المقدمة
المقدمة
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، والصلاة والسلام على من بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً ، أما بعد :
فقد اهتم العلماء بتفسير كتاب الله تعالى ، وتبيين ما فيه من المعاني والأحكام ، وقد تميزت تفاسيرهم بالدقة والوضوح ، ومن جهودهم ما هو مجموع في مؤلف مستقل بالتفسير ، ومنها ما هو أقوال منثورة لا تقل أهمية عما قبلها ، بل ربما تفوقها ، فتحتاج إلى جمع في مصنف خاص ؛ ليسهل الرجوع إليها ، والاستفادة منها ، ومن ثم يعم الانتفاع بها .
ومن العلماء الأجلاء الذين وجدت لهم أقوالاً في التفسير : الإمام العلامة أبو الوفاء علي ابن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الظفري الحنبلي رحمه الله ، لكنها مبثوثة في مؤلفاته ، وهي جديرة بالجمع والدراسة ، فآثرت بعد الاستعانة بالله وحده أن أقوم بجمع أقواله في التفسير وترتيبها ودراستها ، وبيان منهجه فيها ، وقد بلغت أكثر من خمسين ومائة قول ، وعزمت على أن يكون موضوع بحثي الذي أتقدم به لنيل درجة الماجستير من قسم القرآن وعلومه هو :
منهج ابن عقيل الحنبلي وأقواله في التفسير جمعاً ودراسة
أهمية الموضوع :
تظهر أهمية الموضوع في أمور ، منها :
1- أن ابن عقيل من أشهر المجتهدين في المذهب الحنبلي ومن كبار علمائهم ، وفي إخراج أقواله في تفسير كلام الله تعالى إسهام في خدمة هذا العلم .
2- أنه من علماء التفسير ، ومن علماء القراءات : فقد ترجم له الداوودي في [طبقات المفسرين 1/ 421] فقال : ( .. وقرأ القراءات على أبي الفتح بن شيطا ، قرأ عليه المبارك بن أحمد بن الإخوة ) . وذكره [ الذهبي في معرفة القراء الكبار ص 261] .(1/1)
3- تقدم العصر الذي عاشه الإمام ابن عقيل رحمه الله 431-513هـ مما جعل أقواله في التفسير ذات قيمة عالية ، وهي فترة عاشها جماعة من أهل التفسير ممن ذاع صيتهم ، وكانوا أئمة في هذا الفن ، ومنهم الماوردي (ت:450) ، والواحدي (ت:468) ، والراغب الأصفهاني (ت:503) ، وإلكيا الهراسي (ت:504) ، والبغوي (ت:516) وغيرهم مما يعطي صورة جلية لازدهار علم التفسير في ذلك العصر .
4- لما كانت المطبوعات شحيحة في آيات الأحكام من علماء الحنابلة ، فإن إخراج مثل هذا الجمع يضيف إلى كتبهم نوعاً مهماً من العلوم ، وهو أحكام القرآن .
5- ومما زاد الموضوع أهمية ما وجدت من نقل بعض كبار العلماء والمفسرين عنه ؛ من أمثال : ابن العربي ، وابن الجوزي ، والقرطبي ، والشوكاني ، والآلوسي ، وابن القيم ، وغيرهم .
6- أن في هذا البحث جمعاً لتفسير متفرق ؛ فيه الكثير من الفوائد واللطائف والنفائس ، مما لا يوجد في كثير من المصنفات .
أسباب اختيار الموضوع :
اخترت هذا الموضوع لأسباب كثيرة ، منها :
1- أهمية الموضوع ، وقد تقدم ما يحث على الكتابة فيه .
2- أنه حسب علمي وبحثي وسؤالي للمختصين لم يجمع أحد أقواله في التفسير مع علو كعبه وكثرة علومه في القرآن .
3- المكانة العلمية التي تميز بها ابن عقيل الحنبلي رحمه الله ، فمن المعروف أنه من الأئمة الكبار ومصنفاته تدل على ذلك :
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( ولابن عقيل أنواع من الكلام فإنه كان من أذكياء العالم ) [ درء تعارض العقل والنقل 8/60 ] .(1/2)
- وقال أبو طاهر السِّلَفي : ( ما رأت عيناي مثل أبي الوفاء ابن عقيل الفقيه ، ما كان يقدر أحد أن يتكلم معه لغزارة علمه وحسن إيراده وبلاغة كلامه وقوة حجته ، ولقد تكلم يوماً مع شيخنا أبي الحسن إلكيا الهراسي في مسألة ، فقال شيخنا : هذا ليس بمذهبك . فقال : أنا لي اجتهاد ، متى طالبني خصمي بحجة كان عندي ما أدفع به عن نفسي ، وأقوم له بحجتي ، فقال شيخنا : كذلك الظن بك ) [ ذيل الطبقات لابن رجب 1/147 ] .
فلما كان بهذه المنزلة العظيمة تأكد اختيار هذا الموضوع .
4- السعي إلى إبراز جانب الملكة العلمية التفسيرية عند ابن عقيل لطلاب المعرفة ، وبخاصة أن هناك انشغالاً عنها بسبب إمامته في بعض العلوم الأخرى كالفقه مثلاً ، وقد برع وأبدع في جوانب مهمة ، وذكر بعض مترجميه أن له كتاباً بعنوان : مسائل مشكلة في آيات من القرآن [ذيل طبقات الحنابلة 1/ 156] لكنه في عداد المفقود [آثار الحنابلة في علوم القرآن للفنيسان ص 97] ، وفي جمع أقواله سد لبعض ما فات ، لهذه الأسباب رغبت في تسجيل هذا الموضوع .
أهداف البحث :
1- إخراج ما قاله هذا العالم في التفسير بكتاب مستقل يحمل رأيه ، ويكشف عن تفسيره للآيات ، تقديراً لمكانته العلمية ، ووفاء بحقه .
2- دراسة أقوال ابن عقيل في التفسير دراسة تحليلية مقارنة .
3- إبراز جهود أحد علماء الحنابلة في علم التفسير .
الدراسات السابقة :
- ابن عقيل حياته واختياراته الفقهية ، رسالة دكتوراه للباحث صالح بن محمد الرشيد ، في جامعة الأزهر ، كلية الشريعة والقانون ، ونوقشت عام 1399هـ .
- تحقيق جزء من كتاب الواضح في أصول الفقه لابن عقيل : في ثلاث رسائل دكتوراه ، في جامعة أم القرى ، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ، وهي كالتالي :
1- موسى بن محمد بن يحيى القرني ( من أول الكتاب إلى الأدلة المختلف فيها ) .
2- عطالله مولوي فيض الله ( من فصول الخطاب إلى فصول العموم ) .(1/3)
3- عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس ( من فصول العموم إلى بداية نسخ الكتاب والسنة ) .
وهناك بحوث أخرى لها صلة بابن عقيل من خلال تحقيق كتبه ، وهي كما يلي :
- حقق كتاب الواضح في أصول الفقه : الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي .
وهذا الكتاب في مباحث أصول الفقه ، وقد تميز بمزايا يندر اجتماعها في كتاب مثله ، مما دفع المجد ابن تيمية رحمه الله أن يقول : ( لله در الواضح لابن عقيل من كتاب ، ما أغزر فوائده ، وأكثر فرائده ، وأزكى مسائله ، وأزيد فضائله ، من نقل مذهب ، وتحرير حقيقة مسألة ، وتحقيق ذلك ) [ المسودة ص 65 ] . وقد فسر فيه عدداً كبيراً من الآيات فاستخرجتها لدراستها في هذا البحث .
- حقق جزءين من كتابه الفنون : جورج مقدسي ، والذي يبحث في فنون متعددة منها التفسير فهو من المصادر لجمع أقوال ابن عقيل في التفسير .
- حقق كتاب التذكرة في الفقه لابن عقيل الدكتور ناصر بن سعود السلامة . وقد مر على جميع أبواب الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحم الله الجميع .
- أخرجت مكتبة الثقافة الدينية في مصر كتاب : الجدل على طريقة الفقهاء لابن عقيل ، وهذا الكتاب يبحث في علم الكلام .
- حقق الدكتور عبدالسلام بن سالم السحيمي كتاب فصول الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة لابن عقيل ، وهو في فضائل الأخلاق .
- حقق الدكتور سليمان بن عبدالله العمير كتاب ابن عقيل الموسوم بـ جزء في الأصول - أصول الدين - مسألة القرآن . وهذا الكتاب في أن الله تكلم بالقرآن حقيقة وأن كلامه بحرف وصوت ، وضمنه الرد على الأشاعرة في مسألة القرآن .
ومع هذا كله فلم أقف بعد البحث والنظر والسؤال على أي دراسة علمية تتعلق بابن عقيل مفسراً ، وبهذا تظهر جدة هذا البحث ؛ حيث لم تسبق دراسته ، والله أعلم .
خطة البحث :
تتكون خطة البحث من مقدمة ، وتمهيد ، وقسمين ، وخاتمة ، وفهارس .
المقدمة : وتشتمل على ما يلي :(1/4)
أهمية الموضوع ، وأسباب اختياره ، وأهدافه ، وخطة البحث ، ومنهجي في البحث .
التمهيد : وفيه ترجمة موجزة لابن عقيل .
القسم الأول : مصادر ابن عقيل ومنهجه في التفسير ، وفيه ثلاثة فصول :
الفصل الأول : مصادر ابن عقيل في التفسير ، وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول : مصادر القرآن وعلومه .
المبحث الثاني : مصادر الحديث .
المبحث الثالث : مصادر الفقه .
المبحث الرابع : مصادر العقيدة .
الفصل الثاني : منهج ابن عقيل في التفسير ، وفيه خمسة مباحث :
المبحث الأول : تفسير القرآن بالقرآن ، وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : جمع النظائر .
المطلب الثاني : تخصيص العموم .
المطلب الثالث: تقييد المطلق .
المبحث الثاني : تفسير القرآن بالسنة ، وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : بيان المجمل .
المطلب الثاني: تخصيص العموم .
المطلب الثالث : تقييد المطلق .
المبحث الثالث : تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين ، وفيه مطلبان :
المطلب الأول : تخصيص العموم .
المطلب الثاني : دفع موهم التناقض .
المبحث الرابع : تفسير القرآن باللغة ، وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : اهتمامه بمعاني المفردات ، ومعاني الحروف ، ومرجع الضمائر .
المطلب الثاني : عنايته بالشعر ، وأقوال العرب .
المطلب الثالث : اهتمامه بالأوجه البلاغية ولطائف التفسير .
المبحث الخامس : تفسيره لآيات الأحكام ، وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : مذهبه الفقهي .
المطلب الثاني : نقله للإجماع .
المطلب الثالث : اهتمامه بالقياس .
المطلب الرابع : منهجه في الاستنباط .
الفصل الثالث : علوم القرآن عند ابن عقيل ، وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول : الناسخ والمنسوخ .
المبحث الثاني : أسباب النزول .
المبحث الثالث : المحكم والمتشابه .
المبحث الرابع : العام والخاص .
القسم الثاني : أقوال ابن عقيل في التفسير - من أول القرآن إلى آخره - ودراستها .(1/5)
الخاتمة : وفيها أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال البحث .
الفهارس :
1- فهرس الآيات القرآنية . 2- فهرس الأحاديث النبوية والآثار . 3- فهرس الأعلام . 4- فهرس الكلمات الغريبة . 5- فهرس الفرق . 6- فهرس الأبيات الشعرية .
7- ثبت المصادر والمراجع . 8- فهرس الموضوعات .
منهجي وعملي في البحث :
القسم الأول من البحث :
1) ما يتعلق بمصادر ابن عقيل في التفسير :
أقوم بجمع مصادره التي صرح بها ، وكذلك ما أبهمه واستطعت الوقوف عليه وترجح لدي أنه من مصادره .
2) ما يتعلق بدراسة منهج ابن عقيل في التفسير :
استخرجت مادته من خلال التأمل في الآيات التي تناولها بالتفسير ، ولذا اقتصرت فيه بذكر المثال دون شرحه اكتفاء بدراسته في القسم الثاني ، إلا إذا دعت الحاجة للإيضاح .
وفي هذا القسم يكون الحديث وسطاً بين الطول والإيجاز ، بما يفي بالغرض ، وقد بينت في الخطة ما يتعلق به من مباحث .
القسم الثاني : أقوال ابن عقيل ودراستها ، وعملي فيه كما يلي :
1- جمع أقوال ابن عقيل في التفسير من خلال كتبه ، وما نقل عنه .
2- ترتيب المادة العلمية المستخرجة على حسب ترتيب السور والآيات .
3- كتابة الآية قبل ذكر قول ابن عقيل مع عزوها إلى سورتها ورقم الآية .
4- الالتزام بنقل نص كلام ابن عقيل، مع التعليق على ما يحتاج إلى إيضاح في الحاشية .
5- عند تكرر كلامه عند آية أكتفي بأجمعه ، وأشير في الحاشية إلى المواضع الأخرى ، إلا إذا وُجِد ما ليس في الموضع الأول فإني أذكره معه ، مع بيان ذلك .
6- إذا كان الكلام على الآية قد سبق مثيله فأكتفي بالإحالة عليه ، مع بيان الفرق إن وجد .
7- ترقيم أقوال ابن عقيل ، بوضع رقمين قبل كل قول ، الأول منهما : هو الرقم العام لجميع أقواله في البحث ، والثاني : الرقم الخاص بكل سورة .
8- دراسة أقواله ؛ ومنهجي فيه على النحو التالي :
أ- أعنون لدراسة أقوال ابن عقيل بكلمة : الدراسة .(1/6)
ب - إذا كانت المسألة متفقاً عليها ، فإني أذكر كلام أهل العلم مع أشهر أدلتهم مما يؤيد كلام ابن عقيل .
ج - إذا كانت المسألة ذات خلاف فإني أذكر في الدراسة محل الخلاف ، ثم أشهر الأدلة لكل قول ، وما يظهر من مناقشتها .
د - أحرص على النظر والتأمل في تفسير الآية ، مجتهداً في أن أجمع بين الأقوال ، وأبين عدم تعارضها حسب الاستطاعة والإمكان ، وإن لم يتبين وجه الجمع ، فإني أختار ما يظهر لي أنه أسعد بالدليل .
9- عزو الآيات إلى سورها من القرآن وترقيمها ، وجعلتها بين معقوفتين هكذا [ ].
10- تخريج الأحاديث ، وعزوها إلى مصادرها ، فأذكر من أخرجها ثم اسم الكتاب والباب ثم رقم الحديث بين قوسين هكذا ( ) ، فإن كان في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت بهما ، وإن لم يكن فيهما ، فمع عزوه إلى مصادره أذكر درجته صحةً وضعفاً ، معتمداً في ذلك على كلام المحققين من أهل الحديث .
11- تخريج الآثار وعزوها إلى مصادرها قدر الإمكان .
12- إحالة كلام أهل العلم إلى موضعه من كتبهم إن وجدت ، أو المعتبرة في نقل أقوالهم عند عدمها .
13- نسبة الأبيات الشعرية إلى قائليها .
14- شرح وتوضيح المصطلحات والكلمات الغريبة .
15- التعريف بالأعلام باختصار ثم الإحالة على مرجع أو اثنين من مراجع ترجمته ، مع ملاحظة ما يلي : عدم التعريف بالأنبياء والخلفاء الأربعة ورواة الأحاديث ، ومن كان في نص منقول ، ولم أذكر الألقاب العلمية ؛ ولم أتبع الأعلام بالدعاء لهم بالرحمة لكون ذلك معلوماً إلا أن ينص عليها المنقول عنه .
16- التعريف بالفِرق مما يحتاج إلى تعريف في أول موطن ترد فيه قدر الاستطاعة .(1/7)
وقبل الختام لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل لله سبحانه وتعالى على ما من به علي من النعم العظيمة ، ثم أتوجه بالشكر والدعاء إلى فضيلة شيخيّ الفاضلين الدكتور : بدر بن ناصر البدر ، والدكتور : يوسف بن محمد السعيد الذين أتحفاني بأحسن التوجيهات، وجميل الملاحظات ، وغمراني بالأخلاق الجمة ، والآداب الرفيعة ، وحسن التعامل ، ولطف العبارة ؛ فلهما مني الشكر والدعاء .
والشكر موصول لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ذلك الصرح الشامخ ، والمنبع العذب ، التي عم نفعها جميع بقاع الأرض ، فأسأل الله أن يبارك فيها ، ويسدد القائمين عليها ، وأخص بمزيد من الشكر القائمين على كلية أصول الدين ، ومشايخي الأعزاء في قسم القرآن وعلومه ، فجزاهم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء .
كما أتقدم بجزيل الشكر لجميع الإخوة الذين وقفوا معي وأعانوني على إتمام هذا البحث فبارك الله فيهم ووفقهم أينما كانوا .
هذا وأسأل الله العلي القدير أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل ، وأن يجعل عملنا هذا حجة لنا لا علينا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
راشد بن حمود بن راشد الثنيان
التمهيد
ترجمة موجزة لابن عقيل
التمهيد
قبل الدخول في منهج ابن عقيل الحنبلي وأقواله في التفسير يحسن أن أذكر ترجمة موجزة تعرف به فأقول :
أولاً : اسمه ونسبه وكنيته :
علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن أحمد البغدادي الظَّفَري (1) المقرئ الفقيه الحنبلي الأصولي الواعظ المتكلم ، أبو الوفاء ، أحد الأئمة الأعلام ، وشيخ الإسلام (2) .
ثانياً : مولده :
__________
(1) الظَّفَري : بالتحريك نسبة إلى الظَّفَرية ، وهي محلة كبيرة شرقي بغداد ، ينظر الأنساب للسمعاني 4/ 102 ، معجم البلدان 4/ 61 .
(2) الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 142 ، وقال : (كذا قرأت نسبه بخطه ) .(1/8)
ولد ابن عقيل في بغداد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة في جمادى الآخرة .
قال ابن رجب (1) : ( كذا نقله عنه ابن ناصر السلفي ) (2) .
وقال ابن الجوزي (3) : ( وكذا رأيته بخطه ) (4) .
وقيل : سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة (5) .
وقيل : سنة ثلاثين وأربعمائة (6) ، قال ابن رجب : ( والأول أصح ) (7) .
ثالثاً : أسرته :
__________
(1) هو الإمام زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي ، من مصنفاته : شرح علل الترمذي ، وشرح قطعة من البخاري ، والذيل على طبقات الحنابلة ، مات في رجب سنة 795هـ ، له ترجمة في : طبقات الحفاظ ص540 .
(2) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 142 .
(3) هو أبو الفرج جمال الدين عبدالرحمن بن علي بن الجوزي البغدادي الحنبلي، صاحب التصانيف في أنواع العلوم، مات سنة 597 هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 21/ 365 ، طبقات السيوطي ص 50 .
(4) المنتظم 9/ 212 .
(5) طبقات الحنابلة 2/ 259.
(6) مناقب الإمام أحمد ص 635 .
(7) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 142 .(1/9)
يقول ابن عقيل عن نفسه : ( وأما أهل بيتي : فإن بيت أبي كلهم أرباب أقلام وكتابة ، وشعر وآداب ، وكان جدي محمد بن عقيل كاتب حضرة بهاء الدولة ، وهو المنشئ لرسالة عزل الطايع وتولية القادر ، ووالدي أنظر الناس وأحسنهم جزلاً وعلماً ، وبيت أمي (1) بيت الزهري صاحب الكلام والدرس على مذهب أبي حنيفة ) (2) ، وله ولدان ماتا في حياته أحدهما : أبو الحسن عقيل ، يقول عنه والده : ( مات ولدي عقيل ، وكان قد تفقه وناظر وجمع أدباً حسناً ) (3) ، والآخر : أبو منصور هبة الله ، يقول عنه والده : ( قال لي ابني لما تقارب أجله : يا سيدي قد أنفقت وبالغت في الأدوية والطب والأدعية ، ولله تعالى فيّ اختيار ، فدعني مع اختياره ، قال : فوالله ما أنطق الله سبحانه وتعالى ولدي بهذه المقالة التي تشاكل قول إسحاق لإبراهيم : ¼ `شWإ<ت@ ... †Wع S$£Wع`ëSTژ " [الصافات:102] إلا وقد اختاره الله تعالى للحظوة ) (4) .
رابعاً : شيوخه :
__________
(1) قيل إن أبا الفضل الزهري يكون جداً لابن عقيل من جهة أمه ، وأبو الفضل : هو عبيدالله بن عبدالرحمن بن عوف، ينظر : المنتظم 7/ 166، وفي بعض المصادر ( أبي ) ولا أستطيع الجزم بشيء منهما ، لأن ابن عقيل لم يذكر شيئاً عن أحد والديه أكثر من النص الوارد ، ونقله عنه من ترجم له دون إضافات تتعلق بوالده لكن يفهم إغفال المصادر وسكوت ابن عقيل عن والده أنه نشأ يتيماً ، ومما يؤكد هذا ما أشار إليه من معاناته من الفقر حيث قال : ( وعانيت من الفقر والنسخ بالأجرة ) مما يدل على فقد من يعوله واعتماده على نفسه حتى هيأ الله له من يعوله ليتفرغ للعلم والتعليم ، وستأتي الإشارة إليه في : مكانته العلمية ، والله أعلم .
(2) المنتظم 9/ 213 ، الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 143 .
(3) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 164 .
(4) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 165 .(1/10)
نهل ابن عقيل علمه عن عدد كبير من العلماء في فنون متعددة ، وقد نقل عنه ابن رجب أنه كان يقول : ( شيخي في القراءة : ابن شيطا .
وفي النحو والأدب : أبو القاسم بن برهان .
وفي الزهد : أبو بكر الدينوري ، وأبو بكر بن زيدان ، وأبو الحسين القزويني ، وذكر جماعة غيرهم من الرجال والنساء .
وفي آداب التصوف : أبو منصور صاحب الزيادة العطار .
وفي الحديث : ابن التّوّزي ، وأبو بكر بن بشران ، والعشارى ، والجوهري ، وغيرهم .
وفي الشعر والترسل : ابن شبل ، وابن الفضل .
وفي الفرائض : أبو الفضل الهمذاني .
وفي الوعظ : أبو طاهر بن العلاف صاحب ابن سمعون .
وفي الأصول : أبو الوليد ، وأبو القاسم ابن التبان .
وفي الفقه : القاضي أبو يعلى ، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي ، وأبو نصر بن الصباغ .
إلى أن قال : ومن مشايخي : أبو محمد التميمي ، ومنهم أبو بكر الخطيب ...الخ ) (1) .
وليس من ذَكَر ابن عقيل هم كل مشايخه ، وكثرتهم إنما تدل على همته العالية وشغفه في جمع أنواع العلوم .
وفيما يلي ذكر نُبَذٍ موجزة عن بعض مشايخه :
1- ابن شيطا : وهو أبو الفتح عبدالواحد بن الحسين بن أحمد بن عثمان بن شيطا البغدادي المقرئ ، صنف كتاب [ التذكار في القراءات العشر ] ، وهو شيخ ابن عقيل في القراءة ، مات سنة 450هـ (2) .
2- أبو القاسم : عبدالواحد بن علي بن عمر بن برهان العكبري ، من علماء النحو والتاريخ وأيام العرب ، أخذ عنه ابن عقيل الأدب والنحو ، مات سنة 456هـ (3) .
__________
(1) المنتظم 9 / 212 ، الذيل على طبقات الحنابلة 1 / 142- 143 .
(2) ينظر : المنتظم : 8/ 199 ، معرفة القراء الكبار للذهبي 2/ 791 .
(3) ينظر : تاريخ بغداد 11/ 17 ، البداية والنهاية 12/ 100 .(1/11)
3- أبو الحسين القزويني : وقيل أبو الوفاء (1) ، علي بن عمر بن محمد بن الحسن الحربي ، شيخ ابن عقيل في الزهد (2) ، مات سنة 442هـ (3) .
4- أبو يعلى ابن الفراء : محمد بن الحسين بن خلف بن الفراء البغدادي القاضي شيخ الحنابلة في وقته ، وهو أول من أخذ عنه ابن عقيل الفقه ، مات سنة 458هـ (4) .
5- أبو بكرالخطيب : أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد الخطيب البغدادي الحافظ المحدث المؤرخ ، أحد مشايخ ابن عقيل في الحديث ، مات سنة 463هـ (5) .
6- أبو إسحاق الشيرازي : إبراهيم بن علي بن يوسف بن عبدالله الفيروزآبادي الشافعي ، من مشايخ ابن عقيل في الأصول والمناظرة (6) ، مات سنة 476هـ (7) .
7- أبو الفضل الهمذاني : عبدالملك بن إبراهيم بن أحمد الهمذاني ، كانت له يد طولى في العلوم الشرعية والحساب ، مات سنة 489هـ (8) .
خامساً : تلاميذه :
درَّس ابن عقيل علوماً كثيرة ، وأخذ عنه العلم عدد كبير من أهل العلم من أبرزهم :
1- ابنه أبو الحسن عقيل : قال ابن رجب : ( تفقه على أبيه ، وناظر في الأصول والفروع ) ، مات سنة 510هـ (9) .
2- المغازلي : عمر بن ظفر أبو حفص البغدادي المغازلي ، المقرئ المحدث المشهور ، مات سنة 542هـ (10) ، ذكره ابن رجب فيمن روى عن ابن عقيل الحديث (11) .
__________
(1) ينظر : المنتظم 9/ 212 .
(2) ينظر : الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 143 .
(3) ينظر : سير أعلام النبلاء 17/ 609 ، وذكر أنه أبا الحسن .
(4) ينظر : تاريخ بغداد 2/ 252 ، سير أعلام النبلاء 18/ 89 .
(5) ينظر : تاريخ دمشق 5/ 31 ، البداية والنهاية 12/ 109 .
(6) ينظر : المنتظم 9/ 213 .
(7) ينظر : سير أعلام النبلاء 18/ 453 ، البداية والنهاية 12/ 134 .
(8) ينظر : المنتظم 9/ 100 ، البداية والنهاية 12/ 165 .
(9) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 163 .
(10) معرفة القراء الكبار 2/ 966 ، شذرات الذهب 4/ 131 .
(11) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 155 .(1/12)
3- أبو المعمر الأنصاري (1) : المبارك بن أحمد بن عبدالعزيز الأزجي الأنصاري ، ممن حدث وروى عن ابن عقيل ، مات سنة 549هـ (2) .
4- ابن ناصر : محمد بن ناصر بن محمد السلامي أبو الفضل البغدادي ، كان حافظاً ضابطاً متقناً ، روى عن ابن عقيل ، مات سنة 550هـ (3) .
5- ابن الدجاجي : سعدالله بن نصر بن سعيد أبو الحسن المعروف بابن الدجاجي ، الفقيه الواعظ المقرئ ، وهو راوي كتاب :[ الانتصار لأهل السنة والحديث ] عن ابن عقيل ، مات سنة 564هـ (4) .
سادساً : مكانته العلمية :
عانى ابن عقيل أول حياته من قلة ذات اليد فكان يحاول الكسب لسد حاجته ، يقول عن نفسه : ( وعانيت من الفقر والنسخ بالأجرة ) (5) .
__________
(1) ينظر : الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 155 .
(2) ينظر : سير أعلام النبلاء 20/ 260 ، شذرات الذهب 4/ 154 .
(3) ينظر : سير أعلام النبلاء 20/ 265 ، الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 155 ، 225 .
(4) ينظر : المنتظم 10/ 228 ، الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 302-303 .
(5) المنتظم 9/ 213 ، الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 143 .(1/13)
ولم يستمر هذا بل سخر الله له الشيخ أبا منصور عبدالملك بن يوسف (1) الذي تكفل بمؤونة البحث عن رزقه ؛ ليتفرغ لطلب العلم وتعليمه (2) ، وبالفعل تفرغ ابن عقيل وبدأ في طلب العلم ، وسهل له الطريق كثرة توافر العلماء في بغداد على اختلاف مذاهبهم ، وساعده كذلك ما من الله به عليه من ذكاء مفرط ، وهمة عالية ، وتوفيق بز به أقرانه ، يقول ابن تيمية (3) عنه : ( فإنه من أذكياء العالم ) (4) ، وقال ابن رجب : ( وكان ابن عقيل رحمه الله من أفاضل العالم ، وأذكياء بني آدم ، مفرط الذكاء ، متسع الدائرة في العلوم ) (5) ، فكان في هذا حفظ له من الانشغال بالملهيات والمغريات في هذه الحياة الدنيا ، يقول عن نفسه : ( وعصمني الله تعالى في عنفوان شبابي بأنواع من العصمة ، وقصر محبتي على العلم وأهله ، فما خالطت لعاباً قط ، ولا عاشرت إلا أمثالي من طلبة العلم ) (6) .
__________
(1) هو أبو منصور عبدالملك بن محمد بن يوسف البغدادي، سبط الإمام أبي الحسين أحمد بن عبدالله السوسنجردي وكان يلقب بالشيخ الأجلّ ، مات سنة 460هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 18/ 333 .
(2) ينظر : سير أعلام النبلاء 19/ 447 .
(3) هو أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام الحراني الدمشقي الحنبلي أبو العباس تقي الدين ابن تيمية ، ذكر في الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 185 : أن تصانيفه ربما تزيد على أربعة آلاف كراسة ، له ترجمة في : فوات الوفيات 1/ 35 - 45 ، البداية والنهاية 14/ 135 .
(4) درء تعارض العقل والنقل 8/ 60 .
(5) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 151 .
(6) المنتظم 9/ 213 ، الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 143 .(1/14)
ونال ابن عقيل مكانة علمية عالية عند كثير من علماء عصره على اختلاف مشاربهم ، ولم يكن مقلداً ولا متعصباً لرأي ، وكان يقول : ( الواجب اتباع الدليل ، لا اتباع أحمد ) (1) ، مع أنه تفقه على مذهب أحمد ، قال عنه ابن رجب : ( وله مسائل كثيرة ينفرد بها ، ويخالف فيها المذهب ) (2) .
وكان حريصاً على قضاء وقته بالعلم فظهر أثر هذا في كلامه ومعارفه ؛ يقول ابن الجوزي : ( وأفتى ابن عقيل ، ودرس وناظر الفحول ، واستفتي في الديوان في زمن القائم في زمرة الكبار ، وجمع علم الفروع والأصول وصنف فيها الكتب الكبار ، وكان دائم التشاغل بالعلم ، حتى أني رأيت بخطه : إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة ، وبصري عن مطالعة ، أعملت فكري في حال راحتي ، وأنا مستطرح ، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره ) (3) .
فلما كان منه هذا صار ممن يشار إليهم بالبنان ، يقول السِّلَفي (4) : ( ما رأت عيناي مثل الشيخ أبي الوفاء بن عقيل ؛ ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه لغزارة علمه ، وحسن إيراده ، وبلاغة كلامه ، وقوة حجته ) (5) .
ويقول الذهبي (6) : ( وكان بحر معارف ، وكنز فضائل ،لم يكن له في زمانه نظير ) (7) .
__________
(1) ينظر : الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 157 .
(2) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 157 .
(3) المنتظم 9/ 213 .
(4) هو أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني الجرواني ، أتقن مذهب الشافعي، وجود القرآن بالروايات ، مات سنة 576هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 21/ 5 ، شذرات الذهب 4/ 255 ، الأنساب 3/ 374 .
(5) سير أعلام النبلاء 19/ 446 ، طبقات الداوودي 1/ 422 .
(6) هو أبو عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي الشافعي، من مصنفاته: سير أعلام النبلاء ، معرفة القراء الكبار، مات سنة 748هـ ، له ترجمة في : طبقات الشافعية 3/ 55 ، شذرات الذهب 6/ 154 .
(7) سير أعلام النبلاء 19/ 445 .(1/15)
سابعاً : مصنفاته :
نظراً لاطلاع ابن عقيل الواسع فإنه ترك تصانيف كثيرة في أنواع العلم ، منها :
1- [ الفنون ] وهو أكبر تصانيفه ، قال الذهبي في تاريخه : ( لم يصنف في الدنيا أكبر من هذا الكتاب ، حدثني من رأى منه المجلد الفلاني بعد الأربعمائة ) (1) . قال ابن رجب : ( وهو كتاب كبير جداً ، فيه فوائد كثيرة جليلة ، في الوعظ ، والتفسير ، والفقه، والأصلين ، والنحو، واللغة ، والشعر ، والتاريخ ، والحكايات ، وفيه مناظراته ومجالسه التي وقعت له ، وخواطره ونتائج فكره قيدها فيه ) (2) . وقد وجد منه قطعة في مكتبة باريس وحققها وعلق عليها جورج المقدسي وطبع منه جزءان عام 1389هـ ، وعن هذا الكتاب نُقُول كثيرة في كتب الحنابلة (3) .
2- [ التذكرة في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ] وقد طبع بتحقيق الدكتور ناصر بن سعود السلامة ، ونشرته دار أشبيليا عام 1422هـ .
3- [ الواضح في أصول الفقه ] حقق في رسائل علمية بكلية الشريعة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة ، وطبع بتحقيق الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، ونشرته مؤسسة الرسالة عام 1420هـ .
4- [ الجدل على طريقة الفقهاء ] وقد نشر الكتاب في مجلة الدراسات الشرقية للمعهد الفرنسي بدمشق سنة 1967م بعناية جورج المقدسي ، وطبع أكثر من مرة .
5- [ فصول الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة ] وقد طبع الكتاب بتحقيق الدكتور عبدالسلام بن سالم السحيمي ، وتم نشره من دار البخاري عام 1416هـ .
__________
(1) ينظر : الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 156 .
(2) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 155 .
(3) ينظر : درء تعارض العقل والنقل 8/ 61-68، الفروع 1/ 72 ، 4/ 437، الإنصاف 1/ 59، 3/ 270، شرح منتهى الإرادات 1/ 567، 3/ 358 ، كشاف القناع 1/ 343، 6/ 48، الآداب الشرعية 2/ 321-324 ، الذيل 1/ 159 ، وغيرها .(1/16)
6- [ جزء في الأصول - أصول الدين - مسألة القرآن ] وقد طبع بتحقيق الدكتور سليمان بن عبدالله العمير ويقول عنه : ( وقد ألف ابن عقيل هذا الجزء على مذهب السلف وضمنه الرد على الأشاعرة في مسألة القرآن وهذا التأليف يمثل الجانب المشرق من حياته الذي استهله بإعلان توبته ورجوعه عما كان يعتقده مما هو مخالف لمنهج السلف من مذاهب المبتدعة كالاعتزال وغيره ) (1) .
ثامناً : ابن عقيل والمعتزلة :
كان أصحاب ابن عقيل من الحنابلة ينهونه عن مجالسة المعتزلة (2) ، بل بلغ الأمر أن أهدروا دمه لما رأوا منه كتابة فيها تعظيم المعتزلة سنة 461هـ ، إلى أن أعلن توبته ، بل كتبها بخطه سنة 465هـ ، وشهد عليه جماعة من الشهود والعلماء ، إضافة إلى أنه ألف في الرد عليهم ونقض شبههم بما آتاه الله من العلم والحجة .
__________
(1) ينظر : المقدمة للكتاب ص 4 .
(2) ينظر : سير أعلام النبلاء 19/ 447، والمعتزلة : اسم يطلق على فرقة ظهرت في أوائل القرن الأول الهجري ، وسلكت منهجاً عقلياً متطرفاً في بحث العقائد الإسلامية ، وهم أتباع واصل بن عطاء الذي اعتزل مجلس الحسن البصري رحمه الله ، ومن عقائدهم : أن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين ، وأن الإنسان يخلق فعله ، ونفي الصفات عن الله تعالى ، ينظر : الفصل في الملل والنحل والأهواء 3/ 128 ، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 39 .(1/17)
وإليك نص كلامه ، يقول ابن رجب : ( فمضى ابن عقيل إلى بيت الشريف (1) وصالحه وكتب خطّه : يقول علي بن عقيل بن محمد : إني أبرأ إلى الله تعالى من مذاهب مبتدعة الاعتزال وغيره ، ومن صحبة أربابه ، وتعظيم أصحابه ، والترحم على أسلافهم ، والتكثر بأخلاقهم ، وما كنت علقته ، ووجد بخطي من مذاهبهم وضلالتهم فأنا تائب إلى الله تعالى من كتابته ، ولا تحل كتابته ، ولا قراءته ، ولا اعتقاده ، وإنني علقت مسألة الليل في جملة ذلك ، وإن قوماً قالوا : هو أجساد سود . وقلت : الصحيح ما سمعته من الشيخ أبي علي ، وأنه قال : هو عدم ولا يسمى جسماً ، ولا شيئاً أصلاً ، واعتقدت أنا ذلك ، وأنا تائب إلى الله تعالى منهم . واعتقدت في الحلاج (2) أنه من أهل الدين والزهد والكرامات ، ونصرت ذلك في جزء عملته ، وأنا تائب إلى الله تعالى منه ، وأنه قتل بإجماع علماء عصره، وأصابوا في ذلك ، وأخطأ هو ، ومع ذلك فإني أستغفر الله تعالى ، وأتوب إليه من مخالطة المعتزلة ، والمبتدعة ، وغير ذلك ، والترحم عليهم ، والتعظيم لهم ؛ فإن ذلك كله حرام ، ولا يحل لمسلم فعله ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام " (3) ،
__________
(1) هو عبدالخالق بن عيسى الشريف أبو جعفر الهاشمي العباسي ، مات سنة 470هـ ، له ترجمة في : المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد 2/ 144 ، سير أعلام النبلاء 18/ 423 .
(2) هو الحسين بن منصور بن محمي أبو عبدالله ويقال أبو مغيث المقتول على الزندقة سنة 359هـ بعد أن أباح العلماء دمه ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 14/ 313 ، لسان الميزان 2/ 359 .
(3) أخرجه الطبراني في الأوسط 7/ 35 بلفظ : " من وقر صاحب بدعة ..." (6772) من حديث عبدالله بن بسر وقال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا الحسن بن يحيى الخشني ، وأخرجه ابن عدي في الكامل 2/ 224 ، والذهبي في المجروحين 1/ 235 وقال بأنه باطل ، وينظر : ضعيف الجامع ص 848 (5788) .(1/18)
وقد كان الشريف أبو جعفر ، ومن كان معه من الشيوخ ، والأتباع ، سادتي وإخواني - حرسهم الله تعالى - مصيبين في الإنكار علي ؛ لما شاهدوه بخطي من الكتب التي أبرأ إلى الله تعالى منها ، وأتحقق أني كنت مخطئاً غير مصيب ، ومتى حفظ عليّ ما ينافي هذا الخط وهذا الإقرار ، فلإمام المسلمين مكافأتي على ذلك ، وأشهدت الله وملائكته وأولي العلم على ذلك ، غير مجبر ولا مكره ، وباطني وظاهري - يعلم الله تعالى - في ذلك سواء ، قال الله تعالى : ¼ َفWعWè لَا †Wئ SطYحWچقW~WTت JًS/@ ... %Sم`قTYع SJًJًS/@ ... Wè c¥ےX¥Wئ èS¢ ]z†WحYچTك@ ... (95) " [المائدة:95] ، وكتب يوم الأربعاء عاشر محرم سنة خمس وستين وأربعمائة ) (1) ، وبهذا يتبين رجوع ابن عقيل عما كان عليه أهل الضلال ، وقد ذكر هذه القصة ابن قدامة (2) مسندة ، وبعدها توقيع عدد من الشهود (3) ، ومن تاب تاب الله عليه ، ولله الحمد من قبل ومن بعد .
__________
(1) ينظر : الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 144-145 .
(2) ابن قدامة هو موفق الدين أبو محمد عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي تبحر في علوم كثيرة ومن أشهر مؤلفاته المغني في الفقه ، مات سنة 620هـ ، له ترجمة في : الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 133 ، سير أعلام النبلاء 22/ 165 .
(3) ينظر : تحريم النظر في علم الكلام ص 33 وما بعدها .(1/19)
تاسعاً : وفاته : توفي أبو الوفاء بن عقيل رحمه الله عن ثلاث وثمانين سنة بكرة الجمعة ثاني عشر جمادى الأولى سنة 513هـ وهذا هو الصحيح (1) ، وصُلي عليه في جامعي القصر والمنصور ، وكان الجمع يفوت الإحصاء (2) ، غفر الله له ولجميع المسلمين (3) .
القسم الأول
مصادر ابن عقيل ومنهجه في التفسير
وفيه ثلاثة فصول :
الفصل الأول :
مصادر ابن عقيل في التفسير .
الفصل الثاني :
منهج ابن عقيل في التفسير .
الفصل الثالث :
علوم القرآن عند ابن عقيل .
الفصل الأول
مصادر ابن عقيل في التفسير وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول : مصادر القرآن وعلومه .
المبحث الثاني : مصادر الحديث .
المبحث الثالث : مصادر الفقه .
المبحث الرابع : مصادر العقيدة .
المبحث الأول
مصادر القرآن وعلومه :
__________
(1) رجحه ابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 162 .
(2) ينظر : المنتظم 9/ 215 ، وقال ابن الجوزي : ( يقول شيخنا ابن ناصر : حزرتهم بثلاثمائة ألف ) .
(3) ومن المراجع لترجمته : المنتظم لابن الجوزي 9/ 212، طبقات الحنابلة 2/ 259، الذيل 1/ 142، غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري 1/ 556، معرفة القراء الكبار للذهبي طبقة 12 ص 261 ، المنهج الأحمد 2/ 102 ، الوافي بالوفيات 21/ 326 ، ميزان الاعتدال 2/ 146، سير أعلام النبلاء 19/ 443 ، الكامل في التاريخ 8/ 648 ، الأنساب 4/ 102 ، البداية والنهاية 12/ 199 ، طبقات المفسرين للداوودي 1/ 417 ، شذرات الذهب 4/ 35 ، مناقب الإمام أحمد ص 635 ، المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد 2/ 245 ، وقد بحث حياته بإسهاب الدكتور صالح بن محمد الرشيد في رسالته : ابن عقيل حياته واختياراته الفقهية ، ولذلك كانت الترجمة هنا موجزة .(1/20)
سلك ابن عقيل الطريقة السليمة في تفسير القرآن ؛ فجعل المصدر الأول : تفسير القرآن بالقرآن فإذا لم يكن فبالسنة ثم بأقوال الصحابة والتابعين ثم بالنظر في اللغة ثم بالاجتهاد والاستنباط ، وسيأتي تفصيل هذا أكثر في الفصل التالي .
ومن العلماء الذين ظهر لي أن ابن عقيل استفاد منهم ومن كتبهم في القرآن وعلومه :
1- أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، فقد استفاد منه في مواضع ، ومنها معاني الحروف (1) ، ونص على قوله مما يدل على أنه استفاد منه (2) .
2- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، ولم يشر أنه استفاد منه لكن وجدت له نصوصاً موافقة لما قاله ابن جرير (3) .
3- أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج (4) ، فقد وافقه في كثير من التفاسير (5) ، كما نص ابن عقيل على استقائه من كتابه المعاني (6) .
4- أبو الفتح ابن شيطا ، قال ابن عقيل : ( شيخي في القراءة ابن شيطا ) (7) ، وقد اقتصر عليه في تعداد مشايخه في القراءة ، وكأنه لم يأخذ عن غيره ، وليس الأمر كذلك ، إلا إن كان يريد أنه أكثر من تأثر به ، ولكونه شيخ عصره في هذا العلم ؛ فعده مثالاً لمشايخه في علم القراءة .
5- أبو إسحاق الخراز ، حيث قال ابن الجوزي : ( قال ابن عقيل : كان أبو إسحاق الخراز صالحاً وهو أول من لقنني كتاب الله ...) (8) .
__________
(1) ينظر : تأويل مشكل القرآن ص 298 ، والواضح 1/ 120 .
(2) ينظر : الواضح 3/ 488 .
(3) ينظر : جامع البيان 9/ 358 ، 24/ 614 ، الفنون 1/ 321 ، الواضح 3/ 255 .
(4) وهو إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق الزجاج ، له من التصانيف : معاني القرآن وإعرابه ، مات سنة 311هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 14/ 360 ، طبقات الداوودي 1/ 8 .
(5) ينظر مثلاً : معاني القرآن وإعرابه 2/ 371 ، والتذكرة ص 97 .
(6) ينظر : الواضح 3/ 471 .
(7) الذيل 1/ 142 ، المنتظم 9/ 212 .
(8) تلبيس إبليس ص 152 .(1/21)
6- القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء البغدادي الحنبلي ، وقد نص على أنه من مشايخه في الفقه (1) ، وقد استفاد منه أيضاً في التفسير ، حيث نقل عنه فصلاً بنصه من العدة (2) ، وهو بيان حروف الصفات التي يقوم بعضها مقام بعض (3) .
المبحث الثاني
مصادر الحديث :
اهتم ابن عقيل في تفسير القرآن بالسنة كما سيأتي في منهجه ، واستفاد علم الحديث عن الكثير من حفاظ عصره صرح ببعضهم على سبيل المثال حيث قال : ( وشيخي في الحديث : ابن التّوّزي ، وأبو بكر بن بشران ، والعشارى ، والجوهري ، وغيرهم .. ) (4) .
وممن ظهر لي أن ابن عقيل استفاد منه في التفسير بالسنة عامة من نص عليهم من مشايخه في تأصيل هذا العلم والنهل من منابعه ، ومنهم كذلك :
1- أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي ، صاحب تاريخ بغداد وغيره من المصنفات ، وقد ذكر ابن عقيل أن الخطيب كان من شيوخه (5) والأرجح أنه في الحديث بدليل وصفه بأنه حافظ وقته (6) ، ولا يمنع أن يكون أبو الوفاء تلقى عنه غير الحديث من العلوم .
2- أبو جعفر محمد بن أحمد بن حامد البخاري ، ولم يذكره ابن عقيل من مشايخه ، ولكنه روى عنه في الفنون جملة من الأحاديث منها بضعة عشر حديثاً في موضع واحد (7) ، ولربما يكون عدم ذكره لقلة ما روى عنه ، أو لكون أخذه منه كان متأخراً ؛ لأن أباجعفر لم يمَكَّن من دخول بغداد إلا بعد وفاة أبي منصور بن يوسف سنة 460 هـ الذي منعه من الدخول لما فيه من الاعتزال (8) .
__________
(1) ينظر : المنتظم 9/ 212 ، الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 142- 143 ، الواضح 3/ 461 .
(2) ينظر : العدة 1/ 208 .
(3) ينظر : الواضح 1/ 120 .
(4) المنتظم 9/ 212 ، الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 142- 143 .
(5) ينظر : المنتظم 9/ 213 ، الذيل 1/ 143 .
(6) ينظر : الذيل 1/ 143 .
(7) ينظر : الفنون 1/ 212- 218 ، 1/ 181 .
(8) ينظر : المنتظم 9/ 52 ، والفنون 1/ 199 .(1/22)
3- القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء البغدادي الحنبلي ، وهو شيخه في الفقه ، وقد صرح ابن عقيل أنه شيخه في الحديث حيث قال : ( أخبرنا شيخنا القاضي الإمام أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء بالإجازة وهي عندي عظة مع سماعي منه كثير ما عنده ... ثم ساق الحديث بسنده ) (1) .
4- كما يتأكد لي أن ابن عقيل كان يرجع لكتب الأئمة الستة وقليلاً ما ينص على من خرجه منهم ، فيحيل أحياناً على الصحيحين ، أو على أحدهما (2) .
المبحث الثالث
مصادر الفقه :
برع ابن عقيل في الفقه وأصوله ، وتلقى ذلك عن أئمة زمانه ، قال ابن الجوزي عنه : ( وجمع علوم الأصول والفروع ، وصنف فيها الكتب الكبار ) (3) .
وقد استقى فقهه من الكتاب (4) والسنة (5) وأقوال الصحابة (6) ومذاهب الأئمة ، بعد أن اطلع عليها ، واختار الراجح بالدليل منها - وإن كان ممن تمذهب على مذهب الإمام أحمد وعظمه كما سيأتي في مذهبه - ولذلك يتكرر في كتابه التذكرة أسماء أئمة المذاهب (7) ، وأتباعهم (8) ، لا سيما أتباع الإمام أحمد فقد أكثر النقل عنهم (9) .
ومن العلماء الذين تأثر بهم ابن عقيل في الفقه ونهل من علمهم أكثر من غيرهم :
__________
(1) الفنون 1/ 56 .
(2) ينظر مثلاً : الفنون 1/ 128 ، 2/ 635 .
(3) المنتظم 9/ 213 .
(4) ينظر : التذكرة ص 97 .
(5) ينظر : التذكرة ص 174 .
(6) ينظر : التذكرة 199 .
(7) ينظر على سبيل المثال : التذكرة ص 190 ، 196 ، 200 ، 214 ، 233 .
(8) ينظر : التذكرة ص 200 .
(9) كالخرقي (ت:334) ، وابن حامد (ت:403) ، ينظر : التذكرة 45 ، 56 .(1/23)
1- القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء البغدادي الحنبلي ، وهو أهم شيخ له في الفقه ؛ لأنه لازمه حتى وفاته أكثر من عشر سنين ، وقد بان أثر هذا الشيخ على ابن عقيل في مؤلفاته ، فكثيراً ما أراه يقول في الواضح وغيره : قال شيخنا ، وحكى شيخنا أبو يعلى كذا وكذا (1) ، وأحياناً يطلق وصفه بشيخه دون ذكر اسمه (2) ، وكذا فقد أطال الوصف له حينما عدد مشايخه ، حيث قال : ( وفي الفقه : أبو يعلى ابن الفراء المملوء عقلاً وزهداً وورعاً ، قرأت عليه سنة سبع وأربعين ، ولم أخل بمجالسه وخلوته التي تتسع لحضوري ، والمشي معه ماشياً وفي ركابه إلى أن توفي ، وحظيت من قربه بما لم يحظ به أحد من أصحابه مع حداثة سني ) (3) .
وأحياناً ينقل بالنص أو قريباً من النص من شيخه (4) .
2- أبو محمد رزق الله بن عبدالوهاب بن عبدالعزيز التميمي البغدادي ، فقد نص ابن عقيل أنه من مشايخه حيث يقول : ( ومن مشايخي أبو محمد التميمي كان حسنة العالم ) (5) .
وقال ابن عقيل في كتاب الجدل : ( فصل : الكسر (6) من الأدلة اللازمة على قول أصحابنا وأكثر العلماء ، خلافاً لبعض الشافعية ، واختاره شيخنا أبو محمد التميمي ، والشيخ أبو نصر الصباغ ، وجماعة من الأصوليين ..) (7) ، ولا يبعد أن ابن عقيل استفاد منه في فنون أخرى ، فالتميمي مقرئ محدث فقيه واعظ (8) .
المبحث الرابع
مصادر العقيدة :
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عن ابن عقيل : ( أنه يميل للتجهم ، وآخر عمره إلى السنة المحضة ) (9) .
__________
(1) ينظر : الواضح 3/ 392 .
(2) ينظر : التذكرة ص 56 .
(3) ينظر : الذيل 1/ 142 .
(4) ينظر مثلاُ : العدة 1/ 281 ، والواضح 3/ 19 .
(5) المنتظم 9/ 213 ، الذيل 8/ 143 .
(6) الكسر : هو إبداء الحكمة بدون الحكم ، ينظر : روضة الناظر 2/371 ، الإحكام 3/ 230 .
(7) الجدل ص 65 .
(8) ينظر : المنتظم 9/ 88 .
(9) مجموع الفتاوى 4/ 164 .(1/24)
وقال ابن حجر (1) : ( إنه خالف السلف ، ووافق المعتزلة في عدة بدع ...) إلى أن قال : ( نعم كان معتزلياً ، ثم أشهد على نفسه أنه تاب عن ذلك ، وصحت توبته ، ثم صنف في الرد عليهم ، وقد أثنى عليه أهل عصره ، ومن بعدهم ) (2) .
وقد سبقت الإشارة إلى قصة رجوعه إلى السنة (3) .
إذا تبين هذا فابن عقيل تأثر في أول حياته ببعض من انتسب للاعتزال ومن أشهر مشايخه في هذا :
1- أبو الوليد ، وهو أبو علي محمد بن أحمد بن عبدالله بن الوليد المعتزلي ، نص عليه ابن عقيل حيث يقول : ( وفي الأصول : أبو الوليد ، وأبو القاسم بن التبان ) (4) .
والمصادر تكاد تتفق على أن المراد بأبي الوليد هنا : أبو علي ابن الوليد المعتزلي (5) ، كما قال الذهبي حين ترجم لابن عقيل : ( وأخذ الكلام من أبي علي بن الوليد وأبي القاسم بن التبان صاحب أبي الحسين البصري شيخ المعتزلة ) (6) .
وقال ابن رجب : ( كان أصحابنا ينقمون على ابن عقيل تردده إلى ابن الوليد ، وابن التبان شيخي المعتزلة ، وكان يقرأ عليهما في السر علم الكلام ) (7) .
__________
(1) هو شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي الكناني العسقلاني ثم المصري الشافعي، شارح صحيح البخاري ، وله من المصنفات : الدرر الكامنة ، الإصابة في تمييز أسماء الصحابة وغيرها ، مات سنة 852هـ ، له ترجمة في : طبقات الحفاظ ص 552 ، شذرات الذهب 7/ 270 .
(2) لسان الميزان 4/ 283 .
(3) ينظر : ص 19 .
(4) ينظر : المنتظم 9/ 212 ، الذيل 142 .
(5) ينظر : المنتظم 9/ 20 ، البداية والنهاية 16/ 242 ، لسان الميزان 5/ 65 .
(6) معرفة القراء الكبار 1/ 380 .
(7) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 144 .(1/25)
2- ابن التبان ، وهو علي بن أحمد بن محمد بن أحمد أبو القاسم الوزان ، نص ابن عقيل أنه من شيوخه في الأصول (1) ، ويؤيد هذا النصوص السابقة ، ونقل عنه ابن عقيل في فنونه (2) .
وقد رجع ابن عقيل عن هذا الخطأ وأعلن براءته من مذاهب مبتدعة الاعتزال وغيره ، ومن صحبة أربابه ، وتعظيم أصحابه ، والترحم على أسلافهم ، والتكثر بأخلاقهم (3) .
ونقل شيخ الاسلام عن ابن عقيل قوله في ذم الكلام وأهله : ( فإني أقطع أن الصحابة ماتوا وما عرفوا ذلك - أي الجوهر والعرض - ولا تذاكروه ، فإن رضيت أن تكون مثلهم بإيمان ليس فيه معرفة هذا فكن ، وإن رأيت طريقة المتكلمين اليوم أجود من طريقة أبي بكر وعمر والجماعة فبئس الاعتقاد والرأي ، قال : ثم هذا علم الكلام قد أفضى بأربابه إلى الشكوك وأخرج كثيراً منهم إلى الإلحاد بشم روائح الإلحاد من فلتات كلامهم ) (4) .
ولكن قد يبقى شيئ عالق في الذهن بسبب تأثره السابق بالاعتزال ومشايخه ، ولذا يقول ابن رجب : ( إن أصحابنا كانوا ينقمون على ابن عقيل تردده إلى ابن الوليد وابن التبان شيخي المعتزلة ، وكان يقرأ عليهما في السر علم الكلام ، ويظهر منه في بعض الأحيان نوع انحراف عن السنة ، وتأول لبعض الصفات ، ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات رحمه الله ) (5) .
ثم رجع ابن عقيل بعد توبته إلى عدد من العلماء وأيد أقواله في الصفات بأقوالهم ، حيث يقول : ( ووجدنا رواة أخبار الصفات أئمة المسلمين وصدورهم والمرجوع إليهم في الفتاوى وجميع أمور الإسلام كسفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، والحمادين (6) ، وسفيان
__________
(1) ينظر : المنتظم 9/ 212 ، الذيل 1/ 142 .
(2) ينظر : الفنون 1/ 240 .
(3) ينظر : تحريم النظر في علم الكلام ص 33 ، الذيل 1/ 144 ، ص 19 من هذا البحث .
(4) درء تعارض العقل والنقل 8/ 48 ، وينظر : تلبيس إبليس ص 85 .
(5) الذيل 1/ 144 .
(6) حماد بن سلمة ، وحماد بن زيد .(1/26)
ابن عيينة ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، وعبدالله بن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، والشافعي ، ويحيى بن معين ، وأبي عبيد بن سلام ، والحميدي ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، وإسحاق بن راهوية ، وأبي داود السجستاني ، والبخاري ، ومسلم ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، وعبدالله بن أحمد ، وأبي زرعة الدمشقي ، وأبي عبدالرحمن النسائي ، وأبي عيسى الترمذي ، وإبراهيم الحربي ، وعثمان الدارمي ، والمروذي ، والأثرم ، وأبي بكر بن أبي عاصم ، وابن خزيمة ، وعبدالله بن داود ، وعبدالرحمن بن أبي حاتم ، وأبي بكر الأنباري ، وأبي سليمان البستي ، والدارقطني ، وعبدالله الطبري ، وغير هؤلاء من الحفاظ الأثبات ، هم والله سرج البلاد ونور العباد ) (1) .
وقال ابن عقيل مبيناً ضرر المتكلمين والصوفية على الدين : ( ما على الشريعة أضر من المتكلمين والمتصوفين ، فهؤلاء يفسدون العقول بتوهمات شبهات العقول ، وهؤلاء يفسدون الأعمال ، ويهدمون قوانين الأديان ، وقد خبرت طريق الفريقين: غاية هؤلاء الشك ، وغاية هؤلاء الشطح ، والمتكلمون عندي خير من الصوفية ؛ لأن المتكلمين قد يردون الشك ، والصوفية يوهمون التشبيه والإشكال ، الثقة بالأشخاص ضلال ، ما لله طائفة أجل من قوم حدَّثوا عنه وما أحدثوا ، وعوَّلوا على ما رووا لا على ما رأوا ) (2) .
الفصل الثاني
منهج ابن عقيل في التفسير
وفيه خمسة مباحث :
المبحث الأول : تفسير القرآن بالقرآن .
المبحث الثاني : تفسير القرآن بالسنة .
المبحث الثالث : تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين .
المبحث الرابع : تفسير القرآن باللغة العربية .
المبحث الخامس : تفسير ابن عقيل لآيات الأحكام .
منهج ابن عقيل في التفسير :
__________
(1) جزء في الأصول ص 83 .
(2) الآداب الشرعية 1/ 228 .(1/27)
قبل أن أدخل في الكلام على منهج ابن عقيل رحمه الله تعالى يحسن بي أن أقول : إن كل باحث يريد التعرف على منهج عالم من العلماء في أي علم من العلوم لا بد أن يتوفر له أحد أمرين :
الأمر الأول : أن ينص العالم على منهجه فيقول : شرطي كذا أو طريقتي كذا كالقرطبي (1) وأبي حيان (2) وغيرهما . وهذا غير وارد عندنا مع ابن عقيل ؛ لعدم اكتمال تفسير له ، فضلاً عن أن ينص على منهجه .
الأمر الثاني : أن يكون بين يدي الباحث مادة تكفيه ؛ ليكون استقراؤه كاملاً ، وحكمه دقيقاً في بيان ذلك المنهج ، ومما شاءه الله وقدره أن ما وجدته في التفسير لابن عقيل قليل شحيح ، إذ لا يعدو تفسيره بضع كلمات في السورة الواحدة ، وليس له في كثير من السور تفسير .
وهذا بلا شك مما يشكل عقبة كبيرة أمام استخراج منهج دقيق في تفسيره ، ولكن حسبي بذل جهدي وطاقتي ، وأسأل الله أن لا يكلني إلى أحد سواه .
ولذا فإني سأذكر نبذاً مختصرة في هذا المنهج ، وبما يفتح الله عليّ ، ثم أعقب بذكر الأمثلة التي وقفت عليها من كلام ابن عقيل .
المبحث الأول
تفسير القرآن بالقرآن ، وفيه أربعة مطالب :
المطلب الأول : تخصيص العموم .
المطلب الثاني : تقييد المطلق .
المطلب الثالث : بيان المجمل .
المطلب الرابع : جمع النظائر .
المطلب الأول
تخصيص العموم :
__________
(1) هو أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي المالكي القرطبي ، صنف التفسير المشهور بجامع أحكام القرآن ، التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ، طبقات المفسرين للسيوطي ص 79 ، طبقات الداوودي 2/ 65 ، شذرات الذهب 5/ 235.
(2) هو أبو حيان محمد بن يوسف بن علي الأندلسي ، من مصنفاته : البحر المحيط ، التذييل والتكميل في شرح التسهيل ، مات سنة 745هـ ، له ترجمة في : طبقات الداوودي 2/ 287 ، شذرات الذهب 6/ 145 .(1/28)
العام : هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له ، والتخصيص : هو إخراج بعض ما تناوله العموم (1) .
وتفسير القرآن بالقرآن بجميع أنواعه يُعد من أقوى طرق التفسير وهو المصدر الأول من مصادره إذ لا أحد أعلم بكلام الله من الله ، وقد أجمع العلماء على حسن هذه الطريق ، وعلى أن تفسير القرآن بالقرآن أشرف أنواع التفسير (2) .
وتبدو هذه الطريقة بارزة فيما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية (3) ، وابن كثير (4) .
قال ابن القيم (5) : ( وتفسير القرآن بالقرآن من أبلغ التفاسير ) (6) .
وهي الطريقة التي بنى عليها الشنقيطي (7) كتابه ( أضواء البيان ) (8) .
__________
(1) ينظر : العدة 1/ 155 ، شرح الكوكب المنير 3/ 267 .
(2) ينظر : أضواء البيان 1/ 30 .
(3) ينظر : حاشية مقدمة التفسير ص 106 ، مجموع الفتاوى 15/ 442 ، 16/ 219 .
(4) ينظر : تفسير ابن كثير : المقدمة 1/ 39، وابن كثير : هو الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء الدمشقي الشافعي مات سنة 774هـ ، له ترجمة في : طبقات الداوودي 1/ 111 ، شذرات الذهب 6/ 231 .
(5) هو شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي ثم الدمشقي الحنبلي ، المشهور بابن القيم ، مات سنة 751هـ ، له ترجمة في : ذيل طبقات الحنابلة 2/ 447 ، طبقات الداوودي 2/ 384 ، شذرات الذهب 6/ 167 .
(6) التبيان في أقسام القرآن ص 116 ، وينظر : بدائع التفسير 1/ 79 .
(7) هو محمد الأمين بن محمد المختار بن عبدالقادر الجكني الشنقيطي الموريتاني المالكي الأفريقي ، من مؤلفاته : تفسير أضواء البيان ، ودفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب ، مات سنة 1393هـ ، له ترجمة في : مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة العدد (3) السنة (6) محرم 1394هـ ص 28 وما بعدها .
(8) ينظر : المقدمة 1/ 30 .(1/29)
ولكنه لا يُقطع بصحة التفسير به إلا إذا كان عليه الإجماع ، أو صحت به السنة ، أو صح عن أحد الصحابة ولا مخالف له .
أما ما عداه فلا يجزم بصحته ؛ لأنه اجتهاد من قائله يخطئ فيه ويصيب (1) .
فمن سلك هذه الطريقة في تفسيره ، قلنا : الطريقة التي فسر بها قوية وصحيحة ، ولكن يبقى : هل تنزيله هذه الآية على تلك الآية صحيح أم لا ؟ ، فالمسألة تحتاج إلى تأمل لِلَّهِ .
وقد اهتم ابن عقيل بتفسير القرآن بالقرآن في نواحٍ عدة ، ومنها : تخصيص العموم .
والذي عليه أكثر العلماء : أن ألفاظ القرآن على عمومها حتى يأتي ما يخصصها (2) .
قال الطبري (3) : ( وغير جائز ادعاء خصوص في آية عام ظاهرها إلا بحجة يجب التسليم لها ) (4) .
وقد رجح ابن عقيل أن للعموم صيغة تدل عليه ، وأن بعضاً مما جاء في القرآن عاماً فقد خصص في موضع آخر (5) .
ومن الأمثلة المستنبطة من كلام ابن عقيل على هذه الطريقة ما يلي :
- قوله تعالى : ¼ uüW †WTكWè c-éSTك ISمQWTٹWQO Wس†WحWTت Jg‡WO QWـMX ... ّYق`Tٹ@ ... pفYع ّYص`هVK ... QWـMX ... Wè ًدWں`ئWè SQجW™<ض@ ... ًŒكVK ... Wè SطVر`ڑKV ... WـkYظYرHTW™<ض@ ... (45) " [هود:45] .
__________
(1) ينظر : قواعد التفسير 1/ 109 .
(2) ينظر : قواعد الترجيح عند المفسرين 2/ 527 .
(3) هو الإمام أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري ، إمام المفسرين له التصانيف العظيمة منها تفسير القرآن ، تهذيب الآثار ، وتاريخ الأمم ، وغيرها ، مات سنة 310هـ ، له ترجمة في : طبقات المفسرين للسيوطي ص 82 ، طبقات المفسرين للداوودي 2/ 106 .
(4) جامع البيان 2/ 464 .
(5) ينظر : الواضح 3/ 313 .(1/30)
قال ابن عقيل : ( قوله تعالى : ¼ uüW †WTكWè c-éSTك ISمQWTٹWQO Wس†WحWTت Jg‡WO QWـMX ... ّYق`Tٹ@ ... pفYع ّYص`هVK ... QWـMX ... Wè ًدWں`ئWè SQجW™<ض@ ... " [هود:45] تمسكاً بقوله تعالى : ¼ `ذRصpTھ@†WTت †Wن~Yت " [المؤمنون:27] وقوله : ¼ †WTق<صSTخ `شYظ`ڑ@ ... †fTTTن~Yت فYع QwشS{ Xـ`kTW-`èW¦ gـ`kTWTق<T'@ ... ًذVص`هVK ... Wè " [هود:40] فأجابه الباري سبحانه عن ذلك جواب تخصيص لا جواب نكير عليه ما تعلق به العموم ، فقال : ¼ ISمPVTكMX ... W¨`~TVض pفYع $ًذYص`هVK ... ISمPVTكMX ... eشWظWئ SO`kTWTçئ $wکYصHTW² " [هود:46] ، فدل على أن اللفظة عموم ، ولولا دليل أخرج ابنه من أهله ؛ لكان داخلاً تحت اللفظ اهـ ) (1) .
- قوله تعالى : ¼ ٌŒHTWحPVصً¹Sظ<ض@ ... Wè fغp±PVٹW£WچWTے QWفXنY©SةكKV†Yٹ WàWT'HTTVصWT' &xٍ;èS£Sخ ‚WپWè QSشmïmWYڑ QWفSنVض ـKV ... Wف`ظSچ<رWTے †Wع WجVصW JًS/@ ... ُّYت QWفXنYع†Wڑ`OKV ... ـMX ... QWفRز QWفYع`ëSTے YمPVصض@†Yٹ YzَéW~<ض@ ... Wè &X£TY‚پ@ ... JًفSنSچVضéSإSTٹWè SQجWڑKV ... JًفYهPY W£Yٹ ء ًذYض.V¢ َـMX ... N ... vèS ... WOKV ... &†_™HTVصp²MX ... QWفSنVضWè Sش<'Yع ÷Y،PVض@ ... QWفXن`~VصWئ &gاèS£`إWظ<ض@†Yٹ Xس†W-QX£صYضWè QWفXن`~VصWئ %bàW-WOW SJًJًS/@ ... Wè e¥ےX¥Wئ eط~YرWڑ (228) " [البقرة:228] .
قال ابن عقيل : ( ¼ ٌŒHTWحPVصً¹Sظ<ض@ ... Wè fغp±PVٹW£WچWTے QWفXنY©SةكKV†Yٹ WàWT'HTTVصWT' &xٍ;èS£Sخ " والمراد به كل الحرائر من المطلقات بوائن أو رجعيات ، وقال في آخرها : ¼ JًفSنSچVضéSإSTٹWè SQجWڑKV ... JًفYهPY W£Yٹ " يرجع إلى الرجعيات ، فالأول على عمومه ، والآخر خاص في الرجعيات اهـ ) (2) .
- قوله تعالى : ¼ `طS|PVكMX ... †WعWè fûèSںS‰`إWTژ فYع XûèS JًY/@ ... ٌˆW±Wڑ ًyQWTقWنW- `ySچكKV ... †fTTTTنVض fûèS XO.Wè (98) " [الأنبياء:98] .
__________
(1) الواضح 3/ 314 .
(2) ينظر : الواضح 3/ 433 .(1/31)
قال ابن عقيل : ( لما نزل قوله تعالى : ¼ `طS|PVكMX ... †WعWè fûèSںS‰`إWTژ فYع XûèS JًY/@ ... ٌˆW±Wڑ ًyQWTقWنW- " [الأنبياء:98] قال ابن الزِّبعرى : لأخصمن محمداً ، فجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : قد عُبِدت الملائكة، وعُبِد المسيح ، أفيدخلون النار ؟! فأنزل الله : ¼ QWـMX ... fغTےY،PVض@ ... pŒWحW‰Wھ طSنVض †QWTقYQع uvّWTق`©S™<ض@ ... ًذMXù;HTTVضOèKR ... †WنT`قWئ WـèSںWإ`‰Sع (101) " [الأنبياء:101] ، فاحتج بعموم اللفظ ، ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - تعلقه بذلك ، وأنزل الله سبحانه جواب ذلك ، مما دل على تخصيصٍ ، لا منكراً لتعلقه ، فعلم أن العموم مقتضى هذه الصيغة اهـ ) (1) .
- قوله تعالى : ¼ SàW~Yك ... PV¥ض@ ... ّYك ... PV¥ض@ ... Wè N ... èSںYص`-@†WTت QWشRز xںTYڑ.Wè †WظSن`قYQع WàTWLTْN†Yع x$لWں<صW- ‚WپWè yS{`،SK<†WTژ †WظXنXٹ bàWTت<K ... WO ء XفےY JًY/@ ... ـMX ... َطSچقS{ WـéSقYع`ëSTژ YJً/@†Yٹ Yz`éW~<ض@ ... Wè X$£TY‚پ@ ... `ںWنpTW~<ضWè †WظSنWٹ ... W،Wئ bàWةMXْ:†ً؛ WفYQع WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... (2) " [النور:2] .
قال ابن عقيل : ( فهذه الآية عامة في كل زان وزانية ، قضينا عليها بالآية الخاصة في الإماء وهي قوله تعالى : ¼ َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... ًذYض.V¢ َفWظYض ƒّTTYW ًŒWTقWإ<ض@ ... &`طRرقYع ـKV ... Wè N ... èSOYip±WTژ bO`kTW %`طRرPVض SJًJًS/@ ... Wè cOéSةWTçئ cy~YڑQWO (25) " [النساء:25] اهـ ) (2) .
المطلب الثاني
تقييد المطلق :
المطلق : هو اللفظ المتناول لواحد لا بعينه باعتبار حقيقة شاملة لجنسه ، وتقييده : بأن يلحق به وصف زائد عن الحقيقة الشاملة (3) .
__________
(1) الواضح 3/ 314 .
(2) الواضح 3/ 437 ، 2/ 96 .
(3) ينظر : روضة الناظر 2/ 191 ، شرح الكوكب المنير 3/ 392 .(1/32)
ولم يقل اهتمام العلماء بهذا النوع من تفسير القرآن بالقرآن عما قبله ، وبينهما تق(8) فقد اعتاد أهل الأصول على ذكر المطلق والمقيد عقب العام والخاص لما بينهما من التشابه (1) ، وقد توسع المتقدمون في استعمال العام على المطلق ، والخاص على المقيد والعكس (2) ، ومن ذلك المثال القادم من كلام ابن عقيل .
والأصل بقاء المطلق على إطلاقه ، إلا إذا دل الدليل على تقييده .
قال ابن جزي (3) في وجوه الترجيح : ( العاشر : تقديم الإطلاق على التقييد ، إلا أن يدل دليل على التقييد ) (4) ، فإذا قام الدليل على التقييد وجب حمل المطلق على المقيد .
قال ابن العربي (5) في قوله تعالى : ¼ pŒWعQX£Sڑ SطRر`~VصWئ SàWچT`~Wظ<ض@ ... S×PVںض@ ... Wè " الآية [المائدة:3] :
( اتفق العلماء على أن الدم حرام نجس لا يؤكل ولا ينتفع به ، وقد عينه الله تعالى ههنا مطلقاً ، وعينه في سورة الأنعام (6) مقيداً بالمسفوح ، وحمل العلماء ههنا المطلق على المقيد إجماعاً ) (7) .
ومن الأمثلة المستنبطة من كلام ابن عقيل ما يلي :
__________
(1) ينظر : روضة الناظر 2/ 191 ، إرشاد الفحول 1/ 391 .
(2) أشار إلى ذلك ابن تيمية في مجموع الفتاوى 14/ 101 .
(3) هو أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي، له كتاب: التسهيل لعلوم التنزيل في التفسير ، مات سنة 741هـ ، له ترجمة في : الدرر الكامنة 3/ 356 ، نفح الطيب 3/ 270 .
(4) التسهيل 1/ 13 .
(5) هو أبو بكر محمد بن عبدالله المعروف بابن العربي مات سنة 543هـ ، ينظر في ترجمته : طبقات السيوطي ص 90 ، وطبقات الداوودي 2/ 167 .
(6) أي في قوله تعالى : ¼ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا " [الآية:145] .
(7) أحكام القرآن 1/ 79 .(1/33)
- قوله تعالى : ¼ فWعWè WشWچWTخ †[TقYpعëSع †_TLTTV¹W S£ےX£`™WچWTت xàTTW‰WTخWO xàWقYpعëQSع " [النساء:92] .
قال ابن عقيل : ( قال تعالى : ¼ S£ےX£`™WچWTت xàTTW‰WTخWO $xàWقYpعëQSع " [النساء:92] ، بعد قوله : ¼ S£ےX£`™WچWTت xàTTW‰WTخWO " ، تقييد بالإيمان ، وهو تخصيص في الحقيقة اهـ ) (1) .
- قوله تعالى : ¼ †نQSTےKV†H;TTWTے WفےY،PVض@ ... N ... éSقWع ... ƒٍ ‚Wپ N ... éSTصSچpTحWTژ Wں`~Jً±ض@ ... َطSچكKV ... Wè &c×S£Sڑ فWعWè ISمVصWچWTخ طRرقYع ... _ںQYظWإWTچTQSع cٍ: ... W¥WoWTت SشpTT'TYQع †Wع WشWچWTخ WفYع gyWإPVقض@ ... " [المائدة:95] .
قال ابن عقيل : ( ¼ فWعWè ISمVصWچWTخ طRرقYع ... _ںQYظWإWTچTQSع cٍ: ... W¥WoWTت SشpTT'TYQع †Wع WشWچWTخ WفYع gyWإPVقض@ ... " [المائدة:95] ، ¼ فWعWè `شSچpTحWے †T_TقYpعëSع ... _ںQYظWإWTچQSع ISâSê: ... ƒ¥WToWTت ٌyPVقWنW- ... _ںYصHTWT †WTن~Yت " [النساء:93] كان تقييده بالعمد مقيّدا للحكم بالتقييد ، ونافياً له عما عدم فيه التقييد ، وهو صفة العمد اهـ ) (2) .
المطلب الثالث
بيان المجمل :
المجمل : هو ما لا يكفي وحده في العمل ، والبيان : هو تحويل المشكل واضحاً (3) .
وبين المجمل والعام تقارب في المعنى فالمجمل أحياناً يكون عاماً ، فلا يُضيَّق في استخدام العبارات عند المتقدمين (4) .
وقد برز اهتمام ابن عقيل في ربطه آيات القرآن بعضها ببعض في بيانه للآيات المجملة بآيات أخرى تزيل الإشكال وتبين المراد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( أصح طرق التفسير : أن يفسر القرآن بالقرآن ، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر ، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر ) (5) .
ومن الأمثلة التي ذكرها ابن عقيل :
__________
(1) الواضح 1/ 257 .
(2) الواضح 3/ 272 .
(3) ينظر : روضة الناظر 2/ 42 ، المذكرة في أصول الفقه ص 211 .
(4) ينظر : الفصول في الأصول 1/ 63 .
(5) مقدمة التفسير مع حاشية ابن قاسم ص 106 .(1/34)
- قوله تعالى : ¼ QWـMX ... ÷Y †WT‰Yئ ً¨`~Vض ًذVض `yXن`~VصWئ c&فHTً¹<صSھ uّWةW{Wè ًذQYTٹW£Yٹ ¾"~Y{Wè (65) " [الإسراء:65] .
قال ابن عقيل : ( فَصْلٌ في قوله تعالى : ¼ QWـMX ... ÷Y †fTT‰Yئ ً¨`~VTض ًذVض `طXن`~VصWئ dفHTً¹<صSھ " [الحجر:42] ، ذهب كثير من الوعاظ والقصاص إلى أنها خاصة في صلحاء عباده والأنبياء ، وليس على ما وقع لهم ؛ لأن ظاهر القرآن يشهد بأنه لا سلطان له على الكفار ، حيث قال سبحانه : ¼ Wس†WTخWè SفTًHT¹`~TPVض@ ... †WQظVض ƒّYµSTخ S£`عKKV‚ô@ ... UfûMX ... JًW/@ ... َطS{WںWئWè Wں`ئWè QXجW™<ض@ ... `yRرPRTژںWئWèWè $َطS|SچpTةWTص`VK†WTت †WعWè Wـ†Wز ƒّYض طRر`~VصWئ فYQع \فHTً¹<صSھ " [إبراهيم:22] ، فأقر في آخر الأمر بنفي السلطان تصديقاً لقوله سبحانه في أول الأمر : ¼ QWـMX ... ÷Y †fTT‰Yئ ً¨`~VTض ًذVض `طXن`~VصWئ dفHTً¹<صSھ " [الحجر:42] ، ولأن السلطان الذي نفاه يعم ؛ إذ ليس كل مستجيب له يكون له عليه سلطان ؛ لأن الشيطان يسوّل ويغيّر ، و[يحلف] (1) فيكذب ، ومن كان أمره كذا لم يكُ سلطاناً ، إنما السلطان من أَمَرَ وكَشَف أمْرَه وحرّمه فأُطِيع ، دون أن يدلّس ويلبّس ، فإن من سوّل كان متلصّصاً وخادعاً وغارّاً ، لا سلطاناً اهـ ) (2) .
- قوله تعالى : ¼ †WظPVكXM ... Sک~Y©Wظ<ض@ ... ّW©~Yئ Sف`Tٹ@ ... WطWTےَ£Wع SسéSھWO JًY/@ ... ,ISمSچWظYصW{Wè :†WنHHùTWح<ضVK ... uّVضXM ... WطWTےَ£Wع c-èSOWè $Sم`قTYQع " [النساء:171] .
قال ابن عقيل : ( والذي أزال إشكال قولِه : ¼ c-èSOWè $Sم`قTYQع " وقوله : ¼ ٌŒ`WةWTكWè Yم~Yت فYع ّYڑèQSO " [الحجر:29] ، ¼ WسَéWTخ QXجW™<ض@ ... " [مريم:34] ، ¼ †WظYض ٌŒpTحTVصW Jً$÷WںW~Yٹ " [ص:75] ، قولُه : ¼ UfûMX ... WشW'Wع uّW©~Yئ WںقYئ JًY/@ ... XشW'WظVز $W×W ... ƒٍ " [آل عمران:59] اهـ ) (3) .
المطلب الرابع
جمع النظائر :
__________
(1) في المطبوع : ويخلف ، والمثبت من عندي ؛ لأنه أنسب للسياق .
(2) الفنون 1/ 355 .
(3) الواضح 4/ 7 .(1/35)
اهتم ابن عقيل بجمع النظائر ، وفيه دلالة على ملكة عنده في الحفظ واستحضار الآيات في الموضوع الواحد ، وهذا مما يتميز به العلماء ، وقد سلك هذا المنهج كثير من العلماء كالطبري (1) ، والبغوي (2) ، وابن كثير (3) ، وغيرهم .
وجمع النظائر يوضح الأدلة في الموضوع الواحد مما يجعل المعنى واضحاً والتفسير أدق .
ومن الأمثلة المستنبطة من كلام ابن عقيل ما يلي :
- قوله تعالى : ¼ SلW£Y‚پ@ ... Wè cO`kTW XفWظPYض uّWحPVTژ@ ... ‚WپWè WـéSظVصpہ¹STژ ½"~YچWTت (77) " [النساء:77] .
قال ابن عقيل في قوله تعالى : ¼ ‚WپWè WـéSظVصpہ¹STژ ½"~YچWTت " [النساء:77] ، ¼ ـMX ... Wè Wـ†W{ Wس†fTTTح`'Yع xàTUfTTT‰Wڑ َفYQع ]سW َ£W †WTق`~WTژVK ... %†WنYٹ " [الأنبياء:47] ، ¼ ‚WپWè WـéSظWTص<ہ¹Sے ... _OkYحWTك (124) " [النساء:124] : ( فذكر القليل تنبيهاً على الكثير ، نافياً للظلم عن نفسه سبحانه اهـ ) (4) .
- قوله تعالى : ¼ †QWظWTصWTت QWفW- Yم`~TVصWئ SشT`~TPVض@ ... ... ƒٍWO $†_T‰W{َéTVز Wس†WTخ ... W،HTWه $ّQYTٹWO :†TQWظVصWTت WشWTتVK ... Wس†WTخ :‚Wپ JٌˆYڑRK ... fûkYصYتVK‚ô@ ... (76) " [الأنعام:76] .
قال ابن عقيل : ( ¼ :‚Wپ JٌˆYڑRK ... fûkYصYتVK‚ô@ ... " [الأنعام:76] ، أزال الاشتباه من قوله : ¼ ƒٍ:†W-Wè WذQSTٹًO " [الفجر:22] ، ¼ W×َéTWTے ّYژ<K†WTے " [الأنعام:158] ، ¼ ـKV ... SطSنW~YژK<†WTے JًS/@ ... " [البقرة:210] ، ¼ `èVK ... ƒّYژ<K†WTے ًذQSTٹWO " [الأنعام:158] ، وأنه ليس بالانتقال المشاكل لأفول النجوم اهـ ) (5) .
__________
(1) ينظر : جامع البيان 4/ 178 ، 9/ 114 ، 23/ 468 .
(2) ينظر : معالم التنزيل 1/ 206، 2/ 88 ، والبغوي هو أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي ، من مصنفاته : معالم التنزيل ، مات سنة 516 هـ ، له ترجمة في : طبقات السيوطي ص 38 ، طبقات الداوودي 1/ 161 .
(3) ينظر : تفسير ابن كثير 5/ 2020 ، 8/ 3615 .
(4) الواضح 3/ 259 .
(5) الواضح 4/ 7 .(1/36)
ومما يلاحظ في استدلال ابن عقيل بالقرآن ما يلي :
1- الاهتمام بتفسير القرآن بالقرآن عموماً ، ويظهر ذلك في الأنواع التي مر ذكرها.
2- جمع النظائر ، وعد عدد من الآي التي تحمل معنى واحداً في موضع واحد .
3- الاستشهاد بالقرآن في مواضع كثيرة على المعاني التي يذكرها في التفسير .
4- محاولة الجمع بين الآيات التي ظاهرها التعارض ، وبيان أن بعض الآيات موضح للبعض الآخر .
المبحث الثاني
تفسير القرآن بالسنة ، وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : تخصيص العموم .
المطلب الثاني : تقييد المطلق .
المطلب الثالث : بيان المجمل .
المطلب الأول
تخصيص العموم :
قال تعالى : ¼ :†WTق<ضW¥كKV ... Wè ًذ`~VضMX ... W£T`{PY،ض@ ... WـPXkW‰SچYض X†PVقYصض †Wع WسQX¥STك َطXن`~VضXM ... " [النحل:44] ، بين الله تعالى في هذه الآية أن مهمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيان القرآن؛ والنبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم في أمور التبليغ، ومؤيد بالوحي ، وعلى هذا فيلزمنا الرجوع إلى تفسيره ؛ لأنه لا يمكن الاستغناء عن البيان النبوي ؛ فلا أحد من خلق الله أعلم بمراد الله من رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
قال شيخ الإسلام : ( فإن لم تجده - أي التفسير بالقرآن - فبالسنة ، فإنها شارحة للقرآن ، وموضحة له ) (1) .
وقد نهج ابن عقيل في تفسيره القرآن بالسنة أنواعاً منها : تخصيص عموم القرآن بالسنة .
قال الآلوسي (2) : ( ومذهب الأئمة الأربعة : جواز تخصيص عموم القرآن بالسنة مطلقاً ) (3) .
ومن الأمثلة المستنبطة من كلام ابن عقيل ما يلي :
__________
(1) مقدمة التفسير ص 106 .
(2) هو أبو الوفاء شهاب الدين محمود بن عبدالله الحسيني الآلوسي، شارك في علوم كثيرة ، ومن تصانيفه : روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني ، مات سنة 1270هـ ، له ترجمة في : معجم المؤلفين 12/175 ، الأعلام 8/ 53 .
(3) روح المعاني 18/ 9 .(1/37)
- قوله تعالى : ¼ SثYO†UfTT©ض@ ... Wè SàWTخYO†UfTT©ض@ ... Wè Nv ... éSإV¹<خ@†WTت †WظSنWTےYں`TےVK ... " [المائدة:38] .
قال ابن عقيل : ( خص بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا قطع في ثمر ولا كثر " (1) ) (2) .
- قوله تعالى : ¼ QWشYڑKR ... Wè طRرVض †QWع ƒٍ: ... ƒOWè `طS|Yض.V¢ " [النساء:24] .
استدل بها ابن عقيل على جواز تخصيص الكتاب بالسنة بتخصيص الصحابة لها : بحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها " (3) (4) .
المطلب الثاني
بيان المجمل :
السنة هي المصدر الثاني لتفسير القرآن ، وفي القرآن ما هو مجمل كما سبق فقد جاءت السنة مبينة وموضحة لما يحتاج إلى بيان وإيضاح (5) ، وعند التأمل نجد ابن عقيل جعل السنة بياناً للقرآن في مواضع منها :
- قوله تعالى : ¼ UfغSهéRرY©`عKV†WTت ء géS~ST‰<ض@ ... uّPVچWڑ QWفSنHùPVTتWéWچWے ٌ`éWظ<ض@ ... `èVK ... WشWإmïmً`- JًS/@ ... QWفSنVض ¾"~Y‰fھ (15) " [النساء:15] .
قال ابن عقيل بعدها : ( ثم بين السبيل ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : " قد جعل الله لهن سبيلاً ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " (6) اهـ ) (7) .
- قوله تعالى : ¼ N ... éSTژ ... ƒٍWè ISمPVحWڑ WzَéTWTے -YâY †fTTTT±Wڑ " [الأنعام:141] .
قال ابن عقيل : ( فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المراد به العشر من السَّيْح ، أو نصف العشر من سَقْي الكُلَف ، أو ربع العشر من الأثمان (8) اهـ ) (9) .
__________
(1) سيأتي تخريجه في موضعه .
(2) الواضح 2/ 96 ، 3/ 435 .
(3) سيأتي تخريجه في موضعه .
(4) الواضح 3/ 379 ، 1/ 192 .
(5) ينظر : مقدمة التفسير ص 106 .
(6) سيأتي تخريجه في موضعه .
(7) الواضح 1/ 193 .
(8) سيأتي تخريجه في موضعه .
(9) الواضح 1/ 188 .(1/38)
- قوله تعالى : ¼ ‚WپWè N ... éSTصSچTpTحWTژ f¨pTةPVقض@ ... ّYچPVض@ ... W×QW£Wڑ JًS/@ ... ‚PVپMX ... &QXجW™<ض@†Yٹ " [الأنعام:151] .
قال ابن عقيل : ( بينت السنة المستثنى بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنى بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير نفس " (1) اهـ ) (2) .
المطلب الثالث
الترجيح بالسنة :
السنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع ، وأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - فاصلة ومرجحة بين الأقوال ، ومما يدل على اهتمام ابن عقيل بالسنة أنه يرجح أقواله بالأدلة من السنة النبوية ، ومما يشهد لهذا الأمثلة التالية :
- قوله تعالى : ¼ ‚WپWè N ... éS™YرقWTژ †Wع WکVرWTك طS{Sê:†Wٹ ... ƒٍ fغYQع Yٍ:†W©PYقض@ ... ‚PVپMX ... †Wع `ںTWTخ &ًبVصWھ " [النساء:22] .
قال ابن عقيل في النكاح : ( هو حقيقة في الوطء ؛ بدليل أنه يستعمل في موضع لا يجوز فيه العقد ، مثل قوله : " ملعون ناكح البهيمة " ، " ناكح يده ملعون " (3) ولا عقد وقولهم : أنْكَحْنا الفَرَا فسَنَرى . ثم استعمل في العقد ، فيحرم عليه أن يتزوج من تزوجها أبوه ، وإن لم يوجد منه الوطء اهـ ) (4) .
- قوله تعالى : ¼ ـMX ... َ£YةpTçإWچp©WTژ َطSنVض WـkYإ`‰Wھ _لQW£Wع فWTصWTت W£YةpTçإWTے JًS/@ ... &َطSنVض " [التوبة:80] .
قال ابن عقيل مرجحاً أن للخطاب نفسه معنى هو حجة شرعية بدليل فهم النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا من القرآن حيث قال بعد نزول الآية : ( ... : " والله لأزيدن على السبعين " (5) ، فعقل أن ما زاد على السبعين بخلافها ) (6) .
- قوله تعالى : ¼ ںWحVPض ً‡†PVTژ JًS/@ ... ّVصWئ QXّY‰PVقض@ ... fغTےX£YoHTWنSظ<ض@ ... Wè XO†W±كKKV‚ô@ ... Wè " [التوبة:117] .
__________
(1) سيأتي تخريجه في موضعه .
(2) الواضح 2/ 8 .
(3) سيأتي تخريجهما في موضعه .
(4) الواضح 4/ 50 .
(5) سيأتي تخريجه في موضعه .
(6) الواضح 3/ 269 .(1/39)
قال ابن عقيل : ( فلعمري إنها مزية وحجة في البداية بذكرهم ، لكن ما أراد به الترتيب بدليل أنه قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال يوم بنيان المسجد وهو يحمل اللبن : " لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة " (1) ، ولو عقل منها الترتيب ، لما خالف ترتيب القرآن ) (2) .
ومما يلاحظ في استدلال ابن عقيل بالسنة ما يلي :
1- اهتمامه بأدلة السنة في التفسير وغيره من العلوم .
2- ذكر عدد من الأحاديث في الموضوع الواحد (3) .
3- أنه لا يعزو الحديث لمن أخرجه في الغالب (4) .
4- يذكر في أحيان قليلة صحابي الحديث (5) .
5- ذكره للأحاديث بالمعنى كثير، وأحياناً بالإشارة إلى ما اشتهر به الحديث فقط (6) .
6- أنه يستشهد بالأحاديث الضعيفة دون بيان ضعفها (7) ، ولذلك قال ابن رجب عن ابن عقيل : ( وكان يخونه قلة بضاعته في الحديث ، فلو كان متضلعاً من الحديث والآثار ، ومتوسعاً في علومها لكملت له أدوات الاجتهاد ... ولكن الكمال لله ) (8) ، وقال ضمن ترجمته لابن الجوزي : ( وكان ابن عقيل بارعاً في الكلام ، ولم يكن تام الخبرة بالحديث والآثار ، فلهذا يضطرب في هذا الباب ، وتتلون فيه آراؤه ، وأبو الفرج تابع له في هذا التلون ) (9) .
المبحث الثالث
تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين ، وفيه مطلبان :
المطلب الأول : تخصيص العموم .
المطلب الثاني : دفع موهم التناقض .
المطلب الأول
تخصيص العموم :
__________
(1) سيأتي تخريجه في موضعه .
(2) الواضح 3/ 307 .
(3) ينظر : الواضح 4/ 50 ، 145 .
(4) ينظر : الواضح 1/ 193 .
(5) ينظر : الواضح 3/ 379 .
(6) ينظر : الواضح 2/ 8 ، 4/ 50 .
(7) ينظر : الواضح 4/ 50 .
(8) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 157 .
(9) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 414 .(1/40)
الصحابة - رضي الله عنهم - هم أهل اللسان ، وقد شهدوا التنزيل وعرفوا أحواله ، وأحوال من نزل فيهم القرآن ، وقد زكاهم الله تعالى ورسوله مما يدل على سلامة مقصدهم ، وصحة فهمهم ، وأنهم المرجع بعد الله ورسوله ، ولهذا فالصحابة المصدر الثالث من مصادر التفسير بعد تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة .
قال شيخ الإسلام : ( فإن لم تجده - يعني التفسير في القرآن ولا في السنة - فارجع إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه ، ولما لهم من الفهم التام ، والعلم الصحيح لا سيما كبراؤهم ، كالخلفاء الراشدين ، والأئمة المهديين كابن مسعود وابن عباس ، وإذا لم تجده - يعني فيما تقدم - فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين (1) ، كمجاهد وسعيد بن جبير ... ) (2) .
وقال ابن القيم في قبول تفسير الصحابة : ( لا ريب أن أقوالهم في التفسير أصوب من أقوال من بعدهم ) (3) .
ومن أنواع تفسير الصحابة للقرآن تخصيص عمومه ، وهذا مبني على ما قبله من مصادر الصحابة في التفسير ، فهم يرجعون للقرآن ثم للسنة ثم للغة العربية مع ما لديهم من ملكة الاجتهاد وقوة الاستنباط (4) .
ومن الأمثلة التي استدل بها ابن عقيل على تخصيص الصحابة لعموم القرآن :
- قوله تعالى : ¼ ٌyRر~Y²éSے JًS/@ ... ُّYت $`طS{YںHTVض`èKV ... X£TW{PV،صYض SشpTT'Yع ؟PX¸Wڑ &Xـ`kW~W'كKR‚ô@ ... " [النساء:11] .
__________
(1) ينظر : أعلام الموقعين 4/ 119 .
(2) مقدمة التفسير ص 108 ، وينظر : مجموع الفتاوى 13/ 364 .
(3) أعلام الموقعين 4/ 117 .
(4) ينظر : التفسير والمفسرون 1/ 42 ، فصول في أصول التفسير ص 30 .(1/41)
قال ابن عقيل : ( احتجت فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعموم آية المواريث على أبي بكر الصديق لما منعها ميراث أبيها ، فلم ينكر عليها احتجاجها بالآية ، بل عدل إلى ما رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من دليل التخصيص ، وهو قوله : " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة " (1) ) (2) .
- قوله تعالى : ¼ QWشYڑKR ... Wè طRرVض †QWع ƒٍ: ... ƒOWè `طS|Yض.V¢ " [النساء:24] .
استدل بها ابن عقيل على جواز تخصيص الكتاب بالسنة بتخصيص الصحابة لها : بحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها " (3) (4) .
المطلب الثاني
دفع موهم التناقض :
لما كان الصحابة أقرب الناس إلى فهم التنزيل ، فهم مرجع للعلماء في دفع ما يوهم التناقض بين الآيات .
ومن الأمثلة التي ذكرها ابن عقيل في هذا المعنى ما يلي :
- قوله تعالى : ¼ x،MXùWعَéTW~WTت ‚PVپ SشWLTTp©TSے فWئ ,-YمY‰?TكV¢ t¨كXM ... ‚WپWè Qbـ:†fTT- (39) " [الرحمن:39] ، وقوله تعالى : ¼ ًذYQTٹWOWéWTت `ySنPVTقVصWLTTpT©WTقVض WـkTTYإWظ`-VK ... (92) " [الحجر:92] .
قال ابن عقيل : ( قال ابن عباس : يُسألون في موضع ، ولا يُسألون في موضع ، يعني بذلك اختلاف المقامات ، فإن القيامة ذات مقامات مختلفة ) (5) .
- قوله تعالى : ¼ ‚PVپMX ... uvّVصWئ َطXنY-.WWè`¦VK ... `èVK ... †Wع pŒVرVصWع َطSنSقHTWظ`TےVK ... " [المؤمنون:6] وقوله تعالى : ¼ ـKV ... Wè N ... éSإWظpToWTژ fû`kTWٹ Xـ`kfTTTTچ`RK‚ô@ ... " [النساء:23] .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب فرض الخمس (3094) ، ومسلم في كتاب الجهاد والسير (1758) من حديث عائشة رضي الله عنها .
(2) ينظر : الواضح 3/ 318 ، 379 .
(3) سيأتي تخريجه في موضعه .
(4) الواضح 3/ 379 ، 1/ 192 .
(5) الواضح 3/ 456 .(1/42)
قال ابن عقيل : ( لما اختلف علي وعثمان في الجمع بين الأختين - يعني المملوكتين - ، فقال عثمان : يجوز ، واحتج بعموم قوله : ¼ ‚PVپMX ... uvّVصWئ َطXنY-.WWè`¦VK ... `èVK ... †Wع pŒVرVصWع َطSنSقHTWظ`TےVK ... " [المؤمنون:6] ، وقال : علي : لا يجوز ، واحتج بعموم قوله : ¼ ـKV ... Wè N ... éSإWظpToWTژ fû`kTWٹ Xـ`kfTTTTچ`RK‚ô@ ... " [النساء:23] ) (1) .
ومما يلاحظ في نقل ابن عقيل لأقوال الصحابة والتابعين ما يلي :
1- الاهتمام بالاستدلال بأقوال الصحابة والتابعين ، وبيان شيء مما اختلفوا فيه (2) .
2- نقل بعض المعاني اللغوية في الآيات عن الصحابة (3) .
3- الإشارة إلى تفاسير الصحابة للمسائل الفقهية في القرآن (4) .
4- الإشارة بقلة إلى تفاسير بعض التابعين (5) .
المبحث الرابع
تفسير القرآن باللغة ، وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : اهتمامه بمعاني المفردات ، ومعاني الحروف ، ومرجع الضمائر .
المطلب الثاني : عنايته بالشعر ، وأقوال العرب .
المطلب الثالث : اهتمامه بالأوجه البلاغية ولطائف التفسير .
المطلب الأول
اهتمامه بمعاني المفردات والحروف ، ومرجع الضمائر :
القرآن الكريم نزل بأفصح لغة ، وهي اللغة العربية ، ومن هنا كان من وسائل التفسير عند العلماء الأخذ بما دلت عليه لغة العرب ؛ لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين .
__________
(1) الواضح 3/ 318 .
(2) ينظر : الواضح 3/ 276 ، 318 ، 5/ 316 وما بعدها .
(3) ينظر : الفنون 2/ 482 ، 601 .
(4) ينظر : الواضح 3/ 269 ، 271 .
(5) ينظر : الواضح 4/ 370 ، الفنون 2/ 671 .(1/43)
قال شيخ الإسلام : ( ويُرجَع - يعني : في تفسير القرآن - إلى لغة القرآن ، أو السنة ، أو لغة العرب ، ومن تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعاً فلا حرج عليه ، ويحرم بمجرد الرأي ، وقال ابن عباس : التفسير على أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله ) (1) .
ويلاحظ ملاحظة بيِّنة اهتمام ابن عقيل بمعاني المفردات ومعاني الحروف ومرجع الضمائر ، ولا شك أن هذا من الأهمية بمكان ، وقد أفرد له العلماء مؤلفات مستقلة وهي المسماة : بـ كلمات القرآن ، أو غريب القرآن ونحوها ، وهناك من أفرد لمعاني الحروف أيضاً مؤلفاً (2) ، وبعضهم أفرد لها باباً مستقلاً ضمن مصنفاتهم ، كأهل اللغة (3) ، وأهل الأصول (4) ، وبعض من ألف في القرآن وعلومه (5) ، ولم يغفلها أغلب المفسرين .
وكذلك مرجع الضمير فله أثر كبير في إيضاح المعنى وتيسير الفهم والتدبر ، وقد نال حظاً وافراً من بحوث العلماء ، وبيان القواعد في استعمالاته والترجيح بين احتمالاته (6) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( والمعتني بغريبه - يعني : تفسير القرآن - لا بد له من معرفة الحروف ...) إلى أن قال : ( ومنه : معرفة ما وضع له الضمير ، وما يعود عليه ) (7) .
__________
(1) مقدمة التفسير مع الحاشية ص 116 .
(2) مثل كتاب : رصف المباني في شرح حروف المعاني لأحمد بن عبدالنور المالقي ، وكتاب الجنى الداني في حروف المعاني للحسن بن قاسم المرادي ، وغيرها .
(3) ينظر : مغني اللبيب ص 21 وما بعدها .
(4) ينظر : العدة لأبي يعلى 1/ 208 وما بعدها .
(5) ينظر : تأويل مشكل القرآن ص 278 وما بعدها ، البرهان للزركشي 4/ 175 ، الإتقان 2/ 410 .
(6) ينظر : قواعد الترجيح عند المفسرين 2/ 583 ، قواعد التفسير 1/ 398 .
(7) مقدمة التفسير مع الحاشية ص 143 .(1/44)
وقد أكثر ابن عقيل من هذا - كما سيأتي - مما يدل على تضلعه في اللغة ومعرفته لما دق من المعاني .
ومن الأمثلة المستنبطة من كلام ابن عقيل ما يلي :
- قوله تعالى : ¼ :†WTق`~Wڑ`èVK ... Wè uّVضXM ... uّWھéSع Yم~YVK ... Wè ـKV ... ... ƒٍQWéW‰WTژ †WظRرYعَéWحYض W£p±YظYTٹ †_TTژéS~STٹ N ... éSTصWإ`-@ ... Wè َطS|WژéS~STٹ _àVصT`‰YTخ N ... éSظ~YخKV ... Wè W%لléVصJً±ض@ ... X£PYWTٹWè fûkYقYع`ëSظ<ض@ ... (87) " [يونس:87] .
قال ابن عقيل: ( قبلة : جهة للطاعات ومستقبلاً لله سبحانه في العبادات ) (1) .
- قوله تعالى : ¼ N ... éSTض†WTخ ٌˆ`~TWإSHTWTے †Wع SمWحpTةWTك ... _OkY'TW{ †QWظQYع SسéSحWTژ " [هود:91] .
قال ابن عقيل : ( أي : لا نفهم ) (2) .
- قوله تعالى : ¼ ّVصWئWè JًY/@ ... Sںp±WTخ Xشg~‰TWQ©ض@ ... †Wن`قYعWè c&£MXْ:†TW- " [النحل:9] .
قال ابن عقيل : ( الجور : هو الميل عن الحق ، وتقول العرب : جار السهم ، إذا مال ) (3) .
- قوله تعالى : ¼ <¢MX ... Wè †Wق<صSTخ YàVرMXù;HTTVصWظ<صYض N ... èSںSo`ھ@ ... W×W ‚VKYپ Nv ... èٌںWoW©WTت :‚PVپMX ... ً¨~Yص`TٹMX ... Wـ†Vز WفYع QXفYo<ض@ ... WجW©WةWTت َفWئ X£`عKV ... ,-%YمQYTTٹWO " [الكهف:50] .
قال ابن عقيل : ( يعني : خرج ؛ فهذا حد الفسق أصلاً في اللغة اهـ) (4) .
- قوله تعالى : ¼ WفYعWè XشT`~TPVض@ ... `ںQWoWنWچWTت -YمYٹ ^àTVصYت†WTك ًذVPض uv" [الإسراء:79] .
قال ابن عقيل : ( زيادة في عملك ، وهي في الشرع : ما في فعله ثواب ، ولا يلام تاركه ، وقيل : ما رُغِّب فيه مما لا يقبح تركه اهـ ) (5) .
- قوله تعالى : ¼ ‚WپWè Nv ... éSTصS{<K†WTژ `طSنVض.Wé`عKV ... uvّVضXM ... &`طRرYTض.Wé`عKV ... " [النساء:2] .
قال ابن عقيل : ( أي : مع أموالكم اهـ ) (6) .
__________
(1) الفنون 1/ 283 .
(2) الواضح 1/ 7 .
(3) الواضح 1/ 150 .
(4) الواضح 1/ 148 .
(5) الواضح 1/ 132 .
(6) الواضح 1/ 120 .(1/45)
- قوله تعالى : ¼ †QWعXM ... Wè ًذPVقWےX£STك ً´`إWTٹ ÷Y،PVض@ ... َطSهSںYإWTك `èVK ... ًذQWقWT~PVتWéWچWTك †WTق`~VضXM†WTت `ySنSإY-َ£Wع QWطR' JًS/@ ... dں~XنW® uّVصWئ †Wع WـéSTصWإpTةWTے (46) " [يونس:46] .
قال ابن عقيل : ( ¼ QWطR' JًS/@ ... dں~XنW® " بمعنى: والله شهيد على فعلهم حال فعلهم لا مرتباً على فعلهم ، ويحتمل أن تكون على أصلها للتراخي بكون شهود الباري متراخياً عن وفاته - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإنه قال : ¼ `èVK ... ًذQWقWT~PVتWéWچWTك †WTق`~VضXM†WTت `ySنSإY-َ£Wع QWطR' JًS/@ ... dں~XنW® uّVصWئ †Wع WـéSTصWإpTةWTے (46) " [يونس:46] اهـ ) (1) .
- قوله تعالى : ¼ ISمVTض tŒHTWT‰PYحWإSع ?فYQع Xـ`kTWٹ Yم`TےWںWTے َفYعWè -YمYة<صW ISمWكéٌہ¹Wة`™WTے َفYع X£`عKV ... %JًY/@ ... " [الرعد:11] .
قال ابن عقيل : ( من أمر الله ، مكان بأمر الله ) (2) .
- قوله تعالى : ¼ `yPVضMX†WTت N ... éS‰~YoWTچ`©WTے `طRرVض Nv ... éSظVص`ئ@†WTت :†WظPVTكKV ... WسX¥كKR ... Xط<صTYإYٹ JًY/@ ... " [هود:14] .
قال ابن عقيل : ( أي : أنزل من علم الله اهـ ) (3) .
- قوله تعالى : ¼ QWـKV†Yٹ ًذQWTٹWO uّWڑ`èVK ... †WنVض (5) " [الزلزلة:5] .
قال ابن عقيل : ( يعني : إليها اهـ ) (4) .
- قوله تعالى : ¼ †PVعKV ... Wè ٌyHTVصSçإ<ض@ ... Wـ†VرWTت Sâً ... éWTٹKV ... Xـ`kWقYع`ëSع :†Wق~YWWTت ـKV ... †WظSنWحYهَ£STے †_TقHTW~<çإR؛ ... _£TTpTةS{Wè (80) " [الكهف:80] .
قال ابن عقيل : ( ¼ :†Wق~YWWTت " [الكهف:80] يرجع إلى الخضر ، وأنه لما اطلع على ما يكون منه ، خشي أن يبلغ فيكفر ، ويكفِّر أبويه ) (5) .
- قوله تعالى : ¼ لَا ISè ... W Wè WفHTWظ`~VصSھWè <¢XM ... Xـ†WظS|`ًmïmڑ ء g َ£W™<ض@ ... <¢XM ... pŒWWةWTك Yم~Yت SطWقWçئ Yz`éWح<ض@ ... †QWTقS{Wè َطXنYظ<رS™Yض fغTےYںXنHTW® (78) " [الأنبياء:78] .
__________
(1) الواضح 1/ 116 ، 3/ 302 .
(2) الواضح 1/ 122 .
(3) الواضح 1/ 122 .
(4) الواضح 1/ 122 .
(5) الواضح 2/ 381 .(1/46)
قال ابن عقيل : ( إنما أراد به : حكم الأنبياء كلهم ، ويحتمل : أنه أراد داود وسليمان والمحكوم له اهـ ) (1) .
- قوله تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè WـéSعَ£WTے YŒHTWقTTW±`™Sظ<ض@ ... QWطR' `yVض N ... éSTژ<K†WTے YàWإWTٹ`OVK†Yٹ ƒٍ: ... WںWنS® `ySهèSںYص`-@†WTت WـkYقHTWظV' ^لWں<صW- ‚WپWè N ... éSTصW‰<حWTژ َطSنVض ZلWںTHTWنW® & ... _ںTWTٹKV ... ًذMXù;HTTVضOèKR ... Wè SطSه WـéSحY©HTVة<ض@ ... (4) ‚PVپMX ... WفےY،PVض@ ... N ... éSTٹ†WTژ " [النور:4-5] .
قال ابن عقيل : ( الاستثناء يعود إلى جميعها ، فكأنه يقول بمقتضى الظاهر : فلا تجلدوهم ، واقبلوا شهادتهم ، ولا تفسقوهم إلا أن الحد استوفي بدليل انفرد به ) (2) .
- قوله تعالى : ¼ Wس†WTخ J$ً"Vز †WT‰Wه<¢@†WTت $:†WقYچHTWTے†WLTTYٹ †PVكXM ... طRرWإWع WـéSإYظWTچ`©QSع (15) " [الشعراء:15] .
قال ابن عقيل: ( المراد بها : موسى وهارون وفرعون ، مستمعون ما تقولا ويقال لكما ) (3) .
- قوله تعالى : ¼ :†QWظVصWTت †WTكéSةWھ ... ƒٍ †WTق`ظWحWچك@ ... `ySن`قYع `طSنHTWTق<TخW£<çئKV†WTت fûkTYإWظ`-VK ... (55) " [الزخرف:55] .
قال ابن عقيل : (قوله : ¼ †WTكéSةWھ ... ƒٍ " [الزخرف:55] يرجع إلى موسى بدليل قوله: ¼ †QWظVضWè WؤW-WO uvّWھéSع uّVضXM ... -YمYع`éWTخ WفHTW‰pµWTçئ †_TةYھKV ... " [الأعراف:150] اهـ ) (4) .
المطلب الثاني
عنايته بالشعر وأقوال العرب :
ظهرت عناية ابن عقيل باللغة العربية من جوانب منها : الاستشهاد بالشعر العربي ، ونقل أقوال العرب من أمثال ونحوها .
__________
(1) الواضح 3/ 430 .
(2) الواضح 3/ 490 ، وينظر : الفنون 2/ 573 .
(3) الواضح 3/ 430 .
(4) الواضح 2/ 381 .(1/47)
قال الزركشي (1) : ( الثالث : - يعني لطالب التفسير - الأخذ بمطلق اللغة ؛ فإن القرآن نزل بلسان عربي مبين ، وقد ذكره جماعة ، ونص عليه أحمد بن حنبل في مواضع ، لكن نقل الفضل بن زياد عنه : وقد سئل عن القرآن تمثل له رجل ببيت من الشعر ؟ فقال : ما يعجبني ، فقيل : ظاهره المنع ، ولهذا قال بعضهم في جواز تفسير القرآن بمقتضى اللغة : روايتان عن احمد ، وقيل : الكراهة تحمل على من يصرف الآية عن ظاهرها إلى معان خارجة محتملة يدل عليها القليل من كلام العرب ، ولا يوجد غالباً إلا في الشعر ونحوه ، ويكون المتبادر خلافها ) (2) .
ومن الأمثلة المستنبطة من كلام ابن عقيل ما يلي :
- قوله تعالى : ¼ لِلَّهِ ً¨`~TPVض QWOYi<ض@ ... ـKV ... N ... éPRضWéSTژ َطRرWهéS-Sè WشW‰Yخ gثX£pTWظ<ض@ ... g‡X£pTTçإWظ<ض@ ... Wè QWفYرHTVضWè QWOYi<ض@ ... َفWع WفWع ... ƒٍ YJً/@†Yٹ " [البقرة:177] .
قال ابن عقيل : ( رجل عدل ورضاً ، بمعنى : عادل ومرضي ، كما أنشدونا :
تَرْعَى إذا غَفَلت حتَّى إذا ادَّكَرَتْ فإنَّما هيَ إقْبالٌ وإدْبارُ (3)
__________
(1) هو أبو عبدالله بدر الدين محمد بن بهادر المصري الزركشي الشافعي، فقيه ، أصولي ، محدث ، أديب ، من تصانيفه : البرهان في علوم القرآن ، مات سنة 794هـ ، له ترجمة في : الدرر الكامنة 3/ 397 ، شذرات الذهب 6/ 335 .
(2) البرهان 2/ 160 .
(3) هذا البيت للخنساء ضمن قصيدة ترثي بها أخاها صخراً، وهو في وصف ناقة ثكلت ولدها، وروايته في الديوان : تَرتعُ ما رتَعَتْ حتَّى إذا ادَّكَرَتْ فَإنَّما هيَ إقْبَالٌ وإدْبارُ ، يعني : لا تنفك تقبل وتدبر ، كأنها خلقت منهما ، ينظر : ديوانها : ص 39 .(1/48)
يعنون : فإنما هي مقبلة مدبرة ، قال سبحانه : ¼ لِلَّهِ ً¨`~TPVض QWOYi<ض@ ... ـKV ... N ... éPRضWéSTژ َطRرWهéS-Sè WشW‰Yخ gثX£pTWظ<ض@ ... g‡X£pTTçإWظ<ض@ ... Wè QWفYرHTVضWè QWOYi<ض@ ... َفWع WفWع ... ƒٍ YJً/@†Yٹ " [البقرة:177] والمراد به : البار ، أو البر بر من آمن بالله اهـ ) (1) .
- قوله تعالى : ¼ †QWعXM ... Wè ًذPVقWےX£STك ً´`إWTٹ ÷Y،PVض@ ... َطSهSںYإWTك `èVK ... ًذQWقWT~PVتWéWچWTك †WTق`~VضXM†WTت `ySنSإY-َ£Wع QWطR' JًS/@ ... dں~XنW® uّVصWئ †Wع WـéSTصWإpTةWTے (46) " [يونس:46] .
قال ابن عقيل : ( قال الله سبحانه : ¼ †WTق`~VضXM†WTت `ySنSإY-َ£Wع QWطR' JًS/@ ... dں~XنW® uّVصWئ †Wع WـéSTصWإpTةWTے (46) " [يونس:46] ، والمراد : والله شهيد ، إذ شهادة الله لا يتقدمها شيء ، فتترتب عليه ، وقال الشاعر :
كَهَزِّ الرُّدَينِيِّ تَحتَ العَجاجِ جَرى في الأنَابيبِ ثم اضطَرب (2)
ومعلوم أن الاضطراب لا يتأخر عن الاهتزاز، ولا يترتب عليه، وإنما أراد به:واضطرب ) (3) .
- قوله تعالى : ¼ ‚WپWè N ... éS™YرقWTژ †Wع WکVرWTك طS{Sê:†Wٹ ... ƒٍ fغYQع Yٍ:†W©PYقض@ ... " [النساء:22] .
__________
(1) ينظر : الواضح 1/ 207 .
(2) هذا البيت لأبي دؤاد الإيادي ضمن قصيدة يصف فيها فرسه ، وقوله : الرديني ، قال ابن منظور : ( والرمح الرديني : زعموا أنه منسوب إلى امرأة السمهري ، تسمى ردينة ، وكانا يقوّمان القنا بخط هجر ) ينظر : لسان العرب 13/ 178 ، والمعنى أنه متى جرى الهز في أنابيب الرمح يعقبه الاضطراب دون تراخ ، ينظر البيت في : مغني اللبيب ص 127 .
(3) الواضح 3/ 302 .(1/49)
قال ابن عقيل : ( ¼ ‚WپWè N ... éS™YرقWTژ †Wع WکVرWTك طS{Sê:†Wٹ ... ƒٍ fغYQع Yٍ:†W©PYقض@ ... " ، هو حقيقة في الوطء ؛ بدليل أنه يستعمل في موضع لا يجوز فيه العقد ، مثل قوله : " ملعون ناكح البهيمة " ، " ناكح يده ملعون " (1) ولا عقد وقولهم : أنْكَحْنا الفَرَا فسَنَرى . ثم استعمل في العقد ، فيحرم عليه أن يتزوج من تزوجها أبوه ، وإن لم يوجد منه الوطء اهـ ) (2) .
- قوله تعالى : ¼ ّVصWئWè JًY/@ ... Sںp±WTخ Xشg~‰TWQ©ض@ ... †Wن`قYعWè c&£MXْ:†TW- " [النحل:9] .
قال ابن عقيل : ( الجور هو الميل عن الحق ، ومنه قوله سبحانه : ¼ ّVصWئWè JًY/@ ... Sںp±WTخ Xشg~‰TWQ©ض@ ... †Wن`قYعWè c&£MXْ:†TW- " ، وتقول العرب : جار السهم ، إذا مال اهـ ) (3) .
- قوله تعالى : ¼ †Wچ<صYز Xـ`kTWTچPVقWo<ض@ ... pŒWTژ ... ƒٍ †WنVصS{KR ... `yVضWè yYص<ہ¹WTژ Sم`قTPYع &†_LTT`~TW® " [الكهف:33] .
قال ابن عقيل : ( والظلم هو الانتقاص قال سبحانه : ¼ `yVضWè yYص<ہ¹WTژ Sم`قTPYع &†_LTT`~TW® " ، وتقول العرب : من أشبه أباه فما ظلم ، أي : ما انتقص من حق الشبه ، ومن قال : إنه وضع الشيء في غير موضعه ، فما خرج بهذا عن الانتقاص اهـ ) (4) .
المطلب الثالث
اهتمامه بالأوجه البلاغية ولطائف التفسير :
من أوجه إعجاز القرآن بلاغته التي وصلت إلى مرتبة لم يعهد لها مثيل (5) .
ومن الأمثلة المستنبطة من كلام ابن عقيل ما يلي :
- قوله تعالى : ¼ fûéSةYصmïm`ًڑ YJً/@†Yٹ َطRرVض َطS{éS`OSkYض SJًJًS/@ ... Wè ,ISمRضéSھWOWè SQجWڑKV ... ـKV ... SâéS¶َ£STے ـMX ... N ... éSTك†W{ fûkYقYع`ëSع (62) " [التوبة:62] .
__________
(1) سيأتي تخريجهما في موضعه .
(2) الواضح 4/ 50 .
(3) الواضح 1/ 150 .
(4) الواضح 1/ 151 .
(5) ينظر : إعجاز القرآن للباقلاني ص 30 وما بعدها .(1/50)
قال ابن عقيل : ( ¼ SJًJًS/@ ... Wè ,ISمRضéSھWOWè SQجWڑKV ... ـKV ... SâéS¶َ£STے " ولم يقل يرضوهما وطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ذكره الله في كتابه ، وهاء الكناية في التثنية والجمع أبلغ من الجمع بالواو اهـ ) (1) .
- قوله سبحانه : ¼ WشWW Wè SمWإWع Wف`oQY©ض@ ... $Xـ†W~WچWTت Wس†WTخ :†WظSهSںWڑVK ... ُّYPTكMX ... ُّYقHTْWOVK ... S£g±`ئVK ... $ ... _£`ظW Wس†WTخWè S£W‚پ@ ... ُّYPTكMX ... ُّYقHTْWOVK ... SشYظ`ڑVK ... ًث`éWTت ّYھ<K ... WO ... _¦`iTS ٌشS{K<†Wژ SO`kJً¹ض@ ... $Sم`قYع †WقT`LùTQY‰WTك ,-$YمYصےXè<K†WچYٹ †PVكXM ... ًذHTْW£WTك WفYع WـkYقY©`™Sظ<ض@ ... (36) " [يوسف:36] .
قال ابن عقيل : ( ¼ ُّYPTكMX ... ُّYقHTْWOVK ... S£g±`ئVK ... $ ... _£`ظW " يريد به ما يصير خمراً ، وإنما يعصر عصيراً ) (2) .
- قوله تعالى : ¼ `èVK ... SطSTچ`©WظHTTVض ƒٍ:†W©PYقض@ ... " [النساء:43] .
قال ابن عقيل : ( حقيقة في اللمس ، إلا أنه يطلق على الجماع مجازاً؛ فيحمل عليهما جميعاً، ويوجب الوضوء منهما جميعاً ، فنقول : كل معنيين جاز إرادتهما بلفظ يصلح لهما فهما كالمعنيين المتفقين اهـ ) (3) .
- قوله تعالى : ¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... ّYچPVض@ ... †QWقTS{ †Wن~Yت WOkYإ<ض@ ... Wè ُّXچPVض@ ... †WTق<صW‰pTTخVK ... $†Wن~Yت †PVكMX ... Wè WـéSTخYںHTW±Vض (82) " [يوسف:82] .
قال ابن عقيل : ( ¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... " معناه : سل أهل ، فحذف أهلها المراد سؤالهم ، وأقام القرية اهـ ) (4) .
- قوله تعالى : ¼ fغTےX£YoHTWنSظ<ض@ ... Wè XO†W±كKKV‚ô@ ... Wè " [التوبة:117] .
__________
(1) الواضح 3/ 305 .
(2) الواضح 2/ 385 .
(3) الواضح 4/ 51 .
(4) الواضح 2/ 385 .(1/51)
قال ابن عقيل : ( فلعمري إنها مزية وحجة في البداية بذكرهم ، لكن ما أراد به الترتيب بدليل أنه قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال يوم بنيان المسجد وهو يحمل اللبن : " لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة " (1) ، ولو عقل منها الترتيب ، لما خالف ترتيب القرآن ) (2) .
- قوله تعالى : ¼ †WنHTWTق`ظQWنWةWTت &WفHTWظ`~VصSھ " [الأنبياء:79] .
قال ابن عقيل : ( وتخصيص سليمان بالفهم دلالة على أحد أمرين : إما بالسلب للفهم في حق داود، أو إصابة الحق بفهمه دون داود ، وإلا سقطت فائدة التخصيص بالتفهيم ) (3) .
- قوله تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè ‚Wپ WـéSئ`ںWTے WؤWع JًY/@ ... †_نHTVضXM ... W£W ... ƒٍ ‚WپWè WـéRصTSچpTحWTے W¨TpTةQWTقض@ ... ّYچPVض@ ... W×QW£Wڑ JًS/@ ... ‚PVپMX ... XJجW™<ض@†YTٹ ‚WپWè &fûéSTكَ¥WTے فWعWè `شWإpTةWTے WذYض.V¢ Wج<صWTے †_ع†WT'VK ... (68) pبWإHTWµSTے SمVTض ٌ‡ ... ً،Wإ<ض@ ... W×َéWTے YàWظHTW~Yح<ض@ ... pںTRص`mïmًWè -Yم~YTت †[Tك†fTTنTSع (69) " [الفرقان:68-69] .
قال ابن عقيل : ( فظاهر هذه الآية مقابلة ما ذكره من العقاب في مقابلة ما عدَّدَه من الذنوب والجرائم ، لا سيما مع قوله : ¼ pبWإHTWµSTے SمVTض " ، فذكر المضاعفة إنما وقع لمكان مضاعفة جرائمهم جريمة بعد جريمة ؛ لأن قوله : ¼ فWعWè `شWإpTةWTے WذYض.V¢ " يعود إلى الجمل المتقدمة كلها ، وما ذكر المضاعفة إلا مقابلة اهـ ) (4) .
- قوله تعالى : ¼ W×َéWTے uّWظmïmٌ`ڑ †Wن`~VصWئ ء YO†WTك ًyPVقWنW- uüWé<رSچWTت †WنYٹ َطSنSه†W‰Y- َطSنSٹéSقS-Wè $َطSهSOéSنٌہ؛Wè ... V،HTWه †Wع َطSTژ`¥WقW{ `yRرY©SةكVK‚Yپ N ... éSTخèS،WTت †Wع َطSچقRز fûèS¥Yق<رWTژ " [التوبة:35] .
__________
(1) سيأتي تخريجه في موضعه .
(2) الواضح 3/ 307 .
(3) الواضح 5/ 358 .
(4) الواضح 3/ 134 .(1/52)
قال ابن عقيل : ( لأن الجبهة تنزوي بالتعبيس في وجه الفقير، والجنب يلوى به عن الفقير ، والظهر يُستدبر به الفقير ، ولكل عضو من هجران الحقوق حظ ؛ فله من الوعيد مثله ) (1) .
ومما يلاحظ في تفسير ابن عقيل باللغة ما يلي :
1- تضلعه في اللغة العربية في عامة أبوابها ، ويتبين هذا من خلال اهتمامه بمعاني الكلمات ، ومعاني الحروف ، ومرجع الضمائر ، ونحوها .
2- احتجاجه بلغة العرب في الترجيح ، فيقول مثلاً : ( وعلى هذا لغة العرب ، لا نعرف سوى ذلك ) (2) .
3- ذكر الأوجه البلاغية في الآيات ، والترجيح بقوله مثلاً : ( واستعمال كذا أبلغ من كذا ) (3) .
4- الإشارة إلى بعض لطائف التفسير ، والوعظ من خلال التفسير (4) .
5- النقل عن أئمة اللغة ، أو الإشارة إلى أقوالهم (5) .
6- لفت النظر إلى فهم خاطئ لبعض الآيات ، وبيان المعنى الصحيح لها (6) .
7- دقة عباراته مع اختصارها وقوة الأسلوب .
المبحث الخامس
تفسيره لآيات الأحكام، وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول : مذهبه الفقهي .
المطلب الثاني : نقله للإجماع .
المطلب الثالث : اهتمامه بالقياس .
المطلب الرابع : منهجه في الاستنباط .
المطلب الأول
مذهبه الفقهي :
تفقه ابن عقيل على مذهب الإمام أحمد ، وهذا هو ما اتفقت عليه كتب التراجم ، حيث نُسب إلى الحنابلة (7) . يقول ابن عقيل : ( وشيخي في الفقه : القاضي أبو يعلى ) (8) ، وهو شيخ الحنابلة في وقته ، وأول من أخذ عنه ابن عقيل الفقه (9) .
__________
(1) الفنون 2/ 478 .
(2) ينظر : الواضح 3/ 272 .
(3) ينظر : الواضح 3/ 305 .
(4) ينظر : الفنون 2/ 478 .
(5) ينظر : الواضح 3/ 488 .
(6) ينظر : الفنون 1/ 355 .
(7) ينظر : المنتظم لابن الجوزي 9/ 212 ، سير أعلام النبلاء 19/ 443 .
(8) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 142 .
(9) ينظر : تاريخ بغداد 17/ 609 ، سير أعلام النبلاء 18/ 89 .(1/53)
قال ابن رجب : ( وكان ابن عقيل كثير التعظيم للإمام أحمد وأصحابه ، والرد على مخالفيهم ) (1) .
وقال ابن عقيل لما اتُّهِم الحنابلة بالتجسيم : ( ينبغي لهؤلاء الجماعة أن يسألوا عن صاحبنا ؟ فإذا أجمعوا على حفظه لأخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله ، إلا ما كان للرأي فيه مدخل من الحوادث الفقهية ، فنحن على مذهب ذلك الرجل الذي أجمعوا على تعديله ، على أنهم على مذهب قوم أجمعنا على سلامتهم من البدعة ، فإن وافقوا على أننا على مذهبه فقد أجمعوا على سلامتنا معه ؛ لأن متبع السليم سليم ) (2) .
بل إن ابن عقيل من كبار أئمة الحنابلة وأقواله وترجيحاته معتبرة في المذهب الحنبلي .
ومع قوة حب ابن عقيل لمذهبه ، وتعظيمه لإمامه وأصحابه ، إلا أنه يتكلم كثيراً بلسان الاجتهاد والترجيح واتباع الدليل الذي يظهر له ، ويقول : ( الواجب اتباع الدليل لا اتباع أحمد ) (3) . ويقول ابن رجب : ( وله مسائل كثيرة ينفرد بها ، ويخالف فيها المذهب ) (4) .
وقال ابن عقيل : ( إنما المذهب ما نصره دليله ) (5) .
المطلب الثاني
نقله للإجماع :
الإجماع : هو اتفاق علماء العصر من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على أمر من أمور الدين (6) .
ولا ريب أن نقل الإجماع لا يكون إلا ممن تضلع في العلم واستقرأ وتتبع أقوال العلماء ، وقد كان لابن عقيل نصيب من هذا النقل ، ومن الأمثلة على هذا ما يلي :
- قوله تعالى : ¼ Wس†WTخ †Wع ًذWإWقWع ‚PVپKV ... ًںSo`©WTژ <¢XM ... $ًذSTژp£TWعKV ... Wس†WTخ h†WTكKV ... cO`kTW Sم`قTYQع ّYقWTpچحVصW فYع xO†PVTك ISمWTpچحVصWWè فYع xـkY؛ (12) " [الأعراف:12] .
__________
(1) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 156 .
(2) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 150 .
(3) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 157 .
(4) ينظر : ذيل طبقات الحنابلة 1/ 157 ، فقد ذكر عدداً من المسائل التي تفرد بها .
(5) الفنون 1/ 237 .
(6) ينظر : روضة الناظر 1/ 331 .(1/54)
قال ابن عقيل : ( فأثبت أمره له بالسجود ، ولم يقع منه السجود ، وقد أجمع المسلمون على أنه عالم بامتناعه قبل وقوع الامتناع منه اهـ ) (1) .
- قوله تعالى : ¼ N ... éSTصYچHTWTخ WفےY،PVض@ ... ‚Wپ fûéSقYع`ëSTے JًY/@†Yٹ ‚WپWè YzَéW~<ض@†Yٹ X£Y‚پ@ ... ‚WپWè WـéSعQX£WT™STے †Wع W×QW£Wڑ JًS/@ ... ISمSTضéSھWOWè ‚WپWè fûéSقےYںWTے WفےY QXجW™<ض@ ... WفYع fغTےY،PVض@ ... N ... éSTژèRK ... ًˆHTWTچY|<ض@ ... uّPVچWڑ N ... éٌ¹`إSTے WàWTے`¥Yo<ض@ ... فWئ xںWے َطSهWè fûèS£YçإHTW² (29) " [التوبة:29] .
قال ابن عقيل : ( يعني : حتى يبذلوها ، وينزلوا على حكمنا فيها ؛ للإجماع بأن السيف يرتفع عنهم قبل العطاء وبعد الإلزام اهـ ) (2) .
- قوله تعالى : ¼ ... W¢XM ... Wè َطSچ<صVصWڑ &N ... èS †ً¹p²@†WTت " [المائدة:2] ، ¼ ... V¢MX†WTت gŒW~YµSTخ SلléVصJً±ض@ ... N ... èS£YWچك@†WTت " [الجمعة:10].
قال ابن عقيل : ( وذلك لا يعطي عندي مذهباً في مسألتنا (3) ؛ لأن المختلفين في هذه المسألة مجمعون على أن هذه الآيات للإباحة والإطلاقِ بحسب دلالة الإجماع اهـ ) (4) .
- قوله تعالى : ¼ ـMX ... Wè QWفRز gŒHTVضOèRK ... wش`ًr N ... éSحYةكVK†WTت QWفXن`~VصWئ uّPVچWڑ Wف`إWµWTے &QWفSنVصً`r " [الطلاق:6] .
قال ابن عقيل : ( اقتضى ذلك أن البوائن الحوامل لا نفقة عليهن ، وعلى هذا لغة العرب لا نعرف سوى ذلك اهـ ) (5) .
- قوله تعالى : ¼ فWعWè gجYخ†TWSے WسéSھQW£ض@ ... ?فYع Yں`إWTٹ †Wع WـPVkW‰WTژ SمVض uüWںSن<ض@ ... `ؤTY‰QWچWTےWè WO`kTWTçئ Xش~Y‰fTTھ WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... -YمPYضWéSTك †Wع uّPVضWéWTژ -YمYصTp±STكWè $WطPVقWنW- pƒٍ:†WھWè ... [OkY±Wع " [النساء:115] .
__________
(1) الواضح 3/ 188 .
(2) التذكرة ص 324 .
(3) أي مسألة : هل الأمر بعد الحظر للوجوب أو غيره ؟ .
(4) الواضح 2/ 524 ، الجدل ص3 .
(5) الواضح 3/ 272 .(1/55)
قال ابن عقيل : ( والسبيل ههنا هو الطريق ، ولا طريق يحصل الوعيد على سلوك غيره إلا ما يوجبه اجتهادهم ؛ إذ كان ما أوجبه نص القرآن ، أو تواتر السنة ، فذاك سبيل الله ورسوله ، أخص به من الإضافة إليهم ، والمؤمنون ها هنا هم العلماء ، إذ قد أجمعنا على أن العوام والجهال لا سبيل لهم يتبع ، فلم يبق إلا العلماء ، وقد تواعد على اتباع غير سبيلهم ، فثبت أن سبيلهم حق متبع ودليل مرشد ، والمخالف له مستحق للعقاب بالوعيد المنصوص في الآية ، إذ ليس بين سبيلهم وبين سبيل غيرهم قسم ثالث ، فتعين اتباع سبيلهم حيث حصل الوعيد على اتباع غير سبيلهم اهـ ) (1) .
المطلب الثالث
اهتمامه بالقياس :
القياس : هو حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما (2) .
ولا يمكن القياس إلا لمن وصل مرتبة الاجتهاد بحيث يحيط بطرق الأحكام التي تدرك منها ، ويتوصل بها إليها .
ومن الأمثلة التي استعمل فيها ابن عقيل القياس ما يلي :
- قوله تعالى : ¼ : ... W¢MX†WTت QWفg±`ڑRK ... َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... " [النساء:25] .
قال ابن عقيل : ( فأما القياس الواضح فمثل قوله تعالى : ¼ : ... W¢MX†WTت QWفg±`ڑRK ... َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... " فذِكْر الإحصان ينبه بأعلى حالتيهما على أدناهما ، وذكر نصف العذاب يوضح أن العلة فيه الرق ، فيلحق بها العبد في نقصان الحد اهـ ) (3) .
- قوله تعالى : ¼ : ... W¢MX†WTت QWفg±`ڑRK ... َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... " [النساء:25] .
__________
(1) الواضح 5/ 105 ، 188 .
(2) ينظر : روضة الناظر 2/ 227 .
(3) الجدل ص 12 .(1/56)
قال ابن عقيل : ( والمحصنات ههنا الحرائر، ثم قاس العلماء عليهن حد العبيد اهـ ) (1) .
المطلب الرابع
منهجه في الاستنباط :
وصل ابن عقيل مرتبة عليَّة ، حتى عده العلماء من أهل الرأي والاجتهاد والاستنباط
قال عنه ابن رجب : ( وكان ابن عقيل رحمه الله من أفاضل العالم ، وأذكياء بني آدم ، مفرط الذكاء ، متسع الدائرة في العلوم ، وكان خبيراً بالكلام ، مطلعاً على مذاهب المتكلمين ، وله بعد ذلك في ذم الكلام وأهله شيء كثير ) (2) .
ويقول الذهبي : ( وكان بحر معارف ، وكنز فضائل ، لم يكن له في زمانه نظير ) (3) .
وبين ابن عقيل عدم جواز تفسير القرآن بالرأي والاجتهاد الخالي من العلم والنقل ؛ للنهي عن ذلك بالأدلة الصريحة ، منها : ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار " (4) .
وأما التفسير بالرأي ممن توفر فيه العلم بالأدلة وكيفية استنباط الأحكام منها لغة وشرعاً فلا حرج عليه .
قال ابن عقيل : ( فأما نقل التفسير عن الرواية فقربة وطاعة ، وقد فسر أحمد وأول كثيراً من الآي ، على مقتضى اللغة ) (5) .
وقال ابن تيمية بعد ذكر جملة من الآثار التي تدل على تحرج السلف من التفسير : ( وهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به ، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعاً فلا حرج عليه ، ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير ، ولا منافاة ؛ لأنهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه ، وهذا هو الواجب على كل أحد ) (6) .
__________
(1) الواضح 2/ 124 .
(2) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 151 .
(3) سير أعلام النبلاء 19/ 445 .
(4) أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه (2950) ، وقال : هذا حديث حسن صحيح .
(5) ينظر : الواضح 4/ 63 .
(6) مجموع الفتاوى 13/ 370 .(1/57)
وأما ما توصلت إليه من منهج ابن عقيل في الاستنباط عموماً فأقول فيه ما يلي :
1- أنه فتح لنفسه العنان في طلب العلم دون تمحيص لنوع العلم والمعلم . قال ابن كثير : ( وكان يجتمع بجميع العلماء من كل مذهب ، فربما لامه بعض أصحابه فلا يلوي عليهم فلهذا برز على أقرانه ، وبزَّ أهل زمانه في فنون كثيرة ) (1) . وقال ابن رجب : ( كان أصحابنا ينقمون على ابن عقيل تردده إلى ابن الوليد ، وابن التبان شيخي المعتزلة ، وكان يقرأ عليهما في السر علم الكلام ، ويظهر منه في بعض الأحيان نوع انحراف عن السنة ، وتأول لبعض الصفات ، ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات رحمه الله ) (2) .
2- أنه لما توسعت معارفه واطلاعاته مع ما وهبه الله من الذكاء كثرت آراؤه فأعمل عقله ، ولذلك قد يعتقد فيبني على اعتقاده الأدلة ، ومن ذلك قوله : ( قال سبحانه : ¼ Yم~Yت cٍ:†WةY® %X†QWقصYPض " [النحل:69] وقال : ¼ ... V¢XM ... Wè ٌŒpX£Wع WéSنWTت gûkYة`WTے " [الشعراء:80] ، فالأحق أن يكون الشفاء حقيقة مضافاً إلى الخالق سبحانه ، والعسل عنده الشفاء ، والماء يوجد عند نزوله الإنبات ، والمنبت حقيقة هو الله سبحانه ، فإنه سبحانه يقول : ¼ †WTق`~WT~`ڑVK†WTت YمYTٹ " [فاطر:9] ، ¼ ٌŒX‰?قSے yRرVض YمYٹ Wأ`OQW¥ض@ ... fûéSTچ`TےQW¥ض@ ... Wè " [النحل:11] ، وقال : ¼ †WTق`چWT‰?TكVK†WTت -YمYTٹ " [النمل:60] يعني : أنبتنا لكم عنده ، وقد أضاف الله سبحانه الإضلال إلى الأصنام والسامري ، والضلال فيهم لا بهم ) (3) .
__________
(1) البداية والنهاية 16/ 242 .
(2) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 144 .
(3) الواضح 1/ 181 .(1/58)
3- أنه اجتهد في كثير من المسائل وانفرد بأقوال كثيرة عن مذهبه ، وبيَّن أنه يتبع الدليل دون الأشخاص ، قال عنه ابن رجب : ( وكان رحمه الله بارعاً في الفقه وأصوله ، وله في ذلك استنباطات عظيمة حسنة ، وتحريرات كثيرة مستحسنة ، وكانت له يد طولى في الوعظ والمعارف ، وكلامه في ذلك حسن ، وأكثره مستنبط من النصوص الشرعية ، فيستنبط من أحكام الشرع وفضائله معارف جليلة وإشارات دقيقة ) (1) .
4- اهتم ابن عقيل بالاستدلال على استنباطاته بالإجماع ، أو بالقرآن ، أو بالسنة ، أو بأقوال الصحابة ، أو بأقوال أهل اللغة ، أو بالقياس ، وقد سبقت الإشارة إلى شيء من ذلك (2) .
5- أنه يتلذذ حينما يجتهد في المسائل ، ويستنبط الصواب فيها ، حيث يقول عن نفسه : ( عندي أن من أكبر فضائل المجتهد أن يتردد في الحكم عند تردد الحجة والشبهة فيه ، وإذا وقف على أحد المترددين دله على أنه ما عرف الشبهة ، ومن لا تعترضه شبهة لا تصفو له حجة ، وكل قلب لا يقرعه التردد ، فإنما يظهر فيه التقليد والجمود على ما يقال له ، ويسمع من غيره ) (3) .
6- أنه يُقدِّر من يهتم بالاستنباط على غيره ، ويوصي بعدم التقليد والجمود في مسائل العلم المتنوعة .
7- السرعة في الاستنباط ، واستحضار الأدلة في المسائل التي يسأل عنها ، مما جعله يشتهر أيضاً بالمناظرات مع كبار العلماء . قال ابن الجوزي : ( وأفتى ابن عقيل ، ودرَّس ، وناظر الفحول ) (4) .
8- ذكر ابن عقيل من وجوه ترجيح إحدى القراءات على الأخرى : كثرة من عليها من القراء ، أو شهادة الأصول لها ، أو كونها في اللغة أظهر ، أو كونها موجِبة والأخرى مسقطة ، أو كون إحدى القراءتين أعم بحيث تدخل القراءة الأخرى في معناها (5) .
__________
(1) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 152 .
(2) ينظر كذلك : الواضح 3/ 276 ، التذكرة ص 308 ، الجدل ص 20 .
(3) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 158 .
(4) المنتظم 9/ 213 .
(5) ينظر : الجدل ص 21 .(1/59)
9- أنه يستنبط من الآيات أبعد من المعاني الظاهرة التي تتبادر لمن قرأ الآية ، حيث يقول عند قوله تعالى : ¼ N ... éSTصWإ`-@ ... Wè َطS|WژéS~STٹ _àVصT`‰YTخ " [يونس:87] : ( قبلة : جهة للطاعات ومستقبلاً لله سبحانه في العبادات ، ومن كان مأموراً أن يجعل بيته قبلة ، وهو موضع الغفلة ومناخ البطالة ، أولى أن يعقل عن الله أن يجعل مواطن العبادات محترمة عن تبديلها بأمور الدنيا ، وأرى أهل زماننا جعلوا مساجدهم متاجر وأسواقاً ، وجعلوا بيوتهم قبوراً ) (1) . وقال في قوله تعالى : ¼ مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ " [الملك:3] : ( وقد نفى سبحانه التفاوت عن أفعاله ، فكان ذلك تنبيهاً على نفي النقائص عن صفاته اهـ ) (2) .
10- يستنبط أحياناً ضوابط يدخل تحتها كثيراً من المسائل حيث يقول : ( إذا كنى الله سبحانه عن العبادة ببعض ما فيها من أركانها وتوابعها دل على وجوبه فيها ، وكون ذلك الشيء من لوازمها وفروضها، مثل قوله تعالى:¼ Wـ ... ƒٍَ£TSTخWè X$£`oWة<ض@ ... " [الإسراء:78] قال ابن عقيل: ( لما كنى عن الصلاة به ، دل على وجوبه فيها) (3) .
الفصل الثالث
علوم القرآن عند ابن عقيل
وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول : الناسخ والمنسوخ .
المبحث الثاني : أسباب النزول .
المبحث الثالث : المحكم والمتشابه .
المبحث الرابع : العام والخاص .
المبحث الأول
الناسخ والمنسوخ :
يأتي علم الناسخ والمنسوخ في المرتبة الأولى بين سائر علوم القرآن الكريم .
__________
(1) الفنون 1/ 283 .
(2) الواضح 2/ 377 .
(3) الواضح 3/ 213 .(1/60)
قال مكي بن أبي طالب (1) : ( وإن من آكد ما عُني أهلُ العلم والقرآن بفهمه وحفظه والنظر فيه من علوم القرآن ، وسارعوا إلى البحث عن فهمه وعلمه وأصوله : علمَ ناسخ القرآن ومنسوخه ، فهو علم لا يسع كل من تعلق بأدنى علم من علوم الديانة جهلُه ) (2) .
وقال القرطبي : ( معرفة هذا الباب أكيدة ، وفائدته عظيمة ، لا يستغني عن معرفته العلماء، ولا ينكره إلا الجهلة الأغبياء ، لما يترتب عليه من النوازل في الأحكام ، ومعرفة الحلال من الحرام ) (3) .
فلا يجوز لأحد أن يفسر كلام الله حتى يعرف الناسخ والمنسوخ ؛ إذ يتوقف على معرفته معرفة الحلال والحرام ، وكثير من الأحكام ، وقد اهتم السلف الصالح بهذا العلم حتى إنهم يستعظمون بل ويمنعون أن يفتي أو يحدث الناس من لا يعرف الناسخ والمنسوخ .
قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لقاصٍّ (4) : ( أعرفت الناسخ والمنسوخ ؟ قال : لا . قال : هلكت وأهلكت ) (5) .
ومن ثمَّ اهتم العلماء بمعرفة الناسخ والمنسوخ وبيان أصوله وأحواله ، وكان لابن عقيل نصيب كبير في هذا الباب فقد تحدث في أصوله وفصوله من جميع الجوانب مما يمكن أن يفرد بدراسة مستقلة في علوم القرآن عند ابن عقيل (6) .
__________
(1) هو أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي القيرواني المالكي ، من أهل التبحر في علوم القرآن والعربية ، ومن مصنفاته : مشكل إعراب القرآن ، الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ، مات سنة 437هـ ، له ترجمة في : طبقات الداوودي 2/ 331 ، شذرات الذهب 3/ 260 .
(2) الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص 45 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 2/ 62 .
(4) وفي بعض الروايات : قاض بالضاد .
(5) أخرجه النحاس في الناسخ والمنسوخ ص 49 ، وابن الجوزي في نواسخ القرآن ص 29 ، والبيهقي في سننه كتاب آداب القاضي باب إثم من أفتى أو قضى بالجهل (20147) ، وينظر : الدر المنثور 1/ 192 .
(6) ينظر : الواضح 1/ 210- 255 ، 4/ 197- 322 .(1/61)
ومن الأمثلة التفسيرية لابن عقيل في هذا الباب ما يلي :
قال ابن عقيل في قوله: ¼ †Wع `œW©قWك َفYع ]àTTWے ... ƒٍ `èVK ... †WنY©قSTك g<K†WTك xO`kTWmgî :†Wن`TقQYع " [البقرة:106] : ( يعني : خيراً لكم ، وإلا فالقرآن نفسه لا يتفاضل ، لكونه كلاماً لله سبحانه ، وصفة من صفاته التي لا تحتمل التفاضل والتخاير .
وما هو خير لنا يحصل من وجوه :
أحدها : في السهولة المخففة عنا ثقل التكليف ، وذلك خير من وجهين : أحدهما : انتفاء المشقة على النفس ، والثاني : حصول الاستجابة والمسارعة ، فإن النفوس إلى الأسهل أسرع، وإذا أسرعت الاستجابة ، تحقق إسقاط الفرض ، وحصول الأجر .والثاني من وجوه الخير : كثرة المشقة التي يتوفر بها الثواب ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة : " ثوابك على قدر نصبك " (1) . وقد يكون الخير الأصلح الذي لا نعلم وجهه .
وقوله : ¼ `èVK ... :%†fTTTنYص<'Yع " : في السهولة أو الصعوبة أو المثوبة . فإن قيل : فما أفاد التبديل بالمثل شيئاً ، إذا كان المثل ما سد مسد مثله ... ) (2) .
وقال أيضاً : ( قال تعالى : ¼ ّVصWئWè fغTےY،PVض@ ... ISمWTكéSح~Y¹STے bàWTTے`ںYت S׆TWإV؛ $xـkYرَ©Yع " [البقرة:184] ، ثم نسخ إلى الصوم حتماً وتعييناً من غير تخيير ، مع الإقامة والصحة بقوله تعالى : ¼ فWظWTت WںXنW® SطRرقYع W£`نPVض@ ... $Sم`ظS±W~<صWTت " [البقرة:185] ) (3) .
__________
(1) سيأتي تخريجه في موضعه .
(2) الواضح 1/ 254 .
(3) الواضح 1/ 251 .(1/62)
وقال أيضاً : ( قوله تعالى : ( ¼ †WنPRTےKV†H;TTWے WفےY،PVض@ ... Nv ... éTSقTWع ... ƒٍ ... W¢XM ... SطSTچ`~TWoHTWTك WسéSھQW£ض@ ... N ... éSعQYںWحWTت Wـ`kTWٹ p÷WںWے `yRرHTْWé`mىً- &_àWTخًںW² WذYض.V¢ bO`kTW `yRرPVض &S£Wن<؛KV ... Wè ـXM†WTت `yPVض N ... èSںYيmً- QWـXM†WTت JًW/@ ... cOéSةWçئ eط~YڑQWO " [المجادلة:12] ، نسخ ذلك الوجوب إلى جواز فعلها وجواز تركها بقوله تعالى : ¼ <¢XM†WTت `yVض N ... éRصWإpTةTVژ ً‡†WTژWè JًS/@ ... َطTRر`~TVصWئ N ... éSظ~YخVK†WTت VلléVصJً±ض@ ... N ... éSTژ ... ƒٍWè Vلlé{PV¥ض@ ... N ... éSإ~Y؛VK ... Wè JًW/@ ... I&SمVضéSھWOWè SJًJًS/@ ... Wè =SOkY‰W †WظYٹ WـéRصWظ`إWژ " [المجادلة:13] ) (1) .
المبحث الثاني
أسباب النزول :
معرفة أسباب النزول من الأمور المهمة في فهم الآيات ووضوحها ، ومعرفة تاريخها ، والترجيح بين معانيها .
قال الواحدي (2) : ( أسباب النزول هي أوفى ما يجب الوقوف عليها ، وأولى ما تصرف العناية إليها ، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها ، وبيان سبب نزولها ) (3) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية ، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب ) (4) .
واعتماد العلماء في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن الصحابة لمشاهدتهم أحوال نزول القرآن .
قال الواحدي : ( لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب ، وبحثوا عن علمها وجدُّوا في الطلب ) (5) .
__________
(1) الواضح 1/ 251 .
(2) هو أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي النيسابوري ، صنف : البسيط والوسيط والوجيز في التفسير وأسباب النزول ، مات سنة 468هـ ، له ترجمة في : طبقات السيوطي ص 66 ، طبقات الداوودي 1/ 394 .
(3) أسباب النزول ص 16 .
(4) مجموع الفتاوى 13/ 339 ، مقدمة التفسير ص 45 .
(5) أسباب النزول ص 16 .(1/63)
وذهب السيوطي إلى أن قول التابعي إذا كان صريحاً في سبب النزول فإنه يقبل ، ويكون مرسلاً إذا صح المسند إليه ، وكان من أئمة التفسير واعتضد بمرسل آخر (1) .
ولما كان لأسباب النزول هذه المكانة العالية اعتنى فيه العلماء والباحثون ومنهم ابن عقيل الذي لم يغفل هذا الجانب ، ومن أمثلة اهتمامه بأسباب النزول ما يلي :
قال ابن عقيل في قوله تعالى : ¼ gyYYخVK ... Wè WلléVصJً±ض@ ... XّWTتW£V؛ YO†WنPVقض@ ... †_TةVضS¦Wè WفYQع &XشTT`~TPVض@ ... QWـMX ... gŒHTWTقW©W™<ض@ ... Wـ`iYه<،STے &g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... ًذYض.W¢ uüW£<زY¢ fغTےX£Yز.PV،صYض (114) " [هود:114] : ( نزلت في الرجل الذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن استمتاعه من المرأة الأجنبية بكل ما يستمتع به الرجل من زوجته إلا الجماع ؛ فأنزل الله هذه الآية اهـ ) (2) .
وقال أيضاً : ( لما نزل قوله تعالى : ¼ `طS|PVكMX ... †WعWè fûèSںS‰`إWTژ فYع XûèS JًY/@ ... ٌˆW±Wڑ ًyQWTقWنW- " [الأنبياء:98] قال ابن الزِّبعرى : لأخصمن محمداً ، فجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : قد عُبِدت الملائكة ، وعُبِد المسيح ، أفيدخلون النار ؟! فأنزل الله : ¼ QWـMX ... fغTےY،PVض@ ... pŒWحW‰Wھ طSنVض †QWTقYQع uvّWTق`©S™<ض@ ... ًذMXù;HTTVضOèKR ... †WنT`قWئ WـèSںWإ`‰Sع (101) " [الأنبياء:101] ، فاحتج بعموم اللفظ ، ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - تعلقه بذلك ، وأنزل الله سبحانه جواب ذلك ، مما دل على تخصيصٍ ، لا منكراً لتعلقه ، فعلم أن العموم مقتضى هذه الصيغة اهـ ) (3) .
المبحث الثالث
المحكم والمتشابه :
موضوع هذا المبحث من الموضوعات المهمة الشائكة في علوم القرآن ؛ لأنه لم ينل حظه من البحث والدراسة في جميع جوانبه ، وقد اختلف العلماء في تعريف المحكم والمتشابه (4) :
__________
(1) لباب النقول ص 15 .
(2) الواضح 5/ 26 .
(3) الواضح 3/ 314 .
(4) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 4/ 9 .(1/64)
فقال النحاس (1) : ( وأجمع هذه الأقوال : أن المحكم ما كان قائماً بنفسه لا يحتاج إلى استدلال، والمتشابه : ما لم يقم بنفسه واحتاج إلى استدلال ) (2) ، وهذا هو ما اختاره ابن عقيل (3) .
وقد توقف بعض العلماء عن الكلام في المتشابه ، ووضح الأمر شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول : ( والله ورسوله إنما ذم من اتبع المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، فأما من تدبر المحكم والمتشابه كما أمره الله ، وطلب فهمه ومعرفة معناه ، فلم يذمه الله ، بل أمر بذلك ومدح عليه ) (4) .
وقد اجتهد العلماء في ما يتعلق بالمحكم والمتشابه في كتاب الله جل وعلا ، ومن أولئك ابن عقيل الذي أفرده بفصول في الواضح (5) ، ومن أمثلة اهتمامه في هذا الباب ما يلي :
قال ابن عقيل : ( ¼ :‚Wپ JٌˆYڑRK ... fûkYصYتVK‚ô@ ... (76) " [الأنعام:76] ، أزال الاشتباه من قوله : ¼ ƒٍ:†W-Wè WذQSTٹًO " [الفجر:22] ، ¼ W×َéTWTے ّYژ<K†WTے " [الأنعام:158] ، ¼ ـKV ... SطSنW~YژK<†WTے JًS/@ ... " [البقرة:210] ، ¼ `èVK ... ƒّYژ<K†WTے ًذQSTٹWO " [الأنعام:158] ، وأنه ليس بالانتقال المشاكل لأفول النجوم اهـ ) (6) .
__________
(1) هو الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد المرادي المفسر المصري النحوي المعروف بالنحاس ، من مصنفاته : معاني القرآن ، والناسخ والمنسوخ ، وإعراب القرآن ، مات سنة 338هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 15/ 401 ، شذرات الذهب 2/ 346 .
(2) معاني القرآن 1/ 346 ، وينظر : المحرر الوجيز 1/ 404 .
(3) ينظر : الواضح 4/ 5 .
(4) مجموع الفتاوى 13/ 275 .
(5) ينظر : الواضح 4/ 5-28 .
(6) الواضح 4/ 7 .(1/65)
وقال أيضاً : ( ¼ c-èSOWè $Sم`قTYQع " [النساء:171] روح ملك ، وإضافة تجميل وتقريب كقوله في الكعبة ¼ ƒّYچ`~WTٹ " [البقرة:125] ، وتسميته روح آدم ¼ ّYڑèQSO " [الحجر:29] ، لا أن البيت مسكنه، ولا الروح صفته ، لكن خلقه ، وبَجَّلَهُما بالإضافة إليه ، وكفى بذلك تعظيماً وتشريفاً اهـ ) (1) .
وقال أيضاً : ( والذي أزال إشكال قولِه : ¼ c-èSOWè $Sم`قTYQع " [النساء:171] ، ¼ ٌŒ`WةWTكWè Yم~Yت فYع ّYڑèQSO " [الحجر:29] ، ¼ WسَéWTخ QXجW™<ض@ ... " [مريم:34] ، ¼ †WظYض ٌŒpTحTVصW Jً$÷WںW~Yٹ " [ص:75] ، قولُه : ¼ UfûMX ... WشW'Wع uّW©~Yئ WںقYئ JًY/@ ... XشW'WظVز $W×W ... ƒٍ " [آل عمران:59] اهـ ) (2) .
المبحث الرابع
العام والخاص :
الأصل حمل نصوص القرآن العامة على عموم لفظها ما لم يرد نص بالتخصيص ، فكان السلف رضوان الله عليهم يطلبون دليل الخصوص لا دليل العموم (3) .
ولهذا فمعرفة العام والخاص مهم في فهم الآية ودلالتها .
قال الزركشي : ( قال القفال : ومن ضبط هذا الباب أفاد علماً كثيراً ) (4) .
والخاص المتأخر يؤثر في العام المتقدم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( والخاص المتأخر يقضي على العام المتقدم باتفاق علماء المسلمين ) (5) .
وعلى هذا فالبحث في العام والخاص ، والتتبع لأدلة التخصيص من الأهمية بمكان .
ولقد أولى ابن عقيل هذا الباب عناية كبيرة ، وبسط الكلام فيه في صفحات كثيرة (6) .
ومن الأمثلة التي تدل على اهتمامه بالخاص والعام ما يلي :
__________
(1) الواضح 2/ 382 .
(2) الواضح 4/ 7 .
(3) ينظر : العدة 2/ 492 ، الواضح 3/ 317 .
(4) البرهان 2/ 19 .
(5) دقائق التفسير 2/ 15 ، وينظر : مجموع الفتاوى 13/ 119 .
(6) ينظر : الواضح 3/ 313-499 .(1/66)
قال ابن عقيل : (¼ ٌŒHTWحPVصً¹Sظ<ض@ ... Wè fغp±PVٹW£WچWTے QWفXنY©SةكKV†Yٹ WàWT'HTTVصWT' &xٍ;èS£Sخ " [البقرة:228] والمراد به كل الحرائر من المطلقات بوائن أو رجعيات ، وقال في آخرها : ¼ JًفSنSچVضéSإSTٹWè SQجWڑKV ... JًفYهPY W£Yٹ " يرجع إلى الرجعيات ، فالأول على عمومه ، والآخر خاص في الرجعيات اهـ ) (1) .
وقال أيضاً : ( قوله تعالى : ¼ uüW †WTكWè c-éSTك ISمQWTٹWQO Wس†WحWTت Jg‡WO QWـMX ... ّYق`Tٹ@ ... pفYع ّYص`هVK ... QWـMX ... Wè ًدWں`ئWè SQجW™<ض@ ... " [هود:45] تمسكاً بقوله تعالى : ¼ `ذRصpTھ@†WTت †Wن~Yت " [المؤمنون:27]، وقوله : ¼ †WTق<صSTخ `شYظ`ڑ@ ... †fTTTن~Yت فYع QwشS{ Xـ`kTW-`èW¦ gـ`kTWTق<T'@ ... ًذVص`هVK ... Wè " [هود:40] فأجابه الباري سبحانه عن ذلك جواب تخصيص لا جواب نكير عليه ما تعلق به العموم ، فقال : ¼ ISمPVTكMX ... W¨`~TVض pفYع $ًذYص`هVK ... ISمPVTكMX ... eشWظWئ SO`kTWTçئ $wکYصHTW² " [هود:46] ، فدل على أن اللفظة عموم ، ولولا دليل أخرج ابنه من أهله ؛ لكان داخلاً تحت اللفظ اهـ ) (2) .
وقال أيضاً : ( لما نزل قوله تعالى : ¼ `طS|PVكMX ... †WعWè fûèSںS‰`إWTژ فYع XûèS JًY/@ ... ٌˆW±Wڑ ًyQWTقWنW- " [الأنبياء:98] قال ابن الزِّبعرى : لأخصمن محمداً ، فجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : قد عُبِدت الملائكة، وعُبِد المسيح ، أفيدخلون النار ؟! فأنزل الله : ¼ QWـMX ... fغTےY،PVض@ ... pŒWحW‰Wھ طSنVض †QWTقYQع uvّWTق`©S™<ض@ ... ًذMXù;HTTVضOèKR ... †WنT`قWئ WـèSںWإ`‰Sع (101) " [الأنبياء:101] ، فاحتج بعموم اللفظ ، ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - تعلقه بذلك ، وأنزل الله سبحانه جواب ذلك ، مما دل على تخصيصٍ ، لا منكراً لتعلقه ، فعلم أن العموم مقتضى هذه الصيغة اهـ ) (3) .
والله تعالى أعلم .
القسم الثاني
أقوال ابن عقيل في التفسير
- من أول القرآن إلى آخره -
__________
(1) ينظر : الواضح 3/ 433 .
(2) الواضح 3/ 314 .
(3) الواضح 3/ 314 .(1/67)
مع دراستها
سورة الفاتحة
قال تعالى : ¼ †WTكYں`ه@ ... ً·.W£Jg±ض@ ... Wط~YحWچTَ©Sظ<ض@ ... (6) " [الفاتحة:6] .
1/1- قال ابن عقيل : ( قوله : ¼ †WTكYں`ه@ ... ً·.W£Jg±ض@ ... Wط~YحWچTَ©Sظ<ض@ ... (6) " ، المراد به : أدم لنا ما منحتنا من هدايتك اهـ ) (1) .
