يكى راعسس دست بربسته بود ... همه شب بريشان ودلختسه بود
بكوش آمدش درشب تيره ربك ... كه شخصى همى نالد ازدست تنك
شنيد اين سخن دزدمسكين وكفت ... زبيجاركى جند نالى بخفت
بروشكر يزدان كن اى تنك دست ... كه دستت عسس تنك برهم بنست
يعنى فلك القدرة على الكسب
نداند كسى قدر روز خوشى ... مكر روزى افتد بسختى كشى
زمستان درويش بس تنك سال ... جه سهلست بيش خداوند مال
جه دانند جيحونيان قدر آب ... زواماند كان برس در آفتاب
كسى قيمت تندرستى شناخت ... كه يكجند بيجاره در تب كداخت
ببانك دهل خواجه بيدار كشت ... كه يكجند بيجاره در تب كداخت
ببانك دهل خواجه بيدار كشت ... جه داند شب باسبان جون كذشت(12/427)
ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62)
{ ذلكم } المتفرد بالافعال المقتضية للالوهية والربوبية { الله ربكم خالق كل شىء لا اله الا هو } اخبار مترادفة تخصص السابقة منها اللاحقة وتقررها قال فى كشف الاسرار كل ههنا بمعنى البعض وقيل عام خص منه مالا يدخل فى الحق { فانى تؤفكون } فكيف ومن اى وجه تصرفون عن عبادته خاصة الى عبادة غيره(12/428)
كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63)
{ كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون } اى مثل ذلك الافك للعجب الذى لا وجه له ولا مصحح اصلا اى كما صرف قومك وهم قريش عن الحق وحرموا من التحلى به مع قيام الدلائل يؤفك ويصرف عنه كل جاحد قبلهم او بعدهم بآياته اى آية كانت لا افكا آخر له وجه ومصحح فى الجملة قال الراغب الافك كل مصروف عن وجهه الذى يحق ان يكون عليه ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب المؤتفكات وقوله أنى تؤفكون اى تصرفون من الحق فى الاعتقاد الى الباطل ومن الصدق فى المقال الى الكذب ومن الجميل فى الفعل الى القبيح ورجل مأفوك اى مصروف عن الحق الى الباطل والجحود نفى ما فى القلب اثباته واثبات ما فى القلب نفيه وتجحد تخصص بفعل ذلك فعلى العبد أن يقر بمولاه وبآياته فانه خالقه ورازقه وجاء فى احاديث المعراج « قل لأمتك ان احببتم احدا لاحسانه اليكم فانا اولى به لكثرة نعمى عليكم وان خفتم احدا من اهل السماء والارض فأنا اولى بذلك لكمال قدرتى وان انتم رجوتم احدا فأنا اولى به لأنى احب عبادى وان انتم استحييتم من احد لجفائكم اياه فأنا اولى بذلك لان منكم الجفاء ومنى الوفاء وان انتم آثرتم احدا باموالكم وانفسكم فأنا اولى به لأنى معبودكم وان صدقتم احدا وعده فأنا اولى بذلك لانى انا الصادق » ففى العبودية والمعرفة شرف عظيم قال على رضى الله عنه ما يسرنى ان لو مت طفلا وادخلت الجنة ولم اكبر فاعرف وذلك لأن الانسان خلق للعبادة والمعرفة فاذا ساعده العمر والوقت يجب عليه ان يجتهد الى ان يترقى الى ذروة المطالب ويصل الى مرتبة استعداده فاذا اهمل وتكاسل فمات كان كالصبى الذى مات فى صباه خاليا عن حلية الكمالات والسعادات نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المجتهدين(12/429)
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64)
{ الله الذى جعل لكم } لمصالحكم وحوائجكم { الارض قرارا } مستقرا اى موضع قرار ومكان ثبات وسكون فان القرار كما يجيىء بمعنى الثبات والسكون يجيىء بمعنى ما قر فيه وبمعنى المطمئن كما فى القاموس قال ابن عباس رضى الله عنهما قرارا اى منزلا فى حال الحياة وبعد الممات { والسماء بناء } البناء بمعنى المبنى اى قبة مبنية مرفوعة فوقكم ومنه ابنية العرب لمضاربهم وذلك لأن السماء فى نظر العين كقبة مضروبة على فضاء الارض وفى التأويلات النجمية خلق الارض لكم استقلالا ولغيركم طفيليا وتبعا لتكون مقركم والسماء ايضا خلق لكم لتكون سقفكم مستقلين به وغيركم تبع لكم فيه وقال بعضهم جعل الارض قرارا لأوليائه والسماء بناء لملائكته وفيه اشارة الى قوله اوليائى تحت قبابى اى مستورون تحت قباب الملكوت لا تنكشف احوالهم الا لمن عرفه الله تعالى وفى الآية بيان لفضله تعالى المتعلق بالمكان بعد بيان فضله المتعلق بالزمان وقوله تعالى { وصوركم فاحسن صوركم } بيان لفضله المتعلق بأنفسهم والفاء فى فأحسن تفسيرية فان الاحسان عين التصوير كما قوله عليه السلام « ان الله ادبنى فأحسن تأديبى » فان الاحسان عين التأديب فان تأديب الله لمثله لا يكون الا حسنا بل احسن والمعنى صوركم احسن تصوير حيث خلقكم منتصبى القامة بادى البشرة متناسبى الاعضاء والتخطيطات متهيئين لمزاولة الصنائع واكتساب الكمالات قال ابن عباس رضى الله عنهما خلق ابن آدم قائما معتدلا يأكل ويتناول بيده وغير ابن آدم بفيه وفيه اشارة الى أنه تعالى جعل ارض البشرية مقرا للروح وجمع سماء الروحانية فى عالم صوركم ولم يجمعها فى صورة شىء آخر من الملائكة والجن والشياطين والحيوانات والى هذا المعنى اشار بقوله تعالى { لقد خلقنا الانسان فى احسن تقويم } وايضا فاحسن صوركم اذ جعلها مرءاة جماله كما قال عليه السلام « كل جميل من جمال الله وانما جعلكم جميلا ليحبكم » كما قال عليه السلام « ان الله جميل يحب الجمال » وبالفارسية حسن صورت انسانى در آنست كه او مرآت جهان نماست بهمه حقائق علوى وسفلى ومجموع دقايق صورى ومعنوى راجامعست وانوار معرفت ذات وآثار شناخت صفات ازآينه جامعه اولامع
اى صورت تو آينه سر وجود ... روشن زرخت برتو انوار شهود
مجموعه هر دوكونى ونيست جوتو ... در مملكت صورت ومعنى موجود
وفيه اشارة الى تخطئة الملائكة فيما قبحو الانسان وقالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء فان الحسن ليس ما يستحسنه الناس بل ما يستحسنه الحبيب كأن الله يقول ان الواشين قبحوا صورتكم عندنا بل الملائكة كتبوا فى صحيفتكم قبيح ما ارتكبتم ومولاكم احسن صوركم عنده بان محا من ديوانكم الزلات واثبت فى ذلك الحسنات فحسن الصورة والمعنى مخصوص بالانسان وهو المدار وما سواه دآئر عليه ( قال الصائب )(12/430)
اسرار جار دفتر و مضمون نه كتاب ... در نقطه تو ساخته ايزد نهان همه
وز بهر خدمت تو فلكها جو بندكان ... زاخلاص بسته اند كمر برميان همه
بيش تو سر بخاك مذلت نهاده اند ... باآن علوم ومرتبه روحانيان همه
{ ورزقكم من الطيبات } من المأكولات اللذيذة
ومتميزكر دانيدروزى شمازروزى حيوانات
قال فى التأويلات النجمية ليس الطيب ما يستطيبه الخلق بل الطيب ما يستيبه الحق فانه طيب لا يقبل الا طيبا فالطيب الذى يقبله الله من العبد وهو من مكاسبه الكلم الطيب وهى كلمة لا اله الا الله كما قال تعالى { اليه يصعد الكلم الطيب } والطيب الذى هو من مواهب الله تعالى هو تجلى صفات جماله وجلاله واليهما اشار بقوله ورزقكم من الطيبات والحاصل أن الطيب انواع طيب الارزاق وطيب الاذكار وطيب الحالات { ذالكم } الذى نعت بما ذكر من النعوت الجليلة { الله } خبر لذلكم { ربكم } الذى يستوجب منكم العبادة خبر آخر { فتبارك الله } صفة خاصة بالله تعالى اى تقدس وتنزه وتعالى بذاته عن أن يكون له شريك فى العبادة اذ لا شريك له فى شىء من تلك النعم { رب العالمين } برور دكار عالميان از انس وجن وجز آن
اى مالكهم ومربيهم والكل تحت ملكوته مفتقر اليه فى ذاته ووجوده وسائر احواله جميعا بحيث لو انقطع فيضه عنه آنا لانعدم بالكلية(12/431)
هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)
{ هو الحى } اوست زنده
اى المنفرد بالحياة الذاتية الحقيقية لا يموت ويميت الخلق { لا اله الا هو } اذ لا موجود يدانيه فى ذاته وصفاته وافعاله { فادعوه } فاعبدوه خاصة لاختصاص ما يوجبه به تعالى { مخلصين له الدين } اى الطاعة من الشرك الجلى والخفى قائلين { الحمد لله رب العالمين } عن ابن عباس رضى الله عنهما من قال لا اله الا الله فليقل على اثرها الحمد لله رب العالمين وفى التأويلات النجمية هو الحى اى له الحيات الحقيقية الازلية الابدية ومن هو حى باحيائه من نور صفاته كما قال تعالى { فاحييناه وجعلنا له نورا } ويشير بقوله لا اله الا هو بعد قوله هو الحى الى أن الذى يحيى بحياته ونور صفاته لن يبلغ رتبة الالهية فادعوه بالالهية مخلصين له الدين اى مقرين له بالعبودية من غير دعوى بالربوبية كمن ادعى بها بقوله انا الحق وقول من قال سبحانى ما اعظم شانى الحمد لله رب العالمين يعنى فيما انزلكم وبلغكم مقام الوحدة بفضله ورحمته لأنها مقام لا يسع للانسان بلوغه بمجرد سعيه من دون فضل ربه ( قال الصائب )
يستم ازكشتس جذبه رحمت نوميد ... كرجه از قلزم وحدت بكنار افتادم
واعلم أنه كما لا يصل العبد الى مقام الوحدة الا بفضل الله كذلك لا ينجو من دعوى هذا المقام الا بفضله تعالى اما بتربية من عنده بلا سبب صورى واما بارشاد مرشد كامل قد وصل الى غاية الغايات فاذا لم يساعده شىء من ذلك بقى سكران ووقع فيما وقع كما نقل عن بعض اهل الوله من السلف(12/432)
قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66)
{ وقل } روى أن كفار قريش قالوا يا محمد ألا تنظر الى ملة ابيك عبد الله وملت جدك عبد المطلب فتأخذ بهما فأنزل الله تعالى قل يا محمد { انى نهيت } النهى الزجر عن الشىء { ان اعبد الذين تدعون من دون الله } اى الاصنام { لما جاءنى البينات من ربى } اى وقت مجيى الآيات القرآنية من ربى وذلك لأنه لا نهى ولا وجوب عند اهل السنة الا بعد ورود الشرع ويجوز أن يقال كان منهيا عن عبادتها عقلا بحسب دلالة الشواهد على التوحيد فأكد النهى بالشرع ويجوز أنه نهى له عليه السلام والمراد غيره وفى قوله من ربى اشارة الى أن دلائل التوحيد وشواهد أنوار الحقيقة لا تطلع الا من مطلع الهداية الازلية ولكن ينبغى للملتمسين أن يتوجهوا الى ذلك الجانب بالاعراض عن السوى وترك اصنام البدع والهوى
دركعبه دلست شب وروز روى دل ... جون آفتاب سجده بهر در نميكنم
{ وامرت ان اسلم لرب العالمين } بان انقاد له واخلص له دينى قال ابن الشيخ يقال اسلم امره لله اى سلم وذلك انما يكون بالرضى والانقياد لحكمه واسلمت له الشىء اذا جعلته سالما خالصا له وعلى التقديرين يكون مفعول اسلم محذوفا اى ان اسلم امرى واخلص توحيدى وطاعتى له قال فى برهان القرءآن مدح سبحانه نفسه وختم ثلاث آيات على التوالى بقوله رب العالمين وليس له فى القرآن نظير وفى الآية اشارة الى أنه عليه السلام مع كمال نبوته ورسالته وقربه بربه وعظم قدره عنده وريه من أصفى الشراب الطهور الذى هو تجلى ذاته وصفاته لو لم يسلم لرب العالمين بالعبودية وترك الربوبية له لم يكن مسلما فعلى العاشق ان يضبط نفسه القدسية عن اثبات الالهية لغيره تعالى فى مقام الوحدة عند غلبات السكر من لذاذة شراب التجلى فان الرب رب والعبد عبد والادب مع الله مقبول
بزركى كفت اى اهل معنى بنكر يدكه بامنصور حلاج جه كردند تابا مدعيان جه خواهند كردن بزركى كفت جون منصور ابا الحق كفت واورا در بغداد بردار مى كردند آن شب تا روز بزير آن دار بودم نماز ميكردم جون روزشد هاتفى آواز دادكه اطلعناه على سر من اسرارنا فأفشى سرنا فهذا جزآء من يفشى سر الملوك قال بعض العارفين الملوك لا يعفون عمن تعرض لمملكتهم او لحرمهم او افشى سرهم ( قال الجامى )
رسيد جان بلب ودم نميتوانم زد ... كه سر عشق همى ترسم آشكار شود
قيل للشيخ ابى سعيد قدس سره أن فلانا يمشى على الماء قال ان السمك والضفدع كذلك فقيل ان فلانا يطير فى الهوآء فقال ان الطيور كذلك فقيل ان فلانا يصل الى الشرق والغرب فى آن واحد فقال ان ابليس كذلك فقيل فما الكمال عندك قال ان تكون فى الظاهر مع الخلق وفى الباطن مع الحق وهذا مقام الاستقامة فان اهله راسخ فى التمكين بل وفى تلوين التمكين فلا يصدر عنه افشاء الاسرار ودعوى ما يقع به الفتنة بين الناس فطوبى لمن وقف عند الادب وعامل جميعا مع الرب قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره فى حق السيد نسيمى قد فهم فهما حسنا ولكنه اظهر بعض شىء كان للستر انتهى وقد جعله الشيخ بالى الصوفى من زمرة الزنادقة والملاحدة فلا بد من رعاية الشرع المطهر فى كل مقام(12/433)
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67)
{ هو الذى خلقكم } يا بنى آدم { من تراب } اى فى ضمن خلق ابيكم آدم { ثم من نطفة } اى ثم خلكم خلقا تفصيليا من منى قال الراغب النطفة الماء الصافى ويعبر بها عن ماء الرجل اى ماء الصلب يوضع فى الرحم كما قال ابن سينا
لا تكثرن من الجماع فانه ... ماء الحياة يصب فى الارحام
والمعنى خلق اصلكم آدم من تراب ثم خلقكم من نطفة نسلا بعد نسل او خلق كل واحد منكم من التراب بمعنى أن كل انسان مخلوق من المنى وهو من الدم وهو من الاغذية الحيوانية والنباتية والحيوانية لا بد ان تنتهى الى النباتية والا لزم ان يتسلسل الحيوانيات الى غير النهاية والنبات انما يتولد من الماء والتراب او خلق قالبكم فى بدء امركم من الذرة الترابية التى استخرجها من صلب آدم ثم ادعها فى قطرة نطفة بنيه { ثم من علقة } وهى الدم الجامد لأن المنى يصير على هذا الشكل بعد اربعين يوما فى بطن الام { ثم يخرجكم طفلا } الطفل الولد ما دام ناعما كما فى المفردات والصغير من كل شىء او المولود كما فى القاموس وحد الطفل من اول ما يولد الى أن يستهل صارخا الى انقضاه ستة اعوام كما فى التفسير الفاتحة للفنارى والطفل مفرد لا جمع كما وهم وقوله { او الطفل الذين لم يظهروا } الآية محمول على الجنس وكذا هو فى هذا المقام جنس وضع موضع الجمع اى الاطفال او المعنى ثم يخرج كل واحد منكم من رحم الام حال كونه طفلا لتكبروا شيأ فشيأ { ثم لتبلغوا اشدكم } كمالكم فى القوة والعقل وبالفارسية بغايت قوت خود كه منتهاى شبابست
قال فى القاموس الاشد واحد جاء على بناء الجمع بمعنى القوة وهو ما بين ثمانى عشرة سنة الى ثلاثين وفى كشف الاسرار يقال اذا بلغ الانسان احدى وعشرين سنة دخل فى الاشد وذلك حين اشتد عظامه وقويت اعضاؤه { ثم لتكونوا شيوخا } اى تصيروا الى حالة الشيخوخة والشيخ يقال لمن طعن فى السن واستبانت فيه او من خمسين او احدى وخمسين الى آجر عمره او الى ثمانين كما فى القاموس ( قال فى كشف الاسرار ) يقال اذا ظهر البياض بالانسان فقد شاب واذا دخل فى الهرم فقد شاخ قال الشاعر
فمن عاش شب ومن شب شاب ... ومن شاب شاخ ومن شاخ مات
روى أن ابا بكر رضى الله عنه قال يا رسول الله قد شبت فقال « شيبتنى هود واخواتها » يعنى سورة هود وكان الشيب برسول الله صلى الله عليه وسلم قليلا يقال كان شاب منه احدى وعشرون شعرة بيضاء ويقال سبع عشرة شعرة وقال انس رضى الله عنه لم يكن فى رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء وقال بعض الصحابة ما شاب رسول الله وسئل آخر منهم فأشار الى عنفقته يعنى كان البياض فى عنفقته اى فى شعيرات بين الشفة السفلى والذقن وانما اختلفوا لقلتها يقال كان اذا ادهن خفى شيبه { ومنكم من يتوفى } يقبض روحه ويموت { من قبل } اى من قبل الشيخوخة بعد بلوغ الاشد او قبله ايضا { ولتبلغوا } متعلق بفعل مقدر بعده اى ولتبلغوا { اجلا مسمى } وقتا محدودا معينا لا تتجاوزونه هو وقت الموت او يوم القيامة يفعل ذلك اى ما ذكر من خلقكم من تراب وما بعده من الاطوال المختلفة ولكون المعنى على هذا لم يعطف على ما قبله من لتبلغوا ولتكونوا وانما قلنا او يوم القيامة لأن الآية تحتوى على جميع مراتب الانسان من مبدأ فطرته الى منتهى امره فجاز أن يراد ايضا يوم الجزآء لأنه المقصد الاقصى واليه كمية الاحوال { ولعلكم تعقلون } ولكى تعقلوا ما فى ذلك الانتقال من طور الى طور من فنون الحكم والعبر وتستدلوا به على وجود خالق القوى والقدر(12/434)
هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)
{ هو الذى يحيى } الاموات كما فى الارحام وعند البعث { ويميت } الاحياء كما عند انقضاء الاجل وفى القبر بعد السؤال وايضا يحيى القلوب الميتة بنور ربوبيته ولطفه ويميت القلوب بنار قهره فاذا حيى القلب مات النفس واذا مات القلب حيى النفس قال الحسين النورى قدس سره هو الذى احيى العالم بنظره فمن لم يكن به وبنظره حيا فهو ميت وان نطق او تحرك ( ع ) خوشادلى كه زنور خدابود روشن { فاذا قضى امرا } القضاء بمعنى التقدير عبر به عن لازمه الذى هو ارادة التكوين كأنه قيل اذا قدر شيأ من الاشياء واراد كونه { فانما يقول له كن فيكون } من غير توقف على شىء من الاشيا اصلا : يعنى [ تكوين اورا احتياج بآلتى وعدتى وفرصتى نيست ]
فعل اوراكه عيب وعلت نيست ... متوقف بهيج آلت نيست
ازخم زلف كاف وطره نون ... هرزمان شكلى آورد بيرون
وهذا تمثيل لتأثير قدرته تعالى فى المقدورات عند تعلق ارادته بها وتصوير لسرعة ترتب المكونات على تكوينه من غير ان يكون هناك امرا ومأمور حقيقة
وذهب بعضهم الى انه حقيقة وان الله تعالى مكون الاشياء بهذه الكلمة فيقول بكلامه الازلى لا بالكلام الحادث الذى هو المركب من الاصوات والحروف كن اى احدث فيكون اى فيحدث ولما لم يتعلق خطاب التكوين بالفهم واشتمل على اعظم الفوائد وهو الوجود جاز تعلقه بالمعدوم
وفى كشف الاسرار فيكون مرة واحدة لا يثنى قوله
وفى التكملة قوله كن لا يخلو اما ان يكون قبل وجود المأمور او بعد وجوده فان قيل قبل وجوده ادى ذلك الى مخاطبة المعدوم ولا يصح فى العقل وان قيل بعد وجوده ادى ذلك الى ابطال معنى كن لان المأمور اذا كان موجودا قبل الامر فلا معنى للامر بالكون
والجواب ان الامر مقارن للمأمور لا يتقدم ولا يتأخر عنه فمع قوله كن يوجد المأمور وهذه كمسألة الحركة والسكون فى الجوهر فانه اذا قدرنا جوهرا ساكنا بمحل ثم انتقل الى محل آخر فانما انتقل بحركة فلا تخلو الحركة من ان تطرأ عليه فى المحل الاول او فى الثانى فان قيل فى الاول فقد اجتمعت مع السكون وان قيل فى الثانى فقد انتقل بغير حركة وان قيل لم تطرأ فى هذا ولا فى هذا فقد طرأت عليه فى غير محل وكل هذا محال
والجواب ان الحركة هى معنى خصصه بالمحل الثانى فنفس اخلائه للمحل الاول هى نفس شغله للمحل الثانى
واعلم ان الله تعالى انزل الحروف الثمانية والعشرين وجعل حقائقها الثمانية والعشرين منزلا على ما فصل عند قوله تعالى { رفيع الدرجات } وجعل مفاصل اليدين ايضا ثمانية وعشرين اربعة عشر فى يد واحدة واخرى فى اخرى على ان يكون لكل اصبع ثلاثة مفاصل الا الابهام وجعل كل اصبع مظهرا لاصل من الاصول الخمسة فالابهام مظهر القدرة والمسبحة مظهر الحياة والوسطى مظهر العلم والبنصر مظهر الارادة والخنصر مظهر القول ولما كان العلم اعم حيطة جعل متوسطا بين الاصلين اللذين فى يمينه وهى الحياة والقدرة وبين الاصلين اللذين فى يساره وهى الارادة والقول وانما سقط عن اصل القدرة المفصل الثالث لان كل واحد من الاربعة عام التعلق بخلاف القدرة فانها محجورة الحكم غير مطلقة لانه لا يتعلق حكمها الا بالممكن فلم يعم نفوذه ولعدم عموم حكم القدرة جعل مظهرها الذى هو الابهام ذا مفصلين ولكون امر القدرة مبهما وكيفية تعلقها بالمقدور شيأ غامضا سمى المظهر بالابهام فلا يجوز البحث عن كيفية تعلق القدرة بالمقدور كما لا يجوز البحث عن كيفية وجود البارى وعن كيفية العذاب بعد الموت ونحو ذلك مما هو من الغوامض : قال المولى الجامى فى الارادة والقدرة(12/435)
فعلهايى كه ازهمه اشيا ... نوبنو درجهان شود بيدا
كرارادى بودجو فعل بشر ... ورطبيعى بود جوميل بشر
متبعث جمله ازمشيت اوست ... مبتنى بركمال حكمت اوست
تخلد بى ارادتش خارى ... نكسلد بى مشيتش تارى
فى المثل كرجهانيان خواهند ... كه سرمويى از جهان كاهند
كر نباشد جنان ارادت او ... نتوان كاستن سر يك مو
ورهمه در مقام آن آيند ... كر برآن ذره بيفزايند
ندهد بى ارادت او سود ... نتوانند ذره افزود
بعدازان قدرتش بود كامل ... مر مرادات را همه شامل
اثر آن بهر عدم كه رسيد ... رخت باخطه وجود كشيد
وحقيقة الاحياء والاماتة ترجع الى الايجاد ولكن الوجود اذا كان هو الحياة سمى فعله احياء واذا كان هو الموت سمى فعله اماتة ولا خالق للموت والحياة الا الله ولا مميت ولا محيى الا الله تعالى فهو خالق الحياة ومعطيها لكل من شاء حياته على وجه يريده ومديمها لمن اراد دوامها له كما شاء بسبب ولا سبب وكذا خالق الموت ومسلطه على من شاء من الاحياء متى شاء وكيف شاء بسبب وبلا سبب ومن عرف انه المحيى المميت لم يهتم بحياة ولا موت بل يكون مفوضا مستسلما فى جميع احواله لمن بيده الحياة والموت كما قال ابراهيم عليه السلام { الذى خلقنى فهو يهدين } الآية
وخاصية المحيى وجود الالفة فمن خاف الفراق او الحبس فليقرأه على جسده عدده
وخاصية الاسم المميت ان يكثر منه المسرف الذى لم تطاوعه نفسه على الطاعة فانها تفعلها وتموت عن اوصافها المانعة عن القيام بامر الله تعالى ثم ان الماء مظهر الاسم المحيى والتراب مظهر الاسم المميت وهكذا الموجودات مع اسماء الله تعالى(12/436)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69)
{ ألم تر } [ آيانمى نكرى ] { الى الذين يجادلون فى آيات الله } فى دفعها وابطالها { أنى يصرفون } اى انظر يا محمد الى هؤلاء المكابرين المجادلين فى آياته تعالى الواضحة الموجبة للايمان بها الزاجرة عن الجدال فيها وتعجب من احوالهم الشنيعة وآرائهم الركيكة كيف يصرفون عن تلك الآيات القرآنية والتصديق بها الى تكذيبها مع تعاضد الدواعى الى الاقبال عليها بالايمان وانتفاء الصوارف عنها بالكلية . وتكرير ذم المجادلة فى اربعة مواضع فى هذه السورة اما لتعدد المجادل بان يكون فى اقوام مختلفة او المجادل فيه بان يكون فى آيات مختلفة او للتأكيد(12/437)
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70)
{ الذين كذبوا بالكتاب } اى بكل القرآن والجملة فى محل الجر على انها بدل من الموصول
قال فى الارشاد انما وصل الموصول الثانى بالتكذيب دون المجادلة لان المعتاد وقوع المجادلة فى بعض المواد لا فى الكل وصيغة الماضى للدلالة على التحقق كما ان صيغة المضارع فى الصلة الاولى للدلالة على تجدد المجادلة وتكررها { وبما ارسلنا به رسلنا } من سائر الكتب { فسوف يعلمون } كنه ما فعلوا من الجدال والتكذيب عند مشاهدتهم لعقوباته وهى جملة مستأنفة مسوقة للتهديد(12/438)
إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72)
{ اذ الاغلال فى اعناقهم } ظرف ليعملون وهو اسم للزمن الماضى ويعلمون مستقبل لفظا ومعنى واما المكان فظاهر مثل قولك سوف اصوم امس وذا لا يجوز . وجوابه ان وقت العلم مستقبل تحقيقا وماض تنزيلا وتأويلا لان ما سيعلمونه يوم القيامة فكأنهم علموه فى الزمن الماضى لتحقق وقوعه فسوف بالنظر الى الاستقبال التحقيقى واذ بالنظر الى المضى التأويلى . والاغلال جمع غل بالضم وهو ما يقيد به فيجعل الاعضاء وسطه وغل فلان قيد به اى وضع فى عنقه او يده الغل والاعناق جمع عنق بالفارسية [ كردن ] والمعنى على ما فى كشف الاسرار [ آنكاه كه غلها كه دردستهاى ايشان در كردنهاى ايشان كنند ] يعنى تغل ايديهم الى اعناقهم مضمومة اليها { والسلاسل } عطف على الاغلال والجار فى نية التأخير وهو جمع سلسلة بالكسر بالفارسية [ زنجير ] وذلك لان السلسلة بالفتح ايصال الشىء بالشىء ولما كان فى السلسلة بالكسر ايصال بعض الخلق بالبعض سميت بها { يسحبون فى الحميم } السحب الجر بعنف ومنه السحاب لان الريح تجره وسحبه كمنعه جره على وجه الارض فانسحب والحميم الماء الذى تناهى حره
قال فى القاموس الحميم الماء الحار والماء البارد ضد والقيظ والعرق اى على التشبيه كما فى المفردات والجملة حال من فاعل يعلمون او من ضمير اعناقهم . اى حال كونهم مسحوبين اى مجرورين تجرهم على وجوههم خزنة جهنم بالسلاسل الى الحميم اى الماء المسخن بنار جهنم ولا يكون الا شديد الحرارة جدا لان ما سخن بنار الدنيا التى هى جزء واحد من سبعين جزأ من نار جهنم اذا كان لا يطاق حرارته فكيف ما يسخن بنار جهنم وفى كلمة فى اشعار باحاطة حرارة الماء لجميع جوانبهم كالظرف للمظروف حتى كأنهم فى عين الحميم ويسحبون فيها
وقال مقاتل يسحبون فى الحميم اى فى حر النار كما فى قوله تعالى { يوم يسحبون فى النار على وجوههم } كما فى هذا المقام حكى انه توفيت النوار امرأة الفرزدق فخرج فى جنازتها وجوه اهل البصرة وخرج فيها الحسن البصرى فقال الحسن للفرزدق يا ابا فراس ما اعددت لهذا اليوم قال شهادة ان لا اله الا الله منذ ثمانين سنة فلما دفنت قام الفرزدق على قبرها وانشد هذه الابيات
اخاف وراء القبر ان لم يعافنى ... اشد من القبر التهابا واضيقا
اذ جاءنى يوم القيامة قائد ... عنيف وسواق يسوق فرزدقا
لقد خاب من اولاد آدم من مشى ... الى النار مغلول القلادة ازرقا
فبكى وابكى الحاضرين { ثم } اى بعد الجر بالسلاسل الى الحميم { فى النار يسجرون } يحرقون بالنار وهى محيطة بهم من سجر التنور اذا ملأه بالوقود ومن كانوا فى النار وكانت هى محيطة بهم وصارت اجوافهم مملوءة بها لزم ان يحرقوا بها على ابلغ الوجوه فهم يملأون بالنار كائنين فيها ويحرقون والمراد بيان انهم يعذبون بانواع العذاب وينقلون من لون الى لون(12/439)
قال فى كشف الاسرار [ عذاب دوزخيان انواعست يكى ازآن سلاسل است دردست زبانيه زنجيرهاى آتشين كه دوزخيانرا بدان ببندند هرزنجيرى هفتاد كز هركزى هفتاد حلقه اكر يك حلقه آن بر كوههاى دنيا نهند جون اززير بكذارد آن زنجيرها بدن كافران فروكنند وبزريش بيرون كشند زنجير ايشانرا درحميم كشند حميم آب كرمست جوشان اكريك قدح ازآن بدرياهاى دنيا فرو ريزند همه زهر شود قدحى ازآن بدست كافران دهند هرجه برروى ويست از بوست وكوشت وجشم وبينى همه اندران قدح افتد اينست كه رب العزة كفت { يشوى الوجوه } جون حميم بشكم رسد هرجه اندرشكم بود بزير بيرون شود فذلك قوله { وسقوا ماء حميما فقطع امعاءهم } وازآن حميم برسرايشان ميريزند تابوست وكوشت وبىورك ازايشان فرو ريزند استخوان بماند سوخته ندا آيدكه ( يا مالك جدد لهم العذاب فانى مجدد لهم الابدان ) كفته اندكه عاصيان مؤمنانرا ده جيز نباشد روى ايشان سياه نبود جشم ايشان ازرق نبود دركردن غل نبود دردست ايشان زنجير نبود نوميدى نبود جاويد فرقت وقطيعت ولعنت نبود جون حرارت وزبانه آتش بايشان رسد ندا آيدكه ] ( يا نار كفى عن وجوه من سجد لى فلا سبيل لك على مساجدهم ) اللهم اجرنا من نارك انا عائذون بجوارك(12/440)
ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74)
{ ثم } اى بعد الاحراق { قيل لهم } اى يقال لهم على سبيل التوبيخ والتقريع وصيغة الماضى للدلالة على التحقق { اين } [ كجاند ] { ما } [ آنانكه ] يعنى اصنام { كنتم } فى الدنيا على الاستمرار { تشركون من دون الله } [ انباز آورديدوكرفتيد بجزالله معبود بحق ] اى رجاء شفاعتهم ادعوهم ليشفعوا لكم ويعينوكم وهو نوع آخر من تعذيبهم { قالوا } اى يقولون { ضلوا } غابوا اى الشركاء { عنا } عن اعيننا وان كانوا قائمين اى غير هالكين من قول العرب ضل المسجد والدار اى لم يعرف موضعهما وكذلك كل شىء قائم او غير هالك لكنك لا تهتدى اليه وذلك قبل ان يقرن بهم آلهتهم فان النار فيها امكنة متعددة وطبقات مختلفة فلا مخالفة بينه وبين قوله تعالى { انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } او ضاعوا عنا فلم نجد ما كنا نتوقع منهم على ان يكون ضل بمعنى ضاع وهلك تنزيلا لوجودهم منزلة الضياع والهلاك لفقدهم النفع الذى يتوقعونه منهم وان كانوا مع المشركين فى جميع الاوقات { بل } تبين لنا انا { لم نكن ندعو } نعبد { من قبل } اى فى الدنيا بعبادتهم { شيأ } لما ظهر لنا اليوم انهم لم يكونوا شيأ يعتد به كقولك حسبته شيأ فلم يكن : وبالفارسية يعنى برماروشن شدكه جيزىرا نمىبرستيده ايم بلكه ايشانراكه عبادت مى كرديم هيج جيزى نبوده اند معتبر وما ايشانرا جيزى نمىبنداشتيم ] { كذلك } اى مثل ذلك الضلال الفظيع وهو ضلال آلهتهم عنهم على التفسيرين المذكورين لقوله ضلوا { يضل الله الكافرين } حيث لا يهتدون فى الدنيا الى شىء من العقائد والاعمال ينفعهم فى الآخرة فهو ناظر الى التفسير الثانى او كما ضل عنهم آلهتهم يضلهم عن آلهتهم حتى لو تطالبوا لم يصادفوا اى لم يجد احدهم الآخر فهو ناظر الى التفسير الاول واضلال الحق عبده هو عدم عصمته اياه مما نهاه عنه وعدم معونته وامداد بما يتمكن به من الاتيان بما امره به او الانتهاء عما نهاه عنه كما فى تفسير الفاتحة للشيخ صدر الدين القنوى قدس سره . وفى نسخة الطيبى { كذلك } اى مثل ذلك الاضلال وهو الاوفق لما عرف من العادة القرآنية وهو ان تكون الاشارة الى مصدر الفعل المتأخر
قال سعدى المفتى قلت بل الآية اى بل لم نكن الخ كقوله { والله ربنا ما كنا مشركين } يفزعون الى الكذب لحيرتهم واضطرابهم ومعنى قوله { كذلك يضل الله الكافرين } انه تعالى يحيزهم فى امرهم حتى يفزعون الى الكذب مع علمهم بانه لا ينفعهم(12/441)
ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75)
{ ذلكم } الاضلال ايها الكفار والالتفات للمبالغة فى التوبيخ
وفى تفسير الجلالين اى العذاب الذى نزل بكم وهو العذاب المذكور بقوله { اذ الاغلال } الخ قال ابن الشيخ ولا يخلو عن بعد { بما } الباء للسببية { كنتم تفرحون فى الارض } فى الدنيا { بغير الحق } وهو الشرك والطغيان والباء صلة الفرح
قال فى القاموس الفرح السرور والبطر انتهى والبطر النشاط والاشر وقلة احتمال النعمة والاشر شدة البطر وهو ابلغ من البطر والبطر ابلغ من الفرح
وفى المفردات الفرح انشراح الصدر بلذة عاجلة ولم يرخص الا فى الفرح بفضل الله وبرحمته وبنصر الله والبطر دهش يعترى الانسان من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها الى غير وجهها { وبما كنتم تمرحون } المرح شدة الفرح والنشاط والتوسع فيه اى تتوسعون فى البطر والاشر : وبالفارسية [ مىنازيديد ازخود وبتكبر مىخراميديد ]
قال ارسطو من افتخر ارتطم يعنى [ دركل افاد ] : قال الصائب .
بست و بلند بيش سموم فنايكيست جون تاك بردرخت دويدن جه فائده(12/442)
ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76)
{ ادخلوا ابواب جهنم } اى ابوابها السبعة المقسومة لكم : يعنى [ هرطائفة بدركه درآييد ] { خالدين فيها } مقدار خلودكم فى الآخرة { فبئس مثوى المتكبرين } اى عن الحق جهنم : وبالفارسية [ بس بد آرامكاهيست كردن كشانرا دوزخ ] وكان مقتضى النظم فبئس مدخل المتكبرين ليناسب عجز الكلام صدره كما يقال زر بيت الله فنعم المزار فصل فى المسجد الحرام فنعم المصلى لكن لما كان الدخول المقصود بالخلود سبب الثواء اى الاقامة عبر بالمثوى الذى هو محل الاقامة فاتحد آخر الكلام باوله
وفى الآية اشارة الى ان كل شهوة من شهوات الدنيا وزينة من زينها باب من ابواب جهنم النفس فى الدنيا وباب من ابواب جهنم النار فى العقبى وجب ترك الشهوات والزين والافتخار بالدنيا وبزخارفها حتى تغلق ابواب جهنم مطلقا وهكذا يضل الله من ليس له استعداد للهداية حيث يريهم شيأ مجازيا فى صورة وجود حقيقى وزينته فيضلون به عن الصراط المستقيم ولا يدرون ان الدنيا سراب وخيال ومنام
غافل مشو ز برده نيرنك روزكار ... سير خزان در آيينه نو بهار كن
وفى الآية ذم الكبر فلا بد من علاجه بضده وهو التواضع
وعن بعض الحكماء افتخر الكلأ فى المفازة على الشجر فقال انا خير منه يرعانى البهائم التى لا تعصى الله فى طرفة عين فقال انا خير منك يخرج منى الثمار ويأكلها المؤمنون وتواضع القصب قال لا خير فىّ لا اصلح للمؤمنين ولا للبهائم فلما تواضع رفعه الله وخلق فيه السكر الذى هو احلى شىء فلما نظر الى ما وضع الله فيه من الحلاوة تكبر فاخرج الله منه رأس القصب حتى اتخذ منه الآدميون المكنسات فكنسوا بها القاذورات فهذا حال كبر غير المكلف فكيف حال المكلف
واعلم ان فرعون علا فى الارض حتى ادعى الربوبية فاخذه الله نكال الآخرة والاولى اى بالغرق فى الدنيا والاحراق فى الآخرة وعلا قارون بكثرة ماله فخسف الله به وبداره الارض وعلا ابليس حين امتنع عن السجدة فلعنه الله لعنة ابدية وعلا قريش على المؤمنين حتى قتلوا والقى جيفهم فى بئر ذليلين وهكذا حال كل متكبر بغير الحق الى يوم القيامة فانه ما نجا احد من المتكبرين ولا ينجو وفى المثنوى :
آنجه درفرعون بود اندرتوهست ... ليك ازدرهات محبوس جهست
نفس ازدرهاست اوكى مرده است ... از غم بى آلتى افسرده است
كر بيابد آلت فرعون او ... كه بامر او همى رفت آب جو
آنكه او بنياد فرعونى كند ... راه صد موسى وصدهارون زند
كرمكست آن ازدها ازدست فقر ... بشه كردد ز جاه ومال صقر
هرخسى را اين تمناكى رسد ... موسى بايد كه ازدرها كشد
صد هزاران خلق زازدرهاى او ... درهزيمت كشته شد از راى او
يعنى ان النفس كثعبان عظيم وقتلها عن اوصافها ليس بسهل بل يحتاج الى همة عالية والى جهاد كثير بلا فتور(12/443)
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77)
{ فاصبر } يا محمد على اذية قومك لك بسبب تلك المجادلات وغيرها الى ان يلاقوا ما اعد لهم من العذاب { ان وعد الله حق } اى وعده بتعذيبهم حق كائن لا محالة { فاما نرنيك } اى فان نرك : وبالفارسية [ بس اكربنماييم بتو ] وما مزيدة لتأكيد الشرطية ولذا لحقت النون الفعل ولا تلحقه مع ان وحدها فلا تقول ان تكرمنى اكرمك بنون التأكيد بل اما تكرمنى اكرمك { بعض الذى نعدهم } وهو القتل والاسر وجوابه محذوف اى فذاك { او نتوفينك } قبل ان تراه : وبالفارسية [ اكر بميرانيم ترا بيش از ظهور آن عذاب ] { فالينا يرجعون } وهو جواب نتوفينك اى يردون الينا يوم القيامة لا الى غيرنا فنجازيهم باعمالهم [ بس هيج وجه ايشانرا فرونخواهيم كذاشت وحق سبحانه وتعالى درين دنيا بعضى ازعذاب كفار بسيد ابرار عليه السلام نمود ازقتل واسر وقحط وجزآن وباقى عقوبات ايشان درعقبى خواهد بود ]
دوستان هردوعالم شاد وخرم مىزيند ... دشمنان درمخت وغم اين سراو آن سرا
اما سرور الاولياء فى الآخرة فظاهر واما سرورهم فى الدنيا فان الحق بايديهم وهم راضون عن الله على كل حال فى الفقر والغنى والصحة والمرض فلا يكدّرهم شىء من الاكدار لشهودهم المبلى فى البلاء وتهيئتهم لنعيم الآخرة واما غم الاعداء فى الدنيا فمما لا حاجة الى بيانه اذ من كان مع النفس فى الدنيا كيف يستريح ومن كان مع سخط الله فى الآخرة كيف يضحك
وفى الآية اشارة الى كيفية القدوم على الله فان كان العبد عاصيا فيقدم على مولاه وهو عليه غضبان وان كان مطيعا فيقدم عليه قدوم الحبيب المشتاق على الحبيب
بهار عمر ملاقات دوستان باشد ...(12/444)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78)
{ ولقد ارسلنا } روى ان الذين كانوا يجادلون فى آيات الله اقترحوا معجزات زائدة على ما اظهره الله على يده عليه السلام من تفجير العيون واظهار البساتين وصعود السماوات ونحوها مع كون ما اظهره من المعجزات كافية فى الدلالة على صدقه فانزل الله تعالى قوله { ولقد ارسلنا } { رسلا } ذوى عدد كثير الى قومهم { من قبلك } اى من قبل بعثتك يا محمد او من قبل زمانك { منهم من قصصنا عليك } قوله منهم خبر مقدم لقوله من قصصنا عليك والجملة صفة لرسلا وقص عليه بين اى بيناهم وسميناهم لك فى القرآن فانت تعرفهم { ومنهم من لم نقصص عليك } لم نسمهم لك ولم نخبرك بهم
قال الكاشفى [ بعضى ازايشان آنها اندكه خوانده ايم قصهاى ايشان برتوكه آن بيست ونه بيغمبراند ]
وفى عين المعانى هم ثمانية عشر [ وبعضى آنانندكه قصه ايشان نخوانده ايم برتو اما نام ايشان دانسته اليسع وغيراو وبعضى آنست كه نه نام ايشان دانسته ونه قصه ايشان شنيده ودرايمان بديشان تعيين عدد ومعرفت ايشان بانساب واسامى شرط نيست ] وعن على رضى الله عنه ان الله بعث نبيا اسود
وفى التكملة عبدا حبشيا وهو ممن لم يقصص الله عليه
يقول الفقير لعل معناه ان الله بعث نبيا اسود الى السودان فلا يخالف ما ورد من ان الله تعالى ما بعث نبيا اسود الى السودان فلا يخالف ما ورد من ان الله تعالى ما بعث نبيا الا حسن الاسم حسن الصورة حسن الصوت وذلك لان فى كل جنس حسنا بالنسبة الى جنسه . والحاصل ان المذكور قصصهم من الانبياء افراد معدودة وقد قيل عدد الانبياء مائة واربعة وعشرون الفا
قال فى شرح المقاصد روى عن ابى ذر الغفارى رضى الله عنه انه قال قلت لرسول الله عليه السلام كم عدد الانبياء فقال « مائة الف واربعة وعشرون الفا » فقلت فكم الرسل فقال « ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا » لكن ذكر بعض العلماء ان الاولى ان لا يقتصر على عددهم لان خبر الواحد على تقدير اشتماله على جميع الشرائط لا يفيد الا الظن ولا يعتبر الا فى العمليات دون الاعتقاديات وههنا حصر عددهم يخالف ظاهر قوله تعالى { منهم من قصصنا } الخ . ويحتمل ايضا مخالفة الواقع واثبات من ليس بنبى ان كان عددهم فى الواقع اقل مما يذكر ونفى النبوة عمن هو نبى ان كان اكثر فالاولى عدم التنصيص على عدد . وفى رواية « مائتا الف واربعة وعشرون الفا » كما فى شرح العقائد للتفتازانى
قال ابن ابى شريف فى حاشيته لم ار هذه الرواية
وقال المولى محمد الرومى فى المجالس ومما يجب الايمان به الرسل والمراد من الايمان بهم العلم بكونهم صادقين فيما اخبروا به عن الله فانه تعالى بعثهم الى عباده ليبلغوهم امره ونهيه ووعده ووعيده وايدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم اولهم آدم وآخرهم محمد عليه السلام فاذا آمن بالانبياء السابقة فالظاهر انه يؤمن بانهم كانوا انبياء فى الزمان الماضى لا فى الحال اذ ليست شرائعهم بباقية واما الايمان بسيدنا محمد عليه السلام فيجب بانه رسولنا فى الحال وخاتم الانبياء والرسل فاذا آمن بانه رسول ولم يؤمن بانه خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا ومن قال آمنت بجميع الانبياء ولا اعلم آدم نبى ام لا فقد كفر ثم انه لم يبين فى القرآن عدد الانبياء كم هم وانما المذكور فيه باسم العلم على ما ذكر بعض المفسرين ثمانية وعشرون وهم آدم ونوح وادريس وصالح وهود وابراهيم واسماعيل واسحاق ويوسف ولوط ويعقوب وموسى وهارون وشعيب وزكريا ويحيى وعيسى وداود وسليمان والياس واليسع وذو الكفل وايوب ويونس ومحمد وذو القرنين وعزير ولقمان على القول بنبوة هذه الثلاثة الاخيرة وفى الامالى(12/445)
وذو القرنين لم يعرف نبيا ... كذا لقمان فاحذر عن جدال
وذلك لان ظاهر الادلة يشير الى نفى النبوة عن الانثى وعن ذى القرنين ولقمان ونحوهما كتبع فانه عليه السلام « قال لا ادرى أهو نبى ام ملك » وكالخضر فانه قيل نبى وقيل ولى وقيل رسول فلا ينبغى لاحد ان يقطع بنفى او اثبات فان اعتقاد نبوة من ليس بنبى كفر كاعتقاد نفى نبوة نبى من الانبياء يعنى اذا كان متفقا على نبوته او عدم نبوته واما اذا كان فيه خلاف فلا يكفر لانه كالدليل الظنى والكفر فى القطعى
وفى فتح الرحمن فى سورة البقرة والمذكورون فى القرآن باسم العلم ستة وعشرون نبيا وهم محمد وآدم وادريس ونوح وهود وصالح وابراهيم ولوط واسماعيل واسحاق ويعقوب ويوسف وايوب وذو الكفل وشعيب وموسى وهارون وداود وسليمان وعزير ويونس وزكريا ويحيى وعيسى والياس واليسع صلوات الله عليهم اجمعين واشير الى اشمويل بقوله تعالى { وقال لهم نبيهم } واشير الى ارميا بقوله { أو كالذى مرّ على قرية } واشير الى يوشع بقوله { واذ قال موسى لفتاه } واشير الى اخوة يوسف بقوله { لقد كان فى يوسف واخوته } والاسباط ذكروا اجمالا وهم من ذرية اولاد يعقوب الاثنى عشر نبيا وكان فيهم انبياء وفى لقمان وذى القرنين خلاف كالخضر انتهى
قال بعض الحكماء يجب على المؤمن ان يعلم صبيانه ونساءه وخدمه اسماء الانبياء الذين ذكرهم الله تعالى فى كتابه حتى يؤمنوا بهم ويصدقوا بجميعهم ولا يظنوا ان الواجب عليهم الايمان بمحمد عليه السلام فقط لا غير فان الايمان بجميع الانبياء سواء ذكر اسمه فى القرآن او لم يذكر واجب على المكلف فمن ثبت تعينه باسمه يجب الايمان به تفصيلا ومن لم يعرف اسمه يجب الايمان به اجمالا وحكى ابن قتيبة فى المعارف ان الانبياء مائة الف واربعة وعشرون الفا الرسل منهم ثلاثمائة وخمسة عشر منهم خمسة عبرانيون وهم آدم وشيث وادريس ونوح وابراهيم وخمسة من العرب هود وصالح واسماعيل وشعيب ومحمد عليهم السلام(12/446)
قال فى التكملة هذا الذى ذكر ابن قتيبة لا يصح لانه قد روى انه كان من العرب نبى آخر وهو خالد بن سنان بن غيث وهو من بعس بن بغيض روى عن النبى عليه السلام انه قال فيه « ذلك نبى اضاعه قومه » وردت ابنته على رسول الله عليه السلام فسمعته يقرأ { قل هو الله احد } فقالت كان ابى يقول هذا
قال ابن قتيبة واول انبياء بنى اسرائيل موسى وآخرهم عيسى
قال فى التكملة صاحبها وهذا عندى غير صحيح لانه ان اراد اول الرسل فقد قال الله تعالى حكاية عن قول الرجل المؤمن من آل فرعون { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات } فقد اخبر انه ارسل اليهم يوسف وهو اما ابن يعقوب او ابن افراييم بن يوسف بن يعقوب على الخلاف المتقدم وان اراد النبوة خاصة فيوسف واخوته انبياء وهم بنوا اسرائيل لان يعقوب عليه السلام هو اسرائيل واول الانبياء آدم وآخرهم محمد عليهم السلام
وروى ابن سلام وغيره عن عائشة رضى الله عنها انها قالت لا تقولوا لا نبى بعد محمد وقولوا خاتم النبيين لانه ينزل عيسى بن مريم حكما عدلا وامام مفسطا فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتضع الحرب اوزارها
قال فى التكملة وقول عائشة لا تقولوا لا نبى بعد محمد انما ذكر والله اعلم لئلا يتوهم المتوهم رفع ما روى من نزول عيسى وان نزل بعده فهو موجود قبله حى الى ان ينزل واذا نزل فهو متبع لشريعته مقاتل عليها فلا يخلق نبى بعد محمد ولا تجد شريعة بعد شريعته فعلى هذا يصح ولا نبى بعده . وقد روى فى اسماء النبى عليه السلام فى كتاب الشمائل وغيره والعاقب الذى ليس بعده نبى فهذه زيادة وان لم يذكرها مالك فهى موجودة فى غير الموطأ ويحتمل ان تكون من قبل النبى او من قبل الراوى فان كانت من قبل النبى عليه السلام فحسبك بها حجة وان كانت من قبل الراوى فقد صح بها ان اطلاق هذا اللفظ غير ممتنع ولا معارضة بينه وبين حديث عائشة كما ذكرنا والمراد به لا تقولوا لا نبى بعده يعنى لا يوجد فى الدنيا نبى فان عيسى ينزل الى الدنيا ويقاتل على شريعة النبى عليه السلام والمراد بقوله عليه السلام فى الحديث والعاقب الذى ليس بعده نبى ولا يبعث بعده نبى ينسخ شريعته وهذا معنى قوله(12/447)
{ وخاتم النبيين } اى الذى ختمت النبوة والرسالة به لان نبوة عيسى قبله فنبوته عليه السلام ختم النبوات وشريعته ختمت الشرائع انتهى ما فى التكملة
وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى ان الحكمة البالغة الازلية اقتضت انا نبعث قبلك رسلا ونجزى عليهم وعلى اممهم احوالا ثم نقص عليك من انبائهم ما نثبت به فؤادك ونؤدبك بتأدبهم لتتعظ بهم ولا نقدمك بالرسالة عليهم ليتعظوا بك فان السعيد من يتعظ بغيره
هر طبيدن قاصدى باشد دل آكاهرا ... { ومنهم من لم نقصص عليك } لاستغنائك عن ذلك تخفيفا لك عما لا يعنيك وهذا امارة كمال العناية فيما قص عليه وفيما لم يقصص عليه { وما كان لرسول } اى وما صح وما استقام لرسول منهم { ان يأتى بآية } تقترح عليه [ يعنى بيارد معجزه كه نشانه نبوت او باشد ] { الا باذن الله } فان المعجزات تشعب فنونها عطايا من الله تعالى قسمها بينهم حسبما اقتضته مشيئته المبنية على الحكم البالغة كسائر القسم ليس لهم اختيار فى ايثار بعضها ولا استبداد باتيان المقترح بها
وفيه تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كأنه قيل ما من رسول من قبلك سواء كان مذكورا او غير مذكور اعطاه الله آيات معجزات الا جادله قومه فيها وكذبوه عنادا وعبثا فصبروا وظفروا فاصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا : وفى المثنوى
صدهزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همجو صبر آدم نديد
{ فاذا جاء امر الله } بالعذاب فى الدنيا والآخرة { قضى بالحق } حكم بين الرسل ومكذبيهم بانجاء المحق واهلاك المبطل وتعذيبه { وخسر } هلك او تحقق وتبين انه خسر { هنالك } اى وقت مجىء امر الله وهو اسم مكان استعير للزمان { المبطلون } اى المتمسكون بالباطل على الاطلاق فيدخل فيهم المعاندون المقترحون دخولا اوليا
قال فى القاموس الباطل ضد الحق وابطل جاء بالباطل فالمبطل صاحب الباطل والمتمسك به كما ان المحق صاحب الحق والعامل به ولم يقل وخسر هنالك الكافرون لما سبق من نقيض الباطل الذى هو الحق كما فى برهان القرآن
وفى الآية اشارة الى انه يجب الرجوع الى الله قبل ان يجىء امره وقضاؤه بالموت والعذاب فانه ليس بعده الا الاحزان
توبيش ازعقوبت درعفوكوب ... كه سودى ندارد فغان زيرجوب
جه سود از بشيمانى آيد بكف ... جو سرمايه عمر كردى تلف
كسى كرجه بد كردهم بدنكرد ... كه بيش از قيامت غم خويش خورد
يعنى [ بيش از قيامت موت زيراكه مرد قيامت او برخاست ](12/448)
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79)
{ الله الذى جعل لكم الانعام } اى خلق الابل لاجلكم ومصلحتكم جمع نعم بفتحتين وهو فى الاصل الراعية والكثير استعماله فى الابل { لتركبوا منها ومنها تأكلون } من لابتداء الغاية ومعناها ابتداء الركوب والاكل منها اى تعلقهما بها او للتبعيض اى لتركبوا وتأكلوا بعضها لا على ان كلا من الركوب والاكل مختص ببعض معين منها بحيث لا يجوز تعلقه بما تعلق به الآخر بل على ان كل بعض منها صالح لكل منهما وتغيير النظم فى الجملة الثانية لمراعاة الفواصل مع الاشعار باصالة الركوب لان الغرض انما يكون فى المنافع والركوب متعلق بالمنفعة لانه اتلاف المنفعة بخلاف الاكل فانه متعلق بالعين لانه اتلاف العين ولا يقدح فى ذلك كون الاكل ايضا من المنافع ولهذا جاء { لتأكلوا منه لحما طريا }(12/449)
وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80)
{ ولكم فيها منافع } اخر غير الركوب والاكل كالبانها واوبارها وجلودها { ولتبلغوا عليها حاجة فى صدوركم } اى فى قلوبكم بحمل اثقالكم عليها من بلد الى بلد
وقال الكاشفى [ تابرسيد بمسافرت برآن بحاجتىكه درسينهاى شماست ازسود ومعامله ] وهو عطف على قوله لتركبوا منها وحاجة مفعول لتبلغوا { وعليها } اى على الابل فى البر { وعلى الفلك } اى السفن فى البحر { تحملون } نظيره { وحملناكم فى البر والبحر } قال فى الارشاد ولعل المراد به حمل النساء والولدان عليها بالهودج وهو السر فى فصله عن الركوب والجمع بينها وبين الفلك لما بينهما من المناسبة التامة حتى تسمت سفائن البر وانما قال وعلى الفلك ولم يقل فى الملك كما قال { قلنا احمل فيها } للمزاوجة اى ليزاوج ويطابق قوله { وعليها } فان محمولات الانعام مستعلية عليها فذكرت كلمة الاستعلاء فى الفلك ايضا للمشاكلة
وفى المدارك الايعاء ومعنى الاستعلاء كلاهما مستقيم لان الفلك وعاء لمن يكون فيها حمولة له يستعليها فلما صح المعنيان صحت العبارتان
وقال بعض المفسرين المراد بالانعام فى هذا المقام الازواج الثمانية وهى الابل والبقر والضأن والمعز باعتبار ذكورتها وانوثتها فمعنى الركوب والاكل منها تعلقهما بالكل لكن لا على ان كلا منهما يجوز تعلقه بكل منها ولا على ان كلا منهما مختص ببعض معين منها بحيث لا يجوز تعلقه بما تعلق به الآخر بل على ان بعضها يتعلق به الاكل فقط كالغنم وبعضها يتعلق به كلاهما كالابل والبقر والمنافع تعم الكل وبلوغ الحاجة عليها يعم البقر
وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى خلق النفس البهيمية الحيوانية لتكون مركبا لروحكم العلوى { ولتبلغوا عليها حاجة فى صدوركم } من مشاهدة الحق ومقامات القرب ولكم فى صفاتها منافع وهى الشهوة الحيوانية ومنفعتها انها مركب العشق والغضب وان مركب الصلابة فى الدين والحرص مركب الهمة وبهذه المركب يصل السالك الى المراتب العلية كما قال { وعليها وعلى الفلك } اى صفات القلب { تحملون } الى جوار الحق تعالى
جون بيخبران دامن فرصت مده ازدست ... تاهست بروبال زعالم سفرى كن(12/450)
وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (81)
{ ويريكم آياته } دلائله الدالة على كمال قدرته ووفور رحمته { فأى آيات الله تنكرون } فان كلا منها من الظهور بحيث لا يكاد يجرأ على انكارها من له عقل فى الجملة وهو ناصب لأى واضافة الآيات الى الاسم الجليل لتربية المهابة وتهويل انكارها
فان قلت كان الظاهر ان يقال فأية آيات الله بتاء التأنيث لكون أى عبارة عن المؤنث لاضافته اليها قلت تذكير أى هو الشائع المستفيض والتأنيث قليل لان التفرقة بين المذكر والمؤنث فى الاسماء غير الصفات نحو حمار وحمارة وانسان وانسانة غريب وهى فى أى اغرب لابهامه فان قصد التمييز والتفرقة ينافى الابهام وهذا فى غير النداء فان اللغة الفصيحة الشائعة ان تؤنث ايا الواقعة فى نداء المؤنث كما فى قوله تعالى { يا ايتها النفس المطمئنة } ولم يسمع ان يقال يا ايها المرأة بالتذكير اعلم ان جميع اجزاء العالم آيات بينات وحجج واضحات ترشدك الى وحدانية الله تعالى وكمال قدرته لكن هداية الله تعالى الى جهة الارشاد وكيفيته اصل الاصول
قال بعض الكبار فى سبب توبته كنت مستلقيا على ظهرى فسمعت طيورا يسبحن فاعرضت عن الدنيا واقبلت على المولى وخرجت فى طلب المرشد فلقيت ابا العباس الخضر فقال لى اذهب الى الشيخ عبد القادر فانى كنت فى مجلسه فقال ان الله جذب عبدا اليه فارسله الىّ اذا لقيته قال فلما جئت اليه قال مرحبا بمن جذبه الرب بألسنة الطير وجمع له كثيرا من الخير فاذا اراد الله بعبده خيرا يجذبه اليه بما شاء ولا تفرقة بين شىء وشىء فمن له بصيرة يرى فى مرائى الاشياء جمال الوحدة
محقق همىبيند اندر ابل كه درخوب رويان جين وجكل
ثم ان اعظم الآيات انبياء الله واولياؤه اذ تجلى الحق من وجوههم بنعت العزة والكبرياء للعالمين وأى منكر اعظم ممن ينكر على هذه الآيات الساطعة والبراهين الواضحة
قال سهل اظهر آياته فى اوليائه وجعل السعيد من عباده من صدقهم فى كراماتهم واعمى اعين الاشقياء عن ذلك وصرف قلوبهم عنهم ومن انكر آيات اوليائه فانه ينكر قدرة الله فان القدرة الالهية تظهر على الاولياء الامارات لا هم بانفسهم يظهرونها والله تعالى يقول { ويريكم آياته فأى آيات الله تنكرون } ثم ان الانكار بعد التعريف والاعلام اشد منه قبله فطوبى لمن اخذ باشارة المرشد وارشاده ولا يكون فى زمرة المنكرين الضالين
قال حجة الاسلام العجب منك انك تدخل بيت غنى فتراه مزينا بانواع الزين فلا ينقطع تعجبك منه ولا تزال تذكره وتصف حسنه طول عمرك وانت تنظر الى بيت عظيم وهو العالم لم يخلق مثله لا تتحدث فيه ولا تلتفت بقلبك ولا تتفكر فى عجائبه وذلك لعمى القلب المانع عن الشهود والرؤية ونعم ما قيل
برك درختان سبز درنظر هوشيار ... هرورقى دفتريست معرفت كردكار
ولا بد لتحصيل هذه المرتبة من التوسل بالاسباب واعظمها الذكر فى جميع الاوقات الى ان يفتح مفتح الابواب(12/451)
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)
{ أفلم يسيروا } الهمزه للاستفهام التوبيخى والفاء للعطف على مقدر اى أقعدوا اى قومك وهم قريش فلم يسيروا ولم يسافروا { فى الارض } [ در زمين عاد وثمود ] { فينظروا } ويعتبروا جواب الاستفهام : وبالفارسية [ تابنكرندكه ] { كيف كان } [ جه كونه بود } { عاقبة الذين من قبلهم } من الامم المهلكة يعنى انهم قد ساروا فى اطراف الارض وسافروا الى جانب الشام واليمن وشاهدوا مصارع المكذبين من الامم السالفة وآثارهم فليحذروا من مثل عذابهم فلا يكذبوك يا محمد
ثم بين مبادى احوال الامم المتقدمة وعواقبها فقال { كانوا } اى تلك الامم { اكثر } عددا { منهم } اى من قومك { واشد قوة } فى الابدان والعدد { وآثارا فى الارض } باقية بعدهم من الابنية والقصور والمصانع وهى جمع مصنعة بفتح النون وضمها شىء كالحوض يجمع فيه ماء المطر ويقال له الصهريج ايضا وتغلط فيه العامة من الاتراك فيقولون صارنج واكثر بلاد العرب محتاجة الى هذا لقلة الماء الجارى والآبار
وفى التأويلات النجمية { وآثارا فى الارض } بطول الاعمال وقيل هى آثار اقدامهم فى الارض بعظم اجرامهم وحكى عن الشيخ محى الدين بن العربى قدس سره انه قال قد اجتمعت بجماعة من قوم يونس عليه السلام سنة خمس وثمانين وخمسمائة بالاندلس حيث كنت فيه وقست اثر رجل واحد منهم فى الارض فرأيت طول قدمه ثلاثة اشبار وثلثى شبر { فما اغنى عنهم } يقال اغنى عنه كذا اذا كفاه ونفعه وهو اذا استعمل بعن يتعدى الى مفعول كما سبق اى لم يغن عنهم لم يدفع ولم ينفع { ما كانوا يكسبون } كسبهم او مكسوبهم من الاموال والاولاد وترتيب العساكر فاذا لم تفدهم تلك المكنة العظيمة الا الخيبة والخسار فكيف هؤلاء الفقراء المساكين . ويجوز ان تكون ما الاولى استفهامية بمعنى أى شىء اغنى عنهم ذلك وما الثانية على التقديرين فاعل اغنى وهذه الفاء بيان عاقبة كثرتهم وشدة قوتهم وما كانوا يكسبون بذلك زعما منهم ان ذلك يغنى عنهم فلم يترتب عليه الا عدم الاغناء فهذا الاعتبار جرى مجرى النتيجة وان كان عكس الغرض ونقيض المطلوب كما فى قولك وعظته فلم يتعظ اى لم يترتب عليه الا عدم الاتعاظ مع انه عكس المتوقع(12/452)
فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83)
{ فلما جاءتهم رسلهم بالبينات } بالمعجزات والدلالات الواضحة وهذه الفاء تفسير وتفصيل لما ابهم واجمل من عدم الاغناء فهى تعقيبية وتفسيرية اذ التفسير يعقب المفسر وقد كثر فى الكلام مثل هذه الفاء ومبناها على التفسير بعد الابهام والتفصيل بعد الاجمال { فرحوا بما عندهم من العلم } لقوله { كل حزب بما لديهم فرحون } اى اظهروا الفرح بذلك واستحقروا علم الرسل والمراد بالعلم مالهم من العقائد الزائغة والشبه الباطلة كما قالوا لا نبعث ولا نعذب وما اظن الساعة قائمة ونحو ذلك وتسميتها علما مع ان الاعتقاد الغير المطابق للواقع حقه ان يسمى جهلا للتهكم بهم فهى علم على زعمهم لا فى الحقيقة او المراد علم الصنائع والتنجيم والطبائع وهو اى علم الطبائع علم الفلاسفة فان الحكماء كانوا يصغرون علوم الانبياء ويكتفون بما يكسبونه بنظر العقل ويقولون نحن قوم مهتدون فلا حاجة بنا الى من يهدينا كما قال سقراط لما ظهر موسى عليه السلام نحن قوم مهذبون لا حاجة بنا الى تهذيب غيرنا : قال المغربى
علم بى دينان هرا كن حهل راحكمت مخوان ... ازخيالات وظنون اهل يونان دم مزن
وكان يكنى فى الجاهلية بابى الحكم لانهم يزعمون انه عالم ذو حكمة فكناه النبى فى الاسلام بابى جهل لانه لو كان له علم حقيقة لآمن بالرسول عليه السلام : قال الحافظ
سراى ومدرسه وبحث علم وطاق ورواق ... جه سود جون دل دانا وجشم بينا نيست
وفى التأويلات النجمية من العلم اى من شبه المعقولات والمخيلات والموهومات ويجوز ان يرجع عندهم للرسل على ان المراد بالعلم هو العلم الذى اظهر رسلهم وبفرح الكفار به ضحكهم منه واستهزاؤهم به ويؤيده قوله تعالى { وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون } اى نزل بالكفار واصابهم وبال استهزائهم بالانبياء واستحقارهم لعلومهم وما اخبروا به من العذاب ونجوه فلم يعجزوا الله فى مراده منهم وفى المثنوى
آن دهان كزكرد وزتسخر بخواند ... مر محمد را دهانش كز بماند
باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف وعلم من لدن
من ترا افسوس ميكردم زجهل ... من بدم افسوس را منسوب واهل
جون خداخوهدكه برده كس درد ... ميلش اندر طعنه باكان برد
بس سباس اوراكه مارا درجهان ... كرد بيدا از بس بيشينيان
تا شنيدم آن سياستهاى حق ... بر قرون ماضيه اندر سبق
تاكه ما از حال آن كركان بيش ... همجو روبه باس خودداريم بيش
امت مرحومه زين روخواند مان ... آن رسول حق وصادق در بيان
استخوان و بشم آن كركان عيان ... بنكريد و بند كيريد اى مهان
عاقل از سر بنهد اين هستى وباد ... جون شنيد آنجام فرعونان وعاد
ورنه بنهد ديكران از حال او ... عبرتى كيرند از اضلال او(12/453)
نسأل الله التوفيق للعلم الذى يوصل الى التحقيق
نتوان بقيل وقال ز ارباب حال شد ... منعم نمىشود كسىز كفت وكوى كنج
فلا بد من الانقياد للحق والاجتهاد فى العمل : قال الخجندى
در علم محققان جدل نيست ... از علم مراد جز عمل نيست
قال فى الروضة صلى الحجاج فى جنب ابن المسيب فرآه يرفع قبل الامام ويضع رأسه فلما سلم اخذ بثوبه حتى فرغ من صلاته ودعائه ثم رفع نعله على الحجاج فقال يا سارق ويا خائن تصلى على هذه الصفة لقد هممت ان اضرب بها وجهك وكان الحجاج حاجا فرجع الى الشام وجاء واليا على المدينة ودخل من فوره المسجد قاصدا مجلس سعيد بن المسيب فقال له انت صاحب الكلمات قال نعم انا صاحبها قال جزاك الله من معلم ومؤدب خيرا ما صليت بعدك الا ذاكرا قولك فلا بد من الحركة بمقتضى العلم(12/454)
فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84)
{ فلما رأوا } اى الامم السالفة المكذبة { بأسنا } شدة عذابنا فى الدنيا ووقعوا فى مذلة الخيبة ومنه قوله تعالى { بعذاب بئيس } اى شديد { قالوا } مضطرين { آمنا بالله وحده } [ بخداى يكبتا ] { وكفرنا بما كنا به } اى بسبب الايمان به يعنون الاصنام { مشركين } يعنى [ ازانباز كه ميكفتيم بيزار وبرى كشتيم ] وهذه الفاء لمجرد التعقيب وجعل ما بعدها تابعا لما قبلها واقعا عقيبه لان مضمون قوله تعالى { فلما جاءتهم } الخ هو انهم كفروا فصار مجموع الكلام بمنزلة ان يقال فكفروا ثم لما رأوا بأسنا آمنوا(12/455)
فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)
{ فلم يك } اصله لم يكن حذفت النون لكثرة استعماله { ينفعهم ايمانهم } اى تصديقهم بالوحدانية اضطرارا وقوله ايمانهم يجوز ان يكون اسم كان وينفعهم خبره مقدما عليه وان يكون فاعل ينفعهم واسم كان ضمير الشان المستتر فيه { لما رأوا بأسنا } اى عند رؤية عذابنا والوقوع فيه لامتناع قبوله حينئذ امتناعا عاديا كما يدل عليه قوله { سنة الله } الخ زيرا دروقت معاينه عذاب تكليف مرتفع ميشود وايمان در زمان تكليف مقبولست نه دروقت يأس ] فامتنع القبول لانهم لم يأتوا به فى الوقت المأمور به ولذلك قيل فلم يك بمعنى لم يصح ولم يستقم فانه ابلغ فى نفى النفع من لم ينفعهم ايمانهم وهذه الفاء للعطف على آمنوا كأنه قيل فآمنوا فلم ينفعهم لان النافع هو الايمان الاختيارى الواقع مع القدرة على خلافه ومن عاين نزول العذاب لم يبق له القدرة على خلاف الايمان فلم ينفعه وعدم نفعه فى الدنيا دليل على عدم نفعه فى الآخرة { سنة الله التى قد خلت فى عباده } قوله سنة من المصادر المؤكدة وخلت من الخلوّ يستعمل فى الزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضى فسر اهل اللغة قولهم خلا الزمان بقولهم مضى وذهب اى سن الله عدم قبول ايمان من آمن وقت رؤية البأس ومعاينته سنة ماضية فى عباده مطردة اى فى الامم السالفة المكذبة كلها ويجوز ان ينتصب سنة على التحذير اى احذروا سنة الله المطردة فى المكذبين السابقين . والسنة الطريقة والعادة المسلوكة وسنة الله طريقة حكمته { وخسر هنالك الكافرون } قوله هنالك اسم مكان فى الاصل موضوع للاشارة الى المكان قد استعير فى هذا المقام للزمان لانه لما اشير به الى مدلول قوله { لما رأوا بأسنا } ولما للزمان تعين ان يراد به الزمان تشبيها له بالمكان فى كونه ظرفا للفعل كالمكان . والمعنى على ما قال ابن عباس رضى الله عنهما هلك الكافرون بوحدانية الله المكذبون وقت رؤيتهم البأس والعذاب
وقال الزجاج الكافر خاسر فى كل وقت ولكنه تبين لهم خسرانهم اذا رأوا العذاب ولم يرج فلاحهم ولم يقل وخسر هنالك المبطلون كما فيما سبق لانه متصل بايمان غير مجدد ونقيض الايمان الكفر كما فى برهان القرآن اى فحسن موقعه كما حسن موقع قوله المبطلون على ما عرف سره فى موقعه
اعلم ان فى ايمان البأس واليأس تفاصيل اقررها لك فانظر ماذا ترى قال فى الامالى
وما ايمان شخص حال بأس ... بمقبول لفقد الامتثال
قوله بأس بالباء الموحدة وبسكون الهمزة لم يقل يأس بالياء المثناة لموافقة قوله تعالى { فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا } فاشتمل على ما بالموحدة والمثناة واصل البأس الشدة والمضرة وحال البأس هو وقت معاينة العذاب وانكشاف ما جاءت به الاخبار الالهية من الوعد والوعيد وحال اليأس هو وقت الغرغرة التى تظهر عندها احكام الدار الآخرة عليه بعد تعطيل قواه الحسية ويستوى فى حال البأس بالموحدة الايمان والتوبة لقوله تعالى { فلم يك ينفعهم } الآية ورجاء الرحمة انما يكون فى وقته وبظهور الوعيد خرج الوقت من اليد ولم يتصور الامتثال ووقع الايمان ضروريا خارجا عن الاختيار ألا ترى ان ايمان الناس لا يقبل عند طلوع الشمس من مغربها لانه ايمان ضرورى فلا يعتبر لانه يجوز ان يكون ايمان المضطر لغرض النجاة من الهلاك بحيث لو تخلص لعاد لما اعتاد
وقد قال العلماء الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا اذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة .(12/456)
واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيد كما فى حواشى الشيخ فى سورة الانعام : وفى المثنوى
آن ندامت از نتيجه رنج بود ... بى زعقل روشن جون كنج بود
جونكه شد رنج آن ندامت شدعدم ... مى نيرزد خاك آن توبه ندم
ميكند او توبه و بير خرد ... بانك لوردوا لعادوا ميزند
فيكون الايمان والندم وقت ظهور الوعيد الدنيوى كالايمان والندم وقت وجود الوعيد الاخروى بلا فرق فكما لا ينفع هذا كذلك لا ينفع ذاك لان الآخرة وما فى حكمها من مقدماتها فى الحكم سواء ولذلك ورد من مات فقد قامت قيامته وذلك لان زمان الموت آخر زمان من ازمنة الدنيا واول زمان من ازمنة الآخرة فباتصال زمان الموت بزمان القيامة كان فى حكمه فايمان فرعون وامثاله عند الغرق ونحوه من قبيل ما ذكر من الايمان الاضطرارى الواقع عند وقوع الوعيد الذى ظهوره فى حكم ظهور احوال الآخرة ومشاهدته فى حكم مشاهدة العذاب الاخروى . فحال البأس بالموحدة كحال الغرغة من غير فرق فكما لا يقبل الايمان حال الغرغرة فكذا حال البأس ففرعون مثلا لم يقبل ايمانه حال الغرق لكونه حال البأس وان كان قبل الغرغرة فافهم جدا فانه من مزالق الاقدام
واما ايمان اليأس بالياء المثناة التحتية وهو الايمان بعد مشاهدة احوال الآخرة ولا تكون الا عند الغرغرة ووقت نزع الروح من الجسد ففى كتب الفتاوى انه غير مقبول بخلاف توبة اليأس فانها مقبولة على المختار على ما فى هداية المهديين لان الكافر اجنبى غير عارف بالله وابتدأ ايمانا والفاسق عارف وحاله حال البقاء والبقاء اسهل من الابتداء . فمثل ايمان اليأس شجر غرس فى وقت لا يمكن فيه النماء ومثل توبة اليأس شجر نابت اثمر فى الشتاء عند ملاءمة الهواء . والدليل على قبول التوبة مطلقا قوله تعالى { وهو الذى يقبل التوبة عن عباده } هكذا قالوا وهو يخالف قوله تعالى { وليست التوبة للذين يعملون السيآت حتى اذا حضر احدهم الموت قال انى تبت الآن }(12/457)
قال البغوى فى تفسيره لا تقبل توبة عاص ولا ايمان كافر اذا تيقن بالموت انتهى ومراده عند الاشراف على الموت والصيرورة الى حال الغرغة والا فقد قال المحققون قرب الموت لا يمنع من قبول التوبة بل المانع من قبولها مشاهدة الاحوال التى عندها يحصل العلم بالله تعالى على سبيل الاضطرار على ما فى حواشى ابن الشيخ فى سورة النساء
وقرب الموت لا ينافى التيقن بالموت بظهور اسبابه واماراته دل عليه قوله تعالى { كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية } الآية اى عند حضور اماراته وظهور آثاره من العلل والامراض اذ لا اقتدار على الوصية عند حضور نفس الموت . ومن هذا القبيل ما فى روضة الاخبار من انه قال عمرو بن العاص رضى الله عنه عند احتضاره لابنه عبد الله يا بنىّ من يأخذ المال بما فيه من التبعات فقال من جدع الله انفه ثم قال احملوه الى بيت مال المسلمين ثم دعا بالغل والقيد فلبسهما ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « ان التوبة مبسوطة ما لم يغرغر ابن آدم بنفسه » ثم استقبل القبلة فقال « اللهم امرتنا فعصينا ونهيتنا فارتكبنا هذا مقام العائذ بك فان تعف فاهل العفو انت وان تعاقبت فبما قدمت يداى لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين » فمات وهو مغلول مقيد فبلغ الحسن بن على رضى الله عنهما فقال استسلم الشيخ حين ايقن بالموت ولعله ينفعه انتهى . واتى بصيغة الترجى لانه لا قطع وهو من باب الارشاد ايضا على ما حكى انه لما مات عثمان بن مظعون رضى الله عنه وهو اخوه عليه السلام من الرضاعة وغسل وكفن قبل النبى عليه السلام بين عينيه وبكى وقالت امرأته خولة بنت حكيم رضى الله عنها طبت هنيئا لك الجنة يا ابا السائب فنظر اليها النبى عليه السلام نظرة غضب وقال « وما يدريك » فقالت يا رسول الله مارسك وصاحبك فقال عليه السلام « وما ادرى ما يفعل بى » فاشفق الناس على عثمان رضى الله عنه
ثم ان السبب فى عدم قبول التوبة عند الاحتضار انا مكلفون بالايمان الغيبى لقوله تعالى { الذين يؤمنون بالغيب } وفى ذلك الوقت يكون الغيب عيانا فلا تصح . وايضا لا شبهة فى ان كل مؤمن عاص يندم عند الاشراف على الموت وقد ورد ( ان التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) فيلزم منه ان لا يدخل احد من المؤمنين النار وقد ثبت ان بعضهم يدخلونها . واما قولهم ان من شرط التوبة عن الذنب العزم على ان لا يعود اليه وذلك انما يتحقق مع ظن التائب التمكن من العود فيخالفه ما قال السلف وان لم يتصور منه العزم على ترك الفعل لعدم تصور الفعل فهو مستثنى من عموم معنى التوبة وهو الندم على الماضى والترك فى الحال والعزم على ان لا يعود فى المستقبل كما فى شرح العقائد للمولى رمضان
واما اطلاق الآية التى هى قوله تعالى(12/458)
{ وهو الذى يقبل التوبة عن عباده } فمقيد بالآية السابقة وهى قوله تعالى { وليست التوبة } الآية وبقوله عليه السلام « ان الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر » اخرجه الترمذى من حديث ابن عمر رضى الله عنهما وهو يشمل توبة المؤمن والكافر فالايمان وكذا التوبة لا يعتبر حالة اليأس بالمثناة بخلافهما قبل هذه الحالة ولو بقليل من الزمان رحمة من الله تعالى لعباده المذنبين . فمعنى الاحتضار هو وقت الغرغرة وقرب مفارقة الروح من البدن لا حضور اوائل الموت وظهور مقدماته مطلقا وقس عليه حال البأس بالموحدة
بقى انه لما قتل على رضى الله عنه من قال لا اله الا الله قال عليه السلام « لم قتلته يا على » قال على علمت انه ما قال بقلبه فقال عليه السلام « هل شققت قلبه » فهذا يدل على ان ايمان المضطر والمكره صحيح مقبول ولعله عليه السلام اطلع بنور النبوة على ايمان ذلك المقتول بخصوصه فقال فى حقه ما قال والعلم عند الله المتعال هذا
وذهب الامام مالك الى ان الايمان عند اليأس بالمثناة مقبول صحيح فقالوا ان الايمان عند التيقن صحيح عنده لو لم يرد الدليل ذلك الايمان فايمان فرعون مثلا مردود عنده بدليل قوله { آلآن وقد عصيت قبل } الآية وانما لم يرده مالك مطلقا لعدم النصوص الدالة عنده على عدم صحة الايمان فى تلك الساعة هكذا قالوا وفيه ضعف تام ظاهر واسناده الى مالك لا يخلو عن سماحة كما لا يخفى هذا ما تيسر لى فى هذا المقام من الجمع والترتيب والترجيح والتهذيب ثم اسأل الله لى ولكن ان يشد عضدنا بقوة الايمان ويحلينا بحلية العيان والايقان ويختم لنا بالخير والحسنى ويبشرنا بالرضوان والزلفى ويجعلنا من الطائرين الى جنابه والنازلين عند بابه واللائقين بخطابه بحرمة الحواميم وما اشتملت عليه من السر العظيم(12/459)
حم (1)
{ حم } خبر مبتدأ محذوف اى هذه السورة مسماة بحم فيكون اطلاق الكتاب عليها فى قوله كتاب الخ باعتبار انها من الكتاب وجزء من اجزائه
وقيل حم اسم للقرآن فيكون اطلاق الكتاب عليه حقيقة وانما افتتح السورة بحم لان معنى حم بضم الحاء وتشديد الميم على ما قاله سهل قدس سره قضى ما هو كائن : يعنى [ بودنى همه بودم كردنى همه كردم راندنى همه راندم كزيدنى همه كزيدم يذيرفتنى همه يذيرفتم برداشتنى همه برداشتم افكندنى همه افكندم آنجه خواستم كردم آنجه خواهم كنم آنراكه يذيرفتم بدان ننكرم كه ازو جفا ديدم بلكه عفو كنم ودر كذارم واز كفته او باز نيايم ] ما يبدل القول
ولما كانت هذه السورة مصدرة بذكر الكتاب الذى قدرت فيه الاحكام وبينت ناسب ان نفتح بحم رعاية لبراعة الاستهلال
وانما سميت هذه السورة السبع بحم لاشتراكها فى الاشتمال على ذكر الكتاب والرد على المجادلين فى آيات الله والحث على الايمان بها والعمل بمقتضاها ونحو ذلك
قال بعض العرفاء معنى الحاء والميم اى هذا الخطاب والتنزيل من الحبيب الاعظم الى المحبوب المعظم . وايضا هو قسم اى بحياتى ومجدى هذا تنزيل او بحياتك ومشاهدتك يا حبيبى ويا محبوبى او بالحجر الاسود والمقام فانهما ياقوتتان من يواقيت الجنة وسران عظيمان من اسرار الله فناسب ان يقسم بهما . او هذه الحروف تنزيل الخ نزل بها جبرائيل عليه السلام من عند الله [ ميكويد اين حروف تهجى كه حاوميم ازان جمله است فرو فرستاده رحمانست جنانكه كودك را كويى جومى آموزى ياكويى درلوح جه نوشته كويد الف وباء نه خود اين دو حرف خواهد بلكه جمله حروف تهجى خواهد اين همجنان است وحروف تهجى برآدم عليه السلام نازل بوده وقرآن مشتمل شده برآن جمله ] فهى اصل كل منزل وفى الحديث « من قرأ القرآن فاعربه » يعنى [ هركه خواندقرآنرا ولحن نكنددروى ] « فله بكل حرف خمسون حسنة ومن قرأ ولحن فيه فله بكل حرف عشر حسنات أما انى لا اقول الم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف »
يقول الفقير لعل سرد العدد ان القراءة فى الاصل للصلاة وكان اصل الصلوات الخمس خمسين فلذا اجرى الله تعالى على القارئ الفصيح بمقابلة كل حرف خمسين اجرا واما العشر فهى ادنى الحسنات كما قال الله تعالى { من جاء بالحسنة فله عشر امثالها } قال الكاشفى [ اسم اعظم الهى در حروف مقطعه مخفيست وهركس دراستخراج اين قادر نيست ] : قال الكمال الخجندى قدس سره
كرت دانستن علم حروفست آرزو صوفى ... نخست افعال نيكوكن جه سودازخواندن اسما(12/460)
تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2)
{ تنزيل } خبر بعد خبر اى منزلة لان التعبير عن المفعول بالمصدر مجاز مشهور كقولهم هذا الدرهم ضرب الامير اى مضروبه ومعنى كونها منزلة انه تعالى كتبها فى اللوح المحفوظ وامر جبرائيل ان يحفظ تلك الكلمات ثم ينزل بها على رسول الله عليه السلام ويؤديها اليه فلما حصل تفهيم هذه الكلمات بواسطة نزول جبرائيل سمى ذلك تنزيلا والا فالكلام النفسى القائم بذات الله تعالى لا يتصور فيه النزول والحركة من الاعلى الى الاسفل { من الرحمن الرحيم } متعلق بتنزيل مؤكد لما افاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الاضافية ونسبة التنزيل الى الرحمن الرحيم للايذان بان القرآن مدار للمصالح الدينية والدنيوية واقع بمقتضى الرحمة الربانية وذلك لان المنزل ممن صفته الرحمة الغالبة لا بد وان يكون مدارا للمصالح كلها
وقال الكاشفى { من الرحمن } [ ازخداى بخشنده بهداية نفوس عوام { الرحيم } مهربان برعايت قلوب خواص ]
وفى التأويلات النجمية يشير بالحاء فى حم الى الحكمة وبالميم الى المنة اى منّ على عباده بتنزيل حكمة من الرحمن الازلى الذى سبقت رحمته غضبه فخلق الموجودات برحمانية الرحيم الابدى الذى وسعت رحمته كل شىء الى الابد وهى كتاب
قال بعض العارفين اذا فاض بحر الرحمة تلاشى كل زلة لان الرحمة لم تزل ولا تزال والزلة لم تكن ثم كانت وما لم يكن ثم كان كيف يقاوم ما لم يزل ولا يزال : قال الصائب
محيط ازجهره سيلاب كرد راه ميشويد ... جه انديشه كسى با عفو حقّ از كرد زلتها
وقال الشيخ سعدى قدس سره
همى شرم دارم ز لطف كريم ... كه خوانم كنه بيش عفوش عظيم(12/461)
كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3)
{ كتاب } خبر آخر مشتق من الكتب وهو الجمع فسمى كتابا لانه جمع فيه علوم الاولين والآخرين { فصلت آياته } بينت بالامر والنهى والحلال والحرام والوعد والوعيد والقصص والتوحيد
قال الراغب فى قوله { احكمت آياته ثم فصلت } هو اشارة الى ما قال { تبيانا لكل شىء وهدى ورحمة } فمن انصف علم انه ليس فى يد الخلق كتاب اجتمع فيه من العلوم المختلفة مثل القرآن { قرآنا عربيا } نصب على المدح اى اريد بهذا الكتاب المفصل آياته قرآنا عربيا او على الحالية من كتاب لتخصصه بالصفة ويقال لها الحال الموطئة وهو اسم جامد موصوف بصفة هى الحال فى الحقيقة وقد سبق غير مرة : والمعنى بالفارسية [ در حالتى كه قرآنيست تازى يعنى بلغت عرب تا بسهولت خوانند وفهم كنند ]
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان القرآن قديم من حيث انه كلام الله وصفته والعربية كسوة مخلوقة كساها الله تعالى ومن قال ان القرآن اعجمى يكفر لانه معارضة لقوله تعالى { قرآنا عربيا } وبوجود كلمة عجمية فيه معربة لا يخرج عن كونه عربيا لان العبرة للاكثر وذلك كالقسطاس فانه رومى معرب بمعنى الميزان والسجيل فانه فارسى معرب سنك وكل والصلوات فانه عبرانى معرب صلوتا بمعنى المصلى والرقيم فانه رومى بمعنى الكلب والطور فانه الجبل بالسريانى { لقوم } اى عرب { يعلمون } اى كائنا لقوم يعلمون معانيه لكونه على لسانهم فهو صفة اخرى لقرآنا
وفى التأويلات النجمية { لقوم يعلمون } العربية والعربية بحروفها مخلوقة والقرآن منزه عنها(12/462)
بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4)
{ بشيرا } صفة اخرى لقرآنا اى بشيرا لمن صدقه وعرف قدره وادى حقه بالجنة والوصول { ونذيرا } لمن كذبه ولم يعرف قدره ولم يؤد حقه بالنار والفراق او بشيرا لمن اقبل الى الله بنعت الشوق ونذيرا لمن اقبل الى نفسه ونظر الى طاعته او بشيرا لاوليائه بنيل المقامات ونذيرا لهم يحذرهم من المخالفات لئلا يسقطوا من الدرجات او بشيرا بمطالعة الرجاء ونذيرا بمطالعة الخوف او بشيرا للعاصين بالشفاعة والغفران ونذيرا للمطيعين ليستعملوا الادب والاركان فى طاعة الرحمن او بشيرا لمن اخترناهم واصطفيناهم ونذيرا لمن اغويناهم { فاعرض اكثرهم } عن تدبره مع كونه على لغتهم والضمير لاهل مكة او العرب او المشركين دال عليه سيجىء من قوله { وويل للمشركين } { فهم لا يسمعون } سماع تفكر وتأمل حتى يفهموا جلالة قدره فيؤمنوا به
وفى التأويلات النجمية فاعرض اكثرهم عن اداء حقه فهم لا يسمعون بسمع القبول والانقياد
وفيه اشارة الى ان الاقل هم اهل السماع وانما سمعوا بان ازال الله تعالى بلطفه ثقل الآذان فامتلأت الاذهان بمعانى القرآن
سئل عبد الله ابن المبارك عن بدء حاله فقال كنت فى بستان فاكلت مع اخوانى وكنت مولعا اى حريصا بضرب العود والطنبور فقمت فى جوف الليل والعود بيدى وطائر فوق رأسى يصيح على شجرة فسمعت الطير يقول { ألم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله } الآية فقلت بلى وكسرت العود فكان هذا اول زهدى
وقد ورد فى التوراة انه تعالى قال « يا عبدى أما تستحيى منى اذ يأتيك كتاب من بعض اخوانك وانت فى الطريق تمشى فتعدل عن الطريق وتقعد لاجله وتقرأه وتتدبره حرفا حرفا حتى لا يفوتك منه شىء وهذا كتابى انزلته اليك انظره كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت فيه عليك لتتأمل طوله وعرضه ثم انت معرض عنه او كنت اهون عليك من بعض اخوانك . يا عبدى يقعد اليك بعض اخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغى الى حديثه بكل قلبك فان تكلم متكلم او شغلك شاغل عن حديثه اومات اليه ان كف وها انا مقبل عليك ومحدث لك وانت معرض بقلبك عنى أفجعلتنى اهون عندك من بعض اخوانك » كذا فى الاحياء(12/463)
وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)
{ وقالوا } اى المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند دعوته اياهم الى الايمان والعمل بما فى القرآن { قلوبنا فى اكنة } جمع كنان وهو الغطاء الذى يكنّ فيه الشىء اى يحفظ ويستر اى فى اغطية متكاثفة { مما تدعونا اليه } اى تمنعنا من فهم ما تدعونا اليه وتورده علينا وحذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه وحذف متعلق حرف الجر ايضا شبهوا قلوبهم بالشىء المحوى المحاط بالغطاء المحيط له بحيث لا يصيبه شىء من حيث تباعدها عن ادراك الحق واعتقاده
قال سعدى المفتى ورد هنا كلمة فى وفى الكهف على لان القصد هنا الى المبالغة فى عدم القبول والاكنة اذا احتوت عليها احتواء الظرف على المظروف لا يمكن ان يصل اليها شىء وليست تلك المبالغة فى على والسياق فى الكهف للعظمة فيناسبه اداة الاستعلاء { وفى آذاننا وقر } اى صمم
قال فى القاموس الوقر ثقل فى الاذن او ذهاب السمع كله شبهوا اسماعهم بآذان بها صمم من حيث انها تمج الحق ولا تميل الى استماعه
وفى التأويلات النجمية { وفى آذاننا وقر } ما ينفعنا كلامك قالوه حقا وان قالوا على سبيل الاستهانة والاستهزاء لان قلوبهم فى اكنة حب الدنيا وزينتها مقفولة بقفل الشهوات والاوصاف البشرية ولو قالوا ذلك على بصيرة لكان ذلك منهم توحيدا فتعرضوا للمقت لما فقدوا من صدق القلب { ومن بيننا وبينك حجاب } ستر عظيم وعطاء غليظ يمنعنا عن التواصل والتوافق ومن الدلالة عن ان الحجاب مبتدأ من الجانبين بحيث استوعب ما بينهما من المسافة المتوسطة المعبر عنا بالبين ولم يبق ثمة فراغ اصلا فيكون حجابا قويا عريضا مانعا من التواصل بخلاف ما لو قيل بيننا وبينك حجاب فانه يدل على مجرد حصول الحجاب فى المسافة المتوسطة بينهم وبينه من غير دلالة على ابتدائه من الطرفين فيكون حجابا فى الجملة لا كما ذكر
شبهوا حال انفسهم مع رسول الله عليه السلام بحال شيئين بينهما حجاب عظيم يمنع من ان يصل احدهما الى الآخر ويراه ويوافقه وانما اقتصروا على ذكر هذه الاعضاء الثلاثة لان القلب محل المعرفة والسمع والبصر اقوى ما يتوسل به الى تحصيل المعارف فاذا كانت هذه الثلاثة محجوبة كان ذلك اقوى ما يكون من الحجاب نعوذ بالله تعالى
قال بعضهم قلوبهم فى حجاب من دعوة الحق واسماعهم فى صمم من نداء الحق وهواتفه وجعل بينهم وبين الحق حجاب من الوحشة والابانة ولذا وقعوا فى الانكار ومنعوا من رؤية الآثار
درجشم اين سياه دلان صبح كاذبست ... در روشنى اكريد بيضا شود كسى
{ فاعمل } على دينك { اننا عاملون } على ديننا(12/464)
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6)
{ قل انما انا بشر مثلكم يوحى الىّ انما الهكم اله واحد } اى ما الهكم الا اله واحد لا غيره وهذا تلقين للجواب عما ذكره المشركون اى لست من جنس مغاير لكم حتى يكون بينى وبينكم حجاب وتباين مصحح لتباين الاعمال والاديان كما ينبئ عنه قولكم فاعمل اننا عاملون بل انما انا بشر وآدمى مثلكم مأمور بما امرتم به حيث اخبرنا جميعا بالتوحيد بخطاب جامع بينى وبينكم فان الخطاب فى الهكم محكىّ منتظم للكل لا انه خطاب منه عليه السلام للكفرة كما فى مثلكم
وفى الآية اشارة الى ان البشر كلهم متساوون فى البشرية مسدود دونهم باب المعرفة اى معرفة الله بالوحدانية بالآلات البشرية من العقل وغيره وانما فتح هذا الباب على قلوب الانبيا بالوحى وعلى قلوب الاولياء بالشواهد والكشوف وعلى قلوب المؤمنين بالالهام والشرح كما قال تعالى { أفمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه } كما فى التأويلات النجمية
قال الحسن رضى الله عنه علمه الله التواضع بقوله { قل انما انا بشر مثلكم } ولهذا كان يعود المريض ويشيع الجنازة ويركب الحمار ويجيب دعوة العبد وكان يوم قريضة والنضير على حمار مخطوم بحبل من ليف عليه اكاف من ليف [ عجب كاريست كه كاه مركب وى براق بهشتى وكاه مركب خركى آرى مركب مختلف بود اما درهردوحالت راكب يك صفت ويك همت ويك ارادت بود اكر بر براق درسرش نخوت نبوت واكر برحمار بود برخسار عز نبوتش غبار مذلت نبود ]
خلق خوش عود بود انجمن مردم را ... جون زنان خودمفكن برسر مجمر دامن
{ فاستقيموا اليه } من جملة المقول والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من ايحاء الوحدانية فان ذلك موجب لاستقامتهم اليه تعالى بالتوحيد والاخلاص فى الاعمال وعدّى فعل الاستقامة بالى لما فيه من معنى الاستواء اى فاستووا اليه بذلك . والاستقامة الاستمرار على جهة واحدة { واستغفروه } مما كنتم عليه من سوء العقيدة والعمل
وفى المقاصد الحسنة قال صلى الله عليه وسلم « استقيموا ولن تحصوا » اى لن تستطيعوا ان تستقيموا فى كل شىء حتى لا تميلوا وقال « شيبتنى هود واخواتها » لما فيها من قوله فاستقم
قال بعضهم اذا وقع العلم والمعرفة فاستغفروه من علمكم وادراككم به ومعاملتكم له ووجودكم فى وجوده فانه تعالى اعظم من ادراك الخليقة وتلاصق الحدثان بجناب جلاله
وقال بعضهم الاستقامة مساواة الاحوال مع الافعال والاقوال وهو ان يخالف الظاهر الباطن والباطن الظاهر فاذا استقمت استقامت احوالك واستغفر من رؤية استقامتك واعلم ان الله تعالى هو الذى قومك لا انك استقمت { وويل } [ وسختى عذاب } { للمشركين } ترهيب وتنفير لهم عن الشرك اثر ترغيبهم فى التوحيد(12/465)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8)
{ ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون } اى غير ممنون عليهم على طريق الحذف والايصال . والمعنى لا يمن به عليهم فيتكدر بالمنة يقال من عليه منا انعم ومنة امتن والمنة فى الاصل النعمة الثقيلة التى لا يطلب معطيها اجرا ممن اعطاها اليه ثم استعملت بمعنى الامتنان اى عد النعمة : وبالفارسية [ منت نهادن ] وجميع ما يعطيه الله عباده فى الآخرة تفضل منه وكرم وليس شىء منه بواجب عند اهل السنة والجماعة وما كان بطريق التفضل وان صح الامتنان عليه لكنه تعالى لا يفعله فضلا منه وكرما او غير ممنون بمعنى لا ينقطع اجرهم وثوابهم فى الآخرة بل دائم ابدى من مننت الحبل قطعته او غير محسوب كما قال تعالى { بغير حساب } قال فى القاموس { اجر غير ممنون } محسوب او مقطوع
وفى الآية اشارة الى ان من آمن ولم يعمل صالحا لم يؤجر الا ممنونا اى ناقصا وهو اجر الايمان ونقصانه من ترك العمل الصالح فيدخل النار ويخرج منها باجر الايمان ويدخل الجنة ولكنه لا يصل الى الدرجات العالية المنوطة بالاعمال البدنية مثل الصلاة والصوم والحج ونحوها
وفى كشف الاسرار سدى رحمه الله [ كفت اين آيت درشان بيماران وزمنان وبيران ضعيف فرو آمد ايشان كه ازبيمارى وضعيفى وعاجزى ازطاعت وعبادت الله باز مانند وباداى حق وى ترسند وبآن سبب اندوهكين وغمكين باشند رب العالمين ايشانرا دران بيمارى هم آن ثواب ميدهدكهدرحال صحت بطاعت وعبادت ميداد مصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم كفت ] « ان العبد اذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض قيل للملك الموكل به اكتب له مثل عمله اذا كان طليقا حتى اطلقه او اكفته الىّ » يعنى [ دران وقت كه خوش بود تاكه كزارم وى رايا بيش خودش آرم ] وفى رواية اخرى قال صلى الله تعالى عليه وسلم « ما من احد من المسلمين يصاب ببلاء فى جسده الا امر الله الحافظين الذين يحفظانه فقال اكتبا لعبدى فى كل يوم وليلة مثل ما كان يفعل من الخير ما دام فى وثاقى » يعنى [ دربند من است عبد الله بن مسعود رضى الله عنه كفت يا رسول خدا نشسته بوديم كه رسول برآسمان نكريست وتبسم كرد كفتم يا رسول الله تبسم ازجه كردى وجه حال برتو مكشوف كشت كفت عجب آيدمرا ازبنده مؤمن كه ازبيمارى بنالد وجزع كند اكربدانستى كه اورا دران بيمارى جه كرامتست وبالله جه قريب همه عمر خود دران بيمارى خواستى اين ساعت كه براسمان مى نكرستم دو فرشته فرود آمدند وبنده كه بيوسته در محراب عبادت بود اورا طلب كردند دران محراب اورا نيافتند بيمار ديدند آن بنده ازعبادت باز ماند فرشتكان بحضرت عزت باز كشتند كفتند بار خدايا فلان بنده مؤمن هرشبانروزى حسنات وطاعات وى مينوشتيم اكنون كه اورا درحبس بيمارى كردى هيج عمل وطاعت وى نمى نويسم از حق جل جلاله فرمان آمدكه(12/466)
« اكتبو لعبدى العمل الذى كان يعمله فى يومه وليلته ولا تنقصوا منه شيأ فعلىّ اجر ما حبسته وله اجر ما كان صحيحا » يعنى برمن است اجر حبس وى ومراوراست اجرآنكه صحيح بود وتن درست ]
قال فى عقد الدرر اذا علم الله صدق نية عبده فى الحج والجهاد والصدقات وغيرها من الطاعات وعجز عن ذلك اعطاء اجره وان لم يعمل ذلك العمل كما روى ( ان العبد اذا نام بنية الصلاة من الليل فلم ينتبه كتب له اجر ذلك وكان عليه نور صدقه ) وهكذا روى ( اذا مرض العبد او سافر وعجز عما كان يعمل فى حال الصحة والاقامة ان الله تعالى يقول للملائكة اكتبوا لعبدى مثل ما كان يعمل وهو صحيح مقيم ) كما قال تعالى { ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج اذا نصحوا لله ورسوله } الى قوله { ان لا يجدوا ما ينفقون } فعلى العبد ان لا يقطع رجاءه عن الله ويرضى بقضائه : وفى المثنوى
ناخوشى اوخوش بود درجان من ... جان فداى يار دل دل رنجان من
عاشقم بررنج خويش ودرد خويش ... بهر خشنودىء شاه فرد خويش(12/467)
قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9)
{ قل ائنكم } [ آياشما ] { لتكفرون } انكار وتشنيع لكفرهم وان واللام لتأكيد الانكار { بالذى } اى بالعظيم الشان الذى { خلق الارض } قدر وجودها اى حكم بانها ستوجد { فى يومين } فى مقدار يومين من ايام الآخرة ويقال من ايام الدنيا كما فى تفسير ابى الليث [ واكر خواستى بيك لحظه بيافريدى لكن خواست كه باخلق نمايدكه سكونت وآهستكى به ازشتاب وعجله وبندكانرا نسبتى باشد بسكونت كاركدن وبراه آهستكى رفتن ]
وفى عين المعانى تعليما للتأنى واحكاما لدفع الشبهات عن توهن المصنوعات تحقيقا لاعتبار الملائكة عند الاحضار وللعباد عند الاخبار وان امكن الايجاد فى الحال بلا امهال انتهى
زود درجاه ندامت سرنكون خواهد فتاد ... هركه باى خود كذارد بى تأمل برزمين
[ امام ابو الليث آورده كه روز يكشنبه بيافريد وروز دوشنبه بكسترانيد ] وسيجىء تحقيقه ويجوز ان يراد خلق الارض فى يومين اى فى نوبتين على ان ما يوجد فى كل نوبة يوجد باسرع ما يكون فيكون اليومان مجازا عن دفعتين على طريق ذكر الملزوم وارادة اللازم
وقال سعدى المفتى الظاهر ان اليوم على هذا التفسير بمعنى مطلق الوقت انتهى
وجه حمل اليومين على المعنيين المذكورين ان اليوم الحقيقى انما يتحقق بعد وجود الارض وتسوية السموات وابداع نيرانها وترتيب حركاتها يعنى ان اليوم عبارة عن زمان كون الشمس فوق الارض ولا يتصور ذلك قبل خلق الارض والسماء والكواكب فكيف يتصور خلق الارض فى يومين { وتجعلون له اندادا } عطف على تكفرون داخل فى حكم الانكار والتوبيخ وجمع الانداد باعتبار ما هو الواقع لا بان يكون مدار الانكار هو التعدد اى وتجعلون له انداد بمعنى تصفون له شركاء واشباها وامثالا من الآلهة والحال انه لا يمكن ان يكون له ند واحد فضلا عن الانداد وامر الله تعالى رسوله عليه السلام بان ينكر عليهم امرين . الاول كفرهم بالله بالحادهم فى ذاته وصفاته كالتجسم واتخاذ الصاحبة والولد والقول بانه لا يقدر على احياء الموتى وانه لا يبعث البشر رسلا . والثانى اثبات الشركاء والانداد له تعالى فالكفر المذكور اولا مغاير لاثبات الانداد له ضرورة عطف احدهما على الآخر { ذلك } العظيم الشأن الذى فعل ما ذكر من خلق الارض فى يومين وهو مبتدأ خبره قوله { رب العالمين } اى خالق جميع الموجودات ومربيها دون الارض خاصة فكيف يتصور ان يكون اخس مخلوقاته نداّا له تعالى(12/468)
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10)
{ وجعل فيها رواسى } عطف على وخلق داخل فى حكم الصلة . والجعل ابداعى والمراد تقدير الجعل لا الجعل بالفعل والمراد بالرواسى الجبال الثابتة المستقرة : وبالفارسية [ كوههاى بلنديايدار ] يقال رسا الشىء يرسو ثبت وارساه غيره ومنه المرساة وهو انجر السفينة وقفت على الانجر بالفارسية [ لنكر ] { من فوقها } متعلق بجعل او بمضمر هو صفة لرواسى اى كائنة من فوقها مرتفعة عليها لتكون منافعها ظاهرة للطلاب وليظهر للناظر ما فيها من وجوه الاستدلال ولا فالجبال التى اثبتت فوق الارض لا تمنعها عن الميلان ولو كانت تحتها كاساطين الغرف او مركوزة فيها كالمسامير لمنعتها عنه
عن ابن عباس رضى الله عنهما اول ما خلق الله من شىء خلق القلم وقال له اكتب قال يا رب ما اكتب قال اكتب القدر فجرى بما يكون من ذلك الى يوم القيامة ثم خلق النون ثم رفع بخار الماء ففتق منه السماوات ثم بسط الارض على ظهر النون فاضطرب النون فمادت الارض اى مالت فاوتدت بالجبال اى احكمت واثبتت
قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره لما خلق الله الارض على الماء تحركت ومالت فخلق الله من الابخرة الغليظة الكثيفة الصاعدة من الارض بسبب هيجانها الجبال فسكن ميل الارض وذهبت تلك الحركة التى لا يكون معها استقرار فطوّق الارض بجبل محيط بها وهو من صخرة خضراء وطوق الجبل بحية عظيمة رأسها بذنبها رأيت من الابدال من صعد جبل قاف فسألته عن طوله علوا فقال صليت الضحى فى اسفله والعصر فى اعلاه يعنى بخطوة الابدال وهى من المشرق الى المغرب
يقول الفقير لعل هذا من قبيل البسط فى السير الملكوتى والا فما بين السماء والارض كما بين المشرق والمغرب وهى خمسمائة عام على ما قالوا
وعن وهب ان ذا القرنين اتى على جبل قاف فرأى حوله جبالا صغارا فقال ما انت قال انا قاف قال فما هذه الجبال حولك قال هى عروقى وليست مدينة الا وفيها عرق منها فاذا اراد الله ان يزلزل مدينة امرنى فحركت عرقى ذلك فتزلزلت تلك المدينة قال يا قاف اخبرنى بشىء من عظمة الله فقال ان شأن ربنا لعظيم وان من ورائي مسيرة خمسمائة عام من جبال ثلج يحطم بعضها بعضا لولا ذلك لاحرقت من نار جهنم والعياذ بالله منها
وذكر اهل الحكمة ان مجموع ما عرف فى الاقاليم السبعة من الجبال مائة وثمانية وسبعون جبلا منها ما طوله عشرون فرسخا ومنها مائة فرسخ الى الف فرسخ
وفى زهرة الرياض اول جبل نصب على وجه الارض ابو قبيس وعدد الجبال ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول
وجعل الله فى الجبال خصائص منها ان تجر البرودة الى نفسها وجعلها خزائن المياه والثلوج تدفعها بامر الخالق الى الخلق بالمقادير لكل ارض قدر معلوم على حسب استعدادها ومنها خلق الاودية لمنافع العباد واودع فيها انواع المعادن من الذهب والفضة والحديد وانواع الجواهر وهى خزانة الله وحصنه ودليل على قدرته وكمال حكمته وهى سجن الوحوش والسباع ليلا وشرف الله الجبال بعرض الامانة عليها وفيها التسبيح والخوف والخشية وجعلها كراسى انبيائه عليهم السلام كاحد لنبينا والطور لموسى وسرنديب لآدم والجودى لنوح صلوات الله على نبينا وعليهم اجمعين وكفى شرفا بذلك وانها بمنزلة الرجال فى الاكوان يقال للرجل الكامل جبل
رأى بعض الاولياء مناما فى الليلة التى هلك فيها رجال بغداد على يد هولاكو كوخان ان جبال العراقين ذهبت من وجه الارض بهبوب الرياح المظلمة على بغداد فوصل الخبر ان هولاكوخان قد دخل مدينة بغداد وقتل من الرجال الاولياء والعلماء والصلحاء والامراء وسائر الناس مالا يحصى عددا ولذا قال بعضهم رواسى الجبال اوتاد الارض فى الصورة والاولياء اوتاد الارض فى الحقيقة فكما ان الجبال مشرفة على سائر الاماكن كذلك الاولياء مشرفون على سائر الخلائق دل عليه قوله { من فوقها } يعنى من فوق العامة فكما ان جبل قال مشرف على كل جبل كذلك القطب الغوث الاعظم مشرف على كل ولى وبه قوام الاولياء والرواسى دونه
ومن خواص الاولياء من يقال لهم الاوتاد وهم اربعة واحد يحفظ المشرق باذن الله تعالى ويقال له عبد الحى وواحد يحفظ المغرب ويقال عبد العليم وواحد يحفظ الشمال ويقال له عبد المريد وواحد يحفظ الجنوب ويقال له عبد القادر وكان الشافعى رحمه الله فى زمانه من الاوتاد الاربعة على ما نص عليه الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر فى الفتوحات .(12/469)
وببركات الاولياء يأتى المطر من السماء ويخرج النبات من الارض وبدعائهم يندفع البلاء عن الخلق وان حياتهم ومماتهم سواء فانهم ماتوا عن اوصاف وجودهم بالاختيار قبل الموت بالاضطرار فهم احياء على كل حال ولذا قيل
مشو بمرك زامداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آكاه عين بيداريست
{ وبارك فيها } اى قدر بان يكثر خير الارض بان يخلق انواع الحيوان التى من جملتها الانسان واصناف النبات التى منها معايشهم ببذر وغيره { وقدر فيها اقواتها } القوت من الرزق ما يمسك الرمق ويقوم به بدن الانسان يقال قاته يقوته اذا اطعمه قوته والمقيت المقتدر الذى يعطى كل احد قوته
ومن بلاغات الزمخشرى اذا حصلتك ياقوت هان علىّ الدر والياقوت والمعنى حكم تعالى بالفعل بان يوجد فيما سيأتى لاهل الارض من الانواع المختلفة اقواتها المناسبة لها على مقدار معين تقتضيه الحكمة فالمراد باقوات الارض ارزاق سكانها بمعنى قدّر اقوات اهلها على حذف المضاف بان عين لكل نوع ما يصلحه ويعيش به [ ويا براى اهل هرموضعى اززمين روزى مقدر كرد جون كندم وجووبرنج وخرما وكوشت وامثال آن هريك ازينها غالب اقوات بلداست ](12/470)
وقال بعض العارفين كل خلق لهم عنده تعالى رزق مخصوص فرزق الروحانيين المشاهدة ورزق الربانيين المكاشفة ورزق الصادقين المعرفة ورزق العارفين التوحيد ورزق الارواح الروح ورزق الاشباح الاكل والشرب وهذه الاقوات تظهر لهم من الحق فى هذه الارض التى خلقت معبدا للمطيعين ومرقدا للغافلين
جلوه تقدير درزندان كل دارد مراد ... ورنه بالا تربود از نه فلك جولان من
{ فى اربعة ايام } من ايام الآخرة او من ايام الدنيا كما سبق وهو متعلق بحصول الامور المذكورة لا بتقديرها اى قدر حصولها فى يومين يوم الثلاثاء ويوم الاربعاء على ما سيأتى
وانما قيل فى اربعة ايام اى تتمة اربعة ايام بالفذلكة ومجموع العدد لانه باليومين السابقين يكون اربعة ايام كأنه قيل نصب الراسيات وتقدير الاقوات وتكثير الخيرات فى يومين آخرين بعد خلق الارض فى يومين وانما لم يحمل الكلام على ظاهره بان يجعل خلق الارض فى يومين وما فيها فى اربعة ايام لانه قد ثبت ان خلق السموات فى يومين فيلزم ان يكون خلق المجموع فى ثمانية ايام وليس كذلك فانه فى ستة ايام على ما تكرر ذكره فى القرآن
وذكر فى البرهان انما لم يذكر اليومين على الانفراد لدقيقة لا يهتدى اليها كل احد وهى ان قوله { خلق الارض فى يومين } صلة الذى { وتجعلون له اندادا } عطف على تكفرون { وجعل فيها رواسى } عطف على قوله { خلق الارض } وهذا ممتنع فى الاعراب لا يجوز فى الكلام وهو فى الشعر من اقبح الضرورات لا يجوز ان يقول جاءنى الذى يكتب وجلس ويقرأ لانه لا يحال بين صلة الموصول وما يعطف عليه باجنبى من الصلة فاذا امتنع هذا لم يكن بد من اضمار فعل يصح الكلام به ومعه وما يعطف عليه باجنبى من الصلة فاذا امتنع هذا لم يكن بد من اضمار فعل يصح الكلام به ومعه فتضمن خلق الارض بعد قوله ذلك رب العالمين خلق الارض وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها فى اربعة ايام ليقع هذا كله فى اربعة ايام انتهى
وقال غيره { وجعل فيها رواسى } عطف على خلق وحديث لزوم الفصل بجملتين خارجيتين عن حيز الصلة مدفوع بان الاولى متحدة بقوله تعالى { تكفرون } فهو بمنزلة الاعادة له والثانية اعتراضية مقررة لمضمون الكلام بمنزلة التأكيد فالفصل بهما كلا فصل فالوجه فى الجميع دون الانفراد ما سبق { سواء } مصدر مؤكد لمضمر هو صفة لايام اى استوت تلك الايام سواء اى استواء يعنى فى اربعة ايام كاملة مستوية بلا زيادة ولا نقصان { للسائلين } متعلق بمحذوف تقديره هذا الحصر فى الاربعة للسائلين عن مدة خلق الارض وما فيها القائلين فى كم خلقت الارض وما فيها فالسؤال استفتائى واللام للبيان او بقدّر(12/471)
قال فى بحر العلوم وهو الظاهر اى قدر فيها اقواتها لاجل السائلين اى الطالبين لها المحتاجين اليها من المقتاتين فان اهل الارض كلهم طالبون للقوت محتاجون اليه فالسؤال استعطائى واللام للاجل
قال ابن عباس رضى الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا رديفه يقول « خلق الله الارواح قبل الاجسام باربعة آلاف سنة وخلق الارزاق قبل الارواح باربعة آلاف سنة سواء لمن سأل ولمن لم يسأل وانا من الذين لم يسألوا الله الرزق ومن سأل فهو جهل » وهذا الخبر يشير الى ان اللام فى للسائلين متعلق بسواء واليه الاشارة فى تأويلات البقلى حيث قال لا يزيد الرزق بالسؤال ولا ينقص وفيه تأديب لمن لم يرض بقسمته
كشاد عقده روزى بدست تقديرانست ... مكن زرزق شكايت از ين وآن زنهار
وفى الحديث « من جاع او احتاج فكتمه عن الناس كان حقا على الله ان يفتح له رزق سنة من حلال » فالعمدة الصبر وترك الشكاية والتوكل والاشتغال بالذكر
قال انس رضى الله عنه خرجت مع النبى عليه السلام الى شعب فى المدينة ومعى ماء لطهوره فدخل النبى عليه السلام واديا ثم رفع رأسه واومأ الى بيده ان اقبل فاتيته فدخلت فاذا بطير على شجرة وهو يضرب بمنقاره فقال عليه السلام « هل تدرى ما يقول » قلت لا قال « يقول اللهم انت العدل الذى لا تجور حجبت عنى بصرى وقد جعت فاطعمنى » فاقبلت جرادة فدخلت بين مقناره ثم جعل يضرب منقاره بمنقاره فقال عليه السلام « أتدرى ما يقول » قلت لا فقال « من توكل على الله كفاه ومن ذكره لا ينساه » قال عليه السلام « يا انس من ذا الذى يهتم للرزق بعد ذلك اليوم الرزق اشد طلبا لصاحبه من صاحبه له » قال الصائب
رزق اكر برآدمى عاشق نمىباشد جرا ... از زمين كندم كريبان جاك مى آيدجرا(12/472)
ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)
{ ثم استوى الى السماء } شروع فى بيان كيفية التكوين اثر بيان كيفية التقدير ولعل تخصيص البيان بما يتعلق بالارض واهلها لما ان بيان اعتنائه تعالى بامر المخاطبين وترتب مبادى معايشهم قبل خلقهم مما يحملهم على الايمان ويزجرهم عن الكفر والطغيان
وبيان ثم يجيئ بعد تمام الآيات . والاستواء ضد الاعوجاج من قولهم استوى العود اذا اعتدل واستقام حمل فى هذا المقام على معنى القصد والتوجه لان حقيقته من صفات الاجسام وخواصها والله تعالى متعال عنها . والمعنى ثم قصد نحو السماء بارادته ومشيئته قصدا سويا وتوجه اليه توجها لا يلوى على غيره اى من غير ارادة خلق شىء آخر يضاهى خلقها يقال استوى الى مكان كذا كالسهم المرسل اذا توجه اليه توجها مستويا من غير ان يلوى على غيره . وفى ثم اظهار كمال العناية بابداع العلويات { وهى دخان } الواو للحال والضمير الى السماء لانها من المؤنثات السماعية والدخان اجزاء ارضية لطيفة ترتفع فى الهواء مع الحرارة
وفى المفردات الدخان العثان المستصحب للهب والبخار اجزاء مائية رطبة ترتفع فى الهواء مع الشعاعات الراجعة من سطوح المياه . والمعنى والحال ان السماء دخان اى امر ظلمانى يعد كالدخان وهو المرتفع من النار فهو من قبيل التشبيه البليغ واطلاق السماء على الدخان باعتبار المآل
قال الراغب قوله تعالى { وهى دخان } اى هى مثل الدخان اشارة الى انها لا تماسك بها انتهى . عبر بالدخان عن مادة السماء يعنى الهيولى والصورة الجسمية او عن الاجزاء المتصغرة التى ركبت هى منها يعنى الاجزاء التى لا تتجزأ واظلامها ابهامها قبل حلول المنور كما فى الحواشى السعدية ولما كانت اول حدوثها مظلمة صحت تسميتها بالدخان تشبيها لها به من حيث انها اجزاء متفرقة غير متواصلة عديمة النور كالدخان فانه ليس له صورة تحفظ تركيبه كما فى حواشى ابن الشيخ
وقال بعضهم وهى دخان اى دخان مرتفع من الماء يعنى السماء بخار الماء كهيئة الدخان : وبالفارسية [ وحال آنكه دخان بود يعنى بخار آب بهيآت دخان ] كما فى تفسير الكاشفى يروى ان اول ما خلق الله العرش على الماء والماء ذاب من جوهرة خضراء او بيضاء فاذابها ثم القى فيها نارا فصار الماء يقذف بالغثاء فخلق الارض من الغثاء ثم استوى الى الدخان الذى صار من الماء فسمكه سماء ثم بسط الارض فكان خلق الارض قبل خلق السماء وبسط الارض وارساء الجبال وتقدير الارزاق وخلق الاشجار والدواب والبحار والانهار بعد خلق السماء لذلك قال الله تعالى { والارض بعد ذلك دحاها } هذا جواب عبد الله بن عباس رضى الله عنهما لنافع ابن الارزق الحرورى
كفىرا منبسط سازدكه اين فرشيست بس لايق ... بخاريرا برافرازدكه اين سقفيست بس زيبا
ازان سقف معلق حسن تصويرش بود ظاهر ... بدين فرش مطبق لطف تدبيرش بودييدا(12/473)
{ فقال لها } اى للسماء { وللارض } التى قدر وجودها ووجود ما فيها { ائتيا } اى كونا واحدثا على وجه معين وفى وقت مقدر لكل منكما هو عبارة عن تعلق ارادته تعالى بوجودهما تعلقا فعليا بطريق التمثيل بعد تقدير امرهما من غير ان يكون هناك آمر ومأمور كما فى قوله كن بان شبه تأثير قدرته فيهما وتأثرهما عنها بامر آمر نافذ الحكم يتوجه نحو المأمور المطيع فيتمثل امره فعبر عن الحالة المشبهة بما يعبر به عن الحالة المشبهة بها { طوعا او كرها } مصدران واقعان فى موقع الحال . والطوع الانقياد ويضاده الكره اى حال كونكما طائعتين منقادتين او كارهتين اى شئتما ذلك او ابيتما وهو تمثيل لتحتم تأثير قدرته تعالى فيهما واستحالة امتناعهما من ذلك لا اثبات الطوع والكره لهما لانهما من اوصاف العقلاء ذوى الارادة والاختيار والارض والسماء من قبيل الجمادات العديمة الارادة والاختيار { قالتا اتينا طائعين } اى منقادين وهو تمثيل لكمال تأثرهما بالذات عن القدرة الربانية وحصولهما كما امرتا به وتصوير لكون وجودهما كما هما عليه جاريا على مقتضى الحكمة البالغة فان الطوع منبىء عن ذلك والكره موهم لخلافه
فان قلت انما قيل طائعين على وزن جمع العقلاء الذكور لا طائعتين حملا على اللفظ او طائعات حملا على المعنى لانها سموات وارضون قلت باعتبار كونهما فى معرض الخطاب والجواب فلما وصفتا باوصاف العقلاء عوملتا معاملة العقلاء وجمعتا لتعدد مذلولهما ونظيره ساجدين فى قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام { انى رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين } وفى التأويلات النجمية يشير الى انه بالقدرة الكاملة انطق السماء والارض المعدومة بعد ان اسمعها خطاب ائتيا طوعا او كرها لتجيبا وقالتا اتينا طائعين وانما ذكرهما بلفظ التأنيث فى البداية لانهما كانتا معدومتين مؤنثتين وانما ذكرهما فى النهاية بلفظ التذكير لانه احياهما واعقلهما وهما فى العدم فاجابا بقولهما اتينا طائعين جواب العقلاء وفى حديث « ان موسى عليه السلام قال يا رب لو ان السموات والارض حين قلت لهما ائتيا طوعا او كرها عصتاك ما كنت صانعا بهما قال كنت آمر دابة من دوابى فتبتلعهما قال يا رب واين تلك الدابة قال فى مرج من مروجى قال واين ذلك المرج قال فى علم من علمى »
قال بعضهم اجاب ونطق من الارض اولا موضع الكعبة ومن السماء ما بحذائها فجعل الله تعالى لها حرمة على سائر الارض حتى كانت كعبة الاسلام وقبلة الانام ويقال اجابه من الارض اولا الاردن من بلاد الشام فسمى لسان الارض واما اول بلدة بنيت على وجه الارض فهى بلخ بخراسان بناها كيومرث ثم بنى الكوفة ابنه هوسنك وكيومرث من اولاد مهلائيل بن قينان بن انوش بن شيث كان عمره سبعمائة سنة(12/474)
وقال ابن عباس رضى الله عنهما اصل طينة النبى عليه السلام من سرة الارض بمكة فهذا يشعر بانه ما اجاب من الارض الا ذرة المصطفى وعنصر طينة المجتبى عليه السلام فلهذا دحيت الارض من تحت الكعبة وكانت ام القرى فهو عليه السلام اصل الكل فى التكوين روحا وجسدا والكائنات باسرها تبع له ولهذا يقال النبى الامى لانه ام الكل واسه
فان قلت ورد فى الخبر الصحيح « تربة كل شخص مدفنه » فكان يقتضى ان يكون مدفنه عليه السلام بمكة حيث كانت تربته منها قلت لما تموج الماء رمى ذلك العنصر الشريف والزبد اللطيف والجوهر المنيف فوقع جوهره عليه السلام الى ما يحاذى ترتبه بالمدينة المنورة وفى تاريخ مكة ان عنصره الشريف كان فى محله يضيئ الى وقت الطوفان فرماه الموج فى الطوفان الى محل قبره الشريف لحكمة الهية وغيرة ربانية يعرفها اهل الله تعالى ولذا لا خلاف بين علماء الامة فى ان ذلك المشهد الاعظم والمرقد الاكرم افضل من جميع الاكوان من العرش والجنان . فذهب الامام مالك واستشهد بذلك وقال لا اعرف اكبر فضل لابى بكر وعمر رضى الله عنهما من انهما خلقا من طينة رسول الله عليه السلام لقرب قبرهما من حضرة الروضة المقدسة المفضلة على الاكوان باسرها وكان عليه السلام مكيا مدنيا وحنينه الى مكة لتلك المناسبة وتربته وبالمدينة الحكمة
قال الامام السهروردى رحمه الله لما قبض عزرائيل عليه السلام قبضة الارض وكان ابليس قد وطىء الارض بقدميه فصار بعض الارض بين قدميه وبعضها موضع اقدامه فخلقت النفوس الامارة من مماس قدم ابليس فصارت النفوس الامارة مأوى الشرور وبعض الارض لم يصل اليها قدم ابليس فمن تلك التربة اصل طينة الانبياء والاولياء عليهم السلام وكانت طينة رسول الله موضع نظر الله من قبضة عزرائيل لم تمسها قدم ابليس فلم يصبه حظ جهل النفس الامارة بل صار منزوع الجهل موفرا حظه من العلم فبعثه الله بالعلم والهدى وانتقل من قلبه الشريف الى القلوب الشريفة ومن نفسه القدسيه المطمئنة فوقعت المناسبة فى اصل طهارة الطينة فكل من كان اقرب مناسبة فى ذلك الاصل كان اوفر حظا من القبول والتسليم والكمال الذاتى ثم بعض من كان اقرب مناسبة الى النبى عليه السلام فى الطهارة الذاتية اواوفر حظا من ميراثه اللدنى قد ابعد فى اقاصى الدنيا مسكنا ومدفنا وذلك لا ينافى قربه المعنوى فان ابعاده فى الارض كابعاد النبى عليه السلام من مكة الى المدينة بحسب المصلحة : قال الحافظ
كرجه دوريم بياد تود قدح مينوشيم ... بعد منزل نبود درسفر روحانى(12/475)
فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)
{ فقضاهن سبع سموات } تفسير وتفصيل لتكوين السماء المجمل المعبر عنه بالامر وجوابه لا انه فعل مرتب على تكوينها والضمير للسماء على المعنى فانه فى معنى الجمع لتعدد مدلوله فسبع سموات حال او هو اى الضمير مبهم يفسره سبع سموات كضمير ربه رجلا فسبع سموات تمييز . والمعنى خلقهن حال كونهن سبع سموات او من جهة سبع سموات خلقا ابداعيا اى على طريق الاختارع لا على مثال واتقن امرهن بان لا يكون فيهن خلل ونقصان حسبما تقتضيه الحكمة
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان سماء القلب سبعة اطوار كما قال تعالى { وقد خلقكم اطوارا } فالطور الاول من القلب يسمى الكركر وهو محل الوسوسة والثانى الشغاف ومركز الاسرار ومهبط الانوار { فى يومين } فى وقت مقدر بيومين وهما يوم الخميس ويوم الجمعة خلق السماوات يوم الخميس وما فيها من الشمس والقمر والنجوم فى يوم الجمعة وقد بين مقدار زمان خلق الارض وخلق ما فيها عند بيان تقديرهما فكان خلق الكل فى ستة ايام حسبما نص عليه فى مواضع من التنزيل { واوحى فى كل سماء امرها } عطف على فقضاهن . والايحاد عبارة عن التكوين كالامر مقيد بما قيد به المعطوف عليه من الوقت
قال راغب يقال للابداع امر وقد حمل على ذلك فى هذه الآية والمعنى خلق فى كل منها ما فيها من الملائكة والنيرات وغير ذلك مما لا يعلمه الا الله واظهر ما اراده كما قال قتادة والسدىّ . او اوحى اى القى الى اهل كل منها اوامره وكلفهم ما يليق بهم من التكاليف فمنهم قيام لا يقعدون الى قيام الساعة ومنهم سجود لا يرفعون رؤسهم ابدا الى غير ذلك فهو بمعناه ومطلق عن القيد المذكور والآمر هو الله والمأمور اهل كل سماء واضيف الامر الى نفس السماء للملابسة لانه اذا كان مختصا بالسماء فهو ايضا بواسطة اهلها { وزينا السماء الدنيا بمصابيح } التفات الى نون العظمة لابراز مزيد العناية بالامر اى بكواكب تضيىء فى الليل كالمصابيح فانها ترى كلها متلألئة على السماء الدنيا كأنها فيها : وبالفارسية [ وبياراستيم آسمان نزديكتر بجراغها يعنى ستاركان كه جوجراغ درخشان باشند ] فالمراد بالمصابيح جميع الكواكب النيرة التى خلق الله فى السماوات من الثوابت والسيارات وليس كلها فى السماء الدنيا وهى التى تدنو وتقرب من اهل الارض فان كل واحد من السيارات السبع فى فلك والثوابت مركوزة فى الفلك الثامن الا ان كونها مركوزة فيما فوق السماء الدنيا لا ينافى كونها زينة لها لانا نرى جميع الكواكب كالسرج الموقدة فيها وقيل ان فى كل سماء كواكب تضيىء وقيل بل الكواكب مختصة بالسماء الدنيا
ويقال زين السماء بانوار الكروبيين كما زين الارض بالانبياء والاولياء وزين قلوب العارفين بانوار المعرفة وجعل فيها مصابيح الهداية وضياء التوحيد وزين جوارح المؤمنين بالخدمة وزين الجنة بنور مناجاة العارفين وزهرة خدمة العارفين(12/476)
نورى ازبيشانىء صاحب دلان در يوزه كن ... شمع خودرا مى برى دل مرده زين محفل جرا
{ وحفظا } مصدر مؤكد لفعل معطوف على زينا اى وحفظنا السماء الدنيا من الآفات ومن المسترقة حفظا وهى الشياطين الذين يصعدون السماء لاستراق السمع فيرمون بشهاب صادر من نار الكواكب منفصل عنها ولا يرجمون بالكواكب انفسها لانها قارة فى الفلك على حالها وما ذلك الا كقبس يؤخذ من النار والنار باقية بحالها لا ينتقص منها شىء والشهاب شعلة نار ساقطة { ذلك } الذى ذكر بتفاصيله { تقدير العزيز العليم } المبالغ فى القدرة فله بليغ قدرة على كل مقدور والمبالغ فى العلم فله بليغ علم بكل معلوم
قال الكاشفى { ذلك } [ آنجه ياد كرده از بدائع آفرينش { تقدير العزيز العليم } آفريدن واندازه كردن غالبست كه درملك خود بقدرت هرجه خواهد كند دانا كه هرجه سازد از روى حكمت است ] فعلى هذا التفصيل لا دلالة فى الآية الكريم على الترتيب بان ايجاد الارض وايجاد السماء وانما الترتيب بين التقدير والايجاد واما على تقدير كون الخلق وما عطف عليه من الافعال الثلاثة على معانيه الظاهرة فيكون خلق الارض وما فيها متقدما على خلق السماء وما فيها وعليه اطباق اكثر اهل التفسير ويؤيده قوله تعالى { هو الذى خلق لكم ما فى الارض جميعا ثم استوى الى السماء } وقيل ان خلق جرم الارض مقدم على خلق السماوات لكن دحوها وخلق ما فيها مؤخر لقوله تعالى { والارض بعد ذلك دحاها } ثم هذا على تقدير كون كلمة ثم للتراخى الزمانى واما على تقدير كونها للتراخى الرتبى على طريق الترقى من الادنى الى الاعلى يفضل خلق السموات على خلق الارض وما فيها كما جنح اليه الاكثرون فلا دلالة فى الآية الكريمة على الترتيب كما فى الوجه الاول
قال الشيخ النيسابورى خلق السماء قبل خلق الارض ليعلم ان فعله خلاف افعال الخلق لانه خلق اولا السقف ثم الاساس ورفعها على غير عمد دلالة على قدرته وكمال صنعه وروى انه تعالى خلق جرم الارض يوم الاحد ويوم الاثنين ودحاها وخلق ما فيها يوم الثلاثاء ويوم الاربعاء وخلق السماوات وما فيهنّ يوم الخميس ويوم الجمعة وخلق آدم فى آخر ساعة منه وهى الساعة التى تقوم فيها القيامة وسمى الجمعة لاجتماع المخلوقات وتكاملها ولما لم يخلق الله فى يوم السبت شيأ امتنع بنوا اسرائيل من الشغل فيه كما فى فتح الرحمن
والظاهر انه ينبغى ان يكون المراد به انه تعالى خلق العالم فى مدة لو حصل فيها فلك وشمس وقمر لكان مبدأ تلك المدة اول يوم الاحد وآخرها آخر يوم الجمعة كما فى حواشى ابن الشيخ وبه يندفع ما قال سعدى المفتى فيه اشكال لا يخفى فانه لا يتعين اليوم قبل خلق السماوات والشمس فضلا عن تعينه وتسميته باسم الخميس والجمعة(12/477)
وقال ابن عطية والظاهر من القصص فى طينة آدم ان الجمعة التى خلق فيها آدم قد تقدمتها ايام وجمع كثيرة وان هذه الايام التى خلق الله فيها المخلوقات هى اول الايام لانه بايجاد الارض والسماء والشمس وجد اليوم وفى الحديث فى خلق يوم الجمعة « انه اليوم الذى فرض على اليهود والنصارى فاضلته وهداكم الله تعالى له » اى امروا بتعظيمه والتفرع للعبادة فيه فاختار اليهود من عند انفسهم بدله السبت لانهم يزعمون انه اليوم السابع الذى استراح فيه الحق من خلق السماوات والارض وما فيهن من المخلوقات اى بناء على ان اول الاسبوع الاحد وانه مبدأ الخلق وهو الراجح
وفى كلام بعضهم اول الاسبوع الاحد لغة واوله السبت عرفا اى فى عرف الفقهاء فى الايمان ونحوها واختارت النصارى من قبل انفسهم بدل يوم الجمعة يوم الاحد اى بناء على انه اول يوم ابتدأ الله فيه بايجاد المخلوقات فهو اولى بالتعظيم وقد جاء فى المرفوع ( يوم الجمعة سيد الايام واعظمها عند الله فهو فى الايم كشهر رمضان فى الشهور وساعة الاجابة فيه كليلة القدر فى رمضان ) وجاء ( ان الله تعالى خلق يوما فسماه الاحد ثم خلق ثانيا فسماه الاثنين ثم خلق ثالثا فسماه الثلاثاء ثم خلق رابعا فسماه الاربعاء ثم خلق خامسا فسماه الخميس ) وبه يندفع ما قال السهيلى تسمية هذه الايام طارئة ولم يذكر الله منها فى القرآن الا يوم الجمعة والسبت والعرب اخذوا معانى الاسماء من اهل الكتاب فالقوا عليها هذه الاسماء اتباعا لهم فلم يسمها رسول الله عليه السلام بالاحد والاثنين الى غير ذلك الا حاكيا للغة قومه لا مبتدأ بتسميتها هذا كلام السهيلى
وفى السبعيات اكرم الله موسى بالسبت وعيسى بالاحد وداود بالاثنين وسليمان بالثلاثاء ويعقوب بالاربعاء وآدم بالخميس ومحمدا صلوات الله عليه وعليهم بالجمعة وهذا يدل على ان اليهود لم يختاروا يوم السبت والنصارى يوم الاحد من عند انفسهم فليتأمل الجمع
وقد سئل صلى الله عليه وسلم عن يوم السبت فقال « يوم مكر وخديعة » لانه اليوم الذى اجتمعت فيه قريش فى دار الندوة للاستشارة فى امره عليه السلام . وسئل عن يوم الاحد فقال « يوم غرس وعمارة » لان الله تعالى ابتدأ فيه خلق الدنيا وعمارتها . وسئل عن يوم الاثنين فقال « يوم سفر وتجارة » لان فيه سافر شعيب عليه السلام فاتجر فربح فى تجارته وسئل عن يوم الثلاثاء فقال « يوم دم » لان فيه حاضت حواء وقتل ابن آدم اخاه وفيه قتل جرجيس وزكريا ويحيى ولده وسحرة فرعون وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون وبقرة بنى اسرائيل ولهذا نهى النبى عليه السلام عن الحجامة يوم الثلاثاء اشد النهى وقال(12/478)
« فيه ساعة لا يرقأ فيها الدم » وفيه نزل ابليس الارض وفيه خلقت جهنم وفيه سلط الله ملك الموت على ارواح بنى آدم وفيه ابتلى ايوب عليه السلام وفى بعض الروايات ابتلى يوم الاربعاء
وفى روضة الاخبار قيل كان الرسم فى زمن ابى حنيفة ان يوم البطالة يوم السبت فى القراءة لا يقرأ فى يوم السبت ثم فى زمن الخصاف كان مترددا بين الاثنين ويوم الثلاثاء . وسئل عن يوم الاربعاء قال « يوم نحس اغرق فيه فرعون وقومه واهلك عاد وثمود وقوم صالح » وآخر اربعاء فى الشهر اشأم وجاء ( يوم الاربعاء لا اخذ ولا عطاء ) وورد فى الآثار النهى عن قص الاظفار يوم الاربعاء وانه يورث البرص وقد تردد فيه بعض العلماء فابتلى نعوذ بالله وفى حديث « لا يبدو جذام ولا برص الا يوم الاربعاء » وكره بعضهم عيادة المريض فيه ويحمد فيه الاستحمام والدعاء مستجاب فيه بعد الزوال قبل وقت العصر لانه عليه السلام استجيب له الدعاء على الاحزاب فى ذلك الوقت وقد بنى على موضع الدعاء مسجد فى المدينة يقال له مسجد الاستجابة يزار الآن وفى الحديث « ما من شىء بدىء يوم الاربعاء الا وقد تم » فينبغى البداءة بنحو التدريس فيه وكان صاحب الهداية يوقف ابتداء الامور على الاربعاء ويروى هذا الحديث ويقول كان هكذا يفعل ابى ويرويه عن شيخه احمد بن عبد الرشيد . وسئل عن يوم الخميس فقال « يوم قضاء الحوائج » لان فيه دخل ابراهيم عليه السلام على ملك مصر فاكرمه وقضى حاجته واعطاه هاجر وهو يوم الدخول على السلطان وفى الحديث « من احتجم يوم الخميس فحم مات فى ذلك المرض » وسئل عن يوم الجمعة فقال « يوم نكاح وخطبة » ايضا نكح فيه آدم حواء ويوسف زليخا وموسى بنت شعيب وسليمان بلقيس وصح انه عليه السلام نكح فيه خديجة وعائشة رضى الله عنهما
وعن ابن مسعود رضى الله عنه ( من قلم اظفاره يوم الجمعة اخرج الله منه داء وادخل فيه شفاء )
وقال الاصمعى دخلت على الرشيد يوم الجمعة وهو يقلم الاظفار فقال قلم الاظفار يوم الجمعة من السنة وبلغنى انه ينفى الفقر فقلت يا امير المؤمنين وانت تخشى الفقر فقال وهل احد أحشى للفقر منى وعن على رضى الله عنه رفعه من صام يوم الجمعة صبرا واحتسابا اعطى عشرة ايام غر زهر لا تشاكلهن ايام الدنيا ومن سالت من عينه قطرة يوم الجمعة قبل الرواح اوحى الى ملك الشمال اطو صحيفة عبدى فلا تكتب عليه خطيئة الى مثلها من الجمعة الاخرى قال بعض العارفين شرف الازمنة وفضيلتها يكون بحسب شرف الاحوال الواقعة فيها من حضور المحبوب ومشاهدته قال عمر بن الفارض قدس سره(12/479)
وعندى عيدى كل يوم ارى به ... جمال محياها بعين قريرة
وكل الليالى ليلة القدر ان دنت ... كما كل ايام اللقا يوم جمعة
وليوم الجمعة خواص تجيئ فى محلها ان شاء الله تعالى وفى الحديث اكثروا الصلاة على فى الليلة الزهراء واليوم الاغر فان صلاتكم تعرض على فأدعو لكم واستغفر والمراد بالليلة الزهراء ليلة الجمعة لتلألؤ انوارها وباليوم الاغر يوم الجمعة لبياضه ونورانيته وفى الحديث « من صلى على فى يوم الجمعة وليلة الجمعة مائة مرة قضى الله له مائة حاجة سبعين من حوائج الدنيا وثلاثين من حوائج الاخرة ثم يوكل الله بذلك ملكا يدخله على فى قبرى كما تدخل عليكم الهدايا يخبرنى بمن صلى على باسمه ونسبه الى عشيرته فأثبته عندى فى صحيفة بيضاء لأن علمى بعد موتى كعلمى فى حياتىرضي الله عنR> » بروز جمعه درود محمدعربى زروى قدر زايام ديكر افزونست زا اختصاص كه اورا بحضرت نبويست درو ثواب درود از قياس بيرونست
ثم ان الليل والنهار خزانتان ما اودعتهما ادتاه وانهما يعملان فيك فاعمل فيهما جعلنا الله واياكم من المراقبين للاوقات(12/480)
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13)
{ فان اعرضوا } متصل بقوله قل ائنكم الخ فان اعرض كفار قريش عن الايمان بعد هذا البيان وهو بيان خلق الاجرام العلوية والسفليه وما بينهما { فقل } لهم { انذرتكم } اى انذركم واخوفكم وصيغة الماضى للدلالة على تحقق الانذار المنبىء عن تحقق المنذر { صاعقة } اى عذابا هائلا شديد الوقع كأنه صاعقة يعنى ان الصاعقة فى الاصل قطعة من النار تنزل من السماء فتحرق ما اصابته استعيرت هنا للعذاب الشديد تشبيها له بها فى الشدة والهول وفى المفردات الصاعقة الصوت الشديد من الجو ثم يكون فيها نار فقط او عذاب او موت وهى فى ذاتها شىء واحد وهذه الاشياء تأثيرات منها وبالفارسية صاعقه از عذاب بيهوش سازنده وهلاك كنند { مثل صاعقة عاد } مانند عذاب قوم عادكه باد صر صر بود { وثمود } وعذاب قوم ثمود كه صيحه جبرآئيل عليه السلام بوده
اى لم يبق فى حقكم علاج الا انزال العذاب الذى نزل على من قبلكم من المعاندين المتمردين المعرضي عن الله وطلبه وطلب رضاه فهم سلف لكم فى التكذيب والجحود والعناد وقد سلكتم طريقهم فتكونون كأمثالهم فى الهلاك قال مقاتل كان عاد وثمود ابنى عم وموسى وقارون ابنى عم والياس واليسع ابنى عم وعيسى ويحيى ابنى خالة
وتخصيص اين دو قوم بجهت آنست كه درسفر رحلة الشتاء والصيف برمواضع اين دو كروه كذشته آثار عذاب مشاهده ميكرده اند(12/481)
إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14)
{ اذ جاءتهم الرسل } الظاهر انه من اطلاق الجمع على المثنى فان الجائى هود الى عاد وصالح الى ثمود والجملة حال من صاعقة عاد اى مثل صاعقتهم كائنة فى وقت مجيىء الرسل اليهم فكذبوهم فالمراد كون متعلق الظرف حالا منها لأن الصاعقة قطعة نار تنزل من السماء فتحرق فهى جثة والزمان كما لا يكون صفة للجثة لا يكون حالا منها { من بين ايديهم ومن خلفهم } متعلق بجاءتهم اى من جميع جوانبهم واجتهدوا بهم من كل جهة من جهات الارشاد وطرق النصيحة تارة بالرفق وتارة بالعنف وتارة بالتشويق واخرى بالترهيب فليس المراد الجهات الحسية والاماكن المحيطة بهم او من جهة الزمان الماضى بالانذار عما جرى فيه على الكفار من الوقائع ومن جهة الزمان المستقبل بالتحذير عما اعد لهم فى الآخرة ويحتمل ان يكون عبارة عن الكثرة كقوله تعالى يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فيراد بالرسل ما يعم المتقدمين منهم والمتأخرين او ما يعم رسل الرسل ايضا والا فالجائى رسولان كما سبق وليس فى الاثنين كثرة { الا تعبدوا الا الله } اى بان لا تعبدوا ايها القوم اى يأمرونهم بعبادة الله وحده فان مصدرية ناصبة للفعل وصلت بالنهى كما توصل بالامر فى مثل قوله ان طهرا ( قال الكاشفى ) در آمدند و دعوت كردند بانكه مبرستيد مكر خدايرا { قالوا } استخفافا برسلهم { لو شاء ربنا } اى ارسال الرسل فانه ليس هنا فى ان تقدر المفعول مضمون جواب الشرط كثير معنى { لانزل ملائكة } اى لارسلهم بدلكم ولم يتخالجنا شك فى امرهم فامنا بهم لكن لما كان ارسالهم بطريق الانزال قيل لانزل { فانا بما ارسلتم به } على زعمكم فهو ليس اقرارا منهم بالارسال { كافرون } قال فى بحر العلوم الفاء وقعت فى جواب شرط محذوف تقديره اذا انتم بشر مثلنا من غير فضلكم علينا ولستم بملائكة فانا لا نؤمن بكم وبما جئتم به ولا يجب ان يكون ما دخلت عليه فعلا لجواز دخولها على الجملة الاسمية المركبة من مبتدأ وخبر وقال سعدى المفتى اشارة الى نتيجة قياسهم الفاسد الاستثنائى نقيض تاليه ( قال الكاشفى ) مشركان دربند صورت انبيامانده از مشاهده معنى ايشان غافل بودند جند صورت بينى اى صورت برست هركه معنى ديد از صورت برست ديده صورت برستى را ببند تا شوى از نور معنى بهره مند
روى ان ابا جهل قال فى ملاء من قريش قد التبس علينا امر محمد عليه السلام فلو التمستم لنا رجلا عالما بالشعر والكهانة والسحر فكلمه ثم اتانا ببيان من امره فقال عتبة بن ربيعة والله لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر وعلمت من ذلك علما وما يخفى على فاتاه فقال انت يا محمد خير ام هاشم انت خير ام عبد المطلب انت خير ام عبد الله فبم تشتم آلهتنا وتضللنا فان كنت تريد الرياسة عقدنا لك اللوآء فكنت رئيسنا وان كان بك الباءة اى الجماع والشهوة زوجناك عشر نسوة تختارهن من بنات قريش وان كان بك المال جمعنا لك ما تستغنى به ورسول الله عليه السلام ساكت فلما فرغ عتبة قال عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم حم الى قوله مثل صاعقة عاد وثمود فامسك عتبة على فيه عليه السلام وناشده بالرحم
يعنى عتبه درشنيدن كلام خداى عزوجل جنان مبهوت ومدهوش كشت كه جاى سخن دروى نماند وبا آخر دست بردهن رسول نهاد وكفت بحق رحم كه نيز بخوانى كه طاقتم برسيد ودرين سخن سر كردان وحيران شدم .(12/482)
ورجع الى اهله متحيرا من امره عليه السلام ولم يرجع الى قريش ولم يخرج وكانوا منتظرين لخبره فلما احتبس عنهم قالوا ما نرى عتبة الا قد صبا
يعنى صابى ومائل دين محمد شد
فانطلقوا اليه وقالوا يا عتبة ما حبسك عنا الا انك قد صبأت فغضب ثم قال والله لقد كلمته فاجابنى بشىء والله ما هو شعر ولا كهانة ولا سحر ولما بلغ صاعقة عاد وثمود امسكت بفيه وناشدته بالرحم ان يكف وقد علمتم ان محمدا اذا قال شيئا لم يكذب فخفت ان ينزل بكم العذاب
راى من آنست كه اين مردرافرو كذاريد بادين خويش وتعرض نرسانيد اكر عرب برودست وعز او عزشماست ابو جهل كفت جنان ميدانم كه سحر او برتواثر كرده وترا از حال خود بكردانيده عتبه كفت راى من اينست كه شما هرجه ميخواهيد بكنيد
فكان من امرهم الاصرار حتى قتلوا فى وقعة بدر وابى الله الا ان يتم نوره ويظهر دينه فما كان الا ما اراد الله دون ما ارادوا(12/483)
فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15)
