صحيفة علي بن أبي طلحة (الوالبي) عن ابن عباس رضي الله عنه
مُلتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بسم الله الرحمن الرحيم
( سورة البقرة )
** الَمَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله تعالى
** الّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصّلاةَ وَممّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
قال علي بن أبي طلحة وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما يؤمنون يصدّقون
قال علي بن أبي طلحة وغيره عن ابن عباس {ومما رزقناهم ينفقون} قال زكاة أموالهم
** إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى فأخبره الله تعالى أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة في الذكر الأول ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاوة في الذكر الأول
** مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمّآ أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاّ يُبْصِرُونَ * صُمّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ
وأما قول ابن جرير فيشبه ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً} قال: هذا مثل ضربه الله للمنافقين أنهم كانوا يعتزون بالإسلام فيناكحهم المسلمون ويوارثونهم ويقاسمونهم الفيء, فلما ماتوا سلبهم الله ذلك العز كما سلب صاحب النار ضوءه
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {وتركهم في ظلمات لا يبصرون} يقول في عذاب إذا ماتوا
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {صم بكم عمي} يقول لا يسمعون الهدى ولا يبصرونه, ولا يعقلونه(1/1)
** يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {يكاد البرق يخطف أبصارهم} يقول يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كلما أضاء لهم مشوا فيه يقول كلما أصاب المنافقين من عز الإسلام اطمأنوا إليه وإذا أصاب الإسلام نكبة قاموا ليرجعوا إلى الكفر كقوله تعالى {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به}
** وَبَشّرِ الّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ أَنّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ كُلّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رّزْقاً قَالُواْ هََذَا الّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مّطَهّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
قوله تعالى: {ولهم فيها أزواج مطهرة} قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: مطهرة من القذر والأذى
** هُوَ الّذِي خَلَقَ لَكُمْ مّا فِي الأرْضِ جَمِيعاً ثُمّ اسْتَوَىَ إِلَى السّمَآءِ فَسَوّاهُنّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
فأما قوله تعالى {أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها * رفع سمكها فسواها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها * والأرض بعد ذلك دحاها * أخرج منها ماءها ومرعاها * والجبال أرساها * متاعاً لكم ولأنعامكم} فقد قيل إن ثم ههنا إنما هي لعطف الخبر على الخبر لا لعطف الفعل على الفعل, كما قال الشاعر:
قل لمن ساد ثم ساد أبوهثم قد ساد قبل ذلك جده
قيل إنّ الدحي كان بعد خلق السموات, رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
** وَأَقِيمُواْ الصّلاَةَ وَآتُواْ الزّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرّاكِعِينَ
قال علي بن طلحة عن ابن عباس: يعني بالزكاة طاعة الله والإخلاص(1/2)
** وَاسْتَعِينُواْ بِالصّبْرِ وَالصّلاَةِ وَإِنّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى الْخَاشِعِينَ *
قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني المصدقين بما أنزل الله
** وَإِذْ نَجّيْنَاكُم مّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلآءٌ مّن رّبّكُمْ عَظِيمٌ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: قوله تعالى: {بلاء من ربكم عظيم} قال: نعمة
** وَظَلّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنّ وَالسّلْوَىَ كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلََكِن كَانُوَاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
قوله تعالى: {وأنزلنا عليكم المن} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: كان المن ينزل عليهم على الأشجار, فيغدون إليه, فيأكلون منه ما شاؤوا.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: السلوى طائر شبه بالسماني, كانوا يأكلون منه.
** وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَىَ لَن نّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمّا تُنْبِتُ الأرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الّذِي هُوَ أَدْنَىَ بِالّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنّ لَكُمْ مّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذّلّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مّنَ اللّهِ ذَلِكَ بِأَنّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النّبِيّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وّكَانُواْ يَعْتَدُونَ
قال ابن جرير: حدثنا علي بن الحسن, حدثنا مسلم الجهني, حدثنا عيسى بن يونس, عن رشيد بن كريب, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله تعالى: {وفومها} قال: الفوم الحنطة بلسان بني هاشم, وكذا قال علي بن أبي طلحة والضحاك وعكرمة عن ابن عباس: أن الفوم الحنطة(1/3)
** إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَالّذِينَ هَادُواْ وَالنّصَارَىَ وَالصّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الاَخر} الاَية ـ قال ـ فأنزل الله بعد ذلك {ومن يتبع غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الاَخرة من الخاسرين}
** وَمِنْهُمْ أُمّيّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاّ أَمَانِيّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنّونَ *
قوله تعالى: {إلا أماني} قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: إلا أماني الأحاديث
** وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مّا يُؤْمِنُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {وقالوا قلوبنا غلف} أي لا تفقه
** مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ
قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {ما ننسخ من آية} ما نبدل من آية
قال علي ابن أبي طلحة: عن ابن عباس, {ما ننسخ من آية أو ننسأها}, يقول ما نبدل من آية أو نتركها لا نبدلها
قوله: {نأت بخير منها أو مثلها} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس {نأت بخير منها} ويقول خير لكم في المنفعة وأرفق بكم.
** وَدّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتّىَ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *(1/4)
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في قوله, {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره}, نسخ ذلك قوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}, وقوله: {وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاَخر}, إلى قوله {وهم صاغرون}, فنسخ هذا عفوه عن المشركين
** وَللّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلّواْ فَثَمّ وَجْهُ اللّهِ إِنّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كان أول ما نسخ من القرآن القبلة, وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة, وكان أهلها اليهود, أمره الله أن يستقبل بيت المقدس, ففرحت اليهود, فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهراً, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم, وكان يدعو وينظر إلى السماء, فأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء} إلى قوله {فولوا وجوهكم شطره} فارتاب من ذلك اليهود, وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها, فأنزل الله {قل لله المشرق والمغرب}, وقال: {فأينما تولوا فثم وجه الله}(1/5)
** وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لّلنّاسِ وَأَمْناً وَاتّخِذُواْ مِن مّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّى وَعَهِدْنَآ إِلَىَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهّرَا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرّكّعِ السّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبّ اجْعَلْ هََذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتّعُهُ قَلِيلاً ثُمّ أَضْطَرّهُ إِلَىَ عَذَابِ النّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبّنَا تَقَبّلْ مِنّآ إِنّكَ أَنتَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرّيّتِنَآ أُمّةً مّسْلِمَةً لّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنّكَ أَنتَ التّوّابُ الرّحِيمُ
قال العوفي: عن ابن عباس قوله تعالى: {وإِذ جعلنا البيت مثابة للناس} يقول: لا يقضون فيه وطراً, يأتونه ثم يرجعون إِلى أهليهم ثم يعودون إِليه, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: مثابة للناس يقول يثوبون, رواهما ابن جرير.
** رَبّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكّيهِمْ إِنّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ
{ويزكيهم} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعني طاعة الله
** وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىَ تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
قوله {قل بل ملة إبراهيم حنيفا} روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس حاجاً(1/6)
** سَيَقُولُ السّفَهَآءُ مِنَ النّاسِ مَا وَلاّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل للّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطاً لّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ إِلاّ لِنَعْلَمَ مَن يَتّبِعُ الرّسُولَ مِمّن يَنقَلِبُ عَلَىَ عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاّ عَلَى الّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنّ اللّهَ بِالنّاسِ لَرَءُوفٌ رّحِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة أمره الله أن يستقبل بيت المقدس, ففرحت اليهود, فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهراً وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم, فكان يدعو الله وينظر إلى السماء, فأنزل الله عز وجل: {فولوا وجوهكم شطره} أي نحوه, فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ؟ فأنزل الله {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}
** قَدْ نَرَىَ تَقَلّبَ وَجْهِكَ فِي السّمَآءِ فَلَنُوَلّيَنّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنّ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنّهُ الْحَقّ مِن رّبّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ(1/7)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: كان أول ما نسخ من القرآن القبلة, وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود فأمره الله أن يستقبل بيت المقدس, ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهراً, وكان يحب قبلة إبراهيم فكان يدعو إلى الله وينظر إلى السماء فأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء} إلى قوله: {فولوا وجوهكم شطره} فارتابت من ذلك اليهود وقالوا: {ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب} وقال: {فأينما تولوا فثم وجه الله} وقال الله تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}
** لّيْسَ الْبِرّ أَن تُوَلّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلََكِنّ الْبِرّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنّبِيّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىَ حُبّهِ ذَوِي الْقُرْبَىَ وَالْيَتَامَىَ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السّبِيلِ وَالسّآئِلِينَ وَفِي الرّقَابِ وَأَقَامَ الصّلاةَ وَآتَى الزّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصّابِرِينَ فِي الْبَأْسَآءِ والضّرّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولََئِكَ الّذِينَ صَدَقُوآ وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُتّقُونَ
{وابن السبيل} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال: ابن السبيل هو الضيف الذي ينزل بالمسلمين
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرّ بِالْحُرّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالاُنثَىَ بِالاُنْثَىَ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مّن رّبّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَىَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ *(1/8)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: {والأنثى بالأنثى} وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة, ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة, فأنزل الله: النفس بالنفس والعين بالعين, فجعل الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم من العمد رجالهم ونساؤهم في النفس وفيما دون النفس, وجعل العبيد مستويين فيما بينهم من العمد في النفس وفيما دون النفس رجالهم ونساؤهم
** كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتّقِينَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {الوصية للوالدين والأقربين} قال: كان لا يرث مع الوالدين غيرهما إلا وصية للأقربين, فأنزل الله آية الميراث, فبين ميراث الوالدين وأقر وصية الأقربين في ثلث مال الميت
** أُحِلّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصّيَامِ الرّفَثُ إِلَىَ نِسَآئِكُمْ هُنّ لِبَاسٌ لّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لّهُنّ عَلِمَ اللّهُ أَنّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالاَنَ بَاشِرُوهُنّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتّىَ يَتَبَيّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمّ أَتِمّواْ الصّيَامَ إِلَى الّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتّقُونَ(1/9)
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قال: كان المسلمون في شهر رمضان إذا صلوا العشاء, حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة, ثم إن أناساً من المسلمين أصابوا من النساء والطعام في شهر رمضان بعد العشاء, منهم عمر بن الخطاب فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأنزل الله تعالى: {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالاَن باشروهن} الاَية
قوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هذا في الرجل يعتكف في المسجد في رمضان أو في غير رمضان, فحرم الله عليه أن ينكح النساء ليلاً أو نهاراً حتى يقضي اعتكافه
** وَلاَ تَأْكُلُوَاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مّنْ أَمْوَالِ النّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: هذا في الرجل يكون عليه مال وليس عليه فيه بينة, فيجحد المال ويخاصم إلى الحكام وهو يعرف أن الحق عليه, وهو يعلم أنه آثم آكل الحرام
** الشّهْرُ الْحَرَامُ بِالشّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ وَاتّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ مَعَ الْمُتّقِينَ
روى علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس أن قوله: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}, نزلت بمكة حيث لا شوكة ولا جهاد, ثم نسخ بآية القتال بالمدينة, وقد رد هذا القول ابن جرير, وقال: بل الاَية مدنية بعد عمرة القضية وعزا ذلك إلى مجاهد رحمه الله
وقوله: {واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين} أمر لهم بطاعة الله وتقواه, وإخباره بأنه تعالى مع الذين اتقوا بالنصر والتأييد في الدنيا والاَخرة.(1/10)
** وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ
روى علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: التهلكة عذاب الله
** وَأَتِمّواْ الْحَجّ وَالْعُمْرَةَ للّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتّىَ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مّن رّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وأتموا الحج والعمرة لله}, يقول: من أحرم بحج أو بعمرة فليس له أن يحل, حتى يتمهما تمام الحج, يوم النحر إذا رمى جمرة العقبة, وطاف بالبيت وبالصفا والمروة فقد حل.
** الْحَجّ أَشْهُرٌ مّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنّ الْحَجّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوّدُواْ فَإِنّ خَيْرَ الزّادِ التّقْوَىَ وَاتّقُونِ يَأُوْلِي الألْبَابِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {فمن فرض فيهنّ الحج} يقول: من أحرم بحج أو عمرة
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الرفث غشيان النساء والقبلة والغمز, وأن يعرض لها بالفحش من الكلام ونحو ذلك
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ولا جدال في الحج, المراء والملاحاة حتى تغضب أخاك وصاحبك فنهى الله عن ذلك(1/11)
** لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مّن رّبّكُمْ فَإِذَآ أَفَضْتُم مّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنْتُمْ مّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضّآلّينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الاَية: لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده
** يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيّنُ اللّهُ لَكُمُ الاَيَاتِ لَعَلّكُمْ تَتَفَكّرُونَ * فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىَ قُلْ إِصْلاَحٌ لّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
قوله {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} قيل إنها منسوخة بآية الزكاة, كما رواه علي بن أبي طلحة
قوله {كذلك يبين الله لكم الاَيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والاَخرة} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: يعني في زوال الدنيا وفنائها, وإقبال الاَخرة وبقائها.(1/12)
قوله {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم} الاَية, قال ابن جرير: حدثنا سفيان بن وكيع, حدثنا جرير عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: لما نزلت {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هى أحسن} و {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً} انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه, فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد, فاشتد ذلك عليهم, فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم} فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم. وهكذا رواه أبو داود والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم في مستدركه من طرق عن عطاء بن السائب به. وكذا رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
** وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتّىَ يُؤْمِنّ وَلأمَةٌ مّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مّن مّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتّىَ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مّؤْمِنٌ خَيْرٌ مّن مّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلََئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيّنُ آيَاتِهِ لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في قوله {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن}: استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب
** وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النّسَآءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنّ حَتّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهّرْنَ فَأْتُوهُنّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنّ اللّهَ يُحِبّ التّوّابِينَ وَيُحِبّ الْمُتَطَهّرِينَ *(1/13)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {فأتوهن من حيث أمركم الله} يقول: في الفرج ولا تعدوه إلى غيره, فمن فعل شيئاً من ذلك فقد اعتدى.
** وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ أَن تَبَرّواْ وَتَتّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *
قال علي بن طلحة عن ابن عباس في قوله {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} قال: لا تجعلن عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير, ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير
** الطّلاَقُ مَرّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمّآ آتَيْتُمُوهُنّ شَيْئاً إِلاّ أَن يَخَافَآ أَلاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ *
قال علي بن أبي طلحة. عن ابن عباس, قال: إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين, فليتق الله في ذلك, أي في الثالثة, فإما أن يمسكها بمعروف فيحسن صحابتها, أو يسرحها بإحسان فلا يظلمها من حقها شيئاً.
** وَإِذَا طَلّقْتُمُ النّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَىَ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: نزلت هذه الاَية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين, فتنقضي عدتها, ثم يبدو له أن يتزوجها وأن يراجعها, وتريد المرأة ذلك فيمنعها أولياؤها من ذلك, فنهى الله أن يمنعوها.(1/14)
** وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّسَآءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِيَ أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنّ وَلََكِن لاّ تُوَاعِدُوهُنّ سِرّاً إِلاّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مّعْرُوفاً وَلاَ تَعْزِمُوَاْ عُقْدَةَ النّكَاحِ حَتّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوَاْ أَنّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِيَ أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوَاْ أَنّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ولكن لا تواعدوهن سراً} لا تقل لها: إني عاشق وعاهديني أن لا تتزوجي غيري, ونحو هذا
** لاّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلّقْتُمُ النّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسّوهُنّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنّ فَرِيضَةً وَمَتّعُوهُنّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: إن كان موسراً متعها بخادم أو نحو ذلك, وإن كان معسراً أمتعها بثلاثة أثواب.
** وَإِن طَلّقْتُمُوهُنّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسّوهُنّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ الّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النّكَاحِ وَأَن تَعْفُوَاْ أَقْرَبُ لِلتّقْوَىَ وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
قال الشافعي: أخبرنا مسلم بن خالد, أخبرنا ابن جريج عن ليث بن أبي سليم, عن طاوس, عن ابن عباس أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها: ليس لها إلا نصف الصداق, لأن الله يقول: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} قال الشافعي: بهذا أقول, وهو ظاهر الكتاب. قال البيهقي وليث بن أبي سليم, وإن كان غير محتج به, فقد رويناه من حديث ابن أبي طلحة عن ابن عباس فهو مقوله.(1/15)
** وَالّذِينَ يُتَوَفّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيّةً لأزْوَاجِهِمْ مّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنْفُسِهِنّ مِن مّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ *
روي من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, قال: كان الرجل إذا مات وترك امرأته اعتدت سنة في بيته ينفق عليها من ماله, ثم أنزل الله بعد {والذي يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً} فهذه عدة المتوفى عنها زوجها, إلا أن تكون حاملاً, فعدتها أن تضع ما في بطنها, وقال {ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم} فبين ميراث المرأة وترك الوصية والنفقة
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ أَنْفِقُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مّنَ الأرْضِ وَلاَ تَيَمّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُوَاْ أَنّ اللّهَ غَنِيّ حَمِيدٌ *
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس {ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} يقول: لو كان لكم على أحد حق فجاءكم بحق دون حقكم, لم تأخذوه بحساب الجيد حتى تنقصوه, قال فذلك قوله: {إلا أن تغمضوا فيه} فكيف ترضون لي ما لاترضون لأنفسكم, وحقي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسه ؟ رواه ابن أبي حاتم, وابن جرير, وزاد: وهو قوله: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}
* يُؤّتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذّكّرُ إِلاّ أُوْلُواْ الألْبَابِ
قوله: {يؤتي الحكمة من يشاء} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: يعني المعرفة بالقرآن, ناسخه ومنسوخه, ومحكمه ومتشابهه, ومقدمه ومؤخره, وحلاله وحرامه, وأمثاله(1/16)
** إِن تُبْدُواْ الصّدَقَاتِ فَنِعِمّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيْرٌ لّكُمْ وَيُكَفّرُ عَنكُم مّن سَيّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
روى ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسيره هذه الاَية, قال: جعل الله صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها فقال بسبعين ضعفاً, وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها فقال بخمسة وعشرين ضعفاً.
