)
سورة الأعراف
قوله تعالى: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} الآية: 22
[839] وروى الطبري عن مجاهد في قوله: {يَخْصِفَانِ} قال: يرقعان كهيئة الثوب، وتقول العرب خصفت النعل أي خرزتها1.
قوله تعالى: {يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً} الآية: 26
[840] عن ابن عباس في قوله: {وَرِيشاً} قال: مالاً2.
[841] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وَرِيشاً} قال: المال3.
قوله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ} الآية: 27
[842] وروى الطبري عن مجاهد في قوله: {وَقَبِيلُهُ} قال: الجن
__________
1 فتح الباري 6/366.
أخرجه ابن جرير رقم14401 من طريق شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به. وأخرجه رقم14400 من طريق عيسى، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.
2 فتح الباري 8/298.
أخرجه ابن جرير رقم14428، وابن أبي حاتم في تفسيره رقم8331 كلا هما من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عبا س، به.
3 فتح الباري 6/365.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم8331 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح كاتب الليث، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.(1/481)
والشياطين1.
قوله تعالى:
{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} الآية: 31
[843] أخرج مسلم من حديث ابن عباس قال: "كانت المرأة تطوف بالبيت عريانة " الحديث وفيه فنزلت {خُذُوا زِينَتَكُمْ} 2.
[844] ووقع في تفسير طاوس قال في قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ} قال: الثياب. وصله البيهقي3.
[845] ونحوه عن مجاهد4.
__________
1 فتح الباري 6/366.
أخرجه ابن جرير رقم14460 حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، به.
2 فتح الباري 1/465.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم3028-25 - في التفسير - بسنده عن ابن عباس، به وتمامه "فتقول: من يُعِيرُني تِطوافا؟ - أي ثوبا تلبسه تطوف به - تجعله على فرجها، وتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله ... فما بدا منه فلا أحلُّه
فنزلت هذه الآية.
3 فتح الباري 1/465.
أخرجه ابن جرير رقم14520 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن طاوس - مثله.
وأخرجه ابن جرير رقم14511 حدثني عمرو، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا عبد الملك، عن عطاء - نحوه.
4 فتح الباري 1/465.
أخرجه ابن جرير الأرقام 14514-14517 من طرق عن مجاهد - نحوه. وفي بعض ألفاظه "ما يواري عورتك، ولو عباءة".(1/482)
قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} الآية: 32
[846] وقد أخرج الطبراني1 من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال "كانت قريش تطوف بالبيت عراة يصفرون ويصفقون، فأنزل الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} الآية، وسنده صحيح2.
[847] وأخرج الطبري وابن أبي حاتم بأسانيد جياد عن أصحاب ابن عباس كمجاهد وعطاء وغيرهما نحوه3.
[848] وكذا عن إبراهيم النخعي والسدي والزهري وقتادة وغيرهم أنها نزلت في طواف المشركين بالبيت وهم عراة4.
__________
1 في الفتح "الطبري"، والصواب "الطبراني" كما أثبت، والتصحيحف وقع إما من الناسخ أو الطابع؛ إذ أني لم أجد هذه الرواية في تفسير الطبري، كما أن السيوطي عزاه إلى الطبراني - كما سيأتي عند التخريج.
2 فتح الباري 10/253.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم8391، والطبراني في الكبير ج 12/رقم12324 كلاهما من طريق يحيى الحماني، قال: ثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، به. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/26 وقال: رواه الطبراني، وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف.
وقد تابعه عامر بن إبراهيم عند ابن أبي حاتم، فأخرجه رقم8390 أخبرنا محمد بن عامر ابن إبراهيم الأصبهاني، ثنا عامر بن إبراهيم، عن يعقوب، عن جعفر، به نحوه، بدون قوله "يصفرون ويصفقون". هذا وقد صحح ابن حجر إسناده كما هو أعلاه. والأثر ذكره ابن كثير 3/404 برواية الطبراني، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/446 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه.
3 فتح الباري 10/253.
هذا التفسير إنما ورد عنهم في تفسير الآية السابقة أعني قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} . انظر أثر ابن عباس المتقدم برقم 843.
4 فتح الباري 10/253.
لم أجد عنهم القول في تفسير هذه الآية، وإنما التي قبلها، انظر تفسير ابن كثير 3/402 فقد نقل عنهم هذا التفسير في تفسير قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} .(1/483)
[849] وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن كثير 1 عن طاوس في هذه الآية قال: "لم يأمرهم بالحرير والديباج ولكن كانوا إذا طاف أحدهم وعليه ثيابه ضرب وانتزعت منه " يعني فنزلت "2.
قوله تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} الآية: 40
[850] قال مجاهد في قوله: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} هو حبل السفينة3.
قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} الآية: 54
[851] وأخرج الثعلبي من وجه آخر عن الأوزاعي أنه سئل عن قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فقال: هو كما وصف نفسه4.
قوله تعالى: {وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً} الآية: 58
[852] أخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي قال: {لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً} قال: النكد الشيء القليل الذي لا ينفع5.
__________
1 عبد الله بن كثير الدّاري المكي، أحد الأئمة، صدوق، مات سنة عشرين ومائة. التقريب 1/442.
2 فتح الباري 10/253.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم8393 من طريق ابن جريج، أخبرني ابن كثير، عن طاوس، به. وزاد في آخره "وإذا طاف عريانا وضع ثيابه وجدها ".
3 فتح الباري 8/686.
أخرجه ابن جرير رقم14646 من طريق عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - بلفظ "حبل السفينة في سمّ الخياط".
4 فتح الباري 13/406.
5 فتح الباري 6/296. أخرجه ابن أبي حاتم رقم8620 أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم فيما كتب إليَّ، ثنا أحمد بن مفضل، ثنا أسباط، عن السدي، به.(1/484)
[853] ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: هذا مثل ضرب للكفار كالبلد السبخة المالحة التي لا تخرج منها البركة1.
قوله تعالى: {وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} الآية: 69
[854] ذكر ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس قال في قوله تعالى: {وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} يقول: فضيلة2.
قوله تعالى:
{ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ} الآية: 134
[855] أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير قال: أمر موسى بني إسرائيل أن يذبح كل رجل منهم كبشا، ثم ليخضب كفه في دمه، ثم ليضرب به على بابه، ففعلوا، فسألهم القبط عن ذلك فقالوا: إن الله سيبعث عليكم عذابا وإنما تنجو منه بهذه العلامة، فأصبحوا وقد مات من قوم فرعون سبعون ألفا، فقال فرعون عند ذلك لموسى {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا
__________
1 فتح الباري 6/296.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم8619 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
2 فتح الباري8/199-200.
هذه الرواية فيها تشويش من جهة أن ابن حجر أوردها في سورة البقرة، ولكن أورد فيها آية الأعراف هذه، أما ابن أبي حاتم فلم يوردها في الأعراف، وإنما أوردها في البقرة، فقد أخرجها رقم2458 حدثنا علي بن الحسين، ثنا الهيثم بن يمان، ثنا رجل سماه، عن السدي، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور في البقرة 1/754 ونسبه إلى ابن أبي حاتم من طريق السدي، به.
والأثر ضعيف؛ لأنه من طريق السدي، ثم إن الراوي عن السدي مجهول أيضا.(1/485)
عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ} الآية، فدعا فكشف عنهم. وهذا مرسل جيد الإسناد1.
قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ} الآية: 139
[856] أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ} قال: خُسْران2.
قوله تعالى: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} الآية: 143
[857] عن ابن عباس في قوله: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} قال: أعطني، وصله ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه3.
[858] أخرج ابن جرير من طريق السدي قال: لما كلم الله موسى أحب أن ينظر إليه قال: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} 4.
__________
1 فتح الباري 10/183.
لم أجده عند الطبري مع أن ابن حجر عزاه إليه وإلى ابن أبي حاتم، وقد أخرجه ابن أبي حاتم رقم8890 حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ أبو غسان، ثنا جرير، عن يعقوب، عن جعفر ابن محمد، عن سعيد بن جبير، به نحوه.
2 فتح الباري 6/439.
أخرجه ابن جرير رقم15061، وابن أبي حاتم رقم8908 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
3 فتح الباري8/302. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم1507 وابن أبي حاتم رقم8931 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح عن علي ابن أبي طلحة، به.
4 فتح الباري8/302
أخرجه ابن جرير رقم15073 من طريق أسباط، عنه نحوه مطولا.(1/486)
قوله تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً}
[859] ووقع عند ابن مردويه موفوعا "إن الجبل ساخ 1 في الأرض فهو يهوي فيها إلى يوم القيامة"، وسنده واه2.
[860] وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق أنس بن مالك3 رفعه: "لما تجلى الله للجبل طارت لعظمته ستة أجبل فوقعت ثلاثة بمكة: حِراء 4
__________
1 أي غاص في الأرض وغاب فيها. انظر: النهاية 2/416.
2 فتح الباري 6/430.
هذا جزء من حديث رواه أنس بن مالك، أورده السيوطي في الدر المنثور 3/545 ونسبه إلى أحمد وعبد ابن حميد والترمذي - وصححه - وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي في الكامل وأبي الشيخ والحاكم - وصححه - وابن مردويه والبيهقي في كتاب الرؤية من طرق عن أنس بن مالك. ولفظه قال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً} قال "هكذا، وأشار بأصبعيه ووضع طرف إبهامه على أنملة الخنصر، وفي لفظ: على المفصل الأعلى من الخنصر، "فساخ الجبل {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً} وفي لفظ: " فساخ الجبل في الأرض فهو يهوي فيها إلى يوم القيامة".
هذا وقد أخرج هذا الحديث الإمام أحمد 3/125 والترمذي رقم3074 - في تفسير القرآن، باب ومن سورة الأعراف -، والطبري رقم15087 و15088 وابن أبي حاتم رقم8940 وابن عدي في الكامل 2/677 والحاكم 2/320-321 كلهم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت، عن أنس - نحوه مرفوعا، دون قوله "فهو يهوي فيها إلى يوم القيامة". قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. كما صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2458.
قلت: وقد قال ابن حجر - عقب إيراده كما في الأعلى - وسنده واهٍ، فلعله يعني الطريق التي روى ابن مردويه بهذا اللفظ وبهذه الزيادة، مع أنني لم أقف على إسناد ابن مردويه حتى يتضح الأمر. والله أعلم.
3 في الفتح "أبي مالك"، وهو خطأ، والتصحيح من تفسير ابن أبي حاتم والدر المنثور.
4 حِرَاء: بالكسر والتخفيف والمدّ، جبل من جبال مكة على ثلاثة أميال، وهو معروف، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يأتيه الوحي يتعبد في غار من هذا الجبل، وفيه أتاه جبريل عليه السلام لأول مرة. انظر: معجم البلدان 2/269، رقم3576.(1/487)
وثور1 وثبير2، وثلاثة بالمدينة: أحد ورَضْوَى3 ووَرِقَان4، وهذا غريب مع إرساله5.
قوله تعالى: {فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ} الآية: 160
[861] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
__________
1 ثَوْر: بلفظ الثور فحل البقر، اسم جبل بمكة فيها الغار المذكور في القرآن – {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة:40]- الذي اختفى فيه النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة مهاجراً، ويقع في جنوب مكة على طريق اليمن. انظر: معجم البلدان 2/101، رقم2851.
2 ثَبِيْر: بالفتح ثم الكسر وياء ساكنة وراء، من أعظم جبال مكة، بينها وبين عرفة. سمي ثبير برجل من هُذيل مات في ذلك الجبل فعرف الجبل به. واسم الرجل ثبير. معجم البلدان 2/85، رقم2769.
3 رَضْوَى: بفتح أوله وسكون ثانيه، وهو جبل بالمدينة، وقيل هو من ينبع على مسيرة يوم ومن المدينة على سبع مراحل، ميامنه طريق مكة ومياسره طريق البريراء لمن كان مصعداً إلى مكة. انظر: معجم البلدان 3/58، رقم5519.
4 وَرِقَان: بالفتح ثم بالكسر والقاف وآخره نون، وهو جبل أسود بين العَرْج والرويثة على يمين المصعد من المدينة إلى مكة ينصب ماؤه إلى رئم. وهو جبل عظيم كأعظم ما يكون من الجبال. انظر: معجم البلدان 5/428، رقم12480.
5 فتح الباري 6/430.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم8939 حدثنا عمر شيبة، ثنا الأزدي محمد بن يحيى أبو غسان الكناني، حدثني عبد العزيز بن عمران، عن معاوية بن عبد الله، عن الجلد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، عن أنس ابن مالك - مرفوعا. وذكره ابن كثير 3/468 وقال: غريب بل منكر. وقال ابن حجر - كما في الأعلى - غريب مع إرساله.
وقد نقله السيوطي في اللآلي المصنوعة 1/23-24 عن ابن الجوزي، ثم قال: قال ابن حبان: موضوع، وعبد العزيز متروك، يروي المناكير عن المشاهير. ثم عقبه - أي السيوطي - قائلا: في الحكم بوضعه نظر، والأرجح عدمه، فقد أخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه في تفاسيرهم من طريق عبد العزيز بن عمران، به. وعبد العزيز يروي له الترمذي ولم يتهم بكذب. اهـ. وانظر: الموضوعات لابن الجوزي 1/121-122.
هذا وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/545 ونسبه إلى ابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه.(1/488)
{انْبَجَسَتْ مِنْهُ} : انفجرت1.
قوله تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} الآية: 161
[862] روى الحاكم من طريق السدي عن مرة عن ابن مسعود قال: قالوا هطي سمقا، وهي بالعربية. حنطة حمراء قوية فيها شعرة سوداء2.
[863] قال: عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} قال الحسن: أي أحطط عنا خطايانا3.
[864] عن ابن عباس وغيره قال: قيل لهم قولوا مغفرة، رواه
__________
1 فتح الباري 6/430.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم8381 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
2 فتح الباري8/304.
أخرجه الحاكم 2/321 أخبرنا أبو أحمد محمد بن إسحاق العدل، ثنا أحمد بن نصر، ثنا عمرو بن طلحة، ثنا أسباط بن نصر الهمداني عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، به نحوه مطولا. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/173 في سورة البقرة، ونسبه إلى ابن جرير والطبراني وأبي الشيخ والحاكم.
تنبيه: قال ابن حجر معلقا على هذه الرواية: ويستنبط منه أي الأقوال المنصوصة إذا تعبد بلفظها لا يجوز تغييرها ولو وافق المعنى: وليست هذه مسأ لة الرواية بالمعنى بل هي متفرعة عنها، وينبغي أن يكون ذلك قيدا في الجواز، أعني يزاد في الشرط أن لا يقع التعبد بلفظه ولا بد منه، ومن أطلق وكلامه محمول عليه أحد.
3 فتح الباري 8/304.
أخرجه عبد الرزاق في سورة البقرة 1/47 به سندا ومتنا.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/173 وزاد نسبته إلى وكيع والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر. قال ابن حجر: وهذا يليق بقراءة من قرأ {حِطَّةٌ} بالنصب.(1/489)
ابن أبي حاتم1.
قوله تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} الآية: 163
[865] قال قتادة: إن أصحاب السبت كانوا من أهل أَيلة 2 وأنهم لما تحيلوا على صيد السمك بأن نصبوا الشباك يوم السبت ثم صادوها يوم الأحد فأنكر عليهم قوم ونهوهم فأغلظوا لهم، فقالت طائفة أخرى دعوهم واعتزلوا بنا عنهم، فأصبحوا يوما فلم يروا الذين اعتدوا أبوابهم فأمروا رجلا أن يصعد على سلم فأشرف عليهم فرآهم قد صاروا قردة، فدخلوا عليهم فجعلوا يلوذون بهم، فيقولون الذين نهوهم: ألم نقل لكم، ألم
__________
1 فتح الباري 8/304.
أخرجه ابن أبي حاتم في البقرة والأعراف رقم584، 8408 حدثنا أحمد بن محمد ابن يحيى بن سعيد القطان، ثنا يحيى بن آدم، ثنا سفيان عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - مثله.
وإسناده حسن. وأحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان صدوق، أخرج له ابن ماجة، انظر: التقريب 1/25 والمنهال بن عمرو الأسدي مولاهم، الكوفي، صدوق، ربما وهم، أخرج له البخاري والأربعة. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 10 /283-284 والتقريب 2/278. وباقي رجاله ثقات. ثم نقل ابن أبي حاتم عن عطاء، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنس نحو ذلك، من غير إسناد. وأخرجه ابن جرير رقم1012 من طريق سفيان عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه الحاكم /262 من طريق سفيان عن الأعمش، به نحوه. وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
2 أَيْلَة: بالفتح، مدينة على ساحل بحر القُلْزُم مما يلي الشام، وقيل: هي آخر الحجاز وأول الشام، وقال أبو زيد: أيلة مدينة صغيرة عامرة بها زرع يسير، وهي مدينة لليهود الذين حرم الله عليهم صيد السمك يوم السبت فخالفوا فمسخوا قردة وخنازير، وقال غيره: هي بين الفسطاط ومكة على شاطئ بحر القلزم تعدّ في بلاد الشام. وقيل سميت بأيلة بنت مدين بن إبراهيم عليه السلام. انظر: معجم البلدان 1/347، رقم1196.(1/490)
ننهكم؟ فيشيرون برءوسهم1.
[866] وروى ابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس "أنهم لم يعيشوا إلا قليلا وهلكوا"2.
[867] وروى ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس "صار شبابهم قردة وشيوخهم خنازير"3.
قوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ} الآية: 171
[868] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ} : رفعنا4.
قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} الآية: 175
[869] وروى ابن مردويه بإسناد قوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال في قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} قال: نزلت في أمية بن أبي الصلت5.
__________
1 فتح الباري 6/453.
2 فتح الباري 6/453.
3 فتح الباري 6/453.
أخرجه ابن جرير رقم15295 من طريق عطية العوفي، عن ابن عباس، به. والعوفي ضعيف تقدم.
4 فتح الباري 6/430.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم8516 حدثنا أبي، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
5 فتح الباري 7/154.
أخرجه النسائي في التفسير رقم212 و214، وابن جرير الأرقام:15402-15404 و15406، وابن أبي حاتم رقم8542 كلهم من طرق عن نافع، عن عبد الله بن عمرو، به. وأخرجه عبد الرزاق 1/243 من طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الله بن عمرو، به. وهو عند الطبري رقم15405 و15407 عن حبيب ابن أبي ثابت، عن رجل عن عبد الله بن عمرو. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/28 وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. هذا وقد قوّى ابن حجر إسناد ابن مردويه كما هو أعلاه. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/609 ونسبه إلى عبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والطبراني وابن مردويه.(1/491)
قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} الآية: 199
[870] رواه الطبري مرسلا1 وابن مردويه موصولا2 من حديث جابر وغيره3 "لما نزلت {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} سأل جبريل فقال: لاأعلم حتى أسأله ثم رجع فقال: إن ربك يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطى من
__________
1 أما المرسل فأخرجه ابن جرير رقم15547 حدثني الحسن بن الزبرقان النخعي قال: لما نزلت هذه الآية {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} فذكره بنحوه. والرجل الذي لم يسم في هذا الخبر هو "أمي ابن ربيعة". فقد أخرجه ابن جرير رقم15548 حدثني يونس، قال: أخبرنا سفيان عن أميّ قال: لما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} فذكر نحوه.
وأميّ هو أميّ بن ربيعة المرادي الصيرفي، سمع الشعبي وعطاء، وطاوس، روى عن سفيان بن عيينة وشريك. ثقة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 2/347، والتهذيب 1/323، والتقريب 1/83.
وقال الشيخ أحمد شاكر: وهذا الخبر رواه أميّ بن ربيعة عن الشعبي، كما يظهر ذلك من روايات الخبر في ابن كثير 3/536، والدر المنثور 3/628.
2 وأما الموصول فأخرجه ابن مردويه في تفسيره كما في تخريج الزيلعي على الكشاف 1/477 قال: أخبرني حسين بن علي النيسابوري فيما أجازه لي، حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى الأنطاكي، حدثنا إبراهيم بن محمد المديني، حدثنا عبد الله بن نافع بن ثابت الزبيري، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الماجشون عن محمد ابن المنكر، عن جابر، به نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/628 ونسبه إلى ابن مردويه فقط.
3 أما الغير المشار إليه فهو قيس بن سعد بن عبادة وأنس كما يتضح ذلك من كلام العراقي الذي سيأتي إن شاء الله.(1/492)
حرمك، وتعفو عمن ظلمك1.
[871] روى ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: {خُذِ الْعَفْوَ} يعني خذ ما عفا لك من أموالهم أي ما فضل، وكان ذلك قبل فرض الزكاة2.
[872] وبذلك قال السدي وزاد نسختها آية الزكاة3.
[873] وبنحوه قال الضحاك4.
__________
1 فتح الباري 8/306.
وأما حديث قيس فأخرجه ابن مردويه أيضا فيما ذكره الزيلعي أيضا 1/477 قال: حدثنا أحمد بن إسحاق ابن نيخاب الطيبي، حدثنا محمد بن يونس، حدثنا عبد الله بن داود المزيني، حدثنا عبادة بن مسلم عن العلاء ابن بدر عن قيس بن سعد بن عبادة - نحوه. ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/628 ونسبه إلى ابن مردويه فقط.
قلت: وهذان إسنادان قد حسنهما الحافظ العراقي قائلا. رواه ابن مردويه في تفسيره من حديث جابر وقيس ابن سعد بن عبادة وانس بأسانيد حسان. انظر: إتحاف السادة المتقين 7/318.
وأما حديث أنس فلم أجده بهذا السياق. وإنما الذي وجدته بلفظ آخر. فقد أخرجه ابن مردويه فيما ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/620 عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} .
2 فتح الباري 8/305-306.
أخرجه ابن جرير رقم15543 وابن أبي حاتم سورة الأعراف رقم1511 كلا هما من طريق معا وية بن صالح عن علي بن أبي طلحة، به نحوه.
3 فتح الباري 8/305-306
أخرجه ابن جرير رقم15544 من طريق أسباط عن السدي، به.
4 فتح الباري 8/305-306
أخرج ابن جرير رقم15545 قال: حُدِّثتُ عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول - فذكر نحوه. قلت: إسناده ضعيف؛ فإن شيخ الطبري لم يسم.(1/493)
[874] وعطاء1.
[875] عن عروة بن زبير قال: العرف المعروف. وصله عبد الرزاق من طريق هشام بن عروة عن أبيه2.
[876] وكذا أخرجه الطبري من طريق السدي3.
[877] وقتادة4.
[878] وروى من أوجه أخرى أنها نزلت في بلعام الإسرائيلي، وهو المشهور5.
__________
1 فتح الباري 8/305-306
لم أقف على تخريج له.
2 فتح الباري 8/305.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/254 عن معمر عن هشام بن عروة، به مثله.
3 فتح الباري 8/305.
أخرجه ابن جرير رقم15550 من طريق أسباط عن السدي مثله.
4 فتح الباري 8/305
أخرجه ابن جرير رقم15551 عن بشر قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة مثله.
5 فتح الباري 7/154.
روي هذا عن ابن عباس، فقد أخرج ابن جرير رقم15387 من طريق حصين، عمران بن الحارث، عن ابن عباس. وأخرجه رقم15399 من طريق مغيرة، عن مجاهد، عن ابن عباس. وأخرجه رقم15390 من طريق معاوية بن صالح، عن علي ابن أبي طلحة، عن ابن عباس بلفظ "هو رجل من مدينة الجبارين يقال له: بلعم".
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/608 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وأبي الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس.(1/494)
سورة الأنفال
قوله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} الآية: 1
[879] روى أبو داود والنسائي وابن حبان من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صنع كذا فله كذا، الحديث فنزلت {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} 1.
[880] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: "الأنفال: المغانم"، كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة ليس لأحد فيها شيء2.
__________
1 فتح الباري8/306.
أخرجه أبو داود رقم2737، 2738 والنسائي في التفسير رقم217 والطبري رقم15651، 15652 والبيهقي في سننه 6/291-292 وفي دلائل النبوة 3/135 والحاكم 2/131-132 وابن حبان رقم5093 الإحسان وابن مردويه كما في تفسير ابن كثير 3/548-549 وتغليق التعليق 4/215 كلهم من طرق عن داود، به نحوه. وإسناده صحيح، وقد صححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وتمامه "فتسارع شبان الرجال، وبقي الشيوخ تحت الرايات، فلما كانت الغنائم، جاءوا يطلبون الذي جعل لهم فقال الشيوخ: لاتستأثروا علينا، فإنا كنا ردءًا لكم لو انكشفتم انكشفتم إلينا، فسارعوا فأنزل الله تعالى، فذكر الآية. وقال: فقسم الغنائم بينهم بالسوية".
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/6 وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وأبي الشيخ.
2 فتح الباري 8/306. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم15667 وابن أبي حاتم رقم8754 كلاهما من طريق معاوية عن علي، به.(1/495)
قوله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} الآية: 5
[881] وروى ابن أبي حاتم من حديث أبي أيوب قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالمدينة: "إني أخبرت عن عير أبي سفيان، فهل لكم أن تخرجوا إليها، لعل الله يغنمناها"؟ قلنا: نعم، فخرجنا. فلما سرنا يوما أو يومين قال: "قد أخبروا خبرنا، فاستعدوا للقتال"، فقلنا: لا والله مالنا طاقة بقتال القوم، فأعاده، فقال له المقداد: لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى، ولكن نقول: إنا معكما مقاتلون. قال: "فتمنينا معشر الأنصار لو أنا قلنا كما قال المقداد". فأنزل الله تعالى {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} 1.
[882] وأخرج ابن مردويه من طريق محمد بن عمرو بن علقمة ابن وقاص2 عن أبيه3
__________
1 فتح الباري 7/288.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم8805، حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا زيد ابن الحباب، ثنا ابن لهيعة، ثنا يزيد بن أبي حبيب، أن أسلم أبا عمران حدثه قال: سمعت أبا أيوب الأنصاري يقول - فذكره.
وأخرجه ابن جرير رقم15727، 15728 والبيهقي في الدلائل 3/37 والطبراني في الكبير ج 4/رقم4056 وابن مردويه في تفسيره كما في تفسير ابن كثير 3/555 كلهم من طرق عن ابن لهيعة، به. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/76-77 وقال: رواه الطبراني، وإسناده حسن.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/14-15 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي أيوب الأنصاري.
2 محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص، الليثي المدني، روى عن أبيه وغيره، صدوق له أوهام، مات سنة خمس وأربعين على الصحيح، روى له البخاري مقرونا بغيره ومسلم في المتابعات. انظر ترجمته في: التهذيب 9/333، والتقريب 2/196.
3 هو عمرو بن علقمة بن وقّاص الليثي، المدني، روى عن أبيه، وعنه ابنه محمد، ذكره ابن حبان في الثقات، وفي التقريب: مقبول. انظر ترجمته في: التهذيب 8/70، والتقريب 2/75.(1/496)
عن جده 1 نحوه لكن فيه أن سعد بن معاذ هو الذي قال ما قال المقداد2.
قوله تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} الآية: 7
[883] وروى الطبري3 وأبو نعيم في "الدلائل" من طريق علي
__________
1 هو علقمة بن وقّاص، الليثي المدني، ثقة ثبت، قال ابن حجر: أخطأ من زعم أن له صحبة، قال: وقيل: إنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، روى عن عمر وابن عمر وغيرهما، وروى عنه ابناه عبد الله وعمرو والزهري وغيرهم، مات في خلافة عبد الملك. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 7/247، والتقريب 2/31.
2 فتح الباري 7/288.
قال ابن حجر: والمحفوظ أن الكلام المذكور للمقداد، كما في رواية البخاري - رقم3952 -، وأن سعد بن معاذ إنما قال "لو سرت بنا حتى تبلغ برك الغماد لسرنا معك".
والحديث أخرجه ابن مردويه كما في تفسير ابن كثير 3/555 من حديث محمد بن عمرو ابن علقمة بن أبي وقاص الليثي، عن أبيه، عن جده. ولفظه "قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر حتى إذا كان بالروحاء خطب الناس فقال: "كيف ترون؟ " فقال أبو بكر: يا رسول الله! بلغنا أنهم بمكان كذا وكذا، قال: ثم خطب الناس فقال: "كيف ترون؟ " فقال عمر مثل قول أبي بكر، ثم خطب الناس فقال: "كيف ترون؟ " فقال سعد بن معاذ يا رسول الله، إيانا تريد؟ فو الذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب ما سلكتها قط ولا لي بها علم، ولئن سرت حتى تأتي برك الغماد من ذي يمن لنسيرن معك، ولا نكون كالذين قالوا لموسى {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، ولعلك أن تكون خرجت لأمر وأحدث الله إليك غيره فانظر الذي أحدث الله إليك فامض له، فصل حبال من شئت، واقطع حبال من شئت، وعاد من شئت، وسالم من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، فنزل القرآن على قول سعد {أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} الآيات".
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 14/355-356 رقم 18507 قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن محمد بن عمرو الليثي، عن جده. ولم يقل "عن أبيه".
وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/15 ونسبه إلى ابن أبي شيبة، وابن مردويه.
3 في الفتح "الطبراني"، ولعله الطبري، فقد أخرجه ابن جرير الطبري بلفظه كما يأتي، كما أني لم أجده عند الطبراني في معاجمه الثلاثة. ولم يذكره الهيثمي في مجمع الزوائد أيضا. ثم لما ذكره السيوطي في الدر المنثور، لم يعزه إلى الطبراني. والله أعلم.(1/497)
ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال "أقبلت عير لأهل مكة من الشام، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم يريدها، فبلغ ذلك أهل مكة، فأسرعوا إليها، وسبقت العير المسلمين، وكان الله وعدهم إحدى الطائفتين، وكانوا أن يلقوا العير أحب إليهم وأيسر شوكة وأحضر1 مغنما من أن يلقوا النفير، فلما فاتهم العير نزل النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين بدرا فوقع القتال"2.
قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} الآية: 9
[884] في مسلم من طريق أبي زميل - بالزاي مصغرا واسمه سماك ابن الوليد - عن ابن عباس قال: حدثني عمر، لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر، فاستقبل القبلة، ثم مدّ يديه، فلم يزل يهتف بربه حتى سقط رداؤه عن منكبيه" الحديث.
وفيه "فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه فقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} الآية، فأمده الله بالملائكة" 3.
__________
1 في الفتح "أخص"، والتصحيح من تفسير الطبري.
2 فتح الباري 7/286.
أخرجه ابن جرير رقم15723 من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/26-27 - مع روايات أخرى أخرجها ابن جرير أيضا من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس - وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس.
3 فتح الباري 7/288، 289.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم1763-58 بسنده عن أبي زميل، به مطولا. وأصله في البخاري رقم3953 من طريق عكرمة عن ابن عباس، أرسله ولم يذكر في الإسناد =(1/498)
قوله تعالى:
{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} الآية: 22
[885] أخرج ابن جرير من طريق شبل بن عباد عن ابن أبي نجيح عن مجاهدعن ابن عباس: {الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} نفر من بني عبد الدار، لايتبعون الحق1.
[886] ومن طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {لا يَعْقِلُونَ} لايتبعون الحق، قال مجاهد: قال ابن عباس: هم نفر من بني عبد الدار2.
__________
= "عمر بن الخطاب". ولم يذكر فيه نزول الآية، ولفظه "قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر: "اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك. اللهم إن شئت لم تُعبَد"، فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك، فخرج وهو يقول {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} ".
قال ابن حجر هذا - يعني رواية البخاري - من مراسيل الصحابة؛ فإن ابن عباس لم يحضر ذلك، ولعله أخذه عن عمر أو عن أبي بكر. ثم استدل على هذا القول برواية مسلم هذه.
والحديث ذكره ابن كثير في تفسيره 3/558-559 برواية الإمام أحمد، ثم قال: ورواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن جرير وابن مردويه من طرق، عن عكرمة بن عمار، به. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/28-29 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبي داود والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي عوانة وابن حبان وأبي الشيخ وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي معا في الدلائل.
1 فتح الباري8/307.
أخرجه ابن جرير رقم15860 عن المثني قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، به.
2 فتح الباري8/307.
أخرجه ابن جرير رقم15861 من طريق إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، به.
وأصله في البخاري رقم4646 عن شيخه محمد بن يوسف حدثنا ورقاء، به مختصرا، ولفظه {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} قال: هم نفر من بني عبد الدار.(1/499)
قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ} الآية: 30
[887] وذكر أحمد من حديث ابن عباس بإسناد حسن في قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية، قال: تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق، يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: بل اقتلوه، وقال بعضهم: بل أخرجوه، فأطلع الله نبيه على ذلك، فبات علِيٌّ على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار، وبات المشركون يحرسون عليا يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم، يعني ينتظرونه حتى يقوم فيفعلون به ما اتفقوا عليه، فلما أصبحوا ورأوا عليا رد الله مكرهم فقالوا: أين صاحبك هذا؟ قال: لا أدري، فاقتصوا أثره، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم، فصعدوا الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا: لو دخل ههنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال"1.
__________
1 فتح الباري 7/236 و8/307 ونسبه إلى الطبراني أيضا.
أخرجه أحمد 1/384 والطبراني ج11/رقم12155 كلاهما من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن عثمان الجزري، عن مقسم مولى ابن عباس، عن ابن عباس، به. وقد حسّن إسناده ابن حجر كما هو أعلاه.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/30 وقال: رواه أحمد والطبراني، وفيه عثمان ابن عمرو الجزري وثقه ابن حبان وضعفه غيره. وبقية رجاله رجال الصحيح.
قلت: وعثمان هذا ليس عثمان بن عمرو الجزري، وإنما هو عثمان المشاهد - نبّه على ذلك الشيخ شعيب الأرناؤوط - روى عن مقسم، روى عنه معمر والنعمان بن راشد، وقال الإمام أحمد: روى أحاديث مناكير زعموا أنه ذهب كتابه، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عثمان الجزري فقال: لاأعلم روى عنه غير معمر والنعمان. انظر: الجرح والتعديل 6/174 ومسند الإمام أحمد 5/301-302 الحاشية.(1/500)
قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} الآية: 33
[888] عن الضحاك وأبي مالك في قوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} قالا: ال. مراد من كان بين أظهرهم حينئذ من المؤمنين1.
[889] رواه ابن أبي حا تم من طريق علي بن أبي طلحة عنه، عن ابن عباس أن معنى قوله: {وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي من سبق له من الله أنه سيؤمن2.
قوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً} الآية: 35
[890] وقد قال الفريابي: حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً} قال: إدخالهم أصابعهم في أفواههم، {وَتَصْدِيَةً} الصغير، يخلطون على محمد صلاته، وصله
__________
1 فتح الباري8/309
أما أثر الضحاك فأخرجه ابن جرير رقم15995 من طريق سلمة بن نبيط عنه نحوه. وأخرجه رقم15996 من طريق جويبر نحوه.
وذكره السيو طي في الدر المنثور 4/59 بنحوه ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير والنحاس وأبي الشيخ.
وأما أثر أبي مالك فأخرجه رقم15991 حدثني يعقوب قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حصين، عن أبي مالك - فذكر نحوه. وأخرجه رقم15992 حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم عن حصين عنه نحوه.
وذكره السيوطي في الدر المنثور4/57 ونسبه إليه وإلى عبد بن حميد.
2 فتح الباري8/309
أخرجه ابن جرير رقم16012 وابن أبي حاتم رقم9754 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح عن علي، به نحوه.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/59 وزاد نسبته إلى بن المنذر والنحاس في ناسخه والبيهقي في الدلائل.(1/501)
عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عنه1.
قوله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} الآية: 46
[891] وصل عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة: الريح الحرب2.
قوله تعالى: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} الآية: 52
[892] وصل الفريابي من طريق مجاهد {دَأْبِ} : حال3.
قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} الآية: 60
[893] عند مسلم من حديث عقبة بن عامر4 سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} "ألا إن القوة الرمي"، ثلاثا5.
__________
1 فتح الباري8/306.
وذكره في تغليق التعليق 4/216 أيضا بهذا الإسناد.
أخرجه ابن جرير رقم16037،16038 من طريق عيسى ومن طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح، به. وأخرجه ابن أبي حاتم رقم9042، 9046 من طريق ورقاء، به مثله مفرقا.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/62 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 6/163. أخرجه عبد الرزاق 1/2/360 عن معمر، به.
3 فتح الباري 6/372.
أخرج الفريابي كما في تغليق التعليق 4/9 حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. ولفظه "في قوله {كَدَأْبِ} قال: مثل فعل".
4 عقبة بن عامر الجهني، صحابي، وكان من أصحاب معاوية بن أبي سفيان، وولي له مصر وسكنها، وتوفي بها سنة ثمان وخمسين. انظر ترجمته في: أسد الغابة 4/51، رقم3711، والإصابة 4/429، رقم5617.
5 فتح الباري 6/91. أخرجه مسلم في صحيحه رقم1917-167 بسنده عن عقبة بن عامر، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/83 ونسبه إلى أحمد ومسلم وأبي داود وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه وأبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم القراب في كتاب فضل الرمي والبيهقي في شعب الإيمان عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه.(1/502)
قوله تعالى:
{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} الآية: 67
[894] وعن مجاهد: الإثخان القتل1.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ} الآية: 70
[895] عند أبي نعيم في "الأوائل" بإسناد حسن من حديث ابن عباس "كان فداء كل واحد أربعين أوقية، فجعل على العباس مائة أوقية، وعلى عقيل ثمانين، فقال له العباس: أللقرابة صنعت هذا؟ قال: فأنزل الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ} الآية، فقال العباس: وددت لو كنت أخذت مني أضعافها لقوله تعالى: {يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ} 2.
__________
1 فتح الباري 6/152.
لم يعزه ابن حجر لأحد، وقد أخرجه ابن جرير رقم16288 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن فضيل، عن حبيب بن أبي عمرة، عن مجاهد، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/109 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وفي إسناده "ابن وكيع" شيخ الطبري ضعيف.
2 فتح الباري 7/322.
أخرجه أبو نعيم في الدلائل رقم410 من طريق محمد بن حميد، ثنا جرير، عن شعيب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به. وقد حسّن إسناده ابن حجر كما هو أعلاه. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/112 ونسبه إلى أبي نعيم في الدلائل فقط.(1/503)
قوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} الآية: 75
[896] وصل سعيد بن منصور من طريق حكيم بن عقال1 قال: أُتِيَ شريح في امرأة تركت ابني عمها أحدهما زوجها والآخر أخوها لأمها، فجعل للزوج النصف، والباقي للأخ من الأم، فأتوا عليا فذكروا له ذلك، فأرسل إلى شريح، فقال: ما قضيت أبكتاب الله أو سنة من رسول الله؟ فقال: بكتاب الله، قال: أين؟ قال: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} قال: فهل قال للزوج النصف وللأخ ما بقي، ثم أعطىُ الزوج النصف، والأخ من الأم السدس، ثم قسم ما بقي بينهما2.
__________
1 في فتح الباري "حكيم بن غفال " وهو تصحيف، وحكيم هو ابن عقال القرشي، ذكره ابن حبان في الثقات 4/161 وقال: يروي عن ابن عمر، روى عنه قتادة. سمع حكيمُ عثمانَ. وله ترجمة في التاريخ الكبير 2/1/13 ولم يذكر فيه البخاري جرحا ولا تعديلا.
2 فتح الباري 12/27. وذكره البخاري عنه تعليقا مختصرا.
أخرجه سعيد بن منصور في سننه كتاب ولاية العصبة، باب ما جاء في ابني عم أحدهما أخ لأم، رقم130 ص 83 نا هشيم، قال: أنا أوس بن ثابت الأنصاري، عن حكيم ابن عقال، به. وذكره ابن حجر في تغليق التعليق 5/222 برواية سعيد بن منصور.(1/504)
سورة التوبة
[897] روى ابن عباس عن عثمان1 أنهم لما جمعوا القرآن شكّوا هل براءة والأنفال واحدة أوثنتان، ففصلوا بينهما بسطر لاكتابة فيه ولم يكتبوا فيه البسملة. أخرجه أحمد والحاكم وبعض أصحاب السنن2.
__________
1 عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة بن عبد شمس الأموى، يجتمع نسبه بنسب النبي صلى الله عليه وسلم في "عبد مناف". أمير المؤمنين، ذو النورين، أحد السابقين الأوّلين، والخلفاء الأربعة، والعشرة المبشّرة، استشهد في ذي الحجة، بعد عيد الأضحى سنة خمس وثلاثين، وكانت خلافته اثنتى عشرة سنة، عمره ثمانون. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/578، رقم3589، والإصابة 4/377، رقم5464، والتقريب 2/12.
2 فتح الباري 8/314.
أخرجه الإمام أحمد 1/57، 69 وأبو داود في سننه 786، 787 والترمذي 3086 والنسائي في السنن الكبرى 8007 وابن أبي داود في المصاحف ص 39، 40 وابن حبان رقم43 والحاكم 2/221، 330 والبيهقي في السنن 2/42 وفي الدلائل 7/152-153 كلهم من طرق عن عوف بن أبي جميلة عن يزيد الفارسي عن ابن عباس بنحوه. وحسنه الترمذي وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. قلت: وفيه نظر؛ فإن الشيخين لم يخرجا ليزيد الفارسي، ثم هو في عداد المجهولين كما يأتي، فكيف يصح حديثه؟!
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/119 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر والنماس في ناسخه أبي الشيخ.
ولفظ هذا الحديث - كما في المسند - قال يزيد: قال لنا ابن عباس قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم على أن عمد تم إلى الأنفال وهي من المثاني، وإلى برائة، وهي من المئين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا بينهما سطراً: بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتمو ها في السبع الطوال، ما حملكم على ذلك؟ =(1/505)
............................................................................................
__________
= قال عثمان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد، وكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده يقول: "ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا " وينزل عليه الآيات، فيقول: " ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا " وكانت الأنفال من أوائل ما أنزل بالمدينة، وبراءة من آخر القرآن، فكانت قصتها شبيهة بقصتها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، وظننت أنها منها، فمن ثم قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطراً: بسم الله الرحمن الرحيم. ووضعتها في السبع الطوال.
1 وفي إسناد هذا الحديث "يزيد الفارسي"، لم يرو عنه هذا الحديث غير عوف ابن أبي جميلة، وهو - أعني يزيد - في عداد المجهولين. قال ابن حجر: هو غير يزيد ابن هرمز الذي خرّج له مسلم التقريب 2/372. وقد انفرد بروايته. قال البخاري في التاريخ الكبير 8/367 قال لي علي - يعني ابن المديني - قال عبد الرحمن - يعني ابن مهدي -: يزيد الفارس هو ابن هرمز، قال: فذكرته ليحيى فلم يعرفه، قال: وكان يكون مع الأمراء.
وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند رقم399 فهذا يزيد الفارس الذي انفرد بروايته هذا الحديث يكاد يكون مجهولا حتى شبهه على مثل ابن مهدي. وأحمد والبخاري أن يكون هوابن هرمز أو غيره، ويذكره البخاري في " الضعفاء " فلا يقبل منه مثل هذا الحديث ينفرد به، وفيه تشكيل في معرفة سور القرآن الثابتة بالتداثر القطعي قراءة وسماعا وكتابة في المصاحف، وفيه تشكيل في إثبات البسملة في أوائل السور، كأن عثمان كان يثبتها برأيه وينفيها برأيه، وحاشاه في ذلك، فلا علينا إذا قلنا: إنه حديث لا أصل له، تطبيقا للقواعد الصحيحة التي لاخلاف فيها بين أئمة الحديث.
وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند 1/462 - بعد أن نقل أقوال الأئمة المحققين في نقدهم لهذا الحديث - قال: فلا عبرة بعد هذا كله في هذا الموضوع بتحسين الترمذي، ولا بتصحيح الحاكم، ولا بموافقة الذهبي، وإنما العبرة للحجة والدليل، والحمد لله على التوفيق اهـ.
هذا وقد ضعف هذا الحديث الشيخ الألباني أيضا في ضعيف سنن الترمذي رقم599.