______________
الدراسة :
ذكر العلماء في تفسير قوله تعالى : قال تعالى : ¼ †WTكYں`ه@ ... " [الفاتحة:6] أقوالاً منها :
الأول : ثبتنا وأدم الهداية لنا (2) ، وهذا هو قول ابن عقيل ، وهو مروي عن عليّ ، وأُبيّ بن كعب (3) رضي الله عنهما .
الثاني : أرشدنا ، ذكره ابن كثير في تفسيره (4) .
الثالث : وفقنا وألهمنا ، وهذا تفسير ابن عباس - رضي الله عنه - (5) ، وتضمنه لهذا المعنى لأن الهداية عديت بنفسها (6) .
قال الطبري : ( وإلهامه إياه ذلك هو توفيقه له ) (7) .
وقال أيضاً : ( والذي هو أولى بتأويل هذه الآية عندي ، أعني : ¼ †WTكYں`ه@ ... ً·.W£Jg±ض@ ... Wط~YحWچTَ©Sظ<ض@ ... " ، أن يكون معنياً به : وفقنا للثبات على ما ارتضيته ووفقت له من أنعمت عليه من عبادك ... ) (8) .
الرابع : زدنا هداية (9) .
__________
(1) ينظر : الواضح في أصول الفقه 3/ 197 .
(2) النكت والعيون 1/ 58 .
(3) زاد المسير 1/ 12 ، وأبيّ : هو ابن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن النجار أبو المنذر الأنصاري المدني ، مات سنة 33هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 1/389 ، الإصابة 1/ 27 .
(4) تفسير ابن كثير 1/ 160 .
(5) جامع البيان 1/ 166 ، زاد المسير 1/ 12 ، وهو عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب ابن عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، الحبر والبحر في التفسير ، توفي سنة 68هـ ، له ترجمة : سير أعلام النبلاء 3/ 331 ، والإصابة 2/ 322 .
(6) تفسير ابن كثير 1/ 160 .
(7) جامع البيان 1/ 166 .
(8) جامع البيان 1/ 171 .
(9) ذكره الطبري ولم ينسبه لأحد في تفسيره 1/ 167 .(1/68)
وكل الأقوال صحيحة في هذه الكلمة إذ أن الدعاء بها ليس تحصيل حاصل (1) ، ولكن العبد محتاج إليها على جميع المعاني التي ذكرها العلماء .
قال ابن القيم : ( والعبد مفتقر إلى الهداية في كل لحظة ونفس في جميع ما يأتيه ويذره ، فإنه بين أمور لا ينفك عنها :
أحدها : أمور قد أتاها على غير وجه الهداية جهلاً فهو محتاج إلى أن يطلب الهداية إلى الحق فيها .
أو يكون عارفاً بالهداية فيها ، فأتاها على غير وجهها عمداً فهو محتاج إلى التوبة منها .
أو أمور لم يعرف وجه الهداية فيها علماً ولا عملاً ففاتته الهداية
أو أمور لم يعرف وجه الهداية فيها علماً ولا عملاً ففاتته الهداية إلى علمها ومعرفتها وإلى قصدها وإرادتها وعملها .
أو أمور قد هدي إليها من وجه دون وجه ، فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها .
أو أمور قد هدي إلى أصلها دون تفاصيلها ، فهو محتاج إلى هداية التفصيل .
أو طريق هدي إليه ، وهو محتاج إلى هداية أخرى فيها ... إلى أن قال :
وكذلك أيضاً ثَمَّ أمور هو محتاج إلى أن يحصل له فيها من الهداية في المستقبل مثل ما حصل له في الماضي .
وأمور هو خال عن اعتقاد حق أو باطل فيها ، فهو محتاج إلى هداية الصواب فيها .
وأمور يعتقد أنه فيها على هدى وهو على ضلالة ولا يشعر ، فهو محتاج إلى انتقاله عن ذلك الاعتقاد بهداية من الله .
وأمور قد فعلها على وجه الهداية ، وهو محتاج إلى أن يهدي غيره إليها ، ويرشده وينصحه ، فإهماله ذلك يفوت عليه من الهداية بحسبه ، كما أن هدايته للغير وتعليمه ونصحه يفتح له باب الهداية ؛ فإن الجزاء من جنس العمل .. ) (2) .
__________
(1) تفسير ابن كثير 1/ 162 .
(2) رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه ص 8-10 .(1/69)
وقال ابن كثير : ( كيف يسأل المؤمن الهداية في كل وقت من صلاة وغيرها ، وهو متصف بذلك ؟ وهل هذا من تحصيل الحاصل أم لا ؟ فالجواب : أن لا ، ولولا احتياجه ليلاً ونهاراً إلى سؤال الله الهداية لما أرشده الله إلى ذلك ، فإن العبد مفتقر في كل ساعة وحالة إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية ، ورسوخه فيها ، وتبصره، وازدياده منها، واستمراره عليها، فإن العبد لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ، فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن يمده بالمعونة والثبات والتوفيق ... ) (1) .
سورة البقرة
قال تعالى : ¼ †Wق<صSTخ N ... éR¹Y‰`ه@ ... †Wن`قYع $†_Tإ~YظW- †QWعMX†WTت طRرTQWTقW~YژK<†WTے ّQYقTQYع ÷_ںTSه فWظWTت WؤTY‰Wژ ً÷ ... ًںSه ً"WTت dاَéTW َطXن`~TVصWئ ‚WپWè َطSه WـéSTكW¥mïmً`ڑ (38) " [البقرة:38] .
2/1- قال ابن عقيل : ( قال الله سبحانه لآدم وحواء :
¼ †Wق<صSTخ N ... éR¹Y‰`ه@ ... †Wن`قYع $†_Tإ~YظW- " وهذا خطاب الذكور اهـ ) (2) .
________________________
الدراسة :
ذكر ابن عقيل هذا ضمن أدلة من قال بدخول النساء في مطلق الأمر .
والمسألة المستفادة هنا هي : مسألة تغليب جمع الذكور ، ولبيان هذه المسألة أقول : إن الجمع لا يخلو من إحدى هذه الصور :
الأولى : أن يكون مفرد الجمع لا يصح إطلاقه على النساء ، كالرجال ، فهو جمع خاص بالرجال اتفاقاً .
الثانية : أن يكون مفرده لا يصح إطلاقه على الرجال ، كالبنات ، فهو جمع خاص بالنساء اتفاقاً .
الثالثة : أن يكون ذلك الجمع متناولاً للذكور والإناث لغة ووضعاً ، كالناس فإنه يتناول الذكور والإناث بالاتفاق (3) .
__________
(1) تفسير ابن كثير 1/ 162 .
(2) ينظر : الواضح 3/ 125 .
(3) ينظر : التمهيد لأبي الخطاب 1/ 290 ، روضة الناظر لابن قدامة 2/ 148 ، الإحكام للآمدي 2/ 265 .(1/70)
أما الصورة الرابعة التي فيها الخلاف فهي : إذا كانت علامة الذكور فيه واضحة بينة ، كجمع المذكر ، نحو : المؤمنين ، وقد اتفق أهل اللغة على تغليب جمع الذكور مع دخول النساء فيه . قال ابن منظور (1) : ( وإنما المستجاز من ذلك رد التأنيث إلى التذكير ؛ لأن التذكير هو الأصل بدلالة أن الشيء مذكر وهو يقع على المذكر والمؤنث فعلم بهذا عموم التذكير وأنه هو الأصل الذي لا ينكر ) (2) .
ونُقل عن بعض اللغويين أن هذا قول جميع النحويين (3) .
أما اختلاف العلماء ففي مسألة اندراج النساء تحت لفظ جمع المذكر ؛ هل هو بالتغليب أو بأصل الوضع ؟
فقد ذهب ابن عقيل وجماعة من الحنابلة كالقاضي أبي يعلى وابن قدامة (4) ورواية عن الإمام أحمد وهو قول لابن داود (5) إلى أن دخول النساء في جمع المذكر بأصل الوضع واستدلوا بأدلة من أهمها : استخدام العرب والآية التي معنا .
__________
(1) هو أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي ابن منظور الأنصاري ، من أشهر كتبه : لسان العرب ، وله اختصارات كثيرة لكتب الأدب المطولة ، مات سنة 711هـ ، له ترجمة في : فوات الوفيات 2/ 265 ، الدرر الكامنة 4/ 262 .
(2) لسان العرب 2/ 57 .
(3) لسان العرب 9/ 9 . وأشار إلى الاتفاق القاضي أبو يعلى الحنبلي في العدة 2/ 353 ، وابن النجار في شرح الكوكب المنير 3/ 237 .
(4) ينظر : العدة 2/ 351 ، روضة الناظر 2/ 148 .
(5) هو محمد بن داود بن علي الظاهري أبو بكر الأصبهاني، ولد داود الظاهري ، أحد أذكياء زمانه ، مات سنة 297هـ ، له ترجمة في : تاريخ بغداد 5/ 256 ، شذرات الذهب 2/ 226 .(1/71)
وهناك رواية أخرى عن الإمام أحمد أن النساء لا يدخلن في ذلك بأصل الوضع بل بالتغليب ، واختارها من الحنابلة أبو الخطاب (1) ، والطوفي (2) ، واستدلوا بأدلة من أهمها : ما روي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : ( يا رسول الله ، ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال ؟ .. فأنزل الله : ¼ QWـMX ... WـkYظYصp©TSظ<ض@ ... gŒHTWظYصT`©Sظ<ض@ ... Wè WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... Wè gŒHTWTقYع`ëSظ<ض@ ... Wè fûkYچYقHTWح<ض@ ... Wè gŒHTTWچYقHTWح<ض@ ... Wè WـkYخYںHTJً±ض@ ... Wè gŒHTWTخYںHTJً±ض@ ... Wè WفےYOYiHTJً±ض@ ... Wè g.WOYiJًHT±ض ... è WـkYإYHTW<ض@ ... Wè gŒHTTWإYHTTW<ض@ ... Wè WـkYخPYںW±WTچSظ<ض@ ... Wè gŒHTTWTخPYںW±WTچSظ<ض@ ... Wè WـkYظMXùT;HTTJً±ض@ ... Wè gŒHTWظXMù;HTTJً±ض@ ... Wè fûkYہ¹YةHTW™<ض@ ... Wè َطSنW-èS£STت gŒHTVہ¹YةHTW™<ض@ ... Wè fغTےX£Y{.PV،ض@ ... Wè JًW/@ ... ... _OkY'Vز g.W£Y{.PV،ض@ ... Wè PVںWTئVK ... JًS/@ ... طSنVض ^لW£YةpTçإWQع ... [£T`-VK ... Wè †_Tظ~Yہ¹Wئ (35) " [الأحزاب:35] ) (3) .
__________
(1) ينظر : التمهيد 1/ 291 ، وهو الإمام محفوظ بن أحمد بن الحسن أبو الخطاب الكلوذاني البغدادي الحنبلي من كتبه التمهيد في أصول الفقه ، مات سنة 510هـ ، له ترجمة في : الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 116 ، شذرات الذهب 4/ 27 .
(2) في شرح مختصر روضة الناظر 2/ 515 ، وهو أبو الربيع سليمان بن عبدالقوي الطوفي الصرصري البغدادي تتلمذ على شيخ الإسلام ، مات سنة 716هـ ، له ترجمة في : ذيل طبقات الحنابلة 2/ 366 ، شذرات الذهب 6/ 39 .
(3) أخرجه أحمد 6/ 301 (26575) ، والطبري في التفسير 10/ 300 ، والحاكم 2/ 416 ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي .(1/72)
والحاصل الملخص : هو القول بأن دخول النساء في جمع المذكر راجع للسياق والقرائن ، فسماه بعضهم تغليباً ، والآخرون أصلاً ، وبهذا تتفق الأقوال (1) ، ولذا يستدل من قال بدخولهن بأصل الوضع بدلالة التغليب للذكور ، وأما أن يفسر قول من قال بدخول النساء في جمع المذكر بأصل الوضع بأنه ينصرف جمع المذكر للنساء كما ينصرف إلى الرجال على حد سواء فهذا لا يسوغ ، للقطع باختصاص الذكور بهذه الصيغة لغة واختصاص النساء بغيرها ، وإجماع أهل اللغة على ذلك ، ولذا قال أبو المعالي (2) : ( وما ذكره هؤلاء من تغليب علامة التذكير عند محاولة التعبير عن الجنسين فصحيح في الجملة، ولكنهم لم يفهموه على وجهه ؛ فإن ما ذكروه سائغ إن أريد، فأما أن يقال : وضع اللسان على أن المسلمين مسترسل على الرجال والنساء استرساله على آحاد الرجال فلا ، والذي ذكروه صالح لو أريد ، وليس في اللسان القضاء به إلا عند قرينة شاهدة عليه ) (3) .
وقد قال ابن عقيل ضمن جوابه على دليل من منع الدخول بأصل الوضع : ( وإن قلنا : إنهن يدخلن ، فإنما يدخلن من جهة الظاهر ، فأما من جهة الصريح والنص فلا ..) (4) ، فالصواب أن تناول صيغة جمع المذكر للنساء بقرينة شرف الذكورية وتسمى التغليب وهو واقع في اللغة كما سبق ، وتدخل النساء في جمع المذكر حسب دلالة العرف ، وكذا دلالة الشرع ؛ لأن عموم الأحكام الشرعية شاملة للجنسين (5) .
__________
(1) ينظر : شرح مختصر روضة الناظر 2/ 516 .
(2) هو أبو المعالي عبدالملك بن عبدالله بن يوسف الطائي السنبِسي الجويني الشافعي ، له مصنفات من أشهرها : البرهان والورقات في أصول الفقه ، مات سنة 478هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 18/ 468 ، شذرات الذهب 3/ 358 .
(3) البرهان 1/ 245 .
(4) الواضح 3/ 131 .
(5) ينظر : شرح الكوكب المنير 3/ 236 .(1/73)
قال الله تعالى : ¼ N ... éSظ~YخKV ... Wè WلléVصJً±ض@ ... N ... éSTژ ... ƒٍWè WلléTVزJً¥Tض@ ... N ... éSإW{`O@ ... Wè WؤWع WـkYإYز.QW£ض@ ... (43) " [البقرة:43] .
3/2- قال ابن عقيل : ( ومثل قوله : ¼ N ... éSTژ ... ƒٍWè WلléTVزJً¥Tض@ ... " بين ذلك في كتابه الذي كتبه لعمرو بن حزم - رضي الله عنه - في الزكوات والديات (1) ، وكتابه الذي كتبه لأبي بكر في الصدقات (2) اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
هذه المسألة التي أشار إليه ابن عقيل من المسائل الواضحة ، فلا نجد في القرآن الأحكام التفصيلية لمقادير الزكاة ؛ وإنما بينها النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته بياناً شافياً كافياً .
وقد أشار إلى هذا القرطبي بقوله : ( فالزكاة في الكتاب مجملة بينها النبي - صلى الله عليه وسلم - ) (4) .
وقال القاضي أبو يعلى الحنبلي : ( ويكون البيان - يعني من النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكتابة أيضاً : كنحو الذي كتبه لعمرو بن حزم في الصدقات والديات وسائر الأحكام، وكتابه الذي كتبه لأبي بكر الصديق في الصدقات ) (5) . والله أعلم .
قال الله تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... WـéQSTقSTہ¹WTے طSنPVTكKV ... N ... éSTحHTVصQSع َطXنYQTٹWO َطSنPVTكKV ... Wè Yم`~TVضMX ... WـéSإY-.WO (46) " [البقرة:46] .
__________
(1) حديث عمرو بن حزم أخرجه بطوله : ابن حبان في صحيحه في باب ذكر كتبة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كتابه إلى أهل اليمن 14/ 501 (6559) ، والحاكم وصححه في مستدركه كتاب الزكاة 1/ 552 (1447) ، والبيهقي في كتاب الزكاة باب كيف فرض الصدقة 4/ 149 (7255) .
(2) هو حديث أنس بن مالك في الصدقات ، أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين .. أخرجه البخاري في كتاب الزكاة باب زكاة الغنم (1454) .
(3) ينظر : الواضح في أصول الفقه 1/ 193 .
(4) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 1/ 235 .
(5) العدة 1/ 114 .(1/74)
4/3- قال ابن عقيل : (¼ WفےY،PVض@ ... WـéQSTقSTہ¹WTے " والمراد به : يعلمون اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
بيّن ابن عقيل معنى الظن في الآية : بأنه العلم ، والظن في اللغة يطلق على معنيين متضادين .
قال ابن فارس (2) : ( الظاء والنون أُصيل صحيح ، يدل على معنيين مختلفين : يقين وشك ) (3) .
وقال ابن منظور : ( الظن شك ويقين إلا أنه ليس بيقين عيان ، إنما هو يقين تدبر ، فأما يقين العيان فلا يقال فيه إلا علم ) (4) .
وقال الطبري : ( إن العرب قد تسمي اليقين ظناً ، نظير تسميتهم الظلمة سُدْفة ، والضياء سُدْفة ، والمغيث صارخاً ، والمستغيث صارخاً ، وما أشبه ذلك من الأسماء التي تسمي بها الشيء وضده ) (5) .
وقد ذهب الجمهور (6) إلى أن معنى الظن في هذه الآية : العلم واليقين (7) .
وقيل : إن الظن في الآية يصح أن يكون على بابه ، ويضمر في الكلام بذنوبهم ، فكأنهم
__________
(1) الواضح 3/ 488 .
(2) هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي ، من أشهر مصنفاته : معجم مقاييس اللغة، مات سنة 395هـ ، ينظر : سير أعلام النبلاء 17/ 103 ، شذرات الذهب 3/ 132 .
(3) معجم مقاييس اللغة 3/ 462 .
(4) لسان العرب 13/ 272 .
(5) جامع البيان 1/ 623 .
(6) نسبه للجمهور : الماوردي في النكت والعيون 1/ 116 ، وابن عطية في المحرر الوجيز 1/ 137 ، والقرطبي في تفسيره 1/ 255 .
(7) ينظر: كلام ابن اليزيدي في غريب القرآن وتفسيره ص 22، والطبري في جامع البيان 1/ 624 ، وابن الجوزي في زاد المسير 1/ 66 ، وابن كثير في تفسيره 1/ 258 .(1/75)
يتوقعون لقاءه مذنبين ، ذكره الماوردي (1) ، ونسبه ابن عطية (2) للمهدوي (3) ، وقال : ( وهذا تعسف ) (4) ، وقد أصاب رحمه الله فسياق الآية يدل على أن معناه في هذا الموضع : اليقين ، وهو قول عامة المفسرين سلفاً وخلفاً .
قال قطرب (5) : (¼ WفےY،PVض@ ... WـéQSTقSTہ¹WTے طSنPVTكKV ... N ... éSTحHTVصQSع َطXنYQTٹWO " .. فهذا يقين ، ولو كان شكاً لم يجز في ذلك المعنى ، وكان كفراً ، ولكنه يقين ) (6) .
وقال البغوي : ( ¼ WفےY،PVض@ ... WـéQSTقSTہ¹WTے " يستيقنون ، فالظن من الأضداد يكون شكاً ويقيناً ) (7) .
وقال ابن كثير : ( أي يعلمون ) (8) .
__________
(1) النكت والعيون 1/ 116 ، و هو أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري الشافعي له من المؤلفات : الأحكام السلطانية ، والحاوي الكبير وغيرها مات سنة 450 هـ ، له ترجمة في : طبقات السيوطي 25 ، شذرات الذهب 3/ 285.
(2) هو عبدالحق بن غالب بن عبدالملك بن عطية أبو محمد الغرناطي القاضي، له التفسير المشهور : المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ، توفي سنة 541هـ ، وله ترجمة في : طبقات السيوطي ص50، طبقات الداوودي 1/ 265 .
(3) المحرر الوجيز 1/ 136، وهو أحمد بن عمار أبو العباس المهدوي صاحب التفسير الكبير : التفصيل الجامع لعلوم التنزيل ، واختصره وسماه : التحصيل في مختصر التفصيل ، ولا أعلمه مطبوعاً ، مات بعد سنة 430هـ ، له ترجمة في : طبقات السيوطي ص 19 ، طبقات الداوودي 1/ 56 .
(4) المحرر الوجيز 1/ 138 .
(5) هو أبو علي محمد بن المستنير ، النحوي اللغوي البصري، مولى سالم بن زياد المعروف بقطرب ، له من التصانيف : معاني القرآن في التفسير ، مات سنة 206هـ ، له ترجمة في : طبقات الداوودي 2/ 256 ، طبقات الأدنه وي ص 28 .
(6) الأضداد له ص 71 ، والأضداد لابن الأنباري ص 3 ، 19 .
(7) معالم التنزيل 1/ 38 .
(8) تفسير ابن كثير 1/ 258 .(1/76)
وقال الشنقيطي : ( المراد بالظن هنا اليقين ) (1) .
وقد ذكر ابن عاشور (2) السر في التعبير بالظن بدلاً عن العلم واليقين : هو أن لفظ الظن مشترك بين الاعتقاد الجازم وبين الاعتقاد الراجح (3) فيشمل المعنيين كما هو المراد في الآية بخلاف لفظ العلم واليقين فيقتصر على الاعتقاد الجازم . والله تعالى أعلم .
قال الله تعالى : ¼ َطSن`قYعWè WـéQS~TTQYعKR ... ‚Wپ WـéSظVص`إWTے ًˆHTTWچYر<ض@ ... :Jً‚پMX ... JًّYك†WعKV ... َـMX ... Wè َطSه ‚PVپMX ... fûéQSTقٌہ¹WTے (78) " [البقرة:78] .
5/4- قال ابن عقيل : (¼ JًّYك†WعKV ... " يعني : تلاوة اهـ ) (4) .
____________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل كلمة :¼ JًّYك†WعKV ... " في هذه الآية بالتلاوة ، وهو قول للكسائي ، والزجاج (5) ، والفراء (6) ، وابن اليزيدي (7) ، ومستندهم قوله تعالى : ¼ :‚PVپMX ... ... V¢XM ... uvّPVقWظWTژ ّVح<ضVK ... SفTًHT¹`~JًTض@ ... ُّYت -YمYچQW~Yق`عRK ... " [الحج:52] ، أي : في تلاوته (8) ، وهذا هو القول الأول في معنى¼ JًّYك†WعKV ... " .
__________
(1) أضواء البيان 1/ 68 .
(2) هو محمد الطاهر بن عاشور شيخ جامع الزيتونة بتونس، من مصنفاته : التحرير والتنوير في التفسير ، مات سنة 1393هـ ، له ترجمة في : الأعلام 6/ 174 .
(3) ينظر : التحرير والتنوير 1/ 481 .
(4) الواضح 2/ 372 .
(5) ينظر : معاني القرآن وإعرابه 1/ 159 .
(6) معاني القرآن 1/ 49 ، وهو أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبدالله بن مروان الديلمي، من مصنفاته معاني القرآن ، مات سنة 207هـ ، له ترجمة في : طبقات الداوودي 2/ 367 .
(7) غريب القرآن وتفسيره ص 26، وهو أبو عبدالرحمن عبدالله بن يحيى بن المبارك العدوي البغدادي ، المعروف بابن اليزيدي ، مات سنة 237هـ ، له ترجمة : الأنساب 5/ 693 .
(8) معجم مفردات القرآن ص 531 .(1/77)
القول الثاني : ذهب ابن عباس ومجاهد (1) إلى أن معنى الأماني الكذب ، واختاره الفراء (2) ، ورجحه الطبري بقوله : ( وأولى ما روينا في تأويل قوله :¼ :Jً‚پMX ... JًّYك†WعKV ... " بالحق وأشبهه بالصواب ، الذي قاله ابن عباس - الذي رواه عنه الضحاك (3) - وقول مجاهد : أن الأميين الذين وصفهم الله بما وصفهم به في هذه الآية ، أنهم لا يفقهون من الكتاب الذي أنزله الله على موسى شيئاً، ولكنهم يتخرصون الكذب ويتقولون الأباطيل كذباً وزوراً ) (4) .
القول الثالث : ذهب قتادة (5) إلى أن معنى الأماني : أنهم يتمنون على الله ما ليس لهم (6) .
__________
(1) جامع البيان 2/ 156، وهو مجاهد بن جبر أبو الحجاج المكي الأسود ، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي شيخ القراء والمفسرين ، مات سنة 102هـ ، له ترجمة في : الجرح والتعديل 8/ 319 ، سير أعلام النبلاء 4/ 449 .
(2) معاني القرآن 1/ 50 .
(3) هو أبو محمد ، وقيل : أبو القاسم الضحاك بن مزاحم الهلالي صاحب التفسير أصله من الكوفة ثم أقام ببلخ ، مات سنة 102هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 4/ 598 .
(4) جامع البيان 2/ 157 .
(5) قتادة هو ابن دعامة بن قتادة السدوسي أبو الخطاب البصري ، كان حافظاً ، ومفسراً وفقيهاً ، مات سنة 118هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 5/ 269 ، طبقات الداوودي 2/ 47 .
(6) جامع البيان 2/ 156 .(1/78)
القول الرابع : أن الأماني : التقدير ، يقال : منى لك الماني أي قدر لك المقدر ، قاله ابن فارس (1) ، والجوهري (2) ، والراغب الأصفهاني (3) .
وعند التأمل في هذه المعاني لا نجد بينها تعارضاً ؛ بل الكلمة تحتملها جميعاً .
قال ابن فارس : ( الميم والنون والحرف المعتل أصل واحد صحيح ، يدل على تقدير شيء ونفاذ القضاء به ) (4) ، فالتلاوة تقدير ووضع كل آية موضعها (5) ، وكذلك هي تقدير لا يتبعه عمل وفهم للمتلو ، وكذلك الكذب تقدير ما لا حقيقة له ، والتمني كالمقدمة له ، كما قال الراغب : ( ولما كان الكذب تصور ما لا حقيقة له وإيراده باللفظ صار التمني كالمبدء للكذب فصح أن يعبر عن الكذب بالتمني ، وعلى ذلك ما روي عن عثمان - رضي الله عنه - : ما تغنيت ولا تمنيت منذ أسلمت ... ) (6) ، ولذا فسرها جمع من أهل العلم بأكثر من معنى بلا ترجيح (7) .
__________
(1) معجم مقاييس اللغة 5/ 276 .
(2) الصحاح 5/ 1983، هو أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي ، له : تاج اللغة وصحاح العربية المسمى بالصحاح ، مات سنة 398هـ ، له ترجمة في : لسان الميزان 1/ 518 ، شذرات الذهب 3/ 143 .
(3) معجم مفردات القرآن ص 530 ، وهو أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الراغب الأصفهاني ، مات سنة 503هـ ، ينظر : سير أعلام النبلاء 18/ 120 ، طبقات الداوودي 2/ 329 باسم المفضل والصواب أنه الحسين .
(4) معجم مقاييس اللغة 5/ 276 .
(5) معجم مقاييس اللغة 5/ 277 بتصرف يسير .
(6) معجم مفردات القرآن ص 530 ، وقول عثمان - رضي الله عنه - أخرجه الطبراني في الكبير 1/ 41 (124) .
(7) ينظر : غريب القرآن وتفسيره لابن اليزيدي ص 26 ، أحكام القرآن للقرطبي 2/ 6-7 ، بدائع التفسير لابن القيم 1/ 320 .(1/79)
قال ابن تيمية بعد ذكر الأقوال في قوله تعالى :¼ JًّYك†WعKV ... " : ( والآية تعمها فإنه سبحانه وتعالى قال :¼ ‚Wپ WـéSظVص`إWTے ًˆHTTWچYر<ض@ ... " ،لم يقل : لا يقرؤون ولا يسمعون ، ثم قال : ¼ :Jً‚پMX ... JًّYك†WعKV ... " وهذا استثناء منقطع ؛ لكن يعلمون أماني : إما بقراءتهم لها ، وإما بسماعهم قراءة غيرهم ، وإن جعل الاستثناء متصلاً كان التقدير : لا يعلمون الكتاب إلا علم أماني ، لا علم تلاوة فقط بلا فهم ، والأماني جمع أمنية وهي التلاوة ...) (1) .
وهذا لا يمنع من كون بعضها أولى من بعض ؛ لأن العبارات وإن كانت ترجع لمعنى واحد ، إلا أن السياق أو غيره من القرائن يقوي أحدها ، ولأجل هذا فقد رجح الطبري - كما سبق - القول الثاني ، وعلل ذلك بقوله : ( والذي يدل على صحة ما قلنا في ذلك ، وأنه أولى بتأويل قوله : ¼ :Jً‚پMX ... JًّYك†WعKV ... " من غيره من الأقوال قول الله جل ثناؤه : ¼ َـMX ... Wè َطSه ‚PVپMX ... fûéQSTقٌہ¹WTے " فأخبر عنهم جل ثناؤه أنهم يتمنون ما يتمنون من الأكاذيب ظناً منهم لا يقيناً ، ولو كان معنى ذلك أنهم يتلونه لم يكونوا ظانين ...الخ ) (2) .
وقال الفراء في القول الثاني : ( وهذا أبين الوجهين ) (3) .
وقال الشنقيطي بعد ذكره للقول الأول : ( .. وهذا القول لا يتناسب مع قوله : ¼ َطSن`قYعWè WـéQS~TTQYعKR ... " لأن الأمي لا يقرأ ) (4) . والله تعالى أعلم .
__________
(1) مجموع الفتاوى 17/ 434 .
(2) جامع البيان 2/ 158 .
(3) معاني القرآن 1/ 50 .
(4) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 1/ 70 ، ويراجع للاستزادة في هذه المسألة :
النكت والعيون للماوردي 1/ 150 ، زاد المسير 1/ 91 ، المحرر الوجيز 1/ 169 ، معالم التنزيل 1/ 54 ، تفسير ابن كثير 1/ 305 .(1/80)
قال تعالى : ¼ <¢MX ... Wè †WTك<،WKV ... َطRرWحHTT'W~Yع †WقT`إWTتWOWè SطS|WTخَéTWTت WOéJٌ¹ض@ ... N ... èS،S :†Wع طS|TWHTTق`~WTژ ... ƒٍ xلQWéSحYٹ $N ... éSإWظ`ھ@ ... Wè N ... éRض†Wخ †WقT`إYظWھ †WTق`~W±WئWè N ... éSٹX£pT®RK ... Wè ء SطXنYTٹéRصSTخ Wش`oYإ<ض@ ... َ&طYهX£`TةS|Yٹ `شSخ †WظfTT©`LùYٹ طS{S£SعK<†WTے ,-YمYٹ َطRرSقHTWظےXM ... ـMX ... ySچقRز fûkYقYع`ëQSع (93) " [البقرة:93] .
6/5- قال ابن عقيل : ( قال تعالى : { N ... éSٹX£pT®RK ... Wè ء SطXنYTٹéRصSTخ Wش`oYإ<ض@ ... } وحذف حب العجل ، ولو ذكر حب العجل لكان هو الحقيقة اهـ ) (1) .
___________________
الدراسة :
في كلام ابن عقيل مسألتان :
المسألة الأولى : هل في القرآن مجاز ؟ الخلاف في ذلك مشهور معروف :
عرَّف العلماء المجاز : بأنه استعمال الكلام في غير ما وضع له لقرينة صارفة عن المعنى الحقيقي ، وقسيمه الحقيقة : وهي الكلام الذي استعمل فيما وضع له في الأصل (2) .
وقد اختلف العلماء في وقوع المجاز في اللغة وفي القرآن :
فذهب بعض العلماء إلى منع وجود المجاز في اللغة ، ورجح هذا القول وانتصر له شيخ الإسلام ابن تيمية وألف رسالة في الحقيقة والمجاز (3) ، ورد القول بوقوعه ، وما تذرع به من قال به ، وأبطل الحد الذي حد به (4) .
__________
(1) ينظر الواضح 2/ 385 ، 4/ 30 .
(2) ينظر : العدة 1/ 172 ، روضة الناظر 2/ 8 ، الواضح 2/ 384 ، شرح الكوكب المنير 1/ 149 .
(3) مضمنة في مجموع الفتاوى 20/ 400 .
(4) ينظر : مجموع الفتاوى 7/ 87 وما بعدها .(1/81)
ومن كلامه أنه قال : ( لم ينقل أحد قط عن أهل الوضع أنهم قالوا: هذا حقيقة وهذا مجاز ، بل ولا ذكر هذا أحد عن الصحابة الذين فسروا القرآن وبينوا معانيه ، ولا من بعدهم ، ولا غير هؤلاء ، ولا أحد من أئمة الفقه الأربعة وغيرهم ، وإنما وجد في كلام أحمد بن حنبل لكن بمعنى آخر (1) ، كما أنه وجد في كلام أبي عبيدة معمر بن المثنى بمعنى آخر (2) ، ولم يوجد أيضاً تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز في كلام أئمة النحو واللغة : كأبي عمرو بن العلاء ، والأصمعي ، والخليل ، وسيبويه ، والكسائي ، والفراء ، ولا يعلمه أحد من هؤلاء عن العرب ) (3) .
وتبعه تلميذه ابن القيم ، وعقد له فصلاً في الصواعق المرسلة قال فيه : ( كسر الطاغوت الثالث وهو المجاز من خمسين وجهاً ) (4) .
وذهب كثير من العلماء إلى القول بالمجاز في اللغة ، ثم اختلف هؤلاء في جواز إطلاقه في القرآن : فمنهم من أجازه ، وهو مذهب جمهور أهل الأصول (5) ، ومنهم من منعه (6) .
__________
(1) كلام الإمام أحمد أنه قال في كتاب الرد على الجهمية في قوله تبارك وتعالى : [إِنَّا] ، [نَحْنُ] ونحو ذلك في القرآن : هذا من مجاز اللغة ، يقول الرجل : إنا سنعطيك ، إنا سنفعل ؛ فذكر أن هذا مجاز اللغة ، وبهذا احتج على مذهبه من أصحابه من قال : إن في القرآن مجازاً ، كالقاضي أبي يعلى ، وابن عقيل ، وأبي الخطاب وغيرهم ، وحكى بعض الناس عن أحمد في ذلك روايتين ، ينظر : مجموع الفتاوى 7/ 89 .
(2) وضح هذا المعنى بقوله : ( إنما عنى بمجاز الآية : ما يعبر به عن الآية ) مجموع الفتاوى 7/ 88 .
(3) مجموع الفتاوى 20/ 451 بتصرف .
(4) مختصر الصواعق المرسلة 2/ 241 .
(5) ينظر : شرح مختصر روضة الناظر 1 / 532 ، الإحكام للآمدي 1 / 45 ، المسودة ص 564 ، شرح الكوكب المنير 1/ 191 .
(6) ينظر : المسودة ص 564 ، شرح الكوكب المنير 1/ 191 .(1/82)
وقد ألف الشنقيطي رسالة في منعه سماها ( منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز ) تكلم فيها عن المسألة ، وحرر رأيه بقوله : ( والذي ندين الله به ويلزم قبوله كل منصف محقق أنه لا يجوز إطلاق المجاز في القرآن مطلقاً على كلا القولين ، أما على القول بأنه لا مجاز في اللغة وهو الحق ؛ فعدم المجاز في القرآن واضح ، وأما على القول بوقوع المجاز في اللغة العربية فلا يجوز القول به في القرآن ، وأوضح دليل على منعه في القرآن إجماع القائلين بالمجاز على أن كل مجاز يجوز نفيه .. ولا شك أنه لا يجوز نفي شيء من القرآن ) (1) .
ثم أجاب بأجوبة سديدة على ما ادعي فيه المجاز في كتاب الله تعالى (2) .
ولا بد من العلم بأن حقيقة الخطاب هو ما أراده المتكلم في خطابه ، كما قال ابن القيم في الصواعق المرسلة : ( الفصل الحادي عشر : في أن قصد المتكلم من المخاطب حمل كلامه على خلاف ظاهره وحقيقته ينافي قصد البيان والإرشاد والهدى ، وأن القصدين متنافيان ، وأن تركه بدون ذلك الخطاب خير له وأقرب إلى الهدى ) (3) .
ولو قيل بالمجاز لأصبح أكثر كلام الناس لا حقيقة له ، وهذا مما يضعف القول به ويرده .
قال ابن القيم : ( وقد قال بعض أئمة النحاة : أكثر اللغة مجاز ، فإذا كان أكثر اللغة مجازاً سهل على النفوس أنواع التأويلات ، فقل ما شئت ، وأول ما شئت ، وأنزل عن الحقيقة ولا يضرك أي مجاز ركبته ) (4) . فإذا قيل مثلاً : قطع الأمير يد زيد . قيل : هل قطعها حساً أو معنى ؟ وهل قطعها بنفسه ؟ أو أمر بذلك ؟ وهكذا .
المسألة الثانية :
ذكر العلماء في تفسير هذه الآية قولين :
__________
(1) منع جواز المجاز ص 36 .
(2) ينظر : ص 61 .
(3) 1/ 310 .
(4) الصواعق المرسلة 2/ 451 .(1/83)
القول الأول : أنهم أشربوا في قلوبهم حب العجل ، وهذا هو قول قتادة وأبي العالية (1) ، وذلك أن من عادة العرب إذا أرادوا العبارة عن مخامرة حب أو بغض استعملوا لفظ الشراب لأنه أبلغ ما يتغلغل في البدن ، ولو قيل : إنهم أحبوا العجل لم تكن هذه المبالغة (2) ، ويكون هذا من باب حذف المضاف وهو الحب ، وحلول المضاف إليه مقامه اكتفاء بفهم السامع لمعنى الكلام فيكون كالمذكور ، إذ كان معلوماً أن العجل لا يُشرِبُ القلبَ ، وأن الذي يُشرِب القلبَ منه حبه ، وهو مستعمل كثيراً ، كما قال تعالى : ¼ `طSن<صLWTTpTھWè XفWئ YàTWTےَ£Wح<ض@ ... ّYچPVض@ ... pŒWTك†W{ WلW£Y†Wڑ X£p™W‰<ض@ ... " [الأعراف:163] ، وقوله : ¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... ّYچPVض@ ... †QWقTS{ †Wن~Yت WOkYإ<ض@ ... Wè ُّXچPVض@ ... †WTق<صW‰pTTخVK ... $†Wن~Yت " [يوسف:82] ، والمراد : أهل القرية .
القول الثاني : أنهم سقوا الماء الذي ذُرِّي فيه سُحالة العجل ، وهذا هو قول السدي (3) ، وابن جريج (4) ، ودليل تذريته في البحر قوله تعالى : ¼ JًyRT' ISمPVقTWةY©قWTقVض ء JgyW~T<ض@ ... †[Tة`©WTTك (97) " [طه:97] .
__________
(1) جامع البيان 2/ 263 ، وأبو العالية : هو رفيع بن مهران البصري الرياحي ، كان إماماً في القرآن والتفسير ، مات سنة 93هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 4/ 207 ، طبقات الداوودي 1/ 178 .
(2) ينظر : المفردات ص 289 بتصرف كثير .
(3) هو أبو محمد إسماعيل بن عبدالرحمن بن أبي كريمة السدي الهاشمي الكوفي ، المشهور بالتفسير ، مات سنة 127هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 5/ 264 ، طبقات الداوودي 1/ 110 .
(4) جامع البيان 2 / 265 ، وابن جريج هو عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج أبو الوليد ويقال : أبو خالد الرومي الأموي مولاهم المكي صاحب التصانيف ، مات سنة 150هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 6/ 325 ، طبقات الداوودي 1/ 358 .(1/84)
والراجح بعد النظر في القولين : القول الأول وهو الذي قال به ابن عقيل ، ويؤيده ما قاله الطبري : ( وأولى التأويلين الذين ذكرت بقول الله جل ثناؤه : ¼ N ... éSٹX£pT®RK ... Wè ء SطXنYTٹéRصSTخ Wش`oYإ<ض@ ... َ&طYهX£`TةS|Yٹ " [البقرة:93] ، تأويل من قال : وأشربوا في قلوبهم حب العجل ، لأن الماء لا يقال منه : أُشرِب فلان في قلبه ، وإنما يقال ذلك في حب الشيء ) (1) .
ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - : " تعرض الفِتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً ، فأي قلب أُشرِبها نُكِت فيه نُكتة سوداء .." الحديث (2) .
قال النووي : ( معنى أُشربها دخلت فيه دخولاً تاماً وألزمها وحلت منه محل الشراب ، ومنه قوله تعالى : ¼ N ... éSٹX£pT®RK ... Wè ء SطXنYTٹéRصSTخ Wش`oYإ<ض@ ... " [البقرة:93] أي حب العجل ) (3) .
وهو ما رجحه الفراء (4) ، وابن الجوزي (5) ، والبغوي (6) ، وابن عطية (7) ، والقرطبي (8) .
وهذا من إيجاز الحذف ، ومثله قوله تعالى : ¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... " [يوسف:82] أي : أهلها .
فالإيجاز ضربان :
أحدهما : إيجاز الحذف وشرطه أن يكون في اللفظ دلالة على المحذوف .
__________
(1) جامع البيان 1/ 467 .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب رفع الأمانة والإيمان عن بعض القلوب وعرض الفتن على القلوب (144) من حديث حذيفة - رضي الله عنه - .
(3) شرح صحيح مسلم 2/ 330 .
(4) معاني القرآن 1/ 61 .
(5) زاد المسير 1/ 101 .
(6) معالم التنزيل 1/ 60 .
(7) المحرر الوجيز 1/ 180 .
(8) الجامع لأحكام القرآن 2/ 23 .(1/85)
والثاني : إيجاز القصر ، وهو ما ليس بحذف ، لكن معناه كثير يزيد على لفظه (1) كقوله تعالى : ¼ َطRرVضWè ء X¯†f±Yح<ض@ ... bلléWT~Wڑ " [البقرة:179] ، ولأجل تحصيل المعنى الكثير في اللفظ القليل حسن الإيجاز بنوعيه (2) ، ومن قواعد التفسير : أن القرآن بلغة العرب والعرب تحذف ما كفى منه الظاهر في الكلام إذا لم تشك في معرفة السامع مكان الحذف (3) . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ `شSخ ـMX ... pŒWك†Vز SطS|Vض SO ... PVںض@ ... SلW£Y‚پ@ ... WںقYئ JًY/@ ... _àfTT±Yض†W فQYع XـèS g†PVقض@ ... N ... SéQWTقWظWچWTت ًَéTWظ<ض@ ... ـMX ... َطSچقS{ fûkYخYYںHTW² (94) فVضWè SâَéTQWTقWظWچWے W= ... ںTWTٹVK ... †WظYٹ pŒWTعPVںWخ َ%طXنےYں`TےKV ... SJًJًS/@ ... Wè =Sط~YصWئ fûkYظYصHTJًہ¹ض@†Yٹ (95) " [البقرة:94-95] .
7/6- قال ابن عقيل : ( ¼ فVضWè SâَéTQWTقWظWچWے W= ... ںTWTٹVK ... " [البقرة:95] وأخبر سبحانه عن تمنيهم الموت في النار ، وأنهم يقولون : ¼ ٌذYصHTWظHTWTے X´pTحW~Yض †WTق`~VصWئ $ًذQSTٹWO " [الزخرف:77] أي : ليمتنا ؛ فبان بذلك أنه أراد بالأبد : مدتهم في الدنيا ، ومبلغ أعمارهم اهـ ) (4) .
_____________________________
الدراسة :
تناول ابن عقيل في كلامه مسألتين :
المسألة الأولى :
نفى ابن عقيل أن يكون المراد بالأبد ما لا نهاية له ، وعلى هذا فالمراد بالآية : أن اليهود لن يتمنوا الموت مدة بقائهم في الدنيا ، ويؤيد هذا أن الله ذكر تمنيهم الموت في النار بقوله سبحانه : ¼ N ... `èW †WTكWè ٌذYصHTWظHTWTے X´pTحW~Yض †WTق`~VصWئ $ًذQSTٹWO " [الزخرف:77] ، فالأبد مدة من الزمان مهما طالت ، وهو في الآية أبدٌ من الآباد ، وهذا هو قول عامة العلماء في معنى الأبد ، وفي المراد به بالآية .
__________
(1) ينظر : الإيضاح في علوم البلاغة ص 184 .
(2) ينظر : التحرير والتنوير 1/ 122 .
(3) قواعد التفسير 1/ 364 .
(4) ينظر : الواضح 4/ 104 .(1/86)
قال الطبري : (¼ فVضWè SâَéTQWTقWظWچWے W= ... ںTWTٹVK ... " [البقرة:95] : يعني به : ولن يتمنى اليهود الموت بما قدموا أمامهم في حياتهم من كفرهم بالله ) (1) .
وقال ابن فارس : ( الهمزة والباء والدال يدل بناؤها على طول المدة ) (2) .
وقال البغوي : ( ولن لا تكون للتأبيد (3) ، كقوله تعالى : ¼ فVضWè SâَéTQWTقWظWچWے W= ... ںTWTٹVK ... " [البقرة:95] إخباراً عن اليهود ، ثم أخبر عنهم أنهم يتمنون الموت في الآخرة ، كما قال الله تعالى : ¼ N ... `èW †WTكWè ٌذYصHTWظHTWTے X´pTحW~Yض †WTق`~VصWئ $ًذQSTٹWO " [الزخرف:77] ) (4) .
ومثله قال ابن الجوزي (5) .
ومما يؤيد هذا أيضاً حديث سراقة بن مالك في الحج حينما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المتعة فقال : ألعامنا هذا أم لأبد ؟ فشبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في الأخرى وقال : " دخلت العمرة في الحج مرتين ، لا بل لأبد أبد " (6) .
والمراد بأبد الأبد في هذا الحديث : إلى نهاية الدنيا .
قال ابن الأثير (7) : ( والأبد : الدهر ، أي : هي لآخر الدهر ) (8) .
المسألة الثانية :
__________
(1) جامع البيان 2/ 274 .
(2) معجم مقاييس اللغة 1/ 34 ، لسان العرب 3/ 68 .
(3) خلافاً للزمخشري ، ينظر : الكشاف 2/ 145 ، فهي دعوى بلا دليل ، ينظر : مغني اللبيب ص 281 .
(4) معالم التنزيل 2/ 164 .
(5) ينظر : زاد المسير 3/ 196 .
(6) أخرجه مسلم في كتاب الحج باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (1218) .
(7) هو أبو السعادات المبارك بن محمد الشيباني الجزري الشافعي ، ويعرف بابن الأثير ، من مصنفاته : الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف ، النهاية في غريب الحديث والأثر ، مات سنة 606هـ ، له ترجمة في : طبقات الشافعية 5/ 153 ، شذرات الذهب 5/ 22 .
(8) النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 13 .(1/87)
فسر ابن عقيل القضاء بالموت ، والقضاء في اللغة : إحكام الأمر وإتقانه ، والموت أمر محكم ومتقن ، ولذلك سمي قضاء .
قال ابن فارس : ( القاف والضاد والحرف المعتل أصل صحيح يدل على إحكام أمر وإتقانه وإنفاذه لجهته ... وسميت المنية قضاء لأنه أمر يُنْفَذ في ابن آدم وغيره من الخلق ) (1) .
وهذا التفسير تؤيده الأدلة ، ومن ذلك :
قوله تعالى : ¼ ISâW¥VزWéWTت uّWھéSع uّWµWحWTت $Yم`~VصWئ " [القصص:15] أي : قتله (2) .
وقوله تعالى : ¼ طSن`قYظWTت فQWع uّWµWTخ ISمWT‰`™WTك طSن`قYعWè فQWع $S£Yہ¹WچقWTے " [الأحزاب:23] أي : مات على ما عاهد عليه (3) .
قال الطبري : ( قالوا : ليمتنا ربك ، فيفْرُغ من إماتتنا ) (4) .
وقال السمرقندي (5) : ( ¼ ٌذYصHTWظHTWTے X´pTحW~Yض †WTق`~VصWئ $ًذQSTٹWO " [الزخرف:77] يعني : ادع لنا ربك لقبض أرواحنا ) (6) .
وتتابع العلماء على هذا التفسير (7) . والله أعلم .
__________
(1) معجم مقاييس اللغة 4/ 99 ، وينظر : المفردات ص 453 .
(2) ينظر : معاني القرآن للنحاس 5/ 167 .
(3) ينظر : معاني القرآن للنحاس 5/ 338 .
(4) جامع البيان 20/ 649 .
(5) هو أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي ، له : بحر العلوم في التفسير،وكتاب النوازل في الفقه ، مات سنة 393هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 16/ 322 ، طبقات الداوودي 2/ 346 .
(6) تفسير السمرقندي 3/ 252 .
(7) ينظر : الوجيز 2/ 979 ، تفسير السمعاني 5/ 117 ، المفردات ص 454 ، الكشاف 4/ 276 ، زاد المسير 7/ 145 ، تفسير ابن كثير 7/ 3157 .(1/88)
قال تعالى : ¼ لِلَّهِ †Wع `œW©قWك َفYع ]àTTWے ... ƒٍ `èVK ... †WنY©قSTك g<K†WTك xO`kTWmgî :†Wن`TقQYع `èVK ... :%†fTTTنYص<'Yع َطVضKV ... َطVص`إWTژ QWـKV ... WJً/@ ... uّVصWئ PXشSز xٍpّW® e£ےYںWTخ (106) " [البقرة:106] .8/7- قال ابن عقيل : ( ¼ †Wع `œW©قWك َفYع ]àTTWے ... ƒٍ `èVK ... †WنY©قSTك g<K†WTك xO`kTWmgî :†Wن`TقQYع " يعني : خيراً لكم ، وإلا فالقرآن نفسه لا يتفاضل ، لكونه كلاماً لله سبحانه ، وصفة من صفاته التي لا تحتمل التفاضل والتخاير . وما هو خير لنا يحصل من وجوه :
أحدها : في السهولة المخففة عنا ثقل التكليف ، وذلك خير من وجهين : أحدهما : انتفاء المشقة على النفس ، والثاني : حصول الاستجابة والمسارعة ، فإن النفوس إلى الأسهل أسرع ، وإذا أسرعت الاستجابة ، تحقق إسقاط الفرض ، وحصول الأجر .والثاني من وجوه الخير : كثرة المشقة التي يتوفر بها الثواب ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة : " ثوابك على قدر نصبك " (1) . وقد يكون الخير الأصلح الذي لا نعلم وجهه .
وقوله : ¼ `èVK ... :%†fTTTنYص<'Yع " : في السهولة أو الصعوبة أو المثوبة . فإن قيل : فما أفاد التبديل بالمثل شيئاً ، إذا كان المثل ما سد مسد مثله .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الحج باب أجر العمرة على قدر النصب (1695) ، ومسلم في كتاب الحج باب وجوه الإحرام (1211) .(1/89)
قيل : بل قد يفيد ، إما زوال الملل ؛ فإن النفوس قد تمل ، فإذا انتقلت إلى غيرٍ ، سهل عليها التكليف ، فإن المغايرة تخفف الأفعال . وقد تكون مثلاً لها في السهولة والأجر ، لكن يحصل بتغيرها وتبديلها بغيرها زيادة تعبد ، وهو التسليم والتحكم لأمر الله في تغيير أحكامه ، ونقل عباده من عبادة إلى عبادة من غير لوم ولا اعتراض، بخلاف ما نطقت به الآيات عن أهل الشرك والنفاق؛من قولهم : ¼ †Wع َطSنHùPVضWè فWئ SطXنYچVص`‰YTخ ّXچPVض@ ... N ... éSTك†Vز &†Wن`~VصWئ " [البقرة:142] ، وقولهم : ¼ `طS|QSTےKV ... Sم`TژW ... W¦ ,-YâY،HTWه &†_TقHTWظےMX ... " [التوبة:124]، وقوله : ¼ ... V¢XM ... Wè :†WTق<ضPVںWTٹ ^àTWTے ... ƒٍ fû†W|PVع x*àTTWے ... ƒٍ SJًJًS/@ ... Wè ٌyTVص`ئKV ... †WظYٹ SسQX¥WTقSTے vN ... éRض†WTخ :†WظPVكXM ... ًŒكKV ... Y>&£WچpTTةSع " [النحل:101] ، فإذا حصل من المؤمنين المسارعة إلى طاعة الله ، والرضا بتبديل الأحكام، وتغير التكليف،كان لهم المضاعفة في الثواب والله أعلم اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل في كلامه على هذه الآية إلى أربع مسائل ، وهي كالتالي :
المسألة الأولى :
معنى : ( بخير منها ) :
قال ابن عقيل : ( يعني خيراً لكم ) ولم أجد من خالف من المفسرين في هذا المعنى .
قال الجصاص (2) : ( فحصل من اتفاق الجميع أن المراد خير لكم إما في التخفيف أو في المصلحة ) (3) .
__________
(1) ينظر : الواضح 1/254 ، 4/ 236 .
(2) هو الإمام أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص، كان إمام الحنفية في عصره ، مات سنة 370هـ ، له ترجمة في : طبقات الداوودي 1/ 56 .
(3) أحكام القرآن 1/ 72 .(1/90)
وقال الرازي (1) : ( أي بخير منها لكم ؛ لأنه إن كان أخف كان خيراً في الدنيا والآخرة ، وإن كان أشد كان خيراً في الآخرة لامتثال أمر الله تعالى فيه ) (2) .
المسألة الثانية :
هل يستفاد من هذا المعنى تفاضل كلام الله ؟ .
الخلاف في هذه المسألة مبسوط في المطولات ، وهي مسألة مشهورة عند المتقدمين ، هل كلام الله يتفاضل أم لا ؟ على قولين :
فالقول الأول : أنه لا يتفاضل ؛ وهو قول ابن عقيل وما ذهب إليه ابن جرير الطبري (3) ،
وأبو بكر الجصاص (4) ، وجماعة من الفقهاء .
ودليلهم : أن القرآن كله كلام الله فهو صفة من صفاته فلا تحتمل التفاضل .
والقول الثاني : أنه يتفاضل ، وبهذا قال أبو بكر بن العربي (5) ، والقرطبي ، وابن تيمية ، وكثير من أهل العلم .
ومن أدلتهم : حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا أبا المنذر : أتدري أي آية من كتاب معك الله أعظم ؟ " قال : قلت : ¼ JًS/@ ... :‚Wپ WمHTVضXM ... ‚PVپMX ... WéSه QSّW™<ض@ ... &S×éQST~Wح<ض@ ... " [البقرة:255] ، قال : فضرب في صدري ، وقال : " لِيُهنِك العلم أبا المنذر " (6) .
__________
(1) هو زين الدين أبو عبدالله محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الرازي ، من مصنفاته : تفسير غريب القرآن العظيم ، ومختار الصحاح ، وغيرها ، واختلف في سنة وفاته لكنها بعد 666 هـ ، ينظر : مقدمة محقق تفسير غريب القرآن العظيم د.حسين ألمالي .
(2) تفسير غريب القرآن العظيم ص 206، وذكر مثله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 2/ 48 ، والفيروزابادي في بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز 2/ 573 .
(3) ينظر : جامع البيان 2/ 403 .
(4) ينظر : أحكام القرآن 1/ 72 .
(5) وممن نسب له الاختيار القرطبي في تفسيره 1/ 78 .
(6) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي (810) .(1/91)
وقوله - صلى الله عليه وسلم - في سورة الإخلاص : " والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن " (1) ، وغيرها كثير .
قال القرطبي : ( والتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها لا من حيث الصفة ، وهذا هو الحق ) (2) .
وقال أيضاً : ( ويدل على القول الأول - يعني التفاضل - قوله تعالى : ¼ `èVK ... :%†fTTTنYص<'Yع " ) (3) .
وقال ابن الحصار (4) : ( عجبي ممن يذكر الاختلاف مع هذه النصوص ) أي الواردة بالتفضيل (5) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن باب فضل قل هو الله أحد (5013) من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - .
(2) الجامع لأحكام القرآن 1/ 78 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 2/ 48 .
(4) هو سعيد بن محمد بن بشر القرطبي المالكي، المشهور بابن الحصار ، يعرف بولي بني فطيس ، وكان أحد الأذكياء المتفننين ، مات سنة 422هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 17/ 474 .
(5) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 1/ 78، ويراجع في هذه المسألة : تفسير ابن كثير 1/ 133 ، شرح الكوكب المنير 2/ 118-122 .(1/92)
وأطال ابن تيمية في مجموع الفتاوى الكلام حولها فيما يزيد على خمسين صفحة وحرر محل النزاع ، وشفى وكفى ، ونص على كلام ابن عقيل في الواضح وبسط الكلام فيه (1) ، ومن ذلك قوله رحمه الله : ( والقول بأن كلام الله بعضه أفضل من بعض هو القول المأثور عن السلف وهو الذي عليه أئمة الفقهاء من الطوائف الأربعة وغيرهم ... ولم يعرف قط أحد من السلف رد مثل هذا ولا قال لا يكون كلام الله بعضه أشرف من بعض فإنه كله من صفات الله ونحو ذلك إنما حدث هذا الإنكار لما ظهرت بدع الجهمية (2) ) (3) .
وقال أيضاً في آخر الكلام على المسألة : ( فنقول : قد علم أن تفاضل القرآن وغيره من كلام الله ليس باعتبار نسبته إلى المتكلم ، فإنه سبحانه واحد ، ولكن باعتبار معانيه التي يتكلم بها ، وباعتبار ألفاظه المبينة لمعانيه ) (4) .
وذكر نحوه الشيخ ابن عثيمين (5) فقال : ( .. وهذا موضع يجب فيه التفصيل ؛ فإننا نقول : أما باعتبار المتكلم به؛ فإنه لا يتفاضل ؛ لأن المتكلم به واحد وهو الله عز وجل ، وأما باعتبار مدلولاته وموضوعاته فإنه يتفاضل ... ) (6) .
وبهذا التفصيل يحصل الفصل في المسألة ، والله أعلم .
__________
(1) ينظر : مجموع الفتاوى 17/ 47
(2) الجهمية : هم أتباع جهم بن صفوان ، ومن عقائدهم : نفي جميع أسماء الله تعالى وصفاته ، والقول بالإرجاء ، وأن القرآن مخلوق ، ينظر : الملل والنحل للشهرستاني 1/ 67 ، الفرق بين الفرق ص 199 .
(3) ينظر : مجموع الفتاوى 17/ 13 ، 46 .
(4) مجموع الفتاوى 17/ 129 ، وينظر كلامه في درء تعارض العقل والنقل 7/ 271 .
(5) هو أبو عبدالله محمد بن صالح بن عثيمين الوهيبي التميمي، من مؤلفاته : تفسير آيات الأحكام ولم يكمل ، أصول في التفسير ، مات سنة 1420هـ ، له ترجمة في : مقدمة مجموع فتاواه جمع فهد السليمان 1/ 9 .
(6) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين جمع وترتيب فهد بن ناصر السليمان 8/ 133 .(1/93)
المسألة الثالثة :
أوجه الخيرية في النسخ :
قال ابن عقيل : ( وما هو خير لنا يحصل من وجوه :
أحدها : في السهولة المخففة عنا ثقل التكليف ، وذلك خير من وجهين :
أحدهما : انتفاء المشقة على النفس ، والثاني : حصول الاستجابة والمسارعة ، فإن النفوس إلى الأسهل أسرع ، وإذا أسرعت الاستجابة ، تحقق إسقاط الفرض ، وحصول الأجر . والثاني من وجوه الخير : كثرة المشقة التي يتوفر بها الثواب .. ) (1) .
ومن أوجه الخيرية في النسخ :
1- حصول الأجر والثواب على الامتثال والانقياد والتسليم (2) ، وزيادته إن كان النسخ إلى أشد (3) ، قال تعالى: ¼ فWعWè XؤTY¹STے JًW/@ ... ISمVضéSھWOWè `ںWحWTت W¦†WTت ... Z¦َéTWTت †[ظ~Yہ¹Wئ (71) " [الأحزاب:71]، والتيسير على المكلف إن كان النسخ إلى أخف .
2- الابتلاء والاختبار لعباده ليظهر الصادق في إيمانه - فينال الخيرية - من الكاذب ، قال تعالى : ¼ َطS{WéSTص`‰TWT~YPض ء :†Wع p%yRرHùWTژ ... ƒٍ " [الأنعام:165] .
3- تأليف قلوب العباد للتكاليف وتطويرها إلى مرتبة الكمال من خلال التدرج في التشريع ، مراعاة لحداثة الناس بالجاهلية ، وتطور أحوالهم، فيكون أدعى للقبول، ومثاله : التدرج في تحريم الخمر ، والتدرج في فرض الصيام .
4- تطييب نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - ونفوس أصحابه في تمييز هذه الأمة وفضلها ، ومن ذلك تحويل القبلة إلى الكعبة .
5- وبالجملة فكل آية ثبت فيها النسخ ففيها حكمة وخير ، فالشارع الحكيم يعلم مصالح خلقه ولا يشرع لهم إلا الخير سواء علموه أو خفي عنهم ، فالنسخ رفع وإنزال للآيات لمقتض ¼ SJًJًS/@ ... Wè ٌyTVص`ئKV ... †WظYٹ SسQX¥WTقSTے " [النحل:101] حسب تغير الأحوال والظروف والأزمان (4) .
__________
(1) الواضح 1/ 254 .
(2) ينظر : مناهل العرفان 2/ 163 .
(3) ينظر : كشف الأسرار 3/ 187 .
(4) ينظر : كشف الأسرار 3/ 160 .(1/94)
قال الشافعي (1) : ( إن الله خلق الخلق لما سبق في علمه مما أراد بخلقهم وبهم ، لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ، وأنزل عليهم الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة ، وفرض فيهم فرائض أثبتها ، وأخرى نسخها ؛ رحمة لخلقه بالتخفيف عنهم ، وبالتوسعة عليهم ، زيادة فيما ابتدأهم به من نعمه ، وأثابهم على الانتهاء إلى ما أثبت عليهم جنته والنجاة من عذابه ، فعمتهم رحمته فيما أثبت ونسخ فله الحمد على نعمه ) (2) .
المسألة الرابعة :
معنى ¼ `èVK ... :%†fTTTنYص<'Yع " ، وما فائدة التبديل بالمثل ؟ .
ذكر ابن عقيل أنه في السهولة أو الصعوبة أو المثوبة ، وهذا هو ما ذكره عامة المفسرين .
قال الماوردي : ( يعني مثل حكمها ، في الخفة والثقل والثواب والأجر ) (3) .
وقال البغوي : ( في المنفعة والثواب ) (4) .
وذَكَر ابن عقيل فائدة التبديل بمثلها بقوله : ( إما زوال الملل ؛ فإن النفوس قد تمل ، فإذا انتقلت إلى غيرٍ سهل عليها التكليف ، فإن المغايرة تخفف الأفعال . وقد تكون مثلاً لها في السهولة والأجر ، لكن يحصل بتغيرها وتبديلها بغيرها زيادة تعبد ، وهو التسليم والتحكم لأمر الله في تغيير أحكامه ، ونقل عباده من عبادة إلى عبادة من غير لوم ولا اعتراض ) (5) .
وقال ابن الجوزي : ( فتكون الحكمة في تبديلها بمثلها الاختبار ) (6) .
__________
(1) هو الإمام أبو عبدالله محمد بن إدريس بن العباس الشافعي ، مكي الأصل مصري الدار ، مات سنة 204هـ ، له ترجمة في : الجرح والتعديل 7/ 201 (1130) ، تهذيب الكمال 24/ 355 .
(2) الرسالة ص 106 .
(3) النكت والعيون 1/ 171 .
(4) معالم التنزيل 1/ 67 ، ومثله ذكر ابن الجوزي في زاد المسير 1/ 111 .
(5) الواضح 1/ 255 .
(6) زاد المسير 1/ 111 .(1/95)
وقال الزرقاني (1) : ( وأما الحكمة في نسخ الحكم بمساويه في صعوبته أو سهولته ، فالابتلاء والاختبار ، ليظهر المؤمن فيفوز ، والمنافق فيهلك ليميز الخبيث من الطيب ) (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ ًذYض.V،W{Wè َطRرHTTTWق<صWإW- _àTTPVعRK ... †^T¹WھWè N ... éSTكéS|WTچPYض ƒٍ: ... WںWنTS® ّVصWئ g†PVقض@ ... WـéRرTTWTےWè SسéSھQW£ض@ ... َطRر`~VصWئ % ... _ں~TTXنW® †WعWè †Wق<صWإW- WàVص`‰Yح<ض@ ... ّYچPVض@ ... ًŒقRز :†Wن`~TVصWئ ‚PVپMX ... WطVص`إWقYض فWع SؤTY‰PVچWTے WسéSھQW£ض@ ... فQWظYع ٌˆYصWTحقWTے uّVصWئ &Yم`~W‰YحWئ ـMX ... Wè pŒVك†Vز [ل£W~Y‰VرVض ‚PVپMX ... ّVصWئ WفےY،PVض@ ... ÷WںWه %JًS/@ ... †WعWè Wـ†Vز JًS/@ ... Wؤ~YµS~Yض َ&طRرWقHTWظےXM ... UfûMX ... JًW/@ ... g†fTTTQTقض@†Yٹ cاèSٍW£TVض cy~YڑQWO (143) " [البقرة:143] . 9/8- قال ابن عقيل : ( ¼ ًذYض.V،W{Wè َطRرHTTTWق<صWإW- _àTTPVعRK ... †^T¹WھWè N ... éSTكéS|WTچPYض ƒٍ: ... WںWنTS® ّVصWئ g†PVقض@ ... " يعني : عدولاً ؛ بدليل قوله سبحانه : ¼ Wس†WTخ َطTSنٌ¹Wھ`èVK ... `yVضKV ... شSTخKV ... `yRرPVض ً‚پَéTVض WـéS™QYT‰W©STژ (28) " [القلم:28] ، وقال الشاعر :
هم وسطٌ ترضى الأنامُ بحُكْمِهم
إذا نزلت إحدى الليالي بِمُعْظَم (3)
__________
(1) هو محمد عبدالعظيم الزرقاني ، من علماء الأزهر ، ومن كتبه : مناهل العرفان في علوم القرآن ، مات سنة : 1367هـ ، له ترجمة في : الأعلام 6/ 210 .
(2) مناهل العرفان 2/ 196 .
(3) البيت نسبه الطبري : لزهير 2/ 8 ، وكذلك القرطبي 2/ 104 ، وروايته في ديوانه يختلف صدره عما هنا ؛ ينظر : ديوان زهير بن أبي سلمى ص 86 فنصه من المعلقة :
لِحَيٍّ حِلالٍ يَعصِمُ الناسَ أمرُهُم إذا طَرَقَت إحدى الليالي بمعظَم . ويُروى بكسر الظاء ، والحِلال : جمع حال مثل صاحب وصحاب ، الطروق : الإتيان ليلاً ، معظم : أمر عظيم . ينظر : شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري ص 272 ، شرح المعلقات السبع للزوزني ص 154 .(1/96)
اهـ ) (1) .
_________________________
الدراسة :
أبان ابن عقيل في كلامه معنى ¼ †^T¹WھWè " في الآية ، واستدل لما قال بالقرآن والشعر .
ومن خلال تتبع كلام المفسرين وأهل اللغة تبين لي أن في هذه الكلمة ثلاثة أقوال :
الأول : العدل . وهو قول ابن عقيل ، وبه قال الفراء (2) ، وابن اليزيدي (3) ، والطبري (4) ، وابن فارس (5) ، والجوهري (6) ، والراغب (7) ، والرازي (8) ، ورجحه القرطبي بقوله: ( والوسط العدل ، وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها ) (9) .
الثاني : الخيار .
قال الطبري : ( وأما الوسط ، فإنه في كلام العرب الخيار ) (10) ، وهذا موافق للقول الأول فالاختلاف فيه اختلاف تنوع ، ولذا قال الطبري : ( وأما التأويل ؛ فإنه جاء الوسط بمعنى العدل ، وذلك معنى الخيار ؛ لأن الخيار من الناس عدولهم ) (11) .
الثالث : أن الوسط من التوسط بين الإفراط والتفريط .
قال الكلبي (12) : ( يعني أهل دين وسط بين الغلو والتقصير ؛ لأنهما مذمومان في الدين ) (13) .
وهذا التأويل لا يخرج في معناه عما قبله بل أول ما يدخل فيه العدل الخيار ، ومن هنا يمكن الجمع بين الأقوال برجوعها إلى معنى واحد وهو العدل الخيار الذي من لازمه عدم الإفراط أو التفريط .
__________
(1) ينظر : الواضح 5/ 106 .
(2) معاني القرآن 1/ 83 .
(3) ينظر : غريب القرآن وتفسيره ص 31 .
(4) جامع البيان 2/ 627 .
(5) معجم مقاييس اللغة 6/ 108 .
(6) في الصحاح 3/ 975 .
(7) المفردات ص 595 .
(8) في تفسير غريب القرآن العظيم ص 291 .
(9) الجامع لأحكام القرآن 2/ 104 .
(10) جامع البيان 2/ 626 .
(11) جامع البيان 2/ 627 .
(12) هو أبو النضر محمد بن السائب بن بشر بن عمرو الكلبي الكوفي ، مات سنة 146هـ ، ينظر : تهذيب الكمال 25/ 246 (5234) ، طبقات الداوودي 2/ 149 .
(13) معالم التنزيل 1/ 83 .(1/97)
قال الطبري : ( وأرى أن الله تعالى ذكره إنما وصفهم بأنهم وسط لتوسطهم في الدين ، فلا هم أهل غلو فيه ... ولا هم أهل تقصير فيه ... ولكنهم أهل توسط واعتدال فيه ، فوصفهم الله بذلك ، إذ كان أحب الأمور إلى الله أوسطها ) (1) . ولهذا جمع غير واحد من المفسرين بين هذه المعاني في تفسيرها .
قال ابن العربي : ( الوسط في اللغة : الخِيَار ، وهو العدل ) (2) .
وقال البغوي : ( أي عدلاً خياراً ) (3) .
ومن الأدلة على هذا المعنى قوله تعالى : ¼ Wس†WTخ َطTSنٌ¹Wھ`èVK ... " [القلم:28] .
قال القرطبي : ( أي أعدلهم وخيرهم ) (4) ، واستدلوا أيضاً بالبيت السابق وسياقه يفيد المعنى المراد نفسه في الآية ، والله أعلم .
قال تعالى : ¼ لِلَّهِ ً¨`~TPVض QWOYi<ض@ ... ـKV ... N ... éPRضWéSTژ َطRرWهéS-Sè WشW‰Yخ gثX£pTWظ<ض@ ... g‡X£pTTçإWظ<ض@ ... Wè QWفYرHTVضWè QWOYi<ض@ ... َفWع WفWع ... ƒٍ YJً/@†Yٹ YzَéTW~<ض@ ... Wè X£Y‚پ@ ... YàW|MXù;HTTVصWظ<ض@ ... Wè gˆHTWTچYر<ض@ ... Wè WفGTTTQX~Y‰PVقض@ ... Wè ّWTژ ... ƒٍWè Wس†Wظ<ض@ ... uّVصWئ -YمQYT‰Sڑ ÷XèV¢ uّWTٹَ£TSح<ض@ ... uّWظHTTWچW~<ض@ ... Wè WـkYرHTTW©Wظ<ض@ ... Wè Wف`Tٹ@ ... Wè Xش~Y‰fTTTQ©ض@ ... WـkYصMXْ:†UfTT©ض@ ... Wè ءWè g‡†WTخQX£ض@ ... ًz†WTخKV ... Wè WلléVصTJً±ض@ ... ّWTژ ... ƒٍWè WلléTW{QW¥ض@ ... fûéSTتéSظ<ض@ ... Wè َطYهYں`نWإYٹ ... V¢XM ... N$ ... èSںWنHTWئ WفےYOYiHTJً±ض@ ... Wè ء Yٍ:†TWھK<†W‰<ض@ ... Yٍ: ... Jً£Jًµض@ ... Wè WـkYڑWè %XK<†W‰<ض@ ... ًذMXù;HTTVضOèKR ... WفےY،PVض@ ... $N ... éSTخWںW² ًذMXù;HTTVضOèKR ... Wè SطSه WـéSحPVچSظ<ض@ ... (177) " [البقرة:177] .
10/9- قال ابن عقيل : ( ¼ QWفYرHTVضWè QWOYi<ض@ ... َفWع WفWع ... ƒٍ YJً/@†Yٹ " والمراد به : البار ، أو البر بر من آمن بالله اهـ ) (5) .
__________
(1) جامع البيان 2/ 626 .
(2) أحكام القرآن لابن العربي 1/ 61 .
(3) معالم التنزيل 1/ 83 ، وينظر : بهجة الأريب لابن التركماني ص 38 .
(4) الجامع لأحكام القرآن 2/ 104 .
(5) ينظر الواضح 1/ 207 .(1/98)
______________________________
الدراسة :
اختلف العلماء في معنى الآية على أقوال :
القول الأول : أن المعنى : البر بر من آمن بالله ، فيكون من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، وهو كثير في اللغة والقرآن تقول العرب : الجود حاتم ؛ أي جود حاتم فتستغني بذكر حاتم من إعادة جوده ؛ لدلالة الكلام على ما حذفته (1) ، وكقوله تعالى : ¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... ّYچPVض@ ... †QWقTS{ †Wن~Yت " [يوسف:82] ، والمعنى : أهل القرية ، وهذا هو قول الفراء (2) ، وقطرب (3) .
القول الثاني : أن المعنى : ولكن ذا البر من آمن بالله ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك (4) .
حكى القولين الزجاج وغيره (5) ، ومنه قوله تعالى : ¼ َطSه }ŒHTWT-WOW WںقYئ %JًY/@ ... " [آل عمران:163] ، أي : ذوو درجات (6) .
القول الثالث : أن المعنى : ولكن البار من آمن بالله ، فيكون البر مصدراً وضع موضع الاسم (7) كقوله تعالى : ¼ SàW‰YحHTWإ<ض@ ... Wè uüWépTحTPVچصYض (132) " [طه:132] أي : للمتقي (8) ، والمصدر إذا أنزل منزلة اسم الفاعل فهو ولا بد محمول على حذف مضاف ، كقولك : رجل عدل ورضي (9) ، وهذا اختيار أبي عبيدة (10) .
__________
(1) ينظر : جامع البيان 3/ 77 .
(2) معاني القرآن 1/ 62 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 2/ 160 .
(4) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 2/ 160 .
(5) ينظر : معاني القرآن وإعرابه 1/ 232 ، النكت والعيون 1/ 224 ، زاد المسير 1/ 155 .
(6) معالم التنزيل 1/ 100 ، والجامع لأحكام القرآن 2/ 160.
(7) ينظر : جامع البيان 3/ 77 .
(8) ينظر : معالم التنزيل 1/ 100 .
(9) ينظر : المحرر الوجيز 1/ 243 .
(10) ينظر : مجاز القرآن 1/ 65، الجامع لأحكام القرآن 2/ 160، وأبو عبيدة هو معمر بن المثنى التيمي النحوي البصري ، من تصانيفه : مجاز القرآن ، مات سنة 210هـ وقيل غيرها ، له ترجمة في : طبقات الداوودي 2/ 326 ، طبقات الأدنه وي ص 30 .(1/99)
وجماع القول في الآية أن الأقوال لا تعارض بينها ، بل هي متفقة في المعنى : فالبار ، وذا البر ، والبر بر من آمن بمعنى واحد ، ولذا قال الزجاج : ( والمعنى : ولكن ذا البر من آمن بالله ، ويجوز أن تكون : ولكن البر بر من آمن بالله ..) (1) .
وكذا قال ابن عقيل : ( البار ، أو البر : بر من آمن بالله ) على التخيير بين الألفاظ .
وقال القرطبي حينما حكى القول الثالث : ( ويجوز أن يكون البر بمعنى البارَّ والبَرّ ) (2) . والله تعالى أعلم .
قال الله تعالى : ¼ †_Tع†WQTےKV ... &x.W èSں`إQWع فWظWTت fû†Vز طRرقYع †[µےX£QWع `èVK ... uّVصWئ w£WةTWھ bلJًںYإWTت َفYQع ]z†QWTےKV ... &W£WKR ... ّVصWئWè fغTےY،PVض@ ... ISمWTكéSح~Y¹STے bàWTTے`ںYت S׆TWإV؛ $xـkYرَ©Yع فWظWTت WأQWéV¹WTژ ... _O`kTW WéSنWTت bO`kTW I&SمTPVض ـKV ... Wè N ... éSعéS±WTژ bO`kTW َ$طS|PVض ـMX ... `ySچقRز WـéSظVصT`إWTژ (184) " [البقرة:184] .
11/10- قال ابن عقيل : ( ¼ فWظWTت fû†Vز طRرقYع †[µےX£QWع `èVK ... uّVصWئ w£WةTWھ bلJًںYإWTت َفYQع ]z†QWTےKV ... &W£WKR ... " [البقرة:184] : ( وتقديره بإجماعنا : فأفطر ...ثم قوله : ¼ bلJًںYإWTت " تقديره : فليصم بعدة أيام الإفطار ... وقوله : ¼ SںےX£STے JًS/@ ... SطS|Yٹ W£َ©S~<ض@ ... ‚WپWè SںےX£STے SطS|Yٹ W£َ©Sإ<ض@ ... " [البقرة:185] دلالة على أن اليسر هو تأخير الأداء لأجل المرض اهـ ) (3) .
____________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل في كلامه حول الآية إلى مسائل :
المسألة الأولى : التقدير في قوله : ¼.. †[µےX£QWع `èVK ... uّVصWئ w£WةTWھ bلJًںYإWTت .. " :
فيه قولان :
__________
(1) معاني القرآن وإعرابه 1/ 232 .
(2) الجامع لأحكام القرآن 2/ 160 ، وينظر : جامع البيان 3/ 77 ، التفسير الكبير 5/ 38 .
(3) ينظر : الواضح 3/ 76 ، والتذكرة ص 109 .(1/100)
القول الأول : أن يقدر : فأفطر فعدة ، بمعنى أنه لا يقضي إذا صام في المرض أو السفر ، وهو مذهب جمهور الفقهاء (1) ، وقد نقل ابن عقيل إجماع الحنابلة ، بل نقل بعضهم إجماع المسلين .
ومن ذلك قول ابن عبدالبر : ( وأجمع الفقهاء أن المسافر بالخيار ، إن شاء صام وإن شاء أفطر ) (2) .
وقال الجصاص : ( ويدل على أن ذلك مضمر فيه اتفاق المسلمين على أن المريض متى صام أجزأه ولا قضاء عليه إلا أن يفطر ) (3) .
وقال ابن تيمية : ( ولم يتنازعوا في جواز الصوم والقصر في الجملة ) (4) - يعني في السفر - وقال أيضاً : ( ومن هذا الباب الصوم والفطر للمسافر في رمضان : فإن الأئمة الأربعة اتفقوا على جواز الأمرين ) (5) .
وحجتهم ما روي عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أأصوم في السفر ؟ - وكان كثير الصيام - ، فقال : " إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر " (6) ، وقال أنس : ( كنا نسافر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلم يعب الصائم على المفطر ، ولا المفطر على الصائم ) (7) .
__________
(1) ينظر : النكت والعيون 1/ 238 ، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 2/190 ، والأم للشافعي 2/ 139 ، والمغني 4/ 389 .
(2) التمهيد 7/ 221 .
(3) أحكام القرآن 1/ 259 .
(4) ينظر : مجموع الفتاوى 33/ 95 .
(5) مجموع الفتاوى 22/ 287 .
(6) أخرجه البخاري في باب الصوم في السفر والإفطار من كتاب الصوم ( 1943) ، ومسلم في باب التخيير في الصوم والفطر في السفر من كتاب الصيام (1121) .
(7) أخرجه البخاري في كتاب الصوم باب لم يعب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضهم بعضاً في الصوم والإفطار (1947)، ومسلم في كتاب الصيام باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان (1118) .(1/101)
القول الثاني : عدم التقدير ، وأن القضاء لازم مع وجود السفر صام أو أفطر ، وهذا قول داود الظاهري (1) ، وابن حزم (2) ، وحكي عن بعض السلف (3) ، استدلالاً بظاهر الآية ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس من البر الصوم في السفر " (4) ، وغيره من الأدلة التي فيها النهي عن الصوم في السفر ، لكن هذا القول مهجور كما أشار ابن عبدالبر إلى هذا بقوله : ( هجره الفقهاء كلهم ، والسنة ترده ) (5) .
وقال الجصاص : ( واتفقت الصحابة ومن بعدهم من التابعين وفقهاء الأمصار على جواز صوم المسافر ، غير شيء يروى عن أبي هريرة أنه قال : من صام في السفر فعليه القضاء ، وتابعه عليه شواذ من الناس لا يعدون خلافاً ) (6) .
__________
(1) النكت والعيون 1/ 238 . وهو داود بن علي بن خلف الظاهري أبو سليمان ، أحد المجتهدين ، تنسب إليه الطائفة الظاهرية ، سميت لأخذها بظاهر الكتاب والسنة ، وإعراضها عن التأويل والرأي ، مات سنة 270هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 9/ 20 ، لسان الميزان 2/ 490 .
(2) المحلى 6/ 176 ، وهو أبو محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم المحدث الفقيه الأصولي ، له كتاب : المحلى شرح المجلى ، مات سنة 456هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 18/ 184 ، شذرات الذهب 3/ 299 .
(3) منهم عمر وابن عمر وأبو هريرة والزهري والنخعي وغيرهم ، ينظر : فتح الباري 4/ 229 .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الصوم باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن ظلل عليه واشتد الحر ( 1946)، ومسلم في كتاب الصيام باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان (1115) من حديث جابر - رضي الله عنه - .
(5) التمهيد 22/ 49 .
(6) أحكام القرآن 1/ 259 .(1/102)
وقال ابن العربي : ( قال علماؤنا : هذا القول - يعني الأول - من لطيف الفصاحة ، لأن تقديره : فأفطر فعدة من أيام أخر .... وقد عزي إلى قوم : إن سافر في رمضان قضاه ، صامه أو أفطره .... ، وجزالة القول وقوة الفصاحة تقتضي [ فأفطر ] ، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " الصوم في السفر " قولاً وفعلاً ) (1) ، وعلى هذا فالراجح القول الأول لقوة أدلتهم وإمكان الجمع بينها وبين أدلة القول الثاني ، وهو الذي عليه عامة العلماء .
قال الشافعي : ( وكان فرض الصوم والأمر بالفطر في المرض والسفر في آية واحدة ، ولم أعلم مخالفاً أن كل آية إنما أنزلت متتابعة لا متفرقة ، وقد تنزل الآيتان في السورة مفترقتين فأما آية فلا ; لأن معنى الآية أنها كلام واحد غير منقطع يستأنف بعده غيره فلم يختلفوا كما وصفت أن آية لم تنزل إلا معاً لا مفترقة ، فدلت سنة رسول الله على أن أمر الله المريض والمسافر بالفطر إرخاصاً لهما لئلا يُحرَجا إن فعلا ؛ لأنهما يجزيهما أن يصوما في تينك الحالين شهر رمضان ؛ لأن الفطر في السفر لو كان غير رخصة لمن أراد الفطر فيه لم يصم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) (2) .
__________
(1) أحكام القرآن 1/ 112 .
(2) أحكام القرآن 1/ 107 ، اختلاف الحديث له ص 492 .(1/103)
وقال الطبري : ( وهذا القول أولى عندنا بالصواب ؛ لإجماع الجميع على أن مريضاً لو صام شهر رمضان - وهو ممن له الإفطار في مرضه - أن صومه ذلك مجزئ عنه ، ولا قضاء عليه إذا برأ من مرضه بعدة من أيام أخر ، فكان معلوماً بذلك أن حكم المسافر حكمه في أن لا قضاء عليه إن صامه في سفره ، لأن الذي جُعل للمسافر من الإفطار وأُمر به من قضاء عدة من أيام أخر ، مثل الذي جُعل من ذلك للمريض وأُمر به من القضاء . ثم في دلالة الآية كفاية مغنية عن استشهاد شاهد على صحة ذلك بغيرها ، وذلك قول الله جل ثناؤه : ¼ SںےX£STے JًS/@ ... SطS|Yٹ W£َ©S~<ض@ ... ‚WپWè SںےX£STے SطS|Yٹ W£َ©Sإ<ض@ ... " [البقرة:185] فلا عسر أعظم من أن يُلزم من صامه في سفره عِدَّة من أيام أُخَر ، وقد تكلف أداء فرضه في أثقل الحالين عليه حتى قضاه وأداه ) (1) .
وقال ابن تيمية : ( والصحيح ما عليه الأئمة ، وليس في هذا الحديث ما ينافي إذنه لهم في الصيام في السفر ، فإنه نفى أن يكون من البر ولم ينف أن يكون جائزاً ..) (2) .
وتحمل أحاديث النهي الصحيحة على حالات معينة ، كمن بلغ منه الصوم مثل ما بلغ من الذي قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ليس من البر الصوم في السفر " فيحرم عليه لتعريضه نفسه للضرر، وما روي من أخبار فيحمل على هذا إن ثبتت ، وما لا يصح فلا يضاف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال الطبري : ( وغير جائز أن يضاف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قِيلُ ذلك ؛ لأن الأخبار التي جاءت بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واهية الأسانيد لا يجوز الاحتجاج بها في الدين ) (3) .
وعلى هذا فكلام ابن عقيل في التقدير هو الصحيح والله تعالى أعلم .
المسألة الثانية :
__________
(1) جامع البيان 3/ 213 .
(2) مجموع الفتاوى 22/ 287 .
(3) جامع البيان 3/ 217 .(1/104)
التقدير في قوله : ¼ bلJًںYإWTت " فليصم بعدة أيام الإفطار ، وهذا هو ظاهر الآية ، ويدل عليه أيضاً قوله تعالى : ¼ N ... éRصYظ`|SچYضWè WلJًںYإ<ض@ ... " [البقرة:185] يعني العدد (1) ، فالقضاء على من أفطر لازم بالإجماع ، قال ابن قدامة : ( ويلزم المسافر والحائض والمريض القضاء إذا أفطروا ، بغير خلاف ) (2) .
واختلف العلماء في عدد الأيام التي تقضى :
القول الأول : بمثل عدد الأيام التي أفطرها فلو أفطر شهر رمضان وهو ناقص فلا يلزمه إلا تسعاً وعشرين يوماً ، وهو مذهب الحنفية (3) ، قال الجصاص : ( من غير خلاف من أحد من أصحابنا ) (4) ، وهو قول ابن حزم (5) ، والمشهور عند المالكية (6) ، والصحيح من مذهب الحنابلة (7) .
القول الثاني : حكى بعض أصحاب مالك (8) عنه : أن رمضان يُقضى بالأهلة ، بمعنى : أنه إن قضى شهراً هلالياً أجزأه سواء كان تاماً أو ناقصاً ، وإن لم يقض شهراً صام بعدد الأيام ، وهي رواية عند بعض الحنابلة (9) ، ولا أدري كيف استدلالهم لهذا القول ، ولذا قال ابن حزم : ( ولا برهان على صحة هذا القول ) (10) .
__________
(1) ينظر : أحكام القرآن للجصاص 1/ 268 .
(2) المغني 4/ 389 .
(3) ينظر : المبسوط 3/ 139 .
(4) أحكام القرآن 1/ 267 .
(5) المحلى 6/ 188 .
(6) شرح مختصر خليل للخرشي 3/ 384 .
(7) كشاف القناع 2/ 333 ، والإنصاف 7/ 497 .
(8) هو أبو عبدالله مالك بن أنس الأصبحي الحميري ، إمام دار الهجرة ، وأحد الأئمة الأربعة ، من مصنفاته : الموطأ وغيره ، مات سنة 179هـ ، له ترجمة في : تهذيب التهذيب 10/ 5 ، سير أعلام النبلاء 8/ 48 . ينظر : شرح مختصر خليل ، ونسبه أيضاً لابن وهب 3/ 384 .
(9) الإنصاف 7/ 497 .
(10) المحلى 6/ 188 .(1/105)
والدليل الواضح مع أصحاب القول الأول ، وهو أن الله لم يقل : فشهر من أيام أخر ، بل قال : ¼ bلJًںYإWTت َفYQع ]z†QWTےKV ... &W£WKR ... " (1) . والله أعلم .
المسألة الثالثة :
قوله تعالى : ¼ SںےX£STے JًS/@ ... SطS|Yٹ W£َ©S~<ض@ ... ‚WپWè SںےX£STے SطS|Yٹ W£َ©Sإ<ض@ ... " [البقرة:185] ، قال ابن عقيل : ( دلالة على أن اليسر هو تأخير الأداء لأجل المرض ) (2) . وما ذكره ابن عقيل مثال للمراد ، والأولى حمل دلالتها على العموم في أمور الدين .
قال القرطبي : ( والوجه عموم اللفظ في جميع أمور الدين كما قال تعالى : ¼ †WعWè WشWإW- `yRر`~VصWئ ء XفےPYںض@ ... َفYع &w"W£Wڑ " [الحج:78] ) (3) ، فهذا المقطع من الآية دليل على أن المأمور به فيما سبق لا يراد به إلا اليسر ، ومن ذلك جواز تأخير الصوم للمريض والمسافر وأهل الأعذار ، ومن ذلك أن من صام وقد رخص له بالفطر لا يلزمه القضاء على القول الصحيح، ولذا قال الطبري : ( قول الله جل ثناؤه : ¼ SںےX£STے JًS/@ ... SطS|Yٹ W£َ©S~<ض@ ... ‚WپWè SںےX£STے SطS|Yٹ W£َ©Sإ<ض@ ... " [البقرة:185] ، فلا عسر أعظم من أن يُلزم من صامه في سفره عِدَّة من أيام أُخَر ، وقد تكلف أداء فرضه في أثقل الحالين عليه حتى قضاه وأداه ) (4) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ †_Tع†WQTےKV ... &x.W èSں`إQWع فWظWTت fû†Vز طRرقYع †[µےX£QWع `èVK ... uّVصWئ w£WةTWھ bلJًںYإWTت َفYQع ]z†QWTےKV ... &W£WKR ... ّVصWئWè fغTےY،PVض@ ... ISمWTكéSح~Y¹STے bàWTTے`ںYت S׆TWإV؛ $xـkYرَ©Yع فWظWTت WأQWéV¹WTژ ... _O`kTW WéSنWTت bO`kTW I&SمTPVض ـKV ... Wè N ... éSعéS±WTژ bO`kTW َ$طS|PVض ـMX ... `ySچقRز WـéSظVصT`إWTژ (184) " [البقرة:184] .
__________
(1) ينظر : أحكام القرآن للجصاص 1/ 267 .
(2) الواضح 3/ 76 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 2/ 201 .
(4) جامع البيان 3/ 214 .(1/106)
12/11- قال ابن عقيل : ( قال تعالى : ¼ ّVصWئWè fغTےY،PVض@ ... ISمWTكéSح~Y¹STے bàWTTے`ںYت S׆TWإV؛ $xـkYرَ©Yع " [البقرة:184] ، ثم نسخ إلى الصوم حتماً وتعييناً من غير تخيير ، مع الإقامة والصحة بقوله تعالى : ¼ فWظWTت WںXنW® SطRرقYع W£`نPVض@ ... $Sم`ظS±W~<صWTت " [البقرة:185] اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
اختلف العلماء في نسخ هذه الآية على قولين :
القول الأول :
ذهب ابن عقيل إلى أن الآية الأولى تفيد تخيير من يطيق الصوم بين الصوم والإفطار ، وقد نسخ هذا بقوله تعالى : ¼ فWظWTت WںXنW® SطRرقYع W£`نPVض@ ... $Sم`ظS±W~<صWTت " [البقرة:185] .
وهذا هو المروي عن معاذ بن جبل (2) ، وابن عمر (3) ، وعكرمة (4) ، والحسن البصري
__________
(1) الواضح 1/ 251 .
(2) أخرجه أحمد 5/ 246 ، والطبري في جامع البيان 3/ 161 .
(3) أخرجه البخاري في التفسير باب : ¼ فWظWTت WںXنW® SطRرقYع W£`نPVض@ ... $Sم`ظS±W~<صWTت " [البقرة:185] (4506) عن ابن عمر - رضي الله عنه - .
(4) هو أبو عبدالله عكرمة القرشي مولاهم المدني البربري الأصل ، مات سنة 105هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 5/ 12 .(1/107)
- رضي الله عنهم - (1) ، وهو قول قتادة (2) ، والنحاس (3) ، ومكي (4) ، والواحدي (5) ، وابن الجوزي (6) ، وغيرهم (7) ، وروي أيضاً عن ابن عباس - رضي الله عنه - (8) .
القول الثاني : ذهب ابن عباس - رضي الله عنه - ، والسدي (9) ، إلى أن الآية محكمة ، على تأويل : كانوا يطيقونه في حال شبابهم وحداثتهم ، وفي حال صحتهم وقوتهم (10) ، أو أن معنى يطيقونه : يتكلَّفونه ، ويؤيدها قراءة ابن عباس ( وعلى الذين يُطَوّقونه ) (11) ، أي : يطيقونه على جهد ومشقة .
والراجح هو القول الأول لأمور منها :
__________
(1) ينظر : جامع البيان 3/ 161 وما بعدها ، وهو الحسن البصري بن أبي الحسن أبو سعيد مولى زيد بن ثابت له التفسير رواه عنه جماعة ، وكتابه إلى عبدالملك بن مروان في الرد على القدرية ، توفي سنة 110هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 4/ 563 ، طبقات الداوودي 1/ 150 .
(2) الناسخ والمنسوخ له ص 37 .
(3) الناسخ والمنسوخ له ص 94 .
(4) الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص 149 .
(5) الوجيز 1/ 150 .
(6) نواسخ القرآن ص 203 .
(7) ينظر : ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه لابن البارزي ص 25 ، مناهل العرفان 2/ 258 .
(8) ينظر : جامع البيان 3/ 165 .
(9) ينظر : جامع البيان 3/ 169 وما بعدها .
(10) ينظر : المحرر الوجيز 1/ 52 .
(11) أخرجها عبدالرزاق في مصنفه (7575) عن ابن جريج ، وينظر : جامع البيان 3/ 172 .(1/108)
1- يدل عليه فعل الصحابة - رضي الله عنهم - بعد نزول الآية ، كما جاء عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - أنه قال : ( لما نزلت : ¼ ّVصWئWè fغTےY،PVض@ ... ISمWTكéSح~Y¹STے bàWTTے`ںYت S׆TWإV؛ $xـkYرَ©Yع " [البقرة:184] كان من أراد أن يفطر ويفتدي ، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها ) (1) . ... ... ... ... ... ... ... وقال الطبري خلال ترجيح القول الأول : ( يؤيد هذا القول : الأخبار التي ذكرناها آنفاً عن معاذ بن جبل ، وابن عمر ، وسلمة بن الأكوع ، من أنهم كانوا بعد نزول هذه الآية على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صوم شهر رمضان بالخيار بين صومه وسقوط الفدية عنهم ، وبين الإفطار والافتداء من إفطاره بإطعام مسكين لكل يوم أفطره ، وأنهم كانوا يفعلون ذلك حتى نزلت : ¼ فWظWTت WںXنW® SطRرقYع W£`نPVض@ ... $Sم`ظS±W~<صWTت " [البقرة:185] فأُلزِموا فرض صومه وبطل الخيار والفدية ) (2) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب التفسير باب : ¼ فWظWTت WںXنW® SطRرقYع W£`نPVض@ ... $Sم`ظS±W~<صWTت " [البقرة:185] (4507) عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - ، والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص 94 .
(2) جامع البيان 3/ 178 .(1/109)
2- دلالة سياق الآية على تخيير المطيق للصيام من عدمه إذا كان صحيحاً مقيماً . قال النحاس : ( في هذه الآية أقوال أصحها أنها منسوخة ، سياق الآية يدل على ذلك ، والنظر ، والتوقيف من رجلين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1) ) (2) . فالمعنى المعروف في العربية لـ [يطيقونه] : أي يستطيعونه ، قال الجوهري : ( في طوْقِي أي : في وُسْعِي ، وطوَّقْتُك الشيء أي : كلّفْتُكَه ) (3) ، فلا يفيد معنى التكليف إلا مع التشديد ، كما أن القول بأن المراد : لا يطيقونه ، يرده آخر الآية ؛ لأنه والحالة هذه لا يشرع له الصيام ، فآخرها هو قوله تعالى : ¼ ـKV ... Wè N ... éSعéS±WTژ bO`kTW َ$طS|PVض ـMX ... `ySچقRز WـéSظVصT`إWTژ (184) " [البقرة:184] .
3- أن القول الثاني مبني على أن في الآية تقديراً لمحذوف وهذا خلاف الأصل . قال النحاس : ( الصواب أن يقال : الآية منسوخة بقوله جل وعز : ¼ فWظWTت WںXنW® SطRرقYع W£`نPVض@ ... $Sم`ظS±W~<صWTت " [البقرة:185] ؛ لأن من لم يجعلها منسوخة جعله مجازاً ، وقال المعنى فيه : يطيقونه على جهد ، وقال : كانوا يطيقونه ، فأضمر كان وهو مستغن عن هذا ) (4) .
__________
(1) ثم ذكر بسنده الرواية عن سلمة بن الأكوع وابن عباس - رضي الله عنهم - .
(2) الناسخ والمنسوخ ص 94 .
(3) الصحاح 4/ 1252 .
(4) الناسخ والمنسوخ ص 95 .(1/110)
4- أن من قال بعدم النسخ اعتمد على ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قرأها : ( يُطَوَّقونه ) ، أي : يشق عليهم ، ولكنها قراءة شاذة (1) . ... ... ... قال الطبري : ( وأما قراءة من قرأ ذلك : ( وعلى الذين يُطَوَّقونه ) فقراءة لمصاحف أهل الإسلام خلاف ، وغير جائز لأحد من أهل الإسلام الاعتراض بالرأي على ما نقله المسلمون وراثة عن نبيهم نقلاً ظاهراً قاطعاً للعذر ؛ لأن ما جاءت به الحجة من الدين هو الحق الذي لا شك فيه أنه من عند الله ، ولا يُعترض على ما قد ثبت وقامت به حجة أنه من عند الله بالآراء والظنون والأقوال الشاذة ) (2) ، ومثله قال النحاس (3) ، وابن الجوزي (4) .
5- أن معنى هذه القراءة الشاذة : لا يدل على مشقة تصل بصاحبها إلى الفطر بعد إيجاب الصوم من غير تخيير (5) ، وفي كل عمل مشقة نسبية ، خصوصاً أول مشروعيته ، وهذا لا يقول به أصحاب القول الثاني .
__________
(1) ينظر : المحتسب 1/ 118 .
(2) جامع البيان 3/ 180 .
(3) الناسخ والمنسوخ ص 96 .
(4) نواسخ القرآن ص 213 .
(5) ينظر : مناهل العرفان 2/ 259 .(1/111)
6- أن القول بالنسخ هو ما يُحمل عليه تفسير جمهور العلماء ، وقراءتهم . قال الطبري : ( وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال : ¼ ّVصWئWè fغTےY،PVض@ ... ISمWTكéSح~Y¹STے bàWTTے`ںYت S׆TWإV؛ $xـkYرَ©Yع " [البقرة:184] منسوخ بقول الله تعالى ذكره : ¼ فWظWTت WںXنW® SطRرقYع W£`نPVض@ ... $Sم`ظS±W~<صWTت " [البقرة:185] ؛ لأن الهاء التي في قوله : ¼ ّVصWئWè fغTےY،PVض@ ... ISمWTكéSح~Y¹STے " [البقرة:184] من ذكر الصيام ، ومعناه : وعلى الذين يطيقون الصيام فدية طعام مسكين ، فإذا كان ذلك كذلك، وكان الجميع من أهل الإسلام مجمعين على أن من كان مطيقاً من الرجال الأصحاء المقيمين غير المسافرين صوم شهر رمضان ، فغير جائز له الإفطار فيه والافتداء منه بطعام مسكين كان معلوماً أن الآية منسوخة ) (1) . وقال أيضاً : ( وأما قوله : ¼ ّVصWئWè fغTےY،PVض@ ... ISمWTكéSح~Y¹STے bàWTTے`ںYت S׆TWإV؛ $xـkYرَ©Yع " [البقرة:184] فإن قراءة كافة المسلمين : ¼ ّVصWئWè fغTےY،PVض@ ... ISمWTكéSح~Y¹STے " [البقرة:184] وعلى ذلك خطوط مصاحفهم وهي القراءة التي لا يجوز لأحد من أهل الإسلام خلافها لنقل جميعهم تصويب ذلك قرناً عن قرن ) (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ QS"W™<ض@ ... c£TWنpT®KV ... &tŒHTWعéSTص`إQWع فWظWTت ً³W£WTت UfغXن~Yت QW"W™<ض@ ... ً"TWTت ًگVتWO ‚WپWè ًثéS©STت ‚WپWè ًس ... WںY- ء %QX"W™<ض@ ... †WعWè N ... éRصWإpTةWTژ َفYع xO`kTW Sم`ظVص`إWTے %JًS/@ ... N ... èS PVèW¥fTTTTژWè UfûXM†WTت WO`kTW Y ... QW¥ض@ ... u&üWépTحPVچض@ ... XـéSحPVTژ@ ... Wè ّYضOèKR†H;TWTے gˆHTWT‰<ضKKV‚ô@ ... (197) " [البقرة:197] .
13/12- قال ابن عقيل : ( قال تعالى : ¼ فWظWTت ً³W£WTت UfغXن~Yت QW"W™<ض@ ... " وعنى به : أوجب فيهن اهـ ) (3) .
__________
الدراسة :
__________
(1) جامع البيان 3/ 178 .
(2) جامع البيان 3/ 161 .
(3) الواضح 3/ 164 .(1/112)
استدل ابن عقيل هنا على أن الفرض بمعنى الواجب (1) .
وتفسير الفرض بالواجب في هذه الآية هو ما حكى الطبري عليه الإجماع فقال : ( وقد اختلف أهل التأويل في المعنى الذي يكون به الرجل فارضاً الحج ، بعد إجماع جميعهم على أن معنى الفرض : الإيجاب والإلزام ) (2) .
وقال الجصاص : ( ومعنى فرض الحج فيهن : إيجابه فيهن ) (3) .
وقال ابن عطية : ( أي : من ألزمه نفسه ) (4) .
وقال الرازي : ( أي : أوجب وقطع ) (5) .
وقال ابن كثير : ( أي : أوجب بإحرامه حجاً ) (6) .
وقال ابن منظور : ( وقوله عز وجل : ¼ فWظWTت ً³W£WTت UfغXن~Yت QW"W™<ض@ ... " أي : أوجبه على نفسه بإحرامه ) (7) .
وهنا يرد سؤال :
هل الفرض في غير هذه الآية بمعنى الواجب على الإطلاق ؟ (8) .
قال ابن عقيل : ( الفرض والواجب سواء في أصح الروايات عن أحمد - رضي الله عنه - ، وبها قال أصحاب الشافعي (9) ، وعنه رواية أخرى : أن الفرض ما ثبت بدليل مقطوع عليه ، والواجب غيره ، وهو ما ثبت بخبر واحد أو قياس ، فالفرض على هذه الرواية آكد من الواجب ، وبها قال أبو حنيفة (10) ، وعنه : أن الفرض ما ثبت بقرآن ، ولا يسمى فرضاً ما ثبت بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ) (11) .
__________
(1) وينظر : الواضح 1/ 125 .
(2) جامع البيان 3/ 453 .
(3) أحكام القرآن 1/ 366 .
(4) المحرر الوجيز 1/ 271 .
(5) تفسير غريب القرآن العظيم ص 281 .
(6) تفسير ابن كثير 2/ 506 .
(7) لسان العرب 7/ 202 .
(8) يراجع في هذه المسألة مفصلاً : المسودة ص 50 ، العدة 1/ 162 ، 2/ 176 ، روضة الناظر 1/ 91 ، شرح الكوكب المنير 1/ 351 .
(9) ينظر : المستصفى 1/ 66 .
(10) ينظر : أصول السرخسي 1/ 110 .
(11) الواضح في أصول الفقه 3/ 163 .(1/113)
وقال الطوفي : ( والنزاع لفظي ، إذ لا نزاع في انقسام الواجب إلى ظني وقطعي ، فليسموا هم القطعي ما شاؤوا ) (1) ، وقال أيضاً : ( واتفقنا عل تسمية الظني واجباً ، وبقي النزاع في القطعي ، فنحن نسميه واجباً وفرضاً بطريق الترادف ، وهم يخصونه باسم الفرض ، وذلك مما لا يضرنا وإياهم ، فليسموه ما شاؤوا ) (2) .
قال ابن اللحام (3) : ( فإن أريد : أن المأمور به ينقسم إلى مقطوع به ومظنون ، فلا نزاع في ذلك ، وإن أريد : أنه لا تختلف أحكامهما، فهذا محل نظر ) (4) ، وهذا كلام يجمع لنا الخلاصة من الخلاف إذ أن اللفظ لا مشاحة في إطلاقه ، لكن لا يخفى علينا أن من سوى بينهما يرى أن هنا واجباً آكد من واجب . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ QS"W™<ض@ ... c£TWنpT®KV ... &tŒHTWعéSTص`إQWع فWظWTت ً³W£WTت UfغXن~Yت QW"W™<ض@ ... ً"TWTت ًگVتWO ‚WپWè ًثéS©STت ‚WپWè ًس ... WںY- ء %QX"W™<ض@ ... †WعWè N ... éRصWإpTةWTژ َفYع xO`kTW Sم`ظVص`إWTے %JًS/@ ... N ... èS PVèW¥fTTTTژWè UfûXM†WTت WO`kTW Y ... QW¥ض@ ... u&üWépTحPVچض@ ... XـéSحPVTژ@ ... Wè ّYضOèKR†H;TWTے gˆHTWT‰<ضKKV‚ô@ ... (197) " [البقرة:197] .
14/13- قال ابن عقيل : ( ¼ ً"TWTت ًگVتWO ‚WپWè ًثéS©STت ‚WپWè ًس ... WںY- " الرفث : الجماع ودواعيه ، والفسوق : السباب ، والجدال : المماراة فيما لا يعني اهـ ) (5) .
__________________
الدراسة :
ذكر ابن عقيل في تفسير هذه الآية معنى ثلاث كلمات :
الكلمة الأولى : الرفث :
__________
(1) شرح مختصر روضة الناظر 1/ 265 ، وهذا ما ذهب إليه ابن قدامة في روضة الناظر 1/ 93 ، والغزالي في المستصفى 1/ 66 .
(2) شرح مختصر روضة الناظر 1/ 276 .
(3) هو علي بن محمد بن علي العلاء البعلي ثم الدمشقي الحنبلي ، ويعرف بابن اللحام ، ممن تتلمذ على ابن رجب وبرع في مذهبه ودرس وأفتى ، مات سنة 803هـ ، له ترجمة في : شذرات الذهب 7/ 31 .
(4) القواعد ص 99 .
(5) التذكرة ص 104 .(1/114)
ذكر العلماء الخلاف في معناها على قولين :
القول الأول : أنه الجماع قاله ابن عباس ، وابن عمر (1) ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة (2) ، والفراء (3) ، وجماعة من السلف .
القول الثاني : أنه الجماع وما دونه من التعريض ونحوه ، وهو مروي عن ابن عباس وابن عمر أيضاً (4) .
وهذان القولان لا تعارض بينهما ؛ فالجميع متفق على أن الجماع رفث ، قال ابن عبدالبر : ( ولم يختلف العلماء في قول الله عز وجل : ¼ QWشYڑKR ... َطS|Vض WàVص`~Vض Yz†W~Jg±ض@ ... ٌگWTتQW£ض@ ... uّVضXM ... َ&طRرMXْ:†fTT©Yك " [البقرة:187] أن الرفث الجماع ) (5) ، ولم ينف أصحاب القول الأول ما دونه، فالراجح ما ذكره ابن عقيل وهو الجمع بين القولين بأن الرفث : الجماع ودواعيه ، وهذا هو ما رجحه الطبري ؛ حيث قال بعد بيانه أن الرفث يطلق على الإفحاش في القول ويستعمل في الكناية عن الجماع : ( فإذ كان ذلك كذلك ، وكان أهل العلم مختلفين في تأويله وفي هذا النهي من الله : عن بعض معاني ¼ ٌگWTتQW£ض@ ... " أم عن جميع معانيه ؟ وجب أن يكون على جميع معانيه ، إذ لم يأت خبر بخصوص الرفث الذي هو بالمنطق عند النساء من سائر معاني الرفث يجب التسليم له ، إذ كان غير جائز نقل حكم ظاهر آية إلى تأويل باطن إلا بحجة ثابتة ) (6) .
وقال الراغب : ( الرفث كلام متضمن لما يستقبح ذكره من ذكر الجماع ودواعيه ) (7) .
وكذا ابن العربي فقد قال : ( الرفث : كل قول يتعلق بذكر النساء ... وقد يطلق على الفعل من الجماع والمباشرة ... ) (8) .
__________
(1) هو عبدالله بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي مات سنة 73هـ ، له ترجمة في : الإصابة 4/ 181 (4837) ، شذرات الذهب 2/ 15 .
(2) ينظر جامع البيان 3/ 463 وما بعدها .
(3) معاني القرآن 1/ 120 .
(4) جامع البيان 3/ 458 - 459 .
(5) التمهيد 22/ 147 .
(6) جامع البيان 3/ 469 .
(7) المفردات ص 225 .
(8) أحكام القرآن 1/ 188 .(1/115)
وقال الرازي : ( الرفث : الجماع ومنه قوله : ¼ QWشYڑKR ... َطS|Vض WàVص`~Vض Yz†W~Jg±ض@ ... ٌگWTتQW£ض@ ... " [البقرة:187] والرفث أيضاً : الفحش من القول ، وتكليم النساء في الجماع ) (1) .
الكلمة الثانية : الفسوق :
اختلف أهل التفسير في معناه في هذه الآية على أربعة أقوال :
القول الأول : أن المراد بالفسوق المعاصي كلها ، ومنه قوله تعالى : ¼ ـMX ... Wè N ... éRصWإpTةWTژ ISمPVTكXM†Vت =SثéS©Rت %َطS|YTٹ " [البقرة:282] وهو مروي عن ابن عباس ، وعطاء (2) ، ومجاهد (3) ، وخصه بعضهم بما نهي عنه في الإحرام من قتل الصيد وأخذ الشعر وتقليم الظفر وما أشبه ذلك وروي هذا عن ابن عمر (4) ، ورجحه الطبري (5) .
القول الثاني : أن المراد به السباب ، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - : " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " (6) وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس (7) ، وهو تفسير ابن عقيل .
__________
(1) تفسير غريب القرآن العظيم ص 136 .
(2) هو عطاء بن أبي مسلم أبو عثمان الخراساني له كتاب تنزيل القرآن ، وتفسيره ، توفي سنة 135هـ ، له ترجمة في : ميزان الاعتدال 3/ 73 ، طبقات الداوودي 1/385 .
(3) جامع البيان 3/ 470 .
(4) جامع البيان 3/ 473 .
(5) جامع البيان 3/ 476 .
(6) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر ( 48 ) ، ومسلم في كتاب الإيمان باب سباب المسلم فسوق وقتاله كفر (64) .
(7) جامع البيان 3/ 474 .(1/116)
القول الثالث : أن المراد به الذبح للأصنام ، ومنه قوله تعالى : ¼ `èVK ... †[TحpT©Yت QWشTYهKR ... XO`kTWçإYض JًY/@ ... -&YمYٹ " [الأنعام:145] وهو مروي عن ابن زيد (1) .
القول الرابع : أن المراد به التنابز بالألقاب ، ومنه قوله تعالى : ¼ ً¨`LùYٹ Sط`ھ@‚Yپ@ ... ٌثéS©Sة<ض@ ... Wں`إWTٹ &XفHTWظے‚XMô@ ... " [الحجرات:11] وهو مروي عن الضحاك بن مزاحم (2) .
ومعنى الفسوق في اللغة شامل لجميع هذه الأقوال فهو واقع على كثير الذنب وقليله (3) ، ولهذا فالراجح صحة الجميع ويجمعها القول الأول ، ويكون اختلاف العلماء من باب ذكر المثال .
قال ابن عطية : ( وعموم جميع المعاصي أولى الأقوال ) (4) .
وقال القرطبي : ( والقول الأول أصح لأنه يتناول جميع الأقوال ) (5) .
__________
(1) جامع البيان 3/ 457 ، وهو عبدالرحمن بن زيد بن أسلم العدوي مولاهم المدني أخو أسامة وعبدالله وفيهم لين وكان عبدالرحمن صاحب قرآن وتفسير جمع تفسيراً في مجلد وكتاباً في الناسخ والمنسوخ، توفي سنة 182هـ ، وله ترجمة في : سير أعلام النبلاء 8/ 349 ، طبقات الداوودي 1/ 271 .
(2) جامع البيان 3/ 476 .
(3) ينظر : المفردات ص 425 ، بصائر ذوي التمييز 4/ 192 .
(4) المحرر الوجيز 1/ 273 .
(5) الجامع لأحكام القرآن 2/ 271 .(1/117)
وقال ابن كثير : ( والذين قالوا الفسوق ههنا هو جميع المعاصي الصواب معهم كما نهى تعالى عن الظلم في الأشهر الحرم وإن كان في جميع السنة منهيا عنه إلا أنه في الأشهر الحرم آكد ولهذا قال تعالى : ¼ :†Wن`قYع dàWإWTٹ`OKV ... c&×S£Sڑ ًذYض.V¢ SفےPYںض@ ... &SطYQ~WTح<ض@ ... ً"WTت N ... éSظYصpہ¹WTژ QWفXن~Yت &َطS|W©SةكKV ... " [التوبة:36] وقال في الحرم : ¼ فWعWè ` X£Sے Yم~Yت Y> †W™<ضXM†Yٹ xy<صTRہ¹YTٹ SمpTTخY،PRTك َفYع ]‡ ... W،Wئ xy~YضKV ... (25) " [الحج:25] واختار ابن جرير أن الفسوق ههنا هو ارتكاب ما نهي عنه في الإحرام من قتل الصيد وحلق الشعر وقلم الأظفار ونحو ذلك كما تقدم عن ابن عمر وما ذكرناه أولى والله أعلم ) (1) .
الكلمة الثالثة : الجدال :
قال ابن عقيل : ( الجدال : المماراة فيما لا يعني ) .
وقال الراغب : ( الجدال : المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة ) (2) ، وقد اختلف أهل التفسير في معنى الجدال في هذه الآية على قولين :
أحدهما : أن المعنى لا يمارين أحد أحداً ، فيخرجه المراء إلى الغضب وفعل ما لا يليق بالحج ، وإلى هذا المعنى ذهب ابن عمر ، وابن عباس ، وعطاء ، ومجاهد ، وقتادة ، والزهري (3) وغيرهم (4) .
والقول الثاني : أن المعنى لا شك في الحج ولا مراء ، فإنه قد استقام أمره وعرف موضعه ووقته وزال النسيء عنه ، وإليه ذهب مجاهد (5) ، ورجحه الطبري (6) ، وابن كثير (7) .
وخلاصة الخلاف في الجدال :
__________
(1) تفسير ابن كثير 1/ 238 .
(2) المفردات ص 101 .
(3) هو أبو بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري مات سنة 124هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 5/ 326.
(4) ينظر : جامع البيان 3/ 478 ، تفسير ابن أبي حاتم 1/ 348 .
(5) تفسير عبدالرزاق1/ 77 ، جامع البيان 3/ 484 .
(6) جامع البيان 3/ 487 .
(7) تفسير ابن كثير 1/ 239 .(1/118)
أنه اتفق العلماء على أن مدارسة العلم والمناظرة فيه ليست من الجدال المنهي عنه ، واتفقوا على أن المجادلة في إنكار المنكر وإقامة حدود الدين ليست من المنهي عنه .
فمحل الخلاف هو ما يجر إلى النزاع والخصام وينافي حرمة الحج ، وقد أشار ابن عقيل إلى هذا المعنى حيث قال : ( المماراة فيما لا يعني ) ؛ فذهب البعض إلى العموم وخصه البعض بالاختلاف في وقت أو موضع الحج (1) ، والتعميم أولى للإطلاق في الآية ، وهو وإن كان ممنوعاً في كل مكان وزمان ، فإنه يغلظ المنع عنه في الحج ، والله تعالى أعلم وأحكم .
قال تعالى : ¼ ٌŒHTWحPVصً¹Sظ<ض@ ... Wè fغp±PVٹW£WچWTے QWفXنY©SةكKV†Yٹ WàWT'HTTVصWT' &xٍ;èS£Sخ ‚WپWè QSشmïmWYڑ QWفSنVض ـKV ... Wف`ظSچ<رWTے †Wع WجVصW JًS/@ ... ُّYت QWفXنYع†Wڑ`OKV ... ـMX ... QWفRز QWفYع`ëSTے YمPVصض@†Yٹ YzَéW~<ض@ ... Wè &X£TY‚پ@ ... JًفSنSچVضéSإSTٹWè SQجWڑKV ... JًفYهPY W£Yٹ ء ًذYض.V¢ َـMX ... N ... vèS ... WOKV ... &†_™HTVصp²MX ... QWفSنVضWè Sش<'Yع ÷Y،PVض@ ... QWفXن`~VصWئ &gاèS£`إWظ<ض@†Yٹ Xس†W-QX£صYضWè QWفXن`~VصWئ %bàW-WOW SJًJًS/@ ... Wè e¥ےX¥Wئ eط~YرWڑ (228) " [البقرة:228] .
15/14- قال ابن عقيل : ( قال تعالى : ¼ ٌŒHTWحPVصً¹Sظ<ض@ ... Wè fغp±PVٹW£WچWTے QWفXنY©SةكKV†Yٹ WàWT'HTTVصWT' &xٍ;èS£Sخ " والمراد به كل الحرائر من المطلقات بوائن أو رجعيات ، وقال في آخرها : ¼ JًفSنSچVضéSإSTٹWè SQجWڑKV ... JًفYهPY W£Yٹ " يرجع إلى الرجعيات ، فالأول على عمومه ، والآخر خاص في الرجعيات اهـ ) (2) .
___________________________
الدراسة :
__________
(1) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 2/ 272 .
(2) ينظر : الواضح 3/ 433 .(1/119)
كلام ابن عقيل في هذه الآية واضح ، ومثله قال ابن العربي (1) ، إلا أن العموم في لفظ المطلقات مخصوص بالمدخول بهن غير الحوامل فقط ، وخرجت المطلقة قبل الدخول بها بقوله تعالى : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے WفےY،PVض@ ... Nv ... éTSقTWع ... ƒٍ ... V¢XM ... ٌySچT`™VرWTك gŒHTTWقYع`ëSظ<ض@ ... JًyR' QWفSهéSظSTpچحPVصً؛ فYع Xش`‰TWTخ ـKV ... QWفSهéQS©WظWTژ †WظWTت َطRرVض QWفXن`~VصWئ َفYع xلJًںYئ $†WنWTكèPRںWTچ`إWTژ " [الأحزاب:49]، وكذلك اللائي لا يحضن سواء كانت صغيرة أو آيسة والحامل بقوله تعالى : ¼ ّLYTT;HTTPVض@ ... Wè Wفp©MXùWTے WفYع X´~Y™Wظ<ض@ ... فYع `yRرMXْ:†W©PYك YـMX ... `ySچTT`‰WTژ`O@ ... QWفSنSTژPVںYإWTت SàW'HTTWTصWT' w£Sنp®KV ... ّLYTT;HTTPVض@ ... Wè `yVض &Wف`µmïmًYڑ ٌŒHTVضOèRK ... Wè Xس†VprVK‚ô@ ... QWفSنRصW-KV ... ـKV ... Wف`إWµWTے &QWفSنVصً`r " [الطلاق:4] (2) .
__________
(1) أحكام القرآن 1/ 254 .
(2) وقد نُقِل الإجماعُ على أن عدة الحامل وضع حملها إلا ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - ، ومذهبه الأخذ باليقين لمعارضة عموم قوله تعالى في المتوفى عنها : ¼ Wفp±PVTٹW£WچWTے QWفXنY©SةكKV†Yٹ WàWإWTٹ`OKV ... x£TSنpT®KV ... $ ... _£pTWئWè " [البقرة:234] ، ولم يخص حاملاً من غير حامل ، وعموم قوله تعالى : ¼ ŒHTVضOèRK ... Wè Xس†VprVK‚ô@ ... QWفSنRصW-KV ... ـKV ... Wف`إWµWTے &QWفSنVصً`r " [الطلاق:4] ، ولم يخص المتوفى عنها ، فمن لم يبلغه حديث سبيعة المتفق عليه لزمه الأخذ باليقين ، ينظر : الإجماع لابن المنذر ص 73 ، والتمهيد لابن عبدالبر 11/ 311 .(1/120)
قال القرطبي في لفظ المطلقات بالآية : ( عام في المطلقات ثلاثاً ، وفيما دونها لا خلاف فيه ، ثم قوله : ¼ JًفSنSچVضéSإSTٹWè SQجWڑKV ... " حكم خاص فيمن كان طلاقها دون الثلاث ، وأجمع العلماء على أن الحر إذا طلق زوجته الحرة ، وكانت مدخولاً بها تطليقة أو تطليقتين ، أنه أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها وإن كرهت المرأة ) (1) .
والثمرة من الإشارة إلى هذا التفسير : أنه إذا كان أول الآية عاماً وآخرها خاصاً ، حُمِل كل واحد منهما على ما ورد ، ولا يخص أولها بآخرها (2) . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ ٌŒHTWحPVصً¹Sظ<ض@ ... Wè fغp±PVٹW£WچWTے QWفXنY©SةكKV†Yٹ WàWT'HTTVصWT' &xٍ;èS£Sخ ‚WپWè QSشmïmWYڑ QWفSنVض ـKV ... Wف`ظSچ<رWTے †Wع WجVصW JًS/@ ... ُّYت QWفXنYع†Wڑ`OKV ... ـMX ... QWفRز QWفYع`ëSTے YمPVصض@†Yٹ YzَéW~<ض@ ... Wè &X£TY‚پ@ ... JًفSنSچVضéSإSTٹWè SQجWڑKV ... JًفYهPY W£Yٹ ء ًذYض.V¢ َـMX ... N ... vèS ... WOKV ... &†_™HTVصp²MX ... QWفSنVضWè Sش<'Yع ÷Y،PVض@ ... QWفXن`~VصWئ &gاèS£`إWظ<ض@†Yٹ Xس†W-QX£صYضWè QWفXن`~VصWئ %bàW-WOW SJًJًS/@ ... Wè e¥ےX¥Wئ eط~YرWڑ (228) " [البقرة:228] .
16/15- قال ابن عقيل : ( ¼ fغp±PVٹW£WچWTے QWفXنY©SةكKV†Yٹ WàWT'HTTVصWT' &xٍ;èS£Sخ " وذلك واقع في الطهر كوقوعه في الحيض ، إلا أنه في الحيض أظهر ؛ لاتصافه بموضوعه وهو الاجتماع ، وذلك إنما يتأتى في الدم اهـ) (3) .
___________________
الدراسة :
قبل الدخول فيما أشار إليه ابن عقيل أبين ما يلي :
اتفق أهل اللغة على أن المراد بالقرء : الوقت (4) .
__________
(1) الجامع لأحكام القرآن 3/ 80 .
(2) ينظر في هذه المسألة : العدة لأبي يعلى 2/ 614 ، والتمهيد لأبي الخطاب 2/ 167 ، والواضح 3/ 433 .
(3) ينظر : الجدل على طريقة الفقهاء ص 3 ، وينظر : الواضح 4/ 66 .
(4) ينظر : معجم مقاييس اللغة 5/ 79 ، المفردات ص 445 .(1/121)
قال الجوهري : ( وإنما القرء الوقت ، فقد يكون للحيض ، وقد يكون للطهر .. ) (1) .
وقال ابن العربي : ( .. وأوصيكم ألا تشتغلوا الآن بذلك لوجوه ؛ أقربها : أن أهل اللغة قد اتفقوا على أن القرء الوقت ) (2) .
لكن اختلف السلف والخلف في المراد بالقروء في الآية قديماً وحديثاً على قولين (3) :
القول الأول :
أنها الأطهار ، وهو قو ل عائشة (4) ، وزيد بن ثابت (5) ، وابن عمر (6) ، ومالك (7) ، والشافعي (8) ، ورواية عن أحمد (9) ، وهو قول الفقهاء السبعة (10) ، والزهري (11) .
__________
(1) الصحاح 1/ 50 .
(2) أحكام القرآن 1/ 250 .
(3) ينظر : أحكام القرآن لابن العربي 1/ 250 .
(4) هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق وهو عبدالله بن عثمان بن عامر بن كعب القرشي التميمي رضي الله عنهما ، ماتت سنة 58هـ ، لها ترجمة في : الإصابة 8/ 16 (11457) .
(5) هو زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الخزرجي المقرئ الفرضي مات سنة 45هـ له ترجمة في : الإصابة 2/ 592 (2882) ، سير أعلام النبلاء 2/ 578 .
(6) جامع البيان 4/ 97 .
(7) المحرر الوجيز 1/ 304 .
(8) الرسالة للشافعي 569 .
(9) المقنع 3/ 1004 .
(10) الفقهاء السبعة هم : سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر ، وأبو بكر بن عبدالرحمن بن الحارث ، وخارجة بن زيد بن ثابت ، وعبدالله بن عبدالله بن عتبة ، وسليمان بن يسار ،
ينظر : حلية الأولياء 2/ 161 ، سير أعلام النبلاء 4/ 438 .
(11) معالم التنزيل للبغوي 1/ 150 ، والزهري هو أبو بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، مات سنة 124هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 5/ 326 .(1/122)
ويستدلون بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر : " مره فليراجعها ، ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس ؛ فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء " (1) .
القول الثاني :
أنها الحيض ، وهو قول عمر ، وعلي ، وابن مسعود (2) ، وأبي موسى الأشعري (3) ،
__________
(1) أخرجه البخاري كتاب الطلاق باب قول الله تعالى : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے JٌّY‰QWقض@ ... ... V¢XM ... ٌySچ<حPVصً؛ ƒٍ:†fTT©PYقض@ ... QWفSهéSحYPصV¹WTت UfغXنYژPVںYإYض N ... éS±`ڑVK ... Wè $WلPVںYإ<ض@ ... " [الطلاق:1] (5251) ، ومسلم كتاب الطلاق (1471) .
(2) هو أبو عبدالرحمن عبدالله بن مسعود الهذلي المكي المهاجري البدري مات سنة 32هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 1/ 461 .
(3) هو عبدالله بن قيس أبو موسى الأشعري التميمي الفقيه المقرئ ، مات سنة 44هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 2/ 380 ، الجرح والتعديل 5/ 138 .(1/123)
والأسود (1) ، وعكرمة ، والنخعي (2) ، ومجاهد ، والضحاك (3) ، والأوزاعي (4) ، والثوري (5) ، وأصح الروايتين عن أحمد (6) .
ويستدلون له بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في المستحاضة : " تدع الصلاة أيام أقرائها التي كانت تحيض فيها " (7) . وجه الدلالة : أن المرأة إنما تدع الصلاة وقت الحيض ، ويدل عليه ما بعده أيضاً .
__________
(1) هو الأسود بن يزيد بن قيس الإمام أبو عمرو النخعي الكوفي ، مات سنة 75هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 4/ 50 ، وينظر في نسبة القول إلى هؤلاء : جامع البيان 4/ 88 .
(2) هو الإمام الحافظ إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي اليماني ثم الكوفي مات سنة 96هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 4/ 520 .
(3) هو أبو محمد وقيل أبو القاسم الضحاك بن مزاحم الهلالي صاحب التفسير أصله من الكوفة ثم أقام ببلخ ، مات سنة 102هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 4/ 598 .
(4) هو عبدالرحمن بن عمرو بن يحمد أبو عمرو الأوزاعي ، مات سنة 157هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 7/ 107 ، ونسب القول له البغوي في معالم التنزيل 1/ 150 .
(5) هو سفيان بن سعيد بن مسروق أبو عبدالله الثوري ، مات سنة 161هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 7/ 229 .
(6) المقنع 3/ 1004 .
(7) أخرجه الترمذي باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة ( 126 )، وابن ماجة (625) ، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/ 40 (109) .(1/124)
قال ابن كثير : ( فهذا لو صح لكان صريحاً في أن القرء هو الحيض ) (1) ؛ وقد صححه بعض العلماء (2) ، فالصواب في المسألة : هو ما ذكره ابن عقيل ؛ من أن القرء يقع على الحيض والطهر إلا أنه في الحيض أظهر لصراحة ما استدلوا به وصحته في بيان القرء ، ولما جاء في حديث فاطمة بنت أبي حبيش أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فشكت إليه الدم فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إنما ذلك عرق ، فانظري إذا أتى قرؤك فلا تصلي ، فإذا مر قرؤك فتطهري ثم صلي ما بين القرء إلى القرء " (3) ، وأما حديث ابن عمر فليس صريحاً في معنى القرء ، وإنما هو بيان العدة التي تطلق فيها المرأة ، والله أعلم .
قال الجصاص : ( قد حصل من اتفاق السلف وقوع اسم الأقراء على المعنيين من الحيض ومن الأطهار من وجهين ، أحدهما : أن اللفظ لو لم يكن محتملاً لهما لما تأوله السلف عليهما لأنهم أهل اللغة والمعرفة بمعاني الأسماء وما يتصرف عليه المعاني من العبارات ... ) إلى أن قال : (.. ومن جهة أخرى أن هذا الاختلاف قد كان شائعاً بينهم مستفيضاً ، ولم ينكر واحد منهم على مخالفيه في مقالته ، بل سوغ له القول فيه .. ) (4) .
قال تعالى : ¼ فQWع ... V¢ ÷Y،PVض@ ... ٌ³X£`حSTے JًW/@ ... †[¶َ£TWTخ †_TقW©Wڑ ISمWةYإHTWµS~WTت ,ISمVض †_Tت†WإpKV ... &_لWOkY'W{ SJًJًS/@ ... Wè ٌ´Y‰pTحWTے ٌ¸Aٌ±`‰WTےWè YمT`~VضMX ... Wè fûéSإW-َ£TSTژ (245) " [البقرة:245] .
__________
(1) تفسير ابن كثير 2/ 563 .
(2) ينظر : صحيح سنن الترمذي للألباني 1/ 40 (109) ، إرواء الغليل له أيضاً (2119) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة باب في المرأة (280) ، والنسائي كتاب الطهارة باب ذكر الأقراء 1/ 121 ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/53 (250) .
(4) أحكام القرآن للجصاص 1/ 441 .(1/125)
17/16- قال ابن عقيل : ( قال تعالى : ¼ فQWع ... V¢ ÷Y،PVض@ ... ٌ³X£`حSTے JًW/@ ... " والمراد به : فقراء عباد الله اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
أبان ابن عقيل أن المراد بقوله تعالى : ¼ ٌ³X£`حSTے JًW/@ ... " : أي يقرض عباده المحتاجين .
وفي تفسيره تخصيص ، والآية تدل على ما هو أعم منه .
ففي هذه الآية حث من الله تعالى على جميع الأعمال الصالحة ومنها النفقة في سبيله في كل مجال وفي الجهاد على وجه الخصوص ، وهذا ما ذكره عامة أهل العلم .
قال النحاس : ( أصل القرض : ما يفعل ليجازى عليه ) (2) .
وقال ابن منظور : ( وقال الأخفش في قوله تعالى : ¼ ٌ³X£`حSTے " أي : يفعل فعلاً حسناً في اتباع أمر الله وطاعته ، والعرب تقول لكل من فعل إليه خيراً : قد أحسنت قرضي ، وقد أقرضتني قرضاً حسناً ) (3) .
وقال الطبري : ( القول في تأويل قوله : ¼ فQWع ... V¢ ÷Y،PVض@ ... ٌ³X£`حSTے JًW/@ ... †[¶َ£TWTخ †_TقW©Wڑ ISمWةYإHTWµS~WTت ,ISمVض †_Tت†WإpKV ... &_لWOkY'W{ SJًJًS/@ ... Wè ٌ´Y‰pTحWTے ٌ¸Aٌ±`‰WTےWè YمT`~VضMX ... Wè fûéSإW-َ£TSTژ (245) " [البقرة:245] يعني تعالى ذكره بذلك : من هذا الذي ينفق في سبيل الله فيعين مُضعِفاً (4) ، أو يُقوِّي ذا فاقةٍ أراد الجهاد في سبيل الله ، ويعطي منهم مقتراً ، وذلك هو القرض الحسن الذي يقرض العبد ربه ، وإنما سماه الله تعالى ذكره قرضاً ؛ لأن معنى القرض : إعطاء الرجل غيره ماله مملِّكاً له ليَقضِيَه مثله إذا اقتضاه ، فلما كان إعطاء من أعطى أهل الحاجة والفاقة في سبيل الله ، إنما يعطيهم ما يعطيهم من ذلك ابتغاء ما وعده الله عليه من جزيل الثواب عنده يوم القيامة ، سماه قرضاً ، إذ كان معنى القرض في لغة العرب ما وصفنا ) (5) .
__________
(1) الواضح 2/ 381 .
(2) معاني القرآن 1/ 247 .
(3) لسان العرب 7/ 147 .
(4) المضعِف : الرجل الذي دابته ضعيفة ، ينظر : لسان العرب 9/ 206 .
(5) جامع البيان 4/ 428 .(1/126)
وقال البغوي : ( ¼ فQWع ... V¢ ÷Y،PVض@ ... ٌ³X£`حSTے JًW/@ ... †[¶َ£TWTخ †_TقW©Wڑ " [البقرة:245] القرض : اسم لكل ما يعطيه الإنسان ليجازى عليه ، فسمى الله تعالى عمل المؤمنين له على رجاء ما عدّ لهم من الثواب قرضاً ؛ لأنهم يعملونه لطلب ثوابه ) (1) .
وقال ابن كثير : ( وقوله : ¼ فQWع ... V¢ ÷Y،PVض@ ... ٌ³X£`حSTے JًW/@ ... †[¶َ£TWTخ †_TقW©Wڑ ISمWةYإHTWµS~WTت ,ISمVض †_Tت†WإpKV ... &_لWOkY'W{ " [البقرة:245] يحث تعالى عباده على الإنفاق في سبيل الله ، وقد كرر تعالى هذه الآية في كتابه العزيز في غير موضع ) (2) .
ومما يؤيد هذا التفسير ويوضحه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله عز وجل يقول يوم القيامة : يا ابن آدم مرضت فلم تعدني ، قال يا رب : كيف أعودك وأنت رب العالمين ، قال : أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده ، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ، يا ابن آدم : استطعمتك فلم تطعمني ، قال : يا رب ، وكيف أطعمك وأنت رب العالمين ، قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ، يا ابن آدم : استسقيتك فلم تسقني ، قال : يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ، قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه ، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي " (3) .
فإن قيل : ما مناسبة اختيار هذا الأسلوب : ¼ ٌ³X£`حSTے JًW/@ ... " دون غيره ؟ .
فالجواب من وجوه :
1- أن فيه تأكيداً لاستحقاق الثواب بالعمل ، إذ لا يكون قرضاً إلا والعوض مستحق به (4) .
2- أن فيه حثاً وترغيباً على البذل والزيادة في أعمال الخير .
__________
(1) معالم التنزيل 1/ 168 .
(2) تفسير ابن كثير 2/ 610 .
(3) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب فضل عيادة المريض (2579) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(4) ينظر : أحكام القرآن للجصاص 1/ 547 .(1/127)
3- أن في أعمال الخير قطعاً من الوقت أو المال أو غيره لله تعالى ، ومن معاني القرض في اللغة : القطع (1) .
4- أن ما يقدمه الإنسان ينتظر بدله وجزاءه ، وهكذا القرض .
5- أن الجزاء يتأخر عن العمل في الغالب ، وكذلك الأمر في القرض (2) .
6- بيان أن طاعة العبد مقبولة عند الله تعالى ، وواقعة موقع القبول في أقصى الدرجات (3) بإذنه تعالى وفضله ؛ ومما يشهد لهذا قوله تعالى : ¼ †WعWè N ... éSعYPںWحSTژ yRرY©SةكVK‚Yپ َفYQع xO`kTW SâèSںيmYً- WںقYئ JًY/@ ... WéSه ... _O`kTW WطVہ¹`ئVK ... Wè & ... _£T`-VK ... " [المزمل:20].
7- ذكر لفظ القرض فيه تقريب للأفهام ؛ لأن المنفق ينتظر الثواب كما ينتظر المسلف رد ما أسلف (4) .
8- ذكر لفظ القرض فيه ضمان وأمان للمنفق بأنه لن يضيع عليه شيء ، كما قال تعالى: ¼ :†WعWè ySچpTحWةكKV ... فYQع xٍpّTW® WéSنWTت I$SمSةYص`mïmٌ WéSهWè SO`kTW WـkYخY¦.QW£ض@ ... " [سبأ:39]. والله أعلم .
قال تعالى : ¼ لِلَّهِ ـMX ... Wè `ySچقRز uّVصWئ x£WةWھ َطVضWè N ... èSںYoWTژ †_T‰Yژ†Vز cفHTWهX£WTت $bàً¶éSTp‰حQWع َـXM†WTت WفYعKV ... طRرSµ`إWTٹ †_µ`إWTٹ PY WëS~<صWTت ÷Y،PVض@ ... WفYظSTژ`ê@ ... ISمWچWقHTWعKV ... gجPVچW~<ضWè JًW/@ ... I%SمQWTٹWO ‚WپWè N ... éSظSچ<رWTژ &WلًںHTfTTTTنPVض@ ... فWعWè †Wن`ظSچpT|WTے ,ISمPVTكXM†WTت cطY' ... ƒٍ IS%مS‰<صWTخ SJًJًS/@ ... Wè †WظYٹ WـéSTصWظ`إWTژ cy~YصWTئ (283) " [البقرة:283] .
18/17- قال ابن عقيل : ( ويعتبر القبض في الرهن ؛ قال سبحانه : ¼ cفHTWهX£WTت $bàً¶éSTp‰حQWع " اهـ ) (5) .
____________________________
الدراسة :
__________
(1) ينظر : أحكام القرآن لابن العربي 1/ 306 ، لسان العرب 7/ 217 .
(2) ينظر : زاد المسير 1/ 240 .
(3) التفسير الكبير 4/ 147 .
(4) ينظر : التسهيل 1/ 118 .
(5) ينظر : التذكرة ص 129 .(1/128)
استدل ابن عقيل بالآية على اعتبار القبض في الرهن، وهو مما اتفق عليه الفقهاء في الجملة (1) ، واختلفوا في تحديد نوع اشتراطه ، هل هو شرط لزوم ، أو شرط تمام ؟ .
وفائدة الفرق : أن من قال : شرط لزوم قال : ما لم يقع القبض لم يلزم الرهن الراهن .
ومن قال : شرط تمام قال : يلزم الرهن بالعقد ، ويجبر الراهن على الإقباض ، إلا أن يتراخى المرتهن عن المطالبة حتى يفلس الراهن أو يمرض أو يموت (2) .
فذهب الجمهور - الحنفية والشافعية والحنابلة - إلى أن عقد الرهن لا يلزم إلا بالقبض ؛ للآية التي معنا . فلو لزم عقد الرهن بدون قبض لما كان للتقييد به في الآية فائدة (3) .
وقال المالكية : يلزم الرهن بالعقد ، ثم يجبر الراهن على التسليم للمرتهن ، وعمدة مالك : قياس الرهن على سائر العقود اللازمة بالقول كالبيع ؛ لقوله تعالى : ¼ N ... éSTت`èVK ... &Y éSحSإ<ض@†YTٹ " [المائدة:1] ، والرهن عقد (4) ، ووافقه أحمد في غير المكيل والموزون في رواية ليست هي المذهب (5) .
__________
(1) ينظر : بداية المجتهد ص 619 ، أحكام القرآن للجصاص 1 / 635 ، أحكام القرآن لابن العربي 1/ 343 ، بدائع الصنائع 8/ 145 ، المجموع 12/ 299 ، المغني 6/ 445 .
(2) ينظر : بداية المجتهد ص 619 .
(3) ينظر : النكت والعيون 1/ 359 ، بدائع الصنائع 8/ 145 ، المجموع 12/ 299 ، زاد المسير 1/ 280 ، المغني 6/ 445 ، وهو قول ابن حزم في المحلى 8/ 230 .
(4) ينظر : بداية المجتهد ص 619 ، أحكام القرآن لابن العربي 1/343 ، المغني 6/ 446 ، الجامع لأحكام القرآن 3/ 265 .
(5) الكافي في فقه الإمام أحمد 2/ 74 .(1/129)
والقول الأول أقرب للصواب ؛ لأن في البيع والعقود اللازمة معاوضة فتلزم بالعقد ، والرهن عقد إرفاق يفتقر إلى القبول ، فافتقر إلى القبض كالقرض ، والصدقة ، وهو أشبه بالهبة والتبرع إذ الراهن لا يستحق في مقابله شيء على المرتهن ، والإمضاء فيها يكون بالقبض ، والرهن الذي لم يقبض لا يلزم إقباضه ، كما لو مات الراهن ، وقد وصف الله الرهن بكونه مقبوضاً في الآية فيقتضي اشتراطه وعدم لزوم الرهن إلا بالقبض . والله تعالى أعلم .
ومن ثمرات المسألة :
1- أنه لو تعاقد الراهن والمرتهن على أن يكون الرهن في يد الراهن ، لم يصح الرهن (1) .
2- أن الرهن الذي لم يقبض لا يلزم إقباضه ، كما لو مات الراهن فلا يلزم الورثة تسليم الرهن .
سورة
آل عمران
قال تعالى : ¼ SمpTTژW †WقWTت SàVرMXù;HTTVصWظ<ض@ ... WéSهWè cطMXْ:†WTخ ّPYصfTT±STے ء g‡ ... W£`™Yظ<ض@ ... QWـKV ... JًW/@ ... ًدS£PYW‰STے uّWT~`™W~Yٹ †?TWTخYPںfTTT±Sع xàfTTTTظYصVرYٹ WفYQع JًY/@ ... ... _ںQY~TfTTTھWè ... _OéS±WڑWè †^QT~Y‰WTكWè WفYQع WـkY™YصHTUfTT±ض@ ... (39) " [آل عمران:39] .
19/1- قال ابن عقيل : ( الحصور : الذي لا حاجة له في هذا الشأن (2) اهـ ) (3) .
____________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل الحصور في هذه الآية بالذي لا حاجة له في النكاح ، وهو قول قتادة ، والسدي ، والحسن (4) ، وهو القول الأول .
القول الثاني : أنه لم يكن له ما يأتي به النساء ، روي عن سعيد بن المسيب (5) .
__________
(1) بدائع الصنائع 8/ 148 .
(2) يعني في النكاح .
(3) ينظر : الفنون 2/ 482 .
(4) ينظر : جامع البيان 5/ 280 وما بعدها .
(5) ينظر : جامع البيان 5/ 378 ، وأخرجه الحاكم مرفوعاً 4/ 273 (7618) من حديث عمرو - رضي الله عنه - ، ولكن لا يصح المرفوع ، قال ابن أبي حاتم : ( قال أبي : لا يرفعون هذا الحديث ) العلل 2/ 140 (1913) .(1/130)
القول الثالث : أنه الذي لا ينزل ماء ، روي عن ابن عباس ، والضحاك (1) .
القول الرابع : أنه كان يمنع نفسه من شهواتها (2) .
ويجمع هذه الأقوال : أن الحصور الممتنع من جماع النساء إما من العِنَّة ، وإما من العفة والاجتهاد في إزالة الشهوة ، والثاني أظهر في الآية ، لأنه بذلك يستحق المحمدة (3) .
قال القاضي عياض (4) : ( اعلم أن ثناء الله على يحيى بأنه حصور ليس كما قال بعضهم : إنه كان هيوباً ، أو لا ذكر له ، بل قد أنكر هذا حذاق المفسرين ، ونقاد العلماء ، وقالوا : هذه نقيصة وعيب ولا تليق بالأنبياء ، وإنما هو معصوم من الذنوب ، أي : لا يأتيها ، كأنه حصر عنها ، وقيل : مانعاً نفسه من الشهوات . وقيل : ليست له شهوة في النساء .
__________
(1) ينظر : جامع البيان 5/ 280 .
(2) ينظر : معاني القرآن للنحاس 1/ 392 ، النكت والعيون 1/ 390 ، زاد المسير 1/ 311 .
(3) ينظر : المفردات ص 135 .
(4) هو الإمام الحافظ أبو الفضل عياض بن موسى بن عمرون اليحصِبي الأندلسي ثم السبتي المالكي ، ولي القضاء ، وأكثر من التواليف ومن كتبه : الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، مات سنة 544هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 20/ 212 ، طبقات الداوودي 2/ 21 .(1/131)
وقد بان لك من هذا أن عدم القدرة على النكاح نقص ، وإنما الفضل في كونها موجودة ثم قَمْعُها : إما بمجاهدة كعيسى ، أو بكفاية من الله عز وجل كيحيى عليه السلام ... والمقصود أن مدح يحيى بأنه حصور ليس أنه لا يأتي النساء ، بل معناه كما قاله هو وغيره : إنه معصوم من الفواحش والقاذورات ، ولا يمنع ذلك من تزويجه بالنساء الحلال وغشيانهن وإيلادهن ، بل قد يفهم وجود النسل له من دعاء زكريا المتقدم حيث قال : ¼ Jg‡WO pˆWه ّYض فYع ًذكSںPVض _àQWTTےQXOR¢ [$àW‰TTQY~V؛ " [آل عمران:38] ، كأنه قال : ولداً له ذرية ونسل وعقب ، والله سبحانه وتعالى أعلم ) (1) .
فالخلاصة : أن معنى الحصور الممتنع عن جماع النساء ، وهذا لا نزاع فيه ، إنما خلاف العلماء في السبب الذي منعه من جماع النساء ، ولا يخفى أن دلالة السياق إرادة المدح ، ولا يكون كذلك إلا إذا كان تركاً للشهوات مع قدرته عليها ، ولذا قال أبو حيان بعد ذكر أقوال المفسرين : ( والذي يقتضيه مقام يحيى عليه السلام ، أنه كان يمنع نفسه من شهوات الدنيا ، من النساء وغيرهن ، ولعل ترك النساء زهادة فيهن كان شرعهم إذ ذاك ) (2) .
والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ لِلَّهِ :†QWظVصWTت Jً¨WڑVK ... uّW©~Yئ SطSن`قYع W£pTةRر<ض@ ... Wس†WTخ َفWع v÷YO†TfTTT±كVK ... ّVضXM ... $JًY/@ ... Wس†WTخ fûéQSےXO ... WéW™<ض@ ... Sف`™WTك SO†fTT±كKV ... JًY/@ ... †PVقWع ... ƒٍ YمPVصض@†Yٹ `ںfTTTTTTنpT®@ ... Wè †TPVTكVK†Yٹ fûéSظYصَ©Sع (52) " [آل عمران:52] .
20/2- قال ابن عقيل : ( ¼ َفWع v÷YO†TfTTT±كVK ... ّVضXM ... $JًY/@ ... " أي : مع الله اهـ ) (3) .
__________________________
الدراسة :
__________
(1) الشفا 1/ 116 ، وينظر : تفسير ابن كثير 2/ 705 .
(2) ينظر : البحر المحيط 2/ 448 .
(3) ينظر : الواضح 1/ 120 .(1/132)
فسر ابن عقيل [إلى] في هذه الآية بمعنى: [مع] ، وهو قول الجماعة كما قال ابن الجوزي (1) ، وروي عن السدي ، وابن جريج (2) ، وغيرهم ، و[إلى] تقارب معنى [مع] في اللغة ، وذلك إذا ضممت شيئاً إلى آخر (3) ، كقوله تعالى : ¼ ‚WپWè Nv ... éSTصS{<K†WTژ `طSنVض.Wé`عKV ... uvّVضXM ... &`طRرYTض.Wé`عKV ... " [النساء:2] أي : مع (4) .
وقد حسّن هذا المعنى الطبري حيث يقول : ( وإنما حسن أن يقال : ¼ ّVضXM ... $JًY/@ ... " بمعنى : مع الله ؛ لأن من شأن العرب إذا ضموا الشيء إلى غيره ، ثم أرادوا الخبر عنهما بضم أحدهما مع الآخر إذا ضم إليه ، جعلوا مكان [ مع ] [ إلى ] أحياناً ) (5) .
والقول الثاني :
أن [إلى] على حقيقتها (6) ، واختلفوا في التقدير :
فقال مجاهد في معنى من أنصاري إلى الله ، أي : ( من يتبعني إلى الله ) (7) .
وقال الحسن : ( معناه من أنصاري في السبيل إلى الله ) (8) .
وقيل : متعلق بمحذوف حالاً من الياء ، أي : من أنصاري حال كوني ذاهباً إلى الله ملتجئاً إليه (9) .
وقيل : إن أنصاري مضمن معنى الضم ؛ لتبقى [إلى] على بابها ، أي من يضم نصره إلى نصر الله (10) .
__________
(1) ينظر : زاد المسير 1/ 320 .
(2) جامع البيان 5/ 437 .
(3) ينظر: معاني القرآن وإعرابه 1/ 416 ، لسان العرب 14/ 238 ، القاموس المحيط 1/ 1738.
(4) الجامع لأحكام القرآن 4/ 62 .
(5) جامع البيان 5/ 436 .
(6) قال القرطبي بعد ذكر أقوال من قال هي على بابها : ( وهو الجيد ) 4/ 63 .
(7) ينظر : فتح الباري 8/ 641 ، الدر المنثور 2/ 223 .
(8) ينظر : النكت والعيون 1/ 395 ، الجامع لأحكام القرآن 4/ 62 .
(9) ينظر : الكشاف 1/ 393 ، التسهيل 1/ 146 ، تفسير أبي السعود 1/ 373 ، تفسير القاسمي 2/ 322 ، إعراب القرآن الكريم وبيانه لدرويش 1/ 446 .
(10) ينظر : النكت والعيون 1/ 395 ، التحرير والتنوير 3/ 255 ، وينظر أيضاً : المراجع السابقة .(1/133)
والذي يظهر لي أنه لا اختلاف بين هذه الأقوال في معنى الآية إجمالاً فـ[إلى] تأتي في اللغة بمعنى [مع] (1) ، كقولهم : ( الذود إلى الذود إبل ) (2) ، وكل الأقوال ترجع إلى ما يشمله معنى النصر من إعلان الدين والدعوة إليه إذ لا بد لحصول النصر من تحصيل سببه كما هي سنة الله ، قال سبحانه : ¼ ـMX ... N ... èS£S±قWTژ JًW/@ ... `طS{َ£ٌ±قWے " [محمد:7]، ولذا فالقول بأن [إلى] بمعنى المعية يفيد الإعانة على النصر ، وكذا من جعل [إلى] على بابها وضمن النصر معنى الضم ، ومثله من علق [إلى] ومجرورها بمحذوف ، وقول الحسن ومجاهد لا يخرج عن معنى ما سبق ، فقد قال تعالى : ¼ `شSTخ -YâY،HTWه ُّYص~Y‰Wھ Nv ... éSئ` VK ... ّVضXM ... JًY&/@ ... uّVصWئ ]لWOkY±Wٹ h†WTكKV ... XفWعWè $ّYقWإWT‰PVTژ@ ... " [يوسف:108] ، فالاتباع يكون بالانضمام والمعية في الطريق نفسه وهو الدعوة إلى الله تعالى ، ولذلك لم يأت الحواريون بـ[إلى] في قولهم : ¼ Wس†WTخ fûéQSےXO ... WéW™<ض@ ... Sف`™WTك SO†fTT±كKV ... JًY/@ ... " [آل عمران:52] (3) . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ لِلَّهِ َفYعWè XشTT`هVK ... gˆHTWTچYر<ض@ ... َفWع ـMX ... Sم`قWع<K†WTژ xO†V¹قYحYٹ ,-YâPY WëSTے ًذ`~VضMX ... ySن`قYعWè َفQWع ـMX ... Sم`قWع<K†WTژ xO†WقےYںYٹ ‚PVپ ,-YâPY WëSTے ًذ`~VضMX ... ‚PVپMX ... †Wع ًŒ`عS Yم`~VصWئ %†_TظXMْ:†WTخ ًذYض.V¢ `ySنPVTكKV†Yٹ N ... éRض†WTخ ً¨`~Vض †WقT`~VصWئ ء WفGTTQX~QYعRK‚ô@ ... bش~Y‰fTTھ fûéSTضéSحSTےWè ّVصWئ JًY/@ ... ً‡Y،Vر<ض@ ... َطSهWè fûéSظVص`إWTے (75) " [آل عمران:75] .
21/3- قال ابن عقيل : ( نبه بأداء القنطار على أداء الدينار ، ونبه بنفي الدينار على نفي أداء القنطار اهـ ) (4) .
__________
(1) ينظر : مغني اللبيب ص 86 . وذكر هذه الآية مثالاً لإتيان [إلى] بمعنى [مع] .
(2) أي : أن القليل مع القليل كثير ، ينظر : مجمع الأمثال 1/ 353 .
(3) ينظر : التحرير والتنوير 3/ 255 .
(4) ينظر : الواضح 2/ 42 ، 3/ 258 .(1/134)
_______________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل في كلامه حول هذه الآية إلى مسألة التنبيه والأولى ، فإثبات الأمانة على الأعلى دلالة على الأمانة على الأدنى ، ونفيها على الأدنى دلالة على نفيها على الأعلى .
قال ابن عقيل : ( وهذا مما لا خلاف فيه بين جمهور أهل العلم إلا ما شذ عن بعض أهل الظاهر ) (1) .
وفي القرآن نهى الله عن التأفيف في حق الأبوين ، ونبه بذلك على ما هو أكثر منه من الأذايا ، وقوله تعالى : ¼ ‚WپWè WـéSظVصpہ¹STژ ½"~YچWTت (77) " [النساء:77]، فذكر القليل تنبيهاً على الكثير .
وأمثلة هذا في السنة كثير منها : نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التضحية بالعوراء (2) ، تنبيهاً على النهي عن التضحية بالعمياء .
ومما يؤيد هذا القول :
1- أن هذا ظاهر من لغة العرب ، وقد وضعت هذه الألفاظ للمبالغة في التأكيد للحكم في محل السكوت ، وأنها أفصح من التصريح بالحكم في محل السكوت ، ولهذا فإنهم إذا قصدوا المبالغة في كون أحد الفرسين سابقاً للآخر ، قالوا : ( هذا لا يلحق غبار هذا الفرس ) وكان هذا ذلك عندهم أبلغ من قولهم : ( هذا الفرس سابق لهذا الفرس ) (3) .
__________
(1) الواضح 3/ 258 ، وينظر : الإحكام للآمدي 3/ 67 ، شرح الكوكب المنير 3/ 483 ، البحر المحيط للزركشي 5/ 147 ، الفصول في الأصول 1/ 290 ، المحلى لابن حزم 11/ 265 .
(2) كما في حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أربع لا يجزن : العوراء البين عورها .." الحديث أخرجه الترمذي في كتاب الأضاحي باب ما لا يجوز من الأضاحي (1497) والنسائي في كتاب الضحايا باب ما نهى عنه من الأضاحي العوراء (4369) 7/ 153 ، وقال أحمد ما أحسنه من حديث وصححه ابن حبان 13/ 240 والحاكم 4/ 251 وذكر له شواهد ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح 4/ 73.
(3) ينظر : الإحكام للآمدي 3/ 68 .(1/135)
2- أن العبد المنهي عن إعطاء زيد حبة ، لا يحسن به أن يستفهم من سيده الناهي له ؛ فهل أعطيه قيراطاً لما في القيراط من الحبات ؟ .
3- أن هذا مما يتساوى في فهمه النساء والسُّوَقة ، ولا يقف على المتميزين من أهل اللغة ولا أرباب الاستنباط (1) .
قال القرطبي : ( ومن حفظ الكثير وأداه فالقليل أولى ، ومن خان في اليسير أو منعه فذلك في الكثير أكثر ) (2) .
وقال ابن كثير : ( فإن منهم ¼ َفWع ـMX ... Sم`قWع<K†WTژ O†V¹قYحYٹ " [آل عمران:75] ، أي : من المال ¼ ,-YâPY WëSTے ًذ`~VضMX ... " أي : وما دونه بطريق الأولى أن يؤديه إليك ¼ ySن`قYعWè َفQWع ـMX ... Sم`قWع<K†WTژ xO†WقےYںYٹ ‚PVپ ,-YâPY WëSTے ًذ`~VضMX ... ‚PVپMX ... †Wع ًŒ`عS Yم`~VصWئ %†_TظXMْ:†WTخ " أي : بالمطالبة والملازمة والإلحاح في استخلاص حقك ، وإذا كان هذا صنيعه في الدينار فما فوقه أولى أن لا يؤديه ) (3) .
وقال الثعالبي (4) : ( وعدم تأدية ما فوق الدينار من قوله تعالى : ¼ xO†WقےYںYٹ ‚PVپ ,-YâPY WëSTے ًذ`~VضMX ... " [آل عمران:75] ، وهو من قبيل التنبيه بالأدنى على الأعلى ، والأعلى على الأدنى ؛ فلذلك كان الحكم في المسكوت أولى ، وإنما يكون ذلك إذا عرف المقصود من الحكم ، وانه أشد مناسبة في المسكوت ) (5) .
وبعد هذا فقد ظهر لي أن الصواب ما ذهب إليه جمهور العلماء لقوة الأدلة الدالة على صحة قولهم ووضوحها . والله تعالى أعلم .
__________
(1) ينظر : الواضح 3/ 259 .
(2) الجامع لأحكام القرآن 4/ 116 .
(3) تفسير ابن كثير 2/ 722 .
(4) هو أبو زيد عبدالرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي الجزائري المالكي اختصر تفسير ابن عطية في جزأين وصنف التفسير المسمى بالجواهر الحسان في تفسير القرآن ، مات سنة 875هـ، له ترجمة في : طبقات الأدنه وي ص 342 .
(5) تفسير الثعالبي 3/ 462 .(1/136)
قال تعالى : ¼ †WظX‰WTت xàWظ`ڑWO WفYQع JًY/@ ... ًŒقYض $َطSنVض َéVضWè ًŒقRز †JZہ¹WTت ً؟¸~YصWTçئ gˆ<صWح<ض@ ... N ... éJٌµWةك@‚Wپ َفYع $ًذYTضَéTWڑ ٌب`ئ@†WTت َطSن`قTWئ َ£YةpTTçإWچpTھ@ ... Wè َطSنVض َطSه`OYè†W®Wè ء $X£`عKKV‚ô@ ... ً ... ¢MX†WTت ًŒ`عV¥WWئ `شPV{WéWچWTت ّVصWئ &JًY/@ ... QWـMX ... JًW/@ ... JٌˆY™STے WـkYصPY{WéWچSظ<ض@ ... (159) " [آل عمران:159] .
22/4- قال ابن عقيل : ( ¼ َطSه`OYè†W®Wè ء $X£`عKKV‚ô@ ... " والمشاورة لا تكون في الوحي ، ولا فيما يرد من الله سبحانه ، فلم يبق إلا فيما يحكم فيه من طريق الاجتهاد اهـ ) (1) .
_______________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل المشاورة في الآية من خلال إخراجه ما لا يدخل فيها أنها في كل ما يحكم فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - من طريق الاجتهاد ، فمحل البحث إذن : هل يدخل في الشورى كل اجتهاداته - صلى الله عليه وسلم - أو لا ؟ .
فأقول : اجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يخلو من حالين :
الحال الأولى : اجتهاده - صلى الله عليه وسلم - في أمور الدنيا ، فهذا جائز وواقع إجماعاً (2) .
قال الطوفي : ( ولا أحسب أحداً ينازع في الجواز عقلاً ) (3) .
ومن أمثلة وقوعه : ما كان من عزمه على ترك تلقيح ثمار المدينة (4) ، فهذا إذن يدخل في ما يشاور به - صلى الله عليه وسلم - .