{ فاما عاد } لما كان التفصيل مسببا عن الاجمال السابق ادخل عليه الفاء السببية بس آماده كرده وعاديان { فاستكبروا فى الارض } در زمين احقاق دربلاد يمن اى تعظموا فيها على اهلها { بغير الحق } اى بغير الاستحقاق للتعظيم وركنوا الى قوة نفوسهم { وقالوا } اغترارا بتلك القوة الموقوفة على عظم الاجسام { من } استفهام { اشد منا قوة } وكان طول كل واحد منهم ثمانية عشر ذراعا وبلغ من قوتهم أن الرجل كان يقتلع الصخرة من الجبل ويجعلها حيث شاء وكانوا يظنون انهم يقدرون علىدفع العذاب بفضل قوتهم فخانتهم قواهم لما استمكن منهم بلواهم وقد رد الله عليهم بقوله { اولم يروا } آياندا نستند مغرور شدكان بقوت خود
اى أغفلوا ولم يعلموا علما جليا شبيها بالمشاهدة والعيان { أن الله الذى خلقهم } وخلق الاشياء كلها خصوصا الاجرام العظيمة كالسموات والجبال ونحوها وانما اورد فى حيز الصلة خلقهم دون خلق السموات والارض لادعائهم الشده فى القوة { هو اشد منهم قوة } اى قدرة لأن قدرة الخالق لا بد وان تكون اشد من قدرة المخلوق اذ قدرة المخلوق مستفادة من قدرة الخالق والقوة عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف ولما كانت صيغة التفضيل تستلزم اشتراك المفضل المفضل عليه فى الوصف الذى هو مبدأ اشتقاق افعل ولا اشتراك بينه تعالى وبين الانسان فى هذه القوة لكونه منزها عنها اريد بها القدرة مجازا لكونها مسببة عن القوة بمعنى صلابة البنية { وكانوا } وبودند وقوم عادكه ازروى تعصب { بآياتنا } المنزلة على الرسل { يجحدون } الجحود الانكار مع العلم اى ينكرونها وهم يعرفون حقيقتها كما يجحد المودع الوديعة وينكرها فهو عطف على فاستكبروا وما بينهما اعتراض للرد على كلمتهم الشنعاء والمعنى أنهم جمعوا بين الاستكبار وطلب العلو فى الارض وهو فسق وخروج عن الطاعة بترك الاحسان الى الخلق وبين الجحود بالآيات وهو كفر وترك لتعظيم الحق فكانوا فسقة كفرة وهذان الوصفان لما كانا اصلى جميع الصفات الذميمة لا جرم سلط الله عليهم العذاب كما قال(12/484)
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (16)
{ فارسلنا عليهم ريحا صرصرا } لتقلعهم من اصولهم اى باردة تهلك وتحرق بشدة بردها كاحراق النار بحرها من الصر وهو البرد الذى يصر اى يجمع ويقبض اى ريحا عاصفة تصر صر أى تصوت فى هبوبها من الصرير وبالفارسية بادصرصربآ وازمهيب
قيل انها الدبور مقابل القبول اى الصبا التى تهب من مطلع الشمس فيكون الدبور ما تهب من مغربها والصرصر تكرير لبناء الصر قال الراغب الصر الشد والصرة ما يعقد فيه الدراهم والصرصر لفظه من الصر وذلك يرجع الى الشد لما فى البرودة من التعقيد اذ هى من الفعليات لأنها كشيفة من شأنها تفريق المتشاكلات وجمع المختلفات { فى ايام نحسات } جمع نحسة من نحس نحسا نقيص سعد سعدا كلاهما على وزن علم والنحسان زحل والمريخ وكذا آخر شباط وآخر شوال ايضا من الاربعاء الى الاربعاء وذلك سبع ليال وثمانية ايام يعنى كانت الريح من صبيحة الاربعاء لثمان بقين من شوال الى غروب الاربعاء الآخر وهو آخر الشهر ويقال لها ايام الحسوم وسيأتى تفصيلها فى سورة الحاقة وما عذب قوم الا فى يوم الاربعاء وقال الضحاك امسك الله عنهم المطر ثلاث سنين ودامت الرياح عليهم من غير مطر وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه اذا اراد الله بقوم خيرا ارسل عليهم المطر وحبس عنهم كثرة الرياح واذا اراد بقوم شرا حبس عنهم المطر وسلط عليهم كثرة الرياح والمعنى فى ايام منحوسات مشئومات ليس فيها شىء من الخير فنحوستها أن الله تعالى ادام تلك الرياح فيها على وتيرة وحالة واحدة بلا فتور واهلك القوم بها لا كما يزعم المنجمون من أن بعض الايام قد يكون فى حد ذاته نحسا وبعضها سعدا استدلالا بهذه الآية لأن اجزآء الزمان متساوية فى حد ذاتها ولا تمايز بينها الا بحسب تمايز ما وقع فيها من الطاعات والمعاصى فيوم الجمعة سعد بالنسبة الى المطيع نحس بالنسبة الى العاصى وان كان سعدا فى حد نفسه قال رجل عند الاصمعى فسد الزمان فقال الاصمعى
ان الجديدين فى طول اختلافهما ... لا يفسدان ولكن يفسد الناس
وقيل
نذم زماننا والعيب فينا ... ولو نطق الزمان اذا هجانا
وقال الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره الملابس اذا فصلت وخيطت فى وقت رديىء اتصل بها خواص رديئة انتهى
يقول الفقير لعله اراد عروض الردآءة لها بسبب من الاسباب كيوم الاربعاء بما وقع فيه من العذاب لا أن الله خلقه رديئا فلا نافى بين كلامه وبين ما سبق والظاهر أن الله تعالى خلق اجزآء الزمان والمكان على تفاوت وكذا سائر الموجودات كما لا يخفى { لنذيقهم } بالريح العقيم { عذاب الخزى فى الحيوة الدنيا } اضافة العذاب الى الخزى من قبيل اضافة الموصوف الى الصفة على طريق التوصيف بالمصدر للمبالغة اى العذاب الخزى اى الذليل المهان على ان الذليل المهان فى الحقيقة اهل العذاب لا العذاب نفسه { ولعذاب الآخرة } وهر آينه عذاب آن سرى { اخزى } اى اذل وازيد خزيا من عذاب الدنيا وبالفارسية سختراست ازروى رسوايى(12/485)
وهو الحقيقة ايضا وصف للمعذب وقد وصف به العذاب على الاستاد المجازى لحصول الخزى بسببه { وهم لا ينصرون } بدفع العذاب عنهم بوجه من الوجوه لا فى الدنيا ولا فى الآخرة لأنهم لم ينصروا الله ودينه واما المؤمنون فانهم وان كانوا ضعفاء فقد نصرهم الله لأنهم نصروا الله ودينه فعجبا من القوة فى جانب الضعف وعجبا من الضعف فى جانب القوة وفى الحديث « انكم تنصرون بضعفائكم » اى الضعفاء الداعين لكم بالنصرة وقال خالد بن برمك اتقوا مجانيق الضعفاء اى دعواتهم
يقول الفقير انما عذبت عاد بريح صرصر لأنهم اغتروا بطول قاماتهم وعظم اجسادهم وزيادة قوتهم فظنوا أن الجسم اذا كان فى القوة والثقل بهذه المرتبة فهو يثبت فى مكانه ويستمسك ولا يزيله عن مقره شىء من البلاء فسلط الله عليهم الريح فكانت اجسامهم كريشة فى الهوآء وكان عليه السلام يجثو على ركبتيه عند هبوب الرياح ويقول « اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها لنا رياحا » اى رحمة « ولا تجعلها ريحا » اى عذابا واراد به أن اكثر ما ورد فى القرءآن من الريح بلفظ المفرد فهو عذاب نحو فارسلنا عليهم ريحا صرصرا وارسلنا عليهم الريح العقيم وان جاء فى الرحمة ايضا نحو وجرين بهم بريح طيبة وكل ما جاء بلفظ الجمع على الرياح فهو رحمة لا غير ويقول عليه السلام اى عند هبوب الرياح وعند سماع الصوت والرعد والصواعق ايضا « اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذاب وعافنا قبل ذلك » وفى الحديث « لا تسبوا الريح فاذا رأيتم ما تكرهون فقولوا اللهم انا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما امرت به ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما امرت به » ( كما فى المصابيح ) ريح صرصر باد نفس ازدهاست قلب ازود اضطراب ومكرهاست هركه بابرجا شود درعهد دين بايدارش ميكند حق جون زمين(12/486)
وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17)
{ واما ثمود } اى قبيلة ثمود فهو غير منصرف للعلمية والتأنيث ومن نونه وصرفه جعله اسم رجل وهو الجد الاعلى للقبيلة { فهديناهم } الهداية هنا عبارة عن الدلالة على ما يوصل الى المطلوب سوآء ترتب عليها الاهتدآء ام لا كما فى قوله تعالى { وانك لتهدى الى صراط مستقيم } وليست عبارة عن الدلالة المقيدة بكونها موصلة الى البغية كما فى قوله تعالى { والله لا يهدى القوم الكافرين } والمعنى فدللناهم على الحق بنصب الآيات التكوينية وارسال الرسل وانزال الآيات الشريفة ورحمنا عليهم بالكلية { فاستحبوا العمى على الهدى } حقيقة الاستحباب ان يتحرى الانسان فى الشىء ان يحبه واقتضى تعديته بعلى معنى الايثار والاختيار كما فى المفردات اى اختاروا الضلالة من عمى البصيرة وافتقادها على الهداية والكفر على الايمان والمعصية على الطاعة قال صاحب الكشف فى لفظ الاستحباب ما يشعر بأن قدرة الله تعالى هى المؤثرة وان لقدرة العبد مدخلا ما فان المحبة ليست اختيارية بالاتفاق وايثار العمى حبا وهو الاستحباب من الاختيارية واعترض عليه سعدى المفتى فى حواشيه بأنه كيف لا تكون المحبة اختيارية ونحن مكلفون بمحبة رسول الله صلى الله تعالى وعليه وسلم ولا تكليف بغير الاختيارى ألا يرى الى قوله عليه السلام لعمر رضى الله عنه « الآن يا عمر » يعنى فى قول عمر ورسول الله آخذ بيده يا رسول الله انت احب الى من كل شىء الا نفسى فقال عليه السلام « لا والذى نفسى بيده حتى اكون احب اليك من نفسك » فقال عمر الآن والله انت احب الى من نفسى فقال « الآن يا عمر » اى صار ايمانك كاملا والجواب على ما فى شرح المشارق لابن الملك أن المراد من هذه المحبة محبة الاختيار لا محبة الطبع لأن كل احد مجبول على حب نفسه اشد من غيرها فمعنى الحديث لا يكون ايمانك كاملا حتى تؤثر رضاى على رضى نفسك وان كان فيه هلاكك ونظيره قوله تعالى { ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة } فهم مع احتياجهم آثروا انفسهم على انفسهم وكذا المحب آثر رضى المحبوب على رضى نفسه مع كون محبته لنفسه اشد من محبته له وقيل ان ثمود فى الابتدآء آمنوا وصدقوا ثم ارتدوا وكذبوا فاجراهم مجرى اخوانهم فى الاستئصال فتكون الهداية بمعنى الدلالة المقيدة قال ابن عطاء البسوا لباس الهداية ظاهرا وهم عوارى فيتحقق عليهم لباس الحقيقة فاستحبوا العمى على الهدى فردوا الى الذى سبق لهم فى الازل يعنى أن جبلة القوم كانت جبلة الضلالة فمالوا الى ما جبلوا عليه من قبول الضلال فان السوابق تؤثر فى العواقب بدون العكس فلا عبرة بالهداية المتوسطة لأنها عارضة ( قال الحافظ ) جون حسن عاقبت نه برندى و زاهديست آن به كه كار خودبعنايت رها كنند { فأخذتهم صاعقة العذاب الهون } الهون مصدر بمعنى الهوان والذلة يقال هان هونا وهوانا ذل كما فى القاموس وصف به العذاب للمبالغة اى اخذتهم داهية العذاب المهين كأنه عين الهوان وبالفارسية صاعقه عذاب خوار كننده يعنى صيحه جبرآئيل ايشانرا هلاك كرد(12/487)
فالصاعقة هى العذاب الهون شبه بها لشدته وهوله كما بين فيما سبق وقيل صاعقة من السماء اى نار فاهلكتهم واحرقتهم فيكون من اضافة النوع الى الجنس بتقدير من اى من جنس العذاب المهين الذى بلغ فى افادة الهوان للمعذب الى حيث كان عين الهوان { بما كانوا يكسبون } من اختيار الضلالة والكفر والمعصية ( قال الكاشفى ) بسبب آنجه بودند كسب كردند ازتكذيب صالح عليه السلام مع أن الاستحباب المذكور صفة الباطن وبالصيحة تنشق المرارة فيفسد الداخل والخارج واما بالنار فلأحراقهم باطن ولد الناقة بعقر امه فابتلوا بالاحراق الظاهر ألا ترى ان يعقوب ذبح جديا بين يدى امه فابتلى بفراق يوسف واحتراقه على ما قاله البعض(12/488)
وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (18)
{ ونجينا الذين آمنوا } من تلك الصاعقة وكانوا مائة وعشرة انفس { وكانوا يتقون } الشرك او عقر الناقة وفيه اشارة الى التنجية من عذاب النار وهى انواع فمنهم من نجاهم من غير ان رأوا النار عبروا القنطرة ولم يعلموا وقوم كالبرق الخاطف وهم الاعلام وقوم كالراكض وهم ايضا الاكابر وقوم على الصراط يسقطون وتردهم الملائكة على الصراط فبعد وبعد وقوم بعد ما دخلوا النار فمنهم من تأخذه الى كعبيه ثم الى ركبتيه ثم الى حقويه فاذا بلغت القلب قال الحق تعالى للنار لا تحرقى قلبه فانه محترق فى وقوم يخرجون من النار بعدما امتحشوا وصاروا حمما الامتحاش سوخته شدن
والحمم جمع حممة بالضم وهو الفحم كما فى القاموس وفى الحديث « يدخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار ثم يقول الله تعالى أخرجوا من النار من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من ايمان فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون فى نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة فى جانب السيل » واشارت الآية الى ان سبب النجاة من النار هو الايمان والتقوى وهما من صفات القلب فاذا هرب العبد من مقام النفس ودخل فى مقام القلب كان آمنا سالما من انواع الالم فى الدنيا والآخرة والا كان معذبا ( حكى ) أن ابا يزيد البسطامى قدس سره دخل الحمام يوما فاصابه الحر فصاح فسمع ندآء من الزوايا الاربع يا ابا يزيد ما لم تسلط عليك نار الدنيا لم تذكرنا ولم تستغث بنا وفيه اشارة الى أن المقبول هو التدارك وقت الاختيار والايمان وقت التكلف والا خرج الامر من اليد ولا تفيد الصيحة وقت الوقوع فى العذاب
توبيش ازعقوبت درعفو كوب كه سودى ندارد فغان زيرجوب والكافر تنزل عليه ملائكة العذاب والمؤمن تصافحه الملائكة قال الله تعالى اسمع يا موسى ما اقول فالحق ما اقول انه من تكبر على مسكين حشرته يوم القيامة على صورة الذر ومن تواضع لعالم رفعته فى الدنيا والآخرة ومن رضى بهتك ستر مسلم هتكت ستره سبعين مرة ومن اهان مسلما فقد بارزنى بالمحاربة ومن امن بى سافحته الملائكة فى الدنيا والآخرة جهرا اللهم وفقنا لما ترضى(12/489)
وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19)
{ ويوم يحشر اعدآء الله } الحشر اخراج الجماعة من مقرهم وازعاجهم عنه الى الحرب وغيرها ولا يقال الا فى الجماعة ويوم منصوب باذكر المقدر والمعنى واذكر يا محمد لقومك يوم يحشر اعدآء الله المذكورون من عاد وثمود لا الاعدآء من الاولين والآخرين بمعنى انهم يجمعون الى النار كقوله { قل ان الاولين والآخرين لمجموعون الى ميقات يوم معلوم } لما سياتى من قوله تعالى { فى امم قد خلت من قبلهم من الجن والانس } والتعبير بالاعدآء للذم والايذان بعلة ما يحيق بهم من فنون العذاب { الى النار } الى موقف الحساب اذ هناك تتحقق الشهادة الآتية لا بعد تمام السؤال والجواب وسوقهم الى النار والتعبير عنه بالنار اما للايذان بانها عاقبة حشرهم وانهم على شرف دخولها واما لأن حسابهم يكون على شفيرها وفى الآية اشارة الى ان من لم يمتثل الى اوامر الله ولم يجتنب عن نواهيه ولم يتابع رسوله فهو عدو الله وان كان مؤمنا بالله مقرا بوحدانيته وان ولى الله من كان يؤمن بالله ورسله ويمتثل اوامر الله فى متابعة الرسول ويحشر الاولياء الى الله وجنته كما يحشر الاعدآء الى نار البعد وجحيمه { فهم يوزعون } يقال وزعته عن كذا كوضع كففته اى يحبس اولهم على آخرهم ليتلاحقوا وهو كناية عن كثرة اهل النار وفيه اشارة الى ان فى الوزع عقوبة لهم(12/490)
حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20)
{ حتى اذا ما جاؤها } غاية ليحشر وليوزعون اى حتى اذا حضروا النار جميعا وبالفارسية تاوقتى كه بيانيد بآتش
وما مزيدة لتاكيد اتصال الشهادة بالحضور يعنى ان وقت مجيئهم النار لا بد ان يكون وقت الشهادة عليهم { شهد عليهم سمعهم } الخ لأنهم كانوا استعملوها فى معاصى الله بغير اختيارهم فشهدت الآذان بما سمعت من شر وافرد السمع لكونه مصدرا فى الاصل { وابصارهم } بما نظرت الى حرام { وجلودهم } ظواهر انفسهم وبشراتهم بما لامست محظورا والجلد قشر البدن وقيل المراد بالجلود الجوارح والاعضاء
واول عضوى كه تكلم كندزان كف دست راست بود { بما كانوا يعملون } فى الدنيا ويقال تخبر كل جارحة بما صدر من افاعيل صاحبها لا ان كلا منها تخبر بجناياتها المعهودة فقط فالموصول عبارة عن جميع اعمالهم السيئة وفنون كفرهم ومعاصيهم وتلك الشهادة بان ينطقها الله كما انطق اللسان اذ ليس نطقها باغرب من نطق اللسان عقلا وكما انطق الشجرة والشاة المشوية المسمومة بان يخلق فيها كلاما كما عند اهل السنة فان البينة ليست بشرط عندهم للحياة والعقل والقدرة كما عند المعتزلة وفى حواشى سعدى المفتى بان ينطقها لا على ان تكون تلك الاعضاء آلاته ولا على ان تكون القدرة والارادة آلة فى الانطاق وكيف وهى كارهة لما انطقوا به بل على ان تكون الاعضاء هى الناطقة بالحقيقة موصوفة بالقدرة والارادة وفيه تامل انتهى روى انه عليه السلام ضحك يوما حتى بدت نواجذه ثم قال « الا تسألون مم ضحكت » قالوا مم ضحكت يا رسول الله قال « عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة قال يقول يا رب اليس قد وعدتنى ان لا تظلمنى قال فان لك ذلك قال فانى لا اقبل شاهدا الا من نفسى قال الله تعالى اوليس كفى بى شهيدا وبالملائكة الكرام الكاتبين فيقول اى ربى اجرتنى من الظلم فلن اقبل على شاهدا الا من نفسى قال فيختم على فيه وتتكلم الاركان بما كان يعمل » قال عليه السلام « فيقول لهن بعدا لكن وسحقا عنكن كنت اجادل » وهذه الرواية تنطق بان المراد بالجلود الجوارح وفيه اشارة الى ان الجماد فى الآخرة يكون حيوانا ناطقا كما قال تعالى { وان الدار الآخرة لهى الحيوان }(12/491)
وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21)
{ وقالوا لجلودهم } توبيخا { لم شهدتم علينا } وصيغة جمع العقلاء فى خطاب الجلود وكذا فى قوله تعالى قالوا انطقنا الخ لوقوعها فى موقع السؤال والجواب المختصين بالعقلاء ولعل تخصيص الجلود لأنها بمرآئى منهم بخلاف غيرها او لأن الشهادة منها اعجب وابعد اذ ليس شانها الادراك بخلاف السمع والبصر والمراد الادراك اللازم للشهادة وهو الابصار او الاسماع اذ الشهادة لا تكون الا بالمعاينة او السماع والادراك اللمسى لا مدخل له فى الشهادة فيحصل التعجب والبعد وعن ابن عباس رضى الله عنهما المراد بشهادة الجلود شهادة الفروج لأنها لا تخلو عن الجلود والله حيى يكنى وهو الانسب بتخصيص السؤال بها فى قوله وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا ما نشهد به من الزنى اعظم جناية وقبحا واجلب للخزى والعقوبة مما يشهد به السمع والابصار من الجنايات المكتسبة بتوسطها { قالوا } اى الجلود { انطقنا الله الذى انطق كل شىء } ناطق واقدرنا على بيان الواقع فشهدنا عليكم بما عملتم بواسطتنا من القبائح وما كتمناها وفى الآية اشارة الى ان الارواح والاجسام متساوية فى قدرة الله تعالى ان شاء جعل الارواح بوصف الاجسام صما بكما عميا فهم لا يعقلون وان شاء جعل الاجسام بوصف الارواح تنطق وتسمع وتبصر وتعقل { وهو خلقكم اول مرة } وازعدم بوجود آورد { واليه ترجعون } فان من قدر على خلقكم وانشائكم اولا وعلى اعادتكم ورجعكم اى ردكم الىجزآئه ثانيا لا يتعجب من انطاقه لجوارحكم وفى تفسير الجلالين هو ابتدآء اخبار عن الله تعالى وليس من كلام الجلود ولعل صيغة المضارع مع ان هذه المحاورة بعد البعث والرجع لما ان المراد بالرجع ليس مجرد الرد الى الحياة بالبعث بل ما يعمه وما يترتب عليه من العذاب الخالد المترقب عند التخاطب على تغليب المتوقع على الواقع على ان فيه مراعاة الفواصل
يقول الفقير قد ثبت فى علم الكلام ان الله تعالى قد خلق كلا من الحواس لادراك اشياء مخصوصة كالسمع للاصوات والذوق للطعوم والشم للروائح لكن ذلك الادراك بمحض خلق الله تعالى من غير تاثير الحواس فلا يمتنع ان يخلق عقيب صرف الباصرة ادراك الاصوات مثلا وان لم يكن واقعا بالفعل وقد صح ان موسى عليه السلام سمع كلام الله تعالى من كل جانب بكل جانب وقس عليه الرؤية ليلة المعراج فانه عليه السلام كان بصرا محضا فى صورة الجسم وكذلك اللسان فانه مخلوق للنطق لكن الله تعالى اذا اراد كان جميع البدن لسانا مع ان الانسان لما تشرف بالحياة والنطق كان جميع اجزآئه ناطقا حكيما كما كان حيا حقيقة وذلك لاضافته الى الحى الناطق بل وسر الحياة والنطق سار فى جميع اجزآء العالم فضلا عن اعضاء بنى آدم وقد ورد ان كل شىء سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له يوم القيامة فهذه الشهادة من باب النطق لا عن علم وتعقل فليحذر العبد عن شهادة الاعضاء وكذا المكان والزمان وعن علاء بن زياد قال ليس يوم يأتى من ايام الدنيا الا يتكلم ويقول يا ايها الناس انى يوم جديد وانا على ما يعمل فى شهيد وانى لو غربت شمسى لم ارجع اليكم الى يوم القيامة ( قال الصائب ) غبار قابله عمر جون نمايان نيست دواسبه رفتن ليل وهار رادرياب(12/492)
وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)
{ وما كنتم تستترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم } قوله ان يشهد فى موضع النصب باسقاط الخافض اى من ان يشهد لأن استتر لا يتعدى بنفسه او فى موضع الجر على تقدير المصاف اى مخافة ان يشهد ولا فى الموضعين زآئدة لتاكيد النفى وهذه حكاية لما سيقال للاعدآء يومئذ من جهته تعالى بطريق التوبيخ والتقريع تقرير الجواب الجلود والمعنى وما كنتم تستترون فى الدنيا عند مباشرتكم الفواحش مخافة ان تشهد عليكم جوارحكم بذلك لأنها كانت اجساما صامتة غير ناطقة ولم يكن فى حسابكم ما استقبلكم كما كنتم تستترون من الناس بالحيطان والحجب وظلمة الليل مخافة الافتضاح عندهم بل كنتم جاحدين بالبعث والجزآء راسا فضلا عن شهادة الاعضاء وفيه تنبيه على ان المؤمن ينبغى ان يتحقق ان لا يمر عليه حال الا وعليه رقيب وان الله معه اينما كان وفى الحديث « افضل ايمان المرء ان يعلم ان الله معه حيث كان »
يارباتست هركجاهستى جاى ديكر جه خواهى اى او باش باتو در زيريك كليم جو اوست بس برو اى حريف خود را باش
فعلى العبد ان يحفظ نفسه ويحاسبها قبل ان تحاسب قال البقلى فى عرآئسه من باشر المعصية تظهر آثارها على جوارحه لا يقدر ان يسترها ولو كان عالما بنفسه يستغفر فى السر عند الله حتى تضمحل آثارها ولا يرى وجود تلك الآثار صاحب كل نظرة قال ابو عثمان رحمه الله من لم يذكر فى وقت مباشرته الذنوب شهادة جوارحه عليه يجترئ على الذنوب ومن ذكر ذلك حين مباشرتها ربما تلحقه العصمة والتوفيق فيمنعانه عنها وفضوح الدنيا فالنار ولا العار { ولكن ظننتم } عند استتاركم { ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون } من القبائح المخفية فلا يظهرها فى الآخرة على تقدير وقوعها ولذلك اجترأتم على ما فعلتم يشير الى معتقد الفلاسفة الزنادقة فانهم يعتقدون ان الله لا يكون عالم الجزئيات وفيه ايذان بان شهادة الجوارح باعلامه تعالى حينئذ لا بانها كانت عالمة بما شهدت به عند صدروه عنهم وادخل الكثير لكونهم يزعمون ان الله يعلم ما يجهر به دون ما يسر عن ابن مسعود رضى الله عنه كنت مستترا باستار الكعبة فدخل ثلاثة نفر ثقفيان وقرشى او قرشيان وثقفى كثير شحم بطونهم قليل فقه بطونهم قيل الثقفى عبدياليل والقرشيان ختناه ربيعة وصفوان بن امية فقال احدهم اترون أن الله يسمع ما نقول قال الآخر يسمع ان جهرنا ولا يسمع ان اخفينا فذكرت ذلك للنبى عليه السلام فانزل الله تعالى وما كنتم تستترون الخ فالحكم المحكى حينئذ يكون خاصا بمن كان على ذلك الاعتقاد من الكفرة ولعل الانسب ان يراد بالظن معنى مجازى يعم المعنى الحقيقى وما جرى مجراه من الاعمال المنبئة عنه كما فى قوله تعالى { يحسب أن ماله اخلده } فان معناه يعمل عمل من يظن أن ماله يبقيه حيا ليعم ما حكى من الحال جميع اصناف الكفرة فتدبر كذا فى الارشاد(12/493)
وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)
{ وذلكم } الظن ايها الاعدآء وهو مبتدأ خبره قوله { ظنكم الذى ظننتم بربكم } والا فالله تعالى عالم بجميع الكليات والجزئيات لأنه متجل باسمائه وصفاته فى جميع الموجودات وهو خالق الاعمال وسائر الاعراض والجواهر والمطلع على البواطن والسرائر كما على الظواهر والتغاير بين العنوانين امر جلى لظهور ان ظن عدم علم الله غير الظن بالرب فيصح ان يكون خبرا له { ارداكم } خبر آخر له اى اهلككم وطرحكم فى النار { فاصبحتم } اى صرتم بسبب ذلك الظن السوء الذى اهلككم { من الخاسرين } اززيانكاران
اذ صار ما منحوا لسعادة الدارين من القوة العاقلة والاعضاء سببا لشقاء النشأتين اما كونها سببا لشقاء الآخرة فظاهر واما كونها سببا لشقاء الدينا فمن حيث انها كانت مفضية فى حقهم بسوء اختيارهم الى الجهل المركب بالله سبحانه وصفاته واتباع الشهوات وارتكاب المعاصى وفى التأويلات النجمية من الخاسرين الذين خسروا بذر ارواحهم فى ارض اجسادهم بان لم يصل اليه ماء الايمان والعمل الصالح ففسد حتى صاروا بوصف الاجساد صما بكما عميا فهم لا يعقلون وفى بحر العلوم من الخاسرين اى الكاملين فى الخسران حيث ظننتم بالله ظن السوء وسوء الظن بالله من اكبر الكبائر كحب الدنيا وقال الحسن رحمه الله ان قوما الهتهم الامانى حتى خرجوا من الدنيا وما لهم حسنة يقول احدهم انى احسن الظن بربى وكذب لو أحسن الظن لأحسن الاعتقاد وصالح العمل وظن يردى وهو ما لم يقارن ذلك فلا بد من السعى
درين دركاه سعى هيجكس ضايع نميكردد بقدر آنجه فرمان ميبرى فرمان روا كردى(12/494)
فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24)
{ فان يصبروا } فى النار على العذاب وامسكوا عن الاستغاثة والجزع مما هم فيه انتظارا للفرج زاعمين أن الصبر مفتاح الفرج { فالنار مثوى لهم } اى محل ثوآء واقامة ابدت لهم بحيث لا خلاص لهم منها فلا ينفعهم صبرهم والالتفات الى الغيبة للاشعار بابعدهم عن حيز الخطاب والابقاء فى غاية دركات النار { وان يستعتبوا } اى يسألوا العتبى وهو الرجوع الى ما يحبونه جزعا مما هم فيه { فما هم من المعتبين } اى المجابين الى العتبى فيكون صبرهم وجزعهم سوآء فى أن شيأ منهما لا يؤدى الى الخلاص ونظيره قوله تعالى { سوآء علينا اجزعنا ام صبرنا ما لنا من محيص } ( قال فى تاج المصادر ) الاعتاب خشنود كردن والاستعتاب ازكسى حق خواستن كه تراخشنود كندو آشتى خواستن وفى القاموس العتبى الرضى واستعتبه اعطاه العتبى كاعتبه وطلب اليه العتبى ضد وفى المفردات اعتبته ازلت عنه عتبه نحو اشكيته ومنه فما هم من المعتبين والاستعتاب ان يطلب من الانسان ان يذكر عتبه فيعتب والعتب الشدة والامر الكريه والغلظة التى يجدها الانسان فى نفسه على غيره(12/495)
وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25)
{ وقيضنا لهم } التقييض تقدير كردن وسبب ساختن اى قدرنا وقرنا للكفرة فى الدنيا { قرناء } جمع قرين اى اخدانا من شياطين الانس والجن واصدقاء يستولون عليهم استيلاء القيض على البيض وهو القشر الاعلى وفيه حجة على القدرية فان هذا على التخلية بينهم وبين التوفيق لاجله صاروا قرناءهم وهم لا يقولون بموجب الآية { فزينوا لهم } اى قرناؤهم { ما بين ايديهم } من امور الدنيا واتباع الشهوات { وما خلفهم } من امور الآخرة حيث اروهم أن لا بعث ولا حساب ولا مكروه قط جعل امر الدنيا بين ايديهم كما يقال قدمت المائدة بين ايديهم والآخرة لما كانت تأتيهم بعد هذا جعلت خلفهم كما يقال لمن يجيىء بعد الشخش انه خلفه وهذا هو الذى تقتضيه ملاحظة الترتيب الوجودى وقيل ما بين ايديهم الآخرة لأنها قدامهم وهم متوجهون اليها وما خلفهم الدنيا لأنهم يتركونها خلفهم وفى عرآئس البيان زينت النفس الشهوات والشياطين التسويف والامهال وهذا ما بين ايديهم وما خلفهم قال الجنيد لا تألف النفس الحق ابدا وقال ابن عطاء النفس قرين الشيطان والفه ومتبعه فيما يشير اليه مفارق لحق مخالف له لا يألف الحق ولا يتبعه قال الله تعالى وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين ايديهم من طول الامل وما خلفهم من نسيان الذنوب
در سر اين غافلان طول امل دانى كه جيست آشيان كردست مارى دركبو ترخانه { وحق عليهم القول } اى ثبت وتقرر عليهم كلمة العذاب وتحقيق موجبها ومصداقها وهى قوله { لأملان جهنم منك وممن تبعك منهم اجمعين } ونحوه { فى امم } حال من الضمير المجرور اى كائنين فى جملة امم وقيل فى بمعنى مع وهذا كما ترى صريح فى ان المراد باعدآء الله فيما سبق المعهودون من عاد وثمود لا الكفار من الاولين والآخرين كما قيل { قد خلت } صفة الامم اى مضت { من قبلهم من الجن والانس } على الكفر والعصيان كدأب هؤلاء الكفار { انهم كانوا خاسرين } تعليل لاستحقاقهم العذاب والضمير للاولين والآخرين
زنقد معرفت امروز مفلس زسود آخرت فردا تهى دست
وفى كشف الاسرار اذا اراد الله بعبد خيرا قيض له قرناء خير يعينونه على الطاعة ويدعونه اليها واذا اراد الله بعبد سوأ قيض له اخدان سوء يحملونه على المخالفات ويدعونه اليها ومن ذلك الشيطان فانه مسلط على الانسان بالوسوسة وشر من ذلك النفس الامارة بالسوء تدعو اليوم الى ما فيه هلاكها وهلاك العبد وتشهد غدا عليه بما دعته اليه واوحى الى داود عليه السلام عاد نفسك يا داود فقد عزمت على معاداتك ولهذا قال عليه السلام « رجعنا من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر » وفى الخبر « من مقت نفسه فى ذات الله امنه الله من عذاب يوم القيامة »(12/496)
قير ابو دقاق را قدس سره برسيدندكه خويشتن راجه كونه مى بينى كفت جنان مى بينم كه اكر بنجاه ساله عمر مرا بر طبقى نهندو كردهفت آسمان وهفت زمين يكردانند مرا از هيج ملك مقرب درآسان شرم نبايد داشت وازهيج آفريده در زمين حلالى نبايد خواست اى مردبدين صفت كه شنيدى بوقت نزع كوزه آب بيش وى داشتند كفتند در حرارت جان داد جكر را تبريدى بده كفت هنكام آن نيست كه اين دشمن اصلى را واين نفس ناكس را شربتى سازم نبايدكه جون قوت يابد دمار از من بر آرد نفس ازدهارست اوكى مرده است از غم بى آلتى فسرده است كربيابد آلتى فرعون او كه بامر او همى رفعت آب جو آنكه او بنياد فرعونى كند راه صد موسى وصد هارون زند
واذا كانت النفس بهذه الشقاوة والخسارة فلا بد من اصلاحها وتزكيتها لئلا يحق عليها القول وتدخل النار مع الداخلين واصل الخسارة افساد الاستعداد الفطرى كأفساد بعض الأسباب البيضة فانها اذا فسدت لم ينتفع بها نسال الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الرابحين لا من الخاسرين وان يكون عونا لنا على النفس وابليس وسائر الشياطين(12/497)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)
{ وقال الذين كفروا } من رؤساء المشركين لأعقابهم واشقيائهم او قال بعضهم لبعض { لا تسمعوا } مشنويد وكوش منهيد { لهذا القرأن } لسماعه { والغوا فيه } اللغو من الكلام ما لا يعتد به وهو الذى لا عن روية وفكر فيجرى مجرى اللغاء وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور اى ائتوا فيه بالباطل من الكلام الذى لا طائل تحته وعارضوه بالخرافات وهى الهذيان والاحاديث التى لا اصل لها مثل قصة رستم واسفنديار وبانشاء الارجاز والاشعار وبالتصدية والمكاء اى التصفيق والصفير وارفعوا اصواتكم بها لتشوشوا على القارئ فيختلط عليه ما يقرأه { لعلكم تغلبون } اى تغلبونه على قرآءته فيترك القرآءة ولا يتمكن السامع ايضا من سماعه ارادوا بذلك التلبيس والتشويش الاذية وايضا خافوا من انه لو سمعه الناس لآمنوا به وكان ذلك غالبا شان ابى جهل واصحابه وفيه اشارة الى ان من شأن النفوس المتمردة انشاء اللغو والباطل وحديث النفس على الدوام اشتغالا للقلوب بها عن استماع الالهامات الربانية لعلها تغلب عليها ولم تعلم ان من استغرق فى سماع اسرار الغيب فليس له عما سوى الله خبر ولا لحديث النفس فيه اثر(12/498)
فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27)
{ فلنذيقن الذين كفروا } اى فوالله لنذيقن هؤلاء القائلين واللاذعين او جميع الكفرة وهم داخلون فيهم دخولا اوليا { عذابا شديدا } لا يقادر قدره كما دل التنكير والوصف وهذا تهديد شديد لأن لفظ الذوق انما يذكر فى القدر القليل يؤتى به لأجل التجربة واذا كان ذلك الذوق وهو قدر قليل عذابا شديدا فقس عليه ما بعده وفيه اشارة الى ان الله تعالى اذا تجلى للقلوب احترقت النفوس بالفناء عن اوصافها وهو عذابها فكانت كأهل الجزية والخراج فى ارض الاسلام فكما كان اهل الايمان فى سلامة من اذاهم فكذا القلوب مع النفوس اذ لا كفر واعتراض مع الايمان والتسليم { ولنجزينهم اسوا الذى كانو يعملون } اى جزآء سيئات اعمالهم التى هى فى انفسها اسوأ فاذا كانت اعمالهم اسوأ كان جزآؤها كذلك فالاسوأ قصد به الزيادة المطلقة وانما اضيف الى ما عملوا للبيان والتخصيص وعن ابن عباس رضى الله عنهما عذابا شديدا يوم بدر واسوأ الذى كانوا يعملون فى الآخره(12/499)
ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28)
{ ذلك } المذكور من الجزآء وهو مبتدأ خبره قوله { جزآء اعدآء الله } اى جزآء معد لاعدائه { النار } عطف بيان للجزآء او ذلك خبر مبتدأ محذوف اى الامر ذلك على أنه عبارة عن مضمون الجملة لا عن الجزآء وما بعده جملة مستقلة مبنية لما قبلها او النار مبتدأ خبره قوله { لهم فيها دار الخلد } اى هى بعينها دار اقامتهم لا انتقال لهم منهم على أن فى للتجريد لا للظرفية وهو ان ينتزع من امر ذى صفة امر آخر مثله مبالغة لكماله فيها كما يقال فى البيضة عشرون منا من حديد وقيل هى على معناها اى للظرفية والمراد أن لهم فى النار المشتملة على الدركات دار مخصوصة هم فيها خالدون { جزآء بما كانوا بآياتنا يجحدون } منصوب بفعل مقدر أى يجزون جزاء والباء الاولى متعلقة بجزآء والثانية بيجحدون وقدمت عليه لمراعاة الفواصل اى بسبب ما كانوا يجحدون بآياتنا الحقة او يلغون فيها وذكر الجحود لكونه سببا للغو(12/500)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)
{ وقال الذين كفروا } وهم متقلبون فيما ذكر من العذاب { ربنا ارنا اللذين اضلانا من الجن والانس } اى ارنا الشيطانين اللذين حملانا على الضلال بالتسويل والتزيين من نوعى الجن والانس لأن الشيطان بين جنى وانسى بدليل قوله { شياطين الانس والجن } وقوله { من الجنة والناس } ويقال احدهما قابيل بن آدم سن القتل بغير حق والذى من الجن ابليس سن الكفر والشرك فيكون معنى اضلانا سنا لنا الكفر والمعصية كما فى عين المعانى ويشهد لهذا القول الحديث المرفوع ما من مسلم يقتل ظلما الا كان على ابن آدم كفل من دمه لأنه اول من سن القتل اخرجه الترمذى ويروى أن قابيل شدت ساقاه بفخذيه يدور مع الشمس حيث دارت يكون فى الشتاء فى حظيرة ثلج وفى الصيف فى حظيرة نار { نجعلهما تحت اقدامنا } اى ندسهما انتقاما منهما { ليكونا من الاسفلين } اى ذلا ومهانة او نجعلهما فى الدرك الاسفل من النار تشفيا منهما بذلك ليكونا من الاسفلين مكانا واشد عذابا منا وفى الآية اشارة الى أن النفوس اذا فنيت عن اوصافها بنار انوار التجلى وذاقت حلاوة القرب تلتمس من ربها اطلاعها على بقايا الاوصاف الشيطانية والحيوانية التى جبلت النفوس عليها ليمكنها منها فتجعلها تحت اقدام همتها بافنائها فتعلو بها الى مقامات القرب اذ بقية المقام الادنى لا تزول الا بالترقى الى المقام الاعلى وهكذا الى نهاية المقامات فعلى العبد ان يجتهد حتى يخرج من الدنيا مع فناء النفس لا مع بقائها فانه اذا خرج منها بالفناء خلص من الجزع والا وقع فيه كما وقع الكفرة ولا فائدة فى الجزع يوم القيامة وفى الآية تنبيه على أن الاخلاء يومئذ اعدآء فالخليل للمؤمن فى الدارين ليس الا الله وكان رجل له حبيب فتوفى فجزع عليه جزعا شديدا حتى صار مجنونا فذكر حاله لأبى يزيد البسطامى قدس سره فأتى اليه وهو مقيد فى دار المرضى فقال له ابو يزيد يا هذا غلطت فى الابتداء حيث احببت الحى الذى يموت وهلا احبب الحى الذى لا يموت فأفاق المجنون من جنونه واقبل على عبادة الله حتى صار من جملة الكبرآء ( وفى المثنوى ) جون زعلت وارهيدى اى رهين سركه رابكذار وميخور انكبين تخت دل معمور شد باك ازهوا بروى الرحمن على العرش استوى حكم بردل بعدازين بى واسطه حق كند جون يافت دل اين رابطه
يشير الى أنه لا بد من رياضة النفس الى أن تتخلص من العلة فما دامت العلة فلتقنع بالخل فاذا ذهبت فقد حكم عليها القلب وليس شأنه الا ابقاء الحلاوى واطعام اللذائذ بل لو طهر السر عما سوى الله استوى الرحمن على عرش القلب فكان دوران العبد مع الله فى كل حال فلا يجد الا الحضور والسكون نسأل الله ذلك الفوز العظيم(13/1)
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)
{ ان الذين قالوا ربنا الله } اعترافا بربوبيته واقرارا بوحدانيته فربنا الله من باب صديقى زيد يفيد الحصر { ثم استقاموا } اى ثبتوا على الاقرار بقولهم ربنا الله ومقتضايته بان لا تزل قدمهم عن طريق العبودية قلبا وقالبا ولا تتخطاه وفيه يندرج كل العبادات والاعتقادات بصفة الدوام الى وقت الوفاة فثم للتراخى فى الزمان او فى الرتبة فان الاستقامة لها الشان كله يعنى ان المنتهى وهى الاستقامة لكونه مقصودا اعلى حالا من المبتدأ وهو الاقرار واستقامة الانسان لزومه للمنهج المستقيم وما روى عن الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم فى معناها من الثبات على الايمان كما روى عن عمر رضى الله عنه ومن اخلاص العمل كما روى عن عثمان رضى الله عنه ومن ادآء الفرائض كما روى عن على رضى الله عنه فبيان لجزئياتها
انس ابن مالك رضى الله عنه كفت آن روزكه اين آيت فرود آمد رسول خدا شاد شد وازشادى كفت امتى ورب الكعبة
وذلك لان اليهود والنصارى لم تستقم على دينهم حتى قالوا عزير ابن الله والمسيح ابن الله ونحو ذلك وكفروا بنبوة رسول الله عليه السلام ومن الاستقامة ان لا يرى المرء النفع والضر الا من الله ولا يرجو من احد دون الله ولا يخاف احدا غيره وعن سفيان بن عبد الله الثقفى رضى الله عنه قلت يا رسول اخبرنى بأمر أعتصم به قال « قل ربى الله ثم استقم » قال قلت ما اخوف ما يخاف على فأخذ رسول الله بلسان نفسه وقال « هذا » وكان الحسن اذا تلا هذه الآية قال اللهم انت ربنا فارزقنا الاستقامة ( صاحب كشف الاسرار ) فرموده كه ربنا الله عبارت ازتوحيد اقرارست كه عائد مؤمنان راست ثم استقاموا اشارت بتوحيد معرفت كه عارفان وصديقان راست توحيد اقرار آنست كه الله رايكتا كويى وتوحيد معرفت آنست كنه اورايكتاشناسى يعنى ازهمه جهت بوحدت او بينا كردى با آنكه در عالم وحدت جهت نيست نى جهت مى كنجدا ينجا نى صفت نى تفكرنى بيان نى معرفت آتشى ازسروحدت برفروخت غيرواحد هرج بيش آمد بسوخت ابو يزيد بسطامى قدس سره وقتى برمقام علم ايستاده بود از توحيد اقرار نشان ميداد مريدى كت اى شيخ خدايرا شناسى كفت در كل عالم خود كسى باشدكه خدايراننشانسد يانداند وقتى ديكر غريق بحر توحيد معرفت بود وحريق نار محبت اورا كفتند صحبت باحق دوحرفست اجابت واستقامت اجابت عهدست استقامت وفا اجابت شريعت است واستقامت حقيقت درك شريعت هزارسال بساعتى درتوان يافت ودرك حقيقت ساعتى بهزار سال درنتوان يافت
وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى يوم الميثاق لما خوطبوا بقوله(13/2)
{ ألست بربكم قالوا بلى } اى ربنا الله وهم الذريات المستخرجة من ظهر آدم عليه السلام اقروا بربوبيته ثم استقامو على اقرارهم بالربوبية ثابتين على اقدام العبودية لما اخرجوا الى عالم الصورة ولهذا ذكر بلفظ ثم لأنه للتراخى فأقروا فى عالم الارواح ثم استقاموا فى عالم الاشباح وهم المؤمنون بخلاف المنافقين والكافرين فانهم اقروا ولم يستقيموا على ذلك فاستقامة العوام فى الظاهر بالاوامر والنواهى وفى الباطن بالايمان والتصديق واستقامة الخواص فى الظاهر بالتجريد عن الدنيا وترك ذينتها وشهواتها وفى الباطن بالتفريد عن نعيم الجنان شوقا الى لقاء الرحمن وطلب العرفان واستقامة الاخص فى الظاهر برعاية حقوق المتابعة على وفق المبايعة بتسليم النفس والمال وفى الباطن بالتوحيد فى استهلاك الناسوتية فى اللاهوتية ليستقيم بالله مع الله فانيا عن الانانية باقيا بالهوية بلا ارب من المحبوب مكتفيا عن عطائه ببقائه ومن مقتضى جوده بدوام فنائه فى وجوده { تتنزل عليهم الملائكة } من جهته تعالى يمدونهم فيما يعرض لهم من الامور الدينية والدنيوية بما يشرح صدورهم ويدفع عنهم الخوف والحزن بطريق الالهام كما أن الكفرة يمدهم ما قيض لهم من قرناء السوء بتزيين القبائح وكذا تتنزل عند الموت بالبشرى وفى القبر وعند البعث اذا قاموا من قبورهم { ان } مفسرة بمعنى اى او مخففة من الثقيلة والاصل بانه والهاء ضمير الشان اى يتنزلون ملتبسين بهذه البشارة وهى { ألا تخافوا } ما تقدمون عليه من امر الآخرة فلا ترون مكروها فان الخوف غم يلحق لتوقع المكروه { ولا تحزنوا } على ما خلفتم من اهل وولد فانه تعالى يخلفكم عليهم بخير ويعطيكم فى الجنة اكثر من ذلك واحسن ويجمع بينكم وبين اهاليكم واولادكم المسلمين فى الجنة فان الحزن غم يلحق من فوات نافع او حصول ضار وفى التأويلات النجمية الخوف انما يكون فى المستقبل من الوقت وهو بحلول مكروه او فوات محبوب والملائكة يبشرونهم بان كل مطلوب لهم سيكون وكل محذور لهم لا يكون والحزن من حزونة الوقت والذى هو راض بجميع ما يجرى مستسلم للاحكام الازلية فلا حزونة فى عيشه بل من يكون قائما بالله وهائما فى الله دآئما مع الله لا يدركه الخوف والحزن والملائكة يبشرونهم ان لا تخافوا ولا تحزنوا على فوات العناية فى السابقة { وابشروا } اى سروا وبالفارسية شاد شويد فان الابشار شاد شدن { بالجنة التى كنتم توعدون } فى الدنيا على ألسنة الرسل هذا من بشارتهم فى احد المواطن الثلاثة وعن ثابت بلغنا اذا انشقت الارض يوم القيامة ينظر المؤمن الى حافظيه قائمين على رأسه يقولان له لا تخف ولا تحزن وابشر بالجنة الموعودة وانك سترى اليوم امورا لن ترى مثلها لا تهولنك فانما يراد بها غيرك وفى التأويلات النجية وابشروا بجنة الوصلة فان الوعد صار نقدا فما بقى الوعد والوعيد وما هو الا عيد فى القيد فاوعد الله للعوام من جميع الثواب للخواص من حسن المآب نقد لأخص الخواص من اولى الالباب ( ع ) جنت نقدست اينجا حالت ذوق وحضور(13/3)
ويقال لا تخافوا من عزل الولاية ولا تحزنوا على ما اسلفتم من الجناية وابشروا بحسن العناية فى البداية لا تخافوا فطالما كنتم من الخائفين ولا تحزنوا فقد كنتم من العارفين وابشروا بالجنة فلنعم اجر العاملين
فرداهر جه شرايعست همه راقلم نسخ در كشند نماز وروزه حج وجهاد روا باشدكه بيابان رسد ومنسوخ شود اما عقد محبت وعهد معرفت هر كز نشايدكه منسوخ شود جون در بهشت روى هر روزى كه برتوبكزرد از شناخت حق سبحانه وتعالى برتو عالمى كشاده شودكه بيش از ان نبوده اين كاريست كه هركز بسرنيايد ومبادا كه بسر آيد تامن بريم بيشه وكارم اينست آرام وقرار وغمكسارم اينست روزم اينست وروز كارم اينست جوينده صيدم وشكارم اينست
قال البقلى قدس سره عجبت ممن استقام مع الله فى مشاهدته وادراك جماله كيف يطيق الملائكة ان يبشروه ان الملك والفلك بين الحبيب والمحب وليس ورآء بشارة الحق بشارة فان بشارة الحق سمعوها قبل بشارة الملائكة بقوله { الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } ليس لهم خوف القطيعة ولا حزن الحجاب وهم فى مشاهدة الجبار وقول الملائكة ههنا معهم تشريف لهم لأنهم يحتاجون الى مخاطبة القوم وهم احباؤنا فى نسب المعرفة وخدامنا من حيت الحقيقة الا ترى كيف سجدوا لأبينا(13/4)
نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)
{ نحن اولياؤكم فى الحياة الدنيا } الخ من بشاراتهم فى الدنيا اى اعوانكم فى اموركم نلهمكم الحق ونرشدكم الى ما فيه خيركم وصلاحكم بدل ما كانت الشياطين تفعل بالكفرة ولعل ذلك عبارة عما يخطر ببال المؤمنين المستمرين على الطاعات من ان ذلك بتوفيق الله وتأييده لهم بواسطة الملائكة قال جعفر رضى الله عنه من لاحظ فى اعماله الثواب والاغراض كانت الملائكة اولياءه ومن عملها على مشاهدته تعالى فهو وليه لأنه يقول { الله ولى الذين آمنوا } { وفى الآخرة } نمدكم بالشفاعة ونتلقاكم بالكرامة حين يقع بين الكفرة وقرنائهم ما يقع من التعادى والتخاصم وفى التأويلات النجمية يشير الى ولاية الرحمة للعوام وولاية النصرة للخواص وولاية المحبة لأخص الخواص فبولاية الرحمة للعوام فى الحياة الدنيا يوفقهم لأقامة الشريعة وفى الآخرة يجازيهم بالجنة وبولاية النصرة للخواص فى الحياة الدنيا يسلطهم على اعدى عدوهم وهو نفسهم الامارة بالسوء ليجعلوها مزكاة من اخلاقها الذميمة واوصافها الدنيئة وفى الآخرة بجذبة ارجعى الى ربك وبولاية المحبة لأخص الخواص فى الحياة الدنيا يفتح عليهم ابواب المشاهدات والمكاشفات وفى الآخرة يجعلهم من اهل القربات والمعاينات ومن ولاية الله تعالى عفو الزلل فان الزلل لا يزاحم الازل
ابو يزيد بسطامى قدس سره در راهى ميرفت او از جمعى بكوش رى رسيد خواست كه آن حال باز داند فرا رسيدكه كودكى را ديد در كل سياه افتاده وخلقى بنظاره ايستاده ناكاه مادر آن كودك از كوشه در دويد وخودرا درميان كل افكند وآن كودك را بر كرفت وبرفت ابو يزيد جون آن بديد وقتش خوش كشت نعره بزد ايستاده وميكفت شفقت بيامد آلايش ببرد ومحبت بيامد معصيت ببرد وعنايت بيامد جنايت ببرد العذر عندى لك مبسوط والذنب عن مثلك محطوط ( قال الحافظ ) بيوش دامن عفوى بذلت من مست كه آب روى شريعت بدين قدر نرود { ولكم } لا لغيركم من الاعدآء { فيها } اى فى الآخرة { ما تشتهى انفسكم } من فنون اللذآئذ { ولكم فيها ما تدعون } ما تتمنون وبالفارسية هرجه شما آرزو خواهيد
افتعال من الدعاء بمعنى الطلب وهو اعم من الاول اذا لا يلزم ان يكون كل مطلوب مشتهى كالفضائل العلمية وان كان الاول اعم ايضا من وجه بحسب حال الدنيا فالمريض لا يريد ما يشتهيه ويضر مرضه الا ان يقال التمنى اعم من الارادة وعدم الاكتفاء بعطف ما تدعون على ما تشتهى بان يقول وما تدعون للاشباع فى البشارة والايذان باستقلال كل منهما(13/5)
نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)
{ نزلا } رزقا كائنا { من غفور } للذنوب العظام مبدل للسيئات بالحسنات { رحيم } بالمؤمنين من اهل الطاعات بزيادة الدرجات والقربات قوله نزلا حال مما تدعون اى من الموصول او من ضميره المحذوف اى ما تدعونه مفيدة لكون ما يتمنونه بالنسبة الى ما يعطون من عظائم الامور كالنزل وهو ما يهيأ للنزيل اى الضيف من الرزق كأنه قيل وثبت لكم فيها الذى تدعونه حال كونه كالنزل للضيف واما اصل كرامتكم فمما لا يخطر ببالكم فضلا عن الاشتهاء او التمنى وفى التأويلات النجمية نزلا اى فضلا وعطاء وتقدمة لما سيديم الى الازل من فنون الاعطاف واصناف الالطاف وذلك لأن عطاء الله تعالى يتجدد فى كل آن خصوصا لاهل الاستقامة من اكامل الانسان ويظهر فى كل وقت وموطن ما لم يظهر قبله وفى غيره ويكون ما فى الماضى كالنزل لما يظهر فى الحال ومن هنا قالوا ما ازداد القوم شربا الا ازدادوا عطشا وذلك لأنه لا نهاية للسير الى الله فى الدنيا والآخرة ( وفى المثنوى ) هركه جز ماهى زآبش سيرشد هركه بى روزيست روزش ديرشد
وفيه اشارة الى ان بعض الناس لا نصيب له من العشق والذوق والتجلى ويومه ينقضى بالهموم وتطول حسرته ولذلك كان يوم القيامة خمسين الف سنة قال ابن الفارض فى آخر القصيدة الخمرية على نفسه فليبك من ضاع عمره وليس له منها نصيب ولا سهم ( وقال الصائب ) ازين جه سودكه دركلستان وطن دارم مراكه عمر جونركس بخواب ميكذرد
ومن الناس من له نصيب من هذا الامر لكن لا على وجه الكمال ومنهم من لم يحصل له الرى اصلا وهو حال الكمل ( حكى ) ان يحيى بن معاذ الرازى رضى الله عنه كتب الى ابى يزيد البسطامى قدس سره سكرت من كثرة ما شربت من كأس حبه فكتب اليه ابو يزيد
شربت الحب كأسا بعد كأس ... فما نفد الشراب ولا رويت
اشار الى ان حصول الرى انما هو للضعفاء واما الاقوياء فانهم يقولون هل من مزيد ولو شربوا سبعة ابحر جعلنا الله واياك هكذا من فضله(13/6)
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)
{ ومن } استفهام والمعنى بالفارسية وكيست { احسن } نيكوتر { قولا } از جهت سخن { ممن دعا الى الله } اى الى توحيده وطاعته { وعمل صالحا } فيما بينه وبين ربه { وقال اننى من المسلمين } ابتهاجا بانه منهم او اتخاذا للاسلام دينا ونحلة اذ لا يقبل طاعة بغير دين الاسلام من قولهم هذا قول فلان اى مذهبه لا انه تكلم بذلك وفيه رد على من يقول انا مسلم ان شاء الله فانه تعالى قال مطلقا غير مقيد بشرط ان شاء الله وقال علماء الكلام ان قاله للشك فهو كفر لا محالة وان كان للتأدب مع الله واحالة الامور الى مشيئة الله او للشك فى العاقبة والمآل لا فى الآن والحال وللتبرك بذكر الله او التبرى من تزكية نفسه والاعجاب بحاله فجائز لكن الاولى تركه لما انه يوهم الشك وحكم الآية عام لكل من جمع ما فيها من الخصال الحميدة التى هى الدعوة والعمل والقول وان نزلت فى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم او فى اصحابه رضى الله عنهم او فى المؤذنين فانهم يدعون الناس الى الصلاة فان قلت السورة بكمالها مكية بلا خلاف والاذان انما شرع بالمدينة قلت يجعل من باب ما تأخر حكمه عن نزوله وكم فى القرءآن منه واليه ذهب بعض الحفاظ كابن حجر وغيره اعلم ان للدعوة مراتب
الاولى دعوة الانبياء عليهم السلام فانهم يدعون الى الله بالمعجزات والبراهين وبالسيف وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى ان احسن قول قاله الانبياء والاولياء قولهم بدعوة الخلق الى الله وكان عليه السلام مخصوصا بهذه الدعوة كما قال تعالى { يا ايها النبى انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه } وهو ان يكتفى بالله من الله لم يطلب منه غيره
خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا
وقال وعمل صالحا اى كما يدعو الخلق الى الله يأتى بما يدعوهم اليه يعنى سلكوا طريق الله الى ان وصلوا الى الله وصولا بلا اتصال ولا انفصال فبسلوكهم ومناراتهم عرفوا الطريق الى الله ثم دعوا بعد ما عرفوا الطريق اليه الخلق الى الله وقال اننى من المسلمين لحكمه الراضين بقضائه وتقديره
والمرتبة الثانية دعوة العلماء فانهم يدعون الى الله تعالى بالحجج والبراهين فقط ( قال الكاشفى ) اما ابو الليث فرموده كه مراد يعنى از آيت مذكوره علما اندكه معالم دين بمردم آموزند وعمل صالح ايشان آنست كه هرجه دانند بدان كار كنند بامحتسبانندكه قواعدامر معروف ونهى منكررا تمهيد دهند وعمل صالح ايشان صبر وتحمل است برآنجه بديشان رسد ازمكاره
ثم ان العلماء ثلاثة اقسام عالم بالله غير عالم بامر الله وعالم بامر الله غير عالم بالله وعالم بالله وبامر الله اما الاول فهو عبد استولت المعرفة الالهية على قلبه فصار مستغرقا فى مشاهدة الجلال وصفات الكبرياء فلا يتفرغ لتعلم علم الاحكام الا قدر ما لا بد له واما الثانى فهم الذين عرفوا الحلال والحرام ودقائق الاحكام ولكنهم لا يعرفون اسرار جلال الله وجماله اما مع الاقرار باصحاب هذا الشان او بانكارهم والثانى ليس من عداد العلماء واما العالم بالله وباحكامه فهم الجامعون لفضائل القسمين الاولين وهم تارة مع الله بالحب والارادة وتارة مع الخلق بالشفقة والرحمة فاذا رجعوا الى الخلق صاروا معهم كواحد منهم كأنهم لا يعرفون الله واذا خلوا مع ربهم صاروا مشتغلين بذكره كأنهم لا يعرفون الخلق وهذا سبيل المرسلين والصديقين فالعارف يدعو الخلق الى الله ويذكر لهم شمائل القدم ويعرفهم صفات الحق وجلال ذاته ويحبب الله فى قلوبهم ثم يقول بعد كماله وتمكينه اننى واحد من المسلمين من تواضعه ولطف حاله(13/7)
از زنك كبر آينه خويش ساده كن ... درزير با نظر كن وحج بياده كن
والمرتبة الثالثة الدعوة بالسيف وهى للملوك فانهم يجاهدون الكفار حتى يدخلون فى دين الله وطاعته فالعلماء خلف الانبياء فى عالم الارواح والملوك خلف الانبياء فى عالم الاجسام
والمرتبة الرابعة دعوة المؤذنين الى الصلاة وهى اضعف مراتب الدعوة الى الله وذلك أن ذكر كلمات الاذان وان كان دعوة الى الصلاة لكنهم يذكرون تلك الالفاظ الشريفة بحيث لا يحيطون بمعناها ولا يقصدون الدعوة الى الله فاذا لم يلتفتوا الى مال الوقف وراعوا شرآئط الاذان ظاهرا وباطنا وقصدوا بذلك مقصدا صحيحا كانوا كغيرهم من اهل الدعوة فضيل رفيده كفت مؤذن بودم در روزكار اصحاب رضى الله عنهم عبد الله بن مسعود وعاصم بن عبرة مراكفت جون زبانك نماز فارغ شوى بكو وانامن المسلمين نبينى كه رب العالمين كفت وقال اننى من المسلمين وفى الحديث « الملك فى قريش والقضاء للانصار والاذان للحبشة » وفيه مدح لبلال الحبشى رضى الله عنه وكذا فى الآية تعظيم لشأنه خصوصا لأنه مؤذن الداعى الى الله على بصيرة وهو المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم ( صاحب عين المعانى ) آورده كه جون بلال بانك نماز آغاز كردى يهود كفتندى كلاغ ندا مى كند وبنماز ميخواند وسخنان بيهوده برزبان ايشان كذتشى اين آيت نازل شد وبرتقديرى كه مؤذنان باشند عمل صالح ايشان آنست درميان اذان واقامت دو ر كعت نماز كذارند قال عمر رضى الله عنه لو كنت مؤذنا ما باليت أن لا احج ولا اجاهد ولا اعتمر بعد حجة الاسلام ( صاحب كشف الاسرار ) فرموده كه حق جل وعلا مؤذنان امت احمدبنج كرامت كرده حسن الثناء وكمال العطاء ومقارنة الشهداء ومرافقة الانبياء والخلاص من دار الشقاء كرامت اول ثناء جميل است وسند خداوند كريم كه در حق مؤذن ميكويد ومن احسن قولا الخ احسن برلفظ مبالغت كفت همجنانكه تعظيم قرآنرا كفت الله نزل احسن الحديث قرآن احسن الآيات است وبانك نماز احسن الكلمات زيرا دروتكبير وتعظيم واثبات وحدانيت خداوند اعلى واثبات نبوت مصطفى وفى الخبر(13/8)
« من كثرت ذنوبه فليؤذن بالاسحار » عمر بن الخطاب رضى الله عنه كفت يارصول الله اين وقت سحررا باين معنىجه خاصيت است كفت والذى بعث بالحق محمدا ان النصارى اذا ضربت نواقيسها فى ادبارها فيثقل العرش على مناكب حملة العرش فيتوقعون المؤذنين من امتى فاذا قال المؤذن الله اكبر الله اكبر خف العرش على مناكب حملة العرش قال الامام السيوطى رحمه الله اول ما حدث التسبيح بالاسحار على المنابر فى زمن موسى عليه السلام حين كان بالتيه واستمر بعده الى أن كان زمن داود عليه السلام وبنى بيت المقدس فرتب فيه عدة قومون بذلك البيت على الآلات وبغيره بلا آلات من الثلث الاخير من الليل الى الفجر الى ان خرب بيت المقدس بعد قتل يحيى عليه السلام وقام اليهود على عيسى عليه السلام فبطل ذلك فى جملة ما بطل من شرآئع بنى اسرآئيل واما فى هذه الملة المحمدية فكان ابتداء عمله بمصر وسببه ان مسلمة بن مخلد الصحابى رضى الله عنه بنى وهو امير مصر منارا بجامع عمرو واعتكف فيه فسمع اصوات النواقيس عالية فشكا ذلك الى شرحبيل بن عامر عريف المؤذنين فقال انى امد الاذان من نصف الليل الى قرب الفجر فانهم لا ينقسون اذا اذنت ففعل ثم لما كان احمد بن طولون رتب جماعة نوبا يكبرون ويسبحون ويحمدون ويقولون قصائد زهدية وجعل لهم ارزاقا واسعة ومن ثمة اتخذ الناس قيام المؤذنين فى الليل على المنابر فلما ولى السلطان صلاح الدين بن ايوب امر المؤذنين فى وقت التسبيح أن يعلنوا بذكر العقيدة الاشعرية فواظب المؤذنون على ذكرها كل ليلة الى وقتنا هذا انتهى
يقول الفقير آل الامر فى زمننا هذا فى بلاد الروم الى أن السلاطين من ضعف حالهم فى الدين صاروا مغلوبين فانتقل كثير من البلاد الاسلامية الى اهل الحرب فجعلوا المساجد كنائس فى ايدى المسلمين الى الوهن والهدم بحيث تخربت بعض المحلات بالكلية مع المساجد الواقعه فيها وتعطل بعضها عن العمار من المسلمين بسبب توطن اهل الذمة فيها وبقيت المساجد بينهم غريبة فتعالوا نبك على غربة هذا الدين واما كمال العطاء فما روى أن النبى عليه السلام قال « المؤذنون امناء المؤمنين على صلاتهم وصيامهم ولحومهم ودمائهم لا يسألون الله شيأ الا اعطاهم ولا يشفعون بشىء الا شفعوا فيه قال ويغفر للمؤذن مدى صوته » يعنى آمرزيده ميشويد مؤذن بمقدار آنكه آوازوى رسد(13/9)
ويشهد له كل شىء سمع صوته من شجر او حجر او مدر او رطب او يابس ويكتب للمؤذن بكل انسان صلى معه فى ذلك المسجد مثل حسناته واما مقارنة الشهدآء فما روى أن النبى عليه السلام قال « من اذن فى سبيل الله ايمانا واحتسابا جمع بينه وبين الشهدآء فى الجنة » واما مرافقة الانبياء فما روى أن رجلا جاء الى النبى فقال يا رسول الله من اول الناس دخولا الجنة قال « الانبياء » قال ثم من قال الشهدآء قال ثم من قال « مؤذنوا مسجدى هذا » قال ثم من قال « سائر المؤذنين على قدر اعمالهم » وقال عليه السلام « من أذن عشرين سنة متوالية اسكنه الله مع ابراهيم عليه السلام فى الجنة » واما الخلاص من دار الاشقياء فما روى أن النبى عليه السلام قال « اذا قال المؤذن الله اكبر الله اكبر اغلقت ابواب النيران السبعة واذا قال اشهد ان لا اله الا الله فتحت ابواب الجنة الثمانية واذا قال اشهد أن محمدا رسول الله اشرفت عليه الحور العين واذا قال حى على الصلاة تدلت ثمار الجنة واذا قال حى على الفلاح قالت الملائكة افلحت وافلح من اجابك واذا قال الله اكبر الله اكبر قالت الملائكة كبرت كبيرا وعظمت عظيما واذا قال لا اله الا الله قال الله تعالى حرمت بدنك وبدن من اجابك على النار » وفى الحديث « المؤذنون اطول الناس اعناقا يوم القيامة » اى يكونون سادات واكثر الناس ثوابا او جماعات او رجاء لأن من رجا شيأ اطال اليه عنقه والناس حين يكونون فى الكرب يكون المؤذنون اكثر رجاء بأن يؤذن لهم فى دخول الجنة كان ذلك جزآء مد أعناقهم عند رفع اصواتهم او طول العنق كناية عن الفرح كما أن خضوعها كناية عن الحزن او معناه اذا وصل العرق الى افواه الناس يوم القيامة طالت اعناق المؤذنين فى الحقيقة لئلا ينالهم ذلك ومن اجاب دعوة المؤذنين يكون معه قال الفقهاء يقطع سامع الاذان كل عمل باليد والرجل واللسان حتى تلاوة القرآن ان كان فى غير المسجد وان كان فيه فلا يقطع ولا يسلم على احد واما رده فقد اختلفوا فيه فقيل يجوز وقيل لا يجوز ويشتغل بالاجابة واختلفوا فى الوجوب والاستحباب فقال بعضهم الاجابة واجبة عند الاذان والاقامة منهم صاحب التحفة والبدآئع وقال الآخرون هى مستحبة وعليه صاحب الهداية ويستحب ان يقول عند سماع الاولى من الشهادة الثانية صلى الله تعالى عليك يا رسول الله وعند سماع الثانية قرة عينى بك يا رسول الله ثم يقول اللهم متعنى بالسمع والبصر بعد وضع ظفر الابهامين على العينين كما فى شرح القهستانى وفى تحفة الصلوات للكاشفى صاحب التفسير نقلا عن الفقهاء الكبار ويقول بعد الاذان اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذى وعدته ويقول عند اذان المغرب خصوصا اللهم هذا اقبال ليلك وادبار نهارك واصوات دعاتك فاغفر لى واول من اذن فى السماء جبرائيل وأم ميكائيل عليهما السلام عند البيت المعمور واول من أذن فى الاسلام بلال الحبشى رضى الله عنه وكان اول مشروعيته فى اذان الصبح قالت النوار ام زيد بن ثابت كان بيتى اطول بيت حول المسجد فكان بلال يؤذن فوقه من اول ما أذن الى ان بنى رسول الله عليه السلام مسجده فكان يؤذن بعده على ظهر المسجد وقد رفع له شىء فوق ظهره واول من اقام عبد الله بن زيد وزاد بلال فى اذان الصبح بعد الحيعلات الصلات خير من النوم مرتين فاقرها عليه السلام اى اليقظة الحاصلة للصلاة خير من الراحة الحاصلة بالنوم ويقول المجيب عنده صدقت وبالخير نطقت وعند قوله فى الاقامة قد قامت الصلاة اقامها الله وادامها ويقيم من اذن لا غيره الا بأذنه وفى بعض الروايات أنه عليه السلام اذن مرة واحدة فى السفر على راحلته ويروى ان بلالا كان يبدل الشين فى اشهد سينا فقال عليه السلام(13/10)
« سين بلال عند الله شين » كما فى انسان العيون ( وفى المثنوى )
آن بلال صدق در بانك نماز ... حى راهى هى همى خواند ازنياز
تابكفتنداى بيمبر ينست راست ... اين خطا اكنون كه آغاز بناست
اى نبى و اى رسول كردكار ... يك موذن كو بود افصح بيار
عيب باشد اول دين وصلاح ... لحن خواندن لفظ حى على الفلاح
خشن بيغمبر بجوشيد و بكفت ... يك دو رمزى از عنايات نهفت
كاى خسان نزدخداى هى بلال ... بهتر از صد حى حى وقيل وقال
وامشوا رانيد تا من را زتان ... و انكويم آخر و آغاز تان
وأول من زاد الاذان الاول فى الجمعة عثمان رضى الله عنه زاده ليؤذن اهل السوق فيأتون الى المسجد وكان فى زمانه عليه السلام و زمان ابى بكر رضى الله عنه وعمر رضى الله عنه اذان واحد حين يجلس الامام على المنبر والتذكير قبل الاذان الاول الذى هو التسبيح احدث بعد السبعمائة فى زمن الناصر محمد بن قلوون لاجل التبكير المطلوب فى الجمعة واول ما احدثت الصلاة والسلام على النبى عليه السلام بعد تمام الاذان فى زمن السلطان المنصور الحاجى ابن الاشرف شعبان بن حسن بن محمد بن قلوون فى اواخر القرن الثامن واول من احدث اذان اثنين معا بنوا امية واول من وضع احدى يديه عند اذنيه فى الاذان ابن الاصم مؤذن الحجاج بن يوسف وكان المؤذنون يجعلون اصابعهم فى اذانهم واول من رقى منارة مصر للاذان شرحبيل المذكور وفى عرافته بنى مسلمة المنابر للأذان بامر معاوية ولم تكن قبل ذلك واول من عرف على المؤذنين سالم بن عامر اقامه عمرو بن العاص فلما مات عرف عليهم اخاه شرحبيل واول من رزق المؤذنين عثمان رضى الله عنه والجهر واجب فى الاذان لأعلام الناس ولذا سن ان يكون فى موضع عال ولو اذن لنفسه خافت واما التكبيرات فى الصلاة فالمؤذن يرفع صوته لتبليغ التكبير لمن بعد عن الامام من المقتدين فان كان فى صوت الامام كفاية فالتبليغ مكروه كما فى انسان العيون(13/11)
يقول الفقير اما سر عدد المنارات فى الحرم النبوى وهى اليوم خمس فاشارة الى الاوقات الخمسة فهو صورة الدعوات الخمس فى الساعات الاربع والعشرين المشتمل عليها الليل والنهار واول من قدر الساعات الاثنتى عشرة نوح عليه السلام فى السفينة ليعرف بها مواقيت الصلوات واما سر عددها فى الحرم المكى وهى سبع الآن فاشارة الى مراتب الدعوة الى الفناء وهى سبع عدد الاسماء السبعة التى آخرها القهار فان الكعبة اشارة الى الذات الاحدية ومراتبها عروجا هى مراتب الفناء اذ البقاء انما هو بعد النزول ولذا امر عليه السلام بالهجرة الى المدينة لتتحقق مرتبة البقاء فللكعبة منارة اخرى هى الثامنة من المنارات وهى منارة البقاء لكنها فى بطن الكعبة مدفونة تحتها ولم يكن لها ظهور فوق الارض الا بحسب المكاشفة كوشفت عنها حين مجاورتى فى الحرم وكان للحرم المكى فى الاوآئل خمسون منارة على ما طالعته فى تاريخ القطبى بعضها فى الحرم وبعضها على رؤوس الجبال التى هى بينها كل ذلك لاعلام الاوقات فهى اشارة الى اصل الصلوات المفروضة ليلة المعراج وهى خمسون حتى خففها الله تعالى فبقيت منها خمس ولله فى كل شىء حكمة عجيبة ومصلحة بديعة(13/12)
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)
{ ولا تستوى الحسنة ولا السيئة } بيان لمحاسن الاعمال الجارية بين العبد وبين الرب ترغيبا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى الصبر على اذية المشركين ومقابلة اسائتهم بالاحسان ولا الثانية مزيدة لتأكيد النفى اى لا تستوى الخصلة الحسنة والسيئة فى الجزآء وحسن العاقبة فانك اذا صبرت على اذتهم وجهالتهم وتركت الانتقام منهم ولم تلتفت الى سفاهتهم فقد استوجبت التعظيم فى الدنيا والثواب فى الآخرة وهم بالضد من ذلك فلا يكن اقدامهم على تلك السيئة مانعا لك من الاشتغال بهذه الحسنة واذا فسرت الحسنة والسيئة بالجنس على ان يكون المعنى لا تستوى الحسنات اذ هى متفاوته فى انفسها كشعب الايمان التى ادناها اماطة الاذى ولا السيئات لتفاوتها ايضا من حيث انها كبائر وصغائر لم تكن زيادة لا الثانية لتأكيد النفى على ما اشير اليه فى الكشاف { ادفع بالتى هى احسن } بيان لحسن عاقبة الحسنة اى ادفع السيئة حين اعترضتك من بعض اعاديك بالتى هى احسن ما يمكن دفعها به من الحسنات كالاحسان الى من اساء فانه احسن من العفو .
بدى را بدى سهل باشد جزا ... اكر مردى احسن الى من اسا
وكان عليه السلام يقول « صل من قطعك واعف عمن ظلمك واحسن الى من اساء اليك » وما امر عليه السلام غيره بشىء الا بعد التخلق به واخراجه مخرج الجواب عن سؤال من قال كيف اصنع مع ان الظاهر ان يقول فادفع بالفاء السببية للمبالغة ولذلك وضع احسن موضع الحسنة لأنه ابلغ فى الدفع بالحسنة فان من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما دونها { فاذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم } بيان لنتيجة الدفع المأمور به اى فاذا فعلت صار عدوك المشاق اى المخالف مثل الولى الشفيق روى انها نزلت فى ابى سفيان ابن حرب وذلك انه لان للمسلمين بعد الشدة اى شدة عداوته بالمصاهرة التى جعلت بينه وبين النبى عليه السلام ثم اسلم فصار وليا بالاسلام حميما بالقرابة
ازامام اعظم نقلست كسى بمن رسانندكه مرابدمى كويد من درشان او سخن نيكو ترمى كويم تاوقتى من يابم كه او نيكويىء من ميكويد
بدى درقفا عيب من كردوخفت ... بترز و قريبى كه آو رد وكفت
عدو را بالطاف كردن ببند ... كه نتوان بريدن بتيغ اين كمند
جودشمن كرم بيندولطف وجود ... نيايد دكر خبث ازو در وجود
جو بادوست دشوار كيرى وتنك ... نخواهد كه بيند ترا نقش رنك
وكرخواجه بادشمنان نيك خوست ... كسى برنيايدكه كردند دوست
قال البقلى بين الله ههنا ان الخلق الحسن ليس كالخلق السيىء وامرنا بتبديل الاخلاق المذمومة بالاخلاق المحمودة واحسن الاخلاق الحلم اذ يكون به العدو صديقا والبعيد قريبا حين دفع غضبه بحلمه وظلمه بعفوه وسوء جانبه بكرمه قال ابن عطاء لا يستوى من احسن الدخول فى خدمتنا والخروج منها ومن اساء الادب فى الخدمة فان سوء الادب فى القرب اصعب من سوء الادب فى البعد فقد يصفح عن الجهال فى الكبائر ويؤاخذ الصديقون باللحظة والالتفات(13/13)
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)
{ وما يلقاها } التلقية جيزى بيش كسى آوردن
اى وما يلقى وما يعطى هذه الخصلة والسجية التى هى مقابلة الاساءة بالاحسان وبالفارسية وندهند اين خصلت كه مقابله بديست بينكى { الا الذين صبروا } اى شأنهم الصبر فانها تحبس النفس عن الانتقام { وما يلقاها } وعطا نكنند اين خصلت وصفت { الا ذو حظ عظيم } من الفضائل النفسانية والقوة الروحانية فان الاشتغال بالانتقام لا يكون الا لضعف النفس وتأثرها من الواردات الخارجية فان النفس اذا كانت قوية الجوهر لم تتأثر من الواردات الخارجية واذا لم تتأثر منها لم يصعب عليها تحمل ولم تشتغل بالانتقام والحاصل انه يلزم تزكية النفس حتى يستوى الحلو والمر ويكون حضور المكروه كغيبته ففى الآية مدح لهم بفعل الصبر والحظ النصيب المقدر قال الجنيد قدس سره فى قوله وما يلقاها الا ذو حظ عظيم اى ما يوفق لهذا المقام الا ذو حظ من عناية الحق فيه وقال ابن عطاء ذو معرفة بالله وايامه(13/14)
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)
{ واما ينزغنك من الشيطان نزغ } اصله ان ما على ان ان شرطية وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط والاستلزام فلذا لحقت نون التأكيد بفعل الشرط فانها لا تلحق الشرط ما لم يؤكد والنزع شبه النخس كما فى الارشاد شبه به وسوسة الشيطان لانها بعث على الشر وتحريك على ما لا ينبغى وجعل نازغا على طريقة جد جده فمن ابتدآئية اى نزغ صادر من جهته او اريد واما ينزغنك نازغ وصفا للشيطان بالمصدر فكلمة من تجريدية جرد من الشيطان شيطانا آخر وسمى نازغا والمعنى وان يوسوس اليك الشيطان ويصرفك عما وصيت به من الدفع بالتى هى احسن ودعاك الى خلافه { فاستعذ بالله } من شره ولا تطعه { انه هو السميع } باستعاذتك { العليم } بنيتك وفى جعل ترك الدفع بالاحسن من آثار نزغات الشيطان مزيد تحذير وتنفير عنه وفى الآية اشارة الى ان النبى او الولى لا ينبغى ان يكون آمنا من مكر الله وان الشيطان صورة مكر الحق تعالى بل يكون على حذر من نزغاته فليستعذ بالله من همزاته فلا يذرها ان تصل الى القلب بل يرجع اليه فى اول الخطرة فانه ان لم يخالف اول الخطرة صار فكرة ثم بعد ذلك يحصل العزم على ما يدعو اليه الشيطان ثم ان لم يتدارك ذلك تحصل الزلة فان لم يتدارك بحسن الرجعة صار قسوة ويتمادى به الوقت فهو يخطر كل آفة ولا يتخلص العبد من نزغات الشيطان الا بصدق الاستعانة بالله والاخلاص فى العبودية قال الله تعالى { ان عبادى ليس لك عليهم سلطان } فكلما زاد العبد فى تبريه من حوله وقوته واخلص بين يدى الله تعالى بتضرعه واستعانته زاد الله فى حفظه ودفع الله الشيطان عنه بل يسلط عليه ليسلم على يديه كذا فى التأويلات النجمية قال البقلى هذا تعليم لامته اذ كان الشيطان اسلم على يده قال فى حياة الحيوان اجمعت الامة على عصمة النبى عليه السلام من الشيطان وانما المراد تحذير غيره من فتنة القرين ووسوسته له واغوائه فاعلمنا انه معنا لنحترز منه حسب الامكان
آدمىرا دشمن بنهان بسيست ... آدمىء باحذر عاقل كسيست
وفى الحديث « ما منكم من احد الا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة » قالوا واياك قال « واياى ولكن الله اعاننى عليه فاسلم فلا يأمرنى الا بخير » قال سفيان ابن عيينة معناه فاسلم من شره فان الشيطان لا يسلم وقال غيره هو على صيغة الفعل الماضى ويدل عليه ما قاله عليه السلام « فضلت على آدم بخصلتين كان شيطانى كافرا فاعاننى الله عليه فاسلم وكن ازواجى عونا لى وكان شيطان آدم كافرا وزوجته عونا على خطيئته »(13/15)
فهذا صريح فى اسلام قرين النبى عليه السلام وان هذا خاص بقرين النبى عليه السلام فيكون عليه السلام مختصا باسلام قرينه كذا فى آكام المرجان
يقول الفقير لا شك ان الشيطان لا يدخل فى دآئرة الاسلام حقيقة كما ان النفس لا تتبدل حقيقتها كما قال يوسف الصديق عليه السلام ان النفس لامارة بالسوء بل تتبدل صفتها فالنبى والولى والعدو فى هذا سوآء الا ان النبى معصوم والولى محفوظ والعدو موكول ولذا لم يقولوا ان النبى والولى ليس لهما نفس اصلا بل قالوا هو معصوم ومحفوظ فدل على اصل النفس وهذا من مزالق الاقدام فلا بد من حسن الفهم وصحة الكشف فمعنى اسلام شيطان النبى عليه السلام دخوله فى السلم كأهل الذمة فى دار الاسلام حيث لا يقدرون على اذية المسلمين بحال ولكن فرق بين اسلام قرين النبى وقرين الولى كما دل عليه لفظ العصمة والحفظ فان العصمة تعم الذات كلها والحفظ يتعلق بالجوارح مطلقا ولا يشترط استصحابه فى السر فقد تخطر للولى خواطر لا يقتضيها طريق الحفظ لكن يظهر لها حكم على الجوارح ( صاحب كشف الاسرار ) فرموده كه نزغ شيطان سورة غضب است يعنى تيزئ خشم كه ازحد اعتدال در كذرد وبتهود كشد وازان خصلتهاى بدخيزد جون كبروعجب وعداوت اما اصل خشم ازخود بيفكندن ممكن نباشد زيراكه آن در خلقت است وجون از حداعتدال بكاهد بددلى بود وبى حميمتى باشد وجون معتدل بود آنرا شجاعت كويند واز ان حلم وكرم وكظم غيظ خيزد وفى الخبر « خلق الغضب من النار التى خلق منها ابليس » وفى الحديث « الغضب من نار الشيطان » ألا ترى الى حمرة عينيه وانتفاخ اوداجه والمتغاضبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان
يعنى دوكس بريكديكر غضب ميكند باطل ميكويد ودروغ ميسازندفان التهاتر بريكديكر دعوئ باطل كردن كما فى تاج المصادر وقال صلى الله تعالى عليه وسلم « اذا غضبت وكنت قائما فاقعد وان كنت قاعدا فقم فاستعذ بالله من الشيطان » عصمنا الله واياكم من كيده ورد مكره اليه فلا نتوكل ولا نعتمد الا عليه(13/16)
وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)
{ ومن آياته } وازنشانهاى قدرت الهيست { الليل والنهار } قال الامام المرزوقى الليل بازآء النهار والليلة بازآء اليوم { والشمس } المشتمل عليها النهار يعنى خورشيد عالم آراى جون جام سيماب { والقمر } المشتمل عليه الليل يعنى هيكل ماه كاه جون نعل زرين وكاه جون سر سيمين كل منها مخلوق من مخلوقاته مسخر لأمره يعنى تعاقب الليل والنهار على الوجه الذى يتفرع عليه منافع الخلق ومصالحهم وتذلل الشمس والقمر لما يراد منهما من اظهر العلامات الدالة على وجوده تعالى ووحدانيته وكمال علمه وحكمته
بر صنع اله بيعدد برهانست ... در برك كلى هزار كون الوانست
روزارجه سيبد وروشن وتابانست ... آنرا كه نديد روز شب يكسانست
رب العزة كفت ربى اكر خواهى كه در ولا يتم نكرى لله ملك السموات والارض واكر خواهى كه در سباهم نكرى لله جنود السموات والارض و رخواهى كه در فعلم نكرى فانظر الى آثار رحمة الله كيف يحيى الارض بعد موتها درخواهى كه درصنعم نكرى ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر وخواهى كه فردا درمن نكرى امروز از صنع من بامن نكر بديده دل الم تر الى ربك كيف مد الظل تا فردا بفضل من دو نكرى بديده سر وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة { لا تسجدوا للشمس ولا للقمر } لأنهما من جملة مخلوقاته المسخرة لاوامره مثلكم والمراد الامر التكوينى لا التكليفى اذ لا علم لهما ولا اختيار عند اهل الظاهر واما عند اهل الحقيقة فالامر بخلافه ويدل عليه ( قول الشيخ سعدى ) همه ازبهر توسر كشته وفرمان بردار شرط انصاف نباشدكه توفرمان نبرى { واسجدوا لله الذى خلقهن } الضمير للاربعة لأن حكم جماعة ما لا يعقل حكم الانثى وان كان المناسب تغليب المذكر وهو ما عدا الشمس على المؤنث وهو الشمس او لأنها عبارة عن الايات وتعليق الفعل بالكل مع كفاية بيان مخلوقية الشمس والقمر للايذان بكمال سقوطهما عن رتبة المسجودية بنظمهما فى سلك الاغراض التى لا قيام لها بذاتها وهو السر فى نظم الكل فى آياته تعالى ( وفى المثنوى )
آفتاب از امر حق طباخ ماست ... ابلهى باشدكه كوييم او خداست
آفتابت كر بكيرد جون كنى ... آن سياهى زونو جون بيرون كنى
نى بدركاه خدا آرى صداع ... كه سياهى را ببر داده شعاع
كر كشندن نيمشب خورشيد كو ... تا نيابى با امان خواهى ازو
حادثات اغلب بشب واقع شود ... و ان زمان معبود تو غايب بود
سوى حق كر راستانه خم شوى ... وار هى از اختران محرم شوى
{ ان كنتم اياه } تعالى لا غيره { تعبدون } اى ان كنتم تعبدون اياه لا تسجدوا لغيره فان السجود اقصى مراتب العبادة فلا بد من تخصيصه بدتعالى ولعل ناسا منهم كانوا يسجدون للشمس والقمر كالصابئين فى عبادتهم الكواكب ويزعمون أنهم يقصدون بالسجود لهما السجود لله فنهوا عن هذه الواسطة فامروا ان لا يسجدوا الا الله الذى خلق الاشياء فان قيل لم لم يجز أن تكون الشمس قبلة للناس عند سجودهم لنا لأنها جوهر مشرق عظيم الرفعة لها منافع فى صلاح احوال الخلق فلو اذن فى جعلها قبلة فى الصلاة بان يتوجه اليها ويركع ويسجد نحوها لربما غلب على بعض الاوهام أن ذلك الركوع والسجود للشمس لا لله بخلاف الاحجار المعينة فانها ليس فى جعلها قبلة ما يوهم الالهية وعن عكرمة قال ان الشمس اذا غربت دخلت بحرا تحت العرش فتسبح الله حتى اذا هى اصبحت استعفت ربها من الخروج فقال الرب ولم ذلك والرب اعلم قالت انى اذا خرجت عبدت من دونك فقال لها الرب اخرجى فليس عليك من ذلك شىء حسبهم جهنم ابعثها اليهم من ثلاثة عشر ألف ملك يقودونها حتى يدخلوهم فيها وفى الحديث(13/17)
« ليس فى امتى رياء ان رأوا فبالاعمال فاما الايمان فثابت فى قلوبهم امثال الجبال واما الكبر فان احدهم اذا وضع جبهته لله تعالى ساجدا فقد برئ من الكبر »(13/18)
فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38)
{ فان استكبروا } اى تعظموا عن امتثال امرك فى ترك السجود لغير الله وابوا الا اتخاذ الواسطة فذلك لا يقلل عدد من يخلص عبادته لله { فالذين عند ربك } فان الملائكة المقربين عند الله فهو علة للجزآء المحذوف { يسبحون له } ينزهونه عن الانداد وسائر ما لا يليق به { بالليل والنهار } اى دآئما وفى جميع الاوقات وظهر من هذا التقرير أن تخصيص الملائكة مع وجود غيرهم من العباد المخلصين لكثرتهم وايضا الشمس والقمر عندهم فيردون العبادة عنهما غيرة بتخصيصها بالله تعالى { وهم لا يسئمون } السامة الملالة اى لا يفترون ولا يملون من التسبيح والعبادة فان التسبيح منهم كالتنفس من الناس وبالفارسية وايشان ملول وسيرنمى شوند ازكثرت عبادت وبسيارئ ستايش وبرستش
روى أن لله ملكا يقال له حوقبائيل له ثمانية عشر الف جناح ما بين الجناح الى الجناح خمسمائة عام فخطر له خاطر هل فوق العرش شىء فزاده الله مثلها اجنحة اخرى فكان له ستة وثلاثون ألف جناح بين الجناح الى الجناح خمسمائة عام ثم اوحى الله ايها الملك طر فطار مقدار عشرين ألف سنة فلم ينل راس قائمة من قوائم العرش ثم ضاعف الله له فى الجناح والقوة وامره أن يطير فطار مقدار ثلاثين ألف سنة فلم ينل ايضا فأوحى الله اليه ايها الملك لو طرت الى نفخ الصور مع اجنحتك وقوتك لم تبلغ ساق عرشى فقال الملك سبحان ربى الاعلى فانزل الله سبح اسم ربك الاعلى فقال عليه السلام « اجعلوها فى سجودكم » قال عبد العزيز المكى فى هذه الآية سبحان الذى من عرفه لا يسأم من ذكره سبحان الذى من انس به استوحش من غيره سبحان الذى من احبه اعرض بالكلية عما سواه وفى التأويلات النجمية لا تتخذوا ما كشف لكم عند تجلى شمس الروح من المعقولات وانواع العلوم الدقيقة مقصدا ومعبدا كما اتخذت الفلاسفة ولا تتخذوا ايضا ما شهدتم عند تجلى شواهد الحق فى قمر القلب من المشاهدات ومكاشفات العلوم الدينية مقصدا ومعبدا كما اتخذ بعض ارباب السلوك ووقفوا عند عقبات العرفان والكرامات فشغلوا بالمعرفة عن المعروف وبالكرامات عن المكرم واتخذوا المقصود والمعبود حضرة جلال الله الذى خلق ما سواه منازل السائرين به اليه ان كنتم من جملة المحبين الصادقين الذين اياه يعبدون طمعا فى وصاله والوصول اليه لا من الذين يعبدونه خوفا من النار وطمعا فى الجنة فان استكبر اهل الاهوآء والبدع ولا يوفقون للسجود بجميع الوجود فالذين عند ربك من ارواح الانبياء والاولياء ينزهونه عن احتياجه الى سجدة احد من العالمين وهم لا يسئمون من التسبيح والتنزيه ( قال الكاشفى ) اين سجده يازدهم است از سجدات قرآنى و حضرة شيخ اكبر قدس سره الاطهر در فتوحات اين را سجده احتماد كفت وفرموده كه اكر در آخر آيت اولى سجده ايشان شرط باشدجه مقارنست يقول ان كنتم اياه تعبدون واكر بعد ازآيت دوم بسجود دروند سجده نشاط و محبت بودجه مقرونست باين كلمات وهم لا يسأمون والحاصل أن قوله تعبدون موضح السجود عند الشافعى ومالك لاقتران الامر به يعنى تاسجده مقترن امر باشد وعند ابى حنيفة وفى وجه عن الشافعى وعند احمد آخر الآية وهم لا يسأمون لأنه تمام المعنى وكل من الائمة على اصله فى السجود فابو حنيفة هو واجب ومالك وهو فضيلة والشافعى واحمد هو سنة(13/19)
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)
{ ومن آياته } دلائل قدرته تعالى { انك } يا محمد او يا ايها الناظر { ترى الارض } حال كونها { خاشعة } يابسة لا نبات فيها متطامنة يعنى فرسوده وخشك شده
مستعار من الخشوع بمعنى التذلل شبه يبس الارض وخلوها عن الخير والبركة بكون الشخص خاشعا ذليلا عاريا لا يؤبه به الدناءة هيئته فهى استعارة تبعية بمعنى يابسة جدبة { فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت } الاهتزاز التحرك اى تحركت بالنبات يعنى بحنبش در آيدرستن كياه ازو { وربت } وانتفخت لأن النبت اذا دنا ان يظهر ارتفعت له الارض وانتفخت ثم تصدعت عن النبات اى انشقت يقال ربا ربوا وربا زاد ونما والفرس ربوا انتفخ من عدو أو فزع وقال الراغب وربت اى زادت زيادة المتربى { ان الذى احياها } بما ذكر بعد موتها والاحياء فى الحقيقة اعطاء الحياة وهى صفة تقتضي الحس والحركة فالمراد باحياء الارض تهييج القوى الناميه فيها واحداث نضارتها بانواع النباتات { لمحيى الموتى } بالبعث { انه على كل شىء } من الاشياء التى من جملتها الاحياء { قدير } مبالغ فى القدرة وقد وعد بذلك فلا بد من ان يفى به والحكمة فى الاحياء هو المجازاة والمكافاة وفى الآية اشارة الى احياء النفوس واحياء القلوب اما الاول فلأن ارض البشرية قد تصير يابسة عند فقدان الدواعى والاسباب فاذا نزل عليها ماء الابتلاء والاستدراج تراها تهتز بنباتات المعاصى واشجار المناهى ( فى المثنوى )
آتشت را هيزم فرعون نيست ... زانكه جون فرعون اوراعون نيست
نفس ازدرهاست اوكى مرده است ... از غم بى التى افسرده است
كرمك است آن ازدها ازده ست فقر ... بشه كردد ز جاه و مال صقر
ولذا كان اصعب دعاء عليه ان يقال له اذاقك الله طعم نفسك فانه من ذاق طعم نفسه واستحلى ما عنده وشغل به عن المقصود فلا يرجى فلاحه ابدا واما احياء القلوب فبنور الايمان وصدق الطلب وغلبات الشوق وذلك عند نزول مطر اللطف وماء الرحمة وعن بعض الصالحين قال رأيت سمنون فى الطواف وهو يتمايل فقبصث على يده وقلت له يا شيخ بموقفك بين يديه الا اخبرتنى بالامر الذى اوصلك اليه فلما سمع بذكر الموقف بين يديه سقط مغشيا عليه فلما افاق انشد
ومكتئب لج السقام بجسمه ... كذا قلبه بين القلوب سقيم
يحق لو مات خوفا ولوعة ... فموقفه يوم الحساب عظيم
ثم قالى يا اخى اخذت نفسى بخصال احكمتها فاما الخصلة الاولى أمت منى ما كان حيا وهو هوى النفس واحييت منى ما كان ميتا وهو القلب واما الثانية فانى احضرت ما كان عنى غائبا وهو حظى من الدار الآخرة وغيبت ما كان حاضرا عندى وهو نصيبى من الدنيا واما الثالثة فانى ابقيت ما كان فانيا عندى وهو التقى وافنيت ما كان باقيا عندى وهو الهوى واما الرابعة فانى انست بالامر الذى منه تستوحشون وفررت من الامر الذى اليه تسكنون اشار الى الاستئناس بالله وبذكره والى الاستيحاش مما سوى الله وهو المراد بحسن الخاتمة واما التوحش من الله والانس بما سواه فهو المراد بسوء العاقبة نعوذ بالله وربما كان سوء العاقبة بالخروج من الدنيا بغير ايمان وكان فى زمان حاتم الاصم نباش فحضر مجلس حاتم يوما فتاب على يده واحياه الله بسبب نفس حاتم فقال له حاتم كم نبشت من القبور فقال سبعة آلاف قال فى كم سنة قال فى عشرين سنة فغشى على حاتم فلما افاق قال قبور المسلمين ام قبور الكافرين قال بل قبور المسلمين فقال كم قبراً وجدت صاحبه على غير القبلة قال وجدت ثلاثمائة قبر صاحبه على القبلة والباقون على غير القبلة فغشى على حاتم وذلك لأن خوف كل احد بحسب مقامه من المعرفة فاذا عرف المرء أن فى امامه موتا وابتلاء ثم حشرا وامتحانا لا يزال فى ناحية وربما يغلب عليه حاله فيغشى عليه قال بعضهم اذا عرج بروح المؤمن الى السماء قالت الملائكة سبحان الذى نجى هذا العبد من الشيطان يا ويحه كيف نجا ولكثرة فتن الشيطان وتشبثها بالقلوب عزت السلامة فلا بد من الاستقامة فى الله وادامة الذكر والاستعاذة بالله من كل شيطان مضل وفتنة مهلكة(13/20)
إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40)
{ ان الذين يلحدون } الالحاد فى الاصل مطلق الميل والانحراف ومنه اللحد لأنه فى جانب القبر ثم خص فى العرف بالانحراف عن الحق الى الباطل اى يميلون عن الاستقامة { فى آياتنا } بالطعن فيها بأنها كذب او سحر او شعر وبتحريفها بحملها على المحامل الباطلة { لايخفون علينا } فنجازيهم بالحادهم ثم نبه على كيفية الجزآء فقال { افمن } آياكسى كه { يلقى فى النار } على وجهه وهم الكفرة بانواعهم { خير أم من يأتى آمنا } من النار { يوم القيامة } وهم المؤمنون على طبقاتهم قابل الالقاء فى النار بالاتيان آمنا مبالغة فى احماد حال المؤمنين بالتنصيص على انهم آمنون يوم القيامة من جميع المخاوف فلو قال ام من يدخل الجنة لجاز من طريق الاحتمال أن يبدلهم الله من بعد خوفهم امنا ولك ان تقول الآية من الاحتباك حذف من الاول مقابل الثانى ومن الثانى مقابل الاول والتقدير افمن يأتى خائفا ويلقى فى النار خير ام من يأتى آمنا ويدخل الجنة يعنى ان الثانى خير من الاول { اعملوا ما شئتم } من الاعمال المؤدية الى ما ذكر من الالقاء فى النار والاتيان آمنا وآثروا ما شئتم فانكم لا تضرون الا انفسكم وفيه تهديد شديد لظهور أن ليس المقصود الامر بكل عمل شاؤا قال فى الاسئلة المقحمة هو امر وعيد ومعناه أن المهلة ما هى لعجز ولا لغفلة وانما يعجل من يجاف الفوت وهو ابلغ اسباب الوعيد { انه بما تعملون بصير } فيجازيكم بحسب اعمالكم
حيل ومكر رها كن كه خدا مىداند ... نقد مغشوش مياور كه معامل بيناست
وفى الآية تخويف لأهل الشطح والطامات الذين يريدون العزة عند العامة ويزعقون ويمزقون ثيابهم ويجلسون فى الزوايا ويتزهدون وينظرون فى تصانيف المشايح ويقولون عليها ما يجهلون ويتزخرفون وينتظرون دخول الامرآء عليهم ويدعون المكاشفة والاحوال والمواجيد لا يخفى على الله كذبهم وزورهم وبهتانهم ونياتهم الفاسدة وقلوبهم الغافلة وكذا على اوليائه من الصديقين والعارفين الذين يرون خفايا قلوب الخلق بنور الله لو رأيتهم كيف يفتضحون يوم القيامة على رؤوس الاشهاد وترى اهل الحق ينظرون الى الحق بابصار نافذة وقلوب عاشقة لا يستوى اصحاب النار واصحاب الجنة وقد وصف النبى هؤلاء الملحدين وشبههم بالفراعنة وشبه قلوبهم بقلوب الذئاب كما قال عليه السلام « يخرج فى امتى اقوام لسانهم لسان الانبياء وقلوبهم كقلوب الفراعنة » وقال فى موضع آخر « كقلوب الذأب » يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية افتوا بغير علم فضلوا واضلوا قال بعضهم معنى هذه الآية ان الذين يجترئون علينا على غير سبيل الحرمة فانه لا يخفى علينا جرآءتهم علينا وتعديهم فى دعواهم وقال ابن عطاء فى هذه الآية ان المدعى عن غير حقيقة سيرى منا ما يستحقه من تكذيبه على لسانه وتفضيحه فى احواله(13/21)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41)
{ ان الذين كفروا بالذكر } اى القرءآن فيكون من وضع الظاهر موضع ضمير الآيات { لما جاءهم } اى بادهوه بالكفر والانكار ساعة جاءهم واول ما سمعوه من غير اجالة فكر واعادة نظر وكذبوا به على البديهة قبل التدبر ومعرفة التأويل قوله ان الذين الخ بدل من قوله ان الذين يلحدون الخ بدل الكل بتكرير العامل وخبر ان هو الخبر السابق وهو لا يخفون علينا لأن الحادهم فى الآيات كفر بالقرءآن فلهذا اكتفى بخبر الاول عن الثانى الا أنه غير معهود الا فى الجار والمجرور لشدة الاتصال قال الرضى ولا يتكرر فى اللفظ فى البدل من العوامل الا حرف الجر لكونه كبعض حروف المجزور وقيل مستأنف وخبرها محذوف مثل سوف نصليهم نارا وذلك بعد قوله حميد وقال الكسائى سد مسد الخبر السابق { وانه } الخ جملة حالية مفيدة لغاية شناعة الكفر به اى والحال أن الذكر { لكتاب عزيز } اى كثير المنافع عديم النظير فهو من العز الذى هو خلاف الذل او منيع لا تتأتى معارضته وابطاله وتحريفه فهو من العزة بمعنى الغلبة فالقرءآن وان كان لا يخلو عن طعن باطل من الطاعنين وتأويل فاسد من المبطلين الا أنه يؤتى بحفظة ويقدر له فى كل عصر منعة يحرسونه بابطال شبه اهل الزيغ والاهوآه ورد تأويلاتهم الفاسدة فهو غالب بحفظ الله اياه وكثرة منعته على كل من يتعرض له بالسوء امام قشيرى قدس سره فرموده كه قرآن عزيز است زيزا كلام رب عزيزست كه ملك عزيز بررسول عزيز آورده براى امت عزيز با آنكه نامه دوست است بنزديك دوست نامه دوست نزد دوستان عزيز باشد
زنام ونامه تويافتم عزو كرامت ... هزارجان كرامى فداى خامه ونامت
قال ابن عطاء عزيز لانه لا يبلغ حد حقيقة حقه لعزه فى نفسه وعز من انزل عليه وعز من خوطب به من اوليائه واهل صفوته(13/22)
لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)
{ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } صفة اخرى لكتاب اى لا يتطرق اليه الباطل ولا يجد اليه سبيلا من جهة من الجهات حتى يصل اليه ويتعلق به اى متى رامو فيه ان يكون ليس حقا ثايتا من غند الله وابطالا له لم يصلوا اليه ذكر اظهر الجهات واكثرها فى الاعتبار وهو جهة القدام والخلف واريد الجهات باسرها فيكون قوله لا يأتيه الباطل من بين الخ استعارة تمثيلية شبه الكتاب فى عدم تطرق الباطل اليه بوجه من الوجوه بمن هو محمى بحماية غالب قاهر يمنع جاره من أن يتعرض له العدو من جهة من جهاته ثم اخرجه مخرج الاستعارة بان عبر عن المشبه بما عبر به عن المشبه به فقال لا يأتيه الخ او لا يأتيه الباطل فيما اخبر عما مضى ولا فيما اخبر عن الامور الآتية او الباطل هو الشيطان لا يستطيع ان يغيره بان يزيد فيه او ينقص منه او لا يأتيه التكذيب من الكتب التى قبله ولا يجيىء بعده كتاب يبطله وينسخه { تنزيل } اى هو تنزيل او صفة اخرى لكتاب مفيدة لفخامته الاضافية بعد افادة فخامته الذاتية وكل ذلك لتأكيد بطلان الكفر بالقرءآن { من حكيم } اى حكيم مانع عن تبديل معانيه باحكام مبانيه { حميد } اى حميد مستحق للتحميد بالهام معانيه او يحمده كل خلق فى كل مكان بلسان الحال والمقال بما وصل اليه من نعمه وفى التأويلات النجمية كل خلق فى كل مكان بلسان الحال والمقال بما وصل اليه من نعمه وفى التأويلات النجمية ان من عزة الكتاب لا يأتيه الباطل يعنى اهل الخذلان من بين يديه بالايمان به ولا من خلفه بالعمل به تنزيل من حكيم ينزل بحكمته على من يشاء من عباده لمن يشاء ان يعمل به حميد فى احكامه وافعاله لأنها صادرة منه بالحكمة وعن على رضى الله عنه قال سمعت رسول الله عليه السلام يقول « ألا انها » الضمير للقصة « ستكون فتنة » فقلت ما المخرج منها يا رسول الله قال « كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار » بيان لمن والجبار اذا اطلق على انسان يشعر بالصفة المذمومة ينبه بذلك على ان ترك القرءآن والاعراض عنه وعن العمل به انما هو الجبر والحماقة « قصمه الله » كسره واهلكه دعاء عليه او خبر « ومن ابتغى الهدى فى غيره اضله الله » دعاء عليه واخبار بثبوت الضلالة فان طلب الشىء فى غير محله ضلال « وهو حبل الله » اى عهده وامانه الذى يؤمن به العذاب وقيل هو نور هداه وفى الحديث(13/23)
« القرءآن كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض » اى نور ممدود وقيل هو السبب القوى والوصلة الى ما يوثق عليه فيتمسك به من اراد التجافى عن دار الغرور والانابة الى دار السرور « المتين » اى القوى يعنى هو السبب القوى المأمون الانقطاع المؤدى الى رحمة الرب « وهو الذكر » اى القرءآن ما يتذكر به ويتعظ به « الحكيم » اى المحكم آياته اى قوى ثابت لا ينسخ الى يوم القيامة او ذو الحكمة فى تأليفه « وهو الصراط المستقيم الذى لا تزيغ به الاهوآء » اى لا يميل بسببه اهل الاهوآء يعنى لا يصير به مبتدعا وضالا « ولا تلتبس به الالسنة » اى لا يختلط به غيره بحيث يشتبه كلام الرب بكلام غيره لكونه معصوما « ولا يشبع منه العلماء » اى لا يحيط علمهم بكنهه بل كلما تفكروا تجلت لهم معان جديدة كانت فى حجب مخفية « ولا يخلق » خلق الشىء يخلق بالضم فيهما خلوقة اذا بلى اى لا يزول رونقه ولا يقل اطروانه ولذة قراءته واستماعه « عن كثرة الرد » اى عن تكرر تلاوته على ألسنة التالين وآذان المستمعين واذهان المتفكرين مرة بعد اخرى بل يصير كل مرة يتلوه التالى اكثر لذة على خلاف ما عليه كلام المخلوقين وهذه احدى الآيات المشهورة « ولا تنقضى عجائبه » اى لا ينتهى احد الى كنه معاينه العجيبة وفرآئده الكثيرة « هو الذى لم تنته الجن » أى لم تقف اذ سمعته حتى « قالوا انا سمعنا قرءآنا عجبا » مصدر وصف به للمبالغة اى عجيبا لحسن نظمه « يهدى الى الرشد » اى يدل الى الايمان والخير « فآمنا به » وصدقناه « من قال به صدق ومن عمل به رشد » اى يكون راشدا مهديا « ومن حكم به ومن دعا اليه هدى الى صراط مستقيم » كذا فى المصابيح وفى الحديث « يدعى يوم القيامة بأهل القرءآن فيتوج كل انسان بتاج لكل تاج سبعون ألف ركن ما من ركن الا وفيه ياقوتة حمرآء تضيىء من مسيرة كذ من الايام والليالى ثم يقال له ارضيت فيقول نعم فيقول له الملكان اللذان كانا عليه » اى الكرام الكاتبين « زده يا رب فيقول الرب اكسوه حلة الكرامة فيلبس حلة الكرامة ثم يقال له ارضيت فيقول نعم فيقول ملكاه زده يا رب فيقول لأهل القرءآن ابسط يمينك فتملأ من الرضوان اى رضوان الله ويقال له ابسط شمالك فتملأ من الخلد ثم يقال له ارضيت فيقول نعم يا رب فيقول ملكاه زده يا رب فيقول الله انى قد اعطيته رضوانى وخلدى ثم يعطى من النور مثل الشمس فيشيعه سبعون ألف ملك الى الجنة فيقول الرب انطلقوا به الى الجنة فاعطوه بكل حرف حسنة وبكل حسنة درجة ما بين الدرجتين مسيرة مائة عام » وفى حديث آخر « يجاء بأبويه فيفعل بهما من الكرامة ما فعل بولدهما تكرمة لصاحب القرءآن فيقولان من اين لنا هذا فيقول بتعليمكما ولدكما القرءآن »
بخردى درش زجر وتعليم كن ... به نيك و بدش وعده وبيم كن
هرآن طفل كو جور آموز كار ... نه بيند جفا بيند از روزكار(13/24)
مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43)
{ ما يقال لك } الخ تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عما يصيبه من اذية الكفار اى ما يقال فى شأنك وشأن ما انزل اليك من القرءآن من جهة كفار قومك { الا ما قد قيل للرسل من قبلك } الا مثل ما قد قيل فى حقهم وفى حق الكتب السماوية المنزلة عليهم مما لا خير فيه من الساحر والكاهن والمجنون والاساطير ونحوها { ان ربك لذو مغفرة } لانبيائه ومن آمن بهم { وذو عقاب اليم } لاعدآئهم الذين لم يؤمنوا بهم وبما انزل اليهم والتزموا الاذية وقد نصر من قبلك من الرسل وانتقم من اعدآئهم وسيفعل مثل ذلك بك وباعدآئك ايضا وفيه اشارة الى حال الاولياء ايضا فانهم ورثة الانبياء فلهم اعدآء وحساد يطلقون ألسنتهم فى حقهم باللوم والطعن بالجنون والجهل ونحو ذلك ولكنهم يصبرون على الجفاء والاذى فيظفرون بمراداتهم كما صبر الانبياء فظفروا وفى آية اخرى { ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا واوذوا حتى اتاهم نصرنا } اى ظاهرا بهلاك القوم او باجابة الدعوة وباطنا بالتخلق بالاخلاق الالهية مثل الصبر فانه نصر اى نصر اذ به يحصل المرام ( وفى المثنوى )
صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همجو صبر آدم نديد
وبذلك ينقلب الانسان بالصبر من حال الى حال اخرى احسن من الاولى كما ينقلب النحاس بالاكسير فضة او ذهبا ودلت الآية على أنه ليس من الحكمة ان يقطع لسان الخلق بعضهم عن بعض الا ترى انه تعالى لم يقطع لسان الخلق عن ذاته الكريمة حتى قالوا فى حقه تعالى ان له صاحبة وولدا ونحو ذلك فكيف غيره تعالى من الانبياء والمرسلين والاولياء والمقربين فالنار لا ترتفع من الدنيا الا يوم القيامة وانما يرتفع الاحتراق بها كما وقع لابراهيم عليه السلام وغيره من الخواص فكل البلايا كالنار فبطون الاولياء وقلوب الصديقين فى سلامة من الاحتراق بها فانه لا يجرى الا ما قضاه الله تعالى ومن آمن بقضاء الله سلم من الاعتراض والانقباض وهكذا شأن الكبار نسأل الله الغفار السلامة من عذاب النار(13/25)
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)
{ ولو جعلناه } اى الذكر { قرءآنا اعجميا } منتظما على لغة العجم مؤلفا عليها والاعجمى فى الاصل يقال لذات من لا يفصح عن مراده بلغة لسانه وان كان من العرب ولكلامه الملتبس الذى لا يوضح المعنى المقصود اطلق ههنا على كلام مؤلف على لغة العجم بطريق الاستعارة تشبيها له بكلام من لا يفصح من حيث أنه لا يفهم معناه بالنسبة الى العرب وهذا جواب لقول قريش تعنتا هلا انزل القرءآن بلغة العجم . يعنى قرآن جرا بلعت عجم فروانيامد { لقالوا } هرآينه ميكفتند كفار قريش { لولا } حرف تحضيض بمعنى هلا وحرف التحضيض اذا دخل على الماضى كان معناه اللوم والتوبيخ على ترك الفعل فهو فى الماضى بمعنى الانكار { فصلت آياته } اى بينت بلسان نفقهه من غير ترجمان عجمى وهو من كان منسوبا الى امة العجم فصيحا كان او غير فصيح { ءاعجمى وعربى } انكار مقرر للتحضيض فالهمزة الاولى همزة الاستفهام المعنى بها الانكار والاعجمى كلام لا يفهم معناه ولغة العجم كذلك بالنسبة الى العرب كما اشير اليه آنفا والياء ليست للنسبة الحقيقية بل للمبالغة فى الوصف كالأحمرى والمعنى لأنكروا وقالوا اكلام او قرءآن اعجمى ورسول او مرسل اليه عربى اى لقالوا كيف ارسل الكلام العجمى الى القوم العرب فكان ذلك اشد لتكذيبهم على ان الاقرار مع كون المرسل اليهم امة جمة لما ان المراد بيان التنافى والتنافى بين الكلام وبين المخاطب به لا بيان كون المخاطب واحدا او جمعا وقرأ هشام اعجمى على الاخبار لا على الاستفهام والانشاء اى بهمزة واحدة هى من اصل الكلمة فالتفصيل يجوز أن يكون بمعنى التفريق والتمييز لا بمعنى التبيين كما فى القرآءة الاولى فالمعنى ولو جعلنا المنزل كله اعجميا لقالوا لولا فرقت آياته وميزت بأن جعل بعضها اعجميا لافهام العجم وبعضها عربيا لافهام العرب اعجمى وعربى والمقصود بيان أن آيات الله على اى وجه جاءتهم وجدوا فيها متعنتا يتعللون به لأن القوم غير طالبين للحق وانما يتبعون اهوآءهم
درجشم اين سياه دلان صبح كاذبست ... درروشنى اكر يدبيضا شود كسى
وفى التأويلات النجمية يشير الى ازاحة العلة لمن اراد ان يعرف صدق الدعوة وصحة الشريعة فانه لا نهاية للتعليل بمثل هذه التعللات لأنه تعالى لو جعل القرءان اعجميا وعربيا لقالوا لولا جعله عبرانيا وسريانيا { قل هو } اى الذكر { للذين آمنوا هدى } يهديهم الى الحق والى طريق مستقيم { وشفاء } لما فى الصدور من شك وشبهة او شفاء حيث استراحوا به من كد الفكرة وتحير الخواطر او شفاء لضيق صدور المريدين لما فيه من التنعم بقرءآته والتلذذ بالتفكر فيه او شفاء لقلوب المحبين من لواعج الاشتياق لما فيه من لطائف المواعيد او شفاء لقلوب العارفين لما يتوالى عليها من انوار التحقيق وآثار خطاب الرب العزيز { والذين لا يؤمنون } مبتدأ خبره قوله { فى آذانهم وقر } اى ثقل وصمم على أن التقدير هو اى القرءآن فى آذنهم وقر على أن وقر خبر للضمير المقدر وفى آذانهم متعلق بمحذوف وقع حالا لوقر لبيان محل الوقر وهو اوفق لقوله تعالى { وهو } اى القرءآن { عليهم } اى على الكفار المعاندين { عمى } وذلك لتصاممهم عن سماعه وتعاميهم عما يريهم من الآيات وهو بفتح الميم المنونة اى ذو عمى على معنى عميت قلوبهم عنه وهو مصدر عمى يعمى كعلم وفى المفردات محتمل لعمى البصر والبصيرة جميعا وقرأ ابن عباس رضى الله عنهما بكسر الميم بمعنى خفى وبالفارسية واين كتاب برايشان بوشيد كسينت تاجلوه جمال كمال اونه بينند { اولئك } البعدآء الموصوفون بما ذكر من التصامم عن الحق الذى يسمعونه والتعامى عن الآيات الظاهرة التى يشاهدونها { ينادون من مكان بعيد } تمثيل لهم فى عدم قبولهم واستماعهم للقرآن بمن ينادى ويصيح به من مسافة بعيده لا يكاد يسمع من مثلها الاصوات(13/26)
يعنى مثل ايشان جون كسيست كه اورا ازمسافه دور ودراز بخواندند نه خواننده را بيند ونه آواز اورا شنودبس اورا ازان ند جه نفع رسد
نادئ اقبال ميكويد كه اى ناقابلان ... مابسى نزديك نزديك وشما بس دوردور
قال الشيخ سعدى در جامع بعلبك كلمه جندبر طريق وعظ ميكفتم باطائفه افسرده ودل مرده وراه ازعالم صورت بمعنى نبرده ديدم كه نفسم درنمى كيردو آتشم درهيزم ترايشان اثرنمى كنند دريغ آمدم تربيه ستوران وآينه دارى درمحله كوران وليكن در معنى بازبودوسلسله سخن دراز ودربيان اين آيت كه كفت خداى تعالى ونحن اقرب اليه من حبل الوريد سخن بجايى رسيده بودكه ميكفتم
دوست نزديكتر ازمن بمنست ... وين عجبتركه من ازوى دورم
جه كنم با كه توان كفت كه او ... در كنار من ومن مهجورم
من ازشرح اين سخن مست وفضله قدح دردست كه رونده ازكنار مجلس كذر كردودور آخر برواثر كرد نعره جنان زدكه ديكران درموافقت اودرخروش امدند وخامان مجلس درجوش كفتم سبحان الله دوران باخبردر حضورست ونزديكان بى بصردور
فهم سخن جون نكند مستمع ... قوت طبع ازمتكلم مجوى
فسحت ميدان ارادت بيار ... تابزند مردسخن كوى كوى
وعن الضحاك ينادون يوم القيامة باقبح اسمائهم من مكان بعيد يعنى يقال يا فاسق يا منافق يا كذا ويا كذا فيكون ذلك اشد لتوبيخهم وخزيهم وفى التأويلات النجمية اولئك ينادون من مكان بعيد لأن النداء انما يجيىء من فوق اعلى عليين وهم فى اسفل السافلين من الطبيعة الانسانية وهم ابعد البعدآء وقال ذو النون رحمه الله من وقر سمعه وصم عن ندآء الحق فى الازل لا يسمع ندائه عند الايجاد وان سمعه كان عليه عمى ويكون عن حقائقه بعيدا وذلك انهم نودوا عن بعد ولم يكونو بالقرب نسأل الله القرب على كل حال(13/27)
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45)
{ ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه } اى وبالله لقد آتيناه التوراة فاختلف فيها فمن مصدق لها ومن مكذب وغيروها من بعده بخمسمائة عام وهكذا حال قومك فى شأن ما آتيناك من القرءآن فمن مؤمن به ومن كافر وان كانوا لا يقدرون على تحريفه فانا له لحافظون فالاختلاف فى شأن الكتب عادة قديمة للامم غير مختص بقومك ففيه تسلية له عليه السلام { ولولا كلمة سبقت من ربك } فى حق امتك المكذبة وهى العدة بتأخير عذابهم والفصل بينهم وبين المؤمنين من الخصومة الى يوم القيامة بنحو قوله تعالى { بل الساعة موعدهم } وقوله تعالى { ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى } { لقضى } فى الدنيا وحكم { بينهم } باستئصال المكذبين كما فعل بمكذبى الامم السالفة
يقول الفقير انما لم يفعل الاستئصال لأن نبينا عيه السلام كان نبى الرحمة ولان مكة كانت مهاجر الانبياء والمرسلين ومهبط الملائكة المقربين بانواع رحمة رب العالمين فلو وقع فيها الاستئصال لكانت مثل ديار عاد وثمود ووقعت النفرة لقلوب الناس وقد دعا ابراهيم عليه السلام بقوله فاجعل افئدة من الناس تهوى اليهم فكان من حكمته ان لا يجعل الحرم المبارك الآمن مصارع السوء وان يقيه من نتائج سخطه { وانهم } اى كفار قومك { لفى شك منه } اى من القرءآن { مريب } موجب للاضطراب موقع فيه وبالفارسية كمانى باضطراب آورده
وتمامه فى آخر سورة سبأ فارجع والشك عبارة عن تساوى الطرفين ولتردد فيهما من غير ترجيح والوهم ملاحظة الطرف المرجوح وكلاهما تصور لا حكم معه اى لا تصديق معه اصلا(13/28)
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)
{ من } هركه { عمل صالحا } بان آمن بالكتب وعمل بموجبها { فلنفسه } فعمله او فنفعه لنفسه لا لغيره { ومن اساء } وهركه بكند عمل بد والاساءة بدى كردن { فعليها } ضرره لا على غيرها { وما ربك بظلام للعبيد } فيفعل بهم ما ليس له ان يفعله بل هو العادل المتفضل الذى يجازى كل احد بكسبه وهو اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله مبنى على تنزيل ترك اثابة المحسن بعمله او اثابة الغير بعمله وتنزيل التعذيب بغير اساءة او باساءة غيره منزلة الظلم الذى يستحيل صدوره عنه سبحانه اى هو منزه عن الظلم يقال من ظلم وعلم أنه يظلم فهو ظلام وقال بعضهم اصله وما ربك بظالم ثم نقل مع نفيه الى صيغة المبالغة فكانت المبالغة راجعة الى النفى على معنى أن الظلم منفى عنه نفيا مؤكدا مضاعفا ولو جعل النفى داخلا على صيغة المبالغة بتضعيف ظالم بدون نفيه ثم ادخل عليه النفى لكان المعنى أن تضعيف الظلم منفى عنه تعالى ولا يلزم منه نفيه عن اصله والله تعالى منزه عن الظلم مطلقا ويجوز ان يقال صيغة المبالغة باعتبار كثرة العبيد لا باعتبار كثرة الظلم كما قال تعالى { ولا يظلم ربك احدا } وفى الحديث القدسى « انى حرمت الظلم على نفسى وعلى عبادى ألا فلا تظالموا » بفتح التاء اصله تتظالموا والظلم هو التصرف فى ملك الغير او مجاوزة الحد وهذا محال فى حق الله تعالى لأن العالم كله ملك وليس فوقه احد يحد له حدا ولا تجاوز عنه فالمعنى تقدست وتعاليت عن الظلم وهو ممكن فى حق العباد ولكن الله منعهم عنه وفى الحديث « من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الاسلام » وفى حديث آخر « من مشى خلف ظالم سبع خطوات فقد اجرم » قال الله تعالى { انا من المجرمين منتقمون } وكان من ديدن السلطان بسمرقند الامتحان بنفسه مرات لطلبة مدرسته المرتبين اعالى واواسط وادانى بعد تعيين جماعة كثيرة من العدول غير المدرس للامتحان من الافاضل حذرا من الحيف وكان يعد الحيف فى الرتبة بين المستعدين من قبيل الكفر فى الدين واكثر المستعدين فى هذا الزمان على الخذلان والحرمان ( قال الصائب ) تير بختى لازم طبع بلندافتاده است باى خودراجون تواند داشتن روشن جراغ
فينبغى للعاقل ان يسارع الى الاعمال الصالحة دآئما خصوصا فى زمان انتشار الظلم والفساد وغلبة الهوى على النفوس والطباع فان الثبات على الحق فى مثل ذلك الوقت افضل واعظم قال ابن الماجشون وهو اى الماجشون كان من اهل المدينة وكان مع عمر بن عبد العزيز فى ولايته على المدينة لما خرج روح ابى وضعناه على السرير فدخل عليه غاسل فرأى عرقا يتحرك فى اسفل قدمه فمكث ثلاثة ايام ثم استوى جالسا وقال ائتونى بسويق فأتوا به فشرب فقلنا له خبرنا ما رأيت قال عرج بروحى فصعد بى الملك حتى اتى الى السماء الدنيا فاستفتح ففتح له حتى انتهى الى السابعة فقيل له من معك قال الماجشون فقيل لم يؤذن له بعد بقى من عمره كذا ثم هبط بى فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم وابو بكر عن يمينه وعمر عن يساره وعمر بن عبد العزيز بين يديه فقلت للملك انه لقريب المقعد من رسول الله عليه السلام قال انه عمل بالحق فى زمن الجور وانهما عملا بالحق فى زمن الحق بقومى كه نيكى بسندد خداى(13/29)
دهد خسروعادل ونيك راى ... جوخواهد كه ويران كند عالمى
كند ملك دربنجة ظالمى ... ومن الله الامن والسلامة(13/30)
إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47)
{ اليه } تعالى لا الى غيره { يرد علم الساعة } اذا سئل عن القيامة يقال الله يعلم اذ لا يعلمها الا الله فاذا جاءت يقضى بين المحسن والمسيئ بالجنة والنار { وما } نافية { تخرج من ثمرات } من مزيدة للتنصيص على الاستغراق فانه قبل دخولها يحتمل نفى الجنس ونفى الوحدة والمعنى بالفارسية وبيرون نيايد هيج ميوه { من اكمامها } من اوعيتها يعنى الكفرى قبل أن ينشق وقيل قشرها الاعلى من الجوز واللوز والفستق وغيرها جمع كم بالكسر وهو وعاء الثمرة وغلافها اى ما يغطى الثمرة كما أن الكم بالضم ما يغط اليد من القميص { وما تحمل من انثى } وبارنكيرد هيج ماده ازانسان وسائر حيوانات { ولا تضع } حملها بمكان على وجه الارض { الا بعلمه } استثناء مفرغ من اعم الاحوال ولم يذكر متعلق العلم للتعميم اى وما يحدث شىء من خروج ثمرة ولا حمل حامل ولا وضع واضع ملابسا بشىء من الاشياء الا ملابسا بعلمه المحيط واقعا حسب تعلقه به يعلم وقت خروج الثمرة من اكمامها وعددها وسائر ما يتعلق بها من انها تبلغ اوان النضج او تفسد قبل ونحوه ووقت الحمل وعدد ايامه وساعاته واحواله من الحداج والتمام والذكورة والانوثة والحسن والقبح وغير ذلك ووقت الوضع وما يتعلق به ولعل ذكر هذه الجمل الثلاث بعد ذكر الساعة لاشتمالها على جواز البعث واحياء الموتى وفى حواشى ابن الشيخ المعنى أن اليه يضاف علم الساعة اى علم وقت وقوع القيامة فاذا سئلت عنه فرد العلم اليه فقل الله اعلم كما يرد اليه علم جميع الحوادث الآتية من الثمار والنبات وغيرهما ( روى ) أن منصورا الدو انقى اهمه مدة عمره فرآى فى منامه شخصا اخرج يده من البحر واشار بالاصابع الخمس فاستفتى العلماء فى ذلك فتأولوه بخمس سنين وبخمسة اشهر وبغير ذلك حتى قال ابو حنيفة تأويله ان مفاتح الغيب خمسة لا يعلمها الا الله وان ما طلبت معرفته لا سبيل لك اليه اخذه ابو حنيفة رحمه الله من قوله عليه السلام « مفاتح الغيب خمسة » وتلا قوله تعالى { ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الارحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس باى ارض تموت } يقول الفقير ظهر من هذا وجه الجمع بين علم الساعة وعلم خروج الثمرات اذ هو داخل فى تنزيل الغيث لانه بالغيث والرياح تخرج النباتات وتظهر الثمرات { ويوم يناديهم } اى اذكر يا محمد لقومك يوم يناديهم الله { اين شركائى } بزعمكم كما نص عليه فى قوله تعالى { اين شركائى الذين زعمتم } وبالفارسية كجا اند انبازان بزعم شما { قالوا آذناك } اى اخبرناك واعلمناك { ما منا } نيست ازما { من شهيد } من احد يشهد لهم بالشركة اذ تبرأنا منهم لما عاينا الحال فيكون السؤال عنهم للتوبيخ والشهيد من الشهادة او ما منا من احد يشهدهم لأنهم ضلوا عنهم حينئذ فهم لا يبصرونهم فى ساعة التوبيخ فالشهيد من الشهود قال فى حواشى سعدى المفتى والظاهر أنه كقولهم والله ربنا ما كنا مشركين بل الاشارة بقولهم آذناك الى هذا القول الذى اجابوا به اولا متعمدين للكذب انتهى وفى الارشاد قولهم آذناك اما لأن هذا التوبيخ مسبوق بتوبيخ آخر مجاب بهذا الجواب ولأن معناه الانشاء لا الاخبار بايذان قد كان انتهى(13/31)
وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48)
{ وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل } اى غاب عن المشركين الآلهة التى كانوا يعبدونها من قبل يوم القيامة او ظهر عدم نفعهم فكان حضورهم كغيبتهم { وظنوا } اى ايقنوا { ما لهم من محيص } مهرب وبالفارسية ويقين دانندكه اذعذاب وعقوبت نيست ايشانرا هيج كريز كاهى من حاص يحيص حيصا محيصا اذا هرب وفى المفردات أصله من قولهم وقع فى حيص بيص اى فى شدة وحاص عن الحق يحيص اى حاد عنه الى شدة ومكروه وفى القاموس حاص عنه عدل وحادو المحيص المحيد والمعدل والميل والمهرب والظن معلق عنه بحرف النفى والتعليق ان يوقع بعده ما ينوب عن المفعولين جميعا وفى الآية اشارة الى أن الله تعالى ينادى فيقول اين شركائى الذين كانوا يرون انهم يخلقون افعالهم واعمالهم قالوا آذناك ما منا من شهيد يشهد أنه خالق فعله وكوشفوا بأنه لا خالق الا الله وهم المعتزلة وقد سئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا يجوز كما فى مجمع الفتاوى وذلك لأن اهل الاعتزال مشركون بقولهم ان العباد خالقون لأفعالهم وقد قال تعالى { ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا } اى يوحدوا ويقولوا لا خالق الا الله ولا وجود فى الحقيقة الا لله وضل عنهم يوم القيامة ما كانوا يدعون من قبل ان له وجودا وزال وبطل ( ع ) جه كونه غير توبيند كسى كه غير تو بيست
وايقنوا مالهم من مهرب الى الله عند قيام الساعة بتجلى صفة القهارية ولو كانوا ارباب اللطف فى الدنيا لنالوا لطفه فى العقبى فعلى العاقل ان يهرب ويفر الى الله تعالى كما قال ففروا الى الله فاذا فر اليه انس به والانيس لا يخاف من قهر الانيس اذ هو على الملاطفة معه على كل حال قال ذو النون المصرى قدس سره ركبنا مرة فى مركب وركب معنا شاب صبيح وجهه مشرق فلما توسطنا فقد صاحب المركب كيسا فيه مال فتش كل من فى المركب فلما وصلوا الى الشاب ليفتشوه وثب وثبة من المركب حتى جلس على امواج البحر وقام له الموج على مثال السرير ونحن ننظر اليه من المركب وقال يا مولاى ان هولاء اتهمونى وانى اقسم عليك يا حبيب قلبى ان تأمر كل دابة فى هذا المكان ان تخرج رأسها وفى افواهها جواهر قال ذو النون فما تم كلامه حتى رأينا دواب البحر امام المركب قد اخرجت رؤوسها وفى فم كل واحدة منها جوهرة تتلألأ وتلمع ثم وثب الشاب من الموج الى البحر وجعل يتبختر على وجه الماء ويقول اياك نعبد واياك نستعين حتى غاب عن بصرى فحملنى هذا على السياحة وذكرت قوله عليه السلام(13/32)
« لا يزال فى امتى ثلاثون قلوبهم على قلب ابراهيم خليل الرحمن وكلما مات منهم واحد ابدل الله مكانه واحدا » ظهر من هذه الحكاية أن الله تعالى تجلى لذلك الشاب بصفة اللطف فسلم من قهر البحر وذلك لتحققه بحقيقة قوله اياك نعبد فانه من اختصاص العبادة يحصل اختصاص التوحيد وبالتوحيد الحقانى يزول كل ما كان من طريق القهر لأن من قهر وجوده لا يقهر مرة اخرى ولما شاهد ذو النون هذه الحال من الشاب لأنها حال تنافى حال اهل الدنيا ( كما قال الشيخ المغربى )
هيج كس كرجه زحالى نيست خالى درجهان ... ليكن اين حالى كه ماراهست حال ديكراست
سلك طريق اللطف وساح فى الارض حتى وصل الى اللطيف الخبير(13/33)
لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49)
{ لا يسئم الانسان } اى لا يمل ولا يضجر وبالفارسية ملول نميشود كافر
فهذا وصف للجنس بوصف غالب افراده لما أن اليأس من رحمة الله لا يتأتى الا من الكافر وسيصرح به { من دعاء الخير } اى من دعائه الخير وطلبه السعة فى النعمة واسباب المعيشة فحذف الفاعل واضيف الى المفعول والمعنى أن الانسان فى حال اقبال الخير اليه لا ينتهى الى درجة الا ويطلب الزيادة عليها ولا يمل من طلبها ابدا وفيه اشارة الى أن الانسان مجبول على طلب الخير بحيث لا تتطرق اليه السآمة فبهذه الخصلة بلغ من بلغ رتبة خير البرية وبها بلغ دركة شر البرية وذلك لأنه لما خلق لحمل الامانة التى اشفق منها البرية وابين ان يحملنها وهى عبارة عن الفيض الالهى بلا واسطة وذلك فيض لا نهاية له فحملها احتاج الانسان الى طلب غير متناه فطلب بعضهم هذا الطلب فى تحصيل الدنيا وزينتها وشهواتها واستيفاء لذاتها فما سئم من الطلب وصار شر البرية ( قال الحافظ )
تاكى غم دنياى دنى اى دل دانا ... حيفست زخوبى كه شود عاشق زشتى
{ وان مسه الشر } اى العسر والضيق { فيؤس قنوط } اى يبالغ فى قطع الرجاء من فضل الله ورحمته وبالفارسية واكر برسد ويرابدى جون تنكى وتنكدستى وبيمارى بس نوميدست ازراحت اميد برنده ازرحمت
والقنوط عبارة عن يأس مفرط يظهر اثره فى الشخص فيتضاءل وينكسر فبهذا ظهر الفرق بين اليأس والقنوط وفى التأويلات النجمية وان مشه الشر وهو فطامه عن مألوفات نفسه وهواه فيؤوس قنوط لا يرجو زوال البلايا والمحن لعدم علمه بربه وانسداد الطريق على قلبه فى الرجوع الى الله ليدفع عنه ذلك ( قال الحافظ )
سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشه بكيتى دزم نخواهدماند
وفيه اشارة الى أن الانسان لا يدعو عارفا بربه طاعة لربه بل لتحصيل مراده واربه ولهذا وقع فى ورطة الفرار واليأس عند ظهور اليأس(13/34)
وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50)
{ ولئن اذقناه رحمة منا } من عندنا { من بعد ضرآء مسته } اى اصابته وذلك بتفريج تلك الضراء عنه كالمرض والضيق بالرحمة كالصحة والسعة { ليقولن هذا } الخير { لى } اى حقى وصل الى لأنى استحقه لما لى من الفضل وعمل البر فاللام للاستحقاق اولى لا لغيرى فلا يزول عنى ابدا فاللام للاختصاص فيكون اخبارا عن لازم الاستحقاق لا عن نفسه كما فى الوجه الاول ومعنى الدوام استفيد من لام الاختصاص لأن ما يختص باحد الظاهر انه لا يزول عنه فذلك المسكين لم ير فضل الله وتوفيقه فادعى الاستحقاق فى الصورة الاولى واشتغل بالنعمة عن المنعم وجهل أن الله تعالى اعطاه ليبلوه ايشكرام يكفر فلو اراد لقطعها منه وذلك فى الصورة الثانية { وما اظن الساعة قائمة } اى تقوم وتحضر وتكون فيما سياتى كما يزعم محمد { ولئن رجعت } رددت { الى ربى } على تقدير قيامها وبعثت وهو الذى ارادوا بقولهم ان نظن الا ظنا فلا يخالف وما اظن الساعة قائمة لأن المراد الظن منه الكامل { ان لى عنده للحسنى } وهو جواب القسم لسبقه الشرطية اى للحالة الحسنى من الكرامة يعنى استحقاق من مرنعمت وكرمت راثابت است خواه دردنيا خواه درعقبا ( ع )
زهى تصور باطل زهى خيال محال ... اعتقد أن ما اصابه من نعم الدنيا لاستحقاقه لها وان نعم الآخرة كذلك لأن سبب الاعطاه متحقق فى الآخرة ايضا وهو استحقاقه اياها فقاس امر الاخرة على امر الدنيا بالوهم المحض والامنية الكاذبة وعن بعضهم للكافر أمنيتان يقول فى الدنيا ولئن رجعت الخ وفى الآخرة يا ليتنى كنت ترابا وهيجكدام ازين معنى وجودى نخواهد كرفت
وعن بعض اهل التفسير ان لى عنده للحسنى اى الجنة يقول ذلك استهزآء { فلننبئن الذين كفروا بما عملوا } اى لنعلمنهم بحقيقة اعمالهم حين اظهرناها بصورها الحقيقية فيرون انها مقابح يهان عليها لا محاسن يكرم عليها { ولنذيقنهم من عذاب غليظ } لا يعرف كنهه ولا يمكنهم التفصى منه كأنه لغلظته يحيط بجميع جهاتهم وقد كان معذبا فى الدنيا بعذاب الطرد والبعد ولكن لما لم يجد ذوق العذاب وألمه اذاقه الله تعد انتباهه من نومة غفلته اى بعد الموت لقول على كرم الله وجهه الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا وفى بحر العلوم غليظ اى شديد او عظيم ومن ابتدآئية او بيانية والمبين محذوف كأنه قيل ولنذيقنهم عذابا مهينا من عذاب كبير بدل ما اعتقدوه لانفسهم من الاكرام والاعزاز من الله تعالى
يقول الفقير يجوز ان يقال وصف العذاب بالغلظة لغلظة بدن المعذب به قال حضرة الشيخ صد الدين القنوى قدس سره الغالب على الاشقياء خواص التركيب ولكثافة كما اشار اليه عليه السلام بقوله(13/35)
« ان غلظ جلد الكافر يوم القيامة مسيرة ثلاثة ايام » وكما نبه الحق على ذلك بقوله { كلا ان كتاب الفجار لفى سجين } وهو العالم السفلى المضاف الى اليد المسماة بالقبضة وبالشمال ايضا وقال فى اصحاب اليمين { كلا ان كتاب الابرار فى عليين } هو ان اجزآء نشأتهم الكثيفة وقواهم الطبيعة المزاجية تجوهرت وزكت واستحالت بالتقديس والتزكية الحاصلين بالعلم والعمل والتحلية بالصفات المحمودة والاخلاق السنية قوى وصفات ملكية ثابتة زكية ذاتية لنفوسهم المطمئنة كما اخبر الحق عن ذلك بقوله فى بيان احوال النفوس { قد افلح من زكاها } وكما اشار اليه عليه السلام فى دعائه « اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها » والحال فى الاشقياء بعكس ذلك فان قواهم وصفاتهم الروحانية لما استهلكت فى القوى الطبيعة المتصفة باحكام اعتقاداتهم وظنونهم الفاسدة وافعالهم الرديئة واخلاقهم المذمومة زمان بقائهم السنين الكثيرة فى هذه النشأة وهذه الدار ركبها الحق فى النشأة الحشرية بحيث يحصل منها ما اقتضى ان يكون غلظ جلد بدن احدهم مسيرة ثلاثة ايام عكس ما نبهت عليه من حال الابرار ولهذا ورد فى شأن النشأة الجنانية أن اصحابها يظهرون فى الوقت الواحد فى الصور المتعددة منعمين فى كل طائفة من اهاليهم منقلبين فيما اشتهوا من الصور وليس هذا الا من اجل ما ذكرنا من استهلاك اجزآء نشأتهم الكثيفة فى لطائف جواهرها وانصباغها بصفاتها وغلبة خواص نفوسهم وقواهم الروحانية على قوى امزجتهم الطبيعية فصاروا كالملائكة يظهرون فيما شاؤا من الصور
بال بكشا وصفيراز شجر طوبى زن ... حيف باشدجوتو مرغى كه اسير قفسى(13/36)
وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51)
{ واذا انعمنا على الانسان اعرض } اى عن الشكر على انعامه وهذا نوع آخر من طغيان الكافر اذا اصابه الله بنعمة ابطرته النعمة وكأنه لم يلق شدة قط فنسى المنعم وكفر بنعمته بترك الشكر { ونأ بجانبه } الناى دور شدن
ويعدى بنفسه وبعن كما فى تاج المصادر اى تباعد بكليته عن الشكر لا بجانبه فقط ولم يمل الى الشكر والطاعة تكبرا وتعظما فالجانب مجاز عن النفس كما فى قوله تعالى { فى جنب الله } ويجوز ان يراد به عطفه فيكون على حقيقية وعبارة عن الانحراف والازورار لأن نأى الجانب عن الشكر يستلزم الانحراف عنه كما قالوا ثنى عطفه وتولى بركنه فالباء للتعدية وفى التأويلات النجمية اذا خلناه الى الطبيعة الانسانية وهى الظلومية والجهولية لا يميز بين العطاء والبلاء فكثير مما يتوهمه عطاء وهو مكر واستدراج هو يسديمه وكثير مما هو فضل فى نقمة وعطاء فى الشر وهو يظنه بلاء فيكرهه بل اذا انعمنا عليه صاحبه بالبطر واذا ابليناه قابله بالضجر بل واذا انعمنا عليه اعجب بنفسه فتكبر مختالا فى زهوه لا يشكر ربه ولا يذكر فضله ويشتغل بالنعمة عن المنعم ويتباعد عن بساط طاعته فكالمستغنى عنا يهيم على وجهه ( قال الحافظ )
ببال وبرمرو ازره كه تيربرتابى ... هوا كرفت زمانى ولى بخاك نشست
{ واذا مسه الشر } اى اذا مس هذا الانسان المعرض المتكبر جنس الشر كالبلاء والمحنة وانما جيئ بلفظ الماضى واذا لأن المراد الشر المطلق الذى حصوله مقطوع به { فذو دعاء عريض } اى فهو ذو دعاء كثير كما يقال اطال فلان الكلام والدعاء واعرض اى اكثر فهو مستعار مما له عرض متسع للاشعار بكثرته فان العريض يكون ذا اجزآء كثيرة وامتداد فمعنى الاتساع يؤخذ من تنكير عريض فانه يدل على التعظيم ومعنى الامتداد يؤخذ من معنى الطول اللازم للعرض وهو اى عريض ابلغ من طويل اذ الطول اطول الامتدادين فاذا كان عرضه كذلك اى متسعا فما ظنك بطوله ولعل شأن بعض غير البعض الذى حكى عنه اليأس والقنوط اذا اليأس والقنوط ينافيان الدعاء لأنه فرع الطمع والرجاء او شأن الكل فى بعض الاوقات وقيل قنوط من الصنم دعاء لله او قنوط بالقلب دعاء باللسان(13/37)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52)
{ قل ارأيتم } اى اخبرونى لأن الرؤية سبب للاخبار { ان كان } اى القرءآن { من عند الله ثم كفرتم به } من غير نظر واتباع دليل مع تعاضد موجبات الايمان به { من } استفهام { اضل ممن هو فى شقاق بعيد } اى من اضل منكم فوضع الموصول موضع الضمير شرحا لحالهم وتعليلا لمزيد ضلالهم وخلافهم بانه لكونهم فى شقاق بعيد فان من كفر بما نزل من عند الله بان قال اساطير الاولين ونحوه فقد كان مشاقا لله اى معاديا ومخالفا له خلافا بعيدا عن الوفاق ومعاداة بعيدة عن الموالاة ولا شك أن من كان كذا فهو فى غاية الضلال وفى الاية اشارة الى أن كل بلاء وعناء ونعمة ورحمة ومضرة ومسرة ينزل بالعبد فهو من عند الله فان استقبله بالتسليم والرضى صابرا شاكرا للمولى فى الشدة والرخاء والسرآء والضرآء فهو من المهتدين المقربين وان استقبله بالكفر والجزع بالخذلان فهو من الاشقياء المبعدين المضلين وفى الحديث القدسى « اذا وجهت الى عبد من عبيدى مصيبة فى بدنه او ماله او ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة ان انصب له ميزانا وانشر له ديوانا » وفى الحديث « اذا احب الله عبدا ابتلاه اذا احبه حبا شديدا افتناه فان صبر ورضى اجتباه » قيل يا رسول الله وما افتناؤه قال « ان لا يبقى له مالا ولا ولدا » قال بعض الكبار النعمة توجب الاعراض كما قال الله تعالى { واذا انعمنا على الانسان } الخ ومس الضر يوجب الاقبال على الله كما قال الله تعالى { واذا مسه الشر } الخ فالله تعالى رحيم على العبد بدفع النعمة والصحة عنه لأنها مظنة الاعراض والبلاء للولاء كاللهب للذهب فالبلاء كالنار فكما أن النار لا تبقى من الحطب شيأ الا واحرقته فكذا البلاء لا يبقى من ضر الوجود شيأ فالطريق الى الله على جادة المحنة اقرب من جادة المنحة اذ الانبياء والاولياء جاؤا وذهبوا من طريق البلاء وقد ثبت أن النار لا ترتفع من الدنيا ابدا فكيف يؤمل العاقل الراحة فى الدنيا فهى دار محنة وقد ورد « الدنيا سجن المؤمن » فالمؤمن لا يستريح فى الدنيا ولا يخلو من قلة او علة او ذلة وله راحة عظمى فى الآخرة والكافر خاسر فى الدنيا والآخرة فعلى العبد ان يمشى على الصراط السوى ويخاف من الزلق ومن مكر الله تعالى ( قال الحافظ )
جه جاى من كه بلغزد سبهر شعبده باز ... ازين حيل كه در انبانه بهانه بست(13/38)
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)
{ سنريهم } زود باشدكه بنمايم ايشانرا يعنى كفار قريش را { آياتنا } الدالة على حقيقة القرءآن وكونه من عند الله { فى الآفاق } جمع افق وهى الناحية من نواحى الارض وكذا آفاق السماء نواحيها واطرافها والآفاق ما خرج عنك وهو العالم الكبير من الفرش الى العرش والانفس ما دخل فيك وهو العالم الصغير وهو كل انسان بانفراده والمراد بالآيات الآفاقية ما اخبرهم النبى عليه السلام من الحوادث الآتية كغلبة الروم على فارس فى بضع سنين وآثار النوازل الماضية الموافقة لما هو المضبوط لمقرر عند اصحاب التواريخ والحال انه عليه السلام امى لم يقرأ ولم يكتب ولم يخالط احد او ما يسر الله له ولخلفائه من الفتوح والظهور على آفاق الدنيا والاستيلاء على بلاد المشارق والمغارب على وجه خارق للعادة اذ لم يتيسر امثالها لاحد من خلفاء الارض قبلهم { وفى انفسهم } هو ما ظهر فيما بين اهل مكة من القحط والخوف وما حل بهم يوم بدر ويوم الفتح من القتل والمقهورية ولم ينقل الينا أن مكة فتحت على يد احد قبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكذا قتل اهلها واسرهم وقيل فى الآفاق اى فى اقطار السموات والارض من الشمس والقمر والنجوم وما يترتب عليها من الليل والنهار والاضواء والظلال والظلمات ومن النبات والاشجار والانهار وفى انفسهم من لطيف الصنعة وبديع الحكمة فى تكوين الاجنة فى ظلمات الارحام وحدوث الاعضاء العجيبة والتراكيب الغريبة كقوله تعالى { وفى انفسكم افلا تبصرون } واعتذر بان معنى السين مع أن ارآءة تلك الايات قد حصلت قبل ذلك انه تعالى سيطلعهوم على تلك لايات زمانا فزمانا ويزيدهم وقوفا على حقائقها يوما فيوما قالوا الآفاق هو العالم الكبير والانفس هو العالم الصغير
