بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الكتاب : مفردات القرآن للشيخ المراغى رحمه الله
المؤلف : فضيلة الشيخ / أحمد مصطفى المراغى
مصدر الكتاب : اقتباس من تفسير الشيخ عليه سحائب الرحمة والرضوان(1/1)
سورة الفاتحة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)
السورة طائفة من القرآن مؤلفة من ثلاث آيات فأكثر لها اسم يعرف بطريق الرواية ، وقد روى لهذه السورة عدة أسماء اشتهر منها : أم الكتاب ، أم القرآن.
(لاشتمالها على مقاصد القرآن من الثناء على اللّه والتعبد بأمره ونهيه ، وبيان وعده ووعيده) ، والسبع المثاني لأنها تثنى فى الصلاة) ، والأساس (لأنها أصل القرآن وأول سورة فيه) ، والفاتحة (لأنها أول القرآن فى هذا الترتيب أو أول سورة نزلت)(1/2)
(بسم) الاسم هو اللفظ الذي يدل على ذات كمحمد وإنسان ، أو معنى كعلم وأدب.
وقد أمرنا اللّه بذكره وتسبيحه فى آيات فقال : (فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) وقال : (فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) وقال :
(فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ).
وأمرنا بذكر اسمه وتسبيحه فى آيات أخرى فقال : (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا) وقال : (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) وقال : (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ).
ومن ذلك يعلم أن ذكر المسمى مطلوب بتذكر القلب إياه ونطق اللسان به لتذكر عظمته وجلاله ونعمه المتظاهرة على عباده ، وذكره باللسان هو ذكر أسمائه الحسنى وإسناد الحمد والشكر إليه وطلب المعونة منه على إيجاد الأفعال وإحداثها.
وذكر الاسم مشروع ومطلوب كذلك ، فيعظم الاسم مقرونا بالحمد والشكر وطلب المعونة فى كون الفعل معتدا به شرعا ، فإنه ما لم يصدّر باسمه تعالى يكون بمنزلة المعدوم.
(اللَّهِ) علم مختص بالمعبود بالحق لم يطلق على غيره تعالى ، وكان العربي فى الجاهلية إذا سئل من خلق السموات والأرض ؟ يقول اللّه : وإذا سئل هل خلقت اللات والعزّى شيئا من ذلك ؟ يجيب (لا).(1/3)
والإله اسم يقع على كل معبود بحق أو باطل ، ثم غلب على المعبود بالحق.
(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) كلاهما مشتق من الرحمة وهى معنى يقوم بالقلب يبعث صاحبه على الإحسان إلى سواه ، ويراد منها فى جانب المولى عزّ اسمه أثرها وهو الإحسان.
إلا أن لفظ (الرَّحْمنِ) يدل على من تصدر عنه آثار الرحمة وهى إسباغ النعم والإحسان ، ولفظ (الرَّحِيمِ) يدل على منشأ هذه الرحمة ، وأنها من الصفات الثابتة اللازمة له ، فإذا وصف اللّه جل ثناؤه بالرحمن استفيد منه لغة أنه المفيض للنعم ، ولكن لا يفهم منه أن الرحمة من الصفات الواجبة له دائما. وإذا وصف بعد ذلك بالرحيم علم أن للّه صفة ثابتة دائمة هى الرحمة التي يكون أثرها الإحسان الدائم وتلك الصفة على غير صفات المخلوقين ، وإذا يكون ذكر الرحيم بعد الرحمن كالبرهان على أنه يفيض الرحمة على عباده دائما لثبوت تلك الصفة له على طريق الدوام والاستمرار.
افتتح عزّ اسمه كتابه الكريم بالبسملة إرشادا لعباده أن يفتتحوا أعمالهم بها ،
وقد ورد في الحديث « كل أمر ذى بال لم يبدأ فيه باسم اللّه فهو أبتر »
(أي مقطوع الذنب ناقص).
وقد كان العرب قبل الإسلام يبدءون أعمالهم بأسماء آلهتهم فيقولون باسم اللات أو باسم العزى ، وكذلك كان يفعل غيرهم من الأمم ، فإذا أراد امرؤ منهم أن يفعل أمرا مرضاة لملك أو أمير يقول أعمله باسم فلان ، أي إن ذلك العمل لا وجود له لولا ذلك الملك أو الأمير.
وإذا فمعنى أبتدئ عملى باسم اللّه الرحمن الرحيم أننى أعمله بأمر اللّه وللّه لا لحظ نفسى وشهواتها.
ويمكن أن يكون المراد - أن القدرة التي أنشأت بها العمل هى من اللّه ولو لا ما أعطانى من القدرة لم أفعل شيئا ، فأنا أبرأ من أن يكون عملى باسمي ، بل هو باسمه تعالى ، لأننى أستمد القوة والعون منه ، ولولا ذلك لم أقدر على عمله ، وإذا فمعنى البسملة التي جاءت أول الكتاب الكريم ، أن جميع ما جاء فى القرآن من الأحكام والشرائع(1/4)
والأخلاق والآداب والمواعظ - هو للّه ومن اللّه ليس لأحد غيره فيه شىء ، وكأنه قال اقرأ يا محمد هذه السورة بسم اللّه الرحمن الرحيم ، أي اقرأها على أنها من اللّه لا منك ، فإنه أنزلها عليك لتهديهم بها إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم فى الدنيا والآخرة ، وكذلك كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقصد من تلاوتها على أمته أنه يقرأ عليهم هذه السورة باسم اللّه لا باسمه أي أنها من اللّه لا منه ، فإنما هو مبلّغ عنه تبارك وتعالى كما جاء فى قوله :
(وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ).(1/5)
(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) الحمد لغة هو المدح على فعل حسن صدر عن فاعله باختياره سواء أسداه إلى الحامد أو إلى غيره.
والمدح يعم هذا وغيره فيقال مدح المال ، ومدح الجمال ، ومدح الرياض.
والثناء يستعمل فى المدح والذم على السواء ، فيقال أثنى عليه شرا ، كما يقال أثنى عليه خيرا.
والشكر هو الاعتراف بالفضل إزاء نعمة صدرت من المشكور بالقلب أو باللسان أو باليد أو غيرها من الأعضاء كما قال شاعرهم :
أفادتكم النعماء منّى ثلاثة يدى ولساني والضّمير المحجّبا
يريد أن يدى ولسانى وقلبى لكم ، فليس فى القلب إلا نصحكم ومحبتكم ، ولا فى اللسان لا الثناء عليكم ومدحكم ، ولا فى اليد وسائر الجوارح والأعضاء إلا مكافأتكم وخدمتكم.(1/6)
وورد فى الأثر - الحمد رأس الشكر ، ما شكر اللّه عبد لم يحمده.
وقد جعله رأس الشكر ، لأن ذكر النعمة باللسان والثناء على من أسداها ، يشهرها بين الناس ويجعل صاحبها القدوة المؤتسى به ، أما الشكر بالقلب فهو خفى قلّ من يعرفه ، وكذلك الشكر بالجوارح منهم لا يستبين لكثير من الناس.
(للّه) هو المعبود بحق لم يطلق على غيره تعالى.
(رب) هو السيد المربّى الذي يسوس من يربّيه ويدبّر شئونه.
وتربية اللّه للناس نوعان ، تربية خلقية تكون بتنمية أجسامهم حتى تبلغ الأشد وتنمية قواهم النفسية والعقلية - وتربية دينية تهذيبية تكون بما يوحيه إلى أفراد منهم ليبلّغوا للناس ما به تكمل عقولهم وتصفو نفوسهم - وليس لغيره أن يشرع للناس عبادة ولا أن يحلّ شيئا ويحرم آخر إلا بإذن منه.
ويطلق الرب على الناس فيقال رب الدار ، ورب هذه الأنعام كما قال تعالى حكاية عن يوسف صلوات اللّه عليه فى مولاه عزيز مصر (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) وقال عبد المطلب يوم الفيل لأبرهة قائد النجاشي : أما الإبل فأنا ربّها ، وأما البيت فإن له ربّا يحميه.
(العالمين) واحدهم عالم (بفتح اللام) ويراد به جميع الموجودات ، وقد جرت عادتهم ألا يطلقوا هذا اللفظ إلا على كل جماعة متمايزة لأفرادها صفات تقربها من العقلاء إن لم تكن منهم ، فيقولون عالم الإنسان ، وعالم الحيوان وعالم النبات ، ولا يقولون عالم الحجر ، ولا عالم التراب ، ذاك أن هذه العوالم هى التي يظهر فيها معنى التربية الذي يفيده لفظ (رب) إذ يظهر فيها الحياة والتغذية والتوالد.
والخلاصة - إن كل ثناء جميل فهو للّه تعالى إذ هو مصدر جميع الكائنات.
وهو الذي يسوس العالمين ويربيهم من مبدئهم إلى نهايتهم ويلهمهم ما فيه خيرهم وصلاحهم ، فله الحمد على ما أسدى ، والشكر على ما أولى :
(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قد سبق أن قلنا : إن معنى الرّحمن المفيض للنعم المحسن على عباده(1/7)
بلا حصر ولا نهاية ، وهذا اللفظ خاص باللّه تعالى ولم يسمع عن العرب إطلاقه على غيره تعالى إلا فى شعر لبعض من فتن بمسيلمة الكذاب :
سموت بالمجد يا ابن الأكرمين أبا وأنت غيث الورى لازلت رحمانا
والرّحيم هو الثابت له صفة الرحمة التي عنها يكون الإحسان.
وقد ذكر سبحانه هذين الوصفين ليبين لعباده أن ربوبيته ربوبية رحمة وإحسان ، ليقبلوا على عمل ما يرضيه وهم مطمئنو النفوس منشر حو الصدور ، لا ربوبية جبروت وقهر لهم.
والعقوبات التي شرعها اللّه لعباده فى الدنيا والعذاب الأليم فى الآخرة لمن تعدّى حدوده وانتهك حرماته - هى قهر فى الظاهر ورحمة فى الحقيقة ، لأنها تربية للناس وزجر لهم حتى لا ينحرفوا عن الجادة التي شرعها لهم إذ في اتباعها سعادتهم ونعيمهم ، وفى تجاوزها شقاؤهم وبلاؤهم ، ألا ترى إلى الوالد الرءوف كيف يربّى أولاده بالترغيب في عمل ما ينفع والإحسان إليهم إذا لزموا الجادّة ، فإذا هم حادوا عن الصراط السوي لجأ إلى الترهيب بالعقوبة حين لا يجد منها محيصا ، قال أبو تمام :
فقسا ليزدجروا ومن يك حازما فليقس أحيانا على من يرحم
(مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قرأ بعض القرّاء مالك ، وبعض آخر ملك ، والفارق بينهما أن المالك هو ذو الملك (بكسر الميم) والملك هو ذو الملك (بضم الميم) وقد جاء فى الكتاب الكريم ما يعاضد كلّا من القراءتين ، فيعاضد الأولى قوله : (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً) ويعاضد الثانية قوله : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ).
قال الراغب : والقراءتان وإن رويتا عن جمع كثير من الصحابة ، فالثانية يكنفها من الجلال والرّوعة وإثارة الخشية ما لا يوجد مثله فى القراءة الأولى ، فهى تدلّ على أنه سبحانه هو المتصرف فى شئون العقلاء بالأمر والنهى والجزاء ، ومن ثمّ يقال ملك الناس ولا يقال ملك الأشياء :
والدين يطلق لغة على الحساب ، وعلى المكافأة ، وعلى الجزاء ، وهو المناسب هنا ،(1/8)
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
العبادة خضوع ينشأ عن استشعار القلب بعظمة المعبود اعتقادا بأن له سلطانا لا يدرك العقل حقيقته لأنه أعلى من أن يحيط به فكره ، أو يرقى إليه إدراكه.
فمن يتذلل لملك لا يقال إنه عبده ، لأن سبب التذلل معروف ، وهو إما الخوف من جوره وظلمه ، وإما رجاء كرمه وجوده.
وللعبادة صور وأشكال تختلف باختلاف الأديان والأزمان ، وكلها شرعت لتنبيه الإنسان إلى ذلك السلطان الأعلى ، والملكوت الأسمى ، ولتقويم المعوجّ من الأخلاق وتهذيب النفوس ، فإن لم تحدث هذا الأثر لم تكن هى العبادة التي شرعها الدين.
والاستعانة طلب المعونة والمساعدة على إتمام عمل لا يستطيع المستعين الاستقلال بعمله وحده.
وقد أمرنا اللّه فى هذه الآية ألا نعبد أحدا سواه ، لأنه المنفرد بالسلطان ، فلا ينبغى أن يشاركه فى العبادة سواه ، ولا أن يعظم تعظيم المعبود غيره ، كما أمرنا ألا نستعين بمن دونه ، ولا نطلب المعونة المتممة للعمل والموصلة إلى الثمرة المرجوة إلا منه ، فيما وراء الأسباب التي يمكننا كسبها وتحصيلها.(1/9)
(اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)
الهداية هى الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب ، والصراط هو الطريق ، والمستقيم ضد المعوجّ ، وهو ما فيه انحراف عن الغاية التي يجب على سالكها أن ينتهى إليها.
وهداية اللّه للإنسان على ضروب :
(1) هداية الإلهام ، وتكون للطفل منذ ولادته ، فهو يشعر بالحاجة إلى الغذاء ويصرخ طالبا له.
(2) هداية الحواس ، وهاتان الهدايتان يشترك فيهما الإنسان والحيوان الأعجم ، بل هما فى الحيوان أتمّ منهما فى الإنسان ، إذ إلهامه وحواسه يكملان بعد ولادته بقليل ، ويحصلان في الإنسان تدريجا.
(3) هداية العقل ، وهى هداية أعلى من هداية الحس والإلهام ، فالإنسان قد خلق ليعيش مجتمعا مع غيره ، وحواسّه وإلهامه لا يكفيان لهذه الحياة ، فلا بد له من العقل الذي يصحح له أغلاط الحواس ، ألا ترى الصفراوي يذوق الحلو مرّا ، والرائي يبصر العود المستقيم فى الماء معوجّا.
(4) هداية الأديان والشرائع ، وهى هداية لا بد منها لمن استرقّت الأهواء عقله ، وسخّر نفسه للذاته وشهواته ، وسلك مسالك الشرور والآثام ، وعدا على بنى جنسه ، وحدث بينه وبينهم التجاذب والتدافع - فبها يحصل الرشاد إذا غلبت الأهواء العقول ، وتتبين للناس الحدود والشرائع ، ليقفوا عندها ويكفّوا أيديهم عما وراءها - إلى أن فى غرائز الإنسان الشعور - بسلطان غيبى متسلّط على الأكوان ، إليه ينسب كل ما لا يعرف له سببا ، وبأن له حياة وراء هذه الحياة المحدودة ، وهو بعقله لا يدرك ما يجب لصاحب هذا السلطان ، ولا يصل فكره إلى ما فيه سعادته فى هذه الحياة فاحتاج إلى هداية الدين التي تفضل اللّه بها عليه ووهبه إياها.
وإلى تلك الهدايات أشار الكتاب الكريم فى آيات كثيرات كقوله : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) أي طريقى الخير والشر والسعادة والشقاء. وقوله : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى )(1/10)
أي أرشدناهم إلى طريق الخير والشر فاختاروا الثاني الذي عبر عنه بالعمى.
وهناك نوع آخر من الهداية وهو المعونة والتوفيق للسير فى طريق الخير ، وهى التي أمرنا اللّه بطلبها فى قوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) إذ المراد - دلّنا دلالة تصحبها من لدنك معونة غيبية تحفظنا بها من الوقوع فى الخطأ والضلال.
وهذه الهداية خاصة به سبحانه لم يمنحها أحدا من خلقه ، ومن ثمّ نفاها عن النبي صلى اللّه عليه وسلم فى قوله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وقوله : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وأثبتها لنفسه فى قوله :
(أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ).
أما الهداية بمعنى الدلالة على الخير والحق ، مع بيان ما يعقب ذلك من السعادة والفوز والفلاح ، فهى مما تفضل اللّه بها على خلقه ومنحهموها ، ومن ثم أثبتها للنبى صلى اللّه عليه وسلم فى قوله : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
هذا - والصراط المستقيم هو جملة ما يوصل إلى السعادة فى الدنيا والآخرة من عقائد وأحكام وآداب وتشريع دينى كالعلم الصحيح باللّه والنبوة وأحوال الكون وأحوال الاجتماع - وقد سمّى هذا صراطا مستقيما تشبيها له بالطريق الحسى ، إذ كل منهما موصل إلى غاية ، فهذا سير معنوى يوصل إلى غاية يقصدها الإنسان ، وذاك سير حسىّ يصل به إلى غاية أخرى.
وقد أرشدنا اللّه إلى طلب الهداية منه ، ليكون عونا لنا ينصرنا على أهوائنا وشهواتنا بعد أن نبذل ما نستطيع من الجهد فى معرفة أحكام الشريعة ، ونكلف أنفسنا الجري على سننها ، لنحصل على خيرى الدنيا والآخرة.(1/11)
(صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) الذين أنعم اللّه عليهم هم النبيون والصدّيقون والصالحون من الأمم السالفة ، وقد أجملهم هنا وفصلهم فى مواضع عدة من(1/12)
الكتاب الكريم بذكر قصصهم للاعتبار بالنظر فى أحوالهم ، فيحملنا ذلك على حسن الأسوة فيما تكون به السعادة ، واجتناب ما يكون طريقا إلى الشقاء والدمار.
وقد أمرنا باتباع صراط من تقدّمنا ، لأن دين اللّه واحد فى جميع الأزمان : فهو إيمان باللّه ورسله واليوم الآخر ، وتخلّق بفاضل الأخلاق وعمل الخير وترك الشر ، وما عدا ذلك فهو فروع وأحكام تختلف باختلاف الزمان والمكان ، يرشد إلى ذلك قوله تعالى :
(إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) إلى آخر الآية.
والمغضوب عليهم هم الذين بلغهم الدين الحق الذي شرعه اللّه لعباده فرفضوه ونبذوه وراءهم ظهريّا ، وانصرفوا عن النظر فى الأدلة تقليدا لما ورثوه عن الآباء والأجداد - وهؤلاء عاقبتهم النكال والوبال فى جهنم وبئس القرار.
والضالون هم الذين لم يعرفوا الحق ، أو لم يعرفوه على الوجه الصحيح ، وهؤلاء هم الذين لم تبلغهم رسالة ، أو بلغتهم على وجه لم يستبن لهم فيه الحق ، فهم تائهون فى عماية لا يهتدون معها إلى مطلوب ، تعترضهم الشبهات التي تلبس الحق بالباطل ، والصواب بالخطأ إن لم يضلّوا فى شئون الدنيا ضلوا فى شئون الحياة الأخرى ، فمن حرم هدى الدين ظهر أثر الاضطراب فى أحواله المعيشية وحلت به الرزايا ، والذين جاءوا على فترة من الرسل لا يكلّفون بشريعة ، ولا يعذبون فى الآخرة لقوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا).
وهذا رأى جمهرة العلماء ، وترى فئة منهم أن العقل وحده كاف فى التكليف ، فمتى أوتيه الإنسان وجب عليه النظر فى ملكوت السموات والأرض والتدبر والتفكر فى خالق الكون ، وما يجب له من عبادة وإجلال ، بقدر ما يهديه عقله ويصل إليه اجتهاده ، وبذلك ينجو من عذاب النار يوم القيامة ، فإن لم يفعل ذلك كان من الهالكين.
(آمين) اسم بمعنى استجب ، وفيه لغتان : المد كما قال شاعرهم :
يا رب لا تسلبنّى حبها أبدا ويرحم اللّه عبدا قال آمينا
والقصر كما قال الآخر : أمين فزاد اللّه ما بيننا بعدا(1/13)
وروى فى الأثر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : لقننى جبريل آمين عند فراغى من قراءة الفاتحة ، وقال إنه كالختم على الكتاب ، وأوضح ذلك علىّ كرّم اللّه وجهه فقال : آمين خاتم رب العالمين ، ختم به دعاء عبده -
يريد أنّه كما يمنع الخاتم الاطلاع على المختوم والتصرف فيه ، يمنع آمين الخيبة عن دعاء العبد.
وهذا اللفظ ليس من القرآن إذ لم يثبت فى المصاحف ، ولا يقوله الإمام فى الصلاة ، لأنه الداعي كما قال الحسن البصري ، والمشهور عن أبي حنيفة أنه يقوله ويخفيه وفاقا لرواية أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وعند الشافعية يجهر به ، كما
رواه وائل بن حجر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : كان إذا قرأ ولا الضالين ، قال : آمين ورفع صوته.
ويرى بعض علماء الآثار المصرية فى العصر الحاضر أن كلمة (آمين) معناها اللّه ، فكأنها ذكرت فى آخر الفاتحة للختم باسمه تعالى إشارة إلى أن المرجع كله إليه ، ويعقدون موازنة بين (مينو) و(آمون) و(آمين).
ويرى الثقات من علماء اللغات السامية رأيهم ، ويقولون : إنها ذكرت آخر الفاتحة للترنم بها بعد قراءة السورة التي تضمنت الإشارة إلى أغراض الكتاب الكريم.
ويؤيدون رأيهم بأن المزامير ختمت بكلمة (سلاه) للترنم بها على هذا النحو - ويكون المعنى العام - إنا نتوجه إليك يا إلهنا فإليك المرجع والمصير.(1/14)
سورة البقرة
الكفر : ستر الشيء وتغطيته ، وقد وصف به الليل كقوله « فى ليلة كفر النجوم غمامها »
والزراع كقوله تعالى : (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ) من قبل أنهم يغطون الحب بالتراب ، ثم استعمل فى كفر النعم بعدم شكرها ، وفى الكفر باللّه ووحدانيته وصفاته وكتبه ورسله.
الختم والطبع والرّين بمعنى واحد : وهو تغطية الشيء ، مع إبعاد ما من شأنه أن يدخله ويمسه ، والمراد بالقلوب العقول ، وبالسمع الأسماع ، وبالأبصار العيون التي تدرك المبصرات من أشكال وألوان ، والغشاوة : الغطاء.(1/15)
الفساد : خروج الشيء عن حد الاعتدال ، والصلاح ضده ، والفساد في الأرض :
هيج الحروب والفتن التي تؤدى إلى اختلال أمر المعاش والمعاد ، والسفه : خفة في العقل وفساد في الرأى ، ومنه قيل ثوب سفيه : أي ردىء النسج.(1/16)
اللقاء المصادفة تقول : لقيته ولاقيته إذا صادفته واستقبلته ، خلوا إما من خلوت بفلان وإلى فلان إذا انفردت به ، وإما من خلا بمعنى مضى ، ومنه القرون الخالية ، واطلب الأمر وخلاك ذم : أي جاوزك ومضى عنك. والشيطان كل عات متمرد من الإنس والجن كما قال : (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) والاستهزاء : السخرية ، تقول هزأت به واستهزأت كأجبت واستجبت وأصل المادة تفيد الخفة يقال ناقة تهزأ به : أي تسرع. يمدهم : أي يزيدهم من مدّ الجيش وأمده إذا زاد عدده وقواه. والطغيان : (بضم الطاء وكسرها) مجاوزة الحدّ فى كل شىء.
و العمه : ظلمة البصيرة كالعمى في البصر وأثره الحيرة والاضطراب بحيث لا يدرى الإنسان أين يتوجه ، يقال عمه فهو عمه وعامه وجماعة عمّه.(1/17)
المثل والمثل والمثيل كالشّبه والشّبه والشبيه وزنا ومعنى ، ثم استعمل في بيان حال الشيء وصفته التي توضحه وتبين حاله كقوله : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) إلخ.
وقوله : (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى ) واستوقد النار : طلب وقودها ، أي سطوعها وارتفاع لهبها بفعله أو فعل غيره ، ويقال ضاءت النار وأضاءت وأضاءته النار ، أي أظهرته بضوئها.
وترك : أي صير. والصمم آفة تمنع السماع. والبكم : الخرس. والعمى : عدم البصر عما من شأنه أن يبصر.(1/18)
الصيّب : المطر يصوب وينزل ، من الصوب وهو النزول. والرعد : هو الصوت الذي يسمع في السحاب أحيانا عند تجمعه. والبرق : هو الضوء الذي يلمع في السحاب غالبا ، وربما لمع في الأفق حيث لاسحاب ، وأسباب هذه الظواهر اتحاد كهربيّة السحاب الموجبة بالسالبة كما تقرر ذلك في علم الطبيعيات. والصاعقة : نار عظيمة تنزل أحيانا
أثناء المطر والبرق ، وسببها تفريغ الكهربيّة التي في السحاب بجاذب يجذبها إلى الأرض والإحاطة بالشيء : الإحداق به من جميع جهاته ، والخطف : الأخذ بسرعة. قاموا :
أي وقفوا في أماكنهم منتظرين تغير الحال ليصلوا إلى المقصد ، أو يلجأوا إلى ملجأ يعصمهم من الخطر.(1/19)
العبادة : خضوع ينشأ عن استشعار القلب بعظمة المعبود ، والرب : هو الذي يسوس من يربيه ويدبر شئونه ، والفراش : واحد الفرش ، وفرش الشيء يفرشه بالضم فراشا :
بسطه ، والبناء : وضع شىء على شىء آخر بحيث يتكوّن من ذلك شىء بصورة خاصة.
و الندّ : الشريك والكفء ، يقال فلان ند فلان إذا كان مماثلا له في بعض الشئون(1/20)
الحياء تغيّر وانكسار يعترى الإنسان من تخوّف ما يعاب به ويذمّ ، يقال فلان يستحى أن يفعل كذا ، أي إن نفسه تنقبض عن فعله ، وكأن الحياء ضعف في الحياة ، لأنه يؤثر في القوة المختصة بالحيوان وهى قوة الحس والحركة ، وفعله استحى واستحيا ، ويقال استحييته واستحييت منه ، والمثل في اللغة : الشبيه والنظير ، وضرب المثل فى الكلام أن بذكر لحال ما يناسبها فيظهر من حسنها أو قبحها ما كان خفيا ، وهو مأخوذ من ضرب الدراهم ، وهو إحداث أثر خاصّ فيها ، كأن ضارب المثل يقرع به أذن السامع قرعا ينفذ أثره إلى قلبه ، ولا يظهر التأثير في النفس بتحقير شىء وتقبيحه إلا بتشبيهه بما جرى العرف بتحقيره ونفور النفوس منه. والمراد بما فوق البعوضة ما زاد عليها وفاقها في الصغر كالجراثيم التي لا ترى إلا بالمنظار المكبر ، وكانوا قديما يضربون المثل في الصّغر بمخّ النملة والبعوضة ، فقد قالوا : أعز من مخ البعوضة ،
وجاء فى الحديث : « لو كانت الدنيا تزن عند اللّه جناح بعوضة ، ما سقى الكافر منها شربة ماء » .
والحق : هو الشيء الذي يحقّ ويجب ثبوته ، ولا يجد العقل سبيلا إلى إنكاره ، والفسق لغة : الخروج يقال فسقت الرطبة عن قشرها إذا خرجت ، والنقض : فكّ الحبل والغزل ونحوهما ، والميثاق ما يوثق به الشيء ويكون محكما يعسر نقضه ، وعهد اللّه ما أخذه على عباده من فهم السنن الكونية بالنظر والاعتبار بما أوتوه من نعمة العقل والحواس المرشدة إلى الفهم ، ونقضه عدم استعمال تلك المواهب فيما خلقت له حتى كأنهم فقدوها.(1/21)
خليفة : أي عن نوع آخر ، أو خليفة عن اللّه في تنفيذ أوامره بين الناس ، السفك والسفح والسكب : الصبّ ، والتسبيح : تنزيهه تعالى عما لا يليق به ، والتقديس : إثبات ما يليق من صفات الكمال.(1/22)
الأسماء : واحدها اسم ، وهو في اللغة ما به يعلم الشيء ، والإنباء : الإخبار ، وقد يستعمل فى الإخبار بما فيه فائدة عظيمة وهو المراد هنا ، إيذانا برفعة شأن الأسماء وعظيم خطرها ، سبحانك : أي تقديسا وتنزيها لك ، والعليم : هو الذي لا تخفى عليه خافية ، والحكيم :
هو المحكم لمبتدعاته ، الذي لا يفعل إلا ما فيه الحكمة البالغة.(1/23)
الرغد : الهنيء الذي لاعناء فيه ، أو الواسع يقال رغد عيش القوم إذا كانوا في رزق واسع كثير ، وأرغد القوم : أخصبوا وصاروا في رغد من العيش ، والزلل : السقوط يقال زلّ في طين أو منطق يزل بالكسر زليلا ، وقال الفراء : زلّ يزلّ بالفتح زللا ، والهبوط كما قال الراغب الانحدار على سبيل القهر ، ولا يبعد أن تكون تلك الجنة في ربوة فسمى الخروج منها هبوطا أو سمى بذلك لأن ما انتقلوا إليه دون ما كانوا فيه ، أو هو كما يقال هبط من بلد إلى بلد كقوله لبنى إسرائيل (اهْبِطُوا مِصْراً) والعدو : هو المجاوز حده في مكروه صاحبه وهو يصلح للواحد والجمع ، ومن ثم لم يقل أعداء ، والمستقر :
الاستقرار والبقاء ، والمتاع : الانتفاع الذي يمتد وقته ، والحين : مقدار من الزمن قصيرا كان أو طويلا ، وتلقى الكلمات : هو أخذها بالقبول والعمل بها حين علمها.(1/24)
الهدى : الرشد بإرسال رسول بشريعة يأتي بها ، وكتاب ينزله ويبلغه لكم ، الخوف : ألم الإنسان مما قد يصيبه من مكروه ، أو حرمانه من محبوب يتمتع به أو يطلبه ، والحزن : ألم يلمّ به إذا فقد ما يحب ، والآيات : واحدتها آية وهى العلامة الظاهرة ، والمراد بها كل ما يدل على وجود الخالق ووحدانيته مما أودعه في الكون ونشاهده في الأنفس ، وتطلق على كل قسم من أقسام القرآن التي تتألف منها سور القرآن ، ويقف القارئ عندها في تلاوته ، والعمدة في معرفة ذلك على التوقيف المأثور عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وسميت بذلك لأنها دلائل لفظية على الأحكام والآداب التي شرعها اللّه لعباده ، وأصحاب النار : ملازموها فكأنهم ملكوها فصاروا أصحابها ، والخلود : الدوام.(1/25)
إسرائيل : لقب يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، ومعناه صفىّ اللّه ، وقيل الأمير المجاهد ، وبنوه : ذريته وهم الأسباط الاثنا عشر ، والذكر (بالضم) بمعنى الحفظ الذي هو ضد النسيان ويكون القلب خاصة ، و(بالكسر) يقع على الذكر باللسان وبالقلب.
وعهد اللّه نوعان : عهد نظرى ، وهو الذي أخذه على جميع البشر ، وهو وزن الأمور بميزان(1/26)
البرّ : سعة الخير ، ومنه البرّ والبرّيّة للفضاء الواسع ، والصبر : حبس النفس على ما تكره ، أو هو احتمال المكروه بنوع من الرضى والاختيار والتسليم ، كبيرة :
أي ثقيلة شديدة الوقع ، والخاشعين : هم المخبتون الخائفون المتطامنة جوارحهم وقلوبهم للّه تعالى ، يظنون : أي يستيقنون ، ولقاء اللّه : هو الحشر إليه ، والرجوع إليه : هو المجازاة ثوابا أو عقابا.(1/27)
الشفاعة : من الشفع ضد الوتر ، لأن الشفيع ينضم إلى الطالب في تحصيل ما يطلب فيصير معه شفعا بعد أن كان وترا ، والعدل الفدية ، وأصل العدل (بالفتح) ما يساوى
الشيء قيمة وقدرا وإن لم يكن من جنسه ، (وبالكسر) المساوى في الجنس والحجم ، والنصرة : أخصّ من المعونة لأنها مختصة بدفع الضرر.(1/28)
النجو : المكان العالي من الأرض ، لأن من صار إليه يخلص وينجو ، ثم سمى كل فائز ناجيا لخروجه من الضيق إلى السعة ، والآل : من آل يئول بمعنى رجع ، لأنه يرجع إليك في قرابة أو رأى أو مذهب ، ولا يضاف إلا لذوى القدر والخطر ، وفرعون :
لقب لمن ملك مصر قبل البطالسة ككسرى لملك الفرس ، وقيصر لملك الروم ، وخاقان لملك الترك ، وتبّع لملك اليمن ، والنجاشي لملك الحبشة ، وسامه : كلفه ، والسوء : السيء القبيح ، وسوء العذاب : أشده وأفظعه ، والبلاء : الاختبار والامتحان وهو تارة يكون بما يسّر ليشكر العبد ربه ، وتارة بما يضر ليصبر ، وتارة بهما ليرغب ويرهب.(1/29)
الفرق : الفصل بين الشيئين ، والبحر : هو بحر القلزم فرقه اللّه اثنتي عشرة فرقة بعدد أسباط بنى إسرائيل ، والسبط : ولد الولد ، وهو من بنى إسرائيل كالقبائل
من العرب ، والعفو : محو الجريمة بالتوبة ، والكتاب : التوراة ، والفرقان : الآيات التي أيّد اللّه بها موسى ودلت على صدق نبوته ، وبها يفرق بين الحق والباطل ، والشكر يكون لمن فوقك بطاعته ، ولنظيرك بالمكافأة ، ولمن دونك بالإحسان إليه.(1/30)
برأه : ذرأه وأوجده ، والصاعقة نار محرقة تنزل من السماء ، وسببها اتحاد كهربية
السحاب المختلفة النوع سالبها بموجبها ، أو اتحادها مع كهربية الأرض السالبة ، بعثناكم :
أي أكثرنا نسلكم ، والمنّ : مادة حلوة لزجة تشبه العسل تقع على الحجر وورق الشجر وتنزل سائلة كالندى ، ثم تجمد وتجفّ فيجمعها الناس ، والسلوى : السّمانى (السمان) الطائر المعروف.(1/31)
القرية لغة : مجتمع الناس ومسكن النمل ، ثم غلب استعمالها في البلاد الصغيرة ، وليس ذلك بالمراد هنا بل المراد المدينة الكبيرة ، لأن الرغد لا يتسنى إلا فيها ، والرغد :
الهنيء ذو السعة ، والباب هو أحد أبواب بيت المقدس ويدعى الآن (باب حطّة) ، وسجدا : أي ناكسى الرءوس ، والمحسن : من فعل ما يجمل في نظر العقل ويحمد في لسان الشرع ، وتقول بدّلت قولا غير الذي قيل : أي جئت بذلك القول مكان القول الأول ، والرجز : العذاب.(1/32)
استسقى : طلب السّقيا عند عدم الماء أو قلّته ، قال أبو طالب يمدح النبي صلى اللّه عليه وسلم.
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
و الانفجار ، والانبجاس ، والسكب بمعنى ، والمشرب مكان الشرب ، والعثى :
مجاوزة الحد في كل شىء ثم غلب استعماله في الفساد.(1/33)
الصبر : حبس النفس وكفها عن الشيء ، والطعام : هو المنّ والسلوى وجعلوهما طعاما واحدا ، لأنهما طعام كل يوم ، والعرب تقول لمن يجعل على مائدته كل يوم ألوانا من الطعام لا تتغير : إنه يأكل من طعام واحد ، والبقل : النبات الرّطب مما يأكله الناس والأنعام ، والمراد به هنا ما يطعمه الإنسان من أطايب الخضر كالكرفس والنّعناع ونحوهما ، والقثّاء : ما تسميه العامة (القتّة) والفوم : الحنطة ، وقال جماعة منهم الكسائي إنه الثّوم ويرجّح هذا ذكر العدس والبصل. والاستبدال : طلب شىء بدلا من آخر ، وأصل الأدنى الأقرب ثم استعمل للأخس الدّون ، والهبوط : الانحدار والنزول ، والمصر :
البلد العظيم ، وضربت : أي أحاطت بهم كما تحيط القبّة بمن ضربت عليه أو ألصقت بهم كما تطبع الطّغرى على السّكّة ، والذلة : الذل والهوان ، والمسكنة : الفقر ، وسمى الفقير مسكينا لأن الفقر أسكنه وأقعده عن الحركة ، والمراد بها هنا فقر النفس وشحها ، وباءوا بغضب : أي استحقوا الغضب ، يعتدون : أي يتعدّون حدود اللّه.(1/34)
الطور : هو الجبل المعروف الذي ناجى فيه اللّه موسى عليه السلام ، ورفعه قد فسره فى سورة الأعراف فقال : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) والنتق : الهزّ والزعزعة والجذب ، فالنتق : فى الجبل كان بما يشبه الزلزال فيه ، والخسران : ذهاب رأس المال أو نقصه.(1/35)
الاعتداء : تجاوز الحد في كل شىء ، وواحد القردة قرد ، وواحد الخاسئين خاسى وهو المبعد المطرود من رحمة اللّه ، والنكال ما يفعل بشخص من إيذاء وإهانة ليعتبر غيره ، والموعظة : ما يلقى من الكلام لاستشعار الخوف من اللّه بذكر ثوابه وعقابه.(1/36)
البقرة : اسم الأنثى ، والثور : اسم الذكر ، والهزؤ : السخرية ، والجهل : هنا فعل ما لا ينبغى أن يفعل ، وقد يطلق على اعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه ، والفارض :
المسنّة التي انقطعت ولادتها ، والبكر : الصغيرة التي لم تحمل بعد ، والعوان : النصف فى السن من النساء والبهائم ، والذلول : الريّض الذي زالت صعوبته ، يقال دابة ذلول :
بيّنة الذّل (بالكسر) ورجل ذلول بين الذل (بالضم) والإثارة : قلب الأرض للزراعة ، والحرث : الأرض المهيأة للزرع ، والمسلّمة : التي سلمت من العيوب ، والشّية : العلامة أي لا لون فيها يخالف لونها ، من وشى الثوب يشيه إذا زيّنه بخطوط مختلفة الألوان ، والآيات : هى الإحياء وما اشتمل عليه من الأمور الغريبة ، وادّارأتم : أي تدارأتم من الدرء وهو الدفع ، ويقال عقلت نفسي عن كذا : أي منعتها منه.(1/37)
القسوة : اليبس والصلابة ، يتفجر : يتفتح ويتشقق بكثرة وسعة ، ويهبط : يتردّى وينزل ، والخشية : الخوف.(1/38)
المسّ واللمس بمعنى ، والمراد بالنار نار الآخرة ، والمعدودة : المحصورة القليلة ، والعرب تقول : شىء معدود ، أي قليل ، وغير معدود : أي كثير ، والعهد : الوحى وخبر اللّه الصادق ، بلى : لفظ يجاب به بعد كلام منفى سابق ومعناه إبطاله وإنكاره ، والكسب : جلب النفع ، فاستعماله في السيئة من باب التهكم ، والسيئة : الفاحشة الموجبة للنار ، والإحاطة الشمول كأن السيئة تحصر صاحبها وتأخذ جوانب قلبه.(1/39)
الميثاق : العهد الشديد المؤكد ، وهو قسمان : عهد خلقة وفطرة ، وعهد نبوة ورسالة وهو المراد هنا ، وهذا العهد أخذ عليهم على لسان موسى وغيره من أنبيائهم ، واليتيم :
من الحيوان ما لا أمّ له ، ومن الإنسان من لا أب له ، وأصل المادة يفيد الانفراد ، ومنه الدرّة اليتيمة لانفرادها في العقد ، والمسكين : هو العاجز عن الكسب.(1/40)
السفك : الصبّ والإراقة ، والتظاهر : التعاون ، والإثم : هو الفعل الذي يستحق فاعله الذمّ واللوم ، والعدوان : تجاوز الحد في الظلم.(1/41)
قفاه به : إذا أتبعه إياه ، وعيسى بالسريانية : يسوع ومعناه السيد أو المبارك ، ومريم بالعبرية : الخادم لأن أمها نذرتها لخدمة بيت المقدس ، والبينات : الحجج الواضحة التي أوتيها عليه السلام من المعجزات ، وأيدناه : أي قويناه ، وروح القدس : أي الروح المقدس المطهر ، وهو جبريل عليه السلام الذي ينزل على الأنبياء ويقدّس نفوسهم ويزكّيها ، ويطلق عليه الروح الأمين كما قال : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) والغلف : واحدها أغلف وهو الذي لا يفقه ما يقال له.(1/42)
يستفتحون : أي يستنصرون ، وشرى واشترى يستعملان حينا بمعنى باع ، وأخرى منى ابتاع وأخذ ، والمراد هنا المعنى الأول ، والبغي في الأصل : الفساد من قولهم بغى الجرح إذا فسد ، ثم أطلق على مجاوزة الحد في كل شىء ، وباء : رجع ، ومهين : أي فيه إهانة وإذلال ، ووراء بمعنى سوى كما يقول الرجل لمن يتكلم بجيد الكلام : ما وراء هذا الكلام شىء(1/43)
والمعجزات التي تؤيد نبوّته كالعصا واليد ، العجل : هو الذي صنعه لهم السامرىّ من حليّهم وجعلوه إلها وعبدوه ، وأشرب قلبه كذا : أي حلّ محل الشراب كأن الشيء المحبوب شراب يساغ فهو يسرى فى قلب المحبّ ويمازجه كما يسرى الشراب العذب البارد في اللهات ، وحقيقة أشربه كذا : جعله شاربا له ، والمراد من الدار الآخرة ثوابها ونعيمها ، خالصة : أي خاصة بكم ، تمنوا الموت : أي تشوفوا له واجعلوا نفوسكم ترتاح إليه وتود المصير إليه ، بمزحزحه أي بمنجيه من العذاب ، والبصير العالم بكنه الشيء الخبير به.(1/44)
العدوّ : صد الصديق يستوى فيه المذكر والمؤنث والواحد والمثنى والجمع ، والنبذ :
طرح الشيء وإلقاؤه ، والفريق : العدد القليل.(1/45)
كفر : أي سحر ، والسحر : لغة كل ما لطف مأخذه وخفى سببه ، وسحره : خدعه ، وجاء في كلامهم : عين ساحرة وعيون سواحر ،
وفي الحديث : « إن من البيان لسحرا »
و الإنزال : الإلهام ، وسمى بذلك لأنهما ألهماه واهتديا إليه من غير معلم ، والملكان :
رجلان صاحبا هيبة ووقار يجلهما الناس ويحترمونهما ، وبابل : بلد بالعراق لها شهرة تاريخية قديمة ، والخلاق : النصيب والحظ ، وشروا : أي باعوا.(1/46)
راعنا : أي راعنا سمعك أي اسمع لنا ما نريد أن نسألك عنه ، وانظرنا : أي وأمهلنا وانتظر ما يكون من شأننا ، والمودّة : محبة الشيء وتمنى حصوله.(1/47)
النسخ في اللغة الإزالة ، يقال نسخت الشمس الظل : أي أزالته ، والإنساء : إذهاب الآية من ذاكرة النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد تبليغها إياه ، والولي : القريب والصديق ، والنصير : المعين ، والفارق بينهما أن الولي قد يضعف عن النصرة ، والنصير : قد يكون أجنبيا عمن ينصره ، والسؤال : الاقتراح المقصود به التعنت ، وبدل وتبدل واستبدل جعل شيئا موضع آخر ، وضلّ : عدل وجار ، والسواء : من كل شىء الوسط ، ومنه قوله :
(فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) والسبيل : الطريق(1/48)
العفو : ترك العقاب على الذنب كما قال : (إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً) والصفح : الإعراض عن المذنب بصفحة الوجه ، وهو يشمل ترك العقاب وترك اللوم والتثريب ، وأمر اللّه : نصره ومعونته.(1/49)
الأمانىّ : واحدها أمنية وهى ما يتمناه المرء ولا يدركه ، والعرب تسمى كل ما لا حجة عليه ولا برهان له تمنيا وغرورا ، وضلالا وأحلاما وإسلام الوجه للّه هو الانقياد والإخلاص له في العمل بحيث لا يجعل العبد بينه وبين ربه وسطاء يقربونه إليه زلفى ، ويقال فلان ليس على شىء من كذا : أي ليس على شىء منه يعتدّ به ويؤبه به.(1/50)
الاستفهام هنا للإنكار ويفيد النفي ، والظلم : وضع الشيء في غير موضعه كما تقدم ، والمسجد : موضع العبادة للّه تعالى ، والمراد بخزي الدنيا الهوان والذلّ فيها ، والوجه :
الجهة ، فثمّ : أي هناك ، واسع : أي لا يحصر ولا يتحدّد ، سبحان : كلمة تفيد التنزيه والتعجب مما يقوله أولئك الجاهلون ، والقنوت : الخضوع والانقياد ، والبديع : بمعنى المبدع ، والإبداع : هو إيجاد الشيء بصورة مخترعة على غير مثال سابق.(1/51)
لو لا : كلمة لحضّ الفاعل على الفعل وطلبه منه ، والآية : الحجة والبرهان ، والتشابه :
التماثل ، واليقين : هو العلم بالدليل والبرهان ، والحق : هو الشيء الثابت المتحقق الذي لا شكّ فيه.(1/52)
الابتلاء : الاختبار ، أي معرفة حال المختبر بتعريضه لأمر يشق عليه فعله أو تركه ، والكلمات : واحدها كلمة وتطلق على اللفظ المفرد وعلى الكلام المفيد ، والمراد هنا معناها من أمر ونهى ، وأتمهنّ : أي قام بهنّ خير قيام وأدّاهنّ أحسن التأدية بلا تفريط ولا توان ، وإماما : أي رسولا.(1/53)
البيت : غلب استعماله في بيت اللّه الحرام بمكة ، مثابة : أي مرجعا يثوب إليه هؤلاء الزوار وأمثالهم ، وأمنا : أي موضع أمن ، ومقام إبراهيم : هو الحجر الذي كان يقوم عليه حين بناء الكعبة ، والمصلى : موضع الصلاة أي الدعاء والثناء على اللّه تعالى وعهد إليه بكذا إذا وصاه به ، والثمرات : المأكولات مما يخرج من الأرض والشجر ، والاضطرار : الإكراه ، يقال اضطررت فلانا إلى كذا : أي ألجأته إليه وحملته عليه.(1/54)
القواعد : واحدها قاعدة ، وهى ما يقعد ويقوم عليه البناء من الأساس أو من السافات (طاقات البناء) ورفعها إعلاء البناء عليها ، وتقبل اللّه العمل : قبله ورضى به ، مسلمين أي منقادين لك ، يقال أسلم واستسلم إذا خضع وانقاد ، والأمة الجماعة ، والمناسك :
واحدها منسك (بفتح السين) من النسك وهو غاية الخضوع والعبادة ، وشاع استعماله فى عبادة الحج خاصة ، كما شاع استعمال المناسك في معالم الحج وأعماله ، وتاب العبد إلى ربه إذا رجع إليه ، لأن اقتراف الذنب إعراض عن اللّه وعن موجبات رضوانه ، وتاب اللّه على العبد : رحمه وعطف عليه ، والكتاب القرآن ، والحكمة أسرار الأحكام الدينية ومعرفة مقاصد الشريعة ، قال ابن دريد : كل كلمة وعظتك أو دعتك إلى مكرمة.
أو نهتك عن قبيح فهي حكمة ، ويزكيهم : أي يطهر نفوسهم من دنس الشرك وضروب المعاصي ، العزيز : أي القوى الغالب ، الحكيم : أي الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة.(1/55)
رغب في الشيء : أحبه ، ورغب عنه كرهه ، وسفه نفسه : أذلّها واحتقرها ، واصطفيناه : أي اخترناه وأصل الاصطفاء أخذ صفوة الشيء وهى خالصه ، أسلم : أي
أخلص لى العبادة ، والتوصية : إرشاد غيرك إلى ما فيه خير وصلاح له من قول أو فعل على جهة التفضل والإحسان في أمر دينى أو دنيوى ، مسلمون : أي مخلصون بالتوحيد ، والشهداء : واحدهم شهيد ، أي حاضر ، وحضور الموت : حضور أماراته وأسبابه وقرب الخروج من الدنيا ، والأمة : الجماعة ، وخلت : مضت وذهبت ، لها ما كسبت : أي ما عملت ، ولكم ما كسبتم : أي أنتم مجزيون بأعمالكم.(1/56)
الحنيف : المائل ، وأطلق على إبراهيم لأنه خالف الناس جميعا ، ومال عن الكفر إلى الإيمان ، والأسباط : واحدهم سبط ، وسبط الرجل ولد ولده ، والأسباط : من بنى إسرائيل كالقبائل من العرب والشعوب من العجم ، وما أوتى موسى : هو التوراة ، وما أوتى عيسى : هو الإنجيل ، والشقاق : مأخوذ من الشّق وهو الجانب ، فكأن كل واحد في شقّ غير شق صاحبه لما بينهما من عداوة ، والصبغة : فى اللغة اسم لهيئة صبغ الثوب وجعله بلون خاص.(1/57)
المحاجة : المجادلة بدعوى الحق لدى كل من المتخاصمين مع إقامة الحجة على ذلك ، في اللّه : أي في دينه.(1/58)
السفه والسفاهة : اضطراب في الرأى والفكر أو الأخلاق ، ويسمى اضطراب العقل طيشا وجهلا ، واضطراب الأخلاق فسادا ، وولاه عن الشيء : صرفه ، والقبلة من المقابلة كالوجهة من المواجهة ، وأصلها الحالة التي يكون عليها المقابل ، ثم خصت بالجهة التي يستقبلها الإنسان في الصلاة ، والصراط الطريق ، والمستقيم المستوي المعتدل من الأفكار والأعمال والأخلاق ، وهو ما فيه الحكمة والمصلحة ، والوسط العدل والخيار ، والزيادة على ذلك إفراط ، والنقص عنه تفريط وتقصير ، وكلاهما مذموم ، والفضيلة في الوسط كما قيل :
و لا تغل في شىء من الأمر واقتصد كلا طرفى قصد الأمور ذميم
يقال انقلب على عقبيه عن كذا إذا انصرف عنه بالرجوع إلى الوراء وهو طريق العقبين الرأفة رفع المكروه وإزالة الضرر ، والرحمة أعمّ إذ تشمل دفع الضرر ، وفعل الإحسان.(1/59)
تقلب الوجه في السماء : تردده المرة بعد المرة فيها ، وهى مصدر الوحى وقبلة الدعاء.
نولينك ، من وليه وليا إذا قرب منه ، وتولية الوجه المكان جعله قبالته وأمامه ، والشطر هنا الجهة ، والمراد بالوجه جملة البدن ، بكل آية : أي بكل برهان وحجة ، وواحد الأهواء هوى وهو الإرادة والمحبة ، والامتراء الشكّ.(1/60)
الصبر : توطين النفس على احتمال المكاره ، والابتلاء : الاختبار والامتحان ، والمراد بالأموال : الأنعام التي كانت معظم ما يتموّله العرب ، والمصيبة : كل ما يؤذى الإنسان في نفس أو مال أو أهل ، قلّ أو كثر ، والصلاة : من اللّه التعظيم وإعلاء المنزلة عنده وعند الناس ، والرحمة : اللطف بما يكون لهم من حسن العزاء ، والرضا بالقضاء.(1/61)
الصفا والمروة : جبلان بمكة بينهما من المسافة مقدار 760 ذراعا ، والصفا : تجاه البيت الحرام ، والآن علتهما المبانى وصار ما بينهما سوقا ، وواحدة الشعائر شعيرة وهى العلامة ، وتسمى المشاعر أيضا وواحدها مشعر ، وهى تطلق حينا على معالم الحج ومواضع النسك ، وحينا آخر على العبادة والنسك نفسه. والحج لغة القصد ، وشرعا قصد البيت الحرام لأداء المناسك المعروفة. والعمرة : لغة الزيارة ، وشرعا زيارة مخصوصة للبيت الحرام مفصلة في كتب العبادات ، والاعتمار : أداء مناسك العمرة ، والجناح :
(بالضم) الميل ، ومنه « وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها » والمراد هنا الميل إلى الإثم ، ويّطوف أصله يتطوّف : أي يكرر الطواف ، وهذا التطوّف هو الذي عرف في كتب الدين بالسعي بين الصفا والمروة ، وهو من مناسك الحج بالإجماع والعمل المتواتر والتطوع : لغة الإتيان بالفعل طوعا لا كرها ، ثم أطلق على التبرع بالخير لأنه طوع لا كره ، وعلى الإكثار من الطاعة بالزيادة على الواجب ، شاكر : أي مجاز على الإحسان إحسانا.(1/62)
الكتمان تارة يكون بستر الشيء وإخفائه ، وتارة أخرى بإزالته ووضع آخر مكانه ، واليهود فعلوا في التوراة كليهما ، فقد أخفوا حكم رجم الزاني ، وأنكروا بشارة التوراة بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، وتعسفوا في تأويل ما ورد فيها من ذلك على وجه لا ينطبق على محمد عليه السلام ، وكذلك فعلوا بالدلائل الدالة على نبوّة عيسى عليه السلام وزعموا أنها لغيره ، وأنهم لا يزالون إلى الآن ينتظرونه ، والبينات : هى الأدلة الواضحة الدالة على أمر محمد صلى اللّه عليه وسلم وعلى الرجم ، وتحويل القبلة ، والهدى هو ضروب الإرشاد التي فيها ، والكتاب يراد به الكتب المنزلة جميعا ، واللعن : الإبعاد والطرد ، ولعن اللّه الإبعاد من رحمته التي تشمل المؤمنين جميعا في الدنيا والآخرة ، واللاعنون :
هم الملائكة والناس أجمعون ، ولعنهم لهم دعاؤهم عليهم بالإبعاد من رحمة اللّه ، تابوا :
أي رجعوا عن الكتمان ، وأصلحوا : أي أصلحوا أعمالهم وأرشدوا قومهم إلى تلك الآيات البينات عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ودينه والهدي الذي جاء به ، وبينوا : أي جاهروا بعملهم الصالح وأظهروه للناس حتى يمحوا عن أنفسهم سمة الكفر ويكونوا قدوة لغيرهم ، خالدين : أي ما كثين في تلك اللعنة على طريق الدوام ، ومتى خلد فيها فقد خلد فى عذاب النار الدائم ، ينظرون : أي يمهلون.(1/63)
الأنداد واحدها ندّ وهو المماثل ، والتبرؤ المبالغة في البراءة وهى التنصل والتباعد ممن يكره قربه وجواره ، والأسباب واحدها سبب وهو الخبل الذي يصعد به النخل وأمثاله ، ثم غلب في كل ما يتوصل به إلى مقصد من المقاصد المعنوية ، والكرّة العودة والرجوع إلى الدنيا ، والحسرة شدة الندم والكمد بحيث يتألم القلب ويتحسر مما يؤلمه.(1/64)
الحلال هو ما أباحه الشارع ، والحرام ضده ، والخطوات واحدها خطوة (بالضم) وهى ما بين قدمى الماشي ، يقال اتبع خطواته ، ووطئ على عقبه إذا اقتدى به واستن بسنته ، ومبين أي ظاهر العداوة لذوى البصائر ، والسوء ما يسوءك وقوعه أو عاقبته ، والفحشاء كل ما يفحش قبحه في أعين الناس من المعاصي والآثام وهى أقبح وأشد من السوء ، ويأمركم أي يوسوس لكم ويتسلط عليكم كأنه آمر مطاع ، وأنتم فى انقيادكم له ، كأنكم مأمورون ، ألفينا أي وجدنا ، وعقل الشيء عرفه بدليل ، وفهمه بأسبابه ونتائجه.(1/65)
المثل الصفة والحال ، ونعق الراعي والمؤذن صاح ، وما لا يسمع أي لا يدرك بالاستماع إلا دعاء ونداء ، والفارق بينهما أن الدعاء للقريب والنداء للبعيد ، والفارق بين الكافر والضال أن الأول يرى الحق ويعرض عنه ، ويصرف نفسه عن دلائله ، فهو كالحيوان يرضى بأن يقوده غيره ويصرّفه كيف شاء ، والثاني يخطئ الطريق مع طلبه أو جهله بمعرفته بنفسه أو بدلالة غيره.(1/66)
الإهلال رفع الصوت ، وكانوا إذا ذبحوا لآلهتهم يرفعون أصواتهم بذكرها ، ويقولون : باسم اللات. أو باسم العزّى ، ثم قيل لكل ذابح (مهلّ) وإن لم يجهر بالتسمية ، والباغي الطالب للشىء الراغب فيه كما
ورد في الحديث (يا باغي الخير هلّم)
و العادي المتجاوز قدر الضرورة كما جاء في التنزيل « وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ » أي لا تتجاوزهم إلى غيرهم ، والإثم الذنب والمعصية.(1/67)
الضلالة : هى العماية التي لا يهتدى فيها الإنسان لمقصده ، والهدى : الشرائع التي أنزلها اللّه على لسان أنبيائه ، والشقاق : هو العداء والتنازع وهو أثر الاختلاف ، وحقيقته أن يكون كل من الخصمين في شق أي جانب غير ما فيه الآخر.(1/68)
البر : لغة التوسع في الخير ، وأصله من البر المقابل للبحر ، وفي لسان الشرع كل ما يتقرب به إلى اللّه من الإيمان به وصالح الأعمال وفاضل الأخلاق ، قبل المشرق والمغرب أي ناحيتيهما ، وآتى المال أي أعطاه ، والمسكين هو الدائم السكون لأن الحاجة أسكنته ، والعجز قد أقعده عن طلب ما يكفيه ، وابن السبيل هو المسافر البعيد عن ماله ولا يمكنه الاتصال بأهل أو بذي قرابة ، والسائل من ألجأته الحاجة إلى السؤال وتكفّف الناس ، والسؤال محرم شرعا إلا لضرورة يجب على السائل ألا يتعداها ، وفي الرقاب أي وفي تحرير الرقاب وعتقها ، وأقام الصلاة أي أداها على أقوم وجه وأحسنه ، والعهد ما يلتزم به إنسان لآخر والبأساء من البؤس وهو الفقر والشدة ، والضراء كل ما يضر الإنسان من مرض أو فقد حبيب من أهل ومال ، صدقوا أي في دعوى الإيمان ، والتقوى هى الوقاية من سخط اللّه وغضبه بالبعد عن الآثام والذنوب(1/69)
كتب : فرض ولزم عند مطالبة صاحب الحق به ، والقصاص : لغة يفيد العدل والمساواة ، ومنه سمى المقصّ مقصا لتعادل جانبيه ، والقصة قصة لأن الحكاية تساوى المحكي ، وشرعا أن يقتل القاتل ، لأنه مساو للمقتول في نظر الشارع ، فاتباع بالمعروف : أي فمطالبة للدية بالمعروف بلا تعسف ، وأداء إليه بإحسان : أي أداء بلا مماطلة ولا بخس حق ، اعتدى : أي انتقم من القاتل بعد العفو ، والألباب : واحدها لبّ وهو العقل.(1/70)
كتب : أي فرض ، وخيرا : أي مالا كثيرا ، والوصية : الإيصاء والتوصية ، وتطلق على الموصى به من عين أو عمل ، والمعروف : ما لا يستنكره الناس لقلته بالنسبة إلى
ذلك الخير أو لكثرته التي تضرّ الورثة ، وتقدر الكثرة باعتبار العرف ففى القرى غيرها فى الأمصار ، فهى تقاس بحسب حال الشخص لدى الناس ، وإنما يكون ذلك بعدم الزيادة على ثلث المتروك للوارثين ، وخاف : أي علم ، والجنف : الخطأ ، والإثم : تعمّد الإجحاف والظلم.(1/71)
الصيام في اللغة : الإمساك والكفّ عن الشيء ، وفي الشرع الإمساك : عن الأكل والشرب وغشيان النساء من الفجر إلى المغرب احتسابا للّه ، وإعدادا للنفس وتهيئة لها لتقوى اللّه بمراقبته في السرّ والعلن ، والإطاقة : القدرة على الشيء مع تحمل المشقة الشديدة والفدية : هى طعام مسكين من أوسط ما يطعمون منه أهليهم بقدر كفايته أكلة واحدة عن كل يوم يفطرونه ، واليسر : السهولة والتخفيف ، وضده العسر.(1/72)
ليلة الصيام : هى الليلة التي يصبح منها المرء صائما ، والرفث إلى النساء : الإفضاء إليهن. قال الأزهرى : الرفث ، كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة ، واللباس :
الملابسة والمخالطة ، تختانون أنفسكم : أي تخونون أنفسكم بعمل شىء تعدونه حراما ، الخيط الأبيض : أول ما يبدو من بياض النهار كالخيط الممدود رقيقا ثم ينتشر ، والخيط الأسود : هو ما يمتد من سواد الليل مع بياض النهار ، فالصبح إذا بدا في الأفق بدا كأنه خيط ممدود ويبقى بقية من ظلمة الليل يكون طرفها الملاصق لما يبدو من الفجر كأنه خيط أسود في جنب خيط أبيض ، والإتمام : الأداء على وجه التمام ، وحقيقة المباشرة مسّ كلّ بشرة الآخر : أي ظاهر جلده ، والمراد بها ما أريد بالرفث ، والاعتكاف شرعا : المكث فى المسجد طاعة للّه وتقربا إليه ، والحدود : واحدها حد ، وهو في اللغة الحاجز بين شيئين ثم سمى بها ما شرعه اللّه لعباده من الأحكام ، لأنها تحدد الأعمال وتبين أطرافها وغاياتها ، فإذا تجاوزها المرء خرج عن حد النصيحة وكان عمله باطلا.
والمراد من الآيات هنا دلائل الدين ونصوص الأحكام.(1/73)
المراد بالأكل الأخذ والاستيلاء ، وعبّر به لأنه أعم الحاجات التي ينفق فيها المال وأكثرها ، إذ الحاجة إليه أهم ، وتقويم البنية به أعظم ، والباطل من البطلان وهو الضياع والخسران ، وأكله بالباطل أخذه بدون مقابلة شىء حقيقى ، والشريعة حرمت أخذ المال بدون مقابلة يعتدّ بها ، وبدون رضا من يؤخذ منه ، وإنفاقه في غير وجه
حقيقى نافع ، والإدلاء : إلقاء الدلو لإخراج الماء ، ويراد به إلقاء المال إلى الحكام لإخراج الحكم للملقى ، وقوله بها أي بالأموال ، والفريق من الشيء : الجملة والطائفة منه ، والإثم :
هو شهادة الزور أو اليمين الفاجرة أو نحو ذلك.(1/74)
الأهلة : واحدها هلال وهو القمر في ليلتين أو ثلاث من أوّل الشهر ، لأن الناس يرفعون أصواتهم بالذكر حين رؤيته ، من قولهم : استهلّ الصبىّ إذا صرخ حين يولد
وأهلّ القوم بالحج إذا رفعوا أصواتهم بالتلبية ، والمواقيت : واحدها ميقات وهو ما يعرف به الوقت وهو الزمن المقدّر المعين.(1/75)
سبيل اللّه دينه لأنه طريق إلى مرضاته ، يقاتلونكم : أي يتوقع منهم قتالكم ، ولا تعتدوا : أي لا تبدءوهم بالقتال ، محبة اللّه لعباده إرادة الخير والثواب لهم ، والمعتدون أي الذين جاوزوا ما حده اللّه لهم من الشرائع والأحكام ، والثقف : الحذق في إدراك الشيء علما كان أو عملا ، وقد يستعمل في مطلق الإدراك ، من حيث أخرجوكم :
أي من مكة ، والفتنة من قولهم فتن الصائغ الذهب إذا أذابه في النار ليستخرج منه الزّغل ، ثم استعملت في كل اختبار شاقّ كالإخراج من الوطن المحبب من الطباع السليمة والفتنة في الدين ، ويكون الدين للّه أي ويكون دين كل شخص خالصا للّه لا أثر لخشية غيره فيه ، فلا يفتن بصده عنه ولا يؤذى فيه ، ولا يحتاج إلى مداهنة ومحاباة ، أو استخفاء ومداراة.(1/76)
الحرمات : واحدها حرمة وهى ما يجب احترامه والمحافظة عليه ، والقصاص :
المقاصة والمقابلة بالمثل ، وإلقاء الشيء : طرحه حيث تراه ثم استعمل في كل ما يطرح ويلقى مطلقا ، سبيل اللّه : هى طريق الخير والبرّ المؤدى إلى إعزاز دينه كجهاد الأعداء وصلة الأرحام ، والتهلكة : الهلاك والمراد به هنا الإمساك عن النفقة في الاستعداد للقتال وترك الجهاد.(1/77)
الحصر والإحصار : الحبس والتضييق ، يقال حصره عن السفر وأحصره إذا حبسه ومنعه ، والهدى يطلق على الواحد والجمع وهو ما يهديه الحاج والمعتمر إلى البيت الحرام من النعم ليذبح ويفرق على الفقراء والمحل (بكسر الحاء) مكان الحلول والنزول ، حاضر والمسجد الحرام هم أهل مكة وما دونها إلى المواقيت.(1/78)
فرض فيهن الحج أي أوجبه على نفسه ، والرفث لغة قول الفحش ، وشرعا قربان النساء ، والفسوق لغة التنابز بالألقاب كما جاء في قوله تعالى « وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ » وشرعا الخروج عما حدده الشارع للمحرم إلى ما كان مباحا في الحل كالصيد والطيب والزينة باللباس المخيط. والجدال المراء والخصام ، ويكثر عادة بين الرفقة والخدم في السفر ، لأنه مشقة تضيق بها الصدور ، والزاد هو الأعمال الصالحة وما يدّخر من الخير والبر ، والتقوى هى ما يتقى به سخط اللّه وغضبه من أعمال الخير والتنزه عن المنكرات والمعاصي.(1/79)
الجناح : الحرج والإثم ، من الجنوح ، وهو الميل عن القصد ، أن تبتغوا أي أن تقصدوا وتطلبوا ، وفضلا أي عطاء ورزقا منه بالربح في التجارة أيام الحج ، والإفاضة من المكان :
الدفع منه أي أفضتم أنفسكم ودفعتموها ، ويقال أفاض في الكلام إذا انطلق فيه كما يفيض الماء ويتدفق ، وعرفات موقف الحاج في أداء النسك ، وسمى بهذا الاسم لأن الناس يتعارفون فيه ، وعرفة اسم لليوم الذي يقف فيه الحاج بعرفات ، وهو التاسع من ذى الحجة ، والذكر : الدعاء والتلبية والتكبير والتحميد ، والمشعر الحرام : هو جبل المزدلفة يقف عليه الإمام ، وسمى بهذا الاسم لأنه معلم للعبادة ، والشعائر العلامات ، ووصف بالحرام لحرمته فلا يفعل فيه ما نهى عنه(1/80)
الخلاق : الحظ والنصيب ، وحسنة الدنيا هى العافية أو المرأة الصالحة أو الأولاد البررة ، أو العلم والمعرفة ، وحسنة الآخرة هى الجنة أو رؤية اللّه تعالى يوم القيامة ، والأولى التعميم فى كل هذا.(1/81)
يقال أعجبه الشيء أي راقه واستحسنه ورآه عجبا أي طريفا جديدا غير مبتذل ، وتقول العرب : اللّه يشهد أو اللّه يعلم أنى أريد كذا ، تقصد بذلك الحلف واليمين كما قال تعالى حكاية عن رسل عيسى : « قالوا ربّنا يعلم إنّا إليكم لمرسلون » واللدد شدة الخصومة ، والخصام الجدال ، وتولى أي أدبر وانصرف عن مجلسك ، والسعي السير السريع بالأقدام والمراد به هنا الجد في العمل والكسب ، ويهلك أي يضيع ، والحرث الزرع ، والنسل ما تناسل من الحيوان ، والمراد من إهلاكهما الإيذاء الشديد ، أخذته أي لزمته ، والعزة في الأصل خلاف الذل والمراد بها هنا الأنفة والحميّة ، بالإثم أي على الذنب الذي نهى عنه واسترسل في فعله ، حسبه أي كافيه ، والمهاد الفراش يأوى إليه المرء للراحة ، ويشرى أي يبيع ويبذل ابتغاء أي طلبا.(1/82)
أصل السلم : التسليم والانقياد ، فيطلق على الصلح والسلام وعلى دين الإسلام ، والخطوات : واحدها خطوة (بالضم) ما بين قدمى من يخطو ، والزلل في الأصل : عثرة القدم ، ثم استعمل في الانحراف عن الحقّ ، والبينات : الحجج والأدلة التي ترشد إلى أن ما دعيتم إليه هو الحق ، عقلية كانت أو نقلية ، والعزيز الغالب : الذي لا يعجزه الانتقام ، والحكيم : الذي يعاقب المسيء ويكافئ المحسن ، ينظرون : أي ينتظرون ، يأتيهم اللّه : أي يأتيهم عذابه ، والظلل : واحدها ظلة (بالضم) وهى ما أظلك ، والغمام :
السحاب الأبيض الرقيق ، وقضى الأمر : أي أتمّ أمر إهلاكهم وفرغ منه.(1/83)
الآية : المعجزة الظاهرة التي لا يخفى أنها من عند اللّه كالعصا واليد البيضاء ، والتبديل :
تغيير الشيء من حال إلى حال ، ونعمة اللّه : هى آياته الباهرة التي آتاها أنبياءه وجعلها مصدر الهدى والنجاة ، والعقاب : عذاب يعقب الذنب ، وزيّن له الشيء : حسّن له ، وسخر منه : استهزأ به ، والحساب : التقدير.(1/84)
جاء لفظ الأمة في كتاب اللّه لعدة معان : (1) الملة : أي العقائد وأصول الشرائع كما في قوله : « إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ، » (2) الجماعة الذين تربطهم رابطة يعتبرون بها وحدة تسوغ أن يطلق عليها اسم الأمة كما في قوله :
« وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ » ، (3) الزمن كما في قوله : « وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ » وقوله : « وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ » ، (4) الإمام الذي يقتدي به كما في قوله : « إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ » ، (5) إحدى الأمم المعروفة كما في قوله : « كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ » .(1/85)
المثل : الوصف العظيم والحال التي لها شأن بحيث يضرب بها المثل ، والبأساء : الشدة تصيب الإنسان في غير نفسه وبدنه ، كأخذ المال ، والإخراج من الديار ، وتهديد الأمن ، ومقاومة الدعوة ، والضرّاء ما يصيب الإنسان في نفسه كالجرح والقتل والمرض ، والزلزال :
الاضطراب في الأمر يتكرر حتى يكاد يزل صاحبه كما قال تعالى في المؤمنين يوم الأحزاب :
« وزلزلوا زلزالا شديدا » .(1/86)
الخير هنا : هو المال ، وسمى به لأن حقه أن ينفق في وجوهه ، والأقربون :
هم الأولاد وأولادهم ثم الإخوة.(1/87)
كتب عليكم : أي فرض عليكم ، والصدّ المنع ، والفتنة : أي فتنة المسلمين في دينهم بإلقاء الشبهات في قلوبهم أو بتعذيبهم ، يرتدد : أي يرجع ، وحبط العمل : بطل وفسد ، وآمنوا : أي ثبتوا على إيمانهم ، وهاجروا : أي فارقوا الأهل والوطن ، وجاهدوا من الجهد وهو المشقة ، ويرجون : أي يتوقعون المنفعة بعمل الأسباب التي سنها اللّه ، ورحمة اللّه : أي ثوابه.(1/88)
الخمر مأخوذة من خمر الشيء إذا ستره وغطاه ، سميت بها لأنها تستر العقل وتغطيه ، والميسر : القمار ، من اليسر وهو السهولة ، لأنه كسب بلا مشقة ولا كدّ ، والإثم الذنب ولا ذنب إلا فيما كان ضارا من قول أو فعل ، والضرر يكون في البدن والنفس والعقل والمال ، والعفو الفضل والزيادة على الحاجة ، والعنت : المشقة وما يصعب احتماله ، يقال عنت العظم عنتا إذا أصابه وهن أو كسر بعد جبر.(1/89)
الحيض : لغة السيلان ، يقال حاض السيل وفاض ، وشرعا : دم ذو أوصاف خاصة يخرج من الرحم في مدة مخصوصة استعدادا للحمل حين المعاشرة الزوجية إبقاء للنوع البشرى ، والأذى : الضرر ، واعتزال النساء زمن المحيض ترك غشيانهن في هذه المدة ، والطهر : انقطاع دم الحيض ، والتطهر : هو الاغتسال بالماء إن وجد ولم يمنع منه مانع ، أو التيمم خلفا عنه عند الشافعي ، وقال أبو حنيفة : إن طهرت لأقل من عشرة أيام فلا تحل له إلا إذا اغتسلت أو مضى وقت صلاة والدم منقطع ، وإن طهرت لأكثر مدته ، وهى العشرة حلت له ولو لم تغتسل ، والحرث : موضع النبت أي الأرض التي تستنبت ، شبهت بها النساء لأنها منبت للولد كالأرض للنبات ، أنّى شئتم : أي كيف شئتم من قيام وقعود واضطجاع ، وإقبال وإدبار متى كان المأتى واحدا وهو موضع الحرث.(1/90)
العرضة كالغرفة : المانع المعترض دون الشيء ، والمراد من الأيمان الأمور المحلوف عليها ، كما
جاء في الصحيحين من قوله عليه الصلاة والسلام « من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفّر عن يمينه »
و اللغو : ما يقع في حشو الكلام من الأيمان من غير قصد ولا رويّة كقول الإنسان : إي واللّه ، ولا واللّه ، فهذا ونحوه يسبق إلى اللسان عادة ولا يقصد به عقد اليمين ، فلا يؤاخذ اللّه به بفرض كفارة ولا بعقاب ، حتى لا يكون في ذلك حرج على المؤمنين. والإيلاء : لغة الحلف ، وشرعا حلف الرجل ألا يقرب امرأته إما لمدة معينة أو غير معينة كأن يقول : واللّه لا أقربك أربعة أشهر ، أو لا أقربك ، والتربص : الانتظار ، وفاءوا : أي رجعوا إلى نسائهم ، وعزموا الطلاق :
أي صمّموا في قصده ، وعزموا ألا يعودوا إلى ملامسة نسائهم.(1/91)
يراد بالمطلقات هنا الأزواج اللاتي يعهد في مثلهنّ أن يطلقن ، وأن يتزوجن بعد ذلك ، وهنّ الحرائر ذوات الحيض بقرينة ما قبلها وما بعدها من ذكر التربص بالزواج ، ولأنهنّ المستعدات للحمل والنسل الذي هو المقصد من الزواج.
أما من لسن كذلك كاليائسات ، فليس من شأنهنّ أن يطلقن ، إذ من أمضى مدة الزوجية مع امرأة حتى يئست من المحيض ، فأدب الشرع وداعي الفطرة يحتمان عليه أن برعى عهدها ويحفظ ودعا - إلى أنّ مثل هذه لو طلقت فقلما تتزوج بعد ، والتي لم تبلغ الحلم لا تكاد تتزوّج ، ومن عقد على مثلها كانت رغبته فيها عظيمة ، فيندر أن يتحوّل عنها فيطلقها.
والتربص : الانتظار ، والقروء : واحدها قرء (بضم القاف وفتحها) يطلق تارة على حيض المرأة وأخرى على طهرها ، ومن ثم قال الحنفية والحنابلة المراد به الحيض ، وقال المالكية. والشافعية المراد به الطهر ، وما في أرحامهنّ يشمل الولد والحيض والبعولة واحدهم بعل وهو الزوج ، والمراد بالدرجة هنا ما جاء في قوله : « الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ » .(1/92)
الطلاق اسم بمعنى التطليق كالسلام بمعنى التسليم ، ومرتان : أي دفعتان ، والإمساك بالمعروف أن يراجعها لا على قصد المضارة ، بل على قصد الإصلاح وحسن المعاشرة ، والتسريح بإحسان أن يوقع الطلقة الثالثة ويؤدى لها حقوقها المالية ولا يذكرها بعد المفارقة ، والجناح : الإثم ، والاعتداء تجاوز الحد في قول أو فعل ، والظلم : وضع الشيء فى غير موضعه.(1/93)
يقال بلغ البلد : إذا وصل إليه ، ويقال أيضا بلغه إذا شارفه ودنا منه ، يقول الرجل لصاحبه : إذا بلغت مكة فاغتسل بذي طوى ، يريد دنوت منها ، لأن ذا طوى قبلها ، والأجل يطلق على المدة كلها وعلى آخرها ، فيقال لعمر الإنسان أجل وللموت الذي ينتهى به أجل ، والمراد هنا زمن العدة ، والمراد بالإمساك المراجعة ، والمعروف ما ألفته العقول واستحسنته النفوس شرعا وعرفا وعادة ، والمراد بالتسريح ترك المراجعة حتى تنقضى عدتها والضرار الضرر ، والاعتداء الظلم ، وآيات اللّه هى آيات أحكام الطلاق والرجعة والخلع ونحو ذلك ، وهزوا أي مهزوءا بها بالإعراض عنها ، والتهاون في المحافظة عليها ، لقلة الاكتراث بالنساء وعدم المبالاة بهن ، ونعمة اللّه هى الرحمة التي جعلها بين الزوجين ، وما أنزل عليكم من الكتاب أي من آيات أحكام الزوجية التي تحفظ لكم الهناء في الدنيا والسعادة في الآخرة ، والحكمة هى سرّ تشريع الأحكام وبيان ما فيها من منافع ومصالح.(1/94)
البلوغ الانتهاء ، والأجل هنا آخر المدة المضروبة لانقضاء العدة لا قربها كما في الآية التي قبلها ، لأن الإمساك بالمعروف والتسريح لا يتأتي بعد انقضاء العدة إذا انقضاؤها إمضاء للتسريح فلا محل معه للتخيير ، والتخيير يستمر إلى قرب الانقضاء والمذكور هنا النهى عن العضل وإجازة النكاح ، وهذا لا يكون إلا بعد انقضاء العدة ، ومن ثم أثر عن الشافعي أنه قال : دل السياق على افتراق البلوغين ، والعصل الحبس والتضييق ، والعظة النصح والتذكير بالخير على وجه يرقّ له القلب ويبعث على العمل ، والزكاء النماء والبركة(1/95)
الحول والعام يقعان على صيفة وشتوة كاملتين ، والسنة تبتدئ من أىّ يوم عددته من العام إلى مثله ، والمولود له هو الوالد ، والتكليف الإلزام ، والوسع ضد الضيق وهو ما تتسع له القدرة ولا يبلغ آخر مداها ، والطاقة آخر درجات القدرة ، فليس بعدها إلا العجز التام ، مأخوذة من آخر طاقة (فتلة) من الطاقات التي يتألف منها الحبل ، والمضارة مشاركة كل من الوالدين للآخر في الضرر ، فتفيد أن كل إضرار من أحدهما للآخر بسبب الولد إضرار بنفسه ، إذ هذا يستلزم ضر الولد وكيف تحسن تربية ولد بين أبوين همّ كل منهما إيذاء الآخر وضرره ، والفصال الفطام لأنه يفصل الولد من أمه ، ويفصلها منه فيكون مستقلا في غذائه دونها ، والتشاور والمشاورة والمشورة استخراج الرأى من المستشارين ، ولا جناح عليهما أي لا حرج ، واسترضعت المرأة الطفل أي اتخذتها مرضعا له ، ما آتيتم أي ما ضمنتم والتزمتم ، بالمعروف أي على الوجه المتعارف المستحسن شرعا وعادة.(1/96)
يتوفون منكم : أي يتوفاهم اللّه ويقبض أرواحهم ، ويذرون : أي يتركون ، والزوج يطلق على الذكر والأنثى كما قال تعالى : « وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ » وأصله العدد المكوّن من شيئين اتحدا وصارا شيئا واحدا في الباطن وإن كانا شيئين في الظاهر ، وسمى به كل من الرجل والمرأة للدلالة على أن من مقتضى الفطرة أن يتحد الرجل بامرأته والمرأة ببعلها ، بتمازج النفوس ووحدة المصلحة ، حتى يكون كل منهما كأنه عين الآخر ، ويتربصن : أي ينتظرن ، وبلغن أجلهن : أي أتممن عدتهن وانتهت مدة التربص والانتظار ، والتعريض في الكلام أن تفهم المخاطب ما تريد بضرب من الإشارة والتلويح بدون تصريح ، والخطبة (بكسر الخاء) هى طلب الرجل المرأة للزواج بالوسائل المعروفة بين الناس ، والإكنان في النفس هو ما يضمره مريد الزواج في نفسه ويعزم عليه من التزوج بالمرأة بعد انقضاء العدة ، والقول المعروف ما لا يستحيا منه في المجاهرة كذكر حسن المعاشرة وسعة الصدر للزوجات إلى نحو ذلك.
وعزم الشيء وعزم عليه واعتزمه : إذا صمم على تنفيذه ، والكتاب بمعنى المكتوب أي المفروض ، وأجله : أي نهايته.(1/97)
الجناح هنا التبعة (المسئولية) كالتزام بمهر وغيره ، والمسيس : اللمس باليد من غير حائل ، ويراد به في لسان الشرع ما يراد بالمماسة والملامسة والمباشرة وهو غشيان المرأة ، والفريضة : المهر ، وفرضها : تسميتها ، والمتعة والمتاع ما ينتفع به مع سرعة انقضائه ومن ثمّ يسمى التلذذ بالشيء تمتعا لسرعة انقطاعه ، وأوسع الرجل إذا صار ذا سعة فى المال وبسطة وغنى ، وأقتر : إذا قلّ ماله وافتقر ، وأقتر على عياله وقتّر إذا ضيق عليهم فى النفقة ، والقدر (بفتح الدال وسكونها) قدر الإمكان والطاقة ، ومتاعا : أي حقّا ثابتا واجبا ، والمعروف : ما يتعارفه الناس بينهم ويليق بهم بحسب اختلاف أصنافهم ومعايشهم وبيئاتهم ، والمحسنون : هم الذين يحسنون في معاملة المطلقات ، والذي بيده عقدة النكاح هو الزوج المالك لعقد النكاح وحله ، وعفوه : تركه ما يعود إليه من نصف المهر الذي ساقه إليها كاملا تكرما منه ، والفضل : المودة والصلة(1/98)
حافظ على الشيء وداوم عليه وواظب عليه : فعله المرة بعد المرة ، وحفظ الصلاة المرة بعد الأخرى الإتيان بها كاملة الشرائط والأركان بالخشوع والخضوع القلبي ، والصلوات : هى الخمس المعروفة بالبيان العملي من النبي صلى اللّه عليه وسلم والتي أجمع عليها المسلمون من جميع الفرق ، حتى إن من جحدها أو شيئا منها لا يعدّ مسلما ، وقد استنبطوا عددها من آيات أخرى كقوله تعالى : « فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ » والصلاة الوسطى : هى إحدى هذه الخمس ، والوسطى : إما بمعنى المتوسطة بين شيئين أو أشياء لها طرفان متساويان ، وإما بمعنى الفضلى ، وبكل من المعنيين قال جماعة من العلماء ، ومن ثم اختلفوا أىّ الصلوات أفضل ؟ وأيتها المتوسطة ؟ وأرجح الأقوال أنها صلاة العصر لما
رواه أحمد ومسلم وأبو داود عن على مرفوعا (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر) يعنى يوم الأحزاب ،
وروى أحمد والشيخان أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال فى هذا اليوم « ملأ اللّه قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس »
و لم يذكر العصر ،
وفي رواية عن علىّ عن عبد اللّه بن أحمد في سند أبيه : كنا نعدها الفجر ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « هى العصر » .
والقنوت : الانصراف عن شئون الدنيا إلى مناجاة اللّه والتوجه إليه لذكره ودعائه ، والرجال : واحدهم راجل ، وهو الماشي ، والركبان : واحدهم راكب.(1/99)
يذرون : أي يتركون زوجات بعد وفاتهم ، وصية لأزواجهم : أي وصية من اللّه لأزواجهم ، متاعا إلى الحول : أي جعل اللّه لهن ذلك متاعا مدة الحول ، غير إخراج :
أي لهن ذلك المتاع وهن مقيمات في البيت غير مخرجات منه ، ولا ممنوعات من السكنى فيه.(1/100)
الملأ : القوم يجتمعون للتشاور ، ولا واحد له ، وسموا بذلك لأنهم يملئون العيون رواء ، والقلوب هيبة ، والنبي هو شمويل معرّب صمويل أو صموئيل ، عسى كلمة تفيد توقع الحصول وقرب تحققه ، كتب : أي فرض ، وطالوت معرب شاول لقب به لطوله ، فقد جاء في سفر صموئيل الأول من العهد العتيق (فوقف بين الشعب فكان أطول من كل الشعب ، من كتفه فما فوق) اصطفاه أي فضله بما أودع فيه من الاستعداد الفطرىّ للملك ، وبسطة الجسم عظمه.(1/101)
الآية : العلامة ، والتابوت : صندوق وضعت فيه التوراة ، أخذه العمالقة ثم ردّ إلى بنى إسرائيل وفي سفر تثنية الاشتراع : أن موسى لما أكمل كتابة هذه التوراة أمر اللاويين حاملى تابوت عهد الرب قائلا : خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم ليكون شاهدا عليكم.
ثم كانت حرب بين الفلسطينيين وبنى إسرائيل على عهد عالى الكاهن انتصر فيها الفلسطينيون ، وأخذوا التابوت من بنى إسرائيل ونكلّوا بهم تنكيلا ، فمات عالى كمدا ، وكان صموئيل أو شمويل قاضيا لبنى إسرائيل من بعده وهو نبيهم الذي طلبوا منه أن يبعث لهم ملكا ففعل ، وجعل رجوع التابوت إليهم آية لملك طالوت الذي أقامه لهم ، والسكينة : ما تسكن إليه النفس ويطمئن به القلب ، وتحمله : أي تحرسه وقد جرت عادتهم بأن من يحفظ شيئا في الطريق ويحرسه يقال إنه حمله ، وإن كان الحامل غيره ، وفصل بالجنود : أي فصل عن بلده مصاحبا لهم لقتال العمالقة ، والجنود :
واحدهم جندى وهم العسكر وكل صنف من الخلق كما جاء في الحديث « الأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها : ائتلف ، وما تناكر منها اختلف » والابتلاء : الاختبار والامتحان ، والنهر (بسكون الهاء وفتحها) كان بين فلسطين والأردن ، والشرب :
تناول الماء بالفم من موضعه وابتلاعه دون أن يشرب بكفين ولا إناء ، وطعم الشيء : أي ذاقه مأكولا كان أو مشروبا ، والغرفة (بالضم) المقدار الذي يحصل في الكف بالاغتراف ، والغرف : أخذ الماء بالكف ونحوه ، والطاقة : أدني درجات القوة ، وجالوت : أشهر أبطال الفلسطينيين أعدائهم ، والفئة : الجماعة من الناس قليلا كان عددهم أو كثيرا ، والبراز (بالفتح) الأرض المستوية الفضاء ، والإفراغ : إخلاء الإناء مما فيه بصبه ، وثبات القدم : كمال القوة وعدم التزلزل عند المقاومة ، وداود : هو داود ابن يسّى وكان راعى غنم وله سبعة إخوة هو أصغرهم ، والحكمة : النبوة وعليه نزل الزبور كما قال : « وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً » وتعليمه مما يشاء هو صنعة الدروع كما قال : « وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ » ومعرفة منطق الطير كما قال : « عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ » وفصل الخصومات لقوله : « وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ » .(1/102)
المراد باليوم هنا يوم الحساب ، لا بيع فيه : أي لا فداء فيتدارك المقصّر تقصيره ، ولا خلّة : أي ولا صداقة ولا مودة بنافعة ، والمراد بالكافرين تاركو الزكاة ، والظالمون :
هم الذين وضعوا المال في غير موضعه وصرفوه في غير وجهه.(1/103)
اللّه هو المعبود بحق ، والعبادة استعباد الروح وإخضاعها لسلطة غيبية لا تحيط بها علما ، ولا تدرك كنهها وحقيقتها ، وكل ما ألّهه البشر من جماد ونبات وحيوان وإنسان ، فقد اعتقدوا فيه هذا السلطان الغيبى استقلالا أو تبعا لسواه ، والحي هو ذو الحياة ، والحياة هى مبدأ الشعور والإدراك والحركة والنمو ، وهى بهذا المعنى مما يتنزه عنها اللّه سبحانه ، فالمراد بها بالنسبة إليه تعالى الوصف الذي يعقل معه الاتصاف بالعلم والإرادة والقدرة ، والقيوم القائم على حلقه بتدبير آجالهم وأعمالهم وأرزاقهم كما قال تعالى « أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ » والأخذ : الغلبة والاستيلاء ، والسّنة : النعاس ، وهو فتور يسبق النوم ، قال عدىّ بن الرقاع :
و سنان أقصده النّعاس فرنّقت فى عينه سنة وليس بنائم
و النوم : حال تعرض للحيوان بها تقف الحواس الظاهرة عن الإحساس والشعور ، والكرسي : هو العلم الإلهى ، وآده الشيء : يئوده إذا أثقله ولحقه منه مشقة ، والعلىّ :
هو المتعالي عن الأشباه والأنداد ، والعظيم : هو الكبير الذي لا شىء أعظم منه.(1/104)
لا إكراه في الدين : أي لا إكراه في دخول الدين ، وبان الشيء واستبان : وصح وظهر ، ومنه المثل : تبيّن الصبح لذى عينين ، والرشد : بالضم والتحريك ، والرشاد :
الهدى وكل خير ، وضده الغى ، والجهل كالغى إلا أن الأول في الاعتقاد ، والثاني فى الأفعال ، ومن ثم قيل زوال الجهل بالعلم ، وزوال الغى بالرشد ، والطاغوت : من الطغيان ، وهو مجاوزة الحد في الشيء ، ويجوز تذكيره وتأنيثه وإفراده وجمعه بحسب المعنى كما قال تعالى : « أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ » وقال : « يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ » والعروة من الدلو والكوز ونحوهما : المقبض الذي يمسك به من يأخذهما ، والوثقي : مؤنث الأوثق ، وهو الحبل الوثيق المحكم ، والانفصام. الانكسار أو الانقطاع ، من قولهم فصمه فانفصم أي كسره أو قطعه ، والولي :
الناصر والمعين ، والظلمات : هى الضلالات التي نعرض للإنسان في أطوار حياته ،
كالكفر والشبهات التي تعرض دون الدين فتصدّ عن النظر فيه أو تحول دون فهمه ، والإذعان له كالبدع والأهواء التي تحمل على تأويله وصرفه عن وجهه والشهوات التي تشغل عنه.(1/105)
الاستفهام للتعجيب والإنكار ، وحاجّ جادل وقابل الحجة بالحجة ، فبهت : أي صار مبهوتا دهشا وأخذه الحصر من سطوع نور الحجة فلم يجد جوابا ، الظالمين : أي المعرضين عن قبول الهداية بالنظر في الدلائل القاطعة التي توصل إلى معرفة الحق.(1/106)
القرية : الضيعة ، والمصر : الجامع ، وقد أبهم اللّه القرية فلم يذكر مكانها ولا المارّ عليها ، بل اقتصر على موضع العبرة ، وما به تقوم الحجة ولم يعن بما فوق ذلك حتى لا يشغل القارئ أو السامع به ، ومن ثم اختلف المفسرون فيها فمن قائل إنها بيت المقدس وإن المار عليها هو عزير بن شرخيا ، ومن قائل هى دير هرقل على شط دجلة والمار هو أرميا من سبط هارون عليه السلام ، وخاوية : أي ساقطة من خوى البيت إذا سقط ، والعروش : واحدها عرش وهو سقف البيت وكل ما هيئ ليستظل به ، والمراد منه أن العروش سقطت أوّلا ثم سقطت الحيطان عليها ، وأنى : بمعنى كيف ، والحياة هنا العمران ، والموت : الخراب ، وأماته : أي جعله فاقدا للحس والحركة والإدراك بدون أن تفارق الروح البدن بتاتا مثل ما حدث لأهل الكهف ، والبعث : الإرسال من بعثت الناقة إذا أطلقتها من مكانها ، وعبر بالبعث دون الإحياء إيذانا بأنه عاد كما كان أوّلا حيا عاقلا مستعدا للنظر والاستدلال ، وقد دلت تجارب الأطباء في العصر الحديث على أن من الناس من يبقى حيا زمنا طويلا لكنه يكون فاقد الحسّ والشعور ، وهو المسمى لديهم بالسبات وهو النوم المستغرق ويستعمله أهل الرياضيات في الهند ، فقد شوهد شاب قد نام نحو شهر ثم أصيب بدخل في عقله ، وآخرون ناموا أكثر من ذلك ، ومتى ثبت هذا فالذى يحفظ الأجسام مثل هذه المدة قادر أن يحفظها مائة سنة وثلاثمائة سنة ، فهذا من الممكنات لا من المستحيلات وقد تواتر به النص فيجب التسليم به ، والتجارب التي
عملت تقرب بيان إمكانه من أذهان الذين يعسر عليهم أن يميزوا بين ما هو مستبعد لعدم إلفه في مجرى العادة ، وما هو محال لا يقبل الثبوت لذاته ، ولم يتسنه : أي لم يتغير ولم يفسد ، من قولهم تسنه الشيء مرت عليه السنون والأعوام ، وآية : علامة دالة على قدرة اللّه ، وننشزها : أي نرفعها من الأرض ونردها إلى أماكنها من الجسد.(1/107)
فصرهن : أي ضمهن ، سعيا : أي مسرعات طيرانا ومشيا ، وعزيز : أي غالب على أمره ، حكيم : أي لأنه جعل أمر الإعادة وفق حكمة التكوين.(1/108)
سبيل اللّه : ما يوصل إلى مرضاته تعالى ، الحبة : واحدة الحب ، وهو ما يزرع ليقتات به ، المنّ : أن يذكر المحسن إحسانه لمن أحسن إليه ويظهر به تفضله عليه ، والأذى :
أن يتطاول عليه بسبب إنعامه عليه كأن يقول له : إنى قد أعطيتك فما شكرت ، قول معروف : أي كلام حسن وردّ جميل على السائل كأن يقول له : رزقك اللّه ، أو عد إلىّ مرة أخرى أو نحو ذلك ، ومغفرة : أي ستر لما وقع منه من الإلحاف في السؤال وغيره مما يثقل على النفوس احتماله ، وخير : أي أنفع وأكثر فائدة ، رئاء الناس : أي مراءاة لهم لأجل أن يروه فيحمدوه ، ولا يقصد ابتغاء رضوان اللّه بتحرّى ما حث عليه من رحمة عباده الضعفاء والمعوزين وترقية شأن الأمة بالقيام بما يصلح شؤنها ، فمثله : أي فصفته ، وصفوان : أي حجر أملس ، والوابل : المطر الشديد ، والصلد : الأملس الذي ليس عليه شىء من الغبار ، ويقال فلان لا يقدر على درهم : أي لا يجده ولا يملكه.(1/109)
ابتغاء مرضاة اللّه أي طلبا لرضوانه ، وتثبيتا من أنفسهم أي لتمكين أنفسهم فى مراتب الإيمان والإحسان باطمئنانها عند بذلها بحيث لا ينازعها فيه زلزال البخل
و لا اضطراب الحرص ، والجنة : البستان ، والربوة المكان المرتفع من الأرض ، وأشجار الربى أحسن منظرا وأزكى ثمرا للطافة هوائها وفعل الشمس فيها ، وآتت أكلها :
أي أعطت صاحبها أكلها ، والاكل كل ما يؤكل والمراد هنا الثمر ، وضعف الشيء مثله ، والطلّ المطر الخفيف ، والإعصار ريح عاصفة تستدير في الأرض ثم تنعكس منها إلى السماء حاملة الغبار فتكون كهيئة العمود ، والنار أي السموم الشديد.(1/110)
الطيب : هو الجيد المستطاب ، وضده الخبيث المستكره ، ولا تيمموا أي لا تقصدوا ، وتغمضوا أي تتساهلوا وتتسامحوا من قولهم أغمض فلان عن بعض حقه إذا غض بصره ، ويقال للبائع أغمض أي لا تستقص كأنك لا تبصر. وحميد أي مستحق للحمد على نعمه العظام ...(1/111)
يعدكم أي يخوّفكم ، والفقر : سوء الحال وضيق ذات اليد ، ويأمركم أي يغريكم ، والمراد بالفحشاء هنا البخل ، والمغفرة الصفح عن الذنب ، والفضل الرزق والخلف ، والحكمة العلم النافع الذي يكون له الأثر في النفس ، فيوجه الإرادة إلى العمل بما تهوى مما يوصل إلى السعادة في الدنيا والآخرة(1/112)
النذر في اللغة : العزم على التزام شىء خاص فعلا أو تركا. وفي الشرع التزام طاعة تقربا إلى اللّه تعالى ، والظلم : وضع الشيء في غير موضعه.(1/113)
الهدى ضربان : هدى التوفيق إلى طريق الخير والسعادة ، وهو على اللّه تعالى ، وهدى الدلالة والإرشاد إلى الخير وهو على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وابتغاء وجه اللّه طلب مرضاته ، أحصروا منعوا وحبسوا في طاعته لغزو أو تعلم علم ، ضربا في الأرض أي سيرا فيها للكسب والتجارة ، والتعفف إظهار العفة وهى ترك الطلب ومنع النفس مما تريد ، والسيما العلامة التي يعرف بها الشيء ، وإلحافا أي إلحاحا وهو أن يلازم السائل المسئول حتى يعطيه.(1/114)
يأكلون : أي يأخذون ويتصرفون فيه بسائر أنواع التصرفات ، والربا لغة الزيادة يقال ربا الشيء يربو إذا زاد ، ومنه الرابية لما علا من الأرض فزاد على ما حوله ، والخبط : الضرب على غير اتساق ، يقال ناقة خبوط إذا وطئت الناس وضربت الأرض بقوائمها ، ويقال للرجل يتصرف في الأمور على غير هدى : هو يخبط خبط عشواء [العشواء الناقة الضعيفة البصر] والمسّ : الجنون ، يقال مسّ الرجل فهو ممسوس إذا جنّ ، والموعظة : العظة والزجر ، والمحق : نقص الشيء حالا بعد حال كمحاق القمر ، ويربى : يزيد ويضاعف ، لا يحب : أي لا يرتضى ، والكفار : المقيم على الكفر المعتاد له ، والأثيم : المنهمك في ارتكاب الآثام ، اتقوا اللّه : أي قوا أنفسكم عقابه ، وذروا : أي اتركوا ، فأذنوا : أي فاعلموا ، بحرب من اللّه : أي بغضب منه ، وحرب من رسوله بمعاملتكم معاملة البغاة وقتالكم بالفعل في عصره ، واعتباركم أعداء له في كل عصر ، لا تظلمون : أي لا تفعلون
الظلم بغرمائكم بأخذ الزيادة ، ولا تظلمون بنقص شىء من رأس المال ، العسر : الإعسار ويكون بفقد المال أو كساد المتاع ، والنظرة : الانتظار ، والميسرة : اليسار والسعة.(1/115)
تداينتم : داين بعضكم بعضا ، إلى أجل مسمى : أي موعد محدود بالأيام والشهور والسنة ونحوها مما يفيد العلم ، لا بالحصاد وقدوم الحاج مما فيه جهالة ، بالعدل
أي بالسوية من غير ميل إلى أحد الجانبين ، ولا يأب أي لا يمتنع ، كما علمه اللّه أي على الطريق التي علمه اللّه إياها من كتابة الوثائق ، وليملل أي وليلق على الكاتب ما يكتبه والإملال والإملاء بمعنى ، يقال أملّ على الكاتب وأملى عليه ، ولا يبخس أي ولا ينقص ، سفيها أي ضعيف الرأي لا يحسن التصرف في المال لضعف عقله ، أو ضعيفا أي صبيا أو شيخا هرما ، أو لا يستطيع أن يملّ أي بأن كان جاهلا أو ألكن أو أخرس ، واستشهدوا شهيدين أي اطلبوا أن يشهد رجلان ، ترضون أي ترضون دينهم وعدالتهم ، أن تضل أي تخطىء لعدم ضبطها وقلة عنايتها ، ولا تسأموا أي لا تملوا ولا تضجروا ، أقسط أي أعدل ، وأقوم أي وأعون على إقامتها على وجهها ، وأدنى أي أقرب ، ألا ترتابوا أي إلى انتفاء الريب في جنس الدين وقدره وأجله ، تديرونها أي تتعاطونها بالتعامل يدا بيد ، الجناح الإثم والذنب ولا يضارّ أي ولا يفعل الضرر بالمتعاملين بالامتناع عن الكتابة أو الشهادة أو بالتحريف أو الزيادة أو النقص ، فسوق أي خروج عن الطاعة ، والرهان واحدها رهن بمعنى مرهون.(1/116)
لا نفرق بين أحد من رسله : أي إن الرسل في الرسالة والتشريع سواء لا يفضل بعضهم بعضا ، سمعنا : أي سماع تدبر وفهم ، والتكليف : الإلزام بما فيه كلفة ، والوسع :
ما تسعه قدرة الإنسان من غير حرج ولا عسر ، والاكتساب يفيد الجد في العمل ، والمؤاخذة المعاقبة لأن من يراد عقابه يؤخذ بالقهر ، ما لا طاقة لنا به : أي ما لا قدرة لنا عليه ويشقّ علينا فعله ، والإصر : العبء الثقيل يأصر صاحبه ويحبسه مكانه ، إذ لا يطيق حمله لثقله ، والمراد به التكاليف الشاقة ، مولانا : أي مالكنا ومتولى أمورنا.(1/117)
سورة آل عمران
(الم) تقدم أن قلنا في السورة قبلها إن الرأى الذي عليه المعوّل أن الحروف المقطعة التي وقعت في أوائل السور هى حروف للتنبيه كألا ، ويا ، مما جاء في أوائل الكلام لتنبيه المخاطب إلى ما يلقى بعدها من حديث يستدعى العناية بفهمه ، وتقرأ بأسمائها ساكنة كما تقرأ أسماء العدد فيقال (ألف. لام. ميم) كما يقال (واحد. اثنان.
ثلاثة) وتمد اللام والميم ، وإذا وصل به لفظ الجلالة جاز في الميم المد والقصر ، وفتحها وطرح الهمزة من (اللّه) للتخفيف والإله : هو المعبود ، والحي : ذو الحياة وهى صفة تستتبع الاتصاف بالعلم والإرادة ، والقيوم : القائم على كل شىء بكلاءته وحفظه ، ونزّل يفيد التدريج والقرآن نزل كذلك في نيف وعشرين سنة بحسب الحوادث كما تقدم ، وعبر عن الوحى مرة بالتنزيل ، وأخرى بالإنزال للإشارة إلى أن منزلة الموحى أعلى من الموحى إليه ، ومعنى كونه بالحق أن كل ما جاء به من العقائد والأحكام والحكم والأخبار فهو حق لا شكّ فيه ، ما بين يديه هى الكتب التي أنزلت على الأنبياء السابقين ، والتوراة : كلمة عبرية معناها الشريعة ، ويريد بها اليهود خمسة أسفار يقولون إن موسى كتبها ، وهى : سفر التكوين ، وسفر الخروج ، وسفر اللاويين ، وسفر العدد ، وسفر تثنية الاشتراع ، ويريد بها النصارى جميع الكتب التي تسمى العهد العتيق ، وهى كتب الأنبياء وتاريخ قضاة بنى إسرائيل وملوكهم قبل المسيح ، وقد يطلقونه عليها وعلى العهد الجديد معا وهو المعبر عنه بالإنجيل ، ويريد بها القرآن ما أنزل على موسى ليبلغه قومه ، والإنجيل كلمة يونانية معناها التعليم الجديد أو البشارة ، وتطلق عند النصارى على أربعة كتب تسمى بالأناجيل الأربعة وهى كتب مختصرة فى سيرة المسيح عليه السلام وشىء من تاريخه وتعاليمه ، وليس لها سند متصل عند أهلها وهم مختلفون في تاريخ كتابتها على أقوال كثيرة ، وكتب العهد الجديد تطلق على هذه الكتب الأربعة مع كتاب أعمال الرسل (الحواريين) ورسائل بولس وبطرس
ويوحنا ويعقوب ورؤيا يوحنا ، والإنجيل في عرف القرآن هو ما أوحاه اللّه إلى رسوله عيسى عليه السلام ومنه البشارة بالنبي محمد وأنه هو الذي يتمم الشريعة والأحكام ، والفرقان هو العقل الذي يفرق بين الحق والباطل ، وكل ما كان عن حضرة القدس يسمى إعطاؤه إنزالا ألا ترى إلى قوله تعالى : « وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ » والانتقام من النقمة وهى السطوة والتسلط ، يقال : انتقم منه إذا عاقبه بجنايته ، والتصوير جعل الشيء على صورة لم يكن عليها ، والصورة هيئة يكون عليها الشيء بالتأليف ، والأرحام واحدها رحم وهى مستودع الجنين من المرأة ، والمحكم من أحكم الشيء بمعنى وثّقه وأتقنه ، والأم في اللغة الأصل الذي يتكون منه الشيء ، والمتشابه يطلق تارة على ماله أفراد أو أجزاء يشبه بعضها بعضا ، وتارة أخرى على ما يشتبه من الأمور ويلتبس ، والزيغ الميل عن الاستواء والاستقامة إلى أحد الجانبين والمراد به هنا ميلهم عن الحق إلى الأهواء الباطلة ، والتأويل من الأول وهو الرجوع إلى الأصل ومنه الموئل للموضع الذي يرجع إليه ، والراسخون في العلم : هم المتفقهون فى الدين ، ومن لدنك : أي من عندك ، والمراد بالرحمة العناية الإلهية والتوفيق الذي لا يناله العبد بكسبه ، وجمع الناس حشرهم للحساب والجزاء ، لا ريب فيه : أي إننا موقنون به لا نشك في وقوعه لأنك أخبرت به وقولك الحقّ.(1/118)
تغنى : أي تنفع ، وقود (بفتح الواو) أي حطب ونحوه ، والدأب : العادة من دأب على العمل إذا جدّ فيه وتعب ، ثم غلب في العادة ، والمهاد : الفراش ، يقال مهدّ الرجل المهاد إذا بسطه ، والآية : العلامة على صدق ما يقول الرسول.(1/119)
الشهوات : واحدة شهوة وهى رغبة النفس في الحصول ، والمراد بها المشتهيات كما يقال هذا الطعام شهوة فلان أي ما يشتهيه ، والأنعام واحدها نعم وهى الإبل والبقر والغنم ولا تطلق النعم إلا على الإبل خاصة ، والمسوّمة : هى التي ترعى في الأودية والقيعان ، والحرث : الزرع والنبات.(1/120)
النبأ والإنباء لم يردا في القرآن إلا لما له شأن عظيم كما قاله أبو البقاء في الكليات ، والتقوى : هى الإخبات إلى اللّه والإعراض عما سواه ، والمطهرة : الخالية من الشوائب الجسمية والنفسية والرضوان (بضم الراء وكسرها) الرضا ، والصبر : حبس النفس عند كل مكروه يشقّ عليها احتماله ، والصدق يكون في القول والعمل والوصف يقال فلان صادق في قوله ، وصادق في عمله ، وصادق في حبه ، والقانتين : أي المداومين على الطاعة والعبادة ، والمستغفرين بالأسحار : أي المصلّين وقت السحر.(1/121)
يقال شهد الشيء وشاهذه إذا حضره كما قال : « ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ » وقال « فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ » والشهادة بالشيء الإخبار به عن علم إما بالمشاهدة الحسية ، وإما بالمشاهدة المعنوية وهى الحجة والبرهان ، وأولو العلم هم أهل البرهان القادرون على الإقناع ، وهم يوجدون في هذه الأمة وفي جميع الأمم السالفة ، بالقسط :
أي بالعدل في الدين والشريعة وفي الكون والطبيعة. والدين له في اللغة عدة معان :
منها الجزاء ، والطاعة والخضوع ، ومجموعة التكاليف التي بها يدين العباد للّه - وما يكلف به العباد يسمى شرعا باعتبار وضعه وبيانه للناس ، ودينا باعتبار الخضوع وطاعة الشارع ، وملة باعتبار أنها أملّت وكتبت - والإسلام يأتي بمعنى الخضوع والاستسلام ، وبمعنى الأداء تقول أسلمت الشيء إلى فلان إذا أديته إليه ، وبمعنى الدخول في السلم أي الصلح والسلامة ، وتسمية الدين الحق إسلاما يناسب كل هذه المعاني وأولها أوفقها بالتسمية ، يرشد إلى ذلك قوله تعالى : « وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ
أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً »
وحاجوك : جادلوك ، وأسلمت : أي أخلصت ، والأميون مشركو العرب واحدهم أمي نسبوا إلى الأم لجهلهم كأنهم على الفطرة ، البلاغ : أي التبليغ للناس.(1/122)
المراد بالذين يكفرون هم اليهود خاصة ، وقوله بغير حق أي بغير شبهة لديهم ، وحبط العمل بطل ، والبشارة والبشرى الخبر السار تنبسط له بشرة الوجه ، واستعمالها فى الشر جاء على طريق التهكم والسخرية.(1/123)
أ لم تر : استفهام لتعجيب النبي صلى اللّه عليه وسلم من حالهم ، والذين أوتوا نصيبا من الكتاب هم اليهود ، والنصيب : الحظ ، والكتاب : التوراة ، ليحكم بينهم : أي ليفصل بين اليهود والداعي لهم وهو النبي صلى اللّه عليه وسلم ، والتولي : الإعراض بالبدن ، والإعراض يكون بالقلب ، والافتراء : الكذب ، واليوم : هو يوم الحساب والجزاء ، ما كسبت : أي ما عملت من خير أو شر.(1/124)
الملك : السلطة والتصرف في الأمر بيدك الخير : أي بقدرتك التي لا يقدر قدرها ، الخير كلّه تتصرف فيه أنت وحدك ، الولوج : الدخول ، والإيلاج : الإدخال ، ويراد به زيادة زمان النهار في الليل والعكس بالعكس بحسب المطالع والمغارب فى أكثر البلدان.(1/125)
الأولياء واحدهم ولىّ وهو النصير ، تقاة : أي اتقاء وخوفا ، ويحذركم : أي يخوفكم ، والأمد : المدة لها حد محدود ، محضرا : أي حاضرا لديها.(1/126)
المحبة : ميل النفس إلى الشيء لكمال أدركته فيه ، فيدعوها ذلك إلى التقرب إليه ، يغفر لكم : أي يتجاوز عما فرط منكم من الأعمال السيئة والاعتقادات الباطلة ، فإن تولوا :
أي فإن أعرضوا ولم يجيبوا دعوتك.(1/127)
الاصطفاء : أخذ ما صفا من الشيء كالاستصفاء ، والذرية في أصل اللغة الصغار من الأولاد ، ثم استعملت عرفا في الصغار والكبار ، وللواحد والكثير ، والنذر :
ما يوجبه الإنسان على نفسه ، والمحرر : المخصص للعبادة والخدمة لا يشتغل بشىء آخر ، والتقبل : أخذ الشيء على وجه الرضا والقبول ، أعيذها بك : أي أمنعها وأجيرها بحفظك وأصل العوذ الالتجاء إلى سواك والتعلق به ، يقال عاذ بفلان إذا استجار به ، والرجيم :
أي المرجوم المطرود من الخير ، ومريم بالعبرية خادم الرب ، وتقبل الشيء وقبله : أي رضيه لنفسه ، وأنبتها : أي رباها بما يصلح أحوالها ، وكفلها زكريا : أي وجغل زكريا كافلإلها ، وزكريا من ولد سليمان بن داود عليهما السلام ، والمحراب هنا هو المسمى عند أهل الكتاب بالمذبح وهو مقصورة في مقدم المعبد لها باب يصعد إليه بسلم ذى درج قليلة يكون من فيه محجوبا عمن في المعبد ، أني لك هذا : أي من أين لك هذا والأيام أيام قحط وجدب ، بغير حساب : أي بغير عدّ ولا إحصاء لكثرته.(1/128)
الذرية : الولد ، وتقع على الواحد والكثير ، والطيب : ما تستطاب أفعاله وأخلاقه ، سميع الدعاء : أي مجيبه كما يقال : سمع اللّه لمن حمده ، إذ من لم يجب فكأنه لم يسمع ،
وكلمة اللّه : عيسى عليه السلام ، والسيد الرئيس يسود قومه ، والحصور من الحصر وهو الحبس أي يحبس نفسه ويمنعها مما ينافى الفضل والكمال ، من الصالحين : أي من أصلابهم ، والصلاح صفة تجمع الخير كله أنى يكون لى ؟ أي كيف يحصل لى ، بلغني الكبر : أي أدركنى كبر السن وأثّر فيّ ، عاقر : أي عقيم لا تلد ، آية : أي علامة أعرف بها ميقات الحمل إذا حدث لأتلقى النعمة بالشكر ، ألا تكلم الناس : أي لا تستطيع الكلام ، والرمز : الإشارة بيد أو رأس أو غيرهما ، وسمى الرمز كلاما لأنه يفيد ما يفيده الكلام ويدل على ما دل عليه ، والعشى : الوقت من الزوال إلى الغروب ، والإبكار :
من طلوع الفجر إلى وقت الضحى(1/129)
الاصطفاء الأول قبولها محررة لخدمة بيت المقدس ، وكان ذلك خاصا بالرجال ، والتطهير يعم التطهير الحسى كعدم الحيض والنفاس وبذلك كانت أهلا لملازمة المحراب وهو أشرف مكان في المعبد ، والتطهير المعنوي كالبعد عن سفساف الأخلاق وذميم الصفات ، والاصطفاء الثاني بما اختصت به من ولادة نبى من غير أن يمسها رجل ، وهو اصطفاء لم يكن قد تحقق بالفعل بل هى مهيأة ومعدة له ، وفيه شهادة ببراءتها مما قذفها به اليهود ، والقنوت : الطاعة مع الخضوع ، والسجود : التذلل ، والركوع : الانحناء والمراد لازمه وهو التواضع والخشوع في العبادة والوحى جاء في القرآن لمعان :
(1) لكلام جبريل للأنبياء كما قال تعالى : « نُوحِي إِلَيْهِمْ » .