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرّبَا إِن كُنْتُمْ مّؤْمِنِينَ * فَإِن لّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ *
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله و رسوله} فمن كان مقيما على الربا لا ينزع عنه, كان حقاً على إمام المسلمين أن يستتيبه, فإن نزع وإلا ضرب عنقه
** للّهِ ما فِي السّمَاواتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِيَ أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذّبُ مَن يَشَآءُ وَاللّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} فإنها لم تنسخ, ولكن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة يقول: إني أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم يطلع عليه ملائكتي, فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم, وهو قوله {يحاسبكم به الله} يقول: يخبركم, وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب, وهو قوله {فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} وهو قوله {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} أي من الشك والنفاق.
( سورة آل عمران )(1/17)
** هُوَ الّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مّحْكَمَاتٌ هُنّ أُمّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمّا الّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاّ اللّهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلّ مّنْ عِندِ رَبّنَا وَمَا يَذّكّرُ إِلاّ أُوْلُواْ الألْبَابِ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: المحكمات ناسخه وحلاله وحرامه وأحكامه وحدوده وفرائضه وما يؤمر به ويعمل به وقيل في المتشابهات: المنسوخة والمقدم والمؤخر والأمثال فيه والأقسام وما يؤمن به ولا يعمل به, رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
** إِذْ قَالَ اللّهُ يَعِيسَىَ إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيّ وَمُطَهّرُكَ مِنَ الّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمّ إِلَيّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: إني متوفيك, أي مميتك.
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ حَقّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مّسْلِمُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {اتقوا الله حق تقاته} قال: لم تنسخ, ولكن {حق تقاته} أن يجاهدوا في سبيله حق جهاده ولا تأخذهم في الله لومة لائم, ويقوموا بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم.
( سورة النساء )
** وَآتُواْ النّسَآءَ صَدُقَاتِهِنّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مّرِيئاً
قوله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: النحلة المهر(1/18)
** وَلاَ تُؤْتُواْ السّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ الّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مّعْرُوفاً * وَابْتَلُواْ الْيَتَامَىَ حَتّىَ إِذَا بَلَغُواْ النّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَىَ بِاللّهِ حَسِيباً
قوله: {وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفاً}. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, يقول: لا تعمد إلى مالك وما خولك الله وجعله لك معيشة فتعطيه امرأتك أو بنيك ثم تنظر إلى ما في أيديهم ولكن أمسك مالك وأصلحه وكن أنت الذي تنفق عليهم من كسوتهم ومؤونتهم ورزقهم
هكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في قوله: {ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف} يعني القرض
* وَلْيَخْشَ الّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرّيّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتّقُواّ اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً *
قوله تعالى: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم} الاَية. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هذا في الرجل يحضره الموت, فيسمعه رجل يوصي بوصية تضر بورثته, فأمر الله تعالى الذي يسمعه أن يتقي الله ويوفقه ويسدده للصواب. فينظر لورثته كما كان يحب أن يصنع بورثته إذاخشي عليهم الضيعة
** إِنّمَا التّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلّذِينَ يَعْمَلُونَ السّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلََئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ثم يتوبون من قريب} قال: ما بينه وبين أن ينظر إلى ملك الموت(1/19)
** يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النّسَآءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنّ إِلاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنّ فَعَسَىَ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً *
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً} قال: كان الرجل إذا مات وترك جارية, ألقى عليها حميمه ثوبه فمنعها من الناس فإن كانت جميلة تزوجها, وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {ولا تعضلوهن} يقول: ولا تقهروهن {لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} يعني الرجل, تكون له امرأة وهو كاره لصحبتها, ولها عليه مهر فيضرها لتفتدي
* وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النّسَآءِ إِلاّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلّ لَكُمْ مّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُمْ مّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنّ فَآتُوهُنّ أُجُورَهُنّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} والتراضي أن يوفيها صداقها ثم يخيرها, يعني في المقام أو الفراق.(1/20)
** وَمَن لّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنّ وَآتُوهُنّ أُجُورَهُنّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ
روى ليث بن أبي سليم عن مجاهد أنه قال: إحصان الأمة أن ينكحها الحر, وإحصان العبد أن ينكح الحرة, وكذا روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس, رواهما ابن جرير في تفسيره.
** يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُوَاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مّنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوَاْ أَنْفُسَكُمْ إِنّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لما أنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} قال المسلمون: إن الله قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل, والطعام هو أفضل أموالنا, فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد, فكيف للناس ؟ فأنزل الله بعد ذلك {ليس على الأعمى حرج} الاَية
* إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سَيّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مّدْخَلاً كَرِيماً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} قال: الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب(1/21)
** وَلاَ تَتَمَنّوْاْ مَا فَضّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىَ بَعْضٍ لّلرّجَالِ نَصِيبٌ مّمّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنّسَآءِ نَصِيبٌ مّمّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنّ اللّهَ كَانَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيماً
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في الاَية, قال: ولا يتمنى الرجل فيقول: ليت لو أن لي مال فلان وأهله, فنهى الله عن ذلك, ولكن ليسأل الله من فضله
** وَلِكُلّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ وَالّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيداً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: قوله {والذين عقدت أيمانكم} قال: كان الرجل يعاقد الرجل أيهما مات ورثه الاَخر, فأنزل الله تعالى {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً} يقول: إلا أن يوصوا لأوليائهم الذين عاقدوا وصية فهو لهم جائز من ثلث مال الميت, وهذا هو المعروف, وهكذا نص غير واحد من السلف أنها منسوخة بقوله {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً}
** الرّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النّسَآءِ بِمَا فَضّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنّ فَعِظُوهُنّ وَاهْجُرُوهُنّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنّ سَبِيلاً إِنّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {الرجال قوامون على النساء} يعني أمراء, عليها أن تطيعه فيما أمرها به من طاعته, وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله(1/22)
قوله {واهجروهن في المضاجع} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: الهجر هو أن لا يجامعها, ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره
قال علي بن أبي طلحة أيضاً عن ابن عباس: يعظها فإن هي قبلت وإلا هجرها في المضجع, ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها, وذلك عليها شديد.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يهجرها في المضجع, فإن أقبلت وإلا فقد أذن الله لك أن تضربها ضرباً غير مبرح, ولا تكسر لها عظماً, فإن أقبلت وإلا فقد أحل الله لك منها الفدية.
** وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلاَحاً يُوَفّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَآ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أمر الله عز وجل أن يبثعوا رجلاً صالحاً من أهل الرجل,. ورجلاً مثله من أهل المرأة, فينظران أيهما المسيء, فإن كان الرجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته وقصروه على النفقة, وإن كانت المرأة هي المسيئة, قصروها على زوجها ومنعوها النفقة, فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا, فأمرهما جائز, فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزوجين وكره الاَخر, ثم مات أحدهما, فإن الذي رضي يرث الذي لم يرض ولا يرث الكاره الراضي
** وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَىَ وَالْيَتَامَىَ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىَ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً
قوله {والجار ذي القربى والجار الجنب} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {والجار ذي القربى}, يعني الذي بينك وبينه قرابة, {والجار الجنب} الذي ليس بينك وبينه قرابة(1/23)
** إِنّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدّواْ الأمَانَاتِ إِلَىَ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنّ اللّهَ نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}, قال: قال يدخل فيه وعظ السلطان النساء يعني يوم العيد
** يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرّسُولَ وَأُوْلِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وأولي الأمر منكم} يعني أهل الفقه والدين
** يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُواْ جَمِيعاً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: قوله: {فانفروا ثبات} أي عصباً يعني, سرايا متفرقين {أو انفروا جميعاً} يعني كلكم
* أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مّشَيّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هََذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَقُولُواْ هََذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلّ مّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهََؤُلآءِ الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, قل كل من عند الله, أي الحسنة والسيئة.
* وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مّنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدّوهُ إِلَى الرّسُولِ وَإِلَىَ أُوْلِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتّبَعْتُمُ الشّيْطَانَ إِلاّ قَلِيلاً(1/24)
قوله: {لا تبعتم الشيطان إلا قليللاً}, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني المؤمنين.
** وَمَن يَعْمَلْ سُوَءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رّحِيماً *
علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس أنه قال في هذه الاَية: أخبر الله عباده بعفوه وحلمه وكرمه, وسعة رحمته, ومغفرته فمن أذنب ذنباً صغيراً كان أو كبيراً {ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً} ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال, رواه ابن جرير,
* إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاّ شَيْطَاناً مّرِيداً *
قال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس {إن يدعون من دونه إلا إناثاً} قال: يعني موتى.
** لّيْسَ بِأَمَانِيّكُمْ وَلآ أَمَانِيّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوَءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً *
قوله: {ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: إلا أن يتوب فيتوب الله عليه, رواه ابن أبي حاتم
** وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النّسَآءِ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنّ وَمَا يُتْلَىَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النّسَآءِ الّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنّ مَا كُتِبَ لَهُنّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَىَ بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً(1/25)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية, وهي قوله: {في يتامى النساء} الاَية, كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه, فإذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبداً فإن كانت جميلة وهويها, تزوجها وأكل مالها, وإن كانت دميمة منعها الرجال أبداً حتى تموت, فإذا ماتت ورثها فحرم الله ذلك ونهى عنه.) وقال في قوله: {والمستضعفين من الولدان} كانوا في الجاهلية لا يورثون الصغار ولا البنات, وذلك قوله: {لا تؤتوهن ما كتب لهن} فنهى الله عن ذلك وبين لكل ذي سهم سهمه, فقال: {للذكر مثل حظ الأنثيين} صغيراً أو كبيراً
** وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشّحّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتّقُواْ فَإِنّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً *
قوله: {والصلح خير} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني التخيير أن يخير الزوج لها بين الإقامة والفراق خير من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها
* إِنّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً *
قال الوالبي عن ابن عباس {في الدرك الأسفل من النار} أي في أسفل النار
** لاّ يُحِبّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً *
قال ابن أبي طلحة, عن ابن عباس في الاَية يقول: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوماً فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه وذلك قوله: {إلا من ظلم} وإن صبر فهو خير له
* وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىَ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً *
{وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني أنهم رموها بالزنا(1/26)
* وَإِن مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, في الاَية, قال: لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى.
( سورة المائدة )
** يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنْعَامِ إِلاّ مَا يُتْلَىَ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلّي الصّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ * يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلآ آمّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّن رّبّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرّ وَالتّقْوَىَ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتّقُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} يعني العهود, يعني ما أحل الله وما حرم وما فرض وما حد في القرآن كله, ولا تغدروا ولا تنكثوا, ثم شدد في ذلك فقال تعالى: {والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل} إلى قوله {سوء الدار}
قوله {إلا ما يتلى عليكم} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني بذلك الميتة والدم ولحم الخنزير
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {ولا الشهر الحرام} يعني لا تستحلوا القتال فيه(1/27)
قال ابن أبي طلحة: عن ابن عباس قوله {ولا آمّين البيت الحرام} يعني من توجه قبل البيت الحرام فكان المؤمنون والمشركون يحجون فنهى الله المؤمنين أن يمنعوا أحداً من مؤمن أو كافر ثم أنزل الله بعدها {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} الاَية, وقال تعالى: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله} وقال {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاَخر} فنفى المشركين من المسجد الحرام.
** حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدّيَةُ وَالنّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السّبُعُ إِلاّ مَا ذَكّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالأزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: المتردّية التي تسقط من جبل.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {إلا ما ذكيتم} يقول: إلا ما ذبحتم من هؤلاء وفيه روح فكلوه, فهو ذكي
قوله {اليوم يئس الذين كفروا من دينكم} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني يئسوا أن يراجعوا دينهم
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} وهو الإسلام, أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان, فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً, وقد أتمه الله فلا ينقصه أبداً, وقد رضيه الله فلا يسخطه أبداً.(1/28)
** يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلّ لَهُمْ قُلْ أُحِلّ لَكُمُ الطّيّبَاتُ وَمَا عَلّمْتُمْ مّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلّبِينَ تُعَلّمُونَهُنّ مِمّا عَلّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتّقُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وما علمتم من الجوارح مكلبين} وهن الكلاب المعلمة, والبازي, وكل طير يعلم للصيد والجوارح, يعني الكلاب الضواري والفهود والصقور وأشباهها.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {واذكروا اسم الله عليه} يقول: إذا أرسلت جارحك فقل: باسم الله, وإن نسيت فلا حرج
** وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتّقُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصّدُورِ *
وقيل: هذا تذكار لليهود بما أخذ عليهم من المواثيق والعهود في متابعة محمد صلى الله عليه وسلم والانقياد لشرعه, رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.(1/29)
** وَإِذْ قَالَ مُوسَىَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ وَجَعَلَكُمْ مّلُوكاً وَآتَاكُمْ مّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مّن الْعَالَمِينَ * يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدّسَةَ الّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدّوا عَلَىَ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَامُوسَىَ إِنّ فِيهَا قَوْماً جَبّارِينَ وَإِنّا لَن نّدْخُلَهَا حَتّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكّلُوَاْ إِن كُنتُم مّؤْمِنِينَ * قَالُواْ يَامُوسَىَ إِنّا لَنْ نّدْخُلَهَآ أَبَداً مّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبّكَ فَقَاتِلآ إِنّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبّ إِنّي لآ أَمْلِكُ إِلاّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنّهَا مُحَرّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ
قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس لما نزل موسى وقومه, بعث منهم اثني عشر رجلاً, وهم النقباء الذين ذكرهم الله, فبعثهم ليأتوه بخبرهم, فساروا فلقيهم رجل من الجبارين, فجعلهم في كسائه, فحملهم حتى أتى بهم المدينة, ونادى في قومه فاجتمعوا إليه, فقالوا من أنتم ؟ قالوا: نحن قوم موسى, بعثنا نأتيه بخبركم, فأعطوهم حبة من عنب تكفي الرجل, فقالوا لهم اذهبوا إلى موسى وقومه, فقولوا لهم هذا قدر فاكهتهم, فرجعوا إلى موسى فأخبروه, بما رأوا, فلما أمرهم موسى عليه السلام, بالدخول عليهم وقتالهم, قالوا: يا موسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون, رواه ابن أبي حاتم(1/30)
وقوله: {فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين} قال العوفي عن ابن عباس: يعني اقض بيني وبينهم, وكذا قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس
* فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هََذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النّادِمِينَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قال: جاء غراب إلى غراب ميت, فحثى عليه من التراب حتى واراه, فقال الذي قتل أخاه {يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي}.
** مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ أَنّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنّمَا قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالّبَيّنَاتِ ثُمّ إِنّ كَثِيراً مّنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأرْضِ لَمُسْرِفُونَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: هو كما قال الله تعالى: {من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً} وإحياؤها ألا يقتل نفسا حرمها الله, فذلك الذي أحيا الناس جميعاً يعني أنه من حرم قتلها إلا بحق حيي الناس منه
** إِنّمَا جَزَآءُ الّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتّلُوَاْ أَوْ يُصَلّبُوَاْ أَوْ تُقَطّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدّنْيَا وَلَهُمْ فِي الاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ *(1/31)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً} الاَية, قال: كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد وميثاق, فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض, فخير الله رسوله إن شاء أن يقتل وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف, رواه ابن جرير.
قوله تعالى {أن يقتلوا أويصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض} قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية: من شهر السلاح في فئة الإسلام, وأخاف السبيل ثم ظفر به وقدر عليه فإمام المسلمين فيه بالخيار إن شاء قتله وإن شاء صلبه, وإن شاء قطع يده ورجله(1/32)
** يَأَيّهَا الرّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الّذِينَ قَالُوَاْ آمَنّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الّذِينَ هِادُواْ سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هََذَا فَخُذُوهُ وَإِن لّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلََئِكَ الّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكّالُونَ لِلسّحْتِ فَإِن جَآءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ * وَكَيْفَ يُحَكّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمّ يَتَوَلّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَآ أُوْلََئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * إِنّآ أَنزَلْنَا التّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النّبِيّونَ الّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلّذِينَ هَادُواْ وَالرّبّانِيّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ فَلاَ تَخْشَوُاْ النّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ
روى العوفي وعلي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس أن هذه الاَيات نزلت في اليهوديين اللذين زنيا
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال: من جحد ما أنزل الله فقد كفر, ومن أقرّ به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق, رواه ابن جرير(1/33)
** وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنّ النّفْسَ بِالنّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأنْفَ بِالأنْفِ وَالاُذُنَ بِالاُذُنِ وَالسّنّ بِالسّنّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدّقَ بِهِ فَهُوَ كَفّارَةٌ لّهُ وَمَن لّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ
قوله تعالى: {والجروح قصاص} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قال: تقتل النفس بالنفس, وتفقأ العين بالعين, ويقطع الأنف بالأنف, وتنزع السن بالسن, وتقتص الجراح بالجراح, فهذا يستوي فيه أحرار المسلمين فيما بينهم رجالهم ونساؤهم, إذا كان عمداً في النفس وما دون النفس, ويستوي فيه العبيد رجالهم ونساؤهم فيما بينهم, إذا كان عمداً في النفس وما دون النفس, رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
قوله تعالى: {فمن تصدق به فهو كفارة له} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {فمن تصدق به} يقول: فمن عفا وتصدق عليه فهو كفارة للمطلوب وأجر للطالب.
** وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمّا جَآءَكَ مِنَ الْحَقّ لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَلََكِن لّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىَ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ *
عن الوالبي عن ابن عباس {ومهيمناً} أي شهيداً
قوله تعالى: {ومهيمناً عليه} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: المهيمن الأمين, قال: القرآن أمين على كل كتاب قبله.
** وَمَن يَتَوَلّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالّذِينَ آمَنُواْ فَإِنّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ(1/34)
قال علي بن أبي طلحة الوالبي, عن ابن عباس: من أسلم فقد تولى الله ورسوله والذين آمنوا, رواه ابن جرير
* لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرّبّانِيّونَ وَالأحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ
قوله تعالى: {لو لا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون} يعني هلا كان ينهاهم الربانيون والأحبار عن تعاطي ذلك, والربانيون هم العلماء العمال أرباب الولايات عليهم, والأحبار هم العلماء فقط {لبئس ما كانوا يصنعون} يعني من تركهم ذلك, قاله علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
** وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ وَلَيَزِيدَنّ كَثِيراً مّنْهُم مّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رّبّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبّ الْمُفْسِدِينَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله {وقالت اليهود يد الله مغلولة} قال: لا يعنون بذلك أن يد الله موثقة, ولكن يقولون: بخيل يعني أمسك ما عنده تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً
* وَلَوْ أَنّهُمْ أَقَامُواْ التّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مّن رّبّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مّنْهُمْ أُمّةٌ مّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {لأكلوا من فوقهم} يعني لأرسل السماء عليهم مدراراً, {ومن تحت أرجلهم} يعني يخرج من الأرض بركاتها(1/35)
** يََأَيّهَا الرّسُولُ بَلّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رّبّكَ وَإِن لّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} يعني إن كتمت آية مما أنزل إليك من ربك لم تبلغ رسالته
** لَتَجِدَنّ أَشَدّ النّاسِ عَدَاوَةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنّ أَقْرَبَهُمْ مّوَدّةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّا نَصَارَىَ ذَلِكَ بِأَنّ مِنْهُمْ قِسّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: نزلت هذه الاَيات في النجاشي وأصحابه الذين حين تلا عليهم جعفر بن أبي طالب بالحبشة القرآن, بكوا حتى أخضلوا لحاهم, وهذا القول فيه نظر, لأن هذه الاَية مدنية, وقصة جعفر مع النجاشي قبل الهجرة.
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرّمُواْ طَيّبَاتِ مَآ أَحَلّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُواْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيّباً وَاتّقُواْ اللّهَ الّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: نزلت هذه الاَية في رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, قالوا: نقطع مذاكيرنا, ونترك شهوات الدنيا, ونسيح في الأرض كما يفعل الرهبان, فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم, فأرسل إليهم فذكر لهم ذلك, فقالوا: نعم, فقال النبي صلى الله عليه وسلم «لكني أصوم وأفطر, وأصلي, وأنام, وأنكح النساء, فمن أخذ بسنتي فهو مني, ومن لم يأخذ بسنتي فليس مني» رواه ابن أبي حاتم
** يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِنّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مّنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ *(1/36)
قوله تعالى: {رجس من عمل الشيطان} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أي سخط من عمل الشيطان.
** يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مّنَ الصّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَىَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ
قال الوالبي عن ابن عباس قوله {ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم} قال: هو الضعيف من الصيد وصغيره, يبتلي الله به عباده في إحرامهم, حتى لو شاءوا لتناولوه بأيديهم, فنهاهم الله أن يقربوه.
** يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مّتَعَمّداً فَجَزَآءٌ مّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مّنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً}, فإذا قتل المحرم شيئاً من الصيد حكم عليه فيه, فإن قتل ظبياً أو نحوه فعليه شاة تذبح بمكة, فإن لم يجد فإطعام ستة مساكين, فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام, فإن قتل أيلاً أو نحوه, فعليه بقرة, فإن لم يجد أطعم عشرين مسكيناً, فإن لم يجد صام عشرين يوماً, وإن قتل نعامة أو حمار وحش أو نحوه, فعليه بدنة من الإبل, فإن لم يجد أطعم ثلاثين مسكيناً, فإن لم يجد صام ثلاثين يوماً» رواه ابن أبي حاتم وابن جرير, وزاد: الطعام مدّ مدّيشبعهم
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, قال: من قتل شيئاً من الصيد خطأ وهو محرم, يحكم عليه فيه كلما قتله, فإن قتله عمداً يحكم عليه فيه مرة واحدة, فإن عاد يقال له: ينتقم الله منك, كما قال الله عز وجل.(1/37)
** أُحِلّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لّكُمْ وَلِلسّيّارَةِ وَحُرّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتّقُواْ اللّهَ الّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ *
قال ابن أبي طلحة, عن ابن عباس في رواية عنه, وسعيد بن المسيب, وسعيد بن جبير وغيرهم, في قوله تعالى: {أحل لكم صيد البحر} يعني ما يصطاد منه طرياً {وطعامه} ما يتزود منه مليحاً يابساً
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مّن قَبْلِكُمْ ثُمّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم} قال: لما نزلت آية الحج, نادى النبي صلى الله عليه وسلم في الناس فقال «يا أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا» فقالوا: يا رسول الله, أعاماً واحداً, أم كل عام ؟ فقال «لا بل عاماً واحداً, ولو قلت: كل عام لوجبت, ولو وجبت لكفرتم». ثم قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء} إلى قوله {ثم أصبحوا بها كافرين} رواه ابن جرير.
** مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلََكِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىَ اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ *
فأما البحيرة, فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: هي الناقة إذا نتجت خمسة أبطن, نظروا إلى الخامس, فإن كان ذكراً ذبحوه, فأكله الرجال دون النساء, وإن كان أنثى جدعوا آذانها, فقالوا: هذه بحيرة.(1/38)
وأما الوصيلة, فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هي الشاة إذا نتجت سبعة أبطن, نظروا إلى السابع, فإن كان ذكراً أو أنثىَ وهو ميت اشترك فيه الرجال دون النساء, وإن كان أنثى استحيوها, وإن كان ذكراً وأنثى في بطن واحد استحيوهما وقالوا: وصلته أخته فحرمته علينا, رواه ابن أبي حاتم.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: وأما الحام فالفحل من الإبل إذا ولد لولده قالوا: حمى هذا ظهره, فلا يحملون عليه شيئاً ولا يجزون له وبراً, ولا يمنعونه من حمى رعي, ومن حوض يشرب منه, وإن كان الحوض لغير صاحبه.
** يِا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَأَصَابَتْكُم مّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىَ وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنّآ إِذَاً لّمِنَ الاََثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلَىَ أَنّهُمَا اسْتَحَقّآ إِثْماً فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الّذِينَ اسْتَحَقّ عَلَيْهِمُ الأوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَآ إِنّا إِذاً لّمِنَ الظّالِمِينَ *
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله {ذوا عدل منكم} قال: من المسلمين, رواه ابن أبي حاتم(1/39)
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الاَية: فإن ارتيب في شهادتهما استحلفا بعد العصر: بالله ما اشترينا بشهادتنا ثمناً قليلاً, فإن اطلع الأولياء على أن الكافرين كذبا في شهادتهما قام رجلان من الأولياء فحلفا: بالله أن شهادة الكافرين باطلة وأنا لم نعتد, فذلك قوله تعالى: {فإن عثر على أنهما استحقا إثماً} يقول: إن اطلع على أن الكافرين كذبا {فآخران يقومان مقامهما} يقول: من الأولياء فحلفا بالله أن شهادة الكافرين باطلة, وأنا لم نعتد, فترد شهادة الكافرين وتجوز شهادة الأولياء
** يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنّكَ أَنتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب} يقولون للرب عز وجل: لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا, رواه ابن جرير
( سورة الأنعام )
* وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وهم ينهون عنه} يردون الناس عن محمد صلى الله عليه وسلم, أن يؤمنوا به.
* وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأرْضِ أَوْ سُلّماً فِي السّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىَ فَلاَ تَكُونَنّ مِنَ الْجَاهِلِينَ *
{فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: النفق السرب, فتذهب فيه فتأتيهم بآية, أو تجعل لك سلماً في السماء, فتصعد فيه فتأتيهم بآية, أفضل مما آتيتهم به فافعل(1/40)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى} قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحرص أن يؤمن جميعم الناس, ويتابعوه على الهدى, فأخبره الله أنه لا يؤمن إلا من قد سبق له من الله السعادة في الذكر الأول, وقوله تعالى {إنما يستجيب الذين يسمعون} أي إنما يستجيب لدعائك يا محمد من يسمع الكلام ويعيه ويفهمه, كقوله {لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين}. وقوله {والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون} يعني بذلك الكفار, لأنهم موتى القلوب, فشبههم الله بأموات الأجساد, فقال {والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون} وهذا من باب التهكم بهم والازدراء عليهم.
* قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىَ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرّفُ الاَيَاتِ لَعَلّهُمْ يَفْقَهُونَ
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس {عذاباً من فوقكم} يعني أمرءاكم {أو من تحت أرجلكم} يعني عبيدكم وسفلتكم
** قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرّنَا وَنُرَدّ عَلَىَ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشّيَاطِينُ فِي الأرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبّ الْعَالَمِينَ *(1/41)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, في قوله {قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا} الاَية, هذا مثل ضربه الله للاَلهة ومن يدعو إليها, والدعاة الذين يدعون إلى هدى الله عز وجل, كمثل رجل ضل عن طريق تائهاً, إذ ناداه مناد: يا فلان بن فلان هلم إلى الطريق, وله أصحاب يدعونه يا فلان هلم إلى الطريق, فإن اتبع الداعي الأول انطلق به حتى يلقيه إلى الهلكة, وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى, اهتدى إلى الطريق, وهذه الداعية التي تدعو في البرية من الغيلان, يقول: مثل من يعبد هذه الاَلهة من دون الله, فإنه يرى أنه في شيء, حتى يأتيه الموت فيستقبل الندامة والهلكة, وقوله {كالذي استهوته الشياطين في الأرض} هم الغيلان {يدعونه} باسمه واسم أبيه وجده, فيتبعها وهو يرى أنه في شيء فيصبح وقد رمته في هلكة, وربما أكلته, أو تلقيه في مضلة من الأرض يهلك فيها عطشاً, فهذا مثل من أجاب الاَلهة التي تعبد من دون الله عز وجل, رواه ابن جرير
** وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ آزَرَ أَتَتّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنّيَ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ * وَكَذَلِكَ نُرِيَ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمّا جَنّ عَلَيْهِ الْلّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هََذَا رَبّي فَلَمّآ أَفَلَ قَالَ لآ أُحِبّ الاَفِلِينَ * فَلَمّآ رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هََذَا رَبّي فَلَمّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لّمْ يَهْدِنِي رَبّي لأكُونَنّ مِنَ الْقَوْمِ الضّالّينَ * فَلَماّ رَأَى الشّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هََذَا رَبّي هََذَآ أَكْبَرُ فَلَمّآ أَفَلَتْ قَالَ يَقَوْمِ إِنّي بَرِيَءٌ مّمّا تُشْرِكُونَ * إِنّي وَجّهْتُ وَجْهِيَ لِلّذِي فَطَرَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
{(1/42)
حنيفاً} أي في حال كوني حنيفاً, أي مائلاً عن الشرك إلى التوحيد, ولهذا قال {وما أنا من المشركين} وقد اختلف المفسرون في هذا المقام: هل هو مقام نظر أو مناظرة ؟ فروى ابن جرير: من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, ما يقتضي أنه مقام نظر, واختاره ابن جرير مستدلاً بقوله {لئن لم يهدني ربي} الاَية
** وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ اللّهُ عَلَىَ بَشَرٍ مّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىَ نُوراً وَهُدًى لّلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلّمْتُمْ مّا لَمْ تَعْلَمُوَاْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ *
قوله تعالى: {قل الله} قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس, أي قل الله أنزله
* وَهُوَ الّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مّتَرَاكِباً وَمِنَ النّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنّاتٍ مّنْ أَعْنَابٍ وَالزّيْتُونَ وَالرّمّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوَاْ إِلِىَ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنّ فِي ذَلِكُمْ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
قال علي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس {قنوان دانية} يعني بالقنوان الدانية قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض, رواه ابن جرير.
** وَجَعَلُواْ للّهِ شُرَكَآءَ الْجِنّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىَ عَمّا يَصِفُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: وخرقوا يعني تخرصوا(1/43)
** وَلاَ تَسُبّواْ الّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيّنّا لِكُلّ أُمّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمّ إِلَىَ رَبّهِمْ مّرْجِعُهُمْ فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الاَية: قالوا: يا محمد لتنتهين عن سبك آلهتنا, أو لنهجون ربك, فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم {فيسبوا الله عدواً بغير علم}
** وَنُقَلّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوّلَ مَرّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
قال ابن أبي طلحة, عن ابن عباس رضي الله عنه, أنه قال: أخبر الله ما العباد قائلون قبل أن يقولوه, وعملهم قبل أن يعملوه, وقال {ولا ينبئك مثل خبير} جل وعلا وقال {أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله} إلى قوله {لو أن لي كرة فأكون من المحسنين} فأخبر الله سبحانه, أنهم لو ردوا لم يكونوا على الهدى, وقال: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون} وقال تعالى: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة} وقال: ولو ردوا إلى الدنيا, لحيل بينهم وبين الهدى, كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا, وقوله {ونذرهم} أي نتركهم {في طغيانهم} قال ابن عباس والسدي: في كفرهم
** وَلَوْ أَنّنَا نَزّلْنَآ إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلّمَهُمُ الْمَوْتَىَ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلّ شَيْءٍ قُبُلاً مّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوَاْ إِلاّ أَن يَشَآءَ اللّهُ وَلََكِنّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ
{وحشرنا عليهم كل شيء قبلاً} قرأ بعضهم, قَبلاً بكسر القاف وفتح الباء, من المقابلة والمعاينة, وقرأ آخرون بضمهما, قيل معناه من المقابلة والمعاينة أيضاً, كما رواه علي بن أبي طلحة, والعوفي عن ابن عباس(1/44)
** وَلِتَصْغَىَ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مّقْتَرِفُونَ
قوله {وليقترفوا ما هم مقترفون} قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس, وليكتسبوا ما هم مكتسبون
** أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النّاسِ كَمَن مّثَلُهُ فِي الظّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مّنْهَا كَذَلِكَ زُيّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن الذي كان ميتاً, أي في الضلالة هالكاً حائراً, فأحياه الله أي أحيا قلبه بالإيمان, وهداه له ووفقه لاتباع رسله, {وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس} أي يهتدي كيف يسلك وكيف يتصرف به, والنور هو القرآن كما رواه العوفي, وابن أبي طلحة, عن ابن عباس
** وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاّ بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس {أكابر مجرميها ليمكروا فيها} قال: سلطنا شرارهم فعصوا فيها, فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم بالعذاب.
** فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً كَأَنّمَا يَصّعّدُ فِي السّمَآءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرّجْسَ عَلَى الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ
قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: الرجس الشيطان
** وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَامَعْشَرَ الْجِنّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مّنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مّنَ الإِنْسِ رَبّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا الّذِيَ أَجّلْتَ لَنَا قَالَ النّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَآ إِلاّ مَا شَآءَ اللّهُ إِنّ رَبّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ(1/45)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس} يعني أضللتم منهم كثيراً
روى ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيره هذه الاَية, من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث, حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي حاتم بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قال {النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم} قال: إن هذه الاَية آية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ولا ينزلهم جنة ولا ناراً.
* قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَىَ مَكَانَتِكُمْ إِنّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدّارِ إِنّهُ لاَ يُفْلِحُ الظّالِمُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {على مكانتكم} ناحيتكم {فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون} أي أتكون لي أو لكم وقد أنجز الله موعده لرسوله صلوات الله عليه أي فإنه تعالى مكنه في البلاد وحكمه في نواصي مخالفيه من العباد وفتح له مكة وأظهره على من كذبه من قومه وعاداه وناوأه واستقر أمره على سائر جزيرة العرب وكذلك اليمن والبحرين وكل ذلك في حياته ثم فتحت الأمصار والأقاليم والرساتيق بعد وفاته في أيام خلفائه رضي الله عنهم أجمعين, كما قال الله تعالى: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز} وقال {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار} وقال تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}.