وهرجه از دلائل قدرت درعالم كبيراست نمودار آن عالم صغيراست وتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر جميع آنجه درعالم است مفصلا در نشأت أنسان است مجملا بل انسان عالم صغير مجملست ازروى صورت وعالم انسان كبير اما ازروى قدرت مرتبه انسان كبيرست وعالم انسان صغير
اى آنكه تر است ملك اسكندر وجم ... از حرص مباش دربى نيم درم
عالم همه درتست وليكن از جهل ... بنداشته تو خويش را در عالم
فجسم الانسان كالعرش ونفسه كالكرسى وقلبه كالبيت المعمور واللطائف القلبية كالجنان والقوى الروحانية كالملائكة والعينان والاذنان والمنخران والسبيلان والثديان والسرة والفم كالبروج الاثنى عشر والقوة الباصرة والسامعة والذآئقة والشامة واللامسة والناطقة والعاقلة كالكواكب السبعة السيارة وكما أن رياسة الكواكب بالشمس والقمر واحدهما يستمد من الآخر فكذلك رياسة القوى بالعقل والنطق وهو اى النطق مستمد من العقل وكما أن فى العالم الكبير ستين وثلاثمائة يوم فكذا فى الانسان ستون وثلاثمائة مفصل وكما أن للقمر ثمانية وعشرين منزلا يدور فيها فى كل شهر فكذا فى الفم ثمانية وعشرون مخرجا للحروف وكما أن القمر يظهر فى خمس عشرة ليلة ويخفى فى الباقى كذلك التنوين والنون الساكنة يخفيان عند ملاقاتهما خمسة عشر حرفا وكما أن فى العالم الكبير ارضا وجبالا ومعادن وبحارا وانهارا وجداول وسواقى فجسد الانسان كالارض وعظامه كالجبال التى هى اوتاد الارض ومخه كالمعادن وجوفه كالبحار وامعاؤه كالانهار وعروقه كالجداول والسواقى وشحمه كالطين وشعره كالنبات ومنبت الشعر كالتربة الطيبة وانسه كالعمران وظهره كالمفاوز ووحشته كالخراب وتنفسه كالرياح وكلامه كالرعد واصواته كالصواعق وبكاؤه كالمطر وسروره كضوء النهار وحزنه كظلمة الليل ونومه كالموت ويقظته كالحياة وولادته كبدء سفره وايام صباه كالربيع وشبابه كالصيف وكهولته كالخريف وشيخوخته كالشتاء وموته كانقضاء مدة سفره والسنون من عمره كالبلدان والشهور كالمنازل والاسابيع كالفراسخ وايامه كالاميال وانفاسه كالخطى فكلما تنفس نفسا كأنه يخطو خطوة الى اجله(13/39)
هر دم از عمر ميرود نفسى ... جون نكه ميكنم نماندبسى
وله فى كل يوم اثنا عشر ألف نفس وفى كل ليلة كذلك فيوم القيمة ينظر فى كل نفس اخرجه فى غفلة عن ذكر الله فيا طول حسرة من مضى نفس من انفاسه بالغفلة ثم الارض سبع طباق ارض سودآء وغبرآء وحمرآء وصفرآء وبيضاء وزرقاء وخضرآء فنظائرها من الانسان فى جسمه الجلد والشحم واللحم والعروق والعصب والقصب والعظام وهذه المرة السودآء بمنزلة الارض ليبسها وبردها وهذه المرة الصفرآء بمنزلة النار ليبسها وحرارتها وهذا الدم بمنزلة الهواء لحرارته ورطوبته وهذا البلغم بمنزلة الماء لبرودته ولزوجته وكما أن المياه مختلفة فمنها الحلو والمالح والمنتن كذلك مياه بدن الانسان هذا ماء العين ملح لأن العين شحمة ولولا ملوحة مائها لفسدت وهذا الريق عذب ولولا ذلك ما استعذب طعام ولا شراب وهذا الماء الذى فى صماخ الاذنين مر لأنهما عضوان مفتوحان لا انطباق لهما حتى أن نتن الماء يصد كل شىء عن اذنه ولو أن دودة دخلتهما لماتت لمرارة ذلك الماء ونتنه ولولا ذلك لوصل الديدان الى دماغه فافسده ثم فيه اخلاق جميع الحيوانات فهو كالملك من جهة المعرفة والصفاء وكالشيطان من جهة المكر والكدورة وكالاسد فى الجرآءة والشجاعة وكالبهيمة فى الجهل وكالنمر فى الكبر وكالفهد والاسد فى الغضب وكالذئب فى الافساد والاغارة وكالحمار فى الصبر وكذا كالحمار والعصفور فى الشهوة وكالثعلب فى الحيلة وكالفارة والنملة فى الحرص والجمع وكالكلب فى البخل وكذا فى الوفاه وكالخنزير فى الشره وكالحية فى الحقد وكالجمل فى الحلم وكذا فى الحقد وكالديك فى السخاوة وكالبوم فى الصناعة وكالهرة فى التواضع والتملق وكالغراب فى البكور وكالبازى والسلحفاة فى الهمة الى غير ذلك ويزيد على الجميع بالنظر ووجود التمييز والاستدلال بالشاهد على الغائب وانواع الحروف والصناعات فهذه كلها آيات الله تعالى فى انفسنا فتبارك الله احسن الخالقين ( قال الصائب )(13/40)
عجبترازتو نداردجهان تماشاكاه ... جرابجشم تعجب بخودنظر نكنى
وقال
اى رازنه فلك زوجودت عيان همه ... دردادن توحاصل دريا وكان همه
بيش توسر بخاك مذلت نهاده اند ... باآن علوم ومرتبه روحانيان همه
دركوش كرده خلقه فرمان بذيرتست ... خاك وهواو آتش وآب روان همه
{ حتى يتبين لهم } بذلك { انه الحق } اى القرءآن او الرسول فالقصر المستفاد من تعريف المسند حقيقى ادعائى او الله او التوحيد فالقصر اضافى تحقيقى اى لا الشركاء ولا التشريك والضمائر فى سنريهم وفى انفسهم ولهم للمشارفين على الاهتدآء منهم او للجميع على أنه من وصف الكل بوصف البعض كما فى حواشى سعدى المفتى
وجمعى ضمير راعائد بآدميان دراند يعنى بنمايم مردمانرا دلائل آفاقى وآيات انفسى
فعبارة الآية مقام التوحيد واشارتها مقام التجريد والتفريد وظهور الحق فى مظاهر الآفاق والانفس وتبينه بآيات توحيده المرئية فيهما توحيد واستقطاع التوحيد الموحد عن الالتفات الى الآفاق تجريد وعن النظر الى الانفس تفريد لكن هذا التوحيد والتجريد والتفريد كونى لا الهى لأنه باعتبار ظهور الحق فى المظاهر الكونية دون الالهية ففوقها توحيد وتجريد وتفريد الهى باعتبار ظهور الحق فى مظاهر الالهية من مراتب التعينات الذاتية والاسمائية والصفاتيه والافعالية والكونى من الالهى بمنزلة الظاهر من الباطن فمرتبة التعين ذاتيا اولا وصفاتبا ثانيا وافعالبا ثالثا مرتبة التوحيد ومرتبة اللاتعين الذى فوق التعين مطلقا مرتبة التجريد ومرتبة الجامعية بين المرتبتين مرتبة التفريد اذا الفرد الحقيقى الاولى جمعية المراتب الثلاث مطلقا وجميع العلوم والاعمال والآثار جمالية او جلالية شؤونات ذاتية مستجنة فى غيب الذات اولا وصور واعيان علمية ثابتة فى عرصة العلم ثانيا وحقائق موجودات عينية متحققة فى عرصة العين ولهذا التحقق العينى والوجود الخارجى خلق الله الانفس والآفاق والسموات والارضين والملأ الاعلى والاسفل حتى يكون المعلوم مرئيا ومشاهدا ويتم الامر الالهى الجمالى والجلالى والكمالى ويكمل مطلقا بالوجود العينى الخارجى حكمه الازلى الابدى جلاء واستجلاء سر بحربى كرانرا موج برصحرا نهاد كنج مخفى آشكارا شد نهان آمدبديد { او لم يكف بربك } استئناف وارد لتوبيخهم على ترددهم فى شأن القرءآن وعنادهم المحوج الى ارآءة الآيات وعدم اكتفائهم باخباره تعالى والهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام والباء مزيدة للتأكيد اى ألم يغن ولم يكف ربك { انه على كل شىء شهيد } بدل منه اى الم يغنهم عن ارآءة الآيات الموعودة المبينة لحقية القرءآن ولم يكفهم فى ذلك انه تعالى شهيد على جميع الاشياء وقد اخبر بانه من عنده فعدم الكفاية معتبر بالنسبة اليهم كما يصرحه قوله تعالى(13/41)
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)
{ الا } كلمة تنبيه { انهم } اى كفار مكة { فى مرية } شك عظيم وشبهة شديدة { من لقاء ربهم } بالبعث والجزاء فانهم استبعدوا احياء الموتى بعدما تفرقت اجزآؤهم وتبددت اعضاؤهم وفيه اشارة الى أن الشك احاط بجميع جوانبهم احاطة الظرف بالمظروف لا خلاص لهم منه وهم مستمرون دآئمون فيه { الا انه بكل شىء محيط } الاحاطة ادراك الشىء بكماله اى عالم بجميع الاشياء جملها وتفاصيلها وظواهرها وبواطنها فلا يخفى عليه خافية منهم وهو مجازيهم على كفرهم ومريتهم لا محالة ومرجع تأكيد العلم الى تأكيد الوعيد
علم بى جهل وقدرت بى عجز ... خاص مرحضرت الهى راست
هرجه بايد در انفس وآفاق ... كند از حكم بادشاهى راست
واحاطة الله سبحانه وتعالى عند العارفين بالموجودات كلها عبارة عن تجليه بصور الموجودات فهو سبحانه باحدية جميع اسمائه سار فى الموجودات كلها ذاتا وحياة وعلما وقدرة الى غير ذلك من الصفات والمراد باحاطته تعالى هذه السراية ولا يعزب عنه ذرة فى السموات والارض وكل ما يعزب يلحق بالعدم وقالوا هذه الاحاطة ليست كاحاطة الظرف بالمظروف ولا كاحاطة الكل باجزآئه ولا كاحاطة الكلى بجزيئاته بل كاحاطة الملزوم بلازمه فان التعينات اللاحقة لذاته المطلقة انما هى لوازم له بواسطة او بغير واسطة وبشرط او بغير شرط ولا تقدح كثرة اللوازم فى وحدة الملزوم ولا تنافيها والله اعلم بالحقائق
واعلم ان الاشياء كلها قد اتفقت على الشهادة بوحدة خالقها وانه مظهرها من كتم العدم والمظهر لا يفارق المظهر فى معرفة ارباب البصائر فسبحان من هو عند كل شى ومعه وقبله ومن ههنا قال بعضهم ما رأيت شيأ الا ورأيت الله معه وقال بعضهم ما رأيت شيأ الا ورأيت الله بعده وقال بعضهم ما رأيت شيأ الا ورأيت الله قبله فمنهم من يرى الاشياء به ومنهم من يراه بالاشياء والى الاول الاشارة بقوله { او لم يكف بربك انه على كل شىء شهيد } والى الثانى بقوله { سنريهم آياتنا فى الآفاق } فالاول صاحب مشاهدة ودرجة الصديقين والثانى صاحب استدلال ودرجة العلماء الراسخين فما بعدها الا درجة الغافلين المحجوبين وفى الآيات اشارات منها ان الخلق لا يرون الآيات الا بارآءة الله اياهم ومنها أن الله تعالى خلق الآفاق ونفس الانسان مظهر آياته ومنها أنه ليس للآفاق شعور على الآيات وعلى مظهريتها للايات بخلاف الانسان ومنها أن نفس الانسان مرءآة مستعدة لمظهرية جميع آيات الله ومظهريتها بارآءة الحق تعالى بحيث يتبين له أنه الحق ويبين لغيره أنه الحق ومنها أن العوام يتبين لهم باختلاف الليل والنهار والاحداث التى تجرى فى احوال العالم واختلاف الاحوال التى تجرى عليهم من الطفولية الى الشيخوخة واختلاف احكام الاعيان مع اختلاف جواهرها فى التجانس وهذه هى آيات حدوث العالم واقتفاء المحدث بصفاته ومنها أن الخواص يتبين لهم ببصائر قلوبهم من شواهد الحق واختلاف الاحوال فى القبض والبسط والجمع والفرق والحجب والجذب والستر والتجلى والكشوف والبراهين وانوار الغيب وما يجدونه من حقائق معاملاتهم ومنازلاتهم بارآءة الحق تعالى ومنها أن اخص الخواص يتبين لهم بالخروج من ظلمات حجب الانسانية الى نور الحضرة الربانية بتجلى صفات الجمال واحلال وكشف القناع الحقيقى عن العين والعيان ولهذا قال او لم يكف بربك اى بارآءة آياته وتعريف ذاته وصفاته بكشف القناع ورفع الاستار انه على كل شىء شهيد لا يغيب عن قدرته شىء وبقوله ألا انهم فى مرية من لقاء ربهم يشير الى أن اهل الصورة لفى شك من تجويز ما يكاشف به اهل الحقيقة من انواع المشاهدات والمعاينات الا انه بكل شىء محيط وهو قادر على التجلى لكل شىء كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم(13/42)
« اذا تجلى الله لشىء خضع له »(13/43)
حم (1) عسق (2)
{ حم عسق } اسمان للسورة ولذلك فصل بينهما فى الكتابة وعد آيتين بخلاف كهيعص والمص والمر فانها آية واحدة وان اسما واحدا او آية واحدة فالفصل لتطابق سائر الحواميم وفى القاموس آل حاميم او قسم او حروف الرحمن مقطعة وتمامه الرون انتهى روى الطبرى أنه جاء رجل الى ابن عباس رضى الله عنهما وعنده حذيفة اليمانى رضى الله عنه فسأله عن تفسير حم عسق فأطرق واعرض عنه حتى اعاد عليه ثلاثا فاعرض فقال له حذيفة انا انبئك بها قد عرفت لم كرهها وتركها نزلت فى رجل من اهل بيته يقال له عبد الله او عبد الاله ينزل على نهر من انهار المشرق فيبنى عليه مدينتين يشق النهر بينهما شقا فاذا اراد الله زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ينزل على احداهما نارا ليلا فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها وتصبح صاحبتها سالمة متعجبة كيف افلتت فما هو الا بياض يومها حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم اى من اهل المدينتين ثم يخسف الله بها وبهم جميعا فى الليلة القابلة فذلك قوله تعالى حم عسق اى عزمة من عزمات الله وفتنة حم اى قضى وقدر عدلا منه سيكون واقعا فى هاتين المدينتين ونظير هذا التفسير ما روى جرير بن عبد الله البجلى رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول « تبنى مدينتان بين دخلة ودجيل وقطربل والصراة يجتمع فيهما جبابرة الارض يجبى اليهما الخزآئن يخسف بهما » وفى رواية باهلهما « فلهما اسرع ذهابا فى الارض من الوتد الحديد فى الارض الرخوة » قوله دخلة بالخاء المعجمة على وزن حمزة قرية كثيرة التمر ودجيل بالجيم كزبير شعب من دجلة نهر بغداد وقطربل بالضم وتشديد الباء الموحدة او بتخفيفها موضعان احدهما بالعراق ينسب اليه الخمر والصراة بالفتح نهر بالعراق وقال الضحاك قضى عذاب سيكون واقعا وارجو ان يكون قد مضى يوم بدر وذكر الثعلبى والقشيرى أن النبى عليه السلام لما نزلت هذه الآية عرف الكآبة فى وجهه اى اثر الحزن والملالة فقيل يا رسول الله ما احزنك قال « اخبرت ببلايا تنزل بامتى من خسف ومسخ ونار تحشرهم وريح تقذفهم فى البحر وآيات متتابعات متصلات بنزول عيسى وخروج الدجال »
كفته اند حاحرفست وميم مهلكه وعين عذاب وسين مسخ وقاف قذف وثعلبى كويد ابن عباس رضى الله عنهما حم عسق خواندى وكفتى على رضى الله عنه فتنهارا باين دو لفظ دانست
وروى عن على رضى عنه أنه كان يستفيد علم الفتن والحروب من هذه الحروف التى فى اوآئل السور وقال شهر بن حوشب حم عسق حرب يذل فيها العزيز ويعز فيها الذليل من قريش ثم تفضى الى العرب الى العجم ثم هى متصلة الى خروج الدجال(13/44)
يقول الفقير الفتن المتصلة بخروج الدجال بعضها قد مضى وبعضها سيقع فيما بين المائتين بعد الالف دل عليه حم وهو ثمان واربعون والعين وهو سبعون والسين وهو ستون والقاف وهو مائة لأنه قد صح أن الدجال متأخر عن المهدى وان المهدى يخرج على رأس لمائة الثالثة او على اربعة ومائتين فيقع قبيل ظهور المهدى الطامات الكبرى وقال عطاء الحاء حرب وهو موت ذريع فى الناس وفى الحيوان حتى يبيدهم ويفنيهم والميم تحويل ملك من قوم الى قوم والعين عدو لقريش يقصدهم ثم ترجع اليهم الدولة لحرمة البيت والسين هو استئصال بالسنين كسنى يوسف عليه السلام وسبى يكون فيهم والقاف قدرة الله نافذة فى ملكوت الارض لا يخرجون من قدرة الله وهى نافذة فيهم وقال ابن عباس رضى الله عنهما الحاء حكم الله والميم ملك الله والعين علوم الله والسين سنا الله والقاف قدرة الله اقسم الله بها فكأنه يقول فبحكمى وملكى وعلوى وسناى وقدرتى لا اعذب عبدا قال لا اله الله مخلصا فلقينى بها ومعناه على ما قال ابو الليث فى تفسيره لا يعذبه عذابا دآئما خالدا وفى الحديث « افتتحوا صبيانكم لا اله الا الله ولقنوا امواتكم لا اله الا الله » والحكمة فى ذلك أن حال الصبيان حال حسن لا غل ولا غش فى قلوبهم وحال الموتى حال الاضطرار فاذا قلتم فى اول ما يجرى عليكم القلم وآخر ما يجف عليكم القلم فعسى الله ان يتجاوز ما بين ذلك ويقال الحاء من الرحمن والميم من المجيد والعين من العليم والسين من القدوس والقاف من القاهر ويقال الحاء حلمه والميم مجده والعين عظمته والسين سناه والقاف قدرته ويقال ان القاف اسم لجبل يحيط بالدنيا
دركشف اسرار آورده كه اين حروف ايمائيست بان عطايا كه حق سبحانه وتعالى بحضرت رسالت ارزانى داشت جاء حوض مورود اوست يعنى حوض كوثركه تشنه لبان امت را ازان سيراب كردانند وميم ملك ممدود اوكه ازمشرق تابمغرب بتصرف امت اودر آيدو عين عزموجود اوكه اعزهمه اشيا نزدحق سبحانه بوده وسين سناء مشهود اوكه مرتبه هيجكس برتبه رفعت او همه نرسيد وقاف مقام محمود اوكه درشب معراج درجه اوادناست ودر روز ميامت شفاعت كبرى
مقام تو محمود ونامت محمد ... بدين سان مقامى ونامى كه دارد
وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بحاء حبه وميم محبوبه محمد وعين عشقه على سيده وقاف قربه الى سيده بكمال لا يبلغه احد من خلقه
يقول الفقير الحاء هو الحجر الاسود ساد سيادة معنوية ومن صلى خلف المقام اكرم الله بالخلة ومن دعا عند زمزم اجابه الله ومن شرب من زمزم سقاه الله شرابا طهورا لا يبقى فيه وجعا ولا مرضا(13/45)
كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)
{ كذلك يوحى اليك والى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم } الكاف فى حيز النصب على أنه مفعول ليوحى والجلالة فاعلة اى مثل ما فى هذه السورة من المعانى يوحى الله العزيز الحكيم اليك فى سائر السور والى من قبلك من الرسل فى كتبهم على أن مناط المماثلة هو الدعوة الى التوحيد والارشاد الى الحق وما فيه صلاح العباد فى المعاش والمعاد ويجوز ان يكون الكاف فى حيز النصب على انه نعت لمصدر مؤكد ليوحى اى مثل ايحاء هذه السورة يوحى الله العزيز الحكيم اليك عند ايحاء سائر السور والى سائر الرسل عند ايحاء كتبتهم اليهم لا ايحاء مغايرا على أن مدار المثلية كونه بواسطة الملك وانما ذكر بلفظ المضارع مع أن مقتضى المقام ان يذكر بلفظ الماضى ضرورة ان الوحى الى الذين من قبله قد مضى دلالة على استمرار الوحى وتجدده وقتا فوقتا وان ايحاء مثله عادته تعالى ويجوز ان يكون ايذانا ان الماضى والمستقبل بالنسبة اليه تعالى واحد كما فى الكواشى والعزيز الحكيم صفتان مقررتان لعلو شان الموحى به لأنه اثر من اتصف بكمال القدرة والعلم(13/46)
لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4)
{ له ما فى السموات وما فى الارض } اى ان الله تعالى يختص به جميع ما فى العوالم العلومية والسفلية خلقا وملكا وعلما { وهو العلى } الشان { العظيم } الملك والقدرة والحكمة او هو العلى اى المرتفع عن مدارك العقول اذ ليس كذاته ذات ولا كصفاته صفات ولا كاسمه اسم ولا كفعله فعل وهو العظيم الذى يصغر عند ذكره وصف كل شىء سواه والعظيم من العباد الانبياء والعلماء الوارثون لهم فالنبى عظيم فى حق امته والشيخ عظيم فى حق مريده والاستاذ فى حق تلميذه وانما العظيم المطلق هو الله تعالى(13/47)
تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)
{ تكاد السموات } نزديك شدكه آسمانها { يتفطرن } التفطر شكافته شدن
واصل الفطر الشق طولا اى يتشققن من عظمة الله وخشيته واجلاله كقوله تعالى { لو انزلنا هذا القرءآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله } { من فوقهن } اى يبتدئ التفطر من جهتهن الفوقانية الى جهتهن التحتانية وتخصيصها لما أن اعظم الآيات وادلها على العظمة والجلال من تلك الجهة من العرش والكرسى وصفوف الملائكة المرتجة بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل حول العرش وما لا يعلم كنهه الا الله من آثار الملكوت العظمى فكان المناسب ان يكون تفطر السموات مبتدأ من تلك الجهة بان يتفطر اولا أعلى السموات ثم وثم الى ان ينتهى الى اسفلها بان لا تبقى سماء الا سقطت على الاخرى ويقال تتشققن من دعاء الولد له كما قال تعالى فى سورة مريم { تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا } فتخصيصها للدلالة على التفطر من تحتهن بالطريق الاولى لأن تلك الكلمة الشنعاء الواقعة فى الارض اذا اثرت فى جهة الفوق فلأن تؤثر فى جهة التحت اولى وقيل لنزول العذاب منهن { والملائكة يسبحون بحمد ربهم } ينزهونه تعالى عما لا يليق به من الشريك والولد وسائر صفات الاجسام ملتبسين بحمده تعالى
يعنى تسبيح وحمد باهم ميكويند جه يكى نفى ناسزاست ويكى اثبات سزا فقدم التسبيح على الحمد لان التخلية مقدمة على التحلية وهذا جانب الاستفاضة من الله والقبول ثم اشارا جانب الافاضة والتأثير بقوله { ويستغفرون لمن فى الارض } اى للمؤمنين بالشفاعة لقوله تعالى { ويستغفرون للذين آمنوا } المطلق محمول على المقيد او للمومن والكافر بالسعى فيما يستدعى مغفرتهم من الشفاعة والالهام وترتيب الاسباب المقربة الى الطاعة واستدعاء تأخير العقوبة جمعا فى ايمان الكافر وتوبة الفاسق وهذا لا ينافى كون الملائكة لاعنين للكفار من وجه آخر كما قال تعالى { اولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين } وفى الحديث « ما فيها موضع اربع اصابع الا وملك واضع جبهته ساجدا لله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الارض » وهذا يدل على ان المراد بالملائكة فى الآية ملائكة السموات كلها وقال مقاتل حملة العرش واليه ذهب الكاشفى فى تفسيره ويدل عليه قوله تعالى فى اوآئل حم المؤمن { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا } يقول الفقير تخصيص ملائكة العرش لا ينافى من عداهم فلعله من باب الترقى لان آية حم المؤمن مقيدة بحملة العرش واستغفار المؤمنين وهذه الآية مطلقة فى حق كل من الملائكة والاستغفار { الا } اعلموا { ان الله هو الغفور } يغفر ذنوب المقبلين { الرحيم } يرحم بان يرزقهم جنته وقربه ووصاله وبرحمته يأمر الملائكة بالاستغفار لبنى آدم مع كثرة عصيانهم والكفار الذين يرتكبون الشرك والذنوب العظام لا يقطع رزقهم ولا صحتهم ولا تمتعاتهم من الدنيا وان كان يريد ان يعذبهم فى الآخرة(13/48)
يقول الفقير ان الملائكة وان كانوا يستغفرون للمؤمنين فالمؤمنون يسلمون عليهم كما يقولون فى التشهد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اذ لا يعصون ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون فالمنة لله تعالى على كل حال وفى الآية اشارة الى ان قوما من الجهلة يقولون على الله مالا يعلمون ومن عظم افترآئهم تكاد السموات تنشق من فوقهم لان الله تعالى البسها انوار قدرته وادخلها روح فعله حتى عقلت عبوديته صانعها وعرفت قدسه وطهارته عن قوال الزآئغين واشارة الملحدين والملائكة يقدسون الله عما يقولون فيه من الزور والبهتان والدعاوى الباطلة ويستغفرون للمؤمنين الذين لم يبغلوا حقيقة عبوديته فانهم هم القابلون للاصلاح لاعترافهم بعجزهم وقصورهم دون المصرين المبتدعين
فاسد شده راز روزكار وارون ... لا يمكن ان يصلحه العطارون(13/49)
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6)
{ والذين اتخذوا من دونه اولياء } شركاه واندادا واشركوهم معه فى العبادة { الله حفيظ عليهم } رقيب على احوالهم واعمالهم مطلع ليس بغافل فيجازيهم لا رقيب عليهم الا هو وحده ومعنى الحفيظ بالفارسية نكهبان وقال فى المفردات معناه محفوظ لا يضيع كقوله { علمها عند ربى فى كتاب لا يضل ربى ولا ينسى } { وما انت عليهم بوكيل } بموكول اليه امرهم حتى تسأل عنهم وتؤخذ بهم وانما وظيفتك الانذار وتبليغ الاحكام وفيه اشارة الى ان كل من عمل بمتابعة هواه وترك لله حدا او نقض له عهدا فهو متخذ الشياطين اولياء لانه يعمل باوامرهم وافعاله موافقة لطباعهم الله حفيظ عليهم باعمال سرهم وعلانيتهم ان شاء عذبهم وان شاء عفا عنهم وما انت عليهم بوكيل لتمنعهم عن معاملاتهم فعلى العاقل أن لا يتخذ من دون الله اولياء بل يتفرد بمحبة الله وولايته كما قال تعالى { قل الله ثم ذرهم } حتى يتولاه فى جميع اموره وما احوجه الى احد سواه وقال الاستاذ ابو على الدقاق قدس سره ظهرت علة بالملك يعقوب بن الليث اعيت الاطباء فقالوا له فى ولايتك رجل صالح يسمى سهل ابن عبد الله لو دعا لك لعل الله يستجيب له فاستحضره فقال ادع الله لى فقال كيف يستجاب دعائى فيك وفى حبسك مظلومون فاطلق كل من حبسه فقال سهل اللهم كما اريته ذل المعصية فأره عز الطاعة وفرج عنه فعوفى فعرض مالا على سهل فأبى ان يقبله فقيل له لو قبلته ودفعته الى الفقرآء فنظر الى الحصباء فى الصحرآء فاذا هى جواهر فقال من يعطى مثل هذا يحتاج الى مال يعقوب بن الليث فالمعطى والمانع والضار والنافع هو الله الولى الوكيل الذى لا اله غيره
نقش اوكردست ونقاش من اوست ... غيراكر دعوى كند اوظلم جوست(13/50)
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)
{ وكذلك اوحينا اليك قرءآنا عربيا } ذلك اشارة الى مصدر اوحينا ومحل الكاف النصب على المصدرية وقرءآنا عربيا مفعول لأوحينا اى ومثل ذلك الايحاء البديع البين المفهم اوحينا اليك ايحاء لا لبس فيه عليك وعلى قومك ( وقال الكاشفى ) وهمجانكه وحى كرديم بهر بيغمبر بزبان قوم او ووحى كرديم بتو قرآنى بلغت عرب كه قوم تواند تاكه فهم حاصل شود { لتنذر أم القرى } اى لتخوف اهل مكة بعذاب الله على تقدير اصرارهم على الكفر والعرب تسمى اصل كل شىء بالام وسميت مكة ام القرى تشريفا لها واجلالا لاشتمالها على البيت المعظم ومقام ابرهيم ولما روى من أن الارض دحيت من تحتها فمحل القرى منها محل البنات من الامهات { ومن حولها } من العرب وهذا اى التبيين بالعرب لا ينافى عموم رسالته لأن تخصيص الشىء بالذكر لا ينافى حكم ما عداه وقيل من اهل الارض كلها وبذلك فسره البغوى فقال قرى الارض كلها وكذا القشيرى حيث قال العالم محدق بالكعبة ومكة لأنهما سرة الارض
بس همه اهالئ بلاد برحوالى ويند ... قال فى التأويلات النجمية يشير الى انذار نفسه الشريفة لانها ام قرى نفوس آدم واولاده لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم هو الذى تعلقت القدرة بايجاده قبل كل شىء كما قال « اول ما خلق الله روحى ومنه تنشأ الارواح والنفوس » ولهذا المعنى قال « آدم ومن دونه تحت لوائى يوم القيامة » فالمعنى كما يوحى اليك والى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم لينذروا الامم كذلك اوحينا قرءآنا عربيا لتنذر نفسك الشريفة بالقرءآن العربى لأن نفسك عربية ومن حولها من نفوس اهل العالم لأنها محدقة بنفسك الشريفة ولذلك قال تعالى { وما ارسلناك الا رحمة للعالمين } وقال عليه السلام « بعثت الى الخلق كافة »
مه طلعتى كه برقدقددرش بريده اند ... ديباى قم فانذر واستبرق دنا
{ وتنذر } اهل مكة ومن حولها { يوم الجمع } اى بيوم القيامة وما فيه من العذاب لأنه يجمع فيه الخلائق من الاولين والاخرين واهل السموات واهل الارض والارواح والاشباح والاعمال والعمال فالباء محذوف من اليوم كما قال لتنذر بأسا شديدا اى ببأس شديد كما قاله ابو الليث فيكون مفعولا به لا ظرفا كما فى كشف الاسرار وقد سبق غير ذلك فى حم المؤمن عند قوله تعالى { لتنذر يوم التلاق } { لا ريب فيه } اعتراض لا محل له اى لا بد من مجيىء ذلك اليوم وليس بمرتاب فيه فى نفسه وذاته لانه لا بد من جزآء العاملين من المنذرين والمنذرين واهل الجنة واهل النار وارتياب الكفار فيه لا يعتد به او لا شك فى الجمع انه كائن ولا بد من تحققه { فريق } وهم المؤمنون { فى الجنة وفريق } وهم الكافرون { فى السعير } اى النار سميت بهالالتها بها وذلك بعد جمعهم فى الموقف لأنهم يجمعون فيه اولا ثم يفرقون بعد الحساب والتقدير منهم فريق على أن فريق مبتدأ حذف خبره وجاز الابتدآء بالنكرة لأمرين تقديم خبرها وهو الجار والمجرور المحذوف ووصفها بقوله فى الجنة والضمير المجرور فى منهم للمجموعين لدلالة لفظ الجمع عليه فان المعنى يوم يجمع الخلائق فى موقف الحساب وفى التأويلات النجمية وتنذر يوم الجمع بين الارواح والاجساد لا شك فى كونه وكما أنهم اليوم فريقان فريق فى جنة القلوب وراحات الطاعات وحلاوات العبادات وتنعمات القربات وفريق فى سعير النفوس وظلمات المعاصى وعقوبات الشرك والجحود فكذلك غدا فريق هم اهل اللقاء فريق هم اهل الشقاء والبلاء وفى الحديث(13/51)
« ان الله خلق للجنة خلقا وهم فى اصلاب آبائهم » وعنه عليه السلام « ان الله خلق الخلق وقضى القضية واخذ ميثاق النبيين وعرشه على الماء فاهل الجنة اهلها واهل النار اهلها » وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفى يده كتابان وفى رواية خرج ذات يوم قابضا على كفيه ومعه كتابان فقال « اتدرون ما هذان الكتابان » قلنا لا يا رسول الله فقال للذى فى يده اليمنى « هذا كتاب من رب العالمين باسماء اهل الجنة واسماء آبائهم وعشائرهم وعدتهم قبل ان يستقروا نطفا فى الاصلاب وقبل ان يستقروا نطفا فى الارحام اذ هم فى الطينة منجدلون فليس بزآئد فيهم ولا بناقص منهم اجمال من الله عليهم الى يوم القيامة » فقال عبد الله بن عمرو ففيم العمل اذا فقال « اعملوا وسددوا وقاربوا فان صاحب الجنة يختم له بعمل اهل الجنة وان عمل اى عمل وان صاحب النار يختم له بعمل اهل النار وان عمل اى عمل » ثم قال « فريق فى الجنة وفريق فى السعير » عدل من الله تعالى قوله سددوا وقاربوا اى اقصدوا السدادى الصواب ولا تفرطوا فتجهدوا انفسكم فى العبادة لئلا يفضى ذلك بكم الى الملال فتتركوا العمل كما فى المقاصد الحسنة للامام السخاوى ونظيره قوله عليه السلام « ان هذا الدين يسر ولن يشاد الدين احد الا غلبه » يعنى ان الدين يشتمل على اعمال سهلة فمن تكلف والتزم فى عبادات شاقة وتكلفات لربما لم يتيسر اقامتها عليها فتغلب عليه فالكسب طريق الجنة ولا بد منه وان علم أنه من اهل الجنة
كسب راهمجون زراعت دان عمو ... تانكارى دخل نبود آن تو(13/52)
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8)
{ ولو شاء الله لجعلهم } اى فى الدنيا والضمير لجميع الناس المشار اليهم بالفريقين { امة واحدة } فريقا واحدا وجماعة واحدة مهتدين او ضالين وهو تفصيل لما اجمله ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله على دين واحد { ولكن يدخل من يشاء } ان يدخله { فى رحمته } وجنته ويدخل من يشاء ان يدخله فى عذابه ونقمه ولا ريب فى أن مشيئته تعالى لكل من الادخالين تابعة لاستحقاق كل من الفريقين لدخول مدخله ومن ضرورة اختلاف الرحمة والعذاب اختلاف حال الداخلين فيهما قطعا فلم يشأ جعل الكل امة واحدة بل جعلهم فريقين { والظالمون } اى المشركون { ما لهم من ولى } اى مالهم ولى ما يلى امرهم ويغنيهم وينفعهم فمن مزيدة لاستغراق النفى { ولا نصير } يدفع العذاب عنهم ويخلصهم منه وفيه ايذان بان الادخال فى العذاب من جهة الداخلين بموجب سوء اختيارهم لا من جهته تعالى كما فى الادخال فى الرحمة قال سعدى المفتى فى حواشيه لعل تغيير المقابل حيث لم يأت المقابل ويدخل من يشاء فى نقمته بل عدل الى ما فى النظم للمبالغة فى الوعيد فان فى نفى من يتولاهم وينصرهم فى دفع العذاب عنهم دلالة على ان كونهم فى العذاب امر معلوم مفروغ عنه وايضا فيه سلوك طريق واذا مرضت فهو يشفين وايضا ذكر السبب الاصلى فى جانب الرحمة ليجتهدوا فى الشكر والسبب الظاهرى فى جانب النقمة ليرتدعوا عن الكفر وفى التأويلات النجمية ولو شاء الله لجعلهم امة واحدة كالملائكة المقربين لا يعصون الله ما امرهم الآية او جعلهم كالشياطين المبعدين المطرودين المتمردين ولكن الحكمة الالهية اقتضت ان يجعلهم مركبين من جوهر الملكى والشيطانى ليكونوا مختلفين بعضهم الغالب عليه الوصف الملكى مطيعا لله تعالى وبعضهم الغالب عليه الوصف الشيطانى متمردا على الله تعالى ليكونوا مظاهر صفات لطفه وقهره مستعدين لمرءآتية صفات جماله وجلاله متخلقين باخلاقه وهذا سر قوله تعالى { وعلم آدم الاسماء كلها } ومن ههنا قالت الملائكة سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا ويدل على هذا التأويل قوله { ولن يدخل من يشاء فى رحمته } اى ليكون مظهر صفات لطفه والظالمون مالم من ولى ولا نصير اى ليكونوا مظاهر صفات قهره(13/53)
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9)
{ ام اتخذوا من دونه اولياء } ام منقطعة مقدرة ببل والهمزة وما فيها من بل للانتقال من بيان ما قبلها الى بيان ما بعدها والهمزة لانكار الوقوع ونفيه على ابلغ وجه واكده لا لانكار الواقع واستقباحه كما قيل اذ المراد بيان أن ما فعلوا ليس من اتخاذ الاولياء فى شىء لأن ذلك فرع كون الاصنام اولياء وهو أظهر الممتنعات اى بل اتخذوا متجاوزين الله اولياء من الاصنام وغيرها
ءلاف دوستى ايشان مىزند هيهات ... { فالله هو الولى } جواب شرط محذوف كأنه قيل بعد ابطال ولاية ما اتخذوه اولياء ان ارادوا اولياء فى الحقيقة فالله هو الولى الذى يجب ان يتولى ويعتقد أنه المولى والسيد لا ولى سواه وهو متولى الامور من الخير والشر والنفع والضر ( قال فى كشف الاسرار ) الله اوست كه يار فرياد رس است قال سعد المفتى ولك ان تحمل الفاء على السببية الداخلة على السبب لكون ذكره مسببا عن ذكر السبب فانحصار الولى فى الله سبب لانكار اتخاذ الاولياء من دون الله كما يجوز ان يقال اتضرب زيدا فهو اخوك على معنى لا ينبغى ان تضربه فانه اخوك { وهو يحيى الموتى } اى من شأنه ذلك ليس فى السماء والارض معبود يحيى الموتى غيره وهو قول ابراهيم عليه السلام ربى الذى يحيى ويميت ولما نزل العذاب بقوم يونس عليه السلام لجأوا الى عالم فيهم كان عنده من العلم شىء وكان يونس ذهب مغاضبا فقال لهم قولوا يا حى حين لا حى يا حى محيى الموتى يا حى لا اله الا انت فقالوها فكشف عنهم العذاب
يقول الفقير سره أن الله تعالى انما يرسل العذاب للاماتة والاهلاك وفى الحى والمحيى ما يدفع ذلك اذ لا تجتمع الحياة والموت فى محل واحد وفيه اشارة الى غلبة الرحمة والشفقة { وهو على كل شىء قدير } فهو الحقيق بان يتخذ وليا فليتحصوه بالاتخاذ دون من لا يقدر على شىء
اوست قادر بحكم كن فيكون ... غير او جمله عاجزند وزبون
عجزراسوى قدرتش ره نيست ... عقل ازين كارخانه آكه نيست
وفى التأويلات النجمية وهو يحيى الموتى اى النفوس والقلوب الميتة ويميت النفوس والقلوب اليوم وغدا وهو على كل شىء قدير من الايجاد والاعدام وقال الواسطى رحمه الله يحيى القلوب بالتجلى ويميت الانفس بالاستتار وقال سهل لا يحيى النفوس حتى تموت اى من اوصافها وقال بعضهم فيه شكاية من المشغولين بغيره الباقين فى حجاب الوسائط يعرض نفسه بالجمال والحلال على المقصرين ليجذب بحسنه وجماله قلوبهم الى محبته وعشقه ويحييها بنور انسه وسنا قدسه فلا بد للمرء من الاجتهاد والتضرع الى رب العباد ليصل الى المطلوب ويعانق المحبوب ( قال فى المثنوى )
بيش يوسف نازش وخوبى مكن ... جزنياز واه يعقوبى مكن
ازبهاران كىشود سرسبزسنك ... خاك شوبا كل بروى رنك رنك
سالها توسنك بودى دلخراش ... آزمون رايك زمانى خاك باش
ففى هذا الفناء حياة عظيمة ألا ترى أن الارض تموت عن نفسها وقت الخريف فيحييها الله تعالى وقت الربيع بما لا مزيد عليه(13/54)
وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10)
{ وما اختلفتم فيه من شىء } حكاية لقول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم للمؤمنين لقوله بعده ذلكم الله ربى الخ اى ما خالفكم الكفار فيه من امور الدين فاختلفتم انتم وهم { فحكمه } راجع { الى الله } وهو اثابة المحقين وعقاب المبطلين يوم الفصل والجزآء فعلى هذا لا يجوز ان يحمل على الاختلاف بين المجتهدين لأن الاجتهاد بحضرته عليه السلام لا يجوز وفى لتأيلات النجمية يشير الى اختلاف العلماء فى شىء من الشرعيات والمعارف الالهية فالحكم فى ذلك الى كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام واجماع الامة وشواهد القياس او الى اهل الذكر كما قال تعالى فسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ولا يرجعون الى العقول المشوبة باقة الوهم والخيال فان فيها للنفس والشيطان مدخلا بالقاء الشبهات وادنى الشبهة فى التوحيد كفر وقد زلت اقدام جميع اهل الاهوآء والبدع والفلاسفة عن الصراط المستقيم والدين القويم بهذه المزلة { ذلكم } الحاكم العظيم الشان وهو مبتدأ { الله } خبر { ربى } ومالكى لقب لله { عليه } خاصة لا على غيره { توكلت } فى كل امورى التى من جملتها رد كيد أعداء الدين { واليه } لا الى أحد سواه { انيب } ارجع فى كل ما يعن لى من معضلات الامور التى منها كفاية شرهم والنصر عليهم وحيث كان التوكل امرا واحدا مستمرا والانابة متعددة متجددة حسب تجدد موادها اوثر فى الاول صيغة الماضى وفى الثانى صيغة المضارع وفيه اشارة الى أنه اذا اشتغلت قلوبكم بحديث نفوسكم لا تدرون أبالسعادة جرى حكمكم ام بالشقاوة مضى اسمكم فكلوا الامر فيه الى الله واشتغلوا فى الوقت بامر الله دون التفكر فيما ليس لعقولكم سبيل الى معرفته وعلمه من عواقبكم(13/55)
فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)
{ فاطر السموات والارض } خبر آخر لذلكم اى خالق الآفاق من العلويات والسفليات ويدخل فيه بطريق الاشارة الارواح والنفوس { جعل لكم من انفسكم } اى من جنسكم { ازواجا } نساء وحلائل وبالفارسية جفتال { ومن الانعام } اى وجعل للانعام من جنسها { ازواجا } او خلق لكم من الانعام اصنافا يعنى خلق كرد ازجهار بايان صنفهاى كونا كون اكراما لكم لترتفقوا بها اذ يطلق الزوج على معنى الصنف كما فى قوله تعالى { وكنتم ازواجا ثلثة } او ذكورا واناثا فانه يطلق على مجموع الزوجين وهو خلاف الفرد { يذرؤكم } يكثركم ايها الناس والانعام من الذرء وهو البث قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق والشىء كثره ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين { فيه } اى فى هذا التدبير وهو جعل الناس والانعام ازواجا يكون بينهم توالد فاختير فيه على به مع أن التدبير ليس ظرفا للبث والتكثير بل هو سبب لهما لأن هذا التدبير كالمنبع والمعدن لهما ففيه تغليبان تغليب المخاطب على الغائب حيث لم يقل يذرأكم واياهن لأن الانعام ذكرت بلفظ الغيبة وتغليب العقلاء على غيرهم حيث لم يقل يذرأها واياكم فان كم مخصوص بالعقلاء { ليس كمثله شىء } المثل كناية عن الذات كما فى قولهم مثلك لا يفعل كذا على قصد المبالغة فى نفيه عنه فانه اذا نفى عمن يناسبه كان نفيه عنه اولى وهذا لا يتوقف على ان يتحقق مثل فى الخارج بل يكفى تقدير المثل ثم سلكت هذه الطريقة فى شأن من لا مثل له والشىء عبارة عن الموجود وهو اسم لجميع المكونات عرضا كان او جوهرا وعند سيبويه الشىء ما يصح ان يعلم ويخبر عنه موجودا او معدوما والمعنى ليس كذاته شىء من شأن من الشؤون التى من جملتها هذا التدبير البديع لأن ذاته لا يماثل ذات احد بوجه من الوجوه ولا من جميع الوجوه لأن الاشياء كلها اما اجسام او اعراض تعالى ربنا عن ذلك ولا كاسمه اسم كما قال تعالى { هل تعلم له سميا } ولا كصفته صفة الا من جهة موافقة اللفظ ولمحال كل المحال ان تكون الذات القديمة مثلا للذات الحادثة وان يكون لها صفة حادثة كما استحال ان تكون للذات المحدثة صفة قديمة
ذات تراصورت اوبيونند ... توبكس وكس بتو مانندند
جل المهيمن ان تدرى حقيقته ... من لاله المثل لا تضرب له مثلا
وفى المثنوى
ذات اورا درتصور كنج كو ... تادر آيى درتصور مثل او
هذا ما عليه المحققون والمشهور عند القوم ان الكاف زآئدة فى خبر ليس وشىء اسمها والتقدير ليس مثله شىء والا كان المعنى ليس مثل مثله شىء وهو محال قال بعضهم لعل من قال الكاف زآئدة اراد أنه يعطى مغنى ليس مثله شىء غير انه آكد لما ذكر من انه اذا نفى عمن يناسبه كان نفيه عنه اولى وقال بعضهم كلمة مثل هى الزآئدة والتقدير ليس كهو شىء ودخول الكاف على الضمائر لا يجوز فالوجه الرجوع الى طريق الكناية لأن القول بزيادة ماله فائدة جليلة وبلاغة مقبولة بعيد كل البعد قال فى بحر العلوم ومما يجب التنبه له ان المثل عبارة عن المساوات فى بعض الصفات لا فى جميعها كما زعم كثير من المحققين فانه سهو بدليل قول تعالى(13/56)
{ قل انما بشر مثلكم يوحى الى } الآية فانه ثبت مماثلته بالاشتراك والمساواة فى وصف البشرية فقط لا فى جميع الاوصاف كما لا يحفى للقطع بأن بينه وبينهم مخالفة بوجوه كثيرة من اختصاصه بالنبوة والرسالة والوحى الى غير ذلك ألا يرى ألى قوله يوحى الى كيف اثبت المخالفة بان خصصه بالايحاء اليه ذكرا فظهر أن ما ذكره الامام الغزالى رحمه الله من أن المثل عبارة عن المساوى فى جميع الصفات ليس كما ينبغى انتهى يقول الفقير انما جاء التخصيص من قبل قوله بشر كما فى قوله زيد مثل عمرو فى النحو والا فلو قال انا مثلكم لأفادت المماثلة فى جميع الصفات كما فى قوله زيد مثل عمرو اى من كل الوجوه قال الامام الراغب فى المفردات المثل عبارة عن المشابه لغيره فى معنى من المعانى اى معنى كان وهو اعم الالفاظ الموضوعة للمشابهة وذلك أن الند يقال لما يشارك فى الجوهر فقط والشبه يقال فيما يشاركه فى القدر والمساحة فقط والمثل عام فى جميع ذلك ولهذا لما اراد الله سبحانه وتعالى نفى التشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال تعالى ليس كمثله شىء انتهى وحيث ترى فى مرءآة القلب صورة او خطر بالخاطر مثال وركنت النفس الى كيفيته فليجزم بأن الله بخلافه اذ كل ذلك من سمات الحدوث لدخوله فى دآئرة التحديد والتكييف اللازمين للمخلوقين المنزه عنهما الخالق ولقد اقسم سيد الطائفة الجنيد قدس سره بانه ما عرف الله الا الله وقال بعض سادات الصوفية قدس الله اسرارهم المثل ليس بزآئد عند اهل الحقيقة فان الهاء كناية عن الهوية الذاتية والمثل اشارة الى التجلى الالهى والمعنى ليس كالتجلى الالهى الذى هو اول التجليات شىء اذ هو محيط بكل التجليات الباقية المرتبة عليه قال الواسطى قدس سره امور التوحيد كلها خرجت من هذا الاية ليس كمثله شى لأنه ما عبر عن الحقيقة بشىء الا والعلة مصحوبة والعبارة منقوضة لأن الحق تعالى لا ينعت على اقداره لان كل ناعت مشرف على المنعوت وجل ان يشرف عليه المخلوق ( قال الشيخ سعدى )
نه بر اوج ذاتش برد مرغ وهم ... نه در ذيل وصفش رسد دست فهم
توان در بلاغت بسحبان رسيد ... كنه درنه بيجون سبحان رسسيد
جه خاصان درين ره فرس رانده اند ... بلا احصى ازتك فرومانده اند(13/57)
{ وهو السميع البصير } المبالغ فى العلم بكل ما يسمع ويبصر قال الزروقى السميع الذى انكشف كل موجود لصفة سمعه فكان مدركا لكل مسموع من كلامه وغيره والبصير الذى يدرك كل موجود برؤيته والسمع والبصر صفتان من صفاته المنعوتة نابتتان له تعالى كما يليق بوصفه الكريم ورده بعضهم للعلم ولا يصح انتهى قال الغزالى رحمه الله السمع فى حقه عبارة عن صفة ينكشف بها كمال صفات المسموعات والبصر عبارة عن الوصف الذى به ينكشف كمال نعوت والمبصرات وسمع العبد قاصر فانه يدرك ما قرب لا ما بعد بجارحة وربما بطل السمع بعظم الصوت وانما حظ العبد منه امران احدهما ان يعلم أن الله سميع فيحفظ لسانه والثانى ان يعلم أن الله لم يخلق له السمع الا ليسمع كلامه وحديث رسوله فيستفيد به الهداية الى طريق الله فلا يستعمل سمعه الا فيه واستماع صوت الملاهى حرام وان سمع بغتة فلا اثم عليه والواجب عليه ان يجتهد حتى لا يسمع لأنه عليه السلام ادخل اصبعه فى اذنه كما فى البزازية وفى الحديث « استماع صوت الملاهى معصية والجلوس عليها فسق والتلذذ بها كفر » على وجه التهديد وبصر العبد قاصر اذ لا يمتد الى ما بعد ولا يتغلغل الى باطن ما قرب منه وحظه الدينى امران ان يعلم أنه خلق له البصر لينظر الى الآيات الآفاقية والانفسية وان يعلم أنه بمرأى من الله ومسمع اى بحيث يراه ويسمعه فمن قارف معصية وهو يعلم ان الله يراه فما اجسره واخسره ومن ظن أنه لا يراه فما اكفره قال فى كشف الاسرار ثم قال وهو السميع البصير لئلا يتوهم أنه لا صفات له كما لا مثل له فقد تضمنت الآية اثبات الصفة ونفى التشبيه والتوحيد كله بين هذين الحرفين اثبات صفة من غير تشبيه ونفى تشبيه من غير تعطيل فمن نزل عن الاثبات وادعى اتقاء التشبيه وقع فى التعطيل ومن ارتقى عن الظاهر وادعى اتقاء التعطيل حصل على التشبيه واخطأ وجه الدليل وعلى الله قصد السبيل وفى التاويلات النجمية أن قوما وقعوا فى تشبيه ذاته بذات المخلوقين فوصفوه بالحد والنهاية والكون والمكان واقبح قولا منهم من وصفه بالجوارح والالات وقوم وصفوه بما هو تشبيه فى الصفات فظنوا أن بصره فى حدقة وسمعه فى عضو وقدرته فى يد الى غير ذلك وقوم قاسوا حكمه على حكم عباده فقالوا ما يكون من الحق قبيحا فمنه قبيح وما يكون من الخلق حسنا فمنه حسن فهؤلاء كلهم اصحاب التشبيه والحق تعالى مستحق التنزيه لا التشبيه محقق بالتحصيل دون التعطيل والتمثيل مستحق التوحيد دون التحديد موصوف بكمال الصفات مسلوب عن العيوب والنقصان(13/58)
لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)
{ له مقاليد السموات والارض } قال الجواليقى فى كتابه المعرب المقليد المفتاح وهى كناية عن الخزآئن وقدرته عليها وحفظه لها وفيه مزيد دلالة على الاختصاص لأن الخزآئن لا يدخلها ولا يتصرف فيها الا من بيده مفاتيحها ( وقال الكاشفى ) كليدهاى آسمانها وزمينها يعنى مفاتيح رزق جه خزانه آسمان مطراست وكنجينه زمين نبات
قال ابن عطاء مقاليد الارزاق صحة التوكل ومقاليد القلوب صحة المعرفة بالله ومقاليد العلوم فى الجوع
ندارندتن بروران آكهى ... كه بر معده باشدزحكمت تهى
وقال بعضهم مقاليد سمواته ما فى قلوب ملائكته من احكام الغيوب ومقاليد ارضه ما اودع الحق صدور اوليائه من عجائب القلوب { يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } يوسع ويضيق { انه بكل شىء عليم } مبالغ فى الاحاطة به فيفعل كل ما يفعل على ما ينبغى ان يفعل عليه فلا يوسع الرزق الا اذا علم أن سعته خير للعبد وكذا التضييق وفى التأويلات النجمية له مفاتيح سموات القلوب وفيها خزآئن لطفه ورحمته وارض النفوس وفيها خزآئن قهره وعزته فكل قلب مخزن لنوع من الطافه فبعضها مخزن المعرفة وبعضها مخزن المحبة وبعضها مخزن الشوق وبعضها مخزن الارادة وغير ذلك من الاحوال كالتوحيد والتفريد والهيبة والانس والرضى وغير ذلك وكل نفس مخزن لنوع من اوصاف قهره فبعضها مخزن النكرة وبعضها مخزن الجحود وبعضها مخزن الانكار وغير ذلك من الاخلاق الذميمة كالشرك والنفاق والحرص والكبر والبخل والشره والغضب والشهوة وغير ذلك وفائدة التعريف أن المقاليد له قطع افكار العباد من الخلق اليه فى جلب ما يريدونه ودفع ما يكرهونه فانه تعالى يوسع ويضيق رزق النفوس ورزق القلوب والخلق بمعزل عن هذا الوصف وفى الحديث « لا اله الا الله مفتاح الجنة » ولا شك أن الجنة جنتان جنة صورية هى دار النعيم وجنة معنوية هى القلب ومفتاح كليتهما هو التوحيد وهو بيد الله يعطيه من يشاء من عباده ويجعله من اهل النعيم مطلقا ثم ان الرزق الصورى هى المأكولات والمشروبات الحسية والرزق المعنوى هى العلوم الحقيقية والمعارف الالهية فالاول داخل فى الآية بطريق العبارة والثانى بطريق الاشارة ( وفى المثنوى )
فهم نان كردن نه حكمت اى رهى ... زنكه حق كفتت كلومن رزقه
رزق حق حكمت بود درمرتبت ... كان كلو كيرت نباشد عاقبت
اين دهان بستى دهانى بازشد ... كه خورنده لقمهاى رازشد
كر زشير ديوتن را وا برى ... در فطام اوبسى حكمت خورى
نسأل الله فيضه وعطاه بحق مصطفاه(13/59)
شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)
{ شرع لكم من الدين } شرع بمعنى سن وجعل سنة وطريقا واضحا اى سن الله لكم يا امة محمد من التوحيد ودين الاسلام واصول الشرائع والاحكام وبالفارسية وراه روشن ساخت شمار ازدين { ما وصى به نوحا } التوصية وصيت كردن مؤكدا فان التوصية معربة عن تأكيد الامر والاعتناء بشأن المأمور به قدم نوح عليه السلام لأنه اول انبياء الشريعة فانه اول من اوحى اليه الحلال والحرام واول من اوحى اليه تحريم الامهات والاخوات والبنات وسائر ذوات المحارم فبقيت تلك الحرمة الى هذا الآن { والذى اوحينا اليك } اى وشرع لكم الذى اوحينا الى محمد عليه السلام وتغيير التوصية الى الايحاء فى جانب النبى صلى الله وسلم للتصريح برسالته القامع لانكار الكفرة والالتفات الى نون العظمة لاظهار كمال الاعتناء بايحائه وهو السر فى تقديمه على ما بعده مع تقدمه عليه زمانا وتقديم توصية نوح للمسارعة الى بيان كون المشروع لهم دينا قيما والتعبير بالاصل فى الموصولات وهو الذى للتعظيم وتوجيه الخطاب اليه عليه السلام بطريق التلوين للتشريف والتنبيه على أنه تعالى شرعه لهم على لسانه { وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى } وجه تخصيص هؤلاء الخمسة بالذكر انهم اكابر الانبياء ومشاهيرهم من اولى العزم واصحاب الشرآئع العظيمة والاتباع الكثيرة { ان اقيموا الدين } محله النصب على أنه بدل من مفعول شرع والمعطوفين عليه او رفع على الاستئناف كأنه قيل وما ذلك المشروع المشترك بين هؤلاء الرسل فقيل هو اقامة الدين اى دين الاسلام الذى هو توحيد الله وطاعته والايمان بكتبه ورسله وباليوم الآخر وسائر ما يكون الرجل به مؤمنا والمراد باقامته تعديل اركانه وحفظه من ان يقع فيه زيغ او المواظبة عليه والتشمر له { ولا تتفرقوا فيه } فى الدين الذى هو عبارة عن الاصول والخطاب متوجه الى امته عليه السلام فهذه وصية لجميع العباد
واعلم أن الانبياء عليهم السلام مشتركون ومتفقون فى اصل الدين وجميعهم اقاموا الدين وقاموا بخدمته وداموا بالدعوة اليه ولم يتخلفوا فى ذلك وباعتبار هذا الاتفاق والاتحاد فى الاصول قال الله تعالى { ان الدين عند الله الاسلام } من غير تفرقة بين نبى ونبى ومختلفون فى الفروع والاحكام قال تعالى { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } وهذا لاختلاف الناشئ من اختلاف الامم وتفاوت طبائعهم لا يقدح فى ذلك الاتفاق ثم امر عباده باقامة الدين والاجتماع عليه ونهاهم عن التفرق فيه فان يد الله ونصرته مع الجماعة وانما يأكل الذئب الشاة البعيدة النافرة والمنفردة عن الجماعة اوصى حكيم اولاده عند موته وكانوا جماعة فقال لهم ائتونى بعضى فجمعها فقال لهم اكسروها وهى مجموعة فلم يقدروا على ذلك ثم فرقها فقال خذوا واحدة واحدة فاكسروها فكسروها فقال لهم هكذا انتم بعدى لن تغلبوا ما اجتمعتم فاذا تفرقتم تمكن منكم عدوكم فاهلككم وكذا القائمون بالدين اذا اجتمعوا على اقامته ولم يتفرقوا فيه لم يقهرهم عدو وكذا الانسان فى نفسه اذا اجتمع فى نفسه على اقامة الدين لم يغلبه شيطان من الانس والجن بما يوسوس به اليه مع مساعدة الايمان والملك باقامته له قال على رضى الله عنه لا تتفرقوا فان الجماعة رحمة والفرقة عذاب وكونوا عباد الله اخوانا قال سهل الشرآئع مختلفة وشريعة نوح هو الصبر على اذى المخالفين انتهى فعلى هذا فشريعة ابراهيم عليه السلام هو الانقياد والتسليم وشريعة موسى عليه السلام هو الاشتياق الى جمال الرب الكريم وشريعة عيسى عليه السلام هو الزهد والتجرد العظيم وشريعة نبينا عليه السلام هو الفقر الحقيقى المغبوط عند كل ذى قلب سليم كما قال اللهم اغننى بالافتقار اليك وهذه الشرآئع الباطنة باقية ابدا ومن اصول الدين التوجه الى الله تعالى بالكلية فى صدق الطلب وتزكية النفس عن الصفات الذميمة وتصفية القلب عن تعلقات الكونين وتخلية الروح بالاخلاق الربانية ومراقبة السر لكشف الحقائق وشواهد الحق وكان نبينا عليه السلام قبل البعثة متعبدا فى الفروع بشرع من قبله مطلقا آدم وغيره وفى كلم الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر تعبده عليه السلام قبل نبوته كان بشريعة ابراهيم عليه السلام حتى جاءه الوحى وجاءته الرسالة ولم يكن على ما كان عليه قومه باتفاق الائمة واجماع الامة فالولى الكامل يجب عليه متابعة العمل بالشريعة المطهرة حتى يفتح الله له فى قلبه عين الفهم عنه فيلهم معانى القرءآن ويكون من المحدثين بفتح الدال ثم يصير الى ارشاد الخلق ( وفى المثنوى )(13/60)
لوح محفوظشت اورا بيشوا ... ازجه محفوظست محفوظ ازخطا
نى بجومست ونه رملست ونه خواب ... وحى حق والله اعلم بالصواب
{ كبر على المشركين } اى عظم وشق عليهم { ما تدعوهم اليه } يا محمد من التوحيد ورفض عبادة الاصنام واستبعدوه حيث قالوا أجعل الآلهة الها واحدا ان هذا لشىء عجاب وقال قتادة شهادة ان لا اله الا الله وحده ضاق بها ابليس وجنوده فابى الله الا ان يظهرها على من ناواها اى عاداها { الله يجتبى اليه من يشاء } قال الراغب جبيت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابية ومنه استعير جبيت الخراج جباية والاجتباء الجمع على طريق الاصطفاء وهو هنا مأخوذ من الجباية وهى جلب الخراج وجمعه لمناسبة النهى عن التفرق فى الدين ولأن الاجتباء بمعنى الاصطفاء لا يتعدى بالى الا باعتبار تضمين معنى الضم والصرف والمعنى الله يجتلب الى ما تدعوهم اليه من يشاء ان يجتلبه اليه وهو من صرف اختياره الى ما دعى اليه { ويهدى اليه } بالارشاد والتوفيق وامداد الالطاف { من ينيب } يقبل اليه ويجوز ان يكون الضمير لله فى كلا الموضعين فالمعنى الله يجمع الى جنابه على طريق الاصطفاء من يشاء من عباده بحسب استعداده ويهدى اليه بالعناية من ينيب واجتباء الله تعالى العبد تخصيصه اياه بفيض الهى يتحصل منه انواع من النعم بلا سعى من العبد وذلك للانبياء عليم السلام ولبعض من يقاربهم من الصديقين والشهدآء ( قال الكاشفى ) يعنى هركه ازهمه اعراض كندوحتى راخواهد حق سبحانه راء راست بد ونمايد(13/61)
نخست از طالبى ازجمله بكذر روبدو آور ... كرآن حضرت نداآردكه اى سر كشته راه اينك
وفى التأويلات النجمية يشير بقوله الله يجتبى اليه الآية الى مقامى المجذوب والسالك فان المجذوب من الخواص اجتباه الله فى الازل وسلكه فى سلك من يحبهم واصطنعه لنفسه وجذبه عن الدارين بجذبة توازى عمل الثقلين فى مقعد صدق عند مليك مقتدر والسالك من العوام الذين سلكهم فى سلك من يحبونه موفقين للهداية على قدمى الجهد والانابة الى سبيل الرشاد من طريق العناد انتهى والانابة نتيجة التوبة فاذا صحت التوبة حصلت الانابة الى الله تعالى قال بعض الكبار من جاهد فى اقامة الدين فى مقام الشريعة والطبيعة يهديه الله الى اقامته فى مقام الطريقة والنفس ومن اقامه فى هذا المقام يهديه الله الى اقامته فى مقام المعرفة والروح ومن اقامه فى هذا المقام يهديه الله الى اقامته فى مقام الحقيقة والسر ومن اقامه فى هذا المقام تم امره وكمل شأنه فى العلم والعرفان والذوق والوجدان والشهود والعيان واليه يشير قوله تعالى { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } فعليك باتيان جميع القرب قدر الاستطاعة فى كل زمان وحال فان المؤمن لن تخلص له معصية ابدا من غير ان تخالطها طاعة لأنه مؤمن بها انها معصية فان اضاف الى هذا التخليط استغفارا وتوبة فطاعة على طاعة وقربة على قربة فيقوى جزآء الطاعة التى خالطها العمل السيىء وهو الايمان بانها معصية والايمان من اقوى القرب واعظمها عند الله فانه الاساس الذى ابتنى عليه جميع القرب وقال تعالى فى الخبر الصحيح « وان تقرب منى شبرا تقربت منه ذراعا وان تقرب الى ذراعا تقربت منه باعا وان اتانى يمشى اتيته هرولة » وكان قربه تعالى من العبد ضعف قرب العبد منه وعلى كل حال لا يخلو المؤمن من الطاعة والقرب والعمل الصالح يمحو الخطايا فان العبد اذا رجع عن السيئة واناب الى الله واصلح عمله اصلح الله شأنه واعاد عليه نعمه الفائتة ( عن ابراهيم بن ادهم قدس سره ) بلغنى أن رجلا من بنى اسرائيل ذبح عجلا بين يدى امه فيبست يده فبينما هو جالس اذ سقط فرخ من وكره وهو يتبصبص فأخذه ورده الى وكره فرحمه الله تعالى لذلك ورد عليه يده بما صنع والوكر بالفتح عش الطائر بالفارسية آشيان
والتبصبص التملق وتحريك الذنب وفى الآية اشارة الى اهل الوحدة والرياء والسمعة فكما أن المشركين بالشرك الجلى يكبر عليهم امر التوحيد فكذا المشركون بالشرك الخفى يكبر عليهم امر الوحدة والاخلاص نسأل الله سبحانه ان يجذبنا اليه بجذبة عنايته ويشرفنا بخاص هدايته(13/62)
وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14)
{ وما تفرقوا } اى وما تفرق اليهود والنصارى فى الدين الذى دعوا اليه ولم يؤمنوا كما آمن بعضهم فى حال من الاحوال او فى وقت من الاوقات { الا من بعد ما جاءهم العلم } اى الا حال مجيئ العلم او الا وقت مجيئ العلم بحقية ما شاهد وافى رسول الله والقرءآن من دلائل الحقية حسبما وجدوه فى كتابهم او العلم بمبعثه { بغيا بينهم } من بغى بمعنى طلب وحقيقة البغى الاستطالة بغير حق كما فى المفردات اى لابتغاء طلب الدنيا وطلب ملكها وسياستها وجاهها وشهرتها وللحمية الجاهلية لا لأن لهم فى ذلك شبهة { ولولا كلمة سبقت من ربك } وهى العدة بتأخيرة العقوبة { الى اجل مسمى } اى وقت معين معلوم عند الله هو يوم القيامة او آخر اعمارهم المقدرة { لقضى بينهم } لأوقع القضاء بينهم باستئصالهم لاستيجاب جنايتهم لذلك قطعا { وان الذين اوروثوا الكتاب من بعدهم } اى وان المشركين الذين اوتو الكتاب اى القرءآن من بعد ما اوتى اهل الكتاب كتابهم والايراث فى الاصل ميراث دادن { لفى شك منه } اى من القرءآن والشك اعتدال النقيضين عند الانسان وتساويهما { ومريب } موقع فى القلق اى الاضطراب ولذلك لا يؤمنون الا لمحض البغى والمكابرة بعدما علموا بحقيته كدأب اهل الكتابين والريبة قلق النفس واضطرابها ويسمى الشك بالريب لأنه يقلق النفس ويزيل الطمأنينة والظاهر أن شك مريب من باب جد جده اى وصف الشك بمريب بمعنى ذى ريب مبالغة فيه وفى القاموس اراب الامر صار ذا ريب(13/63)
فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15)
{ فلذلك } اى فلاجل ما ذكر من التفرق والشك المريب او فلأجل أنه شرع لهم الدين القويم القديم الحقيق بان يتنافس فيه المتنافسون { فادع } الناس كافة الى اقامة ذلك الدين والعمل بموجبه فان كلا من تفرقهم وكونهم فى شك مريب ومن شرع ذلك الدين لهم على لسان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سبب للدعوة اليه والامر بها وليس المشار اليه ما ذكر من التوصية والامر بالاقامة والنهى عن التفرق حتى يتوهم شائبة التكرار وفيه اشارة الى افتراق اهل الاهواء والبدع ثنتين وسبعين فرقة ودعوتهم الى صراط مستقيم السنة لابطال مذاهبهم وفى الحديث « من انتهر » اى منع بكلام غليظ « صاحب بدعة » سيئة مما هو عليه من سوء الاعتقاد والفحش من القول والعمل « ملأ الله قلبه امنا وايمانا ومن اهان صاحب بدعة آمنه الله يوم القيامة من الفزع الاكبر » وهو حين الانصراف الى النار كما قال ابن السماك ان الخوف المنصرف للمتفرقين قطع نياط قلوب العارفين وقال فى البزازية روى ان ابن المبارك رؤى فى المنام فقيل له ما فعل ربك بك فقال عاتبنى واوقفنى ثلاثين سنة بسبب انى نظرت باللطف يوما الى مبتدع فقال انك لم تعاد عدوى فى الدين فكيف حال القاعد بعد الذكر مع القوم الظالمين { واستقم } عليه وعلى الدعوة اليه { كما امرت } واوحى اليك من عند الله تعالى والمراد الثبات والدوام عليهما لأنه كان مستقيما فى هذا المعنى وفى الحديث « شيبتنى هود واخواتها » فقيل له لم ذلك يا رسول الله فقال « لأن فيها فاستقم كما امرت » وهذا الخطاب له عليه السلام بحسب قوته فى امر الله وقال هو لأمته بحسب ضعفهم استقيموا ولن تحصوا اى لن تطيقوا الاستقامة التى امرت بها فحقيقة الاستقامة لا يطيقها الا الانبياء واكابر الاولياء لانها الخروج من المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدى الحق على حقيقة الصدق ( قال الكاشفى ) درتبيان آورده كه وليد مغيره بآن حضرت كفت ازدين ودعوى كه دارى رجوع كن تا من نصفى ازاموال خودبتودهم وشيبه وعده كرده كه اكر بدين بدران بازآيى دختر خود درعقد توارم اين آيت نازل شدكه بردعوت خود مقيم ودر دين وملت خودمسنقيم باش { ولا تتبع اهوآءهم } المختلفة الباطلة والضمير للمشركين وكانوا يهوون ان يعظم عليه السلام آلهتهم وغير ذلك وفى الخبر « لكل شىء آفة وآفة الدين الهوى »
هواوهوس رانماند ستيز ... جو بيند سربجه عقل تيز
{ وقل آمنت بما انزل الله من كتاب } اى كتاب كان من الكتب المنزلة لا كالذين آمنوا ببعض منها وكفروا ببعض وذلك فان كلمة ما من الفاظ العموم وفيه اشارة الى وجوب الايمان بجميع الحقائق وان اختلف مظاهرها فان كلها الهام صحيح من الله تعالى { وامرت } بذلك { لأعدل بينكم } بين شريفكم ووضيعكم فى تبليغ الشرآئع والاحكام وفصل القضايا عند المحاكمة والمخاصمة الى فاللام على حقيقتها والمأمور به محذوف او زائدة والباء محذوفة اى امرت بأن اعدل واسوى بين شريفكم ووضيعكم فلا اخص البعض بامر او نهى قوله وقل آمنت الخ تعليم من الله لاستكمال القوة النظرية وقوله وامرت الخ لاستكمال القوة العملية روى أن داود عليه السلام قال ثلاث خصال من كن فيه فهو الفائز القصد فى الغنى والفقر والعدل فى الرضى والغضب والخشية فى السر والعلانية وثلاث من كن فيه اهلكته شح مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه واربع من اعطيهن فقد اعطى خير الدنيا والآخرة لسان ذاكر وقلب شاكر وبدن صابر وزوجة مؤمنة وفى التأويلات النجمية لأعدل بينكم اى لأسوى بين اهل الاهوآء وبين اهل السنة بترك البدعة ولزوم الكتاب والسنة ليندفع الافتراق ويكون الاجتماع { الله ربنا وربكم } اى خالقنا جميعا ومتولى امورنا لا الاصنام والهوى { لنا اعمالنا } لا يتخطانا جزآؤها ثوابا كان او عقابا { ولكم اعمالكم } لا يجاوزكم آثارها لا نستفيد بحسناتكم ولا نتضرر بسيئاتكم { لا حجة بيننا وبينكم } الحجة فى الاصل البرهان والدليل ثم يقال لا حجة بيننا وبينكم اى لا ايراد حجة بيننا ويراد به لا خصومة بيننا بناء على أن ايراد الحجة من الجانبين لازم للخصومة فيكنى بذكر اللازم عن الملزوم فالمعنى لا محاجة ولا خصومة لأن الحق قد ظهر ولم يبق للمحاجة حاجة ولا للمخالفة محمل سوى المكابرة وفيه اشارة الى أنه لا خصومة بالاهدآء والمعصية { الله يجمع بيننا } يوم القيامة { واليه المصير } مرجع الكل لفصل القضاء فيظهر هناك حالنا وحالكم وليس فى الآية الا ما يدل على المتاركة فى المقاولة لا مطلقا حتى لا تكون منسوخة بآية القتال يعنى هذه الآية انما تدل على المتاركة القولية لحصول الاستغناء عن المحاجة القولية معهم لأنهم قد عرفوا صدقه من الحجج وانما كفروا عنادا وبعد ما ظهر الحق وصاروا محجوبين كيف يحتاج الى المحاجة القولية فلا يبقى بعد هذا الا السيف او الاسلام وقد قوتلوا بعد ذلك فعلى العبد قبول الحق بعد ظهوره والمشى خلف النصح بعد اضاءة نوره فان المصير الى الله والدنيا دار عبور وان الحضور فى الآخرة والدنيا دار التفرق والفتور فلا بد من التهيئ للموت قال ابراهيم بن ادهم قدس سره لرجل فى الطواف اعلم انك لا تنال درجة الصالحين حتى تجوز ست عقبات اولاها تغلق باب النعمة وتفتح باب الشدة والثانية تغلق باب العز وتفتح باب الذل والثالثة تغلق باب الراحة وتفتح باب الجهد والرابعة تغلق باب النوم وتفتح باب السهر والخامسة تغلق باب الغنى وتفتح باب الفقر والسادسة تغلق باب الامل وتفتح باب الاستعداد للموت وانشدوا(13/64)
ان لله عبادا فطنا ... طلقوا النيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا ... انها ليس لحى وطنا
جعلوها لجة واتخذوا ... صالح الاعمال فيها سفنا
( وفى المثنوى )
ملك برهم زن تو آدم وارزود ... تبابيابى همجو او ملك خلود
اين جهان خودحبس جانهاى شماست ... هين رويدان سوكه صحراى شماست(13/65)
وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)
{ والذين يحاجون فى الله } اى يخاصمون فى دينه نبيه وهو مبتدأ { من بعد ما استجيب له } اى من بعد ما استجاب له الناس ودخلوا فيه لظهور حجته ووضح محجته والتعبير عن ذلك بالاستجابة باعتبار دعوتهم اليه وفيه اشارة الى أنهم استجابوا له تعالى يوم الميثاق بقولهم بلى حين قال لهم الست بربكم ثم لما نزلوا من عالم الارواح الى عالم الاجسام نسوا الاقرار والعهد فأخذوا فى المحاجة والانكار بخلاف المؤمنين فانهم ثبتوا على التصديق والاقرار ( قال الحافظ )
ازدم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بريك عهد ويك ميثاق بود
{ حجتهم } متبدأ ثان { داحضة عند ربهم } خبر الثانى والجملة خبر الاول اى زالة زآئلة باطلة
يعنى ناجيز ونابر جاى
بل لا حجة لهم اصلا وانما عبر عن اباطيلهم بالحجة مجاراة معهم على زعمهم الباطل والمجاراة بالفارسية رفتن وباكسى جيزى واراندن { وعليهم غضب } عظيم لمكابرتهم الحق بعد ظهوره { ولهم عذاب شديد } على كفرهم الشديد وضلالهم البعيد لا يعرف كنهه وهو عذاب النار
يقول الفقير وجه الغضب والعذاب ان الدين الحق وما جاء به من القرءآن سبب الرحمة والنعمة فاذا اعرضوا عنهما وجدوا عند الله الغضب والنقمة بدلهما نعوذ بالله من ذلك وهذا من نتائج احوالهم وثمرات اعمالهم
ابرا كرآب زندكى بارد ... هركز ازشاخ بيد بر نخورى
بافر ومايه روزكار مبر ... كزنى بور يا شكر نخورى(13/66)
اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)
{ الله الذى انزل الكتاب } اى جنس الكتاب حال كونه ملتبسا { بالحق } فى احكامه واخباره بعيدا من الباطل او بما يحق انزاله من العقائد والاحكام { والميزان } اى وانزل الميزان اى الشرع الذى يوزن به الحقوق ويسوى بين الناس على ان يكون لفظ الميزان مستعارا للشرع تشبيها له بالميزان العرفى من حيث يوزن به الحقوق الواجبة الادآء سوآء كان من حقوق الله او من حقوق العباد او انزل نفس العدل والتسوية بان انزل الامر به فى الكتب الالهية فيكون تسمية العدل بالميزان تسمية المسمى باسم آلته فان الميزان آلة العدل او انزل آلة الوزن والوزن معرفة قدر الشىء
يعنى منزل كردانيد ترازورا كه موزونات رابان سنجدتادر باره خزنده وفروشنده ستم نرود
فيكون المراد بالميزان معناه الاصلى وانزاله اما حقيقة لما روى أن جبرائيل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه الى نوح عليه السلام فقال له مر قومك يزنوا به وقيل نزل آدم عليه السلام بجميع آلات الصنائع واما مجاز عن انزال الامر به واستعماله فى الايفاء والاستيفاء
ودرعين المعانى آورده كه مراد از ميزان حضرت بهتر كائنات محمد است صلى الله تعالى عليه وسلم قانون عدل بدل وتمهيدمىبايد ونزال وارسال اوست
وفى التأويلات النجمية يشير الى كتاب الايمان الذى كتب الله فى القلوب وميزان العقل يوزن به احكام الشرع والخير والشر والحسن والقبح فانهما قرينان متلازمان لا بد لاحدهما من الآخر وسماهما البصيرة فقال { قد جاءكم بصائر من ربكم فمن ابصر فلنفسه ومن عمى فعليها } ففى انتفاء احدهما انتفاء الآخر كما قال تعالى { صم بكم عمى فهم لا يعقلون } فنفى العقل والبصيرة بانتفاء الايمان { وما يدريك } الدرآء بمعنى الاعلام اى اى شىء يجعلك داريا اى عالما بحال الساعة التى هى من العظم والشدة والخفاء بحيث لا يبلغه دراية احد وانما يدرى ذلك بوحى منا وبالفارسية وجه جيز دانا كرد برواجه دانى
قال الراغب كل موضع ذكر فى القرءآن وما ادراك فقد عقب ببيانه نحو { وما ادراك ماهيه نار حامية } وكل موضع ذكر فيه وما يدريك لم يعقبه بذلك نحو وما يدريك لعل الساعة قريب { لعل الساعة } التى يخبر بمجيئها الكتاب الناطق بالحق { قريب } اى شىء قريب او قريب مجيئها والا فالفعيل بمعنى الفاعل لا يستوى فيه المذكر والمؤنث عند سيبويه فكان الظاهر ان يقال قريبة لكونه مسند الى ضمير الساعة الا أنه قد ذكر لكونه صفة جارية على غير من هى له وقيل القريب بمعنى ذات قرب على معنى النسب وان كان على صورة اسم الفاعل كلابن وتامر بمعنى ذو لبن وذو تمر اى لبنى وتمرى لا على معنى الحدث كالفعل فلما لم يكن فى معنى الفعل حقيقة لم يلحقه تاء التأنيث او الساعة بمعنى البعث تسمية باسم ما حل فيه وقال الزمخشرى لعل مجيئ الساعة قرب بتقدير المضاف والمعنى أن القيامة على جناح الاتيان فاتبع الكتاب يا محمد واعمل به وواظب على العدل قبل ان يفاجئك اليوم الذى يوزن فيه الاعمال ويوفى جزآؤها امام زاهدى فرموده كه لعل براى تحقيق است يعنى البتة ساعتى كه بدان قيامت قائم شود نزديكست
وفيه زجرهم عن طول الامل وتنبيههم على انتظار الاجل وهجومه نبهنا الله تعالى واياكم اجمعين آمين(13/67)
يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (18)
{ يستعجل بها } شتاب ميكنند بساعت يعنى بامداو { الذين لا يؤمنون بها } استعجال انكار واستهزآء ولا يشفقون منها ويقولون متى هى ليتها قامت حتى يظهر لنا الحق اهو الذى نحن عليه ام الذى عليه محمد واصحابه فانهم لما لم يؤمنوا بها لم يخافوا ما فيها فهم يطلبون وقوعوها استبعادا لقيامها والعجلة طلب الشىء وتحريه قبل آوانه { والذين آمنوا } بها { مشفقون منها } خائفون منها مع اعتنائها لتوقع الثواب فان المؤمنين يكونون ابدا بين الخوف والرجاء فلا يستعجلون بها
يعنى ترسانداز قيامت جه ميدانندكه خداى تعالى بايشان جه كند ومحاسبه ومجازات برجه وجه بود
فالآية من الاحتباك ذكر الاستعجال اولا دليل على حذف ضده ثانيا والاشفاق ثانيا دليلا على حذف ضده اولا { ويعلمون انها الحق } اى الكائن لا محالة وفيه اشارة الى ان المؤمنين لا يتمنون الموت خوف الابتلاء بما بعده فيستعدون له واذا ورد لم يكرهوه وذلك ان الموت لا يتمناه الا جاهل او مشتاق { ألا ان الذين يمارون فى الساعة } يجادلون فيها وينكرون مجيئها عنادا من المرية فمعناه فى الاصل تداخلهم المرية والشك فيؤدى ذلك الى المجادلة ففسر المماراة بلازمها قال الراغب المرية التردد فى الامر وهو اخص من الشك والمماراة المحاجة فيما فيه مرية انتهى ويجوز ان يكون من مريت الناقة اذا مسحت ضرعها بشدة الحلب فيكون تفسيره بيجادلون حملا له على الاستعارة التبعية بأن شبه المجادلة بمماراة الحالب للضرع لاستخراج ما فيه من اللبن من حيث أن كلا من المتجادلين يستخرج ما عند صاحبه بكلام فيه شدة { لفى ضلال بعيد } عن الحق فان البعث اشبه الغائبات بالمحسوسات لأنه كاحياء الارض بعد موتها فمن لم يهتد الى تجويزه فهو من الاهتدآء الى ما ورآءه ابعد وابعد وصف الضلال بالبعد من المجاز العقلى لأن العبد فى الحقيقة للضال لأنه هو الذى يتباعد عن الطريق فوصف به فعله ويحتمل ان يكون المعنى فى ضلال ذى بعد او فيه بعد لأن الضال قد يضل عن الطريق مكانا قريبا وبعيدا وفى التأويلات النجمية لفى ضلال بعيد لأنه ازلى وفى الآية امور الاول ذم الاستعجال ولذا قيل العجلة من الشيطان الا فى ستة متواضع ادآء الصلاة اذا دخل الوقت ودفن الميت اذا حضر وتزويج البكر اذا ادركت وقضاء الدين اذا وجب واطعام الضيف اذا نزل وتعجيل التوبة اذا اذنب والثانى الايمان والتصديق فانه الاصل وذلك بجميع ما يكون به المرء مؤمنا خصوصا الساعة وكذا الاستعداد لها بالاعمال الصالحات روى أن رجلا من الاعراب قال للنبى صلى الله عليه وسلم متى الساعه فقال عليه السلام « وما اعددت لها »(13/68)
قال لا شىء الا انى احب الله ورسوله فقال « انت مع من احببت » ولا شك أن من احب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم احب الاقتدآء به فى جميع الاحوال فاذا كان محبا لرسول الله والاقتدآء به كان رسول الله محبا له كما قال عليه السلام « متى ألقى احبائى » فقال له اصحابه بآبائنا وامهاتنا يا رسول الله اولسنا احباءك فقال « انتم اصحابى احبائى قوم لم يرونى وآمنوا بى انا اليهم بالاشواق » وخصهم بالاخوة فى الحديث الآخر فقال اصحابه نحن اخوانك يا رسول الله قال « لا انتم اصحابى واخوانى الذين يأتون بعدى آمنوا بى ويرونى » وقال « للعامل منهم اجر خمسين منكم » قالوا بل منهم يا رسول الله قال « بل منكم » رددها ثلاثا ثم قال « لأنكم تجدون على الخير اعوانا » والثالث مدح العلم لكن اذا قرن بالخوف والخشية والعمل كان امدح فان العلم ليس جالبا للسودد الا من حيث طرده الجهل فلا تعجب بعلمك فان فرعون علم بنبوة موسى وابليس علم حال آدم واليهود علموا بنبوة محمد وحرمو التوفيق للايمان والرابع ذم الشك والتردد فلا بد من اليقين الصريح بل من العيان الصحيح كما قال على كرم الله وجهه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا
حال خلدوجحيم دانستم ... بيقين آنجنانكه مى بايد
كرحجاب ازميانه بر كيرند ... آن يقين ذره نيفزايد
والخامس ان السعادة والشقاوة ازليتان وانما يشقى السعيد لكون سعادته عارضة وانما يسعد الشقى لكون شقاوته عارضة فكل يرجع الى اصله فنسأل الله الهدى ونعوذ به من الهوى(13/69)
اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)
{ الله لطيف بعباده } اى بر بليغ البر بهم يفيض عليهم من فنون الطافه ما لا يكاد يناله ايدى الافكار والظنون قوله من فنون الطافه يؤخذ ذلك من صيغة لطيف فانها للمبالغة وتنكيره ايضا وقوله ما لا يكاد الخ مأخذه مادة الكلمة فان اللطف ايصال نفع فيه دقة { يرزق من يشاء } أن يرزقه كيفما يشاء فيخص كلا من عباده الذين عمهم جنس لطفه بنوع من البر على ما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة فلا مخالفة بين عموم جنس لطفه بنوع من البر على ما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة فلا مخالفة بين عموم الجنس وخصوص النوع يعنى أن المخصوص بمن يشاء هو نوع البر وصنفه وذلك لا ينافى عموم جنس بره بجميع عباده على ما افادته اضافة العباد الى ضميره تعالى حتى يلزم التناقص بين الكلامين فالله تعالى يبرهم جميعا لا بمعنى ان جميع انواع البر واصنافه يصل الى كل احد فانه مخالف للحكمة الالهية اذ لا يبقى الفرق حينئذ بين الاعلى والادنى بل يصل بره اليهم على سبيل التوزيع بان يخص احد بنعمة وآخر باخرى فيرجع بذلك كل واحد منهم الى الآخرة فيما عنده من النعمة فينتظم به احوالهم ويتم اسباب معاشهم وصلاح دنياهم وعمارتها فيؤدى ذلك الى فراغهم لاكتساب سعادة الآخرة وقال بعضهم يرزق من يشاء بغير حساب اذ الآيات القرءآنية يفسر بعضها بعضا { وهو القوى } الباهر القدرة الغالب على كل شىء وهو يناسب عموم لطفه للعباد والقوة فى الاصل صلابة البنية وشدتها المضادة للضعف ولما كانت محالا فى حق الله تعالى حملت على القدرة لكونها مسببة عن القوة { العزيز } المنيع الذى لا يغلب وهو يلائم تخصيص من يشاء بما يشاء قال بعض الكبار لطفه بعباده لطف الفطرة التى فطر الناس عليها فى احسن تقويم مستعدة لقبول الفيض الالهى بلا واسطة ولطف الجذبة للوصلة وايضا لطيف بعباده بأن جعلهم عباده لا عباد الدنيا ولا عباد النفس والهوى والشيطان خاطب العابدين بقوله لطيف بعباده اى يعلم غوامض احوالكم من دقيق الرياء والتصنع لئلا يعجبوا باحوالهم واعمالهم وخاطب العصاة بقوله لطيف لئلا ييأسوا من احسانه وخاطب الفقرآء بقوله لطيف اى انه محسن بكم لا يقتلكم جوعا فانه محسن بالكافرين فكيف بالمؤمنين
اديم زمين سفره عام اوست ... بر ين خوان يغماجه دشمن جه دوست
وخاطب الاغنياء بقوله لطيف ليعلمو أنه يعلم دقائق معاملاتهم فى جميع المال من غير وجه بنوع تأويل ومن لطفه بعباده انه جعلهم مظهر صفات لطفه ومن لطفه بعباده انه عرفهم انه لطيف ولولا لطفه ما عرفوه ومن لطفه بعباده انه زين اسرارهم بانوار العرفان وكاشفهم بالعين والعيان(13/70)
در فصول آورده كه لطيف جندمعنى دارداول مهربان امام قشيرى فرموده كه لطف اوست كه بيشتر ازكفايت بدهد وكمتر ازقوت كار فرمايد دوم توازنده وكذا نوازندكى سوم بوشيده كار كسى برقضا وقدر اوراه نبرد ودركاه اوجه وجون دخل ندارد
كسى زجون وجرادم تواندزد ... كه نقش كارحوادت وراى جون وجراست
جرا مكوكه جرادست بسته قدرست ... زجون ملاف كه جون تير بايمال قضاست
در موضح آورده كه لطيف آنست كه عوامض اموررابعلم داند وجرائم مجهوررا بحلم كذراند دركشف الاسرار آورده كه لطيف آنست كه نعمت بقدر خود داد وشكر بقدر بنده خواست
وقال بعضهم اللطيف الذى ينسى العباد ذنوبهم فى الآخرة لئلا يتشوشوا وقال ابو سعيد الخراز قدس سره الله لطيف بعباده موجود فى الظاهر والباطن والاشياء كلها موجودة به لكن يوجد ذكره فى قلب العبد مرة ويفقد مرة ليجدد بذلك افتقاره اليه وقال جعفر الصادق رضى الله عنه لطفه فى الرزق الحلال وتقسيمه على الاحوال يعنى انه رزقك من الطيبات ولم يدفعه اليك مرة واحدة وقال على بن موسى رضى الله عنه هو تضعيف الاجر وقال الجنيد قدس سره هو الذى لطف باوليائه فعرفوه ولو لطف باعدآئه ما جحدوه وقيل هو الذى ينشر المناقب ويستر المثالب وقال بعضهم لطف وى بوداز توطاعات موقت خواست ومثوبات مؤبد داد خدايرا لطف است وهم قهر بلطف او كعبه ومسجدها رابنا كردند وبقهرا وكليساها وبتكدها برآوردند بس بعضى بطريق لطف سلوك ميكند بسبب توفيق وبعضى بطريق قهرميرودبمقتضاى خذلان مؤذنى بودجندين سال بانك نماز كفته روزى برمناره رفت ديده وى برزنى ترسا افتاد تعشق كردجون ازمناره فروآمد بدرسرايش رفت قصه باوى بكفت آن زن كفت اكر دعوى راستست ودر عشق صادقى موافقت شرطست زنار بر ميان بايدبست آن بدبخت بطمع آن زن زنار ترسايى بربست وخمر خورد وجون مست كشف قصدآن زن كرد زن بكريخت ودرخانه شدآن بدبخت بربام رفت تابحيلتى خويشتزا در ان خانه افكند بخذلان ازلى ازبام درفتاد وبترسايى هلاك شد جند بن سال مؤذنى كرد درشرآئع اسلام ورزيد وبعاقبت برتسايى هلاك شد وبمقصود نرسد ( قال الحافظ )
حكم مستورى ومستى همه بر خاتمتست ... كس نداست كه آخربجه حالت برود
وقال الامام الغزالى رحمه الله اللطيف من يعلم دقائق المصالح وغوامضها وما دق منها وما لطف ثم يسلك فى ايصالها الى المستصلح سبيل الرفق دون العنف واذا اجتمع الرفق فى الفعل واللطف فى العلم والادراك ثم معنى اللطف ولا يتصور كمال ذلك فى العلم والفعل الا لله وحده ومن لطفه خلقه الجنين فى بطن امه فى ظلمات ثلاث وحفظه فيها وتغديته بواسطة السرة الى ان ينفصل فيستقل بالتناول للغذآء بالفم ثم الهامه اياه عند الانفصال التقام الثدى وامتصاصه ولو فى ظلمات الليل من غير تعليم ومشاهدة بل تتفتق البيضة عن الفرخ وقد ألهمه التقاط الحب فى الحال ثم تأخير خلق السن من اول الخلقة الى وقت انباته للاستغناء باللبن عن السن ثم انباته السن بعد ذلك عند الحاجة الى طحن الطعام ثم تقسيم الاسنان الى عريضة للطحن والى انياب للكسر والى ثنايا حادة الاطراف للقطع ثم استعمال اللسان الذى الغرض الاظهر منه النطق ورد الطعام الى المطحن كالمجرفة فيكون الانسان فى زمرة الجمادات واول نعمة عليه أن الله تعالى كرمه فنقله من عالم الجماد الى عالم النبات ثم عظم شأنه فنقله من عالم النبات الى عالم الحيوان فجعله حساسا متحركا بالارادة ثم نقله الى عالم الانسان فجعله ناطقا وهى نعمه اخرى اعظم مما سبق ومن لطفه أنه يسر لهم الوصول الى سعادة الابد بسعى خفيف فى مدة قصيرة وهو العمر القليل ومن لطفه اخراج اللبن الصافى من بين فرث ودم واخراج الجواهر النفيسة من الاحجار الصلبة واخراج العسل من النحل والابريسم من الدود والدر من الصدف الى غير ذلك وحظ العبد من هذا الوصف الرفق بعباد الله والتلطف بهم فى الدعوة الى الله والهداية الى سعادة الآخرة من غير ازرآء وعنف ومن غير تعصب وخصام واحسن وجوه اللطف فيه الجذب الى قبول الحق بالشمائل والسير المرضية والاعمال الصالحة فانها اوقع والطف من الالفاظ المزينة ولذلك قال عليه السلام(13/71)
« صلوا كما رأيتمونى اصلى » ولم يقل صلوا كما قلت لكم لأن الفعل ارجح فى نفس المقتدى من القول ( وفى المثنوى )
بند فعلى خلق را جذاب تر ... كه رسددرجان هربا كوش كر
ثم أن الارزاق صورية ومعنوية فالصورية ظاهرة والمعنوية هى علم التوحيد والمعارف الالهية التى تتغذى بها الارواح يقال غذآء الطبيعة الاكل والشرب وغذآء النفس التكلم بما لا يعنى وغذآء القلب الفكر وغذآء الروح علم التوحيد من حيث الافعال والصفات والذات وسائر المعارف الالهية مما لا نهاية لها والمنظر الالهى فى الوجود الانسانى هو القلب فاذا صلح هو بالتوحيد والذكر ونور الايمان والعرفان صلح سائر الاحوال ومن الله البر واللطف والاحسان والنوال والافضال(13/72)
مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)
{ من } هركه { كان يريد حرث الآخرة } الحرث فى الاصل القاء البذر فى الارض يطلق على الزرع الحاصل منه ويستعمل فى ثمرات الاعمال ونتائجها بطريق الاستعارة المبنية على تشبيهها بالغلال الحاصلة من البذور المتضمن لتشبيه الاعمال بالبذور من حيث انها فائدة تحصل بعمل الدنيا ولذلك قيل الدنيا مزرعة الآخرة والمعنى من كان يريد باعماله ثواب الآخرة { نزد له فى حرثه } تضاعف له ثوابه بالواحد عشرة الى سبعمائة فما موقها ( قال الكاشفى ) جنانكه كشت دانه مى افزايد تايكى ازان بسيار ميشود همجنين عمل مؤمن روز بروز افزونى ميكيرد تاحدى كه يك ذره برابر كوه احد ميشود ولم يقل فى حقه وله فى الدنيا نصيب مع أن الرزق المقسوم له يصل اليه لا محالة للاستهانة بذلك والاشعار بأنه فى جنب ثواب الآخرة ليس بشىء ولذلك قال سليمان عليه السلام لتسبيحة خير من ملك سليمان كفته اند كه بر سليمان عليه السلام مال وملك وعلم عرضه كردندكه زين سه يكى اختياركن سليمان علم اختيار كرد مال وملك فرا فرودنداد
دنيا طلبى بهره دنيات دهند ... عقبى طلبى هردوبيك جات دهند
فان قيل ظاهر اللفظ يدل على أن من صلى لاجل طلب الثواب او لاجل دفع العقاب فانه تصح صلاته واجمعوا على انها لا تصح لأن الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا اذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيد لأنه يكون عليلا مريضا والجواب أن الحرث لا يتأتى الا بالقاء البذر الصحيح فى الارض والبذر الصحيح الجامع للخيرات والسعادات ليس الا عبودية الله تعالى فلا يكون العمل اخرويا الا بان يطلب فيه رضى الله { ومن كان يريد } باعماله { حرث الدنيا } وهو متاعها وطيباتها والمراد الكافر أو المنافق حيث كانوا مع المؤمنين فى المغازى وغرضهم الغنيمة ودخل فيه اصحاب الاغراض الفاسدة جميعا { نؤته منها } اى شيأ منها حسبما قسمنا له لا ما لا يريده ويبتغيه فمنها متعلق بكائنا المحذوف الواقع صفة للمفعول الثانى ويجوز أن يكون كلمة من للتبعيض اى بعضها ومآل المعنى واحد دلت الآية على أن طالب الدنيا لا ينال مراده من الدنيا وفى الحديث « من كانت نيته الاخرة جمع الله شمله وجعل غناه فى قلبه واتته الدنيا وهى راغمة ومن كانت نيته الدنيا فرق الله عليه امره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا الا ما كتب الله له » { وما له فى الآخرة من نصيب } من مزيدة للاستغراق اى ماله نصيب ما فى الاخرة اذ كانت همته مقصورة على الدنيا ولكل امرئ ما نوى فيكون محروما من ثواب الاخرة بالكلية وقال الامام الراغب ان الانسان فى دنياه حارث وعمله حرثه ودنياه محرثه ووقت الموت وقت حصاده والآخرة بيدره ولا يحصد الا ما زرعه ولا يكيل الا ما حصده ( حكى ) أن رجلا ببلخ امر عبده ان يزرع حنطة فزرع شعيراً فرآه وقت الحصاد وسأله فقال العبد زرعت شعيرا على ظن أن ينبت حنطة فقال مولاه يا احمق هل رأيت احدا زرع شعيرا فحصد حنطة فقال العبد فكيف تعصى انت وترجو رحمته وتغتر بالامانى ولا تعمل العمل الصالح(13/73)
ازرباط تن جوبكذشتى دكر معموره نيست ... زاد راهى بر نميدارى ازين منزل جرا
وكما ان فى البيدر مكيالا وموازين وامناء وحفاظا وشهودا كذلك فى الآخرة مثل ذلك وكما أن للبيدر تذرية وتمييزا بين النقاوة والحطام كذلك فى الآخرة تمييز بين الحسنى والآثام فمن عمل لآخرته بورك له فى كيله ووزنه وجعل له منه زاد الابد ومن عمل لدنياه خاب سعيه وبطل عمله فاعمال الدنيا كشجرة الخلاف بل كالدفلى والحنظل فى الربيع يرى غض الاوراق حتى اذا جاء حين الحصاد لم ينل طائلا واذا حضر مجتناه فى البيدر لم يفد نائلا ومثل اعمال الاخرة كشجرة الكرم والنخل المستقبح المنظر فى الشتاء فاذا حان وقت القطاف والاجتناء افادتك زادا وادخرت عدة وعتادا ولما كانت زهرات الدنيا رآئقة الظاهر خبيثة الباطن نهى الله تعالى عن الاغترار بها فقال { ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وابقى } فالقذر قذر وان كان فى ظرف من الذهب فالعاقل لا يتناوله وفى التأويلات النجمية من كان يريد حرث الآخرة بجهده وسعيه نزد له فى حرثه بهدايتنا وتوفيق مزيد طاعتنا وصفاء الاحوال فى المعارف بعنايتنا اليوم ونزيده فى الآخرة قربة ومكانة ورفعة فى الدرجات وشفاعة الاصدقاء والقرابات ومن كان يريد حرث الدنيا مكتفيا به نؤته منها اى من آفات حب الدنيا من عمى القلب وبكمه وصممه وسفهه والحجب التى تتولد منها الاخلاق الذميمة النفسانية والاوصاف الرديئة الشيطانية والصفات السبعية والبهيمية الحيوانية وماله فى الآخرة مشاهدته ووصاله وقربه وهذا للعارفين وحرث الدنيا الكرامات الظاهرة ومن شغلته الكرامات احتجب بها عن الحق وما يريد من حرث الدنيا فهو معرفة الله ومحبته وخدمته والا فلا يزن الكون عند اهل المعرفة ذرة قال بعضهم فى هذه الآية من عمل لله محبة له لا طلبا للجزآء صغر عنده كل شىء دون الله ولا يطلب حرث الدنيا ولا حرث الآخرة بل يطلب الله عن الدنيا والآخرة وقال سهل حرث الدنيا القناعة وحرث الآخرة الرضى وقال ايضا حرث الآخرة القناعة فى الدنيا والمغفرة فى الآخرة والرضى من الله فى كل الاحوال وحرث الدنيا قضاء الوطر منها والجمع منها والافتخار بها ومن كان بهذه الصفة فماله فى الاخرة من نصيب قال الشيخ العطار قدس سره
همجو طفلان منكراندر سرخ وزرد ... جون زنان مغرور رنك وبو مكرد
فالدنيا امرأة عجوز ومن افتخر بزينتها وزخارفها فهو فى حكم المرأة فعلى العاقل تحصيل الجاه الاخروى بالاعمال الصالحة الباقية فان الدنيا وما فيها باسرها زآئلة فانية كما قال لبيد
ألا كل شىء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زآئل
والمراد نعيم الدنيا(13/74)
أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)
{ أم لهم شركاء } ام منقطعة مقدرة ببل والهمزة قيل للاضطراب عن قوله شرع لكم من الدين والهمزة للتقرير والتحقيق وشركاؤهم شياطينهم من الانس والجن والضمير للمشركين من قريش والاضافة على حقيقتها والمعنى بل لهم شركاء من الشياطين اى نظرآء يشاركونهم فى الكفر والعصيان ويعاونونهم عليه بالتزيين والاغرآء { شرعوا لهم } بالتسويل وبالفارسية نهاده اند براى ايشان يعنى بيار استه انددردل ايشان { من الدين } الفاسد { ما لم يأذن به الله } كالشرك وانكار البعث والعمل للدنيا وسائر مخالفات الشريعة وموافقات الطبيعة لأنهم لا يعلمون غيرها وتعالى الله عن الاذن فى مثل هذا والامر به والدين للمشاكلة لأنه ذكر فى مقابلة دين الله او للتهكم وقيل شركاؤهم اوثانهم فالهمزة للانكار فان الجماد الذى لا يعقل شيأ كيف يصح ان يشرع دينا والحال أن الله تعالى لم يشرع لهم ذلك الدين الباطل واضافتها اليهم لأنهم الذين جعلوها شركاء لله واسناد الشرع اليها مع كونها بمعزل عن الفاعلية اسناد مجازى من قبيل اسناد الفعل الى السبب لأنها سبب ضلالتهم وافتنانهم كقوله تعالى { انهن اضللن كثيرا من الناس } { ولولا كلمة الفصل } اى القضاء السابق بتأخير العذاب او العدة بان الفصل يكون يوم القيامة والفصل القضاء بين الحق والباطل كما فى القاموس ويوم الفصل اليوم الذى فيه يبين الحق من الباطل ويفصل بين الناس بالحكم كما فى المفردات { لقضى بينهم } حكم كرده شده بودى ميان كافران ومؤمنان ياميان مشركان وشركاء وهريك جزا بسزا يافته بودندى اما وعده فصل ميان ايشان درقيامتست { وان الظالمين لهم عذاب اليم } فى الآخرة اى نوع من العذاب متفاقم المه وبالفارسية عذابى درونان دآئم وبى انقطاع بود
واقام المظهر مقام المضمر تسجيلا عليهم بالظلم ودلالة على ان العذاب الاليم الذى لا يكتنه كنهه انما يلحقهم بسبب ظلمهم وانهما كهم فيه وفى الآية اشارات منها ان كفار النفوس شرعوا عند استيلائهم على الدين بالهوى للارواح والقلوب ما لم يرض به الله من مخالفات الشريعة وموافقات الطبيعة كاهل الحرب شرعوا لاسارى المسلمين عند استيلائهم عليهم ما ليس فى دينهم من اكل لحم الخنزير وشرب الخمر وعقد الزنار ونحوها فلا بد من التوجه الى الله ليندفع الشر وينعكس الامر ( روى ) ان سالم بن عوف رضى الله عنه اسره العدو فشكاه ابوه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام « اتق الله واكثر قول لا حول ولا قوة الا بالله » ففعل فجاء ابنه ومعه مائة من الابل ( قال الحافظ )
سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشه بكيتى دزم نخواهد ماند
ومنها أن الله تعالى لم يقض بين الخلق بالتكاليف والمجاهدات قبل البلوغ لضعف البشرية وثقل حمل الشريعة واخر بحكمته تكاليف الشرع تربية للقالب ليحصل القوة لقمع الطبع ( قال الصائب )(13/75)
تاجه آيدروشن است ازدست اين يك قطعه خاك ... جرخ نتوانست كردن زه كمان عشق را
ومنها أن من ظلم نفسه بمتابعة الهوى فله عذاب اليم بعد البلوغ من الفطام عن المألوفات الطبيعية بالاحكام الشرعية وهذا العذاب للنفس والطبيعة رحمة عظيمة للقلب والروح ولذا من قال هذه الطاعات جعلها الله عذابا علينا من غير تأويل كفر فان اول مراده بالتعب لا يكفر ولو قال لو لم يفرض الله لكان خيرا لنا بلا تأويل كفر لأن الخير فيما اختاره الله الا ان يؤول ويريد بالخير الاهون والاسهل وفى القصيدة البردية
وراعها وهى فى الاعمال سائمة ... وان هى استحلت المرعى فلا تسم
اى راع النفس فى اشتغالها بالاعمال عما هو مفسد ومنقص للكمال من الرياء والعجب والغفلة والضلال وان عدت النفس بعض التطوعات حلوا واعتادت به والفت فاجتهد فى ان تقطع نفسك عنها واشتغل بما هو أشق عليها لأن اعتبار العبادة انما هو بامتيازها عن العادة وانما ترتفع الكلفة مطلقا عن العارفين
كم حسنت لذة للمرء قاتلة ... من حيث لم يدر ان السم فى الدسم
يعنى كثيرا من المرات زينت النفس لذة للمرء من اللذات قاتلة للمرء كالدسم والمرء لا يدرى أن السم فى الدسم لا سيما اذا كان المرء من اهل المحبة والوداد فهلاكه فى لذة الطعم وطيب الرقاد ومن الله التوفيق لاصلاح النفس وتزكيتها(13/76)
تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22)
{ ترى الظالمين } اى المشركين يوم القيامة يا من بصلح للرؤية { مشفقين } خائفين { مما كسبوا } اى اشفاقا ناشئا من السيئات التى عملوها فى الدنيا ومن اجلها فكلمة من للتعليل وليست صلة مشفقين حتى يحتاج الى تقدير المضاف هنا مع أنه ايضا معنى صحيح لأن الاول ابلغ وادخل فى الوعيد { وهو واقع بهم } اى وباله وجزآؤه لاحق بهم لا محالة اشفقوا أولم يشفقوا والجملة حال من ضمير مشفقين او اعتراض قال سعدى المفتى يعنى ينعكس الحال فى الآخرة فالآمنون فى الدنيا يشفقون فى الآخرة والمشفقون فى الدنيا يأمنون فى الآخرة ( وفى المثنوى )
لا تخافوا هست نزل خائقان ... هست درخوراز براى خائف آن
هركه ترسد مرورا ايمن كنند ... هردل ترسنده راسا كن كنند
آنكه خوفش نيست جون كويى مبرس ... درس جه دهى نيست اومحتاج درس
وفيه اشارة الى أن عذاب اهل الهوى والشهوات واقع بهم اما فى الدنيا بكثرة الرياضات وانواع المجاهدات لتزكية النفس من اوصافها وتحليتها باضدادها واما فى الآخرة بورودها النار لتنقيتها وعذاب الدنيا اهون فلا بد من الاجتهاد قبل فوات الوقت { والذين آمنوا وعملوا الصالحات } اى استعملوا تكاليف الشرع لقمع الطبع وكسر الهوى وتزكية النفس وتصفية القلب وتحلية الروح { فى روضات الجنات } مستقرون فى اطيب بقاعها وانزهها فان روضة الارض تكون كذلك وبالفارسية اندرمر غزار هاى بهشت انديعنى خوشترين بقعها ونزهت فزاى ترين آن قال فى حواشى الكشاف الروضة اسم لكل موضع فيه ماء وعشب وفى كشف الاسرار هى الاماكن المتسعة المونقة ذات الرياحين والزهر انتهى وفى الحديث « ثلاث يجلون البصر النظر الى الخضرة والى الماء الجارى والى الوجه الحسن » قال ابن عباس رضى الله عنهما والاثمد عند النوم قال الراغب قوله فى روضات الجنات اشارة الى ما اعد لهم فى العقبى من حيث الظاهر وقيل اشارة الى ما اهلهم له من العلوم والاخلاق التى من تخصص بها طاب قلبه { لهم ما يشاؤون عند ربهم } اى ما يشتهونه من فنون المستلذات حاصل لهم عند ربهم على ان عند ربهم ظرف للاستقرار العامل فى لهم وقيل ظرف ليشاؤون على ان يكون عبارة عن كونهم عند الله والآية من الاحتباك انبت الاشفاق اولا دليلا على حذف الامن ثانيا والجنات ثانيا دليلا على حذف النيران اولا { ذلك } المذكور من اجر المؤمنين { هو الفضل الكبير } الذى يصغر دونه ما لغيرهم من الدنيا او تحقر عنده الدنيا بحذافيرها من اولها الى آخرها وهذا فى حق الامة واما النبى عليه السلام فمخصوص بالفضل العظيم كما قال تعالى { وكان فضل الله عليك عظيما }(13/77)
ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)
{ ذلك } اى الفضل الكبير وهو مبتدأ خبره قوله { الذى } اى الثواب الذى { يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات } اى يبشرهم به على لسان النبى عليه السلام فحذف الجار ثم العائد الى الموصول لأنهم لا يجوزون حذف المفعول الجار والمجرور الا على التدريج بخلاف مثل السمن منوان بدرهم اى منه ( قال الكاشفى ) وتقديم خبرباين كرامتها جهت ازدياد سرور مؤمنانست وآنكه دانندكه عمل ايشان ضائع نيست بس در مراسم عبوديت اجتهاد نمايند وبروظائف عبادت بيفزايند
كار نيكوكن اكر مردنكو ميطلبى ... كز جراهركه نكوتر بنكوكار دهند
كار اكرنيست ترادر طمع اجر مباش ... مزد مزدور باندازه كردار دهند
يقول الفقير وجه تخصيص الروضة وتعميم المشيئة أن اكثر بلاد العرب خالية عن الانهار الجارية والروضات وانهم لا يجدون كل المشتهيات فيشوقهم بذلك ليكونوا على اهبة وتدارك ولا يقيسوا الآخرة على الدنيا فان الدنيا محل البلاء والآفات والآخرة دار النعيم والضيافات وتدارك كل ما فات فمن احب مولاه اجتهد فى طريق رضاه قال شقيق البلخى قدس سره رأيت فى طريق مكة مقعدا يزحف على الارض فقلت له من اين اقبلت قال من سمرقند قلت وكم لك فى الطريق فذكر اعواما تزيد على العشرة فرفعت طرفى انظر اليه متعجبا فقال لى يا شقيق مالك تنظر الى فقلت متعجبا من ضعف مهجتك وبعد سفرتك فقال لى يا شقيق اما بعد سفرتى فالشوق يقربها واما ضعف مهجتى فمولاها يحملها يا شقيق اتعجب من عبد ضعيف يحمله المولى اللطيف فمن وصل اليه بشارة الله بفضله وجوده هان عليه بذل وجوده { قل لا اسالكم عليه } روى أنه اجتمع المشركون فى مجمع لهم فقال بعضهم اترون محمدا يسأل على ما يتعاطاه اجرا يعنى هيج دريافته آيدكه محمد عملىكه مباشر آنست ازابلاغ مزدى ميخوا هديانى فنزلت والمعنى لا اطلب منكم على ما انا عليه من التبليغ والبشارة كما لم يطلب الانبياء من قبلى { اجرا } اى نفعا قال سعدى المفتى فسر الاجر بالنفع ليظهر جعل استثناء المودة منه متصلا مع أن ادعاء كونها من افراد الاجر يكفى فى ذلك كما فى قوله ( وبلدة ليس بها انيس * الا اليعافير والا العيس ) وفى التأويلات النجمية قل يا محمد لا اسألكم على التبشير أجرا لأن الله ليس يطلب منكم على الفضل عوضا فانا ايضا لا اسألكم على التبشير أجرا فان المؤمن اخذ من الله خلقا حسنا فكما أن الله تعالى بفضله يوفق العبد للايمان ويعطى الثواب لمن آمن به وليس يرضى بان يعطيك فضله مجانا بل يعطيك عليه اجرا كذلك ليس يرضى لرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم بان يطلب منك اجرا على التبليغ والتبشير بل يشفع لك ايضا { الا المودة فى القربى } المودة مودة الرسول عليه السلام والقربى مصدر كالزلفى بمعنى القرابة التى هى بمعنى الرحم وفى للسببية وبمعنى اللام متعلقة بالمودة ومودته كناية عن ترك اذيته والجرى على موجب قرابته سمى عليه السلام المودة اجرا واستثناها منه تشبيها لها به والاستثناء من قبيل قول من قال(13/78)
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب
وذلك لأنه لا يجوز من النبى عليه السلام ان يطلب الاجر ايا كان على تبليغ الرسالة لأن الانبياء لم يطلبوه وهو اولى بذلك لأنه افضل ولأنه صرح بنفيه فى قوله قل ما اسألكم عليه من اجر ولأن التبليغ واجب عليه لقوله تعالى { بلغ ما انزل اليك } وطلب الاجر على اداء الواجب لا يليق ولأن متاع الدنيا اخس الاشياء فكيف يطلب فى مقابلة تبليغ الوحى الالهى الذى هو أعز الاشياء لأن العلم جوهر ثمين والدنيا خزف مهين ولأن طلب الاجر يوهم التهمة وذلك ينافى القطع بصحة النبوة فمعنى الآية لا اسألكم على التبليغ اجرا اصلا الا ان تودونى لاجل قرابتى منكم وبسببها وتكفوا عنى الاذى ولا تعادونى ان كان ذلك اجرا يختص بى لكنه ليس باجر لأنه لم يكن بطن من بطونكم يا قريش الا وبينى وبينها قرابة فاذا كانت قرابتى قرابتكم فصلتى ودفع الاذى عنى لازم لكم فى الشرع والعادة والمروءة سوآء كان منى التبليغ او لا وقد كنتم تتفاخرون بصلة الرحم ودفع الاذى عن الاقارب فما لكم تؤذوننى والحال ما ذكر ويجوز ان يراد بالقربى اهل قرابته عليه السلام على اضمار المضاف وبالمودة مودة اقربائه وترك اذيتهم فكلمة فى على هذا للظرفية والظرف حال من المودة والمعنى الا ان تودوا اهل قرابتى مودة ثابتة متمكنة فيهم روى أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال « على وفاطمة وابناى » اى الحسن والحسين رضى الله عنهم ويدل عليه ما روى عن على رضى الله عنه أنه قال شكوت الى رسول الله عليه السلام حسد الناس لى فقال « اما ترضى ان تكون رابع اربعة » اى فى الخلافة « اول من يدخل الجنة انا وانت والحسن والحسين وازواجنا عن ايماننا وشمائلنا وذرياتنا خلف ازواجنا » قال سعدى المفتى فيه ان السورة مكية من غير استثناء منها ولم يكن لفاطمة حينئذ اولاد وعنه عليه السلام « حرمت الجنة على من ظلم اهل بيتى وآذانى فى عترتى ومن اصطنع صنيعة الى احد من ولد عبد المطلب ولم يجازه فأنا اجازيه عليها غدا اذا لقينى يوم القيامة » وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من مات على حب آل محمد مات شهيدا الا ومن مات على حب آل محمد مات مغفورا له الا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا الا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الايمان الا ومن تاب على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير الا ومن مات على حب آل محمد يزف الى الجنة كما تزف العروس الى بيت زوجها الا ومن مات على حب آل محمد فتح له فى قبره بابان الى الجنة الا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة الا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة الا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله الا ومن مات على بغض آل محمد مات كافراً الا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة »(13/79)
وآل محمد هم الذين يؤول امرهم اليه عليه السلام فكل من كانه مآل امرهم اليه اكمل واشد كانوا هم الآل ولا شك أن فاطمة وعليا والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله اشد التعلقات بالنقل المتاتر فوجب ان يكونوا هم الآل
درتفسير ثعلبى آورده كه ه خويشان حضرت رسول الله بنوهاشم اند وبنوا المطلب كه خمس برايشان قسمت بايد كرد
وفى الكواشى قرابته عليه السلام فاطمة وعلى وابناهما او آل على وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس او من حرمت عليهم الصدقة وهم بنوا هاشم ووبنوا المطلب وقيل آل الرسول امته الذين قبلوا دعوته قال ابن عطاء لا اسألكم على دعوتكم اجرا الا ان تتوددوا الى بتوحيد الله وتتقربوا اليه بدوام طاعته وملازمة اوامره وقال الحسين كل من تقرب الى الله بطاعته وجبت عليكم محبته اى فان المحب يحب المحب لكونهما محبين لمحبوب واحد وكذ المطيع مع المطيع لشركتهما فى الاطاعة والانقياد ( حكى ) عن الشيخ ابن العربى قدس سره أنه قال بلغنى عن رجل انه يبغض الشيخ ابا مدين فكرهت ذلك الشخص لبغضه الشيخ ابا مدين فرأيت رسول الله فى المنام فقال لى « لم تكره فلانا » فقلت لبغضه فى ابى مدين فقال « اليس يحب الله ورسوله » فقلت له « يا رسول الله » فقال لى « فلم تبغضه لبغض ابا مدين وما تحبه لحبه الله ورسوله » فقلت له يا رسول الله الى الآن انى والله زللت وغفلت فاما الآن فأنا تائب وهو من احب الناس الى فلقد نبهت ونصحت صلى الله عليك وسلم فلما استيقظت جئت الى منزله فاخبرته بما جرى فبكى واعتد الرؤيا تنبيها من الله فزال بغضه ابا مدين واحبه { ومن يقترف حسنة } اى يكتسب اى حسنة كانت سيما حب آل رسول الله قال الراغب اصل القرف والاقتراف قشر اللحاء عن الشجرة والجليدة عن الجذع وما يؤخذ منه قرف واستعير الاقتراف للاكتساب حسنيا كان او سوئيا وفى الاساءة اكثر استعمالا ولهذا يقال الاعتراف يزيل الاقتراف { نزد له فيها } اى فى الحسنة يعنى براى آن حسنه كما قال الكاشفى { حسنا } بمضاعفة والتوفيق لمثلها والاخلاص فيها وبزيادة لا يصل العبد اليها بوسعه مما لا يدخل تحت طوق البشر { ان الله غفور } من اذنب { شكور } لمن اطاع بتوفية الثواب والتفضل عليه بالزيادة فالشكر من الله مجاز عن هذا المعنى لأن معناه الحقيقى وهو فعل ينبىء عن تعظيم المنعم لكونه منعما لا يتصور من الله لامتناع ان ينعم عليه احد حتى يقابل بالشكر شبهت الاثابة والتفضل بالشكر من حيث ان كل واحد منهما يتضمن الاعتداد بفعل الغير واكراما لاجله وفى بحر العلوم او معتد بالحسنة القليلة حتى يضاعفها فان القليل عند الله كثير وفى الحديث(13/80)
« ان عيسى بن مريم قال اخبرنى يا رب عن هذه الامة المرحومة فأوحى الله اليه انها امة محمد حكماء علماء كأنهم من الحكمة والعلم انبياء يرضون باليسير من العطاء وارضى منهم باليسير من العمل ادخل احدهم الجنة بان يقول لا اله الا الله » قال الامام الغزالى رحمه الله العبد يتصور ان يكون شاكرا فى حق عبد آخر مرة بالثناء عليه باحسانه اليه واخرى بمجازاته اكثر مما صنعه اليه وذلك من الخصال الحميدة قال رسول الله عليه السلام « من لم يشكر الناس لم يشكر الله » واما شكره لله تعالى فلا يكون الا بنوع من المجاز والتوسع فانه ان اثنى فثناؤه قاصر لأنه لا يحصى ثناء عليه فان اطاع فطاعته نعمة اخرى من الله عليه بل عين شكره نعمة اخرى ورآء النعمة المشكورة وانما احسن وجوه الشكر لنعم الله ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعته وذلك ايضا بتوفيق الله وتيسيره
عطايست هرموى ازو بر تنم ... جه كونه بهرموى شكرى كنم
ترا آنكه جشم ودهان دادو كوش ... اكرعاقلى در خلافش مكوش(13/81)
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24)
{ ام يقولون } ام منقطعة اى بل ايقولون يعنى كفار مكة على انه اضراب عن قوله ام لهم شركاء الخ { افترى } محمد { على الله كذبا } بدعوى النبوة وتلاوة القرءآن على ان الهمزة للانكار التوبيخى كأنه قيل ايتما لكون ان ينسبوا مثله عليه السلام وهو هو الى الافترآء لا سيما الافترآء على الله الذى هو اعظم الفرى وافحشها والفرق بين الافثرآء والكذب ان الافترآء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه { فان يشأ الله يختم على قلبك } استشهاد على بطلان ما قالوا ببيان أنه عليه السلام لو افترى على الله لمنعه من ذلك قطعا وتحقيقه ان دعوى كون القرءآن افترآء على الله قول منهم بأنه تعالى لا يشاء صدوره عن النبى بل يشاء عدم صدوره عنه ومن ضرورته منعه عنه قطعا فكأنه قيل لو كان افترآء عليه تعالى لشاء عدم صدوره عنه وان يشأ ذلك يختم على قلبك بحيث لم يخطر ببالك معنى من معانيه ولم تنطق بحرف من حروفه وحيث لم يكن الامر كذلك بل تواتر الوحى حينا فحينا تبين أنه من عند الله كما قال فى التأويلات النجمية يعنى انك ان افتريته ختم الله على قلبك ولكنك لم تكذب على ربك فلم يختم على قلبك
يعنى مهرنهد بردل تو وبيغام خويش ازان ببرد
وفيه اشارة الى أن الملائكة والرسل والورثة محفوظون عن المغالطة فى بيان الشريعة والافترآء على الله فى شىء من الاشياء
درحقائق سلمى ازسهل بن عبد الله التسترى قدس سره نقل ميكندكه مهر شوق ازلى ومحبته لم يزلى بردلى تونهدتا التفات بغيرنكنى و ازاجابت واباى خلق فارغ كردى { ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته } استئناف مقرر لنفى الافترآء غير معطوف على يختم كما ينبئ عنه اظهار الاسم الجليل وصيغة المضارع للاستمرار وكتبت يمح فى المصحف بحاء مرسلة كما كتبوا ويدع الانسان ويدع الداع وسندع الزبانية مما ذهبوا فيه الى الحذف والاختصار نظرا الى اللفظ وحملا للوقف على الوصل يعنى أن سقوط الواو لفظا للالتقاء الساكنين حال الوصل وخطا ايضا حملا للخط على اللفظ اى على أنه خلاف القياس وليس سقوطها منه لكونه مجزوما بالعطف على ما قبله لاستحالة المعنى لأنه تعالى يمحو الباطل مطلقا لا معلقا بالشرط والمعنى ومن عادته تعالى ان يمحو الباطل ويثبت الحق بوحيه او بقضائه فلو كان افترآء كما زعموا لمحقه ودفعه ويجوز ان يكونه عدة لرسول الله عليه السلام بانه تعالى يمحو الباطل الذى هم عليه عن البهت والتكذيب ويثبت الحق الذى هو عليه بالقرءآن او بقضائه الذى لا مرد له بنصرته عليم فالصيغة على هذا للاستقبال { انه عليم بذات الصدور } بما تضمره القلوب فيجرى عليها احكامها اللائقة بها من المحو والاثبات ( قال الكاشفى )(13/82)
راستى تو و مظنه افترآى ايشان بتوبر و مخفى نيست ... ولم يقل ذوات الصدور لارادة الجنس وذات ههنا تأنيث ذى بمعنى صاحب فحذف الموصوف واقيمت صفته مقامه اى عليم بالمضمرات صاحبة الصدور وهى الخواطر القائمة بالقلب من الدواعى والصوارف الموجودة فيه وجعلت صاحبة للصدور بملازمتها وحلولها فيها كما يقال للبن ذو الاناء ولولد المرأة هو جنين ذو بطنها وفى الآية اشارة الى أن الله تعالى يتصرف فى عباده بما يشاء من ابعاد قريب وادناء بعيد ( روى ) أن رجلا مات فاوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام مات ولى من اوليائى فاغسله فجاء موسى عليه السلام فوجده قد طرحه الناس فى المزابل لفسقه فقال موسى عليه السلام يا رب انت تسمع مقالة الناس فقال الله يا موسى انه تشفع عند موته بثلاثة اشياء لو سأل منى جميع المذنبين لغفرت لهم الاول انه قال يا رب انت تعلم انى وان كنت ارتكبت المعاصى بتسويل الشيطان وقرين السوء ولكنى كنت اكرهها بقلبى والثانى انى وان كنت مع الفسقة بارتكاب المعاصى ولكن الجلوس مع الصالحين احب الى والثالث لو استقبلنى صالح وفاجر كنت اقدم حاجة الصالح فبهذه الثلاثة ادناه الله منه وجعله من المقربين عنده بعدما ابعده هو والناس فعلى العاقل اصلاح الصدر والسريرة وفى الخبر « ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم بل الى قلوبكم واعمالكم » يعنى ان كانت لكم قلوب واعمال صالحة تكونوا مقبولين مطلقا والا فلا وربما يهتدى الى الطريق المستقيم من مضى عمره فى الضلال وذلك لأن شقاوته كانت شقاوة عارضة والعبرة للحكم الازلى والسعادة الاصلية فاذا كان كذالك فيمحو الله الباطل وهو الكفر ويثبت الحق وهو الاسلام وربما يختم على قلب من مضى وقته على الطاعة فيصير عاقبة الى المعصية بل الى الكفر كبلعام وبرصيصا ونحوهما مما كانت شقاوته اصلية وسعادته عارضة ( قال الحافظ )
جون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست ... آن به كه كار خود بعنايت رها كنند
والله المعين(13/83)
وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25)
{ وهو الذى يقبل التوبة عن عباده } بالتجاوز عما تابوا عنه لأنه ان لم يقبل كان اغرآء بالمعاصى عدى القبول بعن لتضمنه معنى التجاوز قال ابن عباس رضى الله عنهما هى عامة للمؤمن والكافر والولى والعدو ومن تاب منهم قبل الله توبته والتوبة هى الرجوع عن المعاصى بالندم عليها والعزم ان لا يعاودها ابدا وقال السرى البوشنجى هو ان لا تجد حلاوة الذنب فى القلب عند ذكره ( وروى ) جابر رضى الله عنه ان اعرابيا دخل مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال اللهم انى استغفرك واتوب اليك وكبر فلما فرغ من صلاته قال له على رضى الله عنه يا هذا ان سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذابين وتوبتك هذه تحتاج الى التوبة فقال يا امير المؤمنين وما التوبة قال التوبة اسم يقع على ستة معان على الماضى من الذنوب بالندامة وتضييع الفرآئض بالاعادة ورد المظالم واذابة النفس فى الطاعة كما ربيتها فى المعصية واذاقتها مرارة الطاعة كما اذقتها حلاوة المعصية والبكاء بدل كل ضحك ضحكته وفى الاثر « لله تعالى افرح بتوبة العبد من المضل الواجد ومن العقيم الوالد ومن الظمئان الوارد فمن تاب الى الله توبة نصوحا أنسى الله حافظيه وبقاع الارض خطاياه » ( روى ) عبد العزيز بن اسمعيل قال يقول الله تعالى « ويح ابن آدم يذنب الذنب ثم يستغفر فاغفر له لا هو يترك ذنوبه ولا هو ييأس من رحمتى اشهدكم انى قد غفرت له » وفى التأويلات النجمية اذا اراد الله تعالى ان يتوب على عبد من عباده ليرجع من اسفل سافلين البعد الى اعلى عليين القرب يخلصه من رق عبودية ما سواه بتصرف جذبات العناية ثم يوفقه للرجوع بالتقرب اليه ذراعا بالقبول ولو لم يكن القبول سابقا على التوبة لما تاب كما قال بعضهم لبعض المشايخ ان اتب الى الله هل يقبل قال ان يقبل الله تتوب فى الخبر « أن بعض مواضع الجنة تبقى خالية فيخلق الله تعالى خلقا جديدا فيملأها بهم »
اكر روا باشد ازروى كرم كه خلقى آفريند عبادت نابرده ورنج نابرده بيرون نكند وازثواب وعطاى خود محروم نكرداند
فكيف بالتائبين منهم والمستغفرين { ويعفو عن السيئات } صغيرها وكبيرها غير الشك لمن يشاء بمحض رحمته وشفاعة شافع وان لم يتوبوا وهو مذهب اهل السنة وفى التأويلات النجمية ويعفو عن كثير من الذنوب التى لا يطلع العبد عليها ليتوب عنها وايضا ويعفو عن كثير من الذنوب قبل التوبة ليصير العبد به قابلا للتوبة والا لما تاب { ويعلم ما تفعلون } كائنا ما كان من خير وشر فيجازى التائب ويتجاوز عن غير التائب حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح وفى التأويلات النجمية ويعلم ما تفعلون من السيئات والحسنات مما لا تعلمون انها من السيئات والحسنات فبتلك الحسنات يعفو عن السيئات وعن عرائس البقلى يقبل توبتهم حين خرجوا من النفس والكون وصاروا اهلا له مقدسين بقدسه ويعفو عن سيئاتهم ما يخطر بقلوبهم من غير ذكره ويعلم ما تفعلون من التضرع بين يديه فى الخلوات وفى صحف ابراهيم عليه السلام على العاقل ان يكون له ساعات ساعة يناجى فيها ربه ويفكر فى صنع الله وساعة يحاسب نفسه فيما قدم واخر وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال فى المطعم والمشرب وغيرهما وروى ان رجلا قال للدينورى رحمه الله ما اصنع فكلما وقفت على باب المولى صرفنى البلوى فقال كن كالصبى مع امه فكلما ضربته يجزع بين يديها ويتضرع فلا يزال كذلك حتى تضمه اليها وفى الخبر(13/84)
« ان بعض المذنبين يرفع يده الى جناب الحق فلا ينظر اليه » اى بعين الرحمة « ثم يدعو ثانياً فيعرض عنه ثم يدعو ويتضرع ثالثاً فيقول يا ملائكتى قد استحييت من عبدى وليس له رب غيرى فقد غفرت له » واستحيت اى حصلت مرامه فانى استحيى من تضرع العباد
كرم بين ولطف خداوندكار ... كنه بنده كردست واو شرمسار
ومعنى استحيائه تعالى تركه تخييب العبد فى رجائه(13/85)
وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)
{ ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات } الفاعل ضمير اسم الله والموصول مفعول به على اضمار المضاف اى ويستجيب الله دعاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات اى المؤمنين الصالحين اذا دعوه ويثيبهم على طاعاتهم يعنى يعطيهم الثواب فى الآخرة والاثابة معنى مجازى للاجابة لأن الطاعة لما شبهت بدعاء ما يترتب عليها من الثواب كانت الاثابة عليها بمنزلة اجابة الدعاء فعبر بها عنها ومنه قوله عليه السلام « افضل الدعاء الحمد لله » يعنى اطلق الدعاء على الحمد لله لشبهه به فى طلب ما يترتب عليه ويجوز ان يكون التقدير ويستجيب الله لهم فحذف اللام كما فى قوله واذا كالوهم اى كالوا لهم قال سعدى المفتى الاظهر حمل الكلام على اضمار المضاف فانه كالمنقاس بخلاف حذف الجار { ويزيدهم من فضله } على ما سألوا منه تفضلا وكرما ويجوز ان يكون الموصول فاعل الاستجابة والاستجابة فعلهم لا فعل الله تعالى واستجاب بمعنى اجاب او على ان يكون السين للطلب على اصلها فعلى هذا الوجه يكون ويزيدهم من فضله معطوفا على مقدر والمعنى ويستجيبون لله بالطاعة ويزيدهم على ما استحقوه من الثواب تفضلا ويؤيد هذا الوجه ما روى عن ابراهيم بن ادهم قدس سره انه قيل ما لنا ندعو فلا نجاب قال لأنه دعاكم فلم تجيبوه ثم قرأ { والله يدعو الى دار السلام } { ويستجيب الذين آمنوا } فاشار بقرآءته والله يدعو الى دار السلام الى ان الله تعالى دعا عباده وبقرآءته ويستجيب الذين آمنوا الى انه لم يجيب الى دعائه الا البعض قال فى بحر العلوم هذا الجواب مع سؤاله ليس بمرضى عند اهل التحقيق من علماء الاخبار بل الحق الصريح ان الله يجيب دعاء كل عبد مؤمن بدليل قول النبى عليه السلام « ان العبد لا يخطئه من الدعاء احد ثلاث اما ذنب يغفر واما خير يدخل واما خير يعمل » رواه انس رضى الله عنه وقوله عليه السلام « ما من مسلم ينصب وجهه لله فى مسألة الا اعطاه اياها اما ان يعجلها له واما ان يدخرها له » وقوله عليه السلام « ان المؤمن ليؤجر فى كل شىء حتى فى الكظ عند الموت » وقوله عليه السلام « ان الله يدعو بعبده يوم القيامة فيقول انى قلت ادعونى استجب لكم فهل دعوتنى فيقول نعم فيقول ارأيت يوم نزل امر كذا وكذا مما كرهت فدعوتنى فجعلت لك فى الدنيا فيقول نعم ويقول دعوتنى يوم نزل بك كذا فلم تر فرجا فقد ادخرته لك فى الجنة حتى يقول العبد ليته لم يستجب لى فى الدنيا دعوة » رواه جابر رضى الله عنه وبدليل قوله عليه السلام « من اعطى الدعاء لم يحرم من الاجابة »(13/86)
وقال على رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « اذا احب الله عبدا صب عليه البلاء صبا وثجه عليه ثجا فاذا دعا العبد ربه قال جبريل اى رب اقض حاجته فيقول تعالى دعه فانى احب ان اسمع صوته فاذا دعا يقول تعالى لبيك عبدى وعزتى لا تسألنى شيأ الا اعطيك ولا تدعونى بشىء الا استجيب فاما ان اعمل لك واما ان ادخر لك افضل منه » والاحاديث فى هذا الباب كثيرة وان الله يجيب الدعوات كلها من عبده المؤمن ولا يخيبه فى شى من دعواته وكيف يخيب ولا يجيب من اذا لم يسأله عبده يغضب عليه قال ابو هريرة رضى الله عنه قال النبى عليه السلام « ان الله يغضب على من لم يسأله ولا يفعل ذلك احد غيره » انتهى ما فى بحر العلوم يقول الفقير هذا كله مسلم مقبول فانه يدل على أن دعاء المؤمن المطيع لربه مستجاب على كل حال ولكن لا يلزم منه ان يستجاب لكل مؤمن فان بعضا من الذنوب يمنع الاستجابة ويرد الدعوة كما اذا كان الملبوس والمشروب حراما والقلب لاهيا غافلا وعلى الداعى مظالم وحقوق للعباد ونحو ذلك ويدل على ما ذكرنا ما قال عليه السلام لسعد بن ابى وقاص رضى الله عنه حين قال له يا رسول الله ادع الله ان يستجيب دعائى « يا سعد اجتنب الحرام فان كل بطن دخل فيه لقمة من حرام لا تستجاب دعوته اربعين يوما » وايضا ما قال عليه السلام « الرجل يطيل السفر » اى فى طريق الحق « اشعث اغبر يمد يده الى السماء قائلا يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذى بالحرام فانى يستجاب لذلك الرجل دعاؤه » وايضا ما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم « وانت يا عم لو اطعته اطاعك اطاعتى » حين قال له ابو طالب ما اطوعك ربك يا محمد وغير ذلك ثم ان الزيادة فى الآية مفسرة بالشفاعة لمن وجبت له النار وبالرؤية فان الجنان ونعيمها مخلوقة تقع فى مقابلة مخلوق مثلها وهو عمل العبد والرؤية مما يتعلق بالقديم ولا تقع الا فى مقابلة القديم وهو الفضل الربانى ( وفى كشف الاسرار ) بنده كه بديدار الله رسد بفضل الله ميرسد نه ازطاعت خود
وفى الخبر الصحيح « اذا دخل اهل الجنة الجنة نودوا يا اهل الجنة ان لكم عند الله موعدا يريد ان ينجزكموه فيكشف الحجاب فينظرون اليه » ابو بكر الشبلى قدس سره وقتى درغلبات وجد وخروش كفت اىبارخدا فردا همه را اناببنا انكيز تاجز من تراكس نبيند بازوقتى ديكر كفت باخدا باشبلى رانا بينا انكيزكه دريغ بودكه جون منى ترابيند وآن سخن اول غيرت بود بر جمال ازديده اغيار وآن سخن ديكر غيرت بود برجمال ازديده خودو در راه جوانمردان اين قدم ازان قدم تما مترست وعزيز تر(13/87)
از رشك تو بركنم دل وديده خويش ... تا اين تونه بيند ونه آن رابيش
وجون حق تعالى ديدار خود را دوستانرا كرامت كند بتقاضاى جمال خود كندنه بتقاضاى بنده كه بشر محض راهر كز زهره آن نبودكه با اين تقاضا بيدا آيد { والكافرون لهم عذاب شديد } بدل ما للمؤمنين من الثواب والفضل المزيد ( قال الكاشفى ) مرايشا براست عذابى سخت كه ذل حجاب ودوام عقابست وهيج عقاب بدتر از مذلت حجاب نيست
زهيج رنج نو مطلق دلم نتابد روى ... جزآنكه بند كنى درحجاب حرمانش
وفى التأويلات النجمية لما ذكر انه تعالى يقبل توبة التائبين ومن لم يتب يغفر زلتهم والمطيعون يدخلهم الجنة فلعله يخطر ببال احدهم ان هذه النار لمن هى قال الله تعالى والكافرون لهم عذاب شديد فدليل الخطاب ان المؤمنين لهم عذاب ولكن ليس بشديد ثم ان العبد لو لم يتب خوفا من النار ولا طمعا فى الجنة لكان من حقه ان يتوب ليقبل الحق سبحانه توبته ثم ان العامى ابدا منكسر القلب فاذا علم ان الله يقبل الطاعة من المطيعين يتمنى ان له طاعة ميسرة ليقبلها الله فيقول الحق عبدى ان لم يكن لك طاعة تصلح للقبول فلك توبة ان اتيت بها تصلح لقبولها(13/88)
وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)
{ ولو بسط الله الرزق لعباده } لو وسعه عليهم { لبغوا فى الارض } لطغوا فى الارض وعصوا فمن العصمة ان لا تجد او لظلم بعضهم على بعض لان الغنى مبطرة مأشرة اى داع الى البطر والاشر او البغى بمعنى الكبر فيكون كناية عن الفساد وقال ابن عباس رضى الله عنهما بغيهم فى الارض طلبهم منزلة بعد منزلة ومركبا بعد مركب وملبسا بعد ملبس وقال بعضهم لو أن الله تعالى رزق العباد من غير كسب لتفرغوا للفساد فى الارض ولكن شغلهم بالكسب حتى لا يتفرغوا للفساد ونعم ما قيل
ان الشباب والفراغ والجده ... مفسدة للمرء اى مفسده
اى داعية الى الفساد ومعنى الفراغ عدم الشغل ولزوم البغى على بسط الرزق على الغالب والا فقد يكون الفقير مستكبرا وظالما يعنى ان البغى مع الفقر اقل لأن الفقر مؤد الى الانكسار والتواضع غالبا ومع الغنى اكثر واغلب لأن الغنى مؤد الى البغى غالبا فلو عم البسط كل واحد من العباد لغلب البغى وانقلب الامر الى عكس ما عليه الآن ( قال الكاشفى ) واين درغالبست جه ذى النورين رضى الله عنه مالدارترين مردم بودند و هركز ازايشان بغى وطغيان ظاهر نشد وكفته اندمال دنيا بمثال بارانست كه برتمام زمين بارد واز هرقطعه ازان كياه ديكر رويد
باران كه درلطافت طبعش خلاف نيست ... درباغ لاله رويد ودرشوره يوم خس
وجون اغلب طباع خلق بجانب هوى وهوس مائلست وبرور صفات سبعى وبهيمى برايشان غالب ومال دنيا درين ابواب قوى ترين اسبابست بس اكر حق سبحانه وتعالى روزى برخلق فراغ كرداند اكثرباغى وطاغى كردند
وكفا بحال فرعون وهامان وقارون ونحوهم عبرة قال عليه السلام « ان اخوف ما اخاف على امتى زهرة الدنيا وكثرتها » ( قال الصائب ) نفس رابد خوبناز ونعمت دنيا مكن
آب ونان وسير كاهل ميكند مزدوررا
{ ولكن ينزل بقدر } اى بتقدير يعنى باندازه كما فى كشف الاسرار ( وقال الكاشفى ) بتقدير ازلى وفى القاموس قدر الرزق قسمه والقدر قياس الشىء بالشىء وفى بحر العلوم يقال قدره قدر او قدرا وقوله عليه السلام « فان غم عليكم فاقدروا » بكسر الدال والضم خطأ رواية اى فقدروا عدد الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوما { ما يشاء } ان ينزله مما تقتضيه مشيئته وهو مفعول ينزل { انه بعباده خبير بصير } محيط بخفايا امورهم وجلاياها فيقدر لكل واحد منهم فى كل وقت من اوقاتهم ما يليق بشأنهم فيفقر ويغنى ويمنع ويعطى ويقبض ويبسط حسبما تقتضيه الحكمة الربانية ولو اغناهم جميعا لبغوا ولو افقرهم لهلكوا روى انس بن مالك رضى الله عنه عن النبى عليه السلام عن جبرآئيل عن الله تعالى انه قال(13/89)
« من اهان لى وليا فقد بارزنى بالمحاربة وانى لأسرع شىء الى نصرة اوليائى وانى لأغضب لهم كما يغضب الليث الجريئ وما تقرب الى عبدى المؤمن بمثل ادآء ما افترضت عليه وما زال عبدى المؤمن يتقرب الى بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت له سمعا وبصرا ويدا مؤيدا ان دعانى اجبته وان سألنى اعطيته وما ترددت فى شىء انا فاعله ترددى فى قبض روح عبدى المؤمن يكره الموت واكره مساءته ولا بد له منه وان من عبادى المؤمنين لمن يسألنى الباب من العبادة فاكفه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح ايمانه الا الفقر ولو اغنيته لأفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح ايمانه الا الغنى ولو افقرته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح ايمانه الا الصحة ولو اسقمته لأفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح ايمانه الا السقم ولو اصححته لأفسده ذلك انى ادبر امر عبادى بعلمى بقلوبهم انى بعبادى خبير بصير » وكان يقول انس رضى الله عنه اللهم انى من عبادك المؤمنين الذين لا يصلحهم الا الغنى فلا تفقرنى برحمتك وفى التأويلات النجمية يشير الى قلب الفقير كأنه يقول انما لم ابسط ايها الفقير عليك الدنيا لما كان لى من المعلوم انى لو وسعت عليك لطغوت وسعيت فى الارض بالفساد ويشير ايضا الى وعيد الحريص على الدنيا لينتبه من نوم الغفلة ويتحقق له ان لو بسط الله له الرزق بحسب الطلب لكان سبب بغيه وطغيانه وفساد حاله ولتسكن نائرة حرصه على الدنيا ثم قال بطريق الاستدراك ان لم اوسع عليك الرزق لصلاح حالك لم امنع عنك الكل ولكن ينزل بقدر ما يشاء لعلمه بصلاح ذلك وهو قوله انه بعباده خبير بصير روى ان اهل الصفة رضى الله عنهم تمنو الغنى فنزلت يعنى اصحاب صفه كه بفقر فاقه ميكذرانيدند روزى در خاطر ايشان كذشت كه جه باشد كه ماتوانكرم شويم ومال خود بفلان وفلان جيز صرف كنيم اين آيت آمد قال خباب بن الارت رضى الله عنه فينا نزلت هذه الآية وذلك انا نظرنا الى اموال بنى قريظة والنضير وبنى قينقاع فتمنيناها فانز الله تعالى الآية قال سعدى المفتى وفيه أن الآية حينئذ مدنية فكان ينبغى ان يستثنى وقيل نزلت فى العرب كانوا اذا اخصبوا تحاربوا واذا اجدبوا اى اصابهم الجدب والقحط انتجعوا اى طلبوا الماء والكلأ وتضرعوا وفى ذلك يقول الشاعر
قوم اذا نبت الربيع بارضهم ... نبتت عداوتهم مع البقل(13/90)
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)
{ وهو الذى ينزل الغيث } اى المطر الذى يغيث الناس من الجدب ولذالك خص بالنافع منه فان المطر قد يضر وقد لا يكون فى وقته قال الراغب الغيث يقال فى المطر والغوث فى النصرة { من بعد ما قنطوا } اى يئسوا منه وتقييد تنزيله بذلك مع تحققه بدونه ايضا لتذكير كمال النعمة فان حصول النعمة بعد اليأس والبلية اوجب لكمال الفرح فيكون ادعى الى الشكر { وينشر } وبراكنده كند { رحمته } اى بركات الغيث ومنافعه فى كل شىء من السهل والجبل والنبات والحيوان وفى فتح الرحمن وينشر رحمته وهى الشمس وذلك تعديد نعمة غير الاولى وذلك أن المطر اذا جاء بعد القنوط حسن موقعه فاذا دام سئم وتجيئ الشمس بعده عظيمة الوقع { وهو الولى } المالك السيد الذى يتولى عباده بالاحسان ونشر الرحمة ( قال الكاشفى ) واوست دوست مؤمنان وسازنده كار ايشان بفرستادن باران ونشر رحمت واحسان