(2) وللإلهام كما قال تعالى : « وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى » .
(3) ولإلقاء المعنى المراد في النفس كما قال تعالى : « بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها » .
(4) وللإشارة كما قال تعالى : « فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا » .
فالوحى تعريف الموحى إليه بأمر خفىّ من إشارة أو كتابة أو غيرهما ، والأقلام القداح المبرية وتسمي السهام ، والأزلام التي يضربون بها القرعة ويقامرون بها ، ويختصمون : أي يتنازعون في كفالتها.(1/130)
المسيح : لفظ معرّب من العبراني وأصله مشيحا ، وعيسى معرّب يسوع بالعبرانية ، والوجيه : ذو الجاه والكرامة ، والمهد : مفر الصبى حين رضاعه ، والكهل : من تجاوز الثلاثين إلى الأربعين ، والكتاب : الكتابة والخط ، والحكمة : العلم الصحيح الذي يبعث الإرادة إلى نافع العمل ، ويقف بالعامل على نهج الصراط المستقيم لما له من بصر بفقه الأحكام وسرّ التشريع ، والتوراة : كتاب موسى وقد كان المسيح عليما به يبين أسراره لقومه ويحتج عليهم بنصوصه ، والإنجيل : هو الكتاب الذي أوحى إليه به ، والخلق : التصوير والإبراز على مقدار معين لا الإنشاء والاختراع ، والهيئة :
الصورة ، والأكمه : الذي يولد أعمى ، والأبرص : هو الذي به برص أي بياض في الجلد يتطير به(1/131)
فى الأساس : أحسست منه مكرا وأحسست منه بمكر ، وما أحسسنا منه خيرا ، وهل تحس من فلان بخير ، وفي الكشاف أحس : علم علما لا شبهة فيه كعلم ما يدرك بالحواس ، والأنصار : واحدهم نصير كالأشراف واحدهم شريف ، والحواريون : واحدهم حوارى ، وحوارىّ الرجل صفيّه وناصره ، ومسلمون : أي منقادون لما تريده منا ، والمكر تدبير خفى يفضى بالممكور به إلى ما لم يكن يحتسب ، وغلب استعماله في التدبير السيئ وإن كان يستعمل في الحسن والسيئ معا كما قال تعالى : « وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ » .
و الداعي إلى المكر الحسن أن من الناس من إذا علم بما يدبّر له أفسد على الفاعل تدبيره لجهله ، فكانت حاجة المربي أو القوّام على غيره ماسة إلى الاحتيال عليه والمكر به ليوصله إلى ما لا يصح أن يعرفه قبل الوصول إليه ، والتوفى : أخذ الشيء وافيا تامّا ثم استعمل بمعنى الإماتة كما قال تعالى : « اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها » وتطهيره من الذين كفروا : براءته مما كانوا يرمونه به بتهمة أمه بالزنا.(1/132)
المثل : الحال الغريبة والشأن البديع ، والامتراء : الشكّ ، والبهلة (بالضم والفتح) اللعنة والدعاء ، يقال ماله بهله اللّه : أي لعنه ، ثم شاع استعماله في مطلق الدعاء ، يقال فلان يبتهل إلى اللّه في حاجته : أي يدعوه ، والقصص : تتبع الأثر ، ومنه قوله تعالى :
«وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ » أي تتبعى أثره ثم استعمل في الكلام والحديث ، لأن القاصّ يتبع المعاني ليوردها ، والعزيز : أي ذو العزة الذي لا يغالبه أحد ، والحكيم : ذو الحكمة التي لا يساميه فيها أحد(1/133)
أهل الكتاب : هم اليهود والنصارى ، تعالوا : أي أقبلوا ووجهوا النظر إلى ما دعيتم إليه ، وسواء : أي عدل وإنصاف من بعضنا لبعض ، والإله : هو المعبود الذي يدعى حين الشدائد ، ويقصد عند الحاجة اعتقادا بأنه وحده ذو السلطة الغيبية ، والربّ : هو السيد المربى الذي يطاع فيما يأمر وينهى ، ويراد به هنا ماله حق التشريع من تحريم وتحليل ، مسلمون : أي منقادون للّه مخلصون له ، تحاجون : أي تجادلون ، والحنيف :
المائل عن العقائد الزائفة ، والمسلم : هو الموحد المخلص المطيع له.(1/134)
ودّ الشيء : أحبه ، طائفة : أي جماعة وهم الأحبار والرؤساء ، والآيات هنا ما يدل على صدق نبوّة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وتلبسون : أي تخلطون ، وجه النهار : أي أوّله تقول : أتيته بوجه نهار وصدر نهار وشباب نهار ، آمن له : صدّقه وسلّم له ما يقول كما قال تعالى حكاية عن إخوة يوسف « وما أنت بمؤمن لنا » والفضل : الزيادة ، والمراد به هنا النبوة.(1/135)
تأمنه ، من أمنته بمعنى ائتمنته ، ويقال أمنته بكذا وعلى كذا ، والمراد بالقنطار العدد الكثير ، وبالدينار العدد القليل ، والأميون : هم العرب ، والسبيل : المؤاخذة والذنب ، وبلى كلمة تقع جوابا عن نفى سابق لتثبته ، والعهد ما تلتزم الوفاء به لغيرك ، وإذا كان الالتزام من طرفين يقال عاهد فلان فلانا عهدا ، ويشترون : أي يستبدلون ، والمراد بالعهد عهد اللّه إلى الناس في كتبه المنزلة أن يلتزموا الصدق والوفاء بما يتعاهدون عليه ويتعاقدون ، والمراد بالأيمان الأيمان الكاذبة ، والثمن القليل : هو العوض الذي يأخذونه أو الرّشا ، وجعل قليلا لأن كل ما يفوّت الثواب ويوجب العقاب فهو قليل ، ولا خلاق لهم : أي لا نصيب لهم ، ولا يكلمهم اللّه : أي يغضب عليهم ، ولا ينظر إليهم : أي يسخط عليهم ويستهين بهم ، ولا يزكيهم : أي لا يثنى عليهم(1/136)
لىّ اللسان بالكتاب : فتله للكلام وتحريفه بصرفه عن معناه إلى معنى آخر كما في الألفاظ التي جاءت على لسان عيسى من نحو ابن اللّه وتسمية اللّه أبا له وأبا للناس ، فهذا مما لا يراد به المعنى الحقيقي ، لكنهم لوّوه ونقلوه إلى المعنى الحقيقي بالنسبة إلى المسيح وحده ، وأوهموا الناس أن الكتاب جاء بهذا.(1/137)
البشر : الإنسان ذكرا كان أو أنثى ، واحدا كان أو جمعا ، والحكم : الحكمة وهى فقه الكتاب ومعرفة أسراره ، وذلك يستلزم العمل به ، والعباد : واحدهم عبد بمعنى عابد ، والعبيد : جمع لعبد بمعنى مملوك ، وهو لا يمتنع أن يكون لغير اللّه ، والربانيين واحدهم ربانى وهو كما قال سيبويه المنسوب إلى الرب ، لأنه عالم به مواظب على طاعته كما يقال رجل إلهى إذا كان مقبلا على معرفة الإله وطاعته ، روى أن محمد ابن الحنفية قال يوم مات ابن عباس : اليوم مات ربّانى هذه الأمة.(1/138)
الميثاق : العهد المؤكد الموثّق ، وهو أن يلتزم المعاهد (بكسر الهاء) للمعاهد (بفتحها) أن يفعل شيئا ويؤكد ذلك بيمين أو بصيغة مؤكدة من ألفاظ المعاهدة أو المواثقة ، أقررتم من قرّ الشيء إذا ثبت ولزم قرارة مكانه ، وأخذتم : أي قبلتم كما جاء نحوه في قوله تعالى : « إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ » والإصر : العهد المؤكد الذي يمنع صاحبه من التهاون فيما التزمه وعاهد عليه.(1/139)
الأسباط : الأحفاد واحدهم سبط وهم أبناء يعقوب الاثنا عشر وذراريهم ، وخصهم بالذكر لأن أهل الكتاب يعترفون بنبوتهم وكتبهم ، مسلمون : أي مستسلمون منقادون بالطاعة له فيما به أمر وعنه نهى ، والخسران : ذهاب رأس المال ، ويراد به هنا تضييع ما جبلت عليه الفطر السليمة من الانقياد اللّه وطاعته. والإيمان : لغة التصديق إما بالقلب كأن يقول إنسان شيئا فتعتقد صدقه ، وإما باللسان كأن تقول له صدقت.
والإسلام : الانقياد والخضوع ، وقد جعل لهما القرآن معنى خاصا ، فأطلق الإيمان على الإيمان باللّه واليوم الآخر وإرسال الرسل مبشرين ومنذرين بحيث يكون لهذا التصديق سلطان على الإرادة والوجدان ، ويكون من ثمراته العمل الصالح الذي يصل بصاحبه إلى الفوز بالسعادة في الدنيا والآخرة ، وأطلق الإسلام على توحيد اللّه والإخلاص له في العبادة والانقياد لما أرشد إليه على ألسنة رسله.
والإيمان والإسلام بهذين المعنيين يتواردان على حقيقة واحدة يتناولها كل منهما بالاعتبار ، ومن ثم عدّا شيئا واحدا في هذه الآيات ، وبهما يكون الفوز بالنجاة فى الآخرة.
وأما ما جاء في قوله تعالى : « قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا ، قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ » فقد أريد بالإيمان المعنى اللغوي وهو الثقة واطمئنان القلب ، وهذا لم يحصل لهم بعد ، بدليل أنهم امتنّوا على الرسول
صلى اللّه عليه وسلم بالإسلام وترك القتال ، ولكن دخلوا في السلم وترك الحرب والنطق بالشهادتين.
كذلك إطلاق الإسلام على هذا الدين المعروف الذي عليه المسلمون اليوم إطلاق حادث لا يعرفه القرآن ولم ينطق به ، وإنما نطق بالإسلام وأراد به الاستسلام والانقياد كما علمت مما سبق ، فمن اتبعه كان مرضيا عند اللّه ، ومن خالفه كان باغيا لغير دين اللّه.(1/140)
الظلم : هو العدول عن الطريق الذي يجب سلوكه للوصول إلى الحق ، واللعن :
الطرد والإبعاد على سبيل السخط ، والإنظار : الإمهال والتأخير.(1/141)
نال الشيء نيلا : إذا أصابه ووجده ، يقال نال العلم : إذا وصل إليه واتصف به ، والبرّ : ما يكون به الإنسان بارّا ، وما تحبون هو نفائس الأموال وكرائمها ، لأن شأنها عند النفوس عظيم ، فكثيرا ما يخاطر الإنسان بنفسه ، ويستسهل بذل روحه للدفاع عن ماله.(1/142)
الطعام : كل ما يطعم ويتناول للغذاء كما قال « أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ » وقالت عائشة رضى اللّه عنها « مالنا طعام إلا الأسودان :
التمر والماء » وكثر استعماله فى الخبز كما قالوا : أكل الطعام مأدوما ، وفي البرّ ، ومنه حديث أبى سعيد « كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير » والحل : من حل الشيء ضد حرم ، وإسرائيل : لقب نبي اللّه يعقوب ، ومعناه الأمير المجاهد مع اللّه ثم شاع إطلاقه على جميع ذريته كما تدل على ذلك الأسفار المنسوبة إلى موسى ، والفرية : الكذب ، والافتراء : اختلاق الكذب ، والحنيف : المائل عن الباطل إلى الحق ، وبكة : من أسماء مكة (أبدلت ميمها باء) وهذا كثير الاستعمال فى الكلام ، قالوا : هذا دائم ودائب ، والآيات : الدلائل والعلامات ، والحج (بكسر الحاء وفتحها وبهما قرى ء) القصد.(1/143)
آيات اللّه : هى الدلائل الدالة على نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم والشهيد : العالم بالشيء المطلع عليه ، وتصدون ، من صددته أصده صدا : أي صرفته ، والسبيل : الطريق يذكر ويؤنث ، وتبغونها من بغاه يبغيه : أي طلبه ، والعوج (بكسر العين) الميل عن الاستواء في الأمور المعنوية كالدين والقول (وبفتحها) فى المحسوسات كالحائط والقناة والشجرة والمراد به هنا الزيغ والتحريف.(1/144)
اعتصم بالشيء : تمسك به فمنع نفسه من الوقوع في الهلاك كما قال تعالى حكاية عن زليخا « وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ » والتقاة : التقوى كالتؤدة من اتأد ، والحق : من حق الشيء بمعنى وجب وثبت ، والأصل اتقاء حقا ، وحبل اللّه :
كتابه من اعتصم به كان مستمسكا بأقوى سبب ، متحرزا من السقوط في قعر جهنم ، وشفا الحفرة : طرفها ، وبه يضرب المثل في القرب من الهلاك ، فيقال أشفى على الهلاك ، أي وصل إلى شفاه.(1/145)
الأمة : الجماعة المؤلفة من أفراد لهم رابطة تضمهم ، ووحدة يكونون بها كالأعضاء فى بنية الشخص ، والخير : ما فيه صلاح الناس فى الدين والدنيا ، والمعروف : ما استحسنه الشرع والعقل ، والمنكر ضده ، وابيضاض الوجوه : عبارة عن المسرة ، واسودادها : عبارة عن المساءة ، وعلى هذا جاء قوله : « وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ » . بالحق : أي بالأمر الذي له ثبوت وتحقق ولا مجال فيه للشبهات ، والظلم لغة وعرفا : وضع الشيء فى غير موضعه ، إما بنقصان أو بزيادة ، وإما بعدول عن وقته أو مكانه.(1/146)
كنتم : أي وجدتم وخلقتم ، أخرجت : أي أظهرت حتى تميزت وعرفت ، والأذى :
الضر اليسير ، يولوكم الأدبار : أي ينهرموا ، والذلة هى الذل الذي يحدث فى النفوس من فقد السلطة ، وضربها عليهم هو إلصاقها بهم وظهور أثرها فيهم ، كما يكون من ضرب السكة بما ينقش فيها ، وثقفوا وجدوا ، والحبل : العهد ، وباءوا : أي لبثوا وحلوا فيه ، من المباءة وهو المكان ، ومنه تبوأ فلان منزل كذا ، وبوأته إياه ، والاعتداء :
تجاوز الحد.(1/147)
يقال فلان وفلان سواء : أي متساويان ، ويستعمل للواحد والمثنى والجمع فيقال هما سواء ، وهم سواء ، وقائمة : أي مستقيمة عادلة ، من قولك أقمت العود فقام : أي استقام ، والتلاوة القراءة وأصلها الإتباع ، فكأنها إتباع اللفظ اللفظ ، وآيات اللّه : هى القرآن والآناء : الساعات ، واحدها أنى كعصا أو أنى كظبى أو إنو كجرو ، ويسجدون : أي يصلون ، والمسارعة فى الخير : فرط الرغبة فيه ، فلن يكفروه : أي يمنعوا ثوابه.(1/148)
لن تغنى : أي لن تجزىء وتنفع ، ومثل الشيء : مثله وشبهه ، والصرّ (بالكسر) والصرة : البرد الشديد.(1/149)
بطانة الرجل : خاصته الذين يستنبطون أمره ، مأخوذة من بطانة الثوب للوجه الذي يلى البدن ، ويسمى الوجه الظاهر ظهارة ، وهى تستعمل للواحد والجمع مذكرا ومؤنثا ، ومن دونكم : أي من غيركم ، ويألونكم : من ألا فى الأمر يألو : إذا قصر فيه ، ويقال : لا آلوك نصحا ، ولا آلوك جهدا ، أي لا أمنعك نصحا ، ولا أنقصك جهدا ، والخبال : النقصان ، ومنه رجل مخبول ومخبل ومختبل : إذا كان ناقص العقل ، والفساد ، ومنه قوله تعالى : « لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا » أي فسادا وضررا ، ووددت كذا : أي أحببته ، والعنت : المشقة ، والبغضاء : شدة البغض كالضراء شدة الضر ، والكتاب هنا : المراد به جنس الكتب كما يقال كثر الدرهم فى أيدى الناس ، وعضّ الأنامل : يراد به شدة الغيظ أحيانا ، كما يراد به الندم أحيانا أخرى ، وذات الصدور : الخواطر القائمة بالقلب ، والدواعي التي تدعو إلى الأفعال ، أو الصوارف التي تدفعها عنه والمسّ : أصله ما كان باليد كاللمس ، ثم سمى كل ما يصل إلى الشيء مسّا ، فقالوا : مسه التعب والنصب قال تعالى : « وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ » وقال :
« وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ » والحسنة : المنفعة حسية كانت أو معنوية كصحة البدن والفوز بالغنيمة ، وأعظمها انتشار الإسلام وحصول الألفة بين المسلمين ، والسيئة :
الفقر والهزيمة وحصول التفرقة بين الأقارب ، من ساء يسوء بمعنى قبح فهو سىء والأنثى سيئة قال تعالى : « ساءَ ما يَعْمَلُونَ » والكيد : الاحتيال لإيقاع غيرك فى مكروه ، والمحيط بالشيء : هو الذي يحيط به من كل جوانبه ، ويراد به فى حق اللّه العلم بدقائقه وتفاصيل أجزائه ، فلا يعزب عنه شىء منه ، قال تعالى : « وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ » وقال : « وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ » .(1/150)
غدا : خرج غدوة - والغدوة والغداة : ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس - وتبوىء أي تهيىء وتسوّى ، والمقاعد واحدها مقعد : مكان القعود والمراد المواطن والمواقف ، والهم : حديث النفس وتوجهها إلى الشيء ، والطائفتان الجماعتان : وهما بنو سلمة وبنو حارثة من الأنصار أن تفشلا : أي تضعفا وتجبنا ، وليهما : أي ناصرهما ، والتوكل :
من وكل فلان أمره إلى فلان إذا اعتمد عليه فى كفايته ولم يتوله بنفسه ، والأذلة :
واحدهم ذليل ، وهو من لا منعة له ولا قوة ، وقد كانوا قليلى العدة من السلاح والدواب والزاد ، والكفاية : سد الحاجة وفوقها الغنى ، والإمداد : إعطاء الشيء حالا بعد حال ، بلى : كلمة للجواب كنعم ، لكنها لا تقع إلا بعد النفي وتفيد إثبات ما بعده ، والفور :
الحال التي لا بطء فيها ولا تراخى فمعنى من فورهم : أي من ساعتهم بلا إبطاء ، ومسومين (بكسر الواو) من قولهم سوّم على القوم : أي أغار عليهم ففتك بهم ، وقيل من التسويم بمعنى إظهار سيما الشيء وعلامته : أي معلمين أنفسهم أو خيلهم ، وطرفا :
أي طائفة وقطعة منهم ، ويكبتهم من الكبت : وهو شدة الغيظ ، أو الوهن الذي يقع فى القلب.(1/151)
ضعف الشيء : مثله الذي يثنيه ، فضعف الواحد واحد ، لأنه إذا أضيف إليه ثناه ، وإذا ضاعفت الشيء منحت إليه مثله مرة فأكثر ، وهذه المضاعفة إما فى الزيادة فقط التي هى الربا ، وإما بالنسبة إلى رأس المال كما هو حاصل الآن فقد يستدين الإنسان المائة بثلاثمائة ، واتقوا اللّه : أي اجعلوا لأنفسكم وقاية من عذابه ، أعدت : أي هيئت ، والمسارعة إلى المغفرة والجنة المبادرة إلى الأسباب الموصلة إليهما من الأعمال الصالحة كالإقبال على الصدقات وعمل الخيرات والتوبة عن الآثام كالربا ونحوه ، وعرضها السموات والأرض : يراد به وصفها بالسعة ، والعرب تقول دعوى عريضة أي واسعة عظيمة. والسراء : الحال التي تسر ، والضراء : الحال التي تضر ، وفسرهما ابن عباس باليسر والعسر أي السعة والضيق ، ويقال كظم القربة أي ملأها وسدّ رأسها ، وكظم الباب سده ، وكظم البعير جرّته إذا ازدردها وكف عن الاجترار ، ثم قالوا كظم الغيظ فهو كاظم ، وكظمه الغيظ والغم أخذ بنفسه فهو مكظوم وكظيم قال تعالى : « ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ » وأخذ فلان بكظم فلان : إذا أخذ بمجرى نفسه ، والغيظ ألم يعرض للنفس إذا هضم حق من حقوقها المادية كالمال أو المعنوية كالشرف والعرض ، فيزعجها ذلك ويحفزها على التشفي والانتقام ، والعفو عن الناس : التجاوز عن ذنوبهم وترك مؤاخذتهم مع القدرة على ذلك ، والإحسان : هنا الإنعام والتفضل على غيرك على وجه لا مذمة فيه ولا قبح ، والفحشاء : الفعلة الشنيعة القبح التي يتعدى أثرها إلى غيرك كالزنا والغيبة ونحوهما ، وظلم النفس : هو الذنب الذي يكون مقصورا على الفاعل كشرب الخمر ونحوه ، وذكر اللّه عند الذنب يكون بتذكر وعده ووعيده ، وأمره ونهيه ، وعظمته وجلاله ، والإصرار : الشدّ من الصر ، ويراد به شرعا الاقامة على القبيح من غير استغفار ورجوع بالتوبة.(1/152)
خلت : مضت ، السنن : واحدها سنة وهى الطريقة المعتبرة والسيرة المتبعة ، من قولهم سن الماء إذا والى صبه ، شبهت به السنة لتوالى أجزائها على نهج واحد ، بيان أي إيضاح لسوء عاقبة ما هم عليه من التكذيب ، هدى أي زيادة بصيرة وإرشاد إلى طريق الدين القويم ، والموعظة : ما يلين القلب ويدعو إلى التمسك بما فيه طاعة ، الوهن : الضعف فى العمل وفى الرأى وفى الأمر ، والحزن : ألم يعرض للنفس إذا فقدت ما تحب ، والقرح (بالضم والفتح) : عض السلاح ونحوه مما يجرح الجسم ، وقيل هو بالفتح الأثر وبالضم الألم ، والأيام واحدها يوم : وهو الزمن المعروف والمراد بالأيام هنا أزمنة الفوز والظفر ، نداولها : نصرّفها فنديل تارة لهؤلاء وتارة لهؤلاء كما وقع ذلك فى يومى بدر وأحد وأصل المداولة نقل الشيء من واحد إلى آخر يقال تداولته الأيدى إذا انتقل من واحد إلى آخر. والشهداء واحدهم شهيد : وهو قتيل المعركة ، وقيل واحدهم شاهد ، والتمحيص التخليص من كل عيب ، ومحّص الذهب بالنار خلصه مما يشوبه ، ومحص اللّه التائبين من الذنوب طهرهم منها ، والمحق : النقصان ، ومنه المحاق لآخر الشهر ، وفى الأساس : محق الشيء محاه وذهب به.(1/153)
المراد بالذين كفروا : أبو سفيان لأنه كان شجرة الفتن. وقال آخرون المراد عبد اللّه ابن أبىّ وأتباعه من المنافقين الذين ألقوا الشبهات فى قلوب الضعفة من المؤمنين ، وقالوا لو كان محمد رسول اللّه ما وقعت هذه الواقعة ، وإنما هو رجل كسائر الناس يوم له ويوم عليه ، فارجعوا إلى دينكم الذي كنتم عليه ، يردوكم على أعقابكم : أي يرجعوكم إلى الكفر بعد الإيمان ، خاسرين : أي لاستبدالكم ذلة الكفر بعزة الإسلام ، والانقياد للأعداء الذي هو أشق شىء على النفوس ، ولحرمانكم من الثواب والوقوع فى العذاب ، والمولى : الناصر والمعين ، والرعب : شدة الخوف التي تملأ القلب ، والسلطان :
الحجة والبرهان وأصله القوة وسمى البرهان سلطانا لقوته على دفع الباطل ، والمثوى :
المكان الذي يكون مقر الإنسان ومأواه من قولهم ؟ ثوى يثوى ثويا إذا أقام.(1/154)
المراد بالذين كفروا هنا : المنافقون كعبد اللّه بن أبىّ وأصحابه ، ضربوا فى الأرض :
أي سافروا فيها للتجارة والكسب ، لإخوانهم : أي فى شأنهم ، والأخوة تشمل أخوة النسب وأخوة الدين والمودة ، وغزّى : واحدهم غاز وهو المقاتل فى الحرب.(1/155)
اللين فى المعاملة : الرفق والتلطف فيها ، والفظ : الخشن الشّرس الأخلاق الجافي فى المعاشرة فى القول والفعل ، والغليظ : القاسي الذي لا يتأثر قلبه من شىء ، وانفضّ القوم : تفرقوا كما قال : « وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها » والمشاورة : من قولك شرت العسل إذا اجتنيتها واستخرجتها من موضعها ، والمراد بالأمر سياسة الأمة فى الحرب والسلم والخوف إلى نحو ذلك من المصالح لدنيوية ، والتوكل : إظهار العجز والاعتماد على غيرك والاكتفاء به فى فعل ما تحتاج إليه.(1/156)
الغلّ : الأخذ خفية كالسرقة ، ثم غلب استعماله فى السرقة من المغنم قبل القسمة ، ويسمى الغلول أيضا ، وتوفى كل نفس ما كسبت ، أي تعطى جزاء ما عملت تاما وافيا ، وباء : رجع ، والسخط (بفتحتين وبضم فسكون) : الغضب العظيم ، والمأوى :
المصير ، هم درجات أي ذوو درجات ومنازل ، والبصير هو الذي يشاهد ويرى حتى لا يعزب عنه ما تحت الثرى ، منّ : أي أنعم وتفضل ، من أنفسهم أي من جنسهم من العرب ليفقهوا كلامه ، ويزكيهم أي يطهرهم من أدران الوثنية والعقائد الفاسدة ، من قبل : أي من قبل بعثة الرسول ، ضلال مبين : أي ضلال بيّن لا ريب فيه.(1/157)
المراد بالمصيبة : ما أصابهم يوم أحد من ظهور المشركين عليهم ، وقتل سبعين منهم ، ومثليها أي ضعفها بقتل سبعين من المشركين ، وأسر سبعين منهم يوم بدر ، أنى هذا ؟
أي من أين لنا هذا ، وهو تعجب مما حل بهم من هذا المصاب ، من عند أنفسكم أي بشؤم معصيتكم ، الجمعان : جمع المؤمنين وجمع المشركين ، فبإذن اللّه أي بإرادته الأزلية وقضائه السابق بارتباط بالمسببات بأسبابها ، فادرءوا أي فادفعوا ، إن كنتم صادقين أي فى دفع المكاره بالحذر.(1/158)
الاستبشار : السرور الحاصل بالبشارة ، والذين لم يلحقوا بهم هم الذين بقوا فى الدنيا ، استجابوا أي أجابوا وأطاعوا ، والقرح الجراح فى يوم أحد ، والإحسان
أن يعمل الإنسان العمل على أكمل وجوهه الممكنة ، والتقوى : أن يخاف الإساءة والتقصير فيه ، حسبنا اللّه ، أي اللّه كافينا ، والوكيل : الكافي الذي توكل إليه الأمور ، فانقلبوا ، أي فرجعوا ، والمراد بالنعمة : السلامة والثبات على الإيمان وطاعة الرسول ، والفضل : هو الربح فى التجارة ، والشيطان هنا : شيطان الإنس الذي غش المسلمين ليخذلهم ، وهو نعيم بن مسعود ، يخوّف أولياءه ، أي يخوفكم أنصاره من المشركين.(1/159)
يسارعون فى الكفر ، أي يسارعون فى نصرته والاهتمام بشئونه والإيجاف فى مقاومة المؤمنين ، حظا فى الآخرة أي نصيبا من الثواب فيها ، اشتروا الكفر أي أخذوا الكفر بدلا من الايمان كما يفعل المشترى من إعطاء شىء وأخذ غيره بدلا منه ، والإملاء : الإمهال والتخلية بين العامل وعمله ليبلغ أقصى مداه ، من قولهم : أملى لفرسه إذا أرخى له الطّول ليرعى كيف شاء ، ومنه الملأ للأرض الواسعة ، والملوان : الليل والنهار ليزدادوا إثما ، أي أفرزته وأزلته ، ومنه الحديث « من ماز أذى عن طريق فهو له صدقة » . على ما أنتم عليه ، أي من اختلاط المؤمن بالمنافق وأشباهه والخبيث والطيب أي المنافق بالمؤمن ، ويجتبى : أي يصطفى ويختار.(1/160)
ما أتاهم أي ما أعطاهم من المال والعلم والجاه ، سيطوقون ما بخلوا به أي سيلزمون إثمه فى الآخرة كما يلزم الطوق الرقبة ، وقد جاء فى أمثالهم : تقلدها طوق الحمامة ، إذا جاء بما يسب به ويذم ، ميراث السموات والأرض أي ما يتوارثه أهلهما من مال وغيره سنكتب ما قالوا أي سنعاقب عليه ولا نهمله ونقول ذوقوا عذاب الحريق ، أصل الذوق وجود الطعم فى الفم ثم استعمل فى إدراك سائر المحسوسات ، والحريق المحرق المؤلم ، وعذاب الحريق أي عذاب هو الحريق أي سننتقم منهم ، عهد إلينا أي أمرنا فى التوراة وأوصانا ، القربان : ما يتقرب به إلى اللّه من حيوان ونقد وغيرهما ، والمراد من النار : النار التي تنزل من السماء ، والبينات : هى المعجزات الواضحة ، والزبر ، واحدها زبور : وهو الكتاب ، والمنير : الواضح.(1/161)
توفون أجوركم : أي تعطونها وافية كاملة غير منقوصة ، زحزح عن النار : نحّى عنها ، فاز سعد ونجا ، والمتاع : ما يتمتّع وينتفع به مما يباع ويشترى ، والغرور : إصابة الغرّة والغفلة ممن تخدعه وتغشّه ، لتبلونّ أي لتختبرن أي لتعاملنّ معاملة المختبرين لتظهر حالكم على حقيقتها ، فى أموالكم أي بالبذل فى سبيل اللّه وبالجوائح والآفات ، وفى أنفسكم أي بالقتل والأسر فى سبيل اللّه ، وبالأمراض وفقد الأقارب ، الذين أوتوا الكتاب : هم اليهود والنصارى ، والذين أشركوا هم كفار العرب ، أذى كثيرا كالطعن فى الدين والافتراء على اللّه ورسوله ، والصبر : تلقى المكروه بالاحتمال وكظم النفس عليه مع دفعه برويّة ومقاومة ما يحدث من الجزع ، والتقوى الابتعاد عن المعاصي ، من عزم الأمور أي من صواب التدبير ، وما ينبغى لكل عاقل أن يعزم عليه ويأخذ نفسه به ، من قولك عزمت عليك أن تفعل كذا أي ألزمتك إياه على وجه لا يجوز الترخص فيه.(1/162)
الميثاق : العهد المؤكد ، والذين أوتوا الكتاب : هم اليهود والنصارى ، لتبيننه للناس أي لتظهرنّ جميع ما فيه من الأحكام والأخبار التي من جملتها نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم ولا تكتمونه : أي لا تؤولونه ولا تلقون الشبه الفاسدة والتأويلات المزيّفة ، فنبذوه وراء ظهورهم : أي طرحوه ولم يعتدّوا به ، ويقال للأمر المعتنى به جعله نصب عينيه وألقاه بين عينيه ، واشتروا به ثمنا قليلا : أي شيئا من حطام الدنيا الفانية ، بما أوتوا أي بما فعلوا ، أن يحمدوا أي يحمدهم الناس ، بمفازة من العذاب : أي بمنجاة منه ، من قولهم : فاز فلان إذا نجا.(1/163)
الخلق : التقدير والترتيب الدالّ على النظام والإتقان ، والسموات : ما علاك مما تراه فوقك ، والأرض : ما تعيش عليه ، اختلاف الليل والنهار : تعاقبهما ومجىء كل منهما خلف الآخر ، لآيات : لأدلة على وجود اللّه وقدرته ، الألباب واحدها لب : وهو العقل ، قياما وقعودا واحدهما قائم وقاعد ، باطلا أي عبثا لا فائدة منه ، سبحانك أي تنزيها لك عما لا يليق بك ، قنا عذاب النار : أي اجعل العمل الصالح وقاية لنا من عذاب النار ، ويقال أخزاه : أي أذله وأهانه ، الذنب : هو التقصير فى المعاملة بين العبد وربه ، والسيئة : هى التقصير فى حقوق العباد ومعاملة الناس بعضهم بعضا ، وتوفنا : أي أمتنا ، والأبرار وأحدهم بارّ : وهو المحسن فى العمل ، على رسلك : أي على تصديق رسلك ، والميعاد :
الوعد ، استجاب : أي أجاب ، لا أضيع عمل عامل : أي لا أترك ثوابه ، بعضكم من بعض : أي مختلطون متعاونون ، فى سبيلى : أي بسبب طاعتى وعبادتى ودينى.(1/164)
تقول : غرّنى ظاهره أي قبلته على غفلة عن امتحانه ، ويقال فى الثوب إذا نشر ثم أعيد إلى طيّه : رددته على غرّه ، تقلّب الذين كفروا : تصرفهم فى التجارات والمكاسب ، متاع قليل : أي ذلك الكسب والربح متاع قليل ، وإنما وصفه بالقلة لأنه قصير الأمد ، مأواهم : مصيرهم ، جهنم هى الدار التي يجازى فيها الكافرون فى الآخرة ، والمهاد : المكان الموطأ كالفراش ، والنزل : ما يهيأ للضيف النازل ، والأبرار : واحدهم بارّ وهو المتصف بالبر ، خاشعين : أي خاضعين ، اصبروا : أي احبسوا نفوسكم عن الجزع مما ينالها ، وصابروا : أي اصبروا على شدائد الحرب مع أعداء اللّه ، ورابطوا :
أي أقيموا فى الثغور رابطين خيولكم حابسين لها مترصدين للغزو ، والتقوى : أن تقى نفسك من غضب اللّه وسخطه ، والفلاح : هو الفوز والظفر بالبغية المقصودة من العمل.(1/165)
سورة النساء
الناس : اسم للجنس البشرى ، وهو الحيوان الناطق المنتصب القامة الذي يطلق عليه اسم (إنسان). تساءلون به : أي يسأل به بعضكم بعضا ، بأن يقول سألتك باللّه أن تقضى هذه الحاجة ، والأرحام : أي خافوا حق إضاعة الأرحام ، والرقيب : المراقب وهو المشرف من مكان عال ، والمرقب : المكان الذي يشرف منه الإنسان على ما دونه ، والمراد هنا بالرقيب الحافظ لأن ذلك من لوازمه.(1/166)
اليتيم لغة : من مات أبوه مطلقا ، لكن العرف خصصه بمن لم يبلغ مبلغ الرجال ، ولا تتبدلوا : أي لا تستبدلوا ، والخبيث : هو الحرام ، والطيب : هو الحلال ، حوبا كبيرا :
أي إثما عظيما ، القسط : النصيب ، وقسط : جار. قال اللّه تعالى : َ أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً »
و أقسط : عدل. قال اللّه تعالى : « وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ » ما طاب لكم : أي مامال إليه القلب منهن ، مثنى وثلاث ورباع : أي ثنتين ثنتين وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا ، ذلك أدنى ألا تعولوا : أي ذلك أقرب إلى عدم العول
والجور ، صدقاتهن : مهورهن ، نحلة : أي عطية وهبة ، هنيئا مريئا : الهنيء ما يستلزه الآكل ، والمريء : ما تجمل عاقبته كأن يسهل هضمه وتحسن تغذيته.(1/167)
السفهاء واحدهم سفيه : وهو المبذّر للمال المنفق له فيما لا ينبغى ، وأصل السفه الخفة والاضطراب ، ومنه قيل زمان سفيه : إذا كان كثير الاضطراب ، وثوب سفيه : ردىء النسج ، ثم استعمل فى نقصان العقل فى تدبير المال وهو المراد هنا ، قياما : أي تقوم بها أمور معايشكم ، وتمنع عنكم الفقر. قال الراغب : القيام والقوام ما يقوم به الشيء ويثبت كالعماد والسناد لما يعمد ويسند به ، وارزقوهم : أي وأعطوهم ، والقول المعروف : ما تطيب به النفوس وتألفه كإفهام السفيه أن المال ماله لا فضل لأحد عليه ، آنستم منهم رشدا : أي أبصرتم منهم حسن التصرف فى الأموال ، الإسراف : مجاوزة الحد فى التصرف فى المال ، والبدار : المبادرة والمسارعة إلى الشيء ، يقال بادرت إلى الشيء وبدرت إليه ، فليستعفف :
أي فليعفّ ، والعفة : ترك ما لا ينبغى من الشهوات ، والحسيب : الرقيب.(1/168)
مفروضا : أي محتوما لا بد لهم أن يأخذوه. الخشية : الخوف فى محل الأمن ، والسديد : العدل والصواب والسداد (بالكسر) ما يسد به الشيء كالثغر (موضع الخوف من العدو) والقارورة ، وورد قولهم : فيها سداد من عوز بكسر السين : أي فيها الغناء والكفاية ، وصلى اللحم صليا شواه ، فإذا أراد إحراقه يقال أصلاه إصلاء وصلّاه تصلية ، وصلى يده بالنار : أدفأها ، واصطلى : استدفأ ، والسعير : النار المستعرة المشتعلة ، يقال سعرت النار وسعّرتها.(1/169)
العضل : التضييق والشدة ، ومنه الداء العضال الشديد الذي لا نجاة منه ، والفاحشة : الفعلة الشنيعة الشديدة القبح ، والمبينة : الظاهرة الفاضحة ، والمعروف :
ما تألفه الطباع ولا يستنكره الشرع ولا العرف ولا المروءة ، والبهتان : الكذب الذي يبهت المكذوب عليه ويسكته متحيرا ، والإثم : الحرام ، أفضى : أي وصل إليها الوصول الخاص الذي يكون بين الزوجين ، فيلابس كل منهما الآخر حتى كأنهما شىء واحد ، والميثاق الغليظ : العهد المؤكد الذي يربطكم بهن أقوى رباط وأحكمه.(1/170)
سلف : أي مضى ، فاحشة : أي شديد القبح ، مقتا : أي ممقوتا مبغوضا عند دوى الطباع السليمة ، ومن ثم كانوا يسمونه نكاح المقت ، ويسمى الولد منه مقيتا : أي مبغوضا محتقرا ، وساء سبيلا : أي بئس طريقا ذلك الطريق الذي اعتادوا سلوكه فى الجاهلية وبئس من يسلكه ، لم يزده السير فيه إلا قبحا ، والجناح الإثم والتضييق.(1/171)
المحصنات واحدتهن محصنة (بفتح الصاد) يقال حصنت المرأة (بضم الصاد) حصنا وحصانة : إذا كانت عفيفة فهى حاصن وحاصنة وحصان (بفتح الصاد) ويقال أحصنت المرأة : إذا تزوجت ، لأنها تكون فى حصن الرجل وحمايته ، وأحصنها أهلها زوّجوها ، ما ملكت أيمانكم أي بالسبي فى حروب دينية وأزواجهن كفار فى دار الحرب فينفسخ عند ذلك نكاحهن ويحل الاستمتاع بهن بعد وضع الحامل حملها وحيض غيرها ثم طهرها ، والإحصان : العفة ، والمسافح : الزاني ، والاستمتاع بالشيء : هو التمتع به ، والأجور واحدها أجر : وهو فى الأصل الجزاء الذي يعطى فى مقابلة شىء ما من عمل أو منفعة والمراد به هنا المهر ، فريضة : أي حصة مفروضة محدودة مقدرة ، ولا جناح :
أي لا حرج ولا تضييق ، الاستطاعة : كون الشيء فى طوعك لا يتعاصى عليك ، والطّول الغنى والفضل من مال أو قدرة على تحصيل الرغائب ، والمحصنات هنا الحرائر ، والفتيات الإماء ، محصنات : أي عفيفات ، مسافحات مستأجرات للبغاء ، والأخدان : واحدهم حدن وهو الصاحب ويطلق على الذكر والأنثى ، وهو أن يكون للمرأة حدن يزنى بها سرا فلا تبذل نفسها لكل أحد ، والفاحشة الفعلة القبيحة وهى الزنا ، والمحصنات : هنا الحرائر ، والعذاب : هو الحد الذي قدره الشارع وهو مائة جلدة ، فنصفها خمسون ، ولا رجم عليهن لأنه لا يتنصف ، العنت : الجهد والمشقة(1/172)
الاجتناب : ترك الشيء جانبا ، والكبائر واحدتها كبيرة ، وهى المعصية العظيمة ، والسيئات واحدتها سيئة ، وهى الفعلة التي تسوء صاحبها عاجلا أو آجلا ، والمراد بها هنا الصغيرة ، ونكفر : نغفر ونمح ، ومدخلا كريما : أي مكانا كريما وهو الجنة.(1/173)
التمني : تشهى حصول الأمر المرغوب فيه ، وحديث النفس بما يكون وما لا يكون.
من فضله : أي إحسانه ونعمه المتكاثرة :(1/174)
الموالي : من يحق لهم الاستيلاء على التركة ، مما ترك أي وارثين مما ترك ، والذين عقدت أيمانكم هم الأزواج ، فإن كلا من الزوجين له حق الإرث بالعقد ، والمتعارف عند الناس فى العقد أن يكون بالمصافحة باليدين ، قاله أبو مسلم الأصفهانى.(1/175)
يقال هذا قيّم المرأة وقوّامها إذا كان يقوم بأمرها ويهتم بحفظها ، وما به الفضل قسمان : فطرىّ وهو قوة مزاج الرجل وكماله فى الخلقة ، ويتبع ذلك قوة العقل وصحة النظر فى مبادئ الأمور وغاياتها ، وكسبىّ وهو قدرته على الكسب والتصرف فى الأمور ، ومن ثم كلف الرجال بالإنفاق على النساء والقيام برياسة المنزل ، والقنوت : السكون والطاعة للّه وللأزواج ، والحافظات للغيب : أي اللاتي يحفظن ما يغيب عن الناس ، ولا يقال إلا فى الخلوة بالمرأة ، وتخافون : أي تظنون ، ونشزت الأرض : ارتفعت عما حواليها ، ويراد بها هنا معصية الزوج والترفع عليه ، والبغي : الظلم وتجاوز الحد ، والشقاق : الخلاف الذي يجعل كلّا من المختلفين فى شقّ : أي جانب ، وخوفه توقع حصوله بظهور أسبابه ، والحكم من له حق الحكم والفصل بين الخصمين ، وبعث الحكمين : إرسالهما إلى الزوجين لينظرا فى شكوى كل منهما ويتعرفا ما يرجى أن يصلح بينهما(1/176)
عبادة اللّه : الخضوع له والاستشعار بتعظيمه فى السر والعلن بالقلب والجوارح ، والإخلاص له بالاعتراف بوحدانيته إذ لا يقبل عملا بدونها ، والإحسان إلى الوالدين :
قصد البر بهما بالقيام بخدمتهما ، والسعى فى تحصيل مطالبهما ، والإنفاق عليهما بقدر الاستطاعة ، وعدم الخشونة فى الكلام معهما ، وذى القربى : صاحب القرابة من أخ وعمّ وخال وأولاد هؤلاء ، والجار ذى القربى هو الجار القريب الجوار ، والجار الجنب :
هو البعيد القرابة ، والصاحب بالجنب : الرفيق فى السفر أو المنقطع إليك الراجي نفعك ورفدك ، وابن السبيل هو المسافر أو الضيف ، ما ملكت أيمانكم : عبيدكم وإماؤكم ، والمختال : ذو الخيلاء والكبر ، والفخور : الذي يعدد محاسنه تعاظما وتكبرا ، أعتدنا :
هيأنا وأعددنا ، والمهين : ذو الإهانة والذلة ، ورئاء الناس : أي للمراءاة والفخر بما فعل ، والقرين : الصاحب والخليل ، وماذا عليهم : أي أىّ ضرر يحيق بهم لو آمنوا وأنفقوا ؟(1/177)
المثقال : أصله المقدار الذي له ثقل مهما قل ، ثم أطلق على المعيار المخصوص للذهب وغيره ، والذرة أصغر ما يدرك من الأجسام ومن ثم قالوا إنها النملة أو رأسها أو الخردلة أو الهباء (ما يظهر فى نور الشمس الداخل من الكوّة) ولذلك روى عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه أدخل يده فى التراب ثم نفخ فيه فقال كل واحدة من هؤلاء ذرة ، والظلم : النقص كما قال تعالى : « كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً » ومن لدنه : من عنده ، والحديث الكلام.(1/178)
الغائط : المنخفض من الأرض كالوادى ، وأهل البادية والقرى الصغيرة يقصدونه عند قضاء الحاجة للستر والاستخفاء عن الناس ، وملامسة النساء : الإفضاء إليهن ، تيمموا : اقصدوا ، والصعيد : وجه الأرض ، والطيب : الطاهر ، العفوّ : ذو العفو ، والعفو عن الذنب : محوه وجعله كأن لم يكن ، والغفور : ذو المغفرة ، والمغفرة : ستر الذنوب بعدم الحساب عليها.(1/179)
ألم تر : أي ألم تنظر ، نصيبا : حظا ، السبيل : الطريق القويم ، وليا : أي يتولى شؤونكم ، نصيرا : معينا يدفع شرهم عنكم ، من الذين هادوا : هم اليهود ، غير مسمع :
يحتمل أن يكون المعنى غير مسمع مكروها ، وأن يكون غير مقبول منك ولا مجاب إلى ما تدعو إليه ، وراعنا : إما بمعنى ارقبنا وانظرنا نكلمك ، وإما بمعنى كلمة عبرانية كانوا يتسابون بها ، وهى (راعينا). ليّا بألسنتهم : أي فتلا بها وتحريفا ، طعنا فى الدين :
قدحا فيه ، أقوم : أعدل وأسدّ ، إلا قليلا : أي إلا قليلا من الإيمان لا يعبأ به.(1/180)
الكتاب : التوراة ، الطمس : إزالة الأثر بمحوه أو إخفائه كما تطمس آثار الدار وأعلام الطرق ، إما بأن تنقل حجارتها ، وإما بأن تسفوها الرياح ، ومنه الطمس على الأموال فى قوله « رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ » أي أزلها وأهلكها ، والطمس على الأعين فى قوله « وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ » إما إزالة نورها وإما محو حدقتها ، والوجه تارة يراد به الوجه المعروف ، وتارة وجه النفس وهو ما تتوجه إليه من المقاصد كما قال تعالى « أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ » وقال « وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ » وقال « فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً » والأدبار واحدها دبر ، وهو الخلف والقفا ، والارتداد : هو الرجوع إلى الوراء ، إما فى الحسيات وإما فى المعاني ، ومن الأول الارتداد والفرار فى القتال ، ومن الثاني قوله « إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ » ونلعنهم : نهلكهم ، كما لعنا أصحاب السبت ، أي كما أهلكنا أصحاب السبت ، وقيل مسخهم اللّه وجعلهم قردة وخنازير كما أخرجه ابن جرير عن الحسن.(1/181)
يقال افترى فلان الكذب إذا اعتمله واختلقه ، وأصله من الفري بمعنى القطع ، وتزكية النفس مدحها ، قال تعالى « فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى » والظلم النقص ، والفتيل : ما يكون فى شق نواة التمر مثل الخيط ، وبه يضرب المثل فى الشيء الحقير كما يضرب بمثقال الذرة ، قال الراغب : الإثم والآثام اسم للأفعال المبطّئة عن الثواب : أي عن الخيرات التي يثاب المرء عليها ، وقد يطلق الإثم على ما كان ضارّا.(1/182)
الجبت : أصله الجبس ، وهو الرديء الذي لا خير فيه ، ويراد به هنا الأوهام والخرافات والدّجل ، والطاغوت ما تكون عبادته والإيمان به سببا للطغيان والخروج من الحق ، من مخلوق يعبد ، ورئيس يقلّد ، وهوى يتّبع ، وروى عن عمر ومجاهد أنه الشيطان ، والنقير : النقرة التي فى ظهر النواة ، ومنها تنبت النخلة يضرب بها المثل فى الشيء الحقير التافه ، كما يضرب المثل بالقطمير وهو القشرة الرقيقة التي على النواة بينها وبين التمرة ، والحسد تمنى زوال النعمة عن صاحبها المستحق لها ، والناس هنا محمد صلى اللّه عليه وسلم ومن آمن معه ، والفضل النبوة والكرامة فى الدين والدنيا ، والكتاب العلم بظاهر الشريعة ، والحكمة العلم بالأسرار المودعة فيها ، والملك العظيم ما كان لأنبياء بنى إسرائيل كداود وسليمان عليهما السلام ، وصدّ عن الشيء : أعرض عنه ، ونار مسعرة : موقدة ، ويقال أوقدت النار وأسعرتها.(1/183)
نصليهم : نشويهم بالنار ، يقال شاة مصلية ، أي مشوية ، ونضجت : احترقت وتهرأت وتلاشت ، من قولهم نضج الثمر واللحم نضحا : إذا أدركا ، ليذوقوا العذاب :
أي ليدوم لهم ذوقه ولا ينقطع كما تقول للعزيز : أعزك اللّه : أي أدام لك العز وزادك فيه والعزيز هو القادر الغالب على أمره ، والحكيم : هو المدبر للأشياء وفق الحكمة والصواب ، ومطهرة : أي من العيوب والأدناس الحسية والمعنوية ، وقوله : ظلا ظليلا كقوله ليل أليل وصف للمبالغة والتأكيد فى المعنى : أي ظل وارف لا يصيب صاحبه حر ولا سموم ، ودائم لا تنسخه الشمس ، وقد يعبر بالظل عن العزة والمتعة والرفاهية فيقال « السلطان ظل اللّه فى أرضه » . ولما كانت بلاد العرب غاية فى الحرارة كان الظل عندهم أعظم أسباب الراحة ، وكان ذلك عندهم رمزا للنعيم المقيم ، والآيات : الأدلة التي ترشد إلى أن هذا الدين حق ، ومن أجلّها القرآن لأنه أول الدلائل وأظهر الآيات وأوضحها ، والكفر بها يعم إنكارها والغفلة عن النظر فيها وإلقاء الشبهات والشكوك مع العلم بصحتها عنادا وحسدا ، والخلود : الدوام ، وقد أكده بقوله أبدا ، ومطهرة : أي بريئات من المعايب الجسمانية والطباع الردية.(1/184)
الأمانة : الشيء الذي يحفظ ليؤدّى إلى صاحبه ، ويسمى من يحفظها ويؤديها حفيظا وأمينا ووفيّا ، ومن لا يحفظها ولا يؤديها خائنا ، والعدل : إيصال الحق إلى صاحبه من أقرب الطرق إليه ، والتأويل بيان المآل والعاقبة.(1/185)
الزعم فى أصل اللغة : القول حقا كان أو باطلا ثم كثر استعماله فى الكذب ، قال الراغب : الزعم حكاية قول يكون مظنة للكذب ، وقد جاء فى القرآن فى كل موضع ذم القائلين به كقوله « زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ » وقوله « قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا » . والطاغوت : بمعنى الطغيان الكثير ، ضلالا بعيدا : أي بعيدا صاحبه
عن الحق ، إذ هو لا يهتدى إلى الطريق الموصلة إليه ، صدودا : أي إعراضا متعمدا عن قبول حكمك ، إحسانا : أي فى المعاملة بين الخصوم ، وتوفيقا : أي بينهم وبين خصومهم بالصلح ، فأعرض عنهم : أي اصرف وجهك عنهم ، وعظهم : أي ذكرهم بالخير على الوجه الذي ترقّ له قلوبهم ، قولا بليغا : أي يبلغ من نفوسهم الأثر الذي تريد أن تحدثه فيها.(1/186)
إذن اللّه : إعلامه الذي نطق به وحيه وطرق آذانكم - كقوله : أطيعوا اللّه وأطيعوا الرسول - استغفروا اللّه : أي طلبوا مغفرته وندموا على ما فعلوا ، واستغفر لهم الرسول : أي دعا اللّه أن يغفر لهم ، يحكموك : يجعلوك حكما ويفوضوا الأمر إليك ، وشجر : اختلف واختلط الأمر فيه ، مأخوذ من التفاف الشجر ، فإن الشجر تتداخل بعض أغصانه فى بعض ، حرجا : ضيقا ، قضيت : حكمت ، التسليم : الانقياد والإذعان.(1/187)
كتبنا : أي فرضنا ، ما يوعظون به : أي من الأوامر والنواهي المقرونة بذكر حكمها وأحكامها ، والوعد لمن عمل بها ، والوعيد لمن صدّ عنها ، والتثبت : التقوية وجعل الشيء ثابتا راسخا.(1/188)
الصدّيق : من غلب عليه الصدق ، وقيل من صدق فى قوله واعتقاده كما قال (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) والشهيد : هو الذي يشهد بصحة الدين تارة بالحجة والبرهان ، وأخرى بالسيف والسنان ، والصالح : من صلحت نفسه وصلح عمله وغلبت حسناته سيئاته.(1/189)
حذركم ، الحذر والحذر كالمثل والمثل : الاحتراس والاستعداد لاتقاء شر العدو ، النفر : الانزعاج عن الشيء وإلى الشيء كالنزوع عن الشيء وإلى الشيء ، ومن الأول « وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً » ومن الثاني النفر إلى الحرب ، والثبات : واحدها ثبة : وهى الجماعة المنفردة ، والتبطؤ : يطلق على الإبطاء وعلى الحمل على البطء ، والبطء : التأخر عن الانبعاث فى السير ، مصيبة كقتل وهزيمة شهيدا : أي حاضرا معهم ، فضل : كفتح وغنيمة.(1/190)
سبيل اللّه : هى تأييد الحق والانتصار له ، بإعلاء كلمة الدين ونشر دعوته ، ودفاع الأعداء إذا هددوا أمتنا ، أو أغاروا على أرضنا ، أو نهبوا أموالنا ، أو صدونا عن استعمال حقوقنا مع الناس ، ويشرون : يبيعون كما جاء فى قوله « وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ » وقوله « وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ » وقوله « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ » . والطاغوت : من الطغيان ، وهو مجاوزة الحق والعدل والخير إلى الباطل والظلم والشر ، والكيد : السعى فى الفساد على وجه الحيلة.(1/191)
كفوا أيديكم : أي عن القتال ، كتب عليهم : أي أمروا به ، يخشون الناس :
أي يخافون أن يقتلهم المشركون ، كخشية اللّه : أي كما يخافون أن ينزل اللّه عليهم بأسه
وعذابه ، لو لا أخرتنا إلى أجل قريب : أي هلا تركتنا حتى نموت حتف أنوفنا بآجالنا القريبة ، متاع الدنيا : ما يستمتعون به من لذاتها ، قليل : أي سريع الزوال ، أينما تكونوا يدرككم الموت : أي فى أي مكان كنتم يلحقكم الموت ، البروج المشيدة :
القصور العالية المطلية بالشيّد ، وهو الجص ، أو الحصون والقلاع المتينة التي تعتصم فيها حامية الجند ، حسنة : أي شىء يحسن عند صاحبه كالرضاء والخصب والظفر بالغنيمة ، سيئة : هى ما تسوء صاحبها كالشدة والبأساء والضراء والهزيمة والجرح والقتل ، يفقهون حديثا : يفهمون كلاما يوعظون به.(1/192)
أذاع الشيء وأذاع به. نشره وأشاعه بين الناس ، وردّ الشيء : أرجعه وأعاده ، والاستنباط : استخراج ما كان مستترا عن الأبصار ، فضل اللّه : هو هدايتكم بطاعة الرسول ، إلا قليلا : أي قليلا منكم ممن أوتوا صفاء الفطرة وسلامتها.(1/193)
التحريض : الحث على الشيء بتزيينه وتسهيل الأمر فيه ، والبأس القوة ، وكان بأس الكافرين متجها إلى إذلال المؤمنين لإيمانهم ، والتنكيل : معاقبة المجرم بما يكون فيه عبرة ونكال لغيره بحيث يمنعه أن يفعل مثل فعله.(1/194)
قال الراغب : الشفع ضم الشيء إلى مثله ، والشفاعة : الانضمام إلى آخر ناصرا له وسائلا عنه ، نصيب : حظ ، كفل : نصيب ، مقيتا : أي مقتدرا أو حافظا أو شاهدا.
قال الراغب : وحقيقته قائما عليه يحفظه ويعينه ، فهو مأخوذ من القوت وهو ما يمسك الرمق من الرزق وتحفظ به الحياة ، يقال قاته يقوته إذا أطعمه قوته ، وأقاته يقيته إذا جعل له ما يقوته ، والتحية : مصدر حيّاه إذا قال له حيّاك اللّه ، وهى فى الأصل الدعاء بالحياة ثم صار اسما لكل دعاء وثناء كقولهم : أنعم صباحا وأنعم مساء ، وعم صباحا
وعم مساء ، وجعل الشارع تحية المسلمين (السلام عليكم) إشارة إلى أن الدين دين سلام وأمان ، الحسيب : المحاسب على العمل ، كالجليس بمعنى المجالس وقد يراد به المكافئ والكافي ، من قولهم : حسبك كذا إذا كان يكفيك.(1/195)
الفئة : الجماعة ، والركس بوزن النصر : إرجاع الشيء منكوسا على رأسه إن كان له رأس ، أو متحولا عن حال إلى أردأ منها كتحول الطعام والعلف إلى الرجيع والروث والمراد به هنا تحولهم إلى الغدر والقتال بعد أن أظهروا الولاء والتحيز إلى المسلمين ، والسبيل : الطريق ، والولي : النصير والمعين ، يصلون : أي يتصلون بهم ، الميثاق :
العهد ، حصرت : ضاقت ، السلم : الاستسلام والانقياد ، الفتنة : الشرك ، ثقفتموهم :
وجدتموهم ، السلطان المبين : الحجة الواضحة.(1/196)
الضرب فى الأرض : السير فيها بالسفر للتجارة أو الجهاد ، لأن المسافر يضرب الأرض برجليه وعصاه أو بقوائم راحلته ، فى سبيل اللّه : أي لجهاد أعدائكم ، فتبينوا أي تثبتوا وتأنّوا ، ألقى إليكم السلام : أي انقاد واستسلم لكم فلم يقاتلكم ، عرض الحياة الدنيا : أي متاعها الحاضر الذي يأخذ منه البر والفاجر ، مغانم كثيرة : أي رزق وفضل كثير.(1/197)
الضرر : المرض والعلل التي يعجز صاحبها معها عن الجهاد كالعمى والعرج ، المثوبة الحسنى : هى الجنة.(1/198)
توفى الشيء : أخذه وافيا تاما ، وتوفى الملائكة للناس : قبض أرواحهم حين الموت والمأوى : المسكن ، مراغما : مكانا للهجرة ومأوى يصيب فيه الخير والسعة فيرغم بذلك أنوف من كانوا مستضعفين له ، وقع أجره على اللّه : أي وجب ، والوقوع والوجوب يتواردان على معنى واحد.(1/199)
ضربتم فى الأرض : أي سافرتم فيها ، لأن المسافر يضرب الأرض برجليه وعصاه أو بقوائم راحلته ، والقصر بالفتح من القصر (كعنب) ضد الطول ، وقصرت الشيء :
جعلته قصيرا ، والجناح : التضييق من جنح البعير إذا انكسرت جوانحه (أضلاعه) لثقل حمله ، يفتنكم : يؤذوكم بقتل أو غيره ، إقامة الصلاة : الذكر الذي يدعى به للدخول فيها ، والأسلحة : واحدها سلاح ، وهو كل ما يقاتل به كالسيف والخنجر والمسدس والبندقية من أسلحة العصر الحاضر ، قضيتم الصلاة : أي أديتموها ، فأقيموا الصلاة : أي ائتوا بها مقوّمة تامة الأركان والشروط ، كتابا موقوتا : فرضا منجما فى أوقات محدودة لا بد من أدائها فيها.(1/200)
الوهن : الضعف ، والابتغاء : الطلب.(1/201)
بما أراك اللّه : أي بما عرّفك وأوحى به إليك ، خصيما : أي تخاصم وتناضل عنهم ، يختانون أنفسهم : يخونونها ويتكلفون ما يخالف الفطرة مما يعود عليهم بالضرر ، والمجادلة أشد المخاصمة ، والوكيل : هو الذي يوكل إليه الأمر فى الحفظ والحماية ، والمراد بالسوء هنا :
ما يسوء الإنسان به غيره ، وبالظلم : ما كان ضرره خاصا بالعامل كالحلف الكاذب ، والاستغفار : طلب المغفرة من اللّه مع الشعور بقبح الذنب والتوبة منه ، والكسب :
ما يجرّ منفعة أو يدفع مضرة ، والإثم الذنب ، والخطيئة : الذنب غير المتعمد ، والإثم ما يصدر عنه مع ملاحظة أنه ذنب ، يرم به : أي يقذفه به ويسنده إليه ، احتمل : كلف نفسه أن تحمل ، والبهتان : الكذب على غيرك بما يبهت منه ويتحير عند سماعه.(1/202)
النجوى : المسارّة بالحديث ، أو هو جمع واحده نجىّ بمعنى المتناجين : أي المتسارّين المعروف : ما تعرفه النفوس وتقره وتتلقاه بالقبول ، وبغى الشيء : طلبه ، والمشاقّة : المعاداة
و المخالفة مأخوذة من الشّق كأن كل واحد من المتعاديين يكون فى شق غير الذي فيه الآخر.(1/203)
يدعون : أي يتوجهون ويطلبون منها المعونة لهيبة غيبية لا يعقل الإنسان معناها ، إلا إناثا : أي أمواتا ، والعرب تطلق على الميت أنثى لضعفه وعجزه ، والشيطان هو الخبيث المؤذى من الجن والإنس ، والمريد والمارد من مرد على الشيء إذا مرن عليه حتى صار يأتيه بلا تكلف ، والمراد أنه مرد على الإغواء والإضلال أو تمرد واستكبر عن الطاعة ، واللعن :
هو الطرد والإبعاد مع السخط والإهانة ، والنصيب : الحصة والسهم من الشيء ، والمفروض :
المعيّن ، والأمانى : جمع أمنية ، يقال تمنى الشيء إذا أحب أن يكون له وإن لم يتخذ له أسبابه ، والتمني : تقدير شىء فى النفس وتصويره فيها سواء أكان عن تخمين وظن أم كان عن رؤية وبناء على أصل ، ولكنه يغلب فيما يبنى على الحدس والتخمين وما لا حقيقة له ،
البتك : القطع ، وسيف باتك : أي قاطع والتبتيك : التقطيع ، والغرور : الباطل ، والمحيص المهرب والمخلص ، يقال : وقعوا فى حيص بيص وفى حاص باص : أي فى أمر يعسر التخلص منه.(1/204)
الأمانى ، واحدها أمنية : وهى الصورة التي تحصل فى النفس ، من تمنى الشيء وتقديره ، وكثيرا ما يطلق التمني على ما لا حقيقة له ، ومن ثم يعبرون به عن الكذب كما قال عثمان رضي اللّه عنه : ما تعنّيت ولا تمنّيت منذ أسلمت. وليا : أي يلى أمره ويدفع العقاب عنه ، ولا نصيرا : أي ينصره وينقذه مما يحل به ، والنقير والنقرة : النكتة التي تكون فى ظهر النواة ، وبها يضرب المثل فى القلة ، الحنيف : المائل عن الزيغ والضلال ، والخليل :
المحب لمن يحبه ، من الخلة (بالضم) وهى المودة والمحبة التي تتخلل النفس وتمازجها قال شاعرهم :
قد تخللّت مسلك الروح منى وبذا سمى الخليل خليلا
محيطا : أي عالما بالأشياء قادرا عليها.(1/205)
يستفتونك : أي يطلبون منك الفتيا ، يفتيكم : يبين لكم ما أشكل عليكم ، يقال :
أفتاء إفتاء وفتيا وفتوى ، وأفتيت فلانا رؤياه عبّرتها له ، ما كتب لهن : أي ما فرض لهن من الميراث ، وأن تقوموا : أي تعنوا عناية خاصة ، بالقسط : أي بالعدل ، خافت :
أي توقعت ما تكره بوقوع بعض أسبابه ، أو ظهور بعض أماراته ، نشوزا : ترفعا وتكبرا ، إعراضا : ميلا وانحرافا ، فلا جناح : أي لا إثم ولا حرج ، أحضرت الأنفس الشحّ : أي إن الشح حاضر لها لا يغيب عنها ، المعلّقة التي ليست مطلّقة ولا ذات بعل ، من سعته : من غناه ، واسعا : غنيّا.(1/206)
الخداع : إيهام غيرك أن الشيء على ما يحب ويريد بتزيينك له وهو على غير ذلك.
كسالى : واحدهم كسلان ، وهو المتثاقل المتباطئ ، المراءاة : من الرؤية ، وهى أن يكون من يرائيك بحيث تراه كما يراك ، فالمرائى يريهم عمله وهم يرونه استحسان ذلك العمل الذبذبة : حكاية صوت الحركة للشىء المعلق ثم استعملت فى كل اضطراب وحركة.(1/207)
الغلوّ : مجاوزة الحد ، وكلمته : أي لأنه حدث بكلمة « كن » من غير مادة معتادة ، ألقاها إلى مريم : أي أوصلها وأبلغها إياها ، وروح منه : أي لأنه خلق بنفخ من روح اللّه ، وهو جبريل ، الاستنكاف : الامتناع عن الشيء أنفة وكبرا ، والاستكبار أن يجعل الإنسان نفسه كبيرة فوق ما هى عليه غرورا وإعجابا بها.(1/208)
سورة المائدة
الوفاء والإيفاء : الإتيان بالشيء وافيا لا نقص فيه ، قال تعالى : « وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ » والعقود واحدها عقد ، وهو فى الأصل ضد الحلّ ثم أطلق على الجمع بين أطراف الشيء وربط بعضها ببعض ، ويستعمل فى الأجسام الصّلبة كعقد الحبل وعقد البناء ، ويقال عقد اليمين وعقد النكاح : أي أبرمه كما قال تعالى « وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ » والبهيمة : ما لا نطق له ، لما فى صوته من الإبهام ، وخص فى العرف بما عدا السباع والطير ، والأنعام : البقر والإبل والغنم. الحرم : جمع حرام ، وهو المحرم بالحج أو العمرة ، وشعائر اللّه معالم دينه ، وغلب فى مناسك الحج واحدها شعيرة ، والهدى ما يهدى إلى الكعبة من الأنعام ليذبح هناك ، وهو من النسك ، والقلائد : واحدها قلادة وهو ما يعلق فى العنق ، وكانوا يقلدون الإبل من الهدى بنعل أو حبل أو لحا شجر ليعرف فلا يتعرض له أحد ، آمّين : أي قاصدين ، وفضلا : أي ربحا فى التجارة ورضوانا : أي رضا من اللّه يحول بينهم وبين عقوبته فى الدنيا ، يجرمنكم : من جرمه الشيء أي حمله عليه وجعله يجرمه : أي يكسبه ويفعله ، وأصل الجرم قطع النمرة من الشجرة ، والشنآن : البغض مطلقا ، أو الذي يصحبه التقزّز من المبغوض.(1/209)
الطيب : ضد الخبيث ، والجوارح : واحدها جارحة ، وهى الصائدة من الكلاب والفهود والطيور ، من الجرح بمعنى الكسب قال تعالى « وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ » أي ما كسبتم ، ومكلبين من التكليب وهو تعليم الكلاب وإضراؤها بالصيد ، ثم استعمل فى تعليم الجوارح مطلقا ، والمحصنات هنا الحرائر ، وقيل العفيفات عن الزنا ، والأجور : المهور ، والمراد بالمحصنين الأعفّاء عن الزنا ، مسافحين مجاهرين بالزنا ، متخذى أخدان : مسرّين به ، والخدن : الصديق يقع على الذكر والأنثى ، حبط عمله : بطل ثواب عمله.(1/210)
القوّام بالشيء : هو القائم به حق القيام ، شهداء بالقسط : أي شهداء بالعدل بلا محاباة ، ولا يجرمنكم. أي ولا يحملنكم ، والشنآن : العداوة والبغضاء ، الخبير : العالم بالشيء على وجه الدقة والضبط ، والجحيم : النار العظيمة ، وهى هنا دار العذاب وأصحابها هم ملازموها ، بسط إليه يده : بطش به ، وبسط إليه لسانه : شتمه ، والتقوى : هى اتقاء عقاب اللّه وسخطه بترك معاصيه.(1/211)
نقيب القوم : من ينقّب عن أحوالهم ويبحث عن شئونهم ، ونقب عليهم نقابة صار نقيبا عليهم ، والتعزيز : النصرة مع التعظيم ، وأقرضتم اللّه : أي بذلتم المال فوق ما أوجبه عليكم ، والقرض الحسن : ما كان عن طيب نفس. سواء السبيل : وسطه ، لعناهم : طردناهم وأبعدناهم من رحمتنا. وقاسية : يابسة غليظة تنبو من قبول الحق.
والتحريف : إمالة الشيء عن موضعه إلى أي جانب من الجوانب. والخائنة : الخيانة.
الإغراء. أصله التجريش ، يقال أغرى الشيء بالشيء والمراد هنا تفرق الأهواء الموجب للعداوة والبغضاء.(1/212)
التلاوة : القراءة ، ولا تكاد تستعمل إلا فى قراءة كلام اللّه تعالى ، والنبأ : الخبر الذي يهتمّ به لفائدة ومنفعة عظيمة ، والقربان : ما يتقرب به إلى اللّه تعالى من الذبائح وغيرها ، وهو فى الأصل مصدر ، فلهذا يستوى فيه الواحد وغيره ، وبسط اليد إليه : مدها ليقتله ، البوء. اللزوم ، وفى النهاية لابن الأثير : أبوء بنعمتك علىّ ، وأبوء بذنبي : أي ألتزم وأقر ، فطوعت : أي فشجعت وزيّنت ، والسوءة : ما يسوء ظهوره ، والويل :
حلول الشر ، والويلة : الفضيحة والبلية : أي وافضيحتاه ، والأجل : فى الأصل الجناية ، يقال أحل عليهم شرا : أي جنى عليهم جناية ، ثم استعمل فى تعليل الجنايات ، ثم اتّسع فيه فاستعمل فى كل سبب ، والبينات : الآيات الواضحة ، والإسراف : البعد عن حد الاعتدال مع عدم المبالاة.(1/213)
المحاربة : من الحرب ضد السلم ، والسلم : السلامة من الأذى والضرر والآفات والأمن على النفس والمال ، والأصل فى معنى كلمة الحرب التعدي وسلب المال ، وحربية الرجل : ماله الذي يعيش به ، والفساد : ضد الصلاح ، وكل ما يخرج عن وضعه الذي يكون به صالحا نافعا يقال إنه فسد ، ومن كان سببا لفساد شىء يقال إنه أفسده ، فإزالة الأمن على الأنفس أو الأموال أو الأعراض ومعارضته تنفيذ الشريعة العادلة كل ذلك إفساد فى الأرض ، والتقتيل : المبالغة فى القتل بكونه حتما لا هوادة فيه ولا عفو من ولى الدم ، والتصليب المبالغة فى الصلب أو تكرار الصلب كما قال الشافعي :
يصلب بعد القتل ثلاثة أيام بأن يربط على خشبة ونحوها منتصب القامة ممدود اليدين ، وربما طعنوا المصلوب ليعجلوا موته ، وتقطيع الأيدى والأرجل من خلاف : معناه إذا قطعت اليد اليمنى تقطع الرجل اليسرى ، والعكس بالعكس ، والنفي من الأرض :
النقل من البلد أو القطر الذي أفسدوا فيه إلى غيره من بلاد الإسلام إذا كانوا مسلمين ، فإن كانوا كفارا جاز نفيهم إلى بعض بلاد الإسلام أو بعض بلاد الكفر ، والخزي :
الذل والفضيحة ، ومن قبل أن تقدروا عليهم : أي من قبل التمكن من عقابهم.(1/214)
الحزن : ألم يجده الإنسان عند فوت ما يحب ، وسارع إلى الشيء : إذا أسرع إليه من خارج ليصل إليه ، وأسرع فيه : إذا أسرع فيه وهو داخل فيه ، وهنا كان الكفار داخلين فى ظرف الكفر ، محيطا بهم سرادقه ، والفتنة : الاختبار كما يفتن الذهب بالنار فيظهر مقدار ما فيه من الغش والزغل ، والسّحت : ما خبث من المكاسب وحرّم ، فلزم عنه العار وقبح الذكر كثمن الكلب والخنزير والخمر والرشوة فى الحكم ، والقسط : العدل.(1/215)
التوراة : الكتاب الذي أنزل على موسى ، والذين هادوا : هم اليهود ، والربانيون :
هم المنسوبون إلى الرب بمعنى الخالق المدبر لأمر الملك ، والأحبار : واحدهم حبر وهو العالم ، بما استحفظوا من كتاب اللّه أي بما طلب إليهم حفظه منه ، وشهداء
أي رقباء على الكتاب وعلى من يريد العبث به : قفّاه به تقفية : جعله يقفو أثره كما قال : « وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ » والفاسقون أي الخارجون من حظيرة الدين المتجاوزون لأحكامه وآدابه.(1/216)
المهيمن على الشيء : القائم على شئونه وله حق مراقبته وتولى رعايته ، والشّرعة والشريعة : مورد الماء من النهر ونحوه ، وكل ما شرعت فيه من شىء فهو شريعة.
ومن ذلك شريعة الإسلام لشروع أهلها فيها ، والمنهاج : السبيل والسنة ، والابتلاء :
الاختبار ، استبقوا : ابتدروا وسارعوا ، أن يفتنوك : أي يميلوا بك من الحق إلى الباطل(1/217)
الولاية : ولاية التناصر والمحالفة على المؤمنين ، فى قلوبهم مرض : أي إن إيمانهم معتل غير صحيح ، الدائرة : ما يدور به الزمان من المصايب والدواهي التي تحيط بالمرء إحاطة الدائرة بما فيها ، والفتح : القضاء ، وهو يكون بفتح البلاد وبغير ذلك ، وحبطت أي بطلت أعمالهم التي كانوا يتكلفونها نفاقا كالصلاة والصيام والجهاد معكم فخسروا أجرها وثوابها.(1/218)
نقم منه كذا : إذا أنكره عليه وعابه به بالقول أو الفعل ، والمثوبة : من ثاب إليه إذا رجع ، ويراد به الجزاء والثواب ، والطاغوت : من الطغيان ، وهو مجاوزة الحد المشروع وهو يشمل كل من أطاعوه فى معصية اللّه تعالى ، والسحت : الدنيء من المحرمات.(1/219)
لليد لغة معان عدة : الجارحة ، والنعمة ، تقول لفلان عندى يد أشكره عليها ، والقدرة كما قال تعالى « أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ » أي ذوى القوة والعقول والملك ، كما تقول هذه الضيعة فى يد فلان أي ملكه وقال تعالى « الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ » أي فى ملكه ، وغلّت أيديهم أي أمسكت وانقبضت عن العطاء ، وهو دعاء عليهم بالبخل ، يداه مبسوطتان أي هو كثير العطاء ، والحرب : ضد السلم فهى تصدق بالإخلال بالأمن والسلب والنهب ولو بغير قتل ، وبتهييج الفتن والإغراء بالقتل ، وإقامة التوراة : العمل بما فيها على أتم الوجوه سواء فى ذلك عمل النفس بالإيمان والإذعان ، وعمل الجوارح
والقوى البدنية ، وقوله : لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم أي لوسع اللّه عليهم موارد الرزق ، والمقتصدة : المعتدلة فى أمر الدين فلا تغلو بالإفراط ولا تهمل بالتقصير.(1/220)
الغلو : الإفراط وتجاوز الحد ، والأهواء : الآراء التي تدعو إليها الشهوة دون الحجة ، واللعن : الحرمان من لطف اللّه وعنايته ، يتولون الذين كفروا : أي يوالونهم ويزينون لهم أهواءهم(1/221)
العداوة : البغضاء يظهر أثرها فى القول والعمل ، والمودة : محبة يظهر أثرها في القول والعمل ، والناس هم يهود الحجاز ومشركو العرب ونصارى الحبشة فى عصر
التنزيل ، والقسيسون : واحدهم قسيس ، وقسوس ، واحدهم قسّ : وهو الرئيس الديني فوق الشماس ودون الأسقف ، والأصل فى القسيسين أن يكونوا من أهل العلم بدينهم وكتبهم ، لأنهم رعاة ومفتون ، والرهبان ، واحدهم راهب : وهو المتبتّل المنقطع فى دير أو صومعة للعبادة وحرمان النفس من التنعيم بالزوج والولد ولذات الطعام والزينة ، وذكر القسيسين والرهبان للجمع بين العبّاد والعلماء ، تفيض من الدمع : أي تمتلىء دمعا حتى يتدفق من جوانبها لكثرته ، مع الشاهدين : أي مع الذين يشهدون بحقية نبيك صلى اللّه عليه وسلم وكتابك ، الإثابة : المجازاة ، وقوله بما قالوا : أي بما قالوه عن اعتقاد.(1/222)
اللغو فى اليمين : قول الرجل فى الكلام من غير قصد لا واللّه وبلى واللّه ، بما عقدتم الأيمان : أي بما صممتم عليه منها وقصدتموه ، وأصل العقد نقيض الحل فعقد الأيمان توكيدها بالقصد والغرض الصحيح ، وتعقيدها : المبالغة فى توكيدها ، وأصل الكفارة من الكفر ، وهو الستر والتغطية ثم صارت فى اصطلاح الشرع اسما لأعمال تكفّر بعض الذنوب والمؤاخذات أي تغطّيها وتخفيها حتى لا يكون لها أثر يؤاخذ به المرء لا فى الدنيا ولا فى الآخرة ، والأوسط : أي الأغلب من الطعام فى البيوت لا الدون الذي يتقشّف به أحيانا ولا الأعلى الذي يتوسع به أحيانا أخرى ، وتحرير الرقبة : هو إعتاق الرقيق المملوك.(1/223)
حجارة كانوا يذبحون قرا بينهم عندها ، وروى أنهم كانوا يعبدونها ويتقربون إليها ، والأزلام : قداح أي قطع رقيقة من الخشب بهيئة السهام كانوا يستقسمون بها فى الجاهلية لأجل التفاؤل أو التشاؤم ، والرجس : المستقذر حسا أو معنى ، يقال رجل رجس ورجال أرجاس ، والرجس على أوجه : إما من جهة الطبع ، وإما من جهة العقل ، وإما من جهة الشرع كالخمر والميسر ، وإما من كل ذلك كالميتة لأنها تعاف طبعا وعقلا وشرعا ، والعداوة : تجاوز الحق إلى الإيذاء ، وطعم الشيء يطعمه : ذاق طعمه ، ثم استعمل فى ذوق طعم الشيء من طعام وشراب ، ومن الأول « فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا » أي أكلّم ، ومن الثاني « فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي » أي من لم يذق طعم مائه.(1/224)
الابتلاء : الاختبار ، والصيد : ما صيد من حيوان البحر ومن حيوان البر الوحشية للأكل ، وقوله تناله أيديكم ورماحكم ، يراد به كثرته وسهولة أخذه. وروى عن ابن عباس أن ما يؤخذ بالأيدى صغاره وفراخه ، وما يؤخذ بالرماح كباره ، ليعلم اللّه أي ليعاملكم معاملة المختبر الذي يريد أن يعلم الشيء وإن كان علام الغيوب ، والحرم :
واحده حرام للذكر والأنثى ، تقول هو رجل حرام وامرأة حرام أي محرمة بحج أو عمرة والنعم والأنعام من الإبل والبقر والضأن ، والعدل (بِالْفَتْحِ) المعادل للشىء والمساوى له مما يدرك بالعقل (وبالكسر) المساوى له مما يدرك بالحس ، والوبال من الوبل والوابل : وهو المطر الثقيل ، وطعام وبيل ثقيل ، ويقال للأمر الذي يخاف ضرره هو وبال ، والبحر : المراد به الماء الكثير الذي يوجد فيه السمك كالأنهار والآبار والبرك ونحوها ، وصيد البحر : ما يصاد منه مما يعيش فيه عادة ، وطعامه ما قذف به إلى ساحله ، والسيارة : جماعة المسافرين يتزودون منه ، وتحشرون : تجمعون وتساقون إليه.(1/225)
الكعبة فى اللغة : البيت المكعب أي المربع ، والقيام : ما يقوم به أمر الناس ، ويصلح ، والشهر الحرام : ذو الحجة ، والهدى : ما يهدى إلى الحرم من الأنعام توسعة على فقرائه ، والقلائد أي ذوات القلائد من الهدى وهى الأنعام التي كانوا يقلدونها إذا ساقوها هديا ، وخصها بالذكر لعظم شأنها.(1/226)
البحيرة - الناقة التي يبحرون أذنها أي يشقونها شقا واسعا ، وكانوا يفعلون بها ذلك إذا نتجت خمسة أبطن وكان الخامس أنثى كما روى عن ابن عباس.
والسائبة - الناقة التي تسيّب بنذرها لآلهتهم فترعى حيث شاءت ، ولا يحمل عليها شىء ، ولا يجزّ صوفها ولا يحلب لبنها إلا لصيف.
و الوصيلة - الشاة التي تصل أخاها ، فقد كانوا إذا ولدت الشاة ذكرا كان لآلهتهم ، وإذا ولدت أنثى كانت لهم ، وإن ولدت ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم.
والحامى - الفحل يولد من ظهره عشرة أبطن ، فيقولون حمى ظهره فلا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا مرعى.(1/227)
الشهادة : قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصر أو بصيرة ، وضربتم فى الأرض :
سافرتم ، وتحبسونهما : تمسكونهما وتمنعونهما من الانطلاق والهرب ، وارتبتم : شككتم فى صدقهما فيما يقران به ، ومن الآثمين : العاصين ، وعثر من العثور على الشيء : وهو الاطلاع عليه من غير سبق طلب له ، وأعثره عليه : وقفه عليه وأعلمه به من حيث لم يكن يتوقع ذلك(1/228)
روح القدس : هو ملك الوحى الذي يؤيد اللّه به الرسل بالتعليم الإلهى والتثبيت فى المواطن التي من شأن البشر أن يضعفوا فيها ، والكتاب : كل ما يكتب ، والحكمة :
العلم الصحيح الذي يبعث الإنسان على نافع العمل مع الفقه لأسرار ما يعمل ، والتوراة :
ما أوحاه اللّه إلى موسى من الشرائع والأحكام ، والإنجيل : ما أوحاه إلى عيسى ،
و الخلق : التقدير أي جعل الشيء بمقدار معين ، ويستعمل فى إيجاد اللّه الأشياء بتقدير معين فى علمه ، والأكمه : من ولد أعمى ، وقد يطلق على من عمى بعد الولادة أيضا ، والسحر : تمويه وتخييل به يرى الإنسان الشيء على غير حقيقته ، والحواريون واحدهم حوارىّ وهو من أخلص سرا وجهرا فى المودّة ، وحواريو الأنبياء : المخلصون لهم ، والمائدة : الخوان الذي عليه الطعام أو الطعام نفسه ، ويستطيع أي يطيع ويرضى :
و العيد ، تارة يراد به الفرح والسرور ، وتارة يراد به الموسم الديني أو المدني الذي يجتمع له الناس فى يوم معين من السنة للعبادة أو لأمر من أمور الدنيا ، وآية منك : أي علامة على صدقى فى دعوى نبوتى(1/229)
سورة الأنعام
الحمد : هو الثناء الحسن والذكر الجميل ، والظلمة : الحال التي يكون عليها كل مكان لا نور فيه ، والنور قسمان : حسى وهو ما يدرك بالبصر ، ومعنوى عقلى يدرك بالبصيرة ، والجعل : هو الإنشاء والإبداع كالخلق ، إلا أن الجعل مختص بالإنشاء التكويني كما فى هذه الآية ، والتشريعي كما فى قوله : « ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ » الآية ، والخلق عام.
ولم يذكر النور فى القرآن إلا مفردا والظلمة إلا جمعا ، لأن النور واحد وإن تعددت مصادره ، والظلمة تحدث مما يحجب النور من الأجسام غير النيرة وهى كثيرة وكذلك النور المعنوي شىء واحد ، والظلمات متعددة فالحق واحد لا يتعدد والباطل الذي يقابله كثير ، والهوى واحد والضلال المقابل له كثير ، فالتوحيد يقابله التعطيل ، والشرك فى الألوهية بأنواعه والشرك فى الربوبية بضروبه المختلفة.
وقدمت الظلمات فى الذكر على النور لأن جنسها مقدم فى الوجود فقد وجدت مادة الكون وكانت دخانا مظلما أو سديما كما يقول علماء الفلك ، ثم تكونت الشموس بما حدث فيها من الاشتعال لشدة الحركة ، وإلى هذا يشير حديث عبد اللّه
ابن عمرو عند أحمد والترمذي « إن اللّه خلق الخلق فى ظلمة ، ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه نوره اهتدى ، ومن أخطأه ضل » .
وكذلك الظلمات المعنوية أسبق وجودا ، فإن نور العلم والهداية كسبى فى البشر ، وغير الكسبي منه كالوحى ، فتلقيه كسبى ، وفهمه والعمل به كسبيان أيضا ، وظلمات الجهل والأهواء سابقة على هذا النور « وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ ، لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ » .
و يعدلون أي يعدلون به غيره ، أي يجعلون عديلا مساويا له فى العبادة والدعوة لكشف الضر وجلب النفع ، فهو بمعنى يشركون به ويتخذون له أندادا ، والأجل هو المدة المضروبة للشىء أي المقدار المحدود من الزمان وقضاء الأجل : تارة يطلق على الحكم به ، وضربه للشىء كما قضى شعيب عليه السلام أجلا لخدمة موسى له ثمانى سنوات وأجلا اختيار يا سنتين ، ويطلق أخرى على القيام بالشيء وفعله كما قال : « فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ » الآية ، وتمترون أي تشكّون فى البعث(1/230)
الآيات هنا : آيات القرآن المرشدة إلى آيات الأكوان والمثبتة لنبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، والإعراض : التولي عن الشيء ، والحق : هو دين اللّه الذي جاءهم به خاتم رسله من عقائد وعبادات ومعاملات وآداب ، والأنباء : ما فى القرآن من وعد بنصر اللّه لرسله وإظهار لدينه. ووعيد لأعدائه بخذلانهم فى الدنيا وعذابهم فى الآخرة ، والقرن من الناس : القوم المقترنون فى زمن واحد وجمعه قرون ، وقد جاء فى القرآن مفردا وجمعا
ومكنه فى الأرض أو فى الشيء : جعله متمكنا من التصرف فيه ، ومكن له : أعطاه أسباب التمكن فى الأرض كقوله : « وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ » وقوله : « أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً ؟ » والسماء : المطر والمدرار : الغزير.(1/231)
الكتاب : الصحيفة المكتوبة ومجموعه الصحف فى غرض واحد ، والقرطاس (مثلث القاف) الورق الذي يكتب فيه ، واللمس كالمس : إدراك الشيء بظاهر البشر وقد يستعمل بمعنى طلب الشيء والبحث عنه ، ويقال لمسه والتمسه وتلمسه ، ومنه « أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ » وسحر : أي خداع وتمويه يرى ما لا حقيقة له فى صورة الحقائق ، لقضى الأمر أي لتم أمر هلاكهم ، لا ينظرون أي لا يمهلون ، اللبس : الستر والتغطية
يقال لبس الثوب يلبسه (بكسر الباء فى الأول وفتحها فى الثاني) ولبس الحق بالباطل يلبسه (بفتح الباء فى الأول وكسرها فى الثاني) بمعنى ستره به ، أي جعله مكانه ليظن أنه الحق ، ولبست عليه أمره أي جعلته بحيث يلتبس عليه فلا يعرفه.(1/232)
الهزؤ : (بضمتين أو ضم فسكون) والاستهزاء : السخرية. والاستهزاء بالشخص :
احتقاره وعدم الاهتمام بأمره ، وحاق به المكروه يحيق حيقا : أحاط به فلم يكن له منه مخلص(1/233)
كتب على نفسه : أي أوجب إيجاب فضل وكرم ، سكن : من السكون ضد الحركة ، وفيه اكتفاء بما ذكر عما يقابله أي له ما سكن وما تحرك كما جاء فى قوله تعالى « سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ » أي والبرد ، والولي : الناصر ، ومتولى الأمر : المتصرف فيه ، فاطر السموات والأرض أي مبدعهما على غير مثال سابق ، وأصل الفطر : الشّق ومنه « إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ » وهو يطعم ولا يطعم ، أي هو الرازق لغيره ولا يرزقه أحد ، يصرف عنه أي يبعد عنه ، رحمة أي بإنجائه من الهول الأكبر ، المس : أعم من اللمس فيقال مسه السوء والكبر والعذاب والتعب أي أصابه ، والضر : الألم والحزن والخوف وما يفضى إليها أو إلى أحدها ، والنفع اللذة والسرور وما يفضى إليهما أو إلى أحدهما ، والخير : ما كان فيه منفعة حاضرة أو مستقبلة ، والشر : ما لا منفعة فيه البتة أو ما كان ضره أكبر من نفعه ، قال تعالى « وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ، وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ » والقهر : الغلبة والإذلال ، وشهادة الشيء : حضوره ومشاهدته ، والشهادة به : الإخبار به عن علم ومعرفة واعتقاد مبنى على المشاهدة بالبصر أو بالعقل والوجدان ، والإنذار : التخويف ، واكتفى به عن ذكر البشارة لمناسبته للمقام أي لأنذركم به يا أهل مكة وسائر من بلغه القرآن ووصل إليه من الأسود والأحمر ، أو لأنذركم به أيها الموجودون ومن سيوجد إلى يوم القيامة ، مما تشركون أي من الأصنام.(1/234)
الأكنة واحدها كنان كأسنة وسنان : وهو الغطاء ، والوقر (بِالْفَتْحِ) الثقل فى السمع ، والآية : العلامة الدالة على صدق الرسول ، يجادلونك : يخاصمونك وينازعونك ، والأساطير واحدها إسطارة وأسطورة : وهى الخرافات والترهات ، والنأى عنه : يشمل الإعراض عن سماعه ، والإعراض عن هدايته.(1/235)
يقال وقف الرجل على الأرض وقوفا ، ووقف على الشيء : عرفه وتبينه ، ووقف نفسه على كذا وقفا حبسها كوقف العقار على الفقراء.(1/236)
الساعة فى اللغة : الزمن القصير المعين ، ثم أطلق على الوقت الذي ينقضى به أجل هذه الحياة ويخرب العالم وما يتبع ذلك من البعث والحساب ، سمى بذلك لسرعة
الحساب فيه كأنه ساعة ، وبغتة : فجأة ، يقال بغته إذا هجم عليه من غير شعور ، والحسرة الغم على ما فات والندم عليه كأنّ المتحسر قد انحسر وانكشف عنه الجهل الذي حمله على ما ارتكب ، والتفريط : التقصير ممن قدر على الجد والتشمير ، من الفرط وهو السبق ومنه الفارط والفرط وهو الذي يسبق المسافرين لإعداد الماء لهم ، والأوزار جمع وزر (بالكسر) وهو الحمل الثقيل ، ووزره (بزنة وعده) حمله على ظهره ثم أطلق فى الدين على الإثم والذنب كأنه لثقله على صاحبه كالحمل الذي يثقل الظهر ، واللعب :
الفعل الذي لا يقصد به فاعله مقصدا صحيحا من تحصيل منفعة أو دفع مضرة كأفعال الصبيان التي يتلذذون بها ، واللهو : ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه ، وقد يسمى كل ما به استمتاع لهوا ، ويقال لهوت بالشيء ألهو به لهوا وتلهيت به إذا تشاغلت وغفلت به عن غيره.(1/237)
الحزن : ألم يحلّ بالنفس عند فقد محبوب ، أو امتناع مرغوب ، أو حدوث مكروه ولا سبيل لعلاجه إلا التسلي والتأسى كما قالت الخنساء :
و لو لا كثرة الباكين حولى على إخوانهم لقتلت نفسى
و ما يبكون مثل أخى ولكن أسلّى النفس عنه بالتأسى
و كذّبه : رماه بالكذب ، والجحود والجحد : نفى ما فى القلب إثباته أو إثبات ما فى القلب نفيه ، ويقال جحده حقه وبحقه ، وكلمات اللّه : هى وعده ووعيده ، ومن ذلك وعده للرسل بالنصر ووعيده لأعدائهم بالغلب والخذلان كقوله : « كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي » وقوله : « وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ » والنبأ : الخبر ذو الشأن العظيم ، وكبر على فلان الأمر أي عظم عنده وشق عليه وقعه ، والإعراض : التولي والانصراف عن الشيء رغبة عنه أو احتقارا له ، واستطعت الشيء : صار فى طوعك منقادا لك باستيفاء الأسباب التي تمكنك من فعله ، والابتغاء : طلب ما فى طلبه كلفة ومشقة من البغي وهو تجاوز الحد
ويكون فى الخير كابتغاء رضوان اللّه وهو غاية الكمال ، وفى الشر كابتغاء الفتنة وهو غاية الضلال ، والنفق : السرب فى الأرض ، وهو حفرة نافذة لها مدخل ومخرج ، والسلم : المرقاة من السلامة ، لأنه الذي يسلمك إلى مصعدك ، وتذكيره أفصح من تأنيثه ، والآية : المعجزة ، والجهل هنا : ضد العلم ، وليس كل جهل عيبا ، لأن المخلوق لا يحيط بكل شىء علما ، وإنما يذم الإنسان بجهل ما يجب عليه علمه ، ثم بجهل ما ينبغى له ويعدّ كمالا فى حقه إذا لم يكن معذورا فى جهله.(1/238)
أجاب الدعوة : إذا أتى مادعى إليه من قول أو عمل ، وأجاب الداعي واستجاب له واستجاب دعاءه : إذا لبّاه وقام بما دعاه إليه.
والقرآن الكريم استعمل أفعال الإجابة فى المواضع التي تدل على حصول المسئول
كله بالفعل دفعة واحدة ، واستعمل أفعال الاستجابة فى المواضع المفيدة لحصول المسئول بالتهيؤ والاستعداد كقوله : « الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ » إذ الآية نزلت فى وقعة حمراء الأسد بعد وقعة أحد فالمرد أنهم تهيئوا للقتال ، أو المفيدة للدلالة على حدوث الفعل بالتدريج كاستجابة دعوة الدين التي تبدأ بالنطق بالشهادتين ثم بباقي أعماله بالتدريج.
والاستجابة من اللّه يعبر بها فى الأمور التي تقع فى المستقبل ويكون من شأنها أن تقع بالتدريج كاستجابة الدعاء بالوقاية من النار بالمغفرة وتكفير السيئات وإيتاء ما وعد به المؤمنين فى الآخرة كما قال « فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ » الآية.
و السمع والسماع : يطلق على إدراك الصوت ، وعلى فهم ما يسمع من الكلام وهو ثمرة السمع ، وعلى قبول ما يفهم والعمل به وهذا ثمرة الثمرة ، والمراد بالموتى هنا :
الكفار الراسخون فى الكفر المطبوع على قلوبهم الميئوس من سماعهم سماع تدبر تتبعه الاستجابة للداعى. والبعث : لغة إنارة الشيء وتوجيهه يقال بعثت البعير أي أثرته من مبركه وسيّرته إلى المرعى ونحوه ، ولو لا : كلمة تفيد الحث على حصول ما بعدها ، والآية لمعجزة المخالفة لسنن اللّه فى خلقه.(1/239)
الدابة : كل ما يدب على الأرض من الحيوان ، والدبّ والذبيب المشي الخفيف والطائر : كل ذى جناح يسبح فى الهواء وجمعه طير كراكب وركب ، والأمم واحدها أمة : وهى كل جماعة يجمعهم أمر كدين واحد أو زمان واحد أو مكان واحد أو صفات وأفعال واحدة ، والتفريط فى الأمر التقصير فيه وتضييعه حتى يفوت ، يقال فرّطه وفرّط فيه ، والكتاب هنا : هو اللوح المحفوظ. وقيل القرآن ، والحشر : الجمع والسّوق(1/240)
أرأيتكم أي أخبرونى ، وهو أسلوب يذكر للتعجيب والتنبيه إلى أن ما يذكر بعده غريب عجيب تقوم به الحجة على المخالف ، يكشف أي يزيل ما تدعونه إلى كشفه إن شاء ، والبأساء : تطلق على الحرب والمشقة ، والبأس : الشدة فى الحرب ، والعذاب الشديد ، والقوة ، والشجاعة ، والضراء من الضر ضد النفع ، والتضرع : إظهار الضراعة والخضوع بتكلف ، والأخذ بالبأساء والضراء : إنزالهما بهم ، مبلسون : أي متحسرون يائسون من النجاة ، دابر القوم : آخرهم الذي يكون فى أدبارهم ، وقطع دابرهم أي هلكوا واستأصلوا بالعذاب ولم يبق منهم أحد.(1/241)
نصرف الآيات : أي نكررها على وجوه مختلفة ، ومنه تصريف الرياح ، ويصدفون : يعرضون عن ذلك. والمس : اللمس باليد ، ويطلق على ما يصيب المدرك مما يسوءه غالبا من ضر وشر وكبر ونصب وعذاب.(1/242)
الخزائن واحدها خزينة أو خزانة : وهى ما يخزن فيها الشيء الذي يراد حفظه ومنع التصرف فيه : « وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » والغيب : ما غيّب علمه عن الناس بعدم تمكينهم من أسباب العلم به ، وهو قسمان :
(1) غيب حقيقى : وهو ما غاب عن جميع الخلق حتى الملائكة وهو المعنىّ بقوله عز اسمه : « قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ » .
(2) غيب إضافى : وهو ما غاب علمه عن بعض المخلوقين دون بعض كالذى يعلمه الملائكة من أمر عالمهم وغيره ولا يعلمه البشر.
أما ما يعلمه بعض البشر بتمكينهم من أسبابه واستعمالهم لها ولا يعلمه غيرهم لجهلهم بتلك الأسباب أو عجزهم عن استعمالها فليس بداخل فى عموم الغيب الوارد فى كتاب اللّه.
وهذه الأسباب ضروب :
(1) ما هو علمى كالدلائل العقلية والعلمية ، فعلماء الرياضة يستخرجون من دقائق المجهولات ما يعجز عنه أكثر الناس ويضبطون ما يقع من الخسوف والكسوف بالدقائق والثواني قبل وقوعه بألوف الأعوام.
(2) ما هو عملى كالبرق الأثيرى (التلغراف اللاسلكى) الذي يعلم به المرء ما يقع فى أقاصى البلاد من وراء البحار وبينه وبينها ألوف الأميال.
(3) ما هو إدراكات نفسية خفية تصل إلى مرتبة العلم كالفراسة والإلهام ، وأكثر هذا النوع هواجس تلوح للنفس ولا يجزم بها الإنسان إلا بعد وقوعها. والأعمى والبصير : هنا الضال والمهتدى ، والإنذار : العظة والتخويف ، الطرد : الإبعاد ، والغداة والغدوة كالبكرة : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، والعشى : آخر النهار أو من المغرب إلى العشاء : وحسابهم : أي حساب إيمانهم وأعمالهم الباطلة. وفتنا : أي ابتلينا واختبرنا : ومن بيننا : أي من دوننا. منّ اللّه عليهم : أي أنعم عليهم بنعم كثيرة.(1/243)
السلام والسلامة : البراءة والعافية من الآفات والعيوب ، والسلام : من أسمائه تعالى يدل على تنزيهه عن كل ما لا يليق به من نقص وعجز وفناء ، واستعمل السلام فى التحية بمعنى السلامة من كل ما يسوء ، وبمعنى تأمين المسلم عليه من كل أذى يناله من المسلم فهو دليل المودة والصفاء ، وهو تحية أهل الجنة يحييهم بها ربهم جل وعلا وملائكته الكرام ، ويحيى بها بعضهم بعضا ، وكتب. أوجب ، والجهالة : السفه والخفة التي تقابل الحكمة والروية ، وتستبين : تتضح وتظهر ، يقال : استبنت الشيء وتبينته : أي عرفته بينا واضحا.(1/244)
النهى : الزجر عن الشيء بالقول نحو اجتنب قول الزور ، والكف عنه بالفعل كما قال تعالى : « وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى » والدعاء : النداء لطلب إيصال الخير أو دفع الضر ، ولا يكون عبادة إلا إذا كان فيما وراء الأسباب العادية التي سخرها اللّه للعباد وينالونها بكسبهم واجتهادهم وتعاونهم عليها. والبينة : كل ما يتبين به الحق من الحجج العقلية أو الآيات الحسية ، ومن ذلك تسمية الشهادة بينة. والقصص : ذكر الخبر أو تتبع الأثر ، والفصل : القضاء والحكم.(1/245)
المفاتح واحدها مفتح : (بفتح الميم) وهو المخزن : (وبكسرها) هو المفتاح الذي تفتح به الأقفال ، والبحر : كل مكان واسع حاو للكثير من الماء ، والبرّ : ما يقابله ، والتوفى : أخذ الشيء وافيا أي تاما كاملا ويقابله التوفية ، وهو إعطاء الشيء تاما كاملا ، ويقال وفاه حقه فتوفاه منه قال تعالى : « وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ » ويقال توفاه واستوفاه : أحصى عدده ثم أطلق التوفى على الموت ، لأن الأرواح تقبض وتؤخذ أخذا تاما ، وأطلق على النوم كما فى الآية وفى آية الزمر ، والجرح : يطلق على العمل والكسب بالجوارح وعلى التأثير الدامي من السلاح وما فى معناه كالبراثن والأظفار والأنياب من سباع الطير والوحش ، وتسمى الخيل والأنعام المنتجة جوارح أيضا ، لأن نتاجها كسبها ، والجرح كالكسب يطلق على الخير والشر ، والاجتراح فعل الشر خاصة فى قوله تعالى : « أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ »
و يبعثكم : يوقظكم من النوم ، ويقضى : ينفذ ، والأجل المسمى : هو مدة بقائه فى الدنيا. والحفظة : هم الكرام الكاتبون من الملائكة « وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ ».(1/246)
ظلمات البر والبحر : ضربان ، ظلمات حسية كظلمة الليل وظلمة السحاب وظلمة المطر ، وظلمات معنوية كظلمة الجهل بالمسالك والطرق ، وظلمة فقد الأعلام والمنار ، وظلمة الشدائد والأخطار كالعواصف والأعاصير وهياج البحار ، إلى نحو ذلك من الشدائد التي تبطل الحواس وتدهش العقول ، قال الزجاج : العرب تقول لليوم الذي فيه شدة : يوم مظلم ويوم ذو كواكب أي إنه قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل فى ظلمته ، وفى المثل : رأى الكواكب ظهرا ، أي أظلم عليه يومه لا شتداد الأمر فيه
حتى كأنه أبصر النجم نهارا ، والتضرع : المبالغة فى الضراعة ، وهى الذل والخضوع ، والمراد ، له هنا ما كان صادرا عن الإخلاص الذي يثيره الإيمان الفطري الطوىّ فى أنفس البشر ، والخفية (بالضم والكسر) الخفاء والاستتار ، والدعاء قد يكون بالجهر ورفع الصوت مع البكاء ، وقد يكون بالإسرار هربا من الرياء ، فتارة يجأر المرء بالدعاء رافعا صوته متضرعا مبتهلا ، وأخرى يسر الدعاء ويخفيه مخلصا محتسبا ، ويتحرى ألا تسمعه أذن ولا يعلم به أحد ، ويرى أنه يكون بذلك أجدر بالقبول ، وأرجى لنيل المسئول ، والكرب : الفم الشديد.(1/247)
الشيع : واحدهم شيعة ، وهم كل قوم اجتمعوا على أمر ، قال تعالى « كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ » ويلبسكم : أي يخلط أمركم خلط اضطراب لا خلط اتفاق فيجعلكم فرقا مختلفة لا فرقة واحدة ، ونصرف الآيات : نحو لها من نوع إلى آخر من فنون الكلام تقريرا للمعنى وتقريبا إلى الفهم ، والفقه : فهم الشيء بدليله وعلته المفضى إلى الاعتبار والعمل به. والوكيل : هو الذي توكل إليه الأمور. ومستقر : وقت استقرار ووقوع.(1/248)
أصل الخوض : الدخول فى الماء والمرور فيه سيرا أو سباحة ، ثم استعمل فى الاندفاع فى الحديث والاسترسال فيه ، والدخول فى الباطل مع أهله ، وقد استعمله القرآن بهذين المعنيين ، وأعرض عنهم. انصرف عنهم بدلا من القعود معهم والإقبال عليهم بوجهك ، والذكرى الأولى بمعنى التذكر ، والثانية بمعنى التذكير ، والبسل : حبس الشيء ومنعه بالقهر ، ومنه شجاع باسل ، أي مانع لما يريد حفظه أن ينال وفسر هنا بالحبس فى النار ، وبالحرمان من الثواب وبالفضيحة ، وتعدل : تفد والعدل : الفداء ، والحميم : الشديد الحرارة وأليم : شديد الألم.(1/249)
الأعقاب : واحدها عقب : وهو مؤخر الرجل ، وتقول العرب فيمن عجز بعد قدرة أو سفل بعد رفعة أو أحجم بعد إقدام على محمدة : نكص على عقبيه وارتد على عقبيه
ورجع القهقرى ، ثم صار يطلق على كل تحول مذموم ، واستهوته الشياطين. ذهبت بعقله وهواه ، وكانت العرب فى الجاهلية تزعم أن الجنون كله من تأثير الجن ، ومنه قولهم : جن فلان ، أي مسته الجن فذهبت بعقله ، وكانوا يقولون إن الجن تظهر لهم فى المهامة وتتلوّن لهم بألوان مختلفة ، فتذهب بلبّ من يراها فيهيم على وجهه لا يدرى أين يذهب حتى يهلك ، وهذه الشياطين التي تتلون هى التي يسمونها الغيلان والأغوال والسعالى ، وقوله حيران : أي تائها ضالا عن الجادة لا يدرى ما يصنع ، والصور فى اللغة : القرن وقد ثقب الناس قرون الوعول والظباء وغيرها فجعلوا منها أبواقا ينفخون فيها لها صوت شديد يدعى به الناس إلى الاجتماع ويعزفون بها كغيرها من آلات الطرب ، وقد جاء فى سفر الأيام الأول من كتب العهد العتيق : فكان جميع بنى إسرائيل يصعدون تابوت عهد الرب بهتاف وبصوت الأصوات والأبواق والصنوج ويصوّتون بالرّباب والعيدان(1/250)
إبراهيم اسم خليل الرحمن أبي الأنبياء الأكبر من بعد نوح ، وهو العاشر من أولاد سام كما فى سفر التكوين ، ولد فى بلدة (أور) أي النور من بلاد الكلدان ، وهى المعروفة الآن باسم (أورفا) فى ولاية حلب كما يرجح ذلك بعض المؤرخين.