الحال الثانية : اجتهاده - صلى الله عليه وسلم - في أمور الشرع التي لا نص فيها ، وفيه اختلاف :
__________
(1) الواضح 5/ 398 .
(2) قاله ابن مفلح كما نسبه له في شرح الكوكب المنير 4 / 474 ، وحكاه سليم الرازي وابن حزم ، كما ذكر الشوكاني في إرشاد الفحول 2/ 304 ، وينظر : الإحكام لابن حزم 4/ 495 .
(3) شرح مختصر روضة الناظر 3/ 594 .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الفضائل باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً دون ما ذكره - صلى الله عليه وسلم - من معايش الدنيا على سبيل الرأي ( 2362 ) من حديث رافع وأنس - رضي الله عنهم - .(1/137)
القول الأول : الجواز ، وهو مذهب مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وجماعة (1) ، وعليه فأمور الشرع مما يشاور به - صلى الله عليه وسلم - ، واستدلوا عليه بظاهر قوله تعالى : ¼ N ... èSOYiWچT`ئ@†WTت XّضOèKR†H;TTWTے X£HTf±`TٹVK‚ô@ ... (2) " [الحشر:2] ، وقوله تعالى : ¼ َطSه`OYè†W®Wè ء $X£`عKKV‚ô@ ... " [آل عمران:159] وطريق الاعتبار والمشاورة الاجتهاد ، وقالوا بأن الله خاطبه كما خاطب عباده وضرب له الأمثال وأمره بالتدبر والاعتبار وهو أجل المتفكرين في آيات الله وأعظم المعتبرين لها (2) ، واستدلوا أيضا :ً بوقوعه ، ومن ذلك أنه استشار في أسرى بدر فأشار أبو بكر بالفداء وعمر بالقتل (3) ، وبأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن ينزل ببدر دون الماء قال له الحباب بن المنذر (4) : ( يا رسول الله أبوحي فعلت أو برأي ؟ قال : برأي يا حباب ، قلت : فإن الرأي أن تجعل الماء خلفك ؛ فإن لجأت لجأت إليه ، فقبل ذلك مني ) (5) .
__________
(1) ينظر : نهاية السول 3/ 237، البرهان 2/ 887 ، المعتمد 2/ 240، الإحكام للآمدي 4/ 165 ، المنخول من تعليقات الأصول ص 577 ، روضة الناظر 2/ 409 ، التمهيد لأبي الخطاب 3/ 412 .
(2) ينظر : إرشاد الفحول 2/ 305 .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد وسير أعلام النبلاء باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم (1763) من حديث ابن عباس عن عمر رضي الله عنهما .
(4) هو الحُباب بن المنذر بن الجموح ، وكان يقال له ذا الرأي ، توفي في خلافة عمر - رضي الله عنه - ، له ترجمة في : الإصابة 1/ 316 ، أسد الغابة 1/ 436 .
(5) رواه الحاكم في المستدرك 3/ 427 (5801) ، واشتهر في كتب السير ، ينظر : المنتظم 3/ 103 ، زاد المعاد 3/ 156 .(1/138)
القول الثاني : عدم الجواز ، وهو مذهب أكثر الأشاعرة (1) ، والمعتزلة (2) .
ويمكن أن يستدل لهم : بقوله تعالى : ¼ َـMX ... SؤTY‰PVTژVK ... ‚PVپMX ... †Wع uvّWڑéTSTے &JًّVضXM ... " [الأنعام:50] ، ولا حجة لهم في الآية لأنها في المنصوص عليه ، والاجتهاد المراد معنا فيما لا نص فيه وهو غاية ما في الوسع .
__________
(1) الأشاعرة : فرقة تنتسب إلى أبي الحسن علي بن موسى الأشعري ولقي أتباعاً وشهرة ، واتخذوا الدلائل العقلية والكلامية وسيلة لإثبات العقيدة وحقائق الدين ، ومن أبرز أئمتهم : أبو بكر الباقلاني ، والجويني ، والغزالي ، والفخر الرازي ، ينظر : الملل والنحل للشهرستاني 1/ 74 ، موسوعة الأديان الميسرة 1/ 83 .
(2) ينظر : الإحكام للآمدي 4/ 165 ، الإحكام لابن حزم 4/ 495 ، البرهان 2/ 887 ، شرح مختصر روضة الناظر 3/ 593 ، نهاية السول 4/ 529 ، المعتمد 2/ 240 ، آراء المعتزلة الأصولية ص 569 .(1/139)
ومن هنا يترجح لي قول ابن عقيل في كون المشاورة شاملة للاجتهاد في الأمور الدنيوية والأخروية وهو قول الجمهور (1) ، ولكن لا يقر - صلى الله عليه وسلم - على الخطأ إجماعاً (2) ، فأدلتهم واضحة وكثيرة في وقوع اجتهاده - صلى الله عليه وسلم - في أمور الشرع ، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " أرأيتِ لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ، قالت : نعم ، قال : فالله أحق بالوفاء " (3) ، وإذا جاز لغيره من الأمة أن يجتهد إجماعاً مع كونه معرضاً للخطأ ؛ فلأن يجوز لمن هو معصوم عن الخطأ من باب أولى (4) . والله أعلم .
سورة النساء
قال تعالى : ¼ N ... éSTژ ... ƒٍWè uvّWظHTWTچW~<ض@ ... $`طSنVض.Wé`عKV ... ‚WپWè N ... éSTضPVںW‰WچWTژ ًگ~Y‰W<ض@ ... $gˆQY~Jً¹ض@†Yٹ ‚WپWè Nv ... éSTصS{<K†WTژ `طSنVض.Wé`عKV ... uvّVضXM ... &`طRرYTض.Wé`عKV ... ISمPVكMX ... Wـ†Vز †_TTٹéSڑ ... _OkY‰Vز (2) " [النساء:2] .
23/1- قال ابن عقيل : ( ¼ ‚WپWè Nv ... éSTصS{<K†WTژ `طSنVض.Wé`عKV ... uvّVضXM ... &`طRرYTض.Wé`عKV ... " أي : مع أموالكم اهـ ) (5) .
24/2- وقال أيضاً : ( الأكل ههنا : الأخذ ، تقول العرب : مالي لا يؤكل : لا يؤخذ اهـ ) (6) .
_________________________
الدراسة :
__________
(1) ينظر : إرشاد الفحول 2/ 304 .
(2) ينظر : شرح الكوكب المنير 4/ 480 .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب من شبه أصلاً معلوماً بأصل مبين وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - حكمهما ليفهم السائل (7315) من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - والسائلة عن أمها التي نذرت الحج ولم تحج ، ومسلم في كتاب الصيام باب قضاء الصوم عن الميت (1148) من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - والسائلة عن أمها التي ماتت وعليها صوم .
(4) ينظر : إرشاد الفحول 2/ 305 .
(5) الواضح 1/ 120 .
(6) الواضح 1/ 121 .(1/140)
فسر ابن عقيل [إلى] في هذه الآية بمعنى : [مع] (1) ، كما فسرها بهذا المعنى في قوله تعالى : ¼ َفWع v÷YO†TfTTT±كVK ... ّVضXM ... $JًY/@ ... " [آل عمران:52] (2) .
فقال بعض المفسرين كما قال ابن عقيل : [إلى] بمعنى [مع] كما روي عن مجاهد ، وقتادة (3) ، وقال به الفراء (4) ، والأخفش (5) ، والسمرقندي (6) ، والبغوي (7) ، وابن الجوزي (8) .
وقال آخرون : بل [إلى] على بابها كالنحاس (9) ، وابن عطية (10) ، والقرطبي (11) ، وضمنوا الأكل معنى الإضافة والضم ، أي : لا تضيفوا أموالهم وتضموها إلى أموالكم في الأكل .
وبعد هذا فمن المتيسر الجمع بين القولين ؛ لأنه لا تناقض في نظري بينهما ، فالمعنى المستفاد من الآية على كلا القولين واحد ، ولذا فقد فسر بعض المفسرين الحرف وضمن كلامه المعنيين ، ومنهم الطبري حيث قال : ( ولا تخلطوا أموالهم - يعني اليتامى - بأموالكم فتأكلوها مع أموالكم ) (12) .
__________
(1) وهذا استعمال صحيح ، ينظر : مغني اللبيب ص 85 ، الجنى الداني ص 385 .
(2) وقد سبق ذكر الخلاف عندها ، والذي ظهر لي فيهما واحد ، ينظر : ص 154 .
(3) ينظر : جامع البيان 6/ 355 ، الدر المنثور 2/ 425 ، 426 .
(4) معاني القرآن 1/ 218 .
(5) معاني القرآن 1/ 224 ، وهو أبو الحسن علي بن سليمان ، المعروف بالأخفش الصغير النحوي، له تصانيف منها : شرح سيبويه، مات سنة 315هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 14/ 480 ، شذرات الذهب 2/ 270 .
(6) تفسير السمرقندي 1/ 304 .
(7) معالم التنزيل 1/ 309 .
(8) زاد المسير 2/ 5 .
(9) معاني القرآن 2/ 9 .
(10) المحرر الوجيز 2/ 6 .
(11) الجامع لأحكام القرآن 5/ 9 .
(12) جامع البيان 6/ 355 .(1/141)
وقال ابن العربي : ( قال علماؤنا : معنى تأكلوا : تجمعوا وتضموا أموالهم إلى أموالكم ، ولأجل ذلك قال بعض الناس : معناه مع أموالكم ، والمعنى الذي يسلم معه اللفظ ما قلنا ) (1) .
وهذا مما يؤيد أن المعنى متفقون عليه ، وخلافهم في أي اللفظين أولى ، والأمر في هذا يسير .
والجمع بين القولين هو ما اختاره ابن عقيل في تفسيره حيث فسر الأكل بالأخذ مرة ، وفسر [إلى] بـ[مع] مرة أخرى ، دلالة على أن كلا المعنيين صحيح ، وليس تضمين أحد اللفظين بأولى من الآخر ، والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ َـMX ... Wè `طSچpTةY ‚PVپKV ... N ... éٌ¹Y©pTحSTژ ء uّWظHTWTچW~<ض@ ... N ... éS™Yرك@†WTت †Wع ً‡†ً؛ طRرVض WفYQع Yٍ:†W©PYقض@ ... uّWTق<'Wع ًگHTVصR'ًè $WؤHTWTٹSOWè `ـXM†WTت `طSچpTةY ‚PVپKV ... N ... éSTضYں`إWTژ ZلًںYڑ.WéWTت `èVK ... †Wع pŒVرVصWع &`طRرSTقHTWظ`TےKV ... ًذYض.V¢ uvّWTك` KV ... ‚PVپKV ... N ... éSTضéSإWTژ (3) " [النساء:3] .
__________
(1) أحكام القرآن 1/ 403 .(1/142)
25/3- قال ابن عقيل : ( قال تعالى : ¼ N ... éS™Yرك@†WTت †Wع ً‡†ً؛ طRرVض WفYQع ٍ:†W©PYقض@ ... " وقال : ¼ N ... éS™YركVK ... Wè uّWظHTWTےKKV‚ô@ ... `yRرقYع " [النور:32] ، ثم بيَّن المحرمات (1) ، وقال : ¼ QWشYڑKR ... Wè طRرVض †QWع ƒٍ: ... ƒOWè `طS|Yض.V¢ " [النساء:24]، ثم خص - من المباحات بعموم هذه الآية - باستثناء السنة : تحريم الأخت والعمة والخالة على الأخت (2) وبنت الأخت وبنت الأخ (3) اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل إلى مسألتين :
المسألة الأولى :
__________
(1) أي في قوله جل وعلا : ¼ pŒWعQX£Sڑ `طS|`~VصWئ `طRرSچTTHTWTنQWعRK ... `طRرSژ†WTقWٹWè `طS|STژ.WéWVK ... Wè `طRرSچHTQWظWئWè `طRرSچHTVصHTTWWè ٌ†WTقWTٹWè Xç-VK‚ô@ ... ٌ†WقWTٹWè gŒpTTRK‚ô@ ... SطS|STچHTWنPVعRK ... Wè ُّYچHTPVض@ ... `طRرWTق`إW`OVK ... طS|STژ.WéWVK ... Wè fغYQع YàWإHTTWQW£ض@ ... ٌŒHTWنQWعRK ... Wè `طS|MXْ:†W©Yك SطS|S‰MXù;HTTWTٹWOWè ّYچHTPVض@ ... ء طS{XOéSoSڑ فYQع SطRرMXْ:†W©PYTك ّYچHTPVض@ ... yTSTچ<صWW QWفXنYٹ ـXM†WTت `طPVض N ... éSTكéRرWTژ yTTSTچ<صWW UfغXنYٹ ً"TWTت W-†fTTTTTقS- `طS|`~VصWئ SشMXù;HTTVصWڑWè SطS|MXْ:†TWTق`TٹVK ... WفےY،PVض@ ... َفYع `طS|Y‰HTVTصp²VK ... ـKV ... Wè N ... éSإWظpToWTژ fû`kTWٹ Xـ`kfTTTTچ`RK‚ô@ ... ‚PVپMX ... †Wع `ںTWTخ %ًبVصWھ QWـMX ... JًW/@ ... Wـ†Vز ... _OéSةTWTçئ †_ظ~YڑQWO (23) " [النساء:23] .
(2) هذه نص القرآن على تحريمها بقوله تعالى : ¼ ـKV ... Wè N ... éSإWظpToWTژ fû`kTWٹ Xـ`kfTTTTچ`RK‚ô@ ... " [النساء:23] .
(3) هذه إشارة إلى حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : " لا يجمع بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها " ، أخرجه البخاري في كتاب النكاح باب لا تنكح المرأة على عمتها (5109) ، ومسلم في كتاب النكاح باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح (1408) .
(4) الواضح 1/ 192 ، 3/ 379 .(1/143)
أن القرآن مبين للقرآن ، وأن الأمر بالنكاح المطلق مخصوص بالمحرمات المذكورة في قوله تعالى : ¼ pŒWعQX£Sڑ `طS|`~VصWئ `طRرSچTTHTWTنQWعRK ... `طRرSژ†WTقWٹWè `طS|STژ.WéWVK ... Wè " [النساء:23] الآيات ، وهذا أمر واضح وصريح .
قال الزركشي : ( قوله تعالى : ¼ N ... éS™Yرك@†WTت †Wع ً‡†ً؛ طRرVض WفYQع ٍ:†W©PYقض@ ... " [النساء:3] الآية ، وهذا عام في ذوات المحارم والأجنبيات ، ثم خُص بقوله : ¼ pŒWعQX£Sڑ `طS|`~VصWئ `طRرSچTTHTWTنQWعRK ... " [النساء:23] الآية ) (1) .
وأحل الله ما وراء ذلك بنص القرآن .
قال الشنقيطي : ( ثم بين أن غير تلك المحرمات حلال بالنكاح بقوله : ¼ QWشYڑKR ... Wè طRرVض †QWع ƒٍ: ... ƒOWè `طS|Yض.V¢ ـKV ... N ... éSçإWTچ`‰WTژ طRرYض.Wé`عVK†Yٹ WـkYقY±`™QSع WO`kTWçئ &fûkY™YةHTW©Sع "[النساء:24] ) (2) .
المسألة الثانية :
أن العموم في قوله تعالى : ¼ QWشYڑKR ... Wè طRرVض †QWع ƒٍ: ... ƒOWè `طS|Yض.V¢ " [النساء:24] ، مخصوص باستثناء السنة الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها (3) ، وهذا قول عموم العلماء إلا من شذ .
قال ابن الجوزي : ( ¼ QWشYڑKR ... Wè طRرVض †QWع ƒٍ: ... ƒOWè `طS|Yض.V¢ " [النساء:24] ، أي : ما بعد هذه الأشياء إلا أن السنة قد حرمت تزويج المرأة على عمتها وتزويجها على خالتها ) (4) .
__________
(1) البرهان 2/ 223 .
(2) أضواء البيان 1/ 199 .
(3) ومما لم يذكره ابن عقيل : أن السنة كذلك دلت على تحريم الجمع بين أكثر من أربع نسوة ، كما جاء ذلك في حديث غيلان أنه أسلم وعنده أكثر من أربع نسوة فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منهن أربعاً ويفارق سائرهن ، أخرجه الترمذي في باب النكاح باب ما جاء في الرجل يسلم وعنده عشر نسوة (1128) ، وابن ماجة في كتاب النكاح باب الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة (1953) ، وصححه ابن حبان 9/ 463 ، (4156) ، وينظر : تلخيص الحبير 3/ 168.
(4) زاد المسير 2/ 51 ، وينظر : تفسير السمرقندي 1/ 319 .(1/144)
وقال الجصاص : ( وشذت طائفة من الخوارج (1) بإباحة الجمع بين من عدا الأختين ؛ لقوله تعالى : ¼ QWشYڑKR ... Wè طRرVض †QWع ƒٍ: ... ƒOWè `طS|Yض.V¢ " ، وأخطأت في ذلك وضلت عن سواء السبيل ; لأن الله تعالى كما قال : ¼ QWشYڑKR ... Wè طRرVض †QWع ƒٍ: ... ƒOWè `طS|Yض.V¢ " قال : ¼ :†WعWè SطRرHùWTژ ... ƒٍ SسéSھQW£ض@ ... SâèS،SWTت " [الحشر:7] ، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تحريم الجمع بين مَن ذكرنا , فوجب أن يكون مضموماً إلى الآية, فيكون قوله تعالى: ¼ QWشYڑKR ... Wè طRرVض †QWع ƒٍ: ... ƒOWè `طS|Yض.V¢ " مستعملاً فيمن عدا الأختين ، وعدا من بَيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - تحريم الجمع بينهن ..) (2) .
والمجيزين للجمع بن الأختين وبين المرأة وعمتها أو خالتها لا يعتد بخلافهم ، كما قال القرطبي : ( وأجاز الخوارج الجمع بين الأختين ، وبين المرأة وعمتها وخالتها ، ولا يعتد بخلافهم ؛ لأنهم مرقوا من الدين وخرجوا منه ، ولأنهم مخالفون للسنة الثابتة ) (3) .
ولا شك أن القول الصحيح هو تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها بتخصيص السنة الصريحة الصحيحة ، وجواز تخصيص القرآن بالسنة في هذه الآية مما هو كالإجماع بين العلماء .
__________
(1) الخوارج : فرقة خرجت على علي - رضي الله عنه - لما قبل التحكيم ، وقد تفرقت لأكثر من عشرين فرقة، ومن أسمائهم : الحرورية لنزولهم حروراء ، ومن عقائدهم : أن مرتكب الكبيرة كافر مخلد في النار ، ينظر : الفصل في الملل والنحل والأهواء لابن حزم 3/ 124 ، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 90 .
(2) أحكام القرآن 2/ 169 ، وينظر : التفسير الكبير 10/ 35.
(3) الجامع لأحكام القرآن 5/ 125 .(1/145)
قال ابن القيم : ( تخصيص القرآن بالسنة جائز كما أجمعت الأمة على تخصيص قوله : ¼ QWشYڑKR ... Wè طRرVض †QWع ƒٍ: ... ƒOWè `طS|Yض.V¢ " ، بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها " (1) ) (2) .
قال الآلوسي : ( تخصيص القرآن بالخبر المتواتر جائز اتفاقاً ، وإن لم يثبت وبقي الخبر من الآحاد ؛ فنقول : إن تخصيص القرآن بخبر الآحاد جائز على الصحيح ، وبجوازه قال الأئمة الأربعة ، ويدل على جوازه : أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم خصصوا به من غير نكير فكان إجماعاً ، ومنه قوله تعالى : ¼ QWشYڑKR ... Wè طRرVض †QWع ƒٍ: ... ƒOWè `طS|Yض.V¢ " ، ويدخل فيه نكاح المرأة على عمتها وخالتها ، فخص بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تنكحوا المرأة على عمتها ولا على خالتها " ) (3) ، والسنة تفسر القرآن وتبينه كما قال تعالى : ¼ :†WTق<ضW¥كKV ... Wè ًذ`~VضMX ... W£T`{PY،ض@ ... WـPXkW‰SچYض X†PVقYصض †Wع WسQX¥STك َطXن`~VضXM ... `طSنPVصWإVضWè WـèS£PVرWةWچWTے (44) " [النحل:44] والله سبحانه وتعالى ذكر المحرمات ولم يمنع التحريم في غيرها .
قال النحاس : ( فرض الله تحريم هؤلاء ولم يقل : إنه لا يحرم عليكم سواهن ) (4) .
وذكر بعض العلماء ضابطاً فيمن يحرم الجمع بينهن من النساء :
أن كل امرأتين بينهما رحم محرم ، لو قدر أن إحداهما ذكراً والأخرى أنثى حرمت عليه ، فإنه يحرم الجمع بينهما ؛ لما في ذلك من أسباب التقاطع بين الأرحام (5) . والله تعالى أعلم .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح باب لا تنكح المرأة على عمتها ( 5109 ) ، ومسلم في كتاب النكاح باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح (1408) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(2) أعلام الموقعين 2/ 228 .
(3) روح المعاني 4/ 218 .
(4) معاني القرآن 2/ 57 .
(5) ينظر : تفسير السعدي 1/ 174 .(1/146)
قال تعالى : ¼ َـMX ... Wè `طSچpTةY ‚PVپKV ... N ... éٌ¹Y©pTحSTژ ء uّWظHTWTچW~<ض@ ... N ... éS™Yرك@†WTت †Wع ً‡†ً؛ طRرVض WفYQع Yٍ:†W©PYقض@ ... uّWTق<'Wع ًگHTVصR'ًè $WؤHTWTٹSOWè `ـXM†WTت `طSچpTةY ‚PVپKV ... N ... éSTضYں`إWTژ ZلًںYڑ.WéWTت `èVK ... †Wع pŒVرVصWع &`طRرSTقHTWظ`TےKV ... ًذYض.V¢ uvّWTك` KV ... ‚PVپKV ... N ... éSTضéSإWTژ (3) " [النساء:3] .
26/4- قال ابن عقيل : ( ¼ uّWTق<'Wع ًگHTVصR'ًè $WؤHTWTٹSOWè " أي : أو ثلاث أو رباع اهـ ) (1) .
________________________________
الدراسة :
القول في تفسير هذه الآية كما قال ابن كثير : ( أي : انكحوا ما شئتم من النساء سواهن إن شاء أحدكم ثنتين ، وإن شاء ثلاثاً ، وإن شاء أربعاً ) (2) .
ولهذا فسر ابن عقيل [الواو] في الآية بـ[أو] ، وهو سائغ في اللغة ، وبهذا المعنى فسرها المفسرون (3) .
وتفسيرها بهذا لئلا يُتوهم أن الواو في الآية تفيد الجمع ، كما فهمها قوم لا يعتد بخلافهم ، أشار إليهم بعض المفسرين .
قال ابن العربي : ( قد توهم قوم من الجهال أن هذه الآية تبيح للرجل تسع نسوة ... وعضدوا جهالتهم بأن النبي عليه السلام كان تحته تسع نسوة ) (4) .
__________
(1) الواضح 1/ 114 ، 3/ 310 .
(2) تفسير ابن كثير 2 / 845 ، وينظر : الوسيط 2/ 8 ، تفسير السمعاني 1/ 396 ، والمفردات ص 91 ، وتفسير السعدي 1/ 164 .
(3) ينظر : معالم التنزيل 1/ 310 ، زاد المسير 2/ 6 .
(4) أحكام القرآن 1/ 408.(1/147)
ونسبه القرطبي إلى الرافضة (1) ، وبعض أهل الظاهر (2) ، ولا شك أن هذا قول مردود ، لا سيما والقائل به غير معتبر .
قال الزجاج : ( هذا قول لا يعرج على مثله ، ولكنا ذكرناه ليعلم المسلمون أن أهل هذه المقالة - يعني الرافضة - مباينون لأهل الإسلام في اعتقادهم ، ويعتقدون في ذلك ما لا يشتبه على أحد من الخطأ ) (3) .
وقال ابن جزي : ( وقال قوم لا يعبأ بقولهم إنه يجوز الجمع بين تسع ؛ لأن مثنى وثلاث ورباع يجمع فيه تسعة ، وهذا خطأ ؛ لأن المراد التخيير بين تلك الأعداد لا الجمع ، ولو أراد الجمع لقال تسع ولم يعدل عن ذلك إلى ما هو أطول منه وأقل بياناً ، وأيضاً قد انعقد الإجماع على تحريم ما زاد على الرابعة ) (4) ، ولم يذكر الجصاص في المسألة خلافاً (5) .
وقال القرطبي بعد ذكر قولهم : ( هذا كله جهل باللسان والسنة ، ومخالفة لإجماع الأمة ؛ إذ لم يسمع عن أحد من الصحابة ولا التابعين أنه جمع في عصمته لأكثر من أربع ) (6) .
وفعلاً هو جهل شنيع في معرفة الكلام العربي ، ومخالفة لإجماع الأمة .
__________
(1) الرافضة : هي تلك الطائفة التي تعتقد بأحقية أهل البيت في الإمامة ، وسموا بهذا لرفضهم إمامة الشيخين ، وأطلق عليهم هذا الاسم بعد رفضهم إمامة زيد بن علي - رضي الله عنه - ، ومن أشهر فرقهم الاثنا عشرية ، ينظر : الفصل في الملل والنحل والأهواء لابن حزم 3/ 111 ، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 117 .
(2) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 5/ 13 ، وينظر : تفسير السمرقندي 1/ 305 ، قال ابن عاشور : ( وليس ذلك قولاً لداود الظاهري ولا لأصحابه ) التحرير والتنوير 3/ 225 ، وأقول : هو قول لمن أخذ بظاهر الآية من الرافضة أو غيرهم .
(3) معاني القرآن 2/ 10 .
(4) التسهيل 1/ 174 .
(5) ينظر : أحكام القرآن 2/ 69 .
(6) الجامع لأحكام القرآن 5/ 13 .(1/148)
قال الزجاج : ( يبطل هذا من جهات : أحدها في اللغة : أن مثنى لا يصلح إلا لاثنين اثنين على التفريق ، ومنها أنه يصير أعْيَى (1) كلام ) (2) .
وقال السمعاني (3) : ( ولأن على التقدير الذي ذكروا عِي في الكلام ؛ لأن من أراد أن يذكر التسع فيقول : مثنى وثلاث ورباع عُد ذلك عيباً في الكلام ) (4) .
وأما عن وفاته - صلى الله عليه وسلم - عن تسع نسوة فتلك خصوصية له كما دل على ذلك الإجماع .
قال البغوي : ( وهذا إجماع أن أحداً من الأمة لا يجوز له أن يزيد على أربع نسوة ، وكانت الزيادة من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - لا مشاركة معه لأحد من الأمة فيها ) (5) .
وقال ابن كثير : ( مجمع عليه بين العلماء إلا ما حكي عن طائفة من الشيعة ) (6) .
وبهذا يتبين صحة تفسير ابن عقيل [الواو] بـ[أو] .
__________
(1) أي أضعف وأوهن كلام ، والعِيُّ ضد البيان ، ينظر : مختار الصحاح 1/ 195 .
(2) معاني القرآن 2/ 10 .
(3) هو أبو المظفر منصور بن محمد التميمي السمعاني الحنفي ثم الشافعي ، له تفسير القران في ثلاث مجلدات ، مات سنة 489هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 19/ 114 ، طبقات الداوودي 2/ 339 .
(4) تفسير السمعاني 1/ 396 .
(5) معالم التنزيل 1/ 310 .
(6) تفسير ابن كثير 2/ 846 .(1/149)
وللتعبير بـ[الواو] مكان [أو] معنى دقيق ذكره بعض العلماء يقول الفخر الرازي (1) : ( فإن قيل فإذا كان الأمر على ما قلتم ؛ فكان الأولى على هذا التقدير أن يقال : مثنى أو ثلاث أو رباع فلم جاء بواو العطف دون أو ؟ قلنا لو جاء بكلمة أو ، لكان ذلك يقتضي أنه لا يجوز ذلك إلا على أحد هذه الأقسام ، وأنه لا يجوز لهم أن يجمعوا بين هذه الأقسام ، بمعنى أن بعضهم يأتي بالتثنية ، والبعض الآخر بالتثليث ، والفريق الثالث بالتربيع ، فلما ذكره بحرف الواو ، أفاد ذلك أنه يجوز لكل طائفة أن يختاروا قسماً من هذه الأقسام ، ونظيره : أن يقول الرجل للجماعة : اقتسموا هذا المال وهو ألف ، درهمين درهمين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة ، والمراد : أنه يجوز لبعضهم أن يأخذ درهمين درهمين ، ولبعض آخرين أن يأخذوا ثلاثة ثلاثة ، ولطائفة ثالثة أن يأخذوا أربعة أربعة ، فكذا ههنا ، الفائدة في ترك [أو] وذكر [الواو] ما ذكرناه ، والله أعلم ) (2) .
__________
(1) هو أبو عبدالله فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي القرشي البكري الشافعي المفسر المتكلم ، له مصنفات منها : مفاتيح الغيب المسمى التفسير الكبير ، والمحصول ، مات سنة 606هـ ، له ترجمة في : طبقات السيوطي ص 101 ، طبقات الداوودي 2/ 215 .
(2) التفسير الكبير 9/ 143 ، وينظر : الكشاف 1/ 499 .(1/150)
قال تعالى : ¼ ٌyRر~Y²éSے JًS/@ ... ُّYت $`طS{YںHTVض`èKV ... X£TW{PV،صYض SشpTT'Yع ؟PX¸Wڑ &Xـ`kW~W'كKR‚ô@ ... ـXM†WTت QWفRز _ٍ:†TfTTT©Yك ًثéWTت Xـ`kWچWTق<'@ ... QWفSنVصWTت †WT'STصR' †Wع $ًدW£Wژ ـMX ... Wè pŒWTك†Vز ^لWںYڑ.Wè †WنVصWTت &ٌبp±PYقض@ ... Yم`TےWéWTٹKVg‚پWè QXشRرYض xںTYڑ.Wè †WظSن`قTYQع ٌSںJٌ©ض@ ... †QWظQYع ًدW£WTژ ـMX ... Wـ†Vز ISمVض &cںVضWè ـXM†WTت `yPVض فRرWے ISمPVض bںVضWè ,ISمWT'XOWèWè Sâ ... WéWTٹKV ... YمYQعKRg"WTت &ٌگSTصPR'ض@ ... ـXM†WTت Wـ†Vز ,ISمVض bلWépTTMX ... YمYQعKgR"WTت &ٌSںJٌ©ض@ ... ?فYع Yں`إWTٹ xàTQW~Y²Wè ّg²éSے :†WنYٹ `èVK ... %\ف`TےW `طS{Sê:†Wٹً ... ٍ `طS{Sê:†WTق`TٹKV ... Wè ‚Wپ WـèSO`ںWTژ `طSنQSTےVK ... ٌ‡W£pTTخKV ... `yRرVض &†_TإpTةWTك ^àfTTµےX£WTت fغYQع %JًY/@ ... QWـMX ... JًW/@ ... Wـ†Vز †[Tظ~YصWئ †_Tظ~YرWڑ (11) " [النساء:11] .
27/5- قال ابن عقيل : ( ¼ ـXM†WTت Wـ†Vز ,ISمVض bلWépTTMX ... YمYQعKgR"WTت &ٌSںJٌ©ض@ ... " [النساء:11] الظاهر أنه أراد الثلاثة ، لكن صرف عن ظاهرها بدلالة اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
في كلام ابن عقيل مسألتان :
المسألة الأولى : المراد بالجمع المطلق ، هل هو اثنان أو ثلاثة ؟ .
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال أشهرها ما يلي :
__________
(1) الواضح 3/ 430 .(1/151)
القول الأول : أن أقل الجمع ثلاثة , وهو اختيار ابن عقيل ، وبه قال أبو حنيفة (1) ، والشافعي (2) ، ويروى عن مالك (3) ، وعن أحمد (4) ، وبه قال أكثر أئمة اللغة (5) . وهو المروي عن ابن عباس - رضي الله عنه - وذلك أنه دخل على عثمان - رضي الله عنه - فقال : لم صار الأخوان يردان الأم إلى السدس وإنما قال الله فإن كان له إخوة ، والأخوان في لسان قومك وكلام قومك ليسا بإخوة ؟ . فقال عثمان - رضي الله عنه - : هل أستطيع نقض أمر كان قبلي وتوارثه الناس ومضى في الأمصار (6) ، فلولا أنه مقتضى اللغة لما احتج ابن عباس ، ولما سمعه عثمان منه ، وما قابله عثمان إلا بمجرد سيرة غيره ، وما نازعه في مقتضى اللفظ ، وهما من فصحاء العرب وأرباب اللسان (7) ، ولم ينكَر عليهما ، فكان ذلك إجماعاً من الصحابة (8) .
القول الثاني : أن أقل الجمع اثنان , حكي عن أصحاب مالك (9) وبعض الشافعية (10) .
واستدلوا بأدلة منها :
1- إجماع أهل اللغة على جواز إطلاق اسم الجمع على اثنين في قولهم " فعلتم , وفعلنا , وتفعلون " ، قال ابن عطية : ( واستدل الجميع بأن أقل الجمع اثنان ، لأن التثنية جمع شيء إلى مثله ، فالمعنى يقتضي أنها جمع ) (11) .
__________
(1) ينظر : التقرير والتحبير 1/ 190 .
(2) ينظر : الإحكام للآمدي 2/ 222 .
(3) ينظر : شرح تنقيح الفصول ص 233 .
(4) ينظر : العدة 2/ 649 .
(5) ينظر : الكتاب 3/ 622 ، البحر المحيط للزركشي 3/ 137 ، كشف الأسرار 2 / 28 ، إرشاد الفحول 1/ 417 .
(6) أخرجه الطبري في جامع البيان 6/ 465، والبيهقي في كتاب الفرائض باب فرض الأم (12297) .
(7) ينظر : الواضح 3/ 428 .
(8) ينظر : العدة 2/ 651 .
(9) ينظر : شرح تنقيح الفصول ص 233 .
(10) الإحكام 2/ 222 .
(11) المحرر الوجيز 2/ 17 .(1/152)
2- أنه قد ورد القرآن بذلك ، ومن الأمثلة : هذه الآية التي معنا . وقوله تعالى في قصة موسى , وهارون : ¼ †PVكXM ... طRرWإWع WـéSإYظWTچ`©QSع (15) " [الشعراء:15] وقال : ¼ ّW©Wئ JًS/@ ... ـKV ... ّYTقW~YTژ<K†Wے `yXنYٹ &†[Tإ~YظW- " [يوسف:83] , وهما يوسف , وأخوه ، وقال : ¼ `ںWحWTت pŒWçإW² $†WظRرSTٹéSTصSTخ " [التحريم:4] , ولهما قلبان ، وقال : ¼ لَا ISè ... W Wè WفHTWظ`~VصSھWè <¢XM ... Xـ†WظS|`ًmïmڑ ء g َ£W™<ض@ ... " إلى قوله : ¼ †QWTقS{Wè َطXنYظ<رS™Yض fغTےYںXنHTW® (78) " [الأنبياء:78] , وهما اثنان ، وقال : ¼ ـMX ... Wè Xـ†WچWةMXْ:†ً؛ WفYع WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... N ... éSTصWچTTWچ<خ@ ... " [الحجرات:9] , وهما طائفتان ، وقال : ¼ لِلَّهِ `شWهWè ًذHùWTژKV ... N ... SëW‰WTك gطp±W<ض@ ... <¢XM ... N ... èSOQWéTW©WTژ ً‡ ... W£T`™Yظ<ض@ ... (21) " [ص:21] , وهما ملكان .
3- استدلوا أيضاً بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اثنان فما فوقهما جماعة " (1) .
والراجح هو القول الأول لأمور منها :
1- أن هذا هو إجماع الصحابة (2) كما جاء في الأثر عن ابن عباس مع عثمان رضي الله عنهما ، قال الرازي : ( واعلم أن في هذه الحكاية دلالة على أن أقل الجمع ثلاثة لأن ابن عباس ذكر ذلك مع عثمان ، وعثمان ما أنكره ، وهما كانا من صميم العرب ، ومن علماء اللسان ؛ فكان اتفاقهما حجة في ذلك ) (3) .
__________
(1) أخرجه ابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب الاثنان جماعة (972) ، والبيهقي 3/ 69 في كتاب الصلاة باب الاثنين فما فوقهما جماعة (4787) من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - ، وقال : ( رواه جماعة عن الربيع بن بدر وهو ضعيف والله أعلم ، وقد روي من وجه آخر أيضاً ضعيف ) ، ومثله قال ابن حجر في تلخيص الحبير : ( وفيه الربيع بن بدر وهو ضعيف ، وأبوه مجهول ) 3/ 81 .
(2) ينظر : العدة 2/ 651 .
(3) التفسير الكبير 9/ 174 .(1/153)
2- أن ما استدل به أصحاب القول الثاني خارج عن محل النزاع ، وذلك أن إجماع أهل اللغة على جواز إطلاق اسم الجمع على الاثنين لا ينازعون فيه (1) ، لأنهم نظروا إلى المعنى ، ومحل الخلاف هو دلالة اللفظ على الاثنين . ولذلك قالوا بجواز إطلاق الجمع على الواحد معنى كقول الفرد عن نفسه : نحن فعلنا ، ولا يجيزون أن يكون الواحد جمعاً ، قال الآمدي (2) : ( وليس محل الخلاف ما هو المفهوم من لفظ الجمع لغة ، وهو ضم شيء إلى شيء ، فإن ذلك في الاثنين والثلاثة ومازاد من غير خلاف ، وإنما محل النزاع في اللفظ المسمى بالجمع في اللغة ، مثل قولهم : رجال ومسلمون ) (3) . وقال الزركشي : ( استشكل ابن الصائغ النحوي , والقرافي محل الخلاف في هذه المسألة , فقال ابن الصائغ في شرح الجمل : الخلاف في هذه المسألة : إن كان المراد به الأمر المعنوي , فلا شك في أن الاثنين جمع , لأنه ضم أمر إلى آخر , وإن كان المراد أنه إذا ورد لفظ الجمع , فهل ينبغي أن يحمل ؟ فلا شك أن الأصل فيه , والأكثر إطلاق لفظ الجمع على الثلاثة فصاعداً , وهو قول أئمة اللغة , ويكفي فيه قول ابن عباس لعثمان : ليس الإخوة أخوين بلغة قومك ) (4) .
__________
(1) ينظر : الكتاب 3/ 621 ، شرح المفصل لابن يعيش 4/ 155 .
(2) هو علي بن أبي علي بن محمد التغلبي الآمدي الحنبلي ثم الشافعي ، ومن تصانيفه : الإحكام في أصول الأحكام ، مات سنة 631هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 12/ 211 ، شذرات الذهب 3/ 323 .
(3) الإحكام للآمدي 2/ 222 .
(4) البحر المحيط 4/ 192 .(1/154)
3- أنه بناء على هذا الجواز حُملت الآيات القرآنية التي استدلوا بها ، فالإجابة ممكنة على كل آية استدلوا بها ، فيقال مثلاً : قوله : ¼ †PVكXM ... طRرWإWع WـéSإYظWTچ`©QSع " يعني : هارون , وموسى , وفرعون وقومه , وهم جماعة ، وقوله : ¼ `ںWحWTت pŒWçإW² $†WظRرSTٹéSTصSTخ " لضرورة استثقال الجمع بين تثنيتين مع أن القلوب على وزن الواحد في بعض الألفاظ ، وقوله : ¼ ّW©Wئ JًS/@ ... ـKV ... ّYTقW~YTژ<K†Wے `yXنYٹ &†[Tإ~YظW- " أراد به يوسف , وأخاه , والأخ الأكبر الذي تخلف عن الإخوة , وقوله تعالى : ¼ †QWTقS{Wè َطXنYظ<رS™Yض fغTےYںXنHTW® " أي : حكمهما مع الجمع المحكوم عليهم أو التفخيم لهما , وقوله : ¼ ـMX ... Wè Xـ†WچWةMXْ:†ً؛ WفYع WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... N ... éSTصWچTTWچ<خ@ ... " كل طائفة جمع . قال ابن عطية : ( وهذه الآيات كلها لا حجة فيها عندي على هذه الآية ؛ لأنه قد تبين في كل آية منها بالنص أن المراد اثنان فساغ التجوز بأن يؤتى بلفظ الجمع بعد ذلك ) (1) .
4- أن كل ما استدل به من قال : إن أقل الجمع اثنان ، قامت القرينة والدلالة على أنه أريد به الاثنين ، وهذا لا خلاف فيه .
5- أما استدلالهم بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " اثنان فما فوقهما جماعة " ، على فرض صحته ، فهو دليل عليهم ؛ إذ لو كان الاثنان جمعاً في اللغة لما احتاج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيان جماعة الصلاة بأنها اثنان ؛ لأن هذا هو الأصل ، فليس فيه جديد .
6- أن الاثنين لو كان جمعاً لكان قولنا : رجلان ، اسم جمع ، فهل يجوز إطلاقه على الثلاثة فصاعداً ، كما يُقال في : رجال ؟ الجواب بلا ريب : لا .
7- أنه أجمع أهل اللغة على أن الأسماء ثلاثة أضرب : إفراد , وتثنية ، وجمع , وهو رجل , ورجلان , ورجال ، فلا بد من كون هذه الثلاثة متباينة (2) .
__________
(1) المحرر الوجيز 2/ 17 .
(2) ينظر : ضياء السالك 1/ 57 .(1/155)
8- أنه لو صح أن الاثنين جمع لجاز أن يُقال : رأيت اثنين رجال ، وهذا ممتنع فالعرب لم تستعمله على هذا الوجه .
9- أن من أراد رد الجمع إلى الاثنين فإنه يفتقر إلى دليل وقرينة تبين مراده ، كما سبق في توجيه الآيات السابقة ، ويأتي في الآية التي معنا ، وبهذا تجتمع الأدلة . قال الطبري : ( وقد قال بعض النحويين : إنما قيل إخوة ؛ لأن أقل الجمع اثنان وذلك أنه إذا ضم شيء إلى شيء صارا جميعاً بعد أن كانا فردين ، فجمعا ليعلم أن الاثنين جمع ، وهذا وإن كان كذلك في المعنى فليس بعلة تنبئ عن جواز إخراج ما قد جرى الكلام مستعملاً مستفيضاً على ألسن العرب لاثْنَيْه بمثالٍ وصورة ، غير مثالِ ثلاثةٍ فصاعداً منه وصورتِها ؛ لأن من قال : أخواك قاما ، فلا شك أنه قد علم أن كل واحد من الأخوين فرد ضم أحدهما إلى الآخر فصارا جميعا بعد أن كانا شتى ..) إلى أن قال : ( فغير جائز أن يغير أحدهما إلى الآخر إلا بمعنى مفهوم ، وإذا كان ذلك كذلك فلا قول أولى بالصحة مما قلنا قبل ) (1) ، وقال ابن عطية : ( وأما إذا ورد لفظ الجمع ولم يقترن به ما يبين المراد ، فإنما يحمل على الجمع ، ولا يحمل على التثنية ؛ لأن اللفظ مالك للمعنى ، وللبنية حق ) (2) . كل هذا يدل على أن أقل الجمع ثلاثة (3) حتى يدل دليل على خلافه ، سواء كان متصلاً كدلالة سياق الكلام ، أو منفصلاً كإجماع ونحوه .
المسألة الثانية : المراد بالإخوة في هذه الآية ، وبمعنى آخر : هل الأخوان يحجبان الأم أو لا بد من ثلاثة ؟ .
اتفق العلماء على أن الأخ الواحد لا يحجب الأم من الثلث إلى السدس ، واتفقوا على أن الثلاثة يحجبونها (4) ، واختلفوا في الاثنين على قولين ، بناء على اختلافهم في أقل الجمع :
__________
(1) جامع البيان 6/ 466 ، 467 .
(2) المحرر الوجيز 2/ 17 .
(3) وممن رجح هذا أيضاً ابن الجوزي في زاد المسير 2/ 19 .
(4) ينظر : التفسير الكبير 9/ 174 ، الجامع لأحكام القرآن 5/ 72 .(1/156)
القول الأول : ذهب الجمهور (1) إلى أن الاثنين يحجبان الأم من الثلث إلى السدس ، وهو ما اختاره ابن عقيل .
القول الثاني : ذهب ابن عباس - رضي الله عنه - إلى أن الحجب لا يحصل إلا بثلاثة ؛ لأن الآية دالة على أن هذا الحجب مشروط بوجود الإخوة ، ولفظ الإخوة جمع ، وأقل الجمع عنده ثلاثة .
والصواب هو قول الجمهور ؛ لأنهم يستدلون بإجماع الصحابة قبل ابن عباس على حجب الأم بالأخوين ، ودليل ذلك : عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه دخل على عثمان - رضي الله عنه - فقال : لم صار الأخوان يردان الأم إلى السدس وإنما قال الله فإن كان له إخوة ، والأخوان في لسان قومك وكلام قومك ليسا بإخوة ؟ . فقال عثمان - رضي الله عنه - : هل أستطيع نقض أمر كان قبلي وتوارثه الناس ومضى في الأمصار (2) .
وقال مالك : ( مضت السنة أن الإخوة اثنان فصاعداً ) (3) .
قال الطبري : ( واعتل كثير ممن قال ذلك : بأن ذلك قالته الأمة عن بيان الله جل ثناؤه على لسان رسوله ، فنقلته أمة نبيه نقلاً مستفيضاً قطع العذر مجيئه ، ودفع الشك فيه عن قلوب الخلق وروده ) إلى أن قال : ( والصواب من القول في ذلك عندي أن المعني بقوله : ¼ ـXM†WTت Wـ†Vز ,ISمVض bلWépTTMX ... " [النساء:11] اثنان من إخوة الميت فصاعداً ، على ما قاله أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، دون ما قاله ابن عباس - رضي الله عنه - ؛ لنقل الأمة وراثة صحة ما قالوه من ذلك عن الحجة ، وإنكارهم ما قاله ابن عباس في ذلك ) (4) .
__________
(1) ينظر : زاد المسير 2/ 18 ، التفسير الكبير 9/ 174 ، التسهيل 1/ 177 .
(2) سبق تخريجه ، ينظر : ص 173 .
(3) ينظر : الموطأ كتاب الفرائض باب ميراث الأب والأم من ولدهما 2/ 506 .
(4) جامع البيان 6/ 464 ، 465 .(1/157)
وقال القرطبي : ( وأجمع أهل العلم على أن أخوين فصاعداً ذكراناً كانوا أو إناثاً من أب وأم أو من أب أو من أم يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس إلا ما روي عن ابن عباس أن الاثنين من الإخوة في حكم الواحد ) (1) .
وقال الشنقيطي : ( والمراد بالإخوة اثنان فصاعداً كما عليه الصحابة فمن بعدهم خلافاً لابن عباس ) (2) .
وهذا من أقوى الأدلة على أن المراد في الآية الاثنان وإن جاء بلفظ الجمع لما ذُكر . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ ّYچHTPVض@ ... Wè fûkYژK<†Wے WàWY™HTWة<ض@ ... فYع `طS|MXْ:†W©PYTك N ... èSںXنpTWTچ`ھ@†WTت QWفXن`~VصWئ ^àWإWTٹ`OKV ... $`طS|قQYع ـXM†WTت N ... èSںXنW® UfغSهéRرY©`عKV†WTت ء géS~ST‰<ض@ ... uّPVچWڑ QWفSنHùPVTتWéWچWے ٌ`éWظ<ض@ ... `èVK ... WشWإmïmً`- JًS/@ ... QWفSنVض ¾"~Y‰fھ (15) " [النساء:15] .
28/6- قال ابن عقيل : ( قال تعالى : ¼ UfغSهéRرY©`عKV†WTت ء géS~ST‰<ض@ ... uّPVچWڑ QWفSنHùPVTتWéWچWے ٌ`éWظ<ض@ ... `èVK ... WشWإmïmً`- JًS/@ ... QWفSنVض ¾"~Y‰fھ " ثم بين السبيل ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : " قد جعل الله لهن سبيلاً ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " (3) اهـ ) (4) .
_______________________________
الدراسة :
__________
(1) الجامع لأحكام القرآن 5/ 72 .
(2) أضواء البيان 5/ 214 .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الحدود باب حد الزنى (1690) من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - .
(4) الواضح 1/ 193 .(1/158)
فسر ابن عقيل السبيل في الآية بما جاء في الحديث من بيان حد الزاني والزانية ، وهو قول جمهور المفسرين (1) ، بل لم أجد من خالف في هذا التفسير على وجه الإجمال ، وهذا من بيان الغاية التي جعلها الله أمداً للحكم الأول ، وبعضهم يسمي هذا نسخاً ، والأمر في هذا واسع .
قال الطبري : ( وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله : ¼ `èVK ... WشWإmïmً`- JًS/@ ... QWفSنVض ¾"~Y‰fھ " قول من قال : السبيل التي جعلها الله جل ثناؤه للثيبين المحصنين الرجم بالحجارة ، وللبكرين جلد مائة ونفي سنة ، لصحة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رجم ولم يجلد (2) ) (3) .
وقال ابن قدامة : ( وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - السبيل بالحد ) (4) .
والمستفاد من تفاسير هذه الآية أربع مسائل :
المسألة الأولى : أن الحكم الأول في الآية وهو الحبس في البيوت غير معمول به عند الجميع .
قال ابن كثير : ( وهو أمر متفق عليه ) (5) .
المسألة الثانية : أن المراد بالسبيل في الآية هو إقامة الحد على من ارتكب الفاحشة .
المسألة الثالثة : هل الحديث ناسخ للآية ؟ .
__________
(1) ينظر : تفسير السمعاني 1 / 406 ، تفسير السمرقندي 1 / 314 ، أحكام القرآن للشافعي 1/ 215 ، أحكام القرآن لابن العربي 1/ 461 ، معالم التنزيل 1/ 321 ، تفسير النسفي 1/ 214 ، تفسير ابن كثير 2/ 865 ، الدر المنثور 2/ 456 .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الحدود باب الاعتراف بالزنا ( 6827 ) ، ومسلم في كتاب الحدود باب من اعترف على نفسه بالزنى (1697) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(3) جامع البيان 6/ 498 .
(4) المغني 12/ 372 .
(5) تفسير ابن كثير 2/ 865 .(1/159)
اختلف العلماء في نسخ القرآن بالسنة ، وبسْطُه في كتب الأصول ، لكن نقتصر هنا على الآية التي معنا فهم متفقون في الحكم رغم الاختلاف في القول بالنسخ ؛ لأنه ليس من النسخ المختلف فيه ، بل هو بيان للغاية التي جُعل الحكم إليها ، وأترك الكلام لابن تيمية حيث يقول : ( وبالجملة فلم يثبت أن شيئاً من القرآن نسخ بسنة بلا قرآن ، وقد ذكروا من ذلك قوله تعالى : ¼ UfغSهéRرY©`عKV†WTت ء géS~ST‰<ض@ ... uّPVچWڑ QWفSنHùPVTتWéWچWے ٌ`éWظ<ض@ ... `èVK ... WشWإmïmً`- JًS/@ ... QWفSنVض ¾"~Y‰fھ " [النساء:15] ، وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " خذوا عني خذوا عني ؛ قد جعل الله لهن سبيلاً ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " (1) ، وهذه الحجة ضعيفة لوجهين :
أحدهما : أن هذا ليس من النسخ المتنازع فيه ، فإن الله مد الحكم إلى غاية ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بين تلك الغاية ، لكن الغاية هنا مجهولة ، فصار هذا يقال : إنه نسخ ، بخلاف الغاية البينة في نفس الخطاب ، كقوله : ¼ JًyR' N ... éQSظYژKV ... W׆W~Jg±ض@ ... ّVضXM ... &XشTT`~TPVض@ ... " [البقرة:187] ، فان هذا لا يسمى نسخاً بلا ريب .
__________
(1) سبق تخريجه في الصفحة السابقة .(1/160)
الوجه الثاني : أن جلد الزاني ثابت بنص القرآن ، وكذلك الرجم كان قد أنزل فيه قرآن يتلى ، ثم نسخ لفظه وبقي حكمه ، وهو قوله : " والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم " (1) ، وقد ثبت الرجم بالسنة المتواترة وإجماع الصحابة ، وبهذا يحصل الجواب عما يدعى من نسخ قوله : ¼ ّYچHTPVض@ ... Wè fûkYژK<†Wے WàWY™HTWة<ض@ ... فYع `طS|MXْ:†W©PYTك " الآية [النساء:15] فإن هذا إن قدر أنه منسوخ ، فقد نسخه قرآن جاء بعده ، ثم نسخ لفظه وبقي حكمه منقولاً بالتواتر ، وليس هذا من موارد النزاع ) (2) .
المسألة الرابعة : أنه وقع الخلاف بين الفقهاء في حد الثيب الزاني ، هل هو الجلد والرجم ، أو الرجم فقط ؟ .
__________
(1) أخرجه ابن ماجة في كتاب الحدود باب حد الزنى ( 2553 ) ، وصححه ابن حبان (4429) ، وأصله في البخاري (6830) ومسلم (1691) من حديث عمر مطولاً .
(2) مجموع الفتاوى 20/ 398 ، وينظر : زاد المسير 2/ 35 ، المغني 12/ 308 .(1/161)
قال ابن كثير : ( وقد ذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى القول بمقتضى هذا الحديث ، وهو الجمع بين الجلد والرجم في حق الثيب الزاني ، وذهب الجمهور إلى أن الثيب الزاني إنما يرجم فقط من غير جلد ، قالوا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزاً (1) ، والغامدية (2) ، واليهوديين (3) ، ولم يجلدهم قبل ذلك ؛ فدل على أن الجلد ليس بحتم بل هو منسوخ على قولهم ، والله أعلم ) (4) .
وهذا هو ما رجحه الطبري كما هو واضح من كلامه السابق .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة باب لا يرجم المجنون والمجنونة (5271) ، ومسلم في كتاب الحدود باب من اعترف على نفسه بالزنى (1691) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الحدود باب من اعترف على نفسه بالزنى (1695) .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الحدود باب في رجم اليهوديين (4446)، قال ابن حجر : ( وإسناده ضعيف ، وأصل قصة اليهوديين في الزنا والرجم دون ذكر الإحصان في الصحيحين من حديث ابن عمر ) تلخيص الحبير 4/ 54 .
(4) تفسير ابن كثير 2/ 866 .(1/162)
قال الشنقيطي : ( فلما قال - صلى الله عليه وسلم - : " قد جعل الله لهن سبيلا " ، ثم فسر السبيل بحد الزنا علمنا بذلك أن حديث عبادة أول نص في حد الزنا ، وأن قصة ماعز متأخرة عن ذلك ...) إلى أن قال : ( ومن أصرح الأدلة في أن الجمع بين الجلد والرجم منسوخ : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في قصة العسيف الذي زنى بامرأة الرجل الذي كان أجيراً عنده : " والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله " وهذا قسم منه - صلى الله عليه وسلم - أنه يقضي بينهما بكتاب الله ، ثم قال في الحديث الذي أقسم على أنه قضاء بكتاب الله : " واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها " (1) قالوا : إن قوله : " فإن اعترفت " شرط ، وقوله : " فارجمها " جزاء هذا الشرط ؛ فدل الربط بين الشرط وجزائه على أن جزاء اعترافها هو الرجم وحده ، وأن ذلك قضاء بكتاب الله تعالى ) (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ ‚WپWè N ... éS™YرقWTژ †Wع WکVرWTك طS{Sê:†Wٹ ... ƒٍ fغYQع Yٍ:†W©PYقض@ ... ‚PVپMX ... †Wع `ںTWTخ &ًبVصWھ ISمPVكMX ... Wـ†W{ ^àTTWY™HTWTت †_TTچpTحWعWè ƒٍ:†TWھWè ½"~Y‰Wھ (22) " [النساء:22] .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الحدود باب الاعتراف بالزنا (6827 ) ، ومسلم في كتاب الحدود باب من اعترف على نفسه بالزنى (1697) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(2) أضواء البيان 4/ 25 .(1/163)
29/7- قال ابن عقيل : ( قوله تعالى : ¼ ‚WپWè N ... éS™YرقWTژ †Wع WکVرWTك طS{Sê:†Wٹ ... ƒٍ fغYQع Yٍ:†W©PYقض@ ... " ، هو حقيقة في الوطء ؛ بدليل أنه يستعمل في موضع لا يجوز فيه العقد ، مثل قوله : " ملعون ناكح البهيمة " (1) " ناكح يده ملعون " (2) ولا عقد وقولهم : أنْكَحْنا الفَرَا فسَنَرى (3) . ثم استعمل في العقد ، فيحرم عليه أن يتزوج من تزوجها أبوه ، وإن لم يوجد منه الوطء اهـ ) (4) .
_________________________________
الدراسة :
__________
(1) لم أجده بهذا اللفظ ، وأخرجه أحمد 1/ 217 (1878) ، والحاكم 4/ 356 ، والبيهقي في السنن كتاب الحدود باب من أتى بهيمة 8/ 234 (17036) بلفظ : " ملعون من وقع على بهيمة " من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - ، وإسناده حسن ، ينظر : تحقيق المسند ، تلخيص الحبير 4/ 55 ، وقد ورد بلفظ : " سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ويقول لهم ادخلوا النار مع الداخلين : الفاعل والمفعول به ، والناكح يده ، وناكح البهيمة ، وناكح المرأة في دبرها ، وجامع المرأة وابنتها، والزاني بحليلة جاره ، والمؤذي جيرانه حتى يلعنه الناس إلا أن يتوب " من حديث أنس - رضي الله عنه - ، قال ابن حجر : ( إسناده ضعيف ) ، ينظر : تلخيص الحبير 3/ 188 .
(2) سبق تخريجه مع الذي قبله .
(3) هذا مثل يضرب : للأمر يتشاورون فيه ويجتمعون عليه ثم يصدرون منه ، ففيه معنى الجمع ، ينظر : أحكام القرآن للجصاص 2/ 141، وقيل : يضرب في التحذير من سوء العاقبة ، ينظر : مجمع الأمثال 2/ 396 ، لسان العرب مادة (فرأ) 1/ 121 فقد أشار للأقوال . والفَرَأُ : الحمار الوحشي ، وفي المثل : كل الصيد في جوف الفَرَإ ، الصحاح 1/ 48 .
(4) الواضح 4/ 50 .(1/164)
أشار ابن عقيل في كلامه إلى أن النكاح حقيقة في الوطء ، واستدل بأنه يستعمل في موضع لا يجوز فيه العقد ، وهذه مسألة طال الأخذ فيها والرد ، وإذا أمعنا النظر في استعمالاته في القرآن وجدنا أنه استعمل على معان منها : معنى العقد ، كقوله تعالى : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے WفےY،PVض@ ... Nv ... éTSقTWع ... ƒٍ ... V¢XM ... ٌySچT`™VرWTك gŒHTTWقYع`ëSظ<ض@ ... JًyR' QWفSهéSظSTpچحPVصً؛ فYع Xش`‰TWTخ ـKV ... QWفSهéQS©WظWTژ †WظWTت َطRرVض QWفXن`~VصWئ َفYع xلJًںYئ $†WنWTكèPRںWTچ`إWTژ " [الأحزاب:49] ، وعلى معنى الوطء ، كقوله تعالى : ¼ ـXM†WTت †WنWحPVصً؛ ً"WTت QSشيmWYڑ ISمVض ?فYع Sں`إWTٹ uّPVچWڑ WکTYرقWTژ †[-`èW¦ %SâWO`kTWçئ " [البقرة:230] .
قال الفيروزابادي : ( النكاح : الوطء ، وقد يكون العقد ) (1) ، وبهذا يظهر لنا استعمال اللفظ في كلا المعنيين ، والوسيلة للتفريق بين المراد هو سياق الكلام .
وأما المعنى المراد به في الآية التي معنا :
فهو العقد ، والدليل على ذلك : اتفاق العلماء على أنه بمجرد عقد الأب تحرم على الابن .
قال ابن كثير : ( يحرم الله تعالى زوجات الآباء تكرمة لهم وإعظاماً واحتراماً أن توطأ من بعده حتى إنها لتحرم على الابن بمجرد العقد عليها ، وهذا أمر مجمع عليه ) (2) .
وقال الشنقيطي : ( وقد أجمع العلماء على أن من عقد عليها الأب حرمت على ابنه وإن لم يمسها الأب ، وكذلك عقد الابن محرم على الأب إجماعاً وإن لم يمسها ) (3) . والله أعلم .
__________
(1) بصائر ذوي التمييز 5/ 118 .
(2) تفسير ابن كثير 2/ 875 .
(3) أضواء البيان 1/ 194 .(1/165)
قال تعالى : ¼ pŒWعQX£Sڑ `طS|`~VصWئ `طRرSچTTHTWTنQWعRK ... `طRرSژ†WTقWٹWè `طS|STژ.WéWVK ... Wè `طRرSچHTQWظWئWè `طRرSچHTVصHTTWWè ٌ†WTقWTٹWè Xç-VK‚ô@ ... ٌ†WقWTٹWè gŒpTTRK‚ô@ ... SطS|STچHTWنPVعRK ... Wè ُّYچHTPVض@ ... `طRرWTق`إW`OVK ... طS|STژ.WéWVK ... Wè fغYQع YàWإHTTWQW£ض@ ... ٌŒHTWنQWعRK ... Wè `طS|MXْ:†W©Yك SطS|S‰MXù;HTTWTٹWOWè ّYچHTPVض@ ... ء طS{XOéSoSڑ فYQع SطRرMXْ:†W©PYTك ّYچHTPVض@ ... yTSTچ<صWW QWفXنYٹ ـXM†WTت `طPVض N ... éSTكéRرWTژ yTTSTچ<صWW UfغXنYٹ ً"TWTت W-†fTTTTTقS- `طS|`~VصWئ SشMXù;HTTVصWڑWè SطS|MXْ:†TWTق`TٹVK ... WفےY،PVض@ ... َفYع `طS|Y‰HTVTصp²VK ... ـKV ... Wè N ... éSإWظpToWTژ fû`kTWٹ Xـ`kfTTTTچ`RK‚ô@ ... ‚PVپMX ... †Wع `ںTWTخ %ًبVصWھ QWـMX ... JًW/@ ... Wـ†Vز ... _OéSةTWTçئ †_ظ~YڑQWO (23) " [النساء:23] .
30/8- قال ابن عقيل : ( قوله تعالى : ¼ pŒWعQX£Sڑ `طS|`~VصWئ `طRرSچTTHTWTنQWعRK ... " الآية والمراد به : حرم عليكم أفعال وأقوال (1) ، كالنكاح والجماع والاستمتاع اهـ ) (2) .
__________________________________
الدراسة :
أبان ابن عقيل أن المراد بالآية تحريم أفعال وأقوال وليس تحريم ذوات ، وبهذا قال المفسرون ، ومنهم : الجصاص (3) ، والسمرقندي (4) ، والزمخشري (5) ، وابن العربي (6) ، والقرطبي (7) ، وغيرهم (8) .
قال الطبري : ( فالمعنيّ بقوله : ¼ †Wع ً‡†ً؛ طRرVض " [النساء:3] الفعل دون أعيان النساء وأشخاصهن ) (9) .
__________
(1) المراد بالأفعال واضح ، وأما الأقوال فمنها : الكلام في مقدمات الجماع والاستمتاع ونحو ذلك .
(2) الواضح 2/ 443 .
(3) أحكام القرآن 2/ 184 .
(4) تفسير السمرقندي 1/ 317 .
(5) الكشاف 1/ 525 .
(6) أحكام القرآن 1/ 478 .
(7) الجامع لأحكام القرآن 5/ 105 .
(8) ينظر : تفسير أبي السعود 2/ 116 .
(9) جامع البيان 6/ 370 .(1/166)
وقال ابن كثير : ( وقد أجمع المسلمون على أن معنى قوله : ¼ pŒWعQX£Sڑ `طS|`~VصWئ `طRرSچTTHTWTنQWعRK ... `طRرSژ†WTقWٹWè `طS|STژ.WéWVK ... Wè " إلى آخر الآية [النساء:23] ، أن النكاح وملك اليمين في هؤلاء كلهن سواء ) (1) .
وقال الشنقيطي : ( وحذف المضاف كثيرة في القرآن كقوله : ¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... ّYچPVض@ ... †QWقTS{ †Wن~Yت WOkYإ<ض@ ... Wè ُّXچPVض@ ... †WTق<صW‰pTTخVK ... $†Wن~Yت " [يوسف:82] ، وقوله : ¼ pŒWعQX£Sڑ `طS|`~VصWئ `طRرSچTTHTWTنQWعRK ... `طRرSژ†WTقWٹWè `طS|STژ.WéWVK ... Wè `طRرSچHTQWظWئWè `طRرSچHTVصHTTWWè ٌ†WTقWTٹWè Xç-VK‚ô@ ... ٌ†WقWTٹWè gŒpTTRK‚ô@ ... " [النساء:23] أي : نكاحها ، وقوله : ¼ pŒWعQX£Sڑ SطRر`~VصWئ SàWچT`~Wظ<ض@ ... " [المائدة:3] أي : أكلها ، ونحو ذلك ) (2) .
وهذا المعنى واضح لأنه هو المتبادر للذهن ، ويؤيده أيضاً :
1- تقدم قوله تعالى : ¼ ‚WپWè N ... éS™YرقWTژ †Wع WکVرWTك طS{Sê:†Wٹ ... ƒٍ fغYQع Yٍ:†W©PYقض@ ... " [النساء:22] يدل على أن المراد من قوله : ¼ pŒWعQX£Sڑ `طS|`~VصWئ `طRرSچTTHTWTنQWعRK ... " [النساء:23] تحريم نكاحهن ، وما بعدها أيضاً في النكاح .
2- أنه من المعلوم بالضرورة من دين محمد - صلى الله عليه وسلم - أن المراد : تحريم نكاحهن ، ولو أريد غيره لاحتاج الأمر إلى بيان .
__________
(1) تفسير ابن كثير 2/ 884 .
(2) أضواء البيان 2/ 244 .(1/167)
3- أن الأصل في الحرمة والإباحة إذا أضيفتا إلى الأعيان ، فالمراد : تحريم الفعل المطلوب منها في العرف ؛ فإذا قيل : ¼ pŒWعQX£Sڑ SطRر`~VصWئ SàWچT`~Wظ<ض@ ... S×PVںض@ ... Wè Sط`™VضWè X£ےX¥قY<ض@ ... " [المائدة:3] ، فهم كل أحد أن المراد : تحريم أكلهما ، وإذا قيل : ¼ pŒWعQX£Sڑ `طS|`~VصWئ `طRرSچTTHTWTنQWعRK ... `طRرSژ†WTقWٹWè `طS|STژ.WéWVK ... Wè `طRرSچHTQWظWئWè `طRرSچHTVصHTTWWè ٌ†WTقWTٹWè Xç-VK‚ô@ ... ٌ†WقWTٹWè gŒpTTRK‚ô@ ... " [النساء:23] ، فهم كل أحد أن المراد : تحريم نكاحهن (1) . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ فWعWè `طPVض `ؤTY¹WTچ`©Wے `طRرقYع ‚Zپ`éV؛ ـKV ... WکY|قWے gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... gŒHTWTقYpعëSظ<ض@ ... فYظWTت †QWع pŒVرVصWع طRرSقHTWظ`TےKV ... فYQع SطRرYچTHTWT~WچWTت &gŒHTWTقYpعëSظ<ض@ ... SJًJًS/@ ... Wè SطVص`ئKV ... طRرYقHTWظ`TےXM†Yٹ طRرٌµ`إWٹ ?فYQع &w´`إWٹ QWفSهéS™Yرك@†TWTت Xـ<¢XM†TYTٹ QWفXنYص`هVK ... UfغSهéSTژ ... ƒٍWè QWفSهWOéS-RK ... gاèS£`إWظ<ض@†Yٹ ]ŒHTWTقTTW±o`ٌڑ WO`kTWçئ xŒHTW™YةHTW©Sع ‚WپWè g.V،YTTQWTچSع &xـ ... WںpTTVK ... : ... W¢MX†WTت QWفg±`ڑRK ... َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... ًذYض.V¢ َفWظYض ƒّTTYW ًŒWTقWإ<ض@ ... &`طRرقYع ـKV ... Wè N ... èSOYip±WTژ bO`kTW %`طRرPVض SJًJًS/@ ... Wè cOéSةWTçئ cy~YڑQWO (25) " [النساء:25] .
31/9- قال ابن عقيل : ( فأما القياس الواضح فمثل قوله تعالى : ¼ : ... W¢MX†WTت QWفg±`ڑRK ... َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... "[النساء:25] فذِكْر الإحصان ينبه بأعلى حالتيهما على أدناهما ، وذِكْر نصف العذاب يوضح أن العلة فيه الرق ، فيلحق بها العبد في نقصان الحد اهـ ) (2) .
__________
(1) ينظر : الكشاف 1/ 525 ، التفسير الكبير 10/ 21 ، تفسير البيضاوي 2/ 165 .
(2) الجدل ص 12 .(1/168)
___________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل في كلامه على هذه الآية إلى ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : أن ذكر الحكم في أعلى الحالتين للأمَةِ مُنَبِّهٌ إلى أن أدناهما من باب أولى (1) ، وهذا ما يسمى بالقياس الواضح .
المسألة الثانية : أنه لما ذكر نصف عذاب المحصنة على الأمة اتضح لنا أن العلة في التنصيف الرق ، إذ لا فرق بينهما إلا بالرق .
المسألة الثالثة : إلحاق العبد بالأمة في نقصان الحد ، وهذا هو قول الجمهور ، بل عده بعضهم إجماعاً ، ولم يعتد بخلاف من خالف .
قال الجصاص بعد ذكر هذه الآية : ( ولم يذكر العبد ، واتفقت الأُمَّة على أن العبد يجلد خمسين ، فخصصنا الآية بالإجماع ) (2) . أي آية : ¼ SàW~Yك ... PV¥ض@ ... ّYك ... PV¥ض@ ... Wè " [النور:2] .
وقال أيضاً : ( ¼ : ... W¢MX†WTت QWفg±`ڑRK ... َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... " [النساء:25]؛ فنص على حد الأمة وأنه نصف حد الحرة، واتفق الجميع على أن العبد بمنزلتها لوجود الرق فيه ) (3) .
وقال الشنقيطي ضمن ذكر أمثلة للقياس المجمع عليه : ( وكذلك قوله تعالى في الإماء : ¼ : ... W¢MX†WTت QWفg±`ڑRK ... َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... " [النساء:25] فدخل في ذلك العبد قياساً عند الجمهور إلا من شذ ممن لا يكاد يعد قوله خلافاً ) (4) .
__________
(1) سبقت الإشارة إلى هذه المسألة عند قوله جل وعلا : ¼ َفYعWè XشTT`هVK ... gˆHTWTچYر<ض@ ... َفWع ـMX ... Sم`قWع<K†WTژ xO†V¹قYحYٹ " [آل عمران:75] ينظر : ص 156 .
(2) الفصول في الأصول 1/ 146 .
(3) أحكام القرآن 3/ 350 .
(4) أضواء البيان 3 / 132 ، وكأنه يشير إلى من لا يرى القياس كابن حزم فقد منع قياس العبيد على الإماء في هذه الآية ، ينظر : المحلى 13/ 38 .(1/169)
وقال أيضاً : ( وعموم الزاني مخصوص بالقياس على المنصوص ؛ لأنه لا فارق البتة بين الحرة والأمة إلا الرق ، فعلم أنه سبب تشطير الجلد ؛فأجري في العبد لاتصافه بالرق الذي هو مناط تشطير الجلد ) (1) . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ فWعWè `طPVض `ؤTY¹WTچ`©Wے `طRرقYع ‚Zپ`éV؛ ـKV ... WکY|قWے gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... gŒHTWTقYpعëSظ<ض@ ... فYظWTت †QWع pŒVرVصWع طRرSقHTWظ`TےKV ... فYQع SطRرYچTHTWT~WچWTت &gŒHTWTقYpعëSظ<ض@ ... SJًJًS/@ ... Wè SطVص`ئKV ... طRرYقHTWظ`TےXM†Yٹ طRرٌµ`إWٹ ?فYQع &w´`إWٹ QWفSهéS™Yرك@†TWTت Xـ<¢XM†TYTٹ QWفXنYص`هVK ... UfغSهéSTژ ... ƒٍWè QWفSهWOéS-RK ... gاèS£`إWظ<ض@†Yٹ ]ŒHTWTقTTW±o`ٌڑ WO`kTWçئ xŒHTW™YةHTW©Sع ‚WپWè g.V،YTTQWTچSع &xـ ... WںpTTVK ... : ... W¢MX†WTت QWفg±`ڑRK ... َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... ًذYض.V¢ َفWظYض ƒّTTYW ًŒWTقWإ<ض@ ... &`طRرقYع ـKV ... Wè N ... èSOYip±WTژ bO`kTW %`طRرPVض SJًJًS/@ ... Wè cOéSةWTçئ cy~YڑQWO (25) " [النساء:25] .
32/10- قال ابن عقيل : ( ¼ َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... " والمحصنات ههنا : الحرائر اهـ ) (2) .
___________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل المحصنات في هذه الآية بالحرائر ، وبعد البحث والاطلاع تبين لي أن تفسير المحصنات بالحرائر في الآية التي معنا مما هو كالإجماع بين المفسرين .
ومنهم الطبري (3) ، والواحدي (4) ، والبغوي (5) ، والزمخشري (6) ، وابن الجوزي (7) ،
__________
(1) أضواء البيان 1/ 201 ، وينظر : البحر المحيط للزركشي 4/ 497 ، وفتح القدير 1/ 570 .
(2) الواضح 2/ 124 .
(3) جامع البيان 6/ 612 .
(4) الوجيز 1/ 260 .
(5) معالم التنزيل 1/ 330 .
(6) الكشاف 1/ 532 .
(7) زاد المسير 2/ 38 .(1/170)
والرازي (1) ، وغيرهم كثير (2) .
قال الجصاص : ( أراد به الإحصان من جهة الحرية لا الإحصان الموجب للرجم ؛ لأنه لو أراد ذلك لم يصح أن يقال : عليها نصف الرجم لأنه لا يتبعض ) (3) .
وحكى بعضهم قولاً آخر بصيغة التضعيف بأن المراد بالمحصنات : المتزوجات ، دون نسبته لأحد (4) ، ولا شك بقوة القول الأول ورجحانه ، وعلى فرض ثبوت القول الآخر فلا يؤثر أبداً في الحكم ؛ لأن من قال به : خَصَّ التنصيف بالجلد دون الرجم ، والجلد خاص بالبكر دون المزوجة .
ومن الفوائد قول الشنقيطي : ( إن لفظ المحصنات أطلق في القرآن ثلاثة إطلاقات :
الأول / المحصنات : العفائف ، ومنه قوله تعالى : ¼ ]ŒHTWTقTTW±o`ٌڑ WO`kTWçئ xŒHTW™YةHTW©Sع " [النساء:25] ، أي : عفائف غير زانيات .
الثاني / المحصنات : الحرائر ، ومنه قوله تعالى : ¼ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... " [النساء:25] أي : على الإماء نصف ما على الحرائر من الجلد .
الثالث / أن يراد بالإحصان : التزوج ، ومنه على التحقيق قوله تعالى : ¼ : ... W¢MX†WTت QWفg±`ڑRK ... َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ " الآية [النساء:25] ، أي : فإذا تزوجن ) (5) . والله تعالى أعلم .
__________
(1) التفسير الكبير 10/ 32 .
(2) ينظر : تفسير النسفي 1/ 220 ، التسهيل 1/ 185 ، تفسير أبي السعود 2/ 126 .
(3) أحكام القرآن 2/ 213 .
(4) حكاه النحاس في معاني القرآن 2/ 124 ، والقرطبي 5/ 145 ، والشوكاني في فتح القدير 1/ 570 .
(5) أضواء البيان 1/ 196 ، وينظر : زاد المسير 2/ 33 .(1/171)
قال تعالى : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWے WفےY،PVض@ ... N ... éSقWع ... ƒٍ ‚Wپ N ... éSTٹW£pTحWTژ WلléVصUfT±ض@ ... `ySچكKV ... Wè uüW£HTVرSھ uّPVچWڑ N ... éSظVص`إWTژ †Wع WـéSTضéSحWژ ‚WپWè †[‰TTSقS- ‚PVپMX ... ÷X£Yٹ†Wئ \ش~Y‰fTTھ uّPVچWڑ &N ... éSTصY©WچpTçإWTژ ـMX ... Wè طSچقRز uvّW¶َ£QWع `èVK ... uّVصWئ \£WةWھ `èVK ... ƒٍ:†TTW- bںTWTڑVK ... طRرقPYع WفYQع Y¸MXْ:†Wçإ<ض@ ... `èVK ... SطSTچ`©WظHTTVض ƒٍ:†W©PYقض@ ... `طVصWTت N ... èSںYoWTژ _ٍ:†Wع N ... éSظQWظW~WچWTت ... _ں~YإW² †_T‰QY~ً؛ N ... éS™W©`ع@@@†WTت `طRرYهéS-SéYٹ %`طRرےYں`TےVK ... Wè QWـMX ... JًW/@ ... Wـ†Vز ... ZQéSةWئ ... [OéSةTWTçئ (43) " [النساء:43] .
33/11- قال ابن عقيل : ( ¼ `èVK ... ƒٍ:†TTW- bںTWTڑVK ... طRرقPYع WفYQع Y¸MXْ:†Wçإ<ض@ ... " والغائط المطمئن من الأرض حقيقة ، لكن لما كان المعقول منه قضاء الحاجة ، وذِكْر الموضِع تورية وكناية عن الموضَع ، صار كأنه قال : أو جاء أحد منكم من الغائط بعد حدثه في الغائط ، أو من حاجة الإنسان اهـ ) (1) .
_________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل الغائط بالمكان المطمئن من الأرض وأشار إلى أن هذا هو المعنى الحقيقي له ، ولكن المعنى المراد منه في الآية قضاء الحاجة ، فسمى الحدث بالغائط من باب تسمية الشيء باسم مكانه ، حتى صارت هذه التسمية عرفاً بين الناس ، بل غلب الإطلاق على الحاجة .
قال الطبري : ( والغائط : ما اتسع من الأودية وتصوب ، وجعل كناية عن قضاء حاجة الإنسان ؛ لأن العرب كانت تختار قضاء حاجتها في الغيطان ، فكثر ذلك منها ، حتى غلب ذلك عليهم ، فقيل لكل من قضى حاجته التي كانت تقضى في الغيطان حيث قضاها من الأرض : متغوط ) (2) .
وقال ابن عطية : ( وأصل الغائط ما انخفض من الأرض وكانت العرب تقصد بقضاء حاجتها ذلك الصنف من المواضع حتى كثر استعماله في قضاء الحاجة وصار عرفه ) (3) .
__________
(1) الواضح 4/ 49 .
(2) جامع البيان 7/ 62 .
(3) المحرر الوجيز 2/ 58 .(1/172)
وهو قول : الفراء (1) ، والنحاس (2) ، والسمرقندي (3) ، والسمعاني (4) ، وغيرهم (5) .
والله أعلم .
قال تعالى : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWے WفےY،PVض@ ... N ... éSقWع ... ƒٍ ‚Wپ N ... éSTٹW£pTحWTژ WلléVصUfT±ض@ ... `ySچكKV ... Wè uüW£HTVرSھ uّPVچWڑ N ... éSظVص`إWTژ †Wع WـéSTضéSحWژ ‚WپWè †[‰TTSقS- ‚PVپMX ... ÷X£Yٹ†Wئ \ش~Y‰fTTھ uّPVچWڑ &N ... éSTصY©WچpTçإWTژ ـMX ... Wè طSچقRز uvّW¶َ£QWع `èVK ... uّVصWئ \£WةWھ `èVK ... ƒٍ:†TTW- bںTWTڑVK ... طRرقPYع WفYQع Y¸MXْ:†Wçإ<ض@ ... `èVK ... SطSTچ`©WظHTTVض ƒٍ:†W©PYقض@ ... `طVصWTت N ... èSںYoWTژ _ٍ:†Wع N ... éSظQWظW~WچWTت ... _ں~YإW² †_T‰QY~ً؛ N ... éS™W©`ع@@@†WTت `طRرYهéS-SéYٹ %`طRرےYں`TےVK ... Wè QWـMX ... JًW/@ ... Wـ†Vز ... ZQéSةWئ ... [OéSةTWTçئ (43) " [النساء:43] .
34/12- قال ابن عقيل : ( قوله تعالى : ¼ `èVK ... SطSTچ`©WظHTTVض ƒٍ:†W©PYقض@ ... " حقيقة في اللمس ، إلا أنه يطلق على الجماع مجازاً ؛ فيحمل عليهما جميعاً ، ويوجب الوضوء منهما جميعاً ، فنقول : كل معنيين جاز إرادتهما بلفظ يصلح لهما فهما كالمعنيين المتفقين اهـ ) (6) .
وقال أيضاً : ( فتبين أن اللمس في الأصل عبارة عن اللمس باليد ، ويستدل بقول أهل اللغة ، وأن الوطء له اسم يخصه اهـ ) (7) .
_________________________________
الدراسة :
في كلام ابن عقيل مسألتان :
المسألة الأولى :
معنى : ¼ SطSTچ`©WظHTTVض " ، ويتفرع عنها إيجاب الوضوء من عدمه .
اختلف العلماء في معناها على قولين :
__________
(1) معاني القرآن 1/ 303 .
(2) معاني القرآن 2/ 274 .
(3) تفسير السمرقندي 1/ 332 .
(4) تفسير السمعاني 1/ 431 .
(5) ينظر : زاد المسير 2/ 92 ، التفسير الكبير 10/ 90، الجامع لأحكام القرآن 5/ 220، لسان العرب 7/ 365 ، غريب القرآن للسجستاني ص 37 .
(6) الواضح 4/ 51 .
(7) الجدل ص 21 .(1/173)
القول الأول : قول ابن عقيل أن المراد مجرد اللمس ؛ وبه ينتقض الوضوء ، وهو قول ابن مسعود ، وابن عمر ، والنخعي ، وعطاء (1) ، ورجحه الرازي (2) .
ومن أدلتهم :
1- استدل له ابن عقيل بقول أهل اللغة (3) .
2- عن معاذ - رضي الله عنه - قال : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال : يا رسول الله ، أرأيت رجلاً لقي امرأة وليس بينهما معرفة فليس يأتي الرجل شيئا إلى امرأته إلا قد أتى هو إليها إلا أنه لم يجامعها ، قال فأنزل الله : ¼ gyYYخVK ... Wè WلléVصJً±ض@ ... XّWTتW£V؛ YO†WنPVقض@ ... †_TةVضS¦Wè WفYQع &XشTT`~TPVض@ ... QWـMX ... gŒHTWTقW©W™<ض@ ... Wـ`iYه<،STے &g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... " [هود:114] ، " فأمره أن يتوضأ ويصلي " ، قال معاذ : فقلت يا رسول الله : أهي له خاصة أم للمؤمنين عامة ؟ قال : " بل للمؤمنين عامة " (4) .
القول الثاني : أن المراد بالملامسة الجماع ، وهو قول ابن عباس ، وعلي رضي الله عنهما ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة (5) .
__________
(1) جامع البيان 7/ 69 وما بعدها .
(2) التفسير الكبير 10/ 91 .
(3) ينظر : معجم مقاييس اللغة 5 / 210 ، ولما قال الأعرابي للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إن امرأته لا ترد يد لامس ، قال العلماء : يعني أنها زانية ، ولذا قال له - صلى الله عليه وسلم - : " طلقها " .
(4) أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باب ومن سورة هود (3113) وقال : ( هذا حديث ليس إسناده بمتصل ) 5/ 291 وقال الشوكاني : ( وفيه انقطاع ) نيل الأوطار 1/ 187 . وأصله في الصحيحين بدون ذكر الوضوء ، ينظر : صحيح البخاري في كتاب الصلاة باب الصلاة كفارة (526) ، ومسلم في كتاب التوبة باب قوله تعالى : ¼ QWـMX ... gŒHTWTقW©W™<ض@ ... Wـ`iYه<،STے &g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... " [هود:114] (2763) عن ابن مسعود - رضي الله عنه - .
(5) جامع البيان 7/ 63 وما بعدها .(1/174)
واحتجوا بأن لفظ المس واللمس استعملا في كلام الله بمعنى الجماع ، كما قال تعالى :
¼ ـMX ... Wè QWفSهéSظSTچpTحPVصً؛ فYع Xش`‰WTخ ـKV ... QWفSهéQS©WظWTژ " [البقرة:237] ، وقال سبحانه في آية الظهار : ¼ S£ےX£`™WچTWTت xàTTW‰TWTخWO فYQع Xش`‰TWTخ ـKV ... &†TQWھ:†WظWچTWے " [المجادلة:3] وسبب الخلاف : اشتراك اسم اللمس في كلام العرب على مجرد المس وعلى الجماع (1) .
قلت : والراجح أن المراد بالملامسة في الآية الجماع .
وذلك لصحة الخبر عن عائشة رضي الله عنها : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل بعض نسائه
ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ " (2) ، وفيه دلالة واضحة على أن اللمس المجرد لا ينقض الوضوء (3) .
ومن المرجحات لهذا المعنى :
1- أنه لم يصرَّح في القرآن بالجماع وإنما عبر عنه بالنكاح أو المس والملامسة .
2- أنه لم يثبت الوضوء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من المس مع عمومه وحاجة الناس إليه .
3- أن حمله على الجماع يفيد صفة التيمم للحدث الأكبر، وفي هذا زيادة فائدة.
__________
(1) بداية المجتهد ص 36 .
(2) أخرجه أحمد 6/ 210 ، وأبو داود في كتاب الطهارة باب الوضوء من القبلة (179) ، والترمذي في أبواب الطهارة باب ما جاء في ترك الوضوء من القبلة (86) ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي 1/ 26 ، وقال محقق المسند : ( إسناده صحيح ) 42/ 497 .
(3) ينظر للاستزادة في هذه المسألة : معاني القرآن للنحاس 2/ 275 ، أحكام القرآن لابن العربي 1/ 563 وجعلها من مسائل الخلاف الطيولية ، المجموع 2/ 30 فقد أطال بذكر الفروع والأدلة ومناقشتها ، بداية المجتهد ص 35 .(1/175)
قال الرازي : ( والحدث نوعان : الأصغر وهو المراد بقوله : ¼ `èVK ... ƒٍ:†TTW- bںTWTڑVK ... طRرقPYع WفYQع Y¸MXْ:†Wçإ<ض@ ... " [النساء:43] ، ولو حملنا قوله : ¼ `èVK ... SطSTچ`©WظHTTVض ƒٍ:†W©PYقض@ ... " [النساء:43] على الحدث الأصغر لما بقي للحدث الأكبر ذكر في الآية ، فوجب حمله على الحدث الأكبر ) (1) .
وما استدل به أصحاب القول الأول من أن معنى اللمس هو مجرد المس فلا ننكر هذا بل هو المعنى الحقيقي ، ولكن نقول : إن المقام محفوف بالقرائن التي ترجح حمله على الجماع (2) .
وأما الحديث فضعيف (3) ، وأصله في الصحيحين وليس فيه الأمر بالوضوء .
المسألة الثانية :
ذكر ابن عقيل قاعدة في التفسير : ( كل معنيين جاز إرادتهما بلفظ يصلح لهما فهما كالمعنيين المتفقين ) .
ويترتب على هذه القاعدة ما ذكره ابن العربي في هذه الآية : ( قلنا : لا يمنع حمل اللفظ على الجماع واللمس ، ويفيد الحكمين ) (4) .
وهذا غير مسلم به ، فالقاعدة صحيحة لكن بقي لها قيد ، وهو : عدم وجود مانع من جواز حمل اللفظ على المعنيين (5) ، وقد وجد الصارف في مسألتنا هذه عن حمله على معنى اللمس، وهو الحديث السابق ، وحديث عائشة قالت : ( كنت أنام بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجلاي في قبلته ، فإذا سجد غمزني فقبضت رجليّ ، فإذا قام بسطتهما ) (6) . والله أعلم .
__________
(1) التفسير الكبير 10/ 91 .
(2) ينظر : نيل الأوطار 1/ 179 .
(3) ضعف إسناده العلماء ، ومنهم الألباني في ضعيف سنن الترمذي ص 383 .
(4) أحكام القرآن 1/ 564 .
(5) ينظر في هذه المسألة : شرح الكوكب المنير 3 / 189 ، مجموع الفتاوى 13 / 340 ، زاد المعاد 5/ 606 ، فقد ذكر وجوهاً لفساد القول بالقاعدة على الإطلاق ، التحرير والتنوير 1/ 98 ، قواعد التفسير 2/ 819 .
(6) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة باب الصلاة على الفراش (382) ، ومسلم في كتاب الصلاة باب الاعتراض بين يدي المصلي (512) .(1/176)
قال تعالى : ¼ `yVضKV ... W£WTژ ّVضXM ... WفےY،PVض@ ... Wش~Yخ `طSنVض Nv ... éPRةRز `طRرWےYں`TےKV ... N ... éSظ~YTخKV ... Wè WلléVصJً±ض@ ... N ... éSTژ ... ƒٍWè WلléTW{QW¥ض@ ... †QWظVصWTت ًˆYچRز SطXن`~VصWئ Sس†WچYح<ض@ ... ... V¢XM ... cجےX£WTت `طSن`قTQYع Wـ`éWmïm`ً ً†PVقض@ ... YàWT~pTWVز JًY/@ ... `èVK ... PVںW®KV ... &_àWT~pTW N ... éSTض†WTخWè †WTقQWTٹWO ًyYض ًŒ`‰WTچVز †WقT`~VصWئ Wس†WچYح<ض@ ... :‚WپَéVض :†WقWTpژ£PVVK ... uvّVضXM ... wشWTT-KV ... %xˆےX£TWTخ `شSTخ SؤHTWTچWع †WTp~TJٌكںض@ ... bش~YصWTخ SلW£Y‚پ@ ... Wè cO`kTW XفWظPYض uّWحPVTژ@ ... ‚WپWè WـéSظVصpہ¹STژ ½"~YچWTت (77) " [النساء:77] .
35/13- قال ابن عقيل : ( قوله تعالى : ¼ ‚WپWè WـéSظVصpہ¹STژ ½"~YچWTت (77) " [النساء:77] ،
¼ ‚WپWè WـéSظWTص<ہ¹Sے ... _OkYحWTك (124) " [النساء:124] ذكر القليل تنبيهاً على الكثير ، نافياً للظلم عن نفسه سبحانه اهـ ) (1) .
______________________________
الدراسة :
جمع ابن عقيل هذه الآيات التي ذكر الله فيها نفي القليل من الظلم عنه سبحانه تنبيهاً على أن نفي الكثير من باب أولى ، وهذا من جمع النظائر في المعنى الواحد .
وهذه المسألة قد سبق شبيه بها في قوله تعالى : ¼ لِلَّهِ َفYعWè XشTT`هVK ... gˆHTWTچYر<ض@ ... َفWع ـMX ... Sم`قWع<K†WTژ xO†V¹قYحYٹ ,-YâPY WëSTے ًذ`~VضMX ... ySن`قYعWè َفQWع ـMX ... Sم`قWع<K†WTژ xO†WقےYںYٹ ‚PVپ ,-YâPY WëSTے ًذ`~VضMX ... ‚PVپMX ... †Wع ًŒ`عS Yم`~VصWئ %†_TظXMْ:†WTخ " [آل عمران:75] (2) .
وهذا هو المعروف من استعمال العرب ، بل ويستوي في فهمه عامة الناس ، وأمثلته كثيرة في القرآن والسنة (3) . والله تعالى أعلم .
__________
(1) الواضح 3/ 259 .
(2) ينظر : ص 156 .
(3) ينظر : الواضح 3/ 259 .(1/177)
قال تعالى : ¼ †WعWè fû†Vز \فYpعëSظYض ـKV ... WشSچpTحWے †[TTقYpعëSع ‚PVپMX ... &†L_TTTV¹W فWعWè WشWچWTخ †[TقYpعëSع †_TLTTV¹W S£ےX£`™WچWTت xàTTW‰WTخWO xàWقYpعëQSع bàWےY Wè dàWظPVصW©QSع uvّVضXM ... ,-YمYص`هVK ... :‚PVپMX ... ـKV ... &N ... éSTخJًںUfTT±Wے ـXM†WTت fû†Vز فYع ]z`éWTخ QxèSںWئ `طRرPVض WéSهWè cغYpعëSع S£ےX£`™WچWTت xàTTW‰WTخWO $xàWقYpعëQSع ـMX ... Wè Wـ†W{ فYع Y>z`éWTخ `طS|WTق`~Wٹ ySنWTق`~WٹWè cجHTWT'~YQع bàWTTےYںVت dàWظPVصW©QSع uvّVضXM ... -YمYص`هVK ... S£ےX£`يmًڑWè xàTTW‰WTخWO $xàWقYpعëQSع فWظWTت `طPVض `ںYoWے S׆W~Y±WTت Xف`TےW£`نW® gـ`kTWإYٹ†WچfTTTTچSع ^àfTTTTTٹ`éWTژ WفYQع %JًY/@ ... Wـ†W{Wè JًS/@ ... †[ظ~YصWئ †_ظ~Y|Wڑ (92) " [النساء:92] .
36/14- قال ابن عقيل : ( ¼ †WعWè fû†Vز \فYpعëSظYض ـKV ... WشSچpTحWے †[TTقYpعëSع ‚PVپMX ... &†L_TTTV¹W " ، والخطأ لا يقال : إنه له ، لأنه لا يوصف بحظر ولا إباحة ، لكن إن قتله خطأ ؛ فتحرير رقبة اهـ ) (1) .
__________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل [إلا] في الآية بمعنى : [لكن] ؛ فيكون الاستثناء منقطعاً ؛ لأنه لا يقال : إن للمؤمن أن يقتل مؤمناً خطأً ، وبهذا فسره جمهور المفسرين (2) ، وهذا هو القول الأول .
قال الطبري : ( إلا أن المؤمن قد يقتل المؤمن خطأ، وليس ذلك مما جعل له ربه فأباحه له ، وهذا من الاستثناء الذي تسميه أهل العربية : الاستثناء المنقطع ) (3) .
وقال في موضع آخر : ( فليس قوله باستثناء متصل بالأول بمعنى : إلا خطأ فإن له قتله كذلك ، ولكن معناه : ولكن قد يقتله خطأ ) (4) .
وقال الزجاج : ( ¼ ‚PVپMX ... &†L_TTTV¹W " استثناء ليس من الأول ) (5) - يعني منقطع - .
__________
(1) الواضح 3/ 487 .
(2) ينظر : المحرر الوجيز 4/ 169 ، زاد المسير 2/ 162.
(3) جامع البيان 7/ 305 .
(4) جامع البيان 5/ 687 .
(5) معاني القرآن وإعرابه 2/ 90 .(1/178)
ومثله قال النحاس (1) ، و [إلا] تأتي بمعنى [لكن] كثير (2) .
قال القرطبي : ( إلا خطأً أي : لكن خطأ ) (3) .
القول الثاني : ذهب قوم إلى أن هذا الاستثناء متصل ، ويفسرون : [كان] بالثبوت والاستقرار ، والمعنى عندهم : وما ثبت ولا استقر ولا وجد ولا ساغ لمؤمن أن يقتل مؤمناً
إلا خطأً (4) ، قالوا : وفائدة كونه متصلاً أن له أن يقتله خطأ في بعض الأحوال ، كمن يقتل من يظنه كافراً ثم يتبين أنه مسلم .
وهذا قول ضعيف ، وقد استنكره ابن العربي فقال : ( فيا لله لِلَّهِ ويا للعالمين من هذا الكلام لِلَّهِ كيف يصح في عقل عاقل أن يقول : أبيح له أن يقتله خطأ ، ومن شرط الإذن والإباحة المكلف وقصده ، وذلك ضد الخطأ ؛ فالكلام لا يتحصل معقولاً ...) إلى أن قال : ( وفي هذا القول من التهافت لمن تأمله ما يغني عن رده ) (5) .
القول الثالث : ذهب قوم إلى أن [إلا] بمعنى [الواو] ، ويكون المعنى : ليس له أن يقتله عمداً ولا خطأً ، واستدلوا باستعمال [إلا] مقام [الواو] عند العرب .
كما في قول عمرو بن معدِيكَرِبَ (6) :
وكلُّ أخٍ مُفَارِقُهُ أخُوهُ لَعَمْرُ أبيكَ إلا الفَرْقَدَانِ . يعني : والفرقدان (7) .
__________
(1) معاني القرآن 2/ 158 .
(2) ينظر : جامع البيان 5/ 685 ، معاني القرآن للنحاس 2/ 159 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 3/ 192 .
(4) الكشاف 1/ 580 ، وينظر : فتح القدير 1/ 629 .
(5) أحكام القرآن 1/ 597 .
(6) ينظر : ديوانه ص 181 .
(7) الفرقدان : نجمان في السماء لا يغربان ، لكنهما يطوفان بالجدي ، وقيل : هما كوكبان قريبان من القطب ، وقيل : هما كوكبان في بنات نعش الصغرى ، ينظر : لسان العرب 3/ 334 .(1/179)
ويرد عليه بقول ابن عقيل : إن الخطأ لا يوصف بحظر ولا إباحة ، وقد خطأ هذا القول أبو جعفر النحاس من وجهين فقال : ( إحداهما : أن لا يعرف أن تكون [إلا] بمعنى حرف عاطف . والجهة الأخرى : أن الخطأ لا يحصَر ، لأنه ليس بشيء يقصد ، ولو كان يقصد لكان عمداً ) (1) .
والذي يترجح لي أن الاستثناء منقطع ، وأن [إلا] بمعنى [لكن] ، فهو القول السالم من الاعتراض ، وهو قول الجمهور . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ †WعWè fû†Vز \فYpعëSظYض ـKV ... WشSچpTحWے †[TTقYpعëSع ‚PVپMX ... &†L_TTTV¹W فWعWè WشWچWTخ †[TقYpعëSع †_TLTTV¹W S£ےX£`™WچWTت xàTTW‰WTخWO xàWقYpعëQSع bàWےY Wè dàWظPVصW©QSع uvّVضXM ... ,-YمYص`هVK ... :‚PVپMX ... ـKV ... &N ... éSTخJًںUfTT±Wے ـXM†WTت fû†Vز فYع ]z`éWTخ QxèSںWئ `طRرPVض WéSهWè cغYpعëSع S£ےX£`™WچWTت xàTTW‰WTخWO $xàWقYpعëQSع ـMX ... Wè Wـ†W{ فYع Y>z`éWTخ `طS|WTق`~Wٹ ySنWTق`~WٹWè cجHTWT'~YQع bàWTTےYںVت dàWظPVصW©QSع uvّVضXM ... -YمYص`هVK ... S£ےX£`يmًڑWè xàTTW‰WTخWO $xàWقYpعëQSع فWظWTت `طPVض `ںYoWے S׆W~Y±WTت Xف`TےW£`نW® gـ`kTWإYٹ†WچfTTTTچSع ^àfTTTTTٹ`éWTژ WفYQع %JًY/@ ... Wـ†W{Wè JًS/@ ... †[ظ~YصWئ †_ظ~Y|Wڑ (92) " [النساء:92] .
37/15- قال ابن عقيل : ( قوله تعالى : ¼ S£ےX£`™WچWTت xàTTW‰WTخWO $xàWقYpعëQSع " بعد قوله :¼ S£ےX£`™WچWTت xàTTW‰WTخWO " ، تقييد بالإيمان ، وهو تخصيص في الحقيقة اهـ ) (2) .
_________________________________
الدراسة :
بين ابن عقيل أن الرقبة في هذه الآية مقيدة ومخصوصة بالإيمان .
__________
(1) معاني القرآن 2/ 159 .
(2) الواضح 1/ 257 .(1/180)
وقد نُقل الإجماع على تقييد الرقبة بالإيمان في هذه الآية (1) .
كما قال السمرقندي : ( يعني : فعليه عتق رقبة مؤمنة ، ولو أعتق رقبة كافرة لم يجز بالإجماع ) (2) .
وقال ابن كثير : ( ومن شرطها أن تكون عتق رقبة مؤمنة ؛ فلا تجزئ الكافرة ) (3) .
وفي الحكمة من التقييد بالإيمان قال ابن العربي : ( وهذا يقتضي كمالها في صفات الدين ، فتكمل في صفات المالية حتى لا تكون معيبة ، لا سيما وقد أتلف شخصا في عبادة الله سبحانه ، فعليه أن يخلص آخر لعبادة ربه عن شغل غيره ، وأيضاً فإنما يُعتق بكل عضو منه عضو منها من النار حتى الفرج بالفرج ، فمتى نقص عضو منها لم تكمل شروطها ، وهذا بديع ) (4) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ :†TPVكXM ... :†WTق<ضW¥كVK ... ًذ`~VضMX ... ًˆHTWTچYر<ض@ ... QXجW™<ض@†Yٹ WطRر`™WچYض Wـ`kTWٹ X†PVقض@ ... :†WظYٹ ًذHTْWOVK ... &JًS/@ ... ‚WپWè فRرWTژ WـkYقMXْ:†W<صPYض †_Tظ~Tg±W (105) " [النساء:105] .
38/16- قال ابن عقيل : ( ¼ WطRر`™WچYض Wـ`kTWٹ X†PVقض@ ... :†WظYٹ ًذHTْWOVK ... &JًS/@ ... " وهذا يعم ما يراه من النص والاستنباط من النصوص، واسم الرأي بالاجتهاد أخص منه بالنصوص اهـ ) (5) .
___________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل إلى مسألتين :
المسألة الأولى :
__________
(1) واختلف العلماء في القدر المجزئ من الإيمان ، ينظر : الجامع لأحكام القرآن 5/ 214 ، وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى 7/ 671 : ( وقال الله تعالى : ¼ S£ےX£`™WچWTت xàTTW‰WTخWO $xàWقYpعëQSع " ، ولو أعتق مذنباً أجزأه عتقه بإجماع العلماء ) ، واختلفوا أيضاً في : حمل الرقبة المطلقة ككفارة اليمين على المقيدة بالإيمان ككفارة القتل ، ينظر : فتح الباري 11/ 734 ، نيل الأوطار 4/ 603 .
(2) تفسير السمرقندي 1/ 352 .
(3) تفسير ابن كثير 2/ 981 .
(4) أحكام القرآن 1/ 599 .
(5) الواضح 5/ 398 .(1/181)
الاستدلال بهذه الآية : على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - له حق الاجتهاد في الحكم بين الناس ، وهذه المسألة قد سبق الحديث عنها عند قوله تعالى : ¼ َطSه`OYè†W®Wè ء $X£`عKKV‚ô@ ... " [آل عمران:159] (1) .
المسألة الثانية :
أن اسم الرأي يدخل فيه ما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - من النص ، وما اجتهد في استنباطه منه، لكن لفظة الرأي أقرب إلى الاجتهاد في الاستنباط المطلق من الاجتهاد المقيد بالنصوص، وهذا مما يقوي ما قاله ابن عقيل .
فقوله ¼ ذHTْWOVK ... " في الآية أقرب في المعنى إلى الاستنباط والاجتهاد من الاقتصار على النص مع إفادته للمعنيين (2) .
قال الكيا الهراسي (3) : ( يحتمل الوحي والاجتهاد جميعاً ) (4) .
وقال ابن عطية : ( وقوله تعالى : ¼ :†WظYٹ ًذHTْWOVK ... &JًS/@ ... " معناه : على قوانين الشرع ؛ إما بوحي ونص ، أو بنظر جار على سنن الوحي ) (5) .
وقال القرطبي : ( وهذا أصل في القياس وهو يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى شيئاً أصاب ؛ لأن الله تعالى أراه ذلك ، وقد ضمن الله تعالى لأنبيائه العصمة ، فأما أحدنا إذا رأى شيئاً يظنه فلا قطع فيما رآه ، ولم يُرِد رؤية العين هنا لأن الحكم لا يُرى ) (6) .
__________
(1) ينظر : ص 159 .
(2) ينظر : النكت والعيون 1/ 528 ، زاد المسير 2/ 114 .
(3) هو أبو الحسن علي بن محمد الطبري الشافعي ، المعروف بالكياالهراسي ، تفقه على الإمام الجويني، وتأثر به ، مات سنة 504هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 19/ 350 ، شذرات الذهب 4/ 8 .
(4) أحكام القرآن 1/ 498 .
(5) المحرر الوجيز 2/ 108 ، وينظر : فتح القدير 1/ 646 .
(6) الجامع لأحكام القرآن 5/ 376 .(1/182)
والمراد أن الله سبحانه وتعالى أنزل عليه الكتاب ليحكم بالطرق والقضايا الدالة على وصف الأحوال التي يتحقق بها العدل فيحكم بين الناس على حسب ذلك ، بأن تندرج جزئيات أحوالهم عند التقاضي تحت الأوصاف الكلية المبيَّنة في الكتاب (1) ، ولا يلزم أن يكون في كل جزئية وفرع نص أو وحي ، وهذا واضح ولله الحمد . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ فWعWè gجYخ†TWSے WسéSھQW£ض@ ... ?فYع Yں`إWTٹ †Wع WـPVkW‰WTژ SمVض uüWںSن<ض@ ... `ؤTY‰QWچWTےWè WO`kTWTçئ Xش~Y‰fTTھ WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... -YمPYضWéSTك †Wع uّPVضWéWTژ -YمYصTp±STكWè $WطPVقWنW- pƒٍ:†WھWè ... [OkY±Wع (115) " [النساء:115] .
39/17- قال ابن عقيل : ( والسبيل ها هنا هو الطريق ، ولا طريق يحصل الوعيد على سلوك غيره إلا ما يوجبه اجتهادهم ؛ إذ كان ما أوجبه نص القرآن ، أو تواتر السنة ، فذاك سبيل الله ورسوله ، أخص به من الإضافة إليهم ، والمؤمنون ههنا هم العلماء ، إذ قد أجمعنا على أن العوام والجهال لا سبيل لهم يتبع ، فلم يبق إلا العلماء ، وقد تواعد على اتباع غير سبيلهم ، فثبت أن سبيلهم حق متبع ودليل مرشد ، والمخالف له مستحق للعقاب بالوعيد المنصوص في الآية ، إذ ليس بين سبيلهم وبين سبيل غيرهم قسم ثالث ، فتعين اتباع سبيلهم حيث حصل الوعيد على اتباع غير سبيلهم اهـ ) (2) .
_____________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل في تفسير هذه الآية إلى ثلاث مسائل :
المسألة الأولى :
أن معنى السبيل هنا : الطريق ، وهو المعنى الأصلي له .
قال ابن منظور : ( والسبيل في الأصل : الطريق ) (3) ، وهو ما ذكره المفسرون (4) .
المسألة الثانية :
__________
(1) ينظر : التحرير والتنوير 3/ 192 .
(2) الواضح 5/ 105 ، 188 .
(3) لسان العرب 11/ 320 ، وينظر : معجم مقاييس اللغة 3/ 130 .
(4) ينظر : المفردات ص 250 ، معالم التنزيل 1/ 383 .(1/183)
أن المراد به في الآية : الاجتهاد في أمور الدين ، ولهذا استدل بها المفسرون على صحة الإجماع وحجيته .
قال الجصاص : ( فدل على صحة إجماع الأمة لإلحاقه الوعيد بمن اتبع غير سبيلهم ) (1) .
وقال السمرقندي : ( وفي الآية دليل أن الإجماع حجة ؛ لأن من خالف الإجماع فقد خالف سبيل المؤمنين ) (2) .
ويتفرع عن هذه المسألة : تحريم مخالفة ما اجتمعت عليه هذه الأمة فيما عُلم اتفاقهم عليه تحقيقاً ، فقد ضُمِنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ ، وهذا الحكم ظاهر من الوعيد المنصوص عليه في الآية : ¼ -YمPYضWéSTك †Wع uّPVضWéWTژ -YمYصTp±STكWè $WطPVقWنW- pƒٍ:†WھWè ... [OkY±Wع (115) " [النساء:115] (3) .
المسألة الثالثة :
أن المراد بالمؤمنين في الآية : العلماء ، ولم أجد أحداً من المفسرين خص المؤمنين بالعلماء ، ولكن يظهر أن هذا التخصيص قد انبنى على ما قبله وهو : أن المراد بسبيل المؤمنين اجتهادهم ولا يكون الاجتهاد إلا للعلماء ، ويؤكد هذا ما استدل به من أن العوام والجهال لا سبيل لهم يُتبع ، وهو كما قال ، والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ `yXنXض`éWTخWè †PVكXM ... †WTق<صWچWTخ Wک~Y©Wظ<ض@ ... ّW©~Yئ Wف`Tٹ@ ... ًyWTےَ£TWع WسéSھWO JًY/@ ... †WعWè SâéSTصWTچWTخ †WعWè SâéS‰VصW² فYرHTVضWè WمQY‰TS® &`طSنVض QWـMX ... Wè WفےY،PVض@ ... N ... éSةVصWTچ`@ ... Yم~Yت ّYةVض xJذW® &Sم`قTQYع †Wع طSنVض -YمYٹ َفYع ]y<صYئ ‚PVپMX ... Wأ†WT‰PYTژ@ ... &QXفJًہ¹ض@ ... †WعWè SâéSTصWTچWTخ †?TWق~YحWTے (157) " [النساء:157] .
40/18- قال ابن عقيل : ( قوله تعالى : ¼ †Wع طSنVض -YمYٹ َفYع ]y<صYئ ‚PVپMX ... Wأ†WT‰PYTژ@ ... &QXفJًہ¹ض@ ... " ، بمعنى : لكن اتباع الظن اهـ ) (4) .
__________
(1) أحكام القرآن 2/ 353 ، وينظر : الكشاف 1/ 598 ، تفسير النسفي 1/ 251 .
(2) تفسير السمرقندي 1/ 363 .
(3) ينظر : تفسير ابن كثير 3/ 1018 ، تفسير البيضاوي 2/ 253 .
(4) الواضح 3/ 487 .(1/184)
_________________________________
الدراسة :
اختلف العلماء في هذه الآية ، هل الاستثناء منقطع أو متصل ؟ .
القول الأول : ذهب ابن عقيل إلى أن الاستثناء منقطع ، والمعنى : لكن اتباع الظن ، وذلك لأن اتباع الظن ليس من جنس العلم ، وهذا قول الطبري (1) ، والواحدي (2) ، والبغوي (3) ، والزمخشري (4) ، وابن الجوزي (5) ، والقرطبي (6) ، وغيرهم (7) .
القول الثاني : أن الاستثناء متصل ، وبه قال ابن عطية : ( وهو استثناء متصل ؛ إذ الظن والعلم يضمهما جنس واحد : أنهما من معتقدات النفس ، وقد يقول الظان على طريق التجوز : علمي في هذا الأمر أنه كذا ، وهو يعني ظنه ) (8) .
وقال أبو السعود (9) : ( ويجوز أن يفسر الشك بالجهل والعلم بالاعتقاد الذي تسكن إليه النفس جزماً كان أو غيرَه فالاستثناء حينئذ متصل ) (10) .
والراجح قول الجمهور بأن الاستثناء منقطع ، و[ إلا ] تستخدم مكان [ لكن] عند العرب كثيراً ، وإنما تستعمل في كل موضع حسن أن يوضع فيه مكان [ إلا ] [لكن] ؛ ألا ترى أنك إذا قلت : ما لهم به من علم لكن اتباع الظن ، وجدت المعنى صحيحاً (11) ، ويصير الاستثناء منقطعاً ، وعلى هذا لا نحتاج إلى تفسير العلم بالظن .والله أعلم .
__________
(1) جامع البيان 2/ 160 .
(2) الوجيز 1/ 130 .
(3) معالم التنزيل 1/ 396 .
(4) الكشاف 1/ 621 .
(5) زاد المسير 2/ 246 .
(6) الجامع لأحكام القرآن 6/ 9 .
(7) ينظر : تفسير النسفي 1/ 262، التسهيل 1/ 218، أضواء البيان 2/ 510 ، التحرير والتنوير 6/22 .
(8) المحرر الوجيز 2/ 134 .
(9) هو أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي الحنفي ، صنف إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن العظيم في التفسير ، وله حاشية على تفسير الكشاف ، مات سنة 982هـ ، له ترجمة في : طبقات الأدنه وي ص 398 ، شذرات الذهب 8/ 398 .
(10) تفسير أبي السعود 2/ 218 .
(11) ينظر : جامع البيان 2/ 159 .(1/185)
قال تعالى : ¼ xy<صٌہ¹Y‰WTت WفYQع fغTےY،PVض@ ... N ... èS †Wه †WTق`عQW£Wڑ `طXن`~VصWئ ]ŒHTW‰XQ~V؛ pŒPVصYڑRK ... `طSنVض `طYهPYںW±YTٹWè فWئ Xش~Y‰WTھ JًY/@ ... ... _OkY'Vز (160) SطYهY،`VK ... Wè N ... léWTٹQX£ض@ ... `ںWTخWè N ... éSنSTك SمT`قTWئ `طXنYصp{VK ... Wè WسHWépTTعKV ... X†PVقض@ ... &XشY¸HTWT‰<ض@†Yٹ †WTك`ںTWTچ`ئVK ... Wè WفےX£YةHTVر<صYض `طSن`قYع †[Tٹ ... W،Wئ †_ظT~YضVK ... (161) " [النساء:160-161] .
41/19- قال ابن عقيل : ( فأخبر سبحانه وتعالى أنه يحرم المباحات في زمان النبوات عقوبة على أكل المحرمات ، والآن ، فلم يبق طريق للنسخ فيحرم عليك ، لكن احذر لا يحرِمك ، فإنه كما يمنع بالتحريم منعاً شرعياً ، يمنع بالفقر تارة ، مع وجود المشتهيات وتعذر الأثمان ، وتارة يوجد المال ، ثم يسلط على الأبدان أنواع الأمراض المانعة من تأتي الأثمان (1) وإباحة الشرائع (2) ، هذا من بعض عقوباته العاجلة اهـ ) (3) .
_______________________________
الدراسة :
تناول ابن عقيل في هذه الآية مسألتين :
المسألة الأولى : أن سبب تحريم المباحات شرعاً على الأمم السابقة هو أكلهم المحرمات ، وهذا سنة من سنن الله في كونه ، كما قال تعالى : ¼ <¢MX ... Wè fûPV¢KV†WTژ َطRرQSTٹWO فMXùVض `ySTژp£TVرW® $َطS|TPVTكWںےX¦VًK‚پ فMXùVضWè َطSTژَ£TWةVز QWـMX ... ّYٹ ... W،Wئ bںےYںWVTض (7) " [إبراهيم:7] ، وقد أشار المفسرون من السلف والخلف إلى هذا السبب عند هذه الآية وغيرها في كتاب الله تعالى .
__________
(1) أي : أن المرض يمنع التكسب في البيع والشراء وطلب المال ، فلا تتيسر له الأثمان مثلما كان قبل المرض .
(2) أي : أنه يحرم عليهم ما كان مباحاً في الشريعة بسبب ظلمهم ومعاصيهم .
(3) الفنون 1/ 409 .(1/186)
قال الجصاص : ( قال قتادة : ( عوقبوا على ظلمهم وبغيهم بتحريم أشياء عليهم ) ، وفي ذلك دليل على جواز تغليظ المحنة عليهم ، بالتحريم الشرعي عقوبة لهم على ظلمهم ؛ لأن الله تعالى قد أخبر في هذه الآية أنه حرم عليهم طيبات بظلمهم وصدهم عن سبيل الله ؛ والذي حرم عليهم ما بينه تعالى في قوله : ¼ ّVصWئWè fغTےY،PVض@ ... N ... èS †Wه †WTق`عQW£Wڑ QWشS{ ÷Y¢ w$£Sةٌہ؛ fغYعWè X£WحW‰T<ض@ ... gyTWقWçإ<ض@ ... Wè †WTق`عQW£Wڑ َطXن`~VصWئ :†WظSنWعéS™S® ‚PVپMX ... †Wع pŒVصWظWڑ :†WظSهSOéSنRہ؛ XèVK ... :†fTTTTTے ... WéW™<ض@ ... `èVK ... †Wع ً¸VصWچpTT@ ... &wط<ہ¹WإYٹ ًذYض.V¢ ySنHTTWTق`TےW¥W- `$طXنX~pTTçإW‰Yٹ " [الأنعام:146] ) (1) .
وقال القرطبي : ( ¼ ًذYض.V¢ ySنHTTWTق`TےW¥W- `$طXنX~pTTçإW‰Yٹ " [الأنعام:146] ، أي : بظلمهم عقوبة لهم لقتلهم الأنبياء ، وصدهم عن سبيل الله ، وأخذهم الربا ، واستحلالهم أموال الناس بالباطل ، وفي هذا دليل على أن التحريم إنما يكون بذنب ؛ لأنه ضيق فلا يعدل عن السعة إليه إلا عند المؤاخذة ) (2) .
وطريق التحريم الشرعي هو نسخ الحل ، وقد انقطع بعد زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
المسألة الثانية : التحذير من الوقوع في الظلم مما يكون سبباً للتحريم الكوني بالفقر أو المرض وهذا من العقوبات العاجلة ، أضف إلى ذلك أن عقوبة الظلم بأنواعه ظلمات يوم القيامة ، وهذه من اللطائف التي ينبغي أن لا يغفل عنها المفسرون ، ليكون للتفسير تأثير في القلب والقالب .
__________
(1) أحكام القرآن 2/ 366 .
(2) الجامع لأحكام القرآن 7/ 127 ، وينظر : 6/ 12 .(1/187)
قال الرازي : ( واعلم أن أنواع الذنوب محصورة في نوعين : الظلم للخلق ، والإعراض عن الدين الحق ؛ أما ظلم الخلق : فإليه الإشارة بقوله : ¼ `طYهPYںW±YTٹWè فWئ Xش~Y‰WTھ JًY/@ ... " [النساء:160] ، ثم إنهم مع ذلك في غاية الحرص في طلب المال ؛ فتارة يحصلونه بالربا مع أنهم نهوا عنه ، وتارة بطريق الرشوة ، وهو المراد بقوله : قال تعالى : ¼ `طXنYصp{VK ... Wè WسHWépTTعKV ... X†PVقض@ ... &XشY¸HTWT‰<ض@†Yٹ " [النساء:161] ، ونظيره قوله تعالى : ¼ fûéSإHTPVظfTTھ g‡Y،Vر<صYض WـéRصHTPV{KV ... &YŒ`™QS©صYض " [المائدة:42] ؛ فهذه الأربعة ، هي الذنوب الموجبة للتشديد عليهم في الدنيا وفي الآخرة ؛ أما التشديد في الدنيا : فهو الذي تقدم ذكره من تحريم الطيبات عليهم ، وأما التشديد في الآخرة : فهو المراد من قوله : ¼ †WTك`ںTWTچ`ئVK ... Wè WفےX£YةHTVر<صYض `طSن`قYع †[Tٹ ... W،Wئ †_ظT~YضVK ... " [النساء:161] ) (1) . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ ¾"SھQSO WفےX£PYWT‰QSع WفےYOY،قSعWè PV"WLùYض WـéRرWTے X†PVقصYض ّVصWئ JًY/@ ... =SàQWoSڑ Wں`إWTٹ &XشSھQS£ض@ ... Wـ†W{Wè JًS/@ ... ... [¥ےX¥Wئ †_Tظ~YرWڑ (165) " [النساء:165] .
__________
(1) التفسير الكبير 11/ 83 .(1/188)
42/20- قال ابن عقيل : ( ¼ ¾"SھQSO WفےX£PYWT‰QSع WفےYOY،قSعWè PV"WLùYض WـéRرWTے X†PVقصYض ّVصWئ JًY/@ ... =SàQWoSڑ Wں`إWTٹ &XشSھQS£ض@ ... " [النساء:165] ، وقوله : ¼ †WعWè †PVTقRز WـkYٹPY،WإSع uّPVچWڑ ًگWإ`‰TWTك ‚^پéSھWO (15) " [الإسراء:15] ، كان من مقتضى شرطه سبحانه أن لا يعذب الأطفال والمجانين ؛ إذ لا رسالة إليهم ، ولا خطاب لهم ، وقد صرح به في آية أخرى : ¼ ûK ... N ... éRضéSحWTژ W×`éWTے YàWظHTW~Yح<ض@ ... †PVكXM ... †QWقTS{ َفWئ ... W،HTWه WـkYصYةHTWTçئ (172) `èVK ... vN ... éRضéSحWTژ :†WظPVكXM ... ًدW£`®KV ... †TWTكSê:†TWTٹ ... ƒٍ فYع Sش`‰WTخ †PVقTS{Wè ^àTQWTےQYOS¢ ?فYQع $`طYهYں`إWTٹ " [الأعراف:172-173] ، فما شرطه الباري لئلا يقال : لا يفعله ، ولا يجوز أن يفعله ، وقوله : ¼ PV"WLùYض WـéRرWTے X†PVقصYض ّVصWئ JًY/@ ... =SàQWoSڑ Wں`إWTٹ &XشSھQS£ض@ ... " [النساء:165] ، يقطع حجة المتعلقين في التكاليف بالأقدار ، لأن الله سبحانه إذا ترك عن نفسه حجة بعد الرسل لا يبقى ما يكون حجة عليه ، ولا حجة لمكلف بعد الرسل ، كذلك لا تبعة على صبي ومجنون مع عدم الرسالة إليه اهـ ) (1) .
_________________________________
الدراسة :
في كلام ابن عقيل على هذه الآية مسألتان :
المسألة الأولى : عدم تعذيب الأطفال والمجانين ، وهو مستنبط من الآية إذ لا رسالة إليهم ، ولا خطاب لهم ، وقد صرح سبحانه بهذا في آية الأعراف التي ذكرها ابن عقيل .
والكلام عن الأطفال ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
1- أطفال الأنبياء / قال ابن عطية: ( أجمعت الأمة على أن أولاد الأنبياء في الجنة ) (2) .
__________
(1) الواضح 1/ 139 .
(2) المحرر الوجيز 5/ 339 .(1/189)
2- أطفال المؤمنين / قال الجمهور : هم في الجنة ، وقال قوم : تحت المشيئة . والراجح قول الجمهور ، كما قال ابن تيمية : ( لكن من ليس بمكلف من الأطفال والمجانين قد رفع القلم عنهم ؛ فلا يعاقبون ، وليس لهم من الإيمان بالله وتقواه باطناً وظاهراً ما يكونون به من أولياء الله المتقين، وحزبه المفلحين، وجنده الغالبين ، لكن يدخلون في الإسلام تبعاً لآبائهم ، كما قال تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè N ... éSقWع ... ƒٍ `طSن`چTWإWT‰PVTژ@ ... Wè طSنSTچQWTTےQXOS¢ \فHTWظےXM†Yٹ †WقpTحW™<ضKV ... `طXنYٹ `طSنWTچQWTTےQXOR¢ :†WعWè طSنHTWTق`چVضVK ... َفQYع yXنYصWظWئ فYQع xٍp&ّW® QSشRز >XM÷X£`ع@ ... †WظYTٹ ًˆW©W{ cـkYهWO " [الطور:21] ) (1) ، وقال النووي : ( أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة لأنه ليس مكلفاً ، وتوقف فيه بعض من لا يعتد به ) (2) .
3- أطفال المشركين / قال الجمهور : هم تحت مشيئة الله ، وقال قوم : في النار (3) ، وقال جماعة من المحققين : إنهم في الجنة (4) .
__________
(1) مجموع الفتاوى 10/ 431 ، وينظر أيضاً : 15/ 272 ، شرح العقيدة الطحاوية 2/ 670 .
(2) شرح النووي على مسلم 16/ 207 .
(3) ينظر : التمهيد 18/ 96 ، طريق الهجرتين ص 571 فقد عرضا الخلاف والأدلة ، المحرر الوجيز 5/ 339 .
(4) ينظر : شرح النووي على صحيح مسلم في كتاب القدر باب حكم موتى المشركين 16/ 208 ، الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم 4/ 74 .(1/190)
قال القرطبي : ( وأنهم إن ماتوا صغاراً فهم في الجنة ، أعني جميع الأطفال؛ لأن الله تعالى لما أخرج ذرية آدم من صلبه في صورة الذر ، أقروا له بالربوبية ، وهو قوله تعالى : ¼ <¢MX ... Wè W،WVK ... ًذPRٹWO ?فYع ُّYقWTٹ W×W ... ƒٍ فYع `yYهXOéSنٌہ؛ َطSنWTچQWTTےQXOS¢ `طSهWںWن<®KV ... Wè uvّVصWئ `طXنY©STةكKV ... ٌŒp©VضKV ... $`طRرQYTٹW£Yٹ N ... éRض†WTخ +uّVصWTٹ +:†Wك`ںXنW® " [الأعراف:172] ، ثم أعادهم في صلب آدم بعد أن أقروا له بالربوبية ، وأنه الله لا إله غيره ) (1) .
ويدل عليه أيضاً : حديث رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - لإبراهيم الخليل عليه السلام في الجنة وحوله وِلْدان ، قال - صلى الله عليه وسلم - : " وأما الوِلْدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة " ، قال : فقال بعض المسلمين : يا رسول الله وأولاد المشركين ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وأولاد المشركين " (2) .
والذي عليه السلف والأئمة إنه لا يعذب إلا من بلغته الرسالة ، ولا يعذب إلا من خالف الرسل كما دل عليه الكتاب والسنة (3) ، قال النووي : ( وهذا متفق عليه ) (4) .
__________
(1) الجامع لأحكام القرآن 14/ 29 ، وينظر : 17 / 114 ، التفسير الكبير 23/ 72 ، أهل الفترة ومن في حكمهم ص 89 وما بعدها .
(2) أخرجه البخاري في كتاب التعبير باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح (7047) من حديث سمرة - رضي الله عنه - .
(3) ينظر : الجواب الصحيح 2/ 296 .
(4) شرح النووي على مسلم 16/ 208 .(1/191)
وذهب بعض العلماء إلى استحباب السكوت وعدم الخوض فيما أخفاه الله من أمر الجزاء والحساب لهؤلاء الأطفال والمجانين ؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من مولود إلا يولد على الفطرة ؛ فأبواه يهودانه وينصرانه ... قالوا يا رسول الله : أفرأيت من يموت وهو صغير ؟ قال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " (1) .
قال الغزنوي (2) : ( فإذا اختلف الناس فيهم فالسكوت أولى ، فهم في مشيئة الله تعالى ) (3) .
المسألة الثانية : في الآية دليل على قطع حجة المتعلقين في التكاليف بالأقدار ، وأنه لا حجة لمكلف بعد بلوغ الرسالة إليه ، وهذا مما اتفق عليه أهل السنة والجماعة .
قال ابن تيمية : ( فإن الاحتجاج به - أي القدر - باطل باتفاق أهل الملل وذوي العقول ، وإنما يَحْتج به على القبائح والمظالم من هو متناقض القول متبع لهواه ، كما قال بعض العلماء : أنت عند الطاعة قدري ، وعند المعصية جبري ؛ أيُّ مذهب وافق هواك تمذهبت به ، ولو كان القدر حجة لفاعل الفواحش والمظالم ، لم يحسن أن يلوم أحد أحداً ، ولا يعاقب أحد أحداً ، فكان للإنسان أن يفعل في دم غيره وماله وأهله ما يشتهيه من المظالم والقبائح ؛ ويحتج بأن ذلك مقدر عليه ) (4) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب القدر باب الله أعلم بما كانوا عاملين ( 6599-6600) ، ومسلم في كتاب القدر باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين (2658) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(2) هو أحمد بن محمد بن محمود الغزنوي الكاشاني الحنفي، فقيه أصولي ، من مصنفاته : أصول الدين ، مات سنة 593هـ ، له ترجمة في : الأعلام 1/ 217 ، معجم المؤلفين 2/ 156 .
(3) أصول الدين ص210 .
(4) منهاج السنة 3/ 23 .(1/192)
وقال ابن القيم : ( الاحتجاج بالقدر على الذنب ينفع في موضع ، ويضر في موضع ، فينفع إذا احتج به بعد وقوعه والتوبة منه ، وترك معاودته ، كما فعل آدم ... ) إلى أن قال : ( ونكتة المسألة أن اللوم إذا ارتفع صح الاحتجاج بالقدر ، وإذا كان اللوم واقعاً فالاحتجاج بالقدر باطل ) (1) .
وقال ابن عثيمين : ( وأما إجماع السلف على بطلان القول بالجبر ؛ فلم ينقل عن أحد منهم أنه قال به ، بل رَدُّ من أدرك منهم بدعتَه موروث معلوم ) (2) . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ WشTT`هKV†;HTWے gˆHTWTچY|<ض@ ... ‚Wپ N ... éSTصpTçإWTژ ء `طS|YقےY ‚WپWè N ... éRضéSحWTژ ّVصWئ JًY/@ ... ‚PVپMX ... &VPجW™<ض@ ... †WظPVكXM ... Sک~Y©Wظ<ض@ ... ّW©~Yئ Sف`Tٹ@ ... WطWTےَ£Wع SسéSھWO JًY/@ ... ,ISمSچWظYصW{Wè :†WنHHùTWح<ضVK ... uّVضXM ... WطWTےَ£Wع c-èSOWè $Sم`قTYQع N ... éSقYعً†LTTWTت YمPVصض@†Yٹ $-YمYصSھSOWè ‚WپWè N ... éRضéSحWTژ dà'HTTWTصWT' N ... éTSنWچك@ ... & ... _O`kTW &`طS|PVض †WظPVكXM ... JًS/@ ... cمHTVضXM ... $cںYڑ.Wè ,ISمWTقHTW™`T‰Sھ ـKV ... fûéRرWTے ISمVض 'cںVضWè ISمPVض †Wع ء g.WéHTWظQW©ض@ ... †WعWè ء %X³`OKKV‚ô@ ... uّWةW{Wè YمPVصض@†Yٹ ¾"~Y{Wè (171) " [النساء:171] .
43/21- قال ابن عقيل : ( ¼ c-èSOWè $Sم`قTYQع " [النساء:171] روح ملك ، وإضافة تجميل وتقريب كقوله في الكعبة ¼ ƒّYچ`~WTٹ " [البقرة:125] ، وتسميته روح آدم ¼ ّYڑèQSO " [الحجر:29] لا أن البيت مسكنه ، ولا الروح صفته ، لكن خلقه ، وبَجَّلَهُما بالإضافة إليه ، وكفى بذلك تعظيماً وتشريفاً اهـ ) (3) .
__________
(1) شفاء العليل ص 18 .
(2) القول المفيد على كتاب التوحيد 2/ 399 ، وبين أن احتجاج العاصي بالقدر باطل بالشرع والنظر ، ينظر : 2/ 406 .
(3) الواضح 2/ 382 .(1/193)
44/22- وقال أيضاً : ( والذي أزال إشكال قولِه : ¼ c-èSOWè $Sم`قTYQع " [النساء:171] ، ¼ ٌŒ`WةWTكWè Yم~Yت فYع ّYڑèQSO " [الحجر:29] ، ¼ WسَéWTخ QXجW™<ض@ ... " [مريم:34] ، ¼ †WظYض ٌŒpTحTVصW Jً$÷WںW~Yٹ " [ص:75] ، قولُه : ¼ UfûMX ... WشW'Wع uّW©~Yئ WںقYئ JًY/@ ... XشW'WظVز $W×W ... ƒٍ " [آل عمران:59] اهـ ) (1) .
__________________________________
الدراسة :
تطرق ابن عقيل في كلامه إلى مسألتين :
المسألة الأولى :
أن إضافة الروح لله إضافة تجميل وتقريب ، وتعظيم وتشريف ، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة في كل ما أضيف إلى الله وهو عين قائمة بنفسها .
قال ابن تيمية : ( وما أضيف إلى الله ، أو قيل هو منه ، فعلى وجهين : إن كان عيناً قائمة بنفسها فهو مملوك له ، ومِن لابتداء الغاية ، كما قال تعالى : ¼ :†Wق<صWھ`OKV†WTت †Wن`~VضMX ... †WTقWڑèSO " [مريم:17] ، وقال في المسيح : ¼ c-èSOWè $Sم`قTYQع " [النساء:171] ، وما كان صفة لا يقوم بنفسه كالعلم والكلام فهو صفة له ، كما يقال كلام الله وعلم الله ) (2) .
وقال ابن جماعة (3) : ( أما قوله في حق آدم من روحي ، فهو من إضافة خلق إلى خالقه ، وملك إلى مالكه ؛ لأن الأرواح كلها بيد الله تعالى لا أنه جزء منه - تعالى الله عن ذلك -وإضافته إليه إضافة تشريف ) (4) .
المسألة الثانية :
أن مما أزال إشكال الآيات السابقة قول الله تعالى : ¼ UfûMX ... WشW'Wع uّW©~Yئ WںقYئ JًY/@ ... XشW'WظVز $W×W ... ƒٍ " [آل عمران:59] ، أي أنه مخلوق .
والأدلة على هذا أكثر من أن تحصر ومنها :
__________
(1) الواضح 4/ 7 .
(2) مجموع الفتاوى 17/ 283 ، 6/ 174 ، فتح الباري 13/ 544 ، شرح العقيدة الطحاوية 2/ 563 .
(3) هو محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الشافعي ، نهل من فنون كثيرة ، مات سنة 733هـ ، له ترجمة في : شذرات الذهب 6/ 105 ، فوات الوفيات 2/ 292 .
(4) إيضاح الدليل ص 142 .(1/194)
قوله تعالى : ¼ JًS/@ ... SجYصHTTTW PXشS{ x$ٍpّW® " [الزمر:62] ، وقوله : ¼ WéSهWè Jٌ‡WO QXشRز &xٍpّTW® " [الأنعام:164] ، وقوله تعالى : ¼ `yرQSTٹWO Jٌ‡WOWè SطRرMXْ:†WTٹ ... ƒٍ WـkTYضQWèVK‚ô@ ... (26) " [الشعراء:26] ، والأرواح مربوبة ، وكل مربوب مخلوقُ رب العالمين .
ومن الأحاديث :
حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " كان الله ولم يكن شيء غيره " (1) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " الأرواح جنود مجندة " (2) ، والجنود المجندة لا تكون إلا مخلوقة ، وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن الروح مخلوقة (3) . والله تعالى أعلم .
سورة المائدة
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق باب قول الله تعالى : ¼ WéSهWè ÷Y،PVض@ ... N ... SêWں`‰WTے Wج<صW<ض@ ... JًyR' ISâSں~YإSTے WéSهWè ٌûWé`هVK ... Y&م`~VصWئ " [الروم:27] (3191) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء باب الأرواح جنود مجندة (3336) من حديث عائشة رضي الله عنها ، ومسلم في كتاب البر والصلة باب الأرواح جنود مجندة (2638) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(3) وينظر للاستزادة في هذه المسألة : شرح العقيدة الطحاوية 2 / 562، مجموع الفتاوى 4/ 219وما بعدها ، الروح ص 196 ، فتح الباري 13/ 544 .(1/195)
قال تعالى : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے WفےY،PVض@ ... N ... éSقWع ... ƒٍ ‚Wپ N ... éPRصيmYٌڑ W£MXù;HTTWإW® JًY/@ ... ‚WپWè W£`نPVض@ ... W× ... W£W™<ض@ ... ‚WپWè W÷`ںTWن<ض@ ... ‚WپWè WںXMù;HTTVصWحT<ض@ ... :‚WپWè WـkQYع: ... ƒٍ ًŒ`~W‰<ض@ ... W× ... W£W™<ض@ ... WـéçSإWTچَT‰WTے ¾"pµWTت فYQع َطXنQYTٹQWO &†_Tك.WépXOWè ... W¢XM ... Wè َطSچ<صVصWڑ &N ... èS †ً¹p²@†WTت ‚WپWè َطRرPVقWعX£`ًmïm- Sـ†WLTTTWقW® ]zَéTWخ ـKV ... َطS{èPRںf² XفWئ YںYo`©Wظ<ض@ ... Yz ... W£W™<ض@ ... ـKV ... 'N ... èSںWTچ`إWTژ N ... éSكWè†WإWTژWè ّVصWئ QXOYiT<ض@ ... $uüWépTحPVچض@ ... Wè ً‚پWè N ... éSكWè†WإWTژ ّVصWئ Yy`T'‚XMô@ ... &Xـ.Wè`ںSإ<ض@ ... Wè N ... éRحPVTژ@ ... Wè $JًW/@ ... QWـMX ... JًW/@ ... SںےYںfTT® Y‡†WحYإ<ض@ ... (2) " [المائدة:2] .
45/1- قال ابن عقيل : ( ¼ ... W¢XM ... Wè َطSچ<صVصWڑ &N ... èS †ً¹p²@†WTت " [المائدة:2] ، ¼ ... V¢MX†WTت gŒW~YµSTخ SلléVصJً±ض@ ... N ... èS£YWچك@†WTت " [الجمعة:10] ، وذلك لا يعطي عندي مذهباً في مسألتنا (1) ؛ لأن المختلفين في هذه المسألة مجمعون على أن هذه الآيات للإباحة والإطلاقِ بحسب دلالة الإجماع اهـ ) (2) .
__________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل في كلامه إلى مسألتين مترابطتين :
المسألة الأولى : صيغة الأمر بعد الحظر ، هل هي للوجوب أو غيره ؟ (3) .
اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن الأمر بعد الحظر للإباحة ، وإليه مال الشافعي وبعض أصحابه (4) والحنابلة (5) .
واستدلوا باستعماله في عرف الناس ؛ كمن قال لغلامه : لا تدخل بيت فلان ، ثم قال : ادخله . وباستعماله أيضاً في عرف الشارع كما في الآيتين اللتين معنا .
__________
(1) وهي : هل الأمر بعد الحظر للوجوب أو غيره ؟ .
(2) الواضح 2/ 524 ، الجدل ص3 .
(3) وهذا عند من قال بأن : الأصل في الأمر الوجوب .
(4) ينظر : البحر المحيط للزركشي 3/ 304 .
(5) ينظر : العدة 1/ 256 .(1/196)
القول الثاني : أن الأمر بعد الحظر للوجوب ، وإليه مال عامة الحنفية (1) ، واختاره القرطبي (2) ، ونُسب لبعض الحنابلة (3) ، استدلالاً بأصله وصيغته ، وكذلك قوله تعالى بعد النهي عن قتال المشركين في الأشهر الحرم : ¼ ... V¢MX†WTت WœVصW©ك@ ... S£SنpT®KKV‚ô@ ... S×S£S™<ض@ ... N ... éSTصSچpTTخ@†WTت WـkYزX£pTSظ<ض@ ... " [التوبة:5] ، والأمر هنا للوجوب .
القول الثالث : أن الأمر بعد الحظر يرجع إلى ما كان عليه قبل الحظر ، فإن كان واجباً فواجب ، وإن كان مستحباً فمستحب ، وإن كان مباحاً فمباح ، وهو رأي المحققين من العلماء كابن تيمية (4) ، والزركشي (5) ، وغيرهم (6) .
ودليلهم : أن هذا الحكم مبني على الاستقراء التام .
قال ابن كثير : ( وهذا أمر بعد الحظر ، والصحيح الذي يثبت على السبر (7) أنه يَرُد الحكم إلى ما كان عليه قبل النهي ، فإن كان واجباً رده واجباً ، وإن كان مستحباً فمستحب ، أو مباحا فمباح . ومن قال : إنه على الوجوب . ينتقض عليه بآيات كثيرة ، ومن قال : إنه للإباحة . يرد عليه آيات أخر ، والذي ينتظم الأدلة كلها هذا الذي ذكرناه ) (8) .
وقال الشنقيطي : ( وبهذا تعلم أن التحقيق الذي دل عليه الاستقراء التام في القرآن أن الأمر بالشيء بعد تحريمه يدل على رجوعه إلى ما كان عليه قبل التحريم من إباحة أو وجوب ...) إلى أن قال : ( وهذا هو الحق في هذه المسألة الأصولية ) (9) .
__________
(1) ينظر : أحكام القرآن للجصاص 1/ 277 ، أصول السرخسي 1/ 19 ، كشف الأسرار 1/ 120 .
(2) الجامع لأحكام القرآن 6/ 44 .
(3) ينظر : القواعد لابن اللحام ص 222 .
(4) ينظر : المسودة ص 16، القواعد لابن اللحام ص 222 .
(5) ينظر : البحر المحيط 2/ 378 .
(6) ينظر : المسودة ص 16 ، القواعد لابن اللحام ص 222 ، تفسير السعدي 2/ 238 .
(7) أي : التتبع والاستقراء .
(8) تفسير ابن كثير 3/ 1089 .
(9) أضواء البيان 1/ 257 .(1/197)
فمن أمثلة الواجب : قوله تعالى : ¼ ... V¢MX†WTت WœVصW©ك@ ... S£SنpT®KKV‚ô@ ... S×S£S™<ض@ ... N ... éSTصSچpTTخ@†WTت WـkYزX£pTSظ<ض@ ... " [التوبة:5] ، كان واجباً ثم نهي عنه في الأشهر الحرم ثم أمر به فيرجع للوجوب .
ومن أمثله المستحب : قوله - صلى الله عليه وسلم - : " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " (1) ، كانت الزيارة مستحبة ثم نهي عنها ثم أمر بها فترجع للاستحباب .
ومن أمثلة المباح وهو كثير : قوله تعالى : ¼ ... W¢XM ... Wè َطSچ<صVصWڑ &N ... èS †ً¹p²@†WTت " [المائدة:2] ، كان الصيد مباحاً ثم نهي عنه حال الإحرام ثم أمر به فيرجع للإباحة .
وهذا هو القول الراجح الذي يجمع بين الأقوال ، ويسلم من الاعتراض ، ولا حاجة للتوقف في هذه المسألة ، بعد هذا الاستقراء .
ويجاب عما استدل به أصحاب القول الأول بما يلي :
أما استدلالهم بالعرف ، فنقول : العرف لا يقبل هنا ؛ لأن الحكم مبناه على الشرع ، وإذا سلمنا بقبول العرف ؛ فالعرف موافق لقولنا : بأن الأمر بعد الحظر يرجع إلى ما كان عليه ؛ فمثلاً لو قال الطبيب : لا تشرب الدواء ، ثم قال : اشربه ، ولو قال لغلامه : لا تنظف البيت - لعارض - ثم قال : نظفها ، لرجع إلى الوجوب .
وأما استدلالهم بعرف الشارع ، وذكر أمثلة له ، فهو استقراء ناقص ، ولا شك أن الاستقراء التام مقدم عليه .
وأما استدلال من قال : يرجع لأصله وهو الوجوب ، فإنه ينتقض عليه بآيات أخر ، منها الآية التي معنا (2) .
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب استئذان النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه عز وجل في زيارة قبر أمه (977) من حديث بريدة - رضي الله عنه - .
(2) ينظر للاستزادة : نهاية السول 2/ 272 ، المعتمد 1، 82 ، المسودة ص 16 ، العدة 1/ 256 ، روضة الناظر 2/ 75 ، شرح الكوكب المنير 3/ 56 ، البحر المحيط للزركشي 2/ 378 ، المذكرة في أصول الفقه ص 192 .(1/198)
المسألة الثانية : نبه ابن عقيل إلى أن المختلفين في هذه المسألة مجمعون على أن آية المائدة والجمعة السابقتين للإباحة والإطلاق . وقد حكى الإجماع ثلة من العلماء .
قال الطبري : ( القول في تأويل قوله تعالى وإذا حللتم فاصطادوا ، يعني : بذلك جل ثناؤه : وإذا حللتم فاصطادوا الصيد الذي نهيتكم أن تحلوه وأنتم حرم . يقول : فلا حرج عليكم في اصطياده ، فاصطادوا إن شئتم حينئذ ؛ لأن المعنى الذي من أجله كنت حرمته عليكم في حال إحرامكم قد زال . وبما قلنا في ذلك قال جميع أهل التأويل ) (1) .
وقال ابن العربي : ( وهو محمول على الإباحة اتفاقاً ) (2) .
وقال ابن عطية : ( وقوله : ¼ N ... èS£YWچك@†WTت " [الجمعة:10] أجمع الناس على أن مقتضى هذا الأمر : الإباحة ، وكذلك قوله تعالى : ¼ N ... éSçإWTچ`Tٹ@ ... Wè فYع XشpµWTت JًY/@ ... " [الجمعة:10] أنه الإباحة في طلب المعاش ، وأن ذلك مثل قوله تعالى : ¼ ... W¢XM ... Wè َطSچ<صVصWڑ &N ... èS †ً¹p²@†WTت " [المائدة:2] ) (3) . وقال ابن جزي : ( فالأمر هنا إباحة بإجماع ) (4) .
ولم أجد من خالف في أن الأمر للإباحة في هاتين الآيتين من المفسرين (5) .
والسر في مجيء الإباحة بصيغة الأمر تأكيدُها (6) كي لا يبقى أدنى شبهة أو حرج في بقاء شيء من النهي الأول . والله أعلم .
__________
(1) جامع البيان 8/ 42 .
(2) أحكام القرآن 2/ 20 .
(3) المحرر الوجيز 5/ 309 .
(4) التسهيل 1/ 223 .
(5) ينظر : تفسير السمرقندي 1 / 390 ، تفسير السمعاني 2 / 8 ، زاد المسير 2/ 274 ، التفسير الكبير 11/ 103.
(6) ينظر : التحرير والتنوير 6/ 85 .(1/199)
قال تعالى : ¼ pŒWعQX£Sڑ SطRر`~VصWئ SàWچT`~Wظ<ض@ ... S×PVںض@ ... Wè Sط`™VضWè X£ےX¥قY<ض@ ... :†WعWè QWشTYهKR ... YO`kTWçإYض JًY/@ ... -YمYTٹ SàVحYقW َTقSظ<ض@ ... Wè SلW¢éSTخَéWظ<ض@ ... Wè SàWTےPY W£WچSظ<ض@ ... Wè SàW™~Y¹PVقض@ ... Wè :†WعWè WشW{VK ... SؤS‰Jً©ض@ ... ‚PVپMX ... †Wع َطSTچ`T~TPV{W¢ †WعWè WکYٹS¢ ّVصWئ gˆS±PRقض@ ... ـKV ... Wè N ... éSظY©pTحWچTَ©WTژ &YyHTVpض¦VK‚ô@†YTٹ `طRرYض.V¢ e%جَ©Yت W×َéW~<ض@ ... ً¨MXùWTے ًفےY،PVض@ ... N ... èS£WةVز فYع َطRرYقےY ً"TWTت َطSهَéWpWژ &Xـ`éWpT@ ... Wè W×َéW~<ض@ ... ٌŒ<صWظ`{VK ... َطRرVض َطRرWقےY ٌŒ`ظWظ`TژVK ... Wè َطRر`~VصWئ ّYچWظ`إYTك ٌŒ~YWOWè SطRرVض WطHTTVصTَھ‚XMô@ ... &†_TقےY XفWظWTت QW£ٌ¹p@ ... ء ]àW±Wظ`Wع WO`kTWçئ xبYTك†WoWچSع *xy<'gو‚gPپ QWـXM†WTت JًW/@ ... cOéSةWçئ cy~YڑQWO (3) " [المائدة:3] .
46/2- قال ابن عقيل : ( ¼ pŒWعQX£Sڑ SطRر`~VصWئ SàWچT`~Wظ<ض@ ... S×PVںض@ ... Wè Sط`™VضWè X£ےX¥قY<ض@ ... " ، والمراد به : إمساككم إياها ، وتناولكم منها أكلاً واستعمالاً (1) ، فعاد النهي إلى أفعالنا فيها ، ومقصودِنا إلى التناول لها والانتفاع بها ، الذي يدخل تحت مقدورنا ، إذ لم تكن هي بأعيانها داخلة تحت مقدورنا فتحرم ذواتها علينا اهـ ) (2) .
__________________________________
الدراسة :
__________
(1) مثال الاستعمال : التداوي بالميتة ، طلاء السفن والاستصباح بدهنها ، بيعها أو بعضها ، الانتفاع بها أو ببعض أجزائها ، على خلاف في أكثرها ، ينظر : الموسوعة الفقهية 39/ 387 وما بعدها .
(2) الواضح 2/ 443 .(1/200)
وضح ابن عقيل أن المراد بالآية تحريم أفعالنا في الميتة ، وليس تحريم ذواتها ، لأن تحريم الذوات لا يدخل تحت مقدورنا ، وأول ما يتبادر إلى الذهن ما قاله ابن عقيل ، ولم يقل أحد من المفسرين بخلافه (1) . وقد سبق الحديث عن مثل هذه المسألة عند قوله تعالى : ¼ pŒWعQX£Sڑ `طS|`~VصWئ `طRرSچTTHTWTنQWعRK ... " الآية [النساء:23] (2) .
قال الآلوسي : ( ¼ †WظPVكXM ... W×QW£Wڑ SطS|`~VصWئ WàWچT`~Wظ<ض@ ... " [البقرة:173] أي : أكلها والانتفاع بها ، وأضاف الحرمة إلى العين مع أن الحرمة من الأحكام الشرعية التي هي من صفات فعل المكلف ، وليست مما تتعلق بالأعيان ؛ إشارة إلى حرمة التصرف في الميتة ، وهي التي ماتت من غير ذكاة شرعية من جميع الوجوه بأخصر طريق وأوكده ، حيث جعل العين غير قابلة ؛ لتعلق فعل المكلف بها إلا ما خصه الدليل ) (3) .
وعلى هذا فالأصل في الأكل أو الاستعمال للميتة التحريم إلا ما خصه الدليل . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ †WظPVTكXM ... N ... Sê;.ً¥TW- WفےY،PVض@ ... WـéSٹXO†mïmWٌڑ JًW/@ ... ISمVTضéSھWOWè WـَéWإَ©WTےWè ء X³`OKKV‚ô@ ... ... [ †fTTT©WTت ـKV ... Nv ... éRصPVچTTWحSTے `èVK ... Nv ... éS‰VPصfTT±Sے `èVK ... WؤJً¹TTWحSTژ `yXنےYں`TےKV ... طSنSTصS-`OVK ... Wè َفYQع ]بHTVصY `èVK ... N ... péTWةقSTے fغYع &X³`OKKV‚ô@ ... WذYض.W¢ `ySنVض c÷`¥Y ء $†WTp~TكJٌںض@ ... `ySنVضWè ء YلW£Y‚پ@ ... }‡ ... ً،Wئ }y~Yہ¹Wئ (33) " [المائدة:33] .
47/3- قال ابن عقيل : ( واعلم أن حدودهم على الترتيب دون التخيير فمن قتل منهم وأخذ المال قتل وصلب ، ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف ، ومن قتل ولم يأخذ المال قتل ولم يصلب ، وإن لم يوجد منه إلا النهب نُفي عن البلاد اهـ ) (4) .
___________________________________
__________
(1) ينظر على سبيل المثال : تفسير السمرقندي 1/ 391 ، الجلالين ص 26 ، أضواء البيان 2/ 244 .
(2) ينظر : ص 185 .
(3) روح المعاني 2/ 41 .
(4) التذكرة ص 308 .(1/201)
الدراسة :
أشار ابن عقيل في تفسير هذه الآية إلى أن عقوبة المحاربين مرتبة على حسب جنايتهم .
واختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :
وقبل الدخول في المسألة فقد أجمع العلماء على أن من قتل من المحاربين فإن الإمام يقتله حداً ولا يجوز العفو عنه بحال (1) .
القول الأول : وهو قول ابن عقيل : أنها على الترتيب على قدر جناية المحارب ، وهو قول كثير من أهل العلم كالشافعية (2) ، والحنابلة (3) ، وهو قريب من قول الحنفية ، على اختلاف في كيفية التفصيل (4) ، وهو قول : ابن عباس ، والنخعي ، والحسن ، وقتادة (5) .
قالوا : إن أخذ المحاربون المال فقط قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وإن قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا ، وإن قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا ، وإن أخافوا الطريق نفوا من الأرض ، وحجتهم : أن العقوبة يجب أن تكون على قدر الاعتداء ، وأن الله أوجب على القاتل القود ، وعلى السارق القطع ، ويستدلون بما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - بهذه الكيفية (6) .
القول الثاني : أن الإمام مخير في إقامة أي الحدود شاء على المحاربين حسب المصلحة ، وهو قول مالك .
__________
(1) ينظر : الإجماع لابن المنذر ص 100 ، دقائق التفسير 3/ 35 .
(2) ينظر : الحاوي 13/ 353 ، المجموع 22/ 227 .
(3) ينظر : المغني 12/ 475 ، السياسة الشرعية لابن تيمية ص 76 .
(4) ينظر : بدائع الصنائع 9/ 367 ، حاشية ابن عابدين 6/ 139 .
(5) ينظر : جامع البيان 8/ 373 وما بعدها .
(6) أخرجه البيهقي في كتاب السرقة باب قطاع الطريق 8 / 491 (17313) ، ينظر : التلخيص 4/ 197، نيل الأوطار 7/ 167، وضعفه الألباني في الإرواء 8/ 92 .(1/202)
قال الشنقيطي : ( وكون الإمام مخيراً بينهما مطلقاً من غير تفصيل هو مذهب مالك ) (1) ، وهو قول مجاهد ، وعطاء ، والضحاك (2) ، واستحسنه النحاس (3) ، واستظهره القرطبي (4) .
وحجتهم : أن حرف [أو] المذكور في آية المحاربة يفيد التخيير ؛ لأن استعماله في القرآن في كل ما أوجب فرضاً بمعنى التخيير ، كقوله تعالى في كفارة اليمين : ¼ ,ISمSTژW£HTPVةVرWTت S׆fTTTTإp؛XM ... YلW£WWئ WـkYرHTW©Wع َفYع Y¸Wھ`èVK ... †Wع WـéSظYإp¹STژ َطRر~Yص`هVK ... `èVK ... `ySنSTژWé`©Yز `èVK ... S£ےX£يmً`ڑ $xàTTW‰WخWO " [المائدة:89] .
وسبب الخلاف : هل حرف [أو] للتخيير ، أو للتفصيل على حسب جناياتهم ؟ (5) .
والقول الراجح : أن عقوباتهم ترتب وتفصل على قدر جناياتهم ؛ وذلك لأمور منها :
1- أن اختلاف العقوبات توجب اختلاف أسبابها ، ومن قال بالتخيير سوى بينها .
2- أن القول بالتخيير يفضي إلى أن يعاقب من قل جرمه بأغلظ العقوبات ومن كثر جرمه بأخف العقوبات ، والترتيب يمنع من هذا التناقض .
3- أنه بدأ بالأغلظ فالأخف ، وعرف القرآن فيما أريد به التخيير البداية بالأخف ، ككفارة اليمين، وما أريد به الترتيب بدئ فيه بالأغلظ، ككفارة الظهار والقتل.
4- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمفارق لدينه التارك
__________
(1) ينظر : أضواء البيان 1/ 301 - 302 .
(2) ينظر : جامع البيان 8/ 378 وما بعدها .
(3) معاني القرآن 2/ 300 .
(4) الجامع لأحكام القرآن 6/ 152 .
(5) بداية المجتهد ص 764 .(1/203)
للجماعة " (1) ، ومن قال بالتخيير جوز القتل في غيرها .
5- قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا " (2) ، والقول بالتخيير خلاف هذا .
6- أما قولهم : إن [أو] في العطف تأتي بمعنى التخيير في الفرض ، فقد أجاب عنه الطبري بأنه : ( كلام لا معنى له ؛ لأن [أو] في كلام العرب قد تأتي بضروب من المعاني ) (3) ، ومعناها هنا : التنويع والتفصيل والتقسيم (4) .
وهذا القول هو ما رجحه الطبري (5) ، والشنقيطي (6) ، وكثير من أهل العلم (7) .
والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ SثYO†UfTT©ض@ ... Wè SàWTخYO†UfTT©ض@ ... Wè Nv ... éSإV¹<خ@†WTت †WظSنWTےYں`TےVK ... =ƒٍ: ... W¥W- †WظYTٹ †W‰W©Vز ¾"HTVرWTك WفYQع %JًY/@ ... SJًJًS/@ ... Wè e¥ےX¥Wئ cy~YرWڑ (38) " [المائدة:38] .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الديات باب قول الله تعالى : ¼ QWـKV ... ً¨pTةPVقض@ ... X¨pTةPVقض@†YTٹ fû`kfTTTإ<ض@ ... Wè Xـ`kfTTTإ<ض@†YTٹ " [المائدة:45] ( 6878) ، ومسلم في كتاب القسامة باب ما يباح به دم المسلم (1676) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الحدود باب قول الله تعالى : ¼ SثYO†UfTT©ض@ ... Wè SàWTخYO†UfTT©ض@ ... Wè Nv ... éSإV¹<خ@†WTت †WظSنWTےYں`TےVK ... " [المائدة:38] وفي كم يقطع ؟ (6789) ، ومسلم في كتاب الحدود باب حد السرقة ونصابها (1684) من حديث عائشة رضي الله عنها .
(3) جامع البيان 8/ 381 ، وينظر : مغني اللبيب ص 73 .
(4) ينظر : بصائر ذوي التمييز 2/ 122 .
(5) جامع البيان 8/ 381 .
(6) ينظر : أضواء البيان 1/ 301 - 302 .
(7) ينظر للاستزادة : جامع البيان 8/ 373 وما بعدها ، أحكام القرآن للجصاص 2/ 511 ، الحاوي 13/ 353، أحكام القرآن لابن العربي 2/ 97 ، بدائع الصنائع 9/ 366 ، زاد المسير 2/ 204 ، الجامع لأحكام القرآن 6/ 99 ، المغني 12/ 475 ، أضواء البيان 1/ 303 .(1/204)
48/4- قال ابن عقيل : ( ¼ SثYO†UfTT©ض@ ... Wè SàWTخYO†UfTT©ض@ ... Wè Nv ... éSإV¹<خ@†WTت †WظSنWTےYں`TےVK ... " [المائدة:38] خُص بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا قطع في ثمر ولا كثر " (1) اهـ ) (2) .
__________________________________
الدراسة :
بين ابن عقيل أن عموم قوله تعالى : ¼ SثYO†UfTT©ض@ ... Wè SàWTخYO†UfTT©ض@ ... Wè " [المائدة:38] مخصوص بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته ، كالحديث السابق ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً " (3) .
وهذا هو ما عليه عامة العلماء .
قال ابن الجوزي : ( وهذه الآية اقتضت وجوب القطع على كل سارق ، وبينت السنة أن المراد به : السارق لنصاب من حرز مثله ) (4) .
وقال ابن عطية : ( فلفظ السارق في الآية عموم معناه الخصوص ) (5) .
__________
(1) أخرجه أحمد 3 / 463 ، وأبو داود في كتاب الحدود باب ما لا قطع فيه (4388) ، والترمذي في كتاب الحدود باب ما جاء لا قطع في ثمر ولا كثر (1449)، والنسائي في كتاب قطع السارق باب ما لا قطع فيه (4960)، وابن ماجة في كتاب الحدود باب لا يقطع في ثمر ولا كثر (2593) من حديث رافع بن خديج - رضي الله عنه - وصححه محقق المسند ، والألباني في الإرواء 8/ 72 . والثمر : الرطب ما دام في رأس النخلة ؛ فإذا قطع فهو التمر، والكَثَر : جُمَّار النخل ، وهو شحمه الذي وسط النخل، ينظر : النهاية 1/221- 4/ 152 .
(2) الواضح 2/ 96 ، 3/ 435 .
(3) سبق تخريجه ، ينظر : ص 228 .
(4) زاد المسير 2/ 207 .
(5) المحرر الوجيز 2/ 188 .(1/205)
وقال ابن القيم : ( تخصيص القرآن بالسنة جائز كما أجمعت الأمة على تخصيص ) وذكر آيات ومنها : ( عموم قوله تعالى : ¼ SثYO†UfTT©ض@ ... Wè SàWTخYO†UfTT©ض@ ... Wè Nv ... éSإV¹<خ@†WTت †WظSنWTےYں`TےVK ... " [المائدة:38] بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا قطع في ثمر ولا كثر " ونظائر ذلك كثيرة ) (1) .