والحديث ذكره ابن كثير في تفسيره 4/44 برواية الترمذي ثم نسبه إلى أحمد وأبي داود والنسائي وابن حبان والحاكم، ولم يعلق عليه بشئ، وهذا خلاق عادته رحمه الله.(1/506)
قوله تعالى:
{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} الآيات 1-10
[898] وقع في حديث علي1 عند أحمد: لما نزلت عشر آيات من براءة بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني فقال: "أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ منه الكتاب"، فرجع أبو بكر2 فقال: يا رسول الله نزل في شيء؟ فقال: "لا، إلا أنه لن يؤدي - ولكن جبريل قال: لا يؤدي - عنك الا أنت أو رجل منك" 3.
[899] وقع في حديث مقسم عن ابن عباس عند الترمذي "أن النبي صلى الله عليه وسلم
__________
1 في الفتح "يعلى" وهو خطأ ظاهر، ولعله في الناسخ أو من الطباعة، والصواب ما أثبته، فالحديث رواه عبد الله بن أحمد في الزوائد في مسند علي، ثم إن قوله فيه "ثم دعاني" يؤكد هذا الخطأ. فإن الذي دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو علي.
2 نقل ابن حجر عن العماد بن كثير قوله: ليس المراد أن أبا بكر رجع من فوره بل المراد رجع من حجته. وقال ابن حجر: قلت: لامانع من حمله على ظاهره لقرب المسافة.
3 فتح الباري 8/320.
أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند 1/151 قال: حدثنا محمد بن سليمان لُوَين، حدثنا محمد بن جابر، عن سماك، عن حنش، عن علي - فذكر نحوه.
والحديث ذكره ابن كثير في تفسيره 4/48 وقال: هذا إسناد فيه ضعف. وقال في البداية والنهاية 5/34 ضعيف الإسناد وفي متنه فيه نكارة.
كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/122 ونسبه إلى عبد الله بن أحمد في الزوائد وأبي الشيخ وابن مردويه.(1/507)
بعث أبا بكر" الحديث وفيه "فقام عليّ أيام التشريق فنادى: ذمة الله وذمة رسوله بريئة من كل مشرك، فسيحوا في الأرض لأربعة أشهر، ولا يحجن بعد العام مشرك، ولايطوفن بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة الاّ مؤمن، فكان علي ينادي بها، فإذا به قام أبو هريرة فنادى بها"1.
[900] روى سعيد بن منصور والترمذي والنسائي والطبري من طريق أبي إسحاق عن زيد بن يثيع2 قال: سألت عليا بأي شيء بعثت؟ قال: بأنه لا يدخل الجنة الاّ نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع مسلم مع مشرك في الحج بعد عامهم هذا، ومن كان له عهد فعهده إلى مدته، ومن لم يكن له عهد فأربعة أشهر3.
__________
1 فتح الباري8/320
أخرجه الترمذي رقم3091، في التفسير، باب ومن سورة التوبة حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عباد بن العوام، حدثنا سفيان بن حسين عن الحكم بن عتبة عن مقسم، به نحو.
وأخرج ابن أبي حاتم رقم9215 عن أحمد بن منصور الرمادي، ثنا سعيد بن سليمان، به نحوه مطولا. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه عن حديث ابن عباس.
وذكره الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2468 وقال: صحيح الإسناد. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/124 ونسبه إلى الترمذي وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل.
2 هو زيد بن يُثَيْع - بضم التحتانية بعدها مثلثة ثم تحتانية ساكنة ثم مهملة - يقال: أُثيع، بهمزة بدلالياء، الهمداني، الكوفي، ثقة مخضرم. روى عن أبي بكر الصديق وعلي وحذيفة وأبي ذر، وعنه أبو إسحاق السبيعي. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/369 والتقريب 1/277.
3 فتح الباري 8/319.
أخرجه سعيد بن منصور رقم1005 وأحمد 1/79 والحميدي في مسنده رقم48 ومن طريق الحاكم 3/52 ومن طريق الحاكم البيهقي في الدلائل 5/297 والترمذي =(1/508)
[901] روى أحمد والنسائي من طريق محرر بن أبي هريرة1 عن أبيه قال: كنت مع علي حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ببراءة، فكنا ننادي أن لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فأجله أربعة أشهر، فإذا مضت فإن الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يحج بعد العام مشرك، فكنت أنادي حتى صحل صوتي2.
__________
= 871، 872 في الحج وفي تفسير القرآن 3092 وأبو يعلى 452 والبيهقي 9/207 كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 691، 2469.
قلت: رجاله رجال الشيخين غير زيد بن يثيع، وهو ثقة، كما تقدم قريبا في ترجمته.
وأخرجه الطبري رقم16373 من طريق زكريا بن أبي زائدة، والبيهقي 9/206-207 من طريق زهير بن معاوية، ثلثتهم عن أبي إسحاق، به.
وأخرجه الحاكم 4/178 من طريقين عن محمد بن غالب، عن أبي حذيفة، عن سفيان هو الثوري، عن أبي إسحاق، به. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/125 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر والنحاس وابن مردويه.
1 محرر بن أبي هريرة الدوسي، المدني، روى عن أبيه وعمر بن الخطاب وابن عمر وجماعة، وعنه ابن مسلم والزهري والشعبي وعطاء وعكرمة وآخرون. قال ابن حجر: مقبول، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. أخرج له النسائي وابن ماجة. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 10/50-51 والتقريب 2/231
2 فتح الباري 8/321.
أخرجه أحمد 2/299 والنسائي في سننه في مناسك الحج باب قوله عزوجل {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} رقم2958 من طرق عن شعبة عن المغيرة عن الشعبي عن المحرر بن أبي هريرة، به وأصله في الصحيحين من وجه آخر عن أبي هريرة نحوه. انظر: صحيح البخاري رقم369، 4657، وصحيح مسلم رقم1347 والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/123 وزاد نسبته الى ابن المنذر وابن مردويه.(1/509)
[902] روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة في قوله: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} قال: لما كان زمن خيبر اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة1، ثم أمّر أبا بكر الصديق على تلك الحجة، قال الزهري: وكان أبو هريرة يحدث أن أبا بكر أمّره أن يؤذن ببراءة، ثم أتبع النبي صلى الله عليه وسلم عليا ... الحديث2.
[903] روى الطبري من طريق عبيد بن سليمان3 سمعت الضحاك
__________
1 منزل بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أقرب، نزله النبي صلى الله عليه وسلم وقسم بها غنائم هوازن في مرجعه من غزوة حنين، وأحرم منه بالعمرة، وكان ذلك سنة ثمان. انظر: معجم البلدان 2/165، رقم3142.
2 فتح الباري 8/322.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 2/265 به سندا ومتنا. ونقله عنه ابن كثير في تفسيره 4/47، ثم قال: وهذا السياق فيه غرابة من جهة أن أمير الحج كان سنة عمرة الجعرانة إنما هو عتّاب بن أسيد، فأما أبو بكر إنما كان أميرا سنة تسع.
ونقله ابن حجر ثم قال: ويمكن رفع الإشكال بأن المراد بقوله "ثم أمّر أبا بكر يعني بعد أن رجع إلى المدينة، وطوى ذكر من ولي الحج سنة ثمان؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من العمرة إلى الجعرانة فأصبح بها توجه هو ومن معه إلى المدينة، إلى أن جاء أوان الحج، فأمر أبا بكر، وذلك سنة تسع. وليس المراد أنه أمر أبا بكر أن يحج في السنة التي كانت فيها عمرة الجعرانة. اهـ. فتح الباري 8/322.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/123 بنحوه، ونسبه إلى عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم.
3 في الفتح "عبيدة بن سليمان" وهو تصحيف، وعبيد بن سليمان هو الباهلي، مولاهم، كوفي سكن مَرْو، روى عن الضحاك بن مزاحم، عنه أبو معاذ الفضل بن خالد النحوي. قال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا بأس به وهو أحب إليّ من جويبر، وذكره ابن حبان في الثقات. روى ابن عدي بسنده عن ابن معين قال: جويبر أحب إليّ من عبيد ابن سليمان، ذكر ذلك في ترجمة الضحاك بن مزاحم. انظر ترجمته في: التهذيب 7/62، والتقريب 1/543.(1/510)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاهد ناسا من المشركين من أهل مكة وغيرهم فنزلت براءة فنبذ إلى كل أحد عهده وأجلهم أربعة أشهر، ومن لاعهد له فأجله انقضاء الأشهر الحرم1.
[904] ومن طريق السدي نحوه2.
قوله تعالى: {يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} الآية:3
[905] عن مجاهد: الحج الأكبر القران والأصغر الإفراد3.
[906] عن الثوري: أيام الحج تسمى يوم الحج الأكبر كما يقال يوم الفتح4.
[907] عن الحسن: سمي يوم الحج الأكبر بذلك لاتفاق حج جميع الملل فيه5.
__________
1 فتح الباري 8/319.
أخرجه الطبري رقم16359 قال: حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ قال: حدثنا عبيدة ابن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله - فذكره بنحوه.
قلت: وهذا مرسل، والمرسل من أنواع الضعيف.
2 فتح الباري8/319
أخرجه الطبري رقم16361 حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي - فذكر نحو أثر الضحاك.
3 فتح الباري8/321
أخرجه ابن جرير رقم1646 حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا أبو بكر النهشلي، عن حماد، عن مجاهد - مثله.
4 فتح الباري8/321
أخرجه ابن جرير رقم16457 حدثني الحارث قال: حدثنا أبو عبيد قال: كان سفيان يقول - فذكر نحوه.
5 فتح الباري8/321 أخرج ابن جرير رقم16459 حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن - فذكره بنحوه.(1/511)
[908] وفي رواية الترمذي من حديث علي مرفوعا وموقوفا "يوم الحج الأكبر يوم النحر" 1.
__________
1 فتح الباري 8/321.
أما المرفوع فأخرجه الترمذي في سننه كتاب الحج، باب ما جاء في يوم الحج الأكبر رقم957 وفي التفسير، باب ومن سورة التوبة رقم3088 من طريق محمد بن إسحاق، عن أبي إسحاق، عن الحارث عن علي قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الحج الأكبر؟ فقال: "يوم النحر".
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/127 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، وأما الموقوف فأخرجه عقب الأول برقم 958، 3089 من طريق سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق، به موقوفا.
قال: الترمذي: ولم يرفعه، وهذا أصح من الحديث الأول، ورواية ابن عيينة موقوفا، أصح من رواية محمد ابن إسحاق مرفوعا، هكذا روى غير واحد من الحفاظ عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي موقوفا. وقد روى شعبة عن أبي إسحاق قال: عن عبد الله بن مُرة، عن الحارث عن علي موقوفا. وكلا الحديثين صححهما الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم765-970، 971 والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/127 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وأبي الشيخ. واختار هذا القول ابن جرير الطبري، ونقل عنه الحافظ وابن كثير وارتضاه. وهذا الذي يدل عليه حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري كتاب الجزية، باب كيف ينبذ إلى أهل العهد رقم3177 عنه. قال: بعثني أبو بكر رضي الله عنه فيمن يؤذن يوم النحر بمنى " وفيه " ويوم الحج الأكبر يوم النحر، وإنما قيل " الأكبر " من أجل قول الناس "الحج الأصغر " فنبذ أبوبكر إلى الناس في ذلك العام، الحديث. وهذا الأخير مدرج في قول أبي هريرة ففي كتاب التفسير رقم4657 فكان حميد - الراوي عن أبي هريرة - يقول: يوم النحر يوم الحج الأكبر، من أجل حديث أبي هريرة.
وأخرج البخاري في الحج، باب الخطبة أيام المنى، رقم1742 تعليقا: وقال هشام ابن الغار، أخبرني نافع عن ابن عمر وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج وقال: أتدرون أي يوم هذا؟ وقال: هذا يوم الحج الأكبر.
الحديث وصله ابن جرير رقم16447 حدثنا سهل ابن محمد السجبستاني قال: حدثنا أبو جابرالحرمي قال: حدثنا هشام بن الغاز الجرشي، به.(1/512)
[909] روى ابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "كا نوا يجعلون عاما شهرا وعاما شهرين" يعني يحجون في شهر واحد مرتين في سنتين، ثم يحجون في الثالث في شهر آخر غيره، قال: فلا يقع الحج في أيام الحج إلا في خمس وعشرين سنة، فلما كان حج أبي بكر وافق ذلك العام شهر الحج فسماه الله الحج الأكبر1.
[910] روى الطبري من طريق أبي جحيفة2 وغيره: أن يوم الحج الأكبر يوم عرفة3.
__________
1 فتح الباري 8/322.
لم أقف عليه مسندا، هذا ورواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قد صححها أئمة الحديث، ويحتجون بهذه السلسلة. قال الإمام البخاري: رأيت أحمد بن حنبل وعلي ابن المدني، وإسحاق بن راهويه، وأبا عبيد، وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده، ما تركه أحد من المسلمين، قال البخاري: من الناس بعد هم؟!
هذا وقد حقق الشيخ أحمد شاكر صحة رواية عمرو بن شعيب تحقيقا جيدا في تعليقه على سنن الترمذي 2/141-142 فليراجع كلامه هناك، فإنه نفيس. وانظر أيضا تهذيب التهذيب 8/43-48. هذا ويشترط العلماء لقبول روايته أن يكون الإسناد إلى عمرو صحيحا، والحقيقة أن هذا الشرط معتبر في جميع الرواة لايختص به عمرو. ولهذا يبقى الحكم على هذا الحديث متوقفا حتى يعلم با قي الإسناد. والله أعلم.
2 أبو جحيفة هو وهب بن عبد الله السّوائي، مشهور بكنيته، ويقال له وهب الخير. صحابي معروف، وكان من صغار الصحابة، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو جحيفة لم يبلغ الحلم، ولكنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عنه، وقد صحب عليا وكان يحبه ويثق إليه، ويسميه وهب الخير، وجعله علي على بيت المال بالكوفة، وشهد معه مشاهده كلها. توفي في إمارة بشر بن مروان بالبصرة سنة إثنتين وسبعين أو أربع وسبعين. روى له الجماعة. أنظر ترجمته في: أسد الغابة 6/47-48 والتقريب 2/338.
3 فتح الباري 8/321.
أخرجه عبد الرزاق 1/2/267 ومن طريق ابن جرير رقم16373 عن معمر، عن أبي إسحاق، قال سألت أبا جحيفة عن يوم الحج الأكبر، فذكر نحوه. وفيه أنه سأله أمِنْ عندك، أو من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال: كل ذلك. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/128 ونسبه إلى ابن أبي شيبة فقط.(1/513)
[911] ومن طريق سعيد بن جبير أنه النحر1.
قوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} الآية: 2
[912] روى الطبري من طريق ابن إسحاق قال: هم صنفان، صنف كان له عهد دون أربعة أشهر فأمهل إلى تمام أربعة أشهر، وصنف كانت له مدة عهد بغير أجل فقصرت على أربعة أشهر2.
__________
1 فتح الباري 8/321.
أخرجه ابن جرير رقم16415 حدثنا أبي الشوارب قال: حدثنا عبد الواحد قال: حدثنا سليمان الشيباني قال: سمعت سعيد بن جبير يقول - فذكره. وذكره السيوطي في الدرالنثور 4/128 ونسبه إلى ابن أبي شيبة فقط. وقد رجح الطبري هذا القول قائلا "وأولى الأقوال في ذلك بالصحة عندنا: قول من قال {يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} يوم النحر، لتظاهر الأخبار عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليا نادى بما أرسله به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرسالة إلى المشركين، وتلا عليهم براءة يوم النحر. ثم قال - أي الطبري - هذا مع الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم النحر: "أتدرون أي يوم هذا؟ هذا يوم الحج الأكبر". اهـ.
2 فتح الباري 8/319.
أخرجه ابن جرير رقم16356 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق - فذكره نحوه في سياق مطول. ولفظه "قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصدّيق رضي الله عنه أميرا على الحاجّ من سنة تسع ليقيم للناس حجهم، والناس من أهل الشرك على منازلهم من حجهم. فخرج أبو بكر ومن معه من المسلمين، ونزلت سورة براءة في نقض ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه فيما بينه وبينهم: أن لا يصدّ عن البيت أحد جاءه، وأن لا يخاف أحد في الشهر الحرام. وكان ذلك عهدا عامّا بينه وبين الناس من أهل الشرك، وكانت بين ذلك عهود بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قبائل من العرب خصائص إلى أجل مسمى، فنزلت فيه وفيمن تخلف عنه من المنافقين في تبوك وفي قول من قال منهم، فكشف الله فيها سرائر أقوام كانوا يستخفون بغير ما يظهرون، منهم من سمي لنا، ومنهم من لم يسمّ لنا، فقال: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} أي لأهل العهد العام من أهل الشرك من العرب، {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} إلى قوله {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} أي بعد هذه الحجة".(1/514)
[913] روى الطبري من طريق معمر عن الزهري قال: كان أول الأربعة أشهر عند نزول براءة في شوال، فكان آخرها آخر المحرم1.
قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} الآية: 5
[914] روى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن الأربعة أشهر أجل من كان له عهد مؤقت بقدرها أو يزيد عليها، وأما من ليس له عهد فانقضاؤه إلى سلخ المحرم لقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} 2.
قوله تعالى: {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلا ذِمَّةً} الآية: 10
[915] عن مجاهد: الإلّ: الله3.
قوله تعالى: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} الآية: 12
[916] روى الطبري من طريق السدي قال: المراد بأئمة الكفر كفار
__________
1 فتح الباري8/319
أخرجه ابن جرير رقم16366 حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري - فذكره بنحوه.
2 فتح الباري 8/319.
أخرجه ابن جرير رقم16357 من طريق معاوية بن صالح عن علي، به نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/125-126 ونسبه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
3 فتح الباري 6/267.
أخرجه ابن جرير رقم16499 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به.
وابن وكيع - شيخ الطبري ضعيف، وقد أخرجه من طريق أخرى. فقد أخرج رقم16501 عن محمد ابن عبد الأعلى، قال: حدثني محمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. ولفظه قال: "لا يرقبون الله ولا غيره".(1/515)
قريش1.
[917] ومن طريق الضحاك قال: أئمة الكفر رؤوس المشركين من أهل مكة2.
[918] روى الطبري من طريق حبيب بن حسان عن زيد بن وهب قال: كنا عند حذيفة فقرأ هذه الآية {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
[919] ومن طريق الأعمش عن زيد بن وهب نحوه3.
[920] روى الطبري من طريق عمار بن ياسر4 وغيره في قوله {إِنَّهُمْ
__________
1 فتح الباري 8/323.
أخرجه ابن جرير رقم16524 من طريق سنيد قال: حدثني الحجاج قال: حدثنا أسباط، عن السدي، به. وفي إسناده سنيد والسدي ضعيفان.
2 فتح الباري 8/323.
أخرجه ابن جرير 16525 قال: حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ قال: سمعت الضحاك يقول - فذكره.
3 فتح الباري 8/323.
أخرجه ابن جرير رقم16528 حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا حبيب بن حسان، به مثله. وأخرجه رقم16527 حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، به نحوه. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/136 عن حذيفة ونسبه الى ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه.
قال ابن حجر: والمراد بكونهم لم يقاتلوا أن قاتلهم لم يقع لدرم وقوع الشرط، لأن لفظ الآية {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا} فلما لم يقع منهم نكث ولا طعن لم يقاتلوا.
4 عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة العنيس أبو اليقضان مولى بني مخزوم. صحابي جليل، وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام، وهو ممن عذّب في الله. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم عن حذيفة بن اليمان، وعنه ابنه محمد وابن عباس وأبو وائل وصله بن زقر وآخرون. قتل عمار مع علي بصفين سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وتسعين سنة ودفن هناك بصفين. انظر ترجمته في: أسد الغابة 4/122-128 وتهذيب التهذيب 7/357-359.(1/516)
لا أَيْمَانَ لَهُمْ} أي لاعهد لهم1.
قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} الآيات: 28-29
[921] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان المشركون يوافون بالتجارة فينتفع بها المسلمون، فلما حرم الله على المشركين أن يقربوا المسجد الحرام وجد المسلمون في أنفسهم مما قطع عنهم من التجارة، فنزلت {وَإِنْ خِفْتُمْ} الآية، ثم أحل في الآية الأخرى "الجزية" الحديث. أخرجه الطبراني وابن مردويه من رواية شعيب عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عنه2.
__________
1 فتح الباري 8/323.
أخرجه ابن جرير رقم16533 حدثنا ابن بشار قال: حدثنا عبد الرحمان قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن صلة ابن زفر، عن عمار بن ياسر، به.
وله شاهد عن حذيفة أخرجه ابن جرير رقم16534 من وجه آخر عن أبي إسحاق عن صلة عن حذيفة. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/137 وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
2 فتح الباري 8/317.
لم أهتد إليه عند الطبراني، وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/167 ونسبه إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه. وقد أخرجه ابن أبي حاتم رقم10031 والبيهقي في سننه 9/185 كلاهما من طريق أبي اليمان، عن شعيب، به نحوه.(1/517)
قوله تعالى: {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية: 30
[922] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي يشبهون1.
قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً} الآية: 36
[923] ذكرالطبري في سبب ذلك من طريق حصين بن عبد الرحمن عن أبي مالك: كانوا يجعلون السنة ثلاثة عشر شهرا2.
[924] وقع في حديث ابن عمر عند ابن مردويه "إن الزمان قد استدار فهو اليوم كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض"3.
__________
1 فتح الباري 8/316.
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره رقم10048 من طريق معاوية عن علي، به مثله.
2 فتح الباري 8/325.
أخرجه ابن جرير رقم16715 حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا عمران بن عيينة عن حصين، به مثله. وزاد "فيجعلون المحرَّم صفراً، فيستحلُّون فيه الحرمات، فأنزل الله {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} ". وفيه ابن وكيع وهو ضعيف.
3 فتح الباري 8/324.
أخرجه ابن مردويه فيما ذكره ابن كثير في تفسيره 4/87 من حديث موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعا مثله في حديث طويل.
والحديث أخرجه ابن أبي حاتم رقم10096 من طريق مكي ابن إبراهيم ثنا موسى ابن عبيدة، به. وأخرج ابن جرير رقم16684 من وجه آخر عن موسى بن عبيدة حدثني صدقة بن يسار عن ابن عمر، به نحوه.
هذا وقد ضعف ابن حجر إسناده في تخريجه على الكشاف 2/269 وقال الشيخ أحمد شاكر: وهذا إسناد ضعيف لضعف موسى بن عبيدة الربذي.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/183 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
وللحديث شاهد من حديث أبي بكرة متفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السما وات والأرض، السنة إثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم" الحديث. البخاري رقم4662، مسلم رقم1679.(1/518)
قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} الآية: 40
[925] ووقع في مغازي عروة بن الزبير في قصة الهجرة قال: "وأتى المشركون على الجبل الذي فيه الغار الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم حتى طلعوا فوقه، وسمع أبو بكر أصواتهم فأقبل عليه الهم والخوف، فعند ذلك يقول له النبي صلى الله عليه وسلم {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت عليه السكينة، وفي ذلك يقول الله عز وجل {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} الآية1.
قوله تعالى: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} الآية: 40
[926] وروى الحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} قال: "على أبي بكر"2.
__________
1 فتح الباري 7/11.
أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 2/478 عن أبي عبد الله الحافظ، أن أبا جعفر البغدادي أخبرهم، قال: حدثنا أبو علانة: محمد بن عمرو بن خاله، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير - فذكر نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/198 ونسبه إلى أبي نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل.
قلت: وهو مرسل، ولكن له شاهد من حديث أبي بكر، أخرجه الإمام أحمد 1/4 بإسناد صحيح على شرط الشيخين، عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار فرأيت آثار المشركين، قلت: يا رسول الله لو أن أحدهم رفع قدمه رآنا، قال: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما".
2 فتح الباري 7/9-10.
هذا أحد القولين في تفسيرها. والقول الثاني أن الذي نزلت عليه السكينة هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أشهر القولين كما قال ابن كثير. انظر: تفسير القرآن العظيم 4/96.
قال القرطبي: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} فيه قولان: أحدهما: على النبي صلى الله عليه وسلم، والثاني: على أبي بكر: ثم نقل عن ابن العربي: قال علماؤنا وهو الأقوى، لأنه خاف على النبي صلى الله عليه وسلم من القوم، فأنزل الله سكينته عليه بتأمين النبي صلى الله عليه وسلم، فسكن جأشه =(1/519)
قوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} الآية: 41
[927] وقد روى الطبري من رواية أبي الضحى قال "أول ما نزل من براءة {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} وقد فهم بعض الصحابة من هذا الأمر العموم فلم يكونوا يتخلفون عن الغزو حتى مات منهم أبو أيوب الأنصاري والمقداد ابن الأسود وغيرهم"1.
[928] وأخرج الطبري عن الحسن البصري وعكرمة أنها منسوخة بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} 2 3.
__________
= وذهب رَوْعه وحصل الأمن. انظر: تفسير القرطبي 8/95.
هذا ولم أهتد إليه في المستدرك، وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/207 ونسبه إلى ابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس.
وقد أخرجه ابن أبي حاتم سورة التوبة، رقم1096، والبيهقي في الدلائل 2/482 كلاهما من طريق علي بن مجاهد، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به. وزادا في آخره "لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم تزل السكينة معه.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإن "علي بن مجاهد هو ابن مسلم القاضي، الكابلي، قال عنه ابن حجر في التقريب 2/43 "متروك ".
وقد ذكره ابن كثير في تفسيره 4/96 عن ابن عباس تعليقا بصيغة التمريض قائلا: "وقيل: على أبي بكر، ورُوي عن ابن عباس وغيره، قالوا: لأن الرسول لم تزل معه سكينته. وتعقبه قائلا: وهذا لا ينافي تجدد سكينته خاصة بتلك الحال، ولهذا قال: {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} أي الملائكة. اهـ.
1 فتح الباري 6/38.
أخرجه ابن جرير رقم16758 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، به.
وفي هذا الإسناد "ابن وكيع" شيخ الطبري ضعيف.
2 الآية 122 من هذه السورة.
3 فتح الباري 6/38. هكذا عزاه إلى الطبري عن الحسن وعكرمة، ولم أجده عنده عنهما، قال ابن حجر - عقب ذكره -: "والذي يظهر أنها مخصوصة وليست بمنسوخة والله أعلم".
هذا وقد أخرج ابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 366 من طريق الإمام أحمد، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس - مثله.(1/520)
[929] روى ابن سعد والحاكم وغيرهما من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس "أن أبا طلحة1 قرأ {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} فقال: استنفرنا الله شيوخا وشبانا، جهزوني، فقال له بنوه: نحن نغزو عنك، فأبى فجهزوه، فغزا في البحر فمات، فدفنوه بعد سبعة أيام ولم يتغير2.
قوله تعالى: {وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} الآية: 49
[930] أخرج الطبري من طريق سعيد3 عن قتادة في قوله: {وَلا تَفْتِنِّي} قال: لاتؤثمني، {أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} : ألا في الإثم سقطوا4.
__________
1 هو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري، وهو زوج أم سُليم بنت مِلحان أم أنس ابن مالك، من كبار الصحابة، شهد بدرا وما بعدها، مشهور بكنيته. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/361، رقم1843، والإصابة 2/502، رقم2912، والتقريب 2/275.
2 فتح الباري 6/42.
أخرجه ابن سعد في الطبقات 2/507، وأبو يعلى في مسنده رقم3413 وابن أبي حاتم سورة التوبة، رقم1107، والطبراني في الكبير ج 5/رقم4683، والحاكم 3/353 كلهم من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت وعلي بن زيد، عن أنس بن مالك، به. وأخرجه ابن حبان في صحيحه الإحسان، رقم7184 بهذا الإسناد دون ذكر علي ابن زيد. وقد صححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/315-316 وقال: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/209 ونسبه إلى ابن سعد وابن أبي عمر العدني في مسنده وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبي يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وأبي الشيخ والحاكم - وصححه - وابن مردويه عن أنس بن مالك.
3 سعيد هو ابن أبي عروبة.
4 فتح الباري 8/314. أخرجه ابن جرير في تفسيره رقم16791 حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة مثله. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/215 ونسبه إلى ابن المنذر وأبي الشيخ.(1/521)
قوله تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} الآية: 52
[931] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} فتحا أو شهادة1.
قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} الآية: 58
[932] عنٍ ابن مسعود قال "لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين سمعت رجلا يقول: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله، قال فنزلت {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} أخرجه ابن مردويه2.
قوله تعالى: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ} الآية: 60
[933] عن مجاهد {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ} قال: يتألفهم بالعطية. وصله الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه3.
__________
1 فتح الباري 8/227-228. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم16796 وابن أبي حاتم رقم10317 كلاهما من طريق معاوية ابن صالح عن علي، به نحوه.
2 فتح الباري 12/298.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/220 ولم ينسبه إلا إلى ابن مردويه. وأصل هذا الحديث أخرجه البخاري رقم4335 عن ابن مسعود بدون ذكر نزول الآية، وفي آخره "فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فتغير وجهه ثم قال: رحمة الله على موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر". وله شاهد من حديث أبي سعيد أخرجه البخاري أيضا رقم6933 وفيه "قال: فنزلت فيه" فذكر هذه الآية، وفيه أيضا التصريح بقائل ذلك وأنه "ذو الخويصرة التميمي".
3 فتح الباري 8/330. أخرجه الفريابي كما في التغليق التعليق 4/218 ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بهذا. قال: المؤلفة قلوبهم: ناس كان يتألفهم بالعطية. وانظر: تفسير آدم المسمى بتفسير مجاهد ص 282 وعمدة القاري 18/270.(1/522)
قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} الآية:61
[934] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} يعني أنه يسمع من كل أحد، قال الله: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} يعني يصدق بالله1.
قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ} الآية: 66
[935] عن محمد بن كعب في قوله: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ} قال: هو رجل واحد2.
قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ} الآية: 74
[936] وقع في رواية الإسماعيلي ... من رواية محمد بن فيلح عن موسى بن عقبة "قال ابن شهاب سمع زيد بن أرقم رجلا من المنافقين يقول والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب: لئن كان هذا صادقا لنحن شر من الحمير، فقال زيد:
__________
1 فتح الباري8/316. وذكره البخاري عنه تعليقا مختصرا
أخرجه ابن جرير في تفسيره رقم16900، وابن أبي حاتم في تفسيره رقم10304 كلا هما من طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/227 ونسبه إليهما وإلى بن المنذر وابن مردويه.
2 فتح الباري 12/158.
أخرجه ابن جرير رقم16920 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا زيد بن حبان، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب، به. وفيه ابن وكيع شيخ الطبري ضعيف.(1/523)
قد والله صدق، ولأنت شر من الحمار، ورفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجحده القائل، فأنزل الله على رسوله {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا} الآية. فكان مما أنزل الله في هذه الآية تصديقا لزيد. انتهى. وهذا مرسل جيد1.
قوله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} الآية: 79
[937] روى البزار من طريق عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن2 عن أبيه3 عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا فإني أريد أن أبعث بعثا"، قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف فقال: يا رسول الله! عندي أربعة آلاف، ألفين أقرضهما ربي، وألفين أمسكتهما لعيالي، فقال: "بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت"، قال: وبات رجل من الأنصار فأصاب صاعين من تمر" الحديث. قال: البزار: لم يسنده إلا طالوت ابن عباد عن أبي عوانة4
__________
1 فتح الباري 8/651.
2 عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، قاضي المدينة روى عن أبيه وإسحاق بن يحيى ابن طلحة، وعنه ابن عمه سعد ابن إبراهيم ومسعر وهشيم وموسى بن يعقوب وأبو عوانة. قال: ابن حجر: صدوق يخطئ. أخرج له البخاري في التعاليق والأربعة. قتل بالشام سنة اثنتين وثلاثين بعد الما ئة. انظر ترخمته في: تهذيب التهذيب 7/401 والتقريب 2/56.
3 أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، قيل إسمه عبد الله وقيل إسماعيل وقيل إسمه كنيته، روى عن أبيه وعثمان ابن عفان وطلحة وأبي هريرة وخلق من الصحابة والتابعين وروى عنه ابنه عمر وعروة بن الزبير والزهري وغيرهم. ثقة مكثر، مات سنة أربع وتسعين، وكان مولده سنة بضع وعشرين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 12/127 والتقريب 2/430.
4 أبو عوانة اسمه وضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي البزار مشهور بكنيته، ثقة ثبت، مات سنة خمس أو ست وسبعين بعد المائة. انظر ترخمته في: تهذيب التهذيب 11/103 والتقريب 2/331.(1/524)
عن عمر، قال: وحدثناه أبو كامل1 عن أبي عوانة فلم يذكر أبا هريرة فيه، وكذلك أخرجه عبد بن حميد عن يونس بن محمد عن أبي عوانة، وأخرج ابن أبي حاتم والطبري وابن مردويه من طريق أخرى عن أبي عوانة مرسلا. وذكره ابن إسحاق في المغازي بغير إسناد2.
[938] أخرج الطبري من طريق يحيى بن أبي كثير ومن طريق سعيد3 عن قتادة وابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان4 عن عكرمة قال: "وحث
__________
1 أبو كامل اسمه فضيل بن حسين بن طلحة الجحدري، أبو كامل، ثقة حافظ، مات سنة سبع وثلاثين بعد الما ئتين. روى عنه البخاري تعليقا ومسلم وأبو داود والبزار وغيرهم. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 8/261 والتقريب 2/112.
2 فتح الباري 8/332.
أخرجه البزار كشف الأستار، رقم2216 حدثنا طالوت بن عباد، ثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، به. قال البزار: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه، ولم نسمع أحداً أسنده من حديث عمر بن أبي سلمة، الاّ طالوت. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/35 وقال: رواه البزار من طريقين إحداهما متصلة عن أبي هريرة. والأخرى عن أبي سلمة مرسلة، ... وفيه عمر بن أبي سلمة والثقه العجلي وأبو خيثمة وابن حبان، وضعفه شعبة وغيره، وبقية رجالهما ثقات.
وأما المرسل فأخرجه ابن جرير رقم17010 من طريق حجاج بن المنهال الأنماطي، وابن أبي حاتم رقم10508 من طريق أبي سلمة ومسدد ثلاثتهم عن أبي عوانة، ثنا عمر بن أبي سلمة عن أبيه مرسلا. وانظر ما ذكره ابن إسحاق بغير إسناد في سيرة ابن هشام 4/1404. والحديث ذكره ابن كثير في تفسيره 4/127 برواية البزار وابن إسحاق. وكما ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/249 ونسبه إلى البزار وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه.
3 سعيد هو ابن أبي عروبة.
4 الحكم بن أبان العدني أبو عيسى، روى عن عكرمة وطاووس وشهربن حوشب وغيرهم، وعنه حفص بن عمر العدني وابن جريج ومعمر وابن عيينة وغيرهم، صدوق عابد، وله أوهام، مات سنة أربع وخمسين بعد الما ئة. أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن الأربعة في سننهم. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/113 وتهذيب التهذيب 1/190.(1/525)
رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة - يعني في غزوة تبوك - فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف فقال: يا رسول الله! مالي ثمانية آلاف، جئتك بنصفها وأمسكت نصفها، فقال: "بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت"، وتصدق يومئذ عاصم بن عدي بمائة وسق من تمر، وجاء أبو عقيل بصاع من تمر" الحديث1.
[939] وكذا أخرجه الطبري من طريق العوفي2 عن ابن عباس نحوه3.
[940] ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعين أوقية من ذهب بمعناه4.
__________
1 فتح الباري 8/332.
حديث يحيى بن أبي كثير أخرجه ابن جرير رقم17017 عن المثنى قال: حدثنا محمد ابن رجاء أبو سهل العباداني قال: حدثنا عامر بن يساف اليمامي، عن يحيى بن أبي كثير اليمامي - فذكر نحوه مطولا.
قال المحقق: "محمد بن رجاء أبو سهل العباداني" لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من المراجع.
وأما حديث قتادة فأخرجه ابن جرير رقم17008 حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد عن قتادة - فذكره بنحوه. وهذا إسناد صحيح مع أرساله.
وأما حديث عكرمة فأخرجه ابن أبي حاتم رقم10500 حدثنا أبو عبد الله محمد ابن حماد الطهراني، أنبأ حفص بن عمر، ثنا الحكم بن عبان، به نحوه.
2 العوفي اسمه عطية ضعيف تقدم.
3 فتح الباري 8/332.
أخرجه ابن جرير رقم17004 من طريق عطية العوفي عنه مطولا، وإسناده ضعيف لأنه من طريق العوفي.
4 فتح الباري 8/332.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم17003 من طريق معاوية عن علي، به نحوه.(1/526)
[941] وعند عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس قال: جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعمائة أوقية من ذهب فقال: إن لي ثمانمائة أوقية من ذهب، الحديث1.
[942] وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة فقال: "ثمانية آلاف دينار"2.
[943] ومثله لابن أبي حاتم من طريق مجاهد3.
[944] وأخرج ابن أبي حاتم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أو غيره قال: ثمانية آلاف درهم4.
[945] ولابن مردويه من طريق أبي سعيد فجاء عبد الرحمن بن عوف بصدقته، وجاء المطوعون من المؤمنين. الحدبث5.
__________
1 فتح الباري 8/332.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10509 حدثنا محمد بن عمار ثنا عبد الرحمن الدشتكي، أنبأ أبو جعفر الرازي عن الربيع - فذكر نحوه من قوله. فهذا مرسل. وانظر التعليق على رقم 21.
2 فتح الباري 8/332.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/283 بهذا السند وفيه " قال: تصدق عبد الرحمن ابن عوف بشطر ماله، وكان ماله ثمانية آلاف دينار، فتصدق بأربعة آلاف ... الحديث. وهذا أيضا مرسل، وإسناده صحيح.
3 فتح الباري 8/332.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10507 حدثنا أبي ثنا محمد بن عيسى بن الطباع ثنا حجاج ابن محمد عن ابن جريج عن مجاهد - فذكره بنحوه.
4 فتح الباري 8/332.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10504 حدثنا أبي ثنا عيسى بن يونس الرملي ثنا مؤمل عن حماد بن سلمة، به نحوه. ولكن لفظه في المطبوعة " فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف، فقال: يا رسول الله، هذه صدقة ... الحديث
5 فتح الباري 8/332.
وأما حديث أبي سعيد الخدري، فلم أجد من أخرجه مسندا وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/249 ونسبه إلى ابن مردويه فقط.(1/527)
[946] روى عبد حميد من طريق عكرمة قال: في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} هو رفاعة بن سهل. ووقع عند ابن أبي حاتم رفاعة بن سعد1.
[947] ذكر عبد بن حميد والطبري وابن منده من طريق سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة قال في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} قال: جاء رجل من الأنصار يقال له الحبحاب أبو عقيل فقال: يا نبي الله بت أجر الجرير على صاعين من تمر، فأما صاع، فأما صاع فأمسكته لأهلي وأما صاع فها هو ذا، فقال المنافقون: إن كان الله ورسوله لغنيين عن صاع أبي عقيل، فنزلت2.
[948] وهذا مرسل، ووصله الطبراني والبارودي والطبري من طريق موسى بن عبيدة3 عن خالد بن يسار4
__________
1 فتح الباري 8/331.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10503 حدثنا أبو عبد الله محمد بن حماد الطهراني، أنبأ حفص بن عمر، أنبأ الحكم بن أبان، عن عكرمة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/252 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط. وفي إسناده حفص بن عمر هو العدني ضعيف، وقد تقدم في التعليق على رقم 43.
2 فتح الباري 8/331.
مرسل قتادة أخرجه ابن جرير رقم17008 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد قال: ثنا ثنا سعيد، به نحوه. وإسناده صحيح مع إرساله. وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/250 ونسبه إلى أبي نعيم في المعرفة فقط.
3 موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي أبو عبد العزيز المدني، قال ابن حجر: ضعيف، ولا سيما في عبد الله بن دينار، مات سنة ثلاث وخمسين بعد المائة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 8/151-152 وتهذيب التهذيب 10/318-321 والتقريب 2/282.
4 خالد بن يسار روى عن جابر وأبي هريرة، وروى عنه شعيب بن الحجاب. قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: هو مجهول. وقال الهيثمي لم أجده منه وثقه ولا جرحه. انظر ترجمته في التاريخ الكبير 2/1/169 والجرح والتعديل 3/362 ومجمع الزوائد 7/36.(1/528)
عن ابن أبي عقيل1 عن أبيه2 بهذا، ولكن لم يسموه3.
قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} الآية: 80
[949] روى عبد بن حميد من طريق قتادة قال: لما نزلت {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} قال النبي صلى الله عليه وسلم قد خيرّني ربي، فوالله لأزيدنّ على السبعين4.
[950] وأخرجه الطبري من طريق مجاهد مثله5.
__________
1 ابن أبي عقيل، واسمه رضى بن أبي عقيل، ترجم له البخاري وابن أبي حاتم، قالا: روى عن أبيه، وروى عنه محمد بن فضيل، ولم يذكرا فيه جرحاً. انظر: التاريخ الكبير 2/1/313، والجرح والتعديل 3/523.
2 حجاب أبو عقيل الأنصاري: هوالذي لمزه المنافقون لما جاء بصاع من تمر صدقة، كما في هذا الحديث، فأنزل الله هذه الآية. انظر ترجمته في: أسد الغابة 1/667، رقم1028.
3 فتح الباري 8/331.
وأما الموصول فقد أخرجه ابن جرير رقم17014 عن ابن وكيع قال: ثنا زيد بن حبان، عن موسى بن عبيدة، به نحوه. وابن وكيع ضعيف.
وأخرجه الطبراني في الكبير ج 4/رقم3598 من طريق أبي كريب، ثنا زيد بن الحباب، حدثني خالد بن يسار، به. ولم يذكر عنده " موسى بن عبيدة " بين زيد بن حباب وخالد ابن يسار. بينما ذكره ابن حجر - كما في الأعلى - معزوا إلى الطبراني ايضا. فلعله سقط من السند في النسخة المطبوعة - والله أعلم. هذا وقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/35-36 وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات الاّ أن خالد بن يسار لم أجد من وثّقه ولاجرّحه.
4 فتح الباري 8/335.
أخرجه ابن جرير رقم17031، 17032 من طريق محمد بن ثور، عن معمر، ومن طريق سعيد كلاهما عن قتادة - مثله. وزاد في آخره "فأنزل الله {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ ... } [المنافقون:6] .
5 فتح الباري 8/335.
أخرجه ابن جرير الأرقام17025،17026،17027،17028 من طرق عن ابن أبي نجيح وابن جريج عن مجاهد مثله أو نحوه. ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/254 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر.(1/529)
[951] والطبري أيضا وابن أبي حاتم من طريق هشام ابن عروة عن أبيه مثله1.
قوله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} الآية:84
[952] أخرج الطبري من طريق سعيد عن قتادة في هذه القصة قال: فأنزل الله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} قال: فذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "وما يغني عنه قميصي من الله، وإني لأرجو أن يسلم بذلك ألف من قومه" 2.
قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} الآية: 96
[953] أخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد أنها نزلت
__________
1 فتح الباري 8/335.
أخرجه ابن جرير رقم17023 عن ابن وكيع وابن أبي حاتم رقم10500 عن هارون ابن إسحاق، قالا: حدثنا عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، به نحوه. وابن وكيع ضعيف.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/253-254 ونسبه إليهما. قال ابن حجر بعد ما أوردها: وهذه طرق وإن كانت مراسيل فإن بعضها يعضد بعضا.
2 فتح الباري 8/336.
أخرجه ابن جرير رقم17058 حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة - فذكره مطولا.
وهذا إسناد صحيح، لكنه مرسل، وله شواهد صحيحة، تقدمت. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/259 ونسبه إلى أبي الشيخ فقط.(1/530)
في المنافقين1.
قوله تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} الآية: 101
[954] وروى الطبري وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط أيضا من طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال: "اخرج يا فلان فإنك منافق" فذكر الحديث، وفيه "ففضح الله المنافقين، فهذا العذاب الأول، والعذاب الثاني عذاب القبر" 2.
[955] ومن طريق محمد بن ثور عن معمر عن الحسن {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} قال: عذاب الدنيا وعذاب القبر3.
[956] وعن محمد بن إسحاق قال: "بلغني" فذكر نحوه4.
__________
1 فتح الباري 8/340.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10208 حدثنا حجاج بن حمزة ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/265-266 ونسبه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري3/233.