وفى سفر التكوين - إن اللّه تعالى ظهر له فى سن التاسعة والتسعين من عمره وكلمه وجدد عهده له بأن يكثر نسله ويعطيه أرض كنعان (فلسطين) ملكا له وسماه لذريته ا ه.
ومعنى إبراهيم أبو الجمهور العظيم : أي أبو الأمة وهو تبشير من اللّه له بتكثير نسله من ولديه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام.
وقد أثبت علماء الآثار أن عرب الجزيرة استعمروا منذ فجر التاريخ بلاد الكلدان ومصر وغلبت لغتهم فيهما.
ونقل بعض المؤرخين أن الملك حمورابى الذي كان معاصر الإبراهيم عليه السلام عربى.
وقد أسكن إبراهيم ابنه إسماعيل مع أمه هاجر المصرية فى الوادي الذي بنيت فيه مكة وأن اللّه سخر لهما جماعة من جرهم سكنوا معهما هناك.
وأبو إبراهيم سماه اللّه آزر ، وفى سفر التكوين اسمه تارح ، ومعناه متكاسل ، وقال البخاري فى تاريخه إبراهيم بن آزر وهو فى التوراة تارح واللّه سماه آزر ا ه.
وجزم الضحاك وابن جرير أن اسمه آزر ، والضلال : العدول عن الطريق الموصل إلى الغاية التي يطلبها العاقل من سيره الحسى والمعنوي ، وملك اللّه وملكوته : سلطانه وعظمته ، وجنه الليل وأجنه ستره ، والكوكب والكوكبة : واحد الكواكب ، وهى النجوم ، ربى أي مولاى ومدبر أمرى ، الأفول : غيبوبة الشيء بعد ظهوره ، وبزوغ القمر ابتداء طلوعه ، وتوجيه الوجه للّه تعالى تركه يتوجه إليه وحده فى طلب حاجته وإخلاص عبوديته ، وفطر السموات والأرض : أخرجهما إلى الوجود لا على مثال سابق ، والحنيف : المائل عن الضلال(1/251)
المحاجة : المجادلة والمغالبة فى إقامة الحجة ، والحجة تطلق تارة على الدلالة المبينة للمقصد ، وتارة على ما يدلى به أحد الخصمين فى إثبات دعواه أو رد دعوى خصمه ، وهى بهذا الاعتبار تنقسم إلى حجة دامغة يثبت بها الحق ، وإلى حجة داحضة يموّه بها الباطل ، وقد اصطلحوا على تسمية مثل هذه شبهة ، والسلطان : الحجة والبرهان ، لم يلبسوا : لم يخلطوا ، والظلم هنا هو الشرك فى العقيدة أو العبادة كاتخاذ ولى من دون اللّه يدعى معه أو من دونه(1/252)
قدر الشيء ومقداره : مقياسه الذي يعرف به ، ويقال قدره يقدره : إذا قاسه ، والقدر والقدرة والمقدار : القوة أيضا ، والقدر : الغنى واليسار والشرف ، قراطيس :
واحدها قرطاس وهو ما يكتب فيه من ورق أو جلد أو غيرهما ، البركة : الزيادة والسعة ، ومبارك : بارك اللّه فيه بما فضل به ما قبله من الكتب فى النظم والمعنى ، وأم القرى : مكة ، وسميت بذلك لأنها قبلة أهل القري ، أو لأنهم يعظمونها كالأم ، أو لأن فيها أول بيت وضع للناس(1/253)
الافتراء : اختلاق الكذب ، وافتراء الكذب على اللّه : الاختلاق عليه والحكاية عنه ما لم يقله ، أو اتخاذ الأنداد والشركاء ، والغمرات : واحدها غمرة ، وهى الشدة ، واليوم : الزمن المحدود والمراد به هنا يوم القيامة الذي يبعث اللّه فيه الناس للحساب والجزاء ، والهون (بالضم) والهوان الذل ، ومنه قوله : « أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ » والهون (بِالْفَتْحِ) اللين والرفق ، ومنه قوله : « الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً » وفرادى : واحدهم فرد ، وخولناكم أعطيناكم ، والترك وراء الظهر : يراد به عدم الانتفاع بالشيء ، والبين الصلة ، والمسافة الحسية أو المعنوية الممتدة بين شيئين أو أشياء ، ويضاف إلى المثنى كقوله : « فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ » والجمع كقوله : « أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ » ولا يضاف إلى المفرد إلا إذا كرر نحو : « هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ » وضل عنكم أي غاب عنكم.(1/254)
الفلق والفرق والفتق : الشق ، والحب : الحنطة وغيرها مما يكون فى السنبل والأكمام ، والنوى واحدها نواة : وهى ما يكون فى داخل التمر والزبيب ، والإصباح :
الصبح ، يقال أصبح الرجل : دخل فى وقت الصباح ، والسكن : السكون ، وما يسكن فيه من مكان كالبيت وزمان كالليل ، وما يسكن الإنسان ويطمئن إليه استئناسا به من زوج أو حبيب ، والحساب (بالكسر) والحسبان (بالضم) استعمال العدد فى الأشياء والأوقات والمستقر : موضع القرار والإقامة كما قال : « لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ » والمستودع : موضع الوديعة ، وهى ما يتركه المرء عند غيره ليأخذه بعد ، والفقه :
النظر فى عمق الشيء وباطنه ، خضرا أي نباتا غضا أخضر ، متراكبا : أي بعضه فوق بعض ، والنخل والنخيل واحدهما نخلة ، والطلع : أول ما يطلع أي يظهر من زهرها قبل أن ينشق عنه غلافه ، والقنوان واحدها قنو : وهو العذق الذي يكون فيه الثمر وهو من النخل كالعقود من العنب والسنبلة من القمح ، ودانية : أي قريبة التناول ، مشتبها وغير متشابه : أي متشابها فى بعض الصفات وغير متشابه فى بعض آخر ، وينعه أي حين يينع ويبدو صلاحه وينضج.(1/255)
فى اللسان : خلق الكلمة واختلقها وخرقها واخترقها : إذا ابتدعها كذبا ، وقال الراغب : الخرق قطع الشيء على سبيل الفساد قال تعالى : « أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها » والخلق : فعل الشيء بتدبير ورفق ، والبدع (بالكسر) والبديع : الشيء الذي يكون أولا ، ومنه البدعة فى الدين ، وقال الراغب : الإبداع إنشاء صنعة بلا احتذاء واقتداء ، والبديع من أسمائه تعالى لإبداعه الأشياء وإحداثه إياها ، والإدراك : اللحاق والوصول إلى الشيء ، يقال تبعه حتى أدركه قال تعالى : « فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ » والبصر حاسة الرؤية ، واللطيف من الأجرام : ضد الكثيف والغليظ واللطيف من الطباع : ضد الجافي ، واللطف فى العمل : الرفق فيه.(1/256)
البصائر واحدها بصيرة ، ولها عدة معان : منها عقيدة القلب ، والمعرفة الثابتة باليقين ، والعبرة ، والشاهد المثبت للأمر ، والحجة ، والقوة التي تدرك بها الحقائق العلمية ، ويقابلها البصر الذي تدرك به الأشياء الحسية ، والمراد بها هنا الآيات الواردة فى هذه السورة أو القرآن بجملته ، نصرف الآيات أي نأتى بها متواترة حالا بعد حال مفسرين لها فى كل مقام بما يناسبه ، ودرس الشيء يدرس : إذا عفا وزال فهو دارس ودرسته الريح وغيرها ، ودرس اللابس الثوب درسا : أخلقه وأبلاه فهو دريس ، ودرسوا القمح : داسوه ليتكسر فيفرق بين حبه وتبنه ، ودرس الناقة : راضها ، ودرس
الكتاب والعلم يدرسه درسا ودراسة ومدارسة أي ذلله بكثرة القراءة حتى خف حفظه عليه من ذلك ، والمعنى العام للدرس تكرار المعالجة ، وتتابع الفعل على الشيء حتى يذهب به أو يضل إلى الغاية منه.(1/257)
قبلا : مواجهة ومعاينة ، وقيل إن واحده قبيل كرغف ورغيف - أي قبيلا قبيلا وصنفا صنفا أي كل صنف منه على حدة. قال ابن عباس : كل عات متمرد من الجن والإنس فهو شيطان - الإيحاء : الإعلام بالأشياء من طريق خفى سريع كالإيماء ، والزخرف : الزينة كالأزهار للرياض والذهب للنساء وما يصرف السامع عن الحقائق إلى الأوهام - والغرور : الخداع بالباطل - صغى إليه : كرضى يصغى : ، مال ، ومثله أصغى -
ويقول صغى فلان وصغوه معك : أي ميله وهواه كما يقال ضلعه معك ، واقترف المال :
اكتسبه ، والذنب : اجترحه - والعدو : ضد الصديق - ويستعمل للواحد والجمع والمذكر والأنثى. قال تعالى : « فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ »(1/258)
الحكم : من يتحاكم إليه الناس ويرضون حكمه - مفصلا : مبينا فيه الحق والباطل والحلال والحرام ، إلى غير ذلك من الأحكام - الممترين : المترددين الشاكّين ، والكلمة هنا : القرآن ، وتمام الشيء كما قال الراغب : انتهاؤه إلى حد لا يحتاج معه إلى شىء خارج عنه ، وتمامها هنا : أنها كافية وافية فى الإعجاز والدلالة على صدق الرسول صلّى اللّه عليه وسلم ، والصدق يكون فى الأخبار ومنها المواعيد ، والعدل : يكون فى الأحكام.
والتبديل : التغيير بالبدل.(1/259)
المثل : الصفة والنعت. الأكابر واحدهم أكبر أو كبير : وهو الرئيس ، والمجرمون :
فاعلو الإجرام ، والإجرام : هو ما فيه الفساد والضرر من الأعمال ، والقرية. البلد الجامع للناس (العاصمة فى عرف هذا العصر) وقد تطلق بمعنى الشعب أو الأمة ، ويرادفها البلد فى اصطلاح هذا العصر فيقولون ثروة البلد ، مصلحة البلد ويريدون الأمة ، والمكر :
صرف المرء غيره عما يريده إلى غيره بضرب من الحيلة فى الفعل ، أو الخلابة فى القول.(1/260)
الصغار والصّغر (بالتحريك) : الذل والهوان جزاء الكفر والطغيان ، وهو قلة فى الأمور المعنوية. والصّغر (بزنة عنب) قلة فى الأمور الحسية ، والصاغر : الراضي بالمنزلة الدنيّة. وشرح الصدر : توسعته ، ويراد به جعل النفس مهيأة لحلول الحق فيها وخلوها مما يكدرها ، والضيق (بالتشديد والتخفيف) كهين وهين : ضد الواسع.
والحرج : شديد الضيق من الحرجة وهى الشجر الكثير الملتف بعضه ببعض بحيث يصعب الدخول فيه. روى أن عمر سأل أعرابيا من بنى مدلج عن الحرجة فقال :
هى الشجرة تكون بين الأشجار لا تصل إليها راعية ولا وحشية ، فقال عمر : كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شىء من الخير. والرجس : كل ما يستقذر حسا أو عقلا أو شرعا ، أو هو ما لا خير فيه ، أو هو اللعنة فى الدنيا والعذاب فى الآخرة ، صراط ربك :
أي طريقه الذي ارتضاه وسنته التي اقتضتها حكمته ، والمستقيم : ما لا اعوجاج فيه ولا زيغ ، دار السلام : هى الجنة ، أو هى دار السلامة من المنغّصات والكروب ، وليهم :
أي متولى أمورهم وكافيهم كل ما يهمّهم.(1/261)
المعشر والنفر والقوم والرهط : الجمع من الرجال فحسب ، ولا واحد لها من لفظها ، وقال الليث : المعشر كل جماعة أمرهم واحد نحو معشر المسلمين ومعشر الكافرين ، ويطلق على الإنس والجن بدليل الآية ، واستكثر : أخذ الكثير ، يقال استكثر من الطعام : أكل كثيرا ، وأولياؤهم : هم الذين تولوهم أي أطاعوهم فى وسوستهم وما ألقوه إليهم من الخرافات والأوهام ، والاستمتاع بالشيء : جعله متاعا ، والمتاع ما ينتفع به انتفاعا طويلا ممتدا وإن كان قليلا ، وبلغنا أجلنا : أي وصلنا يوم البعث والجزاء ، والمثوى : مكان الثواء ، أي الإقامة والسكنى ، والخلود : المكث الطويل غير المؤقت بوقت.(1/262)
يذهبكم أي يهلككم ، يستخلف ، أي ينشىء الذرية والنسل ، بمعجزين أي جاعلى من طلبكم عاجزا غير قادر على إدراككم ، والمكانة : الحال التي هم عليها ، والدار :
هى الدنيا ، والمراد بالعاقبة : عاقبة الخير إذ لا اعتداد بعاقبة الشر ، لأن اللّه جعل الدنيا مزرعة الآخرة ، وقنطرة المجاز إليها ، وأراد من عباده أعمال الخير لينالوا حسن العاقبة.(1/263)
ذرأ : أي خلق على وجه الاختراع والإبداع ، لشركائنا : أي الأوثان التي يتقربون بعبادتها إلى اللّه تعالى ، لشركائهم أي سدنة الآلهة وخدمها ، أو الشياطين الذين يوسوسون لهم ما يزين ذلك فى أنفسهم ، ويردوهم : أي يهلكوهم بالإغواء ، وليلبسوا أي يخلطوا ، حجر : أي محجور ممنوع ، كما قالوا : ذبح وطحن أي مذبوح ومطحون ، وجزاه بكذا جعله جزاء له على عمله قال تعالى : « أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا » وصفهم : أي جزاء وصفهم.(1/264)
الإنشاء : إيجاد الأحياء وتربيتها وكل ما يكمل بالتدريج كإنشاء السحاب والدور والشعر ، والجنات البساتين والكروم الملتفة الأشجار ، لأنها تجنّ الأرض وتسترها ، والمعروشات : المحمولات على العرائش ، وهى الدعائم التي يوضع عليها مثل السقف من العيدان والقصب ، وغير المعروشات : ما لم يعرش منها ، والمراد أن الجنات نوعان :
معروشات كالكروم ، وغير معروشات من سائر أنواع الشجر الذي يستوى على سوقه ولا يتسلق على غيره ، والأكل (بضم الهمزة والكاف) ما يؤكل ، متشابها أي فى النظر ، وغير متشابه أي فى الطعم ، والحمولة : الكبير من الإبل والبقر الذي يحمل عليه الناس الأثقال ، والفرش : ما يفرش للذبح من الضأن والمعز وصغار الإبل والبقر ، أو هو ما يتخذ الفرش من صوفه ووبره وشعره والخطوات واحدها خطوة (بالضم) :
و هى المسافة التي بين القدمين ، ما اشتملت عليه الأرحام : هى الأجنّة.(1/265)
الطاعم : الآكل ، والميتة : البهيمة ماتت حتف أنفها ، والمسفوح : المصبوب السائل كالدم الذي يجرى من المذبوح ، رجس أي قذر قبيح ، الإهلال : رفع الصوت ، والمراد به الذبح باسم الأصنام ، اضطر أي أصابته الضرورة الداعية إلى تناول شىء منه ، وباغ : أي طالب لذلك قاصد له ، عاد : أي متجاوز قدر الضرورة ، الذين هادوا :
هم اليهود لقولهم : « إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ » أي رجعنا وتبنا ، الظفر للانسان وغيره مما لا يصيد ، والمخلب لما يصيد ، والشحم : ما يكون على الأمعاء والكرش والكلى من المادة الدهنية ، حملت ظهورها أي علقت بها ، والحوايا : المباعر أو المرابض (مجتمع الأمعاء فى البطن) أو المصارين والأمعاء ، بأسه : أي عذابه.(1/266)
الخرص : الحزر والتخمين ويراد به لازمه وهو الكذب ، الحجة : الدلالة المبينة للقصد المستقيم ، هلم أي أحضروا ، يعدلون أي يتخذون له مثلا وعديلا يعادله ويشاركه.(1/267)
قيما ، أي يقوم به أمر الناس فى معاشهم ومعادهم ، حنيفا أي مائلا عن الأديان الباطلة ، والنسك : العبادة ، ومحياى ومماتى للّه : أي وما آتيه فى حياتى وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح كله للّه رب العالمين ، الوزر لغة الحمل الثقيل ، ووزره يزره حمله يحمله ، والخلائف واحدهم خليفة ، وهو من يخلف من كان قبله فى مكان أو عمل أو ملك ، والابتلاء الاختبار والامتحان.(1/268)
سورة الأعراف
(المص) هذه حروف تكتب بصورة كلمة من ذوات الأربعة الأحرف ، لكنا نقرؤها بأسماء هذه الأحرف فنقول : ألف. لام. ميم. صاد.
وحكمة افتتاح هذه السورة وأمثالها بأسماء الحروف التي ليس لها معنى مفهوم غير مسماها الذي تدل عليه - تنبيه السامع إلى ما سيلقى إليه بعد هذا الصوت من الكلام حتى لا يفوته منه شىء فكأنه أداة استفتاح بمنزلة ألا وها التنبيه.
وبالاستقراء نرى أن السور التي بدئت بها وبذكر الكتاب ، هى التي نزلت بمكة لدعوة المشركين إلى الإسلام وإثبات النبوة والوحى ، وما نزل منها بالمدينة كالزهراوين البقرة وآل عمران ، فالدعوة فيه موجهة إلى أهل الكتاب ، وهكذا الحال فى السور : مريم والعنكبوت والروم وص ون ، فإن ما فيها يتعلق بإثبات النبوة والكتاب كالفتنة فى الدين بإيذاء الضعفاء لإرجاعهم عن دينهم بالقوة القاهرة ، والإنباء بقصص فارس والروم ونصر اللّه للمؤمنين على المشركين ، وكان هذا من أظهر المعجزات الدالة على نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم.
ويرى بعض العلماء أنها أسماء للسور ، والأسماء المرتجلة لا تعلّل ، كما يرى آخرون أن الحكمة فى ذكرها بيان إعجاز القرآن بالإشارة إلى أنه مركب من هذه الأحرف المفردة التي يتألف منها الكلام العربي ومع ذلك لا يستطيعون أن يأتوا بمثله ، ليؤديهم النظر إلى أنه ليس من كلام البشر ، بل من كلام خالق القوى والقدر والحرج :
الضيق من عاقبة المخالفة ، والذكرى : التذكر النافع والموعظة المؤثرة ، وولاية اللّه لعباده :
تولى أمورهم فبما لا يصل إليه كسبهم من هدايتهم ونصرهم على أعدائهم ، وشرعه لهم عبادته وبيان الحرام والحلال ، و(ما) فى قوله قليلا ما - حرف يؤكد معنى القلة ، وتذكرون : أصله تتذكرون حذفت منه إحدى التاءين(1/269)
(كَمْ) اسم يفيد التكثير ، والقرية : تطلق على الموضع الذي يجتمع فيه الناس وعلى الناس معا ، وتطلق على كل منهما كما جاء فى قوله : « وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ » أي أهل
القرية ، والقرية هنا تصلح لأن يراد بها القوم أنفسهم ، وأن يراد بها المكان لأنه يهلك كما يهلك أهله ، والبيات : الإغارة على العدو ليلا والإيقاع به على غرّة ، والبأس : العذاب والقائلون : هم الذين ينامون استراحة وسط النهار أي حين القائلة يقال : قال يقيل قيلا وقيلولة ، والدعوى : ما يدعيه الإنسان ، وتطلق على القول أيضا.(1/270)
مكناكم فى الأرض ، أي جعلنا لكم فيها أمكنة تتبوءونها وتتمكنون من الإقامة فيها ، والمعايش واحدها معيشة : وهى ما تكون به العيشة والحياة الجسمانية الحيوانية من المطاعم والمشارب وغيرها ، وهى ضربان :
(1) ما يحصل بخلق اللّه ابتداء كالثمار وغيرها.
(2) ما يحدث بالا كتساب.
وكلاهما إنما يحصل بفضل اللّه وإقداره وتمكينه ، فيكون الكل إنعاما من اللّه ، وذلك مما يوجب طاعته.(1/271)
الخلق : التقدير ، يقال خلق الخياط الثوب : أي قدّره قبل قطعه ، وخلق اللّه الخلق : أوجدهم على تقدير أوجبته الحكمة ، والهبوط : الانحدار والسقوط من مكان إلى ما دونه أو من منزلة إلى ما دونها ، فهو إما حسى وإما معنوى ، والتكبر : جعل الإنسان نفسه أكبر مما هى عليه ، والصغار : الذلة والهوان ، وأنظره : أخره ، والإغواء :
الإيقاع فى الغواية : وهى ضد الرشاد ، وذأم الشيء : عابه ، ودحر الجند العدو ، طرده وأبعده.(1/272)
أصل الوسوسة : الصوت الخفي المكرر ، ومنه قيل لصوت الحلي وسوسة ، ووسوسة الشيطان للبشر : ما يجدونه فى أنفسهم من الخواطر الرديئة التي تزيّن لهم ما يضرهم فى أبدانهم أو أرواحهم ، وروى الشيء : غطّى وستر ، والسوءة : ما يسوء الإنسان أن يراه غيره من أمر شائن وعمل قبيح ؟ وإذا أضيفت إلى الإنسان أريد بها عورته الفاحشة ، لأنه يسوءه ظهورها بمقتضى الحياء الفطري. من الخالدين : أي الذين لا يموتون أبدا ، وقاسمهما : أي أقسم وحلف لهما ، ودلّى الشيء تدلية : أرسله إلى أسفل رويدا رويدا ، والغرور : الخداع بالباطل ، طفقا : أي أخذا وشرعا ، يخصفان :
أي يرقعان ويلزقان ورقة فوق ورقة من قولهم : خصف الإسكافي النعل : إذا وضع عليها مثلها.(1/273)
الريش : لباس الحاجة والزينة ، ولباس التقوى : ما يلبس من الدروع والجواش والمغافر وغيرها مما يتّقى به فى الحرب ، والفتنة : الابتلاء والاختبار ، من قولهم : فتن الصائغ الذهب أو الفضة إذا عرضهما على النار ليعرف الزّيف من النّضار ، والقبيل :
الجماعة كالقبيلة ، وقيل القبيلة : من كان لهم أب واحد ، والقبيل أعم.(1/274)
الفاحشة : الفعلة المتناهية فى القبح ، والمراد بها هنا طواف أهل الجاهلية عراة كما ولدتهم أمهاتهم ويقولون : لا نطوف بيت ربنا فى ثياب عصيناه بها ، والقسط :
الاعتدال فى جميع الأمور ، وهو الوسط بين الإفراط والتفريط ، وإقامة الشيء : إعطاؤه حقه وتوفيته شروطه كإقامة الصلاة وإقامة الوزن بالقسط ، والوجه : قد يطلق على العضو المعروف من الإنسان كما فى قوله « فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ » وقد يطلق على توجه القلب وصحة القصد كما فى قوله : « فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً »(1/275)
الفواحش : واحدها فاحشة ، وهى الخصلة التي يقبح فعلها لدى أرباب الفطر السليمة والعقول الراجحة ، ويطلقونها أحيانا على الزنا والبخل والقذف بالفحشاء والبذاء المتناهي فى القبح. والإثم لغة : القبيح الضار ، وهو شامل لجميع المعاصي كبائرها كالفواحش وصغائرها كالنظر بشهوة لغير الحليلة ، والبغي : تجاوز الحد : وقد قالوا بغى الجرح :
إذا تجاوز الحد فى الفساد ، ومنه قوله تعالى : « فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ » .(1/276)
المراد بالآيات هنا : الآيات الدالة على أصول الدين وأحكام الشرع كالأدلة على وجود اللّه ووحدانيته ، والأدلة على النبوة والبعث يوم القيامة ، والجمل : هو البعير البازل أي الذي طلع نابه ، وسمّ الخياط : ثقب الإبرة ، وأصل الإجرام : قطع الثمرة من الشجرة ، ثم استعمل فى كل إفساد كإفساد الفطرة بالكفر وما يترتب على ذلك من الخرافات والمعاصي ، والمهاد : الفراش ، والغواشي : واحدها غاشية ، وهى ما يغشى الشيء أي يغطّيه ويستره كاللحاف ونحوه.(1/277)
الوسع : ما يقدر عليه الإنسان حال السعة والسهولة ، لا حال الضيق والشدة ، والنزع : قلع الشيء من مكانه ، والغل : الحقد من عداوة أو حسد ، أورثتموها ، أي صارت إليكم بلا منازع كما يصير الميراث إلى أهله.(1/278)
الوعد خاص بما كان فى الخير ، أو يشمل الخير والشر وهو الصحيح ، والوعيد خاص بالشر أو السوء ، فتسمية ما كان لأهل النار وعدا إما من قبيل التهكم أو للمشاكلة ، والتأذين : رفع الصوت بالإعلام بالشيء ، واللعنة : الطرد والإبعاد مع الخزي والإهانة ، وصدّ عن الشيء : أعرض عنه ، وعوجا : أي ذات عوج أي غير مستوية ولا مستقيمة حتى لا يسلكها أحد ، والعوج (بفتح العين) مختص بالمرئيات (وبكسر العين) مختص بما ليس بمرئىّ كالرأى والقول ، والحجاب هو السور الذي بين الجنة والنار كما قال فى سورة الحديد : « فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ » والأعراف واحدها عرف (بزنة قفل) وهو أعلى الشيء وكل مرتفع من الأرض وغيرها ، ومنه عرف الديك والفرس والسحاب ، والسيما والسيمياء : العلامة ، وصرفت أي حوّلت. والتلقاء : جهة اللقاء ، وهى جهة المقابلة ، يقال فلان تلقاء فلان إذا كان حذاءه.(1/279)
الكتاب هو القرآن الكريم ، والتفصيل جعل المسائل المراد بيانها مفصولا بعضها من بعض بما يزيل اشتباهها وينظرون أي ينتظرون ، وتأويله أي عاقبته ، والحق هو الأمر الثابت ، والخسران : الغبن ، وضل عنهم ، أي غاب عنهم.(1/280)
الرب : هو السيد والمالك والمدبر والمربى ، والإله : هو المعبود الذي يدعى لكشف الضر أو جلب النفع ويتقرب إليه بالأقوال والأعمال التي يرجى أن ترضيه ، واللّه : اسم الخالق الخلق أجمعين ، ولا يثبت الموحّدون ربا سواه ، وأكثر المشركين يقولون إنه أكبر الأرباب أو رئيسهم وأعظم الآلهة ، وكان مشركوا العرب لا يثبتون ربا سواه ، وإنما يعبدون آلهة تقربهم إليه ، والسموات والأرض : يراد بهما العالم العلوي والعالم السفلى ، واليوم : الزمن الذي يمتاز عن غيره بما يحدث فيه كامتياز اليوم المعروف بما يحده من النور والظلام ، وامتياز أيام العرب بما كان يقع فيها من الحرب والخصام ، وليست هذه الأيام الستة من أيام الأرض وهى التي مجموع ليلها ونهارها أربع وعشرون ساعة ، فإن هذه إنما وجدت بعد خلق هذه الأرض ، فكيف يعدّ خلقها بأيام منها ، ولأن اللّه تعالى يقول « وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ » ويقول فى وصف يوم القيامة « فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ » والعرش لغة : كل شىء له سقف ، ويطلق على هودج للمرأة يشبه عريش الكرم ، وعلى سرير الملك وكرسيه فى مجلس الحكم والتدبير ، والاستواء لغة : استقامة الشيء واعتداله ، واستوى الملك على عرشه أي ملك ، وثلّ عرشه أي هلك ، وغشّى الشيء الشيء : ستره وغطاه ، وأغشاه إياه : جعله يغشاه أي يغطّيه ويستره ، ومنه إغشاء الليل النهار ، وحثيثا أي مسرعا ، من قولهم فرس حثيث السير أي سريعه ، بأمره أي بتدبيره وتصرفه. مسخرات أي مذلّلات خاضعات لتصرفه ، منقادات لمشيئته والخلق : التقدير والمراد هنا الإيجاد بقدر تبارك اللّه : تعاظمت بركاته والبركة : الخير الكثير الثابت.(1/281)
التضرع : التذلل ، وهو إظهار ذل النفس من قولهم ضرع فلان لفلان وتضرّع له : إذا أظهر الذل فى معرض السؤال ، والخفية : ضد العلانية من أخفيت الشيء أي سترته ، والاعتداء : تجاوز الحدود ، ومحبة اللّه للعمل : ثوابه عليه ، ومحبته للعامل :
رضاه عنه.(1/282)
الريح : الهواء المتحرك ، والرياح عند العرب أربع بحسب مهابّها من الجهات الأربع : الشّمال والجنوب ، وسميا كذلك باسم الجهة التي يهبان منها. والصّبا أو القبول وهى الشرقية وقد ينسبونها إلى نجد كما ينسبون الجنوب إلى اليمن والشمال إلى الشام.
والدّبور ، وهى الغربية. والريح التي تنحرف عن الجهات الأصلية فتكون بين اثنتين منها يسمى النّكباء.
قال الراغب : كل موضع ذكر اللّه فيه إرسال الريح بلفظ الواحد كان للعذاب وكل موضع ذكر فيه بلفظ الجمع كان للرحمة ،
وفى الخبر « إنه صلى اللّه عليه وسلم كان يجثو على ركبتيه حين هبوب الرياح ويقول : اللهم اجعلها لنا رياحا ولا تجعلها ريحا ، اللهم لا تقتلنا بغضبك ، ولا تهلكنا بعذابك ، وعافنا قبل ذلك » .
وبشرا : مخفف بشرا واحدها بشير : كغدر جمع غدير ، والرحمة هنا المطر ، وأقلّت : رفعت قال فى المصباح : كل شىء حملته فقد أقللته ، والسحاب : الغيم واحده سحابة ، والثقال منه : المشبعة ببخار الماء ، وسقناه : سيرناه ، والبلد والبلدة : الموضع من الأرض عامرا كان أو خلاء ، وبلد ميت : أرض لا نبات فيها ولا مرعى ، والثمرات واحدها ثمرة ، والثمرة واحدة الثمر : وهو الحمل الذي تخرجه الشجرة سواء أكل أولا ، فيقال ثمر الأراك وثمر النخل والعنب ، والنكد كل شىء خرج إلى طالبه بتعسر يقال رجل نكد (بفتح الكاف وكسرها) وناقة نكداء : خفيفة الدر صعبة الحلب ، والتصريف : تبديل الشيء من حال إلى حال ، ومنه تصريف الرياح.(1/283)
اليوم هنا : يوم القيامة ، والملأ : أشراف القوم لأنهم يملئون العيون بهجة ورواء بتأنقهم فى زيّهم وتجميل منظرهم ، والنصح : الإرشاد إلى المصلحة مع خلوص النية
من شوائب المكر ، والذكر : الموعظة ، وعلى رجل أي على لسانه ، منكم أي من جنسكم ، والفلك : السفينة ، وعمين واحدهم عم : وهو ذو العمى ، أو هو خاص بعمى القلب والبصيرة ، والأعمى أعمى البصر كما قال زهير :
وأعلم علم اليوم والأمس قبله ولكننى عن علم ما فى غد عمى(1/284)
الأخ هنا : الأخ فى النسب ، وتقول العرب فى أخوة الجنس يا أخا العرب ، والسفاهة : خفة العقل ، والآلاء واحدها ألى : وهى النعمة ، والرجس : العذاب ، والغضب : الانتقام ، والمجادلة : المماراة والمخاصمة ، والسلطان : الحجة والدليل ، والدابر :
الآخر ، ويراد به الاستئصال أي أهلكناهم جميعا.(1/285)
ثمود : قبيلة من العرب كانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى ، سميت باسم جدهم ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن نوح وأخوّة صالح لهم :
أخوة فى النسب كأخوة هود لقومه ، والبينة : المعجزة الظاهرة الدلالة ، واذكروا أي تذكروا ، وبوأكم فى الأرض أي أنزلكم فيها وجعلها مباءة لكم ، والأرض : أرض الحجر بين الحجاز والشام ، والنحت : نحر الشيء الصّلب ، والعيث والعثى : الفساد ، استكبروا : عتوا وتكبروا ، وعقروا الناقة : نحروها ، وأصل العقر الجرح ، وعقر الإبل :
قطع قوائمها ، وكانوا يفعلون ذلك بها قبل نحرها لتموت فى مكانها ولا تنتقل ، وعتوا :
تمردوا مستكبرين ، التمرد ، والامتناع إما عن عجز وضعف ، ومنه عتا الشيخ عتيا : إذا أسنّ وكبر ، وإما عن قوة كعتو الجبارين والمستكبرين ، ويقولون نخلة عاتية : إذا كانت عالية يمتنع جناها على من يريدها إلا بمشقة التسلق والصعود ، الرجفة : المرة من الرجف وهو الحركة والاضطراب ، يقال رجف البحر : إذا اضطربت أمواجه ورجفت الأرض : زلزلت واهتزت ، ورجف القلب والفؤاد من الخوف ، ودار الرجل :
ما يسكنها هو وأهله ، ويطلق على البلد وهو المراد هنا ، وجثم الناس : قعدوا لا حراك بهم ، قال أبو عبيدة : الجثوم للناس والطير كالبروك للإبل(1/286)
لوط : هو لوط بن حاران ابن أخى إبراهيم عليه السلام ، ولد فى (أور الكدانيين) فى الطرف الشرقي من جنوب العراق وكانت تسمى أرض بابل ، وكان قد سافر بعد موت والده مع عمه إبراهيم صلى اللّه عليه وسلم إلى ما بين النهرين وكان يسمى جزيرة قورا ، وهناك كانت مملكة أشور ، ثم أسكنه إبراهيم شرقى الأردن لجودة مراعيها ، وكان فى ذلك المكان المسمى بعمق السديم بقرب البحر الميت أو بحر لوط ، قرى خمس ، سكن لوط فى إحداها المسماة بسدوم ، وكانت تعمل الخبائث ولا يوجد الآن ما يدل على موضعها بالتحديد ، وبعض الناس يقول : إن البحر قد غمرها ولا دليل لهم على ذلك(1/287)
يقال بخسه حقه أي نقصه ، والإفساد : شامل لإفساد نظام الاجتماع بالظلم وأكل أموال الناس بالباطل ، وإفساد الأخلاق والآداب : بارتكاب الإثم والفواحش ،
وإفساد العمران بالجهل وعدم النظام ، وإصلاحها : هو إصلاح حال أهلها بالعقائد الصحيحة والأعمال الصالحة المزكّية للأنفس ، والأعمال المرقية للعمران المحسّنة لأحوال المعيشة ، والصراط : الطريق ، وتوعدون : تخوّفون الناس. وروى عن ابن عباس أنهم كانوا يجلسون فى الطريق فيقولون لمن أتى إليهم إن شعيبا كذاب ، فلا يفتنّنكم عن دينكم ، فكثّركم أي بما بارك فى نسلكم.(1/288)
الرجف : الحركة والاضطراب ، والمراد بها الزلزلة ، ومنه : « يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ » وغنى بالمكان يغنى : كرضى يرضى ، إذا نزل به وأقام فيه ، والأسى :
شدة الحزن.(1/289)
القرية : المدنية الجامعة لزعماء الأمة ورؤسائها (العاصمة) والبأساء : الشدة والمشقة كالحرب والجدب وشدة الفقر ، والضراء : ما يضر الإنسان فى بدنه أو نفسه أو معيشته ، والأخذ بها : جعلها عقابا لهم ، والتضرع : إظهار الضراعة أي الضعف والخضوع ، وعفوا : كثروا ونموا ، من قولك : عفا النبات والشعر إذا كثر ، وبغتة : فجأة.(1/290)
بركات السماء : تشمل معارف الوحى العقلية ونفحات الإلهام الربانية ، والمطر ونحوه مما يوجب الخصب والخير فى الأرض ، وبركات الأرض : الخصب والمعادن ونحوهما ، والبأس : العذاب وبياتا : أي وقت بيات وهو الليل ، والضحى : انبساط الشمس وامتداد النهار ويسمى به الوقت ، ويلعبون : أي يلهون من فرط غفلتهم ، المكر : التدبير الخفي الذي يفضى بالممكور به إلى ما لا يحتسب ، وهداه السبيل وهداه إليه وهداه له : أي دلّه عليه وبيّنه له.(1/291)
العهد : الوصية. والوصية تارة يراد بها إنشاؤها وإيجادها ، وأخرى يراد بها ما يوصى به ، ويقال عهدت إليه بكذا أي وصيته بفعله أو حفظه ، وهو إما أن يكون بين طرفين وهو المعاهدة ، وإما من طرف واحد بأن يعهد إليك بشىء أو تلزم بشىء ، والميثاق : هو العهد الموثّق بضرب من ضروب التوكيد.
وقال الراغب : عهد اللّه تارة يكون بما ركزه فى عقولنا ، وتارة يكون بما أمرنا به فى الكتاب وألسنة رسله ، وتارة بما نلتزمه وليس بلازم فى أصل الشرع كالنذور وما يجرى مجراها ا ه.
والفسوق : الخروج عن كل عهد فطرى وشرعى بالنكث والغدر وغير ذلك من المعاصي ، ووجدنا الأولى بمعنى : ألفينا. والثانية بمعنى : علمنا.(1/292)
موسى : هو موسى بن عمران (بكسر العين) وأهل الكتاب يقولون : (عمرام) بفتح أوله ، وإنما سمى موسى لأنه ألقى بين ماء وشجر ، فالماء بالقبطية (مو) والشجر :
(سى) وذلك أن أمه وضعته بعد ولادته فى تابوت : (صندوق) وأقفلته إقفالا محكما وألقته فى (نهر النيل) خوفا من فرعون وحكومته أن يعلموا به فيقتلوه ، إذ كانوا يذبحون ذكور بنى إسرائيل عند ولادتهم ويتركون نساءهم.
وفرعون لقب لملوك مصر القدماء كلقب قيصر لملوك الروم وكسرى لملوك الفرس.
والراجح لدى كثير ممن يعنون بالتاريخ المصري القديم أن فرعون موسى هو الملك منفتاح وكان يلقب بسليل الإله. (رع) أي الشمس وقد كتب بجانب هيكله الذي بدار الآثار المصرية الآية الكريمة : « فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً » .
والملأ أشراف القوم ، وظلموا بها : جحدوا بها وكفروا ، وحقيق : أي جدير وخليق به ، يقولون أنت حقيق بكذا كما يقول : أنت جدير به وخليق به ، والنزع : إخراج الشيء من مكانه ، وتأمرون : أي تشيرون فى أمره ، يقولون : مرنى بكذا على معنى : أشر علىّ وأدل برأيك ، وأرجئ : أي أرجئ أمره وأخره ولا تفصل فيه بادى الرأى ، وفى المدائن أي مدائن ملكت ، وحاشرين أي جامعين سائقين السحرة منها ، وعليم : أي بفنون السحر ، ماهر فيها(1/293)
لقف الشيء وتلقفه : تناوله بحذق وسرعة ، والمأفوك : المصروف عن وجهه الذي يحق أن يكون عليه ، ومن ثم يقال للرياح التي عدلت عن مهابها مؤتفكة كما قال :
« وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ » وقال : « قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ » أي يصرفون عن الحق فى الاعتقاد إلى الباطل ، وعن الصدق فى المقال إلى الكذب ، وعن الجميل فى الفعل إلى القبيح ، فالإفك يكون بالقول كالكذب وقد يكون بالفعل كعمل سحرة فرعون ، وانقلبوا عادوا ، وصاغرين أي أذلة بما رزئوا به من الخذلان والخيبة ، وألقى السحرة ساجدين : أي خرّوا سجدا لأن الحق بهرهم واضطرهم إلى السجود(1/294)
المكر : صرف الإنسان عن مقصده بحيلة ، وهو نوعان : محمود ويراد به الخير.
ومذموم يقصد به الشر ، وتقطيع الأيدى والأرجل من خلاف أن تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى والعكس بالعكس ، والصلب الشد على خشبة ونحوها ، وشاع فى تعليق الشخص بنحو حبل فى عنقه ليموت وهو المتعارف اليوم - ونقمت الشيء :
إذا أنكرته إما باللسان وإما بالعقوبة كما قال تعالى « وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ » - « وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ » وأفرغ علينا : أي أفض علينا صبرا يغمرنا كما يفرغ الماء من القرب.(1/295)
كثر استعمال الأخذ فى العذاب كقوله « وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ » وآل فرعون : قومه وخاصته وأعوانه فى أمور الدولة ، وهم الملأ من قومه ولا يستعمل هذا اللفظ إلا فيمن يختص بالإنسان بقرابة قريبة كما قال عز اسمه « وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ » أو بموالاة ومتابعة فى الرأى كما قال « أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ » والسنون ، واحدها سنة : وهى بمعنى الحول ولكن أكثر ما تستعمل فى الحول الذي فيه الجدب كما هنا بدليل نقص الثمرات ، والمراد بالحسنة هنا : الخصب والرخاء ، وبالسيئة : ما يسوءهم من جدب وجائحة أو مصيبة فى الأبدان والأرزاق ، ويطيروا يتشاءموا ، وسر إطلاق التطير على التشاؤم أن العرب كانت تتوقع الخير والشر مما تراه من حركة الطير فإذا طارت من جهة اليمين تيمنت بها ورجت الخير والبركة ، وإذا طارت من جهة الشمال تشاءمت وتوقعت الشر ، ويسمى الطائر الأول السانح ، والثاني البارح ، وسموا الشؤم طيرا وطائرا والتشاؤم تطيرا.
الطوفان لغة : ما طاف بالشيء وغشيه ، وغلب فى طوفان الماء سواء كان من السماء أو الأرض ، والقمل (بضم القاف وتشديد الميم المفتوحة) هو السوس الذي يخرج من الحنطة ، وقيل هو صغار الجراد ، وقال الراغب : هو صغار الذباب ، والدم : هو الرعاف وقيل هو دم كان يحدث فى مياه المصريين.(1/296)
الرجز : العذاب الذي يضطرب له الناس فى شئونهم ومعايشهم ، وذلك شامل لكل نقمة وجائحة أنزلها اللّه على قوم فرعون كالخمس التي ذكرت قبل ، والعهد :
النبوة والرسالة ، والنكث لغة : نقض ما غزل أو ما فتل من الحبال ثم استعمل فى الحنث فى العهود والمواثيق ، واليمّ : البحر فى اللغة المصرية الموافقة للغة العربية فى كثير من مفرداتها مما يدل على أن أصل الأمتين واحد.(1/297)
مشارق الأرض ومغاربها : يراد بها جميع نواحيها والمراد بها أرض الشام ، وتمام الشيء : وصوله إلى آخر حده ، وكلمة اللّه : هى وعده لبنى إسرائيل بإهلاك عدوهم واستخلافهم فى الأرض : « عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ » والتدمير : إدخال الهلاك على السالم ، والخراب على العامر ، والعرش : رفع لنبانى والسقائف للنبات والشجر المتسلّق كعرائش العنب : ومنه عرش الملك.(1/298)
جاز الشيء وجاوزه وتجاوزه : عدّاه وانتقل عنه ، والعكوف على الشيء : الإقبال عليه وملازمته تعظيما له ، والأصنام واحدها صنم : وهو ما يصنع من الخشب والحجر أو المعدن مثالا لشىء حقيقى أو خيالى ليعظّم تعظيم العبادة وقد اتخذ بعض العرب فى الجاهلية أصناما من عجوة التمر فعبدوها ثم جاعوا فأكلوها ، والتمثال لا بد أن يكون مثالا لشىء حقيقى ، وقد يكون للعبادة فيسمى صنما ، وقد يكون للزينة الذي يكون على جدران بعض القصور أو أبوابها أو فى حدائقها ، وقد يكون للتعظيم غير الديني كالتماثيل التي تنصب لبعض الملوك وكبار العلماء والقواد للتذكير بتاريخهم وأعمالهم للاقتداء بهم.
والتعظيم الديني يكون الغرض منه التقرب من المعبود وطلب ثوابه بدفع ضرر أو جلب منفعة من طريق الغيب باعتقاد أن له سلطة غيبية أو تعظيم ما يذكر به من صورة أو تمثال أو قبر أو غير ذلك من آثاره لأجل التقرب إليه وقصد الانتفاع به فى الأمور التي لا تنال بالأسباب العامة ، وكل ذلك عبادة له وللّه بالاشتراك ، وهذا مظهر من مظاهر الشرك الجلى التي تعتبر كفرا مهما اختلفت تسميتها ، والتبار والتّبر :
الهلاك ، والتتبير : الإهلاك والتدمير ، فيقال تبّره : أهلكه ودمره ، وباطل : أي هلك وزائل لا بقاء له ، وبغى الشيء وابتغاه : طلبه.(1/299)
الميقات : الوقت الذي يقرر فيه عمل من الأعمال كمواقيت الحج ، اخلفني : أي كن خليفتى ، وجلا الشيء والأمر وانجلى وتجلى وجلّاه فتجلى : إذا انكشف ووضح بعد خفاء فى نفسه أو على مجتليه وطالبه ، والدكّ : الدق ، والخرّ والخرور : السقوط من علو ، والانكباب على الأرض كما قال « يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً » وصعقا أي صاعقا صائحا مغشيا عليه ، وأفاق : أي رجع إليه عقله وفهمه بعد ذهابهما بالغشيان. والاصطفاء :
اختيار صفوة الشيء أي خالصه الذي لا شائبة فيه ، بقوة أي بجد وعزيمة وحزم.(1/300)
التكبر : التكثر من الكبر ، وهو غمط الحق بعدم الخضوع له ، ويصحبه احتقار الناس ، فصاحبه يرى أنه أكبر من أن يخضع لحق أو يساوى نفسه بشخص ، والرشد والرشد والرشاد كالسقم والسقم والسّقام : الصلاح والاستقامة ، وضده الغىّ والفساد ، والآيات الأولى : هى البينات والدلائل ، والثانية هى الآيات المنزلة من حبث اشتمالها على الهداية وتزكية النفوس.(1/301)
الحلىّ (بالضم والتشديد) واحدها حلى (بالفتح والتخفيف). والعجل : ولد البقرة من العراب أو الجواميس كالحوار لولد الناقة والمهر لولد الفرس ، والجسد : الجثة وبدن الإنسان والشيء الأحمر كالذهب والزعفران والدم الجاف ، والخوار : صوت البقر كالرغاء لصوت الإبل ، وسقط فى يده وأسقط فى يده (بضم أولهما على البناء للمفعول) أي ندم ، ويقولون فلان مسقوط فى يده وساقط فى يده أي نادم. قال فى العباب وتاج العروس :
هذا نظم لم يسمع قبل القرآن ولا عرفته العرب ، وذكرت اليد لأن الندم يحدث فى القلب وأثره يظهر فيها بعضّها أو الضرب بها على أختها كما قال سبحانه فى النادم « فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها » ولأن اليد هى الجارحة العظمى وربما يسند إليها ما لم تباشره كقوله تعالى « ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ » .(1/302)
الأسف : الحزن والغضب ، ويقال أسف من باب تعب حزن وتلهف ، وأسف كغضب وزنا ومعنى ، ويعدّى بالهمزة فيقال : آسفته ، ومن استعمال الأسف بمعنى الحزن قوله تعالى حكاية عن يعقوب « وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ » وبمعنى الغضب قوله :
« فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ » وعجله : سبقه ، وأعجله : استعجله ، وألقى : طرح ، والشماتة : الفرح بالمصيبة.(1/303)
الغضب هنا : هو ما أمروا به من قتل أنفسهم ، والذلة : هى ما يشعرون به من هوانهم على الناس واحتقارهم لهم ، وقيل هى الذلة التي عرتهم عند تحريق إلاههم ونسفه فى اليم نسفا مع عدم قدرتهم على دفع ذلك عنه.(1/304)
السكوت فى اللغة : ترك الكلام ، نسب إلى الغضب على تصويره بصورة شخص ذى قوة ورياسة يأمر وينهى فيطاع ، قال فى الكشاف : هذا مثل كأن الغضب كان يغريه على ما فعل ويقول له قل لقومك كذا وألق الألواح وجرّ برأس أخيك إليك ، فترك النطق بذلك وقطع الإغراء ا ه. وفى نسختها أي ما نسخ وكتب منها فهى من النسخ كالخطبة من الخطاب ، وهدى : بيان للحق ، ورحمة بالإرشاد إلى ما فيه الخير والإصلاح ، والرهبة : أشد الخوف.(1/305)
يقال اختاره من الرجال وانتقاه : اصطفاه من بينهم ، والرجفة : الصاعقة ، والفتنة :
الاختبار والامتحان مطلقا أو بالأمور الشاقة ، والولي. المتولى أمور غيره القائم عليها ، والحسنة فى الدنيا : هى العافية وبسطة الرزق وعز الاستقلال والملك ، وفى الآخرة دخول الجنة ونيل الرضوان ، وهاد يهود وتهود : تاب ورجع إلى الحق فهو هائد وقوم هود ، والنبي من النبأ : وهو الخبر المهم العظيم الشأن وفى لسان الشرع من أوحى اللّه إليه وأنبأه بما لم يكن يعلم بكسبه من خبر أو حكم به يعلم علما ضروريا أنه من اللّه عز وجل ، والرسول : نبى أمره اللّه بتبليغ شرع ودعوة دين وبإقامته والعمل به ولا يشترط أن بكون كتابا يقرأ وينشر ولا شرعا جديدا يعمل به ويحكم بين الناس ، بل قد يكون تابعا لشرع غيره كله كالرسل من بنى إسرائيل الذين كانوا يتبعون التوراة عملا وحكما ، والأمى : الذي لا يقرأ ولا يكتب نسبة إلى الأم ، وأهل الكتاب يلقبون العرب بالأميين كما حكى اللّه عنهم : « ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ » والمعروف :
ما تعرف العقول السليمة حسنه لموافقته للفطرة والمصلحة بحيث لا تستطيع أن ترده أو تعترض عليه إذا ورد به الشرع ، والمنكر : ما تنكره القلوب وتأباه على الوجه المذكور ، والطيب : ما تستطيبه الأذواق من الأطعمة وتستفيد منه التغذية النافعة ، والخبيث من الأطعمة ما تمجّه الطباع السليمة كالميتة والدم المسفوح ، أو تصد عنه العقول الراجحة لضرره فى البدن كالخنزير الذي تتولد من أكله الدودة الوحيدة ، أو لضرره فى الدين كالذى يذبح للتقرب به إلى غير اللّه على سبيل العبادة ، والخبيث من الأموال :
ما يؤخذ بغير حق : كالرياء والرشوة والغلو والسرقة والغصب ونحو ذلك ، والإصر :
الثقل الذي يأصر صاحبه : أي يحبسه من الحركة لثقله ، والأغلال : واحدها غل (بالضم) وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه ويقال لها جامعة أيضا ، والتعزير : الإعانة والنصرة حتى لا يقوى عليه عدو(1/306)
قطعناهم أي صيرناهم قطعا وفرقا كل فرقة منها سبط ، والسبط : ولد الولد مطلقا ، وقد يخص بولد البنت ، وأسباط بنى إسرائيل سلائل أولاده العشرة : أي ماعدا لاوى وسلائل ولدي ابنه يوسف وهما إفرايم ومنسى ، إذ سلائل لاوى نيطت بها خدمة الدين فى جميع الأسباط ولم تجعل سبطا مستقلا ، والأمة : الجماعة التي تؤلف بين أفرادها رابطة خاصة أو مصلحة واحدة أو نظام واحد ، والاستسقاء : طلب الماء للسقيا ، والانبجاس والانفجار واحد ، يقال : بجسه فانبجس وبجّسه فتبجس كما يقال فجره : أي شقه فانفجر ، وقال الراغب : الانبجاس أكثر ما يقال فيما يخرج من شىء ضيق ، والانفجار يستعمل فيه وفيما يخرج من شىء واسع ، والغمام : السحاب مطلقا أو الأبيض منه أو الرقيق ، والمنّ مادة بيضاء تنزل من السماء كالطلّ حلوة الطعم شبيهة بالعسل وإذا جفّت كانت كالصمغ.
والسلوى : طير يشبه السّمانى (السمان) لكنه أكبر منه.(1/307)
القرية : هى أيلة ، وقيل مدين ، وقيل ، طبريّة والعرب تسمى المدينة قرية ، حاضرة البحر : أي قريبة منه على شاطئه ، ويعدون فى السبت : أي يتجاوزون حكم اللّه بالصيد المحرّم عليهم فيه ، وحيتانهم : سمكهم ، ويوم سبتهم : أي تعظيمهم للسبت يقال سبتت اليهود تسبت إذا عظّمت السبت بترك العمل فيه وتخصيصه للعبادة ، وشرّعا : واحدها شارع كركّع وراكع : أي ظاهرة على وجه الماء ، ونبلوهم : نختبرهم ، وأمة منهم : أي جماعة منهم ، والمعذرة : بمعنى العذر وهو التنصل من الذنب ، فمعنى معذرة إلى ربكم : قيام منا بعذر أنفسنا إلى اللّه تعالى ، ونسوا ما ذكروا به : أي تركوه
ترك الناسي وأعرضوا عنه إعراضا تاما ، والسوء. العمل الذي تسوء عاقبته ، والبئيس :
الشديد من البأس وهو الشدة ، أو من البؤس وهو المكروه أو الفقر ، والعتو : الإباء والعصيان ، وخاسئين : أي أذلاء صاغرين.(1/308)
قال سيبويه : أذّن : أعلم ، وأذّن : نادى وصاح للإعلام ومنه « فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ » ومثله تأذن ، ليبعثن : أي ليسلّطن ، ويسومهم : يذيقهم ويوليهم ، وقطعناهم : فرقناهم
أمما : أي جماعات ، دون ذلك : أي منحطون عنهم ، وبلوناهم : امتحناهم ، والحسنات النعم ، والسيئات : النقم ، والخلف : (بسكون اللام) يستعمل فى الأشرار (وبالتحريك) فى الأخيار ، والكتاب : التوراة ، والعرض (بالتحريك) متاع الدنيا وحطامها ، والأدنى : أي الشيء الأدنى والمراد به الدنيا ، ودرسوا ما فيه : أي قرءوه فهم ذاكرون له ، ويمسكون : أي يتمسكون به ويعملون ، ونتقنا الجبل : أي رفعناه كما روى عن ابن عباس ، أو زلزلناه وهو مرفوع ، يقال نتق السقاء : إذا هزه ونفضه ليخرج منه الزبد ، أو اقتلعناه كما هو رأى كثير من العلماء ، والظلة : كل ما أظلك من سقف بيت أو سماء أو جناح طائر والجمع ظلل وظلال.(1/309)
الظهور : واحدها ظهر ، وهو ما فيه العمود الفقرى لهيكل الإنسان الذي هو قوام بنيته فيصح أن يعبر به عن جملة الجسد ، والذرية : سلالة الإنسان من الذكور والإناث ، والشهادة تارة قولية كما قال : الُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا »
الآية ، وتارة تكون حالية كما قال : « ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ » أي حالهم شاهدة عليهم بذلك ، لا أنهم قائلون ذلك.(1/310)
التلاوة : القراءة ، والنبأ : الخبر الذي له شأن ، وانسلاخه منها : كفره بها ونبذه لها من وراء ظهره ، ويقال لكل من فارق شيئا بحيث لا تحدّثه نفسه بالرجوع إليه : انسلخ منه ، وأتبعه : أدركه ولحقه ، قال الجوهري يقال أتبعت القوم إذا سبقوك فلحقتهم ، ومن الغاوين : أي الراسخين فى الغواية بعد أن كان مهتديا ، أخلد إلى الأرض. أي ركن إلى الدنيا ومال إليها واللهث (بالفتح) واللهاث (بالضم) التنفس الشديد مع إخراج اللسان ويكون لغير الكلب من شدة التعب والإعياء أو من العطش وللكلب فى كل حال سواء أصابه ذلك أم لا ، وتحمل عليه. أي تشدّ عليه وتطرده ، وساء الشيء : يسوء فهو سىء إذا قبح ، وساءه يسوءه مساءة ، والمثل : الصفة(1/311)
الذرء : لغة الخلق ، يقال ذرأ اللّه الخلق أي أوجد أشخاصهم ، والخلق : التقدير أي إيجاد الأشياء بتقدير ونظام لا جزافا ، والجن : الأحياء العاقلة المكلفة الخفيّة غير المدركة بالحواس ، والقلب يطلق أحيانا على المضغة الصنوبريّة الشكل فى الجانب الأيسر من جسد الإنسان - وأحيانا على العقل والوجدان الروحي الذي يسمونه أحيانا (بالضمير) وهو محل الحكم فى أنواع المدركات والشعور الوجدانى لما يلائم
أو يؤلم وهو كثير بهذا المعنى فى الكتاب الكريم : « سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ - قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ - أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ » .
وسر استعمال القلب فى هذا المعنى ما يراه الإنسان من انقباض أو انشراح حين الخوف والاشمئزاز أو حين السرور والابتهاج ، والفقه : العلم بالشيء والفهم له ، وفسره الراغب بالتوصل بعلم شاهد إلى علم غائب ، وقد استعمله القرآن فى مواضع كثيرة بمعنى دقة الفهم والتعمق فى العلم ليترتب عليه أثره وهو الانتفاع به ، ومن ثم نفاه عن الكفار والمنافقين لأنهم لم يدركوا كنهه المراد مما نفى فقهه عنهم فقاتتهم المنفعة مع العلم المتمكن من النفس.(1/312)
الأسماء : واحدها اسم ، وهو اللفظ الدالّ على الذات أو عليها مع صفة من صفاتها ، والجنسي : مؤنث الأحسن ، فادعوه بها. أي سمّوه ونادوه بها للثناء عليه أو للسؤال وطلب الحاجات ، وذروا : اتركوا ، والإلحاد : الميل عن الوسط حسا أو معنى ، والأول هو الأصل فيه ، ومنه لحد القبر : وهو ما يحفر فى جانب القبر مائلا عن وسطه وألحد السهم الهدف : أي مال فى أحد جانبيه ولم يصب وسطه ، ومن الثاني ألحد فلان :
مال عن الحق ، سيجزون أي سيلقون جزاء عملهم.(1/313)
الاستدراج : إما مأخوذ من درج الكتاب والثوب وأدرجه : إذا طواه ، وإما : من الدرجة وهى المرقاة ، فعلى الأول سنستدرجهم : أي سنطويهم طىّ الكتاب ونغفل أمرهم كما قال : « وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا » وعلى الثاني سنأخذهم درجة بعد درجة بإدنائهم من العذاب شيئا فشيئا كالمراقى والمنازل فى ارتقائها ونزولها ، والإملاء : الإمداد فى الزمن والإمهال والتأخير من الملوة والملاوة ، وهى الطائفة الطويلة من الزمن ، والملوان : الليل والنهار والكيد كالمكر : هو التدبير الذي يقصد به غير ظاهره بحيث ينخدع المكيد بمظهره فلا يفطن له حتى ينتهى إلى ما يسوءه ، وأكثره احتيال مذموم ، ومنه ما هو محمود يقصد به المصلحة : ككيد يوسف لأخذ أخيه الشقيق من إخوته لأبيه برضاهم ومقتضى شريعتهم ، والمتين : القوى الشديد ، والجنة (بالكسر) نوع من الجنون. والإنذار : التعليم والإرشاد المقترن بالتخويف من مخالفته ، والملكوت : الملك العظيم ، وملكوت السموات والأرض : مجموع العالم ، والحديث : كلام اللّه وهو القرآن ، والطغيان تجاوز الحد فى الباطل والشر من الكفر والفجور والظلم : والعمه. التردد فى الحيرة.(1/314)
الساعة لغة : جزء قليل غير معين من الزمن ، وعند الفلكيين : جزء من أربع وعشرين جزءا متساوية يضبط بآلة تسمى (الساعة) وقد كان ذلك معروفا عند العرب
فقد جاء فى الحديث « يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة »
وقد تطلق بمعنى الوقت الحاضر وبمعنى الوقت الذي تقوم فيه القيامة ، وأكثر استعمال (ساعة) بدون أل فى الكتاب الكريم بمعنى الساعة الزمانية ، وبأل بمعنى الساعة الشرعية ، وهى ساعة خراب العالم وموت أهل الأرض جميعا ، وجاء المعنيان فى قوله تعالى : « وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ. ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ » والغالب التعبير بيوم القيامة عن يوم البعث والحشر الذي يكون فيه الحساب والجزاء والتعبير بالساعة عن الوقت الذي يموت فيه الأحياء فى هذا العالم ويضطرب نظامه ، فالساعة مبدأ ، والقيامة غاية ، وأيان : بمعنى متى ، فهى للسؤال عن الزمان ، ومرساها : أي إرساؤها وحصولها واستقرارها ، ويقال رسا الشيء يرسو : إذا ثبت وأرساه غيره ، ومنه إرساء السفينة وإيقافها بالمرساة التي تلقى فى البحر فتمنعها من الجريان كما قال تعالى : « بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها » وجلّى فلان الأمر تجلية : أظهره أتم الإظهار ، ولوقتها : أي فى وقتها كما يقال كتبت هذا لغرة رمضان : أي فى غرته ، وبغتة فجأة من غير توقع ولا انتظار ، وحفىّ من قولهم : أحفى فى السؤال ألحف ، وهو حفّى عن الأمر : بليغ فى السؤال عنه واستحفيته عن كذا :
استخبرته على وجه المبالغة ، وتحفى بك فلان : إذا تلطف بك وبالغ فى إكرامك.(1/315)
الغيب قسمان : حقيقى لا يعلمه إلا اللّه تعالى ، وإضافى يعلمه بعض الخلق دون بعض ، والخير : ما يرغب الناس فيه من المنافع المادية والمعنوية ، كالمال والعلم ، والسوء ما يرغبون عنه مما يسوءهم ويضرهم ، والإنذار : تبليغ مقترن بتخويف من العقاب على الكفر والمعاصي ، والتبشير. تبليغ مقترن بترغيب فى الثواب مع الإيمان والطاعة.(1/316)
من نفس واحدة : أي من جنس واحد ، ليسكن إليها : أي ليأنس بها ويطمئن إليها ، وتغشاها : أتاها كغشيها ويراد بالتغشى أداء وظيفة الزوجية ، ومقتضى الفطرة
وآداب الدين أن يكون ذلك فى السر ، حملت : أي علقت منه ، والجمل (بِالْفَتْحِ) ما كان فى بطن أو على شجرة (وبالكسر) ما كان على ظهر ونحوه ، فمرت به :
أي استمرت به إلى وقت ميلاده من غير إخراج ولا إزلاق ، واستمرت فى أعمالها وقضاء حاجتها من غير مشقة ولا استثقال ، وأثقلت : أي حان وقت ثقل حملها وقرب وضعها ، صالحا. أي نسلا سليما من فساد الخلقة كنقص بعض الأعضاء ، فتعالى اللّه :
أي ارتفع مجده وتعالى جده وتنزه عن شرك هؤلاء الجهلاء.(1/317)
النزع كالنخس والنغز والوكز : إصابة الجسد برأس محدّد كالإبرة والمهماز والرمح ، والمراد به هنا نزع الشيطان بإثارته داعية الشر والفساد فى النفس بغضب أو شهوة بحيث تلجئ صاحبها إلى العمل بتأثيرها كما تنخس الدابة بالمهماز لتسرع ، والاستعاذة باللّه : الالتجاء إليه ، ليقيك من شر هذا النزع ، والطوف والطواف بالشيء : الاستدارة به أو حوله ، وطيف الخيال : ما يرى فى النوم من مثال الشخص ، والمس : يراد به هنا ما ينال الإنسان من شر وأذى ، فقد ذكر فى التنزيل مس الضر والضراء والبأساء والسوء والعذاب. والمد والإمداد : الزيادة فى الشيء من جنسه ، واستعمل فى القرآن فى الخلق والتكوين كقوله : « وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ » وقوله : « أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ » وفى مدّ الناس فيما يذم ويضر كقوله : « قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا » والإقصار : التقصير ، ويقال أقصر عن الأمر : تركه وكف عنه وهو قادر عليه.(1/318)
الاستماع : أخص من السمع ، لأنه إنما يكون بقصد ونية أو توجيه الحاسة إلى الكلام لإدراكه ، أما السمع : فيحصل ولو بغير قصد ، والإنصات : السكوت للاستماع حتى لا يكون شاغل عن الإحاطة بكل ما يقرأ ، والتضرع : إظهار الضراعة ، وهى الذلة والضعف والخضوع ، والخيفة : حالة الخوف والخشية ، ودون الجهر : أي ذكرا دون الجهر برفع الصوت وفوق التخافت والسر : بأن يذكر ذكرا وسطا ، والغدو : جمع غدوة ، وهى ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس ، والآصال : جمع أصيل ، وهو العشى من وقت العصر إلى غروب الشمس ، ويسبحونه : ينزهونه عما لا يليق به ويسجدون أي يصلون.(1/319)
سورة الأنفال
الأنفال : واحدها نفل (بالتحريك) من النفل (بالسكون) وهو الزيادة على الواجب ، ومنه صلاة النفل ، والمراد به هنا الغنيمة - وقيل الغنيمة كل ما حصل مستغنما بتعب أو بغير تعب وقبل الظفر أو بعده ، والنفل يحصل للإنسان قبل القسمة من الغنيمة ، والبين : يطلق على الاتصال والافتراق وعلى كل ما بين طرفين كما قال :
« لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ » وذات البين : الصلة التي تربط بين شيئين ، والوجل : الفزع والخوف ، والدرجات : منازل الرفعة ومراقى الكرامة.(1/320)
الشوكة : الحدة والقوة ، وأصلها واحدة الشوك ، شبهوا بها أسنة الرماح ، والطائفتان : طائفة العير الآتية من الشام ، وطائفة النفير التي جاءت من مكة للنجدة ، وغير ذات الشوكة : هى العير ، ودابر القوم : آخرهم الذي يأتى فى دبرهم ويكون من ورائهم ، ويحق الحق : أي يعز الإسلام لأنه الحق ، ويبطل الباطل : أي يزيل الباطل وهو الشرك ويمحقه.(1/321)
الاستغاثة : طلب الغوث ، وهو التخليص من الشدة والنقمة ، وممدكم : ناصركم ومغيثكم ، ومردفين : من أردفه إذا أركبه وراءه ، وتطمئن تسكن بعد ذلك الزلزال والخوف الذي عرض لكم فى جملتكم ، وعزيز : أي غالب على أمره ، حكيم لا يضع شيئا فى غير موضعه ، ويغشيكم : يجعله مغطيا لكم ومحيطا بكم ، والنعاس : فتور فى الحواس وأعصاب الرأس يعقبه النوم فهو يضعف الإدراك ولا يزيله كله فإذا أزاله كان نوما ، والرجز والرجس والركس : الشيء المستقذر حسا أو معنى ، ويراد به هنا وسوسة الشيطان ، والربط على القلوب تثبيتها وتوطينها على الصبر ، والرعب : الخوف الذي يملأ القلب فوق الأعناق : أي الرءوس ، والبنان : أطراف الأصابع من اليدين والرجلين ، شاقوا : أي عادوا وخالفوا ، وسميت العداوة مشاقة لأن كلا من المتعاديين يكون فى شق غير الذي يكون فيه الآخر.(1/322)
الزحف : من زحف إذا مشى على بطنه كالحية ، أو دبّ على مقعده كالصبى أو على ركبتيه ، أو مشى بثقل فى الحركة واتصال وتقارب فى الخطو كزحف صغار الجراد والعسكر المتوجه إلى العدو ، لأنه لكثرته وتكاثفه يرى كأنه يزحف ، إذ الكل يرى كجسم واحد متصل فتحس حركته بطيئة وإن كانت فى الواقع سريعة ، والأدبار :
واحدها دبر وهو الخلف ، ومقابله القبل ومن ثم يكنى بهما عن السوءتين ، وتولية الدبر والأدبار : يراد بهما الهزيمة لأن المنهزم يجعل خصمه متوجها إلى دبره ومؤخره ، والمتحرف للقتال وغيره : هو المنحرف عن جانب إلى آخر ، من الحرف وهو الطرف والفئة : الطائفة من الناس ، والمأوى : الملجأ الذي يأوى إليه الإنسان ، والموهن :
المضعف ، من أوهنه إذا أضعفه ، والكيد : التدبير الذي يقصد به غير ظاهره فتسوء عاقبة من يقصد به ، والاستفتاح طلب الفتح ، والفصل فى الأمر كالنصر فى الحرب.(1/323)
الخيانة : لغة تدل على الإخلاف والخيبة بنقص ما كان يرجى ويؤمل من الخائن ، فقد قالوا خانه سيفه إذا نبا عن الضّربية ، وخانته رجلاه إذا لم يقدر على المشي ، ومنه قوله : « عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ » أي تنقصونها بعض ما أحل لها من اللذات ، ثم استعمل فى ضد الأمانة والوفاء لأن الرجل إذا خان الرجل فقد أدخل عليه النقصان. والأمانة : كل حق مادّى أو معنوى يجب عليك أداؤه إلى أهله قال تعالى : « فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً » والفتنة : الاختبار والامتحان بما يشقّ على النفس فعله أو تركه أو قبوله أو إنكاره ، فهى تكون فى الاعتقاد والأقوال والأفعال والأشياء ، فيمتحن اللّه المؤمنين والكافرين والصادقين والمنافقين ، ويجازيهم بما يترتب على فتنتهم من اتباع الحق والباطل وعمل الخير أو الشر.(1/324)
التقوى : ترك الذنوب والآثام ، وفعل ما يستطاع من الطاعات والواجبات الدينية ، وبعبارة أخرى : هى اتقاء ما يضر الإنسان فى نفسه وفى جنسه ، وما يحول بينه وبين المقاصد الشريفة والغايات الحسنة ، والفرقان : أصله الفرق والفصل بين الشيئين أو الأشياء ، ويراد به هنا نور البصيرة الذي به يفرق بين الحق والباطل والضّارّ والنافع ، وبعبارة ثانية : هو العلم الصحيح والحكم الرجيح ، وقد أطلق هذا اللفظ على التوراة والإنجيل والقرآن وغلب على الأخير قال تعالى « تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً » من قبل أن كلامه تعالى يفرق فى العلم والاعتقاد بين الإيمان والكفر ، والحق والباطل ، والعدل والجور ، والخير والشر.(1/325)
ليثبتوك : أي ليشدوك بالوثاق ويرهقوك بالقيد والحبس حتى لا تقدر على الحركة ، والمكر : هو التدبير الخفي لإيصال المكروه إلى الممكور به من حيث لا يحتسب ، والغالب أن يكون فيما يسوء ويذم من الكذب والحيل ، وإذا نسب إلى اللّه كان من المشاكلة فى الكلام بتسمية خيبة المسعى فى مكرهم أو مجازاتهم عليه باسمه ، والأساطير :
واحدها أسطورة كأرجوحة وأراجيح وأحدوثة وأحاديث وهى الأقاصيص التي سطّرت فى الكتب بدون تمحيص ولا تثبيت من صحتها. وفى القاموس : الأساطير الأحاديث لا نظام لها واحدها إسطار وأسطير وأسطور وبالهاء فى الكل ، وأصل السطر الصف من الشيء كالكتاب والشجر(1/326)
الغنم والمغنم والغنيمة : ما يناله الإنسان ويظفر به بلا مقابل مادىّ ، وقولهم الغرم بالغنم : أي يقابل به ، والفيء : كل ما صار إلى المسلمين من أموال أهل الشرك بعد أن تضع الحرب أوزارها ، وتصير الدار دار إسلام ، وهو لكافة المسلمين. وليس فيه الخمس ، والنفل : ما يحصل للإنسان من الغنيمة قبل قسمتها.(1/327)
الذين خرجوا : هم أهل مكة حين خرجوا لحماية العير ، والبطر : إظهار الفخر والاستعلاء بنعمة القوة أو الغنى أو الرياسة ، ويعرف ذلك فى الحركات المتكلّفة والكلام الشاذ ، والرئاء : أن يعمل المرء ما يحب أن يراه الناس منه ليثنوا عليه ويعجبوا به ، وتراءت الفئتان : قربت كل منهما من الأخرى ، وصارت بحيث تراها وتعرف حالها ونكص : رجع القهقرى وتولى إلى الوراء ، والمنافق من يظهر الإسلام ويسرّ الكفر ، والذين فى قلوبهم مرض : هم ضعاف الإيمان تملأ قلوبهم الشكوك والشبهات ، فتزلزل اعتقادهم حينا وتسكن حينا آخر.(1/328)
أدبارهم ، أي ظهورهم وأقفيتهم ، وعذاب الحريق : عذاب النار بعد البعث ، والدأب : العادة المستمرة.(1/329)
الدابة : لفظ غلب استعماله فى ذوات الأربع ، وأصله كل مادب على وجه الأرض ، وهو المراد هنا ، عند اللّه : أي فى حكمه وعلمه ، والذين عاهدت منهم : هم طوائف من يهود المدينة. وثقفه : أدركه وظفر به ، فشرد بهم : أي نكّل بهم تنكيلا يشرّد غيرهم من ناقضى العهد ، من خلفهم : هم كفار مكة وأعوانهم من مشركى القبائل الموالية لهم ، والنبذ : الطرح ، على سواء : أي على طريق واضح لاخداع فيه ولا خيانة ولا ظلم ، سبقوا : أي أفلتوا من الظفر بهم ، لا يعجزون : أي لا يجدون اللّه عاجزا عن إدراكهم ، بل سيجزيهم على كفرهم.(1/330)
الإعداد : تهيئة الشيء للمستقبل ، والرباط والمربط : الحبل الذي تربط به الدابة ، ورباط الخيل : حبسها واقتناؤها ، والإرهاب والترهيب : الإيقاع فى الرهبة وهى الخوف المقترن بالاضطراب ، وجنح للشىء وإليه : مال ، يقال جنحت الشمس للغروب أي مالت إلى
جانب الغرب الذي تغيب فى أفقه ، والسلم (بفتح السين وكسرها) والسلام : الصلح وضد الحرب ، والإسلام دين السلم والسلام كما قال : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً » وحسبك اللّه : أي كافيك وناصرك عليهم.(1/331)
حسبك : أي كافيك ما يهمّك ، والتحريض : الحث على الشيء ، لا يفقهون :
أي لا يدركون حكمة الحرب وما يقصد بها من سعادة فى الدنيا والآخرة ، والضعف (بالفتح والضم) يشمل المادي والمعنوي ، وقيل هو بالضم لما يكون فى البدن ، وبالفتح لما يكون فى الرأى والعقل والنفس.(1/332)
الأسرى : واحدهم أسير ، وهو من الأسر وهو الشد بالإسار أي القدّ من الجلد ، وكان من يؤخذ من العسكر فى الحرب يشد لئلا يهرب ، ثم صار يطلق على أخيذ الحرب وإن لم يشدّ ، والإتخان فى كل شىء : قوّته وشدته ، يقال قد أثخنه المرض إذا اشتدت قوته عليه ، وكذلك أثخنته الجراح ، والثخانة الغلظ ، فكل شىء غليظ فهو ثخين ، والعرض : ما يعرض ولا يدوم سمى به حطام الدنيا لأنه حدث قليل اللبث ، ومسكم : أي أصابكم ، وفيما أخذتم : أي لأجل ما أخذتم من الفداء.(1/333)
سورة التوبة
البراءة : من برىء من الدّين إذا أسقط عنه ، ومن الذنب ونحوه : إذا تركه وتباعد عنه ، والمعاهدة : عقد العهد بين فريقين على شروط يلتزمونها ، وكان كل فريق يضع يمينه فى يمين الآخر ويوثقونها بالأيمان ، ومن جراء ذلك سميت أيمانا فى قوله تعالى : (إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ) أي لا عهود لهم ، والسياحة فى الأرض : الانتقال والتجوال فيها ، ويراد بها هنا حرية الانتقال مع الأمان مدة أربعة أشهر لا يعرض المسلمون لهم فيها بقتال ، وقوله : غير معجزى اللّه ، أي لا تفوتونه بالهرب والتحصن والخزي : الذل والفضيحة بما فيه عار ، والأذان : الإعلام بما ينبغى أن يعلم ، ويوم الحج الأكبر : هو يوم النحر الذي تنتهى فيه فرائض الحج ويجتمع فيه الحاج لإتمام مناسكهم ، ثم لم ينقصوكم شيئا ، أي من شروط الميثاق فلم يقتلوا أحدا منكم ولم يضروكم ، ولم يظاهروا : أي لم يعاونوا.(1/334)
انسلاخ الأشهر : انقضاؤها والخروج منها ، يقال : سلخ فلان الشهر وانسلخ منه ، قال تعالى : « وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ » وقال شاعرهم :
إذا ما سلخت الشهر أهلكت مثله كفى قاتلى سلخى الشهور وإهلالى
و الحرم : واحدها حرام ، وهى الأشهر التي حرّم اللّه فيها قتالهم فى الأذان والتبليغ بقوله : « فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ » وقوله : وخذوهم ، أي بالأسر ، والأخيذ : الأسير ، واحصروهم : أي امنعوهم من الخروج واحبسوهم ، والمرصد :
الموضع الذي يرقب فيه العدو ، يقال رصدت فلانا أرصده : إذا ترقبته ، أي اقعدوا لهم على كل مرصد ، واستجاره : طلب جواره ، أي حمايته وأمانه ، وقد كان من عادات العرب حماية الجار والدفاع عنه حتى يسمّون النصير : جارا ، وأجره : أي ، أمنه ، ومأمنه : أي مسكنه الذي يأمن فيه ، وهو دار قومه ، وقوله : لا يعلمون أي ما الإسلام وما حقيقته ، فلابد من إعطاء الأمان حتى يفهموا الحق ولا يبقى لهم معذرة.(1/335)
ظهر عليه : غلبه وظفر به ، ورقب الشيء رعاه وحاذره لأن الخائف يرقب العقاب ويتوقعه ، ومنه فلان لا يرقب اللّه فى أموره : أي لا ينظر إلى عقابه ، فيركب رأسه فى المعصية ، والإلّ : القرابة. قال ابن مقبل :
أفسد الناس خلوف خلفوا قطعوا الإلّ وأعراق الرّحم
و الذمة والذمام : العهد الذي يلزم من ضيّعه الذمّ ، وكان خفر الذمام ونقض العهد عندهم من العار ، فاسقون : أي خارجون من قيود العهود والمواثيق متجاوزون لحدود الصدق والوفاء ، من قولهم : فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرتها.(1/336)
الوليجة : ما يلج فى الأمر أو القوم مما ليس منه أو منهم كالدّخيلة ، ويطلق على الواحد والكثير ، ويراد بها هنا بطانة السوء من المنافقين والمشركين.(1/337)
المساجد : واحدها مسجد ، وهو مكان السجود ثم صار اسما للبيت الذي يعبد فيه اللّه وحده كما قال : « وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً » وعمارة المسجد :
تطلق تارة على لزومه والإقامة فيه للعبادة ، أو لخدمته بتنظيفه أو ترميمه أو نحو ذلك ، وتطلق أخرى على زيارته للعبادة فيه ، ومنها النسك المخصوص المسمى بالعمرة.(1/338)
السقاية : الموضع الذي يسقى فيه الماء فى المواسم وغيرها ، وسقاية العباس : موضع بالمسجد الحرام يستقى فيه الناس ، وهو حجرة كبيرة فى جهة الجنوب من بئر زمزم لا تزال ماثلة إلى الآن ، وقد يراد بالسقاية الحرفة كالحجابة وهى سدانة البيت ، والسقاية والحجابة أفضل مآثر قريش وقد أقرّهما الإسلام ،
وفى الحديث : « كل مأثرة من مآثر الجاهلية تحت قدمىّ إلا سقاية الحاج وسدانة البيت » .
وقد كانت قريش تسقى الحاج الزبيب المنبوذ فى الماء ، وكان يليها العباس بن عبد المطلب فى الجاهلية والإسلام.(1/339)
استحب كذا وأحبه : بمعنى ، والظلم : وضع الشيء فى غير موضعه ، والعشيرة :
ذوو القرابة الأدنون الذين من شأنهم التعاون والتناصر ، والاقتراف : الاكتساب ، وكساد التجارة : ضد رواجها ، والتربص : الانتظار ، وأمره : عقوبته إن عاجلا أو آجلا.(1/340)
المواطن : واحدها موطن ، وهو مقر الإنسان ومحل إقامته كالوطن والمراد بالموطن هنا مشاهد الحرب ومواقعها ، وحنين : واد على ثلاثة أميال من الطائف ، وغزوته تسمى غزوة أوطاس وغزوة هوازن ، والإغناء : إعطاء ما يدفع الحاجة ، والرّحب : السعة ، ومدبرين : أي هاربين لا تلوون على شىء ، والسكينة : الهيئة النفسية التي تحصل من سكون النفس واطمئنانها ، وهى ضد الانزعاج ، وقد تطلق على الرزانة والوقار.(1/341)
النجس : من نجس الشيء إذا كان قذرا غير نظيف والاسم النجاسة ، وقال الراغب :
النجاسة : القذارة ، وهى ضربان : ضرب يدرك بالحاسة ، وضرب يدرك بالبصيرة ، وهذا ما وصف اللّه به المشركين فقال إنما المشركون نجس ، ويقال نجّسه ، إذا جعله نجسا ، ونجّسه : أزال نجسه ومنه تنجيس العرب ، وهو شىء كانوا يفعلونه من تعليق عوذة على الصبى ليدفعوا عنه نجاسة الشيطان ، والناجس والنجيس : داء خبيث لا دواء له اه.
والعيلة : الفقر ، يقال عال الرجل يعيل عيلا وعيلة إذا افتقر فهو عائل ، وأعال :
كثر عياله ، وهو يعول عيالا كثيرين : أي يمونهم ويكفيهم أمر معاشهم ، والفضل :
العطاء والتفضل.(1/342)
يقال : فلان يدين بكذا إذا اتخذه دينا وعقيدة ، ودين الحق : هو الدين الذي أنزله اللّه على أنبيائه ، والجزية ضرب من الخراج يضرب على الأشخاص لا على الأرض ، وجمعها جزى (بالكسر) واليد : السعة والقدرة ، والصّغار والصغر : ضد الكبر ويكون فى الأمور الحسية والمعنوية ، وللمراد به هنا الخضوع لأحكام الإسلام وسيادته التي بها تصغر أنفسهم لديهم بفقد الملك وعجزهم عن مقاومة الحكم.(1/343)
عزير : هو الذي يسميه أهل الكتاب عزرا ، وينتهى نسبه إلى العازار بن هارون عليه السلام ، ويضاهئون : أي يشابهون ويحاكون ، وقاتلهم اللّه : جملة أصلها الدعاء ثم كثر استعمالها حتى قيلت على وجه التعجب فى الخير والشر وهم لا يريدون الدعاء ، والإفك : صرف الشيء عن وجهه ، يقال أفك فلان أي صرف عقله عن إدراك الحقائق ، ورجل مأفوك العقل ، والأحبار واحدهم حبر (بالفتح والكسر) وهو العالم من أهل الكتاب ، والرهبان : واحدهم راهب ، وهو لغة الخائف ، وعند النصارى هو المتبتل المنقطع للعبادة ، والإرادة : القصد إلى الشيء ، وقد تطلق على ما يفضى إليه وإن لم يرده فاعله فيقال فى الرجل المسرف المبذّر : يريد أن يخرب بيته أي أن تبذيره يفضى إلى ذلك فكأنه يقصده ، لأن فعله فعل من يقصد ذلك ، ونور اللّه : هو دين الإسلام ، وأظهره على الشيء : جعله فوقه مستعليا عليه.(1/344)
أكل الأموال : يراد به أخذها والتصرف فيها بسائر وجوه الانتفاع ، والصد :
المنع ، وسبيل اللّه. هى طريق معرفته الصحيحة وعبادته القويمة ، وأساس ذلك التوحيد والتنزيه ، والكنز هنا : خزن الدنانير والدراهم فى الصناديق ، أو دفنها فى التراب مع الامتناع عن الإنفاق فيما شرعه اللّه من البر والخير ، ويحمى عليها : أي تضرم عليها النار الحامية حتى تصير مثلها.(1/345)
الشهور : واحدها شهر ، وهو اسم للهلال سميت به الأيام ، والكتاب : هو اللوح المحفوظ كما قال تعالى « عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى » والحرم :
واحدها حرام ، من الحرمة بمعنى التعظيم ، والدين : الشرع ، والقيم : أي الصحيح المستقيم الذي لا عوج فيه ، وكافة : أي جميعا ، والنسيء من نسأ الشيء ينسؤه نسأ ومنسأة : إذا أخره ، أي الشهر الذي أنسئ تحريمه : أي أخر عن موضعه.(1/346)
النفر والنفور : الفرار من الشيء أو الإقدام عليه بخفة ونشاط ، يقال نفرت الدابة والغزال نفورا ، ونفر الحجيج من عرفات نفرا ، واستنفر الملك العسكر إلى القتال
وأعلن النفير العام فنفروا خفافا وثقالا ، والتثاقل : التباطؤ ، وهو من الثقل المقتضى للبطء ، والمتاع : ما يتمتع به من لذات الدنيا ، والغار : النقب العظيم فى الجبل والمراد به هنا غار جبل ثور. والصاحب : هو أبو بكر رضى اللّه عنه ، والسكينة : سكون النفس واطمئنانها وهو ضد الانزعاج والاضطراب ، وكلمة اللّه : هى التوحيد ، وكلمة الذين كفروا :
هى الشرك والكفر.(1/347)
العرض : ما يعرض للمرء من منفعة ومتاع مما لا ثبات له ولا بقاء وليس فى الوصول إليه كبير عناء ، ويقال سير قاصد وسفر قاصد : أي هين لا مشقة فيه من القصد وهو الاعتدال.
و الشقة : الطريق لا تقطع إلا بعناء ومشقة ، والعفو : التجاوز عن التقصير وترك المؤاخذة عليه.(1/348)
الخبال : الاضطراب فى الرأى والفساد فى العمل ، كضعف القتال والخلل فى النظام ، ويقال وضع الرجل إذا عدا مسرعا ، وأوضع راحلته إذا حملها على الإسراع ، وخلال الأشياء : ما يفصل بينها من فروج ونحوها ، والفتنة : التشكيك فى الدين والتخويف من الأعداء ، وسماعون لهم : أي ضعفاء العزيمة يسمعون قولهم ، وتقليب الشيء :
تصريفه فى كل وجه من وجوهه والنظر فى كل ناحية من أنحائه والمراد أنهم دبروا الحيل والمكايد ودوّروا الآراء فى كل وجه لإبطال دينك.(1/349)
الفرق (بالتحريك) الخوف الشديد الذي يفرق بين القلب وإدراكه ، والملجأ :
المكان الذي يلجأ إليه الخائف ليعتصم به كحصن أو قلعة أو جزيرة فى بحر أو قنّة فى جبل ، والمغارات : واحدها مغارة وهى الكهف فى الجبل يغور فيه الإنسان ويستتر والمدّخل (بالتشديد) السرب فى الأرض يدخله الإنسان بمشقة ، والجماح : السرعة التي تتعذر مقاومتها.(1/350)
اللمز : العيب والطعن فى الوجه ، والهمز : الطعن فى الغيبة ، ورغبه ورغب فيه :
أحبه ، ورغب عنه : كرهه ، ورغب إليه : طلبه وتوجه إليه.(1/351)
الصدقة : هى الزكاة الواجبة على النقد والأنعام والزرع والتجارة ، والفقير ، من له مال قليل دون النصاب (أقل من اثنى عشر جنيها) والمسكين من لا شىء له فيحتاج للمسألة لقوته وكسوته ، والعامل عليها : هو الذي يولّيه السلطان أو نائبه العمل على جمعها من الأغنياء ، والمؤلفة قلوبهم : هم الذين يراد استمالة قلوبهم إلى الإسلام أو التثبيت فيه ، وفى الرقاب : أي وللإنفاق فى إعانة الأرقاء لفكاكهم من الرق ، والغارمين : أي الذين عليهم غرامة من المال تعذر عليهم أداؤها ، وفى سبيل اللّه :
أي وفى الطريق الموصل إلى مرضاة اللّه ومثوبته ، والمراد بهم كل من سعى فى طاعة اللّه وسبل الخيرات كالغزاة والحجاج الذين انقطعت بهم السبل ولا مورد لهم من المال وطلبة العلم الفقراء ، وابن السبيل : هو المسافر الذي بعد عن بلده ولا يتيسر له إحضار شىء من ماله فهو غنى فى بلده ، فقير فى سفره ، فريضة من اللّه : أي فرض اللّه ذلك فريضة ليس لأحد فيها رأى.(1/352)
الأذى : ما يؤلم الحي المدرك فى بدنه أو فى نفسه ولو ألما خفيفا ، يقال أذى بكذا أذى وتأذى تأذيا إذا أصابه مكروه يسير ، والأذن : هو الذي يسمع من كل أحد ما يقول فيقبله ويصدّقه ، ويقولون رجل أذن : أي يسرع الاستماع والقبول ، ويؤمن للمؤمنين : أي يصدقهم لما علم فيهم من علامات الإيمان الذي يوجب عليهم الصدق.(1/353)
المحادّة من الحد : وهو طرف الشيء كالمشاقة من الشق (بالكسر) وهو الجانب ، ونصف الشيء المنشق منه ، وهما بمعنى المعاداة من العدوة (بالضم) وهى جانب الوادي لأن العدو يكون فى غاية البعد عمن يعاديه عداء البغض بحيث لا يتزاوران ولا يتعاونان فكأن كلا منهما فى شق وعدوة غير التي فيها الآخر ، إذ هما على طرفى نقيض ، وهكذا المنافقون يكونون فى الجانب المقابل للجانب الذي يحب اللّه لعباده والرسول لأمته من الحق والخير والعمل الصالح.(1/354)
الحذر : الاحتراز والتحفظ مما يخشى ويخاف منه ، والإخراج : إظهار الشيء الخفي المستتر كإخراج الحب والنبات من الأرض ، والخوض : الدخول فى البحر أو فى الوحل ، وكثر استعماله فى الباطل لما فيه من التعرض للأخطار ، والاعتذار :
الإدلاء بالعذر ، وهو ما يراد به محو أثر الذنب وترك المؤاخذة عليه من عذر الصبى يعذره أي ختنه تطهيرا له بقطع عذرته أي قلفته ، والطائفة : الجماعة من الناس والقطعة من الشيء : يقال ذهبت طائفة من الليل ومن العمر ، وأعطاه طائفة من ماله.(1/355)
بعضهم من بعض : أي متشابهون فيه وصفا وعملا كما تقول أنت منى وأنا منك أي أمرنا واحد لا افتراق بيننا ، والمنكر : إما شرعى وهو ما يستقبحه الشرع وينكره ، وإما فطرى : وهو ما تستنكره العقول الراجحة والفطر السليمة لمنافاته للفضائل والمنافع الفردية والمصالح العامة ، وضده المعروف فى كل ذلك ، وقبض الأيدى : يراد به الكف عن البذل ، وضده بسط اليد ، نسوا اللّه : أي تركوا أوامره حتى صارت بمنزلة المنسيّ ، فنسيهم : أي فجازاهم على نسيانهم بحرمانهم من الثواب على ذلك فى الآخرة ، والفاسقون : أي الخارجون عن الطاعة ، المنسلخون عن فضائل الإيمان ، والوعد : يستعمل فى إعطاء الخير والشر والنافع والضار ، والوعيد خاص بالشر ،
واللعن : الإبعاد من الرحمة والإهانة والمذلة ، والمقيم : الثابت الذي لا يتحول ، بخلاقهم :
أي بنصيبهم من ملاذ الدنيا ، وخضتم : أي دخلتم فى الباطل ، وحبط العمل : فسد وذهبت فائدته ، والخسارة فى التجارة : تقابل الربح فيها ، وأصحاب مدين : قوم شعيب ، والمؤتفكات واحدها مؤتفكة من الائتفاك : وهو الانقلاب بجعل أعلى الشيء أسفله بالخسف ، وهى قرى قوم لوط.(1/356)
الجهاد ، والمجاهدة : استفراغ الجهد والوسع فى مدافعة العدو ، وهو ثلاثة أضرب :
مجاهدة العدو الظاهر. مجاهدة الشيطان. مجاهدة النفس والهوى ، ويشير إلى هذه كلها قوله تعالى : « وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ - وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ »
وقال صلى اللّه عليه وسلم « جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم »
وقال « جاهدوا الكفار بأيديكم وألسنتكم »
و الجهاد باللسان : إقامة الحجة والبرهان ، والجهاد باليد : الجهاد بالسيف وكل الوسائل الحربية والغلظة : الخشونة والشدة فى المعاملة ، وهى ضد اللين. ونقم منه الشيء : أنكره وعابه عليه.(1/357)
لمزه : عابه ، والمطّوّع : أي المتطوع ، وهو من يؤدى ما يزيد على الفريضة ، والصدقات : واحدها صدقة ، والجهد (بالضم والفتح) الطاقة : وهى أقصى ما يستطيعه الإنسان ، وسخر منه : استهزأ به احتقارا.(1/358)
الفرح : الشعور بارتياح النفس وسرورها ، والخلاف والمخالفة بمعنى ، ويستعمل خلافه بمعنى بعده ، يقال جلست خلاف فلان وخلفه : أي بعده ، ومنه : « وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا » والمخلفون من خلّف فلانا : أي تركه خلفه ، ويفقهون : أي يعقلون ، والخالف : المتخلف.(1/359)
الطّول (بالفتح) : الغنى والثروة ، وقد يراد به الفضل والمنة ، وذرنا : أي دعنا واتركنا ، والخوالف : واحدها خالفة ومثله خالف ، وهو من لا خير فيه ولاغناء عنده ، والطبع على القلوب : الختم عليها وعدم قبولها لشىء جديد.(1/360)
المعذّر : من عذّر فى الأمر إذا قصّر فيه وتوانى ولم يجدّ وهو يوهم أن له عذرا فيما يفعل ولا عذر له ، وقد يكون أصله المعتذرون من اعتذر ، والمعتذر إما صادق أو كاذب ، والأعراب : هم سكان البدو ، وكذبوا اللّه ورسوله : أي أظهروا الإيمان بهما كذبا ، يقال : كذبته نفسه إذا حدثته بالأمانى والأوهام التي لا يبلغها ، وكذبته عينه إذا أرته ما لا حقيقة له.(1/361)
الغيب : ما غاب عنك علمه ، والشهادة : ما تشهده وتعرفه ، الانقلاب : الرجوع ، رجس : أي قذر يجب الإعراض عنه.(1/362)
الأعراب : اسم لبدو العرب : واحده أعرابى والأنثى أعرابية ، والعرب اسم لهذا الجيل الذي ينطق بهذه اللغة بدوه وحضره : واحده عربى ، والمغرم : الغرامة والخسران ، من الغرام بمعنى الهلاك ، والدائرة : ما يحيط بالشيء والمراد بها ما لا محيص منه من تصاريف الأيام ونوائبها التي تحيط شرورها بالناس ، والدائرة أيضا : النائبة والمصيبة ، والسوء : اسم لما يسوء ويضر ، والقربات : واحدها قربة ، وهى فى المنزلة والمكانة كالقرب فى المكان والقرابة فى الرحم ، والصلوات : واحدها صلاة ، ويراد بها الدعاء.(1/363)
رضى اللّه عنهم : أي قبل طاعتهم ، ورضوا عنه : أي بما أسبغ عليهم من النعم الدنيوية والدينية ، ومردوا : أي مرنوا وحذقوا.(1/364)
الصدقة : ما ينفقه المؤمن قربة للّه ، والتزكية ، من قولهم رجل زكىّ : أي زائد الخير والفضل قاله فى الأساس ، والصلاة : الدعاء ، والسكن : ما تسكن إليه النفس وترتاح من أهل ومال ومتاع ودعاء وثناء.(1/365)
مرجون ومرجئون وبهما قرىء : أي مؤخرون ، يقال أرجأت الأمر وأرجيته :
أي أخرته.(1/366)
الضرار والمضارّة : محاولة إيقاع الضرر ، والإرصاد : الانتظار والترقب مع العداوة يقال رصدته : أي قعدت له على طريقه أترقبه ، وأرصدت هذا الجيش للقتال ، وهذا الفرس للطراد ، ولا تقم أي لا تصلّ ، والتأسيس : وضع الأساس للبناء ليقوم عليه ويرفع ، والتقوى : اسم لما يرضى اللّه ويقى من سخطه ، وشفا أي حرف والجرف (بضمتين) : جانب الوادي ونحوه ، والهار والهائر كالشاك والشائك : الضعيف المتداعى للسقوط ، وانهار : سقط ، والريبة : من الرّيب ، وهو اضطراب النفس وتردد الوهم والحيرة ، وتقطع : أي تفرق أجزاء.(1/367)
الأوّاه : الكثير التأوّه والتحسر ، أو الخاشع الكثير الدعاء والتضرع إلى ربه ، وقيل إنها كلمة حبشية الأصل ، ومعناها المؤمن أو الموقن ، وأصل التأوه : قول أوه أو آه أو نحوهما مما يقوله الحزين أو أوه بكسر الهاء وضمها وفتحها ، وآه بالكسر منونا وغير منون ، والحليم : الذي لا يستفزه الغضب ولا يعبث به الطيش ولا يستخفه هوى النفس ، ومن لوازم ذلك الصبر والثبات والصفح والتأنى فى الأمور واتقاء العجلة فى الرغبة والرهبة(1/368)
العسرة : الشدة والضيق ، وزاغ : مال ، الرّحب : السعة ، ولجأ إلى الحصن وغيره : لاذ إليه واعتصم به ، الرأفة : العناية بالضعيف والرفق به ، والرحمة : السعى فى إيصال المنفعة.(1/369)
رغب فى الشيء : أحبه وآثره ، ورغب عنه : كرهه ، وقد جمع بينهما فى الآية.
والظمأ : شدة العطش ، والنصب : الإعياء والتعب ، والمخمصة : الجوع الشديد ، والغيظ : الغضب ، ونيلا : أي أسرا وقتلا وهزيمة ، والوادي : كل منفرج بين جبال وآكام يكون منفذا للسيل.(1/370)
نفر : خرج للقتال ، ولو لا : كلمة تفيد الحضّ والحث على ما يدخل عليها إذا كان مستقبلا ، واللوم على تركه إذا كان ماضيا ، فإن كان مما يمكن تلافيه فربما أفاد الأمر به ، والفرقة : الجماعة الكثيرة ، والطائفة : الجماعة القليلة ، وتفقه : تكلف الفقاهة والفهم وتجشم مشاق تحصيلها ، وأنذره : خوّفه ، وحذره : تحرز منه.(1/371)
من أنفسكم : أي من جنسكم ، وعزيز : أي شاقّ ، والعنت : المشقة ولقاء المكروه الشديد ، والحرص : شدة الرغبة فى الحصول على مفقود ، وشدة عناية بموجود ، والرأفة : الشفقة ، والرحمة : الإحسان.(1/372)
سورة يونس
الكتاب : هو القرآن العظيم ، والحكيم : ذو الحكمة ، لاشتمال الكتاب عليها ، والوحى : الإعلام الخفىّ لامرىء بما يخفى على غيره ، والإنذار : الإخبار بما فيه تخويف ، والتبشير : الإعلام المقترن بالبشارة بحسن الجزاء ، والصدق : يكون فى الأقوال ويستعمل فى الأفعال ، فيقال صدق فى القتال إذا وفّاه حقه ، وكذب فيه إذا لم يفعل ذلك ، ويطلق على الإيمان والوفاء وسائر الفضائل ، وجاء فى التنزيل : مقعد صدق ، ومدخل صدق ، ومخرج صدق ، وقدم صدق ، ويراد بالقدم هنا السابقة والتقدم والمنزلة الرفيعة ، سحر : أي يؤثّر فى القلوب ويجذب النفوس فهو جار مجرى السحر ، ومبين : ظاهر(1/373)
الخلق : لغة التقدير ، واليوم لغة الوقت الذي يحدّه حدث يحدث فيه وإن كان ألوف السنين من أيام هذه الأرض الفلكية التي وجدت بعد خلق الليل والنهار ، والعرش : مركز التدبير ولا نعلم كنهه ولا صفته ، والتدبير : النظر فى أدبار الأمور وعواقبها لتقع على الوجه المحمود ، وتدبير الأمر ، أو القول : هو التفكر فيما وراءه وما يراد منه وينتهى إليه ، والقسط : العدل ، والحميم : الماء الشديد الحرارة.(1/374)
الضوء والنور : بمعنى واحد لغة ، والضوء أقوى من النور استعمالا بدليل هذه الآية ، وقيل الضوء لما كان من ذاته كالشمس والنار ، والنور لما كان مكتسبا من غيره ، ويدل على ذلك قوله : « وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً » والسراج : نوره من ذاته ، والضياء والضوء ما أضاء لك ، وشعاع الشمس مركب من ألوان النور السبعة التي ترى فى قوس السحاب فهو سبعة أضواء ، وقد كشف ترقى العلوم الفلكية عن ذلك ، وكان الناس يجهلونه عصر التنزيل ، والتقدير : جعل الشيء أو الأشياء على مقادير مخصوصة فى الذات أو الصفات أو الزمان أو المكان كما قال :
« وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً » وقال : « وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ » والمنازل : واحدها منزل ، وهو مكان النزول ، وهى ثمانية وعشرون منزلا معروفة لدى العرب بأسمائها.(1/375)
قال فى المصباح : رجوته : أمّلته أو أردته قال تعالى « لا يَرْجُونَ نِكاحاً » أي لا يريدونه ، ويستعمل بمعنى الخوف لأن الراجي يخاف ألا يدرك ما يرجوه ، وقيل الرجاء مجرد التوقع الذي يشمل ما يسرّ وما يسوء ، واللقاء : الاستقبال والمواجهة ، والاطمئنان : سكون النفس إلى الشيء وارتياحها به ، والمأوى : الملجأ الذي يأوى إليه المتعب أو الخائف أو المحتاج من مكان آمن أو إنسان نافع ، وقد أطلق على الجنة فى ثلاث آيات ، وعلى النار فى بضع عشرة آية ، والدعوى : الدعاء ، وهو للناس النداء والطلب المعتاد بينهم فى دائرة الأسباب المسخرة لهم ، وللّه هو دعاؤه وسؤاله والرغبة فيما عنده مع الشعور بالحاجة إليه والضراعة له فيما لا يقدر عليه أحد من خلقه من دفع ضر أو جلب نفع ، سبحانك : أي تنزيها لك وتقديسا ، والتحية : التكرمة بقولهم حياك اللّه ، أي أطال عمرك والسلام : السلامة من كل مكروه.(1/376)
تعجيل الشيء.