وقيل : إنه يُقطع في القليل والكثير ، روي عن الحسن ، وهو قول داود ، والخوارج (2) .
واستدلوا بعموم الآية ، ويجاب بأن الإطلاق مقيد بالأحاديث المذكورة .
واستدلوا أيضاً : بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده " (3) ، ويجاب عنه : بأن المراد : التنفير عن السرقة ، وجعل ما لا قطع فيه بمنزلة ما فيه القطع ، وأن من سرق القليل لم ييأس أن يؤديه ذلك إلى سرقة الكثير فتُقطع فيه اليد (4) ، على أنه قيل : إن المراد بالبيضة بيضة الحديد ولا شك أن لها قيمة ، وكذلك الحبل فإن في الحبال ما تزيد قيمته على ثلاثة دراهم كحبال السفن (5) ، ولكن مقام المبالغة لا يناسب ذلك (6) .
__________
(1) أعلام الموقعين 2/ 228 .
(2) ذكره ابن قدامة في المغني 112/ 418 ، وابن حجر في فتح الباري 12/ 127 وأشار إلى شذوذه .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الحدود باب لعن الله السارق إذا لم يسم (6783) ، مسلم في كتاب الحدود باب حد السرقة ونصابها (1687) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(4) ينظر : فتح الباري 12/ 97 ، نيل الأوطار 7/ 140 .
(5) كما فسره بهذا الأعمش وهو أحد رواة الحديث ، ينظر : صحيح البخاري ص 1424 .
(6) ينظر : نيل الأوطار 7/ 140 .(1/206)
قال الجصاص : ( وروي عن الحسن البصري أنه قال : ( يقطع في درهم واحد ) وهو قول شاذ ، قد اتفق الفقهاء على خلافه ...) إلى أن قال : ( ولا يصح الاحتجاج بعموم قوله : ¼ SثYO†UfTT©ض@ ... Wè SàWTخYO†UfTT©ض@ ... Wè Nv ... éSإV¹<خ@†WTت †WظSنWTےYں`TےVK ... " [المائدة:38] ؛ لما بينا أنه مجمل بما اقترن إليه من توقيف الرسول عليه السلام على اعتبار ثمن المجن ، ومن اتفاق السلف على ذلك أيضاً ؛ فسقط الاحتجاج بعمومه ) (1) .
والقول الراجح هو جواز تخصيص القرآن بالسنة ، وقد حكى ابن قدامة إجماع الصحابة على تخصيص الآية بالسنة (2) . وتفاصيل نصاب القطع وشروطه الأخرى وأقوال العلماء قد أطال فيها أئمة الفقه وشراح الحديث مما لا يناسب التطويل به هنا (3) . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ †TQWع Sک~Y©Wظ<ض@ ... Sف`Tٹ@ ... ًyWTےَ£TWع ‚PVپMX ... bسéSھWO `ںTWTخ pŒVصW فYع YمYTص`‰WTخ SشSھQS£ض@ ... ISمQSTعRK ... Wè $bàTWحےQYںg² †Wك†W{ gـً"S{K<†WTے W%׆TTWإJً¹ض@ ... َ£STہ¹ك@ ... ًب`T~W{ ٌûQXkTW‰STك ٌySنVض gŒHTWTے‚پ@ ... JًyR' َ£TRہ¹ك@ ... uّPVTكKV ... fûéRرWTpتëSTے (75) " [المائدة:75] .
49/5- قال ابن عقيل : ( قال الله سبحانه في عيسى : ¼ †TQWع Sک~Y©Wظ<ض@ ... Sف`Tٹ@ ... ًyWTےَ£TWع ‚PVپMX ... bسéSھWO `ںTWTخ pŒVصW فYع YمYTص`‰WTخ SشSھQS£ض@ ... ISمQSTعRK ... Wè $bàTWحےQYںg² " [المائدة:75] ، وهذا مدح يقتضي النبوة ، ثم قال : ¼ †Wك†W{ gـً"S{K<†WTے W%׆TTWإJً¹ض@ ... " [المائدة:75] ، وهذا نقص في الكمال يقتضي التغذية اهـ ) (4) .
___________________________________
__________
(1) أحكام القرآن 2/ 520 .
(2) المغني 12/ 418 .
(3) ينظر للاستزادة : جامع البيان 8 / 408 ، أحكام القرآن للجصاص 2 / 520 ، المحلى 13/ 187 ، بداية المجتهد ص 757 فقد أجاد في تفصيل المسألة ، المغني 12/ 418 ، الجامع لأحكام القرآن 6/ 160 ، فتح الباري 12/ 127 ، فتح القدير 2/ 49 ، نيل الأوطار 7/ 137 .
(4) الفنون 2/ 480 .(1/207)
الدراسة :
بين ابن عقيل أن الوصف بالرسالة صفة مدح تقتضي النبوة ، وقد وصف الله به عيسى عليه السلام ، وجاء في الصحيحين عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروح منه ، والجنة حق ، والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل " (1) . وفي هذا الوصف رد على اليهود في تكذيبهم رسالته .
ثم بين أن أكله الطعام نقص في الكمال يقتضي التغذية ، وفي هذا الوصف رد على النصارى الذين غلوا فيه فجعلوه إلهاً ، ومعناه أن من يأكل الطعام لا يكون إلهاً يعبد .
قال ابن الجوزي : ( قوله تعالى : ¼ †TQWع Sک~Y©Wظ<ض@ ... Sف`Tٹ@ ... ًyWTےَ£TWع ‚PVپMX ... bسéSھWO " [المائدة:75] فيه رد على اليهود في تكذيبهم رسالته ، وعلى النصارى في ادعائهم إلهيته ، والمعنى : أنه ليس بإله ، وإنما حكمه حكم من سبقه من الرسل ) (2) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء باب قوله تعالى : ¼ WشTT`هKV†;HTWے gˆHTWTچY|<ض@ ... ‚Wپ N ... éSTصpTçإWTژ ء `طS|YقےY " إلى قوله : ¼ uّWةW{Wè YمPVصض@†Yٹ ¾"~Y{Wè " [النساء:171] ( 3435) ، ومسلم في كتاب الإيمان باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً (28) .
(2) زاد المسير 2/ 241 .(1/208)
وقال ابن تيمية : ( وهذا ونحوه يتضمن اعترافه بأنه عبد الله ، ورسول من الله لا يتعدى حد الرسالة ، ولا يدعي المشاركة في الألوهية كما ادعته النصارى في المسيح ، ولهذا قال تعالى : ¼ †TQWع Sک~Y©Wظ<ض@ ... Sف`Tٹ@ ... ًyWTےَ£TWع ‚PVپMX ... bسéSھWO `ںTWTخ pŒVصW فYع YمYTص`‰WTخ SشSھQS£ض@ ... ISمQSTعRK ... Wè $bàTWحےQYںg² †Wك†W{ gـً"S{K<†WTے W%׆TTWإJً¹ض@ ... " [المائدة:75] ، فتبين أنه لا يتعدى حد الرسالة وهو كقوله تعالى : ¼ †WعWè dںQWظWT™Sع ‚PVپMX ... bسéSھWO `ںWTخ pŒVصW فYع YمYTص`T‰WTخ &SشSھQS£ض@ ... فOTےXM†WTتVK ... ً†QWع `èVK ... WشYTTچSTخ َطSTچ`‰VصWحك@ ... uvّVصWئ &َطRرY‰HTWTح`ئVK ... " [آل عمران:144] . ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق على صحته : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد ، فقولوا : عبد الله ورسوله " (1) ) (2) .
وقال أيضاً : ( فذكر سبحانه وتعالى : أنهما كانا يأكلان الطعام ؛ لأن ذلك من أظهر الأدلة على أنهما مخلوقان مربوبان ، إذ الخالق أحد صمد لا يأكل ولا يشرب ، وذكر مريم مع المسيح لأن من النصارى من اتخذها إلها آخر فعبدها كما عبد المسيح ) (3) .
وقال ابن القيم : ( وقد تضمنت هذه الحجة دليلين ببطلان إلهية المسيح وأمه :
أحدهما : حاجتهما إلى الطعام والشراب ، وضعف بنيتهما عن القيام بنفسهما ، بل هي محتاجة فيما يقيمها إلى الغذاء والشراب ، والمحتاج إلى غيره لا يكون إلهاً ، إذ من لوازم الإله أن يكون غنياً .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء باب قول الله تعالى : ¼ َ£Rز<¢@ ... Wè ء gˆHTWTچgر<ض@ ... WطWTےَ£TWع Y¢XM ... pW،W‰TWچTك@ ... َفYع †WنYص`هVK ... " [مريم:16] (3445) من حديث عمر - رضي الله عنه - ، وتفرد به البخاري عن مسلم ، ينظر : المعجم المفهرس 3/ 543 .
(2) الجواب الصحيح 3/ 158 .
(3) الجواب الصحيح 4/ 255 ، وينظر : مجموع الفتاوى 3/ 86 .(1/209)
الثاني : أن الذي يأكل الطعام يكون منه ما يكون من الإنسان من الفضلات القذرة التي يستحي الإنسان من نفسه وغيره حال انفصالها عنه ، بل يستحي من التصريح بذكرها ، ولهذا والله أعلم كنى سبحانه عنها بلازمها من أكل الطعام الذي ينتقل الذهن منه إلى ما يلزمه من هذه الفضلة ، فكيف يليق بالرب سبحانه أن يتخذ صاحبة وولداً من هذا الجنس ،
ولو كان يليق به ذلك أو يمكن لكان الأولى به أن يكون من جنسٍ لا يأكل ولا يشرب ، ولا يكون منه الفضلات المستقذرة التي يستحي منها ويرغب عن ذكرها ) (1) .
وهذا هو ما عليه عامة المفسرين (2) . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے WفےY،PVض@ ... Nv ... éTSقWع ... ƒٍ †WظPVTكXM ... S£`ظW<ض@ ... S£Y©`~TWظ<ض@ ... Wè ٌ‡†W±كVK‚ô@ ... Wè SطHTVض`¦VK‚ô@ ... Wè c¨`-YO َفYQع XشWظWئ XفHTً¹`~TPVض@ ... SâéS‰YقWTچT`-@†WTت َطRرPVصVإVض WـéS™YTصpTةSTژ (90) " [المائدة:90] .
50/6- قال ابن عقيل : ( ¼ †WظPVTكXM ... S£`ظW<ض@ ... S£Y©`~TWظ<ض@ ... Wè ٌ‡†W±كVK‚ô@ ... Wè SطHTVض`¦VK‚ô@ ... Wè c¨`-YO َفYQع XشWظWئ XفHTً¹`~TPVض@ ... SâéS‰YقWTچT`-@†WTت َطRرPVصVإVض WـéS™YTصpTةSTژ (90) " [المائدة:90] ، ثم علل سبحانه التحريم بقوله : ¼ †WظPVTكXM ... SںےX£STے SفHTً¹`~TPVض@ ... ـKV ... WؤYTخéSTے SطRرWTق`~WTٹ WلWè.WںWإ<ض@ ... ƒٍ:†TTWTµpTTçإW‰<ض@ ... Wè ء X£`ظW<ض@ ... X£Y©`~Wظ<ض@ ... Wè `طS{PVںS±WTےWè فWئ X£<زY¢ JًY/@ ... XفWئWè $YلléTVصJً±ض@ ... " [المائدة:91] فكل شراب أسكر ، وصد عن ذكر الله ، وأوقع العداوة والبغضاء فهو حرام ويجب الحد لشربه ، ويسمى خمراً ؛ لأن الخمر ما غطى العقل اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) الصواعق المرسلة 2/ 482 ، بدائع التفسير 2/ 117 .
(2) ينظر : جامع البيان 8/ 582 ، تفسير السمرقندي 1 / 432 ، تفسير السمعاني 2 / 55 ، معالم التنزيل 2/ 45 ، تفسير ابن كثير 3/ 1211 ، تفسير السعدي 2/ 326 .
(3) التذكرة ص 308 .(1/210)
في كلام ابن عقيل أربع مسائل :
المسألة الأولى :
أن الله ذكر سبب تحريم الخمر والميسر في الآية التالية ؛ ليكون أدعى للقبول ، ومما ذكر من المفاسد : إيقاع العداوة والبغضاء بين الناس ، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهذا من بيان القرآن بالقرآن (1) . أضف إلى ذلك ما أكد الله به تحريمه من الأمر باجتنابه ، وترتب الفلاح عليه ، وأنه رجس من عمل الشيطان ، فهل أنتم منتهون بعد سماع هذه الصوارف ، وأمر بالآية التالية بطاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، فإن تولوا فما على الرسول إلا البلاغ المبين ، وفيه تهديد عظيم ووعيد شديد في حق من خالف هذا التكليف (2) .
المسألة الثانية :
أن كل شراب أسكر وصد عن ذكر الله وأوقع العداوة والبغضاء فهو حرام ، وهذا بين وواضح ؛ لأن الله جل وعلا ذكر العلة في التحريم ؛ فإذا وجدت هذه العلة وجد التحريم ، وقد بينت السنة ذلك ، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " كل شراب أسكر فهو حرام " (3) .
قال الجصاص : ( فتضمنت هذه الآيات ذكر تحريمها من وجوه ، أحدها : قوله : ¼ c¨`-YO َفYQع XشWظWئ XفHTً¹`~TPVض@ ... " [المائدة:90] ، وذلك لا يصح إطلاقه إلا فيما كان محظوراً محرماً ، ثم أكده بقوله : ¼ SâéS‰YقWTچT`-@†WTت " [المائدة:90] ، وذلك أمر يقتضي لزوم اجتنابه ، ثم قال تعالى : ¼ `شWنWTت طSچكKV ... WـéSنWTچقTQSع (91) " [المائدة:91] ، ومعناه : فانتهوا ) (4) .
__________
(1) ينظر : أضواء البيان 2/ 166 ، تفسير السعدي 1/ 243 .
(2) ينظر : التفسير الكبير 12/ 68 .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة باب الخمر من العسل وهو البِتع (5585) ، ومسلم في كتاب الأشربة باب بيان أن كل ما أسكر خمر وأن كل خمر حرام (2001) من حديث عائشة رضي الله عنها .
(4) أحكام القرآن 1/ 391 ، 2/ 577 .(1/211)
وقد أجمعت الأمة على تحريم الخمر (1) .
المسألة الثالثة :
أنه يجب الحد على من شرب الخمر .
أما حد شارب الخمر فقد ثبت في السنة بأحاديث كثيرة ، منها ما روي عن أنس - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي برجل قد شرب الخمر " فجلده بجريدتين نحو أربعين " . قال : وفعله أبو بكر ، فلما كان عمر استشار الناس ، فقال عبد الرحمن : أخف الحدود ثمانون ، فأمر به عمر (2) .
وعن السائب بن يزيد - رضي الله عنه - قال : " كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإمرة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين " (3) .
وقد أجمع الصحابة ومن بعدهم على جلد شارب الخمر ، ثم اختلفوا في مقداره ما بين أربعين أو ثمانين ، والجمهور على القول بالثمانين (4) .
المسألة الرابعة :
أن الخمر ما غطى العقل ، وهذا هو الأصل في معناها بدليل أن كل الاشتقاقات تعود إلى التغطية .
قال ابن فارس : ( الخاء والميم والراء أصل واحد يدل على التغطية ، والمخالطة في ستر ) (5) .
__________
(1) ينظر : الإجماع لابن المنذر ص 99 ، التمهيد 15 / 10 ، الحاوي 13 / 376 ، بداية المجتهد ص 755 ، المغني 12/ 493 .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الحدود باب حد الخمر (1706) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الحدود باب الضرب بالجريد والنعال (6779) .
(4) ينظر : التمهيد 23 / 411 ، بدائع الصنائع 9/ 213 ، الحاوي 13/ 412 ، بداية المجتهد ص 755 ، المغني 12/ 497 .
(5) معجم مقاييس اللغة 2/ 215 .(1/212)
وقال الرازي : ( من الدلائل على أن كل مسكر خمر: التمسك بالاشتقاقات ، قال أهل اللغة : أصل هذا الحرف التغطية ، سمي الخمار خماراً لأنه يغطي رأس المرأة ، والخمر ما واراك من شجر وغيره من وهدة (1) وأكمة ، وخمرت رأس الإناء ، أي : غطيته ، والخامر : هو الذي يكتم شهادته ) (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ †نQSTےKV†H;TTWTے WفےY،PVض@ ... N ... éSقWع ... ƒٍ ‚Wپ N ... éSTصSچpTحWTژ Wں`~Jً±ض@ ... َطSچكKV ... Wè &c×S£Sڑ فWعWè ISمVصWچWTخ طRرقYع ... _ںQYظWإWTچTQSع cٍ: ... W¥WoWTت SشpTT'TYQع †Wع WشWچWTخ WفYع gyWإPVقض@ ... SطRرmï`mًڑ -YمYTٹ ... WèV¢ xس`ںWئ َطRرقTQYع †?TWے`ںWه WçؤTYصHTWTٹ YàWTp‰إVر<ض@ ... `èVK ... bلW£HTPVةVز ٌz†TWإً؛ WـkYرHTW©Wع `èVK ... Sس`ںWئ ًذYض.V¢ †_ع†W~g² ًثèS،WT~TYPض Wس†TWٹWè -%YâX£`عVK ... †WةWئ JًS/@ ... †QWظWئ &ًبVصWھ َفWعWè لَا †Wئ SطYحWچقW~WTت JًS/@ ... %Sم`قTYع SJًJًS/@ ... Wè c¥ےX¥Wئ èS¢ ]z†WحYچTك@ ... (95) " [المائدة:95] .
51/7- قال ابن عقيل في قوله تعالى : ( ¼ فWعWè ISمVصWچWTخ طRرقYع ... _ںQYظWإWTچTQSع cٍ: ... W¥WoWTت SشpTT'TYQع †Wع WشWچWTخ WفYع gyWإPVقض@ ... " [المائدة:95] ، ¼ فWعWè `شSچpTحWے †T_TقYpعëSع ... _ںQYظWإWTچQSع ISâSê: ... ƒ¥WToWTت ٌyPVقWنW- ... _ںYصHTWT †WTن~Yت " [النساء:93] كان تقييده بالعمد مقيّداً للحكم بالتقييد ، ونافياً له عما عدم فيه التقييد ، وهو صفة العمد اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل إلى مسألتين :
المسألة الأولى :
ذكر قاعدة في المقيد وهي : وجوب تقييد اللفظ بالوصف المذكور في الآية وهو العمد ، وأقول هذه القاعدة تحتاج إلى ضابط وليست على إطلاقها وهو أن يقال : ما لم يدل دليل على عدم اعتبار القيد .
__________
(1) الوهدة : الهوة تكون في الأرض ، ينظر : لسان العرب 3/ 471 .
(2) التفسير الكبير 6/ 37 .
(3) الواضح 3/ 272 .(1/213)
فيكون سبك القاعدة : ( وجوب العمل بالقيد إلا أن يدل دليل على عدم اعتباره ) (1) .
ومن الأمثلة على ذلك :
1- قيد معتبر ، مثل قوله تعالى : ¼ S£ےX£`™WچWTت xàTTW‰WTخWO xàWقYpعëQSع " [النساء:92] ، وقوله تعالى : ¼ فWعWè `شSچpTحWے †T_TقYpعëSع ... _ںQYظWإWTچQSع ISâSê: ... ƒ¥WToWTت ٌyPVقWنW- ... _ںYصHTWT †WTن~Yت " [النساء:93] ، فالجزاء المذكور في الآية مقيد فيمن تعمد القتل كما ذكر العلماء ، وإنما خلافهم في صفة هذا العمد (2) .
2- قيد غير معتبر ، مثل قوله تعالى : ¼ SطS|S‰MXù;HTTWTٹWOWè ّYچHTPVض@ ... ء طS{XOéSoSڑ فYQع SطRرMXْ:†W©PYTك ّYچHTPVض@ ... yTSTچ<صWW QWفXنYٹ " [النساء:23] ، فالقيد الأول غير معتبر فتحرم الربيبة ولو لم تكن في الحجر (3) ، والثاني معتبر ، فلا تحرم إلا بالدخول بالأم ، والذي دل على إلغاء القيد الأول بقية الآية حيث قال تعالى : ¼ ـXM†WTت `طPVض N ... éSTكéRرWTژ yTTSTچ<صWW UfغXنYٹ ً"TWTت W-†fTTTTTقS- `طS|`~VصWئ " [النساء:23] ، فنفى مفهوم القيد الثاني ، والأول خرج مخرج الغالب .
3- قيد مختلف فيه ، وهي :
المسألة الثانية :
هل جزاء الصيد في الإحرام خاص بالمتعمد ؟ .
اختلف أهل العلم في جزاء الصيد ، هل يلزم الناسي ؟ أم هو مقيد بالمتعمد فقط ؟ . على أقوال منها :
__________
(1) ينظر : القواعد الحسان لتفسير القرآن ص 76 .
(2) ينظر : جامع البيان 7/ 336 ، الجامع لأحكام القرآن 5/ 211 .
(3) قال القرطبي : ( وشذ بعض المتقدمين وأهل الظاهر ؛ فقالوا : لا تحرم الربيبة إلا أن تكون في حجر المتزوج بأمها ) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 5/ 74 .(1/214)
القول الأول : أن الجزاء خاص بالمتعمد فقط ، وذلك لتقييده بالمتعمد في الآية ، مما يدل على أن غيره بخلافه ؛ ولأن الأصل براءة الذمة ، روي هذا عن طاووس (1) ، وسعيد بن جبير (2) ، وبه قال الطبري (3) ، وأحمد في رواية ، وهو قول داود (4) ، وهو قول ابن عقيل ، واستغربه ابن كثير (5) .
القول الثاني : أن الجزاء خاص بالناسي لإحرامه فقط ، وأما الذاكر للإحرام فأمره إلى الله ؛ لأن فعله أعظم من أن يكفر ، روي هذا القول عن مجاهد ، والحسن (6) .
قال ابن قدامة : ( ولا نعلم أحداً خالف في الجزاء في قتل الصيد متعمداً ، إلا الحسن ومجاهداً ) (7) .
واستدل مجاهد بقوله : ( فإن كان ذاكراً لإحرامه فقد حل ولا حج له ؛ لارتكابه محظور إحرامه ، فبطل عليه ، كما لو تكلم في الصلاة أو أحدث فيها . ومن أخطأ فذلك الذي يجزئه ) (8) .
القول الثالث : أنه يحكم عليه في العمد والخطأ والنسيان ، روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - وعطاء ، وهو قول الحنفية (9) ، والمالكية (10) ، والشافعية (11) ، ورواية عن الحنابلة (12) .
__________
(1) هو طاووس بن كيسان أبو عبدالرحمن اليماني ، من كبار التابعين أدرك خمسين صحابياً ، مات سنة 106هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 5/ 38 ، طبقات الأدنه وي ص 12 .
(2) ينظر : جامع البيان 8/ 677 ، هو سعيد بن جبير هشام أبو عبدالله الأسدي الفقيه المحدث المفسر ، جهبذ علماء التابعين ، قتله الحجاج سنة 95هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 4/ 321 ، طبقات الداوودي 1/ 188 .
(3) جامع البيان 8/ 679 .
(4) ينظر : المغني 5/ 397 .
(5) ينظر : تفسير ابن كثير 3/ 1240 .
(6) ينظر : جامع البيان 8/ 674 ، المحرر الوجيز 2/ 237 .
(7) المغني 5/ 395 .
(8) الجامع لأحكام القرآن 6/ 199 .
(9) ينظر : شرح فتح القدير 3/ 64 .
(10) ينظر : بداية المجتهد ص 295 .
(11) ينظر : المجموع 7/ 316 .
(12) ينظر : المغني 5/ 396 .(1/215)
قال الزهري : ( وجب الجزاء في العمد بالقرآن ، وفي الخطأ والنسيان بالسنة ) (1) .
وقال ابن كثير : ( والذي عليه الجمهور أن العامد والناسي سواء في وجوب الجزاء عليه ...) ثم قال : ( لكن المتعمد مأثوم ، والمخطئ غير ملوم ) (2) .
قال ابن بطال (3) : ( اتفق أئمة الفتوى من أهل الحجاز والعراق وغيرهم على أن المحرم إذا قتل الصيد عمداً أو خطأً ، فعليه الجزاء ) (4) .
والراجح قول الجمهور ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوجب الجزاء ولم يفرق بين المتعمد والناسي ، فعن جابر - رضي الله عنه - قال : " جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الضبع يصيده المحرم كبشاً " (5) ولم يفرق بين العامد وغيره (6) .
وقوله تعالى : ¼ ... _ںQYظWإWTچTQSع " [المائدة:95] يحتمل المتعمد الصيد الذاكر للإحرام ، ويحتمل أيضاً المتعمد الصيد الناسي للإحرام ، والواجب عدم التفريق بينهما ، فيحمل على عموم العمد .
ومما يؤيد هذا القول : أن القتل إتلاف ، والإتلاف يضمن عمده وخطؤه ؛ فيستدل به على أن التعمد ليس بشرط (7) .
__________
(1) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 6/ 198 .
(2) تفسير ابن كثير 3/ 1240 ، وينظر : المجموع 7/ 316 .
(3) هو أبو الحسن علي بن خلف بن بطال القرطبي ، شارح صحيح البخاري ، مات سنة 449هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 18/ 47 ، شذرات الذهب 3/ 283 .
(4) ينظر : فتح الباري 4/ 21 .
(5) أخرجه أبو داود في كتاب الأطعمة باب في أكل الضبع (3801) ، وابن ماجة في كتاب المناسك باب جزاء الصيد يصيبه المحرم (3085) ، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي 1/ 623 ، وصححه ابن خزيمة 4/ 182 ، وابن حبان 9/ 277 ، والألباني في الإرواء 4/ 242 .
(6) ينظر : معاني القرآن للنحاس 2/ 360 .
(7) ينظر : البرهان 2/ 22 ، المغني 5/ 397 .(1/216)
ومن فوائد التقييد به : أن المتعمد إنما ذكر ليُعَلَّقَ به الوعيد في قوله : ¼ َفWعWè لَا †Wئ SطYحWچقW~WTت JًS/@ ... %Sم`قTYع " [المائدة:95] إذ لا وعيد على الناسي (1) .
وقال الزركشي : ( فإن قيل : فما فائدة التقييد في هذا القسم إذا كان المسكوت عنه مثله ، وهلا حُذفت الصفة واقتصر على قوله : ¼ فWعWè ISمVصWچWTخ طRرقYع " [المائدة:95] ؟ . قلنا : لتخصيص الشيء بالذكر فوائد منها : اختصاصه في جنسه بشيء لا يشركه فيه غيره من جملة الجنس كما في هذه الآية ) (2) .
ويجاب على دليل مجاهد بما يلي :
1- أنه خلاف النص ؛ فالذاكر لإحرامه متعمد ، وفي سياق الآية : ¼ ًثèS،WT~TYPض Wس†TWٹWè -%YâX£`عVK ... " [المائدة:95] والمخطئ والناسي لا إثم عليهما (3) .
2- قال القرطبي : ( ودليلنا على مجاهد : أن الله سبحانه أوجب الجزاء ولم يذكر الفساد ، ولا فرق بين أن يكون ذاكراً للإحرام أو ناسياً له ، ولا يصح اعتبار الحج بالصلاة فإنهما مختلفان ) (4) .
ويجاب عن القول الأول : بأن السنة لم تفرق بين العمد والخطأ ؛ كما في حديث جابر - رضي الله عنه - ولهذا قال بعض العلماء : وجب الجزاء في العمد بالقرآن وفي الخطأ والنسيان بالسنة (5) . والله أعلم .
__________
(1) التسهيل 1/ 250 .
(2) البرهان 2 / 22 ، يوضح هذا مثلاً : أننا لو نظرنا إلى قصة سبب النزول لإحدى الآيات لرأينا أن لها اختصاصاً وأولوية في لفظ الآية ومعناها ، مع أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
(3) ينظر : المغني 5/ 395 .
(4) الجامع لأحكام القرآن 6/ 199 .
(5) ينظر للاستزادة : المحرر الوجيز 2 / 237 ، الجامع لأحكام القرآن 6 / 198 ، زاد المسير 2 / 255 ، تفسير ابن كثير 3/ 1240 ، فتح القدير 1/ 97.(1/217)
قال تعالى : ¼ َـXM†WTت W£Y'Sئ uvّVصWئ †WظSنPVTكKV ... :†TPVحW™WچTَھ@ ... †_Tظ`T'MX ... gـ ... W£W†LWTTWTت gـ†WعéSحWTے †WظSنWع†WحWع WفYع WفےY،PVض@ ... VPجW™WچTَھ@ ... SطXن`~VصWئ XفHTWT~Vض`èVK‚ô@ ... gـ†WظY©pTحS~WTت YJً/@†YTٹ :†TWTقSژWںHTWنWVض SQجWڑKV ... فYع †WظXنYTژWںHTWنW® †WعWè :†TWTق`TےWںWTچT`ئ@ ... :†TPVكXM ... ... ^¢XM ... WفYظPVض WـkYظYصHTJًہ¹ض@ ... (107) " [المائدة:107] .
52/8- قال ابن عقيل : ( ¼ WفےY،PVض@ ... VPجW™WچTَھ@ ... SطXن`~VصWئ XفHTWT~Vض`èVK‚ô@ ... " [المائدة:107] ، أي : استحق منهم اهـ ) (1) .
__________________________________
الدراسة :
اختلف العلماء في تفسير ¼ SطXن`~VصWئ " [المائدة:107] على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن [على] بمعنى [من] ، كما في قوله تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... ... V¢XM ... N ... éSTض†WTچ<ز@ ... ّVصWئ X†PVقض@ ... WـéSTpتéWTچ`©Wے (2) " [المطففين:2] ، أي : من الناس ، وهذا هو قول ابن قتيبة (2) (3) ، والسمرقندي (4) ، وهو اختيار ابن عقيل ، وابن الجوزي (5) ، والزركشي (6) .
__________
(1) الواضح 1/ 122 .
(2) هو أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، النحوي اللغوي ، صنف غريب القرآن ، وتأويل مشكل القرآن ، مات سنة 276هـ وقيل غيرها ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 13/ 296 ، طبقات الداوودي 1/ 251.
(3) ينظر : زاد المسير 2/ 273 .
(4) تفسير السمرقندي 1/ 448 .
(5) تذكرة الأريب 2/ 278 .
(6) البرهان 4/ 285 .(1/218)
القول الثاني : أن [على] بمعنى [في] ، كما في قوله تعالى : ¼ N ... éSإW‰TPVTژ@ ... Wè †Wع N ... éRص`چWTژ SـkY¹HTWT~PVض@ ... uّVصWئ gذ<صSع $WفHTWظ`~VصTSھ " [البقرة:102] ، أي : في ملك سليمان ، وهو قول الفراء (1) ، والطبري (2) ، وقال : ( فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق فيهم الإثم ، ثم حذف الإثم وأقيم مقامه الأوليان ؛ لأنهما هما الذان ظلما وأثما فيهما ، بما كان من خيانة الذين استحقا الإثم ) (3) .
القول الثالث : أن [على] على بابها ، قالوا : بقاء على الأصل، وهذا هو قول الأخفش (4) ، والزجاج (5) ، والنحاس حيث قال : ( والمعنى : من الذين اسْتَحَقَّ عليهم الإيصاء ) (6) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وقوله : ¼ WفYع WفےY،PVض@ ... VPجW™WچTَھ@ ... SطXن`~VصWئ XفHTWT~Vض`èVK‚ô@ ... " [المائدة:107] ، يحتمل أن يكون مضمناً معنى بغى عليهم ، وعدى عليهم ، كما يقال في الغصب : غصبت علي مالي ، ولهذا قيل : ¼ :†TWTقSژWںHTWنWVض SQجWڑKV ... فYع †WظXنYTژWںHTWنW® †WعWè :†TWTق`TےWںWTچT`ئ@ ... " [المائدة:107] ، أي : كما اعتدوا ) (7) .
وقد قال بعض العلماء عن هذه الآية : إنها أعضل ما في هذه السورة من الأحكام (8) .
قال الزجاج : ( وهذا موضع من أصعب ما في القرآن في الإعراب ) (9) .
__________
(1) معاني القرآن 1/ 324 .
(2) جامع البيان 9/ 101 .
(3) جامع البيان 9/ 98 .
(4) معاني القرآن 1/ 266 .
(5) معاني القرآن وإعرابه 2/ 217 .
(6) معاني القرآن 2/ 380 .
(7) مجموع الفتاوى 14/ 485 ، وهو قول قوي جداً ومع ذلك لم يجزم به !.
(8) ينظر : كشف المشكلات وإيضاح المعضلات في إعراب القرآن وعلل القراءات للباقولي 1/ 418 ، الجامع لأحكام القرآن 6/ 231 .
(9) معاني القرآن وإعرابه 2/ 216 .(1/219)
وقال مكي : ( وهذه الآية في قراءتها وإعرابها وتفسيرها ومعانيها وأحكامها من أصعب آية في القرآن وأشكلِها ، ويحتمل أن يبسط ما فيها من العلوم في ثلاثين ورقة أو أكثر ) (1) .
والذي ترجح عندي هنا أن [على] على معناها الأصلي ، على جميع التقديرات ، والمعنى الصحيح لهذه الآية : فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم اليمين ، والأوليان : مثنى أَوْلى ، وإعرابها خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هما الأوليان (2) .
وسبب الترجيح :
ما جاء في سبب النزول :
__________
(1) الكشف عن وجوه القراءات السبع 1/ 420 .
(2) ينظر في هذه المسألة : الناسخ والمنسوخ للنحاس 1/ 412 ، معاني القراءات ص 146 ، تفسير السمعاني 2/ 76 ، إملاء ما من به الرحمن 1/ 230 ، التبيان في إعراب القرآن 1/ 469 ، كشف المشكلات وإيضاح المعضلات في إعراب القرآن وعلل القراءات للباقولي 1/ 418 ، زاد المسير 2/ 272 ، الجامع لأحكام القرآن 6/ 231 .(1/220)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري ، وعدي بن بدَّاء ، فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم ، فلما قدما بتركته فقدوا جاماً (1) من فضة مُخَوّصاً (2) من ذهب ، فأحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم وُجد الجام بمكة ، فقالوا ابتعناه من تميم وعدي ، فقام رجلان من أوليائه فحلفا : ¼ :†TWTقSژWںHTWنWVض SQجWڑKV ... فYع †WظXنYTژWںHTWنW® " [المائدة:107] ، وإن الجام لصاحبهم ، قال : وفيهم نزلت هذه الآية : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے WفےY،PVض@ ... N ... éSقWع ... ƒٍ SلWںTHTWنW® َطRرYق`T~WTٹ " [المائدة:106] ) (3) .
قال شيخ الإسلام : ( معرفة سبب نزول القرآن ، يعين على فهم الآية ) (4) .
ومن قواعد الترجيح عند المفسرين : قاعدة ( إذا صح سبب النزول الصريح فهو مرجح لما وافقه من أوجه التفسير ) (5) . والله أعلم .
سورة الأنعام
قال تعالى : ¼ †QWظWTصWTت QWفW- Yم`~TVصWئ SشT`~TPVض@ ... ... ƒٍWO $†_T‰W{َéTVز Wس†WTخ ... W،HTWه $ّQYTٹWO :†TQWظVصWTت WشWTتVK ... Wس†WTخ :‚Wپ JٌˆYڑRK ... fûkYصYتVK‚ô@ ... (76) " [الأنعام:76] .
__________
(1) الجام : الإناء من فضة ، ينظر : لسان العرب 12/ 112 .
(2) مخَوّصاً : أي عليه صفائح الذهب مثل خوص النخل ، ينظر : لسان العرب 7/ 33 .
(3) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا باب قوله تعالى : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے WفےY،PVض@ ... N ... éSقWع ... ƒٍ SلWںTHTWنW® َطRرYق`T~WTٹ ... V¢XM ... W£WµWڑ SطS{WںWڑKV ... ٌَéWظ<ض@ ... " [المائدة:106] إلى قوله : ¼ WـkYحY©HTWةT<ض@ ... (108) " [المائدة:108] (2780) ، وينظر : أسباب النزول للواحدي ص 172 ، لباب النقول ص 125 .
(4) مقدمة التفسير ص 45 .
(5) ينظر : قواعد الترجيح عند المفسرين 1/ 241 .(1/221)
53/1- قال ابن عقيل : ( ¼ :‚Wپ JٌˆYڑRK ... fûkYصYتVK‚ô@ ... (76) " [الأنعام:76] ، أزال الاشتباه من قوله : ¼ ƒٍ:†W-Wè WذQSTٹًO " [الفجر:22] ، ¼ W×َéTWTے ّYژ<K†WTے " [الأنعام:158] ، ¼ ـKV ... SطSنW~YژK<†WTے JًS/@ ... " [البقرة:210] ، ¼ `èVK ... ƒّYژ<K†WTے ًذQSTٹWO " [الأنعام:158] ، وأنه ليس بالانتقال المشاكل لأفول النجوم اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل إلى مسألتين :
المسألة الأولى : الصفات الفعلية .
وهي الأمور التي يتصف بها الرب عز وجل فتقوم بذاته ومشيئته وقدرته مثل كلامه وإرادته ومحبته ورضاه واستوائه ومجيئه وإتيانه ؛ فالسلف وأئمة السنة والحديث يقولون : إنه متصف بذلك كما نطق به الكتاب والسنة وهو قول كثير من أهل الكلام والفلسفة .
قال شيخ الإسلام : ( فالرب سبحانه إذا وصفَ رسولُه بأنه ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة ، وأنه يدنو عشية عرفة إلى الحجاج ، وأنه كلم موسى بالواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة ، وأنه استوى إلى السماء وهي دخان ، فقال لها وللأرض : ائتيا طوعاً أو كرهاً ؛ لم يلزم من ذلك أن تكون هذه الأفعال من جنس ما نشاهده من نزول هذه الأعيان المشهودة حتى يُقال : ذلك يستلزم تفريغ مكان وشَغْل آخر ) (2) .
وأما الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة وغيرهم ، فيقولون : لا يقوم بذاته شيء من هذه الصفات ولا غيرها (3) . قال الزمخشري : ( إتيان الله : إتيان أمره وبأسه ) (4) .
__________
(1) الواضح 4/ 7 .
(2) دقائق التفسير 6/ 424 .
(3) ينظر : مجموع الفتاوى 6/ 217 .
(4) الكشاف 1/ 281 ، وينظر : التفسير الكبير 5/ 182 .(1/222)
والآيات صريحة في هذا الباب لا تقبل شيئاً من التأويل ، كما قال سبحانه : ¼ `شWه WـèS£ٌہ¹قWTے :‚PVپMX ... ـKV ... SطSنW~YژK<†WTے JًS/@ ... ء wشVصRہ؛ WفYQع Yz†WظfTTTTçإ<ض@ ... " [البقرة:210] ، وقوله : ¼ `شWه WـèS£ٌہ¹قWTے :‚PVپMX ... ـKV ... ٌySنW~Yژ<K†WTژ SàVرMXù;HTTVصWظ<ض@ ... `èVK ... ƒّYژ<K†WTے ًذQSTٹWO `èVK ... ƒّYژ<K†WTے ٌ´`إWTٹ gŒHTWTے ... ƒٍ %ًذQYTٹWO " [الأنعام:158] ، وهذه أشد صراحة ، إذ لا يمكن تأويل الإتيان بأنه إتيان الأمر أو العذاب ؛ لأنه ردد فيها بين إتيان الملائكة وإتيان الرب ، وإتيان بعض آيات الرب سبحانه (1) .
المسألة الثانية : الاشتباه في قول إبراهيم والمزيل له .
اشتبهت هذه الآية على كثير من الطوائف وقالوا : نفهم من كلام إبراهيم أن الله لا يوصف بالإتيان والمجيء وما فيه حركة ؛ لقوله : ¼ :‚Wپ JٌˆYڑRK ... fûkYصYتVK‚ô@ ... " [الأنعام:76] قالوا : الآفل هو المتحرك الذي تقوم به الحوادث ، فيكون الخليل قد نفى المحبة عمن تقوم به الحوادث ، فلا يكون إلهاً ، ومن نظر إلى تفاسيرهم وكلامهم وجد اضطراباً في تخريج الآيات وتفسيرها (2) .
وخلاصة الجواب على هذا الفهم من ثلاثة وجوه :
1- أن إبراهيم رأى بزوغ الكوكب وتحركه إلى أفوله ، ولم يقل : لا أحب البازغين ، ولا المتحركين ، ولا أحب من تقوم به الحركات والحوادث (3) ، فلو كان احتجاجه بالحركة والانتقال لم ينتظر حتى يغيب .
__________
(1) ينظر : شرح العقيدة الواسطية لهراس ص 113 .
(2) ينظر مثلاً : الكشاف 2/ 39 ، التسهيل 1/ 277 ، الوجيز 1/ 362 ، زاد المسير 3/ 58 ، تفسير البيضاوي 2/ 423 ، إيضاح الدليل ص 117 .
(3) ينظر : شرح العقيدة الطحاوية 1/ 128 في الاستفصال في حلول الحوادث لأنه لفظ مجمل .(1/223)
2- أن الأفول في لغة العرب هو المغيب والاحتجاب وليس هو الحركة والانتقال (1) .
قال شيخ الإسلام : ( والأفول باتفاق أهل اللغة والتفسير : هو الغيب والاحتجاب ؛ بل هذا معلوم بالاضطرار من لغة العرب التي نزل بها القرآن ، وهو المراد باتفاق العلماء . فلم يقل إبراهيم : لا أحب الآفلين إلا حين أفل وغاب عن الأبصار فلم يبق مرئياً ولا مشهوداً فحينئذ قال : لا أحب الآفلين . وهذا يقتضي أن كونه متحركاً متنقلاً تقوم به الحوادث ؛ بل كونه جسماً متحيزاً تقوم به الحوادث لم يكن دليلاً عند إبراهيم على نفي محبته ، فإن كان إبراهيم إنما استدل بالأفول على أنه ليس رب العالمين - كما زعموا - : لزم من ذلك أن يكون ما يقوم به الأفول - من كونه متحركاً منتقلاً - تحله الحوادث ؛ بل ومن كونه جسماً متحيزاً : لم يكن دليلاً عند إبراهيم على أنه ليس رب العالمين ، وحينئذ فيلزم أن تكون قصة إبراهيم حجة على نقيض مطلوبهم ؛ لا على تعيين مطلوبهم ، وهكذا أهل البدع لا يكادون يحتجون بحجة سمعية ولا عقلية إلا وهي عند التأمل حجة عليهم ؛ لا لهم ) (2) .
3- كل الآيات التي جاء فيها إثبات الإتيان والمجيء .
فالمزيل للاشتباه صريح كالشمس ، وقد ذكر ابن عقيل عدداً من الآيات في ذلك تثبت الإتيان والمجيء صراحة لله تعالى مما لا يقبل التأويل (3) .
__________
(1) ينظر : المفردات ص 27 ( الأفول : غيبوبة النيرات ) ، لسان العرب 11 / 18 ( أفل أي : غاب ) ، منهاج السنة 2/ 193 ، تفسير السعدي 1/ 262 .
(2) مجوع الفتاوى 6/ 254 ، 5/ 547 .
(3) ينظر : شرح العقيدة الواسطية لهراس ص 113 .(1/224)
قال ابن القيم : ( قوله تعالى : ¼ `شWه WـèS£ٌہ¹قWTے :‚PVپMX ... ـKV ... ٌySنW~Yژ<K†WTژ SàVرMXù;HTTVصWظ<ض@ ... `èVK ... ƒّYژ<K†WTے ًذQSTٹWO " [الأنعام:158] ، لما ذكر إتيانه سبحانه ربما توهم متوهم : أن المراد إتيان بعض آياته أزال هذا الوهم ، ورفع الإشكال بقوله : ¼ `èVK ... ƒّYژ<K†WTے ٌ´`إWTٹ gŒHTWTے ... ƒٍ %ًذQYTٹWO " [الأنعام:158] ، فصار الكلام مع هذا التقسيم والتنويع نصاً صريحاً في معناه لا يحتمل ) (1) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ لِلَّهِ WéSهWè v÷Y،PVض@ ... VK†fTTكVK ... xŒHTPVقW- xŒHTW®èS£`إQWع WO`kTWçئWè xŒHTW®èS£`إWع ًشpPVقض@ ... Wè Wأ`OQW¥ض@ ... Wè †[TةYصWTچ`Sع ISمSTصS{RK ... fûéSTچ`TےQW¥ض@ ... Wè fû†QWعQS£ض@ ... Wè †_TنY‰HTWWچTSع WO`kTWçئWè &xمY‰HTWWچTSع N ... éSTصS{ فYع ,-YâX£WظVT' : ... W¢XM ... W£Wظ<T'VK ... N ... éSTژ ... ƒٍWè ISمPVحWڑ WzَéTWTے -YâY †fTTTT±Wڑ ‚WپWè &N ... ;éTSTتX£pT©STژ ISمPVTكMX ... ‚Wپ JٌˆY™STے fûkYTتX£pT©Sظ<ض@ ... (141) " [الأنعام:141] .
__________
(1) الصواعق المرسلة 1/ 395 ، وينظر : 3/ 1110 .(1/225)
54/2- قال ابن عقيل في قوله تعالى : ¼ N ... éSTژ ... ƒٍWè ISمPVحWڑ WzَéTWTے -YâY †fTTTT±Wڑ " : ( فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المراد به العشر من السَّيْح (1) ، أو نصف العشر من سَقْي الكُلَف (2) ، أو ربع العشر من الأثمان (3) اهـ ) (4) .
__________________________________
الدراسة :
اختلف العلماء في تفسير الحق في هذه الآية على ثلاثة أقوال :
القول الأول : وهو قول ابن عقيل أنه الزكاة المفروضة وهو المروي عن ابن عباس وأنس رضي الله عنهما (5) ، والحسن ، وطاووس ، وقتادة ، وعطاء ، وابن جريج (6) . وقالوا : إنها مجملة المقدار في القرآن فبينها النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته بالتفصيل ، ورجحه الواحدي (7) وابن العربي (8) .
__________
(1) السيح : هو الماء الظاهر الجاري على وجه الأرض ، ينظر : النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 432 ، لسان العرب 2/492 .
(2) الكُلَف : جمع كُلْفة وهي المشقة ، ينظر : لسان العرب 9/ 307 ، وهذا إشارة إلى حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر ، وما سقي بالنضح نصف العشر " أخرجه البخاري في كتاب الزكاة باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري (1483) .
(3) وذلك في حديث أنس بن مالك في الصدقات، وفيه : " وفي الرَّقَة ربع العشر " أخرجه البخاري في كتاب الزكاة باب زكاة الغنم (1454) .
(4) الواضح 1/ 188-179 .
(5) هو أنس بن مالك بن النضر أبو حمزة الخزرجي، خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات سنة 93هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 3/ 395 ، الاستيعاب 1/ 44 .
(6) ينظر : جامع البيان 9/ 595 .
(7) الوجيز 1/ 378 .
(8) أحكام القرآن 2/ 282 .(1/226)
القول الثاني : أنه حق غير الزكاة ، يكون يوم الحصاد وعند الصرام ، وهو إطعام من حضر من الفقراء ، والإيتاء لمن غبر ، قاله مجاهد ، وهو مذهب ابن عمر ، وأبي العالية (1) ، والنخعي ، وسعيد بن جبير ، وابن أبي نجيح (2) ، ومحمد بن كعب (3) .
ورجحه النحاس حيث قال : ( والقول الأول أولاها لأنه يبعد أن يعني به الزكاة المفروضة لأن الأنعام مكية ، والزكاة إنما فرضت بعد مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، ويقوي القول الأول حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أنه نهى عن جذاذ الليل " (4) ، قال سفيان : كي يحضر المساكين ) (5) .
القول الثالث : أن الحق في الآية منسوخ بالزكاة فلا يحكم بوجوبه ، وهو قول لابن عباس ، والنخعي ، وسعيد بن جبير ، والسدي (6) ، ورجحه الطبري وقال : ( وذلك لأن الجميع مجمعون لا خلاف بينهم أن صدقة الحرث لا تؤخذ إلا بعد الدياس والتنقية والتذرية ، وأن صدقة التمر لا تؤخذ إلا بعد الجفاف ) (7) .
__________
(1) ينظر : معاني القرآن للنحاس 2/ 501 .
(2) هو عبدالله بن أبي نُجيح أبو يسار الثقفي المكي المفسر صاحب مجاهد مات سنة 131هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 6/ 125 ، طبقات الداوودي 1/ 258 .
(3) ينظر : جامع البيان 9/ 600 ، وهو محمد بن كعب بن سليم القرظي أبو حمزة أو أبو عبدالله المدني تابعي جليل مات سنة 120هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 5/ 65 ، تهذيب التهذيب 9/ 363 .
(4) أخرجه البيهقي في كتاب الضحايا باب التضحية في الليل من أيام منى (18983) من حديث علي - رضي الله عنه - ، وينظر : تلخيص الحبير 4/ 142 .
(5) معاني القرآن 2/ 502 .
(6) ينظر : جامع البيان 9/ 608 .
(7) جامع البيان 9/ 611 .(1/227)
والقول الراجح هو القول الأول وهو أن المراد بالحق الزكاة المفروضة وهو قول الجمهور ، واعتُرِض عليه بأن السورة مكية ، والزكاة فرضت في المدينة ، والجواب أن أصل الزكاة كان مشروعاً في أول الإسلام وذلك بالإنفاق في سبيل الله بدون تحديد ، وفي المدينة النبوية حددت الأنصبة والمقادير .
قال ابن الحصار : ( ذكر الله الزكاة في السور المكيات كثيراً تصريحاً وتعريضاً بأن الله سينجز وعده لرسوله ويقيم دينه ويظهره حتى تفرض الصلاة والزكاة وسائر الشرائع ، ولم تؤخذ الزكاة إلا بالمدينة بلا خلاف ، وأورد من ذلك قوله تعالى: ¼ N ... éSTژ ... ƒٍWè ISمPVحWڑ WzَéTWTے -YâY †fTTTT±Wڑ " [الأنعام:141] ، وقوله في سورة المزمل : ¼ N ... éSظ~YخKV ... Wè WلléVصJً±ض@ ... N ... éSTژ ... ƒٍWè WلléTً{QW¥ض@ ... " [المزمل:20] ، ومن ذلك قوله فيها : ¼ WـèS£W ... ƒٍWè WـéSTصYچHTWTحSTے ء Xش~Y‰WTھ $JًY/@ ... " [المزمل:20] ) (1) .
واعتُرض أيضاً بأن الزكاة لا تؤخذ يوم الحصاد ، والجواب على هذا من أوجه :
أحدها : أن الأمر بالإيتاء محمول على وجوب الإخراج ، إلا أنه لا يمكن ذلك عند الجذاذ والحصاد ، فيؤخر إلى زمن الإمكان بعد التنقية .
والثاني : أن اليوم ظرف للحق لا للإيتاء فكأنه قال : وآتوا حقه الذي وجب يوم حصاده بعد التنقية والتصفية .
والثالث : أن ذكر يوم الحصاد له فائدة ، وهي أنه لا يجب الحق قبل يوم الحصاد ، بل يجب يومه حين حصوله في يد صاحبه (2) .
__________
(1) الإتقان 1/ 107 .
(2) ينظر : زاد المسير 3/ 104 بتصرف .(1/228)
قال ابن العربي : ( قد أفادت هذه الآية : وجوب الزكاة فيما سمى الله سبحانه ، وأفادت بيان ما يجب فيه من مخرجات الأرض التي أجملها في قوله : ¼ :†QWظYعWè †fTTقTT`-W£`KV ... طRرVض WفYQع $X³`OKKV‚ô@ ... " [البقرة:267] ، وفسرها ههنا ، فكانت آية البقرة عامة في المخرج كله مجملة في القدر ، وهذه الآية خاصة في مخرجات الأرض مجملة في القدر ؛ فبينه رسول الله الذي أُمِر بأن يبين للناس ما نزل إليهم ، فقال : " فيما سقت السماء العشر وما سقي بنضح أو دالية (1) نصف العشر " فكان هذا بياناً لمقدار الحق المجمل في هذه الآية ) (2) .
وإذا عرفنا أن السلف يطلقون النسخ على البيان والتخصيص أمكن حمل كلامهم على هذا المعنى العام ، فأحاديث السنة التي فيها الأنصبة والمقادير بيان لما أُجمل في هذه الآية .
قال ابن كثير : ( وفي تسمية هذا نسخاً نظر ؛ لأنه قد كان شيئاً واجباً في الأصل ، ثم إنه فصل بيانه وبُيّن مقدار المخرج وكميته ، قالوا : وكان هذا في السنة الثانية من الهجرة ، فالله أعلم ) (3) .
قال تعالى : ¼ لِلَّهِ `شSTخ Np ... éWTض†WإWTژ Sش`TژVK ... †Wع W×QW£Wڑ َطS|QSٹًO $َطS|`~VصWئ Jً‚پKV ... N ... éRزX£pTSTژ -YمYٹ $†_TLTT`~fTT® Xف`TےWںYضHWé<ض@†YٹWè $†_TقHTW©`ڑXM ... ‚WپWè Nv ... éSTصSچTpTحWTژ طS{WںHTVض`èKV ... َفYQع $wجHTVصT`عXM ... Sف`™PVTك َطS|STخS¦َ£WTك $َطSه†UfTTTTTےXM ... Wè ‚WپWè N ... éSTٹW£pTحWTژ ً Yڑ.WéWة<ض@ ... †Wع W£TTWنVہ؛ †fTTنT`قYع †WعWè $fغV¹Wٹ ‚WپWè N ... éSTصSچTpTحWTژ f¨pTةPVقض@ ... ّYچPVض@ ... W×QW£Wڑ JًS/@ ... ‚PVپMX ... &QXجW™<ض@†Yٹ `yRرYض.V¢ طRرHùJً²Wè -YمTYٹ `yRرPVصWإVض WـéSTصYح`إWTژ (151) " [الأنعام:151] .
__________
(1) الدالية : شيء يتخذ من خوص وخشب يُستقى به بحبال يُشد في رأس جذع طويل ، ينظر : كتاب العين ص 302 ، القاموس المحيط 4/ 359 .
(2) أحكام القرآن 2/ 282 .
(3) تفسير ابن كثير : 1374 .(1/229)
55/3- قال ابن عقيل : ( ¼ ‚WپWè N ... éSTصSچTpTحWTژ f¨pTةPVقض@ ... ّYچPVض@ ... W×QW£Wڑ JًS/@ ... ‚PVپMX ... &QXجW™<ض@†Yٹ " [الأنعام:151] ، بينت السنة المستثنى بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنى بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير نفس " (1) اهـ ) (2) .
__________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل إلى أن الحق المستثنى في الآية - وهو ما أباح الله قتل النفس به - بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته ، وهذا هو ما عليه جميع المفسرين ، ومنهم الطبري (3) ، والسمعاني (4) ، والبغوي (5) ، والقرطبي (6) .
قال النحاس : ( وقوله جل وعز : ¼ ‚WپWè N ... éSTصSچTpTحWTژ f¨pTةPVقض@ ... ّYچPVض@ ... W×QW£Wڑ JًS/@ ... ‚PVپMX ... &QXجW™<ض@†Yٹ " [الأنعام:151] بين هذا الحديث : " لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث خلال : شرك بعد إيمان ، أو زنى بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير نفس " ) (7) .
__________
(1) أخرجه بهذا اللفظ أبو داود في كتاب الديات باب الإمام يأمر بالعفو في الدم (4502) من حديث عثمان - رضي الله عنه - ، وأخرجه البخاري كتاب الديات باب قول الله تعالى : ¼ QWـKV ... ً¨pTةPVقض@ ... X¨pTةPVقض@†YTٹ " [المائدة:45] إلى قوله : ¼ SطSه WـéSظYصHTJًہ¹ض@ ... (45) " [المائدة:45] (6878) ، ومسلم في كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات (1676) من حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - بلفظ : " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمفارق لدينه التارك للجماعة " .
(2) الواضح 2/ 8 .
(3) ينظر : جامع البيان 9/ 662 .
(4) تفسير السمعاني 3/ 238 .
(5) معالم التنزيل 3/ 94 .
(6) الجامع لأحكام القرآن 7/ 133 .
(7) معاني القرآن 4/ 148 .(1/230)
وقال ابن جزي : ( ¼ ‚WپWè N ... éSTصSچTpTحWTژ f¨pTةPVقض@ ... ّYچPVض@ ... W×QW£Wڑ JًS/@ ... ‚PVپMX ... &QXجW™<ض@†Yٹ " [الأنعام:151] فسره قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : زنى بعد إحصان ، أو كفر بعد إيمان ، أو قتل نفس بغير نفس " ) (1) .
سورة الأعراف
قال تعالى : ¼ Wس†WTخ †Wع ًذWإWقWع ‚PVپKV ... ًںSo`©WTژ <¢XM ... $ًذSTژp£TWعKV ... Wس†WTخ h†WTكKV ... cO`kTW Sم`قTYQع ّYقWTpچحVصW فYع xO†PVTك ISمWTpچحVصWWè فYع xـkY؛ (12) " [الأعراف:12] .
56/1- قال ابن عقيل مستدلاً بأن الأمر على الفور : ( وقوله تعالى : ¼ †Wع ًذWإWقWع ‚PVپKV ... ًںSo`©WTژ <¢XM ... $ًذSTژp£TWعKV ... " [الأعراف:12] ، ولو كان على التراخي لما حسن العتب اهـ ) (2) .
____________________________________
الدراسة :
استدل ابن عقيل بهذه الآية على أن الأمر على الفور ، كما استدل بها من قال بهذا القول ، وهي مسألة كبيرة في أصول الفقه اختلف فيها العلماء أعرض لها بما يناسب المقام فأقول :
أولاً : تحرير محل النزاع :
1. أنه يخرج كل أمر متصل بقرينة تقتضي الفور كالأمر بالتعجل ونحو ذلك .
2. وكذلك كل أمر اتصلت به قرينة تقتضي التراخي كالصلوات المفروضة .
3. ويبقى في محل الخلاف : الأمر المطلق الخالي من القرائن .
ثانياً : أقوال العلماء فيها :
القول الأول : أن الأمر على الفور ، وهو قول الظاهرية (3) ، والمالكية (4) ، والحنابلة (5) ، وبعض الشافعية (6) ، وبعض الحنفية (7) .
__________
(1) التسهيل 1/ 292 .
(2) الواضح 3/ 19 .
(3) الإحكام لابن حزم 3/ 311 .
(4) المذكرة ص 234 .
(5) العدة 1/ 281 .
(6) الإحكام للآمدي 2/ 165 ، وينظر : الواضح 3/ 18 .
(7) بدائع الصنائع 3/ 42 .(1/231)
ومن أدلتهم : الآية التي معنا ، وهي قوله تعالى : ¼ QWطR' †WقT<صSTخ YàVرMXù;HTTVصWظ<صYض N ... èSںSo`ھ@ ... W×W ‚YKVپ Nv ... èٌںWoW©WTت :‚PVپMX ... ً¨~Yص`TٹMX ... `yVض فRرWے WفYQع fغTےYںXoHTJً©ض@ ... (11) Wس†WTخ †Wع ًذWإWقWع ‚PVپKV ... ًںSo`©WTژ <¢XM ... $ًذSTژp£TWعKV ... " [الأعراف:11-12] ، والاستدلال في هذا الدليل من وجهين :
الأول : من قوله تعالى : ¼ ... èٌںWoW©WTت " فالفاء للتعقيب ، والملائكة فهمت أن مقتضى الأمر على الفور فسجدت عقب الأمر مباشرة .
الثاني : أن الله وبخ إبليس وطرده وقال له : ¼ †Wع ًذWإWقWع ‚PVپKV ... ًںSo`©WTژ <¢XM ... $ًذSTژp£TWعKV ... " [الأعراف:12] ولم يحتج إبليس بأن الأمر على التراخي ، ولو كان له لفعل .
القول الثاني : أن الأمر على التراخي ، وهو قول لأكثر أصحاب الشافعي (1) ، وبعض الحنفية (2) ، وهو قول المعتزلة (3) .
ومن أقوى حججهم : أن الحج إنما فرض في السنة التاسعة على الصحيح (4) ، ولم يحج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا في السنة العاشرة ، ولو كان واجباً على الفورية لم يتخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فرض عليه (5) .
__________
(1) الإحكام للآمدي 2/ 165 .
(2) كشف الأسرار 1/ 254 .
(3) المعتمد 1/ 120 .
(4) والدليل على ذلك أن آية وجوب الحج في صدر سورة آل عمران ، وصدر هذه السورة نزل عام الوفود ، ينظر : تفسير ابن كثير 2/ 738 ، الشرح الممتع 7/ 17 .
(5) ينظر : الأم 2/ 118 ، بدائع الصنائع 3/ 42 .(1/232)
قلت : القول الراجح ما ذهب إليه أصحاب القول الأول - أن الأمر يقتضي الفور - وهو قول الجمهور لقوة ما استدلوا به ، ولأنه الأصل ، والأبرأ للذمة ، والفور : هو مقتضى الأمر عند أهل اللسان ؛ فلو قال السيد لعبده : أسقني ، فأخر حسن لومه وتوبيخه (1) ، ولأن الامتثال على الفور إسراع في الخير ، ولا خلاف بين العلماء أن التعجيل أفضل (2) ، ولأنه لو قيل على التراخي فلا يخلو من أحد حالين :
الأولى / أن له التأخير أبداً ولا يكون مفرطاً .
الثانية / أنه يكون مفرطاً مستحقاً للوعيد إن مات قبل فعله .
فإن قلنا : إنه لا يكون مفرطاً بتركه طول حياته ، فهذا خرج عن حد الواجب إلى النوافل لأن ما كان مخيراً بين فعله وتركه فهو نافلة أو مباح ، وهذا باطل وما أدى إليه فهو باطل .
وإن قلنا : يلحقه الوعيد بالموت أدى إلى أن يكون الله ألزمه إتيان عبادة في وقت لا يعلمه ونهاه عن تأخيرها عنه ، ولا يجوز أن يتعبده الله بعبادة في وقت مجهول ، كما لا يجوز أن يتعبده بعبادة مجهولة ؛ فإذا بطل هذا القسمان صح القول بأن الأمر على الفور وهو الحق (3) .
وأما تأخير النبي - صلى الله عليه وسلم - حجه للسنة العاشرة ؛ فقد ذكر العلماء له - صلى الله عليه وسلم - أعذاراً منها :
1- أنه أخره بأمر من الله تعالى لتكون حجته حجة الوداع في السنة التي استدار فيها الزمان كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ويصادف وقفته يوم الجمعة ، ويكمل الله دينه (4) ، قال تعالى : ¼ W×َéW~<ض@ ... ٌŒ<صWظ`{VK ... َطRرVض َطRرWقےY ٌŒ`ظWظ`TژVK ... Wè َطRر`~VصWئ ّYچWظ`إYTك ٌŒ~YWOWè SطRرVض WطHTTVصTَھ‚XMô@ ... &†_TقےY " [المائدة:3] .
__________
(1) ينظر : روضة الناظر 2/ 88 .
(2) ينظر : بدائع الصنائع 3/ 43 .
(3) ينظر في هذه المسألة : العدة 1/ 281 ، الواضح 3 / 16 ، روضة الناظر 2/ 85 ، المسودة ص 24 ، شرح الكوكب المنير 3/ 48 .
(4) ينظر : المغني 5/ 37 .(1/233)
2- كثرة الوفود عليه في تلك السنة ، ولهذا تسمى السنة التاسعة عام الوفود ، ولا شك أن استقبال المسلمين الوافدين إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليتفقهوا في دينهم أمر مهم ، بل قد نقول أنه واجب على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليبلغ الناس (1) .
3- أنه كره رؤية المشركين عراة حول البيت ، فأخر الحج حتى يطهر منهم ولذلك بعث أبا بكر - رضي الله عنه - ينادي : " أن لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عُريان " (2) . وهذا العذر في نظري أنه أقوى الأعذار ، والله أعلم . ومما يدل على تأكد تعجيل الحج وعذر النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله - صلى الله عليه وسلم - : " من ملك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله ، ولم يحج ، فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً ، وذلك أن الله يقول في كتابه : ¼ YمPVصYضWè ّVصWئ g†PVقض@ ... QS"TYڑ gŒ`T~W‰<ض@ ... XفWع Wأ†V¹WTچ`ھ@ ... Yم`~VضMX ... &¾"~Y‰Wھ " [آل عمران:97] " (3) . وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له " (4) . والله تعالى أعلم .
__________
(1) الشرح الممتع 7/ 18 .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الحج باب لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك (1622) ، ومسلم في كتاب الحج باب لا يحج البيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان (1347) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الحج باب ما جاء في التغليظ في ترك الحج (812) ، وقال : لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وفي إسناده مقال ، وهلال بن عبدالله مجهول ، والحارث يُضَعف في الحديث ، وينظر : تلخيص الحبير 2/ 222 .
(4) أخرجه أحمد 1/ 314 من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - ، وحسنه الألباني في الإرواء 4/ 168 ، وحسنه الأرنؤوط في تحقيق المسند 5/ 58 .(1/234)
قال تعالى : ¼ Wس†WTخ †Wع ًذWإWقWع ‚PVپKV ... ًںSo`©WTژ <¢XM ... $ًذSTژp£TWعKV ... Wس†WTخ h†WTكKV ... cO`kTW Sم`قTYQع ّYقWTpچحVصW فYع xO†PVTك ISمWTpچحVصWWè فYع xـkY؛ (12) " [الأعراف:12] .
57/2- قال ابن عقيل : ( ¼ †Wع ًذWإWقWع ‚PVپKV ... ًںSo`©WTژ <¢XM ... $ًذSTژp£TWعKV ... " [الأعراف:12] ، فأثبت أمره له بالسجود ، ولم يقع منه السجود ، وقد أجمع المسلمون على أنه عالم بامتناعه قبل وقوع الامتناع منه اهـ ) (1) .
__________________________________
الدراسة :
استدل ابن عقيل بهذه الآية على أنه يجوز أن يأمر الله سبحانه بما يعلم أن المأمور لا يفعله ، وهو استدلال صحيح ، وقد نص على هذه المسألة الإمام أحمد بقوله : ( علم الله أن آدم سيأكل من الشجرة التي نهاه عنها قبل أن يخلقه ) (2) .
وقالت المعتزلة : لا يجوز (3) .
واحتجوا بأنه لا يصح أن يَأْمر الله المكلف بما يعلم أنه لا يفعله ؛ لأنه عبث ، والله منزه عن العبث في قوله وفعله .
قال ابن عقيل : ( والجواب : أن هذا كلام يرده النص ، ولا عبرة بما استدلوا به مع كون الإجماع انعقد على خلافه ، ونص الكتاب قضى بإبطاله ، على أنه فاسد في نفسه لو ورد مع عدم الإجماع والنص ، وهو أن الله خلق من في معلومه أنه لا ينتفع بخلقه ولا يطيعه في أمره ، فلا يستحق الثواب ، بل لا يسعى إلا فيما يوجب عليه العقاب ولم يك في خلقه عابثاً ، كذلك أمره لا يكون به عابثاً ) (4) .
__________
(1) الواضح 3/ 188 .
(2) العدة 2/ 395 .
(3) ينظر : المعتمد 1/ 166 .
(4) الواضح 3/ 188 .(1/235)
وكذلك أمر الله إبراهيم بذبح ولده وعلم أنه لا يذبحه ، وليس هذا عبثاً ؛ لأن فيه إظهار أمر الله ، وإظهار صدق امتثال العبد لأمر الله ، وفيه إقرار المأمور بوجوب طاعة الله في أوامره ، وفيه إشارة إلى أن الله سيجازيه بالثواب إذا أداه (1) ، ولا يقاس أمر الله تعالى بأمر المخلوقين ، وليس كل ما كان قبيحاً من العبد يكون قبيحاً من الرب ، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله (2) .
ويبطل أيضاً : بأن الله قد أمر الكفار بالإيمان ، ولم يختلف في تكليفهم الإيمان اثنان ، ولا فصّل أحد من الأئمة ، فقال : إن المعلوم إيمانه هو المأمور به دون من عُلم أنه لا يؤمن ، والقول المخالف للإجماع لا يلتفت إليه (3) .
ويتضح هذا إذا عرفنا أن مذهب السلف أن أوامر الله تنقسم إلى كونية وشرعية ، وأن الأوامر الشرعية قد تقع وقد لا تقع .
__________
(1) ينظر : العدة 2/ 396 .
(2) ينظر : منهاج السنة 3/ 151 .
(3) ينظر : الواضح 3/ 188 .(1/236)
قال ابن القيم : ( فصل وههنا أمر يجب التنبيه عليه والتنبه له وبمعرفته تزول إشكالات كثيرة تعرض لمن لم يحط به علماً ، وهو أن الله سبحانه له الخلق والأمر ، وأمره سبحانه نوعان : أمر كوني قدري ، وأمر ديني شرعي ؛ فمشيئته سبحانه متعلقة بخلقه وأمره الكوني وكذلك تتعلق بما يحب وبما يكرهه كله داخل تحت مشيئته ، كما خلق إبليس وهو يبغضه وخلق الشياطين والكفار والأعيان والأفعال المسخوطة له وهو يبغضها ، فمشيئته سبحانه شاملة لذلك كله ، وأما محبته ورضاه فمتعلقة بأمره الديني وشرعه الذي شرعه على ألسنة رسله ، فما وجد منه تعلقت به المحبة والمشيئة جميعاً ، فهو محبوب للرب واقع بمشيئته كطاعات الملائكة والأنبياء والمؤمنين ، وما لم يوجد منه تعلقت به محبته وأمره الديني ولم تتعلق به مشيئته ، وما وجد من الكفر والفسوق والمعاصي تعلقت به مشيئته ولم تتعلق به محبته ولا رضاه ولا أمره الديني ، وما لم يوجد منها لم تتعلق به مشيئته ولا محبته ) (1) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ Wس†WTخ ًذPVكMX ... WفYع WفےX£ًہ¹قSظ<ض@ ... (15) " [الأعراف:15] .
58/3- قال ابن عقيل : ( فأما إبليس حيث طلب الإنظار ، وخطب طول الأعمار أجابه سبحانه فقال : ¼ ًذPVكMX ... WفYع WفےX£ًہ¹قSظ<ض@ ... " [الأعراف:15] فلو كان أمره لإصلاحه وصلاح عاقبته لما أجابه إلى الإبقاء ، وقد كشفت العاقبة أن إنظاره الذي أجابه الحق إليه وبال عليه وعلى من اتبعه ، فلو كان الله سبحانه أراد حفظه عن الفساد ، وأراد به الصلاح ، وبغيره ممن علم أنه يغويه ؛ لفعل في حقه ما فعله في حق طفل الخضر ، فعلم أن مطلق الأمر والمشيئة بفعل الأصلح لمن شاء ، وفي حق من شاء ، ويأمر من لا يريد صلاحه بما شاء ، فهذا طريق مهيع (2) قد ملأ كتابه الكريم بأمثاله اهـ ) (3) .
__________
(1) شفاء العليل ص 47 .
(2) أي : واضح واسع بيِّن ، ينظر : لسان العرب 8/ 379 .
(3) الواضح 3/ 215 .(1/237)
_____________________________________
الدراسة :
استدل ابن عقيل بهذه الآية على أن الأمر من جهة الله سبحانه لا يقف على مصلحة المأمور؛ بل يجوز أن يأمره بما يعلم أنه لا يعود بصلاح حاله .
قال ابن عقيل : ( وبهذا قال الفقهاء أجمع ، خلافاً للمعتزلة ومن وافقهم في تلك الأصول في قولهم : لا يأمر إلا بما فيه مصلحة ) (1) .
قالت المعتزلة : القول والفعل إذا خلا من فائدة كان عبثاً ، وقد نزه الله نفسه عن العبث والباطل (2) ، فمن تنزه عن فعل يخلو من نفع به ، فهو على أن ينزه من فعل هو محض مضرة لا فائدة فيه أولى . فيقولون : إن الله أمر الكافر بالإيمان ، ولكن الكافر شاء الكفر ، ليفروا من كون الله يأمر بالكفر ويعذب عليه . وقد وقعوا في شر مما فروا منه ، وهو أنه يلزمهم أن مشيئة الكافر غلبت مشيئة الله تعالى ، وهذا من أقبح الاعتقاد ، ولا دليل عليه ؛ بل هو مخالف للدليل (3) .
والجواب : أنه لا بد من التفصيل حتى يتبين الكلام السليم :
فأولاً : أهل السنة يقولون : إن الله وإن كان مريداً للمعاصي قدراً ، فهو لا يحبها ولا يرضاها ، ولا يأمر بها ، بل يبغضها ، وينهى عنها ، وهذا هو قول السلف قاطبة .
ثانياً : المحققون من أهل السنة يقولون : الإرادة في كتاب الله نوعان :
إرادة قدرية كونية خلقية ، وإرادة دينية أمرية شرعية .
فالإرادة الشرعية : هي المتضمنة للمحبة والرضى ، مثل قوله تعالى : ¼ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ " [البقرة:185] ، وهي مقصودة لذاتها ، ولا يلزم وقوعها ، فقد تقع وقد لا تقع .
__________
(1) الواضح 3/ 214 .
(2) ينظر : المعتمد 1/ 166 .
(3) شرح العقيدة الطحاوية 1/ 321 بتصرف ، و ينظر ما سبق عند قوله تعالى : ¼ †Wع ًذWإWقWع ‚PVپKV ... ًںSo`©WTژ <¢XM ... $ًذSTژp£TWعKV ... " [الأعراف:12] ص 261 .(1/238)
والإرادة الكونية : هي المرادفة للمشيئة الشاملة لجميع الحوادث ، مثل قوله تعالى : ¼ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ " [البقرة:253] ، وهذه لا بد من وقوعها ، وقد يحبها الله ويرضاها وقد لا يحبها ولا يرضاها ، وهي مقصودة لغيرها ؛ كخلق إبليس وسائر الشرور ؛ لتحصل بسبب ذلك المجاهدة والتوبة والاستغفار وغير ذلك من المحاب (1) .
ومن لم يثبت الإرادتين ويفرق بينهما فقد ضل كالجبرية والقدرية ، فالجبرية أثبتوا الإرادة الكونية فقط ، والقدرية أثبتوا الإرادة الشرعية فقط ، وأهل السنة أثبتوا الإرادتين وفرقوا بينهما (2) .
وتحقيق هذا مما يبين فصل النزاع في أمر الله تعالى ، فليس بين الأمر والإرادة تلازم ، فالواحد منا يأمر غيره وينهاه مريداً نصحه ومبيناً ما ينفعه ، وإن كان مع ذلك لا يريد أن يعينه على ذلك الفعل ، فجهة أمره لغيره نصحاً غيرُ جهة فعله لنفسه ، وإذا أمكن الفرق في حق المخلوقين ، فهو في حق الله أولى بالإمكان (3) .
__________
(1) والإرادتان الشرعية والكونية تجتمعان في حق المخلص المطيع ، وتنفرد الإرادة الكونية في حق العاصي .
(2) شرح العقيدة الواسطية للفوزان ص 42 .
(3) شرح العقيدة الطحاوية 1/ 79 وما بعدها بتصرف .(1/239)
وقد دل على الفرق بين المشيئة والمحبة الكتاب والسنة والفطرة الصحيحة ، ومن النصوص في المشيئة قوله تعالى : ¼ َéVضWè ƒٍ:†W® ًذQSTٹWO WفWع‚VKًپ فWع ء X³`OKKV‚ô@ ... َطSنPRصTS{ &†[إ~Yîًr ًŒكVK†WTتVK ... SâX£`|STژ ً†PVقض@ ... uّPVچWڑ N ... éSTكéRرWTے fûkYقYع`ëSع (99) " [يونس:99] ، وقوله : ¼ فWع MX†WWTے JًS/@ ... Sم<صYصpµSTے فWعWè <K†WWTے Sم<صWإmïm`ً- uّVصWئ x·.W£g² xy~YحWچTT`©QSع (39) " [الأنعام:39] . ومن نصوص المحبة والرضا قوله تعالى : ¼ SJًJًS/@ ... Wè ‚Wپ JٌˆY™STے لَا †fTT©Wة<ض@ ... (205) " [البقرة:205] ، وقوله : ¼ ‚WپWè uّW¶َ£WTے YâY †W‰YإYض $W£pTةRر<ض@ ... " [الزمر:7] (1) .
__________
(1) ينظر : مجموع الفتاوى 8/ 475 .(1/240)
قال ابن أبي العز (1) : ( فإن قيل كيف يريد الله أمراً ولا يرضاه ولا يحبه ؟ وكيف يشاؤه ويكوّنه ؟ وكيف يجمع إرادته له وبغضه وكراهته ؟ . قيل هذا السؤال هو الذي افترق الناس لأجله فرقاً ، وتباينت طرقهم وأقوالهم ، فاعلم أن المراد نوعان : مراد لنفسه ، ومراد لغيره ؛ فالمراد لنفسه مطلوب محبوب لذاته وما فيه من الخير ، فهو مراد إرادة الغايات والمقاصد ، والمراد لغيره قد لا يكون مقصوداً للمريد ولا فيه مصلحة له بالنظر إلى ذاته ، وإن كان وسيلة إلى مقصوده ومراده ، فهو مكروه له من حيث نفسه وذاته ، مراد له من حيث إفضاؤه وإيصاله إلى مراده ، فيجتمع فيه الأمران : بغضه وإرادته ، ولا يتنافيان لاختلاف متعلقهما ، وهذا كالدواء الكريه إذا علم المتناول له أن فيه شفاءه ، وقطع العضو المتآكل إذا علم أن في قطعه بقاء جسده ، وكقطع المسافة الشاقة إذا علم أنها توصل إلى مراده ومحبوبه بل العاقل يكتفي في إيثار هذا المكروه ، وإرادتِه بالظن الغالب ، وإن خفيت عنه عاقبته ، فكيف ممن لا يخفى عليه خافية فهو سبحانه يكره الشيء ولا ينافي ذلك إرادته لأجل غيره ، وكونه سبباً إلى أمر هو أحب إليه من فوته ) (2) .
ويقال : إن جميع ما أمر الله به وحصل منه ضررٌ فبه حكمة مطلوبة ولا يكون شراً مطلقاً ، وإن كان شراً بالنسبة إلى من تضرر به ، ولهذا لم يأت في كلام الله ولا كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - إضافة الشر إلى الله سبحانه ، بل يذكر على أحد أوجه ثلاثة :
1- أن يدخل في عموم المخلوقات ، وهنا يفيد عموم القدرة والمشيئة والخلق كقوله : ¼ JًS/@ ... SجYصHTTW QXشRز xٍpّW® " [الرعد:16] .
__________
(1) هو أبو الحسن علي بن علي بن محمد بن أبي العز الدمشقي الحنفي من مصنفاته شرح العقيدة الطحاوية مات سنة 792هـ ، له ترجمة في : الدرر الكامنة 3/ 87 ، شذرات الذهب 6/ 326 .
(2) شرح العقيدة الطحاوية 1/ 327 .(1/241)
2- أن يضاف إلى السبب الفاعل مثل قوله تعالى : ¼ فYع QX£TTW® †Wع WجVصW (2) " [الفلق:2] .
3- أن يحذف فاعله مثل قوله تعالى : ¼ †VPTكVK ... Wè ‚Wپ v÷XO`ںWTك Qd£W®VK ... WںےXORK ... فWظYٹ ء X³`OKKV‚ô@ ... َzKV ... لَا ... WOVK ... `طXنYٹ `طSنQSTٹWO ... _ںW®WO (10) " [الجن:10] . ولهذا ليس من أسماء الله الحسنى اسم يتضمن الشر ، وإنما يذكر الشر في مفعولاته كقوله تعالى : ¼ QWـMX ... ًذQWTٹWO SؤےX£W©Vض $g‡†WحYإ<ض@ ... ISمPVكXM ... Wè cOéSةWçإVض cy~YڑQWO (167) " [الأعراف:167] (1) .
فالله سبحانه خلق إبليس الذي هو مادة لفساد كل شيء ، وسبب لشقاوة كثير من العباد ، ومع هذا : فهو وسيلة إلى محاب كثيرة للرب سبحانه ترتبت على خلقه ، ووجودُها أحب إليه من عدمها ، منها : أنه يظهر للعباد قدرة الرب تعالى على خلق المتضادات المتقابلات فخلق هذه الذات التي هي أخبث الذوات في مقابلة ذات جبرائيل التي هي من أشرف الذوات ، كما ظهرت قدرته في : خلق الليل والنهار ، والدواء والداء ، والحياة والموت ، والحسن والقبيح ، والخير والشر ، وذلك أدل دليل على كمال صفاته وأفعاله (2) .
قال النسفي (3) : ( ¼ Wس†WTخ ًذPVكMX ... WفYع WفےX£ًہ¹قSظ<ض@ ... " [الأعراف:15] إلى النفخة الأولى ، وإنما أُجيب إلى ذلك لما فيه من الابتلاء ، وفيه تقريب لقلوب الأحباب ، أي : هذا بِرِّي بمن يسيئني فكيف بمن يحبني ، وإنما جسره على السؤال مع وجود الزلل منه في الحال علمه بحلم ذي الجلال ) (4) .
__________
(1) ينظر : مجموع الفتاوى 8/ 94 .
(2) ينظر : شرح العقيدة الطحاوية 1/ 327 .
(3) هو أبو البركات عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي الحنفي من أهم تصانيفه : مدارك التنزيل وحقائق التأويل في التفسير ، مات سنة 710 هـ ، له ترجمة في : الدرر الكامنة 3/ 17 ، طبقات الأدنه وي ص 263 .
(4) تفسير النسفي 2/ 46 .(1/242)
وقال ابن كثير : ( أجابه تعالى إلى ما سأل ، لما له في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة التي لا تخالف ولا تمانع ، ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ) (1) .
وقال السعدي (2) : ( فلما أعلن عدو الله بعداوة الله وعداوة آدم وذريته سأل الله النظرة والإمهال إلى يوم البعث ليتمكن من إغواء ما يقدر عليه من بني آدم ، ولما كانت حكمة الله مقتضية لابتلاء العباد واختبارهم ليتبين الصادق من الكاذب ومن يطيعه ومن يطيع عدوه أجابه لما سأل فقال : ¼ Wس†WTخ ًذPVكMX ... WفYع WفےX£ًہ¹قSظ<ض@ ... (15) " [الأعراف:15] ) (3) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ †WTك`¦ƒéHTW-Wè ُّYقW‰Yٹ WشےYٍ;.W£pھMX ... W£p™W‰<ض@ ... N ... `éWTژVK†WTت uّVصWئ xz`éWTخ WـéSةRر`إWTے uvّVصWئ xz†Wقp²KV ... &`ySنPVض N ... éRض†WTخ ّWھéSظHTWTے شWإ`-@ ... :†WTقPVض †_TنHTVضXM ... †WظVز `طSنVض &bàWنYض ... ƒٍ Wس†WTخ `طRرPVكMX ... b×َéTWTخ WـéSTصWنيmً`- (138) " [الأعراف:138] .
59/4- قال ابن عقيل : ( ¼ WـéSةRر`إWTے uvّVصWئ xz†Wقp²KV ... &`ySنPVض " [الأعراف:138] ، يعني : يلازمونها اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) تفسير ابن كثير 3/ 1411 .
(2) هو الشيخ أبو عبدالله عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالله آل سعدي التميمي النجدي الحنبلي، من أهم مؤلفاته : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ، منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين ، مات سنة 1376هـ ، له ترجمة في : رسالة بعنوان : ( حياة الشيخ عبدالرحمن السعدي في سطور ) لأحمد بن عبدالله القرعاوي .
(3) تفسير السعدي 1/ 284 .
(4) التذكرة ص 97 .(1/243)
فسر ابن عقيل الاعتكاف بالملازمة ، وهو المعنى اللغوي له كما قال الزجاج : ( ومعنى : ¼ WـéSةRر`إWTے uvّVصWئ xz†Wقp²KV ... &`ySنPVض " [الأعراف:138] ، أي : يواظبون عليها ويلازمونها ، يقال لكل من لزم شيئاً وواظب عليه ، عَكَفَ يعْكِف ويعْكُفُ ، ومن هذا قيل للملازم للمسجد معتكف ) (1) .
وقال النحاس : ( ومعنى : ¼ WـéSةRر`إWTے " [الأعراف:138] ، يواظبون ويلازمون ، ومنه قيل: اعتكف فلان ) (2) . وهذا هو ما عليه أكثر المفسرين (3) .
وقال ابن فارس : ( العين والكاف والفاء أصل صحيح يدل على مقابلة وحبس ) (4) . وفسر بعضهم الاعتكاف بالمواظبة (5) ، وبعضهم بالإقامة (6) .
وهذه الألفاظ بمعنى واحد ، فالملازمة للشيء حبس للنفس عليه ، وهو كذلك مواظبة وإقامة وإقبال عليه (7) ، وكلها موافقة تماماً لما عليه المشركون مع أصنامهم كما نصت الآية .
أما المعنى الشرعي للاعتكاف : فهو لزوم مسجد لطاعة الله تعالى (8) .
قال الراغب : ( والاعتكاف في الشرع : هو الاحتباس في المسجد على سبيل القربة ، ويقال : عكفته على كذا ، أي : حبسته عليه ) (9) .
وقال الرازي : ( والاعتكاف الشرعي : المكث في بيت الله تقرباً إليه ) (10) .
__________
(1) معاني القرآن وإعرابه 2/ 371 .
(2) معاني القرآن 3/ 73 .
(3) ينظر : تفسير السمرقندي 1/ 560 ، الكشاف 2/ 141 ، المحرر الوجيز 2/ 447 ، التفسير الكبير 5/ 97 .
(4) معجم مقاييس اللغة 4/ 108 ، وينظر : الصحاح 3/ 1162 .
(5) ينظر : تفسير النسفي 2/ 73 ، تفسير أبي السعود 3/ 24 .
(6) ينظر : الوجيز 1/ 411 ، معالم التنزيل 2/ 162، تذكر الأريب في تفسير الغريب 1/ 187، الجامع لأحكام القرآن 7/ 273 .
(7) ينظر : المفردات ص 383 ، تفسير غريب القرآن العظيم ص 340 ، لسان العرب 9/ 255.
(8) حاشية الروض المربع 3/ 472 .
(9) المفردات ص 383 .
(10) التفسير الكبير 5/ 97 .(1/244)
والخلاصة : أن من معاني الاعتكاف في اللغة : الملازمة والحبس والإقبال والإقامة والمواظبة .
وأضاف الشرع إليه أن يقصد القربة لله تعالى فيه . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ †QWظVضWè WؤW-WO uvّWھéSع uّVضXM ... -YمYع`éWTخ WفHTW‰pµWTçئ †_TةYھKV ... Wس†WTخ †WظfTT©`LùYٹ ّYTكéSظSTچpTةVصW ?فYع $v÷Yں`إWTٹ `ySچ<صYoWئKV ... W£َTعKV ... $`طRرQYTٹWO ّWح<ضKV ... Wè W- ... Wé<ضKKV‚ô@ ... W،WKV ... Wè gK< ... W£Yٹ Yم~YKV ... ,ISâQS£SoWTے &Yم`~VضMX ... Wس†WTخ Wف`Tٹ@ ... QW×KR ... QWـMX ... W×`éWح<ض@ ... ّYTكéSةWإpµWچ`ھ@ ... N ... èS †Vزƒè ّYقWTكéSTصSچpTحWTے ً"TWTت pŒYظ`STژ ƒّYٹ ƒٍ: ... Wں`ئKKV‚ô@ ... ‚WپWè ّYق<صWإيmً`- WؤWع Yz`éWح<ض@ ... WـkYظYصHTJًہ¹ض@ ... (150) " [الأعراف:150] .
60/5- قال ابن عقيل : ( ¼ †QWظVضWè WؤW-WO uvّWھéSع uّVضXM ... -YمYع`éWTخ WفHTW‰pµWTçئ †_TةYھKV ... " [الأعراف:150] ، وهو النهاية في الغضب اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
ذكر العلماء في الأسِف معنيين (2) :
المعنى الأول : النهاية في الغضب وهو تفسير أبي الدرداء - رضي الله عنه - (3) حيث قال : ( الأسف : منزلة وراء الغضب أشد من ذلك ) (4) ، وهو قول ابن عقيل ، واختيار الزجاج (5) .
المعنى الثاني : شدة الحزن .
__________
(1) الواضح 2/ 381 .
(2) ينظر : جامع البيان 10/ 449 ، الوجوه والنظائر لألفاظ كتاب الله العزيز ومعانيها ص 133 .
(3) هو أبو الدرداء صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشهور بكنيته واختلف في اسمه فقيل هو : عويمر بن زيد بن قيس ، ويقال : عويمر بن عامر ، ويقال : ابن عبد الله ، وقيل : ابن ثعلبة بن عبد الله الأنصاري الخزرجي قاضي دمشق وسيد القراء فيها روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدة أحاديث ، مات سنة 32هـ، له ترجمة في : الإصابة 4/ 747 ، سير أعلام النبلاء 2/ 335 .
(4) جامع البيان 10/ 450 ، تفسير ابن كثير 3/ 1478 .
(5) معاني القرآن وإعرابه 2/ 378 .(1/245)
قال ابن عباس - رضي الله عنه - : ( والأسف على وجهين : الغضب والحزن ) (1) .
وقال النحاس : ( الأسف : الشديد الغضب المغيظ ويكون الحزين ) (2) .
وقال ابن منظور : ( الأسف : المبالغة في الحزن والغضب ) (3) .
وأكثر العلماء على ذكر القولين (4) ، فكلاهما صحيح ولا تعارض بينهما فبالإمكان الجمع بينهما بما قال الرازي : ( قال الواحدي : والقولان متقاربان ؛ لأن الغضب من الحزن والحزن من الغضب ، فإذا جاءك ما تكره ممن هو دونك غضبت ، وإذا جاءك ممن هو فوقك حزنت ، فتسمى إحدى هاتين الحالتين حزناً ، والأخرى غضباً ؛ فعلى هذا كان موسى غضبان على قومه لأجل عبادتهم العجل ، أسفاً حزيناً لأن الله تعالى فتنهم وقد كان تعالى قال له : ¼ †PVTكXM†WTت `ںTWTخ †PVقTWچWTت ًذWعَéTWTخ ?فYع ًدYں`إWTٹ " [طه:85] ) (5) .
وقال ابن عطية : ( والأسف قد يكون بمعنى الغضب الشديد ، وأكثر ما يكون بمعنى الحزن ، والمعنيان مترتبان ههنا ) (6) . والله تعالى أعلم .
سورة التوبة
قال تعالى : ¼ N ... éSTصYچHTWTخ WفےY،PVض@ ... ‚Wپ fûéSقYع`ëSTے JًY/@†Yٹ ‚WپWè YzَéW~<ض@†Yٹ X£Y‚پ@ ... ‚WپWè WـéSعQX£WT™STے †Wع W×QW£Wڑ JًS/@ ... ISمSTضéSھWOWè ‚WپWè fûéSقےYںWTے WفےY QXجW™<ض@ ... WفYع fغTےY،PVض@ ... N ... éSTژèRK ... ًˆHTWTچY|<ض@ ... uّPVچWڑ N ... éٌ¹`إSTے WàWTے`¥Yo<ض@ ... فWئ xںWے َطSهWè fûèS£YçإHTW² (29) "
[التوبة:29] .
61/1- قال ابن عقيل : ( يعنى : حتى يبذلوها ، وينزلوا على حكمنا فيها ؛ للإجماع بأن السيف يرتفع عنهم قبل العطاء وبعد الإلزام اهـ ) (7) .
__________
(1) جامع البيان 10/ 450 .
(2) معاني القرآن 3/ 82 .
(3) لسان العرب 9/ 5 .
(4) ينظر : تفسير السمعاني 2 / 217 ، المفردات ص 24 ، المحرر الوجيز 2/ 456 ، التفسير الكبير 15/ 10 ، الجامع لأحكام القرآن 7/ 286 ، أضواء البيان 3/ 56 .
(5) التفسير الكبير 15/ 10 .
(6) المحرر الوجيز 2/ 456 .
(7) التذكرة ص 324 .(1/246)
___________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل إلى أن معنى الإعطاء في الآية الالتزام بإعطاء الجزية ، والنزول على حكم المسلمين ، وهذان هما الشرطان لجواز عقد الذمة (1) ، وذلك للإجماع بأن القتل يرتفع عنهم بعد الالتزام وقبل العطاء ، ولأن العطاء يكون في آخر الحول باتفاق (2) ، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث بريدة - رضي الله عنه - : " فسلهم الجزية ، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم " (3) .
قال ابن قدامة : ( ولا تعتبر حقيقة الإعطاء , ولا جريان الأحكام , لأن إعطاء الجزية إنما يكون في آخر الحول , والكف عنهم في ابتدائه عند البذل . والمراد بقوله : ¼ uّPVچWڑ N ... éٌ¹`إSTے " [التوبة:29] أي يلتزموا الإعطاء , ويجيبوا إلى بذله , كقول الله تعالى : ¼ ـXM†WTت N ... éSٹ†WTژ N ... éSع†WTخKV ... Wè WلléVصJً±ض@ ... N ... SéWTژ ... ƒٍWè WلléTW{QW¥ض@ ... N ... éPRصWWTت &َطSنVص~X‰Wھ " [التوبة:5] ، والمراد به : التزام ذلك دون حقيقته , فإن الزكاة إنما يجب أداؤها عند الحول ) (4) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ W×َéWTے uّWظmïmٌ`ڑ †Wن`~VصWئ ء YO†WTك ًyPVقWنW- uüWé<رSچWTت †WنYٹ َطSنSه†W‰Y- َطSنSٹéSقS-Wè $َطSهSOéSنٌہ؛Wè ... V،HTWه †Wع َطSTژ`¥WقW{ `yRرY©SةكVK‚Yپ N ... éSTخèS،WTت †Wع َطSچقRز fûèS¥Yق<رWTژ (35) " [التوبة:35] .
__________
(1) ينظر : المغني 13/ 207 ، المجموع 21/ 329 .
(2) نقل الاتفاق ابن رشد في بداية المجتهد ص 332 ، وينظر : المجموع 21/ 302 .
(3) أخرجه مسلم في كتاب السير باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث .. (1731) .
(4) المغني 13/ 207 ، وينظر في هذه المسألة : المدونة 1/ 529 ، بدائع الصنائع 9/ 426 ، المجموع 21/ 329 ، ومن التفاسير : أحكام القرآن 1/ 156 ، الجامع لأحكام القرآن 8/ 110 ، زاد المسير 3/ 317 ، تفسير ابن كثير 4/ 1643 .(1/247)
62/2- قال ابن عقيل : ( ¼ uüWé<رSچWTت †WنYٹ َطSنSه†W‰Y- َطSنSٹéSقS-Wè $َطSهSOéSنٌہ؛Wè " ؛ لأن الجبهة تنزوي بالتعبيس في وجه الفقير، والجنب يلوى به عن الفقير ، والظهر يُستدبر به الفقير ، ولكل عضو من هجران الحقوق حظ ؛ فله من الوعيد مثله اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ما من صاحب ذهب ولا فضة ، لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار ، فأحمي عليها في نار جهنم ، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره ، كلما بردت أعيدت له ، في يوم كان مقداره خمسين ألف .. "الحديث (2) .
وقد التمس العلماء الحكمة من تخصيص هذه الأعضاء ، ومن ذلك ما ذكره ابن عقيل في كلامه السابق ، وهو من ألطفها ، فالجزاء من جنس العمل .
قال الزمخشري : ( فإن قلت : لم خصت هذه الأعضاء ؟ قلت : لأنهم لم يطلبوا بأموالهم - حيث لم ينفقوها في سبيل الله - إلا الأغراض الدنيوية ، ومن وجاهة عند الناس وتقدم ، وأن يكون ماء وجوههم مصوناً عندهم ، يُتلقون بالجميل ، ويُحَيون بالإكرام ، ويُبجلون ويُحتَشمون ، ومن أكل طيباتٍ يتضلعون منها وينفخون جنوبهم ، ومن لبس ناعمةٍ من الثياب يطرحونها على ظهورهم ، كما ترى أغنياء زمانك هذه أغراضهم وطلباتهم من أموالهم لا يُخطِرون ببالهم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ذهب أهل الدثور بالأجور " (3) .
__________
(1) الفنون 2/ 478 .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة باب إثم مانع الزكاة (987) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف (1006) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - .(1/248)
وقيل : لأنهم كانوا إذا أبصروا الفقير عبسوا ، وإذا ضمهم وإياه مجلس ازْوَرُّوا عنه (1) ، وتولوا بأركانهم وولوه ظهورهم .
وقيل : معناه يكون على الجهات الأربع مقاديمهم ومآخيرهم وجنوبهم ) (2) .
وقال ابن عاشور : ( والمعنى : تعميم جهات الأجساد بالكي ، فإن تلك الجهات متفاوتة ومختلفة في الإحساس بألم الكي ، فيحصل مع تعميم الكي إذاقة لأصناف من الآلام ، وسُلك في التعبير عن التعميم مسلكُ الإطناب بالتعداد لاستحضار حالة ذلك العقاب الأليم ، تهويلاً لشأنه ، فلذلك لم يقل : فتكوى بها أجسادهم ) (3) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ لِلَّهِ َéVضWè N ... èS ... WOKV ... W"èS£TTS<ض@ ... N ... èPRںWئKV‚Wپ ISمVض _لJًںTSئ فYرHTVضWè WâX£W{ JًY/@ ... َطSنWT'†fTTTإY‰?Tك@ ... َطSنJًV¹‰W'WTت ًش~YTخWè N ... èSںTSإ`Tخ@ ... WؤWع fغTےYںYإHTWح<ض@ ... (46) " [التوبة:46] .
63/3- قال ابن عقيل : ( قال الله في حق قوم : ¼ فYرHTVضWè WâX£W{ JًY/@ ... َطSنWT'†fTTTإY‰?Tك@ ... َطSنJًV¹‰W'WTت ًش~YTخWè N ... èSںTSإ`Tخ@ ... WؤWع fغTےYںYإHTWح<ض@ ... (46) " [التوبة:46] ، وأبان علة الكراهة ، فقال : ¼ َéVض N ... éS-W£W yRر~Yت †QWTع َطRزèS ... W¦ ‚PVپMX ... ‚_پ†W‰W N ... éSإTW`èKV‚WپWè َطRرVصHTVصY SطS|WTكéSçإ`‰WTے WàWTق`چYة<ض@ ... `yRر~YتWè WـéSإHTJًTظWھ %َطSنVض " [التوبة:47] ، فأبان علة عاقبتهم وتثبيطهم عن الخروج لمصلحة جيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أراد بجيشه الأصلح اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) الازورار عن الشيء : العدول عنه ، ينظر : لسان العرب 4/ 335 .
(2) الكشاف 2/ 256 ، وينظر في هذه المسألة : تفسير البيضاوي 3 / 143 ، التفسير الكبير 16 / 39 ، تفسير الثعالبي 2/ 128 ، روح المعاني 10/ 88 .
(3) التحرير والتنوير 6/ 179 .
(4) الواضح 3/ 215 .(1/249)
أبان ابن عقيل في كلامه على هذه الآية أن الله تعالى كره خروج المنافقين مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، والكره عند أهل الحق من صفات الله الحقيقية على ما يليق به سبحانه ، ولا تشبه ما يتصف به المخلوق من ذلك ، ولا يلزم منها ما يلزم المخلوق (1) .
قال ابن عثيمين : ( وفي الآية - يعني قوله تعالى : ¼ فYرHTVضWè WâX£W{ JًY/@ ... َطSنWT'†fTTTإY‰?Tك@ ... َطSنJًV¹‰W'WTت " [التوبة:46] - إثبات أن الله عز وجل يكره ، وهذا ثابت في الكتاب والسنة ، قال تعالى : ¼ لِلَّهِ uّWµWTخWè ًذQSTٹWO ‚PVپKV ... Nv ... èSںS‰T`إWTژ :‚PVپMX ... Sâ†QWTےMX ... Xف`TےWںYض.Wé<ض@†YٹWè &†[قHTW©`ڑXM ... " [الإسراء:23] إلى قوله : ¼ QSشRز ًذYض.V¢ Wـ†Vز ISمSLùTQY~TWھ WںقYئ ًذQYTٹWO †_هèS£<رWع (38) " [الإسراء:38] ... وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله كره لكم قيل وقال " (2) ، فالكراهة ثابتة بالكتاب والسنة ) (3) .
وقد بين الله سبب الكراهة في الآية التالية لها ، بأنهم لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا فساداً ، ولأسرعوا المشي بينكم بالنميمة والبغضاء والفتنة (4) ، وفي منعهم وتثبيطهم الحكمة العظيمة : وهي مصلحة جيش النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لما أراد الله له الأصلح ، وهذا هو ما عليه جميع المفسرين (5) .
__________
(1) ينظر : شرح العقيدة الواسطية لهراس ص 109 .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض وأداء الديون باب ما ينهى عن إضاعة المال (2408) ، ومسلم في كتاب الأقضية باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة (1715) من حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - .
(3) شرح العقيدة الواسطية له ص 227 .
(4) ينظر : تفسير ابن كثير 4/ 1664 .
(5) ينظر : أحكام القرآن للجصاص 3 / 155 ، المحرر الوجيز 3 / 40 ، التفسير الكبير 16/ 63 ، الجامع لأحكام القرآن 8/ 156 .(1/250)
قال الطبري : ( وكان تثبيط الله إياهم عن الخروج مع رسوله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين به ؛ لعلمه بنفاقهم وغشهم للإسلام وأهله ، وأنهم لو خرجوا معهم ضروهم ولم ينفعوا ) (1) .
وقال ابن كثير : ( ¼ فYرHTVضWè WâX£W{ JًY/@ ... َطSنWT'†fTTTإY‰?Tك@ ... " [التوبة:46] ، أي : أبغض أن يخرجوا معكم قدراً ¼ َطSنJًV¹‰W'WTت " ، أي : أخرهم ، ¼ ًش~YTخWè N ... èSںTSإ`Tخ@ ... WؤWع fغTےYںYإHTWح<ض@ ... (46) " [التوبة:46] ، أي : قدراً ، ثم بين وجه كراهيته لخروجهم مع المؤمنين فقال : ¼ َéVض N ... éS-W£W yRر~Yت †QWTع َطRزèS ... W¦ ‚PVپMX ... ‚_پ†W‰W " [التوبة:47] ) (2) .
وقال ابن أبي العز : ( فأخبر سبحانه أنه كره انبعاثهم إلى الغزو مع رسوله ، وهو طاعة ؛ فلما كرهه منهم ، ثبطهم عنه ، ثم ذكر سبحانه بعض المفاسد التي تترتب على خروجهم مع رسوله فقال : ¼ َéVض N ... éS-W£W yRر~Yت †QWTع َطRزèS ... W¦ ‚PVپMX ... ‚_پ†W‰W " [التوبة:47] ، أي : فساداً وشراً ) (3) .
وقال الشنقيطي : ( إن الله تعالى سبق في علمه أن المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ، لا يخرجون إليها معه - صلى الله عليه وسلم - ، والله ثبطهم عنها لحكمة ، كما صرح به في قوله : ¼ فYرHTVضWè WâX£W{ JًY/@ ... َطSنWT'†fTTTإY‰?Tك@ ... َطSنJًV¹‰W'WTت " الآية [التوبة:46] ، وهو يعلم هذا الخروج الذي لا يكون لو وقع كيف يكون ، كما صرح به تعالى في قوله : ¼ َéVض N ... éS-W£W yRر~Yت †QWTع َطRزèS ... W¦ ‚PVپMX ... ‚_پ†W‰W " [التوبة:47] ) (4) .
__________
(1) جامع البيان 11/ 482 .
(2) تفسير ابن كثير 4/ 1664 .
(3) شرح العقيدة الطحاوية 1/ 333 .
(4) أضواء البيان 1/ 356 .(1/251)
وقال السعدي : (¼ فYرHTVضWè WâX£W{ JًY/@ ... َطSنWT'†fTTTإY‰?Tك@ ... " [التوبة:46] معكم في الخروج للغزو ¼ َطSنJًV¹‰W'WTت " قدَراً وقضاء ، وإن كان قد أمرهم وحثهم على الخروج وجعلهم مقتدرين عليه ، ولكن بحكمته ما أراد إعانتهم ؛ بل خذلهم .. ) إلى أن قال : ( ثم ذكر الحكمة في ذلك فقال : ¼ َéVض N ... éS-W£W yRر~Yت †QWTع َطRزèS ... W¦ ‚PVپMX ... ‚_پ†W‰W " [التوبة:47] ، أي : نقصاً ) (1) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ fûéSةYصmïm`ًڑ YJً/@†Yٹ َطRرVض َطS{éS`OSkYض SJًJًS/@ ... Wè ,ISمRضéSھWOWè SQجWڑKV ... ـKV ... SâéS¶َ£STے ـMX ... N ... éSTك†W{ fûkYقYع`ëSع (62) " [التوبة:62] .
64/4- قال ابن عقيل : (¼ /@ ... Wè ,ISمRضéSھWOWè SQجWڑKV ... ـKV ... SâéS¶َ£STے " ولم يقل يرضوهما وطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ذكره الله في كتابه (2) ، وهاء الكناية في التثنية والجمع أبلغ من الجمع بالواو اهـ ) (3) .
_________________________________
الدراسة :
للعلماء في إفراد الضمير : ¼ SâéS¶َ£STے " [التوبة:62] توجيهات كثيرة ، أهمها ثلاثة :
1- أن الإفراد جاء لتعظيم الله سبحانه .
2- أنه في حكم أمر واحد إذ في رضى الله رضى رسوله - صلى الله عليه وسلم - (4) .
3- أن الكلام فيه جملتان ، حُذف خبر أحدهما لدلالة الثاني عليه (5) ، والتقدير : والله أحق أن يرضوه ، ورسوله أحق أن يرضوه .
__________
(1) تفسير السعدي 3/ 243 .
(2) يقصد به حديث الخطيب الذي قال : ومن يعصهما ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " بئس الخطيب أنت .." الحديث أخرجه مسلم في كتاب الجمعة باب تخفيف الصلاة والخطبة (870) .
(3) الواضح 3/ 305 .
(4) ينظر : الكشاف 2/ 272 ، التسهيل 1/ 362 ، تفسير أبي السعود 3/ 164.
(5) ينظر : معاني القرآن وإعرابه 2 / 458 ، معاني القرآن للنحاس 3 / 228 ، تفسير السمرقندي 2/ 69 ، المحرر الوجيز 3/ 53 ، الجامع لأحكام القرآن 8/ 193 .(1/252)
قال ابن عاشور : ( وإنما أفرد الضمير في قوله : ¼ SâéS¶َ£STے " [التوبة:62] مع أن المعاد اثنان ؛ لأنه أريد عود الضمير إلى أول الاسمين ، واعتبار العطف من عطف الجمل بتقدير : والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك ...) إلى أن قال : ( ومن نكتة ذلك الإشارة إلى التفرقة بين الإرضاءين ) (1) .
4- ما ذكره ابن عقيل ، وهو أن هاء الكناية في التثنية والجمع أبلغ من الجمع بالواو .
وكل ما ذكر من التوجيهات له حظ من النظر ، وهذا من إعجاز القرآن .
قال الرازي : ( وأما قوله ¼ SâéS¶َ£STے " [التوبة:62] بعد تقدم ذكر الله وذكر الرسول ، ففيه وجوه :
الأول : أنه تعالى لا يُذكر مع غيره بالذكر المجمل بل يجب أن يفرد بالذكر تعظيما له .
والثاني : أن المقصود بجميع الطاعات والعبادات هو الله فاقتصر على ذكره ...
الثالث : يجوز أن يكون المراد يرضوهما فاكتفى بذكر الواحد كقوله :
نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأنْتَ بِمَا عِنْدَكَ رَاضٍ وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفُ (2)
والرابع : أن العالم بالأسرار والضمائر هو الله تعالى ، وإخلاص القلب لا يعلمه إلا الله ، فلهذا السبب خص تعالى نفسه بالذكر .
الخامس : لما وجب أن يكون رضا الرسول مطابقاً لرضا الله تعالى ، وامتنع حصول المخالفة بينهما وقع الاكتفاء بذكر أحدهما ، كما يقال : إحسان زيد وإجماله نعشني وجبرني .
السادس : التقدير : والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك اهـ ) (3) . والله أعلم .
__________
(1) التحرير والتنوير 10/ 245 .
(2) اختُلف في نسبة هذا البيت ، والصحيح أنه لعمرو بن امرئ القيس كما نص على ذلك أكثر العلماء ، ومنهم البغدادي في : خزانة الأدب 2/ 190 ، وابن منظور في لسان العرب 5/ 46 ، ونُسب هذا البيت إلى قيس بن الخَطِيم ، ينظر : الكتاب لسيبويه 1/75 ، شرح ابن عقيل 1/ 191 ، ولم أجده في ديوانه ، ولكنه في ملحقاته تحقيق : د. ناصر الدين الأسد ص 173 .
(3) التفسير الكبير 16/ 95 .(1/253)
قال تعالى : ¼ َ£YةpTçإWTچ`ھ@ ... َطSنVض `èVK ... ‚Wپ َ£YةpTçإWچp©WTژ َطSنVض ـMX ... َ£YةpTçإWچp©WTژ َطSنVض WـkYإ`‰Wھ _لQW£Wع فWTصWTت W£YةpTçإWTے JًS/@ ... &َطSنVض ًذYض.V¢ َطSنPVTكKV†Yٹ N ... èS£WةW{ YJً/@†Yٹ -%YمYTضéSھWOWè SJًJًS/@ ... Wè ‚Wپ ÷Yں`نWTے W×َéWح<ض@ ... WـkYحY©HTWة<ض@ ... (80) " [التوبة:80] .
65/5- قال ابن عقيل : ( قال تعالى : ¼ ـMX ... َ£YةpTçإWچp©WTژ َطSنVض WـkYإ`‰Wھ _لQW£Wع فWTصWTت W£YةpTçإWTے JًS/@ ... &َطSنVض " [التوبة:80] ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " والله لأزيدن على السبعين " (1) ، فعقل أن ما زاد على السبعين بخلافها اهـ ) (2) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) أخرجه بهذا اللفظ عبدالرزاق في تفسيره 2 / 284 ، وأخرجه البخاري في كتاب التفسير باب : ¼ َ£YةpTçإWTچ`ھ@ ... َطSنVض `èVK ... ‚Wپ َ£YةpTçإWچp©WTژ َطSنVض ـMX ... َ£YةpTçإWچp©WTژ َطSنVض WـkYإ`‰Wھ _لQW£Wع فWTصWTت W£YةpTçإWTے JًS/@ ... &َطSنVض " [التوبة:80] (4670) بلفظ : " سأزيده على السبعين " من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - .
(2) الواضح 3/ 269 .(1/254)
استدل ابن عقيل بهذه الآية على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهم من الآية أن ما زاد على السبعين من الاستغفار جائز ، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لأزيدن على السبعين " ، وهذا استدلال بمفهوم العدد ودليل الخطاب ، وهو حجة شرعية (1) ، لولا أنه جاء في كتاب الله ما يبين المراد في الآية ، وهو قوله تعالى : ¼ eٍ: ... ƒéWھ `yXن`~VصWئ ًَ£WةpTTçإWTچ`ھVK ... `ySنVض `×KV ... `طVض p£YةpTçإWچp©WTژ `طSنVض فVض W£YةpTçإWے JًS/@ ... `&طSنVض " [المنافقون:6] ، وأن المراد بالسبعين مرة : التكثير ، وهذا هو ما ذكره جمهور العلماء (2) .
قال ابن حجر : ( لو لم يقم الدليل على أن المقصود بالسبعين المبالغة لكان الاستدلال بالمفهوم باقياً ) (3) .
ولفظ السبعين قد جرى عند العرب مجرى المثل للتكثير ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - أبلغ العرب (4) .
قال الزركشي : ( قالوا : المراد بها الكثرة ، وخصوص السبعين ليس مراداً ) (5) .
__________
(1) ينظر : الواضح 3/ 266 ، التفسير الكبير 16/ 117 ، فتح الباري 8/ 428 .
(2) ينظر : العدة 2/ 448 ، تفسير البيضاوي 4/ 161 ، معالم التنزيل 2/ 266 ، البرهان 4/ 120 ، التسهيل 1/ 365 ، شرح الكوكب المنير 3/ 507 .
(3) فتح الباري 8/ 428 .
(4) ينظر : أحكام القرآن للجصاص 3/ 185 ، الكشاف 2/ 281 ، لسان العرب 8/ 147 ، تفسير النسفي 2/ 138 ، شرح الكوكب المنير 3/ 508 .
(5) البرهان في علوم القرآن 4/ 120 .(1/255)
وقال البيضاوي (1) : ( وقد شاع استعمال السبعة ، والسبعين ، والسبعمائة، ونحوها في التكثير ؛ لاشتمال السبعة على جملة أقسام العدد ، فكأنه العدد بأسره ) (2) .
وعلى فرض صحة ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ الحديث السابق : " لأزيدن " فالجواب :
1- فيجوز أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم بَوَاطن المنافقين (3) .
2- ويجوز أنه قصد طلب المغفرة لهم لا لأجل أنه عقل ذلك من النطق ، فلم يقل ليُغفر لهم ؛ بل إظهاراً لغاية رحمته ورأفته على من بعث إليهم (4) .
3- ويجوز أن يكون من جهة علمه أن هذا المعنى المشترك بين السبعين وما فوقها غير مراد في هذا المقام بخصوصه .
4- ويجوز أن لا يكون الفهم من التقييد بالعدد بل من جهة أن الأصل قبول استغفار النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد تحقق النفي في السبعين فبقي ما فوقها على الأصل .
5- أو أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما نهي عن الاستغفار لهم بعد ذلك (5) .
__________
(1) هو أبو سعيد عبدالله بن عمر بن محمد البيضاوي الشيرازي الشافعي قاض ومفسر ، صنف : أنوار التنزيل وأسرار التأويل في التفسير ، وطوالع الأنوار في العقيدة ، مات سنة 685هـ ، له ترجمة في : طبقات الداوودي 1/ 248 ، البداية والنهاية 17/ 606 .
(2) تفسير البيضاوي 3/ 161 ، وينظر : لسان العرب 8/ 146 ، فتح القدير 2/ 494 .
(3) ينظر : المحلى 13/ 76 .
(4) ينظر : الكشاف 2/ 281 .
(5) ينظر : البحر المحيط للزركشي 5/ 173 .(1/256)
وإلا فقد قال الجصاص في لفظ رواية : ( " لأزيدن على السبعين " وهذا خطأ من راويه ) (1) ، والذي في الصحيح قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لو أعلم أني لو زدت على السبعين يُغفر له ، لزدت عليها " (2) ، فلم يعلق زيادة الاستغفار بالدليل ، وإنما علقه بوجود طريق يعلم به أن الزيادة على السبعين تنفعهم (3) .
ومما يؤيد ذلك كله :
ما جاء في تمام الآية ، حيث قال الله تعالى : ¼ ًذYض.V¢ َطSنPVTكKV†Yٹ N ... èS£WةW{ YJً/@†Yٹ -%YمYTضéSھWOWè SJًJًS/@ ... Wè ‚Wپ ÷Yں`نWTے W×َéWح<ض@ ... WـkYحY©HTWة<ض@ ... (80) " [التوبة:80] ، فلم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليسأل المغفرة للكفار مع علمه بأنه لا يغفر لهم ، وقد نهي عن ذلك بقوله تعالى : ¼ †Wع fû†Wز QXّY‰QWقصYض fغTےY،PVض@ ... Wè Nv ... éTSقWع ... ƒٍ ـKV ... N ... èS£YةpTçإWچp©WTے WـkY{X£pSظ<صYض َéVضWè N ... ;éTSك†W{ ّYTضOèKR ... uّWTٹَ£STخ ?فYع Yں`إWTٹ †Wع fûPVkW‰WTژ َطSنVض َطSنPVTكKV ... ٌˆHTW™p²KV ... Yy~Y™Wo<ض@ ... (113) " [التوبة:113] ، إلا أن هناك معنى آخر (4) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ `yVضKV ... Nv ... éSTظVص`إWTے QWـKV ... JًW/@ ... WéSه SشW‰<حWTے WàfTTTTTTٹ`éPVچض@ ... َفWئ -YâY †W‰Yئ S،SK<†WTےWè YŒHTWTخWںUf±ض@ ... UfûVKV ... Wè JًW/@ ... WéSه ٌ‡ ... QWéPVچض@ ... ٌy~YڑPV£ض@ ... (104) " [التوبة:104] .
66/6- قال ابن عقيل : ( ¼ َفWئ -YâY †W‰Yئ " أي : من عباده اهـ ) (5) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) أحكام القرآن 3/ 185 .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين (1366) من حديث عمر - رضي الله عنه - .
(3) ينظر : الواضح 3/ 274 ، أحكام القرآن للجصاص 3/ 185 ، المحرر الوجيز 3/ 64 .
(4) سبقت الإشارة إلى شيء من المعاني المحتملة وإنما هي على فرض صحة رواية : " لأزيدن " .
(5) الواضح 1/ 123 .(1/257)
مثَّل ابن عقيل لاستعمال [عن] بمعنى [من] بهذه الآية ، وهو قول أبي يعلى (1) ، والزمخشري (2) ، وابن عطية (3) ، والرازي (4) ، وابن هشام (5) ، والزركشي (6) ، وغيرهم (7) .
قال الزمخشري : ( يقال : قبلت منه الشيء ، وقبلته عنه ، فمعنى قبلته منه : أخذته منه وجعلته مبدأ قبولي ومنشأه ، ومعنى قبلته عنه : عزلته عنه وأبنته عنه ) (8) .
والشاهد على هذا الاستعمال قوله تعالى : ¼ ًذMXù;HTTVضOèKR ... ًفےY،PVض@ ... SشQWT‰WحWچWTك pطSن`قWئ ًفW©`ڑKV ... †Wع N ... éSTصYظWئ " [الأحقاف:16] بدليل قوله تعالى : ¼ WشQYT‰SحSچWTت pفYع †WظYهYںWڑVK ... َطVضWè `شQW‰WحWچSTے WفYع X£WKKV‚ô@ ... " [المائدة:27] ، وقوله تعالى : ¼ †WTقPVٹWO `شPV‰WحWژ $:†TPVقYع " [البقرة:127] (9) .
والأصل في معنى [عن] هو المجاوزة ، ومع هذا المعنى ، فهناك معان أخرى كثيرة ، تستفاد من خصوصية كل سياق ترد فيه ، دون أن يخرج هذا الحرف عن دلالته الأصلية (10) .
فإن قيل : فما سبب استعمال [عن] مكان [من] ؟ .
فالجواب :
__________
(1) العدة 1/ 212 .
(2) الكشاف 4/ 227 .
(3) المحرر الوجيز 5/ 35 .
(4) التفسير الكبير 16/ 148 .
(5) مغني اللبيب ص 156 ، وهو عبدالله بن يوسف بن أحمد أبو محمد جمال الدين ابن هشام ، من أئمة العربية ، له تصانيف كثيرة منها : الإعراب عن قواعد الإعراب ، أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، مات سنة 761هـ ، له ترجمة في : الدرر الكامنة 3/ 93 ، شذرات الذهب 6/ 191 .
(6) البرهان في علوم القرآن 4/ 287 .
(7) ينظر : زاد المسير 3/ 375 ، معجم حروف المعاني في القرآن الكريم 2/ 676 .
(8) الكشاف 4/ 227 .
(9) ينظر : مغني اللبيب ص 156 .
(10) ينظر : مغني اللبيب ص 156 ، معجم حروف المعاني في القرآن الكريم 2/ 667 ، من أسرار حروف الجر في الذكر الحكيم ص 325 .(1/258)
أن في استعمال [عن] في هذا الموضع تضمين الآية معنى العفو والصفح والتجاوز (1) .
أشار إلى هذا السمرقندي بقوله : ( قوله تعالى : ¼ WéSهWè ÷Y،PVض@ ... ٌشW‰pTحTWے WàTWTTٹَéTPVچض@ ... َفWئ -YâY †W‰Yئ N ... éSة`إWTےWè XفWئ g†WLTTTQY~JًT©ض@ ... " [الشورى:25] حتى يتجاوز عما عملوا قبل التوبة ) (2) .
كما أن في استعمال [عن] إشارة إلى تجاوز المذنب لحدوده ، فهو بحاجة إلى استحضار هذا المعنى ليستوفي شروط التوبة فيحصل له القبول (3) .
وقال أبو حيان : (¼ َفWئ -YâY †W‰Yئ " أي : يزيد الرجوع عن المعاصي ) (4) .
وبتتبع قَبِل وتَقَبَّل في القرآن نجد أنهما تعديا بـ[من] إلا في ثلاثة مواضع كلها في سياق التوبة والتجاوز عن السيئات :
أحدها : آية التوبة التي معنا ، وثانيها : قوله تعالى : ¼ WéSهWè ÷Y،PVض@ ... ٌشW‰pTحTWے WàTWTTٹَéTPVچض@ ... َفWئ -YâY †W‰Yئ N ... éSة`إWTےWè XفWئ g†WLTTTQY~JًT©ض@ ... " [الشورى:25] ، وثالثها : قوله تعالى : ¼ ًذMXù;HTTVضOèKR ... ًفےY،PVض@ ... SشQWT‰WحWچWTك pطSن`قWئ ًفW©`ڑKV ... †Wع N ... éSTصYظWئ " [الأحقاف:16] .
فكان من حِكَم اختيارها إفادة معنى زائد لا يوجد عند استعمال [من] في موضعها ، فقد أفادت معنى [من] وزادت عليها محو الذنوب وصرفها عنهم فضلاً منه ورحمة ، وكأن الله ميز الأعمال الصالحة وعزلها عن الأعمال السيئة ، فقبل الطيب منها وتجاوز عن السييء (5) .
__________
(1) ينظر : البرهان في علوم القرآن 3/ 339 .
(2) تفسير السمرقندي 3/ 231 .
(3) ينظر : التفسير الكبير 16/ 148 .
(4) البحر المحيط 7/ 517 .
(5) ينظر : من أسرار حروف الجر في الذكر الحكيم ص 325 .(1/259)
قال تعالى : ¼ ںWحVPض ً‡†PVTژ JًS/@ ... ّVصWئ QXّY‰PVقض@ ... fغTےX£YoHTWنSظ<ض@ ... Wè XO†W±كKKV‚ô@ ... Wè fغTےY،PVض@ ... SâéSإWT‰PVTژ@ ... ء YàWئ†Wھ YلW£p©Sإ<ض@ ... ?فYع Yں`إWTٹ †Wع لَا †W{ SçؤےX¥WTے ٌ‡éSTصSTخ wجےX£WTت `ySن`قQYع JًyR' ً‡†TWTژ &`yXن`~VصWئ ISمPVTكMX ... `yXنYٹ cاèSٍWO cy~YڑQWO (117) " [التوبة:117] .
67/7- قال ابن عقيل : ( ¼ fغTےX£YoHTWنSظ<ض@ ... Wè XO†W±كKKV‚ô@ ... Wè " [التوبة:117] ، فلعمري إنها مزية وحجة في البداية بذكرهم ، لكن ما أراد به الترتيب بدليل أنه قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال يوم بنيان المسجد وهو يحمل اللبن (1) :
" لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة " (2) ، ولو عقل منها الترتيب ، لما خالف ترتيب القرآن اهـ ) (3) .
__________________________________
الدراسة :
في كلام ابن عقيل مسألتان :
المسألة الأولى :
هل [الواو] تفيد الترتيب أم لا ؟ .
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :
__________
(1) روي هذا الرجز : وهم يبنون المسجد وكذلك عند حفر الخندق وكلاهما في الصحيح .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب البيعة في الحرب على أن لا يفروا ( 2961 ) بنحوه ، ومسلم في كتاب الجهاد وسير أعلام النبلاء باب غزوة الأحزاب وهي الخندق (1805) بلفظه من حديث أنس - رضي الله عنه - .
(3) الواضح 3/ 307 .(1/260)
القول الأول : أن الواو لا تفيد الترتيب وهو قول جمهور العلماء (1) ، ورجحه ابن عقيل ، واحتجوا بحديث حذيفة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تقولوا : ما شاء الله وشاء فلان ، ولكن قولوا ما شاء الله ، ثم شاء فلان " (2) ، قالوا فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما وأمره بأحدهما ونهاه عن الأخرى ، فعلم أن أحدهما يوجب الجمع والآخر الترتيب .
القول الثاني : أنها توجب الترتيب وإليه ذهب بعض أصحاب الشافعي (3) ، واحتجوا : بما روي عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - أنه قال حينما خطب رجل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " بئس الخطيب أنت ، قل : ومن يعص الله ورسوله " (4) ، قالوا : يعصهما يفيد الجمع ، فالواو تفيد الترتيب لأنه لا يجوز أن يكون المنهي عنه هو المأمور به .
__________
(1) ينظر : العدة 1/ 194 ، رصف المباني ص 474 ، الجنى الداني ص 158 ، مغني اللبيب ص 343 ، شرح الكوكب المنير 1/ 229 .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب باب لا يقال خبثت نفسي (4980) وأحمد 5/ 384 ، وصححه الأرنؤوط في تحقيق المسند 38/ 300 .
(3) البرهان 1/ 181 ، البحر المحيط للزركشي 2/ 253 ، الجنى الداني ص 159، مغني اللبيب ص 343 .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة باب تخفيف الصلاة والخطبة (870) من حديث عدي - رضي الله عنه - .(1/261)
والقول الصحيح هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من أن الواو لمطلق الجمع لا للترتيب فحسب ، بمعنى أن الواو تفيد : القدر المشترك بين الترتيب والمعية ، فيدخل فيه جميع معاني الواو : المعية والترتيب وعدمه ، والفاصل في ذلك حال المقام (1) ، والجواب عما استدلوا به : أنه إنما أمره بذلك لئلا يجمع بين ذكر الله وذكر رسوله في ضمير واحد فهذا هو المنهي عنه ، ولهذا قال تعالى : ¼ SJًJًS/@ ... Wè ,ISمRضéSھWOWè SQجWڑKV ... ـKV ... SâéS¶َ£STے " [التوبة:62] ، ولم يقل : يرضوهما .
ولأنه لو قال قائل : رأيت زيداً وعمراً ، لم يفهم منه أنه رأى زيداً قبل عمرو ، ولو كان المفهوم منه الترتيب لوجب إذا رآهما معاً ، أو رأى عمراً قبل زيد أن يكون كاذباً في خبره ، ولكنه يفيد الجميع (2) .
المسألة الثانية :
أكد ابن عقيل - بقوله : لعمري التي تفيد التأكيد وليس القسم إذ لا يجوز القسم إلا بالله تعالى أو صفاته (3) - أن في هذه الآية مزية للمهاجرين في تقديمهم على الأنصار ، ولا يلزم من ذلك أن تكون الواو للترتيب ، بدليل تقديم النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار في رجزه مع الصحابة - رضي الله عنهم - ففهم منه أن الواو ليست للترتيب ، ولهذا أشير لمسألة تفاضل الصحابة باختصار فأقول :
__________
(1) ينظر : الجنى الداني ص 158 ، شرح الكوكب المنير 1/ 29 .
(2) ينظر : العدة 1: 194 ، الجنى الداني ص 158 ، الإتقان 1/ 379 .
(3) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 10/ 40 .(1/262)
أولاً : أفضل أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - القرن الأول ، ثم الذين يلونهم ، كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " خيركم قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " (1) ، وجاءت تزكيتهم في القرآن في غير ما موضع ، ومنها قوله تعالى : ¼ fûéSTحY‰HTJً©ض@ ... Wè WـéRضPVèKKV‚ô@ ... WفYع WفےX£YoHTWنSظ<ض@ ... YO†W±كKKV‚ô@ ... Wè WفےY،PVض@ ... Wè طSهéSإWT‰PVTژ@ ... wفHTW©`ڑMX†Yٹ ƒّYPVO JًS/@ ... َطSن`قWئ N ... éSWOWè SمTT`قWئ QWںTTWئVK ... Wè َطSنVض xŒHTPVقW- ÷X£`oWTژ †WنWچp™WTژ S£HTWن`TكVK‚ô@ ... WفےYںYصHTWT :†fTTTن~Yت & ... _ںTWTٹKV ... ًذYض.V¢ S¦َéWة<ض@ ... Sط~Yہ¹Wإ<ض@ ... (100) " [التوبة:100] ، وأجمع على ذلك أهل السنة والجماعة (2) .
ثانياً : أن الصحابة - رضي الله عنهم - أصناف ، ومن أصول أهل السنة والجماعة قبول ما جاء في الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ؛ فَيُقَدِّمون إجمالاً السابقين الأولين من المهاجرين ثم من الأنصار ، ثم أهل بدر ، ثم أهل أحد ، ثم أهل الثبات في غزوة الأحزاب التي نجم فيها النفاق ، ثم أهل بيعة الرضوان ، ثم من هاجر من قبل الفتح وقاتل أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى (3) .
قال شيخ الإسلام : ( وتفضيل الجملة على الجملة لا يستلزم تفضيل الأفراد على كل فرد ، فإن القرن الثالث والرابع فيهم من هو أفضل من كثير ممن أدرك الصحابة ) (4) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد (2651) ، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم (2535) من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - .
(2) ينظر : الصواعق المحرقة ص 315 .
(3) ينظر : مجموع الفتاوى 3/ 152 ، الصواعق المحرقة ص 323 ، معارج القبول 3/ 1196 .
(4) منهاج السنة 7/ 240 .(1/263)
ثالثاً : أما التفضيل تفصيلاً فهم متفاوتون ، والمعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الأمة وجماهيرها أن أفضل الصحابة : الخلفاء الأربعة (1) ، وأفضلهم : أبو بكر ، ثم عمر (2) ، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم (3) ، لما جاء من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أي الناس أحب إليك ؟ قال : " عائشة " . فقلت : من الرجال ؟ قال : " أبوها " ، فقلت : ثم من ؟ فقال : " عمر بن الخطاب " (4) .
ثم بعد أبي بكر و عمر : عثمان ثم علي - رضي الله عنهم - أجمعين . قال ابن أبي العز : ( وترتيب الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - أجمعين في الفضل ، كترتيبهم في الخلافة ) (5) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : ( كنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نعدل بأبي بكر أحداً ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم نترك أصحاب النبي الله - صلى الله عليه وسلم - لا نفاضل بينهم ) (6) .
__________
(1) والذي استقر عليه أمر أهل السنة : أن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة ، ينظر : شرح العقيدة الطحاوية 2/ 727 .
(2) ينظر : مجموع الفتاوى 11/ 222 ، شرح النووي على مسلم 13/ 533 .
(3) ينظر : شرح العقيدة الطحاوية 2/ 710 .
(4) أخرجه البخاري في كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لو كنت متخذاً خليلاً " (3662) ، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - (2384) .
(5) شرح العقيدة الطحاوية 2/ 727 .
(6) أخرجه البخاري في كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - باب مناقب عثمان بن عفان - رضي الله عنه - (3698) .(1/264)
ثم أفضل الناس بعد هؤلاء علي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبدالرحمن بن عوف وأبو عبيدة عامر بن الجراح ، ثم من صلى القبلتين ، ثم عموم من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - (1) .
قال محمد بن عبدالوهاب (2) : ( وأومن بأن نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين والمرسلين ، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ، ويشهد بنبوته ، وأن أفضل أمته أبو بكر الصديق ، ثم عمر الفاروق ، ثم عثمان ذو النورين ، ثم علي المرتضى ، ثم بقية العشرة ، ثم أهل بدر ، ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان ، ثم سائر الصحابة - رضي الله عنهم - ) (3) .
وهذا التفاضل لا ينقص قدر أحد منهم كما قد يرد عند بعض الناس .
قال شيخ الإسلام : ( الكلام في تفضيل الصحابة يتقى فيه نقص أحد عن رتبته أو الغض من درجته أو دخول الهوى والفرية في ذلك كما فعلت الرافضة و النواصب الذين يبخسون بعض الصحابة حقوقهم ) (4) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ لِلَّهِ †WعWè Wـ†Vز WـéSقYع`ëSظ<ض@ ... N ... èS£YةقW~Yض _&àPVTت:†W{ ً‚پَéVصWTت W£WةWTك فYع QXشSز xàWTخَ£Yت َطSن`قQYع bàWةMXْ:†V؛ N ... éSنPVحWةWچWT~YPض ء XفےPYںض@ ... N ... èSOY،قS~YضWè `ySنWعَéVخ ... V¢XM ... Nv ... éSإW-WO َطXن`~VضXM ... `ySنPVصWإVض fûèSOW،`™WTے (122) " [التوبة:122] .
__________
(1) ينظر : شرح السنة للبربهاري ص 68 .
(2) هو الشيخ محمد بن عبدالوهاب بن سليمان التميمي ، كان حافظاً ذكياً فتعلم الكثير وانطلق للدعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك ، ونفع الله به كثيراً وفي مصنفاته ، ومنها : الأصول الثلاثة ، وكتاب التوحيد ، وغيرها ، مات سنة 1206هـ ، له تراجم في عدة مصادر ، فلينظر : محمد بن عبدالوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه للأستاذ مسعود الندوي ص 37 وما بعدها .
(3) مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب 1/ 10 .
(4) منهاج السنة 7/ 257 .(1/265)
68/8- قال ابن عقيل : ( جعل الله تعالى طلب العلم فرضاً على الكفاية بقوله تعالى : ¼ ً‚پَéVصWTت W£WةWTك فYع QXشSز xàWTخَ£Yت َطSن`قQYع bàWةMXْ:†V؛ " [التوبة:122] ، بعد قوله : ¼ †WعWè Wـ†Vز WـéSقYع`ëSظ<ض@ ... N ... èS£YةقW~Yض _&àPVTت:†W{ " [التوبة:122] اهـ ) (1) .
__________________________________
الدراسة :
استفاد ابن عقيل من هذه الآية أن طلب العلم فرض على الكفاية ، وهو استنباط صحيح (2) ، ولكنه ليس في كل العلوم بل في نوع منها ، فإذا بحثنا عن الحكم الشرعي لطلب العلم وجدنا أنه يختلف باختلاف الحاجة إليه (3) ، فمنه ما هو فرض ، ومنه ما هو محرم ، والفرض منه ما هو على الكفاية ، ومنه ما هو على الأعيان ، وقد نقل ابن عبدالبر الإجماع على أن من العلم ما هو فرض عين ، ومنه ما هو فرض كفاية ، واختلفوا في تلخيص ذلك (4) .
فأقسام العلم الشرعي ثلاثة :
القسم الأول : العلوم التي تعلمها فرض عين هي ما لا يسع الإنسان جهله من الفرائض كالشهادتين ، والصلاة ، وأركان الإسلام وما لا تتم إلا به ، والمحرمات التي نص عليها الكتاب ، أو السنة ، أو أجمعت الأمة على تحريمه .
القسم الثاني : العلوم التي تعلمها فرض كفاية هي ما لا بد للناس منها في إقامة دينهم من العلوم الشرعية , كحفظ القرآن والأحاديث , وعلومهما والأصول , والفقه , واللغة والتصريف , ومعرفة رواة الحديث , والإجماع , والخلاف ، وكذلك العلوم التي يُحتاج إليها في قوام أمر الدنيا كالطب ، والحساب ، والصنائع التي هي سبب قيام مصالح الدنيا كالخياطة ، والفلاحة ونحوهما (5) .
__________
(1) الواضح 5/ 459 .
(2) جامع بيان العلم وفضله ص 11 .
(3) ينظر : الآداب الشرعية 2/ 33 .
(4) ينظر : جامع بيان العلم وفضله ص 10 .
(5) ينظر : المجموع 1/ 51 .(1/266)
وحجتهم فيه ما احتج به ابن عقيل وهو قوله تعالى : ¼ لِلَّهِ †WعWè Wـ†Vز WـéSقYع`ëSظ<ض@ ... N ... èS£YةقW~Yض _&àPVTت:†W{ ً‚پَéVصWTت W£WةWTك فYع QXشSز xàWTخَ£Yت َطSن`قQYع bàWةMXْ:†V؛ N ... éSنPVحWةWچWT~YPض ء XفےPYںض@ ... N ... èSOY،قS~YضWè `ySنWعَéVخ ... V¢XM ... Nv ... éSإW-WO َطXن`~VضXM ... " [التوبة:122] ، فألزم النفير في ذلك البعض دون الكل ثم ينصرفون فيعلمون غيرهم (1) .
قال الزمخشري : ( ¼ لِلَّهِ †WعWè Wـ†Vز WـéSقYع`ëSظ<ض@ ... N ... èS£YةقW~Yض _&àPVTت:†W{ ً‚پَéVصWTت W£WةWTك فYع QXشSز xàWTخَ£Yت َطSن`قQYع bàWةMXْ:†V؛ N ... éSنPVحWةWچWT~YPض ء XفےPYںض@ ... N ... èSOY،قS~YضWè `ySنWعَéVخ ... V¢XM ... Nv ... éSإW-WO َطXن`~VضXM ... " [التوبة:122] اللام لتأكيد النفي ، ومعناه : أن نفير الكافة عن أوطانهم لطلب العلم غير صحيح ، ولا ممكن ، وفيه : أنه لو صح وأمكن ، ولم يؤد إلى مفسدة لوجب التفقه على الكافة ) (2) .
وقال القرطبي : ( هذه الآية أصل في وجوب طلب العلم ؛ لأن المعنى : وما كان المؤمنون لينفروا كافة ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مقيم لا ينفر ، فيتركوه وحده ، فلو لا نفر بعدما علموا أن النفير لا يسع جميعهم من كل فرقة منهم طائفة وتبقى بقيتها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليتحملوا عنه الدين ويتفقهوا ، فإذا رجع النافرون إليهم أخبروهم بما سمعوا وعلموهم ، وفي هذا إيجاب التفقه في الكتاب والسنة ، وأنه على الكفاية دون الأعيان ) (3) .
القسم الثالث : العلوم التي تعلمها على الاستحباب ، كالتبحر في أصول الأدلة والإمعان فيما وراء القدر الذي يحصل به فرض الكفاية .
__________
(1) ينظر : جامع بيان العلم وفضله ص 11 .
(2) الكشاف 2/ 308 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 8/ 293 ، وينظر : التسهيل1/ 373 ، روح المعاني 11/ 56 .(1/267)
هذه أقسام العلم الشرعي ، ومن العلوم الخارجة عنه ما هو محرم كتعلم السحر ، ومنه ما هو مكروه كأشعار الغزل ، ومنه ما هو مباح كالأشعار التي ليس فيها ما يعين على خير ولا شر (1) ، وبهذا فقد حوى العلم جميع الأحكام التكليفية على حسب نوع العلم . والله أعلم .
سورة يونس
قال تعالى : ¼ †QWعXM ... Wè ًذPVقWےX£STك ً´`إWTٹ ÷Y،PVض@ ... َطSهSںYإWTك `èVK ... ًذQWقWT~PVتWéWچWTك †WTق`~VضXM†WTت `ySنSإY-َ£Wع QWطR' JًS/@ ... dں~XنW® uّVصWئ †Wع WـéSTصWإpTةWTے (46) " [يونس:46] .
69/1- قال ابن عقيل : ( ¼ †WTق`~VضXM†WTت `ySنSإY-َ£Wع QWطR' JًS/@ ... dں~XنW® uّVصWئ †Wع WـéSTصWإpTةWTے (46) " بمعنى: والله شهيد على فعلهم حال فعلهم لا مرتباً على فعلهم ، ويحتمل أن تكون على أصلها للتراخي بكون شهود الباري متراخياً عن وفاته - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإنه قال : ¼ `èVK ... ًذQWقWT~PVتWéWچWTك †WTق`~VضXM†WTت `ySنSإY-َ£Wع QWطR' JًS/@ ... dں~XنW® uّVصWئ †Wع WـéSTصWإpTةWTے (46) " [يونس:46] اهـ ) (2) .
____________________________________
الدراسة :
في كلام ابن عقيل مسألتان :
المسألة الأولى :
أن [ثم] حرف عطف يفيد الترتيب ، ويقتضي تأخر ما بعده عما قبله (3) ؛ إما تأخيراً بالذات أو بالمرتبة أو بالوضع (4) ، وهذا هو مذهب الجمهور (5) .
وذهب جماعة من العلماء إلى أن [ثم] بمنزلة [الواو] لا ترتب ، تمسكاً بقوله تعالى : ¼ yRرWحVصW فYQع w¨pTةTPVك xلًںYڑ.Wè QWطR' WشWإW- †Wن`قYع †WنW-`èW¦ " [الزمر:6] ومعلوم أن هذا الجعل كان قبل الخلق ، والجواب على هذا من عدة أوجه :
1- أن العطف على محذوف ، أي من نفس واحدة ، أنشأها ثم جعل منها زوجها .
__________
(1) ينظر : المجموع 1/ 52 ، حاشية ابن عابدين 1/ 127 .
(2) الواضح 1/ 116 ، 3/ 302 .
(3) ينظر : العدة 1/ 199 ، مغني اللبيب ص 126 .
(4) ينظر : بصائر ذوي التمييز 2/ 344 .
(5) ينظر : الجنى الداني ص 426 .(1/268)
2- أن العطف على : ¼ xلًںYڑ.Wè " [الزمر:6] على تأويلها بالفعل ، أي : من نفس توحدت ، أي : انفردت ، ثم جعل منها زوجها .
3- أن الذرية أخرجت من ظهر آدم عليه السلام كالذر ، ثم خلقت حواء .
4- أن حواء من آدم ، ولأنه لم تجر العادة بمثله جيء بـ[ثم] إيذاناً بترتبه في الإعجاب ، وظهور القدرة ، لا لترتيب الزمان وتراخيه .
5- أن ثم لترتيب الأخبار لا لترتيب الحكم (1) .
المسألة الثانية :
ذكر ابن عقيل أن [ثم] بمعنى [الواو] في قوله تعالى : ¼ †WTق`~VضXM†WTت `ySنSإY-َ£Wع QWطR' JًS/@ ... dں~XنW® uّVصWئ †Wع WـéSTصWإpTةWTے (46) " [يونس:46] ، وهذا هو ما فسر به أكثر العلماء (2) ، قالوا : يتعذر العمل بحقيقة [ثم] لأنه تعالى شهيد على ما يفعلون قبل رجوعهم إليه ، كما هو شهيد بعد ذلك فكانت [ثم] بمعنى الواو (3) .
وذهب جماعة إلى أن [ثم] على بابها ، وأشار ابن عقيل إلى احتماله ، وهو الأولى لعدة أمور منها :
1- ما ذكره ابن عقيل ، باحتمال كون الشهادة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في أول الآية .
2- أن الأولى البقاء على أصل معنى [ثم] ، وهو الترتيب مع التراخي ، وسبق أن الترتيب لا يلزم أن يكون في الذوات فقط .
3- أنه لا محذور في هذا التفسير .
4- إمكان الإجابة على ما ذكروا من لازم تفسيرها على معناها الأصلي (4) ، وذلك بما يلي :
__________
(1) مغني اللبيب ص 127 ، وينظر : الجنى الداني ص 430 .
(2) ينظر : معاني القرآن للفراء 1/ 466 ، تفسير السمعاني 2/ 387 ، معالم التنزيل 2/ 300 .
(3) ينظر : كشف الأسرار 2/ 133 ، أصول الفقه الإسلامي 1/ 386 .
(4) ومثلها الآية السابقة التي تمت الإجابة عليها .(1/269)
" أنه لا ينفي شهادة الله تعالى قبل رجوعهم، فإن [ثم] قد تفيد الاستمرار والبقاء ، كما في قوله تعالى : ¼ ّPYTكXM ... Wè cO†PVةWçإVض فWظPYض ً‡†WTژ WفWع ... ƒٍWè WشYظWئWè †_™YصHTTW² QWطRT' uüWںWچpTه@ ... (82) " [طه:82] ، أي : بقي على ذلك الهدى من التوبة والإيمان والعمل الصالح (1) .
" أن [ثم] قد تأتي لمجرد الترتيب في الذكر ، وذكر الأولى ثم الأولى دون اعتبار الزمن ، كما في قول الشاعر :
قُل لِمَن سَادَ ثُمَّ سَادَ أَبُوه قَبْلَهُ ثُمَّ قَبْلَ ذلك جَدُّه (2)
فالمقصود ترتيب درجات معالي الممدوح ، فابتدأ بسيادته ثم بسيادة أبيه ثم بسيادة جده ، لأن سيادة نفسه أخص (3) .
" ذكر جمع من العلماء أن [ثم] في هذه الآية ذكرت لترتب الأخبار لا لترتيب الوجود (4) ، وأنه يقال : بلغني ما صنعت اليوم ، ثم ما صنعت أمس أعجب . أي ثم أخبرك أن ما صنعت أمس أعجب (5) .
" أن [ثم] تستعمل في الجمل خاصة ، لاستبعاد مضمون ما بعدها عما قبلها ، كقوله تعالى : ¼ Sں`ظW™<ض@ ... YمPVصYض ÷Y،PVض@ ... WجVTصW g.WéHTWظQW©ض@ ... X³`OKKV‚ô@ ... Wè WشWإW-Wè gŒHTWظSTصJٌہ¹ض@ ... $WOéPRقTض@ ... Wè JًyRT' WفےY،PVض@ ... N ... èS£WةVز َطXنQYTٹW£Yٹ fûéSTضYں`إWTے (1) " [الأنعام:1] ، فالإشراك بخالق السماوات والأرض مستبعد ، غير مناسب ، وهذا المعنى فرع عن التراخي ، وهو واقع في الآية التي معنا من الكفار حيث استبعدوا شهادة الله عليهم .
__________
(1) ينظر : شرح الرضي لكافية ابن الحاجب 2/ 1317 .
(2) هذا البيت لأبي نُواس الحسن بن هانئ ، في قصيدة يمدح بها العباس بن أبي جعفر ، ينظر : شرح ديوانه 1/ 355 .
(3) شرح الرضي لكافية ابن الحاجب 2/ 1316 .
(4) ينظر : التبيان في إعراب القرآن 1/ 86 ، المحرر الوجيز 3/ 123 ، البرهان 4/ 266 ، شرح الكوكب المنير 1/ 237 .
(5) ينظر : مغني اللبيب ص 127 .(1/270)
" أن يكون هذا من إقامة العلة مقام المعلول فيكون التقدير : ثم نعذبهم لأن الله شهيد عليهم (1) .
" أن تكون الشهادة ذكرت والمراد : مقتضاها ونتيجتها وهو العقاب ، كأنه قال : ثم الله معاقب على ما يفعلون ، أو بإنطاق جوارحهم (2) (3) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ :†WTق`~Wڑ`èVK ... Wè uّVضXM ... uّWھéSع Yم~YVK ... Wè ـKV ... ... ƒٍQWéW‰WTژ †WظRرYعَéWحYض W£p±YظYTٹ †_TTژéS~STٹ N ... éSTصWإ`-@ ... Wè َطS|WژéS~STٹ _àVصT`‰YTخ N ... éSظ~YخKV ... Wè W%لléVصJً±ض@ ... X£PYWTٹWè fûkYقYع`ëSظ<ض@ ... " [يونس:87] .
70/2- قال ابن عقيل : ( ¼ _àVصT`‰YTخ " : جهة للطاعات ومستقبلاً لله سبحانه في العبادات ، ومن كان مأموراً أن يجعل بيته قبلة ، وهو موضع الغفلة ومناخ البطالة ، أولى أن يعقل عن الله أن يجعل مواطن العبادات محترمة عن تبديلها بأمور الدنيا ، وأرى أهل زماننا جعلوا مساجدهم متاجر وأسواقاً ، وجعلوا بيوتهم قبوراً اهـ ) (4) .
_____________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل إلى مسألتين :
المسألة الأولى :
المراد بالبيوت ، وقد ذكر العلماء أقوالاً فيها تداخل ، وسأعرض للخلاف من أقرب طريق :
فأقول :
اختلف العلماء في معنى البيوت على قولين :
__________
(1) شرح الرضي لكافية ابن الحاجب 2/ 1317 .
(2) ينظر : الكشاف 2/ 333 ، تفسير البيضاوي 3/ 201، تفسير أبي السعود 3/ 246 ، فتح القدير 2/ 572 .
(3) ينظر في الخلاف : زاد المسير 4/ 28، تفسير النسفي 2/ 166، التسهيل 1/ 382 ، روح المعاني 11/ 129 .
(4) الفنون 1/ 283 .(1/271)
القول الأول : أنها المساجد ، أي : اجعلوا مساجدكم جهة القبلة ، وهو مروي عن ابن عباس ومجاهد والضحاك (1) ، وربما حملهم على هذا وقوع قوله : ¼ N ... éSظ~YخKV ... Wè W%لléVصJً±ض@ ... " [يونس:87] بعده ، وأن المساجد تسمى بيوتاً كما في قوله جل وعلا : ¼ ء ]éS~STٹ WـY¢VK ... JًS/@ ... ـKV ... WؤWTتَ£STژ W£W{`،STےWè †fTTTن~Yت ISمSظ`ھ@ ... " [النور:36] ، وهذا قول محتمل ، ولكنه بعيد ؛ لأن الله علم أن بني إسرائيل مفارقون مصر قريباً بإذنه ، وحالة القوم مع فرعون لا تناسب هذا التفسير (2) .
القول الثاني : أنها بيوت السكنى واختلفوا على قولين :
الأول :
وهو قول ابن عقيل أن المراد : اجعلوا بيوتكم محل صلاتكم وعباداتكم ، وهو مروي عن ابن عباس ، والنخعي ، ومجاهد ، والضحاك ، وابن زيد (3) .
الثاني :
أن المراد اجعلوا بيوتكم يقابل بعضها بعضاً ، وهو قول سعيد بن جبير (4) .
والقول الراجح :
هو ما ذكره ابن عقيل بأن المراد : اجعلوا بيوتكم محلاً للطاعة والعبادة ؛ وذلك لعدة أمور منها :
1- أن الأصل في إطلاق لفظ البيوت على بيوت السكنى ، ولم يرد دلالة تدل على غير هذا (5) .
2- الحال التي كان عليها بنو إسرائيل من الخوف من فرعون وملئه تجعلهم لا يستطيعون الخروج للمساجد ، لقوله تعالى قبلها : ¼ :†WظWTت WفWع ... ƒٍ uvّWھéSظYض ‚PVپMX ... bàTQWTےQXOS¢ فYQع -YمYعَéWTخ uّVصWئ xاَéW فYQع WـَéTWئَ£YTت `yXنOےوgً"WعWè ـKV ... p&ySنWقYچpTةWTے " [يونس:83] .
3- ما روي عن إبراهيم النخعي أنه قال : ( كانوا خائفين ، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم ) (6) .
__________
(1) ينظر : جامع البيان 12/ 258 .
(2) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 8/ 371 ، التحرير والتنوير 11/ 265 .
(3) جامع البيان 12/ 255 وما بعدها ، على اختلاف في ألفاظ أقوالهم .
(4) جامع البيان 12/ 260 .
(5) ينظر : جامع البيان 12/ 260 ، التحرير والتنوير 11/ 265.
(6) جامع البيان 12/ 255 .(1/272)
4- أن فرعون أمر بتخريب المساجد ؛ فأُمر موسى وأخوه باتخاذ البيوت مساجد لتخفى عن فرعون (1) .
5- أن هذا القول هو المناسب للتبوؤ ؛ لأن التبوؤ : السكنى (2) .
وهذا هو ما رجحه الفراء (3) ، والطبري (4) ، والواحدي (5) ، والسعدي (6) ، وغيرهم (7) . وقد جاء في شرعنا الأمر بالإكثار من صلاة النافلة في البيوت وأنها أفضل من الصلاة في المساجد ، كما جاء عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة " (8) .
قال الشوكاني (9) : ( الحديث يدل على استحباب فعل صلاة التطوع في البيوت , وأن فعلها فيها أفضل من فعلها في المساجد ، ولو كانت المساجد فاضلة كالمسجد الحرام ومسجده - صلى الله عليه وسلم - ومسجد بيت المقدس ) (10) .
__________
(1) معاني القرآن للفراء 1/ 477 .
(2) ينظر : لسان العرب 1/ 38 ، التحرير والتنوير 11/ 265 .
(3) معاني القرآن 1/ 477 .
(4) جامع البيان 12/ 260 .
(5) الوجيز 1/ 506 .
(6) تفسير السعدي 3/ 382 .
(7) ينظر في هذه المسألة : معاني القرآن للنحاس 3 / 310 ، تفسير السمرقندي 2/ 128 ، النكت والعيون 2/ 447 ، زاد المسير 4/ 42 ، الجامع لأحكام القرآن 8/ 371 ، التحرير والتنوير 11/ 265 .
(8) أخرجه البخاري في كتاب الجماعة والإمامة باب صلاة الليل (731) من حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - .
(9) هو محمد بن علي بن محمد الشوكاني أبو عبدالله الصنعاني ، فقيه مجتهد ، ومن تصانيفه : البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ، فتح القدير ، مات سنة 1250هـ ، له ترجمة في : البدر الطالع 2/ 106 ، الأعلام 6/ 298 .
(10) نيل الأوطار 3/ 74 .(1/273)
وعن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً " (1) .
وقد بوب البخاري في صحيحه : ( باب المساجد في البيوت ) ، وذكر فيه حديث عتبان بن مالك وهو من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ممن شهد بدراً من الأنصار - رضي الله عنه - أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله قد أنكرت بصري ، وأنا أصلي لقومي ، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم ، ووددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي ، فأتخذه مصلى ، قال : فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سأفعل إن شاء الله " قال عتبان : فغدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر حين ارتفع النهار ، فاستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأذنت له ، فلم يجلس حتى دخل البيت ، ثم قال : " أين تحب أن أصلي من بيتك " قال : فأشرت له إلى ناحية من البيت ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر ، فقمنا فصففنا فصلى ركعتين ثم سلم ... الحديث (2) .
المسألة الثانية :
أن المأمور بجعل بيته مكاناً للطاعة أولى أن يَعْقِل ذلك في المساجد .
وهذه لفتة لطيفة من ابن عقيل حيث ذكر أنه رأى في أهل زمانه من جعل المسجد سوقاً ، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، ومما جاء في ذلك :
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد (778) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة باب المساجد في البيوت (425) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر (33) من حديث عتبان - رضي الله عنه - .(1/274)
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك ، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة ، فقولوا : لا رد الله عليك " (1) .
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " نهى عن الشراء والبيع في المسجد " (2) .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك ؛ فإن المساجد لم تبن لهذا " (3) .
وكذلك رأى ابن عقيل في وقته من جعل بيته قبراً ، وقد جاءت النصوص في النهي عن هذا ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تجعلوا بيوتكم مقابر ، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة " (4) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ، ولا تتخذوها قبوراً " (5) .
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب البيوع باب النهي عن البيع في المسجد (1321) ، وقال : حديث حسن غريب ، وصححه ابن خزيمة 2/ 274 (1305) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة (1079) ، وصححه ابن خزيمة 2/ 274 (1304) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد (568) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد (780) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(5) أخرجه البخاري في كتاب التهجد باب التطوع في البيت (1187) ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد (777) من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - .(1/275)
قال ابن تيمية : ( يعني : أن القبور موضع الموتى , فإذا لم تصلوا في بيوتكم ولم تذكروا الله فيها كنتم كالميت , وكانت كالقبور , فإن في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت " . وفي لفظ : " مثل البيت الذي يذكر الله فيه , والذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت " (1) ) (2) .
ففي مجمل هذه الآية توجيه لمن وقع في ذلك وتنبيه له بأنه قد قصر وخالف وعكس ما أمر به ، ولا ريب أن في هذه الفائدة المستنبطة من الآية توجيه لنا أيضاً ولمن بعدنا فقد زاد في وقتنا أضعافاً مما رأى ابن عقيل ، والله المستعان .
سورة هود
قال تعالى : ¼ `yPVضMX†WTت N ... éS‰~YoWTچ`©WTے `طRرVض Nv ... éSظVص`ئ@†WTت :†WظPVTكKV ... WسX¥كKR ... Xط<صTYإYٹ JًY/@ ... ـKV ... Wè :Jً‚پ WمHTVضXM ... ‚PVپMX ... $WéSه `شWنWTت ySچكKV ... fûéSظYصpT©QSع (14) " [هود:14] .
71/1- قال ابن عقيل : ( ¼ Nv ... éSظVص`ئ@†WTت :†WظPVTكKV ... WسX¥كKR ... Xط<صTYإYٹ JًY/@ ... " [هود:14] ، أي : أنزل من علم الله اهـ ) (3) .
__________________________________
الدراسة :
__________
(1) أخرج اللفظ الأول البخاري في كتاب الدعوات باب فضل ذكر الله عز وجل (6407) ، وأخرج اللفظ الثاني مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد (779) كلاهما من حديث أبي موسى - رضي الله عنه - .
(2) الفتاوى الكبرى 3/ 73 .
(3) الواضح 1/ 122 .(1/276)
فسر ابن عقيل [الباء] في الآية بمعنى [من] ، وهو مستعمل في العربية ، تقول العرب : شربت بماء كذا ، أي من ماء كذا (1) ، وكقوله تعالى : ¼ †_TTق`~Wئ ٌ‡W£pTWTے †WنYTٹ S †W‰Yئ JًY/@ ... " [الإنسان:6] ، أي منها (2) .
وفي معنى الآية قولان :
أحدهما : أنزله وهو عالم بإنزاله ، وعالم بأنه حق من عنده (3) .
والثاني : أَنزله فيه عِلْمُه الذي لا يعلمه البشر عما سلف وما سيكون ، مما لم يقرأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - كتاباً ليدل على أنه من عند الله (4) .
أما الأول : وإن كان محتملاً ؛ فبعيد ؛ لأنه لا يضيف معنى جديداً أن ينزله الله وهو يعلمه .
ويبقى الثاني هو الأرجح : وهو قول جمهور العلماء .
قال شيخ الإسلام : ( وليس معنى مجرد كونه أنزله : أنه هو معلوم له ؛ فإن جميع الأشياء معلومة له ، وليس في ذلك ما يدل على أنها حق ، لكن المعنى : أنزله فيه علمه كما يقال : فلان يتكلم بعلم ، ويقول بعلم ، فهو سبحانه أنزله بعلمه كما قال : ¼ `شSTخ SمVضW¥كVK ... ÷Y،PVض@ ... SطVص`إWTے QW£TQY©ض@ ... ء g.WéHTWظQW©ض@ ... &X³`OKKV‚ô@ ... Wè " [الفرقان:6] ) (5) .
__________
(1) ينظر : لسان العرب 1/ 487 .
(2) على رأي الكوفيين ، ينظر : تأويل مشكل القرآن ص 302 ، العدة 1/ 211 ، مغني اللبيب ص 114. وقيل : الباء صلة ، ينظر : المحرر الوجيز 5/ 410 . وقيل : على معناها الأصلي والفعل يشرب مضمن معنى آخر وهو مذهب البصريين ، بمعنى : يروى أو يتلذذ بها عباد الله ، وهذا أمتن في اللغة ، وأعمق في البلاغة ، ينظر : الجامع لأحكام القرآن 19/ 126 ، مغني اللبيب ص 114 ، و ينظر : ص 551 .
(3) ينظر : الوجيز 1/ 515 .
(4) ينظر : معاني القرآن وإعرابه 3/ 42 ، الصواعق المرسلة 3/ 877 ، فتح القدير 2/ 619 .
(5) مجموع الفتاوى 14/ 196 .(1/277)
ثم إن الجمهور اختلفوا : فبعضهم يفسر [الباء] بـ[من] (1) ، أي : إنما أنزل من علم الله ، وبهذا فسرها ابن عقيل .