** وَجَعَلُواْ للّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هََذَا للّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهََذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَىَ اللّهِ وَمَا كَانَ للّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىَ شُرَكَآئِهِمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ(1/46)
قال علي بن أبي طلحة والعوفي, عن ابن عباس أنه قال: في تفسير هذه الاَية إن أعداء الله كانوا إذا حرثوا حرثاً أو كانت لهم ثمرة, جعلوا لله منه جزءاً وللوثن جزءاً, فما كان من حرث أو ثمرة أو شيء من نصيب الأوثان, حفظوه وأحصوه وإن سقط منه شيء فيما سمي للصمد, ردوه إلى ما جعلوه للوثن, وإن سبقهم الماء الذي جعلوه للوثن فسقى شيئاً جعلوه لله جعلوا ذلك للوثن, وإن سقط شيء من الحرث والثمر الذي جعلوه لله فاختلط بالذي جعلوه للوثن قالوا هذا فقير, ولم يردوه إلى ما جعلوه لله, وإن سبقهم الماء الذي جعلوه لله فسقى ما سمي للوثن تركوه للوثن, وكانوا يحرمون من أموالهم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام فيجعلونه للأوثان, ويزعمون أنهم يحرمونه قربة لله, فقال الله تعالى: {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً} الاَية
** وَكَذَلِكَ زَيّنَ لِكَثِيرٍ مّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَآءَ اللّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم, شركاؤهم, زينوا لهم قتل أولادهم
** وَقَالُواْ هََذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاّ يَطْعَمُهَآ إِلاّ مَن نّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا افْتِرَآءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الحجر الحرام مما حرموا من الوصيلة وتحريم ما حرموا(1/47)
** وَهُوَ الّذِيَ أَنشَأَ جَنّاتٍ مّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنّخْلَ وَالزّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزّيْتُونَ وَالرّمّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوَاْ إِنّهُ لاَ يُحِبّ الْمُسْرِفِينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: معروشات مسموكات, وفي رواية فالمعروشات ما عرش الناس, وغير معروشات ما خرج في البر والجبال من الثمرات
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وآتوا حقه يوم حصاده} يعني الزكاة المفروضة يوم يكال ويعلم كيله
* وَمِنَ الأنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ وَلاَ تَتّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشّيْطَانِ إِنّهُ لَكُمْ عَدُوّ مّبِينٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ومن الأنعام حمولة وفرشاً} أما الحمولة فالإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه, وأما الفرش فالغنم
** وَعَلَى الّذِينَ هَادُواْ حَرّمْنَا كُلّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَآ أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنّا لَصَادِقُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر} وهو البعير والنعامة
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إلا ما حملت ظهورهما} يعني ما علق بالظهر من الشحوم
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أو الحوايا وهي المبعر(1/48)
** سَيَقُولُ الّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذّبَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتّىَ ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ إِن تَتّبِعُونَ إِلاّ الظّنّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاّ تَخْرُصُونَ * قُلْ فَلِلّهِ الْحُجّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ *
قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس {ولو شاء الله ما أشركنا} وقال {كذلك كذب الذين من قبلهم} ثم قال {ولو شاء الله ما أشركوا} فإنهم قالوا: عبادتنا الاَلهة تقربنا إلى الله زلفى فأخبرهم الله أنها لا تقربهم, فقوله {ولو شاء الله ما أشركوا} يقول تعالى لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين
* وَأَنّ هََذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتّبِعُوهُ وَلاَ تَتّبِعُواْ السّبُلَ فَتَفَرّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} وفي قوله {أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} ونحو هذا في القرآن, قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الاختلاف والتفرقة, وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله ونحو هذا
** أَن تَقُولُوَاْ إِنّمَآ أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَىَ طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ *
قوله تعالى: {على طائفتين من قبلنا} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هم اليهود والنصارى
( سورة الأعراف )
* فَلَنَسْأَلَنّ الّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنّ الْمُرْسَلِينَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الاَية {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} قال عما بلغوا.(1/49)
* ثُمّ لاَتِيَنّهُمْ مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ
قوله {ثم لاَتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم} الاَية, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ثم لاَتينهم من بين أيديهم} أشككهم في آخرتهم {ومن خلفهم} أرغبهم في دنياهم {وعن أيمانهم} أشبه عليهم أمر دينهم {وعن شمائلهم} أشهي لهم المعاصي,
قال ابن أبي طلحة في رواية العوفي كلاهما عن ابن عباس: أما من بين أيديهم فمن قبل دنياهم, وأما من خلفهم فأمر آخرتهم, وأما عن أيمانهم فمن قبل حسناتهم, وأما عن شمائلهم فمن قبل سيئاتهم
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ولا تجد أكثرهم شاكرين} قال: موحدين
** قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مّدْحُوراً لّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأمْلأنّ جَهَنّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ
قوله {اخرج منها مذءوماً مدحوراً} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: صغيراً مقيتاً
** يَابَنِيَ آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلّهُمْ يَذّكّرُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وحكاه البخاري عنه: الرياش المال
* قُلْ أَمَرَ رَبّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ * فَرِيقاً هَدَىَ وَفَرِيقاً حَقّ عَلَيْهِمُ الضّلاَلَةُ إِنّهُمُ اتّخَذُوا الشّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنّهُم مّهْتَدُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: قوله {كما بدأكم تعودون فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة} قال: إن الله تعالى بدأ خلق ابن آدم مؤمناً وكافراً, كما قال {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن} ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأهم مؤمناً وكافراً(1/50)
** فَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلََئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مّنَ الْكِتَابِ حَتّىَ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفّوْنَهُمْ قَالُوَاْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قَالُواْ ضَلّواْ عَنّا وَشَهِدُواْ عَلَىَ أَنْفُسِهِمْ أَنّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ
{أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس يقول: نصيبهم من الأعمال من عمل خيراً جزي به, ومن عمل شراً جزي به
** إِنّ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السّمَآءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ حَتّىَ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ *
قوله {لا تفتح لهم أبواب السماء} قيل المراد لا يرفع لهم منها عمل صالح ولا دعاء, قاله مجاهد وسعيد بن جبير ورواه العوفي وعلي بن أبي طلحة عن ابن عباس
قوله تعالى {ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} قال الحسن البصري: حتى يدخل البعير في خرم الإبرة وكذا قال أبو العالية والضحاك وكذا روى علي بن أبي طلحة العوفي عن ابن عباس
** وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ *
قوله تعالى: {يعرفون كلاً بسيماهم} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال يعرفون أهل الجنة ببياض الوجوه وأهل النار بسواد الوجوه
** أَهََؤُلآءِ الّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ
{أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعني أصحاب الأعراف {ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون}(1/51)
* الّذِينَ اتّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هََذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ
قوله {فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال نتركهم كما تركوا لقاء يومهم هذا
* وَالْبَلَدُ الطّيّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبّهِ وَالّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرّفُ الاَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية: هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر.
فَأَلْقَىَ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مّبِينٌ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {ثعبان مبين} الحية الذكر
* فَإِذَا جَآءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هََذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَطّيّرُواْ بِمُوسَىَ وَمَن مّعَهُ أَلآ إِنّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ وَلََكِنّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ألا إنما طائرهم عند الله} يقول مصائبهم عند الله {ولكن أكثرهم لا يعلمون}
** وَاخْتَارَ مُوسَىَ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لّمِيقَاتِنَا فَلَمّا أَخَذَتْهُمُ الرّجْفَةُ قَالَ رَبّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مّن قَبْلُ وَإِيّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السّفَهَآءُ مِنّآ إِنْ هِيَ إِلاّ فِتْنَتُكَ تُضِلّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِي مَن تَشَآءُ أَنتَ وَلِيّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الاَية, كان الله أمره أن يختار من قومه سبعين رجلاً فاختار سبعين رجلاً فبرز ليدعوا ربهم وكان فيما دعوا الله أن قالوا اللهم أعطنا ما لم تعطه أحداً قبلنا ولا تعطه أحداً بعدنا, فكره الله ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة {قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإِياي} الاَية(1/52)
** الّذِينَ يَتّبِعُونَ الرّسُولَ النّبِيّ الاُمّيّ الّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلّ لَهُمُ الطّيّبَاتِ وَيُحَرّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلاَلَ الّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتّبَعُواْ النّورَ الّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
قوله {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كلحم الخنزير والربا وما كانوا يستحلونه من المحرمات من المآكل التي حرمها الله تعالى.
** وَإِذَا قَالَتْ أُمّةٌ مّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَىَ رَبّكُمْ وَلَعَلّهُمْ يَتّقُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً} هي قرية على شاطى البحر بين مصر والمدينة يقال لها أيلة فحرم الله عليهم الحيتان يوم سبتهم وكانت الحيتان تأتيهم يوم سبتهم شرعاً في ساحل البحر فإذا مضى يوم السبت لم يقدروا عليها فمضى على ذلك ما شاء الله ثم إن طائفة منهم أخذوا الحيتان يوم سبتهم فنهتهم طائفة وقالوا تأخذونها وقد حرمها الله عليكم يوم سبتكم, فلم يزدادوا إلا غياً وعتواً وجعلت طائفة أخرى تنهاهم فلما طال ذلك عليهم قالت طائفة من النهاة تعلمون أن هؤلاء قوم قد حق عليهم العذاب {لم تعظون قوماً الله مهلكهم} وكانوا أشد غضباً لله من الطائفة الأخرى فقالوا {معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون} وكل قد كانوا ينهون فلما وقع عليهم غضب الله نجت الطائفتان اللتان قالوا لم تعظون قوماً الله مهلكهم, والذين قالوا معذرة إلى ربكم, وأهلك الله أهل معصيته الذين أخذوا الحيتان فجعلهم قردة(1/53)
وَإِذْ تَأَذّنَ رَبّكَ لَيَبْعَثَنّ عَلَيْهِمْ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ إِنّ رَبّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنّهُ لَغَفُورٌ رّحِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عنه هي الجزية والذي يسومهم سوء العذاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته إلى يوم القيامة
** وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنّهُ ظُلّةٌ وَظَنّوَاْ أَنّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَآ آتَيْنَاكُم بِقُوّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله {وإذ نتقنا الجبل فوقهم} يقول رفعناه وهو قوله {ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم}
** وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِيَ آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرّيّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ قَالُواْ بَلَىَ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هََذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوَاْ إِنّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنّا ذُرّيّةً مّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ * وَكَذَلِكَ نُفَصّلُ الاَيَاتِ وَلَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ(1/54)
قال الإمام أحمد حدثنا حسين بن محمد حدثنا جرير يعني ابن حازم عن كلثوم بن جبر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «أخذ الله الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان يوم عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرها بين يديه ثم كلمهم قبلاً قال: {ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا ـ إلى قوله ـ المبطلون} وقد روى هذا الحديث النسائي في كتاب التفسير من سننه عن محمد بن عبد الرحيم صاعقة عن حسين بن محمد المروزي به, ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث حسين بن محمد به, إلا أن ابن أبي حاتم جعله موقوفاً, وأخرجه الحاكم في مستدركه من حديث حسين بن محمد وغيره عن جرير بن حازم عن كلثوم بن جبر به, وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقد احتج مسلم بكلثوم بن جبر, هكذا قال, وقد رواه عبد الوارث عن كلثوم بن جبر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فوقفه, وكذا رواه إسماعيل بن علية ووكيع عن ربيعة بن كلثوم عن جبر عن أبيه به, وكذا رواه عطاء بن السائب وحبيب بن أبي ثابت وعلي بن بذيمة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وكذا رواه العوفي وعلي بن أبي طلحة عن ابن عباس فهذا أكثر وأثبت والله أعلم.
** وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو رجل من مدينة الجبارين يقال له بلعام وكان يعلم اسم الله الأكبر,(1/55)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لما نزل موسى بهم يعني بالجبارين ومن معه أتاه ـ يعني بلعم ـ أتاه بنو عمه وقومه فقالوا: إن موسى رجل حديد ومعه جنود كثيرة وإنه إن يظهر علينا يهلكنا فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه, قال: إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي, فلم يزالوا به حتى دعا عليهم فسلخه الله ما كان عليه, فذلك قوله تعالى: {فانسلخ منها فأتبعه الشيطان} الاَية.
** وَللّهِ الأسْمَآءُ الْحُسْنَىَ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيَ أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الإلحاد التكذيب: وأصل الإلحاد في كلام العرب العدول عن القصد, والميل والجور والانحراف, ومنه اللحد في القبر لانحرافه إلى جهة القبلة عن سمت الحفر.
** يَسْأَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنّكَ حَفِيّ عَنْهَا قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلََكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
قوله {أيان مرساها} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: منتهاها أي متى محطها وأيان آخر مدة الدنيا الذي هو أول وقت الساعة
** خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله {خذ العفو} يعني خذ ما عفي لك من أموالهم وما أتوك به من شيء فخذه, وكان هذا قبل أن تنزل براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها وما انتهت إليه الصدقات
** وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدّونَهُمْ فِي الْغَيّ ثُمّ لاَ يُقْصِرُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون} الاَية, قال: لا الإنس يقصرون عما يعملون, ولا الشياطين تمسك عنهم(1/56)
** وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنّمَآ أَتّبِعُ مَا يِوحَىَ إِلَيّ مِن رّبّي هََذَا بَصَآئِرُ مِن رّبّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {قالوا لولا اجتبيتها} يقول: لولا تلقيتها. وقال مرة أخرى: لولا أحدثتها فأنشأتها
** وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية قوله {وإذا قرى القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} يعني في الصلاة المفروضة
( سورة الأنفال )
** يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُلِ الأنفَالُ للّهِ وَالرّسُولِ فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مّؤْمِنِينَ
قال البخاري: قال ابن عباس: الأنفال المغانم, حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا سعيد بن سليمان, أخبرنا هشيم أخبرنا أبو بشر, عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما سورة الأنفال قال: نزلت في بدر. أما ما علقه عن ابن عباس فكذلك رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال: الأنفال الغنائم, كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة ليس لأحد منها شيء
قال الإمام أبو عبيد الله القاسم بن سلام, رحمه الله, في كتاب الأموال الشرعية وبيان جهاتها ومصارفها, أما الأنفال فهي المغانم وكل نيل ناله المسلمون من أموال أهل الحرب, فكانت الأنفال الأولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم, يقول الله تعالى: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول}, فقسمها يوم بدر على ما أراه الله من غير أن يخمسها على ما ذكرناه في حديث سعد, ثم نزلت بعد ذلك آية الخمس فنسخت الأولى, قلت هكذا روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس سواء(1/57)
** إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ الّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَىَ رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}. قال: المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه. ولا يؤمنون بشيء من آيات الله ولا يتوكلون ولا يصلون إذا غابوا ولا يؤدون زكاة أموالهم, فأخبر الله تعالى أنهم ليسوا بمؤمنين, ثم وصف الله المؤمنين فقال {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} فأدوا فرائضه {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً} يقول زادتهم تصديقاً {وعلى ربهم يتوكلون} يقول لا يرجون غيره.
** إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنّي مُمِدّكُمْ بِأَلْفٍ مّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ *
روى علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس أن هذه الاَية الكريمة قوله {إذ تستغيثون ربكم} في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم
ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: وأمد الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بألف من الملائكة فكان جبريل في خمسمائة من الملائكة مجنبة, وميكائيل في خمسمائة مجنبة
** إِذْ يُغَشّيكُمُ النّعَاسَ أَمَنَةً مّنْهُ وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن السّمَآءِ مَآءً لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىَ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبّتَ بِهِ الأقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنّي مَعَكُمْ فَثَبّتُواْ الّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الّذِينَ كَفَرُواْ الرّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلّ بَنَانٍ *(1/58)
قوله {وينزل عليكم من السماء ماء} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: نزل النبي صلى الله عليه وسلم حين سار إلى بدر والمشركون بينهم وبين الماء رملة دعصة وأصاب المسلمين ضعف شديد وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوس بينهم تزعمون أنكم أولياء الله تعالى وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون مجنبين فأمطر الله عليهم مطراً شديداً فشرب المسلمون وتطهروا وأذهب الله عنهم رجس الشيطان وثبت الرمل حين أصابه المطر ومشى الناس عليه والدواب فساروا إلى القوم, وأمد الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بألف من الملائكة فكان جبريل في خمسمائة مجنبة, وميكائيل في خمسمائة مجنبة.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {واضربوا منهم كل بنان} يعني بالبنان الأطراف
** فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلََكِنّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلََكِنّ اللّهَ رَمَىَ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلآءً حَسَناً إِنّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يعني يوم بدر فقال: «يا رب إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبداً» فقال له جبريل خذ قبضة من التراب فارم بها في وجوههم فأخذ قبضة من التراب فرمى بها في وجوههم فما من المشركين أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه تراب من تلك القبضة فولوا مدبرين
** وَاتّقُواْ فِتْنَةً لاّ تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصّةً وَاعْلَمُوَاْ أَنّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلمو منكم خاصة} يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وقال في رواية له عن ابن عباس في تفسير هذه الاَية أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين ظهرانيهم فيعمهم الله بالعذاب, وهذا تفسير حسن جداً(1/59)
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرّسُولَ وَتَخُونُوَاْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وتخونوا أماناتكم} الأمانة, الأعمال التي ائتمن الله عليها العباد, يعني الفريضة. يقول: {لا تخونوا} لا تنقضوها. وقال في رواية: {لا تخونوا الله والرسول}, يقول بترك سنته وارتكاب معصيته.
** وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} يقول: ما كان الله ليعذب قوماً وأنبياؤهم بين أظهرهم حتى يخرجهم ثم قال {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} يقول وفيهم من قد سبق له من الله الدخول في الإيمان وهو الاستغفار يستغفرون يعني يصلون يعني بهذا أهل مكة
* لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطّيّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنّمَ أُوْلََئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
قوله تعالى: {ليميز الله الخبيث من الطيب} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {ليميز الله الخبيث من الطيب} فيميز أهل السعادة من أهل الشقاء
** وَاعْلَمُوَا أَنّمَا غَنِمْتُمْ مّن شَيْءٍ فَأَنّ للّهِ خُمُسَهُ وَلِلرّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىَ وَالْيَتَامَىَ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىَ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
روى علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قال: كانت الغنيمة تخمس على خمسة أخماس, فأربعة منها بين من قاتل عليها, وخمس واحد يقسم على أربعة أخماس, فربع لله وللرسول صلى الله عليه وسلم, فما كان لله وللرسول فهو لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم, ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس شيئاً(1/60)
قال علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس: يوم الفرقان يوم بدر, فرق الله فيه بين الحق والباطل, رواه الحاكم
** وَإِذْ زَيّنَ لَهُمُ الشّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النّاسِ وَإِنّي جَارٌ لّكُمْ فَلَمّا تَرَآءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىَ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنّي بَرِيَءٌ مّنْكُمْ إِنّيَ أَرَىَ مَا لاَ تَرَوْنَ إِنّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: جاء إبليس يوم بدر في جند من الشياطين معه رايته, في صورة رجل من بني مدلج, في صورة سراقة بن مالك بن جعشم, فقال الشيطان للمشركين: لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما اصطف الناس, أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من التراب فرمى بها في وجوه المشركين فولوا مدبرين, وأقبل جبريل عليه السلام إلى إبليس, فلما رآه وكانت يده في يد رجل من المشركين, انتزع يده ثم ولى مدبراً وشيعته, فقال الرجل: يا سراقة أتزعم أنك لنا جار ؟ فقال: إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله, والله شديد العقاب, وذلك حين رأى الملائكة
* إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ غَرّ هََؤُلآءِ دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
قوله: {إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غرّ هؤلاء دينهم} قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس في هذه الاَية: لما دنا القوم بعضهم من بعض قلل الله المسلمين في أعين المشركين, وقلل المشركين في أعين المسلمين, فقال المشركون: غر هؤلاء دينهم, وإنما قالوا ذلك من قلتهم في أعينهم, فظنوا أنهم سيهزمونهم لا يشكون في ذلك, فقال الله: {ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم}(1/61)
** يَأَيّهَا النّبِيّ حَرّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مّنكُمْ مّئَةٌ يَغْلِبُوَاْ أَلْفاً مّنَ الّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنّهُمْ قَوْمٌ لاّ يَفْقَهُونَ * الاَنَ خَفّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مّنكُمْ مّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوَاْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصّابِرِينَ
قال محمد بن إسحاق حدثني ابن أبي نجيح, عن عطاء عن ابن عباس, قال: لما نزلت هذه الاَية ثقلت على المسلمين, وأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين, ومائة ألفاً, فخفف الله عنهم فنسخها بالاَية الأخرى, فقال {الاَن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً} الاَية, فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم, لم يسغ لهم أن يفروا من عدوهم, وإذا كانوا دون ذلك, لم يجب عليهم قتالهم, وجاز لهم أن يتحوزوا عنهم, وروى علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس نحو ذلك
** لّوْلاَ كِتَابٌ مّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * فَكُلُواْ مِمّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيّباً وَاتّقُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس في قوله {لولا كتاب من الله سبق} يعني في أم الكتاب الأول, أن المغانم والأسارى حلال لكم {لمسكم فيما أخذتم} من الأسارى {عذاب عظيم} قال الله تعالى: {فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً} الاَية.
** يَأَيّهَا النّبِيّ قُل لّمَن فِيَ أَيْدِيكُمْ مّنَ الأسْرَىَ إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مّمّآ أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ * وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(1/62)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الاَية كان العباس أسر يوم بدر فافتدى نفسه بأربعين أوقية من ذهب فقال العباس حين قرئت هذه الاَية لقد أعطاني الله عز وجل خصلتين ما أحب أن لي بهما الدنيا: إني أسرت يوم بدر ففديت نفسي بأربعين أوقية فآتاني أربعين عبداً وإني لأرجو المغفرة التي وعدنا الله عز وجل
** إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالّذِينَ آوَواْ وّنَصَرُوَاْ أُوْلََئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَالّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مّن وَلاَيَتِهِم مّن شَيْءٍ حَتّىَ يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدّينِ فَعَلَيْكُمُ النّصْرُ إِلاّ عَلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
ذكر تعالى أصناف المؤمنين وقسمهم إلى مهاجرين خرجوا من ديارهم وأموالهم وجاءوا لنصر الله ورسوله وإقامة دينه وبذلوا أموالهم وأنفسهم في ذلك, وإلى أنصار وهم المسلمون من أهل المدينة إذ ذاك آووا إخوانهم المهاجرين في منازلهم وواسوهم في أموالهم ونصروا الله ورسوله بالقتال معهم فهؤلاء {بعضهم أولياء بعض} أي كل منهم أحق بالاَخر من كل أحد, ولهذا آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار كل اثنين أخوان فكانوا يتوارثون بذلك إرثاً مقدماً على القرابة حتى نسخ الله تعالى ذلك بالمواريث, ثبت ذلك في صحيح البخاري عن ابن عباس, ورواه العوفي وعلي بن أبي طلحة عنه
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرّكُمْ مّن ضَلّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ(1/63)
قال العوفي عن ابن عباس في تفسير هذه الاَية يقول تعالى: إذا ما العبد أطاعني فيما أمرته به من الحلال, ونهيته عنه من الحرام, فلا يضره من ضل بعده إذا عمل بما أمرته به, كذا روى الوالبي عنه
** وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مّا يَلْبِسُونَ *
قال الضحاك عن ابن عباس في الاَية يقول: لو أتاهم ملك, ما أتاهم إلا في صورة رجل, لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من النور, {وللبسنا عليهم ما يلبسون} أي ولخلطنا عليهم ما يخلطون, وقال الوالبي عنه: ولشبهنا عليهم.
* فَلَمّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَيْءٍ حَتّىَ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوَاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مّبْلِسُونَ *
{فإذا هم مبلسون} أي آيسون من كل خير, قال الوالبي عن ابن عباس: المبلس الاَيس
* قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىَ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرّفُ الاَيَاتِ لَعَلّهُمْ يَفْقَهُونَ
وقوله {أو يلبسكم شيعاً} يعني يجعلكم متلبسين شيعاً فرقاً متخالفين. وقال الوالبي عن ابن عباس: يعني الأهواء
** وَذَرِ الّذِينَ اتّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدّنْيَا وَذَكّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلّ عَدْلٍ لاّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ أُوْلََئِكَ الّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ
قوله تعالى {أن تبسل نفس بما كسبت} أي لئلا تبسل, قال الضحاك عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة, والحسن والسدي: تبسل تسلم, وقال الوالبي عن ابن عباس: تفتضح
( سورة التوبة )(1/64)
** بَرَآءَةٌ مّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الّذِينَ عَاهَدْتُمْ مّنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُواْ فِي الأرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوَاْ أَنّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين * فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} الاَية, قال: حد الله للذين عاهدوا رسوله أربعة أشهر يسيحون في الأرض حيث شاءوا وأجل أجل من ليس له عهد انسلاخ الأشهر الحرم من يوم النحر إلى سلخ المحرم فذلك خمسون ليلة, فأمر الله نبيه إذا انسلخ الأشهر الحُرم أن يضع السيف فيمن لم يكن بينه وبينه عهد بقتلهم حتى يدخلوا في الإسلام, وأمر بمن كان له عهد إذا انسلخ أربعة أشهر من يوم النحر إلى عشر خلون من ربيع الاَخر أن يضع فيهم السيف أيضاً حتى يدخلوا في الإسلام.
** فَإِذَا انسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصّلاَةَ وَآتَوُاْ الزّكَاةَ فَخَلّواْ سَبِيلَهُمْ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ
اختلف المفسرون في المراد بالأشهر الحرم ههنا ما هي ؟ فذهب ابن جرير إلى أنها المذكورة في قوله تعالى: {منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم} الاَية, قال أبو جعفر الباقر, ولكن قال ابن جرير: آخر الأشهر الحرم في حقهم المحرم, وهذا الذي ذهب إليه حكاه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وإليه ذهب الضحاك أيضاً وفيه نظر وقال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس في هذه الاَية قال: أمره الله تعالى أن يضع السيف فيمن عاهد إن لم يدخلوا في الإسلام, ونقض ما كان سمي لهم من العهد والميثاق, وأذهب الشرط الأول.(1/65)
** كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاّ وَلاَ ذِمّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىَ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ
قال علي بن أبي طلحة وعكرمة والعوفي عن ابن عباس: الإلّ القرابة والذمة العهد.
* إِنّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَأَقَامَ الصّلاَةَ وَآتَىَ الزّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاّ اللّهَ فَعَسَىَ أُوْلََئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاَخر} يقول: من وحد الله وآمن باليوم الاَخر يقول من آمن بما أنزل الله {وأقام الصلاة} يعني الصلوات الخمس {ولم يخش إلا الله} يقول لم يعبد إلا الله ثم قال: {فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} يقول تعالى: إن أولئك هم المفلحون كقوله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} وهي الشفاعة, وكل عسى في القرآن فهي واجبة.
** أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ(1/66)
قال العوفي في تفسيره عن ابن عباس في تفسير هذه الاَية قال: إن المشركين قالوا: عمارة بيت الله وقيام على)السقاية خير ممن آمن وجاهد, وكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون به من أجل أنهم أهله وعماره, فذكر الله استكبارهم وإعراضهم, فقال لأهل الحرم من المشركين {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون * مستكبرين به سامراً تهجرون} يعني أنهم كانوا يستكبرون بالحرم قال {به سامراً} كانوا يسمرون به ويهجرون القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم فخير الله الإيمان والجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم على عمارة المشركين البيت وقيامهم على السقاية ولم يكن ينفعهم عند الله مع الشرك به, وإن كانوا يعمرون بيته ويحرمون به. قال الله تعالى: {لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين} يعني الذين زعموا أنهم أهل العمارة فسماهم الله ظالمين بشركهم فلم تغن عنهم العمارة شيئاً.
قال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الاَية قال: قد نزلت في العباس بن عبد المطلب حين أسر ببدر قال: لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي ونفك العاني, قال الله عز وجل: {أجعلتم سقاية الحاج ـ إلى قوله ـ والله لا يهدي القوم الظالمين} يعني أن ذلك كله كان في الشرك ولا أقبل ما كان في الشرك
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِنّ كَثِيراً مّنَ الأحْبَارِ وَالرّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالّذِينَ يَكْنِزُونَ الذّهَبَ وَالْفِضّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَىَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنّمَ فَتُكْوَىَ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هََذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ(1/67)
قال البخاري في تفسير هذه الاَية حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن حصين عن زيد بن وهب قال: مررت على أبي ذر بالربذة فقلت ما أنزلك بهذه الأرض ؟ قال كنا بالشام فقرأت {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} فقال معاوية ما هذه فينا ما هذه إلا في أهل الكتاب, قال: قلت إنها لفينا وفيهم ورواه ابن جرير من حديث عبثر بن القاسم عن حصين عن زيد بن وهب عن أبي ذر رضي الله عنه فذكره وزاد فارتفع في ذلك بيني وبينه القول فكتب إلى عثمان يشكوني فكتب إليّ عثمان أن أقبل إليه قال فأقبلت إليه فلما قدمت المدينة ركبني الناس كأنهم لم يروني قبل يومئذ فشكوت ذلك إلى عثمان فقال لي: تنح قريباً قلت: والله لن أدع ما كنت أقول (قلت) كان من مذهب أبي ذر رضي الله عنه تحريم ادخار ما زاد على نفقة العيال وكان يفتي بذلك ويحثهم عليه ويأمرهم به ويغلظ في خلافه فنهاه معاوية فلم ينته فخشي أن يضر الناس في هذا فكتب يشكوه إلى أمير المؤمنين عثمان وأن يأخذه إليه فاستقدمه عثمان إلى المدينة وأنزله بالرّبذة وحده وبها مات رضي الله عنه في خلافة عثمان. وقد اختبره معاوية رضي الله عنه وهو عنده هل يوافق عمله قوله فبعث إليه بألف دينار ففرقها من يومه ثم بعث إليه الذي أتاه بها فقال إن معاوية إنما بعثني إلى غيرك فأخطأت فهات الذهب فقال ويحك إنها خرجت ولكن إذا جاء مالي حاسبناك به وهكذا روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنها عامة
** إِنّ عِدّةَ الشّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السّمَاوَات وَالأرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدّينُ الْقَيّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفّةً وَاعْلَمُوَاْ أَنّ اللّهَ مَعَ الْمُتّقِينَ(1/68)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: {إن عدة الشهور عند الله} الاَية, فلا تظلموا فيهن أنفسكم في كلهن ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراماً وعظم حرماتهن وجعل الذنب فيهن أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم
** إِنّمَا النّسِيَءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلّ بِهِ الّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلّونَهُ عَاماً وَيُحَرّمُونَهُ عَاماً لّيُوَاطِئُواْ عِدّةَ مَا حَرّمَ اللّهُ فَيُحِلّواْ مَا حَرّمَ اللّهُ زُيّنَ لَهُمْ سُوَءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {إنما النسيء زيادة في الكفر} قال النسيء أن جنادة بن عوف بن أمية الكناني كان يوافي الموسم في كل عام وكان يكنى أبا ثمامة فينادي ألا إن أبا ثمامة لا يجاب ولا يعاب ألا وإن صفر العام الأول العام حلال فيحله للناس فيحرم صفراً عاماً ويحرم المحرم عاماً فذلك قول الله {إنما النسيء زيادة في الكفر} يقول: يتركون المحرم عاماً وعاماً يحرمونه
** الّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطّوّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصّدَقَاتِ وَالّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الاَية قال: جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعين أوقية من ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه رجل من الأنصار بصاع من طعام, فقال بعض المنافقين: والله ما جاء عبد الرحمن بما جاء به إلا رياء, وقالوا: إن الله ورسوله لغنيان عن هذا الصاع.
** فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
{فليضحكوا قليلاً} الاَية, قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: الدنيا قليل فليضحكوا فيها ما شاؤوا, فإذا انقطعت الدنيا وصاروا إلى الله عز وجل استأنفوا بكاء لا ينقطع أبداً(1/69)
** وَالّذِينَ اتّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاّ الْحُسْنَىَ وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لّمَسْجِدٌ أُسّسَ عَلَى التّقْوَىَ مِنْ أَوّلِ يَوْمٍ أَحَقّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبّونَ أَن يَتَطَهّرُواْ وَاللّهُ يُحِبّ الْمُطّهّرِينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية, هم أناس من الأنصار بنوا مسجداً فقال لهم أبو عامر: ابنوا مسجداً واستعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجنود من الروم وأخرج محمداً وأصحابه, فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له: قد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن تصلي فيه وتدعو لنا بالبركة, فأنزل الله عز وجل {لا تقم فيه أبداً} إلى قوله: {الظالمين}
قال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا يحيى بن آدم, حدثنا مالك يعني ابن مغول, سمعت سياراً أبا الحكم عن شهر بن حوشب عن محمد بن عبد الله بن سلام قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني قباء, فقال «إن الله عز وجل قد أثنى عليكم في الطهور خيراً أفلا تخبروني ؟» يعني قوله {فيه رجال يحبون أن يتطهروا} فقالوا يا رسول الله إنا نجده مكتوباً علينا في التوراة الاستنجاء بالماء. وقد صرح بأنه مسجد قباء جماعة من السلف, رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
** التّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السّائِحُونَ الرّاكِعُونَ السّاجِدونَ الاَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشّرِ الْمُؤْمِنِينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كل ما ذكر الله في القرآن السياحة هم الصائمون(1/70)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {والحافظون لحدود الله} قال القائمون بطاعة الله
** مَا كَانَ لِلنّبِيّ وَالّذِينَ آمَنُوَاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوَاْ أُوْلِي قُرْبَىَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلاّ عَن مّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيّاهُ فَلَمّا تَبَيّنَ لَهُ أَنّهُ عَدُوّ للّهِ تَبَرّأَ مِنْهُ إِنّ إِبْرَاهِيمَ لأوّاهٌ حَلِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الاَية, كانوا يستغفرون لهم حتى نزلت هذه الاَية, فأمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم ولم ينهوا أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا, ثم أنزل الله {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه} الاَية
قال علي بن أبي طلحة ومجاهد عن ابن عباس: الأواه المؤمن, زاد علي بن أبي طلحة عنه: هو المؤمن التواب
** وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلّ فِرْقَةٍ مّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لّيَتَفَقّهُواْ فِي الدّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوَاْ إِلَيْهِمْ لَعَلّهُمْ يَحْذَرُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية {وما كان المؤمنون لينفروا كافة} يقول: ما كان المؤمنون لينفروا جميعاً ويتركوا النبي صلى الله عليه وسلم وحده {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة} يعني عصبة يعني السرايا ولا يسيروا إلا بإذنه, فإذا رجعت السرايا وقد أنزل بعدهم قرآن تعلمه القاعدون مع النبي صلى الله عليه وسلم, وقالوا إن الله قد أنزل على نبيكم قرآناً وقد تعلمناه فتمكث السرايا يتعلمون ما أنزل الله على نبيهم بعدهم ويبعث سرايا أخرى, فذلك قوله: {ليتفقهوا في الدين} يقول: ليتعلموا ما أنزل الله على نبيهم وليعلموا السرايا إذا رجعت إليهم, {لعلهم يحذرون}(1/71)
قال علي بن أبي طلحة أيضاً عن ابن عباس في الاَية, قوله {وما كان المؤمنون لينفروا كافة} إنها ليست في الجهاد, ولكن لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضر بالسنين, أجدبت بلادهم وكانت القبيلة منهم تقبل بأسرها, حتى يحلوا بالمدينة من الجهد ويعتلوا بالإسلام وهم كاذبون, فضيقوا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجهدوهم, فأنزل الله تعالى يخبر رسوله أنهم ليسوا مؤمنين, فردهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عشائرهم وحذر قومهم أن يفعلوا فعلهم, فذلك قوله: {ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم} الاَية.