تقديمه على أوانه المقدر له أو الموعود به ، والاستعجال به : طلب التعجيل له ، والعجلة من غرائز الإنسان كما قال تعالى « خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ » فاستعجاله بالخير لشدة حرصه على منافعه وقلة صبره عنها ، واستعجاله بالضر لا يكون من دأبه بل بسبب عارض كالغضب والجهل والعناد والاستهزاء والتعجيز ، أو للنجاة مما هو شر منه ، وقضاء الأجل : انتهاؤه ، ونذر : نترك ، والطغيان : مجاوزة الحد فى الشر من كفر وظلم وعدوان ، والعمه : التردد والتحير فى الأمر أو فى الشر ، ومرّ : أي مضى فى طريقته التي كان عليها من الكفر بربه.(1/377)
القرون : الأمم ، واحدها قرن ، وهم القوم المقترنون فى زمن واحد ،
وجاء فى الحديث الشريف « خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم »
و الخلائف : واحدها خليفة ، وهو من يخلف غيره فى شىء ، وننظر : نشاهد ونرى.(1/378)
أصل الذوق : إدراك الطعم بالفم ، ويستعمل فى إدراك الأشياء المعنوية كالرحمة والنعمة والعذاب والنقمة ، والمكر : التدبير الخفىّ الذي يفضى بالممكور به إلى ما لا يتوقعه ومكره تعالى تدبيره الذي يخفى على الناس بإقامة سننه وإتمام حكمه فى نظام العالم ، وكله عدل وحق ، فإن ساء الناس سمّوه شرا ، وإن كان جزاء عدلا ، والرسل هنا :
الكرام الكاتبون من الملائكة ، والتسيير : جعل الشيء أو الشخص يسير بتسخيره تعالى أو إعطائه ما يسير عليه من دابة أو سفينة ، والفلك : السفينة أو السفن واحد وجمع ، والطيب : من كل شىء ما يوافق الغرض والمنفعة ، يقال رزق طيب ونفس طيبة وشجرة طيبة ، والعاصف : الذي يعصف الأشياء ويكسرها ، يقال ريح عاصف وعاصفة ، وأحيط به هلك كما يحيط العدو بعدوه فيسدّ عليه سبل النجاة ، والبغي :
مازاد على القصد والاعتدال ، من بغى الجرح إذا زاد حتى ترامى إلى الفساد.(1/379)
دار السلام : هى الجنة ، والسلام : السلامة من جميع الشوائب والنقائص والأكدار ، ورهقه : غشيه وغلب عليه حتى غطّاه وحجبه ، وقوله : « ولا ترهقنى من أمرى عسرا » أي لا تكلفنى ما يشق علىّ ويعسر ، والقتر : الدخان الساطع من الشّواء والحطب ، وكذا كل غبرة فيها سواد ، والعاصم : المانع.(1/380)
الحشر : الجمع من كل جانب إلى موقف واحد ، ومكانكم : كلمة يراد بها التهديد والوعيد ، أي الزموا مكانكم ، وزيلنا : فرقنا وميزنا ، وتبلو : تختبر ، وأسلفت : قدّمت وضل : ضاع وذهب.(1/381)
العظة : الوصية بالحق والخير ، واجتناب الباطل والشر ، بأساليب الترغيب والترهيب التي يرقّ لها القلب ، فتبعث على الفعل أو الترك ، والشفاء : الدواء ، والهدى بيان الحق المنقذ من الضلال ، ويكون فى الاعتقاد بالحجة والبرهان ، وفى العمل ببيان المصالح والحكم ، والرحمة : الإحسان ، وفضل اللّه : هو توفيقهم لتزكية أنفسهم بالموعظة والهدى ، ورحمته : هى الثمرة التي نتجت من ذلك ، وبها فضلوا جميع الناس.(1/382)
الشأن : الأمر العظيم ، وجمعه شئون ، تقول العرب : ما شأن فلان ، أي ما حاله ، وأفاض فى الشيء أو من المكان : اندفع فيه بقوة أو بكثرة ، وعزب الرجل بإبله يعزب أي بعد وغاب فى طلب الكلأ ، والذرة : النملة الصغيرة ، وبها يضرب المثل فى الصغر والخفة ، وتطلق على الدقيقة من الغبار الذي يرى فى ضوء الشمس الداخل من الكوى إلى البيوت ، والكتاب : هو اللوح المحفوظ.(1/383)
الأولياء : جمع ولىّ من الولي : وهو القرب يقال تباعد بعد ولى : أي بعد قرب ، وأولياء اللّه هم المؤمنون المتقون ، والبشرى : هى الخبر السارّ الذي تنبسط به بشرة الوجه فتتهلل وتبرق أساريره.(1/384)
العزة : الغلبة والقوة ، والخرص : الحزر والتقدير للشىء الذي لا يجرى على قياس من وزن أو كيل أو زرع كحرص الثمر على الشجر والحب فى الزرع ، ويستعمل بمعنى الكذب أيضا لأنه يغلب فيه الحزر والتخمين ، والمبصر : ذو الإبصار ، تقول العرب :
أظلم الليل وأبصر النهار وأضاء.(1/385)
الولد : يستعمل مفردا وجمعا ، وقد يجمع على أولاد وولدة وإلدة بالكسر فيهما ، وسبحان كلمة تنزيه وتقديس ، وتستعمل للتعجب ، والسلطان : الحجة والبرهان.(1/386)
النبأ : الخبر له خطر وشأن ، والمقام : الإقامة والمكث ، والإجماع العزيمة على الأمر عزما لا تردد فيه كما قال شاعرهم :
أجمعوا أمرهم بليل فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
و الغمة : الستر واللبس ، يقال إنه لفى غمة من أمره : إذا لم يهتد له ، وقضاء الأمر :
أداؤه وتنفيذه ، قال تعالى « فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ » . والإنظار : التأخير والإمهال ، خلائف ، أي يخلفون الذين هلكوا بالغرق ، المنذرون : المخوّفون باللّه وعذابه.(1/387)
الطبع على القلوب : هو عدم قبولها شيئا غير ما رسخ فيها واستحوذ عليها ، والمعتدى : المتجاوز حدود الحق والعدل اتباعا لهوى النفس وشهواتها.(1/388)
الملأ : أشراف القوم الذين يجتمعون على رأى ، ولفته عن كذا : صرفه.(1/389)
الذرية فى اللغة : صغار الأولاد ، وتستعمل فى الصغار والكبار عرفا ، والفتون :
الابتلاء والاختبار الشديد للحمل على الفعل أو الترك ، والمراد هنا الاضطهاد والتعذيب ، والعلو : القهر والاستبداد ، ومسلمين : أي مذعنين مستسلمين ، وتبوأ الدار : اتخذها مباءة ومسكنا يبوء ويرجع إليها كلما فارقها لحاجة ، والقبلة : ما يقابل الإنسان ويكون تلقاء وجهه ، ومنه قبلة الصلاة.(1/390)
الزينة : الحلل والحلىّ والأثاث والرياش والماعون ، والأموال : ما وراء ذلك من الذهب والفضة والأنعام والزروع ونحو ذلك ، والطّمس : الإزالة ، يقال طمس الأثر وطمسته الريح : إذا زال ، والشد على القلب : الطبع عليه وقسوته حتى لا ينشرح للإيمان.(1/391)
يقال : جاز المكان وجاوزه وتجاوزه : إذا قطعه حتى خلفه وراءه ، ويقال تبعته حتى أتبعته إذا كان قد سبقك فلحقته ، المسلمين : أي المنقادين لأمره ، وننجيك :
نجعلك على نجوة من الأرض ، والنجوة : المكان المرتفع من الأرض ، والآية :
العبرة والعظة.(1/392)
مبوأ صدق : أي منزلا صالحا مرضيا. وأصل الصدق ضد الكذب ، ولكن جرت عادة العرب أنهم إذا مدحوا شيئا أضافوه إلى الصدق فقالوا مكان صدق إذا كان كاملا فى صفته صالحا للغرض المقصود منه ، كأنهم أرادوا أن كل ما يظهر فيه من الخير فهو صادق ، والعلم هنا علم الدين.(1/393)
لولا : كلمة تفيد التحضيض والتوبيخ كهلا ، والمراد بالقرية أهلها وهو كثير الاستعمال بهذا المعنى ، والخزي : الذل والهوان ، والحين : مدة من الزمن والمراد بها العمر الطبيعي الذي يعيشه كل شخص ، والإذن بالشيء : الإعلام بإجازته والرخصة فيه ورفع الحجر عنه والرجس : لغة الشيء القبيح المستقذر ، والمراد به هنا العذاب.(1/394)
سورة هود
(الر) تقدم أن قلنا إنها حرف تنبيه كألا وتقرأ بأسمائها ساكنة فيقال : (ألف لام ، را) وإحكام البناء كالقصر والحصن : إتقانه حتى لا يقع فيه خلل ، وتفصيل العقد بالفرائد : جعل خرزة أو مرجانة بلون بين كل خرزتين من لون آخر ، والمتاع :
كل ما ينتفع به فى المعيشة وحاجة البيوت ، والأجل المسمى : هو العمر المقدر.(1/395)
ثنى الشيء : عطف بعضه على بعض فطواه ، وإثناء الثوب : إطواؤه ، وثناه عنه :
لواه وحوّله ، وثناه عليه : أطبقه وطواه ليخفيه فيه ، وثنى عنانه عنّى : تحول وأعرض ، والاستخفاء : محاولة الخفاء ، واستغشى الثوب تغطّى به كما قال حكاية عن نوح عليه السلام : « وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً » .(1/396)
الدابة : اسم لكل نسمة حية تدبّ على الأرض زحفا ، أو على قوائم ثنتين فأكثر ، وغلب عرفا على ما يركب من الخيل والبغال والحمير ، والدبّ والدبيب : الانتقال لخفيف البطيء كدبيب الطفل والشيخ المسنّ والعقرب والمستقر : مكان الاستقرار من الأرض ، والمستودع : حيث كان مودعا قبل الاستقرار فى صلب أو رحم أو بيضة ، والعرش : مركز نظام الملك ومصدر التدبير ، والبلاء : الاختبار والامتحان ، والأمة :
الطائفة أو المدة من الزمن كما قال تعالى : « وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ » وأصلها الجماعة من نوع واحد أو دين واحد أو زمن واحد ، مصروفا عنهم : أي مدفوعا ومجبوسا ، وحاق :
نزل وأحاط.(1/397)
الإذاقة هنا : الإعطاء القليل ، والنزع : السلب والحرمان ، واليئوس : شديد اليأس من عود تلك النعمة ، والكفور : كثير الكفران والجحود لما سلف عليه من النعم ، والنعماء والنعمة والنّعمى : الخير والمنفعة ، ويقابلها الضراء والضّر ، وفرح : بطر مغتر بهذه النعمة ، فخور : متعاظم على الناس بما أوتى من النعم ، مشغول بذلك عن القيام بشكرها.(1/398)
لعل هنا للاستفهام الإنكارى الذي يفيد النهى ، وضيق الصدر : يراد به الغم والحزن ، والكنز : ما يدّخر من المال فى الأرض ، والوكيل : الرقيب الحفيظ للأمور ،
الموكّل بحراستها ، والاستجابة للداعى : إجابته ، والإسلام : الإذعان والخضوع والانقياد :(1/399)
نوف إليهم : أي نوصّل إليهم ، ولا يبخسون : لا ينقصون ، وحبط : أي فسد وبطل ولم ينتفعوا به.(1/400)
البينة : ما يتبين به الحق كالبرهان فى الأمور العقلية ، والنصوص فى الأمور النقلية ، والتجارب فى الأمور الحسية ، والشهادة فى القضاء ، ويتلوه : يتبعه ، والشاهد :
هو القرآن ، والموعد : مكان الوعد وهى النار يردها كما قال : « لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ » والمرية : الشك(1/401)
الأشهاد : واحدهم شاهد ، واللعنة : الطرد من الرحمة ، والصدّ عن سبيل اللّه :
الصرف عنه ، والعوج : الالتواء ، ومعجزين فى الأرض ، أي لا يمكنهم أن يهربوا من عذابه ، وضل : أي غاب ، ولا جرم : أي حقا ، وأخبتوا : أي خشعوا وخضعوا وأصله من الخبت ، وهو الأرض المطمئنة.(1/402)
الملأ : الأشراف والزعماء وأراذل : واحدهم أرذل ، وهو الخسيس الدنيء ، وبادى الرأى : أي ظاهره قبل التأمل فى باطنه ، وفضل : أي زيادة.(1/403)
أرأيتم : أي أخبرونى ، والبينة. ما يتبين به الحق ، وعميت : أخفيت ، وطرده :
أبعده ونحّاه ، وتجهلون : أي تسفهون عليهم ، وهو من الجهالة التي تضادّ العقل والحلم ، وتذكرون أصله تتذكرون ، وزرى على فلان زراية : عابه واستهزأ به.(1/404)
أصل الجدال. هو الصراع وإسقاط المرء صاحبه على الجدالة وهى الأرض الصّلبة ثم استعمل فى المخاصمة والمنازعة بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب ، والنصح :
تحرّى الخير والصلاح للمنصوح له ، والإخلاص فيه قولا وعملا ، والإغواء : الإيقاع فى الغى ، وهو الفساد الحسى والمعنوي ، والإجرام : الفعل القبيح الضارّ الذي يستحق فاعله العقاب.(1/405)
ابتأس : اشتد بؤسه وحزنه ، والفلك : السفينة ، ويطلق على الواحد والجمع ، والمراد بالأعين هنا : شدة الحفظ والحراسة ، وسخر منه : استهزا به ، ويخزيه : يذله ويفضحه : ومقيم : أي دائم(1/406)
الفور والفوران : الارتفاع القوى ، يقال فى الماء إذا نبع وجرى ، وإذا غلا وارتفع ، والمراد منه هنا اشتداد غضب اللّه على أولئك المشركين الظالمين لأنفسهم وللناس ، وحلول وقت انتقامه منهم ، والتنور : ما يخبز فيه الخبز ، اتفقت فيه لغة العرب والعجم وأهل بيت الرجل : نساؤه وأولاده وأزواجهم ، ومجريها ومرساها : أي إجراؤها وإرساؤها ، ومعزل : أي مكان عزلة وانفراد ، وآوى : أي ألجأ ، وعصمه : حفظه ، والبلع : ازدراد الطعام والشراب بسرعة ، وغاض الماء غار فى الأرض ونضب ، والجودي : جبل بالموصل.(1/407)
أعمرته الأرض واستعمرته إياها : إذا فوضت إليه عمارتها ، والريب ، الظن والشك يقال رابنى الشيء يريبنى : إذا جعلك شاكا ، وغير تخسير : أي غير إيقاع فى الخسران باستبدال الشرك بالتوحيد.(1/408)
الآية : المعجزة الدالة على صدق نبوته ، وذروها : اتركوها ، وعقر الناقة بالسيف :
قطع قوائمها به أو نحرها ، والتمتع : التلذذ بالمنافع ، والدار : البلد كما يقال ديار بكر :
أي بلادهم ، وكذب فلانا حديثا وكذبه الحديث : أي كذب عليه فيه ، والوعد :
خبر موقوت كأن الواعد قال للموعود إننى أفي به فى وقته ، فإن وفى فقد صدق ولم يكذبه ، وأصل الأخذ : التناول باليد ، ثم استعمل فى الأشياء المعنوية كأخذ الميثاق
والعهد وفى الإهلاك ، والصيحة : الصوت الشديد والمراد بها هنا صيحة الصاعقة ، وجاثمين : أي ساقطين على وجوههم مصعوفين لم ينج منهم أحد ، وغنى بالمكان :
أقام فيه.(1/409)
فما لبث : أي ما أبطأ ، وحنيذ : أي مشوىّ بالرضف وهى الحجارة المحماة ، ولا تصل إليه : أي لا تمتد للتناول ، ونكره وأنكره : ضد عرفه ، وأوجس القلب فزعا :
أحسّ به ، ولوط : هو ذلك النبي الكريم ، وهو ابن أخى إبراهيم وأول من آمن به ، ويا ويلتنا : أصلها يا ويلى : وهى كلمة تقال حين يفجأ الإنسان أمر مهمّ من بليّة أو فجيعه أو فضيحة على جهة التعجب منه أو الاستنكار له أو الشكوى منه ، والبعل : الزوج وجمعه بعولة ، وأمر اللّه : قدرته وحكمته ، وحميد : أي تحمد أفعاله ، ومجيد : أي كثير الخير والإحسان(1/410)
الروع : (بالفتح) الخوف والفزع : (وبالضم) النفس ، والحليم : الذي لا يحب المعاجلة بعقاب ، والأوّاه : الكثير التأوه مما يسوء ويؤلم ، والمنيب الذي يرجع إلى اللّه فى كل أمر ، وغير مردود : أي غير مدفوع لا بجدال ولا بشفاعة.(1/411)
سىء بهم : أي وقع فيما ساءه وغمه بمجيئهم ، الذرع والذراع : منتهى الطاقة ، يقال مالى به ذرع ولا ذراع : أي مالى به طاقة ، ويقال ضقت بالأمر ذرعا إذا صعب عليك احتماله ، والعصيب : الشديد الأذى ، ويقال هرع وأهرع (بالبناء للمفعول) : إذا حمل على الإسراع ، وقال الكسائي لا يكون الإهراع إلا إسراعا مع رعدة من برد أو غضب أو حمّى أو شهوة ، ولا تخزون : أي لا تخجلوني ، والضيف يطلق على الواحد والجمع ، والرشيد : ذو الرشد والعقل ، لو أن لى يكم قوة : أي على الدفع بنفسي ، أو آوى إلى ركن شديد من أرباب العصبيات القوية الذين يحمون اللاجئين ويجيرون المستجيرين(1/412)
السرى : (بالضم) والإسراء فى الليل : كالسير فى النهار ، والقطع من الليل :
الطائفة منه ، والسجيل : الطين المتحجر كما جاء فى الآية الأخرى « حِجارَةً مِنْ طِينٍ » .
وقال الراغب : هو حجر وطين مختلط أصله فارسىّ فعرّب ، ومنضود : أي وضع بعضه على بعض وأعد لعذابهم ، ومسومة : أي لها سومة (بالضم) أو علامة خاصة فى علم ربك.(1/413)
الحليم : ذو الأناة والتروّى الذي لا يتعجل بأمر قبل الثقة من فائدته ، والرشيد :
الذي لا يأمر إلا بما استبان له من الخير والرشد ، والمخالفة : أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الآخر فى قوله أو فعله أو حاله ، يقال خالفنى فلان إلى كذا إذا قصده وأنت مولّ عنه ، وخالفنى عنه إذا ولى عنه وأنت قاصد له ، وأناب إلى اللّه : رجع إليه ، وجرم الذنب أو المال : كسبه ، ورحيم : عظيم الرحمة للمستغفرين ، ودود : كثير اللطف والإحسان إليهم.(1/414)
الفقه : الفهم الدقيق المؤثّر فى النفس الباعث على العمل ، والرهط : الجماعة من الثلاثة إلى السبعة أو العشرة ، لرجمناك : لقتلناك بالرمي بالحجارة ، بعزيز : أي ذى عزة ومنعة ، واتخذه ظهريا (بالكسر والتشديد) أي جعله نسيا منسيا لا يذكر كأنه غير موجود ، ومحيط : أي محص ما تعملون ، وعلى مكانتكم : على غاية تمكنكم من أمركم وأقصى استطاعتكم وإمكانكم ، يقال مكُن مكانة : إذا تمكن أبلغ تمكن ، وارتقبوا :
أي وانتظروا ، والصيحة : أي صيحة العذاب ، وجاثمين : أي باركين على ركبهم مكبّين على وجوههم ، وغنى بالمكان : أقام به ، وبعدا : أي هلاكا لهم.(1/415)
الآيات : هى الآيات التسع المعدودة فى سورة الإسراء والمفصّلة فى سورة الأعراف وغيرها ، والسلطان المبين : هو ما آتاه اللّه من الحجة البالغة فى محاوراته مع فرعون
وملئه ، والملأ : أشراف القوم وزعماؤهم ، وما أمر فرعون : أي ما شأنه وتصرفه ، برشيد : أي بذي رشد وهدى ، وقدم يقدم (كنصر ينصر) : تقدم ، فأوردهم النار :
أي أدخلهم إياها ، والورد بلوغ الماء فى مورده من نهر وغيره ، والمورود : الماء والمراد به هنا النار ، وأتبعوا : أي وألحقت به لعنة ، والرفد : (بالكسر) : العطاء والعون فيقال رفده وأرفده : أعانه وأعطاه ، والمرفود : المعطى.(1/416)
طرف الشيء : الطائفة منه والنهاية ، فطرفا النهار : الغدو والعشى. وروى عن الحسن وقتادة والضحاك أنهما صلاة الصبح والعصر ، والزلف واحدها زلفة وهى الطائفة من أول الليل لقربها من النهار ، وقال الحسن : هما زلفتان صلاة المغرب وصلاة العشاء ، وذكرى : عبرة وعظة ، وللذاكرين : أي المعتبرين المتعظين.(1/417)
لولا : كلمة تفيد التحضيض والحث على الفعل ، والقرون واحدهم قرن : وهو الجيل من الناس ، قيل هو ثمانون سنة ، وقيل سبعون ، وشاع تقديره بمائة سنة ، والبقية :
ما يبقى من الشيء بعد ذهاب أكثره ، واستعمل كثيرا فى الأنفع والأصلح ، لأن العادة قد جرت بأن الناس ينفقون أردأ ما عندهم ويستبقون الأجود ، ويقال أترفته النعمة أي أبطرته وأفسدته ، وكلمة ربك : أي قضاؤه وأمر(1/418)
القص : تتبع أثر الشيء للإحاطة به كما قال تعالى : « وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ » والنبأ : الخبر الهام ، ونثبت : أي نقوّى ونجعل فؤادك راسخا كالجبل ، على مكانتكم : أي على تمكنكم واستطاعتكم.(1/419)
سورة يوسف
لأبيه : هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ،
روى أحمد والبخاري أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : « الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب ابن إسحق بن إبراهيم » .
أحد عشر كوكبا : هم إخوته وكانوا أحد عشر نفرا ، والشمس والقمر :
أبوه وأمه ، والسجود : من سجد البعير ، إذا خفض رأسه لراكبه حين ركوبه ، وكان من عادة الناس فى تحية التعظيم بفلسطين ومصر وغيرهما الانحناء مبالغة فى الخضوع والتعظيم ، وقد استعمله القرآن فى انقياد كل المخلوقات لإرادة اللّه وتسخيره ، ولا يكون السجود عبادة إلا بالقصد والنية للتقرب إلى من يعتقد أن له عليه سلطانا غيبيا فوق سلطان الأسباب المعهودة ، وقص الرؤيا : الإخبار بها على وجه الدقة والإحاطة ، وكاد له إذا دبر الكيد لأجله لمضرّته أو لمنفعته كما قال « كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ » .
والاجتباء من جبيت الشيء : إذا حصّلته لنفسك والتأويل : الإخبار بما يئول إليه الشيء فى الوجود ، وسميت الرؤيا أحاديث باعتبار حكايتها والتحديث بها ، والآل أصلها
أهل ، وهو خاص بمن لهم شرف وخطر فى الناس كآل النبي صلى اللّه عليه وسلم وآل الملك.(1/420)
الناصح : المشفق المحب للخير ، والرّتع : الاتساع فى الملاذ ، والمراد باللعب لعب المسابقة والانتضال بالسهام ونحوهما مما يتدرّب به لمقاتلة الأعداء وتعليم فنون الحرب ، والحزن : ألم النفس من فقد محبوب أو وقوع مكروه ، والخوف : ألم النفس من توقع مكروه قبل وقوعه ، والعصبة : الجماعة التي تعصب بها الأمور ، وتكفى بآرائها الخطوب وخاسرون : ضعفاء عاجزون. أو هالكون لاغناء عندهم ولا نفع.(1/421)
أجمعوا : أي عزموا عزما لا تردد فيه ، وأوحينا إليه : أي ألهمناه كما فى قوله :
« وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى » والعشاء : من الغروب إلى العتمة : أي حين يخالط سواد الليل بقية بياض النهار ، والاستباق : تكلف السبق فى العدو أو فى الرمي ، والمتاع :
فضل الثياب وماعون الطعام والشراب ، ومؤمن : أي مصدق ، وسولت : زينت وسهّلت ، والصبر الجميل : ما لا شكوى فيه إلى الخلق ، على ما تصفون : أي من هذه المصيبة وعظيم الرزء.(1/422)
السيارة : الرفقة تسير معا ، والوارد : الذي يرد الماء ليستقى للقوم ، وأسروه : أي أخفوه من الناس ، والبضاعة : القطعة من المال يفرز للاتجار به ، وشرى الشيء : باعه واشتراه : ابتاعه ، والبخس : الناقص والمعيب كما قال « وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ » والمراد هنا الحرام أو الظلم لأنه بيع حر.(1/423)
المثوى : مكان الثواء والإقامة ، مكنا ليوسف : أي جعلنا له مكانة رفيعة فى أرض مصر ، من تأويل الأحاديث : أي بعض تعبير الرؤيا التي عمدتها رؤيا الملك وصاحبى السجن ، وغالب على أمره. أي لا يمنع عما يشاء ولا ينازع فيما يريد ، وأشده : هو رشده وكمال قوته باستكمال نموه الجسماني والعقلي حكما أي حكما صحيحا يزن به الأمور بميزان صادق ، وعلما بحقائق الأشياء.(1/424)
راودته على الأمر مراودة : طلبت منه فعله مع المخادعة ، فالمراود يتلطف فى طلبه تلطف المخادع ويحرص عليه ، وقال الراغب : المراودة أن تنازع غيرك فى الإرادة فتريد منه غير ما يريد كما قال إخوة يوسف (سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ) أي نحتال عليه ونخدعه عن إرادته ليرسل بنيامين معنا ، وهيت لك بفتح الهاء وكسرها مع فتح التاء وضمها أي أي هلم أقبل وبادر ، وقد روى أنها لغة عرب حوران ، واختيرت لأنها أخص ما يؤدى المراد مع النزاهة الكاملة ، ومعاذ اللّه : أي أعوذ وأتحصن باللّه من أن أكون من الجاهلين الفاسقين ، وهمت به : أي همت لتبطش به لعصيانه أمرها ، وهمّ بها ليقهرها فى الدفع عما أرادته ويرد عنفها بمثله ، وبرهان ربه : إما النبوة التي تلى الحكم والعلم اللذين آتاه اللّه إياهما بعد بلوغ الأشد ، وإما مراقبة اللّه تعالى ورؤية ربه متجليا له ناظرا إليه كما
جاء فى الحديث فى تفسير الإحسان « أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك »
و المخلصون : هم الذين اجتباهم اللّه واختارهم لطاعته ، واستبقا الباب :
اى تسابقا إلى الباب وقصد كل منهما سبق الآخر إليه ، فهو ليخرج وهى لتمنعه من الخروج ، وقدّت قميصه من دبر : أي قطعته طولا من خلف ، وألفيا : أي وجدا.(1/425)
فتاها : عبدها ورقيقها ، والشغاف : الغلاف المحيط بالقلب ويقال شغفت فلانا إذا أصبت شغاف قلبه ، كما يقال : كبدته إذا أصبت كبده ، والضلال : الحيدة عن طريق
الرشد وسنن العقل ، بمكرهن : أي بقولهن ، وسمى ذلك مكرا لأنهن كن يردن إغضابها كى تعرض عليهن يوسف لتبدى عذرها فيفزن بمشاهدته ، وأعتدت : أعدّت وهيأت ، والمتكأ : ما يجلس عليه من كراسى وأرائك ، وأكبرنه : أعظمنه ودهشن من جماله الرائع ، وقطّعن أيديهن : أي جرحنها ، حاش للّه أي تنزيها للّه أن يكون هذا المخلوق العجيب من جنس البشر ، واستعصم : استمسك بعروة عصمته التي ورثها عمن نشئوا عليها ، الصاغرين : أي الأذلة المقهورين ، وأصب إليهن : أمل إلى موافقتهن على أهوائهن ، والجاهلين : أي السفهاء الذين يرتكبون القبائح ، فاستجاب له : أي أجاب دعاءه ، وبدا : ظهر ، والآيات هى الشواهد الدالة على براءته عليه السلام ، والحين :
وقت من الزمن غير محدود.(1/426)
السمان : واحدها سمين وسمينة ، والعجاف : واحدها عجفاء أي هزيلة ضعيفة ، والسنابل : واحدها سنبلة وهى ما يكون فيها الحب ، واليابس من السنبل : ما آن حصاده ، وعبرت الرؤيا وعبّرتها (بالتخفيف والتشديد) فسرتها ببيان المعنى الحقيقي المراد من المعنى المثالي كمن يعبر النهر بالانتقال من ضفّة إلى أخرى ، والأضغاث : واحدها ضغث وهو الحزمة من النبات ، والأحلام واحده حلم (بضمتين وبالتسكين للتخفيف) :
ما يرى فى النوم ، وهو قد يكون واضح المعنى كالأفكار التي تكون فى اليقظة ، وقد يكون مهوّشا مضطربا فهو يشبّه بالتضاغيث كأنه مؤلف من حزم مختلفة من العيدان والحشائش التي لا تناسب بينها ، واذكر : تذكر (أصله اذتكر) ، والدأب : استمرار الشيء على حال واحدة يقولون هو دائب بفعل كذا إذا استمر فى فعله ، فذروه : أي اتركوه وادخروه. والشداد الصعاب التي تشتد على الناس. وتحصنون أي تحرزون وتدخرون للبذر ، وأغاثه : أعانه ونجاه ، وغوّث الرجل : قال : واغوثاه ، واستغاث ربه : استنصره وسأله الغوث ، ويعصرون : أي ما من شأنه أن يعصر كالزيت من الزيتون والشيرج من السمسم ، والأشربة من القصب والنخيل والعنب.(1/427)
المعرفة والعرفان : معرفة الشيء بتفكر فى أثره ، وضده الإنكار ، وجهزهم : أي أوقر ركائبهم بما جاءوا لأجله ، وجهاز السفر : أهبته وما يحتاج إليه فى قطع المسافة ، ومثله جهاز الميت والعروس (بالكسر والفتح وبهما قرئ) أو فى الشيء : جعله وافيا تاما ، المنزلين : أي المضيفين للضيوف ، نراود : أي نخادع ونستميل برفق ، لفاعلون :
أي لقادرون على ذلك ، لفتيانه : أي غلمانه الكيالين ، بضاعتهم : أي التي اشتروا بها الطعام وكانت نعالا وأدما ، والبضاعة : المال الذي يستعمل للتجارة ، والرحال : واحدها رحل : وهو ما يوضع على ظهر الدابة وفوقه متاع الراكب وغيره ، وانقلبوا : أي رجعوا.(1/428)
المتاع : ما ينتفع به والمراد هنا وعاء الطعام ، والبضاعة : ثمن ما كانوا أعطوه من الطعام ، ونمير أهلنا : أي نجلب لهم الميرة (بالكسر) وهى الطعام يجلبه الإنسان من بلد إلى بلد ، كيل بعير : أي حمل جمل ، فكيل بمعنى مكيل ، ويسير : أي قليل لا يكثر على سخائه كما جاء فى قوله : « وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً » أو سهل لا عسر فيه كما فى قوله : « وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً » والموثق : العهد الموثّق ، إلا أن يحاط بكم :
أي إلا أن تغلبوا على أمركم ، أو إلا أن تهلكوا ، فإن من يحيط به العدو يهلك غالبا ، وكيل : أي مطلع رقيب ، فإن الموكّل بالأمر يراقبه ويحفظه(1/429)
آوى إليه : أي ضم إليه ، والابتئاس : اجتلاب البؤس والشقاء ، والسقاية (بالكسر) وعاء يسقى به ، وبه كان يكال للناس الطعام ويقدر بكيلة مصرية 1/ 1219
من الإردب المصري ، وهو الذي عبر عنه بصواع الملك ، وأذن مؤذن : أي نادى مناد ، من التأذين وهو تكرار الأذان والإعلام بالشيء الذي تدركه الأذن ، والعير : الإبل التي عليها الأحمال والمراد أصحابها ، زعيم : كفيل أجعله جزاء لمن يجىء به ، الكيد :
التدبير الذي يخفى ظاهره على المتعاملين به حتى يؤدى إلى باطنه المراد منه ، ودين الملك :
شرعه الذي يدين اللّه تعالى به(1/430)
استيأسوا : أي يئسوا يأسا كاملا ، خلصوا : انفردوا عن الناس ، نجيا : أي متناجين متشاورين فيما يقولون لأبيهم ، كبيرهم : أي فى الرأى والعقل وهو يهوذا ، وموثقا : أي عهدا يوثق به وهو حلفكم باللّه ، فرطتم : قصرتم فى شأنه ولم تحفظوا عهد أبيكم فيه ، أبرح : أفارق ، أمرا : أي كيدا آخر ، تولى : أعرض ، والأسف :
أشد الحزن والحسرة على ما فات ، كظيم : أي مملوء غيظا على أولاده ممسك له فى قلبه ، القرية : اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس وللناس جميعا ، ويستعمل فى كل واحد منهما قاله الراغب(1/431)
تفتأ : أي لا تفتأ بمعنى لا تزال. والحرض : المرض المشفى على الهلاك ، من الهالكين : أي الميتين ، البث فى الأصل : إثارة الشيء وتفريقه كبث الريح التراب ، ثم استعمل فى إظهار ما انطوت عليه النفس من الغم أو السر ، وتحسسوا : أي تعرفوا أخبار يوسف بحواسكم من سمع وبصر ، والرّوح : التنفس ، يقال أراح الإنسان إذا تنفس ، ثم استعمل للفرج والتنفيس من الكرب(1/432)
الضر : أي ضر المجاعة من الهزال والضعف ، والمزجاة : الرديئة التي يدفعها التجار من أزجى الشيء وزجاه : إذا دفعه برفق كما قال : « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً » وآثرك : أي اختارك وفضلك ، والخاطئ : هو الذي يأتى بالخطيئة عمدا ، والمخطئ :
من إذا أراد الصواب صار إلى غيره ، والخطء : الذنب ، وخطّأته : قلت له أخطأت ، ولا تثريب : أي لا لوم ولا تأنيب وثرّب فلان على فلان إذا عدد عليه ذنوبه ، ويأت بصيرا أي يصر بصيرا فى الحال ، أو يأت إلىّ وهو بصير(1/433)
يقال فصل عن البلد : إذ انفصل وجاوز حيطانه ، وتفندون : أي تنسبونى إلى الفند وهو فساد الرأى وضعف العقل والخرف من الكبر ، فى ضلالك : أي فى خطئك أو فى إفراطك فى حبه والإصرار على اللهج به ، وارتد : أي رجع(1/434)
آوى إليه أبويه : أي ضمهما إليه واعتنقهما ، ورفع أبويه : أي أصعدهما ، والعرش :
كرسى تدبير الملك لا كل سرير يجلس عليه الملك ، وخروا له سجدا : أي أهوى أبواه وإخوته إلى الأرض وخروا له سجدا ، تأويل رؤياى : أي مآلها وعاقبتها ، وأصل النزغ : نخس الرائض الفرس بالمهماز لإزعاجه للجرى ، ثم قيل نزغه الشيطان كأنه نخسه ليحثّه على المعاصي ، ونزغ بين الناس : أفسد بينهم بالحث على الشر.(1/435)
و كأين : بمعنى كثير ، والآية هنا : الدليل الذي يرشد إلى وجود الصانع ووحدته وكمال علمه وقدرته ، يمرون عليها : يشاهدونها ، معرضون : أي لا يعتبرون بها ، والغاشية : العقوبة تغشاهم وتعمّهم ، بغتة : فجأة.(1/436)
الظن هنا : إما بمعنى اليقين وإما بمعنى الحسبان والتقدير ، والبأس : العقاب ، والألباب : العقول واحدها لب ، وسمى بذلك لكونه خالص ما فى الإنسان من قواه ، والعبرة : الحال التي يتوصل بها من قياس ما ليس بمشاهد بما هو بمشاهد(1/437)
سورة الرعد
العمد : السواري واحدها عمود كأدم وأديم ، والتسخير : التذليل والطاعة ، والتدبير :
التصريف للأمور على وجه الحكمة ، والتفصيل : التبيين ، والآيات : هى الأدلة التي تقدم ذكرها من الشمس والقمر ، واليقين : العلم الثابت الذي لاشك فيه ، والمد :
البسط ، والرواسي : الثوابت المستقرة التي لا تتحرك ولا تنتقل واحدها راسية ، والأنهار واحدها نهر : وهو المجرى الواسع من الماء ، زوجين اثنين : أي ذكر وأنثى ، والعرب تسمى الاثنين زوجين والواحد من الذكور زوجا لأنثاه ، والأنثى زوجا وزوجة لذكرها ، يغشى يغطى ، قطع : أي بقاع ، متجاورات : أي متقاربات ، جنات أي بساتين ، صنوان : هى النخلات يجمعها أصل واحد وتتشعب فروعها واحدها صنو ، وفى الحديث « عم الرجل صنو أبيه » والأكل (بضمتين وبتسكين الثاني) : ما يؤكل والمراد به التمر والحب.(1/438)
العجب : تغير النفس حين رؤية ما يستبعد فى مجرى العادة ، والأغلال : واحدها غلّ ، وهو طوق من الحديد طرفاه فى اليدين ويحيط بالعنق ، والمثلات (بفتح فضم) واحدها مثلة (بفتح فضم) كسرة وهى العقوبة التي تترك فى المعاقب أثرا قبيحا كصلم أذن أو جدع أنف أو سمل عين ، والغفر : الستر بالإمهال وتأخير العقاب إلى الآخرة ، والمراد بالآية هنا الآيات الحسية كقلب عصا موسى حية وناقة صالح ، والإنذار :
التخويف ، والهادي : القائد الذي يقود الناس إلى الخير كالأنبياء والحكماء والمجتهدين.(1/439)
الغيض : النقصان يقال غاض الماء وغضته كما قال « وَغِيضَ الْماءُ » بمقدار ، أي بأجل لا يتجاوزه ولا ينقص عنه ، والغائب : ما غاب عن الحس ، والشاهد :
الحاضر المشاهد ، الكبير : العظيم الشأن ، والمتعالي : المستعلى على كل شىء ، وأسر الشيء : أخفاه فى نفسه ، والمستخفى : المبالغ فى الاختفاء ، والسارب : الظاهر ، من قولهم سرب : إذا ذهب فى سربه (طريقه) معقبات ، أي ملائكة تعتقب فى حفظه وكلاءته واحدها معقبة ، من عقّبه : أي جاء عقبه ، من بين يديه ، أي قدّامه ، ومن خلفه ، أي من ورائه ، من أمر اللّه ، أي بأمره وإعانته ، وال ، أي ناصر.(1/440)
البرق : ما يرى من النور لا معا خلال السحاب ، والرعد : هو الصوت المسموع خلال السحاب. وسببهما على ما بيّن فى العلوم الطبيعية - أن البرق يحدث من تقارب سحابتين مختلفى الكهربائية ، حتى يصير ميل إحداهما للاقتراب من الأخرى أشد من قوة الهواء على فصلهما فتهجم كل منهما على الأخرى بنور زاهر وصوت قوىّ شديد ، فذلك النور هو البرق. والصوت هو الرعد الذي نشأ من تصادم دقائق الهواء الذي تطرده كهربائية البرق أمامها ، والصواعق : واحدها صاعقة. وسببها أن السحب قد تمتلىء بكهربائية ، والأرض بكهربائية أخرى والهواء يفصل بينهما ، فإذا قاربت السحب وجه الأرض تنقص الشرارة الكهربائية منها فتنزل صاعقة تهلك الحرث والنسل ، والمجادلة : من الجدل وهو شدة الخصومة ، وأصله من جدلت الحبل إذا أحكمت فتله ، كأن المجادلين يفتل كل منهما الآخر عن رأيه ، والمحال : أي أفتله المماحلة والمكايدة لأعدائه ، يقال محل فلان بفلان إذا كايده وعرّضه للهلاك ، وتمحل إذا تكلف فى استعمال الحيلة ، فى ضلال أي ضياع وخسار ، والظلال : واحدها ظل وهو الخيال الذي يظهر للجرم ، والغدو : واحدها غداة كقنىّ وقناة وهى أول النهار ، والآصال ، واحدها أصيل : ما بين العصر والمغرب.(1/441)
الأودية : واحدها واد ، وهو الموضع الذي يسيل فيه الماء والفرجة بين الجبلين وقد يراد به الماء الجاري فيه ، بقدرها : أي بمقدارها المتفاوت قلة وكثرة بحسب تفاوت أمكنتها صغرا وكبرا ، واحتمل : أي حمل ، والزبد : ما يعلو وجه الماء حين الزيادة كالجب ، وما يعلو القدر عند غليانها ، والرابى : العالي المرتفع فوق الماء الطافي عليه ، والجفاء : ما رمى به الوادي من الزبد إلى جوانبه.(1/442)
يدرءون : أي يدفعون ، والعدن : الإقامة ، يقال عدن بمكان كذا : إذا استقر ، ومنه المعدن لمستقر الجواهر ، والدار : هى دار الآخرة.(1/443)
يقدر : يضيّق كقوله « وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ » أي ضيّق ، والمراد أنه يعطيه بقدر كفايته لا يفضل عنه شىء ، متاع : أي متعة قليلة لا دوام لها ولا بقاء ، وأناب :
أي رجع عن العناد ، وأقبل على الحق ، وتطمئن : أي تسكن وتخشع ، وطوبى لهم :
أي لهم العيش الطيب وقرة العين والغبطة والسرور ، والمآب : المرجع والمنقلب.(1/444)
خلت : مضت ، متاب : مرجعى ، قطعت : شققت ، ييأس : يعلم وهو لغة هوازن قارعة رزية تقرع القلوب ، أمليت : أي أمهلت مدة طويلة فى أمن ودعة ، قائم :
رقيب ومتولّ للأمور ، تنبئونه : تخبرونه ، بظاهر من القول : أي بباطل منه لا حقيقة له فى الواقع. والسبيل : هو سبيل الحق وطريقه ، والواقي : الحافظ.(1/445)
المثل : الصفة والنعت ، والأكل : ما يؤكل ، والظل : واحد الظلال والظلول والأظلال ، والأحزاب : واحدهم حزب ، وهو الطائفة المتحزّبة : أي المجتمعة لشأن من الشئون كحرب أو عداوة أو نحو ذلك ، والمآب : المرجع ، والواقي. الحافظ ، والأجل :
الوقت والمدة ، والكتاب : الحكم المعين الذي يكتب على العباد بحسب ما تقتضيه الحكمة ، والمحو : ذهاب أثر الكتابة ، وأمّ الكتاب : أصله وهو علم اللّه تعالى.(1/446)
الأطراف : الجوانب ، المعقب : الذي يكرّ على الشيء فيبطله ، ويقال لصاحب الحق معقّب ، لأنه يقفو غريمه بالاقتضاء والطلب ، والمكر : إرادة المكروه فى خفية ، وعقبى الدار : أي العاقبة الحميدة ، والأم : أصل الشيء وما يجرى مجراه ، كأم الرأس للدماغ ، وأم القرى لمكة.(1/447)
سورة إبراهيم
الظلمات : الضلالات ، والنور : الهدى ، وإذن ربهم : تيسيره وتوفيقه ، والعزيز :
الغالب ، والحميد : المحمود المثنى عليه بحمده لنفسه أزلا وبحمد عباده له أبدا ، ويل :
هلاك ، يستحبون : يختارون ، سبيل اللّه : هو دينه الذي ارتضاه ، يبغونها : يطلبون لها ، عوجا : زيغا واعوجاجا ، واللسان : اللغة(1/448)
الآيات : هى الآيات التسع التي أجراها اللّه على يده عليه السلام ، والظلمات :
الكفر والجهالات ، والنور : الإيمان باللّه وتوحيده وجميع ما أمروا به ، وذكرهم : أي عظهم ، وأيام اللّه : وقائعه فى الأمم السابقة ويقال فلان عالم بأيام العرب : أي بحروبها وملاحمها كيوم ذى قار ويوم الفجار قال عمرو بن كلثوم :
وأيام لنا غرّ طوال عصينا الملك فيها أن ندينا
والصبار. كثير الصبر ، والشكور كثير الكشر ، يسومونكم. يكلفونكم بلاء. أي ابتلاء واختبار ، وتأذن : أي آذن وأعلم ، وحميد مستوجب للحمد لذاته وإن لم يحمده أحد.(1/449)
الريبة : اضطراب النفس وعدم اطمئنانها بالأمر ، وفاطر السموات والأرض أي موجدهما على نظام بديع ، والسلطان. الحجة والبرهان.(1/450)
لتعودنّ : لتصيرن ، والملة : الدين والشريعة ، والمقام : موقف الحساب ، واستفتحوا :
أي طلبوا الفتح بالنصرة على الأعداء ، وخاب : هلك ، والجبار : العاتي المتكبر على طاعة اللّه ، والعنيد : المعاند للحق المخالف له ، ومن ورائه : أي من بعد ذلك ينتظره ، والصديد ما يسيل من جلود أهل النار ، يسيغه : أي يستطيبه يقال ساغ الشراب :
إذا جاز الحلق بسهولة ، يأتيه الموت : أي تأتيه أسبابه وتحيط به من كل جهة ، عذاب غليظ : أي شديد غير منقطع.(1/451)
وبرزوا : أي صاروا بالبراز وهى الأرض المتسعة ، ويراد بها مجتمع الناس فى ذلك اليوم والضعفاء : واحدهم ضعيف ، ويراد به ضعيف الرأى والفكر ، والذين استكبروا :
هم رؤساؤهم الذين استنفروهم ، والتبع : واحدهم تابع كخادم وخدم ، مغنون : أي دافعون ، ومحيص : أي منجى ومهرب ، والسلطان : التسلط ، بمصر حكم : أي بمغيثكم ، يقال استصرخنى فأصرخته : أي استغاثني فأغثته.(1/452)
المثل : قول فى شىء يشبّه بقول فى شىء آخر ، لما بينهما من المشابهة ، ويوضح الأول بالثاني ، ليتم انكشاف حاله به ، ثابت : أي ضارب بعروقه فى الأرض ، فى السماء :
أي جهة العلو ، تؤتى أكلها : أي تعطى ثمرها ، بإذن ربها : أي بإرادة خالقها ، اجتثت :
أي استؤصلت وأخذت جثتها ، والقرار : الاستقرار ، القول الثابت : أي الذي ثبت عندهم وتمكن فى قلوبهم.(1/453)
البوار : الهلاك ، يقال رجل بائر وقوم بور كما قال : « وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً » ويصلونها : يقاسون حرها ، والأنداد : واحدهم ندّ وهو المثل والشبيه ، والمصير : المرجع ، والبيع : الفدية ، والخلال : المخالّة والصداقة.(1/454)
السماء : السحاب ، وكل ما علا الإنسان فأظله فهو سماء ، والرزق : كل ما ينتفع به ، والتسخير : التيسير والإعداد ، والفلك : السفن ، دائبين : أي دائمين فى الحركة لا يفتران ، يقال دأب فى العمل إذا سار فيه على عادة مطردة كما قال : « تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً » آتاكم : أي أعطاكم ، لا تحصوها : لا تطيقوا حصرها ، والإحصاء : العد بالجصى ، وكان العرب يعتمدونه فى العد كاعتمادنا فيه على الأصابع ، ظلوم : أي لنفسه بإغفال شكر النعمة ، كفار : شديد الكفران والجحود لها.(1/455)
و اجنبنى : أي أبعدنى ، وأصل التجنب أن يكون الرجل فى جانب غير ما عليه غيره ، ثم استعمل فى البعد مطلقا ، وتهوى إليهم : أي تسرع شوقا وحبا ، ويقوم الحساب :
أي يثبت ويتحقق كما يقال قامت السوق والحرب : أي وجدتا.(1/456)
تشخص : ترتفع ، مهطعين : مسرعين إلى الداعي ، مقنعى رءوسهم : أي رافعيها مع الإقبال بأبصارهم إلى ما بين أيديهم من غير التفات إلى شىء.
لا يرتد : لا يرجع ، هواء :
خالية من العقل والفهم لفرط الحيرة والدهشة ، ويقال للجبان والأحمق قلبه هواء : أي لا قوة ولا رأى له كما قال حسان يهجو أبا سفيان بن حرب :
ألا أبلغ أبا سفيان عنى فأنت مجوّف نحب هواء
من زوال : أي من انتقال من دار الدنيا إلى دار أخرى للجزاء وضربنا لكم الأمثال : أي بينا لكم أنهم مثلكم فى الكفر واستحقاق العذاب. عزيز : أي غالب على أمره ينتقم من أعدائه لأوليائه ، وبرزوا : أي خرجوا من قبورهم ، مقرّنين أي مشدودين ، فى الأصفاد : أي فى القيود واحدها صفد ، سرابيلهم ، واحدها سربال :
و هو القميص ، والقطران : دهن يتحلّب من شجر الأبهل والعرعر والتوت كالزفت تدهن به الإبل إذا جربت. ويقال له الهناء ، وهو أسود اللون منتن الريح تقول هنأت البعير أهنؤه إذا طليته بالهناء ، وتغشى وجوههم النار : أي تعلوها وتحيط بها ، بلاغ :
كفاية فى العظة والتذكير.(1/457)
سورة الحجر
ربما (بضم الراء وتخفيف الباء وتشديدها) كلمة تدل على أن ما بعدها قليل الحصول ، فإذا قيل ربما زارنا فلان دل على أن حصول الزيارة منه قليل ، يلههم : أي يشغلهم من قولهم : لهيت عن الشيء ألهى لهيا إذا أعرضت عنه ، ما تسبق : أي ما يتقدم زمان أجلها(1/458)
الذكر : هو القرآن ، و(لوما) مثل (هلا) كلمة تفيد الحث والحضّ على فعل ما يقع بعدها ، منظرين : أي مؤخرين ، والشيع : واحدهم شيعة وهى الجماعة المتفقة على مبدأ واحد فى الدين والمعتقدات ، أو فى المذاهب والآراء. نسلكه : أي ندخله يقال سلكت الخيط فى الإبرة : أي أدخلته فيها ، يعرجون : يصعدون ، سكّرت :
سددت ومنعت من الإبصار ، مسحورون : أي سحرنا محمد بظهور ما أبداه من الآيات(1/459)
البروج : واحدها برج وهى النجوم العظام ، ومنها نجوم البروج الاثني عشر المعروفة فى علم الفلك ، للناظرين : أي المفكّرين المستدلين بذلك على قدرة مقدّرها وحكمة مدبّرها ، وحفظناها : أي منعناها ، والرجيم : أي المرجوم المرمى بالرّجام : أي الحجارة ، والمراد بالرجيم هنا المرمىّ بالنجوم ، واسترق : من السرقة ، وهى أخذ الشيء خفية شبه به خطفتهم اليسيرة من الملأ الأعلى ، والسمع : المراد به ما يسمع ، والشهاب :
الشعلة الساطعة من النار الموقدة ومن السحاب فى الجو وتبعث القوم تبعا وتباعة بالفتح : أي مشيت خلفهم أو مروا بك فمضيت معهم وأتبعت القوم إذا كانوا قد سبقوك فلحقتهم ، مددناها : أي بسطناها ، والرواسي : واحدها راسية وهى الجبال الثوابت.
موزون : أي مقدر بمقدار معين تقتضيه الحكمة والمصلحة.(1/460)
الخزائن : واحدها خزانة وهى المكان الذي تحفظ فيه نفائس الأموال ، واللواقح : واحدها لاقح أي ذات لقاح وحمل ، وأسقيناكموه : أي جعلناه لكم سقيا لمزارعكم ومواشيكم ، تقول العرب إذا سقت الرجل ماء أو لبنا سقيته ، وإذا أعدوا له ماء لشرب أرضه أو ماشيته قالوا أسقيته أو أسقيت أرضه أو ماشيته. والمستقدمين :
من ماتوا ، والمستأخرين : الأحياء الذين لم يموتوا بعد.(1/461)
صلصال : أي طين يا بس يصلصل ويصوّت إذا نقر وهو غير مطبوخ ، فإذا طبخ فهو فخّار ، وحما : أي طين تغير واسودّ من مجاورة الماء له واحدته حمأة ، ومسنون :
أي مصوّر مفرغ على هيئة الإنسان كالجواهر المذابة التي تصب فى القوالب. والجانّ :
أي هذا الجنس كما أن الإنسان يراد به ذلك ، فإذا أريد بالإنسان آدم أريد بالجان أبو الجن ، ونار السموم : هى النار الشديدة الحرارة التي تقتل وتنفذ فى المسامّ ، بشرا : أي إنسانا وسمى بذلك لظهور بشرته أي ظاهر جلده ، سويته : أي أتممت خلقه وهيّاته لنفخ الروح فيه ، والنفخ : إجراء الريح من الفم أو غيره فى تجويف جسم صالح لإمساكها والامتلاء بها ، ويراد به هنا إضافة ما به الحياة على المادة القابلة لها ، ورجيم : أي مرجوم مطرود من كل خير وكرامة ، اللعنة : الإبعاد على سبيل السخط يوم الدين : أي يوم الجزاء ، فأنظرنى :
أي أمهلنى وأخرنى ولا تمتنى ، ويوم الوقت المعلوم : هو وقت النفخة الأولى حين تموت الخلائق كما روى عن ابن عباس ، والإغواء : الإضلال ، هذا صراط علىّ : أي هذا صراط حق لا بد أن أراعيه مستقيم أي لا انحراف فيه فلا يعدل عنه إلى غيره ، والسلطان : التسلط والتصرف بالإغواء ، سبعة أبواب : أي سبع طبقات ، جزء مقسوم :
أي فريق معين مفروز من غيره(1/462)
المتقون : هم الذين اتقوا الكفر والفواحش ولهم ذنوب من الصغائر تكفرها الصلوات وغيرها ، جنات : أي بساتين ، وعيون : أي أنهار جارية ، بسلام : أي بسلامة من الآفات ، وأمن من المخافات ، والغل : الحقد الكامن فى القلب ، والسرر : واحدها سرير وهو مجلس رفيع مهيأ للسرور ، والنصب : الإعياء والتعب.(1/463)
تقول : أنبأت القوم إنباء ونبّأتهم تنبئة : إذا أخبرتهم ، والأفصح فى كلمة الضيف :
ألا تثنى ولا تجمع حين تستعمل للمثنى والجمع والمؤنث بل تستعمل بلفظ واحد لكل ذلك ، والوجل : اضطراب النفس لخوفها من توقع مكروه يصيبها ، عليم : أي ذى علم كثير ، بالحق : أي بالأمر المحقق الذي لا شك فى وقوعه ، وقنط من كذا :
أي يئس من حصوله والضالون : الكفار الذين لا يعرفون كمال قدرته تعالى وسعة رحمته ، وخطبكم : أي أمركم وشأنكم الذي لأجله أرسلتم ، قدرنا : أي قضينا وكتبنا يقال قضى اللّه عليه كذا وقدّره عليه : أي جعله على مقدار الكفاية فى الخير والشر ، وقدر اللّه الأقوات : جعلها على مقدار الحاجة ، والغابرين : أي الباقين مع الكفار ليهلكوا معهم ، وأصله من الغبرة وهى بقية اللبن فى الضّرع ، منكرون : أي لا أعرفكم ولا أعرف من أىّ الأقوام أنتم ؟ ولأى غرض دخلتم علىّ ؟ ويمترون :
أي يشكّون ويكذبون به ، فأسر بأهلك : أي اذهب بهم ليلا ، والقطع من الليل :
الطائفة منه كما قال :
افتحي الباب وانظري فى النجوم كم علينا من قطع ليل بهيم
اتبع أدبارهم : أي كن على إثرهم لتسرع بهم وتطّلع على أحوالهم ، وقضينا : أي أوحينا ، ودابر : آخر ، ومقطوع : أي مهلك مستأصل ، مصبحين : أي فى وقت الصباح ، والمدينة : هى سذوم (بالذال المعجمة) مدينة قوم لوط ، والاستبشار : إظهار السرور ، والفضيحة : إظهار ما يوجب العار ، والخزي : الذل والهوان ، والعمر والعمر (بالفتح والضم) : الحياة ، وهو حين القسم بالفتح لا غير ، سكرتهم : غوابتهم : يعمهون أي يتحيرون ، والصيحة : الصاعقة ، وكل شىء أهلك به قوم فهو صيحة وصاعقة أخرجه ابن المنذر عن ابن جرير ، مشرقين : أي داخلين فى الشروق وهو بزوغ الشمس ، والسجيل : الطين المتحجر وهو معرّب لا عربى فى المشهور ، للمتوسمين.
أي المتفرسين الذين يتثبتون فى نظرهم ليعرفوا سمة الشيء وعلامته ، يقال توسمت فى فلان خيرا : أي ظهرت لى منه علاماته ، قال عبد اللّه بن رواحة يمدح النبي صلى اللّه عليه وسلم :
إنى توسمت فيك الخير أعرفه واللّه يعلم أنى ثابت البصر
لبسبيل مقيم : أي لبطريق واضح معلم ليس بخفي ولا زائل ، وأصحاب الأيكة :
قوم شعيب عليه السلام ، والأيكة : الغيضة ، وهى الشجر الملتف بعضه على بعض وقد كانوا فى مكان كثير الأشجار كثيف الغبار ، لبإمام مبين : أي لبطريق واضح وأصل الإمام ما يؤتم به سمى به الطريق لأنه يؤتم ويتّبع ، وأصحاب الحجر : هم ثمود ، والحجر : واد بين المدينة والشام كانوا يسكنونه ، ويسمى كل مكان أحيط بالحجارة حجرا ومنه حجر الكعبة ، وآياتنا : هى الناقة وفيها آيات كثيرة كعظم خلقها ، وكثرة لبنها ، وكثرة شربها ، والإمام : ما يؤتم به ومن جملة ذلك الطريق التي تسلك.(1/464)
بالحق : أي بالحكمة والمصلحة ، والساعة يوم القيامة ، والصفح : ترك التثريب واللوم ، والصفح الجميل : ما خلا من العتب.(1/465)
المثاني : واحدها مثنى من التثنية وهو التكرير والإعادة ، ومد عينيه إلى حال فلان : اشتهاه وتمناه ، والأزواج : واحدها زوج وهو الصّنف ، وخفض الجناح :
إذ به التواضع واللين ، وأصل ذلك أن الطائر إذا أراد أن يضم فرخه إليه بسط جناحه له ، والجناحان من الإنسان : جانباه ، والنذير : المخوّف بعقاب اللّه من لم يؤمن به ، وعضين : أي أجزاء واحدها غضة من عضيت الشاة جعلتها أعضاء وأقساما ، فاصدع بما تؤمر : أي اجهر به من صدع بالحجة إذا تكلم بها جهارا ، يضيق صدرك : أي ينقبض من الحسرة والحزن ، والساجدين : أي للمصلّين ، واليقين : الموت وسمى به لأنه أمر متيقن لا شك فيه.(1/466)
سورة النحل
أتى أمر اللّه : أي قرب ودنا ، ويقال فى مجرى العادة لما يجب وقوعه قد أتى وقد وقع ، فيقال لمن طلب مساعدة حان مجيئها ، جاءك الغوث ، وأمر اللّه عذابه للكافرين ، والروح : الوحى وهو قائم فى الدين مقام الروح من الجسد ، فهو محيى القلوب التي أماتها الجهل ، من أمره : أي بأمره ومن أجله ، أنذروا : أي خوّفوا ، فاتقون : أي خافوا عقابى ، لمخالفة أمرى وعبادة غيرى.(1/467)
أصل النطفة : الماء الصافي ويراد بها هنا مادة التلقيح ، والخصيم : بمعنى المخاصم كالخليط بمعنى المخالط ، والعشير : بمعنى المعاشر والمراد به المنطيق المجادل عن نفسه ، المنازع للخصوم ، والمبين : المظهر للحجة ، والدفء : ما يستدفأ به من الأكسية ، والمنافع : هى درّها وركوبها والحرث بها وحملها للماء ونحو ذلك ، جمال : أي زينة فى أعين الناس وعظمة لديهم ، تريحون : أي تردونها بالعشي من المرعى إلى مراحها يقال أراح الماشية إذا ردها إلى المراح ، تسرحون : أي تخرجونها غدوة من حظائرها ومبيتها إلى مسارحها ومراعيها ، والأثقال : واحدها ثقل وهو متاع المسافر ، وشق الأنفس : مشقتها وتعبها ، القصد : الاستقامة ، يقال سبيل قصد وقاصد إذا أدّاك إلى مطلوبك ، وجائر : أي مائل عن المحجة ، منحرف عن الحق ، وتسيمون : أي ترعون يقال أسام الماشية وسوّمها جعلها ترعى ، وذرأ : خلق ، ألوانه : أي أصنافه ، مواخر واحدها ماخرة : أي جارية من مخر الماء الأرض أي شقها ، والميد : الحركة والاضطراب يمينا وشمالا ، وعلامات : أي معالم يستدلّ بها السابلة من نحو جبل ومنهل ورائحة تراب.(1/468)
المراد بمن يخلق : اللّه سبحانه وتعالى ، ومن لا يخلق : الملائكة وعيسى والأصنام ، وما يشعرون : أي لا يعلمون ، وأيان : كمتى كلمتان تدلان على الزمن ، لا جرم :
أي حقا.(1/469)
الأساطير : واحدها أسطورة كأرجوحة وأراجيح ، وهى الترّهات والأباطيل ، والأوزار : الآثام واحدها وزر ، ساء ما يزرون : أي بئس شيئا يحملونه ، والمكر :
صرف غيرك مما يريده بحيلة ، ويراد به هنا مباشرة الأسباب وترتيب المقدمات ، فأتى اللّه بنيانهم من القواعد : أي أهلكه وأفناه كما يقال أتى عليه الدهر ، والقواعد :
الدعائم والعمد : واحدها قاعدة ، خرّ : سقط ، يخزيهم : يذلهم ويهينهم ، وتشاقون :
أي تخاصمون وتنازعون الأنبياء وأتباعهم فى شأنهم ، وأصله أن كلا من المتخاصمين فى شقّ وجانب غير شق الآخر ، والذين أوتوا العلم : هم الأنبياء ، والسلم : الاستسلام والخضوع ، بلى بمعنى نعم ، والمثوى : مكان الثواء والإقامة.(1/470)
ينظرون : ينتظرون ، وأمر ربك : هو الهلاك وعذاب الاستئصال ، وحاق بهم أي أحاط بهم ، وخص استعمالا بإحاطة الشر.(1/471)
الطاغوت : كل معبود دون اللّه ، من شيطان وكاهن وصنم وكل من دعا إلى ضلال ، ويقع على الواحد كقوله « يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ » وعلى الجمع كقوله : « وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ » حقت : وجبت وثبتت بالقضاء السابق فى الأزل ، لإصراره على الكفر والعناد.(1/472)
الجهد ، بفتح الجيم : المشقة : وبضمها. الطاقة ، وجهد أيمانهم : أي غاية اجتهادهم فيها ، وبلى : كلمة جواب كنعم لكنها لا تقع إلا بعد النفي فتثبت ما بعده ، وعدا عليه حقا : أي وعد ذلك وعدا عليه حقا ، أي ثابتا متحققا لا شك فيه.(1/473)
أهل الذكر : أهل الكتاب كما قال : « وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ » أي التوراة ، والبينة : هى المعجزات الدالة على صدق الرسول ، والزبر :
واحدها زبور ، وهى كتب الشرائع والتكاليف التي يبلغها الرسل إلى العباد ، والذكر :
القرآن ، لتبين للناس : أي لتوضح لهم ما خفى عليهم من أسرار التشريع ، والمكر :
السعى بالفساد خفية ، والسيئات : أي الأعمال التي تسوءهم عاقبتها ، يخسف بهم الأرض :
أي يزيلها من الوجود وهم على سطحها ، فى تقلبهم : أي فى أسفارهم وسيرهم فى البلاد البعيدة للسعى فى أرزاقهم كما قال : « لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ » بمعجزين : أي بفائتين اللّه تعالى بالهرب والفرار ، والتخوف : التنقص من قولهم تخوّفت الشيء وتخيفّته إذا تنقصته ، والمراد أنه ينقص أموالهم وأنفسهم قليلا قليلا حتى يأتى عليها الفناء جميعا ، ويتفيأ : من الفيء يقال فاء الظل يفىء فيئا إذا رجع وعاد بعد ما أزاله ضياء الشمس ، والظلال : واحدها ظل وهو ما يكون أول النهار قبل أن تناله الشمس ، قال رؤبة : كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فىء ، وما لم يكن عليه الشمس فهو ظل ، واليمين والشمائل : جانبا الشيء الكثيف من الجبال والأشجار وغيرها ، والسجود : الانقياد والخضوع من قولهم سجدت النخلة إذا مالت لكثرة الحمل ، ومنه قوله : « واسجد لقرد السوء فى زمانه » أي اخضع له ، داخرون : أي صاغرون منقادون واحدهم داخر وهو الذي يفعل ما تأمره به شاء أو أبى ، يخافون ربهم : أي يخافون عقابه ، من فوقهم : أي بالقهر والغلبة كما قال : « وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ » .(1/474)
الرهبة : الخوف ، والدين : الطاعة ، والواصب : الدائم كما قال : « لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ » وتجأرون : أي تتضرعون لكشفه. وأصل الجؤار : صياح الوحش ثم استعمل فى رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة.(1/475)
تفترون : أي تكذبون ، سبحانه : أي تنزيها له عن النقائص والبشارة فى أصل اللغة إلقاء الخبر الذي يؤثّر فى تغير بشرة الوجه ، ويكون فى السرور والحزن فهو حقيقة فى كل منهما ، وعلى هذا جاءت الآية ، ثم خص فى عرف اللغة بالخبر السارّ ، ويقال لمن لقى مكروها قد اسودّ وجهه غما وحزنا ، ولمن ناله الفرح والسرور استنار وجهه وأشرق ، والكظيم : الممتلئ غما وحزنا والكظم مخرج النفس يقال أخذ بكظمه إذا أخذ بمخرج نفسه ، ومنه كظم غيظه أي حبسه عن الوصول إلى مخرج النفس ، ويتوارى : أي يستخفى وقد كان من عادتهم فى الجاهلية أن يتوارى الرجل حين ظهور آثار الطلق بامرأته ، فإن أخبر بذكر ابتهج ، وإن أخبر بأنثى حزن وبقي متواريا أياما يدبّر فيها ما يصنع ، ويمسكه : أي يحبسه كقوله (أمسك عليك زوجك) والهون :
الهوان والذل ، ويدسّه : أي يخفيه ، ومثل السوء : أي الصفة السوء ، وهى احتياجهم إلى الولد وكراهتهم للبنات خوف الفقر والعار ، وللّه المثل الأعلى : أي الصفة العليا وهى أنه لا إله إلا هو ، وأن له جميع صفات الجلال والكمال.(1/476)
المراد من الناس : العصاة ، والأجل المسمى : يوم القيامة ، ويجعلون : يثبتون وينسبون إليه ، وما يكرهون : هى البنات ، وتصف ألسنتهم الكذب : أي يكذبون كما يقال عينها تصف السحر أي هى ساحرة ، وقدّها يصف الهيف أي هى هيفاء ، لا جرم : أي حقا ، مفرطون : أي مقدّمون معجّل بهم إليها من أفرطته إلى كذا أي قدّمته ، ويقال لمن تقدم إلى الماء لإصلاح الدلاء والأرسان فارط وفرط ، وليهم : ناصرهم ومساعدهم ، اليوم : أي فى الدنيا.(1/477)
المراد بحياة الأرض : إنباتها الزرع والشجر وإخراجها الثمر ، يسمعون : أي يسمعون سماع تدبر وفهم. قال الفراء والزجاج : النعم والأنعام واحد يذكر ويؤنث ، ولهذا تقول العرب هذه نعم وارد ، ورجحه ابن العربي فقال إنما يرجع التذكير إلى معنى الجمع والتأنيث إلى معنى الجماعة وقد جاء بالوجهين هنا وفى سورة المؤمنين ، والعبرة :
الاعتبار والعظة ، والفرث : كثيف ما يبقى من المأكول فى الكرش والمعى ، خالصا :
أي مصفّى من كل ما يصحبه من مواد أخرى ، سائغا : أي سهل المرور فى الحلق ، يقال ساغ الشراب فى الحلق وأساغه صاحبه قال تعالى : « وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ » والسكر :
الخمر ، والرزق الحسن : الخل والرّبّ والتمر والزبيب ونحو ذلك ، وأوحى. ألهم وعلّم ، وبيوتا : أي أوكارا وأصل البيت مأوى الإنسان واستعمل هنا فى الوكر الذي تبنيه النحل لتعسل فيه ، لما فيه من دقة الصنع وجميل الهندسة ، ويعرشون : أي يرفعون من الكروم والسقوف ، والسبل : الطرق واحدها سبيل ، والذلل واحدها ذلول : أي
منقادة طائعة ، والشراب العسل ، مختلف ألوانه من أبيض إلى أصفر إلى أسود بحسب اختلاف المرعى.(1/478)
أرذل العمر : أردؤه وأخسه يقال رذل الشيء يرذل رذالة وأرذله غيره قال تعالى حكاية عما قاله قوم شعيب له : « واتّبعك الأرذلون » والحفدة : أولاد الأولاد على ما روى عن الحسن والأزهرى وواحدهم حافد ككتبة وكاتب : من الحفد وهو الخفة فى الخدمة والعمل يقال منه حفد يحقد حفدا وحفودا وحفدانا : إذا أسرع كما جاء فى القنوت (وإليك نسعى ونحفد) والطيبات : اللذائذ ، والمراد بالباطل : منفعة الأصنام وبركتها ؟(1/479)
رزق السماء : المطر ، ورزق الأرض : النبات والثمار التي تخرج منها ، فلا تضربوا للّه الأمثال : أي لا تجعلوا له الأنداد والنظراء فهو كقوله : « فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً » وضرب المثل للشىء : ذكر الشبيه له ، ليوضح حاله المبهمة ويزيل ما عرض من الشك فى أمره ، والبكم : الخرس ، وهو إما ناشىء من صمم خلقى وإما لسبب عارض ولا علة فى أذنيه ، فهو يسمع لكن لسانه معتقل لا يطيق الكلام ، فكل من ولد غير سميع فهو أبكم ، لأن الكلام بعد السماع ، ولا سماع له ، وليس كل أبكم يكون أصم صمما طبيعيا ، فإن بعض البكم لا يكونون صمّا ، والكلّ : الغليظ الثقيل من قولهم كلّت السكين إذا غلظت شفرتها فلم تقطع ، وكلّ عن الأمر : ثقل عليه فلم يستطع عمله يوجهه :
أي يرسله فى وجه معين من الطريق ، يقال وجهته إلى موضع كذا فتوجه إليه ، على صراط مستقيم : أي طريق عادل غير جائر.(1/480)
الساعة : الوقت الذي تقوم فيه القيامة ، سميت بذلك لأنها تفجأ الإنسان فى ساعة ما فيموت الخلق بصيحة واحدة ، ولمح البصر : رجع الطرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها ، والأفئدة واحدها فؤاد : وهى القلوب التي هيأها اللّه للفهم وإصلاح البدن ، والجو : الهواء بين الأرض والسماء.(1/481)
سكنا : أي مسكنا ، والظعن (بالسكون والفتح) السير فى البادية لنجعة أو طلب ماء أو مرتع ، والأصواف : للضأن ، والأوبار : للإبل ، والأشعار : للمعز ، والأثاث : متاع البيت كالفرش والثياب وغيرها ، ولا واحد له من لفظه ، والمتاع : ما يتمتع وينتفع به فى المتجر والمعاش ، إلى حين : أي إلى انقضاء آجالكم ، والظلال : ما يستظل به من الغمام والشجر والجبال وغيرها ، والأكنان واحدها كنّ : وهو الغار ونحوه فى الجبل ، والسرابيل واحدها سربال : وهو القميص من القطن والكتّان والصوف وغيرها ، وسرابيل الحزب الجواشن والدروع ، والبأس : الشدة ، ويراد به هنا الحرب.(1/482)
الأمة : الجيل من الناس ، وشهيد كل أمة نبيها ، ثم لا يؤذن للذين كفروا : أي إنهم يستأذنون فلا يؤذن لهم ، ويقال استعتبه وأعتبه : إذا رضى عنه ، قال الخليل :
العتاب مخاطبة الإدلال ومذاكرة الموجدة وعاتبه معاتبة وعتابا وأعتبه : سره بعد ما ساءه ، ينظرون : أي يمهلون ويؤخرون ، والشركاء : الأصنام والأوثان والشياطين والملائكة ، وندعو : نعبد ، والسلم : الاستسلام والانقياد ، وضل : ضاع وبطل والمراد بهؤلاء أمته الحاضر منهم عصر التنزيل ومن بعدهم إلى يوم القيامة ، وتبيانا : أي بيانا لأمور الدين إما نصافيها أو ببيان الرسول واستنباط العلماء المجتهدين فى كل عصر.(1/483)
العدل لغة : المساواة فى كل شىء بلا زيادة ولا نقصان فيه ، والمراد به هنا المكافأة فى الخير والشر. والإحسان : مقابلة الخير بأكثر منه ، والشر بالعفو عنه ، وإيتاء ذى القربى : أي إعطاء الأقارب حقهم من الصلة والبر. والفحشاء : ما قبح من القول والفعل ، فيدخل فيه الزنا وشرب الخمر والحرص والطمع والسرقة ونحو ذلك من الأقوال والأفعال المذمومة ، والمنكر : ما تنكره العقول من دواعى القوة الغضبية كالضرب الشديد والقتل والتطاول على الناس ، والبغي : الاستعلاء على الناس والتجبر عليهم بالظلم والعدوان ، والوعظ : التنبيه إلى الخير بالنصح والإرشاد ، والعهد : كل ما يلتزمه الإنسان باختياره ، ويدخل فيه الوعد ، ونقض اليمين : الحنث فيها وأصله فك أجزاء الجسم بعضها من بعض ، وتوكيدها : توثيقها والتشديد فيها ، كفيلا : أي شاهدا ورقيبا ، والغزل : ما غزل من صوف ونحوه ، والقوة : الإبرام والإحكام ، والأنكاث ، واحدها نكث وهو ما ينكث فتله وينقض بعد غزله ، والدخل : المكر والخديعة. وقال أبو عبيدة :
كل أمر لم يكن صحيحا فهو دخل ، ويراد به أن يظهر المرء الوفاء بالعهد ويبطن النقض ، أربى : أي أكثر وأوفر عددا.(1/484)
زلة القدم بعد ثبوتها : مثل يقال لمن وقع فى محنة بعد نعمة ، وبلاء بعد عافية ، والحياة الطيبة : هى القناعة وعدم الحرص على لذات الدنيا ، لما فى ذلك من الكدّ والعناء.(1/485)
قرأت القرآن : أي أردت قراءته كما تقول إذا أكلت فقل باسم اللّه ، وإذا سافرت فتأهب ، والرجيم : المرجوم المبعد من رحمة اللّه ، والسلطان : التسلط والاستيلاء ، والتولي : الطاعة يقال توليته أي أطعته ، وتوليت عنه أي أعرضت.(1/486)
التبديل : رفع شىء ووضع غيره مكانه ، وتبديل الآية : نسخها بآية أخرى ، وروح القدس : جبريل عليه السلام سمى بذلك لأنه ينزل بالقدس أي بما يطهر النفوس :
من القرآن والحكمة والفيض الإلهى ، بالحق : أي بالحكمة المقتضية له ، بشر : هو جبر الرومي غلام ابن الحضرمي كان قد قرأ التوراة والإنجيل وكان النبي صلى اللّه عليه وسلّم يجلس إليه إذا آذاه أهل مكة ، والإلحاد : الميل يقال لحد وألحد :
إذا مال عن القصد ، ومنه سمى العادل عن الحق ملحدا ، لسان : أي كلام ويقال رجل أعجم وامرأة عجماء إذا كانا لا يفصحان عن مرادهما ، والأعجمى والأعجم : الذي فى لسانه عجمة ، من العجم كان أو من العرب ، ومن ذلك زياد الأعجم كان عربيا فى لسانه لكنة.(1/487)
أكره : أي على التلفظ بكلمة الكفر ، والاطمئنان : سكون النفس بعد انزعاجها والمراد الثبات على ما كان عليه بعد إزعاج الإكراه ، شرح بالكفر صدرا : أي اعتقده وطاب به نفسا ، استحبوا الحياة الدنيا : أي آثروها وقدّموها ، لا جرم : أي حقا.(1/488)
أصل الفتن : إدخال الذهب فى النار لتظهر جودته من رداءته ، ثم استعمل فى المحنة والابتلاء يصيب الإنسان ، تجادل : أي تدفع وتسعى فى خلاصها ، والنفس الأولى الجثة والبدن ، والنفس الثانية عينها وذاتها ، وتوفى : تعطى.(1/489)
يقولون : له وجه يصف الجمال ، وعين تصف السحر ، يريدون أنه جميل وأن عينه تفتن من رآها ، لأنه لما كان وجهه منشأ للجمال وعينه منبعا للفتنة والسحر كان كل منهما كأنه إنسان عالم بكنههما محيط بحقيقتهما يصفهما للناس أجمل وصف ويعرفهما أتم تعريف وعلى هذا الأسلوب جاء قوله تعالى : ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب ، إذ جعل الكذب كأنه حقيقة مجهولة ، وكلامهم الكذب يشرح تلك الحقيقة ويوضحها ، كأن ألسنتهم لكونها موصوفة بالكذب هى حقيقته ومنبعه الذي يعرف منه ، وعليه قول أبى العلاء المعرّى :
سرى برق المعرّة بعد وهن فبات برامة يصف الكلالا
أي إن سرى ذلك البرق يصف الكلال والإعياء.
لتفتروا : أي لتكون العاقبة ذلك ، والجهالة هنا : الطيش وعدم التدبر فى العواقب.(1/490)
الأمة : الجماعة الكثيرة ، وسمى إبراهيم أمة لأنه قد جمع من الفضائل والكمالات ما لو تفرّق لكفى أمة ، ألا ترى أبا نواس إذ يقول لهرون الرشيد مادحا :
و ليس على اللّه بمستنكر أن يجمع العالم فى واحد
و القانت : المطيع للّه القائم بأمره ، والحنيف : المائل عن الدين الباطل إلى الدين الحق ، واجتباه : اختاره واصطفاه ، والحسنة : هى محبة أهل الأديان جميعا له إجابة لدعوته لربه « واجعل لى لسان صدق فى الآخرين » وجعل السبت لليهود : فرض تعظيمه والتخلي فيه للعبادة وترك الصيد ، والحكمة : المقالة المحكمة المصحوبة بالداليل الموضّح للحق المزيل للشبهة ، والموعظة الحسنة : الدلائل الظنية المقنعة للعامة ، والجدل :
الحوار والمناظرة لإقناع المعاند ، والعقاب فى أصل اللغة : المجازاة على أذى سابق ثم استعمل فى مطلق العقاب ، والضيق (بفتح الضاد وكسرها) الغم وانقباض الصدر.(1/491)
سورة الإسراء
سبحان اللّه : أي تنزيها له من كل ما لا يليق بجلاله وكماله ، والإسراء كالسرى :
السير بالليل خاصة ، والمسجد الحرام : مسجد مكة ، والمسجد الأقصى : بيت المقدس وهو أقصى وأبعد بالنظر إلى من بالحجاز(1/492)
الكتاب : هو التوراة ، وكيلا : أي كفيلا تكلون إليه أموركم ، شكورا أي كثير الشكر ، وقضينا : أي أعلمنا بالوحى ، لتعلن : أي لتستكبرنّ عن طاعة اللّه ، والوعد أي الموعد به وهو العقاب ، والبؤس والبأس والبأساء : الشدة والمكروه كما قال الراغب إلا أن البؤس كثر استعماله فى الفقر والحرب ، والبأس والبأساء فى النكاية بالعدو ، جاسوا خلال الديار : توسطوها وترددوا بينها ، والكرة : الدّولة والغلبة وأصل الكر العطف والرجوع ، والنفير والنافر : من ينفر مع الرجل من عشيرته وأهل بيته ، والتتبير : الهلاك وهى كلمة نبطية كما روى عن سعيد بن جبير وكل شىء كسرته وفتته فقد تبرته ، ما علوا : أي ما غلبوا واستولوا عليه من بلادكم ، والحصير : السجن كما قال ابن عباس.(1/493)
طائره : أي عمله ، سمى به إما لأنه طار إليه من عشّ الغيب ، وإما لأنه سبب الخير والشر كما قالوا : طائر اللّه لا طائرك ، أي قدر اللّه الغالب الذي يأتى بالخير والشر لا طائرك الذي تتشاءم به وتتيمن إذ جرت عادتهم بأن يتفاءلوا بالطير ويسمونه زجرا ، فإن مرّبهم من اليسار إلى اليمين تيمنوا به وسمّوه سانحا ، وإن مرّ من اليمين إلى اليسار تشاءموا منه وسموه بارحا ، كتابا : هو صحيفة عمله ، منشورا : أي غير مطوى ، حسيبا :
أي حاسبا أي عادّا له يعد عليه أعماله ، والوزر : الإثم والذنب ، يقال منه وزر يزر فهو وازر وهى وازرة ، أي نفس وازرة ، والمترفون : هم المنعّمون من الملوك والعظماء ، أمرنا مترفيها ، أي أمرناهم بالطاعة ، ففسقوا : أي خرجوا عن الطاعة وتمردوا ، فحق عليها القول : أي وجب لها العذاب ، والتدمير : الإهلاك مع طمس الأثر ، والقرن : القوم يجمعهم زمان واحد ، وقد حدد بأر بعين سنة ، وبثمانين ، وبمائة ، والعاجلة : الدار الدنيا ، يصلاها : أي يقاسى حرها ، مدحورا : أي مطرودا مبعدا من رحمة اللّه ، محظورا :
أي ممنوعا عمن يريده.(1/494)
فتقعد : أي فتصير ، مذموما : أي ممن يستحق الذم من الملائكة والمؤمنين ، مخذولا : أي من اللّه لأنك أشركت معه مالا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، وقضى : أي حكم وأمر ، وأفّ : اسم صوت ينبىء عن التضجر والتألم ويقولون لا تقل لفلان أف أي لا تتعرّض له بنوع من الأذى والمكروه ، والنهر : الزجر بغلظة ، كريما : أي جميلا لا شراسة فيه ، قال الراغب : كل شىء يشرف فى جنسه يقال إنه كريم. وخفض الجناح يراد به التواضع والتذلل ، من الرحمة : أي من فرط رحمتك عليهما ، والأوّاب :
الذي ديدنه الرجوع إلى اللّه والالتجاء إليه حين الشدة ، والتبذير إنفاق : المال فى غير موضعه ، وإخوان الشياطين : أي قرناؤهم ، والابتغاء : الطلب ، والرحمة الرزق ، والميسور : السهل اللين ، والمغلولة : المقيدة بالغلّ وهو القيد يوضع فى اليدين والعنق ، وتبسطها : أي تتوسع فى الإنفاق ، والمحسور : المنقطع عن السير إعياء وكلالا ، ويقدر :
أي يقتر ، والإملاق : الفقر قال :
و إنى على الإملاق ياقوم ماجد أعدّ لأضيافى الشّواء المضهّبا
و الخطء : كالإثم لفظا ومعنى ، والفاحشة : الفعلة الظاهرة القبح ، والسلطان :
التسلط والاستيلاء ، فلا يسرف : أي فلا يتجاوز الحد المشروع فيه ، التي هى أحسن :
أي الطريق التي هى أحسن ، والعهد : ما تعاهدون عليه غيركم من العباد لتوثيقه وتوكيده ، والقسطاس : (بكسر القاف وضمها) الميزان ، والمستقيم : العدل ، والتأويل :
ما يئول إليه الشيء وهو عاقبته ، ولا تقف من قفوت أثر فلان : أي اتبعته ، والمرح :
الفخر والكبر ، لن تخرق الأرض : أي لن تجعل فيها طرقا بدوسك وشدة وطأتك ، والحكمة : معرفة الحق سبحانه ومعرفة الخير للعمل به ، والمدحور : المبعد من رحمة اللّه(1/495)
الإصفاء بالشيء : جعله خالصا له ، وصرفنا : أي بينا ، ليذكروا : أي يتدبروا ويتعظوا ، والنفور : البعد من الشيء ، وابتغاء الشيء : طلبه ، والسبيل : الطريق ، والفقه : الفهم.(1/496)
الحجاب والحجب : المنع من الوصول إلى الشيء والمراد الحاجب ، والمستور : أي الساتر كما جاء عكسه من نحو « ماء دافق » : أي مدفوق ، أن يفقهوه أي لئلا يفقهوه ويفهموه ، والأكنة : الأغطية واحدها كنان ، والوقر : الصمم والثقل فى الآذان المانع من السماع ، والنفور : الانزعاج ، مسحورا : أي مخبول العقل ، فهو كقولهم « إن هو إلا رجل به جنة » فضلوا أي جاروا عن قصد السبيل.(1/497)
الرفات : ما تكسر وبلى من كل شىء ، يكبر فى صدوركم : أي يستبعد قبوله للحياة ، فطركم : أي ذرأكم وأوجدكم ، فسينغضون إليك رءوسهم : أي سيحركونها
استهزاء ، يقال نغض رأسه ينغض نغضا إذا تحرك ، وأنغض رأسه : حركه كالمتعجب من الشيء ، فتستجيبون : أي تجيبون الداعي.(1/498)
ينزغ : يفسد ويهيج الشر ، والوكيل : هو المفوض إليه الأمر ، والزبور : اسم الكتاب الذي أنزل على داود عليه السلام.(1/499)
الزعم : (بتثليث الزاى) القول المشكوك فى صدقه ، وقد يستعمل بمعنى الكذب حتى قال ابن عباس : كل موضع فى كتاب اللّه ورد فيه (زعم) فهو كذب ، لا يملكون :
أي لا يستطيعون ، كشف الضر : إزالته أو تحويله عنكم إلى غيركم ، يدعون : أي ينادون ، الوسيلة : القرب بالطاعة والعبادة ، محذورا : أي يحذره ويحترس منه كل أحد ، فى الكتاب : أي فى اللوح المحفوظ ، والآيات : هى ما اقترحته قريش من جعل الصفا ذهبا ، ومبصرة : أي ذات بصيرة لمن يتأملها ويتفكر فيها ، فظلموا بها : أي فكفروا بها وجحدوا ، أحاط بالناس : أي أحاطت بهم قدرته فلا يستطيعون إيصال الأذى إليك إلا بإذننا ، والرؤيا هى ما عاينه صلى اللّه عليه وسلّم ليلة أسرى به من العجائب ، والشجرة :
هى شجرة الزقوم ، والطغيان : تجاوز الحد فى الفجور والضلال.(1/500)
أرأيتك : أي أخبرنى ، هذا الذي كرّمت على : أي أهذا الذي كرمته علىّ قاله احتقارا واستصغارا لشأنه ، لأحتنكنّ ، من قولهم حنك الدابة واحتنكها : إذا جعل فى حنكها الأسفل حبلا يقودها به ، كأنه يملكهم كما يملك الفارس فرسه بلجامه ، اذهب : أي امص لشأنك فقد خلّيتك وما سوّلت لك نفسك ، وموفورا : أي مكملا لا يدّخر منه شىء من قولهم فر لصاحبك عرضه فرة : أي أكمله له قال :
و من يجعل المعروف من دون عرضه يفره ومن لا يتّق الشتم يشتم
و يقال أفزّه الخوف واستفزه : أي أزعجه واستخفه ، بصوتك : أي بدعائك إلى معصية اللّه ، وأجلب عليهم : أي صح عليهم من الجلبة وهى الصياح ، ويقال أجلب على العدو إجلابا إذا جمع عليه الخيول (والخيل هنا الفرسان) كما
جاء فى قوله صلى اللّه عليه وسلّم فى بعض غزواته لأصحابه « يا خيل اللّه اركبي »
والرّجل : واحده راجل كركب وراكب ، والغرور : تزيين الباطل بما يظن أنه حق ، والوكيل : الحافظ والرقيب(1/501)
يزجى : أي يسوق حينا بعد حين والمراد أنه يجريه ، وفضله : هو رزقه ، والمراد بالضر : خوف الغرق بتقاذف الأمواج ، وضل : غاب عن ذكركم ، والخسف والخسو ف :
دخول الشيء فى الشيء يقال عين خاسفة إذا غابت حدقتها فى الرأس ، وعين من الماء خاسفة : أي غائرة الماء وخسفت الشمس : أي احتجبت ، وكأنها غارت فى السحاب ، والحاصب : الريح التي ترمى بالحصباء والحجارة ، والقاصف : الريح تقصف الشجر وتكسره ، والتبيع : النصير والمعين ، وحملته على فرس : أي أعطيته إياها ليركبها.(1/502)
إمامهم : هو كتابهم فهو كقوله « وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ » والفتيل :
الخيط المستطيل فى شقّ النواة ، وبه يضرب المثل فى الشيء الحقير التافه ، ومثله النقير والقطمير ، أعمى : أي أعمى البصيرة عن حجة اللّه وبيناته ، والركون إلى الشيء : الميل إلى ركن منه ، ضعف الحياة : أي عذابا مضاعفا فى الحياة الدنيا ، وضعف الممات : أي عذابا مضاعفا فى الممات فى القبر وبعد البعث ، ونصيرا : أي معينا يدفع عنك العذاب ، لا يلبثون : أي لا يبقون ، خلافك : أي بعدك ، سنة من قد أرسلنا : أي سنتنا بك سنة الرسل قبلك ، تحويلا : أي تغييرا(1/503)
دلوك الشمس : زوالها عن دائرة نصف النهار ، والغسق : شدة الظلمة ، وقرآن الفجر : أي صلاة الصبح ، كان مشهودا : أي تشهده شواهد القدرة ، وبدائع الحكمة ، وبهجة العالم العلوي والسفلى فمن ظلام حالك ، أزاله ضوء ساطع ، ونور باهر ، ومن نوم وخمود ، إلى يقظة وحركة ، وسعى إلى الأرزاق ، فسبحان الواحد الخلاق ، وهل هناك منظر أجمل فى نظر الرائي من ظهور ذلك النور ينفلت من خلال الظلام الدامس يدفعه بقوة ، ليضىء العالم بجماله ، ويقظة النّوّام وحركتهم على ظهر البسيطة ، وقد كانوا فى سكون ، فهى حياة متجددة بعد موت وغيبوبة للحواس ، والتهجد :
الاستيقاظ من النوم للصلاة ، نافلة : أي فريضة زائدة على الصلوات الخمس المفروضة عليك ، والمقام المحمود : مقام الشفاعة العظمى حين فصل القضاء ، حيث لا أحد إلا وهو تحت لوائه صلى اللّه عليه وسلّم ، والسلطان : الحجة البينة ، والنصير : الناصر والمعين ، زهق : أي زال واضمحل ، نأى بجانبه : أي لوى عطفه عن الطاعة وولاها ظهره ، وشاكلته : أي مذهبه وطريقته التي تشاكل حاله فى الهدى والضلال ، ويئوسا : أي شديد اليأس والقنوط من رحمة اللّه ، وأهدى سبيلا : أي أسدّ طريقا ، وأقوم منهجا.(1/504)
فى المراد من الروح فى هذه الآية ثلاثة آراء :
(1) القرآن وهو المناسب لما تقدمه من قوله : « وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ » ولما بعده من قوله « وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ » ولأنه سمى به فى مواضع متعددة من القرآن كقوله « وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا » وقوله « يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ » ولأن به تحصل حياة الأرواح والعقول ، إذ به تحصل معرفة اللّه وملائكته وكتبه واليوم الآخر ، ولا حياة للأرواح إلا بمثل هذه المعارف.
(2) جبريل عليه السلام وهو قول الحسن وقتادة ، وقد سمى جبريل فى مواضع عدة من القرآن كقوله « نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ » وقوله « فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا »
و يؤيد هذا أنه قال فى هذه الآية « قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي » وقال جبريل « وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ » فهم قد سألوا الرسول كيف جبريل فى نفسه وكيف يقوم بتبليغ الوحى.
(3) الروح الذي يحيا به بدن الإنسان - وهذا قول الجمهور - ويكون ذكر الآية بين ما قبلها وما بعدها اعتراضا للدلالة على خسارة الظالمين وضلالهم ، وأنهم مشتغلون عن تدّبر الكتاب والانتفاع به إلى التعنت بسؤالهم عما اقتضت الحكمة سد الطريق على معرفته ، ويؤيد هذا ما
روى عن ابن مسعود رضى اللّه عنه قال : « مرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم بنفر من اليهود ، فقال بعضهم : سلوه عن الروح ، وقال بعضهم لا تسألوه يسمعكم ما تكرهون ، فقاموا إليه وقالوا يا أبا القاسم حدّثنا عن الروح ، فقام ساعة ينظر ، فعرفت أنه يوحى إليه ، ثم قال : ويسألونك عن الروح الآية »(1/505)
وكيلا : أي ملتزما استرداده بعد الذهاب به ، كما يلتزم الوكيل ذلك فيما يتوكل عليه ، وظهيرا : أي معينا فى تحقيق ما يتوخّونه من الإتيان بمثله ، وصرفنا : كررنا وردّدنا ، والكفور : الجحود.(1/506)
الينبوع : العين التي لا ينضب ماؤها ، جنة : أي بستان تستر أشجاره ما تحتها من الأرض ، كسفا : واحدها كسفة كقطع وقطعة لفظا ومعنى ، وقبيلا : أي مقابلا كالعشير بمعنى المعاشر والمراد رؤيتهم عيانا ، والزخرف : هنا الذهب ، وأصله الزينة ، وأجملها ما كان بالذهب ، ترقى : أي تصعد ، مطمئنين : أي ساكنين مقيمين فيها ، وخبت : أي سكن لهبها ، والسعير : اللهب ، وكفورا أي جحودا للحق ، خشية الإنفاق : أي خوف الفقر ، والقتور : الشديد البخل.(1/507)
مسحورا : أي مخبول العقل ، بصائر : أي حججا وبينات واحدها بصيرة أي مبصرة بينة ، مثبورا : أي هالكا كما روى عن الحسن ومجاهد ، قال الزجاج : يقال ثبر الرجل فهو مثبور إذا هلك ، ويقال فلان يدعو بالويل والثبور حين تصيبه المصيبة ، كما قال تعالى : « دعوا هنالك ثبورا. لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا » أن يستفزهم : أي أن يخرجهم بالقتل أو أن يزيلهم عنها ، واللفيف :
الجمع العظيم من أخلاط شتى ، من شريف ودنىء ، ومطيع وعاص ، وقوى وضعيف ، وكل شىء خلطته بغيره فقد لففته.(1/508)
الحق : هو الثابت الذي لا يزول ، والقرآن مشتمل على كثير من ذلك كدلائل التوحيد وتعظيم الملائكة ونبوة الأنبياء وإثبات البعث والقيامة ، وفرقناه : أي أنزلناه مفرقا منجما ، والمكث (بالضم والفتح) : التؤدة والتأنى ، والخرور : السقوط بسرعة ، والأذقان واحدها ذقن : وهو مجتمع اللحيين ، ادعوا اللّه أو ادعوا الرحمن : أي سموه بهذين الاسمين ، خفت الرجل بقراءته : إذا لم يبينها برفع الصوت ، وتخافت : القوم تسارّوا فيما بينهم.(1/509)
سورة الكهف
العوج : (بالكسر والفتح) : الانحراف والميل عن الاستقامة ، فلا خلل فى لفظه ولا فى معناه ، قيما : أي معتدلا لا إفراط فيما اشتمل عليه من التكاليف حتى يشق على العباد ، ولا تفريط فيه بإهمال ما تمس الحاجة إليه ، والبأس : العذاب الشديد فى الآخرة ، من لدنه : أي من عنده ، كبرت : (بضم الباء) كلمة : أي ما أعظمها مقالة قيلت ، وهذا أسلوب فى الكلام يدل على التعجب والاستغراب مما حدث من قول أو فعل ، باخع : أي قاتل (منتحر) قاله ابن عباس وأنشد قول لبيد :
لعلك يوما إن فقدت مزارها على بعده يوما لنفسك باخع
على آثارهم : أي من بعدهم أي من بعد توليهم عن الإيمان وتباعدهم عنه ، والحديث : هو القرآن ، والأسف : المبالغة فى الحزن والغضب ، وصعيدا : أي ترابا ، وجرزا : أي لا نبات فيه(1/510)
أم : حرف يدل على الانتقال من كلام إلى آخر ، وهو بمعنى بل وهمزة الاستفهام أي بل أحسبت ، والخطاب فى الظاهر للنبى عليه الصلاة والسلام ، والمراد غيره كما سبق نظيره ، والكهف : النقب المتسع فى الجبل ، فإن لم يكن متسعا فهو غار ، والرقيم : لوح حجرى رقمت فيه أسماؤهم كالألواح الحجرية المصرية التي يذكر فيها تاريخ الحوادث وتراجم العظماء ، أوى إلى المكان : اتخذه مأوى ومكانا له ، والفتية واحدهم فتى وهو الشاب الحدث ، وقد كانوا من أبناء أشراف الروم وعظمائهم ، لهم أطواق وأسورة من الذهب ، وهيىء : أي يسر ، والرشد (بفتحتين وضم فسكون) الهداية إلى الطريق الموصل للمطلوب ، فضربنا على آذانهم أي ضربنا عليها حجابا يمنع السماع ، كما يقال بنى على امرأته ، يريدون بنى عليها قبة ، والمراد أنمناهم نومة لا تنبههم الأصوات الموقظة.
عددا : أي ذوات عدد والمراد التكثير ، لأن القليل لا يحتاج إلى العدّ غالبا ، بعثناهم :
أي أيقظناهم وأثرناهم من نومهم ، والحزبين : هما الحزب القائل لبثنا يوما أو بعض يوم ، والحزب القائل ربكم أعلم بما لبثتم ، وأحصى : أي أضبط لاوقات لبثهم ، والأمد :
مدة لها حد وغاية(1/511)
النبأ : الخبر العظيم ، وبالحق : أي بالصدق ، والربط : الشد ، وربطت الدابة :
شددتها بالرباط ، والمربط : الحبل ، وربط اللّه على قلبه ، أي قوّى عزيمته ، قاموا :
أي وقفوا بين يدى ملكهم الجبار دقيانوس ، إلها : أي معبود آخرا لا استقلالا ولا اشتراكا ، اتخذوا من دونه آلهة : أي نحتوا أصناما وعبدوها ، والسلطان : الحجة ، والبيّن : الظاهر ، والاعتزال والتعزل : تجنب الشيء بالبدن أو بالقلب كما قال :
يا بيت عاتكة التي أتعزّل حذر العدا وبه الفؤاد موكّل
فأووا إلى الكهف : أي التجئوا إليه ، وينشر لكم : أي يبسط لكم ، والمرفق :
ما يرتفق وينتفع به ، وتزاور : تتنحى ، وذات اليمين : أي جهة يمين الكهف ، وتقرضهم : أي تعدل عنهم ، قال الكسائي : يقال : قرضت المكان : إذا عدلت عنه ولم تقربه ، فجوة : أي متسع ، والأيقاظ ، واحدهم يقظ (بضم القاف وكسرها) والرقود :
واحدهم راقد ، أي نائم ، وباسط ذراعيه : أي مادّهما ، والوصيد : فناء الكهف ، والرعب : الخوف يملأ الصدر(1/512)
بعثناهم : أي أيقظناهم ، لبثتم : أي أقمتم ، والورق : الفضة ، مضروبة كانت أو غير مضروبة ، وأزكى : أجود وأطيب ، وليتلطف : أي يتكلف اللطف فى المعاملة ، كى لا تقع خصومة تجرّ إلى معرفته ، ولا يشعرنّ : أي لا يفعلنّ ما يؤدى إلى شعور أحد من أهل المدينة بكم ، إن يظهروا عليكم : أي إن يطّلعوا عليكم ويعلموا بمكانكم وأصل العثور السقوط للوجه ، يقال عثر عثورا وعثارا : إذا سقط لوجهه ، ويقال فى المثل « من سلك الجدد أمن العثار » ، ثم استعمل فى الاطلاع على أمر من غير طلب له ، والساعة : يوم القيامة حين يبعث اللّه الخلائق جميعا للحساب والجزاء ، والتنازع : التخاصم ، والذين غلبوا على أمرهم : هم رؤساء البلد ، لأنهم هم الذين لهم الرأى فى مثل هذا ، والمسجد :
معبد المؤمنين من تلك الأمة وكانوا نصارى على المشهور ، والرجم : القول بالظن ويقال لكل ما يخرص : رجم فيه وحديث مرجوم ومرجّم كما قال :
و ما الحرب إلا ما علمتم وذقتم وما هو عنها بالحديث المرجّم
و الغيب : ما غاب عن الإنسان فالمراد أن يرمى الإنسان ما غاب عنه ولا يعرفه بالحقيقة ، كما يقال فلان يرمى بالكلام رميا : أي يتكلم من غير تدبر ، والمراد هنا القول بالظن والتخمين ، والمراء : المحاجة فيما فيه مرية وتردد ، والمراد الظاهر : ما لا تعمّق فيه بألا يكذّبهم فى تعيين العدد ، بل يقول هذا التعيين لا دليل عليه ، فيجب عدم الجزم به ولا تستفت : أي لا تطلب الفتيا منهم.(1/513)
لا مبدل : أي لا مغيّر ، لكلماته أي لأحكامها ، فلا يستطيع أحد نسخ أحكام ما جاء فى كتابه ، ملتحدا : أي ملجأ تعدل إليه إذا ألمّت بك ملمّة ، واصبر نفسك :
أي احبسها وثبّتها ، بالغداة والعشى : أي فى طرفى النهار ، وخصهما بالذكر ، لأنهما محل الغفلة ، وفيهما يشتغل الناس بأمور دنياهم ، وجهه : أي رضاه وطاعته لأن من رضى
عن شخص يقبل عليه ، ومن غضب عليه يعرض عنه ، ولا تعد عيناك عنهم : أي لا تصرف عيناك النظر عنهم إلى أبناء الدنيا والمراد لا تحتقرهم وتصرف النظر عنهم إلى غيرهم لرثاثة منظرهم ، تريد زينة الحياة الدنيا : أي تطلب مجالسة من لم يكن مثلهم من الأغنياء وأصحاب الثراء ، أغفلنا قلبه : أي جعلناه غافلا ، فرطا : أي تقريطا وتضييعا لما يجب عليه أن يتّبعه من أمر الدين ، وأعتدنا : أي أعددنا وهيأنا ، والسرادق :
لفظ فارسى معرّب يزاد به الفسطاط (الخيمة) شبه به ما يحيط بهم من لهب النار المنتشر منها فى سائر الجهات ، المهل : دردىّ الزيت أو ما أذيب من المعادن كالرّصاص والنّحاس ، يشوى الوجوه : أي ينضجها إذا قدّم ليشرب ، لشدة حره ، ومرتفقا : أي متكأ يقال بات فلان مرتفقا أي متكئا على مرق يده ، وجنات عدن : أي جنات إقامة واستقرار يقال عدن بالمكان إذا أقام فيه واستقر ، ومنه المعدن لاستقرار الجواهر فيه ، والأساور : واحدها سوار ، والسندس : رقيق الديباج واحده سندسة وهو فارسى معرّب ، والإستبرق : ما غلظ منه وهو رومى معرب ، والأرائك واحدها أريكة - سرير عليه حجلة (ناموسية).(1/514)
الجنة : البستان ، سميت بذلك لا جتنان أرضها واستتارها بظل الشجر ، وكل مادة (ج ن ن) تفيد الخفاء والاستتار كالجنين والجن والمجنون لاستتار عقله وجن الليل : أي أظلم إلى نحو ذلك ، أعناب : أي كروم منوعة ، وحففناهما بنخل : أي جعلنا النخل محيطا بهما مطبقا بحفافيهما : أي جانبيهما ، يقال حفّه القوم : أي طافوا به ، ومنه قوله « حافّين من حول العرش » وحففته بهم إذا جعلتهم حافين حوله ، أكلها : أي ثمرها ، ولم تظلم : أي لم تنقص ، والنهر لغة فى النهر : وهو مجرى الماء العذب ، ثمر : أي أنواع من المال يقال ثمر فلان ماله وأثمره : إذا نماه. قال الحرث ابن كلدة :
و لقد رأيت معاشرا قد أثمروا مالا وولدا
و الصاحب : المصاحب لك ، يحاوره : أي يجادله ويراجعه الكلام بالوعظ والدعاء إلى الإيمان باللّه والبعث ، والمراد من النفر الخدم والحشم والأعوان ، أن تبيد : أي تفنى وتهلك ، قائمة : أي كائنة متحققة ، ومنقلبا : أي مرجعا وعاقبة ، سواك : أي عدلك وكملك إنسانا ، لكنا هو اللّه ، أصل التركيب لكن أنا هو اللّه ربى (دخله نقل وحذف) لولا : حرف يفيد الحث على الشيء والتوبيخ على تركه ، ما شاء اللّه : أي ماشاء اللّه كائن ، حسبانا من السماء : أي مطرا عظيما يقلع زرعها وأشجارها ، والصعيد : وجه الأرض وزلقا : أي تصير بحيث تزلق عليها الرجل والمراد أنها تصير ترابا أملس لا تثبت فيه قدم ، والغور : الغائر فى الأرض الغائص فيها ، طلبا : أي عملا وحركة لرده ، وأحيط بثمره : أي أهلكت أمواله ، يقال أحاط به العدو : إذا استولى عليه وغلبه ، ثم استعمل فى كل إهلاك ، ويقلب كفيه ، هذا أسلوب فى اللغة يفيد الندامة والحسرة ، فإن من تعظم حسرته يصفق بإحدى يديه على الأخرى متأسفا متلهفا ، خاوية : أي ساقطة ، يقال خوت الدار وخوت وخويت خيا وخويا : تهدمت وخلت من أهلها ، والعروش : واحدها عرش وهى الأعمدة التي توضع عليها الكروم ، منتصرا :
أي ممتنعا بقوة عن انتقام اللّه ، عقبا : أي عاقبة.(1/515)
المثل : الصفة ، وهشيما : أي يابسا متفتتا ، تذروه : أي تنثره وتفرقه ، ومقتدرا : أي كامل القدرة ، والباقيات الصالحات : هى الأعمال الصالحة كلها ، وثوابا : أي جزاء.(1/516)
بارزة أي ظاهرة ، إذ لم يبق على وجهها شىء من العمائر ولا من الجبال والأشجار ، وحشرناهم : أي سقناهم إلى الموقف من كل أوب ، فلم نغادر : أي لم نترك يقال غادره وأغدره إذا تركه ، ومنه الغدر وهو ترك الوفاء ، وعرضوا : أي أحضروا لفصل القضاء ، صفا : أي مصطفين ، موعدا : أي وقتا ننجز فيه ما وعدنا من البعث وما يتبعه ، ووضع الكتاب : أي جعل كتاب كل عامل فى يد صاحبه حين الحساب ، مشفقين : أي خائفين ، والويل : الهلاك ، ويا ويلتنا : أي يا هلاك أقبل فهذا أوانك ، أحصاها : أي
عدّها ، حاضرا ، أي مسطورا فى كتاب كل منهم ، ولا يظلم ربك : أي لا يتجاوز ما حدّه من الثواب والعقاب.(1/517)
فسق : خرج يقال فسق الرطب إذا خرج عن قشره ، أفتتخذونه ، الهمزة فى مثل هذا تفيد الإنكار والتعجب ممن يفعل مثل ذلك ، والذرية : الأولاد وبذلك قال جمع من العلماء ، منهم الضحاك والأعمش والشعبي ، وقيل المراد بهم الأتباع من الشياطين ، والعدو يطلق على الواحد والكثير كما قال : « فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ » وقال : « هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ » والعضد : أصله ما بين المرفق إلى الكتف ، ويستعمل بمعنى المعين كاليد ونحوها وهو المراد هنا ، فدعوهم. أي فاستغاثوا بهم ، فلم يستجيبوا لهم : أي فلم يغيثوهم ، والموبق : مكان الوبوق : أي الهلاك وهو النار يقال وبق وبوقا كوثب وثوبا : إذا هلك ، مواقعوها : أي داخلوها وواقعون فيها ، ومصرفا : أي مكانا ينصرفون إليه.(1/518)
صرّفنا : أي ردّدنا وكررنا ، والمثل : الصفة الغريبة ، والجدل : المنازعة بالقول ويراد به هنا المماراة والخصومة بالباطل ، وسنة الأولين : الإهلاك بعذاب الاستئصال ، والقبل (بضمتين) الأنواع والألوان واحدها قبيل ، ليدحضوا به الحق : أي ليبطلوه ويزيلوه من قولهم دحضت رجله أي زلقت ودحضت حجته بطلت ، وما أنذروا :
أي ما خوفوه من أنواع العقاب ، ونسى ما قدمت يداه ، أي لم يتدبر عواقبه ، أكنة :
أي أغطية واحدها كنان ، أن يفقهوه : أي أن يفهموه. وقرا : أي ثقلا فى السمع ، الموعد : يوم القيامة ، موئلا : أي ملجأ يقال وأل فلان إلى كذا وألا ووءولا : إذا لجأ إليه ، القرى : أي قرى عاد وثمود وقوم لوط وأشباههم.(1/519)
لا أبرح : أي لا أزال سائرا ، والحقب (بضمتين وبضم فسكون) الدهر ، وقيل ثمانون سنة ، وعن الحسن سبعون ، مجمع بينهما ، أي مكان اجتماعهما ، سربا :
أي مسلكا كالسرب : وهو النفق فصار الماء عليه كالقنطرة ، والغداء : الطعام الذي يؤكل أول النهار والمراد به هنا الحوت ، نصبا : أي تعبا وإعياء ، أوينا : أي التجأنا نبغى : نطلب ، ارتد : رجع ، على آثارهما : أي على طريقهما الذي جاءا منه ، قصصا :
أي اتباعا من قولهم أثره إذا اتبعه ، رحمة : هى النبوة هنا ، الرشد (بضم فسكون وبفتحتين) إصابة الخير ، والإحاطة بالشيء : معرفته معرفة تامة ، والخبر : المعرفة ، وذكرا : أي بيانا ، إمرا : (بكسر الهمزة) أي منكرا : من أمر الأمر بمعنى كثر ، والعرب تصف الدواهي بالكثرة ، لا ترهقنى : أي لا تحملني ، والعسر : ضد اليسر وهو المشقة ، زكية : أي طاهرة من الذنوب ، بغير نفس : أي بغير حق قصاص لك عليها ، والنكر : المنكر الذي تنكره العقول وتنفر منه النفوس.(1/520)
فلا تصاحبنى : أي فلا تجعلنى صاحبا لك. بلغت من لدنى عذرا : أي وجدت عذرا من قبلى ، قرية : هى أنطاكية كما روى عن ابن عباس أو الأبّلة أو الناصرة ، ولا يوثق بصحة شىء من هذا ، استطعما أهلها : أي طلبا منهم أن يطعموهما ، أن يصيفوهما :
أي ينزلوهما أضيافا : يقال ، ضافه إذا كان له ضيفا ، وأضافه وضيّفه : أنزله لديه ضيفا وأصل ضاف : مال ، من قولهم ضاف السهم عن الهدف : أي مال ، جدارا : أي حائط أن ينقض : أي يسقط بسرعة ، وقد كثر فى كلامهم إسناد ما يكون من أفعال العقلاء إلى غيرهم كما قال :
يريد الرمح صدر أبى براء ويعدل عن دماء بنى عقيل
أقامه : أي مسحه بيده فقام كما روى عن ابن عباس ، والتأويل : من آل الأمر إلى كذا : أي صار إليه ، فإذا قيل ما تأويله : أي ما مصيره.(1/521)
المساكين : واحدهم مسكين وهو الضعيف العاجز عن الكسب ، لأمر فى نفسه وفى بدنه ، يعملون فى البحر ، أي يؤاجرون ويكتسبون ، أعيبها : أي أجعلها ذات عيب بنزع ما نزعته منها ، وراءهم : أي أمامهم وهو لفظ يستعمل فى الشيء وضده كما قال :
أ ليس ورائي أن أدبّ على العصا فيأمن أعدائى ويسأمنى أهلى ؟
وعن ابن عباس أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقرأ : أمامهم.
خشينا : أي خفنا ، أن يرهقهما : أي يحملهما ، طغيانا : أي مجاوزة للحدود الإلهية ، زكاة : أي طهارة من الذنوب ، رحما : أي رحمة كالكثر والكثرة ، عن أمرى :
أي عن رأيى واجتهادي ، ما لم تسطع : أي تستطع ماضيه اسطاع ، الذي أصله استطاع.(1/522)
ذكرا : أي نبأ مذكورا وهو القرآن. ومكنه ومكن له ، كنصحه ونصح له :
أي مهد له الأسباب وجعله قادرا على التصرف فى الأرض من حيث التدبير والرأى ، سببا : أي طريقا يوصله إليه من علم أو قدرة أو آلة ، حمئة : أي ذات حمأة وهى الطين الأسود ، حسنا : أي أمرا ذا حسن ، نكرا : أي منكرا فظيعا ، الحسنى : أي المثوبة الحسنى ، يسرا : أي سهلا ميسرا غير شلقّ ، سترا : أي بناء وكانوا إذا طلعت الشمس تغوّروا فى المياه ، وإذا غربت خرجوا ، خبرا أي علما يتعلق بظواهره وخفاياه.