قال شيخ الإسلام : ( وقوله : ¼ ISمVضW¥كVK ... -$YمTTYظ<صTTYإYٹ " [النساء:166] ، قال الزجاج : أنزله وفيه علمه ، وقال أبو سليمان الدمشقي : أنزله من علمه ، وهكذا ذكر غيرهما ، وهذا المعنى مأثور عن السلف ) (2) .
وبعضهم يفسر [الباء] بمعناها الأصلي : وهو الإلصاق (3) ، وهو أقرب للصواب ، وأقوى في الدلالة ؛ فيكون المعنى : أنزله وفيه علمه (4) .
قال ابن القيم : ( وقال تعالى : ¼ XفYرHTPVض JًS/@ ... SںWنpTWTے :†WظYٹ WسW¥كKV ... $ًذ`~VضMX ... ISمVضW¥كVK ... -$YمTTYظ<صTTYإYٹ " [النساء:166] ، أي : أنزله وفيه علم لا يعلمه البشر ، فالباء للمصاحبة ، مثل قوله : ¼ `yPVضMX†WTت N ... éS‰~YoWTچ`©WTے `طRرVض Nv ... éSظVص`ئ@†WTت :†WظPVTكKV ... WسX¥كKR ... Xط<صTYإYٹ JًY/@ ... " [هود:14] ، أي : أنزل وفيه علم الله ، وذلك من أعظم البراهين على صحة نبوة من جاء به ، ولم يصنع شيئاً من قال : إن المعنى أنزله وهو يعلمه ، وهذا وإن كان حقاً فإن الله يعلم كل شيء ، فليس في ذلك دليل وبرهان على صحة الدعوى ، فإن الله يعلم الحق والباطل ، بخلاف ما إذا كان المعنى أنزله متضمناً لعلمه الذي لا يعلمه غيره إلا من أطلعه عليه وأعلمه به ) (5) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ uüW †WTكWè c-éSTك ISمQWTٹWQO Wس†WحWTت Jg‡WO QWـMX ... ّYق`Tٹ@ ... pفYع ّYص`هVK ... QWـMX ... Wè ًدWں`ئWè SQجW™<ض@ ... ًŒكVK ... Wè SطVر`ڑKV ... WـkYظYرHTW™<ض@ ... (45) " [هود:45] .
__________
(1) ينظر : العدة 1/ 212 ، تفسير السمرقندي 2/ 141 ، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ص 55 .
(2) مجموع الفتاوى 16/ 464 .
(3) ينظر : رصف المباني ص 222 ، الجنى الداني ص 46 .
(4) ينظر : الكشاف 2/ 364 ، تفسير البيضاوي 3/ 225 ، معالم التنزيل 2/ 317 ، تفسير النسفي 2/ 182 ، روح المعاني 12/ 21 .
(5) الصواعق المرسلة 3/ 877 .(1/278)
72/2- قال ابن عقيل : ( قوله تعالى : ¼ uüW †WTكWè c-éSTك ISمQWTٹWQO Wس†WحWTت Jg‡WO QWـMX ... ّYق`Tٹ@ ... pفYع ّYص`هVK ... QWـMX ... Wè ًدWں`ئWè SQجW™<ض@ ... " [هود:45] تمسكاً بقوله تعالى : ¼ `ذRصpTھ@†WTت †Wن~Yت " [المؤمنون:27] ، وقوله : ¼ †WTق<صSTخ `شYظ`ڑ@ ... †fTTTن~Yت فYع QwشS{ Xـ`kTW-`èW¦ gـ`kTWTق<T'@ ... ًذVص`هVK ... Wè " [هود:40] فأجابه الباري سبحانه عن ذلك جواب تخصيص لا جواب نكير عليه ما تعلق به العموم ، فقال : ¼ ISمPVTكMX ... W¨`~TVض pفYع $ًذYص`هVK ... ISمPVTكMX ... eشWظWئ SO`kTWTçئ $wکYصHTW² " [هود:46] ، فدل على أن اللفظة عموم ، ولولا دليل أخرج ابنه من أهله ؛ لكان داخلاً تحت اللفظ اهـ ) (1) .
____________________________________
الدراسة :
استدل ابن عقيل بالآية على أن صيغة العموم تدل على شمول الجنس الذي أطلقت عليه ، وهذا قول جمهور الفقهاء والأصوليين (2) ، ووجه الاستدلال : أن نوحاً عليه السلام دعا ربه نجاة ابنه إتماماً لوعده بنجاة أهله ، فأجابه الباري جواب تخصيص لا نكير ، إنه ليس ممن وعدت بنجاتهم لأنه ممن سبق عليهم القول ، وكانت أعماله غير صالحة ، فدل على صحة استدلاله بالعموم ، ولولا أن الدليل أخرج ابنه ، لكان داخلاً في عموم أهله .
وبهذا المعنى فسرها عامة المفسرين .
__________
(1) الواضح 3/ 314 .
(2) ينظر تفصيل المسألة والموافقة في الاستدلال : العدة 2/ 485 ، شرح الكوكب المنير 3/ 108 .(1/279)
قال السمعاني : ( قوله سبحانه وتعالى : ¼ uüW †WTكWè c-éSTك ISمQWTٹWQO Wس†WحWTت Jg‡WO QWـMX ... ّYق`Tٹ@ ... pفYع ّYص`هVK ... QWـMX ... Wè ًدWں`ئWè SQجW™<ض@ ... ًŒكVK ... Wè SطVر`ڑKV ... WـkYظYرHTW™<ض@ ... (45) " [هود:45] ، يعني : أنت وعدتني أن تنجي أهلي ، وأنت أحكم الحاكمين ، يعني : وأنت أحكم الحاكمين بالعدل ، قال الله تعالى : ¼ ISمPVTكMX ... W¨`~TVض pفYع $ًذYص`هVK ... " [هود:46] ، معناه : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم ) (1) .
وقال ابن كثير : ( هذا سؤال استعلام وكشف من نوح عليه السلام عن حال ولده الذي غرق ، ¼ Wس†WحWTت Jg‡WO QWـMX ... ّYق`Tٹ@ ... pفYع ّYص`هVK ... " [هود:45] ، أي : وقد وعدتني بنجاة أهلي ، ووعدك الحق الذي لا يخلف ؛ فكيف غرق وأنت أحكم الحاكمين ، ¼ Wس†WTخ ٌ-éSقHTWTے ISمPVTكMX ... W¨`~TVض pفYع $ًذYص`هVK ... " [هود:46] أي : الذين وعدت إنجاءهم ؛ لأني إنما وعدتك بنجاة من آمن من أهلك ، ولهذا قال : ¼ ًذVص`هVK ... Wè ‚PVپMX ... فWع WجW‰TWھ Yم`~TVصWئ SسَéWح<ض@ ... " [هود:40] ) (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ N ... éSTض†WTخ ٌˆ`~TWإSHTWTے †Wع SمWحpTةWTك ... _OkY'TW{ †QWظQYع SسéSحWTژ †PVTكMX ... Wè ًذHTْW£WقTVض †Wق~Yت $†T_Tة~YإW ‚WپَéVضWè ًذٌ¹`هWO ً$ذHTWTق`ظW-W£Vض :†WعWè ًŒكKV ... †WTق`~TVصWئ w¥ےX¥WإYٹ " [هود:91] .
73/3- قال ابن عقيل : ( ¼ †Wع SمWحpTةWTك ... _OkY'TW{ " ، أي : لا نفهم اهـ ) (3) .
__________________________________
الدراسة :
__________
(1) تفسير السمعاني 2/ 433 ، وينظر : الجامع لأحكام القرآن 9/ 45 ، فتح القدير 2/ 640 .
(2) تفسير ابن كثير ، وينظر : زاد المسير 4/ 87 ، تفسير الثعالبي 2/ 207 ، تفسير السعدي 3/ 427 .
(3) الواضح 1/ 7 .(1/280)
فسر ابن عقيل الفقه : بالفهم ، وهذا هو ما فسره به جمع من المفسرين وغيرهم (1) .
قال السمعاني : ( ¼ †Wع SمWحpTةWTك ... _OkY'TW{ †QWظQYع SسéSحWTژ " [هود:91] ، معناه : ما نفهم ) (2) .
وقال الرازي : ( يفقهون : يفهمون ) (3) .
وفسره آخرون : بالعلم (4) .
قال الطبري : (¼ †Wع SمWحpTةWTك ... _OkY'TW{ †QWظQYع SسéSحWTژ " [هود:91] ، أي : ما نعلم حقيقة كثير مما تقول ) (5) .
ولا اختلاف بين هذا ولا هذا ، فالفقه عند التأمل في مواضع وروده في كتاب الله ؛ نجد أنه يستعمل بمعنى الفهم ، ومنه قوله تعالى : ¼ فYرHTVضWè ‚PVپ WـéSنWحpTةWTژ َ%طSنW™g~‰`©WTژ " [الإسراء:44] على القول بأن التسبيح : حقيقة وهو الصواب ، ويستعمل بمعنى العلم (6) ، ومنه قوله تعالى : ¼ N ... éSنPVحWةWچWT~YPض ء XفےPYںض@ ... " [التوبة:122] ، ويستعمل في معنى أخص من العلم والفهم ، وهو التوصل إلى علم ما كان غائباً بعلم شاهد (7) ، ومنه قوله تعالى : ¼ †Wع SمWحpTةWTك ... _OkY'TW{ †QWظQYع SسéSحWTژ " [هود:91] ، وبهذا تنتظم الأقوال ، وعند إطلاق العلماء لواحد منها عند تفسير آية فغالباً ما يقيده بما يدل على ما ذكرت .
ولذا فسر بعضهم الآية التي معنا بقولهم : لا نعقل ما تقول (8) .
قال ابن كثير : ( ¼ †Wع SمWحpTةWTك ... _OkY'TW{ †QWظQYع SسéSحWTژ " [هود:91] ، أي: ما نفهم ولا نعقل كثيراً من قولك ) (9) .
__________
(1) ينظر : تفسير البيضاوي 3/ 256، معالم التنزيل 2/ 336، الكشاف 2/ 399 ، التسهيل 1/ 404 ، لسان العرب 13/ 522 ، الجلالين ص 232 .
(2) تفسير السمعاني 2/ 453 .
(3) تفسير غريب القرآن ص 526 .
(4) الواضح 1/ 7 .
(5) ينظر : جامع البيان 12/ 552 .
(6) ينظر : معجم مقاييس اللغة 4/ 442 ، المفردات ص 430 ، تفسير غريب القرآن ص 526 .
(7) ينظر : المفردات ص 430 ، وينظر : بصائر ذوي التمييز 4/ 210 .
(8) ينظر : تفسير السمرقندي 2/ 167 .
(9) تفسير ابن كثير 4/ 1808 .(1/281)
وقال ابن عطية : ( ومعنى : ما نفقه ما تقول ، أي : ما نفقه صحة قولك ، وأما فقههم لفظه ومعناه فمتحصل ) (1) .
وقال النسفي : ( ¼ N ... éSTض†WTخ ٌˆ`~TWإSHTWTے †Wع SمWحpTةWTك ... _OkY'TW{ †QWظQYع SسéSحWTژ " [هود:91] أي : لا نفهم صحة ما تقول ، وإلا فكيف لا يفهم كلامه وهو خطيب الأنبياء ) (2) .
وقال الشوكاني : ( ولا نفقه ذلك ، أي : نفهمه كما نفهم الأمور الحاضرة المشاهدة ) (3) .
ولما لم يُفَصَّل هذا التفصيل ذكر بعض العلماء أجوبة عن عدم فهمهم لكلامه ، مع أنه يخاطبهم بلسانهم .
ومنها : قولهم : إن المراد : ما نفهم كثيراً مما تقول ؛ لأنهم كانوا لا يلقون إليه أفهامهم لشدة نفرتهم عن كلامه .
وقول بعضهم : إنهم فهموه بقلوبهم ، ولكنهم ما أقاموا له وزناً فذكروا هذا الكلام على وجه الاستهانة ، كما يقول الرجل لصاحبه إذ لم يعبأ بحديثه : ما أدري ما تقول .
وقال بعضهم : إن هذه الدلائل التي ذكرها ما أقنعتهم في صحة التوحيد والنبوة والبعث ، وما يجب من ترك الظلم والسرقة فقولهم ما نفقه أي لم نعرف صحة الدلائل التي ذكرتها على صحة هذه المطالب (4) . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ gyYYخVK ... Wè WلléVصJً±ض@ ... XّWTتW£V؛ YO†WنPVقض@ ... †_TةVضS¦Wè WفYQع &XشTT`~TPVض@ ... QWـMX ... gŒHTWTقW©W™<ض@ ... Wـ`iYه<،STے &g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... ًذYض.W¢ uüW£<زY¢ fغTےX£Yز.PV،صYض (114) " [هود:114] .
74/4- قال ابن عقيل : ( نزلت في الرجل الذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن استمتاعه من المرأة الأجنبية بكل ما يستمتع به الرجل من زوجته إلا الجماع ؛ فأنزل الله هذه الآية اهـ ) (5) . _________________________________
الدراسة :
__________
(1) المحرر الوجيز 3/ 202 ، وينظر : تفسير أبي السعود 3/ 345 .
(2) تفسير النسفي 2/ 202 .
(3) فتح القدير 2/ 622 .
(4) ينظر : التفسير الكبير 18 / 40 ، وينظر : الوجيز 1/ 531 ، روح المعاني 12/ 123 .
(5) الواضح 5/ 26 .(1/282)
ذكر ابن عقيل فيمن نزلت هذه الآية ، وهو كما قال ، فقد روى الشيخان عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة ؛ فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ؛ فأنزل الله : ¼ gyYYخVK ... Wè WلléVصJً±ض@ ... XّWTتW£V؛ YO†WنPVقض@ ... †_TةVضS¦Wè WفYQع &XشTT`~TPVض@ ... QWـMX ... gŒHTWTقW©W™<ض@ ... Wـ`iYه<،STے &g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... " [هود:114] ، فقال الرجل : ألي هذه ؟ قال : " لجميع أمتي كلهم " (1) .
وكلام ابن عقيل يشير إلى ما رواه الترمذي عن معاذ - رضي الله عنه - قال : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل ، فقال : يا رسول الله أرأيت رجلاً لقي امرأة وليس بينهما معرفة ، فليس يأتي الرجل شيئاً إلى امرأته إلا قد أتى هو إليها ، إلا أنه لم يجامعها ، قال فأنزل الله : ¼ gyYYخVK ... Wè WلléVصJً±ض@ ... XّWTتW£V؛ YO†WنPVقض@ ... †_TةVضS¦Wè WفYQع &XشTT`~TPVض@ ... QWـMX ... gŒHTWTقW©W™<ض@ ... Wـ`iYه<،STے &g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... " [هود:114] فأمره أن يتوضأ ويصلي ، قال معاذ : فقلت يا رسول الله ، أهي له خاصة أم للمؤمنين عامة ؟ قال : " بل للمؤمنين عامة " (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ gyYYخVK ... Wè WلléVصJً±ض@ ... XّWTتW£V؛ YO†WنPVقض@ ... †_TةVضS¦Wè WفYQع &XشTT`~TPVض@ ... QWـMX ... gŒHTWTقW©W™<ض@ ... Wـ`iYه<،STے &g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... ًذYض.W¢ uüW£<زY¢ fغTےX£Yز.PV،صYض " [هود:114] .
75/5- قال ابن عقيل : ( ¼ QWـMX ... gŒHTWTقW©W™<ض@ ... Wـ`iYه<،STے &g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... " [هود:114] قيل في التفسير : الصلوات الخمس يكفرن ما بينهن ، والأحاديث في ذلك كثيرة اهـ ) (3) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة باب الصلاة كفارة (525) ، ومسلم في كتاب التوبة باب قوله تعالى : ¼ QWـMX ... gŒHTWTقW©W™<ض@ ... Wـ`iYه<،STے &g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... " [هود:114] (2763)، وينظر : أسباب النزول ص 217 ، لباب النقول ص 168.
(2) سبق تخريجه ، ينظر : 195 .
(3) الواضح 3/ 23 .(1/283)
___________________________________
الدراسة :
اختلف العلماء في المراد بالحسنات في هذه الآية على قولين :
القول الأول : أنها الصلوات الخمس ، وهو قول ابن عقيل ، وعليه جمهور العلماء (1) .
قال ابن عطية : ( وقوله : ¼ QWـMX ... gŒHTWTقW©W™<ض@ ... Wـ`iYه<،STے &g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... " [هود:114] ذهب جمهور المتأولين من صحابة وتابعين إلى أن الحسنات يراد بها الصلوات الخمس ) (2) .
القول الثاني : أن المراد بالحسنات : قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهو مروي عن مجاهد (3) .
قال ابن عطية : ( وهذا كله إنما هو على جهة المثال في الحسنات ، ومن أجل أن الصلوات الخمس هي أعظم الأعمال ، والذي يظهر أن لفظ الآية لفظ عام في الحسنات ) (4) .
والقول بالعموم قول قوي جداً إلا أن المرجحات للقول الأول - وهو أن المراد بها الصلوات الخمس - تجعله أقوى وأرجح ، ومنها :
1- سبب النزول (5) ، وقد سبق ذكره (6) .
قال القرطبي : ( سبب النزول يعضد قول الجمهور ) (7) .
وكما قال شيخ الإسلام : ( معرفة سبب نزول القرآن ، يعين على فهم الآية ) (8) .
ومن قواعد الترجيح عند المفسرين : قاعدة ( إذا صح سبب النزول الصريح فهو مرجح لما وافقه من أوجه التفسير ) (9) .
__________
(1) جامع البيان 12/ 616 ، زاد المسير 4/ 129 ، الجامع لأحكام القرآن 9/ 110 .
(2) المحرر الوجيز 3/ 212 .
(3) جامع البيان 12/ 616 .
(4) المحرر الوجيز 3/ 213 .
(5) ينظر : معاني القرآن للنحاس 3/ 386 ، أسباب النزول ص 217 ، لباب النقول ص 168 .
(6) ينظر : ص 314 .
(7) الجامع لأحكام القرآن 9/ 110 .
(8) مقدمة التفسير ص 45 .
(9) ينظر : قواعد الترجيح عند المفسرين 1/ 241 .(1/284)
2- كذلك سياق الآيات في أمر الله بإقامة الصلوات ؛ حيث يقول تعالى : ¼ gyYYخVK ... Wè WلléVصJً±ض@ ... XّWTتW£V؛ YO†WنPVقض@ ... †_TةVضS¦Wè WفYQع &XشTT`~TPVض@ ... QWـMX ... gŒHTWTقW©W™<ض@ ... Wـ`iYه<،STے &g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... " [هود:114] .
قال الطبري : ( فالوعد على إقامتها الجزيلَ من الثواب عقيبها ، أولى من الوعد على ما لم يجر له ذكر من سائر صالحات الأعمال ) (1) .
3- صحة الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتواترها في أن الصلاة مكفرة كما أشار إلى ذلك ابن عقيل ، ومنها : حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنه توضأ لهم ثم قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ وقال : " من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه ، غفر له ما تقدم من ذنبه " (2) . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمساً ، ما تقول ذلك يُبقِي من دَرَنِه ؟ " قالوا : لا يُبْقِي من دَرَنِه شيئاً ، قال : " فذلك مَثَل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا " (3) .
وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " (4) (5) .
__________
(1) جامع البيان 12/ 617 .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً ( 159) ، ومسلم في كتاب الطهارة باب صفة الوضوء وكماله (226) .
(3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة باب الصلوات الخمس كفارة (528) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات (667) .
(4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر (233) .
(5) ينظر : مجموع الفتاوى 7/ 489 ، تفسير ابن كثير 4/ 1815 .(1/285)
4- أن جمهور العلماء على ترجيحه (1) ، منهم الطبري حيث قال : ( وأولى التأويلين بالصواب في ذلك قول من قال في ذلك : هن الصلوات الخمس ) (2) .
وقال ابن الجوزي : ( والأول أصح لأن الجمهور عليه ) (3) . والله أعلم .
سورة يوسف
قال تعالى : ¼ WشWW Wè SمWإWع Wف`oQY©ض@ ... $Xـ†W~WچWTت Wس†WTخ :†WظSهSںWڑVK ... ُّYPTكMX ... ُّYقHTْWOVK ... S£g±`ئVK ... $ ... _£`ظW Wس†WTخWè S£W‚پ@ ... ُّYPTكMX ... ُّYقHTْWOVK ... SشYظ`ڑVK ... ًث`éWTت ّYھ<K ... WO ... _¦`iTS ٌشS{K<†Wژ SO`kJً¹ض@ ... $Sم`قYع †WقT`LùTQY‰WTك ,-$YمYصےXè<K†WچYٹ †PVكXM ... ًذHTْW£WTك WفYع WـkYقY©`™Sظ<ض@ ... (36) " [يوسف:36] .
76/1- قال ابن عقيل : ( ¼ ُّYPTكMX ... ُّYقHTْWOVK ... S£g±`ئVK ... $ ... _£`ظW " [يوسف:36] ، يريد به ما يصير خمراً ، وإنما يعصر عصيراً اهـ ) (4) .
__________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل العصر بما يُعْصر ، وذِكْر الخمر في الآية اعتباراً لما يؤول إليه العصير .
وهذا قول أكثر المفسرين (5) ، وإنما كان المعنى كذلك لأن العرب تستعمل هذا في كلامها (6) ، ومن تسمية الشيء بما يؤول إليه قولهم للمولود : يهنيك الفارس ، تفاؤلاً بأن يكون فارساً (7) .
وأيدوا كلامهم بقراءة ابن مسعود - رضي الله عنه - : ( إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ عِنَباً ) (8) .
__________
(1) ينظر : تفسير السمرقندي 2/ 174 ، تفسير السمعاني 2/ 465 ، معالم التنزيل 2/ 341 .
(2) جامع البيان 12/ 617 .
(3) زاد المسير 4/ 129 .
(4) الواضح 2/ 385 .
(5) ينظر : زاد المسير 4/ 171، تفسير البيضاوي 3/ 287، التفسير الكبير 5/ 24، البحر المحيط لأبي حيان 5/ 308 .
(6) ينظر : لسان العرب 4/ 255 ، بصائر ذوي التمييز 4/ 71 .
(7) الواضح 2/ 385 .
(8) أخرجه الطبري 13/ 154 ، وينبغي أن يحمل ذلك على التفسير لمخالفته المتواتر عنه - رضي الله عنه - .(1/286)
وذهب بعضهم إلى أن الخمر في لغة أهل عمان : اسم للعنب ؛ فيسمون العنب خمراً ، وروي هذا عن الضحاك (1) .
وحكى أكثر المفسرين القولين بلا ترجيح ، لأنه لا تعارض بينهما ، والتفسير يحتملهما (2) .
قال البغوي : ( ¼ ُّYPTكMX ... ُّYقHTْWOVK ... S£g±`ئVK ... $ ... _£`ظW " [يوسف:36] ، أي : عنباً ، سمي العنب خمراً باسم ما يؤول إليه ، كما يقال : فلان يطبخ الآجر (3) ، أي : يطبخ اللَّبِن للآجر ، وقيل : الخمر العنب بلغة عمان ) (4) .
وقال الزمخشري : (¼ S£g±`ئVK ... $ ... _£`ظW " [يوسف:36] ، يعني : عنباً ، تسمية للعنب بما يؤول إليه ، وقيل : الخمر بلغة عمان : اسم للعنب ) (5) .
وقال الكلبي : (¼ S£g±`ئVK ... $ ... _£`ظW " [يوسف:36] ، قيل فيه : سمى العنب خمراً بما يؤول إليه ، وقيل : هي لغة ) (6) .
ومع كون الآية محتملة لما قيل فيها ، وصحته فيها (7) ، إلا أن القول الأول أظهر ، وأقرب كما قال النحاس : ( والأول أبينها ، وأهل التفسير عليه ) (8) .
وهو أسلوب عربي معروف (9) .
قال الرازي : ( إن العرب تسمي الشيء باسم ما يؤول إليه إذا انكشف المعنى ولم يلتبس ، يقولون : فلان يطبخ دبساً (10) ، وهو يطبخ عصيراً ) (11) . والله أعلم .
__________
(1) ينظر : جامع البيان 13/ 155 .
(2) ينظر : أحكام القرآن للجصاص 3/ 223 ، تفسير السمرقندي 2/ 192 ، تفسير السمعاني 3 / 30 ، المحرر الوجيز 3/ 243 ، تفسير النسفي 2/ 221 ، تفسير ابن كثير 4/ 1841 .
(3) الآجُرّ : هو الطوب الذي يبنى به ، فارسي معرّب ، ينظر : مختار الصحاح ص 16 .
(4) معالم التنزيل 2/ 357 .
(5) الكشاف 2/ 442 .
(6) التسهيل 1/ 415 .
(7) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 9/ 190 ، النكت والعيون 3/ 36 ، البرهان 2/ 279 .
(8) معاني القرآن 3/ 426 .
(9) ينظر : لسان العرب 4/ 255 .
(10) الدبس : هو ما يسيل من الرطب ، ينظر : مختار الصحاح ص 187 .
(11) التفسير الكبير 18/ 108 .(1/287)
قال تعالى : ¼ VK ... WںW‰WTت `yXنYTچW~Yئ`èVK†Yٹ Wش`‰WTخ Yٍ:†WئXè Yم~YKV ... QWطR' †WنW-W£pTWچpTھ@ ... فYع Yٍ:†WئXè &Yم~YKV ... ًذYض.W،Vز †WTك`ںYز ً$بSھéS~Yض †Wع Wـ†Vز W،S<K†W~Yض Sâ†WVK ... ء XفےY gذYصWظ<ض@ ... :‚PVپMX ... ـKV ... ƒٍ:†WWے &JًS/@ ... SؤTTWTتَ£WTك xŒHTW-WOW فQWع %Sٍ:†WPVك ًث`éWTتWè QXشS{ ÷Y¢ ]y<صYئ cy~YصWئ (76) " [يوسف:76] .
77/2- قال ابن عقيل : ( ¼ ًذYض.W،Vز †WTك`ںYز ً$بSھéS~Yض " ، أردنا به وله اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
أشير في البداية إلى المعنى اللغوي للكيد فأقول :
قال ابن فارس : ( الكاف والياء والدال أصل صحيح يدل على معالجةٍ لشيء بشدة ، ثم يتسع الباب ، وكله راجع إلى هذا الأصل ) (2) .
وقال ابن منظور : ( والكيد : الاحتيال والاجتهاد ، وبه سميت الحرب كيداً ) (3) .
وقال البغوي : ( الكيد : إرادة مضرة الغير الخفية ، وهو من الخلق الحيلة السيئة ، ومن الله التدبير بالحق لمجازاة أعمال الخلق ) (4) .
فالكيد يطلق على المكر والحيلة (5) ، كما قال تعالى : ¼ N ... èSں~YرW~WTت ًذVض $ ... [ں`~TVز " [يوسف:5] ، وقال سبحانه : ¼ WؤWظWoWTت ISâWں`~TW{ QWطRT' uّWTژVK ... (60) " [طه:60] .
قال الراغب : ( الكيد : ضرب من الاحتيال ، وقد يكون مذموماً وممدوحاً ، وإن كان يستعمل في المذموم أكثر ، وكذلك الاستدراج والمكر ، ويكون بعض ذلك محموداً ) (6) .
وقد فسر السلف الكيد في الآية بالكيد المحمود ، وهو ما كان في مقابلة الفاعل بمثل فعله أو أشد ، وهنا يكون صفة كمال تليق بالله سبحانه .
__________
(1) الفنون 2/ 659 .
(2) معجم مقاييس اللغة 5/ 149 .
(3) لسان العرب 3/ 383 .
(4) معالم التنزيل 2/ 370 ، وينظر : التعريفات ص 241 .
(5) ينظر : بصائر ذوي التمييز 4/ 399 .
(6) المفردات ص 495 .(1/288)
قال ابن كثير : ( ¼ ًذYض.W،Vز †WTك`ںYز ً$بSھéS~Yض " [يوسف:76] ، وهذا من الكيد المحبوب المراد الذي يحبه الله ويرضاه ؛ لما فيه من الحكمة والمصلحة المطلوبة ) (1) .
وقال ابن القيم : ( المكر : إيصال الشيء إلى الغير بطريق خفي ، وكذلك الكيد والمخادعة ، ولكنه نوعان : 1- قبيح : وهو إيصال ذلك لمن لا يستحقه . 2- وحسن : وهو إيصاله إلى مستحقه عقوبة له ، فالأول مذموم ، والثاني ممدوح ، والرب تعالى إنما يفعل من ذلك ما يحمد عليه عدلاً منه وحكمة .. ) (2) .
ولوازم قوله تعالى : ¼ †WTك`ںYز " في هذه الآية كثيرة ، ذكرها العلماء ، ومنها :
الأول / أردنا به وله ، وهو تفسير ابن عقيل ، وأشار إليه الزركشي (3) .
الثاني / احتلنا له ، والكيد : الحيلة ، ذكره الجصاص وغيره (4) .
الثالث / صنعنا ليوسف ، قاله الطبري ، والقرطبي وغيرهما (5) .
الرابع / دبرنا له ، ذكره الماوردي ، وابن الجوزي (6) .
الخامس / علمناه ، كما ذكر الزمخشري وغيره (7) .
__________
(1) تفسير ابن كثير 4/ 1852 ، وينظر : تفسير السعدي 4/ 48 .
(2) أعلام الموقعين 3/ 171 ، بدائع التفسير 2/ 460 .
(3) ينظر : البرهان 4/ 139 .
(4) ينظر : أحكام القرآن للجصاص 3 / 228 ، تفسير السمرقندي 2/ 203 ، تفسير السمعاني 3/ 52 ، التفسير الكبير 18/ 145.
(5) ينظر : جامع البيان 13/ 263 ، الجامع لأحكام القرآن 9/ 236 ، التسهيل 1/ 422 .
(6) ينظر : النكت والعيون 3/ 64 ، زاد المسير 4/ 201 .
(7) ينظر : الكشاف 2/ 463 ، تفسير البيضاوي 3/ 301 ، تفسير النسفي 2/ 232 .(1/289)
ونسبة الكيد إلى الله سبحانه من إطلاق الفعل عليه تعالى ، والفعل أوسع من الاسم ولهذا أطلق الله على نفسه أفعالاً لم يتسم منها بأسماء الفاعل ، كأراد وشاء ولم يسم بالمريد والشائي ، وكذا مكر ويمكر ، وأكيد كيداً ، ولا يقال الماكر والكائد ؛ لأن مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم (1) .
قال ابن تيمية : ( وكذلك ما ادعوا أنه مجاز في القرآن كلفظ : المكر والاستهزاء والسخرية المضاف إلى الله ، وزعموا أنه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز ، وليس كذلك ؛ بل مسميات هذه الأسماء إذا فُعلت بمن لا يستحق العقوبة كانت ظلماً له ، وأما إذا فعلت بمن فعلها بالمجني عليه عقوبة له بمثل فعله كانت عدلاً ، كما قال تعالى : ¼ ًذYض.W،Vز †WTك`ںYز ً$بSھéS~Yض " [يوسف:76] ، فكاد له كما كادت إخوته لما قال له أبوه : ¼ ‚Wپ p°S±pTحWژ ًد†WTے`ٍSO uvّVصWئ ًذYTژWépTTXM ... N ... èSں~YرW~WTت ًذVض $ ... [ں`~TVز " [يوسف:5] ، وقال تعالى : ¼ َطSنPVTكXM ... WـèSں~YرWTے ... _ں`~W{ (15) Sں~Y{VK ... Wè ... _ں`~W{ (16) " [الطارق:15-16] ... ) (2) .
وقال أيضاً : ( وهكذا وصف نفسه بالمكر والكيد ، كما وصف عبده بذلك ، فقال : ¼ WـèS£Rر`ظWےWè S£Rر`ظWےWè $JًS/@ ... " [الأنفال:30] ، وقال : ¼ َطSنPVTكXM ... WـèSں~YرWTے ... _ں`~W{ (15) Sں~Y{VK ... Wè ... _ں`~W{ (16) " [الطارق:15-16] ، وليس المكر كالمكر ، ولا الكيد كالكيد ) (3) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... ّYچPVض@ ... †QWقTS{ †Wن~Yت WOkYإ<ض@ ... Wè ُّXچPVض@ ... †WTق<صW‰pTTخVK ... $†Wن~Yت †PVكMX ... Wè WـéSTخYںHTW±Vض (82) " [يوسف:82] .
78/3- قال ابن عقيل : ( ¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... " [يوسف:82] ، معناه : سل أهل ، فحذف أهلها المراد سؤالهم ، وأقام القرية اهـ ) (4) .
__________
(1) ينظر : شرح العقيدة الواسطية للفوزان ص 66 ، وشرح هراس ص 123 .
(2) مجموع الفتاوى 7/ 111 .
(3) مجموع الفتاوى 3/ 14 .
(4) الواضح 2/ 385 .(1/290)
___________________________________
الدراسة :
ما ذكره ابن عقيل من التقدير هو المشهور في كتب التفسير (1) ، إذ يستحيل عقلاً أن يوجه السؤال إلى القرية التي هي المباني .
قال ابن الجوزي : ( قوله تعالى : ¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... " [يوسف:82] المعنى : قولوا لأبيكم : سل أهل القرية ) ، ولم يذكر فيها خلافاً (2) .
وقال الزركشي : ( ولما كان الحذف لا يجوز إلا لدليل ؛ احتيج إلى ذكر دليله ، والدليل تارة يدل على محذوف مطلق ، وتارة على محذوف معين ؛ فمنها : أن يدل عليه العقل حيث تستحيل صحة الكلام عقلاً إلا بتقدير محذوف ، كقوله تعالى : ¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... " [يوسف:82] ، فإنه يستحيل عقلاً تكلم الأمكنة إلا معجزة ) (3) .
وعده بعضهم من المجاز (4) ، وليس كذلك عند كثير من الأصوليين القائلين بالمجاز في القرآن ، وهذا هو المؤكد عند غيرهم ؛ لأن حد المجاز لا يشمل مثل هذه الآية لأمرين :
1- أن إعراب المضاف إليه إعراب المضاف إذا حذف من أساليب اللغة العربية ، ويكون المضاف إليه المذكور بمنزلة المضاف المحذوف (5) .
قال ابن عطية : ( إن إسقاط المضاف في قوله : ¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... " [يوسف:82] ، هو سائغ بسبب ما يُعقل من أن : اسأل القرية . لا تُسأل ؛ ففي الظاهر دليل على ما أضمر ) (6) .
__________
(1) ينظر : جامع البيان 13 / 290 ، تفسير السمرقندي 2/ 206 ، تفسير السمعاني 3/ 56 ، الجامع لأحكام القرآن 9/ 246 ، معالم التنزيل 2/ 372 .
(2) زاد المسير 4/ 207 .
(3) البرهان 3/ 108 .
(4) يراجع الكلام عن المجاز عند تفسير قوله تعالى : ¼ N ... éSٹX£pT®RK ... Wè ء SطXنYTٹéRصSTخ Wش`oYإ<ض@ ... " [البقرة:93] ، ينظر : ص 101 من هذا البحث .
(5) منع جواز المجاز ص 64 .
(6) المحرر الوجيز 3/ 137 .(1/291)
وهذا الحذف كثير في اللغة العربية اكتفاء بفهم السامع لمعنى الكلام (1) ؛ وهو من إيجاز الحذف المحمود في الحديث ، إذ لا يفهم منه غير المراد من غير استطراد (2) .
ولأجل تحصيل المعنى الكثير في اللفظ القليل حسن الإيجاز بنوعيه (3) .
2- ولأن القرية في هذا الموضع مستعملة في معناها الحقيقي ، وإطلاق القرية وإرادة أهلها من أساليب اللغة العربية كذلك (4) ، كما قال الطبري : ( وقد تقول العرب : إذا سرك أن تنظر إلى السخاء فانظر إلى هرم أو إلى حاتم ؛ فتجتزئ بذكر الاسم من ذكر فعله إذا كان معروفاً بشجاعة ، أو سخاء ، أو ما أشبه ذلك من الصفات ) (5) .
__________
(1) ينظر : لسان العرب 15/ 177 .
(2) ينظر : الإيضاح في علوم البلاغة ص 184 .
(3) أي : إيجاز الحذف ، وإيجاز القصر ، ينظر : المرجع السابق ، التحرير والتنوير 1/ 122 .
(4) ينظر : منع جواز المجاز ص 63 .
(5) جامع البيان 2/ 266 .(1/292)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( ومن الأمثلة المشهورة لمن يثبت المجاز في القرآن : ¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... " [يوسف:82] ، قالوا المراد به : أهلها ؛ فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، فقيل لهم : لفظ القرية والمدينة والنهر والميزاب وأمثال هذه الأمور التي فيها الحال والمحال كلاهما داخل في الاسم ، ثم قد يعود الحكم على الحال وهو السكان ، وتارة على المحل وهو المكان ، وكذلك في النهر يقال : حفرت النهر وهو المحل ، وجرى النهر وهو الماء ، ووضعت الميزاب وهو المحل ، وجرى الميزاب وهو الماء ، وكذلك القرية : قال تعالى : ¼ ً‡W£ً¶Wè JًS/@ ... ¾"W'Wع ^àWTےَ£WTخ pŒWTك†W{ ^àWقYع ... ƒٍ ^àTPVقMMXùWظp¹QSع " [النحل:112] ، وقوله : ¼ طVزƒè فYQع ]àWTےَ£WTخ †WنHTWTق<رVص`هKV ... †Wهƒٍ:†WoWTت †WقTSھ<K†Wٹ †[TچTHTW~Wٹ `èVK ... `طSه fûéSTصMXْ:†WTخ (4) †WظWTت Wـ†Vز `ySنHTTْWé`ئW <¢XM ... طSهƒٍ:†W- :†TWقTSھ<K†Wٹ :‚PVپMX ... ـKV ... Nv ... éRض†WTخ †PVكXM ... †PVقTRز WـkYظYصHTًہ؛ (5) " [الأعراف:4-5] ، وقال في آية أخرى : ¼ WفYعKV†WTتKV ... SشTT`هVK ... uvvuüW£Sح<ض@ ... ـKV ... طSنW~YTژK<†Wے †WقTSھ<K†WTٹ †_چTHTWT~WTٹ `طSهWè WـéSظMXْ:†WTك (97) " [الأعراف:97] فجعل القرى هم السكان ، وقال : ¼ فQYTےVK†W{Wè فYQع ]àWTےَ£WTخ ƒّYه JٌںTW®KV ... ^لQWéSTخ فYQع ًذYچWTےَ£WTخ vّYچPVض@ ... ًذ`TچW-W£`VK ... `ySنHTWTق<رVص`هVK ... ً"TWTت W£Y²†WTك `طSنVض " [محمد:13] وهم السكان ، وكذلك قوله تعالى : ¼ ًذ<صYTژWè uv÷W£Sح<ض@ ... َطSنHTWق<رVص`هVK ... †WQظVض N ... éSظWTصVہ؛ †WTق<صWإW-Wè طXنYرYص`نWظYض ... _ںYئ`éQWع (59) " [الكهف:59] ، وقال تعالى : ¼ `èVK ... ÷Y،PVض@†W{ QW£fTTTTع uّVصWئ xàWTےَ£TWTخ WّYهWè dàWTےYè†W uّVصWئ †WنY®èS£Sئ " [البقرة:259] فهذا المكان لا السكان ) (1) .
__________
(1) مجموع الفتاوى 7/ 112 ، 113 .(1/293)
بل كثير من المفسرين لم يذكروا هذا التفسير عند الآية في موضعها (1) ؛ لوضوحه ، وبعض المفسرين فُهم تفسيرهم من كثرة ضرب المثل بها عند آيات أخرى (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ Wس†WTخ `شWٹ pŒVضQWéWھ `طRرVض `طRرS©SةكKV ... $ ... _£`عVK ... cO`iً±WTت $eش~YظW- ّW©Wئ JًS/@ ... ـKV ... ّYTقW~YTژ<K†Wے `yXنYٹ &†[Tإ~YظW- ISمPVكMX ... WéSه ٌy~YصWإ<ض@ ... ٌy~Y|W™<ض@ ... (83) " [يوسف:83] .
79/4- قال ابن عقيل : ( والمراد بقوله : ¼ ّW©Wئ JًS/@ ... ـKV ... ّYTقW~YTژ<K†Wے `yXنYٹ &†[Tإ~YظW- " [يوسف:83] ، يوسف وبنيامين وشمعون (3) الذي قال : ¼ َفVصWTت W-W£`TٹVK ... ً³`OKKV‚ô@ ... uّPVچWڑ WـV¢<K†Wے ُّYض ُّYTٹVK ... " [يوسف:80] اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
أبان ابن عقيل أن المراد بالجمع في الآية الثلاثة ، أي : يوسف وبنيامين والذي أقام في مصر .
__________
(1) من أولئك مثلاً : الزمخشري ، وابن كثير ، وأبو السعود .
(2) فمثلاً : الطبري أشار إليها عند كلامه على قوله تعالى : ¼ N ... éSٹX£pT®RK ... Wè ء SطXنYTٹéRصSTخ Wش`oYإ<ض@ ... " [البقرة:93] 2/ 266 ، والنحاس في مواضع كثيرة من معانيه فينظر مثلاً : 3/ 192 ، 4/ 245 ، 5/51 ، 6/ 191 .
(3) اختلفوا في اسم الأخ الأكبر ، فابن عقيل : على أنه شمعون كما نص عليه ، وأكثر المفسرين على أنه : روبيل ، ينظر : جامع البيان 13/ 292 ، تفسير ابن كثير 4/ 1854 ، وبعضهم على أنه : يهوذا ، ينظر : تفسير السمرقندي 2/ 206 ، تفسير السمعاني 3/ 57 ، وبعضهم على أن شمعون أخ آخر تخلف مع الأخ الأكبر ، ينظر : زاد المسير 4/ 207، وذكروا أسماء أخر ، وليس هذا محل البحث ، وتحديد الاسم لا فائدة فيه ؛ بل هو من الإسرائيليات التي لا نعلم في شرعنا تصديقه ولا تكذيبه ، والتي قال عنها شيخ الإسلام: ( وغالبه لا فائدة فيه ) المقدمة ص 139، بل المهم في بحثنا : أن المراد في الآية أكثر من اثنين .
(4) الواضح 3/ 430 .(1/294)
وهذا هو ما عليه عامة أهل التفسير (1) .
قال الطبري : ( القول في تأويل قوله تعالى : ¼ Wس†WTخ `شWٹ pŒVضQWéWھ `طRرVض `طRرS©SةكKV ... $ ... _£`عVK ... cO`iً±WTت $eش~YظW- ّW©Wئ JًS/@ ... ـKV ... ّYTقW~YTژ<K†Wے `yXنYٹ &†[Tإ~YظW- ISمPVكMX ... WéSه ٌy~YصWإ<ض@ ... ٌy~Y|W™<ض@ ... (83) " [يوسف:83] .
قال أبو جعفر : في الكلام متروك ، وهو : فرجع إخوة بنيامين إلى أبيهم ، وتخلف روبيل فأخبروه خبره ... ) إلى أن قال : ( وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ) (2) .
قال القرطبي : ( وقال : بهم ؛ لأنهم ثلاثة : يوسف ، وأخوه ، والمتخلف من أجل أخيه ، وهو القائل : فلن أبرح الأرض ) (3) .
وقال ابن كثير : ( ثم ترَجَّى من الله أن يرد عليه أولاده الثلاثة : يوسف ، وأخاه بنيامين ، وروبيل الذي أقام بديار مصر ينتظر أمر الله فيه ؛ إما أن يرضى عنه أبوه ، فيأمره بالرجوع إليه ، وإما أن يأخذ أخاه خفية ، ولهذا قال : ¼ ّW©Wئ JًS/@ ... ـKV ... ّYTقW~YTژ<K†Wے `yXنYٹ &†[Tإ~YظW- " [يوسف:83] ) (4) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ لِلَّهِ Jg‡WO `ںTWخ ّYقWTچ`T~WTژ ... ƒٍ WفYع gذ<صSظ<ض@ ... ّYقTWTچ`ظPVصWئWè فYع XشےXè<K†WTژ g&گےY †WڑVK‚ô@ ... W£Y؛†WTت g.WéHTWظQW©ض@ ... X³`OKKV‚ô@ ... Wè ًŒكKV ... -QXّTYضWè ء †WTp~كJٌںض@ ... Y$لW£Y‚پ@ ... Wè ّYقPVتWéWTژ †_ظYصp©Sع ّYقpTحY™<ضVK ... Wè WـkY™YصHTJً±ض@†Yٹ (101) " [يوسف:101] .
80/5- قال ابن الجوزي : ( كان ابن عقيل يقول : لم يتمن يوسف الموت ، وإنما سأل أن يموت على صفة ، والمعنى : توفني إذا توفيتني مسلماً اهـ ) (5) .
__________
(1) ينظر : تفسير البيضاوي 3/ 304 ، معالم التنزيل 2/ 372 ، زاد المسير 4/ 207 ، تفسير النسفي 2/ 234 ، فتح القدير 3/ 58 ، تفسير السعدي 4/ 51 .
(2) جامع البيان 13/ 292 ، وأخرج بسنده عن قتادة : أنه أراد الثلاثة .
(3) الجامع لأحكام القرآن 9/ 247 .
(4) تفسير ابن كثير 4/ 1854 .
(5) زاد المسير 4/ 225 .(1/295)
___________________________________
الدراسة :
تبين من كلام ابن عقيل أنه يرجح عدم جواز تمني الموت ، ولذلك وجه الآية التي قد يتبادر منها أن يوسف تمنى الموت .
وقد جاء النهي الصريح في شريعة نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن تمني الموت حيث قال - صلى الله عليه وسلم - : " لا يتمنين أحدكم الموت في ضر نزل به ، فإن كان لا بد متمنياً للموت فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي " (1) .
ولأجل هذا فقد ذكر العلماء في توجيه كلام يوسف أقوالاً كثيرة منها :
1- أن المراد : توفني إذا توفيتني مسلماً كما قال ابن عقيل وهو قول جمهور العلماء (2) .
قال القرطبي : ( وقيل : إن يوسف لم يتمن الموت ، وإنما تمنى الوفاة على الإسلام ، أي : إذا جاء أجلي توفني مسلماً ، وهذا قول الجمهور ) (3) .
فليس في الآية تمني الموت وهذا هو المراد من التوجيه .
وعبر عنه بعضهم بقولهم : إن المراد من قول يوسف : الثبات على الإسلام والوفاة عليه (4) . كما قال تعالى : ¼ ‚WپWè JًفSTژéSظWTژ ‚PVپMX ... طSچكKV ... Wè WـéSظYصَ©QSع (102) " [آل عمران:102] ، أي : اثبتوا على هذا الدين حتى الممات (5) .
وهذا هو الأرجح كما قال ابن عطية عنه : ( وهو الأقوى عندي ) (6) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب الدعاء بالموت والحياة (6350) ، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب كراهة تمني الموت لضر نزل به (2680) من حديث أنس - رضي الله عنه - .
(2) ينظر : تفسير السمرقندي 2/212 ، تفسير الواحدي 1/561 ، الكشاف 2/ 478 ، المحرر الوجيز 3/ 283 ، تفسير ابن كثير 4/ 1862 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 9/ 269 .
(4) ينظر : تفسير السمعاني 3/ 68 ، تفسير السعدي 4/ 60 .
(5) ينظر : تفسير السمرقندي 1/ 259 ، تفسير الواحدي 1/ 225 .
(6) المحرر الوجيز 2/ 283 .(1/296)
وقال القرطبي : ( وهذا هو القول المختار في تأويل الآية عند أهل التأويل ) (1) .
2- أن هذا التمني من يوسف يجوز أن يكون عند الاحتضار ، كما جاء عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عندما نزل به الموت : " اللهم في الرفيق الأعلى ثلاثاً " (2) .
3- وقيل إن المراد : وفاة الرفعة لا توفي الموت .
قال الراغب : ( وقد قيل : توفي رفعة واختصاص لا توفي موت ، كما قال الله تعالى : ¼ uvّW©~YإHTWTے ّYPTكMX ... ًذ~PYTتWéWچSع ًذSإYت ... WOWè JًّVضXM ... " [آل عمران:55] ) (3) .
وقال في موضع آخر : ( وقوله : ¼ ّYقPVتWéWTژ †_ظYصp©Sع " أي : اجعلني ممن استسلم لرضاك ، ويجوز أن يكون معناه اجعلني سالماً عن أسر الشيطان ) (4) .
4- أن تمني الموت جائز في شريعة يوسف عليه السلام ، وقد ذهب إلى هذا بعض العلماء (5) ، قال ابن عباس - رضي الله عنه - : ( أول نبي سأل الله الموت يوسف ) (6) .
قال ابن عطية : ( وذكر كثير من المفسرين أن يوسف عليه السلام لما عدد في هذه الآية نعم الله عنده تشوق إلى لقاء ربه ولقاء الجلة وصالحي سلفه وغيرهم من المؤمنين ، ورأى أن الدنيا كلها قليلة فتمنى الموت في قوله : ¼ ّYقPVتWéWTژ †_ظYصp©Sع ") (7) .
ومن أضعف الأجوبة التي ذكرها العلماء في توجيه تمني يوسف للموت :
__________
(1) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ص 6 .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اللهم الرفيق الأعلى " (6348) ، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة باب في فضل عائشة (2444) .
(3) المفردات ص 602 .
(4) المفردات ص 270 ، وينظر : البرهان للزركشي 2/ 424 .
(5) ينظر : جامع البيان 13/ 365 ، الجامع لأحكام القرآن 9/ 269 ، التسهيل 1/ 427 .
(6) ينظر : جامع البيان 13/ 365 .
(7) المحرر الوجيز 2/ 283 .(1/297)
5- أن هذه الآية منسوخة ، أشار إليه النحاس ورد هذا القول ، حيث قال : ( رأيت بعض المتأخرين ذكر في قوله تعالى إخباراً عن يوسف عليه السلام : ¼ ّYقPVتWéWTژ †_ظYصp©Sع ّYقpTحY™<ضVK ... Wè WـkY™YصHTJً±ض@†Yٹ (101) " [يوسف:101] قال : نسخه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به .. " وهذا قول لا معنى له ، ولولا أنا أردنا أن يكون كتابنا متقصياً لما ذكرناه ؛ لأنه ليس معنى توفني مسلما توفني الساعة ، وهذا بين جداً لا إشكال فيه ، ولو صح أن قول يوسف - صلى الله عليه وسلم - : ¼ ّYقPVتWéWTژ †_ظYصp©Sع " أنه يريد في ذلك الوقت لما كان منسوخاً ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قال : " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به " فإذا تمناه إنسان لغير ضر فليس بمخالف النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد يجوز أن يتمنى الموت من له عمل صالح متخلصاً به من الكبائر ) (1) .
وبعد التأمل في هذه الإجابات يتضح لي أن حكم تمني الموت يختلف باختلاف الأحوال ، فيقال :
أ/ تمني الموت على الإطلاق لا يجوز ؛ لما فيه من الإعتراض على قضاء الله وقدره ، وعليه يحمل النص الصريح في النهي .
ب/ تمني الموت لضر نزل به في الدنيا لا يجوز ، لنص النبي - صلى الله عليه وسلم - على النهي عن هذه الصفة .
قال ابن حجر في شرح حديث النهي عن تمني الموت : ( حمله جماعة من السلف على الضر الدنيوي ، فإن وجد الضر الأخروي بأن خشي فتنة في دينه لم يدخل في النهي ، ويمكن أن يؤخذ ذلك من رواية ابن حبان : " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به في الدنيا " (2) على أن [في] في هذا الحديث سببية ، أي : بسبب أمر من الدنيا ) (3) .
__________
(1) الناسخ والمنسوخ ص 533 .
(2) أخرجه ابن حبان في باب الأدعية ذكر ما يدعو به المرء عند الشدائد والضر إذا نزل به (968) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - ، وأصله في الصحيحين .
(3) فتح الباري 10/ 157 .(1/298)
ج/ تمني الموت لمن خاف ضياع دينه جائز ، ويدخل في ذلك وقت ظهور الفتن وغلبتها (1) ، وكذلك لمن قيده بما إذا كان الموت خيراً له ، فإن هذا فيه تسليم لقضاء الله وقدره .
قال ابن عطية : ( فيشبه أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لضر نزل به ، إنما يريد ضرر الدنيا كالفقر والمرض ونحو ذلك ، ويبقي تمني الموت مخافة فساد الدين مباحاً ، ويدلك على هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " يأتي على الناس زمان يمر فيه الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه ، ليس به الدين ، لكن ما يرى من البلاء والفتن " (2) ) (3) .
ويدل على هذا قوله تعالى عن مريم : ¼ pŒVض†WTخ ّYقWچT`T~VصHTTWے JٌŒYع Wش`‰WTخ ... W،HTWه ٌŒقS{Wè †_T~َ©WTك †^QT~Y©َTقTQWع (23) " [مريم:23] ، حينما خافت أن يظن بها السوء في دينها ، فيفتنها ذلك (4) .
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إن ربي أتاني فقال : قل : اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني ، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون " (5) .
__________
(1) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 9/ 269 .
(2) أخرجه البخاري في كاب الفتن باب لا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور (7115) ، ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء (157) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(3) المحرر الوجيز 2/ 283 .
(4) ينظر : التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ص 6 .
(5) أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة ص (3235) من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ، سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال : هذا حديث حسن صحيح .(1/299)
وهذا التفصيل لا بد منه في هذه المسألة ؛ لما فيه من الجمع بين الأدلة ، وهذا أمر مطلوب ، فيحمل التمني على ما جاز ، وهو فيما إذا كان الموت خيراً له ، ويتأكد ذلك عندما يخاف المرء على دينه ، وهذا مستفاد من نص الحديث .
ومن الأمثلة التي يمكن حملها على هذا التفصيل :
- تمني يوسف للوفاة على قول من قال : إنه يريد الوقت الحاضر ، فهو خير له من البقاء في الدنيا (1) .
- فعل جماعة من الصحابة ، كما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال : ( اللهم كبرت سني ، وضعفت قوتي ، وانتشرت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط ) (2) .
والله أعلم .
سورة الرعد
قال تعالى : ¼ ISمVTض tŒHTWT‰PYحWإSع ?فYQع Xـ`kTWٹ Yم`TےWںWTے َفYعWè -YمYة<صW ISمWكéٌہ¹Wة`™WTے َفYع X£`عKV ... %JًY/@ ... QWـMX ... JًW/@ ... ‚Wپ SJgOkWTçإSTے †Wع ]zَéWحYTٹ uّPVچWڑ N ... èJgSOkWçإSTے †Wع %َطXنY©SةكVK†YTٹ : ... W¢XM ... Wè لَا ... WOVK ... JًS/@ ... xz`éWحYTٹ ... _ٍ;éTSھ ً"TWTت PV W£Wع I&SمVTض †WعWè ySنVض فYQع -YمTYكèS فYع ]س ... Wè (11) " [الرعد:11] .
81/1- قال ابن عقيل : ( ¼ َفYع X£`عKV ... %JًY/@ ... " [الرعد:11] ، مكان : بأمر الله اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
أراد ابن عقيل تفسير [من] في هذه الآية .
__________
(1) ينظر : جامع البيان 13/ 364 ، المحرر الوجيز 3/ 283 .
(2) ينظر : موطأ مالك في كتاب الحدود باب ما جاء في الرجم (1506) ، ومصنف عبدالرزاق في الكتاب الجامع لمعمر بن راشد باب تمني الموت (30638) ، وروي مثله عن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - ، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير 18/ 245 (616) ، وينظر : مجمع الزوائد 10/ 148 .
(3) الواضح 1/ 122 .(1/300)
ومن المعلوم أن الحرف له ارتباط من ناحية المعنى بما قبله وما بعده ، وقد وفَّى المفسرون ما قيل في معنى : معقبات ، وفي المقصود : بالحفظ ، وفي المراد : بأمر الله (1) .
لكن خلاصة الخلاف في معنى [من] ما يلي :
القول الأول : أن [من] بمعنى [الباء] كما هو قول ابن عقيل ، وهو مروي عن قتادة (2) ، وهو ما عليه أكثر المفسرين (3) ، وحروف الجر يقوم بعضها مقام بعض ، والمعنى : يحفظونه بأمر الله .
القول الثاني : أن [من] بمعنى [عن] ، أي : يحفظونه عن أمر الله ، والقولان متقاربان معنى ، ومؤداهما واحد كما قال القرطبي : ( يحفظونه من أمر الله أي : بأمر الله وبإذنه فـ[من] بمعنى [الباء] وحروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض ، وقيل : [من] بمعنى [عن] أي : يحفظونه عن أمر الله ، وهذا قريب من الأول ، أي : حفظهم عن أمر الله لا من عند أنفسهم ، وهذا قول الحسن ، تقول : كسوته عن عري ، ومن عري ، ومنه قوله عز وجل : ¼ ySنWظWإ<؛VK ... فYQع wأéS- " [قريش:4] أي : عن جوع ) (4) .
القول الثالث : أن [من] باقية على بابها ، والمعنى : يحفظونه من أمر الله .
وهذا مروي عن ابن عباس ومجاهد حيث قالا : ( الملائكة من أمر الله ) (5) .
__________
(1) ينظر : جامع البيان 13/ 456 وما بعدها ، معاني القرآن للنحاس 3/ 478 ، النكت والعيون 3/ 98 ، زاد المسير 4/ 238 .
(2) ينظر : جامع البيان 13/ 464 ، تفسير عبدالرزاق2/ 332 .
(3) ينظر : تفسير السمرقندي 2/ 219 ، تفسير السمعاني 3/ 81 ، معالم التنزيل 3/ 6 ، الجلالين ص 250 .
(4) الجامع لأحكام القرآن 9/ 292 ، وينظر : رصف المباني ص 389 .
(5) ينظر : جامع البيان 13/ 464 .(1/301)
والذي يظهر لي أن المعاني كلها متقاربة ؛ لأن هذا المعنى أيضاً لا يخرج عما قبله ، فالملائكة (1) يحفظونه بأمر الله أو من أمر الله حتى يأتي أمر الله ، أما من ناحية اللفظ فبقاء الحرف على بابه هو الأولى .
وكل حرف من حروف الصفات له عدة معاني ، وتؤدي بعض الحروف معنى الآخر ، دون إخلال بالمعنى ، والنصوص دالة على صحة هذا الاستعمال :
فـ[من] تأتي بمعنى [الباء] ، كما في قوله تعالى : ¼ WـèS£ٌہ¹قWے فYع ]اَ£TV؛ J%wّYةW " [الشورى:45] ، أي : بطرف خفي .
وتأتي بمعنى [عن] ، كما في قوله تعالى : ¼ bش`TےWéWTت YàW~Y©HTWح<صPYض طSنSTٹéSTصSTخ فYQع X£<زY¢ &JًY/@ ... " [الزمر:22] ، أي : عن ذكر الله (2) .
ومما يؤيد جواز كل المعاني : أن كلاً من [الباء] و[من] و[عن] تأتي بمعنى التعليل ، فبينها معنى مشترك ، ومن أمثلة ذلك :
قوله تعالى : ¼ †QWظQYع `طXنYچHTWTLTTT;~Y¹W N ... éSTخX£pTçئRK ... N ... éSTصY` RK†WTت ... _O†WTك " [نوح:25] ، أي : بسببها .
وقال تعالى : ¼ Zn"RرWTت †WTكp،WKV ... -Y$مY‰?TكW،Yٹ " [العنكبوت:40] ، أي : بسببه .
وقال تعالى : ¼ †WعWè Sف`™Wك ُّYزXO†WچYٹ †WقYچWنYض ... ƒٍ فWئ ًذYTضَéTWTخ " [هود:53] ، أي بسببه (3) .
فلو جعل معنى الآية التي معنا إجمالاً : يحفظونه بسبب أمر الله ، لكان ذلك صواباً .
ومن المعاني التي ذكرها الزمخشري في الآية قوله : ( يحفظونه من أجل أمر الله ) (4) .
__________
(1) وهذا على الراجح من تفسير المعقبات للأدلة الصحيحة ، ينظر : معاني القرآن للنحاس 3/ 479 .
(2) ينظر : العدة 1/ 211 ، مغني اللبيب ص 315 ، الجنى الداني ص 311، 314 ، شرح الكوكب المنير 1/ 243 ، من أسرار حروف الجر في الذكر الحكيم ص 348 وما بعدها .
(3) ينظر : مغني اللبيب ص 111 ، 155 ، 314 .
(4) الكشاف 2/ 487 ، وينظر : تفسير البيضاوي 3/ 321 ، فتح القدير 3/ 85 .(1/302)
وذكر ابن الجوزي من المعاني : ( يحفظونه لأمر الله فيه حتى يسلموه إلى ما قدر له ) (1) .
وبهذا تجتمع الأقوال . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè WـéٌµSحقWTے Wں`نWئ JًY/@ ... ?فYع Yں`إWTٹ -YمYحHTWT'~Yع WـéSإً¹pTحWTےًè :†Wع W£WعKV ... JًS/@ ... ,-YمYTٹ ـKV ... WشW²éSTے WـèSںY©pTةSTےWè ء *X³`OKKV‚ô@ ... ًذMXù;HTTVضOèKR ... SطSنVض SàWTق`إPVصض@ ... َطSنVضWè Sٍ;éTTSھ YO ... PVںض@ ... (25) " [الرعد:25] .
82/2- قال ابن عقيل في قوله تعالى : ( ¼ SطSنVض SàWTق`إPVصض@ ... " [الرعد:25] : بمعنى عليهم اللعنة اهـ ) (2) .
___________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل [اللام] بـ[على] ، وهذا هو ما قال به جمع من العلماء (3) .
قال السمعاني : ( قوله : ¼ ًذMXù;HTTVضOèKR ... SطSنVض SàWTق`إPVصض@ ... " [الرعد:25] أي : عليهم اللعنة ) (4) . ومثله قال ابن الجوزي (5) ، والرازي (6) .
وذكروا لذلك شواهد منها : قوله تعالى : ¼ WـèQS£Yًmïm gـ†WTخ<¢VpK"Yض ... _ںQWoTSھ (107) " [الإسراء:107] أي : على الأذقان (7) ، وقوله تعالى : ¼ †WTك†WئW ,-YمY‰?TقWoYض " [يونس:12] أي : على جنبه (8) ، قال ابن قتيبة : ( والعرب تقول : سقط فلان لفيه ، أي : على فيه ) (9) .
__________
(1) زاد المسير 4/ 239 .
(2) الواضح 1/ 120 .
(3) ينظر : تأويل مشكل القرآن ص 299 ، الجنى الداني في حروف المعاني ص 100 .
(4) تفسير السمعاني 2/ 41 .
(5) زاد المسير 4/ 249 .
(6) التفسير الكبير 22/ 54 .
(7) الجنى الداني في حروف المعاني ص 100 .
(8) مغني اللبيب ص 216 .
(9) تأويل مشكل القرآن ص 299 .(1/303)
أقول : وإن جاز استعمال اللام بمعنى [على] حسب دلالة السياق إلا أن الأولى البقاء على المعنى الأصلي لللام : وهو الاستحقاق والاختصاص (1) ما دام له محمل صحيح دون معارض (2) ، فتقول : للكافرين اللعنة ، أي : يستحقون اللعنة ، وهي خاصة بهم دون غيرهم .
قال الراغب : ( ولام الاستحقاق نحو قوله : ¼ SطSنVض SàWTق`إPVصض@ ... َطSنVضWè Sٍ;éTTSھ YO ... PVںض@ ... (25) " [الرعد:25] ... وقال بعض النحويين : اللام في قوله : ¼ SطSنVض SàWTق`إPVصض@ ... " [الرعد:25] بمعنى : على ، أي : عليهم اللعنة ، وفي قوله : ¼ QXشRرYض wو÷X£`ع@ ... طSن`قYQع †QWع ًˆW©WTچ`{@ ... WفYع Y&y<'gو‚ô@ ... " [النور:11] ، وليس ذلك بشيء ) (3) .
وقال الزركشي ضمن كلامه على معاني اللام : ( وتأتي للاستحقاق ، كقوله تعالى : ¼ bش`TےWè WـkYةPYةV¹Sظ<صPYض (1) " [المطففين:1] ، وقوله تعالى : ¼ SطSنVض SàWTق`إPVصض@ ... َطSنVضWè Sٍ;éTTSھ YO ... PVںض@ ... (25) " [الرعد:25] ) (4) . والله تعالى أعلم .
سورة الحجر
قال تعالى : ¼ QWـMX ... ÷Y †fTT‰Yئ ً¨`~VTض ًذVض `طXن`~VصWئ dفHTً¹<صSھ ‚PVپMX ... XفWع ًذWإWT‰PVTژ@ ... WفYع WفےXè†Wçإ<ض@ ... (42) " [الحجر:42] .
__________
(1) مغني اللبيب ص 211 .
(2) ينظر : قواعد الترجيح عند المفسرين 2/ 387 .
(3) المفردات ص 497 ، وينظر : رصف المباني في شرح حروف المعاني ص 297 .
(4) البرهان 4/ 339 .(1/304)
83/1- قال ابن عقيل : ( فَصْلٌ في قوله تعالى : ¼ QWـMX ... ÷Y †fTT‰Yئ ً¨`~VTض ًذVض `طXن`~VصWئ dفHTً¹<صSھ " [الحجر:42] ، ذهب كثير من الوعاظ والقصاص إلى أنها خاصة في صلحاء عباده والأنبياء ، وليس على ما وقع لهم (1) ؛ لأن ظاهر القرآن يشهد بأنه لا سلطان له على الكفار ، حيث قال سبحانه : ¼ Wس†WTخWè SفTًHT¹`~TPVض@ ... †WQظVض ƒّYµSTخ S£`عKKV‚ô@ ... UfûMX ... JًW/@ ... َطS{WںWئWè Wں`ئWè QXجW™<ض@ ... `yRرPRTژںWئWèWè $َطS|SچpTةWTص`VK†WTت †WعWè Wـ†Wز ƒّYض طRر`~VصWئ فYQع \فHTً¹<صSھ " [إبراهيم:22]، فأقر في آخر الأمر بنفي السلطان تصديقاً لقوله سبحانه في أول الأمر : ¼ QWـMX ... ÷Y †fTT‰Yئ ً¨`~VTض ًذVض `طXن`~VصWئ dفHTً¹<صSھ " [الحجر:42] ، ولأن السلطان الذي نفاه يعم ؛ إذ ليس كل مستجيب له يكون له عليه سلطان ؛ لأن الشيطان يسوّل ويغيّر ، ويخلف (2) فيكذب ، ومن كان أمره كذا لم يكُ سلطاناً ، إنما السلطان من أَمَرَ وكَشَف أمْرَه وحرّمه فأُطِيع ، دون أن يدلّس ويلبّس ، فإن من سوّل كان متلصّصاً وخادعاً وغارّاً ، لا سلطاناً اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) أي : ليس الأمر على ما فهموا .
(2) هكذا في المطبوع ، ولعلها : ويحلف ؛ لأنه أنسب للسياق .
(3) الفنون 1/ 355 .(1/305)
أشار ابن عقيل إلى أن فهم كثير من الوعاظ لنفي السلطان عن الشيطان بأنه خاص بالمؤمنين غير صواب (1) ، ولكنه يميل إلى تعميم نفي السلطان للشيطان عن المؤمنين وغيرهم ؛ لما ذكر ، ولقوله تعالى : ¼ †WعWè Wـ†Wز ƒّYض طRر`~VصWئ فYQع \فHTً¹<صSھ :‚PVپXM ... ـKV ... َطRرSTژَéWئW `ySچT`‰WoWچpTھ@†WTت $ّYض " [إبراهيم:22] ، ولأنه ليس للشيطان حجة وإلزام على ما يدعو إليه .
وهذا الكلام لا يخرج عما ذكره العلماء والمفسرون ، وذلك للنفي العام لسلطان الشيطان في بعض الآيات كقوله تعالى : ¼ †WعWè Wـ†W{ ISمVض طXن`~TVصWئ فYQع \فHTً¹T<صTSھ ‚PVپMX ... WطVص`إWقYTض فWع SفYع`ëSTے YلW£Y‚پ@†Yٹ َفQWظYع WéSه †Wن`قTYع ء %xJذW® " [سبأ:21] ، وقوله تعالى حاكياً عنه مقرراً له : ¼ †WعWè Wـ†Wز ƒّYض طRر`~VصWئ فYQع \فHTً¹<صSھ :‚PVپXM ... ـKV ... َطRرSTژَéWئW `ySچT`‰WoWچpTھ@†WTت $ّYض " [إبراهيم:22] ، والتصريح بأن له سلطان على أوليائه كما قال تعالى : ¼ †WظPVكXM ... ISمSقHTV¹<صSھ ّVصWئ fغTےY،PVض@ ... ISمWTكَéPVضWéWچWTے WفےY،PVض@ ... Wè طSه -YمYٹ WـéRزX£pTSع " [النحل:100] ، وعلى أتباعه الغاوين في قوله تعالى : ¼ QWـMX ... ÷Y †fTT‰Yئ ً¨`~VTض ًذVض `طXن`~VصWئ dفHTً¹<صSھ ‚PVپMX ... XفWع ًذWإWT‰PVTژ@ ... WفYع WفےXè†Wçإ<ض@ ... " [الحجر:42] .
والجمع في ذلك أن يقال :إن السلطان المثبت عليهم غير السلطان المنفي عنهم ، وذلك من وجوه /
__________
(1) وهذا ليس على إطلاقه ؛ بل التفسير به صحيح لتقييده في الآية بذلك ، ولم أجد من خلال البحث من يخص نفي السلطان عن المؤمنين فقط في كل الآيات ، بل الآيات يوضح بعضها بعضاً ، وتفسير العلماء عند كل آية بحسبها ، ينظر : معاني القرآن للنحاس 4/ 174 ، البحر المحيط لأبي حيان 5/ 535 .(1/306)
الأول : أن السلطان المنفي : هو سلطان الحجة والبرهان والإقناع وإخراجهم عن دينهم ، والسلطان المثبت : هو وسوسته وتحسينه وتزيينه لهم ما فيه ضلالهم (1) .
الثاني : أن السلطان المنفي : هو ابتداء التسلط فإن الله لم يثبت له عليهم السلطان ابتداء ، ولكنهم هم الذين سلطوه على أنفسهم بطاعته ودخولهم في حزبه ، فتسلط عليهم بإرادتهم واختيارهم ، وهذا هو السلطان المثبت (2) .
الثالث : أن السلطان المنفي : فيمن آمن بالله وتوكل عليه ، وحفظه الله وأخلصه ، والسلطان المثبت : فيمن تولاه وأشرك بالله وضل وغوى (3) .
الرابع : أن السلطان المنفي : هو الأصل وفي أكثر الأوقات والأحوال ، والسلطان المثبت : هو الطارئ ممن شذ وتنكب الصراط المستقيم (4) . وبهذا يتبين أن قول ابن عقيل موافق لما أشار إليه المفسرون كما سبق في التوجيه الأول دون تعارض أو عدم فهم (5) . والله أعلم .
سورة النحل
قال تعالى : ¼ ّVصWئWè JًY/@ ... Sںp±WTخ Xشg~‰TWQ©ض@ ... †Wن`قYعWè c&£MXْ:†TW- `éVضWè ƒٍ:†fTT® `طS|HTTْWںWنVض fûkTYإWظ`-VK ... (9) " [النحل:9] .
84/1- قال ابن عقيل : ( الجور : هو الميل عن الحق ، ومنه قوله سبحانه : ¼ ّVصWئWè JًY/@ ... Sںp±WTخ Xشg~‰TWQ©ض@ ... †Wن`قYعWè c&£MXْ:†TW- " ، وتقول العرب : جار السهم ، إذا مال اهـ ) (6) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) ينظر : جامع البيان 14/ 71 ، تفسير السمرقندي 2/ 256 ، تفسير السمعاني 4/ 330 ، الوجيز 2/ 641 ، زاد المسير 4/ 306 ، إغاثة اللهفان ص 108 ، تفسير النسفي 2/ 321 .
(2) ينظر : دفع إيهام الاضطراب ص 137 ، أضواء البيان 2/ 192 .
(3) ينظر : مجموع الفتاوى 14 / 282 ، البحر المحيط لأبي حيان 5/ 535 .
(4) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 10/ 29 .
(5) ينظر : إغاثة اللهفان ص 109 .
(6) الواضح 1/ 150 .(1/307)
فسر ابن عقيل الجور في الآية بالميل عن الحق ، وهذا هو ما اتفق عليه أهل اللغة والتفسير .
قال ابن فارس : ( الجيم والواو والراء أصل واحد ، وهو الميل عن الطريق ) (1) .
وقال الطبري : ( وقوله : ¼ †Wن`قYعWè c&£MXْ:†TW- " [النحل:9] ، يعني تعالى ذكره : ومن السبيل جائر عن الاستقامة معوج ، فالقاصد من السبل : الإسلام ، والجائر منها : اليهودية (2) ، والنصرانية (3) ، وغير ذلك من ملل الكفر كلها ، جائر عن سواء السبيل وقصدها ، سوى الحنيفية المسلمة ...) إلى أن قال : ( وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ) (4) .
وقال النحاس : ( قال جل وعز : ¼ †Wن`قYعWè c&£MXْ:†TW- " [النحل:9] ، أي : ومن السبل جائر ، أي : عادل عن الحق ) (5) .
وقال الرازي : ( ¼ †Wن`قYعWè c&£MXْ:†TW- " [النحل:9] ، أي : عادل مائل ، ومعنى الجور في اللغة : الميل عن الحق ) (6) . هذا هو الأصل في معنى الجور .
وذكر المفسرون أمثلة للسبل الجائرة (7) :
__________
(1) معجم مقاييس اللغة 1/ 493 ، وينظر : لسان العرب 4/ 153 ، المفردات ص 116 .
(2) اليهودية : هم أمة موسى ، وكتابهم التوراة ، حرفوه وغيروه ، ينظر : الفصل في الملل والنحل والأهواء لابن حزم 1/ 82 ، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 177 .
(3) النصرانية : هم أمة المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته عليه السلام ، التي افترقت اثنتين وسبعين فرقة فبدلت وغيرت ، ينظر : الفصل في الملل والنحل والأهواء لابن حزم 1/ 47 ، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 185 .
(4) جامع البيان 14/ 177 ، وينظر : تفسير السمرقندي 2/ 267 ، تفسير النسفي 2/ 251 .
(5) معاني القرآن 4/ 58 .
(6) التفسير الكبير 19/ 184 .
(7) ينظر : جامع البيان 14/ 180 .(1/308)
قال ابن كثير : ( ¼ †Wن`قYعWè c&£MXْ:†TW- " [النحل:9] ، أي : حائد مائل زائغ عن الحق ، قال ابن عباس وغيره : ( هي الطرق المختلفة ، والآراء والأهواء المتفرقة ، كاليهودية ، والنصرانية ، والمجوسية (1) ) (2) ، وبنحوه قال ابن عطية (3) ، وشيخ الإسلام (4) ، وغيرهم (5) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ :†WعWè †WTق<صWھ`OVK ... فYع ًذYص`‰WTخ ‚PVپMX ... ‚^پ†W-XO vّYڑéPRTك &`طXن`~VضXM ... Nv ... éRصLWTTَ©WTت WشTT`هVK ... X£T`{PY،ض@ ... ـMX ... `ySچقRز ‚Wپ WـéSظVصT`إWTژ (43) " [النحل:43] .
85/2- قال ابن عقيل : ( ¼ Nv ... éRصLWTTَ©WTت WشTT`هVK ... X£T`{PY،ض@ ... ـMX ... `ySچقRز ‚Wپ WـéSظVصT`إWTژ " ، وهذا يعم ما يسوغ ، وما لا يسوغ ، ومن يعلم علة الحكم ، ومن لا يعلم اهـ ) (6) .
___________________________________
الدراسة :
استدل ابن عقيل بعموم اللفظ على أن العامي يسأل أهل الذكر في عموم المسائل مما يسوغ فيه الاجتهاد وما لا يسوغ فيه ، ولمن يعلم علة الحكم ومن لا يعلمها .
وهذا المسألة لا بد فيها من التفصيل فأقول :
إن كان يستطيع الاجتهاد والنظر في الأدلة فلا يعذر بتركه ؛ ولو كان في بعض المسائل (7) .
__________
(1) المجوسية : هي عقيدة الذين أثبتوا أصلين اثنين مدبرين قديمين ، يقتسمان الخير والشر، والنفع والضر ، والصلاح والفساد ، يسمون أحدهما : النور ، والآخر : الظلمة ، ينظر : الملل والنحل للشهرستاني 1/ 196 ، مجموع الفتاوى 8/ 258 .
(2) تفسير ابن كثير 5/ 1982 .
(3) المحرر الوجيز 3/ 381 .
(4) مجموع الفتاوى 15/ 202 .
(5) ينظر : معالم التنزيل 3/ 52 ، زاد المسير 4/ 328 ، الجامع لأحكام القرآن 10/ 81 .
(6) الواضح 5/ 417 .
(7) ينظر : العدة 4/ 1217 ، الإحكام للآمدي 4/ 223 .(1/309)
قال شيخ الإسلام : ( ولهذا اتفق العلماء : على أنه إذا عرف الحق ، لا يجوز له تقليد أحد في خلافه ، وإنما تنازعوا في : جواز التقليد للقادر على الاستدلال ، وإن كان عاجزاً عن إظهار الحق الذي يعلمه ) (1) .
وإن كان عامياً لا يستطيع الاجتهاد ولا البحث ولا النظر في الأدلة ، فهذا لا يكلف إلا ما يستطيع ، وهو تقليد العلماء وهذا فرضه ، وهو قول ابن عقيل ، وعليه عامة العلماء (2) ؛ لأن هذا غاية ما يستطيعه ، وتكليفه بالبحث تكليف بما لا يطاق (3) .
قال ابن عبدالبر : ( ولم تختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها ، وأنهم المرادون بقول الله عز وجل : ¼ Nv ... éRصLWTTَ©WTت WشTT`هVK ... X£T`{PY،ض@ ... ـMX ... `ySچقRز ‚Wپ WـéSظVصT`إWTژ (43) " [النحل:43] ، وأجمعوا على أن الأعمى لا بد له من تقليد غيره ممن يثق بمَيْزه بالقبلة إذا أشكلت عليه ، فكذلك من لا علم له ولا بصر بمعنى ما يدين به ، لا بد له من تقليد عالمه ) (4) .
وقال شيخ الإسلام : ( والذي عليه جماهير الأمة أن الاجتهاد جائز في الجملة ، والتقليد جائز في الجملة ، لا يوجبون الاجتهاد على كل أحد ويحرمون التقليد ، ولا يوجبون التقليد على كل أحد ويحرمون الاجتهاد ) (5) .
وأقوى الحجج : الآية التي معنا ، فأمر سبحانه من لا علم له ؛ أن يسأل من هو أعلم منه .
__________
(1) مجموع الفتاوى 7/ 71 .
(2) ينظر : شرح مختصر روضة الناظر 3/ 652 ، قال الشنقيطي : ( ولم يخالف في جواز التقليد للعامي إلا بعض القدرية ) المذكرة ص373 ، وينظر الأصل : روضة الناظر 2/ 451 .
(3) ينظر : العدة 4/ 1217 ، شرح الكوكب المنير 4/ 533 .
(4) جامع بيان العلم وفضله 2/ 115 ، وينظر : روضة الناظر 2/ 451 .
(5) مجموع الفتاوى 20/ 203 .(1/310)
وقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - من لا يعلم : إلى سؤال من يعلم ، فقال في حديث صاحب الشجة : " ألا سألوا إذ لم يعلموا ، إنما شفاء العِيِّ السؤال " (1) .
وأجمع الصحابة والتابعون - رضي الله عنهم - على عدم تكليف العامة الاجتهاد في الفروع ، ولم ينكروا على عامي اتبع مفتياً سواء ذكر له الدليل أو لم يذكره (2) .
هذا ما ذَكَرت كتب الأصول ، ولكن نجد في المقابل قول الشوكاني ، الذي جعل عدم جواز التقليد للعامي قول الجمهور ، ونقل دعوى ابن حزم الإجماع عليه (3) ، وقال في إجماع الصحابة إن سؤال العالم ليفتيه بالنصوص ليس تقليداً ، بل هو من طلب حكم الله في المسألة ، والتقليد هو العمل بالرأي ، ورد على الاستدلال بالآية التي معنا : بأن الآية غير عامة ، ولو سلم بالعموم ، فالمراد السؤال عن حكم الله لا حكم الرجال (4) .
وكل هذا غير مسلم ، فقد سبقه من حكى رأي الجمهور ، واستدل له ونقله ، وسؤال العامي للمفتي هو عين التقليد لأن المجتهد لا يفتي إلا مستنداً لدليل نصاً أو استنباطاً ، فالمقلد يسأل عن حكم الله ، والمفتي يستنبط الحكم من نصوص الشرع ، وهو حكم الله في حقه وحق من اتبعه .
وأدلة من حرم التقليد لا تنهض للاستدلال في المسألة المختلف فيها ، ويحمل أكثرها على تحريم التقليد المذموم الخارج من محل النزاع (5) .
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة باب في تيمم المجروح (336) من حديث جابر - رضي الله عنه - ، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/ 68 .
(2) ينظر : روضة الناظر 2/ 451 ، شرح مختصر روضة الناظر 3/ 652 .
(3) ولعل هذا في التقليد المذموم ، ينظر : أضواء البيان 5/ 92 .
(4) ينظر : إرشاد الفحول 1/ 333 ، فتح القدير 3/ 494 .
(5) ينظر : مجموع الفتاوى 20/ 15 ، معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة ص 496 .(1/311)
ومن أقوى ما احتجوا به : ما ورد من النصوص التي تنهى عن القول على الله بلا علم ، كقوله تعالى : ¼ ـKV ... Wè N ... éSTضéSحWTژ ّVصWئ JًY/@ ... †Wع ‚Wپ WـéSظVص`إWTژ (169) " [البقرة:169] ، وأن التقليد قول على الله بلا علم .
والجواب واضح : فالتقليد ليس قولاً على الله بلا علم ؛ بل هو قول بعلم ، ومستنده ما سبق من الأدلة على جواز التقليد .
وقالوا : المجتهد قد يخطئ فكيف يؤمر المقلد باتباع الخطأ ، والجواب : أنه حتى لو بين المجتهد دليله فإن احتمال الخطأ وارد (1) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ QWطR' ّYصRز فYع QXشRز g.W£WظPV'ض@ ... ّYرRص`ھ@†WTت ًشS‰TTSھ gذYQTٹWO ¾&"RضS¢ S"S£pWTے ?فYع †WنYTكéR¹STٹ t‡ ... W£W® eبYصWچpTSQع ISمSTك.Wé<ضVK ... Yم~Yت cٍ:†WةY® %X†QWقصYPض QWـMX ... ء ًذYض.V¢ ^àWTTے‚KVًپ xz`éWحYPض WـèS£PVرWةWچWTے (69) " [النحل:69] .
__________
(1) ينظر : أضواء البيان 5 / 90 ، فقد أطال الكلام في المسألة وعرض الأدلة للقولين وذكر إجماعات في مسائل كثيرة يجوز فيها التقليد ، منها : الإجماع على أن الأعمى يقلد في القبلة ، والإجماع على تقليد الأئمة في الطهارة ، وقراءة الفاتحة ، وعلى جواز تقليد المؤذنين في دخول أوقات الصلوات .. وأشار إلى تنبيهات حول المسألة في أكثر من خمسين صفحة فلتراجع ، وينظر أيضاً : أصول مذهب الإمام أحمد ص 751 وما بعدها .(1/312)
86/3- قال ابن عقيل : ( قال سبحانه : ¼ Yم~Yت cٍ:†WةY® %X†QWقصYPض " [النحل:69] ، وقال : ¼ ... V¢XM ... Wè ٌŒpX£Wع WéSنWTت gûkYة`WTے (80) " [الشعراء:80] ، فالأحق أن يكون الشفاء حقيقة مضافاً إلى الخالق سبحانه ، والعسل عنده الشفاء ، والماء يوجد عند نزوله الإنبات ، والمنبت حقيقة هو الله سبحانه ، فإنه سبحانه يقول : ¼ †WTق`~WT~`ڑVK†WTت YمYTٹ " [فاطر:9] ، ¼ ٌŒX‰?قSے yRرVض YمYٹ Wأ`OQW¥ض@ ... fûéSTچ`TےQW¥ض@ ... Wè " [النحل:11] ، وقال : ¼ †WTق`چWT‰?TكVK†WTت -YمYTٹ " [النمل:60] ، يعني : أنبتنا لكم عنده ، وقد أضاف الله سبحانه الإضلال إلى الأصنام (1) والسامري (2) ، والضلال فيهم لا بهم اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل في كلامه على الآيات إلى أن الفعل يضاف إلى الله حقيقة ، والمخلوق يكون عنده الفعل لا به (4) ، وهذا مبني على قول من يعطل الأسباب والعلل ، وهذا يؤدي إلى إبطال حكمة الله في مخلوقاته .
قال شيخ الإسلام : ( ومن قال : إنه يفعل عندها لا بها (5) فقد خالف ما جاء به القرآن ، وأنكر ما خلقه الله من القوى والطبائع ) (6) .
__________
(1) في قوله تعالى : ¼ Jg‡WO QWفSنPVكXM ... Wف<صVصpVK ... ... _OkY'W{ WفYQع $X†PVقض@ ... " [إبراهيم:36] .
(2) في قوله تعالى : ¼ SطSنPVصWVK ... Wè Jٌ÷X£Yع†QW©ض@ ... (85) " [طه:85] .
(3) الواضح 1/ 181 .
(4) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 9/ 281 ، في القول بنفي الأسباب .
(5) أي : الأسباب .
(6) مجموع الفتاوى 3/ 112 .(1/313)
وقال أيضاً : ( ومن قال : إن قدرة العبد وغيرها من الأسباب التي خلق الله تعالى بها المخلوقات ليست أسباباً ، أو أن وجودها كعدمها ، فقد جحد ما في خلق الله وشرعه من الأسباب والحكم والعلل ، ولم يجعل في العين قوة تمتاز بها عن الخد تبصر بها ، ولا في القلب قوة يمتاز بها عن الرجل يعقل بها ، ولا في النار قوة تمتاز بها عن التراب تحرق بها ... ) إلى أن قال : ( وهذا خلاف الكتاب والسنة ، فإن الله تعالى يقول : ¼ WéSهWè üY،PVض@ ... SشYھَ£Sے WکHTWTےQX£ض@ ... ... W=£pTSٹ fû`kTWٹ p÷WںWے -$YمYچWظ`ڑWO uvّPVچWڑ : ... W¢XM ... pŒPVصWTخKV ... †_Tٹ†W™Wھ ‚^پ†WحY' SمHTWTقpTحSھ xںVصW‰Yض xŒQY~TQWع †WTق<ضW¥كKV†Vت YمYٹ ƒٍ:†Wظ<ض@ ... †WTق`-W£`VKV†WTت -YمYٹ فYع QXشRز g&.W£WظPV'ض@ ... " الآية [الأعراف:57] ، وقال تعالى : ¼ :†WعWè WسW¥كKV ... JًS/@ ... WفYع Yٍ:†WظJً©ض@ ... فYع xٍ:†QWع †fTTTT~`ڑVK†WTت YمYٹ ً³`OKKV‚ô@ ... Wں`إWTٹ †WنYTژَéTWع JًگWTٹWè †Wن~Yت فYع QXشS{ xàTQWTٹ: ... W " [البقرة:164] ، وقال تعالى : ¼ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ " [التوبة:14] ، وقال : ¼ `شSTخ `شWه fûéS±QWTٹW£WTژ :†WقYٹ ‚PVپMX ... ÷Wں`ڑXM ... : $Xـ`kTW~WTق`©S™<ض@ ... Sف`™WTكè ٌ°QWTٹW£WچWTك َطRرYٹ ـKV ... ٌyRرW‰~Y±STے JًS/@ ... x‡ ... W،WإYٹ pغQYع ,-YâYںقYئ `èVK ... $†WقےYں`TےKV†Yٹ " [التوبة:52] ) (1) .
والآيات في هذا الباب كثيرة ، والأحاديث كذلك ، وبهذا يتبين خطأ ما قرر ابن عقيل ؛ لأنه يخالف القرآن والسنة ، وما عليه سلف الأمة (2) .
__________
(1) مجموع الفتاوى 8/ 136 .
(2) ينظر : منهاج السنة 1/ 464 ، 3/ 286 ، شفاء العليل ص 231 وما بعدها .(1/314)
فالله سبحانه خلق الأسباب والمسببات ، وجعل هذا سبباً لهذا ، وما قدره الله فهو بسبب ، وهذا قول وسط بين قول الجبرية : الذين يقولون : إن العبد مجبر على عمله لا قدرة له ولا إرادة ولا اختيار ، والله خالق فعله حقيقة ، وإضافة الفعل إلى العبد مجازاً (1) ، والقدرية : الذين يقولون : إن العبد قادر على إيجاد فعله ، وليس لله - تعالى الله عن قولهم - دخل في ذلك ، لا قدرة ولا مشيئة ولا قضاء (2) ، والقول الوسط هو الحق .
قال شيخ الإسلام في صفات الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة : ( وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية ) (3) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ SJًJًS/@ ... Wè ًشWإW- طRرVض َفYQع `yRرY©SةكKV ... †_-.Wè`¦KV ... WشWإW-Wè طRرVض َفYQع طS|Y-.Wè`¦KV ... WـkYقWTٹ ^لWںWةWڑWè طRرWTخW¦WOWè WفYQع g&ŒHTW‰QYT~Jً¹ض@ ... XشY¹HTW‰<ض@†Y‰WTتVK ... WـéSقYع`ëSTے gŒWظ`إYقYTٹWè JًY/@ ... `طSه WـèS£Sة<رWTے (72) " [النحل:72] .
87/4- قال ابن العربي : ( سمعت إمام الحنابلة بمدينة السلام أبا الوفاء علي بن عقيل يقول : إنما تبع الولد الأم في المالية ، وصار بحكمها في الرق والحرية ؛ لأنه انفصل عن الأب نطفة لا قيمة له ، ولا مالية فيه ، ولا منفعة مثبوتة عليه ، وإنما اكتسب ما اكتسب بها ومنها ، فلأجل ذلك تبعها ، كما لو أكل رجل تمراً في أرض رجل ، فسقطت منه نواة في الأرض من يد الآكل فصارت نخلة ، فإنها ملك صاحب الأرض دون الآكل بإجماع من الأمة ؛ لأنها انفصلت من الآكل ولا قيمة لها اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) ينظر : الملل والنحل للشهرستاني 1/ 67 ، تاريخ الفرق وعقائدها ص 149 .
(2) ينظر : الملل والنحل للشهرستاني 1/ 41 ، الفرق بين الفرق ص 18 .
(3) العقيدة الواسطية ص 186 مع شرح الهراس .
(4) أحكام القرآن 3/ 141 .(1/315)
أشار ابن عقيل في كلامه إلى نكتة لطيفة من لطائف التفسير ، وقد استحسنها بعض العلماء ممن جاء بعده ونقلها عنه ، كابن العربي حيث قال بعدها : ( وهذه من البدائع ) (1) .
وبيان هذه المسألة :
أن الأصل في وجود الأبناء أن يكون من الأب والأم معاً ، ولكنه في هذه الآية نسبه للأم ، وأضافه إليها ؛ لأن المراد بالأزواج في الآية النساء .
قال السمرقندي : ( ¼ WشWإW-Wè طRرVض َفYQع طS|Y-.Wè`¦KV ... WـkYقWTٹ " [النحل:72] أي : خلق لكم من نسائكم بنين ) (2) .
فذكر ابن عقيل هذه اللطيفة ، ووافقه عليها ابن العربي ، والقرطبي (3) ، وخلاصتها :
أنه لما كان تخلق المولود في الأم ، ووجوده ذا روح وصورة بها ، وانفصاله كذلك عنها ، أضيف إليها ؛ ولأجله تبعها في الرق والحرية وصار مثلها في المالية (4) .
وذكر مسألة فقهية لها شبه بها في باب آخر ، فقال : كما لو أكل رجل تمراً في أرض رجل ، فسقطت منه نواة في الأرض من يد الآكل فصارت نخلة ، فإنها ملك صاحب الأرض دون الآكل بإجماع من الأمة ؛ لأنها انفصلت من الآكل ولا قيمة لها (5) .
__________
(1) أحكام القرآن 3/ 141 .
(2) تفسير السمرقندي 2/ 282 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 10/ 143 .
(4) ينظر : شرح منتهى الإرادات 2/ 619 .
(5) ينظر : مطالب أولي النهى 5/ 555 .(1/316)
ولهذا ذكر العلماء أن من حِكَم النهي عن التزوج بالأمة : أن الولد يكون تبعاً لها في الرق ، وإنما أبيح التزوج منها عند عدم الطول وخوف العنت ، بيان ذلك في قول الله جل وعلا : ¼ فWعWè `طPVض `ؤTY¹WTچ`©Wے `طRرقYع ‚Zپ`éV؛ ـKV ... WکY|قWے gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... gŒHTWTقYpعëSظ<ض@ ... فYظWTت †QWع pŒVرVصWع طRرSقHTWظ`TےKV ... فYQع SطRرYچTHTWT~WچWTت &gŒHTWTقYpعëSظ<ض@ ... SJًJًS/@ ... Wè SطVص`ئKV ... طRرYقHTWظ`TےXM†Yٹ طRرٌµ`إWٹ ?فYQع &w´`إWٹ QWفSهéS™Yرك@†TWTت Xـ<¢XM†TYTٹ QWفXنYص`هVK ... UfغSهéSTژ ... ƒٍWè QWفSهWOéS-RK ... gاèS£`إWظ<ض@†Yٹ ]ŒHTWTقTTW±o`ٌڑ WO`kTWçئ xŒHTW™YةHTW©Sع ‚WپWè g.V،YTTQWTچSع &xـ ... WںpTTVK ... : ... W¢MX†WTت QWفg±`ڑRK ... َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... ًذYض.V¢ َفWظYض ƒّTTYW ًŒWTقWإ<ض@ ... &`طRرقYع ـKV ... Wè N ... èSOYip±WTژ bO`kTW %`طRرPVض SJًJًS/@ ... Wè cOéSةWTçئ cy~YڑQWO (25) " [النساء:25] .
قال تعالى : ¼ W×`éWTےWè ٌگWإ`‰WTك ء QXشRز xàTTQWعRK ... ... [ں~TTXنW® yXن`~VصWئ َفYQع $`طXنY©SةكKV ... †WقTT`LùY-Wè ًذYٹ ... [ں~TTXنW® uّVصWئ Y&ٍ:‚WپSë;HTVه †WTق<ضQW¥WTكWè ًذ`~VصWئ ًˆHTWTچYر<ض@ ... †_TقHTWT~`‰Yژ QXشRرYPض xٍpّW® ÷_ںTTSهWè ^àWظT`ڑWOWè uüW£pTSTٹWè WـkYظYص`©Sظ<صYض (89) " [النحل:89] .(1/317)
88/5- قال ابن عقيل : (¼ †WTق<ضQW¥WTكWè ًذ`~VصWئ ًˆHTWTچYر<ض@ ... †_TقHTWT~`‰Yژ QXشRرYPض xٍpّW® " [النحل:89] ، وهذا يعم بيانَ قولِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وبيانَ كلِّ مشكل ومجمل (1) ، إلا ما خصه الدليل من المتشابه الذي انفرد بعلمه ، وكلِّف الإيمان به من غير بيان معناه (2) اهـ ) (3) .
_____________________________________
الدراسة :
استدل ابن عقيل بهذه الآية على أن القرآن بيان لسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وغيرها مما يحتاج إلى بيان ؛ بدلالة ألفاظ العموم في الآية ، إلا ما خصه الدليل مما تفرد الله بعلمه .
وهذا هو ما عليه جمهور العلماء (4) ، استدلالاً بهذه الآية ، وأمثلة ذلك كثيرة منها :
__________
(1) كالقرآن بالقرآن ، ففيه المجمل والمبين ، والعام والخاص ، والمطلق والمقيد ، ونحوها .
(2) من أمثلة ذلك أمور الغيب : ¼ SطYصHTWئ gˆ`~Wçإ<ض@ ... ً"TWTت S£Xنpہ¹Sے ّVصWئ ,-YمY‰`T~Wçئ ... [ںWڑVK ... (26) ‚PVپMX ... XفWع uّWµWTpژO@ ... فYع xسéSھWQO ISمPVكXM†WTت ٌذRصp©Wے ?فYع Xـ`kTWٹ Yم`TےWںWے َفYعWè -YمYة<صW ... _ںW²WO (27) " [الجن:26-27] ويدخل في ذلك كيفية صفات الباري سبحانه .
(3) الواضح 3/ 392 .
(4) ينظر : العدة 2/ 569 ، روضة الناظر 2/ 162 ، الإحكام للآمدي 2/ 321 .(1/318)
قوله - صلى الله عليه وسلم - : " ما قطع من حي فهو ميت " (1) ، خُصَّ بقوله تعالى : ¼ َفYعWè †WنYت ... Wép²VK ... †WهXO†WTٹ`èVK ... Wè :†WهXO†Wإ`®VK ... Wè †_TT'HTVT'VK ... †[إHTWTچWعWè uّVضXM ... xـkYڑ (80) " [النحل:80] ، فما قطع من الحي مما ذكر في الآية فهو طاهر ، وليس له أحكام الميتة (2) .
قال العلماء : هذه لا يلحقها حكم الموت فلا تحتاج إلى ذكاة (3) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلاً ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " (4) ، وهذا عام مخصوص بقوله تعالى : ¼ : ... W¢MX†WTت QWفg±`ڑRK ... َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... " [النساء:25] ، فالحكم في الحديث عام في كل النساء ، ولكن لما خُصَّت الأمة بحكم أقل في الآية وهو أنها على النصف من عذاب الحرة ، صار حكم الحديث خاصاً في الحرائر بالآية (5) .
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصيد باب في صيدٍ قطع منه قطعة ( 2858 ) ، والترمذي في كتاب الأطعمة باب ما قطع من الحي فهو ميت، وقال: حسن غريب (1480)، وابن ماجة في كتاب الصيد باب ما قطع من البهيمة وهي حية (3216) من حديث أبي واقد وابن عمر بألفاظ متقاربة ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/ 552 .
(2) بل نقل الاتفاق على ذلك ابن رشد في بداية المجتهد ص 69 .
(3) ينظر : أحكام القرآن للجصاص ، وقال : هو المروي عن الحسن ومحمد بن سيرين وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي 1/ 149 ، بداية المجتهد ص 68 ، المجموع 1/ 296 ، كشاف القناع 1/ 57 .
(4) سبق تخريجه ، ينظر : ص 181 .
(5) ينظر : المحلى 12/ 100 .(1/319)
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله .." (1) ، خُصَّ بقوله تعالى : ¼ uّPVچWڑ NN ... éٌ¹`إSTے WàWTے`¥Yo<ض@ ... فWئ xںWے َطSهWè fûèS£YçإHTW² (29) " [التوبة:29] (2) ، والتخصيص لا يَخْرُج عن كونه مُبَيِّناً .
فيدخل في قوله تعالى : ¼ †_TقHTWT~`‰Yژ QXشRرYPض xٍpّW® " [النحل:89] كل نوع من أنواع البيان (3) ، ويعم أيضاً أنواع المبيَّنات (4) ، وكل ما يحتاجه الناس ، إلا ما خصه الدليل (5) ، مثل أمور الغيب وما يكون في الآخرة .
قال القرطبي : ( أي : ما تركنا شيئاً من أمر الدين إلا وقد دللنا عليه في القرآن ؛ إما دلالة مبينة مشروحة ، وإما مجملة يتلقى بيانها من الرسول عليه الصلاة والسلام ، أو من الإجماع ، أو من القياس الذي ثبت بنص الكتاب ، قال الله تعالى : ¼ †WTق<ضQW¥WTكWè ًذ`~VصWئ ًˆHTWTچYر<ض@ ... †_TقHTWT~`‰Yژ QXشRرYPض xٍpّW® " [النحل:89] ) (6) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب : ¼ ـXM†WTت N ... éSٹ†WTژ N ... éSع†WTخKV ... Wè WلléVصJً±ض@ ... N ... SéWTژ ... ƒٍWè WلléTW{QW¥ض@ ... N ... éPRصWWTت &َطSنVص~X‰Wھ " [التوبة:5] (25) ، ومسلم في كتاب الإيمان باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله .. (20) من حديث عمر وابن عمر وأبي هريرة - رضي الله عنهم - .
(2) ينظر : المحلى 7/ 258 .
(3) كبيان المجمل ، والمطلق ، والعام ، ونحوها .
(4) كبيان القرآن بالقرآن أو بالسنة أو غيرها .
(5) ينظر : جامع البيان 14 / 333 ولم يذكر مخالفاً للعموم ، الوجيز 1/ 352 ، زاد المسير 4/ 367 ، لسان العرب 13/ 68 ، تفسير ابن كثير 5/ 2009 .
(6) الجامع لأحكام القرآن 6/ 420 .(1/320)
وقال السعدي : (¼ †WTق<ضQW¥WTكWè ًذ`~VصWئ ًˆHTWTچYر<ض@ ... †_TقHTWT~`‰Yژ QXشRرYPض xٍpّW® " [النحل:89] ، في أصول الدين وفروعه ، وفي أحكام الدارين ، وكل ما يحتاج إليه العباد ، فهو مبين فيه أتم تبيين ، بألفاظ واضحة ، ومعان جلية ) (1) .
وذهب قوم إلى منع بيان السنة بالقرآن (2) ، واحتجوا بقوله تعالى : ¼ :†WTق<ضW¥كKV ... Wè ًذ`~VضMX ... W£T`{PY،ض@ ... WـPXkW‰SچYض X†PVقYصض †Wع WسQX¥STك َطXن`~VضXM ... " [النحل:44] ، ووجه الاستدلال من وجهين :
1- أن الله جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المبَيِّن ، وليس القرآن .
والجواب : أن يقال : إن المراد به بيان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما يحتاج إلى بيان ، أما ما بينه القرآن فهو كاف لبيان المراد . وكذلك يجاب : بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما يبين القرآن من القرآن .
2- قالوا : لو جعلنا القرآن مبيِّناً لكان تبعاً ، وهذا فيه نقصان للقرآن ، فلا بد أن نجعل القرآن هو المبيَّن ليكون هو الأصل .
والجواب : أنه لا يسلم لهم بهذا ، لأن الأقوى يقضي على الأدنى ، كما أنه لم يقل أحد في بيان أخبار الآحاد بأخبار التواتر ؛ بأن أخبار الآحاد أصل ، وأخبار التواتر تبع (3) .
وكذلك : نجد أن القرآن بعضُه مبيِّن لبعض ، ولم أر أحداً قال : إن بيان بعضه لبعض يجعل المبيِّن تبعاً للمبيَّن ، ولم يقل أحد بأن هذا البيان يُنقِص المبيِّن .
وبهذا يتضح لنا صحة القول بأن بيان القرآن عام لكل ما يحتاج إلى بيان (4) . والله أعلم .
__________
(1) تفسير السعدي 4/ 230 .
(2) نُسب هذا للشافعي ، ينظر : العدة 2/ 570 ، وفيه نظر لِلَّهِ حيث قال الآمدي وغيره من الشافعية : ( يجوز تخصيص عموم السنة بخصوص القرآن عندنا ، وعند أكثر الفقهاء والمتكلمين ) ، الإحكام 2/ 321 .
(3) ينظر : العدة 2/ 570 .
(4) ينظر : الواضح 3/ 393 ، البحر المحيط للزركشي 3/ 379 ، التمهيد لأبي الخطاب 2/ 114 .(1/321)
قال تعالى : ¼ فWع W£WةW{ YJً/@†Yٹ ?فYع Yں`إWTٹ ,-YمYقHTWظےXM ... ‚PVپMX ... َفWع WâX£`{RK ... ISمS‰T<صWTخWè =QSفMXùWظp¹Sع XفHTWظے‚XMô@†Yٹ فYرHTVضWè فQWع W-W£W® X£pTةRر<ض@†Yٹ ... _O`ںW² `yXن`~VصWإWTت tˆWµWçئ fغYQع JًY/@ ... `ySنVضWè }‡ ... W،Wئ cy~Yہ¹Wئ (106) " [النحل:106] .
89/6- قال ابن عقيل : ( ¼ ‚PVپMX ... َفWع WâX£`{RK ... ISمS‰T<صWTخWè =QSفMXùWظp¹Sع XفHTWظے‚XMô@†Yٹ فYرHTVضWè فQWع W-W£W® X£pTةRر<ض@†Yٹ ... _O`ںW² " [النحل:106] ، يعني : من اعتقد الكفر ، وإنما لم يعف عن أعمال القلوب ها هنا ؛ لأن الإكراه لم يتسلط عليها اهـ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
بين ابن عقيل في هذه الآية : أن المكره على الكفر يُعفى عنه ، إذا لم يعتقد ذلك في قلبه ، فإن اعتقده في قلبه كفر ، لأن الإكراه لا يتصور على القلوب .
وبهذا فسرها جماهير العلماء .
قال الطبري : ( فتأويل الكلام إذن : من كفر بالله من بعد إيمانه ، إلا من أكره على الكفر فنطق بكلمة الكفر بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان ، موقن بحقيقته ، صحيح عليه عزمه ، غير مفسوحِ الصدرِ بالكفر ، لكن من شرح بالكفر صدراً فاختاره وآثره على الإيمان ، وباح به طائعاً ، فعليهم غضب من الله ، ولهم عذاب عظيم ) (2) .
وقال البغوي : ( وأجمع العلماء : على أن من أكره على كلمة الكفر ، يجوز له أن يقول بلسانه ، وإذا قال بلسانه غير معتقد لا يكون كفراً ، وإن أبى أن يقول حتى يقتل ، كان أفضل ) (3) .
وقال القرطبي : ( أجمع أهل العلم على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان ) (4) .
__________
(1) الواضح 1/ 84 .
(2) جامع البيان 14/ 375 .
(3) معالم التنزيل 3/ 71 .
(4) الجامع لأحكام القرآن 10/ 182 ، وينظر : تفسير ابن كثير 5/ 2019 ونَقَل الاتفاق أيضاً .(1/322)
وقال السعدي : ( من أكره على الكفر ، وأجبر عليه ، وقلبه مطمئن بالإيمان ؛ راغب فيه ، فإنه لا حرج عليه ، ولا إثم ، ويجوز له النطق بكلمة الكفر عند الإكراه عليها ) (1) .
وحكى القرطبي قولاً آخر ورده فقال : ( غير محمد بن الحسن فإنه قال : إذا أظهر المرء الشرك كان مرتداً في الظاهر ، وفيما بينه وبين الله تعالى على الإسلام ، وتبَِين منه امرأته ، ولا يصلَّى عليه إن مات ، ولا يرث أباه إن مات مسلماً ، وهذا قول يرده الكتاب والسنة ، قال الله تعالى : ¼ ‚PVپMX ... َفWع WâX£`{RK ... " الآية [النحل:106] ، وقال : ¼ :‚PVپMX ... ـKV ... N ... éSحPVچWTژ `ySن`قYع %_àHùWحSTژ " [آل عمران:28] ، وقال : ¼ QWـMX ... WفےY،PVض@ ... SطSنHùPVTتWéWTژ SàVرMXù;HTTVصWظ<ض@ ... ُّYظYض†Vہ؛ `طXنY©STةكKV ... N ... éSTض†WTخ Wط~Yت $`طSچقRز N ... éSTض†WTخ †QWقTRز WـkYةWإpµWچp©Sع ء &X³`OKKV‚ô@ ... " الآية [النساء:97] ، وقال : ¼ ‚PVپMX ... WـkYةWإpµWچp©Sظ<ض@ ... WفYع Xس†W-QX£ض@ ... Yٍ:†W©YPقض@ ... Wè Xـ.Wں<ضXé<ض@ ... Wè " الآية [النساء:98] ، فعذر الله المستضعفين الذين يمتنعون من ترك ما أمر الله به ، والمكره لا يكون إلا مستضعفاً غير ممتنع من فعل ما أمر به ؛ قاله البخاري ) (2) .
كل هذا مما يرجح لنا أن المكره معذور فيما يكون عليه الإكراه ، وهو القول والفعل ، أما العقيدة القلبية فلا يتصور الإكراه فيها (3) . والله أعلم .
سورة الإسراء
قال تعالى : ¼ ‚WپWè X`ظWTژ ء X³`OKKV‚ô@ ... $†[ڑW£Wع ًذPVكMX ... فVض ًثX£`WTژ ً³`OKKV‚ô@ ... غVضWè WçؤRص`T‰WTژ ًس†W‰Yo<ض@ ... ‚^پéٌ؛ (37) " [الإسراء:37] .
__________
(1) تفسير السعدي 4/ 245 .
(2) الجامع لأحكام القرآن 10/ 182 ، وينظر : صحيح البخاري كتاب الإكراه وتضمنت ترجمته ذكر الأدلة على العذر بالإكراه ، والعذر للمستضعفين ، والمكره لا يكون إلا مستضعفاً ص 1457 .
(3) ينظر : التسهيل 1/ 475 ، مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب 1/ 217 .(1/323)
90/1- قال القرطبي : ( قال الإمام أبو الوفاء ابن عقيل : قد نص القرآن على النهي عن الرقص ، فقال : ¼ ‚WپWè X`ظWTژ ء X³`OKKV‚ô@ ... $†[ڑW£Wع " [الإسراء:37] اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
فسر العلماء قول الله تعالى : ¼ $†[ڑW£Wع " بمعان متقاربة :
فقال بعضهم : المرح : هو شدة الفرح المجاوز حده (2) .
وقال بعضهم : التكبر والاختيال (3) .
وقال بعضهم : الأشر والبطر (4) .
قال القرطبي : ( وهذه الأقوال متقاربة ) (5) .
قال ابن منظور : ( المرح : شدة الفرح والنشاط حتى يجاوز قدره ، وقيل : المرح التبختر والاختيال ، وفي التنزيل : ¼ ‚WپWè X`ظWTژ ء X³`OKKV‚ô@ ... $†[ڑW£Wع " [الإسراء:37] أي : متبختراً مختالاً ، وقيل : المرح الأشر والبطر ، ومنه قوله تعالى : ¼ †WظYٹ `ySچقRز WـéSڑW£pTةWTژ ء X³`OKKV‚ô@ ... XO`kTWçإYٹ QXجW™<ض@ ... †WظYٹWè َطSچقRز WـéSڑW£`ظWTژ (75) " [غافر:75] ) (6) .
وهو صالح لهذه المعاني جميعاً .
قال السمرقندي : (¼ ‚WپWè X`ظWTژ ء X³`OKKV‚ô@ ... $†[ڑW£Wع " [الإسراء:37] يعني : لا تمشي بالخيلاء والمرح والبطر والأشر ، كله واحد ، وهو أن يعظم نفسه في النعم ) (7) .
والأصل فيه : زيادة الفرح عن حده ، وما بعده لازم له .
قال ابن فارس : ( الميم والراء والحاء أصل يدل على مسرة لا يكاد يستقر معها طرباً ، قال تعالى : ¼ †WظYٹWè َطSچقRز WـéSڑW£`ظWTژ " [غافر:75] ) (8) .
__________
(1) الجامع لأحكام القرآن 10/ 263 .
(2) ينظر : المفردات ص 520 ، التفسير الكبير 20/ 169 .
(3) ينظر : جامع البيان 14/ 597 ، معاني القرآن للنحاس 4/ 156 .
(4) ينظر : تفسير السمعاني 3/ 242 ، زاد المسير 5/ 27 .
(5) الجامع لأحكام القرآن 10/ 263 .
(6) لسان العرب 2/ 591 .
(7) تفسير السمرقندي 3/ 24 .
(8) معجم مقاييس اللغة 5/ 316 .(1/324)
وهذا هو ما عليه عامة العلماء ؛ فزيادة الفرح عن حده المعقول يؤدي إلى ا لكبر والفخر والخيلاء والأشر والبطر (1) .
فمشية المارح دليل على كبره وخيلائه لما فيها من تمايل وتبختر .
قال الرازي : ( المرح : شدة الفرح ، يقال : مرَحَ يمْرَح مَرَحاً فهو مَرِح ، والمراد من الآية : النهي عن أن يمشي الإنسان مشياً يدل على الكبرياء والعظمة ) (2) .
وأما استدلال ابن عقيل في هذه الآية على ذم الرقص ، فهو من اللطائف التي لم أجد من نص عليها ممن سبق ابن عقيل ، وهذا الاستدلال في محله ؛ فإن المتأمل للرقص يرى أنه بسبب الفرح الزائد عن حده ، وهذا هو ما تدل عليه أصل كلمة المرح ، فاستنبط ابن عقيل حالة يقع فيها من زاد فرحه وهي الرقص ؛ فيكون في الآية النص في النهي عما هو من وسائل الرقص ، والنهي عن الوسيلة نهي عما توصل إليه من باب أولى .
وقد نقل هذه اللفتة الإمام القرطبيُّ عن ابن عقيل مؤيِّداً لها حيث قال : ( والرقص أشد المرح والبطر ) (3) .
وقال الشنقيطي : ( واستدل بعض أهل العلم بقوله تعالى : ¼ ‚WپWè X`ظWTژ ء X³`OKKV‚ô@ ... $†[ڑW£Wع " [الإسراء:37] على منع الرقص وتعاطيه ؛ لأن فاعله ممن يمشي مرحاً ) (4) .
فائدة :
سئل الشيخ محمد بن عثيمين عن حكم رقص المرأة على الدف ؟ .
فأجاب بقوله : ( الرقص مكروه ولا سيما إذا كان يخشى منه فتنة ؛ لأنه أحياناً تكون الراقصة شابة جميلة ، ويثير رقصها الشهوة حتى عند النساء ) (5) .
وإذا كان هذا في حق المرأة ، فالكراهة في حق الرجال أكبر وأشد . والله أعلم .
__________
(1) ينظر : معالم التنزيل 3 / 95 ، التسهيل 1 / 487 ، الجامع لأحكام القرآن 10/ 260 ، تفسير ابن كثير 5/ 2091 .
(2) التفسير الكبير 20/ 169 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 10/ 263 .
(4) أضواء البيان 2/ 310 .
(5) لقاءات الباب المفتوح 1/ 580 .(1/325)
قال تعالى : ¼ gyYخVK ... WلléVصJً±ض@ ... gدéSTضSںYض X¨`ظPVض@ ... uّVضXM ... gجW©Wçئ XشT`~TPVض@ ... Wـ ... ƒٍَ£TSTخWè X$£`oWة<ض@ ... QWـMX ... Wـ ... ƒٍَ£TSTخ X£`oWة<ض@ ... fû†Vز ... _ éSنpTWع (78) " [الإسراء:78] .
91/2- قال ابن عقيل : ( ¼ Wـ ... ƒٍَ£TSTخWè X$£`oWة<ض@ ... " [الإسراء:78] ، لما كنى عن الصلاة به (1) ، دل على وجوبه فيها اهـ ) (2) .
وقال ابن النجار (3) : ( وإن كنى الشارع عن عبادة ببعض ما فيها ، نحو تسمية الصلاة قرآناً في قوله تعالى : ¼ Wـ ... ƒٍَ£TSTخWè X$£`oWة<ض@ ... " [الإسراء:78] ، ونحو التعبير عن الإحرام بالنسك بأخذ الشعر في قوله تعالى : ¼ WـkYحPYصW™Sع َطRرWھèSٍSO WفےX£JY±WحSعWè " [الفتح:27] دل على فرضية المكنى به عن تلك العبادة . فيدل قوله تعالى : ¼ Wـ ... ƒٍَ£TSTخWè X$£`oWة<ض@ ... " [الإسراء:78] على فرضية القراءة في الصلاة ، ويدل قوله تعالى : ¼ WـkYحPYصW™Sع َطRرWھèSٍSO " [الفتح:27] على فرضية الحلق في الحج ؛ لأن العرب لا تكني عن الشيء إلا بالأخص به ، وكذا قوله تعالى : ¼ َکPY‰WھWè Yں`ظW™Yٹ ًذYQTٹWO Wش`‰WTخ XأéRصR؛ X¨`ظPVض@ ... Wش`‰WTخWè Y‡èS£Sçإ<ض@ ... (39) " [ق:39] يدل على وجوب التسبيح في الصلاة ، ذكره القاضي وابن عقيل اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
استنبط ابن عقيل من الآية قاعدة : وهي أن تسمية العبادة ببعض ما فيها يدل على وجوبه فيها ، والأصل فيها : أن العرب لا تكني عن الشيء إلا بأخص الأشياء به ، وهذا هو ما ذكره عامة العلماء ، ومن أقوالهم ما يلي :
__________
(1) أي : القرآن .
(2) الواضح 3/ 213 .
(3) هو محمد بن أحمد بن عبدالعزيز الفتوحي المصري الحنبلي الشهير بابن النجار، من أشهر مصنفاته : منتهى الإرادات، شرح الكوكب المنير، مات سنة 972هـ، له ترجمة في: شذرات الذهب 8/ 276، الأعلام 6/ 6 .
(4) شرح الكوكب المنير 1/ 256 .(1/326)
قال الزجاج : ( ¼ Wـ ... ƒٍَ£TSTخWè X$£`oWة<ض@ ... " [الإسراء:78] ، أي : فأقم قرآن الفجر ، وفي هذا الموضع فائدة عظيمة تدل على أن الصلاة لا تكون إلا بقراءة ؛ لأن قوله : أقم الصلاة ، وأقم قرآن الفجر ، قد أمر أن نقيم الصلاة بالقراءة حتى سميت الصلاة قرآناً ، فلا تكون صلاةٌ إلا بقراءة ) (1) .
وقال النحاس : ( ثم قال جل وعز : ¼ Wـ ... ƒٍَ£TSTخWè X$£`oWة<ض@ ... " [الإسراء:78] ، فسمى الصلاة قرآناً ؛ لأنها لا تكون إلا بالقرآن ) (2) .
وقال القرطبي : ( قوله تعالى : ¼ Wـ ... ƒٍَ£TSTخWè X$£`oWة<ض@ ... " [الإسراء:78] دليل على أن لا صلاة إلا بقراءة ؛ لأنه سمى الصلاة قرآناً ) (3) .
وقال ابن كثير : ( قوله : ¼ Wـ ... ƒٍَ£TSTخWè X$£`oWة<ض@ ... QWـMX ... Wـ ... ƒٍَ£TSTخ X£`oWة<ض@ ... fû†Vز ... _ éSنpTWع (78) " [الإسراء:78] ، والمراد : صلاة الفجر كما جاء مصرحاً به في الصحيحين (4) ، من أنه يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، فدل ذلك كله على أنه لابد من القراءة في الصلاة ، وهو اتفاق من العلماء ) (5) .
وقال بعض العلماء : تسمية صلاة الفجر قرآناً ؛ لمشروعية إطالة القراءة فيها .
ولا تعارض في هذا القول مع ما قبله ، فلا تكون الإطالة إلا بالقراءة .
__________
(1) معاني القرآن 3/ 255 .
(2) معاني القرآن 4/ 183 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 10/ 306 .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب فضل صلاة الفجر جماعة (648) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها (649) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(5) تفسير ابن كثير 1/ 135 ، وينظر في هذا القول : تفسير السمعاني 3 / 268 ، الوجيز 2/ 644 ، معالم التنزيل 3/ 106 ، الكشاف 2/ 641 ، التفسير الكبير 21/ 23 .(1/327)
قال السمرقندي : ( ¼ Wـ ... ƒٍَ£TSTخWè X$£`oWة<ض@ ... " [الإسراء:78] ، أي : صلاة الغداة ، وإنما سميت صلاة الغداة قرآناً ؛ لأن القراءة فيها أكثر وأطول ) (1) .
وقال ابن جزي : ( وإنما عبر عن صلاة الصبح بقرآن الفجر ؛ لأن القرآن يقرأ فيها أكثر من غيرها ) (2) .
وقريباً منهم ذكر ابن عطية (3) ، والسعدي (4) ، وبهذا يتضح لي أن تسمية الصلاة قرآناً دليل على وجوبه فيها ، كما سميت ركوعاً أو سجوداً أو قنوتاً أو تسبيحاً (5) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ WفYعWè XشT`~TPVض@ ... `ںQWoWنWچWTت -YمYٹ ^àTVصYت†WTك ًذVPض uvّW©Wئ ـKV ... ًذW'Wإ`‰WTے ًذQSTٹWO †_ع†WحWع ... _ éSظ`™QWع (79) " [الإسراء:79] .
92/3- قال ابن عقيل : ( ¼ ^àTVصYت†WTك ًذVPض " ، زيادة في عملك ، وهي في الشرع : ما في فعله ثواب ، ولا يلام تاركه ، وقيل : ما رُغِّب فيه مما لا يقبح تركه اهـ ) (6) .
____________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل النافلة بالزيادة ، وهذا هو المعنى اللغوي لها (7) ، قال ابن فارس : ( النون والفاء واللام أصل صحيح يدل على عطاء وإعطاء ، منه النافلة : عطِيَّة الطَّوْعِ من حيث لا تجب ، ومنه نافلة الصلاة ) (8) .
__________
(1) تفسير السمرقندي 2/ 324 .
(2) التسهيل 1/ 494 .
(3) المحرر الوجيز 3/ 478 .
(4) تفسير السعدي 4/ 306 .
(5) ينظر للاستزادة : تفسير البيضاوي 3/ 462 ، تفسير أبي السعود 4/ 151، تفسير النسفي 2/ 324 .
(6) الواضح 1/ 132 .
(7) وأشار إليه كثير من المفسرين ، ينظر : تفسير السمعاني 3/ 268 ، التفسير الكبير 21/ 26 .
(8) معجم مقاييس اللغة 5/ 455 ، ومثله قال الجوهري في الصحاح 4/ 1492 .(1/328)
وقال الراغب : ( ¼ ًذWTكéSTصWLTT`©Wے XفWئ g$س†WةكVK‚ô@ ... " الآية [الأنفال:1] ، وأصل ذلك من النفل ، أي : الزيادة على الواجب ، ويقال له النافلة ، قال تعالى : ¼ WفYعWè XشT`~TPVض@ ... `ںQWoWنWچWTت -YمYٹ ^àTVصYت†WTك ًذVPض " [الإسراء:79] ) (1) .
وأما النافلة في الشرع ، فقد عرفها : بما يثاب فاعله ولا يلام تاركه ، وهذا هو تعريف كثير من الأصوليين (2) ، وأُورِد عليه أنه تعريف بالحكم ، والأولى أن يقال : هو ما أمر الشارع به من غير إلزام (3) ، وهذا قريب في المعنى من تعريف ابن عقيل الثاني ، والترغيب الذي أشار إليه إنما يكون من الشارع .
ومن هنا : يتقوى كلام ابن عقيل في التعريف الشرعي حيث عرفه بحكمه وبذاته ، فجمع بينهما حتى يتضح المعرَّف أكثر وأكثر . والله أعلم .
سورة الكهف
قال تعالى : ¼ ًذYض.W،W{Wè †WTكَ£WT'`ئVK ... َطXن`~VصWئ Nv ... éSظWTص`إW~Yض UfûKV ... Wں`ئWè JًY/@ ... bQجWڑ QWـKV ... Wè WàWئ†UfTT©ض@ ... ‚Wپ ًˆ`TےWO :†fTTTن~Yت <¢M ... WـéSئW¥HTWقWTچWTے َطSنWTق`~WTٹ $َطSهW£`عVK ... N ... éRض†WحWTت N ... éSTق`Tٹ@ ... طXن`~TVصWئ $†_TقHTWT~pTقTSTٹ َطSنQSTٹWQO SطWTص`ئKV ... &`yXنYٹ Wس†WTخ fغTےY،PVض@ ... N ... éS‰VصWçئ uvّVصWئ َطYهX£`عVK ... UfûW،YPVچWقVض طXن`~VصWئ ... _ںYop©WQع (21) " [الكهف:21] .
93/1- قال ابن عقيل : ( ¼ Nv ... éSظWTص`إW~Yض UfûKV ... Wں`ئWè JًY/@ ... bQجWڑ " [الكهف:21] ، يقال : حققت الشيء وأحققته فهو حق ، إذا كنت منه على يقين اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل إلى معنى لغوي من معاني : الحق ، وهو الشيء الذي تكون منه على يقين .
__________
(1) المفردات ص 559 ، وينظر : التعريفات ص 245 .
(2) ينظر : شرح مختصر روضة الناظر 1/ 353 ، شرح الكوكب المنير 1/ 402 .
(3) ينظر : الإحكام للآمدي 1/ 119 ، المذكرة ص 19 .
(4) الواضح 1/ 206 .(1/329)
قال ابن فارس : ( يقال : حقَقْتُ الأمرَ وأحقَقْتُه ، أي : كنت على يقين منه ) (1) .
وكذا قال الجوهري (2) ، وابن منظور (3) .
وأشار الراغب إلى أن من معاني الحق : ( الاعتقاد في الشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه ، كقولنا : اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق ) (4) .
وهذا هو ما عليه المفسرون في تفسير هذه الآية (5) .
قال الطبري : ( القول في تأويل قوله تعالى : ¼ Nv ... éSظWTص`إW~Yض UfûKV ... Wں`ئWè JًY/@ ... bQجWڑ " [الكهف:21].. فيعلموا أن وعد الله حق ، ويوقنوا أن الساعة آتية لا ريب فيها ، وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل ) (6) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ †Wچ<صYز Xـ`kTWTچPVقWo<ض@ ... pŒWTژ ... ƒٍ †WنVصS{KR ... `yVضWè yYص<ہ¹WTژ Sم`قTPYع &†_LTT`~TW® †WTكَ£QWoWTتWè †WظSنWTصHTVصY ... _£WنWTك (33) " [الكهف:33] .
94/2- قال ابن عقيل : ( والظلم هو الانتقاص قال سبحانه : ¼ `yVضWè yYص<ہ¹WTژ Sم`قTPYع &†_LTT`~TW® " [الكهف:33] ، وتقول العرب : من أشبه أباه فما ظلم ، أي : ما انتقص من حق الشبه ، ومن قال : إنه وضع الشيء في غير موضعه (7) ، فما خرج بهذا عن الانتقاص اهـ ) (8) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) معجم مقاييس اللغة 2/ 19 .
(2) ينظر : الصحاح 4/ 1208 .
(3) ينظر : لسان العرب 10/ 49 .
(4) وذكر مما يطلق عليه : الموجِد بحكمة ، لذا نقول : الله هو الحق ، ويطلق على الموجَد بحكمة ، لذا يقال : الموت حق ، ويطلق على الفعل والقول الواقع بحكمة لذا يقال : فعلك حق ، وقولك حق، ينظر: المفردات ص 140 .
(5) ينظر : التفسير الكبير 21/ 89 ، الجامع لأحكام القرآن 10/ 379 .
(6) جامع البيان 15/ 216 .
(7) ينظر : العدة 1/ 169 ، مجمع الأمثال للميداني حيث قال : ( أي : لم يضع الشبه في غير موضعه ؛ لأنه ليس أحد أولى به منه بأن يشبهه ) 2/ 355 .
(8) الواضح 1/ 151 .(1/330)
عرف ابن عقيل الظلم في الآية بالانتقاص ، وهذا هو ما عليه جميع المفسرين .
قال الزجاج : ( ¼ `yVضWè yYص<ہ¹WTژ Sم`قTPYع &†_LTT`~TW® " ، أي : لم تنقص منه شيئاً ) (1) .
وقال النحاس : (¼ `yVضWè yYص<ہ¹WTژ Sم`قTPYع &†_LTT`~TW® " ، أي : ولم تنقص ) (2) .
ومثلهما قال البغوي (3) ، والزمخشري (4) ، والرازي (5) ، والقرطبي (6) ، وابن منظور (7) ، وغيرهم (8) ، بل لم أجد من خالف في هذا المعنى .
قال ابن فارس : ( ظلمه يظلمه ظلماً ، والأصل : وضع الشيء في غير موضعه ؛ ألا تراهم يقولون : من أشبه أباه فما ظلم ، أي : ما وضع الشبه غير موضعه ) (9) ، ومثله قال الجوهري (10) .
وهذا المعنى كما ذكر ابن عقيل لا يخرج عن معنى الانتقاص .
__________
(1) معاني القرآن 3/ 284 .
(2) معاني القرآن 4/ 238 .
(3) معالم التنزيل 3/ 134 .
(4) الكشاف 2/ 674 .
(5) التفسير الكبير 21/ 106 .
(6) الجامع لأحكام القرآن 10/ 403 .
(7) لسان العرب 12/ 375 .
(8) ينظر : تفسير السمرقندي 2/ 346 ، تفسير البيضاوي 3/ 496 ، المحرر الوجيز 3/ 516 .
(9) معجم مقاييس اللغة 3/ 468 .
(10) الصحاح 4/ 1603 ، وينظر : المفردات ص 353 .(1/331)
قال الراغب : ( ¼ `yVضWè yYص<ہ¹WTژ Sم`قTPYع &†_LTT`~TW® " [الكهف:33] ، أي : لم تنقص ، والظلم ثلاثة : الأول : ظلم بين العبد وربه وأعظمه الشرك قال تعالى : ¼ UfûMX ... ًدَ£TPYض@ ... }y<صRہ¹Vض cy~Yہ¹Wئ (13) " [لقمان:13] ، والثاني : ظلم بينه وبين الناس وهو المقصود في قوله : ¼ †WظPVTكXM ... ٌش~Y‰Jً©ض@ ... ّVصWئ WفےY،PVض@ ... WـéSظYص<ہ¹WTے ً†PVقض@ ... " [الشورى:42] ، والثالث : ظلم بينه وبين نفسه ، وهو المقصود في قوله : ¼ `ySنpقYظWTت cyYض†Vہ؛ -YمY©pTةWTقYPض " [فاطر:32]، وكلها في الحقيقة ظلم للنفس، وقوله : ¼ `éVضWè QWـKV ... fغTےY،PVصYض N ... éSظWTصVہ؛ †Wع ء X³`OKKV‚ô@ ... †_Tإ~YظW- " [الزمر:47] ، يتناول الأنواع الثلاثة من الظلم ) (1) .
وكل هذه الأنواع وضع للشيء في غير موضعه ، ومن حصل منه أي نوع منها فقد نقص في حق هذا الشيء ، فترجع جميعاً إلى النقص ، ومعنى ¼ yYص<ہ¹WTژ " في الآية التي معنا أقرب إلى النقص ليناسب سياق الكلام ، فهو الأولى في تفسيرها ، وهو الذي وجدت اتفاق المفسرين عليه عند هذه الآية . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ <¢MX ... Wè †Wق<صSTخ YàVرMXù;HTTVصWظ<صYض N ... èSںSo`ھ@ ... W×W ‚VKYپ Nv ... èٌںWoW©WTت :‚PVپMX ... ً¨~Yص`TٹMX ... Wـ†Vز WفYع QXفYo<ض@ ... WجW©WةWTت َفWئ X£`عKV ... ,-%YمQYTTٹWO ISمWTكèS،YPVچTWچWTتVK ... ,ISمWTچQWTےQYOS¢Wè ƒٍ:†fTTTT~Yض`èVK ... فYع ّYTكèS `طSهWè َطRرVض =QS&èSںWئ ً¨`LùYTٹ WـkYظYصHTJًہ¹صYض ¾‚پWںWTٹ (50) " [الكهف:50] .
95/3- قال ابن عقيل : ( ¼ WجW©WةWTت َفWئ X£`عKV ... ,-%YمQYTTٹWO " [الكهف:50] يعني : خرج ؛ فهذا حد الفسق أصلاً في اللغة اهـ) (2) .
___________________________________
الدراسة :
أبان ابن عقيل حد الفسق لغة : بأنه الخروج ، وهذا هو تعريف أهل اللغة والتفسير .
__________
(1) المفردات ص 353 بتصرف .
(2) الواضح 1/ 148 .(1/332)
قال الفراء : ( ¼ WجW©WةWTت َفWئ X£`عKV ... ,-%YمQYTTٹWO " [الكهف:50] ، أي : خرج عن طاعة ربه ، والعرب تقول : فسقت الرطبة من جلدها وقشرها لخروجها منه ، وكأن الفأرة إنما سميت : فويسقة لخروجها من جحرها على الناس ) (1) .
وقال ابن فارس : ( الفاء والسين والقاف كلمة واحدة ، وهي الفسق ، وهو الخروج عن الطاعة ) (2) .
قال الطبري : (¼ WجW©WةWTت َفWئ X£`عKV ... ,-%YمQYTTٹWO " [الكهف:50] ، يعني به : خرج عن طاعته واتباع أمره ) (3) .
فيشمل كل معصية صغرت أو كبرت ، وهو أعم من الكفر .
قال الراغب : ( فسق فلان : خرج عن حجر الشرع ، وذلك من قولهم : فسق الرطب ، إذا خرج عن قشره ، وهو أعم من الكفر ) (4) .
وقال البغوي : (¼ WجW©WةWTت َفWئ X£`عKV ... ,-%YمQYTTٹWO " [الكهف:50] ، أي : خرج ) (5) .
وعلى هذا التفسير إجماع المفسرين (6) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ †PVعKV ... Wè ٌyHTVصSçإ<ض@ ... Wـ†VرWTت Sâً ... éWTٹKV ... Xـ`kWقYع`ëSع :†Wق~YWWTت ـKV ... †WظSنWحYهَ£STے †_TقHTW~<çإR؛ ... _£TTpTةS{Wè (80) " [الكهف:80] .
96/4- قال ابن عقيل : ( ¼ :†Wق~YWWTت " [الكهف:80] ، يرجع إلى الخضر ، وأنه لما اطلع على ما يكون منه ، خشي أن يبلغ فيكفر ، ويكفِّر أبويه اهـ ) (7) .
وقال ابن الجوزي : ( وقال ابن عقيل : المعنى : فعلنا فعل الخاشي اهـ ) (8) .
____________________________________
الدراسة :
__________
(1) معاني القرآن 2/ 147 ، وينظر : جامع البيان 1/ 434 ، لسان العرب 10/ 308 .
(2) معجم مقاييس اللغة 4/ 502 ، وينظر : الصحاح 4/ 1270 .
(3) جامع البيان 1/ 434 ، وينظر : تفسير السمرقندي 1/ 64 ، تفسير ابن كثير 5/ 2171.
(4) المفردات ص 425 .
(5) معالم التنزيل 3/ 138 .
(6) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 1/ 245 ، التسهيل 1/ 512 .
(7) الواضح 2/ 381 .
(8) زاد المسير 5/ 132 ، وينظر : نظم الدرر 4/ 497 .(1/333)
اختلف العلماء على من يعود الضمير في قوله : ¼ :†Wق~YWWTت " [الكهف:80] ؟ على قولين ، ذكرهما أكثر العلماء (1) :
القول الأول : أنه يرجع إلى الخضر (2) وهو أحد قولي ابن عقيل ، والدليل عليه ، قوله تعالى في الآية التالية لها : ¼ :†WTك` WOVK†WTت ـKV ... †WظSنVضYںpT‰TSے †WظSنQSTٹWO " [الكهف:81] ، فصرح بذكر الرب مما يدل على أن المتكلم هو الخضر .
القول الثاني : أنه يعود إلى الله ، واختلفوا في تفسير الخشية : فذهب الفراء ، والطبري : إلى أنها بمعنى العلم (3) ، كما أن الظن يأتي بمعنى العلم (4) . وقال الزجاج : ( الخشية من الله : بمعنى : الكراهة ) (5) .
وقال ابن عقيل : المعنى : فعلنا فعل الخاشي (6) .
وقال ابن عطية : ( الخشية إنما هي من جهة المخاطبين ) (7) .
قلت : والراجح الذي يشهد له سياق الكلام هو القول الأول : أن المتكلم هو الخضر .
قال القرطبي : ( قوله تعالى : ¼ :†Wق~YWWTت ـKV ... †WظSنWحYهَ£STے " [الكهف:80] قيل : هو من كلام الخضر عليه السلام ، وهو الذي يشهد له سياق الكلام ، وهو قول كثير من المفسرين ) (8) .
وقال الشوكاني : ( قيل : ويجوز أن يكون : ¼ :†Wق~YWWTت " [الكهف:80] ، من كلام الله ، ويكون المعنى : كرهنا كراهة من خشي سوء عاقبة أمره فغَيَّره ، وهذا ضعيف جداً ، فالكلام كلام الخضر ) (9) .
__________
(1) ينظر : معاني القرآن للزجاج 3/ 305 ، معاني القرآن للنحاس 4/ 278، المحرر الوجيز 3/ 536 ، الجامع لأحكام القرآن 11/ 36 ، تفسير النسفي 3/ 22 ، لسان العرب 14/ 228 ، التسهيل 1/ 517 .
(2) ينظر : تفسير الثعالبي 2/ 392 ، تفسير أبي السعود 4/ 208 .
(3) معاني القرآن 2/ 157 ، جامع البيان 15/ 357 .
(4) ينظر : معالم التنزيل 3/ 147 .
(5) معاني القرآن وإعرابه 3/ 305 .
(6) زاد المسير 5/ 132 .
(7) المحرر الوجيز 3/ 536 .
(8) الجامع لأحكام القرآن 11/ 36 .
(9) فتح القدير 3/ 376 .(1/334)
ومما يؤيد هذا : أن الأصل البقاء على ظاهر معنى الخشية الأصلي ، ولا حاجة إلى التأويل .
ومن قواعد الترجيح عند المفسرين : وجوب حمل نصوص الوحي على الحقيقة ، وكذلك : إعادة الضمير إلى مذكور أولى من إعادته إلى غير مذكور (1) ، والذي له سابق ذكر هو الخضر .
وأما استعماله لضمير الجمع فيقال فيه ما يُقال في قوله تعالى : ¼ :†WTك` WOVK†WTت " [الكهف:81] .
قال ابن عطية : ( والضمير عندي : للخضر وأصحابه الصالحين الذين أهمهم الأمر وتكلموا فيه ) (2) .
ويجوز أن يكون أشرك معه موسى وفتاه للصحبة التي كانت بينهما .
ويجوز كون الضمير جمعاً للتعظيم .
قال ابن عثيمين : ( وأُتي بضمير الجمع للتعظيم ) (3) .
فعود الضمير إلى الخضر واضح جداً ، بدلالة الآية بعدها : ¼ :†WTك` WOVK†WTت ـKV ... †WظSنVضYںpT‰TSے †WظSنQSTٹWO " [الكهف:81] ، فالتصريح بذكر الرب يدل على أن المتكلم هو الخضر ، وأما عود الضمير إلى الله فغير صحيح ؛ لأن الخشية لا تُنسب إلى الله تعالى ، فلا نحتاج إلى الاحتمالات التي وضعها هؤلاء ؛ لأنها مبنية على ظنهم أن الضمير يعود إلى الله ، وهذا تفسير لا يناسب السياق أولاً ولا يليق بالله ثانياً . والله تعالى أعلم .
سورة مريم
قال تعالى : ¼ uّWT~`™W~HTWTے Y،S ًˆHTWTچg|<ض@ ... x$لQWéSحYTٹ SمHTWTق`~WTژ ... ƒٍWè Wط<رS™<ض@ ... †^QTg~‰ً² " [مريم:12] .
97/1- قال ابن عقيل : ( ¼ x$لQWéSحYTٹ " يعني : بفهم وعلم لما يفهم ، ويقين لما يسمع اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) ينظر : قواعد الترجيح عند المفسرين 2/ 387 ، 593 .
(2) المحرر الوجيز 3/ 536 .
(3) تفسير سورة الكهف ص 122 .
(4) الواضح 5/ 462 .(1/335)
فسر ابن عقيل [القوة] في الآية بالفهم والعلم واليقين ، وهو القول الأول (1) ، وهذا هو لازم ما فسره به عامة المفسرين في القول الثاني : حيث جعلوا معنى ¼ x$لQWéSحYTٹ " ، أي : بجد واجتهاد (2) ، فإذا حصل منه هذا كانت النتيجة : الحفظ لألفاظ الكتاب ، وفهم معانيه ، والعمل بما فيه . فالفهم والعمل ، حاصلُ الجد والاجتهاد ، ومصدر هذه القوة واحد ، وهو القلب ، وهذه الصفة هي التي تفيد المدح .
قال السمعاني : ( وقوله : ¼ Y،S ًˆHTWTچg|<ض@ ... x$لQWéSحYTٹ " [مريم:12] ، أي : بجد واجتهاد ) (3) .
وقال الراغب : ( ¼ uّWT~`™W~HTWTے Y،S ًˆHTWTچg|<ض@ ... x$لQWéSحYTٹ " ، أي : بقوة قلب ) (4) .
وقال الرازي : ( قوله : ¼ x$لQWéSحYTٹ " [مريم:12] ليس المراد منه : القدرة على الأخذ ؛ لأن ذلك معلوم لكل أحد ، فيجب حمله على معنى يفيد المدح : وهو الجد والصبر ) (5) .
وقال السعدي : ( دل الكلام السابق على ولادة يحيى وشبابه وتربيته ؛ فلما وصل إلى حالة يفهم فيها الخطاب ، أمره الله أن يأخذ الكتاب بقوة ، أي : بجد واجتهاد ، وذلك بالاجتهاد في حفظ ألفاظه ، وفهم معانيه ، والعمل بأوامره ونواهيه ، هذا تمام أخذ الكتاب بقوة ؛ فامتثل أمر ربه ، وأقبل على الكتاب فحفظه وفهمه ، وجعل الله فيه من الذكاء والفطنة ما لا يوجد في غيره ، ولهذا قال : ¼ SمHTWTق`~WTژ ... ƒٍWè Wط<رS™<ض@ ... †^QTg~‰ً² (12) " [مريم:12] ) (6) .
__________
(1) ينظر : تفسير الثعالبي 3/ 4 .
(2) ينظر : جامع البيان 15/ 473 ، تفسير السمرقندي 2/ 370 ، الكشاف 3/ 9 ، لسان العرب 15/ 207 .
(3) تفسير السمعاني 3/ 282 .
(4) المفردات ص 467 ، وينظر : بصائر ذوي التمييز 4/ 314 .
(5) التفسير الكبير 21/ 163 .
(6) تفسير السعدي 5/ 94 ، وينظر : أضواء البيان 2/ 453 ، وفيهما الجمع بين القولين .(1/336)
وبهذا يتبين أنه وإن اختلفت ألفاظهم فالمعنى واحد ، فتفسير بعضهم بلازم قول الآخر (1) . والله أعلم .
سورة طه
قال تعالى : ¼ XـKV ... Yم~YتY،<خ@ ... ء géSTٹ†PVچض@ ... Yم~YتY،<Tخ@†WTت ء JgyW~T<ض@ ... YمYح<صS~T<صWTت QSطW~<ض@ ... XشYڑ†QW©ض@†Yٹ Sâp،TS<K†WTے QbèSںWئ ّYPض bQèSںWئWè I&SمPVض ٌŒ`~TWح<ضVK ... Wè ًذ`~TVصWئ ^àTQW‰TW™Wع ّQYTقYQع WؤWTقp±SچYضWè uّVصWئ ُّYق`T~Wئ (39) " [طه:39] .
97/1- قال ابن عقيل : ( ¼ WؤWTقp±SچYضWè uّVصWئ ُّYق`T~Wئ (39) " [طه:39] ، على مرأى مني ؛ بدليل : ¼ ّYقPVTكXM ... :†WظS|WإWع ٌؤWTظ`ھKV ... uüWOKV ... Wè (46) " [طه:46] اهـ ) (2) .
___________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل : ¼ uّVصWئ ُّYق`T~Wئ " [طه:39] بمعنى : على مرأى مني ، وهذا التفسير هو ما عليه المفسرون جميعاً (3) ، وأهل اللغة كذلك (4) .
ومن نصوصهم ما يلي :
قال الطبري : ( وعنى بقوله : ¼ uّVصWئ ُّYق`T~Wئ " بمرأى مني ، ومحبة ، وإرادة ) (5) .
وقال السمرقندي : (¼ WؤWTقp±SچYضWè uّVصWئ ُّYق`T~Wئ " يقول : ما يصنع بك على منظر مني ، وبعلمي وبإرادتي ) (6) .
وقال البغوي : ( ¼ WؤWTقp±SچYضWè uّVصWئ ُّYق`T~Wئ (39) " [طه:39]، يعني : لتربى بمرآي ، ومنظر مني ) (7) . ومثله قال ابن عطية (8) .
__________
(1) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 11/ 86 ، النكت والعيون 3/ 359 ، تفسير ابن كثير 5/ 2210 .
(2) الواضح 2/ 382 .
(3) ينظر : تفسير السمعاني 3 / 329 ، المفردات ص 397 ، مجموع الفتاوى 5/ 99 ، الجامع لأحكام القرآن 11/ 197 ، التسهيل 2/ 18 ، الجلالين ص 314 ، تفسير السعدي 5/ 156 .
(4) ينظر : ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن ص 346 ، العين ص 702 ، الصحاح 5/ 1741 .
(5) جامع البيان 16/ 60 .
(6) تفسير السمرقندي 2/ 395 .
(7) معالم التنزيل 3/ 183 .
(8) المحرر الوجيز 4/ 44 .(1/337)
وقال القرطبي : ( ¼ WؤWTقp±SچYضWè uّVصWئ ُّYق`T~Wئ " أي : تربى وتغذى على مرأى مني ، قاله قتادة . قال النحاس : وذلك معروف في اللغة ، يقال : صنعت الفرس وأصنعته ، إذا أحسنت القيام عليه ) (1) .
تنبيه :
هذا هو تفسير السلف مع التزامهم بإثبات صفة العين حقيقة لله سبحانه على ما يليق بجلاله (2) .
فأهل السنة والجماعة مجمعون على إثبات صفة العين لله تعالى (3) ، ولا يقتضي إثباتها تشبيهاً بأعين المخلوقين (4) .
ومن أدلتهم هذه الآية : ¼ WؤWTقp±SچYضWè uّVصWئ ُّYق`T~Wئ " .
وممن استدل بها : ابن تيمية (5) ، وابن القيم (6) ، وغيرهم (7) .
قال ابن تيمية : ( ولله تعالى ذكره عين ووجه .. ) إلى أن قال : ( ... وقال سبحانه : ¼ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا " [الطور:48] ، وقال عز وجل : ¼ WؤWTقp±SچYضWè uّVصWئ ُّYق`T~Wئ " ، وقال تعالى : ¼ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا " [النساء:134] ، وقال تعالى لموسى وهارون : ¼ ّYقPVTكXM ... :†WظS|WإWع ٌؤWTظ`ھKV ... uüWOKV ... Wè " [طه:46] ، فأخبر عن سمعه ورؤيته وبصره ) (8) .
__________
(1) الجامع لأحكام القرآن 11/ 197 .
(2) ينظر : بدائع الفوائد 2/ 238 .
(3) ينظر : اجتماع الجيوش الإسلامية ص 183 .
(4) ينظر : شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين ضمن مجموع الفتاوى 8/ 271 ، وكذا شرح الهراس ص 118 .
(5) الفتاوى الكبرى 5/ 336 ، العقيدة الواسطية مع شرح ابن عثيمين 8/ 271 .
(6) ينظر : بدائع الفوائد 2/ 238 .
(7) ينظر : نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد الدارمي 1/ 304 .
(8) بيان تلبيس الجهمية 2/ 21 ، وينظر كذلك : الإبانة لأبي الحسن الأشعري ص 121 .(1/338)
قال تعالى : ¼ Wس†WTخ َطSچTTقWع ... ƒٍ ISمTVض Wش`‰TWTخ َـKV ... WـW¢ ... ƒٍ َطRرVض ISمPVTكMX ... SطS{SOkY‰VرVض ÷Y،PVض@ ... SطS|WظPVصWئ W$£T`™QY©ض@ ... UfغWإPY¹WTخRًK"WTت َطRرWTےYں`TےKV ... طS|VصS-`OVK ... Wè َفYQع xبHTVصY َطRرTPVقWT‰PYصW²RK‚WپWè ء XأèS،S- XشpPVقض@ ... QWفSظVص`إWچVضWè :†WTقQSTےVK ... JٌںTW®KV ... †_Tٹ ... W،Wئ uّWح`TٹVK ... Wè (71) " [طه:71] .
99/2- قال ابن عقيل : ( ¼ َطRرTPVقWT‰PYصW²RK‚WپWè ء XأèS،S- XشpPVقض@ ... " [طه:71] ، بدلاً من : على جذوع النخل اهـ ) (1) .
____________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل [في] بـ[على] ، وهذا هو القول الأول في تفسيرها ، وهو قول الأكثر (2) ؛ لما في الكلام من معنى الاستعلاء (3) .
قال الطبري : ( قول الله تعالى ذكره : ¼ َطRرTPVقWT‰PYصW²RK‚WپWè ء XأèS،S- XشpPVقض@ ... " ، يعني به : على جذوع النخل ، وكما يقال : فعلت كذا في عهد كذا وعلى عهد كذا ، بمعنًى واحد ) (4) .
وذلك أن العرب تضع [في] موضع [على] ، و[على] موضع [في] ، فحروف الجر يقوم بعضها مقام بعض، كما في قوله تعالى : ¼ `شSTخ N ... èSOkTYھ ء X³`OKKV‚ô@ ... " [الأنعام:11] ، أي: على الأرض .
قال أبو يعلى : ( قوله تعالى : ¼ َطRرTPVقWT‰PYصW²RK‚WپWè ء XأèS،S- XشpPVقض@ ... " [طه:71] ، أي : على جذوع النخل ) (5) .
وقال ابن منظور : ( وتجيء [في] بمعنى [على] ، وفي التنزيل العزيز : ¼ َطRرTPVقWT‰PYصW²RK‚WپWè ء XأèS،S- XشpPVقض@ ... " [طه:71] ، المعنى : على جذوع النخل ) (6) .
__________
(1) الواضح 1/ 120 .
(2) ينظر : تفسير السمرقندي 2/ 405 ، معالم التنزيل 3/ 189 ، زاد المسير 5/ 225 ، الجامع لأحكام القرآن 18/ 216 ، الجنى الداني ص 251 ، تفسير ابن كثير 3/ 1464 ، فتح القدير 3/ 465 .
(3) ينظر : البرهان 4/ 303 .
(4) جامع البيان 2/ 321 .
(5) العدة 1/ 208 .
(6) لسان العرب 15/ 167 .(1/339)
ويستدل كثير من المفسرين بهذه الآية على أن [في] تكون بمعنى [على] .
قال السمعاني : ( وقوله : ¼ WـéSإYظWTچ`©Wے $Yم~Yت " [الطور:38] ، أي : عليه ، وهو مثل قوله تعالى : ¼ َطRرTPVقWT‰PYصW²RK‚WپWè ء XأèS،S- XشpPVقض@ ... " [طه:71] ، أي : على جذوع النخل ) (1) .
والقول الثاني : أن [في] على بابها (2) ، واستعمالها في هذا الموضع إشارة إلى أن تمكن المصلوب من الجذع كتمكن المظروف بالظرف ، ويحتجون بأن لكل حرف معناه .
قال البيضاوي : (¼ َطRرTPVقWT‰PYصW²RK‚WپWè ء XأèS،S- XشpPVقض@ ... " [طه:71] ، شبه تمكن المصلوب بالجذع بتمكن المظروف بالظرف ) (3) .
وقال النحاس : ( وذهب بعض أهل اللغة : إلى أن حروف الخفض يبدل بعضها من بعض ، واحتجوا بقوله تعالى : ¼ َطRرTPVقWT‰PYصW²RK‚WپWè ء XأèS،S- XشpPVقض@ ... " [طه:71] ، قالوا معنى : [في] معنى : [على] ، وهذا القول عند أهل النظر لا يصح ؛ لأن لكل حرف معناه ، وإنما يتفق الحرفان لتقارب المعنى ، فقوله تعالى : ¼ َطRرTPVقWT‰PYصW²RK‚WپWè ء XأèS،S- XشpPVقض@ ... " [طه:71] ، كان الجذع مشتملاً على من صلب ، ولهذا دخلت [في] ؛ لأنه قد صار بمنزلة الظرف ) (4) .
وهذا الذي ذكره النحاس معنى دقيق ، وهو أن الحرفين لا يتفقان في المعنى اتفاقاً كلياً ، بحيث إن لفظ [في] هو معنى [على] سواء بسواء ، وإنما يتقاربان في المعنى فيفيد استعمال أحدهما في موضع الآخر معنى زائداً عن استعمال كل منهما في موضعه (5) .
__________
(1) تفسير السمعاني 5/ 279 ، وينظر : معالم التنزيل 4/ 220 ، الجامع لأحكام القرآن 17/ 76 .
(2) ينظر : تفسير الثعالبي 3/ 33 .
(3) تفسير البيضاوي 4/ 61 .
(4) معاني القرآن 1/ 405 .
(5) ينظر : مجموع الفتاوى 16/ 101 .(1/340)
ولذا قال الرازي : ( ثم قال : ¼ َطRرTPVقWT‰PYصW²RK‚WپWè ء XأèS،S- XشpPVقض@ ... " [طه:71] ، فشبه تمكن المصلوب في الجذع بتمكن الشيء الموعى في وعائه ، فلذلك قال : ¼ ء XأèS،S- XشpPVقض@ ... " ، والذي يقال في المشهور : أن [في] بمعنى [على] فضعيف ) (1) .
والقول بأن القولين يجتمعان هو القول الصحيح ، وأن [في] تأتي بمعنى [على] ، و يفيد هذا الاستعمال معنى زائداً يدل عليه سياق الكلام ، ولا ينافي استقلال كل منهما بمعناه .
قال أبو السعود : (¼ َطRرTPVقWT‰PYصW²RK‚WپWè ء XأèS،S- XشpPVقض@ ... " [طه:71] ، أي : عليها ، وإيثار كلمة [في] للدلالة على إبقائهم عليها زماناً مديداً ، تشبيهاً لاستمرارهم عليها باستقرار المظروف في الظرف المشتمل عليه ) (2) .
وقال الزركشي عن [في] في الآية : ( وقيل : ظرفية ؛ لأن الجذع للمصلوب بمنزلة القبر للمقبور فلذلك جاز أن يقال : [في] ) (3) . والله تعالى أعلم .
سورة الأنبياء
قال تعالى : ¼ SمHTWTكَ£W±WTكWè WفYع YzَéWح<ض@ ... fغTےY،PVض@ ... N ... éSTٹPV،Vز &:†WقYچHTTWTے†LWTTYٹ َطSنPVكXM ... N ... éSTك†W{ W×َéTWTخ xٍَéWھ َطSنHTWق`TخW£`TçئKV†WTت WـkYإWظ`-VK ... (77) " [الأنبياء:77] .
100/1- قال ابن عقيل : ( ¼ SمHTWTكَ£W±WTكWè WفYع YzَéWح<ض@ ... fغTےY،PVض@ ... N ... éSTٹPV،Vز †WقYچHTTWTے†LWTTYٹ " [الأنبياء:77] ، أي : على القوم اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) التفسير الكبير 22/ 76 .
(2) تفسير أبي السعود 4/ 295 ، وينظر : روح المعاني 16/ 231 .
(3) البرهان 4/ 303 .
(4) الواضح 1/ 122 .(1/341)
فسر ابن عقيل [من] بـ[على] ؛ لأن [نصر] إنما يعدى بـ[على] ، وهذا أحد الأقوال في تفسير هذه الآية ، وهو قول الجوهري (1) ، والثعالبي (2) .
قال ابن قتيبة : ( قال الله تعالى : ¼ SمHTWTكَ£W±WTكWè WفYع YzَéWح<ض@ ... " [الأنبياء:77] ، أي : على القوم ) (3) .
والقول الثاني : أن [من] على معناها الأصلي ، وقوله تعالى : ¼ SمHTWTكَ£W±WTكWè " [الأنبياء:77] مضمن معنى آخر ، وهو قول النسفي (4) ، وابن كثير (5) .
قال ابن تيمية : ( قوله : ¼ SمHTWTكَ£W±WTكWè WفYع YzَéWح<ض@ ... fغTےY،PVض@ ... N ... éSTٹPV،Vز &:†WقYچHTTWTے†LWTTYٹ " [الأنبياء:77] ، ضمن معنى : نجيناه وخلصناه ، وكذلك قوله : ¼ ٌ‡W£pTWTے †WنYTٹ S †W‰Yئ JًY/@ ... " [الإنسان:6] ، ضمن : يروى بها ، ونظائره كثيرة ) (6) .
وكلا القولين صحيح ؛ لأن الجميع قالوا بالتضمين في الآية (7) ، فأصحاب القول الأول ضمنوا [من] معنى [على] ، وأصحاب القول الثاني ضمنوا [النصر] معنى يناسب تعديته بـ[من] كالإنجاء والتخليص ونحوها ، وليس أحد التضمينين بأولى من الآخر .
__________
(1) الصحاح 5/ 1770 .
(2) تفسير الثعالبي 3 / 59 ، وهو أبو زيد عبدالرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي الجزائري المالكي ، من تصانيفه : الجواهر الحسان في تفسير القرآن ، والذهب الإبريز في غريب القرآن العزيز ، مات سنة 875هـ ، له ترجمة في : طبقات الأدنه وي ص 342 ، الأعلام 3/ 331 .
(3) تأويل مشكل القرآن ص 302 .
(4) تفسير النسفي 3/ 85 .
(5) تفسير ابن كثير 5/ 2326.
(6) مجموع الفتاوى 13/ 342 .
(7) وهو أسلوب بلاغي معروف عند العرب ، بأن يُشربوا لفظاً معنى لفظ فيعطونه حكمه ، وفائدته : أن تؤدي الكلمة معنى كلمتين ، ينظر : مغني اللبيب ص 648 .(1/342)
ولذا لم أجد من جزم بترجيح أحد القولين ، بل جمع الطبري بينهما حيث قال : ( يقول : ونصرنا نوحاً على القوم الذين كذبوا بحججنا وأدلتنا ، فأنجيناه منهم ، فأغرقناهم أجمعين ) (1) .
والذي عليه أكثر المفسرين وغيرهم : ذكر القولين دون ميل لأحدهما مما يدل على تساويهما (2) .
قال السمرقندي : ( ¼ SمHTWTكَ£W±WTكWè WفYع YzَéWح<ض@ ... " [الأنبياء:77] ، أي : على القوم الذين كذبوا بآياتنا ، يعني : كذبوا نوحاً بما أنذرهم من الغرق ، ويقال : نصرناه من القوم ، أي : نجيناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا ) (3) .
وقال ابن الجوزي : ( قوله تعالى : ¼ SمHTWTكَ£W±WTكWè WفYع YzَéWح<ض@ ... " [الأنبياء:77] ، أي : منعناه منهم أن يصلوا إليه بسوء ، وقيل [من] بمعنى [على] ) (4) .
وقال الزركشي : (¼ SمHTWTكَ£W±WTكWè WفYع YzَéWح<ض@ ... " [الأنبياء:77] ، أي : على القوم ، وقيل : على التضمين ، أي : منعناه منهم بالنصر ) (5) .
وحكى الآلوسي قولاً يؤيد ما ذكرت وهو : ( أن النصر يتعدى بـ[على] ، و[من] ؛ ففي الأساس نَصَرَه الله تعالى على عدوه ، ونَصَرَه من عدوه ، وفُرِّق بينهما : بأن المتعدي بـ[على] : يدل على مجرد الإعانة ، والمتعدي بـ[من] : يدل على استتباع ذلك للانتقام من العدو والانتصار ) (6) .
وقال الزمخشري : ( هو نَصَرَ الذي مُطاوِعُه انتصر ) (7) .
__________
(1) جامع البيان 16/ 319 .
(2) ينظر مثلاً : الجامع لأحكام القرآن 11 / 306 ، مغني اللبيب ص 316 ، لسان العرب 13/ 421 ، تفسير الثعالبي 3/ 59 ، أضواء البيان 3/ 77 .
(3) تفسير السمرقندي 2/ 433 .
(4) زاد المسير 5/ 272 .
(5) البرهان 4/ 420 .