أخرجه ابن جرير رقم17122 وابن أبي حاتم رقم10303 كلا هما من طريق حسين ابن عمرو العنقري قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أسباط عن السدي، به فذكره مطولا.
والأثر ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/36-37 وقال: رواه الطبراني في الأوسط. وفيه الحسين بن عمرو ابن محمد العنقري، وهو ضعيف.
3 فتح الباري 3/233.
أخرجه ابن جرير رقم17131 حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، به مثله. وأخرجه عبد الرزاق 1/2/286 عن معمر عن الحسن مثله. وذكره ابن كثير في تفسيره 4/144 عن الحسن تعليقا.
4 فتح الباري 3/233.
أخرجه ابن جرير رقم17135 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق. ولفظه " {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} قال: العذاب الذي وعدهم مرتين، فيما بلغني، غمُّهم بما هم فيه من أمر الإسلام، وما يدخل عليهم من غيظ ذلك غير حِسْبة، ثم عذابهم في القبر إذا صاروا إليه، ثم العذاب العظيم الذين يردّون إليه، عذاب الآخرة والخلد فيه".(1/531)
قوله تعالى: {وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} الآية: 103
[957] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} قال: الزكاة طاعة الله والإخلاص1.
[958] روى ابن أبي حاتم وغيره بإسناد صحيح عن السدي في قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} قال: ادع لهم2.
قوله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} الآية: 108
[959] وروى مسلم من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: "هو مسجدكم هذا" 3.
__________
1 فتح الباري 8/316. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره رقم10303 من طريق معاوية بن صالح عن علي ابن أبي طلحة، به مثله.
2 فتح الباري 3/361.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10305 حدثنا عبد الله بن سليمان، ثنا الحسين بن علي، ثنا عامر بن الفرات عن اسباط عن السدي، به.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/281 ونسبه الى ابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
3 فتح الباري 7/245.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم1398-514 بسنده عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/286-287 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي وأبي يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن خزيمة وابن حبان وأبي الشيخ والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد الخدري.(1/532)
[960] ولأحمد والترمذي من وجه آخر عن أبي سعيد "اختلف رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال أحدهما: هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الآخر: هو مسجد قباء، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن ذلك فقال: "هو هذا، وفي ذلك - يعني مسجد قباء - خير كثير" 1.
[961] ولأحمد عن سهل بن سعد2 نحوه3.
[962] وأخرجه من وجه آخر عن سهل بن سعد عن أبي بن كعب مرفوعا4.
__________
1 فتح الباري 7/245.
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 3/23 ثنا يحيى عن أنيس بن أبي يحيى، قال: حدثني أبي قال: سمعت أبا سعيد، به. وذكره ابن كثير 4/153 برواية الإمام أحمد. وانظر ما قبله.
2 هو سهل بن سعد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي، أبو العباس، له ولأبيه صحبة، مشهور، مات سنة ثمان وثمانين. وقيل بعدها، وقد جاوز المائة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/575، رقم2294، والإصابة 3/167، رقم3546، والتقريب 1/336.
3 فتح الباري 7/245.
أخرجه الإمام أحمد 5/331 حدثنا وكيع، حدثنا ربيعة بن عثمان التيمي، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد الساعدي. ولفظه "قال: اختلف رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال أحدهما: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الآخر: هو مسجد قباء، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه، فقال: "هو مسجدي هذا ". وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/13 وقال: رواه أحمد والطبراني باختصار، ورجالهما رجال الصحيح. وذكره ابن كثير في تفسيره 4/152 برواية الإمام أحمد ثم قال: تفرد به أحمد.
4 فتح الباري 7/245.
قال ابن حجر - بعد ما أورد هذه الروايات -: "والحق أن كلا منهما أسس على التقوى، وجوابه صلى الله عليه وسلم بأن المسجد الذي أسس على التقوى مسجده رفع توهم أن ذلك خاص بمسجد قباء، والله أعلم". اهـ. والحديث أخرجه الإمام أحمد 5/116 حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد، عن أبي بن كعب - مرفوعا. ولفظه "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المسجد الذي أسس على التقوى مسجدي هذا ". وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/13 وقال: رواه أحمد وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي وهو ضعيف. وذكره ابن كثير في تفسيره 4/152 برواية الإمام أحمد ثم قال: تفرد به أحمد.(1/533)
قوله تعالى: {فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}
[963] وعند أبي داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "نزلت {فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} في أهل قباء1.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} الآية: 111
[964] وفي مرسل محمد بن كعب "قال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت، فقال: "أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم". قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: "الجنة". قالوا: ربح البيع، لا نُقِيل ولا نستقيل2 فنزل {إِنَّ
__________
1 فتح الباري 7/245.
أخرجه أبو داود رقم44 - في الطهارة، باب في الاستنجاء بالماء -، والترمذي رقم3100 - في تفسير القرآن، باب ومن سورة التوبة -، وابن ماجه 357 - في الطهارة، باب الاستنجاء بالماء - قالوا: حدثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام، عن يونس بن الحارث، عن إبراهيم بن أبي ميمونة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به. وزادوا في آخره "قال: كانوا يستنجون بالماء، فنزلت هذه الآية فيهم". قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه. وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم34. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/288-289 وزاد نسبته إلى أبي الشيخ وابن مردويه.
2 يقال: أقاله يُقِيله إقالة، وتقايلا: إذا فسخا البيع، وعاد المبيعُ إلى مالكه والثمنُ إلى المشتري، إذا كان قد ندم أحدهما أو كلاهما، وتكون الإقالة في البيعة والعهد. واستقاله: أي طلب إليه أن يُقيله. انظر: النهاية 4/134 مادة "قيل".(1/534)
اللَّهَ اشْتَرَى} الآية1.
قوله تعالى:
{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآية: 113
[965] وروى الطبري من طريق شبل عن عمرو بن دينار قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك، فلا أزال أستغفر لأبي طالب حتى ينهاني عنه ربي"، فقال أصحابه: لنستغفرن لآبائنا كما استغفر نبينا لعمه، فنزلت2.
[966] وقد أخرج الحاكم وابن أبي حاتم من طريق أيوب بن هانئ3،
__________
1 فتح الباري 6/4.
لم يعزه ابن حجر لأحد، والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/294 ولم ينسبه إلا إلى ابن جرير. هذا وقد أخرجه ابن جرير رقم17270 حدثنا الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا: قال عبد الله ابن رواحة - فذكر مثله.
قلت: وإسناده مرسل، فإن محمد بن كعب القرظي تابعي، لم يشهد الواقعة، ولم يصرح بتحمل الرواية عن الصحابي.
2 فتح الباري 8/508.
قال ابن حجر: وهذا فيه إشكال، لأن وفاة أبي طالب كانت بمكة قبل الهجرة اتفاقا.
والحديث أخرجه ابن جرير رقم17327 حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن عمرو بن دينار، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/300 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
قلت: وهو مرسل مع صحة إسناده. هذا وقد صحّ أن هذه الآية نزلت في قصة أبي طالب لما همّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يستغفر له حين توفي على الشرك، أخرجه البخاري رقم4772 من طريق سعيد بن المسيب، عن أبيه.
3 أيوب بن هانئ الكوفي، روى عن مسروق بن الأجدع، وعنه ابن جريج. قال أبو حاتم: شيخ صالح، وقال الدارقطني: يعتبر به. وقال ابن معين: ضعيف. وقال ابن عدي: لا أعرفه. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال عنه ابن حجر: صدوق فيه لين. انظر ترجمته في: التهذيب 1/362، والتقريب 1/91.(1/535)
عن مسروق، عن ابن مسعود قال "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر فاتبعناه، فجاء حتى جلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى، فبكينا لبكائه، فقال: "إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي، واستأذنت ربي في الدعاء لها، فلم يأذن لي، فأنزل عليّ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} 1.
[967] وفي رواية الطبري من طريق فضيل بن مرزوق2 عن عطية "لما قدم مكة وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها فنزلت3.
__________
1 فتح الباري 8/508.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10051، والحاكم في المستدرك 2/336، والواحدي في أسباب النزول ص 215 كلهم من طريق أيوب بن هانئ، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود - نحوه. وقال الحاكم: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه، هكذا بهذه السياقة، إنما أخرج مسلم حديث يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة فيه مختصراً. وتعقبه الذهبي قائلا: أيوب بن هانئ ضعفه ابن معين. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/302-303 ونسبه إلى ابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل.
وللحديث شاهد من حديث بريدة، أخرجه أحمد 5/355 بسند صحيح نحوه، ولم يذكر فيه نزول الآية. قال ابن حجر: وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى قبر أمه لما اعتمر فاستأذن ربه أن يستغفر لها فنزلت هذه الآية. انظر: فتح الباري 8/508.
2 فضيل بن مرزوق الأغر، الرقاشي، الكوفي، أبو عبد الرحمن، روى عن أبي إسحاق السبيعي وعطية العوفي والأعمش وغيرهم، قال عنه ابن حجر: "صدوق يهم، ورمي بالتشيع"، مات في حدود سنة ستين ومائة. انظر ترجمته في: التهذيب 8/268، والتقريب 2/113.
3 فتح الباري 8/508. أخرجه ابن جرير رقم17329 حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: ثنا فضيل، عن عطية، به. قلت: وعطية هو العوفي ضعيف.(1/536)
[968] وللطبراني من طريق عبد الله بن كيسان1 عن عكرمة عن ابن عباس نحو حديث ابن مسعود وفيه "لما هبط من ثنية عسفان" وفيه نزول الآية في ذلك2.
[969] أخرج أحمد من طريق أبي إسحاق، عن أبي الخليل3، عن علي قال: سمعت رجلا يستغفر لوالديه وهما مشركان، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ} الآية4.
__________
1 عبد الله بن كيسان أبو مجاهد المروزي، روى عن عكرمة، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: هو ضعيف الحديث. انظر: الجرح والتعديل 5/143.
2 فتح الباري 8/508.
أخرجه الطبراني في الكبير ج 11/رقم12049 حدثنا محمد بن علي المروزي، حدثنا أبو الدرداء عبد العزيز بن المنيب، ثنا إسحاق بن عبد الله بن كيسان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس - فذكره مطولا. وقد ذكره ابن كثير في تفسيره 4/159 برواية الطبراني هذه، ثم قال: وهذا حديث غريب وسياق عجيب. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 1/120 وقال: رواه الطبراني في الكبير، وفيه أبو الدرداء عبد العزيز بن المنيب عن إسحاق بن عبد الله، عن أبيه، عن عكرمة. ومن عدا عكرمة لم أعرفهم ولم أر من ذكرهم.
قلت: وعبد الله بن كيسان ضعيف، وابنه إسحاق، ليّنه الحاكم. انظر التعليق على رقم 750.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/302 ونسبه إلى الطبراني وابن مردويه.
قال ابن حجر - بعد إيراد هذه الطرق -: فهذه طرق يعضد بعضها بعضا، وفيها دلالة على تأخر نزول الآية عن وفاة أبي طالب.
3 هو عبد الله بن الخليل، أو ابن أبي الخليل الحضرمي، أبو الخليل الكوفي، روى عن عمر وعلي وابن عباس وزيد بن أرقم، وعنه أبو إسحاق السبيعي وعامر الشعبي والأعمش وإسماعيل بن رجاء، ذكره ابن حبان في الثقات. وفي التقريب "مقبول". انظر ترجمته في: التهذيب 5/174، والتقريب 1/412.
4 فتح الباري 8/508. =(1/537)
[970] وروى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: قال المؤمنون ألا نستغفر لآبائنا كما استغفر إبراهيم لأبيه؟ فنزلت1.
[971] ومن طريق قتادة قال: "ذكرلنا أن رجلا " فذكر نحوه2.
قوله تعالى: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} الآية: 114
[972] أخرج الطبري من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} قال: كان ذلك في الحياة
__________
= أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/99، 130-131، والترمذي في سننه رقم3101 - في تفسير سورة التوبة -، والنسائي في سننه رقم2036 - في الجنائز، باب النهي عن الاستغفار للمشركين -، وأبو يعلى في مسنده رقم335، 619، وابن جرير في تفسيره رقم17334، وابن أبي حاتم في تفسير سورة التوبة رقم1700، والحاكم 2/335 والضياء في المختارة رقم585 كلهم من طريق سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الخليل، عن علي، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. كما حسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن النسائي رقم1925. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/300 وزاد نسبته إلى الطيالسي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان.
1 فتح الباري 8/508.
أخرجه ابن جرير رقم17349 حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به. قلت: وهذا مرسل مع صحة إسناده.
2 فتح الباري 8/508.
أخرجه ابن جرير رقم17333 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة. ولفظه "قوله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآية، ذكر لنا أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا نبي الله، إن من آبائنا من كان يحسن الجوار، ويصل الأرحام، ويفك العاني، ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم؟ قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بلى والله لأستغفرنَّ لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه"، قال: فأنزل الله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} ". وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/301 ونسبه إلى ابن جرير فقط. قلت: وهذا مرسل مع صحة إسناده.(1/538)
الدنيا لما مات آزر مشركا، وإسناده صحيح1.
[973] وفي رواية "فلما مات لم يستغفر له"2.
[974] ومن طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس نحوه قال: استغفر له ما كان حيا، فلما مات أمسك3.
[975] وأورده أيضا من طريق مجاهد وقتادة وعمرو بن دينار نحو ذلك4.
[976] وأخرج الطبري من طريق عبد الملك بن أبي سليمان5
__________
1 فتح الباري 8/500.
أخرجه ابن جرير رقم17343 حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب، به نحوه. ولفظه "ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات، فلما تبين له أنه عدوّ لله تبرأ منه".
2 فتح الباري 8/500.
أخرجه ابن جرير رقم17345 حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. ولفظه "لم يزل إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات، فلما مات لم يستغفر له ".
3 فتح الباري 8/500.
أخرجه ابن جرير رقم17346 حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، به.
4 فتح الباري 8/500.
أما أثر مجاهد فأخرجه ابن جرير الأرقام 17347-17350 من طرق عن مجاهد - نحوه.
وأما أثر قتادة فأخرجه ابن جرير 17354 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة. ولفظه " {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ} قال: لما مات على شركه تبرأ منه".
وأما أثر عمرو بن دينار فأخرجه ابن جرير أيضا رقم17352 حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن عمرو بن دينار. ولفظه " {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} قال: موته وهو كافر ".
5 هو عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، روى عن سعيد بن جبير وغيره، وعنه حفص بن غياث وغيره. صدوق له أوهام. انظر ترجمته في: التهذيب 6/352، والتقريب 1/519. هذا وقد وقع في رواية الطبري مصحفا إلى "عبد الله بن سليمان".(1/539)
سمعت سعيد بن جبير يقول: إن إبراهيم يقول يوم القيامة: ربّ والدي، ربّ والدي، فإذا كان الثالثة أخذ بيده فيلتفت إليه وهو ضِبعان1 فتبرأ منه2.
[977] ومن طريق عبيد بن عمير قال: يقول إبراهيم لأبيه إني كنت آمرك في الدنيا وتعصيني، ولست تاركك اليوم فخذ بحقوي، فيأخذ بضبعيه، فيمسخ ضبعا، فإذا رآه إبراهيم مسخ تبرأ منه3.
قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}
[978] وصل وكيع في تفسيره من طريق أبي إسحاق عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال: الأواه الرحيم بلسان الحبشة4.
__________
1 الضِبعان - بكسر فسكون - ذكر الضباع، لا يكون بالألف والنون إلا للمذكر، والأنثى "الضبع" - بفتح فضم -، ويقال للذكر أيضا "ضبع". انظر: القاموس المحيط باب العين، فصل الضاد، ص 666.
2 فتح الباري 8/501.
أخرجه ابن جرير رقم17359 حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا حفص بن غياث، قال: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، قال: سمعت سعيد بن جبير، به.
3 فتح الباري 8/501.
أخرجه ابن جرير رقم17360 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن عبيدة بن عمير، به في أثر طويل - في أوله حديث الصراط -.
وقال ابن حجر - عقب ذكر القولين -: "ويمكن الجمع بين القولين بأنه تبرأ منه لما مات مشركا فترك الاستغفار له، لكن لما رآه يوم القيامة أدركته الرأفة والرقة فسأل فيه، فلما رآه مسخ يئس منه حينئذ فتبرأ منه أبديا".
4 فتح الباري 6/389.
أخرجه ابن حجر في تغليق التعليق 4/13 بسنده إلى وكيع، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، به. وأخرجه ابن جرير رقم17389 من طريق أبي خيثمة زهير، قال: حدثنا أبو إسحاق الهمداني، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/306 ونسبه إلى ابن جرير وأبي الشيخ.(1/540)
[979] وروى ابن أبي حاتم من طريق ابن مسعود بإسناد حسن قال: الأواه الرحيم، ولم يقل بلسان الحبشة1.
[980] ومن طريق عبد الله بن شداد2 أحد كبار التابعين قال: قال رجل: يا رسول الله، ما الأواه؟ قال: "الخاشع المتضرع في الدعاء" 3.
__________
1 فتح الباري 6/389.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10063 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن الحكم عن يحيى بن الجزار أن أبا العبيدين سأل عبد الله عن الأواه؟ - فذكره. وقد حسّن ابن حجر إسناده كما هو أعلاه. وأخرجه ابن جرير الأرقام 17370-17378 من طرق عن أبي العبيدين، به.
وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/290، وابن جرير رقم17385 كلاهما من طريق عبد الكريم الجزري، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود، به.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/305-306 ونسبه إلى عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبي الشيخ عن أبي العبيدين قال: سألت عبد الله بن مسعود، فذكره.
2 عبد الله بن شداد بن الهاد اللّيْثي أبو الوليد المدني، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا. ثقة روى له الجماعة. قال الميموني: سئل أحمد: أسمع عبد الله بن شداد من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا؟ قال: لا، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وثمانين للهجرة. اهـ. انظر الجرح والتعديل 5/80 وأسد الغابة 3/276 رقم3006 وتهذيب التهذيب 5/222، والتقريب 1/422.
3 فتح الباري 6/389.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10062 حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا علي بن الحسن بن شقيق، أنبأ عبد الله ابن المبارك، أنبأ عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن عبد الله ابن شداد، به. وذكر في آخره "قال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} ". وأخرجه ابن جرير رقم17417 من طريق عبد الرحمن بن مغراء، عن عبد الحميد بن بهرام، به.
قلت: وهو مرسل؛ فإن عبد الله بن شداد هو ابن الهاد تابعي، وقد تقدمت ترجمته. وشهر بن حوشب كثير الإرسال والأوهام. انظر التقريب 1/355.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/305 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه.(1/541)
[981] ومن طريق ابن عباس قال: الأواه الموقن1.
[982] ومن طريق مجاهد قال: الأواه الحفيظ، الرجل يذنب الذنب سرا ثم يتوب منه سرا2.
[983] ومن وجه آخر عن مجاهد قال: الأواه المنيب الفقيه الموفق3.
[984] ومن طريق الشعبي قال: الأواه المُسَبِّح4.
[985] ومن طريق كعب الأحبار5 في قوله "أوّاه" قال: كان إذا ذكر
__________
1 فتح الباري 6/389.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10064 حدثنا أبي، ثنا أبو نعيم، ثنا حسن بن صالح، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عباس، به. وأخرجه ابن جرير رقم17392 من طريق حميد بن عبد الرحمن، عن حسن، عن مسلم، به. وأخرجه الأرقام 17390-17391 و17398 من وجهين آخرين، عن ابن عباس، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/306 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/306 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، عن ابن عباس.
2 فتح الباري 6/389.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10071 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا طلحة بن سنان، عن ليث، عن صاحب له، عن مجاهد، به.
وإسناده ضعيف؛ ففيه ليث وهو ابن أبي سليم ضعيف، وفيه أيضا راوٍ لم يسم.
3 فتح الباري 6/389.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10068 حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا طلحة بن سنان، عن ليث، عن مجاهد بلفظ "الأواه: المنيب ". قلت: وإسناده ضعيف، ففيه ليث ضعيف.
4 فتح الباري 6/389.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10072 حدثنا علي بن الحسين، ثنا شعيب بن سلمة الأنصاري، ثنا إبراهيم ابن عيينة، أنبأنا زكريا عن الشعبي، به.
5 هو كعب بن ماتع الحميري، أبو إسحاق، المعروف بكعب الأحبار، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وعن عمر وصهيب وعائشة. وعنه أبو هريرة وابن عباس وعطاء بن أبي رباح وعبد الله بن رباح الأنصاري وغيرهم. ثقة مخضرم، كان من أهل اليمن فسكن الشام، مات في خلافة عثمان، وقد زاد على المائة. انظر ترجمته في: التهذيب 8/393، والتقريب 2/135.(1/542)
النار قال أوّاه من عذاب الله1.
__________
1 فتح الباري 6/389.
أخرجه ابن جرير الأرقام 17412-17414 من طرق عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن رباح، عن كعب، به.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/305 ونسبه إلى عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن كعب رضي الله عنه.(1/543)
سورة يونس
قوله تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} الآية: 10
[986] روى الطبري من طريق الثوري قال في قوله: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا} قال: إذا أرادوا الشيء قالوا: اللهم فيأتيهم ما دعوا به1.
[987] ومن طريق ابن جريج قال: أخبرت، فذكر نحوه، وسياقه أتم2.
قوله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ} الآية: 11
[988] وصل الفريابي وعبد بن حميد وغيرهما من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ} هو قول الإنسان لولده إذا غضب: اللهم لا تبارك فيه والعنه، وقوله: {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ
__________
1 فتح الباري 8/346.
أخرجه ابن جرير رقم17565 حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عبيد الله االأشجعي قال: سمعت سفيان يقول - فذكره بمثله.
2 فتح الباري 8/346.
أخرجه ابن جرير رقم17563 حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرت أن قوله {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} فذكره، ولفظه قال: إذا مر بهم الطير فيشتهونه، قالوا: سبحانك اللهم، وذلك دعواهم، فيأتيهم الملك بما اشتهوا، فيسلم عليهم، فيردون عليه، فذلك قوله {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ} قال: فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم، فذلك قوله {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/346 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ.(1/544)
أَجَلُهُمْ} أي لأهلك من دعي عليه ولأماته1.
[989] ورواه الطبري بلفظ مختصر قال: فلو يعجل الله لهم الاستجابة في ذلك كما يستجاب في الخير لأهلكهم2.
[990] ومن طريق قتادة قال: هو دعاء الإنسان على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له3.
قوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ} الآية: 24
[991] وصل ابن جرير عن ابن جريج عن عطاء4 عن ابن عباس في قوله: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ} قال: اختلط فنبت بالماء كل لون {مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ} كالحنطة والشعير وسائر
__________
1 فتح الباري 8/346. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه القريابي كما في تغليق التعليق 4/222 ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، به مثله. وأخرج ابن جرير رقم17574 من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/346 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
2 فتح الباري 8/346.
أخرجه ابن جرير رقم17573 حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجبح عن مجاهد - فذكره.
3 فتح الباري 8/346.
أخرجه ابن جرير رقم17576 حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عنه مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/346 ونسبه إلى الن جرير وابن أبي حاتم.
4 هو عطاء الخراساني.(1/545)
الحبوب الأرض1.
قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} الآية: 26
[992] أخرج مسلم والترمذي وغيرهما من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب2 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا: إن لكم عند الله وعدا، فيقولون: ألم يبيض وجوهنا، ويزحزحنا عن النار، ويدخلنا الجنة؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم شيئا هو أحب إليهم منه"، ثم قرأ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قال الترمذي: إنما أسنده حماد بن سلمة ورواه سليمان ابن المغيرة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى3.
__________
1 فتح الباري8/345-346. وذكره البخاري عنه تعليقا مختصرا.
أخرجه ابن جرير رقم17598 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، به مثله.
وهذ إسناد ضعيف، فإن عطاء الخراساني لم يسمع من ابن عباس فيكون منقطعا، ثم إنه من رواية سنيد - وهوالحسين - وقد ضُعِّف. وله طريق أخرى.
فقد أخرج ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/221 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، به. وأشار إلى ذلك العيني في عمدة القاري 18/283 قائلا: وأسنده أيضا ابن أبي حاتم من حديث علي بن أبي طلحة عنه. هذا ولم أجد هذه الرواية في النسخة المطبوعة من تفسيره ولعلها سقطت، فإن هناك سقطا كبيرا في هذه الطبعة وقفت على بعضها وهي مدونة عندي. والأثر ذكره السيوطي في الدرالمنثور 4/354 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر.
2 صهيب بن سنان بن مالك، أبو يحيى الرومي، أصله من النّمر، وإنما قيل له: الرومي، لأن الروم سبوه صغيراً، ويقال: كان اسمه عبد الملك، وصهيب لقب، صحابي شهير، مات بالمدينة سنة ثمان وثلاثين في خلافة علي، وقيل قبل ذلك. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3/38، رقم2538، والإصابة 3/364، رقم4124، والتقريب 1/370.
3 فتح الباري 8/347 و13/432. ونسبه أيضا إلى النسائي وابن خزيمة وابن حبان. أخرجه مسلم في صحيحه في الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى، رقم297، 298 والترمذي في التفسير، باب ومن سورة يونس، رقم3105 كلاهما من طريق حماد بن سلمة، به. والحديث ذكره ابن كثير في تفسيره 4/199 برواية أحمد ثم أشار إلى رواية مسلم.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/356-357 ونسبه إلى الطيالسي وهناد وأحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والدارقطني في الرؤية وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن صهيب مرفوعا.(1/546)
[993] وكذا قال معمر، أخرجه عبد الرزاق عنه1.
[994] وحماد بن زيد عن ثابت أخرجه الطبري2.
[995] وأخرجه أيضا من طريق أبي موسى الأشعري نحوه موقوفا عليه3.
[996] ومن طريق كعب بن عجرة مرفوعا قال: الزيادة النظر إلى
__________
1 فتح الباري 8/347.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/294 عن معمر عن قتادة بلفظ " الحسنى: الجنة، والزيادة - فيما بلغنا - النظر إلى وجه الله. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/359 ونسبه إلى أبي الشيخ فقط.
2 فتح الباري 8/347.
أخرجه ابن جرير رقم17619، و17622 من طريق حماد بن زيد، عن ثابت البناني عن عبد الرحمن ابن ألي ليلى من قوله، ولم يذكر: عن صهيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/359 ونسبه إلى ابن جرير والدارقطني.
3 فتح الباري 8/347.
أخرجه ابن جرير رقم17616، 17617 من طريق أبي بكر الهذلي قال: سمعت أبا تميمة الهجمي، يحدث عن أبي موسى الأشعري - فذكره بنحو حديث صهيب موقوفا عليه. وفي هذا الإسناد أبو بكر الهذلي ضعيف بمرة، قال ابن حجر: متروك الحديث. التقريب 2/401. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/385 ونسبه إلى هناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والدارقطني واللا لكائي والبيهقي.(1/547)
وجه الرب. ولكن في إسناده ضعف1.
[997] ومن حديث حذيفة موقوفا مثله2.
[998] ومن طريق أبي إسحاق3 عن عامر بن سعد4 عن أبي بكر الصديق مثله. وصله قيس بن الربيع5،
__________
1 فتح الباري 8/347.
أخرجه ابن جرير رقم17631 حدثنا ابن حميد قال: ثنا إبراهيم بن المختار عن ابن جريح، عن عطاء - وهو الخراساني - عن كعب بن عجرة مرفوعا مثله.
وإسناده ضعيف كما بين ذلك ابن حجر كما في الأعلى، وقال الشيخ محمود شاكر: فهذا خبر ضعيف الإسناد، لضعف "إبراهيم المختار" ولأنه من مرسل عطاء عن كعب بن عجرة.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/357 ونسبه إلى ابن جرير وابن مردويه واللا لكائي في السنة والبيهقي في كتاب الرؤية.
وأخرجه اللا لكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 3/456-457 رقم781 من طريق ابن حميد، به.
2 فتح الباري 8/347.
أخرجه ابن جرير رقم17614 حدثنا ابن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن نذير عن حذيفة موقوفا مثله.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/358 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابي الشيخ والدارقطني واللالكائي والآجري والبيهقي.
3 هو السبيعي.
4 عامر بن سعد البجلي الكوفي، روى عن أبي مسعود الأنصاري وأبي قتادة وأبي هريرة وجرير بن عبد الله البجلي وقرظة بن كعب وجابر بن سمرة والبراء بن عازب وثابت ابن رواحة وأرسل عن أبي بكر الصديق. روى عنه أبو إسحاق السبيعي والعيزار بن حريث وإبراهيم بن عامر الجمحي. ذكره ابن حبان في الثقات، وفي التقريب "مقبول". انظر ترجمته في: التهذيب 5/57، والتقريب 1/387.
5 قيس بن الربيع الأسدي، أبو محمد الكوفي، روى عن أبي إسحاق السبيعي وغيره، صدوق تغيّر لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدّث به، مات سنة بضع وستين. انظر ترجمته في: التهذيب 8/350، والتقريب 2/128.(1/548)
وإسرائيل عنه1. ووقفه سفيان2 وشعبة3 وشريك4 على عامر بن سعد. وأخرج عبد بن حميد رواية حذيفة ورواية أبي بكر من طريق إسرائيل أيضا5.
__________
1 أما رواية قيس بن الربيع فأخرجه ابن جرير أيضا رقم17611 حدثنا سفيان قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن قيس عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن سعيد بن نمران عن أبي بكر، به.
وسعيد بن نمران الناعطي، روى عن أبي بكر الصديق، روى عنه عامر بن سعد البجلي، قال البخاري " سمع أبا بكر " ولكن ابن حجر ترجم له في لسان الميزان 3/46 وقال: مجهول. وكذلك قال الذهبي في الميزان رقم3286. قال الشيخ محمد محمود شاكر: فأخشى أن يكون ذلك تجاوزا من الذهبي وابن حجر، وأنهما عنيا بقولهما "مجهول" أن حال روايته وسماعه من أبي بكر هو المجهول، وهو مذكور مترجم..... إ لخ. إلى أن قال: ومهما يكن من أمر، فهذا خبر في إسناده نظر.
انظر: التاريخ الكبير 2/1/473، والجرح والتعديل 4/68 وتفسير الطبري 15/63 الحاشية.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/358 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن جرير وابن خزيمة وابن المنذر وأبي الشيخ والدارقطني وابن منده في الرد على الجهيمة وابن مردويه واللا لكائي وا لآجري والبيهقي كلاهما في الرؤية.
وأما رواية إسرائيل فأخرجه ابن جرير رقم17610 حدثنا ابن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، به. وهذا إسناد ضعيف، لأن رواية عامر بن سعد عن أبي بكر مرسلة كما تقدم في ترجمته.
2 وأما رواية سفيان الموقوفة فأخرجها ابن جرير رقم17612 حدثنا ابن بشر قال: حدثنا عبد الرحمن قال: سفيان، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد - فذكره من قوله موقوفا عليه.
3 وأما رواية شعبة فأخرجها ابن جرير رقم17613 حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد قال: في هذه الآية فذكره.
4 وأما رواية شريك فأخرجها ابن جرير رقم17628 من طريق، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد موقوفا عليه.
5 فتح الباري 8/347.
وانظر ما تقدم برقم 997 و998.(1/549)
[999] أخرج الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: الحسنى هي الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الرحمن1.
[1000] وعند عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: الحسنى الجنة، والزيادة فيما بلغنا النظر إلى وجه الله2.
[1001] ولسعيد بن منصور من طريق عبد الرحمن بن سابط3 مثله موقوفا أيضا4.
[1002] ولعبد بن حميد عن الحسن مثله5.
__________
1 فتح الباري 8/347.
أخرجه ابن جرير رقم17629 حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، به.
2 فتح الباري 8/347.
أخرجه عبد الرزاق 1/2/294 به سندا ومتنا.
3 هو عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط الجُمحي، المكي، تابعي ثقة كثير الإرسال، أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عن عدد من الصحابة، وعنه ليث بن أبي سليم وغيره، مات سنة ثمان عشرة ومائة، روى له الجماعة إلا البخاري. انظر: التهذيب 6/163، والتقريب 1/480.
4 فتح الباري 8/347.
أخرجه سعيد بن منصور رقم1059 عن جرير بن عبد الحميد، عن ليث بن أبي سُليم، عن عبد الرحمن بن سابط. ولفظه "قال: الزيادة: النظر إلى وجه ربهم عز وجل".
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 13/429 رقم16815 وابن جرير رقم17632 وابن أبي حاتم رقم10339 كلهم من طريق جرير، به.
فهذا إسناد ضعيف من أجل ليث بن أبي سليم. قال عنه ابن حجر: صدوق اختلط أخيرا فلم يتميز حديثه فترك التقريب 2/138.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/359 وعزاه لابن جرير والدارقطني.
5 فتح الباري 8/347.
لم أجده مسنداً، وقد ذكر ابن أبي حاتم عقب حديث أبي موسى الأشعري الموقوف عليه المتقدم ذكره برقم 994 عددا من الصحابة والتابعين - ذكر منهم الحسن وعكرمة - وقال: وري عنهم: أن الزيادة النظر إلى وجه الله عز وجل.
وهو الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم - كما تقدم - في تأويل الآية.(1/550)
[1003] وله عن عكرمة قال {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا} قالوا: لا إله إلا الله {الْحُسْنَى} الجنة، وزيادة النظر إلى وجه الله الكريم1.
[1004] وصل الفريابي وعبد بن حميد وغيرهما من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} مثلها حسنى {وَزِيَادَةٌ} : مغفرة ورضوان2.
[1005] وجاء في تفسير الزيادة أقوال أخر، منها: قول علقمة والحسن إن الزيادة التضعيف3.
__________
1 فتح الباري 8/347.
لم أجده مسندا، وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور 4/358 من طريق عكرمة عن ابن عباس {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} قال: قول لا إله إلا الله، و {الْحُسْنَى} الجنة، و"الزيادة: "النظر إلى وجهه الكريم" ونسبه إلى ابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات. وذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف 2/127 وقال: أخرجه ابن مردويه عن الحكم بن أبان، عن عكرمة عن ابن عباس موقوفا.
قلت: وله شواهد صحيحة تقدمت.
2 فتح الباري 8/347. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/222 ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به. وأخرجه ابن جرير رقم17640 من طريق شبل، عن ابن أبي نجيح، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/359-360 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم.
3 فتح الباري 8/347.
أما أثر علقمة فأخرجه ابن جرير رقم17638 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن علقمة بن قيس - فذكره نحوه. ولفظه " {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قال: قلت: هذه الحسنى، فما الزيادة؟ قال: ألم تر أن الله يقول {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} "؟ =(1/551)
[1006] ومنها قول علي إن "الزيادة" غرفة من لؤلؤة واحدة، لها أربعة أبواب، أخرجهما الطبري1.
__________
= والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/360 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وأما أثر الحسن فأخرجه ابن جرير رقم17639 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: كان الحسن يقول في هذه الآية {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} - فذكره نحوه. ولفظه "قال: الزيادة بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف". وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/360 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر. وسنده صحيح إلى الحسن.
قلت: وقد تقدم برقم1001 عن الحسن نفسه أنه فسّر الزيادة بالنظر إلى وجه الرحمن، وهو لا ينافي هذا التفسير؛ فقد أخرج سعيد بن منصور - ها هنا - رقم1061 عن سفيان أنه قال: ليس في تفسير القرآن اختلاف، إنما هو كلام جامع يراد به هذا وهذا. اهـ.
فهذا يشعر أن هذا الاختلاف من اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد. وهذا الذي رجحه الطبري أيضا؛ فقال - بعد ما أخرج هذه الروايات -: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وعد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى أن يجزيهم على طاعتهم إياه الجنة، وأن تبيض وجوههم، ووعدهم مع الحسنى الزيادة عليها، ومن الزيادة على إدخالهم الجنة أن يكرمهم بالنظر إليه، وأن يعطيهم غرفا من لآلئ، وأن يزيدهم غفرانا ورضوانا. كل ذلك من زيادات عطاء الله إياهم على الحسنى التي جعلها الله لأهل جناته، وعمّ ربنا جلّ ثناؤه يقوله {وَزِيَادَةٌ} : الزيادات على الحسنى، فلم يخصص منها شيئا دون شيء، وغير مستنكر من فضل الله أن يجمع ذلك له، بل ذلك كله مجموع لهم إن شاء الله. فأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يعمّ كما عمّه عز وجل. اهـ. انظر: جامع البيان 15/71.
1 فتح الباري 8/347.
أخرج سعيد بن منصور رقم1058، وابن جرير الأرقام 17634، 17635، 17636 من طرق عن منصور، عن الحكم، عن علي - مثله أو نحوه.
والحكم هو ابن عتيبة الكندي، ثقة ولكن الثابت سماعه من التابعين، كما بين ذلك الشيخ محمدمحمود شاكر فإنه ولد سنة 50هـ ومات سنة 113 هـ، وعلي رضي الله عنه مات سنة 40 هـ قبل ولادة الحكم. ولذا فالحديث ضعيف لإرساله عن علي. وانظر ترجمة الحكم ابن عتيبة في: المراسيل لابن أبي حاتم رقم60 ص 45، وتهذيب التهذيب 2/372-373 والتقريب 1/192. وانظر أيضا التعليق على سابقه.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/358 ونسبه إلى سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في الرؤية.(1/552)
قوله تعالى: {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ} الآية: 78
[1007] وصل عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن عن مجاهد قال: الكبرياء الملك1.
قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} الآية: 89
[1008] روى ابن مردويه من حديث أنس في قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} قال: وكان موسى داعيا وهارون مؤمّنا2.
قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} الآية:92
[1009] أخرج عبد الرزاق عن ابن التيمي3 عن أبيه4 عن أبي السليل5
__________
1 فتح الباري 8/347. وذكره البخاري عنه تعليقا.
قال الفراء: قوله {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ} لأن النبي إذا صدق صارت مقاليد أمته وملكهم إليه. انظر: معاني القرآن 1/475.
والأثر أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/224 وآدم في تفسيره تفسير مجاهد ص 295 وابن جرير رقم17766 كلهم من طريق ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/381 بلفظ "العظمة والملك والسلطان" ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
2 فتح الباري 2/263-264.
لم أقف على إسناده، وقال ابن حجر عقبه: "إن الحديث في الأصل لم يصح، ولو صحّ فإطلاق كون هارون داعيا إنما هو للتغليب". فتح الباري 2/264.
هذا وقد روي عن ابن عباس وعكرمة وابن زيد وأبي العالية والربيع بن أنس ومحمد ابن كعب وأبي صالح مثله. انظر: تفسير الطبري 15/186-187.
3 ابن تيمي هو المعتمر بن سليمان.
4 إسمه سليمان.
5 اسمه ضُريب بن نُقير، أبو السَّلِيل، القيسي، الجُريرى، ثقة، أخرج له مسلم والأربعة. انظر ترجمته في: التهذيب 4/410، والتقريب 1/374.(1/553)
عن قيس بن عباد1 أو غيره قال: قال بنو إسرائيل لم يمت فرعون، فأخرجه الله إليهم ينظرون إليه كالثور الأحمر، وهذا موقوف رجاله ثقات2.
[1010] وعن معمر عن قتادة قال: لما أغرق الله فرعون لم يصدق طا ئفة من الناس بذلك، فأخرجه الله ليكون لهم عظة وآية3.
[1011] وروى ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: فلما خرج موسى وأصحابه قال من تخلف من قوم فرعون: ما غرق فرعون وقومه، ولكنهم في جزائر البحر يتصيدون، فأوحى الله إلى البحر أن الفظ فرعون عريانا، فلفظه عريانا أصلع أخنس قصيرا، فهو قوله: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} 4.
[1012] وروى ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد
__________
1 قيس بن عُبَاد، الضُّبَعي، أبو عبد الله، البصري، ثقة، مخضرم، قدم المدينة في خلافة عمر، قال ابن حجر: ووهم من عدَّه في الصحابة. انظر ترجمته في: التهذيب 8/357، والتقريب 2/129.
2 فتح الباري 8/348
أخرجه ابن جرير رقم17877 من طريق عبد الرزاق، به. ورجاله ثقات، إلا أنه موقوف.
وأخرجه رقم17868 عن محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، به نحوه.
3 فتح الباري 8/348.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/297، به سندا ومتنا. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/388 ونسبه إلى عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم.
4 فتح الباري 8/348.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10568 عن أبيه قال: ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، به مثله. وهذا إسناد ضعيف، وفيه انقطاع.(1/554)
{بِبَدَنِكَ} قال: بجسدك1.
[1013] ومن طريق أبي صخر المدني 2 قال: البدن الدرع الذي كان عليه3.
__________
1 فتح الباري 8/348.
اخرجه ابن أبي حاتم رقم10569 حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به مثله. ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/388 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وأبي الشيخ عنه نحوه.
2 أبو صخر المدني: اسمه حميد بن زياد أبو صخر، ابن أبي المخارق الخراط المدني، رأى سهل بن سعد، وروى عن جماعة من التابعين، روى عنه المفضل وغيره. قال أحمد ويحيى ليس به بأس، وقال ابن حجر: صدوق يهم. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/222 وتهذيب التهذيب 3/36-37 والتقريب 1/202.
3 فتح الباري 8/348.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10571 حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني، ثنا سعيد ابن أبي مريم، ثنا مفضل بن فضالة، حدثني أبو صخر - فذكره. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/388 ونسبه إلىابن أبي حاتم وأبي الشيخ.(1/555)
سورة هود
قوله تعالى: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} الآية: 5
[1014] وصل الطبري من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} قال: شك وامتراء في الحق ليستخفوا من الله إن استطاعوا1.
[1015] ومن طريق معمر عن قتادة قال: أخفي ما يكون الإنسان في نفسه شيئا وتغطى بثوبه، والله مع ذلك يعلم ما يسرون وما يعلنون2.
[1016] ومن طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله: {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} الشرك في الله وعمل السيئات يستغشى بثيابه ويستكن من الله، والله يراه ويعلم مايسر وما يعلن3.
__________
1 فتح الباري 8/349 وذكره البخاري عنه تعليقا. أخرجه ابن جرير الأرقام 17941-17944 من طريق عيسى وشبل وورقاء كلهم عن ابن أبي نجيح، به. وأخرجه رقم17945 من طريق ابن جريج عن مجاهد نحوه. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/400 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
2 فتح الباري 8/349
أخرجه ابن جرير رقم17949 حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، به نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/400-401 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
3 فتح الباري 8/349.
أخرجه ابن جرير رقم17953 حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: أخبرت عن عكرمة: عن ابن عباس - فذكره. وأخرجه ابن أبي حاتم رقم10657 عن أبيه، ثنا محمد بن عبد الأعلى، به مخنصرا.
وإسناده ضعيف؛ فإن فيه راويا لم يسم.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/400 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.(1/556)
[1017] ومن طريق عبد الله بن شداد {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} أنها نزلت في المنا فقين، كان أحدهم إذا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى رأسه وطأ طأ رأسه وتغش بثوبه لئلا يراه، أسنده الطبري من طرق عنه1.
قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} الآية: 7
[1018] أخرج عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} قال هذا بدء خلقه قبل أن يخلق السماء، وعرشه من ياقوتة حمراء. وهذا مرسل2.
قوله تعالى: {لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ} الآية: 22
[1019] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
__________
1 فتح الباري 8/349.
أخرجه ابن جرير رقم17938 حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة، عن حصين، عن عبد الله بن شداد - نحوه.
وأخرجه سعيد بن منصور في سننه رقم1078 وابن جرير رقم17939، 17940 وابن أبي حاتم رقم10659 كلهم من طريق هشيم، قال: أخبرنا حصين، به.
والحديث إسناده صحيح إلى عبد الله بن شداد، لكنه مرسل، لأنه كان صغيرا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا - كما سبق بيان ذلك في ترجمته -.
وقال ابن حجر عقب ذكره: وهو بعيد؛ فإن الآية مكية.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/400 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وأبي الشيخ.
2 فتح الباري 13/405 و415.
أخرجه عبد الرزاق 1/2/301 به، بدون الزيادة التي في آخره، وهي قوله "وعرشه من ياقوتة حمراء". وبلفظ عبد الرزاق أخرجه الطبري رقم17979 من طريق محمد ابن ثور، عن معمر، عن قتادة.(1/557)
في قوله: {لا جَرَمَ} 1 أي بلى أن الله يعلم2.