تواز فشاندن تخم اميد دست مدار ... كه در كرم نكند ابر نوبهار امساك
{ الحميد } المستحق للحمد على ذلك وغيره لا غيره وقال بعضهم وهو الولى اى مولى المطر ومتصرفه يرسله مرة بعد مرة الحميد اى الاهل لأن يحمد على صنعه اذا لا قبح فيه لأنه بالحكمة ودل الغيث على الاحتياج وعند الاحتياج تتقوى العزيمة والله تعالى يجيب دعوة المضطر وقيل لعمر رضى الله عنه اشتد القحط وقنط الناس فقال مطروا اذن واراد هذه الآية ( وفى المثنوى )
تا فرود آيد بلاى دافعى ... جون نباشداذ تضرع شافعى
تاسقاهم ربهم آيد خطاب ... تشنه باش الله اعلم بالصواب
وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحرا ينزل منه ارزاق الحيوانات يوحى الله اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء حتى ينتهى الى سماء الدنيا ويوحى الى السماء ان غربليه فتغربله فليس من قطرة تقطر الا ومعها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة الا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان من يوم الطوفان من ماء فانه نزل بغير كيل ووزن وروى أن الملائكة يعرفون عدد المطر ومقداره فى كل عام لأنه لا يختلف فيه البلاد وفى الحديث « ما من سنة بامطر من اخرى ولكن اذا عمل قوم بالمعاصى حول الله ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافى والبحار » وفى الحديث القدسى « لو أن عبادى اطاعونى سقيتهم المطر بالليل واطلعت الشمس عليهم بالنهار وما اسمعتهم صوت الرعد » قال سفيان رحمه الله ليس الخائف من عصر عينيه وبكى انما الخائف من ترك الامر الذى يخاف منه وروى مرفوعا ما من ساعة من ليل ولا نهار الا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء وفيه اشارة الى دوام فيضه تعالى ظاهرا وباطنا والا لانتقل الوجود الى العدم وفى الآية اشارة الى أن العبد اذا ذبل غصن وقته وتكدر صفو ورده وكسف شمس انسه وبعد بالحضرة وساحات القرب عهده فربما ينظر الحق بنظر رحمته فينزل على سره امطار الرحمة ويعود عوده طريا وينبت من مشاهد انسه وردا جنيا وفى عرآئس البيان يكشف الله لهم انوار جماله بعد ان ايسوا من وجدانهم فى مقام القبض وينشر عليهم لطائف بسط القرب لأن وليهم وحبيبهم محمود بلسان افتقارهم قال ابن عطا ان الله تعالى يربى عباده بين طمع ويأس فاذا طمعوا فيه ايأسهم بصفاتهم واذا ايسوا أطمعهم بصفاته واذا غلب على العبد القنوط وعلم العبد ذلك واشفق منه اتاه من الله الفرج ألا تراه يقول وهو الذى ينزل الغيث من بعد ما قنطوا معناه ينزل غيث رحمته على قلوب اوليائه فينبت فيها التوبة والانابة والمراقبة والرعاية ابر جود باران وجود ريزد سحاب افضال دراقبال فشاندكل وصال درباغ نوال شكفته كردد آخركار باور كار بازشود(13/91)
يقول الفقير لا شك أن القبض والبسط يتعاقبان وان الانسان لا يضحك دائما ولا يبكى دائما ومن اعاجيب ما وقع لى فى هذا الباب هو انه اغار العرب على الحجاج فى طريق الشام فى سنة الالفات الاربعة وكنت اذ ذاك معهم فتجردت باختيارى عن جميع ما معى غير القميص والسراويل ومشيت على وجهى فقيل لى فى باطنى على يمينك فأخذت اليمين حتى لم يبق لى طاقة على المشى من الجوع والعطش فوقعت على الرمل فأيست من الحياة وليس معى احد الا الله فقيل لى فى سمعى قول الشاعر
عسى الكرب الذى امسيت فيه ... يكون ورآءه فرج قريب
ثم ان الله تعالى فرج عنى بعد ساعات بما يطول بيانه بل يجب خفاؤه وهو الولى الحميد(13/92)
وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29)
{ ومن آياته } اى دلائل قدرته تعالى { خلق السموات والارض } على ما هما عليه من تعاجيب الصنائع فانها بذاتها او صفاتها تدل على شؤونه العظيمة قال فى الحواشى السعدية قوله فانها اشارة الى ما تقرر فى الكلام من المسالك الاربعة فى الاستدلال على وجود الصانع تعالى حدوث الجواهر وامكانها وحدوث الاعراض القائمة بها وامكانها ايضا وفيه اشارة الى ان خلق السموات من اضافة الصفة الى الموصوف اى السموات المخلوقة انتهى { وما بث فيهما } عطف على السموات او الخلق ومعنى بث فرق يعنى برا كنده كرده
وقال الراغب اصل البث اثارة الشىء وتفريقه كبث الريح التراب وبث النفس ما نطوت عليه من الغم والسرور وقوله وبث اشارة الى ايجاده تعالى ما لم يكن موجودا واظهاره اياه { من دابة } حى على اطلاق اسم المسبب على السبب اى الدبيب مجازا اريد به سببه وهو الحياة فتكون الدابة بمعنى الحى فتتناول الملائكة ايضا لأن الملائكة ذووا حركت طيارون فى السماء وان كانوا لا يمشون على الارض ويجوز أن يكون المعنى مما تدب على الارض فان ما يختص بأحد الشيئين المجاورين يصح نسبته اليهما يعنى ما يكون فى احد الشيئين يصدق انه فيهما فى الجملة كما فى قوله تعالى { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } وانما يخرج من الملح وقد جوز ان يكون للملائكة مشى مع الطيران فيوصفون بالدبيب وان يخلق الله فى السماء حيوانات يمشون فيها مشى الاناسى على الارض كما ينبئ عنه قوله تعالى { ويخلق ما لا تعلمون } وقد روى ان النبى عليه السلام قال « فوق السابعة بحر بين أسفله واعلاه كما بين السماء والارض ثم فوق ذلك ثمانية اوعال بين ركبهن واظلافهن كما بين السماء والارض ثم فوقه العرش العظيم »
يقول الفقير ان للملائكة احوالا شتى وصورا مختلفة لا يقتضى موطنهم الحصر فى شىء من المشى والطيران فطيرانهم اشارة الى قوتهم فى قطع المسافة وان كان ذلك لا ينافى ان يكون لهم اجنحة ظاهرة فلهم اجنحة يطيرون بها ولهم ارجل يمشون بها والله اعلم { وهو } تعالى { على جمعهم } اى حشر الاجسام بعد البعث للمحاسبة { اذا يشاء } فى اى وقت يشاء { قدير } متمكن منه
يعنى تواناست ومتمكن ازان وغير عاجزدران
قوله هو مبتدأ وقدير خبره وعلى جمعهم متعلق بقدير واذا منصوب بجمعهم لا بقدير لفساد المعنى فان المقيد بالمشيئة جمعه تعالى لا قدرته واذا عند كونها بمعنى الوقت كما تدخل على الماضى تدخل على المضارع قال تعالى { والليل اذا يغشى } وفى الآية اشارة الى سموات الارواح وارض الاجساد وما بث فيهما من دابة النفوس والقلوب فلا مناسبة بين كل واحد منهم فان بين الارواح والاجساد بونا بعيدا فى الفناء لان الجسد من اسفل سافلين والروح من اعلى عليين والنفس تميل الى الشهوات الحيوانية الدنيوية والقلب يميل الى الشواهد الروحانية الاخروية الربانية وهو على جمعهم على طلب الدنيا وزينتها وعلى طلب الآخرة ودرجاتها وعلى طلب الحضرة وقرباتها اذا يشاء قدير والحشر على انواع عام وهو خروج الاجساد من القبور الى المحشر يوم النشور وخاص وهو خروج الارواح الاخروية من قبور الاجسام الدنيوية بالسير والسلوك فى حال حياتهم الى عالم الروحانية يحرق الحجب الظلمانية واخص وهو خروج الاسرار من قبور الروحانية الى عالم الهوية بقطع الحجب النورانية فعند ذلك يرجع الانسان الى اصله رجوعا اختياريا مرضيا ليس فيه شائبة غضب اصلا ونعم الرجوع والقدوم وهو قدوم الحبيب على الحبيب والخلوة معه(13/93)
خلوت كزيده را بماشا جه حاجتست ... جون روى دوست هست بصحراجه حاجتست
ولا يمكن الخروج من النفس الا بالله وكان السلف يجهدون فى اصلاح نفوسهم وكسر مقتضاها وقمع هواها ( حكى ) ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه مر وعلى ظهره قربة ماء فقيل له فى ذلك فقال ليس لى حاجة الى الماء وانما اردت به كسر نفسى لما حصل لها من اطاعة ملوك الاطراف ومجىء الوفود فكما انه لا بعث الى المحشر الا بعد فناء ظاهر الوجود فكذا لا حشر الى الله الا بعد فناء باطنه نسأل الله سبحانه ان يوصلنا الى جنابه(13/94)
وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)
{ وما اصابكم } وهرجه شمارا رسدا اى مؤمنان
فما شرطية وقال بعضهم موصول مبتدأ دخلت الفاء فى خبره لتضمنه معنى الشرط اى الذى وصل اليكم ايها الناس { من مصيبة } اى مصيبة كانت من الآلام والاسقام والقحط والخوف حتى خدش العود وعثرة القدم واختلاج العرق وغير ذلك فى البدن او فى المال او فى الاهل والعيال ويدخل فيها الحدود على المعاصى كما انه يدخل فى قوله ويعفوا عن كثير ما لم يجعل له حد { فبما كسبت ايديكم } اى فهو بسبب معاصيكم التى اكتسبتموها فان ذكر الايدى لكون اكثر الاعمال مما يزاول بها فكل نكد لاحق انما هو بسبب ذنب سابق أقله التقصير ( وفى المثنوى )
هرجه برتو آيد از ظلمات غم ... آن ربى باكى وكستاخيست هم
وفى الحديث « لا يرد القدر الا بالدعاء ولا يزيد فى العمر الا البر وان الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه » قوله لا يرد الخ لان من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء فالدعاء سبب لدفع البلاء وجلب الرحمة كما ان الترس سبب لدفع السلاح والماء سبب لخروج النباتات من الارض قال الضحاك ما تعلم رجل القرءآن ثم نسيه الا بذنب واى معصية اقبح من نسيان القرءآن وتلا الآية { ويعفوا عن كثير } من الذنوب فلا يعاقب عليها ولولا عفوه وتجاوزه ما ترك على ظهرها من دابة وفى الآية تسلية لقلوب العباد واهل المصائب يعنى ان اصابتكم مصيبة الذنوب والمعاصى الموجبة للعقوبة الاخروية الابدية تداركناها باصابة المصيبة الدنيوية الفانية لتكون جزآء لما صدر منكم من سوء الادب وتطهير لما تلوثتم به من المعاصى ثم اذا كثرت الاسباب من البلايا على عبد وتوالى عليه ذلك فليفكر فى افعاله المذمومة لم حصلت منه حتى يبلغ جزآء ما يفعله مع عفو الكثير هذا المبلغ فعند هذا يزداد حزنه وأسفه وخجلته لعلمه بكثرة ذنوبه وعصيانه وغاية كرم ربه وعفوه وغفرانه قيل لابى سليمان الدارانى قدس سره ما بال العقلاء ازالوا اللوم عمن اساء اليهم قال لانهم علموا ان الله تعالى انما ابتلاهم بذنوبهم وقرأ هذه الاية(13/95)
وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31)
{ وما انتم بمعجزين فى الارض } فائتين ما قضى عليكم من المصائب وان هربتم من اقطار الارض كل مهرب يعنى اذا اراد الله ابتلاءكم وعقوبتكم فلا تفوتونه حيثما كنتم ولا تسبقونه ولا تقدرون ان تمنعوه من تعذيبكم وبالفارسية ونيستيد عاجز كنندكان خدا يرا از انفاذ امريا از عذاب كردن مستحق
قال اهل اللغة اعجزته اى صيرته عاجزا واعجزته فيه سبقته قال فى تفسير المناسبات لما كان من يعاقب بما دون الموت ربما ظن انه عاجز قال وما انتم اى اجمعون العرب وغيرهم بمعجزين فى الارض لو أريد محقكم بالكلية ولا فى شىء اراده منكم كائنا ما كان { وما لكم } اى عند الاجتماع فكيف عند الانفراد { من دون الله } المحيط بكل شىء عظمة وكبرا وعزة { من ولى } يكون متوليا لشىء من اموركم بالاستقلال يحميكم من المصائب { ولا نصير } يدفعها عنكم وهذه الآية الكريمة داعية لكل احد الى المبادرة عند وقوع المعصية الى محاسبة النفس ليعرف من اين أتى فيبادر الى التوبة عنه لينقذ نفسه من الهلكة وفائدة ذلك وان كان الكل بخلقه وارادته اظهار الخضوع والتذلل واستشعار الحاجة والافتقار الى الله الواحد القهار ولولا ورود الشريعة لم يوجد سبيل الى هذه الكمالات البديعة ومثل هذه التنبيهات تستخرج من العبد ما اودع فى طبيعته وركز فى غريزته كغرس وزرع سيق اليه ماء وشمس لاستخراج ما فى طبيعته من المعلومات الالهية والحكم العلية
قال الامام الواحدى رحمه الله هذه الآية ارجى آية فى كتاب الله لان الله جعل ذنب المؤمن صنفين صنفا كفر عنهم بالمصائب وصنفا عفا عنه فى الدنيا وهو كريم ولا يرجع فى الآخرة فى عفوه فهذه سنة الله مع المؤمنين واما الكافر فلا يعجل له عقوبة ذنبه حتى يوافى به يوم القيامة قال بعضهم اذا كسب العبد شيأ من الجرائم فهو من اسباب القهر ويكون محجوبا به فاذا كان اهلا لله تعالى يعاقبه الله فى الدنيا ببعض المصائب ويخرجه من ذلك الحجاب والا فيمهله فى ضلالته والآية مخصوصة بالمجرمين فان ما أصاب غيرهم من الانبياء وكمل الالياء والاطفال والمجانين فلاسباب اخر لا بما كسبت ايديهم لانهم معصومون محفوظون
منها التعريض للاجر العظيم بالصبر عليه قال بعضهم شوهد منه عليه السلام كرب عند الموت ليحصل لمن شاهده من اهله ومن غيرهم من المسلمين الثواب لما يلحقهم عليه من المشقة كما قيل بمثل ذلك فى حكمة ما يشاهد من حال الاطفال من الكرب الشديد وفى نوادر الاصول للحكيم عليه السلام من لبثه فى السجن بالهم الذى هم به ومن لبثه بعد مضى المدة فى السجن بقوله اذكرنى عند ربك فانساه الشيطان ذكر ربه ولبث فى السجن بضع سنين(13/96)
ومنها امتحانه ليبرز ما فى ضميره فيظهر لحلقه درجته اين هو من ربه كمثل ما نزل بأيوب عليه السلام قال تعالى { انا وجدناه صابرا نعم العبد انه اواب } ومنها كرامته ليزداد عنده قربة وكرامة كمثل ما نزل بيحيى بن زكريا عليهما السلام ولم يعمل خطيئة قط ولم يهم بها فذبح ذبحا واهدى رأسه الى بغى من بغايا بنى اسرائيل وقد سأل النبى عليه السلام العافية من كل ذلك حيث قال « واسأل الله العافية من كل بلية » والعافية ان يكون فى كل وجه من هذه الوجوه اذا حل به شىء من ذلك ان لا يكله الى نفسه ولا يخذله اى يكلاءه ويرعاه فى كل من هذه الوجوه هذا وجه والوجه الآخر ان يسأله ان يعافيه من كل شىء فيه شدة فان الشدة انما يحل اكثرها من اجل الذنوب فكانه يسأل ان يعافيه من البلاء ويعفو عنه الذنوب التى من اجلها تحل الشدة بالنفس فقد قال عز وجل { وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفوا عن كثير } وقال تعالى { ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر } فعلى العاقل ان يسأل العفو والعافية فى الدين والدنيا والآخرة فاذا ابتلى بشىء من البلايا صبر عليه ليكون مأجورا ومفكرا عنه ذنوبه ومصححا له حاله ومصفى باله ونعم ما قيل ترى الناس دهنا فى القوارير صافيا * ولم تدر ما يجرى على رأس سمسم ( وقال الحافظ ) شكر كمال حلاوت بس از رياضت يافت نخست درشكن تنك ازان مكان كيرد ( وما قال ) كويند سنك لعل شود درمقام صبر آرى شود وليك بخون جكر شوده
نسأل الله العافية(13/97)
وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32)
{ ومن آياته } دلائل وحدته تعالى وقدرته وعظمته وحكمته { الجوار } السفن الجارية وهى بالياء فى الاصل حذفت الكسر الدال عليها { فى البحر } در دريا { كالاعلام } جمع علم بفتحتين بمعنى الجبل وكل مرتفع علم أى كالجبال على الاطلاق لا التى عليها النار للاهتداء خاصة وبالفارسية مانند كوها درعظمت
فقوله جوار جمع جارية بمعنى سائرة صفة للسفن المقدرة وفى البحر متعلق على التقديرين(13/98)
إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33)
{ ان يشأ } اى الله تعالى وهو شرط جوابه قوله { يسكن الريح } التى تجريها يعنى ساكن كرداند بادى راكه سبب رفتن كشتى است { فيظللن رواكد على ظهره } عطف على قوله يسكن وظل بمعنى صار وركدت السفينة اذا سكنت وثبتت اى فيصرن تلكن السفن ثوابت بعدما كانت جوارى برياح طيبة وحاصل المعنى فيبقين ثوابت على ظهر البحر غير جاريات لا غير متحركات اصلا
وجون آن كشتيها ساكن شوند بسبب سكون باد اهل كشتى در كرداب اضطراب افتد { ان فى ذلك } الذى ذكر من السفن اللاتى يجرين تارة ويركدن تارة اخرى على حسب مشيئة الله تعالى { لآيات } عظيمة فى انفسها كثيرة فى العدد دالة على ما ذكر من شؤونه { لكل صبار } بليغ الصبر على احتمال البلايا فى طاعة الله تعالى { شكور } بليغ الشكر له على نعمائه باستعمال كل عضو من الاعضاء فيما خلق له ( وقال الكاشفى ) مرهرصبر كننده رادر كشتىسباس دارنده برقت خروج از كشتى
ويجوز أن يكون مجموع صبار شكور كناية عن الآتى بجميع ما كلف به من الافعال والتروك فالمعنى لكل مؤمن كامل فى خصائل الايمان وثمراتها ترجع كلها الى الصبر والشكر فان الايمان نصفه صبر عن المعاصى ونصفه شكر وهو الاتيان بالواجبات(13/99)
أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34)
{ او يوبقهن بما كسبوا } عطف على يسكن يقال اوبقه اهلكه كما فى القاموس والايباق بالفارسية هلاك كردن كما فى تاج المصادر والمعنى ان يشأ يسكن الريح فيركدن او يرسلها فتغرق بعضها اى السفن بعدله وايقاع الايباق عليهن مع انه حال اهلهن للمبالغة والتهويل يعنى ان المراد اهلاك اهلها بسبب ما كسبوا من الذنوب موجبات الهلاك على اضمار المضاف او التجوز بعلاقة الحلول قال سعدى المفتى والظاهر انه لا منع من ابقاء الكلام على حقيقته فالآية مثل قوله تعالى { وما أصابكم من مصيبة } الخ اى يوبق سفائنهم بشؤم ما كسبوا { ويعف عن كثير } فلا يوبق اموالهم انتهى واجراء حكمه على العفو فى قوله تعالى ويعف عن كثير لما ان المعنى او يرسلها فيوبق ناسا وينجى آخرين بطريق العفو عنهم(13/100)
وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35)
{ ويعلم الذين يجادلون فى آياتنا } عطف على علة مقدرة مثل لينتقم منهم وليعلم الذين يكذبون ويسعون فى دفعه وابطاله وقرىء بالرفع على الاستئناف عطفا على الشرطية لجزم وباعطفا على يعف فيكون المعنى وان يشأ يجمع بين اهلاك قوم وانجاء قوم وتحذير قوم { ما لهم من محيص } اى من مهرب من العذاب والجملة معلق عنها الفعل فكما لا مخلص لهم اذا وقفت السفن او عصفت الرياح كذا لا مهرب لهم من عذاب بعد البعث فلا بد من الاعتراف بان الضار والنافع ليس الا الله وان كل امر عرض فانما هو بتأثيره وفى الآيات اشارات منها ان الله تعالى حثهم على الفكرة المنبهة لهم فى السفن التى تجرى فى البحار فيرسل الله الرياح تارة ويسكنها اخرى وما يريهم من السلامة والهلاك والاشارة فى هذا الى امساك الناس فى خلال فتن الوقت عن الانواع المختلفة ثم حفظ العبد فى ايوآء السلامة وذلك يوجب خلوص الشكر الموجب له جزيل المزيد ومنها كما ان السفن تجرى فى البحر بالريح الطيبة فتصل الى الساحل كذلك بعض الهمم تجرى فى الدنيا بريح العناية فتصل الى الحضرة وكما ان لبعض السفن وقفة لانقطاع الريح فكذا لبعض الهمم بانقطاع الفيض وكما ان بعضها تهلك فكذا بعض النفوس فى بحر الدنيا نعوذ بالله تعالى ومنها ان الريح لا تتحرك بنفسها بل لها محرك الى ان ينتهى الى المحرك الاول الذى لا محرك له وهو الله تعال فلا يجوز الاعتماد على الريح فى استوآء السفينة وسيرها والا فقد جاء الشرك فى توحيد الافعال والجهل بحقائق الامور ومنها ان الصابر من صبره الله والشكور من شكره الله فان الصبر الحقيقى والشكر الحقيقى لا يكون الا لمن كان صبره بالله وشكره بالله فانه تعالى هو الصبور الشكور ومنها أن علم الله قديم ليس بحادث واما علم الخلق فحادث متأخر ولذلك قال ويعلم الخ فالعاقل يرى عاقبة الامر فيحذر كما قيل ( ع ) درانتهاى كار خوداز ابتدا ببين(13/101)
فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36)
{ فما اوتيتم } بس آنجه داده شده آيد { من شىء } مما ترغبون ايها الناس وتتنافسون فيه من مال ومعاش واولاد { فمتاع الحياة الدنيا } اى فهو متاعها ومنفعتها تتمتعون وتنتفعون به مدة حياتكم القليلة فيزول ويفنى فما موصولة متضمنة لمعنى الشرط من حيث ان ايتاء ما أوتوا سبب للتمتع به فى الحياة الدنيا ولذا دخلت الفاء فى جوابها وقدر المبتدأ لان الجواب لا يكون الا جملة يعنى ان سببيته مقصود فيها الاعلام لتضمنها الترغيب فى الشكر بخلاف الثانية وهى قوله تعالى وما عند الله الخ فان المقصود فيها بيان حال ان ما عند الله سبب للخيرية والدوام وقد يقال ان ما شرطية على انها مفعول ثان لأوتيتم بمعنى اعطيتم والاول وهو ضمير المخاطبين قائم مقام الفاعل ومن شىء بيان لها لما فيها من الابهام { وما عند الله } من ثواب الآخرة اشير اليه آنفا { خير } ذاتا لخلوص نفعه وهو خبر ما { وابقى } زمان حيث لا يزول ولا يفنى بخلاف ما فى ايدى الناس وفيه اشارة الى ان الرحات فى الدنيا لا تصفو ومن الشوائب لا تخلو وان اتفق لبعضهم منها فى الاحايين فانها سريعة الزوال وشيكة الارتحال وما عند الله من الثواب الموعود خير وابقى من هذا القليل الموجود بل ما عند الله من الالطاف الخفية والمقامات العلية والمواهب السنية خير وابقى مما فى الدنيا والآخرة { للذين آمنوا } اخلصوا فى الايمان وهو متعلق بأبقى وفى الحواشى السعدية الظاهر ان اللام للبيان اى للبيان من له هذه النعمة وقد بينه ابو الليث فى تفسيره بقوله ثم بين لمن يكون ذلك الثواب فقال للذين آمنوا { وعلى ربهم يتوكلون } لا على غيره تعالى اى خصوا ربهم بالتوكل عليه فيما يعرض لهم من الامور لا يسندون امرا الا اليه ولا يعتمدون الا عليه وعن على رضى الله عنه انه تصدق ابو بكر رضى الله عنه بماله كله فلامه جمع من المسلمين فنزلت
مستغرق كار خود جنانم كه دكر ... بروى ملامتكربى كارم نيست
بين ان ثواب الاخرة مع كونه خيرا مما فى الدنيا وابقى يحصل لمن اتصف بصفات وجمع بينهما وهو الايمان والتوكل وما ذكر بعدهما فالمؤمن والكافر يستويان فى ان الدنيا متاع لهما يتمتعان بها كما قال فى البستان
اديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغماجه دشمسن جه دوست
واذا صار الى الآخرة كان ما عند الله خيرا للمؤمن فمن عرف فناء متاع الدنيا وتيقن ان ما عند الله خير وابقى ترك الدنيا واختار العتبى وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ( حكى ) انه كان لهرون الرشيد ابن فى سن ست عشرة فزهد فى الدنيا وتجرد واختار العبادة فمر يوما على الرشيد وحوله وزرآؤه فقالوا لقد فضح هذا الولد امير المؤمنين بين الملوك بهذه الهيئة الدنية فدعاه هرون الرشيد وقال يا بنى لقد فضحتنى بحالك هذه فلم يجبه الولد ثم التفت فرأى طائرا على حائط فقال ايها الطائر بحق خالقك الا جئت على يدى فقعد الطائر على يده ثم قال ارجع الى مكانك فرجع ثم دعاه الى يد امير المؤمنين فلم يأت فقال لابيه بل انت فضحتنى بين الاولياء بحبك للدنيا وقد عزمت على مفارقتك ثم خرج من بلده ولم يأخذ الا خاتما و مصحفا ودخل البصرة وكان يعمل يوم السبت عمل الطين ولا يأخذ الا درهما ودانقا للقوت قال ابو عامر الواعظ البصرى رحمه الله استأجرته يوما فعمل عمل عشرة وكان يأخذ كفا من الطين ويضعه على الحائط ويركب الحجارة بعضها على بعض فقلت هذه افعال الاولياء فانهم معانون ثم طلبته يوما فوجدته مريضا فى خربة فقال(13/102)
يا صاحبى لا تغتر بتنعم ... فالعمر ينفد والنعيم يزول
واذا حملت الى القبور الجنازة ... فاعلم بانك بعدها محمول
ثم وصانى بالغسل والتكفين فى جبته فقلت يا حبيبى ولم لا اكفنك فى الجديد فقال الحى احوج الى الجديد من الميت يا ابا عامر الثياب تبلى والاعمال تبقى ثم قال ادفع هذا المصحف والخاتم الى الرشيد وقل له يقول لك ولدك الغريب لا تدومن على غفلتك قال ابو عامر فلما غسلته وكفنته بما اوصى ودفتنه دفعت المصحف والخاتم الى الرشيد وحكيت ما جرى فبكى وقال فبم استعملت قرة عينى وقطعة كبدى قلت فى الطين والحجارة قال استعملته فى ذلك وله اتصال برسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما عرفته قال ثم انت غسلته قلت نعم فقبل يدى وجعلها على صدره ثم زار قبره ثم رأيته فى المنام على سرير عظيم فى قبة عظيمة فسألته عن حاله فقال صرت الى رب راض اعطانى ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وآلى على نفسه الشريفة اى قال والله الذى خلقنى لا يخرج عبد من الدنيا كخروجى الا اكرمه مثل كرامتى قال بعضهم ما ظهر من افعالك وطاعتك لا يساوى اقل نعمة من نعيم الدنيا من سمع وبصر وكيف ترجو بها نجاة الآخرة فالنعيم كله بالفضل لا بالاستحقاق ودخل ابن السماك على بعض الخلفاء وفى يده كوز ماء وهو يشربه فقال عظنى فقال لو لم تعد هذه الشربة الا ببذل جميع اموالك والا بقيت عطشانا فهل كنت تعطيه قال نعم فقال لو لم تعط الا بملكك كله فهل كنت تتركه قال نعم فقال لا تفرح بملك لا يستوى بشربة ماء يعنى فشربة ماء عند العطش اعظم من ملك الارض كلها بل كل نفس كذلك فلو أخذ لحظة ثم انقطع الهوآء عنه مات ولو حبس فى بيت حمام حار او بئر عميق مات فعلى العبد التوغل فى العبادة شكرا لنعم الله تعالى ومن أفضل الطاعات التوكل وهو ترك التدبير والانخلاع عن الحول والقوة قال الجنيد قدس سره حقيقة التوكل ان يكون العبد مع الله بعد وجوده كما كان قبل وجوده وهو مقتضى الحال كما ان الكسب مقتضى العلم ( روى ) ان النورى قدس سره تعبد مع عالم فى مسجد وكان النورى يجمع ما نبذه الناس فى آخر النهار ويغسله ويأكل معه فسأله سائل فاعطاه فقال له رفيقه العالم قد قنعنا من الدنيا بما يطرحه الناس وانت تنفقه ايها العابد لو كان معك علم فبعد ساعة جاء طعام من غنى فأكلا ثم قال النورى ايها العالم لو كان معك حال فانظر حال التوكل واليقين والاتكال على الملك المتعال من خصائص توحيد الافعال الحاصل باصلاح الطبيعة فى مقام الشريعة(13/103)
باك وصافى شوواز جاه طبيعت بدراى ...(13/104)
وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)
{ والذين } الخ فى موضع الجر عطفا على الذين آمنوا عطف الصفة على الصفة لان الذات واحدة والعطف انما هو بين الصفات { يجتنبون } الاجتناب بايك سوشدن وترك كردن { كبائر الاثم } الاثم الذنب كما فى القاموس وقال الراغب الاثم والأثام اسم للافعال المبطئة عن الثواب وقوله تعالى { فيهما اثم كبير } اى فى تناولهما ابطاء عن الخيرات وتسمية الكذب اثما كتسمية الانسان حيوانا لكونه من جملتهم والكبيرة ما اوجب الله عليه الحد فى الدنيا والعذاب فى الآخرة وفى المفردات الكبيرة متعارفة فى كل ذنب تعظم عقوبته والمعنى يجتنبون الكبائر من هذا الجنس فالاضافة بمعنى من ولكون المراد جنس الاثم لم يقل كبائر الآثام قال فى كشف الاسرار اضاف الكبائر الى الاثم فان اثم الصغيرة مغفور اذا اجتنب الكبيرة كما قال الله تعالى { ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيأتكم } قرأ حمزة والكسائى وخلف كبير الاثم على التوحيد ارادة الجنس قال الراغب قوله والذين يجتنبون كبائر الاثم وقوله ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه قيل اريد بهما الشرك لقوله ان الشرك لظلم عظيم قال ابن عباس كبير الاثم هو الشرك قال الامام الرازى هو عندى ضعيف لان ذكر الايمان يغنى عنه
يقول الفقير لا يغنى فانه بالايمان يحصل الاجتناب عن مطلق الشرك الشامل للجلى والخفى بل عن الجلى فقط وقد اطلق عليه السلام الشرك على الرياء حيث قال « اتقوا الشرك الاصغر » فالقول ما قال ترجمان القرآن رضى الله عنه وقرأ الباقون كبائر الاثم على ارادة جميع المعاصى الموبقة وهو الشرك بالله اى الكفر مطلقا وان لم يعبد الصنم وقتل النفس بغير حق سوآء قتل نفسه او غيره وقذف المحصنة اى شتم الحرة المكلفة المسلمة العفيفة التى احصنها الله عن القبائح والزنى وهو وطئ فى المرأة خال عن ملك وشبهة فوطئ البهيمة واللواطة ليس بزنى والسحر ويقتل الساحر ذكرا كان او انثى اذا كان سعيه بالافساد والاهلاك فى الارض واما اذا كان سعيه بالكفر فيقتل الذكر وتضرب الانثى وتحبس واكل مال اليتيم الا بجهة الشرع كما قال الله تعالى { ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتى هى احسن } واما ما اخذه قضاة الزمان حقا للقسمة فأصله مشروع اذا لم يعين له من بيت المال حق وكميته مشكلة وعقوق الوالدين المسلمين اذا كان مؤديا الى اضاعة الحقوق والا فلا طاعة المخلوق فى معصية الخالق واما اذا كانا كافرين قال الله تعالى فى حقهما { وان جاهداك على ان تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما } والالحاد فى الحرم اى الذنب فيه ولو صغيرة فالكبيرة فيه كبيرتان وقيل الالحاد فيه منع الناس عن عمارته ومن عمارته الحج فالأعراب الذين يقطعون طريق الحجاج فى هذه الزمان ان استحلوا ذلك كفروا والا اثمو اثما كبيرا وأكل الربا اى الانتفاع بالربا سوآء كان اكلا او غيره وانما ذكر اكله لكونه معظم منافعه والسرقة ونصابها عند ابى حنيفة قدر عشرة دراهم عينا او قيمة وهذا نصاب السرقة فى حق القطع واما فى حق العيب فأخذ ما دون عشر يعد سرقة ايضا شرعا ويعد عيبا حتى يرد العبد به على بائعه وشرب الخمر وقطع الطريق خصوصا اذا كان مع اخذ المال فانه فوق السرقة وشهادة الزور واليمين الغموس وسوء الظن بالله وحب الدنيا ولعن الرجل والديه سوآء كان بوسط او بغيره ومعنى بوسط ان يسب ابا رجل وامه فيسب هو أباه وامه واذية الرسول عليه السلام فانها فوق عقوق الوالدين وسب الشيخين ابى بكر وعمر رضى الله عنهما قال القهستانى سب احد من الصحابة ليس بكفر كما فى خزانة المفتين وغيرها لكن فى مجموع النوازل لو قال احد من يسب الشيخين او يلعنهما رضى الله عنهما لم يقتص منه فانه كافر لان سبهما ينصرف الى سب النبى عليه السلام وسب الخنتين ليس بكفر كما فى الخلاصة وهو مشكل لان سب اهل العلم على وجه الاهانة اذا كان كفرا فكيف لا يكون سب الخنتين كفرا وسب العالم بالعلوم الدينية على وجه المزاح فانه يعزر والاصرار على الصغيرة فانه عليه السلام قال(13/105)
« لا صغيرة مع الاصرار ولا كبيرة مع الاستغفار » وقد قال الامام علاء الدين التركستانى الحنفى رحمه الله فى منظومته عدد الكبائر سبعون فمنها الغناء بالكسر والمد وقد يقصر وهو رفع الصوت بالاشعار والابيات على نحو مخصوص قال الامام الغزالى رحمه الله فى الاحياء واحتجوا على حرمة الغناء بما رواه ابو امامة رضى الله عنه عن النبى عليه السلام انه قال « ما رفع احد صوته بغناء الا بعث الله له شيطانين على منكبيه يضربان باعقابهما على صدره حتى يمسك » قال بعضهم المراد به الغناء الذى يحرك من القلب ما هو مراد الشيطان من الشهوة ومحبه المخلوقين لا ما يحرك الشوق الى الله ويرغب فى الآخرة ومنها الظلم والغيبة والتجسس والتطفيف فى الكيل والوزن والكبر والعجب والحسد وترك الوفاء بالعهد والخيانة فى نسوة الجيران وترك الصلاة والصوم والزكاة والحج اذا كان له استطاعة وفى الطريق امن ونسيان القرءآن وكتم الشهادة وقطع الرحم والسعى بين اثنين بالفساد والحلف بغير الله والسجدة لمخلوق فانها كعبادة الصنم وترك الجمعة والجماعة وان يقول لمسلم يا كافر ومصادقة الامير الجائر ونكاح الكف وفى الحديث « ناكح الكف ملعون » وهو من يعالج ذكره بيده حتى يدفق كما فى شرح المنار لابن الملك وقال الرهاوى لم اجده فى كتب الحديث وانما ذكره المشايح فى كتب الفقه وفى حواشى البخارى والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى(13/106)
{ والذين هم لفروجهم حافظون } الى قوله { فاولئك هم العادون } اى الظالمون المتجاوزون الحلال الى الحرام قال ابن جريج سألت عطاء عنه قال سمعت ان قوما يحشرون وايديهم حبالى واظنهم هؤلاء نعم يباح عند ابى حنيفة واحمد اذا خاف على نفسه الفتنة واراد تسكين الشهوة وكذلك يباح الاستمناء بيد امرأته وجاريته عند الضرورة ومنها تعييب احد من الناس والقصاص بغير عدل وترك العدل فى القسم وترك الشكر فى القسم واللواطة واتيان المراة فى الحيض والسرور بالغلاء والخلوة بالاجنبية واتيان البهيمة وقد كان بعض الجهال من الزهاد يفعله تسكينا للشهوة ثم علم حرمته وتاب وفى نوادر ابى يوسف وطئ بهيمة نفسه تذبح وتحرق ان لم تكن مأكولة وان كانت مما يؤكل تذبح ولا تحرق وان كانت لغيره تدفع الى الفاعل على القيمة وتذبح وتحرق وقال بعضهم تؤكل وفى الاجناس من اصحابنا من قال تذبح وتحرق على وجه الاستحباب اما بهذا الفعل لا يحرم أكل الحيوان المأكول كذا فى خزانة الفتاوى ومنها تصديق الكاهن وهو الذى يخبر عن الكوآئن فى مستقبل الزمان ويدعى معرفة الاسرار ومطالعة علم الغيب واللعب بالنردشير وفى الحديث « من لعب بالشطرنج والنردشير فكأنما غمس يده فى دم الخنزير » الشطرنج معرب صدرنك ورنك فى الفارسية الحيلة والنردشير اللعب المعروف بالنرد قال صاحب الهداية يكره اللعب بالنرد والشطرنج والاربعة عشر وكل لهو لانه ان قامر بها فالميسر حرام بالنص وهو اسم لكل قمار وان لم يقامر فهو عبث ومنها النياحة واستباحتها واظهار الصلاح واخفاء الفسق وتعييب الطعام واستماع الملاهى وفى الحديث « استماع صوت الملاهى معصية والجلوس عليها فسق والتلذذ بها كفر » وهو على وجه التهديد ولو امسك شيا من المعازف كالطنبور والمزمار ونحوهما يأثم وان كان لا يستعملهما لان امساكهما يكون للهو عادة ومنها الرقص بالرباب ونحوه ودخول بيت الغير بغير اذنه والنظر فيه والنظر الى الوجه المليح عن شهوة فان الصبيح فى حكم النساء بل اشد ولذا قيل ان مع كل امرأة شيطانين ومع كل غلام ثمانية عشر شيطانا وكان محمد بن الحسن صبيحا وكان ابو حنيفة رحمه الله يجلسه فى درسه خلف ظهره او خلف سنرية المسجد حتى لا يقع عليه بصره مخافة من خيانة العين مع كمال تقواه وفى بستان الفقيه ويكره مجالسة الاحداث والصبيان والسفهاء لانه يذهب بالمهابة ورؤى واحد فى المنام بعد موته وقد اسود وجهه فسئل عن ذلك فقال نظرت الى غلام فاحترق وجهى فى النار ومنها ترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر والسخرية واخذ الصلة والعطاء من اهل الجور وقال قوم ان صلات السلاطين تحل للغنى والفقير اذا لم يتحقق انها حرام وانما التبعة على المعطى قال الامام الغزالى رحمه الله اذا كان ظاهر الانسان الصلاح والستر فلا حرج عليك فى قبول صلاته وصدقته ولا يلزمك البحث بان تقول فسد الزمان فان هذا سوء ظن بذلك الرجل المسلم { والفواحش } وازكارهازشت(13/107)
جمع فاحشة وهى القبيحة او المفرطة فى القبح قال فى القاموس الفاحشة الزنى وما يشتد قبحه من الذنوب فيكون عطف الفواحش على الكبائر من عطف البعض على الكل ايذانا بكمال شناعته وقيل هما واحد والعطف لتغاير الوصفين كانه قيل يجتنبون المعاصى وهى عظيمة عند الله فى الوزن وقبيحة فى العقل والشرع وفى التأويلات النجمية كبائر الاثم حب الدنيا ومتابعة الهوى فانها رأس كل خطيئة ومنشأها والفواحش هى الاشتغال بطلب الدنيا وصرفها فى اتباع الهوى { واذا ما غضبوا هم يغفرون } اذا ظرفية عمل فيها يغفرون والجملة الاسمية هى المعطوفة على الصلة وهى يجتنبون عطف اسمية على فعلية والتقدير والذين يجتنبون وهم يغفرون لا انها شرطية والاسمية جوابها لخلوها عن الفاء وما زآئدة مع اذا فانها وان كانت تزاد مع اذا التى للشرط لكن فى اذا الزمانية معنى الشرط وهو ترتب مضمون جملة على اخرى فتضمنت معنى حرف الشرط فلذلك اختير بعدها الفعل لمناسبة الفعل الشرط واذا الزمانية للمستقبل وان كانت داخلة على المضى كما عرف فى النحو والغضب ثوران دم القلب ارادة الانتقام ولذلك قال عليه السلام « اتقوا الغضب فانه جمرة توقد فى قلب ابن آدم » ألم تروا الى انتفاخ اوداجه وحمرة عينيه وقوله هم مبتدأ ويغفرون خبره والمغفرة هنا بمعنى العفو والتجاوز والحلم وكظم الغيظ والمعنى وهم يعفون ويتجاورون ويحلمون ويكظمون الغيظ وقت غضبهم على احد ويتجرعون كاسات الغضب النفسانية بأفواه القلوب الروحانية الربانية ويسكنون صورة الصفة الشيطانية وبالفارسية ووقتى كه خشم كيربد نر مردمان بيست رنجى و زيانى ومكروهى كه بديشان وسانند ايشان در ميكذر اندانرا وعفو ميكنند وفيه دلالة على انهم الاخصاء بالمغفرة حال الغضب لعزة منالها لا يزيل الغضب اخلاقهم كسائر الناس وذلك لان تقديم الفاعل المعنوى او التقديم مطلقا يفيد الاختصاص ثم يجوز فى النظم ان يكون هم تأكيدا للفاعل فى قوله غضبوا وعلى هذا فيغفرون جواب الشرط كذا فى الحواشى السعدية قال بعض الكبار فى قوله للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون اشارة الى مقام الرضى وتوحيد الافعال والصفات فتوحيد الافعال باصلاح الطبيعة وتوحيد الصفات باصلاح النفس بالاجتناب عن كبائر الاثم وفواحش الشرك والسيئات والاحتراز عن الغضب وسائر رذآئل الصفات قيل لبعض الانبياء اذا خرجت من بيتك غدا فكل من استقبلك اولا واستر الثانى وأعرض عن الثالث فلما كان الغد استقبله جبل عظيم فقصد الى أكله امتثالا للامر فصار تفاحة فأكلها فوجدها ألذ الاشياء ثم وجد طشتا من ذهب فكلما ستره خرج ثم رأى مزابل فأعرض عنها فقيل اما الجبل فالشدة والغضب فعند ظهورها ترى كالجبل فبالصبر وقصد الهضم تصير حلوا
تحمل نما يد جو رهرت نخست ... ولى شهدكردد جودر طبع رست
واما الطشت فالحسنات وحسن الحال فكلما قصد صاحبها الى سترها انكشفت
اكر مسك خالص ندارى مكوى ... وكرهست خود فاش كردد ببوى
واما المزابل فالدنيا
جاى روح باك عليين بود ... كرم باشد كش وطن سر كين بود(13/108)
وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38)
{ والذين استجابوا لربهم } نزلت فى الانصار دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الايمان فاستجابوا له اى لرسول الله من صميم القلب كما هو المفهوم من اطلاق الاستجابة وفيه اشارة الى ان الاستجابة للرسول استجابة للمرسل فهو من عطف الخاص على العام لمزيد التشريف وذلك لان الاستجابة داخلة فى الايمان فما وجه العطف مع عدم التغاير بين الوصفين ولا يلزم فيه ان تكون الآية مدنية فان كثيرا منهم اسلموا بمكة قبل الهجرة وفى الآية اشارة الى استجابة خطاب ارجعى الى ربك فانها استجابة مخصوصة بالنفس حاصلة لها بالسلوك { واقاموا الصلوة } من اوصاف الانصار ايضا والمراد الصلوات الخمس فانهم يجدون اوقاتها وان كان تفاوت قليل فى ساعات الليل والنهار فى الحرمين الشريفين على ما جربناه قال العلماء من الناس من لم يجد وقت المغرب والعشاء لانه يطلع الفجر حين تغرب الشمس فيسقط عنهم ما لا يجدون وقته وهذا كما ان رجلا اذا قطع يداه مع المرفقين او رجلاه مع الكعبين ففرائض وضوئه ثلاث لفوات محل الرابعة وانما ذكر اقامة الصلاة ولم يذكر غيرها من العبادات كايتاء الزكاة والصوم مثلا لانه ما بين العبد والايمان الا اقامة الصلاة كما انه ما بينه وبين الكفر الا ترك الصلاة فاذا اقام الصلاة فقد آمن واقام الدين كما اذا تركها فقد كفر وهدم الدين وفى الحديث « اول ما يحاسب العبد يوم القيامة بصلاته فان صحت افلح وأنجح وان فسدت فقد خاب وخسر » وقال عليه السلام « اول ما يحاسب الرجل على صلاته فان كملت والا اكملت بالنافلة ثم يأخذ الاعمال على قدر ذلك » { وامرهم شورى بينهم } مصدر كالفتيا بمعنى التشاور واصله من الشور وهو الاخراج تسمى به لان كل واحد من المتشاورين فى الامر يستخرج من صاحبه ما عنده والمعنى وامرهم ذو شورى لا ينفردون برأى حتى يتشاوروا ويجتمعوا عليه وبالفارسية كار ايشان بامشور تست ميان ايشان
قال سعدى المفتى فان قلت لا حاجة الى اضمار المضاف لظهور صحته وشأنهم تشاور قلت المصدر مضاف من صيغ العموم فيكون المعنى جميع امورهم تشاور ولا صحة له الا ان يقصد المبالغة فى كثرة ملابستهم به وعلى هذا فيجوز أن يكون قوله ذو شورى لبيان حاصل المعنى انتهى وكانوا قبل الهجرة وبعدها اذا حزبهم امر اجتمعوا وتشاوروا وذلك من فرط تدبرهم وتفقههم فى الامور
مشورت بهر آن صواب آمد ... درهمه كار مشورت بايد
وفى عين المعانى وامرهم شورى بينهم حين سمعوا بظهوره عليه السلام فاجتمع رأيهم فى دار ابى ايوب على الايمان به والنصر له وقيل لها العموم اى لا يستبدون برأيهم فيما لا وحى فيه من امر الدين بل يشاورون الفقهاء وقيل فى كل ما يعرض من الامور انتهى قال على رضى الله عنه نعم الموازنة المشاورة وبئس الاستعداد الاستبداد قال حكيم اجعل سرك الى واحد ومشورتك الى ألف وقيل ان من بدأ بالاستخارة واثنى بالاستشارة لحقيق ان لا يضل رأيه قال الاسكندر لا يستحقر الرأى الجزيل من الرجل الحقير فان الدرة لا يستهان بها لهوان غائصها يقال اعقل الرجال لا يستغنى عن مشاورة اولى الالباب وأفره الدواب لا يستغنى عن السوط واورع النساء لا يستغنى عن الزوج وفى الآية اشارة الى التمسك بذيل ارادة المشايخ فى السلوك الى لحضرة ليتسلكوا بمشاورتهم وارشادهم لا باسترسال النفس والهوى وتلقين الشيطان كما قال الجنيد قدس سره من لم يكن له استاذ فاستاذه الشيطان { ومما رزقناهم } من الاموال { ينفقون } اى فى سبيل الخير ولا التفات الى انفاق الكافر فانه لم يستجب لربه بالايمان والطاعة فخيره محبط بكفره ولعل فصله عن قرينه بذكر المشاورة لوقوعها عند اجتماعهم للصلوات كما فى الارشاد وقال سعدى المفتى ثم ان ادخال هذه الجملة فى مرهم العين لعله لمزيد الاهتمام بشأن التشاور للمبادرة الى التنبيه على ان استجابتهم للايمان كانت عن بصيرة ورأى سديد انتهى وفى الآية دلالة على فضيلة الانفاق والتوكل على الغنى الخلاق ( حكى ) ان بعض الشيوخ اخذه الناس ليشهدوا عند سلطان المغرب بفسقه وبكونه واجب القتل فمر الشيخ فى الطريق بخباز فاستقرض منه نصف خبز فتصدق به فلما حضر وافى الديوان شهدوا له بالخير ولم يقدروا على خلافه وذلك ببركة الصدقة كما قال عليه السلام(13/109)
« اتقوا النار ولو بشق تمرة » فاذا كان نصف تمرة وقاية من النار الكبرى فكيف لا يكون نصف خبز وقاية من النار الصغرى رسول الله فرموده است كه صدقه نهانى خشم حق رابنشاند و در موقف قيامت صدقه را سايه است كه از حرارت آفتاب آن روزنكاه داردو دوسايه صدقه خود آسوده باشد تاحكم خلق بآخر رسد ( قال الصائب )
زمان خويش باحسان تمتعى بردار ... مشو جو كنج بنامى جوازدها قانع
سئل الشبلى قدس سره عن الزكاة فقال اما عليك ففى عشرين درهما خمسة دراهم واما على ففى عشرين درهما عشرون درهما يعنى ان مذهب الصوفية بذل الكل والتوجه من الاسباب الى المسبب فقال هذا مذهب من فقال مذهب ابى بكر الصديق رضى الله عنه وذلك ان الصديق رضى الله عنه انفق جميع ماله للتجرد والخلاص من الشح ولم يبق له شىء يتستر به فارسلت اليه فاطمة رضى الله عنها خرقة فتستر بها وعزم الى مجلس النبى عليه السلام فنزل جبرآئيل عليه السلام على زى ابى بكر فسأله النبى فقال ان ملائكة السماء كلهم على هذا الزى اتباعا لابى بكر ثم قال ان الله تعالى يسلم عليك ويقول قل لابى بكر رضى الله عنه هل رضى منى فقد رضيت عنه وعلم منه ان ترك الدنيا وسيلة الى رضى الله تعالى كما ان ترك ما سوى الله موصل الى الله ثم ان الانفاق لا ينحصر فى المال بل يتناول كل بر ومعروف كما قال عليه السلام(13/110)
« كل معروف صدقة » والمراد ما عرف فيه رضى الله تعالى من الاموال والاقوال والافعال وانفاق الواصلين الى التوحيد والمعرفة أشرف وأفضل لان نفع الاموال للاجساد ونفع المعارف للقلب والارواح
دركشف الاسرار فرموده كه ابو بكر شبلى بيش ازانكه قدم در كوى طريقت نهاد بيش از ايشان ببغداد مير سيدعادت داشت كه دزيده بمجلس جنيد رفتى روزى برزبان جنيد برفت كه اكر همه بت برستان وناكسان عالم رابفروس اعلى فرود آرد هنوز حق سبحانه وتعالى كرم خود رانكزارده باشد شبلى ازجاى برجست نعره زنان و جامه درآن كفت منم ازنا كسان جه كويى مرايذيرد درين حال جنيد كفت اى جوان بمراسلت موسى وهرون جنيدن سال فرعون مدبر راميخواندند تا بيذيرد اكر سوخته موحدكه به باى خود آيد اوراجون نبذيردشبلى دركار آمد و هرجه داشت ازضياع واثواب واموال جمله درباخت و مجرد ماندانكه كفت اى شيخ مراجه بايدكرد كفت دربازار بايد شد ودريوزه بايد كرد همجنان كرد تاجنان كشت كه كس بوى خبرى ندارد بس جنيد تازيانه بوى داد و كفت درين سردابه شودرد راباندوه وخشم باب حسرت سبار و هركاه كه خبر حق بر خاطر كذر كند باين تازيانه اندامهاى خويش درهم شكن شبلى سه سال دران سردابه آب حسرت ازديدكان همى ريخت وبروزكار كذشته دريغ وتحسر همى خورد بعد ازسه سال سكرى دروى بديد آمد همجو مستان واله وسركردان ازان سردابه برون آمدكاردى بدست كرفت ودربغداد همى كشت وميكفت بجلال قدر حق كه هركه نام دوست بردباين كارد سرش ازتن جدا كنم آن خبربجنيد رسيد جنيد كفت اورا شربتى داده اند مست كشته ازمستى وبيخودى ميكويدآنجه ميكويد جون باخود آيدساكن شود يكسال دران مقامش بداشتند جون ازان مقام در كذشت دامن خويش براز شكر كرده بكرد محلها ميكشت وميكفت هركه بكويد الله دهانش براز شكر كنم بس عشق وى روى در خرابى نهاد بيوسته درهمه اوقات همى كفت الله تاروزى كه جنيد كفت يا ابا بكر اكردوست غايبست اين غيب كردن جراست واكرحاضراست اين كستاخى وترك ادب از كجاست سخن جنيد اورا ساكن كرد بس جنيدبفرمود تاورا بحمام بردند وموى جندساله ازسروى فرو كردند آنكه دست وى كرفت وبمسجد شو نيزيه برد هشتاد كس از جوانمردان طريقت وسلاطين حقيقت حاضر بودندجون ابو الحسين نورى وابو على رود بارى وسمنون المحب ورويم بغدادى وجعفر خلدى وامثال ايشان جنيد كفت اى مشايخ واصحاب هرجه بير سرى سقطى از رياضت و مجاهده ازمابديد ما ازين كودك بديديم اكر اجازت فرماييد بالباس بكرداند باشدكه بركات اين لباس اورا بر استقامت دين بداردو اكر حق اين لباس فرونهد لباس خود ازوى دادخود بستاند جنيد بر باى خاست ومرقع ازسرخود بركشيد ودر كردن شبلى افكند(13/111)
يقول الفقير فى هذه الحكاية اشارات منها ان الشبلى قدس سره خرج من جميع ماله فصار نظير الصديق رضى الله عنه من هذه الامة
صائب حريف سيلىء باد خزان نه ... بيش از خزان خود بفشان برك وباررا
ومنها ان الجنيد قدس سره انفق على الشبلى من معارفه وانعم عليه حال ارشاده من عوارفه لان الغنى مأمور بانفاق بعض ماله عند وجد ان مصارفه ( قال الحافظ )
اى صاحب كرامت شكرانه سلامت ... روزى تفقدى كن درويش بى نوارا
ومنها ان المريد لا يصلح لخرقة المشايخ الا بعد الاستعداد لها بمدة وان الخرقة من شأن اهل التجرد ( قال الجامى )
وصلش مجوى در اطلس شاهى كه دوخت عشق ... اين جامه برتنى كه نهان زيرزنده بود
ومنها ان ابتدآء الامر من الله وانتهاءه ايضا الى الله الا الى الله تصير الامور والله خير وابقى
جند بويد بهواى توبهر سو حافظ ... يسر الله طريقا بك يا ملتمسى(13/112)
وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)
{ والذين اذا اصابهم البغى هم ينتصرون } معطوف على ما قبله من الموصول والاصابة بالفارسية برسيدن
والبغى الظلم والتجاوز عن الحد والقصر المفهوم من تقديم هم اضافى والانتصار طلب النصرة وفى تاج المصادر دادستدن
والمعنى اذا وصل اليهم الظالم والتعدى من ظالم متعد ينتقمون ويقتصون ممن بغى عليهم على الوجه الذى جعله الله ورخصه لهم لا يتجاوزون ذلك الحد المعين وهو رعاية المماثلة واما غيرهم فليسوا كذلك فهذا هو معنى التخصيص هنا وبه ايضا تندفع المخالفة بين وصفين كل منهما على طريق القصر وهذا وصف لهم بالشجاعة بعد وصفهم بسائر امهات الفضائل من الدين والتيقظ والحلم والسخاء وذلك لان البغى انما يصيبهم من اهل الشوكة والغلبة واذا انتقموا منهم على الحد المشروع كراهة التذلل باجترآء الفساق عليهم وردعا للجانى على الجرآءة على الضعفاء فقد ثبت شجاعتهم وصلابتهم فى دين الله وكان النخعى رحمه الله اذا قرأ هذه الآية يقول كانوا يكرهون ان يذلوا انفسهم فتجترئ عليهم السفهاء قال الشاعر
ولا يقيم على ضيم يراد به ... الا الاذلان غير الحى والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته ... وذا يشج فلا يرثى له احد
اى لا يصبر على ظلم يراد فى حقه الا الاذلان اللذان هما فى غاية الذل وهما الحمار المربوط على الذل بقطعة حبل بالية والوتد الذى يدق ويشق رأسه فلا يرحم له احد ولفظ البيت خبر والمعنى نهى عن الصبر على الظلم وتحذير وتنفير للسامعين عنه فان قلت لما كان عطف الذين استجابوا من عطف الخاص تضمن وصف المعطوف عليه وصف المعطوف قلت هذا الانتصار لا ينافى وصفهم بالغفران فان كلا منهما فضيلة محمودة فى موقع نفسه ورزيلة مذمومة فى موقع صاحبه فان الحلم عن العاجز وعورات الكرام محمود وعن المتغلب وهفوات اللئام مذموم فانه اغرآء على البغى وعليه قول من قال
اذا انت اكرمت الكريم ملكته ... وان انت اكرمت اللئيم تمردا
فوضع الندافى موضع السيف بالعلى ... مضر كوضع السيف فى موضع الندا
فالعفو على قسمين احدهما ان يصير العفو سببا لتسكين الفتنة ورجوع الجانى عن بغايته فايات العفو محمولة على هذا القسم فزال التناقض فمن اخذ حقه من ظالم غير عادلا مرالله فهو مطيع وقال ابن زيدو بعض المالكية جعل الله المؤمنين صنفين صنفا يعفون عن ظالميهم فبدأ بذكرهم فى قوله { واذا ما غضبوا هم يغفرون } وصنفا ينتصرون من ظالميهم وقال بعضهم الاول وصف الخواص وهذا وصف العوام ( وقال الكاشفى ) جون برسد ايشانرا ستمى از كافران ايشان از دشمنان خود انصاف بستانند بشمشير يعنى از ايشان انتقام كشند زيرا كه انتقام از كفار فرض است وجهاد كردن بايشان لازم
واشارت الآية الى ان الظالم مغلوب قال على كرم الله وجهه لا ظفر مع البغى
هركه ازراه بغى خيرى جست ... ظفر ازراء اوعتان برتافت
و رظفر يافت منفعت نكرفت ... بس جنانست آن ظفركه بتافت(13/113)
وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)
{ وجزاؤ سيئة } وباداش كرداريد { سيئة مثلها } كرداريست مانند آن
وهو بيان لوجه كون الانتصار من الخصال الحميدة مع كونه فى نفسه اساة الى الغير بالاشارة الى ان البادى هو الذى فعله لنفسه فان الافعال مستتبعة لأجزيتها حتما ان خيرا فخير وان شرا فشر وفيه تنبيه على حرمة التعدى واطلاق السيئة على الثانية مع انها جزاء مشروع مأذون فيه وكل مأذون حسن لا سيىء لانها تسوء من نزلت به او للازدواج يعنى المشاكلة كما فى قوله تعالى فان عاقبتم وعلى هذا فالسيئة مقابل الحسنة بخلافها فى الوجه الاول والمعنى انه يجب اذا قوبلت الاساءة ان تقابل بمثلها من غير زيادة قال الحسن اذا قال لعنك الله او اخزاك الله فلك ان تقول اخزاك الله او لعنك الله واذا شتمك فلك ان تشتمه بما شتم ما لم يكن فيه حد كلفظ الزنى او كلمة لا تصلح فلا تجرى المقابلة فى الكذب والبهتان قال فى التنوير قال لآخر يا زانى فقال له الآخر لا بل انت الزانى حدا بخلاف ما لو قال له مثلا يا خبيث فقال انت تكافئا ولو لم يجب بل رفع الامر الى القاضى ليؤدبه جاز وعن بعض الفقهاء فى هذه الآية وقد قيل انه الشافعى رحمه الله ان للانسان ان يأخذ من مال من خانه مثل ما خانه من غير علمه واستشهد فى ذلك بقول النبى عليه السلام لهند زوجة ابى سفيان « خذى من ماله ما يكفيك وولدك » فأجاز لها اخذ ذلك بغير اذنه كذا ذكره القرطبى فى تفسيره { فمن عفا } عن المسيىء اليه جنايته اى ترك القصاص ( وقال الكاشفى ) بس هركه عفو كنداز ستمكار خودكه مسلمان باشد وترك انتقام نمايد ازوى { واصلح } بينه وبين من يعاديه بالعفو والاغضاء قال فى الحواشى السعدية الفاء للتفريع اى اذا كان الواجب فى الجزآء رعاية المماثلة من غير زيادة وهى عسرة جدا فالاولى العفو والاصلاح اذا كان قابلا للاصلاح بأن لم يصر على البغى وفى الحديث « ما زاد الله عبد العفو الا عزا » { فأجره على الله } عدة مبهمة منبئة عن عظمة شأن الموعود وخروجه عن الحد المعهود { انه لا يحب الظالمين } البادئين بالسيئة والمتعدين فى الانتقام وهو استئناف تعليلى متعلق بقوله وجزآء الخ وقوله فمن عفا الخ اعتراض يعنى انما شرعت المجازاة وشرطت المساواة لانه لا يحب الظالمين وذكر ان ابا بكر الصديق رضى الله عنه كان عند النبى صلى الله عليه وسلم ورجل من المنافقين يسبه وابو بكر لم يجبه ورسول الله ساكت يتبسم فأجابه ابو بكر فقام النبى عليه السلام وذهب فقال ابو بكر يا رسول الله ما دام يسبنى كنت جالسا فلما اجبته قمت فقال النبى عليه السلام(13/114)
« ان ملكا كان يجيبه عنك فلما اجبته ذهب الملك وجاء الشيطان وانا لا اكون فى مجلس يكون هناك الشيطان » فنزل فمن عفا واصلح فاجره على الله وفى الحديث « اذا كان يوم القيامة نادى مناد اين العافون عن الناس هلموا الى ربكم وخذوا اجوركم وحق لكل مسلم اذا عفا ان يدخله الجنة »
فو از كناه سيرت اهل فتوتست ... بى حلم وعفو كار فتوت نمام نيست
وعنه عليه السلام « اذا جمع الله الخلائق يوم القيمة نادى مناد أين أهل الفضل فيقوم ناس وهم قليلون فينطلقون سراعا الى الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون انا نراكم سراعا الى الجنة فمن انتم فيقولون نحن اهل الفضل فيقولون وما كان فضلكم فيقولون كنا اذا ظلمنا صبرنا واذا اسيئ الينا اغتفرنا واذا جهل علينا حلمنا فيقولون لهم ادخلوا الجنة فنعم اجر العاملين » وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ارباب القلوب الذين اصابهم الظلم من قبل انفسهم هم ينتصرون من الظالم وهو نفسهم بكبح عنانها عن الركض فى ميدان المخالفة وجزاء سيئة صدرت من النفس من قبل الحرص او الشهوة او الغضب او البخل او الجبن او الحسد او الكبر او الغل سيئة تصدر من القلب مثل ما يصادف علاجها اى يضد تلك الاوصاف فان العلاج باضدادها ولا يجاوز عن حد المعالجة فى رياضة النفس وجهادها فان لنفسك عليك حقا فمن عفا عن المبالغة فى رياضة النفس وجهادها بعد ان أصلح النفس بعلاج اضداد أوصافها فاجره على الله بان يتصف بصفاته فان من صفاته العفو وهو عفو يحب العفو فيكون العبد عفوا محبوبا لله تعالى انه لا يحب الظالمين الذين يضعون شدة الرياضة مع النفس موضع العفو(13/115)
وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41)
{ ولمن انتصر بعد ظلمه } اللام لام الابتدآء ومن شرطية لدخول الفاء فى جوابها وهو فاولئك او موصولة ودخلت الفاء لشبه الموصول بالشرط وقوله بعد ظلمه من اضافة المصدر الى المفعول اى بعد ما ظلم وقرئ به وتذكير الضميرين باعتبار لفظ من والمعنى ولمن انتقم واقتص بعد ظلم الظالم اياه يعنى فى الحقوق المالية والجزاء فيما اذا ظفر بالجنس عندنا وعند الشافعى بغير الجنس ايضا { فاولئك } المنتصرون فهو اشارة الى من والجمع باعتبا المعنى { ما عليهم من سبيل } بالمعاتبة او المعاقبة لانهم فعلوا ما ابيح لهم من الانتصار
يايشانرا كناهى نيست والسبيل الطريق الذى فيه سهولة والآية دفع لما تضمنه السياق من اشعار سد باب الانتصار(13/116)
إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42)
{ انما السبيل على الذين يظلمون الناس } اى يبتدئونهم بالاضرار او يعتدون فى الانتقام { ويبغون فى الارض بغير الحق } اى يتكبرون فيها تجبرا وافسادا { اولئك } الموصوفون بما ذكر من الظلم والبغى بغير الحق { لهم عذاب أليم } بسبب ظلمهم وبغيهم(13/117)
وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)
{ ولمن صبر } على الاذى واللام للابتدآء ومن موصولة مبتدأ { وغفر } لمن ظلمه ولم ينتصر وفوض امره الى الله تعالى وعن على رضى الله عنه الجزع اتعب من الصبر
درحوادث بصبر كوش كه صبر ... برضاى خداى مقرونست
{ ان ذلك } منه لانه لا بد من العائد الى المبتدأ فحذف ثقة بغاية ظهوره كما فى قوله السمن منوان بدرهم وفى حواشى سعدى المفتى قد يقال لا حاجة الى تقدير الراجع لان ذلك اشارة الى صبره لا الى مطلق الصبر فهو متضمن للضمير فان قلت ان دلالة الفعل انما هى على الزمان ومطلق الحدث كما قرر فالظاهر رجوع الضمير اليه قلت نعم ولكن اسناده الى ضمير من يفيده { لمن عزم الامور } اى من معزومات الامور اى مما يحب العزم عليه من الامور بايجاب العبد على نفسه لكونه من الامور المحمودة عند الله تعالى والعزم عقد القلب على امضاء الامر والعزيمة الرأى الجد كما فى المفردات وبالفارسية ازمهم ترين كارها اسب واين فى الحقيقة ازكار مردانست كه همه كس راقوات اين نباشدكه جفا كشد و وفاكند ( قال الحافظ ) جفا خوريم وملامت كشيم وخوش باشيم كه در طريقت ما كافريست رنجيدن
قال فى برهان القرءآن قوله تعالى ان ذلك لمن عزم الامور وفى لقمان من عزم الامور لان الصبر على الوجهين صبر على مكروه ينال الانسان ظلما فمن قتل بعض اعزته وصبر على المكروه ليس كمن مات بعض اعزته فالصبر على الاول اشد والعزم عليه اوكد وكان ما فى هذه السورة من الجنس الاول لقوله ولمن صبر وغفر فأكد الخبر باللام والآية فى المواد التى لا يؤدى العفو فيها الى الشر كما اشير اليه فان العفو مندوب اليه ثم قد ينعكس الامر فى بعض الاحوال فيرجع ترك العفو مندوبا اليه وذلك اذا احتيج الى كف زيادة البغى وقطع مادة الاذى ( يحكى ) ان رجلا سب رجلا فى مجلس الحسن رحمه الله فكان المسبوب يكظم ويعرق فيمسح العرق ثم قام فتلا هذه الاية فقال الحسن عقلها والله وفهمها اذ ضيعها الجاهلون قال ابو سعيد القرشى رحمه الله الصبر على المكاره من علامات الانتباه فمن صبر على مكروه يصيبه ولم يجزع اورثه الله تعالى حالة الرضى وهو اجل الاحوال ومن جزع من المصائب وشكاها وكله الله الى نفسه ثم لم ينفعه شكواه وقال بعضهم من صبر فى البلوى من غير شكوى وعفا بالتجاوز عن الخصم فلا يبقى لنفسه عليه دعوى بل يبرأ خصمه من جهة ما عليه من كل دعوى فى الدنيا والعقبى ان ذلك لمن عزم الامور وروى ان ازواج النبى عليه السلام اجتمعن فارسلن فاطمة رضى الله عنها اليه يطلبن منه ان يحبهن كعائشة فدخلت عليه وهو مع عائشة فى مرطها وهو بالكسر كساء من صوف او خز فقالت ما قلن رضى الله عنهن فقال عليه السلام لفاطمة(13/118)
« اتحبيننى » فقال نعم قال « فاحبيها » اى عائشة فرجعت اليهن فاخبرتهن بما قال لها اى لفاطمة فقلن لم تصنعى شيأ فاردن ان يرسلنها ثانيا فلم ترض فارسلن زينب بنت جحش رضى الله عنها وكانت ازهد ازواجه حتى قالت عائشة فى حقها لم ار قط امرأة خيرا فى الدين من زينب وكانت لها منزلة عنده عليه السلام تضاهى منزلة عائشة فقالت ان نساءك يسألنك العدل فى بنت ابن ابى قحافة يعنى يسألنك التسوية بينهن وبين عائشة فى المحبة ثم أقبلت على عائشة فشتمتها فلما استطالت عليها استقبلتها عائشة وعارضتها بالمدافعة حتى قهرتها وأسكتتها وفى الكشاف ان زينب اسمعت بحضرته وكان ينهاها فلا تنتهى فقال لعائشة « دونك فانتصرى » اى تقدمى واقربى فانتقمى من زينب فأفحمتها فقال عليه السلام « انها ابنة ابى بكر » اشارة الى كمال فهمها وحسن منطقها قال ابن الملك وفى الحديث دلالة على جواز الانتقام بالحق لكن العفو أفضل لقوله تعالى { فمن عفا وأصلح فأجره على الله } ( قال الصائب ) درجنك ميكندلب خاموش كار تيغ دادن جواب مردم نادان جه لازمست(13/119)
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44)
{ ومن يضلل الله } يخلق فيه الضلالة من الهوى او بتركه على ما كان عليه من ظلم الناس { فماله من ولى من بعده } من ناصر يتولاه من بعد خذلانه تعالى اياه وبالفارسية وهراكرا كمراه سازد خداى تعالى بس نيست مراورا هيج دوستى كه كار سازى كندبس ازفرو كذشتن خداى تعالى مراورا { وترى الظالمين } الخطاب لكل من يتأتى منه الرؤية البصرية والظالمون المشركون والعاصون { لما رأوا العذاب } اى حين يرونه وصيغة الماضى للدلالة على التحقق { يقولون } الخ فى موضع الحال من الظالمين لان الرؤية بصرية { هل } آياهست { الى مرد } بمعنى الرداى الرجعة الى الدنيا { من سبيل } هيج راهى يا جاده : تابرويم وتدارك مافات كنيم ازايمان وعمل صالح
وقد سبق بيانه فى قوله فى حم المؤمن فهل الى خروج من سبيل(13/120)
وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45)
{ وتراهم } تبصرهم ايها الرائى حال كونهم { يعرضون عليها } اى على النار المدلول عليها بالعذاب وقد سبق معنى العرض فى حم المؤمن عند قوله { النار يعرضون عليها } { خاشعين من الذل } من للتعليل متعلق بخاشعين اى حال كونهم خاضعين حقيرين بسبب ما لحقهم من الذل والهوان وقد يعلق من الذل بينظرون ويوقف على خاشعين { ينظرون من طرف خفى } الطرف مصدر فى الاصل ولهذا لم يجمع وهو تحريك الجفن وعبر به عن النظر اذ كان تحريك الجفن يلازم النظر كما فى المفردات والمعنى حال كونهم يبتدئ نظرهم الى النار من تحريك لاجفانهم ضعيف يعنى يسارقون النظر الى النار خوفا منها وذلة فى انفسهم كما ينظرون الى المقتول الى السيف فلا يقدر ان يملأ عينيه منه وهكذا نظر الناظر الى المكاره لا يقدر ان يفتح أجفانه عليها ويملأ عينيه منها كما يفعل فى نظره الى المحاب وقال الكلبى ينظرون بأبصار قلوبهم ولا ينظرون بأبصار ظواهرهم لانهم يسحبون على وجوههم او لانهم يحشرون عميا فينظرون كنظر الاعمى اذا خاف حسا
يقول الفقير لا حاجة الى حمل الآية على ما ذكر من الوجهين لان لهم يوم القيامة احوالا شتى بحسب المواطن فكل من النظر والسحب والحشر اعمى ثابت صحيح وفى الآية اشارة الى ان النفوس التى لم تقبل الصلاح بالعلاج فى الدنيا تتمنى الرجوع الى الدنيا يوم القيامة لتقبل الصلاح بعلاج الرياضات الشرعية والمجاهدات الطريقية وتخشع اذ لم تخشع فى الدنيا من القهار فلا تنفعها ندامة ولا تسمع منها دعوة ولها نظر من طرف خفى من خجالة المؤمنين اذ يعيرونها بما ذكروها فلم تسمع وهى نفوس الظالمين ( كما قال السعدى ) تراخود بماند سراز تنك بيش كه كردت برآيد عملهاى خويش برادرز كار بدان شرم دار كه درروى نيكان شوى سرمسار { وقال الذين آمنوا } وجاهدوا فى الله تعالى حق جهاده وربحوا على ربهم { ان الخاسرين } اى المتصفين بحقيقة الخسران وهو انتقاص رأس المال وينسب الى الانسان فيقال خسر فلان والى الفعل فيقال خسرت تجارته ويستعمل ذلك فى القنيات الخارجة كالمال والجاه فى الدنيا وهو الاكثر وفى القنيات النفسية كالصحة والسلامة والعقل والايمان والثواب وهو الذى جعله الله الخسران المبين وكل خسران ذكره الله فى القرءآن فهو على هذا المعنى الاخير دون الخسران المتعلق بالقنيات الدنيوية والتجارات البشرية وخبر ان قوله تعالى { الذين خسروا انفسهم وأهليهم } آنانندكه زيان كردند بنفسهاى خويش و كسان خود
بالتعريض للعذاب الخالد { يوم القيامة } اما ظرف لخسروا والقول فى الدنيا او لقال اى يقولون لهم حين يرونهم على تلك الحال وصيغة الماضى للدلالة على تحققه ( وقال الكاشفى ) زيان در نفسها آنست آنرا بعبادت بتان مستوجب آتش دوزخ كردانيدند وزمان زيان دراهالى اكردوزخى اندبانكه ايشانرا ازايمان بازداشتندوا كر بهشتى اندبانكه ازديد از ايشان محروم ماندند(13/121)
قال ابن الملك فى شرح المشارق الاهل يفسر بالازواج والاولاد وبالعبيد والاماء وبالاقارب وبالاصحاب وبالمجموع وفى التأويلات النجمية ان الخاسرين الذين خسروا انفسهم بابطال استعدادهم اذ صرفوه فى طلب الدنيا وزخارفها والالتذاذ بها وخسروا اهليهم اذ لم يقوا انفسهم واهليهم نارا بقبول الايمان وادآء الشرآئع { ألا } بدانيد { ان الظالمين } اى المشركين الذين كانوا فى جهنم شهوات النفس جثيا فى الدنيا { فى عذاب مقيم } فى الآخرة الى الابد وبالفارسية درعذابى بيوسته انديعنى باقى وبى انقطاع
اما من تمام كلامهم او تصديق من الله لهم(13/122)
وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (46)
{ وما كان لهم من اولياء ينصرونهم } بدفع العذاب عنهم { من دون الله } حسبما كانوا يرجون ذلك فى الدنيا { ومن يضلل الله } وهراكرا كمراه سازد خداى تعالى { فماله من سبيل } يؤدى سلوكه الى النجاة وفى التأويلات النجمية ومن يضلل الله بان يشغله بغيره فماله من سبيل يصل به الى الله تعالى قال ذو النون المصرى قدس سره رأيت جارية فى جبل انطاكية فقالت لى الست ذا النون قلت كيف عرفت قالت عرفتك بمعرفة الحبيب ثم قالت ما السخاء قلت البذل والعطاء قالت ذاك سخاء الدنيا فما سخاء الدين قلت المسارعة الى طاعة رب العالمين قالت تريد شيأ قلت نعم قالت تأخذ العشرة بواحد لقوله تعالى { من جاء بالحسنة فله عشر امثالها } فاين السخاء قلت فما السخاء عندك قالت انما هو أن يطلع على قلبك فلا يرى فيه غيره ويحك يا ذا النون انى اريد ان اسأل شيأ منذ عشرين سنة واستحيى منه مخافة أن اكون كأجير السوء اذا عمل طلب الاجرة فلا تعمل الا تعظيما لهيبته فعلم ان اخراج الغير من القلب والاشتغال بالله تعالى من اوصاف الخواص فمن اهتدى به ربح ومن ضل عنه خسر وهو بيد الله تعالى اذ هو الولى فعلى العبد ان يسأل الهداية ويطلب العناية حتى يخرجه الله من ظلمات نفسه الامارة الى انوار تجليات الروحانية ويجعل له اليه سبيلا ينجو به من المهالك ( حكى ) ان شيخا حج مع شاب فلما احرم قال لبيك فقيل له لا لبيك فقال الشاب للشيخ ألا تسمع هذا الجواب فقال كنت اسمع هذا الجواب منذ سبعين سنة قال فلأى شىء تتعب فبكى الشيخ فقال فالى اى باب التجئ فقيل له قد قبلناك فهذا من هداية الله الخاصة فافهم جدا ( قال الصاحب ) بنوميدى مده تن كرجه دركام نهنك افتى كه دارد دردل كرداب بحر عشق ساحلها(13/123)
اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47)
{ استجيبوا لربكم } اذا دعاكم الى الايمان على لسان نبيه عليه السلام { من قبل ان يأتى يوم لا مرد له من الله } اى لا يرده الله بعدما حكم به على ان من صلة مرد أى من قبل ان يأتى من الله يوم لا يمكن رده وفى تعليق الامر بالاستجابة باسم الرب ونفى المرد والاتيان بالاسم الجامع نكتة لا تخفى كما فى حواشى سعدى المفتى { مالكم من ملجأ يومئذ } اى مفر تلتجئون اليه اى مالكم مخلص ما من العذاب على ما دل عليه تأكيد النفى بمن استغراقية والملجأ بالفارسية بناه وكريز كاه { وما لكم من نكير } اى انكار ما لما اقترفتموه لانه مدون فى صحائف اعمالكم وتشهد عليكم جوارحكم وهو مصدر انكر على خلاف ولعل المراد الانكار المنجى والا فهم يقولون والله ربنا ما كنا مشركين وغير ذلك ولذلك تشهد عليهم اعضاؤهم بذلك السماع ومن يستمع الهواتف كيف يجيب وأنى له محل الجواب وفى التأويلات النجمية يشير بقوله استجيبوا لربكم للعوام الى الوفاء بعهده والقيام بحقه والرجوع عن مخالفته الى موافقته وللخواص الى الاستسلام للاحكام الازلية والاعراض عن الدنيا وزينتها وشهواتها اجابة لقوله تعالى { والله يدعوا الى دار السلام } ولأخص الخواص من اهل المحبة الى صدق الطلب بالاعراض عن الدارين متوجها لحضرة الجلال ببذل الوجود فى نيل الوصول والوصال مجيبا لقوله { وداعيا الى الله باذنه } والطريق اليوم الى الاستجابة مفتوح وعن قريب سيغلق الباب على القلوب بغتة ويأخذ فلتة وذلك قوله تعالى من قبل ان يأتى الخ ونعم ما قال الشاعر .
تمتع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشية من عرار
اى استمتع بشم عرار نجد وهى وردة ناعمة صفرآء طيبة الرائحة فانا نعدمه اذا امسينا لخروجنا من أرض نجد ومنابته فالاشارة الى شم عرار الحقيقة فانه انما يكون ما دام الروح الانسانى فى نجد الوجود الشهودى وحده فان انتقل منه الى حد البرزخ بزوال شمس الحياة والانتهاء الى عشية العمر فلا يمكن شمه أصلا
جون بى خبران دامن فرصت مده ازدست تاهست بروبال زعالم سفرى كن(13/124)
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (48)
{ فان اعرضوا فما ارسلناك عليهم حفيظا } تلوين للكلام وصرف له عن خطاب الناس بعد امرهم بالاستجابة وتوجيه له الى الرسول عليه السلام اى فان لم يستجيبوا واعرضوا عما تدعوهم اليه فما ارسلناك رقيبا ومحاسبا عليهم وحافظا لاعمالهم وبالفارسية نكهبانى كه ازعمل بد ايشانرا نكاه دارى وفيه تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم { ان عليك الا البلاغ } اى ما يجب عليك الا تبليغ الرسالة وقد فعلت فلا يهمنك اعراضهم وفى التأويلات النجمية فان أعرضوا عن الله بالاقبال على الدارين ولم يجيبوا فما أرسلناك عليهم حفيظا تحفظهم من الالتفات الى الدارين لان الحفظ من شانى لا من شأنك فانى حفيظ فليس عليك الا تبليغ الرسالة ثم نحن نعلم بما نعاملهم بالتوفيق او بالخذلان
قال الغزالى رحمه الله فى شرح الاسماء الحفيظ من العباد من يحفظ جوارحه وقلبه ويحفظ دينه من سطوة الغضب وخلابة الشهوة وخداع النفس وغرور الشيطان فانه على شفا جرف هار وقد اكتنفته هذه المهلكات المفضية الى النار وقد عرف كلها من لسان الشارع صلى الله عليه وسلم فليسارع العبد الى دفع الموبقات وجلب المنجيات باصلاح النفس والتخلق بالاخلاق الالهية فان النفس طاغية مؤدية الى الافلاس والخسار وفى الحديث « اتدرون من المفلس » قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال عليه السلام « المفلس من امتى من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتى قد شتم هذا وقذف هذا واكل مال هذا او سفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقضى أخذ من خطاياهم وطرحت عليه ثم يطرح فى النار » فلا ينبغى للعاقل ان يبقى مع النفس فانه اذا نزل عليه العذاب غضبا للنفس لا يجد وليا يتولاه ولا نصيرا ينصره ولا ملجأ يفر اليه فهذه حال المعرضين واما حال المقبلين القابلين للبلاغ والارشاد فالله تعالى يحفظهم مما يخافونه يوم المعاد
خجل آنكس كه رفت وكار نساخت كوس رحلت زدند وبارنساخت { وانا اذا اذقنا الانسان منا } از نزديك خود { رحمة } اى نعمة من الصحة والغنى والأمن { فرح بها } بطر لاجلها ( وقال الكاشفى ) خوش شودبدان وشادى كند
اعلم ان نعمة الله وان كانت فى الدنيا عظيمة الا انها بالنسبة الى سعادات الآخرة كالقطرة بالنسبة الى البحر فلذلك سمى الانعام بها اذاقة وبالفارسية جشانيدن
فالانسان اذا حصل له هذا القدر الحقير فى الدنيا فرح به ووقع فى العجب والكبر وظن انه فاز بكل المنى ودخل فى قصر السعادات ولذا ضعف اعتقاده فى سعادات الآخرة والا لاختار الباقى على الفانى لان الفانى كالخزف مع انه قليل والباقى كالذهب مع انه كثير(13/125)
افتد هماى دولت اكردر كمندما از همت بلند رها ميكنيم ما { وان تصبهم } اى الانسان لان المراد به الجنس { سيئة } اى بلاء من مرض وفقر وخوف مما يسوءهم { بما قدمت ايديهم } بسبب ما عملت انفسهم من كفرانهم بنعم الله وعصيانهم فيها وذكر الايدى لان اكثر الاعمال تباشر بها فجعل كل عمل كالصادر بالايدى على طريق التغليب { فان الانسان كفور } قال الراغب كفر النعمة وكفرانها سترها بترك ادآء شكرها وأعظم الكفر جحودهم الوحدانية او النبوة او الشريعة والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا والمعنى فان الانسان بليغ الكفر ينسى النعمة بالكلية ويذكر البلية ويستعظمها ولا يتأمل سببها بل يزعم انها اصابته بغير استحقاق لها واسناد هذه الخصلة الى الجنس مع كونها من خواص المجرمين لغلبتهم فيما بين الافراد يعنى انه حكم على الجنس بحال اغلب افراده للملابسة على المجاز العقلى وتصدير الشرطية الاولى باذا مع اسناد الاذاقة الى نون العظمة للتنبيه على ان ايصال النعمة محقق الوجود كثير الوقوع وانه مقتضى الذات كما ان تصدير الثانية بان واسناد الاصابة الى السيئة وتعليلها باعمالهم للايذان بندرة وقوعها وانها بمعزل عن الانتظام فى سلك الارادة بالذات ووضع الظاهر موضع الضمير للتسجيل على ان هذا الجنس مرسوم بكفران النعم
امام ابو منصور ماتريدى رحمه الله فرموده كه كفران مؤمن آنست كه ترك شكر كند قال بعض الكبار ( ع ) درشكر همجو جشمه ودرصبر خاره ايم
وعن على رضى الله عنه اذا وصلت اليكم اطراف النعمة فلا تنفروا اقصاها بقلة الشكر يعنى من لم يشكر النعم الحاصلة لديه الواصلة اليه حرم النعم الغائبة منه القاصية عنه
جون بيابى تونعمتى درجند خرد باشد جونقطه موهوم شكران يافته فرومكزار كه زنايافته شوى محروم
وعنه رضى الله عنه ايضا أقل ما يلزمكم لله ان لا تستعينوا بنعمه على معاصيه قال الحسن اذا استوى يوماك فانت ناقص قيل كيف ذاك قال ان الله زادك فى يومك هذا نعما فعليك ان تزداد فيه شكرا وقد مد الله عمر بعض الانسان واكثر عليه فضله كنمرود وفرعون ونحوهما ثم انهم لم يزدادوا كل يوم الا كفرانا فعاملهم الله بالعدل حتى هلكوا اقبح الهلاك وفى الآية اشارة الى ان من خصوصية الانسان اذا وكله الله الى نفسه ان لا يشكر على ما فتح الله عليه من المواهب الالهية وفتوحات الغيب وانواع الكرامات التى تربى بها اطفال الطريقة ليزيده الله بل ينظر الى نفسه بالعجب ويفشى سره على الحاق ارأة وسمعة فيغلق الله ابواب الفتوحات بعد فتحها ( قال الصائب ) نجام بت برست بودبه زخود برست درقيد خود مباش وبقيد فرنك باش ومن الله العون(13/126)
لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49)
{ لله ملك السموات والارض } اى يختص به ملك العالم كله لا يقدر أن يملكه احد سواه فله التصرف فيه وقسمة النعمة والبلية على أهله وليس عليهم الا الشكر فى النعمة والصبر فى البلية والرضى والتسليم للاحكام الازلية وبالفارسية وخدايراست بادشاهى آسمانها وزمينها { يخلق ما يشاء } مما يعلمونه ومما لا يعلمونه على اى صورة شاء { يهب لمن يشاء اناثا } من الاولاد يعنى مى بخشد هر كرامى خواهد دختران
فلا يجعل معهن ذكورا يعنى بسران مثل ما وهب لشعيب ولوط عليهما السلام والهبة ان تجعل ملكك لغيرك بغير عوض والوهاب هو الله تعالى لانه يعطى كلا على قدر استحقاقه ولا يريد عوضا والاناث جمع انثى خلاف الذكر والجملة بدل من يخلق بدل البعض قدم الاناث لانها اكثر لتكثير النسل او لتطييب قلوب آبائهن اذ فى التقديم تشريف لهن وايناس بهن ولذلك جعلن من مواهب الله تعالى مع ذكر اللام الانتفاعية او لرعاية الترتيب الواقع اولا فى الهبة بنوع الانسان فانه تعالى وهب اولا لآدم زوجته حواء عليهما السلام بأن ولدها منه وخلقها من قصيراه وهى اسفل الاضلاع او آخر ضلع فى الجنب كما فى القاموس قال فى الكواشى ويجوز انهن قدمن توبيخا لمن كان يئدهن ونكرن ايماء الى ضعفهن ليرحمن فيحسن اليهن قال فى الشرعة وشرحه ويزداد فرحا بالبنات مخالفة لاهل الجاهلية فانهم يكرهونها بحيث يدفنونها فى التراب فى حال حياتها وفى الحديث « من بركة المرأة تبكيرها بالبنات » اى يكون اول ولدها بنتا ألم تسمع قوله تعالى يهب لمن يشاء اناثا الاية حيث بدا بالاناث وفى الحديث « من ابتلى من هذه البنات بشىء فاحسن اليهن » اى بالتزويج بالاكفاء ونحوه « كن له سترا من النار » والنبى عليه السلام سماهن المجهزات المؤنسات اى المهيا جهازهن سماهن بها تفاؤلا وتيمنا والمؤنسات للوالدين والازواج وفى الحديث « سألت الله ان يرزقنى ولدا بلا مؤونة فرزقنى البنات » وفى الحديث القدسى خطابا للبنت حين ولدت « انزلى وأنا عون لأبيك » وفى الحديث « لا تكرهوا البنات فانى ابو البنات »
يقول الفقير معناه ان كونه عليه السلام ابا لبنات يكفى فى عدم كراهة البنات اذ لا يختار الله له الا ما هو خير ومن لم يرض بما اختاره له تعرض لسخط الله وكم ترى فى هذا الزمان من السخط على البنات اقتداء بأهل الجاهلية ولو كان لهم اسوة حسنة فى رسول الله لاحبوا ما أحبه وكان لهم فى ذلك شرف عظيم { ويهب لمن يشاء الذكور } من الاولاد يعنى بسران
ولا يكون فيهم اناث كما وهب ابراهيم عليه السلام من غير ان يكون فى ذلك مدخل لاحد ومجال اعتراض
باختيار حق نبود اختيارما بانور آفتاب جه باشد شرارما
والذكور جمع ذكر ضد الانثى عرف الذكور للمحافظة على الفواصل او لجبر التأخير يعنى ان الله تعالى اخر الذكور مع انهم احقاء بالتقديم فتدارك تأخيرهم بتعريفهم لان فى التعريف العهدى تنويها وتشهيرا كأنه قيل ويهب لمن يشاء الفرسان اعلام الذين لا يخفون عليكم وفى الحديث « ان اولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور واموالهم لكم ان احتجتم اليها »(13/127)
أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)
{ او يزوجهم ذكرانا واناثا } معنى التزويج هنا جفت قرين كردن كما فى تاج المصادر والذكران جمع ذكر والمعنى يقرن بين الصنفين فيهبهما جميعا بان يولد له الذكور والاناث مثل ما وهب لنبينا صلى الله عليه وسلم اذ كان له من البنين ثلاثة على الصحيح قاسم وعبد الله وابراهيم ومن البنات اربع زينب ورقية وام كلثوم وفاطمة رضى الله عنهن وقال بعضهم معنى يزوجهم ان تلد غلاما ثم جارية ثم غلاما او تلد ذكرا وانثى توأمين { ويجعل من يشاء عقيما } بى فرزند ونازاينده
فلا تلد ولا يولد له كعيسى ويحيى عليهما السلام فانهما ليس لهما اولاد اما عيسى فلم يتزوج وان كان يتزوج حين نزوله فى آخر الزمان ويكون له بنات واما يحيى فقد تزوج ولكن لم يقرب لكونه عزيمة فى شريعته وبعضهم لم يكن له اولاد وان حصل له قربان النساء واصل العقم اليبس المانع من قبول الاثر والعقيم من النساء التى لا تقبل ماء الفحل وفى القاموس العقم بالضم هرمة تقع فى الرحم فلا تقبل الولد ورجل عقيم لا يولد له فالعقم كما يقع صفة للمرأة يقع صفة للرجل بان يكون فى مائه ما يمنع العلوق من الاعذار وتغيير العاطف فى الثالث لانه قسيم المشترك بين القسمين وهو أى المشترك بينهما مفهوم الصنف الوحد فالثالث جامع بين الصنفين فلو ذكر ايضا بالواو لربما توهم من اول الامر انه قسيم لكل من القسمين لا للمشترك بينهما لانه حال عما فى الرابع من الافصاح يعنى انه لا حاجة اليه فى الرابع لافصاحه بانه قسيم المشترك بين الاقسام المتقدمة وهو هبة الولد ولا يشتبه على احد ان العقم يقابلها فلا حاجة الى التنبيه على ذلك { انه } تعالى { عليم } بليغ العلم بكل شى مما كان وما يكون { قدير } بليغ القدرة على كل مقدور فيفعل ما فيه حكمة ومصلحة ( وقال الكاشفى ) داناست بانجه مىدهد تواناست بانجه ميسازد دانايى اوازجهل مقدس ومبراست وتوانايى او از عجز منزه ومعرا علم او برطرف از شائبة جهل فتور وقدرتش باك از آلايش نقصان وقصور
وعلم ان الانسان اما ان لا يكون له ولد او يكون له ولد ذكر او انثى او ذكر وانثى وقد وقد استوفى فى الآية جميع الاقسام فالمعنى ان الله تعالى يجعل احوال العباد فى حق الاولاد مختلفة على ما تقتضيه المشيئة فيهن فيهب لبعض اما صنفا واحدا من ذكر او انثى واما صنفين ويعقم آخرين فلا يهب لهم ولد قط فالاولاد ذكورا واناثا من مواهب الله تعالى وعطاياه ولذا سن لمن يبشر بالمولود انه يستبشر به ويراه نعمة انعم الله بها عليه ففى الحديث(13/128)
« ريح الولد من ريح الجنة » وقال عليه السلام « الولد فى الدنيا نو وفى الآخرة سرور » وقد ورد سوداء ولود خير من حسناء عقيم وذلك لان التناسل انما هو بالولود ويعرف كونها ولودا بالصحة والشباب ولا ينفى الولد الذى يولد على فراشه فان الله تعالى يفضحه يوم القيامة ويكتب عليه من الذنب بعدد النجوم والرمال والاوراق وقيل معنى الاية يهب لمن يشاء اناثا اى الدنيا ويهب لمن يشاء الذكور اى الآخرة او يزوجهم ذكرانا واناثا اى الدنيا والاخرة ويجعل من يشاء عقيما اى لا دنيا ولا عقبى كذا فى كشف الاسرار وفيه اشارة الى انوثة الدنيا وذكورة الآخرة قال امير خسرو دهلوى بهران مردار جةدب كاه زارى كاه زور جون غيلواجى كه شش مه ماده وشش مه تراست
وفى التأويلات النجمية يشير الى ارباب الولاية من المشايخ المستكملين يهب لبعضهم من المريدين الصادقين الاتقياء الصلحاء وهم بمثابة الاناث لا تصرف لهم فى غيرهم بالتزويج والتسليك ويهب لبعضهم من المريدين الصديقين المحبين الواصلين الكاملين المستكملين المخرجين وهم بمثابة الذكور لاستعداد تصرفهم فى الطالبين ويهب لبعضهم من الجنسين المذكورين المتصرفين فى الغير وغير المتصرفين ويجعل بعض المشايخ عقيما لامر يدله انه عليم بمن يجعله متصرفا وغير متصرف فى المريد قدير على ما يشاء ان يجعله متصرفا او غير متصرف يقول الفقير هذا التفاوت بينهم اما راجع اليهم لحكمة اخفاها الله تعالى واما الى اهالى زمانهم فانهم متفاوتون كتفاوت الامم فماذا يصنع الكاملعون المكملون اذا لم يكن فى الناس استعداد قال الحافظ ) كوهر باك ببايدكه شود قابل فيض ورنه هرسنك كلى لؤلؤ ومرجان نشود(13/129)
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51)
{ وما كان لبشر } اى وما صح لفرد من افراد البشر يا محمد { ان يكلمه الله } بوجه من الوجوه { الا وحيا } اصل الوحى الاشارة السريعه وانما سمى الوحى وحيا لسرعته فان الوحى عين الفهم عين الافهام عين المفهوم منه كما يذوقه اهل الالهام من الاولياء وقد عرف بعضهم الوحي بأنه ما تقع به الاشارة القائمة مقام العبارة فى غير عبارة وقال الراغب ويقال للكلمة الالهية التى تلقى الى انبيائه واوليائه وحى
يقول الفقير يعلم منه ان الوحى والالهام واحد فى الحقيقة وانما قيل الوحى فى الانبياء والالهام فى الاولياء تأدبا كما قيل دعوة الانبياء وارشاد الاولياء فاستعملوا الدعوة فى الانبياء والارشاد فى الاولياء مع انهما أمر واحد فالوحى اما بالقاء فى الروع كما ذكر عليه السلام « ان روح القدس نفث فى روعى » واما بالهام نحو قوله { واوحينا الى ام موسى ان ارضعيه } واما بتسخير نحو قوله تعالى { واوحى ربك الى النحل } او بنام كقوله عليه السلام « انقطع الوحى وبقيت المبشرات رؤيا المؤمن » فهذه الانواع دل عليها قول الا وحيا فمعناه الا بانه يوحى اليه ويلهمه ويقذف فى قلبه كما اوحى الى ام موسى والى ابراهيم فى ذبح ولده والى داود الزبور فى صدره قاله مجاهد وسيأتى تحقيق الآية ان شاء الله تعالى { او من ورآء حجاب } بان يسمعه كلامه الذى يخلقه فى بعض الاجرام من غير ان يبصر السامع من يكلمه فهو تمثيل له بحال الملك المحتجب الذى يكلم بعض خواصه من ورآء الحجاب يسمع صوته ولا يرى شخصه والا فالله تعالى منزه عن الاستتار بالحجاب الذى هو من خواص الاجسام فالحجاب يرجع الى المستمع لا الى الله تعالى المتكلم وذلك كما كلم الله تعالى موسى فى طوى والطور ولذا سمى كليم الله لانه سمع صوتا دالا على كلام الله من غير ان يكون ذلك الصوت مكتسبا لاحد من الخلق بل تولى الله تخليقه اكراما له وغيره يسمعون صوتا مكتسبا للعباد فيفهمون به كلام الله هذا مذهب امامنا ابى منصور ذكره فى كتاب التأويلات وذهب ابو الحسن الاشعرى الى ان موسى سمع كلام الله من غير واسطة صوت او قرآة والى هذا ذهب ابن فورك من الاشعرية قال فى كشف الاسرار كلمه وبينهما حجاب من نار ( وقال الكاشفى ) يا موسى سخن كفت واودر بس حجاب نور بود در موضح آوردمكه خداى تعالى بابيغمبر عليه السلام سخن كفت از وراى حجابين يعنى حضرت رسالت بناه عليه السلام وراى دو حجاب بودكه سخن خداى تعالى شنيد حجابى از زر سرخ وحجابى از مروا ريد سفيد مسيره ميان هردو حجاب هفتاد سال راه بود(13/130)
يقول الفقير هذا من غوامض العلوم فان نبينا عليه السلام اعلى كعبا من موسى عليه السلام فما معنى ان الله تعالى كلم موسى من وراء حجاب واحد وكلم نبينا من ورآء حجابين وان حصل فرق بين حجاب وحجاب ولعل المراد بالحجابين حجاب الياقوتة الحمرآء الذى يلى جانب الخلق وحجاب الدرة البيضاء الذى يلى عالم الامر وكلاهما عبادة عن الروح المحمدى والحقيقة الاحمدية واشارة بكون مسافة ما بين الحجابين مسيرة سبعين ألف حجاب بين الرب والعبد فمعنى ان النبى عليه السلام سمع كلام الله من ورآء هذين الحجابين ان الله تعالى كلمه وبينهما الحقيقة الجامعة البرزخية وليس ذلك بحجاب فى الحقيقة كما ان المرءاة ليست بحجاب للناظر وكذا القناع بالنسبة الى العروس فافهم جدا { او يرسل رسولا } اى ملكا من الملائكة اما جبريل او غيره قال ابن عباس رضى الله عليهما لم ير جبرآئيل الا اربعة من الانبياء موسى وعيسى وزكريا ومحمد عليه السلام قال فى عين المعانى عسى انه اراد برؤيته كما هو والا فهو سفير الوحى انتهى { فيوحى } ذلك الرسول الى المرسل اليه الذى هو الرسول البشرى { باذنه } اى بامره تعالى وتيسيره { ما يشاء } ان يوحيه اليه وهذا هو الذى جرى بينه تعالى وبين الانبياء عليهم السلام فى عامة الاوقات من الكلام فيكون اشارة الى التكلم بواسطة الملك ( روى ) ان النبى عليه السلام قال « من الانبياء من يسمع الصوت فيكون بذلك نبيا ومنهم من ينفث فى اذنه وقلبه فيكون بذلك نبيا وان جبرآئيل يأتينى فيكلمنى كما يكلم احدكم صاحبه » وعن عائشة رضى الله عنها ان الحارث بن هشام رضى الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحى فقال « احيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو اشده على فيفصم عنى وقد وعيت عنه ما قال واحيانا يتمثل الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول » قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليتفصد عرقا والتفصد والانفصاد فرود ويدن { انه } المذكورة { حكيم } يجرى افعاله على سنن الحكمة فيكلم تارة بواسطة واخرى بدونها اما الهاما او خطابا وفى التأويلات النجمية يشير الى ان البشر مهما كان محجوبا بصفات البشرية موصوفا بأوصاف الخلقية الظلمانية الانسانية لا يكون مستعدا ان يكلمه الله الا بالوحى او بالالهام فى النوم واليقظة او من ورآء حجاب بالكلام الصريح او يرسل رسولا من الملائكة فيوحى باذنه ما يشاء انه على يعلو القدم لا يجانسه محدث حكيم فيما يساعد البشر بافناء انانيته بهويته فاذا افنيت البشرية وارتفعت الحجب وتبدلت كينونته بكينونة الحق حتى به يسمع وبه يبصر وبه ينطق فيكلمه الله تعالى شفاها وبه يسمع العبد كلامه كفاحا كما كان حال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى سر فأوحى الى عبده ما اوحى انتهى يعنى مصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم شب معراج از حق سخن شنيدبى واسطه(13/131)
وكان آمن الرسول مما شافهه به الحق تعالى من غير حجاب وكذا قوله { هو الذى يصلى عليكم وملائكته } الخ وكذا بعض سورة الضحى وبعض سورة الم نشرح ولزم من سماع كلامه مشافهة رؤيته بلا حجاب وكذا حال المؤمنين يوم القيامة فانهم يرون ربهم كما يرون القمر ليلة البدر ويسمعون كلامه بلا حجاب فالوحى اذا قسمان مشافهة وغير مشافهة وعليه يحمل ما روى ان اليهود قالت للنبى صلى الله عليه وسلم ألا تكلم الله وتنظر اليه ان كنت نبيا كما كلمه موسى ونظر اليه فانا لن نؤمن حتى تفعل ذلك فقال عليه السلام « لم ينظر موسى الى الله » فنزلت فأشار الى ان الكلام حصل لموسى ولكن من وراء حجاب دون النظر وكذا للنبى عليه السلام ما دام على حال البشرية وكذا ما روى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت من زعم ان محمدا رأى ربه فقد اعظم على الله الفرية ثم قالت او لم تسمعوا ربكم يقول وتلت هذه الآية وما كان لبشر الخ فاشارت الى مرتبة الحجاب وسره ان الله تعالى قال وما كان لبشر فعبر بعنوان البشرية وليس من حد البشر ان يرى ربه عيانا وهو فى حد الدنيا باق على بشريته او يكلمه الله كفاحا قال حضرة الشيخ لاكبر قدس سره الاطهر فى تلقيح الاذهان تكليم الله البشر فى ثلاث مراتب كما قال سبحانه وما كان لبشر الخ فالكل وحى ولكن بعضه بلا واسطة عند خروجه عن حد البشرية الا انك ان كنت انت السامع لم تحصل على هذه المشاهدة الذاتية حتى تكون أنت المسمع فمشاهدة الذات لا تتم مع المناجاة وبعضه بواسطة عند الرجوع الى البشرية ولا تزال هكذا حتى تفنى عن نفس السماع وتبقى مشاهدا للحق لتسمع نفسه بنفسه فانه من تحقق بالانفاق حتى يسمع وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه سمع قوله واتخذه وكيلا انتهى قال الشيخ روز بهان البقلى فى عرآئس البيان كانت لى واقعة فى ابتداء الامر وذلك انى شاهدت الحق بالحق وكاشفت لى مشاهدة جماله وخاطبنى من حيث الارواح لا من حيث الاشباح فغلب على سكر ذلك وأفشيت حالى بلسان السكر فتعرض لى واحد من أهل العلم وسألنى كيف تقول ذلك وان الله سبحانه وتعالى أخبرنا بأنه لم يخاطب احدا من الانبياء والرسل الا من وراء حجاب كما قال وما كان لبشر الخ فقلت صدق الله هذا اذا كانوا فى حجاب البشرية فاذا خرجوا بشرط الارواح الى عالم الغيب ورأوا الملكوت ألبسهم الله أنوار قربه وكحل عيونهم بنور ذاته وألبس اسماعهم قوة من قوى الربوبية وكشف لهم سر الغيرة وحجاب المملكة وخاطبهم كفاحا وعيانا ولنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم أخص خاصية اذ هو مصطفى فى الازل بالمعارج والمشاهدة فاذا صار جسمه روحه وكان واحدا من كل الوجوه صعد الى الملكوت ورأى الحق بنور الجبروت وسمع خطابه بلا واسطة وراى الحق بلا حجاب اذ الحجاب وصف المخلوقين والحق منزه عن ان يحجبه شىء ( وحكى ) ان الامام جعفر الصادق رضى الله عنه قال له شخص أرنى ربى فقال أو لم تسمع ان الله تعالى يقول لموسى لن ترانى مع انه نبى عظيم قال ان من هذه الملة الاحمدية من يقول رأى قلبى ربى ومنهم من يقول لا أعبد ربا لم أره فلما لم يمسك عن مسألته امر جعفر بان يلقى ذلك الشخص فى الدجلة ففعلوا فقال يا ابن رسول الله الغياث قال الصادق يا ماء اغمسه حتى فعل ذلك مرارا يعنى استغاث بالصادق فلما انقطع رجاؤه عن الخلق قال الهى الغياث(13/132)
صادق كفت بياوريدش بركرفتند وبياوردند وآبى كه مانده بودازكوش وبينى او ريختند جون باخود آمدكفت بآن حق راديدى كفت يا خيال اغيار مى مانده دست در غيرمى زدم حجاب مى بود جون بناه بكلى بوى آوردم ومضطر شدم روزنه دردل من كشاده شد وبدانجا نكريتسم آنجه مى جستم ديدم وتا اضطرار نبود آن نبود صادق كفت تا صادق را مى خواند مى صديق نبودى اكنون آن كوجه روزنه راه نكاه داركه جهان خدا بدينجا فروست فقد علمت من هذا التقرير ان الآية تدل على جواز الرؤية لا على امتناعها وانما تدل على الامتناع حال البشرية وبقائها وجود عين غبار يست درره ديداره غبار مانع ديدار ميشود هش دار(13/133)
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)
{ وكذلك } اى مثل ذلك الايحاء البديع او كما اوحينا الى سائر رسلنا { اوحينا اليك روحا من امرنا } هو القرءآن الذى هو للقلوب بمنزلة الروح للابدان حيث يحييها حياة طيبة اى يحصل لها به ما هو مثل الحياة وهو العلم النافع المزيل للجهل الذى هو كالموت وقال الراغب سمى القرءآن روحا لكونه سببا للحياة الاخروية الموصوفة فى قوله { وان الدار الآخرة لهى الحيوان } ومعنى من امرنا بالفارسية بفرمان ما او
روحا ناشئا ومبتدأ من أمرنا وقد سبق فى حم المؤمن وقيل هو حبرآئيل ومعنى ايحائه اليه عليه السلام ارساله اليه بالوحى فان قلت كيف علم الرسول عليه السلام فى اول الامر ان الذى تجلى له جبرآئيل وان الذى سمعه كلام الله تعالى قلت خلق الله تعالى له علما ضروريا علم به ذلك والعلم الضرورى يوجب الايمان الحقيقى ويتولد من ذلك اليقين والخشية فان الخشية على قدر المعرفة { ما كنت تدرى } قبل الوحى فى اربعين سنة والمراد وحى النبوة { ما الكتاب } اى اى شىء هو يعنى جون قرآن منزل نبود ندانستى آنرا
والنفى معلق للفعل عن العمل وما بعده ساد مسد المفعولين ومحل ما كنت الخ حال من كاف اليك كما فى تفسير الكواشى { ولا الايمان } اى الايمان بتفاصيل ما فى تضاعيف الكتاب من الامور التى لا تهتدى اليها العقول لا الايمان بما يستقل به العقل والنظر فان درايته عليه السلام له مما لا ريب فيه قطعا فان اهل الوصول اجتمعوا على ان الرسل عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحى معصومين من الكبائر ومن الصغائر الموجبة لنفرة الناس عنهم قبل البعثة وبعدها فضلا عن الكفر وهو مراد من قال لا يعرف القرءآن قبل الوحى ولا شرآئع الايمان ومعالمه وهى ايمان كما قال تعالى { وما كان الله ليضيع ايمانكم } اى صلاتكم سماها ايمانا لانها من شعب الايمان ويدل عليه انه عليه السلام قيل له هل عبدت ونثا قط قال « لا » قيل هل شربت خمرا قط قال « لا وما زلت اعرف ان الذين هم عليه كفر وما كنت ادرى ما الكتاب ولا الايمان » اى الايمان الشرعى المتعلق بتفاصيل الاحكام ولذلك انزل فى الكتاب ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان قال ابن قتيبة لم تزل العرب على بقايا من دين اسمعيل من الحج والختان والنكاح وايقاع الطلاق والغسل من الجنابة وتحرم ذوات المحارم بالقرابة والمصاهرة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كانوا عليه فى مثل هذه الشرآئع وكان يوحد ويبغض اللات والعزى ويحج ويعتمر ويتبع شريعة ابراهيم عليه السلام ويتعبد بها حتى جاءه الوحى وجاءته الرسالة فيقول البيضاوى وهو دليل على انه لم يكن متعبدا قبل النبوة بشرع ممنوع فان عدم الدراية لا يلزمه عدم التعبد بل يلزمه سقوط الاثم ان لم يكن تقصير فالحق ان المراد هو الايمان بما لا طريق اليه الا السمع وقال بعضهم هذا تخصيص بالوقت يعنى كان هذا قبل البلوغ حين كان طفلا وفى المهد ما كان يعرف الايمان وهو ضعيف لانه عليه السلام أفضل من يحيى وعيسى عليهما السلام وقد اوتى كل الحكم والعلم صبيا وقال بعضهم هو من باب حذف المضاف اى ولا اهل الايمان يعنى من الذى يؤمن ومن الذى لا يؤمن قبل ان ظهر ايمان من آمن وكفر من كفر كما قال ابن الفضل اهله لانه ظن ان ابا طالب يؤمن كما قال عليه السلام(13/134)
« اردنا اسلام ابى طالب واراد الله اسلام العباس فكان ما اراد الله دون ما اردنا » وهو ضعيف ايضا لانه عليه السلام لا يدرى بعد الوحى ايضا جميع من يؤمن ومن يصر الى آخر العمر { ولكن جعلناه } اى الروح الذى اوحينا اليك والجعل بمعنى التصيير لا بمعنى الخلق وحقيقته انزلناه { نورا نهدى به من نشاء } هدايته بالتوفيق للقبول والنظر فيه { من عبادنا } وهو الذى يصرف اختياره نحو الاهتدآء به { وانك لتهدى } تقرير لهدايته تعالى وبيان لكيفيتها ومفعول لتهدى محذوف ثقة بغاية الظهور أى وانك لتهدى بهذا النور وترشد من نشاء هدايته { الى صراط مستقيم } هو الاسلام وسائر الشرائع والاحكام والصراط من السبيل ما لا التوآء فيه اى لا اعوجاج بل يكون على سبيل القصد(13/135)
صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)
{ صراط الله } بدل من الاول { الذى له ما فى السموات وما فى الارض } خلقا وملكا واضافة الصراط الى الاسم الجليل ووصفه بالذى الخ لتفخيم شأنه وتقرير استقامته وتأكيد وجوب سلوكه فان كون جميع ما فيهما من الموجودات له تعالى خلقا وملكا وتصرفا مما يوجب ذلك اتم ايجاب
قال بعضهم دعونا أقواما فى الازل فأجابوا فأنت تهديهم الينا وتدلهم علينا وانما كان عليه السلام هاديا لانه نور كالقرءآن ولمناسبة نوره مع نور الايمان والقرءآن قيل كان خلقه القرءآن
اى نور الهى زجبين توهويدا سر ازل از نور جمالت شده بيدا
{ ألا } كلمة تذكرة لتبصرة او تنبيه لحجة وبالفارسية بدانيدكه { الى الله } لا الى غيره { تصير الامور } اى امور ما فيهما قاطبة بارتفاع الوسائط والتعلقات يعنى يوم القيامة فيحمل تصير على معنى الاستقبال ففيه من الوعد للمهتدين الى الصراط المستقيم والوعيد للضالين عنه ما لا يخفى وقال فى بحر العلوم الى الله تصير امور الخلائق كلها فى الدنيا والآخرة فلا يدبرها الا هو حيث لا يخرج امر من الامور من قضائه وتقديره ونزد محققان باز كشت همه امور درهمه اوقات واحوال بحضرت اوست وبارتفاع حجب ووسائط مشاهده اين معنى دست دهد صورت كثرت حجب وحدتست غيبت ما مانع نور حضور ديده دل باز كشاويبين سر الى الله تصير الامور
وذلك لان الله مبدأ كل ومرجعه ومصيره اما بالفناء الاختيارى او بالفناء الاضطرارى يكبار حسن بصرى رحمه الله بجنازه رفت جون مرده را در كور نهادند وخاك راست كردند حسن برسر آن خاك نشست وجندان بدان كريست كه خاك كل شد بس كفت اى مردمان اول آخر بحدست آخر دنيا نكرى كورست واول اخرت نكرى كورست كه القبر منزل من منازل الآخرة جه مى نازيد بعالمى كه آخرش اينست يعنى كور وجون نمى ترسيد از عالمى كه اولش اينست يعنى كور جون اول آخرش اينست اى اهل غفلت كار اول وآخر بسازيد شب كور خواهى منور جو روز ازبنجا جراغ عمل برفروز بران خورد سعدى كه بيخى نشاند كسى برد خرمن كه تخمى فشاند
وعن سهل بن ابى الجعد احترق مصحف فلم يبق الا قوله تعالى ألا الى الله تصير الامور وغرق مصحف فانمحى كل شئ الا ذلك كذا فى عين المعانى للسجاوندى(13/136)
حم (1)
{ حم } اى القرءآن مسمى بحم او هذه السورة مسماة به
يقول الفقير امده الله القدير حم اشارة الى الاسمين الجليلين من اسمائه تعالى وهما الحنان والمنان فالحنان هو الذى يقبل على من اعرض عنه وفى القاموس الحنان كشداد اسم لله تعالى ومعناه الرحيم انتهى والمنان هو الذى يبدأ بالنوال قبل السؤال كما قال فى القاموس المنان من اسماء الله تعالى المعطى ابتدآء انتهى وقد جعل فى داخل الكعبة ثلاث اسطوانات الاولى اسطوانة الحنان والثانية اسطوانة المنان والثالثة اسطوانة الديان وانما اضيفت الى الله تعالى تعظيما كما قيل بيت الله وناقة الله فاشار بهذه الاسماء الثلاثة حيث جعلت فى داخل الكعبة المشار بها الى الذات الاحدية الى ان مقتضى الذات هو الرحمة والعطاء فى الدنيا والمجازاة والمكافاة فى الآخرة وبرحمته انزل القرءآن كما قال مقسما به(13/137)
وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)
{ والكتاب } بالجر على انه مقسم به اما ابتدآء او عطف على حم على تقدير كونه مجرورا باضمار باء القسم على ان مدار العطف المغايرة فى العنوان ومناط تكرير القسم المبالغة فى تأكيد مضمون الجملة القسمية { المبين } اى البين لمن أنزل عليهم لكونه بلغتهم وعلى اساليبهم فيكون من أبان بمعنى بان اى ظهر او المبين بمعنى اظهر وأوضح وقال سهل بين فيه الهدى من الضلالة والخير من الشر وبين سعادة السعدآء وشقاوة الاشقياء وقال بعضهم المراد بالكتاب الخط والكتابة يقال كتبه كتبا وكتابا خطه اقسم به تعظيما لنعمته فيه اذ فيه كثرة المنافع فان العلوم انما تكاملت بسبب الخط فالمتقدم اذا استنبط علما وأثبته فى كتاب وجاء المتأخر وزاد عليه تكاثرت به الفوائد
يقول الفقير لعل السبب فى حمل الآية على هذا المعنى الغير الظاهر لزوم اتحاد المقسم به والمقسم عليه على تقدير حملها على القرءآن وليس بذلك كما يأتى(13/138)
إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3)
{ انا جعلناه قرءآنا عربيا } ان قلت هذا يدل على ان القرءآن مجعول والمجعول مخلوق وقد قال عليه السلام « القرءآن كلام الله غير مخلوق » قلت المراد بالجعل هنا تصيير الشئ على حالة دون حالة فالمعنى انا صيرنا ذلك الكتاب قرءآنا عربيا بانزاله بلغة العرب ولسانها ولم نصيره اعجميا بانزاله بلغة العجم مع كونه كلامنا وصفتنا قائمة بذاتنا عرية عن كسوة العربية منزهة عنها وعن توابعها { لعلكم تعقلون } كلمة لعل مستعارة لمعنى كى وهو التعليل وسببية ما قبلها لما بعدها لكون حقيقة الترجى والتوقع ممتنعة فى حقه تعالى لكونها مختصة بمن لا يعلم عواقب الامور وحاصل معناها الدلالة على ان الملابسة بالاول لاجل ارادة الثانى من شبه الارادة بالترجى فقوله لعلكم تعقلون فى موضع النصب على المفعول له وفعل الله تعالى وان كان لا يعلل بالغرض لكن فيه مصلحة جليلة وعاقبة حميدة فهى كلمة علة عقلا وكلمة مصلحة شرعا مع ان منع التعليل بالغرض العائد الى العباد بعيد عن الصواب جدا لمخالفته كثيرا من النصوص والمعنى لكى تفهموا القرءآن العربى وتحيطوا بما فيه من النظم الرائق والمعنى الفائق وتقفوا على ما تضمنه من الشواهد الناطقة بخروجه عن طوق البشر وتعرفوا حق النعمة فى ذلك وتنقطع اعذاركم بالكلية اذ لو أنزلناه بغير لغة العرب ما فهمتموه فقوله انا جعلناه قرءآنا عربيا جواب للقسم لكن لا على ان مرجع التأكيد جعله كذلك كما قيل بل ما هو غايته التى يعرب عنها قوله تعالى لعلكم تعقلون فانها المحتاجة للتأكيد لكونها منبئة عن الاعتناء بأمرهم واتمام النعمة عليهم وازاحة اعذارهم كذا فى الارشاد وقال بعضهم أقسم بالقرءان على انه جعله قرءآنا عربيا فالقسم والمقسم عليه من بدائع الاقسام لكونهما من واحد فالمقسم به ذات القرءان العظيم والمقسم عليه وصفه وهو جعله قرءآنا عربيا فتغايرا فكأنه قيل والقرآن المبين انه ليس بمجرد كلام مفترى على الله وأساطير بل هو الذى تولينا انزاله على لغة العرب فهذا هو المراد بكونه جوابا لا مجرد كونه عربيا اذ لا يشك فيه وانما جعله مقسما به اشارة الى انه ليس عنده شىء اعظم قدرا وأرفع منزلة منه حتى يقسم به فان المحب لا يؤثر على محبوبه شيأ فاقسم به ليكون قسمه فى غاية الوكادة وكذا لا اهم من وصفه فيقسم عليه(13/139)
وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)
{ وانه } اى ذلك الكتاب { فى ام الكتاب } اى فى اللوح المحفوظ فانه اصل الكتاب اى جنس الكتب السماوية فان جميعها مثبتة فيه على ما هى عليه عند الانبياء ومأخوذة مستنسخه منه قال الراغب قوله فى ام الكتاب اى فى اللوح المحفوظ وذلك لكون كل منسوبا اليه ومتولدا فيه والكتاب اسم للصحيفة مع المكتوب فيها { لدينا } اى عندنا { لعلى } رفيع القدر بين الكتب شريف { حكيم } ذو حكمة بالغة او محكم لا يتطرق اليه نسخ بكتاب آخر ولا تبديل وهما اى على وحكيم خبر ان لان وما بينهما بيان لمحل الحكم كانه قيل بعد بيان اتصافه بما ذكر من الوصفين الجليلين هذا فى ام الكتاب الذى هو اشرف مكان واعزه لدينا والجملة استئناف لا محل لها من الاعراب وهذا كما قال فى الجلالين يريد انه يثبت عند الله فى اللوح المحفوظ بهذه الصفة
واعلم ان اللوح المحفوظ خلقه الله تعالى من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمرآء قلمه نور وكتابه نور عرضه كما بين السماء والارض ينظر الله تعالى فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق بكل نظرة ويحيى ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء وفى الخبر « ان احرف القرءآن فى اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف وان تحت كل حرف معانى لا يحيط بها الا الله تعالى » ولذا لم يقم لفظ مقام لفظه ولا حرف مقام حرفه فهو معجز من حيث اللفظ والمعنى ولما كان القلب الانسانى هو اللوح الحقيقى المعنوى نزل على قلبه عليه السلام القرءآن واستقر فيه الى الابد دنيا وآخرة وكذا نزل من حيث المعنى على قلوب ورثته عليه السلام كما اخبر عنه ابو يزيد قدس سره وكما ان الله تعالى ينظر كل يوم فى اللوح المحفوظ ثلاثمائة وستين نظرة كذلك ينظر فى لوح القلب ذلك العدد فيمحو ما يشاء ويثبت والمراد باليوم هو اليوم الآتى المنبسط عند الله الى الف سنة واشير اليها بعدد ايام السنة فافهم جدا فان كان القلب لوح الله تعالى فينبغى للعبد ان يمحو عنه آثار الغير ويزينه بما يليق به فانه لمنظر الالهى قال بعض الكبار اذا كان ميل المرء الى الشهوة والصورة والخلق يشتغل بتزيين ظاهره باللباس المعتبر عند الناس واذا كان ميله الى المحبة والحقيقة والحق يشتغل بتزيين باطنه بما يعتبر عند الله ولا يلتفت الى ظاهره بل يكتفى بما يحفظه من الحر والبرد اى شىء كان وقال بعض الكبار تتبع كتاب الله فى الليل والنهار يوصلك الى مقام لاحرار لان كل ما يؤدى الى ذكر الله تعالى فهو علاج القلوب المريضة لان اعظم الامراض القلبية هو نسيان الله تعالى كما قال { نسوا الله فنسيهم } ولا شك انه علاج امر بضده وهو ذكر الله كما قال { فاذكرونى اذكركم } دات آبينه خداى نماست روى آيينه توتيره جراست صيقلى دارى صيقلى ميزن تاكه آيينه ات شود روشن صيقل آن اكرنه آكاه نيست جزلا اله الا الله(13/140)
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (5)
{ افنضرب عنكم الذكر } بعد ما بين علو شأن القرءآن العظيم وحقق ان انزاله على لغتهم ليعقلوه ويؤمنوا به ويعملوا بموجبه عقب ذلك بانكار ان يكون الامر بخلافه فقيل أفنضرب عنكم الذكر والفاء للعطف على محذوف يقتضيه المقام والمعنى أنهملكم فتحى القرءآن عنكم ونبعده ونترك الامر والنهى والوعد والوعيد مجاز من قولهم ضرب الغرائب عن الحوض استعارة تمثيلية شبه حال الذكر وتنحيته بحال غرآئب الابل وذودها ثم استعمل ما كان مستعملا فى تلك القصة ههنا والمراد بالغرآئب البعران الاجانب والابل اذا وردت الماء ودخلت بينها ناقة غريبة من غيرها ذيدت وطردت عن الحوض وفيه اشعار باقتضاء الحكمة توجه الذكر اليهم بملازمته لهم كأنه يتهافت عليهم { صفحا } الصفح الاعراض يقال صفح كمنع اعرض وترك وعنه عفا والسائل رده كأصفحه وسمى العفو صفحا لانه اعراض عن الانتقام من صفحة الوجه لان من اعرض عنك فقد اعطاك صفحة وجهه والمعنى اعراضا عنكم على انه مفعول له للمذكور او صافحين على انه حال او مصدر من غير لفظه فان تنحية الذكر عنهم اعراض { ان كنتم قوما مسرفين } السرف تجاوز الحد فى كل فعل يفعله الانسان اى لان كنتم منهمكين فى الاسراف فى المعاصى مصرين عليه على معنى ان حالكم وان اقتضى تخليتكم وشأنكم حتى تموتوا على الكفر والضلالة وتبقوا فى العذاب الخالد لكنا لسعة رحمتنا لا نفعل ذلك بل نهديكم الى الحق بارسال الرسول الامين وانزال الكتاب المبين
درتبيان كفته كه بسبب شرك شما قرآنرا بآسمان نخواهيم بردكه دانسته ايم كه زود بيايند قومى كه بدو بكروند وباحكام آن عمل كنند
وانما يرتفع القرءآن فى آخر الزمان قال قتادة والله لو كان هذا القرءآن رفع حين رده اوآئل هذه الامة لهلكوا ولكن عاد بعائدته ورحمته فكرره عليهم عشرين سنة او ما شاء الله كفتا والله كه اكردر صدر آن امت رب العزت قرآن از زمين برداشتى بكفر كافران ورد ايشان خلق همه هلاك كردندى ويك كسى نماندى لكن حق تعالى بانكار وكفر ايشان ننكريست بفضل ورحمت خودنكريست همجنان قرآن روز بروز مى فرستاد تمامى بيست سال يازياده تاكار دين تمام كشف واسلام قوى شد
وفيه اشارة الى ان من لم يقطع اليوم خطابه عمن تمادى فى عصيانه واسرف فى اكثر شانه كيف يمنع غدا لطائف غفرانه وكرائم احسانه عمن لم يقصر فى ايمانه ولم يدخل خلل فى عرفانه وان تلطخ بعصيانه
دارم ازلطف ازل جنت فردوس طمع كرجه دربانئ ميخانه فراوان كردم بير طريقت درمناجات خويش كفته الهى توانىكه از بنده ناسزامى بينى وبعقوبت نشتابى ازبنده كفر مىشنوى ونعمت ازوى بازنكيرى ثواب وعفو بروى عرضه ميكنى وبيغام وخطاب خود اوراباز خوانى واكر باز آيد وعده مغفرت ميدهىكه ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف جون بادشمن بدكردار جنينى جه كويم كه دوست نكوكار راجونى دوستا نراكجا كنى محروم توكه بادشمنان نظردارى(13/141)
وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6)
{ وكم ارسلنا من نبى فى الاولين } كم خبرية فى موضع النصب على انه مفعول مقدم لارسلنا ومن نبى تمييز وفى الاولين متعلق بارسلنا او بمحذوف مجرور على انه صفة لنبى والمعنى كثيرا من الانبياء ارسلنا فى الامم الاولين والقرون الماضية(13/142)
وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (7)
{ وما يأتيهم من نبى الا كانوا به يستهزئون } ضمير يأتيهم الى الاولين وهو حكاية حال ماضية مستمرة لان ما انما تدخل على مضارع فى معنى الحال او على ماض قريب منها اى كانوا على ذلك والمعنى بالفارسية
ونيايد بايشان هيج بيغمبرى مكر افسوس كردند برو
يعنى ان عادة الامم مع الانبياء الذين يدعونهم الى الدين الحق هو التكذيب والاستهزاء فلا ينبغى لك ان تتأذى من قومك بسبب تكذيبهم واستهزائهم لان المصيبة اذا عمت خفت(13/143)
فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (8)
{ فأهلكنا اشد منهم } اى من هؤلاء القوم المسرفين وهم قريش { بطشا } تمييز وهو الظاهر أو حال من فاعل اهلكنا اى باطشين قال الراغب البطش تناول الشىء بصولة والاخذ بشدة
يعنى اقرباى ايشانرا اهلاك كرديم وشدت وشوكت ايشان مارا عاجز نداشت
فهو وعد له عليه السلام ووعيد لهم بمثل ما جرى على الاولين ووصفهم بأشدية البطش لاثبات حكمهم لهؤلاء بطريق الاولوية { ومضى مثل الاولين } اى سلف فى القرءآن غير مرة ذكر قصتهم التى حقها ان تسير مسير المثل وهم قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم وفى الآية اشارة الى كمال ظلومية نفس الانسان وجهوليته وكمال حلم الله وكرمه وفضل ربوبيته بانهم وان بالغوا فى اظهار اوصافهم الذميمة واخلاقهم اللئيمة بالاستهزاء مع الانبياء والمرسلين والاستخفاف بهم الى ان كذبوهم وسعوا فى قتلهم من اهل الاولين والآخرين وكذلك يفعلون اهل كل زمان مع ورثة الانبياء من العلماء المتقين والمشايخ السالكين الناصحين لهم والداعين الى الله والهادين لهم فالله تعالى لم يقطع عنهم مراحم فضله وكرمه وكان يبعث اليهم الانبياء وينزل عليهم الكتب ويدعوهم الى جنابه وينعم عليهم بعفوه وبغفرانه ومن غاية افضاله واحسانه تأديبا وترهيبا بعباده اهلك بعض المتمردين المتمادين فى الباطل ليعتبر المتأخرون من المتقدمين
جوبر كشته بختى در افتد به بند از ونيك بختان بكيرند بند
قال فى كشف الاسرار عجب كاريست هركجا كه حديث دوستان دركيرند آستان بيكانكان دران بيونددد وهركجاكه لطافتى وكرامتى نمايد قهرى وسياستى در برابرآن نهد هركجاكه حقيقى است مجازى آفريده تا برروى حقيقت تمرد افشاند وهرحجتى شبهتى آميخت تا رخساره حجت مى خراشد هركجاكه علمى است جهلى بيدا آورده تابر سلطان علم برمى آويزد هركجاكه توحيدست شركى بديد آورد تا باتوحيد طريق منازعت مى سيرد وبعدد هردوستى هزار دشمن آفريده بعدد هرصديقى هزار زنديق آورده هركجا مسجد است كليسايى در برابر او بنا كرده هركجا صومعه خراباتى هركجا طيلسانى زنارى هركجا اقرارى انكارى هركجا عابدى جاحدى هركجا دوستى دشمنى هركجا صادقى فاسقى جور دشمن جه كند كرنكشد طالب دوست كنج ومار وكل وخار وغم وشادى بهمند ازشرق تا غرب بر زينت ونعمت كرده ودرهر نعمتى تعبيه محنتى دربيش ساخته من نكد الدنيا مضرة الزرنيخ ومنفعة الهليلج بيرطريقت كفت آدمى رامه حالتست سربيان مشغولست يا طاعت است كه اورا ازان سودمندى است يا معصيت كه اورا ازان بشيمانى است يا غفلت است كه اورا ايانكارى است بند نيكوتر از قرآن جيست وناصح مهربان ترا زمولى كيست سرمايه فراح ترا زايمان حيست رابح ترا زتجارت بالله حيست مكركه آدمىرا بزبان خرسندى ويقطيعت رضا دادنى واورا ازمولى بيزارى بيداران روز كرددكه بيود بوى هرجه بودنى است بندانكه بذيردكه باو رسد آنجه رسيدنى است اين صفت آن قوم كه رب العزة ميكويد
فاهلكنا اشد منهم بطشا ومضى مثل الاولين نسأل الله العصمة(13/144)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9)
{ ولئن سألتهم } يعنى قومك وهم قريش { من } استفهام بمعنى كه بالفارسية { خلق السموات والارض } اى الاجرام العلوية والسفلية { ليقولن } اعترافا بالصانع { خلقهن العزيز } فى حكمه وملكه { العليم } باحوال خلقه جه اين نوع آفرينش كار جاهل وعاجز نتواند بود بس درين آيت اخبار ميكند ازغايت جهل انسانكه مقرند بآفريننده قوى ودانا وعبادت غير او ميكويد
قال فى الارشاد ليسندن خلقها الى من هذا شأنه فى الحقيقة وفى نفس الامر لا انهم يعبرون عنه بهذا العنوان وقد جوز ان يكون ذلك عين عبارتهم وفى فتح الرحمن ومقتضى جواب قريش ان يقولوا خلقهن الله فلما ذكر الله تعالى المعنى جاءت العبارة عن الله بالعزيز العليم ليكون ذلك توطئة لما عدده بعد من اوصافه التى ابتدأ الاخبار بها وقطعها عن الكلام الذى حكى معناه عن قريش وهو قوله الذى وفى الآية اشارة الى ان فى جبلة الانسان معرفة لله مركوزة وذلك لان الله تعالى ذرأ ذريات بنى آدم من ظهورهم وأشهدهم على انفسهم بخطاب ألست بربكم فأسمعهم خطابه وعرفهم ربوبيته وفقههم لاجابته حتى قالوا بلى فصار ذلك الاقرار بذر ثمرة اقرارهم بخالقية الله تعالى فى هذا العالم لكن الله تعالى لعزته لا يهتدى الى سرادقات عزته الا من أعزه الله تعالى بجذبات عنايته وهو العليم الذى يعلم حيث يجعل رسالاته
اسم أعظم بكند كار خود اى دل خوش باش كه بتلبيس وحيل ديو سليمان نشود(13/145)
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10)
{ الذى جعل لكم الارض مهدا } استئناف من جهته تعالى والجعل بمعنى تصيير الشىء على حالة دون حالة والمهد والمهاد المكان الممهد الموطأ لقوله تعالى { جعل لكم الارض فراشا } اى بسطها لكم تستقرون فيها وبالفارسية ساخت براى شما زمين را بساطى كسترده تاقراركاه شما باشد
وفى بحر العلوم جعل الارض مسكنا لكم تقعدون عليها وتنامون وتنقلبون كما ينقلب أحدكم على فراشه ومهاده { وجعل لكم فيها سبلا } تسلكونها فى اسفاركم لامور الدين والدنيا جمع سبيل وهو من الطرق ما هو معتاد السلوك وقال الراغب السبيل الطريق الذى فيه سهولة { لعلكم تهتدون } اى لكى تهتدوا لسلوكها الى مقاصدكم
يعنى بسوى بلاد وديارى كه خواهيد
او بالتفكر فيها الى التوحيد الذى هو المقصد الاصلى(13/146)
وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11)
{ والذى نزل من السماء ماء بقدر } بمقدار ووزن ينفع العباد والبلاد ولا يضرهم وبالفارسية آبى باندازه حاجت ومصلحت يعنى نه بسيار غرق شدن باشد جون طوفان ونه اندك كه مهمات زراعت وغير اورا كفايت نكند
وهذه عادة الله فى عامة الاوقات وقد ينزل بحسب الحكمة ما يحصل به السيول فيضرهم وذلك فى عشرين او ثلاثين سنة مرة ابتلاء منه لعباده واخذا لهم بما اقترفوا { فانشرنا به } اى احيينا بذلك الماء والانشار احياء الميت بالفارسية زنده كردن مرده را { بلدة ميتا } مخفف من الميت بالتشديد اى خالية عن النماء والنبات بالكلية شبه زوال النماء عنها بزوال الحياة عن البدن وتذكير ميتا لان البلدة فى معنى البلد والمكان والفضاء وقال سعدى المفتى لا يبعد والله تعالى اعلم ان يكون تأنيث البلد وتذكير الميت اشارة الى بلوغ ضعف حاله الغاية والالتفات الى نون العظمة لاظهار كمال العناية بأمر الاحياء والاشعار بعظم خطره { كذلك } اى مثل ذلك الاحياء الذى هو فى الحقيقة اخراج النبات من الارض { تخرجون } اى تبعثون من قبوركم احياء تشبيه احيائهم باحياء البلدة الميت كما يدل على قدرة الله تعالى وحكمته مطلقا فكذلك يدل على قدرته على القيامة والبعث وفى التعبير عن اخراج النبات بالانشار الذى هو احياء الموتى وعن احيائهم بالاخراج تفخيم لشان الانبات وتهوين لامر البعث لتقويم سند الاستدلال وتوضيح منهاج القياس وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى نزل من سماء الروح ماء الهداية فأحيى به بلدة القلب الميت كذلك يخرج العبد من ظلمات ارض الوجود الى نور الله تعالى فانه ما دام لم يحى قلبه بماء الهداية لم يخرج من ظلمات ارض الوجود كما ان البذر ما لم يحيى فى داخل الارض بالمطر لم يظهر فى ظاهرها فكان الفيض سبب النور ( روى ) ان ام الحسن البصرى رضى الله عنه كانت مولاة ام سلمة رضى الله عنها زوجة النبى صلى الله عليه وسلم وربما غابت لحاجة فيبكى فتعطيه ام سلمة ثديها فيشربه فنال الحكمة والفصاحة من بركة ذلك وايضا حياة القلب باسباب منها الغذآء الحلال
نقلست كه او يس القرنى رضى الله عنه يكبارسه شبا نروز هيج نخورده بود بيرون آمد برراه يك دينار افتاده بود كفت ازكسى افتاده باشد روى كردانيد تاكياه اززمين برجيند وبخورد ناكاه ديدكه كوسفندى مى آيد وكرده كرم در دهان كرفته بيش وى بنهاد واو كفت مكر ازكسى ربوده باشد روى بكر دانيدكو سفند بسخن درآمد كفت من بنده آن كسم توبنده وى بستان روزى ازبنده خداى كفت دست دراز كردم تاكرده بر كيرم كرده دردست خويش ديدم وكوسفند نابديدشد
يقول الفقير لعله كان من الارواح العلوية وانما تمثل بصورة الغنم من حيث أن اويس كان الراعى ومن حيث ان الغنم كان صورة الانقياد والاستسلام وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى جعل للناس طرقا مختلفة من الهداية والضلالة فاما طريق الهداية فبعدد انفاس الخلائق وكلها موصلة الى الله تعالى .(13/147)
اما طريق الضلالة فليس شىء منها موصلا الى الرحمة بل الى الغضب فليسارع العبد الى قبول دعوة داعى الرحمة كما قيل خواص هذه الامة وأفضل الطرق طريق الذكر والتوحيد ولذا امر الله بالذكر الكثير
بيش روشن دلان بحرصفا ذكر حق كوهرست ودن دريا برورش ده بقعر آن كهرى كه نيايد بلب ازان اثرى تاخدا سازدش بنصرت وعون كوهرى قيمتش فزون زدوكون(13/148)
وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12)
{ والذى خلق الازواج كلها } اى اصناف المخلوقات بأسرها كما قال { مما تنبت الارض ومن انفسهم ومما لا يعلمون } لا يشذ شىء منها عن ايجاده واختراعه وعن ابن عباس رضى الله عنهما الازواج الضروب والانواع كالحلو والحامض والابيض والاسود والذكر والانثى وقيل كل ما سوى الله فهو زوج كفوق وتحت ويمين وشمال وقدام وخلف وماض ومستقبل وذات وصفات وأرض وسماء وبر وبحر وشمس وقمر وليل ونهار وصيف وشتاء وجنة ونار الى غير ذلك مما لا يحصى وكونها ازواجا يدل على انها ممكنة لوجود وان محدثها فرد منزه عن المقابل والمعارض { وجعل لكم من الفلك } اى السفن الجارية فى البحر { والانعام } اى الابل والدواب يعنى جهاربايان { ما تركبون } اى ما تركبونه فى البحر والبر على تغليب احد اعتبارى الفعل لقوته على الاخر فان ركب يعدى الى الانعام بنفسه يقال ركبت الدابة والى الفلك بواسطة حرف الجر يقال ركبت فى الفلك وتقديم البيان على المبين للمحافظة على الفاصلة النونية وتقديم الفلك على الانعام لان الفلك أدل دليل على القدرة الباهرة والحكمة البالغة(13/149)
لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13)
{ لتستووا على ظهوره } اى لتستعلوا على ظهور ما تركبونه من الفلك والانعام والظهور للانعام حقيقة لا للفلك فدل على تغليب الانعام على الفلك وايراد لفظ ظهور بصيغة الجمع مع ان ما اضيف مفرد اليه للمعنى لان مرجع الضمير جمع فى المعنى وان كان مفردا فى اللفظ { ثم تذكروا نعمة ربكم } عليكم { اذ استويتم عليه } المراد لذكر بالقلوب لانه هو الاصل وله الاعتبار فقد ورد ان الله لا ينظر الى صوركم واعمالكم بل الى قلوبكم ونياتكم وبه يظهر وجه ايثار تذكروا على تحمدوا والمعنى ثم تذكروا نعمة ربكم بقلوبكم اذا استعليتم عليه معترفين بها مستعظمين لها ثم تحمدو عليها بألسنتكم { وتقولوا } متعجبين من ذلك { سبحان الذى سخر لنا هذا } المركوب يعنى باكست آن خداى كه رام ونرم كردانيد وزيردست ساخت براى ماين كشتى واين حيوانرا تابمدد ركوب برايشان قطع بر وبحر ميكنيم { وما كنا له مقرنين } اى مطيقين بتذليلها يعنى ليس عندنا من القوة والطاقة ان نقرن هذه الدابة والفلك وان نضبطها فسبحان من سخر لنا هذا بقدرته وحكمته وهذا من تمام ذكر نعمته تعالى اذ بدون اعتراف المنعم عليه بالعجز عن تحصيل النعمة لا يعرف قدرها ولا حق المنعم بها قال فى القاموس اقرن للامر اطاقه وقوى عليه كاستقرن وعن لامر ضعف ضد انتهى والاقران بالفارسية طاقت جيزى داشتن
وفى كشف الاسرار تقول اقرنت الرجل اذا ضبطته وساويته فى القوة وصرت له قرنا وقال غيره اصله وجده قرينه لان الصعب لا يكون قرينا للضعيف يعنى ان من وجد شيأ قرينه لم يصعب عليه وهو معنى أطاقه(13/150)
وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14)
{ وانا الى ربنا لمنقلبون } اى راجعون بالموت وبالفارسية باز كردنده كايم در آخر برمركبى كه جنازه كويند وآخر مركبى از مراكب دنيا آنست هش دار وعنان كشيده رو آخر كار بر مركب جوبين زجهان خواهى رفت
وفيه ايذان بان حق الراكب ان يتأمل فيما يلابسه من المسير ويتذكر منه المسافرة العظمى التى هى الانقلاب الى الله تعالى فيبنى اموره فى مسيره ذلك على تلك الملاحظة ولا يخطر بباله فى شىء مما يأتى ويذر امراينا فيها ومن ضرورته ان يكون ركوبه لامر مشروع كالحج وصلة الرحم وطلب العلم ونحو ذلك وايضا ان الركوب موقع فى الخطر والخوف من حيث ان راكب الدابة لا يأمن من عثارها او شموسها مثلا والهلاك بذلك وكذا راكب السفينة لا يأمن انكسارها وانقلابها وغرقها فينبغى للراكب ان لا يغفل عن الله لحظة ويستعد للقائه ويعلم ان الموت اقرب اليه من شراك نعله وان كل نفس يتنفسه كأنه آخر الانفاس قال بعضهم اجل نعمة الله على العباد ان يقويهم على نفوسهم الامارة وينصرهم عليها حتى يركبوا عليها ويميتوها بالمجاهدات حتى تستقيم فى طاعة الله واذا استقامت وجب عليهم شكر النعمة ومن لم يعرف نعم الله عليه الا فى مطعمه ومشربه ومركبه فقد صغر نعم الله عليه ثم ان تسخير النفوس بعد استوآئها فى اطاعة الله يكون بتسخير الله لا بالكسب والمجاهدة ولذا قال سبحان الذى الخ وانما ذكر الانقلاب فى الآخر لان رجوع النفس الى الله انما هو بعد تسخيرها المذكور وقال بعضهم وانا الى ربنا لمنقلبون كما جئنا اول مرة كما قال { كما بدأنا اول خلق نعيده } اى كما بدأ خلقنا باشارة امر كن واخرج ارواحنا من كتم العدم الى عالم الملكوت بنفخته الخاصة ردنا الى اسفل سافلين القالب وهو عالم الملك ثم بجذبة ارجعى الى ربك اعادنا على مركب النفوس من عالم الملك الى ساحل بحر الملكوت ثم سخر لنا فلك القلوب وسيرنا فى بحر الملكوت الى عالم الربوبية روى على بن ابى ربيعة انه شهد عليا رضى الله تعالى عنه حين ركب فلما وضع رجله فى الركاب قال بسم الله فلما استوى قال الحمد لله ثم قال سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون ثم حمد ثلاثا وكبر ثلاثا ثم قال لا اله الا انت ظلمت نفسى فاغفر لى انه لا يغفر الذنوب الا انت ثم ضحك فقيل له ما يضحكك يا امير المؤمنين قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل ما فعلت وقال مثل ما قلت ثم ضحك فقلنا مم ضحكت يا رسول الله قال(13/151)
« يعجب ربنا عز وجل من عبده اذا قال لا اله الا انت ظلمت نفسى فاغفر لى انه لا يغفر الذنوب الا انت ويقول علم عبدى ان لا يغفر الذنوب غيرى » وفى عين المعانى كان صلى الله تعالى عليه وسلم اذا ركب هلل وكبر ثلاثا ويقال قبل هذا الحمد لله الذى حملنا فى البر والبحر ورزقنا من الطيبات وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا ومن علينا الايمان والقرآن وبنبينا محمد صلى الله عليه وسلم سبحان لذى سخر لنا الاية وفى كشف الاسرار كان الحسن ابن على رضى الله عنهما يقولها ويروى عن الحسن رضى الله عنه انه كان اذا ركب دابة قال الحمد لله الذى هدانا للاسلام والحمد لله الذى اكرمنا بالقرءآن والحمد لله الذى من علينا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله لذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين قال صلى الله تعالى عليه وسلم « ما من احد من امتى استوى على ظهر دابة فقال كما امره الله الا غفر له » وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « اذا ركب العبد الدابة فلم يذكر اسم الله عليها ردفه الشيطان وقال له تغن فان قال لا احسن اى الغناء قال له تمن يعنى تكلم بالباطل فلا يزال فى امنيته حتى ينزل » وروى ان قوما ركبوا فى سفر وقالوا سبحان الذى الآية وفيهم رجل على ناقة رازمة لا تتحرك هزالا فقال اما انا فمقرن مطيق لهذه فسقِط عنها بوثبتها واندقت عنقه وروى عن الحسن بن على رضى الله عنهما انه كان اذا عثرت دابته قال اللهم لا طير الا طيرك ولا خير الا خيرك ولا اله غيرك ولا ملجأ ولا منجى منك الا اليك ولا حول ولا قوة الا بك هذا اذا ركب الدابة واما اذا ركب فى السفينة فيقول بسم الله مجراها ومرساها ان ربى لغفور رحيم وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون(13/152)
وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15)
{ وجعلوا له من عباده جزأ } الجاعلون هم قبائل من العرب قالوا ان الله صاهر الجن فولدت له الملائكة وقال بعضهم هو رد على بنى مليح حيث قالوا الملائكة بنات الله ومليح بالحاء المهملة كزبير حى من خزاعة والجعل هنا بمعنى الحكم بالشئ والاعتقاد به جعلت زيدا افضل الناس اى حكمت به ووصفته والمراد بالعباد الملائكة وهو حال من جزأ قال فى القاموس الجزء البعض واجزأت الام ولدت الاناث وجعلوا له من عباده جزا اى اناثا انتهى ولذا قال الزجاج والمبرد والمارودى الجزء عند اهل العربية البنات يقال اجزأت المرأة اذا ولدت البنات ولذا قال الراغب جزء الشئ ما تتفوم به جملته وجعلوا له من عباد . جزأ قيل ذلك عبارة عن الاناث من قولهم اجزأت المرأة اتت بأنثى وقال جار الله ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالاناث وادعاء ان الجزء فى لغة العرب اسم للاناث وما هو الا كذب على العرب ووضع مستحدث ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه اجزأت المرأة ثم صنعوا بيتا وقالوا ان
اجزأت حمدة يوما فلا عجب ... زوجتها من بنات الاوس مجزنة