(6) روح المعاني 17/ 73 ، ومثله ذكر الشوكاني في فتح القدير 3/ 516 .
(7) الكشاف 3/ 128 ، ومثله قال ابن جزي في التسهيل 2/ 40 .(1/343)
وبهذا يتبين أن لا خلاف في الآية بين القولين ؛ بل كل ما ذكر فيها يصح تفسيرها به ، ومن قواعد التفسير : أنه إذا احتمل لفظ الآية معاني عدة ولم يمتنع إرادة الجميع حُمِل عليها (1) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ لَا ISè ... W Wè WفHTWظ`~VصSھWè <¢XM ... Xـ†WظS|`ًmïmڑ ء g َ£W™<ض@ ... <¢XM ... pŒWWةWTك Yم~Yت SطWقWçئ Yz`éWح<ض@ ... †QWTقS{Wè َطXنYظ<رS™Yض fغTےYںXنHTW® (78) " [الأنبياء:78] .
101/2- قال ابن عقيل : ( ¼ †QWTقS{Wè َطXنYظ<رS™Yض fغTےYںXنHTW® (78) " [الأنبياء:78] ، إنما أراد به : حكم الأنبياء كلهم ، ويحتمل : أنه أراد داود وسليمان والمحكوم له اهـ ) (2) .
___________________________________
الدراسة :
جاء في بداية الآية ذكر داود وسليمان حيث يقول تعالى : ¼ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ " ، ثم ختمت بالجمع في قوله جل وعلا : ¼ َطXنYظ<رS™Yض " [الأنبياء:78] فقال بعض العلماء في الآية دليل على أن أقل الجمع اثنان (3) ، ومنهم الفراء (4) ، وقد سبق بيان الخلاف في هذه المسألة عند قوله تعالى : ¼ ـXM†WTت Wـ†Vز ,ISمVض bلWépTTMX ... YمYQعKgR"WTت &ٌSںJٌ©ض@ ... " [النساء:11] (5) ، وترجح لي خلافه .
والإجابة عن هذا الاستدلال بما ذكر ابن عقيل وغيره فيُقال :
أولاً : هذا ليس صريحاً في كون أقل الجمع اثنان ، ومن الاحتمالات عليه :
1- أن يكون المراد حكم الأنبياء كلهم .
__________
(1) ينظر : قواعد التفسير 2/ 807 .
(2) الواضح 3/ 430 .
(3) وهذه مسألة أصولية تراجع في مظانها : العدة 2/ 649 ، المسودة ص 149 ، الإحكام للآمدي 2/ 226 ، التمهيد لأبي الخطاب 2/ 59 .
(4) معاني القرآن 2/ 208 ، وينظر : الجامع لأحكام القرآن 11/ 307 ، الجلالين ص 328 .
(5) ينظر : ص 172 من هذا البحث .(1/344)
2- أن يكون المراد داود وسليمان والمحكوم له ؛ لأن ذكر الحاكمين يتضمن ذكر المحكوم له (1) .
3- أن يكون المراد : الحكم المشروع لأمة داود ، كما يقال : هذا حكم المسلمين ، يريد به : الحكم المشروع لهم (2) .
4- أن يكون الجمع على سبيل التفخيم والتعظيم ، كما قال تعالى : ¼ †QWTقS{Wè َطXنYظ<رS™Yض fغTےYںXنHTW® (78) " [الأنبياء:78] ، وهو واحد سبحانه لا شريك له ، وقال : ¼ fûèSٍPVOWiSع †QWظYع $WـéSTضéSحWTے طSنVض bلW£YةpTçإWQع " [النور:26] ، وأراد به عائشة رضي الله عنها وصفوان بن المعطل (3) ، قال ابن العربي : ( قد ينطلق لفظ الجماعة على الواحد ، تقول العرب : نحن فعلنا ، وتريد القائل لنفسه خاصة ) (4) . وإذا دخل الدليل الاحتمال بطل فيه الاستدلال .
ثانياً : على فرض صحة الدلالة لما جاء في بعض النصوص من إطلاق الجمع على الاثنين ؛ فإنما هو بدلالة أخرى غير اللفظ ؛ ولو كان الاثنان جمعاً في اللغة لما احتاج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيان جماعة الصلاة بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " اثنان فما فوقهما جماعة " (5) ، وإنما حُجبت الأم بالأخوين مع أن نص الآية : ¼ ـXM†WTت Wـ†Vز ,ISمVض bلWépTTMX ... YمYQعKgR"WTت &ٌSںJٌ©ض@ ... " [النساء:11] لإجماع الصحابة على ذلك (6) .
__________
(1) ينظر : الواضح 3/430 ، زاد المسير 5/ 273 ، تفسير البيضاوي 4/ 102 ، الجامع لأحكام القرآن 11/ 307 ، روح المعاني 17/ 74 .
(2) ينظر : العدة 2/ 655 .
(3) ينظر : تأويل مشكل القرآن ص 173 .
(4) أحكام القرآن 1/ 441 ، البرهان 4/ 32 .
(5) سبق تخريجه ، ينظر : ص 174 .
(6) ينظر : العدة 2/ 651 .(1/345)
وأيضاً فإن أهل اللغة فرقوا بين الواحد والاثنين والجمع فقالوا : رجل ورجلان ورجال ، وجعلوا للإفراد باباً ، وللتثنية باباً ، وللجمع باباً ، ولو كان الاثنين جمعاً كالثلاثة ، لقالوا في الاثنين : رجال ، كما قالوا : رجال في الثلاثة (1) .
فإذا قامت الدلالة على إرادة الاثنين بلفظ الجمع فلا خلاف في قبول ذلك عند الجميع ، وإذا كان اللفظ بالجمع المطلق فالأكثر على أن المراد الثلاثة فما فوقها .
وبعد التأمل في أدلة من قال : أقل الجمع اثنان ، لم أجد دليلاً على أنه إذا أُطلق لفظ الجمع المطلق انصرف إلى اثنين ، بل كل أدلتهم قامت القرائن ودل السياق على أنه أُريد بلفظ الجمع الاثنين ، وهذا ليس محلاً للنزاع فيما ظهر لي ، مع إمكان توجيه أدلتهم ، كما في الآية التي معنا .
قال ابن عقيل : ( ولا خلاف بيننا وبين من خالفنا من أصحاب الشافعي أنه إذا قال : له علي دراهم ، أنه يلزمه ثلاثة فصاعداً ، حسب ما يُفَسِّر ، ولو فسره بدرهمين ؛ لم يقبل ، ولو كان أقل الجمع اثنين لقبل منه التفسير بهما ) (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ †WنHTWTق`ظQWنWةWTت &WفHTWظ`~VصSھ Zn"S{Wè †TWقT`~WTژ ... ƒٍ †_ظ<رSڑ &†_ظ<صYئWè †WTكَ£QWTWھWè WؤWع لَا ISè ... W ًس†W‰Yo<ض@ ... Wف`™QYT‰W©STے &WO`kTJً¹ض@ ... Wè †QWTقS{Wè fûkYصYإHTWTت " [الأنبياء:79] .
102/3- قال ابن عقيل : ( ¼ †WنHTWTق`ظQWنWةWTت &WفHTWظ`~VصSھ " [الأنبياء:79] ، وتخصيص سليمان بالفهم دلالة على أحد أمرين : إما بالسلب للفهم في حق داود ، أو إصابة الحق بفهمه دون داود ، وإلا سقطت فائدة التخصيص بالتفهيم اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) ينظر : ضياء السالك 1/ 57 .
(2) الواضح 3/ 429 ، وينظر : العدة 2/ 652 .
(3) الواضح 5/ 358 .(1/346)
أشار ابن عقيل إلى أن النص بالتفهيم لسليمان لا بد أن يدل على أحد أمرين : إما نفيه عن داود مطلقاً (1) ، أو نفيه عنه في هذه المسألة ، وإلا سقطت فائدة التخصيص ، وهذا خلاف ما عليه العرب .
أقول إن هذه الآية مما اختلف فيها العلماء على قولين :
القول الأول : أن سليمان أصاب الحق في هذه المسألة باجتهاده دون داود مع عدم نفي العلم عنه في غيرها من المسائل ، وهذا هو قول ابن عقيل ، وهو ما عليه جمهور العلماء (2) .
واستدلوا : بالآية التي معنا ، ووجه الاستدلال : تخصيص سليمان بالفهم دون داود .
القول الثاني : أنهما مصيبان جميعاً ؛ لأنهما حكما بوحي ؛ لكن ما حكم به داود كان منسوخاً ، وما حكم به سليمان كان ناسخاً ؛ فعلم سليمان النص الناسخ وغاب عن داود (3) .
واستدلوا : بالآية نفسها ، ووجه الاستدلال : أن الله آتى كلاً منهما حكماً وعلماً .
والقول الراجح هو قول جمهور العلماء : أن سليمان أصاب باجتهاده وأثنى الله عليه بذلك ، أما داود عليه السلام فقد اجتهد وأخطأ (4) ، وذلك لأمور منها :
1- أن في الآية قرائن تدل على أن حكمهما كان باجتهاد لا بوحي ، وأن سليمان أصاب فاستحق الثناء باجتهاده وإصابته ، وأن داود لم يصب فاستحق الثناء باجتهاده ولم يستوجب لوماً ولا ذماً بعدم إصابته ، ومنها :
أ/ قوله تعالى : ¼ †WنHTWTق`ظQWنWةWTت " [الأنبياء:79] دليل على أنه فهمها من نصوص ما عنده من الشرع لا أنه نزل عليه وحي جديد ناسخ .
__________
(1) وهذا لا يقول به ابن عقيل ، ولكن من باب السبر والتقسيم لمفهوم النص على التفهيم .
(2) ينظر : الواضح 5/ 356 ، المحرر الوجيز 4/ 91 ، الجامع لأحكام القرآن 11/ 309 .
(3) ينظر : تفسير السمعاني 3/ 394 ، روح المعاني 17/ 76 .
(4) والمجتهد المخطئ معذور ، ولم يُقر على ذلك من الله تعالى .(1/347)
ب/ أن داود لم يفَهَّم هذه المسألة ولو كان حكمه فيها بوحي لكان مفَهَّماً إياها (1) .
ج/ أن في سياق الآية دلالة على أن كل واحد منهما حكم بحكم مخالف لحكم الآخر ، ولو كان وحياً لما ساغ الخلاف (2) .
2- ما قاله ابن عقيل : وهو أن تخصيص سليمان بالفهم لا بد أن يكون له فائدة ، وهو دليل على رجحان قول سليمان ، ولا يلزم من هذا انتقاص داود فخطأ المجتهد لا يقدح في كونه مجتهداً ، بل هو فضيلة راجعة إلى داود لأن الوالد تسره زيادة ولده عليه ، وقد مدحه الله بأن له حكماً وعلماً يرجع إليه في غير هذه النازلة (3) .
3- أن القول بالنسخ دعوى تحتاج إلى دليل ، ولو كان فيه نص ناسخ لحكم لما خفي على نبي تلك الشريعة ، والقول به تأويل بعيد (4) .
4- أن الخطأ يجوز على الأنبياء ؛ لكن لا يقرون عليه (5) .
5- أن الحق عند الله في واحد من أقوال المجتهدين والباقي باطل وهذا هو مذهب أكثر الفقهاء والأصوليين ، وقد اختلف حكم داود وسليمان فلا بد من كون أحدهما أصاب والآخر أخطأ (6) .
__________
(1) ينظر : أضواء البيان 3/ 115 .
(2) ينظر : زاد المسير 5/ 274 ، أضواء البيان 3/ 115 .
(3) ينظر : تفسير السمرقندي 2 / 434 ، الكشاف 3/ 129 ، الجامع لأحكام القرآن 11/ 308 ، تفسير أبي السعود 4/ 350 ، تفسير السعدي 5/ 250.
(4) ينظر : الواضح 5/ 360 .
(5) تفسير السمعاني 3/ 394 ، معالم التنزيل 3/ 214 .
(6) ينظر : الواضح 5/ 351 ، التفسير الكبير 22/ 169 .(1/348)
6- أن الحاكم قد يصيب الحق وقد يخطئ ولا يلام على خطئه إذا اجتهد وتحرى وإلا تحرج الحكام وتركوا الحكم ، وهذا هو ما دلت عليه نصوص الشريعة ، ومنها : قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب ، فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ ، فله أجر " (1) ، وكونه مخطئاً ليس براجع إلى الخطأ في الاجتهاد وإصابة الحق بدليله ؛ وإنما يرجع إلى أنه لم يصب حكم الله ، كأن يقتطع المحكوم له مال خصمه أو حقه بذلك الحكم ؛ لكذب الشهود ، أو كون الخصم ألحن بحجته (2) . ولذا قال الشافعي : ( قال الحسن بن أبي الحسن : لولا هذه الآية لرأيت أن الحكام قد هلكوا ، ولكن الله حمد هذا لصوابه ، وأثنى على هذا باجتهاده ) (3) ، وفي رواية ذكرها القرطبي : ( ولكنه تعالى أثنى على سليمان بصوابه ، وعذر داود باجتهاده ) (4) .
7- أن كثيراً من أصحاب القول الثاني يرون أن سليمان عليه السلام فهم القضية وأفتى بالأرجح لا أن الحكم الأول خطأ ، فكلاهما مصيب ، ولكن حكم سليمان أولى ، وهنا يجتمع القولان ويزول الخلاف (5) ، قال ابن عطية : ( وكثيراً ما يكون بين الأقوال في هذه المسائل قليل تباين ، إلا أن ذلك الشفوف يشَرِّف القول ، وكثيراً ما يبين الفضل بين القولين بأدنى نظر ) (6) . والله أعلم .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (7352) ، ومسلم في كتاب الأقضية باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (1716) من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه - .
(2) ينظر : الواضح 5/ 362 ، المحرر الوجيز 4/ 91 ، التفسير الكبير 22/ 169 .
(3) الأم 7/ 93 . وأخرجه البيهقي في كتاب آداب القاضي باب اجتهاد الحاكم فيما يسوغ فيه الاجتهاد وهو من أهل الاجتهاد (20152) .
(4) الجامع لأحكام القرآن 11/ 309 .
(5) ينظر : الكشاف 3/ 129 .
(6) المحرر الوجيز 4/ 92 .(1/349)
قال تعالى : ¼ `طS|PVكMX ... †WعWè fûèSںS‰`إWTژ فYع XûèS JًY/@ ... ٌˆW±Wڑ ًyQWTقWنW- `ySچكKV ... †fTTTTنVض fûèS XO.Wè (98) " [الأنبياء:98] .
103/4- قال ابن عقيل : ( لما نزل قوله تعالى : ¼ `طS|PVكMX ... †WعWè fûèSںS‰`إWTژ فYع XûèS JًY/@ ... ٌˆW±Wڑ ًyQWTقWنW- " [الأنبياء:98] قال ابن الزِّبعرى (1) : لأخصمن محمداً ، فجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : قد عُبِدت الملائكة، وعُبِد المسيح ، أفيدخلون النار ؟! فأنزل الله : ¼ QWـMX ... fغTےY،PVض@ ... pŒWحW‰Wھ طSنVض †QWTقYQع uvّWTق`©S™<ض@ ... ًذMXù;HTTVضOèKR ... †WنT`قWئ WـèSںWإ`‰Sع (101) " [الأنبياء:101] (2) ، فاحتج بعموم اللفظ ، ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - تعلقه بذلك ، وأنزل الله سبحانه جواب ذلك ، مما دل على تخصيصٍ ، لا منكراً لتعلقه ، فعلم أن العموم مقتضى هذه الصيغة اهـ ) (3) .
____________________________________
الدراسة :
بين ابن عقيل في كلامه على هذه الآية مسألتين :
__________
(1) هو عبدالله بن الزِّبعرى بن قيس أبو سعد القرشي السهمي الشاعر ، كان شديداً على المسلمين في الجاهلية ، أسلم بعد الفتح ، واعتذر ومدح النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقبل منه وعذره وأحسن إليه ، له ترجمة في : الإصابة 4/ 87 ، طبقات فحول الشعراء 1/ 233 وما بعدها .
(2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 12 / 153 (12739) ، والواحدي في أسباب النزول ص 252 ، وذكره الوادعي في المسند الصحيح من أسباب النزول ص 135 ، وينظر : مجمع الزوائد 7/ 69 .
(3) الواضح 3/ 314 .(1/350)
المسألة الأولى : سبب نزول قوله تعالى : ¼ QWـMX ... fغTےY،PVض@ ... pŒWحW‰Wھ طSنVض †QWTقYQع uvّWTق`©S™<ض@ ... ًذMXù;HTTVضOèKR ... †WنT`قWئ WـèSںWإ`‰Sع (101) " [الأنبياء:101] . وهذا السبب هو ما ذكره عامة المفسرين ، ومنهم : الطبري (1) ، والسمرقندي (2) ، والسمعاني (3) ، والبغوي (4) ، وابن عطية (5) ، وغيرهم (6) .
المسألة الثانية :
أن صيغة العموم تدل على الاستغراق ، بدليل استدلال ابن الزبعرى بعموم اللفظ ، ولم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الفهم ؛ بل أنزل الله الآية التي تبين حكم الله فيمن ذكر كعيسى والملائكة ، وهذا استدلال صحيح ؛ فلا بد لإخراج شيء من لفظ العموم من دليل خاص .
قال الزركشي : ( وقوله : ¼ `طS|PVكMX ... †WعWè fûèSںS‰`إWTژ فYع XûèS JًY/@ ... ٌˆW±Wڑ ًyQWTقWنW- " [الأنبياء:98] ، ومعلوم أنه لم يرد به المسيح وعزيراً ؛ فنزلت الآية مطلقة اكتفاء بالدلالة الظاهرة على أنه لا يعذبهما الله وكان ذلك بمنزلة الاستثناء باللفظ ، فلما قال المشركون : هذا المسيح وعزير قد عُبِدا من دون الله أنزل الله : ¼ QWـMX ... fغTےY،PVض@ ... pŒWحW‰Wھ طSنVض †QWTقYQع uvّWTق`©S™<ض@ ... ًذMXù;HTTVضOèKR ... †WنT`قWئ WـèSںWإ`‰Sع (101) " [الأنبياء:101] ) (7) .
وقال الرازي : ( هب أنه ثبت العموم ، لكنه مخصوص بالدلائل العقلية والسمعية في حق الملائكة والمسيح وعزير ؛ لبراءتهم من الذنوب والمعاصي ، ووعد الله إياهم بكل مكرمة ) (8) .
وذهب بعض العلماء إلى أن الصيغة لا تفيد العموم .
وأجابوا عن سؤال ابن الزبعرى بأجوبة منها :
__________
(1) جامع البيان 16/ 419 .
(2) تفسير السمرقندي 2/ 442 .
(3) تفسير السمعاني 3/ 410 .
(4) معالم التنزيل 3/ 227 .
(5) المحرر الوجيز 4/ 101 .
(6) ينظر : زاد المسير 5/ 288 ، التفسير الكبير 22/ 193 ، الجامع لأحكام القرآن 11/ 343 .
(7) البرهان 2/ 186 .
(8) التفسير الكبير 22/ 193 .(1/351)
1- أن الخطاب لأهل مكة ، و[ما] في الآية لغير العاقل فلا يدخل إلا الأصنام التي عبدوها ، وفي إدخالها النار زيادة ذل ومهانة لعابديها ، فكيف يورد هذا على المسيح والملائكة (1) .
2- أن من عبد الملائكة لا يدعي أنهم آلهة ؛ لقوله سبحانه : ¼ َéVض fû†Vز Yٍ:‚WپSë;HTTWه ^àWنYض ... ƒٍ †WQع $†WهèS WOWè " [الأنبياء:99] (2) .
وهذه الأجوبة وإن كانت محتملة في هذه الآية ؛ إلا أن بقاء اللفظ العام على عمومه هو الأولى والأقوى والأظهر (3) لأمور منها :
1- أن ابن الزبعرى استدل بـ[ما] في الآية على العموم ، وهو حجة في اللغة (4) .
2- أكد ذلك أنه لم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل جاءت الآية الأخرى مبينة لها .
3- أن لفظة [ما] وإن كان استعمالها لغير العاقل فقد تستعمل للعاقل ، كما قال تعالى : ¼ :‚Wپ SںST‰`ئVK ... †Wع WـèSںST‰`إWTژ (2) :‚WپWè `ySچكKV ... WـèSںY‰HTTWئ :†Wع SںST‰`ئVK ... (3) " [الكافرون:2-3] .
4- أنه على فرض خطأ استدلال ابن الزبعرى كما ذكر بعض العلماء ، فلا يمنع من بقاء الاستدلال بالعموم على عمومه ، ويكون المانع له في هذا الدليل صوارف غير لفظ العموم . والله تعالى أعلم .
سورة الحج
__________
(1) ينظر : تفسير السمرقندي 2/ 442 ، تفسير السمعاني 3/ 410 ، معالم التنزيل 3/ 227 ، تفسير ابن كثير 5/ 2349 .
(2) ينظر : التفسير الكبير 22/ 193 .
(3) وهذه مسألة أطال فيها الأصوليون فينظر مثلاً : العدة 2/ 485 ، الإحكام للآمدي 2/ 185 ، الإحكام لابن حزم 1/ 338 ، شرح الكوكب المنير 3/ 108 ، شرح مختصر روضة الناظر 2/ 465 .
(4) ينظر : العدة 2/ 490 .(1/352)
قال تعالى : ¼ fû`ںS‰T<ض@ ... Wè †WنHTWTق<صWإW- yRرVض فYQع X£MXù;HTTWإW® JًY/@ ... `yRرVض †Wن~YTت b$O`kTW N ... èS£Rز<¢@†WTت Wط`ھ@ ... JًY/@ ... †Wن`~VصWئ $QWا: ... ƒéW² ... V¢MX†WTت pŒW‰W-Wè †WنSٹéSقTS- N ... éSTصRرWTت †Wن`قTYع N ... éSظYإp؛VK ... Wè WؤTYك†Wح<ض@ ... &QW£WTچ`إSظ<ض@ ... Wè ًذYض.V،Vز †WنHTWTكَ£PVWھ `yRرVض َطRرPVصWإVض WـèS£RرpTTWژ " [الحج:36] .
104/1- قال ابن عقيل في قوله تعالى : ( فَصْلٌ في الوجوب ، وأصله في اللغة السقوط ، يقال : وجبت الحائط إذا سقط ، وهو معنى قوله تعالى : ¼ pŒW‰W-Wè †WنSٹéSقTS- " اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
في كلام ابن عقيل مسألتان :
المسألة الأولى :
أبان ابن عقيل أن أصل الوجوب في اللغة : السقوط ، وهو الذي تدل عليه مادته (2) .
قال ابن فارس : ( الواو والجيم والباء : أصل واحد ، يدل على سقوط الشيء ووقوعه ثم يتفرع ) (3) .
ومنه قولهم : وجب الحائط وجبة ، إذا سقط ووقع .
وقال الجوهري : ( وجب الشيء ، أي : لزم ) (4) .
ومنه قولهم : وجب البيع ، إذا لزم .
فالواجب في اللغة : الساقط واللازم (5) ، ويحدد ذلك سياق الكلام .
المسألة الثانية :
معنى وجبت جنوبها في هذه الآية :
فسرها ابن عقيل بسقوطها ، وعلى هذا التفسير عامة المفسرين (6) .
__________
(1) الواضح 1/ 124 .
(2) ينظر : بصائر ذوي التمييز 5/ 160 .
(3) معجم مقاييس اللغة 6/ 89 .
(4) الصحاح 1/ 205 .
(5) ينظر : لسان العرب 1/ 793 ، التسهيل 1/ 38 .
(6) ينظر : تفسير السمرقندي 2/ 460 ، تفسير البيضاوي 4/ 127 ، تفسير السمعاني 3/ 440 ، الكشاف 3/ 159 ، التفسير الكبير 23/ 32 ، الجامع لأحكام القرآن 12/ 63 .(1/353)
قال الطبري : ( ¼ ... V¢MX†WTت pŒW‰W-Wè †WنSٹéSقTS- " [الحج:36] يقول : فإذا سقطت فوقعت جنوبها إلى الأرض بعد النحر .. ) ثم قال : ( ... وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ) (1) .
ومن أقوالهم ما يلي :
قال الزجاج : (¼ pŒW‰W-Wè †WنSٹéSقTS- " [الحج:36] أي : سقطت إلى الأرض ) (2) .
وقال الراغب : ( وجبت الشمس : إذا غابت ، كقولهم : سقطت ووقعت ، ومنه قوله تعالى : ¼ ... V¢MX†WTت pŒW‰W-Wè †WنSٹéSقTS- " [الحج:36] ) (3) .
وقال البغوي : ( يعني : سقطت بعد النحر ؛ فوقعت جنوبها على الأرض ) (4) .
وفي تفسير الوجوب هنا بالسقوط فائدتان :
الأولى : أن الإبل تنحر قائمة ؛ لأن السقوط لا يكون إلا من قيام .
الثانية : أن فيه دليلاً لمن قصر البدن في الإبل ، وقال : لا تطلق على البقر لأن البقر تذبح مضجعة ولا تنحر من قيام . والله أعلم .
سورة النور
قال تعالى : ¼ SàW~Yك ... PV¥ض@ ... ّYك ... PV¥ض@ ... Wè N ... èSںYص`-@†WTت QWشRز xںTYڑ.Wè †WظSن`قYQع WàTWLTْN†Yع x$لWں<صW- ‚WپWè yS{`،SK<†WTژ †WظXنXٹ bàWTت<K ... WO ء XفےY JًY/@ ... ـMX ... َطSچقS{ WـéSقYع`ëSTژ YJً/@†Yٹ Yz`éW~<ض@ ... Wè X$£TY‚پ@ ... `ںWنpTW~<ضWè †WظSنWٹ ... W،Wئ bàWةMXْ:†ً؛ WفYQع WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... (2) " [النور:2] .
__________
(1) جامع البيان 16/ 560 ، وينظر أيضاً : تفسير ابن كثير 5/ 2391 .
(2) معاني القرآن وإعرابه 3 / 428 ، وينظر : ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن ص 370 ، الوجيز 2/ 734 .
(3) المفردات ص 583 .
(4) معالم التنزيل 3/ 243 .(1/354)
105/1- قال ابن عقيل : ( فهذه الآية عامة في كل زان وزانية ، قضينا عليها بالآية الخاصة في الإماء وهي قوله تعالى : ¼ َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... fغYع &g‡ ... W،Wإ<ض@ ... ًذYض.V¢ َفWظYض ƒّTTYW ًŒWTقWإ<ض@ ... &`طRرقYع ـKV ... Wè N ... èSOYip±WTژ bO`kTW %`طRرPVض SJًJًS/@ ... Wè cOéSةWTçئ cy~YڑQWO (25) " [النساء:25] اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
في هذا الموضع فسر ابن عقيل العام في القرآن بالخاص فيه ، فعموم الحكم بجلد الزاني والزانية الحُرَّين غير المحصنين مائة جلدة مخصوص بالآية الأخرى وهي أن الإماء على النصف من العذاب، وهو قول الطبري (2) ، والجصاص (3) ، والواحدي (4) ، وكافة العلماء إلا ما ندر .
قال الآمدي : ( اتفق العلماء على تخصيص الكتاب بالكتاب ، خلافاً لبعض الطوائف ) (5) .
والمخالف في مسألة تخصيص الكتاب بالكتاب بعض الظاهرية (6) ، وتمسكوا بأن التخصيص بيان للمراد باللفظ ، فلا يكون إلا بالسنة ؛ لقوله سبحانه وتعالى : ¼ WـPXkW‰SچYض X†PVقYصض †Wع WسQX¥STك َطXن`~VضXM ... " [النحل:44] .
وقال أصحاب أبي حنيفة : إن كان العام هو المتقدم كان الخاص المتأخر ناسخاً لبعضه ، وإن كان العام هو المتأخر كان ناسخاً لجميع الخاص (7) .
واحتجوا : بأن بيان العموم لا يجوز تأخيره عن حال وروده ، فإذا ورد متأخراً عنه ، لم يجز أن يقع موقع البيان ، فلم يبق إلا أن يكون ناسخاً له .
وأقول : إن تخصيص الكتاب بالكتاب عموماً هو ما عليه جمهور العلماء ، بل نُقل الإجماع في هذه الآية على هذا التخصيص .
__________
(1) الواضح 3/ 437 ، 2/ 96 .
(2) جامع البيان 6/ 613 .
(3) أحكام القرآن 2/ 213 .
(4) الوجيز 1/ 260 .
(5) الإحكام 2/ 318 .
(6) الإبهاج 2/ 169 ، شرح الكوكب المنير 3/ 360 .
(7) ينظر : أصول السرخسي 1/ 133 .(1/355)
قال ابن عقيل : ( وإجماع الأُمَّةِ على تخصيص الأولى بالثانية ، إجماع على حمل العام على الخاص ، فهو حجة لنا ، ولا عذر لهم ) (1) ، يعني : تخصيص آية النور بآية النساء .
ويجاب عن استدلال الظاهرية بأن البيان إنما يكون من النبي - صلى الله عليه وسلم - لما لم يبينه القرآن ، وأيضاً : فبيان النبي - صلى الله عليه وسلم - للقرآن إنما هو من القرآن (2) .
وأما استدلال الحنفية ، فيقال : إن العموم ، يشمل كل ما يدل عليه بظاهر لفظه ، فيحتمل دخول الخاص وعدمه ، وأما الخاص فيتناول ما نص عليه بصريح اللفظ دون احتمال ، فوجب إعمال الصريح والقضاء على المحتمل والظاهر ، وأما تأخير البيان للعموم فيجوز إذا كان للمصلحة (3) ، وفيه هنا فائدة كبيرة ، منها : اعتقاد المكلف ذلك ، والعزم على فعله ، فيقع له الثواب ، إلى أن يأتي دليل الخصوص (4) ، ويجوز تأخير البيان حتى يأتي وقت الحاجة عند جمهور العلماء (5) .
ولهذا فالقول الراجح هو ما عليه جمهور العلماء : وهو جواز تخصيص الكتاب بالكتاب ؛ وذلك لأمور منها :
1- أن القول بالتخصيص جمع بين الدليلين وعمل بهما ، ومن قال بالنسخ عطل أحدهما ، وإعمالهما جميعاً أولى من ترك أحدهما .
__________
(1) الواضح 3/ 437 .
(2) يراجع ما سبق في تفسير سورة النحل آية : 89 . ينظر : ص 335 .
(3) لا بد من هذا القيد ، وإلا فتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يُجَوزه إلا من يُجَوِّز التكليف بالمحال ينظر : المحصول 3/ 187 ، ومن أمثلته : أن يقول : صلوا غداً ، ثم لا يبين لهم في غد كيف يصلون ؟ ، ومثال تأخيره لمصلحة : كتأخيره الأعرابي المسيء صلاته إلى ثالث مرة كما في الصحيحين .
(4) ينظر : العدة 2/ 624 ، الواضح 3/ 438 .
(5) ينظر : العدة 3/ 725 ، كشف الأسرار 3/ 108 ، نهاية السول ص 231 ، الإحكام للآمدي 3/ 32 ، شرح الكوكب المنير 3/ 453 .(1/356)
2- أن القرآن مبني بعضه على بعض فيُجعل مفَرَّقُه كالمتصل فإذا قال : اجلدوا الزناة مائة جلدة والأمة على النصف من ذلك وجب إعمال الخصوص ، فكذلك إذا كان النصان متفرقين (1) .
3- أن وقوع التخصيص في الشرع أغلب من النسخ ، فكان الحمل على التخصيص أولى ؛ لأنه حمل له على الأغلب (2) .
وإذا قيل : فما الحكمة من تخصيص الأمة بالنصف من العذاب ؟ .
فقد قال القرطبي : ( والفائدة في نقصان حدهن : أنهن أضعف من الحرائر ، ويقال : إنهن لا يصلن إلى مرادهن كما تصل الحرائر ، وقيل : لأن العقوبة تجب على قدر النعمة ألا ترى أن الله تعالى قال لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - : ¼ ƒٍ:†TW©YقHTWTے JgّY‰PVقض@ ... فWع g<K†WTے QWفRرقYع xàTWTY™HTWةYٹ xàTWTقQY~TWT‰QSع pبWإHTWµSTے †WنVض ٌ‡ ... W،Wإ<ض@ ... &Xـ`kTWة`إY " [الأحزاب:30] ، فلما كانت نعمتهن أكثر جعل عقوبتهن أشد ، وكذلك الإماء لما كانت نعمتهن أقل فعقوبتهن أقل ) (3) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè WـéSعَ£WTے YŒHTWقTTW±`™Sظ<ض@ ... QWطR' `yVض N ... éSTژ<K†WTے YàWإWTٹ`OVK†Yٹ ƒٍ: ... WںWنS® `ySهèSںYص`-@†WTت WـkYقHTWظV' ^لWں<صW- ‚WپWè N ... éSTصW‰<حWTژ َطSنVض ZلWںTHTWنW® & ... _ںTWTٹKV ... ًذMXù;HTTVضOèKR ... Wè SطSه WـéSحY©HTVة<ض@ ... (4) ‚PVپMX ... WفےY،PVض@ ... N ... éSTٹ†WTژ ?فYع Yں`إWTٹ ًذYض.V¢ N ... éS™WTصp²VK ... Wè QWـXM†WTت JًW/@ ... cOéSةWçئ cy~YڑQWO (5) " [النور:4-5] .
106/2- قال ابن عقيل : ( إن الاستثناء يعود إلى جميعها ، فكأنه يقول بمقتضى الظاهر : فلا تجلدوهم ، واقبلوا شهادتهم ، ولا تفسقوهم ، إلا أن الحد استوفي بدليل انفرد به اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل في كلامه إلى مسألتين :
المسألة الأولى :
__________
(1) ينظر : الواضح 3/ 437 .
(2) ينظر : الإحكام للآمدي 2/ 318 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 5/ 145 .
(4) الواضح 3/ 490 ، وينظر : الفنون 2/ 573 .(1/357)
الاستثناء إذا تعقب جملاً هل يعود إليها جميعاً ، أم إلى الجملة الأخيرة ؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :
القول الأول : أن الاستثناء إذا تعقب جملاً قد عطف بعضها على بعض وصلح عوده إلى كل منها فإنه يعود إلى جميعها إلا أن يرد دليل بخلافه ، وهو قول الشافعية (1) ، والمالكية (2) ، والحنابلة (3) .
واستدلوا بأدلة منها :
1- أن الشرط يعود إلى جميع ما تقدم ذكره ؛ لأنه لو قال : نساؤه طوالق وعبيده أحرار وماله صدقة إن شاء زيد لم يقع شيء من ذلك قبل مشيئته ، وكان الشرط بنفسه راجعاً إلى الجميع ، فكذلك الاستثناء ؛ لأن الاستثناء لا يستقل بنفسه ، بل هو متعلق بما قبله من الكلام ، ويجب أن يكون متصلاً به ، وإذا انفصل سقط حكمه ، والشرط بمثابته في ذلك ، فكانا سواء (4) ، والاستثناء والشرط متحدان من حيث المعنى لأن قوله تعالى : ¼ ًذMXù;HTTVضOèKR ... Wè SطSه WـéSحY©HTVة<ض@ ... (4) ‚PVپMX ... WفےY،PVض@ ... N ... éSTٹ†WTژ " [النور:4-5] جار مجرى : ( وأولئك هم الفاسقون إن لم يتوبوا ) (5) . قال أبو حيان : ( اختار ابن مالك أن يعود إلى الجمل كلها كالشرط ) (6) .
2- وقالوا : إن حمل الاستثناء على كل الجمل لا طريق له إلا بذكر الاستثناء عقيب الجملة الأخيرة ، وإلا صار في الكلام عيّاً (7) ، فيصير رجوع الاستثناء إلى الجمل جميعاً هو الأصل ما لم يوجد مانع (8) .
__________
(1) ينظر : المنخول ص 235 ، الإحكام للآمدي 2/ 279 .
(2) ينظر : أحكام القرآن لابن العربي 3/ 348 .
(3) ينظر : العدة 2/ 678 ، الصعقة الغضية في الرد على منكري العربية للطوفي ص 599 .
(4) ينظر : العدة 2/ 680 ، المحصول 3/ 46 .
(5) ينظر : المسودة 1/ 356 .
(6) البحر المحيط 6/ 433 ، شرح التسهيل 2/ 175 .
(7) ذكره الموفق باتفاقهم ، ينظر : روضة الناظر 2 / 187 ، الإحكام للآمدي 2/ 302 ، شرح الكوكب المنير 3/ 322 .
(8) ينظر : المحصول 3/ 47 .(1/358)
القول الثاني : أنه يعود إلى أقرب مذكور ، وهو قول لأبي حنيفة (1) ، واختاره أبو حيان (2) .
واحتجوا بما يلي :
1- أن الاستثناء المذكور عقيب الجمل لو رجع إلى جميعها لم يخل : إما أن يضمر مع كل جملة استثناء يعقبها ، أو لا يضمر ، فيرجع الاستثناء المصرح به في آخر الجمل إلى جميعها ، والأول باطل ؛ لأن الاضمار على خلاف الأصل فلا يصار إليه إلا لضرورة ولا ضرورة هنا . والثاني : أيضاً باطل ؛ لأن العامل في نصب ما بعد حرف الاستثناء هو ما قبله من فعل أو تقدير فعل ؛ فإذا فرضنا رجوع ذلك الاستثناء إلى كل الجمل كان العامل في نصب المستثنى أكثر من واحد ، وهذا لا يجوز .
2- أن الاستثناء من الاستثناء مختص بما يليه ، فكذا في سائر الصور دفعاً للاشتراك في الوضع .
والذي ترجح لدي بعد النظر في الأدلة ما قاله الجمهور : وهو أن الاستثناء يرجع إلى جميع ما تقدمه من الجمل ما لم يمنع منه مانع ، فإن منع منه مانع فيقدر بقدره .
وسبب الترجيح أمور منها :
1- أن الاستثناء عقيب الجمل إذا صلح رجوعه لجميعها فلا تخصص جملة دون أخرى إلا بدليل هو قول أكثر العلماء .
__________
(1) ينظر : تيسير التحرير 1/ 302 ، البرهان للجويني 1/ 262 وما بعدها ، المعتمد 1/ 245 .
(2) ينظر : البحر المحيط 6/ 433 ، ارتشاف الضرَب 3/ 1522 .(1/359)
2- أن غالب الاستثناءات بعد الجمل ترجع للجميع والعمل بالغالب أولى من غيره ، قال ابن النجار : ( واحتج الشيخ تقي الدين فقال : من تأمل غالب الاستثناءات في الكتاب والسنة واللغة وجدها للجميع ، والأصل إلحاق المفرد بالغالب ) (1) . ومن ذلك قوله تعالى : ¼ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (89) " [آل عمران: 86-89] ، وقوله تعالى : ¼ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ " [المائدة:3] ، وقول العباس للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما حرم شوك مكة وشجرها : إلا الإذخر فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إلا الإذخر " (2) ،
__________
(1) شرح الكوكب المنير 3/ 323 ، وينظر : المسودة 1/ 355 .
(2) أخرجه البخاري في كتاب العلم باب كتابة العلم (112) ، ومسلم في كتاب الحج باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام (1353) من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - ..(1/360)
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه " (1) ، فالاستثناء فيها يعود إلى جميع ما سبقه . ولو قال القائل : له علي خمسة وخمسة إلا سبعة ، كان مقراً بثلاثة اتفاقاً ، فعاد الاستثناء إلى الجملتين ، ولو عاد إلى الأخيرة منهما لزمه عشرة ، ولغا الاستثناء ، إذ هو مستغرق (2) .
3- أن الواو العاطفة بين الجمل تجعل بينها نوعاً من الاتحاد في الحكم وتدل على أن المتكلم لم يستوف غرضه من الجملة المتقدمة ، فيكون الاستثناء راجعاً إلى جمل مترابطة في الحكم والمعنى فيشملها جميعاً (3) .
4- أن رد الاستثناء إلى الجملة الأخيرة تحديد بلا دليل ، وإلغاء الاستثناء من باقي الجمل مع وقوعه عليها باطل ، فيتعين رده إلى جميع الجمل احتياطاً وبقاء على الأصل .
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب من أحق بالإمامة ( 673 ) من حديث أبي مسعود الأنصاري ، والتكرمة : الموضع الخاص لجلوس الرجل من فراش أو سرير مما يعد لإكرامه ، ينظر : النهاية في غريب الأثر 4/ 168 .
(2) ينظر : الصعقة الغضية ص 601 .
(3) ينظر : روضة الناظر 2/ 187 .(1/361)
5- إمكان الإجابة على أدلة القول الثاني ، أما دليلهم الأول : وهو أنه لا يجوز أن يجتمع على المعمول الواحد عاملان ، فهذا ليس إجماعاً (1) ، بل على قول من قال : إن العامل في الاستثناء عقب الجمل أكثر من واحد (2) ، وعلى القول به فإنما يوافقون عليه إذا تضاد العاملان ، أو اختلف عملهما ، أما إذا اتحدا فليس هناك ما يمنع ، وهو محل خلافنا ، والمعروف في اللغة أن الجمل المتعاطفة التي يعقبها استثناء يجعلها في حكم الواحدة (3) ، لا سيما والاستثناء يصلح عوده على الجميع . وأما دليهم الثاني : فلا يُسلم لهم أيضاً قياس الاستثناء من الجمل على الاستثناء من الاستثناء للفارق بينهما ، وذلك أن الاستثناء من الاستثناء لو عاد إليه وإلى المستثنى معاً للزم منه التناقض ، ولأن الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي ، فلا يمكن اجتماع النفي والإثبات معاً ، وذلك غير حاصل في الاستثناء من الجمل (4) ، ويجاب أيضاً : بأن قول القائل : خمسة وخمسة إلا ستة . يقع على الجميع إجماعاً ، فدل على أن المراد بالجمل ما يقبل الاستثناء (5) (6) .
المسألة الثانية :
بيان كلام العلماء في آية القذف التي معنا ، أقول :
__________
(1) ينظر : الصعقة الغضية ص 595 وما بعدها .
(2) فمذهب الكوفيون أن العامل في الاستثناء هو [إلا] ، ورجحه ابن مالك في شرح التسهيل 2/ 171 .
(3) ينظر : شرح التسهيل 2/ 175 ، الاستغناء في الاستثناء للقرافي ص 568 ، الصعقة الغضية ص 601 .
(4) ينظر : المحصول 3/ 42 ، 55 ، روضة الناظر 2/ 185 .
(5) ينظر : المعتمد 1/ 246 ، الإحكام للآمدي 2/ 303 ، شرح الكوكب المنير 3/ 323 .
(6) ويراجع في هذه المسألة كتاب : الاستثناء عند الأصوليين لأكرم أوزويقان ص 265 .(1/362)
أولاً : لا خلاف بين العلماء أن الجلد لا يسقط عن القاذف إلا بعفو المقذوف ، كالقصاص لا يسقط إلا بالعفو (1) .
قال الطبري : ( ... ولا خلاف بين الجميع أن توبته من ذلك لا تضع عنه الواجب لها من القصاص منه ، فكذلك توبته من القذف لا تضع عنه الواجب لها من الحد ؛ لأن ذلك حق لها ، إن شاءت عفته ، وإن شاءت طالبت به ) (2) .
وقال ابن العربي : ( إن إقامة الحد سقط بالإجماع ) (3) - يعني من الاستثناء - .
ثانياً : لا خلاف بين العلماء أن التوبة ترفع الفسق عن القاذف ، لأن أقرب جملة للاستثناء يرتفع حكمها باتفاق العلماء .
قال ابن تيمية : ( التوبة لا ترفع الجلد إذا طلبه المقذوف ، وترفع الفسق بلا تردد ، وهل ترفع المنع من قبول الشهادة ؟ فأكثر العلماء قالوا ترفعه ) (4) .
ثالثاً : هل تقبل شهادة من تاب من القذف ؟ هذا محل خلاف بين العلماء ، وهو مبني على الخلاف السابق :
__________
(1) ينظر : معاني القرآن للنحاس 4/ 503 ، معالم التنزيل 3/ 274، تفسير ابن كثير 6/ 2465 .
(2) جامع البيان 17/ 174 .
(3) أحكام القرآن 3/ 348 .
(4) مجموع الفتاوى 15/ 305 .(1/363)
فالقول الأول : أن شهادة التائب من القذف مقبولة بعد توبته ، وهذا على قول من قال : إن الاستثناء إذا تعقب جملاً متعاطفة وصلح أن يعود إلى كل واحد منها لو انفرد ؛ فإنه يعود إلى جميعها ، وهو قول جمهور العلماء (1) ، وهو مروي عن عمر بن الخطاب (2) ، وعطاء ومجاهد ، وطاووس (3) .
القول الثاني : أن شهادة القاذف لا تقبل أبداً ، وهذا على قول من قال : أن الاستثناء يعود إلى أقرب مذكور ، وهذا مروي عن الحسن ، والنخعي (4) ، وهو قول لأصحاب أبي حنيفة (5) .
واستدلوا بأن عدم قبول الشهادة قد أُبِّد في الآية .
والقول الراجح هو القول الأول بناء على ترجيح أن الاستثناء يعود على كل ما قبله إلا أن يدل دليل على خلاف ذلك ، ولا يُشكل على هذا : الاتفاق على أن الاستثناء لا يرفع الحد لأنه ثبت بدليل منفرد (6) ، وإذا جاء دليل اقتضى عود الاستثناء إلى أحد الجمل أو رفعه عن بعضها ، فلا خلاف في عودها إلى ما قام له الدليل (7) .
والقول بقبول شهادة القاذف إذا تاب هو الصحيح لما يلي :
__________
(1) ينظر : العدة 2/ 678 ، الواضح 3/ 490 ، معالم التنزيل 3/ 274، أحكام القرآن لابن العربي 3/348 ، شرح مختصر روضة الناظر 2/ 612 ، تفسير ابن كثير 6/ 2465 ، شرح الكوكب المنير 3/ 312 .
(2) ينظر : جامع البيان 17/ 163 .
(3) ينظر : معاني القرآن للنحاس 4/ 502، وينبغي الانتباه لمن سماه نسخاً ، لأن السلف يريدون به المعنى العام فيدخل فيه التخصيص ، وليس المراد بالنسخ معناه المتأخر ؛ لأن الاستثناء تخصيص وليس نسخاً ، ينظر : زاد المسير 5/ 366 .
(4) ينظر : جامع البيان 17/ 171 ، معاني القرآن للنحاس 4/ 501 .
(5) ينظر : تيسير التحرير 1/ 302 ، شرح فتح القدير 7/ 400 .
(6) ينظر : بداية المجتهد ص 770 ، أحكام القرآن لابن العربي 3/ 348 .
(7) ينظر : شرح الكوكب المنير 3/ 315 .(1/364)
1- أن الصحيح أن الاستثناء عقيب الجمل يعود إلى جميعها ، قال ابن العربي : ( والصحيح رجوعه إلى الجميع لغة وشريعة ) (1) .
2- الإجماع على أن من قذف وهو كافر ثم أسلم وتاب ، وكان بعد إسلامه عدلاً قبلت شهادته ، وإن كان قاذفاً ، والقياس قبول شهادة القاذف إذا تاب ، فليس القاذف بأشد جرماً من الكافر (2) . قال الطبري : ( والصواب من القول في ذلك عندنا : أن الاستثناء من المعنيين جميعاً ؛ أعني من قوله : ¼ W‚WپWè N ... éSTصW‰<حWTژ َطSنVض ZلWںTHTWنW® & ... _ںTWTٹKV ... " [النور:4] ، ومن قوله : ¼ ًذMXù;HTTVضOèKR ... Wè SطSه WـéSحY©HTVة<ض@ ... (4) " [النور:4] ، وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أن ذلك كذلك إذا لم يحد في القذف حتى تاب ... إلى أن قال : بل توبته بعد إقامة الحد عليه من ذنبه أحرى أن تكون شهادته معها أجوز منها قبل إقامته عليه ) (3) .
3- أنها تقبل توبة من هو أكبر منه ذنباً ، وتقبل شهادتهم كالقاتل ، والمرتد ، والزاني ، وشارب الخمر فهلا تقبل توبة القاذف وشهادته (4) . قال ابن الجوزي : ( وعلى القول الأول وقع الاستثناء على جميع الكلام ، وهذا أصح ؛ لأن المتكلم بالفاحشة لا يكون أعظم جرماً من راكبها ، فإذا قبلت شهادة المقذوف بعد ثبوته فالرامي أيسر جرماً ، وليس القاذف بأشد جرماً من الكافر ، فإنه إذا أسلم قبلت شهادته ) (5) . وقال السعدي : ( فإذا تاب القاذف وأصلح عمله وبدل إساءته إحساناً زال عنه الفسق وكذلك تقبل شهادته على الصحيح ) (6) .
__________
(1) أحكام القرآن 3/ 349 .
(2) ينظر : معاني القرآن وإعرابه 4/ 31 ، تفسير السمعاني 3/ 503 .
(3) جامع البيان 17/ 172 .
(4) ينظر : الأم 7/ 54 .
(5) زاد المسير 5/ 366 .
(6) تفسير السعدي 5/ 391 .(1/365)
4- أنه لا يوجد مانع في هذه الآية من رجوع الاستثناء إلى كل ما تقدمه إلا جملة الحد ، فإن الدليل منع رجوع الاستثناء إليه ، وهو أن حد القذف يسقط بالبينة لا بالتوبة بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - للذي قذف امرأته : " البينة وإلا حَدٌّ في ظهرك " (1) ، ولو كان يسقط بالتوبة لأمره بها لأنها أسهل من البينة .
5- أن قول الحنفية في الآية : يلزم رفع الفسق عن القاذف بالتوبة وعدم قبول شهادته غير صحيح ؛ لأن التائب عادل ، وشهادة العادل مقبولة ؛ ولأن رد الشهادة مترتب على الفسق ، فبزواله تعود الشهادة لمكانتها (2) .
فإن قيل : فما فائدة وجود التأبيد في الآية ؟ .
فقد ذكر الزجاج الفائدة من ذلك حيث قال : ( فإن قال قائل : فما الفائدة في قوله : ¼ & ... _ںTWTٹKV ... " [النور:4] ، قيل : الفائدة أن الأبد لكل إنسان مقدار مدته في حياته ، ومقدار مدته فيما يتصل بقصته ، فتقول : الكافر لا يُقبل منه شيء أبداً فمعناه ، ما دام كافراً فلا يقبل منه شيء ، وكذلك إذا قلت : القاذف لا تقبل منه شهادة أبداً ، فمعناه ما دام قاذفاً ، فإذا زال عنه الكفر فقد زال أبده ، وكذلك القاذف إذا زال عنه القذف فقد زال عنه أبده ، ولا فرق بين هذا وذلك ) (3) . والله أعلم .
سورة الفرقان
قال تعالى : ¼ ÷Y،PVض@ ... WجVصW g.WéHTWظQW©ض@ ... ً³`OKKV‚ô@ ... Wè †WعWè †WظSنWTق`~WTٹ ء YàQWTچYھ xz†QWTےKV ... JًyR' uüWéWTچ`ھ@ ... ّVصWئ &X"َ£Wإ<ض@ ... SفHTWظ`ڑQW£ض@ ... `شWLTTp©WTت -YمYTٹ ... _OkX‰W (59) " [الفرقان:59] .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة وينطلق لطلب البينة ( 2672) من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - .
(2) الإحكام لابن حزم 4/ 22 ، الأم 7/ 54 .
(3) معاني القرآن وإعرابه 4/ 331 ، وينظر : معاني القرآن للنحاس 4/ 503 ، معالم التنزيل 3/ 274 .(1/366)
107/1- قال ابن عقيل : ( ¼ `شWLTTp©WTت -YمYTٹ ... _OkX‰W (59) " بمعنى : فاسأل عنه خبيراً اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
اختلف العلماء في معنى [الباء] في هذه الآية على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن [الباء] بمعنى [عن] ، كما قال ابن عقيل وهو قول أكثر المفسرين (2) ، وغيرهم ، وهو جائز ومستعمل عند العرب (3) ، بل قيل : إن هذا المعنى لـ[الباء] يختص بالسؤال (4) ، والمعنى : فاسأل عن الله عالماً به ، أي : بأسمائه وصفاته (5) .
قال ابن قتيبة : ( ¼ `شWLTTp©WTت -YمYTٹ ... _OkX‰W (59) " [الفرقان:59] أي : عنه، قال علقمة بن عَبَدة : فَإِن تَسْأَلُونِي بالنِّسَاءِ فإِنَّنِي بَصِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ (6) . أي : عن النساء ) (7) .
قال النحاس: ( قال أبو إسحاق (8) أي: اسأل عنه ، وقد حكى هذا جماعة من أهل اللغة أن [الباء] بمعنى [عن] كما قال جل وعز : ¼ WسVK†Wھ =SشMXْ:†Wھ x‡ ... W،WTإYٹ wؤTYخ ... Wè (1) " [المعارج:1] وقال الشاعر : هَلا سَأَلْتِ الخَيْلَ يَا ابْنَة مَالِكٍ إنْ كنتِ جَاهِلةً بما لم تَعْلَمي (9) ) (10) .
__________
(1) الواضح 1/ 120 .
(2) ينظر : تفسير السمرقندي 2/ 543 ، تفسير السمعاني 4/ 27 ، زاد المسير 6/ 22 .
(3) ينظر : رصف المباني ص 222 ، الجنى الداني ص 41 ، البرهان 4/ 275 ، لسان العرب 4/ 227 .
(4) ينظر : مغني اللبيب ص 113 .
(5) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 13/ 63 .
(6) هذا البيت لعلقمة بن عَبَدة في ديوانه ص 35 ، والأدواء : جمع داء .
(7) تأويل مشكل القرآن ص 298 .
(8) يعني : الزجاج ، ينظر : معاني القرآن وإعرابه 4/ 73 .
(9) البيت من معلقة عنترة ، ينظر : ديوانه مع شرحه ص 123، ومعناه : هلا سألت أصحاب الخيل عما لم تعلمي إن كنت جاهلة يا ابنة مالك .
(10) معاني القرآن 5/ 42 .(1/367)
القول الثاني : أن [الباء] على معناها الأصلي وهو الإلصاق (1) ، والمعنى : واسأل بسؤالك خبيراً وهو الله سبحانه .
قال النحاس : ( قال علي بن سليمان (2) : أهل النظر ينكرون أن تكون [الباء] بمعنى [عن] ؛ لأن في هذا فساد المعاني ، قال : ولكن هذا مثل قول العرب : لو لقيت فلاناً للقيك به الأسد ، أي : للقيك بلقائك إياه الأسد ، والمعنى : فاسأل بسؤالك ) (3) .
والمراد : اسأل خبيراً بذلك الذي سبق في قوله تعالى : ¼ ÷Y،PVض@ ... WجVصW g.WéHTWظQW©ض@ ... ً³`OKKV‚ô@ ... Wè †WعWè †WظSنWTق`~WTٹ ء YàQWTچYھ xz†QWTےKV ... JًyR' uüWéWTچ`ھ@ ... ّVصWئ &X"َ£Wإ<ض@ ... SفHTWظ`ڑQW£ض@ ... `شWLTTp©WTت -YمYTٹ ... _OkX‰W (59) " [الفرقان:59] ؛ لأهميته وعظمته .
قال الطبري : (¼ `شWLTTp©WTت -YمYTٹ ... _OkX‰W (59) " [الفرقان:59] يقول : فاسأل يا محمد بالرحمن خبيراً بخلقه ) (4) .
ومثله قال البغوي (5) .
وقال ابن جزي : ( والمعنى الثاني : أن المراد : اسأل بسؤاله خبيراً ، أي : إن سألته تعالى تجده خبيراً بكل شيء فانتصب خبيراً على الحال ، وهو كقولك : لو رأيت فلاناً رأيت به أسداً ، أي : رأيت برؤيته أسداً ) (6) .
القول الثالث : أن [الباء] صلة ، والمعنى : فسله خبيراً (7) . وهو لا يبعد عن المعنى الذي قبله؛ فإن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى ، وهو إفادة الاهتمام بالمسؤول عنه لمّا كان عظيماً .
والقول المقدم والأولى هو البقاء على المعنى الأصلي لـ[الباء] ، لا سيما والمعنى صحيح ، مع عدم الحاجة إلى تقدير ، فالخطاب من الله : بأن لا تطلب العلم بهذا إلا من خبير فيه .
__________
(1) ينظر : مغني اللبيب ص 110 .
(2) هو أبو الحسن علي بن سليمان المعروف بالأخفش الصغير .
(3) معاني القرآن 5/ 42 ، وينظر : الجامع لأحكام القرآن 13/ 63 .
(4) جامع البيان 17/ 481 .
(5) معالم التنزيل 3/ 318 .
(6) التسهيل 2/ 111 .
(7) ينظر : التفسير الكبير 24/ 91 .(1/368)
قال الآلوسي : ( والجار والمجرور : صلة اسأل ، والسؤال كما يعدى بـ[عن] لتضمنه معنى التفتيش يعدى بـ[الباء] لتضمنه معنى الاعتناء ) إلى أن قال : ( والمعنى : فاسأل معتنياً به خبيراً عظيم الشأن محيطاً بظواهر الأمور وبواطنها ، وهو الله عز وجل يُطلِعك على جَلِيَّة الأمر ) (1) ، وعليه يحمل ما جاء عن العرب في الشواهد .
ولكن لا نرد المعاني الأخرى ، لجواز استعمالها في اللغة ، ولكون المعنى في سياق الآية صحيحاً على جميع التقديرات (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè ‚Wپ WـéSئ`ںWTے WؤWع JًY/@ ... †_نHTVضXM ... W£W ... ƒٍ ‚WپWè WـéRصTSچpTحWTے W¨TpTةQWTقض@ ... ّYچPVض@ ... W×QW£Wڑ JًS/@ ... ‚PVپMX ... XJجW™<ض@†YTٹ ‚WپWè &fûéSTكَ¥WTے فWعWè `شWإpTةWTے WذYض.V¢ Wج<صWTے †_ع†WT'VK ... (68) pبWإHTWµSTے SمVTض ٌ‡ ... ً،Wإ<ض@ ... W×َéWTے YàWظHTW~Yح<ض@ ... pںTRص`mïmًWè -Yم~YTت †[Tك†fTTنTSع " [الفرقان:68-69] .
108/2- قال ابن عقيل : ( فظاهر هذه الآية مقابلة ما ذكره من العقاب في مقابلة ما عدَّدَه من الذنوب والجرائم ، لا سيما مع قوله : ¼ pبWإHTWµSTے SمVTض " [الفرقان:69] ، فذكر المضاعفة إنما وقع لمكان مضاعفة جرائمهم جريمة بعد جريمة ؛ لأن قوله : ¼ فWعWè `شWإpTةWTے WذYض.V¢ " [الفرقان:68] يعود إلى الجمل المتقدمة كلها ، وما ذكر المضاعفة إلا مقابلة اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل إلى أن ظاهر آية العقاب جاءت مقابل ما ذُكر من جرائمهم ، وأن قوله : ¼ فWعWè `شWإpTةWTے WذYض.V¢ " [الفرقان:68] عائد إلى جميع الجمل السابقة ، وهذا ما يدل عليه سياق الآية .
__________
(1) روح المعاني 19/ 38 .
(2) ينظر : المحرر الوجيز 4/ 216 .
(3) الواضح 3/ 134 .(1/369)
قال السمرقندي مؤيداً أن سبب تضعيف العذاب كونه يرجع إلى الجميع : ( ¼ فWعWè `شWإpTةWTے WذYض.V¢ " [الفرقان:68] ، يعني : الشرك ، والقتل ، والزنى يلقَ أثاماً ) (1) .
وقال الرازي : ( سبب تضعيف العذاب : أن المشرك إذا ارتكب المعاصي مع الشرك عُذِّب على الشرك وعلى المعاصي جميعاً ؛ فتضاعف العقوبة لمضاعفة المعاقَب عليه ، وهذا يدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع ) (2) .
وقال الشوكاني : ( ¼ فWعWè `شWإpTةWTے WذYض.V¢ " [الفرقان:68] ، أي : شيئاً مما ذكر ) (3) .
ويتفرع على هذا مسألة مشهورة وهي : هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ؟ فأقول :
اختلف العلماء في هذه المسألة - بعد اتفاقهم على أنهم مخاطبون بالإيمان الذي هو الأصل (4) - على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة بشرط تقدم الإيمان (5) ، وهو قول ابن عقيل ، وجماعة من الحنفية (6) ، والراجح عند الشافعية (7) ، وإحدى الروايتين عن أحمد (8) .
واستدلوا بأدلة منها :
1- الآية التي معنا ، ووجه الاستدلال : أنه رتب الوعيد فيها على مجموع ترك الأصل والفرع فكانت الفروع جزءاً من سبب الوعيد ، وذلك يلزم أنهم مكلفون بها (9) .
__________
(1) تفسير السمرقندي 2/ 545 .
(2) التفسير الكبير 24/ 97 .
(3) فتح القدير 4/ 109 .
(4) ينظر : نزهة الخاطر لابن بدران 1/ 145 .
(5) ينظر : البحر المحيط للزركشي 2/ 125 .
(6) ينظر : الفصول للرازي 2 / 158 ، حيث قال : ( والكفار مكلفون بشرائع الإسلام وأحكامه ، كما هم مكلفون بالإسلام ، وكذلك كان شيخنا أبو الحسن رحمه الله ) .
(7) ينظر : المستصفى 2/ 78 ، البحر المحيط للزركشي 2/ 126 .
(8) ينظر : روضة الناظر 1/ 146 ، شرح الكوكب المنير 3/ 243 .
(9) نزهة الخاطر 1/ 147 .(1/370)
2- قوله تعالى : ¼ Sش`TےWèWè WـkY{X£pTSظ<صYPض (6) ًفTےY،PVض@ ... ‚Wپ WـéSTژ`ëSTے WلléTW{QW¥ض@ ... طSهWè YلW£Y‚پ@†YTٹ َطSه WـèS£YةHTTًز (7) " [فصلت:6-7] ، فتوعد المشركين على شركهم ، وعلى ترك إيتاء الزكاة ، فدل على أنهم مخاطبون بهما ؛ لأنه لا يُتَوعَّد على ما لا يجب على الإنسان ، ولا يخاطب به .
3- قوله تعالى : ¼ †Wع `yRرW|VصWھ ء W£WحWھ (42) N ... éSTض†WTخ `yVض ٌذWTك WفYع WـkPYصTW±Sظ<ض@ ... (43) `yVضWè ٌذWTك SطYإp¹TSTك WـkYرp©Yظ<ض@ ... (44) †PVTقS{Wè ٌ³éSWTك WؤWع WـkYµMXْ:†W<ض@ ... (45) †PVTقTS{Wè ٌ‡PY،VرSTك YzَéTW~Yٹ XفےPYںض@ ... (46) " [المدثر:42-46] ، ففي الآية التصريح بأن من الأسباب التي سلكتهم في سقر هو عدم الصلاة وترك إطعام المسكين والخوض مع الخائضين ، وهي من الفروع .
القول الثاني : أنهم مخاطبون بالنواهي دون الأوامر ، وهو قول بعض الحنفية (1) ، ورواية عن الإمام أحمد قدمها ابن قدامة في روضة الناظر (2) .
قالوا : لا معنى لوجوب الأوامر مع استحالة فعلها في الكفر وانتفاء قضائها في الإسلام ، فكيف يجب ما لا يمكن امتثاله ، وما لا فائدة من التكليف به عبث محال على الشرع (3) .
القول الثالث : أنهم غير مكلفين بشيء سوى الأصل الذي هو الإيمان ، وهو المشهور عن أصحاب الرأي (4) ، وبعض الشافعية (5) .
واستدلوا بأدلة منها :
1- ما احتج به أصحاب القول الثاني .
__________
(1) ينظر : أصول السرخسي 1/ 173 .
(2) روضة الناظر 1/ 146 .
(3) ينظر : نزهة الخاطر 1/ 146 .
(4) ينظر : التقرير والتحبير 2/ 88 .
(5) ينظر : البحر المحيط للزركشي 2/ 127 ، ونسبه للمالكية 2/ 128 .(1/371)
2- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له : " إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله " (1) فلو كان هؤلاء مكلفون لأمرهم بفروع الشريعة ، مع أمرهم بالإيمان .
3- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى قيصر : " بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم : سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد : فإني أدعوك بدعاية الإسلام : أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين (2) .." (3) .
ومن خلال استقراء أقوالهم وأدلتهم يتبين لي أن العلماء متفقون على أن الكفار مكلفون كالمسلمين إلا أن الخلاف قد وقع في نقطة واحدة وهي : هل هم ملزمون بالأوامر أم لا ؟
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع (4347) ، ومسلم في كتاب الإيمان باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (19) من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - .
(2) قيل : هم الخدم ، وقيل : هم أتباع عبدالله بن أريس ، وقيل : هم الملوك ، ينظر : النهاية في غريب الأثر 1/ 38 .
(3) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي باب كيف كان بدء الوحي (7) ، ومسلم في كتاب الجهاد وسير أعلام النبلاء باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام (1773) من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - .(1/372)
أما تكليفهم بالنواهي فقد نُقل الاتفاق عليه كما قال الزركشي : ( وذهب بعض أصحابنا إلى أنه لا خلاف في تكليفهم بالنواهي , وإنما الخلاف في تكليفهم بالأوامر ) (1) .
فيتلخص الخلاف في قولين : التكليف بالأوامر أو عدمه ، وإذا عُرف هذا فما القول الراجح .
قلت : والذي يترجح عندي هو القول الأول لقوة أدلته ، وإمكان الإجابة على أدلة المخالفين .
فقولهم : إن تكليف الكفار بالأوامر عبث ، لا يوافقون عليه بل فيه فائدة وهي : أنه لو مات عُوقِب على تركه (2) ، وهم مخاطبون بفروع الشرع وبما لا تصح إلا به وهو الإيمان (3) .
وكذلك يُقال : إنه وإن كان لا يتمكن من فعلها مع الكفر ، فقد جُعِل له السبيل الذي يوصله إليها ؛ بأن يقدم الإيمان ثم يفعل العبادات ، كالمحُْدِث الذي لا تقبل صلاته إلا إذا توضأ ، وإنما الذي يستحيل فعله هو ما لا طريق يُوصِل إليه .
فإن قيل : صحيح أن المحدِث مخاطب بفعل الصلاة وإن لم تصح منه ؛ لأن الحدث يمنع فعل الصلاة ؛ لكن إذا تطهر لم تسقط عنه الصلاة التي لزمته حال الحدث ، بخلاف الكافر فإنه لا يتأتى منه في حال كفره ، ويسقط عنه القضاء حال إسلامه ، فلا يفعله مطلقاً .
__________
(1) البحر المحيط للزركشي 2 / 130 ، ونقل ما حكاه أبا حامد الاسفراييني حيث قال : ( وأما المعاصي فمنهيون عنها بلا خلاف بين المسلمين ) . وقال أبو إسحاق الاسفراييني في كتابه في الأصول : ( لا خلاف أن خطاب الزواجر من الزنا والقذف يتوجه على الكفار كما يتوجه على المسلمين ) .
(2) روضة الناظر 1/ 148 .
(3) مذكرة في أصول الفقه ص 40 .(1/373)
فيُقال : إنما لم يجب القضاء على الكافر ؛ لأن الإسلام جُعِل مسقطاً لما سلف ، لئلا يكون وجوب القضاء تنفيراً عن الإسلام ؛ فقد يسلم بعد كبر ، فإذا علم أنه يلزمه قضاء ما ترك في عمره من صلاة أو صيام أو زكاة ، نفَّره ذلك عن اختيار الإسلام واعتقاده ، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى : ¼ شSTخ WفےY،PVصPYض Nv ... èS£WةW{ ـMX ... N ... éSنWچقWے َ£WةpTTçإSے ySنVض †QWع `ںTWخ ًبVصWھ " [الأنفال:38] ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن العاص - رضي الله عنه - : " أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله " (1) ، فهذا يدل على أن الإسلام هو المسقط لما سبقه من الواجب .
وأما استدلالهم بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ - رضي الله عنه - وكتابه إلى قيصر ؛ فالجواب عنه أن يُقال :
إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمره بأن يدعوهم لفروع الشريعة أولاً ؛ لأنه لا يصح منهم فعله في حال كفرهم ، فبدأ بما يصح فعله وهو الإيمان ، ويؤيد هذا : أنه ثنى في حديث معاذ : بالأمر بالصلاة وغيرها من فروع الشريعة (2) . والله أعلم .
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب كون الإسلام يهدم ما قبله (121) .
(2) يراجع في هذه المسألة : العدة 2 / 364 ، الواضح 3/ 132 ، نهاية السول ص 72 ، البحر المحيط للزركشي 2/ 124 ، التقرير والتحبير 2/ 87 ، روضة الناظر 1/ 145 .(1/374)
قال تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè ‚Wپ WـéSئ`ںWTے WؤWع JًY/@ ... †_نHTVضXM ... W£W ... ƒٍ ‚WپWè WـéRصTSچpTحWTے W¨TpTةQWTقض@ ... ّYچPVض@ ... W×QW£Wڑ JًS/@ ... ‚PVپMX ... XJجW™<ض@†YTٹ ‚WپWè &fûéSTكَ¥WTے فWعWè `شWإpTةWTے WذYض.V¢ Wج<صWTے †_ع†WT'VK ... (68) pبWإHTWµSTے SمVTض ٌ‡ ... ً،Wإ<ض@ ... W×َéWTے YàWظHTW~Yح<ض@ ... pںTRص`mïmًWè -Yم~YTت †[Tك†fTTنTSع (69) ‚PVپMX ... فWع ً‡†WTژ WفWع ... ƒٍWè ًشYظWئWè ¾"WظWئ †_™YصHTW² ًذTMXùT;HTًTضOèKR†WTت SسPYںW‰STے JًS/@ ... َطXنYژ†WLTTQY~TWھ %xŒHTWقTW©Wڑ Wـ†VزWè JًS/@ ... ... _OéSةTWçئ †_ظ~YڑQWO (70) " [الفرقان:68-70] .
109/3- قال ابن عقيل في قوله تعالى : ¼ ‚PVپMX ... فWع ً‡†WTژ " [الفرقان:70] : ( يرجع إلى سائر الجمل ، فترفع حكمها التوبة اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
في كلام ابن عقيل مسألتان :
المسألة الأولى : استدل ابن عقيل بالآية على أن الاستثناء يعود إلى كل ما سبقه من الجمل ، فيرفع حكمها التوبة ، وقد سبق خلاف العلماء في الاستثناء إذا جاء بعد جمل عند قوله تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè WـéSعَ£WTے YŒHTWقTTW±`™Sظ<ض@ ... QWطR' `yVض N ... éSTژ<K†WTے YàWإWTٹ`OVK†Yٹ ƒٍ: ... WںWنS® `ySهèSںYص`-@†WTت WـkYقHTWظV' ^لWں<صW- ‚WپWè N ... éSTصW‰<حWTژ َطSنVض ZلWںTHTWنW® & ... _ںTWTٹKV ... ًذMXù;HTTVضOèKR ... Wè SطSه WـéSحY©HTVة<ض@ ... (4) ‚PVپMX ... WفےY،PVض@ ... N ... éSTٹ†WTژ ?فYع Yں`إWTٹ ًذYض.V¢ N ... éS™WTصp²VK ... Wè QWـXM†WTت JًW/@ ... cOéSةWçئ cy~YڑQWO (5) " [النور:4-5] ، وتبين أن الراجح هو عود الاستثناء إلى جميع الجمل التي يصلح عوده إليها ما لم يدل دليل على خلاف ذلك (2) .
__________
(1) الواضح 3/ 491 .
(2) ينظر : ص407 .(1/375)
قال السمرقندي : ( ثم قال عز وجل : ¼ ‚PVپMX ... فWع ً‡†WTژ WفWع ... ƒٍWè " [الفرقان:70] ، يعني : تاب من الشرك والزنى والقتل وصدق بتوحيد الله تعالى وعمل صالحاً ¼ ًذTMXùT;HTًTضOèKR†WTت SسPYںW‰STے JًS/@ ... َطXنYژ†WLTTQY~TWھ %xŒHTWقTW©Wڑ " [الفرقان:70] ، يعني : مكان الشرك الإيمان ، ومكان القتل الكف ، ومكان الزنى العفاف ، ومكان المعصية العصمة والطاعة ، ويقال : إنه يبدل في الآخرة مكان عمل السيئات الحسنات ) (1) .
المسألة الثانية : لا خلاف بين العلماء في أن التوبة ترفع حكم الكفر والزنى ، واختلفوا في حكم قتل النفس التي حرم الله .
قال ابن عطية : ( وقوله : ¼ ‚PVپMX ... فWع ً‡†WTژ لَا " الآية [الفرقان:70] ، لا خلاف بين العلماء أن الاستثناء عامل في الكافر والزاني ، واختلفوا في القاتل من المسلمين ) (2) .القول الأول :
__________
(1) تفسير السمرقندي 2/ 546 .
(2) المحرر الوجيز 4/ 221 ، الجامع لأحكام القرآن 13/ 77 .(1/376)
المشهور من مذهب ابن عباس - رضي الله عنه - ، وإحدى الروايتين عن أحمد : أن توبة القاتل غير مقبولة (1) . وقد ناظر ابن عباس في هذه المسألة أصحابه ، فقالوا : أليس قد قال الله تعالى في سورة الفرقان : ¼ ‚WپWè WـéRصTSچpTحWTے W¨TpTةQWTقض@ ... ّYچPVض@ ... W×QW£Wڑ JًS/@ ... ‚PVپMX ... XJجW™<ض@†YTٹ " [الفرقان:68] إلى أن قال : ¼ ‚PVپMX ... فWع ً‡†WTژ WفWع ... ƒٍWè ًشYظWئWè ¾"WظWئ †_™YصHTW² ًذTMXùT;HTًTضOèKR†WTت SسPYںW‰STے JًS/@ ... َطXنYژ†WLTTQY~TWھ %xŒHTWقTW©Wڑ Wـ†VزWè JًS/@ ... ... _OéSةTWçئ †_ظ~YڑQWO (70) " [الفرقان:70] ، فقال : كانت هذه الآية في الجاهلية (2) ، وذلك أن ناساً من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وزنوا ، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : إن الذي تدعو إليه لَحَسن لو تخبرنا أن لما عملناه كفارة ؛ فنزل : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè ‚Wپ WـéSئ`ںWTے WؤWع JًY/@ ... †_نHTVضXM ... W£W ... ƒٍ " الآية [الفرقان:68] ، فهذه في أولئك ، وأما التي في سورة النساء وهي قوله تعالى : ¼ فWعWè `شSچpTحWے †T_TقYpعëSع ... _ںQYظWإWTچQSع ISâSê: ... ƒ¥WToWTت ٌyPVقWنW- ... _ںYصHTWT †WTن~Yت ًˆYµWTçئWè JًS/@ ... Yم`~VصWئ ISمWقTWTإVضWè JًںTTWئVK ... Wè ISمVض †[TTٹ ... W،Wئ †_TTظ~Yہ¹Wئ (93) " [النساء:93] ، فالرجل إذا عرف الإسلام وشرائعه ، ثم قتل ، فجزاؤه جهنم (3) .
__________
(1) ينظر : الإنصاف مع الشرح 27/ 140 .
(2) أخرجه البخاري في كتاب التفسير باب قوله : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè ‚Wپ WـéSئ`ںWTے WؤWع JًY/@ ... †_نHTVضXM ... W£W ... ƒٍ " الآية [الفرقان:68] (4764) .
(3) ينظر : جامع البيان 7/ 342 .(1/377)
وصح عن ابن عباس أن آية الفرقان مكية ، وآية النساء مدنية ، نزلت في آخر ما نزل ولم ينسخها شيء (1) .
واستدلوا : بأن التوبة من قتل المؤمن عمداً متعذرة ، إذ لا سبيل إليها إلا باستحلاله ، أو إعادة نفسه إلى جسده وكلاهما متعذر (2) .
القول الثاني :
ذهب جمهور العلماء (3) إلى أن توبة قاتل النفس مقبولة ، واستدلوا بما يلي :
1- قوله تعالى : ¼ QWـMX ... JًW/@ ... ‚Wپ S£YةpTçإWے ـKV ... ًدW£pTSے -YمYٹ S£YةpTTçإWےWè †Wع WـèS ًذYض.V¢ فWظYض &Sٍ:†WWے " [النساء:48] ، فالآية عامة ، وهي مذكورة في هذه السورة بعد آية الوعيد وقبلها ؛ لتقوية الرجاء .
2- وقوله تعالى : ¼ لِلَّهِ `شSTخ ً÷Y †fTT‰YإHTTWے WفےY،PVض@ ... N ... éSTتW£`ھVK ... uvّVصWئ `طXنY©SةكKV ... ‚Wپ N ... éR¹WقpTحWTژ فYع YàWظ`ڑWQO &JًY/@ ... QWـMX ... JًW/@ ... S£YةpTTçإWTے ً‡éSTكPR،ض@ ... &†[Tإ~Yfظ- ISمPVTكMX ... WéSه SOéSةWçإ<ض@ ... Sط~YڑQW£ض@ ... (53) " [الزمر:53] ، فهذه عامة في جميع التائبين .
3- وقوله تعالى : ¼ ّPYTكXM ... Wè cO†PVةWçإVض فWظPYض ً‡†WTژ WفWع ... ƒٍWè WشYظWئWè †_™YصHTTW² QWطRT' uüWںWچpTه@ ... (82) " [طه:82] ، فإذا تاب القاتل وآمن وعمل صالحاً ، فإن الله عز وجل غفار له (4) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب التفسير باب قوله : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè ‚Wپ WـéSئ`ںWTے WؤWع JًY/@ ... †_نHTVضXM ... W£W ... ƒٍ " الآية [الفرقان:68] (4763) ، ومسلم في كتاب التفسير (3023) ، وينظر : جامع البيان 7/ 342 ، الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص 232 ، تفسير السمعاني 4/ 33 .
(2) ينظر : مدارج السالكين 1/ 396 .
(3) ينظر : تفسير السمعاني 4/ 33 ، معالم التنزيل 1/ 370 ، زاد المسير 2/ 100 .
(4) والأدلة كثيرة من الكتاب والسنة ، ينظر : مدارج السالكين 1/ 396 وما بعدها .(1/378)
4- قصة قاتل المائة لما تاب نفعته توبته وأُلحِق بالقرية الصالحة التي خرج إليها (1) .
5- أن الكفر أعظم ذنباً من القتل ، والكافر إذا تاب قبلت توبته ، فالقاتل إذا تاب من باب أولى .
والراجح في هذه المسألة ما عليه جمهور العلماء ؛ لصراحة وقوة أدلتهم ، وإمكان الإجابة عما استدل به أصحاب القول الأول بما يلي :
أولاً : أن يكون ابن عباس استبعد أن يكون للقاتل عمداً توبة ، ورأى أنه لا يوفق للتوبة ، أو يحمل على أنه لا توبة للقاتل فيما يتعلق بحق المقتول (2) ، ويأتي الجواب عن هذا .
ثانياً : دعوى النسخ لآية الفرقان غير مقبول ؛ لأنه خبر ، والأخبار لا تنسخ بإجماع ؛ لأن الخبر لو نسخ لكان تكذيباً له ، ويتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، فالآيتان محكمتان (3) .
وروي عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله تعالى : ¼ ‚PVپMX ... فWع ً‡†WTژ لَا " الآية [الفرقان:70] قال : نزلت في أهل الشرك (4) .
قال ابن حجر : ( ويمكن الجمع بين كلاميه بأن عموم التي في الفرقان خص منها مباشرة المؤمن القتل متعمداً ، وكثير من السلف يطلقون النسخ على التخصيص ، وهذا أولى من حمل كلامه على التناقض وأولى من دعوى أنه قال بالنسخ ثم رجع عنه ) (5) .
ثالثاً : أنه روي عن ابن عباس القول بقبول توبة القاتل وأنه تحت مشيئة الله (6) .
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب التوبة باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله (2766) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - .
(2) ينظر : مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين 8/ 222 .
(3) الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه بتصرف ص 233 .
(4) أخرجه مسلم في كتاب التفسير (3023) ، والطبري 7/ 345 .
(5) فتح الباري 8/ 496 .
(6) ينظر : الدر المنثور 2/ 627 ؛ فقد نسبه لابن أبي حاتم وابن المنذر .(1/379)
قال ابن عطية : ( وروي عن بعض العلماء : أنهم كانوا يقصدون الإغلاظ والتخويف أحياناً ؛ فيطلقون : لا تقبل توبة القاتل ، منهم ابن شهاب : كان إذا سأله من يفهم منه أنه قد قتل ، قال له : توبتك مقبولة ، وإذا سأله من لم يفعل ، قال له : لا توبة للقاتل ، ومنهم ابن عباس ، وقع عنه في تفسير عبد بن حميد : أن رجلاً سأله أللقاتل توبة ؟ فقال له : لا توبة للقاتل وجزاؤه جهنم ، فلما مضى السائل ، قال له أصحابه : ما هكذا كنا نعرفك تقول إلا أن للقاتل التوبة ، فقال لهم : إني رأيته مغضباً وأظنه يريد أن يقتل ، فقاموا فطلبوه وسألوا عنه فإذا هو كذلك ) (1) .
رابعاً : آية النساء في القتل محمولة على أحد المعاني التي ذكرها العلماء ومن أظهرها :
أ/ أن يكون معناها : فجزاؤه إن جازاه ، روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ¼ فWعWè `شSچpTحWے †T_TقYpعëSع ... _ںQYظWإWTچQSع ISâSê: ... ƒ¥WToWTت ٌyPVقWنW- " [النساء:93] قال : " هو جزاؤه إن جازاه " (2) ، والله سبحانه إذا وعد بالعذاب جاز أن يعفو (3) .
قال الطبري : ( وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معناه : ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه - إن جزاه - جهنم خالداً فيها ، ولكنه يعفو ، ويتفضل على أهل الإيمان به وبرسوله فلا يجازيهم بالخلود فيها ) (4) .
ب/ أن يُقال : إن هذا جزاؤه إذا لم يتب ، فإن تاب فقد بَيَّن الله أمره في آيات التوبة (5) ، وهو قبول توبته .
__________
(1) المحرر الوجيز 2/ 95 ، وينظر : الجامع لأحكام القرآن 5/ 333 ، تفسير البيضاوي 2/ 236 .
(2) أخرجه الطبراني في الأوسط 8 /270 (8606) بسند ضعيف كما قال السيوطي ، ينظر : الدر المنثور 2/ 627 ، فيه من لا يتابع عليه كما قال العقيلي ، ينظر : ميزان الاعتدال 5/ 131 .
(3) ينظر : الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص 233 .
(4) جامع البيان 7/ 350 .
(5) معاني القرآن للنحاس 2/ 166 .(1/380)
ج/ وقال بعضهم : إنها نزلت في رجل بعينه من الأنصار ارتد وقتل رجلاً مؤمناً (1) .
د/ أن ما في الآية وعيد ، وإخلاف الوعيد لا يذم ، بل يمدح ، فيجوز إخلاف الوعيد دون الوعد ؛ لأن إخلاف الوعيد عفو وهبة وإسقاط ، وذلك موجب كرمه وإحسانه (2) .
هـ / أن المراد بالخلود المكث الطويل ، وليس المراد المكث الدائم ؛ لأن اللغة يطلق فيها الخلود على المكث الطويل كما يقال : فلان خالد خلود الجبال ، ومعلوم أن الجبال ينسفها ربي نسفاً فيذرها قاعاً صفصفاً ، والله سبحانه لم يذكر التأبيد في هذه الآية (3) .
و/ ومن أحسن المعاني ما ذكره ابن القيم حيث قال : ( هذه النصوص وأمثالها مما ذكر فيه المقتضي للعقوبة ، ولا يلزم من وجود مقتضى الحكم وجوده ؛ فإن الحكم إنما يتم بوجود مقتضيه وانتفاء مانعه ، وغاية هذه النصوص : الإعلام بأن كذا سبب للعقوبة ومقتضٍ لها ، وقد قام الدليل على ذكر الموانع ، فبعضها بالإجماع ، وبعضها بالنص ، فالتوبة مانع بالإجماع ، والتوحيد مانع بالنصوص المتواترة التي لا مدفع لها ، والحسنات العظيمة الماحية مانعة ، والمصائب الكبار المكفرة مانعة ، وإقامة الحدود في الدنيا مانع بالنص ، ولا سبيل إلى تعطيل هذه النصوص ، فلا بد من إعمال النصوص من الجانبين ، ومن هنا قامت الموازنة بين الحسنات والسيئات ، اعتباراً بمقتضى العقاب ومانعه ، وإعمالاً لأرجحها ) (4) .
__________
(1) جامع البيان 7/ 340 ، الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص 234 ، الجامع لأحكام القرآن 5/ 333 .
(2) ينظر : مدارج السالكين 1/ 399 .
(3) ينظر : مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين 8/ 220 .
(4) مدارج السالكين 1/ 400 ، وأشار إلى غيرها من الوجوه .(1/381)
خامساً : أن إقامة القصاص عليه كفارة له (1) ، كما في حديث عبادة بن الصامت قال كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مجلس فقال : " تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تزنوا ولا تسرقوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب شيئاً من ذلك فعوقب به فهو كفارة له ، ومن أصاب شيئاً من ذلك فستره الله عليه ؛ فأمره إلى الله : إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عذبه " (2) .
سادساً : قال العلماء : الحقوق في القتل ثلاثة : حق لله ، وحق للمقتول ، وحق للوارث .
فإذا تاب القاتل من حق الله وسلم نفسه طوعاً إلى الوارث ليستوفي منه حق موروثه سقط عنه الحقان ، وبقي حق المقتول فلا يضيعه الله ، ويجعل من تمام مغفرته للقاتل : أن يعوض المقتول عن مظلمته ويرضيه عن مطالبته ، وأن لا يعاقب القاتل التائب (3) ؛ لأن التوبة تهدم ما قبلها .
قال ابن القيم : ( فهذا الذي يمكن أن يصل إليه نظر العالم واجتهاده ، والحكم بعد ذلك لله ¼ QWـMX ... ًذQWTٹWO ّgµpTحWTے طSنWTق`~WTٹ -&YمYظ<رSmîgڑ WéSهWè S¥ےX¥Wإ<ض@ ... ٌy~YصWإ<ض@ ... " [النمل:78] ) (4) . والله أعلم .
سورة الشعراء
قال تعالى : ¼ َطSنVضWè JًّVصWئ tˆ?TكV¢ ٌا†WVK†WTت ـKV ... XـéSTصTSچpTحWTے (14) " [الشعراء:14] .
110/1- قال ابن عقيل : ( [على] بمعنى [عند] ، قال سبحانه : ¼ َطSنVضWè JًّVصWئ tˆ?TكV¢ " [الشعراء:14] ، أي : عندي اهـ ) (5) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) ينظر : المحرر الوجيز 2/ 94 .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب من الإيمان حب الأنصار (18) ، ومسلم في كتاب الحدود باب الحدود كفارات لأهلها (1709) .
(3) ينظر : تفسير ابن كثير 2/ 986 .
(4) مدارج السالكين 1/ 402 .
(5) الواضح 1/ 123 .(1/382)
فسر ابن عقيل [على] في هذه الآية بـ[عند] (1) ، وهذا هو ما فسرها به ابن قتيبة حيث قال : ( قال الله تعالى : ¼ َطSنVضWè JًّVصWئ tˆ?TكV¢ " [الشعراء:14] ، أي : عندي ) (2) .
وقال السمرقندي : ( قال القتبي : [عليّ] بمعنى [عندي] ، أي : لهم عندي ذنب ) (3) .
وقال الزركشي : ( [على] بمعنى [عند] نحو : ¼ َطSنVضWè JًّVصWئ tˆ?TكV¢ " [الشعراء:14] ، أي : عندي ) (4) .
وجعلها جماعة من المفسرين على تقدير محذوف .
كما قال السمعاني : ( وقوله : ¼ َطSنVضWè JًّVصWئ tˆ?TكV¢ " [الشعراء:14] ، أي : دعوى ذنب ) (5) .
وكذا قال البغوي (6) ، وابن الجوزي (7) .
وقال الزمخشري : ( يعني : ولهم علي تبعة ذنب وهي قود ذلك القتل ، فأخاف أن يقتلوني به ، فحذف المضاف ، أو سمى تبعة الذنب ذنباً كما سمى جزاء السيئة سيئة ) (8) .
ومثله قال البيضاوي (9) ، وكثير من المفسرين (10) .
والأولى أن يقال : إن [على] في هذه الآية على بابها تفيد الاستعلاء لأمرين :
1- أن الأصل عدم التضمين أو التقدير ما دام المعنى صحيحاً بدونهما .
__________
(1) نقل ابن عقيل هذا المعنى عن شيخه أبي يعلى كما في العدة 1/ 212 .
(2) تأويل مشكل القرآن 302 .
(3) تفسير السمرقندي 2/ 551 .
(4) البرهان 4/ 285 ، وينظر : لسان العرب 15/ 88 .
(5) تفسير السمعاني 4/ 40 .
(6) معالم التنزيل 3/ 326 .
(7) زاد المسير 6/ 35 .
(8) الكشاف 3/ 309 .
(9) تفسير البيضاوي 4/ 233 .
(10) ينظر : تفسير النسفي 3/ 179 ، تفسير أبي السعود 5/ 35 ، روح المعاني 19/ 66 .(1/383)
2- أنه قد يتبادر للذهن أن معنى الاستعلاء لا يكون إلا حسياً ، وليس كذلك ، بل يأتي ويكون معنوياً ، وهو كذلك في هذه الآية (1) ، كما قال ابن هشام : ( وقد يكون الاستعلاء معنوياً نحو : ¼ َطSنVضWè JًّVصWئ tˆ?TكV¢ " [الشعراء:14] ، ¼ QWـMX ... Wè ًذPVٹWO èS،Vض wلW£YةpTçإWع X†PVقصYPض uّVصWئ p$yXنYظ<صٌہ؛ "[الرعد:6] ) (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ Wس†WTخ J$ً"Vز †WT‰Wه<¢@†WTت $:†WقYچHTWTے†WLTTYٹ †PVكXM ... طRرWإWع WـéSإYظWTچ`©QSع (15) " [الشعراء:15] .
111/2- قال ابن عقيل : ( ¼ †WT‰Wه<¢@†WTت $:†WقYچHTWTے†WLTTYٹ †PVكXM ... طRرWإWع WـéSإYظWTچ`©QSع (15) " ، المراد بها : موسى وهارون وفرعون ، مستمعون ما تقولا ويقال لكما اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
هذا التفسير من إجابات ابن عقيل على من استدل بالآية على أن أقل الجمع اثنان (4) ، وقد سبق الحديث عن مثل هذه المسألة عند قوله تعالى : ¼ †QWTقS{Wè َطXنYظ<رS™Yض fغTےYںXنHTW® (78) " [الأنبياء:78] ، والاستدلال في هذه الآية على أن أقل الجمع اثنان يدخله الاحتمال ، كما ذكر العلماء ، قال النحاس : ( ثم قال جل وعز : ¼ †WT‰Wه<¢@†WTت $:†WقYچHTWTے†WLTTYٹ †PVكXM ... طRرWإWع WـéSإYظWTچ`©QSع (15) " [الشعراء:15] ، يحتمل أن يكون ¼ طRرWإWع " لموسى وهارون عليهما السلام ؛ لأن الاثنين جمع كما قال تعالى : ¼ ـXM†WTت Wـ†Vز ,ISمVض bلWépTTMX ... " [النساء:11] ، ويحتمل أن يكون لموسى وهارون والآيات ، ويحتمل أن يكون لموسى وهارون ومن أرسل إليهم ، قال أبو جعفر : الأول أولاها ؛ ليكون المعنى : إنا معكم ناصرين ومقوين ) (5) .
والاحتمال يضعف الاستدلال ، وكذلك السياق يؤيد كلام ابن عقيل .
__________
(1) ينظر : البرهان في علوم القرآن 4/ 284 .
(2) مغني اللبيب ص 150 .
(3) الواضح 3/ 430 .
(4) حيث جعل ضمير الجمع يعود إلى موسى وهارون .
(5) معاني القرآن 5/ 67 .(1/384)
قال أبو السعود : ( وحيث كان الموعود بمحضر من فرعون اعتبر ههنا في المعية ، وقيل : أجريا مجرى الجماعة ، ويأباه ما قبله وما بعده من ضمير التثنية ) (1) .
وقال الآلوسي : ( والخطاب لموسى وهارون ومن يتبعهما من بني إسرائيل ؛ فيتضمن الكلام البشارة بالإشارة إلى علو أمرهما واتباع القوم لهما ، وذهب سيبويه إلى أنه لهما عليهما السلام ، ولشرفهما وعظمتهما عند الله تعالى عوملا في الخطاب معاملة الجمع ، واعترض بأنه يأباه ما بعده وما قبله من ضمير التثنية ، وقيل هو لهما عليهما السلام ولفرعون ، واعتبر لكون الموعود بمحضر منه ، وإن شئت ضم إلى ذلك قوم فرعون أيضاً ... ) (2) .
وأما قوله تعالى : ¼ WـéSإYظWTچ`©QSع " [الشعراء:15] فالمراد بالجمع التعظيم والتفخيم ، وهو كثير في القرآن (3) ، وهذا ما أشار إليه العلماء (4) .
قال السمعاني : ( وأما قوله : ¼ WـéSإYظWTچ`©QSع " قد بينا مثل هذا فيما سبق وذكرنا أنه قد ذكر نفسه بلفظ الجماعة في مواضع على طريق التفخيم والتعظيم ) (5) .
وقال ابن الجوزي : (¼ WـéSإYظWTچ`©QSع " : نسمع ما تقولان وما يجيبونكما به ) (6) .
وقال الشنقيطي : ( صيغة الجمع في قوله : ¼ †PVكXM ... طRرWإWع WـéSإYظWTچ`©QSع " [الشعراء:15] للتعظيم ) (7) .
__________
(1) تفسير أبي السعود 5/ 36 .
(2) روح المعاني 19/ 66 ، وينظر : البحر المحيط 7/ 8 .
(3) مثل قوله تعالى : ¼ †QWTقS{Wè َطXنYظ<رS™Yض fغTےYںXنHTW® (78) " [الأنبياء:78]، وقوله : ¼ WفےY،PVض@ ... Wس†WTخ SطSنVض ٌ†PVقض@ ... QWـMX ... ً†PVقض@ ... `ںTWTخ N ... éSإWظW- `طRرVض " [آل عمران:173] ، وكان واحداً ، ينظر : التفسير الكبير 5/ 154.
(4) ينظر : أحكام القرآن لابن العربي 1/ 441 .
(5) تفسير السمعاني 4/ 40 .
(6) زاد المسير 6/ 36 ، وينظر : الجلالين ص 367 .
(7) أضواء البيان 4/ 184 .(1/385)
وفي استعمال الجمع أيضاً اهتمام واعتناء وتسلية وضمان للحفظ والنصرة لهما (1) .
والله أعلم .
قال تعالى : ¼ :†WقT`T~Wڑ`èVK†WTت uّVضXM ... uvّWھéSع gـKV ... ‡X£p@ ... ًد†W±WإQYTٹ W$£p™W‰T<ض@ ... WجVصWةك@†WTت Wـ†VرWTت QSشRز xثَ£TYت Y َéTJً¹ض@†TVز gy~Yہ¹Wإ<ض@ ... (63) " [الشعراء:63] .
112/3- قال ابن عقيل في قوله تعالى : ¼ gـKV ... ‡X£p@ ... ًد†W±WإQYTٹ W$£p™W‰T<ض@ ... WجVصWةك@†WTت " : ( كان من فحوى اللفظ (2) : فضربه فانفلق اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل هذه الآية بما يدل عليه منطوقها مما لا شبهة فيه .
قال البغوي : ( ¼ :†WقT`T~Wڑ`èVK†WTت uّVضXM ... uvّWھéSع gـKV ... ‡X£p@ ... ًد†W±WإQYTٹ W$£p™W‰T<ض@ ... WجVصWةك@†WTت " [الشعراء:63] ، يعني : فضربه فانفلق ) .
وقال الرازي : (¼ :†WقT`T~Wڑ`èVK†WTت uّVضXM ... uvّWھéSع gـKV ... ‡X£p@ ... ًد†W±WإQYTٹ W$£p™W‰T<ض@ ... WجVصWةك@†WTت " [الشعراء:63] ولا شبهة في أن المراد : فضرب فانفلق ؛ لأنه كالمعلوم من الكلام ؛ إذ لا يجوز أن ينفلق من غير ضرب ، ومع ذلك يأمره بالضرب ؛ لأنه كالعبث ، ولأنه تعالى جعله من معجزاته التي ظهرت بالعصا ، ولأن انفلاقه بضربه أعظم في النعمة عليه وأقوى لعلمهم أن ذلك إنما حصل لمكان موسى عليه السلام ) (4) ، وهذا التفسير هو ما تتابع عليه عامة العلماء (5) .
فإن قيل : فما الحكمة من هذا الحذف ؟ .
فالجواب من وجوه :
1- أن هذا من مجاز الحذف المستعمل في اللغة العربية ، وهو أسلوب بليغ فصيح .
__________
(1) ينظر : البحر المحيط لأبي حيان 7/ 8 ، روح المعاني 19/ 66 .
(2) فحوى اللفظ : أي معناه ، ينظر : لسان العرب 15/ 149 .
(3) الواضح 3/ 281 .
(4) التفسير الكبير 24/ 120 .
(5) ينظر : تفسير السمرقندي 2/ 556 ، المحرر الوجيز 4/ 55 ، زاد المسير 6/ 41 ، الجامع لأحكام القرآن 1/ 390 ، البرهان في علوم القرآن 1/ 359 ، روح المعاني 19/ 86 .(1/386)
2- أن المعنى واضح جداً ومعلوم بدون ذكر الفعل .
3- فيه إشارة إلى سرعة النتيجة ، لتدل على عظمة الله وسرعة إنفاذ أمره .
4- فيه تعظيم لموسى ، حيث أنجاه الله ومن معه بهذه الطريقة العجيبة ، بدون تأخير في استجابة الدعاء . والله أعلم .
سورة العنكبوت
قال تعالى : ¼ َطRرPVقMXْVK ... WـéSTژK<†WچVض ًس†W-QX£ض@ ... WـéSإV¹pTحWTژVè ًشg~‰TWQ©ض@ ... fûéSTژ<K†WTژWè ء SطRرےY †WTك W$£W|قSظ<ض@ ... †WظWTت fû†Vز ً‡ ... WéW- ,-YمYعَéTWTخ :‚PVپMX ... ـKV ... N ... éRض†WTخ †WقYچpTTLTْ@ ... g‡ ... W،WTإYٹ JًY/@ ... ـMX ... ًŒقS{ WفYع WـkYخYںHTJً±ض@ ... (29) " [العنكبوت:29] .
113/1- قال ابن عقيل : ( ¼ WـéSإV¹pTحWTژVè ًشg~‰TWQ©ض@ ... " [العنكبوت:29] ، المراد : سبيل النسل ، والله أعلم اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
قال أهل اللغة : السبيل : الطريق (2) ، واختلف المفسرون في السبيل المراد في هذه الآية على قولين :
القول الأول : أنه الطريق المعروف قاله ابن زيد (3) ، فالمعنى : أنهم يعملون عمل قطاع الطريق من قتل الأنفس وأخذ الأموال (4) ، أو بفعل الفاحشة بالمارة كما حكاه الطبري وغيره (5) .
القول الثاني : أن المراد سبيل النسل ، أي : أنهم سيقطعون التناسل ، وينتهي التوالد بين الجنسين الذكر والأنثى ، وهو قول ابن عقيل وجمع من المفسرين (6) .
__________
(1) الواضح 2/ 187 .
(2) معجم مقاييس اللغة 3/ 130 ، الصحاح 4/ 1408 .
(3) جامع البيان 18/ 388 .
(4) ينظر : معاني القرآن للنحاس 5/ 221 ، تفسير السمرقندي 2/ 631 ، الكشاف 3/ 456 .
(5) ينظر : جامع البيان 18 / 388 ، تفسير السمعاني 4 / 177 ، معالم التنزيل 3/400 ، زاد المسير 6/135 ، تفسير أبي السعود 5/ 150 .
(6) ينظر : معاني القرآن للنحاس 5 / 221 ، الوجيز 2/ 832 ، معالم التنزيل 3/ 400 ، التفسير الكبير 25/ 52 .(1/387)
والذي يظهر أن الآية شاملة لكلا المعنيين ، ويؤيد هذا احتمال الآية لهما ، ووجودهما في القوم فيصح حمل الآية على كل ما قيل فيها ولا تعارض بين المعنيين ؛ ولذا قال القرطبي : ( ولعل الجميع كان فيهم ، فكانوا يقطعون الطريق لأخذ الأموال والفاحشة ويستغنون عن النساء بذلك ) (1) ، وهذا هو الذي يظهر من كلام المفسرين على الآية (2) .
سورة الأحزاب
قال تعالى : ¼ <¢MX ... Wè SسéSحWTژ v÷Y،PVصYض WطWTpإكVK ... JًS/@ ... Yم`~TVصWئ ًŒ`ظWTpإكVK ... Wè Yم`~VصWئ pذY©`عVK ... ًذ`~VصWئ ًذW-`èW¦ XجPVTژ@ ... Wè JًW/@ ... ّYة`يmٌWè ء ًذY©pTةWTك †Wع JًS/@ ... YمےYں`‰TSع ّW`يmًWè ً†PVTقض@ ... SJًJًS/@ ... Wè SQجWڑKV ... ـKV ... S$مHHùW`يmً †QWظVصWTت uّWµWTخ bں`TےW¦ †Wن`قYQع ... _£ً؛Wè †WنVرHTWTق`-QWèW¦ pّTVرYض ‚Wپ WـéRرWTے ّVصWئ WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... c"W£Wڑ ُّYت X".Wè`¦VK ... َطXنMXْ:†TW~Yئ` VK ... ... V¢XM ... N ... َéTWµWTخ QWفSن`قYع & ... _£ًT؛Wè Wـ†W{Wè S£`عKV ... JًY/@ ... ¾‚پéSإpTةWع (37) " [الأحزاب:37] .
114/1- قال ابن عقيل : ( فأخبر أنه إنما أباحه ذلك ليكون مبيحاً لجميع الأمة ، ولو كان الأمر يخصه لما انتفى عنهم الحرج بنفي الحرج عنه ، فصار كأنه يقول : أرخصنا لك في تزويج أزواج أدعيائك ؛ لنرخص لأمتك بذلك اقتداء بك ، ونزولاً على ما شرع لك ، فثبت بهذا أنهم مشاركوه في الحكم الذي يخاطب به اهـ ) (3) .
________________________________
الدراسة :
__________
(1) الجامع لأحكام القرآن 13/ 341 .
(2) ينظر : تفسير السمرقندي 2 / 631 ، الوجيز 2/ 832 ، تفسير السمعاني 4/ 177 ، معالم التنزيل 3/400 ، الكشاف 3/ 456 ، الجامع لأحكام القرآن 13/ 341 ، تفسير البيضاوي 4/ 314 .
(3) الواضح 3/ 102 .(1/388)
أشار ابن عقيل إلى مسألة : أن الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - في أمور الشرع خطاب لأمته إلا إذا دل الدليل على تخصيصه ، وهذه مسألة أصولية مشهورة تكلم فيها الأصوليون (1) .
وقول ابن عقيل هو قول الحنفية (2) وبعض المالكية (3) وبعض الشافعية (4) : أن الله تعالى إذا أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - فإن أمته يشاركونه في ذلك الأمر (5) ، ومن أدلتهم هذه الآية التي استدل بها ابن عقيل : ¼ †QWظVصWTت uّWµWTخ bں`TےW¦ †Wن`قYQع ... _£ً؛Wè †WنVرHTWTق`-QWèW¦ pّTVرYض ‚Wپ WـéRرWTے ّVصWئ WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... c"W£Wڑ ُّYت X".Wè`¦VK ... َطXنMXْ:†TW~Yئ` VK ... ... V¢XM ... N ... َéTWµWTخ QWفSن`قYع & ... _£ًT؛Wè " [الأحزاب:37] (6) ، ووجه الاستدلال بها : أنه لو كان الأمر يخص النبي - صلى الله عليه وسلم - في تزوج زوجة الدعي لما انتفى الحرج عن المؤمنين بانتفائه عنه - صلى الله عليه وسلم - (7) ، وكان التعليل به عبثاً (8) .
وهو ما ذهب إليه جمع من المفسرين :
قال الجصاص : ( قد حوت هذه الآية أحكاماً ...) إلى أن قال : ( والثالث : أن الأمة مساوية للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الحكم إلا ما خصه الله تعالى به ؛ لأنه أخبر أنه أحل ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ليكون المؤمنون مساوين له ) (9) .
__________
(1) ينظر : العدة 1/ 318، المحصول 2/ 379 ، البرهان للجويني 1/ 250 ، شرح مختصر روضة الناظر 2/ 412 .
(2) ينظر : التقرير والتحبير 1/ 224 .
(3) ينظر : أحكام القرآن لابن العربي 4/ 270 .
(4) ينظر : البرهان للجويني 1 / 250 ، روضة الناظر 2/ 100 ، التفسير الكبير 25/ 184 ، شرح الكوكب المنير 3/ 218 .
(5) ينظر : العدة 1/ 318 ، المسودة 1/ 134 .
(6) ينظر غيره من الأدلة : روضة الناظر 2/ 100 ، التأسيس في أصول الفقه ص 342 .
(7) ينظر : تفسير أبي السعود 5/ 228 .
(8) ينظر : شرح مختصر روضة الناظر 2/ 413 .
(9) أحكام القرآن 3/ 472 .(1/389)
وقال البيضاوي : ( ¼ pّTVرYض ‚Wپ WـéRرWTے ّVصWئ WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... c"W£Wڑ ُّYت X".Wè`¦VK ... َطXنMXْ:†TW~Yئ` VK ... ... V¢XM ... N ... َéTWµWTخ QWفSن`قYع & ... _£ًT؛Wè " [الأحزاب:37] علة للتزويج ، وهو دليل على أن حكمه وحكم الأمة واحد إلا ما خصه الدليل ) (1) .
وقال ابن تيمية : ( قوله : ¼ †QWظVصWTت uّWµWTخ bں`TےW¦ †Wن`قYQع ... _£ً؛Wè †WنVرHTWTق`-QWèW¦ pّTVرYض ‚Wپ WـéRرWTے ّVصWئ WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... c"W£Wڑ ُّYت X".Wè`¦VK ... َطXنMXْ:†TW~Yئ` VK ... " الآية [الأحزاب:37] دليل على أن ما أبيح له كان مباحاً لأمته ؛ لأنه أخبر أن التزويج كان لمنع الحرج عن الأمة في مثل ذلك التزويج ، فلولا أن فعله المباح له يقتضي الإباحة لأمته لم يحسن التعليل وهذا ظاهر ) (2) .
وذهب بعض الشافعية (3) وغيرهم (4) : إلى أن الخطاب لا يعمهم إلا بدليل .
قالوا : لأن اللغة تقتضي أن خطاب المفرد لا يتناول غيره .
قال الغزالي (5) : ( وإنما يشاركه غيره بدليل لا بموجب هذا اللفظ ) (6) .
ولذا قال الآمدي : ( إن رفع الحرج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لمقصود رفع الحرج عن المؤمنين ، وذلك حاصل بقياسهم عليه بواسطة دفع الحاجة وحصول المصلحة ) (7) . فحكم بدخول الأمة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الآية لكن بدليل القياس .
__________
(1) تفسير البيضاوي 4/ 377 .
(2) مجموع الفتاوى 15/ 443 .
(3) ينظر : الإحكام للآمدي 2ا/ 260 ، المستصفى 2/ 65 .
(4) كالمعتزلة ومن وافقهم ، ينظر : المعتمد 1/ 148 .
(5) هو أبو حامد محمد بن محمد الطوسي الغزالي الشافعي ، فقيه أصولي متكلم ، من تصانيفه : المستصفى في أصول الفقه ، مات سنة 505هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 12/ 75 ، شذرات الذهب 4/ 10 .
(6) المستصفى 3/ 277 .
(7) الإحكام 2/ 262 .(1/390)
وأقول : ما دام أن خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يشعر بقصد خطاب العموم ، وهذا هو المتعارف عليه شرعاً لاشتراكهم في التشريع ، والله سبحانه وتعالى أمر في غير ما آية باتباعه - صلى الله عليه وسلم - (1) فلا حاجة إلى تكلف القياس .
والخلاصة أنه لا خلاف بين القولين في العمل ؛ فالجميع متفق على أن خطاب الواحد لا يطلق على الجماعة في اللغة ، وكذلك متفقون أن الوقائع الشرعية الخاصة التي استدل بها أصحاب القول الأول عدي حكمها إلى الأمة مع نبيها - صلى الله عليه وسلم - (2) .
قال الطوفي : ( وكأن الخلاف لفظي ...) ثم قال : ( وحينئذ يكون التقدير : أن اللغة تقتضي أن الخطاب لواحد معين يختص به ، ولا خلاف فيه بينهم ، والواقعة الشرعية الخاصة ، إذا قام دليل على عمومها عمت ، ولا خلاف أيضاً فيه بينهم ، فعاد النزاع كما قلنا لفظياً ) (3) .
وقال أيضاً : ( أجمع الصحابة - رضي الله عنهم - على الرجوع في قضاياهم العامة إلى قضايا النبي - صلى الله عليه وسلم - الخاصة ، كرجوعهم في حد الزاني إلى قصة ماعز (4) ... ) (5) .
وبهذا يتبين أن ما قاله ابن عقيل في تفسير هذه الآية هو قول عامة العلماء على وجه الإجمال (6) . والله أعلم .
__________
(1) مثل قوله تعالى : ¼ nqمèخ7¨?$#ur لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " [الأعراف:158] .
(2) شرح مختصر روضة الناظر 2/ 418 ، شرح الكوكب المنير 3/ 221 .
(3) شرح مختصر روضة الناظر 2/ 418 .
(4) سبق تخريجه ، ينظر : ص 182 .
(5) شرح مختصر روضة الناظر 2/ 415 .
(6) ينظر للاستزادة : الإحكام للآمدي 2/ 260 ، روضة الناظر 2/ 100 ، المحصول 2/ 379 ، شرح الكوكب المنير 3/ 218 ، نهاية الوصول في دراية الأصول 4/ 1381 ، إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر 5/ 352 .(1/391)
قال تعالى : ¼ †WQع Wـ†Vز ّVصWئ JgّY‰PVقض@ ... َفYع w"W£Wڑ †Wظ~Yت ً³W£WTت JًS/@ ... I$SمVض WàTPVقTSھ JًY/@ ... ء WفےY،PVض@ ... N ... َéTVصW فYع S&ش`T‰WTخ Wـ†W{Wè S£`عKV ... JًY/@ ... ... _OWںWTخ ... [OèSںpTحQWع (38) " [الأحزاب:38] .
115/2- قال ابن عقيل : (¼ †Wظ~Yت ً³W£WTت JًS/@ ... $SمVض " [الأحزاب:38] ، أي : أوجب اهـ ) (1) .
وقال في موضع آخر : ( يعني : أحل له اهـ ) (2) .
___________________________________
الدراسة :
ذهب بعض المفسرين إلى أن معنى فرض الله له في هذه الآية : أي أوجب .
وهو قول لابن عقيل وبه فسرها الزمخشري (3) ، والبيضاوي (4) ، وابن جزي (5) ، وأبو السعود (6) .
قال الزمخشري : ( فرض الله له : قسم له وأوجب من قولهم فرض لفلان في الديوان كذا ، ومنه : فروض العسكر لرزقاتهم ) (7) .
وفسرها ابن عقيل أيضاً : بأحل له ، وهو تفسير الطبري (8) ، والسمرقندي (9) ،
والواحدي (10) ، والسمعاني (11) ، والبغوي (12) ، وابن عطية (13) ، وغيرهم (14) ، وذكره الطبري والنحاس عن قتادة (15) .
قال الطبري : ( فيما أحل الله له من نكاح امرأة من تبناه بعد فراقه إياها ) (16) .
__________
(1) الواضح 1/ 125 .
(2) الواضح 3/ 165 .
(3) الكشاف 3/ 552 .
(4) تفسير البيضاوي 4/ 377 .
(5) التسهيل 2/ 190 .
(6) تفسير أبي السعود 5/ 228 .
(7) الكشاف 3/ 552 .
(8) جامع البيان 19/ 119 .
(9) تفسير السمرقندي 3/ 59 .
(10) الوجيز 2/ 867 .
(11) تفسير السمعاني 4/ 289 .
(12) معالم التنزيل 3/ 459 .
(13) المحرر الوجيز 4/ 387 .
(14) ينظر : تذكرة الأريب 2 / 86 ، تفسير النسفي 3 / 305 ، تفسير ابن كثير 6/ 2819 ، البرهان 3/ 341 .
(15) جامع البيان 19/ 119 ، معاني القرآن 5/ 354 .
(16) جامع البيان 19/ 119 .(1/392)
ولا تعارض بين القولين فأصل الفرض في اللغة : الحز في الشيء ، ومنه كان اشتقاق الفرض للواجب ؛ لأن له معالم وحدوداً ، ومنه اشتقاقه للتقدير والحل كذلك وغيره من المعاني (1) .
فلما كان الفرض محتملاً لهذه المعاني كان المختار منها هو ما يحدده السياق ، وهو الحل والإباحة والتقدير دون الوجوب لقوله تعالى في أول الآية : ¼ †WQع Wـ†Vز ّVصWئ JgّY‰PVقض@ ... َفYع w"W£Wڑ " [الأحزاب:38] ، ويدل على ذلك تعدية فعل : [ فرض ] [ باللام ] الذي يفيد هذا المعنى بخلاف تعديته بحرف [ على ] كقوله تعالى : ¼ `ںWTخ †WقpTظYصWئ †Wع †WقpW£WTت َطXن`~VصWئ ُّYت َطXنY-.Wè`¦VK ... †WعWè pŒW|VصWع َطSنSقHTWظ`TےVK ... " [الأحزاب:50] (2) .
وهنا سؤال : ما سبب اختيار لفظ الفرض دون غيره ؟ .
والجواب : أنه في مقابل تحريم النبي - صلى الله عليه وسلم - على نفسه فعل هذا الأمر ، فجاء بصيغة الفرض ، لأنه متضمن لحل ذلك له والأمر به . والله أعلم .
قال الراغب : ( ¼ QWـMX ... ÷Y،PVض@ ... ً³W£WTت ًذ`~VصWئ Wـ ... ƒٍَ£Sح<ض@ ... " [القصص:85] أي : أوجب عليك العمل به ، ومنه يقال لما أَلزَم الحاكمُ من النفقة : فرض ، وكل موضع ورد : فَرَضَ الله عليه ففي الإيجاب الذي أدخله الله فيه ، وما ورد من : فرض الله له ، فهو في أن لا يحْظُرَه على نفسه نحو : ¼ †WQع Wـ†Vز ّVصWئ JgّY‰PVقض@ ... َفYع w"W£Wڑ †Wظ~Yت ً³W£WTت JًS/@ ... I$SمVض " [الأحزاب:38] ) (3) .
وقد جمع ابن كثير في تفسير الآية ما ذكرته آنفاً فقال : ( أي : فيما أحل الله له وأمره به من تزويج زينب التي طلقها دعيه زيد بن حارثة ) (4) . والله أعلم .
__________
(1) ينظر : معجم مقاييس اللغة 4/ 488، 489 ، الصحاح 3/ 921 .
(2) ينظر : التحرير والتنوير 22/ 40 .
(3) المفردات ص 421 .
(4) تفسير ابن كثير 6/ 2819 .(1/393)
قال تعالى : ¼ QWـMX ... WفےY،PVض@ ... WـèS¢`ëSTے JًW/@ ... ISمVضéSھWOWè SطSنWقTWإVض JًS/@ ... ء †WTp~TكPRںض@ ... YلW£Y‚پ@ ... Wè JًںTWئVK ... Wè َطSنVض †_Tٹ ... W،Wئ †_TTق~TXنQSع (57) " [الأحزاب:57] .
116/3- قال ابن عقيل : ( ¼ QWـMX ... WفےY،PVض@ ... WـèS¢`ëSTے JًW/@ ... " ، المراد : أنبياء الله وأولياء الله ، وهذا لغة العرب ودأبهم في حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
ذكر العلماء في معنى قوله تعالى : ¼ WـèS¢`ëSTے JًW/@ ... " [الأحزاب:57] قولين :
القول الأول : أن المراد : يؤذون أولياء الله ، فهو من حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، وهو ما قاله ابن عقيل ، واختاره الجصاص (2) ، وذكره النحاس (3) ، والسمعاني (4) ، والبغوي (5) وغيرهم (6) .
قال الجصاص : ( قال تعالى : ¼ QWـMX ... WفےY،PVض@ ... WـèS¢`ëSTے JًW/@ ... ISمVضéSھWOWè " المراد : يؤذون أولياء الله ) (7) .
القول الثاني : أن المراد يؤذون الله بالكفر وغيره من المحرمات ، وهذا هو قول الجمهور (8) .
قال الطبري : ( يعني بقوله تعالى ذكره : ¼ QWـMX ... WفےY،PVض@ ... WـèS¢`ëSTے JًW/@ ... " إن الذين يؤذون ربهم بمعصيتهم إياه ، وركوبهم ما حرم عليهم ) (9) .
وقال ابن عطية : ( قال الجمهور معناه : بالكفر ونسبة الصاحبة والولد والشريك إليه ووصفه بما لا يليق به ) (10) .
__________
(1) الواضح 2/ 381 .
(2) أحكام القرآن 1/ 29 .
(3) معاني القرآن 5/ 376 .
(4) تفسير السمعاني 4/ 306 .
(5) معالم التنزيل 3/ 468 .
(6) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 16/ 102 .
(7) أحكام القرآن 1/ 29 .
(8) ينظر : المحرر الوجيز 4/ 398 .
(9) جامع البيان 19/ 178 .
(10) المحرر الوجيز 4/ 398 ، وينظر : الوجيز 2/ 873 .(1/394)
والذي يظهر لي إمكان الجمع بين القولين ، بأن يكون المعنى : أن إيذاء الله يكون بانتقاصه أو مخالفة أمره أو ارتكاب نهيه ، ومن هذا الإيذاء إيذاء أوليائه ، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله تعالى قال : من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب " (1) .
فيكون من قال بالقول الأول فسر الآية بالمثال ، ولكن لا ريب أن التفسير بالعموم أقوى وأولى وأسلم ؛ لأن هذا هو ظاهر الآية وتخصيصه بأحد المعاني يحتاج إلى دليل ، والأدلة تؤيد القول بالعموم : فقد جاء في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار " (2) .
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " قال الله : كذَّبني بن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ؛ فأما تكذيبه إياي : فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان ، وأما شتمه إياي : فقوله لي ولد فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولداً " (3) .
ففي هذا الحديث تفسير للشتم والتكذيب بأنه : نسبة النقص إلى الله تعالى الله عن ذلك .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق باب التواضع (6502) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب التفسير باب تفسير سورة حم الجاثية ( 4826 ) ، ومسلم في كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها باب النهي عن سب الدهر (2246) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(3) أخرجه البخاري في كتاب التفسير باب ¼ N ... éRض†WTخWè W،WPVTژ@ ... JًS/@ ... % ... _ںVضWè IS$مWقHTW™`‰TSھ " [البقرة:116] (4481) .(1/395)
وفي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم " (1) .
قال ابن كثير : ( يقول تعالى متهدداً ومتوعداً من آذاه بمخالفة أوامره وارتكاب زواجره وإصراره على ذلك ، وأذَى رسوِله بعيب أو نقص ، عياذاً بالله من ذلك ... ) إلى أن قال : ( والظاهر أن الآية عامة في كل من آذاه بشيء ، من آذاه فقد آذى الله ، كما أن من أطاعه فقد أطاع الله ) (2) .
وقال السعدي : (¼ QWـMX ... WفےY،PVض@ ... WـèS¢`ëSTے JًW/@ ... ISمVضéSھWOWè " [الأحزاب:57]، وهذا يشمل كل أذية ، قولية أو فعلية ، من سب وشتم ، أو تنقص له ، أو لدينه ، أو ما يعود إليه بالأذى ) (3) .
والله منزه عن وصول إيذاء أحد له سبحانه وتعالى ، وليس أذاه من جنس أذى المخلوقين ، ولذا قال البغوي : ( ومعنى الأذى : هو مخالفة أمر الله تعالى وارتكاب معاصيه ، ذكَرَه على ما يتعارفه الناس بينهم ، والله عز وجل منزه عن أن يلحقه أذىً من أحد ) (4) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد باب قول الله تبارك وتعالى : ¼ QWـMX ... JًW/@ ... WéTSه ٌث ... PV¦PV£ض@ ... èS¢ YلQWéSح<ض@ ... SـkYچWظ<ض@ ... " [الذاريات:58] (7378) ، ومسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل (2804) من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - .
(2) تفسير ابن كثير 6/ 2859 ، 2860 .
(3) تفسير السعدي 6/ 246 .
(4) معالم التنزيل 3/ 468 .(1/396)
وقال ابن جزي : ( ¼ QWـMX ... WفےY،PVض@ ... WـèS¢`ëSTے JًW/@ ... ISمVضéSھWOWè " [الأحزاب:57]: إذاية الله هي بالإشراك به ، ونسبة الصاحبة والولد له ، وليس معنى إذايته أنه يضره الأذى ؛ لأنه تعالى لا يضره شيء ولا ينفعه شيء ، وقيل : إنها على حذف مضاف تقديره يؤذون أولياء الله ، والأول أرجح ؛ لأنه ورد في الحديث : " يقول الله تعالى : يشتمني ابن آدم وليس له أن يشتمني ، ويكذبني وليس له أن يكذبني ، أما شتمه إياي : فقوله إن لي صاحبة وولداً ، وأما تكذيبه إياي : فقوله لا يعيدني كما بدأني " (1) ) (2) .
وقال ابن القيم : ( وليس أذاه سبحانه من جنس الأذى الحاصل للمخلوقين ، كما أن سخطه وغضبه وكراهته ليست من جنس ما للمخلوقين ) (3) . والله أعلم .
سورة يس
قال تعالى : ¼ [لW£p©W™HTTے ّVصWئ &Y †W‰Yإ<ض@ ... †Wع yXن~YTژK<†WTے فYQع ]سéSھWQO ‚PVپMX ... N ... éSTك†Vز -YمYTٹ WـèSٍX¥`نWTچpT©WTے (30) " [يس:30] .
117/1- قال ابن عقيل : ( ¼ [لW£p©W™HTTے ّVصWئ &Y †W‰Yإ<ض@ ... " [يس:30] راجع إلى حسرتهم على أنفسهم يصدقه قوله : ¼ ـKV ... WسéSحWTژ t¨pTةTWك uّWTژW£`©W™HTWTے uّVصWئ †Wع ٌŒ؛QW£WTت ء gˆ?قW- JًY/@ ... " [الزمر:56] اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) سبق تخريجه ، ينظر : ص 450 .
(2) التسهيل 2/ 196 .
(3) الصواعق المرسلة 4/ 1451 .
(4) الواضح 2/ 381 .(1/397)
أبان ابن عقيل أن الحسرة إنما هي من العباد واستدل على هذا المعنى بآية الزمر ، وهو ما عليه عامة العلماء ، قال الطبري : ( القول في تأويل قوله عز وجل : ¼ [لW£p©W™HTTے ّVصWئ &Y †W‰Yإ<ض@ ... †Wع yXن~YTژK<†WTے فYQع ]سéSھWQO ‚PVپMX ... N ... éSTك†Vز -YمYTٹ WـèSٍX¥`نWTچpT©WTے (30) " [يس:30] يقول تعالى ذكره : يا حسرة من العباد على أنفسها ، وتندماً وتلهفاً في استهزائهم برسل الله ، ¼ †Wع yXن~YTژK<†WTے فYQع ]سéSھWQO " من الله ، ¼ ‚PVپMX ... N ... éSTك†Vز -YمYTٹ WـèSٍX¥`نWTچpT©WTے " ، وذُكِر أن ذلك في بعض القراءة : ( يا حسرة العباد على أنفسها ) (1) . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ) (2) .
وقال السمرقندي : ( قوله عز وجل : ¼ [لW£p©W™HTTے ّVصWئ &Y †W‰Yإ<ض@ ... " [يس:30] ، يعني : يا ندامة على العباد في الآخرة ، يعني : يقولون يا حسرتنا على ما فعلنا بالأنبياء عليهم السلام ) (3) .
وقال البغوي : (¼ [لW£p©W™HTTے ّVصWئ &Y †W‰Yإ<ض@ ... " [يس:30] قال عكرمة : يعني يا حسرتهم على أنفسهم والحسرة : شدة الندامة ، وفيه قولان : أحدهما / يقول الله تعالى : يا حسرة وندامة وكآبة على العباد يوم القيامة حين لم يؤمنوا بالرسل ، والآخر / أنه من قول الهالكين ، قال أبو العالية : لما عاينوا العذاب قالوا يا حسرة ) (4) .
ويؤيد هذا قوله جل وعلا : ¼ WشWإpoW~Yض JًS/@ ... ًذYض.V¢ _لW£َ©Wڑ ء َ%طXنYTٹéSTصSTخ " [آل عمران:156] ، وقوله تعالى : ¼ ـKV ... WسéSحWTژ t¨pTةTWك uّWTژW£`©W™HTWTے uّVصWئ †Wع ٌŒ؛QW£WTت ء gˆ?قW- JًY/@ ... " [الزمر:56].
- فإن قيل : ما الفائدة من نداء الحسرة وهي لا تعقل ؟
__________
(1) نسبها لأبي بن كعب - رضي الله عنه - النحاس في معاني القرآن 5 / 489 ، وعدها ابن جني في المحتسب 2/ 208 من الشواذ .
(2) جامع البيان 19/ 429 .
(3) تفسير السمرقندي 3/ 115 ، وينظر : الوجيز 2/ 899 .
(4) معالم التنزيل 4/ 8 .(1/398)
أجاب على ذلك الزجاج بقوله : ( ¼ [لW£p©W™HTTے ّVصWئ &Y †W‰Yإ<ض@ ... " [يس:30] وقرئت : ( يا حسرةَ العبادِ ) (1) بغير على ، ولكني لا أحب القراءة بشيء خالف المصحف البتة ، وهذه من أصعب مسألة في القرآن ، إذا قال القائل ما الفائدة في مناداة الحسرةِ ، والحسرةُ مما لا يجيب ؟ فالفائدة في مناداتها كالفائدة في مناداة ما يعقل (2) ؛ لأن النداء باب تنبيه ، إذا قلت : يا زيد ، فإن لم تكن دعوته لتخاطبه لغير النداء فلا معنى للكلام ، إنما تقول : يا زيد ؛ فتنبهه بالنداء ، ثم تقول : فعلت كذا وافعل كذا ، وما أحببت مما له فيه فائدة ، ألا ترى أنك تقول لمن هو مقبل عليك : يا زيد ما أحسن ما صنعت ، ولو قلت له : ما أحسن ما صنعت ، كنت قد بلغت في الفائدة ما أفهمت به ، غير أن قولك : يا زيد ، أوكد في الكلام ، وأبلغ في الإفهام ) (3) .
وقال السمعاني : ( والجواب عنه : أن معنى قول القائل : يا حسرة ، مثل قوله : يا عجباً ، وكذلك قوله : يا حسرتاه ، مثل قوله : يا عجباه ، والعرب تقول هذا على طريق المبالغة ، والنداء عندهم بمعنى التنبيه ، فيستقيم فيمن يعقل وفيمن لا يعقل ) (4) . والله أعلم .
سورة الصافات
قال تعالى : ¼ †QWظVصWTت WçؤVصWTٹ SمWإWع ƒّ`إJً©ض@ ... Wس†WTخ JًّWقTS‰HTWTے ُّYPTكMX ... uüWOVK ... ء Yz†WTقWظ<ض@ ... vّTPYTكVK ... ًذSmîًڑ<¢VK ... َ£ٌہ¹ك@†WTت ... V¢†Wع u&üW£TWTژ Wس†WTخ gŒWTٹKV†;HTTWTے `شWإ<ت@ ... †Wع S$£Wع`ëSTژ vّYكSںYoWTچWھ ـMX ... ƒٍ:†W® JًS/@ ... WفYع WفےXOYiTJًHT±ض@ ... (102) " [الصافات:102] .
__________
(1) ينظر : المحتسب 2/ 208 .
(2) في معاني القرآن وإعرابه المطبوع : ( ما لا يعقل ) ، والأولى المثبت ، ينظر : لسان العرب 4/ 189 .
(3) معاني القرآن وإعرابه 4/ 284 .
(4) تفسير السمعاني 4/ 375 .(1/399)
118/1- قال ابن رجب : ( قال ابن عقيل : قال لي ابني لما تقارب أجله : يا سيدي قد أنفقت وبالغت في الأدوية والطب والأدعية ، ولله تعالى فيّ اختيار ، فدعني مع اختياره ، قال : فوالله ما أنطق الله سبحانه وتعالى ولدي بهذه المقالة التي تشاكل قول إسحاق لإبراهيم : ¼ `شWإ<ت@ ... †Wع S$£Wع`ëSTژ " [الصافات:102] إلا وقد اختاره الله تعالى للحظوة اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل في كلامه إلى مسألة الذبيح من ابني إبراهيم :
وقد اختلف العلماء في أي الابنين أُمر إبراهيم بذبحه على قولين :
القول الأول : أن الذبيح إسحاق ، وهو قول لابن عباس ، وابن مسعود ، وكعب الأحبار (2) ، وسعيد بن جبير (3) ، وهو اختيار الطبري (4) ، والقرطبي (5) ، وهو الظاهر من كلام ابن عقيل .
واحتجوا بما يلي :
1- أن البشارة المعروفة لإبراهيم في قوله تعالى : ¼ SمHTWTكَ£TPVW‰TWTت ]yHTTVصTSçإYٹ xy~YصWڑ (101) " [الصافات:101] إنما كانت بإسحاق لقوله تعالى : ¼ †WنHTWTكَ£TPVW‰WTت WجHTTW™pTTھXM†Yٹ فYعWè Yٍ: ... WOWè WجHTTW™T`ھXM ... ً‡éSح`إWTے (71) " [هود:71] والمبشر به هو الذبيح (6) .
__________
(1) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 165 .
(2) هو كعب بن ماتع الحميري من كبار علماء أهل الكتاب أسلم في زمن أبي بكر وقدم المدينة في خلافة عمر ، مات سنة 34هـ ، له ترجمة في : مشاهير علماء الأمصار ص 118 ، سير أعلام النبلاء 3/ 489 .
(3) ينظر : جامع البيان 19/ 588 وما بعدها .
(4) ينظر : جامع البيان 19/ 598 .
(5) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 15/ 101 .
(6) ينظر : جامع البيان 19/ 598 ، الجامع لأحكام القرآن 15/ 101 .(1/400)
2- قال الطبري : حدثنا أبو كريب قال : ثنا زيد بن حباب ، عن الحسن بن دينار ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس ابن عبدالمطلب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذكره ، قال :" هو إسحاق " (1) .
القول الثاني : أن الذبيح إسماعيل وهو قول لابن عباس أيضاً ، وابن عمر ، ومجاهد ، والحسن (2) ، وهو ترجيح أحمد بن حنبل (3) ، وابن القيم (4) .
واحتجوا بما يلي :
1- قوله تعالى : ¼ †WنHTWTكَ£TPVW‰WTت WجHTTW™pTTھXM†Yٹ فYعWè Yٍ: ... WOWè WجHTTW™T`ھXM ... ً‡éSح`إWTے (71) " [هود:71] قالوا : لما بشر بإسحاق بشر بيعقوب ، فكيف يأمره بذبح إسحاق وقد وعده بنافلة منه ؟ (5) .
2- قوله تعالى : ¼ SمWHTTكَ£PVWTٹWè WجHTW™pTھXM†Yٹ †Q^T~Y‰WTك WفYQع WـkY™YصHTJً±<ض@ ... (112) " [الصافات:112] قالوا : إن الله تعالى ذكر البشارة بإسحاق بعد الفراغ من قصة الذبيح فدل على أنه غيره (6) .
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 19/ 588 ، وفي تاريخه 1/ 263 .
(2) ينظر : جامع البيان 19/ 593 وما بعدها .
(3) ينظر : الزهد للإمام أحمد ص 391 ، وهو الإمام أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل الذهلي الشيباني المروزي ثم البغدادي ، أحد الأئمة الأعلام ، من مصنفاته : المسند ، والزهد ، مات سنة 241هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 11/ 177- 358 .
(4) ينظر : إغاثة اللهفان ص 696 .
(5) ينظر : التفسير الكبير 26/ 134 ، تفسير ابن كثير 7/ 2988 ، أضواء البيان 4/ 338 .
(6) ينظر : تفسير ابن كثير 7/ 2988 ، أضواء البيان 4/ 337 .(1/401)
3- قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أنا ابن الذبيحين " (1) ، يعنى : أباه عبدالله وإسماعيل .
والقول بأن الذبيح إسماعيل هو الراجح لأمور منها :
1- قوة ما احتج به من قال إن الذبيح إسماعيل .
2- إمكان الإجابة على ما احتج به قال إن الذبيح إسحاق .
فقولهم : إن المبشر به هو إسحاق والمبشر به هو المأمور بذبحه ، غير مسلم ؛ لأن من تأمل الآيات تبين له أن إبراهيم بُشر مرتين ، فليس المبشر به إسحاق فحسب ، فقد بُشر إبراهيم بإسماعيل مرة ، وبشر بإسحاق أخرى ، وسياق الآيات يؤيد أن المبشر به المأمور بذبحه هو إسماعيل ؛ لأنه بشره بالغلام الحليم ثم جاءت قصة ذبحه ثم عطف عليها البشارة بإسحاق ، فدل على أن البشارة الأولى غير الثانية ، لأنه لا يجوز حمل كتاب الله على أن معناه فبشرناه بإسحاق ثم بعد انتهاء قصة ذبحه يقول أيضاً : ¼ SمWHTTكَ£PVWTٹWè WجHTW™pTھXM†Yٹ †Q^T~Y‰WTك WفYQع WـkY™YصHTJً±<ض@ ... (112) " [الصافات:112] ، فهو تكرار لا فائدة فيه ، ينزه عنه كلام الله ، والتأسيس أولى من التأكيد إلا لدليل يجب الرجوع إليه ، ومعلوم في اللغة العربية أن العطف يقتضي المغايرة ، ففي هذا دلالة واضحة أن الذبيح هو إسماعيل (2) .
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 19 / 598 ، والحاكم في كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين باب ذكر إسماعيل عيه الصلاة والسلام 2/ 604 (4036) من حديث معاوية - رضي الله عنه - ، قال عنه ابن كثير في تفسيره : ( وهذا حديث غريب جداً ) 7/ 2989 .
(2) ينظر : أضواء البيان 4/ 337 .(1/402)
وما أحسن توجيه ابن القيم حيث يقول : ( سأل إبراهيم ربه الولد فأجاب الله دعاءه وبشره ، فلما بلغ معه السعي أمره بذبحه قال تعالى : ¼ Wس†WTخWè ّYPTكMX ... }ˆYه ... V¢ uّVضXM ... ّQYTٹWO XفےYں`نW~TWھ (99) Jg‡WO pˆWه ّYض WفYع WـkY™YصHTJً±ض@ ... (100) SمHTWTكَ£TPVW‰TWTت ]yHTTVصTSçإYٹ xy~YصWڑ " [الصافات:99-101] فهذا دليل على أن هذا الولد إنما بشر به بعد دعائه وسؤاله ربه أن يهب له ولداً ، وهذا المبشر به هو المأمور بذبحه قطعاً بنص القرآن ، وأما إسحاق فإنما بشر به من غير دعوة منه ، بل على كبر السن وكون مثله لا يولد له ، وإنما كانت البشارة به لامرأته سارة ، ولهذا تعجبت من حصول الولد منها ومنه ، قال تعالى : ¼ `ںWحVضWè pƒٍ:†W- :†WTقSTصTSھSO Wط~TYه.W£`TٹXM ... uüW£pTS‰<ض@†Yٹ N ... éSTض†WTخ $†_ظHTWTصWھ Wس†WTخ $cطHTVصWھ †WظWTت ًگY‰Vض ـKV ... ƒٍ:†TW- \ش`oYإYٹ x،~TYقWڑ (69) †QWظVصWTت : ... ƒٍWO َطSنWےYں`TےKV ... ‚Wپ SشY±WTژ Yم`~TVضMX ... َطSهW£Y|WTك ً¨W-`èVK ... Wè َطSن`قYع _&àWة~Y N ... éSTض†WTخ ‚Wپ pبWWTژ :†TPVTكXM ... :†WTق<صYھ`ORK ... uّVضXM ... YzَéTWTخ x·éSTض (70) ISمSTژVK ... W£`ع@ ... Wè bàWظMXْ:†Wخ pŒVرY™WµWTت †WنHTWTكَ£TPVW‰WTت WجHTTW™pTTھXM†Yٹ فYعWè Yٍ: ... WOWè WجHTTW™T`ھXM ... ً‡éSح`إWTے (71) pŒVض†WTخ uvّWچWTص`TےWéHTWTے SںYضKV ... ƒٍ h†WTكVK ... Wè b¦éSoWئ ... W،HTWهWè ّYص`إWٹ $†[T`~TW® UfûMX ... ... W،HTWه eٍpّWVض tˆ~YoWئ (72) Nv ... éTRض†WTخ WـkY‰Wo`إWTژVK ... َفYع X£`عKV ... JًY$/@ ... " [هود:69-73] فتأمل سياق هذه البشارة وتلك ، تجدهما بشارتين متفاوتتين ، مخرج إحداهما غير مخرج الأخرى ، والبشارة الأولى : كانت له ، والثانية : كانت لها ، والبشارة الأولى : هي التي أمر بذبح من بُشر فيها دون الثانية ) (1) .
وأما ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه إسحاق ، فلم يثبت ولو ثبت لأخذنا به .
__________
(1) إغاثة اللهفان ص 696 .(1/403)
قال ابن كثير : ( وقد ورد في ذلك - أنه إسحاق - حديث لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين ، ولكن لم يصح سنده .. ففي إسناده ضعيفان وهما : الحسن بن دينار البصري متروك (1) ، وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث (2) ) (3) .
وقد بين ابن القيم أن لفظة إسحاق تحريف من اليهود حيث قال : ( إسحاق زيادة منهم في لفظ التوراة ، وهي باطلة قطعاً من عشرة أوجه ... ) (4) .
قال محمد بن كعب القرظي : سأل عمر بن عبد العزيز يهودياً أسلم فحسن إسلامه وكان يرى أنه من علماء يهود : أيُّ ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين ، وإن يهود لتعلم بذلك ، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه ، والفضل الذي ذكره الله منه ، لصبره لما أمر به ، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق ؛ لأن إسحاق أبوهم فالله أعلم أيهما كان ؟ كلٌّ قد كان طاهراً طيباً مطيعاً لربه (5) .
قال ابن كثير : ( وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق ، وحُكي ذلك عن طائفة من السلف ، حتى نُقل عن الصحابة أيضاً ، وليس ذلك في كتاب ولا سنة ، وما أظن ذلك تُلُقي إلا عن أحبار أهل الكتاب ، وأُخِذ ذلك مسلماً من غير حجة .. ) (6) .
وقال أيضاً : ( والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى ) (7) .
__________
(1) ينظر : الكامل في ضعفاء الرجال 2/ 297 ، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1/ 201 .
(2) ينظر : الكامل في ضعفاء الرجال 5/ 196 ، الضعفاء للعقيلي 3/ 230 .
(3) تفسير ابن كثير 7/ 2987 .
(4) ينظر : إغاثة اللهفان ص 696 .
(5) أخرجه الطبري في تفسيره 19/ 597 .
(6) تفسير ابن كثير 7/ 2983 .
(7) تفسير ابن كثير 7/ 2989 .(1/404)
3- ومن المرجحات أيضاً : أن إسماعيل أول ولد بُشر به إبراهيم وهو أكبر من إسحاق باتفاق المسلمين وأهل الكتاب ؛ فالجمع بين كونه مأموراً بذبح بكره وتعيينه بإسحاق جمع بين النقيضين (1) .
4- أن الله حكى عن إبراهيم أنه قال : ¼ Jg‡WO pˆWه ّYض WفYع WـkY™YصHTJً±ض@ ... (100) " [الصافات:100] وهذا السؤال إنما يحسن قبل أن يحصل له الولد ، والإجماع أن إسماعيل متقدم في الوجود على إسحاق ، فثبت أن المطلوب بهذا الدعاء هو إسماعيل (2) .
5- أن قصة الذبح كانت بمكة قطعاً ولهذا جعل الله تعالى ذبح الهدايا والقرابين بمكة تذكيراً للأمة بما كان من قصة أبيهم إبراهيم مع ولده (3) ، والذي بمكة إسماعيل وليس إسحاق .
6- أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام إنما رزق إسحاق عليه السلام على الكبر ، وإسماعيل عليه السلام رزقه في عنفوانه وقوته ، والعادة أن القلب أعلق بأول الأولاد وهو إليه أمْيَل وله أحب ، بخلاف من يرزقه على الكبر والأمر بذبحه أبلغ في الابتلاء والاختبار (4) .
7- ومما يستأنس به في ترجيح أن الذبيح هو إسماعيل : أن المواضع التي ذكر فيها إسحاق يقيناً عبر عنه في كلها بالعلم لا الحلم ، وهذا الغلام الذبيح وصفه بالحلم لا العلم (5) .
__________
(1) ينظر : إغاثة اللهفان ص 696 ، تفسير ابن كثير 7/ 2982 .
(2) ينظر : التفسير الكبير 26/ 134 ، تفسير ابن كثير 7/ 2983 .
(3) ينظر : إغاثة اللهفان ص 696 .
(4) ينظر : إغاثة اللهفان ص 696 وما بعدها ، تفسير ابن كثير 7/ 2983 .
(5) ينظر : أضواء البيان 4/ 337 .(1/405)
قال الكرماني (1) : ( والأظهر أن الحليم إسماعيل ، والعليم إسحاق ) (2) .
8- أن الله وصف إسماعيل بالصبر دون إسحاق فقال : ¼ Wش~YإHTfTTTظ`ھXM ... Wè ً¨ےXO` XM ... Wè ... V¢Wè $Xش`TةYر<ض@ ... QbشS{ WفYQع WفےX£Y‰HTJً±<ض@ ... (85) " [الأنبياء:85] ، وهو صبره على الذبح ، ووصفه أيضاً بصدق الوعد فقال : ¼ َ£TS{<¢@ ... Wè ء gˆHTTWچYر<ض@ ... &Wش~YإHTTWظTَھXM ... ISمPVTكMX ... Wـ†Vز ًثY †W² Yں`ئWé<ض@ ... " [مريم:54] ؛ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر فوفى به (3) .
وهذا ما رجحه ابن كثير حيث قال : ( وهو الصحيح المقطوع به ) (4) .
وقال الشنقيطي : ( والتحقيق أن الذبيح هو إسماعيل ، وقد دلت على ذلك آيتان (5) من كتاب الله تعالى دلالة واضحة لا لبس فيها .. ) (6) .
وقال أيضاً : ( فلا ينبغي للمنصف الخلاف في ذلك بعد دلالة هذه الأدلة القرآنية على ذلك والعلم عند الله تعالى ) (7) .
سورة ص
قال تعالى : ¼ لِلَّهِ `شWهWè ًذHùWTژKV ... N ... SëW‰WTك gطp±W<ض@ ... <¢XM ... N ... èSOQWéTW©WTژ ً‡ ... W£T`™Yظ<ض@ ... (21) " [ص:21] .
119/2- قال ابن عقيل : ( فيقال : واحدٌ خصم ، واثنان خصم ، وثلاثة خصم اهـ ) (8) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) هو أبو القاسم محمود بن حمزة بن نصر الكرماني النحوي المعروف بتاج القراء ، من مصنفاته : لباب التفسير ، أسرار التكرار في القرآن المسمى : البرهان في توجيه متشابه القرآن ، مات نحو سنة 505هـ ، له ترجمة في : طبقات القراء لابن الجزري 2/ 291 ، طبقات الداوودي 2/ 312 .
(2) أسرار التكرار في القرآن ص 214 .
(3) التفسير الكبير 26/ 134 .
(4) تفسير ابن كثير 7/ 2988 .
(5) يريد آية الصافات التي معنا ، وقوله تعالى : ¼ †WنHTWTكَ£TPVW‰WTت WجHTTW™pTTھXM†Yٹ فYعWè Yٍ: ... WOWè WجHTTW™T`ھXM ... ً‡éSح`إWTے " [هود:71] .
(6) ينظر : أضواء البيان 2/ 491 .
(7) ينظر : أضواء البيان 4/ 338 .
(8) الواضح 3/ 430 .(1/406)
وضح ابن عقيل أن لفظ الخصم قد يطلق ويراد به الواحد ، أو الاثنين ، أو الثلاثة ، وهذا هو ما عليه عامة العلماء .
قال الزجاج : ( قال تعالى : ¼ gطp±W<ض@ ... " ولفظه لفظ الواحد ، و¼ N ... èSOQWéTW©WTژ " لفظ الجماعة ؛ لأن قولك : خصم يصلح للواحد والاثنين والجماعة والذكر والأنثى ، يُقال : هذا خصم وهي خصم وهما خصم وهم خصم ، وإنما صلح لجميع ذلك ؛ لأنه مصدر ، تقول : خصمته أخصِمُه خَصماً ، المعنى : هما ذوا خصم ، وهم ذوو خصم ) (1) .
وقال الطبري : ( يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : وهل أتاك يا محمد خبر الخصم ، وقيل : عُنِي بالخصم في هذا الموضع ملكان ، وخرج في لفظ الواحد ؛ لأنه مصدر ، مثل الزَّوْر والسَّفْر (2) ، لا يثنى ولا يُجمع ) (3) .
وقال السمعاني : ( والخصم : اسم يقع على الواحد والاثنين والجماعة ، وقيل : معناه ذو خصم ، وذوا خصم ، وذوو خصم ، فعلى هذا يتناول الكل ) (4) .
وتتابع العلماء على هذا التفسير (5) .
قال ابن منظور : ( يكون الخصم للاثنين والجمع والمؤنث وفي التنزل العزيز : ¼ لِلَّهِ `شWهWè ًذHùWTژKV ... N ... SëW‰WTك gطp±W<ض@ ... <¢XM ... N ... èSOQWéTW©WTژ ً‡ ... W£T`™Yظ<ض@ ... (21) " [ص:21] جعله جمعاً لأنه سمي بالمصدر ) (6) .
__________
(1) معاني القرآن وإعرابه 4/ 325 .
(2) الزَّور : الذي يزورك ، ورجل زور ، وقوم زور ، وامرأة زور ، ونساء زور ، يكون للواحد والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد ؛ لأنه مصدر . والسَّفْر : الذي يسافر ، وقد يكون السَّفْر للواحد ، يقال : رجل سَفْر ، وقوم سفر . ينظر : لسان العرب 4/ 335 ، 367 .
(3) جامع البيان 20/ 52 .
(4) تفسير السمعاني 4/ 431 .
(5) ينظر : الكشاف 4/ 84 ، المحرر الوجيز 4/ 497 ، التفسير الكبير 26/ 170 ، الجامع لأحكام القرآن 15/ 165 .
(6) لسان العرب 12/ 180 .(1/407)
وعليه فلا ترجيح بهذا اللفظ بين من فسر الخصم باثنين ومن فسره بأكثر ، لدلالته عليهما ، وهذا من سعة العربية (1) .
قال الزمخشري : ( والخصم : الخصماء ، وهو يقع على الواحد والجمع ، كالضيف ، قال الله تعالى : ¼ ٌگےYںWڑ gب`~TW Wط~TYهHW£`TٹXM ... fûkYعW£<رSظ<ض@ ... (24) " [الذاريات:24] ؛ لأنه مصدر في أصله ، تقول : خَصَمَهُ خَصْماً ، كما تقول : ضافه ضيفاً ) (2) .
فإذا أردنا الترجيح في عدد الخصم فلا بد من البحث عن مرجح آخر ، وأكثر العلماء على أنهما ملكان اثنان .
قال النحاس : ( ولا اختلاف بين أهل التفسير أنه يراد به ههنا : ملكان ) (3) .
وقال ابن الجوزي : ( كانا ملكين ، وقيل: هما جبريل وميكائيل أتياه لينبهاه على التوبة ) (4) .
وقال ابن جزي : ( واتفق الناس على أن هؤلاء الخصم كانوا ملائكة ، وروي : أنهما جبريل وميكائيل بعثهما الله ليضرب بهما المثل لداود في نازلة وقع هو في مثلها ) (5) .
وبهذا يترجح أنهما اثنان واستخدام الجمع بعدها يجاب عنه من عدة جهات :
1- أنه نُقل الاتفاق على أن المراد مَلَكان ، فيصرف معنى الجمع إلى الاثنين .
2- وبالنظر إلى المعنى ، فإن الجمع ضم شيء إلى شيء ، وهو حاصل في الاثنين (6) .
3- وبالنظر إلى اللفظ ، فإنه جيء بالجمع لأن الاثنان سميا بالمصدر (7) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ †WعWè †WTقpTحTVصW ƒٍ:†TWظQW©ض@ ... ً³`OKKV‚ô@ ... Wè †WعWè †WظSنWTق`~TWTٹ &¾"Y¹HTWTٹ ًذYض.V¢ QSفVہ؛ WفےY،PVض@ ... &N ... èS£WةTVز bش`TےWéWTت WفےY،PVصPYض N ... èS£WةTVز WفYع XO†PVقض@ ... (27) " [ص:27] .
__________
(1) ينظر : معاني القرآن للفراء 2/ 390 ، المفردات ص 168 .
(2) الكشاف 4/ 84 .
(3) معاني القرآن 5/ 94 .
(4) زاد المسير 7/ 16 .
(5) التسهيل 2/ 250 .
(6) ينظر : زاد المسير 7/ 16 .
(7) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 15/ 165 ، لسان العرب 12/ 180 .(1/408)
وقال تعالى : ¼ `ySTچ`‰Y©W™WTتVK ... †WظPVTكKV ... َطRرHTTWTpقحVصW †_TT'W‰Wئ َطRرPVTكKV ... Wè †WTق`T~VضXM ... ‚Wپ WـéSإW-َ£TSTژ (115) " [المؤمنون:115] .
120/2- قال ابن عقيل : ( قال تعالى : ¼ &¾"Y¹HTWTٹ " ، وقال : ¼ †_TT'W‰Wئ " ، والعبث والباطل : ما خلا عن فائدة للفاعل أو لغيره اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
هنا فسر ابن عقيل العبث والباطل بما خلا عن الفائدة للفاعل أو لغيره ، وهو كما قال .
قال النحاس : ( أي : لما قالوا إنه لا حساب ولا جنة و لا نار ، قيل لهم هذا ) (2) .
ويؤيد هذا سياق الآية بعدها حيث قال سبحانه : ¼ ًذYض.V¢ QSفVہ؛ WفےY،PVض@ ... &N ... èS£WةTVز " الآية [ص:27] ، فجاءت بأسلوب التقريع لظن الكفار أن خلق السماوات والأرض بلا فائدة .
قال الراغب : ( ويقال لما ليس له غرض صحيح عبث ، قال تعالى : ¼ `ySTچ`‰Y©W™WTتVK ... †WظPVTكKV ... َطRرHTTWTpقحVصW †_TT'W‰Wئ " [المؤمنون:115] ) (3) .
وقال الزمخشري : ( باطلاً : خلقاً باطلاً لا لغرض صحيح وحكمة بالغة ، أو مبطلين عابثين ، كقوله تعالى : ¼ †WعWè †TWقpTحVصW g.WéHTWظQW©ض@ ... ً³`OKKV‚ô@ ... Wè †WعWè †WظSنWTق`~Wٹ WـkY‰YإHTVض (38) †Wع :†WظSنHTWTقpTحVصW ‚PVپMX ... QXجW™<ض@†Yٹ " [الدخان:38-39] ) (4) .
وقال القرطبي : ( أي : هزلاً ولعباً ، أي : ما خلقناهما إلا لأمر صحيح وهو الدلالة على قدرتنا ) (5) .
وقال السعدي : ( يخبر تعالى عن تمام حكمته في خلقه السماوات والأرض ، وأنه لم يخلقهما باطلاً أي : عبثاً ولعباً من غير فائدة ، ولا مصلحة ) (6) .
__________
(1) الفنون 1/ 271 .
(2) معاني القرآن 6/ 106 .
(3) المفردات ص 357 .
(4) الكشاف 4/ 91 .
(5) الجامع لأحكام القرآن 15/ 191 .
(6) تفسير السعدي 6/ 417 .(1/409)
ومن حِكَم خلق السماوات والأرض ما قاله ابن جزي : ( خلقهما الله بالحق للاعتبار بهما والاستدلال على خالقهما ¼ ًذYض.V¢ QSفVہ؛ WفےY،PVض@ ... &N ... èS£WةTVز " الآية [ص:27] المعنى : أن الكفار لما أنكروا الحشر والجزاء كانت خلقة السماوات والأرض عندهم باطلاً بغير الحكمة ؛ فإن الحكمة في ذلك إنما تظهر في الجزاء الأخروي ) (1) . والله أعلم .
سورة الزمر
قال تعالى : ¼ ًذPVTكMX ... tŒQYT~Wع طSنPVTكXM ... Wè WـéSچQYT~QWع (30) " [الزمر:30] .
121/1- قال ابن عقيل : ( المراد به : ستموت ويموتون اهـ ) (2) .
___________________________________
الدراسة :
أبان ابن عقيل أن معنى : ميت وميتون أي : ستموت ويموتون ، وهذا هو ما عليه أكثر العلماء (3) ؛ قالوا : لأن من لغة العرب إطلاق الشيء وإرادة ما يؤول إليه ، فالشيء إذا قرب من الشيء سمي باسمه .
قال السمرقندي : ( يعني : أنت ستموت وهم سيموتون ، ويقال : إنك ميت وإنهم ميتون يعني : إنك لميت لا محالة ، وإنهم لميتون لا محالة ، والشيء إذا قرب من الشيء سمي باسمه ؛ فالخلق كلهم إذا كانوا بقرب من الموت فكل واحد منهم يموت لا محالة فسماهم ميتين ) (4) .
ولأن كل ما هو كائن فهو قريب وكأنه قد كان .
قال الزمخشري : ( والمعنى في قوله : ¼ ًذPVTكMX ... tŒQYT~Wع طSنPVTكXM ... Wè WـéSچQYT~QWع (30) " [الزمر:30] ، إنك وإياهم وإن كنتم أحياء فأنتم في عداد الموتى ؛ لأن ما هو كائن فكأن قد كان ) (5) .
وقال الرازي : ( وقوله تعالى : ¼ ًذPVTكMX ... tŒQYT~Wع طSنPVTكXM ... Wè WـéSچQYT~QWع (30) " [الزمر:30] ، أي : إنك وإياهم وإن كنتم أحياء فإنك وإياهم في أعداد الموتى ؛ لأن كل ما هو آت آت ) (6) .
__________
(1) التسهيل 2/ 253 .
(2) الواضح 2/ 385 .
(3) ينظر : جامع البيان 20/ 200 ، تفسير السمعاني 4/ 468 ، المفردات ص 532 .
(4) تفسير السمرقندي 3/ 177 .
(5) الكشاف 4/ 129 .
(6) التفسير الكبير 26/ 242 .(1/410)
ولأن استعمال الاسم فيما يؤول إليه دليل على تحقق وقوعه وتأكده .
قال ابن كثير : ( ومعنى هذه الآية : ستنقلون من هذه الدار لا محالة ، وستجتمعون عند الله تعالى في الدار الآخرة ) (1) .
وإذا قيل : ما فائدة إخبارهم بهذا ؟ .
فإن القرطبي أجاب بقوله : ( فاحتمل خمسة أوجه :
أحدها / أن يكون ذلك تحذيراً من الآخرة .
الثاني / أن يذكره حثاً على العمل .
الثالث / أن يذكره توطئة للموت .
الرابع / لئلا يختلفوا في موته كما اختلفت الأمم في غيره ، حتى أن عمر - رضي الله عنه - لما أنكر موته احتج أبو بكر - رضي الله عنه - بهذه الآية فأمسك .
الخامس / ليعلمه أن الله تعالى قد سوى فيه بين خلقه مع تفاضلهم في غيره ؛ لتكثر فيه السلوة ، وتقل فيه الحسرة ) (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ ـKV ... WسéSحWTژ t¨pTةTWك uّWTژW£`©W™HTWTے uّVصWئ †Wع ٌŒ؛QW£WTت ء gˆ?قW- JًY/@ ... ـMX ... Wè ٌŒقRز WفYظVض WفےX£YHTTQW©ض@ ... (56) " [الزمر:56] .
122/2- قال ابن عقيل : ( قوله تعالى : ¼ ء gˆ?قW- JًY/@ ... " يعني : في حق الله اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
في قول الله تعالى : ¼ ء gˆ?قW- JًY/@ ... " [الزمر:56] ، خمسة أقوال :
القول الأول : في ذات الله . قاله أبو عبيدة (4) ، والسمعاني (5) ، وهذا قول مردود ؛ لأن ذات الله لا يقع فيها تفريط من العباد البتة (6) .
القول الثاني : في حق الله . قاله ابن عقيل ، وهو قول سعيد بن جبير (7) ، واختيار ابن الجوزي (8) .
__________
(1) تفسير ابن كثير 7/ 3037 .
(2) تفسير القرطبي 15/ 254 .
(3) الواضح 2/ 381 .
(4) ينظر : تفسير السمرقندي 3/ 183 .
(5) تفسير السمعاني 4/ 477 ، وينظر : تفسير غريب القرآن للسجستاني ص 141 .
(6) ينظر : البرهان للزركشي 2/ 84 .
(7) معالم التنزيل 4/ 74 ، زاد المسير 7/ 60 .
(8) تذكرة الأريب 2/ 127 .(1/411)
القول الثالث : في أمر الله . قاله مجاهد (1) ، والزجاج (2) ، والأصفهاني (3) .
القول الرابع : في طاعة الله . قاله الحسن (4) ، والنحاس (5) .
القول الخامس : في ذكر الله . قاله مقاتل (6) ، والضحاك (7) .
والذي أختاره أن المعاني الأربعة الأخيرة كلها صحيحة ، فتفسير السلف للتفريط في جنب الله بهذه المعاني من باب ذكر المثال على نوع من أنواع التفريط (8) .
قال الطبري في معنى الآية : ( على ما ضيعت من العمل بما أمرني الله به ، وقصرت في الدنيا في طاعة الله ، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ) (9) ، ثم ذكر روايات السلف .
وقال الزجاج : ( معناه : على ما فرطت في الطريق الذي هو طريق الله الذي دعاني إليه ، وهو توحيد الله ، والإقرار بنبوة رسوله وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - ) (10) .
وقال النحاس : ( المعنى : في جنب أمر الله ، على التمثيل ، أي : على الطريق الذي يؤدي إلى الحق ، وهو الإيمان ) (11) .
وقال ابن عطية : ( وقوله تعالى : ¼ ء gˆ?قW- JًY/@ ... " [الزمر:56] معناه : في مقاصدي إلى الله وفي جهة طاعته ، أي : في تضييع شريعته والإيمان به ، والجنب يعبر به عن هذا ونحوه ) (12) .
__________
(1) ينظر : معاني القرآن للنحاس 6/ 186 .
(2) معاني القرآن وإعرابه 4/ 359 .
(3) المفردات ص 112 .
(4) ينظر : تفسير السمرقندي 3/ 183 .
(5) معاني القرآن 6/ 186 ، وينظر : الوجيز 2/ 937 ، البرهان للزركشي 2/ 84 .