السدين أي الجبلين ، يفقهون : يفهمون ، خرجا أي جعلا من أموالنا على سبيل التبرع ، والخراج :
ما لزمك أداؤه. بقوة أي بما يتقوى به على المقصود من الآلات والناس ، ردما أي حاجزا حصينا ، والردم : أكبر من السد وأوثق ، يقال ثوب مردّم : أي فيه زقاع فوق رقاع ، وزبر : واحدها زبرة (بضم فسكون) كغرفة : وهى القطعة العظيمة ، والصدفين : واحدها صدف ، وهو جانب الجبل ، قطرا : أي نحاسا مذابا ، وقيل رصاصا مذابا ، أن يظهروه أي أن يعلوه ويرقوا فوقه لارتفاعه وملاسته. رحمة أي أثر رحمة :
دكاء أي مثل دكاء وهى الناقة لا سنام لها والمراد بها الأرض المستوية ، حقا أي ثابتا واقعا لا محالة ، يموج أي يضطرب اضطراب البحر ، والصور : قرن ينفخ فيه.(1/523)
عرضنا : أي أظهرنا وأبرزنا ، غطاء : أي غشاوة محيطة بها ، عن ذكرى : أي عن الآيات الموصلة إلى ذكرى بتوحيدي وتمجيدى ، أولياء : أي معبودات يقونهم بأسى ، أعتدنا : أي هيأنا ، نزلا : أي طعاما يتمتعون به حين ورودهم إلى ربهم ، ولقائه : أي حين البعث والحشر وما يتبع ذلك ، الهزؤ : السخرية والاحتقار.(1/524)
الفردوس : البستان بالرومية. وقال السدى : إنه الكرم بالنبطية وأصله فرداسا ، حولا : أي تحولا ، والمداد : ما يمد به الشيء واختصّ بما تمد به الدواة من الحبر ،
كلمات ربى : معلوماته غير المتناهية ، والرجاء : طمع حصول ما فيه مسرة مستقبلة ، ولقاء ربه : هو البعث وما يتبعه.(1/525)
سورة مريم
زكريا (يمد ويقصر) من ولد سليمان بن داود عليهم السلام وكان نجارا ، نادى ربه :
أي دعاه ، خفيا : أي مستورا عن الناس لم يسمعه أحد منهم ، وهن العظم :
ضعف ورقّ من الكبر إذ قد بلغ خمسا وسبعين سنة أو ثمانين ، واشتعل الرأس شيبا : أي صار الشيب كالنار والشعر كأنه الحطب ، ولقوتها وشدّتها أحرقت الرأس نفسه ، شقيا. يقال شقى بكذا : أي تعب فيه ولم يحصّل مقصوده منه ، والمراد أنه خائب غير مستجاب الدعوة ، الموالي : هم عصبة الرجل ، من ورائي : أي من بعدي ، ويقال رجل عاقر وامرأة عاقر إذا كانا عقيمين ، وليا : أي ولدا من صلبى ، ويعقوب :
هو يعقوب بن إسحق بن إبراهيم وكان متزوجا أخت مريم بنت عمران من ولد سليمان عليه السلام ، رضيا : أي مرضيا عندك قولا وفعلا ، سميا : أي شريكا له فى الاسم فلم يسمّ أحد بهذا الاسم قبله ، وهذا دليل على أن الأسماء السّنع - الشريفة - جديرة بالأثرة وإياها كانت العرب تنتحى فى التسمية كما قال قائلهم فى المدح :
سنع الأسامى مسبلى أزر حمر تمسّ الأرض بالهدب
أنى : أي كيف ، عتيا من عتا يعتو : أي يبست مفاصله وعظامه ، شيئا : أي موجودا ، آية : علامة ، سويا : أي سوىّ الخلق سليم الجوارح ليس به بكم ولا خرس ، المحراب : المصلّى ، أوحى : أي أومأ وأشار ، سبّحوا : أي صلوا ، بكرة وعشيا أي صلاة الفجر وصلاة العصر.(1/526)
الكتاب : هو التوراة ، والقوة : الجد والاجتهاد ، والحكم والحكمة : الفقه فى الدين ، وحنانا : أي عطفا على الناس ، وزكاة : أي طهارة من الذنوب والآثام ، تقيا : أي مطيعا لأمر ربه ، منتهيا عما نهى عنه ، وبرا بوالديه : أي كثير البر والإحسان إليهما ، جبارا :
أي متعاليا عن قبول الحق والإذعان له ، عصيا : أي مخالفا أمر مولاه ، سلام : أي أمان من اللّه عليه.(1/527)
انتبذت : أي اعتزلت وتنحّت ، مكانا شرقيا : أي شرقى بيت المقدس ، حجابا :
أي ساترا تورات به منهم ، روحنا : هو جبريل عليه السلام ، سويا : أي سويّ الخلق كامل البنية ، أعوذ : أي أعتصم وألتجئ ، تقيا : أي مطيعا ، لأهب لك : أي لأكون سببا فى هبته ، غلاما : أي ولدا ذكرا ، زكيا : أي طاهرا من الأدناس والأرجاس ، أنى : أي كيف يكون ذلك ؟ آية : أي علامة على قدرة خالقكم ، مقضيا : أي محتوما قد تعلق به قضاؤنا الأزلى.(1/528)
فانتبذت : أي فاعتزلت ، قصيا : أي بعيدا من أهلها وراء الجبل ، فأجاءها المخاض :
أي فألجأها واضطرها ، والمخاض : الطلق حين تحرك الولد للخروج من البطن والنسى :
(بفتح النون وكسرها) الشيء الحقير الذي من شأنه أن ينسى ولا يذكر ولا يتألم لفقده كالوتد والحبل ، والمنسى : ما لا يخطر بالبال لتفاهته ، والسرىّ : السيد الشريف ،
والهز : تحريك الشيء بعنف أو بدونه ، تساقط : أي تسقط ، ورطبا : أي بسرا ناضجا جنيا : أي صالحا للاجتناء ، فقولى : أي أشيرى إليهم. قال الفرّاء : العرب تسمى كل ما أفهم الإنسان شيئا - كلاما بأى طريق كان ، إلا إذا أكد بالمصدر فيكون حقيقة فى الكلام كقوله : « وكلم الله موسى تكليما » صوما : أي صمتا(1/529)
فريّا : أي عظيما خارقا للعادة ، وهى الولادة بلا أب ، من فرى الجلد أي قطعه على وجه الإفساد أو الإصلاح ، ومنه فى وصف عمر « فلم أر عبقريا يفرى فريّه » وفى المثل :
جاء يفرى الفرىّ ، وهارون هو أخو موسى عليه السلام ، وقيل هو رجل صالح من بنى إسرائيل ، والأخت على هذا بمعنى المشابهة ، وشبهوها به تهكما ، أو لما رأوا من
قبل من صلاحها ، والمهد : الموضع يهيّأ للصبى ويوطّأ له والجمع مهود ، والكتاب :
الإنجيل ، مباركا : نفّاعا للناس ، أو ثابتا فى دين اللّه ، الجبار : المتعظم الذي لا يرى لأحد عليه حقا ، والشقي : العاصي لربه(1/530)
قول الحق : أي قول الصدق الذي لا شبهة فيه ، يمترون : أي يشكّون ويتنازعون ، ما كان للّه أن يتخذ من ولد. أي ما ينبغى ولا يصح أن يجعل له ولدا ، صراط مستقيم : أي طريق لا يضل سالكه ، الأحزاب : فرق النصارى الثلاث ، مشهد :
أي شهود وحضور ، يوم عظيم : هو يوم القيامة ، اليوم : أي فى الدنيا ، يوم الحسرة ، هو يوم القيامة حين يندم الناس على ما فرّطوا فى جنب اللّه ، قضى الأمر : أي فرغ من الحساب(1/531)
واذكر فى الكتاب : أي اتل فى هذه السورة ، صدّيقا : أي مبالغا فى الصدق لم يكذب قط ، صراطا سويا : أي طريقا مستقيما موصلا إلى نيل السعادة ، وليا : أي قرينا تليه ويليك فى العذاب ، أراغب أنت عن آلهتي : أي أكاره لها ، لأرجمنك : أي لأشتمنك باللسان أو لأرجمنك بالحجارة ، مليّا : أي دهرا طويلا. قال مهلهل :
فتصدعت صمّ الجبال لموته وبكت عليه المرملات مليّا
حفيا : أي مبالغا فى برّى وإكرامى يقال : حفى به إذا اعتنى بإكرامه ، شقيا : أي خائب المسعى ، لسان صدق : أي ثناء حسنا.(1/532)
مخلصا : أي مختارا مصطفى ، وقربناه : أي تقريب تشريف وتكريم ، والطور :
هو الجبل الذي بين مصر ومدين ، ونجيا : أي مناجيا مكلّما للّه بلا واسطة(1/533)
إسرائيل : يعقوب عليه السلام ، واجتباه. اصطفاه واختاره ، والسجّد ، واحدهم ساجد ، والبكىّ : وأحدهم باك ، يقال : بكى يبكى بكاء ، وبكيا : قال الخليل : إذا قصرت البكاء فهو مثل الجزن : أي لا صوت معه كما قال الشاعر :
بكت عينى وحق لها بكاها وما يغنى البكاء ولا العويل(1/534)
الخلف : (بسكون اللام) عقب السوء ، ويقال لعقب الخير والصدق خلف (بفتح اللام) ، أضاعوا الصلاة : أي تركوها بتاتا ، اتبعوا الشهوات : أي انهمكوا فى المعاصي واللذات ، غيّا : أي ضلالا ، والمراد يلقون جزاءه فى نار جهنم.(1/535)
جنات عدن : أي جنات إقامة ، وهذا وصف لها بالدوام ، بالغيب : أي وهى غائبة عنهم ، وعده ، أي ما وعد به من الجنات : مأتيا ، أي يأتيه من وعد به لا محالة ، لغوا أي فضولا من الكلام لا طائل تحته ، سلاما : أي سلاما من اللّه أو من الملائكة.(1/536)
التنزل : النزول وقتا غب وقت ، ما بين أيدينا : أي ما قدامنا من الزمان المستقبل ، وما خلفنا : أي من الزمان الماضي ، وما بين ذلك : هو الزمان الحاضر ، نسيّا : أي تاركا لك ، واصطبر عليها : أي اثبت لشدائد العبادة وما فيها من المشاق كما تقول للمبارز :
اصطبر لقرنك أي اثبت له فيما يورد عليك من حملاته ، سميّا : أي مثلا ونظيرا.(1/537)
يذكر : أي يتذكر ويتفكر ، لنحشرنهم : أي لنجمعنهم ، جثيا : واحدهم جاث وهو البارك على ركبتيه ، شيعة : أي جماعة تعاونت على الباطل وتشايعت عليه عتيا : أي تكبرا ومجاوزة للحد ، صليّا : أي دخولا فيها من صلّى بالنار إذا قاسى حرها ، واردها : أي مارّ عليها ، حتما : أي واجبا ، مقضيا : أي قضى بوقوعه البتة.(1/538)
بينات : أي ظاهرات الإعجاز ، مقاما : أي مكانا ومنزلا ، نديّا : أي مجلسا ومجتمعا ، ومثله النادي وقيل هو المجلس الذي يجتمع فيه لحادثة أو مشورة ، ومنه دار الندوة التي كان المشركون يتشاورون فيها فى أمورهم ، والقرن : أهل كل عصر ، والأثاث : متاع البيت من الفرش والثياب وغيرها ولا واحد له ، والرئى المنظر والمراد به النضارة والحسن ، فليمدد : أي فليمهله بطول العمر والتمكن من سائر التصرفات ، جندا : أي أنصارا ، والباقيات الصالحات : أي الطاعات التي تبقى آثارها ، مردّا :
أي مرجعا وعاقبة.(1/539)
أطلع الغيب ؟ من قولهم اطلع الجبل إذا ارتقى إلى أعلاه : أي أظهر له علم الغيب ؟ عهدا : أي عملا صالحا ، كلا : كلمة زجر وتنبيه إلى الخطأ ، سنكتب ما يقول :
أي سنظهر له أنا كتبنا ، ونمد له من العذاب : أي سنطيل له العذاب الذي يستحقه ونرثه ما يقول : أي نسلب ذلك منه بموته ونأخذه أخذ الوارث ما يرثه ، والمراد بما يقول مدلوله ومصداقه ، وهو ما أوتيه فى الدنيا من المال والولد ، فردا : أي لا يصحبه مال ولا ولد.(1/540)
العز : المنعة والقوة ، سيكفرون : أي سيجحدون ، ضدّا : أي أعداء وأعوانا عليهم والأزّ والهز والاستفزاز : شدة الإزعاج والمراد الإغراء على المعاصي والتهييج لها بالتسويلات ، وتحبيب الشهوات ، فلا تعجل عليهم : أي فلا تطلب الاستعجال بهلاكهم ، الوفد والوفود والأوفاد : واحدهم وافد ، وهم القوم يقدمون على الملوك يستنجزون الحوائج ، والمراد يقدمون مكرمين مبجلين ركبانا إلى الرحمن : أي إلى دار كرامته وهى الجنة ، وردا : أي مشاة مهانين باستخفاف واحتقار كأنهم نعم تساق إلى الماء ، والمراد بالعهد شهادة أن لا إله إلا اللّه ، والتبري من الحول والقوة ، وعدم رجاء أحد إلا اللّه(1/541)
جئتم : أي فعلتم والإدّ : (بالكسر والفتح) المنكر العظيم ، والإدة : الشدة يقال أدّنى الأمر وآدنى : أثقلنى وعظم علىّ ، والتفطر : التشقق ، وتخر : تسقط وتنهدم ، دعوا : أي نسبوا وأثبتوا ، قال شاعرهم :
إنا بنى نهشل لا ندّعى لأب عنه ولا هو بالأبناء يشرينا
عبدا : أي منقادا خاضعا كما يفعل العبيد ، أحصاهم : عدّهم وأحاط بهم ، وعدهم عدّا : أي عد أشخاصهم ، فردا : أي منفردا لا شىء معه من الأنصار والأتباع.(1/542)
الود : المودة والمحبة ، بلسانك : أي بلغتك ، واللّدّ : واحدهم ألد ، وهو الشديد الخصومة ، وركزا : أي صوتا خفيّا.(1/543)
سورة طه
لتشقى : أي لتتعب وتنصب ، تذكرة : أي تذكيرا وعظة ، يخشى : أي يخاف اللّه ، العلى : واحدها العليا مؤنثة الأعلى كالكبرى مؤنثة الأكبر ، والعرش : فى اللغة سرير الملك ، ويراد به فى لسان الشرع مركز تدبير العالم ، واستوى : استولى عليه قال شاعرهم :
قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق
و الثرى : التراب الندىّ والمراد هنا مطلق التراب ، وأخفى : أي من السر وهو ما أخطرته ببالك دون أن تتفوّه به بحال ، والأسماء : أي الصفات كما جاء فى قوله :
« وجعلوا لله شركاء قل سموهم » أي صفوهم ، والحسنى : مؤنثة الأحسن.(1/544)
الحديث : كل كلام يبلغ الإنسان من جهة السمع أو الوحى فى يقظته أو فى منامه ، والمكث : الإقامة ، آنست : أي أبصرت ، آتيكم : أجيئكم ، بقبس : أي بشعلة مقتبسة على رأس عود ونحوه ، هدى : أي هاديا يدلنى على الطريق ، طوى : (بالضم) منونا :
اسم لذلك الوادي ، اخترتك : أي اصطفيتك ، لذكرى : أي لتكون ذاكرا لى ، أكاد أخفيها : أي أبالغ فى إخفائها ولا أظهرها بأن أقول إنها آتية ، هواه : أي ما تهواه نفسه ، فتردى : أي فتهلك.(1/545)
أتوكأ عليها : أعتمد عليها فى المشي والوقوف على رأس القطيع ونحو ذلك ، وأهش بها : أي أخبط بها ورق الشجر ، مآرب : أي منافع واحدها مأربة (مثلثة الراء) والحية : تطلق على الصغير والكبير والذكر والأنثى من هذا النوع ، والثعبان : العظيم من الحيات ، والجانّ : الصغير منها ، سيرتها الأولى : أي حالها الأولى وهى كونها عصا ، يقال لكل من كان على أمر فتركه وتحول عنه ثم راجعه : عاد فلان سيرته الأولى.(1/546)
الضم : الجمع ، وأصل الجناح للطائر ثم أطلق على اليد والعضد والجنب وهو المراد هنا ، والسوء : القبح فى كل شىء ، ويراد به هنا البرص والطباع تنفر منه ، وآية أخرى : أي معجزة ثانية غير العصا ، طغى : أي تجاوز الحد فى عتوّه وتجبره ، اشرح لى صدرى : أي وسّعه لتحمّل أعباء الرسالة ، ويسر لى أمرى : أي سهّل لى ما أمرتنى به من تبليغ الرسالة. واحلل عقدة من لسانى : أي أزل ذلك التعقد والحبسة التي فى لسانى ، لئلا يستخف بي الناس وينفروا منى ولا يستمعوا لكلامى ، يفقهوا قولى :
أي يفهموه ، وزيرا : أي معينا ، والأزر : القوة ، يقال آزره أي قوّاه وأعانه ، وأشركه فى أمرى : أي اجعله شريكا لى فى النبوة والرسالة ، إنك كنت بنا بصيرا : أي عالما بأحوالنا ، لا نريد بالطاعة إلا رضاك.(1/547)
السؤل : بمعنى المسئول : أي المطلوب كالخبز بمعنى المخبوز ، منّنا : أي أنعمنا ، مرة أخرى : أي فى وقت آخر غير هذا الوقت ، أوحينا : أي ألهمنا كما جاء فى قوله « وأوحى ربك إلى النحل » وقوله : « وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بى وبرسولى » اقذفيه : أي ألقيه واطرحيه ، واليمّ : البحر. والمراد به هنا نهر النيل ، والساحل : الشاطئ ، ولتصنع على عينى : أي ولتربّى وتغذّى بمرأى منى وأنا مراعيك ومراقبك كما يرعى الرجل الشيء بعينيه دلالة على عنايته به ، يكفله : أي يضمه إلى نفسه ، تقر عينها : أي تسر ، والغم : الكدر الناشئ من خوف شىء أو فوات مقصود ، والفتون :
الابتلاء والاختبار بالوقوع فى المحن ثم تخليصه منها ، لبثت : أي أقمت ، مدين : بلد بالشام.(1/548)
الآيات : هى المعجزات ، والمراد بها العصا واليد البيضاء ، فإن فرعون حين قال له :
فأت بآية ، ألقى العصا ونزع اليد وقال فذانك برهانان من ربك ، ولا تنيا : أي لا تفترا ولا تقصّرا ، فى ذكرى : أي فى تبليغ رسالتى ، فالذكر يطلق على كل العبادات ، وتبليغ الرسالة من أعظمها ، طغى : أي تجاوز الحد ، قولا لينا : أي لا عنف فيه ولا غلظة : يتذكر : أي يتأمل فيذعن للحق ويؤمن ، يخشى : أي يخاف من بطش اللّه وعذابه ، يفرط : أي يعجّل بالعقوبة ، من قولهم فرس فارط إذا كان سباقا للخيل ،
يطغى : أي يزداد طغيانا ، أس مع وأرى : أي أسمع وأرى ما يجرى بينكما من قول أو فعل ، فأتياه : أي فقابلاه وجها لوجه ، فأرسل معنا بنى إسرائيل : أي فأطلقهم من الأسر ، ولا تعذبهم : أي ولا تبقهم على ما هم عليه من العذاب والتسخير فى شاقّ الأعمال ، والسلام على من اتبع الهدى : أي والسلامة من العذاب فى الدارين لمن صدّق بآيات اللّه الهادية إلى الحق ، تولى : أي أعرض.(1/549)
أعطى كل شىء خلقه : أي أعطى كل نوع صورته وشكله الذي يشاكل ما نيط به من الخواص والمنافع ، ثم هدى : أي ثم عرّفه كيف يرتفق بما أعطى له ، البال : الفكر يقال خطر ببالي كذا ، ثم أطلق على الحال التي يعتنى بها وهو المراد هنا
فى كتاب : أي دفتر مقيّد فيه والمراد بذلك كمال علمه الذي لا يضيع منه شىء ، ضل الشيء : أخطأه ولم يهتد إليه ، ونسيه : ذهب عنه ولم يخطر بباله ، والمهد. ما يمهّد للصبى ويفرش له : أي جعل الأرض كالمهد ، وسلك : أي سهّل ، والسبل : واحد ها سبيل :
أي طريق ، أزواجا : أي أصنافا ، شتى : واحدها شتيت كمريض ومرضى : أي مختلفة النفع والطعم واللون والشكل ، لآيات : أي لدلالات ، والنهى : واحدها نهية (بالضم) وهى العقل سمى بها لأنه ينهى صاحبه عن ارتكاب القبائح.(1/550)
أبى : امتنع ، موعد : أي ميعادا معيّنا ، سوى : مستويا لا جبال فيه ولا وهاد بحيث يستر النظارة ، يوم الزينة : يوم عيد كان لهم ، يحشر الناس : أي يجمعون ، والضحى :
وقت ارتفاع النهار.(1/551)
فتولى فرعون : أي انصرف عن المجلس ، كيده : أي ما يكيد به من السحرة وأدواتهم ، أتى : أي أتى الموعد ومعه ما جمعه من الأعوان والسحرة ، ويلكم : أي هلاك لكم ، والافتراء : الاختلاق والكذب ، فيسحتكم بعذاب : أي يستأصلكم ويهلككم بعذاب شديد ، فتنازعوا : أي فتفاوضوا وتشاوروا ، وأسروا النجوى : أي بالغوا فى إخفاء كلامهم ، بطريقتكم المثلى : أي بمذهبكم الذي أنتم عليه وهو أفضل المذاهب وأمثلها ، فأجمعوا كيدكم : أي اجعلوا كيدكم مجمعا عليه ، صفا : أي مصطفين ، لأنه أهيب للصدور ، أفلح : أي فاز بالمطلوب ، استعلى : أي غلب.(1/552)
إيجاس الخوف : الإحساس بشىء منه ، ما فى يمينك : هى العصا وأبهمها تفخيما لشأنها ، وتلقف : تبتلع بقوة وسرعة ، صنعوا : أي زوّروا وافتعلوا ، كيد ساحر :
أي كيد سحرىّ لا حقيقة له ولا ثبات ، حيث أتى : أي أينما كان ، كبيركم : أي زعيمكم ومعلمكم. قال الكسائي : الصبى بالحجاز إذا جاء من عند معلمه قال جئت من عند كبيرى ، من خلاف : أي من حال مختلفة ، فتقطع الأيدى اليمنى والأرجل اليسرى ، أشد عذابا : أي أدوم ، نؤثرك : أي نفضّلك ونختارك ، فطرنا : أي ابتدعنا وأوجدنا من العدم ، فاقض : أي فاحكم ، جنات عدن : أي جنات أعدت للإقامة ، من تحتها : أي من تحت غرفها ، تزكى : أي تطهّر من أدناس الكفر وأرجاس المعاصي.(1/553)
السرى والإسراء : السير ليلا ، اضرب لهم : أي اجعل لهم ، يبسا : أي طريقا يابسا لا ماء فيه ، والدرك (بالفتح والسكون) : الإدراك واللحوق ، تخشى : أي تخاف
غرقا ، وأتبع وتبع : بمعنى ، فغشيهم من اليمّ ما غشيهم : أي فغمرهم وعلاهم من البحر ما علاهم من الأمر الهائل الذي لا يعلم كنهه إلا اللّه ، وأضل فرعون قومه : أي سلك بهم مسلكا أدّاهم إلى الخسران فى دينهم ودنياهم ، إذ أغرقوا فأدخلوا نارا ، وما هدى :
أي وما أرشدهم إلى طريق يصل بهم إلى طريق السعادة ، الأيمن : أي الذي عن يمين من ينطلق من مصر إلى الشام ، المنّ : نوع من الحلوى يسمى الترنجبين ، والسلوى :
طائر شبيه بالسّمانى ، ولا تطغوا فيه : أي فلا تأخذوه من غير حاجة إليه ، فيحل عليكم غضبى : أي ينزل بكم ، هوى : سقط وهلك ، غفار : كثير المغفرة والستر للذنوب ، اهتدى : أي لزم الهداية واستقام.(1/554)
يقال جاء على أثره (بفتحتين وبكسر فسكون) : إذا جاء لاحقا به بلا تأخير ، فتنا قومك : أي اختبرناهم ، وأضلهم : أي أوقعهم فى الضلال والخسران ، والسامري :
من شعب إسرائيل من بطن يقال له السامرة واسمه موسى ، والأسف : الحزين ، والوعد الحسن : إعطاء التوراة التي فيها هدى ونور ، والعهد : زمان الإنجاز ، موعدى : أي وعدكم إياى بالثبات على الإيمان ، وقيامكم بأداء ما أمرتم به من التكاليف ، بملكنا : أي بقدرتنا واختيارنا ، والأوزار : الأثقال والأحمال والمراد بالقوم هنا القبط ، فقذفناها :
أي طرحناها فى النار ، جسدا : أي جثة لا روح فيها ، والخوار : صوت العجل ، فنسى :
أي فغفل عنه موسى وذهب يطلبه فى الطور ، أن لا يرجع إليهم قولا : أي لا يردّ عليهم جوابا ، ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا : أي لا يقدر أن يدفع عنهم ضرا أو يجلب لهم نفعا.(1/555)
فتنتم به : أي وقعتم فى الفتنة والضلال ، فاتبعونى : أي فى الثبات على الحق ، لن نبرح : أي لا نزال ، عاكفين : أي مقيمين ، بلحيتي ولا برأسى : أي بشعر لحيتى ولا بشعر رأسى ، خشيت : أي خفت ، ولم ترقب قولى : أي ولم تراع ، فما خطبك :
أي ما شأنك ، وما الأمر العظيم الذي صدر منك ، بصرت بما لم يبصروا به (بضم الصاد فيهما) : أي علمت ما لم يعلمه القوم ، وفطنت لما لم يفطنوا له يقال بصر بالشيء إذا علمه ، وأبصره إذا نظر إليه ، والرسول موسى عليه السلام ، وأثره : سنته ، فنبذتها : أي طرحتها وسوّلت لى نفسى : أي زينت وحسنت ، لا مساس : أي لا مخالطة فلا يخالطه أحد ولا يخالط أحدا ، فعاش وحيدا طريدا ، لن تخلفه : أي سيأتيك به اللّه حتما ، ظلت (أصله ظللت دخله حذف) : أي أقمت ، لنحرقنه : أي لنبردنّه بالمبرد ، لننسفنه : أي لنذرينه ، فى اليمّ : أي فى البحر ، وسع كل شىء علما : أي وسع علمه كل شىء وأحاط به.(1/556)
ذكرا : أي قرآنا كما قال : « يا أيها الذى نزل عليه الذكر » وسمى بذلك ، لأن فيه ذكر ما يحتاج إليه الناس من أمر دينهم ودنياهم ، والوزر : الحمل الثقيل
والمراد به العقوبة التي تثقل على حاملها ، والصور : قرن ونحوه ينفخ فيه حين يدعى الناس إلى المحشر كما ينفخ فيه فى الدنيا حين الأسفار وفى المعسكرات ، زرقا :
أي زرق الأبدان سود الوجوه ، لما هم فيه من الشدائد والأهوال ، يتخافتون بينهم : أي يخفضون أصواتهم ويخفونها ، لشدة ما يرون من الهول ، إلا عشرا : أي عشرة أيام ، أمثلهم طريقة : أي أعدلهم رأيا ، وأرجحهم عقلا.(1/557)
ينسفها : أي يجعلها ذرات صغيرة ثم يصيرها هباء منثورا ، يذرها : أي يتركها ، القاع : الأرض التي لا بناء فيها ولا نبات قاله ابن الأعرابى ، والصفصف :
الأرض الملساء ، والعوج : الانخفاض ، والأمت : النتوء اليسير يقال مد حبله حتى ما فيه أمت ، والداعي : هو داعى اللّه إلى المحشر لا عوج له : أي لا عوج لدعائه فلا يميل إلى ناس دون ناس ، بل ليسمع الجميع ، خشعت : ذلت ، والهمس : الصوت الخفىّ ، وعنت : خضعت وانقادت ، ومن ذلك العاني : وهو الأسير ، والقيوم : القائم بتدبير أمور عباده ومجازاة كل نفس بما كسبت ، خاب : أي خسر ، والظلم الأول : الشرك.
والظلم الثاني : منع الثواب عن المستحق ، والهضم : النقص.(1/558)
صرّفنا : كررنا وفصلنا ، ذكرا : أي عظة وعبرة ، فتعالى اللّه : أي تنزه وتقدس الحق : أي الثابت فى ذاته وصفاته ، يقضى إليك وحيه : أي يتم جبريل تبليغه لك.(1/559)
العهد : الوصية يقال عهد إليه الملك بكذا وتقدم إليه بكذا : إذا أمره وأوصاه به ، من قبل : أي من قبل وجود هؤلاء المخالفين ، فنسى : أي فترك ، ولم نجدله : أي ولم نعلم ، والعزم على الشيء : تصميم الرأى والثبات عليه ، أبى أي امتنع ، فتشقى :
أي تتعب بمتاعب الدنيا وهى لا تكاد تحصى ، تظمأ : تعطش ، تضحى ، أي تصيبك الشمس يقال ضحا كسعى وضحى كرضى : إذا أصابته الشمس بحرها اللافح ، شجرة الخلد : أي الشجرة التي إذا أكل منها الإنسان خلد ولم يمت ، لا يبلى : أي لا يفنى ، طفقا يخصفان أي شرعا يلزقان ورق التين على سوءاتهما لسترها ، غوى : أي ضل عن الرشد حيث اغترّ بقول عدوه ، اصطفاه وقربه إليه ، وهدى : أي إلى الثبات على التوبة ، عن ذكرى : أي عن الهداية بكتبي السماوية ، والضنك : الضيق الشديد ، أعمى :
أي عن النظر فى الحجج والبراهين الإلهية ، عن آياتنا : أي عن أدلتنا ، فنسيتها : أي فتركتها ، وتنسى : أي تترك ، أسرف : أي انهمك فى الشهوات واسترسل فيها.(1/560)
أفلم يهد لهم : أي أفلم يبيّن لهم العبر ، لأولى النهى : أي لذوى العقول الراجحة لزاما : أي لازما لهم لا يتأخر عنهم ، فسبح بحمد ربك : أي اشتغل بتنزيه اللّه وتعظيمه آناء الليل : ساعاته واحدها إنى وإنو (بكسر الهمزة وسكون النون) ولا تمدن عينيك :
أي لا تطيلن النظر رغبة واستحسانا ، متعنا : أي جعلناهم يتلذذون بما يدركون من المناظر الحسنة ، ويسمعون من الأصوات المطربة ، ويشمّون من الروائح الطيبة ، أزواجا : أي أشكالا وأشباها ، زهرة الحياة الدنيا : أي زينتها وبهجتها ، لنفتنهم : أي لنبتليهم ونختبرهم ، ورزق ربك : أي ما ادّخره لك ، واصطبر عليها : أي دم عليها.(1/561)
لولا : أي هلا وهى كلمة تفيد الحث على حدوث ما بعدها ، آية : أي معجزة تدل على صدقه ، البينة : القرآن ، والصحف الأولى : التوراة والإنجيل وسائر الكتب السماوية ، نذل : أي نهان ، ونخزى : أي نفتضح ، متربص : أي منتظر ، الصراط :
الطريق ، والسوىّ : أي المستقيم.(1/562)
سورة الأنبياء
اقترب وقرب بمعنى ، والمراد من اقتراب الحساب اقتراب زمانه : وهو مجىء الساعة ، والناس : هم المكلفون ، معرضون : أي عن التأهب لهذا اليوم ، من ذكر :
أي قرآن ، محدث : أي جديد إنزاله ، يلعبون : أي يسخرون ويستهزئون ، لاهية قلوبهم :
أي غافلة قلوبهم عن ذكر اللّه ، النجوى : التناجي ، والمراد أنهم أخفوا تناجيهم ولم يتناجوا بمرأى من غيرهم ، أضغاث أحلام : أي تخاليط أحلام رآها فى النوم ، افتراه :
اختلقه من تلقاء نفسه ، بل : كلمة تذكر للانتقال من غرض إلى آخر ، ولا تذكر فى القرآن إلا على هذا الوجه كما قال ابن مالك وسبقه إليه صاحب الوسيط ووافقه ابن الحاجب وهو الحق.(1/563)
أهل الذكر : هم أهل الكتاب ، الجسد : كالجسم إلا أنه لا يقال لغير الإنسان كما قال الخليل بن أحمد ، خالدين : أي باقين ، الوعد : هو نصرهم وإهلاك أعدائهم ، المسرفين : أي الكافرين ، ذكركم : أي عظتكم ، تعقلون : أي تتدبرون ما فى تضاعيفه من العبر والمواعظ.(1/564)
كم : لفظ يفيد تكثير وقوع ما بعدها ، القصم : هو الكسر بتفريق الأجزاء وإذهاب التئامها ، والإحساس : الإدراك بالحساسة : أي أدركوا بحاسة البصر عذابنا
الشديد ، والبأس : الشدة ، والركض : الفرار والهرب يقال ركض الرجل الفرس برجليه إذا كدّه بساقيه ثم كثر حتى قيل ركض الفرس إذا عدا ، ومنه « ارْكُضْ بِرِجْلِكَ » والإتراف : إبطار النعمة يقال أترف فلان أي وسّع عليه فى معاشه وقلّ فيه همه ، يا ويلنا : أي يا هلاكنا ، دعواهم : أي دعوتهم التي يردّدونها ، حصيدا : أي كالزرع المحصود بالمناجل ، خامدين : أي كالنار التي خمدت وانطفأت.(1/565)
اللعب : الفعل لا يقصد به مقصد صحيح ، واللهو : الفعل يعمل ترويحا عن النفس ، ومن ثم تسمى المرأة والولد لهوا لأنه يستروح بكل منهما ، ويقال لا مرأة الرجل وولده ريحانتاه ، من لدنا : أي من عندنا ، القذف : الرمي البعيد ، وأصل الدمغ : كسر الشيء الرّخو ويراد به هنا القهر والإهلاك ، زاهق : أي زائل ذاهب ، الويل :
الهلاك ، من عنده : هم الملائكة ، لا يستكبرون أي لا يتعظمون ، يستحسرون : أي يكلون ويتعبون ، يقال حسر البعير إذا أعيا وكلّ ، ومثل استحسر وتحسر ، لا يفترون : أي لا يضعفون ولا يتراخون.(1/566)
ينشرون : من أنشره. أي أحياه ، لفسدتا : أي لخرجتا عن نظامهما وخربتا ، فسبحان اللّه : أي تنزيها له عما وصفوه به ، هذا ذكر من معى : أي هذا الوحى المتضمن للتوحيد عظة أمتى ، وذكر من قبلى : أي وموعظتهم وإرشادهم ، لا يسبقونه بالقول : أي لا يتكلمون حتى يأمرهم ، مكرمون : أي مقربون عنده ، من خشيته :
أي بسبب خوف عذابه ، مشفقون : أي حذرون.
المعنى الج ملي
بعد أن أبان سبحانه فى سابق الآيات أن كثيرا من الأمم المكذبة لرسلها قد أبيدت وأنشئ بعدها أقوام آخرون ، وأنهم حين أحسوا بالبأس ارعووا وندموا حيث لا ينفع الندم ثم أردف ذلك ذكر أن من فى السموات والأرض عبيده ، وأن الملائكة لا يستكبرون عن عبادته ، ولا يكلّون ولا يملون منها - ذكر هنا أنه كان يجب عليهم أن يبادروا إلى التوحيد ، لكنهم لم يفعلوا ذلك ، بل فعلوا ضده فكانوا جديرين بالتوبيخ والتعنيف ، ثم أقام البرهان على وحدانيته وأنه لو كان فى السموات والأرض إلهان لهلك من فيهما ، تنزه ربنا عما يقول هؤلاء المشركون ، وقد كذب من اتخذ آلهة لا دليل عليها ، وأن جميع الأديان جاءت بإخلاص التوحيد ، كما كذب من جعل للّه ولدا فقال : الملائكة بنات اللّه ، والملائكة خلق مطيعون لربهم لا يفعلون إلا ما يؤمرون به ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ، وهم من خوفه حذرون ، ومن يقل منهم إنه إله فلا جزاء له إلا جهنم ، وهى جزاء كل ظالم(1/567)
الرتق : الضم والالتحام خلقة كان أو صنعة ، والفتق : الفصل بين الشيئين الملتصقين ، الرواسي : الثوابت واحدها راسية ، وتميد : تتحرك وتضطرب ، والفجاج واحدها فج ، وهو شقة يكتنفها جبلان ، والسبل واحدها سبيل : وهو الطريق الواسع والفلك : كل شىء دائر ، وجمعه أفلاك.(1/568)
الخلد : الخلود والبقاء ، الذوق : هنا الإدراك والمراد من الموت مقدماته من الآلام العظيمة ، والمدرك لذلك هى النفس المفارقة التي تدرك مفارقتها للبدن ، ونبلوكم :
أي نختبركم والمراد نعاملكم معاملة من يختبركم ، بالخير والشر : أي المحبوب والمكروه ، فتنة : أي ابتلاء ، إن يتخذونك إلا هزوا : أي ما يتخذونك إلا مهزوءا به مسخورا منه.(1/569)
العجل والعجلة : طلب الشيء قبل أوانه ، والمراد بالإنسان : هذا النوع ، وقد جعل لفرط استعجاله وقلة صبره كأنه مخلوق من العجل مبالغة كما يقال للرجل الذكي هو نار تشتعل ، ويقال لمن يكثر منه الكرم : فلان خلق من الكرم ، قال المبرد : خلق الإنسان من عجل : أي إن من شأنه العجلة كقوله : « خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ » أي خلقكم ضعفاء ، والآيات هى آيات النقم التي هددهم بوقوعها ، وإراءتهم إياها :
إصابتهم بها.
والمراد بالوعد قيام الساعة ، لا يكفون : أي لا يمنعون ، بغتة : أي فجأة ، تبهتهم :
أي تدهشهم وتحيّرهم ، ينظرون : أي يمهلون ويؤخّرون ، حاق : حل ونزل.(1/570)
يكلؤكم : يحرسكم ويحفظكم قاله ابن عباس ، من الرحمن : أي من بأسه وعقابه الذي تستحقونه ، من دوننا : أي من غيرنا ، يصحبون : أي يجارون من عذابنا تقول العرب أنا لك جار وصاحب من فلان : أي ومجير منه واختاره الطبري ، نفحة :
أي قسط ونصيب ضئيل ، حبة الخردل : مثل فى الصغر ، حاسبين : أي عادّين محصين.(1/571)
الفرقان : هى التوراة ، وهى الضياء والموعظة ، وكانت فرقانا ، لأنها تفرق بين الحق والباطل ، وكانت ضياء لأنها تنير طريق الهدى للمتقين ، وكانت موعظة لما فيها من عبرة للسالكين سبل النجاة ، يخشون ربهم : أي يخشون عذابه ، مشفقون. أي خائفون ، مبارك : أي كثير الخير غزير النفع.(1/572)
الرشد : هو الاهتداء إلى وجوه الصلاح فى الدين والدنيا ، والاسترشاد بالنواميس الإلهية ، التماثيل : واحدها تمثال وهو الصورة المصنوعة على شبه مخلوق من صنع اللّه كطير أو شجر أو إنسان والمراد بها هنا الأصنام ، سماها بذلك تحقيرا لشأنها ، والعكوف على الشيء : ملازمته والإقبال عليه ، بالحق : أي بالشيء الثابت فى الواقع ، اللاعبين : أي الهازلين ، فطرهن : أي أنشأهن ، من الشاهدين : أي المتحققين صحته ، المثبتة بالبرهان ، والكيد : الاحتيال فى إيجاد ما يضر مع إظهار خلافه ، والمراد المبالغة فى إلحاق الأذى بها ، جذاذا : أي قطعا ، من الجذ ، وهو القطع(1/573)
يذكرهم : أي يعيبهم ويسبهم ، على أعين الناس : أي على رءوس الأشهاد فى الملأ ، يشهدون : أي بفعله أو قوله ، فرجعوا إلى أنفسهم : أي ففكروا وتدبروا ،
الظالمون : أي الظالمون لأنفسكم بغفلتكم عن آلهتكم وعدم حفظكم إياها ، ويقال نكسته :
أي قلبته فجعلت أعلاه أسفله ، والمراد أنهم بعد أن أفروا أنهم ظالمون انقلبوا من تلك الحال إلى المكابرة والجدل بالباطل(1/574)
أف : كلمة تدل على أن قائلها متضجر متألم من أمر ، والكيد : المكر والخديعة.(1/575)
لوط : هو ابن أخى إبراهيم : قاله ابن عباس ، والأرض : هى أرض الشام.
نافلة : أي عطية ومنحة ، حكما : أي نبوة ، القرية : هى سدوم التي بعث إليها لوط ، والخبائث : الأعمال الخبيثة التي يستقذرها أرباب الفطر السليمة.(1/576)
الكرب : الغم الشديد والمراد به هنا العذاب النازل بقومه وهو الغرق بعد أن لقى منهم الأذى ، قوم سوء : أي منهمكين فى شرورهم وآثامهم.(1/577)
الحرث هنا : الزرع ، والنفش : رعى الماشية فى الليل بلا راع ، وشاهدين : أي حاضرين ، واللبوس : الدروع ، والبأس : الحرب ، والريح العاصف : الشديدة الهبوب ، إلى الأرض التي باركنا فيها : هى أرض الشام ، والغوص : النزول إلى قاع البحار لإخراج شىء منها ، ودون ذلك : أي غير ذلك كبناء المدن والقصور واختراع الصناعات الغريبة.(1/578)
أيوب : هو أيوب بن أموص اصطفاه اللّه وبسط الدنيا وكثر أهله وماله ، ثم ابتلاه بموت أولاده بسقوط البيت وبذهاب أمواله وبالمرض فى بدنه ثمانى عشرة سنة ، وسنه إذ ذاك سبعون سنة ، ثم آتاه اللّه من الأولاد ضعف ما كان وأزال عنه ما به من مرض ، وسيأتى تفصيل قصصه فى سورة ص ، والضرر : شائع فى كل ضرر ، والضر (بالضم) : خاص بما فى النفس من مرض وهزال ونحوهما ، والذكرى : التذكرة.(1/579)
النون : الحوت وجمعه نينان ، وذو النون : أي صاحب الحوت وهو يونس بن متى ، مغاضبا : أي غضبان من قومه ، لتماديهم فى العناد والطغيان ، نقدر عليه : أي نضيق عليه فى أمره بحبس ونحوه ، والظلمات : هى ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل(1/580)
الإحصان : المنع مطلقا ، والفرج فى الأصل : الشق بين الشيئين كالفرجة ، ثم أطلق على السّوءة ، وكثر حتى صار كالصريح فى ذلك ، والروح هو المعنى المعروف ، ونفخ الروح : هو الإحياء ، آية : أي برهانا ودليلا على قدرة اللّه(1/581)
الأمة : القوم المجتمعون على أمر ثم شاع استعمالها فى الدين ، وتقطعوا أمرهم بينهم :
أي جعلوا أمر دينهم فيما بينهم قطعا ، وحرام : أي ممتنع ، وقرية : أي أهلها ، أهلكناها :
أي قدرنا هلاكها ، يأجوج ومأجوج تقدم الكلام فيهما وفى بيان أصلهما ، وحدب :
أي مرتفع من الأرض ، ينسلون : أي يسرعون ، واقترب : أي قرب ، الوعد الحق :
هو يوم القيامة ، شاخصة : أي مرتفعة أجفانها لا تكاد تطرف من شدة الهول ، والويل : الهلاك.(1/582)
الحصب : ما يرمى به فى النار لاشتعالها ، والزفير : صوت نفس المغموم يخرج من أقصى الجوف ، والحسنى : أي الكلمة الحسنى التي تتضمن البشارة بثوابهم حين الجزاء على أعمالهم ، والحسيس : الصوت الذي يحس من حركتها ، والسجل :
هو الصحيفة.(1/583)
الزبور : الكتب التي أنزلت على الأنبياء ، والذكر : اللوح المحفوظ ، والبلاغ الكفاية ، والعابد : من عمل بما يعلم من أحكام الشريعة وآدابها.(1/584)
مسلمون : أي منقادون خاضعون ، تولوا : أي أعرضوا ، آذنتكم : أي أعلمتكم وكثر استعماله فى الإنذار كما فى قوله : « فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ » ما توعدون : من
غلبة المسلمين عليكم ، فتنة : أي اختبار ، واحكم : أي اقض ، وبالحق : أي العدل والمراد بذلك تعجيل العذاب لهم ، ما تصفون : أي ما تقولون وتفترون من الكذب كقولكم « بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ » وقولكم إن للرحمن ولدا.(1/585)
سورة الحج
التقوى : التباعد عن كل ما يكسب الإثم من فعل أو ترك ، والزلزلة : الحركة الشديدة بحيث تزيل الأشياء من أماكنها ، والذهول : الدهش الناشئ عن الهمّ والغم الكثير ، والمرضعة : الأنثى حال الإرضاع ، والمرضع ما من شأنها أن ترضع ولو لم ترضع حال وصفها به(1/586)
الريب : الشك ، وأصل النطفة : الماء العذب ويراد بها هنا ماء الرجل ، والعلقة :
القطعة الجامدة من الدم ، والمضغة : القطعة من اللحم بقدر ما يمضغ ، والأجل المسمى :
هو حين الوضع ، والطفل : يكون للواحد والجمع ، والأشد : القوة ، وأرذل العمر :
أدنؤه وأردؤه ، هامدة : أي ميتة يابسة من قولهم همدت الأرض إذا يبست ودرست ، وهمد الثوب : بلى ، واهتزت : أي اهتز نباتها وتحرك ، وربت : ازدادت وانتفخت لما يتداخلها من الماء والنبات ، زوج : أي صنف ، بهيج : أي حسن سارّ للناظرين ، والحق : هو الثابت الذي يحق ثبوته.(1/587)
الهدى : الاستدلال والنظر الصحيح الموصل إلى المعرفة ، والكتاب المنير : الوحى المظهر للحق ، ثانى عطفه : أي لاويا جانبه متكبرا مختالا ، ونحوه تصعير الخد ولىّ الجيد.
والخزي : الهوان والذل ، عذاب الحريق : أي عذاب النار التي تحرق داخليها ..(1/588)
على حرف : أي على طرف ، خير : أي سعة فى المال وكثرة فى الولد ، فتنة : أي بلاء ومحنة فى نفسه أو أهله أو ماله ، على وجهه : أي جهته ويراد بذلك أنه ارتد ورجع إلى الكفر ، خسر الدنيا والآخرة : أي ضيّعهما ، إذ فاته فيهما ما يسره ، يدعو الأولى يراد بها يعبدو يدعو الثانية يراد بها يقول - والمولى : الناصر ، والعشير : الصاحب والمعاشر(1/589)
بسبب : أي بحبل ، إلى السماء : أي إلى سقف بيته ، ليقطع : أي ليختنق ، فلينظر : أي فليقدر فى نفسه النظر ، كيده : أي فعله ، ما يغيظ : أي غيظه.(1/590)
الذين هادوا : هم اليهود ، والصابئين : قوم يعبدون الملائكة ، ويصلون إلى القبلة ويقرءون الزبور ، وفى كتاب الملل والنحل للشّهرستانى : إن الصابئة كانوا على عهد إبراهيم عليه السلام ، ويقال لمقابليهم الحنفاء ، وعمدة مذهبهم تعظيم النجوم ثوابتها وسياراتها ، والمجوس - على ما قاله قتادة - قوم يعبدون الشمس والقمر والنيران ، والذين أشركوا : هم عبّاد الأوثان ، فالأديان ستة : خمسة للشيطان ، وواحد للرحمن ، يفصل :
أي يقضى بإظهار المحقّ من المبطل ، شهيد : أي عالم بكل الأشياء ومراقب لها.(1/591)
ألم تر : أي ألم تعلم ، والسجود : لغة التطامن والتذلل ، ثم أطلق على التذلل للّه وعبادته ، وهو ضربان : سجود بالاختيار ، وهو خاص بالإنسان وبه يستحق الثواب.
وسجود بالتسخير والانقياد لإرادته سبحانه ، وهو دالّ على الذلة والافتقار إلى عظمته ، جلّت قدرته ، من فى السموات : هم الملائكة ، ومن فى الأرض : هم الإنس والجن ، وحق ، أي ثبت وتقرر.(1/592)
خصمان : واحدهما خصم ، وهو من له رأى غير رأيك فى موضوع ما ، وكل منهما يحاجّ صاحبه فيه ، قطعت لهم : أي قدّرت ، والحميم : الماء الذي بلغت حرارته أقصى الغاية ، يصهر به : أي يذاب ، ومقامع : واحدها مقمعة ، وهى السوط ، والغم : الحزن الشديد ، والطيّب من القول : ما يقع فى محاورة أهل الجنة بعضهم بعضا ، وصراط الحميد :
أي الطريق المحمود فى آداب المعاشرة والاجتماع.(1/593)
المراد بالمسجد الحرام : مكة ، وعبر به عنها لأنه المقصود المهم منها ، العاكف : المقيم ، والبادي : الطارئ القادم عليها ، والإلحاد : العدول عن الاستقامة ، بظلم : أي بغير حق.(1/594)
يقال بوأه منزلا : أي أنزله فيه وأصل البيت مأوى الإنسان بالليل ثم أطلق على كل مأوى متخذ من حجر أو مدر أو صوف أو وبر ، والمراد به هنا الكعبة ، وقد بنيت عدة مرات فى أوقات مختلفة ، وأذن : أي ناد بالحج : أي بالدعوة إليه ، رجالا :
أي مشاة ، والضامر : البعير الهزيل الذي أتعبته كثرة الأسفار ، ويطلق على الذكر والأنثى ، والفج : الطريق ، والعميق : البعيد ، ويذكروا اسم اللّه : أي يحمدوه ويشكروه ، والأيام المعلومات : هى أيام النحر وهى ثلاثة أيام يوم العيد ويومان بعده ، والمراد ببهيمة الأنعام : الإبل والبقر والضأن ، والبائس : الذي أصابه البؤس والشدة ، وليقضوا : أي ليزيلوا ، والتفث : الوسخ ، ويراد به هنا قص الشعور وتقليم الأظفار ، والنذور : ما ينذر من أعمال البر في الحج ، والعتيق : القديم لأنه أول بيت وضع للناس.(1/595)
ذلك : أي الأمر هكذا ، ويقع للفصل بين كلامين أو بين وجهى كلام واحد كقوله تعالى « هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ » ، والحرمات : التكاليف الدينية من مناسك الحج وغيرها ، وتعظيمها : العلم بوجوبها والعمل على موجب ذلك ،
والزور : الكذب ، وحنفاء واحدهم حنيف : وهو المائل عن كل دين زائغ إلى الدين الحق ، وخر : سقط ، والخطف : الاختلاس بسرعة ، تهوى : أي تسقط ، سحيق :
أي بعيد ، والشعائر واحدها شعيرة : وهى العلامة والمراد بها البدن الهدايا ، وتعظيمها أن تختار حسانا سمانا غالية الأثمان ، والأجل المسمى : هو أن تنحر وتذبح ، ومحلّها مكان نحرها ، والمراد بالبيت العتيق : ما يليه ويقرب منه وهو الحرم.(1/596)
المنسك (بكسر السين وفتحها) والنسك فى الأصل : العبادة مطلقا ، وشاع استعماله فى أعمال الحج ، والمراد به هنا الذبح وإراقة الدماء على وجه التقرب إليه تعالى ، أسلموا :
أي انقادوا له ، المخبتين : أي المتواضعين الخاشعين ، من أخبت الرجل : إذا سار فى الخبت وهو المطمئن من الأرض ، وجلت : أي خافت.(1/597)
البدن : واحدها بدنة ، وهى الناقة أو البقرة التي تنحر بمكة ، وتطلق على الذكر والأنثى ، وشعائر اللّه : أعلام دينه التي شرعها لعباده ، صوافّ : أي قائمات قد صفت أيديهن وأرجلهن ، واحدها صافة ، وجبت جنوبها : أي سقطت جنوبها على الأرض ويراد بذلك زهقت أرواحها وفقدت الحركة ، القانع : أي الراضي بما عنده وبما يعطى من غير مسألة ، قال لبيد :
فمنهم سعيد آخذ بنصيبه ومنهم شقىّ بالمعيشة قانع
و المعترّ :
أي المتعرض للسؤال ، المحسنين : أي المخلصين فى كل ما يأتون وما يذرون في أمور دينهم.(1/598)
أذن : أي رخّص ، الصوامع : واحدها صومعة ، وهى معبد الرهبان فى الصحراء - الدير - والبيع : واحدها بيعة وهى معبد النصارى ، والصلوات : واحدها صلاة معرّب صلوثا بالعبرية معبد اليهود ، ومساجد : واحدها مسجد ، وهو معبد المسلمين.(1/599)
أمليت : أي أمهلت ، أخذتهم : أي أهلكتهم ، فكيف استفهام يراد به التعجب ، والنكير والإنكار على الشيء : أن تفعل فعلا به يزجر المنكر عليه على ما فعل ، خاوية : ساقطة ، وعروشها : أي سقوفها ، معطلة : أي عطلت من منافعها ، مشيد : أي مبنى بالشيد ، وهو الجصّ (الجير).(1/600)
الإنذار : التخويف ، وأصل السعى : الإسراع فى المشي ، ثم استعمل فى الإصلاح والإفساد ، يقال سعى فى أمر فلان : إذا أصلحه أو أفسده بسعيه فيه ، معاجزين : أي مسابقين المؤمنين ومعارضين لهم ، فكلما طلبوا إظهار الحق طلب هؤلاء إبطاله ، وأصله من قولهم : عاجزه فأعجزه ، إذا سابقه فسبقه.(1/601)
الرسول : من جاء بشرع جديد ، والنبي يشمل هذا ويشمل من جاء لتقرير شرع سابق كأنبياء بنى إسرائيل الذين كانوا بين موسى وعيسى عليهما السلام ، والتمني والأمنية : القراءة كما قال تعالى : « وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ » أي إلا قراءة ، وقال حسان فى عثمان حين قتل :
تمنى كتاب اللّه أول ليلة وآخرها لاقى حمام المقادر
و ينسخ : أي يزيل ويبطل ، يحكم : أي يجعلها محكمة مثبتة لا تقبل الرد بحال ، فتنة : أي ابتلاء واختبارا ، مرض : أي شك ونفاق ، القاسية قلوبهم : هم الكفار المجاهرون بالكفر ، شقاق بعيد : أي عداوة شديدة ، فتخبت : أي تذل وتخضع ، مرية : أي شك ، بغتة : أي فجأة ، الساعة : الموت ، يوم عقيم : أي منفرد عن سائر
128
الأيام لا مثيل له فى شدته والمراد به الحرب الضروس ، الملك : أي التصرف والسلطان ، يحكم بينهم : أي يقضى بين فريقى الكافرين والمؤمنين ، مهين : أي مذل جزاء استكبارهم عن الحق.(1/602)
المنسك : الشريعة والمنهاج ، ناسكوه : أي عاملون به ، والهدى : الطريق الموصل إلى الحق ، مستقيم : أي سوىّ لا عوج فيه.(1/603)
سلطانا : أي حجة وبرهانا ، نصير : أي ناصر ومعين ، يسطون : أي يبطشون بهم من فرط الغيظ.(1/604)
ضرب : أي جعل ، والمثل والمثل : الشبه ، لا يستنقذوه : أي لا يقدروا على استنقاذه ، ما قدروا اللّه : أي ما عظّموه ، عزيز : أي غالب على جميع الأشياء ، يصطفى :
أي يختار.(1/605)
فى اللّه : أي فى سبيله ، والجهاد كما قال الراغب : هو استفراغ الوسع فى مجاهدة العدو ، وهو ثلاثة أضرب :
(ا) مجاهدة العدو الظاهر كالكفار.
(ب) مجاهدة الشيطان.
(ج) مجاهدة النفس والهوى ، وهذه أعظمها فقد أخرج البيهقي وغيره عن جابر قال : « قدم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قوم غزاة فقال : قدمتم خير مقدم ، قدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ، قيل وما الجهاد الأكبر ؟ قال : مجاهدة العبد هواه » .
والمراد بالجهاد هنا ما يشمل الأنواع الثلاثة ، كما يؤيده ما روى عن الحسن أنه قرأ الآية وقال : « إن الرجل ليجاهد فى اللّه تعالى وما ضرب بسيف » .
واجتباكم : أي اختاركم ، حرج : أي ضيق بتكليفكم ما يشق عليكم ، واعتصموا باللّه أي استعينوا به وتوكلوا عليه ، مولاكم : أي ناصركم.(1/606)
سورة المؤمنون
الفلاح : الظفر بالمراد ، وأفلح : دخل فى الفلاح كأبشر دخل فى البشارة ، والمؤمن : هو المصدّق بما جاء عن ربه على لسان نبيه من التوحيد والنبوة والبعث والجزاء ، والخاشع : هو الخاضع المتذلل مع خوف وسكون للجوارح ، واللغو : هجر القول وقبيحه ، والزكاة : تزكية النفس وطهارتها بفعل العبادة المالية. والفرج : سوءة الرجل والمرأة ، وحفظه : التعفف عن الحرام ، وابتغى : طلب ، وراء ذلك : أي غير ذلك ، والعادون : أي المتناهون فى العدوان ومجاوزة الحدود الشرعية ، والأمانات :
واحدها أمانة ، وهى ما ائتمن المرء عليه من قبل اللّه كالتكاليف الشرعية أو من قبل الناس كالأموال المودعة لديه والنذور والعقود ونحوها ، والعهد : ما عقده الإنسان على نفسه مما يقربه إلى ربه ، وما أمر به اللّه كما قال : « الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا » والرعي : الحفظ. والراعي : القائم على الشيء لحفظه وإصلاحه ، يحافظون : أي يواظبون عليها ، والفردوس : أعلى الجنة.(1/607)
السلالة : ما سلّ من الشيء واستخرج منه ، وتارة تكون مقصودة كخلاصات الأشياء كالزّبد من اللبن ، وتارة تكون غير مقصودة كقلامة الظفر وكناسة البيت
وقرار : أي مستقر ، مكين : أي متمكن ، والعلقة : الدم الجامد ، والمضغة : قطعة اللحم قدر ما يمضغ ، تبارك اللّه : أي تعالى وتقدس.(1/608)
الطرائق : السموات واحدها طريقة أي مطروق بعضها فوق بعض من قولهم طارق بين ثوبين : إذا لبس ثوبا فوق ثوب ، قال الخليل والزجاج : وهذا كقوله « أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً » وقوله : « اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً » والخلق : أي المخلوقات التي منها السموات السبع ، غافلين : أي مهملين أمرها كما قال : « يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ » .(1/609)
السماء : هنا السحاب ، بقدر : أي بتقدير خاص وهو مقدار كفايتهم ، فأسكناه فى الأرض : أي جعلناه ثابتا قارا فيها ، والذهاب : الإزالة إما بإخراجه من المائية أو بتغويره فى الأرض بحيث لا يمكن استخراجه ، والشجرة : هى الزيتون ، وطور سيناء :
هو جبل الطور الذي ناجى فيه موسى ربه ، ويسمى طور سينين أيضا ، والصبغ :
ما يصبغ فيه الخبز أي يغمس فيه للائتدام ، قال فى المغرب : يقال صبغ الثوب بصبغ حسن ، وصباغ حسن ، ومنه الصّبغ والصباغ من الإدام ، لأن الخبز يغمس فيه ويلوّن به كالخل والزيت.(1/610)
الملأ : أشراف القوم ، يتفضل : أي يدعى الفضل والسيادة ، جنة : أي جنون ، فتربصوا : أي انتظروا ، بأعيننا : أي بحفظنا ورعايتنا ، وفار : نبع ، والتنور : وجه الأرض ، استويت : أي علوت ، لآيات : أي عبرا ، لمبتلين : أي لمختبرين ممتحنين لهم : أي لمعامليهم معاملة من يختبر.(1/611)
القرن : الأمة ، والمراد بهم عاد قوم هود لقوله تعالى فى سورة الأعراف :
« وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ » أترفناهم : أي وسّعنا عليهم وجعلناهم فى ترف ونعيم ، لخاسرون : أي لمغبونون فى آرائكم ، إذ أنكم أذللتم أنفسكم لعبادة من هو دونكم ، هيهات : أي بعد ، ما توعدون : هو البعث والحساب ، بمؤمنين :
أي بمصدقين ، عما قليل : أي بعد زمان قليل ، ليصبحنّ : أي ليصيرنّ ، والصيحة :
العذاب الشديد كما قال :
صاح الزمان بآل برمك صيحة خرّوا لشدتها على الأذقان
والغثاء : ما يحمله السيل من الورق والعيدان البالية التي لا ينتفع بها ، بعدا :
أي هلاكا(1/612)
تترى ، من المواترة : وهى التتابع بين الأشياء مع فترة ومهلة بينها قاله الأصمعى.
أحاديث : واحدها أحدوثة ، وهى ما يتحدث به تعجبا منه وتلهيا به ، وقد جمعت العرب ألفاظا على أفاعيل كأباطيل وأقاطيع ، وقال الزمخشري : الأحاديث اسم جمع للحديث ومنه أحاديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولكن الجمهور على أنه جمع كما علمت(1/613)
الآيات : هى الآيات التسع التي سبقت فى سورة الأعراف ، والسلطان : الحجة عالين : أي متكبرين ، عابدون : أي خدم منقادون ، قال أبو عبيدة : العرب تسمى كل من دان للملك عابدا ، وقال المبرد : العابد : المطيع الخاضع ، الكتاب : هو التوراة(1/614)
الآية : الحجة والبرهان ، وآويناهما : أي جعلنا مأواهما ومنزلهما الربوة : وهى ما ارتفع من الأرض دون الجبل ، ذات قرار : أي ذات استقرار للناس لما فيها من الزرع والثمار ، ومعين : أي ماء جار(1/615)
الطيبات : ما يستطاب ويستلذ من المآكل والفواكه ، أمتكم : أي ملتكم وشريعتكم ، فتقطعوا : أي قطّعوا ومزّقوا ، أمرهم : أي أمر دينهم ، زبرا : أي قطعا واحدها زبور ، فذرهم : أي فدعهم واتركهم ، وأصل الغمرة الماء الذي يغمر القامة ويسترها والمراد بها الجهالة ، حتى حين : أي إلى أن يموتوا فيستحقوا العذاب ، نمدهم :
أي نعطيه مددا لهم.(1/616)
الخشية : الخوف من العقاب ، والإشفاق نهاية الخوف والمراد لازمه ، وهو دوام الطاعة ، والآيات : هى الآيات الكونية فى الأنفس والآفاق والآيات المنزلة ، وجلة :
أي خائفة ، سابقون : أي ظافرون بنيلها.(1/617)
الوسع : ما يتسع على الإنسان فعله ولا يضيق عليه ، والكتاب : هو صحائف الأعمال ، بالحق : أي بالصدق.(1/618)
الغمرة : الغفلة والجهالة ، من دون ذلك : أي غير ذلك ، والمترف : المتوسع فى النعمة ، وجأر الرجل : صلح ورفع صوته ، لا تنصرون : أي لا يجيركم أحد ولا ينصركم ، تنكصون : أي تعرضون عن سماعها ، وأصل النكوص : الرجوع على الأعقاب (العقب مؤخر الرّجل) ورجوع الشخص على عقبه : رجوعه فى طريقه الأولى كما يقال رجع عوده على بدئه ، سامرا : أي تسمرون بذكر القرآن والطعن فيه ، والهجر (بالضم) الهذيان ، والجنّة : الجنون ، والذكر : القرآن الذي هو فخرهم ، عن ذكرهم : أي فخرهم ، خرجا : أي جعلا وأجرا ، صراط مستقيم : أي طريق لا عوج فيه ، لنا كبون : أي عادلون عن طريق الرشاد ، يقال نكب عن الطريق : إذا زاغ عنه ، لج فى الأمر : تمادى فيه ، يعمهون : أي يتحيرون ويترددون فى الضلال ، واستكانوا : خضعوا وذلوا ، وما يتضرعون : أي يجددون التضرع والخضوع ، مبلسون :
أي متحيرون آيسون من كل خير.(1/619)
ذرأكم فى الأرض : أي خلقكم وبثكم فيها ، اختلاف الليل والنهار : تعاقبهما من قولهم : فلان يختلف إلى فلان : أي يتردد عليه بالمجيء والذهاب.(1/620)
الأساطير : الأكاذيب واحدها أسطورة كأحدوثة وأعجوبة ، قاله المبرد وجماعة.(1/621)
تتقون : أي تحذرون عقابه ، الملكوت : الملك والتدبير ، يجير : أي يغيث ، من قولهم أجرت فلانا من فلان إذا أنقذته منه ، ولا يجار عليه : أي لا يعين أحد منه أحدا ، تسحرون : أي تخدعون وتصرفون عن الرشد.(1/622)
الهمزات : الوساوس المغرية بمخالفة ما أمرنا به ، واحدها همزة ، وأصل الهمز النخس والدفع بيد أو غيرها ، ومنه مهماز الرائض (حديدة توضع فى مؤخر الرحل ينخس بها الدابة لتسرع) كلا : كلمة تستعمل للردع والزجر عن حصول ما يطلب ، من ورائهم :
أي من أمامهم ، برزخ : أي حاجز بينهم وبين الرجعة.(1/623)
الصور واحدها صورة نحو بسر وبسرة : أي نفخت فى الأجساد أرواحها ، ولا يتساءلون : أي لا يسأل بعضهم بعضا ، موازينه : أي موزوناته وهى حسناته ، المفلحون :
أي الفائز ون ، خسروا أنفسهم : أي غبنوها ، تلفح : أي تحرق ، كالحون : أي عابسون متقلصو الشفاه ، الشقوة والشقاوة : سوء العاقبة ، وهى ضد السعادة ، اخسئوا : أي اسكتوا سكوت ذلة وهوان ، سخريا : أي هزوا ، ذكرى : أي خوف عقابى.(1/624)
اللبث : الإقامة ، العادّين : الحفظة العادين لأعمال العباد وأعمارهم ، والعبث : ما خلا من الفائدة الحق : أي الثابت الذي لا يبيد ولا يزول ملكه ، والعرش : هو مركز تدبير العالم ، ووصفه بالكريم لشرفه ، وكل ما شرف فى جنسه يوصف بالكرم كما فى قوله : « وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ » وقوله : « وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً » يدعو : يعبد ، حسابه : أي جزاؤه.(1/625)
سورة النور
أنزلناها : أي أعطيناها الرسول كما يقول العبد إذا كلم سيده : رفعت إليه حاجتى ، والفرض : التقدير كما قال : « فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ » وقال : « إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ » والمراد هنا تقدير ما فيها من الحدود والأحكام على أتمّ وجه ، بينات : أي واضحات الدلالة على ما فيها من الأحكام ، ولعلّ هنا يراد بها الإعداد والتهيئة ، تذكرون : أي تتذكرون وتتعظون.(1/626)
المراد بالمحصنات هنا العفيفات الحرائر البالغات العاقلات المسلمات.(1/627)
يرمون أزواجهم : أي يقذفونهنّ بالريبة وتهمة الزنا ، ولعنة اللّه : الطرد من رحمته ، ويدرأ : أي يدفع ، والعذاب : الحد ، وغضب اللّه : سخطه والبعد من فضله وإحسانه(1/628)
الإفك : أبلغ الكذب والافتراء ، والعصبة : الجماعة ، وكثر إطلاقها على العشرة فما فوقها إلى الأربعين ، وقد عدّت عائشة منها المنافق عبد اللّه بن أبى ابن سلول وقد تولّى كبره ، وحمنة بنت جحش أخت أم المؤمنين زينب رضى اللّه عنها وزوج طلحة ابن عبيد اللّه ، ومسطح بن أثاثة ، وحسان بن ثابت ، كبره (بكسر الكاف وضمها وسكون الباء) أي معظمه فقد كان يجمعه ويذيعه ويشيعه ، (لولا) كلمة بمعنى هلّا تفيد الحث على فعل ما بعدها ، مبين : أي ظاهر مكشوف ، أفضتم : أي خضتم فى حديث الإفك ، تلقونه : أي تتلقونه ويأخذه بعضكم من بعض ، يقال تلقّى القول وتلقّنه وتلقّفه ومنه « فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ » سبحانك : تعجب ممن تفوّه به ، بهتان : أي كذب يبهت سامعه ويحيره لفظاعته ، يعظكم : أي ينصحكم ، تشيع : أي تنتشر ، الفاحشة : الخصلة المفرطة فى القبح وهى الزنا ، وخطوات واحدها خطوة (بالضم) ما بين القدمين من المسافة ، ويراد بها نزغات الشيطان ووساوسه : والمنكر : ما تنكره النفوس فتنفر منه ، زكا : أي طهر من دنس الذنوب ، ولا يأتل : أي لا يحلف ، الفضل الزيادة فى الدين ، السعة : الغنى.(1/629)
المحصنات : العفيفات ، الغافلات : أي عن الفواحش وهن النقيات القلوب اللاتي لا يفكّرن فى فعلها ، لعنوا : أي طردوا من رحمة اللّه فى الآخرة وعذبوا فى الدنيا بالحدّ ، دينهم : أي جزاءهم ومنه
« كما تدين تدان »
الحق : أي الثابت الذي يحق لهم لا محالة ، أن اللّه : أي وعده ووعيده ، الحق : أي العدل الذي لا جور فيه.(1/630)
حتى تستأنسوا : أي حتى تستأذنوا ، إذ بالاستئذان يحصل أنس أهل البيت ، وبدونه يستوحشون ويشق عليهم الدخول ، تذكرون : أي تتعظون ، أزكى : أي أطهر ، جناح : أي حرج ، متاع : أي حق تمتع ومنفعة كإيواء الأمتعة والرحال والشراء والبيع ، كحوانيت التجارة والفنادق والحمامات ونحوها.(1/631)
غض بصره : خفّض منه ، والخمر : واحدها خمار وهو ما تغطى به المرأة رأسها (طرحة) والجيوب واحدها جيب : وهو فتحة فى أعلى القميص يبدو منها بعض الجسد ، والبعولة : الأزواج واحدهم بعل ، والإربة : الحاجة إلى النساء ، والطفل : يطلق على الواحد والجمع ، لم يظهروا : أي لم يعلموا عورات النساء لصغرهم.(1/632)
الأيامى : واحدهم أيم وهو كما قال النضر بن شميل كل ذكر لا أنثى معه ، وكل أنثى لا ذكر معها بكرا كانت أو ثيبا ، ويقال آمت المرأة وآم الرجل إذا لم يتزوجا بكرين أو ثيبين ، وكثر استعماله فى الرجل إذا ماتت امرأته وفى المرأة إذا مات زوجها ، والصالحين : أي الصالحين للنكاح والقيام بحقوقه ، والإماء : واحدهن أمة وهى الرقيقة غير الحرة ، واسع : أي غنىّ ، وليستعفف : أي وليجتهد فى العفة ، لا يجدون : أي لا يتمكّنون من وسائله وهى المال والكتاب والمكاتبة : كالعتاب والمعاتبة يراد بها شرعا إعتاق المملوك بعد أداء شىء من المال منجّما أي فى موعدين أو أكثر فيقول له كاتبتك على كذا درهما ويقبل المملوك ذلك ، فإذا أدّاه عتق وصار أحق بمكاسبه ، كما صار أحق بنفسه ، والفتيات : واحدهن فتاة ، ويراد بالفتى والفتاة لغة العبد والأمة ، والبغاء : الزنا والتحصن : العفة ، لتبتغوا : أي لتطلبوا ، عرض الحياة الدنيا : أي الكسب وبيع الأولاد ، مبينات : أي مفصّلات ما أنتم فى حاجة إلى بيانه من الأحكام والآداب ، مثلا : أي فصة عجيبة من قصص الماضين كقصة يوسف ومريم.(1/633)
نور : أي ذو نور أي هو هاد أهل السموات والأرض ، والمراد العالم كله ، والمشكاة : لفظ حبشى معرّب يراد به الكوّة غير النافذة ، الزجاجة : القنديل من الزجاج ، والدرىّ : المضيء المتلألئ منسوب إلى الدر ، لا شرقية ولا غربية : أي ضاحية للشمس لا يظلها جبل ولا شجر ولا يحجبها عنها شىء من الشروق إلى الغروب ، يضرب اللّه الأمثال : أي يبين للناس الأشباه والأمثال.(1/634)
المراد بالبيوت : المساجد ، وأذن : أمر ، أن ترفع : أي أن تعظم وتطهّر عن الأنجاس وعن اللغو من الأقوال ، يسبح : أي ينزّه ويقدّس ، الغدو والغداة : أول النهار ، والآصال : واحدها أصيل وهو العشى : أي آخر النهار ، تلهيهم : أي تشغلهم وتصرفهم ، تجارة : أي نوع من هذه الصناعة ، ولا بيع : أي فرد من أفراد البياعات وخصه بالذكر لأنه أدخل فى الإلهاء ، وإقام الصلاة : أي إقامتها لمواقيتها ، وإيتاء الزكاة :
أي المال الذي فرض إخراجه للمستحقين ، واليوم : هو يوم القيامة ، وتتقلّب فيه القلوب والأبصار : أي تضطرب وتتغير من الهول والفزع.(1/635)
السراب : ما يرى فى الفلاة من ضوء الشمس وقت الظهيرة يسرب ويحرى على وجه الأرض كأنه ماء ، والقيعة والقاع : المنبسط من الأرض ، والظمآن : شديد العطش ، لجى : أي ذى لج (بالضم) واللجّ معظم الماء ، والمراد بحر عميق الماء كثيره ، يغشاه :
أي يغطيه ، لم يكد يراها : أي لم يقرب أن يراها فضلا عن أن يراها.(1/636)
يسبح : أي ينزه ويقدس ، صافات : أي باسطات أجنحتها فى الهواء ، المصير : المرجع.(1/637)
زجى : يسوق برفق وسهولة ، يؤلف : أي يجمع بين أجزائه وقطعه ، ركاما :
أي متراكما بعضه فوق بعض ، الودق : المطر ، من خلاله : أي من فتوقه التي حدثت بالتراكم ، واحدها خلل كجبال وجبل ، من جبال : أي من قطع عظام تشبه الجبال ، والسنا : الضوء ، يذهب بالأبصار : أي يخطفها لشدة ضوئه وسرعة وروده ، وهو كقوله فى البقرة « يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ » يقلب اللّه الليل والنهار : أي يتصرف فيهما فيأخذ من طول هذا فى قصر ذاك حتى يعتدلا ويغير أحوالهما بالحر والبرد ، لأولى الأبصار : أي لأهل العقول والبصائر(1/638)
يتولى : أي يعرض ، مذعنين : أي منقادين ، مرض : أي فساد من أصل الفطرة يحملهم على الضلال ، ارتابوا : أي شكّوا فى نبوّتك ، يحيف : أي يجور ، الظالمون :
أي الذين يريدون ظلم الناس وجحد حقوقهم ، ويخشى اللّه : أي فيما صدر منه من الذنوب فى الماضي ، ويتقه : أي فيما بقي من عمره ، جهد أيمانهم : أي أقصى غايتها من قولهم : جهد نفسه إذا بلغ أفصى وسعها وطاقتها ، تولوا : أي تتولوا (بحذف إحدى التاءين).(1/639)
معجزين فى الأرض : أي جاعلين اللّه عاجزا عن إدراكهم وإهلاكهم وإن هربوا فى الأرض جميعها.(1/640)
ما ملكت أيمانكم : يشمل العبيد والإماء أي الذكران والإناث ، الحلم : بسكون اللام وضمها أي وقت البلوغ إما بالاحتلام ، وإما ببلوغ الخامسة عشرة سنة من حلم بفتح اللام ، تضعون : أي تخلعون ، الظهيرة : وقت اشتداد الحرّ حين منتصف النهار ، والعورات : أي الأوقات التي يختل فيها تستركم ، من قولهم : أعور الفارس : إذا اختلت حاله. جناح : أي إثم وذنب ، طوافون عليكم : أي يطوفون عليكم للخدمة والمخالطة الضرورية ، القواعد : واحدها قاعد ، وهى العجوز ، لا يرجون نكاحا : أي لا يطمعن فيه لكبر سنهن ، والتبرج : التكلف فى إظهار ما يخفى من الزينة ، من قولهم : سفينة بارج ، إذا كان لا غطاء عليها.(1/641)
الحرج لغة : الضيق ، ويراد به فى الدين الإثم ، ما ملكتم مفاتحه : أي ما كان تحت تصرفكم من بستان أو ماشية بطريق الوكالة أو الحفظ ، والصديق : يطلق على الواحد والجمع كالخليط والعدو ، جميعا : أي مجتمعين ، أشتاتا : أي متفرقين ، واحدهم شتيت ، على أنفسكم : أي على أهل البيوت ، طيّبة : أي تطيب بها نفس المستمع.(1/642)
أمر جامع : أي خطب جلل يستعان فيه بأرباب التجارب والآراء كقتال عدو أو تشاور فى حادث قد عرض ، والتسلل : الخروج من البيت تدريجا وخفية ، واللواد والملاوذة : التستر ، يقال لاذ فلان بكذا ، إذا استتر به ، والمخالفة : أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الآخر فى حاله أو فعله ، فتنة : أي بلاء وامتحان فى الدنيا ، عذاب أليم : أي عذاب مؤلم موجع فى الآخرة.(1/643)
سورة الفرقان
تبارك : من البركة ، وهى كثرة الخير لعباده ، بإنعامه عليهم وإحسانه إليهم كما قال « وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها » والفرقان : هو القرآن ، سمى بذلك لأنه فرّق فى الإنزال كما قال : « وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ » على عبده :
أي على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ، ووصفه بذلك تشريفا له بكونه فى أقصى مراتب العبودية ، وتنبيها إلى أن الرسول لا يكون إلا عبدا للمرسل ، وفيه ردّ على النصارى الذين يدّعون ألوهية عيسى عليه السلام ، للعالمين : أي الثقلين من الإنس والجن ، فقدره : أي هيّأه لما أعدّه له من الخصائص والأفعال.(1/644)
الافتراء : الاختلاق والكذب ، من قولهم : افتريت الأديم - الجلد - إذا قطّعته للإفساد ، جاءوا : أي أتوا ، والظلم : وضع الشيء فى غير موضعه ، إذ هم قد نسبوا القبيح إلى من كان مبرأ منه ، والزور : الكذب ، والأساطير : واحدها أسطار أو أسطورة كأحدوثة ، وهو ما سطّره المتقدمون ، اكتتبها : أي أمر بكتابتها ، تملى عليه : أي تلقى عليه بعد اكتتابها ليحفظها ، بكرة وأصيلا : أي صباحا ومساء ، والمراد دائما.(1/645)
مسحورا : أي سحر فاختلّ عقله ، الأمثال : أي الأقاويل العجيبة الجارية لغرابتها مجرى الأمثال ، فضلوا : أي فبقوا متحيرين فى ضلالهم ، أعتدنا : أي هيأنا والسعير : النار الشديدة الاشتعال ، رأتهم : أي إذا كانت منهم بمرأى الناظر فى البعد ، من قولهم : دور تتراءى أي تتناظر ، ومنه قوله صلّى اللّه عليه وسلم : « إن المؤمن والكافر
لا تتراءى ناراهما » أي لا تتقاربان بحيث تكون إحداهما بمرأى من الأخرى ، إذ يجب على المؤمن مجانبة الكافر والمشرك فى أمور الدين ، والتغيظ : إظهار الغيظ ، والمراد صوت التغيظ ، والزفير : إخراج النفس بعد مده ، مقرنين : أي قرنت أيديهم إلى أعناقهم فى السلاسل ، والثبور : الهلاك ، وجنة الخلد : هى التي لا ينقطع نعيمها ، مسئولا :
أي جديرا أن يسأل ويطلب ، لكونه مما يتنافس فيه المتنافسون.(1/646)
ضل السبيل : فقده وخرج عنه ، والذكر : ما ذكّر به الناس على ألسنة أنبيائهم ، بورا : أي هالكين وهو لفظ يستوى فيه الواحد والجمع ، صرفا : أي دفعا للعذاب ، يظلم : أي يكفر.(1/647)
لا يرجون : أي لا يخافون كما جاء فى قوله : « ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً » واللقاء : مقابلة الشيء ومصادفته ، ولقاءنا : أي لقاء جزائنا ، واستكبروا فى أنفسهم :
أي أوقعوا الاستكبار فى شأن أنفسهم بعدّها كبيرة الشأن ، والعتوّ : تجاوز الحد فى الظلم تجاوزا بلغ أقصى الغاية حيث كذبوا الرسول الذي جاء بالوحى ولم يكترثوا بالمعجزات التي أتاهم بها ، حجرا محجورا : كلمة تقولها العرب حين لقاء عدو موتور أو هجوم نازلة
هائلة ، يقصدون بها الاستعاذة من وقوع ذلك الخطب الذي يلحقهم والمكروه الذي يلمّ بدارهم : أي نسأل اللّه أن يمنع ذلك منعا ويحجره حجرا ، وقدمنا : أي عمدنا وقصدنا ، والهباء كما قال الراغب : دقاق التراب وما انبثّ فى الهواء ولا يبدو إلا فى أثناء ضوء الشمس من كوّة ونحوها ، والمستقر : المكان الذي يستقر فيه المرء فى أكثر الأوقات للجلوس والمحادثة ، والمقيل : المكان الذي يؤوى إليه للاستمتاع بالأزواج والتمتع بحديثهن ، سمى بذلك لأن التمتع به يكون وقت القائلة غالبا.(1/648)
جملة واحدة : أي دفعة واحدة ، لنثبت به فؤادك : أي لنقوى به قلبك ، ورتلناه :
أي أتينا ببعضه إثر بعض على تؤدة ومهل من قولهم ثغر مرتّل : أي متفلج الأسنان ، بمثل : أي بنوع من الكلام جار مجرى المثل فى تنميقه وتحسينه ، ورشاقة لفظه وصدق معناه ، تفسيرا : أي إيضاحا ، يحشرون على وجوههم إلى جهنم : أي يسحبون على وجوههم ويجرّون إليها.(1/649)
قال الزجاج : الوزير من يرجع إليه للاستعانة برأيه ، والتدمير : كسر الشيء على وجه لا يمكن معه إصلاحه ، وأعتدنا. هيّأنا وأعددنا ، الرس : البئر غير المطوية (غير المبنية) والجمع : رساس. قال أبو عبيدة : والمراد بهم كما قال قتادة أهل قرية من اليمامة يقال لها الرسّ والفلج فتلوا نبيهم فهلكوا ، وهم بقية ثمود قوم صالح ، والتتبير : التفتيت والتكسير قال الزجاج : كل شىء كسرته وفتّته فقد تبرّته ومنه التّبر لفتات الذهب والفضة ، والقرية : هى سذوم أعظم قرى قوم لوط ، لا يرجون : أي لا يتوقعون ، والنشور :
البعث للحساب والجزاء.(1/650)
ألم تر : أي ألم تنظر ، إلى ربك : أي إلى صنعه ، مد : بسط ، الظل : ما يحدث من مقابلة جسم كثيف كجبل أو بناء أو شجر للشمس من حين ابتداء طلوعها حتى غروبها ، ساكنا : أي ثابتا على حاله فى الطول والامتداد بحيث لا يزول ولا تذهبه الشمس ، دليلا : أي علامة ، قبضناه : أي محوناه ، يسيرا : أي على مهل قليلا قليلا بحسب سير الشمس فى فلكها ، والسبات : الموت لما فى النوم من زوال الإحساس ، والنشور : البعث ، بشرا : (تخفيف بشر بضمتين) واحدها بشور كرسل ورسول :
أي مبشرات ، والرحمة : المطر ، بين يديه : أي قدامه ، طهورا : أي يتطهر به ، والبلدة :
الأرض ، والميت : التي لا نبات فيها ، والأنعام : الإبل والبقر والغنم ، وخصها بالذكر لأنها ذخيرتنا. ومعاش أكثر أهل المدر منها ، وأناسىّ : واحدهم إنسان (أصله أناسين أبدلت النون ياء وأدغمت فى الياء) وصرفناه : أي حولناه فى أوقات مختلفة إلى بلدان متعددة ، ليذكروا : أي ليعتبروا ، كفورا : أي كفرانا للنعمة وإنكارا لها ، نذيرا :
أي نبيا ينذر أهلها ، والمرج : من قولهم مرج فلان دابته إذا تركها وشأنها ، فرات : أي مفرط العذوبة ، أجاج : أي شديد الملوحة ، برزخا : أي حاجزا ، حجرا محجورا : أي تنافرا شديدا فلا يبغى أحدهما على الآخر ولا يفسد الملح العذب ، نسبا وصهرا : أي ذكورا ينسب إليهم ، وإناثا يصاهر بهن.(1/651)
الظهير والمظاهر : المعاون فهو يعاون الشيطان على ربه : أي على رسوله بالعداوة ، وسبح بحمده : أي ونزّهه وصفه بصفات الكمال ، ويقال كفى بالعلم جمالا : أي حسبك ، فلا تحتاج معه إلى غيره ، والخبير بالشيء : العليم بظاهره وباطنه وبكل ما يتصل به ، والبروج : منازل السيارات الاثني عشر المعروفة التي جمعها بعضهم فى قوله :
حمل الثور جوزة السرطان ورعى الليث سنبل الميزان
و رمى عقرب بقوس لجدّى نزح الدلو بركة الحيتان
فهى الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدى والدلو والحوت ، وهى منازل الكواكب السيارة السبعة وهى : المريخ وله الحمل والعقرب ، والزهرة : ولها الثور والميزان ، وعطارد : وله الجوزاء والسنبلة ، والقمر :
و له السرطان ، والشمس : ولها الأسد ، والمشترى : وله القوس والحوت ، وزحل :
و له الجدى والدلو.
وهى فى الأصل القصور العالية. فأطلقت عليها على طريق التشبيه ، والسراج : الشمس خلفة : أي يخلف أحدهما الآخر ويقوم مقامه فيما ينبغى أن يعمل فيه.(1/652)
الهون : الرفق واللين والمراد أنهم يمشون فى سكينة ووقار ، ولا يضربون بأقدامهم أشرا وبطرا ، الجاهلون : أي السفهاء ، سلاما : أي سلام توديع ومتاركة لا سلام تحية كقول إبراهيم لأبيه : « سَلامٌ عَلَيْكَ » ويبيتون : أي يدركهم الليل ناموا أو لم يناموا كما يقال بات فلان قلقا ، غراما : أي هلاكا لازما ، قال الأعشى :
إن يعاقب يكن غراما وإن يعط جزيلا فإنه لا يبالى والإسراف : مجاوزة الحد فى النفقة بالنظر لنظرائه فى المال ، والتقتير : التضييق والشح ، قواما : أي وسطا وعدلا لا يدعون : أي لا يشركون ، والآثام : الإثم والمراد جزاؤه ، مهانا : أي ذليلا مستحقرا ، لا يشهدون الزور : أي لا يقيمون الشهادة الكاذبة والمراد أنهم لا يساعدون أهل الباطل على باطلهم ، واللغو ما ينبغى أن يلغى ويطرح مما لا خير فيه ، كراما : أي مكرمين أنفسهم عن الخوض فيه ، والخرور :
السقوط على غير نظام وترتيب ، وقرة العين : يراد بها الفرح والسرور ، والإمام :
يستعمل للمفرد والجمع والمراد الثاني أي أئمة يقتدى بهم فى إقامة مراسم الدين ، والغرفة :
كل بناء عال مرتفع ويراد بها الدرجات الرفيعة ، ما يعبأ بكم : أي لا يعتدبكم ، دعاؤكم :
أي عبادتكم ، لزاما : أي لازما يحيق بكم حتى يكبكم فى النار.(1/653)
سورة الشعراء
لعل : هنا للاستفهام الذي يراد به الإنكار ، وقال العسكري : إنها للنهى ، وباخع نفسك : أي مهلكها من شدة الحزن ، قال ذو الرمة :
ألا أيها الباخع الوجد نفسه لشىء تحته عن يديه المقادر
و أصل البخع : أن تبلغ بالذّبح البخاع (بكسر الباء) وهو عرق مستبطن فقار الرقبة ، وذلك يكون من المبالغة فى الذبح ، والأعناق : الجماعات ، يقال جاءت عنق الناس : أي جماعة منهم ، وذكر : أي موعظة ، والمراد بالأنباء ما سيحل بهم من العذاب ، وزوج : أي صنف ، والكريم من كل شىء : المرضىّ المحمود منه(1/654)
مبين : أي ظاهر أنه ثعبان بلا تمويه ولا تخييل كما يفعل السحرة ، الملأ :
أشراف القوم ، عليم : أي خبير بفن السحر حاذق فى تلك الصنعة ، فماذا تأمرون ؟
أي فبم تشيرون ، أرجه وأخاه : أي أخر أمرهما ولا تباغتهما بالقتل خيفة الفتنة ، حاشرين : أي اجعل رجال الشرطة يحشرون السحرة(1/655)
الميقات : ما وقت به أي حدد من مكان وزمان ومنه مواقيت الإحرام ، واليوم المعلوم : هو يوم الزينة الذي حدده موسى فى قوله موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس
ضحى ، وعزة فرعون : أي قوته التي يمتنع بها من الضيم ، تلقف : أي تبتلع بسرعة ، يأفكون : أي يقلبونه عن وجهه وحقيقته بكيدهم وسحرهم ، من خلاف : أي بقطع الأيادى اليمنى والأرجل اليسرى ، لا ضير : أي لا ضرر علينا فيما ذكرت ، منقلبون :
أي راجعون.(1/656)
أسرى : سار ليلا ، متبعون : أي يتبعكم فرعون وجنوده ، والشرذمة : الطائفة القليلة من الناس ، غائظون : أي فاعلون ما يغيظنا ويغضبنا ، حاذرون : أي من دأبنا الحذر واستعمال الحزم فى الأمور ، كنوز : أي أموال كنزوها وخزنوها فى باطن الأرض ، ومقام كريم : أي قصور عالية ودور فخمة ، أورثناها : أي ملكناها لهم تمليك الميراث ، مشرقين : أي داخلين فى وقت الشروق ، تراءى الجمعان : أي تقاربا بحيث رأى كل منهما الآخر ، لمدركون : أي سيدر كوننا ويلحقون بنا ، كلا : أي لن يدركوكم ، انفلق : انشق ، الفرق : الجزء المنفرق منه ، والطود : الجبل ، وأزلفنا :
أي قرّبنا. وثمّ : أي هناك ، لآية : أي لعظة وعبرة توجب الإيمان بموسى.(1/657)
الحكم : هو العلم بالخير والعمل به ، واللحوق بالصالحين يراد به التوفيق للأعمال التي توصل إلى الانتظام فى زمرة الكاملين المنزهين عن كبائر الذنوب وصغائرها ، لسان صدق : أي ذكرا جميلا بين الناس بتوفيقى إلى الطريق الحسنة حتى يقتدى بي الناس من بعدي ، وهذا هو الحياة الثانية كما قال : قد مات قوم وهم فى الناس أحياء ، من ورثة جنة النعيم : أي من الذين يتمتعون بالجنة وسعادتها فيكون ذلك غنيمة لهم كما يتمتع الناس بالميراث فى الدنيا ، والخزي : الهوان ، والقلب السليم : هو البعيد عن الكفر والنفاق وسائر الأخلاق الذميمة.(1/658)
أزلفت : أي قرّبت ، برزت : أي جعلت بارزة لهم بحيث يرون أهوالها ، والغاوين : الضالين عن طريق الحق ، فكبكبوا : أي ألقوا على وجوههم مرة بعد أخرى من قولهم كبّه على وجهه : أي ألقاه ، يختصمون : أي يخاصمون من معهم من الأصنام والشياطين ، نسويكم : أي نجعلكم مساوين له فى استحقاق العبادة ، والصديق :
هو الصادق فى وده ، والحميم : هو الذي يهمه ما أهمك ، والكرة : الرجعة.(1/659)
القوم : اسم لا واحد له من لفظه كرهط ونفر يذكّر ويؤنث ، أخوهم : أي أخوّة نسب ، كما يقال يا أخا العرب ويا أخاتيم ، يريدون يا من هو واحد منهم قال الحماسى :
لا يسألون أخاهم حين يندبهم فى النائبات على ما قال برهانا
الأرذلون : واحدهم أرذل ، والرذالة : الخسة والدناءة ، وقد استرذلوهم لا تضاع نسبهم وقلة حظوظهم من الدنيا ، من المرجومين : أي من المقتولين رميا بالحجارة ،
فافتح : أي احكم من الفتاحة بمعنى الحكومة ، والفلك : يستعمل واحدا وجمعا ، المشحون : أي المملوء(1/660)
عاد : اسم أبى القبيلة الأكبر ، ويعبر عن القبيلة إذا كانت عظيمة باسم الأب أو بينى فلان أو آل فلان ، والريع (بالفتح والكسر) المكان المرتفع ، ويقال كم ريع أرضك أي ارتفاعها ، آية : أي قصرا مشيدا عاليا ، تعبثون : أي تفعلون العبث ، وما لا فائدة فيه ، مصانع : أي قصورا مش يدة وحصونا منيعة ، ولعل هنا معناها التشبيه أي كأنكم تخلدون ، والبطش : الأخذ بالعنف ، والجبار : المتسلط العاتي بلا رأفة ولا شفقة ، أمدكم : أي سخر لكم ، والوعظ : كلام يلين القلب بذكر الوعد والوعيد ، خلق الأولين : أي عادتهم التي كانوا بها يدينون ، ونحن بهم مقتدون : نموت ونحيا بلا حساب ولا بعث.(1/661)
الطلع : أول ما يطلع من الثمر وبعده يسمى خلالا ثم بلحا ثم بسرا ثم رطبا ثم تمرا ، والهضيم : هو النضيج الرّخص اللين اللطيف ، والنحت : النجر والبرى ،
والنّحاتة : البراية ، والمنحت : ما ينحت به ، والفره : النشاط وشدة الفرح ، من المسحّرين : أي الذين سحروا حتى ذهبت عقولهم ، الشرب : (بالكسر) النصيب والحظ ، فعقروها : أي رموها بسهم ثم قتلوها.(1/662)
أخوهم : أي فى البلد والسكنى ، لا فى الدين ولا فى النسب ، لأنه ابن أخى إبراهيم وهما من أرض بابل ، والذكران : واحدهم ذكر ضد الأنثى من كل حيوان ، عادون :
أي متعدون الحدود التي رسمها العقل والشرع ، من المخرجين : أي ممن نخرجهم من أرضنا وننفيهم من قريتنا ، من القالين : أي المبغضين لفعلكم ، والقلى : البغض
الشديد كأنه يقلى الفؤاد ، يقال قليته أقليه قلى وقلاء ، الغابرين : أي الباقين فهى لم تخرج مع لوط ومن مضى معه.(1/663)
الأيكة : غيضة كثيرة الشجر قرب مدين بعث اللّه إلى أهلها شعيبا كما بعثه إلى أهل مدين ولم يكن منهم نسبا ، من المخسرين : أي المطففين الآخذين من الناس أكثر ممّا لكم ، والقسطاس : الميزان ، والمستقيم : أي العدل ، ولا تعثوا : أي لا تفسدوا ، والجبلة : بكسر الجيم والباء وتشديد اللام ، وبضمهما وتشديد اللام : الخلقة والطبيعة ، ويقال جبل فلان على كذا : أي خلق ، والمراد أنهم كانوا على خلقة عظيمة ، كسفا :
واحدها كسفة كقطعة (وزنا ومعنى) والظلة : السحابة التي استظلوا بها.(1/664)
الروح الأمين : هو جبريل عليه السلام ، ووصف بالأمين ، لأنه أمين وحيه تعالى وموصله إلى من شاء من عباده ، على قلبك : أي على روحك ، لأنه المدرك والمكلّف دون الجسد ، والزبر : الكتب ، واحدها زبرة كصحف وصفحة ، والآية : الدليل والبرهان ، والأعجمين : واحدهم أعجمى ، وهو من لا يقدر على التكلم بالعربية ، سلكناه : أي أدخلناه ، والمجرمين : مشركى قريش ، بغتة : فجأة ، منظرون : أي مؤخرون ، ذكرى : أي تذكرة وعبرة لغيرهم ، وما ينبغى لهم : أي ما يتيسر ولا يتسنى لهم ، وما يستطيعون : أي ما يقدرون على ذلك ، لمعزولون : أي لممنوعون بالشهب بعد أن كانوا ممكّنين.(1/665)
أنبئكم : أي أخبركم : والأفاك : كثير الإفك والكذب ، والأثيم : كثير الذنوب والفجور ، يلقون السمع : أي يصغون أشد الإصغاء إلى الشياطين فيتلقون منهم ما يتلقون مما أكثره الكذب ، والغاوون : الضالون المائلون عن السنن القويم.
والوادي : الشّعب ، يهيمون : أي يسيرون سير البهائم حائرين لا يهتدون إلى شىء ، والمنقلب : المرجع.(1/666)
سورة النمل
يعمهون : أي يتحيرون ويترددون فى أودية الضلال ، الأخسرون : أي أشد الناس خسرانا ، لحرمانهم الثواب ، واستمرارهم فى العذاب.(1/667)
لتلقى : أي لتلقّن وتعطى ، آنست : أي أبصرت إبصارا حصل لى به أنس ، بخبر : أي عن الطريق وحاله ، بشهاب : أي بشعلة نار ، قبس : أي قطعة من النار مقبوسة ومأخوذة من أصلها ، تصطلون : أي تستدفئون بها ، قال الشاعر :
النار فاكهة الشتاء فمن يرد أكل الفواكه شاتيا فليصطل
جان : أي حية صغيرة سريعة الحركة ، ولّى مدبرا : أي التفت هاربا ، ولم يعقب :
أي لم يرجع على عقبه ولم يلتفت إلى ماوراءه من قولهم : عقّب المقاتل إذا كرّ بعد الفرّ ،
من غير سوء : أي من غير برص ولا نحوه من الآفات ، آيات : أي معجزات دالة على صدقك ، مبصرة : أي بينة واضحة ، جحدوا بها : أي كذبوا ، واستيقنتها أنفسهم :
أي علمت علما يقينيا أنها من عند اللّه ، وعلوا : أي ترفعا واستكبارا.(1/668)
ورث سليمان داود : أي قام مقامه فى النبوة والملك ، منطق الطير : أي فهم ما يريده كل طائر إذا صوّت ، حشر : أي جمع ، يوزعون : أي يحبس أولهم ليلحق آخرهم فيكونون مجتمعين لا يتخلف منهم أحد ، وادي النمل : واد بأرض الشام لا يحطمنكم :
أي لا يكسرنكم ويهشمنكم ، أوزعنى : أي يسر لى.(1/669)
التفقد : طلب ما فقد ، بسلطان مبين ، أي بحجة واضحة ، والإحاطة بالشيء علما علمه من جميع جهاته ، وسبأ : هو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان أبو قبيلة باليمن ، ونبأ : أي خبر عظيم ، والعرش : سرير الملك ، عن السبيل : عن سبيل الحق والصواب والخبء : هو المخبوء من كل شىء كالمطر وغيره من شئون الغيب.(1/670)
تولّ عنهم : أي تنح عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه ، ليكون ما يقولونه بمسمع منك ، فانظر : أي تأمل وفكّر ، يرجعون : أي يرجع بعضهم إلى بعض من القول ويدور بينهم بشأنه ، والملأ : أشراف القوم وخاصة الملك ، ألا تعلوا علىّ :
أي ألا تتكبروا ولا تنقادوا للنفس والهوى ، مسلمين : أي منقادين خاضعين.(1/671)
أفتونى : أي أشيروا علىّ بما عندكم من الرأى والتدبير فيما حدث ، قاطعة أمرا :
أىّ باتّة فيه منفذته ، تشهدون : أي تحضروني ، والمراد بالقوة : القوة الحسية وكثرة الآلات ، والمراد بالبأس : النجدة والثبات فى الحرب.(1/672)
لا قبل لهم بها : أي لا طاقة لهم بمقاومتها ، صاغرون : أي مهانون محتقرون(1/673)
العرش : سرير الملك ، مسلمين أي خاضعين منقادين ، العفريت من البشر :
الخبيث الماكر الذي يعفر أقرانه ، ومن الشياطين : المارد ، مقامك : أي مجلسك الذي تجلس فيه للحكم ، قوى : أي قادر على حمله لا أعجز عنه ، أمين : أي على ما فيه من لآلئ وجواهر وغيرها ، والكتاب : هو علم الوحى والشرائع ، والذي عنده علم هو سليمان عليه السلام كما اختاره الرازي وقال إنه أقرب الآراء ، يرتد : أي يرجع ، والطرف : تحريك الأجفان والمراد بذلك السرعة العظيمة ، مستقرا : أي ساكنا قارا على حاله التي كان عليها ، الفضل : التفضل والإحسان ، ليبلونى : أي ليعاملنى معاملة المختبر ، أم أكفر أي أقصر فى أداء واجب الشكر ، كفر أي لم يشكر.(1/674)
نكروا لها عرشها : أي غيروا هيئته وشكله بحيث لا يعرف بسهولة ، مسلمين :
أي خاضعين منقادين ، صدها : أي منعها ، والصرح : القصر وكل بناء عال ، واللجة الماء الكثير ، ممرد : أي ذو سطح أملس ومنه الأمرد للشاب الذي لا شعر فى وجهه ، القوارير : الزجاج واحدها قارورة ، أسلمت : أي خضعت.(1/675)
فريقان : أي طائفتان طائفة مؤمنة وأخرى كافرة ، يختصمون : أي يجادل بعضهم بعضا ويحاجه ، السيئة : العقوبة التي تسوء صاحبها ، الحسنة : التوبة ، لو لا : أي هلّا ، وهى كلمة تفيد الحث على حصول ما بعدها ، اطيرنا : أي تطايرنا وتشاء منا بك ،
طائركم : أي ما يصيبكم من الخير والشر ، وسمى طائرا لأنه لا شىء أسرع من نزول القضاء المحتوم ، تفتنون : أي تختبرون بتعاقب السراء والضراء ، والمراد بالمدينة :
الحجر ، والرهط والنفر : من الثلاثة إلى التسعة ، تقاسموا : أي احلفوا ، والبيات :
مباغتة العدو ومفاجأته بالإيقاع به ليلا ، وليه : أي من له حق القصاص من ذوى قرابته إذا قتل ، والمهلك : الهلاك ، والمكر : التدبير الخفي لعمل الشر ، والتدمير : الإهلاك ، خاوية : أي خالية ، لآية : أي لعبرة وموعظة(1/676)
يتطهرون : أي ينزهون أنفسهم ، ويتباعدون عما نفعله ، ويزعمون أنه من القاذورات ، قدّرنا : أي قضينا وحكمنا ، الغابرين : أي الباقين فى العذاب.(1/677)
العباد المصطفون : هم الأنبياء عليهم السلام ، الحدائق : البساتين واحدها حديقة ، والبهجة : الحسن والرونق ، يعدلون : من العدول وهو الانحراف ، قرارا : أي مستقرا ، الخلال : واحدها خلل وهو الوسط ، رواسى : أي ثوابت أي جبالا ثوابت ، الحاجز :
الفاصل بين الشيئين ، والمضطر : الذي أحوجته الشدة وألجأته الضراعة إلى اللّه ،
ويكشف : أي يرفع ، خلفاء : من الخلافة وهى الملك والتسلط ، يهديكم : أي يرشدكم ، بين يدى رحمته : أي أمام المطر.(1/678)
أيان : أي متى ، يبعثون : أي يقومون من القبور للحساب والجزاء ، ادّارك :
أي تدارك وتتابع والمراد التتابع فى الاضمحلال والفناء ، فى شك : أي فى حيرة عظيمة ، عمون : واحدهم عم وهو أعمى القلب والبصيرة.(1/679)
وقع : حدث وحصل ، والمراد من القول : ما دل من الآيات على مجىء الساعة ، تكلمهم : أي تنبئهم وتخبرهم ، نحشر : أي نجمع ، فوجا : أي جماعة من الرؤساء ، يوزعون : أي يحبس أولهم على آخرهم حتى يتلاحقوا ويجتمعوا فى موقف التوبيخ والمناقشة ، ولم تحيطوا بها علما : أي ولم تدركوا حقيقة كنهها ، ألم يروا : أي ألم يعلموا ، ليسكنوا فيه : أي ليستريحوا فيه ويهدءوا ، مبصرا : أي ليبصروا بما فيه من الإضاءة طرق التقلب فى أمور معاشهم ، الصور : البوق ، داخرين : أي أذلاء صاغرين ، جامدة : أي ثابتة فى أماكنها ، أتقن : أي أحكم ، يقال رجل تقن (بكسر التاء وسكون القاف) أي حاذق بالأشياء ، الحسنة : الإيمان وعمل الصالحات ، والسيئة : الإشراك باللّه والمعاصي ، كبت : أي ألقيت منكوسة.(1/680)
البلد : هى مكة ، أتلو القرآن : أي أواظب على تلاوته ، من المنذرين : أي المخوفين قومهم من عذاب اللّه.(1/681)
سورة القصص
نتلو عليك : أي ننزل عليك ، والنبأ : الخبر العجيب ، علا : تجبر واستكبر ، شيعا : أي فرقا يستخدم كل صنف فى عمل من بناء وحفر وحرث إلى نحو ذلك من الأعمال الشاقة ، ويغرى بينهم العداوة والبغضاء حتى لا يتفقوا ، يستضعف : أي يجعلهم ضعفاء مقهورين ، والطائفة هنا هم بنو إسرائيل ، ونمن : أي نتفضل ، والأئمة : واحدهم إمام وهو من يقتدى به فى الدين أو فى الدنيا ، ويقال مكّن له إذا جعل له مكانا موطّأ ممهدا يجلس عليه ، والمراد به هنا التسلط على أرض مصر والتصرف فيها ، وهامان وزير فرعون ، يحذرون : أي يتوقعونه من ذهاب ملكهم وهلكهم على يد مولود من بنى إسرائيل(1/682)
الوحى : الإلهام كما جاء فى قوله : « وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ » والخوف : غم يحصل بسبب توقع مكروه يحدث فى المستقبل ، والحزن : (بفتحتين وبضم فسكون كالرّشد والرّشد والسّقم والسّقم) غم يحدث بسبب مكروه قد حصل ، واليمّ : البحر ، والمراد هنا نهر النيل ، والالتقاط : أخذ الشيء فجأة من غير طلب له ، والمراد من الخطأ هنا : الخطأ فى الرأى وهو ضد الصواب والمراد به الشرك والعصيان للّه ، وقرت به العين :
فرحت به وسرّت ، فارغا : أي خاليا من العقل لما دهمها من الخوف والحيرة حين سمعت بوقوعه فى يد عدوه نحو ما جاء فى قوله : « وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ » أي خلاء
لا عقول بها ، والإبداء : إظهار الشيء ، والربط على القلب : شده والمراد هنا تثبيته ، وقصيه : أي اقتفى أثرة وتتبعى خبره ، فبصرت به : أي أبصرته ، عن جنب : أي عن بعد ، لا يشعرون : أي لا يدرون أنها أخته ، حرمنا : أي منعنا ، يكفلون : أي يضمنون رضاعه والقيام بشئونه ، والنصح : إخلاص العمل والمراد أنهم يعملون ما ينفعه فى غذائه وتربيته ، ولا يقصرون فى خدمته(1/683)
واحدة الأشد : شدة كأنعم ونعمة ، والشدة : القوة والجلادة ، وبلوغ الأشد :
استكمال القوة الجسمانية وانتهاء النمو المعتدّ به ، والاستواء : اعتدال العقل وكماله ، ويختلف ذلك باختلاف الأقاليم والأزمان والأحوال ، والحكم : الحكمة ، والمدينة : هى مصر ، على حين غفلة : أي فى وقت لا يتوقعون دخولها فيه ، من شيعته : أي ممن شايعه وتابعه فى الدين وهم بنو إسرائيل ، من عدوه : أي من مخالفيه فى الدين وهم القبط ، فاستغاثه أي طلب غوثه ونصره ، فوكزه أي فضربه بجمع يده ، أي بيده ، مجموعة الأصابع ، فقضى عليه : أي فقتله وأنهى حياته ، من عمل الشيطان : أي من تزيينه ، مبين : أي ظاهر العداوة والإضلال ، فاغفر لى : أي فاستر ذنوبى ، بما أنعمت علىّ : أي أقسم بنعمك علىّ ، ظهيرا : أي معينا ، يترقب : أي ينتظر ما يناله من أذى ، استنصره : أي طلب نصره ومعونته ، يستصرخه : أي يطلب الاستغاثة برفع الصوت ، غوىّ :
أي ضال ، يبطش : أي يأخذ بصولة وسطوة ، والجبار : هو الذي يفعل ما يفعل دون نظر فى العواقب ، من المصلحين : أي ممن يبغون الإصلاح بين الناس ، ويدفعون التخاصم بالحسنى(1/684)
أقصى المدينة : أي أبعدها مكانا ، يسعى : أي يسرع ، الملأ : أشراف الدولة ووجوهها ، يأتمرون بك : أي يتشاورون فى أمرك ، قال الأزهرى ائتمر القوم وتآمروا إذا أمر بعضهم بعضا كما قال : « وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ » وقال النمر بن تولب :
أرى الناس قد أحدثوا شيمة وفى كل حادثة يؤتمر
يترقب : أي يلتفت يمنة ويسرة ، توجه إلى الشيء : صرف وجهه إليه ، تلقاء مدين : أي جهتها ، ورد : أي وصل ، والمراد بماء مدين : البئر التي كانوا يستقون منها ، أمة : أي جماعة ، تذودان : أي تطردان غنمهما عن الماء خوفا من السقاة الأقوياء ، قال الشاعر :
لقد سلبت عصاك بنو تميم فما تدرى بأيّ عصا تذود ؟
ما خطبكما : أي ما شأنكما ولم لا تردان
إلا سحر مفتعل ، وما رأينا أحدا من آبائنا على هذا الدين ، فقال لهم موسى : ربى أعلم بالمهتدي منا ومنكم ، وسيفصل بينى وبينكم ، ويجعل النصر والتأييد للصالحين من عباده(1/685)
هامان : وزير فرعون ، صرحا : أي قصرا عاليا ، أطلع : أي أصعد وأرتقى ، فنبذناهم : أي طرحناهم ، أئمة : واحدهم إمام وهو من يقتدى به فى الدين أو فى الدنيا ، يدعون إلى النار : أي إلى ما يوجبها من الكفر والمعاصي ، لعنة : أي طردا من الرحمة ، من المقبوحين : أي المخزيين ، يقال قبحه اللّه : أي نحاه من كل خير ، وقبحت وجهه وقبّحت بمعنى ، قال الشاعر :
ألا قبح اللّه البراجم كلّها وقبّح يربوعا وقبّح دارما
الكتاب : هو التوراة ، القرون الأولى : هم قوم نوح وهود وصالح ، بصائر :
واحدها بصيرة ، وهى نور القلب الذي يميز بين الحق والباطل.(1/686)
الغربي : هو الجبل الغربي الذي وقع فيه الميقات وأعطى اللّه فيه ألواح التوراة لموسى ، قضينا : أي عهدنا إليه وكلفناه أمرنا ونهينا ، الأمر : أي أمر الرسالة ، الشاهدين :
أي الحاضرين ، فتطاول عليهم العمر : أي بعد الأمد ، ونحوه « فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ » ثاويا : أي مقيما. قال العجّاج :
فبات حيث يدخل الثّوىّ أي الضيف المقيم ، أهل مدين : أي قوم شعيب
عليه السلام ، مصيبة : أي عذاب الدنيا والآخرة ، ولو لا الثانية بمعنى هلا وتفيد تمنى حصول ما بعدها والحث عليه.(1/687)
الحق : أي الأمر الحق وهو القرآن ، سحران : أي ما أوتيه موسى وما أوتيه محمد ، تظاهرا : أي تعاونا وتناصرا ، فإن لم يستجيبوا لك : أي فإن لم يفعلوا ما كلفتهم به ، والتوصيل : ضم قطع الحبل بعضها إلى بعض قال شاعرهم :
فقل لبنى مروان ما بال ذمّتى بحبل ضعيف ما يزال يوصّل
و المراد به هنا إنزال القرآن منجّما مفرقا يتصل بعضه ببعض.(1/688)
مسلمين : أي منقادين خاضعين للّه ، يدرءون أي يدفعون ، واللغو : ما حقه أن يلغى ويترك من العبث وسخف القول ، سلام عليكم : أي سلام لكم مما أنتم فيه ، لا نبتغى الجاهلين : أي لا نريد أن نكون من أهل السفه والجهل ، فنجازيكم على باطلكم بباطل مثله.(1/689)
الهداية : تارة يراد بها الدعوة والإرشاد إلى طريق الخير وهى التي أثبتها اللّه لرسوله فى قوله « وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » وتارة يراد بها هداية التوفيق وشرح الصدر بقذف نور يحيا به القلب كما جاء فى قوله : « أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً » وهى بهذا المعنى نفيت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى هذه الآية ، يجبى إليه : أي يجمع إليه ، يقال جبى الماء فى الحوض : أي جمعه ، والجابية :
الحوض العظيم ، والخطف : الانتزاع بسرعة ويراد به هنا الإخراج من البلاد.(1/690)
بطرت : أي بغت وتجبرت ولم تحفظ حق اللّه ، وأمّها : أكبرها وأعظمها ، وهى قصبتها (عاصمتها).(1/691)
من المحضرين : أي الذين يحضرون للعذاب ، وقد اشتهر ذلك فى عرف القرآن كما قال : « لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ » وقال : « إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ » لأن فى ذلك إشعارا بالتكليف والإلزام ، ولا يليق ذلك بمجالس اللذات بل هو أشبه بمجالس المكاره والمضار.(1/692)
حق : أي وجب وثبت ، والقول : أي مدلول القول ومقتضاه وهو قوله : « لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ » والغواية : الضلال ، والفعل غوى يغوى كضرب يضرب ، فلم يستجيبوا لهم : أي فلم يجيبوا ، عميت : أي خفيت ، والأنباء : الحجج التي تنجيهم ، ولا يتساءلون ، أي لا يسأل بعضهم بعضا.(1/693)
الخيرة والتخير : الاختيار باصطفاء بعض الأشياء وترك بعض ، سبحان اللّه : أي تنزيها للّه أن ينازعه أحد فى الاختيار ، تكنّ : أي تخفى ، ويعلنون : أي يظهرون ، الحكم : القضاء النافذ فى كل شىء دون مشاركة لغيره فيه.(1/694)
أرأيتم : أي أخبرونى ، والسرمد : الدائم المتصل قال طرفة :
لعمرك ما أمرى علىّ بغمّة نهارى ولا ليلى علىّ بسرمد
تسكنون فيه : أي تستقرون فيه من متاعب الأعمال.(1/695)
ونزعنا : أي أحضرنا من قولهم : نزع فلان بحجة كذا إذا أحضرها وأخرجها ، والشهيد : هو نبى الأمة يشهد عليها بما أجابته حين أرسل إليها ، وضل : أي غاب.(1/696)
فبغى عليهم : أي تكبّر وتجبر ، والكنز : المال المدفون فى باطن الأرض ، والمراد
به هنا المال المدّخر ، ومفاتحه : أي خزائنه واحدها مفتح (بفتح الميم) وتنوء : من ناء به الحمل ينوء : إذا أثقله حتى أماله. قال ذو الرمة :
تنوء بأخراها فلأيا قيامها وتمشى الهوينى عن قريب فتبهر
و العصبة : الجماعة الكثيرة يتعصب بعضهم لبعض بلا تعيين عدد خاص ، والقوة :
الشدة ، لا تفرح : أي لا تبطر وتتمسك بالدنيا ولذاتها حتى تتلهى عن الآخرة ، قال بيهس العذرى :
و لست بمفراح إذا الدهر سرّنى ولا جازع من صرفه المتقلّب
و الدار الآخرة : أي ثواب اللّه بإنفاق المال فيما يوصل إلى مرضاته ، على علم عندى : أي على حسن تصرف فى المتاجر واكتساب الأموال.(1/697)
الحظ : البخت والنصيب ، العلم : هو علم الدين وما ينبغى أن يكون عليه المتقون ، ويل : أصلها الدعاء بالهلاك ، ثم استعملت فى الزجر عن ترك ما لا يرتضى ، وخسف المكان : أي غار فى الأرض ، وخسف اللّه به الأرض خسفا : غاب به فيها كما قال :
« فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ » وفئة : أي جماعة من المنتصرين.