قوله تعالى: {بَادِيَ الرَّأْيِ} الآية: 27
[1020] وصل ابن أبي حاتم عن عطاء عن ابن عباس {بَادِيَ الرَّأْيِ} قال: ما ظهر لنا3.
قوله تعالى: {فَلا تَبْتَئِسْ} الآية: 36
[1021] وصل الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {فَلا تَبْتَئِسْ} قال: لا تحزن4.
[1022] ومن طريق قتادة وغير واحد نحوه5.
__________
1 وردت الآية في الفتح هكذا "لا جرم أن الله قال"، وهو خطأ ظاهر ولعله مطبعي. ثم إن هذا التفسير الذي أورده لائق بآية سورة النحل، وهو قوله {لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [الأية 23] .
2 فتح الباري 8/349.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10795 من طريق معاوية بن صالح عن علي، به مختصرا بلفظ "يقول: بلى".
ومعنى "جرم" أي كسب الذنب ثم كثر استعماله في موضع "لا بد" كقولهم: لا جرم أنك ذاهب، وفي موضع "حقا" كقولك لاجرم لتقومن. انظر: المفردات مادة: جرم ص92 وتفسير الطبري 9/483 - 485 و10 /95 و15/288-289.
3 فتح الباري 6/372.
قال ابن حجر: أي أول النظر قبل التأمل.
والأثر أخرج ابن أبي حاتم رقم10815 أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد قرءة، أخبرني محمد بن شعيب، أخبرني عثمان بن عطاء، عن أبيه، به.
4 فتح الباري 8/349. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم18121، 18122 من طريق عيسى وشبل وورقاء كلهم عن ابن أبي نجيح، به.
5 فتح الباري 8/349. أخرجه ابن جرير رقم18124 حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، به. وأخرج رقم18123 من طريق عطية العوفي عن ابن عباس مثله. والعوفي ضعيف.(1/558)
قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ} الآية: 40
[1023] وصل ابن جرير من طريق أبي إسحاق الشيباني عن عكرمة في قوله: {وَفَارَ التَّنُّورُ} قال: وجه الأرض1.
[1024] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وَفَارَ التَّنُّورُ} نبع الماء2.
قوله تعالى: {قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} الآية: 43
[1025] فسر عكرمة فيما أخرج الطبري من طريق الحكم بن أبان عنه {عَاصِمَ} مانع3.
قوله تعالى: {أَقْلِعِي} الآية: 44
[1026] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {أَقْلِعِي} أمسكي4.
__________
1 فتح الباري 6/372.
أخرجه ابن جرير رقم18145، 18146 من طرق عن ابن إدريس، قال: أخبرنا الشيباني، به.
2 فتح الباري 6/372.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10854 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
3 فتح الباري 11/502.
هكذا عزاه ابن حجر إلى الطبري، ولم أجده في تفسيره.
4 فتح الباري 6/372.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10910 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به بلفظ "اسكني".(1/559)
قوله تعالى: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} الآية: 44
[1027] وصل ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد "الجودي": جبل بالجزيرة تشامخت الجبال يوم الغرق، وتواضع هو لله فلم يغرق وأرسيت عليه سفينة نوح1.
قوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} الآية: 71
[1028] وقد روى الطبري وغيره عن ابن عباس وغيره أن قوله تعالى: في قصة إبراهيم {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} أي حاضت2.
قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً} الآية: 77
[1029] وصل الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً} يقول: ساء ظنا بقومه وضاق ذرعا بأضيافه3.
__________
1 فتح الباري 6/372.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم10915 حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به.
2 فتح الباري 1/400.
هكذا عزاه ابن حجر إلى الطبري، مع أني لم أجد هذه الرواية في تفسيره، ثم إن السيوطي لما ذكره في الدر المنثور 4/451 نسبها إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ، ولم ينسبه إلى الطبري. فلعل هذه النسبة سهو من الحافظ ابن حجر رحمه الله إلا أن يكون أخرجها في كتاب آخر غير التفسير - وما أظن كذلك - أو تكون هذه الرواية سقطت من تفسيره من النسخة الموجودة بين أيدينا. والله أعلم بالصواب.
هذا وقد أخرجه ابن أبي حاتم رقم11021 حدثنا يزداد بن عمر الهمذاني، ثنا العلا ابن عبد الملك بن أبي سويه، ثنا عبد الصمد بن علي الهاشمي، عن أبيه، عن جده يعني ابن عباس - فذكره.
3 فتح الباري 8/350. وذكره البخاري عنه تعليقا. قال ابن حجر: ويلزم منه اختلاف الضميرين، وأكثر المفسرين على اتحاد هما.
والأثر أخرجه ابن جرير رقم18350 وابن أبي حاتم رقم11053، 11055 كلا هما من طريق معاوية بن صالح عن علي، به مثله.(1/560)
[1030] وصل ابن أبي حاتم من طريق الضحاك قال: ساءه مكانهم لما رأى بهم من الجمال1.
قوله تعالى: {وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} الآية: 77
[1031] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} قال: شديد2.
[1032] وأخرجه الطبري من طرق عن مجاهد وقتادة وغيرهما مثله3.
قوله تعالى: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ} الآية: 78
[1033] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {يُهْرَعُونَ} مسرعين4.
__________
1 فتح الباري 8/350.
2 فتح الباري 8/348. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم11056 من طريق معاوية بن صالح عن علي، به.
3 فتح الباري 8/348.
أما أثر مجاهد فأخرجه ابن جرير رقم18356 حدثنا أبو حذيفة حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عنه مثله. وأما أثر قتادة فأخرجه رقم18357 حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد عنه مثله. وأخرجه رقم18359 من طريق محمد بن ثور عن معمر عنه مثله.
وأما الغير فهو ابن عباس، فقد أخرج رقم18360 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة عنه مثله.
وهذا الأخير ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/455 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
4 فتح الباري 8/379.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/233 من طريق أبي صالح، عن معاوية، عن علي، به.(1/561)
قوله تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} الآية: 81
[1034] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} قال بسواد1.
[1035] قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بطائفة من الليل2.
قوله تعالى: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} الآية: 87
[1036] وصل ابن أبي حاتم من طريق أبي المليح3 عن الحسن البصري {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} قال: يستهزئون به4.
قوله تعالى: {وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} الآية: 88
[1037] وصل عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} قال: أرجع5.
__________
1 فتح الباري 8/350. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم11083 من طريق معاوية بن صالح، عن علي، به.
2 فتح الباري 8/350.
أخرجه عبد الرزاق 1/2/309 به سندا ومتنا.
3 أبو المليح بن أسامة الهذلي، مختلف في اسمه، وهو ثقة، مات سنة ثمان وتسعين، وقيل ثمان ومائة، وقيل بعد ذلك. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 12/268، والتقريب 2/476.
4 فتح الباري 6/450.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/27 حدثنا المنذر بن شاذان، ثنا زكريا بن عدي، عن أبي المليح، عن الحسن، به.
هذا وقد وقع تحريف في هذا الإسناد في النسخة المطبوعة من تفسير ابن أبي حاتم، فقد تحرف "الحسن" إلى ميمون بن مهران، وهذا تصحيف عجيب.
5 فتح الباري 8/350-351. وذكره البخاري عنه تعليقا. أخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/226 ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به.(1/562)
قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} الآية:106
[1038] أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: زفير وشهيق: صوت شديد وصوت ضعيف1.
[1039] ومن طريق أبي العالية قال: الزفير في الحلق والشهيق في الصدر2.
[1040] ومن طريق قتادة قال: هو كصوت الحمار أوله زفير وآخره شهيق3.
قوله تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} الآية: 113
[1041] روى عبد بن حميد من طريق الربيع بن أنس {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} لا ترضوا أعما لهم4.
__________
1 فتح الباري 6/332.
أخرجه ابن جرير رقم18567، وابن أبي حاتم رقم11224، 11226 كلاهما من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
2 فتح الباري 6/332.
أخرجه ابن جرير رقم18568، 18569 من طريقين عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، به. وانظر التعليق على رقم 21.
3 فتح الباري 6/332.
أخرجه ابن جرير رقم18570 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة - بلفظ "صوت الكافر في النار صوت الحمار"، والباقي مثله.
4 فتح الباري 8/354.
أخرجه ابن جرير رقم18603، 18604، 18605 من طرق عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية مثله. وانظر التعليق على رقم 21.(1/563)
قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ} الآية: 114
[1042] في رواية معمر قال قتادة: طرفي النهار الصبح والعصر، وزلفا من الليل المغرب والعشاء1.
[1043] أخرج أحمد وعبد بن حميد وغيرهما من حديث أبي أمامة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت حدا فأقمه علي فسكت عنه ثلاثا، فأقيمت الصلاة فدعا الرجل فقال: "أرأيت حين خرجت في بيتك ألست قد توضأت فأحسبت الوضوء؟ " قال: بلى، قال: "ثم شهدت الصلاة معنا؟ " قال: نعم، قال: "فإن الله قد غفر لك"، وتلا هذه الآية2.
[1044] عند عبد الرزاق عن معمر عن سليمان التيمي بإسناده "ضرب رجل على كفل امرأة" الحديث وفيه أنه أتى أبا بكر وعمر أيضا وقال فيها" فكل من سأله عن كفارة ذلك قال: أمعزية هي؟ قال: نعم، قال لاأدري حتى أنزل فذكر بقية الحديث3.
__________
1 فتح الباري 8/355.
أخرجه عبد الرزاق 1/2/314 عن معمر، عن قتادة، به.
2 فتح الباري 8/356 قال ابن حجر: هي قصة أخرى، ظاهر سياقها أنها متأخرة عن نزول الآية ولعل الرجل ظن أن كل خطيئة فيها حد، فأطلق على ما فعل حدا، والله أعلم.
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في التوبة، باب قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} رقم2765-45 بسنده عن أبي أمامة نحوه. وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/482 ونسبه إلى أحمد ومسلم وأبي داود والنسائي وابن خزيمة وابن جرير والطبراني وابن مردويه.
3 فتح الباري 8/356، 357.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/313 عن معمر عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود في قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} - فذكره. ولفظه "ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أبا بكر وعمر" الحديث بنحوه. وأصله عند البجاري في التفسير، باب {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} رقم4687 من طريق يزيد بن زريع حدثنا سليمان التيمي، به نحوه. ولفظه " أن رجلان أصاب من امرأة قبلة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأنزلت عليه {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} قال الرجل: أَلِيَ هذه؟ قال: "لمن عمل بها من أمتي".(1/564)
[1045] عن إبراهيم النخعي عن علقمة والأسود1 عن ابن مسعود " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله. إني وجدت امرأة في بستان ففعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها، قبلتها ولزمتها، فافعل بي ما شئت" الحديث2.
[1046] وللطبري من طريق الأعمش عن إبراهيم النخعي قال: جاء فلان ابن معتب الأنصاري فقال: يا رسول الله دخلت على امرأة فنلت منها ماينال الرجل من أهله إلا أني لم أجامعها" الحديث3.
__________
1 هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، ثقة مكثر فقيه، مات سنة أربع أو خمس وسبعين. التقريب 1/77.
2 فتح الباري 8/356.
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه رقم2763-42 - في التوبة، باب قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} -، وأبو داود في الحدود باب في الرجل يصيب من المرأة دون الجماع فيتوب قبل أن يأخذه الإمام رقم4468 والترمذي في التفسير، باب ومن سورة هود رقم3112 كاهم من طريق سماك بن حرب، عن إبراهيم، به نحوه. ولفظه - كما عند مسلم - فقال له عمر: لقد سترك الله لو سترت نفسك، قال: فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فقام الرجل فانطلق. فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلا دعاه، وتلا عليه هذه الآية {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} فقال رجل من القوم: يا نبي الله، هذا له خاصة؟ قال: "بل للناس كافة".
3 فتح الباري 8/356.
أخرجه ابن جرير رقم18675 حدثني أبو السائب قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، به، وتمامه فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجيبُه، حتى نزلت هذه الآية: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} الآية، فدعاه فقرأها عليه.(1/565)
[1047] وأخرج ابن أبي خيثمة لكن قال: إن رجلا من الأنصار يقال له معتب1.
[1048] وقد جاء أن اسمه كعب بن عمرو وهو أبو اليسر - بفتح التحتانية والمهملة - الأنصاري أخرجه الترمذي والنسائي والبزار من طريق موسى بن طلحة عن أبي اليسر بن عمرو أنه أتته امرأة وزوجها قد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث، فقالت له: بعني تمرا بدرهم، قال: فقلت لها - وأعجبتني - إن في البيت تمرا أطيب من هذا، فانطلق بها معه فعمزها وقبلها فرغ، فخرج فلقي أبا بكر فأخبره، فقال: تب ولا تعد، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم" الحديث2.
[1049] وفي رواية أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر فنزلت3.
__________
1 فتح الباري 8/365
2 فتح الباري 8/365
أخرجه الترمذي في التفسير، باب ومن سورة هود، رقم3115 والنسائي في التفسير، رقم268 وابن جرير 18684، 18685 من طرق عن عثمان بن موهب، عن موسى بن طلحة، به نحوه. وتمامه - كما عند الترمذي - فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: "أخلفت غاريا في سبيل الله في أهله بمثل هذا"، حتى تمنى أنه لم يكن أسلم إلا تلك الساعة حتى ظن أنه من أهل النار؟ قال: وأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا حتى أوحى الله إليه {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ} إلى قوله {ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} قال أبو اليسر: فأتيته فقرأها علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أصحابه: يا رسول الله ألهذا خاصة أم للناس عامة؟ قال: "بل للناس عامة". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وذكره الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2489 وقال: حسن. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/482 ونسبه إلى الترمذي والبزار وابن جرير وابن مردويه.
3 فتح الباري 8/356.
ورد في حديث أنس وأبي أمامة عند مسلم رقم2764، 2765 أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نزلت الآية، من غير تحديد للصلاة.(1/566)
[1050] وفي رواية ابن مردويه من طريق أبي بريدة عن أبيه "جاءت امرأة من الأنصار إلى رجل يبيع التمر بالمدينة وكانت حسناء جميلة فلما نظر إليها أعجبته" فذكر نحوه، ولم يسم الرجل ولا المرأة ولا زوجها1.
[1051] ذكر عبد الغني بن سعيد الثقفي - أحد الضعفاء - في تفسيره عن ابن عباس، وأخرجه الثعلبي وغيره من طريق مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس "أن نبهان التمار2 أتته امرأة حسناء جميلة تبتاع منه تمرا فضرب على عجيزتها ثم ندم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إياك أن تكون امرأة غاز في سبيل الله"، فذهب يبكي ويصوم ويقوم، فأنزل الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ} الآية3، فأخبره، فحمدالله وقال: يا رسول الله هذه توبتي قبلت، فكيف لي بأن يتقبل شكري؟ فنزلت {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} الآية"4.
__________
1 فتح الباري 8/356.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/483 ونسبه إلى ابن مردويه فقط.
2 فتح الباري 8/356.
نبهان التمار أبو مقبل هكذا ذكره ابن الأثير، ولم يذكر ترجمة له، ثم أورد هذا الحديث، وكذا ابن حجر، وذكره في القسم الأول. أسد الغابة 5/392، رقم5196، الإصابة رقم8698.
3 آل عمران الآية 135.
4 فتح الباري 8/356
ذكره ابن حجر في أسد الغابة في ترجمة نبهان التمار 6/329-330 رقم8698 برواية مقاتل بن سليمان في تفسيره، عن الضحاك عن ابن عباس. ثم قال: وهكذا أخرجه عبد الغني بن سعيد الثقفي في تفسيره، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس مطولا. قال ابن حجر: ومقاتل متروك، والضحاك لم يسمع من ابن عباس وعبد الغني وموسى هالكان.(1/567)
[1052] أخرج ابن منده من طريق الكلبي عن ابن صالح عن ابن عباس في قوله: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} قال: نزلت في عمرو بن غزية1 وكان يبيع التمر، فأتته امرأة تبتاع تمرا فأعجبته، الحديث. والكلبي ضعيف2.
__________
1 هو عمرو بن غزية - بغين معجمة مفتوحة ثم زاى مكسورة تحتانية ثقيلة ابن عمرو بن ثعلبة ابن خنساء بن مبذول الأنصاري يقال إنه شهد العقبة وبدرا.
2 فتح الباري 8/456.
أخرجه الكلبي في تفسيره كما ذكر ابن حجر في الإصابة 4/553، في ترجمة عمرو ابن غزية رقم5941 عن أبي صالح عن ابن عباس.(1/568)
المجلد الثاني
(تابع) الروايات التفسيرية في فتح الباري - سورة يوسف
...
سورة يوسف
قوله تعالى: {هَيْتَ لَكَ} الآية: 23.
[1053] وصل عبد بن حميد من طريق عكرمة قال: {هَيْتَ لَكَ} بالحورانية هلمَّ 1.
[1054] وأخرج من وجه آخر عن عكرمة قال: هُيِّئت لك يعني بضم الهاء وتشديد التحتانية بعدها أخرى مهموزة 2.
[1055] وأخرج ابن مردويه من طريق مسروق، عن عبد الله قال: "أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم "هيت لك يعني هلم لك" 3.
__________
1 فتح الباري 8/364. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/229 ثنا جعفر بن عون، عن النضر ابن عربي، عن عكرمة - نحوه. ولفظه "هيت لك: قال: هلم لك، قال: هي بلسان الحوارانية.
قال الحافظ: وقال الجمهور: هي عربية معناها الحث على الإقبال. والله أعلم. اهـ.
وقال أبو عبيدة في قوله: {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} أي هلمّ، قال: وأنشدني أبو عمرو بن العلاء:
إن العراق وأهله ... عنق إليك فهيت هيتا
انظر: مجاز القرآن 1/305.
2 فتح الباري 8/364.
قرأ نافع وابن ذكوان: {هَيْتَ لَكَ} بكسر الهاء وياء ساكنة بعدها، مع فتح التاء. وقرأ هشام مثلها إلا أنه جعل موضع الياء همزة ساكنة {هِئْتَ لَكَ} . وقرأ ابن كثير بفتح الهاء وبعدها ياء ساكنة مع ضم التاء {هَيْتُ لَكَ} . وقرأ الباقون مثلة إلا أنهم فتحوا التاء {هَيْتَ لَكَ} . انظر: كتاب السبعة ص347، والتذكرة في القراءات الثمان 2/379.
3 فتح الباري 8/364.(2/569)
[1056] وعند عبد الرزاق من وجه آخر عن عكرمة قال: معناها تهيأت لك 1.
[1057] وعن قتادة قال: يقول بعضهم هلمّ لك 2.
[1058] وصل الطبري وأبوالشيخ من طريق سعيد بن جبير {هَيْتَ لَكَ} قال: تعاله 3.
[1059] أخرج عبد الرزاق عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود قال: إني سمعت القرأة فسمعتهم متقاربين، فاقرءوا كما عُلِّمتم، وإياكم والتنطع والاختلاف، فإنما هو كقول الرجل: هلمّ وتعال، ثم قرأ {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} فقلت: إن ناسا يقرءونها {هَيْتُ لَكَ} قال: لا، لأن أقرأها كما علمت أحب إليّ 4.
__________
1 فتح الباري 8/364.
أخرجه عبد الرزاق 1/2/320 قال معمر، قال قتادة، قال عكرمة - مثله.
2 فتح الباري 8/364.
أخرجه عبد الرزاق 1/2/320 عن معمر، عن قتادة - مثله.
3 فتح الباري 8/364. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم18966 قال: [حدثنا سفيان بن وكيع، ... ] قال: حدثني أبي، عن إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير - مثله. وأخرجه أبو الشيخ كما في تغليق التعليق 4/230 من طريق يحيى بن أبي زائدة، عن إسرائيل، به.
تنبيه: ما بين المعكوفتين في الإسناد السالف كمّلته من تغليق التعليق، وفي طبعتي تفسيرالطبري مكانه فيه بياض.
4 فتح الباري 8/364.
أخرجه عبد الرزاق 1/2/320 ومن طريقه ابن جرير رقم18998 به نحوه. وأصله في البخاري رقم4692 بلفظ "قال: هَيتَ لك، قال: وإنما نقرأها كما عُلَّمناها. مثواه: مقامه. وألفيا: وجدا. ألفوا آباءهم. ألفينا".
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/519 بنحوه، ونسبه إلى عبد الرزاق والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه.(2/570)
[1060] وكذا أخرجه ابن مردويه من طريق شيبان وزائدة عن الأعمش نحوه 1.
[1061] وعن السدي أنها لغة قبطية معناها هلمّ لك 2.
[1062] وعن الحسن أنها بالسريانية كذلك 3.
[1063] وقال أبو زيد الأنصاري 4 هي بالعبرانية، وأصلها هيت لج أي تعاله فعربت 5.
__________
1 فتح الباري 8/364.
انظر ما قبله.
2 فتح الباري 8/364.
أخرجه ابن جرير رقم18975 من طريق أسباط، عن السدي - مثله.
3 فتح الباري 8/364.
أخرج ابن جري رقم19876 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن عمرو، عن الحسن - نحوه. ولفظه "قال: كلمية بالسريانية، أي عليك".
4 أبو زيد الأنصاري هذا لم يتبين لي من هو؟ إذ أن هناك راويين عرفا بهذه الكنية، أحدهما عمرو بن أخطب أبو زيد الأنصاري، صحابي نزل البصرة، مشهور بكنيته. والآخر هو سعيد بن أوس بن ثابت أبو زيد الأنصاري النحوي البصري، قال عنه ابن حجر صدوق له أوهام. مات سنة أربع عشرة بعد المائتين على الصحيح. وهذا حفيد لأبي زيد الأنصاري الصحابي. ومع هذا غالب الظن أنه أبو زيد الأنصاري النحوي، إذ أنه تحدث عن مسألة لغوية.
انظر في ترجمة الأول: أسد الغابة 6/123، رقم5924، والإصابة 7/133، رقم9957، والتقريب 2/65، وفي ترجمة الآخر: التقريب 1/291، والتهذيب 4/4.
5 فتح الباري 8/364.
لم أقف على من ذكره غير ابن حجر.(2/571)
قوله تعالى: {قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً} الآية:30
[1064] روى عبد بن حميد من طريق قرة عن الحسن قال: الشغف - يعني بالمعجمة - أن يكون قذف في بطنها حبه، والشعف - يعني بالمهملة - أن يكون مشغوفا بها 1.
[1065] وحكى الطبري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن الشعف بالعين المهملة البغض، والمعجمة الحب 2.
قوله تعالى: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} الآية: 31
[1066] وصل ابن أبي حاتم من طريق يحيى بن يمان 3 عن فضيل ابن عياض 4، عن حصين 5، عن مجاهد، عن ابن عباس {مُتَّكَأً} الأترج
__________
1 فتح الباري 8/360.
أخرج ابن جرير رقم19149 حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عبد الوهاب، عن فرة، عن الحسن - نحوه. ولفظه "قال قد بطن بها حبا". وأخرج الأرقام: 19146-18151 من طرق عن الحسن نحوه.
2 فتح الباري 8/360.
أخرجه ابن جرير رقم19163 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد - فدكره.
هذا وقد غلطه الطبري قائلا: وهذا الذي قاله ابن زيد لا معنى له؛ لأن "الشعف" بالعين المهملة بمعنى عموم الحب، أشهر من أن يجهله ذو علم بكلامهم تفسير الطبري 16/68.
3 يحيى بن يمان العجلي الكوفي، صدوق عابد، يخطئ كثيراً، وقد تغيّر، مات سنة تسع وثمانين ومائة. انظر ترجمته في: التهذيب 11/267، والتقريب 2/361.
4 فضيل بن عياض بن مسعود التيمي، أبو علي، الزاهد المشهود، أصله من خراسان، وسكن مكة، ثقة عابد إمام، مات سنة سبع وثمانين ومائة، قيل قبلها. انظر ترجمته في: التهذيب 8/264، والتقريب 2/113.
5 حصين بن عبد الرحمن السلمي أبو الهذيل، الكوفي ابن عمّ منصور بن المعتمر، روى عن سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة وغيرهم، وعنه شعبة والثوري وزائدة وفضيل بن عياض وغيرهم. ثقة تغير حفظه في الآخر، مات سنة ست وثلاثين ومائة، وله ثلاث وتسعون سنة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 2/328، والتقريب 1/182.(2/572)
بالحبشية 1.
[1067] روينا في مسند مسدد رواية معاذ بن المثنى عنه عن فضيل عن حصين، عن مجاهد في قوله تعالى: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} قال: أترج 2.
[1068] ورويناه في تفسير ابن مردويه من هذا الوجه فزاد فيه "عن مجاهد، عن ابن عباس" 3. ومن طريقه أخرجه الحافظ الضياء في المختارة 4.
[1069] وقد روى عن عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة في قوله: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} قال: طعاما 5.
__________
1 فتح الباري 8/358. وعلقه البخاري عن فضيل به.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/227 ثنا أبي، ثنا إسماعيل بن عثمان، ثنا يحيى بن يمان، عن فضيل بن عياض، به.
قلت: وفي المطبوع من تفسيره رقم11534 حدثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، ثنا فضيل بن عياض، به.
2 فتح الباري 8/358.
انظر الذي بعده.
3 أخرجه ابن حجر في تغليق التعليق 4/227 قال: قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، أنا الضياء محمد بن عبد الواحد الحافظ، أنا أبو بكر التميمي، أنا محمد بن رجاء، أنا أبو الحسن الذكواني، أنا أحمد بن موسى الحافظ - وهو ابن مردويه - ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، ثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا فضيل، عن حصين، عن مجاهد، عن ابن عباس - مثله.
4 فتح الباري 8/358.
انظر ما قبله.
5 فتح الباري 8/358.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/322 به سندا ومتنا.(2/573)
[1070] روينا في تفسير ابن عيينة رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه، عن رجل، عن مجاهد "متكأ" كل شيء قطع بالسكين 1.
[1071] وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن مجاهد: المتكأ بالتثقيل الطعام وبالتخفيف الأترج 2.
[1072] روى عبد بن حميد من طريق عوف الأعرابي حديث ابن عباس أنه كان يقرأها "متكا" مخففة ويقول: هو الأترج 3.
[1073] وقد روى عبد بن حميد عن طريق منصور، عن مجاهد قال: من قرأها مثقلة قال الطعام، ومن قرأها مخففة قال الأترج 4.
__________
1 فتح الباري 8/358.
وعلقه البخاري عن ابن عيينة، عن رجل، عن مجاهد، به.
أخرجه ابن حجر في تغليق التعلق 4/228 من طريق سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، ثنا سفيان بن عيينة، به مثله.
قلت: وفيه من لم يسم، لذا فهو ضعيف.
2 فتح الباري 8/358.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم11539 حدثنا أحمد بن سنان، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، به.
3 فتح الباري 8/359.
أخرجه ابن جرير رقم19175 حدثني المثنى، ثال: حدثنا عمرو بن عون، قال: ثنا هشيم، عن عوف، قال: حُدِّثت عن ابن عباس - فذكر مثله.
وهذا إسناد ضعيف لجهالة من الراوي عن ابن عباس.
4 فتح الباري 8/359.
أخرجه ابن جرير رقم19180 حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، به مثله.(2/574)
قوله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ} الآية: 36
[1074] أخرج الطبري عن ابن مسعود قال: لم يريا شيئا وإنما تحالما 1 ليجربا، وفي سنده ضعف 2.
[1075] وأخرج الحاكم بسند صحيح عن ابن مسعود نحوه وزاد: فلما ذكر لهما التأويل قالا إنما كنا نلعب، قال: "قضي الأمر" الآية 3.
[1076] وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة أن الساقي قال ليوسف: رأيت فيما يرى النائم أني غرست حبة فنبتت فخرج فيها ثلاث عناقيد فعصرتهن ثم سقيت الملك، فقال: تمكث في السجن ثلاثا ثم تخرج فتسقيه أي على عادتك 4.
__________
1 في الفتح "تحاكما"، والتصحيح من تفسير الطبري. ومعنى "تحالم" أي تظاهر بالحلم. انظر: القاموس باب الميم، فصل الحاء، ص 988.
2 فتح الباري 12/381.
أخرجه ابن جرير رقم19270 حدثنا ابن وكيع، وابن حميد قالا: حدثنا جرير، عن عمارة بن القعقاع، عن إبراهيم، عن عبد الله، به.
قلت:"ابن وكيع" و"ابن حميد" كلاهما ضعيفان، وقد أشار إلى ذلك ابن حجر كما في الأعلى.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/540 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
3 فتح الباري 12/381.
أخرجه الحاكم 2/346 من طريق سفيان، عن عمارة بن القعقاع الضبي، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله بن مسعود رضي اللع عنه - نحوه. وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، ولم يذكره الذهبي في التلخيص. وقد صحّح ابن حجر إسناده كما هو أعلاه.
4 فتح الباري 12/382.
عزاه ابن حجر لابن أبي حاتم، ولم أجده في تفسيره، وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/539 ونسبه إلى ابن جرير فقط. وقد أخرجه ابن جرير الطبري رقم19277 قال: حُدِّثت عن المسيب بن شريك، عن أبي حمزة، عن عكرمه، به.(2/575)
قوله تعالى: {أَضْغَاثُ أَحْلامٍ} الآية: 44
[1077] روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {أَضْغَاثُ أَحْلامٍ} قال: أخلاط أحلام 1.
[1078] ولأبي يعلى من حديث ابن عباس في قوله: {أَضْغَاثُ أَحْلامٍ} قال: هي الأحلام الكاذبة 2.
قوله تعالى: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} الآية: 45
[1079] أخرج الطبري بسند جيد عن ابن عباس {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} قال: بعد قرن 3.
[1080] ومن طريق سماك عن عكرمة قال: بعد حقبة من الدهر 4.
__________
1 فتح الباري 8/360.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/324 به سندا ومتنا.
2 فتح الباري 8/360.
أخرجه أبو يعلى رقم2667 من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عنه، به. وإسناده ضعيف جداً، وقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/42 - باب سورة يوسف -، وقال: رواه أبو يعلى، وفيه محمد بن السائب الكلبي، وهو متروك. وذكره ابن حجر في المطالب العالية رقم3654 وعزاه إلى أبي يعلى.
هذا وقد ورد عن ابن عباس بسند صحيح - من طريق علي بن أبي طلحة عنه - أخرجه ابن جرير رقم19332 قال: قوله: {أَضْغَاثُ أَحْلامٍ} يقول: مشتبهة.
3 فتح الباري 12/381.
هكذا عزاه للطبري، ولم أجده عنده.
4 فتح الباري 12/381.
أخرجه ابن جرير رقم19353 حدثني المثنى، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا شريك، عن سماك، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/544 ونسبه إلى ابن جرير فقط.(2/576)
[1081] وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير "بعد سنين" 1.
قوله تعالى: {إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ} الآية: 48
[1082] أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {تُحْصِنُونَ} : تخزنون - بخاء معجمة ثم زاي ونونين من الخزن - 2.
قوله تعالى:
{ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} الآية: 49
[1083] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} يقول: الأعناب والدهن 3.
قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} الآية: 50
[1084] أخرج عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن
__________
1 فتح الباري 12/381.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم11655 حدثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثني ابن لهيعة، حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/544 ونسبه أيضا إلى ابن أبي حاتم. وانظر التعليق على رقم 141، 579، 590.
2 فتح الباري 12/382.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم111675 من طريق معاوية بن صالح، عن علي ابن أبي طلحة، به.
3 فتح الباري 12/382.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم11679 من طريق معاوية بن صالح، عن علي ابن أبي طلحة، به.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/546 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.(2/577)
عكرمة رفعه "لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره، حين سئل عن البقرات العجاف والسمان، ولو كنت مكانه ما أجبت حتى أشترط أن يخرجوني، ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول - يعني ليخرج إلى الملك - فقال: ارجع إلى ربك، ولو كنت مكانه ولبثت ما لبث لأسرعت الإجابة ولبادرت الباب ولما ابتغيت العذر"، وهذا مرسل 1.
[1085] وقد وصله الطبري من طريق إبراهيم بن يزيد الخوزي - بضم المعجمة والزاي - عن عمرو بن دينار بذكر ابن عباس فيه فذكره وزاد "ولولا الكلمة التي قالها لما لبث في السجن ما لبث" 2.
__________
1 فتح الباري 12/382.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/323، ومن طريقه ابن جرير 19403 عن عمرو بن دينار، به. وإسناده ضعيف؛ فإنه مرسل. وبهذا السند أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره رقم11686.
2 فتح الباري 12/382-383.
هكذا عزاه ابن حجر إلى الطبري، ولم أجده في تفسيره، بينما ذكره ابن حجر نفسه في الكافي الشاف 2/78 بهامش الكشاف وقال: وصل إسحاق من رواية إبراهيم ابن يزيد الخوزي عن عمرو بن دينار، عن عكرمة عن ابن عباس، وأخرجه الطبراني وابن مردويه من طريق إسحاق " اهـ. وكذا ذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف 2/167-168 وقال: رواه إسحاق بن راهويه في مسنده: أخبرنا عمرو بن محمد العنقزي، ثنا إبراهيم بن يزيد الخوزي، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث. ثم قال: ومن طريق ابن راهويه، رواه الطبراني في معجمه بسنده ومتنه، وبالسند المذكور رواه ابن مردويه في تفسيره. اهـ.
قلت: ومما تقدم يرجّح أن عزوه إلى الطبري سهو من الحافظ ابن حجر رحمه الله. والله تعالى أعلم بالصواب، مع العلم أن السيوطي رحمه الله ساقه في الدر المنثور برواية ابن عباس ثم عزاه للفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طرق، فقد تقدم أن ابن أبي حاتم أيضا إنما أخرجه رواية عكرمة المرسلة. والله تعالى أعلم بالصواب.(2/578)
قوله تعالى: {كَيْلَ بَعِيرٍ} الآية: 65
[1086] وروى الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله: {كَيْلَ بَعِيرٍ} أي كيل حمار 1.
[1087] ذكر مقاتل عن الزبور البعير كل ما يحمل بالعبرانية 2.
قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} الآية: 68
[1088] وصل ابن أبي حاتم من طريق ابن عيينة عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قال: {لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} قال: عامل بما علم 3.
قوله تعالى: {جَعَلَ السِّقَايَةَ} الآية: 70
[1089] وروى عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة في قوله: {جَعَلَ السِّقَايَةَ} قال: إناء الملك الذي يشرب به 4.
قوله تعالى: {نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ} الآية: 72
[1090] وصل ابن أبي حاتم من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر، عن
__________
1 فتح الباري 8/360.
أخرج ابن جرير رقم19477 من طريق القاسم، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قال مجاهد: "كيل بعير" حمل حمار. قال: وهي لغة، قال القاسم: يعني مجاهد أن "الحمار" يقال له في بعض اللغات "بعير". وبهذا السياق ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/556 ونسبه لأبي عبيد وابن جرير وابن المنذر.
2 فتح الباري 8/360.
3 فتح الباري 8/359. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم11777 حدثنا أبي، قال: ثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم القطيعي، ثنا سفيان بن عيينة، به مثله.
4 فتح الباري 8/361. أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/325 به سندا ومتنا.(2/579)
سعيد بن جبير {صُوَاعَ الْمَلِكِ} مكوك1 الفارسي الذي يلتقي طرفاه، كانت تشرب الأعاجم به 2.
[1091] وروى ابن منده في "غرائب شعبة" وابن مردويه من طريق عمرو ابن مرزوق، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: {صُوَاعَ الْمَلِكِ} قال: كان كهيئة المكوك من فضة يشربون فيه، وقد كان للعباس مثله في الجاهلية 3.
[1092] وكذا أخرجه أحمد وابن أبي شيبة عن محمد بن جعفر، عن شعبة. وإسناده صحيح 4.
قوله تعالى: {تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} الآية: 85
[1093] وروى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد {تَفْتَأُ}
__________
1 المكوك: اسم للمكيال، ويختلف مقداره باختلاف اصطلاح الناس عليه في البلاد. ويجمع على مكاكي. وفي الحديث عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بمكوك، ويغتسل بخمسة مكاكيك" وفي رواية "بخمسة مكاكي"، أراد بالمكوك المدّ. أخرجه مسلم كتاب الحيض، رقم325-50.
2 فتح الباري 8/359. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم11803 حدثنا أبي، قال: حدثنا مسدد، ثنا أبو عوانة، به نحوه. وأخرجه ابن جرير رقم19530 من طريق الحجاج بن المنهال، عن أبي بشر، به.
3 فتح الباري 8/359.
أخرج ابن جرير رقم19525 من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، به نحوه. ورقم19526 من طريق ابن وكيع، عن أبيه، عن شعبة، به نحوه. ورقم19532 من طريق يحيى بن عباد، عن شعبة - بنحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/559 وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري وأبي الشيخ وابن منده في غرائب شعبة، وابن مردويه والضياء.
4 فتح الباري 8/359. انظر ما قبله.(2/580)
أي لا تفتر عن حبه1.
قوله تعالى: {وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} الآية: 87
[1094] وروى ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن بشير عن قتادة {وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} أي من رحمة الله"2.
قوله تعالى: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} الآية: 88
[1095] وروى عبد الرزاق عن قتادة في قوله: {مُزْجَاةٍ} قال: يسيرة3.
[1096] ولسعيد بن منصور عن عكرمة في قوله: {مُزْجَاةٍ} قال: قليلة4.
[1097] وروى عبد الرزاق بإسناد حسن عن ابن عباس وسئل عن قوله: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} قال: رثة 5 المتاع، خلق الحبل
__________
1 فتح الباري 8/361.
أخرجه ابن جرير الأرقام 19675-19678 من طرق عن ابن أبي نجيح، عنه - نحوه.
2 فتح الباري 6/420.
أخرجه ابن أبي حاتم رقم11911 حدثنا علي بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، أنا سعيد ابن بشير، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/575 ونسبه إلى عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
3 فتح الباري 8/361.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/328 عن معمر، عنه - مثله.
4 فتح الباري 8/361.
أخرجه سعيد بن منصور رقم1139 قال: نا أبو الأحوص، قال: نا سعيد بن مسروق، عن عكرمة - مثله. وهذا إسناد صحيح.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/576 ونسبه إلى سعيد بن منصور وابن المنذر وأبي الشيخ.
5 الرِّثة - بكسر الراء - وهي الخَلَق الخسيس البالي من كل شيء. انظر: النهاية 2/195.(2/581)
والغرارة 1 والشيء 2 3.
قوله تعالى: {لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ} الآية: 94
[1098] رووى ابن أبي حاتم من طريق أبي سنان عن عبد الله ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس في قوله: {لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ} أي تسفهون 4. وكذا أخرجه عبد الرزاق5.
[1099] وأخرج أيضا عن معمر، عن قتادة مثله 6.
__________
1 الغِرَارَة: واحدة الغرائر التي للتِّبْن، وقيل هي الجوالق، والجوالق وعاء من الأوعية.
انظر: لسان العرب 5/18 باب الراء، فصل الغين و 10/36 باب القاف، فصل الجيم.
2 في الفتح "رثة الحبل والغرارة والشن"، والتصحيح من تفسير عبد الرزاق.
3 فتح الباري 8/361.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/328 عن ابن عيينة، عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن أبي مليكة، قال: سمعت ابن عباس وسئل - فدكره.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه كل من ابن جرير رقم19744 وابن أبي حاتم رقم11919.
وأخرجه سعيد بن منصور رقم1141 عن سفيان بن عيينة، به نحوه. ولفظه "خلق الغرارة، والجرين والحبل والشيء".
وأخرجه ابن جرير رقم19743 من طريق سفيان بن وكيع، عن سفيان بن عيينة، به.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/575 وغزاه لسعيد بن منصور وعبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
4 فتح الباري 8/359-360. وذكر البخاري عنه تعليقا بلفظ "تجهّلون".
أخرجه ابن أبي حاتم رقم11966 حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري، ثنا مؤمل، ثنا إسرائيل، ثنا أبو سنان، به مثله.
5 فتح الباري 8/360.
أخرجه ابن جرير رقم19818، 19819 من طريق ابن عيينة وأبي سنان كلاهما عن ابن أبي الهذيل، به مثله.
6 فتح الباري 8/360. أخرجه عبد الرزاق 1/2/328 عن معمر، عن قتادة في قوله تعالى: {لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ} قال: لولا أن تسفهون تهرمون.(2/582)
[1100] وأخرجه ابن مردويه من طريق ابن أبي الهذيل أيضا أتم منه قال في قوله: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} قال لما خرجت العير هاجت ريح فأتت يعقوب بريح يوسف فقال: {إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ} قال: لولا أن تسفهون، قال: فوجد ريحه من مسيرة ثلاثة أيام 1.
قوله تعالى: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} الآية: 100
[1101] وقد أخرج ابن جرير بسند صحيح عن قتادة في قوله: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} قال: كانت تحية مَن قبلكم، فأعطى الله هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة 2.
__________
1 فتح الباري 8/360.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/581 ونسبه إلى عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه - نحوه. ولفظه "مسيرة ثمانية أيام" بدل "ثلاثة أيام".
وكذا أخرجه ابن جرير رقم19812 من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: سمعت ابن عباس يقول {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} قال: لما خرجت العير هاجت ريح فجاءت يعقوب بريح قميص يوسف، فقال: {إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ} قال: فوجد ريحه من مسيرة ثمان ليال.
وأخرج الأرقام: 19801-19811 من طرق عن ابن أبي الهذيل بنحوه.
وأخرج ابن أبي حاتم رقم11961 من طريق ضرار بن مرة، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس بلفظ "ثمان ليال".
قلت: وبهذا يترجح أنه وقع خطأ فيها، وأن لفظ ابن مردويه أيضا "مسيرة ثمان ليال". والله أعلم.
2 فتح الباري 12/376.
أخرجه ابن جرير رقم19901 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة - نحوه.(2/583)
[1102] وفي لفظ "وكانت تحية الناس يومئذ أن يسجد بعضهم لبعض" 1.
[1103] ومن طريق ابن إسحاق والثوري وابن جريج وغيرهم نحو ذلك 2.
قوله تعالى: {وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً}
[1104] أخرج الطبري والحاكم والبيهقي في الشعب بسند صحيح عن سلمان الفارسي قال "كان بين رؤيا يوسف وعبارتها أربعون عاما 3.
__________
1 فتح الباري 12/376.
أخرجه ابن جرير رقم19902 حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، به.
2 فتح الباري 12/376.
أما رواية ابن إسحاق فأخرجها الطبري رقم1990 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، ولفظه "وكانت تلك تحية الملوك في ذلك الزمان ". وفي إسناده ابن حميد شيخ الطبري ضعيف.
وأما أثر الثوري فأخرجه الطبري رقم19903 حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو إسحاق، قال: قال سفيان، ولفظه " {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} قال: كانت تحية فيهم".
وأما أثر ابن جريج فأخرجه ابن جرير أيضا رقم19904 حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، ولفظه " {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} أبواه وإخوته، كانت تلك تحيتهم، كما يصنع ناس اليوم".
قال الطبري: أرادوا أن ذلك كان بينهم لا على وجه العبادة بل الإكرام. التفسير 16/270.
3 فتح الباري 12/377.
أخرجه ابن جرير الأرقام 19917-19920، والحاكم 4/396، والبيهقي في شعب الإيمان رقم4780 من طرق عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان، به. سكت عنه الحاكم، ورمز الذهبي في التلخيص بأنه على شرطهما.(2/584)
[1105] وذكر البيهقي له شاهدا عن عبد الله بن شداد وزاد "وإليها ينتهي أمد الرؤيا" 1.
قوله تعالى: {تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} الآية: 101
[1106] قال قتادة: لم يتمن الموت أحد إلا يوسف حين تكاملت عليه النعم وجمع له الشمل اشتاق إلى لقاء الله، أخرجه الطبري 2 بسند صحيح عنه 3.
[1107] وقال غيره: بل مراده توفني مسلما عند حضور أجلي، كذا أخرجه ابن أبي حاتم عن الضحاك بن مزاحم 4.
قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} الآية: 107
[1108] وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {غَاشِيَةٌ مِنْ
__________
1 فتح الباري 12/377.
أخرجه ابن جرير رقم19916، والبيهقي في شعب الإيمان رقم4781 كلاهما من حديث سفيان بن عيينة، عن أبي سنان، عن عبد الله بن شداد، به. ولفظهما "أقصى الرؤيا" بدل "أمد الرؤيا".