(6) تفسير السمرقندي 3/ 183 .
(7) زاد المسير 7/ 60 .
(8) ينظر : تفسير ابن كثير 7/ 3049 ، تفسير النسفي 3/ 63 .
(9) جامع البيان 20/ 234 .
(10) معاني القرآن وإعرابه 4/ 359 .
(11) معاني القرآن 6/ 186 .
(12) المحرر الوجيز 4/ 538 .(1/412)
أما القول الأول : فلا يستقيم مع سياق الآية كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه على مذاهب نفاة الصفات ومثبتيها حيث قال : ( .. بل لما رأوا بعض النصوص تدل على الصفة ، جعلوا كل آية فيها ما يتوهمون أنه يُضاف إلى الله تعالى - إضافة صفة - من آيات الصفات ، كقوله تعالى : ¼ ٌŒ؛QW£WTت ء gˆ?قW- JًY/@ ... " [الزمر:56] ، وهذا يقع فيه طوائف من المثبتة والنفاة ، وهذا من أكبر الغلط ، فإن الدلالة في كل موضع بحسب سياقه ، وما يحف به من القرائن اللفظية والحالية ) (1) . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ Wج~YھWè WفےY،PVض@ ... vN ... èS£WةW{ uّVضXM ... WطPVقWنW- $ ... [£WعS¦ uvّPVچWڑ ... V¢XM ... †WهèSٍ:†W- pŒW™YچSTت †WنSTٹ.Wé`TٹKV ... Wس†WTخWè `طSنVض :†WنSچWTكW¥W `طVضKV ... `طRرYژK<†WTے bشSھSO `طRرقYQع WـéSTص`چWTے `طRر`~VصWئ gŒHTWTے ... ƒٍ `طRرTQYTٹWO `طRرWTكèSOY،قSTےWè ƒٍ:†WحYض `طRرYع`éWTے & ... W،HTWه N ... éRض†WTخ uّVصWTٹ َفYرHTVضWè pŒPVحWڑ SàWظYصW{ g‡ ... W،Wإ<ض@ ... ّVصWئ WفےX£YةHTVر<ض@ ... (71) " [الزمر:71] .
123/3- قال ابن عقيل : ( وحقَّ بمعنى : وجب ، من قوله سبحانه : ¼ َفYرHTVضWè pŒPVحWڑ SàWظYصW{ g‡ ... W،Wإ<ض@ ... ّVصWئ WفےX£YةHTVر<ض@ ... (71) " [الزمر:71] ، ¼ َفWظWTتKV ... VPجWڑ Yم`~VصWئ SàWظYصW{ g‡ ... W،Wإ<ض@ ... ًŒكVK†WTتVK ... S،YحقSTژ فWع ء XO†PVقض@ ... (19) " [الزمر:19] وجب ووجبت اهـ ) (2) .
___________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل : [الحق] في هذين الموضعين بمعنى الوجوب ، وهو كما قال ، فلم أقف على من فسرها بغير هذا المعنى .
قال الطبري : ( ¼ َفWظWTتKV ... VPجWڑ Yم`~VصWئ SàWظYصW{ g‡ ... W،Wإ<ض@ ... " [الزمر:19] : أفمن وجب عليه كلمة العذاب ) (3) .
__________
(1) مجموع الفتاوى 6/ 14 .
(2) الواضح 1/ 207 .
(3) جامع البيان 20/ 186 .(1/413)
وقال أيضاً : ( ¼ َفYرHTVضWè pŒPVحWڑ SàWظYصW{ g‡ ... W،Wإ<ض@ ... ّVصWئ WفےX£YةHTVر<ض@ ... " [الزمر:71] : يقول قالوا : ولكن وجبت كلمة الله ) (1) .
وقال السمرقندي : ( قوله عز وجل : ¼ َفWظWTتKV ... VPجWڑ Yم`~VصWئ SàWظYصW{ g‡ ... W،Wإ<ض@ ... " [الزمر:19] يعني : وجب له العذاب ) (2) .
وقال أيضاً : ( ¼ َفYرHTVضWè pŒPVحWڑ SàWظYصW{ g‡ ... W،Wإ<ض@ ... ّVصWئ WفےX£YةHTVر<ض@ ... " [الزمر:71] أي : وجبت كلمة العذاب ) (3) .
وقال السمعاني : ( ومعنى حقت : وجبت ) (4) .
وهكذا قال من بعدهم من المفسرين وغيرهم (5) .
فإن قيل : فما السر في اختيار [حق] بدل [وجب] ؟ .
فالجواب من وجوه منها : أن معنى [حقَّ] : تحقق حصوله في الواقع ، فكلمة العذاب حق وصدق لا كذب (6) ، وفي [حق] الدلالة على الثبوت واليقين بلا شك (7) ، وفيها معنى الاستحقاق والإحكام والعدل بلا ظلم ، فكلمة [حق] جمعت هذه المعاني أكثر من غيرها . والله تعالى أعلم .
سورة فصلت
قال تعالى : ¼ `شSTخ :†WظPVTكXM ... h†WTكKV ... c£TWWTٹ `yRرSTصpTT'QYع uvّWڑéSTے JًّVضXM ... :†WظPVTكKV ... `yRرSنHTVضXM ... bمHTVضXM ... bںYڑ.Wè vN ... éSظ~YحWTچ`ھ@†WTت Yم`~VضMX ... S%âèS£YةpTçإWTچpTھ@ ... Wè bش`TےWèWè WـkY{X£pTSظ<صYPض (6) ًفTےY،PVض@ ... ‚Wپ WـéSTژ`ëSTے WلléTW{QW¥ض@ ... طSهWè YلW£Y‚پ@†YTٹ َطSه WـèS£YةHTTًز (7) " [فصلت:6-7] .
__________
(1) المرجع السابق 20/ 264 .
(2) تفسير السمرقندي 3/ 173 .
(3) المرجع السابق 3/ 187 .
(4) تفسير السمعاني 4/ 483 .
(5) ينظر : معالم التنزيل 4/ 77 ، الكشاف 4/ 149 ، تفسير النسفي 4/ 54 ، 67 ، لسان العرب 10/ 49 ، روح المعاني 24/ 32 ، تفسير السعدي 6/ 460 ، 497 .
(6) ينظر : التحرير والتنوير 23/ 369 .
(7) ينظر : لسان العرب 10/ 49 .(1/414)
124/1- قال ابن عقيل : ( فتواعدهم على الكفر وترك الزكاة وجحد البعث ، ولا يتواعد إلا على فعل محظور أو ترك واجب ، فكان الظاهر مقابلة الوعيد لجميع ما عدد من الجرائم اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
في كلام ابن عقيل مسألتان :
المسألة الأولى :
استدل ابن عقيل بهذه الآية على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ؛ لأن الله توعدهم بالعذاب على الشرك وترك الزكاة وإنكار البعث ، وتركُ الزكاة من فروع الشريعة .
وقد سبق الإشارة إلى خلاف العلماء في هذه المسألة عند قوله تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè ‚Wپ WـéSئ`ںWTے WؤWع JًY/@ ... †_نHTVضXM ... W£W ... ƒٍ ‚WپWè WـéRصTSچpTحWTے W¨TpTةQWTقض@ ... ّYچPVض@ ... W×QW£Wڑ JًS/@ ... ‚PVپMX ... XJجW™<ض@†YTٹ ‚WپWè &fûéSTكَ¥WTے فWعWè `شWإpTةWTے WذYض.V¢ Wج<صWTے †_ع†WT'VK ... (68) pبWإHTWµSTے SمVTض ٌ‡ ... ً،Wإ<ض@ ... W×َéWTے YàWظHTW~Yح<ض@ ... pںTRص`mïmًWè -Yم~YTت †[Tك†fTTنTSع (69) " [الفرقان:68-69] (2) .
قال السمعاني : ( وقوله : ¼ bش`TےWèWè WـkY{X£pTSظ<صYPض (6) ًفTےY،PVض@ ... ‚Wپ WـéSTژ`ëSTے WلléTW{QW¥ض@ ... " ، أي : لا يرون الزكاة واجبة عليهم كما يراه المسلمون ، ويقال معنى الإيتاء هو على ظاهره والكافر يعاقب في الآخرة بترك إيتاء الزكاة لأنهم مخاطبون بالشرائع ، ذكره جماعة من أهل العلم ) (3) .
وقال القرطبي : ( وفيه دلالة على أن الكافر يعذب بكفره ، مع منع وجوب الزكاة عليه ) (4) .
المسألة الثانية :
فسر ابن عقيل الزكاة بزكاة المال وهذا هو الظاهر عند كثير من المفسرين (5) .
__________
(1) الواضح 3/ 134 .
(2) ينظر : ص 419 .
(3) تفسير السمعاني5/ 37 .
(4) الجامع لأحكام القرآن 15/ 340 .
(5) ينظر : جامع البيان 20/ 380 ، تفسير السمرقندي 3 / 208 ، تفسير السمعاني 5 / 37 ، الجامع لأحكام القرآن 15/ 340 ، تفسير ابن كثير 7/ 3094 .(1/415)
وذهب جماعة إلى أن معنى الزكاة في هذه الآية : أنهم لا يفعلون ما يصيرون به أزكياء .
قال ابن عطية : ( قال ابن عباس والجمهور : الزكاة في هذه الآية ، لا إله إلا الله التوحيد ، كما قال موسى لفرعون : ¼ شWه ًذVPض uvّVضXM ... ـKV ... uّPV{W¥WTژ (18) " [النازعات:18] ، ويرجح هذا التأويل : أن الآية من أول المكي وزكاة المال إنما نزلت بالمدينة ، وإنما هذه زكاة القلب والبدن ، أي : تطهيره من الشرك والمعاصي ) (1) .
وقد أزال هذا الإشكال وجمع بين القولين ابن كثير حيث قال : ( لا يبعد أن يكون أصل الصدقة والزكاة كان مأموراً به في ابتداء البعثة ، كقوله تبارك وتعالى : ¼ N ... éSTژ ... ƒٍWè ISمPVحWڑ WzَéTWTے -YâY †fTTTT±Wڑ " [الأنعام:141] ، فأما الزكاة ذات النصب والمقادير فإنما بُين أمرها بالمدينة ، ويكون هذا جمعاً بين القولين ، كما أن أصل الصلاة كان واجباً قبل طلوع الشمس وقبل غروبها في ابتداء البعثة فلما كان ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ونصف فرض الله تعالى على رسوله - صلى الله عليه وسلم - الصلوات الخمس وفصل شروطها وأركانها وما يتعلق بها بعد ذلك شيئاً فشيئاً ، والله أعلم ) (2) .
وبهذا نصل إلى أن قول ابن عقيل هو الصحيح وأن هذه الآية صالحة لما استدل بها له .
__________
(1) المحرر الوجيز 5/ 5 .
(2) تفسير ابن كثير 7/ 3094 .(1/416)
كما قال الطبري : ( والصواب من القول في ذلك ما قاله الذين قالوا : معناه : لا يؤدون زكاة أموالهم ، وذلك أن ذلك هو الأشهر من معنى الزكاة ، وإن في قوله : ¼ طSهWè YلW£Y‚پ@†YTٹ َطSه WـèS£YةHTTًز (7) " [فصلت:7] دليلاً على أن ذلك كذلك ؛ لأن الكفار الذين عنوا بهذه الآية كانوا لا يشهدون أن لا إله إلا الله ، فلو كان قوله : ¼ ًفTےY،PVض@ ... ‚Wپ WـéSTژ`ëSTے WلléTW{QW¥ض@ ... " [فصلت:7] مراداً بها الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله ، لم يكن لقوله : ¼ طSهWè YلW£Y‚پ@†YTٹ َطSه WـèS£YةHTTًز (7) " [فصلت:7] معنى ؛ لأنه معلوم أن من لا يشهد أن لا إله إلا الله لا يؤمن بالآخرة ، وفي إتباع الله قوله : ¼ طSهWè YلW£Y‚پ@†YTٹ َطSه WـèS£YةHTTًز (7) " [فصلت:7] قوله : ¼ ًفTےY،PVض@ ... ‚Wپ WـéSTژ`ëSTے WلléTW{QW¥ض@ ... " [فصلت:7] ما ينبئ عن أن الزكاة في هذا الموضع معنيٌّ بها زكاة الأموال ) (1) . والله تعالى أعلم .
سورة الشورى
قال تعالى : ¼ S£Y؛†WTت g.WéHTWظQW©ض@ ... X&³`OKKV‚ô@ ... Wè ًشWإW- yRرVض َفYQع َطTRرY©SةكKV ... †_-.Wè`¦KV ... WفYعWè gyHTWTpإTكVK‚ô@ ... $†_-.Wè`¦KV ... َطTS{SêWO<،Wے &Yم~Yت ً¨`~TVض -YمYpص'YظVز c$ٍpّTW® WéSهWè Sؤ~YظQW©ض@ ... SOkY±W‰T<ض@ ... (11) " [الشورى:11] .
125/1- قال ابن عقيل : ( ¼ ً¨`~TVض -YمYpص'YظVز c$ٍpّTW® " [الشورى:11] الكاف زائدة ، والمراد به : ليس مثله شيء ، وإذا انحذفت الكاف ظهرت الحقيقة اهـ ) (2) .
126/2- ويقول في موضع آخر : ( ¼ ً¨`~TVض -YمYpص'YظVز c$ٍpّTW® " [الشورى:11] أزال الاشتباه من قوله : ¼ ُّYق`T~Wئ " [طه:39] و ¼ Jً$÷WںW~Yٹ " [ص:75] وأنها ليست جوارح ولا أبعاضاً اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
في كلام ابن عقيل مسألتان :
__________
(1) جامع البيان 20/ 380 .
(2) الواضح 2/ 385 .
(3) الواضح 4/ 6 .(1/417)
المسألة الأولى : اختلف العلماء في معنى الكاف في قوله تعالى : ¼ ً¨`~TVض -YمYpص'YظVز c$ٍpّTW® " [الشورى:11] على قولين :
القول الأول : أن الكاف صلة للتأكيد ، فالمراد : ليس مثله شيء ، وهو قول ابن عقيل ، وبه قال الزجاج (1) ، والنحاس (2) ، وغيرهم (3) .
القول الثاني : أن الكاف غير زائدة ، ثم اختلفوا على أقوال منها :
الأول : أن [مثل] هي الزائدة للتوكيد ، وبه قال الطبري (4) ، والبغوي (5) ، أي : ليس هو كشيء ، قالوا : وإنما زيدت [مثل] هنا لتفصل الكاف عن الضمير ؛ فإدخال الكاف على الضمير غير جائز (6) .
الثاني : أن [مثل] بمعنى الذات : أي : ليس كذاته شيء (7) ، من باب قولهم : مثلك لا يفعل كذا ، أي : أنت لا تفعله (8) .
الثالث : أن [مثل] بمعنى الصفة : أي : ليس كصفته شيء (9) . وعلى هذين القولين الأخيرين لا يكون في الكلام زيادة ، والإتيان بـ[مثل] للمبالغة في تأكيد النفي .
قال الراغب : ( وأما الجمع بين الكاف والمثل ، فقد قيل ذلك لتأكيد النفي ، تنبيهاً على أنه لا يصح استعمال المثل ولا الكاف ، فنفى بليس الأمرين جميعاً ) (10) .
والذي يترجح عندي هو القول الأول لعدة أمور :
__________
(1) معاني القرآن وإعرابه 4/ 395 .
(2) معاني القرآن 6/ 297 .
(3) ينظر : تفسير السمرقندي 3/ 226 ، المحرر الوجيز 5/ 28 .
(4) ينظر : جامع البيان 20/ 476 ، 13/ 553 .
(5) معالم التنزيل 4/ 108 .
(6) ينظر : الجنى الداني ص 89 ، مغني اللبيب ص 185 .
(7) تفسير غريب القرآن للسجستاني ص 144 .
(8) ينظر: مغني اللبيب ص 185، البرهان للزركشي 4/ 310 ، وقيل : إن هذه لغة تهامة ، ينظر : تفسير السمعاني 5/ 66 .
(9) ينظر : جامع البيان 13/ 552 وما بعدها ، مغني اللبيب ص 185 ، الكشاف 4/ 213 ، الجنى الداني ص 87 .
(10) المفردات ص 516 ، وينظر : شرح العقيدة الواسطية 1/ 124 .(1/418)
1- أن هذا هو قول أكثر العلماء ، وهو وجه معروف عند العرب لا يخفى عليهم إذا خوطبوا به ، وزيادة الكاف عندهم غير قليل (1) .
2- أن في القول بزيادتها السلامة من إثبات المثل لله ؛ لأن معنى الكاف : المثل (2) ، قال الزجاج : ( ولا يجوز أن يُقال : المعنى : مثل مثله شيء ؛ لأن من قال هذا فقد أثبت المثل لله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ) (3) .
3- أن في القول بزيادتها المبالغة وتوكيد نفي المثل ، وذلك من وجوه : أ/ أن زيادة الحرف بمنزلة إعادة الجملة ثانياً (4) ، فعلى هذا يكون المعنى : ليس مثله شيء ، ليس مثله شيء ، وهذا توكيد لفظي . ب/ أن عادة العرب عند المبالغة في التشبيه زيادة الكاف ، وهذا توكيد معنوي . قال ابن عطية : ( الكاف مؤكدة للتشبيه ، فبقي التشبيه أوكد ما يكون ، وذلك أنك تقول : زيد كعمرو ، وزيد مثل عمرو ، فإذا أردت المبالغة التامة ، قلت : زيد كمثل عمرو ) (5) .
4- أن القول بأن [مثل] هي الزائدة قول بعيد ؛ لأنها اسم ، والقول بزيادة الحرف للتأكيد أولى من القول بزيادة الاسم ، بل قال ابن هشام : ( زيادة الاسم لم تثبت ) (6) . وقال أبو حيان : ( وما ذهب إليه الطبري وغيره من أن [مثل] زائدة للتوكيد كالكاف ليس بجيد ؛ لأن [مثل] اسم ، والأسماء لا تزاد بخلاف الكاف فإنها حرف فتصلح للزيادة ) (7) .
__________
(1) ينظر : المحرر الوجيز 5/ 28 ، الجنى الداني ص 87 .
(2) ينظر : مغني اللبيب ص 185 .
(3) معاني القرآن وإعرابه 4/ 395 ، وينظر : تفسير السمعاني 5/ 66 ، الجنى الداني ص 87 .
(4) ينظر : الجنى الداني ص 87 ، البرهان للزركشي 4/ 310 .
(5) المحرر الوجيز 5/ 28 .
(6) مغني اللبيب ص 185 ، وينظر : الجنى الداني ص 89 ، شرح العقيدة الطحاوية 1/ 124 .
(7) البحر المحيط 7/ 510 .(1/419)
5- أن القول بعدم الزيادة في الآية أصلاً قول متوجه ، ولكن فيه تخصيص لعموم الآية ، فالمِثْل إذا فسر بالذات أو الصفة قصر على بعض معانيه ، والقول الأول أعم منهما ، وحمل الآية على العموم أولى ، لا سيما مع المرجحات السابقة . قال الراغب : ( والمثل أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة ... ولهذا لما أراد الله تعالى نفي التشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال : ¼ ً¨`~TVض -YمYpص'YظVز c$ٍpّTW® " [الشورى:11] ) (1) .
فاختيار لفظ المثل له معنى عام يُخَصَّص إذا فسر بالذات أو الصفة .
وقال ابن تيمية : ( اتفق جميع طوائف المسلمين وغيرهم على الرد على هؤلاء الملاحدة ، وبيان أنه ليس كل ما اتفق شيئان في شيء من الأشياء ، يجب أن يكون أحدهما مِثْلاً للآخر ، ولا يجوز أن يُنفى عن الخالق سبحانه كل ما يكون فيه موافقة لغيره في معنى ما ، فإنه يلزمه عدمه بالكلية ) (2) .
فالمراد بالآية أنه لا يشارك الله تعالى شيء من الأشياء فيما هو من خصائص الله ، وكل صفة من صفات الكمال فهو متصف بها على وجه لا يماثله فيها أحد (3) .
والقول بزيادة الكاف هو ما رجحه ابن عثيمين حيث قال : ( والراجح أن نقول : إن الكاف زائدة ) (4) .
المسألة الثانية :
__________
(1) المفردات ص 516 .
(2) درء تعارض النقل والعقل 5/ 327 ، وينظر : التدمرية مع التحفة ص 287 ، مجموع الفتاوى 3/ 69 .
(3) ينظر : التدمرية مع التحفة ص 288 .
(4) ينظر : محموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ابن عثيمين 8/ 171 .(1/420)
أشار ابن عقيل إلى أن قوله تعالى : ¼ ً¨`~TVض -YمYpص'YظVز c$ٍpّTW® " [الشورى:11] أزال الاشتباه الذي قد يحصل لبعض الناس في صفات الله تعالى التي أثبتها في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، فهي صفات حقيقية نثبتها لله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، ومن ذلك مثلاً العين في قوله تعالى : ¼ ُّYق`T~Wئ " [طه:39]، واليد في قوله تعالى : ¼ Jً$÷WںW~Yٹ " [ص:75] ، وهذا هو ما اتفق عليه أهل السنة ، فإن الله له صفات الكمال وليس كمثله شيء ، لا في ذاته ، ولا في صفاته ، ولا في أفعاله (1) .
قال ابن تيمية : ( واتفق سلف الأمة وأئمتها : أن الله ليس كمثله شيء ، لا في ذاته ، ولا في صفاته ، ولا في أفعاله ، وقال من قال من الأئمة : من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيهاً ) (2) .
__________
(1) ينظر : شرح العقيدة الطحاوية 1/ 57 ، فتح الباري 13/ 501 .
(2) مجموع الفتاوى 2/ 126 .(1/421)
ففي نفي المثلية لغيره مطلقاً ثم إثبات صفة السمع والبصر له سبحانه في نفس الآية دلالة واضحة على أن هذه الصفات ثابتة لله تعالى على ما يليق بعظمته وجلاله ، فالله سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال ، وليس له فيها شبيه ، فالمخلوق وإن كان يوصف بأنه سميع بصير ، فليس سمعه وبصره كسمع الرب وبصره ، ولا يلزم من إثبات الصفة تشبيه ، إذ صفات المخلوق كما يليق به ، وصفات الخالق كما يليق به ، ولا يمكن أن تصل عقول الخلق إلى كيفيتها , ثم إن في هذه الآية أيضاً الرد على الممثلة والمعطلة ، كما قال ابن تيمية : ( ومذهب السلف بين مذهبين ، وهدى بين ضلالتين ، إثبات الصفات ونفى مماثلة المخلوقات ، فقوله تعالى : ¼ ً¨`~TVض -YمYpص'YظVز c$ٍpّTW® " [الشورى:11] رد على أهل التشبيه والتمثيل ، وقوله : ¼ WéSهWè Sؤ~YظQW©ض@ ... SOkY±W‰T<ض@ ... " [الشورى:11] رد على أهل النفي والتعطيل ، فالممثل أعشى ، والمعطل أعمى ، الممثل يعبد صنماً ، والمعطل يعبد عدماً ) (1) .
تنبيه :
قول ابن عقيل: ( وأنها ليست جوارح ولا أبعاضاً ) هذه من الألفاظ المحدثة ، يستدل بها نفاة الصفات من الجهمية والمعتزلة ، فنفوا معنى الصفة عن الله تعالى بهذه الحجة ، وأما المفوضة (2) فأثبتوا معنىً مجهولاً ونفوا ما يُعلم من لفظه ، حيث يقولون : إن الصفات لا تقوم إلا بالأجسام ، والأجسام جوارح وأبعاض متماثلة ، فإثبات الصفات مستلزم للتجسيم والتشبيه ، والنصوص الواردة في الصفات مجهولة للخلق لا سبيل لمعرفة معانيها .
وكلامهم باطل من وجوه :
__________
(1) مجموع الفتاوى 5/ 196 ، وينظر : شرح العقيدة الطحاوية 1/ 118 .
(2) أهل التفويض : هم الذين يفوضون معاني النصوص الشرعية الثابتة التي تُعارض قواعدهم وعقائدهم ، ولا يستطيعون ردها ولا تأويلها ، مع اعتقادهم أن ظاهر النص غير مراد ، ينظر : الفرق بين الفرق ص 302 ، مجموع الفتاوى لابن تيمية 5/ 9 ، الموسوعة الميسرة 2/ 1015 .(1/422)
1- أن الصفات تقوم بالأجسام وغير الأجسام ، فيقال مثلاً : الليل طويل والنهار قصير والعكس وهما ليسا جسمين .
2- أنه لا بد من تحديد المراد بالجوارح والأبعاض ، فإنه في حق الله تعالى من الألفاظ البدعية التي لم ترد بنفي ولا إثبات ، فلا يصح إطلاقه نفياً ولا إثباتاً في حق الله تعالى ؛ لأن صفاته سبحانه توقيفية .
3- أن دعوى تماثل الأجسام دعوى باطلة ببداهة العقول ، فإن بين الأجسام من التغاير في الصفات ما هو معلوم بالضرورة (1) ، قال ابن تيمية : ( ولا ريب أن قولهم بتماثل الأجسام قول باطل ، سواء فسروا الجسم بما يشار إليه ، أو بالقائم بنفسه أو بالمركب أو بالهيولى والصورة ونحو ذلك .. ) (2) .
4- أنهم يدعون لله أوصافاً لا بد لهم من إثباتها كالوجود والحياة والقدرة ، وهذا تناقض يستلزم البطلان .
5- أن نفي الصفة إثبات لضدها ، قال ابن تيمية : ( وهذه الطريقة من أعظم الطرق في إثبات الصفات ، وكان السلف يحتجون بها ، ويثبتون أن من عبد إلهاً لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم فقد عبد رباً ناقصاً معيباً .. ) (3) .فهم يريدون بهذا النفي : الفرار من التشبيه ، فوقعوا في التعطيل ؛ لأن هذا هو التعطيل بعينه .
6- أن نصوص الصفات واضحة المعاني فهي بلسان عربي مبين ، والمجهول هو كيفياتها ؛ لأن من ذاته لا تشبه الذوات فصفاته لا تشبه الصفات .
7- أن هذا قياس عقلي ، وصفات الله تعالى ، لا مجال للعقل فيها . والله أعلم .
سورة الزخرف
قال تعالى : ¼ :†QWظVصWTت †WTكéSةWھ ... ƒٍ †WTق`ظWحWچك@ ... `ySن`قYع `طSنHTWTق<TخW£<çئKV†WTت fûkTYإWظ`-VK ... " [الزخرف:55] . ... ... ... ... ... ...
__________
(1) ينظر : مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات ص 490 .
(2) التدمرية مع التحفة المهدية ص 283 .
(3) درء تعارض العقل والنقل 2/ 240 .(1/423)
127/1- قال ابن عقيل في قوله تعالى : ( ¼ †WTكéSةWھ ... ƒٍ " ، يرجع إلى موسى بدليل قوله : ¼ †QWظVضWè WؤW-WO uvّWھéSع uّVضXM ... -YمYع`éWTخ WفHTW‰pµWTçئ †_TةYھKV ... " [الأعراف:150] اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل إلى أن الضمير يرجع إلى موسى واستدل بقوله تعالى : ¼ WفHTW‰pµWTçئ †_TةYھKV ... " [الأعراف:150] والمراد هنا موسى ، تنزيهاً لله من الأسف ؛ لأنه إنما يكون على شيء فائت ، والله سبحانه لا يفوته شيء (2) ، وهذا هو القول الأول .
والقول الثاني : أن الضمير يرجع إلى الله سبحانه ، وهو ما عليه أكثر المفسرين (3) ، وهو الذي يدل عليه سياق الآية حيث قال بعدها : ¼ †WTق`ظWحWچك@ ... `ySن`قYع " [الزخرف:55] وهذا إنما يكون من الله سبحانه .
وهذا هو الراجح بإذن الله ، ويجاب عما استدل به ابن عقيل بما يلي :
الأول : أن الترجيح بسياق الآية أقوى من كل مرجح وقد اعتمد هذه القاعدة أئمة التفسير وغيرهم (4) .
الثاني : نحن متفقون على تنزيه الله من النقص ؛ والأسف في اللغة له معنيان :
أحدهما : أنه يأتي بمعنى الحزن كما قال تعالى : ¼ Wس†WTخWè uّWةWھVK†;HTTWے uّVصWئ ًبSھéSے pŒJًµWT~`Tٹ@ ... Wè Sâ†WTق`~Wئ fغYع Xـ`¥S™<ض@ ... " [يوسف:84] وهذا المعنى ممتنع بالنسبة لله عز وجل (5) .
__________
(1) الواضح 2/ 381 .
(2) ينظر : تفسير السمعاني 5/ 110 .
(3) ينظر : جامع البيان 20/ 617 ، المحرر الوجيز 5/ 60 .
(4) قواعد الترجيح عند المفسرين 1/ 301 .
(5) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين 8/ 226 .(1/424)
وثانيهما : أنه بمعنى الغضب (1) ، وهو المراد في هذه الآية ، كما فسرها به عامة العلماء (2) .
قال الطبري : ( يعني بقوله : آسفونا : أغضبونا ، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ) (3) .
وقال ابن عطية : ( و ¼ †WTكéSةWھ ... ƒٍ " [الزخرف:55] معناه : أغضبونا بلا خلاف ) (4) .
وقال السمرقندي : ( قوله تعالى : ¼ :†QWظVصWTت †WTكéSةWھ ... ƒٍ †WTق`ظWحWچك@ ... `ySن`قYع " ، يعني : أغضبونا ، قال أهل اللغة : الأسف : الغضب ) (5) .
وبهذا التفسير لا نحتاج إلى تأويل الآية كما فعل بعضهم بقوله : فعلوا فعلاً لو فعلوه مع مخلوق لكان متأسفاً حزيناً (6) .
وقول بعضهم المراد : أغضبوا رسلنا وأولياءنا (7) ، فلا حاجة لهذا .
__________
(1) جامع البيان 20/ 617 ، التفسير الكبير 15/ 10 .
(2) ينظر : ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن ص 461، معاني القرآن للنحاس 6/ 372، الوجيز 2/ 976، المفردات ص 24 ، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 12/ 133 ، تفسير ابن كثير 7/ 3150 ، لسان العرب 9/ 5 ، وغيرهم ممن بعدهم .
(3) جامع البيان 20/ 617 .
(4) المحرر الوجيز 5/ 60 .
(5) تفسير السمرقندي 3/ 248 ، وينظر : معجم مقاييس اللغة 1/ 103 .
(6) ينظر : تفسير السمعاني 5/ 110 .
(7) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 16/ 102 .(1/425)
وصفة الغضب ثابتة لله تعالى كما أثبتها لنفسه سبحانه بقوله : ¼ فWعWè `شSچpTحWے †T_TقYpعëSع ... _ںQYظWإWTچQSع ISâSê: ... ƒ¥WToWTت ٌyPVقWنW- ... _ںYصHTWT †WTن~Yت ًˆYµWTçئWè JًS/@ ... Yم`~VصWئ ISمWقTWTإVضWè " [النساء:93] ، وقوله : ¼ ًذYض.V¢ ٌySنPVTكKV†Yٹ N ... éSإWT‰PVTژ@ ... :†Wع V¸W`ھVK ... JًW/@ ... N ... éSهX£W{Wè ISمTWTك.WépXO " [محمد:28] ، فهي عند أهل الحق صفة حقيقية لله عز وجل على ما يليق بجلاله سبحانه ولا تشبه ما يتصف به المخلوق من ذلك ، ولا يلزم منها ما يلزم في المخلوق ، قال ابن أبي العز : ( ومذهب السلف وسائر الأئمة إثبات صفة الغضب والرضى والعداوة والولاية والحب والبغض ونحو ذلك من الصفات التي ورد بها الكتاب والسنة ، ومنع التأويل الذي يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله تعالى ) (1) .
بل في قوله تعالى : ¼ :†QWظVصWTت †WTكéSةWھ ... ƒٍ †WTق`ظWحWچك@ ... `ySن`قYع " [الزخرف:55] رد على من فسر السخط والغضب بالانتقام فإنه نتيجة لهما كما أن الثواب نتيجة الرضى ، والعقل يدل على إثبات السخط والغضب ، فإن الانتقام من المجرمين وتعذيب الكافرين دليل على السخط والغضب ، وليس دليلاً على الرضى ولا على انتفاء الغضب والسخط (2) .
ويقال لمن تأول الغضب بإرادة الانتقام ، لم تأولت ذلك ؟ فلا بد أن يقول : إن الغضب غليان دم القلب وذلك لا يليق بالله تعالى ، فيقال له : غليان دم القلب في الآدمي أمر ينشأ عن صفة الغضب لا أنه الغضب ، ويقال له أيضاً : كذلك الإرادة والمشيئة فينا فهي ميل الحي إلى الشيء أو إلى ما يلائمه ويناسبه ؛ فإن الحي منا لا يريد إلا ما يجلب له منفعة أو يدفع عنه مضرة وهو محتاج إلى ما يريده ومفتقر إليه ويزداد بوجوده وينتقص بعدمه ، فالمعنى الذي صرفت إليه اللفظ كالمعنى الذي صرفته عنه سواء ، فإن جاز هذا جاز ذاك ، وإن امتنع هذا امتنع ذاك .
__________
(1) شرح العقيدة الطحاوية 2/ 685 .
(2) مجموع فتاوى ابن عثيمين بتصرف 8/ 225 .(1/426)
فإن قال : الإرادة التي يوصف الله بها مخالفة للإرادة التي يوصف بها العبد وإن كان كل منهما حقيقة ، قيل له : فقل إن الغضب الذي يوصف الله به مخالف لما يوصف به العبد وإن كان كل منهما حقيقة ، فإذا كان ما يقوله في الإرادة يمكن أن يقال في هذه الصفات لم يتعين التأويل بل يجب تركه ؛ لأنك تسلم من التناقض ، وتسلم أيضاً من تعطيل معنى أسماء الله تعالى وصفاته بلا موجب (1) . والله تعالى أعلم .
سورة الأحقاف
قال تعالى : ¼ :†WTقWع`éWحHTWTے N ... éS‰~Y-VK ... ƒّYئ ... W JًY/@ ... N ... éSقYع ... ƒٍWè -YمYTٹ َ£YةpTçإWTے طS|Vض فYQع `yRرYTٹéSTكS¢ طRزَ£goSےWè َفTPYع ]‡ ... W،Wئ xy~YضKV ... (31) " [الأحقاف:31] .
128/1- قال ابن عقيل : ( فليس غفرانه مقصوراً على التوبة ، فالطاعات مكفِّرة ، توبةً أو غيرَ توبة اهـ ) (2) .
___________________________________
الدراسة :
استدل ابن عقيل بالآية على أن الطاعات مكفرة للذنوب سواء كانت توبةً أو غيرها .
ووجه الاستدلال أن الله تعالى رتب المغفرة للذنوب على إجابة أمره والإيمان به ولم يقيد الغفران بالتوبة .
والنصوص الدالة على هذا صريحة صحيحة كثيرة ، منها :
حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنه توضأ لهم ثم قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ، وقال : " من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه ، غفر له ما تقدم من ذنبه " (3) .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمساً ، ما تقول ذلك يُبْقِي من دَرَنِه ؟ " قالوا لا يُبْقِي من دَرَنِه شيئاً ، قال : " فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا " (4) .
__________
(1) شرح العقيدة الطحاوية بتصرف 2/ 686 .
(2) الواضح 3/ 23 .
(3) سبق تخريجه ، ينظر : ص 316 .
(4) سبق تخريجه ، ينظر : ص 316 .(1/427)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " (1) .
وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر والنهي " (2) .
وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله " (3) .
ويتفرع على هذه المسألة مسألة : هل الحسنات والأعمال الصالحة تكفر الكبائر أم هي خاصة بالصغائر ؟ :
اختلف العلماء فيها على قولين :
القول الأول : أن الأعمال الصالحة لا تكفِّر سوى الصغائر ؛ قالوا لأن بعض الأحاديث قيدت باجتناب الكبائر ؛ فيحمل المطلق على المقيد ، كحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " (4) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الحج باب فضل الحج المبرور ( 1521 ) ، ومسلم في كتاب الحج باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة (1350) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة باب الصلاة كفارة (525) ، ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً وأنه يأرز بين المسجدين (144) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الصيام باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس (1162) .
(4) سبق تخريجه ، ينظر : ص 318 .(1/428)
وحديث عثمان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة ، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة ، وذلك الدهر كله " (1) ، قالوا : فالكبائر لا بد لها من التوبة ؛ لأن الله أمر العباد بالتوبة ، وجعل من لم يتب ظالماً ، واتفقت الأمة على أن التوبة فرض ، والفرائض لا تؤدى إلا بنية وقصد ، ولو كانت الكبائر مكفَّرة بالوضوء ، والصلاة ، وأداء بقية أركان الإسلام لم يحتج إلى التوبة ، وهذا باطل بالإجماع (2) ، وهذا قول الجمهور ، وصوبه ابن رجب (3) .
القول الثاني : أن الأعمال الصالحة تكفِّر الصغائر والكبائر جميعاً ، واستدلوا بما يلي :
قوله تعالى : ¼ ـMX ... N ... éSحPVچWTژ JًW/@ ... شWإmïmً`- `طRرVPض †_Tك†WTخَ£STت َ£YPةVرSےWè `طS|قWئ `yRرYژ†WLTTQX~Wھ َ£YةpTTçإWےWè %`طRرVض " [الأنفال:29] .
وقوله تعالى : ¼ فWعWè ?فYpعëSے YJً/@†Yٹ `شWظ`إWےWè †_™YصTHTW² َ£PYةVرSے SمTT`قWئ -YمYژ†WLTTTQY~Wھ Sم<صY`ںSےWè xŒHTTPVقW- ÷X£`يmً- فYع †WنYچيmً`ڑ S£HTWنpTTكVK‚ô@ ... fغTےYںYصHTWT :†Wن~Yت & ... _ںTWTٹKV ... " [التغابن:9] .
وقوله تعالى : ¼ فWعWè gجQWTچWTے JًW/@ ... َ£TPYةVرSTے SمT`قWئ -YمTYژ†WLTTQY~TWھ َطYہ¹`إSTےWè ,ISمVض ... Z£`-VK ... (5) " [الطلاق:5] . وغيرها كثير (4) .
قال ابن رجب مورِداً على هذه الآيات : ( لم يبين في هذه الآيات خصال التقوى ، ولا العمل الصالح ، ومن جملة ذلك : التوبة النصوح ، فمن لم يتب ، فهو ظالم ، غير متقٍ ) (5) .
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة باب فضل الوضوء والصلاة عقبه (228) .
(2) ينظر : جامع العلوم والحكم 1/ 425 .
(3) جامع العلوم والحكم 1/ 429 .
(4) وكذلك الأحاديث السابقة مما لم يقيد بالصغائر .
(5) جامع العلوم والحكم 1/ 430 .(1/429)
والقول بأن الأعمال الصالحة تكفر الصغائر والكبائر هو قول ابن حزم الظاهري ، ورجحه ابن تيمية ، وأجاب على من قيدها بالكبائر بخمسة وجوه حيث قال : ( أحدها : أن هذا الشرط - يعني ما اجتنبت الكبائر - جاء في الفرائض ، كالصلوات الخمس ، والجمعة ، وصيام شهر رمضان ، وذلك أن الله تعالى يقول : ¼ ـMX ... N ... éS‰YقTTWTچيm`ً- W£MXْ:†W‰W{ †Wع Wـ`éWن`TقSTژ SمTT`قWئ َ£PYةVرSTك `طRرقWئ `طRرYژ†LWTTQY~Wھ " [النساء:31] ، فالفرائض مع ترك الكبائر مقتضية لتكفير السيئات ، وأما الأعمال الزائدة من التطوعات فلا بد أن يكون لها ثواب آخر ؛ فإن الله سبحانه يقول : ¼ فWظWTت `شWظ`إWے Wس†WTح<'Yع ]لQWOV¢ ... _O`kTW ISâW£TWTے (7) فWعWè `شWظ`إWے Wس†WTح<'Yع xلQWOV¢ ... ^Q£W® ISâW£WTTے (8) " [الزلزلة:7-8] .
الثاني : أنه قد جاء التصريح في كثير من الأحاديث بأن المغفرة تكون مع الكبائر ، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " غفر له وإن كان فر من الزحف " (1) .
وفي الصحيحين من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - : " وإن زنى وإن سرق " (2) .
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في الاستغفار (1517) ، والترمذي في كتاب الدعوات باب في دعاء الضيف (3577) من حديث زيد بن حارثة - رضي الله عنه - ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/ 283 .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ومن كان آخر كلامه : لا إله إلا الله (1237) ، ومسلم في كتاب الإيمان باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار (94) .(1/430)
الثالث : أن قوله لأهل بدر ونحوهم : " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " (1) إن حُمل على الصغائر ، أو على المغفرة مع التوبة لم يكن فرق بينهم وبين غيرهم ، فكما لا يجوز حمل الحديث على الكفر ؛ لما قد عُلم أن الكفر لا يُغفر إلا بالتوبة لا يجوز حمله على الصغائر المكَفَّرة باجتناب الكبائر .
الرابع : أنه قد جاء في غير حديث أن أول ما يحاسب عليه العبد من عمله الصلاة ، فإن أكملها وإلا قيل : انظروا هل له من تطوع ، فإن كان له تطوع أكملت به الفريضة ، ومعلوم أن ذلك النقص المكمل لا يكون لترك مستحب ... ) إلى أن قال : ( الخامس : أن الله لم يجعل شيئاً يحبط جميع الحسنات إلا الكفر ، كما أنه لم يجعل شيئاً يحبط جميع السيئات إلا التوبة ... ) (2) .
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد وسير أعلام النبلاء باب الجاسوس (3007) ، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة - رضي الله عنهم - باب من فضائل أهل بدر - رضي الله عنهم - وقصة حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه - (2494) من حديث علي - رضي الله عنه - .
(2) ينظر : مجموع الفتاوى 7/ 489 وما بعدها .(1/431)
وبعد هذا يتبين لي قوة القولين ، لكن ما أجمل قول ابن رجب في الجمع بين القولين حيث قال : ( والأظهر والله أعلم في هذه المسألة أعني مسألة تكفير الكبائر بالأعمال : إن أريد أن الكبائر تمحى بمجرد الإتيان بالفرائض وتقع الكبائر مكفَّرة بذلك كما تكفر الصغائر باجتناب الكبائر فهذا باطل ، وإن أريد أنه قد يوازن يوم القيامة بين الكبائر وبين بعض الأعمال فتمحى الكبيرة بما يقابلها من العمل ويسقط العمل فلا يبقى له ثواب فهذا قد يقع ) إلى أن قال : ( وظاهر هذا أنه يقع المقاصة بين الحسنات والسيئات ثم يسقط الحسنات المقابلة للسيئات وينظر إلى ما يفضل منها بعد المقاصة وهذا يوافق قول من قال بأن من رجحت حسناته على سيئاته بحسنة واحدة أثيب بتلك الحسنة خاصة ، وتسقط باقي حسناته في مقابلة سيئاته ، خلافاً لمن قال : يثاب بالجميع وتسقط سيئاته كأنها لم تكن ، وهذا في الكبائر أما الصغائر فإنه قد تمحى بالأعمال الصالحة مع بقاء ثوابها ) (1) .
وقال الطبري في تفسير قوله تعالى : ¼ ـMX ... N ... éSحPVچWTژ JًW/@ ... شWإmïmً`- `طRرVPض †_Tك†WTخَ£STت َ£YPةVرSےWè `طS|قWئ `yRرYژ†WLTTQX~Wھ َ£YةpTTçإWےWè %`طRرVض " [الأنفال:29] : ( يمحو عنكم ما سلف من ذنوبكم بينكم وبينه ويغطيها فيسترها عليكم ، فلا يؤاخذكم بها ) (2) .
وقال ابن كثير عندها : ( فإن من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره ، وفِّق لمعرفة الحق من الباطل ، فكان ذلك سبب نصره ونجاته ومخرجه من أمور الدنيا ، وسعادته يوم القيامة . - وتكفيرُ ذنوبه وهو محوها ، وغفرُها : سترها - سبباً لنيل ثواب الله الجزيل .. ) (3) والله أعلم .
سورة الفتح
__________
(1) جامع العلوم والحكم 1/ 438 - 440 .
(2) جامع البيان 11/ 127 .
(3) تفسير ابن كثير 4/ 1571 .(1/432)
قال تعالى : ¼ `ںTWحVPض ًثWںW² JًS/@ ... SمVضéSھWO †WTے`ٍQS£ض@ ... Jg$جW™<ض@†Yٹ QWفSTصS`ںWTچVض WںYo`©Wظ<ض@ ... W× ... W£W™<ض@ ... ـMX ... ƒٍ:†W® JًS/@ ... fûkYقYع ... ƒٍ WـkYحPYصW™Sع َطRرWھèSٍSO WفےX£JY±WحSعWè ‚Wپ W$ـéSTت†WWTژ WطYصWإWTت َطVض†Wع N ... éSظVص`إWTژ WشWإWoWTت فYع XـèS ًذYض.V¢ †_T™`چWTت †[‰ےX£WTخ (27) " [الفتح:27] .
129/1- قال ابن عقيل : ( ¼ WـkYحPYصW™Sع َطRرWھèSٍSO WفےX£JY±WحSعWè " [الفتح:27] فكنى عن الحج بحلق الرأس فدل على وجوبه فيه ، والأصل في ذلك أن العرب لا تكني عن الشيء إلا بأخص الأشياء به تقول : عندي كذا وكذا رقبة ، وتحتي كذا وكذا فرج ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل " (1) ويقول القائل : لي كذا وكذا وقفة ، ويريدون حجة ، لما كان الوقوف بفواته فوات الحج ، ويدرك بإدراكه ، هذا دأبهم اهـ ) (2) .
___________________________________
الدراسة :
استنبط ابن عقيل من الآية قاعدة : وهي أن تسمية العبادة ببعض ما فيها يدل على وجوبه فيها ، والأصل فيها : أن العرب لا تكني عن الشيء إلا بأخص الأشياء به ، وهذا هو ما ذكره عامة العلماء ، وقد سبق مثل هذا المعنى في قوله تعالى : ¼ Wـ ... ƒٍَ£TSTخWè X$£`oWة<ض@ ... " [الإسراء:78] (3) ، فلما سمى الحاج بالمحلق أو المقصر دل على وجوب هذا النسك في الحج .
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد باب في السبق (2574) ، والترمذي في كتاب الجهاد باب ما جاء في الرهان والسبق (1699) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وقال هذا حديث حسن ، وصححه ابن حبان 10/ 544 (4690) .
(2) الواضح 3/ 213 .
(3) ينظر : ص 364 .(1/433)
قال الجصاص : ( المقصد إخبارهم بأنهم يدخلون المسجد الحرام آمنين متقربين بالإحرام , فلما ذكر معه الحلق والتقصير : دل على أنهما قربة في الإحرام , وأن الإحلال بهما يقع , لولا ذلك ما كان للذكر ههنا وجه .. وهذا أيضاً يدل على أنهما قربة ونسك عند الإحلال من الإحرام ) (1) .
وقال ابن قدامة في الاستدلال على وجوب الحلق أو التقصير : ( لأن الله تعالى وصفهم به , بقوله سبحانه : ¼ WـkYحPYصW™Sع َطRرWھèSٍSO WفےX£JY±WحSعWè " [الفتح:27] ولو لم يكن من المناسك لما وصفهم به ) (2) .
وقال ابن النجار : ( وإن كنى الشارع عن عبادة ببعض ما فيها ، نحو : التعبير عن الإحرام بالنسك بأخذ الشعر في قوله تعالى : ¼ WـkYحPYصW™Sع َطRرWھèSٍSO WفےX£JY±WحSعWè " [الفتح:27] دل على فرضية المكنى به عن تلك العبادة . فيدل قوله تعالى : ¼ WـkYحPYصW™Sع َطRرWھèSٍSO " على فرضية الحلق في الحج ؛ لأن العرب لا تكني عن الشيء إلا بالأخص به . وكذا قوله تعالى : ¼ َکPY‰WھWè Yں`ظW™Yٹ ًذYQTٹWO Wش`‰WTخ XأéRصR؛ X¨`ظPVض@ ... Wش`‰WTخWè Y‡èS£Sçإ<ض@ ... (39) " [ق:39] يدل على وجوب التسبيح في الصلاة . ذكره القاضي وابن عقيل ) (3) . والله تعالى أعلم .
سورة الحجرات
قال تعالى : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWے WفےY،PVض@ ... N ... éSقWع ... ƒٍ ‚Wپ N ... ;éSإWTتَ£WTژ `طRرWTژ.Wé`²VK ... ًث`éWTت g`éW² JgّY‰PVقض@ ... ‚WپWè N ... èS£Wن`يmً- ISمVض Xس`éWح<ض@†Yٹ X£`نWoVز `طS|Yµ`إWTٹ \´`إW‰Yض ـKV ... ً¸W‰`يmًڑ `طRرRصHTWظ`ئVK ... `ySچكKV ... Wè ‚Wپ WـèS£SإpTWTژ (2) " [الحجرات:2] .
130/1- قال ابن عقيل في قوله تعالى : ¼ ‚WپWè N ... èS£Wن`يmً- ISمVض Xس`éWح<ض@†Yٹ " [الحجرات:2]
( يعني : عليه بالقول اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) أحكام القرآن للجصاص 3/ 527 بتصرف ، وينظر : بدائع الصنائع 3/ 98 .
(2) المغني 5/ 305 .
(3) شرح الكوكب المنير 1/ 256 بتصرف .
(4) الواضح 1/ 120 .(1/434)
فسر ابن عقيل [اللام] في هذه الآية بـ[على] ، ففيه النهي عن رفع الصوت على النبي - صلى الله عليه وسلم - (1) ؛ لأن [على] تفيد الاستعلاء . وهو تفسير ابن قتيبة حيث قال : (¼ ‚WپWè N ... èS£Wن`يmً- ISمVض Xس`éWح<ض@†Yٹ " [الحجرات:2] أي : لا تجهروا عليه بالقول . والعرب تقول : سقط فلان لفيه ، أي على فيه ) (2) .
وقال أبو يعلى مثله (3) ، وأشار إليه القرطبي (4) ، وغيرهم (5) .
وأكثر العلماء لا يشيرون في تفاسيرهم إلى معنى اللام ، ولعل ذلك إبقاء لها على بابها ، وهو الأقرب عندي :
قال الطبري : ( ¼ ‚WپWè N ... èS£Wن`يmً- ISمVض Xس`éWح<ض@†Yٹ X£`نWoVز `طS|Yµ`إWTٹ \´`إW‰Yض " [الحجرات:2] يقول : ولا تنادوه كما ينادي بعضكم بعضاً باسمه ؛ يا محمد ؛ يا محمد ، ولكن قولاً ليناً وخطاباً حسناً ، بتعظيم له وتوقير وإجلال ؛ يا نبي الله ؛ يا رسول الله، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ) (6) .
وقال السمرقندي : ( ثم قال : ¼ ‚WپWè N ... èS£Wن`يmً- ISمVض Xس`éWح<ض@†Yٹ X£`نWoVز `طS|Yµ`إWTٹ \´`إW‰Yض " [الحجرات:2] يعني : لا تدعوه باسمه كما يدعو الرجل الرجل منكم باسمه ، ولكن عظموه ووقروه وقولوا : يا رسول الله ؛ يا نبي الله ) (7) .
وقال الواحدي : ( لاتنزلوه منزلة بعضكم من بعض ؛ فتقولوا : يا محمد ، ولكن خاطبوه بالنبوة والسكينة والإعظام ) (8) .
__________
(1) ينظر : زاد المسير 7/ 220 .
(2) تأويل مشكل القرآن ص 299 .
(3) العدة 1/ 210 .
(4) الجامع لأحكام القرآن 16/ 306 .
(5) ينظر : الجنى الداني ص 100 ، مغني اللبيب ص 215 .
(6) جامع البيان 21/ 338 .
(7) تفسير السمرقندي 3/ 307 .
(8) الوجيز 2/ 1016 .(1/435)
فقوله تعالى : ¼ ‚WپWè N ... èS£Wن`يmً- ISمVض Xس`éWح<ض@†Yٹ " [الحجرات:2] جاءت بعد جملة ¼ ‚Wپ N ... ;éSإWTتَ£WTژ `طRرWTژ.Wé`²VK ... ًث`éWTت g`éW² JgّY‰PVقض@ ... " [الحجرات:2] فالأولى أن لا تفسر [اللام] بـ[على] لئلا يكون معنى الجملتين واحداً .
وإذا كانت [اللام] على بابها أفادت الجملة الثانية زيادة على النهي عن رفع الصوت على النبي - صلى الله عليه وسلم - : النهي عن المساواة في الخطاب بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقرانكم ونظرائكم (1) ، وإذا دار الكلام بين التأسيس والتأكيد فحمله على التأسيس أولى (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ †WظPVكXM ... WـéSقYع`ëSظ<ض@ ... bلWépTTMX ... N ... éS™Yص`²VK†WTت Wـ`kTWTٹ &`yRر`TےWéWVK ... N ... éSحPVTژ@ ... Wè JًW/@ ... `yRرPVصWإVض WـéSًrَ£STژ (10) " [الحجرات:10] .
131/2- قال ابن عقيل : ( ¼ N ... éS™Yص`²VK†WTت Wـ`kTWTٹ &`yRر`TےWéWVK ... " [الحجرات:10] المراد به : بين كل اثنين من المؤمنين اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
قال ابن عقيل في معنى قوله تعالى : ¼ &`yRر`TےWéWVK ... " كل اثنين من المؤمنين ، بمعنى أن المراد : الجمع ، أي : بين كل أخوين .
وهو كما قال رحمه الله ؛ لأمور منها :
1- أنه قول عامة العلماء (4) .
قال الطبري : ( ومعنى الأخوين في هذا الموضع : كل مقتتلين من أهل الإيمان ، وبالتثنية قرأ ذلك قرأة الأمصار ) (5) .
وقال ابن كثير : ( وقوله تعالى : ¼ N ... éS™Yص`²VK†WTت Wـ`kTWTٹ &`yRر`TےWéWVK ... " [الحجرات:10] يعني : الفئتين المقتتلتين ) (6) .
__________
(1) ينظر : التفسير الكبير 28/ 98 ، روح المعاني 26/ 135 .
(2) ينظر : قواعد الترجيح عند المفسرين 2/ 473 .
(3) الواضح 3/ 430 .
(4) ينظر : تفسير السمعاني 5 / 221 ، الكشاف 4/ 369 ، الجامع لأحكام القرآن 16/ 323 ، تفسير ابن كثير 7/ 3269 .
(5) جامع البيان 21/ 363 .
(6) تفسير ابن كثير 7/ 3269 .(1/436)
2- القراءات الواردة في هذه الكلمة : حيث قرأ ابن عامر : ( بين إخوتكم ) (1) ، قال الفراء : ( ولو قيل ذلك كان صواباً ) (2) أي : لو قيل إخوتكم مكان أخويكم لكان صواباً ؛ لأنهما بمعنى واحد .
ورُوي عن ابن سيرين (3) أنه قرأها : ( بين إخوانكم ) (4) ولكنها شاذة (5) ، قال الطبري : ( وذلك من جهة العربية صحيح غير أنه خلاف لما عليه قرأة الأمصار ، فلا أحب القراءة بها ) (6) .
3- سياق الآية مع ما قبلها .
حيث أن هذه الآية بعد قوله تعالى : ¼ ـMX ... Wè Xـ†WچWةMXْ:†ً؛ WفYع WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... N ... éSTصWچTTWچ<خ@ ... N ... éS™Yص`²VK†WTت $†WظSنWTق`~WTٹ " الآية [الحجرات:9] ؛ فدل على أن المراد الجمع لا التثنية .
فإن قيل : لم خُص الاثنان بالذكر دون الجمع ؟ .
فالجواب :
أ/ أن يقال : لأن الاثنين أقل ما يقع بينهم الخلاف والشقاق ؛ فإذا وجب الإصلاح بين الأقل كانت بين الأكثر من باب أولى ، لأن الفساد في شقاق الأكثر أكبر منه في شقاق الاثنين (7) .
__________
(1) ينظر : السبعة لابن مجاهد ص 606 .
(2) معاني القرآن 3/ 71 ، وينظر : الحجة في القراءات السبع لابن خالويه ص330 .
(3) هو أبو بكر محمد بن سيرين الأنصاري الأنَسي البصري ، مولى أنس بن مالك ، مات سنة 110هـ ، له ترجمة في : سير أعلام النبلاء 4/ 606 ، شذرات الذهب 1/ 138 .
(4) ينظر : جامع البيان 21/ 363 ، تفسير السمرقندي 3/ 310 .
(5) ينظر : مختصر في شواذ القراءات لابن خالويه ص 144 .
(6) جامع البيان 21/ 363 .
(7) ينظر : تفسير السمعاني 5/ 221 ، الكشاف 4/ 369 ، التفسير الكبير 28/ 111 .(1/437)
ب/ أن يقال : إن المراد بالأخوين : هم الأوس والخزرج (1) ، كما ذكر ذلك بعض العلماء استناداً إلى سبب نزول الآية قبلها ، قال أنس - رضي الله عنه - : ( فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنه نزلت فيهم : ¼ ـMX ... Wè Xـ†WچWةMXْ:†ً؛ WفYع WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... N ... éSTصWچTTWچ<خ@ ... N ... éS™Yص`²VK†WTت $†WظSنWTق`~WTٹ " [الحجرات:9] ) (2) . ويعود ضمير ¼ N ... éSTصWچTTWچ<خ@ ... " على ¼ Xـ†WچWةMXْ:†ً؛ " باعتبار المعنى ؛ لأن لفظ الطائفة يدل على الجماعة (3) . والله أعلم .
سورة الطور
قال تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè N ... éSقWع ... ƒٍ `طSن`چTWإWT‰PVTژ@ ... Wè طSنSTچQWTTےQXOS¢ \فHTWظےXM†Yٹ †WقpTحW™<ضKV ... `طXنYٹ `طSنWTچQWTTےQXOR¢ :†WعWè طSنHTWTق`چVضVK ... َفQYع yXنYصWظWئ فYQع xٍp&ّW® QSشRز >XM÷X£`ع@ ... †WظYTٹ ًˆW©W{ cـkYهWO (21) " [الطور:21] .
132/1- قال ابن عقيل : ( قوله تعالى : ¼ :†WعWè طSنHTWTق`چVضVK ... " يعني : ما نقصناهم اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
بين ابن عقيل أن معنى قوله تعالى : ¼ طSنHTWTق`چVضVK ... " نقصناهم ، وهو قول عامة العلماء .
قال الطبري : ( يعنى بقوله : ¼ :†WعWè طSنHTWTق`چVضVK ... " : وما نقصناهم من أجور أعمالهم شيئاً ) إلى أن قال : ( وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ) (5) .
__________
(1) ينظر : الكشاف 4/ 369 ، زاد المسير 7/ 224 ، تفسير البيضاوي 5/ 216 .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح باب ما جاء في الإصلاح بين الناس (2691) ، ومسلم في كتاب الجهاد باب في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وصبره على أذى المنافقين (1799) ، والواحدي في أسباب النزول ص 329 .
(3) ينظر : التحرير والتنوير 26/ 239 .
(4) التذكرة : 351 .
(5) جامع البيان 21/ 584 .(1/438)
وقال ابن فارس : ( الهمزة واللام والتاء كلمة واحدة تدل على النقصان ، يقال : أَلَتَهُ ، يأْلِتُهُ ، أي نقصه ) (1) .
وقال السمرقندي : ( يعني ما نقصناهم ) (2) .
ومثله قال الواحدي (3) ، والسمعاني (4) ، والراغب (5) ، وابن الجوزي (6) ، وغيرهم (7) . والله أعلم .
سورة الرحمن
قال تعالى : ¼ x،MXùWعَéTW~WTت ‚PVپ SشWLTTp©TSے فWئ ,-YمY‰?TكV¢ t¨كXM ... ‚WپWè Qbـ:†fTT- " [الرحمن:39] .
133/1- قال ابن عقيل : ( قوله تعالى : ¼ x،MXùWعَéTW~WTت ‚PVپ SشWLTTp©TSے فWئ ,-YمY‰?TكV¢ t¨كXM ... ‚WپWè Qbـ:†fTT- (39) " يُحْمل على مقام ، وقوله : ¼ ًذYQTٹWOWéWTت `ySنPVTقVصWLTTpT©WTقVض WـkTTYإWظ`-VK ... (92) " [الحجر:92] يُحْمل على مقام آخر اهـ ) (8) .
___________________________________
الدراسة :
ظاهر هاتين الآيتين التعارض ، قال الشنقيطي : ( وهنا إشكال معروف ) (9) .
ففي الآية الأولى : نفي السؤال يوم القيامة ، ومثلها قوله تعالى : ¼ ‚WپWè SشWLTTpT©STے فWئ SطXنYTٹéSكS¢ fûéSعX£`oSظ<ض@ ... (78) " [القصص:78] .
وفي الآية الثانية : إثبات سؤال الجميع يوم القيامة ، ومثلها قوله تعالى : ¼ QWفVصLWTTpT©WقVصWTت fغTےY،PVض@ ... ًشYھ`OKR ... `yXن`~VضXM ... UfغVصLWTTَ©WقVضWè WـkYصWھَ£Sظ<ض@ ... (6) " [الأعراف:6] .
__________
(1) معجم مقاييس اللغة 1/ 130 .
(2) تفسير السمرقندي 3/ 334 .
(3) الوجيز 2/ 1034 .
(4) تفسير السمعاني 5/ 274 .
(5) المفردات ص 512 .
(6) زاد المسير 7/ 265 .
(7) ينظر : المحرر الوجيز 5/ 189 ، الجامع لأحكام القرآن 17/ 67 ، تفسير ابن كثير 7/ 3316 ، لسان العرب 2/ 4 .
(8) الواضح 1/ 171 ، 3/ 456 .
(9) أضواء البيان 1/ 408 .(1/439)
ذكر ابن عقيل أحد أوجه الجمع بينها وهو : أن يحمل السؤال المنفي على مقام ، ويحمل السؤال المثبت على مقام آخر (1) ، رواه عكرمة عن ابن عباس (2) ، وهو قول عكرمة (3) ، وقتادة (4) .
الوجه الثاني : أن يحمل السؤال المثبت على السؤال عن شهادة أن لا إله إلا الله (5) ؛ لما روى أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في قوله تعالى : ¼ ًذYQTٹWOWéWTت `ySنPVTقVصWLTTpT©WTقVض WـkTTYإWظ`-VK ... " [الحجر:92] قال : " عن لا إله إلا الله " (6) ، والسؤال المنفي عما عدا ذلك مما يستلزمه الإقرار بالنبوات من شرائع الدين وفروعه (7) ، ويدل له قوله تعالى : ¼ W×َéWTےWè َطXنےY †WقSTے SسéSحW~WTت : ... W¢†Wع ٌySTچ`‰W-VK ... WـkYصWھَ£Sظ<ض@ ... (65) " [القصص:65] (8) .
الوجه الثالث : أن السؤال المنفي سؤال بعضهم بعضاً ؛ لاشتغال كل واحد منهم بنفسه ، روي هذا عن ابن عباس (9) ، والسؤال المثبت هو سؤال الله تعالى للجميع ، ويدل له قوله جل وعلا : ¼ W×َéWTےWè َطXنےY †WقSTے SسéSحW~WTت : ... W¢†Wع ٌySTچ`‰W-VK ... WـkYصWھَ£Sظ<ض@ ... (65) pŒW~YظWإWTت SطXن`~VصWئ Sٍ:†WT‰?TكKKV‚ô@ ... x،MXùWعَéWTے َطSنWTت ‚Wپ fûéRضƒٍ:†W©WچWTے (66) " [القصص:65-66] .
__________
(1) ينظر هذا القول في : أحكام القرآن للجصاص 3 / 553 ، المحرر الوجيز 5 / 232 ، الجامع لأحكام القرآن 10/ 61 ، الدر المنثور 8/ 387 ، دفع إيهام الاضطراب ص 107 .
(2) زاد المسير 4/ 319 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 17/ 174 .
(4) المحرر الوجيز 5/ 232 .
(5) ينظر : جامع البيان 22/ 140 .
(6) أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة الحجر (3126) وقال : هذا حديث غريب ، وضعف إسناده الألباني في ضعيف سنن الترمذي ص 388 .
(7) ينظر : البرهان للزركشي 2/ 55 .
(8) ينظر : دفع إيهام الإضطراب ص 107 .
(9) ينظر : زاد المسير 7/ 313 .(1/440)
الوجه الرابع : أن السؤال المنفي هو سؤال الكافر ؛ لأنه قد عُرِف بعلامته وسيماه (1) ، ويدل له قوله تعالى في الآية التي بعدها : ¼ ٌاW£T`إSے WـéSعX£`oSظ<ض@ ... َطSنHTWظ~Y©Yٹ S،W`ëS~WTت ّY².WéTPVقض@†Yٹ g× ... Wں<TخVK‚ô@ ... Wè (41) " [الرحمن:41] ، روي هذا عن ومجاهد (2) ، وروي عن قتادة أن نفي السؤال عن الذنوب لأن الله قد حفظها عليهم (3) .
الوجه الخامس : أن السؤال المنفي بعد استقرارهم في النار ، والسؤال المثبت قبل ذلك (4) .
الوجه السادس : أن السؤال المنفي سؤال الاستخبار والاستعلام ، والسؤال المثبت سؤال التوبيخ والتقريع ، كما قال ابن عباس - رضي الله عنه - : ( لا يسألهم : هل عملتم كذا وكذا ؛ لأنه أعلم بذلك منهم ، ولكن يقول لهم : لم عملتم كذا وكذا ؟ ) (5) .
قال القرطبي : ( واعتمد قطرب هذا القول ) (6) .
وبه قال النحاس (7) ، والجصاص (8) ، والواحدي (9) .
قال ابن عطية : ( وهو الأظهر ) (10) .
__________
(1) معاني القرآن وإعرابه 5/ 101 ، تفسير السمرقندي 3/ 364 .
(2) ينظر : جامع البيان 22/ 230 ، المحرر الوجيز 5/ 232 ، الجامع لأحكام القرآن 17/ 174 .
(3) ينظر : جامع البيان 22/ 230 ، الجامع لأحكام القرآن 17/ 174 .
(4) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 17/ 174 .
(5) جامع البيان 14/ 141 ، الجامع لأحكام القرآن 10/ 61 .
(6) الجامع لأحكام القرآن 10/ 61 .
(7) معاني القرآن 3/ 10 .
(8) أحكام القرآن 3/ 553 .
(9) الوجيز 2/ 1055 .
(10) المحرر الوجيز 5/ 232 .(1/441)
قال الشنقيطي عن هذا الوجه الأخير : ( وهو أوجهها لدلالة القرآن عليه .. ) إلى أن قال : ( وجه دلالة القرآن على هذا أن سؤاله المنصوص : في كله توبيخ وتقريع ؛ كقوله تعالى : ¼ p$ySهéSةYخWè طSنPVكXM ... WـéRضéSLTTTT`©QWع (24) †Wع `yRرVض ‚Wپ WـèS£W²†WTقTWTژ " [الصافات:24-25] ، وقوله : ¼ e£pT™Y©WTتK ... : ... W،HTWه `×KV ... `ySچكKV ... ‚Wپ fûèS£Y±`‰TSTژ " [الطور:15] ، وكقوله : ¼ `yVضKV ... `طRرYژK<†WTے bشSھSO َطRرقQYع " [الأنعام:130] ، وكقوله : ¼ `yVضKV ... `yRرYژK<†Wے c£ےY،WTك " [الملك:8] ، إلى غير ذلك من الآيات . وسؤال الله للرسل ماذا أُجِبتم لتوبيخ الذين كذبوهم كسؤال الموؤودة : ¼ Jg÷VK†YTٹ xˆ?TكV¢ pŒVصYچSTخ " [التكوير:9] لتوبيخ قاتلها ) (1) .
ومما يؤيد هذا : أن السؤال المنفي في الآيات المذكورة أخص من السؤال المثبت فيها ؛ لأن السؤال المنفي مقيد بكونه سؤالاً عن الذنوب ؛ كقوله تعالى : ¼ ‚WپWè SشWLTTpT©STے فWئ SطXنYTٹéSكS¢ fûéSعX£`oSظ<ض@ ... " [القصص:78] فخصه بكونه عن الذنوب ، وكذلك في قوله سبحانه : ¼ ‚PVپ SشWLTTp©TSے فWئ ,-YمY‰?TكV¢ t¨كXM ... ‚WپWè Qbـ:†fTT- (39) " [الرحمن:39] ، والمراد به : الاستعلام والاستخبار ، وهذا لا ينافي ثبوت نوع آخر من السؤال ، كسؤال التوبيخ والتقريع ؛ لأنه نوع من العذاب ، وكذلك سؤال التقرير ؛ لأن آية إثبات السؤال جاءت عامة حيث قال تعالى : ¼ ًذYQTٹWOWéWTت `ySنPVTقVصWLTTpT©WTقVض WـkTTYإWظ`-VK ... (92) " [الحجر:92] ، وهذا صريح في إثبات سؤال الجميع يوم القيامة (2) ، وهذا هو أولى الأوجه بالجواب .
قال القرطبي : ( والقول بالعموم أولى ) (3) ، أي : عموم السؤال للجميع .
وبهذا يزول ما يوهم التعارض بين الآيات . والله تعالى أعلم .
سورة الواقعة
__________
(1) دفع إيهام الاضطراب ص 106 .
(2) ينظر : أضواء البيان 1/ 408، 409 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 10/ 61 .(1/442)
قال تعالى : ¼ ‚Wپ WـéSإWظ`©Wے †Wن~Yت ... _épTTçإVض ‚WپWè †[Tظ~Y'<K†WTژ (25) ‚PVپMX ... ¾"~Yخ †_ظHTWTصWھ †_ظHTWTصWھ (26) " [الواقعة:25-26] .
134/1- قال ابن عقيل : ( قوله : ¼ ‚Wپ WـéSإWظ`©Wے †Wن~Yت ... _épTTçإVض ‚WپWè †[Tظ~Y'<K†WTژ (25) ‚PVپMX ... ¾"~Yخ †_ظHTWTصWھ †_ظHTWTصWھ (26) " [الواقعة:25-26] ، وقوله : ¼ :‚PVپMX ... ـKV ... fûéRرWTژ Zل£HTWoYژ ^لW£Y†Wڑ " [النساء:29] ، كل ذلك استثناء منقطع ، بمعنى : لكن يسمعون التسليم ، لكن كلوها بتجارة ، لكن رحمة منا (1) ، لكن من رحم (2) ... ) إلى أن قال : ( وكذلك قوله : ¼ ً‚پَéVصWTت pŒWTك†Vز dàWTےَ£Wخ pŒWقWع ... ƒٍ :†WنWإWةWقWTت :†WنSقHTTWظےXM ... ‚PVپMX ... W×َéTWخ ً¨STكéSTے " [يونس:98] ، لكن قوم يونس ، وهذا قول سيبويه (3) اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
كل هذه الآيات التي ذكرها ابن عقيل فيها استثناء ، وقد حكم بأنه استثناء منقطع : وهو ما لم يكن فيه المستثنى جنساً من المستثنى منه (5) ، ويصح أن يقع الحرف : [لكن] موقع أداة الاستثناء مع استقامة المعنى (6) .
ولكون الآيات في موضوع واحد صار بحثها واحداً .
__________
(1) يريد قوله تعالى : ¼ ـMX ... Wè K<†WPVTك َطSن<خX£pTçإSTك ً"TVت WœےX£W² َطSنVض ‚WپWè َطSه WـèS،WحقSTے (43) ‚PVپMX ... _àWظ`ڑWO †QWTقYQع " [يس:43-44] ، ينظر : الكتاب 2/ 322 .
(2) يريد قوله تعالى : ¼ Wس†WTخ ‚Wپ WطY²†Wئ W×َéTW~<ض@ ... َفYع X£`عKV ... JًY/@ ... ‚PVپMX ... فWع &ًyYڑWQO " [هود:43] ينظر : الأمالي النحوية 4/ 32 .
(3) الكتاب 2/ 325 ، وينظر : العدة 2/ 676 .
(4) الواضح 3/ 488 .
(5) ينظر : الكتاب 2/ 325 ، شرح المفصل 2/ 79 ، الأمالي النحوية 4/ 32 .
(6) ينظر : ضياء السالك 2/ 167 .(1/443)
قال القرطبي : ( ¼ ‚PVپMX ... ¾"~Yخ " استثناء منقطع ، أي : لكن يقولون قيلاً أو يسمعون ) (1) ، ووافقه جمع من المفسرين (2) .
وقال أيضاً : ( ¼ †WنQSTےKV†H;TTWے fغTےY،PVض@ ... N ... éSقWع ... ƒٍ ‚Wپ Nv ... éSTصS{<K†Wژ طRرVض.Wé`عKV ... طS|WقT`~Wٹ XشY¸HTW‰<ض@†Yٹ :‚PVپMX ... ـKV ... fûéRرWTژ Zل£HTWToYژ فWئ w³ ... W£WTژ &`طRرقPYع " [النساء:29] هذا استثناء منقطع ، أي : ولكن تجارة عن تراض ) (3) .
وهذا هو قول أكثر المفسرين (4) .
وقال الطبري : ( نَصْبُ : ¼ W×َéTWخ ً¨STكéSTے " [يونس:98] ؛ نُصِبوا لأنهم أمة غير الأمم الذين استثنوا منهم ومن غير جنسهم وشكلهم ، وإن كانوا من بني آدم ، وهذا الاستثناء الذي يسميه بعض أهل العربية : الاستثناء المنقطع ، ولو كان قوم يونس بعض الأمة الذين استثنوا منهم كان الكلام رفعاً ، ولكنهم كما وصفت ، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ) (5) .
وقال الفراء : ( ثم استثنى قوم يونس بالنصب على الانقطاع مما قبله ..) إلى أن قال : ( ولو كان الاستثناء ها هنا وقع على طائفة منهم لكان رفعاً ) (6) .
وقال الزجاج : ( ولا أعلم أحداً قرأ بالرفع ) (7) .
__________
(1) الجامع لأحكام القرآن 17/ 206 .
(2) ينظر : تفسير النسفي 4/ 216 ، تفسير الثعالبي 4/ 252 ، فتح القدير 5/ 187 ، الاستثناء في القرآن الكريم ص 125 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 5/ 151 .
(4) ينظر : الوجيز 1 / 261 ، التبيان في إعراب القرآن 1 / 351 ، تفسير البيضاوي 2/ 176 ، مجموع الفتاوى 17/ 441 ، كتاب [إلا] بمعنى [لكن] ص 47 .
(5) جامع البيان 12/ 292 .
(6) معاني القرآن 1/ 479 .
(7) معاني القرآن وإعرابه 3/ 35 .(1/444)
وممن قال بهذا : النحاس (1) ، والجصاص (2) ، والسمرقندي (3) ، وغيرهم (4) .
وأشار قوم إلى أنه : يجوز أن يكون هذا الاستثناء متصلاً (5) .
والراجح في هذا هو أن الاستثناء منقطع كما قال ابن عقيل ؛ لأمور منها :
- أنه قول جمهور العلماء من المتقدمين والمتأخرين ، بل نقل بعضهم الإجماع ، قال ابن عطية : ( ثم استثنى قوم يونس ؛ فهو بحسب اللفظ استثناء منقطع ، وكذلك رسمه النحويون أجمع ) (6) .
- حكم بعض الأئمة من اللغويين والمفسرين بضعف القول الثاني ، كما سيأتي .
__________
(1) معاني القرآن 3/ 319 ، ونسبه للخليل وسيبويه .
(2) أحكام القرآن 2/ 384 .
(3) تفسير السمرقندي 2/ 133 .
(4) ينظر : الكشاف 2 / 353 ، المحرر الوجيز 3/ 144 ، التفسير الكبير 17/ 132 ، إملاء ما من به الرحمن 2/ 33 .
(5) ينظر : الكشاف 2/ 353 ، المحرر الوجيز 3/ 144 ، التبيان في إعراب القرآن 1/ 351 .
(6) المحرر الوجيز 3/ 144 .(1/445)
- أن القول : إن الاستثناء متصل ، قد يوهم معنى فاسداً ، قال العكبري (1) : ( قوله تعالى : ¼ :‚PVپMX ... ـKV ... fûéRرWTژ Zل£HTWoYژ " [البقرة:282] ، الاستثناء منقطع ليس من جنس الأول ، وقيل : هو متصل ، والتقدير : لا تأكلوها بسببٍ إلا أن تكون تجارة ، وهذا ضعيف ؛ لأنه قال بالباطل ، والتجارة ليست من جنس الباطل ) (2) . وقال الزركشي : ( إذ لو كان متصلاً لكان المعنى : فهل آمنت قرية إلا قوم يونس فلا يؤمنون ، فيكون طلب الإيمان من خلاف قوم يونس ، وذلك باطل ؛ لأن الله تعالى يطلب من كل شخص الإيمان ، فدل على أن المعنى : لكن قوم يونس ) (3) ، وقال الشوكاني في قوله تعالى : ¼ ‚PVپMX ... ¾"~Yخ †_ظHTWTصWھ †_ظHTWTصWھ (26) " [الواقعة:26] : ( وقيل الاستثناء متصل وهو بعيد ؛ لأن التحية ليست مما يندرج تحت اللغو والتأثيم ) (4) .
- أن القول بأن الاستثناء منقطع لا يترتب عليه أي محذور ، فهو أسلوب عربي فصيح ، والقول بخلافه نوع من التكلف .
- أن القول : إن الاستثناء متصل ، يلزم منه : التقدير لمضمر ، أو التضمين ، وهذا خلاف الأصل ، قال مكي : ( ويجوز أن يكون على الاستثناء الذي هو غير منقطع ، على أن يضمر في الكلام حذف مضاف تقديره : فلولا كان أهل قرية آمنوا ، ويجوز الرفع على أن تجعل [إلا] بمعنى [غير] صفة للأهل المحذوفين في المعنى ، ثم تعرب ما بعد إلا بمثل إعراب غير لو ظهرت في موضع إلا ) (5) . والله أعلم .
سورة المجادلة
__________
(1) هو أبو البقاء عبدالله بن الحسين بن عبدالله العُكْبَري النحوي الحنبلي ، جمع فنوناً من العلم ، له من المصنفات : التبيان في إعراب القرآن ، إعراب الحديث ، مات سنة 616هـ ، له ترجمة في : طبقات الداوودي 1/ 231 ، شذرات الذهب 5/ 67 .
(2) التبيان في إعراب القرآن 1/ 351 .
(3) البرهان 4/ 237 .
(4) فتح القدير 5/ 187 .
(5) مشكل إعراب القرآن 1/ 354 .(1/446)
قال تعالى : ¼ †WنPRTےKV†H;TTWے WفےY،PVض@ ... Nv ... éTSقTWع ... ƒٍ ... W¢XM ... SطSTچ`~TWoHTWTك WسéSھQW£ض@ ... N ... éSعQYںWحWTت Wـ`kTWٹ p÷WںWے `yRرHTْWé`mىً- &_àWTخًںW² WذYض.V¢ bO`kTW `yRرPVض &S£Wن<؛KV ... Wè ـXM†WTت `yPVض N ... èSںYيmً- QWـXM†WTت JًW/@ ... cOéSةWçئ eط~YڑQWO (12) " [المجادلة:12] .
135/1- قال ابن عقيل : ( نُسخ ذلك الوجوب إلى جواز فعلها وجواز تركها بقوله تعالى : ¼ <¢XM†WTت `yVض N ... éRصWإpTةTVژ ً‡†WTژWè JًS/@ ... َطTRر`~TVصWئ N ... éSظ~YخVK†WTت VلléVصJً±ض@ ... N ... éSTژ ... ƒٍWè Vلlé{PV¥ض@ ... N ... éSإ~Y؛VK ... Wè JًW/@ ... I&SمVضéSھWOWè SJًJًS/@ ... Wè =SOkY‰W †WظYٹ WـéRصWظ`إWژ (13) " [المجادلة:13] اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
ذهب ابن عقيل إلى أن آية المناجاة منسوخة بما بعدها ، وهو المروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (2) ، وهو قول قتادة (3) ، والنحاس (4) ، ومكي (5) ، وابن الجوزي (6) ، وهذا ما ذهب إليه أكثر العلماء في القديم والحديث (7) .
قال النحاس : ( أكثر العلماء على أن هذه الآية منسوخة ) (8) .
بل أثبت النسخ فيها كل من ألف في الناسخ والمنسوخ (9) .
وذكر بعض العلماء أن هذه هي الآية الوحيدة المتفق على نسخها في القرآن (10) .
__________
(1) الواضح 1/ 251 .
(2) ينظر : جامع البيان 22/ 482 .
(3) الناسخ والمنسوخ له ص 47 .
(4) الناسخ والمنسوخ له ص 700 .
(5) الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص 368 .
(6) نواسخ القرآن له ص 529 .
(7) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 17/ 301 ، الإتقان 2/ 49 ، مناهل العرفان 2/ 268 .
(8) الناسخ والمنسوخ ص 700 ، وينظر : الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص 426 .
(9) ينظر مثلاً : الناسخ والمنسوخ للمقري ص 174، والناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 59 ، ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه لابن البارزي ص 52 .
(10) الآيات المنسوخة في القرآن الكريم لعبدالله بن محمد الشنقيطي ص 97 .(1/447)
وأشار الزرقاني إلى أنه قيل : لا نسخ فيها ؛ بحجة أن الآية الثانية بيان للصدقة المأمور بها في الأولى ، وأنه يصح أن تكون صدقة غير مالية من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله .
ثم قال رداً على هذه الحجة : ( وأنت خبير بأن هذا ضرب من التكلف في التأويل ، يأباه ما هو معروف من معنى الصدقة حتى أصبح لفظها حقيقة عرفية في البذل المالي وحده ) (1) .
ويرد هذا أيضاً : الأمر في آخر الآية عند عدم الفعل بالصلاة والزكاة وطاعة الله ورسوله ، مما يثبت أن المراد بالصدقة قبل هذا الأمر غيرَ الصلاة والزكاة والطاعة حيث يقول سبحانه : ¼ َطSTچ<حWةpT®VK ... ƒٍ ـKV ... N ... éSعYPںWحTSژ Wـ`kTWٹ p÷WںWے `yRرHTْWé`mىً- &xŒHTWTخWںW² <¢XM†WTت `yVض N ... éRصWإpTةTVژ ً‡†WTژWè JًS/@ ... َطTRر`~TVصWئ N ... éSظ~YخVK†WTت VلléVصJً±ض@ ... N ... éSTژ ... ƒٍWè Vلlé{PV¥ض@ ... N ... éSإ~Y؛VK ... Wè JًW/@ ... I&SمVضéSھWOWè SJًJًS/@ ... Wè =SOkY‰W †WظYٹ WـéRصWظ`إWژ (13) " [المجادلة:13] . والله أعلم .
سورة الحشر
قال تعالى : ¼ WéSه v÷Y،PVض@ ... W"W£`VK ... WفےY،PVض@ ... N ... èS£Wةًز َفYع Xش`هVK ... gˆHTWچYر<ض@ ... فYع َطYهX£HTWTےY YسPVèVK‚Yپ X&£pTW™<ض@ ... †Wع `ySچقWقVہ؛ ـKV ... $N ... éS-S£mïmً` Nv ... éQSقًہ؛Wè ySنTPVTكKV ... `ySنSچWإYك†QWع طSنSكéS±Sڑ WفYQع JًY/@ ... SطSنHHùWTژKV†WTت JًS/@ ... َفYع ٌگ`~TWڑ `yVض N$ ... éS‰Y©TWچmïmً`ڑ ًاW،WTخWè ء SطXنXٹéSTصSTخ &ًˆ`ئQS£ض@ ... WـéSٹX£mïmٌ` طSنWTژéS~STٹ َطXنےYں`TےKV†Yٹ ÷Yں`TےVK ... Wè WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... N ... èSOYiWچT`ئ@†WTت XّضOèKR†H;TTWTے X£HTf±`TٹVK‚ô@ ... (2) " [الحشر:2] .
136/1- قال ابن عقيل في قوله تعالى : ¼ N ... èSOYiWچT`ئ@†WTت XّضOèKR†H;TTWTے X£HTf±`TٹVK‚ô@ ... " [الحشر:2] : ( يأمر بالاعتبار لأولي الأبصار ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - داخل في ذلك ؛ لأنه من أهل البصائر ، بل أشرفهم وأسبقهم في ذلك اهـ ) (2) .
__________
(1) مناهل العرفان 2/ 268 .
(2) الواضح 5/ 398 .(1/448)
___________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل إلى مسألتين :
المسألة الأولى :
الاستدلال بهذه الآية : على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - له حق الاجتهاد في الحكم بين الناس ؛ لأنه ذكر هذه الآية ضمن أدلته على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجتهد في الحوادث ، ويحكم فيها باجتهاده ، وهذه المسألة قد سبق الحديث عنها عند قوله تعالى : ¼ َطSه`OYè†W®Wè ء $X£`عKKV‚ô@ ... " [آل عمران:159] (1) .
المسألة الثانية :
أشار ابن عقيل إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرف أهل البصائر ، وهذا أمر حتم لا يُختلف فيه ، فهو - صلى الله عليه وسلم - القدوة الأولى لأمته ، كما قال تعالى : ¼ `ںTWحVPض Wـ†Vز َطRرVض ء YسéSھWO JًY/@ ... dلWéT`ھRK ... àWقTW©Wڑ " [الأحزاب:21] ، ولا يصل إلى الاقتداء إلا من وصفهم الله في الآية فقال : ¼ فWظPYض Wـ†Vز N ... éS-َ£WTے WJً/@ ... W×َéTW~<ض@ ... Wè W£TY‚پ@ ... W£W{V¢Wè JًW/@ ... ... _OkY'Vز (21) " [الأحزاب:21] ، وقد اجتمع فيه - صلى الله عليه وسلم - كمال العقل وحسن التفكر ، فكان أهلاً لحمل الرسالة وتبليغها ، قال سبحانه : ¼ :†WTق<ضW¥كKV ... Wè ًذ`~VضMX ... W£T`{PY،ض@ ... WـPXkW‰SچYض X†PVقYصض †Wع WسQX¥STك َطXن`~VضXM ... `طSنPVصWإVضWè WـèS£PVرWةWچWTے "[النحل:44].
قال الشوكاني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( وهو أجل المتفكرين في آيات الله وأعظم المعتبرين لها ) (2) .
وقد خص الله تعالى أولي الأبصار بالاعتبار ؛ لأنهم هم أهله والمستفيدون منه .
سورة الممتحنة
__________
(1) ينظر : ص 159 .
(2) ينظر : إرشاد الفحول 2/ 305 .(1/449)
قال تعالى : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے ًفTےY،PVض@ ... Nv ... éSقWع ... ƒٍ ... V¢XM ... َطS{ƒٍ:†W- ٌŒHTWقYع`ëSظ<ض@ ... x.W£XoHTWنSع QW$فSهéSقY™WTچ`ع@†WTت JًS/@ ... SطVص`ئKV ... $QWفXنYقHTWظےXM†YTٹ َـXM†WTت QWفSهéSظSTچَظYصWئ xŒHTWTقYع`ëQSع ً"TWTت QWفSهéSإY-َ£WTژ ّVضXM ... Y$O†PVةS|<ض@ ... ‚Wپ QWفSه QbشYڑ َطSنPVض ‚WپWè َطSه WـéPRصYًmïmڑ $QWفSنVض طSهéSTژ ... ƒٍWè :†WQع &N ... éSحWةكKV ... ‚WپWè W-†WTقS- `yRر`~VصWئ ـKV ... QWفSهéS™YرقWTژ : ... W¢MX ... QWفSهéSظSTچ`~WTژ ... ƒٍ Uf&غSهWOéS-RK ... ‚WپWè N ... éRرY©`ظSTژ gطW±YإYTٹ X£Yت ... WéVر<ض@ ... N ... éSTصWLTTpTھWè :†Wع َطSچpTحWةكKV ... N ... éSTصLWTTpT©WT~<ضWè :†Wع &N ... éSحWةكKV ... طRرYض.V¢ Sط<رSڑ JًY$/@ ... SطRرmï`mًڑ َ&طRرWTق`~WTٹ SJًJًS/@ ... Wè eط~YصWئ cy~رWڑ (10) " [الممتحنة:10] .
137/1- قال ابن عقيل : ( يقع على الظن اسم العلم في غالب الاستعمال ، قال الله تعالى : ¼ َـXM†WTت QWفSهéSظSTچَظYصWئ xŒHTWTقYع`ëQSع ً"TWTت QWفSهéSإY-َ£WTژ ّVضXM ... O†PVةS|<ض@ ... " [الممتحنة:10] ، ولا طريق لنا إلى علم ذلك ، وإنما المراد : ظننتموهن مؤمنات اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
أشار ابن عقيل في هذه الآية إلى أن العلم يطلق ويراد به الظن ؛ والدليل على ذلك قوله تعالى : ¼ َـXM†WTت QWفSهéSظSTچَظYصWئ xŒHTWTقYع`ëQSع ً"TWTت QWفSهéSإY-َ£WTژ ّVضXM ... O†PVةS|<ض@ ... " [الممتحنة:10] ووجه الاستدلال : أنه لا يمكن معرفة إيمان المهاجرات علماً يقيناً ؛ فالمراد بالعلم في الآية : الظن ، وهذا ما ذكره الجصاص (2) ، والسمرقندي (3) ، والسمعاني (4) ، وغيرهم (5) .
__________
(1) الواضح 3/ 488 .
(2) أحكام القرآن 3/ 226 .
(3) تفسير السمرقندي 3/ 416 .
(4) تفسير السمعاني 5/ 418 .
(5) ينظر : الكشاف 4/ 516 ، التفسير الكبير 20/ 167 ، الجامع لأحكام القرآن 18/ 63 .(1/450)
ويشهد له في الآية قوله تعالى : ¼ JًS/@ ... SطVص`ئKV ... $QWفXنYقHTWظےXM†YTٹ " [الممتحنة:10] ، فبني آدم لهم الظاهر والله أعلم بالسرائر .
قال القرطبي : ( ¼ JًS/@ ... SطVص`ئKV ... $QWفXنYقHTWظےXM†YTٹ " [الممتحنة:10] أي : هذا الامتحان لكم ، والله أعلم بإيمانهن ؛ لأنه متولي السرائر ) (1) .
ومن الأدلة على هذا أيضاً قوله تعالى : ¼ †WعWè :†Wك`ںXنW® ‚PVپMX ... †WظYٹ †WقpTظYصWئ " [يوسف:81] .
قال الجصاص في تفسيرها : ( يعني : من الأمر الظاهر لا من الحقيقة ، وهذا يدل على جواز إطلاق اسم العلم من طريق الظاهر وإن لم يعلم حقيقة وهو كقوله : ¼ َـXM†WTت QWفSهéSظSTچَظYصWئ xŒHTWTقYع`ëQSع ً"TWTت QWفSهéSإY-َ£WTژ ّVضXM ... O†PVةS|<ض@ ... " [الممتحنة:10] ومعلوم أنا لا نحيط بضمائرهن علماً وإنما هو على ما يظهر من إيمانهن ) (2) .
وقال الرازي : ( إن الظن قد يسمى بالعلم ، والدليل عليه قوله تعالى : ¼ ... V¢XM ... َطS{ƒٍ:†W- ٌŒHTWقYع`ëSظ<ض@ ... x.W£XoHTWنSع QW$فSهéSقY™WTچ`ع@†WTت JًS/@ ... SطVص`ئKV ... $QWفXنYقHTWظےXM†YTٹ َـXM†WTت QWفSهéSظSTچَظYصWئ xŒHTWTقYع`ëQSع ً"TWTت QWفSهéSإY-َ£WTژ ّVضXM ... Y$O†PVةS|<ض@ ... " [الممتحنة:10] ، ومن المعلوم أنه إنما يمكن العلم بإيمانهن بناء على إقرارهن ، وذلك لا يفيد إلا الظن ، فههنا الله تعالى سمى الظن علماً ) (3) .
فإن قيل : ما الفائدة من استعمال العلم مكان الظن ؟ .
فيجاب بما قال الرازي : ( نقول إنه من باب أن الظن الغالب ، وما يفضي إليه الاجتهاد والقياس جار مجرى العلم ) (4) .
__________
(1) الجامع لأحكام القرآن 18/ 63 .
(2) أحكام القرآن 3/ 226 ، وينظر 3/ 584 .
(3) التفسير الكبير 20/167 .
(4) التفسير الكبير 29/ 265 ، تفسير النسفي 4/ 249 .(1/451)
وقال البيضاوي : ( ¼ َـXM†WTت QWفSهéSظSTچَظYصWئ xŒHTWTقYع`ëQSع " [الممتحنة:10] : العلم الذي يمكنكم تحصيله ، وهو الظن الغالب بالحلف وظهور الأمارات ، وإنما سماه علماً إيذاناً بأنه كالعلم في وجوب العمل به ) (1) .
وقال الزركشي : ( إن بين الظن والعلم قدراً مشتركاً وهو الرجحان فتجوز بأحدهما عن الآخر ) (2) .
وقال الفيروزابادي (3) : ( واعلم أن العلم على ثلاث درجات : أحدها : ما وقع من عيان وهو البصر ، والثاني : ما استند إلى السمع وهو الاستفاضة ، والثالث : ما استند إلى العلم وهو علم التجربة . على أن طرق العلم لا تنحصر فيما ذكرناه ؛ فإن سائر الحواس توجب العلم ، وكذا ما يدرك بالباطن وهي الوجدانيات ، وكذا ما يدرك بالمخبِر الصادق وإن كان واحداً ، وكذا ما يحصل بالفكر والاستنباط وإن لم يكن تجربة ) (4) .
فتبين لي من كلام العلماء أن اختيار هذا اللفظ للاعتقاد الغالب الراجح ؛ ليدخل فيه الاعتقاد اليقيني الجازم (5) - إذا وجد - من باب أولى (6) ، كما أن فيه حث على التثبت والتأكد في الامتحان بما يُستطاع من الدلائل والأمارات (7) . والله أعلم .
سورة الطلاق
__________
(1) تفسير البيضاوي 5/ 329 .
(2) البرهان 3/ 346 .
(3) هو محمد بن يعقوب بن محمد أبو الطاهر الفيروزابادي - وبعضهم بالذال - الشيرازي اللغوي الشافعي ، من مصنفاته : بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز ، والقاموس المحيط ، مات سنة 817هـ ، له ترجمة في : شذرات الذهب 7/ 126 ، البدر الطالع 2/ 149 .
(4) بصائر ذوي التمييز 4/ 92 .
(5) ينظر في تعريف العلم : المفردات ص 384 ، التعريفات ص 155 ، المعجم الوسيط ص 624 .
(6) ينظر : تفسير ابن كثير 8/ 3500 .
(7) ينظر : التحرير والتنوير 28/ 156 .(1/452)
قال تعالى : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے JٌّY‰QWقض@ ... ... V¢XM ... ٌySچ<حPVصً؛ ƒٍ:†fTT©PYقض@ ... QWفSهéSحYPصV¹WTت UfغXنYژPVںYإYض N ... éS±`ڑVK ... Wè $WلPVںYإ<ض@ ... N ... éSحPVTژ@ ... Wè JًW/@ ... $َطS|QWTٹًO ‚Wپ UfغSهéS-X£`يmٌ ?فYع QWفXنYTژéS~Sٹ ‚WپWè fغ`-S£`ًmïm :‚PVپMX ... ـKV ... WـkYژK<†WTے xàTWTY™HTWةYٹ &xàWTقTQX~W‰TQSع Wذ<صYژWè S èSںSڑ &JًY/@ ... فWعWè PVںWإWچWTے لَا èSںSڑ JًY/@ ... `ںWحWTت WطVصًہ؛ I&SمW©`TةVك ‚Wپ ÷XO`ںWTژ QWشWإVض JًW/@ ... ٌ Yں`ٌmïmڑ Wں`إWTٹ ًذYض.V¢ ... _£`عVK ... (1) " [الطلاق:1] .
138/1- قال ابن عقيل : ( قال تعالى : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے JٌّY‰QWقض@ ... ... V¢XM ... ٌySچ<حPVصً؛ ƒٍ:†fTT©PYقض@ ... QWفSهéSحYPصV¹WTت UfغXنYژPVںYإYض " [الطلاق:1] ولم يقل : فطلقهن ، وهذا يدل على أنه إذا خاطبه فقد خاطب أمته ، وجعل خطابه له نائباً مناب خطابهم اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
استدل بهذه الآية من قال : إن الله تعالى إذا خاطب نبيه - صلى الله عليه وسلم - فهو خطاب لأمته وقد سبقت الإشارة إلى خلاف العلماء في ذلك عند قوله تعالى : ¼ †QWظVصWTت uّWµWTخ bں`TےW¦ †Wن`قYQع ... _£ً؛Wè †WنVرHTWTق`-QWèW¦ pّTVرYض ‚Wپ WـéRرWTے ّVصWئ WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... c"W£Wڑ " [الأحزاب:37] (2) .
قال الزجاج : ( هذا خطاب للنبي عليه السلام والمؤمنون داخلون معه في الخطاب ) (3) .
وهو ما قال به النحاس (4) ، والجصاص (5) ، والواحدي (6) ، والسمعاني (7) ، وغيرهم (8) .
وهذه الآية صريحة الدلالة على دخول أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في خطابه لوجود القرينة الظاهرة .
__________
(1) الواضح 3/ 102 .
(2) ينظر : ص 442 .
(3) معاني القرآن وإعرابه 5/ 183 .
(4) معاني القرآن 1/ 414 .
(5) أحكام القرآن 3/ 605 .
(6) الوجيز 2/ 1106 .
(7) تفسير السمعاني 5/ 457 .
(8) ينظر : البرهان للزركشي 2/ 218 ، روح المعاني 28/ 128 .(1/453)
وهي قوله تعالى : ¼ ... V¢XM ... ٌySچ<حPVصً؛ " وما بعدها ، مع العلم أن ابن عقيل لم يشر إلى هذه الأولى واكتفى بالإشارة إلى الثانية .
قال السمرقندي : ( فالخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، والمراد به : هو وأمته ، بدليل قوله تعالى : ¼ ... V¢XM ... ٌySچ<حPVصً؛ ƒٍ:†fTT©PYقض@ ... " [الطلاق:1] فذكر بلفظ الجماعة ، فكأنه قال : يا أيها النبي ومن آمن بك إذا طلقتم النساء ، يعني : أنت وأمتك ) (1) .
وقال البيضاوي : ( خص النداء وعم الخطاب بالحكم لأنه أمام أمته ، فنداؤه كندائهم ، أو لأن الكلام معه والحكم يعمهم ) (2) .
وقال السيوطي : ( وقد يعبر بالنبي في مقام التشريع العام ، لكن مع قرينة إرادة العموم كقوله : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے JٌّY‰QWقض@ ... ... V¢XM ... ٌySچ<حPVصً؛ " [الطلاق:1] ولم يقل : طلقت ) (3) .
ومن هنا نستنتج أن الخطاب يوجه للنبي - صلى الله عليه وسلم - وحده والمراد هو والمؤمنون معه .
ومن اللطائف ما قاله القرطبي : ( وإذا أراد الله بالخطاب المؤمنين لاطفه بقوله : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے JٌّY‰QWقض@ ... " [الطلاق:1] ، فإذا كان الخطاب باللفظ والمعنى جميعاً له قال : ¼ لِلَّهِ †WنQSTےKV†H;TTWTے SسéSھQW£ض@ ... " [المائدة:41] ) (4) ، وهذا حكم أغلبي ؛ لوجود بعض الآيات بلفظ النبي وهي خطاب له - صلى الله عليه وسلم - باللفظ والمعنى كقوله تعالى : ¼ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ " [الأحزاب:50] .
__________
(1) تفسير السمرقندي 3/ 437 .
(2) تفسير البيضاوي 5/ 348 .
(3) الاتقان في علوم القرآن 2/ 72 .
(4) الجامع لأحكام القرآن 18/ 148 .(1/454)
وقال الجصاص : ( يحتمل تخصيص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخطاب وجوهاً : أحدها : اكتفاءً بعلم المخاطبين بأن ما خوطب به النبي - صلى الله عليه وسلم - خطاب لهم إذ كانوا مأمورين بالاقتداء به إلا ما خص به دونهم فخصه بالذكر ، ثم عدل بالخطاب إلى الجماعة إذ كان خطابه خطاباً للجماعة ، والثاني : أن تقديره : يا أيها النبي قل لأمتك إذا طلقتم النساء ، والثالث : على العادة في خطاب الرئيس الذي يدخل فيه الأتباع كقوله تعالى : ¼ uّVضXM ... Wـ`éWئَ£Yت -YمOےًgو"WعWè " [الأعراف:103] ) (1) .
وقال الآلوسي : ( اختير لفظ النبي لما فيه من الدلالة على علو مرتبته ) (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ ... W¢MX†WTت Wفç<إWTصWTٹ QWفSنVصW-KV ... UfغSهéRرY©`عKV†WTت ]اèS£`إWظYٹ `èVK ... QWفSهéSTخYO†WTت xاèS£`إWظYٹ N ... èSںXنp®KV ... Wè p÷WèV¢ xس`ںWئ `yRرقYQع N ... éSظ~YخKV ... Wè WلWںHTWنPVض@ ... Y&مPVصYض َطٌ|Yض.V¢ ٌ؟¸WئéSTے -YمYٹ فWع Wـ†Vز ٌغYع`ëSTے YJً/@†Yٹ YzَéW~ض@ ... Wè X&£Y‚پ@ ... فWعWè XجQWTچWTے JًW/@ ... شWإmïmً`- ISمPVض †_-W£`oً (2) " [الطلاق:2] .
139/2- قال ابن عقيل : ( قال تعالى : ¼ N ... èSںXنp®KV ... Wè p÷WèV¢ xس`ںWئ `yRرقYQع " [الطلاق:2] فكان عمل التقييد بالعدالة عمل التخصيص المخرج من الجملة بعضها ؛ فصارت العدالة مخصصة بعض الرجال بالشهادة اهـ ) (3) .
__________________________
الدراسة :
يتخرج من كلام ابن عقيل ثلاث مسائل :
المسألة الأولى :
أن التقييد يعمل عمل التخصيص فيخرج من الجملة بعضها (4) .
قال الجصاص : ( الأسماء المطلقة والمقيدة كثيرة , ويجب اعتبارها في كثير من الأحكام , فما كان في العادة مطلقاً فُهم على إطلاقه , والمقيَّدُ فيها على تقييده , ولا يُتجاوز به موضعه ) (5) .
__________
(1) أحكام القرآن 3/ 605 .
(2) روح المعاني 28/ 128 .
(3) الواضح 1/ 257 .
(4) ينظر : شرح الكوكب المنير 3/ 395 .
(5) أحكام القرآن 1/ 31 .(1/455)
وقال البغوي : ( .. قلنا : المطلق يحمل على المقيد كما أن الله تعالى قيد الشهادة بالعدالة في موضع فقال : ¼ N ... èSںXنp®KV ... Wè p÷WèV¢ xس`ںWئ `yRرقYQع " [الطلاق:2] ، وأطلق في موضع فقال : ¼ N ... èSںXنpTWچpھ@ ... Wè Xف`TےWں~XنW® فYع َ$طS|TYض†W-PXO " [البقرة:282] ، ثم العدالة شرط في جميعها حملاً للمطلق على المقيد .. ) (1) .
فيجب العمل بالقيد إلا أن يدل دليل على عدم اعتباره (2) ، وقد سبقت الإشارة إلى تفصيل في هذه المسألة عند قوله تعالى : ¼ S£ےX£`™WچWTت xàTTW‰WTخWO xàWقYpعëQSع " [النساء:92] (3) .
المسألة الثانية :
اشتراط العدالة في الشهود :
لاخلاف بين الفقهاء في اشتراط عدالة الشهود (4) لأدلة منها :
7- هذه الآية : ¼ N ... èSںXنp®KV ... Wè p÷WèV¢ xس`ںWئ `yRرقYQع " [الطلاق:2] .
8- ولقوله تعالى : ¼ فQWظYع Wـ`éW¶َ£WTژ WفYع Yٍ: ... ًںWنPRض@ ... " [البقرة:282] والشاهد المرضي هو : الشاهد العدل (5) .
9- ولأن الله تعالى أمر بالتوقف عن نبإ الفاسق في قوله سبحانه : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے WفےY،PVض@ ... vN ... éTSقWع ... ƒٍ ـMX ... `yRزƒٍ:†W- =SجYھ†WTت Mw†W‰TWقYٹ vN ... éTSقQW~W‰WچWTت " [الحجرات:6] ، والشهادة نبأ فيجب التثبت .
10- ولأن دين الفاسق لم يمنعه من ارتكاب المحظورات ، فلا يؤمن أن لا يمنعه عن الكذب فلا تحصل الثقة بشهادته .
__________
(1) معالم التنزيل 2/ 50 .
(2) القواعد الحسان في تفسير القرآن ص 76 .
(3) ينظر : ص 202 .
(4) ينظر : العدة 2/ 638 ، بدائع الصنائع 9/ 15 ، نيل الأوطار 8/ 647 .
(5) ينظر : بدائع الصنائع 9/ 15 .(1/456)
قال الجصاص : ( وقد وصف الله تعالى الشهود المقبولين بصفتين : إحداهما : العدالة في قوله تعالى : ¼ gـ†TWTpقT'@ ... ... WèV¢ xس`ںWئ َطRرقTQYع " [المائدة:106] وقوله : ¼ N ... èSںXنp®KV ... Wè p÷WèV¢ xس`ںWئ `yRرقYQع " [الطلاق:2] ، والأخرى : أن يكونوا مرضيين لقوله : ¼ فQWظYع Wـ`éW¶َ£WTژ WفYع Yٍ: ... ًںWنPRض@ ... " [البقرة:282] والمرضيون لا بد أن تكون من صفتهم العدالة ) (1) .
واختار أبو حنيفة أن العدالة الظاهرة كافية في قبول الشهادة ، أما العدالة الحقيقية وهي الثابتة بالسؤال عن حال الشهود بالتعديل والتزكية فليست بشرط عنده ؛ لظاهر قوله تعالى : ¼ ًذYض.V،W{Wè َطRرHTTTWق<صWإW- _àTTPVعRK ... †^T¹WھWè " [البقرة:143] ، أي : عدلاً (2) .
ولأن العدالة الحقيقية لا يمكن الوصول إليها ، فتعلق الحكم بالظاهر (3) .
قال ابن قدامة : ( الفسوق نوعان : أحدهما : من حيث الأفعال ، فلا نعلم خلافاً في رد شهادته ، والثاني : من جهة الاعتقاد ، وهو اعتقاد البدعة فيوجب رد الشهادة أيضاً ...) (4) .
وذلك : مثل شرب الخمر ، والتساهل في فعل المعاصي ، والقول بخلق القرآن ، ونحوها ، وأشار ابن قدامة إلى أن ظاهر قول أبي حنيفة : قبول شهادة أهل الأهواء (5) ، وهذا قول مرجوح ، لأنه أحد نوعي الفسق ، إلا ألا يكون ذلك ظاهراً كما سبق .
المسألة الثالثة :
أشار ابن عقيل إلى أن الشهادة بالرجعة في الطلاق الرجعي خاص بالرجال دون النساء ، وهو قول مالك (6) ، والشافعي (7) ، وأحمد (8) ، وأكثر الفقهاء (9) .
__________
(1) أحكام القرآن 1/ 615 .
(2) ينظر : بدائع الصنائع 9/ 26 .
(3) ينظر : أحكام القرآن للجصاص 1/ 610 .
(4) ينظر : المغني 14/ 148 .
(5) ينظر : المرجع السابق .
(6) ينظر : المدونة 4/ 25 .
(7) ينظر : الحاوي 17/ 8 .
(8) ينظر : المغني 14/ 127 .
(9) ينظر : الحاوي 17/ 8 .(1/457)
ودليلهم نص الآية : ¼ N ... èSںXنp®KV ... Wè p÷WèV¢ xس`ںWئ `yRرقYQع " [الطلاق:2] والعدل إنما يقع على الرجال دون النساء (1) ، وذوي : مذكر فلا يدخل فيه الإناث (2) .
قال مالك عن شهادة النساء : ( لا تجوز إلا حيث ذكرها الله في الدَّين ، أو ما لا يطلع عليه أحد إلا هن للضرورة إلى ذلك ) (3) .
وذهب أبو حنيفة إلى أنه تقبل في الرجعة شهادة رجل وامرأتين (4) .
استدلالاً بقول الله تعالى : ¼ N ... èSںXنpTWچpھ@ ... Wè Xف`TےWں~XنW® فYع َ$طS|TYض†W-PXO ـXM†WTت َطPVض †WTكéRرWTے Xـ`kVصS-WO bشS-W£WTت Yـ†fTTTTTژKV ... W£`ع@ ... Wè فQWظYع Wـ`éW¶َ£WTژ WفYع Yٍ: ... ًںWنPRض@ ... ـKV ... QWشYµWTژ †WظSنTHTًْں`ڑMX ... W£PY{W،SچWTت †WظSنTHTًْں`ڑMX ... uüW£`KKR‚ô@ ... & " [البقرة:282] .
والصواب ما ذهب إليه جمهور العلماء ؛ لأن الله تعالى نص في الشهادة فيما سوى الأموال على الرجال دون النساء كأمور الطلاق والرجعة والوصية ؛ فقال تعالى : ¼ UfغSهéRرY©`عKV†WTت ]اèS£`إWظYٹ `èVK ... QWفSهéSTخYO†WTت xاèS£`إWظYٹ N ... èSںXنp®KV ... Wè p÷WèV¢ xس`ںWئ `yRرقYQع " [الطلاق:2] ، وقال سبحانه : ¼ ... V¢XM ... W£WµWڑ SطS{WںWڑKV ... ٌَéWظ<ض@ ... WـkYڑ YàQW~g²Wé<ض@ ... gـ†TWTpقT'@ ... ... WèV¢ xس`ںWئ َطRرقTQYع " [المائدة:106] ؛ ولأنها مما يطلع عليه الرجال ، فلم يكن للنساء في الشهادة مدخل (5) .
__________
(1) ينظر : الفروع 6/ 588 .
(2) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 18/ 159 ، تفسير ابن كثير 8/ 3548 .
(3) المدونة الكبرى 4/ 26 .
(4) ينظر : أحكام القرآن للجصاص 1/ 608 .
(5) ينظر : الحاوي الكبير 17/ 9 ، المغني 14/ 127 .(1/458)
قال ابن حزم : ( أما أبو حنيفة : فأجاز شهادة النساء في النكاح ، والطلاق ، والرجعة مع رجل ، وليس هذا في شيء من الآيات ، بل فيها : ¼ ... W¢MX†WTت Wفç<إWTصWTٹ QWفSنVصW-KV ... UfغSهéRرY©`عKV†WTت ]اèS£`إWظYٹ `èVK ... QWفSهéSTخYO†WTت xاèS£`إWظYٹ N ... èSںXنp®KV ... Wè p÷WèV¢ xس`ںWئ `yRرقYQع " [الطلاق:2] ) (1) .
وأما الجواب عن آية الدين التي استدل بها أبو حنيفة : فهو أنها نص في الأموال ، ولا يصح استعمال العموم فيها ، والرجعة ليست بمال ، ولا يقصد فيها المال ، ولا يصح قياس الرجعة على الأموال لوجود الفارق بينهما ، وهو أن الأموال يصح الإبراء منها بخلاف الرجعة (2) ، والرجعة من الأمور التي يطلع عليها الرجال فلم يكن للنساء في شهادتها مدخل كالحدود والقصاص (3) . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ QWفSهéSقYر`ھVK ... َفYع ٌگ`~TWڑ ySچقVرWھ فYQع َطSزYں`-Sè ‚WپWè QWفSهèQSO:†WµSTژ N ... éSحQX~ًµSچYض QWفXن`~VصWئ ـMX ... Wè& QWفRز gŒHTVضOèRK ... wش`ًr N ... éSحYةكVK†WTت QWفXن`~VصWئ uّPVچWڑ Wف`إWµWTے &QWفSنVصً`r َـXM†WTت KV ... Wف`إW`O `yRرVض QWفSهéSTژ†LWTTWTت $QWفSهWOéS-RK ... N ... èS£YظWTژ<K ... Wè yRرWقT`~WTٹ $xاèS£`إWظYٹ ـMX ... Wè َطSTpژ£Wھ†WإWTژ SؤTY¶َ£SچW©WTت ,ISمVض uüW£`KR ... (6) " [الطلاق:6] .
__________
(1) المحلى 10/ 270 .
(2) ينظر : الحاوي الكبير 17/ 9 .
(3) ينظر : المغني 14/ 127 .(1/459)
140/3- قال ابن عقيل : ( قوله تعالى : ¼ ـMX ... Wè QWفRز gŒHTVضOèRK ... wش`ًr N ... éSحYةكVK†WTت QWفXن`~VصWئ uّPVچWڑ Wف`إWµWTے &QWفSنVصً`r " [الطلاق:6] : ( اقتضى ذلك أن البوائن (1) الحوامل لا نفقة عليهن ، وعلى هذا لغة العرب لا نعرف سوى ذلك اهـ ) (2) .
___________________________________
الدراسة :
يُفهم من ظاهر كلام ابن عقيل أن المطلقة البائن لا نفقة لها ولو كانت حاملاً .
ويتفرع على هذا مسألتان :
المسألة الأولى :
سياق الآية قبلها وبعدها هل هو في الرجعيات أم في عموم المطلقات ؟ .
هذه المسألة اختلف فيها العلماء على قولين :
القول الأول : أن السياق كله في الرجعيات ، قالوا : لأن حديث أول السورة كما في قوله تعالى : ¼ QWشWإVض JًW/@ ... ٌ Yں`ٌmïmڑ Wں`إWTٹ ًذYض.V¢ ... _£`عVK ... (1) " [الطلاق:1] كان في الرجعيات ، وإنما نص على نفقة الحامل وإن كانت رجعية ؛ لأن الحمل تطول مدته غالباً فاحتيج إلى النص على وجوب الإنفاق إلى الوضع ؛ لئلا يُتوهم أنه إنما تجب النفقة بمقدار مدة العدة (3) .
القول الثاني : أن السياق في عموم المطلقات ، قالوا : بدليل وجوب النفقة على الرجعية سواء كانت حاملاً أو حائلاً (4) .
__________
(1) الذي في المطبوع : [البوائن الحوامل] ، وهو خطأ واضح وبيِّن ، ولكن أقول : لعل فيه سقط كلمة [غير] فتكون العبارة [ أن البوائن غير الحوامل ] وهذا وارد في أخطاء الطباعة ، لا سيما وأن هذا هو ما يدل عليه سياق كلامه ، وهو أن تعليق الحكم عند وجود الحمل دليل على اختلاف الحكم عند عدم وجود الحمل ، وقوله : ( وعلى هذا لغة العرب لا نعرف سوى ذلك ) يدل على موافقته الإجماع .
(2) الواضح 3/ 272 .
(3) ينظر : تفسير ابن كثير 8/ 3555 .
(4) ينظر : التفسير الكبير 30/ 33 ، تفسير ابن كثير 8/ 3555 .(1/460)
وهذا القول الأخير هو الصواب ؛ بدليل أن السياق بعد الآيات الأولى في السورة كان في جميع المطلقات (1) .
قال الجصاص : ( وقوله تعالى : ¼ ـMX ... Wè QWفRز gŒHTVضOèRK ... wش`ًr N ... éSحYةكVK†WTت QWفXن`~VصWئ " [الطلاق:6] قد انتظم المبتوتة والرجعية ) (2) .
وقال ابن العربي : ( وتحقيقه : أن الله تعالى ذكر المطلقة الرجعية وأحكامها حتى بلغ إلى قوله تعالى : ¼ p÷WèV¢ xس`ںWئ `yRرقYQع " [الطلاق:2] ثم ذكر بعد ذلك حكماً يعم المطلقات كلهن من تعديد الأشهر وغير ذلك من الأحكام وهو عام في كل مطلقة ، فرجع ما بعد ذلك من الأحكام إلى كل مطلقة ) (3) .
المسألة الثانية :
هل تجب النفقة على البائن الحامل ؟ .
نَقَل الاجماع غير واحد من العلماء على وجوب النفقة على البائن الحامل مستدلين بهذه الآية .
قال الطبري : ( وقوله : ¼ ـMX ... Wè QWفRز gŒHTVضOèRK ... wش`ًr N ... éSحYةكVK†WTت QWفXن`~VصWئ uّPVچWڑ Wف`إWµWTے &QWفSنVصً`r " [الطلاق:6] يقول تعالى ذكره : وإن كان نساؤكم المطلقات أولات حمل ، وكن بائنات منكم ، فأنفقوا عليهن في عدتهن منكم حتى يضعن حملهن، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ) (4) .
وقال السمرقندي : ( وقد أجمعوا أن المطلقة إذا كانت حاملا فلها النفقة ) (5) .
وقال ابن قدامة في البائن الحامل : ( فلها النفقة والسكنى بإجماع أهل العلم ) (6) .
__________
(1) ينظر : معالم التنزيل 4/ 329 ، الكشاف 4/ 562 ، أحكام القرآن لابن العربي 4/ 287 .
(2) أحكام القرآن 3/ 614 .
(3) أحكام القرآن 4/ 287 .
(4) جامع البيان 23/ 62 .
(5) تفسير السمرقندي 3/ 440 .
(6) المغني 11/ 402 ، وينظر : الحاوي 11/ 465 .(1/461)
وقال القرطبي : ( أجمع أهل العلم على أن نفقة المطلقة ثلاثاً أو مطلقة للزوج عليها رجعة وهي حامل واجبة لقوله تعالى : ¼ ـMX ... Wè QWفRز gŒHTVضOèRK ... wش`ًr N ... éSحYةكVK†WTت QWفXن`~VصWئ uّPVچWڑ Wف`إWµWTے &QWفSنVصً`r " [الطلاق:6] ) (1) .
ودليله قوله تعالى : ¼ ـMX ... Wè QWفRز gŒHTVضOèRK ... wش`ًr N ... éSحYةكVK†WTت QWفXن`~VصWئ uّPVچWڑ Wف`إWµWTے &QWفSنVصً`r " [الطلاق:6] ، وفي بعض أخبار فاطمة بنت قيس : " ما لك نفقة إلا أن تكوني حاملاً " (2) .
ولأن الحمل ولده ، فيلزمه الإنفاق عليه ، ولا يمكنه النفقة عليه إلا بالإنفاق عليها فوجب كما وجبت أجرة الرضاع (3) .
والخلاف إنما هو في النفقة على البائن غير الحامل ، وهو مبسوط في كتب الفقه وغيرها (4) ، والراجح أنه لا نفقة لها ولا سكنى ؛ لدلالة الآية السابقة والحديث ، ولا معارض لهما . والله أعلم .
سورة التحريم
قال تعالى : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے WفےY،PVض@ ... N ... éSTقWع ... ƒٍ Nv ... éTSٹéSTژ uّVضXM ... JًY/@ ... _àWTٹَéWTژ †[ڑéS±PVTك uّW©Wئ َطRرQSTٹًO ـKV ... W£PYةVرSTے َطRرقWئ َطRرYژ†WTLTTQY~Wھ َطS|WTصY`ںSTےWè xŒHTPVTقW- ÷X£`يmً- فYع †WنYچيmً`ڑ S£HTWن`TكVK‚ô@ ... W×َéWTے ‚Wپ ÷X¥mïmٌ` JًS/@ ... JًّX‰QWقض@ ... ًفےY،PVض@ ... Wè N ... éSقWع ... ƒٍ IS$مWإWع َطSهSOéSTك uّWإpT©WTے fû`kWTٹ َطXنےYں`TےKV ... َطXنYقHTWظ`TےVK†YTٹWè WـéSTضéSحWTے :†WTقPVTٹWO َطYظ`TژVK ... †WTقVض †WTكWOéSTك َ£YةpTTçئ@ ... Wè $:†WTقVض ًذPVTكMX ... uّVصWئ QXشS{ xٍpّW® c£ےYںWخ (8) " [التحريم:8] .
__________
(1) الجامع لأحكام القرآن 3/ 185 ، 18/ 166 .
(2) هذا اللفظ أخرجه مسلم في كتاب الطلاق باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها (1480) .
(3) ينظر : المغني 11/ 402 .
(4) ينظر : المدونة 2 / 48 ، أحكام القرآن للجصاص 3 / 614 ، معالم التنزيل 4/ 330 ، أحكام القرآن لابن العربي 4/ 287 ، المغني 11/ 402 ، الحاوي الكبير 11/ 465 .(1/462)
141/1- قال ابن عقيل في قوله تعالى : ¼ W×َéWTے ‚Wپ ÷X¥mïmٌ` JًS/@ ... JًّX‰QWقض@ ... ًفےY،PVض@ ... Wè N ... éSقWع ... ƒٍ IS$مWإWع " [التحريم:8] : ( مما يعطي قبول شفاعته في عصاة أمته ، لأن رد السؤال خزي عند العرب اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل الخزي في الآية برد الشفاعة ، لأن ذلك خزي عند العرب .
وقد أشار إلى هذا المعنى السمرقندي حيث قال : ( ويقال : يوم لا يخزيه فيما أراد من الشفاعة .. ) (2) .
وهذا من التفسير للآية بالمثال ، فرد السؤال خزي عند العرب ولا شك ؛ لما فيه من الإهانة .
وممن فسرها بالمثال أيضاً البغوي حيث يقول : (¼ W×َéWTے ‚Wپ ÷X¥mïmٌ` JًS/@ ... JًّX‰QWقض@ ... ًفےY،PVض@ ... Wè N ... éSقWع ... ƒٍ IS$مWإWع " [التحريم:8] ، أي : لا يعذبهم الله بدخول النار ) (3) ، وسياق الآية يدل عليه وعلى ما هو أعم من ذلك حيث يقول تعالى : ¼ ًفےY،PVض@ ... Wè N ... éSقWع ... ƒٍ IS$مWإWع " [التحريم:8] فلا يحصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا لمن آمن معه أي نوع من أنواع الخزي مهما دقَّ ، وهذا هو ما عليه عامة العلماء ، وما يوافق لغة العرب ، ولا يُعارض من ذكر نوعاً من أنواع الخزي .
قال الزجاج : ( المُخْزى في اللغة : المذل المحقور بأمر قد لزمه بحجة ) (4) .
وقال الواحدي : (¼ W×َéWTے ‚Wپ ÷X¥mïmٌ` JًS/@ ... JًّX‰QWقض@ ... ًفےY،PVض@ ... Wè N ... éSقWع ... ƒٍ IS$مWإWع " [التحريم:8] ، أي : لا يفضحهم ولا يهلكهم ) (5) .
وقال السمعاني : ( وقوله : ¼ W×َéWTے ‚Wپ ÷X¥mïmٌ` JًS/@ ... JًّX‰QWقض@ ... " [التحريم:8] ، أي : لا يهينه ولا يفضحه ، وهو إشارة إلى كرامة في الآخرة ، يعني : يكرمه ويشرفه في ذلك اليوم ولا يهينه ولا يذله ) (6) .
__________
(1) الفنون 2/ 573 .
(2) تفسير السمرقندي 3/ 448 .
(3) معالم التنزيل 4/ 338 .
(4) معاني القرآن 1/ 500 .
(5) الوجيز 2/ 1113 .
(6) تفسير السمعاني 5/ 477 ، وينظر : لسان العرب 14/ 226 .(1/463)
وقال الراغب : ( خزي الرجل : لحقه انكسار إما من نفسه ، وإما من غيره ؛ فالذي يلحقه من نفسه هو الحياء المفرط ... والذي يلحقه من غيره ، يقال : هو ضرب من الاستخفاف ) (1) . والله أعلم .
سورة الملك
قال تعالى : ¼ ÷Y،PVض@ ... WجVصW Wؤ`‰Wھ x.WéHTWظWھ $†T_TTخ†W‰Y؛ †QWع uüW£TWTژ ء Xج<صW XفHTWظ`ڑQW£ض@ ... فYع x$SéHTWةWTژ XؤTY-`O@†WTت W£W±WT‰<ض@ ... `شWه uüW£TWTژ فYع xOéR¹STت (3) "[الملك:3] .
142/1- قال ابن عقيل : ( وقد نفى سبحانه التفاوت عن أفعاله بقوله : ¼ †QWع uüW£TWTژ ء Xج<صW XفHTWظ`ڑQW£ض@ ... فYع x$SéHTWةWTژ " [الملك:3] ، فكان ذلك تنبيهاً على نفي النقائص عن صفاته اهـ ) (2) .
___________________________________
الدراسة :
استنبط ابن عقيل فائدة من نفي الله التفاوت عن أفعاله : نفي النقائص عن صفاته ، وهو كما قال ؛ لأن إتقان الخلق يدل على كمال الخالق سبحانه .
وهذا استدلال واضح في هذه المسألة ، ولذلك لم أجد من المفسرين من أشار إلى هذه اللفتة عند هذه الآية إلا ما ذكره الرازي في تفسيره حيث قال : ( وأما دليل العلم فهو قوله : ¼ †QWع uüW£TWTژ ء Xج<صW XفHTWظ`ڑQW£ض@ ... فYع x$SéHTWةWTژ XؤTY-`O@†WTت W£W±WT‰<ض@ ... ` " [الملك:3]...) إلى أن قال : ( اعلم أن وجه الاستدلال بهذا على كمال علم الله تعالى : هو أن الحس دل أن هذه السماوات السبع أجسام مخلوقة على وجه الإحكام والإتقان ، وكل فاعل كان فعله محكماً متقناً فإنه لا بد وأن يكون عالماً ؛ فدلت هذه الدلالة على كونه تعالى عالماً بالمعلومات ) (3) .
وما ذكره الرازي في استدلاله على إثبات كمال علم الله تعالى يندرج على جميع صفات المولى عز وجل .
والذي عليه أهل السنة والجماعة أن نفي النقص عن أفعال الله أو صفاته هو إثبات لكمال ضده ؛ لأن النفي الخالص لا مدح فيه .
__________
(1) المفردات ص 165 .
(2) الواضح 2/ 377 .
(3) التفسير الكبير 30/ 51 .(1/464)
قال ابن القيم : ( كل ما نفاه الله عن نفسه هو لإثبات كمال ضده ) (1) .
وقال ابن أبي العز : ( كل نفي يأتي في صفات الله تعالى في الكتاب والسنة إنما هو لثبوت كمال ضده ، كقوله تعالى : ¼ ‚WپWè ٌyYصpہ¹WTے ًذQSTٹWO ... _ںWڑVK ... (49) " [الكهف:49] لكمال عدله ، ¼ ‚Wپ ٌ‡S¥`إWTے SمTT`قTWئ ٌس†WTحpTT'YTع xلQWOV¢ ء g.WéHTWظQW©ض@ ... ‚WپWè ء X³`OKKV‚ô@ ... " [سبأ:3] لكمال علمه ، وقوله تعالى : ¼ †WعWè †WقJً©Wع فYع x‡éSçإPRض (38) " [ق:38] لكمال قدرته ، ¼ ‚Wپ ISâR،SK<†WTژ bàWقYTھ ‚WپWè &c×َéTWTك " [البقرة:255] لكمال حياته وقيوميته ، ¼ ‚PVپ SمS{XO`ںTSTژ S£HTTfT±`TٹVK‚ô@ ... " [الأنعام:103] لكمال جلاله وعظمته وكبريائه ، وإلا فالنفي الصِّرف (2) لا مدح فيه ) (3) .
لأن النفي قد يكون عن عجز ، كما يُمَثَّل على نفي الفعل لعدم القدرة عليه بقولهم : الجدار لا يظلم ، والله جل وعلا منزه عن ذلك . والله تعالى أعلم .
سورة المدثر
قال تعالى : ¼ ًذWTٹ†W~YT'Wè َ£TQXنً¹WTت (4) " [المدثر:4] .
143/1- قال ابن مفلح (4) : ( احتج غير واحد منهم ابن عقيل على أن اجتناب النجاسة شرط بقوله تعالى : ¼ ًذWTٹ†W~YT'Wè َ£TQXنً¹WTت (4) " اهـ ) (5) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) الصواعق المرسلة 3/ 1023 .
(2) الصِّرف : الخالص من كل شيء ، ينظر : لسان العرب 9/ 192 .
(3) شرح العقيدة الطحاوية 1/ 68 .
(4) هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مفلح المقدسي ثم الصالحي الحنبلي ، من مصنفاته : الفروع ، الآداب الشرعية ، مات سنة 763هـ ، له ترجمة في : البداية والنهاية 18/ 657 ، شذرات الذهب 6/ 199 .
(5) الفروع 1/ 367 .(1/465)
استدل ابن عقيل بالآية : ¼ ًذWTٹ†W~YT'Wè َ£TQXنً¹WTت (4) " على أن الصلاة لا تصح بدون طهارة الثياب ؛ لنص الآية على هذا ، وهو استدلال صحيح ، وبمثله استدل الحنفية (1) ، والمالكية (2) ، الشافعية (3) ، والحنابلة (4) ، وغيرهم (5) .
قال السمعاني : ( وهو قول مختار عند الفقهاء ) (6) .
وقال القرطبي : ( وهو ظاهر منها - أي الاستدلال بالآية - صحيح فيها ) (7) .
__________
(1) ينظر : بدائع الصنائع 1/ 536 فتح القدير لابن الهمام 1/ 192 .
(2) ينظر : المدونة 1/ 138 ، بداية المجتهد ص 66 .
(3) ينظر : أحكام القرآن للشافعي 1/ 81 ، المجموع 3/ 140.
(4) ينظر : المغني 2/ 464 ، الفروع 1/ 367 .
(5) ينظر : المحلى 3/ 122 ، الكشاف للزمخشري 4/ 647 .
(6) تفسير السمعاني 6/ 89 .
(7) الجامع لأحكام القرآن 19/ 66 .(1/466)
وذهب بعض العلماء إلى أن المراد في الآية : الثياب المعنوية ، أي : العمل ، ففي الآية الأمر بإصلاح العمل ، لأنه يقال : فلان خبيث الثياب ، إذا كان خبيث العمل (1) ، وهذا من أسباب اختلافهم في هذه المسألة ، ولذا قال من فسرها بالمعنى المعنوي : لا تشترط طهارة الثياب الحسية في الصلاة ، وممن رُوي عنه ذلك : مالك وبعض أصحابه (2) ، واحتُج لمالك بحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره ، فلما رأى القوم ذلك ألقوا نعالهم , فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال : " ما حملكم على إلقائكم نعالكم ؟ " قالوا : رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا , فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً " (3) ، ووجه الاستدلال به : أنه أكمل الصلاة ولم يُعد ما مضى من صلاته بالقذر .
والصواب أن استدلال ابن عقيل بالآية صحيح لا إشكال فيه لأمور منها :
5- أن هذه الآية مما استدل بها الجمهور على وجوب اجتناب النجاسة في الصلاة . قال النووي : ( واحتج الجمهور بقول الله تعالى : ¼ ًذWTٹ†W~YT'Wè َ£TQXنً¹WTت " [المدثر:4] والأظهر أن المراد ثيابك الملبوسة ، وأن معناه : طهرها من النجاسة , وقد قيل في الآية غير هذا , لكن الأرجح ما ذكرناه ، ونقله صاحب الحاوي عن الفقهاء ، وهو الصحيح ) (4) .
__________
(1) ينظر : الجامع لأحكام القرآن 19/ 63 .
(2) ينظر : بداية المجتهد ص 66 ، شرح الموطأ 1/ 41 .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب الصلاة في النعل (650) ، وقال النووي : إسناده صحيح ، ينظر : المجموع 3/ 140 .
(4) المجموع 3/ 140 .(1/467)
6- أن أدلة من قصرها على المعنى الثاني غير ناهضة لقصرها عليه. ويمكن الإجابة عنها ، أما الحديث : فإن الوارد فيه " القذر " ولا يلزم أن يكون نجساً كالمخاط والبصاق ونحوهما ، وعلى فرض كونه نجساً فيحتمل كونه قليلاً معفواً عنه . ثم إن الحديث دليل عليهم حيث أزال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فيه القذر فور علمه بها ، وما كان قبل علمه فهو معذور فيه لجهله بوجوده أو نسيانه .
7- أن الأولى البقاء على المعنى الظاهر دون غيره من المعاني الخفية .
8- أن الأمر المعنوي عُطف على هذه الآية بقوله تعالى : ¼ W¥`-SQ£<ض@ ... Wè َ£TSo`ه@†WTت (5) ‚WپWè فSقT`ظWTژ S£Y'<رWTچ`©WTژ (6) ًذQYTٹW£YضWè `OYip²@†WTت (7) " [المدثر:5-7] ، فدل على أن الأولى إرادة المعنى الحسي لتزيد الفائدة ، ولا يكون في الآيات تكراراً .
9- أنه مع التسليم بحمل الآية على المعنى المعنوي فلا ينفى عنها المعنى الحسي ؛ بل هو الأصل فتحمل عليهما جميعاً ، وليس هناك مانع من هذا ، أما قصرها على المعنى المعنوي فهو تخصيص بلا دليل (1) .
10- أن الأدلة الأخرى شاهدة للمعنى الحسي ، وهو شرطية إزالة النجاسة ، ومنها : ما جاء عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقبرين يعذبان ، فقال : " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما : فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر : فكان يمشي بالنميمة " (2) . والله أعلم .
قال تعالى : ¼ †Wع `yRرW|VصWھ ء W£WحWھ (42) N ... éSTض†WTخ `yVض ٌذWTك WفYع WـkPYصTW±Sظ<ض@ ... (43) `yVضWè ٌذWTك SطYإp¹TSTك WـkYرp©Yظ<ض@ ... (44) †PVTقS{Wè ٌ³éSWTك WؤWع WـkYµMXْ:†W<ض@ ... (45) †PVTقTS{Wè ٌ‡PY،VرSTك YzَéTW~Yٹ XفےPYںض@ ... (46) " [المدثر:42-46] .
__________
(1) ينظر : المحلى 3/ 122 .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب الجريدة على القبر (1361) ، ومسلم في كتاب الطهارة باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه (292) .(1/468)
144/2- قال ابن عقيل : ( وهذا يدل على أنهم يؤاخذون بترك الإيمان وترك العبادات المذكورة اهـ ) (1) .
___________________________________
الدراسة :
استدل ابن عقيل في هذه الآية على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ، وقد سبق بحث خلاف العلماء في هذه المسألة عند قوله تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... Wè ‚Wپ WـéSئ`ںWTے WؤWع JًY/@ ... †_نHTVضXM ... W£W ... ƒٍ ‚WپWè WـéRصTSچpTحWTے W¨TpTةQWTقض@ ... ّYچPVض@ ... W×QW£Wڑ JًS/@ ... ‚PVپMX ... XJجW™<ض@†YTٹ ‚WپWè &fûéSTكَ¥WTے فWعWè `شWإpTةWTے WذYض.V¢ Wج<صWTے †_ع†WT'VK ... (68) pبWإHTWµSTے SمVTض ٌ‡ ... ً،Wإ<ض@ ... W×َéWTے YàWظHTW~Yح<ض@ ... pںTRص`mïmًWè -Yم~YTت †[Tك†fTTنTSع (69) " [الفرقان:68-69] (2) .
قال الرازي ضمن تفسيره لقوله تعالى : ¼ †Wع `yRرW|VصWھ ء W£WحWھ (42) N ... éSTض†WTخ `yVض ٌذWTك WفYع WـkPYصTW±Sظ<ض@ ... (43) `yVضWè ٌذWTك SطYإp¹TSTك WـkYرp©Yظ<ض@ ... (44) †PVTقS{Wè ٌ³éSWTك WؤWع WـkYµMXْ:†W<ض@ ... (45) †PVTقTS{Wè ٌ‡PY،VرSTك YzَéTW~Yٹ XفےPYںض@ ... (46) " [المدثر:42-46] : ( واحتج أصحابنا بهذه الآية على أن الكفار يعذبون بترك فروع الشرائع ، والاستقصاء فيه قد ذكرناه في المحصول من أصول الفقه (3) ) (4) . والله أعلم .
سورة الإنسان
قال تعالى : ¼ †_TTق`~Wئ ٌ‡W£pTWTے †WنYTٹ S †W‰Yئ JًY/@ ... †WنWTكèS£PYoWةSTے ... _OkYopTةWTژ (6) " [الإنسان:6] .
145/1- قال ابن عقيل : (¼ ٌ‡W£pTWTے †WنYTٹ " يعني : يشرب منها عباد الله اهـ ) (5) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) الواضح 3/ 134 .
(2) ينظر : 419 .
(3) ينظر : المحصول 2/ 237 وما بعدها .
(4) التفسير الكبير 30 / 186 ، ويراجع في هذه المسألة : العدة 2/ 364 ، الواضح 3/ 132 ، نهاية السول ص 72 ، البحر المحيط للزركشي 2/ 124 ، التقرير والتحبير 2/ 87 ، روضة الناظر 1/ 145 .
(5) الواضح 1/ 122 .(1/469)
اختلف العلماء في معنى [الباء] في هذه الآية على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن [الباء] بمعنى [من] ، وهذا جائز في العربية (1) ، تقول العرب : شربت بماء كذا ، أي من ماء كذا (2) ، وهو قول ابن عقيل ، والسمعاني (3) .
القول الثاني : أن الباء صلة ، والمعنى : يشربها عباد الله ، وهذا مستعمل في معاني الباء (4) .
قال الفراء : (¼ ٌ‡W£pTWTے †WنYTٹ " [الإنسان:6] ، ويشربها : سواء في المعنى ) (5) .
القول الثالث : أن [الباء] على معناها الأصلي وهو الإلصاق .
فيكون قوله تعالى : ¼ ٌ‡W£pTWTے †WنYTٹ " [الإنسان:6] مضمناً قولك : يروى بها أو يتلذذ بها (6) ؛ لأن قوله : يشرب يتعدى بنفسه فلما أريد باللفظ الشرب والري معاً عدي بالباء (7) . أو يضمن معنى المزج ، فتقول : عيناً يمزجون بها شرابهم ، كما تقول : شربت الماء بالعسل (8) .
والراجح عندي أن جميع المعاني صحيحة فهي مستعملة في العربية ، ويمكن حملها على الآية دون أي محذور ، لكن الأولى والأظهر هو القول الثالث لأمور منها :
- أن هذا هو ما عليه المحققون من أهل العلم (9) .
__________
(1) ينظر : العدة 1/ 211 ، المفردات ص 44 ، مغني اللبيب ص 114 .
(2) ينظر : تأويل مشكل القرآن ص 301 ، لسان العرب 1/ 487 .
(3) تفسير السمعاني 6/ 115 .
(4) ينظر : المحرر الوجيز 5/ 410 ، مغني اللبيب ص 115 .
(5) معاني القرآن 3/ 215 .
(6) ينظر : معاني القرآن للفراء 3/ 215 ، الجامع لأحكام القرآن 19/ 126 ، مغني اللبيب ص 120 .
(7) مجموع الفتاوى 13/ 342 ، تفسير البيضاوي 5/ 426 ، تفسير ابن كثير 8/ 3676 .
(8) ينظر : الكشاف 4/ 668 ، التفسير الكبير 30/ 213 .
(9) ينظر : البرهان للزركشي 3/ 338 ، بل أنكر ابن جني أن يكون من معاني الباء التبعيض . ينظر : الجنى الداني ص 44 .(1/470)
- أن العين قد يراد بها المكان فيكون المعنى : مكاناً يشرب به ، دل عليه آخر الآية وهو قوله : ¼ †WنWTكèS£PYoWةSTے ... _OkYopTةWTژ (6) " [الإنسان:6] أي : يفجرون ذلك المكان (1) ، فكون الباء على معناها الأصلي يفيد المعنيين .
- أن معنى الإلصاق للباء في كلام العرب أكثر من غيره ، فهو أصل معانيها ، حتى إن بعض النحويين قد ردوا أكثر معاني الباء إليه (2) .
- أن الأصل البقاء على المعنى الأصلي حتى يأتي دليل ينقل عنه (3) .
والله تعالى أعلم .
سورة المطففين
قال تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... ... V¢XM ... N ... éSTض†WTچ<ز@ ... ّVصWئ X†PVقض@ ... WـéSTpتéWTچ`©Wے (2) " [المطففين:2] .
146/1- قال ابن عقيل : ( ¼ WّVصWئ X†PVقض@ ... " يعني : من الناس اهـ ) (4) .
___________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل [على] بـ[من] في هذه الآية ، أي : إذا اكتالوا من الناس يستوفون ، وهو قول ابن قتيبة (5) ، والطبري (6) ، والزجاج (7) ، والنحاس (8) ، والسمرقندي (9) ، وكافة العلماء على هذا التفسير (10) .
__________
(1) ينظر : المفردات ص 44 .
(2) ينظر : رصف المباني ص 222 ، الجنى الداني ص 46 .
(3) ينظر كلام العلماء في هذه المسألة : المفردات ص 44 ، زاد المسير 8/ 166 ، تفسير البيضاوي 5/ 426 .
(4) الواضح 1/ 122 .
(5) تأويل مشكل القرآن ص 300 .
(6) جامع البيان 24/ 186 .
(7) معاني القرآن وإعرابه 5/ 297 .
(8) معاني القرآن 2/ 380 .
(9) تفسير السمرقندي 3/ 534 .
(10) ينظر : معالم التنزيل 4 / 427 ، الكشاف 4 / 720 ، المحرر الوجيز 5 / 450 ، زاد المسير 8/ 219 ، تفسير ابن كثير 8/ 3728 ، لسان العرب 11/ 604 .(1/471)
قال الفراء : ( ¼ N ... éSTض†WTچ<ز@ ... ّVصWئ X†PVقض@ ... " [المطففين:2] يريد اكتالوا من الناس ، وهما تعتقبان - على ومن - في هذا الموضع ؛ لأنه حق عليه ، فإذا قال : اكتلت عليك فكأنه قال : أخذت ما عليك ، وإذا قال : اكتلت منك ، فهو كقولك : استوفيت منك ) (1) .
وقال ابن الجوزي : ( قوله تعالى : ¼ WفےY،PVض@ ... ... V¢XM ... N ... éSTض†WTچ<ز@ ... ّVصWئ X†PVقض@ ... " [المطففين:2] أي : من الناس فـ [على] بمعنى [من] في قول المفسرين واللغويين ) (2) .
ومما يحسن التنبيه عليه عند هذه الآية :
أنه إذا كان الأصل في اللغة أن يقال : اكتلت من فلان ، ولا يقال : اكتلت على فلان (3) ، فما وجه استخدام [على] مكان [من] في هذا الموضع ؟ .
فأقول : الجواب من وجوه :
الأول : أن [على] و [من] يتعاقبان كما قال الفراء (4) وغيره (5) ، فهما بمعنى واحد ، ويجوز استخدام أحدهما مكان الآخر ؛ ليكون في ذلك تنبيه لأمر آخر ، كما سيأتي .
الثاني : لما كان اكتيالهم من الناس اكتيالاً فيه إضرار بهم وتحامل عليهم أقيمت [على] مقام [من] الدالة على ذلك (6) ، أي : على الاستعلاء وما يحمله من المعاني كالظلم والتعدي ونحوها .
قال أبو السعود : ( وتبديل كلمة [على] بـ[من] لتضمين الاكتيال معنى : الاستيلاء ) (7) .
الثالث : أن يكون ذلك للدلالة على أن اكتيالهم : لما لهم على الناس ؛ لأن استخدام [من] في هذا المقام يوهم معنى آخر ، وهو أنهم يكتالون للناس ما ليس لهم .
__________
(1) معاني القرآن 3/ 246 .
(2) زاد المسير 8/ 219 .
(3) التفسير الكبير 31/ 80 ، مغني اللبيب ص 151 .
(4) معاني القرآن 3/ 246 .
(5) ينظر : جامع البيان 24/ 186 .
(6) التفسير الكبير 31/ 80 .
(7) تفسير أبي السعود 6/ 394 ، وينظر : البرهان للزركشي 3/ 342 ، روح المعاني 30/ 68 .(1/472)
قال البيضاوي : ( أي : إذا اكتالوا من الناس حقوقهم يأخذونها وافية ، وإنما أبدل [على] بـ[من] للدلالة على أن اكتيالهم لما لهم على الناس ) (1) .
الرابع : أن يكون [على] متعلق بـ ¼ WـéSTpتéWTچ`©Wے " [المطففين:2] من باب تقديم المفعول على الفعل .
قال الزمخشري : ( ويجوز أن يتعلق على بـ ¼ WـéSTpتéWTچ`©Wے " [المطففين:2] ويقدم المفعول على الفعل لإفادة الخصوصية ، أي : يستوفون على الناس خاصة ) (2) . والله تعالى أعلم .
قال تعالى : ¼ †_Tق`~Wئ ٌ‡W£pTWے †WنYٹ fûéSTٹQW£WحSظ<ض@ ... (28) " [المطففين:28] .
147/2- قال ابن عقيل : (¼ †WنYٹ " يعني : منها اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل [الباء] بـ[من] في هذه الآية وهو مستعمل في معاني الباء عند أهل اللغة (4) ، وقد سبق ذكر أقوال العلماء في معناها في مثل هذه الآية عند قوله تعالى : ¼ †_TTق`~Wئ ٌ‡W£pTWTے †WنYTٹ S †W‰Yئ JًY/@ ... †WنWTكèS£PYoWةSTے ... _OkYopTةWTژ (6) " [الإنسان:6] (5) .
سورة القدر
قال تعالى : ¼ SسPV¥WقWTژ SàVرMXù;HTTVصWظ<ض@ ... S-èQS£ض@ ... Wè †Wن~Yت Xـ<¢XM†XTٹ طXنQYTٹWO فYQع QXشRز w£`عKV ... " [القدر:4] .
148/1- قال ابن عقيل : ( قوله تعالى : ¼ فYQع QXشRز w£`عKV ... (4) " أي : بكل أمر اهـ ) (6) .
___________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل [من] في هذه الآية بـ[الباء] فيكون معنى الآية : أن الملائكة والروح تنزل فيها بإذن الله بكل أمر .
__________
(1) تفسير البيضاوي 5/ 463 .
(2) الكشاف 4/ 720 .
(3) الواضح 1/ 122 .
(4) ينظر : تأويل مشكل القرآن ص 301 ، العدة 1 / 211 ، المفردات ص 44 ، مغني اللبيب ص 114 ، لسان العرب 1/ 487 .
(5) ينظر : ص 551 .
(6) الواضح 1/ 122 .(1/473)
وهو ما فسرها به ابن قتيبة (1) ، والواحدي (2) ، والبغوي (3) ، وغيرهم (4) .
قال ابن الجوزي : ( قال المفسرون : يتنزلون بكل أمر قضاه الله في تلك السنة إلى قابل ) (5) .
و[من] تأتي بمعنى [الباء] في القرآن وغيره (6) كما سبقت الإشارة إلى شيء من ذلك عند قوله تعالى : ¼ ISمWكéٌہ¹Wة`™WTے َفYع X£`عKV ... %JًY/@ ... " [الرعد:11] (7) ، أي : بأمر الله . وهذه مثلها (8) ، وتقول العرب : ضربته من السيف ، أي : بالسيف (9) . وهذا من سعة اللغة العربية في استعمال حروف الصفات مكان بعض خصوصاً إذا كان لاستعماله زيادة معنى أو تنبيه على أمر أو نحو ذلك .
والذي أراه في هذه الآية أن استعمال [من] بدلاً من [الباء] هو مراعاة عدم تتكرار [الباء] في كلمتين متتاليتين ، فيكون في الكلام ثقلاً ، وذلك أن الباء سبقت في قوله تعالى : ¼ Xـ<¢XM†XTٹ طXنQYTٹWO فYQع QXشRز w£`عKV ... " [القدر:4] ، فناسب استخدام حرف آخر يحمل نفس المعنى ، وهذا من إعجاز القرآن المتضمن فصاحة أسلوبه وسلامة ألفاظه .
ويجوز أن تكون [من] بيانية كما قال ابن عاشور : ( و[مِن] في قوله : ¼ فYQع QXشRز w£`عKV ... " يجوز أن تكون بيانية تُبَيِّن الإذن من قوله : ¼ Xـ<¢XM†XTٹ طXنQYTٹWO " ، أي : بإذن ربهم الذي هو في كل أمر ) (10) .
__________
(1) تأويل مشكل القرآن ص 301 .
(2) الوجيز 2/ 1219 .
(3) معالم التنزيل 4/ 479 .
(4) ينظر : البرهان للزركشي 4/420 .
(5) زاد المسير 8/ 299 .
(6) ينظر : الجنى الداني ص 314 ، مغني اللبيب 316 .
(7) ينظر : ص 335 .
(8) ينظر : معالم التنزيل 4/ 479 ، التحرير والتنوير 30/ 464 .
(9) ينظر : الجنى الداني ص 314 .
(10) التحرير والتنوير 30/ 464 .(1/474)
ويجوز أن تكون [من] للتعليل ، ولذلك فسر بعض العلماء هذه الآية بقولهم : من كل أمر ، أي : لكل أمر (1) ، أو من أجل كل أمر (2) .
قال الزمخشري : ( ¼ فYQع QXشRز w£`عKV ... " أي : تتنزل من أجل كل أمر قضاه الله لتلك السنة إلى قابل ) (3) .
ومثله قال أبو حيان (4) .
وما دامت [من] تستعمل بمعنى الباء في القرآن كقوله تعالى : ¼ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ " [البقرة:240] (5) ، وتستعمل بمعنى التعليل كقوله تعالى : ¼ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ " [الأنعام:151] (6) ، فلا مانع من حمل الآية عليها كلها ، لأن الآية تحتملها . والله تعالى أعلم .
سورة الزلزلة
قال تعالى : ¼ QWـKV†Yٹ ًذQWTٹWO uّWڑ`èVK ... †WنVض (5) " [الزلزلة:5] .
149/1- قال ابن عقيل : ( يعني : إليها اهـ ) (7) .
___________________________________
الدراسة :
__________
(1) ينظر : تفسير السمعاني 6/ 262 .
(2) ينظر : التفسير الكبير 32/ 35 ، تفسير أبي السعود 6/ 453 ، التحرير والتنوير 30/ 464 ، معجم حروف المعاني في القرآن الكريم 3/ 1103 .
(3) الكشاف 4/ 787 .
(4) ينظر : البحر المحيط 8/ 497 .
(5) ينظر : من أسرار حروف الجر ص 352 .
(6) ينظر : المرجع السابق ص 358 .
(7) الواضح 1/ 122 .(1/475)
فسر ابن عقيل [اللام] في هذه الآية بـ[إلى] ، وروي عن ابن عباس - رضي الله عنه - (1) ، وهو قول ابن قتيبة (2) ، والطبري (3) ، والنحاس (4) ، والجصاص (5) ، والواحدي (6) ، والسمعاني (7) ، وعليه أكثر العلماء (8) ؛ لأن المعروف تعدي الوحي بـ[إلى] ، كقوله تعالى : ¼ uّWڑ`èVK ... Wè ًذQSTٹWO ّVضXM ... Xش`™PVقض@ ... " [النحل:68] .
واستعمال [اللام] مكان [إلى] كثير في اللغة العربية (9) ، كقوله تعالى : ¼ SمHTWTقpTحSھ xںVصW‰Yض xŒQY~TQWع " [الأعراف:57] أي : إلى بلد ، وقوله تعالى : ¼ QbشRز ÷X£`oWTے wشW-VK‚Yپ &ّQ^ظW©QSع " [الرعد:2] أي : إلى أجل .
وتأمل في قول الله تعالى : ¼ N ... éSTض†WTخWè Sں`ظW™<ض@ ... YمPVصYض ÷Y،PVض@ ... †WTقHTْWںWه ... W،HTWنYض " الآية [الأعراف:43] ، فـ[هدى] يتعدى بـ[إلى] ، كما قال تعالى : ¼ `ySنHTWTقT`TےWںWهWè uّVضXM ... x·.W£g² xy~YحWچTT`©QSع (87) " [الأنعام:87] فالهداية أوصلت صاحبها إلى الصراط المستقيم . والوصول موجود في معنى [إلى] و[ اللام] ، فـ[اللام] أقرب الحروف لفظاً ومعنىً إلى [إلى] ، ولذلك جاز دخول كل واحدة منهما في موضع الأخرى ، كقوله تعالى : ¼ Nv ... éSإWTت` @†WTت `طXن`~VضXM ... $`طSنVض.Wé`عKV ... " [النساء:6] أي : ادفعوا لهم (10) .
__________
(1) جامع البيان 24/ 562 ، الدر المنثور 8/ 592 .
(2) تأويل مشكل القرآن ص 300 .
(3) جامع البيان 24/ 560 .
(4) معاني القرآن 4/ 470 .
(5) أحكام القرآن 3/ 253 .
(6) الوجيز 2/ 1223 .
(7) تفسير السمعاني 6/ 268 .
(8) ينظر : الكشاف 4 / 791 ، زاد المسير 8/ 305 ، التفسير الكبير 32/ 57 ، الجامع لأحكام القرآن 20/ 149 ، تفسير ابن كثير 8/ 3835 ، معجم حروف المعاني في القرآن الكريم 2/ 886 .
(9) ينظر : الجنى الداني ص 99 ، مغني اللبيب ص 215 ، لسان العرب 3/ 157 .
(10) ينظر : رصف المباني ص 297 .(1/476)
وذهب جماعة من العلماء إلى أن الفعل [أوحى] مضمن معنى : [أذن] منهم الواحدي (1) ، وأشار إليه البغوي (2) ، واستظهره ابن كثير (3) .
ولا تعارض بين القولين ؛ فمؤداهما واحد ، وليس تضمين أحدهما بأولى من الآخر (4) .
قال الطبري : ( وتأويل الكلام على هذا المعنى : يومئذ تبين الأرض أخبارها بالزلزلة والرجة وإخراج الموتى من بطونها إلى ظهورها بوحي الله إليها وإذنه لها بذلك ، وذلك معنى قوله : ¼ QWـKV†Yٹ ًذQWTٹWO uّWڑ`èVK ... †WنVض (5) " [الزلزلة:5] ، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ) (5) .
فجمع الطبري بين القولين على أنهما قولاً واحداً ، وهذا بديع في تفسير كلام الله جل وعلا .
فإن قال قائل : فما السر في استعمال [اللام] مكان [إلى] ؟ .
فالجواب أن يقال :
17- لقرب [اللام] من [إلى] في اللفظ والمعنى كما سبق ، فأيهما كان أولى في سياق الآية كان استعماله أجدر وأحرى .
18- أن اختيار [اللام] دون [إلى] لمراعاة فواصل الآيات ، وهذا من أقوى الأوجه في نظري ؛ لأن الفواصل لها اعتبارها في كثير من خواتم الآيات في القرآن مع ما يرتبط بها من معان أخرى قد نعلم منها اليسير ويخفى علينا الكثير ، وقد أشار بعض العلماء إلى شيء من ذلك في هذه الآية التي معنا .
19- أن التعدية باللام لتضمين [أوحى] معنى [قال] وإنما عدل عن فعل [قال لها] إلى فعل [أوحى لها] لأنه حكاية تكوين لا عن قول لفظي (6) .
__________
(1) الوجيز 2/ 1223 .
(2) معالم التنزيل 4/ 483 .
(3) تفسير ابن كثير 8/ 3835 .
(4) فعلى القول الأول : ضمنت [اللام] معنى [إلى] ، وعلى الرأي الآخر : ضمن [أوحى] معنى [أذن] .
(5) جامع البيان 24/ 560 .
(6) ينظر : التحرير والتنوير 30/ 493 .(1/477)
20- أن الوحي للأرض أمر خاص لها على سبيل التسخير ، وهو ما يفسر به مجيئه هنا متعدياً باللام من بين ما يقرب من سبعين موضعاً كلها عديت بـ[إلى] (1) .
21- قال الرازي : ( لعله إنما قال : [لها] أي : فعلنا ذلك لأجلها ، حتى تتوسل الأرض بذلك إلى التشفي من العصاة ) (2) . بمعنى : أن اللام على بابها ، والموحى إليه محذوف ، وهو الملائكة ، والتقدير : أوحى إلى الملائكة لأجل الأرض ، أي : لأجل ما يفعلون فيها ، وفي هذا من التكلف ما فيه .
سورة العصر
قال تعالى : ¼ QWـMX ... WفHTTW©ك‚XMô@ ... ّYةVض \£TT`©S (2) ‚PVپMX ... WفےY،PVض@ ... N ... éSقTWع ... ƒٍ N ... éSTصYظWئWè YŒHTTW™YصHTJً±ض@ ... N ... َéfT² ... WéTWTژWè JXجW™<ض@†Yٹ N ... َéfT² ... WéWTژWè YO`iJً±ض@†Yٹ (3) " [العصر:2-3] .
150/1- قال ابن عقيل : ( الذين اسم جماعة ، والجماعة لا تستثنى من واحد ، فدل ذلك على أنه أراد بالإنسان الجنس ، فكذلك صح أن يستثنى منه جماعة اهـ ) (3) .
___________________________________
الدراسة :
فسر ابن عقيل الإنسان في الآية بالجنس ، فيشمل كل إنسان وبهذا فسره الطبري (4) ، والزجاج (5) ، وابن الجوزي (6) ، والقرطبي (7) ، وغيرهم (8) .
قال الزجاج : ( الإنسان ههنا في معنى الناس ، كما تقول : كثر الدرهم والدينار في أيدي الناس ، تريد قد كثر الدراهم ) (9) .
__________
(1) ينظر : المفردات ص 498 ، من أسرار حروف الجر في الذكر الحكيم ص 233 .
(2) التفسير الكبير 32/ 57 ، وينظر : روح المعاني 30/ 210 .
(3) الواضح 3/ 255 .
(4) جامع البيان 24/ 612 .
(5) معاني القرآن وإعرابه 5/ 359 .
(6) زاد المسير 8/ 316 .
(7) الجامع لأحكام القرآن 20/ 180 .
(8) ينظر : تفسير البيضاوي 5/ 526 ، تفسير النسفي 4/ 375 ، تفسير ابن كثير 8/ 3853 ، الوجوه والنظائر للدامغاني ص 52 .
(9) معاني القرآن وإعرابه 5/ 359 .(1/478)
ودليلهم : أن الله سبحانه استثنى من الإنسان جماعة فدل على أن المراد عموم الناس .
قال الطبري : ( واستثنى الذين آمنوا عن الإنسان ؛ لأن الإنسان بمعنى الجمع لا بمعنى الواحد ) (1) .
وقال الفراء : ( ¼ ‚PVپMX ... WفےY،PVض@ ... N ... éSقTWع ... ƒٍ " [العصر:3] استثنى كثيراً من لفظ واحد ؛ لأنه تأويل جِمَاع ) (2) .
وذهب بعض العلماء إلى أن الإنسان هنا بمعنى الكافر (3) ، ومنهم السمرقندي (4) ، والواحدي (5) ، وأشار إليه النحاس (6) .
قال السمرقندي : ( يعني : أبا جهل ، والوليد بن المغيرة ، ومن كان في مثل حالهم ) (7) .
وقال الواحدي : ( يعني : الكافر العامل لغير طاعة الله ) (8) .
وقال البغوي في استدلالهم : ( قيل : أراد به الكافر بدليل أنه استثنى المؤمنين ) (9) .
والذي يظهر لي أن هذا الدليل لا يقوى على تخصيص اللفظ العام ببعض أجزائه ، أضف إلى ذلك أن الاستثناء سيكون على هذا التفسير منقطعاً ، وهذا خلاف الأصل ، فيبقى الاستثناء دليلاً قوياً للقول الأول .
كما أن مما يُستدل لهم به : أن استعمال لفظ الإنسان في القرآن إنما يراد به الكافر ، لأن هذا اللفظ من خصائص المكي ، وهذا أيضاً غير مسَلَّم ، لأنه ينخرم عليهم في مواضع عدة من كتاب الله تعالى .