أي الممتنعين عن عذابه ، يقال : نصره من عدوه فانتصر : أي منعه منه فامتنع ، وى :
كلمة يراد بها التندم والتعجب مما حصل ، يقدر : أي يضيّق.(1/698)
فرض عليك : أي أوجب عليك ، ومعاد الرجل : بلده ، لأنه يتصرف فى البلاد ثم يعود إليه ، ظهيرا : أي معينا ، هالك : أي معدوم ، وجهه : أي ذاته ، الحكم :
أي القضاء النافذ.(1/699)
سورة العنكبوت
الفتنة : الامتحان والاختبار ، ليعلمن اللّه الذين صدقوا : أي ليظهرنّ صدقهم ، السبق : الفوت والمراد به الفوت عن المجازاة ، والسيئات : هى الشرك باللّه والمعاصي التي يجترحونها ، ساء ما يحكمون : أي قبح حكمهم أنهم يهربون منا.(1/700)
يرجو : أي يطمع ، لقاء اللّه : أي نيل ثوابه وجزائه ، أجل اللّه : الوقت المضروب للقائه ، جاهد أي بذل جهده فى جهاد حرب أو نفس.(1/701)
المراد بالحمل هنا : تبعة الذنوب ، والأثقال واحدها ثقل : وهو الحمل الذي يئود حامله ، والمراد به الذنب والإثم.(1/702)
النشأة : الخلق والإيجاد ، تقلبون : أي تردّون بعد موتكم ، بمعجزين : أي جاعلين اللّه عاجزا ، من ولىّ : أي قريب ، ولا نصير : أي معين.(1/703)
لوط : هو ابن أخى إبراهيم على ما قاله النسابون - مهاجر إلى ربى : أي إلى الجهة التي أمرنى بالهجرة إليها ، وإسحاق هو ابنه الأكبر ، ويعقوب : حفيده وابن إسحاق ، وأجر الدنيا : الرزق الواسع الهنى ، والمنزل الرحب ، والمورد العذب ، والزوجة الصالحة ، والثناء الجميل ، والذكر الحسن ، والصالح لغة : هو الباقي على ما ينبغى ، يقال : طعام بعد صالح أي هو باق على حال حسنة.(1/704)
الفاحشة : الفعلة القبيحة التي تنفر منها النفوس الكريمة ، السبيل : الطريق وكانوا يتعرضون للسابلة بالقتل وأخذ الأموال.(1/705)
الجدل : الحجاج والمناظرة ، مسلمون : أي خاضعون مطيعون ، والجحد : نفى ما فى القلب ثبوته أو إثبات ما فى القلب نفيه والمراد به هنا الإنكار عن علم ، والارتياب :
الشك ، الظالمون : أي الذين ظلموا أنفسهم وجحدوا وجه الحق.(1/706)
اللهو : الاستمتاع باللذات ، واللعب : هو العبث وما لا فائدة فيه ، الحيوان : أي الحياة التامة التي لا فناء بعدها.(1/707)
سورة الروم
الروم : أمة عظيمة من ولد روم بن عيص بن إسحق بن إبراهيم ، كذا قال النسابون من العرب ، أدنى الأرض : أي أقربها من الروم ، والأقربية بالنظر إلى أهل مكة الذين يساق إليهم الحديث ، والبضع : ما بين الثلاث إلى العشر ، وقال : المبرد ما بين العقدين فى جميع الأعداد ، ظاهر الحياة الدنيا : هو ما يشاهدونه من زخارفها ولذاتها الموافقة لشهواتهم التي تستدعى انهما كهم فيها وعكوفهم عليها.(1/708)
يبلس المجرمون : أي يسكتون وتنقطع حجتهم ، الروضة : الأرض ذات النبات والماء ويقال أراض الوادي واستراض إذا كثر ماؤه ، وأرض القوم : أرواهم بعض الرّىّ ، يحبرون : يسرون ، يقال حبره يحبره (بالضم) حبرا وحبورا : إذا سره سرور لتهلل له وجهه ، وظهر فيه أثره ، وفى المثل : امتلأت بيوتهم حبرة ، فهم ينتظرون العبرة ، محضرون : أي مدخلون فيه لا يغيبون عنه.(1/709)
من أنفسكم : أي منتزعا من أحوال أنفسكم ، التي هى أقرب الأمور إليكم وأعرفها عندكم ، ملكت أيمانكم : أي مماليككم وعبيدكم ، فيما رزقناكم : أي من العقار والمنقول ، فأنتم فيه سواء : أي تتصرفون فيه كتصرفكم ، تخافونهم : أي تخافون أن يستبدوا بالتصرف فيه ، كخيفتكم أنفسكم : أي كما يخاف الأحرار بعضهم من بعض ، نفصل الآيات : أي نبيتها بالتمثيل الكاشف للمعانى ، فمن يهدى من أضل اللّه ؟ :
أي لا أحد يهديهم ، وما لهم من ناصرين : أي ليس لهم من قدرة اللّه منقذ ولا مجير.(1/710)
أقم : من أقام العود وقوّمه إذا عدّله والمراد الإقبال على دين الإسلام والثبات عليه ، حنيفا : من الحنف وهو الميل ، فهو مائل من الضلالة إلى الاستقامة ، والفطرة :
هى الحال التي خلق اللّه الناس عليها من القابلية للحق ، والتهيؤ لإدراكه ، وخلق اللّه :
هو فطرته المذكورة أوّلا ، القيم : أي المستوي الذي لا عوج فيه ولا انحراف ، منبين إليه : أي راجعين إليه بالتوبة وإخلاص العمل ، من قولهم : ناب نوبة ونوبا إذا رجع مرة بعد أخرى ، واتقوه : أي خافوه ، فرقوا دينهم : أي اختلفوا فيما يعبدونه على حسب اختلاف أهوائهم ، شيعا : أي فرقا تشايع كل فرقة إمامها الذي مهد لها دينها وقرره ووضع أصوله.(1/711)
حقه : هو صلة الرحم والبرّ به ، والمسكين : هو المعدم الذي لا مال له ، وابن السبيل :
هو المسافر الذي احتاج إلى مال وعزّ عليه إحضاره من بلده ، ووسائل المواصلات الحديثة الآن تدفع مثل هذه الحاجة ، ربا : أي زيادة ، والمراد بها الهدية التي يتوقع بها مزيد مكافأة ، فلا يربو عند اللّه : أي فلا يبارك فيه ، والمراد بالزكاة الصدقة ، المضعفون :
أي الذين يضاعف اللّه لهم الثواب والجزاء.(1/712)
البر : الفيافي والقفار ، ومواضع القبائل ، والبحر : المدن ، والعرب تسمى الأمصار بحارا لسعتها كما قال سعد بن عبادة فى عبد اللّه بن أبى بن سلول : ولقد أجمع أهل هذه البحيرة (المدينة) ليتوّجوه.
وقال ابن عباس : البر ما كان من المدن والقرى على غير نهر ، والبحر ما كان على شط نهر.(1/713)
لا مرد له : أي لا يقدر أحد أن يردّه ، يصّدّعون : أي يتصدعون ويتفرقون ، كما قال متمّم بن نويرة من قصيدة يرثى بها أخاه مالكا :
و كنا كندمانى جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن نتصدعا « 1 »
فأصبحنا كأنى ومالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
يمهدون : من مهد فراشه إذا وطّأه حتى لا يصيبه ما ينغّص عليه مرقده من بعض ما يؤذيه ، وتمهيد الأمور تسويتها وإصلاحها ، وتمهيد العذر بسطه وقبوله ، لا يحب الكافرين : أي إنه يبغضهم ، وسيعاقبهم على ما فعلوا.
________
(1) وجذيمة : هو جذيمة الأبرش ، وكان ملكا فى الحيرة ، ونديماه مالك وعقيل ، وبهما يضرب المثل فى طول المنادمة ، فقد نادماه أربعين سنة ما أعادا عليه حديثا كان قالاه من قبل.(1/714)
تثير : أي تحرك ، يبسط : أي ينشر ، فى السماء : أي فى سمتها وجهتها ، كسفا : أي قطعا ، والودق : المطر ، خلاله : واحدها خلل ، وهو الفرجة بين الشيئين ، لمبلسين :
أي لآيسين.(1/715)
الساعة الأولى : يوم القيامة سميت بذلك لأنها تقوم فى آخر ساعة من ساعات لدنيا ، ما لبثوا : أي ما أقاموا بعد الموت ، غير ساعة : أي غير قطعة قليلة من الزمان
يؤفكون : أي يصرفون عن الحق ، المعذرة : العذر ، يستعتبون : أي يطلب منهم إزالة عتب اللّه وغضبه عليهم بالتوبة والطاعة ، فقد حق عليهم العذاب ، يقال :
استعتبني فلان فأعتبته : أي استرضانى فأرضيته.(1/716)
سورة لقمان
المراد بلهو الحديث : الجواري المغنيات ، وكتب الأعاجم ، وقد اشتريت حقيقة.
وقال ابن مسعود : لهو الحديث : الرجل يشترى جارية تغنيه ليلا ونهارا ،
وعن ابن عمر « أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فى لهو الحديث : إنما ذلك شراء الرجل اللعب والباطل » ،
و سبيل اللّه : هو دينه ، والهزو : السخرية ، مهين : أي تلحقهم به الإهانة ، وقرا : أي صمما يمنعهم من السماع.(1/717)
العمد : واحدها عماد ، وهو ما يعمد به أي يسند به ، تقول : عمدت الحائط إذا دعمته ، رواسى : أي جبالا ثوابت ، تميد : أي تضطرب ، والبثّ : الإثارة والتفريق كما قال : « كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ » والمراد الإيجاد والإظهار : وزوج : أي صنف ، كريم :
أي شريف كثير المنفعة.(1/718)
لقمان كان نجارا أسود من سودان مصر ذا مشافر آتاه اللّه الحكمة ، ومنحه النبوة.
والحكمة : العقل والفطنة ، وقد نسب إليه من المقالات الحكيمة شىء كثير ، كقوله لابنه : أي بنىّ إن الدنيا بحر عميق ، وقد غرق فيها ناس كثيرون ، فاجعل سفينتك فيها تقوى اللّه تعالى ، وحشوها الإيمان ، وشراعها التوكل على اللّه ، لعلك تنجو ، ولا أراك ناجيا.
وقوله : من كان له من نفسه واعظ ، كان له من اللّه حافظ ، ومن أنصف الناس من نفسه ، زاده اللّه بذلك عزا ، والذل فى طاعة اللّه ، أقرب من التعزز بالمعصية.
وقوله : يا بنىّ لا تكن حلوا فتبتلع ، ولا مرّا فتلفظ.
وقوله : يا بنى إذا أردت أن تواخى رجلا فأغضبه قبل ذلك ، فإن أنصفك عند غضبه فآخه ، وإلا فاحذره.
والشكر : الثناء على اللّه تعالى ، وإصابة الحق ، وحب الخير للناس ، وتوجيه الأعضاء وجميع النعم لما خلقت له.(1/719)
العظة : تذكير بالخير يرقّ له القلب ، والوهن : الضعف ، والفصال : الفطام ، جاهداك : أي حرصا على متابعتك لهما فى الكفر ، أناب : أي رجع ، المثقال :
ما يوزن به غيره ، ومثقال حبة الخردل مثل فى الصغر ، لطيف : أي يصل علمه إلى كل خفىّ ، خبير : أي عليم بكنه الأشياء وحقائقها ، من عزم الأمور : أي من الأمور المعزومة التي قطعها اللّه قطع إيجاب ، تصعير الخد : ميله وإبداء صفحة الوجه ، وهو من فعل المتكبرين ، قال أعرابى : وقد أقام الدهر صعرى بعد أن أقمت صعره ، وقال عمرو بن حنىّ التغلبي :
وكنا إذا الجبار صعّر خدّه أقمنا له من ميله فتقوّما
وفى الحديث : « يأتى على الناس زمان ليس فيهم إلا أصعر أو أبتر »
و الأصعر :
المعرض بوجهه كبرا ،
وفى الحديث « كل صعّار ملعون »
أي كل ذى أبهة وكبر هو كذلك. مرحا : أي فرحا وبطرا ، والمختال : هو الذي يفعل الخيلاء وهى التبختر فى المشي كبرا ، والفخور : من الفخر وهو المباهاة بالمال والجاه ونحو ذلك ، اقصد : أي توسط ، اغضض : أي انقص منه وأقصر ، من قولهم : فلان يغضّ من فلان إذا قصّر به ووضع منه وحط من قدره ، أنكر الأصوات : أي أقبحها وأصعبها على السمع من نكر (بالضم) نكارة ، أي صعب.(1/720)
يسلم وجهه : أي يفوّض أمره ، محسن : أي مطيع للّه فى أمره ونهيه ، والمراد بالعروة الوثقى ، أوثق العرى وأمتنها ، وهو مثل : وأصله أن من يرقى فى جبل شاهق أو يتدلى منه يستمسك بحبل متين مأمون الانقطاع ، نضطرهم : أي نلزمهم ، وغليظ :
أي ثقيل ثقل الأجرام الغلاظ.(1/721)
يولج : أي يدخل ، والمراد أنه يضيف الليل إلى النهار ، والعكس بالعكس ، فيتفاوت بذلك حال أحدهما زيادة ونقصانا ، تجرى أي تسير سيرا سريعا ، بنعمة اللّه أي بما تحمله من الطعام والمتاع ونحوهما ، غشيهم : أي غطاهم ، والظلل : واحدها ظلة ، وهى كما قال الراغب : السحابة تظلّ ، مقتصد : أي سالك للقصد أي للطريق المستقيم وهو التوحيد لا يعدل عنه إلى غيره ، وما يجحد : أي ما ينكر ، وختار : من الختر ، وهو أشد الغدر ، قال عمرو بن معد يكرب :
فإنك لو رأيت أبا عمير ملأت يديك من غدر وختر
وقال الأعشى :
بالأبلق الفرد من تيماء منزله حصن حصين وجار غير ختّار(1/722)
اتقوا ربكم : أي خافوا عقابه ، لا يجزى : أي لا يغنى ، والغرور : ما غرّ الإنسان من مال وجاه ، وشهوة وشيطان ، والساعة : يوم القيامة ، ما فى الأرحام : أي ما فى أرحام النساء من صفاته وأحواله كالذكورة والأنوثة ، والحياة والموت ، وغيرها من الأعراض.(1/723)
سورة السجدة
ذكروا بها : أي وعظوا ، خروا : أي سقطوا ، سبحوا بحمد ربهم : أي نزهوه عما لا يليق به ، تتجافى : أي ترتفع وتبتعد ، قال عبد اللّه بن رواحة :
و فينا رسول اللّه يتلو كتابه إذا انشقّ معروف من الصبح ساطع
يبيت يجافى جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
و الجنوب : واحدها جنب ، وهو الشق ، والمضاجع : واحدها مضجع ، وهو مكان النوم ، أخفى لهم : أي خبّئ لهم ، من قرة أعين : أي من شىء نفيس تقرّ به أعينهم وتسرّ.(1/724)
أصل الفسق : الخروج من فسقت الثمرة إذا خرجت من قشرها ، ثم استعمل فى الخروج من الطاعة وأحكام الشرع مطلقا ، فهو أعم من الكفر ، وقد يخص به كما فى قوله : « وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ » والمأوى : المسكن وأصل النزل : ما يعدّ للنازل من الطعام والشراب والصلة ، ثم أطلق على كل عطاء ، والمراد به هنا الثواب والجزاء ، الأدنى : أي الأقرب ، والمراد به عذاب الدنيا ، فإنه أقرب من عذاب الآخرة وأقل منه ، وقد ابتلاهم اللّه بسنى جدب وقحط أهلكت الزرع والضرع ، والعذاب الأكبر : عذاب يوم القيامة.(1/725)
الفتح : أي الفصل فى الخصومة بيننا وبينكم ، وينظرون : أي يمهلون ويؤخرون.(1/726)
سورة الأحزاب
قال طلق بن حبيب : التقوى أن تعمل بطاعة اللّه على نور من اللّه ترجو ثواب اللّه ، وأن تترك معصية اللّه على نور من اللّه مخافة عذاب اللّه ، وتوكل على اللّه : أي فوّض أمورك إليه ، الوكيل : الحافظ للأمور.(1/727)
جعل : أي خلق ، ويقال : ظاهر الرجل من زوجته إذا قال لها : أنت علىّ كظهر أمي ، يريدون أنت محرمة علىّ كما تحرم الأم ، وكانوا فى الجاهلية يجرون على المظاهر منها حكم الأم ، والأدعياء : واحدهم دعىّ ، وهو الذي تدّعى بنوته ، وقد كانت تجرى عليه أحكام الابن فى الجاهلية وصدر الإسلام ، السبيل : أي طريق الحق ، أقسط : أي أعدل ، ومواليكم : أي أولياؤكم فيه.(1/728)
المراد بالجنود هنا : الأحزاب ، وهم قريش يقودهم أبو سفيان ، وبنو أسد يقودهم طليحة ، وغطفان يقودهم عيينة بن حصن ، وبنو عامر يقودهم عامر بن الطّفيل ، وبنو سليم يقودهم أبو الأعور السّلمى ، وبنو النّضير من اليهود ، ورؤساؤهم حيىّ ابن أخطب ، وأبناء أبى الحقيق ، وبنو قريظة من اليهود أيضا سيدهم كعب بن أسد ، وكان بينهم وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عهد فنبذه كعب بسعى حيىّ ، وكان مجموع جيوش الأعداء عشرة آلاف أو نحو ذلك ، والجنود التي لم تروها : هى الملائكة من فوقكم : أي من أعلى الوادي من جهة المشرق ، وكانوا بنى غطفان ، ومن أسفل منكم : أي من أسفل الوادي من قبل المغرب ، وكانوا قريشا ومن شايعهم ، وبنى كنانة وأهل تهامة ، زاغت الأبصار : أي انحرفت عن مستوى نظرها حيرة ودهشة ، وبلغت القلوب الحناجر : يراد به فزعت فزعا شديدا ، ابتلى المؤمنون : أي اختبروا وامتحنوا ، وزلزلوا زلزالا شديدا : أي اضطربوا اضطرابا شديدا من الفزع وكثرة العدوّ ، والذين فى قلوبهم مرض : قوم كان المنافقون يستميلونهم بإدخال الشّبه عليهم لقرب عهدهم بالإسلام ، إلا غرورا : أي إلا وعد غرور لا حقيقة له يثرب : من أسماء المدينة ، لا مقام لكم : أي لا ينبغى لكم الإنامة هاهنا ، عورة : أي ذات عورة لأنها خالية من الرجال فيخاف عليها سرق السّرّاق ، والأقطار : واحدها قطر وهو الناحية والجانب ، والفتنة : الردة ومقاتلة المؤمنين ، آتوها : أي أعطوها ، وما تلبثوا بها : أي وما أقاموا بالمدينة ، يعصمكم : أي يمنعكم ، المعوّقين : أي المثبطين عن القتال مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، هلم إلينا : أي أقبلوا إلينا ، والبأس : الشدة ، والمراد به هنا الحرب والقتال ، أشحة : واحدهم شحيح أي بخيل بالنّصرة والمنفعة ، تدور أعينهم : أي تدير أعينهم أحداقهم من شدة الخوف ، سلقوكم : أي آذوكم بالكلام ، بألسنة حداد : أي ألسنة دربة سلطة تفعل فعل الحديد ، أشحة على الخير : أي بخلاء حريصين على مال الغنائم ، أحبط اللّه أعمالهم : أي أبطلها لإضمارهم الكفر ، لو أنهم بادون فى الأعراب : أي خارجون إلى العدو مقيمون بين أهله ، أسوة : أي قدوة ، والمراد به المقتدى به ، قضى نحبه :
أي فرغ من نذره ووفى بعهده ، وصبر على الجهاد حتى استشهد كحمزة ، ومصعب بن عمير ، والغيظ : أشد الغضب ، وكفى اللّه المؤمنين القتال : أي وقاهم شره ، عزيزا : أي غالبا مستوليا على كل شىء ، ظاهروهم : أي عاونوهم ، من أهل الكتاب : أي من بنى قريظة ، من صياصيهم : أي من حصونهم واحدها صيصية وهى كل ما يمتنع به قال الشاعر :
فأصبحت الثيران صرعى وأصبحت نساء تميم يبتدرن الصياصيا
وقذف : أي ألقى ، والرعب : الخوف الشديد.(1/729)
يقنت : أي يخشع ويخضع ، وأعتدنا : هيأنا وأعددنا ، كريما : أي سالما من الآفات والعيوب.(1/730)
زينة الدنيا : زخرفها ونعيمها ، فتعالين : أي أقبلن باختياركن واخترن أحد الأمرين ، أمتعكن : أي أعطكن المتعة ، وهى قميص وغطاء للرأس وملحفة - ملاءة - بحسب السعة والإقتار ، وأسرحكن : أي أطلقكن ، سراحا جميلا : أي طلافا من غير ضرار ولا مخاصمة ولا مشاجرة ، بفاحشة : أي فعلة قبيحة كنشوز وسوء خلق واختيار الحياة الدنيا وزينتها على اللّه ورسوله ، مبينة : أي ظاهرة القبح من قولهم : بيّن كذا بمعنى ظهر وتبين ، ضعفين : أي ضعفى عذاب غيرهن أي مثليه ، يسيرا : أي هيّنا لا يمنعه عنه كونهن نساء النبي ، بل هذا سبب له.(1/731)
أصل أحد وحد بمعنى الواحد وهو فى النفي عام للمذكر والمؤنث ، والواحد والكثير :
أي لستنّ كجماعة واحدة من جماعات النساء ، فإذا استقرئت أمّة النساء جماعة جماعة لم يوجد منهن جماعة واحدة تساويكن فى الفضل والمسابقة ، والاتقاء بمعنى الاستقبال ، وهو بهذا المعنى معروف فى اللغة قال النابغة :
سقط النّصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتّقتنا باليد
أي استقبلتنا باليد قاله أبو حيان فى البحر ، ومنه قوله تعالى : « أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ » : فلا تخضعن بالقول : أي فلا تجبن بقول خاضع ليّن ، أي إذا استقبلتن أحدا فلا تلنّ الكلام ولا ترققنه ، مرض : أي ريبة وفجور ، قولا معروفا : أي حسنا بعيدا من الريبة غير مطمع لأحد ، قرن : من قرّ يقرّ من باب علم وأصله اقررن دخله الحذف ، والتبرج : إبداء المرأة من محاسنها ما يجب عليها ستره ، والجاهلية الأولى :
هى الجاهلية القديمة جاهلية الكفر قبل الإسلام ، وهناك جاهلية أخرى هى جاهلية الفسوق فى الإسلام ، والرجس : فى الأصل الشيء القذر والمراد به هنا الإثم المدنّس للعرض ، واذكرن ما يتلى فى بيوتكن : أي وعظن الناس بما يتلى فى بيوتكنّ ، وآيات اللّه : هى القرآن ، والحكمة : هى السنة وحديث الرسول.(1/732)
الإسلام : الانقياد والخضوع لأمر اللّه ، والإيمان : التصديق بما جاء عن اللّه من أمر ونهى ، والقنوت : هو الطاعة فى سكون ، والصبر : تحمل المشاق على المكاره والعبادات والبعد عن المعاصي ، والخشوع : السكون والطمأنينة ، أعد اللّه لهم مغفرة :
أي هيأ لهم مغفرة تمحو ذنوبهم ، وأجرا عظيما : أي نعيما عند ربهم يوم القيامة.(1/733)
تقول ما كان لفلان أن يفعل كذا : أي لا ينبغى له ، والخيرة : الاختيار ، مبينا :
أي ظاهر الانحراف عن سنن الصواب ، أنعم اللّه عليه : أي بالإسلام ، وأنعمت عليه :
أي بالعتق ونيل الحرية ، واتق اللّه : أي فى أمرها ولا تطلقها ضرارا ، وتخشى الناس :
أي تخاف من اعتراضهم وقولهم إن محمدا تزوج امرأة ابنه ، والوطر : الحاجة والمراد أنه لم يبق له بها حاجة الزوجية فطلقها ، زوجنا كها : أي جعلناها زوجة لك ، والحرج : المشقة ، فرض له : أي قدّر من قولهم فرض للجند كذا أي قدر لهم ، سنة اللّه : أي سن اللّه ذلك سنة ، خلوا : أي مضوا ، قدرا مقدورا : أي مقضيا وكائنا لا بد منه(1/734)
النكاح هنا : العقد ، والمس معروف والمراد به قربان المرأة ، ومن أدب القرآن الكريم التعبير عنه بالملامسة والمماسة ، والقربان والتغشى والإتيان ، والعدة : الشيء المعدود ، وعدّة المرأة : الأيام التي بانقضائها يحل بها التزوج ، فمتعوهن : أي أعطوهن المتعة ، وهى قميص وخمار (ما تغطى به المرأة رأسها) وملحفة (ما تلتحف به من قرنها إلى قدمها - ملاية) سرحوهن : أي أخرجوهن من منازلكم ، سراحا جميلا : أي إخراجا مشتملا على ليّن الكلام خاليا من الأذى.(1/735)
الأجور هنا : المهور ، وما ملكت يمينك : أي ما أخذته من المغانم ، خالصة لك :
أي هى خاصة بك ، حرج : أي ضيق ومشقة(1/736)
ترجى : أي تؤخر من الإرجاء وهو التأخير ، وقرىء ، ترجىء وتؤرى : أي تضم وتضاجع ، ابتغيت : أي طلبت ، عزلت : أي تجنبت ، أدنى : أي أقرب ، تقرّ.
أي تسرّ(1/737)
إناه : أي نضجه : يقال أنى الطعام يأنى أنى أي أدرك وحان نضجه ، وفيه لغات :
إنى بكسر الهمزة وأنى بفتحها مقصورا وممدودا قال الحطيئة :
و أخّرت العشاء إلى سهيل أو الشّعرى فطال بي الأناء
فانتشروا : أي فتفرقوا ولا تلبثوا ، مستأنسين لحديث ، أي مستمعين له ، متاعا :
أي شيئا تتمتعون به من ماعون وغيره ، أطهر لقلوبكم : أي أكثر تطهرا من الخواطر الشيطانية التي تخطر للرجال فى أمر النساء وللنساء فى شأن الرجال.(1/738)
بغير ما اكتسبوا : أي بغير جناية يستحقون بها الأذى ، والبهتان : الكذب الذي يبهت الشخص لفظاعته ، وإثما مبينا : أي ذنبا واضحا بينا(1/739)
الجلابيب : واحدها جلباب وهى الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار ، يدنين : أي يرخين ويسدلن يقال للمرأة إذا زل الثوب عن وجهها أدنى ثوبك على وجهك ، أدنى : أي أقرب ، أن يعرفن : أي يميزن عن الإساءة ، مرض : أي ضعف إيمان بانتها كهم حرمات الدين ، والمرجفون : هم اليهود الذين كانوا يلفقون أخبار السوء وينشرونها عن سرايا المسلمين وجندهم ، وهو من الإرجاف وهو الزلزلة وصفت بها الأخبار الكاذبة لكونها مزلزلة غير ثابتة ، لنغرينك بهم : أي لنسلطنك عليهم ولنحرشنّك بهم ، ملعونين : أي مبعدين من رحمة اللّه ، ثقفوا : أي وجدوا ، خلوا :
أي مضوا.(1/740)
الساعة : يوم القيامة ، وما يدريك : أي وأىّ شىء يعلمك وقت قيامها ، سعيرا :
أي نارا مستعرة متقدة ، سادتنا : أي ملوكنا ، وكبراءنا : أي علماءنا ، ضعفين من العذاب : أي مثلى عذابنا لأنهم ضلوا وأضلوا.(1/741)
الوجيه : هو ذو الجاه والمنزلة ، ومن يكون له من خصال الخير ما به يعرف ولا ينكر.(1/742)
القول السديد : القول الصدق الذي يراد به الوصول إلى الحق ، من قولهم : سدد سهمه إذا وجهه للغرض المرمىّ ولم يعدل به عن سمته.(1/743)
العرض هنا : النظر إلى استعداد السموات والأرض ، والأمانة كل ما يؤتمن عليه المرء من أمر ونهى في شئون الدين والدنيا ، والمراد بها هنا التكاليف الدينية ، وسميت أمانة من قبل أنها حقوق أوجبها اللّه على المكلفين وائتمنهم عليها وأوجب عليهم تلقيها بالطاعة والانقياد وأمرهم بالمحافظة عليها وأدائها دون الإخلال بشىء منها ،
فأبيّن : أي كنّ غير مستعدات لها ، وحملها الإنسان : أي كان مستعدا لها ، إنه كان ظلوما : أي كثير الظلم لما غلب عليه من القوة الغضبية ، جهولا : أي كثير الجهل لعواقب الأمور ، لما غلب عليه من القوة الشهوية.(1/744)
سورة سبأ
الحمد : هو الثناء على اللّه بما هو أهله ، والحكيم : الذي أحكم أمر الدارين ودبره بحسب ما تقتضيه الحكمة ، والخيبر : هو الذي يعلم بواطن الأمور وخوافيها ، يلج فى الأرض : أي يدخل فيها ، ويعرج : أي يصعد(1/745)
لا يعزب عنه : أي لا يفوته علمه ، مثقال ذرة : أي مقدار أصغر نملة ، والكتاب المبين : اللوح المحفوظ ، رزق كريم : أي حسن لا تعب فيه ولا منّ عليه ، معاجزين :
أي مسابقين يظنون أنهم يفوتوننا فلا نقدر عليهم ، رجز : أي عذاب شديد ، العزيز :
أي الذي يغلب ولا يغلب ، الحميد : أي المحمود في جميع شئونه ، وصراطه : هو التوحيد والتقوى.(1/746)
تمزيق الشيء : تقطيع أوصاله وجعله قطعا قطعا ، يقال ثوب مزيق وممزوق ومتمزّق وممزّق ، ومنه قوله :
إذا كنت مأكولا فكن خير آكل وإلا فأدركنى ولما أمزّق
و الافتراء : اختلاق الكذب ، والجنة : الجنون وزوال العقل ، كسفا :
قطعا واحدها كسفة ، منيب : أي راجع إلى ربه مطيع له.(1/747)
فضلا : أي نعمة وإحسانا ، أوّبى معه : أي رجّعى معه التسبيح وردّديه ، وألنا له الحديد : أي جعلناه في يده كالشمع والعجين يصرّفه كما يشاء من غير نار ولا طرق ، وسابغات من السبوغ وهو التمام والكمال : أي دروعا كاملات ، قدّر : أي اقتصد ، والسرد : النسج : أي اجعل النسج على قدر الحاجة.(1/748)
غدوّها شهر : أي جريانها بالغداة مسيرة شهر ، ورواحها شهر : أي وجريانها بالعشي مسيرة شهر ، وأسلنا : أي أذبنا ، والقطر : النحاس المذاب ، ومن يزغ منهم عن أمرنا :
ى ومن يعدل عن طاعة سليمان ، عذاب السعير : أي العذاب الشديد في الدنيا ، والمحاريب واحدها محراب : وهو كل موضع مرتفع قال الشاعر :
وماذا عليه أن ذكرت أو أنسا كغزلان رمل في محاريب أقيال
والتماثيل : الصور ، والجفان واحدها جفنة : وهى القصعة ، والجوابى واحدها جابية وهى الحوض الكبير ، وقدور : واحدها قدر ، وراسيات : أي ثابتات على أثافيها لا تتحرك ولا تنزل عن أماكنها لعظمها ، الشكور : الباذل وسعه في الشكر قد شغل قلبه ولسانه وجوارحه به اعترافا واعتقادا وعملا.(1/749)
قضينا عليه : أي حكمنا عليه ، دابة الأرض : هى الأرضة (بفتحات) التي تأكل الخشب ونحوها ، والمنسأة : العصا من نسأت البعير إذا طردته ، قال الشاعر :
ضربنا بمنسأة وجهه فصار بذاك مهينا ذليلا
لأنها يطرد بها ، وخر : سقط ، وما لبثوا : أي ما أقاموا ، فى العذاب المهين : أي الأعمال الشاقة التي كلّفوا بها.(1/750)
سبأ : هو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان : والمراد به هنا القبيلة ، والمسكن موضع السكنى وهو مأرب (كمنزل) من بلاد اليمن بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيام ، آية : أي علامة دالة على وجود اللّه ووحدانيته وقدرته على إيجاد الغرائب والعجائب ، جنتان : أي بستانان ، فأعرضوا : أي انصرفوا عن شكر هذه النعم ، والعرم : واحدها عرمة وهى الحجارة المركومة كخزان أسوان في وادي النيل لحجز المياه جنوبى النيل ، وكانت له ثلاثة أبواب بعضها فوق بعض ، والمطر يجتمع أمام ذلك السد ، فيسقون من الباب الأعلى ثم الذي يليه ثم من الأسفل ، والأكل :
الثمر ، والخمط : كل شجرة مرة ذات شوك ، والأثل. الطرفاء ، وهو المعروف في مصر (بالأثل) والسدر : شجر النبق.(1/751)
القرى التي بارك فيها : هى قرى الشام ، قرى ظاهرة : أي مرتفعة على الآكام وهى أصح القرى ، وقدرنا فيها السير : أي كانت القرى على مقادير للراحل ، فمن سار من قرية صباحا وصل إلى أخرى حين الظهيرة ، ومن سار من بعد الظهر وصل إلى أخرى حين الغروب ، فلا يحتاج إلى حمل زاد ولا مبيت في أرض خالية ولا يخاف من عدو ولا سبع ، آمنين : أي من كل ما تكرهون ، وظلموا أنفسهم لأنهم بطروا النعمة ، والأحاديث : واحدها أحدوثة وهى ما يتحدث به على سبيل التلهي والاستغراب ، ومزقناهم كل ممزق : أي وفرقناهم كل تفريق ، الصبّار : كثير الصبر
عن الشهوات ودواعى الهوى وعلى مشاق الطاعات. والشكور : أي كثير الشكران على النعم.(1/752)
صدق عليهم إبليس ظنه : أي وجد ظنه فيهم صادقا ، لانهما كهم في الشهوات واستفراغ الجهد في اللذات ، سلطان : أي تسلط واستغواء بالوسوسة ، حفيظ : أي وكيل قائم على شئون خلقه.(1/753)
ادعوا : أي نادوا ، زعمتم : أي زعمتموهم آلهة ، من شرك : أي شركة ، والظهير :
المعين ، والتفزيع : إزالة الفزع ، وهو انقباض ونفار يعترى الإنسان من الشيء المخيف.(1/754)
أجرمنا : أي وقعنا في الجرم ، وهو الذنب ، ويفتح : أي يحكم ، والفتاح : الحاكم أرونى الذين ألحقتم به شركاء : أي أعلمونى بالدليل وجه الشركة ، كلا : كلمة للزجر عن كلام أو فعل صدر من المخاطب.(1/755)
الفزع : انقباض ونفار من الأمر المهول المخيف ، التناوش : التناول السهل لشىء قريب يقال للرجل إذا تناول رجلا ليأخذ برأسه ولحيته ، ناشه ينوشه نوشا ، وأنشدوا لغيلان بن حريث في وصف الإبل :
فهى تنوش الحوض نوشا من علا نوشا به تقطع أجواز الفلا
يريد أنها عالية الأجسام طويلة الأعناق ، يقذفون بالغيب : أي يرجمون بالظنون التي لا علم لهم بها ، والعرب تقول لكل من تكلم بما لا يستيقنه : هو يقذف بالغيب.
بأشياعهم : أي أشباههم ونظرائهم في الكفر جمع شيع ، وشيع جمع شيعة وشيعة الرجل : أتباعه وأنصاره ، وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأى بعض فهم شيع ، مريب : أي موقع في الريبة والظّنة ، يقال أراب الرجل : أي صار ذا ريبة فهو مريب.(1/756)
سورة فاطر
فطر الشيء : أوجده على غير مثال سابق ، رسلا : أي وسائط بينه وبين أنبيائه يبلغون عنه رسالاته ، مثنى وثلاث ورباع : أي اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة(1/757)
يفتح : يعطى ، ورحمة : أي نعمة حسية كانت أو معنوية ، كرزق وصحة وأمن وعلم وحكمة ، إلى نحو ذلك مما لا يحاط به.(1/758)
أنى تؤفكون : أي كيف تصرفون عن توحيد الخالق ، مع الاعتراف بأنه وحده هو الرازق. وتشركون المنحوت : بمن له الملك والملكوت.(1/759)
الحسرات : واحدها حسرة ، وهى الغم على ما فات والندم عليه.(1/760)
أرسل : أي أطلق وأوجد من العدم ، تثير أي تحرك ، ميت وميّت بمعنى قاله محمد بن يزيد وأنشد :
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميّت الأحياء
إنما الميت من يعيش كئيبا كاسفا باله قليل الرجاء
ويرى بعضهم أن الميت بالتخفيف هو الذي مات ، والميت بالتشديد ، والمائت هو الذي لم يمت بعد وأنشد :
ومن يك ذا روح فذلك ميّت وما الميت إلا من إلى القبر يحمل
والمراد أنه لا نبات فيه ، والنشور : إحياء الأموات يقال نشر اللّه الميت وأنشره ، أي أحياه ، العزة : أي الشرف والمنعة من قولهم أرض عزاز : أي صلبة ، والكلم الطيب : هو التوحيد أو الذكر أو قراءة القرآن ، وصعوده إلى اللّه : قبوله ، والعمل الصالح : هو ما كان بإخلاص ، يرفعه : أي يقبله ، يمكرون : أي يعملون على وجه المكر والخديعة ، والسيئات : المكرات السيئات كأن يراءوا المؤمنين في أعمالهم يوهمونهم أنهم في طاعة اللّه ، يبور : أي يفسد من البوار وهو الهلاك ، أزواجا :
أي أصنافا ذكرانا وإناثا ، يعمر من معمر : أي يمدّ في عمر أحد ، فى كتاب :
أي في صحيفة المرء.(1/761)
عذب : أي حلو لذيذ طعمه ، فرات : أي كاسر للعطش مزيل له ، سائغ : أي سهل انحداره لخلوه مما تعافه النفس ، أجاج : أي شديد الملوحة والحرارة ، حلية : أي لؤلؤا ومرجانا ، مواخر : أي شاقات للماء حين جريانها ، يولج : أي يدخل ، والقطمير : لفافة النبواة ، وهى القشرة البيضاء الرقيقة التي تكون بين التمرة والنواة ، يكفرون بشرككم :
أي يجحدون بإشراككم إياهم وعبادتكم لهم ، ولا ينبئك مثل خبير : أي ولا يخبرك بالأمر مخبر مثل الخبير به.(1/762)
ولا تزر : أي ولا تحمل ، وازرة : أي نفس آثمة ، وزر أخرى : أي إثم نفس أخرى ، والمثقلة : النفس التي أثقلتها الذنوب والأوزار ، ذا قربى : أي ذا قرابة من الداعي ، بالغيب : أي غائبا عنهم ، وتزكى : أي تطهر من دنس الأوزار والذنوب ، والمصير : المرجع والعاقبة(1/763)
الحرور : السموم إلا أن السموم يكون بالنهار والحرور بالليل والنهار ، خلا :
أي سلف ومضى ، ونذير : أي منذر مخوف وهو النبي ، والبينات : أي المعجزات الدالة على صدقهم فيما يدعون ، والزبر : واحدها زبور وهو الكتاب ، النكير : الإنكار بالعقوبة ..(1/764)
ألوانها : أي من أحمر إلى أصفر إلى أخضر إلى نحو ذلك ، الجدد : واحدها جدة (بالضم) وهى الطريق المختلفة الألوان في الجبل ونحوه ، والغرابيب : واحدها غربيب وهو شديد السواد يقال أسود غربيب ، وأبيض يقق ، وأصفر فاقع ، وأحمر قان ،
وفي الحديث « إن اللّه يبغض الشيخ الغربيب »
يعنى الذي يخضب بالسواد ، وقال امرؤ القيس في وصف فرسه :
العين طامحة واليد سابحة والرجل لافحة والوجه غربيب(1/765)
يتلون : أي يتّبعون من قولهم تلاه إذا تبعه ، لأن التلاوة بلا عمل لا نفع فيها ،
وقد ورد : « ربّ قارئ للقرآن والقرآن يلعنه »
و المراد من التجارة المعاملة مع اللّه لنيل الثواب ، وتبور : أي تكسد.(1/766)
الكتاب : هو القرآن ، مصدقا لما بين يديه : أي لما تقدمه من الكتب السماوية ، خبير بصير : أي محيط ببواطن أمورهم وظواهرها ، مقتصد : أي عامل به تارة ، ومخالف له أخرى ، سابق : أي متقدم إلى ثواب اللّه راج دخول جنته ، بالخيرات :
أي بسبب ما يعمل من الخيرات والأعمال الصالحة ، بإذن اللّه : أي بتوفيقه وتيسيره ، والحزن : هو الخوف من محذور يقع في المستقبل ، دار المقامة : أي دار الإقامة التي لا انتقال عنها أبدا وهى الجنة ، نصب : أي تعب ، ولغوب : أي كلال وفتور.(1/767)
لا يقضى عليهم : أي لا يحكم عليهم بموت ثان ، يصطرخون : أي يصيحون أشد الصياح للاستغاثة ، نعمركم : أي نمهلكم ، للظالمين : أي للكافرين ، نصير :
أي معين يدفع عنهم العذاب.(1/768)
ذات الصدور : هى المعتقدات والظنون التي في النفوس ، والخلائف : واحدهم خليفة ، وهو الذي يقوم بما كان قائما به سلفه ، مقتا : أي بغضا واحتقارا ، خسارا :
أي خسارة ، فالعمر كرأس مال إذا اشترى به صاحبه رضا اللّه ربح ، وإذا اشترى به سخطه خسر.(1/769)
أرأيتم : أي أخبرونى ، شرك : أي شركة ، يمسك : أي يحفظ ، وتزول : أي تضطرب وتنتقل من أماكنها(1/770)
و أقسموا : أي حلف المشركون ، جهد أيمانهم : أي غاية اجتهادهم فيها ، نذير :
أي رسول منذر أهدى من إحدى الأمم : المراد بها اليهود أو النصارى ، نفورا : أي تباعدا عن الحق ، مكر السيّء : أي المكر السيّء الذي فيه خداع وكيد لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ولا يحيق : أي ولا يصيب ولا ينزل ، سنة الأولين : أي سنة اللّه فيهم بتعذيب مكذبيهم ، تبديلا : بوضع الرحمة موضع العذاب ، تحويلا : بأن ينقل عذابه من المكذبين إلى غيرهم(1/771)
سورة يس
(يس) : تقدم الكلام في نظائره من الحروف المقطعة في أوائل السور ، وأن الرأى الرجيح فيها أنها حروف تنبيه نحو ألا ويا ، وينطق بأسمائها فيقال (ياسين).
روى عن ابن عباس أنه قال يس : أي يا إنسان بلغة طيىء.
والحكيم : أي ذى الحكمة ، على صراط مستقيم : أي طريق قويم ، من عقائد صحيحة ، وشرائع حقة ، حق : أي ثبت ووجب ، الأغلال : واحدها غلّ ، وهو ما تشدّ به اليد إلى العنق للتعذيب والتشديد ، والقمح : الذي يرفع رأسه ويغضّ بصره.
قال أبو عبيدة : يقال قمح البعير : إذا رفع رأسه عن الحوض ولم يشرب. من بين أيديهم : أي من أمامهم ، فأغشيناهم : أي فغطّينا أبصارهم ، والذكر : القرآن ، وخشى الرّحمن : أي خشى عقابه ، بالغيب : أي قبل حلوله ومعاينة أهواله ، ما قدّموا :
أي ما أسلفوا من الأعمال الصالحة والطالحة ، وآثارهم : أي ما أبقوه بعدهم من الحسنات كعلم علّموه ، أو كتاب ألّفوه ، أو بناء في سبيل اللّه بنوه ، أو من السيئات كغرس بذور الضلالات بين الناس ، فى إمام مبين : أي في أصل يؤتم به(1/772)
ضرب المثل : يستعمل تارة في تشبيه حال غريبة بأخرى مثلها كما في قوله :
«
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ » الآية ، ويستعمل أخرى في ذكر حال غريبة وبيانها للناس من غير قصد إلى تشبيهها بحال أخرى نحو قوله : « وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ » أي وبيّنا لكم أحوالا غاية في الغرابة كالأمثال ، والقرية : هى أنطاكية كما روى عن قتادة وعكرمة ، والمرسلون : هم رسل عيسى من الحواريين ، فعززنا : أي فقوّينا وشددنا ، البلاغ المبين : أي التبليغ الواضح الظاهر للرسالة ، تطيّرنا : أي تشاء منا ، لنرجمنكم : أي لنرمينكم بالحجارة ، طائركم : أي سبب شؤمكم ، مسرفون : أي مجاوزون الحد في العصيان ، أقصى المدينة : أي أبعد مواضعها ، يسعى :
أي يعدو ويسرع ، لا تغن : أي لا تنفع ، ولا ينقذون : أي لا يخلصونى.(1/773)
الجند : العسكر ، والمراد بهم الجند من الملائكة ، والخمود : انطفاء النار والمقصود به الموت ، والحسرة على ما قال الراغب : الغم على مافات ، والندم عليه كأن المتحسر انحسرت عنه قواه من فرط الإعياء ، وإن : بمعنى ما ، ولما : بمعنى إلا ، محضرون : أي للحساب والجزاء.(1/774)
أصل السلخ : كشط الجلد عن الشاة ونحوها واستعمل هنا في كشف الضوء من مكان الليل وموضع الفاء ظله ، مظلمون : أي داخلون في الظلام ، لمستقر لها : أي حول مستقر لها وهو مركز مدارها ، وقدرناه : أي صيرنا مسيره في منازل ، والمنازل واحدها منزل :
و هو المسافة التي يقطعها القمر في يوم وليلة ، عاد : أي صار في أواخر سيره وقربه من الشمس كالعرجون في رأى العين ، والعرجون : هو العود الذي عليه الشماريخ ، فإذا أتى عليه الحول تقوس ودقّ واصفرّ.
قال أعشى بنى قيس :
شرق المسك والعبير بها فهى صفراء كعرجون القمر
ينبغى لها : أي لا يتيسر لها ، أن تدرك القمر : أي تجتمع معه في وقت واحد فتداخله وتطمس نوره ، لأن لكل منهما دورة خاصة في فلكه سيأتى ذكرها بعد ، والفلك :
مجرى الكواكب ، سمى بذلك لاستدارته ، والسباحة : الجري في الماء للسمك ونحوه ، ثم استعمل في سير الكوكب في الفضاء في مداره الخاص.(1/775)
الذرية : أصلها صغار الأولاد ، ثم استعملت في الصغار والكبار ، ويقع على الواحد والجمع وهى من ذرأ اللّه الخلق فتركت همزته نحو بريّة ، الفلك : السفينة ، المشحون : المملوء ، ما يركبون : هى الإبل فإنها سفائن البر لكثرة ما تحمل ، فلا صريخ :
أي فلا مغيث لهم يحفظهم من الغرق.(1/776)
متى هذا الوعد : أي متى يتحقق ويجىء ما وعدنا به ؟ ينظرون : أي ينتظرون ، صيحة واحدة : هى النفخة الأولى في الصور بها يموت أهل الأرض جميعا ، ونفخ فى الصور : أي النفخة الثانية ، والأجداث : واحدها جدث (بفتحتين) القبر ، ينسلون : أي يسرعون ، والويل : الهلاك ، من مرقدنا : أي موتنا ، محضرون : أي للحساب والجزاء.(1/777)
الشغل : الشأن الذي يصدّ المرء ويشغله عما سواه من شئونه وأحواله لأهميته لديه ، إما لأنه يحصّل مسرة كاملة أو مساءة عظيمة ، الفاكه : الطيب النفس الضحوك قاله أبو زيد ، والظلال : واحدها ظل وهو ضد الضّح (ما تصيبه الشمس) والأرائك :
واحدها أريكة وهى سرير منجّد مزيّن في قبة أو في بيت ، يدّعون : أي يطلبون.(1/778)
امتازوا : أي انفردوا وابتعدوا عن المؤمنين ، والعهد : الوصية وعرض ما فيه خير ومنفعة ، وعبادة الشيطان : يراد بها عبادة غير اللّه من الآلهة الباطلة ، وأضيفت إلى الشيطان لأنه الآمر بها والمزيّن لها ، والجبلّ : الجماعة العظيمة ، اصلوها : أي قاسوا حرها ، والختم على الأفواه : يراد به المنع من الكلام ، والطمس : إزالة الأثر بالمحو ، فاستبقوا الصراط : أي ابتدروا إلى الطريق المألوف لهم ، فأنى يبصرون : أي فكيف يبصرون الحق ، ويهتدون إليه ؟ والمسخ تحويل الصورة إلى صورة أخرى قبيحة ، على مكانتهم :
أي في أماكنهم حيث يجترحون القبائح ، ونعمره : أي نطل عمره ، ننكسه في الخلق :
أي نقلبه فيه فلا يزال ضعفه يتزايد ، وانتقاص بنيته يكثر ، بعكس ما كان عليه في بدء أمره حتى يردّ إلى أرذل العمر.(1/779)
وما ينبغى له : أي لا يليق به ولا يصلح له ، ذكر : أي عظة من اللّه وإرشاد للثقلين ، حيّا : أي حىّ القلب مستنير البصيرة ، يحق القول : أي يجب العذاب.(1/780)
أولم ير : أي أولم يعلم ، والخصيم : المبالغ في الجدل والخصومة إلى أقصى الغاية ، وضرب لنا مثلا : أي وأورد في شأننا قصة عجيبة هى في غرابتها كالمثل إذ أنكر إحياءنا للعظام النخرة ، والرميم : كالرّمّة والرفات ، وبلى : كلمة جواب كنعم تأتى بعد كلام منفىّ ، أمره : أي شأنه في الإيجاد ، والملكوت : الملك التام كالرحموت والرهبوت والجبروت ، والعرب تقول : جبروتى خير من رحموتى.(1/781)
سورة الصافات
الصافات : هم جماعة الملائكة يقفون صفوفا لكل واحد منهم مرتبة معينة في الشرف والفضيلة ، والزاجرات زجرا : أصل الزجر الدفع عن الشيء بتسلط وصياح ثم استعمل
فى السّوق والحث على الشيء ، وفي المنع والنهى والمراد بها هنا الملائكة ، لأن لهم تأثيرا في قلوب بنى آدم بزجرهم عن المعاصي وإلهامهم فعل الخير ، والتاليات ذكرا :
هم الملائكة يجيئون بالكتب من عند اللّه إلى أنبيائه ، والمشارق : هى مشارق الشمس بعدد أيام السنة ، فهى في كل يوم تشرق من مشرق وتغرب في مغرب ، والمغارب كذلك متعددة تعدد المشارق ، ولم يذكرها اكتفاء بتعدد المشارق(1/782)
الدنيا : مؤنثة الأدنى أي أقرب السموات من أهل الأرض والمارد والمريد ، المتعرى عن الخير من قولهم : شجر أمرد : إذا تعرى من الورق ، يسمعون : أي يستمعون ، والملأ : الجماعة يجتمعون على رأى ، والمراد بهم هنا الملائكة ، يقذفون :
يرجمون ، والدحور : الطرد والإبعاد ، واصب : أي دائم ، والخطفة : الاختلاس والأخذ بسرعة على غرّة ، والشهاب : الشعلة الساطعة من النار الموقدة ، والثاقب : المضيء(1/783)
فاستفهم : أي فاستخبر مشركى مكة من قولهم : استفتى فلانا إذا استخبره وسأله عن أمر يريد علمه ، أشد خلقا : أي أصعب خلقا وأشق إيجادا ، لازب : أي ملتصق بعضه ببعض ، وأنشدوا لعلى بن أبى طالب :
تعلّم فإن اللّه زادك بسطة وأخلاق خير كلّها لك لازب
يسخرون : أي يستهزئون ، وإذا ذكروا لا يذكرون : أي وإذا وعظوا لا يتعظون ، آية : أي معجزة ، يستسخرون : أي يبالغون في السخرية والاستهزاء.(1/784)
قال الزجاج : الويل كلمة يقولها القائل وقت الهلكة ، والدين : الجزاء كما جاء فى قولهم
« كما تدين تدان »
، والفصل : الفرق بين المحسن والمسيء وتمييز كل منهما عن الآخر ، احشروا : أي اجمعوا ، وأزواجهم : أي أمثالهم وأشباههم ، فيحشر أصحاب الخمر معا ، وأصحاب الزنا كذلك ، واهدوهم : أي دلوهم عليها ، والصراط :
الطريق ، والجحيم : النار ، وقفوهم : أي احبسوهم في الموقف ، مسئولون : أي عن عقائدهم وأعمالهم ، لا تناصرون : أي لا ينصر بعضكم بعضا ، مستسلمون : أي منقادون وأصل الاستسلام : طلب السلامة ويلزمه الانقياد عرفا.(1/785)
النزل : ما يعدّ للضيف وغيره من الطعام والشراب ، والزقوم : شجرة صغيرة الورق كريهة الرائحة ، سميت بها الشجرة الموصوفة في الآية ، فتنة : أي محنة وعذابا في الآخرة ، وابتلاء في الدنيا ، أصل الجحيم : أي قعر جهنم ، طلعها : أي ثمرها ، رءوس الشياطين :
أي في قبح المنظر ونهاية البشاعة ، والعرب تشبه قبيح الصورة بالشيطان فيقولون :
وجه كأنه وجه شيطان ، كما يشبهون حسن الصورة بالملك ، والملء : حشو الوعاء بما لا يحتمل الزيادة عليه ، والشّوب : الخلط ، والحميم : الماء الشديد الحرارة ، مرجعهم :
أي مصيرهم ، ألفوا : أي وجدوا ، يهرعون : أي يسرعون إسراعا شديدا.(1/786)
من شيعته : أي ممن سار على دينه ومنهاجه ، سليم : أي سالم من جميع العلل والآفات النفسية كالحسد والغل وغيرهما من النيات السيئة ، والإفك : الكذب ، سقيم :
أي مريض ، فراغ : أي فذهب خفية إلى أصنامهم ، وأصل الروغ والروغان : الميل قال شاعرهم :
و يريك من طرف اللسان حلاوة ويروغ عنك كما يروغ الثعلب
باليمين : أي بقوة وشدة ، يزفون : أي يسرعون من زفّ النعام ، أي أسرع(1/787)
فلما بلغ معه السعى أي فلما بلغ السن التي تساعده على أن يسعى معه في أعماله وحاجات المعيشة ، أسلما : أي استسلما وانقادا لأمر اللّه ، تله : أي كبه على وجهه صدقت الرؤيا : أي حققت ما طلب منك ، البلاء المبين. أي الاختبار البين الذي يتميز فيه المخلص من غيره ، بذبح : أي حيوان يذبح ، باركنا عليه : أي أفضنا عليه البركات.(1/788)
أصل الإباق : هرب العبد من سيده ، والمراد هنا أنه هاجر بغير إذن ربه ، المشحون :
المملوء ، فساهم : أي فقارع من في الفلك أي عمل قرعة ، المدحضين : أي المغلوبين بالقرعة ، فالتقمه : أي فابتلعه ، مليم : أي آت ما يستحق عليه اللوم ، بالعراء : أي بالمكان الخالي ، يقطين : أي دبّاء (القرع العسلي المعروف الآن) وقيل : الموز وهو أظهر لأن أوراقه أعرض(1/789)
بفاتنين : أي بمضلين من قولهم فتن فلان على فلان امرأته إذا أفسدها عليه ، صال الجحيم : أي داخل في النار ومعذب فيها ، الصافون : أي صافو أنفسهم للعبادة ، ذكرا : أي كتابا(1/790)
كلمتنا : وعدنا ، المنصورون : أي الغالبون في الحرب وغيرها ، جندنا : أي أتباع رسلنا ، والساحة : المكان الواسع.(1/791)
سورة ص
الذكر : الشرف كما قال « وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ » الذين كفروا هم رؤساء قريش ، فى عزة : أي في استكبار عن اتباع الحق ومتابعة غيرهم فيه والعزة أيضا الغلبة والقهر كما قالوا في أمثالهم : من « عزّ بزّ » أي : من غلب سلب ، شقاق : أي مخالفة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من قولهم : فلان في شقّ غير شق صاحبه ، فنادوا : أي استغاثوا ، لات : أي ليس الحين ، مناص : أي فرار وهرب ، عجاب : أي بالغ في العجب نحو قولهم طويل وطوال أي إنه من نوائب الدهر فلا حيلة لنا إلا الصبر عليه ، الملة :
الآخرة : هى ملة النصارى ، اختلاق : أي كذب وافتراء ، فليرتقوا : أي فليصعدوا ، فى الأسباب : أي في المعارج والطرق التي يتوصل بها إلى الاستيلاء على العرش ، قاله مجاهد وقتادة. ومنه قول زهير :
و من هاب أسباب المنايا ينلنه وإن يرق أسباب السماء بسلّم
جند ما : أي جند كثير عظيم كقولهم « لأمر ما جدع قصير أنفه » ، مهزوم : أي مغلوب ، الأحزاب : أي المجتمعين لإيذاء محمد وكسر شوكته وإبطال دينه(1/792)
القط : النصيب والحظ والكتاب بالجوائز والجمع القطوط ، قال الأعشى يمدح النعمان بن المنذر :
و لا الملك النعمان يوم لقيته بغبطته يعطى القطوط ويأفق
ويأفق : أي يصلح.(1/793)
الأيد والآد : القوة في العبادة وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، أوّاب : أي رجاع إلى اللّه وإلى طاعته من قولهم آب. إذا رجع ، قال عبيد بن الأبرص :
وكلّ ذى غيبة يئوب وغائب الموت لا يئوب
والإشراق : أي وقت الإشراق ، يقال أشرقت الشمس : أضاءت ، وشرقت : طلعت ، محشورة : أي محبوسة في الهواء ، أواب : أي منقاد يسبح تبعا له ، شددنا ملكه : أي قويناه بالهيبة والنصر ، والحكمة : هى إصابة الصواب في القول والعمل ، الفصل : الحاجز بين الشيئين ، وفصل الخطاب : الكلام الذي يفصل بين الحق والباطل.(1/794)
هل : هنا كلمة يراد منها التعجيب والتشويق إلى سماع ما يرد بعدها ، والخصم :
جماعة المخاصمين ويستعمل للمفرد والجمع مذكرا ومؤنثا قال الشاعر :
و خصم عضاب ينفضون لحاهم كنفض البرازين العراب المخاليا
وتسوروا : أي أتوه من أعلى السور ودخلوا إلى المنزل ، والمحراب : الغرفة التي كان يتعبد فيها ويشتغل بطاعة ربه ، والفزع : انقباض ونفار يعترى الإنسان من شىء مخيف ، بغى : أي جار وظلم ، ولا تشطط : أي لا تبعد عن الحق ولا تجر في الحكومة ، سواء الصراط : أي وسط الطريق ، والنعجة أنثى الضأن ويكنى بها عن المرأة كما قال عنترة :
يا شاة ما قنص لمن حلّت له حرمت علىّ وليتها لم تحرم
فبعث جاريتى فقلت لها اذهبي فتحسّسى أخبارها لى واعلم
قالت رأيت من الأعادى غرّة والشاة ممكنة لمن هو مرتمى
أكفلنيها : أي ملكنيها ، وأصل ذلك اجعلنى أكفلها كما أكفل ما تحت يدى ، وعزّنى : أي غلبنى ، وفي المثل : من عزّ بزّ أي من غلب سلب ، وقال الشاعر :
قطاة عزّها شرك فباتت تجاذبه وقد علق الجناح
فى الخطاب : أي في مخاطبته إياى ومحاجته ، إذ قد أتى بحجاج لم أستطع رده ، والخلطاء :
هم المعارف أو الأعوان ممن بينهم ملابسة شديدة وامتزاج : واحدهم خليط ، فتنّاه : أي ابتليناه ، خر : أي سقط ، راكعا : أي ساجدا وقد يعبر بالركوع عن السجود ، قال الشاعر :
فخرّ على وجهه راكعا وتاب إلى اللّه من كل ذنب
وأناب : أي رجع إلى ربه ، والزلفى : القرب من اللّه ، والمآب : المرجع.(1/795)
باطلا : أي عبثا ولعبا ، ويل : أي هلاك ، مبارك : أي كثير المنافع الدينية والدنيوية ، ليدبروا : أي ليتفكروا ، ليتذكر : أي ليتعظ ، الألباب : واحدها لبّ ، وهو العقل ، وقد يجمع على ألبّ ويفك إدغامه في ضرورة الشعر ، قال الكميت :
إليكم ذوى آل النبىّ تطلّعت نوازع من قلبى ظماء وألبب(1/796)
الصافن من الخيل : الذي يرفع إحدى يديه أو رجليه ويقف على مقدم حافرها كما قال :
ألف الصّفون فما يزال كأنّه مما يقوم على الثلاث كسيرا
وقال النابغة :
لنا قبّة مضروبة بفنائها عتاق المهارى والجياد الصوافن
والجياد : واحدها جواد ، وهو السريع العدو ، كما أن الجواد من الناس السريع البذل قاله المبرد ، والخير هنا : الخيل : توارت : أي غيبت عن البصر ، طفق : شرع ، المسح إمرار اليد على الجسم.(1/797)
فتنّا سليمان : أي ابتليناه بمرض ، جسدا : أي جسما ضعيفا كأنه جسد بلا روح ، أناب : أي رجع إلى صحته ، لا ينبغى لأحد من بعدي : أي لا ينتقل منى إلى غيرى ، رخاء : أي لينة ، أصاب : أي قصد وأراد ، فقد حكى الزجاج عن العرب أنها تقول :
أصاب الصواب فأخطأ الجواب ، قال الشاعر :
أصاب الكلام فلم يستطع فأخطأ الجواب لدى المفصل
مقرّنين : أي مربوطين ، والأصفاد : واحدها صفد (بالتحريك) وهو الغلّ الذي يجمع اليدين إلى العنق ، قال عمرو بن كلثوم :
فآبوا بالنّهاب وبالسّبايا وأبنا بالملوك مصفّدينا
والزلفى : الكرامة ، والمآب : المرجع(1/798)
أيوب : هو أيوب بن أموص بن أروم بن عيص بن إسحاق عليه السلام ، فهو من بنى إسرائيل قاله ابن جرير. والنّصب : (بضم فسكون) والنّصب (بفتحتين) كالرشد والرشد : المشقة والتعب ، عذاب : أي ألم مضر كما جاء في قوله : « أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ » اركض برجلك : أي اضرب بها على الأرض ، مغتسل : أي ماء تغتسل به
وتشرب منه ، والضغث : الحزمة الصغيرة من الكلأ والريحان ، ويقال حنث في يمينه :
إذا لم يفعل ما حلف عليه(1/799)
الأيدى : أي القوى في طاعة اللّه ، والأبصار : واحدها بصر ويراد به هنا البصيرة والفقه في الدين ومعرفة أسراره ، أخلصناهم : أي جعلناهم خالصين لنا ، بخالصة :
أي بخصلة خالصة لا شوب فيها ، هى تذكّر الدار الآخرة والعمل لها ، المصطفين : أي المختارين من أبناء جنسهم ، والأخيار : واحدهم خيّر وهو المطبوع على فعل الخير ، هذا ذكر : أي هذا المذكور من الآيات فصل من الذكر وهو القرآن(1/800)
الطاغي : المتجاوز للحد في ترك الأوامر وفعل النواهي ، جنات عدن : أي جنات استقرار وثبات ، من قولهم : عدن بالمكان أي أقام به ، متكئين فيها : أي متكئين فيها
على الأرائك كما جاء في الآية الأخرى ، أتراب : أي لدات متساوون في السن حتى لا تحصل الغيرة بينهن ، نفاد : أي انقطاع.(1/801)
الطاغين : هم الكفار الذين تجاوزوا حدود اللّه وكذبوا رسله ، يصلونها : أي يدخلونها ويقاسون حرها ، والمهاد : كالفراش لفظا ومعنى ، والحميم : الماء الشديد الحرارة ، والغساق : شديد البرودة يغسق من صديد أهل النار ، يقال غسقت العين : أي سال دمعها ، من شكله : أي من مثل المذوق في الشدة والفظاعة ، أزواج : أي أجناس ، فوج :
أي جمع كثير من أتباعكم في الضلال ، والاقتحام : ركوب الشدة والدخول فيها ، لا مرحبا بهم. قال أبو عبيدة : العرب تقول لا مرحبا بك : أي لا رحبت عليك الأرض ولا اتسعت ، من الأشرار : أي الأراذل الذين لا خير فيهم ، يريدون بذلك المؤمنين ، زاغت عنهم : أي مالت عنهم ، والتخاصم : مخاصمة بعضهم بعضا ومدافعة كل منهم الآخر.(1/802)
فقعوا له : أي اسجدوا له ، ما منعك : أي ما صرفك وصدك ، واليد : القدرة قال :
تحمّلت من عفراء ما ليس لى به ولا للجبال الراسيات يدان
من العالين : أي المستحقين للترفع عن طاعة اللّه المتعالين عن ذلك ، رجيم : أي مرجوم ومطرود من كل خير ، لعنتى : أي طردى ، أنظرنى : أي أمهلنى ، من المنظرين : أي الممهلين ، لأغوينهم : أي لأضلنهم ، المخلصين : أي الذين أخلصتهم للعبادة.(1/803)
من المتكلفين : أي المدّعين معرفة ما ليس عندهم ، نبأه : أي ما أنبأ به من وعد ووعيد ، بعد حين : أي بعد الموت(1/804)
سورة الزمر
التكوير : فى الأصل اللف واللى من كار العمامة على رأسه وكوّرها والمراد يذهب الليل ويغشى مكانه النهار ، والعكس بالعكس ، وسخر الشمس والقمر جعلهما منقادين له ، والأجل المسمى : يوم القيامة ، والظلمات الثلاث : ظلمة البطن وظلمة الرّحم وظلمة المشيمة ، تصرفون : أي يعدل بكم عن عبادته إلى عبادة غيره.(1/805)
منيبا : أي راجعا إليه مطيعا له ، خوّله : ملّكه وأنشد أبو عمرو بن العلاء لزهير ابن أبى سلمى :
هنالك إن يستخولوا المال يخولوا وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا(1/806)
القانت : القائم بما يجب عليه من الطاعة ، آناء الليل : ساعاته واحدها آن ، يحذر الآخرة : أي يخشى عذابها.(1/807)
فسلكه : أي فأدخله ، ينابيع : أي عيونا ومجارى ، ألوانه : أي أنواعه وأصنافه ، يهيج : أي يجف ، حطاما : أي فتاتا متكسرا.(1/808)
شرح مصدر للإسلام : الفرج به والطمأنينة إليه ، والنور : البصيرة والهدى ، والقسوة : جمود وصلابة في القلب يقال قلب قاس : أي لا يرق ولا يلين ، أحسن الحديث : هو القرآن ، متشابها : أي يشبه بعضه بعضا في الحسن والأحكام ، مثانى :
واحدها مثنى من التثنية : أي التكرير ، تقشعر : أي تضطرب وتتحرك وتشمئز ، تلين :
أي تسكن وتطمئن ، الخزي : الذل والهوان ، يتذكرون : أي يتعظون ، غير ذى عوج :
أي لا اختلاف فيه بوجه من الوجوه ، قال :
و قد أتاك يقين غير ذى عوج من الإله وقول غير مكذوب(1/809)
ضرب المثل : تشبيه حال عجيبة بأخرى وجعلها مثلا لها ، متشاكسون : أي مختلفون يتنازعون لسوء طباعهم وشكاسة أخلاقهم ، سلما لرجل : أي خالصا لسيد واحد ، والميت (بالتشديد) من لم يمت وسيموت ، والميت (بالتخفيف) من قد مات وفارقته الروح ، قال الخليل أنشد أبو عمرو :
و تسألنى تفسير ميت وميّت فدونك قد فسرت إن كنت تعقل
فمن كان ذا روح فذلك ميّت وما الميت إلا من إلى القبر يحمل
تختصمون : أي تحتكمون للقضاء.(1/810)
مثوى : مقاما من ثوى بالمكان يثوى ثويّا وثواء : إذا أقام به ، والذي جاء بالصدق : هو الرسول صلّى اللّه عليه وسلم ، وصدق به هم أتباعه ، أسوأ الذي عملوا : أي ما عملوه من المعاصي قبل الإسلام ، ويجزيهم أجرهم : أي يثيبهم على الطاعات التي فعلوها في الدنيا.(1/811)
بكاف عبده : أي يكفيه وعيد المشركين وكيدهم ، الذين من دونه : هم الأصنام :
ذى انتقام : أي مما عاداه وعادى رسوله.(1/812)
الإسراف : تجاوز الحد في كل ما يفعله المرء ، وكثرة استعماله في إنفاق المال وتبذيره ، والمراد هنا الإفراط في المعاصي ، لا تقنطوا : أي لا تيأسوا ، والإنابة : الرجوع. والإسلام للّه :
لإخلاص له ، أحسن ما أنزل إليكم من ربكم : هو القرآن ، بغتة : أي فجأة ، يا حسرتا :
أي يا حسرتى وندمى ، فرّطت : أي قصرت ، فى جنب اللّه : أي في عبادته وطاعته ، لمن الساخرين : أي المستهزئين ، كرة : أي رجعة.(1/813)
وجوههم مسودة : أي ما يظهر عليها من آثار الذل والحشرة ، والمثوى : المقام ، والمفازة : الظفر بالبغية على أتمّ وجه.(1/814)
وكيل : أي قيّم بالحفظ والحراسة فيتولى التصرف بحسب الحكمة والمصلحة ، مقاليد :
أي مفاتيح لفظ فارسى معرّب ، واحده إقليد معرب ، إكليد جمع جمعا شاذا ، ليحبطن عملك : أي ليذهبن هباء ولا يكون له أثر ، وما قدروا اللّه حق قدره : أي ما عظموه حق التعظيم على الوجه الذي يليق به ، والقبضة : المرة من القبض وتطلق على المقدار المقبوض ، بيمينه : أي بقدرته.(1/815)
الصور : القرن ينفخ فيه ، صعق : أي غشى عليه ، ينظرون : أي ينتظرون ماذا يفعل بهم ؟ وأشرقت الشمس : أضاءت ، وشرقت : طلعت ، بنور ربها : أي عدله ، ووضع الكتاب : أي ووضعت صحائف الأعمال بأيدى العاملين ، بالحق : أي بالعدل ، ما عملت : أي جزاء ما عملت.(1/816)
السوق : الحث على السير بعنف وإزعاج علامة على الاهانة والاحتقار ، والزمر :
الأفواج المتفرقة بعضها في إثر بعض ، والخزنة : واحدهم خازن نحو سدنة وسادن ، وينذرونكم : أي يخوّفونكم ، حقت : أي وجبت.(1/817)
سورة غافر
الجدل : شدة اللدد في الخصومة ، تقلبهم : أي تصرفهم فيها للتجارة وطلب المعاش ، والأحزاب : الجماعات الذين تحزبوا واجتمعوا على معاداة الرسل ، وهمّت : أي عزمت ، ليأخذوه : أي ليقتلوه ويعذبوه ، ليدحضوا : أي ليزيلوا ، حقت : أي وجبت ، كلمة ربك : أي حكمه بالإهلاك.(1/818)
العرش : مركز تدبير العالم كما تقدم إيضاح ذلك في سورة يونس ، وندع أمر وصفه إلى عالم الغيب فهو العليم بعرشه ووصفه ، وقهم : أي احفظهم من وقيته كذا أي حفظته ، السيئات : أي الجزاء المرتب عليها.(1/819)
المقت : أشد البغض ، والروح : الوحى ، يوم التلاقي : هو يوم القيامة وسمى بذلك لالتقاء الخالق بالمخلوق ، بارزون : أي ظاهرون لا يسترهم جبل ولا أكمة ولا نحوهما.(1/820)
يوم الآزفة : يوم القيامة وسميت بذلك لقربها يقال أزف السفر : أي قرب ، قال :
أزف الترحّل غير أنّ ركابنا لما تزل برحالنا وكأن قد
و الحناجر : واحدها حنجرة أو حنجور كحلقوم لفظا ومعنى ، وهى لحمة بين الرأس والعنق ، كاظمين : أي ممسكين أنفسهم على قلوبهم لئلا تخرج ، والحميم : القريب ، خائنة الأعين : يراد بها النظر إلى ما لا يحل ، ما تخفى الصدور : أي ما تكتمه الضمائر.(1/821)
السلطان : الحجة والبرهان ، فرعون : ملك القبط بالديار المصرية ، وهامان وزيره ، وقارون كان أكثر الناس في زمانه تجارة ومالا ، عذت : التجأت وتحصنت ، متكبر :
أي مستكبر عن اتباع الحق.(1/822)
الرجل المؤمن : هو ابن عم فرعون وولىّ عهده وصاحب شرطته وهو الذي نجامع موسى وهو المراد بقوله : « وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى » ، والبينات : هى الشواهد الدالة على صدقه ، والمسرف : المقيم على المعاصي المستكثر منها ، والكذاب :
المفترى ، ظاهرين : أي غالبين عالين على بنى إسرائيل ، ما أريكم إلا ما أرى : أي ما أعلمكم إلا ما أعلم من الصواب.(1/823)
الأحزاب : أي الأقوام الذين تحزبوا على أنبيائهم وكذبوهم ، والدأب : العادة ، يوم التناد : يوم القيامة ، سمى بذلك لأن الناس ينادى فيه بعضهم بعضا للاستغاثة.
قال أمية بن أبى الصّلت :
و بثّ الخلق فيها إذ دحاها فهم سكانها حتى التّناد
عاصم : أي مانع ، مرتاب : أي شاك في دينه ، ويوسف : هو يوسف بن يعقوب عليه السلام ، وروى عن ابن عباس أنه يوسف بن إفرائيم بن يوسف بن يعقوب ، أقام فيهم نبيا عشرين سنة ، والسلطان : الحجة ، والمقت : أشد الغضب.(1/824)
هامان : وزير فرعون ، الصرح : القصر الشامخ المنيف ، الأسباب : واحدها سبب ، وهو ما يتوصل به إلى شىء من حبل وسلم وطريق ، والمراد هنا الأبواب.
قال زهير بن أبى سلمى :
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ولو رام أسباب السماء بسلم
والتباب : الخسران والهلاك ، ومنه قوله تعالى : « تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ » وقوله سبحانه : « وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ » .(1/825)
الرشاد : ضد الغى والضلال ، متاع : أي يستمتع به أياما قليلة ثم ينقطع ويزول ، دار القرار : أي دار البقاء والدوام ، إلى النجاة : أي إلى الإيمان باللّه الذي ثمرته وعاقبته النجاة ، إلى النار : أي إلى اتخاذ الأنداد والأوثان الذي عاقبته النار ، ما ليس لى به علم :
أي ما لا وجود له ولم يقم عليه دليل ولا برهان ، لا جرم : أي حقّا ، دعوة : أي استجابة دعوة لمن يدعو إليه ، مردّنا : أي مرجعنا ، وأن المسرفين ، أي الذين يغلب شرهم على خيرهم ، فستذكرون : أي فسيذكر بعضكم بعضا حين معاينة العذاب ، وقاه : حفظه ، يعرضون عليها : أي تعرض أرواحهم عليها.(1/826)
المحاجة : المجادلة والخصام بين اثنين فأكثر ، الضعفاء : الأتباع والمرءوسون ، والمستكبرون : السادة أولو الرأى فيهم ، والتبع : واحدهم تابع كخدم وخادم ، مغنون :
أي دافعون ، نصيبا : أي قسطا وجزءا ، حكم : قضى ، الخزنة : واحدهم خازن وهم القوّام يتعذيب أهل النار ، ضلال : أي في ضياع وخسار(1/827)
يوم يقوم الأشهاد : هو يوم القيامة ، والأشهاد : واحدهم شهيد بمعنى شاهد ، والهدى : ما يهتدى به من المعجزات والصحف والشرائع ، والإبكار : أول النهار إلى نصفه ، والعشى : من النصف إلى آخر النهار ، والسلطان : الحجة.(1/828)
ادعوني : أي اعبدوني ، أستجب لكم : أي أثبكم على عبادتكم إياى ، داخرين :
أي صاغرين أذلاء ، لتسكنوا فيه : أي لتستريحوا فيه ، مبصرا : أي يبصر فيه ،
تؤفكون : أي تصرفون ، قرارا : أي مستقرا ، بناء : أي قبة ومنه أبنية العرب لقبابهم التي تضرب للسكنى فيها ، فتبارك : أي تقدس وتنزه ، الدين : الطاعة.(1/829)
الكتاب : القرآن ، يسحبون : أي يجرّون ، الحميم : الماء الحار ، يسجرون :
أي يحرقون ، يقال سجر التنور إذا ملأه بالوقود ، ومنه : « وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ » أي :
المملوء ، ضلوا عنا : أي غابوا ، تفرحون : أي تبطرون ، تمرحون : تختالون أشرارا وبطرا.(1/830)
سورة فصلت
لا يسمعون : أي لا يقبلون ولا يطيعون ، من قولهم : تشفعت إلى فلان فلم يسمع قولى : أي لم يقبله ولم يعمل به فكأنه لم يسمعه ، والأكنة واحدها كنان كأغطية وغطاء : وهى خريطة السهام والمراد أنها في أغطية متكاثفة ، والوقر : الثقل في السمع(1/831)
فاستقيموا إليه : أي فأخلصوا له العبادة ، ويل : أي هلاك ، لا يؤتون الزكاة :
أي لا يتصدقون بجزء من مالهم للسائل والمحروم ، ممنون : أي مقطوع من قولهم مننت الحبل إذا قطعته ، ومنه قول ذى الإصبع :
إنى لعمرك ما بابى بذي غلق على الصديق ولا خيرى بممنون(1/832)
فى يومين : أي في نوبتين ، والرواسي : الجبال الثوابت ، أقواتها : أي أقوات أهلها ، سواء : أي كاملة لا نقصان فيها ولا زيادة ، للسائلين : أي لطالبى الأقوات المحتاجين إليها ، استوى : أي عمد وقصد نحوها قصدا سويا من قولهم استوى إلى مكان كذا إذا توجه إليه توجها لا يلتفت معه إلى عمل آخر ، دخان : أي مادة غازية أشبه بالدخان ، فقضاهن : أي فرغ من تسويتهن ، أمرها : أي شأنها وما هى مستعدة له واقتضت الحكمة أن يكون فيها ، بمصابيح : أي بكواكب ونجوم ، وحفظا : أي وحفظناها حفظا من الآفات.(1/833)
صاعقة : أي عذابا شديد الوقع كأنه صاعقة. قال المبرد : الصاعقة المرة المهلكة لأىّ شىء كان ، وهى في الأصل الصيحة التي يحصل بها الهلاك ، أو قطعة نار تنزل من السماء معها رعد شديد ، من بين أيديهم ومن خلفهم : أي من كل ناحية ، صرصرا :
أي باردة تهلك بشدة بردها. أنشد قطرب قول الحطيئة في المديح :
المطعمون إذا هبّت بصرصرة والحاملون إذا استودوا على الناس
استودوا : أي سئلوا الدية. نحسات واحدها نحسة (بكسر الحاء) أي نكدات مشئومات ، والهون : الذل.(1/834)
يوزعون : أي يحبسن أولهم ليلحق آخرهم لكثرتهم من قولهم ، وزعته : أي كففته ، جلودهم : أي جوارحهم ، أرداكم : أي أهلككم ، مثوى : أي مقام ، وإن يستعتبوا : أي يطلبوا العتبى والرضا ، من المعتبين : أي المجابين إلى ما يطلبون
يقال أعتبنى فلان : أي أرضانى بعد إسخاطه إياى ، قال الخليل : تقول استعتبته فأعتبنى :
أي استرضيته فأرضانى(1/835)
دعا إلى اللّه : أي دعا إلى توحيده ، المسلمين : أي الخاضعين ، الحسنة : ما ترضى اللّه ويتقبلها ، والسيئة : ما يكرهها ويعاقب عليها ، ادفع : أي ردّ ، والحميم : الصديق ، وما يلقاها : أي يتقبلها ويحتملها ، حظّ : أي نصيب وافر من الخير ، ينزعنك :
أي يوسوسنّ لك ، وأصل النزغ : النخس ، فاستعذ باللّه : أي التجئ إليه.(1/836)
الآية : هى البرهان والحجة ، يسأمون : أي يملّون ، خاشعة : أي جامدة يابسة لا نبات فيها ، اهتزت : أي تحركت ، وربت : أي انتفخت.(1/837)
يقال : ألحد الحافر في الأرض : إذا مال عن الاستقامة فحفر في شق منها ، والمراد بالملحدين المنحرفون في تأويل الآيات بحملها على المحامل الباطلة ، والذكر : القرآن ، من بين يديه ومن خلفه : أي من جميع جهاته ، حكيم : أي في جميع أفعاله ، حميد :
أي محمود إلى جميع خلقه بكثرة نعمه عليهم.(1/838)
الساعة : يوم القيامة ، الأكمام : واحدها كمّ (بالكسر) : وعاء الثمرة وقد يطلق على كل ظرف لمال أو غيره ، آذناك : أي أعلمناك يقال آذنه يؤاذنه أي أعلمه كما قال :
آذنتنا بينها أسماء رب ثاو يملّ منه الثّواء
ضل عنهم : أي غاب وزال ، ظنوا : أي أيقنوا وعلموا ، محيص : أي مهرب يقال حاص يحيص حيصا : إذا هرب.(1/839)
لا يسأم : أي لا يملّ ، والخير : المال والصحة والعزة والسلطان ونحوهما ، والشر :
الفقر والمرض ونحوهما ، واليأس : انقطاع الرجاء من حصول الخير ، والقنوط : (بالفتح) من اتصف بالقنوط (بالضم) وهو ظهور أثر اليأس على الإنسان من المذلة والانكسار ، والرحمة هنا : الصحة وسعة العيش ، والضراء : المرض وضيق العيش ونحوهما ، هذا لى :
أي هذا ما استحقه لما لى من الفضل والعمل ، والحسنى : الكرامة ، والغليظ هنا :
الكثير ، نأى بجانبه : أي تكبر واختال ، وعريض : أي كثير مستمر يقولون أطال فى الكلام ، وأعرض فى الدعاء : إذا أكثر.(1/840)
أرأيتم : أي أخبرونى ، أضل : أي أكثر ضلالا وبعدا عن الحق ، والشقاق :
الخلاف ، والآفاق : النواحي من مشارق الأرض ومغاربها وشمالها وجنوبها واحدها أفق (بضمتين وبضم فسكون) وشهيد : أي شاهد على كل ما يفعله خلقه ، لا يعزب عنه مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض ، ومرية : أي شك ، من لقاء ربهم : أي من البعث بعد الممات ، محيط : أي عالم بجميع الأشياء لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء.(1/841)
سورة الشورى
حم عسق - تقدم أن قلنا إن الحروف المقطعة التي جاءت فى أوائل السور حروف تنبيه نحو ألا ويا ونحوهما ، يؤتى بها لإيقاظ السامع وتنبيهه إلى ما سيلقى إليه من الأمور العظام المشتملة عليها هذه السورة ، وينطق بأسمائها هكذا (حاميم. عين.