( سورة يونس )
أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ {2}
قوله ( أن لهم قدم صدق عند ربهم ) اختلفوا فيه فقال علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ( وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق ) يقول سبقت لهم السعادة في الذكر الأول
فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ {83}
روى علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه ) يقول بني إسرائيل
( سورة هود )
** وَمَا مِن دَآبّةٍ فِي الأرْضِ إِلاّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلّ فِي كِتَابٍ مّبِينٍ
قال علي بن أبي طلحة وغيره عن ابن عباس {ويعلم مستقرها} أي حيث تأوي {ومستودعها} حيث تموت
** وَأُتْبِعُواْ فِي هََذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرّفْدُ الْمَرْفُودُ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {بئس الرفد المرفود} قال: لعنة الدنيا والاَخرة(1/72)
** وَلاَ تَرْكَنُوَاْ إِلَى الّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسّكُمُ النّارُ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمّ لاَ تُنصَرُونَ
قوله: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لا تداهنوا
** وَأَقِمِ الصّلاَةَ طَرَفَيِ النّهَارِ وَزُلَفاً مّنَ الْلّيْلِ إِنّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَىَ لِلذّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وأقم الصلاة طرفي النهار} قال يعني الصبح والمغرب
** وَلَوْ شَآءَ رَبّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاّ مَن رّحِمَ رَبّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ لأمْلأنّ جَهَنّمَ مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ
قوله: {ولذلك خلقهم} قال الحسن البصري في رواية عنه وللاختلاف خلقهم, وقال مكي بن أبي طلحة عن ابن عباس: خلقهم فريقين كقوله: {فمنهم شقي وسعيد}
( سورة يوسف )
** وَرَاوَدَتْهُ الّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نّفْسِهِ وَغَلّقَتِ الأبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنّهُ رَبّيَ أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنّهُ لاَ يُفْلِحُ الظّالِمُونَ
قال علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس: هيت لك, تقول هلم لك
* ثُمّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وفيه يعصرون} يحلبون.
** حَتّىَ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرّسُلُ وَظَنّوَاْ أَنّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجّيَ مَن نّشَآءُ وَلاَ يُرَدّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ(1/73)
روى الأعمش عن مسلم عن ابن عباس في قوله: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} قال: لماأيست الرسل أن يستجيب لهم قومهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم, جاءهم النصر على ذلك {فنجي من نشاء} وكذا روي عن سعيد بن جبير وعمران بن الحارث السلمي وعبد الرحمن بن معاوية وعلي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس بمثله.
( سورة الرعد )
** وَيَقُولُ الّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلآ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مّن رّبّهِ إِنّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلّ قَوْمٍ هَادٍ
قوله: {ولكل قوم هاد} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أي لكل قوم داع.
** لَهُ مُعَقّبَاتٌ مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنّ اللّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتّىَ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوَءًا فَلاَ مَرَدّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مّن دُونِهِ مِن وَالٍ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} والمعقبات من الله هي الملائكة
قوله: {يحفظونه من أمر الله} قيل: المراد حفظهم له من أمر الله, رواه علي بن أبي طلحة وغيره عن ابن عباس
** أَنَزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السّيْلُ زَبَداً رّابِياً وَمِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النّارِ ابْتِغَآءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقّ وَالْبَاطِلَ فَأَمّا الزّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمّا مَا يَنفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأمْثَالَ(1/74)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها} الاَية, هذا مثل ضربه الله, احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكها, فأما الشك فلا ينفع معه العمل, وأما اليقين فينفع الله به أهله وهو قوله: {فأما الزبد} وهو الشك, {فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} وهو اليقين, وكما يجعل الحلي في النار فيؤخذ خالصه ويترك خبثه في النار, فكذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك
** الّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ * الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ طُوبَىَ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ
قوله: {الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب} قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: فرح وقرة عين.
** وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرّيّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلّ أَجَلٍ كِتَابٌ * يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمّ الْكِتَابِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {يمحو الله ما يشاء ويثبت} يقول: يبدل ما يشاء فينسخه, ويثبت ما يشاء فلا يبدله, {وعنده أم الكتاب} وجملة ذلك عنده في أم الكتاب الناسخ والمنسوخ, وما يبدل وما يثبت كل ذلك في كتاب
( سورة إبراهيم )
** أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السّمَآءِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {ومثل كلمة طيبة} شهادة أن لا إله إلا الله {كشجرة طيبة} وهو المؤمن, {أصلها ثابت} يقول: لا إله إلا الله في قلب المؤمن, {وفرعها في السماء} يقول يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء
** وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ(1/75)
ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} يقول: شركهم كقوله: {تكاد السموات يتفطرن منه} الاَية
( سورة الحجر )
** لَعَمْرُكَ إِنّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {لعمرك} لعيشك {إنهم لفي سكرتهم يعمهون} قال يترددون.
** فَوَرَبّكَ لَنَسْأَلَنّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون} ثم قال: {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان} قال: لا يسألهم هل عملتم كذا ؟ لأنه أعلم بذلك منهم, ولكن يقول: لم عملتم كذا وكذا ؟.
( سورة النحل )
** وَعَلَىَ اللّهِ قَصْدُ السّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ
قال العوفي عن ابن عباس في قوله: {وعلى الله قصد السبيل} يقول: وعلى الله البيان, أي يبين الهدى والضلالة. وكذا روى علي بن أبي طلحة عنه
** وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مّنَ الطّيّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ
قال العوفي عن ابن عباس قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة} يقول: بنو امرأة الرجل ليسوا منه, ويقال: الحفدة الرجل يعمل بين يدي الرجل. يقال: فلان يحفد لنا أي يعمل لنا, قال: وزعم رجال أن الحفدة أختان الرجل, وهذا الأخير الذي ذكره ابن عباس, قاله ابن مسعود ومسروق وأبو الضحى وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ومجاهد والقرظي, ورواه عكرمة عن ابن عباس, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هم الأصهار.
** إِنّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي الْقُرْبَىَ وَيَنْهَىَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ(1/76)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إن الله يأمر بالعدل} قال: شهادة أن لا إله إلا الله
** مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنّهُ حَيَاةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
الحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت. وقد روي عن ابن عباس وجماعة أنهم فسروها بالرزق الحلال الطيب. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه فسرها بالقناعة, وكذا قال ابن عباس وعكرمة ووهب بن منبه, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أنها هي السعادة.
( سورة الإسراء )
** وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمّرْنَاهَا تَدْمِيراً
قال علي بن طلحة عن ابن عباس قوله: {أمرنا مترفيها ففسقوا فيها} يقول: سلطنا أشرارها فعصوا فيها, فإذا فعلوا ذلك أهلكهم الله بالعذاب, وهو قوله: {وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها} الاَية
** وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنّ السّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يقول: لا تقل.
** وَقَالُوَاْ أَإِذَا كُنّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً * قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً * أَوْ خَلْقاً مّمّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الّذِي فَطَرَكُمْ أَوّلَ مَرّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىَ هُوَ قُلْ عَسَىَ أَن يَكُونَ قَرِيباً * يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنّونَ إِن لّبِثْتُمْ إِلاّ قَلِيلاً
{(1/77)
أئذا كنا عظاماً ورفاتاً} أي تراباً, قاله مجاهد. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: غباراً, {أئنا لمبعوثون خلقاً جديداً} أي يوم القيامة بعدما بلينا وصرنا عدماً لا نذكر, كما أخبر عنهم في الموضع الاَخر {يقولون أئنا لمردودون في الحافرة * أئذا كنا عظاماً نخرة * قالوا تلك إذا كرة خاسرة}.
قوله {فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة} أي إنما هو أمر واحد بانتهار, فإذا الناس قد خرجوا من باطن الأرض إلى ظاهرها, كما قال تعالى: {يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده} أي تقومون كلكم إجابة لأمره وطاعة لإرادته.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: فتستجيبون بحمده, أي بأمره
** قَالَ أَرَأَيْتَكَ هََذَا الّذِي كَرّمْتَ عَلَيّ لَئِنْ أَخّرْتَنِ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأحْتَنِكَنّ ذُرّيّتَهُ إَلاّ قَلِيلاً
{قال أرأيت هذا الذي كرمت علي} الاَية, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يقول لأستولين على ذريته إلا قليلاً
** وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشّيْطَانُ إِلاّ غُرُوراً
قوله {والأولاد} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو ما كانوا قتلوه من أولادهم سفهاً بغير علم
** وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرّوحِ قُلِ الرّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبّي وَمَآ أُوتِيتُم مّن الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: {ويسألونك عن الروح} يقول: الروح ملك.
** قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرّحْمََنَ أَيّاً مّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأسْمَآءَ الْحُسْنَىَ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قال: لا تصل مراءاة للناس ولا تدعها مخافة الناس.
( سورة الكهف )(1/78)
** أَمْ حَسِبْتَ أَنّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الرقيم الكتاب.
** الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: {والباقيات الصالحات} قال: هي ذكر الله قول لا إله إلا الله, والله أكبر وسبحان الله, والحمد لله, وتبارك الله, ولاحول ولاقوة إلا بالله, وأستغفر الله, وصلى الله على رسول الله, والصيام, والصلاة, والحج, والصدقة, والعتق, والجهاد, والصلة, وجميع أعمال الحسنات وهن الباقيات الصالحات التي تبقى لأهلها في الجنة ما دامت السموات والأرض.
** وَإِذْ قَالَ مُوسَىَ لِفَتَاهُ لآ أَبْرَحُ حَتّىَ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: {أو أمضي حقباً} قال: دهراً
** حَتّىَ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يَذَا الْقَرْنَيْنِ إِمّآ أَن تُعَذّبَ وَإِمّآ أَن تَتّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: وجدها تغرب في عين حامية, يعني حارة
( سورة مريم )
** يَزَكَرِيّآ إِنّا نُبَشّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَىَ لَمْ نَجْعَل لّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أي لم تلد العواقر قبله مثله
** وَحَنَاناً مّن لّدُنّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً *
قوله: {وحناناً من لدناً} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وحناناً من لدنا} يقول: ورحمة من عندنا
** فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً *
{(1/79)
قد جعل ربك تحتك سريا} قال سفيان الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب {قد جعل ربك تحتك سريا} قال: الجدول, وكذا قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: السري النهر
** يَأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمّكِ بَغِيّاً *
قال علي بن أبي طلحة والسدي: قيل لها: {يا أخت هارون} أي أخي موسى, وكانت من نسله كما يقال للتميمي: يا أخا تميم, وللمضري يا أخا مضر
** وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وأنذرهم يوم الحسرة} من أسماء يوم القيامة عظمه الله وحذره عباده
** قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَإِبْرَاهِيمُ لَئِن لّمْ تَنتَهِ لأرْجُمَنّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً *
قال علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس {واهجرني ملياً} قال: سوياً سالماً قبل أن تصيبك مني عقوبة
** فَلَمّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاّ جَعَلْنَا نَبِيّاً * وَوَهَبْنَا لَهْمْ مّن رّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً
قوله {ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني الثناء الحسن
** فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصّلاَةَ وَاتّبَعُواْ الشّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً
قوله: {فسوف يلقون غياً} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {فسوف يلقون غياً} أي خسراناً
** رّبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً
قوله: {فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هل تعلم للرب مثلاً أو شبيهاً
** وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً(1/80)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, {ونرثه ما يقول} قال: نرثه.
** كَلاّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً * أَلَمْ تَرَ أَنّآ أَرْسَلْنَا الشّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزّهُمْ أَزّاً * فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنّمَا نَعُدّ لَهُمْ عَدّاً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ويكونون عليهم ضداً} قال: أعواناً.
قوله: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: تغويهم إغواءاً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إنما نعد لهم عداً} قال: نعد أنفاسهم في الدنيا.
** يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتّقِينَ إِلَى الرّحْمََنِ وَفْداً * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَىَ جَهَنّمَ وِرْداً * لاّ يَمْلِكُونَ الشّفَاعَةَ إِلاّ مَنِ اتّخَذَ عِندَ الرّحْمََنِ عَهْداً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً} قال: ركبانا.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً} قال: العهد شهادة أن لا إله إلا الله, ويبرأ إلى الله من الحول والقوة, ولا يرجو إلا الله عز وجل.
** إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرّحْمََنُ وُدّاً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {سيجعل لهم الرحمن وداً} قال: حباً
( سورة طه )
** وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنّهُ يَعْلَمُ السّرّ وَأَخْفَى *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {يعلم السر وأخفى} قال: السر ما أسره ابن آدم في نفسه {وأخفى} ما أخفي على ابن آدم مما هو فاعله قبل أن يعلمه, فالله يعلم ذلك كله, فعلمه فيما مضى من ذلك وما بقي علم واحد, وجميع الخلائق في ذلك عنده كنفس واحدة, وهو قوله: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة}
** إِنّيَ أَنَاْ رَبّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدّسِ طُوًى *(1/81)
قوله: {طوى} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو اسم للوادي
** إِنّ السّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىَ كُلّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {أكاد أخفيها} يقول: لا أطلع عليها أحداً غيري.
** اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي *
{ولا تنيا في ذكري} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لا تبطئا
** قَالَ رَبّنَا الّذِيَ أَعْطَىَ كُلّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمّ هَدَىَ *
{قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يقول خلق لكل شيء زوجه.
* كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىَ ** وَإِنّي لَغَفّارٌ لّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمّ اهْتَدَىَ
{ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أي فقد شقي. * وقوله: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً} أي كل من تاب إلي, تبت عليه من أي ذنب كان, حتى أنه تاب تعالى على من عبد العجل من بني إسرائيل. وقوله تعالى: {تاب} أي رجع عما كان فيه من كفر أو شرك أو معصية أو نفاق. وقوله: {وآمن} أي بقلبه. {وعمل صالحاً} أي بجوارحه. وقوله: {ثم اهتدى} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أي ثم لم يشكك.
** يَوْمَئِذٍ يَتّبِعُونَ الدّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرّحْمََنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاّ هَمْساً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {فلا تسمع إلا همساً} الصوت الخفي
** وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىَ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً *
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان, حدثنا أسباط بن محمد, حدثنا الأعمش عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: إنما سمي الإنسان لأنه عهد إليه فنسي, وكذا رواه علي بن أبي طلحة عنه.(1/82)
** وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَىَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {فإن له معيشة ضنكا} قال: الشقاء.
( سورة الانبياء
** كُلّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {ونبلوكم} يقول نبتليكم {بالشر والخير فتنة} بالشدة والرخاء, والصحة والسقم, والغنى والفقر, والحلال والحرام, والطاعة والمعصية, والهدى والضلال. وقوله: {وإلينا ترجعون} أي فنجازيكم بأعمالكم.
** فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىَ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ *
{وكانوا لنا خاشعين} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أي مصدقين بما أنزل الله
** إِنّ الّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنّا الْحُسْنَىَ أُوْلََئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} فأولئك أولياء الله يمرون على الصراط مراً هو أسرع من البرق, ويبقى الكفار فيها جثياً
** يَوْمَ نَطْوِي السّمَآءَ كَطَيّ السّجِلّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوّلَ خَلْقٍ نّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنّا كُنّا فَاعِلِينَ*
الصحيح عن ابن عباس أن السجل هي الصحيفة, قاله علي بن أبي طلحة
** وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزّبُورِ مِن بَعْدِ الذّكْرِ أَنّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصّالِحُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس,: أخبر الله سبحانه وتعالى في التوراة والزبور وسابق علمه قبل أن تكون السموات والأرض أن يورث أمة محمد صلى الله عليه وسلم الأرض, ويدخلهم الجنة وهم الصالحون.
( سورة الحج(1/83)
** إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنّاسِ سَوَآءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {سواء العاكف فيه والباد} قال: ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: بظلم بشرك
** ثُمّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطّوّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ
قوله: {ثم ليقضوا تفثهم} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: وهو وضع الإحرام من حلق الرأس ولبس الثياب وقص الأظافر ونحو ذلك
قوله: {وليوفوا نذورهم} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني نحر ما نذر من أمر البدن.