قال القرطبي : ( وأما من قال : إن قوله : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے ٌ†PVقض@ ... " مكي حيث وقع فليس بصحيح ؛ فإن البقرة مدنية وفيها قوله : ¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے ٌ†PVقض@ ... " [البقرة:21-168] في موضعين ) (10) .
فالحق والصواب أن المراد في الآية : عموم الناس ؛ لأمور منها :
__________
(1) جامع البيان 24/ 614 .
(2) معاني القرآن 2/ 5 .
(3) ينظر : التفسير الكبير 32/ 82 .
(4) تفسير السمرقندي 3/ 590 .
(5) الوجيز 2/ 1231 .
(6) ينظر : معاني القرآن 4/ 259 .
(7) تفسير السمرقندي 3/ 590 .
(8) الوجيز 2/ 1231 .
(9) معالم التنزيل 4/ 491 .
(10) الجامع لأحكام القرآن 5/ 1 .(1/479)
4- أن هذا هو ما عليه اختيار جماهير العلماء من المفسرين وغيرهم (1) . قال القرطبي : ( قوله تعالى : ¼ ‚PVپMX ... WفےY،PVض@ ... N ... éSقTWع ... ƒٍ " [العصر:3] استثناء من الإنسان ، إذ هو بمعنى الناس على الصحيح ) (2) .
5- أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ولم أجد دليلاً صحيحاً لمن خصه بأسماء معينة (3) ، قال ابن حجر : ( تنبيه : لم أر في تفسير هذه السورة - يعني : سورة العصر - حديثاً مرفوعاً صحيحاً ) (4) .
6- أن الأصل كذلك : بقاء العموم على عمومه حتى يأتي ما يقوى على تخصيصه . قال الشنقيطي : ( وقيل : خاص بالكافر ، والأول أرجح للعموم ) (5) .
7- أن : ¼ WفےY،PVض@ ... " [العصر:3] اسم جماعة ، والجماعة لا تستثنى من واحد ، فدل ذلك على أنه أراد بالإنسان الجنس كما قال ابن عقيل وغيره (6) .
8- أنه لوكان المراد بالإنسان في الآية الكافر لما احتيج إلى استثناء المؤمنين (7) .
والله تعالى أعلم .
الخاتمة
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، والصلاة السلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فلقد عشت مع هذا البحث سنوات أقلب فيها كتب ابن عقيل الحنبلي أستخرج تفسيره المتفرق ، وأدرسه وأقارنه بتفسير السابقين له واللاحقين ، فزادت معرفتي لسعة علمه ورسوخ قدمه بصورة أكبر ووضوح أكثر ، وظهر لي عدة نتائج ، أبرزها ما يلي :
أن الإمام ابن عقيل برع في عدة فنون ، ومنها : التفسير .
__________
(1) سبقت الإشارة إلى عدد منهم، وينظر : غريب الحديث لابن قتيبة 1/ 642 ، البرهان للزركشي 5/ 7 ، أضواء البيان 6/ 137 .
(2) الجامع لأحكام القرآن 20/ 180 .
(3) ينظر : تفسير السمرقندي 3/ 590 .
(4) فتح الباري 8/ 945 ، وينظر : تفسير السمعاني 6/ 279 .
(5) أضواء البيان 6/ 137 .
(6) ينظر : النكت والعيون 6/ 333 ، التفسير الكبير 32/ 82 .
(7) ينظر : التحرير والتنوير 30/ 531 .(1/480)
أن ابن عقيل ممن بلغ رتبة الاجتهاد والاستنباط ، وجمع في تفسيره بين الرواية والدراية ، واهتم بتقديم الأثر على النظر .
امتازت عبارات ابن عقيل بالدقة والاختصار ، وقوة الأسلوب .
أكثر الآيات التي فسرها ابن عقيل كانت في كتابه : الواضح في أصول الفقه .
امتاز ابن عقيل بالترجيح بين الأقوال ، ونقل الإجماع في بعض المسائل .
اهتم أيضاً بإزالة ما يشكل على السامع ، ودفع ما يوهم التعارض في آيات الكتاب العزيز .
أن الآيات التي وقفت على تفسيرها لابن عقيل بلغت : 150 آية .
أن ابن عقيل وإن كان وقع في بعض المشتبهات إلا أنه رجع للحق وأعلن ذلك صريحاً على الملأ ، وهذه من المحامد التي تعد له رحمه الله .
أن العلماء الكبار أكثَروا من الثناء عليه ، ومن قرأ كتبه تبين له أنه أهل لذلك .
أن ابن عقيل تميز بالصبر والجلد على طلب العلم وبذله ، ومما يدل على ذلك : استغلاله لوقته ، وكثرة مشايخه وتلامذته ومصنفاته .
خلف ابن عقيل علماً غزيراً استفاد منه من جاء بعده ، وعلى وجه الخصوص علم التفسير ، وممن لمست استفادته منه : ابن العربي ، وابن الجوزي ، والفخر الرازي ، والقرطبي ، وابن مفلح ، وابن رجب ، وغيرهم .
اهتم ابن عقيل بأغلب علوم القرآن ، ومن ذلك : الناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، وأسباب النزول ، والعام والخاص ، والمطلق والمقيد .
المقترحات والتوصيات :
من خلال قراءتي لكتب ابن عقيل ، وعلى وجه الخصوص كتابه : الواضح في أصول الفقه ، تبين لي أن ابن عقيل بحث مسائل أصول الفقه وأطال فيها ، وأكثرُ هذه المسائل لها صلة بعلوم القرآن ، كالنسخ ، والعموم والخصوص ، والإطلاق والتقييد ، ومعاني الحروف والألفاظ ، وكيفية الاستدلال والترجيح ، والاستثناء ، ونحوها ، مما يدل على أن لابن عقيل باعاً كبيراً في مثل هذه العلوم .(1/481)
لذا فإني أقترح توجيه الجهد إلى دراسة منهج ابن عقيل في علوم القرآن ، على أني أرى لمن أراد الخوض في غمار هذا البحر أن يتوفر فيه القدرة العلمية على فهم كلام أهل الأصول والكلام ، والدراية بعباراتهم وأساليبهم .
وفي الختام أكرر حمدي وشكري لله تعالى على ما يسر وأعان على إتمام هذا البحث وأنا في أتم الصحة العافية ، كما أكرر شكري لمشرفيّ الأفاضل ، ولكل من أفادني وكان سبباً في تيسير بحثي ، كما أعترف أن هذا جهد بشري ، وهو عرضة للنقص والخطأ ، والكمال لله وحده ، ولكن حسبي أني بذلت الوسع في إعطاء البحث حقه من الاهتمام والجدية .
أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، مكتوباً له القبول في الدنيا والآخرة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الفهارس الفنية
فهرس الآيات القرآنية
فهرس الأحاديث النبوية
فهرس الآثار
فهرس الأعلام
فهرس الكلمات الغريبة
فهرس الفرق
فهرس الأبيات الشعرية
ثبت المصادر والمراجع
فهرس الموضوعات
فهرس الآيات القرآنية
الآية ... رقمها ... الصفحة
سورة الفاتحة
¼?†WTكYں`ه@ ... ?ً·.W£Jg±ض@ ... ?Wط~YحWچTَ©Sظ<ض@ ... ?" ... 6 ... ................. ... 87
سورة البقرة
¼ †Wق<صSTخ N ... éR¹Y‰`ه@ ... †Wن`قYع $†_Tإ~YظW- " ... 38 ... ................. ... 91
¼?N ... éSظ~YخKV ... Wè?WلléVصJً±ض@ ... ?N ... éSTژ ... ƒٍWè?WلléTVزJً¥Tض@ ... ?N ... éSإW{`O@ ... Wè?WؤWعW?" ... 43 ... ................. ... 94
¼ WفےY،PVض@ ... WـéQSTقSTہ¹WTے طSنPVTكKV ... N ... éSTحHTVصQSع َطXنYQTٹWO " ... 46 ... ................. ... 95
¼?َطSن`قYعWè?WـéQS~TTQYعKR ... ?‚Wپ?WـéSظVص`إWTے?ًˆHTTWچYر<ض@ ... ?:Jً‚پMX ... ?JًّYك†WعKV ... ?" ... 78 ... ................. ... 98
¼ N ... éSٹX£pT®RK ... Wè ء SطXنYTٹéRصSTخ Wش`oYإ<ض@ ... َ&طYهX£`TةS|Yٹ " ... 93 ... ................. ... 101(1/482)
¼?فVضWè?SâَéTQWTقWظWچWے?W= ... ںTWTٹVK ... ?†WظYٹ?pŒWTعPVںWخ?َ%طXنےYں`TےKV ... ?" ... 95 ... ................. ... 106
¼ لِلَّهِ †Wع `œW©قWك َفYع ]àTTWے ... ƒٍ `èVK ... †WنY©قSTك g<K†WTك xO`kTWmgî " ... 106 ... ................. ... 109
¼?ًذYض.V،W{Wè?َطRرHTTTWق<صWإW-?_àTTPVعRK ... ?†^T¹WھWè?" ... 143 ... ................. ... 116
¼ QWفYرHTVضWè QWOYi<ض@ ... َفWع WفWع ... ƒٍ YJً/@†Yٹ " ... 177 ... ................. ... 119
¼?`èVK ... ?uّVصWئ?w£WةTWھ?bلJًںYإWTت?" ... 184 ... ................. ... 121
¼ ّVصWئWè fغTےY،PVض@ ... ISمWTكéSح~Y¹STے bàWTTے`ںYت S׆TWإV؛ " ... 184 ... ................. ... 127
¼?QS"W™<ض@ ... ?c£TWنpT®KV ... ?&tŒHTWعéSTص`إQWع?فWظWTت?ً³W£WTت?UfغXن~Yت " ... 197 ... ................. ... 132
¼ فWظWTت ً³W£WTت UfغXن~Yت QW"W™<ض@ ... ً"TWTت ًگVتWO ‚WپWè ً " ... 197 ... ................. ... 135
¼?ٌŒHTWحPVصً¹Sظ<ض@ ... Wè?fغp±PVٹW£WچWTے?QWفXنY©SةكKV†Yٹ?WàWT'HTTVصWT'?&xٍ;èS£Sخ?" ... 228 ... ................. ... 140
¼ ٌWàWT'HTTVصWT' &xٍ;èS£Sخ " ... 228 ... ................. ... 142
¼?فQWع? ... V¢?÷Y،PVض@ ... ?ٌ³X£`حSTے?JًW/@ ... ?†[¶َ£TWTخ?†_TقW©Wڑ?" ... 245 ... ................. ... 146
¼ َطVضWè N ... èSںYoWTژ †_T‰Yژ†Vز cفHTWهX£WTت $bàً¶éSTp‰حQWع " ... 283 ... ................. ... 149
سورة آل عمران
¼? ... _ںQY~TfTTTھWè? ... _OéS±WڑWè?†^QT~Y‰WTكWè?WفYQع?WـkY™YصHTUfTT±ض@ ... ?(39)?" ... 39 ... ................. ... 152
¼ لِلَّهِ :†QWظVصWTت Jً¨WڑVK ... uّW©~Yئ SطSن`قYع W£pTةRر<ض@ ... Wس†WTخ َفWع " ... 52 ... ................. ... 154
¼?!?َفYعWè?XشTT`هVK ... ?gˆHTWTچYر<ض@ ... ?َفWع?ـMX ... ?Sم`قWع<K†WTژ?xO†V¹قYحYٹ?"?? ... 75 ... ................. ... 156
¼ َ£YةpTTçإWچpTھ@ ... Wè َطSنVض َطSه`OYè†W®Wè ء $X£`عKKV‚ô@ ... " ... 159 ... ................. ... 159
سورة النساء
¼?‚WپWè?Nv ... éSTصS{<K†WTژ?`طSنVض.Wé`عKV ... ?uvّVضXM ... ?&`طRرYTض.Wé`عKV ... ?" ... 2 ... ................. ... 163
¼ ... éS™Yرك@†WTت †Wع ً‡†ً؛ طRرVض WفYQع Yٍ:†W©PYقض@ ... uّWTق<'Wع " ... 3 ... ................. ... 165(1/483)
¼?†Wع?ً‡†ً؛?طRرVض?WفYQع?Yٍ:†W©PYقض@ ... ?uّWTق<'Wع?ًگHTVصR'ًè?$WؤHTWTٹSOWè?" ... 3 ... ................. ... 169
¼ ٌـXM†WTت Wـ†Vز ,ISمVض bلWépTTMX ... YمYQعKgR"WTت &ٌSںJٌ©ض@ ... " ... 11 ... ................. ... 172
¼?UfغSهéRرY©`عKV†WTت?ء?géS~ST‰<ض@ ... ?uّPVچWڑ?QWفSنHùPVTتWéWچWے?" ... 15 ... ................. ... 179
¼ ‚WپWè N ... éS™YرقWTژ †Wع WکVرWTك طS{Sê:†Wٹ ... ƒٍ fغYQع Yٍ:†W©PYقض@ ... " ... 22 ... ................. ... 183
¼?pŒWعQX£Sڑ?`طS|`~VصWئ?`طRرSچTTHTWTنQWعRK ... ?`طRرSژ†WTقWٹWè?" ... 23 ... ................. ... 185
¼ : ... W¢MX†WTت QWفg±`ڑRK ... َـXM†WTت fû`kTWTژVK ... xàTWTY™HTWةYٹ QWفXن`~VصWإWTت " ... 25 ... ................. ... 188
¼?QWفXن`~VصWإWTت?ٌبp±Yك?†Wع?ّVصWئ?gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... ? " ... 25 ... ................. ... 190
¼ `èVK ... uّVصWئ \£WةWھ `èVK ... ƒٍ:†TTW- bںTWTڑVK ... طRرقPYع WفYQع Y¸MXْ:†Wçإ<ض@ ... " ... 43 ... ................. ... 192
¼?`èVK ... ?SطSTچ`©WظHTTVض?ƒٍ:†W©PYقض@ ... ?`طVصWTت?N ... èSںYoWTژ?_ٍ:†Wع?" ... 43 ... ................. ... 194
¼ SلW£Y‚پ@ ... Wè cO`kTW XفWظPYض uّWحPVTژ@ ... ‚WپWè WـéSظVصpہ¹STژ ½"~YچWTت " ... 77 ... ................. ... 198
¼?†WعWè?fû†Vز?\فYpعëSظYض?ـKV ... ?WشSچpTحWے?†[TTقYpعëSع?‚PVپMX ... ?&†L_TTTV¹W?" ... 92 ... ................. ... 199
¼ S£ےX£`™WچWTت xàTTW‰WTخWO xàWقYpعëQSع bàWےY Wè dàWظPVصW©QSع " ... 92 ... ................. ... 202
¼?طRر`™WچYض?Wـ`kTWٹ?X†PVقض@ ... ?:†WظYٹ?ًذHTْWOVK ... ?&JًS/@ ... ?" ... 105 ... ................. ... 204
¼ `ؤTY‰QWچWTےWè WO`kTWTçئ Xش~Y‰fTTھ WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... -YمPYضWéSTك †Wع uّPVضWéWTژ " ... 115 ... ................. ... 206
¼?`†Wع?طSنVض?-YمYٹ?َفYع?]y<صYئ?‚PVپMX ... ?Wأ†WT‰PYTژ@ ... ?&QXفJًہ¹ض@ ... ?" ... 157 ... ................. ... 208
¼ xy<صٌہ¹Y‰WTت WفYQع fغTےY،PVض@ ... N ... èS †Wه †WTق`عQW£Wڑ `طXن`~VصWئ " ... 160 ... ................. ... 210
¼?¾"SھQSO?WفےX£PYWT‰QSع?WفےYOY،قSعWè?PV"WLùYض?WـéRرWTے?X†PVقصYض?" ... 165 ... ................. ... 212(1/484)
¼ ISمSچWظYصW{Wè :†WنHHùTWح<ضVK ... uّVضXM ... WطWTےَ£Wع c-èSOWè $Sم`قTYQع " ... 171 ... ................. ... 216
سورة المائدة
¼? ... W¢XM ... Wè?َطSچ<صVصWڑ?&N ... èS †ً¹p²@†WTت?‚WپWè?َطRرPVقWعX£`ًmïm-?" ... 2 ... ................. ... 220
¼ pŒWعQX£Sڑ SطRر`~VصWئ SàWچT`~Wظ<ض@ ... S×PVںض@ ... Wè Sط`™VضWè X£ےX¥قY<ض@ ... " ... 3 ... ................. ... 224
¼?ـKV ... ?Nv ... éRصPVچTTWحSTے?`èVK ... ?Nv ... éS‰VPصfTT±Sے?`èVK ... ?WؤJً¹TTWحSTژ?`yXنےYں`TےKV ... ??" ... 33 ... ................. ... 226
¼ SثYO†UfTT©ض@ ... Wè SàWTخYO†UfTT©ض@ ... Wè Nv ... éSإV¹<خ@†WTت †WظSنWTےYں`TےVK ... =ƒٍ: ... W¥W- " ... 38 ... ................. ... 229
¼?†TQWع?Sک~Y©Wظ<ض@ ... ?Sف`Tٹ@ ... ?ًyWTےَ£TWع?‚PVپMX ... ?bسéSھWO?`ںTWTخ?pŒVصW?" ... 75 ... ................. ... 232
¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے WفےY،PVض@ ... Nv ... éTSقWع ... ƒٍ †WظPVTكXM ... S£`ظW<ض@ ... S£Y©`~TWظ<ض@ ... Wè " ... 90 ... ................. ... 235
¼?فWعWè?ISمVصWچWTخ?طRرقYع? ... _ںQYظWإWTچTQSع?cٍ: ... W¥WoWTت?SشpTT'TYQع?†Wع?" ... 95 ... ................. ... 238
¼ WفYع WفےY،PVض@ ... VPجW™WچTَھ@ ... SطXن`~VصWئ XفHTWT~Vض`èVK‚ô@ ... " ... 107 ... ................. ... 243
سورة الأنعام
¼?:†TQWظVصWTت?WشWTتVK ... ?Wس†WTخ?:‚Wپ?JٌˆYڑRK ... ?fûkYصYتVK‚ô@ ... ?(76)?" ... 76 ... ................. ... 247
¼ N ... éSTژ ... ƒٍWè ISمPVحWڑ WzَéTWTے -YâY †fTTTT±Wڑ ‚WپWè &N ... ;éTSTتX£pT©STژ " ... 141 ... ................. ... 250
¼?‚WپWè?N ... éSTصSچTpTحWTژ?f¨pTةPVقض@ ... ?ّYچPVض@ ... ?W×QW£Wڑ?JًS/@ ... ?‚PVپMX ... ?&QXجW™<ض@†Yٹ?" ... 151 ... ................. ... 254
سورة الأعراف
¼ Wس†WTخ †Wع ًذWإWقWع ‚PVپKV ... ًںSo`©WTژ <¢XM ... $ًذSTژp£TWعKV ... Wس†WTخ h†WTكKV ... " ... 12 ... ................. ... 257
¼?Wس†WTخ?†Wع?ًذWإWقWع?‚PVپKV ... ?ًںSo`©WTژ?<¢XM ... ?$ًذSTژp£TWعKV ... ?Wس†WTخ?h†WTكKV ... ?" ... 12 ... ................. ... 261
¼ Wس†WTخ ًذPVكMX ... WفYع WفےX£ًہ¹قSظ<ض@ ... (15) " ... 15 ... ................. ... 263(1/485)
¼?†WTك`¦ƒéHTW-Wè?ُّYقW‰Yٹ?WشےYٍ;.W£pھMX ... ?W£p™W‰<ض@ ... ?N ... `éWTژVK†WTت?uّVصWئ?xz`éWTخ?" ... 138 ... ................. ... 268
¼ †QWظVضWè WؤW-WO uvّWھéSع uّVضXM ... -YمYع`éWTخ WفHTW‰pµWTçئ †_TةYھKV ... " ... 150 ... ................. ... 270
سورة التوبة
¼?uّPVچWڑ?N ... éٌ¹`إSTے?WàWTے`¥Yo<ض@ ... ?فWئ?xںWے?َطSهWè?fûèS£YçإHTW²?" ... 29 ... ................. ... 273
¼ W×َéWTے uّWظmïmٌ`ڑ †Wن`~VصWئ ء YO†WTك ًyPVقWنW- uüWé<رSچWTت †WنYٹ " ... 35 ... ................. ... 275
¼?فYرHTVضWè?WâX£W{?JًY/@ ... ?َطSنWT'†fTTTإY‰?Tك@ ... ?َطSنJًV¹‰W'WTت?" ... 46 ... ................. ... 277
¼ fûéSةYصmïm`ًڑ YJً/@†Yٹ َطRرVض َطS{éS`OSkYض SJًJًS/@ ... Wè " ... 62 ... ................. ... 280
¼?َ£YةpTçإWTچ`ھ@ ... ?َطSنVض?`èVK ... ?‚Wپ?َ£YةpTçإWچp©WTژ?َطSنVض?ـMX ... ?َ£YةpTçإWچp©WTژ?" ... 80 ... ................. ... 282
¼ `yVضKV ... Nv ... éSTظVص`إWTے QWـKV ... JًW/@ ... WéSه SشW‰<حWTے WàfTTTTTTٹ`éPVچض@ ... َفWئ " ... 104 ... ................. ... 285
¼?ںWحVPض?ً‡†PVTژ?JًS/@ ... ?ّVصWئ?QXّY‰PVقض@ ... ?fغTےX£YoHTWنSظ<ض@ ... Wè?" ... 117 ... ................. ... 288
¼ لِلَّهِ †WعWè Wـ†Vز WـéSقYع`ëSظ<ض@ ... N ... èS£YةقW~Yض _&àPVTت:†W{ ً‚پَéVصWTت لَا " ... 122 ... ................. ... 293
سورة يونس
¼?†WTق`~VضXM†WTت?`ySنSإY-َ£Wع?QWطR'?JًS/@ ... ?dں~XنW®?uّVصWئ?†Wع?" ... 46 ... ................. ... 297
¼ :N ... éSTصWإ`-@ ... Wè َطS|WژéS~STٹ _àVصT`‰YTخ N ... éSظ~YخKV ... Wè W%لléVصJً±ض@ ... " ... 87 ... ................. ... 301
سورة هود
¼?Nv ... éSظVص`ئ@†WTت?:†WظPVTكKV ... ?WسX¥كKR ... ?Xط<صTYإYٹ?JًY/@ ... ?ـKV ... Wè?:Jً‚پ?WمHTVضXM ... ?‚PVپMX ... ?$WéSه " ... 14 ... ................. ... 307
¼ uüW †WTكWè c-éSTك ISمQWTٹWQO Wس†WحWTت Jg‡WO QWـMX ... ّYق`Tٹ@ ... pفYع " ... 45 ... ................. ... 309
¼?N ... éSTض†WTخ?ٌˆ`~TWإSHTWTے?†Wع?SمWحpTةWTك? ... _OkY'TW{?†QWظQYع?SسéSحWTژ?" ... 91 ... ................. ... 311
¼ QWـMX ... gŒHTWTقW©W™<ض@ ... Wـ`iYه<،STے &g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... " ... 114 ... ................. ... 314(1/486)
¼?QWـMX ... ?gŒHTWTقW©W™<ض@ ... ?Wـ`iYه<،STے?&g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... " ... 114 ... ................. ... 315
سورة يوسف
¼ Wس†WTخ :†WظSهSںWڑVK ... ُّYPTكMX ... ُّYقHTْWOVK ... S£g±`ئVK ... $ ... _£`ظW " ... 36 ... ................. ... 319
¼?ًذYض.W،Vز?†WTك`ںYز?ً$بSھéS~Yض?†Wع?Wـ†Vز?W،S<K†W~Yض?Sâ†WVK ... " ... 76 ... ................. ... 321
¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... ّYچPVض@ ... †QWقTS{ †Wن~Yت WOkYإ<ض@ ... Wè ُّXچPVض@ ... " ... 82 ... ................. ... 324
¼?cO`iً±WTت?$eش~YظW-?ّW©Wئ?JًS/@ ... ?ـKV ... ?ّYTقW~YTژ<K†Wے?`yXنYٹ?&†[Tإ~YظW- " ... 83 ... ................. ... 327
¼ ّYقPVتWéWTژ †_ظYصp©Sع ّYقpTحY™<ضVK ... Wè WـkY™YصHTJً±ض@†Yٹ (101) " ... 101 ... ................. ... 329
سورة الرعد
¼?ISمWكéٌہ¹Wة`™WTے?َفYع?X£`عKV ... ?%JًY/@ ... ?" ... 11 ... ................. ... 335
¼ ذMXù;HTTVضOèKR ... SطSنVض SàWTق`إPVصض@ ... َطSنVضWè Sٍ;éTTSھ YO ... PVںض@ ... (25) " ... 25 ... ................. ... 338
سورة الحجر
¼?QWـMX ... ?÷Y †fTT‰Yئ?ً¨`~VTض?ًذVض?`طXن`~VصWئ?dفHTً¹<صSھ?‚PVپMX ... ?XفWع?" ... 42 ... ................. ... 341
سورة النحل
¼ ّVصWئWè JًY/@ ... Sںp±WTخ Xشg~‰TWQ©ض@ ... †Wن`قYعWè c&£MXْ:†TW- `éVضWè " ... 9 ... ................. ... 345
¼? ... éRصLWTTَ©WTت?WشTT`هVK ... ?X£T`{PY،ض@ ... ?ـMX ... ?`ySچقRز?‚Wپ?WـéSظVصT`إWTژ " ... 43 ... ................. ... 347
¼ S"S£pWTے ?فYع †WنYTكéR¹STٹ t‡ ... W£W® eبYصWچpTSQع ISمSTك.Wé<ضVK ... Yم~Yت " ... 69 ... ................. ... 350
¼?WشWإW-Wè?طRرVض?َفYQع?طS|Y-.Wè`¦KV ... ?WـkYقWTٹ?^لWںWةWڑWè?" ... 72 ... ................. ... 353
¼ †WTق<ضQW¥WTكWè ًذ`~VصWئ ًˆHTWTچYر<ض@ ... †_TقHTWT~`‰Yژ QXشRرYPض xٍpّW® " ... 89 ... ................. ... 355
¼?فWع?W£WةW{?YJً/@†Yٹ??فYع?Yں`إWTٹ?,-YمYقHTWظےXM ... ?‚PVپMX ... ?َفWع?WâX£`{RK ... ?" ... 106 ... ................. ... 358
سورة الإسراء
¼ ‚WپWè X`ظWTژ ء X³`OKKV‚ô@ ... $†[ڑW£Wع ًذPVكMX ... فVض ًثX£`WTژ " ... 37 ... ................. ... 361(1/487)
¼?gyYخVK ... ?WلléVصJً±ض@ ... ?gدéSTضSںYض?X¨`ظPVض@ ... ?uّVضXM ... ?gجW©Wçئ?XشT`~TPVض@ ... ?" ... 78 ... ................. ... 364
¼ WفYعWè XشT`~TPVض@ ... `ںQWoWنWچWTت -YمYٹ ^àTVصYت†WTك ًذVPض uvّW©Wئ ـKV ... " ... 79 ... ................. ... 367
سورة الكهف
¼?Nv ... éSظWTص`إW~Yض?UfûKV ... ?Wں`ئWè?JًY/@ ... ?bQجWڑ? " ... 21 ... ................. ... 369
¼ †Wچ<صYز Xـ`kTWTچPVقWo<ض@ ... pŒWTژ ... ƒٍ †WنVصS{KR ... `yVضWè yYص<ہ¹WTژ Sم`قTPYع " ... 33 ... ................. ... 371
¼?WجW©WةWTت?َفWئ?X£`عKV ... ?,-%YمQYTTٹWO " ... 50 ... ................. ... 373
¼ †PVعKV ... Wè ٌyHTVصSçإ<ض@ ... Wـ†VرWTت Sâً ... éWTٹKV ... Xـ`kWقYع`ëSع :†Wق~YWWTت ـKV ... " ... 80 ... ................. ... 375
سورة مريم
¼?uّWT~`™W~HTWTے?Y،S?ًˆHTWTچg|<ض@ ... ?x$لQWéSحYTٹ?SمHTWTق`~WTژ ... ƒٍWè?Wط<رS™<ض@ ... ?" ... 12 ... ................. ... 379
سورة طه
¼ WؤWTقp±SچYضWè uّVصWئ ُّYق`T~Wئ " ... 39 ... ................. ... 382
¼?َطRرTPVقWT‰PYصW²RK‚WپWè?ء?XأèS،S-?XشpPVقض@ ... ?"? ... 71 ... ................. ... 384
سورة الأنبياء
¼ SمHTWTكَ£W±WTكWè WفYع YzَéWح<ض@ ... fغTےY،PVض@ ... N ... éSTٹPV،Vز &:†WقYچHTTWTے†LWTTYٹ " ... 77 ... ................. ... 388
¼?W ISè ... W Wè?WفHTWظ`~VصSھWè?<¢XM ... ?Xـ†WظS|`ًmïmڑ?ء?g َ£W™<ض@ ... ?<¢XM ... ?" ... 78 ... ................. ... 391
¼ †WنHTWTق`ظQWنWةWTت &WفHTWظ`~VصSھ Zn"S{Wè †TWقT`~WTژ ... ƒٍ †_ظ<رSڑ " ... 79 ... ................. ... 394
¼?`طS|PVكMX ... ?†WعWè?fûèSںS‰`إWTژ?فYع?XûèS ?JًY/@ ... ?ٌˆW±Wڑ? " ... 98 ... ................. ... 397
سورة الحج
¼ ... V¢MX†WTت pŒW‰W-Wè †WنSٹéSقTS- N ... éSTصRرWTت †Wن`قTYع " ... 36 ... ................. ... 401
سورة النور
¼?SàW~Yك ... PV¥ض@ ... ?ّYك ... PV¥ض@ ... Wè?N ... èSںYص`-@†WTت?QWشRز?xںTYڑ.Wè?†WظSن`قYQع?W?"? ... 2 ... ................. ... 404
¼ ذMXù;HTTVضOèKR ... Wè SطSه WـéSحY©HTVة<ض@ ... (4) ‚PVپMX ... WفےY،PVض@ ... N ... éSTٹ†WTژ " ... 4-5 ... ................. ... 407
سورة الفرقان(1/488)
¼?÷Y،PVض@ ... ?WجVصW?g.WéHTWظQW©ض@ ... ?ً³`OKKV‚ô@ ... Wè?†WعWè?†WظSنWTق`~WTٹ?" ... 59 ... ................. ... 416
¼ pبWإHTWµSTے SمVTض ٌ‡ ... ً،Wإ<ض@ ... W×َéWTے YàWظHTW~Yح<ض@ ... " ... 68 ... ................. ... 419
¼?ںTRص`mïmًWè?-Yم~YTت?†[Tك†fTTنTSع?(69)?‚PVپMX ... ?فWع?ً‡†WTژ?WفWع ... ƒٍWè?" ... 70 ... ................. ... 424
سورة الشعراء
¼ َطSنVضWè JًّVصWئ tˆ?TكV¢ ٌا†WVK†WTت ـKV ... XـéSTصTSچpTحWTے (14) " ... 14 ... ................. ... 432
¼?Wس†WTخ?J$ً"Vز?†WT‰Wه<¢@†WTت?$:†WقYچHTWTے†WLTTYٹ?†PVكXM ... ?طRرWإWع?WـéSإYظWTچ`©QSع?" ... 15 ... ................. ... 434
¼ :†WقT`T~Wڑ`èVK†WTت uّVضXM ... uvّWھéSع gـKV ... ‡X£p@ ... ًد†W±WإQYTٹ " ... 63 ... ................. ... 436
سورة العنكبوت
¼?َطRرPVقMXْVK ... ?WـéSTژK<†WچVض?ًس†W-QX£ض@ ... ?WـéSإV¹pTحWTژVè?ًشg~‰TWQ©ض@ ... ??" ... 29 ... ................. ... 439
سورة الأحزاب
¼ <¢MX ... Wè SسéSحWTژ v÷Y،PVصYض WطWTpإكVK ... JًS/@ ... Yم`~TVصWئ ًŒ`ظWTpإكVK ... Wè p " ... 37 ... ................. ... 442
¼?†WQع?Wـ†Vز?ّVصWئ?JgّY‰PVقض@ ... ?َفYع?w"W£Wڑ?†Wظ~Yت?ً³W£WTت?JًS/@ ... ??" ... 38 ... ................. ... 446
¼ QWـMX ... WفےY،PVض@ ... WـèS¢`ëSTے JًW/@ ... ISمVضéSھWOWè SطSنWقTWإVض JًS/@ ... ء " ... 57 ... ................. ... 449
سورة يس
¼?[لW£p©W™HTTے?ّVصWئ?&Y †W‰Yإ<ض@ ... ?†Wع?yXن~YTژK<†WTے?فYQع?]سéSھWQO?‚PVپMX ... ?" ... 30 ... ................. ... 453
سورة الصافات
¼ †QWظVصWTت WçؤVصWTٹ SمWإWع ƒّ`إJً©ض@ ... Wس†WTخ JًّWقTS‰HTWTے ُّYPTكMX ... uüWOVK ... " ... 102 ... ................. ... 457
سورة ص
¼?!?`شWهWè?ًذHùWTژKV ... ?N ... SëW‰WTك?gطp±W<ض@ ... ?<¢XM ... ?N ... èSOQWéTW©WTژ?" ... 21 ... ................. ... 464
¼ †WعWè †WTقpTحTVصW ƒٍ:†TWظQW©ض@ ... ً³`OKKV‚ô@ ... Wè †WعWè †WظSنWTق`~TWTٹ " ... 27 ... ................. ... 467
سورة الزمر
¼?ًذPVTكMX ... ?tŒQYT~Wع?طSنPVTكXM ... Wè?WـéSچQYT~QWع?(30)?" ... 30 ... ................. ... 470
¼ uّWTژW£`©W™HTWTے uّVصWئ †Wع ٌŒ؛QW£WTت ء gˆ?قW- JًY/@ ... " ... 56 ... ................. ... 472(1/489)
¼?Wج~YھWè?WفےY،PVض@ ... ?vN ... èS£WةW{?uّVضXM ... ?WطPVقWنW-?$ ... [£WعS¦?uvّPVچWڑ? ... V¢XM ... ?" ... 71 ... ................. ... 474
سورة فصلت
¼ bش`TےWèWè WـkY{X£pTSظ<صYPض (6) ًفTےY،PVض@ ... ‚Wپ WـéSTژ`ëSTے " ... 6-7 ... ................. ... 477
سورة الشورى
¼?َطTS{SêWO<،Wے?&Yم~Yت?ً¨`~TVض?-YمYpص'YظVز?c$ٍpّTW®?WéSهWè?" ... 11 ... ................. ... 481
سورة الزخرف
¼ :†QWظVصWTت †WTكéSةWھ ... ƒٍ †WTق`ظWحWچك@ ... `ySن`قYع `طSنHTWTق<TخW£<çئKV†WTت " ... 55 ... ................. ... 488
سورة الأحقاف
¼?N ... éS‰~Y-VK ... ?ƒّYئ ... W ?JًY/@ ... ?N ... éSقYع ... ƒٍWè?-YمYTٹ?َ£YةpTçإWTے?طS|Vض?فYQع?" ... 31 ... ................. ... 492
سورة الفتح
¼ QWفSTصS`ںWTچVض WںYo`©Wظ<ض@ ... W× ... W£W™<ض@ ... ـMX ... ƒٍ:†W® JًS/@ ... " ... 27 ... ................. ... 498
سورة الحجرات
¼?†WنQSTےKV†H;TTWے?WفےY،PVض@ ... ?N ... éSقWع ... ƒٍ?‚Wپ?N ... ;éSإWTتَ£WTژ?`طRرWTژ.Wé`²VK ... ?ًث`éWTت?" ... 2 ... ................. ... 501
¼ †WظPVكXM ... WـéSقYع`ëSظ<ض@ ... bلWépTTMX ... N ... éS™Yص`²VK†WTت Wـ`kTWTٹ &`yRر`TےWéWVK ... " ... 10 ... ................. ... 503
سورة الطور
¼?:†WعWè?طSنHTWTق`چVضVK ... ?َفQYع?yXنYصWظWئ?فYQع?xٍp&ّW®?QSشRز?>XM÷X£`ع@ ... ?" ... 21 ... ................. ... 506
سورة الرحمن
¼ x،MXùWعَéTW~WTت ‚PVپ SشWLTTp©TSے فWئ ,-YمY‰?TكV¢ t¨كXM ... ‚WپWè Qbـ:†fTT- " ... 39 ... ................. ... 508
سورة الواقعة
¼?‚Wپ?WـéSإWظ`©Wے?†Wن~Yت? ... _épTTçإVض?‚WپWè?†[Tظ~Y'<K†WTژ?(25)?‚PVپMX ... ?" ... 25 ... ................. ... 513
سورة المجادلة
¼ †WنPRTےKV†H;TTWے WفےY،PVض@ ... Nv ... éTSقTWع ... ƒٍ ... W¢XM ... SطSTچ`~TWoHTWTك WسéSھQW£ض@ ... " ... 12 ... ................. ... 518
سورة الحشر
¼?N ... èSOYiWچT`ئ@†WTت?XّضOèKR†H;TTWTے?X£HTf±`TٹVK‚ô@ ... ?(2)?" ... 2 ... ................. ... 521
سورة الممتحنة
¼ َـXM†WTت QWفSهéSظSTچَظYصWئ xŒHTWTقYع`ëQSع ً"TWTت QWفSهéSإY-َ£WTژ ّVضXM ... " ... 10 ... ................. ... 524
سورة الطلاق(1/490)
¼?†WنQSTےKV†H;TTWTے?JٌّY‰QWقض@ ... ? ... V¢XM ... ?ٌySچ<حPVصً؛?ƒٍ:†fTT©PYقض@ ... ?QWفSهéSحYPصV¹WTت?" ... 1 ... ................. ... 528
¼ N ... èSںXنp®KV ... Wè p÷WèV¢ xس`ںWئ `yRرقYQع N ... éSظ~YخKV ... Wè WلWںHTWنPVض@ ... " ... 2 ... ................. ... 531
¼?ـMX ... Wè&?QWفRز?gŒHTVضOèRK ... ?wش`ًr?N ... éSحYةكVK†WTت?QWفXن`~VصWئ?uّPVچWڑ?" ... 6 ... ................. ... 536
سورة التحريم
¼ W×َéWTے ‚Wپ ÷X¥mïmٌ` JًS/@ ... JًّX‰QWقض@ ... ًفےY،PVض@ ... Wè N ... éSقWع ... ƒٍ IS$مWإWع " ... 8 ... ................. ... 540
سورة الملك
¼?†QWع?uüW£TWTژ?ء?Xج<صW?XفHTWظ`ڑQW£ض@ ... ?فYع?x$SéHTWةWTژ?" ... 3 ... ................. ... 543
سورة المدثر
¼ ًذWTٹ†W~YT'Wè َ£TQXنً¹WTت (4) " ... 4 ... ................. ... 546
¼?†Wع?`yRرW|VصWھ?ء?W£WحWھ?(42)?N ... éSTض†WTخ?`yVض?ٌذWTك?WفYع?" ... 42 ... ................. ... 549
سورة الإنسان
¼ †_TTق`~Wئ ٌ‡W£pTWTے †WنYTٹ S †W‰Yئ JًY/@ ... †WنWTكèS£PYoWةSTے " ... 6 ... ................. ... 551
سورة المطففين
¼?WفےY،PVض@ ... ? ... V¢XM ... ?N ... éSTض†WTچ<ز@ ... ?ّVصWئ?X†PVقض@ ... ?WـéSTpتéWTچ`©Wے?(2)?" ... 2 ... ................. ... 554
¼ †_Tق`~Wئ ٌ‡W£pTWے †WنYٹ fûéSTٹQW£WحSظ<ض@ ... (28) " ... 28 ... ................. ... 556
سورة القدر
¼?SسPV¥WقWTژ?SàVرMXù;HTTVصWظ<ض@ ... ?S-èQS£ض@ ... Wè?†Wن~Yت?Xـ<¢XM†XTٹ?طXنQYTٹWO?فYQع?" ... 4 ... ................. ... 558
سورة الزلزلة
¼ QWـKV†Yٹ ًذQWTٹWO uّWڑ`èVK ... †WنVض (5) " ... 5 ... ................. ... 561
سورة العصر
¼?QWـMX ... ?WفHTTW©ك‚XMô@ ... ?ّYةVض?\£TT`©S?(2)?‚PVپMX ... ?WفےY،PVض@ ... ?N ... éSقTWع ... ƒٍ?" ... 2-3 ... ................. ... 565
فهرس الأحاديث والآثار
أولاً / الأحاديث النبوية :
طرف الحديث ... الراوي ... الصفحة
اثنان فما فوقهما جماعة ... أبو موسى ... ........................ 174-392
اجعلوا من صلاتكم في ... ابن عمر ... ............................ ... 305
إذا حكم الحاكم فاجتهد ... عمرو ... ............................ ... 396
إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع ... أبو هريرة ... ............................ ... 304(1/491)
إذا قضى أحدكم الصلاة ... جابر ... ............................ ... 303
أرأيتِ لو كان على أمك دين أكنت ... ابن عباس ... ............................ ... 161
أرأيت رجلاً لقي امرأة وليس بينهما ... معاذ ... ............................ ... 195
أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم ... أبو هريرة ... ........................ 316-492
أربع لا يجزن : العوراء البين عورها ... البراء ... ............................ ... 156
الأرواح جنود مجندة ... أبو هريرة ... ............................ ... 218
استشار - صلى الله عليه وسلم - في أسرى بدر فأشار ... عمر ... ............................ ... 160
اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ... علي ... ............................ ... 495
أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته ... زيد بن ثابت ........................... ... 303
إلا?الإذخر ... العباس ... ............................ ... 409
ألا سألوا إذا لم يعلموا ، إنما ... جابر ... ............................ ... 348
أما علمت أن الإسلام يهدم ما ... عمرو ... ............................ ... 423
أمرت أن أقاتل الناس حتى ... عمر ... ............................ ... 356
إن الله كره لكم قيل وقال ... المغيرة ... ............................ ... 277
إن الله تعالى قال : من عادى لي ... أبو هريرة ... ............................ ... 450
إن ربي أتاني فقال : قل : اللهم ... ابن عباس ... ............................ ... 332
أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة ... ابن مسعود ... ............................ ... 314
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل بعض نسائه ... عائشة ... ............................ ... 195
إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر ... حمزة بن عمرو .......................... ... 122
أن لا يحج بعد العام مشرك ... أبو هريرة ... ............................ ... 259
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي برجل قد شرب ... أنس ... ............................ ... 236
أنا ابن الذبيحين ... معاوية ... ............................ ... 459(1/492)
إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب ... ابن عباس ... ............................ ... 421
إنما ذلك عرق ، فانظري ... فاطمة بنت حبيش ........................ ... 145
إنهما ليعذبان وما يعذبان في ... ابن عباس ... ............................ ... 548
أي الناس أحب إليك ؟ ... عمرو ... ............................ ... 291
أين تحب أن أصلي من بيتك ... عتبان بن مالك ......................... ... 304
بئس الخطيب أنت ، قل : ومن ... عدي بن حاتم ....................... 280-289
بسم الله الرحمن الرحيم من محمد ... ابن عباس ... ............................ ... 421
بل للمؤمنين عامة ... معاذ ... ........................ 195-314
البينة وإلا حَدٌّ في ظهرك ... ابن عباس ... ............................ ... 413
تبايعوني على أن لا تشركوا بالله ... عبادة ... ............................ ... 429
تدع الصلاة أيام أقرائها التي كانت ... ثابت الأنصاري ........................ ... 144
تعرض الفِتن على القلوب كالحصير ... حذيفة ... ............................ ... 104
تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا ... عائشة ... ........................ 228-229
ثوابك على قدر نصبك ... عائشة ... ......................... 77-109
جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الضبع ... جابر ... ............................ ... 241
خذوا عني ، خذوا عني ... عبادة ... ..... 47-179-180-181-356
خرج رجل من بني سهم مع ... ابن عباس ... ............................ ... 245
خيركم قرني ، ثم الذين يلونهم ... عمران ... ............................ ... 290
دخلت العمرة في الحج مرتين ... سراقة ... ............................ ... 107
ذهب أهل الدثور بالأجور ... أبو ذر ... ............................ ... 275
رجم - صلى الله عليه وسلم - ولم يجلد ... أبو هريرة ... ............................ ... 179
سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ... ابن مسعود ... ............................ ... 137
صلاة الفجر ... أبو هريرة ... ............................ ... 365
الصلوات الخمس ... أبو هريرة ... ....................... 316-493(1/493)
صيام يوم عرفة أحتسب ... أبو قتادة ... ............................ ... 493
عن لا إله إلا الله ... أنس ... ............................ ... 509
فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منهن أربعاً ... غيلان ... ............................ ... 166
فتنة الرجل في أهله وماله ... حذيفة ... ............................ ... 493
فسلهم الجزية ، فإن هم ... بريدة ... ............................ ... 273
فيما سقت السماء ... ابن عمر ... ................... 47-250-253
قال الله : كذَّبني بن آدم ... ابن عباس ... ........................ 450-451
قال الله عز وجل : يؤذيني ... أبو هريرة ... ............................ ... 450
قصة الغامدية ... بريدة ... ............................ ... 181
قصة قاتل المائة لما تاب ... أبو سعيد ... ............................ ... 427
رجم ماعزاً ... ابن عباس ... ....................... 181-444
قصة اليهوديين ... ابن عمر ... ............................ ... 181
كان الله ولم يكن شيء غيره ... عمران ... ............................ ... 218
كان - صلى الله عليه وسلم - عازماً على ترك تلقيح ثمار ... رافع وأنس ... ............................ ... 159
كتابه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر في الصدقات ... أنس ... ............................ ... 94
كتابه النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم - رضي الله عنه - ... عمرو ... ............................ ... 94
كل شراب أسكر فهو ... عائشة ... ............................ ... 236
كنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ... ابن عمر ... ............................ ... 291
كنا نؤتى بالشارب على ... السائب ... ............................ ... 236
كنا نسافر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلم يعب ... أنس ... ............................ ... 122
كنت أنام بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... عائشة ... ............................ ... 197
كنت نهيتكم عن زيارة القبور ... بريدة ... ............................ ... 222(1/494)
لا تجعلوا بيوتكم مقابر ... أبو هريرة ... ............................ ... 305
لا تطروني كما أطرت ... عمر ... ............................ ... 233
لا تقولوا : ما شاء الله ... حذيفة ... ............................ ... 288
لا تنكح المرأة على عمتها ولا على ... أبو هريرة ... ................... 52-165-167
لا سبق إلا في خف أو ... أبو هريرة ... ............................ ... 498
لا عيش إلا عيش الآخرة ... أنس ... .................... 49-64-288
لا قطع في ثمر ولا كثر ... رافع ... ................... 46-229-230
لا يؤمن الرجل الرجل في ... أبو مسعود ... ............................ ... 409
لا يتمنين أحدكم الموت ... أنس ... ........................ 329-331
لا يتمنين أحدكم الموت ... انس ... ............................ ... 332
لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله ... ابن مسعود ... ......................... 47-228
لا يحل دم امرئ مسلم إلا ... ابن مسعود ... ............................ ... 254
لأخصمن محمداً ، فجاء ... ابن الزبعرى ................ 37-80-84-397
لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع ... أبو هريرة ... ............................ ... 230
اللهم في الرفيق الأعلى ... عائشة ... ............................ ... 330
لو أعلم أني لو زدت على ... عمر ... ............................ ... 283
ليس من البر الصوم في السفر ... جابر ... ............................ ... 122
لِيُهنِك العلم أبا المنذر ... أبي بن كعب ............................ ... 111
ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله ... أبو موسى ... ............................ ... 450
ما حملكم على إلقائكم ... أبو سعيد ... ............................ ... 547
ما قطع من حي فهو ميت ... أبو واقد ... ............................ ... 355
مالك نفقة إلا أن تكوني ... فاطمة ... ............................ ... 538
ما من مولود إلا يولد على الفطرة ... أبو هريرة ... ............................ ... 214
ما من صاحب ذهب ولا ... أبو هريرة ... ............................ ... 275(1/495)
ما من امرئ مسلم تحضره ... عثمان ... ............................ ... 493
مثل الذي يذكر ربه ... أبو موسى ... ............................ ... 305
مره فليراجعها ، ثم ليمسكها حتى ... عمر ... ............................ ... 143
ملعون ناكح البهيمة ... ابن عباس ... ................... 48-61- 183
من توضأ نحو وضوئي هذا ... عثمان ... ........................ 316-492
من حج لله فلم يرفث ولم ... أبو هريرة ... ............................ ... 492
من سمع رجلاً ينشد ضالة ... أبو هريرة ... ............................ ... 305
من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا ... عبادة ... ............................ ... 232
من عظم صاحب بدعة ... عبدالله بن بسر .......................... ... 19
من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده ... ابن عباس ... ............................ ... 71
من ملك زاداً وراحلة تبلغه ... ابن عباس ... ............................ ... 260
ناكح يده ملعون ... أنس ... .................... 48-61-183
نحن معاشر الأنبياء لا نورث ... عائشة ... ............................ ... 52
نزلت في أهل الشرك ... ابن عباس ... ............................ ... 427
نهى عن جذاذ الليل ... علي ... ............................ ... 251
نهى عن الشراء والبيع في ... عمرو بن شعيب ......................... ... 304
هو إسحاق ... العباس ... ............................ ... 458
هو جزاؤه إن جازاه ... أبو هريرة ... ............................ ... 428
واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن ... أبو هريرة ... ............................ ... 182
والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث ... أبو سعيد ... ............................ ... 111
والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ... عمر ... ............................ ... 180
والله لأزيدن على السبعين ... ابن عمر ... .......................... 48-282
وأما الوِلْدان الذين حوله فكل مولود ... سمرة ... ............................ ... 213
وإن زنى وإن سرق ... أبو ذر ... ............................ ... 495(1/496)
وذلك أنه لم يكن له ما للرجال إلا ... عمرو بن العاص ......................... ... 152
وفي الرَّقَة ربع العشر ... أنس ... ............................ ... 250
يا ابن آدم مرضت فلم تعدني ... أبو هريرة ... ............................ ... 147
يا رسول الله أبوحي فعلت أو برأي ؟ ... الحباب ... ............................ ... 160
يا رسول الله ، ما لنا لا نذكر في ... أم سلمة ... ............................ ... 92
يأتي على الناس زمان يمر ... أبو هريرة ... ............................ ... 332
ثانياً / فهرس الآثار :
الأثر ... القائل ... الصفحة
أعرفت الناسخ والمنسوخ ؟ قال : لا ... علي ... ............................ ... 76
أن العقوبة يجب أن تكون على قدر ... ابن عباس ... ............................ ... 227
آية الفرقان مكية ، وآية ... ابن عباس ... ............................ ... 426
سأل عمر بن عبد العزيز ... محمد بن كعب .......................... ... 460
فكان بينهم ضرب بالجريد ... أنس ... ............................ ... 504
قرأ : ( أَرَانِي أَعْصِرُ عِنَباً ) ... ابن مسعود ... ............................ ... 319
قرأ : ( وعلى الذين يُطَوّقونه ) ... ابن عباس ... ............................ ... 128
كان من أراد أن يفطر ويفتدي ، حتى ... سلمة بن الأكوع ........................ ... 128
كانت هذه الآية في الجاهلية ... ابن عباس ... ............................ ... 425
اللهم كبرت سني ... عمر ... ............................ ... 333
لولا هذه الآية لرأيت أن ... الحسن ... ............................ ... 396
هل أستطيع نقض أمر كان قبلي ... عثمان ... ........................ 173-177
فهرس الأعلام
الاسم ... الصفحة
إبراهيم بن السري الزجاج ... ........................................... ... 23
إبراهيم بن علي الفيروزآبادي ... ........................................... ... 14
إبراهيم بن يزيد النخعي ... ........................................... ... 144
أبو الدرداء عويمر بن زيد ... ........................................... ... 270(1/497)
أبي بن كعب ... ........................................... ... 87
أحمد بن علي الجصاص ... ........................................... ... 110
أحمد بن عبدالحليم ابن تيمية ... ........................................... ... 16
أحمد بن علي بن حجر ... ........................................... ... 29
أحمد بن علي الخطيب البغدادي ... ........................................... ... 14
أحمد بن عمار المهدوي ... ........................................... ... 96
أحمد بن فارس ... ........................................... ... 95
أحمد بن محمد بن حنبل ... ........................................... ... 458
أحمد بن محمد الغزنوي ... ........................................... ... 214
أحمد بن محمد السلفي ... ........................................... ... 17
أحمد بن محمد المرادي النحاس ... ........................................... ... 81
الأخفش الأصغر ... ........................................... ... 163
إسماعيل بن حماد الجوهري ... ........................................... ... 99
إسماعيل بن عبدالرحمن السدي ... ........................................... ... 104
إسماعيل بن عمر بن كثير ... ........................................... ... 35
الأسود بن يزيد ... ........................................... ... 144
أنس بن مالك بن النضر ... ........................................... ... 250
الحسن البصري ... ........................................... ... 128
الحسين بن محمد الأصفهاني ... ........................................... ... 99
الحسين بن مسعود البغوي ... ........................................... ... 43
الحسين بن منصور بن محمي ... ........................................... ... 19
داود بن علي الظاهري ... ........................................... ... 122
رفيع بن مهران الرياحي ... ........................................... ... 103(1/498)
زيد بن ثابت بن الضحاك ... ........................................... ... 143
سعدالله بن نصر بن سعيد ... ........................................... ... 15
سعيد بن جبير ... ........................................... ... 240
سعيد بن محمد ابن الحصار ... ........................................... ... 111
سفيان بن سعيد الثوري ... ........................................... ... 144
سليمان بن عبدالقوي الطوفي ... ........................................... ... 92
الضحاك بن مزاحم الهلالي ... ........................................... ... 143
طاووس بن كيسان اليماني ... ........................................... ... 239
عائشة بنت أبي بكر الصديق ... ........................................... ... 143
عبدالحق بن غالب بن عطية ... ........................................... ... 96
عبدالخالق بن عيسى الشريف ... ........................................... ... 19
عبد الرحمن بن أحمد بن رجب ... ........................................... ... 11
عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ... ........................................... ... 137
عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي ... ........................................... ... 144
عبدالرحمن بن علي الجوزي ... ........................................... ... 11
عبدالرحمن بن محمد الثعالبي ... ........................................... ... 157
عبدالرحمن بن ناصر آل سعدي ... ........................................... ... 267
عبدالله بن أبي نُجيح الثقفي ... ........................................... ... 251
عبدالله بن أحمد النسفي ... ........................................... ... 267
عبدالله بن أحمد بن قدامة ... ........................................... ... 20
عبدالله بن الحسين العُكْبَري ... ........................................... ... 515
عبدالله بن الزِّبعرى القرشي ... ........................................... ... 397(1/499)
عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب ... ........................................... ... 87
عبدالله بن عمر بن الخطاب ... ........................................... ... 135
عبدالله بن عمر البيضاوي ... ........................................... ... 283
عبدالله بن قيس الأشعري ... ........................................... ... 144
عبدالله بن مسعود الهذلي ... ........................................... ... 143
عبدالله بن مسلم الدينوري ... ........................................... ... 243
عبدالله بن يحيى اليزيدي ... ........................................... ... 98
عبدالله بن يوسف بن هشام ... ........................................... ... 285
عبدالملك بن إبراهيم الهمذاني ... ........................................... ... 14
عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج ... ........................................... ... 104
عبدالملك بن عبدالله الجويني ... ........................................... ... 93
عبدالملك بن محمد البغدادي ... ........................................... ... 16
عبدالواحد بن الحسين بن شيطا ... ........................................... ... 13
عبدالواحد بن علي العكبري ... ........................................... ... 13
عطاء بن أبي مسلم الخراساني ... ........................................... ... 136
عكرمة القرشي ... ........................................... ... 127
علي بن أبي علي الآمدي ... ........................................... ... 174
على بن أحمد بن سعيد بن حزم ... ........................................... ... 122
علي بن أحمد الواحدي ... ........................................... ... 79
علي بن خلف بن بطال ... ........................................... ... 241
علي بن علي بن أبي العز ... ........................................... ... 265
علي بن عمر بن محمد الحربي ... ........................................... ... 13(1/500)
علي بن محمد إلكيا الهراسي ... ........................................... ... 204
علي بن محمد البعلي ... ........................................... ... 133
علي بن محمد الماوردي ... ........................................... ... 96
عمر بن ظفر المغازلي ... ........................................... ... 14
عياض بن موسى الأندلسي ... ........................................... ... 152
قتادة بن دعامة ... ........................................... ... 99
كعب بن ماتع الحميري ... ........................................... ... 457
مالك بن أنس ... ........................................... ... 125
المبارك بن أحمد الأزجي ... ........................................... ... 14
المبارك بن محمد بن الأثير ... ........................................... ... 107
مجاهد بن جبر أبو الحجاج ... ........................................... ... 98
محفوظ بن أحمد الكلوذاني ... ........................................... ... 92
محمد الأمين الشنقيطي ... ........................................... ... 35
محمد بن أبي بكر الرازي ... ........................................... ... 110
محمد بن أبي بكر الزرعي ... ........................................... ... 35
محمد بن إبراهيم بن جماعة ... ........................................... ... 217
محمد بن أحمد الذهبي ... ........................................... ... 17
محمد بن أحمد القرطبي ... ........................................... ... 33
محمد بن أحمد بن جزي الكلبي ... ........................................... ... 39
محمد بن أحمد بن النجار ... ........................................... ... 364
محمد بن إدريس الشافعي ... ........................................... ... 114
محمد بن بهادر الزركشي ... ........................................... ... 60
محمد بن جرير الطبري ... ........................................... ... 36(2/1)
محمد بن الحسين أبو يعلى ... ........................................... ... 14
محمد بن داود الظاهري ... ........................................... ... 92
محمد بن السائب الكلبي ... ........................................... ... 117
محمد بن سيرين ... ........................................... ... 504
محمد بن صالح بن عثيمين ... ........................................... ... 112
محمد بن عبدالعظيم الزرقاني ... ........................................... ... 115
محمد بن عبدالله ابن العربي ... ........................................... ... 39
محمد بن عبدالوهاب التميمي ... ........................................... ... 291
محمد بن علي الشوكاني ... ........................................... ... 303
محمد بن عمر فخر الدين الرازي ... ........................................... ... 171
محمد بن كعب القرظي ... ........................................... ... 251
محمد بن محمد أبو حامد الغزالي ... ........................................... ... 444
محمد بن محمد أبو السعود ... ........................................... ... 209
محمد بن المستنير - قطرب ... ........................................... ... 96
محمد بن مسلم الزهري ... ........................................... ... 143
محمد بن مفلح المقدسي ... ........................................... ... 546
محمد بن مكرم بن منظور ... ........................................... ... 91
محمد بن ناصر السلامي ... ........................................... ... 15
محمد بن يعقوب الفيروزابادي ... ........................................... ... 526
محمد بن يوسف أبو حيان ... ........................................... ... 33
محمد الطاهر بن عاشور ... ........................................... ... 97
محمود بن حمزة الكرماني ... ........................................... ... 462(2/2)
محمود بن عبدالله الآلوسي ... ........................................... ... 46
معمر بن المثنى التيمي ... ........................................... ... 120
مكي بن أبي طالب القيسي ... ........................................... ... 76
منصور بن محمد السمعاني ... ........................................... ... 171
نصر بن محمد السمرقندي ... ........................................... ... 108
يحيى بن زياد الديلمي الفراء ... ........................................... ... 98
فهرس الكلمات الغريبة
الكلمة ... الصفحة ... الكلمة ... الصفحة
الآجُر ... ..................... ... 320 ... السَّيح ... ..................... ... 250
الأريسيين ... ..................... ... 421 ... السفْر ... ..................... ... 464
الازورار ... ..................... ... 276 ... الصِرف ... ..................... ... 544
أعيى ... ..................... ... 170 ... الظفرية ... ..................... ... 11
أفل ... ..................... ... 248 ... فحوى ... ..................... ... 436
التبوؤ ... ..................... ... 303 ... الفرقدان ... ..................... ... 200
التكرمة ... ..................... ... 410 ... الكُلف ... ..................... ... 250
ثَمَر ... ..................... ... 229 ... كَثَر ... ..................... ... 229
الجام ... ..................... ... 245 ... مخوصاً ... ..................... ... 245
الدالية ... ..................... ... 253 ... المُضعف ... ..................... ... 146
الدبس ... ..................... ... 320 ... مهيع ... ..................... ... 263
الرديني ... ..................... ... 61 ... وهدة ... ..................... ... 237
الزور ... .................... ... 464
فهرس الفرق
الفرقة ... الصفحة
الأشاعرة ... .............................................................. ... 160
الجبرية ... .............................................................. ... 351
الجهمية ... .............................................................. ... 112(2/3)
الخوارج ... .............................................................. ... 166
الرافضة ... .............................................................. ... 170
القدرية ... .............................................................. ... 351
المعتزلة ... .............................................................. ... 19
المجوسية ... .............................................................. ... 346
المفوضة ... .............................................................. ... 485
النصرانية ... .............................................................. ... 345
اليهودية ... .............................................................. ... 345
فهرس الأبيات الشعرية
البيت ... الصفحة
تَرْعَى إذا غَفَلت حتَّى إذا ادَّكَرَتْ فإنَّما هيَ إقْبالٌ وإدْبارُ ............. ... 60
فَإِن تَسْأَلُونِي بالنِّسَاءِ فإِنَّنِي بَصِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ ...................... ... 416
قُل لِمَن سَادَ ثُمَّ سَادَ أَبُوه قَبْلَهُ ثُمَّ قَبْلَ ذلك جَدُّه .......................... ... 299
كَهَزِّ الرُّدَينِيِّ تَحتَ العَجاجِ جَرى في الأنَابيبِ ثم اضطَرب ................. ... 61
نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأنْتَ بِمَا عِنْدَكَ رَاضٍ وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفُ ..................... ... 281
هَلا سَأَلْتِ الخَيْلَ يَا ابْنَة مَالِكٍ إنْ كنتِ جَاهِلةً بما لم تَعْلَمي ................ ... 416
هم وسطٌ ترضى الأنامُ بحُكْمِهم إذا نزلت إحدى الليالي بِمُعْظَم ............. ... 116
وكلُّ أخٍ مُفَارِقُهُ أخُوهُ لَعَمْرُ أبيكَ إلا الفَرْقَدَانِ ........................... ... 200
ثبت المصادر والمراجع
الإبانة لأبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعري ، تحقيق : د. فوقية حسين محمود ، دار الأنصار - القاهرة - ط1/ 1397هـ .(2/4)
الإبهاج في شرح المنهاج لشيخ الإسلام علي بن عبدالكافي السبكي وولده عبدالوهاب ، مكتبة دار الباز ، دار الكتب العلمية .
إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ، د. عبدالكريم بن علي النملة ، دار العاصمة ، ط1/ 1417هـ .
الإتقان في علوم القرآن لأبي الفضل جلال الدين عبدالرحمن أبي بكر السيوطي ، دار الكتب العلمية ، بيروت - لبنان .
اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية لابن القيم ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1404هـ .
الإجماع لمحمد بن إبراهيم بن المنذر باعتناء وتقديم / محمد حسام بيضون ، مؤسسة الكتب الثقافية ، ط1/ 1414هـ - 1993م .
الإحكام لعلي بن أحمد ابن حزم الأندلسي ، دار الحديث - القاهرة - ط1/ 1404هـ .
الإحكام في أصول الأحكام للإمام علي بن محمد الآمدي ، تعليق : عبدالرزاق عفيفي ، المكتب الإسلامي ، ط1/ 1387هـ .
أحكام القرآن لمحمد بن إدريس الشافعي ، جمع : أحمد بن الحسين البيهقي ، دار الكتب العلمية - بيروت - 1400هـ .
أحكام القرآن لأبي بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص ، ضبط نصه وخرج آياته : عبدالسلام محمد علي شاهين ، دار الكتب العلمية .
أحكام القرآن لأبي بكر محمد بن عبدالله المعروف بابن العربي ، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلق عليه محمد عبدالقادر عطا ، دار الكتب العلمية ، 1416هـ - 1996م .
اختلاف الحديث لمحمد بن إدريس الشافعي ، تحقيق : عامر أحمد حيدر ، مؤسسة الكتب - بيروت - ط1/ 1405هـ .
الآداب الشرعية للإمام محمد بن مفلح المقدسي تحقيق : شعيب الأرنؤوط ، عمر القيّام ، مؤسسة الرسالة ط2/ 1417هـ .
آراء المعتزلة الأصولية دراسة وتقويماً ،د. علي بن سعد الضويحي ، مكتبة الرشد ، ط3/ 1421هـ .
ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي ، تحقيق وشرح د. رجب عثمان محمد ، مراجعة د. رمضان عبدالتواب ، مكتبة الخانجي بالقاهرة ، ط1/ 1418هـ .(2/5)
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول للإمام محمد بن علي الشوكاني ، تحقيق : محمد حسن محمد حسن إسماعيل ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1319هـ .
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل ، لمحمد ناصر الدين الألباني ، بإشراف : زهير الشاويش ، المكتب الإسلامي ط2/ 1405هـ .
أسباب النزول للإمام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري ، تحقيق د. السيد الجميلي ، دار الكتاب العربي ، ط4/ 1412هـ .
الاستثناء عند الأصوليين ، د. أكرم بن محمد بن حسن أوزويقان ، دار المعراج الدولية ، ط1/ 1416هـ .
الاستثناء في القرآن الكريم نوعه حكمه إعرابه لحسن طه الحسن من إصدارات مطبعة الزهراء الحديثة المحدودة - العراق 1410هـ .
الاستغناء في الاستثناء لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي ، تحقيق محمد عبدالقادر عطا ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1406هـ .
الاستيعاب في معرفة الأصحاب ليوسف بن عبدالله بن عبدالبر القرطبي ، تحقيق : علي بن محمد البجاوي ، دار الجيل - بيروت - ط1/ 1412هـ .
أسد الغابة في معرفة الصحابة لعز الدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد الجزري ، عناية : عاد أحمد الرفاعي ، دار إحياء التراث العربي ، ط1/ 1417هـ .
الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ، تحقيق : علي محمد البجاوي ، دار الجيل ، ط1/ 1412هـ .
أصول الدين لجمال الدين أحمد بن محمد الغزنوي ، تحقيق : د. عمر وفيق الداعوق ، دار البشائر الإسلامية - بيروت - ط1/ 1419هـ .
أصول السرخسي لأبي بكر محمد بن أحمد السرخسي ، تحقيق : أبي الوفاء الأفغاني ، دار الكتاب العربي - القاهرة - 1372هـ .
أصول الفقه الإسلامي للدكتور : وهبة الزحيلي ، دار الفكر المعاصر - بيروت - ط1/ 1416هـ .
أصول مذهب الإمام أحمد دراسة أصولية مقارنة للدكتور : عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، مؤسسة الرسالة ، ط3/ 1410هـ .(2/6)
الأضداد لأبي علي محمد بن المستنير المعروف بقطرب ، تحقيق : حنَّا حداد ، دار العلوم - الرياض - ط1/ 1405هـ .
الأضداد لمحمد بن القاسم الأنباري ، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم ، المكتبة العصرية - بيروت - 1411هـ .
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن لمحمد الأمين الشنقيطي وتتمته لتلميذه عطية محمد سالم ، عناية صلاح الدين العلايلي ، دار إحياء التراث العربي - بيروت ط1/ 1417هـ .
إعجاز القرآن لأبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني ، علق عليه : أبو عبدالرحمن صلاح بن محمد عويضة ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1417هـ .
إعراب القرآن الكريم وبيانه لمحيي الدين الدرويش ، دار ابن كثير ، ط6/ 1419هـ .
الأعلام ( قاموس تراجم أشهر الرجال والنساء العرب والمستعربين والمستشرقين ) لخير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين ، ط11/ 1995م .
أعلام الموقعين عن رب العالمين ، لابن قيم الجوزية ، دار الكتب العلمية ، 1417هـ .
إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان لابن قيم الجوزية ، دار الحديث بالقاهرة .
إلا بمعنى لكن في الاستثناء المنقطع د. علي بن أحمد زايد ، دار المنار للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة ، ط1/ 1410هـ .
الأم لمحمد بن إدريس الشافعي ، دار المعرفة - بيروت - ط2/ 1393هـ .
الأمالي النحوية - أمالي القرآن الكريم - لابن الحاجب تحقيق هادي حسن حمودي ، عالم الكتب ، مكتبة النهضة العربية ، ط1/ 1405هـ .
إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن لأبي البقاء عبدالله بن الحسين العكبري ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1399هـ .
الأنساب للإمام أبي سعيد عبدالكريم بن منصور التميمي السمعاني ، تعليق : عبدالله البارودي ، مؤسسة الكتب الثقافية ط1/ 1408هـ .
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل للإمام علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي ، دار إحياء التراث العربي .(2/7)
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي ومعه الشرح الكبير والمقنع ، تحقيق : د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، دار هجر ، ط1/ 1417هـ .
الآيات المنسوخة في القرآن الكريم للدكتور : عبدالله بن محمد الشنقيطي ، مكتبة ابن تيمية - القاهرة - توزيع مكتبة العلم بجدة .
إيضاح الدليل لمحمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة ، تحقيق : وهبي سليمان الألباني ، دار السلام ، ط1/ 1410هـ .
الإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني ، توزيع مكتبة عباس أحمد الباز ، دار الكتب العلمية .
الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ومعرفة أصوله واختلاف الناس فيه لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي ، تحقيق : د. أحمد حسن فرحات ، دار المنارة ، ط1/ 1406هـ .
البحر المحيط لأبي عبدالله محمد بن يوسف بن حيان الأندلسي ، دار إحياء التراث العربي - بيروت - .
البحر المحيط في أصول الفقه لبدر الدين محمد بن بهادر الزركشي ، دار الكتبي .
بدائع التفسير الجامع لتفسير ابن قيم الجوزية ، جمعه ووثق نصوصه وخرج أحاديثه / يسري السيد محمد ، دار ابن الجوزي ، ط1/ 1414هـ - 1993م .
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي ، تحقيق الشيخ علي محمد معوض والشيخ عادل أحمد عبدالموجود ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1418هـ .
بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية ، تحقيق : هشام عبدالعزيز عطا وعادل عبدالحميد العدوي ، مكتبة نزار مصطفى الباز - مكة المكرمة - ط1/ 1416هـ .
بداية المجتهد ونهاية المقتصد لقاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي ، دار ابن حزم ط1/ 1420هـ .
البداية والنهاية للحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير ، تحقيق : د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر ، ط1/ 1419هـ .
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع للقاضي محمد بن علي الشوكاني ، دار الكتب العليمة ، ط1/ 1418هـ .(2/8)
البرهان في أصول الفقه لإمام الحرمين أبي المعالي عبدالملك بن عبدالله الجويني ، تحقيق : د. عبدالعظيم محمود الديب ، دار الوفاء ، ط3/ 1420هـ .
البرهان في علوم القرآن لمحمد بن بهادر الزركشي ، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار المعرفة - بيروت - 1391هـ .
بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز لمحمد بن يعقوب الفيروزابادي ، المكتبة العلمية - بيروت - .
بهجة الأريب في بيان ما في كتاب الله العزيز من الغريب لعلي بن عثمان التركماني ، تحقيق : د. علي حسين البواب ، مؤسسة دار الكتاب السعودي ، مكتبة المنار - الأردن - 1410هـ .
بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية لابن تيمية ، تحقيق : محمد بن عبدالرحمن بن قاسم ، مطبعة الحكومة - مكة المكرمة - ط1/ 1392هـ .
تاريخ بغداد لأحمد بن علي الخطيب البغدادي ، دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان .
تاريخ الطبري لأبي جعفر محمد بن جرير ، دار الكتب العلمية - بيروت - .
تاريخ الفرق وعقائدها للدكتور : محمود سالم عبيدات ، دار الفرقان .
تاريخ مدينة دمشق لأبي القاسم علي بن الحسن الشافعي المعروف بابن عساكر ، تحقيق : محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري ، دار الفكر - بيروت - 1995م .
التأسيس في أصول الفقه على ضوء الكتاب والسنة لأبي إسلام مصطفى بن محمد بن سلامة ، مكتبة الحرمين للعلوم النافعة ، ط3/ 1415هـ .
تأويل مشكل القرآن لأبي محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، علق عليه : إبراهيم شمس الدين ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1423هـ .
التبيان في أقسام القرآن لابن قيم الجوزية ، دار الكتب العلمية ، 1402هـ .
التبيان في إعراب القرآن لأبي البقاء عبدالله بن الحسين العكبري ، تحقيق علي محمد البجاوي ، دار الجيل ، ط2/ 1407هـ .
تبيين الحقائق لعثمان بن علي الزيلعي شرح كنز الدقائق لأبي البركات عبدالله بن أحمد النسفي ، تحقيق : أحمد عزو ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1420هـ .(2/9)
التحرير والتنوير للإمام الطاهر ابن عاشور ، دار سحنون للنشر والتوزيع - تونس - .
تحريم النظر في علم الكلام للإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي ، تحقيق : عبدالرحمن بن محمد سعيد دمشقية ، عالم الكتب ، ط1/ 1410هـ .
التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية وعليها التحفة المهدية شرح الرسالة التدمرية للشيخ : فالح بن مهدي آل مهدي ، تعليق : د. عبدالرحمن المحمود ، دار الوطن ، ط1/ 1414هـ .
تذكرة الأريب في تفسير الغريب للإمام أبي الفرج ابن الجوزي ، تحقيق : د. على حسين البواب ، مكتبة المعارف - الرياض - ط1/ 1407 .
التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للإمام القرطبي ، تحقيق : عصام الدين سيد الصبابطي ، دار الحديث - القاهرة - الطبعة الأولى .
التذكرة في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن محمد بن حنبل للإمام ابن عقيل الحنبلي ، تحقيق : د. ناصر بن سعود السلامة ، دار إشبيليا - السعودية - ط1/ 1422هـ .
التسهيل لعلوم التنزيل للإمام ابن جزي الكلبي ، ضبط : محمد سالم هاشم ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1415هـ .
التعريفات للشريف علي بن محمد الجرجاني ، دار الكتب العلمية ، 1416هـ .
تفسير ابن أبي حاتم لعبدالرحمن بن محمد بن إدريس الرازي ، تحقيق : أسعد محمد الطيب ، المكتبة العصرية - صيدا - .
تفسير أبي السعود أو إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم للقاضي أبي السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي الحنفي ، وضع حواشيه : عبداللطيف عبدالرحمن ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1419هـ .
تفسير البيضاوي لعبدالله بن عمر بن محمد البيضاوي الشيرازي الشافعي ، دار الفكر - بيروت - .
تفسير الثعالبي لعبدالرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي المالكي ، دار الأعلمية - بيروت - .
تفسير السعدي المسمى : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي ، في سبع مجلدات ، مركز صالح بن صالح الثقافي - عنيزة - 1407هـ .(2/10)
تفسير السمرقندي لنصر بن محمد أبو الليث السمرقندي ، تحقيق : د. محمود مطرجي ، دار الفكر - بيروت - .
تفسير السمعاني لأبي المظفر منصور بن محمد بن عبدالجبار السمعاني ، تحقيق : ياسر بن إبراهيم ، غنيم بن عباس بن غنيم ، دار الوطن - الرياض - ط1/ 1418هـ
تفسير عبدالرزاق بن همام الصنعاني ، تحقيق : د. محمود محمد عبده ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1419هـ .
تفسير غريب القرآن العظيم لزين الدين أبو عبدالله محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الرازي ، تحقيق : د.حسين ألمالي ، طبع بمطابع مديرية النشر والطباعة والتجارة التابعة لوقف الديانة التركي - أنقرة - 1997م .
تفسير غريب القرآن لأبي بكر محمد السجستاني ، مكتبة دار التراث - القاهرة - .
تفسير القاسمي المسمى : محاسن التأويل لمحمد جمال الدين القاسمي ، ضبطه : محمد باسل عيون السود ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1418هـ .
تفسير القرآن العظيم للإمام المحدث ابن كثير ، تحقيق : د. محمد إبراهيم البنا ، دار ابن حزم - بيروت - ط1/ 1419هـ .
تفسير القرآن الكريم سورة الكهف للشيخ محمد بن صالح العثيمين ، دار ابن الجوزي بإشراف مؤسسة الشيخ محمد بن عثيمين الخيرية ، ط1/ 1423هـ .
التفسير الكبير لفخر الدين محمد بن عمر الرازي الشافعي ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1421هـ .
تفسير النسفي المسمى : مدارك التنزيل وحقائق التأويل لأبي البركات عبدالله النسفي ، دار الفكر .
التفسير والمفسرون للدكتور : محمد حسين الذهبي ، مكتبة وهبة ، ط6/ 1416هـ .
التقرير والتحبير في شرح التحرير لمحمد بن محمد بن محمد بن أمير حاج ، مؤسسة قرطبة .
تلبيس إبليس للإمام جمال الدين عبدالرحمن ابن الجوزي ، دار القلم - بيروت - 1403هـ .
تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير للإمام أبي الفضل أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق : عادل عبدالموجود ، علي محمد معوض ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1419هـ .(2/11)
التمهيد لأبي عمر يوسف بن عبدالله ابن عبدالبر النميري ، تحقيق : مصطفي بن أحمد العلوي ومحمد عبدالكبير البكري ، وزارة عموم الأوقاف - المغرب - 1387هـ .
التمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن ، تحقيق : د. مفيد أبو عمشة ، د. محمد إبراهيم ، دار المدني ، نشر جامعة أم القرى ، ط1/ 1406هـ .
تهذيب التهذيب للإمام أبي الفضل أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق : مصطفى عبدالقادر عطا ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1415هـ .
تهذيب الكمال ليوسف بن الزكي المزي ، تحقيق : د. بشار عواد معروف ، مؤسسة الرسالة - بيروت - ط1/ 1400هـ .
جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله للإمام إبي عمر يوسف بن عبدالبر الأندلسي ، دار الكتب العلمية .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري ، تحقيق : د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، دار هجر ، ط1/ 1422هـ .
جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم للإمام أبي الفرج عبدالرحمن بن شهاب الدين البغدادي الشهير بابن رجب ، تحقيق: شعيب الأرنؤوط ، إبراهيم باجس ، مؤسسة الرسالة ، ط5/ 1414هـ .
الجامع لأحكام القرآن لأبي عبدالله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ، ثمان مجلدات ، دار الشعب - القاهرة - .
الجدل على طريقة الفقهاء لأبي الوفاء علي بن عقيل الحنبلي ، نشر مكتبة الثقافة الدينية .
الجرح والتعديل لعبدالرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي ، دار إحياء التراث - بيروت - ط1/ 1271هـ .
جزء في الأصول - أصول الدين - مسألة القرآن للشيخ أبي الوفاء علي بن عقيل الحنبلي ، تحقيق : د. سليمان بن عبدالله العمير ، ط1/ 1413هـ .
الجلالين تصنيف : جلال الدين محمد بن أحمد المحلي وجلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي ، عناية : أبو صهيب الكرمي ، بيت الأفكار الدولية ، 1419هـ .(2/12)
الجنى الداني في حروف المعاني للحسن بن قاسم المرادي ، تحقيق : د. فخر الدين قباوة ومحمد نديم فاضل ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1413هـ .
الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية ، تحقيق : د. علي حسن ناصر و د. عبدالعزيز إبراهيم العسكر ، دار العاصمة - الرياض - ط1/ 1414هـ .
حاشية مقدمة التفسير لعبدالرحمن بن محمد بن قاسم الحنبلي ، ط2/ 1410هـ .
حاشية ابن عابدين المسمى : رد المحتار على الدر المختار لمحمد أمين بن عمر بن عبدالعزيز عابدين الدمشقي ، خرج أحاديثه : محمد صبحي حلاق وعامر حسين ، دار إحياء التراث العربي - بيروت - ط1/ 1419هـ .
حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع لعبدالرحمن بن محمد بن قاسم الحنبلي ، ط3/ 1405هـ .
الحاوي الكبير في مذهب الإمام الشافعي وهو شرح مختصر المزني لأبي الحسين علي بن محمد الماوردي ، تحقيق : علي محمد معوض وعادل أحمد عبدالموجود ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1414هـ .
الحجة في القراءات السبع للإمام ابن خالويه ، تحقيق وشرح : د. عبدالعال سالم مكرم ، مؤسسة الرسالة ، ط6/ 1417هـ .
حلية الأولياء لأبي نعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني ، دار الكتاب العربي - بيروت - ط4/ 1405هـ .
خزانة الأدب لعبدالقادر بن عمر البغدادي ، مطبعة بولاق - مصر - 1299هـ .
الدر المنثور لجلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي ، ثمان مجلدات ، دار الفكر - بيروت - 1993م .
درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية ، تحقيق : د. محمد رشاد سالم ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، ط2/ 1411هـ .
الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لأبي الفضل أحمد بن علي العسقلاني ، مراقبة : محمد عبدالمعيد ضان ، مجلس دائرة المعارف - الهند - ط2/ 1392هـ .
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب للشيخ محمد الأمين الجكني الشنقيطي ، عناية : عمر عبدالسلام السلامي ، مؤسسة التاريخ العربي - بيروت - ط 1/ 1420هـ .(2/13)
دقائق التفسير الجامع لتفسير الإمام ابن تيمية ، تحقيق : د. محمد السيد الجليند ، مؤسسة علوم القرآن - دمشق - ط2/ 1404هـ .
ديوان الخنساء ، شرح وتحقيق : عبدالسلام الحوفي ، دار الكتب العلمية - بيروت - .
ديوان زهير بن أبي سلمى ، دار بيروت ، 1402هـ .
ديوان علقمة بن عبدة الفحل ، تحقيق : لطفي الصقال ودرية الخطيب ، راجعه : فخر الدين قباوة ، دار الكتاب العربي - حلب - ط1/ 1969م .
ديوان عمرو بن معديكرب الزبيدي صنع هاشم الطعان ، وزارة الثقافة والإعلام ، مديرية الثقافة العامة .
ديوان قيس بن الخطيم ، تحقيق : د. ناصر الدين الأسد ، دار العروبة - مصر - 1962م .
الذيل على طبقات الحنابلة للإمام أبي الفرج عبدالرحمن بن شهاب الدين البغدادي الشهير بابن رجب ، دار المؤيد ، دار المعرفة - بيروت - .
الرسالة للإمام محمدبن إدريس الشافعي ، تحقيق : أحمد محمد شاكر ، القاهرة ، 1358هـ .
رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه لابن قيم الجوزية ، تحقيق : عبدالله بن محمد المديفر ، ط1/ 1420هـ .
رصف المباني في شرح حروف المعاني لأحمد بن عبدالنور المالقي ، تحقيق : أ.د. أحمد محمد الخراط ، دار القلم - دمشق - ط3/ 1423هـ .
الروح لابن قيم الجوزية ، تحقيق كمال علي الجمل ، مؤسسة التاريخ العربي ط1/ 1416هـ .
روح المعاني لأبي الفضل شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي ، دار إحياء التراث - بيروت - .
روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل لموفق الدين أبي محمد عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي ، ومعها نزهة الخاطر العطر لابن بدران ، مكتبة المعارف - الرياض - .
زاد المسير في علم التفسير للإمام أبي الفرج عبدالرحمن بن علي بن الجوزي ، عناية : أحمد شمس الدين ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1414هـ .
زاد المعاد في هدي خير العباد لابن قيم الجوزية ، تحقيق : شعيب وعبدالقادر الأرنؤوط ، مؤسسة الرسالة ، ط25/ 1412هـ .(2/14)
السبعة في القراءات لأبي بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد البغدادي ، تحقيق : شوقي ضيف ، دار المعارف - مصر - ط2/ 1400هـ .
سنن ابن ماجة بشرح الإمام أبي الحسن السندي ، وبحاشية البوصيري ، تحقيق : خليل مأمون شيحا ، دار المعرفة - بيروت - ط1/ 1416هـ .
سنن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي ، دار الحديث ، ط1/ 1388هـ .
سنن الترمذي المسمى الجامع الصحيح لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة ، تحقيق أحمد شاكر ، دار الكتب العلمية - بيروت - .
السنن الكبرى للإمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، تحقيق : محمد عبدالقادر عطا ، دار الكتب العلمية - بيروت - 1420هـ .
سنن النسائي عبدالرحمن بن أحمد الخراساني النسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي ، عناية : عبدالوارث محمد علي ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1416هـ .
السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية لابن تيمية ، عناية : أبو يعلى القويسني ، دار الكتب العلمية ، 1421هـ .
سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي ، مؤسسة الرسالة ، ط1/ 1405هـ .
شذرات الذهب في أخبار من ذهب لعبدالحي بن العماد الحنبلي ، دار إحياء التراث العربي - بيروت - .
شرح ابن عقيل عبدالله بن عقيل العقيلي الهمداني على ألفية ابن مالك ، دار الفكر ، 1414هـ .
شرح التسهيل لابن مالك ، تحقيق د. عبدالرحمن السيد ، د. محمد بدوي المختون ، دار هجر ، ط1م 1410هـ .
شرح تنقيح الفصول لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي المالكي ، دار الفكر - القاهرة - ط1/ 1393هـ .
شرح ديوان أبي نواس الحسن بن هانئ ، ضبط معانيه وشروحه وأكملها : إيليا الحاوي ، الشركة العالمية للكتاب - بيروت - 1987م .
شرح الرضي لكافية ابن الحاجب ، تحقيق : د. حسن بن محمد الحفظي ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، ط1/ 1414هـ .(2/15)
شرح السنة لأبي محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري تحقيق خالد بن قاسم الردادي ، دار السلف ، دار الصميعي ، ط3/ 1421هـ .
شرح صحيح مسلم للإمام محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي ، إشراف : علي عبدالحميد أبو الخير ، دار الخير ، ط1/ 1414هـ .
شرح العقيدة الطحاوية للإمام القاضي علي بن علي بن محمد بن أبي العز الدمشقي ، تحقيق : د. عبدالله التركي وشعيب الأرنؤوط ، مؤسسة الرسالة ط6/ 1414هـ .
شرح العقيدة الواسطية لمحمد خليل هراس ، ضبط : علوي بن عبدالقادر السقاف ، دار الهجرة - الرياض ، ط3/ 1415هـ .
شرح العقيدة الواسطية للدكتور : صالح بن فوزان الفوزان ، مكتبة المعارف - الرياض - ط6/ 1413هـ .
شرح فتح القدير للإمام كمال الدين محمد بن عبدالواحد المعروف بابن الهمام الحنفي ، تعليق : عبدالرزاق غالب المهدي ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1415هـ .
شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري ، تحقيق : عبدالسلام هارون ، مطبعة دار المعارف - مصر - 1963م .
شرح الكوكب المنير المسمى : مختصر التحرير للعلامة محمد بن أحمد الفتوحي المعروف بابن النجار ، تحقيق : د. محمد الزحيلي و د. نزيه حماد ، مكتبة العبيكان ، 1413هـ .
شرح مختصر خليل لمحمد بن عبدالله الخرشي ، دار الفكر - بيروت - .
شرح مختصر روضة الناظر لنجم الدين أبي الربيع سليمان بن عبدالقوي الطوفي ، تحقيق : د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، توزيع : وزارة الشؤون الإسلامسة والأوقاف والدعوة والإرشاد - السعودية - ط2/ 1419هـ .
شرح المعلقات السبع للزوزني ، مكتبة المعارف - بيروت - ، 1414هـ ,
شرح المفصل لموفق الدين يعيش بن علي بن يعيش النحوي ، عالم الكتب ، بيروت .
الشرح الممتع على زاد المستقنع للشيخ محمد بن صالح العثيمين ، مؤسسة آسام ، ط1/ 1417هـ .(2/16)
شرح منتهى الإرادات المسمى : دقائق أولي النهى لشرح المنتهى لمنصور بن يونس البهوتي ، عالم الكتب ط1/ 1414هـ .
الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض ، تحقيق : علي بن محمد البجاوي ، مكتبة البابي الحلبي ، 1977م .
شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل لابن قيم الجوزية ، تحقيق : محمد بدر الدين أبو فراس الحلبي ، دار الفكر - بيروت - 1398هـ .
الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي ، دار إحياء التراث العربي ، ط1/ 1419هـ .
صحيح سنن أبي داود باختصار السند لمحمد ناصر الدين الألباني ، تعليق : زهير الشاويش ، مكتب التربية العربي لدول الخليج ، ط1/ 1409هـ .
صحيح ابن حبان لمحمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي ، تحقيق : شعيب الأرنؤوط ، مؤسسة الرسالة - بيروت - ، ط2/ 1414هـ .
صحيح ابن خزيمة لمحمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري ، تحقيق : د. محمد مصطفى الأعظمي ، المكتب الإسلامي - بيروت - 1390هـ .
صحيح البخاري للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري ، دار السلام ، ط1/ 1417هـ .
صحيح سنن الترمذي باختصار السند لمحمد ناصر الدين الألباني ، تعليق : زهير الشاويش ، مكتب التربية العربي لدول الخليج ، ط1/ 1408هـ .
صحيح مسلم للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ، دار ابن حزم ، دار الصميعي ، ط1/ 1416هـ .
الصحيح المسند من أسباب النزول لأبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي ، مكتبة ابن تيمية - القاهرة - 1414هـ .
الصعقة الغضية في الرد على منكري العربية لأبي الربيع سليمان بن عبدالقوي الطوفي الحنبلي ، دراسة وتحقيق محمد بن خالد الفاضل ، مكتبة العبيكان ، ط1م 1417هـ .
الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة للمحدث الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي المكي ، دار الكتب العلمية ، 1420هـ .(2/17)
الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن قيم الجوزية ، تحقيق : د. علي بن محمد الدخيل الله ، دار العاصمة - الرياض - ط3/ 1418هـ .
الضعفاء لأبي جعفر محمد بن عمر بن موسى العقيلي ، تحقيق : عبدالمعطي أمين قلعجي ، دار المكتبة العلمية ،- بيروت - ط1/ 1404هـ .
الضعفاء والمتروكين لعبدالرحمن بن علي ابن الجوزي ، تحقيق : عبدالله القاضي ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1406هـ .
ضعيف الجامع الصغير وزياداته ، لمحمد ناصر الدين الألباني ، إشراف : زهير الشاويش ، المكتب الإسلامي ، ط3/ 1410هـ .
ضعيف سنن الترمذي لمحمد ناصر الدين الألباني ، إشراف : زهير الشاويش ، المكتب الإسلامي ، ط1/ 1411هـ .
ضياء السالك إلى أوضح المسالك لمحمد عبدالعزيز النجار ، مكتبة ابن تيمية - القاهرة - توزيع مكتبة المغني - الرياض .
طبقات الحفاظ لأبي الفضل عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي ، دار الكتب العلمية - بيروت - ط1/ 1403هـ .
طبقات الحنابلة للقاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى ، دار المعرفة - بيروت - توزيع دار المؤيد - الرياض .
طبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين أبي نصر عبدالوهاب بن علي السبكي ، تحقيق : مصطفى عبدالقادر عطا ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1420هـ .
طبقات المفسرين للإمام جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي ، دار الكتب العلمية .
طبقات المفسرين لشمس الدين محمد بن علي بن أحمد الداوودي ، دار الكتب العلمية .
طبقات المفسرين لأحمد بن محمد الأدنه وي ، تحقيق : سليمان بن صالح الخزي ، مكتبة العلوم والحكم - المدينة النبوية - ط1/ 1417هـ .
طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن قيم الجوزية ، تحقيق : عمر بن محمد أبو عمرو ، دار ابن القيم - الدمام - ط2/ 1414هـ .
العدة في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين ابن الفراء البغدادي الحنبلي ، تحقيق : د. أحمد بن علي سير المباركي ، ط3/ 1414هـ .(2/18)
علل الحديث لابن أبي حاتم عبدالرحمن بن محمد بن إدريس الرازي ، تحقيق : محمد الدين الخطيب ، دار المعرفة - بيروت - 1405هـ .
العين لأبي عبدالرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي ، دار إحياء التراث العربي -بيروت - .
غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين أبي الخير محمد بن محمد بن الجزري ، عناية : ج. برجستراسر ، دار الكتب العلمية ، ط3/ 1402هـ .
غريب القرآن وتفسيره لأبي عبدالرحمن عبدالله بن حيى العدوي المعروف بابن اليزيدي ، تحقيق : د. عبدالرزاق حسين ، مؤسسة الرسالة ، ط1/ 1407هـ .
الفتاوى الكبرى للإمام ابن تيمية ، تحقيق : حسنين محمد مخلوف ، دار المعرفة - بيروت - ط1/ 1386هـ .
فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر أحمد بن علي العسقلاني ، دار الكتب العلمية ، ط2/ 1418هـ .
فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للإمام محمد بن علي الشوكاني ، ضبط : أحمد عبدالسلام ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1415هـ .
الفروع لشمس الدين محمد بن مفلح المقدسي ومعه تصحيح الفروع للمرداوي وحاشية ابن قندس ، تحقيق : د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، مؤسسة الرسالة ، ط1/ 1424هـ .
الفصل في الملل والنحل والأهواء لعلي بن أحمد بن حزم الظاهري ، عناية : أحمد شمس الدين ، دار الكتب العلمية ط2/ 1420هـ .
الفصول في الأصول لأبي بكر الرازي الجصاص ، تحقيق : د. عجيل جاسم النشمي ، وزارة الأوقاف والشؤون بالكويت .
فصول في أصول التفسير للدكتور : مساعد بن سليمان الطيار ، دار ابن الجوزي ، ط3/ 1420هـ .
الفنون لأبي الوفاء علي بن عقيل الحنبلي ، تحقيق : جورج المقدسي ، مكتبة لينة ، 1411هـ .
فوات الوفيات لمحمد شاكر أحمد الكتبي ، تحقيق : علي محمد معوض وعادل أحمد عبدالموجود ، دار الكتب العلمية - بيروت - ط1/ 2000م .
القاموس المحيط لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي الشيرازي الشافعي ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1415هـ .(2/19)
القواعد لعلاء الدين علي بن عباس البعلي المعروف بابن اللحام ، تحقيق : أيمن صالح شعبان ، دار الحديث - القاهرة - ط1/ 1415هـ .
قواعد الترجيح عند المفسرين دراسة نظرية تطبيقية ، د. حسين بن علي الحربي ، دار القاسم ط1/ 1417هـ .
قواعد التفسير جمعاً ودراسة ، للدكتور : خالد بن عثمان السبت ، دار ابن عفان ، ط1/ 1417هـ .
القواعد الحسان لتفسير القرآن للشيخ : عبدالرحمن بن ناصر السعدي ، دار ابن الجوزي ، ط1/ 1413هـ .
القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للشيخ محمد بن صالح العثيمين ، حققه وخرج أحاديثه / أشرف بن عبدالمقصود بن عبدالرحيم ، مكتبة السنة ، ط2/ 1414هـ .
القول المفيد على كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ : محمد بن صالح العثيمين ، دار ابن الجوزي ، ط3/ 1419هـ .
الكافي في فقه الإمام أحمد لابن قدامة المقدسي ، تحقيق : محمد فارس ومسعد عبدالحميد السعدني ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1414هـ .
الكامل في ضعفاء الرجال لعبدالله بن عدي الجرجاني ، تحقيق : يحيى مختار غزاوي ، دار الفكر ، ط3/ 1309هـ .
الكتاب كتاب سيبويه لأبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر المشهور بسيبويه ، تحقيق وشرح عبدالسلام هارون ، عالم الكتب ، ط3/ 1403هـ .
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري ، تعليق : عبدالرزاق المهدي ، دار إحياء التراث العربي ، ط1/ 1417هـ .
كشاف القناع عن متن الإقناع لمنصور بن يونس البهوتي ، دار الفكر ، تعليق : هلال مصيلحي هلال ، 1402هـ .
كشف الأسرار عن أصول فخر البزدوي ، دار الكتاب الإسلامي .
الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي ، تحقيق : د. محيي الدين رمضان ، مؤسسة الرسالة ، ط5/ 1418هـ .(2/20)
كشف المشكلات وإيضاح المعضلات في إعراب القرآن وعلل القراءات لنور الدين أبي الحسن علي بن الحسن الباقولي ، تحقيق : د. عبدالقادر عبدالرحمن السعدي ، دار عمار ، ط1/ 1421هـ .
لباب النقول في أسباب النزول للإمام جلال الدين السيوطي ، عناية : عبدالمجيد طعمة حلبي ، دار المعرفة - بيروت - ط2/ 1419هـ .
لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ، دار صادر - بيروت - ط1/1374هـ .
لسان الميزان للحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، تحقيق : عادل أحمد عبدالموجود وعلي محمد معوض ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1416هـ .
لقاءات الباب المفتوح مع فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، أعدها د. عبدالله بن محمد الطيار ، واعتنى بترتيبه مكتب دار البصيرة بالاسكندرية .
المبسوط لشمس الدين السرخسي ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1414هـ .
مجاز القرآن لأبي عبيدة ، تحقيق : فؤاد سزكين ، مطبعة دار السعادة - مصر - ط1/ 1955م .
المجروحين للإمام محمد بن حيان بن أحمد بن أبي حاتم التميمي البستي ، تحقيق : محمود إبراهيم زايد ، دار الوعي - حلب - ط1/ 1396هـ .
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة العدد (3) السنة (6) محرم 1394هـ .
مجمع الأمثال لأبي الفضل أحمد بن محمد النيسابوري الميداني ، تعليق : نعيم حسن زرزور ، دار الكتب العلمية .
مجمع الزوائد لعلي بن أبي بكر الهيثمي ، دار الريان للتراث ، 1407هـ .
المجموع شرح المهذب للإمام أبي زكريا محيي الدين بن شرف النووي ، تحقيق : محمد نجيب المطيعي ، دار إحياء التراث العربي ، 1415هـ .
مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ، جمع وترتيب : عبدالرحمن بن محمد بن قاسم وابنه محمد ، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، 1416هـ .
مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين جمع وترتيب فهد بن ناصر السليمان .
مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، ط2/ 1423هـ .(2/21)
المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات لابن جني ، تحقيق : على النجدي ناصف ، د. عبدالحليم النجار ، د. عبدالفتاح شلبي ، نشر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - القاهرة - 1386هـ .
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للقاضي أبي محمد عبدالحق بن غالب بن عطية الأندلسي ، تحقيق : عبدالسلام عبدالشافي محمد ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1413هـ .
المحصول في علم أصول الفقه لفخر الدين محمد بن عمر الرازي ، تحقيق : د. طه جابر العلواني ، مؤسسة الرسالة ، ط2/ 1412هـ .
المحلى شرح المجلى لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ، تحقيق : أحمد محمد شاكر ، دار إحياء التراث العربي - بيروت - ط1/ 1418هـ .
محمد بن عبدالوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه للأستاذ مسعود الندوي ، تعليق : عبدالعليم البستوي ، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - السعودية - 1420هـ .
مختار الصحاح للإمام محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الرازي ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1414هـ .
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ، لابن قيم الجوزية واختصار محمد الموصلي ، دار الكتب العلمية .
مختصر في شواذ القراءات لابن خالويه ، عناية : ج. برجستراسر ، المطبعة الرحمانية - القاهرة - 1934م .
مدارج السالكين بين منازل غياك نعبد وإياك نستعين لابن قيم الجوزية ، تحقيق : محمد المعتصم بالله البغدادي ، دار الكتاب العربي ، ط2/ 1414هـ .
المدونة الكبرى للإمام مالك بن أنس الأصبحي رواية الإمام سحنون التنوخي ، ضبط : أحمد عبدالسلام ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1415هـ .
مذكرة في أصول الفقه لمحمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي ، مكتبة ابن تيمية - القاهرة - ط1/ 1409هـ .
مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات عرض ونقد لأحمد بن عبدالرحمن القاضي ، دار العاصمة ط1/ 1416هـ .(2/22)
مستدرك الحاكم لمحمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري ، تحقيق : مصطفى عبدالقادر عطا ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1411هـ .
المستصفى من علم الأصول للإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي ، تحقيق : د. حمزة زهير حافظ ، الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية .
مسند الإمام أحمد بن حنبل ، دار إحياء التراث العربي - بيروت - ط3/ 1414هـ .
مسند الإمام أحمد بن حنبل ضمن الموسوعة الحديثية المحققة بإشراف : د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، مؤسسة الرسالة ، ط2/ 1420هـ .
المسودة في أصول الفقه لآل تيمية ، تحقيق : د. أحمد بن إبراهيم الذروي ، دار ابن حزم ، ط1/ 1422هـ .
مشاهير علماء الأمصار لمحمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي ، دار الكتب العلمية ، 1959م .
مشكل إعراب القرآن لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي ، تحقيق : د. حاتم صالح الضامن ، مؤسسة الرسالة ، ط2/ 1405هـ .
المصباح المنير في غريب الشرح الكبير لأحمد بن محمد بن علي الفيومي، دار الكتب العلمية .
مصنف عبدالرزاق لأبي بكر عبدالرزاق بن همام الصنعاني ، تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي ، المكتب الإسلامي - بيروت ، ط2/ 1403هـ .
مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى لمصطفى بن سعد بن عبادة الرحيباني ، المكتب الإسلامي .
معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد للشيخ : حافظ بن أحمد حكمي ، تحقيق : عمر بن محمود أبو عمر ، دار ابن القيم - الدمام - ط1/1410هـ .
معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة لمحمد بن حسين بن حسن الجيزاني ، دار ابن الجوزي ، ط1/ 1416هـ .
معالم التنزيل للإمام أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي الشافعي ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1414هـ .
معاني القراءات للإمام أبي منصور محمد بن أحمد الأزهري ، تحقيق : أحمد فريد المزيدي ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1420هـ .(2/23)
معاني القرآن لأبي زكريا يحيى بن زياد الفراء ، تحقيق : أحمد يوسف نجاتي ، محمد علي النجار ، دار السرور ، 1955م .
معاني القرآن الكريم لأبي جعفر النحاس ، تحقيق : محمد علي الصابوني ، جامعة أم القرى - مكة المكرمة - ط1/ 1410هـ .
معاني القرآن وإعرابه لأبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج ، تحقيق : د. عبدالجليل عبده شلبي ، دار الحديث - القاهرة - ، ط1/ 1414هـ .
المعتمد في أصول الفقه لأبي الحسين محمد بن علي بن الطيب البصري المعتزلي ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1403هـ .
المعجم الأوسط لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، تحقيق : طارق بن عوض الله ، عبدالمحسن الحسيني ، دار الحرمين - القاهرة - 1415هـ .
معجم البلدان لياقوت بن عبدالله الحموي ، دار الفكر - بيروت - .
معجم حروف المعاني في القرآن الكريم مفهوم شامل مع تحديد دلالة الأدوات لمحمد حسن الشريف ، مؤسسة الرسالة ط1/ 1417هـ .
المعجم الكبير لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، تحقيق : حمدي عبدالمجيد السلفي ، مكتبة العلوم والحكم - الموصل - ط2/ 1404هـ .
معجم المؤلفين تراجم مصنفي الكتب العربية ، لعمر رضا كحالة ، دار إحياء التراث العربي - بيروت - .
معجم مفردات ألفاظ القرآن لأبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني ، ضبط : إبراهيم شمس الدين ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1418هـ .
المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي عن الكتب التسعة لمجموعة من المستشرقين ، مطبعة بريل في مدية ليدن ، 1969م .
معجم مقاييس اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا ، تحقيق : عبدالسلام هارون ، دار الجيل ، 1420هـ .
المعجم الوسيط لـ د.إبراهيم أنيس ورفاقه ، القاهرة ، ط2/ 1392هـ .
معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصر للإمام أبي عبدالله محمد بن أحمد الذهبي ، تحقيق : أبي عبدالله محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1417هـ .(2/24)
المغني لابن قدامة ، تحقيق : د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، د. عبدالفتاح محمد الحلو ن ، دار هجر ، ط2/ 1413هـ .
مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لجمال الدين ابن هشام الأنصاري ، تحقيق : د. مازن المبارك ومحمد علي حمد الله ، دار الفكر ، ط1/ 1419هـ .
مقدمة في أصول التفسير التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية ، تحقيق : محمود محمد نصار ، مكتبة التراث الإسلامي - القاهرة - .
المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح ، تحقيق : د. عبدالرحمن بن سليمان العثيمين، مكتبة الرشد - الرياض - ط1/ 1410هـ.
المقنع في شرح مختصر الخرقي للإمام أبي علي الحسن بن أحمد البنا ، تحقيق : د. عبدالعزيز بن سليمان البعيمي ، مكتبة الرشد ، ط2/ 1415هـ .
الملل والنحل لأبي الفتح محمد بن عبدالكريم الشهرستاني ، تحقيق : محمد عبدالقادر الفاضلي ، المكتبة العصرية ، 1423هـ .
من أسرار حروف الجر في الذكر الحكيم للدكتور محمد الأمين الخضري مكتبة وهبة ط1/ 1409هـ
مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي ، دار الآفاق الجديدة - بيروت - ط1/ 1393هـ .
مناهل العرفان في علوم القرآن للشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني ، دار الفكر .
المنتظم لأبي الفرج عبدالرحمن بن علي ابن الجوزي ، دار صادر - بيروت - ط1/ 1408هـ .
المنخول من تعليقات الأصول للإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي ، تحقيق : محمد حسن هيتو ، دار الفكر المعصر ، ط3م 1419هـ .
منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز للعلامة محمد الأمين الجكني الشنقيطي ، تحقيق : أبو حفص سامي بن العربي ، مكتبة السنة - القاهرة - ، ط1/ 1414هـ
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية لابن تيمية ، تحقيق : د. محمد رشاد سالم ، جامع الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، ط2/ 1411هـ .(2/25)
المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد للإمام محيي الدين أبي اليمن عبدالرحمن بن محمد العليمي المقدسي الحنبلي ، تحقيق : مصطفى عبدالقادر عطا ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1420هـ .
الموسوعة الفقهية ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت - ط4/ 1414هـ .
الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة إشراف : د. مانع بن حماد الجهني ، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع ، ط4/ 1420هـ .
الموطأ لمالك بن أنس الأصبحي، تحقيق : محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء التراث - مصر- .
ميزان الاعتدال لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي ، تحقيق : علي بن محمد معوض وعادل أحمد عبدالموجود ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1995م .
الناسخ والمنسوخ لقتادة بن دعامة السدوسي ، تحقيق : د. حاتم الضامن ، مؤسسة الرسالة ، ط3/ 1418هـ .
الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس ، تحقيق : محمد عبدالسلام محمد ، مكتبة الفلاح - الكويت - ط1/ 1408هـ .
الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة المقري ، تحقيق : زهير الشاويش ومحمد كنعان ، المكتب الإسلامي - بيروت - ، ط1/ 1404هـ .
الناسخ والمنسوخ لعلي بن أحمد بن سعيد ابن حزم الظاهري ، تحقيق : عبدالغفار بن سليمان البنداري ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1406هـ .
ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه لابن البارزي ، تحقيق : د. حاتم صالح الضامن ، مؤسسة الرسالة ، ط4/ 1418هـ .
نزهة الخاطر العاطر لعبدالقادر بن أحمد بن مصطفى بن بدران الدمشقي ، شرح كتاب روضة الناظر لابن قدامة ، دار ابن حزم ، ط2/ 1415هـ .
نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب لأحمد بن محمد التلمساني ، تحقيق : د. إحسان عباس ، دار صادر - بيروت - 1388هـ .
نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد الدارمي على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد ، تحقيق : رشيد بن حسين الألمعي ، مكتبة الرشد ، شركة الرياض ، ط1/ 1418هـ .(2/26)
النكت والعيون تفسير الماوردي أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي ، راجعه : السيد بن عبدالمقصود بن عبدالرحيم ، دار الكتب العلمية ، مؤسسة الكتب الثقافية .
نهاية السول للإمام جمال الدين عبدالرحيم الأسنوي شرح منهاج الوصول في علم الأصول للبيضاوي ، ضبط : عبدالقادر محمد علي ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1420هـ .
النهاية في غريب الحديث والأثر للإمام مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري ابن الأثير ، تحقيق : طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي ، المكتبة العلمية - بيروت - .
نهاية الوصول في دراية الأصول لصفي الدين محمد بن عبدالرحيم الهندي ، تحقيق : د. صالح ابن سليمان اليوسف ، د. سعد بن سالم السويح ، مكتبة نزار مصطفى الباز ، ط2/ 1419هـ .
نواسخ القرآن أو ناسخ القرآن ومنسوخه لابن الجوزي ، تحقيق : حسين سليم الداراني ، دار الثقافة العربية - دمشق - ط1/ 1411هـ .
نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار للإمام محمد بن علي الشوكاني ، عناية : د. وهبة الزحيلي ، دار الخير - دمشق - توزيع دار الصميعي ، ط2/ 1418هـ .
الواضح في أصول الفقه لأبي الوفاء علي بن عقيل الحنبلي ، تحقيق : د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، مؤسسة الرسالة ، ط1/ 1420هـ .
الوافي بالوفيات لصلاح الدين خليل بن إيبك الصفدي ، تحقيق : أحمد الأرنؤوط وتركي مصطفى ، دار إحياء التراث - بيروت - 1420هـ .
الوجوه والنظائر لألفاظ كتاب الله العزيز ومعانيها لأبي عبدالله الحسين بن محمد الدامغاني تحقيق : فاطمة يوسف الخيمي ، مكتبة الفارابي ، سوريا ، ط1/1419هـ .
الوجيز لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي ، تحقيق : صفواد عدناد داوودي ، دار القلم ، ط1/ 1415هـ .
الوسيط في تفسير القرآن المجيد لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري ، تحقيق : عادل عبدالموجود ورفاقه ، دار الكتب العلمية ، ط1/ 1415هـ .(2/27)
ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن لأبي عمر محمد بن عبدالواحد المعروف بغلام ثعلب ، تحقيق : محمد يعقوب التركستاني ، مكتبة العلوم والحكم - المدينة النبوية - ط1/ 1423هـ .
... ...
فهرس الموضوعات
الموضوع ... الصفحة
المقدمة .................................................................... ... 1
أهمية الموضوع ............................................................. ... 2
أسباب اختيار الموضوع .................................................... ... 3
أهداف البحث في الموضوع ................................................ ... 4
الدراسات السابقة ......................................................... ... 4
خطة البحث .............................................................. ... 5
منهجي وعملي في البحث .................................................. ... 7
التمهيد : ترجمة لابن عقيل ................................................. ... 10
اسمه ونسبه وكنيته ......................................................... ... 11
مولده .................................................................... ... 11
أسرته .................................................................... ... 12
شيوخه ................................................................... ... 12
تلاميذه ................................................................... ... 14
مكانته العلمية ............................................................. ... 16
مصنفاته .................................................................. ... 17
ابن عقيل والمعتزلة ......................................................... ... 19
وفاته ..................................................................... ... 20
القسم الأول : مصادر ابن عقيل ومنهجه في التفسير ....................... ... 21(2/28)
الفصل الأول : مصادر ابن عقيل في التفسير ............................... ... 22
المبحث الأول : مصادر القرآن وعلومه ...................................... ... 23
المبحث الثاني : مصادر الحديث ............................................. ... 25
المبحث الثالث : مصادر الفقه .............................................. ... 27
المبحث الرابع : مصادر العقيدة ............................................. ... 29
الفصل الثاني : منهج ابن عقيل في التفسير .................................. ... 32
المبحث الأول : تفسير القرآن بالقرآن ....................................... ... 34
المطلب الأول : تخصيص العموم ............................................ ... 35
المطلب الثاني : تقييد المطلق ................................................ ... 39
المطلب الثالث : بيان المجمل ................................................ ... 41
المطلب الرابع : جمع النظائر ................................................ ... 43
ما يلاحظ في استدلال ابن عقيل بالقرآن ..................................... ... 44
المبحث الثاني : تفسير القرآن بالسنة ......................................... ... 45
المطلب الأول : تخصيص العموم ............................................ ... 46
المطلب الثاني : بيان المجمل ................................................. ... 47
المطلب الثالث : الترجيح بالسنة ............................................ ... 48
ما يلاحظ في استدلال ابن عقيل بالسنة ..................................... ... 49
المبحث الثالث : تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين ...................... ... 50
المطلب الأول : تخصيص العموم ............................................ ... 51
المطلب الثاني : دفع موهم التناقض .......................................... ... 53(2/29)
ما يلاحظ في نقل ابن عقيل لأقوال الصحابة التابعين .......................... ... 54
المبحث الرابع : تفسير القرآن باللغة ......................................... ... 55
المطلب الأول : اهتمامه بمعاني المفردات والحروف ومرجع الضمائر ............ ... 56
المطلب الثاني : عنايته بالشعر وأقوال العرب .................................. ... 60
المطلب الثالث : اهتمامه بالأوجه البلاغية ولطائف التفسير .................... ... 63
ما يلاحظ في تفسير ابن عقيل باللغة ......................................... ... 65
المبحث الخامس : تفسيره لآيات الأحكام .................................... ... 66
المطلب الأول : مذهبه الفقهي .............................................. ... 67
المطلب الثاني : نقله للإجماع ................................................ ... 68
المطلب الثالث : اهتمامه بالقياس ............................................ ... 70
المكلب الرابع : منهجه في الاستنباط ........................................ ... 71
الفصل الثالث : علوم القرآن عند ابن عقيل ............................... ... 75
المبحث الأول : الناسخ والمنسوخ ........................................... ... 76
المبحث الثاني : أسباب النزول .............................................. ... 79
المبحث الثالث : المحكم والمتشابه ............................................ ... 81
المبحث الرابع : العام والخاص .............................................. ... 83
القسم الثاني : أقوال ابن عقيل في التفسير .................................. ... 85
ما فسره ابن عقيل من سورة الفاتحة ........................................ ... 86
¼?†WTكYں`ه@ ... ?ً·.W£Jg±ض@ ... ?Wط~YحWچTَ©Sظ<ض@ ... ?" ........................................... ... 87
ما فسره ابن عقيل من سورة البقرة ........................................ ... 90(2/30)
¼?†Wق<صSTخ?N ... éR¹Y‰`ه@ ... ?†Wن`قYع?$†_Tإ~YظW-? "............................................ ... 91
¼ N ... éSظ~YخKV ... Wè WلléVصJً±ض@ ... N ... éSTژ ... ƒٍWè WلléTVزJً¥Tض@ ... N ... éSإW{`O@ ... Wè WؤWعW " ...................... ... 94
¼?WفےY،PVض@ ... ?WـéQSTقSTہ¹WTے?طSنPVTكKV ... ?N ... éSTحHTVصQSع?َطXنYQTٹWO?" ................................... ... 95
¼ َطSن`قYعWè WـéQS~TTQYعKR ... ‚Wپ WـéSظVص`إWTے ًˆHTTWچYر<ض@ ... :Jً‚پMX ... JًّYك†WعKV ... " ........................ ... 98
¼?N ... éSٹX£pT®RK ... Wè?ء?SطXنYTٹéRصSTخ?Wش`oYإ<ض@ ... ?َ&طYهX£`TةS|Yٹ?" ............................ ... 101
¼ فVضWè SâَéTQWTقWظWچWے W= ... ںTWTٹVK ... †WظYٹ pŒWTعPVںWخ َ%طXنےYں`TےKV ... " ........................ ... 106
¼?!?†Wع?`œW©قWك?َفYع?]àTTWے ... ƒٍ?`èVK ... ?†WنY©قSTك?g<K†WTك?xO`kTWmgî?"?............................ ... 109
¼ ًذYض.V،W{Wè َطRرHTTTWق<صWإW- _àTTPVعRK ... †^T¹WھWè " ................................. ... 116
¼?QWفYرHTVضWè?QWOYi<ض@ ... ?َفWع?WفWع ... ƒٍ?YJً/@†Yٹ?" .......................................... ... 119
¼ `èVK ... uّVصWئ w£WةTWھ bلJًںYإWTت " ............................................... ... 121
¼?ّVصWئWè?fغTےY،PVض@ ... ?ISمWTكéSح~Y¹STے?bàWTTے`ںYت?S׆TWإV؛?$xـkYرَ©Yع? " ..................... ... 127
¼ QS"W™<ض@ ... c£TWنpT®KV ... &tŒHTWعéSTص`إQWع فWظWTت ً³W£WTت UfغXن~Yت " ........................ ... 132
¼?فWظWTت?ً³W£WTت?UfغXن~Yت?QW"W™<ض@ ... ?ً"TWTت?ًگVتWO?‚WپWè?ً " .......................... ... 135
¼ ٌŒHTWحPVصً¹Sظ<ض@ ... Wè fغp±PVٹW£WچWTے QWفXنY©SةكKV†Yٹ WàWT'HTTVصWT' &xٍ;èS£Sخ " ...................... ... 140
¼?ٌWàWT'HTTVصWT'?&xٍ;èS£Sخ?" ......................................................... ... 142
¼ فQWع ... V¢ ÷Y،PVض@ ... ٌ³X£`حSTے JًW/@ ... †[¶َ£TWTخ †_TقW©Wڑ " ............................. ... 146(2/31)
¼?َطVضWè?N ... èSںYoWTژ?†_T‰Yژ†Vز?cفHTWهX£WTت?$bàً¶éSTp‰حQWع " ................................ ... 149
ما فسره ابن عقيل من سورة آل عمران ................................... ... 151
¼? ... _ںQY~TfTTTھWè? ... _OéS±WڑWè?†^QT~Y‰WTكWè?WفYQع?WـkY™YصHTUfTT±ض@ ... ?(39)?" ........................ ... 152
¼ لِلَّهِ :†QWظVصWTت Jً¨WڑVK ... uّW©~Yئ SطSن`قYع W£pTةRر<ض@ ... Wس†WTخ َفWع " .......................... ... 154
¼?!?َفYعWè?XشTT`هVK ... ?gˆHTWTچYر<ض@ ... ?َفWع?ـMX ... ?Sم`قWع<K†WTژ?xO†V¹قYحYٹ?"??........................... ... 156
¼ َ£YةpTTçإWچpTھ@ ... Wè َطSنVض َطSه`OYè†W®Wè ء $X£`عKKV‚ô@ ... " ................................ ... 159
ما فسره ابن عقيل من سورة النساء ........................................ ... 162
¼ ‚WپWè Nv ... éSTصS{<K†WTژ `طSنVض.Wé`عKV ... uvّVضXM ... &`طRرYTض.Wé`عKV ... " ................................ ... 163
¼? ... éS™Yرك@†WTت?†Wع?ً‡†ً؛?طRرVض?WفYQع?Yٍ:†W©PYقض@ ... ?uّWTق<'Wع?" ........................... ... 165
¼ †Wع ً‡†ً؛ طRرVض WفYQع Yٍ:†W©PYقض@ ... uّWTق<'Wع ًگHTVصR'ًè $WؤHTWTٹSOWè " ......................... ... 169
¼?ٌـXM†WTت?Wـ†Vز?,ISمVض?bلWépTTMX ... ?YمYQعKgR"WTت?&ٌSںJٌ©ض@ ... " ................................ ... 172
¼ UfغSهéRرY©`عKV†WTت ء géS~ST‰<ض@ ... uّPVچWڑ QWفSنHùPVTتWéWچWے " ............................ ... 179
¼?‚WپWè?N ... éS™YرقWTژ?†Wع?WکVرWTك?طS{Sê:†Wٹ ... ƒٍ?fغYQع?Yٍ:†W©PYقض@ ... ?" ....................... ... 183
¼ pŒWعQX£Sڑ `طS|`~VصWئ `طRرSچTTHTWTنQWعRK ... `طRرSژ†WTقWٹWè " ................................ ... 185
¼?: ... W¢MX†WTت?QWفg±`ڑRK ... ?َـXM†WTت?fû`kTWTژVK ... ?xàTWTY™HTWةYٹ?QWفXن`~VصWإWTت?" ......................... ... 188
¼ QWفXن`~VصWإWTت ٌبp±Yك †Wع ّVصWئ gŒHTWTقTTW±`™Sظ<ض@ ... " .............................. ... 190(2/32)
¼?`èVK ... ?uّVصWئ?\£WةWھ?`èVK ... ?ƒٍ:†TTW-?bںTWTڑVK ... ?طRرقPYع?WفYQع?Y¸MXْ:†Wçإ<ض@ ... ?" ........................ ... 192
¼ `èVK ... SطSTچ`©WظHTTVض ƒٍ:†W©PYقض@ ... `طVصWTت N ... èSںYoWTژ _ٍ:†Wع " ................................ ... 194
¼?SلW£Y‚پ@ ... Wè?cO`kTW?XفWظPYض?uّWحPVTژ@ ... ?‚WپWè?WـéSظVصpہ¹STژ?½"~YچWTت?"?......................... ... 198
¼ †WعWè fû†Vز \فYpعëSظYض ـKV ... WشSچpTحWے †[TTقYpعëSع ‚PVپMX ... &†L_TTTV¹W " ....................... ... 199
¼?S£ےX£`™WچWTت?xàTTW‰WTخWO?xàWقYpعëQSع?bàWےY Wè?dàWظPVصW©QSع " ................................. ... 202
¼ طRر`™WچYض Wـ`kTWٹ X†PVقض@ ... :†WظYٹ ًذHTْWOVK ... &JًS/@ ... " ................................. ... 204
¼?`ؤTY‰QWچWTےWè?WO`kTWTçئ?Xش~Y‰fTTھ?WـkYقYع`ëSظ<ض@ ... ?-YمPYضWéSTك?†Wع?uّPVضWéWTژ?"?........................ ... 206
¼ `†Wع طSنVض -YمYٹ َفYع ]y<صYئ ‚PVپMX ... Wأ†WT‰PYTژ@ ... &QXفJًہ¹ض@ ... " ................................ ... 208
¼?xy<صٌہ¹Y‰WTت?WفYQع?fغTےY،PVض@ ... ?N ... èS †Wه?†WTق`عQW£Wڑ?`طXن`~VصWئ?"?........................... ... 210
¼ ¾"SھQSO WفےX£PYWT‰QSع WفےYOY،قSعWè PV"WLùYض WـéRرWTے X†PVقصYض " .......................... ... 212
¼?ISمSچWظYصW{Wè?:†WنHHùTWح<ضVK ... ?uّVضXM ... ?WطWTےَ£Wع?c-èSOWè?$Sم`قTYQع?"?............................. ... 216
ما فسره ابن عقيل من سورة المائدة ........................................ ... 219
¼? ... W¢XM ... Wè?َطSچ<صVصWڑ?&N ... èS †ً¹p²@†WTت?‚WپWè?َطRرPVقWعX£`ًmïm-?"?................................? ... 220
¼ pŒWعQX£Sڑ SطRر`~VصWئ SàWچT`~Wظ<ض@ ... S×PVںض@ ... Wè Sط`™VضWè X£ےX¥قY<ض@ ... " ........................ ... 224
¼?ـKV ... ?Nv ... éRصPVچTTWحSTے?`èVK ... ?Nv ... éS‰VPصfTT±Sے?`èVK ... ?WؤJً¹TTWحSTژ?`yXنےYں`TےKV ... ??"?........................... ... 226(2/33)
¼ SثYO†UfTT©ض@ ... Wè SàWTخYO†UfTT©ض@ ... Wè Nv ... éSإV¹<خ@†WTت †WظSنWTےYں`TےVK ... =ƒٍ: ... W¥W- " ...................... ... 229
¼?†TQWع?Sک~Y©Wظ<ض@ ... ?Sف`Tٹ@ ... ?ًyWTےَ£TWع?‚PVپMX ... ?bسéSھWO?`ںTWTخ?pŒVصW?"?......................... ... 232
¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے WفےY،PVض@ ... Nv ... éTSقWع ... ƒٍ †WظPVTكXM ... S£`ظW<ض@ ... S£Y©`~TWظ<ض@ ... Wè " ......................... ... 235
¼?فWعWè?ISمVصWچWTخ?طRرقYع? ... _ںQYظWإWTچTQSع?cٍ: ... W¥WoWTت?SشpTT'TYQع?†Wع?"?.......................... ... 238
¼ WفYع WفےY،PVض@ ... VPجW™WچTَھ@ ... SطXن`~VصWئ XفHTWT~Vض`èVK‚ô@ ... " ................................ ... 243
ما فسره ابن عقيل من سورة الأنعام ....................................... ... 246
¼ :†TQWظVصWTت WشWTتVK ... Wس†WTخ :‚Wپ JٌˆYڑRK ... fûkYصYتVK‚ô@ ... (76) " ............................. ... 247
¼?N ... éSTژ ... ƒٍWè?ISمPVحWڑ?WzَéTWTے?-YâY †fTTTT±Wڑ?‚WپWè?&N ... ;éTSTتX£pT©STژ " ......................... ... 250
¼ ‚WپWè N ... éSTصSچTpTحWTژ f¨pTةPVقض@ ... ّYچPVض@ ... W×QW£Wڑ JًS/@ ... ‚PVپMX ... &QXجW™<ض@†Yٹ " ........................ ... 254
ما فسره ابن عقيل من سورة الأعراف ..................................... ... 256
¼ Wس†WTخ †Wع ًذWإWقWع ‚PVپKV ... ًںSo`©WTژ <¢XM ... $ًذSTژp£TWعKV ... Wس†WTخ h†WTكKV ... " ........................ ... 257
¼?Wس†WTخ?†Wع?ًذWإWقWع?‚PVپKV ... ?ًںSo`©WTژ?<¢XM ... ?$ًذSTژp£TWعKV ... ?Wس†WTخ?h†WTكKV ... ?" ........................ ... 261
¼ Wس†WTخ ًذPVكMX ... WفYع WفےX£ًہ¹قSظ<ض@ ... (15) " ....................................... ... 263
¼?†WTك`¦ƒéHTW-Wè?ُّYقW‰Yٹ?WشےYٍ;.W£pھMX ... ?W£p™W‰<ض@ ... ?N ... `éWTژVK†WTت?uّVصWئ?xz`éWTخ?" ....................... ... 268
¼ †QWظVضWè WؤW-WO uvّWھéSع uّVضXM ... -YمYع`éWTخ WفHTW‰pµWTçئ †_TةYھKV ... " ........................ ... 270
ما فسره ابن عقيل من سورة التوبة ........................................ ... 272(2/34)
¼ uّPVچWڑ N ... éٌ¹`إSTے WàWTے`¥Yo<ض@ ... فWئ xںWے َطSهWè fûèS£YçإHTW² " ........................ ... 273
¼?W×َéWTے?uّWظmïmٌ`ڑ?†Wن`~VصWئ?ء?YO†WTك?ًyPVقWنW-?uüWé<رSچWTت?†WنYٹ?" ........................ ... 275
¼ فYرHTVضWè WâX£W{ JًY/@ ... َطSنWT'†fTTTإY‰?Tك@ ... َطSنJًV¹‰W'WTت " ................................ ... 277
¼?fûéSةYصmïm`ًڑ?YJً/@†Yٹ?َطRرVض?َطS{éS`OSkYض?SJًJًS/@ ... Wè?" ............................... ... 280
¼ َ£YةpTçإWTچ`ھ@ ... َطSنVض `èVK ... ‚Wپ َ£YةpTçإWچp©WTژ َطSنVض ـMX ... َ£YةpTçإWچp©WTژ " ........................ ... 282
¼?`yVضKV ... ?Nv ... éSTظVص`إWTے?QWـKV ... ?JًW/@ ... ?WéSه?SشW‰<حWTے?WàfTTTTTTٹ`éPVچض@ ... ?َفWئ?" ........................... ... 285
¼ ںWحVPض ً‡†PVTژ JًS/@ ... ّVصWئ QXّY‰PVقض@ ... fغTےX£YoHTWنSظ<ض@ ... Wè " ............................ ... 288
¼?!?†WعWè?Wـ†Vز?WـéSقYع`ëSظ<ض@ ... ?N ... èS£YةقW~Yض?_&àPVTت:†W{?ً‚پَéVصWTت?W?"? ......................... ... 293
ما فسره ابن عقيل من سورة يونس ........................................ ... 296
¼?†WTق`~VضXM†WTت?`ySنSإY-َ£Wع?QWطR'?JًS/@ ... ?dں~XنW®?uّVصWئ?†Wع?" ............................... ... 297
¼ :N ... éSTصWإ`-@ ... Wè َطS|WژéS~STٹ _àVصT`‰YTخ N ... éSظ~YخKV ... Wè W%لléVصJً±ض@ ... " ........................... ... 301
ما فسره ابن عقيل من سورة هود .......................................... ... 306
¼ Nv ... éSظVص`ئ@†WTت :†WظPVTكKV ... WسX¥كKR ... Xط<صTYإYٹ JًY/@ ... ـKV ... Wè :Jً‚پ WمHTVضXM ... ‚PVپMX ... $WéSه " ....................... ... 307
¼?uüW †WTكWè?c-éSTك?ISمQWTٹWQO?Wس†WحWTت?Jg‡WO?QWـMX ... ?ّYق`Tٹ@ ... ?pفYع?" .......................... ... 309
¼ N ... éSTض†WTخ ٌˆ`~TWإSHTWTے †Wع SمWحpTةWTك ... _OkY'TW{ †QWظQYع SسéSحWTژ " ......................... ... 311
¼?QWـMX ... ?gŒHTWTقW©W™<ض@ ... ?Wـ`iYه<،STے?&g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... " ................................... ... 314(2/35)
¼ QWـMX ... gŒHTWTقW©W™<ض@ ... Wـ`iYه<،STے &g†WLTTQX~TUfT©ض@ ... " ................................... ... 315
ما فسره ابن عقيل من سورة يوسف ....................................... ... 318
¼ Wس†WTخ :†WظSهSںWڑVK ... ُّYPTكMX ... ُّYقHTْWOVK ... S£g±`ئVK ... $ ... _£`ظW " .............................. ... 319
¼?ًذYض.W،Vز?†WTك`ںYز?ً$بSھéS~Yض?†Wع?Wـ†Vز?W،S<K†W~Yض?Sâ†WVK ... " ........................... ... 321
¼ XشLWTTT`ھWè WàWTےَ£Wح<ض@ ... ّYچPVض@ ... †QWقTS{ †Wن~Yت WOkYإ<ض@ ... Wè ُّXچPVض@ ... " .......................... ... 324
¼?cO`iً±WTت?$eش~YظW-?ّW©Wئ?JًS/@ ... ?ـKV ... ?ّYTقW~YTژ<K†Wے?`yXنYٹ?&†[Tإ~YظW- " ...................... ... 327
¼ ّYقPVتWéWTژ †_ظYصp©Sع ّYقpTحY™<ضVK ... Wè WـkY™YصHTJً±ض@†Yٹ (101) " ............................ ... 329
ما فسره ابن عقيل من سورة الرعد ........................................ ... 334
¼ ISمWكéٌہ¹Wة`™WTے َفYع X£`عKV ... %JًY/@ ... " ............................................ ... 335
¼?ذMXù;HTTVضOèKR ... ?SطSنVض?SàWTق`إPVصض@ ... ?َطSنVضWè?Sٍ;éTTSھ?YO ... PVںض@ ... ?(25)?" .......................... ... 338
ما فسره ابن عقيل من سورة الحجر ........................................ ... 340
¼?QWـMX ... ?÷Y †fTT‰Yئ?ً¨`~VTض?ًذVض?`طXن`~VصWئ?dفHTً¹<صSھ?‚PVپMX ... ?XفWع?" ......................... ... 341
ما فسره ابن عقيل من سورة النحل ........................................ ... 344
¼?ّVصWئWè?JًY/@ ... ?Sںp±WTخ?Xشg~‰TWQ©ض@ ... ?†Wن`قYعWè?c&£MXْ:†TW-?`éVضWè?" ............................ ... 345
¼ ... éRصLWTTَ©WTت WشTT`هVK ... X£T`{PY،ض@ ... ـMX ... `ySچقRز ‚Wپ WـéSظVصT`إWTژ " .......................... ... 347
¼?S"S£pWTے??فYع?†WنYTكéR¹STٹ?t‡ ... W£W®?eبYصWچpTSQع?ISمSTك.Wé<ضVK ... ?Yم~Yت?" ...................... ... 350
¼ WشWإW-Wè طRرVض َفYQع طS|Y-.Wè`¦KV ... WـkYقWTٹ ^لWںWةWڑWè " ............................. ... 353(2/36)
¼?†WTق<ضQW¥WTكWè?ًذ`~VصWئ?ًˆHTWTچYر<ض@ ... ?†_TقHTWT~`‰Yژ?QXشRرYPض?xٍpّW®?" ?????????????????????????? ... 355
¼ فWع W£WةW{ YJً/@†Yٹ ?فYع Yں`إWTٹ ,-YمYقHTWظےXM ... ‚PVپMX ... َفWع WâX£`{RK ... " ......................... ... 358
ما فسره ابن عقيل من سورة الإسراء ...................................... ... 360
¼ ‚WپWè X`ظWTژ ء X³`OKKV‚ô@ ... $†[ڑW£Wع ًذPVكMX ... فVض ًثX£`WTژ " .......................... ... 361
¼?gyYخVK ... ?WلléVصJً±ض@ ... ?gدéSTضSںYض?X¨`ظPVض@ ... ?uّVضXM ... ?gجW©Wçئ?XشT`~TPVض@ ... ?" ....................... ... 364
¼ WفYعWè XشT`~TPVض@ ... `ںQWoWنWچWTت -YمYٹ ^àTVصYت†WTك ًذVPض uvّW©Wئ ـKV ... " .......................... ... 367
ما فسره ابن عقيل من سورة الكهف ...................................... ... 368
¼ ًذYض.W،W{Wè †WTكَ£WT'`ئVK ... َطXن`~VصWئ Nv ... éSظWTص`إW~Yض UfûKV ... Wں`ئWè " ....................... ... 369
¼?†Wچ<صYز?Xـ`kTWTچPVقWo<ض@ ... ?pŒWTژ ... ƒٍ?†WنVصS{KR ... ?`yVضWè?yYص<ہ¹WTژ?Sم`قTPYع?" ........................ ... 371
¼ WجW©WةWTت َفWئ X£`عKV ... ,-%YمQYTTٹWO " .............................................. ... 373
¼?†PVعKV ... Wè?ٌyHTVصSçإ<ض@ ... ?Wـ†VرWTت?Sâً ... éWTٹKV ... ?Xـ`kWقYع`ëSع?:†Wق~YWWTت?" .......................... ... 375
ما فسره ابن عقيل من سورة مريم .......................................... ... 378
¼?uّWT~`™W~HTWTے?Y،S?ًˆHTWTچg|<ض@ ... ?x$لQWéSحYTٹ?SمHTWTق`~WTژ ... ƒٍWè?Wط<رS™<ض@ ... ?" ...................... ... 379
ما فسره ابن عقيل من سورة طه ........................................... ... 381
¼?WؤWTقp±SچYضWè?uّVصWئ?ُّYق`T~Wئ?" ................................................ ... 382
¼ َطRرTPVقWT‰PYصW²RK‚WپWè ء XأèS،S- XشpPVقض@ ... " ...................................... ... 384
ما فسره ابن عقيل من سورة الأنبياء ....................................... ... 387(2/37)
¼ SمHTWTكَ£W±WTكWè WفYع YzَéWح<ض@ ... fغTےY،PVض@ ... N ... éSTٹPV،Vز &:†WقYچHTTWTے†LWTTYٹ " ....................... ... 388
¼?W ISè ... W Wè?WفHTWظ`~VصSھWè?<¢XM ... ?Xـ†WظS|`ًmïmڑ?ء?g َ£W™<ض@ ... ?<¢XM ... ?" ......................... ... 391
¼ †WنHTWTق`ظQWنWةWTت &WفHTWظ`~VصSھ Zn"S{Wè †TWقT`~WTژ ... ƒٍ †_ظ<رSڑ " .......................... ... 394
¼?`طS|PVكMX ... ?†WعWè?fûèSںS‰`إWTژ?فYع?XûèS ?JًY/@ ... ?ٌˆW±Wڑ? " ....................... ... 397
ما فسره ابن عقيل من سورة الحج ......................................... ... 400
¼? ... V¢MX†WTت?pŒW‰W-Wè?†WنSٹéSقTS-?N ... éSTصRرWTت?†Wن`قTYع?" ................................... ... 401
ما فسره ابن عقيل من سورة النور ......................................... ... 403
¼?SàW~Yك ... PV¥ض@ ... ?ّYك ... PV¥ض@ ... Wè?N ... èSںYص`-@†WTت?QWشRز?xںTYڑ.Wè?†WظSن`قYQع?W?"?.......................... ... 404
¼ ذMXù;HTTVضOèKR ... Wè SطSه WـéSحY©HTVة<ض@ ... (4) ‚PVپMX ... WفےY،PVض@ ... N ... éSTٹ†WTژ " ......................... ... 407
ما فسره ابن عقيل من سورة الفرقان ....................................... ... 415
¼ ÷Y،PVض@ ... WجVصW g.WéHTWظQW©ض@ ... ً³`OKKV‚ô@ ... Wè †WعWè †WظSنWTق`~WTٹ ء " ...................... ... 416
¼?WفےY،PVض@ ... Wè?‚Wپ?WـéSئ`ںWTے?WؤWع?JًY/@ ... ?†_نHTVضXM ... ?W£W ... ƒٍ?" ................................ ... 419
¼ ںTRص`mïmًWè -Yم~YTت †[Tك†fTTنTSع (69) ‚PVپMX ... فWع ً‡†WTژ WفWع ... ƒٍWè " ......................... ... 424
ما فسره ابن عقيل من سورة الشعراء ...................................... ... 431
¼ َطSنVضWè JًّVصWئ tˆ?TكV¢ ٌا†WVK†WTت ـKV ... XـéSTصTSچpTحWTے (14) " ........................... ... 432
¼?Wس†WTخ?J$ً"Vز?†WT‰Wه<¢@†WTت?$:†WقYچHTWTے†WLTTYٹ?†PVكXM ... ?طRرWإWع?WـéSإYظWTچ`©QSع?"?....................... ... 434(2/38)
¼ :†WقT`T~Wڑ`èVK†WTت uّVضXM ... uvّWھéSع gـKV ... ‡X£p@ ... ًد†W±WإQYTٹ " ............................ ... 436
ما فسره ابن عقيل من سورة العنكبوت .................................... ... 438
¼ َطRرPVقMXْVK ... WـéSTژK<†WچVض ًس†W-QX£ض@ ... WـéSإV¹pTحWTژVè ًشg~‰TWQ©ض@ ... " .......................... ... 439
ما فسره ابن عقيل من سورة الأحزاب ..................................... ... 441
¼ <¢MX ... Wè SسéSحWTژ v÷Y،PVصYض WطWTpإكVK ... JًS/@ ... Yم`~TVصWئ ًŒ`ظWTpإكVK ... Wè p " ........................... ... 442
¼?†WQع?Wـ†Vز?ّVصWئ?JgّY‰PVقض@ ... ?َفYع?w"W£Wڑ?†Wظ~Yت?ً³W£WTت?JًS/@ ... ??" ......................... ... 446
¼ QWـMX ... WفےY،PVض@ ... WـèS¢`ëSTے JًW/@ ... ISمVضéSھWOWè SطSنWقTWإVض JًS/@ ... ء " .......................... ... 449
ما فسره ابن عقيل من سورة يس .......................................... ... 452
¼ [لW£p©W™HTTے ّVصWئ &Y †W‰Yإ<ض@ ... " .............................................. ... 453
ما فسره ابن عقيل من سورة الصافات ..................................... ... 456
¼ †QWظVصWTت WçؤVصWTٹ SمWإWع ƒّ`إJً©ض@ ... Wس†WTخ JًّWقTS‰HTWTے ُّYPTكMX ... uüWOVK ... " ........................ ... 457
ما فسره ابن عقيل من سورة ص .......................................... ... 463
¼ ! `شWهWè ًذHùWTژKV ... N ... SëW‰WTك gطp±W<ض@ ... <¢XM ... N ... èSOQWéTW©WTژ " .............................. ... 464
¼?†WعWè?†WTقpTحTVصW?ƒٍ:†TWظQW©ض@ ... ?ً³`OKKV‚ô@ ... Wè?†WعWè?†WظSنWTق`~TWTٹ?" .......................... ... 467
ما فسره ابن عقيل من سورة الزمر ........................................ ... 469
¼?ًذPVTكMX ... ?tŒQYT~Wع?طSنPVTكXM ... Wè?WـéSچQYT~QWع?(30)?" ....................................... ... 470
¼ pبWإHTWµSTے SمVTض ٌ‡ ... ً،Wإ<ض@ ... W×َéWTے YàWظHTW~Yح<ض@ ... " ................................... ... 472(2/39)
¼?Wج~YھWè?WفےY،PVض@ ... ?vN ... èS£WةW{?uّVضXM ... ?WطPVقWنW-?$ ... [£WعS¦?uv?" ............................... ... 474
ما فسره ابن عقيل من سورة فصلت ....................................... ... 476
¼?bش`TےWèWè?WـkY{X£pTSظ<صYPض?(6)?ًفTےY،PVض@ ... ?‚Wپ?WـéSTژ`ëSTے?"?............................ ... 477
ما فسره ابن عقيل من سورة الشورى ..................................... ... 480
¼?َطTS{SêWO<،Wے?&Yم~Yت?ً¨`~TVض?-YمYpص'YظVز?c$ٍpّTW®?WéSهWè?" ............................. ... 481
ما فسره ابن عقيل من سورة الزخرف ..................................... ... 487
¼?:†QWظVصWTت?†WTكéSةWھ ... ƒٍ?†WTق`ظWحWچك@ ... ?`ySن`قYع?`طSنHTWTق<TخW£<çئKV†WTت?"?............................ ... 488
ما فسره ابن عقيل من سورة الأحقاف ..................................... ... 491
¼?N ... éS‰~Y-VK ... ?ƒّYئ ... W ?JًY/@ ... ?N ... éSقYع ... ƒٍWè?-YمYTٹ?َ£YةpTçإWTے?طS|Vض?فYQع?"?....................... ... 492
ما فسره ابن عقيل من سورة الفتح ........................................ ... 497
¼?QWفSTصS`ںWTچVض?WںYo`©Wظ<ض@ ... ?W× ... W£W™<ض@ ... ?ـMX ... ?ƒٍ:†W®?JًS/@ ... ?"?............................... ... 498
ما فسره ابن عقيل من سورة الحجرات .................................... ... 500
¼?†WنQSTےKV†H;TTWے?WفےY،PVض@ ... ?N ... éSقWع ... ƒٍ?‚Wپ?N ... ;éSإWTتَ£WTژ?`طRرWTژ.Wé`²VK ... ?ًث`éWTت?" ...................... ... 501
¼ †WظPVكXM ... WـéSقYع`ëSظ<ض@ ... bلWépTTMX ... N ... éS™Yص`²VK†WTت Wـ`kTWTٹ &`yRر`TےWéWVK ... " ...................... ... 503
ما فسره ابن عقيل من سورة الطور ........................................ ... 505
¼ :†WعWè طSنHTWTق`چVضVK ... َفQYع yXنYصWظWئ فYQع xٍp&ّW® QSشRز >XM÷X£`ع@ ... " ....................... ... 506
ما فسره ابن عقيل من سورة الرحمن ....................................... ... 507(2/40)
¼ x،MXùWعَéTW~WTت ‚PVپ SشWLTTp©TSے فWئ ,-YمY‰?TكV¢ t¨كXM ... ‚WپWè Qbـ:†fTT- " ....................... ... 508
ما فسره ابن عقيل من سورة الواقعة ....................................... ... 512
¼ ‚Wپ WـéSإWظ`©Wے †Wن~Yت ... _épTTçإVض ‚WپWè †[Tظ~Y'<K†WTژ (25) ‚PVپMX ... " .......................... ... 513
ما فسره ابن عقيل من سورة المجادلة ....................................... ... 517
¼ †WنPRTےKV†H;TTWے WفےY،PVض@ ... Nv ... éTSقTWع ... ƒٍ ... W¢XM ... SطSTچ`~TWoHTWTك WسéSھQW£ض@ ... " .......................... ... 518
ما فسره ابن عقيل من سورة الحشر ....................................... ... 520
¼ N ... èSOYiWچT`ئ@†WTت XّضOèKR†H;TTWTے X£HTf±`TٹVK‚ô@ ... (2) " ..................................... ... 521
ما فسره ابن عقيل من سورة الممتحنة ...................................... ... 523
¼ َـXM†WTت QWفSهéSظSTچَظYصWئ xŒHTWTقYع`ëQSع ً"TWTت QWفSهéSإY-َ£WTژ ّVضXM ... " ....................... ... 524
ما فسره ابن عقيل من سورة الطلاق ....................................... ... 527
¼ †WنQSTےKV†H;TTWTے JٌّY‰QWقض@ ... ... V¢XM ... ٌySچ<حPVصً؛ ƒٍ:†fTT©PYقض@ ... QWفSهéSحYPصV¹WTت " ........................ ... 528
¼?N ... èSںXنp®KV ... Wè?p÷WèV¢?xس`ںWئ?`yRرقYQع?N ... éSظ~YخKV ... Wè?WلWںHTWنPVض@ ... ??" ...................... ... 531
¼ ـMX ... Wè& QWفRز gŒHTVضOèRK ... wش`ًr N ... éSحYةكVK†WTت QWفXن`~VصWئ uّPVچWڑ " .......................... ... 536
ما فسره ابن عقيل من سورة التحريم ....................................... ... 539
¼ W×َéWTے ‚Wپ ÷X¥mïmٌ` JًS/@ ... JًّX‰QWقض@ ... ًفےY،PVض@ ... Wè N ... éSقWع ... ƒٍ IS$مWإWع " ......................... ... 540
ما فسره ابن عقيل من سورة الملك ........................................ ... 542
¼ †QWع uüW£TWTژ ء Xج<صW XفHTWظ`ڑQW£ض@ ... فYع x$SéHTWةWTژ " .............................. ... 543(2/41)
ما فسره ابن عقيل من سورة المدثر ........................................ ... 545
¼ ًذWTٹ†W~YT'Wè َ£TQXنً¹WTت (4) " ................................................ ... 546
¼?†Wع?`yRرW|VصWھ?ء?W£WحWھ?(42)?N ... éSTض†WTخ?`yVض?ٌذWTك?WفYع?" ........................ ... 549
ما فسره ابن عقيل من سورة الإنسان ...................................... ... 550
¼?†_TTق`~Wئ?ٌ‡W£pTWTے?†WنYTٹ?S †W‰Yئ?JًY/@ ... ?†WنWTكèS£PYoWةSTے?" ............................. ... 551
ما فسره ابن عقيل من سورة المطففين ...................................... ... 553
¼?WفےY،PVض@ ... ? ... V¢XM ... ?N ... éSTض†WTچ<ز@ ... ?ّVصWئ?X†PVقض@ ... ?WـéSTpتéWTچ`©Wے?(2)?" ....................... ... 554
¼ †_Tق`~Wئ ٌ‡W£pTWے †WنYٹ fûéSTٹQW£WحSظ<ض@ ... (28) " .................................. ... 556
ما فسره ابن عقيل من سورة القدر ........................................ ... 557
¼ SسPV¥WقWTژ SàVرMXù;HTTVصWظ<ض@ ... S-èQS£ض@ ... Wè †Wن~Yت Xـ<¢XM†XTٹ طXنQYTٹWO فYQع " ....................... ... 558
ما فسره ابن عقيل من سورة الزلزلة ....................................... ... 560
¼ QWـKV†Yٹ ًذQWTٹWO uّWڑ`èVK ... †WنVض (5) " ........................................... ... 561
ما فسره ابن عقيل من سورة العصر ....................................... ... 564
¼ QWـMX ... WفHTTW©ك‚XMô@ ... ّYةVض \£TT`©S (2) ‚PVپMX ... WفےY،PVض@ ... N ... éSقTWع ... ƒٍ " ....................... ... 565
الخاتمة ................................................................. ... 568
الفهارس الفنية ............................................................ ... 571
فهرس الآيات القرآنية ................................................... ... 572
فهرس الأحاديث النبوية ................................................... ... 582(2/42)
فهرس الآثار............................................................. ... 588
فهرس الأعلام ............................................................ ... 589
فهرس الكلمات الغريبة .................................................... ... 595
فهرس الفرق ............................................................ ... 596
فهرس الأبيات الشعرية ..................................................... ... 597
ثبت المصادر والمراجع ..................................................... ... 598
فهرس الوضوعات ....................................................... ... 622
ملخص الرسالة
1- عنوان الرسالة :
منهج ابن عقيل الحنبلي وأقواله في التفسير جمعاً ودراسة
رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير
2- أعدها : راشد بن حمود بن راشد الثنيان .
3- أشرف عليها الدكتور : بدر بن ناصر بن بدر البدر
الأستاذ المشارك بقسم القرآن في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
4- المشرف المساعد الدكتور : يوسف بن محمد بن يوسف السعيد
الأستاذ المشارك بقسم العقيدة في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
5- أهمية وأسباب اختيار الموضوع :
5- أن ابن عقيل من أشهر المجتهدين في المذهب الحنبلي ومن كبار علمائهم ، وفي إخراج أقواله في تفسير كلام الله تعالى إسهام في خدمة هذا العلم .
6- أنه من علماء التفسير ، ومن علماء القراءات .
7- تقدم العصر الذي عاشه الإمام ابن عقيل رحمه الله 431-513هـ مما جعل أقواله في التفسير ذات قيمة عالية .
8- لما كانت المطبوعات شحيحة في آيات الأحكام من علماء الحنابلة ، فإن إخراج مثل هذا الجمع يضيف إلى كتبهم نوعاً مهماً من العلوم ، وهو أحكام القرآن .
9- ومما زاد الموضوع أهمية ما وجدت من نقل بعض كبار العلماء والمفسرين عنه؛ من أمثال : ابن العربي ، وابن الجوزي ، والقرطبي ، وابن القيم ، وغيرهم .(2/43)
10- أن في هذا البحث جمعاً لتفسير متفرق ؛ فيه الكثير من الفوائد واللطائف والنفائس ، مما لا يوجد في كثير من المصنفات .
11- أنه حسب علمي وبحثي وسؤالي للمختصين لم يجمع أحد أقواله في التفسير مع علو كعبه وكثرة علومه في القرآن .
12- المكانة العلمية التي تميز بها ابن عقيل الحنبلي رحمه الله ، فمن المعروف أنه من الأئمة الكبار ومصنفاته تدل على ذلك .
13- السعي إلى إبراز جانب الملكة العلمية التفسيرية عند ابن عقيل لطلاب المعرفة.
6- أهداف الرسالة :
إخراج ما قاله ابن عقيل في التفسير بكتاب مستقل يحمل رأيه ، ويكشف عن تفسيره للآيات ، تقديراً لمكانته العلمية ، ووفاء بحقه .
دراسة أقوال ابن عقيل في التفسير دراسة تحليلية مقارنة .
إبراز جهود أحد علماء الحنابلة في علم التفسير .
7- خطة البحث في الرسالة :
تتكون خطة البحث من مقدمة ، وتمهيد ، وقسمين ، وخاتمة ، وفهارس .
المقدمة : وتشتمل على ما يلي :
أهمية الموضوع ، وأسباب اختياره ، وأهدافه ، وخطة البحث ، ومنهجي في البحث .
التمهيد : وفيه ترجمة موجزة لابن عقيل .
القسم الأول : مصادر ابن عقيل ومنهجه في التفسير ، وفيه ثلاثة فصول :
الفصل الأول : مصادر ابن عقيل في التفسير .
الفصل الثاني : منهج ابن عقيل في التفسير .
الفصل الثالث : علوم القرآن عند ابن عقيل .
القسم الثاني : أقوال ابن عقيل في التفسير - من أول القرآن إلى آخره - ودراستها .
الخاتمة : وفيها أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال البحث .
الفهارس ، وتشمل ما يلي :
1- فهرس الآيات القرآنية . 2- فهرس الأحاديث النبوية والآثار . 3- فهرس الأعلام . 4- فهرس الكلمات الغريبة . 5- فهرس الفرق . 6- فهرس الأبيات الشعرية .
7- ثبت المصادر والمراجع . 8- فهرس الموضوعات .
8- نتائج البحث وتوصياته :
أن الإمام ابن عقيل برع في عدة فنون ، ومنها : التفسير .(2/44)
أن ابن عقيل ممن بلغ رتبة الاجتهاد والاستنباط ، وجمع في تفسيره بين الرواية والدراية ، واهتم بتقديم الأثر على النظر .
امتازت عبارات ابن عقيل بالدقة والاختصار ، وقوة الأسلوب .
أكثر الآيات التي فسرها ابن عقيل كانت في كتابه : الواضح في أصول الفقه .
امتاز ابن عقيل بالترجيح بين الأقوال ، ونقل الإجماع في بعض المسائل .
اهتم أيضاً بإزالة ما يشكل على السامع ، ودفع ما يوهم التعارض في آيات الكتاب العزيز .
أن الآيات التي وقفت على تفسيرها لابن عقيل بلغت أكثر من : 150 آية .
أن ابن عقيل وإن كان وقع في بعض المشتبهات إلا أنه رجع للحق وأعلن ذلك صريحاً على الملأ ، وهذه من المحامد التي تعد له رحمه الله .
أن العلماء الكبار أكثَروا من الثناء عليه ، ومن قرأ كتبه تبين له أنه أهل لذلك .
أن ابن عقيل تميز بالصبر والجلد على طلب العلم وبذله ، ومما يدل على ذلك : استغلاله لوقته ، وكثرة مشايخه وتلامذته ومصنفاته .
خلف ابن عقيل علماً غزيراً استفاد منه من جاء بعده ، وعلى وجه الخصوص علم التفسير ، وممن لمست استفادته منه : ابن العربي ، وابن الجوزي ، والفخر الرازي ، والقرطبي ، وابن مفلح ، وابن رجب ، وغيرهم .
أن ابن عقيل اهتم بأغلب علوم القرآن ، ومن ذلك : الناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، وأسباب النزول ، والعام والخاص ، والمطلق والمقيد ؛ لذا فإني أوصي بتوجيه الجهد إلى دراسة منهج ابن عقيل في علوم القرآن ، على أني أرى لمن أراد الخوض في غمار هذا البحر أن يتوفر فيه القدرة العلمية على فهم كلام أهل الأصول والكلام ، والدراية بعباراتهم وأساليبهم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
The thesis summary
1- The thesis subject :
Ibn Aqeel Al Hanbali's method and its sayings in the interpretation a collection and a study .
A thesis giver to the attainment of the Master Degree .(2/45)
2- prepared it :Rashed Bin Hammoud Bin Rashed Al Thonayan .
3-The doctor supervised it : Badr Bin Nasser Bin Badr Al Badr .
(The participant professor by the Qur'an part is in the Faculty of Jurisprudence in the Islamic imam Mohamed Bin Saud's university ) .
4-The assisting supervisor the doctor : Youssef Bin Mohamed Bin Youssef Al Sayyed .
(The participant professor by the dogma part is in the Faculty of Jurisprudence in the Islamic imam Mohamed Bin Saud's university ) .
5-An importance and the subject choice reasons:
1-Ibn Aqeel from the diligent in the Hanbali School and from the seniors of their scientists and in bringing his sayings in the interpretation of the words of Allah months rose a contribution to the service of this science .
2-It is from the interpretation scientists and from the readings scientists .
3-He advanced the age that the imam Ibn Aqeel that Allah had mercy lived 431 - 513 H which made its sayings in the interpretation with a high value .
4-Not the publications were scarce in the judgements verses from the Hanbali scientists, bringing such collection adds to their books an important kind from the sciences, and he is the Qur'an rules .
5-And which the subject increased an importance what found who transferred some the seniors of scientists and interpreters about it ; from proverbs : Ibn Al Arbi, and Ibn Al Jawzi, and the Cordovan, and Ibn Al-Qayem, and others .
6-In this research collection of a separate interpretation ; in it many of the interests and the nice ones and the valuables, of what there are no they in many of the compilations .(2/46)
7-It according to my knowledge and my study and my question to the specialists did not gather one of its sayings in the interpretation with the height of its rank and the abundance of its sciences in the Qur'an .
8-The scientific position that Ibn Aqeel Al Hanbali that Allah had mercy was distinguished by, then it is known that he is from the big imams and his compilations show that .
9-The seeking to showing the explanatory scientific queen side at Ibn Aqeel to the knowledge students .
6-The thesis targets :
1-The bringing of what Ibn Aqeel said in the interpretation by an independent book carries his opinion, and reveals his interpretation of the verses, estimation of his scientific position and fulfillment of his right .
2-The study of Ibn Aqeel's sayings in the interpretation is a comparing analytic study .
3-The showing of one of Hanbali scientists efforts in the exegesis.
7-The plan of the study in the thesis :
The research plan consists of an introduction, and a preparation, and two departments, and an end, and indexes .
The presenter : and includes what follows :
The importance of the subject, and the reasons of its choice, and its targets, and the study plan, and my method in the search .
The introduction : and in it a short translation into Ibn Aqeel .
The first part : Ibn Aqeel's sources and his curriculum in the interpretation, and in him three chapters :
The first class : Ibn Aqeel's sources in the interpretation .
The second class : Ibn Aqeel's method in the interpretation .(2/47)
The second part : Ibn Aqeel's sayings in the interpretation - from the first of the Qur'an to a last - and their study .
The end : and in it the most important results that reached it throughout the search .
The indexes, and they include what follows :
1 - the Qur'anic verses index . 2 - the index of prophet's Hadiths and monuments . 3 - the celebrities index . 4 - the index of the strange words . 5 - the groups index .6-The poetic verses indexed. 7 - the bibliography and the references . 8-The subjects indexed .
8-The search results and its recommendations :
1-The imam Ibn Aqeel excelled in several arts and from it : the interpretation .
2-Ibn Aqeel who reached the rank of diligence and deduction, and gathered in his interpretation between the novel and the knowledge, and cared for the presentation of the effect on the view .
3-Ibn Aqeel's expressions were characterised by the accuracy and the abridgement, and the power of the style .
4-The most verses that Ibn Aqeel explained were in his book : the clear is in the jurisprudence origins .
5-Ibn Aqeel was characterised by the preferring between the sayings, and the transfer of the consensus in some of the issues .
6-He cared also with the removal of what represents on the listener, and the payment of what deludes the conflict in the Mighty Book verses .
7-The verses that understood their interpretation of Ibn Aqeel reached more than : 150 verses .(2/48)
8-Ibn Aqeel and if he fell in some the doubtful but he returned to the right and declared that a frank on the public, and this from the good attributes that prepare to him that Allah had mercy .
9 - that the big scientists increased the praise to it, and who read its books it became clear that it is a family for it therefore .
10-Ibn Aqeel was separate with the patience and the endurance from the request of the knowledge and his exertion the one, which shows that : his exploitation of his time, and the abundance of his sheikhs and his pupils and his compilations .
11-Behind Ibn Aqeel a great knowledge he benefitted from him who came after him, and in particular the exegesis, who felt his benefiting from him : Ibn Al Arbi, and Ibn Al Jawzi, and Al Fkhr Al Razi, and the Cordovan, and Ibn Mefleh, and Ibn Rajab, and others .
12-Ibn Aqeel cared for the most of sciences of the Qur'an and from that : the abrogating and abrogated, and the well-knit and similar, and the reasons for Revelation, and the general and special, and the absolute and bound ; therefore, I advise on directing the effort to the study of Ibn Aqeel's method in the Qur'an sciences, that I see to who the engagement wanted this sea that it is available in him the scientific ability for an understanding the speech of the people of origins and the speech, and the knowledge by their expressions and their styles.
And Allah invoked peace and greeted on our prophet Mohamed and on its family and its friends as a wholes .(2/49)