سين. قاف.) يتفطرن : أي يتشققن ، يسبحون : أي ينزهون اللّه عما لا يليق به ، والأولياء : الشركاء والأنداد ، حفيظ : أي رقيب على أحوالهم وأعمالهم ، بوكيل :
أي بموكول إليك أمورهم حتى تؤاخذهم بها ولا وكل إليك هدايتهم ، وإنما عليك البلاغ فحسب.(1/842)
الإنذار : التخويف : وأم القرى : مكة ، ويوم الجمع يوم القيامة : سمى بذلك لاجتماع الخلائق فيه كما قال تعالى : « يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ » والفريق :
الجماعة ، والسعير : النار المستعرة الموقدة.(1/843)
الولي : الناصر والمعين ، أنيب : أي أرجع ، فاطر السموات والأرض : أي مبدعهما لا على مثال سابق ، من أنفسكم : أي من جنسكم ، يذرؤكم : أي يكثّركم يقال ذرأ اللّه
الخلق : بثهم وكثّرهم ، مقاليد : واحدها مقلاد أو مقليد أو إقليد ، وهو المفتاح ، يبسط أي يوسع ، يقدر : أي يقتّر ويضيق.(1/844)
أقيموا الدين : أي حافظوا عليه ، ولا تخلّوا بشىء من مقوّماته ، والمراد بالدين دين الإسلام ، وهو توحيد اللّه وطاعته ، والإيمان برسله ، واليوم الآخر ، وسائر ما يكون به العبد مؤمنا ، ولا تتفرقوا فيه : أي ولا تختلفوا فيه ، فتأتوا ببعض وتتركوا بعضا ، كبر : أي عظم وشق عليهم ، يجتبى : أي يصطفى ، ينيب : أي يرجع ، والبغي : الظلم ومجاوزة الحد فى كل شىء ، لقضى بينهم : أي باستئصال المبطلين حين تفرقوا.(1/845)
ادع : أي إلى الائتلاف والاتفاق ، واستقم : أي اثبت على الدعاء كما أوحى إليك ، آمنت بما أنزل من كتاب : أي صدقت بجميع الكتب المنزلة ، لا حجة : أي لا احتجاج ولا خصومة(1/846)
يحاجون فى اللّه : أي يخاصمون فى دينه ، استجيب له : أي استجاب الناس لدينه ودخلوا فيه لوضوح حجته ، داحضة : أي زائفة باطلة ، والميزان : العدل بين الناس ، يدريك : يعلمك ، الساعة : القيامة ، مشفقون : خائفون منها حذرون من مجيئها ، الحق : أي الأمر المحقق الكائن لا محالة ، يمارون : أي يجادلون وأصله من مريت الناقة : أي مسحت ضرعها للحلب ، إذ كل من المتجادلين يستخرج ما عند صاحبه.(1/847)
لطيف بعباده : أي هو برّ بهم يفيض عليهم من جوده وإحسانه ، حرث الآخرة :
ثمرات أعمالها تشبيها لها بالغلة الحاصلة من البذور ، حرث الدنيا : لذّاتها وطيباتها ، شركاء : أي فى الكفر وهم الشياطين ، شرعوا لهم : أي زينوا لهم ، ما لم يأذن به اللّه :
أي كالشرك وإنكار البعث والعمل للدنيا فحسب ، كلمة الفصل : هى القضاء والحكم السابق منه بالنّظرة إلى يوم القيامة ، الروضة : مستنقع الماء والخضرة ، وروضات الجنات :
أطيب بقاعها وأنزهها.(1/848)
البشارة : الإخبار بحصول ما يسرّ فى المستقبل ، والقربى : التقرب ، يقترف :
أي يكتسب ، يختم على قلبك : أي يجعل قلبك من المختوم عليهم حتى تجترىء على الافتراء ، يمحو : أي يزيل ، يحق : أي يثبت ، وكلماته : هى حججه وأدلته ، يستجيب الذين آمنوا : أي يجيب دعاءهم.(1/849)
البسط : السعة ، والبغي : الظلم ومجاوزة الحد ، بقدر : أي بتقدير يقال قدره قدرا وقدرا إذا قدّره ، والغيث : المطر ، وقنط : يئس ، ورحمته : هى منافع الغيث وآثاره التي تعم الحيوان والنبات والسهل والجبل ، والولي : هو الذي يتولى عباده بالإحسان ، الحميد : أي المستحق للحمد على نعمه ، بث : نشر وفرّق ، والدابة : كل ماله دبيب وحركة ، على جمعهم : أي حين الحشر والحساب : بمعجزين : أي بجاعلين اللّه تعالى عاجزا بالهرب منه ، والجواري : أي السفن الجارية ، والأعلام : واحدها علم : وهو الجبل ، قالت الخنساء فى رثاء أخيها صخر :
وإن صخرا لتأتمّ الهداة به كأنه علم فى رأسه نار
يسكن الريح : أي يجعلها ساكنة لا تموج ، رواكد : أي ثوابت ، والصبار :
كثير الصبر وهو حبس النفس حين الشدائد عن الجزع وعن التوجه إلى من لا ينبغى التوجه إليه ، وشكور : أي كثير الشكر للنعم ، يوبقهن : أي يهلكهن يقال للمجرم أوبقته ذنوبه : أي أهلكته ، محيص : أي مهرب ومخلص.(1/850)
آتاه الشيء : أعطاه إياه ، والمتاع : ما ينتفع ويتمتع به من رياش وأثاث ونحوهما ، يتوكلون : يفوّضون إليه أمورهم ، كبائر الإثم : هى كل ما يوجب حدّا ، والفواحش :
هى ما فحش وعظم قبحه كالزنا والقتل ونحوهما ، واستجابوا : أي أجابوا داعى اللّه ، فأدّوا فرائضه ، وتركوا نواهيه ، والشّورى والمشاورة : المراجعة فى الآراء ، ليتبين الصواب منها ، والبغي : الظلم ، ينتصرون : أي ينتقمون.(1/851)
السيئة : مأخوذة من السوء ، وهو القبيح ، وانتصر : أي سعى فى نصر نفسه بجهده ، من سبيل : أي من عقاب ولا عتاب ، لمن عزم الأمور : أي لمن الأمور المشكورة والأفعال التي ندب إليها عباده ، ولم يرخّص بالتهاون فيها.(1/852)
استجيبوا لربكم : أي أجيبوه إذا دعاكم إلى ما فيه نجاتكم ، لا مردّ له : أي لا يرده أحد بعد ما حكم به ، ملجأ : أي ملاذ تلجئون إليه ، نكير : أي إنكار وجحود لما اقترفتم ، حفيظا : أي محاسبا لأعمالهم رقيبا عليها ، رحمة : أي نعمة من صحة وغنى ، سيئة : أي بلاء من فقر ومرض وخوف ، كفور : نسّاء للنعمة ذكّار للبلية ، يزوجهم أي يجعلهم جامعين بين البنين والبنات ، عقيما : أي لا يولد له.(1/853)
سورة الزخرف
الكتاب : هو القرآن ، المبين : أي الموضح لطريق الهدى المبعد من الضلالات ، لعلكم تعقلون : أي لكى تفهموه وتحيطوا بما فيه ، أمّ الكتاب : هو علم اللّه الأزلى ، حكيم :
أي ذو حكمة بالغة ، يقال ضربت عنه وأضربت عنه : أي تركته ، والذكر : أي القرآن ، صفحا : أي إعراضا ، مسرفين : أي منهمكين فى كفركم وتوليكم عن الحق ، بطشا :
أي قوة وجلدا ، مضى : أي سلف ، والمثل : الصفة.(1/854)
مهدا : أي فراشا ، وأصله موضع فراش الصبى ، سبلا : واحدها سبيل ، وهى الطريق ، بقدر : أي بمقدار تقتضيه الحكمة والمصلحة ، فأنشرنا : أي أحيينا ، ميتا :
أي خالية من النبات ، الأزواج : أصناف المخلوقات ، لتستووا على ظهوره : أي لتستقروا عليها ، سخر : ذلل ، مقرنين : أي مطيقين ، قال قطرب وأنشد قول عمرو بن معديكرب :
لقد علم القبائل ما عقيل لنا فى النائبات بمقرنينا
وقول الآخر :
ركبتم صعبتى أشر وحيف ولستم للصعاب بمقرنينا
لمنقلبون : أي راجعون.(1/855)
جزءا : أي ولدا إذ قالوا الملائكة بنات اللّه ، وعبر عن الولد بالجزء ، لأنه بضعة ممن ولد له كما قال شاعرهم :
إنما أولادنا أكبا دنا تمشى على الأرض
مبين : أي ظاهر الكفر ، من أبان بمعنى ظهر ، أصفاكم : أي اختار لكم ، ضرب :
أي جعل ، مثلا : أي شبها أي مشابها بنسبة البنات إليه ، لأن الولد يشبه الوالد ، كظيم :
أي ممتلىء غيظا وغما ، ينشّأ : أي يربّى ، فى الحلية : أي فى الزينة ، الخصام : أي الجدل ، غير مبين : أي غير مظهر حجته لعجزه عن الجدل ، يخرصون : أي يكذبون ، مستمسكون : أي متمسكون ومعوّلون ، على أمة : أي على طريقة خاصة ، مترفوها :
أي أهل الترف والنعمة فيها الذين أبطرتهم الشهوات ، فلا ينظرون إلى ما يوصلهم إلى الحق ، مقتدون : أي سالكون طريقتهم.(1/856)
لأبيه : أي آزر ، براء : كلمة لا تثنى ولا تجمع يقولون : أنا منك براء ، ونحن منك براء ، فإن قلت برىء ثنيت وجمعت ، فطرنى : أي خلقنى ، والكلمة : هى كلمة التوحيد فى عقبه : أي فى ذريته ، مبين : أي ظاهر الرسالة بما له من المعجزات الباهرة ، من القريتين : أي من إحدى القريتين مكة والطائف ، والرجل الذي من مكة : هو الوليد ابن المغيرة المخزومي وكان يسمى ريحانة قريش ، والذي من الطائف : هو عروة بن مسعود الثقفي ، ورحمة ربك : هى النبوة ، والسخرىّ : هو الذي يقهر على العمل ، والسقف بضمتين : واحدها سقف كرهن ورهن ، والمعارج : واحدها معرج كمنبر ، وهو المسمى الآن (أسنسير) وهذا من معجزات القرآن إذ لم يكن معروفا عصر التنزيل ، يظهرون أي يرتقون ، زخرفا : أي نقوشا وتزاويق ، قال الراغب الزخرف : الزينة المزوقة ، ومنه قيل للذهب زخرف ، ولمّا بمعنى إلا ، حكى سيبويه نشدتك اللّه لمّا فعلت كذا :
أي إلا فعلت كذا.(1/857)
يقال عشى فلان كرضى إذا حصلت له آفة فى بصره ، وعشا : كغزا إذا نظر نظر العشىّ لعارض قال الحطيئة فى المحلّق الكلانى :
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نار عندها خير موقد
أي تنظر إليها نظر العشى لما يضعف بصرك من كثرة الوقود واتساع الضوء ، فالمراد هنا أنه يتعامى عن ذكر اللّه ، نقيض له : أي نهيىء له ونضم إليه ، والقرين :
الرفيق الذي لا يفارق ، والمشرقين : أي المشرق والمغرب ، وكثيرا ما تسمى العرب الشيئين المتقابلين باسم أحدهما ، قال الفرزدق :
أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قمراها والنجوم الطوالع
يريد الشمس والقمر ، بعد المشرقين : أي بعد أحدهما من الآخر ، فإما نذهبن بك : أي فإن قبضناك وأمتناك ، لذكر : أي لشرف عظيم ، تسألون : أي عن قيامكم بما أوجه القرآن عليكم من التكاليف من أمر ونهى.(1/858)
الآيات : هى المعجزات ، وملئه : أي أشراف قومه ، أخذناهم : أي أخذ قهر بالعذاب فأرسلنا عليهم الجراد والقمّل والضفادع ، الساحر : أي العالم الماهر ، بما عهد عندك : أي بما أخبرتنا من عهده إليك أنا إذا آمنا كشف عنا العذاب الذي نزل بنا ، ينكثون : أي ينقضون العهد ، من تحتى : أي من تحت قصرى وبين يدىّ فى جناتى ، مهين : أي ضعيف حقير ، يبين : أي يفصح عن كلامه. قال ابن عباس كانت بموسى لثغة فى لسانه (واللثغة بالضم : أن تصير الراء غينا أو لاما والسين ثاء وقد لثغ من باب طرب فهو ألثغ) ، والأسورة : واحدها سوار كأخمرة وخمار ، قال مجاهد : كانوا إذا سودوا رجلا سوّروه بسوارين وطوقوه بطوق من ذهب علامة سيادته ، مقترنين : أي مقرونين به يعينونه على من خالفه ، فاستخف قومه : أي استخف عقولهم فدعاهم إلى الضلال فاستجابوا له ، آسفونا : أي أغضبونا وأسخطونا. قال الراغب : الأسف الحزن والغضب معا ، وقد يقال لكل منهما على الانفراد. وحقيقته ثوران دم القلب شهوة الانتقام ، فمتى كان ذلك على من دونه انتشر فصار غضبا ، ومتى كان على من فوقه انقبض فصار حزنا وسلفا : أي قدرة لمن بعدهم من الكفار ، مثلا : أي حديثا عجيب الشأن يسير سير المثل فيقول الناس مثلكم مثل قوم فرعون.(1/859)
مثلا : أي حجة وبرهانا ، يصدّون (بكسر الصاد) أي يصيحون ويرتفع لهم ضجيج وفرح ، جدلا : أي خصومة بالباطل ، خصمون : أي شديد والخصومة مجبولون على اللجاج وسوء الخلق ، مثلا : أي أمرا عجيبا ، منكم : أي من بعضكم ، يخلفون :
أي يخلفونكم فى الأرض ، علم : أي علامة وشرط من أشراطها ، فلا تمترنّ :
أي فلا تشكنّ ، البينات : المعجزات ، الحكمة : الشرائع المحكمة التي لا يستطاع نقضها ولا إبطالها.(1/860)
الأخلاء : واحدهم خليل ، وهو الصديق الحميم ، مسلمين : أي مخلصين منقادين لربهم ، تحبرون : أي تسرون سرورا يظهر حباره (بفتح الحاء) أي أثره من النضرة والحسن على وجوهكم ، والصحاف : واحدها صحفة وهى كالقصعة ، قال الكسائي :
أكبر أوانى الأكل الجفنة ثم القصعة ثم الصحفة ثم المئكلة ، والأكواب : واحدها كوب ، وهو كوز لا أذن له.(1/861)
المراد بالمجرمين هنا الراسخون فى الإجرام وهم الكفار ، يفتّر : أي يخفف ، من قولهم : فترت عنه الحمى إذا سكنت قليلا ، مبلسون : من الإبلاس وهو الحزن المعترض من شدة اليأس ، والمبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه ، ومن ثم قيل أبلس فلان إذا سكت وانقطعت حجته ، قاله الراغب ، مالك : خازن النار ، ليقض علينا ربك : أي ليمتنا ، من قولهم : قضى عليه : أي أماته ، وأبرم الأمر : أحكم تدبيره ، أمرا : هو التحيل فى تكذيب الحق ، والسر : هو ما يحدث به المرء نفسه أو غيره فى مكان خال ، والنجوى : التناجي فيما بينهم.(1/862)
سبحان رب السموات : أي تنزيها له عن كل نقص ، يصفون : أي يقولون كذبا بأن له ولدا ، فذرهم : أي فاتركهم ، يخوضوا : أي يسلكوا فى باطلهم مسلك الخائضين فى الماء ، ويلعبوا : أي يفعلوا فى أمورهم الدنيوية فعل اللاعب الغافل عن عاقبة ما يعمل ، يومهم : هو يوم القيامة ، إله : أي معبود بحق لا شريك له ، يدعون : أي يعبدون ، من شهد بالحق : أي من نطق بكلمة التوحيد ، يؤفكون : أي يصرفون ، وقيله : أي قوله :
قال أبو عبيدة : يقال قلت قولا وقالا وقيلا ، وفى الخبر « نهى عن قيل وقال » ، فاصفح عنهم : أي اعف عنهم عفو المعرض ولا تقف عن التبليغ ، سلام : أي سلام متاركة لكم بسلامتكم منى وسلامتى منكم.(1/863)
سورة الدخان
ليلة مباركة : هى ليلة القدر ، منذرين : أي مخوّفين ، يفرق : أي يفصل ويبين ، حكيم : أي محكم لا يستطاع أن يطعن فيه بحال ، موقنين أي تطلبون اليقين وتريدونه كما يقال منجد متهم : أي يريد نجدا وتهامة.(1/864)
ارتقب : أي انتظر ، من قولهم : رقبته أي انتظرته وحرسته ، والمراد من الدخان ما أصابهم من الظلمة فى أبصارهم من شدة الجوع حتى كأنهم كانوا يرون دخانا ، فإن الإنسان إذا اشتد خوفه أو ضعفه أظلمت عيناه ورأى الدنيا كالمملوءة دخانا ، يغشى الناس : أي يحيط بهم ، اكشف عنا : أي ارفع ، أنّى : أي كيف يكون ومن أين معلّم أي يعلمه غلام رومى لبعض ثقيف ، وبطش به أخذه بالعنف والسطوة كأبطشه ، والبطش : الأخذ الشديد فى كل شىء والبأس ، قاله صاحب القاموس.(1/865)
فتنا : أي بلونا وامتحنا ، كريم : أي جامع لخصال الخير والأفعال المحمودة قاله الراغب ، أدّوا إلىّ عباد اللّه : أي أطلقوا وسلموا ، أمين : أي ائتمنه اللّه على وحيه ورسالته ، وأن لا تعلوا على اللّه : أي لا نستكبروا على اللّه بالاستهانة بوحيه ، بسلطان مبين :
أي بحجة واضحة لا سبيل إلى إنكارها ، عذت بربي وربكم : أي التجأت إليه وتوكلت عليه ، أن ترجمون : أي تؤذوني ضربا أو شتما ، فاعتزلون : أي كونوا بمعزل منى لا علىّ ولا لى ولا تتعرضوا لى بسوء ، مجرمون : أي كافرون ، أسر بعبادي : أي سر بهم ليلا ، متبعون : أي يتبعكم فرعون وقومه ، رهوا : أي ساكنا ، يقال عيش راه إذا كان خافضا وادعا ، وافعل ذلك سهوا رهوا : أي ساكنا بغير تشدد ، قال القطامي فى وصف الرّكاب :
يمشين رهوا فلا الأعجاز خاذلة ولا الصدور على الأعجاز تتّكل
مقام كريم : أي مجالس ومنازل حسنة ، نعمة : أي حسن ونضرة ، قال صاحب الكشاف : النعمة (بالفتح) من التنعم ، (وبالكسر) من الإنعام ، فاكهين : أي طيبى الأنفس ناعمين ، فما بكت عليهم السماء : أي لم تكترث لهلاكهم ولا اعتدّت بوجودهم ، وقد جرى الناس أن يقولوا حين هلاك الرجل العظيم الشأن : إنه قد أظلمت الدنيا لفقده ، وكسفت الشمس والقمر له - وبكت عليه السماء والأرض كما قال جرير يرثى عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه :
الشمس طالعة ليست بكاسفة تبكى عليك نجوم الليل والقمرا
منظرين : أي ممهلين ومؤخرين ، العذاب المهين : أي الشديد الإهانة والإذلال ، عاليا : أي جبارا متكبرا ، من المسرفين : أي فى الشر والفساد ، اخترناهم : أي اصطفيناهم ، على علم : أي عالمين باستحقاقهم ذلك ، على العالمين : أي عالمى زمانهم ، الآيات : أي المعجزات كفلق البحر وتظليل الغمام وإنزال المنّ والسلوى ، بلاء مبين : أي اختبار ظاهر.(1/866)
بمنشرين : أي بمبعوثين ، يقال نشر اللّه الموتى وأنشرهم إذا أحياهم ، وتبّع : واحد التبابعة ، وهم ملوك اليمن ، وهذا اللقب أشبه بفرعون لدى قدماء المصريين ، وهم طبقتان :
الطبقة الأولى ملوك سبإ وريدان من سنة 115 قبل الميلاد إلى 275 بعده. والطبقة الثانية ملوك سبإ وريدان وحضرموت والشّحر من سنة 275 بعد الميلاد إلى سنة 525 ، وأولهم شمر برعش ، وآخرهم ذو نواس ثم ذو جدن ، ومنهم ذو القرنين أو إفريقش ، ويسمى الصعب. وبعده عمرو زوج بلقيس ثم أبو بكر ابنه ثم ذو نواس ، والذين اشتهروا من هؤلاء الملوك ثلاثة شمر برعش وذو القرنين وأسعد أبو كرب.(1/867)
لاعبين : أي عابثين ، بالحق : أي بسبب الحق وهو الإيمان باللّه والطاعة له ، يوم الفصل : هو يوم القيامة ، سمى بذلك لأنه يفصل فيه بين الحق والباطل ، ميقاتهم :
أي وقت موعدهم ، يغنى : أي ينفع ، مولى : أي ابن عم أو حليف(1/868)
شجرة الزقوم : هى شجرة ذات ثمر مرّ تنبت بتهامة ، شبهت بها الشجرة التي تنبت فى الجحيم ، والأثيم : أي الكثير الآثام والذنوب وهو الكافر ، والمهل : دردىء الزيت ، والجميم : الماء الذي تناهى حره ، والعتل أن تأخذ بمنكبي الرجل فتجره إليك وتذهب به إلى حبس أو محنة. وقال ابن السكيت : عتلته إلى السجن وأعتلته إذا دفعته دفعا عنيفا ، وسواء الجحيم : وسطها(1/869)
فى مقام أمين : أي فى مجلس أمنوا فيه من كل همّ وحزن ، سندس : أي ديباج رقيق ، إستبرق : أي حرير فيه بريق ولمعان ، زوّجناهم : أي قرناهم ، بحور عين :
أي بجوار بيض حسان واسعات العيون ، يدعون : أي يطلبون ، وقاهم : أي حفظهم ارتقب : أي انتظر.(1/870)
سورة الجاثية
لآيات : أي لعبرا ، يبث : أي يفرق وينشر ، اختلاف الليل والنهار : أي تعاقبهما ليل بعد نهار ونهار بعد ليل ، من رزق. أي من مطر ، وسمى بذلك لأنه سبب له ، وتصريف الرياح : أي تغييرها من جهة إلى أخرى ، ومن حال إلى حال(1/871)
الأفاك : كثير الإفك والكذب ، والأثيم : كثير الإثم والمعاصي ، والإصرار على الشيء : ملازمته ، من ورائهم : أي من بعد آجالهم ، يغنى : أي يدفع ، أولياء :
أي أصناما ، والرجز : أشد العذاب.(1/872)
سخر : هيأ ، الفلك : السفينة ، والابتغاء : الطلب ، يغفر : أي يعفو ويصفح ، لا يرجون : أي لا يتوقعون حصولها ، وأيام اللّه : وقائعه بأعداء دينه كما يقال لوقائع العرب أيام العرب ، والقوم هم المؤمنون الغافرون.(1/873)
الكتاب : المراد به الكتب التي نزلت على أنبيائهم ، الحكم : الفصل بين الناس فى الخصومات ، لأنهم كانوا ملوكا ، بينات من الأمر : أي دلائل واضحات فى أمر الدين ، ويندرج فيها معجزات موسى عليه السلام ، بغيا : أي حسدا وعنادا ، على شريعة من الأمر : أي على طريقة ومنهاج فى أمر الدين. وأصل الشريعة مورد الماء فى الأنهار ونحوها ، وشريعة الدين يرد منها الناس إلى رحمة اللّه والقرب منه ، بصائر للناس : أي معالم للدين بمنزلة البصائر فى القلوب.(1/874)
الاجتراح : الاكتساب ، ومنه الجارحة للأعضاء التي يكتسب بها كالأيدى ، والمراد بالسيئات : سيئات الكفر والإشراك باللّه.(1/875)
جاثية : أي باركة على الركب مستوفزة ، وهى هيئة المذنب الخائف المنتظر ما يكره ، إلى كتابها : أي إلى صحيفة أعمالها التي كتبها الحفظة لتحاسب على ما قيّد فيها ، ينطق :
أي يشهد ، نستنسخ : أي نجعل الملائكة تكتب وتنسخ.(1/876)
فى رحمته : أي فى جنته ، الفوز : هو الظفر بالبغية ، المبين : أي الظاهر أنه لا فوز وراءه ، آياتي : أي آيات كتبى التي جاءت فى الشرائع السماوية ، وعد اللّه : أي بأنه محيى الموتى من قبورهم ، بمستيقنين : أي بمتحققين ، وبدا : أي ظهر ، سيئات ما عملوا :
أي عقوباتها ، وحاق : أي حل ، ننساكم ، أي نترككم ، نسيتم : أي تركتم ، آيات اللّه :
أي حججه ، غرتكم : أي خدعتكم ، الحياة الدنيا : أي زينتها ، يستعتبون : أي يطلب منهم العتبى بالتوبة من ذنوبهم ، والإنابة إلى ربهم ، الكبرياء : العظمة والسلطان.(1/877)
سورة الأحقاف
أجل مسمى : هو يوم القيامة ، أنذروا : أي خوّفوا ، معرضون : أي مولّون لاهون ، تدعون : أي تعبدون ، شرك : أي نصيب ، أثارة : أي بقية ، ومثلها الأثرة (بالتحريك) يقال (سمنت الإبل على أثارة) أي بقية شحم كان قبل ذلك ، حشر :
أي جمع ، كافرين : أي مكذبين.(1/878)
المراد بالحق آيات القرآن ، افتراه : كذب عليه عمدا ، فلا تملكون لى من اللّه شيئا : أي لا تغنون عنى من اللّه شيئا إن أراد عقابى ، تفيضون فيه : أي تخوضون فيه من تكذيب القرآن ، يقال أفاض القوم فى الحديث : أي اندفعوا فيه ، والبدع والبديع من كل شىء : المبتدع المحدث دون سابقة له.(1/879)
الإيصاء والوصية : بيان الطريق القويم لغيرك ليسلكه ، والإحسان : خلاف الإساءة ، والحسن : خلاف القبح ، والمراد أنه يفعل معهما فعلا ذا حسن ، والكره
(بالضم والفتح) كالضعف والضعف : المشقة ، وحمله : أي مدة حمله ، وفصاله : فطامه والمراد به الرضاع التام المنتهى بالفطام ، والأشد : استحكام القوة والعقل ، أوزعنى :
أي رغبنى ووفقني ، من أوزعته بكذا : أي جعلته مولعا به راغبا فى تحصيله ، والقبول :
هو الرضا بالعمل والإثابة عليه ، فى أصحاب الجنة : أي منتظمين فى سلكهم كما تقول أكرمنى الأمير فى أصحابه.(1/880)
أفّ : صوت يصدر من الإنسان حين تضجره ، أخرج : أي أبعث من القبر للحساب ، خلت القرون من قبلى : أي مضت ولم يخرج منها أحد ، يستغيثان اللّه :
أي يقولان الغياث باللّه منك ، يقال استغاث اللّه واستغاث باللّه ، والمراد أنهما يستغيثان باللّه من كفره ، إنكارا واستعظاما له ، حتى لجأ إلى اللّه فى دفعه كما يقال العياذ باللّه من كذا ، ويلك : دعاء عليه بالثبور والهلاك ، ويراد به الحث على الفعل أو تركه إشعارا بأن مرتكبه حقيق بأن يهلك ، فإذا سمع ذلك ارعوى عن غيّه وترك ما هو فيه وأخذ بما ينجيه ، أساطير الأولين : أي أباطيلهم التي سطروها فى الكتب من غير أن يكون لها حقيقة ، حق عليهم القول : أي وجب عليهم قوله لإبليس « لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ
وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ »
من الخاسرين : أي الذين ضيعوا نظرهم الشبيه برءوس الأموال باتباعهم همزات الشياطين ، والدرجات : المنازل واحدها درجة ، وهى المنزلة ، ويقال لها منزلة إذا اعتبرت صعودا ، ودركة إذا اعتبرت حدورا ، ومن ثم يقال درجات الجنة ، ودركات النار ، فالتعبير بالدرجات هنا على سبيل التغليب ، طيباتكم : أي شبابكم وقوتكم يقولون ذهب أطيباه أي شبابه وقوته ، الهون : أي الهوان والذل ، تفسقون :
أي تخرجون من طاعة اللّه.(1/881)
أخا عاد : هو هود عليه السلام ، والأحقاف : واحدها حقف (بالكسر والسكون) وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء ، سمى به واد بين عمّان ومهرة كانت تسكنه عاد ، وكانوا أهل عمل ، سيارة فى الربيع ، فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم ، وهم من قبيلة إرم ، والنذر : واحدهم نذير أي منذر ، من بين يديه : أي من قبله ، ومن خلفه : أي من بعده ، لتأفكنا : أي لتصرفنا ، عن آلهتنا : أي عن عبادتها ، بما تعدنا : أي من معاجلة العذاب على الشرك : إنما العلم عند اللّه ، أي العلم بوقت نزوله عند اللّه ، والعارض : السحاب الذي يعرض فى أفق السماء قال الأعشى :
يا من رأى عارضا قد بتّ أرمقه كأنما البرق فى حافاته الشّعل
مستقبل أوديتهم : أي متجها إليها ، تدمّر : أي تهلك ، حاق : أي نزل ، صرفنا :
أي بيّنا ونوّعنا ، الآيات : الحجج والعبر ، فلو لا : أي فهلا ، نصرهم : أي منعهم ، قربانا : أي متقربا بها إلى اللّه ، ضلوا عنهم : أي غابوا عنهم ، إفكهم : أي أثر إفكهم وصرفهم عن الحق ، وما كانوا يفترون أي وأثر افترائهم وكذبهم.(1/882)
صرفنا : أي وجهنا ، والنفر : ما بين الثلاثة والعشرة من الرجال ، سموا بذلك :
لأنهم ينفرون إذا حزبهم أمر لكفايته ، أنصتوا : أي اسكتوا ، قضى : أي فرغ من تلاوته ، ولّوا : أي رجعوا ، منذرين : أي مخوّفين لهم عواقب الضلال. روى أن هؤلاء الجن كانوا من جنّ نصيبين من دياربكر قريبة من الشام ، أو من نينوى بالموصل ، وكان الاجتماع بوادي نخلة على نحو ليلة من مكة ، وقد أمر الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم أن ينذر الجن ويدعوهم إلى اللّه تعالى ويقرأ عليهم القرآن ، فصرف اللّه إليه نفرا منهم فاستمعوا منه ، حتى إذا انقضى من تلاوته رجعوا إلى قومهم منذريهم عقاب اللّه إذا هم استمروا على الضلال. أجاره من كذا : أنقذه منه ، وداعى اللّه : هو الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، فليس بمعجز فى الأرض : أي لا ينجو منه هارب ، ولا يسبق قضاءه سابق.(1/883)
لم يعى : أي لم يعجز ، قال الكسائي : يقال أعييت من التعب ، وعييت من انقطاع الحيلة والعجز ، قال عبيد بن الأبرص :
عيّوا بأمرهم كما عيّت ببيضتها الحمامه
أولو العزم : أي ذوو الحزم والصبر ، قال مجاهد : هم خمسة نظمهم الشاعر فى قوله :
أولو العزم نوح والخليل الممجّد وموسى وعيسى والحبيب محمد
بلاغ : أي كفاية فى الموعظة.(1/884)
سورة محمد صلى الله عليه وسلم
صدوا عن سبيل اللّه : أي صرفوا الناس عن الدخول فى الإسلام ، وذلك يستلزم أنهم منعوا أنفسهم عن الدخول فيه ، أضل أعمالهم : أي أبطلها ، وهو الحق من ربهم :
أي وهو الحق الثابت الذي لا مرية فيه ، بالهم : أي حالهم فى الدين والدنيا بالتوفيق لصالح الأعمال ، وأصل البال : الحال التي يكترث بها ، ولذلك يقال ما باليت به : أي ما اكترثت به ، ومنه
قوله صلّى اللّه عليه وسلم « كل أمر ذى بال »
الحديث. يضرب اللّه للناس أمثالهم : أي يبين لهم مآل أعمالهم وما يصيرون إليه فى معادهم.(1/885)
لقيتم من اللقاء : وهو الحرب ، فضرب الرقاب : أي فالقتل ، وعبر به عنه تصويرا له بأشنع صورة وهو حزّ العنق وإطارة العضو الذي هو رأس البدن وأوجه أعضائه ومجمع حواسه ، وبقاء البدن ملقى على هيئة مستبشعة ، وفى ذلك من الغلظة والشدة ما ليس فى لفظ القتل ، وأثخنتموهم : أي أكثرتم القتل فيهم ، فشدّوا الوثاق : أي فأسروهم ، والوثاق : (بالفتح والكسر) : ما يوثق به ، منّا : أي إطلاقا من الأسر بالمجّان ، فداء : أي إطلاقا فى مقابلة مال أو غيره ، والأوزار فى الأصل : الأحمال ويراد بها آلات الحرب وأثقالها من السلاح والكراع ، قال الأعشى :
و أعددت للحرب أوزارها رماحا طوالا وخيلا ذكورا
و من نسج داود موضونة تساق مع الحىّ عيرا فعيرا
انتصر : أي انتقم ببعض أسباب الهلاك من خسف أو رجفة أو غرق ، ليبلو :
أي ليختبر ، يضلّ : أي يضيع ، بالهم. أي شأنهم وحالهم ، عرّفها. أي بينها وأعلمها ، إن تنصروا اللّه : أي تنصروا دينه ، يثبت أقدامكم : أي يوفقكم للدوام على طاعته ، فتعسا لهم ، من قولهم : تعس (بفتح العين) الرجل تعسا : أي سقط على وجهه ، وضده انتعش : أي قام من سقوطه ، ويقال تعسا ونكسا (بضم النون) : أي سقوطا على الوجه وسقوطا على الرأس ، أحبط أعمالهم : أي أبطلها.(1/886)
مثل الجنة : أي صفتها ، آسن : أي متغير الطعم والريح لطول مكثه ، وفعله أسن (بالفتح من بابى ضرب ونصر ، وبالكسر من باب علم) لذة تأنيث لذّ ، وهو اللذيذ ، مصفى : أي لم يخالطه الشمع ولا فضلات النحل ولم يمت فيه بعض نحله كعسل الدنيا ، حميما : أي حارّا ، والأمعاء : واحدها معى (بالفتح والكسر) وهو ما فى البطون من الحوايا.(1/887)
آنفا : أي قبيل هذا الوقت ، مأخوذ من أنف الشيء لما تقدم منه ، وأصل ذلك الأنف بمعنى الجارحة ثم سمى به طرف الشيء ومقدمه وأشرفه ، آتاهم : أي ألهمهم ، بغتة : أي فجأة ، والأشراط : العلامات ، واحدها شرط (بالسكون والفتح) ومنه أشراط الساعة ، قال أبو الأسود الدؤلي :
فإن كنت قد أزمعت بالصّرم بيننا فقد جعلت أشراط أوله تبد
وفأنى لهم : أي كيف لهم ، ذكراهم : أي تذكرهم ، متقلبكم : أي تقلبكم لأشغالكم فى الدنيا ، ومثواكم : أي مأواكم فى الجنة أو النار.(1/888)
لولا : كلمة تفيد الحثّ على حصول ما بعدها ، أي هلا أنزلت سورة فى أمر الجهاد ، محكمة : أي بيّنة واضحة لا احتمال فيها لشىء آخر ، مرض : أي ضعف ونفاق ، نظر المغشىّ عليه من الموت : أي كما ينظر المصروع الذي لا يطرف بصره جبنا منه وهلعا ، أولى لهم : أي فويل لهم ، وهو من الولي بمعنى القرب ، والمراد الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه ويقرب منهم ، عزم الأمر : أي جدّ أولو الأمر ، عسى كلمة تدل على توقع حصول ما بعدها ، توليتم أي توليتم أمور الناس. وتأمرتم عليهم.(1/889)
يتدبرون القرآن : أي يتصفحون ما فيه من المواعظ والزواجر حتى يقلعوا عن الوقوع فى الموبقات ، ارتدوا على أدبارهم : أي رجعوا إلى ما كانوا عليه من الكفر ، سوّل لهم : أي سهّل لهم وزين ، وأملى لهم : أي مدّ لهم فى الأمانى والآمال ، يضربون وجوههم وأدبارهم : أي يتوفونهم وهم على أهوال الأحوال وأفظعها ، والأضغان : واحدها ضغن ، وهو الحقد الشديد ، وتضاغن القوم واضطغنوا إذا أبطنوا الأحقاد ، قال :
قل لابن هند ما أردت بمنطق ساء الصديق وشيّد الأضغانا ؟
لأريناكهم : أي لعرّفناكهم ، والسيمى : العلامة ، ولحن القول : أسلوبه بإمالته عن وجهه من التصريح إلى التعريض والتورية ، ولنبلونّكم : أي لنختبرنّكم.(1/890)
شاقوا الرسول : أي عادوه وخالفوه ، وأصله صاروا فى شقّ غير شقه ، فلا تهنوا :
أي فلا تضعفوا عن القتال ، من الوهن وهو الضعف ، وقد وهن الإنسان ووهّنه غيره ، وتدعوا إلى السلم : أي تدعوا الكفار إلى الصلح خوفا وإظهارا للعجز ، الأعلون : أي الغالبون ، واللّه معكم : أي ناصركم ، لن يتركم أعمالكم : أي لن ينقصكموها من وترت الرجل : إذا قتلت له قتيلا من ولد أو أخ أو حميم أو سلبت ماله وذهبت به ، فشبه إضاعة عمل العامل وتعطيل ثوابه بوتر الواتر وهو إضاعة شىء معتد به من الأنفس والأموال.(1/891)
كل ما اشتغلت به مما ليس فيه ضرر فى الحال ولا منفعة فى المآل ولم يمنعك عن مهامّ أمورك فهو لعب ، فإن شغلك عنها فهو لهو ، ومن ثم يقال آلات الملاهي ، لأنها مشغلة عن غيرها ، ويقال لما دون ذلك لعب كاللعب بالشّطرنج والنّرد والحمام ، فيحفكم أي فيجهدكم بطلبها جميعا ، والإلحاف والإحفاء بلوغ الغاية فى كل شىء يقال أحفاه فى المسألة : إذا لم يترك شيئا من الإلحاح ، أضغانكم : أي أحقادكم.(1/892)
سورة الفتح
أصل الفتح : إزالة الأغلاق ، وفتح البلد : دخله عنوة أو صلحا ، والمراد بالفتح هنا صلح الحديبية (والحديبية بئر) على المشهور ، وهو المروي عن ابن عباس وأنس والشعبي والزهري ، وسمى هذا فتحا لأنه كان سببا لفتح مكة ، قال الزهري : لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية ، اختلط المشركون بالمسلمين وسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام من قلوبهم وأسلم فى ثلاث سنين خلق كثير كثر بهم سواد الإسلام ، فما مضت تلك السنون إلا والمسلمون قد جاءوا إلى مكة فى عشرة آلاف ففتحوها والخلاصة - إنه كان من نتائج هذا الصلح الأمور الآتية :
(1) تمّ فى هذا الصلح ما يسمونه فى العصر الحديث (جسّ النبض) لمعرفة قوة العدو ومقدار كفايته وإلى أىّ حد هى.
(2) معرفة صادقى الإيمان من المنافقين كما علم ذلك من المخلفين فيما يأتى.
(3) إن اختلاط المسلمين بالمشركين حبب الإسلام إلى قلوب كثير منهم فدخلوا فى دين اللّه أفواجا.
مبينا : أي بيّنا ظاهر الأمر مكشوف الحال.(1/893)
أنزل السكينة : أي خلقها وأوجدها ، قال الراغب : إنزال اللّه تعالى نعمته على عبد :
إعطاؤه إياها ، إما بإنزال الشيء نفسه كإنزال القرآن ، أو بإنزال أسبابه بالهداية إليه كإنزال الحديد ونحوه اه. والسكينة : الطمأنينة والثبات من السكون ، إيمانا مع إيمانهم :
أي يقينا مع يقينهم ، جنود السموات والأرض : أي الأسباب السماوية والأرضية ، ويكفر عنهم سيئاتهم : أي يغطيها ولا يظهرها ، والسوء : (بالضم والفتح) : المساءة ، وظن السوء : أي ظن الأمر السوء فيقولون فى أنفسهم : لا ينصر اللّه رسوله والمؤمنين ، عليهم دائرة السوء. الدائرة فى الأصل الحادثة التي تحيط بمن وقعت عليه ، وكثر استعمالها فى المكروه ، والسوء : العذاب والهزيمة والشر (وهو بالضم والفتح لغتان) وقال سيبويه : السوء هنا الفساد ، أي عليهم ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين لا يتخطاهم ، لعنهم : أي طردهم طردا نزلوا به إلى الحضيض ، عزيزا : أي يغلب ولا يغلب.(1/894)
شاهدا : أي على أمتك لقوله تعالى : « لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ » ومبشرا : أي بالثواب على الطاعة ، ونذيرا : أي بالعذاب على المعصية ، وتعزروه :
أي تنصروه ، وتوقروه : أي تعظموه ، بكرة : أي أول النهار ، وأصيلا : أي آخر النهار ، والمراد جميع النهار ، إذ من سنن العرب أن يذكروا طرفى الشيء ويريدوا جميعه ، كما يقال شرقا وغربا لجميع الدنيا ، يبايعونك : أي يوم الحديبية إذ بايعوه على الموت فى نصرته والذبّ عنه كما روى عن سلمة بن الأكوع وغيره ، أو على ألا يفروا من قريش كما روى عن ابن عمر وجابر ، إنما يبايعون اللّه ، لأن المقصود من بيعة الرسول وطاعته طاعة اللّه وامتثال أوامره ، يد اللّه فوق أيديهم : أي نصرته إياهم أعلى وأقوى من نصرتهم إياه ، كما يقال اليد لفلان : أي الغلبة والنصرة له ، نكث : أي نقض ، يقال أوفى بالعهد ووفى به : إذا أتمه ، وقرأ الجمهور (عليه) بكسر الهاء ، وضمها حفص ، لأنها هاء هو وهى مضمومة فاستصحب ذلك كما فى له وضربه.(1/895)
المخلفون : واحدهم مخلّف ، وهو المتروك فى المكان خلف الخارجين منه ، يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم : أي إن كلامهم من طرف اللسان غير مطابق لما فى القلب فهو كذب صراح ، والملك : إمساك بقوة وضبط تقول ملكت الشيء إذا دخل تحت ضبطك دخولا تاما ، ومنه لا أملك رأس بعيري : إذا لم تستطع إمساكه إمساكا تاما ، والمراد بالضر : ما يضر من هلاك الأهل والمال وضياعهما ، وبالنفع : ما ينفع من حفظ المال والأهل ، ينقلب : أي يرجع ، إلى أهليهم : أي عشائرهم وذوى قرباهم ، بورا :
أي هالكين لفساد عقائدكم وسوء نياتكم ، سعيرا : أي نارا مسعورة موقدة ملتهبة.(1/896)
المراد بالمغانم : مغانم خيبر ، فإنه عليه الصلاة والسلام رجع من الحديبية فى ذى الحجة من سنة خمس وأقام بالمدينة بقيتها وأوائل المحرم ، ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم أموالا كثيرة خصهم بها والمراد بتبديل كلام اللّه الشركة فى المغانم دون أن ينصروا دين اللّه ويعلوا كلمته ، يفقهون : أي يفهمون والمراد بالفهم القليل فهمهم لأمور الدنيا دون أمور الدين.(1/897)
قال الزهري ومقاتل وجماعة : المراد بالقوم أولى البأس الشديد بنو حنيفه أصحاب مسيلمة الكذاب ، وقال قتادة : هم هوازن وغطفان ، وقال ابن عباس ومجاهد : هم أهل فارس ، وقال الحسن : هم فارس والروم ، قال ابن جرير : إنه لم يقم دليل من نقل ولا من عقل على تعيين هؤلاء القوم ، فلندع الأمر على إجماله دون حاجة إلى التعيين اه.
والبأس : النجدة وشدة المراس فى القتال ، والحرج : الإثم والذنب.(1/898)
الرضا : ما يقابل السخط ، يقال رضى عنه ورضى به ورضيته ، والمراد بالمؤمنين أهل الحديبية ، ورضاه عنهم لمبايعتهم رسوله صلّى اللّه عليه وسلم ، والشجرة : سمرة (شجرة طلح - وهى المعروفة الآن بالسنط) بايع المؤمنون تحت ظلها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ما فى قلوبهم : أي من الصدق والإخلاص فى المبايعة ، والسكينة :
الطمأنينة والأمن وسكون النفس ، فتحا قريبا : هو فتح خيبر عقب انصرافهم من الحديبية كما علمت ، مغانم كثيرة : هى مغانم خيبر ، وكانت خيبر أرضا ذات عقار وأموال قسمها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بين المقاتلة فأعطى الفارس سهمين والراجل سهما ، عزيزا : أي غالبا ، حكيما : أي يفعل على مقتضى الحكمة فى تدبير خلقه.(1/899)
المغانم الكثيرة : ما وعد به المؤمنون إلى يوم القيامة ، فعجل لكم هذه : أي مغانم خيبر ، أيدى الناس : أي أيدى اليهود عن المدينة بعد خروج الرسول منها إلى الحديبية ، آية : أي أمارة للمؤمنين يعرفون بها : (1) صدق الرسول صلّى اللّه عليه وسلم.
(2) حياطة اللّه لرسوله وللمؤمنين وحراسته لهم فى مشهدهم ومغيبهم. (3) معرفة المؤمنين الذين سيأتون بعد أن كلاءته تعالى ستعمهم أيضا ماداموا على الجادّة ، الصراط المستقيم : هو الثقة بفضل اللّه والتوكل عليه فيما تأتون وما تذرون ، وأخرى : أي مغانم أخرى هى مغانم فارس والروم ، أحاط اللّه بها : أي أعدها لكم وهى تحت قبضته يظهر عليها من أراد ، لولّوا الأدبار : أي لانهزموا ، والولىّ الحارس الحامى ، والنصير : المعين والمساعد ، سنة اللّه : أي سنّ سبحانه غلبة أنبيائه سنة قديمة فيمن مضى من الأمم كما قال : « لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي » أيديهم عنكم : أي أيدى كفار مكة ، وأيديكم عنهم ببطن مكة ، يعنى بالحديبية ، أظفركم عليهم : أي على كلمته وجعلكم ذوى غلبة عليهم ، فإن عكرمة بن أبى جهل خرج فى خمسمائة إلى الحديبية فبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خالد بن الوليد على جند فهزمهم حتى أدخلهم حيطان مكة ثم عاد.(1/900)
الهدى : ما يقدّم قربانا للّه حين أداء مناسك الحج أو العمرة ، معكوفا : أي محبوسا تقول عكفت الرجل عن حاجته : إذا حبسته عنها ، محله : أي المكان الذي يسوغ فيه نحره وهو منى ، والوطء : الدوس ، والمراد به الإهلاك ،
وفى الحديث « اللهم اشدد وطأتك على مضر » ،
و المعرة : المكروه والمشقة ، من عرّه إذا عراه ودهاه بما يكره والتنزيل : التفرق والتميز ، والحميّة : الأنفة ، يقال حميت من كذا حميّة إذا أنفت منه وداخلك منه عار ، والمراد بها ثوران القوة الغضبية ، وحمية الجاهلية : حمية فى غير
موضعها لا يؤيدها دليل ولا برهان ، وكلمة التقوى هى : لا إله إلا اللّه ، وأهلها : أي المستأهلين.(1/901)
الرؤيا : هى رؤيا منام وحلم ، وصدق اللّه رسوله الرؤيا : أي صدقه فى رؤياه ولم يكذبه ، محلقين رءوسكم ومقصرين : أي يحلق بعضكم ويقصّر بعض آخر بإزالة بعض الشعر ، ليظهره على الدين كله : أي ليعليه على سائر الأديان حقها وباطلها ، وأصل الإظهار جعل الشيء باديا ظاهرا للرائى ثم شاع استعماله فى الإعلاء.(1/902)
أشداء : واحدهم شديد ، رحماء : واحدهم رحيم ، فضلا : أي ثوابا ، والسيماء والسيمياء من السومة (بالضم) وهى العلامة قال :
غلام رماه اللّه بالحسن يافعا له سيمياء لا تشق على البصر
مثلهم : أي وصفهم العجيب الجاري مجرى الأمثال فى الغرابة ، والشطء : فروخ الزرع ، وهو ما خرج منه وتفرع فى شاطئيه : أي جانبيه وجمعه أشطاء ، وشطأ الزرع وأشطأ : إذا أخرج فراخه ، وهو فى الحنطة والشعير والنخل وغيرها ، وآزره : أعانه وقوّاه وأصله من المؤازة وهى المعاونة ، واستوى على سوقه : أي استقام على قصبه وأصوله ، والسوق ، واحدها ساق.(1/903)
سورة الحجرات
لا تقدموا : أي لا تتقدموا ، من قولهم مقدمة الجيش لمن تقدم منهم ، قال أبو عبيدة : العرب تقول : لا تقدّم بين يدى الإمام وبين يدى الأب : أي لا تعجل بالأمر دونه ، وقيل إن المراد لا تقولوا بخلاف الكتاب والسنة ، ورجّح هذا ، لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي : أي إذا كلمتموه ونطق ونطقتم فلا تبلغوا بأصواتكم وراء
الحد الذي يبلغه بصوته ، يغضون أصواتهم : أي يخفضونها ويلينونها ، امتحن اللّه قلوبهم :
أي طهّرها ونقاها كما يمتحن الصائغ الذهب بالإذابة والتنقية من كل غشّ.(1/904)
من وراء الحجرات : أي من خارجها سواء كان من خلفها أو من قدامها ، إذ أنها من المواراة وهى الاستتار ، فما استتر عنك فهو وراء ، خلفا كان أو قداما ، فإذا رأيته
لا يكون وراءك. ويرى بعض أهل اللغة أن وراء من الأضداد فتطلق تارة على ما أمامك ، وأخرى على ما خلفك ، والحجرات (بضم الجيم وفتحها وتسكينها) واحدها حجرة : وهى القطعة من الأرض المحجورة أي الممنوعة عن الدخول فيها بحائط ونحوه ، والمراد بها حجرات نسائه عليه الصلاة والسلام ، وكانت تسعة لكل منهن حجرة من جريد النخل على أبوابها المسوح من شعر أسود ، وكانت غير مرتفعة يتناول سقفها باليد ، وقد أدخلت فى عهد الوليد بن عبد الملك بأمره فى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فبكى الناس لذلك.
وقال سعيد بن المسيّب يومئذ : لوددت أنهم تركوها على حالها لينشأ ناس من أهل المدينة ويقدم القادم من أهل الآفاق فيرى ما اكتفى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فى حياته ، فيكون ذلك مما يزهد الناس فى التفاخر والتكاثر فيها.(1/905)
الفاسق : هو الخارج عن حدود الدين ، من قولهم : فسق الرطب إذا خرج من قشره والتبين : طلب البيان ، والنبأ : الخبر ، قال الراغب : ولا يقال للخبر نبأ إلا إذا كان ذا فائدة عظيمة وبه يحصل علم أو غلبة ظن بجهالة : أي جاهلين حالهم ، فتصبحوا : أي فتصيروا ، نادمين : أي مغتمّين غما لازما متمنين أنه لم يقع فإن الندم الغم على وقوع شىء مع تمنى عدم وقوعه ، لعنتّم : أي لوقعتم فى الجهد والهلاك ، والكفر : تغطية نعم اللّه تعالى بالجحود لها ، الفسوق : الخروج عن الحد كما علمت ، والعصيان : عدم الانقياد ، من قولهم : عصت النواة : أي صلبت واشتدت ، والرشاد : إصابة الحق واتباع الطريق السوىّ.(1/906)
الطائفة : الجماعة أقل من الفرقة بدليل قوله : « فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ » فأصلحوا بينهما : أي فكفوهما عن القتال بالنصيحة أو بالتهديد والتعذيب ، بغت : أي تعدّت وجارت ، تفيء : أي ترجع ، وأمر اللّه : هو الصلح ، لأنه مأمور به فى قوله : « وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ » فأصلحوا بينهما بالعدل : أي بإزالة آثار القتال بضمان المتلفات بحيث يكون الحكم عادلا حتى لا يؤدى النزاع إلى الاقتتال مرة أخرى ، وأقسطوا : أي واعدلوا فى كل شأن من شئونكم وأصل الإقساط : إزالة القسط (بالفتح) وهو الجور ، والقاسط : الجائز كما قال : َ أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً »
والإخوة فى النسب ، والإخوان فى الصداقة ، واحدهم أخ ، وقد جعلت الأخوّة فى الدين كالأخوّة فى النسب وكأن الإسلام أب لهم قال قائلهم :
أبى الإسلام لا أب لى سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم(1/907)
السخرية : الاحتقار وذكر العيوب والنقائص على وجه يضحك منه ، يقال سخر به وسخر منه ، وضحك به ومنه ، وهزىء به ومنه والاسم السخرية والسخرى (بالضم والكسر) وقد تكون بالمحاكاة بالقول أو بالفعل أو بالإشارة أو بالضحك على كلام المسخور منه إذا غلظ فيه ، أو على صنعته ، أو على قبح صورته.
والقوم : شاع إطلاقه على الرجال دون النساء كما في الآية وكما قال زهير :
و ما أدرى وسوف إخال أدرى أقوم آل حصن أم نساء
و لا تلمزوا أنفسكم : أي لا يعب بعضكم بعضا بقول أو إشارة باليد أو العين أو نحوهما ، والمؤمنون كنفس واحدة فمتى عاب المؤمن المؤمن فكأنما عاب نفسه ، والتنابز : التعاير والتداعي بما يكرهه الشخص من الألقاب ، والاسم : الذكر والصيت ، من قولهم :
طار اسمه بين الناس بالكرم أو اللؤم.(1/908)
اجتنبوا : أي تباعدوا ، وأصل اجتنبته : كنت منه على جانب ، ثم شاع استعماله فى التباعد اللازم له ، والإثم : الذنب ، والتجسس : البحث عن العورات والمعايب والكشف عما ستره الناس ، والغيبة : ذكر الإنسان بما يكره فى غيبته ،
فقد روى مسلم وأبو داود والترمذي « أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا اللّه ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيت لو كان فى أخى ما أقول ؟
قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتّه » .(1/909)
من ذكر وأنثى : أي من آدم وحواء ، قال إسحاق الموصلي :
الناس فى عالم التمثيل أكفاء أبوهم آدم والأم حوّاء
فإن يكن لهم فى أصلهم شرف يفاخرون به فالطين والماء
والشعوب : واحدهم شعب (بفتح الشين وسكون العين) وهو الحي العظيم المنتسب إلى أصل واحد كربيعة ومضر ، والقبيلة دونه كبكر من ربيعة ، وتميم من مضر.
وحكى أبو عبيدة أن طبقات النسل التي عليها العرب سبع : الشعب ، ثم القبيلة ، ثم العمارة ، ثم البطن ، ثم الفخذ ، ثم الفصيلة ، ثم العشيرة ، وكل واحد منها يدخل فيما قبله ، فالقبائل تحت الشعوب ، والعمائر تحت القبائل ، والبطون تحت العمائر ، والأفخاذ تحت البطون ، والفصائل تحت الأفخاذ ، والعشائر تحت الفصائل ، فخزيمة شعب ، وكنانة قبيلة ، وقريش عمارة (بفتح العين وكسرها) وقصىّ بطن ، وعبد مناف فخذ ، وهاشم فصيلة ، والعباس عشيرة ، وسمى الشعب شعبا لتشعب القبائل منه كتشعب أغصان الشجرة.(1/910)
الأعراب : سكان البادية ، آمنّا : أي صدقنا بما جئت به من الشرائع ، وامتثلنا ما أمرنا به ، فالإيمان هو التصديق بالقلب. أسلمنا : أي انقدنا لك ، ودخلنا فى السّلم وهو ضد الحرب : أي فلسنا حربا للمؤمنين ، ولا عونا للمشركين ، لا يلتكم : أي لا ينقصكم ، يقال : لاته يليته إذا نقصه ، حكى الأصمعى عن أم هشام السلولية « الحمد للّه الذي لا يفات ولا يلات ولا تصمّه الأصوات » يمنون عليك : أي يذكرون ذلك ذكر من اصطنع لك صنيعة ، وأسدى إليك نعمة.(1/911)
سورة ق
المجيد من المجد ، وهو كما قال الراغب : السعة فى الكرم من قولهم : مجدت الإبل إذا وقعت فى مرعى كثير واسع ، وصف به القرآن لكثرة ما تضمنه من المكارم الدنيوية والأخروية ، رجع بعيد : أي بعث بعد الموت بعيد عن الأوهام ، ما تنقص الأرض : أي ما تأكل من لحوم موتاهم وعظامهم ، حفيظ : أي حافظ لتفاصيل الأشياء كلها ، بالحق : أي بالنبوة الثابتة بالمعجزات ، مريج : أي مضطرب من قولهم : مرج الخاتم فى إصبعه إذا قلق من الهزال(1/912)
بنيناها : أي أحكمنا بناءها ، فجعلناها بغير عمد ، وزيناها : أي بالكواكب ، فروج : أي شقوق ، مددناها : أي بسطناها ، رواسى : أي جبالا ثوابت تمنعها من الميد والاضطراب ، زوج : أي صنف ، بهيج : أي ذى بهجة وحسن ، تبصرة وذكرى :
أي تبصيرا وتذكيرا ، منيب : من أناب إذا رجع وخضع ، حب الحصيد : أي حب الزرع الذي من شأنه أن يحصد كالبرّ والشعير ، باسقات : أي طويلات ، والطلع ما ينمو
ويصير بلحا ثم رطبا ثم تمرا ، ونضيد : أي منضود بعضه فوق بعض ، الخروج : أي من القبور.(1/913)
الرس : البئر التي لم تطو أي لم تبن ، وأصحابه هم من بعث إليهم شعيب عليه الصلاة والسلام ، والأيكة : الغيضة الملتفة الشجر ، تبّع : هو تبع الحميرى ، والعي عن الأمر. العجز عنه : قال الكسائي تقول أعييت من التعب ، وعييت من العجز عن الأمر وانقطاع الحيلة ، ولبس : أي شك شديد وحيرة واختلاط.(1/914)
الوسوسة : الصوت الخفىّ ومنه وسواس الحلي والمراد بها هنا حديث النفس وما يخطر بالبال من شتى الشئون ، وحبل الوريد : عرق كبير فى العنق ، وللانسان وريدان مكتنفان بصفحتى العنق فى مقدمهما متصلان بالوتين يردان من الرأس إليه ، وقعيد :
بمعنى مقاعد كالجليس بمعنى المجالس ، والرقيب : ملك يرقب قوله ويكتبه ، فإن كان خيرا فهو صاحب اليمين ، وإن كان شرا فهو صاحب الشمال ، عتيد : أي مهيأ لكتابة ما يؤمر به من الخير والشر ، سكرة الموت : شدته ، بالحق : أي بحقيقة الحال ، تحيد :
أي تميل وتعدل ، يوم الوعيد : أي يوم إنجاز الوعيد ، السائق والشهيد : ملكان أحدهما يسوق النفس إلى أمر اللّه ، والآخر : يشهد عليها بعملها ، والغطاء : الحجاب المغطى لأمور المعاد ، وهو الغفلة والانهماك فى اللذات وقصر النظر عليها ، حديد : أي نافذ ، لزوال المانع للإبصار.(1/915)
القرين : هو الملك الموكّل بالمرء ، عتيد : أي معدّ محضر ، عنيد : أي مبالغ فى العناد وترك الانقياد للحق ، مناع للخير : أي كثير المنع للمال فى الحقوق المفروضة عليه ، معتد : أي متجاوز للحق ظالم ، مريب : أي شاكّ فى اللّه وفى دينه ، القرين هنا :
الشيطان المقيّض له ، بعيد : أي من الحق ، لا تختصموا لدىّ : أي لا يجادل بعضكم بعضا عندى ، بالوعيد : أي على الطغيان فى دار الدنيا فى كتبى وعلى ألسنة رسلى ، ما يبدل القول لدى : أي لا يقع فيه الخلف والتغيير فلا تطمعوا أن أبدل وعيدي ، مزيد : زيادة(1/916)
أزلفت : أي أدنيت وقرّبت ، غير بعيد : أي فى مكان غير بعيد منهم بل هو بمرأى منهم ، هذا ما توعدون : أي هذا هو الثواب الذي وعدتم به على ألسنة الرسل ، أوّاب : أي رجاع عن المعصية إلى الطاعة ، حفيظ : أي حافظ لحدود اللّه وشرائعه ، خشى الرحمن بالغيب : أي خاف عقاب ربه وهو غائب عن الأعين حين لا يراه أحد ، منيب : أي مخلص مقبل على طاعة اللّه ، بسلام : أي سالمين من العذاب وزوال النعم ، الخلود : أي فى الجنة إذ لا موت فيها ، مزيد : أي مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.(1/917)
محيص : أي مهرب ، لذكرى : أي لعبرة ، قلب : أي لبّ يعى به ، أو ألقى السمع :
أي أصغى إلى ما يتلى عليه من الوحى ، شهيد : أي حاضر فهو من الشهود بمعنى الحضور ، والمراد به الفطن ، إذ غيره كأنه غائب ، لغوب : أي تعب ، سبح بحمد ربك : أي نزهه عن كل نقص ، أدبار السجود : أي أعقاب الصلوات ، واحدها دبر (بضم فسكون وبضمتين) واستمع أي لما أخبرك به من أهوال يوم القيامة ، يوم ينادى المنادى :
أي يخرجون من القبور يوم ينادى المنادى ، من مكان قريب : أي بحيث لا يخفى الصوت على أحد ،
والمنادى هو جبريل عليه السلام ، على ما ورد فى الآثار ، يقول : أيتها العظام البالية ، والأوصال المتقطعة ، واللحوم المتمزّقة ، والشعور المتفرقة ، إن اللّه يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.
والصيحة : النفخة الثانية. بالحق : أي بالبعث والجزاء ، يوم الخروج : أي من القبور ، تشقق : أي تتصدع ، بجبار : أي بمسيطر ومسلط ، إنما أنت داع ومنذر.(1/918)
سورة الذاريات
الذاريات : الرياح تذرو التراب وغيره : أي تفرقه ، والوقر : حمل البعير وجمعه أوقار : أي أثقال ، والحاملات وقرا : هى الرياح الحاملات للسحاب المشبع ببخار الماء ، واليسر : السهولة ، والجاريات يسرا : هى الرياح الجارية فى مهابّها بسهولة ، والمقسمات أمرا : هى الرياح التي تقسم الأمطار بتصريف السحاب ، وما توعدون : هو البعث
والحشر للحساب والجزاء ، والدين : الجزاء ، وواقع : أي حاصل ، والحبك : الطرق واحدها حبيكة ، مختلف : أي متناقض مضطرب فى شأن اللّه ، فبينا تقولون إنه خالق السموات تقولون بصحة عبادة الأوثان معه ، وفى شأن الرسول فتارة تقولون إنه مجنون وتارة تقولون إنه ساحر ، وفى شأن الحشر فتارة تقولون لا حشر ولا بعث ، وأخرى تقولون : الأصنام شفعاؤنا عند اللّه يوم القيامة ، يؤفك عنه من أفك : أي يصرف عن القول المختلف : أي بسببه من صرف عن الإيمان ، والخرّاصون : أي الكذابون من أصحاب القول المختلف ، فى غمرة : أي فى جهل يشملهم ويغمرهم شمول الماء الغامر ، ساهون : أي غافلون عما أمروا به ، أيان يوم الدين : أي متى يوم الجزاء : أي متى حصوله ، يفتنون : أي يحرقون ، وأصل الفتن : إذابة الجوهر ليعرف غشه ، فاستعمل فى الإحراق والتعذيب ، فتنتكم : أي عذابكم المعدّ لكم.(1/919)
فى جنات وعيون : أي فى بساتين تجرى من تحتها الأنهار ، محسنين : أي مجوّدين لأعمالهم ، والهجوع : النوم ليلا والهجعة النومة الخفيفة ، والأسحار : واحدها سحر وهو السدس الأخير من الليل ، حق : أي نصيب وافر يوجبونه على أنفسهم تقربا إلى ربهم وإشفاقا على عباده ، والسائل : هو المستجدى الطالب العطاء ، والمحروم : هو المتعفف
الذي يحسبه الجاهل غنيا فيحرم الصدقة من أكثر الناس ، آيات : أي دلائل على قدرته تعالى من وجود المعادن والنبات والحيوان ، والدحو فى بعض المواضع والارتفاع فى بعضها الآخر عن الماء ، واختلاف أجزائها فى الكيفيات والخواص. للموقنين : أي للموحدين الذين سلكوا الطريق الموصل إلى معرفة اللّه ، فهم نظارون بعيون باصرة ، وأفهام نافذة ، وما توعدون : أي والذي توعدونه من خير أو شر.(1/920)
الضيف : لفظ يستعمل للواحد والكثير ، المكرمين : أي عند إبراهيم إذ خدمهم هو وزوجه وعجل لهم القرى وأجلسهم فى أكرم موضع ، قوم منكرون : أي قوم لا عهد لنا بكم من قبل ، وقد قال ذلك إبراهيم عليه السلام للتعرف بهم كما تقول لمن لقيته وسلم عليك : أنا لا أعرفك ، تريد عرّف لى نفسك وصفها ، فراغ إلى أهله : أي ذهب إليهم خفية من ضيفه ، سمين : أي ممتلىء بالشحم واللحم ، فقربه إليهم : أي وضعه لديهم ، فأوجس منهم خيفة : أي أضمر فى نفسه الخوف منهم ، امرأته هى سارّة لما سمعت بشارتهم له ، صرّة : أي صيحة ، فصكت وجهها : أي ضربت بيدها على جبهتها وقالت : يا ويلتا ، عجوز عقيم : أي أنا كبيرة السن لا ألد.(1/921)
الخطب : الشأن الخطير ، أي فما شأنكم الذي أرسلتم لأجله سوى البشارة ، إلى قوم مجرمين : هم قوم لوط ، من طين : أي من طين متحجر وهو السجيل ، مسومة :
أي معلّمة من السّومة وهى العلامة ، للمسرفين : أي المجاوزين الحد فى الفجور ، من المؤمنين : أي ممن آمن بلوط ، غير بيت : أي غير أهل بيت ، والمراد بهم لوط وابنتاه آية : أي علامة دالة على ما أصابهم من العذاب.(1/922)
بسلطان مبين : أي بحجة واضحة هى معجزاته الظاهرة كاليد والعصا ، والركن :
ما يركن إليه الشيء ويتقوّى به ، والمراد هنا جنوده وأعوانه ووزراؤه كما جاء فى سورة هود « أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ » ، فأخذناه : أي أخذ غضب وانتقام ، نبذناهم :
أي طرحناهم ، فى اليمّ : أي فى البحر ، مليم : أي آت بما يلام عليه ، والعقيم : أي التي لا خير فيها ولا بركة ، فلا تلقح شجرا ولا تحمل مطرا ، سميت عقيما لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم ، الرميم : البالي من عظم ونبات وغير ذلك ، فعتوا : أي فاستكبروا عن الامتثال ، والصاعقة : نار تنزل بالاحتكاكات الكهربية ، منتصرين : أي ممتنعين من عذاب اللّه بغيرهم ممن أهلكهم ، فاسقين : أي خارجين من طاعة اللّه ، متجاوزين حدوده.(1/923)
الأيد والآد : القوة ، لموسعون : أي لذو سعة يخلقها وخلق غيرها من الوسع بمعنى الطاقة ، فرشناها : أي بسطناها ومهدناها من مهدت الفراش إذا بسطته ووطّأته ،
و تمهيد الأمور : تسويتها وإصلاحها ، ومن كل شىء : أي ومن كل جنس من الحيوان ، زوجين : أي ذكر وأنثى ، ففروا إلى اللّه : أي اعتصموا بحبل اللّه وأقروا بوحدانيته ، إنى لكم منه نذير مبين : أي إنى لكم من عقابه منذر ومخوّف.(1/924)
فتول عنهم : أي أعرض عن جدلهم ، وذكّر : أي دم على التذكير والموعظة ، إلا ليعبدون : أي إلا لآمرهم بعبادتي لا لاحتياجى إليهم ، المتين : أي الشديد القوة ، ذنوبا : أي نصيبا من العذاب ، وأصل الذنوب : الدلو العظيمة الممتلئة ماء ، أصحابهم :
أي نظرائهم ، فويل للذين كفروا : أي هلاك لهم.(1/925)
سورة الطور
الطور بالسريانية : الجبل ، والمراد به طور سينين ، وهو الجبل الذي كلم اللّه عليه موسى عليه السلام ، والمراد بالكتاب هنا : ما كتب من الكتب السماوية كالقرآن والتوراة والإنجيل ، والمسطور : أي المكتوب على طريق منظم ، والسطر ترتيب الحروف المكتوبة ، والرّق : (بالفتح والكسر) جلد رقيق يكتب فيه ، والمنشور : المفتوح الذي لا ختم عليه ، والبيت المعمور : هو الكعبة المعمورة بالحجاج والمجاورين ، والسقف المرفوع : هو السماء ، والمسجور : أي الموقد المحمى ، من سجر النار أي أوقدها وعنى به باطن الأرض وهو الذي دل عليه الكشف الحديث ولم تعرفه الأمم قديما ، وقد أشارت إليه الأحاديث ، فعن عبد اللّه بن عمر : « لا يركبنّ رجل البحر إلا غازيا أو معتمرا أو حاجا ، فإن تحت البحر نارا ، وتحت النار بحرا » .
و قد أثبت علماء طبقات الأرض (الجيلوجيا) أن الأرض كلها كبطيخة وقشرتها كقشرة البطيخة أي إن نسبة قشرة الأرض إلى النار التي فى باطنها كنسبة قشرة البطيخة إلى باطنها الذي يؤكل ، فنحن الآن فوق نار عظيمة : أي فوق بحر مملوء نارا ، وهذا البحر مغطى من جميع جهاته بالقشرة الأرضية المحكمة السد عليه ، ومن حين إلى آخر تتصاعد من ذلك البحر نار تظهر فى الزلازل والبراكين كبركان فيزوف الذي هاج بإيطاليا سنة 1909 م وابتلع مدينة مسّينا ، والزلزلة التي حدثت باليابان سنة 1925 م وخربت مدنا بأكملها.
وتمور : أي تضطرب وترتجّ وهى فى مكانها ، وأصل المور التردد فى الذهاب والمجيء ، وقد يطلق على السير مطلقا كما قال الأعشى :
كأن مشيتها من بيت جارتها مور السحابة لا ريث ولا عجل
و أصل الخوض : السير فى الماء ثم استعمل فى الشروع فى كل شىء وغلب فى الخوض فى الباطل ، كالإحضار فإنه عام فى كل شىء ثم غلب استعماله فى الإحضار للعذاب ، يدعّون : أي يدفعون دفعا عنيفا شديدا بأن تغلّ أيديهم إلى أعناقهم وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم ويدفعون إلى النار ويطرحون فيها.(1/926)
فاكهين : أي طيبة نفوسهم ، مسرورة بما هى فيه ، وقاهم : أي حفظهم ، والطعام الهنيء : ما لا يلحق المرء فيه مشقة ولا يعقبه تخمة ولا سقم ، وزوّجناهم : أي قرنّاهم ، والحور : واحدتهن حوراء ، والحور : اسوداد المقلة ، والعين : واحدتهن عيناء : أي واسعة العينين.(1/927)
ألتناهم : أي أنقصناهم ، رهين : أي مرهون بعمله عند اللّه ، والعمل الصالح يفكّه ، والعمل الطالح يوبقه ، وأمددناهم : أي زدناهم ، مما يشتهون : أي من صنوف النعماء ، وضروب الآلاء ، يتنازعون : أي يتجاذبون تجاذب ملاعبة وسرور ، والكأس : الإناء بما فيه من الشراب قاله الراغب ، وقد يسمى كل منهما على انفراد كأسا ، لا لغو فيها : أي فى شرابها ، فلا يتكلمون فى أثناء الشراب بلغو الحديث وسقط الكلام ، ولا تأثيم : أي ولا يفحشون فى القول كما هو ديدن الندامى فى الدنيا ، فإنهم كثير واللغو فعالون للآثام ، غلمان : أي مماليك مختصون بهم ، مكنون : أي مصون فى أصدافه لم تنله الأيدى فهو يكون أبيض صافى اللون ، والسموم : النار ، والبر : الواسع الإحسان.(1/928)
فذكر : أي فاثبت على ما أنت عليه من التذكير ، والكاهن : من يخبر بالأخبار الماضية الخفية بضرب من الظن ، والعرّاف : من يخبر بالأخبار المستقبلة كذلك قاله الراغب ، ونتربص : أي ننتظر ، والمنون : الدهر ، وريبه : حوادثه وصروفه قال أبو ذؤيب :
أمن المنون وريبها تتوجع والدهر ليس بمعتب من يجزع
و قال آخر :
تربّص بها ريب المنون لعلها تطلّق يوما أو يموت حليلها
الأحلام : العقول ، والطغيان : تجاوز الحد فى المكابرة والعناد ، تقوّله : أي اختلقه من تلقاء نفسه ، إذ التقول لا يستعمل غالبا إلا فى الكذب.(1/929)
من غير شىء : أي من غير خالق ، خزائن ربك : أي خزائن رزقه ، المسيطرون :
أي القاهرون المسلطون عليها ، من قولهم : سيطر على كذا. إذا راقبه وأقام عليه ، سلّم :
أي مرتقى إلى السماء ، بسلطان مبين : أي بحجة واضحة تصدق استماعه ، مغرم : أي التزام غرامة تطلبها منهم ، مثقلون : أي محملون ثقلا ، الغيب : أي علم الغيب ، كيدا :
أي شرا ، المكيدون : أي الذين يحيق بهم الشر ويعود إليهم وباله.(1/930)
كسفا : أي قطعة ، مركوم : أي متراكم ملقى بعضه على بعض ، يصعقون : أي يقتلون ، دون ذلك : أي قبله ، وهو ما أصابهم من القحط سبع سنين ، بأعيننا : أي
فى حفظنا وحراستنا ، وإدبار النجوم : أي وقت إدبارها من آخر الليل أي غيبتها بضوء الصباح.(1/931)
سورة النجم
المراد بالنجم : جنس النجوم إذا غربت أو صعدت ، يقال هوى النجم هويّا (بالفتح) أي سقط وغرب ، وهويا : (بالضم) إذا علا وصعد ، ما ضلّ : أي ما حاد عن الطريق المستقيم ، صاحبكم : أي مصاحبكم ، والتعبير عنه صلّى اللّه عليه وسلم بعنوان المصاحبة لهم إيذان بوقوفهم على تفاصيل أحواله الشريفة ، وإحاطتهم خبرا ببراءته مما نسب إليه ، وباتصافه بالهدى والرشاد ، فإن طول صحبتهم له ، ومشاهدتهم لشئونه العظيمة تقتضى ذلك ، ففى هذا تأكيد لإقامة الحجة عليهم ، وما غوى : أي وما اعتقد باطلا ، والخطاب فى هذا لقريش ، وما ينطق عن الهوى : أي ما يتكلم بالباطل ، والمراد بشديد القوى جبريل عليه السّلام ، ذو مرة : أي ذو حصافة عقل وقوة عارضة ، قال قطرب : العرب تقول لكل من هو جزل الرأى حصيف العقل : هو ذو مرة.
من قولهم أمررت الحبل : أي أحكمت فتله ، فاستوى : أي فاستقام على صورته التي خلقه اللّه عليها عند حراء فى مبادى النبوة ، وهو بالأفق الأعلى : أي بالجهة العليا من السماء المقابلة للناظر ، ثم دنا : أي ثم قرب ، فتدلى : أي فنزل من قولهم تدلت الثمرة ،
ومنه الدوالي وهى الثمر المعلق كعناقيد العنب ، والقاب مقدار ما بين المقبض والسّية ، ولكل قوس قابان ، والعرب تقدر الأطوال بالقوس والرمح وبالذراع والباع والخطوة والشبر والإصبع ، أو أدنى : أي أقرب من ذلك ، والمراد بالفؤاد فؤاد محمد صلّى اللّه عليه وسلم ، ما رأى أي ما رآه ببصره ، أفتمارونه على ما يرى : أي أفتجادلونه على ما يراه معاينة ، نزلة أخرى : أي مرة أخرى ، سدرة المنتهى : هى شجرة نبق قالوا إنها فى السماء السابعة عن يمين العرش ، جنة المأوى : أي الجنة التي يأوى إليها المتقون يوم القيامة ، يغشى : يغطى ، ما زاغ البصر : أي ما عدل عن رؤية العجائب التي أمر برؤيتها ومسكّن منها وما مال يمينا ولا شمالا ، وما طغى : أي ما جاوز ما أمر به ، آيات ربه الكبرى : أي عجائبه الملكية والملكوتية فى ليلة المعراج.(1/932)
اللات والعزى ومناة : أصنام كانت تعبدها العرب فى جاهليتها ، فاللات كانت لثقيف. وأصل ذلك أن رجلا كان يلت السويق للحاج ، فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه ثم صنعوا له صورة وعبدوها ، والعزى : شجرة بغطفان كانوا يعبدونها ، وبعث النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بعد الإسلام خالد بن الوليد ليقطعها ، فجعل يضربها بفأسه ويقول :
يا عزّ كفرانك لا سبحانك إنى رأيت اللّه قد أهانك
و مناة : صخرة كانت لهذيل وخزاعة ، وكانت دماء النسائك تمنى عندها :
أي تراق ، والأخرى : أي المتأخرة الوضيعة القدر كما جاء فى قوله : « قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ »
أي وقال وضعاؤهم لأشرافهم ورؤسائهم ، وقد جاء لفظ (الأخرى) بهذا المعنى بين المصريين فيقول : هو الآخر وهى الأخرى ، يريدون الضعة وتأخر القدر والشرف ، ضيزى : من ضزته حقه (بالضم والكسر) أي نقصته ، والمراد أنها قسمة جائرة غير عادلة ، قال امرؤ القيس :
ضازت بنو أسد بحكمهم إذ يجعلون الرأس كالذنب(1/933)
بما عملوا : أي بالعقاب على عملهم ، بالحسنى : أي بالمثوبة الحسنى وهى الجنة ، كبائر الإثم : ما يكبر عقابه كالزنا وشرب الخمر ، والفواحش : واحدها فاحشة وهى ما عظم قبحها من الكبائر ، واللمم : ما صغر من الذنوب كالنظرة والقبلة ، وهو فى اللغة اسم لما قلّ قدره ومنه لمّة الشعر ، وقيل اللمم : الدنو من الشيء دون ارتكابه من قولهم ألممت بكذا : أي قاربت منه ، وعليه فالمراد به الهمّ بالذنب وحديث النفس دون حدوث فعل ، ومن ثم قال سعيد بن المسيّب : هو ما خطر على القلب ، والأجنة :
واحدها جنين ، وهو الولد ما دام فى البطن.(1/934)
تولى : أي أعرض عن اتباع الحق والثبات عليه ، وأكدى : أي قطع العطاء من قولهم : حفر فأكدى. أي بلغ إلى كدية أي صخرة تمنعه من إتمام العمل ، ينبأ : أي يخبر ، وصحف موسى هى التوراة ، وصحف إبراهيم ما نزل عليه من الشرائع ، ووفّى :
أي أتم ما أمر به ، أن لا تزر وازرة وزر أخرى : أي لا تحمل نفس حمل نفس أخرى ، يرى : أي يراه حاضرو القيامة ويطلعون عليه تشريفا للمحسن ، وتوبيخا للمسىء ، يجزاه : أي يجزى سعيه يقال جزاه اللّه بعمله ، وجزاه على عمله ، وجزاه عمله ، المنتهى :
أي المعاد يوم القيامة والجزاء حين الحشر ، تمنى : أي تدفع فى الرحم من قولهم : أمنى الرجل ومنى : أي صبّ المنىّ ، والنشأة الأخرى : هى إعادة الأرواح إلى الأجساد حين البعث ، أغنى وأقنى : أي أغنى من شاء وأفقر من شاء ، والشعرى : هى الشعرى العبور وهى ذلك النجم الوضاء الذي يقال له مرزم الجوزاء وقد عبدته طائفة من العرب ، وعاد الأولى : هم قوم هود وهم ولد عاد بن إرم بن عوف بن سام بن نوح ، وعاد الأخرى : من ولد عاد الأولى ، والمؤتفكة هى قرى قوم لوط ، سميت بذلك ، لأنّها ائتفكت بأهلها :
أي انقلبت بهم ، ومنه الإفك لأنه قلب الحق ، أهوى : أي أسقط فى الأرض ، غشاها :
أي غطّاها.(1/935)
الآلاء : النعم واحدها ألى (بالفتح والكسر) وتتمارى : تمترى وتشك ، والخطاب للانسان ، هذا نذير من النذر : أي إن محمدا بعض من أنذر ، أزفت : قربت ، والآزفة :
الساعة ، وسميت بذلك لقرب قيامها ، أو لدنوها من الناس كما جاء فى قوله : « اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ » من دون اللّه : أي من غيره ، كاشفة : أي نفس تكشف وقت وقوعها
وتبينه ، لأنها من أخفى المغيبات ، والحديث : القرآن ، سامدون : أي لاهون غافلون من سمد البعير فى سيره إذا رفع رأسه ، فاسجدوا : أي اشكروا على الهداية ، واعبدوا :
أي اشتغلوا بالعبادة والطاعة.(1/936)
سورة القمر
اقتربت : أي دنت وقربت ، وانشق القمر : أي انفصل بعضه من بعض وصار فرقتين ، آية : أي دليلا على نبوتك ، مستمر : أي مطرد دائم ، أهواءهم : أي ما زينه لهم الشيطان من الوساوس والأوهام ، مستقر : أي منته إلى غاية يستقر عليها لا محالة ، الأنباء أخبار القرون الماضية وما حاق بهم من العذاب جزاء تكذيبهم للرسل ، واحدها نبأ ، بالغة : أي واصلة غاية الإحكام والإبداع ، تغنى : أي تفيد وتنفع ، والنذر : واحدهم نذير بمعنى منذر ، فتولّ عنهم : أي لا تجادلهم ولا تحاجهم ، نكر : أي أمر تنكره النفوس إذ لا عهد لها بمثله ، خشعا : واحدهم خاشع : أي ذليل ، والأجداث : القبور ، مهطعين :
أي مسرعين منقادين ، عسر : أي صعب شديد الهول.(1/937)
و ازدجر : أي وزجر عن التبليغ بأنواع الأذى والتخويف ، فانتصر : أي فانتقم لى منهم ، منهمر : أي كثير كما قال :
أعيناى جودا بالدموع الهوامر على خير باد من معدّ وحاضر
فالتقى الماء : أي ماء السماء وماء الأرض ، على أمر : أي على حال ، قد قدر :
أي قد قدّره اللّه فى الأزل ، ذات ألواح : أي ذات خشب عريضة ، دسر : أي مسامير واحدها دسار ككتب وكتاب ، بأعيننا : أي بمرأى منه والمراد بحراستنا وحفظنا ، كفر :
أي جحد به وهو نوح عليه السلام ، تركناها : أي أبقينا السفينة ، آية : أي علامة ودليلا ، مدكر : أي متذكر ومعتبر ، ونذر : واحدها نذير بمعنى إنذار ، يسرنا : أي سهلنا ، للذكر : أي للعظة والاعتبار ، مدكر : أي متعظ بمواعظه.(1/938)
الريح الصرصر : الباردة أشد البرد ، والنحس : الشؤم ، منقعر : أي مقتلع من أصوله يقال قعرت النخلة : أي قلعتها من أصلها فانقعرت.(1/939)
بالنذر : أي بالرسل ، وتكذيب صالح تكذيب لهم جميعا لاتفاقهم على أصول الشرائع ، وسعر : أي جنون ، ومنه ناقة مسعورة : إذا كانت تفرط فى سيرها كأنها مجنونة ، والذكر : الوحى والمراد بالغد وقت نزول العذاب بهم ، والأشر : شديد البطر ، والبطر : دهش يعترى الإنسان من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها ، فتنة : أي امتحانا واختبارا ، فارتقبهم : أي فانتظرهم ، واصطبر : أي واصبر على أذاهم ، والشّرب :
النصيب ، محتضر : أي يحضره صاحبه فى نوبته ، فتحضر الناقة مرة ويحضرون أخرى ، صاحبهم : هو قدار بن سالف أحيمر ثمود ، فتعاطى : أي فاجترأ على تعاطى الأمر العظيم غير مكترث به ، فعقر : أي فضرب قوائم الناقة بالسيف ، صيحة واحدة : هى صيحة صاحها جبريل عليه السلام ، والهشيم : ما تهشم وتفتت من الشجر ، والمحتظر : الذي يعمل الحظيرة فتتساقط منه بعض أجزاء وتتفتت حال العمل.(1/940)
حاصبا : أي ريحا ترميهم بالحصباء وهى الحصا ، قال فى الصحاح : الحاصب الريح الشديدة التي تثير الحصباء ، والحصب (بفتحتين) ما تحصب به النار : أي ترمى ، وكل ما ألقيته فى النار فقد حصبتها به ، والسحر : السدس الأخير من الليل ، وقال الراغب : السحر والسّحرة : اختلاط ظلام آخر الليل بصفاء النهار ، والبطش : الأخذ الشديد بالعذاب ، فتماروا بالنذر : أي فشكوا فى الإنذارات ولم يصدقوها ، راودوه عن ضيفه : أي صرفوه عن رأيه فيهم فطلبوا منه أن يسلم إليهم أضيافه ليفجروا بهم ، فطمسنا أعينهم : أي فحجبناها عن الأبصار فلم تر شيئا ، بكرة : أي أول النهار ، مستقرّ :
أي دائب بهم إلى أن يهلكوا.(1/941)
النذر : واحدها نذير بمعنى إنذار وهى الآيات التسع التي أنذرهم بها موسى صلوات اللّه عليه ، عزيز : أي لا يغالب ولا يغلب ، مقتدر : أي لا يعجزه شىء(1/942)
براءة : أي صك مكتوب بالنجاة من العذاب ، والزبر : الكتب السماوية واحدها زبور ، يولون : أي يرجعون ، والدبر : أي الأدبار هار بين منهزمين ، والساعة : هى القيامة ، موعدهم : أي موعد عذابهم ، أدهى : أي أعظم داهية وهى الأمر الفظيع الذي لا يهتدى الخلاص منه ، يقال دهاه أمر كذا : أي أصابه ، وأمرّ : أي أشد مرارة فى الذوق والمراد الشدة والهول.(1/943)
المراد بالمجرمين : المشركون كما جاء فى قوله : « يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ » .
فى ضلال : أي فى الدنيا عن الحق ، وسعر : أي نيران واحدها سعير ، يسحبون : أي يجرّون ، سقر : اسم لجهنم ، ومسها : حرها ، بقدر : أي مقدر مكتوب فى اللوح المحفوظ ، أمرنا : أي شأننا ، واحدة : أي كلمة واحدة وهى قوله (كن) كلمح البصر : أي فى اليسر والسرعة ، أشياعكم : أي أشباهكم فى الكفر من الأمم السالفة ، واحدهم شيعة ، وهم من يتقوى بهم المرء من الأتباع ، مدكر : أي متعظ ، فى الزبر : أي فى كتب الحفظة ،
مستطر : أي مسطور مكتوب فى اللوح بتفاصيله ، نهر : أي أنهار ، فى مقعد صدق :
أي فى مكان مرضى ، عند مليك مقتدر : أي عند ملك عظيم القدرة واسع السلطان.(1/944)
سورة الرحمن جل وعلا
الرحمن : اسم من أسماء اللّه الحسنى ، والإنسان هو هذا النوع ، البيان : تعبير الإنسان عما فى ضميره وإفهامه لغيره ، بحسبان : أي بحساب دقيق منظم ، والنجم : ما لا ساق له من النبات كالحنطة والفول ، والشجر : ما له ساق كالنخل والبرتقال ، يسجدان : أي ينقادان للّه طبعا كما ينقاد المكلفون اختيارا ، رفعها : أي خلقها مرفوعة المحل والمرتبة ، والميزان : العدل والنظام ، وأقيموا الوزن بالقسط : أي قوّموا وزنكم بالعدل ، ولا تخسروا الميزان : أي لا تنقصوه ، للأنام : أي للخلق ، والأكمام : واحدها كمّ (بالكسر) وعاء الثمر ، والعصف : ورق النبات الذي على السنبلة ، والريحان : كل مشموم طيب الرائحة من النبات ، والآلاء : النعم واحدها إلى (بفتح الهمزة وكسرها) وإلى وإلو.(1/945)
الصلصال : الطين اليابس الذي له صلصلة وصوت إذا نقر ، والفخار : الخزف وهو الطين المطبوخ ، والجان : نوع من الجن ، والمارج : اللهب الخالص الذي لا دخان فيه ، رب المشرقين : أي مشرقى الشمس صيفا وشتاء ، ورب المغربين : أي مغربيهما كذلك ، مرج البحرين : أي أرسلهما وأجراهما من قولك مرجت الدابة فى المرعى :
أي أرسلتها فيه ، يلتقيان : أي يتجاوران وتتماس سطوحهما لا فصل بينهما فى رأى العين ، برزخ : أي حاجز ، لا يبغيان : أي لا يبغى أحدهما على الآخر بالممازجة وإبطال خاصته ، واللؤلؤ : الدر المخلوق فى الأصداف ، والمرجان : الخرز الأحمر ، الجواري : السفن الكبار ، المنشئات : أي المصنوعات ، والأعلام : الجبال واحدها علم وهو الجبل العالي.(1/946)
فان : أي هالك ، وجه ربك : أي ذاته ، ذو الجلال والإكرام : أي ذو العظمة والكبرياء ، يسأله من فى السموات والأرض : أي يطلبون منه ما يحتاجون إليه فى ذواتهم حدوثا وبقاء وفى سائر أحوالهم بلسان المقال أو بلسان الحال ، هو فى شأن :
أي فى أمر من الأمور ، فيحدث أشخاصا ويجدد أحوالا.(1/947)
سنفرغ لكم : أي سنتجرد لحسابكم وجزائكم يوم القيامة ، والمراد التوفر على الجزاء والانتقام منهما.
قال الزجاج : الفراغ فى اللغة على ضربين : أحدهما الفراغ من الشغل ، والآخر القصد للشىء والإقبال عليه كما هنا اه.
والثقلان : الجن والإنس كما علمت ، أن تنفذوا : أي تخرجوا ، والأقطار :
الجوانب واحدها قطر ، والسلطان : القوة والقهر ، والشواظ : اللهب الخالص ، والنحاس :
الدخان الذي لا لهب فيه ، قال النابغة الذبياني :
تضىء كضوء السراج السليط لم يجعل اللّه فيه نحاسا فلا تنتصران : أي فلا تمتنعان من اللّه ولا يكون لكما منه ناصر.(1/948)
انشقت : تصدعت ، وردة : أي كالوردة فى الحمرة ، والدهان : ما يدهن به : أي كانت مذابة كالدهان ، والسيما : العلامة ، والنواصي : واحدها ناصية وهى مقدم الرأس ، والأقدام : واحدها قدم ، وهى قدم الرجل المعروفة ، والحميم : الماء الحارّ ، وآن : أي متناه فى الحرارة لا يستطاع شر به من شدة حرارته.(1/949)
الخوف فى الأصل : توقع المكروه عند ظهور أمارة مظنونة أو محققة ، وضده الأمن ويراد به هنا الكفّ عن المعاصي مع فعل الطاعات ، ومقام ربه : أي قيامه عليه واطلاعه على أعماله ، جنتان : أي جنة روحية لقلبه ، وجنة جسمانية على شاكلة ما عمل فى الدنيا ، وقيل إنهما منزلان ينتقل بينهما لتتوافر دواعى لذته ، وتظهر آثار كرامته ، ذواتا : مثنى ذات بمعنى صاحبة ، والأفنان : الأنواع واحدها فنّ : أي ذواتا أنواع من الأشجار والثمار ، زوجان : أي صنفان رطب ويابس ولا يقصر يابسه عن رطبه فى الفضل والطيب ، والفرش : واحدها فراش ، والبطائن : واحدها بطانة ، والإستبرق : الديباج أي الحرير الثخين ، والجنى : الثمر ، دان : أي قريب يناله القائم والقاعد والمضطجع ، قاصرات الطرف : أي نساء يقصرن أبصارهن على أزواجهن
لا ينظرن إلى غيرهم ، لم يطمثهن : أي لم يمسسهن ، وأصل الطمث : خروج الدم ، ويراد به قربان النساء ، كأنهن الياقوت : أي فى الصفاء ، والمرجان : أي صغار اللؤلؤ فى البياض.(1/950)
و من دونهما : أي من ورائهما وأقل منهما ، مدهامتان : أي خضراوان بسواد لأن الخضرة إذا اشتدت ضربت إلى السواد من كثرة الري بالماء ونحوه ، نضاختان :
أي فوارتان بالماء ، والنضخ : فوران الماء ، حور واحدتهن حوراء : أي بيضاء.
قال ابن الأثير : الحوراء هى الشديدة بياض العين والشديدة سوادها ، خيرات : أي
خيّرات بالتشديد فخفف كما
جاء فى الحديث « هينون لينون »
، مقصورات فى الخيام :
أي مخدّرات ، يقال امرأة قصيرة ومقصورة : أي مخدرة ملازمة بيتها لا تطوف فى الطرق. قال قيس بن الأسلت :
و تكسل عن جاراتها فيزرنها وتعتلّ من إتيانهن فتعذر
و الخيام : واحدها خيمة وهى أربعة أعواد تنصب وتسقف بشىء من نبات الأرض ، وما يتخذ من شعر أو وبر فهو خباء ، والرفرف واحده رفرفة : وهى الوسادة (المخدّة) أو ما تدلّى من الأسرّة من غالى الثياب ، والعبقرىّ : منسوب إلى عبقر تزعم العرب أنه بلد يسكنه الجن ويسندون إليه كل شىء عجيب ، والمراد العجيب النادر الموشى من البسط ، تبارك اسم ربك : أي تقدس وتنزه ربنا الذي أفاض على عباده نعمه.(1/951)
سورة الواقعة
وقعت : حدثت ، والواقعة القيامة ، لوقعتها : أي لوقوعها ، كاذبة : أي كذب ، ورجت : زلزلت وحركت تحريكا شديدا بحيث ينهدم ما فوقها من بناء وجبال ، وبست :
أي فتتت وصارت كالسويق الملتوت ، من قولهم بس فلان السويق : أي لتّه ، وهباء :
أي غبارا ، منبثا : أي متفرقا ، أزواجا : أي أصنافا. قال الراغب : الزوج يكون لكل من القرينين الذكر والأنثى فى الحيوانات المتزاوجة ، ولكل قرينين منها ومن غيرها كالخف والنعل ، ولكل ما يقترن بآخر مماثلا له أو مضادا اه والميمنة ناحية اليمين ، والمشأمة ناحية الشمال والعرب يتيمنون بالميامن ويتشاءمون بالشمائل ، والمراد أصحاب المرتبة السنية الرفيعة القدر ، والسابقون : هم الذين سبقوا إلى الخيرات فى الدنيا ، والمقربون :
هم أرباب الحظوة والكرامة عند ربهم.(1/952)
الثلة : الجماعة قلّت أو كثرت ، وقيل الجماعة الكثيرة من الناس كما قال :
وجاءت إليهم ثلّة خندفيّة بجيش كتيّار من السيل مزبد
موضونة من الوضن وهو : النسج ، والولدان : واحدهم ولد ، مخلدون : أي مبقون أبدا على هذه الصفة ، أكواب : أي آنية لا عرا لها ولا خراطيم ، أباريق : واحدها إبريق وهو إناء له خرطوم. قال عدىّ بن الرّقاع :
و دعوا بالصّبوح يوما فجاءت به قينة فى يمينها إبريق
كأس من معين : أي خمر جارية من العيون كما قال ابن عباس وقتادة ، والمراد أنها لم تعصر كخمر الدنيا ، لا يصدّعون عنها ، أي لا يلحقهم صداع بسببها كما يحدث ذلك فى خمر الدنيا ، ولا ينزفون : أي ولا تذهب عقولهم بالسكر منها ، يقال نزف الشارب إذا ذهب عقله ، ويقال للسكران نزيف ومنزوف ، يتخيرون : أي يختارون ويرضون ، حور : واحدتهن حوراء : أي بيضاء ، عين : واحدتهن عيناء : أي واسعة العينين ، المكنون : المصون الذي لم تمسسه الأيدى وهو أصفى وأبعد من التغير قال :
قامت تراءى بين سجفى كلّة كالشمس يوم طلوعها بالأسعد
أو درّة صدفيّة غوّاصها بهج متى يرها يهلّ ويسجد
لغوا : أي هزاء لا خير فيه ، ولا تأثيما : أي ما يقال حين سماعه وقعتم فى الإثم.(1/953)
السدر : شجر النبق ، مخضود : أي خضد شوكه أي قطع ، والطلح : شجر الموز ، منضود : أي نضد حمله من أسفله إلى أعلاه فليست له سوق بارزة ، ممدود : أي منبسط ممتد لا يتقلص ولا يتفاوت ، مسكوب : أي مصبوب يسكب لهم كما يشاءون بلا نصب ولا تعب ، فرش : واحدها فراش كسرج وسراج ، مرفوعة : أي عالية منضدة ، عربا : واحدتهنّ عروب كصبر وصبور ، أترابا : أي متساويات فى السن واحدتهن ترب.(1/954)
السموم : حر نار ينفذ فى المسامّ ، والحميم : الماء الشديد الحرارة ، واليحموم :
دخان أسود كما قال ابن عباس وابن زيد ، لا بارد ولا كريم : أي لا هو بارد كسائر الظلال ، ولا دافع أذى الحر لمن يأوى إليه ، مترفين : أي منعمين مقبلين على لذات أنفسهم لا يلوون على شىء مما جاء به الرسل ، يصرون : أي يقيمون ولا يقلعون ، والحنث العظيم : أي الذنب العظيم وهو الشرك باللّه وجعل الأوثان والأنداد أربابا من دون اللّه ، والميقات : ما وقت به الشيء والمراد به يوم القيامة ، وسمى به لأنه وقتت به الدنيا ، وشجر الزقوم : شجر ينبت فى أصل الجحيم ، والهيم : واحدها أهيم وهو الجمل الذي يصيبه الهيام (بالضم) وهو داء يشبه الاستسقاء يصيب الإبل فتشرب حتى تموت أو تسقم سقما شديدا ، والنزل : ما يقدم للضيف إذا نزل تكرمة له ، ويوم الدين :
يوم الجزاء.(1/955)
تمنون : أي تقذفونه فى الأرحام من النطف ، تخلقونه أي تقدرونه وتصوّرونه بشرا سويا تام الخلق ، قدرنا : أي قسمنا ووقتنا موت كل أحد بوقت ، نبدل أمثالكم :
أي نميتكم دفعة واحدة ونخلق أشباهكم ، فيما لا تعلمون : أي من الخلق والأطوار التي لا تعهدونها ، فلو لا تذكرون : أي فهلا تتذكرون ذلك ، تحرثون : أي تبذرون حبه ، وتعملون فى أرضه ، تزرعونه : أي تنبتونه وتجعلونه نباتا يرفّ ، حطاما : أي هشيما متكسرا متفتتا لشدة يبسه بعد ما أنبتناه ، تفكهون : أي تتعجبون من سوء حاله ، مغرمون : أي معذبون مهلكون من الغرام وهو الهلاك قال :
إن يعذّب يكن غراما وإن يقسط جزيلا فإنه لا يبالى
محرومون : أي غير مجدودين ، فليس لنا جدّ وحظ ، المزن : السحاب واحدته مزنة ، أجاجا : أي ملحا زعاقا لا يصلح لشرب ولا فى زرع ، لو لا : بمعنى هلا ، وهى كلمة تفيد الحث على فعل ما بعدها ، تورون : أي تقدحونها وتستخرجونها من الزناد ، تذكرة : تذكيرا بالبعث ، ومتاعا : أي منفعة ، للمقوين : أي للمسافرين الذين يسكنون القواء : أي القفر والمفاوز ، فسبح : أي تعجب من أمرهم ، وقل : سبحان اللّه العظيم.(1/956)
لا أقسم : هذا قسم تستعمله العرب فى كلامها ، ولا مزيدة للتأكيد مثلها فى قوله :
« لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ » ، ومواقع النجوم : مساقط كواكب السماء ومغاربها ، مكنون : أي مصون عن التغيير والتبديل ، المطهرون : أي المنزهون عن دنس الحظوظ النفسية ، مدهنون : أي متهاونون كمن يدهن فى الأمر : أي يلين جانبه ولا يتصلب فيه.(1/957)
لولا : حرف يفيد الحث على حصول ما بعده على سبيل الاستحسان أو الوجوب ، والحلقوم : مجرى الطعام ، ونحن أقرب إليه منكم : أي علما وقدرة ، مدينين : أي محاسبين مجزيين ، أو مملوكين مقهورين من قولهم دان السلطان الرعية إذا استذلهم واستعبدهم ، والروح : الاستراحة ، ريحان : أي رزق ، من المكذبين الضالين :
هم أصحاب الشمال ، فنزل : أي فجزاؤه نزل ، وتصلية جحيم : أي إدخال فى النار ، حق اليقين : أي حق الخبر اليقين الذي لا شك فيه :(1/958)
سورة الحديد
جاء فى الكتاب الكريم سبّح ويسبّح وسبّح ، ويقال : سبّحته وسبّحت له كما يقال : نصحته ونصحت له ، وتسبيح العقلاء أن يقولوا ما يدل على تنزيهه من كل نقص ،
وإبعاده عما لا يليق به من صفات المحدثات ، كإثبات شريك له أو ندّ ، وكون الملائكة بنات له ، وكون عيسى ابنا له ، وتسبيح غيرهم دلالة وجوده على عظم خالقه ، وانقياده له فى كل آن.
وما مثل هذا إلا مثل إشارتك لصاحبك على وضع خاص يفهم منها تأنّ واصبر ، وإشارتك له على هيئة أخرى يفهم منها أنك لا تفعل هذا.
فهذه الدلالة فى الحالين أفهمت صاحبك إفهاما كإفهام الكلام ، بل أقوى وأبلغ أثرا ، وكم للانسان فى حركاته من معان يفهمها الآخرون بطريق لا لبس فيها.
وإذا كان هذا حال الإنسان المحدود العلم والإدراك ، فما بالك بما أطلعنا اللّه عليه من بدائع القدرة والعلم والحكمة ، وقد فهمنا منها ما لا نفهم بالقول ، فلو أنك وقفت فى الخلوات ، وراقبت المزارع والجنات ، والأشجار مترنحات ، وأنواع الكلأ متحركات ، والأوراق تغنّى بموزون الأصوات ، وقد أرخى الليل سدوله ، وأرسل من الخافقين جحافل جنوده ، تلمع من بينها الكواكب ، فتضىء من بينها السباسب لتجلت لك العبر ، وقرأت علوم المبتدإ والخبر ، ولعلمت أنها تحت قبضة ذى الملك والملكوت ، الحي الذي لا يموت ، الفرد الصمد ، المنزّه عن الصاحبة والولد ، سبّوح قدوس ، رب الملائكة والروح.
العزيز : أي الذي لا ينازعه فى ملكه شىء ، الحكيم : أي الذي يفعل أفعاله وفق الحكمة والصواب ، يحيى ويميت : أي يحيى النطف فيجعلها أشخاصا عقلاء فاهمين ناطقين ، ويميت الأحياء ، وهو على كل من الإحياء والإماتة قدير ، وهو الأول : أي السابق على سائر الموجودات ، والآخر : أي الباقي بعد فنائها ، والظاهر والباطن : أي وهو الذي ظهرت دلائل وجوده وتكاثرت ، وخفيت عنا ذاته فلم ترها العيون ، فهو ظاهر بآثاره وأفعاله ، وباطن بذاته ، ومشرق بجماله وكماله ، وهو ظاهر بغلبته على مخلوقاته وتسخيرها لإرادته وباطن بعلمه بما خفى منها ، فلا تخفى عليه خافية ، والمراد بستة الأيام ستة الأطوار ، كما تقدم ذلك فى سورة الأعراف ، والاستواء على العرش تقدم تفسيره فى سورتى يونس وهود ، يلج فى الأرض : أي يدخل فيها من كنوز ومعادن وبذور ، وما يخرج منها : كالزرع والمعادن لمنفعة الناس ، وما ينزل من السماء : كالمطر والملائكة ونحوهما ، وما يعرج فيها : كالأبخرة المتصاعدة والأعمال والدعوات ، يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل تقدم تفسير هذا فيما تقدم ، ذات الصدور : أي مكنونات النفوس وخفيات السرائر(1/959)
مستخلفين فيه : أي جعلكم سبحانه خلفاء عنه فى التصرف من غير أن تملكوه أخذ الميثاق : نصب الأدلة فى الأنفس والآفاق والتمكين من النظر فيها ، والآيات البينات : هى القرآن ، والفتح : هو فتح مكة ، والحسنى : أي المثوبة الحسنى ، وهى النصر والغنيمة فى الدنيا ، والجنة فى الآخرة ، يقرض اللّه : أي ينفق ماله فى سبيله رجاء ثوابه.(1/960)
المراد بالنور هنا : ما يوجب نجاتهم وهدايتهم إلى الجنة من علم وعمل ، بشراكم :
أي ما تبشرون به ، انظرونا : أي انتظرونا ، وأصل الاقتباس طلب القبس : أي الجذوة من النار ، والسور : الحاجز ، من قبله : أي من جهته ، بلى : أي كنتم معنا ، فتنتم أنفسكم : أي أهلكتموها بالمعاصي والشهوات ، وتربصتم : أي انتظرتم بالمؤمنين مصايب الزمان ، وارتبتم : أي شككتم فى أمر البعث ، والأمانى : الأباطيل من طول الآمال والطمع فى انتكاس الإسلام واحدها أمنية ، والغرور (بالفتح) الشيطان ، والفدية والفداء : ما يبذل لحفظ النفس أو المال من الهلاك ، مأواكم : أي منزلكم الذي تأوون إليه ، مولاكم : أي أولى بكم ، والمصير : المآل والعاقبة.(1/961)
ألم يأن : ألم يجىء وقت ذلك من قولهم أنى الأمر أنيا وأناء وإناء إذا جاء أناه أي وقته ، والخشوع : الخشية والخوف ، وذكر اللّه : مواعظه ، والحق : هو القرآن ، والذين أوتوا الكتاب : هم اليهود والنصارى ، والأمد : الزمان ، وطال عليهم الأمد :
أي طال العهد بينهم وبين أنبيائهم ، فقست قلوبهم : أي صلبت وصارت كالحجارة أو أشد قسوة ، فاسقون : أي خارجون عن حدود دينهم ، رافضون لما جاء فيه من أوامر ونواه ، والأرض الميتة : هى التي لا تنبت شيئا ، والآيات : هى البينات والحجج ، تعقلون : أي تتدبرون.(1/962)
المصدقين : أي المتصدقين بأموالهم على البائسين وذوى الحاجة ، والقرض الحسن :
هو الدفع بنية خالصة ابتغاء مرضاة اللّه ، لا يريدون جزاء ممن أعطوه ، يضاعف لهم :
أي يضاعف اللّه لهم ثواب أعمالهم ، والصدّيق : من كثر منه الصدق وصار سجية له ، والشهداء من قتلوا فى سبيل اللّه ، واحدهم شهيد.(1/963)
اللعب : ما لا ثمرة له كلعب الصبيان ، واللهو : ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه ، وزينة : أي كالملابس الفاخرة ، وتفاخر : أي بالأنساب والعظام البالية ، وتكاثر فى الأموال والأولاد : أي مباهاة بكثرة العدد والعدد ، والغيث : المطر ، والكفار :
الزراع ، يهيج : أي يبتدئ فى اليبس والجفاف بعد أن كان أخضر ناضرا ، حطاما :
أي هشيما متكسرا من يبسه ، والغرور : الخديعة.(1/964)
فى الأرض : أي كالجدب والفاقة ، واحتلال الأجانب الظالمين ، واستيلاء الحكام الفاسقين ، فى أنفسكم : أي كالمرض والفاقة ، فى كتاب : هو اللوح المحفوظ ، نبرأها :
أي نخلقها ، وتأسوا : أي تحزنوا ، ما فاتكم : أي من نعيم الدنيا ، ما آتاكم : أي ما أعطاكم ، والمختال : المتكبر بسبب فضيلة تراءت له من نفسه ، والفخور : هو المباهي بالأشياء العارضة كالمال والجاه.(1/965)
البينات : المعجزات والحجج ، والكتاب : أي كتب التشريع ، والميزان : العدل ، والقسط : الحق ، وأنزلنا الحديد : أي خلقناه ، والبأس : القوة ، وليعلم اللّه : أي ليعلمه علم مشاهدة ووجود فى الخارج(1/966)
قفاه : اتبعه بعد أن مضى ، والإنجيل : الكتاب الذي أنزل على عيسى وفيه شريعته ، والمراد من الرأفة : دفع الشر ، ومن الرحمة : جلب الخير ، وبذا يكون بينهم مودة ، والرهبانية : ترهبهم فى الجبال فارّين بدينهم من الفتنة ، مخلصين أنفسهم للعبادة ، محتملين المشاق من الخلوة واللباس الخشن والاعتزال عن النساء والتعبد فى الغيران والكهوف ، وقوله ابتدعوها : استحدثوها ولم تكن فى دينهم ، ابتغاء رضوان اللّه : أي طلبا لرضاه ومحبته ، فما رعوها : أي ما حافظوا عليها.(1/967)
قال المؤرّج السدوسي : الكفل : النصيب بلغة هذيل ، وقال غيره بل بلغة الحبشة ، وقال المفضل الضبي : أصل الكفل كساء يديره الراكب حول سنام البعير ليتمكن من القعود عليه ، لئلا يعلم : أي لكى يعلم(1/968)
سورة المجادلة
سمع : أي أجاب وقبل ، كما يقال سمع اللّه لمن حمده ، والتي تجادلك فى زوجها : هى خولة بنت ثعلبة بن مالك الخزرجية ، وتجادلك : أي تراجعك الكلام فى أمره وفيما صدر منه فى شأنها ، وتشتكى إلى اللّه : أي تبثّ إليه ما انطوت عليه نفسها من غمّ وهمّ وتضرع إليه أن يزيل كربها ، وزوجها : هو أوس بن الصامت أخو عبادة ابن الصامت ، والسمع : صفة تدرك بها الأصوات أثبتها اللّه تعالى لنفسه ، والتحاور :
المرادّة فى الكلام ، والكلام المردّد ، كما يقال كلمته فما رجع إلىّ حوارا : أي ماردّ علىّ بشىء ، والظهار : لغة من ظاهر ويراد به معان مختلفة باختلاف الأغراض فيقال ظاهر فلان فلانا : أي نصره ، وظاهر بين ثوبين : أي لبس أحدهما فوق الآخر ، وظاهر من امرأته : أي قال لها أنت علىّ كظهر أمي ، أي محرمة ، وقد كان هذا أشدّ طلاق فى الجاهلية ، والظهار شرعا : تشبيه المرأة أو عضو منها بامرأة محرمة نسبا أو رضاعا أو مصاهرة بقصد التحريم لا بقصد الكرامة ، ولهذا المعنى نزلت الآية ، « إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ » : أي ما أمهاتهم ، والمنكر : ما ينكره الشرع والعقل والطبع ، وزورا : أي كذبا ، فتحرير رقبة : أي عتق عبد أو جارية ، أن يتماسا : أي يجتمعا اجتماع الأزواج ، متتابعين : أي متواليين ، فمن لم يستطع : أي لم يقدر على ذلك لكبر سنّ أو ضعف أو شبق إلى النساء ، حدود اللّه : أي أحكام شريعته ، وللكافرين : أي للذين يتعدّون الأحكام ولا يعملون بها.(1/969)
يحادون : أي يشاقون ويعادون ، وأصل المحادّة الممانعة ومنه قيل للبواب حداد ، كبتوا : أي خذلوا ، وقال المبرد : كبت اللّه فلانا إذا أذله ، والمردود بالذل : مكبوت ، آيات بينات : أي حججا وبراهين مبينة لحدود شرائعنا ، مهين : أي يلحق بهم الهوان والذل ، فينبئهم بما عملوا : أي يخبرهم بأعمالهم توبيخا وتقريعا لهم ، أحضاه اللّه : أي أحاط به عدّا لم يغب عنه شىء منه ، شهيد : أي مشاهد لا يخفى عليه شىء
ألم تر : أي ألم تعلم ، ما يكون : أي ما يوجد ، والنجوى : التناجي والمسارّة كما قال :
«لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ »
وقد يستعمل فى المتناجين كما قال : « وَإِذْ هُمْ نَجْوى » أي أصحاب نجوى.(1/970)
الذين نهوا عن النجوى : هم اليهود والمنافقون ، بالإثم : أي بما هو معصية وذنب ، والعدوان : الاعتداء على غيرهم كمعصية الرسول ومخالفته ، لو لا يعذبنا اللّه : أي هلا يعذبنا بسبب ذلك ، حسبهم جهنم : أي عذاب جهنم كاف لهم ، يصلونها : أي يقاسون حرّها.(1/971)
تفسحوا : أي توسعوا وليفسح بعضكم عن بعض ، من قولهم : افسح عنى أي تنحّ ، يفسح اللّه لكم : أي فى رحمته ويوسع لكم فى أرزاقكم ، انشزوا : أي انهضوا للتوسعة على المقبلين ، فانشزوا أي فانهضوا ولا تتباطئوا ، يرفع اللّه الذين آمنوا : أي يرفع منزلتهم يوم القيامة ، ويرفع الذين أوتوا العلم درجات ، أي ويرفع العالمين منهم خاصة درجات فى الكرامة وعلوّ المنزلة.(1/972)
ناجيتم الرسول : أي أردتم مناجاته والحديث معه ، فقدموا بين يدى نجواكم صدقة : أي فتصدقوا قبلها ، أطهر : أي أزكى ، لتعويد النفس بذل المال وعدم الضنّ به ، أشفقتم : أي خفتم ، تاب اللّه عليكم : أي رخص لكم فى المناجاة من غير تقديم صدقة.(1/973)
ألم تر : أي أخبرنى وهو أسلوب من الكلام يراد به التعجب وإظهار الغرابة المخاطب ، والمراد من الذين تولوا : المنافقون ، والتولي : من الموالاة وهى المودة والمحبة ، والقوم : هم اليهود ، وغضب اللّه : سخطه والطرد من رحمته ، ما هم منكم ولا منهم :
أي لأنهم مذبذبون ، على الكذب : أي على أنهم معكم على الإيمان ، جنة : أي وقاية وسترا عن المؤاخذة ، على شىء : أي من جلب منفعة أو دفع مضرة ، استحوذ على الشيء : حواه وأحاط به قال المبرد ويقال حاوزت الإبل وحزتها إذا استوليت عليها وجمعتها ، قالت عائشة : كان عمر أحوذيا نسيج وحده : أي سائسا ضابطا للأمور لا نظير له ، فأنساهم ذكر اللّه : أي لم يمكنهم من ذكره بما زين لهم من الشهوات ، وحزب الشيطان : جنوده وأتباعه.(1/974)
يحادون : أي يعادون ويشاقون ، فى الأذلين : أي فى جملة أذلّ خلق اللّه ، لأن ذلة أحد المتخاصمين على مقدار عزة الآخر ، كتب اللّه : أي قضى وحكم ، لأغلبنّ : أي بالحجة والسيف ، وأيدهم : أي قواهم ، بروح من عنده : أي بنور يقذفه فى قلب من يشاء من عباده ، لتحصل له الطمأنينة والسكينة.(1/975)
سورة الحشر
الذين كفروا : هم بنو النّضير (بزنة أمير) قبيلة عظيمة من اليهود كبنى قريظة ، والحشر : إخراج جمع من مكان إلى آخر ، ولأول الحشر : أي فى أول حشرهم ،
أي جمعهم وإخراجهم من جزيرة العرب ونفيهم إلى بلاد الشام ، وآخر حشر : إجلاء عمر إياهم من خيبر إلى الشام ، والحصون : واحدها حصن وهو القصر الشاهق والقلعة المشيدة ، مانعتهم حصونهم من اللّه : أي مانعتهم من بأسه وعقابه ، فأتاهم اللّه : أي جاءهم عذابه ، من حيث لم يحتسبوا : أي من حيث لم يخطر لهم ببال ، وقذف الشيء :
رميه بقوة ، والمراد هنا إثباته وركزه فى قلوبهم ، والرعب : الخوف الذي يملأ الصدر يخربون : أي يهدمون ، فاعتبروا : أي فاتعظوا ، والاعتبار : النظر فى حقائق الأشياء وجهات دلالتها ، ليعرف بالنظر فيها شىء آخر من جنسها ، وأجليت القوم عن منازلهم : أي أخرجتهم منها ، وجلوا : خرجوا ، وقد فرقوا بين الإجلاء والإخراج من وجهين : أن الأول لا يكون إلا لجماعة ، والثاني : يكون لواحد ولجماعة ، وأن الأول ما كان مع الأهل والولد والثاني يكون مع بقائهما ، واللينة : النخلة ما لم تكن عجوة.(1/976)
قال المبرد : يقال فاء يفىء إذا رجع ، وأفاءه اللّه إليه : أي رده وصيره إليه ، والفيء شرعا : ما أخذ من أموال الكفار من غير قتال ولا إيجاف خيل ولا ركاب كأموال بنى النضير ، ويقال وجف الفرس والبعير يجف وجفا ووجيفا : إذا أسرع ، وأوجفه صاحبه إذا حمله على السير السريع والركاب : ما يركب من الإبل ، واحدتها راحلة ، ولا واحد لها من لفظها ، والعرب لا تطلق لفظ الراكب إلا على راكب البعير ، ويسمون راكب الفرس فارسا ، يسلط رسله : أي على أعدائه من غير قتال ولا مصاولة بل بإلقاء الرعب فى القلوب ، فيكون الفيء للرسول يصرفه فى مصارفه التي ستعلمها بعد ، من أهل القرى : أي من أهل البلدان التي تفتح هكذا بلا قتال ، ولذي القربى :
أي بنى هاشم وبنى المطلب ، قال المبرد : الدّولة (بالضم) الشيء الذي يتداوله القوم بينهم يكون كذا مرة وكذا أخرى ، والدّولة (بالفتح) انتقال حال سارّة من قوم إلى قوم ، أي فالأولى اسم لما يتداول من المال ، والثانية اسم لما ينتقل من الحال ، آتاكم : أي أعطاكم ، وما نهاكم عنه. أي ما منعكم عن فعله.(1/977)
التبوّء : النزول فى المكان ، ومنه المباءة للمنزل ، والمراد من الدار المدينة ، والمراد بالحاجة الحسد والغيظ ، وأوتوا : أي أعطى المهاجرون دون الأنصار ، ويؤثرون :
أي يقدمون ويفضلون ، والخصاصة : الحاجة من خصاص البيت وهو ما يبقى بين عيدانه من الفرج وكذا كل خرق فى منخل أو باب أو سحاب أو برقع ، والشح :
اللؤم وهو أن تكون النفس كزّة حريصة على المنع ، قال شاعرهم :
يمارس نفسا بين جنبيه كزّة إذا همّ بالمعروف قالت له مهلا
قال الراغب : البخل : المنع ، والشح : الحال النفسية التي تقتضى ذلك ، وغلّا أي حسدا وبغضا.(1/978)
نافقوا : أي أظهروا غير ما أضمروا ، وبالغوا فى إخفاء عقائدهم ، والإخوان :
الأصدقاء واحدهم أخ ، والأخ من النسب جمعه إخوة ، لننصرنكم : أي لنعاوننكم ، ليولنّ الأدبار : أي ليفرّن هار بين ، أشد رهبة فى صدورهم من اللّه : أي إنهم يخافونكم فى صدورهم أشد من خوفهم للّه ، لا يفقهون : أي لا يعلمون عظمته تعالى حتى يخشوه حق خشيته ، جميعا : أي مجتمعين ، محصنة : أي بالدروب والخنادق وغيرها ، جدر :
أي حيطان واحدها جدار ، بأسهم : أي حربهم ، وشتى : أي متفرقة ، واحدها شتيت ، وبال أمرهم : أي سوء عاقبتهم ، من قولهم : كلأ وبيل : أي وخيم سيىء العاقبة.(1/979)
ما قدمت : أي أىّ شىء قدمت ، وغد : هو يوم القيامة سمى بذلك لقربه ، فكل آت قريب كما قال : وإن غدا لناظره قريب. نسوا اللّه : أي نسوا حقه فتركوا أوامره ، ولم ينتهوا عن نواهيه ، فأنساهم أنفسهم : أي أنساهم حظوظ أنفسهم فلم يقدموا لها خيرا ينفعها.(1/980)
خاشعا : أي منقادا متذللا ، متصدعا : أي متشققا ، خشية اللّه : أي خوفه وشديد عقابه ، الغيب : ما غاب عن الحسّ من العوالم التي لا نراها ، والشهادة : ما حضر من الأجرام المادية التي نشاهدها ، القدوس : أي المنزه عن النقص ، السلام : أي الذي سلم الخلق من ظلمه ، إذ جعلهم على نظم كفيلة برقيهم ، المؤمن : أي واهب الأمن فكل مخلوق يعيش فى أمن فالطائر فى جوّه ، والحية فى وكرها ، والسمك فى البحر تعيش كذلك ، ولا يعيش قوم على الأرض ما لم يكن هناك حراس يحرسون قراهم وإلا هلكوا ، العزيز : أي الغالب على أمره ، الجبار : أي الذي جبر خلقه على ما أراد وقسرهم عليه ، المتكبر : أي البليغ الكبرياء والعظمة ، سبحان اللّه عما يشركون : أي تنزه ربنا عما يصفه به المشركون ، الخالق : أي المقدر للأشياء على مقتضى الحكمة ، والبارئ : أي المبرز لها على صفحة الوجود بحسب السنن التي وضعها والغرض الذي خلقت له ، المصوّر : أي الموجد للأشياء على صورها ومختلف أشكالها كما أراد ، الأسماء الحسنى : أي الأسماء الدالة على محاسن المعاني التي تظهر فى مظاهر هذا الوجود ، فنظم هذه الحياة وبدائع ما فيها دليل على كمال صفاته ، وكمال الصفة يرشد إلى كمال الموصوف.(1/981)
سورة الممتحنة
تلقون إليهم بالمودة : أي ترسلون إليهم أخبار الرسول بسبب المودة التي بينكم وبينهم ، يخرجون الرسول وإياكم : أي من مكة ، أن تؤمنوا باللّه : أي لأجل
إيمانكم باللّه ، ضل : أي أخطأ ، وسواء السبيل : أي الطريق المستوي وهو طريق الحق ، إن يثقفوكم : أي يظفروا بكم ، وأصل الثقف : الحذق فى إدراك الشيء وفعله ومنه رجل ثقف لقف ، بالسوء : أي بما يسوءكم من القتل والأسر والشتم ، وودّوا لو تكفرون : أي وتمنوا كفركم ، أرحامكم : أي قراباتكم ، يفصل بينكم : أي يفرق بينكم من شدة الهول.(1/982)
الأسوة : (بضم الهمزة وكسرها وبهما قرئ) من يؤتسى به ، كالقدوة لمن يقتدى به والجمع أسى ، برآء واحدهم برىء كظرفاء وظريف : أي متبرئون ومنكرون لما تعملون ، وما تعبدون : أي الأصنام والكواكب وغيرها ، البغضاء : أي البغض والكراهة ، لا تجعلنا فتنة للذين كفروا : أي لا تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا نحتمله ، من قولهم : فتن الفضة : أي أذابها ، يرجو اللّه : أي يؤمل ثوابه ، واليوم الآخر ، أي مجيئه ، ومن يتولّ : أي ومن يعص النصيحة.(1/983)
عسى : كلمة تفيد رجاء حصول ما بعدها ، فإذا صدرت من اللّه فما بعدها واجب الوقوع ، أن تبروهم : أي تفعلوا البر والخير لهم ، وتقسطوا إليهم : أي تعدلوا فيهم بالبر والإحسان ، المقسطين : أي العادلين ، وظاهروا : أي ساعدوا ، أن تولوهم : أي أن تكونوا أولياء وأنصارا لهم.(1/984)
فامتحنوهن : أي فاختبروهن بما يغلب به على ظنكم موافقة قلوبهن لألسنّهن فى الإيمان ، علمتموهن : أي ظننتموهن ، إلى الكفار : أي إلى أزواجهن الكفار أجورهن : أي مهورهن ، وعصم : واحدها عصمة ، وهى ما يعتصم به من عقد وسبب ، والكوافر : واحدتهن كافرة : فعاقبتم : أي فكانت العقبى لكم ، أي الغلبة والنصر لكم ، حتى غنمتم منهم.(1/985)
يبايعنك : أي يلتزمن لك الطاعة ، ولا يقتلن أولادهن : أي ولا يئدن البنات والمراد بالبهتان المفترى بين أيديهن وأرجلهن : الولد الذي كانت ألصقته بزوجها كذبا ، والافتراء : الكذب ، فى معروف : أي فى أمر برّ وتقوى ، فبايعهن : أي فالتزم لهن ضمان الثواب إذا وفين بهذه الأشياء.(1/986)
غضب اللّه عليهم : أي طردهم من رحمته ، من الآخرة : أي من ثوابها ونعيمها ، من أصحاب القبور : أي من رجوع موتاهم إليهم ، لأنهم لا يعتقدون ببعث ولا نشور.(1/987)
سورة الصف
(لِمَ) أي لأىّ شىء تقولون قد فعلنا كذا وكذا ، وأنتم لم تفعلوا ؟ والمراد بذلك التأنيب والتوبيخ على صدور هذا الكذب منهم ، كبر : أي عظم ، والمقت : أشد البغض وأعظمه ، ورجل مقيت وممقوت إذا كان يبغضه كل أحد ، والمرصوص :
المحكم ، قال المبرد : تقول رصصت البناء إذا لا أمت بين أجزائه وقاربت حتى يصير كقطعة واحدة.(1/988)
تؤذوننى : أي تخالفون أمرى بترك القتال ، زاغوا : أي أصرّوا على الزيغ والانحراف عن الحق الذي جاء به موسى عليه السلام ، أزاغ اللّه قلوبهم : أي صرفها عن قبول الحق ، الفاسقين : أي الخارجين عن الطاعة ومنهاج الصدق المصرّين على الغواية ، وأحمد : من أسماء نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم ، قال حسان :
صلّى الإله ومن يحفّ بعرشه والطيّبون على المبارك أحمد(1/989)
الإسلام : الاستسلام والانقياد والخضوع للّه عز وجل ، والمراد من إبطال نور اللّه بأفواههم إرادتهم إبطال الإسلام ، بنحو قولهم هذا سحر مفترى ، واللّه متم نوره :
أي واللّه متم الحق ومبلغه غايته ، بالهدى : أي بالقرآن ، ودين الحق : أي بالملة السمحة ، ليظهره : أي ليعليه ، على الدين كله : أي على سائر الأديان.(1/990)
التجارة هنا : ما يقدمه المرء من عمل صالح ، لينال به الثواب كما قال سبحانه :
« إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ » طيبة : أي طاهرة مستلذة ، جنات عدن : أي بساتين إقامة وخلود ، قريب : أي عاجل وهو فتح مكة ، وحوارىّ الرجل : صفيه وخليله ، وأنصار اللّه : أي الناصرون لدينه ، فأيدنا :
أي قوّينا وساعدنا ، على عدوهم : أي الكفار ، ظاهرين : أي غالبين.(1/991)
سورة الجمعة
القدوس : المنزه عن النقائص المتصف بصفات الكمال ، الأميين : هم العرب ، واحدهم أمي نسبة إلى الأم التي ولدته ، لأنه على الحال التي ولد عليها لم يتعلم الكتابة والحساب ، فهو على الجبلة الأولى ، يزكيهم : أي يطهرهم بتلاوة آياته ، وآخرين واحدهم آخر بمعنى غير ، لما يلحقوا بهم : أي لم يلحقوا بهم بعد وسيلحقون وهم من جاء بعد الصحابة إلى يوم الدين(1/992)
حمّلوا التوراة : أي علّموها وكلّفوا العمل بها ، لم يحملوها : أي لم يعملوا بها ولم ينتفعوا بما فى تضاعيفها ، والأسفار : واحدها سفر وهو الكتاب الكبير ، هادوا :
أي تهوّدوا وصاروا يهودا ، أولياء للّه : أي أحباء له ، بما قدمت أيديهم : أي بسبب ما اجترحوه من الكفر والمعاصي.(1/993)
نودى للصلاة : أي النداء الثاني الذي كان يفعل بين يدى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا خرج فجلس على المنبر ، أما النداء الأول على الزوراء (أعلى دار بالمدينة حينئذ بقرب المسجد) فقد زاده عثمان لكثرة الناس ، فاسعوا : أي فامشوا ، وذكر اللّه : هو الصلاة ، وذروا البيع : أي اتركوه ، فانتشروا : أي فتفرقوا ، من فضل اللّه :
أي من رزقه ، والمراد باللهو : الطبول والمزامير ونحوها ، انفضّوا : أي انصرفوا ، قائما :
أي على المنبر وأنت تخطب.(1/994)
سورة المنافقون
المنافق : من يظهر الإيمان ويبطن الكفر ، جنّة : أي وقاية وسترا لدمائهم وأموالهم ، آمنوا : أي بألسنتهم ، كفروا : أي بقلوبهم ، طبع : أي ختم عليها كما يختم
بالطابع على ما يراد حفظه حتى لا يؤخذ منه شىء ، لا يفقهون : أي لا يعلمون ، تعجبك أجسامهم : أي لصباحتها وتناسب أعضائها ، تسمع لقولهم : أي لفصاحتهم وحسن حديثهم ، خشب : واحدها خشباء وهى الخشبة التي نخرجوفها ، والصيحة : الصوت ، قاتلهم اللّه : أي لعنهم وطردهم من رحمته ، يؤفكون : أي يصرفون عما هم عليه.(1/995)
لوّوا رءوسهم : أي حوّلوها استهزاء ، يصدون : أي يعرضون عن القائل ، الفاسقين : أي الخارجين من طاعة اللّه وطاعة الرسول ، المنهمكين فى أنواع الشرور والآثام ، حتى ينفضّوا : أي حتى يتفرقوا ، خزائن السموات والأرض : أي خزائن الأرزاق فيهما ، لا يفقهون : أي لا يعلمون علما صادرا عن إدراك لجلال اللّه وقدرته ، والأعزّ : أي المنافقون ، والأذل فى زعمهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وصحبه ، والعزة :
الغلبة والنصر.(1/996)
لا تلهكم : أي لا تشغلكم ، وذكر اللّه : العبادات المذكرة به ، والمال والأولاد يراد بها زخرف الدنيا ، الخاسرون فى تجارتهم : إذ باعوا العظيم بالحقير ، لو لا : كلمة تفيد تمنى حصول ما بعدها.(1/997)
سورة التغابن
ألم يأتكم : هذا الاستفهام للتعجب من حالهم ، والنبأ : الخبر الهام وأصل الوبال :
الثقل والشدة المترتبة على أمر من الأمور ، ومنه الطعام الوبيل أي الثقيل على المعدة ، والوابل : للمطر الثقيل القطر ، ثم استعمل فى الضر لأنه يثقل على الإنسان ، والأمر :
الكفر وعبر به للإيذان بأنه جناية عظيمة وأمر هائل ، والبينات : المعجزات ، وتولوا :
أعرضوا ، واستغنى اللّه : أي أظهر غناه عنهم إذ أهلكهم وقطع دابرهم.(1/998)
زعم فلان كذا : أي ادعى علمه بحصوله ، وأكثر ما يستعمل للادعاء الباطل ، بلى : كلمة للجواب تقع بعد النفي لإثبات ما بعده كما وقع فى الآية ، لتبعثن : أي لتحاسبنّ وتجزونّ بأعمالكم ، والنور : هو القرآن وسمى بذلك لأنه بيّن فى نفسه مبيّن لغيره ، والخبير : هو العليم ببواطن الأشياء ، يوم الجمع : هو يوم القيامة سمى بذلك لأن اللّه يجمع فيه الأولين والآخرين فى صعيد واحد ، والتغابن ، من قولهم : تغابن القوم فى التجارة : إذا غبن بعضهم بعضا كأن يبيع أحدهم الشيء بأقل من قيمته ، فهذا غبن للبائع ، أو يشتريه بأكثر من قيمته ، وهذا غبن للمشترى.(1/999)
المصيبة : ما ينال الإنسان ويصيبه من خير أو شر ، بإذن اللّه : أي بقدرته ومشيئته ، يهد قلبه : أي يشرحه لازدياد الخير والطاعة.(1/1000)
فتنة : أي بلاء ومحنة ، ومن يوق : أي من يحفظ نفسه ، والشح : البخل مع الحرص ، والقرض الحسن : هو التصدق من الحلال بإخلاص وطيب نفس.(1/1001)
سورة الطلاق
طلقتم النساء : أي أردتم طلاقهن كما جاء فى قوله تعالى : « فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ » أي إذا أردت قراءته ، لعدّتهن : أي مستقبلين عدتهن بأن تطلقوهن فى طهر لا قربان فيه ، وأحصوا العدة : أي اضبطوها وأكملوها ثلاثة قروء كوامل ، وأصل الإحصاء العدّ بالحصى كما كان يستعمل ذلك قديما ثم استعمل فى العدّ والضبط ، والفاحشة المبينة : هى ارتكاب ما يوجب الحد ، أو البذاء على الأحماء أو على الزوج ، أو الخروج قبل انقضاء العدة ، وحدود اللّه : شرائعه التي أمر بها ونهى عن تركها ، ظلم نفسه : أي أضرّ بها ، والأمر : هو الندم على طلاقها والميل إلى رجعتها.(1/1002)
فإذا بلغن أجلهن : أي قاربن انتهاء العدة ، فأمسكوهن : أي فراجعوهن ، بمعروف : أي مع حسن عشرة ، أو فارقوهن بمعروف : أي مع إعطاء الحق واتقاء المضارة : كأن يراجعها ثم يطلقها تطويلا للعدة ، بالغ أمره : أي منفذ حكمه وقضاءه فى خلقه يفعل ما يشاء ، قدرا : أي تقديرا وتوقيتا.(1/1003)
من وجدكم : أي من وسعكم ، وقال الفراء : أي على قدر طاقتكم ، ولا تضاروهن :
أي فى النفقة والسكنى ، لتضيقوا عليهن : أي لتلجئوهن إلى الخروج بشغل المكان أو بإسكان من لا يردن السكنى معه ، ائتمروا : أي تآمروا وتشاوروا ، بمعروف : أي بجميل فى الأجر والإرضاع ، فلا يكن من الأب مماكسة ولا من الأم معاسرة ، وإن تعاسرتم : أي ضيق بعضكم على بعض بالمشاقة فى الأجر أو يطلب الزيادة ، قدر عليه :
أي ضيق ، آتاه اللّه : أي أعطاه ، ما آتاها : أي إلا بقدر ما أعطاها من الأرزاق قلّ أو جلّ.(1/1004)
وكأين من قرية : أي كثير من أهل القرى ، عتت : أي تجبرت وتكبرت ، نكرا : أي منكرا عظيما ، وبال أمرها : أي عاقبة عتوّها ، خسرا : أي خسارة فى الآخرة ، ذكرا : أي قرآنا ، رسولا : أي وأرسل رسولا.(1/1005)
سورة التحريم
تحرّم : أي تمتنع ، ما أحل اللّه لك : هو العسل ، تبتغى : أي تطلب ، فرض :
أي شرع وبيّن كما جاء فى قوله : « سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها » ، وتحلة أيمانكم :
أي تحليلها بالكفارة ، وتحليلة القسم تستعمل على وجهين :
(1) أحدهما تحليله بالكفارة كما فى الآية.