2 في الفتح الطبراني، ولعله "الطبري" كما أثبت، وقد تصحف إلى الطبراني؛ إذ أني لم أجده في معاجمه الثلاثة. وكما يأتي بيان ذلك في التخريج.
3 فتح الباري 10/130.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/591 ونسبه إلى أحمد في الزهد وابن جرير الطبري وابن أبي حاتم عن قتادة. هذا وقد أخرجه ابن جرير رقم19943 حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: أخبرنا عبد الله بن الزبير، عن سفيان، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة - بنحوه.
4 فتح الباري 10/130.
أخرج ابن أبي حاتم رقم12014 حدثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن منيب، ثنا أبو معاذ الفضل بن خالد، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك، بلفظ " {تَوَفَّنِي مُسْلِماً} قال: على طاعتك".(2/585)
عَذَابِ اللَّهِ} أي وقيعة تغشاهم 1.
[1109] وأخرج الحاكم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن ولو لبثت ما لبث يوسف ثم جاءني الداعي لأجبت؛ إذ جاءه الرسول فقال ارجع ربك فسئله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم" 2.
قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} الآية:110
[1110] روى ابن أبي حاتم من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري قال: جاء رجل إلى القاسم بن محمد فقال له: إن محمد بن كعب القرظي
__________
1 فتح الباري 8/361.
أخرجه عبد الرزاق 1/2/329 به سندا ومتنا.
2 فتح الباري 8/361. أشار إليه عند شرح حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري برقم 4688 بقوله "وأخرج الحاكم مثله من حديث أبي هريرة".
والحديث أخرجه الحاكم 2/346-347 من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا - مثله. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة إنما اتفقا على حديث الزهري، عن سعيد وأبي عبيد، عن أبي هريرة "لو لبثت في السجن ما لبث يوسف فقط". قلت: وهو كما قال، فقد أخرج البخاري تعليقا حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله ". صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب من انتسب إل آبائه في الإسلام وفي الجاهلية. هذا وقد أخرج البخاري برقم 3383 حديث أبي هريرة موصولا بسياق آخر، ولفظ قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكرم الناس؟ قال: "أتقاهم لله"، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: "فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله"، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: "فعن معادن العرب تسألونني؟ الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا". هذا وقد وافق الذهبي على تصحيح الحاكم.(2/586)
يقرأ {كُذِبُوا} بالتخفيف، فقال: أخبره عني أني سمعت عائشة تقول: {كُذِبُوا} ثقلة أي كذّبتهم أتباعهم 1.
[1111] روى الطبري بأسانيد متنوعة من طريق عمران بن الحارث وسعيد ابن جبير وأبي الضحى وعلي بن أبي طلحة والعوفي كلهم عن ابن عباس في هذه الآية: أيس الرسل من إيمان قومهم، وظن قومهم أن الرسل كَذَبُوا 2.
[1112] وقد روى الطبري أن سعيد بن جبير سئل عن هذه الآية
__________
1 فتح الباري 8/368.
قوله: {كُذِبُوا} قرئ بضم الكاف وتخفيف الذال، وهي قراءة أبي وعلي وابن مسعود وابن عباس ومجاهد وطلحة والأعمش والكوفيون. وقرئ بفتح الكاف وتخفيف الذال أيضا، قرأ بها ابن عباس ومجاهد والضحاك، أي وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذكوا فيما قالوا عن الله من العذاب، والظن على بابه. وقرئ بضم الكاف وتشديد الذال، وهي قراءة الحسن وقتادة ومحمد بن كعب وأبو رجاء وابن أبي مليكة والأعرج وعائشة. انظر: الحجة في القراءات السبع لابن خالويه ص 199، والبحر المحيط 5/354-355.
أما الرواية فقد أخرجها ابن أبي حاتم رقم12063 أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، أنا ابن وهب، أخبرني سليمان بن قلاق، عن يحيى بن سعيد، به مثله.
2 فتح الباري 8/368.
أما طريق عمران بن الحارث فأخرجه الطبري الأرقام 19992-19998 من طرق عن حصين، عنه، به.
وأما طريق سعيد بن جبير فأخرجه رقم19991 عن ابن وكيع، قال: حدثنا عمران بن عيينة، عن عطاء، عنه، به. وفيه ابن وكيع ضعيف.
وأما طريق أبي الضحى فأخرجه رقم19990 حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عنه، به.
وأما طريق علي بن أبي طلحة فأخرجه رقم 20001 من طريق معاويه بن صالح، عنه، به.
وأما طريق العوفي فأخرجه رقم20002 من طريقه.(2/587)
فقال: يئس الرسل من قومهم أن يصدقوهم، وظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوا. فقال الضحاك بن مزاحم لما سمعه: لو رحلت إلى اليمن في هذه الكلمة لكان قليلا1!
[1113] وعن مسلم بن يسار أنه سأل سعيد بن جبير فقال آية بلغت مني كل مبلغ، فقرأ هذه الآية بالتخفيف، قال في هذا الموت أن تظن الرسل ذلك، فأجابه بنحو ذلك، فقال: فَرّجتَ عنّي فرّج الله عنك، وقام إليه فاعتنقه2.
[1114] عند النسائي من طريق أخرى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {قَدْ كُذِبُوا} قال: استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبُوهم. وإسناده حسن 3.
__________
1 فتح الباري 8/369.
قال ابن حجر: فهذا سعيد بن جبير وهو من أكابر أصحاب ابن عباس العارفين بكلامه حمل الآية على التأويل، جاء ذلك من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس نفسه - فذكر رواية النسائي الآتي - ثم قال: فليكن هو المعتمد في تأويل ما جاء عن ابن عباس في ذلك، وهو أعلم بمراد نفسه من غيره.
أخرجه الطبري رقم2008 حدثني المثنى، قال: حدثنا عارم أبو النعمان، قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثني إبراهيم بن أبي حُرّة الجزريّ، قال سأل فتى من قريش سعيد بن جبير - فذكر نحوه. وإسناده صحيح. والفتى المذكور هو مسلم بن يسار، كما يظهر من الأثر التالي.
والأثر قد ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/597 نسبه إلى ابن جرير وابن المنذر.
2 فتح الباري 8/369.
أخرجه ابن جرير رقم20009 حدثني المثنى، قال: حدثنا الحجاج، حدثنا ربيعة ابن كلثوم، قال: حدثني أبي، أن مسلم بن يسار سأل سعيد بن جبير - فذكر نحوه.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/597 ونسبه إلى ابن جرير وأبي الشيخ.
3 فتح الباري 8/369.
أخرجه النسائي في التفسير رقم277 أنا إسحاق بن إبراهيم، أنا وهب بن جرير، نا أبي، عن كلثوم بن جَبْر، عن سعيد بن جبير، به مثله. وإسناده حسن. وانظر ماتقدم برقم 1110 عن ابن عباس بطرق متنوعة نحوه.(2/588)
[1115] وروى الطبري من طريق تميم بن حذلم 1 سمعت ابن مسعود يقول في هذه الآية: استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن قومهم حين أبطأ الأمر أن الرسل كَذَبُوهم2.
[1116] ومن طريق عبد الله بن الحارث: استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن القوم أنهم قد كذبوا فيما جاءوهم به3.
[1117] روى الطبري من طريق ابن جريج في قوله: {قَدْ كُذِبُوا} خفيفة أي أُخْلِفُوا 4.
__________
1 تميم بن حذلم الضبي، من أصحاب ابن مسعود. ثقة، قليل الحديث، روى عنه جحش ابن زياد الضبي، روى له الجماعة. مات سنة مائة.
انظر: التهذيب 1/449-450 والتقريب 1/113.
2 فتح الباري 8/369.
أخرجه ابن جرير رقم 20018 حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، قال: حدثنا محمد ابن فضيل، عن جحش بن زياد الضبي، عن تميم بن حذلم، به مثله.
3 فتح الباري 8/369.
أخرجه ابن جرير رقم20016 حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عبد الوهاب ابن عطاء، عن سعيد - هو ابن أبي عروبة، عن أبي المتوكل، عن أيوب بن أبي صفوان، عن عبد الله بن الحارث - مثله.
قال المحقق "أبو المتوكل" أو "التوكل" فلا أدري ما هو، ومن يكون على التحقيق، و"أيوب بن أبي صفوان" ويقال "أيوب بن صفوان"، في ترجمته خلط كبير؛ فهو خبر مشكل إسناده كما ترى، ولا حيلة لنا فيه، حتى نجد شيئا يهدي إلى الصواب فيه. اهـ.
4 فتح الباري 8/369.
قال ابن حجر: إذا قرّرنا أن الضمير في "قد كذبوا" للمرسل إليهم، لم يضر هذا التفسير، أي ظن المرسل إليه أن الرسل أُخْلِفوا ما وُعِدوا به. والله أعلم. اهـ.
والأثر أخرجه ابن جرير رقم20024 من طريق حجاج بن محمد، عن ابن جريج قال: أخبرني ابن أبي مليكة، عن ابن عباس قرأ {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} خفيفة، = كانوا بشرا. وتلا ابن عباس {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:214] . قال ابن جريج: قال ابن أبي مليكة: ذهب بها إلى أنهم ضعفوا فظنوا أنهم أُخْلِفُوا.(2/589)
[1118] روى الطبري من طريق سعيد عن قتادة أن المراد بالظن هنا اليقين 1.
__________
1 فتح الباري 8/369.
أخرج ابن جرير رقم20033 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن - وهو قول قتادة - فذكر نحوه. ولفظه "حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظنوا أنهم قد كُذِّبوا، أي: استيقنوا أنه لا خير عند قومهم ولا إيمان، جاءهم نصرنا".
وأخرج رقم20034 من طريق محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة - نحوه.(2/590)
سورة الرعد
قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} الآية: 4
[1119] وصل الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} قال: طيبها عذبها، وخبيثها السبّاخ 1.
[1120] وعند الطبري من وجه آخر عن مجاهد: القطع المتجاورات العَذِية والسَّبَخة 2 والماللح والطيّب 3.
[1121] ومن طريق أبي سنان عن ابن عباس مثله 4.
__________
1 فتح الباري 8/374. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/230 ثنا ورقاء، ثنا ابن أبي نجيح، به مثله.
2 "العذية" - بفتح العين وسكون الذال، وفتح الياء بغير تشديد ـ، و"العذاة" أيضا: وهي الأرض الطيبة التربة البعيدة من المياه والسباخ.
و"السبخة" - بفتح السين والباء، وبفتح وكسر الباء - وهي الأرض المالحة التي تعلوها الملوحة، ولا تكاد تنيت إلا بعض الشجر. انظر: النهاية 3/200 مادة "ع ذ ا "، و 2/333 مادة "س ب خ".
3 فتح الباري 8/374.
أخرجه ابن جرير رقم20067 حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد - مثله. وليث ضعيف.
4 فتح الباري 8/374.
أخرجه ابن جرير رقم20070 حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا سعيد بن سليمان، قال: حدثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي سنان، به نحوه. ولفظه "قال: العذية والسبخة".(2/591)
[1122] ومن وجه آخر منقطع عن ابن عباس مثله وزاد: تنبت هذه، وهذه إلى جنبها لا تنبت 1.
[1123] ومن طريق أخرى متصلة عن ابن عباس قال: تكون هذه حلوة وهذه حامضة، وتسقى بماء واحد، وهن متجاورات 2.
قوله تعالى: {صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ} الآية: 4
[1124] وصل الفريابي أيضا عن مجاهد: في قوله: {صِنْوَانٌ} النخلتان أو أكثر في أصل واحد، {وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} وحدها {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ} قال: بماء السماء، كصالح بني آدم وخبيثهم، أبوهم واحد 3.
[1125] وروى الطبري من طريق سعيد بن جبير في قوله: {صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} مجتمع وغير مجتمع 4.
__________
1 فتح الباري 8/374.
أخرجه ابن جرير رقم20072 حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين - وهو سنيد - قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس، به.
وفيه انقطاع بين ابن جريج وابن عباس، وقد أشار إلى ذلك ابن حجر كما في الأعلى، وسنيد ضعيف.
2 فتح الباري 8/374.
أخرجه ابن جرير رقم20081 حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عنه مثله.
و"أحمد بن إسحاق": هو ابن عيسى الأهوازي، و"أبو أحمد": هو محمد بن عبد الله ابن الزبير، الزبيري
3 فتح الباري 8/374. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/230-231 ثنا ورقاء، ثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به.
4 فتح الباري 8/374. أخرجه ابن جرير رقم20097 حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عنه - مثله. وفيه ابن حميد شيخ الطبري ضعيف.(2/592)
[1126] وعن سعيد بن منصور عن البراء بن عازب قا: الصنوان أن يكون أصلها واحد ورؤوسها متفرقة، وغير الصنوان أن تكون النخلة منفردة ليس عندها شيء 1.
قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ} الآية: 6
[1127] وروى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {الْمَثُلاتُ} قال: الأمثال 2.
[1128] ومن طريق معمر عن قتادة قال: المثلات العقوبات 3.
[1129] ومن طريق زيد بن أسلم: المثلات ما مثل الله به من الأمم من العذاب 4.
قوله تعالى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} الآية: 7
[1130] روى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس
__________
1 فتح الباري 8/374.
أخرج ابن جرير الأرقام 20087-20093 و20098 من طرق، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب - نحوه.
2 فتح الباري 8/371.
أخرجه ابن جرير الأرقام 20132-20134 من طريق ورقاء، وشبل كلاهما عن ابن أبي نجيح، به مثله.
3 فتح الباري 8/371.
أخرجه ابن جرير رقم20131 حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، به مثله.
4 فتح الباري 8/371.
أخرج ابن جرير رقم20135 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في الآية - فذكره بنحوه.(2/593)
في قوله: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} أي داع 1.
[1131] ومن طريق قتادة مثله 2.
[1132] ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال: الهادي الله 3.
[1133] ومن طريق أبي العالية قال: الهادي القائد 4.
[1134] ومن طريق مجاهد وقتادة أيضا: الهادي نبي 5.
[1135] ومن طريق عكرمة وأبي الضحى ومجاهد أيضا قال: الهادي محمد 6.
__________
1 فتح الباري 8/375.
أخرجه ابن جرير رقم20162 من طريق معاوية بن صالح، عن عليّ، به مثله.
2 فتح الباري 8/375.
أخرجه ابن جرير رقم20138 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، به.
3 فتح الباري 8/376.
أخرجه ابن جرير رقم20146 من طريق العوفي، عنه - نحوه. ولفظه "يقول: أنت يا محمد منذر، وأنا هادي كل قوم". وإسناده ضعيف.
4 فتح الباري 8/376.
أخرجه ابن جرير رقم20159 حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية - نحوه. ولفظه "قال: الهادي: القائد، القائد: الإمام، والإمام العمل".
5 فتح الباري 8/376.
أما أثر مجاهد فأخرجه ابن جرير الأرقام 20148-20154 من طرق عنه - مثله.
وأما أثر قتادة فأخرجه رقم20155 حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد ابن ثور، عن معمر، عنه - مثله.
6 فتح الباري 8/376.
أخرج ابن جرير رقم20139، 20140 من طريق وكيع وعبد الرحمن، عن سفيان، عن السدي، عن عكرمة ومنصور، عن أبي الضحى - مثله. وأخرج رقم20141 من طريق عبد العزيز، قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن عكرمة - مثله. أما أثر مجاهد فلم أجده، ولم يذكره الطبري.(2/594)
[1136] وأخرج الطبري بإسناد حسن من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال: "أنا المنذر، وأومأ إلى عليّ وقال: أنت الهادي، بك يهتدي المهتدون بعدي 1.
[1137] وأخرج ابن أبي حاتم وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند وابن مردويه من طريق السدي عن عبد خير عن علي قال: الهادي رجل من
__________
1 فتح الباري 8/376.
أخرجه ابن جرير رقم20161 حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، قال: حدثنا الحسن ابن الحسين الأنصاري، قال: حدثنا معاذ بن مسلم بيّاع الهرويّ، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، به مثله.
وقد استغربه الحافظ مع تحسينه لإسناده، وعقبه قائلا: فإن ثبت هذا فالمراد بالقوم أخص من الذي قبله أي بني هاشم مثلا.
أقول: لم يثبت هذا؛ فإن في إسناده "الحسن بن الحسين الأنصاري، العُرني"، قال أبو حاتم: لم يكن بصدوق عندهم، كان من رؤساء الشيعة، وقال ابن حبان: يأتي عن الأثبات بالملزقات، ويروي المقلوبات والمناكير، ولا تقوم به الحجة.
انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 3/6، وميزان الاعتدال 2/6 رقم1828.
و"معاذ بن مسلم" مجهول، هكذا قال ابن أبي حاتم عن أبيه.
انظر: الجرح والتعديل 8/248.
وقد ذكر الذهبي هذا الخبر في ترجمة "الحسن بن الحسين الأنصاري"، وقال: معاذ نكرة، فلعل الآفة منه.
وقال الشيخ محمود محمد شاكر بعد أن نقل كلام الذهبي هذا "أقول: بل الآفة من كليهما: الحسن بن الحسين، ومعاذ بن مسلم".
أقول: وهو كما قال؛ لأن الأول منهما - أعني الحسن بن الحسين لم يكن صدوقا كما قال أبو حاتم وكان من رؤساء الشيعة.(2/595)
بني هاشم. قال بعض رواته: هو علي 1.
قوله تعالى:
{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} الآية: 8
[1138] وروى عبد بن حميد من طريق أبي بشر عن مجاهد في قوله: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} قال: إذا حاضت المرأة وهي حامل كان نقصانا من الولد، فإن زادت على تسعة أشهر كان تماما لما نقص من ولدها 2.
[1139] ثم روى من طريق منصور عن الحسن قال: الغيض ما دون تسعة أشهر، والزيادة ما زادت عليها يعني في الوضع 3.
قوله تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} الآية: 8
[1140] وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة أي جعل لهم أجلا معلوما 4.
__________
1 فتح الباري 8/376.
قال ابن حجر: وكأنه أخذه من الحديث الذي قبله. وفي إسناد كل منهما بعض الشيعة. ولو كان ذلك ثابتا ما تخالفت رواته. اهـ قوله.
2 فتح الباري 8/375.
أخرج ابن جرير الأرقام 20166-20168 و20177 من طرق، عن أبي بشر، عن مجاهد - نحوه.
3 فتح الباري 8/375.
أخرج ابن جرير رقم20190 من طريق منصور، عن الحسن - فذكر أوله فقط.
4 فتح الباري 8/371.
أخرجه ابن جرير رقم20201 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، به.(2/596)
قوله تعالى:
{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} الآية: 11
[1141] وروى الطبري بإسناد حسن عن ابن عباس في قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} قال: ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، فإذا جاء قدره خلوا عنه 1.
[1142] ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} يقول: بإذن الله، فالمعقبات هن من أمر الله وهي الملائكة 2.
[1143] ومن طريق سعيد بن جبير قال: حفظهم إياه بأمر الله 3.
[1144] ومن طريق إبراهيم النخعي قال: يحفظونه من الجن 4.
__________
1 فتح الباري 8/372.
أخرجه ابن جرير رقم20216 حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس - مثله. وفي إسناده ابن وكيع، وهو ضعيف. هذا وقد حسنه ابن حجر كما في الأعلى. وأخرجه رقم20217 عن الحارث، حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا إسرائيل، به نحوه.
2 فتح الباري 8/372.
أخرجه ابن جرير رقم20231 من طريق معاوية بن صالح، عن عليّ، به مثله.
3 فتح الباري 8/372.
أخرجه ابن جرير رقم20232 حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير - نحوه. ولفظه "قال: الملائكة الحفظة، وحفظهم إياه من أمر الله". وفي الإسناد ابن حميد وهو ضعيف.
4 فتح الباري 8/372.
أخرجه ابن جرير رقم20244 حدثني أبو هريرة الضبعي قال: حدثنا أبو داود - وهو الطيالسي - قال: حدثنا ورقاء، عن منصور، عن طلحة، عن إبراهيم - مثله.
و"أبو هريرة الضبعي" ثقة، وطلحة هو ابن مصرّف ثقة أيضا.(2/597)
[1145] ومن طريق كعب الأحبار قال: لولا أن الله وكَّل بكم ملائكة يذبّون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لتُخُطِّفتم 1.
[1146] وأخرج الطبري من طريق كنانة العدوي 2 أن عثمان سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عدد الملائكة الموكّلة بالآدمي فقال: لكل آدمي عشرة بالليل وعشرة بالنهار، واحد عن يمينه وآخر عن شماله، واثنان من بين يديه ومن خلفه، واثنان على جنبيه وآخر قابض على ناصيته، فإن تواضع رفعه وإن تكبر وضعه، واثنان على شفتيه ليس يحفظان عليه إلا الصلاة على محمد والعاشر يحرسه من الحيّة أن تدخل فاه يعني إذا نام 3.
__________
1 فتح الباري 8/372.
أخرجه ابن جرير رقم20246 حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن زياد الألهاني، عن يزيد بن شريح، عن كعب الأحبار - نحوه.
2 هو كنانة بن نعيم العدوي أبو بكر الصديق، تابعي ثقة، لم يذكر أنه أدرك عثمان بن عفان أو روى عنه.
انظر ترجمته في: التهذيب 8/403 والتقريب 2/137 وتفسير الطبري 16/ 371 الحاشية.
3 فتح الباري 8/372.
أخرجه ابن جرير رقم20211 حدثني المثنى، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد السلام ابن صالح القشيري، قال: حدثنا علي بن جرير، عن حماد بن سلمة، عن عبد الحميد ابن جعفر، عن كنانة العدوي، به نحوه بأطول منه سياقا.
وعلق عليه المحقق الشيخ محمود محمد شاكر قائلا: هذا إسناد مشكل منكر، "إبراهيم ابن عبد السلام بن صالح القشيري"، لم نجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال، و"علي ابن جرير" لا يُدرى من هو أيضا. فهذا حديث فيه نكارة وضعف شديد، وانفرد بروايته أبو جعفر الطبري عن المثنى. اهـ.
قلت: وفيه علة أخرى، وهي الانقطاع؛ فإنه لم يذكر أن كنانة أدرك عثمان أو روى عنه كما سبق في ترجمته.
وقال ابن كثير 4/360: وقد روى الإمام أبو جعفر بن جرير ها هنا حديثا غريبا جدا، فذكره.(2/598)
[1147] أخرج ابن جرير بإسناد صحيح عن ابن عباس في قوله {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ} قال: ذلك مَلِك من مُلوك الدنيا له حرس ومن دونه حرس 1.
[1148] ومن طريق عكرمة في قوله: {مُعَقِّبَاتٌ} قال: المراكب 2.
قوله تعالى: {وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} الآية: 12
[1149] وصل الفريابي أيضا عن مجاهد في قوله {السَّحَابَ الثِّقَالَ} الذي فيه الماء 3.
قوله تعالى: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} الآية: 13
[1150] وروى ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} قال شديد القوة 4.
ومثله عن قتادة 5.
__________
1 فتح الباري 8/372.
أخرجه ابن جرير رقم20226 حدثنا أبو هاشم الرفاعي، قال: حدثنا ابن يمان قال: حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - مثله.
2 فتح الباري 8/372.
أخرجه ابن جرير رقم20229 حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا عمر بن نافع، قال: سمعت عكرمة يقول - فذكر نحوه. ولفظه "قال: المواكب من بين يديه ومن خلفه".
وفيه "عمر بن نافع الثقفي"، وهو ضعيف. انظر: التقريب 2/63.
3 فتح الباري 8/374. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/231 ثنا ورقاء، ثنا ابن أبي نجيح، عنه - مثله.
4 فتح الباري 8/372.
أخرج ابن جرير رقم20274 حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد - مثله.
5 فتح الباري 8/372.
أخرج ابن جرير رقم20275 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة - نحوه. ولفظه "وهو شديد المحال"، أي القوة والحيلة".(2/599)
[1152] ونحوه عن السدي 1.
[1153] وفي رواية عن مجاهد: شديد الانتقام 2.
[1154] وروى النسائي في سبب نزولها من طريق علي بن أبي سارة عن ثابت عن أنس قال: "بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل من فراعنة العرب يدعوه - الحديث وفيه - فأرسل الله صاعقة فذهبت بِقَحْف رأسه، فأنزل الله هذه الآية 3.
__________
1 فتح الباري 8/372.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/628 عنه. ولفظه "شديد الحول والقوة"، ونسبه إلى أبي الشيخ فقط.
2 فتح الباري 8/372.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/627 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
3 فتح الباري 8/372.
أخرجه النسائي في التفسير رقم279 عن عمرو بن منصور، نا عبد الله بن عبد الوهاب، قال: حدثني عليّ بن أبي سارة، به نحوه. ولفظه "قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم مرة رجلا إلى رجل من فراعنة العرب أن "ادعه ليّ" قال: يا رسول الله إنه أعتى من ذلك، قال: "اذهب إليه فادعه"، قال: فأتاه فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك. قال: أرسول الله؟ وما الله؟ أمن ذهب هو؟ أم من فضة هو؟ أمن نحاس هو؟ فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخبرتك أنه أعتى من ذلك، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما قال، قال: "فارجع إليه فادعه"، فرجع فأعاد عليه المقالة الأولى، فردّ عليه مثل الجواب، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: "ارجع إليه فادعه"، فرجع إليه، فبينما هما يتراجعان الكلام بينهما إذ بعث الله سحابة حيال رأسه، فرعدت؛ ووقعت منها صاعقة.... الحديث نحوه.
وأخرجه ابن جرير رقم20270 والطبراني في الأوسط رقم2623 والواحدي في أسباب النزول ص222 والعقيلي في الضعفاء 3/232-233 وأبو يعلى في مسنده رقم3342 كلهم من حديث علي بن أبي سارة، عن ثابت، به.
و"علي بن أبي سارة" تقدم أنه ضعيف. ولكن تابعه "ديلم بن غزوان".
فقد أخرجه أبو يعلى رقم3341 والبزار رقم2221 كشف الأستار والبيهقي في =(2/600)
[1155] وأخرجه البزار من طريق أخرى عن ثابت1 والطبراني من حديث ابن عباس مطولا 2.
__________
= الدلائل 6/283 وابن أبي عاصم في السنة رقم692 كلهم من طريق ديلم بن غزوان، عن ثابت، عن أنس، به.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/45 وقال: ونسبه إلى أبي يعلى والبزار والطبراني في الأوسط، وقال: رجال البزار رجال الصحيح غير ديلم بن غزوان وهو ثقة، وفي رجال أبي يعلى والطبراني عليّ بن أبي سارة وهو ضعيف. اهـ.
وأبو يعلى أخرجه من طريقين: طريق ابن أبي سارة وطريق ديلم بن غزوان كما رأيت.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/625 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه، عن أنس، به.
1 كشف الأستار رقم2221 وانظر ما قبله.
2 فتح الباري 8/372.
لم أجده عند الطبراني عن ابن عباس بهذا السياق، ولكن بسياق آخر، ولم يقل فيه: وما الله؟ أمن ذهب هو؟ أم من فضة هو؟ أمن نحاس هو؟.
فقد أخرج ج 10/رقم10760 من حديث إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثني عبد العزيز ابن عمران، حدثني عبد الرحمن وعبد الله ابنا زيد بن أسلم عن أبيهما، عن عطاء ابن يسار، عن ابن عباس - فذكر قصة "أربد بن قيس بن جزي بن خالد بن جعفر بن كلاب" و"عامر بن الطفيل بن مالك" وقدومهما المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحاولتهما الغدر به صلى الله عليه وسلم، وفي آخره "فخرجا حتى إذا كانا بالرقم أرسل الله عز وجل على "أربد" صاعقة، فقتله، وخرج "عامر" حتى إذا كان بالحر، ثم أرسل الله عليه قرحة، فأخذته فأدركه الليل في بيت امرأة من بني سلول، فجعل يمس قرحته في حلقه، ويقول: غدة كغدة الجمل في بيت سلولية يرغب أن يموت في بيتها، ثم ركب فرسه فأركضه حتى مات عليه راجعا، فأنزل الله عز وجل فيهما {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ} إلى قوله: {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} قال: المعقبات من أمر الله يحفظون محمداً، ثم ذكر أربد وما قبله به قال: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً} إلى قوله: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} .
ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/44-45 وقال: رواه الطبراني في الأوسط والكبير ... وفي إسناديهما عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف.
ثم وجدته عند الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف 2/185 قال: رواه الثعلبي في تفسيره، من حديث محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: أقبل عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة، وهما عامدان يريدان رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكر القصة بطولها، وفيها اللفظ المذكور.
والكلبي متروك متهم بالكذب.(2/601)
قوله تعالى: {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ} الآية: 14
[1156] وصل ابن أبي حاتم وابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ} الآية قال: مَثَلُ المشرك الذي عبد مع الله إلها غيره كمثل العطشان الذي ينظر إلى ظل خياله في الماء من بعيد، وهو يريد أن يتناوله ولا يقدر عليه 1.
[1157] روى الطبري أيضا من طريق العوفي عن ابن عباس في هذه الآية قال: مثل الأوثان التي تعبد من دون الله كمثل رجل، قد بلغه العطش حتى كربه الموت، وكفاه في الماء قد وضعهما لايبلغان فاه. يقول الله لا يستجيب له الأوثان ولا تنفعه حتى تبلغ كفّا هذا فاه، وما هما ببالغتين فاه أبدا 2.
[1158] ومن طريق أبي أيوب عن علي قال: كالرجل العطشان يمد يده إلى البئر ليرتفع الماء إليه وما هو بمرتفع 3.
__________
1 فتح الباري 8/371. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير رقم20294 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
2 فتح الباري 8/371.
أخرجه ابن جرير رقم20295 من طريق العوفي، عن ابن عباس - مثله. والعوفي ضعيف.
3 فتح الباري 8/371.
أخرجه ابن جرير رقم20286 حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال: حدثنا سيف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، به نحوه. قال المحقق: إسناده هالك منكر. سيف هو سيف ابن عمر الضبي الأخباري، صاحب الفتوح، ضعيف ساقط الحديث، ليس بشيء. اهـ. انظر: تفسير الطبري 16/392، 400.(2/602)
[1159] ومن طريق سعيد عن قتادة: الذي يدعو من دون الله إلها لا يستجيب بشيء أبدا من نفع أو ضر حتى يأتيه الموت، مثله كمثل الذي بسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه، ولا يصل ذلك إليه فيموت عطشا 1.
[1160] ومن طريق معمر عن قتادة نحو ولكن قال: وليس الماء ببالغ فاه ما دام باسطا كفيه لا يقبضهما 2.
[1161] وصل الفريابي والطبري من طرق عن مجاهد في قوله: {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ} يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده، فلا يأتيه أبدا 3.
قوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ} الآية: 17
[1162] وصل الفريابي أيضا عن مجاهد في قوله: {زَبَداً رَابِياً} قال: الزبد السيل. وفي قوله: {زَبَدٌ مِثْلُهُ} قال: خبث الحلية والحديد 4.
[1163] وأخرج الطبري من وجهين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في
__________
1 فتح الباري 8/371.
أخرجه ابن جرير رقم20293 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، به نحوه.
2 فتح الباري 8/371.
أخرجه ابن جرير رقم20297 حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، به نحوه.
3 فتح الباري 8/374. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه الفريابي بالسند المذكور آنفا. وأخرجه ابن جرير رقم20287، 20289، 20290، 20291 من طرق عن ابن أبي نجيح، عنه - مثله.
4 فتح الباري 8/374. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه الفريابي بالسند المذكور آنفا.(2/603)
قوله: {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} قال: بمثلها {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً} قال: الزبد السيل {وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ} قال: خبث الحديد والحلية، وهما مثلان للحق والباطل 1.
[1164] وأخرجه من طريقين عن ابن عباس نحوه 2.
[1165] ومن طريق سعيد عن قتادة في قوله: {بِقَدَرِهَا} قال: الصغير بصغره والكبير بكبره. وفي قوله: {رَابِياً} أي عاليا. وفي قوله: {ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ} الذهب والفضة. وفي قوله: {أَوْ مَتَاعٍ} الحديد والصفر الذي ينتفع به. و"الجفاء" ما يتعلق بالشجر، وهي ثلاثة أمثال ضربها الله في مثل واحد. يقول: كما اضمحل هذا الزبد فصار لا ينتفع به كذلك يضمحل الباطل عن أهله، وكما مكث هذا الماء في الأرض فأمرعت 3 وأخرجت نباتها، كذلك يبقى الحق لأهله. ونظيره بقاء خالص الذهب والفضة إذا دخل النار وذهب خبثه وبقي صفره، كذلك يبقى الحق لأهله ويذهب الباطل 4.
__________
1 فتح الباري 8/374.
أخرج ابن جرير الأرقام 20316-20318 من طريق ورقاء، وشبل كلاهما عن ابن أبي نجيح، عنه - مثله ونحوه.
2 فتح الباري 8/374.
أخرج ابن جرير رقم20311 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عنه - نحوه. وأخرج رقم20312 من طريق العوفي، عنه - نحوه مطولا.
قلت: الإسناد الأول صحيح، والثاني ضعيف.
3 يقال: أمرع المكان والوادي، وأمرع القوم: أي أصابوا الكلأ فأخصبوا.
انظر: القاموس باب العين، فصل الميم، مادة "مرع"، ص 687، والمعجم الوسيط مادة "مرع"، ص 864.
4 فتح الباري 8/374.
أخرجه ابن جرير رقم20319 حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، به نحوه.(2/604)
قوله تعالى: {وَإِلَيْهِ مَتَابِ} الآية: 30
[1166] وروى ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح في قوله: {وَإِلَيْهِ مَتَابِ} قال: توبتي 1.
قوله تعالى:
{أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً} الآية:31
[1167] وروى الطبري من طرق عن مجاهد وقتادة وغيرهما {أَفَلَمْ يَيْأَسِ} أي أفلم يعلم 2.
[1168] وروى الطبري وعبد بن حميد بإسناد صحيح كلهم من رجال البخاري عن ابن عباس أنه كان يقرؤها "أفلم يتبين" ويقول: كتبها الكاتب وهو ناعس 3.
__________
1 فتح الباري 8/373.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/651 عن مجاهد، ولم ينسبه إلا إلى ابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 8/373.
أخرج الطبري رقم20416 من طريق محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة - مثله. وأخرج رقم20415 عن بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة - بلفظ "ألم يتبين".
وأخرج رقم20414 من طريق ليث بن أبي سليم، عن مجاهد - بلفظ "أفلم يتبين". وليث ضعيف.
3 فتح الباري 8/373.
أخرجه ابن جرير رقم20410 حدثنا أحمد بن يوسف - التغلبي الأحول، قال: حدثنا القاسم - وهو ابن سلام، قال: حدثنا يزيد - وهو ابن هارون، عن جرير بن حازم، عن الزبير بن الخريّت أو يعلى بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس - مثله. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/653 ونسبه إلى ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف.
هذا خبر رجاله كلهم ثقات، بل كل رجاله رجال الصحيحين - كما قال ابن حجر والشيخ محمود محمد شاكر، سوى أبي عبيد القاسم بن سلام أبي عبيد، فهو إمام ثقة صدوق، فإسناده صحيح.(2/605)
................................................ (1)
__________
1 وعلى صحة هذا الخبر فإنه يتعارض مع ما وعد الله به وأخبر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أن هذا القرآن محفوظ إلى أن يرفع قرب قيام الساعة. قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] ، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ... وَلَيُسْرَى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية " الحديث. [أخرجه ابن ماجه، رقم4049، والحاكم 4/473 عن حذيفة مرفوعا في حديث طويل. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، كما صححه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم87] . وما رفع القرآن الكريم في آخر الزمان إلا تمهيداً لإقامة الساعة على شرار الخلق، الذين لا يعرفون شيئا من الإسلام البتة. ومعروف أن القرآن الكريم حفظ في الصدور في عهد الصحابة من قبل عدد بلغ حد التواتر، وذلك قبل حفظه في السطور، فكيف يخفى هذا على أولئك الحفظة، حتى يبقى ثابتا بين دفتي المصحف الإمام.
كما أن أبا عمرو البصرى كان يقرأ بقراءة زيد بن ثابت من طريق سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة مولى ابن عباس، والمعروف أن ابن عباس تلقى القراءة عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما. [انظر: غاية النهاية في طبقات القراء 1/296، 305، 515 و2/41] .
فلا يعقل أن يقرأ ابن عباس عباس بخلاف قراءة زيد، لذا أقول فلا تحمل قرءاته هذه إلا أن تكون تفسيرية، ثم إنها قراءة آحادية لا يحكم بقرآنيتها ولا تقف أمام القراءة المتواترة السبعية الصحيحة. والله الموفق.
وقال ابن حجر: فقد اشتد إنكار جماعة ممن لا علم له بالرجال صحته، وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته إلى أن قال: وهي والله فرية ما فيها مرية. وتبعه جماعة بعده، والله المستعان ... إلى أن قال - القائل ابن حجر -: وهذه الأشياء وإن كان غيرها المعتمد، لكن تكذيب المنقول بعد صحته ليس من دأب أهل التحصيل، فلينظر في تأويله بما يليق به. فتح الباري 8/373.
وقال الشيخ محمود محمد شاكر في تعليقه على رواية الطبري: "ومع صحة إسناده لم أجد أحداً من أصحاب الدواوين الكبار، كأحمد في مسنده، أو الحاكم في المستدرك، ولا أحداً ممن نقل عن الدواوين الكبار، كالهيثمي في مجمع الزوائد، أخرج هذا الخبر أو أشار إلى هذه القراءة عن ابن عباس، أو علي بن أبي طالب، كما جاء في الخبر الذي قبله، بل أعجب من ذلك أن ابن كثير، وهو المتعقب أحاديث أبي جعفر في التفسير، لما بلغ تفسير هذه الآية، لم يفعل سوى أن أشار إلى قراءة ابن عباس، وأغفل هذا الخبر إغفالا على =(2/606)
[1169] ومن طريق ابن جريج قال: زعم ابن كثير وغيره أنها القراءة الأولى 1.
قوله تعالى: {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ} الآية: 31
[1170] أخرج الطبري بإسناد حسن عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ} قال: سريّة، أو تحل قريبا من دارهم، قال: أنت يا محمد حتى يأتي وعد الله، فتح مكة 2.
[1171] ومن طريق مجاهد وغيره نحوه 3.
قوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} الآية: 39
[1172] عن أبي صالح في قوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}
__________
= غير عادته، وأكبر ظني أن ابن كثير عرف صحة إسناده، ولكنه أنكر ظاهر معناه إنكاراً حمله على السكوت عنه، وكان خليقاً أن يذكره ويصفه بالغرابة أو النكارة، ولكنه لم يفعل، لأنه فيما أظن قد تحير في صحة إسناده، مع نكارة ما يدل عليه ظاهر لفظه. وزاد هذا الظاهر نكارة عنده، ما قاله المفسرون قبله في هذا الخبر عن ابن عباس، حين رووه غير مسند بألفاظ غير هذه الألفاظ ". تفسير الطبري 16/453 الحاشية.
1 فتح الباري 8/373.
أخرجه ابن جرير رقم30411 حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، فذكره، ولفظه "قال: في القراءة الأولى، زعم ابن كثير وغيره "أفلم يتبين".
2 فتح الباري 8/373.
أخرجه ابن جرير رقم20418 حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا أبو داود - وهو الطيالسي ـ، قال: حدثنا المسعودي، عن قتادة، عن سعيد بن جبير، عنه - مثله. وأخرجه رقم20419، 20420 من وجهين آخرين، عن المسعودي، به نحوه.
3 فتح الباري 8/373.
أخرج ابن جرير رقم20424 عن الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - نحوه. وأخرج رقم20431 من طريق يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة - نحوه.(2/607)
قال: تكتب الملائكة كل ما يتلفظ به الإنسان ثم يثبت الله من ذلك ماله وما عليه ويمحو ماعدا ذلك 1.
قوله تعالى: {لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} الآية: 41
[1173] وروى ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم في قوله: {لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} أي لا يتعقب أحد حكمه فيرده 2.
__________
1 فتح الباري 11/309.
قال ابن حجر - عقبه -: هذا لو ثبت كان نصا في ذلك، ولكنه من رواية الكلبي وهو ضعيف جدا.
2 فتح الباري 8/374.
لم أجده مسندا، وهو تفسير واضح المعنى.(2/608)
سورة إبراهيم
قوله تعالى: {وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً} الآية: 3
[1174] وصل عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً} قال: تلتمسون لها الزيغ 1.
قوله تعالى: {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} الآية: 6
[1175] وصل الطبري من طريق الحميدي 2 عن ابن عيينة {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} أياديَ الله عندكم وأيامه 3، وكذا رويناه في تفسير ابن عيينة رواية سعيد بن عبد الرحمن عنه 4.
[1176] وأخرج عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والنسائي، وكذا
__________
1 فتح الباري 8/376. هكذا وردت بتاء المخاطبة، وهي في المصحف بالياء. وذكره البخاري عنه تعليقا.
ولم يذكره الحافظ في التغليق.
2 هو عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي الحميدي المكي، أبو بكر، ثقة حافظ فقيه، أجل أصحاب ابن عيينة، مات سنة تسع عشرة بعد المائتين. قال الحاكم: كان البخاري إذا وجد الحديث عند الحميدي لا يعدوه إلى غيره. التقريب 1/415.
3 أخرجه ابن جرير رقم20582 حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن الزبير - وهو الحميدي - عن ابن عيينة - مثله.
4 فتح الباري 8/376.
ذكره ابن حجر في تغليق التعليق 4/232 عن ابن عيينة. ولفظه "قال: اذكروا أيادي الله عليكم، وأيام الله".(2/609)
ذكره ابن أبي حاتم من طريق ابن عباس عن أبي بن كعب قال: إن الله أوحى إلى موسى وذكّرهم بأيام الله، قال: نعم الله 1.
[1177] وأخرجه عبد الرزاق من حديث ابن عباس بإسناد صحيح فلم يقل عن أبي بن كعب 2.
قوله تعالى: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} الآية: 9
[1178] وقد روى عبد بن حميد من طريق أبي الأحوص عن عبد الله قال: عضوا على أصابعهم 3. وصححه الحاكم، وإسناده صحيح 4.
__________
1 فتح الباري 8/376.
أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند المسند 5/122 حدثنا أبو عبد الله العنبري، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا محمد بن أبان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به نحوه موقوفا. وذكره ابن كثير 4/398 وقال: وهو الأشبه.
وأخرجه عبد الله بن أحمد المسند 5/122 ابن جرير رقم20579 وابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير 4/398 كلهم من حديث محمد بن أبان، به مرفوعا.
ومحمد بن أبان ضعيف. وله طريق أخرى صحيحة؛ فقد أخرجه النسائي في التفسير رقم280 من حديث زيد بن أنيسة، عن أبي إسحاق، به مرفوعا نحوه.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/6 وعزاه للنسائي، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان.
2 فتح الباري 8/376.
3 فتح الباري 8/377.
أخرجه ابن جرير رقم20597 حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن رجاء البصري، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله - مثله.
وأخرجه الأرقام 20594-20596 و20598 من طرق عن أبي إسحاق، به نحوه.
ذكره ابن كثير 4/401 عن سفيان الثوري، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، به نحوه.
واختاره الطبري، ووجهه بقوله تعالى عن المنافقين: {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ} [آل عمران:119] ، قال: فهذا هو الكلام المعروف والمعنى المفهوم من "رد اليد إلى الفم". تفسير الطبري 16/536.
4 المستدرك 2/350 من طريق إسرائيل، عن أبي الأحوص، به. وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وصححه ابن حجر كما في الأعلى.(2/610)
قوله تعالى: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} الآية: 16
[1179] وصل الفريابي بسنده إلى مجاهد في قوله: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} قال: قيح ودم 1.
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} الآيتان:24- 25.
[1180] وعند الترمذي والنسائي وابن حبان من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} قال: "هي النخلة"، تفرد برفعه حماد بن سلمة 2.
[1181] وللحاكم من حديث أنس "الشجرة الطيبة" النخلة، و"الشجرة الخبيثة" الحنظلة 3.
__________
1 فتح الباري 8/376.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/232 ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عنه - مثله.
وأخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق 4/232 به سندا ومتنا.
2 فتح الباري 1/147.
أخرجه الترمذي في جامعه رقم3119 - في تفسير القرآن، باب ومن سورة إبراهيم - حدثنا عبد بن حميد، حدثنا أبو الوليد، حدثنا حماد بن سلمة، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك - مرفوعا نحوه. وأخرجه النسائي في التفسير رقم282 من طريق النضر بن شميل، وابن حبان في صحيحه الإحسان، رقم475 من طريق غسان ابن الربيع، كلاهما عن حماد بن سلمة، به. وأخرجه أبو يعلى رقم4165، وابن جرير 13/205 والحاكم 2/352 كلهم من حديث حماد بن سلمة، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/22 وزاد نسبه إلى البزار وابن أبي حاتم وابن مردويه.
3 فتح الباري 8/378. =(2/611)
[1182] وقد أخرج ابن مردويه من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف في قوله: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} قال: هي شجرة جوز الهند لا تتعطل من ثمرة تحمل كل شهر 1.
__________
= أخرجه الحاكم 2/352 أخبرنا الحسين بن أيوب، ثنا أبو يحيى بن أبي مرة، ثنا العلاء ابن عبد الجبار، ثنا حماد بن سلمة، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك - فذكر أوله. ولفظه "قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع من بسر فقرأ {مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} قال: "هي النخلة". قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وبهذا اللفظ أخرجه النسائي في التفسير رقم282، وابن جرير رقم20678 من طريق النضر بن شميل، عن حماد بن سلمة، به مرفوعا.
وأخرجه الترمذي رقم3119 - في التفسير، باب "ومن سورة إبراهيم"، وأبو يعلى في مسنده رقم4165 وابن حبان في صحيحه الإحسان رقم475 من طرق عن حماد ابن سلمة، به مرفوعا، بجزأيه.
وأشار الترمذي عقبه إلى رواية شعيب بن الحبحاب، عن أبيه، عن أنس بمعناه موقوفا، وقال: هذا الموقوف أصحّ.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/22 ونسبه إلى الترمذي والنسائي والبزار وأبي يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وابن مردويه.
وأورده الشيخ الألباني في ضعيف سنن الترمذي رقم605 وقال: ضعيف مرفوعا.
قلت: وورد في حديث صحيح، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم فسّر الشجرة الطيبة بأنها النخلة. الحديث أخرجه الشيخان البخاري: كتاب التفسير، باب "كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، رقم4698، ومسلم: كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب مثل المؤمن النخلة، رقم 2811.
1 فتح الباري 8/378.
أخرجه ابن مردويه فيما ذكره العيني في عمدة القارئ 19/5 من حديث فروة بن السائب، عن ميمون بن مهران، عنه - مثله. وهو ضعيف كما ذكر الحافظ كما في الأعلى. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/25 ونسبه إلى ابن مردويه فقط.
وانظر التعليق على التي قبلها.(2/612)
قوله تعالى:
{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ} الآية: 26
[1183] أخرج الطبري من طريق سعيد عن قتادة {اجْتُثَّتْ} استؤصلت1.
[1184] ومن طريق العوفي عن ابن عباس: ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة بمثل الكافر، يقول: الكافر لا يقبل عمله، ولا يصعد؛ فليس له أصل ثابت في الأرض ولا فرع في السماء2.
قوله تعالى: {مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ}
[1185] ومن طريق الضحاك قال في قوله: {مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} أي مالها أصل ولا فرع ولا ثمرة ولا منفعة، كذلك الكافر ليس يعمل خيرا ولا يقول خيرا، ولم يجعل الله فيه بركة ولا منفعة 3.
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} الآية: 28
[1186] روى الطبري عن ابن عباس أنه سأل عمر عن هذه الآية فقال:
__________
1 فتح الباري 8/377.
الذي وجدته عند الطبري ليس من طريق سعيد، عن قتادة، وإنما من طريق معمر، عنه. فقد أخرج رقم20749 حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة "اجتثت من فوق الأرض" قال: استوصلت من فوق الأرض.
2 فتح الباري 8/377. أخرجه ابن جرير رقم20750 من طريق العوفي، به نحوه.
3 فتح الباري 8/377.
أخرجه ابن جرير رقم20757 قال: حُدِّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول: - فذكر مثله.(2/613)
من هم؟ قال: هم الأفجران من بني مخزوم وبني أمية أخوالي وأعمامك، فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر، وأما أعمامك فأملى الله لهم إلى حين1.
[1187] ومن طريق علي قال: هم الأفجران بنوا أمية وبنو المغيرة، فأما بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين2 وهو عند عبد الرزاق أيضا3 والنسائي 4 وصححه الحاكم5.
__________
1 فتح الباري 8/378.
أخرجه ابن جرير 13/219 حدثني المثنى، قال: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: أخبرنا حمزة الزيات، عن عمروبن مرة، قال: قال ابن عباس لعمر رضي الله عنه فذكر مثله.
قلت: في هذا الإسناد إرسال "عمرو بن مرة"؛ فإنه لم يسمع من أحد من الصحابة إلا من أبي أوفى. كذا قال أبو حاتم. وقال ابن حجر - في ترجمته -: أرسل عن عبد الله بن عباس.
انظر: المراسيل ص 122، رقم259. والتهذيب 8/90.
تنبيه: إلى هنا انتهى الجزء المحقق من تفسير الطبري؛ فما بعده اعتمدت فيها، على الطبعة الحلبية.
2 أخرجه ابن جرير 13/220 حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان وشريك، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مر، عن علي - مثله. وأخرجه - في المكان السابق - من طريق شعبة وسفيان، عن أبي إسحاق بهذا الإسناد مختصرا. ولفظه "الأفجران من قريش".
وأخرجه الحاكم 2/352 من طريق الفريابي، ثنا سفيان، به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
قلت: و"عمرو ذو مرّ" هو الهمداني، كوفي سمع عليا رضي الله عنه، روى عنه أبو إسحاق الهمداني، كذا قال ابن أبي حاتم عن أبيه، وسكت عنه ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. انظر: الجرح والتعديل 6/232.
3 أخرجه في تفسيره 1/2/342 عن معمر، عن وهب بن عبد الله، عن أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل عليا، قال: من {بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} ؟ قال: الأفجران، وقال: قريش أو قال: أهل مكة، بنو مخزوم، وبنو أمية وكفيتهم يوم بدر.
4 أخرجه في تفسيره رقم287 من طريق شعبة، عن القاسم بن أبي بزة، به نحوه. ولفظه "هم: كفار قريش يوم بدر".
5 فتح الباري 8/378. أخرجه في مستدركه 2/352 من طريق أبي نعيم، ثنا بسام الصيرفي، ثنا أبو الطفيل عامر بن واثلة، به نحوه. وانظر ما قبله.(2/614)
[1188] عند الطبراني من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال: البوار الهلاك 1.
[1189] ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: قد فسّرها الله تعالى فقال: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا} 2.
قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ} الآية: 31
[1190] وروى الطبري من طرق قتادة قال: علم الله أن في الدنيا بيوعا وخلالا يتخالّون بها في الدنيا، فمن كان يخالل الله فليدم عليه وإلا فسينقطع ذلك عنه 3.
قوله تعالى: {مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} الآية: 34
[1191] وصل الفريابي عن مجاهد في قوله: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا
__________
1 فتح الباري 7/303.
أخرجه ابن جرير 13/223 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، به. وفيه سنيد وقد ضُعِّف.
2 فتح الباري 7/303.
أخرجه ابن جرير 13/223 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/43 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد.
3 فتح الباري 8/376.
أخرجه ابن جرير 13/224-235 حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عنه - نحوه.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/43 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.(2/615)
سَأَلْتُمُوهُ} قال: رغبتهم إليه فيه 1.
قوله تعالى: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ} الآية: 43
[1192] وصل الفريابي عن مجاهد "مهطعين: مديمي النظر 2.
[1193] عن مجاهد "مقنعي رءوسهم" رافعي رؤوسهم، أخرجه الفريابي من طريقه 3.
قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} الآية: 48
[1194] أخرج مسلم عن عائشة أنها "سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} أين يكون الناس حينئذ؟ قال: "على الصراط" 4.
__________
1 فتح الباري 8/376. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/2332 حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - مثله.
2 فتح الباري 5/95.
أخرجه الفريابي في تفسيره كما في تغليق التعليق 3/331 ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به. وأخرج ابن جرير 13/237 من طرق عن ابن أبي نجيح، به. والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/50 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.
3 فتح الباري 5/65.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 3/330 حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به. وأخرجه ابن جرير 13/239 من طرق عن ابن أبي نجيح، به.
4 فتح الباري 11/376.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم2791-29 - في صفات المنافقين وأحكامهم، باب في البعث والنشور - من طريق علي بن مسهر، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، به. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/56 ونسبه إلى أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والحاكم عن عائشة.(2/616)
[1195] وفي رواية الترمذي "على جسر جهنم" 1.
[1196] ولأحمد من طريق ابن عباس عن عائشة "على متن جهنم" 2.
[1197] وأخرج مسلم أيضا من حديث ثوبان مرفوعا "يكونون في الظلمة دون الجسر" 3.
[1198] وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والطبري في تفاسيرهم والبيهقي في الشعب من طريق عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} الآية قال: تبدل الأرض أرضا
__________
1 فتح الباري 11/376.
لم أجد في رواية الترمذي بهذا اللفظ، وإنما وجدت باللفظ المذكور في رواية مسلم، وهو "على الصراط"، فقد أخرجه رقم3121 من طريق سفيان، عن داود بن بي هند، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وروي من غير هذا الوجه عن عائشة.
هذا وقد أخرج الإمام أحمد 6/117 من حديث حبيب بن أبي عمرة، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر:67] ، فأين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: "هم على جسر جهنم". اهـ. مع أن هذا الحديث ذكره ابن كثير في تفسيره 5/437 باللفظ الذي ذكره ابن حجر هنا - في الذي يليه - بلفظ "هم على متن جهنم". والله أعلم.
2 فتح الباري 11/376.
سبق تخريجه في الذي قبله.
3 فتح الباري 11/376.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم315-34 - في الحيض، باب بيان صفة مني الرجل والمرأة وأن الولد مخلوق من مائهما - بسنده عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت قائما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حبر من أحبار اليهود ... فذكره مطولا وفيه أنه سأل فيما سأل: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هم في الظلمة دون الجسر " الحديث.(2/617)
كأنها فضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل عليها خطيئة، ورجاله رجال الصحيح، وهو موقوف 1.
[1199] وأخرجه البيهقي من وجه آخر مرفوعا، وقال: الموفوف أصح 2.
[1200] وأخرجه الطبري والحاكم من طريق عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود بلفظ: أرض بيضاء كأنها سبيكة فضة ورجاله موثقون أيضا 3.
__________
1 فتح الباري 11/375.
أخرجه ابن جرير 13/249-250 من أوجه، وابن أبي حاتم في تفسيره كما في تفسير ابن كثير 4/438 كلاهما من طريق شعبة، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو ابن ميمون، به نحوه. وأخرجه أبو الشيخ في العظمة رقم598 من وجه آخر عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، به.
هذا وقد صحّح ابن حجر إسناده كما هو أعلاه.
وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/344 عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن عمرو ابن ميمون - فذكره من قوله ولم يذكر في الإسناد "عبد الله بن مسعود ".
2 فتح الباري 11/375.
لم أهتد إليه عند البيهقي، ولكن أخرجه البزار كما في كشف الأستار، رقم3431، والطبراني في الكبير ج 10/رقم10323 كلاهما من طريق سهل بن حماد أبي عتاب، ثنا جرير بن أيوب، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم - فذكره بنحو الموقوف. قال البزار: لا نعلم رواه بهذا الإسناد مرفوعا إلا جرير، وليس بالقوي، ثم ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 10/348 وقال: رواه البزار وفيه جرير ابن أيوب، وهو مجمع على ضعفه.
3 فتح الباري 11/375.
أخرجه ابن جرير 13/250، والطبراني في الكبير ج 9/رقم9001 كلاهما من طريق حماد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، به. وفيه أن عبد الله تلا هذه الآية، ثم قال: يجاء بأرض بيضاء ... إلخ. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/48 وعزاه إلى الطبراني في. الكبير، ثم قال: وإسناده جيد. وقال ابن حجر - كما في الأعلى - "ورجاله موثوقون ".
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/57 ونسبه إلى عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبي الشيخ في العظمة والحاكم - وصححه - والبيهقي في البعث.(2/618)
[1201] ولأحمد من حديث أبي أيوب: أرض كالفضة البيضاء، قيل فأين الخلق يومئذ؟ قال: هم أضياف الله لن يعجزهم ما لديه 1.
[1202] وللطبري من طريق سنان بن سعد عن أنس مرفوعا: "يبدلها الله بأرض من فضة لم يعمل عليها الخطايا" 2.
[1203] وعن علي موقوفا نحوه 3.
__________
1 فتح الباري 11/375.
لم أجده عند أحمد في مسنده، وقد أخرجه ابن جرير 13/253-254 حدثني محمد ابن عوف، قال: ثنا أبو المغيرة، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا سعيد بن ثوبان الكلاعي، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم حبر من اليهود، وقال: أرأيت إذ يقول الله في كتابه {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} فأين الخلق عند ذلك؟ قال - فذكره. وأخرجه ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير 4/438 من حديث أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، به. وإسناده ضعيف، لضعف ابن أبي مريم. انظر التعليق على رقم 761.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/58 ونسبه إلى أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي نعيم في الدلائل.
2 فتح الباري 11/375.
كذا عزاه ابن حجر إلى الطبري عن أنس مرفوعا، ولكني وجدت عنده موقوفا فقط، فقد أخرجه 13/250، 251 حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس - موقوفا نحوه. وابن لهيعة ضعيف.
3 فتح الباري 11/375.
أخرجه ابن جرير 13/251 من طريق شعبة، قال: سمعت المغيرة بن مالك يحدث، عن المجاشع أو المجاشعي، شك أبو موسى، عمن سمع عليا - فذكره. ولفظه "يقول في هذه الآية {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} قال: الأرض من فضة، والجنة من ذهب". والإسناد فيه راوٍ لم يسم، لذا فهو ضعيف.(2/619)
[1204] ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد: أرض كأنها فضة والسماوات كذلك 1.
[1205] وعن علي: والسماوات من ذهب 2.
[1206] وعند عبد من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة قال: بلغنا أن هذه الأرض يعني أرض الدنيا تطوى وإلى جنبها أخرى يحشر الناس منها إليها 3.
[1207] وفي حديث الصور الطويل: تبدل الأرض غير الأرض والسماوات فيبسطها ويسطحها ويمدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة فإذا هم في هذه الأرض المبدلة في مثل موضعهم من الأولى ماكان في بطنها كان في بطنها وما كان على ظهرها كان عليها 4.
[1208] ووقع في تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} قال: يزاد فيها وينقص منها ويذهب
__________
1 فتح الباري 11/375.
أخرجه ابن جرير 13/250 من طرق عن ابن أبي نجيح، ومن طريق ابن جريج كلاهما عن مجاهد، به.
2 فتح الباري 11/375.
لم أجد عنه بهذا اللفظ، ولكن سبق قريبا عنه بلفظ "والجنة من ذهب".
3 فتح الباري 11/375-376.
لم أقف على إسناده، وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/58 ونسبه إلى عبد بن حميد فقط.
4 فتح الباري 11/376.(2/620)
آكامها وجبالها وأوديتها وشجرها وتمد مد الأديم العكاظي1.
[1209] وفي تفسير الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب: تصير السماوات جنانا ويصير مكان البحر نارا 2.
__________
1 فتح الباري 11/376.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/57 ونسبه إلى البيهقي في البعث والنشور فقط.
2 فتح الباري 11/376.
أخرجه ابن جرير 13/252 حدثنا علي بن سهل، قال: ثنا حجاج بن محمد، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، به. وزاد في آخره "وتبدل الأرض غيرها ". وانظر التعليق على هذا الإسناد برقم 21.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/58 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.(2/621)
سورة الحجر
قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الآية: 9
[1210] وصل ابن المنذر عن مجاهد {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} قال: عندنا، ومن طريق ابن أبي نجيح عنه 1.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ} الآية: 10
[1211] روى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ} يقول: أمم الأولين 2.
قوله تعالى: {لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} الآية: 15
[1212] ومن طريق مجاهد 3.
[1213] والضحاك قوله: {سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} قال سدت 4.
__________
1 فتح الباري 8/380. وذكره البخاري عنه تعليقا.
قال الحافظ: وهو في بعض نسخ الصحيح، ولم يذكره في تغليق التعليق.
2 فتح الباري 8/379.
أخرجه ابن جرير 14/8 من طريق عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، به مثله.
3 فتح الباري 8/380.
أخرجه ابن جرير 14/12 من من طرق عن ورقاء وشبل كلاهما عن ابن أبي نجيح، عنه - مثله.
4 فتح الباري 8/380.
أخرجه ابن جرير 14/12 قال: حُدِّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول - فذكره.(2/622)
[1214] ومن طريق قتادة قال: سحرت 1.
[1215] ومن وجه آخر عن قتادة قال: سُكّرت بالتشديد سدّت والتخفيف سُحِرت انتهى 2.
قوله تعالى: {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} الآية: 19
[1216] وقد وصل ابن أبي حاتم عن ابن عباس {مَوْزُونٍ} معلوم 3.
[1217] ووصل الفريابي بالإسناد المذكور عن مجاهد في قوله: {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} قال: بقدر مقدور 4.
__________
1 فتح الباري 8/380.
أخرجه ابن جرير 14/12 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عنه، به.
2 فتح الباري 8/380.
أخرجه ابن جرير 14/12 حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن ابن أبي حماد، قال: ثنا شيبان، عنه - مثله.
هذا وقد قرأ ابن كثير {سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} بتخفيف الكاف، وقرأ الباقون بشديدها. وقال ابن حجر: وهما قراءتان مشهورتان، فقرأها بالتشديد الجمهور، وابن كثير، بالتخفيف، وعن الزهري بالتخفيف، لكن بناها للفاعل. انظر: التذكرة في القراءات الثمان 2/395، وتفسير الطبري 14/12، والمغني في توجيه القراءات العشر المتواترة 2/307-38.
3 فتح الباري 8/497.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/274 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، به.
4 فتح الباري 8/497.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/273 ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به.(2/623)
قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} الآية: 22
[1218] أخرج الطبري من طريق قوي عن ابن مسعود قال "يرسل الله الرياح فتحمل الماء فتلقح السحاب، وتمر به فتدر كما تدر اللقحة، ثم تمطر 1.
قوله تعالى: {مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ} الآية: 26
[1219] وروى الطبري عن ابن عباس: المسنون المنتن 2.
[1220] ورواه عن مجاهد 3.
قوله تعالى: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} الآية: 41
[1221] وصل الطبري من طرق عن مجاهد {صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} :
__________
1 فتح الباري 6/301.
أخرجه ابن جرير 14/20 حدثني أبو كريب، قال: ثنا المحاربي، عن الأعمش، عن المنهال، عن قيس بن السكن، عن عبد الله بن مسعود، به. ومن طريق أبي معاوية وأسباط بن محمد، كلاهما عن الأعمش، به.
وأخرجه الطبراني في الكبير ج9/رقم9080 حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا يحيى الحماني، ثنا المحاربي وأبو عوانة، عن الأعمش، به.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/48 وقال: رواه الطبراني وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف. قلت: وهو متابع عند الطبري كما رأيت. هذا وقد قوّى ابن حجر طريق الطبري كما هو أعلاه.
والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/72 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن مسعود.
2 فتح الباري 6/364.
أخرجه ابن جرير 14/29 من طريق مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وعطية العوفي كلهم عن ابن عباس، به.
3 فتح الباري 6/364.
أخرجه ابن جرير 14/29 من طرق عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به.(2/624)
الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه، لا يعرِّج1 على شيء2.
[1222] ومن طريق قتادة ومحمد بن سيرين وغيرهما أنهم قرأوا {علَيٌّ} بالتنوين على أنه صفة للصراط أي رفيع3.
قوله تعالى: {لا تَوْجَلْ} الآية: 53
[1223] روى ابن أبي حاتم عن عكرمة {لا تَوْجَلْ} : لا تخف 4.
__________
1 في الفتح "لا يعرض"، والتصحيح من تفسير الطبري، وتغليق التعليق.
2 فتح الباري 8/379.
أخرجه ابن جرير 14/33 من طريق عيسى، وورقاء، وشبل كلهم عن ابن أبي نجيح، به مثله. وأخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/233 عن ورقاء، به.
3 فتح الباري 8/379.
أما قراءة قتادة فأخرجه ابن جرير 14/34 حدثنا بشر، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} أي رفيع مستقيم. قال بشر: قال يزيد، قال سعيد: هكذا نقرؤها نحن وقتادة.
وأما عن ابن سيرين فأخرجه - الموضع نفسه - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي حماد، قال: ثني جعفر البصري، عن ابن سيرين أنه كان يقرأ: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} يعني: رفيع.
أما غيرهما فهو قيس بن عباد، فقد أخرج - الموضع نفسه - عن الحسن بن محمد، قال: ثنا عبد الوهاب، عن هارون، عن أبي العوّام، عن قتادة، عن قيس بن عباد {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} يقول: رفيع.
وهذه قراءة شاذة، قرأ بها أبو رجاء وابن سيرين وقيس بن عبادة وقتادة والضحاك ويعقوب وابن شرف ومجاهد وحميد وعمروبن ميمون وعمارة بن أبي حفصة. انظر: المحتسب لابن جني 2/3، وتفسير الطبري 14/34.
4 فتح الباري 6/411.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/88 ولم ينسبه إلا إلى ابن أبي حاتم. وهذا الجزء من تفسير ابن أبي حاتم لم يعثر عليه - حسب علمي - إلى الآن.
ثم إن هذا التفسير ظاهر المعنى. قال الراغب: الوجل استشعار الخوف، يقال: وَجِل يَوْجَل وَجَلا فهو وَجِلٌ. انظر: المفردات ص 513.(2/625)
قوله تعالى: {قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} الآية: 62
[1224] وصل ابن أبي حاتم أيضا من الوجه المذكور 1 في قوله: {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} قال: أنكرهم لوط 2.
قوله تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} الآية: 72
[1225] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {يَعْمَهُونَ} قال: لعيشك 3.
قوله تعالى: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} الآية: 79
[1226] وروى الطبري من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} قال: بطريق معلم 4.
[1227] ومن رواية سعيد عن قتادة قال: طريق واضح 5.
__________
1 يشير إلى الذي قبله، وهو طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس.
2 فتح الباري 8/379.
انظر ما قبله.
3 فتح الباري 8/379.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/233 من طريق أبي صالح، عن معاوية ابن صالح، عن عليّ، به.
وأخرجه ابن جرير 14/44 من هذا الطريق - مثله. وذكره ابن كثير 4/460 تعليقا عن علي بن أبي طلحة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/89 ونسبه لابن جرير وابن أبي حاتم.
4 فتح الباري 8/379.
أخرجه ابن جرير 14/49 من طريق عيسى وورقاء وشبل كلهم عن ابن أبي نجيح، به مثله.
5 فتح الباري 8/379. لم أجد عند الطبري من طريق سعيد، وإنما من طريق معمر. وقد سبق مثله في سورة إبراهيم أيضا، انظر رقم1226؛ فقد أخرجه 14/49 حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} قال: طريق واضح.(2/626)
قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي} الآية: 87
[1228] وللطبري عن سعيد المقبري 1، عن أبي هريرة رفعه "الركعة التي لا يقرأ فيها كالخداج". قال: فقلت لأبي هريرة: فإن لم يكن معي إلا أم القرآن؟ قال: هي حسبك، هي أم الكتاب، وهي أم القرآن، وهي السبع المثاني 2.
[1229] في تفسير ابن أبي حاتم عن أبي هريرة مرفوعا: "أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أُعْطِيْتُمُوه"، أي هو الذي أعطيتموه 3.
[1230] وقد روى الطبري بإسنادين جيدين عن عمر ثم عن علي قال: "السبع المثاني فاتحة الكتاب" زاد عن عمر "تثنى في كل ركعة" 4.
__________
1 هو سعيد بن أبي سعيد كيسان، المقبري، أبو سعد المدني، تابعي ثقة، تغير قبل موته بأرع سنين، ما في حدود العشرين بعد المائة.
انظر ترجمته في: التهذيب 4/34-35، والتقريب 1/297.
2 فتح الباري 8/381.
أخرجه ابن جرير 14/58-59 حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن نمير، عن إبراهيم بن الفضل المدني، عن المقبري، به مثله.
وإسناده ضعيف؛ لأجل "إبراهيم بن الفضل"؛ فإنه متروك. انظر: التقريب 1/41.
3 فتح الباري 8/382.
لم أعثر على إسناده، وفي البخاري رقم4704 من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه، بدون "الذي أعطيتموه".
4 فتح الباري 8/382.
أثر عمر أخرجه 14/54 حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: أخبرنا ابن علية، عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن رجل منا يقال له جابر أو جويبر، عن عمر - بنحوه مطولا. وأخرجه - الموضع السابق نفسه - قال: حدثني طُليق بن محمد الواسطي، قال: أخبرنا يزيد، عن الجريري، به نحوه.
وأما أثر علي فأخرجه - الموضع السايق نفسه - من طريق الحسن بن صالح وسفيان، كلاهما عن السدي، عن عبد خبر، عن عليّ - مثله.
وقد جوّد الحافظ الإسنادين كما في الأعلى.(2/627)
[1231] وبإسناد منقطع عن ابن مسعود مثله 1.
[1232] وبإسناد حسن عن ابن عباس أنه قرأ الفاتحة ثم قال: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي} قال: هي فاتحة الكتاب، وبسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة 2.
[1233] ومن طريق جماعة من التابعين: السبع المثاني هي فاتحة الكتاب3.
[1234] ومن طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية قال: السبع المثاني فاتحة الكتاب. قلت للربيع: إنهم يقولون إنها السبع الطوال، قال: لقد أنزلت هذه الآية وما نزل من الطوال شيء 4.
__________
1 فتح الباري 8/382.
أخرجه ابن جرير 14/55 من طرق عن محمد بن سيرين، عن ابن مسعود - مثله.
قال الحافظ: إسناده منقطع كما في الأعلى.
2 فتح الباري 8/382.
أخرجه ابن جرير 14/55 حدثني سعيد بن يحيى الأموي، قال: ثني أبي، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرنا أبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - نحوه. وقد حسّن ابن حجر إسناده كما في الأعلى.
3 فتح الباري 8/382.
أخرجه ابن جرير 14/55-56 من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وعبد الله بن عبيد بن عمير، وأبي مليكة، وشهر بن حوشب، والحسن البصري، ومجاهد، وقتادة - مثله.
4 فتح الباري 8/382. =(2/628)
[1235] وهذا الذي أشار إليه هو قول آخر مشهور في السبع الطوال، وقد أسنده النسائي والطبري والحاكم عن ابن عباس بإسناد قوي، أن المراد بالسبع المثاني السبع الطوال 1.
__________
= أخرجه ابن جرير 14/56 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر الرازي، به نحوه. والحسين هو سنيد وقد ضَعِّف.
وله شاهد في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال: مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي فدعاني فلم آته حتى صليت ثم أتيت، فقال: "ما منعك أن تأتيني؟ "، فقلت: كنت أصلي، فقال: "ألم يقل الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال:24] ثم قال: "ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد"، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج من المسجد فذكرته، فقال: "الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته". وآخر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم".
انظر: صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} فتح الباري 8/381.
قال الحافظ ابن كثير 4/465 بعد أن نقل هذين الحديثين: فهذا نص في أن الفاتحة السبع المثاني والقرآن العظيم، ثم قال: ولكن لا ينافي وصف غيرها من السبع الطُوَل بذلك، لما فيها من هذه الصفة، كما لا ينافي وصف القرآن بكامله بذلك أيضا، كما قال تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ} [الزمر:23] ، فهو مثاني من وجه، ومتشابه من وجه، وهو القرآن العظيم أيضا، كما أنه عليه السلام لما سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى، فأشار إلى مسجده، والآية نزلت في مسجد قُباء، فلا تنافي، فإن ذكر الشيء لا ينفي ذكر ما عداه إذا اشتركا في تلك الصفة، والله أعلم ". اهـ.
1 فتح الباري 8/382.
أخرج النسائي في التفسير رقم296 من طريق شريك وإسرائيل، كلاهما عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} قال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والأعراف، والأنعام، والمائدة. قال شريك: السبع الطوال. وأخرج ابن جرير 14/52 من طرق عن ابن عباس قال: هنّ السبع الطوال. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/95 وزاد نسبته إلى البيهقي.(2/629)
[1236] وفي لفظ للطبري: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف، قال الراوي: وذكر السابعة فنسيتها1.
[1237] وفي رواية صحيحة عن ابن أبي حاتم عن مجاهد وسعيد بن جبير أنها يونس2.
[1238] وعند الحاكم أنها الكهف، وزاد: قيل له: ما المثاني؟ قال: تثنى فيهن القصص3.
[1239] ومثله عن سعيد بن جبير عند 4 سعيد بن منصور 5.
__________
1 فتح الباري 8/382.
وأخرجه ابن جرير 14/52 من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عنه في قوله {سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي} قال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف. قال إسرائيل: وذكر السابعة فنسيتها.
وانظر ما قبله.
2 فتح الباري 8/382.
رواية سعيد بن جبير أخرجها ابن جرير أيضا 14/52 من طريق شعبة، عن أبي بشر، عنه في الآية. ولفظه "قال: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس، فيهن الفرائض والحدود". وانظر: تفسير ابن كثير 4/464.
3 فتح الباري 8/382.
أخرجه الحاكم 2/355 من حديث عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم البطين، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
4 في الفتح في طبعاته "عن"، والصواب "عند" كما أثبت.
5 فتح الباري 8/382.
أخرجه سعيد بن منصور في سننه كتاب التفسير، ل 146/أومن طريقه ابن جرير 14/53 حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، به. ولفظه "في قوله {سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي} قال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس. قال: قلت: ما المثاني؟ قال: يثنى فيهنّ القضاء والقصص".(2/630)
[1240] وروى الطبري أيضا من طريق خُصيف، عن زياد بن أبي مريم 1 قال في قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي} قال: مُرْ وانْهَ وبَشِّرْ وأَنْذِر واضْرِبْ الأمثال واعدُدِ النعم والأنباء 2.
قوله تعالى: {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ} الآية: 90
[1241] روى الطبري عن زيد بن أسلم أن المراد بقوله: {الْمُقْتَسِمِينَ} قوم صالح الذين تقاسموا على هلاكه 3.
قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} الآية: 91
[1242] روى الطبري من طريق الضحاك قال في قوله: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} أي جعلوه أعضاء كأعضاء الجزور 4.
[1243] روى الطبري من طريق قتادة قال: عضين عَضَهُوه 5
__________
1 زياد بن أبي مريم الجزري، قال العجلي: تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات. أخرج له ابن ماجه. انظر ترجمته في: التهذيب 3/330-331 والتقريب 1/270.
2 فتح الباري 8/382.
أخرجه ابن جرير 14/57 حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب الشهيد الشهيدي، قال: ثنا عتاب بن بشير، عن خصيف، به نحوه. وخصيف صدوق، سيء الحفظ، خلط بآخره.
3 فتح الباري 8/383.
أخرج ابن جرير 14/63 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد - فذكر نحوه ولم يذكر "زيد بن أسلم"، ولعل ابن زيد روى عن أبيه.
4 فتح الباري 8/382.
أخرج ابن جريره 14/62 قال: حُدِّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك - فذكر نحوه.
وأخرج - الموضع السابق - من طريق جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس - مثله. وإسناده ضعيف، وفيه انقطاع.
5 أي فرّقوه فرقا، وعضون جمعٌ ومن هذا الأصل العُضو والعِضو، والتعضية: تجزئة الأعضاء. انظر: المفردات ص 338، مادة "عضه"، والقاموس ص 1125، باب الهاء، فصل العين، مادة " ع ض هـ "(2/631)
وبَهَتُوه 1.
[1244] ومن طريق عكرمة قال: العضة السحر بلسان قريش، تقول: الساحرة العاضهة، أخرجه ابن أبي حاتم 2.
[1245] وروى ابن أبي حاتم أيضا من طريق عطاء مثل قول الضحاك ولفظه: عَضُّوا القرآن أعظاء، فقال بعضهم ساحر، وقال آخر مجنون، وقال آخر كاهن، فذلك العضين 3.
[1246] ومن طريق مجاهد مثله وزاد: وقالوا أساطير الأولين 4.
[1247] ومن طريق السدي قال: قسموا القرآن واستهزءوا به فقالوا: ذكر محمد البعوض والذباب والنمل والعنكبوت، فقال بعضهم أنا صاحب البعوض وقال آخر أنا صاحب النمل وقال آخر أنا صاحب العنكبوت، وكان المستهزئون خمسة: الأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب
__________
1 فتح الباري 8/382-383.
أخرجه ابن جرير 14/66 حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عنه - مثله.
2 فتح الباري 8/383.
أخرجه ابن جرير 14/66 بالإسناد السابق عن قتادة قال: كان عكرمة يقول - فذكر نحوه.
3 فتح الباري 8/383.
أخرجه ابن جرير 14/64 حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا طلحة، عن عطاء - نحوه.
4 فتح الباري 8/383.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/99 بنحوه عن مجاهد، ونسبه إلى ابن أبي حاتم وابن المنذر. ولفظه "قال: هم رهط من قريش، عضهّوا كتاب الله، فزعم بعضهم أنه سحر، وزعم بعضهم أنه كهانة، وزعم بعضهم أنه أساطير الأولين.(2/632)
والعاصي بن وائل والحارث بن قيس والوليد بن المغيرة 1.
[1248] ومن طريق عكرمة وغيره في عد المستهزئين مثله 2.
[1249] ومن طريق الربيع بن أنس مثله وزاد بيان كيفية هلاكهم في ليلة واحدة 3.
قوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} الآية: 99
[1250] وصل الفريابي وعبد بن حميد وغيرهما من طريق طارق ابن عبد الرحمن 4 عن سالم بن أبي الجعد 5 في قوله: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} قال: اليقين: الموت 6.
__________
1 فتح الباري 8/383.
2 فتح الباري 8/383.
أخرج ابن جرير 14/62 من طريق شعبة، عن سماك، عن عكرمة - نحوه مختصرا. ولفظه "قال: كانوا يستهزءون، يقول هذا: لي سورة البقرة، ويقول هذا: لي سورة آل عمران.
3 فتح الباري 8/383.
4 طارق بن عبد الرحمن البجلي الأحمسي الكوفي، صدوق له أوهام، أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 4/485، والتهذيب 5/5، والتقريب 1/376.
5 سالم بن أبي الجعد رافع، الغطفاني الأشجعي مولاهم، الكوفي، ثقة، وكان يرسل كثيراً، مات سنة سبع أن ثمان وتسعين ومائة. وقيل بعد ذلك. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 3/373، والتقريب 1/379.
6 فتح الباري 8/383.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/234 عن سفيان الثوري، عن طارق، به. وأخرجه عبد بن حميد كما في تغليق التعليق أيضا عن عمر بن سعد، عن الثوري، به. وأخرجه الطبري 14/74 من طريق الثوري، به، لكنه قال: سالم بن عبد الله. وسالم كثير الإرسال كما تقدم في ترجمته آنفاً، لكنه توبع كما في رواية مجاهد الآتية من طريق ابن أبي نجيح.(2/633)
[1251] وأخرجه الطبري من طرق عن مجاهد 1.
[1252] وقتادة وغيرهما مثله 2.
[1253] وأخرج النسائي حديث بعجة 3 عن أبي هريرة رفعه "خير ما عاش الناس به رجل ممسك بعنان فرسه" الحديث، وفي آخره "حتى يأتيه اليقين، ليس هو من الناس إلا في خير" 4.
__________
1 فتح الباري 8/383-384.
أخرجه ابن جرير 14/74 من طرق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به.
2 فتح الباري 8/383 - 384.
أخرجه ابن جرير 14/74 من طريق سعيد ومعمر، عن قتادة، به.
3 هو بعجة بن عبد الله بن بدر الجهني، تابعي ثقة، ولأبيه صحبة، روى عن أبيه وعن أبي هريرة، وعنه أبوحازم المدني، مات على رأس المائة.
انظر ترجمته في: التهذيب 1/415، والتقريب 1/105.
4 فتح الباري 8/384
أخرجه النسائي في التفسير رقم297 أنا قتيبة بن سعيد، نا يعقوب، عن أبي حازم، عن بعجة بن بدر الجهني، به. ولفظه "خير ما عاش الناس له رجل يمسك بعنان فرسه في سبيل الله، كلّما سمع هيعة أو فزعة، طار على متن فرسه، فالتمس الموت في مظانّه، أو رجل في شعبة من هذه الشعاب، أو في بطن واد من هذه الأودية، في غُنيمة له يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعبد الله، حتى يأتيه اليقين...." الحديث.
الحديث أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والرباط، رقم1889-125، 126، 127 من حديث أبي حازم به.
قال الحافظ: هذا شاهد جيد لقول سالم، ومنه قوله تعالى: {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر:46،47] .(2/634)
سورة النحل
قوله تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} الآية: 5
[1254] وروى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} قال: الثياب 1.
[1255] ومن طريق مجاهد قال: لباس ينسج 2.
[1256] ومن طريق قتادة مثله 3.
قوله تعالى: {لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} الآية: 7
[1257] وروى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} قال: المشقة عليكم 4.
[1258] ومن طريق سعيد عن قتادة {إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} إلا بجهد
__________
1 فتح الباري 8/385.
أخرجه ابن جرير 14/79 عن المثنى وعلي بن داود قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، به.
2 فتح الباري 8/385.
أخرجه ابن جرير 14/79 من طرق عن ابن أبي نجيح، عنه، به.
3 فتح الباري 8/385.
أخرجه ابن جرير 14/79 من طريق سعيد، عنه - نحوه. ولفظه "لباس ومنفعة وبلغة".
4 فتح الباري 8/386.
أخرجه ابن جرير 14/80 من طرق عن ابن أبي نجيح، به.(2/635)
الأنفس 1.
قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} الآية: 9
[1259] وصل الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} قال: البيان 2.
[1260] ومن طريق العوفي عن ابن عباس مثله وزاد: البيان بيان الضلالة والهدى 3.
قوله تعالى: {وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} الآية: 10
[1261] روى الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} قال: ترعون فيه أنعامكم 4.
[1262] ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: تسيمون أي ترعون 5.
__________
1 فتح الباري 8/386.
أخرجه ابن جرير 14/80 من طريق يزيد، عن سعيد، به.
2 فتح الباري 8/385.
أخرجه ابن جرير 14/84 حدثني المثنى، قال: أخبرنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، به.
3 فتح الباري 8/385.
أخرجه ابن جرير 14/84 من طريق العوفي، به. وهو ضعيف كما سبق.
4 فتح الباري 8/385.
أخرجه ابن جرير 14/86 من طريق العوفي، به. والعوفي ضعيف.
5 فتح الباري 8/385.
أخرجه ابن جرير 14/86 حدثني علي بن داود، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، به.(2/636)
[1263] ومن طريق عكرمة مولى ابن عباس مثله 1.
قوله تعالى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} الآية: 15
[1264] وصل الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} قال: تكفأ بكم 2.
[1265] وروى الطبري من حديث عليّ بإسناد حسن موقوفا قال: لما خلق الله الأرض قمصت، قال فأرسى الله فيها الجبال 3.
[1266] وهو عند أحمد والترمذي من حديث أنس مرفوعا 4.
قوله تعالى:
{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ} الآية: 25
[1267] قال مجاهد في قوله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
__________
1 فتح الباري 8/385.
أخرجه ابن جرير 14/86 حدثنا أحمد بن سهيل الواسطي، قال: ثنا قرة بن عيسى، عن النضر بن عربي، عن عكرمة - مثله.
2 فتح الباري 8/384. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/235 ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به مثله.
3 فتح الباري 8/384-385.
أخرجه ابن جرير 14/90 حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حبيب، عن علي - نحوه. وذكره ابن كثير 4/481-482 عن الطبري.
4 فتح الباري 8/385.
أخرجه الإمام أحمد 3/124 والترمذي رقم3369 كلاهما من حديث يزيد بن هارون، حدثنا العوّام ابن حوشب، عن سليمان بن أبي سليمان، عنه مرفوعا - نحوه. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه. والحديث ذكره الشيخ الألباني في ضعيف سنن الترمذي رقم668 وقال: ضعيف.(2/637)
وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ} قال: حملهم ذنوب أنفسهم وذنوب من أطاعهم، ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم شيئا 1.
[1268] وأخرج عن الربيع بن أنس أنه فسر الآية المذكورة بحديث "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا"، ذكره مرسلا بغير سند 2.
قوله تعالى: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ} الآية: 46
[1269] وصل الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {فِي تَقَلُّبِهِمْ} في اختلافهم 3.
[1270] ومن طريق سعيد عن قتادة {فِي تَقَلُّبِهِمْ} يقول: في أسفارهم 4.
__________
1 فتح الباري 13/302.
أخرجه ابن جرير 14/95 من طريق ورقاء وشبل كلاهما عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به. وأخرجه من طريق ابن جريج عن مجاهد - نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/126 ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 13/302.
أما أثر الربيع بن أنس فأخرجه ابن جرير 14/96 حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع - نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/126 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس.
وأما حديث "من دعا إلى هدى ... " فقد أخرجه مسلم في صحيحه رقم2674 - في العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة - من حديث أبي هريرة مرفوعا، من غير ذكر للآية.
3 فتح الباري 8/384.
أخرجه ابن جرير 14/112 حدثني المثنى وعلي بن داود قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، به مثله.
4 فتح الباري 8/384. أخرجه ابن جرير ذ4/112 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال، ثنا سعيد، به مثله. وأخرج من طريق محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة - مثله.(2/638)
قوله تعالى: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} الآية: 47
[1271] وصل الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} قال: على تنقص 1.
[1272] وروى بإسناد فيه مجهول عن عمر أنه سأل عن ذلك فلم يُجَبْ، فقال عمر: ما أرى إلا أنه على ما ينتقصون من معاصي الله، قال: فخرج رجل فلقي أعرابيا فقال: ما فعل فلان؟ قال: تخوفته - أي تنقصته - فرجع فأخبر عمر، فأعجبه 2.
[1273] وروى ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس {عَلَى تَخَوُّفٍ} قال: على تنقص من أعمالهم 3.
قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} الآية:61
[1274] أخرج الطبراني في "الصغير" بسند ضعيف عن أبي الدرداء
__________
1 فتح الباري 8/385-386. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير 14/114 من طرق عن ابن أبي نجيح، به مثله.
2 فتح الباري 8/386.
أخرجه ابن جرير 14/113 حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن المسعودي، عن إبراهيم بن عامر بن مسعود، عن رجل، عن عمر - فذكره بنحوه. وفي آخره، قال عمر لما أخبره "قدّر الله ذلك".
سنده ضعيف، ففيه من لم يسم، وقد أشار إلى ذلك ابن حجر كما في الأعلى.
3 فتح الباري 8/386.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/134 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط. وفيه انقطاع؛ فإن الضحاك لم يلق ابن عباس؛ فهو ضعيف.(2/639)
قال "ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من وصل رحمه أنسئ له في أجله، فقال: إنه ليس زيادة في عمره، قال الله تعالى {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ} الآية، ولكن الرجل تكون له الذرية الصالحة يدعون له من بعده 1.
[1275] وله في "الكبير" من حديث أبي مشجعة الجهني 2 رفعه "إن الله لا يؤخر نفسا إذا جاء أجلها، وإنما زيادة العمر ذرية صالحة" الحديث 3.
قوله تعالى: {لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} الآية: 62
[1276] وصل الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {لا
__________
1 فتح الباري 10/416.
هكذا عزاه ابن حجر إلى الطبراني في "الصغير"، كما عزاه إليه الهيثمي في مجمع الزوائد - كما يأتي - ولكن لم أجده فيه - وإنما وجدته في الأوسط رقم34: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب ابن نجدة، قال: حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي، قال: حدثنا سليمان بن عطاء، عن مسلمة بن عبد الله الجهني، عن عمه أبي مشجعة، عن أبي الدرداء - مرفوعا نحوه. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/156 وقال: رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وليس في إسناده متروك، ولكنهم ضُعِّفوا. كما ضعّف ابن حجر إسناده كما في الأعلى.