انتهى
يقول الفقير لم يكن الجزء فى الاصل بمعنى الاناث وانما ذكره اهل اللغة اخذا من الآية لانه فيها بمعنى الولد المفسر بالاناث فذكره فى اللغات لا ينافى حدوثه وانما عبر عن الولد بالجزء لانه بعض ابيه وجزء منه كما قال عليه السلام « ان فاطمة منى » اى قطعة منى وقال « فاطمة بضعة منى » والبضعة بالفتح القطعة من اللحم واثبات الولد له تعالى مستلزم للتركيب المستلزم للامكان المنافى للوجوب لذاتى فالله تعالى يستحيل ان يكون له ولد وهو جزء من والده لانه واحد وحدة حقيقية ومعنى الآية واعتقد المشركون وحكموا واثبتوا له تعالى ولدا حال كون ذلك الولد من الملائكة الذين هم عباده فقالوا الملائكة بنات الله بعد اعترافهم بألسنتهم واعتقادهم ان خالق السموات هو الله فكيف يكون له ولد والولادة من صفات الاجسام وهو خالق الاجسام كلها ففيه تعجيب من جهلهم وتنبيه على قلة عقولهم حيث وصفوه بصفات المخلوقين واشارة الى ان الولد لا يكون عبد أبيه والملائكة عباد الله فكيف تكون البنات عبادا وقيل الجزء ههنا بمعنى النصيب كما فى قوله تعالى { لكل باب منهم جزء مقسوم } اى نصيب ومعنى الآية قوله { جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا } وذلك انهم جعلوا البنات لله والبنين لانفسهم كما يجيئ { ان الانسان لكفور مبين } ظاهر الكفر مبالغ فيه او مظهر لكفره ولذلك يقولون ما يقولون سبحانه عما يصفون
بى زن وفرزندشدذات احد از ازل فردوصمد شدنا ابد(13/153)
أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16)
{ ام اتخذ مما يخلق بنات } مفعول اتخذوا البنات بالفارسية دختران { واصفاكم بالبنين } وشمارا خالص كرد وبر كزيدبه بسران ام منقطعة مقدرة ببل والهمزة على انها للانكار والتوبيخ والتعجيب من شأنهم وتنكير بنات لتربية الحقارة كما ان تعريف البنين لتربية الفخامة وقدم البنات لكون المنكر عليهم نسبتهن الى الله فكان ذكرهن اهم بالنظر الى مقصود المقام والالتفات الى خطابهم لتأكيد الالزام وتشديد التوبيخ والاصفاء والايثار وبالفارسية بركزيدن يقال اصفيت فلانا بكذا اى آثرته به والمعنى بل اتخذ من خلقه البنات التى هى اخس الصنفين واختار لكم البنين الذين هم افضلهما على معنى هبوا انكم اجترأتم على اضافة جنس الولد اليه سبحانه وتعالى مع ظهور استحالته وامتناعه اما كان لكم شئ من العقل ونبذة من الحياء حتى اجترأتم على ادعاء انه تعالى آثركم على نفسه بخير الصنفين واعلاهما وترك لنفسه شرهما وادناهما فان الاناث كانت ابغض الاولاد عندهم ولذا وأدوهن ولو اتخذ لنفسه البنات واعطى البنين لعباده لزم ان يكون حال العبد اكمل وأفضل من حال الله ويدفعه بديهة العقل(13/154)
وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17)
{ واذا بشر احدهم بما ضرب للرحمن مثلا } الالتفات للايذان باقتصاء ذكر قبائحهم ان يعرض عنهم ويحكى لغيرهم تعجبا منها وضرب هنا بمعنى جعل المتعدى الى مفعولين حذف الاول منهما لا بمعنى بين ومثلا بمعنى شبيه لا بمعنى القصة العجيبة كما فى قولهم ضرب له المثل بكذا والمعنى واذا اخبر أحد المشركين بولادة ما جعله مثلا له تعالى وشبيها اذ الولد لا بد ان يجانس الوالد ويماثله { ظل وجهه مسودا } الظلول هنا بمعنى الصيرورة اى صار أسود فى الغاية من سوء ما بشر به ولذا من رأى فى المنام ان وجهه اسود ولدت له بنت ويجوز أن يكون اسوداد الوجه عبارة عن الكراهة { وهو كظيم } اى والحال انه مملوء من الكرب والكأبة يقال رجل كظيم ومكظوم اى مكروب كما فى القاموس
يقول الفقير هذه صفة المشركين فانهم جاهلون بالله غافلون عن خفى لطفه تحت جلى قهره واما الموحدون فحالهم الاستبشار بما ورد عن الله ايا كان اذ لا يفرقون بين احد من رسله كما ان الكريم لا يغلق بابه على احد من الضيفان والفانى عما سوى الله تعالى ليس له مطلب وانما مطلبه ما أراد الله كذشتم ازسر مطلب تمام شد مطلب نقاب جهره مقصود بود مطلبها(13/155)
أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18)
{ او من ينشا فى الحلية } تكرير للانكار والهمزة لإنكار الواقع واستقباحه ومن منصوب بمضمر معطوف على جعلوا والتنشئة التربية وبالفارسية بروردن
والحلية ما يتحلى به الانسان ويتزين وبالفارسية آرايش
والجمع حلى بكسر الحاء وضمها وفتح اللام والمعنى او جعلوا من شانه ان يربى فى الزينة وهو عاجز عن ان يتولى لامره بنفسه يعنى البنات وقال سعدى المفتى لعل القدير اجترأوا على مثل هذه العظيمة وجعلوا ( وقال الكاشفى ) آياكسىكه برورده كردد در بيرايه يعنى بناز برورش يابد و اورا قوت حرب ميدان داى نباشد { وهو } مع ما ذكر من المقصود { فى الخصام } مع من يخاصمه ويجادله اى فى الجدال الذى لا يكاد يخلو الانسان منه فى العادة { غير مبين } غير قادر على تقرير دعواه واقامة حجته كما يقدر الرجل عليه لنقصان عقله وضعف رأيه وربما يتكلم عليه وهو يريد ان يتكلم له وهذا بحسب الغالب والا فمن الاناث من هو اهل الفصاحة والفاضلات على الرجال قال الاحنف سمعت كلام ابى بكر رضى الله عنه حتى مضى وكلام عمر رضى الله عنه حتى مضى وكلام عثمان رضى الله عنه حتى مضى وكلام على رضى الله عنه حتى مضى لا والله ما رأيت ابلغ من عائشة رضى الله عنها وقال معاوية رضى الله عنه ما رأيت ابلغ من عائشة ما اغلقت بابا فارادت فتحه الا فحته ولا فتحت بابا فارادت اغلاقه الا اغلقته ويدل عليه قوله عليه السلام فى حقها « انها ابنة ابى بكر » اشعارا بحسن فهمها وفصاحة منطقها كما سبق ( قال الكاشفى ) عرب راشجاعت وفصاحت فخربودى واغلب زنان ازين دوحليه عاطل مى باشد حق تعالى فرموده آياكسى انيجنين باشد خداى تعالى اورابفرزندى ميكيرد
قال اهل التفسير اضافة غير لا تمنع عمل ما بعده فى الجار المتقدم لانه بمعنى النفى كأنه قال وهو لا يبين فى الخصام ومثله مسألة الكتاب انا زيدا غير ضارب قال فى كشف اسرار فى الآية تحليل لبس الذهب والحرير للنساء وذم لتزين الرجال بزينة النساء وقال فى بحر العلوم وفى الاية دلالة بينة لكل ذى عقل سليم على ترك النشو فى الزينة والنعومة والحذر عنه لانه تعالى جعله من المعايب والمذام ومن صفات الاناث ويعضده قول النبى عليه السلام لمعاذ « اياك والتنعم فان عباد الله ليسوا بمتنعمين » والتنعم استعمال ما فيه النعومة واللين من المأكولات والملبوسات
غداكر لطيفست وكر سرسرى جو ديرت بدست اوفتد خوش خورى
ومن الكلمات الحكمية نم على اوطأ الفراش اى وقت غلبة النوم وكل ألذ الطعام اى وقت غلبة الجوع والعجب كل العجب من علماء عصرك ومتفقهة زمانك يتلون هذه الآية ونحوها والاحاديث المطابقة لها فى المعنى ثم لا يتأملونها تأملا صحيحا ولا يتبعون فيها نبيهم الكريم فى ترك الزينة والتنعم مهمجو طفلان منكر اندر شرخ وزرد جون زنان مغرور رنك وبومكرد ( وقال بعضهم ) خويشت آراى مشوجون بهار تانبود برتو طمع روز كار(13/156)
وفيه اشارة الى ان المرء المتزين كالمرأة فالعاقل يكتفى بما يدفع الحر والبرد ويجتهد فى تزيين الباطل فانه المنظر الالهى ولو كانت للنساء عقول راجحة لما ملن الى التزين بالذهب والفضة والحلى والحلل اما يكفى للمرء والمرأة مضمون ما قيل
نشد عزيز تر از كعبه اين لباس برست بجامه كه بسالى رسد قناعت كن(13/157)
وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)
{ وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا } بيان لتضمن كفرهم المذكور لكفر آخر وتقريع لهم بذلك وهو جعلهم اكمل العباد واكرمهم على الله انقصهم رأيا واخسهم صنفا
يعنى ملائكه كه مجاور ان صوامع عبادت وملازمان مجامع عبوديت اند دختران نام مى نهند
والبنات لا تكن عبادا والولد لا يكون عبد ابيه ففيه تكذيب لهم فى قولهم الملائكة بنات الله { أشهدوا خلقهم } من الشهود بمعنى الحضور لا من الشهادة اى أحضروا خلق الله تعالى اياهم فشاهدوهم اناثا حتى يحكموا بأنوثتهم فان ذلك انما يعلم بالمشاهدة وهو تجهيل لهم وتهكم بهم فانهم انما سمعوه من آبائهم وهم ايضا كذابون جاهلون وفيه تخطئة للمنجمين واهل الحكمة المموهة فى كثير من الامور فانهم بعقولهم القاصرة حكموا على الغيب
منجمى بخانه خود در آمد مرد بيكانه را ديد بازن خود بهم نشسته دشنام داد وسقط كفت وفتنه واشواب بر خاست صاحب دلى برين حال واقف شد وكفت تو براوج فلك جه دانى جيست جو ندانى كه درسراى توكيست
قال العماد الكاتب اجمع المنجمون فى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة فى جميع البلاد على خراب العالم فى شعبان عند اجتماع الكواكب الستة فى الميزان بطوفان الريح وخوفوا بذلك ملوك الاعاجم والروم فشرعوا فى حفر مغارات ونقلوا اليها الازواد والماء وتهيئوا فلما كانت الليلة التى عينها المنجمون بمثل ريح عاد ونحن جلوس عند السلطان والشموع تتوقد فلا تتحرك ولم نر ليلة فى ركودها مثلها { ستكتب شهادتهم } هذه فى ديوان اعمالهم يعنى يكتب الملك ما شهدوا بها على الملائكة { ويسألون } عنها يوم القيامة وهو وعيد قال سعدى المفتى السين فى ستكتب للتأكيد ويحتمل ان يكون للاستعطاف الى التوبة قبل كتابة ما قالوه ولا علم لهم به وفى الحديث « كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يسار الرجل وكاتب الحسنات امين على كاتب السيئات فاذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشرا واذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح الله او يستغفر » قال ابن جربح هما ملكان أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره والذى عن يمينه يكتب الحسنات بغير شهادة صاحبه والذى عن يساره لا يكتب الا بشهادة صاحبه ان قعد فاحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وان مشى فاحدهما امامه والآخر خلفه وان نام فاحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه والكفار لهم كتاب وحفظة كما للمؤمنين فان قيل فالذى يكتب عن يمينه اذا اى شىء يكتب ولم يكن لهم حسنة يقال له الذى عن شماله يكتب باذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وان لم يكتب قال بعض المحدثين تجتنب الملائكة بنى آدم فى حالين عند الغائط وعند الجماع وفى شرح الطريقة يكره الكلام فى الخلاء وعند قضاء الحاجة اشد كراهة لان الحفظة تتأذى بالحضور فى ذلك الموضع الكريه لاجل كتابة الكلام فلا بد للمرء من الادب والمراقبة والمسارعة الى الخير دون الشر وفى الحديث(13/158)
« عند الله خزآئن الخير والشر مفاتيحها الرجال فطوبى لمن جعله مفتاحا للخير ومغلاقا للشر وويل لمن جعله مفتاحا للشر ومغلاقا للخير » ثم فى الآية اشارة الى ان الله تعالى امهل عباده ولم يأخذهم بغتة فى الدنيا ليرى العباد أن العفو والاحسان احب اليه من الاخذ والانتقام وليتوبوا من الكفر والمعاصى بياتا براريم دستى زدل كه نتوان برآورد فرد ازكل نريزد خدا آب روى كسى كه ريزد كناه آب جشمش بسى
ومن الله التوفيق لما يحبه ويرضاه(13/159)
وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20)
{ وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم } بيان لفن آخر من كفرهم اى قال المشركون العابدون للملائكة لو شاء الرحمن عدم عبادتنا للملائكة مشيئة ارتضاء ما عبدناهم ارادوا بذلك ان ما فعلوه حق مرضى عنده تعالى وانهم انما يفعلونه بمشيئة الله تعالى لا الاعتذار من ارتكاب ما ارتكبوه بأنه بمشيئة الله اياه منهم مع اعترافهم بقبحه حتى ينتهض ذمهم به دليلا للمعتزلة ومبنى كلامهم الباطل على مقدمتين احداهما ان عبادتهم لهم بمشيئة الله تعالى والثانية ان ذلك مستلزم لكونها مرضية عنده تعالى ولقد أخطأوا فى الثانية حيث جهلوا ان المشيئة عبارة عن ترجيح بعض الممكناث على بعض كائنا ما كان من غير اعتبار الرضى والسخط فى شئ من الطرفين ولذلك جهلوا بقوله { ما لهم بذلك } اى بما ارادوا بقولهم ذلك من كون ما فعلوه بمشيئة الارتضاء لا بمطلق المشيئة فان ذلك محقق ينطق به مالا يحصى من الآيات الكريمة { من علم } يستند الى سند ما { ان هم } اى ما هم { الا يخرصون } يكذبون فان الخرص الكذب وكل قول بالظن والتخمين سوآء طابق الواقع ام لا قال الراغب كل قول مقول عن ظن وتخمين يقال له خرص سوآء كان ذلك مطابقا للشىء او مخالفا له من حيث ان صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولا سماع بل اعتمد فيه على الظن والتخمين كفعل الخارص فى خرصه وكل من قال قولا على هذا النحو يسمى كاذبا وان كان مطابقا للقول المخبر به كما حكى عن قول المنافقين فى قوله تعالى { اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله } الى قوله { ان المنافقين لكاذبون } يقول الفقير اسناد المشيئة الى الله ايمان وتوحيد ان صدر من المؤمن والا فكفر وشرك لانه من العناد والعصبية والجهل بحقيقة الامر فلا يعتبر ثم اضرب عنه الى ابطال ان يكون لهم سند من جهة النقل فقيل(13/160)
أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21)
{ ام آتيناهم } آيا داده ايم ايشانرا { كتابا من قبله } اى من قبل القرءآن او الرسول او من قبل ادعائهم ينطق بصحة ما يدعونه من عبادة غير الله وكون الملائكة بناته { فهم به } اى بذلك الكتاب { مستمسكون } وعليه معولون
ومقرر است كه ايشانرا كتابى نداده ايم بس ايشانرا حجتى نقلا وعقلانيست
يقال استمسك به اذا اعتصم به قال فى تاج المصادر الاستمساك جنك در زدن
ويعدى بالباء وفى المفردات امساك الشئ التعلق به وحفظه واستمسكت بالشئ اذا تحريت الامساك(13/161)
بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22)
{ بل قالوا انا وجدنا آباءنا على امة } الامة الدين والطريقة التى تؤم اى تقصد قال الراغب الامة كل جماعة يجمعهم امر اما دين واحد او زمان واحد او مكان واحد سواء كان الامر الجامع تسخيرا او اختيارا وقوله انا وجدنا آباءنا على امة اى على دين مجتمع عليه انتهى { وانا على آثارهم مهتدون } مهتدون خبر ان والظرف صلة لمهتدون قدم عليه للاختصاص ويستعمل بعلى لضمنه معنى الثبوت والاثر بفتحتين بقية الشئ والآثار الاعلام وسنن النبى عليه السلام آثاره قال الراغب اثر الشئ حصول ما يدل على وجوده ومن هذا يقال للطريق المستدل به على من تقدم آثار والآثار بالفارسية ييها
والمعنى لم يأتوا بحجة عقلية او نقلية بل اعترفوا بان لا سند لهم سوى تقليد آبائهم الجهلة مثلهم
جه قدررا بتقليد توان بيمودن رشته كوتاه بود مرغ نوآموخته را
وفيه ذم للتقليد وهو قبول قول الغير بلا دليل وهو جائز فى الفروع والعمليات ولا يجوز فى اصول الدين والاعتقاديات بل لا بد من النظر والاستدلال لكن ايمان المقلد صحيح عند الحنفية والظاهرية وهو الذى اعتقد جميع ما وجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وارسال الرسل وما جاؤا به حقا من غير دليل لان النبى عليه السلام قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والاماء من غير تعليم الدليل ولكن المقلد يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوبه عليه والمقصود من الاستدلال هو الانتقال من الاثر الى المؤثر ومن المصنوع الى الصانع تعالى باى وجه كان لا ملاحظة الصغرى والكبرى وترتيب المقدمات للانتاج على قاعدة المعقول فمن نشأ فى بلاد المسلمين وسبح الله عند رؤية صنائعه فهو خارج عن حد التقليد كما فى فصل الخطاب والعلم الضرورى اعلى من النظرى اذ لا يزول بحال وهو مقدمة الكشف والعيان وعند الوصول الى الشهود لا يبقى الاحتياج الى الواسطة ( ع ) ساكنان حرم ازقبله نما آزادند ( وفى المثنوى ) جون شدى بربامهاى آسمان سردد باشد جست وجوى نردبان(13/162)
وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23)
{ وكذلك } اى والامر كما ذكر من عجزهم عن الحجة وتشبثهم بذيل التقليد { ما ارسلنا من قبلك فى قرية } دردهى ومجمتعى { من نذير } نبى منذر قوم من عذاب الله { الا قال مترفوها } جبابرتها { انا وجدنا آباءنا على امة } طريقة ودين { وانا على آثارهم } سننهم واعمالهم { مقتدون } قوله ما أرسلنا الخ استئناف دال على ان التقليد فيما بينهم ضلال قديم ليس لاسلافهم ايضا سند غيره وتخص المترفين بتلك المقالة للايذان بان التنعم وحب البطالة هو الذى صرفهم عن النظر الى التقليد يقال أترفته النعمة اى أطغته والمراد بالمترفين الاغنياء والرؤساء الذين أبطرتهم النعمة وسعة العيش فى الدنيا وأشغلتهم عن نعيم الآخرة ويدخل فيهم كل من يتمادى فى الشهوات ويتبالغ فى النفرة من لوازم الدين من الشرآئع والاحكام وفى الحديث « ما بال اقوام يشرفون المترفين ويستخفون بالعابدين » يعملون بالقرآن ما وافق اهوآءهم وما خالف اهواءهم تركوه فعند ذلك يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض يسعون فيما يدرك بغير سعى من القدر المحتوم والرزق المقسوم والاجل المكتوب ولا يسعون فيما لا يدرك الا بالسعى من الاجر الموفور والسعى المشكور والتجارة التى لا تبور قال بعضهم ان الله تعالى ضمن لنا الدنيا وطلب منا الآخرة فليته طلب منا الدنيا وضمن لنا الآخرة فعلى الاقل الاقتفاء على آثار المهتدين وعمارة لآخرة كما عليه ارباب اليقين ( قال الصائب ) برنمى آيى بنعمتهاى محكم ساختن عمر خودرا صرف در تعميراين زندان مكن(13/163)
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24)
{ قال } اى كل نذير من اولئك المنذرين لاممهم عند تعللهم بتقليد آبائهم { اولو جئتكم } اى أتقتدون بآبائكم ولو جئتكم { بأهدى } اى بدين اهدى وارشد { مما وجدتهم عليهم آباءكم } اى من الضلالة التى ليست من الهداية فى شئ وانما عبر عنها بذلك مجاراة معهم على مسلك الانصاف { قالوا انا بما ارسلتم به كافرون } اى قال كل امة لنذيرها انا بما ارسلت به كافرون وان كان اهدى مما كنا فيه اى ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه وقد أجمل عند الحكاية للإيجاز كما فى قوله تعالى { يا ايها الرسل كلوا من الطيبات } وفيه اقرار منهم بتصميمهم على تقليد آبائهم فى الكفر والضلال واقناط للنذير من ان ينظروا ويتفكروا فيه
خلق را تقليدشان بربادداد كه دوصد لعنت برين تقليد باد كرجه عقلش سوى بالاميبرد مرغ تقليدش به بستى مى برد(13/164)
فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)
{ فانتقمنا منهم } بس ما انتقام كشيديم از مقلدان معاند باستئصال ايشان
اذ لم يبق لهم عذر اصلا { فانظر كيف كان عاقبة المكذبين } من الامم المذكورين فلا تكترث بتكذيب قومك فان الله ينتقم منهم باسمه المنتقم القاهر القابض قال على رضى الله عنه السعيد من وعظ بغيره
يعنى نيكبخت آن بودكه جون ديكريرا بند دهند واذكار ناشايسته وكفتار ن بسنديده بازدارند اوزان بند عبرت كيرد ( روى ) عن الشعبى انه قال خرج اسد وذئب وثعلب يتصيدون فاصطادوا حمار وحش وغزالا وارنبا فقا الاسد للذئب اقسم فقال حمار الوحش للملك والغزال لى والارنب للثعلب قال فرفع الاسد يده وضرب رأس الذئب ضربة فاذا هو منجدل بين يدى الاسد ثم قال للثعلب اقسم هذه بيننا فقال الحمار يتغدى به الملك والغزال يتعشى به والارنب بين ذلك فقال الاسد ويحك ما اقضاك من علمك هذا القضا فقال القضاء الذى نزل برأس الذئب فالانسان مع كونه اعقل الموجودات لا يعتبر
وفى بعض الكتب سأل بعض الملوك بنته البكر عن ألذ الاشياء فقالت الخمر والجماع والولاية فهم بقتلها فقالت والله ما ذقتها ولكنى ارى ما فيك من الخمار والصداع ثم اراك تعاودها وارى ما تلاقى امى من نصب الولادة والالم والاشراف على الموت ثم اراها فى فراشك اذا طهرت من نفاسها واسمع ما يجرى على عمالك عند انعزالهم من الضرب والحبس والمصادرة ثم اراهم يطلبون الاعمال بأتم حرص ولا يعتبرون بما جرى عليهم وعلى غيرهم فعرفت ان هذه الثلاث ألذ الاشياء فعفا الملك عنها ( قال الشيخ سعدى ) ندانستىكه بينى بند برياى جودر كوشت نيايد بند مردم دكرره كرندارى طاقت ييش مكن انكشت درسوراخ كزدم
وجاء فى الامثال المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين وفيه اشارة الى حال النفس الناسية القاسية فانها مع ما تذوق فى الدنيا من وبال سيئاتها تعود الى ما كانت عليه نسأل الله العصمة والتوفيق والعفو والعافية(13/165)
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26)
{ واذ قال ابراهيم } اى واذكر يا محمد لقومك قريش وقت قول ابراهيم عليه السلام بعد الخروج من النار { لابيه } تارخ الشهير بآزر وكان ينحت الاصنام { وقومه } المكبين على التقليد وعبادة الاصنام كيف تبرأ مما هم فيه بقوله { اننى برآء مما تعبدون } وتمسك بالبرهان ليسلكوا مسلك الاستدلال او ليقتدوا به ان لم يكن لهم بد من التقليد فانه اشرف آبائهم وبرآء بفتح الباء مصدر نعت به مبالغة ولذلك يستوى فيه المذكر والمؤنث والواحد والمتعدد يقال نحن البرآء واما البريئ فهو يؤنث ويجمع يقال بريئ وبريئون وبريئة وبريئات والمعنى انى بريئ من عبادتكم لغير الله ان كانت ما مصدرية او من معبودكم ان كانت موصولة حذف عائدها(13/166)
إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27)
{ الا الذى فطرنى } استثناء منقطع ان كانوا عبدة الاصنام اى لكن الذى خلقنى لا ابرأ منه والفطر ابتدآء خلق من غير مثال من قولهم فطرت البئر اذا انشأت حفرها من غير اصل سابق او متصل على ان ما نعم اولى العلم وغيرهم وانهم كانوا يعبدون الله والاصنام او صفة على ان ما موصوفة اى انى بريئ من آلهة تعبدونها غير الذى فطرنى فان الا بمعنى غير لا يوصف بها الا جمع منكور غير محصور وهو هنا آلهة كما هو مذهب ابن الحاجب { فانه سيهدين } اى سيثبتنى على الهداية او سيهدينى الى ما ورآء الذى هدانى اليه الى الآن ولذا اورد كلمة التسويف هنا بعد ما قال فى الشعرآء فهو يهدين بلا تسويف والاوجه ان السين للتأكيد دون التسويف وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار اى دوام الهداية حالا واستقبالا(13/167)
وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)
{ وجعلها } اى جعل ابراهيم كلمة التوحيد التى كان ما تكلم به من قوله اننى الى سيهدين عبارة عنها يعنى ان البرآءة من كل معبود سوى الله توحيد للمعبود بالحق وقول بلا اله الا الله { كلمة باقية فى عقبه } اى فى ذريته حيث وصاهم بها كما نطق به قوله تعالى { ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب } الآية فالقول المذكور بعد الخروج من النار وهذا الجعل بعد حصول الاولاد الكبار فلا يزال فيهم نسلا بعد نسل من يوحد الله ويدعو الى توحيده وتفريده الى قيام الساعة قال الراغب العقب مؤخر الرجل واستعير للولد وولد الولد انتهى فعقب الرجل ولده الذكور والاناث واولادهم وما قيل من ان عقب الرجل اولاده لذكور كما وقع فى اجناس اللطفى او اولاده البنات كما نقل عن بعض الفقهاء فكلا القولين ضعيف جدا مخالف للغة لا يوثق به { لعلهم يرجعون } علة للجعل والضمير للعقب واسناد الرجوع اليهم من وصف الكل بحال الاكثر والترجى راجع الى ابراهيم عليه السلام اى جعلها باقية فى عقبه وخلفه رجاء ان يرجع اليها من اشرك منهم بدعاء الموحد قال بعضهم فى سبب تكريم وجه على بن ابى طالب بان يقال كرم الله وجه انه نقل عن والدته فاطمة بنت اسد بن هاشم انها كانت اذا ارادت ان تسجد للصنم وهو فى بطنها يمنعها من ذلك ونظر فيه البعض بان قال عبادة قريش صنما وان كانت مشهورة عند الناس لكن الصواب خلافه لقول ابراهيم عليه السلام واجنبنى وبنى ان نعبد الاصنام وقول الله فى حقه وجعلها كلمة باقية فى عقبه وجوابه فى سورة ابراهيم فارجع وفى الآية اشارة الى ان كل من ادعى معرفة الله والوصول اليه بطريق العقل والرياضة والمجاهدة من غير متابعة الانبياء وارشاد الله من الفلاسفة والبراهمة والرهابنة فدعواه فاسد ومتمناه كاسد ( قال الشيخ سعدى ) درين بحر جز مرد راعى نرفت كم آن شدكه دمبال داعى نرفت كسانى كزين راه بركشته اند برفتند وبسيار سركشته اند خلاف بيمبر كسى ره كزيد كه هركز بمنزل نخواهد رسيد
واشارة اخرى ان بعد اهل العناية يهتدون الى معرفة الله بارشاد الله وان لم يبلغه دعوة نبى او ارشاد ولى او نصح ولا يتقيد بتقليد آبائه واهل بلده من اهل الضلالة والاهوآء والبدع ولا تؤثر فيه شبههم ودلائلهم المعقولة المشوبة بالوهم والخيال ولا يخاف فى الله لومة لائم كما كان حال ابراهيم عليه السلام كذلك فان الله تعالى ارشده من غير ان يبلغه دعوة نبى او ارشاد ولى او نصح ناصح فلما آتاه الله رشده دعا قومه الى التوحيد ووصى به بنيه لعلهم يرجعون عن الشرك وفيه اشارة الى ان الرجوع الى الله على قدمى اعتقاد اهل السنة والجماعة والاعمال الصالحة على قانون المتابعة بنور هذه الكلمة الباقية(13/168)
بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (29)
{ بل متعت هؤلاء } اضراب عن محذوف اى فلم يحصل ما رجاه بل متعت منهم هؤلاء المعاصرين للرسول من اهل مكة { وآباءهم } بالمد فى العمر والنعمة فاغتروا بالمهلة وانهمكوا فى الشهوات وشغلوا بها عن كلمة التوحيد { حتى جاءهم } اى هؤلاء { الحق } اى القرآن { ورسول } اى رسول { مبين } ظاهر الرسالة واضحها بالمعجزات الباهرة او مبين للتوحيد بالآيات البينات والحجج فحتى ليست غاية للتمتع بل لما تسبب عنه من الاغترار المذكور وما يليه(13/169)
وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (30)
{ ولما جاءهم الحق } لينبههم عما هم فيه من الغفلة ويرشدهم الى التوحيد ازدادوا كفرا وعتوا وضموا الى كفرهم السابق معاندة الحق والاستهانة به حيث { قالوا هذا } الحق والقرءآن { سحر } وهو ارآءة الباطل فى صورة الحق وبالفارسية جادويى { وانا به كافرون } بارر نداريم كه آن من عند الله است
فسموا القرءآن سحرا وكفروا به وفيه اشارة الى ارباب الدين واهل الحق فان اهل الاهوآء والبدع والضلالة ينظرون الى الحق واهله كمن ينظر الى السحر وساحره وينطقون بكلمة الكفر بلسان الحال وان كانوا يمسكون بلسان المقال
واعلم ان الكفر والتكذيب والانكار من اوصاف اهل الجحيم لانه كما ان الجحيم مظهر قهر الله تعالى فكذا الاوصاف المذكورة من امارات قهر الله تعالى فمن وجد فيه شئ من ذلك فقد اقتضت المناسبة ان يدخل النار وان الايمان والتصديق والاقرار من اوصاف اهل الجنة لانه كما ان الجنة مظهر لطف الله تعالى فكذا الاوصاف المذكورة من آثار لطف الله تعالى فمن وجد فيه شئ من ذلك فقد اقتضت المناسبة ان يدخل الجنة ولكن التصديق على اقسام فقسم باللسان وهو الذى يشترك فيه المطيع والعاصى والخواص والعوام وهو مفيد فى الآخرة اذ لا يخلد صاحبه فى النار وقسم بالاركان والطاعات والاذكار واسباب اليقين فذلك تصديق الانبياء والاولياء والصديقين والصالحين وبه يسلم صاحبه من الآفات مطلقا وفى الحديث « كل امتى يدخلون الجنة الا من أبى » قيل ومن أبى يا رسول الله قال « من أطاعنى دخل الجنة ومن عصانى فقد أبى » أراد عليه السلام من اطاعنى وصدقنى فيما جئت به من الاعتقاد والعلم والعمل ومن عصانى فى ذلك فيكون المراد بالامة امة الدعوة والاجابة جميعا استثنى منه امة الدعوة وذلك فان الامة تطلق تارة على كافة الناس وهم امة الدعوة واخرى على المؤمنين وهم امة الاجابة فامة الاجابة امة دعوة ولا ينعكس كليا فاحذر الاباء والزم البقاء تنعم فى جنة المأوى فان طريق النجاة هى الطاعات والاعمال الصالحات فمن غرته الامانى واعتاد أملا طويلا فقد خسر خسرانا مبينا نسأل الله سبحانه ان يجعلنا كما أمر فى كتابه المبين آمين(13/170)
وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31)
{ وقالوا } اهل مكة { لولا } حرف تحضيض { نزل هذا القرءآن على رجل من القريتين } من احدى القريتين مكة والطائف { عظيم } بالمال والجاه كالوليد بن المغيرة المخزومى بمكة وعروة ابن مسعود الثقفى بالطائف فهو على نهج قوله تعالى { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } اى من احدهما وذلك لان من للابتدآء وكون الرجل الواحد من القريتين بعيد فقدر المضاف ومنهم من لم يقدر مضافا وقال أراد على رجل كائن من القريتين كلتيهما والمراد به عروة المذكور لانه كان يسكن مكة والطائف جميعا وكان له فى مكة اموال يتجر بها وكان له فى الطائف بساتين وضياع فكان يتردد اليهما فصار كأنه من أهلهما
يقول الفقير هنا وجه خفى وهو ان النسبة الى القريتين قد تكون بالمهاجرة من احداهما الى الاخرى كما يقال المكى المدنى والمصرى الشامى وذلك بعد الاقامة فى احداهما اربع سنين صرح بذلك اهل اصول الحديث ثم انهم لم يتفوهوا بهذه الكلمة العظيمة حسدا على نزوله على الرسول عليه السلام دون من ذكر من عظمائهم من اعترافهم بقرءآنيته بل استدلالا على عدمها بمعنى انه لو كان قرءآنا لنزل على احد هذين الرجلين بناء عل ما زعموا من ان الرسالة منصب جليل لا يليق به الا من له جلالة من حيث المال والجاه ولم يدروا ان العظيم من عظمه الله واعلى قدره فى الدارين لا من عظمه الناس اذ رب عظيم عندهم حقير عند الله وبالعكس وان الله يختص برحمته من يشاء وهو أعلم حيث يجعل رسالته وفى قولهم عظيم تعظيم لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعظم شأنه وفخم(13/171)
أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)
{ أهم يقسمون رحمة ربك } انكار فيه تجهيل لهم وتعجيب من تحكمهم والمراد بالرحمة النبوة يعنى أبيدهم مفاتيح الرسالة والنبوة فيضعونها حيث شاؤا يعنى تابرهركه خواهند در نبوت بكشايند { نحن قسمنا بينهم معيشتهم } اى اسباب معيشتهم والمعيشة ما يعيش به الانسان ويتغذى به ويجعله سببا فى قوام بنيته اذا العيش الحياة المختصة بالحيوان وهو يعم الحلال والحرام عند اهل السنة والجماعة { فى الحياة الدنيا } قسمة تقتضيها مشيئتنا المبنية على الحكم والمصالح ولم نفوض امرنا اليهم علما منا بعجزهم عن تدبيرها بالكلية كما دل عليه تقديم المسند اليه وهو نحن اذ هو للاختصاص والحاصل نحن قسمنا ارزاقهم فيما بينهم وهو ادنى من الرسالة فلم نترك اختيارها اليهم والا لضاعوا وهلكوا فما ظنهم فى امر الدين اى فكيف نفوض اختيار ما هو افضل واعظم وهو الرسالة { ورفعنا بعضهم فوق بعض } فى الرزق وسائر مبادى المعاش { درجات } نصب بنزع الخافض اى الى درجات متفاوتة بحسب القرب والبعد حسبما تقتضيه الحكمة فمن ضعيف وقوى وفقير وغنى وخادم ومخدوم وحاكم ومحكوم { ليتخذ بعضهم بعضا سخريا } من التسخير والاستخدام ولكون المراد هنا الاستخدام دون الهزؤ لانه لا يليق التعليل به اجمع القرآء على ضم السين فى الرواية المشهورة عنهم فما كان من التسخير فهو مضموم وما كان من الهزؤ فهو مكسور والمعنى ليستعمل بعضهم بعضا فى مصالحهم ويسخر الاغنياء باموالهم الاجرآء الفقرآء بالعمل فيكون بعضهم لبعض سبب المعاش هذا بماله وهذا بعلمه فيتم قوام العالم لا لكمال فى الموسع ولا لنقض فى المقتر { ورحمة ربك } اى النبوة وما يتبعها من سعادة الدارين { خير } لاهلها { مما يجمعون } اى يجمع هؤلاء الكفار من حطام الدنيا الدنية الفانية والعظيم من رزق من تلك الرحمة العظيمة لا مما يجمعون من الدنيىء الحقير يظنون ان العظمة به وفيه اشارة الى ان الله تعالى يعطى لفقير من فقرآء البلد لا يؤبه به مالا يعطى لعلمائه وافاضله من حقائق القرءآن واسراره فان قسمة الولاية بيده كقسمة النبوة فما لا يحصل بالدرس قد يحصل بالوهب وكما ان فى صورة المال تسخير بعضهم لبعض لاجل الغنى فكذا فى صورة العلم والولاية تسخير بعضهم لبعض للتربية وكل من العلم والولاية والنبوة خير من الدنيا وما فيها من الاموال والارزاق ( قال بعضهم ) المعيشة انواع ايمان وصدق وارادة وعلم وخدمة وتوبة وانابة ومحبة وشوق وعشق ومعرفة وتوحيد وفراسة وكرامة ووارد وقناعة وتوكل ورضى وتسليم فتفاوت اصحاب هذه المقامات كما تتفاوت ارباب الرزق وكذلك يتفاوتون فى المعرفة مثلا فان بعضهم اعلى فى المعرفة من بعض وان اشتركوا فى نفس المعرفة وقس عليه صاحب المحبة ونحوها هذا للمقبلين اليه وللمدبرين كمن يأكل النعم اللذيذة والحشرات المضرة وقال بعضهم باين لله بينهم بمعرفة كيد النفس ووسوسة الشيطان فالاعرف أفضل من العارف وطريقه لذكر قال سهل الذكر لله خير من كثرة الاعمال اى اذا كان خالصا(13/172)
ودر حقائق سلمى اورده كه تفاوت درجات باخلاق حسنه است خوى هركه نيكوتر درجه او بلندتر يكى خوب كردار وخوش خوى بود كه بد سيرتانرا نكو كوى بود بخوابش كسى ديدجون در كذشت كه بارى حكايت كن از سر كذشت دهانى بخنده جو كل باز كرد جو بلبل بصوت خوش آغار كرد كه برمن نكردند سختى بسى كه من سخت نكرفتمى بركسى
قال الفلاسفة ان الكمالات البشرية مشروطه بالاستعداد والمذهب الحق ان جميع المقامات كالنبوة والولاية وغيرهما وكذا السلطنة والوزارة ونحوهما اختصاصية عطائية غير كسبية ولا مشروطة بشئ من الاستعداد ونحوه فان الاستعداد ايضا عطاء من الله تعالى كما قيل
داد حق راقابليت شرط نيست بلكه شرط قابليت داد حق وظهوره بالتدريج بحصول شرائطه واسباب توهم المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل وحاصل بالاستعداد وليس كذلك فى الحقيقة فالله تعالى هو الولى يتولى امر عباده فيفعل ما تقتضيه حكمته ولا دخل لشئ من ذلك نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن رفعهم الى درجات الكمال بحرمة اكامل الرجال(13/173)
وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33)
{ ولولا ان يكون الناس امة واحدة } بتقدير المضاف مثل كراهة ان يكون الناس فان لولا لانتفاء الثانى لوجود الاول ولا تحقق لمدلول لولا ظاهرا والمعنى ولولا كراهة ان يرغب الناس فى الكفر اذا رأوا الكفار فى سعة وتنعم لحبهم الدنيا وتوهم ان ذلك الفضيلة فى الكفار فيجمعوا ويكونوا فى الكفر امة واحدة { لجعلنا } لحقارة الدنيا وهوانها عندنا { لمن يكفر بالرحمن } اى لشر الخلائق وادناهم منزله كما قال تعالى { اولئك هم شر البرية } { لبيوتهم } بدل اشتمال من لمن او اللام بمعنى على وجمع الضمير باعتبار معنى من كما ان افراد المستكن فى يكفر باعتبار لفظها والبيوت والابيات جمع بيت وهو اسم لمبنى مسقف مدخله من جانب واحد بنى للبيتوتة قال الراغب أصل البيت مأوى الانسان بالليل ثم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه والبيوت بالمسكن أخص والابيات بالشعر ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر ومن صوف ووبر وبه شبه بيت الشعر { سقفا } متخذة { من فضة } جمع سقف وهو سماء البيت والفضة جسم ذائب صابر منطرق ابيض رزين بالقياس الى باقى الاجساد وبالفارسية نقره
سميت فضة لتفضضها وتفرقها فى وجوه المصالح { ومعارج } عطف على سقفا جمع معرج بفتح الميم وكسرها بمعنى السلم وبالفارسية نردبان قال الراغب العروج ذهاب فى صعود والمعارج المصاعد والمعنى وجعلنا لهم مصاعد ومراقى من فضة حذف لدلالة الاول عليه { عليها } اى على المعارج { يظهرون } يقال ظهر عليه اذا علاه وارتقى اليه واصل ظهر الشئ ان يحصل شئ على ظهر الارض فلا يخفى ثم صار مستعملا فى كل بارز للبصر والبصيرة والمعنى يعلون السطوح والعلالى وبالفارسية ونردبا نهاكه بدان بربام آن خانها برايند وخودرابنمايند(13/174)
وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34)
{ ولبيوتهم } اى وجعلنا لبيوتهم ولعل تكرير ذكر بيوتهم لزيادة التقرير { ابوابا } درها
والباب يقال لمدخل الشئ واصل ذلك مداخل الامكنة كباب المدينة والدار والبيت { وسررا } تحتها
اى من فضة جمع سرير قال الراغب السرير الذى يجلس عليه من السرور اذا كان ذلك لاولى النعمة وسرير المبيت تشبيه به فى الصورة وللتفاؤل بالسرور الذى يلحق الميت برجوعه الى الله وخلاصه من السجن المشار اليه بقوله عليه السلام « الدنيا سجن المؤمن » { عليها } اى على السرر { يتكئون } تكيه كنند
والاتكاء الاعتماد(13/175)
وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)
{ وزخرفا } هو فى الاصل بمعنى الذهب ويستعار لمعنى الزينة كما قال تعالى { حتى اذا اخذت الارض زخرفها } قال الراغب الزخرف الزينة المزوقة ومنه قيل للذهب زخرف كما قال تعالى { او يكون لك بيت من زخرف } اى ذهب مزوق قال فى تاج المصادر الزخرفة آراستن
وزوق البيت زينه وصور فيه من الزئيق ثم قيل لكل منقش ومزين مزوق وان لم يكن فيه الزئيق والمعنى وزينة عظيمة من كل شئ عطفا على سقفا او ذهبا عطفا على محل من فضة فيكون اصل الكلام سقفا من فضة وزخرف يعنى بعض السقف من فضة وبعضها من ذهب ثم نصب عطفا على محله وفى الحديث « يقول الله تعالى لولا ان يجزع عبدى المؤمن لعصبت الكافر بعصابة من حديد ولصببت عليه الدنيا صبا » وانما اراد بعصابة الحديد كناية عن صحة البدن يعنى لا يصدع رأسه وفى بعض الكتب الالهية عن الله تعالى لولا ان يحزن العبد المؤمن لكللت رأس الكافر بالاكاليل فلا يصدع ولا ينبض منه عرق بوجع { وان كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا } ان نافية ولما بالتشديد بمعنى الا اى وما كل ذلك المذكور من البيوت الموصوفة بالصفاة المفصلة الا شئ يتمتع به فى الحياة الدنيا لا دوام له ولا حاصل الا الندامة والغرامة وقرئ بتخفيف لما على ان ان هى المخففة واللام هى الفارقة بينها وبين الناصبة وما صلة والتقدير ان الشان كل ذلك لمتاع الحياة الدنيا { والآخرة } بما فيها من فنون النعم التى يقصر عنها البيان { عند ربك } يعنى در حكم او { للمتقين } اى عن الكفر والمعاصى هركس كه رخ از متاع فانى بر نافت واندر طلب دولت باقى بشتافت آنجا كه كمال همتش بود رسيد وآنجيزكه مقصود دلس بود بيافت
فان قيل قد بين الله تعالى انه لو فتح على الكافر ابواب النعم لصار ذلك سببا لاجتماع الناس على الكفر فلم لم يفعل ذلك بالمسلمين حتى يصير ذلك سببا لاجتماع الناس على الاسلام فالجواب لان الناس على هذا التقدير كانوا يجتمعون على الاسلام لطلب الدنيا وهذا الايمان ايمان المنافقين فكان من الحكمة ان يضيق الامر على المسلمين حتى ان كل من دخل فى الاسلام فانما يدخل لمتابعة الدليل ولطلب رضى الله فحينئذ يعظم ثوابه بهذا السبب لان ثواب المرء على حسب اخلاصه ونيته وان هجرته الى ما هاجر اليه
قال فى شرح الترغيب فان قيل ما الحكمة فى اختيار الله تعالى لنبيه الفقر واختياره اياه لنفسه اى مع قوله « لو شئت لدعوت ربى عز وجل فأعطانى مثل ملك كسرى وقيصر » فالجواب من وجوه أحدها انه لو كان غنيا لقصده قوم طمعا فى الدنيا فاختار لله له الفقر حتى ان كل من قصده علم لخلائق انه قصده طلبا للعقبى والثانى ما قيل ان الله اختار الفقر له نظرا لقلوب الفقراء حتى يتسلى الفقير بفقره كما يتسلى الغنى بماله والثالث ما قيل ان فقره دليل على هوان الدنيا على الله تعالى كما قال صلى الله عليه وسلم(13/176)
« لو كانت الدنيا تزن عند الله تعالى جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء » انتهى ومعنى هوان الدنيا على الله انه سبحانه لم يجعلها مقصودة لنفسها بل جعلها طريقا موصلا الى ما هو المقصود لنفسه وانه لم يجعلها دار اقامة ولا جزاء وانما جعلها دار رحلة وبلاء وانه ملكها فى الغالب الجهلة والكفرة وحماها الانبياء والاولياء والابدال وابغضها وابغض اهلها ولم يرض العاقل فيها الا بالتزود للارتحال عنها ( قال الصائب ) ار رباط تن جوبكذشتى دكر معموره نيست زادر هى رنمى دارى ازين منزل جرا
تداركنا الله واياكم بفضله(13/177)
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)
{ ومن يعش عن ذكر الرحمن } من شرطية وبالفارسية بمعنى وهركه
ويعش بضم لشين من عشا يعشو عشا اذا تعاشى بلا آفة وتعامى اى نظر العشا ولا آفة فى بصره ويقال عشى يعشى كرضى اذا كان فى بصره آفة مخلة بالرؤية قال الراغب العشا بالفتح والقصر ظلمة تعرض فى العين يقال رجل آعشى وامرأة عشواء وفى القاموس العشا سوء البصر بالليل والنهار وخبطه خبط عشوآء ركبه على غير بصيرة من الناقة العشوآء التى لا تبصر امامها والمراد بالذكر القرءآن واضافته الى الرحمن اشارة الى كونه رحمة عامة من الله او هو مصدر مضاف الى المفعول والمعنى ومن يتعام ويعرض عن القرءآن او عن ان يذكر الرحمن وبالفارسية وهركه جشم بوشد از قرآن ويا ازياد كردن خداى
لفرط اشتغاله بزهرة الحياة الدنيا وانهماكه فى الحظوظ والشهوات الفانية { نقيض له شيطانا } نسلطه عليه ونضمه اليه ليستولى عليه استيلاء القيض على البيض وهو القشر الاعلى اليابس { فهو } اى ذلك الشيطان { له } اى لذلك العاشى والمعرض { قرين } بالفارسية همنشين ومساز
ومصاحب لا يفارقه ولا يزال يوسوسه ويغويه ويزين له العمى على الهدى والقبيح بدل الحسن قال عليه السلام « اذا اراد الله بعبد شرا قيض له شيطانا قبل موته بسنة فلا يرى حسنا الا قبحه عنده حتى لا يعمل به ولا يرى قبيحا الا حسنه حتى يعمل به » وينبغى ان يكون هذا الشيطان غير قرينه الجنى الكافر والا فكل احد له شيطان هو قرينه كما قال صلى الله عليه وسلم « ما منكم من احد الا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملئكة » قالوا واياك يا رسول الله قال « واياى ولكن الله اعاننى عليه فأسلم فلا يأمرنى الا بخير » ( درنفحات الانس ) آوردكه شيخ ابو القاسم مصرى قدس سره بايكى از مؤمنان جن دوستى داشت وقتى در مسجدى نشسته بود جنى كفت اى شيخ اين مردم راجه كونه مى بينى كفت بعضىرا در خواب وبعضى رابى خواب كفت آنجه برسرهاى ايشانست مىبينى كفتم نه جشمهاى مرا بماليد ديدم كه بر سر هركسى بعضى رابالها بجشم فرو كذاشته وبعضى راكاهى فرو كذاريد وكاهى بالامى برد كفتم اين حيست كفت نشنيده كه ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين اينها شياطين اند بر سرهاى ايشان نشسته وبر هريكى بقدر غفلت وى استيلا يافته دريغ ودردكه بانفس بد قرين شده ايم وزين معامله باد بو همنشين شده ايم بباركاه فلك بوده ايم رشك ملك زجور نفس جافييشه اينجنين شده ايم
وفيه اشارة الى ان من داوم على ذكر الرحمن لم يقربه الشيطان بحال(13/178)
قال بضهم من نسى الله وترك مراقبته ولم يستحى منه او اقبل على شئ من حظوظ نفسه قيض الله له شيطانا يوسوس له فى جميع أنفاسه ويغرى نفسه الى طلب هواها حتى يتسلط على عقله وعلمه وبيانه وهذا كما قال أمير المؤمنين على كرم الله وجهه الشهوة والغضب يغلبان العقل والعلم والبيان وهذا جزآء من أعرض عن متابعة القرءآن ومتابعة السنة وقال بعضهم من اعرض عن الله بالاقبال على الدنيا يقيض له شيطانا وان اصعب الشياطين نفسك الامارة بالسوء فهو له ملازم لا يفارقه فى الدنيا والآخرة فهذا جزآء من ترك المجالسة مع الله بالاعراض عن الذكر فانه يقول انا جليس من ذكرنى فمن لم يذكر ولم يعرف قدر خلوته مع الله وحاد عن ذكره واختلف الى خواطر النفسانية الشيطانية سلط الله عليه من يشغله عن الله واذا اشتغل العبد فى خلوته بذكر ربه بنفى ما سوى الله واثبات الحق بلا اله الا الله فاذا تعرض له من يشغله عن ربه صرفته سطوات الالهية عنه ومن لم يعرف قدر فراغ قلبه واتبع شهوته وفتح بابها على نفسه بقى فى يد هواه أسيرا غالبا عليه اوصاف شيطنة النفس ( روى ) عن سفيان بن عيينة انه قال ليس مثل من امثال العرب الا وأصله فى كتاب الله قيل له من اين قول الناس أعط اخاك تمرة فان ابى فجمرة قال من قوله ومن يعش الآية(13/179)
وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37)
{ وانهم } اى الشياطين الذين قيض كل واحد منهم لواحد ممن يعشو { ليصدونهم } اى يمنعون قرناءهم فمدار جمع الضميرين اعتبار معنى من كما ان مدار افراد الضمائر السابقة اعتبار لفظها { عن السبيل } عن الطريق المستبين الذى من حقه ان يسبل وهو الذى يدعو اليه القرءآن { ويحسبون } اى والحال ان العاشين يظنون { انهم } اى الشياطين { مهتدون } اى السبيل المستقيم والا لما اتبعوهم او يحسبون ان انفسهم مهتدون لان اعتقاد كون الشياطين مهتدين مستلزم لاعتقاد كونهم كذلك لاتحاد مسلكهما(13/180)
حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38)
{ حتى اذا جاءنا } حتى ابتدآئيه داخلة على الجملة الشرطية ومع هذا غاية لما قبلها فان الابتدآئية لا تنافيها والمعنى يستمر العاشون على ما ذكر من مقارنة الشياطين والصدق والحسبان الباطل حتى اذا جاءنا كل واحد منهم مع قرينه يوم القيامة { قال } مخاطبا له { يا ليت بينى وبينك } فى الدنيا { بعد المشرقين } بعد المشرق والمغرب اى تباعد كل منهما عن الآخر فغلب المشرق وثنى واضيف البعد اليهما يعنى ان حق ان النسبة ان يضاف الى احد المنتسبين لان قيام معنى واحد بمحلين ممتنع بل يقوم بأحدهما ويتعلق بالآخر لكن لما ثنى المشرق بعد التغليب لم يبق مجال للاضافة الى احدهما فاضيف اليهما على تغليب القيام على التعلق والمعنى بالفارسية اى كاشكى ميان من وتو بودى روى ميان مشرق ومغرب يعنى كاش تو ازمن ومن ازتو دور بودى { فبئس القرين } اى انت وبالفارسية بس بدهمنشينئ تو يعنى بئس الصاحب كنت انت فى الدنيا وبئس الصاحب اليوم قال ابو سعيد الخدرى رضى الله عنه اذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشيطان فلا يفارقه حتى يصير الى النار كما ان الملك لا يفارق المؤمن حتى يصير الى الجنة فالشيطان قرين للكافر فى الدنيا والاخرة والملك قرين المؤمن فيهما فبئس القرين الاول ونعم القرين الثانى(13/181)
وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39)
{ ولن ينفعكم اليوم } حكاية لما سيقال لهم حينئذ من جهة الله تعالى توبيخا وتقريعا اى لن ينفعكم اليوم تمنيكم لمباعدتهم { اذ ظلمتم } اى لاجل ظلمكم انفسكم فى الدنيا باتباعكم اياهم فى الكفر والمعاصى واذ للتعليل متعلق بالنفى كما قال سيبويه انها بمعنى التعليل حرف بمنزلة لام العلة { انكم فى العذاب مشتركون } تعليل لنفى النفع اى لان حقكم ان تشتركوا انتم وشياطينكم القرناء فى العذاب كما كنتم مشتركين فى سببه فى الدنيا ويجوز أن يسند الفعل اليه بمعنى لن يحصل لكم التشفى بكون قرنائكم معذبين مثلكم حيث كنتم تدعون عليهم بقولكم ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ونظائره لتشفوا بذلك وفى الآية اشارة الى حال التابع والمتبوع من اهل الاهوآء والبدع فان المتبوع منهم كان شيطان التابع فى الاضلال عن طريق السنه فلما فات الوقت وادرك المقت وقعوا فى التمنى الباطل قيل ( فضل اليوم على الغد ان للتأخير آفات ) فعلى العاقل تدارك حاله وتفكر ما له والهرب من الشيطان الاسود والابيض قبل ان يهرب هو منه ( حكى ) ان عابدا عبد الله تعالى فى صومعته دهرا طويلا فولدت لملكهم ابنة حلف لملك ان لا يمسها الرجال فأخرجها الى صومعته واسكنها معه لئلا يشعر احد مكانها ولا يستخطبها قال وكبرت الابنة فحضر ابليس على صورة شيخ وخدعه بها حتى واقعها الزاهد وأحبلها فلما ظهر بها الحبل رجع اليه وقال له انك زاهدنا وانها لو ولدت يظهر زناك فتصير فضيحة فاقتلها قبل الولادة واعلم والدها انها قد ماتت فيصدقك فتنجو من العذاب والشين فقتلها الزاهد فجاء الشيطان الى الملك فى زى العلماء فأخبره بصنع الزاهد بابنته من الاحبال والقتل وقال له ان أردت ان تعرف حقيقة ما أخبرتك فانتش قبرها وشق بطنها فان خرج منها ولد فهو صدق مقالتى وان لم يخرج فاقتلنى فعل ذلك الملك فاذا الامر كما قال فأخذ الزاهد فأركبه جملا وحمله الى بلده فصلبه فجاء الشيطان وهو مصلوب فقال له زينت بأمرى وقتلت بامرى فآمن بى انجك من عذاب الملك فأدركته الشقاوة فامن به فهرب الشيطان منه ووقف من بعيد فقال الزاهد نجنى قال انى اخاف الله رب العالمين فالنفس والشيطان قرينان للانسان يغويانه الى ان يهلك
دانسته ام كه دزد من اذخانه منست وزيستى وبلندى ديوار فارغم(13/182)
أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (40)
{ افأنت تسمع الصم } اى من فقد سمع القلوب { او تهدى العمى } من فقد البصائر جمع اصم وأعمى وبالفاسية آياتو اى محمد سخن حق توانى شنوانيد آنانراكه كوش دل كرانت يا كوردا لانرا طريق حق توانى نمود بشير الى ان من سددنا بصيرته ولبسنا عليه رشده ومن صبينا فى مسامع قلبه رصاص الشقاء والحرمان لا يمكنك يامحمد مع كمال نبوتك هدايته واسماعه من غير عنايتنا السابقة ورعايتنا اللاحقة كان عليه الصلاة والسلام يتعب نفسه فى دعاء قومه وهم لا يزيدون الاغيار وتعاميا عما يشاهدونه من شواهد النبوة وتصاما عما يسمعونه من بينات القرآن فنزلت وهو انكار تعجيب من ان يكون هو الذى يقدر على هدايتهم بعد تمرنهم على الكفر واستغراقهم فى الضلال بحيث صار عشاهم عمى مقرونا بالصمم فنزل منزلة من يدعى انه قادر على ذلك لاصراره على دعائهم قائلا انا اسمع واهدى على قصد تقوى الحكم لا التخصيص فعجب تعالى منه قال ابن الشيخ وما احسن هذا الترتيب فان الانسان لاشتغاله بطلب الدنيا والميل الى الحظوظ الجسمانية يكون كمن بعينه رمد ضعيف ثم انه كلما ازداد اشتداده بها واشتد اعراضه عن النعيم الروحانى ازداد رمده فينتقل من ان يكون اعشى الى ان يكون اعمى { ومن كان فى ضلال مبين } لا يخفى على احداى ومن كان فى علم الله انه يموت على الضلالة وبالفارسية وانراكه هست دركمراهى هويدا يعنى توقادر نيستى بر هدايت كمراهان بس بسيار تعب بر نفس خودمنه
وهو عطف على العمى باعتبار تغاير الوصفين ومدار الانكار هو التمكن والاستقرار فى الضلال المفرط بحيث لارعوامله عنه لا توهم القصور من قبل الهادى ففيه رمز الى انه لا يقدر على ذلك الا الله وحده بالقسر والالجاء يعنى لا يقدر على اسماع الصم وهداية العمى وجعل الكافر مؤمنا الا الله وحده لعظم قدرته واحاطة تعلقها بكل مقدور ( ع ) آن به كه كار خود بعنايت رها كنيم(13/183)
فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41)
{ فاما نذهبن بك } اصله ان ما على ان ان للشرط وما مزيدة للتأكيد بمنزلة لام القسم فى استجلاب النون المؤكدة اى فان قبضناك وأمتناك قبل ان نبصرك عذابهم ونشفى بذلك صدرك وصدر المؤمنين وبالفارسية بس اكر ما ببريم ترابا جوار رحمت خود بيش ازانكه عذاب ايشان بتو بنمايم دل خوش دار { فانا منهم منتقمون } لا محالة فى الدنيا والاخرة
مكن شادمانى بمرك كسى كه دهرت نماندبس ازوى بسى
قال ابن عطاء انت امان فيما بينهم فان قبضناك انتقمنا منهم فليغتنم العقلاء وجود الصلحاء وليجتنبوا من معاداتهم فان فى ذلك الهلاك قال يحيى بن معاذ رحمة الله عليه لله على عباده حجتان حجة ظاهرة هى الرسول وحجة باطنة هى العقول(13/184)
أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (42)
{ او نرينك الذى وعدناهم } او ان اردنا ان نريك العذاب الذى وعدناهم { فانا عليهم مقتدرون } لا يفوتوننا لانهم تحت قهرنا وقدرتنا وفى الآية تسلية النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بانه تعالى ينتقم من اعدائه ومنكريه اما فى حال حياته واما بعد وفاته وانه قادر على انتقامهم بواسطته كما كان يوم بدر او بغير واسطة كما كان فى زمن ابى بكر رضى الله عنه وغيره فبذلك اثبته على حد الخوف والرجا ووقفه على حد التجويز لاستبداده بعلم الغيب وكذلك المقصود فى الامر من كل احد ان يكون من جملة نظارة التقدير ويفعل الله ما يريد ( قال المولى الجامى ) اى دل تاكى فضولى وبو العجبى ازمن نشان عاقبت مى طلبى سركشته بودخواه ولى خواه نبى دروادئ ما ادرى ما يفعل بى
وفى الحديث « اذا اراد الله بامة خيرا قبض الله نبيها قبلها فجعله لها فرطا وسلفا واذا اراد الله بامة عذابا عذبها ونبيها حى لتقر عينه » لما كذبوه وعصوه قالوا كل نبى قد رأى النقمة فى امته غير نبينا عليه السلام فان الله اكرمه فلم ير فى امته الا الذى تقر به عينه وابقى النقمة بعده وهى البلايا الشديدة ( روى ) انه عليه السلام أرى ما يصيب امته بعده فما رؤى مشتبشرا ضاحكا حتى قبض وفى الحديث « حياتى خير لكم ومماتى خير لكم » قالوا هذا خيرنا فى حياتك فما خيرنا فى مماتك فقال « تعرض على اعمالكم كل عشية الاثنين والخميس فما كان من خير حمدت الله تعالى وما كان من شر استغفر الله لكم » ولذلك استحب صوم يوم الاثنين والخميس وقد قال عليه السلام « تفتح أبواب الجنة كل اثنين وخميس » يعنى مفتوح مىشود ابواب جنت درهر دوشنبه ونبجشنبه
يعنى لشرفهما لكون يوم الاثنين يوم ولادة النبى عليه السلام ويوم الخميس يوم عرض الاعمال على الله سبحانه وتعالى واعلم ان كل احد يشرب من كأس الموت يقال أوحى الله تعالى الى نبينا عليه السلام فقال « يا محمد احبب من شئت فانك مفارقه واعمل ما شئت فانك ملاقيه غدا وعش ما شئت فانك ميت »
منه دل برين سال خورده مكان كه كنبد نيايد بروكردكان وكر بهلوانى وكر تيغ زن نخواهى بدر بردن الاكفن فرو رفت جم را يكى نازنين كفن كرد جون كرمش ابريشمين بدحمه در آمد بس از جند روز كه بروى بكريد بزارى وسوز جو بوسيده ديدش حرير كفن بفكرت جنين كفت باخويشتن من از كرم بركنده بودم بزور بكندند ازو باز كرمان كور(13/185)
فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43)
{ فاستمسك بالذى أوحى اليك } اى امسك بالقرءآن الذى انزل عليك بمراعاة احكامه سواء عجلنا لك المعهود او اخرناه الى يوم الآخرة { انك على صراط مستقيم } اى طريق سوى لا عوج له وهو طريق التوحيد ودين الاسلام وفى التأويلات النجمية فاعتصم بالقرءآن فانه حبل الله المتين بان تتخلق بخلقه وتدور معه حيث يدور وقف حيث ما امرت وثق فانك على صراط مستقيم تصل به الى حضرة جلالنا_@_(13/186)
وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)
{ وانه } اى القرءآن الذى اوحى اليك { لذكر } لشرف عظيم { لك } خصوصا { ولقومك } وامتك عموما كما قال عليه السلام ان لكل شئ شرفا يباهى به وان بها امتى وشرفها القرءآن فالمراد بالقوم الامة كما قال مجاهد وقال بعضم ولقومك من قريش حيث يقال ان هذا الكتاب العظيم انزال الله على رجل من هؤلاء قال فى الكواشى اولاهم بذلك الشرف الاقرب فالاقرب منه عليه السلام كقريش ثم بنى هاشم وبنى المطلب قال ابن عطاء شرف لك بانتسابك الينا وشرف لقومك بانتسابهم اليك اى لان الانتساب الى العظيم الشريف عظيم شرف ثم جمع الله النبى مع قومه فقال { وسوف تسألون } يوم القيامة عنه وعن قيامكم بحقوقه وعن تعظيمكم وشكركم على ان رزقتموه وخصصتم به من بين العالمين وفى التأويلات النجمية وان القرءآن به شرف الوصول لك ولمتابعيك وسوف تسألون عن هذا الشرف والكرامة هل اديتم حقه وقمتم باداء شكره ساعين فى طلب الوصول والوصال ام ضيعتم حقه وجعلتموه وسيلة الاستنزال الى الدرك بصرفه فى تحصيل المنافع الدنيوية والمطالب النفسانية انتهى
قال بعضهم علوم العارفين مبنية على الكشف والعيان وعلوم غيرهم من الخواطر الفكرية والاذهان وبداية طريقهم التقوى والعمل الصالح وبداية طريق غيرهم مطالعة الكتب والاستمداد من المخلوقين فى حصول المصالح ونهاية علومهم الوصول الى شهود حضرة الحى القيوم ونهاية علوم غيرهم تحصيل الوظائف والمناصب وجمع الحطام الذى لا يدوم
زيان ميكند مرد تفيردان كه علم وادب مى فروشد بنان كجا عقل باشرع فتوى دهد كه اهل خرد دين بدنيا دهد
فكما ان العالم الغير العامل والجاهل الغير العامل سواء فى كونهما مطروحين عن باب الله تعالى لان مجرد العلم والمعرفة ليس سبب القبول والقدر ما لم يقارن العمل بالكتاب والسنة بل كون مجردهما سبب الفلاح مذهب الحكماء الغير الاسلامية فلا بد معهما من العمل حتى يكونا سببا للنجاة كما هو مذهب اهل السنة والحكماء الاسلامية والانسان اما حيوانى وهم الذين غلبت عليهم اوصاف الطبيعة واحوال الشهوة من الاكل والشرب والمنام ونحوها واما شيطانى وهم الذين غلبت عليهم اوصاف النفس واحوال الشيطنة كالكبر والعجب والحسد وغيرها واما ملكى وهم الذين غلبت عليهم اوصاف الروح واحوال الملكية من العلم والعمل والذكر والتسبيح ونحوها فمن تمسك بالقرءآن وعمل بما فيه علمه الله ما لم يعلم وجعله من اهل الكشف والعيان فيكون من الذين يتلون آيات الله فى الآفاق والانفس ويكاشفون عن حقائق القرآءن فهذا الشرف العظيم لهذه الامة لانه ليس لغيرهم هذا القرآءن وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال موسى يا رب هل فى الامم امة اكرم عليك ممن ظللت عليهم الغمام وانزلت عليهم المن والسلوى قال يا موسى ان فضل امة محمد على الامم كفضلى على خلقى فقال موسى الهى اجعلنى من امة محمد قال يا موسى لن تدركهم ولكن أتشتهى ان تسمع كلامهم قال نعم يا رب فنادى يا امة محمد فقالوا لبيك اللهم لبيك لا شريك لك والخير كله بيديك فجعل الله تلك الاجابة من شعائر الحج ثم قال يا امة محمد ان رحمتى سبقت غضبى قد غفرت لكم قبل ان تعصونى واعطيتكم قبل ان تسألونى فمن لقينى منكم بشهادة ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله اسكنته الجنة ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر وعدد القطر وعدد النجوم وعدد ايام الدنيا وفى التوراة فى حق هذه الامة اناجيلهم فى صدورهم اى يحفظون كتابهم ( وفى المثنوى ) تو زقرآن اى بسر ظاهر مبين ديو آدم را نه بيند جزكه طين ظاهر قرآن جو شخص آدميست كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست(13/187)
وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)
{ وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا } قوله من ارسلنا فى محل النصب على انه مفعول اسأل وهو على حذف المضاف لاستحالة السؤال من الرسل حقيقة والمعنى واسأل اممهم وعلماء دينهم كقوله تعالى { فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك } وفائدة هذا المجاز التنبيه على ان المسئول عنه عين ما نطقت به ألسنة الرسل لا ما يقوله اممهم وعلماؤهم من تلقاء انفسهم { أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } اى هل حكمنا بعبادة الاوثان وهل جاءت فى ملة من مللهم والمراد به الاستشهاد باجماع الانبياء على التوحيد والتنبيه على انه ليس ببدع ابتدعه حتى يكذب ويعادى له فانه اقوى ما حملهم على التكذيب والمخالفة قال ابن الشيخ السؤال يكون لرفع الالتباس ولم يكن رسول الله يشك فى ذلك وانما الخطاب له والمراد غيره قالت عائشة رضى الله عنها لما نزلت هذه الآية قال عليه السلام « ما انا بالذى اشك وما انا بالذى اسأل » وجعل الزمخشرى السؤال فى الاية مجازا عن النظر فى اديانهم والفحص عن مللهم على انه نظير قولهم سل الارض من شق انهارك وغرس اشجارك وجنى ثمارك وللآية وجه آخر بحملها على ظاهرها من غير تقدير مضاف وهو ما روى انه عليه السلام لما اسرى به الى المسجد الاقصى حشر اليه الانبياء والمرسلون من قبورهم ومثلوا له فاذن جبرائيل ثم اقام وقال يا محمد تقدم فصل باخوانك الانبياء والمرسلين فلما فرغ من الصلاة قال له جبرائيل زعمت قريش ان لله شريكا وزعمت اليهود والنصارى ان لله ولدا سل يا محمد هؤلاء النبيين هل كان لله شريك ثم قرأ واسأل من ارسلنا الخ فقال عليه السلام « لا اسأل وقد اكتفيت ولست بشاك فيه » فلم يشك فيه ولم يسأل وكان اثبت يقينا من ذلك قال ابو القاسم المفسر فى كتاب التنزيل له ان هذه الآية انزلت على النبى عليه السلام ببيت المقدس ليلة المعراج فلما انزلت وسمعها الانبياء عليهم السلام اقروا لله تعالى بالوحدانية وقالوا بعثنا بالتوحيد ( صاحب عين المعانى ) آورده كه در آثار آمده كه ميكائيل از جبرائيل برسيدكه سيد عالم عليه السلام اين سؤال كرد از انبيا جبرائيل كفت كه يقين اوازان كاملتر وايمان او ازان محكمترست كه اين سؤال كند آنكه در كشف كرده استقلال كى توجه كند باستدلال ( وفى المثنوى ) آينه روشن كه صدصاف وجلى جهل باشد بر نهادر صيقلى بيش سلطان خوش نشسته دل قبول زشت باشد جستن نامه ورسول
وفى الاية اشارة الى ان بعثة جميع الرسل كانت على الهى غن عبادة غير الله من النفس والهوى والشيطان او شئ من الدنيا والآخرة كقوله تعالى(13/188)
{ وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } اى ليقصدوه فانه المقصود ويطلبوه فانه المطلوب والمحبوب والمعبود
قال بعض الكبار لا تطلب مولاك مع شئ من الدنيا والآخرة ولا من الظاهر والباطن ولا من العلم والعرفان ولا من الذوق والوجدان ولا من الشهود والعيان بل اطلبه بلا شئ حتى تكون طالبا خالصا مخلصا له الدين واذا كنت طالبا لمولاك بدون شئ تنجو من رق الغير وتكون حرا باقيا فى رق مولاك فحينئذ تكون عبدا محضا لمولى واحد فيصلح تسميتك عبد الله والعبد فقير اذ كل ما فى يده لمولاه غنى بغنى الله اذ كل خزآئنه له ومن اشارات هذا المقام ما قال عليه السلام « يؤتى بالعبد الفقير يوم القيامة فيعتذر الله اليه كما يعتذر الرجل الى الرجل فى الدنيا ويقول وعزتى وجلالى ما زويت الدنيا عنك لهوانك على ولكن لما اعددت لك من الكرامة والفضيلة اخرج يا عبدى الى هذه الصفوف وانظر الى من اطعمك او كساك واراد بذلك وجهى فخذ بيده فهو لك والناس يومئذ قد ألجمهم العرق فيتخلل الصفوف وينظر من فعل به ذلك فى الدنيا فيأخذ بيده ويدخله الجنة » كليد كلشن فردوس دست احسانست بهشت مى طلبى ازسر درم برخيز(13/189)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46)
{ ولقد ارسلنا موسى } حال كونه ملتبسا { بآياتنا } التسع الدالة على صحة نبوته { الى فرعون وملئه } اى اشراف قومه والارسال الى الاشراف ارسال الى الارذال لانهم تابعون لهم { فقال } موسى لهم { انى رسول رب العالمين } لكم(13/190)
فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (47)
{ فلما جاءهم بآياتنا } ليسعدوا وينتهوا وينتفعوا بها { اذا } همان وقت { هم } ايشان { منها } اى من تلك الآيات { يضحكون } اذا اسم بمعنى الوقت نصب على المفعولية لفاجأوا المقدر ومحل لما نصب على انه ظرف له اى فاجأوا وقت ضحكهم منها اى استهزأوا بها وكذبوها اول ما رأوها ولم يتأملوا فيها وقالوا سحر وتخييل ظلما وعلوا(13/191)
وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48)
{ وما نريهم من آية } من الآيات وبالفارسية ننموديم ايشانرا هيج معجزه { الا هى اكبر من اختها } الاخت تأنيث الاخ وجعلت التاء فيها كالعوض عن المحذوف منه اى اعظم عن الآية التى تقدمتها ليكون العذاب أعظم ولما كانت الآية مونثا عبر عنها بالاخت وسماها اختها فى اشتراكهما فى الصحة والصدق وكون كل منهما نظيرة الاخرى وقرينتها وصاحبتها فى ذلك وفى كونها آية ( وفى كشف الاسرار ) اين آنست كه بارسيان كوبندكه همه از يكديكر نيكوتر مهتر وبهتر
والمقصود وصف الكل بالكبر الذى لا مزيد عليه فهو من باب الكناية
يقول الفقير الظاهر ان الكلام من باب الترقى وعليه عادة الله تعالى الى وقت الاستئصال وقال بعضهم الا وهى مختصة بضرب من الاعجاز مفضلة بذلك الاعتبار على غيرها
يقول الفقير فالآيات متساوية فى انفسها متفاوتة بالاعتبار كالآيات القرءآنية فانها متساوية فى كونها كلام الله تعالى متفاوتة بالنسبة الى طبقاتها فى المعانى فالمراد على هذا بالافعل هى الزيادة من وجه وهى مجاز لان المصادر التى تتضمنها الافعال والاسماء موضوعة للماهية لا للفرد المنتشر قال بعض الكبار ان الله تعالى لم يأتهم بشئ من الآيات الا كان اوضح مما قبله ولم يقابلوه الا بجفاء اوحش مما قبله من ظلومية طبع الانسان وكفوريته { واخذناهم بالعذاب } اى عاقبناهم بالسنين والطوفان والجراد والدم والطمس ونحوها وكانت هذه الآيات دلالات ومعجزات لموسى وزجرا وعذابا للكافرين { لعلهم يرجعون } اى لكى يرجعوا عما هم عليه من الكفر فان من جهولية نفس الانسان ان لا يرجع الى الله على اقدام العبودية الا ان يجر بسلاسل البأساء والضرآء الى الحضرة فكلمة لعل مستعارة لمعنى كى وهو التعليل كما سبق فى اول هذه السورة وتفسيره بارادة ان يرجعوا عن الكفر الى الايمان كما فسره أهل الاعتزال خطأ محض لا ريب فيه لان الارادة تستلزم المراد بخلاف الامر التكليفى فانه قد يأمر بما لا يريد والذى يريده فهو واقع البتة(13/192)
وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49)
{ وقالوا } اى فرعون وقومه فى كل مرة من العذاب لما ضاق نطاق بشريتهم { يا ايه الساحر } نادوا بذلك فى مثل تلك الحالة اى عند طلب كشف العذاب بدعائه لغاية عتوهم وغاية حماقتهم او سبق ذلك الى لسانهم على ما ألفوه من تسميتهم اياه بالساحر لفرط حيرتهم ( قال سعدى ) المفتى والاظهر ان الندآء كان باسمه العلم كما فى الاعراف لكن حكى الله تعالى هنا كلامهم لا بعبارتهم بل على وفق ما اضمرته قلوبهم من اعتقادهم انه ساحر لاقتضاء مقام التسلية ذلك فان قريشا ايضا سموه ساحرا وسموا ما أتى به سحرا وعن الحسن قالوه على الاستهزآء وقال ابن بحر اى الغالب بالسحر نحو خصمته وقال بعضهم قالوه تعظيما فان السحر كان عندهم علما عظيما وصفة ممدوحة والساحر فيهم عظيم الشان فكأنهم قالوا يا ايها العالم بالسحر الكامل الحاذق فيه { ادع لنا ربك } ليكشف عنا العذاب قال فى التأويلات النجمية ما قالوا مع هذا الاضطرار يا ايها الرسول وما قالوا ادع لنا ربنا لانهم ما رجعوا الى الله بصدق النية وخلوص القعيدة ليروه بنور الايمان رسولا ويروا الله ربهم وانما رجعوا بالاضطرار لخلاص انفسهم لا لخلاص قلوبهم { بما عهد عندك } ما مصدرية والباء للسببية وأصل العهد بمعنى التوصية ان يتعدى بالى الا انه اورد بدلها لفظ عندك اشعارا بأن تلك الوصية مرعية محفوظة عنده لا مضيعة ملغاة
قال الراغب العهد حفظ الشئ ومراعاته حالا بعد حال وعهد فلان الى فلان بعهد اى ألقى العهد اليه وأوصاه بحفظه والمعنى بسبب عهده عندك بالنبوة فان النبوة تسمى عهد الله وبالفارسية بسبب آن عهدى كه نزديك تونهاده است اومن استجابة دعوتك او من كشف العذاب عمن اهتدى
قال بعضهم الاظهر ان الباء فى الوجه الاول للقسم اى ادع الله بحق ما عندك من النبوة { اننا لمهتدون } اى لمؤمنون على تقدير كشف العذاب عنا بدعوتك وعد منهم معلق بشرط الدعاء ولذا تعرضوا للنبوة على تقدير صحتها وقالوا ربك لا ربنا فانه انما يكون ربهم بعد الايمان لانهم قائلون بربوية فرعون(13/193)
فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (50)
{ فلما } بس آن هنكام كه { كشفنا } ببرديم وازاله كرديم { عنهم العذاب } بدعاء موسى { اذا هم } همان زمان ايشان { ينكثون } النكث فى الاصل نقض الحبل والغزل ونحو ذلك وبالفارسية تابازدادن ريسمان
واستعير لنقض العهد والمعنى فاجأوا وقت نقض عهدهم بالاهتداء وهو الايمان اى بادروا النكث ولم يؤخروه وعادوا الى كفرهم وأصروا عليه ولما نقضوا عهودهم صاروا ملعونين ومن آثار لعنهم الغرق كما يأتى فعلى العاقل الوفاء بالعهد ( حكى ) ان النعمان بن المنذر من ملوك العرب جعل لنفسه فى كل سنة يومين فاذا خرج فاول من يطلع عليه فى يوم نعمه يعطيه مائة من الابل ويغنيه وفى يوم بؤسه يقتله فلقيه فى يوم بؤسه رجل طاقى فأيقن بقتله وقال حيى الله الملك ان الاحتياج والضرورة قد حملانى على الخروج فى هذا اليوم ولكن لا يتفاوت الامر فى قتلى بين اول النهار وآخره فان رأى الملك ان يأذن لى فى ان اوصل الى اهلى وأولادى القوت واودعهم ثم اعود فرق له النعمان وقال لا يكون ذلك الا بضمان رجل منا فان لم ترجع قتلناه قال شريك ابن على ضمانه على فذهب الطاقى ثم رجع قريبا من المساء فلما رآه النعمان اطرق رأسه ثم رفع وقال ما رأيت مثلكما اما انت ايها الطاقى فما تركت لاحد فى الوفاء مقاما يفتخر به واما انت يا شريك فما تركت لكريم سماحة فلا اكون اخس الثلاثة ألا وانى قد رفعت يوم بؤسى عن الناس كرامة لكما ثم احسن الى الطاقى وقال ما حملك على ذلك قال دينى فمن لا وفاء له لا دين له فظهر أن الوفاء سبب النجاة ( وفى المثنوى ) جرعه برخاك وفا آنكس كه ريخت كى تواند صيد دولت زوكريخت
واول مراتب الوفاء منا هو الاتيان بكلمتى الشهادة ومن الله منع الدماء والمال وآخرها منا الاستغراق فى بحر التوحيد بحيث يغفل عن نفسه فضلا عن غيره ومن الله الفوز باللقاء الدائم وعن بعضهم انه سافر للحج على قدم التجريد وعاهد الله انه لا يسأل احدا شيأ فلما كان فى بعض الطريق مكث مدة لا يفتح عليه بشئ فعجز عن المشى ثم قال هذا حال ضرورة تؤدى الى تهلكة بسبب الضعف المؤدى الى الانقطاع وقد نهى الله عن القاء النفس الى التهلكة ثم عزم على السؤال فلما هم بذلك انبعث من باطنه خاطر رده عن ذلك العزم ثم قال أموت ولا انقض عهدا بينى وبين الله فمرت القافلة وانقطع ذلك البعض واستقبل القبلة مضطجعا ينتظر الموت فبينما هو كذلك اذ هو بفارس قائم على رأسه معه اداوة فسقاه وأزال ما به من الضرورة فقال له تريد القافلة فقال واين منى القافلة فقال قم وسار معه خطوات ثم قال قف ههنا والقافلة تأتيك فوقف واذا بالقافلة مقبلة من خلفه وهذا من قبيل طى المكان كرامة من الله تعالى لاهل الشهود والحضور
نتوان بقيل وقال زار باب حال شد منعم نميشود كسى از كفت وكوى كنج(13/194)
وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51)
{ ونادى فرعون } بنفسه او بمناد امره بالنداء { فى قومه } فى مجمعهم وفيما بينهم بعد أن كشف العذاب عنهم مخافة ان يؤمنو { قال } كفت از روى عظمت وافتخار { يا قوم } اى كروه من يعنى قبطيان { اليس لى ملك مصر } وهى اربعون فرسخا فى اربعين ( قال الكاشفى ) آيانيست مرا مملكت مصر از اسكندرية تاسر حد شام
وفى فتح الرحمن وهو من نحو الاسكندرية الى أسوال بطول النيل وأسوان بالضم بلد بصعيد مصر كما فى القاموس قال فى روضة الاخبار مصر بلدة معروفة بناها مصر بن حام بن نوح وبه سميت مصر مصرا وفى القاموس مصروا المكان تمصيرا جعلوه مصرا فتمصر ومصر للمدينة المعروفة سميت لتمصرها او لانه بناها مصر بن نوح وقال بعضهم مصر بلد معروف من مصر الشئ يمصره اذا قطعه سمى به لانقطاعه عن الفضاء بالعمارة انتهى { وهذه الانهار } اى انهار النيل فاللام عوض عن المضاف اليه ( قال فى كشف الاسرار ) آب نيل بسيصد وشصت جوى منقسم بوده
والمراد هنا الخلجان الكبار الخارجة من النيل ومعظمها اربعة انهر نهر الملك وهو نهر الاسكندرية ونهر طولون ونهر دمياط ونهر تنيس وهو كسكين بلد بجزيرة من جزائر بحر الروم قرب دمياط ينسب اليها الثياب الفاخرة كما فى القاموس { تجرى من تحتى } اى من تحت قصرى او امرى ( قال الكاشفى ) جهار حوى بزرك در باغ او ميرفت واز زير قصر هاى او ميكذست
والواو اما عاطفة لهذه الانهار على ملك فتجرى حال منها او للحال فهذه مبتدا والانهار صفتها وتجرى خبر للمبتدأ قال فى خريدة العجائب ليس فى الدنيا نهر اطول من النيل لان مسيرته شهران فى الاسلام وشهران فى لكفر وشهران فى البرية واربعة اشهر فى الخراب ومخرجه من بلاد جبل القمر خلف خط الاستوآء وسمى جبل القمر لان القمر لا يطلع عليه أصلا لخروجه عن خط الاستواء وميله عن نوره وضوئه يخرج من بحر الظلمة اى البحر الاسود ويدخل تحت جبل القمر وليس فى الدنيا نهر يشبه بالنيل الا نهر مهران وهو نهر السند { افلا تبصرون } ذلك يريد به استعظام ملكه وعن هرون الرشيد لما قرأها قال لاولينها اخس عبيدى فولاها الخصيب وكان على وضوئه وكان اسود أحمق
عقل وكفايت آن سياه بحدى بودكه طائفه حراث مصر شكايت آور دندش كه ينبه كاشته بوديم بركنار نيل وباران بى وقت آمد وتلف شد كفت بشم بايستى كاشتن تاتلف نشدى دانشمندى اين سخن بشنيد وبخنديه وكفت اكر روزى بدانش برفزودى زنادان تنك روزى تر نبودى بنادانان جنان روزى رساند كه دانايان از وحيران بماند
وعن عبد الله بن طاهر انه وليها فخرج اليها فلما شارفها ووقع عليها بصره قال أهى القرية التى افتخر فيها فرعون حتى قال أليس لى ملك مصر والله لهى اقل عندى من أن ادخلها فثنى عنانه
قال الحافظ ابن ابى الفرج بن الجوزى يوما فى قول فرعون وهذه الانهار تجرى من تحتى ويحه افتخر بنهر ما أجراه ما أجراه
افتخار از رنك وبو واز مكان هست شادى وفريب كودكان(13/195)
أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52)
{ ام انا خير } مع هذا الملك والبسط وام منقطعة بمعنى بل انا خير والهمزة للتقرير اى لحملهم على الاقرار كأنه قال اثر ما عدد اسباب فضله ومبادى خيريته أثبت عندكم واستقر لديكم انى انا خير وهذه حال من هذا الخ وقال ابو الليث يعنى انا خير وام للصلة والمحققون على ان ام ههنا بمعنى بل التى تكون للانتقال من كلام الى كلام آخر من غير اعتبار استفهام كما فى قوله تعالى فى سورة النمل { ام ماذا كنتم تعملون } وقال سعدى المفتى ويجوز أن يكون النظم من الاحتباك ذكر الابصار اولا دلالة على حذف مثله ثانيا والخيرية ثانيا دلالة على حذف مثله اولا والمعنى اهو خير منى فلا تبصرون ما ذكرتكم به ام انا خير منه لانكم تبصرونه { من هذا الذى هو مهين } ضعيف حقير من المهانة وهى القلة { ولا يكاد يبين } الكلام ويوضحه لرته فى لسانه فكيف يصلح للنبوة والرسالة يريد انه ليس معه من آيات الملك والسياسة ما يعتضده ويتقوى به كما قال قريش لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم وهو فى نفسه حال عما يوصف به الرجال من الفصاحة والبلاغة وكان الانبياء كلهم فصحاء بلغاء قاله افتراء على موسى وتنقيصا له فى اعين الناس باعتبار ما كان فى لسانه من نوع رتة حدثت بسبب الجمرة وقد كانت ذهبت عنه لقوله تعالى { قال قد اوتيت سؤلك يا موسى } والرتة غير اللثغة وهى حبسة فى اللسان تمنعه من الجريان وسلاسة لتكلم
يقول الفقير الانبياء عليهم السلام سالمون من العيوب والعاهات المنفرة كما ثبت فى محله وقد كان للشيخ عبد المؤمن المدفون فى بروسة عقدة فى لسانه وعند ما ينقل الاحياء فى الجامع الكبير تنحل باذن الله تعالى فاذا كان حال الولى هكذا فكيف حال الموفر حظا من كل كمال كموسى وغيره من الانبياء عليهم السلام حين ادآء الوحى الالهى وقد جربنا عامة من كان ألثغ او نحوه فوجدناهم منطيقين عند تلاوة القرآن وهو من آثار رحمة الله وحكمه البديعة وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى من تعزز بشئ من دون الله فحتفه وهلاكه فى ذلك فلما تعزز فرعون بملك مصر وجرى النيل بأمره فكان فيه هلاكه وكذلك من استصغر أحدا سلط عليه كما ان فرعون استصغر موسى عليه السلام وحديثه وعابه بالفقر واللكنة فقال ام انا خير فسلطه الله عليه وكان هلاكه على يديه وفيه اشارة اخرى وهى ان قوله ام انا خير هو من خصوصية صفة ابليس فكانت هذه الصفة توجد فى فرعون وكان من صفة فرعون قوله انا ربكم الاعلى ولم توجد هذه الصفة فى ابليس ليعلم ان الله تعالى اكرم الانسان باستعداد يختص به وهو قوله(13/196)
{ لقد خلقنا الانسان فى احسن تقويم } فاذا فسد استعداده استنزل دركة لا يبلغه فيها ابليس وغيره وهى اسفل السافلين فيكون شر البرية ولو استكمل استعداده لنال رتبة فى القربة لا يسعه فيها ملك مقرب ولكان خير البرية ( قال الصائب ) سرورى از خلق بد خود را مصفى كردنست برنمى آيى بخود سر برنمى بايد شدن بادشاه از كشور بيكانه دارد صد خطر يك قدم از حد خود بر ترنمى بايد شدن
فاذا عرفت حال ابليس وحال فرعون فاجتهد فى اصلاح النفس وتزكيتها عن الاوصاف الرذيلة التى بها صار الشيطان شيطانا وفرعون فرعونا نسأل الله سبحانه ان يدركنا بعنايته ويتداركنا بهدايته قبل القدوم على حضرته(13/197)
فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53)
{ فلولا ألقى عليه اسورة من ذهب } قالوه توبيخا ولو ما على ترك الفعل ما هو مقتضى حرف التخضيض الداخل على الماضى واسورة جمع سوار على تعويض التاء من ياء اسارير يعنى الياء المقابلة لالف اسوار ونظيره زنادقة وبطارقة فالهاء فيهما عوض عن ياء زنديق وبطاريق المقابلة لياء زنديق وبطريق قال فى القاموس السوار بالكسر والضم القلب كالأسوار بالضم والجمع اسورة واساور واساورة وفى المفردات سوار المرأة اصله دستواره فهو فارسى معرب عند البعض والذهب جسم ذآئب صاف منطرق اصفر رزين بالقياس الى سائر الاجسام والمعنى فهلا ألقى على موسى واعطى مقاليد الملك ان كان صادقا فى مقالته فى رسالته فيكون حاله خيرا من حالى والملقى هو رب موسى من السماء والقاء الاسورة كناية عن القاء مقاليد الملك اى اسبابه التى هى كالمفاتيح له وكانوا اذا سودوا رجلا سوروه وطوقوه بطوق من ذهب علما على رياسته ودلالة لسيادته
يعنى آن زمان جنان بودكه هركرا مهترى وبيشوايى ميدهند دستوانه طلا دردست وطوق زدر كردن اوميكننده فرعون كفت كه اكر موسى راست ميكويدكه بسيادت ورياست قوم نامزد شده جراخداى اورا دستوانه نداده { او جاء معه الملائكة مقترنين } اى حال كونهم مقرونين بموسى منضمين اليه يعينونه على امره وينصرونه ويصدقونه اى يشهدون له بصدقه قال الراغب الاقتران كالازدواج فى كونه اجتماع شيئين او اشياء فى معنى من المعانى(13/198)
فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54)
{ فاستخف قومه } الاستخفاف سبك كردانيدن وسبك داشتن وطلب خفت كردن
اى فاستفزهم بالقول وطلب منهم الخفة فى اطاعته فالمطلوب بما ذكره من التلبيسات والتمويهات خفة عقولهم حتى يطيعوه فيما اراد منهم مما يأباه ارباب العقول السليمة لا خفة ابدانهم فى امتثال امره او فاستخف احلامهم اى وجدها خفيفة يغترون بالتلبيسات الباطلة وقال الراغب حملهم على ان يخفوا معه او وجدهم خفافا فى ابدانهم وعزائمهم وفى القاموس استخفه ضد استثقله وفلانا عن رأيه حمله على الجهل والخفة وازاله عما كان عليه من الصواب ( وقال الكاشفى ) بس سبك عقل يافت فرعون بدين مكر كروه خود را يعنى اين فريب در ايشان اثر كرد { فاطاعوه } فيما امرهم به لفرط جهلهم وضلالهم
وبكلى دل از متابعت موسى بر داشتند { انهم كانوا قوما فاسقين } فلذلك سارعوا الى طاعة ذلك الفاسق الغوى وبالفارسية بدرستى كه فرعونيان بودند كروهى بيرون رفته ازدائره بندكئ خداى وفرمان بردارئ وى بلكه خارج از طريقه عقل ك بمال وجاه فانى اعتماد كرده باشند موسى را عليه السلام بنظر حقارن ديدند وندانستندكه فرعون وعذاب ابدرويش مرصع موسى كليم الله وجوبى وشبانى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل من استولى على قوم فاستخفهم فأطاعوه رهبة منه وان أمنوا من سطوته فخالفوه امنا منه فانه يزيد فى جهادهم ورياضتهم ومخالفة طباعهم وانه استولت النفس الامارة على قومها وهم القلب والروح وصفاتهما فاستخفتهم بمخالفة الشريعة وموافقة الهوى والطبيعة فأطاعوها رهبة الى ان تخلقوا بأخلاقها فأطاعوها رغبة انتهى وفيه اشارة الى ان العدو لا ينقاد بحال واما انقياده كرها فلا يغتر به فانه لو وجد فرصة لقطع اليد بدل التقبيل
هركز ايمن ززمان ننشستم تابدانستم آنجه خصلت اوست(13/199)
فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55)
{ فلما آسفونا } الايساف اندو هكين كردن وبحشم آوردن
منقول من أسف يأسف كعلم يعلم اذا اشتد غضبه وفى القاموس الاسف محركة اشد الحزن واسف عليه غضب وسئل صلى الله عليه وسلم عن موت الفجأة فقال « راحة للمؤمن واخذة اسف » اى سخط « للكافر » ويروى اسف ككتف اى اخذة ساخط يعنى موت الفجأة اثر غضب الله على العبد الا ان يكون مستعداً للموت وقال الراغب الاسف الحزن والغضب معا وقد يقال لكل منهما على الانفراد وحقيقته ثوران دم القلب ارادة الانتقام فمتى كان ذلك على من دونه انتشر فصار غضبا ومتى كان على من فوقه انقبض فصار حزنا والمعنى فلما اغضبونا اى فرعون وقومه اشد الغضب بالافراط فى العناد والعصيان وغضب الله نقيض الرضى او ارادة الانتقام او تحقيق الوعيد او الاخذ الاليم او البطش الشديد او هتك الاستار والتعذيب بالنارا وتغيير النعمه { انتقمنا منهم } اردنا ان نعجل لهم انتقامنا وعذابنا وان لا نحلم عنهم وفى كشف الاسرار احللنا بهم النقمة والعذاب { فأغرقناهم اجمعين } فأهلكناهم المطاع والمطيعين له اجمعين بالاغراق فى اليم لم نترك منهم احدا(13/200)
فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ (56)
{ فجعلناهم سلفا } اما مصدر سلف يسلف كطلب يطلب بمعنى التقدم وصف به الاعيان للمبالغة فهو بمعنى متقدمين ماضين او جمع سالف كخدم جمع خادم ولما لم يكن التقدم متعديا باللام فسروه بالقدوة مجازا لان المتقدمين يلزمهم غالبا ان يكونوا قدوة لمن بعدهم فالمعنى فجعلناهم قدوة لمن بعدهم من الكفار يسلكون مسلكهم فى استيجاب مثل ما حل بهم من العذاب وفى عين المعانى فجعلناهم سلفا فى النار { ومثلا للآخرين } اللام متعلق بكل من سلفا ومثلا على النازع اى عظة للكفار المتأخرين عنهم والعظة ليس من لوازمها الاتعاظ او قصة عجيبة تسير مسير الامثال لهم فيقال مثلكم مثل قوم فرعون ( وقال الكاشفى ) كردانيديم ايشانرابندى وعبرتى براى بيشينيان كه درمقام اعتبارباشندح ملاحظه قصه عجيبه ايشان معتبررا در تقلب احوال كفايتيست واز جمله آنكه جون فرعون باب نازشى كرد اوراهم باب غرقه ساختند وبد آنجه نازيد بفرياد او نرسيد درسردارى كه باشدت سردارى هم درسران روى كه درسردارى
وفى الآية اشارة الى ان الغضب فى الله من الفضائل لا من الرذآئل وعن سماك ابن الفضل قال كنا عند عروة بن محمد وعنده وهب بن منبه فجاء قوم فشكوا عاملهم واثبتوا على ذلك فتناول وهب عصا كانت فى يد عروة فضرب بها رأس العامل حتى ادماه فاستهانها عروة وكان حليما وقال يعيب علينا ابو عبد الله الغضب وهو يغضب فقال وهب ومالى لا اغضب وقد غضب الذى خلق الاحلام ان الله يقول فلما آسفونا الخ وفيها اشارة ايضا الى ان اغضاب اوليائه اغضابه تعالى حتى قالوا فى آسفونا آسفوا رسلنا واولياءنا اضاف الايساف الى نفسه اكراما لهم قال ابو عبد الله الرضى ان الله لا يأسف كأسفنا ولكن له اولياء يأسفون ويرضون فجعل رضاهم رضاه وغضبهم غضبه فينتقم لأوليائه من اعدآئه كما اخبر فى حديث ربانى « من عادى لى وليا فقد بارزنى بالحرب وانى لاغضب لأوليائى كما يغضب الليث الجريئ لجروه » قال فى التأويلات النجمية هذا اصل فى باب الجمع اضاف ايساف اوليائه الى نفسه وفى الخبر « انه يقول مرضت فلم تعدنى » وقال فى صفة رسوالله صلى الله تعالى عليه وسلم { من يطع الرسول فقد اطاع الله } وفى عرآئس البقلى فلما قاموا على دعاويهم الباطلة وكلماتهم المزخرفة وبدعهم الباردة واصروا على اذى اوليائنا واحبائنا غضبنا وسلطنا عليهم جنود قهرياتنا وأمتناهم فى اودية الجهالة واغرقناهم فى بحار الغفلة وجردنا قلوبهم عن انوار المعرفة وطمسنا اعين اسرارهم حتى لا يروا لطائف برنا على اوليائنا قال سهل لما اقاموا مصرين على المخالفة فى الاوامر واظهار البدع فى الدين وترك السنن اتباعا للآرآء والاهوآء والعقول نزعنا نور المعرفة من قلوبهم وسراج التوحيد من اسرارهم ووكلناهم الى ما اختاروه فضلوا واضلوا ومن الله الهداية لموافقة السنة ومنه المنة(13/201)
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)
{ ولما ضرب ابن مريم } اى عيسى { مثلا } اى ضربه عبد الله بن الزبعرى السهمى كان من مردة قريش قبل ان يسلم قال فى القاموس الزبعرى بكسر الزاى وفتح الباء والرآء والد عبد الله الصحابى القرشى الشاعر انتهى ومعنى ضربه مثلا اى جعله مثالا ومقياسا فى بيان ابطال ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من كون معبودات الامم دون الله حصب جهنم الآية قرأه على قريش فامتعضوا من ذلك امتعاضا شديدا اى غضبوا وشق عليهم ذلك فقال ابن الزبعرى بطريق الجدال هذا لنا ولآلهتنا ام لجميع الامم فقال عليه السلام « هو لكم ولآلهتكم ولجميع الامم » فقال خصمتك ورب الكعبة أليست النصارى يعبدون المسيح واليهود عزيرا وبنوا مليح الملائكة فان كان هؤلاء فى النار فقد رضينا ان نكون نحن وآلهتنا معهم ففرح به قومه وضحكوا وارتفعت اصواتهم وذلك قوله تعالى { اذا قومك } آنكاه قوم تو { منه } اى من ذلك المثل اى لاجله وسببه { يصدون } اى يرتفع لهم جلبة وضجيج فرحا وجذلا لظنهم ان الرسول صار ملزما به قال فى القاموس صد يصد ويصد صديدا ضج كما قال فى تاج المصادر الصديد بانك كردن
والغابر يفعل ويفعل معا واما الصدود فبمعنى الاعراض يقال صد عنه صدوداً اى اعرض وفلانا عن كذا صدا منعه وصرفه كأصده كما قال فى التاج الصد بكر دانيد والصد والصدود بكشتن(13/202)
وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)
{ وقالوا } اى قومك { ءآلهتنا خير } اى عندك فان آلهتهم خير عندهم من عيسى { ام هو } اى عيسى اى ظاهر أن عيسى خير من آلهتنا فحيث كان هو فى النار فلا بأس سكوننا مع آلهتنا فيها ( روى ) ان الله تعالى انزل قوله تعالى جوابا { ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون } يدل على ان قوله وما يعبدون من دون الله خاص بالاصنام وروى انه عليه السلام رد على بن الزبعرى بقوله « ما اجهلك بلغة قومك اما فهمت ان ما لما لا يعقل » فيكون ان الذين سبقت الخ لدفع احتمال المجاز لا لتخصيص العام المتأخر عن الخطاب وفى هذا الحديث تصريح بأن ما موضوع لغير العقلاء لا كما يقول جمهور العلماء انه موضوع على العموم للعقلاء وغيرهم كما فى بحر العلوم وقد بين عليه السلام ايضا بقوله « بل هم عبدوا الشياطين التى امرتهم بذلك » ان الملائكة والمسيح وعزيرا بمعزل عن ان يكونوا معبوديهم كما نطق به قوله تعالى { سبحانك انت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن } وانما اظهروا الفرح ورفع الاصوات من اول الامر لمحض وقاحتهم وتهالكهم على المكابرة والعناد كما ينطق به قوله تعالى { ما ضربوه لك الا جدلا } الجدل قتل الخصم عن قصده لطلب صحة قوله وابطال غيره وهو مأمور به على وجه الانصاف واظهار الحق بالاتفاق وانتصاب جدلا على انه مفعول له للضرب اى ما ضربوا لك ذلك المثل الا لاجل الجدال والخصام لا لطلب الحق حتى يذعنوا له عند ظهوره ببيانك
قال بعض الكبار ان قال عليه السلام آلهتكم خير من عيسى فقد اقر بأنها معبودة وان قال عيسى خير من آلهتكم فقد اقر بأن عيسى يصلح لان يعبد وان قال ليس واحد منهم خيرا فقد نفى عيسى فراموا بهذا السؤال ان يجادلوه ولم يسألوه للاستفادة فبين الله ان جدالهم ليس لفائدة انما هو لخصومة نفس الانسان فقال { بل هم قوم خصمون } اى لد شداد الخصومة بالباطل مجبولون على اللجاج والخلاف كما قال الله تعالى { وكان الانسان اكثر شئ جدلا } وذلك لانهم قد علموا ان المراد من قوله وما يعبدون من دون الله هؤلاء الاصنام بشهادة المقام لكن ابن الزبعرى لما رأى الكلام محتملا للعموم بحسب الظاهر وجد مجالا للخصومة وفى الحديث « ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا اتوا الجدل » ثم قرأ ما ضربوه لك الآية(13/203)
إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59)
{ ان هو } اى ما هو اى ابن مريم وهو عيسى { الا عبد } مربوب { انعمنا عليه } بفضلنا عليه بالنبوة او بخلقه بلا اب او بقمع شهوته لا ابن الله والعبد لا يكون مولى وآلها كالاصنام وقال يحيى ابن معاذ رحمه الله انعمنا عليه بأن جعلنا ظاهره اماما للمريدين وباطنه نور القلوب العارفين { وجعلناه مثلا لبنى اسرائيل } اى امرا عجيبا حقيقا بأن يسير ذكره كالامثال السائرة
قال بعض الكبار عبرة يعتبرون به بأن يسارعوا فى عبوديتنا طمعا فى انعامنا عليهم وكل عبد منعم عليه اما نبى او ولى(13/204)
وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60)
{ ولو نشاء } لو للمضى وان دخل على المضارع ولذا لا يجزمه ويتضمن لو معنى الشرط اى قدرنا بحيث لو نشاء { لجعلنا } اولدنا اى لخلقنا بطريق التوالد { منكم } وانتم رجال من الانس ليس من شأنكم الولادة كما ولد حواء من آدم وعيسى من غير أب وان لم تجر العادة { ملائكة } كما خلقناهم بطريق الابداع { فى الارض } مستقرين فيها كما جعلناهم مستقرين فى السماء { يخلفون } يقال خلف فلان فلانا اذا قام بالامر عنه اما معه واما بعده اى يخلفونكم ويصيرون خلفاء بعدكم مثل اولادكم فيما تأتون وتذرون ويباشرون الافاعيل المنوطة بمباشرتكم مع ان شأنهم التسبيح والتقديس فى السماء فمن شأنهم بهذه المثابة بالنسبة الى القدرة الربانية كيف يتوهم استحقاقهم للمعبودية او انتسابهم اليه بالولادة يعنى ان الملائكة مثلكم فى الجسمية واحتمال خلقها توليدا لما ثبت انها اجسام وان الاجسام متماثلة فيجوز على كل منها ما يجوز على الآخر كما جاز خلقها ابداعا وذات القديم الخالق لكل شئ متعالية عن مثل ذلك فقوله ولو نشاء الخ لتحقيق ان مثل عيسى ليس ببدع من قدرة الله وانه تعالى قادر على ابدع من ذلك وهو توليد الملائكة من الرجال مع التنبيه على سقوط الملائكة ايضا من درجة المعبودية قال سعدى المفتى لجعلنا منكم اى ولدنا بعضكم فمن للبتعيض وملائكة نصب على الحال والظاهر ان من ابتدائية اى نبتدئ التوليد منكم من غير أم عكس حال عيسى عليه السلام والتشبيه به على الوجهين فى الكون على خلاف العادة وجعل بعضهم من للبدل
يعنى شمارا اهلاك كنيم وبدل شما ملائكة آريم كه ايشان در زمين ازبى در آنيد شمارا
يعمرون الارض ويعبدوننى كقوله تعالى { ان يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد } فتكون الآية للتوعد بالهلاك والاستئصال ولا يلائم المقام وفى الآية اشارة الى ان الانسان لو أطاع الله تعالى لأنعم الله عليه بأن جعله متخلقا بأخلاق الملائكة ليكون خليفة الله فى الارض بهذه الاخلاق ليستعد بها الى ان يتخلق باخلاق الله فانها حقيقة الخلافة ( حكى ) ان هاروت وماروت لما انكرا على ذرية آدم اتباع الهوى والظلم والقتل والفساد وقالا لو كنا بدلا منهم خلفاء الارض ما نفعل مثل ما يفعلون فالله تعالى أنزلهما الى الارض وخلع عليهما لباس البشرية وامرهما ان يحكما بين الناس بالحق ونهاهما عن المناهى فصدر عنهما ما صدر فثبت ان الانسان مخصوص بالخلافة وقبول فيضان نور الله فلو كان للملائكة هذه الخصوصية لم يفتتنا بالاوصاف المذمومة الحوانية السبعية كما ان الانبياء عليهم السلام معصومون من مثل هذه الآفات والاخلاق وان كانت لازمة صفاتهم البشرية ولكن بنور التجلى تنور مصباح قلوبهم واستنار بنور قلوبهم جميع مشكاة جسدهم ظاهرا وباطنا واشرقت الارض بنور ربها فلم يبق لظلمات هذه الصفات مجال الظهور مع استعلاء النور وبهذا التجلى المخصوص بالانسان يتخلق الانسان بالاخلاق الالهية فيكون فوق الملائكة ثم ان الانسان وان لم يتولد منه الملائكة ظاهرا لكنه قد تولدت منه باطنا على وجهين احدهما ان الله تعالى خلق من انفاسه الطيبة واذكاره الشريفة واعماله الصالحة ملائكة كما روى عن رفاعة بن رافع رضى الله عنه قال كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركوع قال(13/205)
« سمع الله لمن حمده » فقال رجل ورآءه ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال « من المتكلم آنفا » قال الرجل انا قال « لقد رايت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها ايهم يكتب اولا » وسره هو أن مجموع حروف هذه الكلمات الذى ذكره الرجل وراء النبى عليه السلام ثلاثة وثلاثون حرفا لكل حرف روح هو المثبت له والمبقى لصورة ما وقع النطق به فبالارواح الصور تبقى وبنيات العمال وتوجهات نفوسهم ومتعلقات هممهم التابعة لعلومهم واعتقاداتهم ترتفع حيث منتهى همة العامل هركسى ازهمت وآلاى خويش سود برد درخور كالاى خويش
والثانى ان الانسان الكامل قد تتولد منه الاولاد المعنوية التى هى كالملائكة فى المشرب والاخلاق بل فوقهم فان استعداد الانسان أقوى من استعداد الملك وهؤلاء الاولاد يخلفونه متسلسلين الى اخر الزمان بأن يتصل النفس النفيس من بعضهم الى بعض الى آخر الزمان وهى السلسلة المعنوية كما يتصل به النطفة من بعض الناس الى بعض الى قيام الساعة وهى السلسلة الصورية وكما ان عالم الصورة باق ببقاء أهله وتسلسله فكذا عالم المعنى(13/206)
وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)
{ وانه } اى وان عيسى عليه السلام بنزوله فى آخر الزمان { لعلم للساعة } شرط من أشراطها يعلم به قربها وتسميته علما لحصوله به فهى على المبالغة فى كونه مما يعلم به فكأنه نفس العلم بقربها او ان حدوثه بغير أب او احياءه الموتى دليل على صحة البعث الذى هو معظم ما ينكره الكفرة من الامور الواقعة فى الساعة وفى الحديث « ان عيسى ينزل على ثنبة بالارض المقدسة يقال لها افيق وهو كأمير قرية بين حوران والغور وعليه ممصرتان » يعنى ثوبين مصبوغين بالاحمر فان المصر الطين الاحمر والممصر المصبوغ به كما فى القاموس « وشعر رأسه دهين وبيده حربة وبها يقتل الدجال فيأتى بيت المقدس والناس فى صلاة الصبح » وفى رواية « فى صلاة العصر فيتأخر الامام فيقدمه عيسى ويصلى خلفه على شريعة محمد عليه السلام ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ويخرب البيع والكنائس ويقتل النصارى الا من آمن به » وفى الحديث « الانبياء اولاد علات وانا اولى الناس بعيسى بن مريم ليس بينى وبينه نبى وانه اول ما ينزل يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويقاتل على الاسلام ويخرب البيع والكنائس » وفى الحديث « ليوشكن ان ينزل فيكم ابن مريم حكما وعدلا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتهلك فى زمانه الملل كلها الا الاسلام » دل آخر الحديث على ان المراد بوضع الجزية تركها ورفعها عن الكفار بأن لا يقبل الا الاسلام صرح بذلك النووى ولعل المراد بالكسر والقتل المذكورين ليس حقيقتهما بل ازالة آثار الشرك عن الارض وفى صحيح مسلم فبينما هو يعنى المسيح الدجال اذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء بشرقى دمشق بين مهرودتين يعنى ثوبين مصبوغين بالهرد بالضم وهو طين احمر واضعا كفيه على اجنحة ملكين اذ طأطأ رأسه قطر يعنى جون سردربيش افكند قطرات ازرويش ريزان كردد واذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ يعنى جون سربالا كند قطرهابر روى وى جون مرواريد روان شود فلا يحل بكافر يجدر بح نفسه الا مات يعنى نفس بهر كافركه رسد بميرد ونفسه حين ينتهى طرفه يعنى برهرجاكه جشم وى افتد نفس وى برسد
فيطلبه اى الدجال حتى يدركه بباب لد فيقتله قال فى القاموس لد بالضم قرية بفلسطين يقتل عيسى عليه السلام الدجال عند بابها انتهى
وآنكه يأجوج ومأجوج بيرور آيند وعيسى عليه السلام ومؤمنان بكو طور برود وآنجا متحصن كردد
ويجتمع عيسى والمهدى فيقوم عيسى بالشريعة والامامة والمهدى بالسيف والخلافة فعيسى خاتم الولاية المطلقة كما ان المهدى خاتم الخلافة المطلقة وفى شرح العقائد ثم الاصح ان عيسى يصلى بالناس ويؤمهم ويقتدى به المهدى لانه أفضل منه فامامته اولى من المهدى لان عيسى نبى والمهدى ولى ولا يبلغ الولى درجة النبى(13/207)
يقول الفقير فيه كلام لان عيسى عليه السلام لا ينزل بالنبوة فان زمان نبوته قد انقضى وقد ثبت انه لا نبى بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا مشرعا كأصحاب الكتب ولا متابعا كأنبيا بنى اسرائيل وانما ينزل على شريعتنا وعلى انه من هذه الامة لكن للغيرة الالهية يؤم المهدى ويقتدى به عيسى لان الاقتدآء به اقتداء بالنبى صلى الله تعالى عليه وسلم وقد صح ان عيسى اقتدى بنبينا ليلة المعراج فى المسجد الاقصى مع صائر الانبياء فيجب ان يقتدى بخليفته ايضا لانه ظاهر صورته الجمعية الكمالية { فلا تمترن بها } فلا تشكن فى وقوعها وبالفارسية بس شك مكنيد وجدل منماييد بآمدن قيامت والامتراء المحاجة فيما فيه مرية { واتبعون } اى واتبعوا هداى وشرعى او رسولى { هذا } الذى ادعوكم اليه وهو الاتباع { صراط مستقيم } موصل الى الحق وقال الحسن الضمير فى وانه لعلم للقرءآن لما فيه من الاعلام بالساعة والدلالة عليها فيكون هذا ايضا اشارة الى القرءآن(13/208)
وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62)
{ ولا يصدنكم الشيطان } اى لا يمنعنكم الشيطان ولا يصرفنكم عن صراط اتباعى { انه لكم عدو مبين } بين العداوة حيث اخرج اباكم من الجنة ونزع عنه لباس النور وعرضكم للبلية ( وحكى ) انه لما خرج آدم عليه السلام من الجنة قال ابليس أخرجته من الجنة بالوسوسة فما أفعل به الآن فذهب الى السباع والوحوش فأخبرهم بخبر آدم وما يولد منه حتى قالت الوحوش والسباع ما التدبير فى ذلك قال ينبغى ان تقتلوه وقتل واحد اسهل من قتل ألف فأقبلوا الى آدم وابليس امامهم فلما رأى آدم ان السباع قد أقبلت اليه رفع يده الى السماء وتضرع الى الله فقال الله يا آدم امسح بيدك على رأس الكلب فمسح فكر الكلب على السباع والوحوش حتى هزمها ومن ذلك اليوم صار الكلب عدوا للسباع التى هى اعداء لآدم ولاولاده واصله ان ابليس بصق على آدم حين كان طيناً فوقع بصاقه على موضع سرته فأمر الله جبريل حتى قور ذلك الموضع فخلق من القوارة الكلب ولذا أنس بآدم وصار حاميا له ويقال المؤمن بين خمسة اعداء مؤمن يحسده ومنافق يبغضه وعدو يقتله ونفس تغويه وشيطان يضله
قال بعض الكبار لما كان تصرف النفس فى الصد عن صراط المتابعة أقوى من الشيطان كانت اعدى الاعداء وقال بعضهم هرآن دشمن كه باوى احسان كنى دوست كردد مكر نفس راكه جندان كه مدارا بيش كنى مخالفت زياده كند مراد هركه برآرى مطيع امرتوشد خلاف نفس كه كردن كشد جويافت مراد(13/209)
وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63)
{ ولما جاء عيسى } وآن هتكام كه عيسى آمد { بالبينات } اى بالمعجزات الواضحة او بآيات الانجيل او بالشرائع { قال قد جئتكم } آمدم شمارا ويا آوردم شمارا { بالحكمة } اى الانجيل او الشريعة لأعملكم اياها { ولابين لكم بعض الذى تختلفون فيه } وهو ما يتعلق بامور الدين واما ما يتعلق بامور الدنيا فليس بيانه من وظائف الانبياء كما قال عليه السلام « انتم اعلم بامور دنياكم » وفى الاسئلة المقحمة كيف قال بعض وانما بعث ليبين الكل والجواب قال ابن عباس رضى الله عنهما ان البعض ههنا بمعنى الكل وكذا قال فى عين المعانى الاصح ان البعض يراد به الكل كعكسه فى قوله { ثم اجعل على كل جبل جبل منهن جزأ } وقال بعض أهل المعانى كانوا يسألون عن اشياء لا فائدة فيها فقال ولأبين لكم الخ يعنى اجيبكم عن الاسئلة التى لكم فيها فوائد وفى الاية اشارة الى ان الانبياء كما يجيئون بالكتاب من عند الله يجيئون بالحكمة مما آتاهم كما قال { ويعلمهم الكتاب والحكمة } ولذا قال ولأبين لكم الخ لان البيان عما يختلفون فيه هو الحكمة { فاتقوا الله } فى مخالفتى { واطيعون } فيما ابلغه عنه تعالى فان طاعتى طاعة الحق كما قال { من يطع الرسول فقد أطاع الله }(13/210)
إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64)
{ ان الله هو ربى وربكم فاعبدوه } فخصوه بالعبادة والتوحيد وهو بيان لما أمرهم بالطاعة فيه وهو اعتقاد التوحيد والتبعد بالشرايع { هذا } اى التوحيد والتعبد بالشرائع { صراط مستقيم } لا يضل سالكه وفى التأويلات النجمية فاعبدوه اى لا تعبدونى فانى فى العبودية شريك معكم وانه متفرد بربوبيته اياتا هذا صراط مستقيم ان تعبده جميعا(13/211)
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)
{ فاختلف الاحزاب } جمع حزب بالكسر بمعنى جماعة الناس اى فاختلف الفرق المتحزبة والتحزب كروه كروه شدن
يقال حزب قومه فتحزبوا اى جعلهم فرقا وطوائف فكانوا كذلك والمراد اختلافهم بعد عيسى عليه السلام بثلاث مائة سنة لا فى حياته لانهم احدثوا بعد رفعه { من بينهم } اى من بين من بعث اليهم من اليهود والنصارى يعنى تحزب اليهود والنصارى فى امر عيسى عليه السلام فقالت اليهود لعنهم الله زنت امه فهو ولد الزنى وقال بعض النصار عيسى هو الله وبعضهم ابن الله وبعضهم الله وعيسى وامه آلهة وهو ثالث ثلاثة وفى التأويلات النجمية يعنى قومه تحزبوا عليه حزب آمنوا به انه عبد الله ورسوله وحزب آمنوا به انه ثالث ثلثة فعبدوه بالالوهية وحزب اتخذوه ولدا لله وابنا له تعال الله عما يقول الظالمون وحزب كفروا به وجحدوا نبوته وظلموا عليه وارادوا قتله فقال الله تعالى فى حق الظالمين المشركين { فويل للذين ظلموا } من المختلفين واقام المظهر مقام المضمر تسجيلا عليهم بالظلم { من عذاب يوم أليم } هو يوم القيمة والمراد يوم اليم العذاب كقوله فى يوم عاصف اى عاصف الريح(13/212)
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (66)
{ هل ينظرون } اى ما ينتظر الناس { الا الساعة ان تأتيهم } اى الا اتيان الساعة فهو بدل من الساعة ولما كانت الساعة تأتيهم لا محالة كانوا كأنهم ينتظرونها { بغتة } انتصابها على المصدر أى اتيان بغتة وبالفارسية ناكاه والبغت مفاجاة الشئ من حيث لا يحتسب كما فى المفردات قال فى الارشاد فجاة لكن لا عند كونهم مترقبين لها بل غافلين عنها مشتغلين بامور الدنيا منكرين لها وذلك قوله تعالى { وهم لا يشعرون } باتيانها فيجازى كل الناس على حسب اعمالهم فلا تؤدى بغتة مؤدى قوله وهم لا يشعرون حتى لا يستغنى بها غنه لانه ربما يكون اتيان الشئ بغتة مع الشعور بوقوعه والاستعداد له لانه اذا لم يعرف وقت مجيئه ففى اى وقت جاء اتى بغتة وربما يجيئ والشخص غافل عنه منكر له والمراد هنا هو الثانى فلذا وجب تقييد اتيان الساعة بمضمون الجملة الحالية فعلى العاقل الحروح عن كل ذنب والتوبة لكل جريمة قبل أن يأتى يوم أليم عذابه وهو يوم الموت فان ملائكة العذاب ينزلون فيه على الظالمين ويشددون عليهم حتى تخرج ارواحهم الخبيثة باشد العذاب وفى الحديث « ما من مؤمن الا وله كل يوم صحيفة جديدة فاذا طويت وليس فيها استغفار طويت وهى سوداء مظلمة واذا طويت وفيها استغفار طويت ولها نور يتلالا » ومن كلمة الاستغفار يخلق الله تعالى ملائكة الرحمة فيسترحمون له ويستغفرون
واعلم ان القيامة ثلاث الكبرى وهو حشر الاجساد والسوق الى المحشر للجزاء والقيامة الصغرى وهى موت كل احد كما قال عليه السلام « من مات فقد قامت قيامته » ولذا جعل القبر روضة من رياض الجنان او حفرة من حفر النيران والقيامة الوسطى وهى موت جميع الخلائق وقيام هذه الوسطى لا يعلم وقته يقينا وانما يعلم بالعلامات المنقولة عن الرسول عليه السلام مثل ان يرفع العلم ويكثر الجهل والزنى وشرب الخمر ويقل الرجال ويكثر النساء حتى يكون لخمسين امراة القيم الواحد وعن على رضى الله عنه يأتى على الناس زمان لا يبقى من الاسلام الا اسمه ولا من الدين الا رسمه ولا من القرءآن الا درسه يعمرون مساجدهم وهى خراب عن ذكر الله شر أهل ذلك الزمان علمأؤهم منهم تخرج الفتنة واليهم تعود ( قال الشيخ سعدى ) كرهمه علم عالمت باشد بى عمل مدعى وكذابى
( وقال ) عالم نابرهيز كار كوريست مشعله دار يعنى يهدى به ولا يهتدى فنعوذ بالله من علم بلا عمل(13/213)
الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67)
{ الاخلاء } جمع خليل بالفارسية دوست
والخلة المودة لانها تتخلل النفس اى تتوسطها اى المتحابون فى الدنيا على الاطلاق او فى الامور الدنيوية { يومئذ } يوم اذ تأتيهم الساعة وهو ظرف لقوله عدو والفصل بالمبتدأ غير مانع والتنوين فيه عوض عن المضاف اليه { بعضهم لبعض عدو } لانقطاع ما بينهم من علائق الخلة والتحاب لظهور كونها اسبابا بالعذاب { الا المتقين } فان خلتهم فى الدنيا لما كانت فى الله تبقى على حالها بل تزداد بمشاهدة كل منهم آثار الخلة من الثواب ورفع الدرجات والاستثناء على الاول متصل وعلى الثانى منقطع ( قال الكاشفى ) كافران كه دوستئ ايشان براى معاونت بوده بر كفر معصيت باهمه دشمن شوندكه ويلعن بعضهم بعضا ومؤمنان كه محبت ايشان براى خداى تعالى بوده دوستئ ايشان مجانا باشد تا يكديكررا شفاعت كنند ودر تأويلات كاشفى مذكور است كه خلت جهار نوع مى باشد خلت تامة حقيقيه كه محبت روحانيه است وآن مستند بود به تناسب ارواح وتعارف آن جون محبت انبيا واوليا واصفيا وشهدا با يكديكر دوم محبت قلبيه واستناد اين به تناسب اوصاف كالمه واخلاق فاضله است جون محبت صلحا وابرار باهم ودوستئ امم با انبيا وارادت مريدان بمشايخ واين دو نوع ازمحبت خلل بذير نيست نه در دنيا نه در آخرت ومثمر فوائد نتائج صورى ومعنويست سوم محبت عقليه كه مستند است بتحصيل اسباب معاش وتيسير مصالح دنيويه جون محبت تجار وصناع ودوستى خدام بامخاديم وارباب حاجات باغنيا جهارم محبت نفسانيه واستناد آن بلذات حسيه ومشتهيات نفسيه بس در قيامت كه اسباب اين دو نوع از محبت قانى وزائل باشد آن محبت نيز زوال بذيرد بلكه جون متمنئ وجود نكيرد وغرض وغايت بحصول نه بيوندد آن دوستى به دشمنى مبدل شود دوستئ كان غرض آميزشد دوستئ دشمنى انكيز شد مهركه ازهر غرضى كشت باك راست جو خورشيد شود تابناك
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل خلة وصداقة تكون فى الدنيا مبنية على الهوى والطبيعة الانسانية تكون فى الاخرة عداوة يتبرأ بعضهم من بعض والاخلاء فى الله خلتهم باقية الى الابد وينتفع بعضهم من بعض ويشفع بعضهم فى بعض ويتكلم بعضهم فى شأن بعض وهم المتقون الذين استثناهم وشرآئط الخلة فى الله ان يكونوا متحابين فى الله محبة خالصة لوجه الله من غير شوب بعلة دنيوية هوآئية متعاونين فى طلب الله ولا يجرى بينهم مداهنة فبقدر ما يرى بعضهم فى بعض من صدق الطلب والجد والاجتهاد يساعده ويوافقه ويعاونه فاذا علم منه شيأ لا يرضاه الله تعالى لا يرضاه من صاحبه ولا يداريه فقد قيل المداراة فى الطريقة كفر بل ينصحه بالرفق والموعظة الحسنة فاذا عاد الى ما كان عليه وترك ما تجدد لديه يعود الى صدق مودته وحسن صحبته كما قال الله تعالى(13/214)
{ وان عدتم عدنا } هنوزت ازسر صلحست بازآى كزان محبوبترباشى كه بودى
وقال على بن ابى طالب رضى الله عنه فى هذه الآية كان خليلان مؤمنان وخليلان كافران فمات احد المؤمنين فقال يا رب ان فلانا كان يأمرنى بطاعتك وطاعة رسولك ويأمرنى بالخير وينهانى عن الشر ويخبرنى انى ملاقيك يا رب فلا تضله بعدى واهده كما هديتنى واكرمه كما اكرمتنى فاذا مات خليله المؤمن جمع بينهما اى بين ارواحهما فيقول كل واحد منهما لصاحبه نعم الاخ ونعم الصاحب فيثنى عليه خيرا قال ويموت احد الكافرين فيقول يا رب ان فلانا كان ينهانى عن طاعتك وطاعة رسولك ويأمرنى بالشر وينهانى عن الخير ويخبرنى انى غير ملاقيك فلا تهده بعدى واضلله كما اضللتنى وأهنه كما اهنتنى فاذا مات خليله الكافر جمع بينهما فيقول كل واحد منهما لصاحبه بئس الاخ وبئس الخليل فيثنى عليه شرا وفى الحديث « ان الله يقول يوم القيامة اين المتحابون بجلالى اليوم اظلهم فى ظلى يوم لا ظل الا ظلى » وفى رواية اخرى « المتحابون فى » اى فى الله « لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهدآء » وقال ابن عباس رضى الله عنهما أحب لله وابغض لله ووال لله وعاد لله فانه انما ينال ما عند الله بهذا ولن ينفع احدا كثرة صومه وصلاته وحجه حتى يكون هكذا وقد صار الناس اليوم يحبون ويبغضون للدنيا ولن ينفع ذلك اهله ثم قرأ الآية وقد ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والانصار بعد قدومه الى المدينة وقال « كونوا فى الله اخوانا » اى لا فى طريق الدنيا والنفس والشيطان وقال الصديق رضى الله عنه من ذاق خالص محبة الله منعه ذلك من طلب الدنيا واوحشه ذلك من جميع البشر اكر كسىرا دوست دارد از مخلوقات از آنست كه وى بحق تعالى تعلقى دارد يا ازروى دوستى باحق مناسبتى دارد
وما عمدى بحب تراب ارض ... ولكن ما يحل به الحبيب
قال عبيد بن عمر كان لرجل ثلاثة اخلاء بعضهم اخص به من بعض فنزلت به نازلة فلقى اخص الثلاثة فقال يا فلان انه قد نزل بى كذا وكذا وانى احب ان تعيننى قال له ما انا بالذى اعينك وانفعك فانطلق الى الذى يليه فقال له انا معك حتى اذا بلغت المكان الذى تريده رجعت وتركتك فانطلق الى الثالث فقاله انا معك حيث ما كنت ودخلت قال فالاول ماله والثانى أهله وعشيرته والثالث عمله
بشهر قيامت مروتنكدست كه وجهى ندارد بحسرت نشست كرت جشم وعقلست تدبيركور كنون كن كه جشمت نخور دست مور(13/215)
يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68)
{ يا عباد } اى يا عبادى ولفظ العباد المضاف الى الله مخصوص بالمؤمنين المتقين اى يقال للمتقين يوم القيامة تشريفا وتطييبا لقلوبهم يا عبادى { لا خوف عليكم اليوم } من القاء المكاره { ولا انتم تحزنون } من فوت المقاصد كما يخاف ويحزن غير المتقين وقال ابن عطاء لا خوف عليكم اليوم اى فى الدنيا من مفارقة الايمان ولا أنتم تحزنون فى الآخرة بوحشة البعد وذلك لان خواص العباد يبشرهم ربهم بالسلامة فى الدنيا والآخرة كما دل عليه قوله تعالى { لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة } ولكنهم مأمورون بالكتمان وعلمهم بسلامتهم يكفى لهم ولا حاجة بعلم غيرهم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من اعتقه الله من رق المخلوقات واختصه بشرف عبوديته فى الدنيا لا خوف عليه يوم القيامة من شئ يحجبه عن الله ولا يحزن على ما فاته من نعيم الدنيا والآخرة مع استغراقه فى لجج بحر المعارف والعواطف(13/216)
الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69)
{ الذين آمنوا بآياتنا } صفة للمنادى { وكانوا مسلمين } حال من الواو او عطف على الصلة او مخلصين وجوهم لنا جاعلين انفسهم سالمة لطاعتنا عن مقاتل اذا بعث الله الناس فزع كل احد فينادى مناد يا عبادى فترفع الخلائق رؤسهم على الرجاع ثم يتبعها الذين آمنوا الآية فينكس اهل الأديان الباطلة رؤسهم وفى التأويلات النجمية وكانوا مسلمين فى البداية لاوامره ونواهيه فى الظاهر وفى الوسط مسلمين لآداب الطريقة على وفق الشريعة بتأديب أرباب الحقيقة فى تبديل الاخلاق فى الباطن
وفى النهاية مسلمين للاحكام الازلية والتقديرات الالهية وجريان الحكم ظاهرا وباطنا فى الاخراج من ظلمة الوجود المجازى الى نور الوجود الحقيقى انتهى ثم فى الآية اشارة الى الايمان بالآيات التنزيلية والتكوينية ايمانا عيانيا وحقيقة الاسلام انما تظهر بعد العيان فى الايمان ثم اذا حصل الايمان الصفاتى وهو الايمان بالآيات يترقى السالك الى الايمان بالله الذى هو الايمان الذاتى فاعرف جدا(13/217)
ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70)
{ ادخلوا الجنة انتم وازواجكم } نساؤكم المؤمنات حال كونكم { تحبرون } تسرون سرورا يظهر حباره اى أثره على وجوهكم او تزينون من الحبرة وهو حسن الهيئة قال الراغب الحبر الاثر المستحسن ومنه ما روى يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره اى جماله وبهاؤه والحبر العالم لما يبقى من أثر علومه فى قلوب الناس من آثار افعاله الحسنة المقتدى بها قال فى القاموس الحبر بالكسر الاثر او أثر النعمة والحسن والوشى وبالفتح السرور وحبره سره والنعمة والحبرة بالفتح السماء فى الجنة وكل نغمة حسنة وقد مر فى سورة الروم ما يتعلق بالسماع عند قوله تعالى { فهم فى روضة يحبرون } وفى التأويلات النجمية ادخلوا جنة الوصال انتم وامثالكم فى الطلب تتنعمون فى رياض الانس(13/218)
يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71)
{ يطاف عليهم } اى على العباد المؤمنين بعد دخولهم الجنة وبالفارسية بكردانند برسر ايشان
يدار بأيدى الغلمان والولدان والطائف الخادم ومن يدور حول البيوت حافظا والاطافة كالطوف والطواف كرد جيزى در آمدن يعنى بكشتن { بصحاف من ذهب } كاساتهن جمع صحفة كجفان جمع جفنة وهى القصعة العريضة الواسعة قال مجاهد اى اوانى مدورة الافواه قال السدى اى ليست لها اذان والمراد قصاع فيها طعام { واكواب } من ذهب فيها شراب وبالفارسية وكوزهاى بىدست وبى كوشه براز اصناف شراب
جمع كوب وهو كوز لا كوة له ولا خرطوم ليشرب الشارب من حيث شاء قال سعدى المفتى قللت الاكواب وكثرت الصحاف اى كما دل عليهما الصيغة لان المعهود قلة اوانى الشرب بالنسبة الى اوانى الاكل وعن ابن عباس رضى الله عنه يطاف بسبعين الف صحفة من ذهب فى كل صحفة سبعون ألف لون كل لون له طعم وهذا لأسفل درجة واما الاعلى فيؤتى بسبعمائة ألف صحفة كما فى عين المعانى { وفيها } اى فى الجنة { ما تشتهيه الانفس } من فنون الملاذ والمشتهيات النفسانية كالمطاعم والمشارب والمناكح والملابس والمراكب ونحو ذلك قال فى الاسئلة المقحمة اهل الجنة هل يعطيهم الله جميع ما يسألونه وتشتهى انفسهم ولو اشتهت نفوسهم شيأ من مناهى الشريعة كيف يكون حاله والجواب معنى الآية ان نعيم الجنة كله مما تشتهيه الانفس وليس فيها ما لا تشتهيه النفوس ولا تصل اليه وقد قيل يعصم الله اهل جنة من شهوة محال او منهى عنه
يقول الفقير دل هذا على انه ليس فى الجنة اللواطة المحرمة فى دبر امراته فليس فيها اشتهاء اللواطة لكونها مخالفة للحكمة الالهية وقد جوزها بعضهم فى شرح الاشباح وغلط فيه غلطا فاحشا وقد بيناه فى قصة لوط واما الخمر فليست كاللواطة لكونها حلالا على بعض الامم والحاصل انه ليس فى الجنة ما يخالف الحكمة كائنا ما كان ولذا تستتر فيها الازواج عن غير محارمهن وان كان لا حل ولا حرمة هناك { وتلذ الاعين } يقال لذذت الشئ بالكسر لذاذا ولذاذة اى وجدته لذيذا والمعنى تستلذه الاعين وتقر بمشاهدته قال سعدى المفتى هذا من باب تنزل الملائكة والروح تعظيما لنعيمها فان منه النظر الى وجهه الكريم انتهى فهذا النظر هو اللذة الكبرى قال جعفر شتان بين ما تشتهى الانفس وبين ما تلذ الاعين لان ما فى الجنة من النعيم والشهوات واللذات فى جنب ما تلذ الاعين كأصبع يغمس فى بحر لأن شهوات الجنة لها حد ونهاية لانها مخلوقة ولا تلذ الاعين فى الدار الباقية الا بالنظر الى الوجه الباقى الذى لا حد ولا نهاية له
دروسيط آورده كه بدين دو كلمه اخبار كرد ازجمله نعيم اهل بهشت نعيم رياض جنان يا نصيب نفس است يا بهره عين(13/219)
كذا قال فى كشف الاسرار هذا من جوامع القرآن لانه جمع بهاتين اللفظتين ما لو اجتمع الخلق كلهم على وصف ما فيهما على الفصيل لم يخرجوا عنه
درويشى فرموده كه اهل نظر ميدانندكه لذت عين درجه جيزاست ميتوانند بود جمعى راكه غشاؤه اعتزال بر نظر بصيرت ايشان طارى كشته يا لمعات انوار جمال انكم سترون ربكم برايشان بوشيده ماند با ايشان بكوى كه تلذ الاعين عبارت از جيست برهر صاحب بصيرتى روشن است كه اهل شوق رالذت عين جز بمشاهده جمال محبوب متصور نيست برده ازبيش براندازكه مشتاقانرا لذت ديه جز از ديدن ديدار تونيست امام قشيرى رحمه الله فرموده كه لذت ديدار فراخور اشتياق است عائق راهر جندكه شوق بيشتر بو دلذت ديدار افزو نترباشد واز ذو النون مصرى رحمه الله نقل كرده اندكه شوق نمره محبت است هركرا ذوستى بيشتر شوق بديدار دوست زياده تر ودرزبور آمده كه اى داود بهشت من براى مطيعانست وكفايت من جهت متوكلان وزيادت من براى شاكران وانس من بهره طالبان ورحمت من ازان محبان ومغفرت من براى تائبان ومن خاصة مشتاقائم الاطال شوق الابرار الى لقائى وانا لهم اشد شوقا دلم از شوق توخونست وندانم جونست دردرون شوق جمالت زبيان بيرونست دردلم شوق توهر روز فزون ميكردد دل شوريده من بين كه جه روز افزونست
قال بعض الكبار وفيها ما تشتهى انفس ارباب المجاهدات والرضايات لما قاسوا فى الدنيا من الجوع والعطش وتحملوا وجوه المشاق فيمتازون فى الجنة بوجوه من الثواب ويقال لهم كلوا من ألوان الاطعمة فى صحاف الذهب واشربوا من اصناف الاشربة من اكواب الذهب هنيئا بما اسلفتم فى الايام الخالية واما ارباب القلوب واهل المعرفة والمحبة فلهم ما تلذ الاعين من النظر الى الله تعالى لطول ما قاسوه من فرط الاشتياق بقلوبهم وبذل الارواح فى الطلب
قومى خدايرا برستند بربيم وطمع آنان مردو رانند دربند باداش مانده وقومى اورا بمهر ومحبت برستند آنان عارفانند واوحى الله تعالى الى داود عليه السلام يا داودان اود الاودآء الى من عبدنى لغير نوال ولكن ليعطى الربوبية حقها يا داود من اظلم ممن عبدنى لجنة او نار لو لم اخلق جنة ونارا الم اكن أهلا لان اطاع ومر عيسى عليه السلام بطائفة من العباد قد نحلوا يعنى ازعبادت كداخته بودند وقالوا نخاف النار ونرجو الجنة فقال مخلوقا خفتم ومخلوقا رجوتم ومر بقوم آخرين كذلك فقالوا نعبده حبا له وتعظيما لجلاله فقال انتم اولياء الله حقا امرت ان اقيم معكم قال حسن البصرى رحمه الله لذاذة شهادة ان لا اله الا الله فى الآخرة كلذاذة الماء البارد فى الدنيا وفى الخبر ان اعرابيا قال يا رسول الله هل فى الجنة ابل فانى احب الابل فقال(13/220)
« يا اعرابى ان ادخلك الله الجنة اصبت فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك » وقال آخر يا رسول الله هل فى الجنة خيل فانى احب الخيل قال « ان ادخلك الله الجنة اصبت فيها فرسا من ياقوتة حمرآء تطير بك حيث شئت » وفى الحديث « ان أدنى اهل الجنة منزلة من ان له سبع درجات وهو على السادسة وفوقه السابعة وان له ثلاثمائة خادم وانه يغدى عليه ويراح فى كل يوم بثلاثمائة صحفة فى كل صحفة لون من الطعام ليس فى الاخرى وانه ليلذ أوله كما يلذ آخره وان له من الاشربة ثلاثمائة اناء فى كل اناء شراب ليس فى الآخر وانه ليلذ أوله كما يلذ آخره وانه ليقول يا رب لو أذنت لى لأطعمت اهل الجنة وسقيتهم ولم ينقص ذلك مما عندى شيأ وان له من الحور العين ثنتين وسبعين زوجة سوى ازواجه من الدنيا » وعن ابى ظبية السلمى قال ان اهل الجنة لتظلهم سحابة فتقول ما امطركم فما يدعو داع من القوم بشئ الا امطرته حتى ان القائل منهم ليقول امطرينا كواعب اترابا وعن ابى امامة قال ان الرجل من اهل الجنة يشتهى الطائر وهو يطير فيقع متفلقا نضيجا فى كفه فيأكل منه حتى تنتهى نفسه ثم يطير ويشتهى الشراب فيقع الابريق فى يده فيشرب منه ما يريد ثم يرجع الى مكانه واما الرؤية فلها مراتب حسب تفاوت طبقات الرآئين واذا نظروا الى الله نسوا نعيم الجنان فانه اعظم اللذات وفى الخبر « اسألك لذة النظر الى وجهك »
يقول الفقير فى الآية رد على من قال من الفقهاى لو قال ارى الله فى الجنة يكفر ولو قال من الجنة لا يكفر انتهى وذلك لان الحق سبحانه جعل ظرفا للرؤية وانما يلزم الكفر اذا اعتقد أن الجنة ظرف المرئى اى الله ولا يلزم من تقيد رؤية العبد الرآئى بالجنة تقييد المعبود المرئى بها ألا ترى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الله فى الدنيا مع ان الله ليس فى الدنيا فاعرف وفوقه مجال للكلام لكن لما كانت الرؤية نصيب اهل الشهود لا اهل القيود كان الاوجب طى المقال اذ لا يعرف هذا بالقيل والقال ( ع ) نداند لذت اين باده زاهد { وانتم فيها خالدون } الالتفات للتشريف اى باقون دآئمون لا تخرجون ولا تموتون اذ لولا البقاء والدوام لنغص العيش ونقص السرور والاشتهاء واللذة فلم يكن التنعم كاملا والخوف والحسرة زآئلا بخلاف الدنيا فانها لفنائها عيشها مشوب بالكدر ونفعها مخلوط بالضرر
جز حسرت وندامت وافسوس روزكار از زندكى اكر ثمرى يافتى بكو(13/221)
وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)
{ وتلك } مبتدأ اشارة الى الجنة المذكورة { الجنة } خبره { التى اروثتموها } اعطيتموها وجعلتم ورثتها والايراث ميراث دادن { بما } الباء للسببية { كنتم تعملون } فى الدنيا من الاعمال الصالحة والمقصود أن دخول الجنة بمحض فضل الله تعالى ورحمته واقتسام الدرجات بسبب الاعمال والخلود فيها بحسب عدم السيئات شبه جزآء العمل بالميراث لان العامل يكون خليفة العمل على جزآئه يعنى يذهب العمل ويبقى جزآؤه مع العامل فكان العمل كالمورث وجزآؤه كالميراث قال الكاشفى جزارا بلفظ ميراث ياد فرمودكه خالص است وباستحقاق بدست آيد
وقال ابن عباس رضى الله عنهما خلق الله لكل نفس جنة ونارا فالكافر يرت نار المسلم والمسلم يرث جنة الكافر قال بعضهم قارن ثواب الجنة بالاعمال واخرج المعرفة واللقاء والمحبة والمشاهدة من العلل لانها اطصفائية خاصة ازلية يورثها من يشاء من العارفين الصديقين فالجنة مخلوقة وكذا الاعمال فاعطيت للمخلوق بسبب المخلوق وجعل الرؤية عطاء لا يوازيها شئ(13/222)
لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73)
{ لكم فيها } اى فى الجنة سوى الطعام والشراب { فاكهة كثيرة } بحسب الانواع والاصناف لا بحسب الافراط فقط والفواكه من اشهى الاشياء للناس وألذها عندهم وأوفقها لطباعهم وابدانهم ولذلك افردها بالذكر { منها تأكلون } اى بعضها تأكلون فى نوبة لكثرتها واما الباقى فعلى الاشجار على الدوام لا ترى فيها شجرة خلت عن ثمرها لحظة فهى مزينة بالثمار ابدا موفرة بها وفى الحديث « لا ينزع رجل فى الجنة ثمرة من ثمرها الا نبت مثلاها مكانها » فمن تبعيضية والتقديم للتخصيص ويجوز ان تكون ابتدآئية وتقدم الجار للفاصلة او للتخصيص كالاول فيكون فيه دلالة على ان كل ما يأكلون للتفكه ليس فيها تفوت اذ لا تحلل حتى يحتاج الى الغذاء ولعل تفصيل التنعم بالمطاعم والمشارب والملابس وتكريره فى القرءآن وهو حقير بالاضافة الى سائر نعم الجنة لما بالمطاعم والمشارب والملابس وتكريره فى القرءآن وهو حقير بالاضافة الى سائر نعم الجنة لما كان بهم من الشدة والفاقة ففيه تحريك لدواعيهم وتشويق لهم والفاسق من اهل الصلاة آمن بالله وآياته واسلم فوجب ان يدخل تحت هذا الوعد والظاهر انه خارج فانه يخاف ويحزن يوم القيامة ولا محذور فى خروجه والحاصل ان الآية فى حق المؤمنين الكاملين فانهم الذين اسلموا وجوههم لله تعالى واما الناقصون فانهم وان آمنوا لكن اسلامهم لم يكن على الكمال والا لما خصوا الله بترك التقوى فقام الامتنان يأبى عن دخولهم تحت حكم الآية اللهم الا بطريق الالحاق فان لهم نعيما بعد انقضاء مدة خوفهم وحزنهم وانتهاء زمان حبسهم وعذابهم فعلى العاقل ان يجتهد فى الظواهر والبواطن فان من اكتفى بالمطاعم والمشارب الصورية حرم من طعام المشاهدات وشراب المكاشفات ومن لم يطعم فى هذه الدار من اثمار اشجار المعارف لم يلتذ فى تلك الدار بالاذواق الحقيقية التى هى نصيب الخواص من اهل التقوى ( قال الحافظ ) عشق مى ورزم واميدكه اين فن شريف جون هنر هاى دكر موجب حرمان نشود
اللهم اجعلنا من المشتاقين الى جمالك والقابلين لوصالك بحرمة جلالك(13/223)
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74)
{ ان المجرمين } اى الراسخين فى الاجرام وهم الكفار حسبما ينبئ عند ايرادهم فى مقابلة المؤمنين بالآيات { فى عذاب جهنم } متعلق بقوله { خالدون } اى لا ينقطع عذابهم فى جهنم كما ينقطع عذاب عصاة المؤمنين على تقدير دخولهم فيها(13/224)
لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75)
{ لا يفتر عنهم } اى لا يخفف العذاب عنهم ولا ينقص من قولهم فترت عنه الحمى اذا سكنت قليلا ونقص حرها والتركيب للضعف والوهن قال الراغب الفتر سكون بعد حدة ولين بعد شدة وضعف بعد قوة والتفتيرسست كردانيدن { وهم فيه } اى فى العذاب { مبلسون } آيسون من النجاة والراحة وخفة العقوبات قيل يجعل المجرم فى تابوت من النار ثم يردم عليه فيبقى فيه خالدا لا يرى ولا يرى قال فى تاج المصادر الابلاس نومبيد شدن وشكسته واندوهكين شدن وفى المفردات الابلاس الحزن المعترض من شدة اليأس ومنه اشتق ابليس ولما كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل ابلس فلان اذا سكت وانقطعت حجته قال فى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان اهل التوحيد وان كان بعضهم فى النار لكن لا يخلدون فيها ويفتر عنهم العذاب بدليل الخطاب وقد ورد فى الخبر « انه يميتهم الحق اماتة الى ان يخرجهم من النار » والميت لا يحس ولا يألم وذكر فى الآية وهم مبلسون اى خائبون وهذه صفة الكفار والمؤمنون وان كانوا فى بلائهم فهم على وصف رجائهم يعدون ايامهم الى ان تنتهى اشجانهم وقال بعض الشيوخ ان حال المؤمن فى النار من وجه اروح لقلوبهم من حالهم فى الدنيا لان اليوم خوف الهلاك وهذا يعين النجاة ولقد انشدوا