** وَلِكُلّ أُمّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَىَ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَإِلََهُكُمْ إِلََهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشّرِ الْمُخْبِتِينَ *
قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس {ولكل أمة جعلنا منسكاً} قال: عيداً.
** وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مّن شَعَائِرِ اللّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا صَوَآفّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرّ كَذَلِكَ سَخّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ
قال الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس في قوله: {فاذكروا اسم الله عليها صواف} قال: قياماً على ثلاث قوائم, معقولة يدها اليسرى, يقول: باسم الله والله أكبر لا إله إلا الله, اللهم منك ولك, وكذلك روي عن مجاهد وعلي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس نحو هذا.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: القانع المتعفف, والمعتر السائل(1/84)
** وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رّسُولٍ وَلاَ نَبِيّ إِلاّ إِذَا تَمَنّىَ أَلْقَى الشّيْطَانُ فِيَ أُمْنِيّتِهِ فَيَنسَخُ اللّهُ مَا يُلْقِي الشّيْطَانُ ثُمّ يُحْكِمُ اللّهُ آيَاتِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} يقول: إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه.
قوله {فينسخ الله ما يلقي الشيطان} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أي فيبطل الله سبحانه وتعالى ما ألقى الشيطان.
( سورة المؤمنون
** الّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ *
علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {خاشعون} خائفون ساكنون
** تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ
{وهم فيها كالحون} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني عابسون.
( سورة النور
** الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}الطائفة الرجل فما فوقه.
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشّيْطَانِ وَمَن يَتّبِعْ خُطُوَاتِ الشّيْطَانِ فَإِنّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُمْ مّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلََكِنّ اللّهَ يُزَكّي مَن يَشَآءُ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {خطوات الشيطان} عمله.
** وَأَنْكِحُواْ الأيَامَىَ مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ *(1/85)
قوله تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} الاية, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: رغبهم الله في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد ووعدهم عليه الغنى, فقال {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}
** وَلْيَسْتَعْفِفِ الّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتّىَ يُغْنِيَهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَالّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مّن مّالِ اللّهِ الّذِيَ آتَاكُمْ وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصّناً لّتَبْتَغُواْ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَمَن يُكْرِههُنّ فِإِنّ اللّهِ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنّ غَفُورٌ رّحِيمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} قال: يعني ضعوا عنهم في مكاتبتهم
قوله تعالى: {ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: فإن فعلتم فإن الله لهن غفور رحيم, وإثمهن على من أكرههن
** اللّهُ نُورُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزّجَاجَةُ كَأَنّهَا كَوْكَبٌ دُرّيّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاّ شَرْقِيّةٍ وَلاَ غَرْبِيّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيَءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نّورٌ عَلَىَ نُورٍ يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ اللّهُ الأمْثَالَ لِلنّاسِ وَاللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {الله نور السموات والأرض} يقول هادي أهل السموات والأرض.
** فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ *(1/86)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الاَية الكريمة {في بيوت أذن الله أن ترفع} قال نهى الله سبحانه عن اللغو فيها
قوله تعالى: {يسبح له فيها بالغدو والاَصال} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني بالغدوّ صلاة الغداة ويعني بالاَصال صلاة العصر وهما أول ما افترض الله من الصلاة فأحب أن يذكرهما وأن يذكر بهما عباده.
** رِجَالٌ لاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَإِقَامِ الصّلاَةِ وَإِيتَآءِ الزّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} يقول عن الصلاة المكتوبة
** لّيْسَ عَلَى الأعْمَىَ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَىَ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاَتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مّفَاتِحهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلّمُواْ عَلَىَ أَنفُسِكُمْ تَحِيّةً مّنْ عِندِ اللّهِ مُبَارَكَةً طَيّبَةً كَذَلِكَ يُبَيّنُ اللّهُ لَكُمُ الاَيَاتِ لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ(1/87)
قوله {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الاَية: وذلك لما أنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} قال المسلمون: إن الله قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل, والطعام هو أفضل من الأموال, فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد, فكف الناس عن ذلك, فأنزل الله {ليس على الأعمى حرج ـ إلى قوله ـ أو صديقكم} وكانوا أيضاً يأنفون ويتحرجون أن يأكل الرجل الطعام وحده حتى يكون معه غيره, فرخص الله لهم في ذلك, فقال {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً}
( سورة الفرقان
** وَقَدِمْنَآ إِلَىَ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مّنثُوراً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {هباء منثوراً} قال: هو الماء المهراق.
** وَهُوَ الّذِي جَعَلَ اللّيْلَ وَالنّهَارَ خِلْفَةً لّمَنْ أَرَادَ أَن يَذّكّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية: يقول من فاته شيء من الليل أن يعمله أدركه بالنهار, أو من النهار أدركه بالليل
** إِلاّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلََئِكَ يُبَدّلُ اللّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رّحِيماً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية, قال: هم المؤمنون كانوا من قبل إيمانهم على السيئات, فرغب الله بهم عن ذلك, فحولهم إلى الحسنات, فأبدلهم مكان السيئات الحسنات
** قُلْ مَا يَعْبَاُ بِكُمْ رَبّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {قل ما يعبأ بكم ربي} الاَية, يقول: لولا إيمانكم. وأخبر تعالى الكفار أنه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين, ولو كان له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين.
( سورة الشعراء
** إِنْ هََذَا إِلاّ خُلُقُ الأوّلِينَ *(1/88)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إن هذا إلا خلق الأولين} يقول: دين الأولين.
** وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ونخل طلعها هضيم} يقول: معشبة.
** وَالشّعَرَآءُ يَتّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ *
قوله تعالى: {والشعراء يتبعهم الغاوون} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني الكفار يتبعهم ضلال الإنس والجن
قوله تعالى: {ألم تر أنهم في كل واد يهيمون} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: في كل لغو يخوضون.
{وأنهم يقولون ما لا يفعلون}. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أكثر قولهم يكذبون فيه.
( سورة النمل
** أَلاّ يَسْجُدُواْ للّهِ الّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ *
قوله: {الذي يخرج الخبء في السموات والأرض} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعلم كل خبيئة في السماء والأرض
** بَلِ ادّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الاَخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكّ مّنْهَا بَلْ هُم مّنْهَا عَمُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {بل ادّارك علمهم في الاَخرة} أي غاب
( سورة القصص
** فَلَمّا جَآءَهُمُ الْحَقّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلآ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىَ أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىَ مِن قَبْلُ قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُواْ إِنّا بِكُلّ كَافِرُونَ *
أما من قرأ {سِحران تظاهرا} فقال علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس: يعنون التوارة والقرآن,
( سورة العنكبوت
** اتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصّلاَةَ إِنّ الصّلاَةَ تَنْهَىَ عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللّهِ أَكْبَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.(1/89)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {ولذكر الله أكبر} يقول: ولذكر الله لعباده أكبر إذا ذكروه من ذكرهم إياه
( سورة الروم
** وَهُوَ الّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأعْلَىَ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
قوله {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني أيسر عليه
قوله {وله المثل الأعلى في السموات والأرض} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كقوله تعالى: {ليس كمثله شيء}
( سورة لقمان
** وَلاَ تُصَعّرْ خَدّكَ لِلنّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحاً إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ كُلّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {ولا تصعر خدك للناس} يقول لا تتكبر فتحقر عباد الله, وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك
( سورة الأحزاب
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ اللّهَ ذِكْراً كَثِيراً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {اذكروا الله ذكراً كثيراً} إن الله تعالى لم يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حداً معلوماً, ثم عذر أهلها في حال العذر غير الذكر, فإن الله تعالى لم يجعل له حداً ينتهي إليه, ولم يعذر أحداً في تركه إلا مغلوباً على تركه, فقال: {يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم} بالليل والنهار في البر والبحر, وفي السفر والحضر, والغنى والفقر, والسقم والصحة, والسر والعلانية, وعلى كل حال. وقال عز وجل: {وسبحوه بكرة وأصيلا} فإذا فعلتم ذلك صلى عليكم هو وملائكته
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمّ طَلّقْتُمُوهُنّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسّوهُنّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنّ مِنْ عِدّةٍ تَعْتَدّونَهَا فَمَتّعُوهُنّ وَسَرّحُوهُنّ سَرَاحاً جَمِيلاً(1/90)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: إن كان سمى لها صداقاً فليس لها إلا النصف, وإن لم يكن سمى لها صداقاً أمتعها على قدر عسره ويسره, وهو السراح الجميل.
** إِنّ اللّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النّبِيّ يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ صَلّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً
قال البخاري: قال أبو العالية: صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة, وصلاة الملائكة الدعاء. وقال ابن عباس: يصلون يبركون, هكذا علقه البخاري عنهما, وقد رواه أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية كذلك, وروي مثله عن الربيع أيضاً, وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كما قاله سواء
** يَأَيّهَا النّبِيّ قُل لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنّ مِن جَلاَبِيبِهِنّ ذَلِكَ أَدْنَىَ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رّحِيماً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة
** لّئِن لّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنّكَ بِهِمْ ثُمّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاّ قَلِيلاً *
{لنغرينك بهم} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أي لنسلطنك عليهم.
** إِنّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً *(1/91)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الأمانة الفرائض, عرضها الله على السموات والأرض والجبال إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم فكرهوا ذلك, وأشفقوا عليه من غير معصية, ولكن تعظيما لدين الله أن لا يقوموا بها ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها وهو قوله تعالى: {وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً} يعني غراً بأمر الله.
( سورة سبأ
** أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدّرْ فِي السّرْدِ وَاعْمَلُواْ صَالِحاً إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: السرد حلق الحديد.
** يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رّاسِيَاتٍ اعْمَلُوَاْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِيَ الشّكُورُ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {كالجواب} أي كالجوبة من الأرض.
( سورة فاطر
** مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزّةَ فَلِلّهِ الْعِزّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطّيّبُ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالّذِينَ يَمْكُرُونَ السّيّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ *
قوله تعالى: {والعمل الصالح يرفعه} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: الكلم الطيب ذكر الله تعالى, يصعد به إلى الله عز وجل, والعمل الصالح أداء الفريضة, فمن ذكر الله تعالى في أداء فرائضه حمل عمله وذكر الله تعالى به إلى الله عز وجل, ومن ذكر الله تعالى ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله, فكان أولى به
** وَمِنَ النّاسِ وَالدّوَآبّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنّ اللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال: الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير(1/92)
** ثُمّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} قال: هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم, ورثهم الله تعالى كل كتاب أنزله, فظالمهم يغفر له, ومقتصدهم يحاسب حساباً يسيراً, وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب.
( سورة يس
** يَحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مّن رّسُولٍ إِلاّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {يا حسرة على العباد} أي يا ويل العباد.
** وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىَ أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُواْ الصّرَاطَ فَأَنّىَ يُبْصِرُونَ *
قوله تبارك وتعالى: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها: يقول ولو نشاء لأضللناهم عن الهدى, فكيف يهتدون ؟ وقال مرة: أعميناهم
( سورة الصافات
** كَأَنّهُنّ بَيْضٌ مّكْنُونٌ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {كأنهن بيض مكنون} يقول اللؤلؤ المكنون وينشد ههنا بيت أبي دهبل الشاعر وهو قوله في قصيدة له:
هي زهراء مثل لؤلؤة الغوا ص ميزت من جوهر مكنون
** وَجَعَلْنَا ذُرّيّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ *
{وجعلنا ذريته هم الباقين} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما يقول: لم تبق إلا ذرية نوح عليه السلام.
** وَإِنّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {وإن من شيعته لإبراهيم} يقول من أهل دينه
( سورة ص
** كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ فَنَادَواْ وّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ(1/93)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما ليس بحين مغاث
** قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىَ نِعَاجِهِ وَإِنّ كَثِيراً مّنَ الْخُلَطَآءِ لَيَبْغِيَ بَعْضُهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مّا هُمْ وَظَنّ دَاوُودُ أَنّمَا فَتَنّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبّهُ وَخَرّ رَاكِعاً وَأَنَابَ *
قوله تعالى: {وظن داود أنما فتناه} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما أي اختبرناه.
** رُدّوهَا عَلَيّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسّوقِ وَالأعْنَاقِ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حباً لها
** واذكر عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأيْدِي وَالأبْصَارِ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {أولي الأيدي} يقول أولي القوة والعبادة {والأبصار} يقول الفقه في الدين
** إِنّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنّ الّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُواْ عِندَ اللّهِ الرّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُواْ لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ *
روى الوالبي عن ابن عباس: وتصنعون إفكاً أي تنحتونها أصناما
( سورة الزمر
* ثُمّ إِنّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} يقول: يخاصم الصادق الكاذب, والمظلوم الظالم, والمهتدي الضال, والضعيف المستكبر
** وَالّذِي جَآءَ بِالصّدْقِ وَصَدّقَ بِهِ أُوْلََئِكَ هُمُ الْمُتّقُونَ *
قال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {والذي جاء بالصدق} قال: من جاء بلا إله إلا الله {وصدق به} يعني رسول الله صلى الله عليه(1/94)
** قُلْ يَعِبَادِيَ الّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رّحْمَةِ اللّهِ إِنّ اللّهَ يَغْفِرُ الذّنُوبَ جَمِيعاً إِنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيمُ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً} إلى آخر الاَية قال قد دعا الله تعالى إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله ومن زعم أن المسيح هو ابن الله ومن زعم أن عزيراً ابن الله ومن زعم أن الله فقير ومن زعم أن يد الله مغلولة ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة يقول الله تعالى لهؤلاء: {أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم} ثم دعا إلى التوبة من هو أعظم قولاً من هؤلاء, من قال أنا ربكم الأعلى وقال: {ما علمت لكم من إله غيري} قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من آيس عباد الله من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله عز وجل, ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه
** أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَحَسْرَتَا عَلَىَ مَا فَرّطَتُ فِي جَنبِ اللّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنّ اللّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنّ لِي كَرّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أخبر الله سبحانه وتعالى ما العباد قائلون قبل أن يقولوه وعملهم قبل أن يعملوه. وقال تعالى: {ولا ينبئك مثل خبير} {أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين * أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين}(1/95)
** وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسّمَاوَاتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىَ عَمّا يُشْرِكُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {وما قدروا الله حق قدره} هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله عليهم. فمن آمن أن الله على كل شيء قدير فقد قدر الله حق قدره, ومن لم يؤمن بذلك فلم يقدر الله حق قدره
( سورة غافر
** رَفِيعُ الدّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىَ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التّلاَقِ
{لينذر يوم التلاق} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يوم التلاق اسم من أسماء يوم القيامة حذر الله منه عباده
* لاَ جَرَمَ أَنّمَا تَدْعُونَنِيَ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدّنْيَا وَلاَ فِي الاَخِرَةِ وَأَنّ مَرَدّنَآ إِلَى اللّهِ وَأَنّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النّارِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {لا جرم} يقول: بلى إن الذي تدعونني إليه من الأصنام والأنداد {ليس له دعوة في الدنيا ولا في الاَخرة}
** يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ الْلّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوَءُ الدّارِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولهم سوء الدار} أي سوء العاقبة
( سورة فصلت
** الّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ بِالاَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ
{الذين لا يؤتون الزكاة} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعني الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله
** إِنّ الّذِينَ قَالُواْ رَبّنَا اللّهُ ثُمّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنّةِ الّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {قالوا ربنا الله ثم استقاموا} على أداء فرائضه(1/96)
** وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السّيّئَةُ ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنّهُ وَلِيّ حَمِيمٌ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الاَية: أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب والحلم عند الجهل والعفو عند الإساءة فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم.
( سورة الشورى
** ذَلِكَ الّذِي يُبَشّرُ اللّهُ عِبَادَهُ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ قُل لاّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَىَ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنّ اللّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ *
قال البخاري: حدثنا محمد بن بشار, حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال: سمعت طاوساً يحدث عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله تعالى إلا المودة في القربى فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد فقال ابن عباس: عجلت إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة فقال إلا أن لا تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة, انفرد به البخاري, ورواه الإمام أحمد بن يحيى القطان عن شعبة به, وهكذا روى عامر الشعبي والضحاك وعلي بن أبي طلحة والعوفي ويوسف بن مهران وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما مثله
( سورة الزخرف
** وَالّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ الْفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُواْ عَلَىَ ظُهُورِهِ ثُمّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ الّذِي سَخّرَ لَنَا هََذَا وَمَا كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنّآ إِلَىَ رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ(1/97)
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة «حدثنا أبو بكر بن عبد الله عن علي بن أبي طلحة عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما, قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على دابته, فلما استوى عليها كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وحمد ثلاثاً, وهلل واحدة, ثم استلقى عليه وضحك, ثم أقبل عليه فقال «ما من امرىء مسلم يركب فيصنع كما صنعت, إلا أقبل الله عز وجل عليه, فضحك إليه كما ضحكت إليك» تفرد به أحمد.
** فَلَمّآ آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: آسفونا أسخطونا
** قُلْ إِن كَانَ لِلرّحْمََنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوّلُ الْعَابِدِينَ *
قال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {قل إن كان للرحمن ولد} يقول: لم يكن للرحمن ولد, فأنا أول الشاهدين.