قلت: و"سليمان بن عطاء" هو ابن قيس، قال عنه ابن حجر في التقريب 1/328 "منكر الحديث ". وقال ابن عدي والعقيلي: في حديثه بعض المناكير. انظر: الكامل 3/1134، والضعفاء الكبير 2/134.
2 أبو مشجعة بن رِبعي، الجهني، تابعي، روى عن عمر بن الخطاب وشهد خطبته بالجابية وروى عن عثمان وأبي الدرداء وسلمان الفارسي وأبي زميل الجهني، وعنه ابن أخيه مسلمة بن عبد الله الجهني. وفي التقريب "مقبول، من الثانية"، أخرج له ابن ماجه. انظر ترجمته في: التهذيب 12/257-258، والتقريب 2/473.
3 فتح الباري 10/416.
لم أهتد إليه في الكبير، وقد أخرجه ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير 4/497-498 و8/160 وابن عدي في الكامل 3/1134، والعقيلي في الضعفاء الكبير 2/134 كلهم من طريق سليمان بن عطاء، عن مسلمة بن عبد الله، عن عمه أبي مشجعة بن ربعي، عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا نحوه. وإسناده ضعيف - كما سبق بيان ذلك في الذي قبله.(2/640)
جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} قال: مَنْسِيّون 1.
[1277] ومن طريق سعيد بن جبير قال: {مُفْرَطُونَ} أي متركون في النار منسيّون فيها 2.
[1278] ومن طريق سعيد عن قتادة قال: مُعْجَلُون 3.
قوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} الآية: 67
[1279] وأخرج الطبري من طريق أبي رزين أحد كبار التابعين 4 قال: نزلت هذه الآية {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} قبل تحريم الخمر 5.
__________
1 فتح الباري 8/385.
أخرجه ابن جرير 14/128 من طريق عيسى وشبل وورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح، به مثله. وأخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/235 عن ورقاء، به.
2 فتح الباري 8/385.
أخرجه ابن جرير 14/127 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا بهز بن أسد، عن شعبة، قال: أخبرني أبو بشر، عنه - مثله. وأخرجه - الموضع السابق نفسه - من طريق هشيم، عن حصين عنه - مثله.
3 فتح الباري 8/385.
أخرجه ابن جرير 14/128 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، به مثله.
قال الطبري: ذهب أصحاب هذا القول في ذلك إلى قول العرب "أفرطنا فلانا في طلب الماء إذا قدّموه لإصلاح الدلاء والأرشية، وتسوية ما يحتاجون إليه عند ورودهم عليه، فهو مُفْرَط ... ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا فرطكم على الحوض" أي متقدمكم إليه وسابقكم "حتى تردوه". اهـ. [متفق عليه من حديث جندب البخاري: رقم6589، ومسلم: رقم2289-25] .
4 اسمه مسعود بن مالك، أبو رَزِين الأسدي الكوفي، روى عن معاذ بن جبل وابن مسعود وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم، وعنه ابنه عبد الله وإسماعيل بن أبي خالد ومغيرة بن مقسم وغيرهم. ثقة فاضل، مات سنة خمس وثمانين. انظر ترجمته في: التهذيب 10/106-108، والتقريب 2/234.
5 فتح الباري 10/79. أخرجه ابن جرير 14/135 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي رزين - نحوه.
قلت: وهذا مرسل، ثم إن فيه "ابن حميد" شيخ الطبري، وليس بمرضي، انظر 1071.(2/641)
[1280] وصل الطبري بأسانيد من طريق عمرو بن سفيان 1 عن ابن عباس: السكر ما حرم من ثمرتها، والرزق الحسن ما أحلّ، وإسناده صحيح 2، وهو عند أبي داود في "الناسخ" 3 وصححه الحاكم 4.
[1281] ومن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الرزق الحسن: الحلال، السَّكر: الحرام 5.
[1282] ومن طريق سعيد جبير 6.
__________
1 عمرو بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي، روى عن أبيه وابن عباس وابن عمر، وروى عنه الأسود بن قيس. ذكره ابن حبان في الثقات. وفي التقريب "مقبول". انظر ترجمته في: التهذيب 8/36-37، والتقريب 2/71.
2 فتح الباري 8/387.
أخرجه ابن جرير 14/134 من طرق عن الأسود بن قيس، عن عمرو بن سفيان، به مثله.
3 أخرجه من حديث زهير بن معاوية، عن الأسود بن قيس، به. انظر: تغليق التعليق 4/237.
4 فتح الباري 8/387.
أخرجه 2/355 من طريق قبيصة بن عقبة، عن سفيان الثوري، عن الأسود بن فيس، به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8/297 من طريق البيهقي، به سنداً ومتناً.
هذا وقد تصحّف "عمرو بن سفيان" إلى "عمرو بن سليم"، في المستدرك؛ فقد ذكر ابن حجر في التهذيب في ترجمة "عمرو بن سفيان" أن الحاكم أخرج هذا الحديث من رواية "عمرو بن سفيان" هذا.
5 فتح الباري 8/387.
أخرجه ابن جرير 14/135 حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - مثله.
6 فتح الباري 8/387. أخرجه النسائي في "المجتنى" من السنن 8/295، رقم5577 - في تأويل قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} - وابن جرير 14/135 كلاهما من حديث سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير - مثله. وفي آخره "أن ذلك كان قبل تحريم الخمر".
قال ابن حجر: وهو كذلك؛ لأن سورة النحل مكية.(2/642)
[1283] ومجاهد مثله، وزاد أن ذلك كان قبل تحريم الخمر 1.
[1284] ومن طريق قتادة: السَّكر خمر الأعاجم 2.
[1285] ومن طريق الشعبي وقيل له في قوله: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً} أهو هذا الذي تصنع النبط؟ قال: لا، هذا خمر، وإنما السَّكر نقيع الزبيب، والرزق الحسن التمر والعنب 3.
قوله تعالى: {فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً} الآية: 69
[1286] روى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد {سُبُلَ رَبِّكِ
__________
1 فتح الباري 8/387.
أخرجه 14/136 من طرق عن ابن أبي نجيح عنه - مثله. والزيادة التي ذكرها ابن حجر - أعني قوله: إن ذلك كان قبل تحريم الخمر - إنما ذكر في أثر مجاهد، دون أثر ابن جبير.
2 فتح الباري 8/387.
أخرجه ابن جرير 14/136 من طريق يزيد، عن سعيد، عنه - نحوه. وأخرجه - الموضع السابق - من طريق محمد بن ثور، عن معمر، عنه - نحوه. ولفظه - كما في رواية سعيد - "أما السكر: فخمور هذه الأعاجم، وأما الرزق الحسن: فما تنتبذون، وما تخللِّون، وما تأكلون، ونزلت هذه الأية ولم تحرّم الخمر يومئذ، وإنما جاء تحريمها بعد ذلك في سورة المائدة". ونحوه في رواية معمر أيضا.
3 فتح الباري 8/387.
أخرجه ابن جرير 14/137 حدثني داود الواسطي، قال: ثنا أبو أسامة، قال أبو روق، ثني قال: قلت للشعبي - فذكر نحوه.
واختار الطبري هذا القول وانتصر له. جامع البيان 14/138.(2/643)
ذُلُلاً} لا يتوعَّر عليها مكان سلكته1.
[1287] ومن طرق قتادة في قوله تعالى: {ذُلُلاً} أي مطيعة2.
قوله تعالى: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} الآية: 70
[1288] روى ابن أبي حاتم من طريق السدي قال: أرذل العمر هو الخرف 3 4.
[1289] وروى ابن مردويه من حديث أنس أنه مائة سنة 5.
قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} الآية: 72
[1290] وصل الطبري من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} قال: الولد وولد الولد، وإسناده صحيح 6.
__________
1 فتح الباري 8/385. ذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير 14/140 من طريق عيسى وورقاء عن ابن أبي نجيح، به مثله.
2 فتح الباري 8/385.
أخرجه ابن جرير 14/140 حدثنا بشر، ثنا ثزيد، قال: ثنا سعيد، عنه - مثله. وأخرجه - الموضع السابق نفسه - من طريق محمد بن ثور، عن معمر، عنه - مثله.
3 أي فساد العقل من الكبر. لسان العرب 9/62.
4 فتح الباري 8/388.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/146 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
5 فتح الباري 8/388.
ذكر السيوطي في الدر المنثور 5/147 عنه فيما معناه مطولا، ونسبه إلى ابن مردويه. وليس فيه التنصيص على المائة سنة، ولكن يفهم من فحواه أنه المائة. والله أعلم.
6 فتح الباري 8/386.
أخرجه ابن جرير 14/146 حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الصمد، قال: شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، به مثله. وقد صحّح إسناده ابن حجر كما في الأعلى.(2/644)
[1291] وفيه عن ابن عباس قول آخر أخرجه من طريق العوفي عنه قال: هم بنو امرأة الرجل 1.
[1292] وفيه عنه قول ثالث، أخرجه من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الحفدة الأصهار 2.
[1293] ومن طريق عكرمة عن ابن عباس قال: الأختان 3 4.
[1294] وأخرج هذا الأخير عن ابن مسعود بإسناد صحيح 5، وصححه الحاكم 6.
__________
1 فتح الباري 8/386.
أخرجه ابن جرير 14/146 من طريق العوفي، به.
2 فتح الباري 8/386.
أخرجه ابن جرير 14/144 حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، به.
3 أي أختان الرجل على بناته أي أزواجهن، وهم الأصهار. انظر: تفسير الطبري 14/143.
4 فتح الباري 8/386.
أخرجه ابن جرير 14/144 حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حفص، عن أشعث، عن عكرمة، به.
قلت: ابن وكيع ضعيف.
5 أخرجه ابن جرير 14/143، 144 من طرق عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عنه - مثله. وقد صحّح إسناده ابن حجر كما في الأعلى.
6 فتح الباري 8/386.
المستدرك 2/355 من طريق أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرو، عن زر، به. وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
قلت: إنما هو على شرط مسلم؛ لأن أبان لم يخرج له البخاري، وإنما أخرج له مسلم والأربعة.
انظر: التهذيب 1/81، والتقريب 1/30.(2/645)
[1295] ومن طريق أبي الضحى وإبراهيم وسعيد بن جبير وغيرهم مثله 1.
[1296] وفيه قول رابع عن ابن عباس أخرجه الطبري من طريق أبي حمزة 2 عنه قال: من أعانك فقد حفدك 3.
[1297] ومن طريق عكرمة قال: الحفدة الخُدّام 4.
[1298] ومن طريق الحسن قال: الحفدة البنون وبنو البنين، ومن أعانك من أهل أو خادم فقد حفدك 5.
__________
1 فتح الباري 8/386.
أما عن أبي الضحى فأخرجه ابن جرير 14/143-144 من طرق عن يحيى بن سعيد القطان، عن الأعمش، عنه - مثله.
وأما عن إبراهيم فأخرجه 14/144 عن ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا هشيم، عن المغيرة، عنه - مثله.
وأما عن ابن جبير فأخرجه 14/144 عن أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عنه - مثله.
2 اسمه ثابت بن أبي صفية الثمالي، أبو حمزة الأزدي، كوفي، ضعيف رافضي، مات في خلافة أبي جعفر. انظر ترجمته في: التهذيب 2/7، والتقريب 1/116.
3 فتح الباري 8/387.
أخرجه ابن جرير 14/144 حدثني محمد بن خالد بن خداش، قال: ثني سلم بن قتيبة، عن وهب بن حبيب الأسدي، عن أبي حمزة، به مثله. وهذا إسناد ضعيف لحال أبي حمزة الأزدي.
4 فتح الباري 8/387.
أخرجه ابن جرير 14/144 حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عنه - مثله. ورواية سماك عن عكرمة خاصة فيها اضطراب.
5 فتح الباري 8/387.
أخرجه ابن جرير 14/145 حدثني محمد بن خالد، قال: ثني سلمة، عن أبي هلال، عنه - مثله.
قال ابن حجر: وهذا أجمع الأقوال، وبه تجتمع، وأشار إلى ذلك الطبري أيضا. انظر: جامع البيان 14/147.(2/646)
قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً} الآية: 81
[1299] وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله: {أَكْنَاناً} قال: غيرانا من الجبال يسكن فيها 1.
قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ}
[1300] وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} قال القطن والكتان {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} قال: دروع من حديد 2.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} الآية:90
[1301] أخرج البخاري في "الأدب المفرد" من طريق أبي الضحى قال: "قال شتير بن شكل 3 لمسروق: حدث يا أبا عائشة وأصدقك. قال: هل سمعت عبد الله بن مسعود يقول: ما في القرآن آية أجمع لحلال وحرام وأمر ونهي من هذه الآية {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} ؟ قال: نعم" وسنده صحيح 4.
__________
1 فتح الباري 8/386.
أخرجه ابن جرير 14/155 من طريق يزيد، عن سعيد، به.
2 فتح الباري 8/386.
أخرجه ابن جرير 14/155 من طريق يزيد، عن سعيد، به.
3 شتير - مصغراً - ابن شَكَل العبسي، الكوفي، يقال إنه أدرك الجاهلية، ثقة. أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم والأربعة. التقريب 1/347.
4 فتح الباري 10/479. =(2/647)
قوله تعالى: {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً} الآية: 91
[1302] أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً} أي شهيدا في العهد 1.
[1303] وأخرج عن مجاهد قال: يعنى وكيلا 2.
قوله تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً} الآية:92
[1304] وصل ابن أبي حاتم عن أبيه 3 عن ابن أبي عمر العدني4،
__________
= أخرجه البخاري في الأدب المفرد - باب الظلم ظلمات - رقم رقم489 حدثنا سليمان ابن حرب، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم، عن أبي الضحى - بنحوه. وقد صحّح إسناده ابن حجر كما في الأعلى. وصحّحه الشيخ الألباني في صحيح الأدب المفرد برقم 376.
وأخرجه ابن جرير 14/163 من طريقين عن منصور بن النعمان، عن عامر الشعبي، عن شتير بن شكل، قال: سمعت عبد الله يقول: إن أجمع آية في القرآن لخير أو لشر، آية في سورة النحل {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} الآية.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/160 ونسبه إلى سعيد بن منصور البخاري في الأدب، ومحمد بن نصر في الصلاة، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم - وصححه - والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه.
1 فتح الباري 11/559.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/161 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
2 فتح الباري 11/559.
أخرجه ابن جرير 14/165 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، به. و"الحسين" هو سنيد، ضعيف.
3 هو محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أبو حاتم الرازي، والد ابن أبي حاتم، أحد الحفاظ. مات سنة سبع وسبعين ومائتين. التقريب 2/143.
4 في الفتح "عن أبي عمر العدني"، والمثبت هو الصواب، واسمه محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني أبو عبد الله، روى عن ابن عيينة وقد لازمه، وفضيل بن عياض والدراوردي وعبد الرزاق وغيرهم. وعنه مسلم والترمذي وابن ماجه وأبو حاتم وآخرون. وفي التقريب صدوق، ووصفه ابن حجر في التهذيب بالحافظ. وقال أبو حاتم "كان رجلا صالحا وكان به غفلة ". انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 8/124، والتهذيب 9/457، والتقريب 2/218.(2/648)
والطبري من طريق الحميدي كلاهما عن ابن عيينة، عن صدقة1، عن السدي {أَنْكَاثاً} قال: كانت بمكة امرأة تسمى خرقاء، كانت إذا أبرمت غزلها نقضته2.
[1305] وروى الطبري من طريق ابن جريج عن عبد الله بن كثير3 مثل صدقة المذكور4.
[1306] ومن طريق سعيد عن قتادة قال: هو مثل ضربه الله تعالى لمن
__________
1 قال ابن أبي حاتم: هو صدقة بن عبد الله بن كثير المكي القارئ أبو الهذيل، صاحب حروف مجاهد، روى عن السدي، روى عنه سفيان بن عيينة. سمعت أبي يقول ذلك. الجرح والتعديل 4/433.
وفي التاريخ الكبير للبخاري 2/2/294 صدقة أبو الهذيل - ولم ينسبه، روى عن السدي قوله، روى عنه ابن عيينة. وذكره ابن حبان في الثقات 6/467. أخرج له البخاري تعليقا. وانظر ما كتبه ابن حجر في الفتح 8/387 في تحقيق ذلك.
2 فتح الباري 8/387. ذكره البخاري تعليقا عن ابن عيينة عن صدقة.
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/237 به سندا ومتنا. وأخرجه ابن جرير 14/166 عن المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن الزبير - وهو الحميدي، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/162 ونسبه ألى ابن جرير وابن أبي حاتم.
3 عبد الله بن كثير الدّاري المكي، أحد الأئمة، صدوق، مات سنة عشرين ومائة. التقريب 1/442.
4 فتح الباري 8/387.
أخرجه ابن جرير 14/166 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، به. والحسين هو سنيد ضعيف. وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/163 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.(2/649)
نكث عهده 1.
[1307] وروى ابن مردويه بإسناد ضعيف عن ابن عباس أنها نزلت في أم زفر 2، أخرجه في التفسير من طريق عطاء بن أبي رباح، عنه، فقال في روايته "إنّ بي هذه المؤتة يعني الجنون" وزاد في روايته وكذا ابن منده أنها كانت تجمع الصوف والشعر والليف، فإذا اجتمعت لها كُبَّةٌ 3 عظيمة نقظتها، فنزلت فيها {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا} الآية"، وقد تقدم في سورة النحل أنها امرأة أخرى 4.
__________
1 فتح الباري 8/387.
أخرجه ابن جرير 14/166 من طريق يزيد، عن سعيد، به.
2 فتح الباري 8/387.
3 الكُبَّة - بضم الكاف وفتحه - الثقل، يقال ألقى عليه كُبَّته أي ثقله، والكبة من الغزل ما جُمع منه على شكل كرة أو أسطوانة. والمراد هنا الملتف من الشعر. انظر: المعجم الوسيط ص 772.
4 فتح الباري 10/115.
يشير بذلك إلى ما ورد برقم 1304 واسمها "خرقاء".
وأما هذا الأثر فقد بين ابن حجر أن إسناده ضعيف، كما في الصلب. وقد أورده السيوطي في الدر المنثور 5/162 بطوله، ونسبه إلى ابن مردويه فقط. ولفظه "قال عطاء: قال لي ابن عباس: يا عطاء، ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فأراني حبشية صفراء، فقال: "هذه أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن بي هذه الموتة - يعني الجنون - فادع الله أن يعافيني. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شئت دعوت الله فعافاك؛ وإن شئت صبرت واحتسبت ولك الجنة "، فاختارت الصبر والجنة" قال: وهذه المجنونة سعيدة الأسدية، وكانت تجمع الشعر واللفيف فنزلت هذه الآية {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا} الآية.
وقد أخرج ابن عبد البر في الاستيعاب 4/1938 من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم أنه سمع طاوسا يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالمجانين فيضرب صدر أحدهم فيبرأ، فأتي بمجنونة يقال لها أم زفر، فضرب صدرها فلم تبرأ، ولم يخرج شيطانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو يعيبها في الدنيا ولها في الآخرة خير.
قال ابن جريج وأخبرني عطاء أنه رأى أم زفر تلك المرأة سوداء طويلة على سلم الكعبة. قلت: وأصل هذا الحديث في البخاري رقم5652 من طريق عطاء، وليس فيه أن هذه الآية نزلت فيها. وفيه أنها قالت: أصبر، ثم قالت: إني أتكشف، فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها. انتهى لفظ البخاري.(2/650)
قوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ} الآية: 92
[1308] وروى ابن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة قال: {دَخَلاً} خيانة 1.
قوله تعالى:
{وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا} الآية: 94
[1309] أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة {دَخَلا} قال: خيانة وغدرا 2.
[1310] وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير قال: يعني مكرا وخديعة 3.
قوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} الآية: 102
[1311] أخرج ابن أبي حاتم بإسناد رجاله ثقات عن عبد الله بن مسعود
__________
1 فتح الباري 8/386.
أخرجه ابن جرير 14/167 من طريق يزيد، عن سعيد، به نحوه. ولفظه "خيانة وغدرا بينكم".
2 فتح الباري 11/556.
أخرجه عبد الرزاق في التفسير 1/2/359 عن معمر، به. وأخرجه ابن جرير 14/167 من طريق أبي ثور، عن معمر، ومن طريق سعيد كلاهما عن قتادة، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/163 ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة.
3 فتح الباري 11/556.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/163 عن سعيد بن جبير في سياق مطول، ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.(2/651)
{رُوحُ الْقُدُسِ} جبريل {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: 193] 1.
[1312] وروى الطبري من طريق محمد بن كعب القرظي قال: روح القدس جبريل 2.
[1313] روى الضحاك عن ابن عباس قال: روح القدس الاسم الذي كان عيسى يحيى به الموتى، أخرجه ابن أبي حاتم وإسناده ضعيف 3.
__________
1 فتح الباري 8/384.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة رقم890 - عند تفسير قوله تعالى: {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة:87]- حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، ثنا أبو الزعراء قال: قال عبد الله: روح القدس جبريل.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/213 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
قال ابن كثير 1/175 والدليل على أن روح القدس هو جبريل كما نص عليه ابن مسعود في تفسير هذه الآية، وتابعه على ذلك محمد بن كعب القرظي، وإسماعيل بن أبي خالد، والسدي، والربيع بن أنس، وعطية العوفي، وقتادة مع قوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشعراء:193،194] ، ثم أورد حديث البخاري - الذي رواه تعليقا - عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع لحسان بن ثابت منبرا في المسجد، فكان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أيد حسان بروح القدس كما نافح عن نبيك".
2 فتح الباري 8/384.
أخرجه ابن جرير 14/177 حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا جعفر بن عون العمري، عن موسى بن عبيدة الرّبذي، عنه - مثله.
3 فتح الباري 8/384.
أخرجه ابن أبي حاتم الفاتحة والبقرة، رقم892 حدثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن أبي روق، عن الضحاك، به مثله. وقد ضعّفه ابن حجر كما في الأعلى. وقال المحقق: في إسناده ضعف وانقطاع. وقد ذكره ابن كثير 1/176 عن ابن أبي حاتم سندا ومتنا. وذكره السيوطي في الدر المنثور 1/213 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.(2/652)
قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} الآية: 106
[1314] وقد أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} قال: أخبر الله أن من كفر بعد إيمانه فعليه غضب من الله، وأما من أكره بلسانه وخالصه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه فلا حرج عليه، إن الله إنما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم 1.
قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ} الآية: 120
[1315] وصل الفريابي وعبد الرزاق وأبو عبيد الله في "المواعظ" والحاكم كلهم من طريق الشعبي عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال: "قرئت عنده هذه الآية {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ} فقال ابن مسعود: إن معاذا كان أمة قانتا لله، فسئل عن ذلك فقال: هل تدرون ما الأمة؟ الأمة الذي يعلم الناس الخير، والقانت الذي يطيع الله ورسوله" 2.
__________
1 فتح الباري 12/313.
أخرجه ابن جرير 14/182 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/171 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طريق علي عن ابن عباس.
2 فتح الباري 8/387. وعلقه البخاري عن ابن مسعود بلفظ "الأمة معلّم الخير، القانت: المطيع".
أخرجه الفريابي في تفسيره كما في تغليق التعليق 4/238 والحاكم 2/358 من طريق عبد الرزاق، عن الثوري، عن فراس، عن الشعبي، به. صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن حجر تغليق التعليق 4/237 بسنده إلى الفريابي، به. وأخرجه أبو عبيد في "المواعظ" كما في تغليق التعليق 4/238 عن عبد الرحمن ابن مهدي، عن سفيان، به. قال ابن حجر: وإسناده صحيح.(2/653)
قوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} الآية: 124
[1316] روى الطبري بإسناد صحيح عن مجاهد في قوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} قال: أرادوا الجمعة فأخطؤوا، وأخذوا السبت مكانه 1.
[1317] وقد روى ابن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر عن السدي "إن الله فرض على اليهود الجمعة فأبوا وقالوا: يا موسى إن الله لم يخلق يوم السبت شيئا فاجعله لنا، فجعل عليهم2.
قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} الآية: 126
[1318] وروى البزار والطبراني بإسناد فيه ضعف عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى حمزة قد مثل به قال: "رحمة الله عليك، لقد كنت
__________
1 فتح الباري 2/355.
لم أجده عند الطبري عن مجاهد بهذا السياق، وإنما أخرج 14/193 من طريق محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة - بلفظه. وعنده من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد بلفظ " {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} اتبعوه وتركوا الجمعة "، نعم وقد أخرج عبد الرزاق في تفسيره 1/2/362 عن معمر قال: أخبرني من سمع مجاهداً يقول في قوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ} قال: أرادوا الجمعة، فأخذوا السبت مكانه". ولكن في إسناده من لم يسم، فهو ضعيف.
2 فتح الباري 2/355.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/177 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط.
قال ابن حجر: وليس ذلك بعجيب من مخالفتهم كما وقع لهم في قوله تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ} وغيره ذلك، وكيف لا وهم القائلون "سمعنا وعصينا". انتهى كلامه. فتح الباري 2/355.(2/654)
وصولا للرحم، فعولا للخير، ولولا حزن من بعدك لسرني أن أدعك حتى تحشر من أجواف شتى". ثم حلف وهو بمكانه لأمثلنّ بسبعين منهم، فنزل القرآن {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} الآية 1.
[1319] وعند عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني من حديث أبيّ ابن كعب قال "مثل المشركون بقتلى المسلمين، فقال الأنصار: لئن أصبنا منهم يوما من الدهر لنزيدنّ عليهم، فلما كان يوم فتح مكة نادى رجل: لا قريش بعد اليوم، فأنزل الله {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفوا عن القوم" 2.
__________
1 فتح الباري 7/371.
أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/13-14، والبزار كشف الأستار، رقم1795، والطبراني في الكبير ج 3/رقم2937، والحاكم 3/197 والبيهقي في الدلائل 3/288 كلهم من طريق صالح المري عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة - نحوه. وسكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: صالح واهٍ سمعه منه خالد بن خداش. والحديث ذكره ابن كثير في تفسيره 4/533 برواية البزرا، ثم قال: وهذا إسناد فيه ضعف، لأن صالحا - هو ابن بشير المري - ضعيف عند الأئمة، وقال البخاري: هو منكر الحديث. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/122 وقال: رواه البزار والطبراني، وفيه صالح بن بشير المزني هو ضعيف. كما ضعّف ابن حجر إسناده كما هو أعلاه. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/179 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن مردويه.
2 فتح الباري 7/371-372.
أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند 5/135، وعنه الطبراني في الكبير ج3/رقم2938 ثنا سعيد بن أحمد الجرمي، ثنا أبو تميلة، ثنا عيسى بن عبيد الكندي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، به.
وأخرجه الترمذي رقم3129 - في تفسير القرآن، باب ومن سورة النحل، والنسائي في تفسيره رقم299، وابن حبان في صحيحه الإحسان، رقم487، والحاكم 2/359، والبيهقي في الدلائل 3/289 كلهم من طريق الربيع بن أنس، به نحوه. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وذكره الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2501 وقال: حسن صحيح الإسناد. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/178-179 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.(2/655)
[1320] وعند ابن مردويه من طريق مقسم عن ابن عباس نحو حديث أبي هريرة باختصار، وقال في آخره فقال: "بل نصبر يا رب" 1.
__________
1 فتح الباري 7/372.
أخرجه البيهقي في الدلائل 3/288، والواحدي في أسباب النزول ص 233 كلاهما من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا قيس، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، به. والحماني ضعيف. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/179 ونسبه إلى ابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس.
وقال ابن حجر - عقب إيراد هذه الطرق ـ: وهذه طرق يقوي بعضها بعضا.(2/656)
سورة الإسراء
قوله تعالى: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً} الآية: 3
[1321] وقد صحّح ابن حبان من حديث سلمان الفارسي "كان نوح إذا طعم أو لبس حمد الله، فسمي عبدا شكورا" 1.
[1322] وله شاهد عند ابن مردويه من حديث معاذ بن أنس 2 3.
__________
1 فتح الباري 8/396.
أخرجه ابن جرير 15/19 والحاكم 2/360 والبيهقي في شعب الإيمان رقم4471 كلهم من حديث سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان موقوفا. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
أخرجه ابن جرير 15/19 من طريق المعتمر بن سليمان قال: ثني سفيان الثوري، قال: ثني أيوب، عن أبي عثمان النهدي، به.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 5/236-237 ونسبه إلى الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان.
2 معاذ بن أنس الجهني، صحابي كان بمصر والشام، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي الدرداء وكعب الأحبار. روى عنه ابنه سهل بن معاذ، ولم يرو عنه غيره، وهو ليّن الحديث إلا أن أحاديثه حسان في الفضائل والرغائب. انظر ترجمة معاذ في: أسد الغابة 5/186، رقم4957، والإصابة 6/107، رقم8054، والتقريب 2/255.
3 فتح الباري 8/396.
وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/237-238 ولفظه "عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إنما سمى الله نوحا عبدا شكورا؛ لأنه كان إذا أمسى وأصبح قال: سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون". ولم ينسبه إلا إلى ابن مردويه. =(2/657)
[1323] وآخر من حديث أبي فاطمة 1 2.
قوله تعالى: {فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ} الآية: 5
[1324] أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ} أي فمشوا 3.
__________
1 أبو فاطمة الليثي، أو الأزدي، الدّوسي، صحابي سكن الشام ومصر، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن حجر: وفرّق أبو أحمد الحاكم بين الليثي والأزدي وهو الأظهر، والله أعلم. اهـ. انظر ترجمته في: أسد الغابة 6/236-237، والإصابة 7/264-265، والتقريب 2/462.
2 فتح الباري 8/396.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/236 ولفظه: "عن أبي فاطمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان نوح عليه السلام لا يحمل شيئا صغيرا ولا كبيرا إلا قال: بسم الله والحمد لله، فسماه الله عبدا شكورا". ولم ينسبه إلا إلى ابن مردويه. وانظر ما تقدم برقم 1319 و 1320.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الشكر رقم202 من طريق ابن المبارك، عن شبل بن عباد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً} قال: لم يأكل شيئا قط إلا حمد الله عليه، ولم يشرب شرابا قط إلا حمد الله عليه ولم يمش مشيا قط إلا حمد الله عليه، ولا يبطش يشيء قط إلا حمد الله عليه، فأثنى الله عليه {إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً} . وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان رقم4472 من وجه آخر عن ابن أبي نجيح، به.
وأخرج ابن أبي الدنيا رقم203، والبيهقي في شعب الإيمان رقم4473 من طريق ابن المبارك، والإمام أحمد في الزهد رقم281 من طريق حاتم بن إسماعيل كلاهما عن هشام بن سعد، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي قال: فذكر نحو رواية مجاهد.
3 فتح الباري 8/394.
أخرجه ابن جرير 15/27 حدثني علي بن داود، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/244 وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.(2/658)
قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً} الآية: 6
[1325] وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله: {وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً} أي عددا 1.
[1326] ومن طريق أسباط عن السدي مثله 2.
ق وله تعالى: {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً} الآية: 7
[1327] أخرج الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله: {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً} قال: ليدمروا ما غلبوا عليه تدميرا 3.
قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً} الآية: 8
[1328] وروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: {حَصِيراً} أي سجنا 4.
__________
1 فتح الباري 8/390.
أخرجه ابن جرير 15/30 من طريق يزيد، عن سعيد، به. وزاد "وذلك في زمن داود".
وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/244 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.
2 فتح الباري 8/390.
أخرجه ابن جرير 15/31 حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، به مثله.
3 فتح الباري 6/439.
لم يقع لي عند الطبري من طريق سعيد، وإنما من طريق أبي ثور عن معمر، فقد أخرجه 15/36 حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة. ولفظه: " {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً} قال: يدمّروا ما علوا تدميراً ... ".
4 فتح الباري 8/393.
أخرجه ابن جرير 15/45 حدثنا عليّ بن داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/245 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.(2/659)
[1329] وصل ابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً} قال: محبسا 1.
قوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} الآية: 16
[1330] أسند الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} قال: سلطنا شرارها 2.
[1331] وقرأ أبو عثمان النهدي {أَمَرْنَا} بتشديد الميم بمعنى الإمارة 3.
[1332] أسند الطبري عن ابن عباس: أمرنا مترفيها بالطاعة فعصوا 4.
[1333] وعن سعيد بن جبير مثله 5.
__________
1 فتح الباري 8/390. وذكره البخاري تعليقا بلفظ: "محبسا محصرا".
2 فتح الباري 8/394.
أخرجه ابن جرير 15/55 حدثنا علي بن داود، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، به.
وزاد "فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكتهم بالعذاب، وهو قوله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا} [الأنعام: 123] .
3 فتح الباري 8/394.
أسنده الطبري 15/55 حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيم، عن عوف، عن أبي عثمان النهدي، به. بمعنى الإمارة. وهذه القراءة شاذة. انظر: تفسير الطبري 15/57.
4 فتح الباري 8/395.
أخرجه ابن جرير 15/55 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عنه، به.
5 فتح الباري 8/395.
أخرجه ابن جرير 15/55 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا شريك، عن سلمة أو غيره، عنه، به. والحسين هو سنيد ضعيف.(2/660)
قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} الآية: 23
[1334] عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} قال: "ووصى" التزقت الواو في الصاد. أخرجه سعيد بن منصور بإسناد جيد عنه 1.
__________
1 فتح الباري 8/373.
أخرجه سعيد بن منصور قال: حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن أيمن، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. سنن سعيد منصور - كتاب التفسير، الجزء الثاني ل 148 /ب. وقد جوّد إسناده ابن حجر كما في الأعلى.
وأخرج أحمد بن منيع فيما ذكره البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة رقم180 - كتاب التفسير - حدثنا حسين بن محمد، ثنا الفرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس - نحوه. قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف، "فرات بن السائب" ضعفه أحمد ابن حنبل وابن معين وابن حبان والدارقطني وغيرهم، وقال البخاري: منكر الحديث.
وأخرج ابن جرير في تفسيره 15/62 قال: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يحيى بن عيسى، قال: ثنا نصير ابن أبي الأشعث، قال: ثني ابن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، قال: أعطاني ابن عباس رضي الله عنهما مصحفا، فقال: هذا على قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه. قال أبو كريب: قال يحيى: رأيت المصحف عند نصير فيه "ووصّى ربك" يعني: "وقضى ربك". هذه القراءة شاذة لمخالفتها سواد المصحف الإمام، ولمخالفتها قراءة الجمهور الذين قرؤوا بـ "وقضى". وقرئ أيضا "وقضاء ربك" مصدر قضى، وهي أيضا قراءة شاذة.
انظر: البحر المحيط لأبي حيان 6/25.
وهذه رواية منكرة، فإن القرآن الكريم قد تكفل الله بحفظه، فهو محفوظ بحفظه تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فمن لوازم حفظه أنه مصون من التحريف والتبديل.
هذا وقد أثار جماعة من أعداء الإسلام من المستشرقين ومن حذا حذوهم شبهات من مثل هذه الروايات، فهذا المستشرق "نولديكة" زعم أن ما دلّ عليه هذه الرواية خطأ وقع أثناء تدوين القرآن، وهو ناتج عن سيلان الحبر الزائد من الكاتب على الورقة. ويكفيك في الرد على هذا الزعم بأن القرآن - مما هو مسلّم به - حفظ في الصدور قبل تفريغه في السطور.
انظر: كتاب "آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره" 2/569-571، وانظر أيضا رقم 1168 من سورة الرعد. والله المستعان وهو الهادي إلى صراط مستقيم. هذا والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/257 من طريق سعيد بن جبير، ونسبه إلى الفريابي وسعيد ابن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف.(2/661)
[1335] ومن طريق الضحاك أنه قرأ {وَوَصَّى} وقال: ألصقت الواو بالصاد فصارت قافا فقرئت {وَقَضَى} 1.
[1336] وتفسير {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا} بمعنى وصى منقول من مصحف أبي بن كعب، أخرجه الطبري 2.
[1337] وأخرجه أيضا من طريق قتادة قال: هي في مصحف ابن مسعود " {وَوَصَّى} " 3.
[1338] ومن طريق مجاهد في قوله: {وَقَضَى} قال: وأوصى 4.
__________
1 فتح الباري 8/389. وقد عزاه للطبري؛ لأنه عطف على ما ذكر قبله.
أخرجه ابن جرير 15/63 قال: حدثني الحارث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن الضحاك بن مزاحم - مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/258 ونسبه إلى أبي عبيد وابن جرير وابن المنذر. وانظر التعليق على الذي قبله.
2 فتح الباري 8/389.
أخرجه ابن جرير 15/62 حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يحيى بن عيسى، قال: ثنا نصير ابن أبي الأشعث، قال: ثني ابن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه - نحوه. ولفظه "قال: أعطاني ابن عباس مصحفا، فقال: هذا على قراءة أبيّ بن كعب، قال أبو كريب: قال يحيى: رأيت المصحف عند نصير، فيه وَوَصّى ربُّك يعني: وقضى ربك. وذكر السيوطي في الدر المنثور 5/258 عن الأعمش، عن ابن مسعود نحوه، وعزاه للطبراني.
3 فتح الباري 8/389.
أخرجه ابن جرير 15/62 حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عنه - نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/258 ونسبه إلى عبد الرزاق وابن المنذر.
4 فتح الباري 8/389.
أخرجه ابن جرير 15/62 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عنه - مثله.(2/662)
[1339] وصل الطبري من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس {وَقَضَى رَبُّكَ} قال: أمر ربك 1.
[1340] ومن طريق الحسن وقتادة مثله 2.
[1341] وروى ابن أبي حاتم من طريق ضمرة 3 عن الثوري قال: معناه أمر؛ ولو قضى لمضى، يعني لو حكم 4.
قوله تعالى: {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً} الآية: 26
[1342] وصل الطبري من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس في
__________
1 فتح الباري 8/389. ذكره البخاري في ترجمة الباب من غير عزو.
أخرجه ابن جرير 15/62 حدثني علي بن داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/258 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر.
2 فتح الباري 8/389.
أما أثر الحسن فأخرجه ابن جرير 15/62 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا زكريا ابن سلام، قال جاء رجل إلى الحسن - فذكره في قصة.
وأما أثر قتادة فأخرجه الطبري أيضا - الموضع السابق نفسه - من طريق يزيد، عن سعيد، عنه.
3 هو ضمرة بن ربيعة الفلسطيني، أبو عبد الله الرملي، أصله دمشقي، وثقه الإمام أحمد، قال ابن حجر: صدوق يهم قليلا، روى عن الثوري وغيره. مات سنة اثنتين ومائة.
انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 4/467، والتهذيب 4/403، والتقريب 1/374.
4 فتح الباري 8/389.
لفظ "قضى" جاء في كتاب العزيز على عدة معان، أوصلها بعضهم إلى خمسة عشر وجها، نقلها ابن حجر عن إسماعيل بن أحمد النيسابوري في "كتاب الوجوه والنظائر"، ومن ذلك "قضى" بمعنى: أمر، ومنه هذه الآية، ومنه أيضا قوله {إِذَا قَضَى أَمْراً} . قال الراغب: القضا فصل الأمر قولا كان ذلك أو فعلا، وكل منهما على وجهين: إلهي وبشري، فمن القول الإلهي قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} أي أمر بذلك ... انظر: المفردات ص: 406، وفتح الباري 8/389.(2/663)
قوله: {وَلا تُبَذِّرْ} لا تنفق في الباطل، والتبذير السرف في غير حق 1.
[1343] ومن طريق عكرمة قال: المبذّر المنفق في غير حق 2.
[1344] ومن طرق متعددة عن أبي العُبَيْدَين - وهو بلفظ التصغير والتثنية - 3 عن ابن مسعود مثله، وزاد في بعضها "كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدث أن التبذير النفقة في غير حق" 4.
قوله تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} الآية:28
[1345] وصل الطبري من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ} قال: ابتغاء رزق 5.
__________
1 فتح الباري 8/394. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير 15/74 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، به.
2 فتح الباري 8/394.
أخرج ابن جرير 15/73 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا عباد، عن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس - مثله.
3 واسمه معاوية بن سَبْرة، السُّوَائي، كان ضرير البصر، روى عن ابن مسعود، وعنه أبو إسحاق السبيعي، ومسلم البطين ويحيى بن الجزار وسلمة بن كهيل. ثقة، مات سنة ثمان وتسعين. انظر ترجمته في: التهذيب 10/186، والتقريب 2/259.
4 فتح الباري 8/394.
أخرجه ابن جرير 15/73 من طريق أبي إسحاق ومسلم البطين ويحيى بن الجزار وسلمة بن كهيل وحارثة بن مُضَرِّب كلهم عن أبي العبيدين، به مثله. والزيادة التي ذكرت هنا أخرجها عن أحمد بن منصور الرمادي، قال: ثنا أبو الحوءَب، عن عمار ابن زُريق، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّب، عن أبي العبيدين، عنه - فذكرها.
5 فتح الباري 8/394. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير 15/75 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، به.(2/664)
[1346] ومن طريق عكرمة مثله 1.
[1347] ولابن أبي حاتم من طريق إبراهيم النخعي في قوله: {ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ} قال: فضلا 2.
قوله تعالى: {فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً}
[1348] وروى الطبري من طريق إبراهيم النخعي في قوله: {فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً} أي ليّنا تَعِدُهم 3.
[1349] ومن طريق عكرمة قال: عِدْهم عِدَة حسنة 4
[1350] وروى ابن أبي حاتم من طريق محمد بن أبي موسى 5 عن ابن عباس في قوله تعالى: {فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً} قال: العدة 6.
__________
1 فتح الباري 8/394.
أخرجه ابن جرير 15/75 حدثنا عمران بن موسى، قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا عمارة، عن عكرمة، به. وأخرجه من طريق ابن جريج - بالإسناد الذي قبله - عنه، به.
2 فتح الباري 8/394.
3 فتح الباري 8/390، وفيه "لصام تعدهم"، وعلق عليه الطابع "في هامش طبعة بولاق: كذا في النسخ، ولعل فيه تحريفا ".
قلت: وهو كذلك. والصحيح ما ذكرت من مصدر التخريج.
أخرجه ابن جرير 15/74-75 حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم - مثله.
4 فتح الباري 8/390.
أخرجه ابن جرير 15/75 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عنه - مثله، وزاد "إذا كان ذلك، إذا جاءنا ذلك فعلنا أعطيناكم، فهو القول الميسور".
5 محمد بن أبي موسى، روى عن ابن عباس، وعنه أبو سعد البقال. ذكره ابن حبان في الثقات. قال ابن حجر: مستور. انظر ترجمته في: التهذيب 9/426 والتقريب 2/212.
6 فتح الباري 8/390. قال ابن كثير 5/66 هكذا فسّر قوله {فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً} بالوعد، مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغير واحد. اهـ. وانظر ما تقدم.(2/665)
[1351] ومن طريق السدي قال تقول نعم وكرامة، وليس عندنا اليوم1.
[1352] ومن طريق الحسن: تقول سيكون إن شاء الله تعالى2.
قوله تعالى: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً} الآية: 31
[1353] أسند الطبري عن مجاهد في قوله: {خِطْئاً} قال: خطيئة3.
قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً} ،
وقوله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} الآية: 33 و44
[1354] وصل ابن عيينة في تفسيره عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال: كل سلطان في القرآن فهو حجة، وهذا على شرط الصحيح 4.
[1355] وروى الفريابي بإسناد آخر عن ابن عباس وزاد "وكل تسبيح في القرآن فهو صلاة 5.
__________
1 فتح الباري 8/390.
2 فتح الباري 8/390.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/275 بنحوه، ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.
3 فتح الباري 8/390.
أخرجه ابن جرير 15/80 من طريق عيسى وورقاء كلاهما عن ابن أبي نجيح، عنه - مثله.
4 فتح الباري 8/391. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن حجر بسنده إلى ابن عيينة، به سندا ومتنا. انظر: تغليق التعليق 4/238.
5 فتح الباري 8/391.