عيب السلامة ان صاحبها ... متوقع لقوا صم الظهر
وفضيلة البلوى ترقبه ... عقبى الرجاء ودورة الدهر
هست درقرب همه بيم زوال نيست دربعدجزاميد وصال(13/225)
وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76)
{ وما ظلمناهم } بذلك { ولكن كانوا هم الظالمين } لتعريض انفسهم للعذاب الخالد بالكفر والمعاصى وهم ضمير فصل عند البصريين من حيث انه فصل به بين كون ما بعده خبرا ونعتا وتسمية الكوفيين له عمادا لكونه حافظا لما بعده حتى لا يسقط عن الخبرية كعماد البيت فانه يحفظ سقفه من السقوط(13/226)
وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77)
{ ونادوا يا مالك } درخواه ازخداى تو { ليقض علينا ربك } اى ليمتنا حتى نستريح من قضى عليه اذا أماته والمعنى سل ربك ان يقضى علينا وهذا لا ينافى ما ذكر من ابلاسهم لانه جوءار اى صياح وتمن للموت لفرط الشدة { قال } مالك مجيبا بعد اربعين سنة يعنى ينادون مالكا اربعين سنة فيجيبهم بعدها او بعد مائة سنة او ألف
درتبيان آورده كه بعد ازجهل روز از روزهاى آن سراى
لان تراخى الجواب احزن لهم { انكم ماكثون } المكث ثبات مع انتظار اى مقيمون فى العذاب ابدا لا خلاص لكم منه بموت ولا بغيره فليس بعدها الا جؤار كصياح الحمير اوله زفير وآخره شهيق(13/227)
لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78)
{ لقد جئناكم بالحق } فى الدنيا بارسال الرسل وانزال الكتب وهو خطاب توبيخ وتقريع من جهة الله تعالى مقرر لجواب مالك ومبين لسبب مكثهم وفى التأويلات النجمية لقد جئناكم بالدين القويم فلم تقبلوا لان اهل الطبيعة الانسانية اكثرهم يميلون الى الباطل كما قال { ولكن اكثركم للحق } اى حق كان { كارهون } اى لا يقبلون وينفرون منه لما فى طباعه من اتعاب النفس والجوارح واما الحق المعهود الذى هو التوحيد او القرءآن فكلهم كارهون له مشمئزون منه هكذا قالوا والظاهر ما اشار اليه فى التأويلات فاعرف والكراهة مصدر كره الشئ بالكسر اى لم يرده فهو كاره وفى الآية اشارة الى ان النفرة عن الحق من صفات الكفار فلا بد من قبول الحق حلو او مر او الى ان الله تعالى ما ترك الناس سدى بل ارشدهم الى طريق الحق بدلالات الانبياء والاولياء لكن اكثرهم لم يقبلوا العلاج ثم ان أنفع العلاج هو التوحيد حكى عن الشبلى قدس سره انه اعتل فحمل الى البيمارستان وكتب على بن عيسى الوزير الى الخلفية فى ذلك فارسل الخليفة اليه مقدم الاطباء وكان نصرانيا ليداويه فما انجحت مداواته فقال الطبيب للشبلى والله لو علمت ان مداواتك من قطعة لحم فى جسدى ما عسر على ذلك فقال الشبلى دوآئى فى دون ذلك قال الطبيب وما هو قال فى قطعك الزنار فقال الطبيب أشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله فاخبر الخليفة بذلك فبكى وقال نفذنا طبيبا الى مريض وما علمنا انا نفذنا مريضا الى طبيب
ونظيره ما حكى ان الشيخ نجم الدين الاصفهانى قدس سره خرج مع جنازة بعض الصالحين بمكة فلما دفنوه وجلس الملقن يلقنه ضحك الشيخ نجم الدين وكان من عادته لا يضحك فسأله بعض اصحابه عن ضحكه فزجره فلما كان بعد ذلك قال ما ضحكت الا لانه لما جلس على القبر يلقن سمعت صاحب القبر يقول الا تعجبون من ميت يلقن حيا اشار الى ان الملقن وان كان من زمرة الاحياء صورة لكنه فى زمرة الاموات حقيقة لممات قلبه بالغفلة عن الله تعالى فهو ماكث فى جهنم النفس معذب بعذاب الفرقة لا ينفع نفسه فكيف ينفع غيره بخلاف الذى لقنه فانه بعكس ذلك يعنى انه وان كان فى زمرة الاموات صورة لكن فى زمرة الاحياء حقيقة لان المؤمنين الكاملين لا يموتون بل ينقلون من دار الى دار فهو ماكث فى جنة القلب منعم بنعيم الوصال منتفع باعماله واحواله وله تأثير فى نفع الغير ايضا بالشفاعة ونحوها على ما اشار اليه قوله تعالى { فالمدبرات امرا } مشوبمرك زامداد اهل دل نوميد كه خواب مردم آكاه عين بيداريست
فاذا عرفت حال ملقن القبر فقس عليه سائر ارباب التلقين من اهل النقصان واصحاب الدعوى والرياء فان الميت يحتاج فى احيائه الى نفخ روح حقيقى وأنى ذلك لمن فى حكم الاموات من النافخين فان نفخته عقيم اذ ليس من اهل الولادة الثانية نسأل الله سبحانه ان يجعلنا احياء بالعلم والمعرفة والشهود ويعصمنا من الجهل والغفلة والقيود(13/228)
أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79)
{ ام ابرموا امرا } الابرام احكام الامر واصله من ابرام الحبل وهو ترديد فتله وهو كلام مبتدأ وام منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من توبيخ اهل النار الى حكاية جناية هؤلاء والهمزة للانكار فان اريد بالابرام الاحكام حقيقة فهى لانكار الوقوع واستبعاده وان اريد الاحكام صورة فهى لانكار الواقع واستقباحه اى أبرم واحكم مشركوا مكة امر من كيدهم ومكرهم برسول الله { فانا مبرمون } كيدنا حقيقة لا هم او فانا مبرمون بهم حقيقة كما ابرموا كيدهم صورة كقوله تعالى { ام يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون } وكانوا يتناجون فى انديتهم ويتشاورون فى اموره عليه السلام قال فى فتح الرحمن كما فعلوا فى اجتماعهم على قتله عليه السلام فى دار الندوة الى غير ذلك وفى الآية اشارة الى ان امور الخلق منتقدة عليهم قلما يتم لهم ما دبروه وقلما يرتفع لهم من الامور شئ على ما قدروه وهذه الحال أوضح دليل على اثبات الصانع(13/229)
أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)
{ أم يحسبون } اى بل أيحسبون يعنى بابندارند ناكران كفار { انا لا نسمع سرهم } وهو ما حدثوا به انفسهم من الكيد لانهم كانوا مجاهرين بتكذيب الحق { ونجواهم } اى بما تكلموا به فيما بينهم بطريق التباهى والتشاور وبالفارسية وآنجه براز بايكديكر مشاورت ميكنند
يقال ناجيته اى ساررته واصله ان تخلو فى نجوة من الارض اى مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله { بلى } نحن نسمعهما ونطلع عليهما { ورسلنا } الذين يحفظون عليهم اعمالهم ويلازمونهم اينما كانوا { لديهم } عندهم { يكتبون } اى يكتبونهما او يكتبون كل ما صدر عنهم من الافعال والاقوال التى من جملتها ما ذكر من سرهم ونجواهم ثم تعرض عليهم يوم القيامة فاذا كان خفاياهم غير خفية على الملائكة فكيف على عالم السر والنجوى والجملة عطف على ما يترجم عنه بلى وفى التأويلات النجمية خوفهم بسماعه احوالهم وكتابة الملك عليهم اعمالهم لغفلتهم عن الله ولو كان لهم خبر عن الله لما خوفهم بغير الله ومن علم ان أعماله تكتب عليه ويطالب بمقتضاها قل المامه بما يخاف ان يسأل عنه قال ابو بكر بن طاهر رحمه الله دل قوما من عباده الى الحياء منه ودل قوما الى الحياء من الكرام الكاتبين فمن استغنى بعلم نظر الله اليه والحياء منه اغناه ذلك عن الاشتغال بالكرام الكاتبين وعن يحيى بن معاذ الرازى رحمه الله من ستر من الناس ذنوبه وأبداها لمن لا يخفى عليه شئ فى السموات والارض فقد جعله أهون الناظرين اليه وهو من علامات النفاق قال الشيخ سعدى فى كلستانه بخشايش الهى كم شده را در مناهئ جراغ توفيق فرا راه داشت وبحلقه أهل تحقيق در آمد وبيمن قدم درويشان وصدق نفس ايشان ذمايم اخلاق او بمحامد مبدل شده دست ازهوا وهوس كوتاه كرده بودوزبان طاعنان در حقش در ازكه همجنانكه قاعده اولست وزهد وصلاحش نامعقول بعذرتوبه توان رستن از عذاب خداى وليك مى نتوان اززبان مردم رست جون طاقت جورز بانها نياورد شكايت اين حال بابير طريقت بردشيخ بكريست وكفت شكرآن نعمت كجا كزارى كه بهترازانى كه بندارندت نيك باشى وبدت كويند خلق به كه بد باشى ونيكت كويند ليكن مرابين كه حسن ظن همكنان درحق من بكمالست ومن درغايت نقصان
انى لمستتر من عين جيرانى ... والله يعلم اسرارى واعلانى
در بسته بروى خود زمردم تاعيب نكسترند مارا دربسته جه سود عالم الغيب داناى نهان وآشكارا
يقول الفقير دلت الآية على ان الحفظة يكتبون الاسرار والامور القلبية سئل سفيان ابن عيينة رحمه الله هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبون ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه فاذا هم العبد بحسنة فاح من فيه رآئحة المسك فيعلمون ذلك فيكتبونها حسنة واذا هم بسيئة استفر قلبه لها فاح منه ريح النتن وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الملك لا سبيل له الى معرفة باطن العبد فى قول اكثرهم وقال فى شرح الطريقة يكره الكلام فى الخلاء وعند قضاء الحاجة اشد كراهة لان الحفظة تتأذى بالحضور فى ذلك الموضع الكريه لاجل كتابة الكلام فان سلم عليه فى هذه الحالة قال الامام ابو حنيفة يرد السلام بقلبه لا بلسانه لئلا يلزم كتابة الملائكة فانهم لا يكتبون الامور القلبية وقال فى ريحان القلوب الذكر الخفى هو ما خفى عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت وهو خاص به صلى الله عليه وسلم ومن له به اسوة حسنة انتهى والله اعلم بتوفيق الاخبار(13/230)
قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81)
{ قل } للكفرة { ان كان للرحمن ولد } فرضا كما تقولون الملائكة بنات الله { فأنا اول العابدين } لذلك الولد واسبقكم الى تعظيمه والانقياد له وذلك لانه عليه السلام اعلم الناس بشؤونه تعالى وبما يجوز عليه وبما لا يجوز وأولاهم بمراعاة حقوقه ومن مواجب تعظيم الوالد تعظيم ولده اى ان يثبت بحجة قطعية كون الولد له تعالى كما تزعمون فانا اولكم فى التعظيم واسبقكم الى الطاعة تعظيما لله تعالى وانقيادا لان الداعى الى طاعته وتعظمه اول واسبق فى ذلك وكون الولد له تعالى مما هو مقطوع بعدم وقوعه ولكن نزل منزلة ما لا جزم لوقوعه واللا وقوعه على المساهلة وارخاء العنان لقصد التبكيت والاسكات والالزام فجيئ بكلمة ان فلا يلزم من هذا الكلام صحة كينونة الولد وعبادته لانها محال فى نفسها يستلزم المحال
يعنى اين سخن بر سبيل تمثيل است ومبالغه در نفى ولد فليس هناك ولد ولا عبادة له وفى التأويلات النجمية يشير الى نوع من الاستهزاء بهم وبمقالتهم والاستخفاف بعقولهم يعنى قل ان كان للرحمن ولد كما تزعمون وتعبدون عيسى بانه ولده فانا كنت اول العابدين له قال جعفر الصادق رضى الله عنه اول ما خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم قبل كل شئ واول من وحد الله تعالى ذرة محمد عليه السلام واول ما جرى به القلم لا اله الا الله محمد رسول الله قال فانا اول العابدين احق بتوحيد الله وذكر الله(13/231)
سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82)
{ سبحان رب السموات والارض } فى اضافة اسم الرب الى اعظم الاجرام واقواها تنبيه على انها وما فيها من المخلوقات حيث كانت تحت ملكوته وربوبيته كيف يتوهم ان يكون شئ منها جزأ منه سبحانه { رب العرش } فى تكرير اسم الرب تفخيم لشان العرش { عما يصفون } اى يصفونه به وهو الولد قال فى بحر العلوم اى سبحوا رب هذه الاجسام العظام لان مثل هذه الربوبية توجب التسبيح على كل مربوب فيها ونزهوه عن كل ما يصفه الكافرون به من صفات الاجسام فانه لو كان جسما لم يقدر على خلق هذا العالم وتدبير امره(13/232)
فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83)
{ فذرهم } اى اترك الكفرة حيث لم يذعنوا للحق بعد ما سمعوا هذا البرهان الجلى { يخوضوا } يشرعوا فى اباطيلهم واكاذيبهم والخوض هو الشروع فى الماء والمرور فيه ويستعار للامور واكثر ما ورد فى القرءآن ورد فيما يذم الشروع فيه كما فى المفردات { ويلعبوا } فى دنياهم فان ما هم فيه من الاقوال والافعال ليست الا من باب الجهل واللعب والجزم فى الفعل لجواب الامر يقال لعب فلان اذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا قالوا كل لعب لا لذة فيه فهو عبث وما كان فيه لذة فهو لعب { حتى يلاقوا } يعاينوا { يومهم الذى يوعدون } على لسانك يعنى روزى راكه وعده داده شده اند بملاقات آن
وهو يوم القيامة فانهم يومئذ يعلمون ما فعلوا وما يفعل بهم قال سعدى المفتى والاظهر يوم الموت فان خوضهم ولعبهم انما ينتهى به
يقول الفقير وفيه ان الموعود هو يوم القيامة لانه الذى كانوا ينكرونه لا يوم الموت الذى لا يشكون فيه ولما كان يوم الموت متصلا بيوم القيامة على ما اشار اليه قوله عليه السلام « من مات فقد قامت قيامته » جعل الخوض واللعب منتهيين بيوم القيامه وفى الآية اعلام بأنهم من الذين طبع الله على قلوبهم فلا يرجعون عما هم عليه ابدا واشارة الى ان الله خلق الخلق اطوارا مختلفة فمنهم من خلقه للجنة فيستعده للجنة بالايمان والعمل الصالح وانقياد الشريعة ومتابعة النبى عليه السلام ومنهم من خلقه للنار فيستعده للنار برد الدعوة والانكار والجحود والخذلان ويكله الى الطبيعة النفسانية الحيوانية التى تميل الى اللهو واللعب والخوض فيما لا يعنيه ومنهم من خلقه للقربة والمعرفة فيستعده لهما بالمحبة والصدق والتوكل واليقين والمشاهدات والمكاشفات والمراقبات وبذل الوجود بترك الشهوات وانواع المجاهدات وتسليم تصرفات ارباب المؤلفات ( عن بهلول رحمه الله ) قال بينما انا ذات يوم فى بعض شوارع البصرة اذا الصبيان يلعبون بالجوز واللوز واذا انا بصبى ينظر اليهم ويبكى فقلت هذا الصبى يتحسر على ما فى ايدى الصبيان فرفع بصره الى وقال يا قليل العقل ما للعب خلقنا فقلت اى بنى فلماذا خلقنا فقال للعلم والعبادة فقلت من اين لك ذلك بارك الله فيك قال من قول الله تعالى { افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون } ( وحكى ) انه كان سبب خروج ابراهيم بن ادهم رحمه الله عن اهله وماله وجاهه ورياسته وكان من ابناء الملوك انه خرج يوما يصطاد فأثار ثعلبا او ارنبا فبينما هو فى طلبه هتف به هاتف ألهذا خلقت ام بهذا امرت ثم هتف به من قربوس سرجه والله ما لهذا خلقت ولا بهذا امرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فأخذ جبة للراعى من صوف فلبسها واعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان
واعلم ان الاشتغال بما سوى الله تعالى من قبيل اللهو واللعب اذ ليس فيه مقصد صحيح وانما المطلب الاعلى هو الله تعالى ولذا خرج السلف عن الكل ووصلوا الى مبدأ الكل
دلاترك هواكن قرب حق كر آرزو دارى كه دور افتد حباب از بحر در كسب هوا كردن
جعلنا الله واياكم من المشتغلين به(13/233)
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)
{ وهو الذى فى السماء اله } اى مستحق لان يعبد فيها اى هو معبود أهل السماء من الملائكة وبه تقوم السماء وليس حالا فيها { وفى الارض اله } اى مستحق لان يعبد فيها اى فهو معبود اهل الارض من الانس والجن واله الآلهة ولا قاضى لحوائج اهل الارض الا هو وبه تقوم الارض وليس حالا فيها فالظرفان يتعلقان باله لانه بمعنى المعبود بالحق او متضمن معناه كقوله هو حاتم اى جواد لاشتهاره بالجود وكذا فيمن قرأ وهو الذى فى السماء الله وفى الارض الله ومنه قوله تعالى فى الانعام { وهو الله فى السموات وفى الارض } اى وهو الواجب الوجود المعبود المستحق للعبادة فيهما والراجع الى الموصول مبتدأ محذوف لطول الصلة بمتعلق الخبر وهو فى السماء والعطف عليه والتقدير وهو الذى هو فى السماء { وهو الحكيم العليم } كالدليل على ما قبله لانه المتصف بكمال الحكمة والعلم المستحق للالوهية لا غيره اى وهو الحكيم فى تدبير العالم واهله العليم بجميع الاحوال من الازل الى الابد(13/234)
وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85)
{ وتبارك } تعالى عن الولد والشريك وجل عن الزوال والانتقال وعمت بركة ذكره وزياده شكره { الذى } الخ فاعل تبارك { له ملك السموات والارض } بادشاهئ آسمان وزمين { وما بينهما } اما على الدوام كالهوآء او فى بعض الاوقات كالطير والسحاب
ومن اخبار الرشيد انه خرج يوما للصيد فارسل بازيا اشب فلم يزل يعلو حتى غاب فى الهوآء ثم رجع بعد اليأس منه ومعه سمكة فأحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك فقال مقاتل يا امير المؤمنين روينا عن جدك ابن عباس رضى الله عنهما ان الهوآء معمور بامم مختلفة الخلق سكان فيه وفيه دواب تبيض وتفرخ وفيه شيأ على هيئة السمك لها اجنحة ليست بذات ريش فاجاز مقاتلا على ذلك كذا فى حيوة الحيوان { وعنده علم الساعة } اى الساعة التى فيها تقوم القيامة لا يعلمها الا هو { واليه ترجعون } الالتفات للتهديد أى تردون للجزآء فاهتموا بالاستعداد للقائه قال بعض الكبار واليه ترجعون بالاختيار والاضطرار فأهل السعادة يرجعون اليه بالاختيار على قدم الشوق والمحبة والعبودية وأهل الشقاوة يرجعون اليه بالاضطرار بالموت بالسلاسل والاغلال يسحبون على وجوههم الى النار
يقول الفقير الرجوع بالاضطرار قد يكون نافعا ممدوحا مقبولا وهو أن يؤخذ العبد بالجذبة الالهية ويجر الى الله جرا عنيفا ووقع ذلك لكثير من المنقطعين الى الله تعالى ( حكى ) عن الجنيد رحمه الله انه قال كنت فى المسجد مرة فاذا رجل قد دخل علينا وصلى ركعتين ثم انتبذ ناحية من المسجد واشار الى فلما جئته قال لى يا ابا القاسم قد حان لقاء الله تعالى ولقاء الاحباب فاذا فرغت من امرى فسيدخل عليك شاب مغن فادفع اليه مرقعتى وعصاى وركوتى فقلت الى مغن وكيف يكون ذلك قال انه قد بلغ رتبة القيام بخدمة الله فى مقامى قال الجنيد فلما قضى الرجل نحبه اى مات وفرغنا من مواراته اذا نحن بشاب مصرى قد دخل علينا وسلم وقال اين الوديعة يا ابا القاسم فقلت كيف ذاك اخبرنا بحالك قال كنت فى مشربة بنى فلان فهتف بى هاتف ان قم الى الجنيد وتسلم ما عنده وهو كيت وكيت فانك قد جعلت مكان فلان الفلانى من الابدال قال الجنيد فدفعت اليه ذلك فنزع ثيابه واغتسل ولبس المرقعة وخرج على وجهه نحو الشام ففى هذه الحكاية تبين ان ذلك المغنى انجذب الى الله تعالى بصوت الهاتف وخرج الى الشام مقام الابدال لان المهاجرة سنة قديمة وبها يحصل من الترقيات ما لا يحصل بغيرها فاذا جاءت الساعة يحصل اثر التوفيق ويظهر اللحوق بأهل التحقيق
زين جماعت اكر جدا افتى درنخستين قدم زبا افى(13/235)
وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86)
{ ولا يملك } اى لا يقدر { الذين يدعون } اى يعبدهم الكفار { من دونه } تعالى { الشفاعة } عند الله كما يزعمون { الا من شهد بالحق } الذى هو التوحيد والاستثناء اما متصل والموصول عام لكل ما يعبد من دون الله كعيسى وعزير والملائكة وغيرهم او منفصل على انه خاص بالاصنام { وهم يعلمون } بما يشهدون به عن بصيرة وايقان واخلاص ( قال الكاشفى ) وايشان ميداند بدل خودكه برزبان خواهى داده اند وايشان شفاعت ثخواهند كرد الا مؤمنان كنهكار را
وجمع الضمير باعتبار معنى من كما ان الافراد اولا باعتبار لفظها(13/236)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)
{ ولئن سألتهم من خلقهم } اى سألت العابدين والمعبودين من اوجدهم واخرجهم من العدم الى الوجود { ليقولن الله } لتعذر الانكار لغاية ظهوره لان الانسان خلق للمعرفة وطبع عليها وبها اكرمه الله تعالى فاما الشان فى معرفة الاشياء فقبول دعوتهم والتوفيق لمتابعتهم والتدين باديانهم { فأنى يؤفكون } الافك بركردانيد
اى فكيف يصرفون عن عبادة الله تعالى الى عبادة غيره مع اعترافهم بأن الكل مخلوق له تعالى فهو تعجيب من جحودهم التوحيد مع ارتكازه فى فطرتهم قال فى الاسئلة المقحمة فان قلت هذا دليل على ان معرفة الله ضرورية ولا تجب بالسمع الضروريات لانه تعالى اخبر عن الكفار أنهم كانوا يقرون بوحدانية الله قبل ورود السمع قلت انهم يقولون ذلك تقليدا لا دليلا وضرورة ومعلوم ان فى الناس من اهل الالحاد من ينكر الصانع ولو كان ضروريا لما اختلف فيه اثنان
خانه بى صنع خانه سازكه ديد نقش بى دست خامه زن كه شنيد هركه شد زآدمى سوى تعطيل نيست دروى خرد جوقدر فتيل(13/237)
وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88)
{ وقيله } القول والقيل والقال كلها مصادر قرأ عاصم وحمزة بالجر على انه عطف على الساعة اى عنده علم الساعة وعلم قوله عليه السلام شكاية وبالفارسية ونزد يك خداست دانستن قول رسول آنجاكه كفت { يا رب } اى بروردكار من { ان هؤلاء } بدرستىكه اين كروه يعنى معاند ان قريش { قوم } كروهى اندكه از روى عناد مكابره { لا يؤمنون } نمى كروند
ولم يضفهم الى نفسه بأن يقول ان قومى لما ساءه من حالهم او على ان الواو للقسم وقوله ان هؤلاء الخ جوابه فيكون اخبارا من الله عنهم لا من حالهم او على ان الواو للقسم وقوله ان هؤلاء الخ جوابه فيكون اخبارا من الله عنهم لا من كلام رسوله وفى الاقسام به من رفع شأنه عليه السلام وتفخيم دعائه والتجائه اليه تعالى ما لا يخفى وقرأ الباقون بالنصب عطفاً على محل الساعة اى وعنده ان يعلم الساعة وقيله او على سرهم ونجواهم او على يكتبون المحذوف اى يكتبون ذلك وقيله قال بعضهم والاوجه ان يكون الجر والنصب على اضمار حرف القسم وحذفه يعنى ان الجر على اضمار حرف القسم كما فى قولك الله لافعلن والنصب على حذفه وايصال فعله اليه كقولك الله لافعلن كأنه قيل واقسم قيله او بقيله والفرق بين الحذف والاضمار انه فى الحذف لا يبقى للذاهب أثر نحو وأسال القرية وفى الاضمار يبقى له الاثر نحو انتهوا خيرا لكم والتقدير افعلوا ويجوز الرفع فى قيله على انه قسم مرفوع بالابتداء محذوف الخبر كقولهم ايمن الله ويكون ان هؤلاء الخ جواب القسم اى وقيله يا رب قسمى ان هؤلاء الخ وذلك لوقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما لا يحسن اعتراضا ان كان مرفوعا معطوفا على علم الساعة بتقدير مضاف مع تنافر النظم ورجح الزمشخرى احتمال القسم لسلامته عن وقوع الفصل وتنافر النظم ولكن فيه التزام حذف واضمار بلا قرينة ظاهرة فى اللفظ الذى لم يشتهر استعماله فى القسم كما فى حواشى سعدى المفتى(13/238)
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)
{ فاصفح عنهم } اى فأعرض عن دعوتهم واقنط من ايمانهم { وقل سلام } اى امرى تسلم منكم ومن دينكم وتبرٍ ومتاركة فليس المأمور به السلام عليهم والتحية بل البراءة كقول ابراهيم عليه السلام سلام عليك سأستغفر لك { فسوف يعلمون } حالهم البتة وان تأخر ذلك وبالفارسية بس زود باشدكه بدانند عاقبت كفر خود را وقتى كه عذاب برايشان فرود آيددر دنيا بروز بدر ودر عقبى بدخول درنار سوزان
وهو وعيد من الله لهم وتسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فعلى العاقل ان يتدارك حاله قبل خروج الوقت بدخول الموت ونحوه ويقبل على قبول الدعوة ما دام الداعى مقبلا غير صافح والا فمن كان شفيعه خصما له لم يبق له رجاء النجاة قال ذو النون رحمه الله سمعت بعض المعتعبدين بساحل الشام يقول ان لله عبادا عرفوه بيقين من معرفته فشمروا قصدا اليه وتحملوا فيه المصائب لما يرجون عنده من الرغائب صحبوا الدنيا بالاشجان وتنعموا فيها بطول الاحزان فما نظروا اليها بعين راغب ولا تزودوا منها الا كزاد راكب خافوا البيات فأسرعوا ورجوا النجاة فأزمعوا بذلوا مهج انفسهم فى رضى سيدهم نصبوا الآخرة نصب اعينهم وأصغوا اليها بآذان قلوبهم فلو رأيتهم لرأيت قوما ذبلا شفاههم خمصا بطونهم خزينة قلوبهم ناحلة اجسادهم باكية اعينهم لم يصحبوا التعليل والتسويف وقنعوا من الدنيا بقوت خفيف ولبسوا من اللباس اطمار ابالية وسكنوا من البلاد قفراء خالية هربوا من الاوطان واستبدلوا الوحدة من الاخوان فلو رأيتهم لرأيت قوما قد ذبحهم الليل بسكاكين السهر والنصب وفصل اعضاءهم بخناجر التعب خمص بطول السرى شعث بفقد الكرى قد وصلوا الكلال بالكلال وتاهبوا للنقلة والارتحال
جواز جايكان در دويدن كرو بتيزى هم افتان وحيزان برو كران باد بايان برفتندتيز توبى دست وبا ازنشتن بخيز(13/239)
حم (1)
{ حم } اى بحق حم وهى هذه السورة او مجموع القرءآن(13/240)
وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)
{ والكتاب } عطف على حم اذ لو كان قسما آخر لزم اجتماع القسمين على مقسم عليه واحد ومدار العطف على تقدير كون حم اسما لمجموع القرءآن المغايرة فى العنوان { المبين } اى البين معانيه لمن انزل عليهم وهم العرب لكونه بلغتهم وعلى أساليبهم او المبين لطريق الهدى من طرق الضلالة الموضح لكل ما يحتاج اليه فى ابواب الديانة وقال بعضهم بحق الحى القيوم وبحق القرءآن الفاصل بين الحق والباطل فالحاء اشارة الى الاسم الحى والميم الى الاسم القيوم وهما اعظم الاسماء الالهية لاشتمالهما على ما يشتمل عليه كل منها من المعانى والاوصاف والحقائق كما سبق فى آية الكرسى وفى عرائس البقلى الحاء الوحى الخاص الى محمد والميم محمد عليه السلام وذلك ما كان بلا واسطة فهو سر بين المحب والمحبوب لا يطلع عليه احد غيرهما كما قال تعالى { فأوحى الى عبده ما أوحى } وقال بعضهم حميت المحبين يعنى حمايت كردم دوستان خودرا از توجه بما سوى
يقول الفقير ويحتمل ان يكون اشارة الى حمد الله الى انزاله القرءآن الذى هو أجل النعم الالهية فحم مقصور من الحمد والمعنى وحق الحق الذى يستحق الحمد فى مقابلة انزال القرءآن(13/241)
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3)
{ انا أنزلناه } اى الكتاب المبين الذى هو القرءآن وهو جواب القسم { فى ليلة مباركة } هى ليلة القدر فانه تعالى أنزل القرءآن فى ليلة القدر من شهر رمضان من اللوح المحفوظ الى بيت العزة فى السماء الدنيا دفعة واحدة واملاه جبريل على السفرة ثم كان ينزله على النبى عليه السلام نجوما اى متفرقا فى ثلاث وعشرين سنة والظاهر ان ابتداء تنزيله الى النبى عليه السلام ايضا كان فى ليلة القدر لان ليلة القدر فى الحقيقة ليلة افتتاح الوصلة ولا بد فى الوصلة من الكلام والحطاب والحكمة فى نزوله ليلا ان الليل زمان المناجاة ومهبط النفحات ومشهد التنزلات ومظهر التجليات ومورد الكرامات ومحل الاسرار الى حضرة الكبرياء وفى الليل فراغ القلوب بذكر حضرة المحبوب فهو أطيب من النهار عند المقربين والابرار ووصف الليلة بالبركة لما ان نزول القرءآن مستتبع للمنافع الدينية والدنيوية بأجمعها او لما فيها من تنزل الملائكة والرحمة واجابة الدعوة ونحوها والا فاجزاء الزمان متشابهة بحسب ذواتها وصفاتها فيمتنع ان يتميز بعض اجزائه عن بعض بمزيد القدر والشرف لنفس ذواتها وعلى هذا فقس شرف الامكنة فانه لعارض فى ذاتها قال حضرة الشيخ صدر الدين قدس سره فى شرح الاربعين حديثا وللازمنة والامكنة فى محو السيئات وتغليب طرف الحسنات وامدادها والتكفير والتضعيف مدخل عظيم وفى الحديث ان الله غفر لاهل عرفات وضمن عنهم التبعات وانه ينزل يوم عرفة الى السماء الدنيا وقد وردت أحاديث دالة على فضيلة شهر رمضان وعشر ذى الحجة وليلة النصف من شعبان وان الصلاة فى المسجد الحرام بمائة ألف وفى مسجد النبى عليه السلام بألف وفى المسجد الأقصى بخمسائة وكلها دالة على شرف الازمنة والامكنة انتهى كلامه قال الشيخ المغربى قدس سره أفضل الشهور عندنا شهر رمضان اى لانه انزل فيه القرءآن ثم شهر ربيع الاول اى لانه مولد حبيب الرحمن ثم رجب اى لانه فرد الاشهر الحرم وشهر الله ثم شعبان اى لانه شهر حبيب الرحمن ومقسم الاعمال والآجال بين شهرين عظيمين رجب ورمضان ففيه فضل الجوارين العظيمين كما ان ليوم الخميس وليوم السبت فضلا عظيما لكونها فى جوار الجمعة ولذا ورد بارك الله فى السبت والخميس ثم ذو الحجة اى لانه موطن الحج والعشر التى تعادل كل ليلة منها ليلة القدر والايام المعلومات ايام التشريق ثم شوال اى لكونه فى جوار شهر رمضان ثم ذو القعدة اى لكونه من الاشهر الحرم ثم المحرم شهر الانبياء عليهم السلام ورأس السنة وأحد الاشهر الحرم وقيل فضل الله الاشهر والايام والاوقات بعضها على بعض كما فضل الرسل والامم بعضها على بعض لتبادر النفوس وتسارع القلوب الى احترامها وتشوق الارواح الى احيائها بالتعبد فيها ويرغب الخلق فى فضائلها واما تضاعف الحسنات فى بعضها فمن المواهب اللدنية والاختصاصات الربانية ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء قال القاشانى فى شرح التائية كما ان شرف الازمنة وفضليتها بحسب شرف الاحوال الواقعة فيها من حضور المحبوب ومشاهدته فكذلك شرف الاعمال يكون بحسب شرف النيات والمقاصد الباعثة وشرف النية فى العمل ان يؤدى للمحبوب ويكون خالصا لوجهه غير مشوب بغرض آخر قال ابن الفارض(13/242)
وعندى عيدى كل يوم أرى به ... جمال محياها بعين قريرة
وكل الليالى ليلة القدر ان دنت ... كما كل ايام اللقا يوم جمعة
قال بعض الكبار واشد الليالى بركة وقدر اليلة يكون العبد فيها حاضرا بقلبه مشاهدا لربه يتنعم بأنوار الوصلة ويجد فيها نسيم القربة واحوال هذه الطائفة فى لياليهم مختلفة كما قالوا
لا أظلم الليل ولا ادعى ... ان نجوم الليل ليست تزول
ليلى كما شاءت قصير اذا ... جادت وان ضنت فليلى طويل
وقال بعض المفسرين المراد من الليلة المباركة ليلة النصف من شعبان ولها أربعة اسماء الاول الليلة المباركة لكثرة خيرها وبركتها على العاملين فيها الخير وان بركات جماله تعالى تصل الى كل ذرة من العرش الى الثرى كما فى ليلة القدر وفى تلك الليلة اجتماع جميع الملائكة فى حظيرة القدس
ودر كشف الاسرار فرموده كه آنرا مبارك خواند ازبهر آنكه برخير وبر بركت است همه شب دعيانرا اجابت است وسائلانرا عطيت ومجتهدانرا معونت ومطيعانرا مثوبت وغاصبانرا اقالت ومحبانرا كارمت همه شب درهاى آسمان كشاده جنات عدن وفراديس اعلا درهانهاده ساكنان جنة الخلد بركنكرها نشسته ارواح انبيا وشهدا درعليين فراطب آمده همه شب نسيم روح ازلى از جانب قربت بدل دوستان ميدمدوبادهواى فردانيث برجان عاشقان مىوزد وازدوست خطاب مى آيدكه هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له اى درويش بيدار باش درين شب كه همه بساط نزول بيفكنده وكل وصال جانان درباغ را زدارى شكفته نسيم سحر مبارك بهارى از وميدمد وبيغام ملك برمزى باريك وبرازى عجب ميكويد الم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله
الم يأن للهجران أن يتصرما ... وللعود غصن اليان ان يتضرما
وللعاشق الصب الذى ذاب وانحنى ... ألم يأن ان يبكى عليه ويرحما
وفى بعض الآثار عجبا لمن آمن بى كيف يتكل على غيرى لو أنهم نظروا الى لطائف برى ما عبدوا غيرى
اى عجب كسى كه مارا شناخت باغير ما آرام كى كيرد كسى كه مارايافت باديكرى جون بردازد كسى كه رنك وبوى وصال ويا دمادارد دل دررنك وبوى دنيا جون بندد ازتعجب هرزمان كوبد بنفشه كاى عجب هركه زلف يار دارد جنك درماجون زند(13/243)
والثانى ليلة الرحمة والثالث ليلة البرآءة كذلك الله يكتب لعباده المؤمنين البرآءت فى هذه الليلة ( كما حكى ) ان عمر بن عبد العزيز لما رفع رأسه من صلاته ليلة النصف من شعبان وجد رقعة خضرآء قد اتصل نورها بالسماء مكتوب فيها هذه برآءة من النار من الملك العزيز لعبده عمر بن عبد العزيز وكما ان فى هذه الليلة برآءة للسعدآء من الغضب فكذا فيها برآءة للاشقياء من الرحمة نعوذ بالله تعالى ولهذه الليلة خصال
الاولى تفريق كل امر حكيم كما سيأتى
والثانية فضيلة العبادة فيها وفى الحديث « من صلى فى هذه الليلة مائة ركعة ارسل الله تعالى اليه مائة ملك ثلاثون يبشرونه بالجنة وثلاثون يؤمنونه من عذاب النار وثلاثون يدفعون عنه آفات الدنيا وعشرة يدفعون عنه مكايد الشيطان » قال فى الاحياء يصلى فى الليلة الحامسة عشرة من شعبان مائة ركعة كل ركعتين بتسليمة يقرأ فى كل ركعة بعد الفاتحة قل هو الله احد عشر مرات وان شاء صلى عشر ركعات يقرأ فى كل ركعة بعد الفاتحة مائة مرة قل هو الله احد فهذه ايصا اى كصلاة رجب مروية عن النبى عليه السلام فى جملة الصلوات كان السلف يصلون هذه الصلاة فى هذه الليلة ويسمونها صلاة الخير ويجتمعون فيها وربما صلوها جماعة ( روى ) عن الحسن البصرى انه قال حدثنى ثلاثون من اصحاب النبى عليه السلام ان من صلى هذه الصلاة فى هذه الليلة نظر الله اليه سبعين نظرة وقضى الله له بكل نظرة سبعين حاجة ادناها المغفرة انتهى كلام الاحياء قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ان النبى عليه السلام لما تجلى له جميع الصفات فى ثمانية عشر ألف عالم وأكثر صلى تلك الصلاة بعد العشاء شكرا على النعمة المذكورة ( وروى ) مجاهد عن على رضى الله عنه انه عليه السلام قال « يا على من صلى مائة ركعة فى ليلة النصف من شعبان فقرأ فى كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة وقل هو الله احد عشر مرات » قال عليه السلام « يا على ما من عبد يصلى هذه الصلاة الا قضى الله له كل حاجة طلبها تلك الليلة ويبعث الله سبعين ألف ملك يكتبون له الحسنات ويمحون عنه السيئات ويرفعون له الدرجات الى رأس السنة ويبعث الله فى جنات عدن سبعين ألف ملك وسبعمائة ألف يبنون له المدآئن والقصور ويغرسون له من الاشجار ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب المخلوقين وان مات من ليلته قبل ان يحول الحول مات شهيدا ويعطيه الله بكل حرف من قل هو الله احد فى ليلته تلك سبعين حورآء » كما فى كشف الاسرار قال بعضهم أقل صلاة البرآءة ركعتان واوسطها مائة واكثرها ألف(13/244)
يقول الفير الألف الذى هو اشارة الى ألف اسم له تعالى تفصيل للمائة التى هى اشارة الى مائة اسم له منتخبة من الالف لان التسعة والتسعين باعتبار احديتها مائة وهى تفصيل للواحد الذى هو الاسم الاعظم ولما لم تشرع ركعة منفردة ضم اليها اخرى اشارة الى الذات والصفات والليل والنهار والجسد والروح والملك والمكوت ولهذا السر استحب ان يقرأ فى الركعتين المذكورتين اربعمائة آية من القرءآن فان فرض القرآءه آية واحدة ومشتحبها اربع آيات والمائة اربع مرات اربعمائة فالركعتان باعتبار القرآءة المستحبة فى حكم المائة فاعرف جدا وفى الحديث « من احيى الليالى الخمس وجبت له الجنة ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان »
والثالثة نزول الرحمة قال عليه السلام « ان الله ينزل ليلة النصف من شعبان الى السماء الدنيا » اى تنزل رحمته والمراد فى الحقيقة تنزل عظيم من تنزلات عالم الحقيقة مخصوص بتلك الليلة وايضا المراد تنزل من اول الليلة اى وقت غروب الشمس الى آخرها اى الى طلوع الفجر أو طلوع الشمس
والرابعة حصول المغفرة قال عليه السلام « ان الله يغفر لجميع المسلمين فى تلك الليلة الا لكاهن او ساحر أو مشاحن أو مدمن خمر أو عاق للوالدين او مصر على الزنى » قال فى كشف الاسرار فسر اهل العلم المشاحن فى هذا الموضع بأهل البدع والاهوآء والحقد على اهل الاسلام
والخامسة انه اعطى فيها رسول الله عليه السلام تمام الشفاعة وذلك انه سأل ليلة الثالث عشر من شعبان الشفاعة فى امته فأعطى الثلث منها ثم سأل ليلة الرابع عشر فأعطى الثلثين ثم سأل ليلة الخامس عشر فأعطى الجميع الا من شرد على الله شراد بعير وفى رواية اخرى قالت عائشة رضى الله عنها رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى ليلة النصف من شعبان ساجدا يدعو فنزل جبريل فقال ان الله قد أعتق من النار الليلة بشفاعتك ثلث امتك فزاد عليه السلام فى الدعاء فنزل جبريل فقال ان الله يقرئك السلام ويقول أعتقت نصف امتك من النار فزاد عليه السلام فى الدعاء فنزل جبريل وقال ان الله اعتق جميع امتك من النار بشفاعتك الا من كان له خصم حتى يرضى خصمه فزاد عليه السلام فى الدعاء فنزل جبريل عند الصبح وقال ان الله قد ضمن لخصماء امتك ان يرضيهم بفضله ورحمته فرضى النبى عليه السلام
والسادسة ان من عادة الله فى هذه الليلة ان يزيد ماء زمزم زيادة ظاهرة وفيه اشارة الى حصول مزيد العلوم الالهية لقلوب اهل الحقائق { انا كنا منذرين } استئناف مبين لما يقتضى الانزال كأنه قيل انا انزلناه لان من شأننا الانذار والتخويف من العقاب(13/245)
فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)
{ فيها يفرق كل امر حكيم } اى يكتب ويفصل كل امر محكم ومتقن من ارزاق العباد وآجالهم وجميع امورهم الا السعادة والشقاوة من هذه الليلة الى الاخرى من السنة القابلة وقيل يبدأ فى انتساخ ذلك من اللوح فى ليلة البرآءة ويقع الفراغ فى ليلة القدر فتدفع نسخة الارزاق الى ميكائيل ونسخة الحروب والزلال والصواعق والخسف الى جبرائيل ونسخة الاعمال الى اسمعيل صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم ونسخة المصائب الى ملك الموت حتى ان الرجل ليمشى فى الاسواق وان الرجل لينكح ويولد له ولقد أدرج اسمه فى الموتى
كفته اند درميان فرشتكان فرشته حليم تر ورحيم تر ومهربان تر ازميكائيل نيست وفرشته مهيب ترو باسباست تراز جبرآئيل نيست درخبراست كه روزى هردو مناظره كردند جبرائيل كفت مرا عجب مى آيدكه يا اين همه بى حرمتى وجفا كارى بخلق رب العزة بهشت از بهرجه مى آفريد ميكائيل كفت مرا عجب مى آيدكه باآن همه فضل وكرم ورحمت كه الله را بربند كانست دوزخ را از بهرجه مى آفريداز حضرت عزت وجناب جبروت ندا آمدكه أحبكما الى احسنكما ظنا بى ازشما هر دوآنرا دوستتردارم كه بمن ظن نيكو ترمى برد يعنى ميكائيل كه رحمت بر غضب فضل مى نهد
وقد قال الله تعالى « ان رحمتى سبقت غضبى » وكما ان فى هذه الليلة يفصل كل امر صادر بالحكمة من السماء فى السنة من اقسام الحوادث فى الخير والشر والمحن والمنن والمنصرة والهزيمة والخصب والقحط فكذا الحجب والجذب والوصل والفصل والوفاق والخلاف والتوفيق والخذلان والقبض والبسط والستر والنجلى فكم بين عبد نزل له الحكم والقضاء بالشقاء والبعد وآخر ينزل حكمه بالوفاء والرفد(13/246)
أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5)
{ امرا من عندنا } نصب على الاختصاص اى اعنى بهذا الامر امرا حاصلا من عندنا على مقتضى حكمتنا وهو بيان لفخامته الاضافية بعد بيان فخامته الذاتية { انا كنا مرسلين } بدل من انا كنا بدل الكل(13/247)
رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6)
{ رحمة من ربك } مفعول له للارسال اى انا انزلنا القرءآن لان عادتنا ارسال الرسل بالكتب الى العباد لاجل افاضة رحمتنا عليهم فيكون قوله رحمة غاية للارسال متأخرة عنه على ان المراد منها الرحمة الواصلة الى العباد او لاقتضاء رحمتنا السابقة ارسالهم فيكون باعثا متقدما للارسال على ان المراد مبدأها ووضع الرب موضع الضمير للايذان بان ذلك من احكام الربوبية ومقتضياتها واضافته الى ضميره عليه السلام للتشريف
در دو عالم بخشش بخشايش است خلق را از بخششش اسايش است خواجه جون در مديح خويش سفت انما انا رحمة مهداة كفت
كما قال فى التأويلات النجمية انا كنا مرسلين محمدا عليه السلام رحمة مهداة من ربك ليخرج المشتاقين من ظلمات المفارقة الى نور المواصلة وايضا انا كنا مرسلين رحمة لنفوس اوليائنا بالتوفيق ولقلوبهم بالتحقيق { انه هو السميع العليم } يسمع كل شئ من شأنه ان يسمع خصوصا انين المشتاقين ويعلم كل شئ من شانه ان يعلم خصوصا حنين المحبين فلا يخفى عليه شئ من اقوال العباد وافعالهم واحوالهم وهو تحقيق لربوبيته تعالى وانها لا تحق الا لمن هذه نعوته الجليلة(13/248)
رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7)
{ رب السموات والارض وما بينهما } بدل من ربك
يقول الفقير الهمت بين النوم واليقظة ان معنى هذه الآية اى اشارة لا عبارة ان مربى ومبلغى الى كمالى هو رب السموات والارض وما بينهما يعنى جميع الموجودات العلوية والسفلية وذلك لانها مظاهر الاسماء والصفات الالهية ففى كل ذرة من ذرات العالم حقيقة مشهودة هى غذآء الروح العارف فيتربى بذلك الغذاء الشهودى بالغا الى اقصى استعداده كما يتربى البدن بالغذآء الحسى بالغا الى غاية نمائه ووقوفه والى هذا المعنى اشار صاحب المثنوى بقوله
آن خيالاتى كه دام اولياست عكس مهرويان مستان خداست
فافهم جدا وقل لا اعبد الا الله ولا اقصد سواه { ان كنتم موقنين } بشئ فهذا اولى ما توقنون به لفرط ظهوره او ان كنتم مريدين لليقين فاعلموا ذلك وبالفارسية اكر هستيد شمابى كمانان يعنى طلب كنند كان يقين(13/249)
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (8)
{ لا اله الا هو } اذ لا خالق سواه جملة مستأنفة مقررة لما قبلها { يحيى ويميت } يوجد الحياة فى الجماد ويوجد الموت فى الحيوان بقدرته كما يشاهذ ذلك اى يعلم علما جليا يشبه المشاهدة والظاهر ان المشاهدة تتعلق بالاثر فان المعلوم هو الاحياء والاماتة والمشهود هو أثر الحياة فى الحى وأثر الممات فى الميت وفى التأويلات النجمية يحيى قلوب اوليائه بنور محبته وتجلى صفات جماله ويميت نفوسهم بتجلى صفات جلاله { ربكم } اى هو ربكم وخالقكم ورازقكم { ورب آبائكم الاولين } وفى التأويلات رب آدم واولاده ورب الآباء العلوية وقال محمد بن على الباقر قد انقضى قبل آدم الذى هو ابونا ألف آدم واكثر وذكر الشيخ ابن العربى قدس سره فى الفتوحات المكية فى باب حدوث الدنيا حديثا ضعيفا انه انقضى قبل آدم مائة ألف آدم وجرى له كشف وشهود فى طواف الكعبة انه شاهد رجالا تمثلوا له من الارواح فسألهم من انتم فأجابوه انهم من اجداده الاول قبل آدم بأربعين ألف سنة قال الشيخ فسألت عن ذلك ادريس النبى عليه السلام فصدقنى فى الكشف والخبر وقال نحن معاشر الانبياء نؤمن بحدوث العالم كله ولم نعلم اوله والحق تعالى متفرد بأوائل الكائنات(13/250)
بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9)
{ بل هم فى شك } بلكه ايشان درشك اند
اى مما ذكر من شؤونه تعالى غير موقنين فى اقرارهم بأنه تعالى رب السموات والارض وما بينهما { يلعبون } لا يقولون ما يقولون عن جد واذعان بل مخلوطا بهزؤ ولعب وهو خبر آخر وفى كشف الاسرار دركمان خويش بازى ميكنند
فالظرف متلق بالفعل او بل هم حال كونهم فى شك مستقر فى قلوبهم يلعبون كما فى قوله { فهم فى ريبهم يترددون } وفيه اشارة الى ان من استولت عليه الغفلة اداه ذلك الى الشك ومن لزم الشك كان بعيدا من عين الصواب قال بعضهم وصف اهل الشك والنفاق باللعب وذلك لترددهم وتحيرهم فى امر الدين واشتغالهم بالدنيا واغترارهم بزينتها قال اويس القرنى رضى الله عنه اف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة وعن الشيخ فتح الموصلى قدس سره قال رأيت فى البادية غلاما لم يبلغ الحنث يمشى ويحرك شفتيه فسلمت عليه فرد الجواب فقلت له الى اين يا غلام فقال الى بيت الله الحرام قلت فيماذا تحرك شفتيك قال بالقرءآن قلت فانه لم يجر عليك قلم التكليف قال رأيت الموت يأخذ من هو اصغر منى سنا فقلت خطوك قصير وطريقك بعيد فقال انما على نقل الخطى وعلى الله الابلاغ فقلت فأين الزاد والراحلة فقال زادى يقينى وراحلتى رجلاى
سدره توفيق بود كرد علايق خواهىكه بمنزل برسى راحله بكذار
قلت اسألك عن الخبز والماء قال يا عماه ارأيت لو أن مخلوقا دعاك الى منزله اكان يجمل بك ان تحمل معك زادك فقلت لا قال ان سيدى دعا عباده الى بيته وأذن لهم فى زيارته فحملهم ضعيف يقينهم على حمل زادهم وانى استقبحت ذلك فحفظت الادب معه أفتراه يضيعنى فقلت كلا وحاشى ثم غاب عن عينى فلم أره الا بمكة فلما رآنى قال يا شيخ انت بعد على ذلك الضعف فى اليقين
سيراب كن زبحر بقين جان تشنه را زين بيش خشك لب منشين برسراب ريب(13/251)
فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)
{ فارتقب } الارتقاب جشم داشتن يعنى منتظر شدن
والمعنى فانتظر يا محمد لكفار مكة على ان اللام للتعليل وبالفارسية بس تومنتظر باش براى ايشان { يوم تأتى السماء بدخان مبين } ظاهر لا شك فيه ويوم مفعول ارتقب والباء للتعدية يعنى آن روزكه آسمان دودى آرد آشكارا
ويجوز أن يكون ظرفا له والمفعول محذوف اى ارتقب وعد الله فى ذلك اليوم أطلق الدخان على شدة القحط وغلبة الجوع على سبيل الكناية او المجاز المرسل والمعنى فانتظر لهم يوم شدة ومجاعة فان الجائع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان اما لضعف بصره او لأن فى عام القحط يظلم الهوآء لقلة الامطار وكثرة الغبار ولذا يقال لسنة القحط السنة الغبرآء كما قالوا عام الرمادة والظاهر ان السنة الغبراء ما لا تنبت الارض فيها شيأ وكانت الريح اذا هبت ألقت ترابا كالرماد او لان العرب تسمى الشر الغالب دخانا واسناد الاتيان الى السماء لان ذلك يكفها عن الامطار فهو من قبيل اسناد الشئ الى سببه وذلك ان قريشا لما بالغوا فى الاذية له عليه السلام دعا عليهم فقال « اللهم اشدد وطأتك على مضر » أى عقابك الشديد يعنى خذهم اخذا شديدا « واجعلها عليهم سنينا كسنى يوسف » وهى السبع الشداد فاستجاب الله دعاءه فاصابتهم سنة اى قحط حتى اكلوا الجيف والجلود والعظام والعلهز وهو الوبر والدم اى يخلط الدم بأوبار الابل ويشوى على النار كان الرجل يرى بين السماء والارض الدخان من الجوع وكان يحدث الرجل ويسمع كلامه ولا يراه من الدخان وذلك قوله تعالى(13/252)
يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)
{ يغشى الناس } اى يحيط ذلك الدخان بهم ويشملهم من جميع جوانبهم صفة للدخان { هذا عذاب اليم } اى قائلين هذا الجوع او الدخان عذاب أليم فمشى اليه عليه السلام ابو سفيان ونفر معه وناشدوه الله والرحم اى قالوا نسألك يا محمد بحق الله وبحرمة الرحم ان تستسقى لنا ووعدوه ان دعا لهم وكشف عنهم ان يؤمنوا وذلك قوله تعالى(13/253)
رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)
{ ربنا اكشف عنا العذاب } اى الجوع او عذاب الدخان وما لهما واحد فان الدخان انما ينشأ من الجوع { انا مؤمنون } بعد رفعه(13/254)
أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13)
{ أنى لهم الذكرى } رد لكلامهم واستدعائهم الكشف وتكذيب لهم فى الوعد بالايمان المنبئ عن التذكر والاتعاظ بما اعتراهم من الداهية والمراد بالاستفهام الاستبعاد لا حقيقته وهو ظاهر اى كيف يتذكرون او من أين يتذكرون ويقولون بما وعدوه من الايمان عند كشف العذاب عنهم { وقد جاءهم رسول مبين } اى والحال انهم شاهدوا من دواعى التذكر وموجبات الاتعاظ ما هو أعظم منه فى ايجابهما حيث جاءهم رسول عظيم الشان وبين لهم مناهج الحق باظهار آيات ظاهرة ومعجزات قاهرة تحرك صم الجبال(13/255)
ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14)
{ ثم } كلمة ثم هنا للاستبعاد { تولوا } أعرضوا { عنه } اى عن ذلك الرسول فيما شاهدوا منه من العظائم الموجبة للاقبال اليه ولم يقتنعوا بالتولى { وقالوا } فى حقه { معلم مجنون } اى قالوا تارة يعلمه غلام اعجمى لبعض ثقيف واسمه عداس او ابو فكهة او جبر او يسار واخرى مجنون او يقول بعضهم كذا وآخرون كذا فهل يتوقع من قوم هذه صفاتهم ان يتأثروا منه بالعظة والتذكير وما مثلهم الا كمثل الكلب اذا جاع ضغا واذا شبع طغا(13/256)
إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15)
{ انا كاشفوا العذاب } جواب من جهته تعالى عن قولهم ربنا اكشف الخ اى انا نكشف العذاب المعهود عنكم بدعاء النبى عليه السلام وانزال المطر كشفا { قليلا } وهو دليل على كمال خبث سريرتهم فانهم اذا عادوا الى الكفر بكشف العذاب كشفا قليلا فهم بالكشف رأسا اعود أو زمانا قليلا وهو ما بقى من اعمارهم { انكم عائدون } تعودون اثر ذلك الى ما كنتم عليه من العتو والاصرار على الكفر وتنسون هذه الحالة وصيغة الفاعل فى الفعلين للدلالة على تحققها لا محالة ولقد وقع كلاهما حيث كشفه الله بدعاء النبى عليه السلام فما لبثوا ان عادوا الى ما كانوا فيه من العتو والعناد لان من مقتضى فساد طينتهم واعوجاج طبيعتهم المبادرة الى خلف الوعد ونقض العهد والعود الى الاشراك اذا زال المانع على ما بينه الله تعالى فيمن ركب الفلك اذ أنجاه الى البر ( وفى المثنوى ) آن ندامت از نتيجه رنج بود نى زعقل روشن جون كنج بود جونكه شدرنج آن ندامت شد عدم مى نيرزدخاك آن توبه ندم ميكند اوتوبه وبير خرد بانك لوردوا لعادوا ميزند(13/257)
يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)
{ يوم نبطش البطشة الكبرى } البطش تناول الشئ بعنف وصولة اى يوم القيامة ننتقم ونعاقب العقوبة العظمى { انا منتقمون } فيوم ظرف لما دل عليه قوله انا منتقمون لا لمنتقمون لان انا مانعة عن ذلك ( وقال الكاشفى ) يادكن روزى راكه بكيرم كافرا نرا كرفتن سخت وبزرك يعنى روزقيامت
وذلك لانه تعالى أخذهم بالجوع والدخان ثم أذاقهم القتل والاسر يوم بدر وكل ذلك من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر فاذا كان يوم القيامة يأخذهم اخذا شديدا لا يقاس على ما كان فى الدنيا نسأل الله العصمة من عذابه وجحيمه والتوفيق لما يوصل الى رضاه ونعيمه وقال بعض المفسرين المراد بالدخان ما هو من اشراط الساعة وهو دخان يأتى من السماء قبل يوم القيامة فيدخل فى اسماع الكفرة حتى يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ اى المشوى ويعترى المؤمن منه كهيئة الزكام وتكون الارض كلها كبيت او قد فيه ليس فيه خصاص اى فرجة يخرج منها الدخان وفى الحديث « اول الآيات الدخان ونزول عيسى ابن مريم ونار تخرج من قعر عدن ابين » وهو بفتح الهمزة على ما هو المشهور اسم رجل بنى هذه البلدة باليمن واقام بها « تسوق الناس الى المحشر اى الى الشام والقدس » قال حذيفة رضى الله عنه فما الدخان فتلا الآية فقال « يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث اربعين يوما وليلة اما المؤمن فيصيبه كهيئة الزمكة واما الكافر فهو كالسكران يخرج من منخريه واذنيه ودبره » وقال حذيفة بن اسيد الغفارى رضى الله عنه اطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال عليه السلام « ما تذاكرون » قالوا نذكر الساعة قال عليه السلام « انها لن تقوم حتى تروا قبلها آيات » اى علامات فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس الى محشرهم واوله بعض العلماء بفتنة الاتراك واول خروج الدجال بظهور الشر والفساد ونزول عيسى باندفاع ذلك وظهور الخير والصلاح
يقول الفقير ان كان هذا التأويل من طريق الاشارة فمسلم لانه لا تخلو الدنيا عن المظاهر الجلالية والجمالية الى خروج الدجال ونزول عيسى واما ان كان من طريق الحقيقة فلا تصح له اذ لا بد من ظهور تلك الآيات على حقيقتها على ما اخبر به النبى عليه السلام فعلى هذا القول وهو تفسير الدخان بما هو من اشراط الساعة معنى قوله { ربنا اكشف عنا } الخ وقوله { انا كاشفوا العذاب } الخ انه اذا جاء الدخان تضور المعذبون به من الكفار والمنافقين وغوثوا وقالوا ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون فيكشف الله عنهم بعد أربعين يوما فريثما يكشف عنهم يرتدون ولا يتمهلون وظهور علامات القيامة لا يوجب انقطاع التكليف ولا يقدح فى صحة الايمان ولا يجب ايضا لزومها وعدم انكشافها وقال بعض اهل التفسير المراد بالدخان ما يكون فى القيامة اذا خرجو فى قبورهم فيحتمل ان يراد به معناه الحقيقى وما يستلزمه فانه لشدة اهوال يوم القيمة تظلم العين بحيث لا يرى الانسان فيه اينما توجه الا والظلمة مستولية عليه كانه مملوء دخانا فعلى هذا يبنى الكلام على الفرض والتقدير ومعناه انهم يقولون ربنا اكشف عنا العذاب اى ارددنا الى الدنيا نعمل صالحا فيقول الله انا كاشفوا العذاب يعنى ان كشفنا ورددناكم اليها تعودوا الى ما كنتم عليه من الكفر والتكذيب كما قال تعالى(13/258)
{ ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } والتفسير الاول من هذه التفاسير الثلاثة هو الذى يستدعيه مساق النظم الكريم قطعا وفى عرائس البقلى رحمه الله ظاهر الآية دخان الكفرة من الجوع فى الظاهر ودخان بواطنهم دخان النفس الامارة والاهواء المختلفة التى تغير سماء قلوبهم بغبار الشهوات وظلمة الغفلات وقال سهل قدس سره الدخان فى الدنيا قسوة القلب والغفلة عن الذكر وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى مراقبة سماء القلب عن تصاعد دخان اوصاف البشرية يغشى الناس عن شواهد الحق هذا عذاب أليم لارباب المشاهدة كما قال السرى قدس سره اللهم مهما عذبتنى فلا تعذبنى بذل الحجاب ربنا اكشف عنا عذاب الحجاب انا مؤمنون بانك قادر على رفع الحجاب وارخائه فاذا اخذوا فى الاستغاثة يقال لهم أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين بالهام تقواهم وفجورهم ثم خالفوه وقالوا خاطر شيطانى انا كاشفوا العذاب عن صورتهم فى الدنيا قليلا لان جميع الدنيا عندنا قليل ولكن يوم نبطش البطشة الكبرى نورثهم خزنا طويلا ولا يجدون فى ضلال انتقامنا مقيلا
يقول الفقير ظهر من هذه التقريرات انه لا خير فى الدخان فى الظاهر والباطن ألا ترى ان من رآه فى المنام يعبر بالهول العظيم والقتال الشديد وبالظلمات والحجب والكدورات فعلى العاقل ان يجتهد فى الخروج من الظلمات الى النور والدخول فى دائرة الصفاء والحضور فانه ان بقى مع دخان الوجود يظلم عليه وجه المقصود(13/259)
وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17)
{ ولقد فتنا قبلهم } بيش از كفارمكه { قوم فرعون } اى القبط والمعنى امتحناهم اى فعلنا بهم فعل الممتحن بارسال موسى عليه السلام اليه ليؤمنوا ويظهر منهم ما كان مستورا فاختاروا الكفر على الايمان فالفعل حقيقة او اوقعناهم فى الفتنة بالامهال وتوسيع الرزق عليهم فهو مجاز عقلى من اسناد الفعل الى سببه لان المراد بالفتنة حينئذ ارتكاب المعاصى وهو تعالى كان سببا لارتكابها بالامهال والتوسيع المذكورين { وجاءهم رسول كريم } على الله تعالى وهو موسى عليه السلام بمعنى انه استحق على ربه انواعا كثيرة من الاكرام او كريم على المؤمنين او فى نفسه لان الله تعالى لم يبعث نبيا الا من كان افضل نسبا وأشرف حسبا على ان الكريم بمعنى الخصلة المحمودة وقال بعضهم لمكالمته مع الله واستماع كلامه من غير واسطة وفى الآية اشارة الى انه تعالى جعل فرعون وقومه فيما فتنهم فدآء امة محمد عليه السلام لتعتبر هذه الامة بهم فلا يصرون على جحودهم كما اصروا ويرجعوا الى طريق الرشد ويقبلو دعوه نبيهم ويؤمنوا بما جاء به لئلا يصيبهم ما اصابهم بعد أن جاءهم رسول كريم(13/260)
أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18)
{ ان ادوا الى عباد الله } ان مصدرية اى بأن ادوا الى بنى اسرآئيل وسلموهم وارسلوهم معى لأذهب بهم الى موطن آبائهم الشام ولا تستعبدوهم ولا تعذبوهم اى جئتكم من الله لطلب تأدية عباد الله الى ( قال فى كشف الاسرار ) فرعون قبطى بود وقوم وى قبط بودند وبنى اسرائيل درزمين ايشان غريب بودند از زمين كنعان بايشان افتادند نزاد يعقوب عليه السلام بودند بابدر خويش يعقوب بمصر شدند بر يوسف وآنروز هشتادو دوكس بودند وايشانرا درمصر توالد وتناسل بود بعد ازغرق فرعون جون ازمصر بيرون آمدند با موسى بقصد فلسطين هزار هزار وششصد هزار بودند فرعون ايشانرا فرمود تا رب العزة موسى رابه بيغمبرى بايشان فرستاد بدوكار يكى اوردن ايمان بوحدانيت حق تعالى وعبادت وى كردند ديكر بنى اسرآئيل را موسى دادن وايشانرا ازعذاب رها كردن اينست كه رب العالمين فرمود أن ادوا الى عباد الله
يقول الفقير فتكون التأدية بعد الايمان كما قالوا فى آية اخرى { لنؤمنن لك ولنرسلن معك بنى اسرآئيل } ونظيره قول نوح عليه السلام لابنه { يا بنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين } اى آمن واركب فان الراكب انما هو المؤمنون والركوب متقرع على الايمان وقال بعضهم عباد الله منصوب بحرف الندآء المحذوف اى بان ادوا الى يا عباد الله حقه من الايمان وقبول الدعوة { انى لكم رسول أمين } على وحيه ورسالته صادق فى دعواه بالمعجزات وهو علة للامر بالتأدية وفيه اشارة الى ان بنى اسرآئيل كانوا امانة الله فى ايدى فرعون وقومه يلزم تأديتهم الى موسى لكونه امينا فخانوا تلك الامانة حتى آخذهم الله على ذلك(13/261)
وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19)
{ وان لا تعلوا على الله } اى وبان لا تتكبروا عليه تعالى بالاستهانة بوحيه وبرسوله واستخفاف عباده واهانتهم { انى آتيكم } اى من جهته تعالى يحتمل ان يكون اسم فاعل وان يكون فعلا مضارعا { بسلطان مبين } تعليل للنهى اى آتيكم بحجة واضحة لا سبيل الى انكارها يعنى المعجزات وبالفارسية بدرستىكه من بشما آرنده ام حجتى روشن وبرهانى اشكارا بصدق مدعاى خود وفى ايراد الادآء مع الامين والسلطان مع العلاء من الجزالة ما لا يخفى(13/262)
وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20)
{ وانى عذب بربى وربكم } اى التجأت اليه وتوكلت عليه { ان ترجمون } من ان ترجمونى فهو العاصم من شركم والرجم سنكسار كردن
يعنى الرمى بالرجام بالكسر وهى الحجارة او تؤذونى ضربا او شتما بان تقولوا هو ساحر ونحوه او تقتلونى قيل لما قال وان لا تعلوا على الله توعدوه بالقتل وفى التأويلات النجمية وانى عذت بربى من شر نفسى وربكم من شر نفوسكم ان ترجمونى بشئ من الفتن(13/263)
وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)
{ وان لم تؤمنوا لى فاعتزلون } الايمان يتعدى باللام باعتبار معنى الاذعان والقبول والباء باعتبار معنى الاعتراف وحقيقة آمن به امن المخبر من التكذيب والمخالفة وقال ابن الشيخ اللام للاجل بمعنى لاجل ما اتيت به من الحجة والمعنى وان كابرتم مقتضى العقل ولم تصدقونى فكونوا بمعزل منى لا على ولا لى ولا تتعرضوا لى بشر ولا اذى لا باليد ولا باللسان فليس ذلك من جزآء من يدعوكم الى ما فيه فلا حكم فالاعتزال كناية عن الترك ولا يراد به الاعتزال بالابدان قال القاضى عبد الجبار من متأخرى المعتزلة كل موضع جاء فيه لفظ الاعتزال فى القرءآن فالمراد منه الاعتزال عن الباطل وبهذا صار اسم الاعتزال اسم مدح وهو منقوض بقوله تعالى فان لم تؤمنوا لى فاعتزلون فان المراد بالاعتزال هنا العزلة عن الايمان التى هى الكفر لا العزلة عن الكفر والباطل كذا فى بعض كتب الكلام اخبر الله بهذه الآية ان المفارقة من الاضداد واجبة قيل ان بعض اصحاب الجنيد قدس سره وقع له عليه انكار فى مسألة جرت له معه فكتب اليه ليعارضه فيها فلما دخل على الجنيد نظر اليه وقال يا فلان وان لم تؤمنوا لى فاعتزلون
نقلست كه اما احمد حنبل رحمه الله شبى نزد بشر حافى قدس سره رفتى ودر حق او ارادت تمام داشت تابحدى كه شا كردانش كفتند تو امام عالم باشى ودر فقه وأحاديث وجمله علوم واجتهاد نظير ندارى هردم ازبس شوريده بابر هنه مى دوى اين جه لايق بود احمد كفت آن همه علوم كه شمر ديد جنانست من همه به ازان دانم اما او خدارابه از من داند
فينبغى للمرء ان يعتزل عن الباطل ايا كان لا عن الحق وربما رأينا بعض اهل الانكار فى الغالب يعتزل عن صحبة الرجال ثم لا يكتفى باعتزاله حتى يؤذيهم باللسان فيكون باهانة الاولياء عدو الله تعالى ومحروما من فوائد الصحبة وعوآئد المجلس فلزم على أهل الحق أن يتعوذوا بالله من شرور الظلمة والجبابرة وأهل الانكار والمكابرة كما تعوذ الانبياء عليهم السلام
اى خدا كمترين كداى توام جشم بر خوان كبرياى توام از بد ومنكران امانم ده هرجه آنم بهست آنم ده جونكه توكفتى فاستعذ بالله بتو بردم زشر ديو بناه باخصوص ازبلاى ديو سفيد كه نباشد از وكريز مفيد(13/264)
فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22)
{ فدعا } موسى { ربه } بعدما كذبوه { ان هؤلاء } اى بان هؤلاء القبط { قوم مجرمون } مصرون على كفرهم ومتابعة هواهم وانت اعلم بهم فافعل بهم ما يستحقونه(13/265)
فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23)
{ فأسر بعبادى ليلا } الفاء عاطفة باضمار القول بعد الفاء لئلا يلزم عطف الانشاء على الخبر والاسرآء بشب رفتن
يقال أسرى به ليلا اذا سار معه بالليل وكذا سرى والسرى وان كان لا يكون الا بالليل لكنه أتى بالليل للتأكيد والمعنى فاجاب الله دعاءه وقال له اسر يا موسى ببنى اسرائيل من مصر ليلا على غفلة من العدو وبالفارسية بس ببر بشب بندكان مرا { انكم متبعون } علة للامر بالسير اى يتبعكم فرعون وجنوده بعد أن علموا بخروجكم ليلا ليقتلكم جون بلب دريارسيده باشيد تو عصا بردريا زنى بشكافد ودروراهها بديد آيد تا بنى اسرآئيل بكذرند(13/266)
وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24)
{ واترك البحر } اى بحر القلزم وهو الاظهر الاشهر أو النيل حال كونه { رهوا } مصدر سمى به البحر للمبالغة وهو بمعنى الفرجة الواسعة اى ذا رهو أو راهيا مفتوحا على حاله منفرجا ولا تخف ان يتبعك فرعون وقومه او ساكنا على هيئته بعدما جاوزته ولا تضربه بعصاك لينطبق ولا تغيره عن حاله ليدخله القبط فاذا دخلوا فيه أطبقه الله عليهم يعنى ساكن وآراميده برآن وجه كه راهها بروظاهر بود
فيكون معنى رهوا ساكنا غير مضطرب وذلك لان الماء وقف له كالطود العظيم حتى جاوز البحر { انهم جند مغرقون } علة للامر بترك البحر رهوا والجند جمع معد للحرب والاغراق غرقه كردن
والغرق الرسوب فى الماء والتسفل فيه
يقول الفقير لما كان فرعون يفتخر بالماء وجريان الانهار من تحت قصره وأشجار بساتينه جاء الجزاء من جنس العمل ولذا امر الله تعالى موسى عليه السلام بأن يسير الى جانب البحر دون البر والا فالله سبحانه قادر على اهلاك العدو فى البر ايضا بسبب من الاسباب كما فعل باكثر الكفار ممن كانوا قبل القبط(13/267)
كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25)
{ كم تركوا } اى كثيرا تركوا فى مصر فكم فى محل النصب على انه مفعول تركوا ومن فى قوله { من جنات } بيان لابهامه اى بساتين كثيرة الاشجار وكانت متصلة من رشيد الى أسوان وقدر المسافة بينهما اكثر من عشرين يوما وفى الآية اختصار والمعنى فعل ما امر به بأن ترك البحر رهوا فدخله فرعون وقومه فاغرقوا وتركوا بساتين كثيرة { وعيون } نابعة بالماء وبالفارسية جشمهاى آب روان
ولعل المراد الانهار الجارية المتشعبة من النيل اذ ليس فى مصر آبار وعيون كما قال بعضهم فى ذمها هى بين بحر رطب عفن كثير البخارات الرديئة التى تولد الادواء وتفسد الغذاء وبين جبل وبر يابس صلد ولشدة يبسه لا تنبت فيه خضراء ولا تنفجر فيه عين ماء انتهى(13/268)
وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26)
{ وزروع } جمع زرع وهو ما استنبت بالبذر تسمية بالمصدر من زرع الله الحرث اذا أنبته وأنماه قال فى كشف الاسرار وفنون الاقوات وألوان الاطعمة اى كانوا اهل ريف وخصب خلاف حال العرب { ومقام كريم } محافل مزينة ومنازل محسنة(13/269)
وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27)
{ ونعمة } اى تنعم ونضارة عيش وبالفارسية واسباب تنعم وبرخوردارى
يقال كم ذى نعمة لا نعمة له اى كم ذى مال لا تنعم له فالنعمة بالكسر ما انعم به عليك والنعمة بالفتح التنعم وهو استعمال ما فيه النعومة واللين من المأكولات والملبوسات وبالفارسية بناززيستن { كانوا فيها فاكهين } متنعمين متلذذين ومنه الفاكهة وهى ما يتفكه به اى يتنعم ويتلذذ بأكله(13/270)
كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28)
{ كذلك } الكاف فى حيز النصب وذلك اشارة الى مصدر فعل يدل عليه تركوا اى مثل ذلك السلب سلبناهم اياها { واورثناها قوما آخرين } فهو معطوف على الفعل المقدر وايراثها تمليكها مخلفة عليهم او تمكينهم من التصرف فيها تمكين الوارث فيما يرثه اى جعلنا اموال القبط لقوم ليسوا منهم فى شئ من قرابة ولا دين ولا ولاء وهم بنوا اسرائيل كانوا مسخرين لهم مستعبدين فى ايديهم فأهلكهم الله واورثهم ديارهم وملكهم واموالهم وقيل غيرهم لانهم لم يعودوا الى مصر قال قتادة لم يرو فى مشهور التواريخ انهم رجعوا الى مصر ولا ملكوها قط ورد بأنه لا اعتبار بالتواريخ فالكذب فيها كثير والله تعالى أصدق قيلا وقد جاء فى الشعراء التنصيص بايراثها بنى اسرائيل كذا فى حواشى سعدى المفتى قال المفسرون عند قوله تعالى { عسى ربكم ان يهلك عدوكم ويستخلفكم فى الارض } اى يجعلكم خلفاء فى ارض مصر أو فى الارض المقدسة وقالوا فى قوله تعالى { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها } اى ارض الشام ومشارقها ومغاربها جهاتها الشرقية والغربية ملكها بنوا اسرآئيل بعد الفراعنة والعمالقة بعد انقضاء مدة التيه وتمكنوا فى نواحيها فاضطرب كلامهم فتارة حملوا الارض على ارض مصر واخرى على ارض الشام والظاهر الثانى لان المتبادر استخلاف انفس المستضعفين لا اولادهم ومصر انما ورثها اولادهم لانها فتحت فى زمان داود عليه السلام ويمكن ان يحمل على ارض الشام ومصر جميعا والمراد بالمستضعفين هم واولادهم فان الابناء ينسب اليهم ما ينسب الى الآباء والله اعلم وفى الآية اشارة الى ترك بحر الفضل رهوا اى مشقوقا بعصا الذكر لان فرعون النفس وصفاتها فانون فى بحر الوحدة تاركون لجنات الشهوات وعيون المستلذات الحيوانية وزروع الآمال الفاسدة والمقامات الروحانية بعبورهم عليها وسائر تنعمات الدنيا والآخرة بالسير والاعراض عنها وبقوله كذلك واورثناها الى الخ يشير ان الصفات النفسانية وان فنيت بتجلى الصفات الربانية فمهما يكن الفالب باقيا بالحياة يتولد منه الصفات النفسانية الى ان تفنى هذه الصفات بالتجلى ايضا ولو لم تكن هذه المتولدات ما كان للسائر الترقى فافهم جدا فانه بهذا الترقى يعبر السائر عن المقام الملكى لانه ليس للملك الترقى من مقامه كما قال تعالى { وما منا الا له مقام معلوم } فالكمال الملكى دفعى ثم لا ترقى بعده والكمال البشرى تدريجى ولا ينقطع سيره ابدا لا فى الدنيا ولا فى الآخرة والله مفيض الجود(13/271)
فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)
{ فما بكت عليهم السماء والارض } مجاز مرسل عن عدم الاكتراث بهلاكهم والاعتداد بوجودهم لان سبب البكاء على شئ هو المبالاة بوجوده يعنى انه استعارة تمثيلية بعد الاستعارة المكنية فى السماء والارض بأن شبهتا بمن يصح منه الاكتراث على سبيل الكناية واسند البكاء اليهما على سبيل التخييل كانت العرب اذا مات فيهم من له خطر وقدر عظيم يقولون بكت عليه السماء والارض يعنى ان المصيبة بموته عمت الخلق فبكى له الكل حتى الارض والسماء فاذا قالوا ما بكت عليه السماء والارض يعنون به ما ظهر بعد ما يظهر بعده ذوى الاقدار والشرف ففيه تهكم بالكفار وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده فيقال له بكت عليه السماء والارض وقال بعضهم هو على حقيقته ويؤيده ما روى انه عليه السلام قال « ما من مؤمن الا وله فى السماء بابان باب يخرج منه رزقه وباب يدخل منه عمله واذا مات فقداه وبكيا عليه » وتلا فما بكت الخ يعنى جون بنده وفات كندواين دودر ازنزول رزق وخروج عمل محروم ماندبروبكريند وفى الحديث « ان المؤمن يبكى عليه من الارض مصلاه وموضع عبادته ومن السماء مصعد عمله » ( وروى ) اذا مات كافر استراح منه السماء والارض والبلاد والعباد فلا تبكى عليه أرض ولا سماء وفى الحديث « تضرعوا وابكوا فان السموات والارض والشمس والقمر والنجوم يبكون من خشية الله »
در معالم آورده جون مؤمن بميرد جمله آسمان وزمين برويكريند وكفته اندكه كريه آسمان وزمين همجون كريه آدميانست
يعنى بكاؤهما كبكاء الانسان والحيوان فانه ممكن قدرة كما فى الكواشى وقد ثبت ان كل شئ يسبح الله تعالى على الحقيقة كما هو عند محققى الصوفية فمن الجائز ان يبكى ويضحك بما يناسب لعالمه قال وهب بن منبه رضى الله عنه لما أراد الله ان يخلق آدم أوحى الى الارض اى أفهمها والهمها انى جاعل منك خليفة فمنهم من يطيعنى فأدخله الجنة ومنهم من يعصينى فأدخله النار فقالت الارض أمنى تخلق خلقا يكون للنار قال نعم فبكت الارض فانفجرت منها العيون الى يوم القيامة وعن انس رضى الله عنه رفعه لما عرج بى الى السماء بكت الارض من بعدى فنبت اللصف من نباتها فلما ان رجعت قطر عرقى على الارض فنبت ورد أحمر الا من اراد ان يشم رائحتى فليشم الورد الاحمر كما فى المقاصد الحسنة
وبعضى برانندكه علامتى بريشان ظاهر شودكه دليل بود برحزن وتأسف همجون كريه كه درأغلب دالست برغم واندو
قال عطاء والسدى بكاء السماء حمرة اطرافها وعن زيد ابن ابى زياد لما قتل الحسين بن على رضى الله عنهما احمر له آفاق السماء اشهرا واحمرارها بكاؤها وعن ابن سيرين رحمه الله اخبرونا ان الحمرة التى مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين رضى الله عنه اى انها زادت زيادة ظاهرة والا فانها قد كانت قبل قتله(13/272)
اين سرخى شفق كه برين جرخ بيوفاست هرشام عكس خون شهيد ان كربلاست كر جرخ خون ببارد ازين غصه در خورست ورخاك خون بكريد ازين ماجرا رواست
والشفق الحمرة وقال بعضهم الشفق شفقان الحمرة والبياض فاذا غابت الحمرة حلت الصلاة وفى الحديث « اذا غاب القمر فى الحمرة فهو اليلة واذا غاب فى البياض فهو لليلتين » وكانت العرب يجعلون الخسوف والحمرة التى تحدث فى السماء بكاء على الميت ولما كسفت الشمس يوم موت ابنه عليه السلام ابراهيم قال الناس كسفت لموت ابراهيم فخطبهم فقال « ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت احد ولا لحياته فاذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى تنجلى » وهذا لا ينافى ما سبق فان مراده عليه السلام رفع اعتقاد اهل الجاهلية ولا شك ان كل حادث فهو دال على امر من الامور ولذا امر بالدعاء والصلاة وسر الدعاء ان النفوس عند مشاهدة ما هو خارق العادة تكون معرضة عن الدنيا ومتوجهة الى الحضرة العليا فيكون اقرب الى الاجابة هذا هو السر فى استجبابة الدعوات فى الاماكن الشريفة والمزارات قال بعضهم لا تبكى السموات والارض على العصاة واهل الدعوى والانانية فكيف تبكى السماء على من لم يصعد اليها منه طاعة وكيف تبكى الارض على من عصى الله عليها بل يبكيان على المطيعين خصوصا على العارفين اذا فارقوا الدنيا حين لا يصعد الى السماء انوار انفاسهم ولا يجرى على الارض بركات آثارهم وفى الحديث « ان السماء والارض تبكيان لموت العلماء » وفى الحديث « ما مات مؤمن فى غربة غابت عنه بواكيه الا بكت عليه السماء والارض » ثم قرأ الآية وقال « انهما لا تبكيان على كافر » وقال بعض المفسرين معنى الآية فما بكت عليهم اهل السماء والارض فاقام السماء والارض مقام اهلهما كما قال واسأل القرية وينصره قوله عليه السلام « اذا ولد مولود من امتى تباشرت الملائكة بعضهم ببعض من الفرح واذا مات من امتى صغير او كبير بكت عليه الملائكة » وكذا ورد فى الخبر « ان الملائكة يبكون اذا خرج شهر رمضان وكذا يسبتشرون اذا ذهب الشتاء رحمة للمساكين » { وما كانوا } لما جاء وقت هلاكهم { منظرين } ممهلين الى وقت آخرين او الى الآخرة بل عجل لهم فى الدنيا اما الاول فلأن العمر الانسانى عبارة عن الانفاس فاذا نفدت لم يبق للتأخير مجال واما الثانى فانهم مستحقون لنكال الدنيا والآخرة اما نكال الدنيا فلاشتغالهم بظواهرهم باذية الداعى مستعجلين فيها واما نكال الآخرة فلمحاربتهم مع الله ببواطنهم بالتكذيب والانكار والدنيا من عالم الظاهر كما ان الآخرة من عالم الباطن فجوزوا فى الظاهر والباطن بما يجرى على ظواهرهم وبواطنهم وهذا بخلاف عصاة المؤمنين فانهم اذا فعلوا ذنبا من الذنوب ينظرون الى سبع ساعات ليتوبوا فلا يكتب فى صحائف اعمالهم ولا يؤاخذون به عاجلا لان الله يعفو عن كثير ويجعل بعض المصائب كفارة الذنوب فلا يؤاخذ آجلا ايضا فلهم الرحمة الواسعة والحمد لله تعالى ولكن ينبغى للمؤمن ان يعتبر باحوال الامم فيطيع الله تعالى فى جميع الاحوال ويجتهد فى احياء الدين لا فى اصلاح الطين ونعم ما قال بعضهم(13/273)
خاك دردستش بودجون باد هنكام رحيل هركه اوقات كرامى صرف آب وكل كند
ومن الله العون(13/274)
وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30)
{ ولقد نجينا بنى اسرآئيل } التنجية نجات دادن وبرهانيدن
اى خلصنا اولاد يعقوب باغراق القبط فى اليم { من العذاب المهين } از عذابى خوار كننده
يعنى استعباد فرعون اياهم وقتل ابنائهم واستخدام نسائهم وبناتهم وتكليفه اياهم الاعمال الشاقة فالهوان يكون من جهة مسلط مستخف به وهو مذموم(13/275)
مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (31)
{ من فرعون } بدل من العذاب اما على جعله نفس العذاب لافراطه فى التعذيب واما على حذف المضاف اى من عذاب فرعون او حال من المهين بمعنى واقعا من جهته واصلا من جانبه { انه كان عاليا } متكبرا { من المسرفين } خبر ثان لكان اى من الذين اسرفوا على انفسهم بالظلم والعدوان وتجاوزوا الحد فى الكفر والعصيان ( وقال الكاشفى ) از كافرانكه متجاوزاند از حدود ايمان ومن اسرافه انه على حقارته وخسة شأنه ادعى الالهية فكان أكفر الكفار واطغاهم وهو أبلغ من ان يقال مسرفا لدلالته على انه معدود فى زمرتهم مشهور بانه فى جملتهم وفيه ذم لفرعون ولمن كان مثله فى العلو والاسراف كنمرود وغيره وبيان ان من اهان المؤمن اهلكه الله واذله ومن يهن الله فماله من مكرم وان النجاة من ايدى الاعدآء من نعم الله الجليلة على الاحباب فان من نكد الدنيا ومصائبها على الحر ان يكون مغلوبا للاعدآء وان يرى عدوا له ما من صداقته بد وان الله اذا اراد للمرء ترقيا فى دينه ودنياه يقدم له البلايا ثم ينجيه
تامرا كعبه مقصود ببالين آمد سالها بستر خودخار مغيلان كردم(13/276)
وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32)
{ ولقد اخترناهم } اى فضلنا بنى اسرآئيل { على علم } فى محل النصب على الحال اى عالمين بأنهم احقاء بالاختيار وبالفارسية بردانشى بى غلط يعنى نه بغلط بركزيديم بلكه بعلم باك كزيديم وبدانش تمام دانستيم كه ازهمه آفريد كان سزاى كزيدن ايشانند ازان كزيديم اختيار ما بعلم واردات ماست بى علت ونواخت ما بفضل وكرم بى سبب
او عالمين بانهم يريغون فى بعض الاوقات وتكثر منهم الفرطات كما قال الواسطى رحمه الله اخترناهم على علم منا بجناياتهم وما يقترفون من انواع المخالفات فلم يؤثر ذلك فى سوابق علمنا بهم ليعلمو أن الجنايات لا تؤثر فى الرعايات ومن هذا القبيل اولاد يعقوب عليه السلام فانهم مع ما فعلوا بيوسف من القائه فى الجب ونحوه اختارهم الله للنبوة على قول
كرد عصيال رحمت حق رانمى آرد بشور مشرب دريانكردد تيره ازسيلابها
ويجوز ان يكون المعنى لعلمهم وفضلهم على ان كلمة على للتعليل { على العالمين } على عالمى زمانهم يعنى برجهانيان روزكار ايشان
او على العالمين جميعا فى زمانهم وبعدهم فى كل عصر لكثرة الانبياء فيهم حيث بعث فيهم يوما ألف نبى ولم يكن هذا فى غيرهم ولا ينافيه قوله تعالى فى حق امة محمد عليه السلام { كنتم خير امة اخرجت للناس } الآية لتغاير جهة الخيرية
يقول الفقير والحق ان هذه الامة المرحومة خير من جميع الامم من كل وجه فان خيرية الامم ان كانت باعتبار معجزات انبيائهم فالله تعالى قد اعطى لنبينا عليه السلام جميع ما اعطاه للاولين وان كانت باعتبار كثرة الانبياء فى وقت واحد فعلماؤنا الذين كأنبياء بنى اسرآئيل اكثر وأزيد وذلك لانه لا تخلو الدنيا كل يوم من ايام هذه الامة الى قيام الساعة من مائة ألف ولى واربعة وعشرين ألف ولى فانظر كم بينهم من الفرق هدانا الله واياكم اجمعين قال فى المفردات الاختيار طلب ما هو خير فعله وقوله تعالى ولقد اخترناهم الآية يصح ان يكون اشارة الى ايجاده تعالى اياهم خيرا وان يكون اشارة الى تقديمهم على غيرهم وفى بحر العلوم هذا الاختيار خاص بمن اختاره الله بالنبوة منهم او عام لهم ولمن كانوا مع موسى اختارهم بما خصصهم به ( كما قال الكاشفى ) ولقد اخترناهم وبدرستى كه بركزيديم موسى ومؤمنان بنى اسرائيل راه فجعلنا فيهم الكتاب والنبوة والملك(13/277)
وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (33)
{ وآتيناهم من الايات } نشانهاى قدرت
كفلق البحر وتظليل الغمام وانزال المن والسلوى وغيرها من عظائم الآيات التى لم يعهد مثلها فى غيرهم { ما فيه بلاء مبين } نعمة جليلة او اختيار ظاهر لينظر كيف يعملون وفى كشف الاسرار ابتلاهم بالرخاء والبلاء فطالبهم بالشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء
آدمى كهى خستة بتير بلاست كهى غرقه لطف وعطا وحق تعالى تقاضاى شكر مى كند بوقت راحت ونعمت وتقاضاى صبر مىكند درحال بلا وشدت مصطفى عليه السلام قومىرا ديداز انصار كفت شما مؤمنان آيد كفتند آرى كفت نشان ايمان جيست كفتند برنعمت شكر كنيم ودرمحنث صبر كنيم وبقضاء الله راضى كفت انتم مؤمنون ورب الكعبة
قال ابن الشيخ هو حقيقة فى الاختيار وقد يطلق على النعمة وعلى المحنة مجازا من حيث ان كل واحد منهما يكون سببا وطريقا للاختيار فان قلت اذا كانت الآيات المذكورة نعمة فى انفسها فما معنى قوله ما فيه بلاء اى نعمة قلت كلمة فى تجريدية فقد يكون نعمة فى نعمة كما يكون نعمة فوق نعمة ومحنة فوق محنة
كفته انددو برادر توأمان بودند بيك شكم آمده بودند وبشث ايشان يكديكر جسيبده بود جون بزرك شدند دآئم زبان بشكر الهى داشتند بكى از ايشان برسيدكه باوجود جنين بلاى كه شمارا واقعست جه جاى شكر كزار يسث ايشان كفتند ماميد انيم كه حق تعالى را بلاها ازين صعبتر بسيارست برين بلاشكر ميكويين مباداكه بيلايى ازين عظيمتر مبتلا شويم ناكاه يكى ازايشان بمردآن دكركفت اينك بلاى صعبتر بيداشد اكنون اكراين مرده را ازمن قطع ميكنند من نيزمى ميرم واكر قطع نمى كنندمرا مرده كشى بايد كردنا وقتىكه بدن وى فرسوده شود وبريزد وكفته اند خلاصه درويشى آنست كه ازهمه كس باركشد وبرهيجكس باننهد نه بحسب صورت ونه بحسب معنى فلا بد من الصبر على البلاء والتحمل على الشدة
اكرزكوه فروغلطد آسياسنكى نه عارفسث كه ازراه سنك برخيزد
والله الموفق لما يحب ويرضى من الاعمال(13/278)
إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (34) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (35)
{ ان هؤلاء } اى كفار قريش لان الكلام فيهم وقصة فرعون وقومه للدلالة على تماثيلهم فى الاصرار على الضلالة والتحذير عن حلول ما حل بهم من العذاب { ليقولون ان هى الا موتتنا الاولى } لما اخبروا بأن عاقبة حياتهم ونهايتها امران الموت ثم البعث انكروا ذلك بحصر نهاية الامر فى الموتة الاولى اى ما العاقبة ونهاية الامر الا الموتة الاولى المزيلة للحياة الدنيوية ولا بعث بعدها وتوصيفها بالاولى لا يستدعى ان يثبت الخصم موتة ثانية فيقصدو بذلك انكارها لان كون الشئ اولا لا يستلزم وجود ما كان آخرا بالنسبة اليه كما لو قال اول عبد املكه حر فملك عبدا عتق سواء كان مالكا بعده عبدا آخر او لا قال سعدى المفتى وفيه بحث فان الاول مضايف الآخر او الثانى فيقضى المضايف الآخر بلا شبهة اذ المتضايفان متكافئان وجودا وعدما ثم قال ويجوز أن يقال مقصود المصنف الاشارة الى ان المراد بالاولية عدم المسبوقية باخرى مثلها على المجاز وقال فى الكشاف لما قيل لهم انكم تموتون موتة تعقبها حياة كما تقدمتكم موتة كذلك قالوا ما هى الا موتتنا الاولى اى ما الموتة التى تعقبها حياة الا الموتة الاولى فالحصر بهذا المعنى راجع الى معنى ان يقال ما هى الا حياتنا الاولى ولا تكلف فى اطلاق الموت على ما كان قبل الحياة الدنيا كما فى قوله تعالى { وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم } وقال بعضهم لمعنى ليس الموتة لا هذه الموتة دون الموتة التى تعقبها حياة القبر كما تزعمون يكون بعدها البعث والنشور ولا يبعد أن يحمل على حذف المضاف على ان يكون التقدير ان الحياة الا حياة موتتنا الاولى فالاولى صفة للمضاف والقرينة عليه قوله وما نحن بمنشرين فالآية مثل قوله { ان هى الا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين } كما فى حواشى سعدى المفتى { وما نحن بمنشرين } بمبعوثين بعد الموت يعنى زنده شد كان وبر انكيختكان بعد ازمرك
من انشر الله الموتى اذا بعثهم وغرضهم من هذا القول المبالغة فى انكار حشر الموتى ونشرهم من القبور(13/279)
فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (36)
{ فأتوا بآبائنا } الخطاب لمن وعدهم بالنشور من الرسول والمؤمنين والمعنى بالفارسية بس بياريد بدران مارا ازكور وزنده كنيد { ان كنتم صادقين } فيما تعدونه من قيام الساعة وبعث الموتى يعنى ان كان البعث والنشور ممكنا معقولا فعجلوا لنا احياء من مات من آبائنا ليظهر صدق وعدكم وقيل كانوا يطلبون اليهم ان يدعوا الله فينشر لهم قصى بن كلاب ليشاوروه ويسألوا منه عن احوال الموت وكان كبيرهم ومفزعهم فى المهمات والملمات ( قال الكاشفى ) اين سخن ازايشان جهل بودزيرا هركه جائز بود وقوع آن ازخداى تعالى بوقتى خاص لازم بود وجود وظهورآن نه بهر وقت كه ديكرى خواهدبس جون وعده بعث در آخرت اكر دردنيا واقع نشود كسى رابروا تحكم نرسد
وقال فى كشف الاسرار وانما لم يجبهم لان البعث الموعود انما هو فى دار الجزآء يوم القيامة والذى كانوا يطلبونه البعث فى الدنيا فى حالة التكليف وبينهما تغاير
يقول الفقير قد صح ان عيسى عليه السلام أحيى الموتى لا سيما سام بن نوح عليه السلام وكان بينه وبين موته اكثر من اربعة آلاف سنة ونبينا عليه السلام كان أولى بالاحياء لانه أفضل لكنهم لما طلبوه بالاقتراح لم يأذن الله له فيه لكون غايته الاستئصال على تقدير الاصرار وقد ثبت عند العلماء الاخيار ان نبينا عليه السلام احيى أبويه وعمه ابا طالب فآمنوا به كما سبق تفصيله فى محله وفى الآية اشارة الى ان من غلب عليه الحس ولم تكن له عين القلب مفتوحة ليطلع ببصره وبصيرته عالم الغيب وهو الآخرة لا يؤمن لا بما يريه بصر الحس ولهذا انكروا البعث والنشور اذ لم يكن يشاهده نظر حسهم وقالوا فائتوا بآبائنا اى احيوهم حتى نراهم بنظر الحس ونستخبر منهم احوالهم بعد الموت ان كنتم صادقين فيما تدعون من البعث ( حكى ) عن الشيخ ابى على الرودبادى قدس سره انه ورد عليه جماعة من الفقراء فاعتل واحد منهم وبقى فى علته اياما فمل اصحابه من خدمته وشكوا ذلك الى الشيخ ابى على ذات يوم فخالف الشيخ على نفسه وحلف ان يتولى خدمته بنفسه اياما ثم مات الفقير فغسله وكفنه وصلى عليه ودفنه فلما اراد ان يفتح رأس كفنه عند اصحابه فى القبر رآه وعيناه مفتوحتان اليه وقال له يا ابا على لانصرنك بجاهى يوم القيامة كما نصرتنى فى مخالفتك نفسك
وقال ابو يعقوب السوسى قدس سره جاءنى مريد بمكة وقال يا استاذ انا غدا اموت وقت الظهر فخذ هذا الدينار فأحضر لى بنصفه حنوطا وكفنى بنصفه فلما كان الغد وقت الظهر جاء فطاف ثم تباعد ومات فغسلته وكفنته ووضعته فى اللحد ففتح عينيه فقلت له أحياة بعد الموت فقال انا حى فكل محب لله حى(13/280)
يقول الفقير ففى هاتين الحكايتين اشارات الاولى ان للفقراء الصابرين جاها عند الله يوم القيامة فكل من اطعمهم او كساهم او فعل بهم ما يسرهم فهم له شفعاء عند الله مشفعون فيدخلونه الجنة باذن الله والثانية ان حياة الانبياء والاولياء حياة دائمة فى الحقيقة ولا يقطعها الموت الصورى فانه انما يطرأ على الاجساد بمقارقة الارواح مع ان اجسادهم لا تأكلها الارض فهم بمنزلة الاحياء من حيث الاجساد ايضا والثالثة ان الاحياء اسهل شئ بالنسبة الى الله تعالى فمن تأمل فى تعلق الروح بالبدن اولا لم يتوقف فى تعلقه به ثانيا وثالثا والرابعة اثر الحياة مرئى ومشهود فى الميت بالنسبة الى أرباب البصائر فانهم ربما رأوا فى بعض الاموات اثر الحياة وتكلموا معه فمن حرم من البصيرة وقصر نظره على الحس وقع فى الانكار وعلى تقدير رؤيته حمله على امر آخر من السحر والتخييل ونحو ذلك كما وقع لبعض الكفار فى زمان عيسى عليه السلام وغيره ونعم ما قيل
درجشم اين سياه دلان صبح كاذبست در روشنى اكريدبيضا شود كسى
نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل الحياة الحقانية والنشأة العرفانية(13/281)
أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37)
{ أهم خير } رد لقولهم وتهديد لهم اى كفار قريش خير فى القوة والشوكة اللتين يدفع بهما اسباب الهلاك لا فى الدين حتى يرد انه لا خيرية فى واحد من الفريقين { ام قوم تبع } المراد بتبع هنا واحد من ملوك اليمن معروف عند قريش وخصه بالذكر لقرب الدار وسيأتى بقية الكلام فيه { والذين من قبلهم } اى قبل قوم تبع عطف على قوم تبع والمراد بهم عاد وثمود واضرابهم من كل جبار عنيد اولى بأس شديد والاستفهام لتقرير أن اولئك أقوى من هؤلاء { اهلكناهم } نيست كرديم ايشانرا
استئناف لبيان عاقبة امرهم اى قوم تبع والذين من قبلهم { انهم كانوا مجرمين } كاملين فى الاجرام والآثام مستحقين للهلاك وهو تعليل لاهلاكهم ليعلم ان اولئك حيث اهلكوا بسبب اجرامهم مع ما كانوا فى غاية القوة والشدة فلأن يهلك هؤلاء وهم شركاء لهم فى الاجرام واضعف منهم فى الشدة والقوة اولى
بعض كبار قرمود كه حق تعالى رانسبت بأولياى خود قهرى ظاهراست ولطفى دران مخفى لطف مخفى آنست كه ميخواهد كه بآن قهر ظاهر حقيقت انسانرا از قيود لوازم بشرى باك ومطهر كرداند وباز حق تعللى را نسبت باعدادى خود لطفى ظاهراست وقهرى دران مخفى قهر مخفى آنست كه ميخواهد كه بآن لطف ظاهر علاقه باطن ايشانرا بعالم اجسام استحكام دهدتا واسطه كرفتارى بقيود اين عالم از شهود عالم اطلاق ولذات روحانى ومعنوى محروم بمانند وجون قهر ومكردر زير لطف ظاهرى بوشيده است عاقل ببايدكه بر حذر باشد وبمال وجاه مغرور نباشد تاكه ازهلاك صورى ومعنوى خلاص يابد ( قال الحافظ ) كمين كهست وتوخوش تيز ميروى هش دار مكن كه كرد برآيد زهشره عذمت
اعلم اولا ان تبعا كسكر واحد التبابعة ملوك اليمن ولا يسمى به الا اذا كانت له حمير وحضرموت وحمير كدرهم موضع غربى صنعا أليمن والحميرية لغة من اللغات الاثنتى عشرة وواحد من الاقلام الاثنى عشر وهو فى الاصل ابو قبيلة من اليمن وهو حمير بن سبأ ابن يشجب بن يعرب بن قحطان وحضرموت وهو بضم الميم بلد وقبيلة كما فى القاموس وتبع فى الجاهلية بمنزلة الخليفة فى الاسلام كما قال فى كشف الاسرار تبع بادشاهى بود از بادشاهان از قبيله قحطان جنانكه دار اسلام ملوك راخليفه كويند ودر روم قيصر ودر فرس كسرى ايشانرا تبع كويند
فهم الاعاظم من ملوك العرب والقيل بالفتح والتخفيف ملك من ملوك حمير دون الملك الاعظم وأصله قيل بالتشديد كفيعل فخفف كميت وميت قال فى المفردات القيل الملك من ملوك حمير سموه بذلك لكونه معتمدا على قوله ومقتدى به ولكونه متقيلا لابيه يقال تقيل فلان أباه اذا تبعه وعلى هذا النحو سموا الملك بعد الملك تبعا فتبع كانوا رؤساء سموا بذلك لاتباع بعضهم بعضا فى الرياسة والسياسة وفى انسان العيون تبع بلغة اليمن الملك المتبوع واصل القيل من الواو لقولهم فى جمعه أقوال نحو ميت وأموات واذا قيل أقيال فذلك نحو أعياد فى جمع عيد أصله عود وقال بعضهم قيل الملوك اليمن التبابعة لانهم يتبعون اى يتبعهم اهل الدنيا كما يقال لهم الاقيال لانهم يتقيلون والتقيل بالفارسية اقتدا كردن او لان لهم قولا نافذا بين الناس
يقول الفقير والظاهر ان تبع الاول سمى به لكثرة قومه وتبعه ثم صار لقبا لمن بعده من الملوك سوآء كانت لهم تلك الكثرة والاتباع ام لا فمن التبابعة الحارث الرائش وهو ابن همال ذى سدد وهو اول من غزا من ملوك حمير واصاب الغنائم وادخلها فراش الناس بالاموال والسبى والريش بالكسر الخصب والمعاش فلذلك سمى الرائش وبينه وبين حمير خمسة عشر أبا ودام ملك الحارث الرائش مائة وخمسا وعشرين سنة وله شعر يذكر فيه من يملك بعده ويبشر بنبينا صلى الله عليه وسلم فمنه .(13/282)
ويملك بعدهم رجل عظيم ... نبى لا يرخص فى الحرام
يسمى احمدا يا ليت انى ... اعمر بعد مخرجه بعام
ومنهم أبرهة ذو المنار وهو ابن الحارث المذكور وسمى ذا المنار لانه اول من ضرب المنار على طريقه فى مغازيه ليهتدى اذا رجع وكان ملكله مائة وثلاثا وثمانين سنة ومنهم عمرو ذو الاذعار وهو ابن أبرهة لم يملك بعد ابيه وانما ملك بعد اخيه افريقس وسمى ذا الاذعار لانه قتل مقتلة عظيمة حتى ذعر الناس منه وكان ملكه خمسا وعشرين سنة ومنهم شمر بن مالك الذى تنسب اليد سمرقند وحكى القتيبى انه شمر بن افريقس بن أبرهة بن الرآئش وسمى بمرعش لارتعاش كان به ونسبت اليه سمرقند لانها كانت مدينة للصغد فهدمها فنسبت اليه وقيل شمركند أى شمر خربها لان كند بلسانهم خرب ثم عرب فقيل سمرقند وقال ابن خلكان فى تاريخه ان سمر اسم لجارية اسكندر مرضت فوصف لها الاطباء ارضا ذات هوآء طيب واشاروا له بظاهر صفتها واسكنها اياها فلما طابت بنى لها مدينة وكند بالتركى هو المدينة فكأنه يقول بلد سمر انتهى
ويؤيده تسميتهم القرية الجديدة فى تركستان بقولهم يكى كنت فان التاء والدال متقاربان وبه يعرف بطلان قول من قال ان تبعا الحميرى بناها الا ان يحمل على بناء ثان وفيه بعد
وقال ابن السباهى فى اوضح المسالك سمرقند بالتركية شمركند أى بلد الشمس ومنهم افريقس بن أبرهة الذى ساق البربر الى افريقية من ارض كنعان وبه سميت افريقية وكان قد غزا حتى انتهى الى ارض طنجة وملك مائة ونيفا وستين ومنهم تبع بن الاقرن ويقال فيه تبع الاكبر ومنهم ابو كرب اسعد بن كليكر ابن تبع بن الاقرن واختلفوا فى المراد من الآية فقال بعضهم هو تبع الحميرى الذى سار بالجيوش وبنى الحيرة بالكسرة مدينة بالكوفة ( قال فى كشف الاسرار ) معروف ازايشان سه بودنديكى مهينه اول بودن يكى ميازيكى كهينه اخربود واوكه نام اودر قرآن است تبع آخر بودنام وىسعد الحميرى مردى مؤمن صالح بوده وبعيسى عليه السلام ايمان آورده وجون حديث ونعت وصفت رسول ما عليه السلام شنيد ازاهل كتاب بر سالت وى ايمان آورد وكفت شهدت على أحمد أنه رسول من الله بارى النسم ( فلو مد عمرى الى غمره لكنت وزيرا له وابن عم وفى اوآئل السيوطى اول من كسا الكعبة أسعد الحميرى وهو تبع الاكبر وذلك قبل الاسلام بتسعمائة سنة كساها الثياب الحبرة وهى مثل عنبة ضرب من برود اليمن وفى رواية كساها الوصائل وهى برود حمر فيها خطوط خضر تعمل باليمن وعن بعضهم اول من كسا الكعبة كسوة كاملة تبع كساها العصب وهى ضرب من البرود وجعل لها بابا يغلق وقال فى ذلك(13/283)
وكسونا البيت الذى حرم الله ملاء معصبا وبرودا ... واقمنا به من الشهر عشرا ... وجعلنا لبابه اقليدا
وخرجنا منه نؤم سهيلا ... قد رفعنا لوآءنا معقودا
وكان تبع مؤمنا بالاتفاق وقومه كافرين ولذلك ذمهم الله دونه واختلف فى نبوته وقال بعضهم كان تبع يعبد النار فأسلم ودعا قومه الى الاسلام وهم حمير وكذبوه وكان قومه كهانا واهل كتاب فامر الفريقين ان يقرب كل منهما قربانا ففعلوا فتقبل قربان اهل الكتاب فأسلم وذكر ابن اسحق فى كتاب المبدأ وقصص الانبياء عليهم السلام ان تبع بن حسان الحميرى وهو تبع الاول اى الذى ملك الارض كلها شرقها وغربها ويقال له الرآئش لانه راش الناس بما اوسعهم من العطاء وقسم فيهم من الغنائم وكان اول من غنم ولما عمد البيت يريد تخريبه رمى بداء تمخض منه رأسه قيحا وصديدا وانتن حتى لا يستطيع احد ان يدنو منه قدر رمح
يعنى جون تبع بمكه رسيد واهل مكه اورا طاعت نداشتئد وخدمت نكردند تبع كفت وزير خودراكه اين جه شهراست وجه قوم اندكه درخدمت وطاعت ما تقصير كردند بعد ازانكه جهانيان سربر خط طاعت ما نهاهه اند وزير كفت ايشانرا خانه هست كه آنرا كعبه كويند مكر بآن خانه معجب شده اندتبع دردل خويش نيت كردكه آن خانه را خراب كند ومردان شهر رابكشد وزنان را اسير كند هنور هنوز اين انديشه تمام نكرده بودكه رب العزة بدرد سرمبتلا كرد جنانكه اورا طاقت نماندوآب كندبده ازجشم وكوش وبينى وى كشاده كشت كه هيج كس رابنزديك وى قرار نبود واطباهمه از معالجه وى عاجز كشتند كفتند اين بيمارى از جهار طبع بيرون افتاده كار اسمانيست وما معالجه آن راه ثمى بريم بس دانشمندى فراييش آمد وكفت ايها الملك اكر سرخود بامن بكويى من اين دردرا درمان سازم ملك كفت من دركار اين شهر وابن خانه كعبه جنين انديشه كرده ام دانشمند كفت زينهار اى ملك اين انديشه مكن وازين نيت باز كردكه اين خانه را خداوندىست قادركه آنرابحفظ خويش ميداردو هركه قضد ابن حانة كند دمارازوى بر آرد تبع ازان انديشه توبه كرد وتعظيم خانه واهل كعبه ايمان آورد ودردين ابراهيم عليه السلام سد بش كعبه را جامه بوشانيد وقوم خودرا فرمودتا آنرا بزرك دارند وبا اهل وى نيكويى كنند بس ازمكه بزمين يثرب شدآنجاكه مدينة مصطفاست صلى الله عليه وسلم ودران وقت شهروبنانبود جشمه آب بودتبع لشكر بسرآن جشمه فروآورد ودانشمندانكه باوى بودند قريب دوهزار مردعالم دركتاب خوانده بودندكه آن زمين يثرب مهاجر رسول آخر الزمانست ومهبط وحى قرآن جهار صد مرداز ايشانكه عالمتر وفاضلتر بودند بايكديكر بيعت كردندكه ازان بقعه مفارقت نكند وبر اميد ديدار رسول آنجا مقام كنند اكر اورا خود دريابند والافرزندان ونسل ايشان ناجار اورادريا بند وبركات ديدار او باعقاب وارواح ايشان بر سداين قصه باتبع كفتند وتبع راهمين رغبت افتاده يكسال آنجامقام كرد وبفرمود تاجهار صد قصر بناكردند انجايكه هر عالمى راقصرى وهريكى را كنيزكى بخريد وآزاد كرد وبزنى بوى داد با جهاز تمام وايشانرا وصيت كردكه شما اينجاباشيد تابيفمبر آخر زمان رادربابيد وخودنامه نبشت ومهرزرين يران نهاد وعالمى راسبر دوكفت اكر محمد رادريايى اين نامه بدورسان واكرنيابى بفرزندان وصيت كن تابد ورسانند ومضمون آن نامه اين بودكه اى بغمبر آخر الزمان اى كزيده خداوند جهان اى بروز شمار شفيع بندكان من كه تبعم بنو ايمان آوردم بآن حداوندكه توبنده وبيغمبر اويى كواه ياش كه برملت توأم وبر ملت بدرتو ابراهيم خليل عليه السلام اكرترابينم واكرنه بينم تامرا فراموش نكنى وروزقيامت مراشفيع باشى آنكه نامه را مهربرنهاد وبرال مهرنوشته بودلله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله وعنوان نامه نوشته الى محمد بن عبد الله خاتم النبيين ورسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم من تبع امانة الله فى يد من وقع الى ان يوصل الى صاحبه(13/284)
كفته اند مردمان مدينه ايشان كه انصار رسول خدا اند ازنزاد آن جهار صد مرد عالم بودند وابوايوب الانصارى كه رسول خدا بخانه اوفروآمد از فرزندان آن عالم بودكه تبع را نصيحت كرده بود تازان علت شفايافت و خانه ابوايوب الانصارى كه رسول خدا آنجا فروآمد ازجمله بناها بودكه تبع كرده بود جون رسول خدا هجرت كرد بمدينه نامه تبع بوى رسانيدند رسول خدا نامه بعلى داد تابرخواند رسول سخنان تبع بشنيد واورا دعا كرد وآنكس كه نامه رسانيد نام او ابو ليلى بود اورا بنواخت واكرامى كردوبروايتى تبع مردمى آتش برست بود برمذهب مجوس ازنواحى مشرق درآمد بالشكر عظيم ومدينه مصطفى عليه السلام بكذشت وبسرى ازان خويش آنجارها كرد اهل مدينة آن بسررا بفريب وحيله بكشتند تبع بازكشت بر عزم آنكه مدينه خراب كند واهل آنرا استئصال كند جماعتى كه انصار رسول الله ازنزاد ايشانند همه مجتمع شد وبفتال وى بيرون آمدند بروز باوى جنك ميكردند وبشب اورا مهمان دارى ميكردند تبع را سيرت ايشان عجب آمد كفت ان هؤلاء كرام اينان قومى اندكريمان وجوانمردان بس دوحبر از احبار بنى قريظه نام ايشان كعبه واسد هردو ابن عم يكديكربودند برخواستندوبيش تبع شدند واورا نصيحت كردند كفتند اين مدينه هجرت كاه بيغمبر آخر زمانست وما دركتاب خداى نعت وى خوانده ايم وبراميد ديداروى انيجانشسته ايم ودانيم كه ترا اهل اين شهر دستى نباشد ونصرتى نبود خويشتن را درمعرض بلا وعقوبت مكن نصيحت تابشنو ونيت خود بكردان بس آن وعظ برتبع اثرى عظيم كرد واز ايشان عذر خواست ايشان جو أثر قبول دروى ديدند اورا بردين خويش دعوت كردند تبع قبول كرد وبدين ايشان بازكشت وايشانرا اكرام كرد وازمدينه بسوى يمن باز كشت وآن دوحبرو نفرى ديكر ازيهود بنى قريظه باوى رفتند جمعى ازبنى هذيل ييش تبع آمدند كفتند ايها الملك انا ادلك على بيت فيه كنز من لؤلؤ وزبرجد اكر خواهى بردارى بردست توآسان بودكفت آن كدام خانه است كفتند خانه ايست درمكه ومقصود هذيل هلاك تبع بودكه ازنقمت وى مى ترسيدند دانستندكه هركه قصد خانه كعبه كاند هلاك شود تبع با احبار يهود مشورت كرد وآن سخن كه هذيل كفته بودند بايشان كفت اخبار كفتند زينهاركه انديشه بدنكنى دركارآن خانه كه درروى زمين خانه ازان عظيم ترنيست آنرا بيت الله كوبند آن قوم ترا اين دلالت كردن جز هلاك تونخواستند جون آنجا رسى تعظيم كن تاترا سعادت ابد حاصل شود تبع جون اين سخن بشنيد آن جمع هذيل بكرفت وساست كردجون بكعبه رسيد طواف كرد وكعبه را درنبود آنرا دربرنهاد وقفل برزد وآنرا جامه بوشيد وشش روز آنجا مقيم شد هرروز درمنحر هزار شترقربان كرد وازمكه سوى يمن شدقوم وى حمير بودندكاهنان وبت برستان تبع ايشانرا بر دين خويش وبر حكم نورات دعوت كرد ايشان نبذير فتندتا آنكه حكم خويش بر آتش بردند وآن آتشى بودكه فراديد آمدى در دامن كوه وهركرا خصمى بودى وحكمىكه دران مختلف بودى هردو خصم بنزديك آتش آمدندى آنكس كه برحق بودى اورا از آتش كزند نرسيدى واوكه نه بر قح بودى بسوختى جماعتى ازحميربتان خودرا برد اشتند وبدا من آن كوه آمدند وهمجنين اين دوحبركه باتبع بودند دفتر تورات بر داشته وبدا من آن كوه آمدند ودرراه آتش نشستند آتش از مخرج خود برآمد وآن قوم حميررا وآن بتانرا همه نيست كرد وبسوخت وآن دوحبر كه تورات داشتند وميخواند ندازآتش ايشانرا هيج رنج وكزند نرسيد مكر از بستانىيشان عرقى روان كشت وآتش از ايشان دركذشت وبمخرج خويش بازشد آنكه باقى حميركه بودند همه بدين اخبار باز كشتند فمن هناك أصل اليهودية باليمن كذا فى كشف الاسرار وقيل حفر بئر بناحية حمير فى الاسلام فوجد فيه امرأتان صحيحتان وعند رؤسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب حبا وتليس او حبا وتماضرا وهذا قبر تماضر وقبر حبا بنتى تبع على اختلاف الروايات وهما تشهدان ان لا اله الا الله ولا تشركان به شيأ وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما(13/285)
ازهمه درصفات وذات خدا ليس شئ كمثله ابدا كرخدا بودى ازيكى افزون كىبماندى جهان بدين قانون داند آنكس زعقل باشد بهر كه دوشه راجوجا شود درشهر سلك جمعيت از نظام افتد رخنه دركار خاص وعام افتد
جل من لا اله الا هو حسبنا الله لا اله سواه(13/286)
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38)
{ وما خلقنا السموات والارض وما بينهما } اى ما بين الجنسين وقرئ ما بينهن نظرا الى مجموع السموات والارض { لاعبين } من غير ان يكون فى خلقهما غرض صحيح وغاية حميدة يقال لعب فلان اذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا وفى التعريفات اللعب فعل الصبيان يعقبه التعب من غير فائدة(13/287)
مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (39)
{ ما خلقناهما } وما بينهما ملتبسا بشئ من الاشياء { الا } مللتبسا { بالحق } فهو استثناء مفرغ من اعم الاحوال او ما خلقناهما بسبب من الاسباب الا بسبب الحق الذى هو الايمان والطاعة والبعث والجزآء فهو استثناء من اعم الاسباب { ولكن اكثرهم } اى كفار مكة بسبب الغفلة وعدم الفكرة { لا يعلمون } ان الامر كذلك فينكرون البعث والجزآء والآية دليل على ثبوت الحشر فانه لو لم يحصل البعث والجزآء لكان هذا الخلق عبثا لانه تعالى خلقهم وما ينتظم به اسباب معايشهم ثم كلفهم بالايمان والطاعة ليتميز المطيع من العاصى بأن يكون الاول متعلق فضله واحسانه والثانى متعلق عدله وعقابه وذلك لا يكون فى الدنيا لقصر زمانها وعدم الاعتداد بمنافعها لكونها مشوبة بانواع المضار والمحن فلا بد من البعث والجزآء لتوفى كل نفس ما عملت فالجزآء هو الذى سبقت اليه الحكمة فى خلق العالم من رأسها اذ لو لم يكن الجزآء كما يقول الكافرون لاستوت عند الله احوال المؤمن والكافر وهو محال
اعلم ان التجليات الوجودية انما هى للتجليات الشهودية فكل من السموات والارض الصورية وما بينهما من الموجودات مظاهر صفات الحق فهى كالاصداف والصفات كالدرر والمقصود بالذات انما هو الدرر لا الاصداف كما ان المقصود من المرءآة انما هو الصورة المرئية فيها فكان كل موجود كاللباس على سر من الاسرار الالهية وكذا كل وضع من اوضاع الشريعة رمز الى حقيقة من الحقائق فلا بد من اقامته لتحصل حقيقته وهذا بالنسبة الى الآفاق واما بالنسبة الى الانفس فالارواح كالسموات والاشباح كالارض والقلوب والاسرار والنفوس كما بينهما وكلها مظاهر حق لا سيما القلوب اصداف درر المعارف الالهية التى لم يخلق الانس والجن الا لتحصيلها ولكن مرآة قلب اكثرهم مكدرة بصدأ صفات البشرية وهم لا يعلمون انهم مرءآة لظهور صفات الحق ولهذا قال صلى الله عليه وسلم « من عرف نفسه » يعنى بالمرءآتية عند صفائها « فقد عرف ربه » اى بتجلى صفاته فيها فقد عرفت انه ما فى الوجود الا الحق واما الباطل فاضافى لا يقدح فى ذلك الا ترى الى الشيطان فانه باطل من حيث وجوده الظلى ومن حيث دعوة الخلق الى الباطل والضلال لكنه حق فى نفسه لانه موجود وكل موجود فهو من التجليات الالهية ( حكى ) ان رجلا راًى خنفساء فقال ماذا يريد الله من خلق هذه أحسن شكلها ام طيب ريحها فابتلاه الله بقرحة عجز عنها الاطباء حتى ترك علاجها فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين ينادى فى الدرب فقال هاتوه حتى ينظر فى امرى فقالوا ما تصنع بطرقى وقد عجز عنك حذاق الاطباء فقال لا بد لى منه فلما حضروه ورأى القرحة استدعى بخنفساء فضحك الحاضرون فتذكر العليل القول الذى سبق منه فقال احضروا ما طلب فان الرجل على بصيرة فأحرقها ووضع رمادها على قرحته فبرئت باذن الله تعالى فقال للحاضرين ان الله تعالى اراد ان يعرفنى ان أخس المخلوقات اعز الادوية(13/288)
يكى ازخواجكان نقشبنديه ميفرمودكه شبى در زمان جوانى بداعيه فسادى ازخانه بيرون آمدم ودرده ما عسسى بغايت شرير وبد نفس كه بشرارت نفس اوكسى نمى دانستم وهمه اهل ده ازومى ترسيدنددر آن دل شب ديدم جاى دركمين استاده جون اورا بديدم از وبغايت ترسيدم وترك فساد كردم وازان محل دانستم كه بدنيز درين كارخانه دركار بوده است جون بعض ظهورات حق آمد باطل بس منكر باطل نشود جز جاهل دركل وجودهركه جزحق بيند باشدزحقيقة الحقايق غافل(13/289)
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40)
{ ان يوم الفصل } اى يوم القيامة الذى يفصل فيه الحق عن الباطل ويميز المحق من المبطل ويقضى بين الخلائق بين الأب والابن والزوج والزجة ونحو ذلك
قال بعضهم يوم الفصل يوم يفصل فيه بين كل عامل وعمله ويطلب باخلاص ذلك وبصحته فمن صح له مقامه واعماله قبل منه وجزى عليه ومن لم تصح له اعماله كانت اعماله عليه حسرة ( وفى المثنوى ) اى دريغا بود مارا بيروباد تا ابد ياحسرة شد للعباد بركذشته حسرت آوردن خطاست بازنايد رفته يادآن هباست { ميقاتهم } اى وقت موعد الخلائق { اجمعين } يعنى هنكام جمع شدن همه اولين وآخرين
فيوم الفصل اسم ان وميقاتهم خبرها واجمعين تأكيد للضمير المجرور فى ميقاتهم والميقات اسم للوقت المضروب للفعل فيوم القيامة وقت لما وعدوا به من الاجتماع للحساب والجزاء قال فى بحر العلوم ميقاتهم اى حدهم الذى يوقتون به ولا ينتهون اليه ومنه مواقيت الاحرام على الحدود التى لا يتجاوزها من يريد دخول مكه الا محرما فان الميقات ما وقت به الشئ اى حد قال ابن الشيخ الفرق بين الوقت والميقات ان الميقات وقت يقدر لان يقع فيه عمل من الاعمال وان الوقت ما يقع فيه شئ سواء قدره مقدر لان يقع فيه ذلك الشئ ام لا(13/290)
يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (41)
{ يوم لا يغنى } بدل من يوم الفصل { مولى } ولى من قرابة وغيرها وبالفارسية دوستى وخويشاوندى { عن مولى } اى مولى كان وبالفارسية ازدوست وخويش خود { شيأ } اى شيأ من الاغناء والاجزآء على ان شيأ واقع موقع المصدر وتنكيره للتقليل ويجوز أن يكون منصوبا على المفعول به على ان يكون لا يغنى بمعنى لا يدفع بعضهم عن بعض شيأ من عذاب الله ولا يبعده فان الاغناء بمعنى الدفع وابعاد المكروه وبالفارسية جيزى را از عذاب ماياسود نرسد كس كسى راهيج جيز
وتنكير مولى فى الموضعين للابهام فان المولى مشترك بين معان كثيرة يطلق على المالك والعبد والمعتق والصاحب والقريب كابن العم ونحوه والجار والحليف والابن والعم والنزيل والشريك وابن الاخت والولى والرب والناصر والمنعم والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر كما فى القاموس وكل من ولى امر واحد فهو وليه ومولاه فواحد من هؤلاء اى واحد كان لا يغنى عن مولاه اى مولى كان شيأ من الاغناء اى اغناء قليلا واذا لم ينفع بعض الموالى بعضا ولم يغن عنه شيأ من العذاب بشفاعته كان عدم حصول ذلك ممن سواهم اولى وهذا فى حق الكفار يقال اغنى عنه كذا اذا كفاه والاغناء بالفارسية بى نياز كردانيدن و واداشتن كسى را از كسى { ولا هم ينصرون } الضمير لمولى الاول باعتبار المعنى لانه عام لوقوعه نكرة فى سياق النفى فكأنه جمع اى لا يمنعون مما نزل بهم من العذاب ولا يملكون ان يشفع لهم غيرهم(13/291)
إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (42)
{ الا من رحم الله } بالعفو عنه وقبول الشفاعة فى حقه وهم المؤمنون ومحله الرفع على البدل من الواو كما هو لمختار او النصب على الاستثناء { انه هو العزيز } الذى لا ينصر من اراد تعذيبه كالكفار { الرحيم } لمن اراد أن يرحمه كالمؤمنين قال سهل من رحم الله عليه فى السوابق فأدركته فى العاقبة بركة تلك الرحمة حيث جعل المؤمنين بعضهم فى بعض شفيعا وفى الآية اشارة الى ان يوم القيامة يفصل بين أرباب الصفاء واصحاب الصدأ ولا يغنى مولى عن مولى ولا ناصر عن ناصر ولا حميم عن حميم ولا نسيب عن نسيب ولا شيخ عن مريد شيأ من الصفاء اذ لم يحصلوا ههنا فى دار العمل ولا ينصرون فى تحصيل الصفاء ودفع الصدأ الا من رحمم الله عليه بتوفيق تصفية القلب فى الدنيا كما قال تعالى { الا من أتى الله بقلب سليم } انه هو العزيز يعز من يشاء بصفاء القلب الرحيم يرحم من يشاء بالتجلى لمرءآة قلبه ( حكى ) انه كان اخوان فمات احدهما فرأه الآخر فى المنام وسأله عن حاله فقال يا أخى من كان فى الدنيا اعمى فهو فى الآخرة أعمى فكان هذا سبب توبته وانابته حتى كان من الصلحاء الكاملين
واعلم ان المقصود من العلم والعمل تزكية النفس فاذا حصلت هذه التزكية كان ثواب العمل الصالح كاللباس الفاخر على البدن الحسن الناضر واذا لم تحصل كان كالزينة على الجسم القبيح فمن حسن ذاته فى الدنيا بازالة قبح نفسه جاء فى القيامة حسنا بالحسن الذاتى والعارضى والا فبالحسن العارضى فقط وهو ثواب العمل فاعرف هذا فلا بد من الاجتهاد والوقت باق
رسول الله صلى الله عليه وسلم ابا هريره را رضى الله عنه فرمودكه بر طريق آنها باش كه جون مردم بترسند ايشانرا هيج ترسى نباشد وجون مردم از آتش امان خواهند ايشان خود آمن باشند أبو هريرة كفت يا رسول الله آنها كدام اند صفت وحليت ايشان بامن بيان فرماى تا ايشانرا بشناسم فرمودكه قومى از امت من در آخر الزمان ايشانرا روز قيامت درمحشر انبيا حشر كنند جون مردم بديشان نظر كنند ايشانرا بيغمبران بندارند از غايت علو مرتبت ومنزلت ايشان ناكاه من ايشانرا بشناسم وكويم امت من امت وخلايق بدانندكه ايشان بيغمبران نيستند بس مانند برق وباد بكذرند وجشمهاى مردم از انوار ايشان خيره شود ابو هريرة كفت يا رسول الله مرابعمل ايشان فرماى باشدكه بديشان ملحق شوم كفت صلى الله عليه وسلم اى ابا هريره اين قوم طريق دشوار اختيار كردند تابدرجه انبيا رسيدند حق تعالى ايشانرا بطعام وشراب سير كردانيد وايشان كرسنكى وتشنكى اختيار كردند ولباس براى بوشيدن داد ايشان برهنكى كزبدند همه باميد رحمت ترك حلال كردند ازخوف حساب بابدن خود دردنيا بودند ولكن بوى مشغول انكشتند ملائكه از اطاعت ايشان تعجب نمودند فطوبى لهم فطوبى لهم دوست ميدارم كه حق تعالى ميان من وايشان جمع كند ازان رسول الله عليه السلام كريه كرد در شوق ايشان وفرمودكه جون حق تعالى خواهدكه باهل زمين عقوبتى فرستد بديشان نظر كند عذاب را از اهل زمين بازكرداند اى اباهريرة برتوبادكه طريقه ايشانرا رعايت كنىهر كه طريقه انشانرا مخالفت كند درشدت حساب زحمت بيند روشن دلى كه لذت تجريد بافتست بيرون رود زخويش جو بيداشود كسى مىبايدش بخون جكر خورد غولها تا ازغبار جشم مصفا شود كسى(13/292)
إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43)
{ ان شجرة الزقوم } بدرستى كه درخت زقوم يعنى ميوه آن
قال فى القاموس هى شجرة بجهنم وطعام اهل النار وفى عين المعانى شجرة فى اسفل النار مرتفعة الى اعلاها وما من دركة الا وفيها غصن منها انتهى فتكون هى فى الاسفل نظير طوبى فى الاعلى وفى كشف الاسرار شجرة الزقوم على صورة شجر الدنيا لكنها من النار والزقوم ثمرها وهو ما أكل بكره شديد وقيل طعام ثقيل فهو زقوم وفى المفردات شجرة الزقوم عبارة عن اطعمة كريهة فى النار ومنه استعير زقم فلان وتزقم اذا ابتلع شيئا كريها
يقول الفقير وعلى تقدير ان يكون الزقوم بلسان البرير وهم جيل بالغرب وامة اخرى بين الحبش والزنج بمعنى الزبد والتمر فلعله وارد على سبيل التهكم كالتبشير فى قوله { فبشرهم بعذاب أليم } لانه تعالى وصف شجرة الزقوم بأنها تخرج فى اصل الجحيم كما مر فى الصافات فكيف يكون زبدا وفى انسان العيون لا تسلط لجهنم على شجرة الزقوم فان من قدر على خلق من يعيش فى الناو ويلتذ بها كالسمندل فهو اقدر على خلق الشجر فى النار وحفظه من الاحراق بها وقد قال ابن سلام رضى الله عنه انها تحيى باللهب كما تحيى شجرة الدنيا بالمطر وثمر تلك الشجرة مر له زفرة انتهى
يقول الفقير لا حاجة الى هذا البيان فانه كما يشابه ثمر الجنة وشجرها ثمر الدنيا وشجرها وان وقع الاشتراك فى الاسم وكذا ثمر النار وشجرها فالشجرية لا تنافى النارية فكيف تحترق فما اصله النار فهو نارى والنارى لا يحترق بالنار ولذا قيل فى ابليس انه يعذب بالزمهرير وان امكن الاحتراق بحسب التركيب وقد رأيت فى جزيرة قبرس حجرا يقال له حجر القطن يدق ويطرق فينعم حتى يكون كالقطن فيتخذ منه المنديل فحجريته لا تنافى القطنية وقد مر فى يس ان الله أخرج من الشجر الاخضر نارا(13/293)
طَعَامُ الْأَثِيمِ (44)
{ طعام الاثيم } اى الكثير الاثم والمراد به الكافر لدلالة ما قبله وما بعده عليه يعنى انهم اجمعوا على ان المراد بقوله { لا يغنى مولى عن مولى شيأ } هم الكفار وبقوله { الا من رحم الله } المؤمنون وكذا دل عليه قوله فيما سيأتى { ان هذا ما كنتم به تمترون } وكان ابو الدردآء رضى الله عنه لا ينطلق لسانه فيقول طعام اليتيم فقال عليه السلام « قل طعام الفاجر » كما فى عين المعانى وقال فى الكواشى عن ابى الدردآء انه اقرأ انسانا طعام الاثيم فقال طعام اليتيم مرارا فقال له قل طعام الفاجر يا هذا وفى هذا دليل لمن يجوز ابدال كلمة بكلمة اذا ادت معناها ولابى حنيفة فى تجويز القرآة بالفارسية اذا ادت المعنى بكماله قالوا وهذه اجازة كلا اجازة لان فى كلام العرب خصوصا فى القرءآن المعجز بفصاحته وغرابة نظمه واساليبه من لطائف المعنى مالا يستقل بادآئه لغة ما قال الزمخشرى ابو حنيفة ما كان يحسن الفارسية فلم يكن ذلك منه عن تحقق وتبصر وعن ابى الجعد عن ابى يوسف عن ابى حنيفة مثل قول صاحبيه فى عدم جواز القرآءة بالفارسية الى هنا كلام الكواشى وقال فى فتح الرحمن يجوز عند ابى حنيفة ان يقرأ بالفارسية اذا ادت المعانى بكمالها من غير ان يخرم منها شيئاً وعنه لا تجوز القراءة بالفارسية الا لعاجز عن العربية وهو قول صاحبيه وعليه الاعتماد وعند الثلاثة لا يجوز بغير العربية انتهى ويروى رجوعه الى قولهما فى الاصح كما فى الفقه والفتوى على قولهما كما فى عيون الحقائق وجاء من أحسن ان يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسية فانه يورث الفاق كما فى انسان العيون
يقول الفقير بطلان القرآءة بالفارسية ظاهر على تقدير ان يكون كل من النظم والمعنى ركنا للقرءآن كما عليه الجمهور ولعل الامام لم يجعل النظم ركنا لازما فى الصلاة عند العجز فأقام العبارة الفارسية مقام النظم كما أن بعضهم لم يجعل الاقرار باللسان ركنا من الايمان بل شرطا لازما لاجرآء احكام المسلمين عليه وان اعترض بان تحت كل حرف من القرءآن ما لا تفى به العبارة من الاشارات فلا تقوم لغة مقامه فيرد بأن علماء اصول الحديث جوزوا اختصار الحديث للعالم لا للجاهل مع انه عليه السلام اوتى جوامع الكلم وفى كل كلمة من كلامه اسرار ورموز فاعرف هذا(13/294)
كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45)
{ كالمهل } خبر بعد خبرأ وخبر مبتدأ محذوف اى هو كالمهل عن النبى عليه السلام فى تفسير المهل كعكر الزيت وهو درديه فاذا قرب الى وجهه سقطت فروة وجهه فيه وشبه بالمهل فى كونه غليظا اسود وقال بعضهم المهل ما يمهل فى النار حتى يذوب كالحديد والرصاص والصفر ونحوها وشبه الطعام بالنحاس او الصفر المذاب فى الذوب ونهاية الحرارة لا فى الغليان وانما يغلى ما شبه به { يغلى فى البطون } اى حال كون ذلك الطعام يغلى فى بطون الكفار(13/295)
كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)
{ كغلى الحميم } غليانا كغليان الماء الحار الذى انتهى حره وغليانه لشدة حرارته وكراهية المعدة اياه قال بعضهم باره باره كند رودهاى ايشان وبكذارد امعا واحشارا وفى الحديث « ايها الناس اتقوا الله حق تقاته فلو أن قطرة من الزقوم قطرت على الارض لامرت على اهل الدنيا معيشتهم » فكيف بمن هو طعامه وليس له طعام غيره والغلى والغليان التحرك والارتفاع وبالفارسية جوشيدن
قال فى المفردات الغلى والغليان يقال فى القدر اذا طفحت اى امتلأت وارتفعت ومنه استعير ما فى الآية وبه شبه غليان الغضب والحرب وفى الآية اشارة الى ان الاثيم وهو الذى عبد صنم الهوى وغرس شجرة الحرص فأثمرت الشهوات النفسانية اللذيذة على مذاق النفس فى الدنيا يكون طعامه فى الآخرة الزقوم الذى مر وصفه
نفس رابدخوبناز ونعمت دنيا مكن آب ونان سيركاهل ميكند مذدوررا(13/296)
خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47)
{ خذوه } على ارادة القول والخطاب للزبانية اى يقال للزبانية يوم القيامة خذو الاثيم فلا يأخذونه الا بالنواصى والاقدام { فاعتلوه } اى جروه بالعنف والقهر فان العتل الاخذ بمجامع الثوب ونحوه وجره بقهر وعنف قال فى تاج المصادر العتل كشيدن بعنف
وفى القاموس عتله يعتله ويعتله فانعتل جره عنيفا فحمله وهو معتل كمنبر قوى على ذلك { الى سوآء الجحيم } اى وسطها ومعظمها الذى تستوى المسافة اليه من جميع جوانبه وبالفارسية وبميانه دوزخ(13/297)
ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48)
{ ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم } صب الماء اراقته من اعلى والعذاب ليس بمصبوب لانه ليس من الاجسام المائعة فكان الاصل يصب من فوق رؤوسهم الحميم فقيل يصب من فوق رؤوسهم العذاب وهو الحميم للمبالغة ثم اضيف العذاب الى الحميم للتخفيف وزيد من الدلالة على ان المصبوب بعض هذا النوع وبالفارسية آنكاه بريزيد بر زبرسراو ازعذاب آب كرم تاتمام بيرون بدن او بريختن آب معذب شود جنانجه درون آو از زقوم معذبست
يروى ان الكافر اذا دخل النار يطعم الزقوم ثم ان خازن النار يضربه على رأسه بمقمعة يسيل منها دماغه على جسده ثم يصب الحميم فوق رأسه فينفذ الى جوفه فيقطع الامعاء والاحشاء ويمرق من قدميه وفى الآية اشارة الى عذاب الحسرة والحرمان وحرقة الهجران فى قعر النيران(13/298)
ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)
{ ذق } هذا العذاب المذل المهين { انك انت العزيز } فى نظرك { الكريم } عند قومك اى وقولوا له ذلك استهزآء به وتقريعا له على ما كان يزعمه من انه عزيز كريم فمعناه الذليل المهان ( روى ) ان ابا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين جبلى مكة أعز وأكرم منى فوالله ما تستطيع أنت ولا ربك ان تفعل بى شيأ فوردت الآية وعيدا له ولأمثاله عجبا كيف اقسم بالله تعظيما له ثم نفى الاستطاعة عنه مع ان الرسول عليه السلام كان لا يدعو ربا سواه فالكلام المذكور من حيرة الكفر وحكم الجهل وتعصب النفس كما قالوا امطر علينا حجارة من السماء وفى لفظ الذوق اشارة الى انه كان معذبا فى الدنيا ولكن لما كان فى نوم الغفلة وكثافة الحجاب لم يكن ليذوق ألم العذاب فلما مات انتبه وذاق ألم ما ظلم به نفسه(13/299)
إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50)
{ ان هذا } العذاب { ما كنتم به تمترون } تشكون فى الدنيا او تمارون فيه اى تجادلون بالباطل وبالفارسية شك مى آورديد تا اكنون معاينه بديديد
والجمع باعتبار المعنى لان المراد جنس الاثيم ثم هذا الامترآء انما كان بوساوس الشيطان وهواجس النفس فلا بد من دفعهما والاتصاف بصفة القلب وهو اليقين ولذا قال عليه السلام « ويل للشاكين فى الله » وهم الذين لم يؤمنوا به تعالى يقينا ومن ذلك انكار بعض احكامه واوامره وكذا الاصرار على المعاصى بحيث لا يبالى بها فلو ترك الصلاة متعمدا ولم ينو القضاء ولم يخف عقاب الله فانه يكفر لان الامن كفر ( وفى المثنوى ) بود كبرى در زمان بايزيد كفت اورا يك مسلمان سعيد كه جه باشد كرتو اسلام آورى تابيابى صد نجات وسرورى كفت اين ايمان اكر هست اى مريد آنكه دارد شيخ عالم بايزيد من ندارم طاقت آن تاب آن كان فزون آمد زكو ششهاى جان كرجه درايمان ودين ناموقنم ليك در ايمان اوبس مؤمنم مؤمن ايمان اويم درنهان كرجه مهرم هست محكم دردهان باز ايمان كرخود ايمان شماست نى بدان ميلستم ونى مشتهاست آنكه صد ميلش سوى ايمان بود جون شمارا ديزان فاتر شود زانكه نامى بيند ومعنيش نى جون بيابانرا مفازه كفتنى
وفيه اشارة الى ان المريد اذا كان قوى الايمان والعلم والمعرفة كان عمله واجتهاده فى الظاهر بقدر ذلك وقس عليه حال الضعيف والشاك والمتردد نسأل الله سبحانه ان يسقينا من كأس قوة اليقين انه هو المفيض المعين(13/300)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51)
{ ان المتقين } اى عن الكفر والمعاصى وهم المؤمنون المطيعون { فى مقام } فى موضع قيام والمراد المكان على الاطلاق فانه من الخاص الذى شاع استعماله فى معنى العموم يعنى انه عام ومستعمل فى جميع الامكنة حتى قيل لموضع القعود مقام وان لم يقم فيه اصلا { امين } يأمن صاحبه الآفات والانتقال عنه على ان وصف المقام بالامن من المجاز فى الاسناد كما فى قولهم جرى النهر فالامن ضد الخوف والامين بمعنى ذى الامن واشار الزمخشرى الى وجه آخر وهو ان الامين من الامانة التى هى ضد الخيانة وهى فى الحقيقة صفة صاحب المكان لكن وصف به المكان بطريق الاستعاره التخيلية كأن المكان المخيف يحزن صاحبه ونازله بما يلقى فيه من المكاره او كناية لان الوصف اذا أثبت فى مكان الرجل فقد أثبت له لقولهم المجد بين ثوبيه والكرم بين برديه كما فى بحر العلوم وفى الآية اشارة الى ان من اتقى بالله عما سواه يكون مقامه مقام الوحدة آمنا من خوف الاثنينية والى ان من كان فى الدنيا على خوف العذاب ووجل الفراق كان فى الآخرة على امن وامان وقال بعضهم المقام الامين مجالسة الانبياء والاولياء والصديقين والشهداء
يقول الفقير اما مجالستهم يوم الحشر فظاهرة لان فيها الامن من الوقوع فى العذاب اذ هم شفعاء عند الله واما مجالستهم فى الدنيا فلان فيها الامن من الشقاوة اذ لا يشقى بهم جليسهم وفى الآية اشارة اخرى لائحة للبال وهى ان المقام الامين هو مقام القلب وهى جنة الوصلة ومن دخله كان آمنا من شر الوسواس الخناس لانه لا يدخل الكعبة التى هى اشارة الى مقام الذات كما لا يقدر على الوسوسة حال السجدة التى هى اشارة الى الفناء فى الذات الاحدية قال أهل السنة كل من اتقى الشرك صدق عليه انه متق فيدخل الفساق فى هذا الوعد
يقول الفقير الظاهر ان المطلق مصروف على الكامل بقرينة ان المقام مقام الامتنان والكامل هو المؤمن المطيع كما اشرنا اليه فى عنوان الآية نعم يدخل العصاة فيه انتهاء وتبعية لا ابتداء واصالة كما يدل عليه الوعيد الوارد فى حقهم والا لاستوى المطيع والعاصى وقد قال تعالى { أم نجعل المتقين كالفجار } عفا الله عنا وعنكم اجمعين ( قال الشيخ السعدى ) كسى را كه باخواجه تست جنك بدستش جرا مى دهى جوب وسنك مع آخركه باشدكه خوانش نهند بفرماى تا استخوانش نهند(13/301)
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52)
{ فى جنات وعيون } بدل من مقام جيئ به دلالة على نزاهته واشتماله على طيبات المآكل والمشارب والمراد بالعيون الانهار الجارية والتنكير فيهما للتعظيم(13/302)
يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53)
{ يلبسون من سندس واستبرق } خبر ثان واستبرق بقطع الهمزة وقرأ الخليل بوصلها قال فى كشف الاسرار السندس مارق من الحرير يجرى مجرى الشعار لهم وهو اللين من الدثار فى المعتاد والاستبرق ما غلظ منه وصفق نسجه يجرى مجرى الدثار وهو الرفع نوع من انواع الحرير والحرير نوعان نوع كلما كان ارق كان انفس ونوع كلما كان أرزن بكثرة الابريسم كان أنفس
يقول الفقير يحتمل عندى ان يكون السندس لباس المقربين والاستبرق لباس الابرار يدل عليه ان شراب المقربين هو التسنيم الخالص وشراب الابرار هو الرحيق الممزوج به وذلك ان المقربين اهل الذات والابرار أهل الصفات فكما أن الذات ارق من الصفات فكذا لباس اهل الذات وشرابهم أرق وأصفى من لباس اهل الصفات وشرابهم ثم ان الاستبرق من كلام العجم عرب بالقاف قال فى القاموس الاستبرق الديباج الغليظ معرب استروه وتصغيره ابيرق وستبر بالتاء والطاء بمعنى الغليظ بالفارسية قال الجواليقى فى المعربات نقل الاستبرق من العجمية الى العربية فلو حقر او كسر لكان فى التحقير ابيرق وبالتكسير اباريق بحذف السين والتاء جميعا انتهى والتعريب جعل العجمى بحيث يوافق اللفظ العربى بتغييره عن منهاجه واجرائه على اوجه الاعراب وجاز وقوع اللفظ العجمى فى القرآن العربى لانه اذا عرب خرج من ان يكون عجميا اذا كان متصرفا تصرف اللفظ العربى من غير فرق فمن قال القرءآن أعجمى يكفر لانه معارضة لقوله تعالى { قرءآنا عربيا } واذا قال فيه كلمة اعجمية ففى أمره نظر لانه ان اراد وقوع الاعجمى فيه بتعريب فصحيح وان بلا تعريب فغلط { متقابلين } اى حال كونهم متقابلين فى المجالس ليستأنس بعضهم ببعض ومعنى متقابلين متواجهين لا ينظر بعضهم الى قفا بعض لدوران الاسرة بهم فهم أتم للانس
ودر تفسير سور آبادى آورده كه اين مقابله روز مهمانى باشد در دار الجلال كه حق تعالى همه مؤمنا نرا برسريك خوان بنشاند وهمه رويهاى يكديكر بينند
وقال بعضهم متقابلين بالمحبة غير متدابرين بالبغض والحسد لان الله ينزع من صدورهم الغل وقت دخولهم الجنة وهذا التقابل من أوصاف اهل الله فى الدارين فطوبى لهم حيث انهم فى الجنة وهم فى الدنيا(13/303)
كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54)
{ كذلك } اى الامر كذلك او اثبناهم اثابة مثل ذلك { وزوجناهم بحور عين } اى قرناهم بهن وبالفارسية وقرين مى سازيم متقيانرا بزنان سفيد روى كشاده جشم
فيتمتعون تارة بمؤانسة الاخوان ومقابلتهم وتارة بملاعبة النسوان من الحور العين ومزاوجتهن فليس المعنى حصول عقد التزويج بينهم وبين الحور فان التزويج بمعنى العقد لا يتعدى بالباء كما جاء فى التنزيل فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها واذا لم يكن المراد عقد التزويج يقال زوجناك بها بمعنى كنت فردا فقرناك بها اى جعلناك شفعا بها والله تعالى جعلهم اثنين ذكرا وانثى وقال فى المفردات لم يجئ فى القرءآن زوجناهم حورا كما يقال زوجته بامرأة تنبيها على ان ذلك لم يكن على حساب التعارف فيما بيننا من المناكح قال سعدى المفتى ثم لا يكون العقد فى الجنة لان فائدته الحل والجنة ليس بدار كلفة من تحريم او تحليل انتهى