( سورة الأحقاف
** قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مّنَ الرّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَىَ إِلَيّ وَمَآ أَنَاْ إِلاّ نَذِيرٌ مّبِينٌ
قوله تعالى: {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الاَية: نزل بعدها {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}
( سورة الفتح
** قُل لّلْمُخَلّفِينَ مِنَ الأعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىَ قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُواْ يُؤْتِكُمُ اللّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلّوْاْ كَمَا تَوَلّيْتُمْ مّن قَبْلُ يُعَذّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً(1/98)
اختلف المفسرون في هؤلاء القوم الذين يدعون إليهم الذين هم أولو بأس شديد على أقوال (أحدها) أنهم هوازن, رواه شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير أو عكرمة أو جميعاً, ورواه هشيم عن أبي بشر عنهما وبه يقول قتادة في رواية عنه (الثاني) ثقيف, قاله الضحاك. (الثالث) بنو حنيفة, قاله جويبر ورواه محمد بن إسحاق عن الزهري وروي مثله عن سعيد وعكرمة. (الرابع) هم أهل فارس, رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما
* إِذْ جَعَلَ الّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيّةَ حَمِيّةَ الْجَاهِلِيّةِ فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىَ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التّقْوَىَ وَكَانُوَاْ أَحَقّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيماً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى: {وألزمهم كلمة التقوى} قال: يقول شهادة أن لا إله إلا الله وهي رأس كل تقوى
** مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّآءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكّعاً سُجّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ اللّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ السّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىَ عَلَىَ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزّرّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفّارَ وَعَدَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ مِنْهُم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً
قوله جل جلاله: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: سيماهم في وجوههم يعني السمت الحسن.
( سورة الحجرات
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَاتّقُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *(1/99)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة
( سورة ق
** قَ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ *
الذي رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل {ق} هو اسم من أسماء الله عز وجل
** مّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} قال: يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر حتى أنه ليكتب قوله أكلت شربت ذهبت جئت رأيت, حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر وألقي سائره, وذلك قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}
** لّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مّنْ هََذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ
حكى ابن جرير ثلاثة أقوال في المراد بهذا الخطاب في قوله تعالى: {لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد} (أحدها) أن المراد بذلك الكافر, رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما
( سورة الذاريات
** قُتِلَ الْخَرّاصُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {قتل الخراصون} أي لعن المرتابون
** وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إلا ليعبدون} أي إلا ليقروا بعبادتي طوعاً أو كرهاً.
( سورة الطور
** وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ *
قيل: المراد بالمسجور الممنوع المكفوف عن الأرض لئلا يغمرها فيغرق أهلها قاله علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
( سورة النجم(1/100)
* الّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاّ اللّمَمَ إِنّ رَبّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مّنَ الأرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنّةٌ فِي بُطُونِ أُمّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكّوَاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتّقَىَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إلا اللمم} إلا ما سلف
( سورة القمر
** اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانشَقّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مّسْتَمِرّ
قال ابن جرير حدثنا ابن مثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا داود بن أبي هند عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى ( إقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ) قال قد مضى ذلك كان قبل الهجرة انشق القمر حتى رأو شقيه
( سورة الرحمن
** وَالنّجْمُ وَالشّجَرُ يَسْجُدَانِ *
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: النجم ما انبسط على وجه الأرض يعني من النبات
** وَالْحَبّ ذُو الْعَصْفِ وَالرّيْحَانُ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {والحب ذو العصف} يعني التبن. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: والريحان خضر الزرع
** وَخَلَقَ الْجَآنّ مِن مّارِجٍ مّن نّارٍ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: من مارج من نار من خالص النار
** سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيّهَا الثّقَلاَنِ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {سنفرغ لكم أيها الثقلان} قال: وعيد من الله تعالى للعباد وليس بالله شغل وهو فارغ
** يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مّن نّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ
{يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس الشواظ: هو لهب النار
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ونحاس} دخان النار
* فَيَوْمَئِذٍ لاّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنّ *(1/101)
قوله تعالى: {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا, لأنه أعلم بذلك منهم, ولكن يقول: لم عملتم كذا وكذا ؟
** فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضّاخَتَانِ *
{نضاختان} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس, أي فياضتان والجري أقوى من النضخ
** مُتّكِئِينَ عَلَىَ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيّ حِسَانٍ *
قوله تعالى: {متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الرفرف المحابس
( سورة الواقعة
** فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنّاتُ نَعِيمٍ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {فروح} يقول راحة وريحان يقول مستراحة
( سورة المجادلة
** وَالّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نّسَآئِهِمْ ثُمّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {من قبل أن يتماسا} والمس النكاح
** أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُواْ الصّلاَةَ وَآتُواْ الزّكَاةَ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: {فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} وذلك أن المسلمين أكثروا المسائل على رسول اللهصلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه, فأراد الله أن يخفف عن نبيه عليه السلام, فلما قال ذلك جبن كثير من المسلمين وكفوا عن المسألة, فأنزل الله بعد هذا {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} فوسع الله عليهم ولم يضيق.
( سورة الممتحنة
* رَبّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لّلّذِينَ كَفَرُواْ وَاغْفِرْ لَنَا رَبّنَآ إِنّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *(1/102)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لا تسلطهم علينا فيفتنونا. وقوله تعالى: {واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم} أي واستر ذنوبنا عن غيرك واعف عنها فيما بيننا وبينك {إنك أنت العزيز} أي الذي لا يضام من لاذ بجنابك {الحكيم} في أقوالك وأفعالك وشرعك وقدرك
* لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو اللّهَ وَالْيَوْمَ الاَخِرَ وَمَن يَتَوَلّ فَإِنّ اللّهَ هُوَ الْغَنِيّ الْحَمِيدُ
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الغني الذي قد كمل في غناه وهو الله, هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفء وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار الحميد المستحمد إلى خلقه أي هو المحمود في جميع أقواله وأفعاله لا إله غيره ولا رب سواه.
( سورة التغابن
** مَآ أَصَابَ مِن مّصِيبَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} يعني يهد قلبه لليقين, فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه, وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
( سورة الطلاق
** يَأيّهَا النّبِيّ إِذَا طَلّقْتُمُ النّسَآءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ وَأَحْصُواْ الْعِدّةَ وَاتّقُواْ اللّهَ رَبّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنّ مِن بُيُوتِهِنّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يَتَعَدّ حُدُودَ اللّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} قال: لا يطلقها وهي حائض ولا في طهر قد جامعها فيه, ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة.(1/103)
** فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنّ فَأَمْسِكُوهُنّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مّنكُمْ وَأَقِيمُواْ الشّهَادَةَ لِلّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَمَن يَتّقِ اللّهَ يَجْعَل لّهُ مَخْرَجاً *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً} يقول: ينجيه من كل كرب في الدنيا والاَخرة {ويرزقه من حيث لا يحتسب}
( سورة التحريم
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ قُوَاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاّ يَعْصُونَ اللّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} يقول اعملوا بطاعة الله واتقوا معاصي الله, وأمروا أهليكم بالذكر ينجكم الله من النار
( سورة القلم
** يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله {يوم يكشف عن ساق} هو الأمر الشديد الفظيع من الهول يوم القيامة
( سورة الحاقة
* وَلاَ طَعَامٌ إِلاّ مِنْ غِسْلِينٍ *
قال علي بن أبي طلحة عنه: الغسلين صديد أهل النار.
( سورة المعارج
** مّنَ اللّهِ ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ذي المعارج يعني العلو والفواضل
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} قال: هو يوم القيامة جعله الله تعالى على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة
( سورة نوح
* وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً *(1/104)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هذه أصنام كانت تعبد في زمن نوح.
( سورة الجن
** وَأَنّهُ تَعَالَىَ جَدّ رَبّنَا مَا اتّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً *
قوله تعالى: {وأنه تعالى جد ربنا} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {جد ربنا} أي فعله وأمره وقدرته.
( سورة المزمل
** قُمِ الْلّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً * نّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً} فشق ذلك على المؤمنين ثم خفف الله تعالى عنهم ورحمهم فأنزل بعد هذا {علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله ـ إلى قوله تعالى ـ فاقرءوا ما تيسر منه} فوسع الله تعالى وله الحمد ولم يضيق
( سورة المدثر
** وَالرّجْزَ فَاهْجُرْ *
قوله تعالى: {والرجز فاهجر} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: والرجز وهو الأصنام فاهجر
( سورة القيامة
** وَلاَ أُقْسِمُ بِالنّفْسِ اللّوّامَةِ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: اللوامة المذمومة
** بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ *
قوله: {بل يريد الإنسان ليفجر أمامه} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو الكافر يكذب بيوم الحساب
** بَلِ الإِنسَانُ عَلَىَ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {بل الإنسان على نفسه بصيرة} يقول: سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه.
** وَالْتَفّتِ السّاقُ بِالسّاقِ *
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {والتفت الساق بالساق} يقول آخر يوم من أيام الدنيا أول يوم من أيام الاَخرة فتلتقي الشدة بالشدة إلا من رحمه الله.
( سورة الانسان
** إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً {10}
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس ( عبوسا ) ضيقا ( قمطريرا ) طويلا
( سورة النبأ )
** وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجاً {14}(1/105)
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس من المعصرات أي من السحاب}
يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً {38}
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس قوله ( يوم يقوم الروح ) قال هو ملك عظيم من أعظم الملائكة خلقا
( سورة عبس
** وَحَدَائِقَ غُلْباً {30}
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس ( وحدائق غلبا ) أي طوال
( سورة التكوير
** إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ {1} وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ {2}
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس ( إذا الشمس كورت ) يعني أظلمت
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس ( وإذا النجوم انكدرت ) أي تغيرت
** وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ {8}
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس ( وإذا الموءودة سئلت ) أي سألت
** وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ {17}
قال علي بن أبي طلحة والعوفي عن بن عباس ( إذا عسعس ) إذا أدبر
( سورة الانفطار )
** وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ {3}
( وإذا البحار فجرت ) قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس فجر الله بعضها في بعض
( سورة المطففين )
** كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ {18}
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ( كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين ) يعني الجنة
( سورة الانشقاق )
** لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ {19}
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس طبقا عن طبق حالا بعد حال
( سورة البروج )
** وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ {3}
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس الشاهد الله والمشهود يوم القيامة
( سورة الطارق )
** يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ {7}
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس الترائب بين ثدييها
( سورة الغاشية )
** لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ {6}
قوله تعالى ( ليس لهم طعام إلا من ضريع ) قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس شجر من النار
( سورة والشمس وضحاها )(1/106)
** وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا {6}
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس طحاها قسمها
** قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا {9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا {10}
قوله تعالى ( قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ) يحتمل أن يكون المعنى قد أفلح من زكى الله نفسه وقد خاب من دسى الله نفسه كما قال العوفي وعلي بن أبي طلحة عن بن عباس
( سورة ألم نشرح لك )
** فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ {7}
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس فإذا فرغت فانصب يعني في الدعاء
( سورة التكاثر )
** ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ {8}
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) قال النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار يسأل الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم وهو قوله تعالى ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا )
( سورة الإخلاص )
** اللَّهُ الصَّمَدُ {2}
قوله تعالى ( الله الصمد ) قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس هو السيد الذي قد كمل في سؤدده والشريف الذي قد كمل في شرفه والعظيم الذي قد كمل في عظمته والحليم الذي قد كمل في حلمه والعليم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد وهو الله سبحانه هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفء وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار
( سورة الفلق )
** قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ {1}
قال علي بن أبي طلحة عن بن عباس ( الفلق ) الخلق
انتهت صحيفة علي بن أبي طلحة المستخرجة من تفسير ابن كثير ولله الحمد والمنة في الخميس 8 شعبان 1404 (10 ماي 1984)
ملاحق
*الدر المنثور في التفسير بالمأثور(1/107)
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب البكاء عن علي بن أبي طلحة قال: أول شيء أكله آدم حين أهبط إلى الأرض الكمثرى، وأنه لما أراد أن يتغوط أخذه من ذلك كما يأخذ المرأة عند الولادة، فذهب شرقا وغربا لا يدري كيف يصنع! حتى نزل إليه جبريل فأقعى آدم، فخرج ذلك منه، فلما وجد ريحه مكث يبكي سبعين سنة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} قال: هذا في الرجل يحلف على أمر أضرار أن يفعله أو لا يفعله فيرى الذي خير منه، فأمر الله أن يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير. قال: ومن اللغو أن يحلف الرجل على أمر لا يرى فيه الصدق وقد أخطأ في ظنه، فهذا الذي عليه الكفارة ولا إثم فيه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} قال: هذا في الرجل يحلف على أمر أضرار أن يفعله أو لا يفعله فيرى الذي خير منه، فأمر الله أن يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير. قال: ومن اللغو أن يحلف الرجل على أمر لا يرى فيه الصدق وقد أخطأ في ظنه، فهذا الذي عليه الكفارة ولا إثم فيه.(1/108)
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: البحيرة. هي الناقة، إذا أنتجت خمسة أبطن نظروا إلى الخامس فإن كان ذكرا ذبحوه فأكله الرجال دون النساء، وإن كانت أنثى جدعوا آذانها فقالوا: هذه بحيرة. وأما السائبة: فكانوا يسيبون من انعامهم لآلهتهم لا يركبون لها ظهرا، ولا يحلبون لها لبنا، ولا يجزون لها وبرا، ولا يحملون عليها شيئا. وأما الوصيلة: فالشاة، إذا أنتجت سبعة أبطن نظروا السابع، فإن كان ذكرا أو أنثى وهو ميت، اشترك فيه الرجال دون النساء، وإن كانت أنثى اسحيوها، وإن كان ذكرا وأنثى في بطن استحيوهما، وقالوا: وصلته أخته فحرمته علينا. وأما الحام: فالفحل من الإبل إذا ولد لولده قالوا: حمى هذا ظهره فلا يحملون عليه شيئا، ولا يجزون له وبرا، ولا يمنعونه من حمى رعي، ولا من حوض يشرب منه، وإن كان الحوض لغير صاحبه.(1/109)
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس من طريق علي عن أبي طلحة عن ابن عباس {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم} هذا لمن مات وعنده المسلمون، أمره الله أن يشهد على وصيته عدلين من المسلمين، ثم قال {أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض} فهذا لمن مات وليس عنده أحد من المسلمين، أمره الله بشهادة رجلين من غير المسلمين، فإن ارتيب بشهادتهما استحلفا بالله بعد الصلاة: ما اشترينا بشهادتنا ثمنا قليلا، فإن اطلع الأولياء على أن الكافرين كذبا في شهادتهما، قام رجلان من الأولياء فحلفا بالله أن شهادة الكافرين باطلة، فذلك قوله تعالى {فإن عثر على أنهما استحقا إثما} يقول: إن اطلع على أن الكافرين كذبا، قام الأوليان فحلفا أنهما كذبا، ذلك أدنى أن يأتي الكافران بالشهادة على وجهها، أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم، فتترك شهادة الكافرين، ويحكم بشهادة الأوليان، فليس على شهود المسلمين أقسام، إنما الأقسام إذا كانا كافرين.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {وهم ينهون عنه} قال: ينهون الناس عن محمد أن يؤمنوا به {وينأون عنه} يتباعدون عنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة. أن فرعون كان قبطيا ولد زنا، طوله سبعة أشبار.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كانوا يستغفرون لهم حتى نزلت هذه الآية، فلما نزلت أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم ولم ينهوا أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا، ثم أنزل الله تعالى {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه} الآية. يعني استغفر له ما كان حيا، فلما مات أمسك عن الاستغفار.(1/110)
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لهم البشرى في الحياة الدنيا} قال: هو قوله لنبيه صلى الله عليه وسلم (وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا) (الأحزاب الآية 47). وأخرج ابن جرير، عن علي بن طلحة - رضي الله عنه - قال: كان ابن عباس - رضي الله عنه - يقرأ {وفيه تعصرون} بالتاء، يعني تحتلبون.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن علي بن أبي طلحة - رضي الله عنه - في قوله {وجاء بكم من البدو} قال: كان يعقوب وبنوه بأرض كنعان، أهل مواش وبرية.
تفسير الطبري
سورة القمر
الآية : 1-2
{اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانشَقّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مّسْتَمِرّ }.
25299ـ حدثنا نصر بن عليّ, قال: حدثنا عبد الأعلى, قال: حدثنا داود بن أبي هند, عن عليّ بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قال: انشقّ القمر قبل الهجرة, أو قال: قد مضى ذاك.
حدثنا إسحاق بن شاهين, قال: حدثنا خالد بن عبد الله, عن داود, عن علي, عن ابن عباس بنحوه.
الآية : 43-45
{أَكُفّارُكُمْ خَيْرٌ مّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي الزّبُرِ * أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ }.
25402ـ حدثني إسحاق بن شاهين, قال: حدثنا خالد بن عبد الله, عن داود, عن عليّ بن أبي طلحة, عن ابن عباس سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ قال: كان ذلك يوم بدر. قال: قالوا نحن جميع منتصر, قال: فنزلت هذه الاَية.
قال ابن جرير حدثنا ابن مثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا داود بن أبي هند عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى ( إقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ) ال قد مضى ذلك كان قبل الهجرة انشق القمر حتى رأو شقيه(1/111)