أخرجه الفريابي كما في تغليق التعليق 4/239 ثنا قيس، عن عمار الدهني، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس. ولفظه "قال: كل تسبيح في القرآن فهو صلاة وكل سلطان في القرآن فهو عذر وحجّة".
تنبيه: تصحّف "عمار الدهني" إلى "عمار الذهبي" في تغليق التعليق في المطبوعة.(2/666)
قوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} الآية: 36
[1356] أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وَلا تَقْفُ} لا تقل 1.
[1357] وكذا قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} لا تقل رأيت ولم تر وسمعت ولم تسمع 2.
قوله تعالى: {فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً} الآية: 39
[1358] وصل الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {مَدْحُوراً} مطرودا 3.
قوله تعالى: {أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً} الآية: 49
[1359] وروى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً} قال: ترابا 4.
__________
1 فتح الباري 13/282. وذكره البخاري في ترجمة الباب.
أخرجه ابن جرير 15/86 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
2 فتح الباري 13/282.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/378 به سنداً ومتناً. وأخرجه ابن جرير 15/86 من طريق سعيد، ومن طريق محمد بن ثور، عن معمر، كلاهما عن قتادة، به.
3 فتح الباري 6/340.
أخرجه ابن جرير 15/90 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
4 فتح الباري 8/390.
أخرجه ابن جرير 15/97 من طريق عيسى وورقاء، عن ابن أبي نجيح، به مثله.(2/667)
قوله تعالى: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} الآية: 51
[1360] وصل الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} قال: يهزّون 1.
[1361] ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال: يحركونها استهزاء 2.
[1362] ومن طريق ابن جريج عن عطاء 3 عن ابن عباس نحوه 4.
[1363] ومن طريق سعيد عن قتادة مثله 5.
[1364] وروى سعيد بن منصور من طريق محمد بن كعب في قوله: {فَسَيُنْغِضُونَ} قال: يحرّكون 6.
__________
1 فتح الباري 8/388. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير 15/100 حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال، ثني معاوية، عن عليّ، به مثله.
2 فتح الباري 8/388.
أخرجه ابن جرير 15/100 من طريق العوفي، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/300 ونسبه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
3 هو الخراساني.
4 فتح الباري 8/388.
أخرجه ابن جرير 15/100 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، به. ولفظه "قال: يحركون رءوسهم يستهزءون ويقولون متى هو".
5 فتح الباري 8/388.
أخرجه ابن جرير 15/100 من طريق يزيد، عن سعيد، به. ولفظه: "أي يحركون رءوسهم تكذيبا واستهزاء".
6 فتح الباري 8/388.
أخرجه سعيد بن منصور في سننه الجزء الثاني، كتاب التفسير، ل 149/أقال: حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب، به.(2/668)
قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} الآية: 56
[1365] أخرج الطبري عن ابن مسعود قال "كان قبائل العرب يعبدون صنفا من الملائكة يقال لهم الجن، ويقولون: هم بنات الله، فنزلت هذه الآية1.
[1366] وأخرج سعيد بن منصور من طريق أخرى ضعيفة عن ابن عباس أن المراد مَن كان يعبد الملائكة والمسيح وعزيرا2.
[1367] وروى الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} إلى آخر الآية. قال: كان أهل الشرك يقولون نعبد الملائكة وهم الذين يدعون3.
__________
1 فتح الباري 8/397.
أخرجه ابن جرير 15/105 حدثني الحسين بن علي بن الصدائي، قال: ثنا يحيى ابن السكن، قال: أخبرنا أبو العوّام قال: أخبرنا قتادة، عن عبد الله بن معبد الزِّمّاني، عن عبد الله ابن مسعود - مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/305 ونسبه إلى ابن جرير فقط.
قال ابن حجر: فإن ثبت هذا فهو محمول على أنها نزلت في الفريقين - أي فيهم وفي الذين ذكر في رواية البخاري في الباب، وهي أنه كان ناس من الإنس يعبدون ناسا من الجن، فأسلم الجن، وتمسك هؤلاء بدينهم ـ، ثم قال - أي ابن حجر - وإلا فالسياق يدل على أنهم قبل الإسلام كانوا راضين بعبادتهم، وليست هذه من صفات الملائكة. اهـ.
2 فتح الباري 8/397.
أخرجه سعيد بن منصور في سننه كتاب التفسير، ل149/أحدثنا هشيم، قال: حدثنا مغيرة، عن إبراهيم، عن ابن عباس - نحوه. ولفظه "قال: هو عزير وعيسى بن مريم والشمس والقمر".
3 فتح الباري 8/398.
أخرجه ابن جرير 15/104 من طريق العوفي، به. ولفظه "نعبد الملائكة وعزيرا، وهم الذين يدعون، يعني الملائكة والمسيح وعزيرا". وانظر ما قبله.(2/669)
قوله تعالى:
{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} الآية: 57
[1368] أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: الوسيلة القربة 1.
[1369] وأخرجه الطبري من طريق أخرى عن قتادة مثله 2.
[1370] ومن طريق ابن عباس أيضا 3.
قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} الآية: 60
[1371] عند سعيد بن منصور من طريق أبي مالك قال: هو ما أري في طريقه إلى بيت المقدس 4.
[1372] روى ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس قال: أري أنه دخل مكة هو وأصحابه، فلما ردّه المشركون كان لبعض الناس بذلك فتنة 5.
__________
1 فتح الباري 8/397.
في تفسيره 1/2/379، ولفظه " {الْوَسِيلَةَ} القربة والزلفة".
2 فتح الباري 8/397.
أخرجه ابن جرير 15/106 من طريق محمد بن ثور، عن معمر، عنه - مثله.
3 فتح الباري 8/397.
أخرجه ابن جرير 15/106 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس - فذكر مثله.
4 فتح الباري 8/398.
أخرجه سعيد بن منصور في سننه كتاب التفسير، ل 149/أحدثنا خالد بن عبد الله، عن حصين، عن أبي مالك، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/309 ونسبه إلى سعيد بن منصور فقط.
5 فتح الباري 8/398.
أخرجه ابن جرير 15/112 من طريق العوفي، به.(2/670)
[1373] وجاء فيه قول آخر، روى ابن مردويه من حديث الحسين ابن علي 1 رفعه "إني أريت كأن بني أمية يتعاورون منبري هذا، فقيل: هي دنيا تنالهم، ونزلت هذه الآية" 2.
[1374] وأخرجه ابن أبي حاتم من حديث عمرو بن العاص 3.
[1375] ومن حديث يعلى بن مرة 4.
__________
1 الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي، أبو عبد الله ريحانة النبي صلى الله عليه وسلم، وشِبْهُه من الصدر إلى ما أسفل منه، وهو سيّد شباب أهل الجنة، أمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/24، رقم1173، والإصابة 2/67، رقم1729.
2 فتح الباري 8/398.
أخرج الترمذي رقم3350 - في التفسير، باب "ومن سورة القدر" - وابن جرير 30/260 والحاكم 3/170-171 والبيهقي في الدلائل 2/509-510 كلهم من حديث القاسم بن الفضل الحدّاني، عن يوسف بن سعد، عن الحسن بن علي - نحوه مرفوعا. ولكن عندهم جميعا "فنزلت {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1] ، و {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:1-3] . قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث القاسم بن الفضل ... ويوسف بن سعد رجل مجهول. وصحح الحاكم إسناده، وقال الذهبي: روى عن يوسف نوح بن قيس أيضا، وما علمت أن أحدا تكلم فيه، والقاسم وثقوه، رواه عنه أبو داود والتبوذكي وما أدري آفته من أين.
والحديث ذكره ابن كثير 8/462 وقال: ثم هذا الحديث على كل تقدير منكر جدا، قال شيخنا الإمام الحافظ الحجة أبو الحجاج المزي: هو حديث منكر. اهـ. ثم أورد ابن كثير عدة وجوه تؤكد ضعف هذا الحديث ونكارته. وقال ابن حجر: عقب هذه الأحاديث: وأسانيد الكل ضعيفة.
3 فتح الباري 8/398.
انظر ما قبله. وقد حكم ابن حجر على هذه الروايات كلها بأن أسانيد الكل ضعيفة.
4 فتح الباري 8/398.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/309 ونسبه إلى ابن أبي حاتم فقط. ولفظه "قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أريت بني أمية على منابر الأرض. وسيتملكون، فتجدونهم أرباب سوء" واهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك، فأنزل الله {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} . وانظر ما تقدم من التعليق على حديث الحسين بن علي.(2/671)
[1376] ومن مرسل ابن المسيب نحوه 1.
قوله تعالى: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} الآية: 60
[1377] ذكر ابن أبي حاتم من بضعة عشر نفسا من التابعين أن الشجرة الملعونة في القرآن هي شجرة الزقوم 2.
[1378] ثم روى ابن أبي حاتم من حديث عبد الله بن عمرو أن الشجرة الملعونة: الحكم بن أبي العاص وولده 3.
__________
1 فتح الباري 8/398.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/310 ولفظه: "قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية على المنابر فساءه ذلك، فأوحى الله إليه "إنما هي دنيا أعطوها"، فقرت عينه، وهي قوله: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} يعني بلاء للناس". ونسبه إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر.
هذا وقد أخرجه البيهقي في الدلائل 5/509 من طريق سفيان، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب - نحوه. ولفظه "على منبره".
قلت: علي بن زيد بن جدعان ضعيف، ثم إنه مرسل. قال ابن حجر: عقبه: وأسانيد الكل ضعيفة.
2 فتح الباري 8/399.
وهكذا فسر ابن عباس في رواية البخاري رقم4716 الشجرة الملعونة في القرآن بشجرة الزقوم. وفي رواية الإمام أحمد 1/374 لما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى الجنة والنار، ورأى شجرة الزقوم، وخوّفهم بها، فقال أبو جهل لعنه الله: هاتوا لنا تمرا وزبدا، وجعل يأكل هذا بهذا، ويقول: تزقّموا، فلا نعلم الزقوم غير هذا. وانظر: تفسير ابن كثير 5/90.
3 فتح الباري 8/399.
قال ابن حجر عقبه: وإسناده ضعيف.(2/672)
[1379] وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: قال المشركون يخبرنا محمد أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر، فكان ذلك فتنة لهم 1.
قوله تعالى: {لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً} الآية: 62
[1380] وروى سعيد بن منصور من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {لَأَحْتَنِكَنَّ} قال: لأحتوين، قال: يعني شبه الزناق 2.
قوله تعالى:
{فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُوراً} الآية: 63
[1381] وصل الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد {مَوْفُوراً} قال: وافرا 3.
قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ} الآية: 64
[1382] وروى ابن أبي حاتم من طريق مجاهد في قوله: {وَاسْتَفْزِزْ} قال: استنزل 4.
__________
1 فتح الباري 8/399.
أخرجه في تفسيره 1/2/381 بهذا اللفظ. وزاد "ولاتدع منه شيئا" بعد قوله "والنار تأكل الشجر".
2 فتح الباري 8/391.
أخرجه ابن جرير 15/117 من طريق عيسى وورقاء، عن ابن أبي نجيح، به. وأخرجه من طريق ابن جريج، عنه - مثله.
3 فتح الباري 8/393. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير 15/117 من طريق عيسى وورقاء كلاهما عن ابن أبي نجيح، به.
4 فتح الباري 8/390.
لم أقف على من ذكره بهذا اللفظ، وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور 5/312 بلفظ "استنزل من استطعت منهم بالغناء والمزامير واللهو والباطل" ونسبه إلى سعيد بن منصور وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وأخرج سعيد بن منصور في سننه كتاب التفسير، ل 149/أحدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد. ولفظه قال في قوله {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} بالغناء".(2/673)
قوله تعالى: {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ} الآية: 66
[1383] وصل الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "يزجي الفلك" يجري الفلك 1.
[1384] ومن طريق سعيد عن قتادة "يزجي الفلك" أي يسيرها في البحر 2.
قوله تعالى: {أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً} الآية: 68
[1385] وروى ابن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة قال: {أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً} قال حجارة من السماء 3.
[1386] ومن طريق السدي قال: راميا يرميكم بحجارة 4.
[1387] روى الطبري عن ابن جريج في قوله: {أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ
__________
1 فتح الباري 8/394. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير 15/122 حدثني علي بن داود، قال: ثنا عبد الله، قال، ثني معاوية، عن علي، به.
2 فتح الباري 8/394.
وهذا ليس من طريق سعيد، وإنما من طريق محمد بن ثور، عن معمر؛ فقد أخرجه 15/122 حدثني محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة - فذكر مثله. وقد تكرر مثل هذا فيما تقدم، انظر 1325.
3 فتح الباري 8/391.
أخرجه ابن جرير 15/123 من طريق يزيد، عن سعيد، به مثله. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/314 ونسبه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم.
4 فتح الباري 8/391.(2/674)
حَاصِباً} قال: مطر الحجارة 1.
قوله تعالى: {أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنَ الرِّيحِ} الآية: 69
[1388] وروى ابن أبي حاتم من طريق شعبة عن قتادة {تَارَةً أُخْرَى} قال: مرة أخرى 2.
[1389] وروى الطبري من طريق ابن جريج قال: قال ابن عباس: القاصف التي تغرق، هكذا ذكره منقطعا 3.
قوله تعالى: {ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً}
[1390] وصل الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} أي: ثائرا 4 5.
__________
1 فتح الباري 6/332.
أخرجه ابن جرير 15/123 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، به. وزاد في آخره "إذا خرجتم من البحر".
2 فتح الباري 8/391.
أخرج ابن جرير 15/124 من طريق يزيد، عن سعيد، عنه - مثله.
3 فتح الباري 6/300.
أخرجه ابن جرير 15/125 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس - فذكره. وإسناده ضعيف؛ فإنه من طريق سنيد وهو الحسين، ثم إنه منقطع وقد أشار إلى ذلك ابن حجر كما في الأعلى.
4 وهو اسم فاعل من الثأر، يقال لكل طالب بثأر وغيره تبيع وتابع.
انظر: الفتح 8/394.
5 فتح الباري 8/393-394. وفيه خطأ في الآية "ثم لا تجد لك" هكذا، وقد صحّحتها. وبهذا اللفظ علقه البخاري عنه. أخرجه ابن جرير 15/125 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، به مثله.(2/675)
[1391] ومن طريق سعيد عن قتادة أي لا تخاف أن تتبع بشيء من ذلك 1.
[1392] وصل ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {تَبِيعاً} قال: نصيرا 2.
قوله تعالى: {إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} الآية: 75
[1393] وروى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {ضِعْفَ الْحَيَاةِ} قال: عذابها، {وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} قال: عذاب الآخرة 3.
[1394] ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: ضعف عذاب الدنيا والآخرة 4.
[1395] ومن طريق سعيد عن قتادة مثله 5.
__________
1 فتح الباري 8/394.
أخرجه ابن جرير 15/125 من طريق يزيد، عن سعيد، به. ولفظه "أي لا نخاف أن نتبع" بإضافة الفعلين إلى ضمير النون المتكلم".
2 فتح الباري 8/394.
أخرجه ابن جرير 15/125 حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، به مثله.
3 فتح الباري 8/393.
أخرجه ابن جرير 15/131 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، به مثله.
4 فتح الباري 8/393.
هكذا عزاه ابن حجر للطبري من طريق علي بن أبي طلحة، وهو ليس كذلك، وإنما هو من طريق العوفي. فقد أخرجه 15/131 من طريقه بهذا اللفظ.
5 فتح الباري 8/393.
أخرجه ابن جرير 15/131 من طريق يزيد، عن سعيد، به.(2/676)
قوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} الآية: 78
[1396] وصل الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} قال: صلاة الفجر، يجتمع فيها ملائكة الليل وملائكة النهار 1.
[1397] ومن طريق العوفي عن ابن عباس نحوه 2.
[1398] وفي الترمذي والنسائي بإسناد صحيح عن أبي هريرة في قوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} قال: "تشهده ملائكة الليل والنهار" 3.
[1399] وروى ابن مردويه من حديث أبي الدرداء نحوه 4.
__________
1 فتح الباري 8/399. وذكره البخاري عنه تعليقا مختصرا بلفظ "صلاة الفجر".
وهكذا أخرج ابن جرير 15/140 مختصرا من طرق عن ابن أبي نجيح، عنه. وأخرج بكامله من طريق سنيد عن حجاج عن ابن جريج عنه. وكذا 15/141 عن ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عنه مطولا.
2 فتح الباري 8/399.
أخرجه ابن جرير 15/140 من طريق العوفي، عنه بلفظ "يعني صلاة الصبح".
3 فتح الباري 2/36.
هكذا أورده ابن حجر عن أبي هريرة موقوفا عليه، وقد جاء عنه مرفوعا أيضا، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/474، والترمذي في جامعه رقم3135 - في تفسير سورة بني إسرائيل - وابن ماجه في سننه رقم670 - في الصلاة، باب وقت صلاة الفجر ـ، والنسائي في التفسير رقم313، والحاكم 1/211 كلهم من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - مرفوعا. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، كما صحح إسناده الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2507.
4 فتح الباري 2/36.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/323 ونسبه إلى الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن أبي الدرداء. ولفظه "قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم =(2/677)
[1400] روى ابن خزيمة في صحيحه وأبو العباس السراج جميعا عن يوسف بن موسى 1 عن جرير عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر وصلاة العصر، فيجتمعون في صلاة الفجر، فتصعد ملائكة الليل وتبيت ملائكة النهار، ويجتمعون في صلاة العصر فتصعد ملائكة النهار وتبيت ملائكة الليل، فيسألهم ربهم: كيف تركتم عبادي" الحديث 2.
__________
= {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} قال: " يشهده الله وملائكة الليل وملائكة النهار". هذا وقد أخرجه ابن جرير 15/139 من طريق آدم، قال: ثنا الليث بن سعد عن زيادة ابن محمد، عن محمد بن كعب القرظي، عن فضالة بن عبيد، عن أبي الدرداء - مرفوعا في حديث طويل أوله "إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل ... " الحديث، ثم ذكر حديث النزول، وذكر هذا بمثل لفظ السيوطي. وذكره ابن كثير في تفسيره 5/100 وقال تفرد به زيادة. وأخرجه البزار كما في مختصر زوائد البزار، رقم2218 من طريق عبد الله بن كثير، ثني الليث بن سعد، ثني زيادة بن محمد عن محمد كعب، به. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 10/157-158: وفيه زيادة بن محمد الأنصاري وهو منكر الحديث.
1 يوسف بن موسى بن راشد القطان، أبو يعقوب الكوفي، نزيل الريّ ثم بغداد، روى عن جرير بن عبد الحميد وغيره، عنه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وعدة. صدوق، مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين. انظر ترجمته في: التهذيب 11/374، والتقريب 2/373.
2 فتح الباري 2/36.
أخرجه ابن خزيمة في صحيحه رقم321 - في الصلاة، باب ذكر اجتماع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر وصلاة العصر جميعا ... - أخبرنا أبو طاهر، نا أبو بكر، نا يوسف بن موسى، به نحوه.
وأخرجه 322 من طريق أبي عوانة، عن سليمان - وهو الأعمش - عن أبي صالح، عن أبي هريرة - باللفظ المذكور.
قال ابن حجر - عقب ذكره -: وهذه الرواية تزيل الإشكال وتغني عن كثير من الاحتمالات المتقدمة، فهي المعتمدة.(2/678)
[1401] روى أبو نعيم في "كتاب الصلاة" له من طريق الأسود بن يزيد النخعي1 قال: يلتقي الحارسان - أي ملائكة الليل وملائكة النهار - عند صلاة الصبح فيسلم بعضهم على بعض، فتصعد ملائكة الليل وتلبث ملائكة النهار 2.
قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} الآية: 79
[1402] ووقع في صحيح ابن حبان من حديث كعب بن مالك مرفوعا "يبعث الله الناس، أكون أنا وأمتي على تل، فيكسوني ربي حلة خضراء، ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول: فذلك المقام المحمود" 3.
[1403] أخرج مسلم من طريق يزيد الفقير 4 قال: خرجنا في عصابة
__________
1 الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، أبو عمرو أو أبو عبد الرحمن، مخضرم، ثقة مكثر فقيه، مات سنة أربع أو خمس وسبعين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 1/299، والتقريب 1/77.
2 فتح الباري 2/36.
لم أقف عليه مسنداً، وله شواهد تقدمت.
3 فتح الباري 2/95 و11/426.
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 3/456 وابن جرير 15/147 وابن حبان في صحيحه الإحسان، رقم6479 والطبراني في الكبير ج19/رقم142 والحاكم 2/353 - وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي - كلهم من طرق عن الزبيدي، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن كعب بن مالك - مرفوعا نحوه. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 7/54 وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ثم أورده في 10/380 ونسبه للطبراني في الكبير والأوسط، وقال: وأحد إسنادي الكبير رجاله رجال الصحيح.
4 هو يزيد بن صهيب الكوفي، أبو عثمان، المعروف بالفقير، قيل له ذلك؛ لأنه كان يشكو فقار ظهره، ثقة. انظر ترجمته في: التهذيب 11/295، والتقريب 2/366.(2/679)
نريد أن نحجّ ثم نخرج على الناس 1، فمررنا بالمدينة فإذا رجل 2 يحدث وإذا هو قد ذكر الجهنميين، فقلت له: ما هذا الذي تحدّثون به، والله يقول: {إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} [آل عمران:192] و {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} [السجدة:20] قال: أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم، قال: أسمعت بمقام محمد الذي يبعثه الله؟ قلت: نعم، قال: فإنه مقام محمد المحمود الذي يخرج الله به من يخرج من النار بعد أن يكونوا فيها. ثم نعت وضع الصراط ومرّ الناس عليه، قال: فرجعنا وقلنا: أترون هذا الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فوالله ما خرج منا غير رجل واحد3 4.
[1404] أخرج الطبري من حديث سلمان قال "فيشفعه الله في أمته فهو المقام المحمود" 5.
[1405] ومن طريق رشدين بن كريب 6
__________
1 أي مظهرين مذهب الخوارج وندعو إليه ونحث عليه.
2 وقد صرح به عند مسلم بأنه "جابر بن عبد الله"، وفيه أنه كان يحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3 معناه رجعنا من حجنا ولم نتعرض لرأي الخوارج بل كففنا عنه وتُبْنا منه، إلا رجلا منا، فإنه لم يوافقنا في الانكفاف عنه.
4 فتح الباري 11/426.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم191-320 - في الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها - بسنده عن إلى يزيد الفقير - بنحوه. وأوله "قال: كُنتُ قد شغفني رأي من رأي الخوارج" - وهو أنهم يرون أن أصحاب الكبائر يخلدون في النار، ولا يخرج منها من دخلها -.
5 فتح الباري 11/426.
أخرجه ابن جرير 15/144 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو معاوية، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن سلمان، به. والحسين هو سنيد ضعيف.
6 رشدين بن كُرَيب بن أبي مسلم، الهاشمي مولاهم، أبو كريب المدني، رأى ابن عمر وروى عن أبيه وعلي ابن عبد الله بن عباس. وعنه عيسى بن يونس وغيره. ضعيف، ضعّفه ابن المديني وأبو زرعة والنسائي وغيرهم. أخرج له الترمذي وابن ماجه. انظر ترجمته في: التهذيب 3/241، والتقريب 1/251.(2/680)
عن أبيه 1 عن ابن عباس "المقام المحمود الشفاعة" 2.
[1406] ومن طريق داود بن يزيد الأودي 3 عن أبيه 4 عن أبي هريرة في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} قال: سئل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "هي الشفاعة" 5.
[1407] ومن طريق يزيد بن زريع 6 عن قتادة "ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أول شافع، وكان أهل العلم يقولون إنه المقام المحمود 7.
__________
1 هو كريب بن أبي سليم الهاشمي، مولاهم، المدني، أبو رشدين، مولى ابن عباس، أدرك عثمان وروى عن مولاه ابن عباس وأمه أم الفضل وأختها ميمونة بنت الحارث وعائشة وأم سلمة وأما هانئ بنت أبي طالب وغيرهم. وعنه ابناه محمد ورشدين وسليمان بن يسار وغيرهم. ثقة، مات سنة ثمان وتسعين. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 8/388، والتقريب 2/134.
2 فتح الباري 11/426.
أخرجه ابن جرير 15/144 حدثنا سليمان بن عمرو بن خالد الرقي، قال: ثنا عيسى ابن يونس، عن رشدين بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس، به.
3 هو داود بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي، الزعافري، أبو يزيد الكوفي، الأعرج، ضعيف. انظر: التقريب 1/235.
4 هو يزيد بن عبد الرحمن بن الأسود الأودي، أبو داود، مقبول. التقريب 2/368.
5 فتح الباري 11/426.
أخرجه ابن جرير 15/145 حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن داود بن يزيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، به مرفوعا. وفي إسناده "داود بن يزيد الأودي" ضعيف.
6 يزيد بن زُرَيْع، البصري، أبو معاوية، ثقة ثبت، مات سنة اثنتين وثمانين. أخرج له الجماعة. التقريب 2/364.
7 فتح الباري 11/426.
أخرجه ابن جرير 15/145 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة. ولفظه "قوله {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} ، وقد ذُكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم خير بين أن يكون نبيا عبدا، أو ملكا نبيا، فأومأ إليه جبريل عليه السلام: أن تواضع، فاختار نبي الله أن يكون عبداً نبيا، فأعطي به نبي الله ثنتين: إنه أول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، وكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود الذي قال الله تبارك وتعالى {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} شفاعة يوم القيامة".(2/681)
[1408] ومن حديث أبن مسعود رفعه: "إني لأقوم يوم القيامة المقام المحمود إذا جيء بكم حفاة عراة" وفيه "ثم يكسوني ربي حلة فألبسها فأقوم عن يمين العرش مقاما لا يقومه أحد يغبطني به الأولون والآخرون" 1.
[1409] ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد: المقام المحمود الشفاعة 2.
[1410] ومن طريق الحسن البصري مثله 3.
[1411] وعند ابن مردويه من حديث سعد بن أبي وقاص: "سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المقام المحمود فقال: "هو الشفاعة" 4.
__________
1 فتح الباري 11/426.
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 1/398-399 وابن جرير 15/146 والحاكم 2/364-365 ثلاثتهم من طريق عثمان بن عمير، عن أبي وائل، عن ابن مسعود - مرفوعا نحوه. وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبي قائلا: "لا والله، فعثمان ضعفه الدارقطني والباقون ثقات". وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 10/365 وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني، وفي أسانيدهم كلهم عثمان بن عمير، وهو ضعيف. كما ضعفه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند رقم3787.
2 فتح الباري 11/426.
أخرجه ابن جرير 15/144 من طرق عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، به.
3 فتح الباري 11/426.
أخرجه ابن جرير 15/144 حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن الحسن، به.
4 فتح الباري 11/427.
أخرجه ابن مردويه كما في تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي 2/285، والكافي الشاف بذيل الكشاف 2/687 من حديث محمد بن الحسن عن أبي حنيفة، عن عبد العزيز ابن رفيع، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، به. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/325 ونسبه إلى ابن مردويه فقط.(2/682)
[1412] أخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح عن سعيد بن أبي هلال أحد صغار التابعين 1 أنه بلغه أن المقام المحمود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون يوم القيامة بين الجبار وبين جبريل، فيغبطه لمقامه ذلك أهل الجمع 2.
[1413] ومن طريق علي بن الحسين بن علي: أخبرني رجل من أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تمد الأرض مدّ الأديم" الحديث وفيه "ثم يؤذن لي في الشفاعة فأقول: أي رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض. قال: فذلك المقام المحمود" 3.
__________
1 سعيد بن أبي هلال الليثي مولاهم، أبو العلاء المصري، يقال أصله من المدينة. روى عن جابر وأنس مرسلا وزيد بن أسلم. صدوق، قال ابن حجر: لم أر لابن حزم في تضعيفه سلفاً. مات سنة تسع وأربعين ومائة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: التهذيب 4/83-84، والتقريب 1/307.
2 فتح الباري 8/400 و11/427.
قال ابن حجر: ورجاله ثقات، لكنه مرسل.
3 فتح الباري 8/400.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/325 ونسبه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم - وصححه - وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق علي بن حسين - قال أخبرني رجل من أهل العلم - فذكره هكذا مرسلا.
هذا وقد أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/2/387 وابن جرير 15/146 كلاهما من حديث معمر، عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه مرسلا.
قال ابن حجر - عقب رواية المتن ـ: ورجاله ثقات، وهو صحيح إن كان الرجل صحابيا.
قلت: وقد جاء في بعض طرق هذا الحديث أن الرجل المجهول صحابي. فقد أخرج الحاكم 4/570 من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب الزهري، عن علي بن الحسين، عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تمد الأرض يوم القيامة مد العظمة الرحمن، ثم لا يكون لبشر من بني آدم موضع قدميه، ثم ادعي أول الناس " الحديث، فيه "ثم يؤذن لي في الشفاعة، فأقول: يا رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض، فذلك المقام المحمود". قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان رقم303 من طريق إبراهيم بن سعد، عن صالح ابن كيسان، عن الزهري، عن علي بن الحسين: قال: حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "تمد الأرض يوم القيامة لعظمة الرحمن جلّ ثناؤه" - الحديث بنحوه.(2/683)
[1414] في النسائي ومصنف عبد الرزاق ومعجم الطبراني من حديث حذيفة رفعه قال: "يجمع الناس في صعيد واحد، فيقال: يا محمد، فأقول: لبيك وسعديك والخير في يديك والمهدى من هديت وعبدك بين يديك وبك وإليك تباركت وتعاليت سبحانك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك" زاد عبد الرزاق "سبحانك رب البيت" فذلك قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} قال ابن مندة في كتاب الإيمان: هذا حديث مجمع على صحة إسناده وثقة رواته. وصححه الحاكم1.
__________
1 فتح الباري 8/399-400 و11/437.
أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده رقم414، ص 55 وعبد الرزاق في تفسيره 1/2/387، وابن أبي شيبة في مصنفه 11/484، رقم11793، وابن أبي عاصم في كتاب السنة رقم789، والبزار في مسنده رقم3462 كشف الأستار، والنسائي في تفسيره رقم314، وابن جرير 15/144، وابن مندة في الإيمان 2/872-873، والحاكم في مستدركه 2/363، وأبو نعيم في الحلية 1/278 - في ترجمة حذيفة - كلهم من طرق عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة، به موقوفا. وقد صححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وهو وإن كان موقوفا فله حكم الرفع؛ فمثله لا يقال بالرأي. قال ابن مندة - كما نقل عنه ابن حجر - هذا إسناد مجمع على صحته وقبول روايته. كما صحّح ابن حجر والشيخ الألباني إسناده.
انظر: فتح الباري 8/399، وظلال الجنة في تخريج السنة ص 353.
والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/325 ونسبه إلى ابن أبي شيبة والنسائي والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم - وصححه، وأبي نعيم في الحلية، وابن مردويه والبيهقي في البعث والخطيب في المتفق والمفترق، عن حذيفة موقوفا.(2/684)
[1415] قال الطبري: وقال ليث عن مجاهد في قوله تعالى: {مَقَاماً مَحْمُوداً} : يجلسه معه على عرشه، وأخرجه عبد بن حميد وغيره عن مجاهد 1.
قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً} الآية: 80
[1416] جاء عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم أذن له في الهجرة إلى المدينة بقوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً} ، أخرجه الترمذي وصححه هو والحاكم 2.
__________
1 فتح الباري 8/400 و11/426.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/328 ونسبه إلى ابن جرير.
وقد أخرجه ابن جرير 15/145 قال: حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، قال: ثنا ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد في الآية قال: يجلسه معه على عرشه.
وعقبه ابن جرير قائلا: وأولى القولين في ذلك بالصواب ما صح به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المقام المحمود، فقال: "هي الشفاعة". ثم قال: وهذا وإن كان هو الصحيح، فإن ما قاله مجاهد، قول غير مدفوع صحته، لا من جهة خبر ولا نظر. وذلك لأنه لا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن التابعين بإحالة ذلك. انظر: تفسير الطبري 15/147-148.
ونقل ابن حجر عن ابن عطية قال: هو كذلك إذا حمل على ما يليق به. ثم قال: وبالغ الواحدي في ردّ هذا القول، وأما النقاش فنقل عن أبي داود صاحب السنن أنه قال: من أنكر هذا فهو متهم. وقال أيضا: وقد جاء عن ابن مسعود عند الثعلبي وعن ابن عباس عند أبي الشيخ وعن عبد الله بن سلام قال: إن محمدا [صلى الله عليه وسلم] يوم القيامة على كرسي الرب بين يدي الرب. قال: يحتمل أن تكون الإضافة إضافة تشريف، وعلى ذلك يحمل ما جاء عن مجاهد وغيره. اهـ. انظر: فتح الباري 11/426-427.
وحديث ابن عباس الذي ذكره ابن حجر أخرجه ابن جرير 15/148 مطولا.
2 فتح الباري 7/227.
أخرجه الترمذي رقم3139 حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس - بنحوه. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن جرير 15/148 حدثنا ابن وكيع وابن حميد، قالا: ثنا جرير، عن قابوس ابن أبي ظبيان، عن أبيه، به. وقد عزاه السيوطي في الدر المنثور 5/328 إلى أحمد والترمذي - وصححه - وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي معا في الدلائل والضياء في المختارة.(2/685)
قوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} الآية:81
[1417] روى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} أي ذاهبا 1.
[1418] ومن طريق سعيد عن قتادة {وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} أي هلك 2.
قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} الآية: 84
[1419] وصل الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {عَلَى شَاكِلَتِهِ} قال على ناحيته 3.
[1420] وعن مجاهد قال: الشاكلة الطريقة أو الناحية 4.
[1421] ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: على طبيعته
__________
1 فتح الباري 8/400.
أخرجه ابن جرير 15/152 من طريق معاوية، عن علي، به مثله.
2 فتح الباري 8/400.
أخرج ابن جرير 15/152 من طريق محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة - نحوه. ولفظه "هلك الباطل وهو الشيطان".
3 فتح الباري 8/393. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير 15/154 حدثنا عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، به مثله.
4 فتح الباري 1/136.
أخرجه ابن جرير 15/154 من طرق عن ابن أبي نجيح، عنه نحوه.(2/686)
وعلى حدته 1.
[1422] ومن طريق سعيد عن قتادة قال: يقول على ناحيته وعلى ما ينوي 2.
[1423] وتفسير الشاكلة بالنية صح عن الحسن البصري ومعاوية ابن قرة المزني 3 وقتادة أخرجه عبد بن حميد والطبري عنهم 4.
قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ} الآية: 85
[1424] روى الترمذي من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل،
__________
1 فتح الباري 8/393.
وليس هو من طريق ابن أبي نجيح، وإنما من طريق ابن جريج؛ فقد أخرجه 15/154 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عنه - مثله. وأخرج من طريق ابن أبي نجيح بلفظ "على ناحيته".
2 فتح الباري 8/393.
أخرجه ابن جرير 15/154 من طريقه يزيد، عن سعيد، به مثله.
3 معاوية بن قرة بن إياس بن هلال المزني، أبو إياس البصري، روى عن أبيه وأنس ومعقل بن يسار وعدة، وعنه خليد بن جعفر وشعبة وسماك بن حرب وغيرهم. ثقة عالم، مات سنة ثلاث عشرة ومائة، وهو ابن ست وسبعين سنة. أخرج له الجماعة. انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 8/378، والتهذيب 10/195، والتقريب 2/261.
4 فتح الباري 1/136 فسره البخاري في ترجمة الباب.
لم يخرج الطبري روايات هؤلاء جميعا، وإنما أخرج رواية قتادة فقط، فقد أخرج 15/154 من طريق يزيد ابن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة. ولفظه " {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} يقول: على ناحيته وعلى ما ينوي".
وأما رواية الحسن فقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/330 بلفظ "على نيته"، ونسبه إلى هناد وابن المنذر.
وأما رواية معاوية بن قرة المزني فلم أقف على من ذكره.(2/687)
فقالوا: سلوه عن الروح، فسألوه فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} ، فلما سمعوها قالوا: أوتينا علما كثيرا: التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا، فنزلت {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي} الآية [الكهف:109] . ورجاله رجال مسلم. قال الترمذي: حسن صحيح 1.
[1425] وهو عند ابن إسحاق من وجه آخر عن ابن عباس نحوه 2.
[1426] روى ابن إسحاق في تفسيره بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: الروح من الله، وخلق من خلق الله، وصور كبني آدم، لا ينزل ملك إلا ومعه واحد من الروح 3.
__________
1 فتح الباري 8/401، 404.
أخرجه الترمذي رقم3150 - في التفسير، باب "ومن سورة بني إسرائيل" - حدثنا قتيبة، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن داود بن أبي هند، به.
وأخرجه أحمد 1/255 والنسائي في تفسيره رقم334 وابن حبان في صحيحه رقم99 الإحسان وأبو الشيخ في العظمة رقم403 والحاكم 2/531 والبيهقي في الدلائل 2/46 كلهم من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، به.
وهو حديث صحيح، صحّحه كل من الترمذي والحاكم، ووافقه الذهبي، وابن حجر كما في الأعلى، وأحمد شاكر في المسند رقم2309، والشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم2510.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 5/331 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن مردويه وأبي نعيم في الدلائل.
2 فتح الباري 8/401.
ذكره في السيرة 1/320 من غير إسناد نحوه.
3 فتح الباري 8/402.
أورده السيوطي في الدر المنثور 5/109، 332 وعزاه في الأول إلى آدم بن أبي إياس وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات. عزاه في الثاني إلى عبد بن حميد وأبي الشيخ.
والأثر أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص 367 من طريق آدم بن أبي إياس، نا هشيم، عن أبي بشر، عن مجاهد، عن ابن عباس - نحوه.
وأخرجه أبو الشيخ في العظمة رقم404 من طريق هشيم، عن جعفر بن إياس، عن مجاهد، به نحوه.(2/688)
[1427] أخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في هذه القصة أنهم قالوا عن الروح: وكيف يعذب الروح الذي في الجسد، وإنما الروح من الله؟ فنزلت الآية 1.
قوله تعالى: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً} الآية: 92
[1428] وروى ابن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة {قَبِيلاً} أي جندا تعاينهم معاينة 2.
قوله تعالى: {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ} الآية: 93
[1429] قال عبد بن حميد 3 حدثنا هاشم بن القاسم 4 عن شعبة
__________
1 فتح الباري 8/403.
أخرجه ابن جرير 15/156 من طريق العوفي، به نحوه مطولا. وفي آخره "فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقالوا: من جاءك بهذا؟ قال: "جبريل". قالوا: والله ما قاله لك إلا عدو لنا. فأنزل الله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ} [البقرة:97] . وله شواهد تقدمت.
2 فتح الباري 8/393.
أخرجه ابن جرير 15/162 من طريق يزيد، عن سعيد، به.
3 في الفتح "عبد الله بن حميد، وهو خطأ، والمثبت هو الصواب؛ فلا يوجد في الرواة عن هاشم بن القاسم - حسب ما اطلعت - من اسمه "عبد الله بن حميد". هذا وقد وقع على الصواب في تغليق التعليق 4/308 "قال عبد بن حميد: ثنا هاشم بن القاسم، عن شعبة".
4 هو هاشم بن القاسم بن مسلم بن مقسم الليثي أبو النضر البغدادي الحافظ، روى عن شعبة وغيره، عنه عبد بن حميد وغيره، ثقة ثبت، أخرج له الجماعة، مات سنة خمس أو سبع ومائتين. انظر ترجمته في: التهذيب 11/18-19، والتقريب 2/314.(2/689)
عن الحكم عن مجاهد قال: كنا لا ندري ما الزخرف حتى رأيتها في قراءة عبد الله أي ابن مسعود "أو يكون لك بيت من ذهب"1.
قوله تعالى: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً} الآية: 97
[1430] أخرج الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: {كُلَّمَا خَبَتْ} قال: طفئت 2.
[1431] ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: سكنت 3.
قوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْأِنْفَاقِ} الآية: 100
[1432] وروى ابن أبي حاتم من طريق السدي قال: {خَشْيَةَ الْأِنْفَاقِ} أي خشية أن ينفقوا فيفتقروا 4.
__________
1 فتح الباري 8/568.
ذكره ابن حجر في تغليق التعليق 4/308 به سندا ومتنا.
وأخرجه ابن جرير 15/163 حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد - نحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/340 ونسبه إلى أبي عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وأبي نعيم في الحلية كلهم عن مجاهد.
2 فتح الباري 6/332.
ساق الطبري إسناده إلى مجاهد فلم يذكر نص الرواية. انظر: التفسير 15/168.
3 فتح الباري 6/332.
أخرجه ابن جرير 15/168 من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، به.
4 فتح الباري 8/393.
قال الطبري: "يقول تعالى ذكره لنبيه: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: لو أنتم أيها الناس تملكون خزائن أملاك ربي من الأموال - وعني بالرحمة في هذا الموضع: المال – {إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْأِنْفَاقِ} يقول: إذن لبخلتم به، فلم تجودوا بها على غيركم، خشية من الإنفاق والإقتار". التفسير 15/170.(2/690)
قوله تعالى: {مَثْبُوراً} الآية: 102
[1433] وصل الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {مَثْبُوراً} قال: ملعونا 1.
[1434] ومن وجه آخر عن سعيد بن جبير عنه مثله 2.
[1435] ومن طريق العوفي عنه قال: مغلوبا 3.
[1436] ومن طريق الضحاك مثله 4.
[1437] ومن طريق مجاهد قال: هالكا 5.
[1438] ومن طريق قتادة قال: مهلكا 6.
__________
1 فتح الباري 8/394. وذكره البخاري عنه تعليقا.
أخرجه ابن جرير 15/175 حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، به مثله.
2 فتح الباري 8/394.
أخرجه ابن جرير 15/175 حدثنا عبد الله بن عبد الله الكلابي، قال: ثنا أبو خالد الأحمر، قال: ثنا عمر بن عبد الله، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عنه - مثله.
3 فتح الباري 8/394.
أخرجه ابن جرير 15/175 من طريق العوفي، به.
4 فتح الباري 8/394.
أخرجه ابن جرير 15/175 قال: حُدِّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول: فذكره.
5 فتح الباري 8/394.
أخرجه ابن جرير 15/176 من طريق عيسى وورقاء كلاهما عن ابن أبي نجيح، عنه - مثله. وأخرجه من طريق ابن جريج، عنه مثله.
6 فتح الباري 8/394.
أخرجه عبد الرزاق 1/2/391 ومن طريقه ابن جرير 15/176 عن معمر، عنه مثله.(2/691)
[1439] ومن طريق عطية قال: مغيرا مبدلا 1.
[1440] ومن طريق ابن زيد بن أسلم قال: مخبولا لا عقل له 2.
قوله تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} الآية: 106
[1441] أخرج النسائي وأبو عبيد والحاكم من وجه آخر عن ابن عباس قال: "أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} الآية 3.
[1442] وصل ابن جرير 4 من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
__________
1 فتح الباري 8/394.
أخرجه ابن جرير 15/176 حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبد الله بن موسى، عن عيسى بن موسى، عن عطية، بلفظ "مبدلا".
2 فتح الباري 8/394.
أخرجه ابن جرير 15/176 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد - نحوه.
3 فتح الباري 9/4.
أخرجه النسائي في تفسيره رقم392، وأبو عبيد في فضائل القرآن باب منازل القرآن بمكة والمدينة وذكر أوائله وأواخره، رقم16-56، ص 222، وابن جرير 15/178 والحاكم 2/222 كلهم من طريق يزيد بن هارون، عن داود بن أبي هند عن عكرمة، عن ابن عباس، به. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن أبي حاتم كما في الإتقان 1/117 من هذا الوجه. وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 10/533، رقم10236 عن عباد بن العوام، عن داود، به. وأخرجه رقم10239 عن معاوية بن هشام، قال: حدثنا عمار ابن زريق، عن الأعمش، عن حسان بن أبي الأشرس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - نحوه.
4 في الفتح ابن جريج، ولعل الصواب "ابن جرير"، وقد ذكره العيني أيضا وقال: أخرجه ابن جرير من طريق علي ابن أبي طلحة، عنه. اهـ. انظر: عمدة القارئ 20/53.(2/692)