يقول الفقير يرد عليه ان الله تعالى جعل مهر حواء فى الجنة عشر صلوات على نبينا عليه السلام وهو لا يتعين بدون العقد الا ان يقال ذلك العقد ان صح ليس كالعقد المعهود وانما المقصود منه تعظيم نبينا عليه السلام وتعريفه لا التحليل وجعل عنوان الامر ما هو فى صورة المهر ليسرى فى أنكحة أولادهما والظاهر أن المعاملة فيما بين آدم وحواء عليهما السلام فى الجنة كانت من قبيل المؤانسة ولم يكن بينهما مجامعة كما فى الدنيا وان ذهب البعض الى القربان فى الجنة مستدلا بقول قابيل انا من اولاد الجنة وذلك مطعون قال الشيخ الشهير بافتاده البرسوى الشريعة لا ترتفع ابدا حتى ان بعض الاحكام يجرى فى الآخرة ايضا مع انها ليس دار التكليف الا ترى أن كل واحد من اهل الجنة لا يتصرف الا فيما عين له من قبل لله ولذلك قال الله تعالى { حور مقصورات فى الخيام } ولاهل الجنة بيوت الضيافة يعملون فيها للضيافة للاحباب ويتنعمون ولكن اهليهم لا يظهرون لغير المحارم كما فى واقعات الهدائى قدس سره ثم الحور جمع الحوراء وهى البيضاء والعين جمع العيناء وهى العظيمة العينين فالحور هى النساء النقيات البياض يحار فيهن الطرف لبيضهن وصفاء لونهن واسعة الاعين حسانها او الشديدات بياض الاعين الشديدات سوادها قال فى القاموس الحور بالتحريك ان يشتد بياض بياض العين وسواد سوادها وتستدير حدقها وترق جفونها ويبيض ما حواليها او شدة بياضها وسوادها فى شدة بياض الجسد أو اسوداد العين كلها مثل الظباء ولا يكون فى بنى آدم بل يستعار لهم انتهى وفى المفردات قليل ظهور قليل من البياض فى العين من بين السواد وذلك نهاية الحسن من البين واختلف فى انهن نساء الدنيا او غيرهن فقال الحسن انهن من نساء الدنيا ينشئهن الله خلقا آخر وقال ابو هريرة رضى الله عنه انهن لسن من نساء الدنيا(13/304)
يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55)
{ يدعون فيها بكل فاكهة } اى يطلبون ويأمرون باحضار ما يشتهونه من الفواكه لا يتخصص شئ منها بمكان ولا زمان وذلك لا يجتمع فى الدنيا يعنى ان فواكه الدنيا لا توجد فى كل مكان ولها ازمنة مخصوصة لا تستقدمها ولا تستأخرها { آمنين } اى حال كونهم آمنين من كل ما يسؤوهم ايا كان خصوصا الزوال والانقطاع وتولد الضرر من الاكثار وحجاب القلب كما يكون فى الدنيا فيكونون فى الصورة مشغولين بالحور العين وبما يشتهون من النعيم وبالقلوب متوجهين الى الحضرة مشاهدين لها(13/305)
لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (56)
{ لا يذوقون فيها } اى فى الجنات { الموت الا الموتة الاولى } الموت والموتة مصدران من فعل واحد كالنفخ والنفخة الا ان الموتة أخص من الموت لان الموتة للوحدة والموت للجنس فيكون بعضا من جنس الموت وهو فرد واحد ونفى الوحدة أبلغ من نفى الجنس فكانت أقوى وانفى فى نفى الموت عن انفسهم كأنه قال لا يذوقون فيها شيأ من الموت يعنى اقل ما ينطلق عليه اسم الموت كما بحر العلوم والاستثناء منقطع اى لا يذوقون الموت فى الجنة لكن الموتة الاولى قد ذاقوها قبل دخول الجنة
يعنى مرك اول كه در دنيا جشيدند مؤمنا نرامرك آنست ثم اذا بعثوا ودخلوا الجنة يستمرون على الحياة جون معهود نزديك مردمان آنست كه هرزندكىرا مرك دربى است حق تعالى خبرادادكه حيات بهشت را مرك نيست بلكه حيات اوجاودانست
فعيشتهم المرضية مقارنة للحياة الابدية بخلاف اهل النار فانه لا عيشة لهم وكذا لا يموتون فيها ولا يحيون ويقال ليس فى الجنة عشرة اشياء ليس فيها هرم ولا نوم ولا موت ولا خوف ولا ليل ولا نهار ولا ظلمة ولا حر ولا برد ولا خروج ويجوز أن يكون الاستثناء متصلا على ان المراد بيان استحالة ذوق الموت فيها على الاطلاق كأنه قيل لا يذوقون فيها الموتة الا اذا امكن ذوق الموتة الاولى فى المستقبل وذوق الماضى غير ممكن فى المستقبل لا سيما فى الجنة التى هى دار الحياة فهذا من باب التعليق بالمحال كقوله تعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء الا ما قد سلف } والمقصود انهم لا يذوقون فيها الموت البتة وكذا لا ينكحون منكوحات آبائهم قطعا وقيل الا بمعنى بعد او بمعنى سوى فان قلت هذا دليل على نفى الحياة والموت فى القبر قلت اراد به جنس الموت المتعارف المعهود فيما بين الخلق فان الموت المعهود لا يعرى عن الغصص والموت بعد الاحياء فى القبر يكون اخف من الموت المعهود كما فى الاسئلة المقحمة
يقول الفقير دلت الآية على ان الموت وجودى لانه تعلق به الذوق وهو الاحساس به احساس الذآئق المطعوم والاكثرون على انه عدمى اى معدوم فى الخارج غير قائم بالميت لان المعدوم لا يحتاج الى المحل وسيجيئ تحقيقه فى محله ان شاء الله تعالى وفى هذه الآية اشارة الى انهم لا يذوقون فيها موت النفس بسيف المجاهدة وقمع الهوى وترك الشهوات الا الموتة الاولى فى الدنيا بقتل النفس بسيف الصدق فى الجهاد الاكبر وكما ان السيف لا يجرى على المعدوم فكذا على النفس الفانية اذ لا يموت الانسان مرتين وايضا ان الموتة الاولى هى العدم قبل الوجود فبعد الوجود لا يذوق احد الموت والعدم المحض لان الله تعالى قد وهب له الوجود فلا يرجع عن هبته فانه غنى وما ورد من ان الحيوانات العجم تصير ترابا يوم القيمة حتى يتمنى الكافر ان يكون مثلها فذلك ليس باعدام محض بل الحاق بتراب ارض الآخرة ويجوز أن يقال ان وجودات الاشياء الحسيسة لا اعتبار لها والله سبحانه وتعالى أعلم { ووقاهم عذاب الجحيم } الوقاية حفظ الشئ مما يؤذيه ويضره اى حفظهم من النار وصرفها عنهم وبالفارسية ونكاه ميدارد حق تعالى بهشتيانرا واز ايشان دفع ميكند عذاب دوزخ
وفيه اشارة الى عذاب البعد وجحيم الهجران(13/306)
فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57)
{ فضلا من ربك } منصوب بمقدر على المصدرية او الحالية اى اعطى المتقون ما ذكر من نعيم الجنة والنجاة من عذاب الجحيم عطاء وتفضلا منه تعالى لا جزآء للاعمال المعلولة واحتج اهل السنة بهذه الآية على ان كل ما وصل اليه العبد من الخلاص من النار والفوز بالجنة ونعيمها فانما يحصل بفضل الله واحسانه وانه لا يجب عليه شئ من ذلك ففى اثبات الفضل نفى الاستحقاق فجميع الكرامات فضل منه على المتقين حيث اختارهم بها فى الازل واخرجها من علل الاكتساب فان الاكتساب ايضا فضل اذ لو لم يخلق القدرة على كسب الكمالات وتحصيل الكرامات لما وجد العبد اليه سبيلا وفى الحديث « لا يدخل احدا منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار ولا أنا الا برحمة الله » اى ولا انا أدخل الجنة بعمل الا برحمة الله وليس المراد به توهين امر العمل بل نفى الاغترار به وبيان انه انما يتم بفضل الله قال ابن الملك فى الحديث دلالة على مذهب اهل السنة وحجة على المعتزلة حيث اعتقدوا ان دخولها انما يحصل بالعمل واما قوله تعالى { ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون } ونظائره فلا ينافى الحديث لان الآية تدل على سببية العمل والمنفى فى الحديث عليته وايجابه انتهى
قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر فى مواقع النجوم الدخول برحمة الله وقسمة الدرجات بالاعمال والخلود بالنيات فهذه ثلاثة مقامات وكذلك فى دار الشقاوة دخول اهلها فيها بعدل الله وطبقات عذابها بالاعمال وخلودهم بالنيات وأصل ما استوجبوا به هذا العذاب المؤبد المخالفة كما كانت فى السعادة الموافقة وكذلك من دخل من العاصين النار لولا المخالفة لما عذبهم الله شرعاً نسئل الله لنا وللمسلمين ان يستعملنا بصالح الاعمال ويرزقنا الحياء منه تعالى { ذلك } آن صرف عذاب وحيات ابدى دربهشت { هو الفوز العظيم } الذى لا فوز ورآءه اذ هو خالص من جميع المكاره ونيل لكل المطالب والفوز والظفر مع حصول السلامة كما فى المفردات
يقول الفقير لما كان الموت وسيلة لهذا الفوز وبابا له ورد الموت تحفة المؤمن والموت وان كان من وجه هلكا فمن وجه فوز ولذلك قيل ما احد الا والموت خير له اما المؤمن فانما كان الموت خيرا له لانه يتخلص به من السجن ويصل الى النعيم المقيم فى روضات الجنات واما العاصى فلان الامهال فى الدنيا سبب لازدياد المعاصى والاثم كما قال تعالى { انما نملى لهم ليزدادوا اثما } وهو سبب لازياد العذاب ( قال الشيخ سعدى ) نكو كفت لقمان كه نازيستن به ازسالها برخطا زيستن هم ازبا مدادان در كلبه بست به ازسود وسرمايه دادن زدست(13/307)
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58)
{ فانما يسرناه بلسانك } فذلكة للسورة الكريمة ونتيجة لها وللسان آلة لتكلم فى الاصل واستعير هنا لمعنى اللغة كما فى قوله عليه السلام « لسان أهل الجنة العربية » والمعنى انما سهلنا الكتاب المبين حيث انزلناه بلغتك { لعلهم يتذكرون } كى يفهمه قومك ويتذكروا ويعملوا بموجبه واذا لم يفعلوا ذلك(13/308)
فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)
{ فارتقب } فانتظر لما يحل بهم من المقادير فان فى رؤيتها عبرة للعارفين وموعظة للمتقين { انهم مرتقبون } منتظرون لما يحل بك من الدوائر ولم يضرك ذلك فعن قريب يتحقق املك وتخيب آمالهم
يعنى ازان تو نصرت الهى خواهد بود وازان ايشان عذاب نامتناهى دوستان را هردم فتحى تازه وخصمان را هرزمان رنجى آبى اندازه تابعانرا وعده حسن المآب منكرانرا هيبت ذوقوا العذاب
وفى عين المعانى او فارتقب الثواب فانهم كالمرتقبين العقاب لان المسيئ ينتظر عاقبة الاساءة وعلى كلا التقديرين فمفعول الارتقاب محذوف فى الموضعين وفى الآية فوائد منها انه تعالى بين تيسير القرءآن والتيسير ضد التعسير وقد قال فى آية اخرى { انا سنلقى عليك قولا ثقيلا } فبينهما تعارض والجواب هو ميسر باللسان وثقيل من حيث اشتماله على التكاليف الشاقة على المكلفين ولا شك ان التلاوة باللسان اخف من العمل ولهذا جاء فى بعض اللطائف انه مرض ابن لبعض العلماء فقيل له اذبح قربانا لعل الله يشفى ولدك فقال بل اقرأ قرءآنا فقال بعض العرفاء انما اختار القرءآن لانه فى لسانه وأغرض عن القربان لكون فى جنانه لان حب المال مركوز فى القلب ففى اخراجه منه صعوبة ومنها انه تعالى قال { بلسانك } فأشار الى انه لو أسمعهم كلامه بغير الواسطة لماتوا جميعا لعدم تحملهم قال جعفر الصادق رضى الله عنه لولا تيسيره لما قدر أحد من خلقه أن يتلفظ بحرف من القرءآن وأنى لهم ذلك وهو كلام من لم يزل ولا يزال وقال ابن عطاء يسر ذكره على لسان من شاء من عباده فلا يفتر عن ذكره بحال واغلق باب الذكر على من شاء من عباده فلا يستطيع بحال ان يذكره ومنها ان بعض المعتزلة استدل بقوله { لعلهم يتذكرون } على انه أراد من الكل الايمان ولم يرد من احد الكفر واجيب بأن الضمير فى لعلهم الى اقوام مخصوصين وهم المؤمنون فى علم الله تعالى
يقول الفقير فى هذا الجواب نظر لان ما بعد الآية يخالفه فانهم لو كانوا مؤمنين فى علم الله لآمنوا ولما امر عليه السلام بانتظار الهلاك فى حقهم فالوجه ان يكون لعلهم يتذكرون علة بمعنى طلب ان يفهمه قومك فيتذكروا به او لكى يتذكروا ويتعظوا به فيفوا بما وعدوه من الايمان عند كشف العذاب عنهم وتفسيره بالارادة كما فعله اهل الاعتزال خطأ لان الارادة تستلزم المراد لا محالة ومنها ان انتظار الفرج عبادة على ما جاء فى الحديث لانه من الايمان وجاء فى فضيلة السورة الكريمة آثار صحيحة قال عليه السلام « من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة اصبح مغفورا له » اى دخل فى الصباح حال كونه مغفورا له فاصبح فعل تام بمعنى دخل فى الصباح لانه لو جعل ناقصا يكون المعنى حصل غفرانه وقت الصباح وليس المراد ذلك نعم لا يظهر المنع عن جعله بمعنى صار وعنه عليه السلام(13/309)
« من قرأ الدخان فى ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك » وهذا الحديثان رواهما ابو هريرة رضى الله عنه والاول أخرجه الترمذى وقال ابو امامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة او يوم الجمعة بنى الله له بيتا فى الجنة » كما فى كشف الاسرار وبحر العلوم واسناد البناء الى الله مجاز اى يأمر الملائكة بان يبنوا له فى الجنة بثواب القراءة بيتا عظيما عاليا من در وياقوت مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
يقول الفقير لما كان اصل البيت مأوى الانسان بالليل وكان احياء الليل الذى فيه ترك البيتوتة غالبا بمثل التلاوة جعل بناء البيت جزاء للقراءة الواقعة فى الليلة المبنية على ترك البيتوتة ليكون الجزاء من جنس العمل وحمل النهار عليه فافهم جدا والله الموفق لمرضاته وتلاوة آياته وللعمل بحقائق بيناته وهو المعين لاهل عناياته(13/310)
حم (1)
{ حم } اى هذه السورة مسماة بحم وفى التأويلات النجمية يشير بالحاء الى حياته وبالميم الى مودته كائن قال بحياتى ومودتى لاوليائى لا شئ الى احب من لقاء احبابى ولا أعز ولا أحب غلى احابى من لقائى وفى عرآئس البقلى الحاء يدل على ان فى بحر حياته حارت الارواح والميم تدل على ان فى ميادين محبته هامت الاسرار
يقول الفقير الحاء اشارة الى الحب الازلى المتقدم ولذا قدمه والميم اشارة الى المعرفة الابدية المتأخرة ولذا اخره كما دل عليه قوله تعالى لداود عليه السلام كنت كنزا مخفيا فاحبب أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف فان المحبة فى هذا الحديث القدسى متقدمة على المعرفة وذلك نزولا وبالعكس عروجا كما لا يخفى على اهل الذوق(13/311)
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)
{ تنزيل الكتاب } اى القرءآن المشتمل على السور مطلقا خصوصا هذه السورة الجليلة وهو مبتدأ خبره قوله { من الله } فدل على انه اى القرءآن حق وصدق { العزيز } فدل على انه معجز غالب غير مغلوب { الحكيم } فدل على انه مشتمل على حكم بالغة وعلى انه يحكم فى نفسه بنسخ ولا ينسخ فليس كما يزعم المبطلون من انه شعر أو كهانة او تقول من عنده ممكن معارضته وانه كاساطير الاولين مثل حديث رستم واسفنديار وغيرهما فيجب ان يعرف قدره وان يكون الانسان مملوأ به صدره ابو بكر شبلى قدس سره ببازار بغداد بركذشت باره كاغد ديدكه نام دوست بروى رقم بود ودرزير اقدام خلق افتاده شبلى جون آنرا ديد اضطرابى بردل واعضاى وى افتاد آن رقعه برداشت وبيوسيد وآنرا معطر ومعنبر كرد وباخود داشت كاه برسينه نهادى ظلمت غفلت بزدودى وكاه برديده نهادى نور جشم بيفزوى تاآن روزكه بقصد بيت الله الحرام از بغداد بيرون آمد روى بباديه نهادآن رقعه دردست كرفته وآنرا بدرقه روزكار خود ساخته درباديه جوانى را ديد فريد وغريب بى زاد وراحله از خاك بستر كرده واز سنك بالين ساخته سرشك از جشم او روان شده وديده درهوا نهاده شبلى بر بالين وى نشست وآن كاغد بيش ديده او داشت كفت اى جوان برين عهد هستى جوان روى بكردانيد شبلى كفت انا الله مكر اندرين سكرات وغمرات حال اين جوانرا تبديل خواهد شد جوان باز نكريست وكفت اى شبلى دائما در غلطى آنجه تو دركاغد مىبينى وميخوانى مادر صحيفه دل مى بينيم ومى خوانيم يقول الفقير سر عشق يار من مخفى بود درجان من مكس نداند سرجانم رابجز جانان من(13/312)
إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3)
{ ان فى السموات والارض } اى فى خلقهما وخلق ما فيهما من آثار القدرة كالكواكب والجبال والبحار ونحوها { لآيات للمؤمنين } لشواهد الربوبية لاهل التصديق وادلة الآلهية لاهل التوفيق خص المؤمنين بالذكر لانتفاعهم بتلك الآيات والدلالات فانهم يستدلون بالمخلوق على الخالق وبالمصنوع على الصانع فيوحدونه وهو اول الباب ولذا قدم الايمان على الايقان ولعل الوجه فى طى ذكر المضاف هنا وهو الخلق واثباته فى الآية الآتية ان خلق السموات والارض ليس بمشهود للخلق وان كانتا مخلوقتين كما قال تعالى { ما اشهدتهم خلق السموات والارض } بخلاف خلق الانسان وما يلحق به من خلق سائر الدواب فانه كما أنه يستدل بخلقه على خالقه فكذا يشاهد خلقه وتوالده فتكون المخلوقية فيه أظهر من الاول هكذا لاح بالبال والله اعلم بحقيقة الحال وهنا كلام آخر سيأتى(13/313)
وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4)
{ وفى خلقكم } اى من نصفة ثم من علقة متقلبة فى اطوار مختلفة الى تمام الخلق { وما يبث من دابة } عطف على المضاف دون المضاف اليه والا يكون عطفا على بعض الكلمة اذ المضاف والمضاف اليه كشئ واحد كالجار والمجرور قال سعدى المفتى رحمه الله العطف على الضمير المجرور من غير اعادة الجار منعه سيبويه وجمهور البصريين وأجازه الكوفيون ويونس والاخفش قال ابو حيان واختاره الشلوبين وهو الصحيح وفصل بعض النحويين فأجاز العطف على المجرور بالاضافة دون الحرف انتهى والمعنى وفى خلق ما ينشره الله تعالى ويفرقه من دابة وهى كل ما يدب على وجه الارض من الحيوان مع اختلاف صورها واشكالها وكثرة انواعها واضمر ذكر الله لقرب العهد منه بخلافه فى وما انزل الله كما سيأتى { آيات } بالرفع على انه مبتدأ خبره الظرف المقدم والجملة معطوفة على ما قبلها من الجملة المصدرة بان { لقوم يوقنون } اى من شأنهم ان يوقنوا بالاشياء على ما هى عليه واليقين علم فوق المعرفة والدراية ونحوهما وبينه وبين الايمان فروق كثيرة وحقيقة الايمان هو اليقين حين باشر الاسرار بظهور الانوار الا ترى كيف سأل عليه السلام بقوله « اللهم انى اسألك ايمانا يباشر قلبى ويقينا ليس بعده كفر »
يقول الفقير لم يقل للموقنين كمال قال للمؤمنين اشارة الى قلة هذا الفريق بالنسبة الى الاول وخص الايقان بخلق الانفس لان ما قبله من الايمان بالآفاق وهو ما خرج عنك وهذا من الايمان بالانفس وهو ما دخل فيك وهذا اخص درجات الايمان فانه اذا اكمل الايمان فى مرتبة الآفاق يترقى العبد الى المشاهدة فى مرتبة الانفس فكمال اليقين انما هو فى هذه المرتبة لا فى تلك المرتبة لان العلم بما دخل فيك اقوى منه بما خرج عنك اذ لا يكذبه شئ ولذا جاء العلم الضرورى اشد من العلم الاستدلالى وضم خلق الدواب الى خلق الانسان لاشتراك الكل فى معنى الجنس فافهم جدا واقنع وفى التأويلات النجمية ان العبد اذا امعن نظره فى حسن استعداده ظاهرا وباطنا وانه خلق فى احسن تقويم ورأى استوآء قده وقامته وحسن صورته وسيرته واستكمال عقله وتمام تمييزه وما هو مخصوص به فى جوارحه وجوانحه ثم تفكر فيما عداه من الدواب واجزآئها واعضائها واوصافها وطباعها وقف على اختصاص وامتياز بنى آدم بين البرية من الجن فى الفهم والعقل والتمييز ثم فى الايمان ومن الملائكة فى حمل الامانة وتعلم علم الاسماء ووجوه خصائص اهل الصفوة من المكاشفات والمشاهدات والمعاينات وانواع التجليات وما صار به الانسان خليفة ومسجود الملائكة المقربين وعرف تخصيصهم بمناقبهم وانفرادهم بفضائلهم فاستيقن ان الله كرمهم وعلى كثير من المخلوقات فضلهم وانهم محمولوا العناية فى بر الملك وبحر الملكوت ( قال الصائب ) اى رازنه فلك زوجودت عيان همه در دامن تو حاصل دريا وكان همه اسرار جار دفتر ومضمون نه كتاب درنقطه توساخته ايزد نهان همه قدوسيان بحكم خداوند امر نهى بيش توسر كذاشته برآستان همه روحانيان براى تماشاى جلوه ات جون كودكان برآمده برآسمان همه(13/314)
وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)
{ واختلاف الليل والنهار } اى وفى اختلافهما بتعاقبهما او بتفاوتهما طولا وقصرا او بسواد الليل وبياض النهار { وما أنزل الله من السماء } عطف على اختلاف { من رزق } اى مطر وهو سبب الرزق عبر عنه بذلك تنبيها على كونه آية من جهتى القدرة والرحمة { فاحيا به الارض } بأن أخرج منها اصناف الزروع والثمرات والنباتات { بعد موتها } يبسها وعرائها عن آثار الحياة وانتفاء قوة التنمية عنها وخلو اشجارها عن الثمار ففيه تشبيه للرطوبة الارضية بالروح الحيوانى فى كونها مبدأ التوليد والتنمية وتشبيه زوالها بزوال الروح وموت الجسد وفيه اشارة الى أرض القلوب فانها عند استيلاء أوصاف البشرية عليها فى اوان الولادة الى حد البلوغ محرومة من غذاء تعيش به وهو اوامر الشريعة ونواهيها المودعة فيها نور الايمان الذى هو حياة القلوب فعند البلوغ ينزل غيث الرحمة رزقا لها فيحصل لها الحياة المعنوية { وتصريف الرياح } تحويلها من جهة الى اخرى وتبديلها من حال الى حال اذ منها مشرقية ومغربية وجنوبية وشمالية وحارة وباردة ونافعة وضارة وتأخيره عن انزال المطر مع تقدمه عليه فى الوجود اما للايذان بأنه آية مستقلة حيث لو روعى الترتيب الوجودى لربما توهم ان مجموع تصريف الرياح وانزال المطر آية واحدة واما لان كون التصريف آية ليس بمجرد كونه مبدأ لانشاء المطر بل له ولسائر المنافع التى من جملتها سوق السفن فى البحار { آيات لقوم يعقلون } بالرفع على أنه مبتدأ خبره ما تقدم من الجار والمجرور والجملة معطوفة على ما قبلها وتنكير آيات فى المواضع الثلاثة للتفخيم كما وكيفا والعقل يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم ويقال للعلم الذى يستفيده الانسان بتلك القوة عقل ولهذا قال امير المؤمنين على كرم الله وجهه فان العقل عقلان فمطبوع ومسموع ولا ينفع مطبوع اذا لم يك مسموع كما لا ينفع الشمس وضوء العين ممنوع
والى الاول اشار النبى عليه السلام بقوله « ما خلق الله خلقا اكرم عليه من العقل » والى الثانى اشار بقوله « ما كسب احد شيأ افضل من عقل يهديه الى هدى او يرده عن ردى » وهذا العقل هو المعنى بقوله تعالى { وما يعقلها الا العالمون } وكل موضع ذم الكفار بعدم العقل فاشارة الى الثانى دون الاول وكل موضع رفع التكليف عن العبد لعدم العقل فاشارة الى الاول كما فى المفردات والمعنى لقوم ينظرون بعيون عقولهم ويعتبرون لانها دلائل واضحة على الدلائل
يقول الفقير لعل سر تخصيص العقل بهذا المقام وتأخيره عن الايمان والايقان ان هذه الآية دائرة بين علوى وسفلى وما بينهما وللعقل مدخل تعقل كل ذلك واشتراك بين الايمان والايقان فافهم جدا وفيه اشارة الى ان الله تعالى جعل العلوم الدينية كسبية مصححة بالدلائلى وموهبية محققة بالشواهد فمن لم يستبصر بهما زلت قدمه عن الصراط المستقيم ووقع فى عذاب الجحيم فاليوم فى الحيرة والتقليد وفى الآخرة فى الوعيد بالتخليد جعلنا الله واياكم من أهل الدلائل والشواهد وعصمنا من عمى كل منكر جاحد انه هو الفرد الواحد(13/315)
تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)
{ تلك } الآيات القرءانية من اول السورة وهو مبتدأ خبره قوله { آيات الله } المنبهة على الآيات التكوينية { نتلوها عليك } بواسطة جبرائيل حال كوننا { بالحق } اى محقين او حال كون الآيات ملتبسة بالحق والصدق بعيدة من الباطل والكذب وقال فى بحر العلوم نتلوها عليك حال عاملها معنى الاشارة كأنه قيل نشير اليها متلوة عليك تلاوة متلبسة بالحق مقترنة به بعيدة من الباطل واللعب والهزل كما قال { وما هو بالهزل } انتهى ويجوز ان تكون تلك اشارة الى الدلائل المذكورة اى تلك دلائله الواضحة على وجوده ووحدته وقدرته وعلمه وحكمته نتلوها عليك اى بتلاوة النظم الدال عليها { فبأى حديث } من الاحاديث وخبر من الاخبار { بعد الله وآياته } اى بعد آيات الله وتقديم الاسم الجليل لتعظيمه كما فى قولهم اعجبنى زيد وكرمه يريدون اعجبنى كرم زيد ونظيره قوله تعالى { واعلموا انما غنمتم من شئ فان لله خمسه } فان اسم الله هنا ايضا مذكور بطريق التعظيم كما سبق فقول ابى حيان فيه اقحام الاسماء من غير ضرورة غير مفيد او بعد حديث الله الذى هو القرءآن حسبما نطق به قول تعالى { الله نزل احسن الحديث } وهو المراد بآياته ايضا ومناط العطف التغاير العنوانى { يؤمنون } يعنى ان القرءآن من بين الكتب السماوية معجزة باهرة فحيث لم يؤمنوا به فبأى كتاب بعده يؤمنون اى لا يؤمنون بكتاب سواه وقيل معناه القرءآن آخر كتب الله محمد آخر رسله فان لم يؤمنوا به فبأى كتاب يؤمنون ولا كتاب بعده ولا نبى وفى الآية اشارة الى ان الايمان لا يمكن حصوله فى القلب الا بالله وكتابته فى القلوب وباراءته المؤمنين آياته والا فلا يحصل بالدلائل المنطقية ولا بالبراهين العقلية قال الامام الرازى لحضرة الشيخ نجم الدين قدس سره بم عرفت ربك قال بواردات ترد على القلوب فتعجز النفوس عن تكذيبها وروى ابن عباس رضى الله عنهما ان النبى عليه السلام قال « من أعجب الخلق ايمانا » قالوا الملائكة قال عليه السلام « وكيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينون الامر » قالوا فالنبيون قال عليه السلام « وكيف لا يؤمن النبيون والروح ينزل عليهم بالامر من السماء » قالوا فأصحابك قال عليه السلام « وكيف لا يؤمن اصحابى وهم يرون ما يرون ولكن اعجب الناس ايمانا قوم يجيئون بعدى يؤمنون بى ولم يرونى ويصدقوننى ولم يرونى فاولئك اخوانى » وفى الحديث اشارة الى ان الايمان المبنى على الشواهد القلبية اعلى من الايمان المبنى على الدلائل الخارجية وفى الكل فضل بحسب مقامه فأهل الايمان والتوحيد مطلقا مغفور لهم وعن ابى ذر رضى الله عنه عن النبى عليه السلام انه قال « يا ابا ذر جدد ايمانك بكرة وعشيا فان سريعا يندرس الاسلام حتى لا يدرى احد ما الصلاة وما الصيام وان واحدا منهم يقول ان من كان قبلنا يقولون لا اله الا الله ويدخلون هذه البيوت »(13/316)
اى المساجد قيل يا رسول الله اذا لم يصلوا ولم يصوموا فما يغنى عنهم قولهم لا اله الا الله قال عليه السلام « بهذه الكلمة ينجون من نار جهنم » وعن حذيفة رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « مات رجل من بنى اسرائيل من قوم موسى عليه السلام فاذا كان يوم القيامة يقول الله لملائكته انظروا هل تجدون لعبدى من حسنة يفوز بها اليوم فيقولون انا لا نجد سوى ان نقش خاتمه لا اله الا الله فيقول الله تعالى ادخلوا عبدى الجنة فقد غفرت له »(13/317)
وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7)
{ ويل } كلمة عذاب بالفارسية سختئ عذاب { لكل افاك } كذاب والافك كل مصروف عن وجهه الذى يحق ان يكون عليه { اثيم } صيغة مبالغة بمعنى كثير الاثم كعليم بمعنى كثير العلم(13/318)
يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8)
{ يسمع آيات الله } صفة اخرى لأفاك والمراد آيات القرءآن لان السماع انما يتعلق بها وكذا التلاوة فى قوله { تتلى عليه } حال من آيات الله { ثم يصر } اى يقيم على كفره ويدوم عازما عليه عاقدا قال فى المفردات الاصرار التعقد فى الذنب والتشدد فيه والامتناع من الاقلاع عنه واصله من الصراى الشد والصرة ما يعقد فيها الدراهم { مستكبراً } عن الايمان بما سمعه من آيات الله والاذعان بما نطق به من الحق مزدريا لها معجبا بما عنده من الاباطيل وكان النضر بن الحارث بن عبد الدار وقد قتل صبرا يشترى من احاديث العجم مثل حديث رستم واسفنديار ويشغل بها الناس عن استماع القرءآن فوردت الآية ناعية عليه وعلى كل من يسير سيرته ما هم فيه من الشر والفساد وذلك التعميم لكلمة الاحاطة والشمول وكلمة ثم لاستبعاد الاصرار والاستكبار بعد سماع الآيات التى حقها ان تذعن لها القلوب وتخضع لها الرقاب فهى محمولة على المعنى المجازى لانه الاليق بمرام المقام وان كان يمكن الحمل على الحقيقة ايضا باعتبار منتهى الاصرار { كان لم يسمعها } اى يصير كأنه لم يسمعها اى مشابها حاله حال من لم يسمعها فخفف وحذف ضمير الشان والجملة من يصير تشبيها بغير السامع فى عدم القبول والانتفاع { فبشره بعذاب أليم } اى انذره على اصراره واستكباه بعذاب أليم فان ذكر العذاب قرينة على الاستعارة استعيرت البشارة التى هى الاخبار بما يظهر سرور فى المخبر به للانذار الذى هو صده بادخال الانذار فى جنس البشارة على سبيل التهكم والاستهزاء هذا اذا اريد المعنى المتعارف للبشارة وهو الخبر السار ويجوز أن يكون على الاصل فانها بحسب اصل اللغة عبارة عن الخبر الذى يؤثر فى بشرة الوجه بالتغيير وهو يعم خبر السرور والحزن ولذا قال فى كشف الاسرار أى اخبره خبرا يظهره اثر على بشرته من الترح(13/319)
وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9)
{ واذا علم من آياتنا شيأ } اى اذا بلغه من آياتنا شئ وعلم انه من آياتنا لا انه علمه كما هو عليه فانه بمعزل من ذلك الكلام { اتخذها } اى الآيات كلها { هزوا } اى مهزواً بها لا ما سمعه فقط او الضمير للشئ والتأنيث باعتبار الآية
يعنى بآن افسوس كندوبصورنى باز نمايدكه از حق وصواب دور باشد
كالنضر استهزأ بها وعارضها بحديث الفرس يرى العوام انه لا حقيقة لذلك وكأبى جهل حيث اطعمهم الزبد والتمر وقال تزقموا فهذا ما يتوعدكم به محمد فحمل الزقوم على الزبد والتمر { اولئك } اشارة الى كل أفاك من حيث الانصاف بما ذكر من القبائح والجمع باعتبار شمول كل كما ان الافراد فى الضمائر السابقة باعتبار كل واحد { لهم } بسب جناياتهم المذكورة { عذاب مهين } يذلهم ويذهب بعزهم وصف العذاب بالاهانة توفية لحق استكبارهم واستهزائهم بآيات الله(13/320)
مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10)
{ من ورائهم جهنم } اى جهنم كائنة من قدامهم لانهم متوجهون الى ما اعد لهم او من خلفهم لانهم معرضون او قدام اى يسترها وقال بعضهم وراء فى الاصل مصدر جعل ظرفا ويضاف الى الفاعل فيراد به ما يتوارى به وهو خلفه والى المفعول فيردا به ما يواريه وهو قدامه ولذلك عد من الاضداد وفى القاموس الوراء يكون خلف وقدام ضد اولا لانه بمعنى وهو ما توارى عنك { ولا يغنى عنهم } ولا يدفع { ما كسبوا } من الاولاد والاموال { شيأ } من عذاب فيكون مفعولا به او لا يغنى عنهم فى دفع ذلك شيأ من الاغناء اى اغناء قليلا فيكون مصدرا يقال أغنى عنه اذا كفاه { ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء } اى ولا ينفعهم ايضا ما عبدوه من دون الله من الاصنام وتوسيط حرف النفى بين المعطوفين مع ان عدم اغناء الاصنام اظهر وأجلى من عدم اغناء الاموال والاولاد قطعا مبنى على زعمهم الفاسد حيث كانوا يطمعون فى شفاعتهم وفيه تهكم { ولهم } فيما وراءهم من جهنم { عذاب عظيم } لا يعرف كنهه
يعنى شدت آن ازحد متجاوزاست(13/321)
هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11)
{ هذا } اى القرءآن { هدى } اى فى غاية الكمال من الهداية كأنه نفسها كقولك زيد عدل { والذين كفروا بآيات ربهم } القرءآنية { لهم عذاب من رجز } اى من شدة العذاب { أليم } بالرفع صفة عذاب وبالفارسية ازسخت ترين عذابى ألم رسانيده
وفى الآيات اشارات
منها ان بعض الناس يسمع آيات الله فى الظاهر اذ تتلى عليه ولا يسمعها بسمع الباطن ويتصامم بحكم الخذلان والغفلة فله عذاب أليم لاستكباره عن قبول الحق وعدم العمل بموجب الآيات وكذا اذا سمعها وتلاها بغير حضور القلب
تعتيست اين كه بر لهجه وصوت شوداز توحضور خاطر فوت فكر حسن غنا برد هوشت متكلم شودفراموشت نشودبردل توتابنده كين كلام خداست يابنده
ومن استمع بسمع الحق والفهم واستبصر بنور التوحيد فاز بذخر الدارين وتصدى لعز المنزلين
ومنها ان العالم الربانى اذا افاد شيأ من العلم ينبغى ان يكون فى حيز القبول ولا يقابل بالعناد والتأول على المراد من غير أن يكون هناك تصحيح باسناد وذلك فان العبد يكاشف امورا بتعريفات الغيب لا يتداخله فيها ريب ولا يتخالجه منها شك فمن استهان بها وقع فى ذلك الحجاب وجهنم البعد كما عليه أهل الانكار فى كل الاعصار حيث لا يقبلون اكثر ما ذكره مثل الامام الغزالى والامام المكى فيكونون كمن يؤمن ببعض ويكفر ببعض بموافقة الاهوآء والاغراض
ومنها ان القرءآن هداية لكن للمقرين لا للنكرين فمن اقر بعباراته واشاراته نجا من الخذلان والوقوع فى النيران ومن انكرها وقع فى عذاب عظيم يذل فيه ويهان(13/322)
اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)
{ الله الذى سخر لكم البحر } بأن جعله املس السطح يعلو عليه ما شأنه الغوص كالاخشاب ولا يمنع الغوص والحزق لميعانه فانه لو جعل خشن السطح بان كان ذا ارتفاع وانخفاض لم يتيسر جرى الفلك عليه وكذا لو جعله بحيث لا تطفو عليه الاخشاب ونحوها بل تسفلت وغرقت فيه لم يتيسر ذلك ايضا ولو جعله صلبا مصمتا يمنع الغوص فيه لم يمكن تحصيل المنافع المترتبة على الغوص { لتجرى الفلك فيه بأمره } اى باذنه وتيسيره وانتم راكبوها { ولتبتغوا من فضله } بالتجارة والغوص على اللؤلؤ والمرجان ونحوها من منافع البحر { ولعلكم تشكرون } ولكى تشكروا النعم المترتبة على ذلك بالاقرار بوحدانية المنعم بها وفى الاية اشارة الى انه تعالى سخر بحر العدم لتجرى فيه فلك الوجود بامره وهو امركن والحكمة فى هذا التسخير مختصة بالانسان لا بالفلك سخر البحر والفلك له وسخره لنفسه ليكون خليفته ومظهرا لذاته وصفاته نعمة منه وفضلا لاظهار الكنز المخفى فبحسب كل مسخر من الجزئيات والكليات يجب على العبد شكره وشكره ان يستعمله فى طلب الله بامره ولا يستعمله فى هوى نفسه وله ان يعتبر من البحر الصورى والذين يركبون البحر فربما تسلم سفينتهم وربما تغرق كذلك العبد فى فلك الاعتصام فى بحار التقدير بمشى به فى رياح المشيئة مرفوع له شراع التوكل مرسى فى بحر اليقين فان هبت رياح العناية نجت السفينة الى ساحل السعادة وان هبت نكباه الفتنة لم يبق بيد الملاح شئ وغرقت فى لجة الشقاوة فعلى العبد ان يبتغى فضل الله ويسعى فى الطلب بادآء شكر النعم كما فى التأويلات النجمية(13/323)
وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)
{ وسخر لكم ما فى السموات وما فى الارض } من الموجودات بان جعلها مدارا لمنافعكم ودلت الآية على ان نسبة الحوادث الارضية الى الاتصالات الفلكية جائزة { جميعا } اما حال من ما فى السموات وما فى الارض او تأكيد له { منه } صفة لجميعا اى كائنا منه تعالى او حال من ما اى سخر لكم هذه الاشياء كائنة منه مخلوقة له وخبر لمحذوف اى هى جميعا منه تعالى وفى فتح الرحمن جميعا منه اى كل انعام فهو من فضله لانه لا يستحق عليه احد شيأ بل هو يوجب على نفسه تكرما { ان فى ذلك } اى فيما ذكر من الامور العظام { لآيات } عظيمة الشأن كبيرة القدر دالة على وجود الصانع وصفاته { لقوم يتفكرون } فى بدائع صنع الله فانهم يقفون بذلك على جلائل نعمه تعالى ودقائقها ويوفقون لشكرها ديرجمله جهان زمغز تابوست هر ذره كواه قدرت اوست
روى انه عليه السلام مر على قوم يتفكرون فقال « تفكروا فى الخلق ولا تتفكروا فى الخالق » وفى الحديث « ان الشيطان يأتى احدكم فيقول من خلق السموات فيقول الله ويقول من خلق الارض فيقول الله ويقول من خلق الله فاذا افتتن احدكم بذلك فليقل آمنت بالله ورسوله » واعلم ان التفكر على العبادات وافضلها لان عمل القلب اعلى واجل من عمل النفس ولذلك قال عليه السلام « تفكر ساعة خير من عبادة سنة » وفى رواية « ستين سنة » وفى رواية « سبعين سنة » وروى المقداد بن الاسود رضى الله عنه دخلت على ابى هريرة رضى الله عنه فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « تفكر ساعة خير من عبادة سنة » ثم دخلت على ابن عباس رضى الله عنهما فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « تفكر ساعة خير من عبادة سبع سنين » ثم دخلت على ابى بكر رضى الله عنه فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة » فقال المقداد فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبرته بما قالوا فقال « صدقوا » ثم قال « ادعهم الى » فدعوتهم فقال لابى هريرة « كيف تفكرك وفيماذا » قال فى قول الله تعالى { ويتفكرون فى خلق السموات والارض } الآية قال « تفكرك خير من عبادة سنة » ثم سأل ابن عباس رضى الله عنهما عن تفكره فقال تفكرى فى الموت وهول المطلع قال « تفكرك خير من عبادة سبع سنين » ثم قال لابى بكر « كيف تفكرك » قال تفكرى فى النار وفى اهوالها واقول يا رب اجعلنى يوم القيامة من العظم بحال يملأ النار منى حتى تصدق وعدك ولا تعذب امة محمد فى النار فقال عليه السلام(13/324)
« تفكرك خير من عبادة سبعين سنة » ثم قال « أرأف امتى بامتى ابو بكر » فالفضل راجع الى مراتب النيات
يقول الفقير وجه التخصيص فى الاول ان اختلاف الليل والنهار المذكور فى آية التفكر يدور على السنة فبمقدار بعد التفكر جاء الثواب وفى الثانى ان خوف الموت وما بعده ينتهى الى الجنة او الى النار والجنة فوق سبع سموات كما ان النار تحت سبع ارضين وفى الثالث ان بعد قعر جهنم سبعون سنة على ما ورد فى الحديث فلما كان الصديق رضى الله عنه بعيد التفكر بالنسبة الى الاولين اثيب بما ذكر وجاء اجره مناسبا لتفكره وفى الآية اشارة الى ان السموات والارض وما فيهن خلفت للانسان فان وجودها تبع لوجوده وناهيك من هذا المعنى ان الله تعالى أسجد ملائكته لآدم عليه السلام وهذا غاية التسخير وهم اكرم مما فى السموات والارض ومثال هذا ان الله تعالى لما اراد ان يخلق ثمرة خلق شجرة وسخرها للثمرة لتحملها فالعالم بما فيه شجرة وثمرتها الانسأن ولعظم هذا المعنى قال ان فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون اى فى هذا المعنى دلالات على شرف الانسان وكماليته لقوم لهم قلوب منورة بنور الايمان والعرفان اذ يتفكرون بفكر سليم كما فى التأويلات النجمية(13/325)
قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)
{ قل للذين آمنوا } اغفروا يعنى در كذرانيدوعفو كنيد
وهو مقول القول حذف لدلالة الجواب عليه وهو قوله { يغفروا للذين لا يرجون ايام الله } كما فى قوله تعالى { قل لعبادى الذين آمنوا يقيموا الصلاة } اى قل لهم اقيموا الصلاة يقيموا الصلوة قال صاحب الكشاف وجوزوا ان يكون يقيموا بمعنى ليقميوا ويكون هذا هو المقول قالوا وانما جاز حذف اللام لان الامر الذى هو قل عوض عنه ولو قيل يقيموا ابتدآء بحذف اللام لم يجز وحقيقة الرجاء تكون فى المحبوب فهو هنا محمول على المجاز وهو التوقع والخوف والمعنى يعفوا ويصفحوا عن الذين لا يتوقعون ولا يخافون وقائعه تعالى باعدآئه فى الامم الماضية لقولهم ايام العرب لوقائعها كيوم بعاث وهو كغراب موضع بقرب المدينة ويومه معروف كما فى القاموس وقيل لا يأملون الاوقات التى وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز فيها واضافتها الى الله كبيت الله وهذه الآية نزلت قبل آية القتال ثم نسخت بها وذلك لان السورة مكية بالاتفاق الا ان المارودى استثنى هذه الاية وقال انها مدنية نزلت فى عمر بن الخطاب رضى الله عنه وعزاه الى ابن عباس رضى الله عنهما وقتادة وذلك ان عمر رضى الله عنه شتمه غفارى فهم ان يبطش به فنزلت فى حقه قال فى القاموس وبنوا غفار ككتاب رهط ابى ذر الغفارى وقيل نزلت حين قال رئيس المنافقين عبد الله بن ابى ما قال وذلك انهم نزلوا فى غزوة بنى المصطلق على بئر يقال لها مريسيع مصغر مرسوع فارسل ابن ابى غلامه يستقى فابطأ عليه فلما اتاه قال له ما حبسك قال غلام عمر قعد على طرف البئر فما ترك احدا يستقى حتى ملأ قرب النبى عليه السلام وقرب ابى بكر وعمر فقال ابن ابى ما مثلنا ومثل هؤلاء الا كما قيل سمن كلبك يأكلك فبلغ ذلك عمر فاشتمل سيفه يريد التوجه اليه فأنزلها الله
ودر تفسير اما ثعلبى مذكور است كه بعد از نزول آيت من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فنحاص عاذور اليهودى بر سبيل طنز كفت خداى تعالى مكر محتاج است كه قرض ميطلبد ابن خبر يفاروق رضى الله عنه رسيده بر جست وشمشير كشيد ورى بجست وجوى اونهاد تاهر جابيند بقتلش رساند حضرت عليه السلام بطلب عمر فرستاد جون حاضر شد كفت اى عمر شمشير بنه كه حق سبحانه وتعالى بعفو فرموده وآيت بروى خواند عمر كفت يا رسول الله بدان خداىكه ترابحق بخلق فرستادكه ديكراثر غضب درروى من نه ييندودمقابله كناه جزصفت عفواز من مشاهده نكند جويد بينى خلق ودر كذابى ترازيبد طريق بردبارى اكرجه دامنت رامى دردخار توكل باش ودهان برخنده ميدار { ليجزى قوما بما كانوا يكسبون } تعليل للامر بالمغفرة والمراد بالقوم المؤمنون والتنكير لمدحهم والثناء عليهم اى امرو بذلك ليجزى الله يومه القيامة قوما اى قوم لا قوما مخصوصين بما كسبوا فى الدنيا من الاعمال الحسنة التى من جملتها الصبر على اذية الكفار والمنافقين والاغضاء عنهم بكظم الغيظ واحتمال المكروه وما يقصر عنه البيان من الثواب العظيم وقد جوز أن يراد بالقوم الكفرة وبما كانوا يكسبون سيئاتهم التى من جملتها ما حكى من الكلمة الخبيثة والتنكير للتحقير فان قلت مطلق الجزآء لا يصلح تعليلا للامر بالمغفرة لتحققه على تقديرى المغفرة وعدمها قلت لعل المعنى قل للمؤمنين يتجاوزوا عن اساءة المشركين والمنافقين ولا يباشروا بأنفسهم لمجازاتهم ليجزيهم الله يوم القيامة جزآء كاملا يكافى سيئاتهم ويدل على هذا المعنى الآية الآتية وايضا ان الكسب فى اكثر ما ورد فى القرءآن كسب الكفار ويجوز أن يكون المعنى ليجزيهم الله وقت الجزآء كيوم بدر ونحوه وفى الاية اشارة الى ان المؤمن اذا غفر لاهل الجرآئم وان لم يكونوا اهل المغفرة لاصرارهم على الكفر والاذى يصير متخلقا باخلاق الحق ثم الله تعالى يجزى كل قوم جزآء عملهم من الخير والشر اما فى الدنيا والآخرة او فى الاخرة(13/326)
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)
{ من } هركه { عمل صالحا } وهو ما طلب به رضى الله عنه تعالى { فلنفسه } اى فنفع ذلك العمل الصالح وثوابه لنفسه عائد اليها { ومن اساء } وهركه كارى بدكند { فعليها } اى فضرر اساءته وعقابها على نفسه لا يكاد يسرى عمل الى غير عامله { ثم الى ربكم } مالك اموركم لا الى غيره { ترجعون } تردون بالموت فيجازيكم على اعمالكم خيرا كان او شرا فاستعدوا للقائه ففيه ترغيب على اكتساب العمل الصالح وترهيب عن ارتكاب العمل السيئ فمن الاول العفو والمغفرة للمجرم وصاحبه متصف بصفات الله تعالى ومن الثانى المعصية والظلم وصاحبه متصف بصفات الشيطان فمن كان من الابرار فان الابرار لفى نعيم ومن كان من الفجار فان الفجار لفى جحيم والفجور نوعان فجور صورى وهو ظاهر وفجور معنوى وهو انكار أهل الله والتعرض لهم بسوء بوجه من التأول ونحو ذلك مما ظاهره صلاح وباطنه فساد فرحم الله أهل التسليم والرضى والقبول ومن ترك الحرام والشيهة والفضول وعن بعضهم انه كان يمشى فى البرية فاذا هو بفقير يمشى حافى القدمين حاسر الرأس عليه خرقتان متزر باحداهما مرتدئ بالاخرى ليس معه زاد ولا ركوة قال فقلت فى نفسى لو كان مع هذا ركوة وحبل اذا اراد الماء توضأ وصلى كان خيرا له ثم لحقت به وقد اشتدت الهاجرة فقلت له يا فتى لو جعلت هذه الخرقة التى على كتفك على رأسك تتقى بها الشمس كان خيرا لك فسكت ومشى ولما كان بعد ساعة قلت له أنت حاف اى شئ ترى فى نعل تلبسها ساعة وانا ساعة فقال اراك كثير لفضول ألم تكتب الحديث فقلت بلى قال فلم تكتب عن النبى عليه السلام « من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه » فسكت ومشينا فعطشت ونحن على ساحل فالتفت الى وقال انت عطشان فقلت لا فمشينا ساعة وقد كظنى العطش اى جهدنى واوقعنى فى الشدة ثم التفت وقال أنت عطشان فقلت لا فمشينا ساعة وقد كظنى العطش اى جهدنى واوقعنى فى الشدة ثم التفت وقال أنت عطشان فقلت نعم وما تقدر تعمل معى فى مثل هذا الموضع فاخذ الركورة منى ودخل البحر وغرف من البحر وجاءنى به وقال اشرب فشربت ماء اعذب من النيل واصفى لونا وفيه حشيش فقلت فى نفسى هذا ولى الله ولكنى أدعه حتى اذا وافينا المنزل سألته الصحبة فوقف وقال ايما احب اليك ان تمشى او امشى فقلت فى نفسى ان تقدم فاتنى ولكن اتقدم انا واجلس فى بعض المواضع فاذا جاء سالته الصحبة فقال يا ابا بكر ان شئت تقدم واجلس وان شئت تأخر فانك لا تصحبنى ومضى وتركنى فدخلت المنزل وكان به صديق لى وعندهم عليل فقلت لهم رشوا عليه من هذا الماء فرشوا عليه فبرئ وسألتهم عن الشخص فقالوا ما رأيناه ففى هذه الحكاية فوآئد فتفطن لها
واعلم انك لا تصل الى مثل هذه المرتبة الا بالايمان الكامل والعلم النافع والعمل الصالح فمن فقد شيأ منها حرم نعوذ بالله ( قال الشيخ سعدى ) يى نيك مردان ببايد شتافت كه هركس كرفت اين سعادت بيافت ولكن تودنبال ديوخسى ندانم بى صالحا ركىرسى بيمبر كسىرا شفاعت كرست كه برجاده شرع بيغمبرست(13/327)
وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16)
{ ولقد آتينا بنى اسرآئيل الكتاب } اى التوراة قال سعدى المفتى ولعل الاولى ان يحمل الكتاب على الجنس حتى يشمل الزبور والانجيل ايضا انتهى وذلك لان موسى وداود وعيسى عليهم السلام كانوا فى بنى اسرآئيل { والحكم } اى الحكمة النظرية والعملية والفقه فى الدين او فصل الخصومات بين الناس اذ كان الملك فيهم { والنبوة } حيث كثر فيهم الانبياء ما لم تكثر فى غيرهم فان ابراهيم عليه السلام كان شجرة الانبياء عليهم السلام { ورزقناهم من الطيبات } من اللذآئذ كالمن والسلوى { وفضلناهم على العالمين } حيث آتيناهم ما لم نؤت من عداهم من فلق البحر وتظليل الغمام ونظائرهما ولا يلزم منه تفضيلهم على غيرهم بحسب الدين والثواب او على تحقيق المقام فى السورة السابقة(13/328)
وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17)
{ وآتيناهم بينات من الامر } دلائل ظاهرة فى امر الدين ومعجزات قاهرة فمن بمعنى فى كما فى قوله تعالى { اذا نودى للصلاة من يوم الجمعة } وقال ابن عباس رضى الله عنهما هو العلم بمبعث النبى عليه السلام وما بين لهم من امره وانه يهاجر من تهامة الى يثرب ويكون انصاره أهل يثرب { فما اختلفوا } فما وقع بينهم الخلاف فى ذلك الامر { الا من بعد ما جاءهم العلم } بحقيقته وحقيته فجعلوا ما يوجب زوال الخلاف موجبا لرسوخه { بغيا بينهم } تعليل اى عداوة وحسدا حدث بينهم لا شكا فيه { ان ربك يقضى بينهم يوم القيامة } بالمؤاخذة والجزآء { فيما كانوا فيه يختلفون } من امر الدين(13/329)
ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)
{ ثم جعلناك } بس بعد از بنى اسرآئيل ساختيم ترا يعنى مقرر كرديم سلوك تو { على شريعة } اى سنة وطريقة عظيمة الشأن { من الامر } اى امر الدين { فاتبعها } باجرآء احكامها فى نفسك وفى غيرك من غير اخلال بشئ منها وفى التأويلات النجمية انا أفردناك من جملة الانبياء بلطائف فاعرفها وخصصناك بحقائق فأدركها وسننالك طرآئق فاسلكها وأثبتنا لك الشرائع فاتبعها ولا تتجاوز عنها ولا تحتج الى متابعة غيرك ولو كان موسى وعيسى حيا لما وسعهما الا اتباعك قال جعفر الصادق رضى الله عنه الشريعة فى الامور محافظة الحدود فيها ومن الله الاعانة { ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون } اى آرآء الجهلة واعتقاداتهم الزائغة التابعة للشهوات وهم رؤساء قريش كانوا يقولون له عليه السلام ارجع الى دين ابائك فانهم كانوا افضل منك(13/330)
إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)
{ انهم لن يغنوا } لن يدفعوا { عنك من الله شيأ } مما أراد بك من العذاب ان اتبعتهم قال بعضهم يعنى ان أراد الله بك نعمة فلا يقدر احد على منعها وان أراد بك فتنة فلا يقدر احد ان يصرفها عنك فلا تعلق بمخلوق فكرك ولا تتوجه بضميرك الى غيرنا وثق بنا وتوكل علينا { وان الظالمين بعضهم اولياء بعض } لا يواليهم ولا يتبع اهوآءهم الا من كان ظالما مثلهم لان الجنسية علة الانضمام { والله ولى المتقين } الذين انت قدوتهم فدم على ما انت عليه من تولية خاصة بالتقوى والشريعة والاعراض عما سواه بالكلية وفى التأويلات النجمية سماهم الظالمين لانهم وضعوا الشئ فى غير موضعه وسمى المؤمنين المتقين لانهم اتقوا عن هذا المعنى واتخذوا الله الولى فى الامور كلها(13/331)
هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20)
{ هذا } القرءآن { بصائر للناس } فان ما فيه من معالم الدين والشرآئع بمنزلة البصائر فى القلوب كأنه بمنزلة الروح والحياة فمن عرى من القرءآن فقد عدم بصره وبصيرته وصار كالميت والجماد الذى لا حس له ولا حياة فحمل البصائر على القرءآن باعتبار اجزآئه ونظيره قوله تعالى ف { قد جاءكم بصائر من ربكم } اى القرءآن وآياته وقوله تعالى فى حق الآيات التسع لموسى عليه السلام { قال لقد علمت ما انزل هؤلاء الا رب السموات والارض بصائر } والبصائر جمع بصيرة وهو النور الذى به تبصر النفس المعقولات كما ان البصر نور به تبصر العين المحسوسات ويجوز أن يكون هذا اشارة الى اتباع الشريعة فحمل البصائر عليه لان المصدر المضاف من صيغ العموم فكأنه قيل جميع اتباعاتها { وهدى } من ورطة الضلالة { ورحمة } عظيمة ونعمة كاملة من الله فان الفوز بجميع السعادات الدنيوية والاخروية انما يحصل به { لقوم يوقنون } من شأنهم الايقان بالامور وبالفارسية مركروهى راكه بىكمان شوند يعنى از باديه كمان كذشته طالب سرمنزل يقين باشند وفى التأويلات النجمية المستعدين للوصول الى مقام اليقين بأنوار البصيرة فاذا تلألأت انكشف بها الحق والباطل فنظر الناس على مراتب من ناظر بنور العقل ومن ناظر بنور الفراسة ومن ناظر بنور الايمان ومن ناظر بنور الايقان ومن ناظر بنور الاحسان ومن ناظر بنور العرفان ومن ناظر بنور العيان ومن ناظر بنور العين فهو على بصيرة شمسها طالعة وسماؤها عن السحاب مصحية انتهى وعن النبى عليه السلام « القرءآن يدلكم على دائكم ودوائكم اما داؤكم فالذنوب واما دواؤكم فالاستغفار » وأعظم الذنوب الشرك وعلاجه التوحيد وهو على مراتب بحسب الافعال والصفات والذات وللاشارة الى المرتبة الاولى قال تعالى { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } فان التوكل نتيجة توحيد الافعال والتوكل كلمة الامر كله الى مالكه والتعويل على وكالته وللاشارة الى المرتبة الثانية قال تعالى { يا ايتها النفس المطمئنة ارجعى الى ربك راضية مرضية } فان الرضى لارادته الازلية وترك الاعتراض وسرور القلب بمر القضاء ثمرة توحيد الصفات ومن هذا المقام قال ابو على الدقاق رحمه الله التوحيد هو أن يقرضك بمقاريض القدرة فى امضاء الاحكام قطعة قطعة وانت ساكت حامد وللاشارة الى المرتبة الثالثة قال تعالى { كل شئ هالك الا وجهه } ( حكى ) ان واحدا من اصحاب ابى تراب النخشبى توجه الى الحج فزار ابا يزيد البسطامى قدس سره فسأله عن شيخه فقال انه يقول لو صارت السماء والارض حديدا ما شككت فى رزقى فاستقبحه ابو يزيد لان فيه فناء الافعال دون الصفات والذات وقال كيف تقوم الارض التى هو عليها فرجع فأخبر القصة لابى تراب فقال قل له كيف انت فجاء وسال فكتب بسم الله الرحمن الرحيم بايزيد نيست فلما رآه ابو تراب وكان فى الاحتضار قال آمنت بالله ثم توفى قال مولانا قدس سره هيج بغضى نيست در جانم زتو زانكه اين را من نمى دانم زتو آلت حقى توفاعل دست حق جون زنم بر آلت حق طعن ودق ( وقال ايضا ) آدمى راكى رسد اثبات تو اى بخود معروف وعارف ذات تو(13/332)
فعليك بتدبر الآيات القرءآنية والانتفاع بالبصائر النورانية لتكون من العلماء الربانية قال بعض الكبار العلماء اربعة عالم حظه من الله الله وهو مقام السر والحقيقة قال الله تعالى { شهد الله انه لا اله الا هو } وعالم حظه من الله العلم والمعرفة بالله وهو مقام الروح والمعرفة وعالم حظه علم السير الى الله وهو مقام النفس والطريقة وعالم حظه علم السير الى الآخرة وهو مقام الطبيعة والشريعة لانه بالاعمال الصالحة يحصل السير الاخروى واعلى الكل هو الاول قال بعض الكبار رأيت ابا يزيد قعد فى مسجد بعد العشاء الى الصبح فقلت اخبرنى عما رأيت فقال ارانى الله ما فى السموات والارض ثم قال ما اعجبك فقلت ما اعجبنى غيرك فبعضهم طلب منك المشى على الماء وبعضهم كرامة اخرى وانا لا اريد غيرك قال فقلت له لم لم تطلب منه معرفته فقال مه لا اريد أن يعرفه غيره قال بعضهم مقام التوحيد فوق مقام المعرفة ( حكى ) ان اثنين من الفقرآء التقيا فتكلما على المعارف الآلهية كثيرا ثم قال احدهما للآخر رضى الله عنك اذ حصل لى ذوق عظيم من صحبتك من المعارف وقال الآخر ولا رضى عنك اذا استقطعتنى بصحبتك من مقام التوحيد الى مقام المعرفة فاذا كملت المعرفة حصل الشهود والفناء والسكون ( قال الشيخ سعدى ) اى مرغ سحر عشق زبروانه بياموز كان سوخته را جان شدو آوز نيامد اين مدعيان در طلبش بى خبرانند كانراكه خبرشدخبرى بازنيامد ( وقال ) كركسى وصف اوزمن برسد بى ذل ازبى نشان جه كويدباز عاشقان كشتكان معشوقند برنيايدز كشتكان آواز نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الجامعين للمراتب والواصلين الى اعلى المطالب فان له ملك الوجود ومنه الكرم والفيض والوجود والارشاد الى حقيقة الفناء والسجود(13/333)
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)
{ ام حسب الذين اجترحوا السيئات } ام منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من البيان الاول الى الثانى والهمزة لانكار الحسبان بطريق انكار الواقع واستقباحه والتوبيخ عليه لا بطريق انكار الوقوع ونفيه والاجتراح الاكتساب ومنه الجوارح للاعضاء الكاسبة قال فى المفردات سمى الصائد من الكلاب والفهود والطير جارحة وجمعها جوارح اما لانها تجرح واما لانها تكسب وسميت الاعضاء الكاسبة جوارح تشبيها بها لاحد هذين انتهى والمراد بالسيئات الكفر والمعاصى { ان نجعلهم } ان نصيرهم فى الحكم والاعتبار مع مالهم من مساوى الاحوال وهو مع ما عمل فيه ساد مسد مفعولى الحسبان { كالذين آمنوا وعملوا الصالحات } مع مالهم من محاسن الاعمال ونعاملهم معاملتهم فى الكرامة ورفع الدرجة والكاف مفعول ثان للجعل { سوآء محياهم ومماتهم } اى محيى الفريقين جميعا ومماتهم حال من الضمير فى الظرف والموصول معا لاشتماله على ضميريهما على ان السوآء بمعنى المستوى ومحياهم ومماتهم مرتفان به على الفاعلية والمعنى ام حسبوا ان نجعلهم كائنين مثلهم حال كون الكل مستويا محياهم ومماتهم كلا لا يستوون فى شئ منهما فان هؤلاء فى عز الايمان والطاعة وشرفهما فى المحيى وفى رحمة الله ورضوانه فى الممات ولذا قال عليه السلام لما رأى اصحاب الصفة فى المسجد « المحيى محياكم والممات مماتكم » واولئك فى ذل الكفر والمعاصى وهوانهما فى المحيى وفى لعنة الله والعذاب الخالد فى الممات ( ع ) كل وخار وكل وكوهرنه برابر باشد
وكان كفار قريش يقولون نحن احسن حالا من المؤمنين فى الآخرة اى على تقدير وقوع الساعة كما قالوا نحن اكثر اموالا واولادا وما نحن بمعذبين اى فان العزيز فى الدنيا عزيز فى الآخرة وقد قيل المراد انكار ان يستووا فى الممات كما استووا فى الحياة لان المسيئين والمحسنين مستوٍ محياهم فى الرزق والصحة وانما يفترقون فى الممات { ساء ما يحكمون } اى ساء حكمهم هذا على ان ما مصدرية والفعل للاخبار عن قبح حكمهم او بئس شيئا حكموا به ذلك على ان ساء بمعنى بئس وما نكرة موصوفة بمعنى شئ والفعل لانشاء الذم وبالفارسية بدحكميست كه ايشان ميكندد ونتيجه شرك وتوحيدرا برابر ميدارند ( ع ) نيست يكسان لاى زهر آميز باآب حيات
وعن تميم الدارى رضى الله عنه انه كان يصلى ذات ليلة عند المقام فبلغ هذه الآية فجعل يبكى ويردد الى الصباح وعن الفضيل رحمه الله انه بلغها فجعل يرددها ويبكى ويقول يا فضيل ليت شعرى من اى الفريقين انت فلا يطمعن البطال فى ثواب العمال ولا الجباء فى مقام الابطال ولا الجاهل فى ثواب العالم ولا النائم فى ثواب القائم فعلى قدر اجتهاد المرء يزيد اجره وبقدر تقصيره ينحط قدره وفى بعض الكتب السابقة ان لله مناديا ينادى كل يوم ابناء الخمسين زرع دنا حصاده ابناء الستين هلموا الى الحساب ابناء السبعين ماذا قدمتم وماذا أخرتم ابناء الثمانين لا عذر لكم ليت الخلق لم يخلقوا وليتهم اذا خلقوا علموا لماذا خلقوا وتجالسوا بينهم فتذكروا ما عملوا الا أتتكم الساعة فخذوا حذركم وفى الخبر(13/334)
« اذا اراد الله بعبد خيرا بعث اليه ملكا من عامه الذى يموت فيه فيسدده وييسره فاذا كان عند موته اتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فقال يا أيتها النفس المطمئنة اخرجى الى مغفرة من الله ورضوان فذلك حين يحب لقاء الله ويحب الله لقاءه واذا اراد بعبد شرا بعث اليه شيطانا من عامه الذى يموت فيه فأغواه فاذا كان عند موته اتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فيقول يا أيتها النفس الخبيثة اخرجى الى سخط من الله وغضب فتفرق فى جسده فذلك حين يبغض لقاء الله ويبغض الله لقاءه » ويقال اذا اراد الله ان ينقل العبد من ذل المعصية الى عز الطاعة آنسه بالوحدة واغناه بالقناعة وبصره بعيوب نفسه فمن اعطى ذلك فقد أعطى خير الدنيا والآخرة كما انه فرق بين مطيع وفاسق فكذا فرق بين مطيع ومطيع وللتفاضل فى الاطاعة والنيات تتفاضل المقامات والدرجات ولذا يرى بعض اهل الجنة البعض كما يرى فى الدنيا الكوكب الدرى وعن عبيد بن خالد رضى الله عنه ان النبى آخى بين رجلين فقتل احدهما فى سبيل الله ثم مات الآخر بعده بجمعة او نحوها فصلوا عليه فقال عليه السلام « ما قلتم » قالوا دعونا الله ان يغفر له ويرحمه ويلحقه بصاحبه فقال النبى عليه السلام « فأين صلاته بعد صلاته وعمله بعد عمله » او قال « صيامه بعد صيامه » لما ان بينهما أبعد مما بين السماء والارض وقد ورد فى بعض الاخبار ان الموتى يتأسفون على انقطاع الاعمال عنهم حتى يتحسرون على رد السلام وثوابه فليحذر العاقل من حسرة السباق وفجيعة الفراق اما حسرة السباق فانهم اذا قاموا من قبورهم وركب الابرار نجائب الانوار وقدمت بين ايديهم نجائب المقربين بقى المسبوق فى جملة المحرومين واما فجيعة الفراق فانه اذا جمع الله الخلق فى مقام واحد امر ملكا ينادى ايها الناس امتازوا فان المتقين قد فازوا كما قال { وامتازوا اليوم ايها المجرمون } فيمتاز الولد من والديه والزوج من زوجته والحبيب من حبيبه فهذا يحمل مبجلا الى رياض النعيم وهذا يساق مسلسلا الى عذاب الجحيم قال بعض الاخيار رأيت الشيخ ابا اسحق ابراهيم بن على بن يوسف الشيرازى قدس سره فى النوم بعد وفاته وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج فقلت له ما هذا البياض فقال شرف الطاعة قلت والتاج قال عز العلم وعن ابى بكر الوراق قدس سره طلبنا أربعة فوجدناها فى اربعة وجدنا رضى الله فى طاعة الله تعالى وسعة المعاش فى صلاة الضحى وسلامة الدين فى حفظ اللسان ونور القلب فى صلاة الليل فعليك بالتدارك قبل فوت الوقت فان الوقت سيف قاطع ( قال الشيخ سعدى ) سر ازحبيب غفلت برآوركنون كه فردانمانى بخجلت نكون قيامت كه نيكان باعلى رسند زقعر ثرى بر ثريا رسند تراخود كه در روى نيكان شوى سرمسار(13/335)
وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (22)
{ وخلق الله السموات والارض بالحق } اى بسبب الحق ولاجل ظهوره وحقيقته بالامر الايجادى والتجلى الحيى الاحدى فما من ذرة من ذرات العالم الا والله سبحانه متجل فيها باسمائه وصفاته لكنه لا يشاهده الا أهل الشهود وبظهور هذا الحق والوجود زهق الباطل والعدم وعليه يدور سر قوله تعالى { ثم استوى على العرش } فان الله تعالى عن الاستواء بنفسه كما يقول الظالمون { ولتجزى كل نفس بما كسبت } من خير وشر عطف على بالحق لان فيه معنى التعليل لان الباء للسببية وبيانه ان الحكمة فى خلق العالم هو الجزاء اذ لو لم يكن الجزاء كما يقول الكافرون لاستوى المطيع والعاصى فالجزاء مترتب على الطاعة والعصيان وهما موقوفان على وجود العالم اذ التكليف لا يحصل الا فى هذه الدار وقد سبق فى سورة الدخان عند قوله تعالى { وما خلقنا السموات } الآية { وهم } اى النفوس المدلول عليها بكل نفس { لا يظلمون } بنقص ثواب المحسن وزيادة عقاب المسيئ بلكه هر كس را فراخور عمل اوجزادهد
وتسمية ذلك ظلما مع انه ليس كذلك على ما عرف من قاعدة اهل السنة لبيان غاية تنزه ساحة لطفه تعالى عما ذكره بتنزيله منزلة الظلم الذى يستحيل صدوره عنه تعالى فهذه الآية اخبار بأن التسوية فى الجزاء سفه والله تعالى خلق العالم بالحق ليتميز المطيع من العاصى لا بالسفه فلا بد من المجازاة على وفق الاعمال بين شدل وفضل بلا ظلم وجهل فعليك بالمسارعة الى الاعمال الصالحة لا سيما التوحيد وذكر الله تعالى اذ به تحصل المعرفة المقصودة من خلق الثقلين ولفضل المعرفة قال عليه السلام فى جواب من قال اى الاعمال أفضل « العلم بالله » وبين معرفة ومعرفة فرق عظيم لذلك قال حافظ قبر ابى يزيد البسطامى قدس سره للسلطان محمود الغزنوى ان ابا جهل لم يبصر النبى عليه السلام الا بانه يتيم عبد المطلب وابى طالب ولو نظر بأنه رسول الله وحبيب رب العالمين وعرف ذلك لآمن به ولا بد فى العبادة من الاخلاص فمن عبد الله حبا أعلى رتبة ممن عبده خوف العقوبة
يحكى ان محمد يا عبد الله أربعين سنة يجزى بأكثر من اسرائيلى عبد الله تعالى اربعمائة سنة فيقول الاسرائيلى يا رب انت العادل فيقول الله تعالى انتم تخافون العقوبة العاجلة وتعبدوننى وامة محمد يعبدوننى مع الأمن ( قال المولى الجامى ) جيست اخلاص آنكه كسب وعمل باك سازى زشوب نفس ودغل نه در آن صاحب غرض باشى نه ازان طالب عوض باشى كيسه خود از وبير دازى سايه خود برونيندازى(13/336)
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)
{ افرأيت من اتخذ الله هواه } وهو ما تهواه نفسه الخبيثة وقال الشعبى انما سمى الهوى لانه يهوى بصاحبه فى النار وهو تعجيب لحال من ترك متابعة الهدى الى مطاوعة الهوا فكأنه عبده ففيه استعارة تمثيلية او حذف اداة التشبيه وكان الاصل كالهه اى انظرت فرأيته فان ذلك مما يقتضى التعجب وسبق تحقيق الآية فى سورة الفرقان وفيه اشارة الى ان من وقف بنفسه فى مرتبة من المراتب دون المشاهدة فقد صار من أهل الهوا وعبد ما سوى المولى وفى الحديث « ما عبد تحت ظل السماء أبغض الى الله من هوى » قال بعضهم
نون الهوان من الهوى مسروقة ... فأسير كل هوى أسير هوان
وقال بعضهم
فاعص هوى النفس ولا ترضها ... انك ان استخطتها زانكا
حتى متى تطلب مرضاتها ... وانما تطلب عدوا نكا
( قال الشيخ سعدى ) مراد هركه برارى مطيع امر توشد خلاف نفس كه كردن كشد جويافت مراد ( وقال المولى الجامى ) هيج اذاى براه خلق نيست بدتر زنفس بدفرما { واضله الله } وخذله عدلا منه يعنى كمراه ساخت وفرو كذاشت { على علم } حال من الفاعل اى حال كونه تعالى عالما بضلاله وتبديله للفطرة الاصلية ويمكن ان يجعل حالا من المفعول اى علم من الضال بطريق الهداية بأن ضل عنادا نحو { فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به } ونحو { فما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم } { وختم على سمعه } بحيث لا يتأثر من المواعظ ولا يسمع الحق { وقلبه } بحيث لا يتفكر فى الآيات والنذر ولا يفهم الحق { وجعل على بصره غشاوة } مانعة عن الاستبصار والاعتبار وهو ما يغشى العين ويغطيها عن الابصار والادراك وتنكيرها للتنويع او للتعظيم
قال بعض الكبار ختم الله على سمعه فحرم من سماع خطابه وعلى قلبه فحرم من فهم خطابه وعلى عينيه فحرم من مشاهدة آثار القدرة فى صنعه فلم ير الحق { فمن يهديه } بس كيست كه راه نمايد اين كسر را { من بعد الله } اى من بعد اضلاله اياه بموجب تعاميه عن الهدى وتماديه فى الغى اى لا يقدر أحد ان يهديه { افلا تذكرون } ألا تلاحظون ايها الناس فلا تتذكرون ولا تتفكرون فتعلموا ان الهداية لا يملكها احد سواه او فلا تتعظون
آيابند نمى كريد يعنى بند كيريد ومتنبه شويد
وفى الآية اشارة الى الفلاسفة والدهرية والطبائعية ومن لم يسلك سبيل الاتباع ولم يستوف احكام الرياضة بتأديب أرباب الطريقة على قانون الشريعة ولم ينسلخ عن هواه بالكلية ولم يؤدبه ويسلكه امام مقتدى فى هذا الشان من أرباب الوصال والوصول بل اقتدى بائمة الكفر والضلالة واقتفى آثارهم بالشبهات العقلية وحسبان البراهين القطعية فوقع فى شبكة الشيطان فأخذه بزمام هواه وأضله فى تيه مهواه وربما دعاه الى الرياضة وترك الشهوات لتصفية العقل وسلامة الفكر فيمنيه ادراك الحقائق حتى يوبقه فى وهدات الشبهات فيهيم فى كل ضلالة ويضل فى كل فج عميق واصبح خسرانه اكثر من ربحه ونقصانه أوفر من رجحانه فهم فى ضلال بعيد يعملون القرب على ما يقع لهم من نشاط نفوسهم زمامهم بيد هواهم اولئك اهل المكر استدرجوا من حيث لا يشعرون ( وفى المثنوى ) جيست حبل الله رها كردن هوا كين هواشد صرصرى مرعادرا خلق درزندان نشسته ازهواست روح را درغيب خود اشكنجهاست ليك تانجهى شكنجه درخفاست جون رهيدى بينىشكنج ودمار زانكه ضد ازضد كرددآشكار جون رها كردى هوى ازبيم حق دررسدسغراق ازتسنيم حق(13/337)
وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24)
{ وقالوا } يعنى منكرى العبث من غاية غيهم وضلالهم وهم كفار قريش ومشركوا العرب وفى كشف الاسرار هذا من قول الزنادقة الذين قالوا الناس كالحشيش { ما هى } اى ما الحياة { الا حياتنا الدنيا } التى نحن فيها { نموت ونحيا } اى يصيبنا الموت والحياة فيها وليس وراء ذلك حياة وتأخير نحيا لان فيها شبه مراعاة الفاصلة ولان الواو لمطلق الجمع وقد جوز أن يريدوا به التناسخ فانه عقيدة اكثر عبدة الاوثان يعنى احتمال داردكه قائلان اين مذهب تناسخ داشته باشند ونزد ايشان آنست كه هركه مىميرد روح او بجسد ديكر تعلق ميكيرد وهم دردنيا ظهور ميكند تا ديكر بار بميرد وديكر باز آيد وازشاكمونى كه بزعم ايشان بيغمبرست نقل كردماندكه كفت من خودار هزار وهفتصد قالب ديدمام
قال الراغب القائلون بالتناسخ قوم ينكرون البعث عل ما اثبتته الشريعة ويزعمون ان الارواح تنتقل من الاجساد على التأبيد أى الى اجساد أخر وفى التعريفات التناسخ عبارة عن تعلق الروح بالبدن بعد المفارقة من بدن آخر من غير تخلل زمان بين التعلقين للتعشق الذاتى بين الروح والجسد { وما يهلكنا الا الدهر } اى مرور الزمان وهو مدة بقاء العالم من مبدأ وجوده الى انقضائه ثم يعبر به عن كل مدة كبيرة وهو خلاف الزمان فان الزمان يقع على المدة القليلة والكثيرة قال فى القاموس الدهر الزمان الطويل والابد الممدود وألف سنة والدهر عند الصوفية هو الآن الدآئم الذى هو امتداد الحضرة الالهية وهو باطن الزمان وبه يتجدد الازل والابد وكانو يزعمون ان المؤثر فى هلاك الانفس هو مرور الايام والليالى وينكرون ملك الموت وقبضه للارواح بأمر الله ويضيفون الحوادث الى الدهر والزمان ويسبونه ويذمونه ويشتكون منه كما نطقت بذلك اشعارهم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله « لا تسبو الدهر فان الله هو الدهر » اى فان الله هو الآتى بالحوادث لا الدهر ( قال الكاشفى ) مقلب دهور ومصرف آن حضرت عزت است جل شانه ودهوررا در هيج كاراختيارى نيست دهر ترا دهربناهى ترا حكم ترا زيبد وشاهى ترا دور زان كارنسازد بخوذ جرخ فلك برنفرازد بخود اين همه فرمان ترابنده اند درره امرتو شتابنده اند
( قال بعضهم ) يا عالما يعجب من دهره . لا تلم الدهر على غدره . فانه مأموله آمر . قد ينتهى الدهر الى امره . كم كافر أمواله جمة . يزداد اضعافا على كفره . ومؤمن ليس له درهم . يزداد ايمانا على فقره
قال فى المفردات قوله عليه السلام « لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر » قد قيل معناه ان الله فاعل ما يضاف الى الدهر من الخير والشر والمسرة والمساءة فاذا سببتم الذى تعتقدون انه فاعل ذلك فقد سببتموه تعالى وقال بعضهم الدهر الثانى فى الخبر غير الاول وانما هو مصدر بمعنى الفاعل ومعناه ان الله تعالى هو الدهر أى المصرف المدبر لكل ما يحدث والاول أظهر وفى الحديث(13/338)
« قال الله لا يقل ابن آدم يا خيبة الدهر فانى انا الدهر ارسل الليل والنهار فاذا شئت قبضتهما » وهذا والحديث الاول سهل على تفسير الصوفية كما سبق فاعرف تفز { وما لهم بذلك } اى بما ذكر من اقتصار الحياة على ما فى الدنيا واسناد الحياة والموت الى الدهر { من علم } فأسند الى عقل او نقل ومن مزيدة لتأكيد النفى { ان هم الا يظنون } اى ما هم الا قوم قصارى امرهم الظن والتقليد من غير ان يكون لهم شئ يصح ان يتمسك به فى الجملة هذا معتقدهم الفاسد فى انفسهم واما المؤمنون فقد اخذوا بالنصوص وسلكوا طريق اليقين وتجاوزوا عن برازخ الظن والتخمين واثبتوا الحشر الصورى والمعنوى اى الحشر المحسوس والصراط المحسوس والجنة والنار المحسوستين وكذا جمع النفوس الجزئية الى النفس الكلية والجمع بين المعقول والمحسوس أعظم فى القدرة من نعيم وعذاب محسوسين بأكل وشرب ونكاح ولباس محسوسات وأتم فى الكمال الالهى ليستمر له سبحانه فى كل صنف من الممكنات حكم عالم الغيب والشهادة ويثبت حكم الاسم الظاهر والباطن فى كل صنف وهذا معتقد الانبياء والرسل ومؤمنيهم فمن اعتقد كاعتقادهم نجا والا هلك ومن لوازم هذا الاعتقاد والتوحيد اسناد كل حادثة الى الله العزيز الحميد فانه المؤثر فى الكل ولذا نهى عن سب الريح اذ هى بيد ملك وهو بيد الله تعالى فجميع التصرفات راجع اليه ( حكى ان الحجاج ) أرسل عبد الله الثقفى الى انس بن مالك رضى الله عنه يطلبه فقال اجب امير المؤمنين فقال له اذله الله فان العزيز من اعتز بطاعة الله والذليل من ذل بمعصيته ثم قام معه فلما حضر قال انت الذى تدعو علينا قال نعم قال ومم ذلك قال لانك عاص لربك تخالف سنة نبيك تعز أعدآء الله وتذل اولياءه فقال اقتلك شرق قتلة فقال انس لو علمت ان ذلك بيدك لعبدتك قال ولم ذلك قال لان رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنى دعاء وقال من دعا به كل صباح لم يكن لاحد عليه سبيل اى لم يضرّ به سم ولا سحر ولا سلطان ظالم وقد دعوت به فى صباحى فقال الحجاج علمنيه فقال معاذ الله ان أعلمه ما دمت حيا وانت حى فقال الحجاج خلوا سبيله فقيل له فى ذلك فقال رأيت على عاتقيه اسدين عظيمين قد فتحا افواههما فدل هذا على ان التأثير بيد الله القدير لا فى يد السلطان والوزير وانما هو وهم المحجوب الناظر الى جانب الاسباب والوسائل ثم ان انسا رضى الله عنه لما حضره الموت قال لخادمه ان لك على حقا حق الخدمة فعلمه الدعاء وقال له قل بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله خير الاسماء بسم الله الذى لا يضر مع اسمه شئ فى الارض ولا فى السماء وانس رضى الله عنه من خدام رسول الله صلى الله عليه وسلم خدمه عشر سنين وانتقل الى البصرة فى خلافة عمر رضى الله عنه وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة سنة احدى وتسعين وله مائة وثلاث سنين وهو احد الستة المشهورين برواية الحديث(13/339)
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25)
{ واذا تتلى عليهم } اى على منكرى البعث { آياتنا } الناطقة بالحق الذى من جملته البعث { بينات } واضحات الدلالة على ما نطقت او مبينات له نحو قوله تعالى { قل يحييها الذى انشأها اول مرة } وقوله { ان الذى احياها لمحيى الموتى } وغير ذلك { ما كان حجتهم } جواب اذا وبه استدل ابو حيان على ان العامل فى اذا ليس جوابها لان ما النافية لها صدر الكلام واعتذر عن عدم دخول الفاء فى الجواب بانها خالفت ادوات الشرط فى ذلك وحجتهم بالنصب على انه خبر كان اى ما كان متمسكاتهم بشئ من الاشياء يعارضونها به وبالفارسية نباشد حجت ايشان { الا ان قالوا } عنادا واقتراحا { ائتوا بآبائنا } بياريد بدران ما
يعنى احيوهم وابعثوهم من قبورهم { ان كنتم صادقين } فى انا نبعث بعد الموت وقد سبق فى سورة الدخان اى الا هذا القول الباطل الذى يستحيل ان يكون من قبيل الحجة لانها انما تطلق على الدليل القطعى وتسميته حجة اما لسوقهم اياه مساق الحجة على سبيل التهكم بهم او لتزيل النقابل منزلة لتناسب للمبالغة فاطلق اسم الحجة على ما ليس بحجة من قبيل ( تحية بينهم ضرب وجميع } اى سماء حجة لبيان انهم لا حجة لهم البتة لان من كانت حجته هذا لا يكون له حجة البتة كما ان من ابتدأ بالضرب الوجيع فى اول التلاقى لا يكون بينهم تحية البتة ولا يقصد بهذا الاسلوب الا هذا المعنى كأنه قيل ما كان حجتهم الا ما ليس بحجة(13/340)
قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (26)
{ قل الله يحييكم } ابتدآء { ثم يميتكم } عند انقضاء آجالكم لا كما تزعمون من انكم تحيون وتموتون بحكم الدهر { ثم يجمعكم } بعد البعث منتهين { الى يوم القيامة } للجزآء { لا ريب فيه } اى فى جمعكم فان من قدر على البدء قدر على الاعادة والحكمة اقتضت الجمع للجزآء لا محالة والوعد المصدق بالمعجزات دل على وقوعها حتما والاتيان بآبائهم حيث كان مزاحما للحكمة التشريعية امتنع ايقاعه ( قال الكاشفى ) احياء موتى موقتست بوقتى خاص بروجهى كه مقتضاى حكمت است بس اكر وقت اقتراح وجود نكيرد حمل بر عجز نبا يد كرد
وقد سبق منا تعليله بغير هذا الوجه فى سورة الدخان فارجع { ولكن اكثر الناس لا يعلمون } ذلك استدراك من قوله تعالى لا ريب فيه بان فيه شائبة ريب ما وفيه اشارة الى ان الله يحييكم بالحياة الانسانية ثم يميتكم عن صفة الانسانية الحيوانية ثم يجمعكم بالحياة الربانية الى يوم القيامة وهى النشأة الاخرى لا ريب فى هذا عند اهل النظر ولكن اكثر الناس لا يعلمون لانهم اهل النسيان والغفلة
وفى الجهل قبل الموت موت لاهله ... واجسامهم قبل القبور قبور
وان امرأ لم يحيى بالعلم ميت ... وليس له حين النشور نشور
وفى الحديث « انتم على بينة من ربكم ما لم تظهر منكم سكرتان سكرة الجهل وسكرة حب الدنيا » فعلى العاقل ان ينتبه ويكون على يقين من ربه ويصدق الكتاب فيما نطق به ولصعوبة الايمان بالغيب وقع اكثر الناس فى ورطة التكذيب ولانغلاق ابواب البرزخ والمعاد كثر الرد والانكار ( حكى ) ان الشيخ الامام مفتى الانام عز الدين بن عبد السلام سئل بعد موته فى منام رآه السائل ما تقول فيما كنت تنكر من وصول ما يهدى من قرآءة القرءآن للموتى فقال هيهات وجدت الامر بخلاف ما كنت اظن فالله تعالى قادر على كل شئ
نقلست كه بير خراسان احمد حربى قدس سره همسايه كبرداشت بهرام نام مكرش يكى بتجارت فرستاده بود در راه آن مال برده بودند مال بسيار بودآن خبر بشيخ احمد رسانيدند يارانرا كفت اين همسايه مارا جنين كار افتاده است بر خيزيد تابرويم واوراغم خواركى كنيم اكرجه كبراست همسايه است جون بدر سراى اورسيدند واورا ديدند آتشى مىسوخته ومتوجه كشته بهرام براخاست واستقبال كرد وبوسه برآستين شيخ داد واعزاز واكرام نمود ودر بند آن شدكه سفره بنهد بنداشت كه مكر از بهر جيزى خوردن آمده اندكه قحط بود شيخ احمد كفت خاطر فارغ داركه مابغم خواركئ توآمده ايم كه شنيده ايم دزدان مال توبرده اند بهرام كفت مراسه شكر واجب است يكى آنكه ديكران ازمن بردند ومن از ديكران نبردم دوم آنكه يك نيمه برده اندونيمه ديكر بامنست سوم آنكه دين بامنست دنيا خود آيد ورود هنر بايد وفضل ودين وكمال كه كاه آيدوكه رود جاه ومال احمد كفت ازين سخن توبوى آشنايى مىآيد بس شيخ كفت اى بهرام جرا آتش رامى برستى كفت تافردا مارا نسوزد وبا امن بى وفايى نكندكه جندين هيزم درخورد او داده ام تامرا بخداى رساند شيخ كفت غلط كرده كه آتش ضعيف است وجاهل وبى وفاست هر حسابى كه ازو بر كرفته باطلست اكر طفلى باره آب بروريزد يامشتى خاك برو افكنداو از خود دفع نكند وبميرد از ضعف كسى كه جنين ضعيف بودتر ابجنان قوى جونكه تواند رسانيد كسى قوت نداردكه بارة خاك رادفع كند ترا واسطه جون بود حق تعالى را ديكر نادانست اكر مشك واكر نجاست درو اندازى هردور ابسوز دونداندكه يكى بهترست وازهيزم تاعود فرق نكندوبى وفاست اينك هفتاد سالست تو آتش مى برستى ومن هركز نبرستيده ام بيا تاهر درودست در آتش كنيم تاتو مشاهده كنى كه هر دور ابسوزد ووفانكند كبررا سخن او خوش آمد وكفت ترا جهار مسأله برسم اكر جواب دهى ايمان آورم احمدكفت بكو كفت خداى تعالى خلق را جرا آفريدو جون آفريد جرا رزق داد وجون رزق داد جرا ميرانيد وجون ميرانيد جرا بر انكيزذ احمد كفت آفريدتا اورا شناسند ورزق دادتا اورا برازقى بداند وميرانيد تا اورا بقهارى شناسند وزنده كردانيد تا اورا بقادرى بدانند بهرام كبرجون اين سخن راشنود بى خود انكشت بر آوردو شهادث بر زبان راند جون شيح ديد نعره زد وبيهوش شد جون بهوش آمد بهرام كفت يا شيخ سبب نعره زدن وبيهوش شدن جه بود كفت درين ساعت كه توانكشت بر داشتى بدرونم خطاب كردندكه هان اى احمد بهرام كبر راكه هفتاد سال در كبرى كذشت ايمان آورد تا ترا كه هفتاد سال در مسلمانى كذشت عاقبت جه خواهد آورد(13/341)
ومن الله العصمة والتوفيق لمرضاته والاستبصار بآياته وبيناته(13/342)
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (27)
{ ولله ملك السموات والارض } اى الملك المطلق والتصرف الكلى فيهما وفيما بينهما مخصوص بالله تعالى وهو تعميم للقدرة بعد تخصيصها { ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون } العامل فى يوم يخسر ويومئذ بدل منه قال العلامة التفتازانى مثل هذا بالتأكيد اشبه وأنى يتأتى ان هذا مقصود بالنسبة دون الاول قلت اليوم فى البدل بمعنى الوقت والمعنى وقت اذ تقوم الساعة ويحشر الموتى فيه وهو جزء من يوم تقوم الساعة فانه يوم متسع مبدأه من النخفة الاولى فهو بدل البعض والعائد مقدر ولما كان ظهور خسرهم وقت حشرهم يكون هو المقصود بالنسبة كذا فى حواشى سعدى المفتى يقال أبطل جاء بالباطل وقال شيأ لا حقيقة له والمراد الذين يبطلون الحق ويكذبون بالبعث ومعنى يخسر المبطلون يظهر خسرانهم ثمة وبالفارسية زيان كنند تباه كاران وزيان ايشان آن بودكه بدوزخ باز كزدند
قال فى الكبير ان الحياة والعقل والصحة كأنها رأس المال والتصرف فيها لطلب سعادة الآخرة يجرى مجرى تصرف التاجر فى رأس المال لطلب الريح والكفار قد أتعبوا انفسهم فى طلب الدنيا فخسروا ربح الآخرة وفيه اشارة الى ابطال الاستعداد الفطرى ( ع ) على نفسه فليبك من ضاع عمره(13/343)
وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28)
{ وترى } رؤية عين { كل امة } من الامم المجموعة ومؤمنيهم وكافريهم حال كونها { جاثية } باركة على الركب من هول ذلك اليوم غير مطمئنة لانها خائفة فلا تطمئن فى جلستها عند السؤال والحساب يقال جثا يجثو ويجثى جثوا وجثيا بضمهما جلس على ركبتيه او قام على اطراف اصابعه وعن ابن عباس رضى الله عنه جاثية اى مجتمعة بمعنى ان كل امة لا تختلط بأمة اخرى يقال جثوت الابل وجثيتها جمعتها والجثوة بالضم الشئ المجتمع فان قيل الجثو على الركب انما يليق بالكافرين فان المؤمنين لا خوف عليهم يوم القيامة فالجواب ان الآمن قد يشارك المبطل فى مثل هذا الى ان يظهر كونه محقا لا مستحقا للامن قال كعب لعمر امير المؤمنين رضى الله عنه ان جهنم تزفر زفرة يوم القيامة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبى مرسل الا جثا على ركبتيه حتى يقول خليل الرحمن عليه السلام يا رب لا اسألك اليوم الا نفسى ( قال الشيخ سعدى ) دران روزكز فعل برسند وقول اولوالعزم راتن بلرزد زهول بجايى كه دهشت خورد انبيا توعذركنه راجه دارى بيا { كل امة } كرر كل امة لانه موضع الاغلاظ والوعيد تدعى الى كتابها اى الى صحيفة اعمالها فالاضافة مجازية للملابسة لان اعمالهم مثبتة فيه وفيه اشارة الى عجز العباد وان لا حول ولا قوة لهم فيما كتب الله لهم فى الازل وانهم لا يصيبهم فى الدنيا والآخرة الا ما كتب الله لهم على مقتضى اعيانهم الثابتة فلا يجرون فى الافعال الا على القضاء ( قال الحافظ ) درين جمن نكنم سرزنش بخود رويى جنانكه برور شم ميد هند ميرويم { اليوم } معمول لقوله { تجزون ما كنتم تعملون } اى يقال لهم ذلك فمن كان عمله الايمان جزاه الله بالجنة ومن كان عمله الشرك والكفر جزاه بالنار كما قال النبى عليه السلام « اذا كان يوم القيامة جاء الايمان والشرك فيجثيان بين يدى الرب تعالى فيقول الله للايمان انطلق أنت واهلك الى الجنة ويقول للشرك انطلق انت وأهلك الى النار »(13/344)
هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)
{ هذا كتابنا } الخ من تمام ما يقال حينئذ وحيث كان كتاب كل امة مكتوبا بأمر الله اضيف الى نون العظمة تفخيما لشأنه وتهويلا لامره والا فالظاهر ان يضاف الى الامة بان يقال كتابها كما فيما قبلها { ينطق عليكم } اى يشهد عليكم { بالحق } اى من غير زيادة ولا نقص والجملة خبر آخر لهذا وبالحق حال من فاعل ينطق { انا كنا نستنسخ } الخ تعليل لنطقه عليهم باعمالهم من غير اخلال بشئ منها اى كنا فيما قبل نستكتب الملائكة { ما كنتم تعملون } فى الدنيا من الاعمال حسنة كانت او سيئة صغيرة او كبيرة اى نأمر الملائكة بكتب اعمالكم واثباتها عليكم لان السين للطلب والنسخ فى الاصل هو النقل من اصل كما ينسخ كتاب من كتاب لكن قد يستعمل للكتبة ابتدآء وقال بعضهم ما من صباح ولا مساء الا وينزل فيه ملك من عند اسرافيل الى كاتب اعمال كل انسان ينسخ عمله الذى يعمله فى يومه وليلته وما هو لاق فيها كما قال عليه السلام « اول ما خلق الله القلم وكتب ما يكون فى الدنيا من عمل معمول بر أو فجور واحصاه فى الذكر » واقرأوا انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون فهل يكون النسخ الا من شئ قد فرغ منه قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الله وكل ملائكة يستنسخون من ذلك الكتاب المكتوب عنده كل عام فى شهر رمضان ما يكون فى الارض من حدث الى مثلها من السنة المقبلة فيعارضون به حفظة الله على عباده كل عشية خميس فيجدون ما رفع الحفظة موافقا لما فى كتابهم ذلك ليس فيه زيادة ولا نقصان فاذا افنى الورق مما قدر وانقطع الامر وانقضى الاجل اتت الحفظة الخزنة فيطلبون عمل ذلك اليوم فتقول لهم الخزنة ما نجد لصاحبكم عندنا شيأ فترجع الحفظة فيجدونه قد مات ثم قال ابن عباس رضى الله عنهما ألستم قوما عربا هل يكون الاستنساخ الا من اصل وهو اللوح المحفوظ من التغير والتبدل والزيادة والنقصان على ما عليه كان مما كتبه القلم الاعلى وفيه دليل على ان الحفظة يعلمون ما يقع فى ذلك اليوم من العبد ويفعله قبل ان يفعله فان قلت اذا علمت الحفظة اعمال العبد من اللوح المحفوظ فما فائدة ملازمتهم العبيد وكتابتهم اعمالهم قلت الزام الحجة لا يحصل الا بشهودهم فعل العبد فى وقته المخصوص وكتابتهم على ما وقع
قال بعضهم ان الحفظة يكتبون جميع ما يكون من العبد يقابلونه بما فى ام الكتاب فما فيه ثواب وعقاب اثبت وما لم يكن فيه ثواب ولا عقاب محى وذلك قوله تعالى { يمحو الله ما يشاء ويثبت } فعلى العبد أن يتدارك الحال قبل حلول الآجال فانه سوف ينفد العمر وينقلب الامر ( قال الشيخ سعدى ) دريغست فرموده ديوزشت كه دست ملك برتوخواهد نوشث روا دارى از جهل ونابا كيت كه با كان نويسند نابا كيت طريقى بدست آر وصلحى بجوى شفيعى برانكيز وعذرى بكوى كه يك لحظه صورت نه بنددامان جوبيمانه برشد بدور زمان
جعلنا الله واياكم من المسارعين الى اسباب رضاه والمسابقين الى قبول امره وهداه(13/345)
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30)
{ فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات } من الامم لانه تفصيل لما قبله { فيدخلهم ربهم فى رحمته } اى فى جنته لان الدخول حقيقة فى الجنة دون غيرها من اقسام الرحمة فهو من تسمية الشئ باسم حاله يعنى لما كانت الجنة محل الرحمة اطلق عليها الرحمة بطريق المجاز المرسل { ذلك } الذى ذكر من الادخال فى رحمته تعالى { هو الفوز المبين } الظاهر كونه فوز الا فوز وراءه
يقول الفقير واما الفوز العظيم فهو دخول جنة القلب ولقاؤه تعالى فى الدنيا والآخرة ولكن لما كان هذا الفوز غير ظاهر بالنسبة الى العامة وكان الظاهر عندهم الفوز بالجنة قيل هو الفوز المبين وان اشتمل الفوز المبين على الفوز العظيم لان الجنة محل انواع الرحمة(13/346)
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ (31)
{ واما الذين كفروا أفلم تكن آياتى تتلى عليكم } اى فيقال لهم بطريق التوبيخ والتقريع الم تكن تأتيكم رسلى فلم تكن آياتى تتلى عليكم فحذف المعطوف عليه ثقة بدلالة القرينة عليه { فاستكبرتم } عن الايمان بها { وكنتم قوما مجرمين } اى قوما عادتهم الاجرام قال الشيخ السمرقندى فى بحر العلوم فان قلت أهذه الآية تشمل الذين فى اقاص الروم والترك والهند من الذين لم تبلغهم الدعوة ولم يتل عليهم شئ من آيات الله وهم اكثر عددا من رمال الدهناء وما قولك فيهم قلت لا بل الظاهر عندى بحكم الآية ان هؤلاء معذورون مغفورون شملتهم رحمة الله الواسعة بل اقول تشمل كل من مات فى الفترة وكل أحمق وهرم وكل أصم ابكم قال ابو هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « اربعة كلهم نزل على الله بحجة وعذر رجل مات فى الفترة ورجل ادرك الاسلام هرما ورجل اصم ابكم معتوه ورجل احمق » فاستوسع ايها السائل رحمة الله فان صاحب الشرع هو لذى استوسع رحمة الله تعالى قبلنا ولم يضيق على عباده ولا تشغل بالتكفير والتضليل لسانك وقلبك كطائفة بضاعتهم مجرد الفقه يخوضون فى تكفير الناس وتضليلهم وطائفة من المتكلمين كفروا عوام المسلمين وزعموا وقد كذبوا وفى غمرتهم عمهوا ان من لم يعرف العقائد الشرعية بأدلتنا المحررة فى كتبنا فهو كافر فاولئك عليهم العويل والنياحة ايام حياتهم ومماتهم حيث ضيقوا رحمة الله الواسعة على عباده وجعلوا الجنة حصرا ووقفا على طائفة الفقهاء وشرذمة المتكلمين وكفروا وضللو الذين هم برآء من الكفر والضلالة وقد ذهلوا او جهلوا بقول النبى عليه السلام « امتى كلها فى الجنة الا الزنادقة » وقد روى ايضا الهالك منها واحدة ويقول عبد الله بن مسعود وابو هريرة وعبد الله ابن عمر رضى الله عنهم ليأتين على جهنم زمان ليس فيها احد بعدما يلبثون فيها احقابا وبما قال انس رضى الله عنه قال النبى عليه السلام « اذا كان يوم القيامة يغفر الله لاهل الاهوآء اهوآءهم وحوسب الناس باعمالهم الا الزنادقة » انتهى كلام السمرقندى فى تفسيره والزنديق هو من يقول ببقاء الدهر اى لا يؤمن بالآخرة ولا الخالق اى لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شئ من الاشياء ويعتقد أن الاموال والحرم مشتركة وفى قبول توبته روايتان والذى ترجح عدم قبول توبته كما فى فتاوى قارئ الهداية وفى الاصول من لم تبلغه الدعوة فهو غير مكلف بمجرد العقل فاذا لم يعتقد ايمانا ولا كفرا كان معذورا اذا لم يصادف مدة يتمكن فيها من التأمل والاستدلال بان بلغ فى شاهق الجبل ومات فى ساعته واذا اعانه الله بالتجربة وامهله لدرك العواقب لم يكن معذورا وان لم تبلغه الدعوة لان الامهال وادراك مدة التأمل بمنزلة دعوة الرسل فى حق تنبيه القلب من نوم الغفلة فاذا قصر فى النظر لم يكن معذورا وليس على حد الامهال دليل يعتمد عليه وما قيل انه مقدر بثلاثة ايام اعتبارا بالمرتد فانه يمهل ثلاثة ايام ليس بقوى لان هذه التجربة تختلف باختلاف الاشخاص لان العقول متفاوتة فرب عاقل يهتدى فى زمان قليل الى ما لا يهتدى اليه غيره فى زمان طويل فيفوض تقديره الى الله اذ هو العالم بمقدارها فى حق كل شخص فيعفو عنه قبل ادراكها او يعاقبه بعد استيفائها وعند الاشعرية ان غفل عن الاعتقاد حتى هلك او اعتقد الشرك فلم تبلغه الدعوة كان معذورا لان المعتبر عندهم هو السمع دون العقل ومن قتل من لم تبلغه الدعوة ضمنه لان كفرهم معفو عندهم فصاروا كالمسلمين فى الضمان وعندنا لم يضمن وان كان قتله حراما قبل الدعوة ضمنه لان غفلتهم عن الايمان بعد ادراك مدة التأمل لا يكون عفوا وكان قتلهم مثل قتل نساء اهل الحرب فلا يضمن ثم الجهل فى دار الحرب من مسلم لم يهاجر الينا يكون عذرا حتى لو لم يصل ولم يصم مدة ولم تبلغ اليه الدعوة لا يجب عليه قضاؤهما لان دار الحرب ليس بمحل لشهرة أحكام الاسلام بخلاف الذمى اذا أسلم فى دار الاسلام يجب عليه قضاء الصلاة وان لم يعلم بوجوبها لانه متمكن من السؤال عن احكام الاسلام وترك السؤال تقصير منه فلا يكون عذرا(13/347)
يقول الفقير والذى تحرر من هذه التقريرات ان من لم تبلغه الدعوة فهو على وجهين اما ان يمهل له قدر ما يتأمل فى الشواهد ويعرف بالتوحيد اولا فالثانى معذور دون الاول وتكفى المعرفة المجردة وان لم يكن هناك ايمان شرعى ولذا ورد فى الخبر من مات وهو يعرف ولم يقل وهو يؤمن فدل على ان من عرف الله تعالى معرفة خالصة ليس فيها شرك نجا من من النار ومعنى الايمان الشرعى هو المتابعة لنبى من الانبياء عليهم السلام وقس على هذا احوال اهل الفترة فانهم ان لم يخلوا بالتوحيد وبالاصول كانو معذورين فقول من قال ليأتين على جهنم زمان الخ حق فان الطبقة العالية من جهنم التى هى مقر عصاة المؤمنين تبقى خالية بعد مرور الاحقاب يعنى من كان فى قلبه مثقال حبة من الايمان اى معرفة الله تعالى سواء سمى ذلك ايمانا شرعيا ام لا يخرج من النار فاذا لم يكفر اهل المعرفة المجردة فكيف اهل القبلة من المؤمنين بالايمان الشرعى ما لم يدل دليل ظاهر او خفى على كفره ( قال المولى الجامى فى سلسلة الذهب ) هركه شد زاهل قبله برتوبديد كه به آورده نبى كرويد كرجه صد بدعت وخطا وخلل بينى اورا زروى علم عمل مكن اورا زسرزنش تكفير مشمارش زاهل نار سعير ورببنى كسى اهل اصلاح كه رود راه دين صباح وراح بيفين زاهل جنتش مشمار ايمن از روز آخرش مكذار مكر آنكس كه از رسول خدا شد مبشر بجنة المأوى قال الشيخ علاء الدولة فى كتاب العروة جميع الفرق الاسلامية اهل النجاة والمراد من الناجية فى حديث « ستفترق أمتى » الخ الناجية بلا شفاعة(13/348)
وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32)
{ واذا قيل ان وعد الله } ان ما وعده من الامور الآتية فهو بمعنى الموعود { حق } واقع لا محالة { والساعة } اى القيامة التى هى اشهر ما وعده { لا ريب فيها } اى فى وقوعها لكونها مما اخبر به الصادق ولقيام الشواهد على وجودها { قلتم } من غاية عتوكم يا منكرى البعث من الكفار والزنادقة { ما ندرى ما الساعة } اى اى شئ هى استغرابا لها { ان نظن الا ظنا } اى ما نفعل فعلا الا ظنا فان ظاهره استثناء الشئ من نفسه وفى فتح الرحمن اى لا اعتقاد لنا الا الشك والظن احد طرفى الشك بصفة الرجحان ويجيئ بمعنى اليقين انتهى ومقابل الظن المطلق هو الاستيقان ولذا قال { وما نحن بمستيقنين } اى لا مكان الساعة يعنى مارا يقينى نيست درقيام قيامت
ولعل هؤلاء غير القائلين ما هى الا حياتنا الدنيا فمنهم من يقطع بنفى البعث والقيامة وهم المذكورون فى الآية الاولى ومنهم من يشك لكثرة ما سمعوه من الرسول عليه السلام من دلائل صحة وقوعه وهم المذكورون فى هذه الآية قال فى التعريفات الظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض ويستعمل فى اليقين والشك انتهى واليقين اتقان العلم ينفى الشك والشبهة عنه نظرا واستدلالا ولذلك لا يوصف به علم القديم ولا العلوم الضرورية اذ لا يقال تيقنت ان السماء فوقى فعلى العاقل ان يرفع الشك عن الامور التى اخبر الله بها ويكون على يقين تام منها ( وفى المثنوى ) وعدها باشد حقيق دلبذير وعدها باشد مجازى تاسه كير وعده اهل كرم كنج روان وعده ناهل شدرنج روان
ولا شك ان ليس من الله اصدق قيلا فوعده للمؤمنين الموقنين يورث الفرح والسرور فانهم وان كانوا يخافون القيامة واهوالها لكنهم يرجون رحمة الله الواسعة ولا يصلون الى كمال تلك الرحمة الا بوقوع القيامة فانه هو الذى توقف عليه دخول الجنة ودرجاتها ونعيمها ولليقين مراتب الاولى علم اليقين وهو العلم الحاصل بالادراك الباطنى بالفكر الصائب والاستدلال وهذا للعلماء الذين يوقنون بالغيب ولا نزيد هذه المرتبة العلمية الا بمناسبة الارواح القدسية فاذا يكون العلم عينا وهى المرتبة الثانية التى يقال لها عين اليقين ولا مرتبة للعين الا اليقين الحاصل من مشاهدة المعلوم ولا تزيد هذه المرتبة الا بزوال حجاب الاثنينية فاذا تكون العين حقا وهى المرتبة الثالثة التى يقال لها حق اليقين وزيادة هذه المرتبة عدم ورود الحجاب بعده وعينه للاولياء حقه للانبياء واما باطن حق اليقين وهو حقيقة اليقين فهو لنبينا عليه السلام وهذه المراتب لا تحصل الا بالمجاهدة مثل دوام الوضوء وقلة الاكل وكثرة الذكر والسكوت بالفكر فى ملكوت السموات والارض وبادآء السنن والفرائض وترك ما سوى الحق والفرض وتقليل المنام والعرض واكل الحلال وصدق المقال والمراقبة بقلبه الى الله فهذه مفاتيح المعاينة والمشاهدة وكلها من الشريعة النبوية فلا بد من المتابعة له فى قوله وفعله(13/349)
بايزيد بسطامى قدس سره كفت روح من بهمه ملكوت بر كذشت وبهشت ودوزخ بد ونمود وبجيزى التفات نكرد وبجان هيج بيغمبر نرسيد الاسلام كردجون بروح باك مصطفى عليه السلام رسيدم آبجاصد هزاران درياى آتشين ديدم بى نهايت وهزاران حجاب ازنور ديدم اكر باول درياقدم نهادمى بسوختمى لا جرم زان هيبت جنان مدهوش شدم كه هيج نماندم با آثكه بحق رسيدم زهره نداشتم بمحمد عليه السلام رسيدن يعتى هركس بقدرحويش بخدا تواند رسيدكه حق باهمه است اما محمد عليه السلام دربيش شان درصدر خاص است تالاجرم وادى لا اله الا الله قطع نكنى بوادى محمد رسول الله نتوانى رسيد وبحقيقث هردو وادى يك انديس بايزيد كفت الهى هرجه ديدم همه من بوسم بامن بتوراه نيست وازخودئ خود مرادر مكذارى مراجه بايدكرد فرمان آمدكه يا ابا يزيد خلاصى تواز ثوبى نواتدرمتابعت دوست ما محمد عليه السلام بسته است ديده را بخاك قدم او اكتحال كن وبر متابعت او مداومت نماى فظهر انه كلما كان التصديق اقوى والمتابعة اوفر كان القرب اكثر ومن هذا عرف حال الكفار وأهل الانكار فى البعد والفراق نعوذ بالله الخلاق(13/350)
وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33)
{ وبدا لهم } اى ظهر للكفار فى الآخرة { سيئات ما عملوا } من اضافة الصفة الى موصوفها اى اعمالهم السيئة على ما هى عليه من الصورة المنكرة الهائلة وعاينوا وخامة عاقبتها والمراد الشرك والمعاسى التى كانت تميل اليها الطبائع والنفوس وتشتهيها وتستحسنها ثم تظهر يوم القيامة فى الصور القبيحة فالحرام فى صورة الخنزير والحرص فى صورة الفارة والنملة والشهوة فى صورة الحمار والعصفور والغضب فى صورة الفهد والاسد والكبر فى صورة النمر والبخل فى صورة الجاموس والبقر والعجب فى صورة الدب واللواطة فى صورة الفيل والحيلة فى صورة الثعلب وسرقة الليل فى صورة الدلق وابن عرس والرباء والدعوى فى صورة الغراب والعقعق والبومة واللهو بالملاهى فى صورة الديك والفكر بلا قاعدة فى صورة القمل والبرغوث والنوح فى صورة ما يقال بالفارسية شغال والعلم بلا عمل كالشجرة اليابسة والرجوع من الطريقة الحقة فى صورة تحول الوجه الى القفا الى غير ذلك من الصور المتنوعة بحسب الاعمال المختلفة فكل ما اثمر لهم فى الآخرة انما هو فى زرع زرعوه فى مزرعة الدنيا باعمالهم السيئة ويجوز ان يراد بسيئات ما عملوا جزآؤها فان جزآء السيئة سيئة فسميت باسم سببها { وحاق بهم } احاط ونزل قال ابو حيان لا يستعمل الا فى المكروه يقال حاق به يحيق حيقا وحيوقا وحيقانا احاط به كأحاق والحيق ما يشتمل على الانسان من مكروه فعله { ما كانوا به يستهزؤن } من الجزآء والعقاب(13/351)
وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (34)
{ وقيل } من جانب الحق { اليوم } وهو يوم القيامة { ننساكم } نترككم فى العذاب ترك المنسى ففى ضمير الخطاب استعارة بالكناية بتشبيهم بالامر المنسى فى تركهم فى العذاب وعدم المبالاة بهم وقرينتها النسيان { كما نسيتم } فى الدنيا { لقاء يومكم هذا } اى كما تركتم عدته ولم تبالوا بها وهى الايمان والعمل الصالح واضافة اللقاء الى اليوم اضافة المصدر الى ظرفه اى نسيتم لقاء الله وجزآءه فى يومكم هذا فأجرى اليوم مجرى المفعول به وجعل ملقيا وفيه اشارة الى انهم زرعوا فى مزرعة الدنيا بذر النسيان فاثمرهم فى الآخرة ثمرة النسيان
اكر بدكنى جشم نيكى مدار كه هركز نياردكز انكوربار درخت زقوم اربجان برورى مبندار هركز كز وبر خورى رطب ناورد جوب خرز هره بار جه تخم افكنى بر همان جشم دار { ومأواكم النار } ومرجعكم ومكانكم جهنم وبالفارسية وجايكاه شما آتش است
لانها مأوى من نسينا كما ان الجنة مأوى من ذكرنا { وما لكم من ناصرين } اى ما لاحد منكم ناصر واحد يخلصكم منها(13/352)
ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35)
{ ذلكم } لعذاب { بأنكم } اى بسبب انكم { اتخذتم آيات الله هزوا } اى مهزوا بها ولم ترفعوا لها رأسا بالتفكر والقبول { وغرتكم الحياة الدنيا } فحسبتم ان لا حياة سواها نوشته اندبر ايوان جنة المأوى كه هركه عشوه دنيا خريد واى بوى { فاليوم لا يخرجون منها } اى من النار والتفات الى الغيبة للايذان باسقاطهم عن رتبة الخطاب استهانة بهم او بنقلهم من مقام الخطاب الى غيابة لنار { ولا هم يستعتبون } اى يطالب منهم ان يعتبوا ربهم اى يرضوه بالطاعة لفوات اوانه وفيه اشارة الى ان الله تعالى أظهر على مخلصى عباده بعض آياته فلما رآها أهل الانكار اتخذوها هزوا على ما هو عادتهم فى كل زمان وغرتهم الحياة الدنيا اذ ما قبلوا وصية الله اذ قال { فلا تغرنكم الحياة الدنيا } فاليوم لا يخرجون من نار القهر الالهى لانهم دخلوا فيها على قدمى الحرص والشهوات ولا هم يستعتبون فى الرجوع الى الجنة على قدمى الايمان والعمل الصالح(13/353)
فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36)
{ فلله الحمد } خاصة { رب السموات ورب الارض رب العالمين } كلها من لارواح والاجسام والذوات والصفات فلا يستحق الحمد احد سواه وتكرير الرب للتأكيد والايذان بان ربيته تعالى لكل منها بطريق الاصالة(13/354)
وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)
{ وله الكبرياء فى السموات والارض } اى العظمة والقدرة والسلطان والعز لظهور آثارها واحكامها فيهما واظهارهما فى موقع الاضمار لتفخيم شأن الكبرياء { وهو العزيز } الذى لا يغلب { الحكيم } فى كل ما قضى وقدر فاحمدوه اى لان له الحمد وكبروه اى لان له الكبرياء واطيعوه اى لانه غالب على كل شئ وفى كل صنعه حكمة جليلة وفى الحديث « ان لله ثلاثة اثواب اتزر با بالعزة وارتدى بالكبرياء وتسربل بالرحمة » فمن تعزز بغير الله اذله الله فذلك الذى يقول الله تعالى { ذق انك انت العزيز الكريم } ومن تكبر فقد نازع الله ان الله تعالى يقول « لا ينبغى لمن نازعنى ان ادخله الجنة » ومن يرحم الناس يرحمه الله فذلك الذى سربله الله سرباله الذى ينبغى له وفى الحديث القدسى يقول الله « الكبرياء ردآئى والعظة ازارى فمن نازعنى واحدا منهما ألقيته فى جهنم » فللعبد أن يتخلق بأخلاق الحق تعالى ولكنه محال ان يتخلق بهذين الخلقين لانهما ازليان ابديان لا يتطرق اليهما التغير وفى خلق العبد تغيير وله بداية ونهاية وله مبدئ ومعيد قال بعض الكبار وصف الحق سبحانه وتعالى نفسه بالازار والردآء دون القميص والسراويل لان الاولين غير مخطيين وان كانا منسوجين فهما الى البساطة اقرب والثانيين مخيطان ففيهما تركيب ولهذا السر حرم المخيط على الرجل فى الاحرام دون المرأة لان الرجل وان كان خلق من مركب فهو الى البساطة أقرب واما المرأة فقد خلقت من مركب محقق هو للرجل فبعدت عن البسائط والمخيط تركيب فقيل للمرأة ابقى على أصلك لا تلحقى الرجل وقيل للرجل ارتفع عن تركيبك وفى تقديم الحمد على الكبرياء اشارة الى ان الحامدين اذا حمدوه وجب ان يعرفوا انه أعلى واكبر من ان يكون الحمد الذى ذكروه لائقا بمقامه بل هو أكبر من حمد الحامدين واياديه اجل من شكر الشاكرين قال بعض العارفين اعلم ان التكبير تنزيه ربك عن قيد الجهات والتحولات المختلفة وعن قيد التعينات العلمية والاعتقادية المتنوعة يحسب المراتب وعن سائر احكام الحصر ما ظهر من ذلك المذكور وما بطن مما لا يتحقق بمعرفته الا من عرف سر العبادات المشروعة وسر التوجهات الكونية الى الحضرة الربانية فمعنى كل تكبير صلاتى الله اكبر من ان يتفيد بهذه التحولات العبادية والمراتب والتعينات الكونية وقال شيخ الاسلام خواهر زاده معنى الله اكبر أى من يؤدى حقه بهذا القدر من الطاعة بل حقه الاعلى كما قالت الملائكة ما عبدناك حق عبادتك وفى جامع المضمرات ليس المعنى على انه اكبر من غيره حتى يقال اكبر منه بل كل ما سواه فهو نور من انوار قدرته كما حكى انه عطس رجل عند الجنيد فقال الحمد لله فقال الجنيد قل الحمد لله رب العالمين موافقا للقرءآن فقال الرجل وهل للعالم وجود حتى يذكر مع الله فمعنى الله اكبر أى اكبر من ان يناله الحواس ويدرك جلاله بالعقل والقياس بل اكبر من ان يدرك كنه جلاله غيره بل اكبر من ان يعرفه غيره فانه لا يعرف الله الا الله قال بعض الفضلاء الصحيح ما عليه المحققون من اسم التفصيل اذا اطلق على الله تعالى فهو بمنزلة المعرف باللام فى المعنى فهو بمعنى الله هو الاكبر ولا يسوغ فيه تقدير من فانه حينئذ يقتضى ان يشاركه غيره فى اصل الكبرياء وهو سبحانه منزه عن ان يشاركه غيره فى شئ من صفاته كيف يتصور ذلك ولا كبرياء فى غيره تعالى بل شعار ما سواه كمال الصغار والاحتياج الى جنابه تعالى فضلا عن الاتصاف بالكبرياء والعظمة والكبر فى حق ما سواه من اسوء الاخلاق الذميمة وتعالى الله ان يشاركه غيره فى صفة هى كمال لخلقه تعالى فضلا عن صفة هى ذميمة لهم بل اسم التفضيل فى حقه تعالى دال على زيادة المبالغة والكمال المطلق الذى لا يتصور أن يشاركه فيه احد مما سواه انتهى وكان عليه السلام يزيد فى تكبيرات صلاة العيدين فتارة يجعل الزوائد ستا واخرى اكثر وسره ان العرب يجتمعون فى الاعياد من القبائل ويزاحمون على مطالعة جماله ويعظمونه اشد التعظيم فكان ينفى الكبرياء عن نفسه فيثبتها لله تعالى بما يحصل له كمال الاطمئنان من الاعداد ( قال فى كشف الاسرار ) بسمع عمر بن عبد العزيز رسانيدندكه بسرتو انكشترى ساخته است ونكينى بهزار درم خريد وبروى نشانده نامه نوشته بوى كه اى بسر شنيدم كه انكشترى ساخته ونكينى بهزاردرم خريده ودروى نشانده اكر رضاى من ميخواهى آن نكين بفروش وازبهاى آن هزار كرسنه راطعام ده واز باره سيم خودرا انكشترى ساز وبر آن نقش كن كه رحم الله امرءا عرف قدر نفسه زيرا كبربا صفت خداوند ذى الجلالست مرورا سزد كبريا ومنى زتخت بتهديد اكر بر كشدتيغ حكم بمانندكر وبيان صم وبكم بدركاه لطف وبز ركيش بر برزكان نهاده بزركى زسر بدرد يقين بردهاى خيال نماند سرا برده الاجلال اى لا يبقى من الحجب الا حجاب العظمة وردآء الكبرياء فانه لا يرتفع ابدا والا لتلاشى وجود الانسان والتحق بالعدم فى ذلك الآن فاعرف هذا بالذوق والوجدان(13/355)
حم (1)
{ حم } اى هذه السورة مسماة بحم وقال بعضهم الحاء اشارة الى حماية اهل التوحيد والميم الى مرضاته منهم مع المزيد وهو النظر الى وجهه الكريم وقال بعضهم معناه حميت قلوب اهل عنايى فصنتها عن الخواطر والهواجس فلاح فيها شواهد الدين واشرقت بنور اليقين
يقول الفقير فيه اشارة الى ان القرءآن حياة الموتى كما قال او كلم به الموتى وكذا حياة الموتى من القلوب فان العلوم ولمعارف والحكم حياة القلوب والارواح والاسرار وايضا الى الاسماء الحسنى فان حاء وميم من حساب اليسط تسعة وتسعون وايضا الى الصفات السبع التى خلق الله آدم عليها وهى الحياة والعلم والقدرة والارادة والسمع والبصر والكلام فالحاء حاء الحياة والميم ميم الكلام فاشير بالاول والآخر الى المجموع يعنى ان الله تعالى انزل القرءآن لتحصى اسماؤه الحسنى وتعرف صفاته العليا ويتخلق بأخلاقه العظمى(13/356)
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)
{ تنزيل الكتاب } اى القرءآن المشتمل على هذه السورة وعلى سائر السور الجليلة وبالفارسية فرستادن كتاب بعضى ازبى بعض
وهو مبتدأ خبره قوله { من الله } وما كان من الله فهو حق وصدق فانه قال ومن أصدق من الله قيلا { العزيز } وما كان من العزيز فهو غالب على جميع الكتب بنظمه ومعانيه ودليل ظاهر لأباب الظواهر والباطن { الحكيم } وما كان من الحكيم ففيه حكمة بالغة لان الله تعالى لا يفعل الا ما فيه مصلحة كما قال(13/357)
مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3)
{ ما خلقنا السموات والارض } بما فيهما من حيث الجزئية منهما ومن حيث الاستقرار فيهما { وما بينهما } من المخلوقات كالنار والهواء والسحاب والامطار والطيور المختلفة ونحوها { الا } خلقا ملتبسا { بالحق } اى بالغرض الصحيح والحكمة البالغة وان جعلها مقارا للمكلفين ليعملوا فيجازيهم يوم القيامة لا بالعبث والباطل فانه ما وجد شئ الا لحكمة والوجود كله كلمات الله ولكل كلمة ظهر هو الصورة وبطن هو المعنى الى سبعة أبطن كما ورد فى الخبر « ان لكل حق حقيقة » فالوجود كله حق حتى ان النطق بكلمات لا معانى لها حق فانها قد وجدت والباطل هو المعنى الذى تحتها كقول من يقول مات زيد ولم يمت فان حروف الكلمة حق فانها قد وجدت والباطل هو ان زيدا مات وهو المعنى الذى تحتها فالدنيا حق وحقيقتها الآخرة والبرزخ وصل بينهما وربط ومن ههنا يعرف قول على رضى الله عنه الناس نيام واذا ماتوا تيقظوا فالرؤيا حق وكذا ما فى الحارج من تعبيرها لكن كلا منهما خيال بالنسبة الى الآخرة لكونه من الدنيا وكونه خيالا ومن الدنيا لا ينافى كونه حقا وانما ينافى كونه حقيقة ولذا قال يوسف الصديق عليه السلام { يا أبت هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا } وقال الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر انما الكون خيال وهو حق فى الحقيقة وفى الآية اشارة الى ان المخلوقات كلها ما خلقت الا لمعرفة الحق تعالى كما قال فخلقت الخلق لاعرف وفى الحديث « لو عرفتم الله حق معرفته لمشيتم على البحور ولزالت بدعائكم الجبال » ولهذه المعرفة خلقت سموات الارواح واراضى النفوس وما بينهما من العقول والقلوب والقوى { واجل مسمى } عطف على الحق بتقدير المضاف اى وبتقدير أجل معين ينتهى اليه امور الكل وهو يوم القيامة وذلك لان اقتران الخلق ليس الا به لا بالاجل نفسه وفيه ايذان بفناء العالم وموعظة وزجر اى فانتبهوا ايها الناس وانظروا ما يراد بكم ولم خلقتم واشارة بان لكل عارف اجل مسمى لمعرفته واكثره فى هذه الامة اربعون سنة فانها منتهى السلوك فلا يغتر العبد بعلمه وعرفانه فانه فوق كل ذى علم عليم ولكل حد نهاية والامور مرهونة بأوقاتها وأزمانها وهذا بالنسبة الى من سلك على الفطرة الاصلية وعصم من غلبة احكام الامكان والا فمن الناس من يجتهد سبعين سنة ثم لا يقف دون الغاية ثم انه فرق بين اوائل المعرفة وأواخرهم فان حصول اواخرها يحتاج الى مدة طويلة بخلاف اوائلها اذ قد تحصل للبعض فى أدنى مدة بل فى لحظة كما حصلت لسحرة فرعون فانهم حيث رأوا معجزة موسى عليه السلام قالوا آمنا برب العالمين ( وحكى ) ان ابراهيم بن ادهم قدس سره لما قصد هذا الطريق لم يك الا مقدار سيره من بلخ الى مروالروذ حتى صار بحيث اشار الى رجل سقط من القنطرة فى الماء الكثير هنالك فوقف الرجل مكانه فى الهوآء فتخلص وان رابعة البصرية كانت امة كبيرة يطاف بها فى سوق البصرة ولا يرغب فيها احد لكبر سنها فرحمها بعض التجار فاشتراها بنحو مائة درهم واعتقها فاختارت هذا الطريق وأقبلت على العبادة فما تمت لها سنة حتى زارها زهاد البصرة وقرآؤها وعلماؤها لعظم منزلتها فهذ من العناية القديمة والارادة الازلية الغير المعللة بشئ من العلل(13/358)
فيض روح القدس ارباز مدد فرمايد ديكران هم بكنند آنجه مسيحا ميكرد
قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر لم يكن يتخلص عندى أحد الجانبين فى مسألة خلق الاعمال وتعسر عندى الفصل بين الكسب الذى يقول به قوم وبين الخلق الذى يقول به قوم فأوقفنى الله تعالى بكشف بصرى على خلقة المخلوق الاول الذى لم يتقدمه مخلوق وقال هل هنا امر يورث اللبس والحيرة قلت لا يا رب فقال لى هكذا جميع ما تراه من المحدثات ما لأحد فيه اثر ولا شئ من المخلوق فانا الذى اخلق الاشياء عند الاسباب لا بالاسباب فتكور على امرى خلقت النفخ فى عيسى وخلقت التكون فى الطائر { والذين كفروا } اى مشركوا أهل مكة { عما انذروا } به وخوفوا من يوم القيامة وما فيه من الاهوال { معرضون } بترك الاستعداد له بالايمان والعمل فيه اشارة الى ان الاعراض عما انذروبا به كفر قال الفقهاء اذا وصف الله احد بما لا يليق به كالامكان والحدوث والجسمية والجهات والظلم والنوم والنسيان والتأذى ونحو ذلك او استهزا باسم من اسمائه او امر من اوامره او انكر شيأ من وعده ووعيده وما ثبت بدليل قطعى يكفر ولو زنى رجل او عمل عمل قوم لوط فقال له الآخر مكن فقال كنم ونيك آرم فهذا كفر ولو قيل لرجل لا تعصى الله قال الله يدخلك النار فقال من از دوزخ نه انديشم يكفر ولو قيل الرجل بسيار مخور وبسيار مخب او بسيار مخد فقال جندان خورم وخسم وخندم كه خود خواهم يكفر لكون كل من الاكل والنوم والضحك الكثير منهيا عنه مميتا للقلب فرد القول فيه رد للنص حقيقة وفى آخر فتاوى الظهيرية سئل الشيخ الامام ابو بكر محمد بن الفضل عمن يقول انا لا احاف النار ولا ارجو الجنة وانما احاف الله وارجوه فقال قوله لا اخاف النار ولا ارجو الجنة غلط فان الله تعالى خوف عباده بالنار بقوله تعالى { فاتقوا النار التى اعدت للكافرين } ومن قيل له خف مما خوفك الله فقال لا اخاف ردا لذلك كفر انتهى(13/359)
يقول الفقير صرح العلماء بان الايمان من اجل خوف النار ورجاء الجنة لا يصح لانه ايمان غير خالص لله فلو كان مراده من نفى الخوف والرجاء ان ايمانى ليس بمبنى عليهما لم يكفر بل اصاب حقيقة الايمان على ان المراد من اتقاء النار فى الحقيقة اتقاء الله تعالى فان الله هو الذى يدخله النار بمقتضى وعيده على تقدير عصيانه فيؤول المعنى فى الآية الى قولنا فاتقوا الله ولا تعصوه حتى لا يدخلكم النار نعم رد ظاهر النص كفر اذا لم يقدر على الخروج عن عهدته بتأويل مطابق للشرع ومن اكبر الذنوب ان يقول الرجل لاخيه اتق الله فيقول فى جوابه عليك نفسك اى الزم نفسك وانت تأمرنى بهذا ( روى ) ان يهوديا قال لهرون الرشيد فى سيره مع عسكره اتق الله فلما سمع هرون قول اليهودى نزل من فرسه وكذا العسكر نزلوا تعظيما لاسم الله العظيم وجاء فى كتب الاصول اذا حلف على مس السماء انعقد اليمين لتوهم البر لان السماء ممسوسة كما قال تعالى حكاية عن الجن { وانا لمسنا السماء } ثم يحنث ويلزمه موجب الحنث وهو الكفارة فيكون آثما لان المقصود باليمين تعظيم المقسم به وههنا هتك حرمة الاسم انتهى فعلى العاقل ان يقبل قول الناصح ويخاف من الله ويعظم اسمه حتى يكون مظهر صفات لطفه ويعرف انه تعالى لطيف فاذا كفر وأعرض يكون مظهر صفات قهره فيعرف ان الله تعالى قهار نسأل الله عفوه وعطاه ولطفه الواسع ورضاه(13/360)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4)
{ قل } للكافرين توبيخا وتبكيتا { ارأيتم } اخبرونى وبالفارسية خبر ميدهيدمرا { ما تدعون } اى ما تعبدون { من دون الله } من الاصنام والكواكب وغيرها { ارونى } بنما ييد بمن
وهو تأكيد لأرايتم { ماذا خلقوا من الارض } اى كانوا آلهة وهو بيان الابهام فى ماذا اى اى جزء من اجزاء الارض تفردوا بخلقه دون الله فالمفعول الاول لأرأيتم قوله ما تدعون والثانى ماذا خلقوا ومآله أخبرونى عن حال آلهتكم { ام لهم شرك } اى شركة مع الله تعالى { فى السموات } اى فى خلقها او ملكها وتدبيرها حتى يتوهم ان يكون لهم شائبة استحقاق للعبودية فان مالا مدخل له فى وجود شئ من الاشياء بوجه من الوجوه فهو بمعزل من ذلك الاستحقاق بالكلية وان كانوا من الاحياء العقلاء فما ظنكم بالجماد
وجون ظاهرست كه معبودان شما عاجزاند وايشان را درزمين وآسمان نصرفى نيست بس جرا دربرستش بامن شريك مىسازيد
فان قلت فما تقول فى عيسى عليه السلام فانه كان يحيى الموتى ويخلق الطير ويفعل ما لا يقدر عليه غيره قلت هو باقدار الله تعالى واذنه وذلك لا ينافى عجزه فى نفسه وذكر الشرك فى الجهات العلوية دون السفلية اى دون ان يعم بالارض ايضا لان الآثار العلوية اظهر دلالة على اختصاص الله تعالى بخلقها لعلوها وكونها مرفوعة بلا عمد وأوتاد أو للاحتراز عما يتوهم ان للوسائط شركة فى ايجاد الحوادث السفلية يعنى لو قال أم لهم شرك فى الارض لتوهم ان للسموات دخلا وشركة فى ايجاد الحوادث السفلية هذا على تقدير ان تكون ام منطقة والاظهر ان تجعل الآية من حذف معادل ام المتصلة لوجود دليله والتقدير الهم شرك فى الارض ام لهم شرك فى السموات كما فى حواشى سعدى المفتى { ائتونى بكتاب } الخ تبكيت لهم بتعجيزهم عن الاتيان بسند نقلى بعد تبكيتهم بالتعجيز عن الاتيان بسند عقلى والباء للتعدية اى ائتونى بكتاب الهى كائن { من قبل هذا } اى الكتاب اى القرءآن الناطق بالتوحيد وابطال الشرك دال على صحة دينكم يعنى ان جميع الكتب السماوية ناطقة بمثل ما نطق به القرءآن { او أثارة من علم } اى بقية كائنة من علم بقيت عليكم من علوم الاولين شاهدة باستحقاقهم للعبادة من قولهم سمنت الناقة على اثارة من لحم وشحم اى على بقية لحم وشحم كانت بها من لحم وشحم ذاهب ذآئب { ان كنتم صادقين } فى دعواكم فانها لا تكاد تصح ما لم يقم عليها برهان عقلى او نقلى وحيث لم يقم عليها شئ منهما وقد قامت على خلافها ادلة العقل والنقل تبين بطلانها
واحد اندر ملك اورا يارنى بنكانش را جزا و سالارنى نيست خلقش راد كركس مالكى شركتش دعوى كند جز هالكى(13/361)
وفيه اشارة الى ان كل ما يعبد من دون الله من الهوى والشيطان وغيرهما لا يقدر على شئ فى ارض النفوس وسموات الارواح فان الله هو الخالق ومنه التأثير وبيده القلوب يقلبها كيف يشاء فان شاء اقامها وان شاء ازاغها للباطل وليس لعبادة غير الله دليل من المعقول والمنقول ولم يجوزها أحد من اولى النهى والمكاشفة ومن ثمة اتفق العلماء من اهل الظاهر والباطن على وجوب الاخلاص حتى قالوا الرغبة فى الايمان والطاعة لطلب الثواب وللخوف من العقاب غير مقيدة فان فيها ملاحظة غير الله فالعبادة انما هى لله لا للجنة ولا للنار(13/362)
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5)
{ ومن } استفهام خبره قوله { أضل } كمراه ترست { ممن يدعو } ويعبد { من دون الله } اى حال كونه متجاوزا دعاء الله وعبادته { من لا يستجيب له } الجملة مفعول يدعو اى هم أضل من كل ضال حيث تركو عبادة خالقهم السميع القادر المجيب الخبير الى عبادة مصنوعهم العارى عن السمع والقدرة والاستجابة
يعنى اكر مشرك معبود باطل خودرا بخواند اثر استجابت ازوظاهر نخواهد شد { الى يوم القيامة } غاية لنفى الاستجابة اى ما دامت الدنيا فان قيل يلزم منه ان منتهى عدم الاستجابة يوم القيامة للاجماع على اعتبار مفهوم الغاية قلنا لو سلم فلا يعارض المنطوق وقد دل قوله { واذا حشر الناس } الآية على معاداتهم اياهم فانى الاستجابة وقد يجاب بان انقطاع عدم الاستجابة حينئذ لاقتضائه سابقة الدعاء ولا دعاء ويرده قوله تعالى { فدعوهم فلم يستجيبوا لهم } الا ان يخص الدعاء بما يكون عن رغبة كما فى حواشى سعدى المفتى وقال ابن الشيخ وانما جعل ذلك غاية مع ان عدم استجابتهم امر مستمر فى الدنيا والآخرة اشعارا بان معاملتهم مع العابدين بعد قيام الساعة اشد وأفظع مما وقعت فى الدنيا اذ يحدث هناك العداوة والتبرى ونحوه { وان عليك لعنتى الى يوم الدين } فان اللعنة على الشيطان وان كانت ابدية لكن يظهر يوم الدين امر أفظع منها تنسى عنده كأنها تنقطع { وهم } اى الاصنام { عن دعائهم } اى عن دعاء الداعين المشركين وعبادتهم فالضمير الاول لمفعول يدعو والثانى لفاعله والجمع فيهما باعتبار معنى من كما ان الافراد فيما سبق باعتبار لفظها { غافلون } لكونهم جمادات لا يعقلون فكيف يستجيبون وعلى تقدير كون معبوديهم احياء كالملائكة ونحوهم فهم عباد مسخرون مشغولون باحوالهم وضمائر العقلاء لاجرآئهم الاصنام مجرى العقلاء ووصفها بما ذكر من ترك الاستجابة والغفلة مع ظهور حالها للتهكم بها وبعبدتها
بىبهره كسىكه جشمه آب حيات بكذارد ور ونهد بسوى ظلمات(13/363)
وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6)
{ واذا حشر الناس } عند قيام القيامة والحشر الجمع كما فى القاموس قال الراغب الحشر اخراج الجماعة عن مقرهم وازعاجهم عنه الى الحرب وغيرها ولا يقال الا فى الجماعة وسمى القيامة يوم الحشر كما سمى يوم البعث ويوم النشر { كانوا } اى الاصنام { لهم } اى لعابديهم { اعداء } يضرونهم ولا ينفعونهم
خلاف آنجه كمان مى بردند بديشان ازشفاعت ومدد كارى { وكانوا } اى الاصنام { بعبادتهم } اى بعبادة عابديهم { كافرين } اى مكذبين بلسان الحال او المقال على ما يروى انه تعالى يحيى الاصنام فتتبرأ من عبادتهم وتقول انهم انما عبدوا فى الحقيقة اهوآءهم لانها الامرة بالاشراك فالآية نظير ما تقدم فى يونس { وقال شركاؤهم ما كنتم ايانا تعبدون } وفى الآية اشارة الى النشور عن نوم الغفلة فانه عنده يظهر ان جميع ما سوى الله اعدآء كما قال ابراهيم الخليل عليه السلام { فانهم عدو لى الا رب العالمين } وقال { انى بريئ مما تشركون } نقلست كه ابويزيد بسطامى قدس سره درراه حج شترى داشت زاد وذخيره خودرا وازان عديلان خودرا برآنجانهاده بود كسى كفت بيجاره آن اشترك را بار بسيارست واين ظلمى تمامست بايزيد جون اين سخن ازوبشنود كفت اى جوانمرد بردارنده باراشترنيست فرونكرتا بارهيج بريشت اشترهست فرونكربست باربيك كذار بشت اشتر بر ترديد واورا ازكرانى هيج خبر نبود مرد كفت سبحان الله جه عجب كارست بايزيد كفت اكر حفيقت حال خود از شما بنهان دارم زبان ملامت دراز كنيد واكرشمارا مكشوف كردانيم طاقت نداريد باشما جه بايد كرديس جون برفت وبمدينه زيارت كرد امرش آمدكه بخدمت مادر باز كشتن بايد باجماعتى روى به بسطام نهاد خبردر شهر افناد همه أهل بسطام تابد ووجايى استفبال اوشدند جون نزديك اورسيدند شيخ قرصى را از آستين بكرفت وشهر رمضان بود بخوردن يستاد جمله آن بديدند ازوى بركشتند شيخ اصحاب را كفت نديديدكه بمسئله از شريعت كار بستم همه خلق مرارد كردند
يقول الفقير كان مراد ابى يزيد تنفير الناس حتى لا يشغلوه عن الله تعالى اذ كل ما يشغل السالك عن الله فهو عدو له ولا بد من اجتناب العدو بأى وجه كان من وجوه الحيل فجعل الافطار فى نهار رمضان وسيلة لهذا المقصد فان قلت كيف جاز له هتك حرمة الشهر بما وقع له من الافطار فى نهاره قلت له وجهان الاول انه لم يجد عند ملاقاتهم ما يدفعهم عنه سوى هذه الحيلة فافطر وكفر تحصيلا للامر العظيم الذى هو القبول عند الله والانس معه على الدوام على انه ان كان مسافرا لا كفارة عليه اذ هو مرخص فى الافطار وبعضهم فى مثل هذا المقام ارتكب امرا بشيعا عند العادة وهو الاوجب عند الامكان لانه يجب ان يكون ظاهر الشرع محفوظا والوجه الثانى انه أفطر صورة لا حقيقة اذ كان قادرا على الاعدام والافناء كما هو حال الملامية ونظيره شرب الخمر فانها تنقلب عسلا عند الوصول الى الحلقوم اى بالنسبة الا من كان قادرا على الاستحالة باقدار الله تعالى لكن يعد امثال هذا من احوال الضعفاء دون الاقوياء من الكمل فانهم لا يفعلون ما يخالف ظواهر الشرع جدا نسال الله العصمة(13/364)
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)
{ واذا تتلى عليهم } اى على الكفار { آياتنا } حال كونها { بينات } واضحات الدلالة على مدلولاتها من حلال وحرام وحشر ونشر وغيرها ( وقال الكاشفى ) درحالتى كه ظاهر باشد دلائل اعجاران { قال الذين كفروا للحق } اى لاجله وشأنه ويجوز ان يكون المعنى كفروا به والتعدية باللام من حمل النقيض على النقيض فان الايمان يتعدى بها كما فى قوله آمنتم له وغيره وهو عبارة عن الآيات المتلوة وضع موضع ضميرها تنصيصا على حقيتها ووجوب الايمان بها كما وضع الموصول موضع ضمير المتلو عليهم تسجيلا بكمال الكفر والضلالة { لما جاءهم } اى فى اول ما جاءهم من غير تدبر وتأمل { هذا سحر مبين } اى ظاهر كونه سحرا وباطلا لا حقيقة له واذا جعلوه سحرا فقد انكروا ما نطق به من البعث والحساب والجزآء وصاروا اكفر من الحمير اى اجهل لان الكفر من الجهل والعياذ بالله(13/365)
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8)
{ ام يقولون افتراه } بل أيقولون افترى محمد القرءآن اى اختلقه وأضافه الى الله كذبا فقولهم هذا منكر ومحل تعجب فان القرءآن كلام معجز خارج عن حيز قدرة البشر فكيف يقوله عليه السلام ويفتريه
واعلم ان كلا من السحر والافتراء كفر لكن الافتراء على الله أشنع من السحر { قل ان افتريته } على الفرض والتقدير { فلا تملكون لى من الله شيأ } اى فلا تقدرون ان تدفعوا عنى من عذاب الله شيأ اذ لا ريب فى ان الله تعالى يعاقبنى حينئذ فكيف أفترى على الله كذبا واعرض نفسى للعقوبة التى لا خلاص منها { هو } تعالى { اعلم بما تفيضون فيه } يقال أفاضوا فى الحديث اذا خاضوا فيه وشرعوا اى تخوضون فى قدح القرءآن وطعن آياته وتسميته سحرا تارة وفرية اخرى { كفى به } اى الله والباء صلة { شهيدا بينى وبينكم } حيث يشهد لى بالصدق والبلاغ وعليكم بالكذب والجحود وهو وعيد بجزاء افاضتهم { وهو الغفور الرحيم } وعد بالغفران والرحمة لمن تاب وآمن واشعار بحلم الله عليهم مع عظم جرآءتهم وفيه اشارة الى ان الذين عموا عن رؤية الحق وصموا عن سماع الحق رموا ورثة الرسل بالسحر وكلامهم بالافترآء وخاضوا فيهم ولما كان شاهد الحال الكل جازى الصادق فى الدنيا والآخرة بالمزيد والكاذب بالخذلان والعذاب الشديد
ابو يزيد بسطامىرا قدس سره برسيدندكه قومى كويندكه كليد بهشت كلمه لا اله الا الله است كفت بلى وليكن كليد بى دندان درباز نكشايد ودندان اوجهار جيزست زبان از دروغ وبهتان وغيبت دور ودل ازمكر وخيانت صافى وشكم از حرام وشبهت خالى وعمل ازهوا وبدعت باك
فظهر انه لا بد من تطهير الظاهر والباطن من الانجاس والارجاس بمتابعة ما جاء به خير الناس فانما يفترق السحر والكرامة بهذه المتابعة كما قالوا ان السحر يظهر على ايدى الفساق والزنادقة والكفار الذين هم على غير الالتزام بالاحكام الشرعية ومتابعة السنة فاما الاولياء فهم الذين بلغوا فى متابعة السنة واحكام الشريعة وآدابها الدرجة العليا قال الشيوخ قدس الله اسرارهم اقل عقوبة المنكر على الصالحين ان يحرم بركتهم وقالوا ويخشى عليه سوء الخاتمة نعوذ بالله من سوء القضاء قال الاستاذ ابو القاسم الجنيد قدس سره التصديق بعلمنا هذا ولاية يعنى الولاية الصغرى دون الكبرى والعجب من الكفار كفروا بآيات الله مع وضوح برهانها فكيف يؤمنون بغيرها من آثار الاولياء نعم اذا كان من الله تعالى توفيق خاص يحصل المرام ( حكى ) عن ابى سليمان الدارانى قدس سره انه قال اختلفت الى مجلس بعض القصاص فأثر كلامه فى قلبى فلا قمت لم يبق فى قلبى منه شئ فعدت ثانيا فسمعت كلامه فبقى فى قلبى اثر كلامه فى الطريق ثم ذهب ثم عدت ثالثا فبقى اثر كلامه فى قلبى حتى رجعت الى منزلى فكسرت آلات المخالفة ولزمت الطريق ولما حكى هذه الحكاية للشيخ العارف الواعظ يحيى بن معاذ الرازى قدس سره قال عصفور اصطاد كركيا يعنى بالعصفور القاص وبالكركى ابا سليمان الدارانى فباب الموعظة مفتوح لكل احد لكن لا يدخل بالقبول الا من رحمه الله تعالى وأعظم المواعظ مواعظ القرءآن ( قال المولى الجامى ) حق ازان حبل خواند قرآنرا تابكيرى بسان حبل آنرا بدرآيى زجاه نفس وهوى كنى آهنك عالم بالا(13/366)
قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)