(2) ثانيهما بمعنى الشيء القليل وهذا هو الأكثر كما جاء فى الحديث : « لن يلج النار إلا تحلة القسم » أي إلا زمنا يسيرا.
مولاكم : أي وليكم وناصركم ، بعض أزواجه : هى حفصة على المشهور ، نبأت به : أي أخبرت عائشة به ، وأظهره : أي أطلعه وأعلمه قول حفصة لعائشة ، عرّف :
أي أعلمها ببعض الحديث الذي أفشته ، وأعرض عن بعض : أي لم يخبرها به ، إن تتوبا : أي حفصة وعائشة ، صغت قلوبكما : أي عدلت ومالت إلى ما يجب للرسول صلى اللّه عليه وسلم من تعظيم وإجلال ، وإن تظاهرا عليه : أي تتظاهرا وتتعاونا على إيذاء الرسول ، مولاه : اى وليه وناصره ، ظهير : أي ظهراء معاونون ، وأنصار مساعدون ، مسلمات : أي خاضعات للّه بالطاعة ، مؤمنات : أي مصدّقات بتوحيد اللّه ، مخلصات ، قانتات : أي مواظبات على الطاعة ، تائبات : أي مقلعات عن الذنوب ، عابدات : أي متعبدات متذللات لأمر الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، سائحات. أي صائمات ، وسمى الصائم بذلك من حيث إن السائح لا زاد معه ، ولا يزال ممسكا حتى يجد الطعام كالصائم لا يزال كذلك حتى يجىء وقت الإفطار.(1/1006)
قوا أنفسكم : أي اجعلوا لها وقاية من النار بترك المعاصي ، وأهليكم : أي بحملهم على ذلك بالنصح والتأديب ، والوقود (بفتح الواو) : ما توقد به النار ، والحجارة :
هى الأصنام التي تعبد لقوله تعالى : « إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ » ملائكة : هم خزنتها التسعة عشر ، غلاظ : أي غلاظ القلوب لا يرحمون إذا استرحموا ، شداد : أي أقوياء الأبدان ، والتوبة النصوح : هى الندم على مافات والعزم على عدم العودة إلى مثله فيما هو آت.(1/1007)
الجهاد تارة يكون بالسيف وأخرى بالحجة والبرهان ، واغلظ عليهم : أي شدّد ، والمأوى : مكان الأبواء والإقامة.(1/1008)
ضرب المثل : ذكر حال غريبة لتعرف بها حال أحرى تشاكلها فى الغرابة ، تحت عبدين : أي فى عصمتهما ، فخانتاها : أي نافقتا فأخفتا الكفر وأظهرتا الإيمان ، وكانت امرأة نوح تقول لقومه : إنه مجنون ، وامرأة لوط نزل قومه على نزول أضيافه عليه ، فلم يغنيا عنهما : أي لم يفيداهما ولم يجزيا عنهما من اللّه شيئا ، امرأة فرعون :
على ما قيل هى آسية بنت مزاحم ، نجنى من فرعون وعمله : أي خلصنى منه فإنى أبرأ إليك منه ومن عمله ، والقوم الظالمون : هم الوثنيون أقباط مصر ، وأحصنت فرجها : أي حفظته وصانته ، والفرج : شق جيب الدرع (القميص) إذ الفرج لغة كل فرجة بين الشيئين ، ويراد بذلك عفتها ، وكلمات ربها : أي شرائعه وكتبه التي أنزلها على رسله ، والقانتين : أي الطائعين المخبتين إلى اللّه الممتثلين أوامره.(1/1009)
سورة الملك
ألقوا فيها : أي طرحوا فيها كما يطرح الحطب فى النار ، والشهيق : تنفس كتنفس المتغيظ قاله المبرّد ، تفور : أي تغلى بهم كغلى المرجل قاله ابن عباس ، وقال الليث : كل شىء جاش فقد فار كفور القدر والماء من العين ، تميز : أي ينفصل بعضها من بعض ، والغيظ : شدة الغضب قاله الراغب ، فوج : أي جماعة ، خزنتها : واحدها خازن ، وهم مالك وأعوانه ، نذير : أي رسول ينذركم بأس اللّه وشديد عقابه ، إن أنتم : أي ما أنتم ، ضلال كبير : أي ضلال بعيد عن الحق والصواب ، فسحقا لهم : أي فبعدا لهم من رحمة ربهم.(1/1010)
بالغيب : أي غائبين عن أعين الناس ، بذات الصدور : أي بما فى النفوس ، واللطيف : هو العالم بالأشياء التي يخفى علمها على العالمين ، ومن ثم يقال : إن لطف اللّه بعباده عجيب ، ويراد به دقائق تدبيره لهم ، الخبير : أي بظواهر الأشياء وبواطنها ، ذلولا : أي سهلة منقادة يسهل عليكم السير فيها والانتفاع بها وفيما فيها ، والمناكب : واحدها منكب ، وهو مجتمع ما بين العضد والكتف ، والمراد طرقها وفجاجها ، النشور : أي المرجع بعد البعث.(1/1011)
الأمن : ضد الخوف ، من فى السماء : هو ربكم الأعلى ، وخسف اللّه به الأرض غيّبه فيها ، ومنه قوله : « فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ » وتمور : أي تهتز وتضطرب حاصبا : أي ريحا شديدة فيها حصباء تهلككم ، نذير : أي إنذارى وتخويفى ، نكير : أي إنكارى عليهم بإنزال العذاب بهم ، صافّات : أي باسطات أجنحتهن فى الجوّ حين طيرانها تارة ، ويقبضن : أي ويضممنها تارة أخرى.(1/1012)
جند : أي عون ، ينصركم : أي يساعدكم فيدفع العذاب عنكم ، من دون الرحمن : أي من غيره ، فى غرور : أي فى خداع من الشيطان الذي يغركم بأن لا عذاب ولا حساب ، أمسك رزقه : أي بإمساك المطر وغيره من الأسباب التي ينشأ منها الرزق ، لجّوا : أي تمادوا ، فى عتوّ : أي تكبر وعناد عن قبول الحق ، ونفور :
أي إعراض وتباعد منه ، مكبّا على وجهه : أي واقعا عليه ، سويا : أي معتدلا منتصبا ، والأفئدة : العقول واحدها فؤاد ، ذرأكم : أي خلقكم ، الوعد : أي الحشر الموعود ، إنما العلم : أي العلم بوقته ، زلفة : أي مزدلفا قريبا ، سيئت وجوه الذين كفروا : أي تبين فيها السوء والقبح إذ علتها الكآبة والقترة ، ويقال : ساء الشيء يسوء إذا قبح ، تدّعون : أي تطلبونه وتستعجلونه استهزاء وإنكارا(1/1013)
أرأيتم : أي أخبرونى ، غورا : أي غائرا فى الأرض لا تناله الدلاء ، معين : أي جار سهل المأخذ تصل إليه الأيدى.(1/1014)
سورة القلم
يسطرون : أي يكتبون ، ممنون : أي مقطوع يقال منّه السير إذا أضعفه ، والمنين : الضعيف ، المفتون : المجنون لأنه فتن ، أي ابتلى بالجنون.(1/1015)
قال الليث : الإدهان : اللين والمصانعة والمقاربة فى الكلام ، وقال المبرد : يقال داهن الرجل فى دينه وداهن فى أمره إذا أظهر خلاف ما يضمر ، والحلّاف : كثير الحلف فى الحق والباطل ، والمهين : المحتقر الرأى والتمييز ، والهماز : العياب الطعّان ، والمشاء بالنميم : أي الذي يمشى بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم ، والمنّاع للخير : البخيل ، والمعتدى : الذي يتجاوز الحق ويسير فى الباطل ، والأثيم : الكثير الآثام والذنوب ، والعتلّ : الشديد الخصومة الفظّ الغليظ ، والزنيم : الذي يعرف بالشر واللؤم كما تعرف الشاة بزنمتها (الجزء المسترخى من أذنها حين تشق ويبقى كالشىء المعلق) سنسمه :
أي نجعل له سمة وعلامة ، والخرطوم : الأنف.(1/1016)
بلوناهم : أي امتحناهم بألوان من البلاء والآفات ، والجنة : البستان ، ليصر منّها :
أي ليقطعنّ ثمار نخيلها ، مصبحين : أي وقت الصباح ، ولا يستثنون : أي ولا ينثنون عما همّوا به من منع المساكين ، فطاف عليها طائف من ربك : أي طرقها طارق من عذاب ربك ، إذ أرسل عليها صاعقة من السماء أحرقتها ، كالصريم : أي كالليل البهيم فى السواد بعد أن احترقت ، فتنادوا : أي نادى بعضهم بعضا ، أن اغدوا :
أي اخرجوا غدوة مبكّرين ، حرثكم : أي بستانكم ، صارمين : أي قاصدين الصّرم وقطع الثمار ، يتخافتون : أي يتشاورون فيما بينهم بطريق المخافتة والمناجاة حتى لا يسمعهم أحد ، على حرد : أي على منع ، لضالون : أي قد ضللنا طريق جنتنا وما هذه هى ، محرومون : أي حرمنا خيرها بجنايتنا على أنفسنا ، أوسطهم : أي أرجحهم رأيا ، تسبحون : أي تذكرون اللّه وتشكرونه على ما أنعم به عليكم ، يتلاومون : أي يلوم بعضهم بعضا على ما كانوا أصروا عليه من منع المساكين ، طاغين : أي متجاوزين حدود اللّه.(1/1017)
سورة الحاقة
الحاقة : من حق الشيء ، إذا ثبت ووجب ، أي الساعة الواجبة الوقوع ، الثابتة المجيء وهى يوم القيامة ، ما الحاقة : أي أىّ شىء هى ؟ تفخيما لشأنها ، وتعظيما لهولها ، وما أدراك ما الحاقة : أي أىّ شىء أعلمك ما هى ؟ فلا علم لك بحقيقتها ، إذ بلغت من الشدة والهول أن لا يبلغها علم المخلوقين ، والقارعة : هى الحاقة التي تقرع قلوب الناس بالمخافة والأهوال ، وتقرع الأجرام بالانفطار والانتشار ، وسميتقارعة لشدة هولها ، إذ القرع ضرب شىء بشىء ، والطاغية : هى الواقعة التي جاوزت الحد فى الشدة والقوة كما قال « إنّا لمّا طغى الماء » أي جاوز الحد ، والمراد بها الصاعقة ، والصرصر :
الشديدة الصوت التي لها صرصرة ، عانية : أي بالغة منتهى القوة والشدة ، سخرها عليهم : أي سلطها عليهم ، حسوما : أي متتابعة واحدها حاسم ، والحسم : القطع والاستئصال وسمى السيف حساما لأنه يحسم العدو عما يريد من عداوته ، وصرعى :
واحدهم صريع أي ميت ، وأعجاز : واحدها عجز ، وهو الأصل ، وخاوية : أي خالية الأجواف لا شىء فيها ، والباقية : البقاء ، والمؤتفكات : أي المنقلبات وهى قرى قوم لوط ، جعل اللّه عاليها سافلها بالزلزلة ، والخاطئة : الخطأ ، رابية : من ربا الشيء إذا زاد أي الزائدة فى الشدة ، وطغى الماء : تجاوز حده وارتفع ، حملناكم : أي حملنا آباءكم وأنتم فى أصلابهم ، والجارية : السفينة التي تجرى فى الماء ، وتعيها : أي تحفظها ، وتقول لكل ما حفظته فى نفسك : وعيته ، وتقول لكل ما حفظته فى غير نفسك :
أوعيته فيقال أوعيت المتاع فى الوعاء قال : « والشرّ أخبث ما أوعيت من زاد » .(1/1018)
نفخة واحدة : هى النفخة الأولى ، حملت الأرض والجبال : أي رفعت من أه كنها ، فد كتادكة واحدة : أي ضرب بعضها ببعض حتى اندقت وصارت كثيبا مهيلا ، الواقعة : النازلة وهى يوم القيامة ، انشقت السماء : أي فتحت أبوابا ، واهية :
أي مسترخية ضعيفة القوة ، من قولهم : وهى السقاء إذا انخرق ، ومن أمثالهم قول الراجز :
خلّ سبيل من وهى سقاؤه ومن هريق بالفلاة ماؤه
أرجائها : أي جوانبها ، واحدها رجا ، ثمانية : أي ثمانية أشخاص ، خافية : أي سريرة.(1/1019)
هاؤم : أي خذوا ، ظننت : أي علمت ، ملاق : أي معاين ، راضية : أي يرضى بها صاحبها ، عالية : أي مرتفعة المكان ، والقطوف : ما يجتنى من الثمر ، واحدها قطف (بكسر القاف وسكون الطاء) دانية : أي قريبة ، هنيئا : أي بلا تنغيص ولا كدر ، أسلفتم : أي قدمتم ، الخالية : أي الماضية.(1/1020)
القاضية : أي القاطعة للحياة فلم أبعث بعدها ، ما أغنى عنى ماليه : أي لم يغن عنى مالى الذي تركته فى الدنيا ، هلك : أي بطل ، والسلطان : الحجة ، غلّوه : أي شدّوه بالأغلال ، والغلّ : القيد الذي يجمع بين اليدين والعنق ، والجحيم : النار المتأججة المشتعلة ، وصليته النار وأصليته : أي أوردته إياها ، ذرعها : أي طولها ، فاسلكوه : أي فاجعلوه فيها بحيث يكون كأنه السلك : أي الحبل الذي يدخل فى ثقب الخرزات بعسر لضيق ذلك الثقب ، إما بإحاطتها بعنقه أو بجميع بدنه بأن تلفّ عليه ، ويقال سلكته الطريق : إذا أدخلته فيه ، حميم : أي قريب مشفق ، والغسلين : الدم والماء والصديد الذي يسيل من لحوم أهل النار قاله ابن عباس ،
وعن أبى سعيد الخدري مرفوعا : « لو أن دلوا من غسلين يهراق فى الدنيا لأنتن أهل الدنيا » أخرجه الحاكم وصححه ،
و الخاطئون : أي الآثمون يقال خطئ الرجل : إذا تعمد الإثم والخطأ.(1/1021)
ما تبصرون : هى المشاهدات ، وما لا تبصرون : هى المغيبات.(1/1022)
سورة نوح
ليلا ونهارا : أي دائما ، جعلوا أصابعهم فى آذانهم : أي سدوا مسامعهم ، استغشوا ثيابهم : أي تغطوا بها لئلا يرونى كراهة النظر إلىّ ، السماء : أي المطر كما جاء فى قوله :
إذا نزل السماء بأرض قوم فحلّوا حيثما نزل السماء
مدرارا : أي متتابعا ، جنات : أي بساتين ، ترجون : أي تخافون ، وقارا :
أي عظمة وإجلالا ، أطوارا : واحدها طور وهو الحال والهيئة ، فطورا نطفة ، وطورا علقة ، وطورا عظاما ، ثم تكسى العظام لحما ، ثم تنشأ خلقا آخر ، طباقا : أي بعضها فوق بعض ، بساطا : أي منبسطة تتقلبون فيها ، فجاجا : أي واسعة ، واحدها فج ، وهو الطريق الواسع قاله الفراء وغيره.(1/1023)
الخسار : الخسران ، كبارا : أي كبيرا عظيما ، لا تذرنّ : أي لا تتركنّ ، ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر : أسماء أصنام كانوا يعبدونها(1/1024)
مما خطيئاتهم : أي من أجل ذنوبهم وآثامهم ، أغرقوا : أي بالطوفان ، نارا :
أي عذابا فى القبر ، ديّارا : أي أحدا ، تبارا. أي هلاكا.(1/1025)
سورة الجن
النفر : ما بين الثلاثة والعشرة ، والجن : واحدهم جنىّ كروم ورومى ، عجبا :
أي عجيبا بديعا مباينا لكلام الناس فى حسن النظم ودقة المعنى ، والجد : العظمة يقال جدّ فلان فى عينى : أي عظم ، قال أنس : كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا : أي جلّ قدره وعظم ، والسفيه : الجاهل ، شططا : أي غلوّا فى الكذب بنسبة الصاحبة والولد إليه ، يعوذون : أي يلتجئون ، وكان الرجل إذا أمسى يقفر قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه ، رهقا : أي تكبّرا ، وأصل الرهق : الإثم وغشيان المحارم(1/1026)
لمسنا السماء : أي طلبنا خبرها كما جرت بذلك عادتنا ، والحرس والحرس ، واحدهم حارس ، وهو الرقيب ، شديدا : أي قويا ، والسمع : الاستماع ، والشهب :
واحدها شهاب ، وهو الشعلة المقتبسة من نار الكوكب ، رصدا : أي أرصد له ليرمى به رشدا : أي خيرا وصلاحا ، قددا : أي جماعات متفرقة وفرقا شتى ، ويقال صار القوم قددا : إذا تفرقت أحوالهم ، واحدها قدّة وهى القطعة من الشيء ، هربا : أي هاربين إلى السماء ، والمراد بالهدى القرآن ، والبخس : النقص ، والرهق الظلم والمكروه الذي يغشى المظلوم ، القاسطون : أي الجائرون العادلون عن الحق ، تحرّوا رشدا : أي قصدوا طريق الحق ، حطبا : أي وقودا للنار ، والطريقة : هى طريق الإسلام ، غدقا : أي كثيرا ، يسلكه : أي يدخله ، صعدا : أي شاقا يعلو المعذب ويغلبه ، يقال فلان فى صعد من أمره : أي فى مشقة ، ومنه قول عمر : ما تصعّدنى شىء كما تصعّدنى فى خطبة النكاح ، أي ما شقّ علىّ ، وكأنه إنما قال ذلك لأنه كان من عادتهم أن يذكروا جميع ما يكون فى الخاطب من أوصاف موروثة ومكتسبة ، فكان يشق عليه أن يقول الصدق فى وجه الخاطب وعشيرته(1/1027)
المساجد : واحدها مسجد ، موضع السجود للصلاة والعبادة ، ويدخل فيها الكنائس والبيع ومساجد المسلمين ، فلا تدعوا : أي فلا تعبدوا ، يدعوه : أي يعبده ، لبدا : (بكسر اللام وفتح الباء) أي جماعات ، واحدها لبدة ، والمراد متراكمين متزاحمين ، ولا رشدا : أي ولا نفعا ، ملتحدا : أي ملجأ يركن إليه ، قال :
يا لهف نفسى ونفسى غير مجدية عنّى وما من قضاء اللّه ملتحد
بلاغا من اللّه : أي تبليغا لرسالاته(1/1028)
سورة المزمل
المزمل : أصله المتزمل من قولهم تزمل بثيابه إذا تلفف بها ، ورتل القرآن :
أي اقرأه على تؤدة وتمهل مع تبيين حروفه ، يقال ثغر رتل (بسكون التاء وكسرها) :
إذا كان مفلجا لا تتصل أسنانه بعضها ببعض ، سنلقى عليك : أي سنوحى إليك ، قولا ثقيلا : المراد به القرآن لما فيه من التكاليف الشاقة على المكلفين عامة وعلى الرسول خاصة ، لأنه يتحملها بنفسه ويبلغها إلى أمته ، ناشئة الليل : هى النفس التي تنشأ من مضجعها للعبادة : أي تنهض وترتفع من قولهم نشأت السحابة إذا ارتفعت وطأ : أي مواطأة وموافقة من قولهم واطأت فلانا على كذا إذا وافقته عليه ومنه قوله تعالى : « لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ » أي ليوافقوا ، أقوم قليلا : أي أثبت قراءة ، لحضور القلب وهدوء الأصوات ، سبحا طويلا : أي تقلبا وتصرفا فى مهامّ أمورك ، واشتغالا بشواغلك ، فلا تستطيع أن تتفرغ للعبادة ، فعليكها فى الليل ، وأصل السبح : السير السريع فى الماء ، واذكر اسم ربك : أي ودم على ذكره ليلا ونهارا ، وتبتل إليه تبتيلا : أي انقطع عن كل شىء إلى أمر اللّه وطاعته ، واتخذه وكيلا : أي وفوض كل أمر إليه.(1/1029)
الهجر الجميل : ما لا عتاب معه ، والنعمة (بفتح النون) التنعم (وبكسر النون) الإنعام ، مهّلهم : أي اتركهم برفق وتأنّ ولا تهتم بشأنهم ، والأنكال : واحدها نكل (بكسر النون وفتحها) وهو القيد الثقيل ، قالت الخنساء :
دعاك فقطّعت أنكاله وقد كن قبلك لا تقطع
والجحيم : النار الشديدة الإبقاد ، ذا غصة : أي لا يستساغ فى الحلق فلا يدخل ولا يخرج ، ترجف : أي تضطرب وتتزلزل ، كثيبا : أي رملا مجتمعا ، من قولهم : كثب الشيء إذا جمعه ، مهيلا : أي رخوا ليّنا إذا وطئته القدم زل من تحتها ، والوبيل :
الثقيل الرديء العقبى ، من قولهم : كلأ وبيل : أي وخيم لا يستمرأ لثقله ، والشيب :
واحدهم أشيب ، منفطر : أي منشق.(1/1030)
تذكرة : أي موعظة ، سبيلا : أي طريقا توصله إلى الجنة ، أدنى. أي أقلّ ، واللّه يقدّر الليل والنهار. أي يعلم مقادير ساعاتهما ، أن لن تحصوه. أي لا يمكنكم الإحصاء وضبط الساعات ، فتاب عليكم. أي بالترخيص فى ذلك القيام المقدر ورفع التبعة عنكم ، فاقرءوا ما تيسر من القرءان. أي فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل ، يضربون فى الأرض. أي يسافرون للتجارة ، وأقرضوا اللّه. أي أنفقوا فى سبل الخيرات.(1/1031)
سورة المدثر
المدثر : أصله المتدثر ، وهو الذي يتدثر بثيابه ، أي يتغطى بها لينام أو ليستدفئ ، والدثار : اسم لما يتدثر به ، أنذر : أي حذّر قومك عذاب اللّه إن لم يؤمنوا ، كبّر :
أي عظم ، فطهر : أي طهر نفسك مما تذم به من الأفعال ، وهذّبها عما يستهجن من الأحوال ، والرجز : العذاب كما قال : « لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ » أي اهجر المآثم المؤدية إلى العذاب ، ولا تمنن تستكثر : أي ولا تمنن بعملك على ربك تطلب كثرته ، نقر : أي نفخ ، الناقور : أي الصور ، عسير. أي شديد ، غير يسير.
أي غير سهل.(1/1032)
ذرنى ومن خلقت وحيدا : أي دعنى وإياه ، فإنى أكفيكه ، ممدودا : أي كثيرا ، شهودا : أي حضورا معه بمكة يتمتع بمشاهدتهم ، ومهدت له تمهيدا : أي بسطت له الرياسة والجاه العريض ، سأرهقه : أي سأكلفه ، صعودا : أي عقبة
شاقة لا تطاق ، فقتل كيف قدر : أي لعنه اللّه كيف وصل بقوة خياله وسرعة خاطره إلى رميه الغرض الذي كانت تنتحيه قريش ، عبس : أي قطب ما بين عينيه ، بسر : أي كلح وجهه كما قال توبة بن الحميّر.
وقد رابنى منها صدود رأيته وإعراضها عن حاجتى وبسورها
لوّاحة ، من لوّحته الشمس : إذا سودت ظاهره وأطرافه ، قال :
تقول ما لا حك يا مسافر يا بنة عمّى لا حنى الهواجر
والبشر : واحدها بشرة ، وهى ظاهر الجلد :(1/1033)
فتنة. أي سبب ضلال ، أوتوا الكتاب. هم اليهود والنصارى ، مرض. أي نفاق ، مثلا : أي حديثا ، ومنه قوله تعالى : « مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ » أي حديثها والخبر عنها ، جنود ربك : أي هم خلقه من الملائكة وغيرهم ، ذكرى : أي تذكرة وموعظة للناس ، كلا : أي حقا ، أدبر : أي ولّى ، أسفر : أي أضاء ، الكبر : أي البلايا والدواهي ، واحدها كبرى ، أن يتقدم : أي إلى الخير ، يتأخر :
أي يتخلف عنه.(1/1034)
رهينة : أي مرتهنة بعملها مأخوذة به إما خلّصها وإما أوبقها ، أصحاب اليمين :
هم من أعطوا كتبهم بأيمانهم ، ما سلككم : أي ما أدخلكم تقول سلكت الخيط فى ثقب الإبرة : أي أدخلته فيه ، نخوض مع الخائضين : أي نخالط أهل الباطل فى باطلهم فكلما غوى غاو غوينا معه ، اليقين : هو الموت كما فى قوله : « وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ » قاله ابن عباس ، مستنفرة : أي نافرة ، وقسورة : الرماة للصيد واحدهم قسور قاله سعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد ، منشّرة : أي منشورة مبسوطة :
تقرأ وتنشر.(1/1035)
سورة القيامة
(لا أُقْسِمُ) تزيد العرب كلمة (لا) فى القسم كما قال امرؤ القيس :
لا وأبيك ابنة العامرىّ لا يدّعى القوم أنى أفرّ ويرى قوم أن (لا) نافية ردّ لكلام كان قد تقدم وجواب لهم ، وذلك هو
المعروف فى كلام الناس فى محاوراتهم فإذا قال أحدهم : لا واللّه لا فعلت كذا - قصد بقوله (لا) رد الكلام السابق ، وبقوله واللّه ابتداء يمين ، فهم لما أنكروا البعث قيل لهم : ليس الأمر على ما ذكرتم ثم أقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة :
إن البعث حق لا شك فيه.
ويرى جمع من المفسرين أنها للنفى على معنى أنى لا أعظمه بإقسامى به حق إعظامه ، فإنه حقيق بأكثر من هذا وهو يستأهل فوق ذلك.
قال مجاهد : النفس اللوامة هى التي تلوم نفسها على مافات ، وتندم على الشر لم فعلته ؟ وعلى الخير لم لم تستكثر منه ؟ فهى لم تزل لأئمة وإن اجتهدت فى الطاعات (بَلى ) كلمة يجاب بها إذا كان الكلام منفيا ، فالمراد بها هنا نعم نجمعها بعد تفرقها ، والبنان واحده بنانة وهى الأصابع. قال النابغة :
بمخضّب رخص كأن بنانه عنم يكاد من اللطافة يعقد
ليفجر أمامه : أي ليدوم على فجوره فى الحاضر والمستقبل لا ينزع عنه ، برق تحير فزعا من قولهم : برق الرجل إذا نظر إلى البرق فدهش بصره ، قال ذو الرمة :
و لو أنّ لقمان الحكيم تعرّضت لعينيه مىّ سافرا كاد يبرق
و خسف القمر : ذهب ضوءه ، والمفر : الفرار ، والوزر : الملجأ وأصله الجبل المنيع ، ومنه قوله :
لعمرك ما للفتى من وزر من الموت يدركه والكبر
ينبأ : أي يخبر ، بصيرة : أي حجة شاهدة على ما صدر منه ، والمعاذير :
ما يعتذر به.(1/1036)
لتعجل به : أي لتأخذه على عجل مخافة أن يتفلت منك ، وقرءانه : أي قراءته أي إثباتها فى لسانك ، قرأناه : أي قرأه جبريل عليك ، فاتّبع قرءانه : أي فاستمع قراءته ، وكررها حتى يرسخ فى نفسك ، بيانه : أي تفسير ما فيه من الحلال والحرام وبيان ما أشكل من معانيه ، والعاجلة : دار الدنيا ، ناضرة : أي متهللة بشرا بما ترى من النعيم ، ناظرة : أي تنظر إلى ربها عيانا بلا حجاب ، باسرة : أي شديدة العبوس كالحة متغيرة مسودة ، تظن : أي تستيقن ، فاقرة : أي داهية عظيمة تكسر فقار الظهر.(1/1037)
التراقى : العظام المكتنفة ثغرة النحر عن يمين وشمال ، واحدها ترقوة ، من راق :
أي من يرقيه وينجيه مما هو فيه على نحو ما يستشفى به الملسوع والمريض من الكلام الذي يعدّ لذلك والمراد هل من طبيب يشفى بالقول أو بالفعل ، الفراق : أي من الدنيا حبيبته ، التفّت الساق بالساق : أي التوت عليها حين هلع الموت وقلقه والمراد أنه اشتد عليه الخطب ، المساق : المرجع والمآب ، فلا صدّق ولا صلى : أي فلا آمن بقلبه ولا عمل ببدنه ، يتمطى : أي يتبختر افتخارا ، أولى لك : أي ويل لك ، وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكره ، فأولى : أي فهو أولى بك من غيرك ، فدلت الأولى على الدعاء عليه بقرب المكروه ، ودلت الثانية على الدعاء عليه بأن يكون أقرب إليه من غيره ، سدى : أي مهملا لا يؤمر ولا ينهى ، ولا يكلف فى الدنيا ولا يحاسب ، نطفة : أي ماء قليلا وجمعها نطاف ونطف ، يمنى : أي يراق ويصب فى الرحم ، علقة : أي قطعة دم جامد.(1/1038)
سورة الإنسان
هل : أي قد ، حين : أي طائفة محدودة من الزمان ، والدهر : الزمان غير المحدود ، أمشاج : أي أخلاط واحدها مشج (بفتحتين) ومشيج ، نبتليه : أي نختبره ، السبيل : الطريق ، أي بنصب الدلائل وإنزال الآيات.(1/1039)
أعتدنا : أي هيأنا وأعددنا ، والأغلال : واحدها غلّ (بالضم) وهو القيد ، والسعير : النار الموقدة ، والأبرار : واحدهم برّ. قال فى الصحاح : جمع البر الأبرار ، وجمع البارّ البررة ، والأبرار هم أهل الطاعة والإخلاص والصدق وقال قتادة : هم الذين يؤدون حق اللّه ويوفون بالنذر ، وقيل هم الصادقون فى إيمانهم ، المطيعون لربهم ، الذين سمت همتهم عن المحقرات ، فظهرت فى قلوبهم ينابيع الحكمة ، والكأس : هى الإناء الذي فيه الشراب ، وقد يطلق الكأس على الخمر نفسها وهو للمراد كما قال أبو نواس :
وكأس شربت على لذة وأخرى تداويت منها بها
وقال عمرو بن كلثوم :
صبنت الكأس عنا أم عمرو وكان الكأس مجراها اليمينا
والمزاج : ما يمزج به كالحزام لما يحزم به ، أي يكون شوبها وخلطها بماء الكافور كما قال :
كأن سبيئة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء
وجعلت كالكافور لما فيه من البياض وطيب الرائحة والبرودة ، بها : أي منها ، يفجرونها : أي يجرونها إلى منازلهم وقصورهم حيث شاءوا ، يوفون بالنذر : أي يؤدون ما أوجبوه على أنفسهم من الطاعات ، شره : أي شدائده ، مستطيرا : أي فاشيا منتشرا فى الأقطار من قولهم : استطار الحريق والفجر إذا انتشر ، عبوسا :
أي تعبس فيه الوجوه ، قمطريرا : أي شديد العبوس ، تقول العرب يوم قمطرير وقماطر ، وأنشد الفراء :
بنى عمنا هل تذكرون بلاءنا عليكم إذ
وقاهم : أي دفع عنهم ، لقّاهم : أي أعطاهم ، نضرة :
أي حبورا. قال الحسن ومجاهد : نضرة فى وجوههم ، وسرورا فى قلوبهم.(1/1040)
الأرائك : واحدتها أريكة ، وهو السرير فى الحجلة (الناموسية) والزمهرير :
البرد الشديد ، دانية : أي قريبة ، ظلالها : أي ضلال أشجارها ، وذلّلت : أي سخرت ثمارها وسهل أخذها وتناولها ، والقطوف : الثمار ، واحدها قطف (بكسر القاف) وآنية : واحدها إناء ، وهو ما يوضع فيه الشراب ، والأكواب : واحدها كوب ، وهو كوز لا عروة له ، والقوارير : واحدتها قارورة ، وهى إناء رقيق من الزجاج ، قدّروها تقديرا : أي قدرها السقاة على قدر رىّ شاربها ، كأسا : أي خمرا ، والزنجبيل : نبت فى أرض عمّان وهو عروق تسرى فى الأرض وليس بشجر ، ومنه ما يأتى من بلاد الزنج والصين وهو الأجود ، قاله أبو حنيفة الدينوري ، وكانت العرب تحبه فى الشراب ، لأنه يحدث لذعا فى اللسان إذا مزج بالشراب ، قال الأعشى.
كأن القرنفل والزنجبيل باتا بفيها وأريا مشورا والسلسبيل : الشراب اللذيذ ، تقول العرب : هذا شراب سلسل وسلسال وسلسبيل :
أي طيب الطعم لذيذه ، وتسلسل الماء فى الحلق : جرى ، مخلدون : أي دائمون على البهاء والحسن لا يهرمون ولا يتغيرون ، نمّ : أي هناك ، والسندس : ما رقّ من الديباج ، والإستبرق : ما غلظ منه ، والأساور : واحدها سوار.(1/1041)
نزّلنا عليك القرآن تنزيلا : أي أنزلناه عليك مفرقا منجما ، حكم ربك : هو أخير نصرك على الكفار إلى حين ، والآثم : هو الفاجر المجاهر بالمعاصي ، والكفور :
هو المشرك المجاهر بكفره ، بكرة وأصيلا : أي أول النهار وآخره ، والمراد بذلك جميع الأوقات ، أسجد : أي صلّ ، سبحه : أي تهجد ، وراءهم : أي أمامهم ، شددنا أسرهم : أي أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب والعروق ، بدّلنا أمثالهم : أي أهلكناهم وبدلنا أمثالهم فى شدة الخلق.(1/1042)
سورة المرسلات
المرسلات : هم الملائكة الذين أرسلهم اللّه لإيصال النعمة إلى قوم ، والنقمة إلى آخرين ، عرفا : أي للمعروف والإحسان ، والعاصفات : أي المبعدات للباطل كما تبعد العواصف التراب والتبن والهباء ، والناشرات : أي الناشرات لأجنحتهنّ عند نزولهنّ إلى الأرض ، فالفارقات فرقا : أي فالفارقات بين الحق والباطل ، فالملقيات ذكرا : أي فالملقيات العلم والحكمة إلى الأنبياء ، عذرا أو نذرا : أي للإعذار والإنذار ،
من قولهم : عذره إذا أزال الإساءة ، وأنذر إذا خوّف ، طمست : أي محقت وذهب نورها ، فرجت : أي فتحت وشقت ، نسفت : أي اقتلعت من أماكنها بسرعة من قولهم : انتسفت الشيء إذا اختطفته ، أقّتت : أي عيّن لها الوقت الذي تحضر فيه للشهادة على أممها ، أجّلت : أي أخرت وأمهلت ، الفصل : أي الفصل بين الخلائق بأعمالهم : إما إلى الجنة ، وإما إلى النار ، ويل : أي عذاب وخزى.(1/1043)
من ماء مهين : أي من نطفة قذرة حقيرة ، فى قرار مكين : أي فى الرحم ، إلى قدر معلوم : أي إلى مقدار معيّن من الوقت عند اللّه ، فقدرنا : أي على خلقه وتصويره كيف شئنا ، والكفات : ما يكفت ، أي يضم ويجمع ، من كفت الشيء.
إذا ضمه وجمعه ، وأنشد سيبويه :
كرام حين تنكفت الأفاعى إلى أجحارهنّ من الصقيع
رواسى : أي جبالا ثوابت ، شامخات : أي مرتفعات ، فراتا : أي عذبا.(1/1044)
سورة النبأ
عمّ : أي عن أىّ شىء ، يتساءلون : أي يسأل بعضهم بعضا ، والنبأ : الخبر الذي يعنى به ويهتم بشأنه : والمراد به خبر البعث من القبور والعرض على مالك يوم الدين ، كلا : كلمة تعيد ردّ ما تقدم من الكلام ونفيه ، والمهاد : (بكسر الميم) والمهد فى نحو قوله : « الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً » : المكان الممهد المذلل ، والأوتاد :
واحدها وتد وهو ما يدق فى الأرض ليربط إليه الحبل الذي تشد به الخيمة ، والأزواج واحدها زوج ويطلق على الذكر والأنثى ، والسبات : (بضم السين) قطع الحركة لتحصيل الراحة ، واللباس : ما يلبسه الإنسان ليستر به جسمه ويغطيه ، معاشا :
أي وقتا لتحصيل أسباب المعاش والحياة ، سبعا شدادا : أي سبع سموات قوية محكمة لا فطور فيها ولا تصدّع ، والسراج : ما يضىء وينير ، والوهاج : المتلألئ ، والمراد به الشمس ، والمعصرات : السحائب والغيوم إذا أعصرت : أي حان وقت أن تعصر الماء فيسقط منها ، والثجاج : كثير الانصباب عظيم السيلان والمراد به المطر ، والثج :
سيلان دم الهدى ،
وفى الحديث « أحب العمل إلى اللّه العجّ والثّجّ »
و العج : رفع الصوت بالتلبية ، والثج : إراقة دم الهدى ، والحب : ما يقتات به الإنسان كالحنطة والشعير ، والنبات : ما تقتات به الدواب من التبن والحشيش ، والجنات : واحدها جنة ، وهى الحديقة والبستان فيه الشجر أو النخل ، والجنات الألفاف : الملتفة الأغصان ، لتقاربها وطول أفنانها ، ولا واحد لها كالأوزاع والأخياف ، وقيل واحدها لف (بكسر اللام وفتحها) وقال أبو عبيدة : واحدها لفيف كشريف وأشرف.(1/1045)
الخطاب : المخاطبة والمكالمة ، الروح : جبريل عليه الصلاة والسلام ، والمآرب :
المرجع ، والإنذار : الإخبار بالمكروه قبل وقوعه ، والمرء الإنسان ذكرا كان أو أنثى ، ما قدمت يداه : أي ما صنعه فى حياته الأولى.(1/1046)
سورة النازعات
والنازعات : أي الكواكب الجاريات على نظام معين فى سيرها كالشمس والقمر ، يقال نزعت الخيل : إذا جرت ، غرقا : أي مجدّة مسرعة فى جريها ، لتقطع مسافة فلكها حتى تصل إلى أقصى المغرب ، والناشطات نشطا : أي الخارجات من برج إلى برج ، من قولهم : نشط النور إذا خرج ، والسابحات سبحا : أي السائرات فى أفلاكها سيرا هادئا لا اضطراب فيه ولا اختلال ، وقد جعل مرورها فى جوائها كالسبح فى الماء كما جاء فى قوله : « وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ » والسابقات سبقا :
أي المسرعات عن غيرها فى سبحها ، فتتم دورتها حول ما تدور عليه فى مدة أسرع مما يتم غيرها كالقمر فإنه يتم دورته فى شهر قمرى ، والأرض تتم دورتها فى سنة شمسية ، وهكذا غيرها من السيارات السريعة ، ومنها ما لا يتم دورته إلا فى سنين ، فالمدبرات أمرا : أي فالكواكب التي تدبر بعض الأمور الكونية فى عالمنا الأرضى بظهور بعض آثارها ، فسبق القمر علّمنا حساب شهوره ، وله الأثر العظيم فى السحاب والمطر وفى البحر من المدّ والجزر ، ولضيائه حين امتلائه فوائد فى تصريف منافع الناس والحيوان ، وسبق الشمس فى أبراجها علّمنا حساب الشهور ، وسبقها إلى تتميم دورتها السنوية علمنا حساب السنين ، وخالف بين فصول السنة ، واختلاف الفصول من أسباب حياة النبات والحيوان ، وقد نسب إليها التدبير ، لأنها أسباب ما نستفيده منها ، والمدبر الحكيم : هو اللّه تعالى جل شأنه.
و ترجف : أي تضطرب وتتحرك ، والراجفة : الأرض بمن عليها ، والرادفة : السماء وما فيها تردفها وتتبعها ، فإنها تنشق وتنثر كواكبها ، الواجفة : أي الشديدة الاضطراب خاشعة : أي ذليلة ، الحافرة : الحياة الأولى ، أي الحياة بعد الموت وقد ظنوها حياتهم الأولى ، يقال رجع فى حافرته : أي فى طريقه التي جاء فيها ، والنخرة : البالية الجوفاء التي تمر فيها الرياح ، والكرّة : الرجعة من الكرّ ، وهو الرجوع ، والخاسرة : هى التي يخسر أصحابها ولا يربحون ، والزجرة : الصيحة ، والمراد بها النفخة الثانية يبعث بها الأموات ، والساهرة : الأرض البيضاء المستوية ، لأن السراب يجرى فيها ، وسميت بذلك لأن شدة الخوف التي تعترى من عليها تطير النوم من أعينهم فلا يذوقون نوما ، فهى ساهرة : أي ساهر من عليها.(1/1047)
المقدس : أي المبارك المطهر ، والوادي المقدس : هو واد بأسفل جبل طور سينا من برّية الشام ، طوى : واد بين أيلة ومصر ، طغى : أي تجاوز الحد فتكبر على اللّه وكفر به ، هل لك إلى كذا : أي هل ترغب فيه ، وتزكى : أي تتزكى وتتطهر من العيوب ، وأهديك : أي أدلك ، فتخشى : أي فتخاف ، والآية الكبرى : أي العلامة الدالة على صدقه فى دعواه النبوة ، وهى انقلاب العصا حية ، أدبر : أي ترك
موسى ، يسعى : أي فى مكايدته. فحشر : أي فجمع السحرة الذين فى بلاده ، والنكال :
العذاب ، والآخرة : يوم القيامة ، والأولى : الدنيا.(1/1048)
أشد خلقا : أي أصعب إنشاء ، والبناء : ضم الأجزاء المتفرقة بعضها إلى بعض مع ربطها بما يمسكها حتى يكون عنها بنية واحدة ، والسمك : قامة كل شىء ،
فسواها : أي جعل كل جزء موضوع فى موضعه ، أغطش ليلها : أي أظلمه ، ضحاها :
أي نورها وضياء شمسها ، دحاها : أي مهدها وجعلها قابلة للسكنى ، قال زيد بن عمرو ابن نفيل :
و أسلمت وجهى لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما استوت شدها بأيد وأرسى عليها الجبالا
مرعاها : أي نباتها ، متاعا لكم : أي متعة ومنفعة لكم ولأنعامكم.(1/1049)
الطامة الكبرى : أي الداهية العظمى التي تطمّ على الدواهي أي تغلب وتعلو ، وهى النفخة الثانية التي يكون معها البعث قاله ابن عباس ، وبرّزت الجحيم : أي كانت فى مكان بارز يراها كل من له عينان ، طغى : أي تكبر وتجاوز الحد ، آثر :
أي قدّم وفضل ، المأوى : المستقر ، مقام ربه : أي جلاله وعظمته ، ونهى النفس عن الهوى : أي زجرها وكفها عن هواها المردي لها بميلها إلى الشهوات.(1/1050)
الساعة : هى ساعة يبعث اللّه الخلائق من قبورهم ، وهى يوم القيامة ، أيان : أي متى ، مرساها : أي إرساؤها ، وإقامتها : أي حصولها ، فيم أنت من ذكراها : أي فى أىّ شىء أنت من أن تذكر لهم وقت حصولها ، وتبين لهم الزمان المعين لوقوعها ، إلى ربك منتهاها : أي إن منتهى علم حصولها عند ربك لم يؤته أحدا من خلقه ، واللبث :
الإقامة ، والعشية طرف النهار من آخره ، والضحى : طرفه من أول.(1/1051)
سورة عبس
عبس : أي قطب وجهه من ضيق الصدر ، وتولى : أي أعرض ، أن جاءه الأعمى : أي لأجل أن جاءه ، وما يدريك : أي أىّ شىء يعرّفك حال هذا الأعمى ؟
يزكى : أي يتطهر بما يلقن من الشرائع ، يذّكر : أي يتعظ ، استغنى : أي بماله وقوته عن سماع القرآن ، تصدى : أي تتصدى وتتعرض بالإقبال عليه ، يسعى أي يسرع ، يخشى : أي يخاف من الغواية ، تلهى : أي تتلهى وتتغافل.(1/1052)
كلا : كلمة يقصد بها زجر المخاطب عن الأمر الذي يعاتب عليه ، لئلا يعاوده ، وهنا هو التصدي للمستغنى والتلهي عن المستهدى ، تذكرة : أي موعظة ، ذكره :
أي اتعظ به ، فى صحف مكرمة : أي مودعة فى صحف شريفة ، مرفوعة : أي عالية القدر ، مطهرة : أي من النقص لا تشوبها الضلالات ، سفرة : واحدهم سافر ، من سفر بين القوم إذا نصب نفسه وسيطا ليصلح من أمورهم ما فسد.
قال شاعرهم :
فما أدع السفارة بين قومى ولا أمشى بغشّ إن مشيت
والمراد هنا الملائكة والأنبياء ، لأنهم وسائط بين اللّه وخلقه فى البيان عما يريد ، كرام : واحدهم كريم ، بررة : واحدهم بارّ ، والمراد أنهم كرام على اللّه ، أطهار لا يقارفون ذنبا.(1/1053)
قدره : أي أنشأه فى أطوار وأحوال مختلفة ، طورا بعد طور ، وحالا بعد حال ، والسبيل : الطريق ، يسره : أي سهل له سلوك سبل الخير والشر ، فأقبره : أي جعل له قبرا يوارى فيه ، أنشره : أي بعثه بعد الموت ، كلا : زجر له عن ترفعه وتكبره.(1/1054)
القضب : الرطبة ، وهى ما يؤكل من النبات غضا طريا وسمى قضبا لأنه يقضب أي يقطع مرة بعد أخرى ، غلبا : واحدها غلباء أي ضخمة عظيمة ، والأبّ : المرعى لأنه يؤب : أي يؤم وينتجع ، متاعا لكم ولأنعامكم : أي أنبتناه لكم لتتمتعوا به وتننفعوا وتنتفع أنعامكم.(1/1055)
الصخّ : الضرب بالحديد على الحديد ، وبالعصا الصّلبة على شىء مصمت ، فيسمع إذ ذاك صوت شديد والمراد هنا بالصاخة هو المراد بالقارعة فى سورتها ،
وهى الطامة الكبرى ، ويكون نذيرها ذلك الصوت الهائل الذي يحدث من تخريب الكون ووقع بعض أجرامه على بعض ، ومن ثمّ سميت صاخة وقارعة ، شأن : أي شغل ، يغنيه : أي يصرفه ويصده عن مساعدة ذوى قرابته ، قال شاعرهم :
سيغنيك حرب بنى مالك عن الفحش والجهل فى المحفل
مسفرة : أي مضيئة مشرقة يقال : أسفر الصبح إذا أضاء ، مستبشرة : أي فرحة بما نالت ، والغبرة : ما يصيب الإنسان من الغبار ، ترهقها : أي تغشاها ، والقترة :
سواد كالدخان ، والفجرة : واحدهم فاجر ، وهو الخارج عن حدود اللّه المنتهك لحرماته.(1/1056)
سورة التكوير
تكوير الشمس : لفها كتكوير العمامة والمراد منه اختفاؤها عن الأعين وذهاب ضوئها ، وانكدار النجوم : انتثارها وتساقطها حتى تذهب ويمحى ضوؤها ، وتسيير الجبال يكون حين الرجفة التي تزلزل الأرض ، فتقطّع أوصالها وتفصل منها أجبالها ، وتقذفها فى الفضاء والعشار : واحدها عشراء (بضم العين وفتح الشين) وهى الناقة التي مضى على حملها عشرة أشهر ، وهى أكرم مال لدى المخاطبين وقت التنزيل ، قال الأعشى فى المدح :
هو الواهب المائة المصطفا ة إما مخاضا وإما عشارا
وتعطيلها : إهمالها وذهابها حيث تشاء ، لعظم الهول وشدة الكرب ، حشرت :
أي ماتت وهلكت ، وتسجير البحار : تفجير الزلزال ما بينها حتى تختلط وتعود بحرا واحدا ، زوّجت : أي قرنت الأرواح بأجسادها ، الموءودة : هى التي دفنت وهى صغيرة ، وقد كان ذلك عادة فاشية فيهم فى الجاهلية ، وكان ذوو الشرف منهم يمنعون من هذا حتى افتخر بذلك الفرزدق فقال :
ومنا الذي منع الوائدات وأحيا الوئيد فلم توءد
يريد جدّه صعصعة ، وكان يشتريهن من آبائهن ، فجاء الإسلام وقد أحيا سبعين موءودة ، والمراد بالصحف صحف الأعمال التي تنشر على العباد حين يقفون للحساب ، كشطت : أي كشفت وأزيلت عما فوقها كما يكشط جلد الذبيحة عنها ، سعرت : أي أوقدت إيقادا شديدا ، أزلفت : أي أدنيت من أهلها وقربت منهم ، ما أحضرت :
أي ما أعدّ لها من خير أو شر.(1/1057)
الخنس : واحدها خانس ، وهو المنقبض المستخفى يقال خنس فلان بين القوم إذا انقبض واختفى ، والكنّس واحدها كانس أو كانسة من قولهم : كنس الظبى إذا دخل كناسه وهو بيته الذي يتخذه من أغصان الشجر والمراد بالخنس الجوار الكنس : جميع الكواكب ، وخنوسها : غيبوبتها عن البصر نهارا ، وكنوسها : ظهورها للبصر ليلا ، فهى تظهر فى أفلاكها ، كما تظهر الظباء فى كنسها.
وعسعس : أي أدبر ، وتنفس : أسفر وظهر نوره ، قال علقمة بن قرط :
حتى إذا الصبح لها تنفّسا وانجاب عنها ليلها وعسعسا
والرسول : هو جبريل عليه السلام ، وكريم : أي عزيز على اللّه ، ذى قوة :
أي فى حفظه ، مكين : أي ذى مكانة وجاه عند ربه يعطيه ما سأله يقال مكن فلان لدى فلان إذا كانت له عنده حظوة ومنزلة ، ثمّ (بفتح الثاء) أي هناك ، أمين :
أي على وحيه ورسالاته ، صاحبكم : هو محمد صلى اللّه عليه وسلم ، بالأفق المبين :
أي بالأفق الواضح ، وضنين : أي بخيل ، رجيم : أي مرجوم مطرود من رحمة اللّه ، فأين تذهبون : أي أىّ مسلك تسلكون وقد قامت عليكم الحجة ، أن يستقيم :
أي على الطريق الواضح.(1/1058)
سورة الانفطار
انفطرت : أي انشقت ، انتثرت : أي تساقطت متفرقة ، فجرت : أي فتحت وشققت جوانبها فزال ما بينها من الحواجز واختاط عذبها بملحها ، بعثرت : أي قلب ترابها الذي حثى على موتاها ، وأزيل وأخرج من دفن فيها ، ما قدمت : أي من أعمال الخير ، وما أخرت : أي منها بالكسل والتسويف.(1/1059)
ما غرك : أي أىّ شىء خدعك وجرّأك على العصيان ؟ الكريم : أي العلى العظيم فسواك : أي جعل أعضاءك سويّة سليمة معدّة لمنافعها ، فعدلك : أي جعلك معتدلا متناسب الخلق ، فى أي صورة ما شاء ركبك : أي ركبك فى صورة هى من أعجب الصور وأحكمها ، وكلمة (ما) جاءت زائدة لتفخيم المعنى وتعظيمه ، وهى طريقة متبعة فى كلامهم عند إرادة التهويل ، وسلوك سبيل التعظيم.(1/1060)
كلا : كلمة تفيد نفى شىء قد تقدم وتحقيق غيره ، والدين : الجزاء ، حافظين أي يحصون أعمالكم خيرا كانت أو شرا ، والأبرار : واحدهم برّ ، وهو من يفعل البر (بكسر الباء) ويتقى اللّه فى كل أفعاله ، والفجار : واحدهم فاجر ، وهو التارك لما شرعه اللّه وحدّه لعباده ، يصلونها : أي يقاسون حرها ، يوم الدين : أي يوم الجزاء ، ما أدراك : أي ما أعلمك وعرفك.(1/1061)
سورة المطففين
ويل : أي هلاك عظيم ، والتطفيف : البخس فى الكيل والوزن وسمى بذلك لأن ما يبخس شىء حقير طفيف ، اكتالوا على الناس : أي اكتالوا من الناس حقوقهم ، يستوفون : أي يأخذونها وافية كاملة ، كالوهم : أي كالوا لهم ، يخسرون :
أي ينقصون الكيل والميزان ، يقوم الناس لرب العالمين : أي يقف الناس للعرض على خالقهم ، ويطول بهم الموقف إجلالا لعظمة ربهم.(1/1062)
سجين : اسم للكتاب الذي دوّنت فيه أعمال الفجرة من الثقلين ، مرقوم : من رقم الكتاب إذا جعل له علامة ، والعلامة تسمى رقما ، معتد : أي متجاوز منهج الحق ، أثيم : أي يكثر من ارتكاب الآثام : وهى المعاصي ، أساطير الأولين : أي أخبار الأولين أخذها محمد عن بعض السابقين.(1/1063)
ران على قبله : أي غطى عليه ، قال الزجاج : الرين كالصدإ يغشى القلب كالغيم الرقيق. وقال أبو عبيدة : ران على قلوبهم غلب عليها ، قال الفرّاء : كثرت منهم المعاصي والذنوب ، فأحاطت بقلوبهم فذلك الرين عليها ، لمحجوبون : أي لمطرودون عن أبواب الكرامة ، لصالوا الجحيم : أي لداخلوا النار وملازموها.(1/1064)
عليين : أي فى مكان عال وقد تقدم أن سجينا مكان فى نهاية السفلى ، فهما مكانان أودع فيهما أعمال الناجين وأعمال الخاسرين ، وليس علينا أن نعرف ما هما ؟
أمن أوراق أو أخشاب أو معادن أخرى ، والأرائك. هى الأسرّة فى الحجال (والحجال واحدها حجلة وهى مثل القبة) وحجلة العروس بيت : أي خيمة تزين بالثياب والأسرّة والستور ، ونضرة النعيم : بهجته ورونقه ، ورحيق : أي شراب خالص لا غش فيه ، مختوم : أي ختمت أوانيه وسدت ، ختامه مسك : أي ما يختم به رأس قارورته هو المسك مكان الطين ، وأصل التنافس : التشاجر على الشيء والتنازع فيه بأن يحب كل واحد أن ينفرد به دون صاحبه ، والمراد فليستبق المتسابقون وليجاهدوا النفوس ، ليلحقوا بالعاملين ، والمزاج والمزج : الشيء الذي يمزج بغيره ، والمزج : خاط أحد الشيئين بالآخر ، والتسنيم : عين من ماء تجرى من أعلى
إلى أسفل ، وهو أشرف شراب فى الجنة ، ويكون صرفا للمقرّبين ممزوجا لأصحاب اليمين وسائر أهل الجنة ، والمقربون : هم الأبرار الذين سلف ذكرهم.(1/1065)
الغمز : الإشارة بالجفن والحاجب استهزاء وسخرية ، وقد يراد به العيب فيقال غمز فلان فلانا إذا عابه وذكره بسوء. ويقال فلان لا مغمز فيه : أي ليس فيه ما يعاب به ، فكهين : أي معجبين بما هم فيه من الشرك والضلالة والعصيان ، حافظين : أي رقباء يتفقدونهم ويهيمنون على أعمالهم ، والتثويب والإثابة : المجازاة. يقال ثوّبه وأثابه إذا جازاه كما قال :
سأجزيك أو يجزيك عنى مثوّب وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي(1/1066)
سورة الانشقاق
انشقت : أي تشقّقت بالغمام كما جاء فى قوله : « وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ » وأذنت لربها : أي استمعت له كما قال :
صمّ إذا سمعوا خيرا ذكرت به وإن ذكرت بشرّ عندهم أذنوا
وحقّت : أي وحق لها أن تمتثل ذلك أي يجدر بها أن تكون كذلك ، قال كثير :
فإن تكن العتبى فأهلا ومرحبا وحقّت لها العتبى لدينا وقلّت
مدت : أي بسطت بزوال جبالها ونسفها حتى صارت قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ، وألقت ما فيها : أي ألقت ما فى جوفها من الموتى والكنوز ، وتخلت :
أي خلت مما فيها فلم يبق فيها شىء ، كادح : أي جاهد مجدّ. قال شاعرهم :
ومضت بشاشة كلّ عيش وبقيت أكدح للحياة وأنصب
فملاقيه : أي فملاق له عقب ذلك ، ينقلب : أي يرجع ، أهله : أي عشيرته المؤمنين ، وراء ظهره : أي بؤتاه بشماله من وراء ظهره ، والثبور : الهلاك أي ينادى ويقول : وا ثبوراه أقبل فهذا أوانك ، ويصلى : أي يقاسى ، وسعيرا : أي نارا مستعرة ، مسرورا : أي فرحا ، يحور : أي يرجع قال لبيد :
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
والمراد أنه لن يرجع إلى اللّه ، بلى : أي بلى يحور ويرجع.(1/1067)
الشفق : هو الحمرة التي تشاهد فى الأفق الغربي بعد الغروب ، وأصله رقة الشيء ، يقال ثوب شفق : أي لا يتماسك لرقته ، ومنه أشفق عليه : أي رق له قلبه قال :
تهوى حياتى وأهوى موتها شفقا والموت أكرم نزّال على الحرم
وسق : أي ضم وجمع ، يقال وسقه فاتسق واستوسق : أي جمعه فاجتمع ، وإبل مستوسقة : أي مجتمعة قال :
إن لنا قلائصا حقائقا مستوسقات لم يجدن سائقا
واتسق أي اجتمع نوره وصار بدرا ، لتركبنّ : أي لتلاقنّ ، والطبق : الحال المطابقة لغيرها ، قال الأقرع بن حابس :
إنى امرؤ حلبت الدهر أشطره وساقنى طبق منه إلى طبق
والمراد لتركبن أحوالا بعد أحوال هى طبقات فى الشدة بعضها أرفع من بعض وهى الموت وما بعده ، لا يسجدون : أي لا يخضعون ولا يستكينون ، يوعون : أي يجمعون فى صدورهم من الإعراض والجحود والحسد والبغي ، والبشارة : الإخبار بما يسر ، واستعملت فى العذاب تهكما ، وممنون : أي مقطوع من قولهم منّ فلان الحبل إذا قطعه.(1/1068)
سورة البروج
البروج : واحدها برج ، ويطلق على الحصن والقصر العالي وعلى أحد بروج السماء الاثني عشر ، وهى منازل الكواكب والشمس والقمر ، فيسير القمر فى كل برج منها
يومين وثلث يوم فذلك ثمانية وعشرون يوما ثم يستتر ليلتين ، وتسير الشمس فى كل برج منها شهرا ، ستة منها فى شمال خط الاستواء وستة فى جنوبه فالتى فى شماله هى :
الحمل والثور والجوزاء والسّرطان والأسد والسّنبلة ، والتي فى جنوبه هى الميزان والعقرب والقوس والجدى والدّلو والحوت. وتقطع الثلاثة الأولى فى ثلاثة أشهر أوّلها اليوم العشرون من شهر مارس ، وهذه المدة هى فصل الربيع ، وتقطع الثلاثة الثانية فى ثلاثة أشهر أيضا أولها اليوم الحادي والعشرون من شهر يونيه ، وهذه المدة هى فصل الصيف ، وتقطع الثلاثة الأولى من الجنوبية فى ثلاثة أشهر أيضا ، أولها اليوم الثاني والعشرون من شهر سبتمبر ، وهذه المدة هى فصل الخريف ، وتقطع الثلاثة الثانية من الجنوبية فى ثلاثة أشهر أيضا أولها اليوم الثاني والعشرون من شهر ديسمبر ، وهذه المدة هى فصل الشتاء ، واليوم الموعود : هو يوم القيامة ، لأن اللّه قد وعد به ، والشاهد والمشهود : جميع ما خلق اللّه تعالى فى هذا العالم ، فإن كل ما خلقه شاهد على جليل قدرته وعظيم حكمته.
وفى كل شىء له آية تدل على أنه واحد
وهو مشهود أيضا لكل ذى عينين ، والأخدود : الشق فى الأرض يحفر مستطيلا ، وجمعه أخاديد ، وأصحاب الأخدود : قوم كافرون ذوو بأس وقوة رأوا قوما من المؤمنين فغاظهم إيمانهم فحملوهم على الكفر فأبوا فشقوا لهم شقا فى الأرض وحشوه بالنار وألقوهم فيه ، وكان هؤلاء الغلاظ الأكباد على جوانب الشق يشهدون الإحراق وما نقموا منهم : أي ما عابوا عليهم ، العزيز : أي الذي لا تغلب قوته ، الحميد : أي الذي يحمد على كل حال.(1/1069)
فتنوا : أي ابتلوا وامتحنوا ، عذاب الحريق : هو عذاب جهنم ذكر تفسيرا وبيانا له ، الفوز الكبير : أي الذي تصغر الدنيا بأسرها عنده ، بما فيها من رغائب لا تفنى.
البطش : الأخذ بالعنف والشدة ، يبدئ ويعيد : أي هو الذي يبدأ الخلق ثم يفنيهم ثم يعيدهم أحياء مرة أخرى ، ليجازيهم بما عملوا فى حياتهم الأولى ، الغفور : أي الذي يعفو ويستر ذنوب عباده بمغفرته ، الودود : أي الذي يحب أولياءه ويتودّد إليهم بالعفو عن صغير ذنوبهم ، ذو العرش : أي صاحب الملك والسلطان والقدرة النافذة ، المجيد : أي السامي القدر المتناهي فى الجود والكرم ، تقول العرب : « فى كل شجر نار ، واستمجد المرخ والعفار » : أي تناهيا فى الاحتراق حتى يقتبس منهما.
الجنود : تطلق تارة على العسكر ، وتطلق أخرى على الأعوان والمراد بهم هنا الجماعات الذين تجندوا على أنبياء اللّه واجتمعوا على أذاهم ، فرعون : هو طاغية مصر ، ثمود : قبيلة بائدة من العرب لا يعرف من أخبارها إلا ما قصه اللّه علينا ، محيط : أي هم فى قبضته وحوزته كمن أحيط به من ورائه فانسدت عليه المسالك ، مجيد : أي شريف محفوظ : أي مصون من التحريف ، والتغيير والتبديل.(1/1070)
سورة الطارق
السماء : كل ما علاك فأظلك ، الطارق : هو الذي يجنيئك ليلا ، النجم الثاقب :
هو الذي يثقب ضوؤه الظلام كأن الظلام جلد أسود والنجم يثقبه ، حافظ : أي رقيب يراقبها فى أطوار وجودها ، وهو اللّه تعالى.
دافق : أي منصبّ بدفع وسيلان وسرعة ، والصلب : الظهر ، والترائب :
عظام صدر المرأة ، والمراد من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، وقال الحسن وروى عن قتادة : يخرج من صلب كل وأحد من الرجل والمرأة ، وترائب كل منهما وهو الموافق لما أثبته العلم حديثا كما سيأتى ، ورجعه : أي إعادته ، تبلى : أي تختبر وتمتحن والمراد تظهر ، والسرائر : ما يسرّ فى القلوب من العقائد والنيات وما خفى من الأعمال ، واحدها سريرة ، قال الأحوص :
سيبقى لها فى مضمر القلب والحشا سريرة ودّ يوم تبلى السرائر(1/1071)
الرجع : إعادة الشيء إلى حال أو مكان كان فيه أوّلا ، والمراد به المطر ، وسمى بذلك لكونه يعاد إلى الأرض من السماء ، والصدع : الشق الناشئ من تفرق بعض أجزاء الأرض وانفصال بعضها من بعض بالنبات ، فصل : أي يفصل بين الحق والباطل ، ويقطع الجدل والمراء ، يكيدون كيدا : أي يعملون المكايد فى إبطال أمره ، وإطفاء نوره ، وأكيد كيدا : أي أقابلهم بكيدى فى إعلاء أمره ، وانتشار نوره ، رويدا : أي قريبا.(1/1072)
سورة الأعلى
التسبيح : التنزيه ، خلق : أي خلق الكائنات ، فسوى : أي فسواها ووضع خلقها على نظام كامل ، لا تفاوت فيه ولا اضطراب ، قدّر : أي قدّر لكل حى ما يصلحه مدة بقائه ، فهدى : أي هداه وعرّفه وجه الانتفاع بما خلق له ، والمرعى :
كل ما تخرجه الأرض من النبات والثمار والزروع المختلفة ، والغثاء : ما يقذف به السيل إلى جانب الوادي من الحشيش والنبات ، والأجوى : الذي يضرب لونه إلى السواد. قال ذو الرمة :
لمياء فى شفتيها حوّة لعس وفى اللّثات وفى أنيابها شنب(1/1073)
سنقرئك : أي نجعلك قارئا للقرآن ، فلا تنسى : أي فلا تنساه بل تحفظه ، واليسرى : أعمال الخير التي تؤدى إلى اليسر.(1/1074)
التذكر : أن يتنبه الإنسان إلى شىء كان قد علمه من قبل ثم غفل عنه ، ومن يخشى اللّه صنفان : مذعن معترف باللّه وببعثه للعباد للثواب والعقاب ، ومتردد فى ذلك ، الأشقى : هو المعاند المصرّ على الجحد والإنكار ، المتمكن من نفسه الكفر ، يصلى النار : أي يذوق حرها. والنار الكبرى هى أسفل دركات الجحيم ، لا يموت : أي فيستريح ولا يحيا : أي حياة طيبة فيسعد كما أشار إلى ذلك شاعرهم فقال :
ألا ما لنفس لا تموت فينقضى عناها ولا تحيا حياة لها طعم(1/1075)
أفلح : أي فاز ونجا من العقاب وتزكى : أي تطهر من دنس الرذائل ، ورأسها جحد الحق وقسوة القلب ، وذكر اسم ربه : أي ذكر فى قلبه صفات ربه من الكبرياء والجلال ، فصلى : أي فخشع وخضعت نفسه لأوامر بارئه ، تؤثرون :
أي تفضلون.(1/1076)
سورة الغاشية
الغاشية : القيامة ، سميت بذلك لأنها تغشى الناس بشدائدها وأهوالها ، خاشعة :
أي ذليلة : عاملة : أي وقع منها عمل فى الدنيا ، ناصبة : أي تعبة من قولهم نصب فلان بالكسر : أي تعب ، تصلى من قولهم صلى النار (بالكسر) أي قاسى حرها ، حامية :
أي متناهية فى الحرّ من قولهم حميت النار إذا اشتد حرها ، والعين : ينبوع الماء ، والآنية الشديدة الحر ، والضريع : شجر ذو شوك لائط بالأرض ، فإذا كان رطبا سمى بالشّبرق ، قال أبو ذؤيب الهذلي :
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وصار ضريعا بان عنه النحائص(1/1077)
ناعمة : أي ذات بهجة وحسن ، عالية : أي فى المكان لأن الجنة منازل ودرجات بعضها أعلى من بعض ، واللاغية : اللغو والكذب والبهتان ، عين جارية :
أي ينبوع ماء جار ، والسرر : واحدها سرير وهو ما يجلس أو ينام عليه ، وأفضله ما كان مرفوعا عن الأرض ، والأكواب : واحدها كوب وهو ما لا عروة له من الكيزان ، موضوعة : أي معدة ومهيأة للشراب ، والنمارق : واحدها نمرقة (بضم النون وكسرها) وهى الوسادة قال :
كهول وشبّان حسان وجوههم على سرر مصفوفة ونمارق
و الزرابيّ : واحدها زربىّ (بكسر الزاى) وزربية وهو البساط ، وأصل الزرابي أنواع النبات إذا احمرت واصفرت وفيها خضرة ، ويقال أزرب النبات إذا صار كذلك سموا بهذا البسط لشبهها به ، ومبثوثة : أي مفرقة فى المجالس بحيث يرى فى كل مجلس شىء منها كما يرى فى بيوت ذوى الثراء(1/1078)
الإبل : واحدها بعير ولا واحد لها من لفظها كنساء وقوم ، ورفع السماء.
إمساك ما فوقنا من شموس وأقمار ونجوم ، ونصب الجبال : إقامتها أعلاما للسائرين ، وملجأ للحائرين ، وسطح الأرض : تمهيدها وتوطئتها للإقامة عليها والمشي فى مناكبها.(1/1079)
فذكر : أي عظ قومك وابعثهم على النظر فى ملكوت السموات والأرض ، بمسيطر : أي بمسلط تجبرهم على ما تريد ، إيابهم : أي رجوعهم.(1/1080)
سورة الفجر
(وَالْفَجْرِ) الفجر هو الوقت الذي ينشق فيه الضوء ، وينفجر النور ، وقد أقسم ربنا به ، لما يحصل فيه من انقضاء الليل ، وظهور الضوء ، وما يترتب على ذلك من المنافع كانتشار الناس وسائر الحيوان من الطير والوحش لطلب الرزق ، وهو كقوله :
« وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ » وقوله : « وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ » .
(وَلَيالٍ عَشْرٍ) هى عشر ليال يتشابه حالها مع حال الفجر ، فيكون ضوء القمر فيها مطارد الظلام الليل إلى أن تغلبه الظلمة ، كما يهزم ضوء الصبح ظلمة الليل حتى يسطع النهار ، ولا يزال الضوء منتشرا إلى الليل الذي بعده.(1/1081)
وضوء الأهلة فى عشر ليال من أول كل شهر يشق الظلام ، ثم لا يزال الليل يغالبه إلى أن يغلبه ، فيسدل على الكون حجبه ، وهذه الليالى العشر غير متعينة فى كل شهر فإن ضوء الهلال قد يظهر حتى تغلبه الظلمة فى أول ليلة من الشهر.
وقد يكون ضئيلا يغيب ضوؤه فى الشفق فلا يعدّ شيئا.
والخلاصة - إن الليالى العشر تارة تبتدئ من أول ليلة ، وأخرى من الليلة الثانية.
(وَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) أي والزوج والفرد من هذه الليالى فهو سبحانه أقسم بالليالي جملة ثم أقسم بما حوته من زوج وفرد.
وبعد أن أقسم بضروب من الضياء أقسم بالليل مرادا منه الظلمة فقال :
(وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) أي والليل إذا يمضى ويذهب ، وهو كقوله : « وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ » وقوله : « وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ » .(1/1082)
(هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) الحجر (بكسر الحاء وسكون الجيم) العقل ، ويقولون : فلان ذو حجر : إذا كان قاهرا لنفسه ، ضابطا لها ، مضيّقا عليها.
والمراد أن من كان ذا لبّ وعقل يفطن إلى أن فى القسم بهذه المخلوقات المشتملة على باهر الحكمة ، وعجيب الصنعة ، الدالة على وحدانية صانعها - مقنعا أيّما مقنع ، وكفاية أعظم كفاية.
وجاء الكلام بصورة الاستفهام لتأكيد المقسم عليه وتقريره ، كما تقول لمن يحاجّك فى أمر ثم تقيم له الحجة الناصعة التي تثبت ما تدّعى : هل فيما ذكرت لك كفاية ، ومرادك أنى قد ذكرت لك أقوى الحجج وأبينها ، فلست تستطيع جحد ما قلت بعد هذا.(1/1083)
عاد : جيل من العرب البائدة يقولون إنه من ولد عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام ، ويلقب أيضا بإرم ، وذات العماد : أي سكان الخيام ، وكانت منازلهم بالرمال والأحقاف إلى حضر موت.
وثمود : قبيلة من العرب البائدة كذلك وهى من ولد كاثر بن إرم بن سام ، ومنازلهم بالحجر بين الشام والحجاز ، جابوا الصخر : أي قطعوه ونحتوه ، بالواد : أي الوادي الذي كانوا يسكنون فيه ، وفرعون : هو حاكم مصر الذي كان فى عهد موسى عليه السلام ، والأوتاد : المبانى العظيمة الثابتة ، والطغيان : تجاوز القدر فى الظلم والعتوّ ، وصب : أي أفرغ وألقى ، وسوط عذاب : أي أنواعا من العقوبات التي أنزلها عليهم جزاء طغيانهم ، والمرصاد : هو المكان الذي يقوم فيه الرصد ، والرصد من يرصد الأمور : أي يترقبها ليقف على ما فيها من الخير والشر ، ويطلق أيضا على الحارس الذي يحرس ما يخشى عليه.(1/1084)
ابتلاه : أي اختبره ببسط الرزق وإقتاره ، فأكرمه : أي صيره مكرما يرفل فى بحبوحة النعيم ، قدر عليه رزقه : أي صيره فقيرا مقترا عليه فى الرزق ، تقول قدرت عليه الشيء : أي ضيقته عليه ، وكأنك جعلته بقدر لا يتجاوزه كما قال : « وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ » .(1/1085)
ولا تحاضون : أي لا يأمر بعضكم بعضا ، والتراث : الميراث ، لمّا : أي شديدا ، جمّا : أي كثيرا قال :
إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا وأىّ عبد لك لا ألمّا(1/1086)
الدكّ : حط المرتفع بالبسط والتسوية ومنه اندكّ سنام البعير إذا انغرس فى ظهره ، دكا دكا : أي دكا بعد دك : أي كرّر عليها الدك وتتابع حتى صارت كالصخرة الملساء ، صفا صفا : أي صفا بعد صف بحسب منازلهم ومراتبهم فى الفضل ، وجىء يومئذ بجهنم : أي كشفت للناظرين بعد أن كانت غائبة عنهم ، وأنى له الذكرى ؟ أي ومن أين له فائدة التذكر وقد فات الأوان ، والوثاق : الشدّ والربط السلاسل والأغلال.(1/1087)
المطمئنة. من الاطمئنان وهو الاستقرار والثبات ، إلى ربك : أي إلى ثوابه وموقف كرامته ، فى عبادى : أي فى زمرة عبادى المكرمين.(1/1088)
سورة البلد
البلد : مكة ، حلّ : أي حالّ مقيم فيه ، ووالد وما ولد : أي وأىّ والد وأىّ مولود من الإنسان والحيوان والنبات ، والكبد : المشقة والتعب ، قال لبيد يرثى أخاه أربد :
يا عين هل رأيت أربد إذ قمنا وقام الخصوم فى كبد(1/1089)
أيحسب : أي أيظن ، أهلكت : أي أنفقت ، لبدا : أي كثيرا ، والنجد :
الطريق المرتفعة والمراد بالنجدين طريقا الخير والشر.(1/1090)
اقتحم الشيء : دخل فيه بشدة ، والعقبة : الطريق الوعرة فى الجبل يصعب سلوكها ، والمراد بها مجاهدة الإنسان نفسه وهواه ومن يسوّل له فعل الشر من شياطين الإنس والجن ، وفك الرقبة : عتقها أو المعاونة عليه ، والمسبغة : الجوع ، يقال سغب الرجل يسغب إذا جاع ، والمقربة : القرابة فى النسب ، تقول فلان من ذوى قرابتى ومن أهل مقربتى إذا كان قريبك نسبا ، والمتربة : الفقر ، تقول ترب الرجل إذا افتقر ، وأترب إذا كثر ماله حتى صار كالتراب ، تواصوا بالصبر : أي نصح بعضهم بعضا به ، والميمنة : طريق النجاة والسعادة ، والمشأمة : طريق الشقاء ، مؤصدة : أي مطبقة عليهم من آصدت الباب ، أي أغلقته ، قال :
تحنّ إلى أجبال مكة ناقتى ومن دونها أبواب صنعاء موصده(1/1091)
سورة الشمس
ضحى الشمس : ضوؤها ، تلاها : أي تبعها ، يقال تلا فلان فلانا يتلوه إذا تبعه ، وجلاها : أي كشف الشمس وأتمّ وضوحها ، يغشاها : أي يزيل ضوءها ويحجبه ، والسماء : كل ما ارتفع فوق رأسك ، والمراد به هذا الكون الذي فوقك وفيه الشمس والقمر وسائر الكواكب التي تجرى فى مجاريها ، بناها : أي رفعها ، وجعل كل كوكب من الكواكب بمنزلة لبنة من بناء سقف أو قبة تحيط بك ، وطحا الأرض بسطها وجعلها فراشا ، سوّاها : أي ركب فيها القوى الظاهرة والباطنة ، وجعل لكل منها وظيفة تؤديها ، ألهمها : عرّفها ومكّنها ، والفجور : ما يكون سببا فى الخسران والهلكة ، والتقوى : إتيان ما يحفظ النفس من سوء العاقبة ، أفلح : أي أصاب الفلاح ، وهو إدراك المطلوب ، وزكاها : أي طهرها من أدناس الذنوب ، وخاب :
أي خسر ، ودسّاها : أي أنقصها وأخفاها بالذنوب والمعاصي قال :
ودسست عمرا فى التراب فأصبحت حلائله منه أرامل ضيّعا(1/1092)
الطّغوى والطغيان : مجاوزة الحد المعتاد ، انبعث : أي قام بعقر الناقة ، أشقاها :
أي أشقى ثمود وهو قدار بن سالف ، رسول اللّه : هو صالح عليه السلام ، ناقة اللّه ، أي احذروا التعرض لناقة اللّه ، وسقياها : أي شربها الذي اختصها به فى يومها ، فعقروها : أي فنحروها ، فدمدم : أي فأطبق عليهم العذاب ، يقال : دمدم عليه القبر : أي أطبقه عليه ، فسواها : أي فسوى القبيلة فى العقوبة فلم يفلت منها أحد ، عقباها : أي عاقبة الدمدمة وتبعتها.(1/1093)
سورة الليل
يغشى : أي يغطى كل شىء فيواريه بظلامه ، تجلى : أي ظهر وانكشف بظهوره كل شىء ، وما خلق : أي والذي خلق ، وشتى : واحدها شتيت ، وهو المتباعد بعضه من بعض.(1/1094)
أعطى : أي بذل ماله ، واتقى : أي ابتعد عن الشر وإيصال الأذى إلى الناس ، بالحسنى : أي بالخصلة الحسنى التي هى أفضل من غيرها ، لليسرى : أي للخصلة التي تؤدى إلى يسر وراحة بتمتعه بالنعيم ، استغنى : أي عدّ نفسه غنيا عما عند الناس بما لديه من مال ، فلا يجد فى قلبه راحة لضعفائهم ببذل المال والمعونة لهم ، بالحسنى :
أي بالفضيلة وبأنها ركن من أركان الاجتماع ، للعسرى : أي الخصلة التي تؤديه إلى العسر ، ويقال تردى فلان من الجبل إذا هوى من أعلاه وسقط إلى أسفله.(1/1095)
تلظى : أصله تتلظى ، أي تتوقد وتلتهب ، يقال : تلظت النار تلظيا بمعنى التهبت التهابا ومنه سميت النار لظى ، يصلاها : أي يحترق بها ، كذب : أي كذب الرسول فيما جاء به عن ربه ، وتولى : أي أعرض عن طاعة ربه ، وسيجنبها : أي يبعد عنها ويصير منها على جانب ، والأتقى : المبالغ فى اتقاء الكفر والمعاصي : الشديد التحرز منهما ، يتزكى : أي يتطهر ، تجزى : أي تجازى وتكافأ ، ابتغاء وجه ربه :
أن طلب مثوبته.(1/1096)
سورة الضحى
الضحى : صدر النهار حين ترتفع الشمس وتلقى أشعتها على هذا الكون ، وسجى : أي سكن والمراد سكن الأحياء فيه وانقطعوا عن الحركة ، ما ودعك ربك : أي ما تركك ، وما قلى : أي وما قلاك وما أبغضك ، والقلى : شدة الكره والبغض.(1/1097)
ضالا فهدى : أي غافلا عن الشرائع فهداك إلى مناهجها ، عائلا : أي فقيرا ، فلا تقهر : أي فلا تستذل ، فلا تنهر : أي فلا تزجر ، فحدّث : أي فأدّ الشكر لموليها(1/1098)
سورة الشرح
الشرح : البسط والتوسعة ، والعرب تطلق عظم الصدر وتريد به القوة وعظيم المنة والمسرة وانبساط النفس ، ويفخرون بذلك فى مدائحهم ، من قبل أن سعة الصدر تعطى الأحشاء فسحة للنمو والراحة ، وإذا تم ذلك للمرء كان ذهنه حاضرا لا يضيق ذرعا بأمر ، والوزر : الحمل الثقيل ، وأنقض : أي أثقل ، والظهر إذا أثقله الحمل سمع له نقيض ، أي صوت خفى(1/1099)
العسر : الفقر والضعف وجهالة الصديق وقوة العدو وإنكار الجميل ، فرغت :
أي من عمل : فانصب : أي اتعب.(1/1100)
سورة التين
المراد بالتين كما قال الأستاذ الإمام هنا : عهد الإنسان الأول الذي كان يستظل فيه بورق التين حينما كان يسكن الجنة والمراد بالزيتون : عهد نوح عليه السلام وذريته حينما أرسل الطير فحمل إليه ورقة من شجر الزيتون ، فاستبشر وعلم بأن الطوفان انحسر عن الأرض ، وطور سينين : الجبل الذي كلم اللّه تعالى موسى عنده ، والبلد الأمين : مكة التي كرمها اللّه بالكعبة ، والتقويم : جعل الشيء على ما ينبغى أن يكون عليه فى التأليف والتعديل يقال قوّمه تقويما : واستقام الشيء وتقوّم :
إذا جاء وفق التقويم ، وممنون : أي مقطوع ، والدّين : الجزاء بعد البعث.(1/1101)
المراد بالإنسان : أي فرد من هذا النوع ، يطغى : أي يتكبر ويتمرد : استغنى :
أي صار ذا مال وأعوان يغنى بهما ، والرجعى والمرجع والرجوع : المصير والعودة ، أرأيت : أي أخبرنى والمراد من الاستخبار إنكار الحال المستخبر عنها وتقبيحها على نحو ما جاء فى قوله تعالى : « أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ؟ » والسفع : الجذب بشدة والناصية : شعر الجبهة والمراد بذلك القهر والإذلال بأشد أنواع العذاب ، والنادي :
المكان الذي يجتمع فيه القوم ، ولا يسمى ناديا حتى يكون فيه أهله قال زهير :
وفيهم مقامات حسان وجوههم وأندية ينتابها القول والفعل
والزبانية : واحدهم زبنية (بكسر فسكون) وزبنى (بالكسر) ، والمراد بهم الملائكة الذين أقامهم اللّه على تعذيب العصاة من خلقه.(1/1102)
سورة القدر
القدر : العظمة والشرف ، من قولهم لفلان قدر عند فلان : أي منزلة وشرف ، تنزل الملائكة : أي تنزل وتتجلى للنفس الطاهرة التي هيأها اللّه لقبول تجليها ، وهى نفس النبي الكريم ، سلام : أي أمن من كل أذى وشر ، مطلع الفجر : أي وقت طلوعه.(1/1103)
سورة البينة
أهل الكتاب : اليهود والنصارى ، المشركون : عبدة الأوثان والأصنام من العرب وغيرهم ، منفكين : أي مفارقين ما هم عليه ، والبينة : الحجة الواضحة ، والمراد بها النبي صلى اللّه عليه وسلم ، والصحف : واحدها صحيفة : وهى ما يكتب فيه ، مطهرة : أي مبرأة من الزور والضلال ، والقيمة : المستقيمة التي لا عوج فيها لاشتمالها على الحق ، والبينة : الثابتة الدليل ، والإخلاص : أن يأتى بالعمل خالصا له تعالى ، لا يشرك به سواه ، الدين : العبادة ، وإخلاص الدين للّه : تنقيته من أدران الشرك ، حنفاء : واحدهم حنيف ، وهو فى الأصل المائل المنحرف والمراد به المنحرف عن الزيغ إلى إسلام الوجه للّه ، والبرية : الخليقة ، خشى اللّه : أي خاف عقابه.(1/1104)
سورة الزلزلة
الزلزلة : الحركة الشديدة مع اضطراب ، والأثقال : واحدها ثقل ، وهو فى الأصل متاع البيت كما قال : « وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ » والمراد هنا ما فى جوف الأرض من الدفائن كالموتى والكنوز ، وتقول أوحيت له وأوحيت إليه ووحي له ووحي إليه ، أي كلمه خفية أو ألهمه كما جاء فى قوله : « وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ » يصدر : أي يرجع ، فالوارد هو الآتي للماء ليشرب أو يستقى ، والصادر : هو الراجع عنه ، أشتاتا : واحدهم شتيت أي متفرقين متمايزين لا يسير محسنهم ومسيئهم فى طريق واحدة ، الذرة : النملة الصغيرة ، أو هى الهباء الذي يرى فى ضوء الشمس إذا دخلت من نافذة ، ومثقال الذرة : وزنها ، وهو مثل فى الصغر.(1/1105)
سورة العاديات
العاديات : واحدها عادية من العدو وهو الجري ، والضبح : صوت أنفاس الخيل حين الجري. قال عنترة :
والخيل تكدح حين تضبح فى حياض الموت ضبحا والموريات : واحدها مورية من الإيراء ، وهو إخراج النار ، تقول : أورى فلان إذا أخرج النار بزند ونحوه ، والقدح : الضرب لإخراج النار كضرب الزناد بالحجر ، والمغيرات : واحدها مغيرة من أغار على العدو إذا هجم عليه بغتة ليقتله أو يأسره ، أو يستلب ماله ، والإثارة : التهييج وتحريك الغبار ، والنقع : الغبار ، وسطن :
أو توسطن تقول وسطت القوم أسطهم وسطا : إذا صرت فى وسطهم ، والكنود :
الكفور ، يقال كند النعمة أي كفرها ولم يشكرها وأنشدوا :
كنود لنعماء الرجال ومن يكن كنودا لنعماء الرجال يبعّد
وأصل الكنود الأرض التي لا تنبت شيئا ، شبه بها الإنسان الذي يمنع الخير ويجحد ما عليه من واجبات ، لشهيد : أي لشاهد على كنوده وكفره بنعمة ربه ، والخير : المال كما جاء فى قوله : « إِنْ تَرَكَ خَيْراً » ، لشديد : أي لبخيل ، بعثر :
أي بعث وأثير ، وحصّل : أي أظهر محصلا مجموعا ، ما فى الصدور : أي ما في القلوب من العزائم والنوايا(1/1106)
سورة القارعة
(الْقارِعَةُ) من أسماء القيامة كالحاقة والصاخّة والطامّة والغاشية وسميت بذلك لأنها تقرع القلوب بهولها ، كما تسمى الحادثة العظيمة من حوادث الدهر قارعة ، قال تعالى : « وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ » أي حادثة عظيمة تقرعهم وتصك أجسادهم فيألمون لها.(1/1107)
الفراش : هو الحشرة التي تراها تترامى على ضوء السراج ليلا ، وبها يضرب المثل فى الجهل بالعاقبة قال جرير :
إن الفرزدق ما علمت وقومه مثل الفراش غشين نار المصطلى
و المبثوث : المفرق المنتشر ، تقول بثثت الشيء : أي فرقته.
أي إن الناس من هول ذلك اليوم يكونون منتشرين حيارى هائمين على وجوههم لا يدرون ماذا يفعلون ، ولا ماذا يراد بهم كالفراش الذي يتجه إلى غير جهة واحدة.
بل تذهب كل فراشة إلى جهة غير ما تذهب إليها الأخرى.
وجاء تشبيههم فى آية أخرى بالجراد المنتشر فى كثرتهم وتتابعهم فقال : « كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ » .
(وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) العهن (بكسر العين وسكون الهاء) الصوف ذو الألوان ، والمنفوش : الذي نفش ففرقت شعراته بعضها عن بعض حتى صار على حال يطير مع أضعف ريح.
أي إن الجبال لتفتتها وتفرق أجزائها لم يبق لها إلا صورة الصوف المنفوش فلا تلبث أن تذهب وتتطاير ، فكيف يكون الإنسان حين حدوثها وهو ذلك الجسم الضعيف السريع الانحلال.(1/1108)
والمراد من كون أمه هاوية - أن مرجعه الذي يأوى إليه مهواة سحيقة فى جهنم يهوى فيها ، كما يأوى الولد إلى أمه ، قال أمية بن أبى الصلت :
فالأرض معقلنا وكانت أمّنا فيها مقابرنا وفيها نولد(1/1109)
(وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ ؟ ) أي وأىّ شىء يخبرك بما هى تلك الهاوية ، وأنها أىّ شىء تكون ؟
ثم فسرها بعد إبهامها فقال :
(نارٌ حامِيَةٌ) أي هى نار ملتهبة يهوى فيها ليلقى جزاء ما قدّم من عمل ، وما اجترح من سيئات.
وفى هذا إيماء إلى أن جميع النيران إذا قيست بها ووزنت حالها بحالها لم تكن حامية ، وذلك دليل على قوة حرارتها ، وشدة استعارها.
وقانا اللّه شر هذه النار الحامية ، وآمننا من سعيرها بمنه وكرمه.(1/1110)
سورة التكاثر
اللهو : ما يشغل الإنسان ، سواء أ كان مما يسرّ أم لا ، ثم خص بما يشغل مما فيه سرور وإذا ألهى المرء بشىء فهو غافل به عما سواه ، والتكاثر : التباهي بالكثرة بأن يقول كل للآخر أنا أكثر منك مالا ، أنا أكثر منك ولدا ، أنا أكثر منك رجال ضرب وحرب ، حتى زرتم المقابر : أي حتى صرتم من الموتى ، قال جرير :
زار القبور أبو مالك فأصبح ألأم زوّارها
علم اليقين : أي علم الأمر الميقون الموثوق به ، والجحيم : دار العذاب. عين اليقين :
أي عين هى اليقين نفسه.(1/1111)
سورة الْعَصْرِ
العصر : الدهر ، والإنسان : هو هذا النوع من المخلوقات ، والخسر والخسران النقصان وذهاب رأس المال ، والمراد به ما ينغمس فيه الإنسان من الآفات المهلكة ،
والحق : هو ما تقرر من حقيقة ثابتة أرشد إليها دليل قاطع ، أو عيان ومشاهدة ، أو شريعة صحيحة جاء بها نبى معصوم ، والصبر : قوة للنفس تدعوها إلى احتمال المشقة فى العمل الطيب ، وتهوّن عليها احتمال المكروه فى سبيل الوصول إلى الأغراض الشريفة.
والتواصي بالحق : أن يوصى بعضهم بما لا سبيل إلى إنكاره وهو كل فضيلة وخير ، والتواصي بالصبر : أن يوصى بعضهم بعضا به ويحثه عليه ، ولا يكون ذلك نافعا مقبولا إلا إذا كمّل المرء نفسه به وإلا صدق عليه قول أبى الأسود الدؤلي :
يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذى السّقام وذى الضنى كيما يصح به وأنت سقيم(1/1112)
سورة الهمزة
ويل : أي خزى وعذاب ، وهو لفظ يستعمل فى الذم والتقبيح والمراد به التنبيه على قبح ما سيذكر بعد من صفاتهم ، والهمزة للمزة : الذي يطعن فى أعراض الناس ويظهر عيوبهم ويحقّر أعمالهم ، تلذذا بالحط منهم وترفعا عنهم وأصل الهمز : الكسر يقال همز كذا : أي كسره ، وأصل اللمز الطعن ، يقال لمزه بالرمح : أي طعنه ثم شاع استعمالها فيما ذكرنا ، قال زياد الأعجم :
إذا لقيتك عن شحط تكاشرنى وإن تغيبت كنت الهامز اللمزه
وعن مجاهد وعطاء : الهمزة الذي يغتاب ويطعن فى وجه الرجل ، واللمزة :
الذي يغتاب من خلفه إذا غاب ، ومنه قول حسان :
همزتك فاختضعت بذلّ نفس بقافية تأجّج كالشواظ
عدّده : أي عده مرة بعد أخرى شغفا به ، أخلده : أي ضمن له الخلود فى الدنيا ، والنبذ : الطرح مع الإهانة والتحقير ، والحطمة : من الحطم وهو الكسر ، يقال رجل حطمة إذا كان شديدا لا يبقى على شىء.
وفى أمثالهم : شرّ الرّعاء الحطمة : أي الذي يحطم ما شيته ويكسرها بشدة سوقها قال :
قد لفّها الليل بسواق حطم ليس براعي إبل ولا غنم
ولا بجزّار على ظهر وضم
والمراد بها النار ، لأنها تحطم العظام وتأكل اللحوم حتى تهجم على القلوب ، تطّلع على الأفئدة : أي تعلو أوساط القلوب وتغشاها ، مؤصدة : أي مطبقة من أوصدت الباب : أي أغلقته قال :
تحنّ إلى أجبال مكة ناقتى ومن دونها أبواب صنعاء موصده
والعمد : واحدها عمود ، وممدّدة : أي مطولة من أول الباب إلى آخره(1/1113)
سورة الفيل
الكيد : إرادة وقوع ضر بغيرك على وجه الخفاء ، والتضليل : التضييع والإبطال تقول ضلّلت كيد فلان إذا جعلته باطلا ضائعا ، والطير : كل ما صار فى الهواء ، صغيرا كان أو كبيرا ، والأبابيل : الجماعات ، لا واحد له من لفظه ، والسجيل : الطين الذي تحجر ، والعصف : ورق الزرع الذي يبقى بعد الحصاد ، وتعصفه الرياح : فتأكله الماشية ، مأكول : أي أكلت الدواب بعضه وتناثر بعضه الآخر من بين أسنانها.(1/1114)
سورة قريش
تقول ألفت الشيء إلفا وإلافا ، وآلفته إيلافا : إذا لزمته وعكفت عليه مع الأنس به وعدم النفور منه ، وقريش : اسم للقبائل العربية من ولد النضر بن كنانة ، والرحلة : ارتحال القوم أي شدهم الرحال للمسير ، أطعمهم : أي وسع لهم الرزق ، ومهّد لهم سبيله ، وآمنهم : أي جعلهم فى أمن من التعدي عليهم ، والتطاول إلى أموالهم وأنفسهم(1/1115)
سورة الماعون
أرأيت : أي هل عرفت وعلمت والمراد بذلك تشويق السامع إلى تعرّف ما يذكر بعده مع تضمنه التعجب منه ، كما تقول : أرأيت فلانا ماذا صنع ، وأ رأيت فلانا كيف عرّض نفسه للمخاطر - أنت فى كل ذلك تريد بعث المخاطب على التعجب مما فعل ، والدين : هو الخضوع لما وراء المحسوس من الشؤون الإلهية التي لا يمكن الإنسان أن يعرف حقيقتها ، وإنما يجد آثارها فى الكون باعثة على الإذعان والتصديق ، كوجود اللّه ووحدانيته ، وبعثه الرسل مبشرين ومنذرين ، والتصديق بحياة أخرى يعرض الناس فيها على ربهم للجزاء ، يدعّ اليتيم : أي يدفعه ويزجره زجرا عنيفا كما جاء فى قوله : « يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا » يحض : أي يحث ويدعو الناس إلى ذلك ، يراءون : أي يفعلون بقدر ما يرى الناس أنهم يفعلون ذلك من غير أن تستشعر قلوبهم خشية اللّه بها وحقيقة الرياء طلب ما فى الدنيا بالعبادة وطلب المنزلة فى قلوب الناس ، ويكون فعل ذلك على ضروب (1) بتحسين السمت مع إرادة الجاه وثناء الناس.
(2) بلبس الثياب القصار أو الخشنة ليأخذ بذلك هيبة الزهاد فى الدنيا.
(3) بإظهار السخط على الدنيا ، وإظهار التأسف على ما يفوته من فعل الخير.
(4) بإظهار الصلاة والصدقة ، أو بتحسين الصلاة لرؤية الناس له.
والماعون : ما جرت العادة بأن يسأله الفقير والغنى كالقدر والدلو والفأس.
وقال جار اللّه : ولا يكون الرجل مرائيا بإظهار العمل الصالح إن كان فريضة ، فمن حق الفرائض الإعلان بها وتشهيرها
لقوله عليه الصلاة والسلام : « ولا غمّة فى فرائض اللّه »
لأنها أعلام الإسلام ، وشعائر الدين ، ولأن تاركها يستحق الذم والمقت ، فوجب إماطة التهمة بالإظهار ، وإن كان تطوعا فحقه أن يخفى ، لأنه مما لا يلام بتركه ولا تهمة فيه ، فإن أظهره قاصدا الاقتداء به كان جميلا ، وإنما الرياء أن يقصد بالإظهار أن تراه الأعين فيثنى عليه بالصلاح ، وعن بعضهم أنه رأى رجلا فى المسجد قد سجد سجدة الشكر وأطالها فقال : ما أحسن هذا لو كان فى بيتك ؟
وإنما قال هذا لأنه توسم فيه الرياء والسمعة.
على أن اجتناب الرياء صعب إلا على المرتاضين بالإخلاص ، ومن ثم
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « الرياء أخفى من ديب النملة السوداء فى الليلة الظلماء على المسح الأسود » ا ه.
المسح : كساء خشن من صوف يلبسه الزهاد.(1/1116)
سورة الكوثر
الكوثر : المفرط فى الكثرة ، قيل لأعرابية رجع ابنها من السفر : بم آب ابنك ؟ قالت : آب بكوثر ، ويقال للرجل الكثير العطاء هو كوثر ، قال الكميت الأسدى :
وأنت كثير يا ابن مروان طيّب وكان أبوك ابن العقائل كوثرا
والمراد به هنا النبوة والدين الحق والهدى وما فيه سعادة الدنيا والآخرة ، والشانئ :
المبغض ، وأصل الأبتر : الحيوان المقطوع الذنب ، والمراد به هنا ما لا يبقى له ذكر ولا يدوم له أثر - شبه بقاء الذكر الحسن واستمرار الأثر الجميل بذنب الحيوان من حيث إنه يتبعه وهو زينة له. وشبه الحرمان منه ببتر الذنب وقطعه(1/1117)
سورة النصر
النصر : العون يقال نصره على عدوه ينصره نصرا : أي أعانه ، ونصر الغيث الأرض : إذا أعان على إظهار نباتها ومنع من قحطها ، قال شاعرهم :
إذا دخل الشهر الحرام فجاوزى بلاد تميم وانصرى أرض عامر
والفتح : الفصل بينه وبين أعدائه وإعزاز دينه وإظهار كلمته ، والأفواج :
واحدهم فوج وهو الجماعة والطائفة ، واستغفره : أي اسأله أن يغفر لك ذنوبك ولقومك الذين اتبعوك ، توّابا : أي كثير القبول لتوبة عباده.(1/1118)
سورة المسد
التباب : الهلاك والخسران : قال تعالى : « وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ » وأبو لهب : أحد أعمام النبي صلى اللّه عليه وسلم ، واسمه عبد العزّى بن عبد المطلب ، وتبّ : أي قد تبّ وخسر ، يصلى نارا : أي يجد حرها ويذوقه ، ولهب النار :
ما يسطع منها عند اشتعالها وتوقدها ، والجيد : العنق ، والمسد : الليف(1/1119)
سورة الإخلاص
أحد : أي واحد لا كثرة فى ذاته ، فهو ليس بمركب من جواهر مختلفة مادية ولا من أصول متعدّدة غير مادية ، والصمد : الذي يقصد فى الحاجات كما قال :
لقد بكر الناعي بخير بنى أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
الكفء والمكافئ : النظير فى العمل والقدرة.(1/1120)
سورة الفلق
أعوذ : أي ألجأ ، والفلق : شق الشيء وفصل بعضه من بعض ، تقول فقلت الشيء فانفلق كما قال تعالى : « فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى » والشيء المفلوق يسمى فلقا ،
والمراد به كل ما يفلقه اللّه كالأرض التي تنفلق عن النبات ، والجبال التي تنفلق عن عيون الماء ، والسحائب التي تنفلق عن ماء الأمطار ، والأرحام التي تنفلق عن الأولاد.
والغاسق : الليل إذا اعتكر ظلامه ، ووقب : دخل ظلامه فى كل شىء ، ويقال وقبت الشمس إذا غابت ، والنفاثات : واحدهم نفاثة كعلامة ، من النفث وهو النفخ من ريق يخرج من الفم ، والعقد : واحدها عقدة ، والحاسد : هو الذي يتمنى زوال نعمة المحسود(1/1121)
سورة الناس
رب الناس : أي مربيهم ومنميهم ومراعى شؤونهم ، الوسواس : أي الموسوس الذي يلقى حديث السوء فى النفس ، والخناس : من الخنوس وهو الرجوع والاختفاء والجنة : واحدهم جنىّ ، كإنس وإنسى(1/1122)