{ قل ما كنت بدعا من الرسل } البدع بالكسر بمعنى البديع وهو من الاشياء ما لم ير مثله كانوا يقترحون عليه صلى الله عليه وسلم آيات عجيبة ويسألونه عن المغيبات عنادا ومكابرة فامر عليه السلام بان يقول لهم ما كنت بدعا من الرسل اى لست باول مرسل ارسل الى البشر فانه تعالى قد بعث قبلى كثيرا من الرسل وكلهم قد اتفقوا على دعوة عباد الله الى توحيده وطاعته ولست داعيا الى غير ما يدعون اليه بل ادعو الى الله بالاخلاص فى التوحيد والصدق فى العبودية وبعثت لاتمم مكارم الاخلاق ولست قادرا على ما لم يقدروا عليه حتى آتيكم بكل ما تقترحونه واخبركم بكل ما تسألون عنه من الغيوب فان من قبلى من الرسل ما كانوا يأتون الا بما آتاهم الله من الآيات ولا يخبرون قومهم الا بما اوحى اليهم فكيف تنكرون منى ان دعوتكم الى ما دعا اليه من قبلى من الانبياء وكيف تقترحون على ما لم يؤته الله اياى { وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم } ما الاولى نافية ولا تأكيد لها والثانية استفهامية مرفوعة بالابتداء خبرها يفعل وجوز ان تكون الثانية موصولة منصوبة بأدرى والاستفهامية اقضى لحق مقام التبرى من الدراية والمعنى وما أعلم اى شئ يصيبنا فيما يستقبل من الزمان والى م يصير أمرى وامركم فى الدنيا فانه قد كان فى الانبياء من يسلم من المحن ومنهم من يمتحن بالهجرة من الوطن ومنهم من يبتلى بأنواع الفتن وكذلك الامم منهم من أهلك بالخسف ومنهم من كان هلاكه بالقذف وكذا بالمسخ وبالريح وبالصيحة وبالغرق وبغير ذلك فنفى عليه السلام علم ما يفعل به وبهم من هذه الوجوه وعلم من هو الغالب المنصور منه ومنهم ثم عرفه الله بوحيه اليه عاقبة امره وأمرهم فأمره بالهجرة ووعده العصمة من الناس وأمره بالجهاد واخبر أنه يظهر دينه على الأديان كلها ويسلط على اعدائه ويستأصلهم وقيل يجوز أن يكون المنفى هى الدراية المفصلة اى وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم فى الدارين على التفصيل اذ لا علم لى بالغيب كان الاجمال معلوما فان جند الله هم الغالبون وان مصير الابرار الى النعيم ومصير الكفار الى الجحيم وقال المولى ابو السعود رحمه الله والاظهر الاوفق لما ذكر من سبب النزول ان ما عبارة عما ليس فى علمه من وظائف النبوة من الحوادث والواقعات الدنيوية دون ما سيقع فى الآخرة فان العلم بذلك من وظائف النبوة وقد ورد به الوحى الناطق بتفاصيل ما يفعل بالجانبين هذا وقد روى عن الكلبى ان النبى عليه السلام رأى فى المنام انه يهاجر الى ارض ذات نخل وشجر فأخبر أصحابه فحسبوا انه وحى اوحى اليه فاستبشروا(13/367)
سعديا حب وطن كرجه حديث است صحيح نتوان مرد بسختىكه من انيجازادم
ومكثوا بذلك ما شاء الله فلم يروا شيأ مما قال لهم فقالوا له عليه السلام وقد ضجروا من اذية المشركين حتى متى نكون على هذا فقال عليه السلام « انها رؤيا رايتها كما يرى البشر ولم يأتنى وحى من الله » فنزل قوله وما ادرى ما يفعل بى ولا بكم اى أؤترك بمكة ام اؤمر بالخروج الى ما رأيتها فى المنام
يقول الفقير وعلى هذا يلزم ان يكون الخطاب فى بكم للمؤمنين وهو بعيد لما دل عليه ما قبل الآية وما بعدها من انه للكفار وفى الآية اشارة الى فساد أهل القدر والبدع حيث قالوا ايلام البرايا قبيح فى العقل فلا يجوز لانه لو لم يجز ذلك لكان يقول أعظم البرايا أعلم قطعا انى رسول الله معصوم فلا محالة يغفر لى ولكنه قال وما ادرى ما يفعل بى ولا بكم ليعلم ان الامر امره والحكم حكمه له ان يفعل بعباده ما يريد ولا يسأل عما يفعل وفى عين المعانى وحقيقة الآية البرآءة من علم الغيب ( قال المولى الجامى ) اى دل تاكى فضولى وبوالعجبى ازمن جه نشان عافيت مى طلبى سركوشته بود خواه ولى خواه نبى در وادئ ما ادرى ما يفعل بى { ان اتبع الا ما يوحى الى } اى ما أفعل الا اتباع ما يوحى الى على معنى قصر افعاله عليه السلام على اتباع الوحى لا قصر اتباعه على الوحى كما هو المتسارع الى الافهام وهو جواب عن اقتراحهم الاخبار عما لم يوح اليه من الغيوب وقيل عن استعجال المسلمين ان يتخلصوا من أذية المشركين والاول هو الاوفق لقوله تعالى { وما انا الا نذير } انذركم عقاب الله حسبما يوحى الى { مبين } بين الانذار لكم بالمعجزات الباهرة ففيه انه عليه السلام ارسل مبلغا وليس اليه من الهداية شئ ولكن الله يهدى من يشاء وان علم الغيوب بالذات مختص بالله تعالى واما اخبار الانبياء والاولياء عليهم السلام فبواسطة الوحى والالهام وتعليم الله سبحانه ومن هذا القبيل اخباره عليه السلام عن اشراط الساعة وما يظهر فى آخر الزمان من غلبة البدع والهوى واخباره عن حال بعض الناس كما قال عليه السلام « ان اول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة » فدخل عبد الله بن سلام فقام اليه ناس من اصحاب رسول الله فأخبروه بذلك وقالوا لو اخبرتنا بأوثق عملك الذى ترجو به فقال انى ضعيف وان اوثق ما ارجو به سلامة الصدر وترك ما لا يعنينى وعن سيد الطائفة الجنيد البغدادى قدس سره قال لى خالى السرى السقطى تكلم على الناس اى عظهم وكنت اتهم نفسى فى استحقاق ذلك فرأيت النبى عليه السلام فى المنام وكان ليلة الجمعة فقال « تكلم على الناس » فانتبهت وأتيت باب خالى فقال لم تصدقنا حتى قيل لك اى من جانب الرسول عليه السلام فقعدت من غد للناس فقعد على غلام نصرانى متنكرا اى فى صورة مجهولة وقال ايها الشيخ ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم « اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله » قال فأطرقت رأسى ورفعت فقلت اسلم فقد حان وقت اسلامك فاسلم الغلام فهذا انما وقع بتعريف الله تعالى اى للشبلى والجنيد(13/368)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)
{ قل ارأيتم } اخبرونى ايها القوم { ان كان } ما يوحى الى من القرءآن فى الحقيقة { من عند الله } لا سحرا ولا مفترى كما تزعمون وفى كشف الاسرار ان هنا ليس بشك كقول شعيب ولو كنا كارهين لو هناك ليس بشك بل هما من صلات الكلام { وكفرتم به } اى والحال انكم قد كفرتم به فهو حال باضمار قدمن الضمير فى الخبر وسط بين اجزاء الشرط مسارعة الى التسجيل عليهم بالكفر ويجوز أن يكون عطفا على كان كما فى قوله تعالى { قل ارأيتم ان كان من عند الله ثم كفرتم به } لكن لا على ان نظمه فى سلك الشرط المتردد بين الوقوع وعدمه عندهم باعتبار حاله فى نفسه بل باعتبار حال المعطوف عليه عندهم فان كفرهم به متحقق عندهم ايضا وانما ترددهم فى ان ذلك كفر بما عند الله ام لا وكذا الحال فى قوله تعالى وشهد شاهد من بنى اسرائيل وما بعده من الفعلين فان الكل امور متحققة عندهم وانما ترددهم فى انها شهادة وايمان بما عند الله واستكبار منهم ام لا { وشهد شاهد } عظيم الشان { من بنى اسرائيل } الواقفين على شؤون الله واسرار الوحى بما اوتوا من التوراة { على مثله } اى مثل القرءآن من المعانى المنطوية فى التوراة المطابقة لما فى القرءآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك فانها عين ما فيه فى الحقيقة كما يعرب عنه قوله تعالى { وانه لفى زبر الاولين } وقيل المثل صلة يعنى عليه اى وشهد شاهد على انه من عند الله { فآمن } الفاء للدلالة على انه سارع فى الايمان بالقرءآن لما علم انه من جنس الوحى الناطق بالحق وليس من كلام البشر { واستكبرتم } عطف على شهد شاهد وجواب الشرط محذوف والمعنى اخبرونى ان كان من عند الله وشهد على ذلك أعلم بنى اسرائيل فآمن به من غير تلعثم واستكبرتم عن الايمان به بعد هذه المرتبة من اضل منكم بقرينة قوله تعالى { قل ارأيتم ان كان من عند الله ثم كفرتم به من اضل ممن هو فى شقاق بعيد } { ان الله لا يهدى القوم الظالمين } الذين يضعون الجحد والانكار موضع الاقرار والتسليم وصفهم بالظلم للاشعار بعلية الحكم فان تركه تعالى لهدايتهم لظلمهم وعنادهم بعد وضوح البرهان وفيه اشارة الى انه لا عذر لهم بحال اذ عند وجود الشاهد على حقية الدعوى تبطل الخصومة وذلك الشاهد فى الآية عبد الله ابن سلام بن الحارث حبر أهل التوراة وكان اسمه الحصين فسماه رسول الله عبد الله رضى الله عنه لما سمع بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه فنظر الى وجهه الكريم فعلم انه ليس بوجه كذاب وتأمله فتحقق انه النبى المنتظر فقال له انى اسألك عن ثلاث لا يعلمهن الا نبى ما اول اشراط الساعة وما اول طعام يأكله اهل الجنة والولد ينزع الى أبيه او الى امه فقال عليه السلام(13/369)
« أما اول اشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق الى المغرب واما اول طعام أهل الجنة فزياده كبد الحوت وأما الولد فان سبق ماء الرجل نزعه وان سبق ماء المرأة نزعته » فقال اشهد أنك رسول الله حقا فقام ثم قال يا رسول الله ان اليهود قوم بهت فان علموا باسلامى قبل ان تسألهم عنى بهتونى عندك فجاء اليهود وهم خمسون فقال لهم النبى عليه السلام « اى رجل عبد الله فيكم » قالوا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن اعلمنا قال « ارأيتم ان أسلم عبد الله » قالوا اعاذه الله من ذلك فخرج اليهم عبد الله فقال أشهد أن لا اله الله واشهد أن محمدا رسول فقالوا شرنا وابن شرنا وانتقصوه قال هذا ما كنت اخاف يا رسول الله وأحذر قال سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه ما سمعت رسول الله عليه السلام يقول لأحد يمشى على الارض انه من اهل الجنة الا لعبد الله بن سلام وفيه نزل وشهد شاهد الخ وقال مسروق رضى الله عنه والله ما نزلت فى عبد الله بن سلام فان آل حم نزلت بمكة وانما أسلم عبد الله بالمدينة وأجاب الكلبى بأن الآية مدينة وان كانت السورة مكية فوضعت فى السورة المكية على ما امر رسول الله عليه السلام وفى الآية اشارة الى التوفيق العام وهو التوفيق الى الايمان بالله وبرسوله وما جاء به واما التوفيق الخاص فهو التوفيق الى العمل بالعلم المشروع الذى ندبك الشارع الى الاشتغال بتحصيله سواء كان العمل فرضا ام تطوعا وغاية العمل والمجاهدات والريات تصفية القلب والتخلق بالاخلاق الالهية والوصول الى العلوم الذوقية فالايمان بالله وبالانبياء والاولياء أصل الاصول كما ان الانكار والاستكبار سبب الحرمان والخذلان فان أقل عقوبة المنكر على الصالحين ان يحرم بركتهم قال ابو تراب النخشبى قدس سره اذا ألف القلب الاعراض عن الله صحبته الوقيعة
جون خدا خواهدكه برده كس درد ميلش اندر طعنه باكان برد
وقال الشيخ العارف شاه شجاع الكرمانى قدس سره ما تعبد متعبد بأكبر من التحبب الى أولياء الله تعالى لان محبة اولياء الله دليل على محبة الله والله لا يهدى من يشاء الى مقام المحبة والرضى ولا يهدى الظالمين المعاندين لانهم من اهل سوء القضاء(13/370)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11)
{ وقال الذين كفروا } اى كفار مكة من كمال استكبارهم { للذين آمنوا } اى لاجلهم فليس الكلام على المواجهة والخطاب حتى يقال ما سبقونا { لو كان } اى ما جاء به محمد عليه السلام من القرءآن والدين { خيرا } حقا { ما سبقونا اليه } فان معالى الامور لا ينالها ايدى الارذال وهم سقاط عامتهم فقرآء وموالى ورعاة وبالفارسية بيشى نكر فتندى برماومسارعت نكردندى بسوى آن دين ادانى قبائل وفقراء ثاس بلكه مادران سابق بودمى جه رتيه مازان بزركترو بزركى وشهرت ما بيشتر
قالوه زعما منهم ان الرياسة الدينية مما ينال بأسباب دنيوية وزل عنهم انها منوطة بكمالات نفسانية وملكات روحانية مبناها الاعراض عن زخارف الدنيا الدنية والاقبال على الآخرة بالكلية وان من فاز بها فقد حازها بحذافيرها ومن حرمها فماله منها من خلاق
يقول الفقير الاولى فى مثل هذا المقام ان يقال ان الرياسة الدينية فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء بغير علل واسباب فان القابلية ايضا اعطاء من الله تعالى { واذ لم يهتدوا به } ظرف لمحذوف يدل عليه ما قبله ويترتب عليه ما بعده لا لقوله فسيقولون فانه للاستقبال واذ للمضى اى واذ لم يهتدوا بالقرءآن كما اهتدى به أهل الايمان قالوا ما قالوا { فسيقولون } غير مكتفين بنفى خيريته { هذا } القرءآن { افك قديم } كما قالوا اساطير الاولين وبالفارسية اين دروغ كهنه است يعنى بيشينيان نيز مثل اين كفته اند
فقد جهلوا بلب القرءآن وعادوه لان الناس اعداء ما جهلوا
توز قرآن اى بسر ظاهر مبين ديو آدم رانبيند جزكه طين ظاهر قرآن جو شخص آدميست كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست
ومن كان مريضا مر الفم يجد الماء الزلال مرا فلا ينبغى لاحد ان يستهين بشئ من الحق اذا لم يهتد عقله به ولم يدركه فهمه فان ذلك من محض الضلالة والجهالة بل ينبغى ان يطلب الاهتدآء من الهادى ويجد فيه قال بعض الكبار قولهم لو كان خيرا ما سبقونا اليه نوع من أنواع مكر النفس ليتوهم برآءة ذمتها من انكار الحق والتمادى فى الباطل واذا لم يهتدوا بما ليس من مشاربهم وما هم من أهل ذوق الايمان بالقرءآن وبالمواهب الربانية فسيقولون هذا افك قديم وعن بعض الفقهاء انه قال لو عاينت خارق عادة على يدى احد لقلت انه طرأ فساد فى دماغى فانظر ما أكثف حجاب هذا وما اشد انكاره وجهله ( قال المولى الجامى ) كلى كه بهر كليم ازدرخت طول شكفت توقع ازخس وخاشاك ميكنى حاشاك
وقال مسكين فقيه ميكند انكار حسن دوست باوبكوكه ديده جانرا جلى كند(13/371)
وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12)
{ ومن قبله } اى من قبل القرءآن وهو خبر لقوله تعالى { كتاب موسى } رد لقولهم هذا افك قديم وابطال له فان كونه مصدقا لكتاب موسى مقرر لحقيته قطعا يعنى كيف يصح هذا القول منهم وقد سلموا لأهل كتاب موسى انهم من أهل العلم وجعلوهم حكما يرجعون لقوله فى هذا النبى وهذا القرءآن مصدق له اوله ولسائر الكتب الالهية { اماما } حال من كتاب موسى اى اماما يقتدى به فى دين الله { ورحمة } لمن آمن به وعمل بموجبه { وهذا } الذى يقولون فى حقه ما يقولون { كتاب } عظيم الشان { مصدق } اى لكتاب موسى الذى هو امام ورحمة او لما بين يديه من جميع الكتب الالهية { لسانا عربيا } حال من ضمير كتاب فى مصدق اى ملفوظا به على لسان العرب لكون القوم عربا { لينذر الذين ظلموا } متعلق بمصدق وفيه ضمير الكتاب او الله او الرسول { وبشرى للمحسنين } فى حيز النصب عطفا على محل لينذر لانه مفعول له اى للانذار والتبشير ومن الظالمين اليهود والنصارى فانهم قالوا عزير ابن الله والمسيح ابن الله وغيروا ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ونعمته فى التوراة والانجيل وحرفوا الكلم عن مواضعه فكان عليه السلام نذيرا لهم وبشيرا للذين آمنوا بجميع الانبياء والكتب المنزلة وهدوا الى الصراط المستقيم وثبتوا على الدين القويم اما الانذار فبالنار وبالفراق الابدى واما التبشير فبالجنة وبالوصل السرمدى ولذا قال للمحسنين فان الاحسان عبادة الله بطريق المشاهدة واذا حصل الشهود حصل الوصل وبالعكس نسأل الله من فضله
يكىرا از صالحان برادرى وفات كرده بود اورا درخواب ديد وبرسيدكه حق تعالى باتوجه كرد كفت مرادربهشت آورده است ميخورم ومى آشامم ونكاح ميكنم كفت ازين معنى نمى برسم ديدار بروردكار ديدى يانه كفت نى كسى كه أنجا اورا نشناخته است اينجا اورانمى بيندآن عزيز جون بيدار شد بر بهيمه خود سوار شد وبيش شيخ اكبر قدس سره الاطهر آمد دراشبيليه واين خواب را باز كفت وملازمت خدمت او كردتا آن مقداركه ممكن بود ازطريق كشف وشهود نه ازطريق دليل أهل نظر حق تعالى را شناخت وبعدازان بمقام خود باز كشت سيد شريف جرجانى ميكفته كه تامن بصحبت شيخ زين الدين كلاله كه از مشايخ شيراز است نرسيدم ازرفض نرستم وتا بصحبت خواجه علاء الدين عطاء نيبوستم خدايرا نشناختم فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق الحق حتى يستعد بسعادة الشهود ويكون من أهل البشرى وعلى هذا جرى العلماء المخلصون وعباد الله الصالحون(13/372)
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13)
{ ان الذين قالو ربنا الله ثم استقاموا } اى جمعوا بين التوحيد الذى هو خلاصة العلم والاستقامة فى امور الدين التى هى منتهى العمل وثم للدلالة على تراخى رتبة العمل وتوقف الاهتدآء به على التوحيد قال ابن طاهر استقاموا على ما سبق منهم من الاقرار بالتوحيد فلم يروا سواه منعما ولم يشكروا سواه فى حال ولم يرجعوا الى غيره وثبتوا معه على منهاج الاستقامة { فلا خوف عليهم } من لحوق مكروه { ولا هم يحزنون } من فوات محبوب والمراد بيان دوام نفى الحزن(13/373)
أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14)
{ اولئك } الموصوفون بما ذكر من الوصفين الجليلين { اصحاب الجنة } ملازموها { خالدين فيها } حال من المستكن فى اصحاب { جزآء } منصوب اما بعامل مقدر اى يجزون جزآء او بمعنى ما تقدم فان قوله تعالى اولئك اصحاب الجنة فى معنى جازيناهم { بما كانوا يعملون } من الحسنات العلمية والعملية وفى التأويلات النجمية يشير الى انهم قالوا ربنا الله من بعد استقامة الايمان فى قلوبهم ثم استقاموا بجوارحهم على اركان الشريعة وباخلاق نفوسهم على آداب الطريقة بالتزكية وباوصاف القلوب على التصفية وبتوجه الارواح على التحلية بالتخلق باخلاق الحق فقالو ربنا لله باستقامة الايمان ثم استقاموا بالنفوس على ادآء الاركان وبالقلوب على الايقان وبالاسرار على العرفان وبالارواح على الاحسان وبالاخفاء على العيان وبالحق تعالى على الفناء من انانيتهم والبقاء بهويته فلا خوف عليهم بالانقطاع ولا هم يحزنون على ما فات لهم من حظ الدارين اولئك اصحاب جنة الوحدة باقين فيها آمنين من الاثنينية جزآء بما كانوا يعملون فى استقامة الاعمال مع الاقوال ( قال الشيخ سعدى ) كرهمه علم عالمت باشد بى عمل مدعى وكذابى وقال بعضهم ( ع ) كرامت نيابى مكر زاستقامت
قال بعض الكبار كلما قرب العبد من الكمال اشتد عليه التكليف وعادت عليه البركات بالتعريف حتى يستغفر له الاملاك والافلاك والسموات والارضون والحيتان فى بحارها والوحش فى قفارها والاوراق فى اشجارها ولذلك قيل ويل للجاهل ان لم يتعلم مرة وويل للعالم ان لم يعمل الفا قال عليه السلام « فرض على قيام الليل ولم يفرض عليكم » ففيه تشديد الطاعة عليه من حيث اكمليته فلا بد من العبودية والاستقامة عليها
بيرابو على سيادة قدس سره كفت اكر تراكويند بهشت خواهى ياد وركعت نماز نكر تابهشت اختيار نكنى دو ركعت نماز اختياركن زيراكه بهشت نصيب تواست ونماز حق اوجل جلاله وهركجا نصيب تودرميان آمد اكرجه كرامت بود روا باشدكه كمين كاه مكرا كردد وكزارد حق اوبى غائله ومكراست موسى عليه السلام جون بنزديك حضر عليه السلام آمد دوبار بروى اعتراض كرديكى در حق آن غلام ديكر از جهت شكستن كشتى جون نصيب خود درميان نبود خضر صبر ميكرد امادر سوم حالت جون نصيب خود بيدا آمدكه لو شئت لاتخذت عليه اجرا خضر كفت مارابا توروى صحبت نماند هذا فراق بينى وبينك بس حذركن كه جيزى ازاغراض نفسانى وزينت دنيا باعبادت آميخته كنى جمعى از ابدال درهوامى رفتند ممر ايشان برمر غزارى سبزه وخرم افتاد وجشمه آب صافى يكى ازيشان را بخاطر كذشت وتمناى آن كردكه ازان جشمه وضو سازدودران روضه نماز كزارد فى الحال ازميان آن جماعت بزمين افتاد وديكران اورار هاكردند ورفتند واو از مرتبه خود بازماند باين مقدار وبدانكه ابن سرى بغات عجيب است ومعنى دقيق وحق تعالى تراباين حكايت بندداد اكرفهم كنى
فالعبودية ترك التدبير وشهود التقدير وباقى ما يتعلق بالآية سبق فى نظيرها فى حم السجدة نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من ارباب الاستقامة ومن اصحاب دار المقامة انه ذو الفضل والعطاء فى الاولى والآخرة(13/374)
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)
{ ووصينا الانسان } عهدنا اليه وامرناه بأن يحسن { بوالديه احسانا } فحذف الفعل واقتصر على المصدر دالا عليه { حملته امه } الام باز آءالاب وهى الوالدة القريبة التى ولدته والوالدة البعيدة التى ولدت من ولدته ولهذا قيل لحوآء عليها السلام هى امنا وان كان بيننا وبينها وسائط ويقال لكل ما كان اصلا لوجود الشئ او تربيته او اصلاحه او مبدأه ام { كرها } حال من فاعل حملته اى حال كونها ذات كره وهو المشقة والصعوبة يريد حالة ثقل الحمل فى بطنها لا فى ابتدآئها فان ذلك لا يكون فيه مشقة او حملته حملا ذا كره وكذا قوله { ووضعته } اى ولدته { كرها } وهى شدة الطلق وفى الحديث « اشتدى ازمة تنفرجى » قال عليه السلام لامرأة مسماة بازمة حين اخذها الطلق اى تصبرى يا ازمة حتى تتفرجى عن قريب بالوضع كذا فى المقاصد الحسنة { وحمله } اى مدة حمله فى البطن { وفصاله } وهو الفطام اى قطع الولد عن اللبن والمراد به الرضاع التام المنتهى به فيكون مجازا مرسلا عن الرضاع التام بعلاقة ان احدهما بغاية الآخرة ومنتهاه كما اراد بالامد المدة من قال
كل حى مستكمل مدة العمر ومردى اذا انتهى امده ... اى هالك اذا انتهت مدة عمره ونظيره التعبير عن المسافة بالغاية فى قولهم من لابتدآء الغاية والى لانتهاء الغاية { ثلاثون شهرا } تمضى عليها بمقاساة الشدآئد لاجله والشهر مدة معروفة مشهورة باهلال الهلال او باعتبار جزء من اثنى عشر جزأ من دوران الشمش من نقطة الى تلك النقطة سمى به لشهرنه وهذا دليل على ان أقل مدة الحمل ستة اشهر لما انه اذا حط منها للفصال حولان لقوله تعالى { حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة } يبقى للحمل ذلك وبه قال الاطباء وفى الفقه مدة الرضاع ثلاثون شهرا عند ابى حنيفة وسنتان عند الامامين وهذا الخلاف فى حرمة الرضاع اما استحقاق اجر الرضاع فمقدر بحولين لهما قوله تعالى { والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين } وله قوله تعالى { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } ذكر شيئين وهما الحمل والفصال وضرب لهما مدة ثلثين شهرا وكان لكل واحد منهما بكمالها كلاجل المضروب لدينين لكن مدة الحمل انتقصت بالدليل وهو قول عائشة رضى الله عنها الولد لا يبقى فى بطن امه اكثر من سنتين ولو بقدر ظل مغزل والظاهر انها قالته سماعا لان المقادير لا يهتدى اليها بالرأى فبقى مدة الفصال على ظاهرها ويحمل قوله تعالى { يرضعن اولادهن حولين } على مدة استحقاق اجرة الرضاع حتى لا يجب نفقة الارضاع على الاب بعد الحولين والمراد السنة القمرية على ما افادته الآية كما قال شهرا لا الشمسية وقال فى عين المعانى أقل مدة الحمل ستة اشهر فبقى سنتان للرضاع وبه قال ابو يوسف ومحمد وقال ابو حنيفة المراد منه الحمل على اليد لو حمل على حمل البطن كان بيان الاقل مع الاكثر انتهى قبل ولعل تعيين أقل مدة الحمل واكثر مدة الرضاع اى فى الآية لانضباطهما وتحقق ارتباط النسب والرضاع بهما فان من ولدت لستة اشهر من وقت التزوج بثبت نسب ولدها كما وقع فى زمان على كرم الله وجهه فحكم بالولد على ابيه فلو جاءت بولد لأقل من ستة لم يلزم الولد للزوج ويفرق بينهما ومن مص ثدى امرأة فى اثناء حولين من مدة ولادته تكون المرضعة اما له ويكون زوجها الذى لبنها منه ابا له قال فى الحقائق الفتوى فى مدة الرضاع على قولهما وفى فتح الرحمن اتفق الأئمة على ان مدة الحمل ستة اشهر واختلفوا فى اكثر مدته فقال ابو حنيفة سنتان والمشهور عن مالك خمس سنين وروى عنه اربع وسبع وعند الشافعى واحمد اربع سنين وغالبها تسعة اشهر انتهى وفى انسان العيون ذكر ان مالكا رضى الله عنه مكث فى بطن امه صنتين وكذا الضحاك بن مزاحم التابعى وفى محاضرات السيوطى ان مالكا مكث فى بطن امه ثلاث سنين واخبر سيدنا مالك ان جارة له ولدت ثلاثة اولاد فى اثنتى عشرة سنة تحمل اربع سنين { حتى اذا بلغ اشده } غاية لمحذوف اى اخذ ما وصيناه به حتى اذا بلغ وقت اشده بحذف المضاف وبلوغ الاشد ان يكتهل ويستوفى السن الذى تستحكم فيه قوته وعقله ورأيه وأقله ثلاث وثلاثون واكثره اربعون { وبلغ اربعين سنة } اى تمام الاربعين بحذف المضاف قيل لم يبعث نبى قبل اربعين وهو ضعيف جدا يدل على ضعفه ان عيسى ويحيى عليهما السلام بعثا قبل الاربعين كما فى بحر العلوم وجوابه انه من اقامه الاكثر الاغلب مقام الكل كما فى حواشى سعد المفتى قال ابن الجوزى قوله ما من نبى نبئ الا بعد الاربعين موضوع لان عيسى نبئ ورفع الى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فاشتراط الاربعين فى حق الانبياء ليس بشئ انتهى وكذا نبئ يوسف عليه السلام وهو ابن ثمانى عشرة سنة كما فى التفاسير وقس على النبوة الولاية وقوة الايمان والاسلام { قال رب } كفت بروردكار من { اوزعنى } اى الهمنى وبالفارسية الهام ده مرا وتوفيق بخش(13/375)
واصله الاغرآء بالشئ من قولهم فلان موزع بكذا اى مغرى به وقال الراغب وتحقيقه اولعنى بذلك والايلاع سخت حريص شدن
او اجعلنى بحيث ازع نفسى عن الكفران اى اكفها { أن أشكر } تاشكر كنم { نعمتك التى انعمت على وعلى والدى } اى نعمة الدين والاسلام فانها النعمة الكاملة او ما يعمها وغيرها وجمع بين شكرى النعمة عليه وعلى والديه لان النعمة عليهما نعمة عليه { وان أعمل صالحا ترضاه } اى تقبله وهى الفرآئض الخمس وغيرها من الطاعات والتنوين للتفخيم والتنكير وقال بعضهم العمل الصالح المقرون بالرضى بذل النس لله والخروج مما سوى الله الى مشاهدة الله وفيه اشارة الى انه لا يمكن للعبد ان يعمل عملا يرضى به ربه الا بتوفيقه وارشاده { واصلح لى فى ذريتى } ذرأ الشئ كثر ومنه الذرية لنسل الثقلين كما فى القاموس اى واجعل الصلاح ساريا فى ذريتى راسخا فيهم ولذا استعمل بفى والا فهو يتعدى بنفسه كما فى قوله(13/376)
{ وأصلحنا له زوجه } قال سهل اجعلهم لى خلف صدق ولك عبيدا حقا وقال محمد ابن على لا تجعل للشيطان والنفس والهوى عليهم سبيلا وفيه اشارة الى ان صلاحية الآباء تورث صلاحية الابناء ( قال الكاشفى ) اكثر مفسران برانندكه اين آيت خاص است بابى بكر الصديق رضى الله عندكه شش ماه درشكم مادر بوده ودوسال تمام شيرخورده وهجده سال بملازمت حضرت بيغمبر عليه السلام رسيد وآن حضرت بيست ساله بود ودرسفر وحضر رقيق وقرين وى بود وجون سال مبارك آن حضرت رسالتبناه بجهل رسيد مبعوث كشت وصديق سى وهشت ساله بودبوى ايمان آورد جون جهل ساله شد كفت رب أوزعنى الخ فأجاب الله تعالى عاءه قأعتق تسعة من المؤمنين يعذبون فى الله منهم بلال الحبشى بن رباح غلامى بود دربنى مذحج مولد ايشان وعامر بن فهيره ازقبيله ازبود مولد ايشان بولم برد شيأ من الخير الا اعانه الله عليه ولم يكن له ولد الا آمنوا جميعا ودخترش عائشة رضى الله عنها بشرف فراش حضرت أشرف رسل مشرف شد وبسرش عبد الرحمن مسلمان كشت وبسر عبد الرحمن ابو عتيق محمد نبز مسلمان كشت وبدولت خدمت حضرت بيغمبر سرافرازى يافت وادرك ابوه ابو قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم وامه ام الخير سلمى بنت صخر بن عمرو بن كعب بن سعد رسول الله عليه السلام وآمنا به ولم يكن ذلك لاحد من الصحابة رضى الله عنهم وسى قبائل نيزاز أولاد صديق درعالم هستند اغلب ايشان بشرف علم وصلاح آراسته { انى تبت اليك } عما لا ترضاه او عما يشغلنى عن ذكرك { وانى من المسلمين } الذين اخلصوا لك انفسهم(13/377)
أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)
{ اولئك } اشارة الى الانسان والجمع لان المراد به الجنس المتصف بالوصف المحكى عنه اى اولئك المنعوتون بما ذكر من النعوت الجليلة { الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا } من الطاعات واجبة او مندوبة فان المباحات حسن لا يثاب عليها وفى ترجمة الفتوحات وهر حركت كه كنى بايدكه بنيت قربت بحق تعالى باشد وا كرجه اين حركت در امرى مباح باشد نيت قربت كن بحق تعالى ازين جهت كه تواعتقاد دارى كه آن مباحست واكر مباح نمى بوبدان مشغول نمى شدى بدين نيت دران امرمباح مستحق ثواب شوى
يقول الفقير عندى وجه آخر فى الآية وهو أن اضافة احسن من اضافة الصفة الى موصوفها كما فى قوله سيئات ما عملوا والتقدير اعمالهم الحسنى ولا يلزم منه ان لا يتقبل منهم الاعمال الحسنة بل يكون فيه اشارة الى ان كل اعمالهم احسن عند الله تعالى بموجب فضله { ونتجاوز عن سيئاتهم } اى ما فعلوا قبل التوبة ولا يعاقبون عليها قال الحسن من يعمل سوأ يجز به انما ذلك من اراد الله هوانه واما من اراد كرامته فانه يتجاوز عن سيئاته { فى اصحاب الجنة } اى حال كونهم كائنين فى عداد اصحاب الجنة منتظمين فى سلكهم { وعد الصدق } مصدر مؤكد لما ان قوله تعالى نتقبل ونتجاوز وعد من الله لهم بالتفضل والتجاوز { الذى كانوا يوعدون } فى الدنيا على السنة الرسل قال الشيخ نجم الدين قدس سره فى تأويلاته فى الآية اشارة الى رعاية حق الوالدين على جهة الاحترام لما عليه لهما من حق التربية والانعام ليعلم ان رعاية حق الحق تعالى على جهته التعظيم لما عليه له من حق الربوبية وانعام الوجود أحق وأولى وقال بعضهم دلت الآية على ان حق الام اعظم لانه تعالى ذكر الابوين معا ثم خص الام بالذكر وبين كثرة مشقتها بسبب الولد زمان حملها ووضعها وارضاعها مع جميع ما تكابده فى اثناء ذلك قال فى فتح الرحمن عدد تعالى على الابناء منن الامهات وذكر الأم فى هذه الآيات فى اربع مراتب والأب فى واحدة جمعهما الذكر فى قوله بوالديه ثم ذكر الحمل للام ثم الوضع لها ثم الرضاع الذى عبر عنه بالفصال فهذ يناسب ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جعل للأم ثلاثة ارباع البر والربع للأب وذلك اذ قال له رجل يا رسول الله من ابر قال « امك » ثم قال ثم من قال « امك » ثم قال ثم من قال « امك » ثم قال ثم من قال « ثم أباك » قال بعض الاولياء وهو ابراهيم الخواص قدس سره كنت فى تيه بنى اسرائيل فاذا رجل يماشينى فتعجبت منه والهمت انه الخضر عليه السلام فقلت له بحق الحق من انت قال اخوك الخضر فقلت له اريد أن اسالك قال سل قلت ما تقول فى الشافعى قال هو من الاوتاد اى من الاوتاد الاربعة المحفوظ بهم الجهات الاربع من الجنوب والشمال والشرق والغرب قلت فما تقول فى احمد بن حنبل امام السنة قال هو رجل صديق قلت فما تقول فى بشر ابن الحارث قال رجل لم يخلف بعده مثله يعنى ازبس اومثل اونبود(13/378)
قتلت فبأى وسيلة رأيتك قال ببرك امك قال الم اليافعى ( حكى ) ان الله سبحانه أوحى الى سليمان بن داود عليهما السلام ان اخرج الى ساحل البحر تبصر عجبا فخرج سليمان ومن معه من الجن والانس فلما وصل الى الساحل التفت يمينا وشمالا فلم ير شيأ فقال لعفريت غص فى هذا البحر ثم ائتنى بعلم ما تجد فيه فغاص فيه ثم رجع بعد ساعة وقال يا نبى الله انى ذهبت فى هذا البحر مسيرة كذا وكذا فلم اصل الى قعره ولا أبصرت فيه شيأ فقال لعفريت آخر غص فى هذا البحر وائتنى بعلم ما تجد فيه فغاص ثم رجع بعد ساعة وقال مثل قول الاول الا انه غاص مثل الاول مرتين فقال لآصف ابن بر خيا وهو وزيره الذى ذكره الله تعالى فى القرءآن بقوله حكاية عنه { قال الذى عنده علم من الكتاب } ائتنى بعلم ما فى هذا البحر فجاءه بقبة من الكافور الابيض لها اربعة ابواب باب من در وباب من جوهر وباب من زبرجد أخضر وباب من ياقوت احمر والابواب كلها مفتحة ولا يقطر فيها قطرة من الماء وهى فى داخل البحر فى مكان عميق مثل مسيرة ما غاص فيه العفريت الاول ثلاث مرات فوضعها بين يدى سليمان عليه السلام واذا فى وسطها شاب حسن الشباب نقى الثياب وهو قائم يصلى فدخل سليمان القبة وسلم على ذلك الشاب وقال له ما انزلك فى قعر هذا البحر فقال يا نبى الله انه كان ابى رجلا مقعدا وكانت امى عمياء فأقت فى خدمتهما سبعين سنة فلما حضرت وفاة امى قالت الله اطل حياة ابنى فى طاعتك فلما حضرت وفاة ابى قال اللهم استخدم ولدى فى مكان لا يكون للشيطان عليه سبيل فخرجت الى هذا الساحل بعدما دفتنهما فنظرت هذه القبة موضوعة فدخلتها لانظر حسنها فجاء ملك من الملائكة فاحتمل القبة وانا فيها وانزلنى فى قعر هذا البحر قال سليمان ففى اى زمان كنت اتيت هذا الساحل قال فى زمن ابراهيم الخليل عليه السلام فنظر سليمان فى التاريخ فاذا له ألفا سنة واربعمائة سنة وهو شاب لا شيبة فيه قال فما كان طعامك وشرابك فى داخل هذا البحر قال يا نبى الله يأتينى كل يوم طير اخضر فى منقاره شئ اصفر مثل رأس الانسان فآكله فأجد فيه طعم كل نعيم فى دار الدنيا فيذهب عنى الجوع والعطش والحر والبرد والنوم والنعاس والفترة والوحشة فقال سليمان اتقف معنا ام نردك الى موضعك فقال ردنى يا نبى الله فقال رده يا آصف فرده ثم التفت فقال انظروا كيف استجاب الله دعاء الوالدين فأحذركم عقوق الوالدين رحمكم الله قال الامام السخاوى عن ابن عمر رضى الله عنه رفعه انى سألت الله ان لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه ولكن قد صح ان دعاء الوالد على ولده لا يرد فيجمع بينهما وجاء رجل الى النبى عليه السلام ليستشيره فى الغزو فقال(13/379)
« ألك والدة » قال نعم قال « فالزمها فان الجنة تحت قدميها »
جنت كه سراى مادرانست زير قدمات مادرانست روزى بكن اى خداى مارا جيزى كه رضاى مادرانست
ومنه الاعانة والتوفيق للخدمة المرضية بالنفوس الطبية الراضية(13/380)
وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)
{ والذى } مبتدأ خبره قوله اولئك لان المراد به اى بالموصول الجنس { قال لوالديه } عند دعوتهما له الى الايمان ويدخل فيه كل عبد سوء عاق لوالديه فاجر لربه { اف لكما } كراهيت وننك مرشمارا
وهو صوت يصدر عن المرء عند تضجره وكراهيته واللام لبيان المؤفف له كما فى هيث لك اى هذا التأفيف لكما خاصة وقال الراغب اصل الأف كل مستقذر من وسخ وقلامة ظفر وما يجرى مجراهما ويقال ذلك لكل مستخف به استقذارا له { أتعداننى } آيا وعدمى دهيدمرا { ان اخرج } ابعث من القبر بعد الموت { وقد خلت القرون من قبلى } اى وقد خلت امة بعد امة من قبلى ولم يبعث منهم احد ولم يرجع والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد والخلو المضى { وهما يستغيثان الله } ويسألانه ان يغيثه ويوفقه للايمان { ويلك } اى قائلين له ويلك ومعناه بالفارسية واى برتو
وهو فى الاصل دعاء عليه بالهلاك اريد به الحث والتحريض على الايمان لا حقيقة الهلاك وانتصابه على المصدر بفعل مقدر بمعناه لا من لفظه وهو من المصادر التى لم تستعمل افعالها وقيل هو مفعول به اى الزمك الله ويلك { آمن } اى صدق بالبعث والاخراج من الارض { ان وعد الله } اى موعوده وهو البعث اضافة اليه تحقيقا للحق وتنبيها على خطاه فى اسناد الوعد اليهما { حق } كائن لا محالة لان الخلف فى الوعد نقص يجب تنزيه الله عنه { فيقول } مكذبا لهما { ما هذا } الذى تسميانه وعد الله { الا اساطير الاولين } اباطيلهم التى يسطرونها فى الكتب من غير ان يكون لها حقيقة كأحاديث رستم ويهرام واسفنديار(13/381)
أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18)
{ اولئك } القائلون هذه المقالات الباطلة { الذين حق عليهم القول } وهو قوله تعالى لابليس { لاملان جهنم منك وممن تبعك منهم اجمعين } كما ينبئ عنه قوله تعالى { فى امم } حال من اغجرور فى عداد أمم { قد خلت من قبلهم من الجن والانس } بيان للامم { انهم } جميعا اى هم والامم { كانوا خاسرين } قد ضيعوا فطرتهم الاصلية الجارية مجرى رؤس اموالهم باتباع الشيطان والجملة تعليل للحكم بطريق الاستئناف التحقيقى(13/382)
وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19)
{ ولكل } من الفريقين المذكورين { درجات مما عملوا } مراتب من اجزية ما عملوا من الخير والشر فمن نعت للدرجات ويجوز ان تكون بيانية وما موصولة او من أجل اعمالهم فما مصدرية ومن متعلق بقوله لكل والدرجات عالية فى مراتب المثوبة وايرادها هنا بطريق التغليب { وليوفيهم اعمالهم } وليعطيهم اجزية اعمالهم وافية تامة من وفاه حقه اذا اعطاه اياه وافيا تاما { وهم لا يظلمون } بنقص ثواب الاولين وزيادة عقاب الآخرين واللام متعلقة بمحذوف مؤخر كأنه قيل وليوفيهم اعمالهم ولا يظلمهم حقوقهم فعل ما فعل من تقدير الاجزية على مقادير اعمالهم فجعل الثواب درجات والعقاب دركات وفى الآية ذم لمن اتصف فى حق الوالدين فى التأفيف وفى ذلك تنبيه على ما ورآءه من التعنيف فحكم ان صاحبه من أهل الخسران والخسران نقصان فى الايمان فكيف بمن خالف مولاه وبالعصيان آذاه وفى الحديث « أن الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم » وقيل لما دخل يعقوب على يوسف عليهما السلام لم يقم له فأوحى الله اليه أتتعاظم ان تقوم لابيك وعزتى لا اخرجت من صلبك نبيا كما فى الاحياء قيل اذا تعذر مراعاة حق الوالدين جميعا بان يتأذى احدهما بمراعاة الآخر يرجح حق الاب فيما يرجع الى التعظيم والاحترام لان النسب منه ويرجح حق الام فيما يرجع الى الخدمة والانعام حتى لو دخلا عليه يقوم للاب ولو سألا منه شيأ يبدأ فى الاعطاء بالام كما فى منبع الآداب قال الامام الغزالى اكثر العلماء على ان طاعة الابوين واجبة فى لشبهات ولم تجب فى الحرام المحض حتى اذا كانا ينتقصان بانفرادك عنهما بالطعام فعليك ان تأكل معهما لان ترك الشبهة ورع ورضى الوالدين حتم وكذلك ليس لك ان تسافر فى مباح او نافلة الا باذنهما والمبادرة الى الحد الذى هو فرض الاسلام نفل لانه على التأخير والخروج لطلب العلم نفل الا اذا كان خروجك لطلب علم افرض من الصلاة والصوم ولم يكن فى بلدك من يعلمك وذلك كمن يسلم ابتداء فى بلد ليس فيه من يعلمه شرع الاسلام فعليه الهجرة ولا يتقيد بحق الوالدين ويثبت بولاية الحسبة للولد على الوالد والعبد على السيد والزوجة على الزوج والتلميذ على الاستاذ والرعية على الوالى لكن بالتعريف ثم الوعظ والنصح باللطف لا بالسب والتعنيف والتهديد ولا بمباشرة الضرب ويجب عل الابوين ان لا يحملا الولد على العقوق بسوء المعاملة والجفاء ويعيناه على البر قال عليه السلام « رحم الله والدا اعان ولده على البر » أى لم يحمله على العقوق بسوء عمله قال الحسن البصرى من عقل الرجل ان لا يتزوج وابواه فى الحياة انتهى فانه ربما لا يرضى احدهما عنه بسبب زوجته فيقع فى الاثم ( قال الحافظ ) هيج رحمى نه برادر به برادر دارد هيج شوقى نه بدر را به بسر مىبينم دخترا نرا همه جنكست وجدل بامادر بسرا نرا همه بدخواه بدر مى بينم وفى الحديث(13/383)
« حق كبير الاخوة على صغيرهم كحق الوالدين على ولدهما ومن مات والداه وهو لهما غير بار فليستغفر لهما ويتصدق لهما حتى يكتب بارا لوالديه ومن دعا لابويه فى كل يوم خمس مرات فقد ادى حقهما ومن زار قبر ابويه او احدهما فى كل جمعة كتب بارا » كما فى الحديث « ودعاء الاحياء للاموات واستغفارهم هدايا لهم » والموتى يعلمون بزوارهم عشية الجمعة ويوم الجمعة وليلة السبت الى طلوع الشمس لفضل يوم الجمعة وينوى بما يتصدق من ماله عن والديه اذا كانا مسلمين فانه لا ينقص من اجره شئ ويكون لهما مثل اجره وقال بعض الكبرآء يرمى الحجر فى الطريق عن يمينه مرة وينوى عن ابيه وبآخر عن يساره وينوى عن امه وكان يكظم غيظه يريد برهما ففيه دليل على ان جميع حسنات العبد يمكن ان تجعل من بر والديه اذا وجدت النية فعلى الولد أن يبرهما حيين وميتين ولكن لا يطيعهما فى الشرك والمعاصى
جون نبود خويش را ديانت وتقوى قطع رحم بهتر از مودت قربى
كما قال تعالى { وان جاهداك على ان تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تعطهما } هزار خويش كه بيكانه از خدا باشد فداى يك تن بيكانه كاشنا باشد(13/384)
وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20)
{ ويوم يعرض الذين كفروا على النار } اى يعذبون بها فالعرض محمول على التعذيب مجازا من قولهم عرض الاسارى على السيف اى قتلوا والا فالمعروض عليه يجب ان يكون من أهل الشعور والاطلاع والنار ليست منه وقيل تعرض النار عليهم بأن يوقفوا بحيث تبدو لهم النار ومواقعهم فيها وذلك قبل ان يلقوا فيها فيكون من باب القلب مبالغة بادعاء كون النار مميزا ذا قهر وغلبة يقول الفقير لا حاجة عندى الى هذين التأويلين فان نار الآخرة لها شعور وادراك بدليل انها تقل هل من مزيد وتقول للمؤمنين جزيا مؤمن فان نورك اطفأ نارى وامثال ذلك وايضا لا بعد فى ان يكون عرضهم على النار باعتبار ملائكة العذاب فانهم حاضرون عندها باسباب العذاب وأهل النار ينظرون اليهم والى ما يعذبونهم به عياناً والله اعلم { أذهبتم طيباتكم } اى يقال لهم ذلك على التوبيخ وهو الناصب للظرف اى اليوم والمعنى اصبتم واخذتم ما كتب لكم من حظوظ الدنيا ولذآئذها وبالفارسية ببرديد وبخورديد جيزهاى لذيذ خود را { فى حياتكم الدنيا } در زندكانئ آن جهان خويش { واستمتعتم بها } فلم يبق لكم بعد ذلك شئ منها لان اضافة الطيبات تفيد العموم وبالفارسية وبرخوردارى يافتيد بآن لذىئذ يعنى استيفاى لذات كرديد وهيج براى آخرت نكذاشتيد
قال سعدى المفتى قوله واستمتعتم بها كأنه عطف تفسيرى لاذهبتم { فاليوم تجزون عذاب الهون } اى الهوان والحقارة اى العذاب الذى فيه ذل وخزى { بما كنتم } فى الدنيا { تستكبرون فى الارض بغير الحق } بغير استحقاق لذلك وفيه اشارة الى ان الاستكبار اذا كان بحق كالاستكبار على الظلمة لا ينكر { وبما كنتم تفسقون } اى تخرجون من طاعة الله اى بسبب استكباركم وفسقكم المستمرين علل سبحانه ذلك العذاب بأمرين احدهما الاستكبار عن قبول الدين الحق والايمان بمحمد عليه السلام وهو ذنب القلب والثانى الفسق والمعصية بترك المأمورات وفعل المنهيات وهو ذنب الجوارح وقدم الاول على الثانى لان ذنب القلب أعظم تاثيرا من ذنب الجوارح ( قال الكاشفى ) تنبيه است مر طالبان تجات راكه قدم از اندازه شرع بيرون تنهند باى از حدود شرع برون مىنهى منه خود را اسير نفس وهواميكنى مكن
وفى الآية اشارة الى ان للنفس طيبات من الدنيا الفانية وللروح طيبات من الآخرة الباقية فمن اشتغل باستيفاء طيبات نفسه فى الدنيا يحرم فى الآخرة من استيفاء طيبات روحه لان فى طلب استيفاء طيبات النفس فى الدنيا ابطال استعداد الروح فى استيفاء طيبات فى الآخرة موعودة وفى ترك استيفاء طيبات النفس فى الدنيا كمالية استعداد الروح فى استيفاء طيبات فى الآخرة موعودة فلهذا يقال لارباب النفوس فاليوم تجزون عذاب الهون بأنكم استكبرتم فى قبول دعوة الانبياء فى ترك شهوات النفس واستيفاء طيباتها لئلا تضيع طيبات ارواحكم وبما كنتم تخرجون من اوامر الحق ونواهيه ويقال للروح وارباب القلوب كلوا واشربوا هينئا بما اسلفتم فى الايام الخالية وبما كانت نفوسهم تاركة لشهواتها بتبعية الروح يقال لهم ولكم فيها ما تشهيه الانفس اى من نعيم الجنة فانها من طيباتها وتلذ الاعين وهو مشاهدة الجمال والجلال وهى طيبات الروح كذا فى التأويلات النجمية والآية منادية بأن استيفاء الحظ من الدنيا ولذاتها صفة من صفات أهل النار فعلى كل مؤمن ذى عقل وتمييز أن يجتنب ذلك اقتدآء بسيد الانبياء واصحابه الصالحين حيث آثروا اجتناب اللذت فى الدنيا رجاء ثواب الآخرة ( قال الصائب ) افتد هماى دولت اكر دركمندما از همت بلندر رها ميكنيم ما(13/385)
قال الواسطى من سره شئ من الالوان الفانية دق أو جل دخل تحت هذه الآية ( روى ) عن عمر رضى الله عنه انه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على سرير وقد اثر بجنبيه الشريط فبكى عمر فقال « ما يبكيك يا عمر » فقال ذكرت كسرى وقيصر وما كانا فيه من الدنيا وانت رسول رب العالمين قد أثر بجنبيك الشريط فقال عليه السلام « اولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى حياتهم الدنيا ونحن قوم اخرت لنا طيباتنا فى الآخرة » قالت عائشة رضى الله عنها ما شبع ل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واول بدعة حدثت بعده الشبع وقالت ايضا وقد كان يأتى علينا الشهر وما وقد فيه نارا وما هو الا الماء والتمر غير انه جزى الله عنا نساء الانصير خيرا كن ربما اهدين لنا شيأ من اللبن ( قال فى كشف الاسرار ) ملك زمين برسول الله عرض كردند واو بندكى اختيار كرد واز ملكى اعراض كرد وكفت اجوع يوما واشبع يوما قال جابر بن عبد الله رضى الله عنه رأى عمر بن الخطاب رضى الله عنه لحما معلقا فى يدى فقال ما هذا يا جابر قلت اشتهيت لحما فاشتريته فقال عمر أو كل ما اشتهيت يا جابر اشتريت اما تخاف هذه الآية اذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا
نفس را بدخوابناز ونعمت دنيامكن آب ونان سير كاهل ميكند ما منه رجل عليه ردآء اما اراراوكساء قد ربطوه فى اعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلع الكعبين فيجمعه بيده كراهية ان ترى عورته وفى الحديث « من قضى نهمته فى الدنيا حيل بينه وبين شهوته فى الآخرة ومن مد عينه الى زينة المترفين كان مهينا فى ملكوت السموات ومن صبر على الفوت الشديد اسكنه الله الفردوس حيث شاء » ( قال الشيخ سعدى ) مبرورتن ار مردراى وهشى كه اورا جومى برورى مى كشى خور وخواب تنها طريق ددست بربن بودن آيين بابخر دست قناعت توانكر كند مردرا خبركن حريص جهان كردرا غدا كر لطيفست وكز سرسرى جوديرت ندست اوفتد خوش خورى كر آزاده برزيمن خسب وبس مكن نهر قالى زمين بوس كس مكن خانه برراه سيل اى غلام كه كس رانكشت اين همارت تمام ومن الله العون فى طريقه والوصول اليه بارشاده وتوفيقه(13/386)
وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21)
{ واذكر اخا عاد } اى واذكر يا محمد لكفار مكة هودا عليه السلام ليعتبروا من حال قومه وبالفارسية وياد بن برادر عاد يعنى بيغمبرى كه از قبيله عاد بود
قمعنا اخا عاد واحدا منهم فى النسب لا فى الدين كما قولهم يا اخا العرب وعاد هم ولد عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح وهود هو ابن عبد الله ابن رباح بن الخلود بن عاد { اذ أنذر قومه } بدل اشتمال منه اى وقت انذاره اياه { بالاحقاف } بموضع يقال له الاحقاف وآن ريكتسانى بود نزديك حضرموت بولايت يمن
جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء من احقوقف الشئ اذا اعوج وانما اخذ الحقف من احقوقف مع ان الامر ينبغى ان يكون بالعكس لان احقوقف اجلى معنى واكثر استعمالا فكانت له من هذه الجهة اصالة فادخلت عليه كلمة الابتدآء للتنبيه على هذا كما فى حواشى سعدى المفتى وعن بعضهم كانت عاد اصحاب عمد سيارة فى الربيع فاذا هاج العود رجعوا الى منازلهم وكانوا من قبيله ارم يسكنون بين رمال مشرفة على البحر بأرض يقال له الشحر من بلاد اليمن وهو بكسر الشين وسكون الحاء وقيل بفتح الشين ساحل البحر بين عمان وعدن وقيل يسكنون بين عمان ومهرة وعمان بالضم والتخفيف بلد باليمن واما الذى بالشام فهو عمان بالفتح والتشديد ومهرة موضع ينسب اليه الابل المهرية قال فى فتح الرحمن الصحيح من الاقوال ان بلاد عاد كانت فى اليمن ولهم كانت ارم ذات العماد والاحقاف جمع حقف وهو الجبل المستطيل المعود من الرمل وكثيرا ما تحدث هذه الاحقاف فى بلاد الرمل فى الصحارى لان الريح تصنع ذلك انتهى وعن على رضى الله عنه شر واد بين الناس وادى الاحقاف وواد بخضر موت يدعى برهوت تلقى فيه ارواح الكفار وخير واد وادى مكة وواد نزل به آدم بأرض الهند وقال خير بئر فى الناس بئر زمزم وشر بئر فى الناس بئر يرهوت كذا فى كشف الاسرار { وقد خلت النذر } اى الرسل جمع نذير بمعنى المنذر { من بين يديه } اى من قبله { ومن خلفه } اى من بعده والجملة اعتراض بين المفسر والمفسر او المتعلق والمتعلق مقرر لما قبله مؤكد لوجوب العمل بموجب الانذار وسط بين انذار قومه وبين قوله { ان لا تعبدوا الا الله } مسارعة الى ما ذكر من التقرير والتأكيد وايذانا باشتراكهم فى العبادة المحكية والمعنى واذكر لقومك انذار هود قومه عاقبة الشرك والعذاب العظيم وقد انذر من تقدمه من الرسل ومن تأخر عنه قومهم مثل ذلك فاذكرهم قال فى بحر العلوم ان مخففة من الثقيلة اى انه يعنى ان الشان والقصة لا تعبدوا الا الله او مفسرة بمعنى اى لا تعبدوا الا الله او مصدرية بحذف الباء تقدير بأن لا تعبدوا الا الله والنهى عن الشى انذار عن مضرته انتهى { انى اخاف عليكم عذاب يوم عظيم } اى هائل بسبب شرككم واعراضكم عن التوحيد واليوم العظيم يوم نزول العذاب عليهم فعظيم مجاز عن هائل لانه يلزم العظم ويجوز ان يكون من قبيل الاسناد الى الزمان مجازا وان يكون الجر على الجوار(13/387)
قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22)
{ قالوا اجئتنا لتأفكنا } اى تصرفنا من الافك بالفتح مصدر افكه يأفكه افكا قلبه وصرفه عن الشئ { عن آلهتنا } عن عبادتها الى دينك وهذا مما لا يكون { فائتنا بما تعدنا } من العذاب العظيم والباء للتعدية { ان كنت من الصادقين } فى وعدك بنزوله بنا(13/388)
قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23)
{ قال } اى هود { انما العلم } اى بوقت نزوله او العلم بجميع الاشياء التى من جملتها ذلك { عند الله } وحده لا علم لى بوقت نزوله ولا مدخل لى فى اتيانه وحلوله وانما علمه عند الله تعالى فيأتيكم به فى وقته المقدر له { وابلغكم ما ارسلت به } من مواجب الرسالة التى من جملتها بيان نزول العذاب ان لم تنتهوا عن الشرك من غير وقوف على وقت نزوله { ولكنى اراكم قوما تجهلون } حيث تقترحون على ما ليس من وظائف الرسل من الاتيان بالعذاب وتعيين وقته وفى التأويلات النجمية تجهلون الصواب من الخطأ والصلاح من الفساد حين ادلكم على الرشاد وفى الاية اشارة الى ان الاصنام ظاهرة وباطنة فالاصنام الظاهرة ظاهرة واما الاصنام الباطنة فهى النفس وهواها وشهواتها الدنيوية الفانية والنهى عنها مطلقا من وظائف الانبياء عليهم السلام لانهم بعثوا لاصلاح النفوس وتهييج الارواح الى الملك القدوس ويليهم ورثتهم وهم الاولياء الكرام قدس الله اسرارهم فهم بينوا ان عبادة الهوى تورث العذاب العظيم وعبادة الله تعالى تورث الثواب العظيم بل رؤية الوجه الكريم ولكن القوم من كمال شقاوتهم قابلونا بالرد والعناد وزادوا فى الضلال والفساد فحرموا من الثواب مع ما لحقهم من العذاب وهذا من كمال الجهالة اذ لو كان للمرء عقل تام ومعرفة كاملة لما تبع الهوى وعبد المولى قال بعضهم يجب عليك اولا ان تعرف المعبود ثم تعبده وكيف تعبد من لا تعرفه باسمائه وصفات ذاته وما يجب له وما يستحيل فى نعته فربما تعتقد شيأ فى صفاته يخالف الحق فتكون عبادتك هباء منثورا الا ترى ان بعضهم رأى الشيطان بين السماء والارض فظنه الحق واستمر عليه مقدار عشرين سنة ثم لما تبين له خطأه فى ذلك قضى صلواة تلك المدة وكذلك يجب عليك علم الواجبات الشرعية لتؤديها كما امرت بها وكذا علم المناهى لتتركها
شخصى بود صالح اما قليل العلم در حانه خود منقطع بود ناكاه بهيمه خريد واورابدان حاجتى ظاهرنه بعد ازجند سال كسى ازوى بر سيدتوا اين راجه ميكنى وترابوى شغلى وحاجتى نيست كفت دين خودرا باين محافظت مى كنم اوخود با اين بهيمه جمع مى آمده است تا از زنا معصوم ماند اورا اعلام كردندكه آن حرام است وصاحب شرع نهى فرموده است بسيار كريست وتوبه كرد وكفت ندا نستم بس برتو فرض عين است كه ازدين خود بازجويى وحلال وحرام را تمييز كنى تا تصرفات تو برطريق استقامت باشد
ويجب عليك ايضا معرفة الاحوال والاخلاق القلبية والتحرز عن مذموماتها كالحسد والرياء والعجب والكبر وحب المال والجاء ونحو ذلك وتتخلق بممدوحاتها من التوكل والقناعة والرضى والتسليم واليقين ونحو ذلك ولا بد فى هذا الباب من المعلم والمرشد خصوصا فى اصلاح الباطن
درا بحلقه روشند لان عالم خاك كه تازجاجه دلرا كنى زحادثه باك(13/389)
فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)
{ فلما رأوه } الفاء فصيحة اى فأتاهم العذاب الموعود به فلما رأوه حال كونه { عارضا } اى سحابا يعرض فى افق السماء او يبدو فى عرض السماء { مستقبل اوديتهم } اى متوجها تلقاء اوديتهم والاضافة فيه لفظية ولذا وقع صفة للنكرة { قالوا هذا عارض ممطرنا } اى يأتينا بالمطر والاضافة فيه ايضا لفظية روى انه خرجت عليهم سحابة سودآء من واد لهم يقال الميثت وكانوا قد حبس عنهم المطر فلما شاهدوها قالوا ذلك مستبشرين بها مسرورين { بل هو } اى قال هود ليس الامر كذلك بل هو { ما استعجلتم به } من العذاب وبالفارسية اين نه ابر باران دهنده است بلكه او آن جيزيست كه تعجيل مزكرريد بدان { ريح } خبر لمبتدأ محذوف اى حوريح { فيها عذاب أليم } صفة لريح وكذ قوله(13/390)
تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)
{ تدمر } اى تهلك { كل شئ } مرت به من نفوسهم واموالهم فالاستغراق عرفى والمراد المشركون منهم { بامر ربها } اذ لا حركة ولا سكون الا بمشيئته تعالى واضاف الرب الى الريح مع انه تعالى رب كل شئ لتعظيم شأن المضاف اليه وللاشارة الى انها فى حركتها مأمورة وانها من اكابر جنود الله يعنى ليس ذلك من باب تأثيرات الكواكب والقرانات بل هو امر حدت ابتدآء بقدرة لله تعالى لاجل التعذيب { فاصبحوا } اى صاروا من العذاب بحال { لا يرى الا مساكنهم } الفاء فصيحة اى فجأتهم الريح فدمرتهم فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم يعنى بس كشتند بحالىكه اكر كسى بديار ايشان رسيدى ديده نشدى مكر جايكاههاى ايشان يعنى همه هلاك شدند وجايكا ايشان خالى بماند { كذلك } الكاف منصوبة على معنى مثل ذلك الجزآء الفظيع يعنى الهلاك بعذاب الاستئصال { نجزى القوم المجرمين } قيل اوحى الله تعالى الى خزان الريح ان ارسلوا مقدار منخر البقر فقالوا يا رب اذا ننسف الارض ومن عليها فقال تعالى مثل حلقة الخاتم ففعلوا فجاءت ريح باردة من قبل المغرب واول ما عرفوا به انه عذاب ان رأوا ما كان فى الصحرآء من رحالهم ومواشيهم تطير بها الريح بين السماء والارض وترفع الظعينة فى الجو حتى ترى كأنها جرادة فتدمغها بالحجارة فدخلوا بيوتهم واغلقوا ابوابهم فقلعت الريح الابواب وسرعتهم فأمال الله الاحقاف عليهم فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية ايام لهم انين ثم كشفت الريح عنهم الاحقاف فاحتملتهم فطرحتهم فى البحر وقد قالوا من اشد منا قوة فلا تستطيع الريح ان تزيل اقدامنا فغلبت عليهم الريح بقوتها فما اغنت عنهم قوتهم ( وفى المثنوى ) جمله ذرات زمين وآسمان لشكر حقندكاه امتحان بادرا ديدى كه با عادان جه كرد آب را ديدى كه باطوفان جه كرد
روى ان هودا عليه السلام لما أحس بالريح خط على نفسه وعلى المؤمنين خطا الى جنب عين تثبع ماء لا يصيبهم من الريح الا ما يلين على الجلود وتلذ الانفس وعمر هود بعدهم مائة وخمسين وقد مر تفصيل القصة فى سورة الاعراف فارجع والآية وعيد لاهل مكة على اجرامهم بالتكذيب فان الله تعالى قادر على ان يرسل عليهم ريحا مثل ريح عاد أو نحوها فلا بد من الحذر وعن عايشة رضى الله عنها كان النبى عليه السلام اذا رأى ريحا مختلفة تلون وجهه وتغير ودخل وخرج واقبل وادبر فذكرت ذلك له فقال « وما تدرون لعله كما قال الله تعالى فلما راوه عارضا » الخ فاذا امطرت سرى عنه ويقول وهو الذى يرسل شباح بشر بين يدى رحمته وفى الآية اشارة الى انه يعرض فى سماء القلوب تارة عارض فيمطر مطر الرحمة يحيى الله به ارض البشرية فينبت منها الاخلاق الحسنة والاعمال الصالحة وتارة يعرض عارض ضده بسوء الاخلاق وفساد الاعمال فتكون اشخاصهم خالية عن الحير كالاخلاق والاداب والاعمال الصالحة وقلوبهم فارغة من الصدق والاخلاص والرضى والتسليم وهو جزآء القوم المعرضين عن الحق المقبلين على الباطل يقول الفقير وفيه اشارة ايضا الى قوم ممكورين مقهورين يحسبون انهم من اهل اللطف والكرم فيأمرون برفع القباب على قبورهم بعد موتهم او يفعل بهم ذلك من جهة الجهلة فصاروا بحيث لا يرى الا القبور والقباب وليس فيها احد من الاحباب بلى من اهل العذاب ونعم ما قالوا لا تهيئ لنفسك قبر او هيئ نفسك للقبر نسأل الله سبحانه ان يوفقنا لما يحبه ويرضاه ويحفظنا مما يوجب اذاه ويخالف رضاه(13/391)
وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26)
{ ولقد مكناهم } لتمكين دست دادن و جاى دادن
والمعنى اقدرنا عادا وملكناهم وبالفارسية ايشان را قدرت وقوت داديم { فيما } اى فى الذى { ان } نافية اى ما { مكناكم } اى يا أهل مكة { فيه } من السعة والبسطة وطول الاعمار وسائر مبادى التصرفات ومما يحسن موقع ان دون ما ههنا التفصى عن تكر لفظة ما وهو الداعى الى قلب الفها هاه فى مهما وجعلها زآئدة او شرطة على ان يكون الجواب كان بغيكم اكثر مما لا يليق بالمقام { وجعلنا لهم سمعا وابصارا وافئدة } ليستعملوها فيما خلقت له ويعرفوا بكل منها ما نيطت به معرفته من فنون النعم ويستدلوا بها على شؤون منعمها عز وجل ويدوموا على شكرها ولعل توحيد السمع لانه لا يدرك به الا الصوت وما يتبعه بخلاف البصر حيث يدرك به اشياء كثيرة بعضها بالذات وبعضها بالواسطة والفؤآد يعم ادرك كل شئ والفؤاد من القلب كالقلب من الصدر سمى به لتفؤده اى لتوقده تحرقه { فما } نافية { اغنى عنهم سمعهم } حيث لم يستعملوه فى استماع الوحى ومواعظ الرسل يقال اغنى عنه كذا اذأ كفاه قال فى تاج المصادر الاغناء بى نياز كردانيدن وواداشتن كسى را ازكسى { ولا ابصارهم } حيث لم يجتلوا بها الايات التكوينية المنصوية فى صحائف العالم { ولا افئدتهم } حيث لم يستعملوها فى معرفة الله سبحانه { من شئ } اى شيأ من الاغناء ومن مزيدة للتأكيد ( قال الكاشفى ) همين كه عذاب فرود آيد بش دفع نكرد از ايشان كوش و ديدها و دلهاى ايشان جيزبرا ازعذاب خداى { اذ كانوا } ازروى تقليد وتعصب { يجحدون بآيات الله } قوله اذ متعلق بما اغنى وهو ظرف جرى مجرى التعليل من حيث ان الحكم مرتب على ما اضيف اليه فان قولك اكرمته اذا كرمنى فى قوة قولك اكرمته لاكرامه لانك اذا اكرمته وقت اكرامه فانما اكرمته فيه لوجودا كرامه فيه وكذا الحال فى حيث { وحاق بهم } نزل واحاط { ما كانوا به يستهزئون } من العذاب الذى كانوا يستعجلونه بطريق الاستهزآء فيقولون فائتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين وفى الآية تخويف لاهل مكة ليعتبروا ( وفى المثنوى ) بس سباس اوراكه مارا درجهان كرد بيدازابس بيشينيان تاشنيديم ازسياستهاى حق برقرون ماضيه اندرسبق استخوان وبشم آن كركان عيان بنكريد وبند كيريد اى مهان عاقل ازسر بنهد اين هستى وباد جون شنيد انجام فرعونان وعاد ورنه بنهد ديكران از حال او عبرتى كيرند از اضلال او
وفى الآية اشارة الى ان هذه الآلات التى هى السمع والبصر والفؤاد أسباب تحصيل التوحيد وبدأ بالسمع لان جميع التكليف الوارد على القلب انما يوجد من قبل السمع وثنى بالبصر لانه أعظم شاهد بتصديق المسموع منه وبه حصول ما به التفكر والاعتبار غالبا تنبيها على عظمة ذلك وان كان المبصر هو القلب ثم رجع الى الفؤاد الذى هو العمدة فى ذلك فتقديمها على جهة التعظيم له كما يقال الجناب والمجلس وهما المبلغان اليه وعنه وانما شاركه هذان فى الذكر تنبيها على عظم مشاركتهما اياه فى الوزارة ولولاهما لما امكن ان يبلغ قلب فى القالب قلبا فى هذا العالم ما يريد ابلاغه اليه فالسمع والبصر مع الفؤاد فى عالم التكليف كالجسد والنفس مع الروح فى عالم الخلافة ولا يتم لاحدهما ذلك الا بالآخرين والا نقص بقدره والمراد فى جميع التكليف سلامة القلب والخطاب اليه من جهة كل عضو فعلى العاقل سماع الحق والتخلق بما يسمع والمبادرة الى الانقياد للتكليفات فى جميع الاعضاء وفعل ما قدر عليه من المندوبات واجتناب ما سمع من المنهى عنه من المحرمات والتعفف عن المكروهات وترك فضلات المباحات فان الاشتغال بفضول المباحات يحرم العبد من لذة المناجاة وفكر القلب فى المباحات يحدث له ظلمة فكيف تدبير الحرام اذا غير المسك الماء منع الوضوء منه فكيف ولوغ الكلب وكل عضو يسأل عنه يوم القيامة فليحاسب العبد نفسه قبل وقت المحاسبة وروى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الى القصاص من نفسه فى خدش خدشه اعرابيا لم يتعمده فاتى جبرآئيل فعال يا محمد ان الله لم يبعثك جبارا ولا متكبرا فدعا النبى عليه السلام الاعرابى فقال(13/392)
« اقتص منى » فقال الاعرابى قد احللتك بابى انت وامى وما كنت لأفعل ذلك ابدا ولو أتيت على نفسى فدعا له بخير فكما يجب ترك الظلم باليد ونحوها فكذا ترك معاونة الظلمة
وطلب بعض الامرآء من بعض العلماء المحبوسين عنده ان يناوله طينا ليختم به الكتاب فقال ناولنى الكتاب اولا حتى انظر ما فيه فهكذا كانو يحترزون عن معاونة الظلمة فمن اقر بآيات الله الناطقة بالحلال والحرام كيف يجترئ على ترك العمل فيكون من المستهزئين بها فالتوحيد والاقرار اصل الاصول ولكن قال تعالى { اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } ولا كلام فى شرف العلم والعمل خصوصا الذكر قال موسى عليه السلام يا رب اقريب أنت فأناجيك ام بعيد فاناديك فقال انا جليس من ذكرنى قال فانا نكون على حال نجلك ان نذكرك عليها كالجنابة والغائط فقال اذكرنى على اى حال قال الحسن البصرى اذا عطس على قضاء الحاجة يحمد الله فى نفسه كما فى احياء العلوم(13/393)
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27)
{ ولقد اهلكنا ما حولكم } يا أهل مكة وبالفارسية بدرستى كه نيست كرديم آنجه كردا كرد شمابود
وحول الشئ جانبه الذى يمكنه ان يحول اليه { من القرى } كحجر ثمود وهى منازلها والمؤتفكات وهى قرى قوم لوط والظاهر من أهل القرى فيدخل فيهم عاد فانهم اهلكوا وبقيت مساكنهم كما سبق { وصرفنا الآيات } التى يعتبر بها اى كررنا عليهم الحجج وانواع العبر و فى كشف الاسرار وصرفنا الآيات بتكرير ذكرها واعادة اقاصيص الامم الخالية بتكذيبها وشركها { لعلهم يرجعون } لكى يرجعوا عما هم فيه من الكفر والمعاصى لانها اسباب الرجوع الى التوحيد والطاعة ولم يرجع احد منهم ليعلم ان الهداية بيد الله يؤتيها من يشاء قالوا لعل هذا تطميع لهم وتأميل للمؤمنين والا فهو تعالى يعلم انهم لا يرجعون
يقول الفقير هذا من اسرار القدر فلا يبحث عنه فان الله تعالى خلق الجن والانس ليعبدوه فما عبده منهم الا أقل من القليل ولما كان تصريف الآيات والدعوة بالمعجزات من مقتضيات اعيانهم فعله الله تعالى تعالى والانبياء عليهم السلام والفرق بين الامر التكليفى والامر الارادى ان الاول لا يقتضى حصول المأمور به بخلاف الثانى والا لوقع التخلف بين الارادة والمراد وهو محال(13/394)
فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28)
{ فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة } القربان ما يتقرب به الى الله تعالى وأحده مفعولى اتخذوا ضمير المفعول المحذوف والثانى آلهة وقربانا حال والتقدير فهلا نصرهم وخلصهم من العذاب الذين اتخذوهم آلهة حال كونها متقربا بها الى الله تعالى حيث كانوا يقولون ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى وهؤلاء شفعاؤنا عند الله وفيه تهكم بهم { بل ضلوا عنهم } اى غابوا عنهم وفيه تهكم آخر بهم كأن عدم نصرتهم لغيبتهم او ضاعوا عنهم اى ظهر ضياعهم عنهم بالكلية { وذلك } اى ضياع آلهتهم عنهم وامتناع نصرتهم { افكهم } اى اثر افكهم الذى هو اتخاذهم اياها آلهة ونتيجة شركهم { وما كانوا يفترون } عطف على افكهم اى واثر افترآئهم على الله او اثر ما كانوا يفترونه عليه تعالى
روزى از توهركه تافت دكر آب رو نيافت
وفى لآية اشارة الى ان الاسباب والوسائل نوعان احدهما ما اذن الله تعالى فى ان يتوسل العبد به اليه كالانبياء والاولياء وما جاؤ به من الوحى والالهام فهذه اسباب الهدى كما قال تعالى { وابتغوا اليه الوسيلة } وكونوا مع الصادقين والثانى ما لم يأذن فيه الله كعبادة الاصنام ونحوها فهذه اسباب الهوى كما نطقت بها الآيات ثم ان الله تعالى انما يفعل عند لاسباب لا بالاسباب ليعلم العبد ان التأثير من الله تعالى فيستأنس بالله لا بالاسباب
حق تعالى موسى را فرمودكاى موسى جون مرغ باش كه ازسر درختان مى خورد وآب صافى بكارمى بدد وجون شب درآمد در شكافى مأوى مىسازد وبامن انس ميكيرد واز خلق مستوحش ميكرد واى موسى هركه بغير من اميد دارد هرآينه اميد اوقطع كنم وهركه باغير من تكيه كند بشت اوراشكسته كنم وهركه باغير من انس كيرد وحشت اودراز كردانم وهركه غير مرا دوست دارد هرآينه ازوى اعراض نمايم وفى الآية ايضا تهديد وتخويف حتى لا يغفل المرء عن الله ولا يتكل على غيره بل يتأمل العاقبة ويقتل اله عوة
حق تعالى به بنى اسرآئيل خطاب فرمودكه شمارا بآخرت ترغيب كرديم رغبت نكرديد ودردنيا بزهد فرموديم زاهد نشديد وبا آنش ترسانيديم ترس دردل نكرفتيد وبه بهشت تشويق كرديم آرزومند نشديد برشما نوحه كردن داديم نكرستيد بشارت باد كشتكا نرا كه حق تعالى شمشير بست كه در نيام نيامد وان دار جهنم است(13/395)
وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)
{ واذ صرفنا اليك نفرا من الجن } املناهم اليك راقبلنابهم نحوك والنفر دون العشرة وجمعه انفار قال الراغب النفر عدة رجال يمكنهم النفر اى الى الحرب ونحوها والجن بعض الروحانيين وذلك ان الروحانين ثلاثة اخيار وهم الملائكة واشرار وهم الشياطين واوساط فيهم اخيار واشرار وهم الجن قال سعيد بن المسيب الملائكة ليسوا بذكور ولا اناث ولا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون والشياطين ذكور واناث يتوالدون ولا يموتون بل يخلدون فى الدنيا كما خلد ابليس والجن يتوالدون وفيهم ذكور واناث ويموتون
يقول الفقير يؤيده ما ثبت ان فى الجن مذاهب مختلفة كالانس حتى الرافضى ونحوه وان بينهم حروبا وقتالا ولكن يشكل قولهم ابليس هو ابو الجن فانه يقتضى ان لا يكون بينهم وبين الشياطين فرق الا بالايمان والكفر فاعرف { يستمعون القرآءن } حال مقدرة من نفرا لتخصيصه بالصفة او صفة اخرى له اى واذكر لقومك وقت صرفنا اليك نفرا كائنا من الجن مقدرا استماعهم القرءآن { فلما حضروه } اى القرءآن عند تلاوته { قالوا } اى قال بعضهم لبعض { انصتوا } الانصات هو الاستماع الى الصوت مع ترك الكلام اى اسكتوا لسمعه وفيه اشارة الى ان من شأنهم فضول الكلام واللغط كالانس ورمز الى الحرص المقبول قال بعض العارفين هيبة الخطاب وحشمة المشاهدة حبست السنتهم فانه ليس فى مقام الحضرة الا الخمول والذبول { فلما قضى } اتم وفرغ من تلاوته { ولوا الى قومهم منذرين } انصرفوا الى قومهم مقدرين انذارهم عند رجوعهم اليه يعنى آمنوا به واجابوا الى ما سمعوا ورجعوا الى قومهم منذرين ولا يلزم من رجوعهم بهذه الصفة ان يكونوا رسل رسول الله عليه السلام اذ يجوز ان يكون الرجل نذيرا ولا يكون نبيا او رسولا من جانب احد فالنذارة فى الجن من غير نبوة وقد سبق بقية الكلام فى سورة الانعام عند قوله تعالى { يا معشر الجن والانس } الآية روى ان الجن كانت تسترق السمع فلما حرست السماء ورجموا بالشهب قالوا ما هذا الا لنباء حدث فنهض سبعة نفر او ستة نفر من اشراف جن نصيبين ورؤسائهم ونصيبين بلد قاعدة ديار ربيعة كما فى القاموس وقال فى انسان العيون هى مدينة بالشام وقيل باليمن اثنى عليها رسول الله عليه السلام بقوله « رفعت الى نصيبين حتى رأيتها فدعوت الله ان يعذب نهرها وينضر شجرها ويكثر مطرها » وقيل كانوا من ملوك جن نينوى بالموصل واسماؤهم على ما فى عين المعانى شاصر ناصر دس مس از دادنان احقم وكفته اندنه عدد بود وهشتم عمرو ونهم سرق وزوبعة بفتح الزاى المعجمة والباء الموحدة از ايشان بوده واوبسر ابليس است وقال فى القاموس الزوبعة اسم شيطان او رئيس الجن فتكون الاسماء عشرة لكن الاحقم بالميم او الاحقب بالباء وصف لواحد منهم لا علم وقال ابن عباس رضى الله عنهما تسعة سليط شاصر ماصر حاصر حسا مسا عليم ارقم ادرس فضربوا فى الارض حتى بلغوا تهامة وهى بالكسر مكة شرفها الله تعالى وارض معروفة لا بلد كما فى القاموس ثم اندفعوا الى وادى نخلة عند سوق عكاظ ونخلة محلة بين مكة والطائف ونخلة الشامية واليمانية واديان على ليلة من مكة وعكاظ كغراب سوق بصحرآء بين نخلة والطائف كانت تقوم هلال ذى القعدة وتستمر عشرين يوما تجتمع قبائل العرب فيتعاكظون اى يتفاخرون ويتناشدون ومنه الاديم العكاظى فوافوا اى نفر الجن رسول الله صلى الله عليه وسلم اى صادفوه ووجدوه وهو قائم فى جوف الليل يصلى اى فى وسطه وكان وحده او معه مولاه زيد بن حارثة رضى الله عنه وفى رواية يصلى صلاة الفجر اذ كان اذ ذاك مأمورا بركعتين بالغداة وبركعتين بالعشى فهى غير صلاة الفجر التى هى احدى الخمس المفترضة ليلة الاسرآء اذ الحيلولة بين الجن وبين خبر السماء بالشهب كانت فى اوآئل الوحى وليلة الاسرآء كانت بعد ذلك بسنين عديدة فاستمعوا القراءته عليه السلام وكان يقرا طه وذلك عند منصرفه من الطائف حين خرج اليهم يستنصرهم على الاسلام والقيام على من خالفه من قومه فلم يجيبوه الى مطلوبه واغروا به سفهاءهم فآذوه عليه السلام اذى شديدا ودقوا رجليه بالحجارة حتى ادموها كما سبق نبذة منه فى آخر التوبة وكان اقام بالطائف يدعوهم عشرة ايام وشهرا واقام بنخلة اياما فلما اراد الدخول الى مكة قال له زيد كيف تدخل عليهم يعنى قريشا وهم قد اخرجوك اى كانوا سببا لخروجك وخرجت لتستنصرهم فلم تنصر فقال(13/396)
« يا زيد ان الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا وان الله ناصر دينه ومظهر نبيه » فسار عليه السلام الى جبل حرآء وبعث الى مطعم بن عدى وقد مات كافرا قبل بدر بنحو سبعة اشهر يقول له انى داخل مكة فى جوارك فأجابه الى ذلك فدخل عليه السلام مكة ثم تسلح مطعم وبنوه وهم ستة او سبعة وخرجوا حتى اتوا المسجد الحرام فقام مطعم على راحلته فنادى يا معشر قريش انى قد اجرت محمدا فلا يؤذيه احد منكم ثم بعث الى رسول الله عليه السلام ان ادخل فدخل وطاف بالبيت وصلى عنده ثم انصرف الى منزله ومطعم وولده مطيفون به وكان من عادة العرب حفظ الجوار ولذا قال ابو سفيان لمطعم اجرنا من اجرت ثم ان مرور الجن به عليه السلام فى هذه القصة ووقوفهم مستمعين لم يشعر به عليه السلام ولكن انبأه الله باستماعهم وذكر اجتماعهم به عليه السلام فى مكة مرار فمن ذلك ما روى ان النفر السبعة من الجن لما انصرفوا من بطن نخلة جاؤوا الى قومهم منذرين ثم جاؤا مع قومهم وافدين الى رسول الله عليه السلام وهو بمكة وهم ثلاثمائة او اثنا عشر ألفا فانتهوا الى الحجون وهو موضع فيه مقابر مكة فجاء واحد من اولئك النفر الى رسول الله فعال ان قومنا قد حضروا بالحجون يلقونك فوعده عليه السلام ساعة من الليل ثم قال لاصحابه(13/397)
« انى امرت ان أقرأ على الجن الليلة وانذرهم فمن يتبعنى » قالها ثلاثا فأطرقوا الا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه فقام معه قال فانطلقنا حتى اذا كنا بأعلى مكة فى شعب الحجون خط لى خطا برجله وقال لى « لا تخرج منه حتى اعود اليك فانك ان خرجت لن ترانى الى يوم القيامة » وفى رواية « لم آمن عليك ان يخطفك بعضهم » ثم جلس وقرأ عليهم اقرأ باسم ربك او سورة الرحمن وسمعت لغطا شديدا حتى خفت على رسول الله واللغط بالغين المعجمة والطاء المهملة اختلاط اصوات الكلام حتى لا يفهم وغشيته عليه السلام ثم انقطعوا كقطع السحاب فقال لى عليه السلام « هل رأيت شيأ » قلت نعم رجالا سودا كأنهم رجال الزط وهم طائفة من السودان الواحد منهم زطى فقال « اولئك جن نصيبين » قلت سمعت منهم لغطا شديدا حتى خفت عليك الى ان سمعتك تفرعهم بعصاك وتقول « اجلسوا » اى فما سببه فقال « ان الجن تداعت فى قتيل قتل بينهم فتحاكموا الى فحكمت بينهم بالحق » وقال ابو الليث فلما رجع اليه قال يا نبى الله سمعت هدتين اى صوتين قال عليه السلام « اما احداهما فانى سلمت عليهم وردوا على السلام واما الثانية فانهم سألوا الرزق فأعطيتهم عظما واعطيتهم روثا رزقا لدوابهم » اى ان المؤمنين منهم لا يجدون عظما ذكر اسم الله عليه الا وجدوا عليه لحمه يوم اكل ولا ورثة الا وجد فيها حبها يوم أكلت او يعود البعر خضرا لدوابهم ولهذا نهى عليه السلام عن الاستنجاه بالعظم والروث واما الكافرون منهم فيجدون اللحم على العظم الذى لم يذكر اسم الله عليه وعن قتادة لما اهبط ابليس قال اى رب قد لعننه فما علمه قال السحر قال فما قرآءته قال الشعر
درقيامت نرسد شعر بفرياد كسى كر سراسر سخنش حكمت يونان كردد
قال فما كتابته قال الوشم وهو غرز الابر فى البدن وذر النيلج عليه قال فما طعامه قال كل ميتة وما لم يذكر اسم الله عليه اى من طعام الانس يأخذه سرقة قال فما شرابه قال كل مسكر قال فاين مسكنه قال الحمام قال فاين محله قال فى الاسواق قال فما صوته قال المزمار قال فما مصايده قال النساء فالحمام اكثر محل اقامته والسوق محل تردده فى بعض الاوقات والظاهر ان كل من لم يؤمن من الجن مثل ابليس فيما ذكر قال فى انسان العيون فى أكل الجان ثلاثة اقوال يأكلون بالمضغ والبلع ويشربون بالازدراد اى الابتلاع والثانى لا يأكلون ولا يشربون بل يتغذون بالشم والثالث انهم صنفان صنف يأكل ويشرب وصنف لا يأكل ولا يشرب وانما يتغذون بالشم وهو خلاصتهم وفى اكام المرجان ان العمومات تقتضى ان الكل يأكلون ويشربون وكون الرقيق رقيقا واللطيف لطيفا لا يمنع عن الاكل والشرب واما الملائكة فهم اجسام لطيفة لكنهم لا يأكلون ولا يشربون لاجماع أهل الصلاة على ذلك وللاخبار المروية فى ذلك قال العلماء انه عليه السلام بعث الى الجن قطعا وهم مكلفون وفيهم العصاة والطائعون وقد اعلمنا لله ان نفرا من الجن رأوه عليه السلام وآمنوا به وسمعوا القرءآن فهم صحابة فضلاء من حيث رؤيتهم وصحبتهم وحيئنذ ينعين ذكر من عرف منهم فى الصحابة رضى الله عنهم كذا فى شرح النخبة لعلى القارى(13/398)
قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)
{ قالوا } اى عند رجوعهم الى قومهم { يا قومنا انا سمعنا كتابا } فيه اطلاق الكتاب على بعض اجزآئه اذ لم يكن القرءآن كله منزلا حينئذ { انزل من بعد } كتاب { موسى } قيل قالوه لانهم كانوا على اليهودية واسلموا وقال سعدى المفتى فى حواشيه قلت الظاهر انه مثل قول ورقة بن نوفل هذا الناموس الذى نزل الله على موسى فقد قالوا فى وجهه انه ذكر موسى مع انه كان نصرانيا تحقيقا للرسالة لان نزوله على موسى متفق عليه بين اليهود والنصارى بخلاف عيسى فان اليهود ينكرون نبوته او لأن النصارى يتبعون احكام التوراة ويرجعون اليها وهذان الوجهان متاتيان هنا ايضا وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الجن لم تكن سمعت بأمر عيسى عليه السلام فلذا قالوا من بعد موسى قال سعدى المفتى لعله لا يصح عن ابن عباس فانه فى غاية البعد اذ النصارى امة عظيمة منتشرة فى مشارق الارض ومغاربها فكيف يجوز ان لا يسمعوا بأمر عيسى وقال فى انسان العيون قولهم من بعد موسى بناء على ان شريعة عيسى مقررة لشريعة موسى لا ناسخة انتهى يقول الفقير قد صح ان التوراة اول كتاب اشتمل على الاحكام والشرآئع بخلاف ما قبله من الكتب فانها لم تشتمل على ذلك انما كانت مشتملة على الايمان بالله وتوحيده ومن ثمة قيل لها صحف واطلاق الكتب عليها مجاز كما صرح به فى السيرة الحلبية فلما كان القرءآن مشتملا على الاحكام او الشرآئع ايضا صارت الكتب الآلهية كلها فى حكم كتابين التوراة والقرءآن فلذا خصصوا موسى بالذكر وفيه بيان لشرف الكتابين وجلالتهما { مصدقا لما بين يديه } اى موافقا لما قبله من التوراة والكتب الآلهية فى الدعوة الى التوحيد والتصديق وحقية امر النبوة والمعاد وتطهير الاخلاق ونحو ذلك { يهدى الى الحق } من العقائد الصحيحة { والى طريق مستقيم } موصل اليه لا عوج فيه وهو الشرآئع والاعمال الصالحة قال ابن عطاء يهدى الى الحق فى الباطن والى طريق مستقيم فى الظاهر(13/399)
يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)
{ يا قومنا اجيبوا داعى الله } يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم او أرادوا ما سمعوه من الكتاب فانه كما انه هاد كذلك هو داع الى الله تعالى { وآمنوا به يغفر لكم } اى الله تعالى { من ذنوبكم } اى بعض ذنوبكم وهو ما كان فى خالص حق الله فان حقوق العباد لا تغفر بالايمان بل برضى اربابها يعنى اذا أسلم الذمى لا يغفر عنه حقوق العباد بأسلامه وكذا لا تغفر عن الحربى اذا كان الحق ماليا قالوا ظلامة الكافر وخصومة الدابة اشد لان المسلم اما ان يحمل عليه ذنب خصمه بقدر حقه او يأخذ من حسناته والكافر لا يأخذ من الحسنات ولا ذنب للدابة ولا يؤهل لاخذ الحسنات فتعين العقاب { ويجركم من عذاب أليم } معد للكفرة وهو عذاب النار(13/400)
وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (32)
{ ومن لا يجب داعى الله فليس بمعجز فى الارض } اى فليس بمعجز له تعالى بالهرب وان هرب كل مهرب من اقطارها او دخل فى اعماقها { وليس له من دونه اولياء } بيان لاستحالة نجاته بواسطة الغير اثر بيان استحالة نجاته بنفسه وجمع الاولياء باعتبار معنى من فيكون من باب مقابلة الجمع بالجمع لانقسام الاحاد الى الآحاد { اولئك } الموصوفون بعدم اجابة الداعى { فى ضلال مبين } اى ظاهر كونه ضلالا بحيث لا يخفى على احد حيث اعرضوا عن اجابة من هذا شأنه وفى الحديث « الا اخبركم عنى وعن ملائكة ربى البارحة حفوا بى عند راسى وعند رجلى وعن يمينى وعن يسارى فقالوا يا محمد تنام عينك ولا ينام قلبك فلتعقل ما نقول فقال بعضهم لبعض اضربوا لمحمد مثلا قال قائل مثله كمثل رجل بنى دارا وبعث داعيا يدعو فمن اجاب الداعى دخل الدار وأكل مما فيها ومن لم يجب الداعى لم يدخل الدار ولم يأكل مما فيها وسخط السيد عليه ومحمد الداعى فمن اجاب محمدا دخل الجنة ومن لم يجب محمدا لم يدخل الجنة ولم يأكل مما فيها ويسخط السيد عليه » وفى الآية دليل بين على انه عليه السلام مبعوث الى الجن والانس جميعا ولم يبعث قبله نبى اليهما واما سليمان عليه السلام فلم يبعث الى الجن بل سخروا له وفى فتح الرحمن ولم يرسل عليه السلام الى الملائكة صرح به البيهقى فى الباب الرابع من شعب الايمان وصرح فى الباب الخامس عشر بأنفكاكهم من شرعه وفى تفسير الامام الرازى والبرهان النسفى حكاية الاجماع قال ابن حامد من اصحاب احمد ومذهب العلماء اخراج الملائكة عن التكليف والوعد والوعييد وهم معصومون كالانبياء بالاتفاق الا من استثنى كابليس وهاروت وماروت على القول بأنهم من الملائكة انتهى وفى الحديث « ارسلت الى الخلق كافة » والخلق يشمل الانس والجن والملك والحيوانات والنبات والحجر قال الجلال السيوطى وهذا القول اى ارساله للملائكة رجحته فى كتاب الخصائص وقد رجحه قبلى الشيخ تقى الدين السبكى وزاد انه مرسل لجميع الانبياء والامم السابقة من لدن آدم الى قيام الساعة ورجحه ايضا البارزى وزاد انه مرسل الى جميع الحيوانات والجمادات وازيد على ذلك انه مرسل لنفسه
يقول الفقير اختلف أهل الحديث فى شأن الملائكة هل هم من الصحابة او لا فقال البلقينى ليسوا داخلين فى الصحابة وظاهر كلامهم كالامام الرازى انهم داخلون ففيه ان الامام كيف يعد الملائكة من الصحابة وقد حكى الاجماع على عدم الارسال وبعيد أن يكونوا من صحابته وامته عليه السلام من غير ان يرسل اليهم واختلف فى حكم مؤمنى الجن فقيل لا ثواب لهم الا النجاة من النار لقوله تعالى(13/401)
{ يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب اليم } حيث صرح باقتصارهم على المغفرة والاجارة وبه قال الحسن البصرى رحمه الله حيث قال ثوابهم ان يجاروا من النار ثم يقال لهم كونوا ترابا مثل البهائم قال الامام النسفى فى التيسر توقف ابو حنيفة فى ثواب الجن ونعيمهم وقال لا استحقاق للعبد على الله وانما ينال بالوعد ولا وعد فى حق الجن الا المغفرة والاجارة فهذا يقطع القول به واما نعيم الجنة فموقوف على قيام الدليل انتهى قال سعدى الفتى وبهذا تبين ان ابا حنيفة موقف لا جازم بأنه لا ثواب لهم كما زعم البيضاوى يعنى ان المروى عن ابى حنيفة انه توقف فى كيفية ثوابهم لا انه قال لا ثواب لهم وذلك ان فى الجن مسلمين ويهودا ونصارى ومجوسا وعبدة أوثان فلمسلميهم ثواب لا محالة وان لم نعلم كيفيته كما ان الملائكة لا يجازون بالجنة بل بنعيم يناسبهم على اصح قول العلماء واما رؤية الله تعالى فلا يراه الملائكة والجن فى رواية كما فى انسان العيون والظاهر ان رؤيتهم من واد ورؤية البشر من واد فمن نفى الرؤية عنهم نفاها بهذا المعنى والا فالملائكة اهل حضور وشهود فكيف لا يرونه وكذا مؤمنوا الجن وان كانت معرفتهم دون معرفة الكمل من البشر على ما صرح به بعض العلماء وفى البزازية ذكر فى التفاسير توقف الامام الاعظم فى ثواب الجن لانه جاء فى القرءآن فيهم { يغفر لكم من ذنوبكم } والمغفرة لا تستلزم الاثابة قالت المعتزلة اوعد لظالميهم فيستحق الثواب صالحوهم قال الله تعالى { واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا } قلنا الثواب فضل من الله تعالى لا بالاستحقاق فان قيل قوله تعالى { فبأى آلاء ربكما تكذبان } بعد عد نعم الجنة خطاب للثقلين فيرد ما ذكرتم قلنا ذكر ان المرداد منه التوقف فى المآكل والمشارب والملاذ والدخول فيه كدخول الملائكة للسلام والزيارة والخدمة والملائكة يدخلون عليهم من كل باب الآية انتهى والصحيح كما فى بحر العلوم والاظهر كما فى الارشاد ان الجن فى حكم بنى آدم ثوابا وعقابا لانهم مكلفون مثلهم ويدل عليه قوله تعالى فى هذه السورة { ولكل درجات مما عملوا } والاقتصار لان مقصودهم الانذار ففيه تذكير بذنوبهم
وازحمزة بن حبيب رحمه الله برسيدندكه مؤمنان جن را ثواب هست فرمودكه آرى وآيت لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان بخواند وكفت الانسيات للانس والجنيات للجن
فدل على تأتى الطمث من الجن لان طمث الحور العين انما يكون فى الجنة وفى آكام المرجان فى احكام الجان اختتف العلماء فى مؤمنى الجن هل يدخلون الجنة على اقوال احدها انهم يدخلونها وهو قول جمهور العلماء ثم اختلف القائلون بهذا القول اذا دخلوا الجنة هل يأكلون فيها ويشربون فعن الضحاك يأكلون ويشربون وعن مجاهد انه سئل عن الجن المؤمنين ايدخلون الجنة قال يدخلونها ولكن لا يأكلون ولا يشربون بل يلهمون التسبيح والتقديس فيجدون فيه ما يجده اهل ألجنة من لذة الطعام والشراب وذهب الحرث المحاسبى الى ان الجن الذين يدخلون الجنة يكونون يوم القيامة بحيث نراهم ولا يروننا عكس ما كانوا عليه فى الدنيا والقول الثانى انهم لا يدخلونها بل يكونون فى ربضها اى ناحيتها وجانبها يراهم الانس من حيث لا يرونهم والقول الثالث انهم على الاعراف كما جاء فى الحديث(13/402)
« ان مؤمنى الجن لهم ثواب وعليهم عقاب وليسوا من أهل الجنة مع امة محمد هم على الاعراف حائط الجنة تجرى فيه الانهار وتنبت فيه الاشجار والثمار » ذكره صاحب الفردوس الكبير وقال الحافظ الذهبى هذا حديث منكر جدا وفى الحديث « خلق الله الجن ثلاثة اصناف صنفا حيات وعقارب وخشاش الارض وصنفا كالريح فى الهوآء وصنفا عليه الثواب والعقاب وخلق الله الانس ثلاثة اصناف صنفا كالبهائم كما قال تعالى ( لهم قلوب لا يفقهون بها ) الى قوله ( اولئك كالانعام ) الآية وصنفا اجسادهم كأجساد بنى آدم وارواحهم كأرواح الشياطين وصنفا فى ظل الله يوم لا ظل الا ظله » رواه ابو الدردآء رضى الله عنه والقول الرابع الوقف واحتج أهل القول الاول بوجوه الاول العمومات كقوله تعالى { وازلفت الجنة للمتقين } وقوله عليه السلام « من شهد ان لا اله الا الله خالصا دخل الجنة » فكما انهم يخاطبون بعمومات الوعيد بالاجماع فكذلك يخاطبون بعمومات الوعد بالطريق الاولى ومن أظهر حجة فى ذلك قوله تعالى { ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى } الى آخر السورة والخطاب للجن والانس فامتن عليهم بجزآء الجنة ووصفها لهم وشوقهم اليها فدل ذلك على انهم ينالون ما امتن عليهم به اذا آمنوا وقد جاء فى الحديث ان رسول الله عليه السلام قال لاصحابه لما تلا عليهم هذه السورة « الجن كانوا احسن ردا منكم ما تلوت عليهم من آية الا قالوا ولا بشئ من آلائك ربنا نكذب » والثانى ما استدل به ابن حزم من قوله تعالى { ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك خير البرية جزآؤهم } الى آخر السورة قال وهذه صفة تعم الجن والانس عموما لا يجوز البتة ان يخص منها احد النوعين ومن المحال ان يكون الله يخبرنا بخبر عام وهو لا يريد الا بعض ما اخبرنا به ثم لا يبين لنا ذلك هذا هو ضد البيان الذى ضمنه الله لنا فكيف وقد نص على انهم من جملة المؤمنين الذين يدخلون الجنة والثالث ما سبق من خبر الطمث والرابع ما قال ابن عباس رضى الله عنهما الخلق اربعة فخلق فى الجنة كلهم وخلق فى النار كلهم وخلقان فى الجنة والنار فاما الذين فى الجنة كلهم فالملائكة واما الذين فى النار كلهم فالشياطين واما الذين فى الجنة والنار فالانس والجن لهم الثواب وعليهم العقاب والخامس ان العقل يقوى ذلك وان لم يوجبه وذلك ان الله سبحانه الحكم العدل فان قيل قد أوعد الله من قال من الملائكة انى اله من دونه بالنار ومع هذا ليسوا فى الجنة فى الجواب ان المراد بذلك ابليس دعا الى عبادة نفسه فنزلت الآية فيه وهى(13/403)
{ ومن يقل منهم انى اله من دونه فذلك نجزيه جهنم } وايضا ان ذلك وان سلمنا ارادة العموم منه فهذا لا يقع من الملائكة بل هو شرط والشرط لا يلزم وقوعه وهو نظير قوله { لئن اشركت ليحبطن عملك } والجن يوجد منهم الكافر فيدخل النار واحتج اهل القول الثانى بقوله تعالى { يغفر لكم } الخ حيث لم يذكر دخول الجنة نفيه وايضا ان الله اخبر أنهم ولوا الى قومهم منذرين فالمقام مقام الانذار لا مقام بشارة وايضا ان هذه العبارة لا تقتضى نفى دخول الجنة لان الرسل المتقدمين كانوا ينذرون قومهم بالعذاب ولا يذكرون دخول الجنة لان التخويف بالعذاب اشد تأثيرا من الوعد بالجنة كما اخبر عن نوح فى قوله { انى اخاف عليكم عذاب يوم أليم } وعن هود { عذاب يوم عظيم } وعن شعيب { عذاب يوم محيط } وكذلك غيرهم وايضا ان ذلك يستلزم دخول الجنة لان من غفر ذنوبه واجير من العذاب وهو مكلف بشرآئع الرسل فانه يدخل الجنة وقد سبق دليل القول الثالث والرابع والعلم عند الله الملك المتعال واليه المرجع والمآل(13/404)
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33)
{ اولم يروا } الهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر يستدعيه المقام والرؤية القلبية اى ألم يتفكروا ولم يعلموا علما جازما فى حكم المشاهدة والعيان { ان الله الذى خلق السموات والارض } ابتدآء من غير مثال { ولم يعى بخلقهن } اى لم يتعب ولم ينصب بذلك اصلا او لم يعجز عنه يقال عييت بالامر اذا لم تعرف وجهه واعييت تعبت وفى القاموس اعيى الماشى كل وفى تاج المصادر العى بكسر العين اندرماندن والماضى عيى وعى والنعت عيى على فعل بالفتح والاعياء درماندن ومانده شدن ودررفتن ومانده كردن واعيى عليه الامر انتهى وحكى فى سبب تعلم الكسائى النحو على كبره انه مشى يوما حتى اعيى ثم جلس الى قوم ليستريح فقال قد عييت بالتشديد بغير همزة فقالوا له لا تجالسنا وانت تلحن قال الكسائى وكيف قالوا ان اردت من التعب فقل اعييت وان اردت من انقطاع الحيلة والتعجيز فى الامر فقل عييت مخففا فقام من فوره وسأل عمن يعلم النحو فأرشدوه الى معاذ فلزمه حتى نفد ما عنده ثم خرج الى البصرة الى الخليل ابن احمد
يقول الفقير الظاهر ان المراد بالعى هنا اللغوب الواقع فى قوله { ولقد خلقنا السموات والارض وما بينهما فى ستة ايام وما مسنا من لغوب } والقرءآن يفسر بعضه بعضا فالاعياء مرفوع محال لانه لو كان لاقتضى ضعفا واقتضى فسادا { بقادر } خبر أن ووجه دخول الباء اشتمال النفى الوارد فى صدر الآية على ان وما فى حيزها كأنه قيل او ليس الله بقادر { على ان يحيى الموتى } ولذا اجيب عنه بقوله { بلى انه على كل شئ قدير } تقريرا للقدرة على وجه عام يكون كالبرهان على المقصود يعنى ان الله تعالى اذا كان قادرا على كل شئ كان قادرا على احياء الموتى لانه من جملة الاشياء وقدرته تعالى لا تختص بمقدور دون مقدور فبلى يختض بالنفى ويفيد ابطاله على ما هو المشهور وان حكى الرضى عن بعضهم انه جازا استعمالها فى الايجاب(13/405)
وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34)
{ ويوم يعرض الذين كفروا على النار } اى يعذبون بها كما سبق فى هذه السورة ويوم ظرف عامله قول مضمر اى يقال لهم يومئذ { أليس هذا } العذاب الذى ترونه { بالحق } اى حقا وكنتم تكذبون به وفيه تهكم بهم وتوبيخ لهم على استهزآئهم بوعد الله ووعيده وقولهم وما نحن بمعذبين { قالوا بلى } اى انه الحق { وربنا } وهو الله تعالى اكدوا جوابهم بالقسم لانه يطمعون فى الخلاص بالاعتراف بحقيته كما فى الدنيا وأنى لهم ذلك { قال } الله تعالى او خازن النار { فذوقوا العذاب } اى احسوا به احساس الذائق المطعوم { بما كنتم تكفرون } به فى الدنيا والباء للسببية ومعنى الامر الاهانة بهم والتوبيخ لهم على ما كان فى الدنيا من الكفر والانكار لوعد الله ووعيده قال ابن الشيخ الظاهر ان صيغة الامر لا مدخل لها فى التوبيخ وانما هو مستفاد من قوله بما كنتم تكفرون وفى الآية اشارة الى انهم كانوا فى الدنيا معذبين بعذاب البعد والقطيعة وافساد الاستعداد الاصلى لقبول الكمالات وبلوغ القربات ولكن ما كانوا يذوقون مرارة ذلك العذاب وحرقته لغلبة الحواس الظاهرة وكلالة الحواس الباطنة كما ان النائم لا يحس قرص النملة وعض البرغوث وهنا ورد الناس نيام فاذا ماتوا تيقظوا
واعلم كما ان الموت حق واقع لا يستريبه احد فكذا الحياة بعد الموت ولا عبرة بانكار المنكر فانه من الجهل والا فقد ضرب الله له مثلا بالتيقظ بعد النوم ولذا ورد النوم اخو الموت ثم ان الحياة على انواع حياة فى الارحام بنفخ الله الروح وحياة فى القبور بنفخ اسرافيل فى الصور وحياة للقلوب بالفيض الروحانى وحياة الارواح بالسر الربانى ولن يتخلص احد من العذاب الروحانى والجسمانى الا بدخول جنة الوصل الالهى الربانى وهو انما يحصل بمقاساة الرياضات والمجاهدات فان الجنة حفت بالمكاره
نقلست كه يكروز حسن بصرى ومالك بن دينار وشقيق بلخى نزد رابعه عدويه شدند واو رنجور بود حسن كفت ليس بصادق فى دعواه من لم يصبر على ضرب مولاه شقيق كفت ليس بصادق فى دعواه من لم يشكر على ضرب مولاه كفت ليس بصادق فى دعواه من لم يتلذذ بضرب مولاه رابعه را كفتند توبكو كفت ليس بصادق فى دعواه من لم ينس الضرب فى مشاهدة مولاه وابن عجب نبودكه زنان مصر در مشاهده مخلوق درد زخم نيافتند اكركسى درمشاهده خالق بدين صفت بود عجب نبود فعلم من هذا ان المرء اذا كان صادقا فى دعوة طلب الحق فانه لا يتأذى من شئ مما يجرى على رأسه ولا يريد من الله الا ما يريد الله منه
عاشقانرا كردر آتش مىنشاند قهردوست تنك جشمم كرنظر درجشمه كوثر كنم
وان الصادق لا يخلو من تعذيب النفس فى الدنيا بنار المجاهدة ثم من احراقها بالكلية بالنار الكبرى التى هى العشق والمحبة فاذا لم يبق فى الوجود ما يتعلق بالاحراق كيف يعرض على النار يوم القيامة لتخليص الجوهر ونفسه مؤمنة مطمئنة ومن الله العون والامداد(13/406)
فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)
{ فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } الفاء جواب شرط محذوف والعزم فى اللغة الجد والفصد مع القطع اى اذا كان عاقبة امر الكفرة ما ذكر فاصبر على ما يصيبك من جهتهم كما صبر أولوا الثبات والحزم من الرسل فانك من جملتهم بل من عليتهم ومن للتبيين فيكون الرسل كلهم اولى عزم وجد فى امر الله قال فى التكملة وهذا لا يصح لابطال معنى تخصص الآية وقيل من للتبعيض على انهم صنفان اولوا عزم وغير اولى عزم والمراد باولى العزم اصحاب الشرآئع الذين اجتهدوا فى تأسيسها وتقريرها وصبروا على تحمل مشاقها ومعاداة الطاعنين فيها ومشاهيرهم نوح وابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام وقد نظمهم بعضهم بقوله
اولوا العزم نوح والخليل بن آزر ... وموسى وعيسى والحبيب محمد
لامثلة المقحمة هذا القول هو الصحيح وقيل هم الصابرون على بلاء الله كنوح صبر على اذية قومه كانوا يضربونه حتى يغشى عليه وابراهيم صبر على النار وعلى ذبح ولده والذبيح على الذبح ويعقوب على فقد الولد ويوسف على الجب والسجن وايوب على الضر وموسى قال قومه انا لمدركون قال كلا ان معى ربى سيهدين ويونس على بطن الحوت وداود بكى على خطيئته اربعين سنة وعيسى لم يضع لبنة على لبنة وقال انها معبرة فاعبروها ولا تعمروها صلوات الله عليهم اجمعين وقال قوم الانبياء كلهم اولو العزم الا يونس لعجلة كانت منه الا يرى انه قيل للنبى عليه السلام { ولا تكن كصاحب الحوت } ولا آدم لقوله تعالى { ولقد عهدنا الى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما } قال فى حواشى ابن الشيخ ليس بصحيح لان معنى قوله ولم نجد له عزما قصدا الى الخلاف ويونس لم يكن خروجه بترك الصبر لكن توقيا عن نزول العذاب انتهى وفيه ما فيه كما لا يخفى على الفقيه قال بعضهم اولوا العزم اثنا عشر نبيا ارسلوا الى بنى اسرآئيل بالشام فعصوهم فاوحى الله الى الانبياء انى مرسل عذابى على عصاة بنى اسرآئيل فشق ذلك على الانبياء فاوحى الله اليهم اختاروا لانفسكم ان شئتم انزلت بكم العذاب وانجيت بنى اسرآئيل وان شئتم انجيتكم وانزلت العذاب ببنى اسرآئيل فتشاوروا بينهم فاجتمع رأيهم على ان ينزل بهم العذاب وينجى بنى اسرآئيل فسلط الله عليهم ملوك الارض فمنهم من نشر بالمنشار ومنهم من سلخ جلدة راسه ووجهه ومنهم من صلب على الخشب حتى مات ومنهم من احرق بالنار وقيل غير ذلك والله تعالى اعلم واحكم
يقول الفقير لا شك ان الله تعالى فضل أهل الوحى بعضهم على بعض ببعض الخصائص وان كانوا متساوين فى اصل الوحى والنبوة كما قال تعالى { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض }(13/407)
وكذا باين بينهم فى مراتب الابتلاء وان كان كل منهم لا يخلو عن الابتلاء من حيث ان امر الدعوة مبنى عليه فأولوا العزم من هم فوق غيرهم من الرسل وكذا الرسل فوق الانبياء واما نبينا عليه السلام فأعلى اولوا العزم دل عليه قوله تعالى { وانك لعلى خلق عظيم } فان كونه على خلق عظيم يستدعى شدة البلاء وقد قال « ما اوذى نبى مثل ما اوذيت » ففرق بين عزم وعزم وقوله تعالى { ولا تكن كصاحب الحوت } مع قوله { اذ ذهب مغاضبا } دل على ان يونس عليه السلام قد صدر منه الضجرة وقول يوسف عليه السلام { فاساله ما بال النسوة } دل على انه صدر منه التزكية وقول لوط عليه السلام { لو أن لى بكم قوة او آوى الى ركن شديد } دل على انه ذهل عن ان الله تعالى كان ركنه الشديد وقس على هذا المذكور قول عزيز { أنى يحيى هذه الله بعد موتها } ونحو ذلك فظهر أن الانبياء عليهم السلام متفاوتون فى درجات المعارف ومراتب الابتلاء وطبقات العزم قال بعضهم اولوا العزم من لا يكون فى عزمه فسخ ولا فى طلبه نسخ كما قيل بعضهم بم وجدت ما وجدت قال بعزيمة كعزيمة الرجال اى الرجال البالغين مرتبة الكمال { ولا تستعجل لهم } اى لكفار مكة بالعذاب فانه على شرف النزول بهم ومهلهم ليستعدوا بالتمتعات الحيوانية للعذاب العظيم فانى امهلهم رويدا كأنه ضجر بعض الضجر فأحب ان ينزل العذاب بمن أبى منهم فأمر بالصبر وترك الاستعجال { كأنهم يوم يرون ما يوعدون } من العذاب { لم يلبثوا } اى لم يمكثوا فى الدنيا والتمتع بنعيمها { الا ساعة } يسيرة وزمانا قليلا { من نهار } لما يشاهدون من شدة العذاب وطول مدته يعنى ان هول ما ينزل بهم ينسيهم مدة اللبث وايضا ان ما مضى وان كان دهرا طويلا لكنه يظن زمانا قليلا بل يكون كأن لم يكن فغاية التنعم الجسمانى هو العذاب الروحانى كما فى البرزخ والعذاب الجسمانى ايضا كما فى يوم القيامة
غبار قافله عمرجون نمايان نيست دواسبه رفتن ليل ونهار را درياب { بلاغ } خبر مبتدأ محذوف اى هذا الذى وعظتم به كفاية فى الموعظة او تبليغ من الرسول فالعبد يضرب بالعصا والحر يكفيه الاشارة { فهل يهلك } اى ما يهلك وبالفارسية بس آيا هلاك كرده خواهند شد بعذاب واقع كه نازل شود يعنى نخوا هندشد { الا القوم الفاسقون } اى الخارجون عن الاتعاظ به او عن الطاعة وقال بعض أهل التأويل اى الخارجون من عزم طلبه الى طلب ما سواه وفى هذه الالفاظ وعيد محض وانذار بين وفى الفردوس قال ابن عباس رضى الله عنهما قال النبى عليه السلام « اذا عسر على المرأة ولادتها اخذ اناء نظيف وكتب عليه ( كأنهم يوم يرون ما يوعدون ) الخ ( وكأنهم يوم يرونها ) الخ ( ولقد كان فى قصصهم عبرة لاولى الالباب ) الخ ثم يغسل وتسقى منه المرأة وينضح على بطنها وفرجها »(13/408)
كما فى بحر العلوم وقال فى عين المعانى قال ابن عباس رضى الله عنهما اذا عسر على المرأة الولادة فليكتب هاتان الآيتان فى صحيفة ثم تسقى وهى هذه بسم الله الرحمن الرحيم لا اله الا الله الحكيم الكريم لا اله الا الله العلى العظيم سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك الا القوم الفاسقون { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية او ضحاها } وفى شرعة الاسلام المرأة التى عسرت عليها الولادة يكتب لها فى جام وهو طبق ابيض من زجاج او فضة ويغسل ويسقى ماؤه بسم الله الذى لا اله الا هو العليم الحكيم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين كأنهم يوم يرون الخ ومر عيسى بن مريم ببقرة اعترض ولدها فى بطنها فقالت يا كلمة الله ادعو الله ان يخلصنى فقال عيسى يا خالق النفس من النفس خلصها فألقت ما فى بطنها فاذا عسرت على المرأة الولادة فليكتب لها هذا وكذا اذا عسرت على الفرس والبقر وغيرهما قال فى آكام المرجان يجوز ان يكتب للمصاب وغيره من المرضى شئ من كتاب الله وذكره بالمداد المباح ويغسل ويسقى كما نص على ذلك الامام احمد وغيره انتهى واحترز بكتاب الله وذكره عما لا يعرف معناه من لغات الملل المختلفة فانه يحتمل ان يكون فيه كفر واحترز بالمداد المباح عن الدم ونحوه من النجاساة فانه حرام بل كفر وكذا تقليب حروف القرءآن وتعكيسها نعوذ بالله ثم من لطائف القرءآن الجليل ختم السورة الشريفة بالعذاب القاطع لدابر الكافرين والحمد لله حمدا كثيرا الى يوم الدين والى ابد الآبدين(13/409)
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)
{ الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله } اى اعرضوا عن الاسلام وسلوك طريقه من صد صدودا فيكون كالتأكيد والتفسير لما قبله او منعوا الناس عن ذلك من صده صدا كالمطعمين يوم بدر فان مترفيهم اطعموا الجنود يستظهرون على عداوة النبى عليه السلام والمؤمنين فيكون مخصصا لعموم قوله الذين كفروا والظاهر انه عام فى كل من كفر وصد { اضل اعمالهم } اى ابطلها واحبطها وجعلها ضائعة لا اثر لها اصلا لا بمعنى انه بطلها واحبطها بعد أرلم تكن بذلك بل بمعنى انه حكم ببطلانها وضياعها فل ما كانوا يعملونه من اعمال البر كصلة لارحام وقرى لاصياف وفك الاسارى وغيرها من المكارم ليس لها اثر من اصلها لعدم مقارنتها للايمان وابطل ما عملوه من الكيد لرسول الله عليه السلام والصد عن سبيله بنصر رسوله واظهار دينه على الدين كله وهو الاوفق بقوله { فتعسا لهم واضل اعمالهم } وقوله تعالى { فاذا لقيتم } الخ(13/410)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)
{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات } يعم كل من آمن وعمل صالحا من المهاجرين وأهل الكتاب وغيرهم وكذا يعم لايمان بجميع لكتب الالهة { وآمنوا بما نزل على محمد } حص بالذكر الايمان بذلك مع اندراجه فيما قبله تنويها بشأن المنزل عليه كما فى عطف جبرآئيل على الملائكة وتنبيها على سمو مكانه من بين سائر ما يجب الايمان به وانه الاصل فى الكل ولذلك اكد بقوله تعالى { وهو } اى ما نزل على محمد { الحق } حال كونه { من ربهم } بطريق حصر الحقية فيه والحق مقابل الباطل { كفر عنهم سيئاتهم } اى سترها بالايمان والعمل الصالح { وأصلح بالهم } اى حالهم فى الدين والدنيا بالتأييد والتوفيق قال الراغب فى المفردات البال التى يكترث لها ولذلك يقال ما باليت بكذا اى ما اكترثت ويعبر عن البال بالحال الذى ينطوى عليه الانسان فيقال ما خطر كذا ببالى وفى القاموس البال الحال(13/411)
ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3)
{ ذلك } اشارة الى ما مر من اضلال الاعمال وتكفير السيئات واصلاح البال وهو مبتدأ خبره قوله { بان الذين كفروا } اى كائن بسبب ان الكافرين { اتبعوا الباطل } اى الشيطان ففعلوا ما فعلوا من الكفر والصد فبيان سببية اتباعه للاضلال المذكور متضمن لبيان مسببيتهما لكونه اصلا مستتبعا لهما قطعا { وان الذين آمنوا } اى وبسبب ان المؤمنين { اتبعوا الحق } الذى لا محيد عنه كائنا { من ربهم } ففعلوا ما فعلوا من الايمان به وبكتابه ومن الاعمال الصالحة فبيان سببية اتباعه لما ذكر من التكفير والاصلاح بعد الاشعار بسببية الايمان والعمل الصالح له متضمن لبيان مسببيتهما له لكونه مبدأ ومنشأ لهما حتما فلا تدافع بين الاشعار والتصريح فى شئ من الموضعين { كذلك } اى مثل ذلك الضرب البديع { يضرب الله } اى يبين قال الراغب قيل ضرب الدراهم اعتبارا بضربها بالمطرقة ومنه ضرب المثل وهو ذكر شئ اثره يظهر فى غيره { للناس امثالهم } اى احوال الفريقين واوصافهما الجارية فى الغرابة مجرى الامثال وهى اتباع الاولين الباطل وخيبتهم وخسرانهم واتباع الآخرين الحق وفوزهم وفلاحهم وفى الخبر « اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه »
والحق يقال على اوجه الاول يقال لموجد الشئ بحسب ما تقضيه الحكمة ولذا قيل فى الله تعالى هو الحق والثانى يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة ولذلك قيل فعل الله تعالى كله حق نحو قولنا الموت حق والبعث حق ويدخل فيه جميع الموجودات فانه لا عبث فى فعل الحكيم تعالى وبطلان بعض الاشياء اضافى لا حقيقى حتى الشيطان ونحوه والثالث يقال للاعتقاد فى الشئ المطابق لما عليه ذلك الشئ فى نفسه كقولنا اعتقاد فلان فى البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق والرابع يقال للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب وقدر ما يجب فى الوقت الذى يجب كقولنا فعلك حق وقولك حق
ولباطل نقيض الحق فى هذه المعانى فالايمان حق لانه مما امر الله به ولكفر باطل لانه مما نهى الله عنه وقس عليه الاعمال الصالحة والمعاصى
والايمان عبارة عن قطع الاشراك بالله مطلقا والعمل الصالح ما كان لله تعالى خالصا وكان الكبار يبذلون مقدروهم فيه لان ما كان لرضى الله تعالى مفتاح السعادة فى الدارين قال موسى عليه السلام يا رب فأى عبادك اعجز قال الذى يطلب الجنة بلا عمل والرزق بلا دعاء قال واى عبادك ابخل قال لذى يسأله سائل وهو يقدر على اطعامه ولم يطعمه والذى يبخل بالسلام على اخيه
كويند باز كشت بخيلان بودبخاك حاشاكه هيج خك بذيرد بخيل را
يقول الفقير مجرد الانفاق والاطعام لا يعتبر الا اذا كان مقارنا بالخلوص وطلب الرضى الا ترى ان قريشا اطعموا الكفار فى وقعة بدر فعاد انفاقهم خيبة وخسارا لانه كان فى طريق الشيطان لا فى طريق الله تعالى فأحبط اعمالهم وكذا مجرد الامساك لا يعد بخلا الا اذا كان ذلك امساكا عن المستحق الا ترى كيف قال الله تعالى(13/412)
{ ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التى جعل الله لكم قياما } فحذرهم فى غير محل الاسراف ولا سرف فى الخير ثم ان أعمال المبتدعة باطلة ايضا لانها على زيغ وانحراف عن سننها وان كانوا يحسبون انهم يحسنون صنعا فالكفر والبدعة والمعاصى اقبح الاشياء كما ان الايمان والسنة والطاعة احسن الاشياء
بشر حافى قدس سره كفت رسول الله را عليه السلام بخواب ديدم مرا كفت اى بشر هيج دانى كه جرا خداى تعالى ترا بركزيد ازميان اقران وبلند كردانيد كفتم نه يا رسول الله كفت بسبب آنكه متابعت سنت من كردى وصالحا نرا حرمت نكاه داشتى وبرادرانر نصيحت كردى واصحاب وأهل بيت مرا دوست داشتى حق تعالى ترابدين سبب بمقام ابرار رسانيد
ثم ان طريق اتباع الحق انما يتيسر باتباع أهل الحق فانهم ورنثة النبى صلى الله عيه وسلم فى التحقق بالحق والارشاد اليه فمن اتبع أهل الحق اهتدى ومن اتبع أهل الباطل ضل فالاول أهل جمال الله تعالى والملك خادمه والثانى أهل جلال الله تعالى والشيطان سادنه فعلى العاقل الرجوع الى الحق وصحبة اهله كما قال تعالى { وكونوا مع الصادقين } نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الذين يخدمون الحق بالحق ويعصمنا من البطالة والبطلان والزيغ المطلق انه هو الحق الباقى واليه التلاقى(13/413)
فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)
{ فاذا لقيتم الذين كفروا } اللقاء ديدن وكار زار كردن ورسيدن
قال الراغب اللقاء يقال فى الادراك بالحس بالبصر وبالبصيرة اى فاذا كان الامر كما ذكر من ضلال اعمال الكفرة وخيبتهم وصلاح احوال المؤمنين وفلاحهم فاذا لقيتموهم فى المحاربة يا معشر المسلمين { فضرب الرقاب } اصله فاضربوا الرقاب ضربا فحذف الفعل وقدم المصدر وانيب منابه مضافا الى المفعول والالف واللام بدل من الاضافة اى فاضربوا رقابهم بالسيف والمراد فاقتلوهم وانما عبر عن القتل بضرب الرقاب تصويرا له بأشنع صورة وهو جز الرقبة واطارة العضو الذى هو رأس البدن وعلوه واوجه اعضائه وارشادا للغزاة الى أيسر ما يكون منه وفى الحديث « انا لم ابعث لاعذب بعذاب الله وانما بعثت بضرب الرقاب وشد الوثاق » { حتى اذا اثخنتموهم } قال فى الكشاف الاثخان كثرة القتل والمبالغة فيه من قولهم اثخنته الجراحات اذا اثبتته حتى تثقل عليه الحركة واثخنه المرض اذا اثقله من الثخانة التى هى الغلظ والكثافة وفى المفردات يقال ثخن الشئ فهو ثخين اذا غلظ ولم يستمر فى ذهابه ومنه استعير قولهم اثخنته ضربا واستخفافا والمعنى حتى اذا اكثرتم قتلهم واغلظتموه على حذف المضاف او اثقلتموهم بالقتل والجراح حتى اذهبتم عنهم النهوض { فشدوا الوثاق } الوثاق بالفتح والكسر اسم ما يوثق به ويشد من القيد قال فى الوسيط الوثاق اسم من الايثاق اوثقه ايثاقا ووثاقا اذا شد أسره كيلا يفلت فالمعنى فأسروهم واحفظوهم وبالفارسية بس استوار كنيد بندرا يعنى بكيريد ايشانرا باسيرى وبند كنيد محكم تابكريزند
وقال ابو الليث يعنى اذا قهرتموهم واسرتموهم فاستوثقوا ايديهم من خلفهم كيلا يفلتوا والاسر يكون بعد المبالغة فى القتل { فاما منا } اى تمنون منا وهو أن يترك الامير الاسير الكافر من غير ان يأخذ منه شيأ { بعد } اى بعد شد الوثاق { واما فدآء } اى تفدون فدآء هو ان يترك الامير الاسير الكافر ويأخذ مالا او اسيرا مسلما فى مقابلته يقال فداه يفديه فدى وفدآء وفداه وافتداه وفاداه اعطى شيأ فأنقذه والفدآء ذلك المعطى ويقصر كما فى القاموس وقال الراغب الفدى والفدآء حفظ الانسان عن النائبة بما يبذله عنه كما يقال فديته بمالى وفديته بنفسى وفاديته بكذا انتهى قال الشيخ الرضى المطلوب من شد الوثاق اما قتل او استرقاق او من أو فدآء فالامام يتخير فى الاسارى البالغين من الكفار بين هذه الخصال الاربع وهذا التخيير ثابت عند الشافعى ومنسوخ عندنا بقوله تعالى { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } قالوا نزل ذلك يوم بدر ثم نسخ والحكم اما القتل او الاسترقاق قال فى الدرر وحرم منهم فداؤهم وردهم الى دارهم لان رد الاسير الى دار الحرب تقوية لهم على المسلمين فى الحرب فيكره كما يكره بيع السلاح لهم وفى المن خلاف الشافعى واما الفدآء فقبل الفراغ من الحرب جاز بالمال لا بالاسير المسلم وبعده لا يجوز بالمال عند علمائنا وبالنفس عند ابى حنيفة ويجوز عند محمد وعن ابى يوسف روايتان وعن مجاهد ليس اليوم من ولا فدآء انما الاسلام او ضرب العنق وعن الصديق رضى الله عنه لا افادى رجلا من المشركين احب الى من كذا وكذا وقد قتل عليه السلام يوم فتح مكة ابن الاخطل وهو متعلق بأستار الكعبة بعدما وقع فى منعة المسلمين فهو كالاسير { حتى تضع الحرب اوزارها } اوزار الحرب آلاتها واثقالها التى لا تقوم الا بها من السلاح والكراع يعنى الخيل اسند وضعها اليها وهو لاهلها اسنادا مجازيا وأصل الوزر بالكسر الثقل وما يحمله الانسان فسمى الاسلحة اوزارا لانها تحمل فيكون جعل مثل الكراع من الاوزار من التغليب وحتى غاية عند الشافعى لاحد الامور الاربعة او للمجموع والمعنى انهم لا يتركون على ذلك ابدا الى ان لا يكون مع المشرين حرب بان لا يبقى لهم شوكة واما عند ابى حنيفة فانه حمل الحرب على حرب بدر فهى غاية للمن والفدآء والمعنى يمن عليهم ويفادون حتى تضع الحرب اوزارها وتنقضى وان حملت على الجنس فهى غاية للضرب والشد والمعنى انهم يقتلون ويؤسرون حتى يضع جنس الحرب اوزارها بان لا يبقى للمشركين شوكة ( وقال الكاشفى ) تابنهد اهل حرب سلاح حرب رايعنى دين اسلام بهمه جار سد وحكم قتال نماند وآن نزديك نزول عيسى عليه السلام خواهد بود جه در خبر آمده كه آخر قتال امت من بادجال است(13/414)
فما دام الكفر فالحرب قائمة ابدا { ذلك } اى الامر ذلك او افعلوا ذلك { ولو يشاء الله } لو للمضى وان دخل على المستقبل { لانتصر منهم } لانتقم منهم بغير قتال بان يكون ببعض اسباب الهلكة والاستئصال من خسف او رجفة او حاصب او غرق او موت ذريع ونحو ذلك ويجوز أن يكون الانتقام بالملائكة بصيحتهم او بصرعهم او بقتالهم من حيث لا يراهم الكفار كما وقع فى بدر { ولكن } لم يشأ ذلك { ليبلو } تابيازمايد { بعضكم ببعض } فامركم بالقتال وبلاكم بالكافرين لتجاهدوهم فتستوجبوا الثواب العظيم بموجب الوعد والكافرين بكم ليعاجلهم على ايديكم ببعض عذابهم كى يرتدع بعضهم عن الكفر
وفى الآية اشارة الى كافر النفس حيثما وجدتموه وهو يمد رأسه الى مشرب من مشارب الدنيا ونعيمها فاضربوا عنق ذلك الرأس وادفعوه عن ذلك المشرب حتى اذا غلبتموهم اى النفوس وسخرتموهم فشدوهم بوثاق اركان الشريعة وآداب الطريقة فانه بهذين الجناحين يطير صاحب الهمم العلية الى عالم الحقيقة فاما منا على النفوس بعد الوصول بترك المجاهدة واما فداء بكثرة العبادة عوضا عن ترك المجاهدة بعد الظفر بالنفوس واما قتل النفوس بسيف المخالفة فانه فى مذهب ارباب الطلب يجوز كل ذلك بحسب نظر كل مجتهد فان كل مجتهد منهم مصيب وذلك الى ان يجد الطالب المطلوب ويصل العاشق الى المعشوق بأن جرى على النفس بعد الظفر بها مسامحة فى اغفاء ساعة وافطار يوم ترويحا للنفس من الكد واجماعا للحواس قوة لها على الباطل فيما يستقبل من الامر فذلك على ما يحصل به استصواب من شيخ المريد او فتوى لسان القوم او فراسة صاحب الوقت ولو شاء الله لقهر النفوس بتجلى صفات الجلال بغير سعى المجاهد فى القتال ولكن الخ { والذين قتلوا فى سبيل الله } اى استشهدوا يوم بدر ويوم احد وسائر الحروب { فلن يضل اعمالهم } اى فلن يضيعها بل يثيب عليها(13/415)
سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5)
{ سيهديهم } فى الدنيا الى ارشد الامور وفى الآخرة الى الثواب وعن الحسن بن زياد يهديهم الى طريق الثواب فى جواب منكر ونكير وفيه أن أهل الشهادة لا يسألون { ويصلح بالهم } اى شأنهم وحالهم بالعصمة والتوفيق والظاهر ان السين للتأكيد والمعنى يهديهم الله البتة الى مقاصدهم الاخروية ويصلح شانهم بارضاء خصمائهم لكرامتهم على الله بالجهاد والشهادة(13/416)
وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)
{ ويدخلهم الجنة عرفها لهم } الجملة مستأنفة اى عرفها لهم فى الدنيا بذكر اوصافها بحيث اشتاقوا اليها او بينها لهم بحيث يعلم كل احد منزله ويهتدى اليه كأنه كان ساكنه منذ خلق وفى الحديث « لأحدكم بمنزله فى الجنة أعرف منه بمنزله فى الدنيا » وفى المفردات عرفه جعل له عرفا اى رائحة طيبة فالمعنى زينها لهم وطيبها وقال بعضهم حددها لهم وافرزها من عرف الدار فجنة كل منهم محددة مفرزة ومن فضائل الشهدآء انه ليس احد يدخل الجنة ويحب ان يخرج منها ولو اعطى ما فى الدنيا جميعا الا الشهيد فانه يتمنى ان يرده الله الى الدنيا مرارا فيقتل فى سبيل الله كما قتل اولا لما يرى من عظيم كرامة الشهداء على الله تعالى ومن فضائلهم ان الشهادة فى سبيل الله تكفر ما على العبد من الذنوب التى بينه وبين الله تعالى وفى الحديث « يغفر للشهيد كل شئ الا الدين » والمراد بالدين كل ما كان من حقوق الآدميين كالغصب واخذ المال بالباطل وقتل العمد والجراحة وغير ذلك من التبعات وكذلك الغيبة والنميمة والسخرية وما اشبه ذلك فان هذه الحقوق كلها لا بد من استيفائها لمستحقها وقال القرطبى الدين الذى يحبس صاحبه عن الجنة هو الذى قد ترك له وفاء ولم يوص به او قدر على الادآء فلم يؤده او ادانه على سفه او سرف ومات ولم يوفه واما من ادان فى حق واجب كفاقة وعسر ومات ولم يترك وفاء فان الله لا يحبسه عن الجنة شهيدا كان او غيره ويقضى عنه ويرضى خصمه كما قال عليه السلام « من اخذ اموال الناس يريد ادآءها ادى الله عنه ومن اخذها يريد اتلافها اتلفه الله » وفى الآية حث على الجهادين الاصغر والاكبر ومن قتله العدو الظاهر صار شهيدا ومن قتله العدو الباطن وهو النفس صار طريدا كما قيل
وآنكه كشت كافران باشد شهيد كشته نفس است نزد حق طريد
نسأل الله العون على محاربة النفس الامارة والشيطان(13/417)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)
{ يا أيها الذين آمنوا ان تنصروا الله } اى دينه ورسوله { ينصركم } على اعدآئكم ويفتح لكم { ويثبت اقدامكم } فى مواطن الحرب ومواقفها او على حجة الاسلام
واعلم ان النصرة على وجهين
الاول نصرة العبد وذلك بايضاح دلائل الدين وازالة شبهة القاصرين وشرح احكامه وفرائضه وسننه وحلاله وحرامه والعمل بها ثم بالغزو والجهاد لاعلاء كلمة الله وقمع اعدآء الدين اما حقيقة كمباشرة المحاربة بنفسه واما حكما بتكثير سواد المجاهدين بالوقوف تحت لوائهم او بالدعاء لنصرة المسلمين ثم بالجهاد الاكبر بان يكون عونا لله على النفس حتى يصرعها ويقتلها فلا يبقى من هواها اثر
والثانى نصرة الله تعالى وذلك بارسال الرسل وانزال الكتب واظهار الآيات والمعجزات وتبيين السبل الى النعيم والجحيم وحضرة الكريم والامر بالجهاد الاصغر والاكبر والتوفيق للسعى فيهما طلبا لرضاه لا تبعا لهواه وباظهاره على اعدآء الدين وقهرهم فى اعلاء كلمة الله العليا وايتاء رشده فى افناء وجوده الفانى فى الوجود الباقى بتجلى صفات جماله وجلاله
قال بعض الكبار زلل الاقدام بثلاثة اشياء بشرك الشرك لمواهب الله والخوف من غير الله والامل فى غيره وثبات الاقدام بثلاثة اشياء بدوام رؤيت المفضل والشكر على النعم ورؤية التقصير فى جميع الاحوال والخوف منه والسكون الى ضمان الله فيما ضمن من غير انزعاج ولا احتياج فعلى العاقل نصرة الدين على مقتضى العهد المتين ( قال الحافظ ) بيمان شكن هرآينه كردد شكسته حال
ان العهود لدى أهل النهى ذمم(13/418)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8)
{ والذين كفروا فتعسا لهم } خوارى ورسوايى وهلاك وناميدى مرايشان راست
قال فى كشف الاسرار اتعسهم الله فتعصوا تعسا والاتعاس هلاك كردن وبرروى افكند
وفى الارشاد وانتصابه بفعل واجب حذفه سماعا اى فقال تعسا لهم والتعس الهلاك والعثار والسقوط والشر والبعد والانحطاط ورجل تاعس وتعس والفعل كمنع وسمع وتعسه الله واتعسه { واضل اعمالهم } عطف عليه داخل معه فى حيز الخبرية للموصول
يعنى كم ونابود وباطل كرد الله تعالى عملهاى ايشانرا(13/419)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)
{ ذلك } اى ما ذكر من التعس واضلال الاعمال { بانهم } اى بسبب انهم { كرهوا ما انزل الله } من القرءآن لما فيه من التوحيد وسائر الاحكام المخالفة لما ألفوه واشتهته انفسهم الامارة بالسوء { فأحبط } الله { اعمالهم } لاجل ذلك اى ابطلها كرره اشعارا بانه يلزم الكفر بالقرءآن ولا ينفك عنه بحال والمراد بالاعمال طواف البيت وعمارة المسجد الحرام واكرام الضيف واغاثة الملهوفين واعانة المظلومين ومواساة اليتامى والمساكين ونحو ذلك مما هو فى صورة البر وذلك بالنسبة الى كفار قريش وقس عليهم اعمال سائر الكفرة الى يوم الدين(13/420)
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10)
{ افلم يسيروا } كفار العرب { فى الارض } اى أقعدوا فى اماكنهم ولم يسيروا فيها الى جانب الشام واليمن والعراق { فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } من الامم المكذبة كعاد وثمود وأهل سبأ فان آثار ديارهم تنبئ عن اخبارهم { دمر الله عليهم } استئناف مبنى على سؤال نشأ من الكلام كأنه قيل كيف كان عاقبتهم فقيل استأصل الله عليهم ما اختص بهم من انفسهم واهليهم واموالهم يقال دمره اهلكه ودمر عليه اهلك عليه ما يختص به قال الطيبى كأن فى دمر عليهم تضمين معنى اطبق فعدى بعلى فاذا اطبق عليهم دمارا لم يخلص مما يختص بهم احد وفى حواشى سعدى المفتى دمر الله عليهم اى اوقع التدمير عليهم { وللكافرين } اى ولهؤلاء الكافرين السائرين بسيرتهم { امثالها } اى امثال عواقبهم او عقوباتهم لكن لا على ان لهؤلاء امثال ما لاولئك واضعافه بل مثله وانما جمع باعتبار مماثلته لعواقب متعددة حسب تعدد الامم المعذبة وفى الآية اشارة الى ان النفوس السائرة لتلحق نعيم صفاتها الذميمة كرهوا ما انزل الله من موجبات مخالفات النفس والهوى وموافقات الشرع ومتعابعة الانبياء فأحبط اعمالهم لشوبها بالشرك والرياء والتصنع والهوى او لم يسلكوا فى ارض البشرية فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم من القلوب والارواح لما تابعوا الهوى وتلوثوا بحب الدنيا اهلكهم الله فى اودية الرياء وبوادى البدعة والضلال وللكافرين من النفوس اللئام فى طلب المرام امثالها من الضلال والهلاك(13/421)
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11)
{ ذلك } اشارة الى ثبوت امثال عقوبة الامم السابقة لهؤلاء وقال بعضهم ذلك المذكور من كون المؤمنين منصورين مظفرين ومن كون الكافرين مقهورين مدمرين { بان الله } اى بسبب انه تعالى { مولى الذين آمنوا } اى ناصر لهم على اعدآئهم فى الظاهر والباطن بسبب ايمانهم { وان الكافرين } اى بسبب انهم { لا مولى لهم } اى لا ناصر لهم فيدفع عنهم العذاب الحال بسبب كفرهم فالمراد ولاية النصرة لا ولاية العبودية فان الخلق كلهم عباده تعالى كما قال { ثم ردوا الى الله مولاهم الحق } اى مالكهم الحق وخالقهم او المعنى لا مولى لهم فى اعتقادهم حيث يعبدون الاصنام وان كان مولاهم الحق تعالى فى نفس الامر ويقال ارجى آية فى القرءآن هذه الآية لان الله تعالى قال مولى الذين آمنوا ولم يقل مولى الزهاد والعباد واصحاب الاوراد والاجتهاد والمؤمن وان كان عاصيا فهو من جملة الذين آمنوا ذكره القشيرى قدس سره
واعلم ان الجند جندان جند الدعاء وجند الوغى فكما ان جند الوغى منصورون بسبب اقويائهم فى باب الديانة والتقوى ولا يكونون محرومين من الطاف الله تعالى كذلك جند الدعاء مستجابون بسبب ضعفائهم فى باب الدنيا وظاهر الحال ولا يكونون مطرودين عن باب الله كما قال عليه السلام « انكم تنصرون بضعفائكم » ( قال الشيخ السعدى ) دعاء ضعيفان اميدورا زبازوى مردى به آيد بكار
ثم اعلم ان الله تعالى هو الموجود الحقيقى وما سواه معدوم بالنسبة الى وجوده الواجب فالكفار لا يعبدون الا المعدوم كالاصنام والطاغوت فلذا لا ينصرون والمؤمنون يعبدون الموجود الحقيقى وهو الله تعالى فلذا ينصرهم فى الشدائد وايضا ان الكفار يستندون الى الحصون والسلاح والمؤمنون يتوكلون على القادر القوى الفتاح فالله معينهم على كل حال ( روى ) ان النبى عليه السلام كان بعد غزوة تحت شجرة وحيدا فحمل عليه مشرك بسيف وقال من يخلصك منى فقال النبى عليه السلام « الله » فسقط المشرك والسيف فاخذه النبى عليه السلام فقال « من يخلصك منى » فقال لا احد ثم اسلم ( وروى ) ان زيد بن ثابت رضى الله عنه خرج مع رجل من مكة الى الطائف ولم يعلم انه منافق فدخلا خربة وناما فاوثق المنافق يد زيد واراد قتله فقال زيد يا رحمن اعنى فسمع المنافق قائلا يقول ويحك لا تقتله فخرج المنافق ولم ير أحدا ثم وثم ففى الثالثة قتله فارس ثم حل وثاقه وقال انا جبريل كنت فى السماء السابعة حين دعوت الله فقال الله تعالى ادرك عبدى فالله ولى الذين آمنوا قال الله تعالى فى التوراة فى حق هذه الامة لا يحضرون قتالا الا وجبريل معهم وهو يدل على ان جبريل يحضر كل قتال صدر من الصحابة للكفار بل ظاهره كل قتال صدر من جميع الامة يعنى اذا كانوا على الحق والعدل ثم ان المجلس الذى تحضره الملائكة وكذا المعركة يقشعر فيه الجلد وتذرف فيه العينان ويحصل التوجه الى الحضرة العليا فيكون ذلك سببا لاستجابة الدعاء وحصول المقصود من النصرة وغيرها نسأل الله المعين ان يجعلنا من المنصورين آمين(13/422)
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12)
{ ان الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الانهار } بيان لحكم ولايته تعالى للمؤمنين وثمرتها الاخروية { والذين كفروا يتمتعون } اى ينتفعون فى الدنيا بمتاعها اياما قلائل ويعيشون { ويأكلون } حريصين غافلين عن عواقبهم { كما تأكل الانعام } فى مسارحها ومعالفها غافلة عما هى بصدده من النحر والذبح والانعام جمع نعم بفتحتين وهى الابل والبقر والضأن والمعز { والنار مثوى لهم } اى منزل ثواء واقامة والجملة اما حال مقدرة من واو يأكلون او استئناف فان قلت كيف التقابل بينه وبين قوله ان الله يدخل الخ قلت الآية والله أعلم من قبيل الاحتباك ذكر الاعمال الصالحة ودخول الجنة اولا دليلا على حذف الفاسدة ودخول النار ثانيا والتمتع والمثوى ثانيا دليلا على حذف التمتع والمأوى اولا قال القشيرى الانعام تأكل بلا تمييز من اى موضع وجد كذلك الكافر لا تمييز له أمن الحلال وجد ام من الحرام وكذلك الانعام ليس لها وقت بل فى كل وقت تقتات وتأكل كذلك الكافر أكول كما قال عليه السلام « الكافر يأكل فى سبعة امعاء والمؤمن يأكل فى معى واحد » والانعام تأكل على الغفلة فمن كان فى حالة اكله ناسيا لربه فأكله كأكل الانعام قال الحدادى الفرق بين أكل المؤمن والكافر ان المؤمن لا يخلو أكله عن ثلاث الورع عند الطلب واستعمال الادب والاكل للسبب والكافر يطلب للتهمة ويأكل للشهوة وعيشه فى غفلة وقيل المؤمن يتزود والمنافق يتزين ويتريد والكافر يتمتع ويتمنع وقيل من كانت همته ما يأكل فقيمته ما يخرج منه ( قال الكاشفى ) فى الآية يعنى همت ايشان مصرو فست بخوردن وعاقل بايدكه خرودن او براى زيستن باشد يعنى بجهت قوام بدن وتقويت قواى نفسانى طعام خورد ونظراوبرانكه بدن تحمل طاعت داشته باشد وقوتهاى نفسانى در استدلال بقدرت ربانى ممد ومعان بودنه آنكه عمر خود طفيل خوردن شناسد ودر مرعاى ذرهم يأكلوا ويتمثعوا مانند جهار بايان جز خوردن وخواب مطمح نظرش نباشد ونعم ما قيل خوردن براى زيستن وذكر دنست تو معتقدكه زيتن از بهر خوردنست
والحاصل ليس للذين كفروا هم الا بطونهم وفروجهم ولا يلتفتون الى جانب الآخرة فهم قد اضاعوا ايامهم بالكفر والآثام وأكلوا وشربوا فى الدنيا كالانعام واما المؤمنون فقد جاهدوا فى الله بالطاعات واشتغلوا بالرياضات والمجاهدات فلا جرم احسن الله اليهم بالجنات العاليات ومن هنا يظهر سر قوله عليه السلام « الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر » فلما عرف المؤمن ان الدنيا سجن ونعيمها زآئل حبس نفسه على طاعة الله فكان عاقبته الجنات والنعيم الباقى ولما كان الكافر منكر الآخرة اشتغل فى الدنيا باللذات فلم يبق له فى الآخرة الا الحبس فى الجحيم واكل الزقوم وكان الكبار يقنعون بيسير من الغذآء كما حكى ان اويسا القرنى رضى الله عنه كان يقتات ويكتسى مما وجد فى المزابل فرأى يوما كلبا يهتر فقال كل ما يليك وانا اكل ما يلينى فان دخلت الجنة فانا خير منك وان دخلت النار فأنت خير منى قال عليه السلام(13/423)
« جاهدوا انفسكم بالجوع والعطش فان الاجر فى ذلك كأجر المجاهدة فى سبيل الله وانه ليس من عمل احب الى الله تعالى من جوع وعطش » كما فى مختصر الاحياء ( وفى المثنوى ) زين خورشها اندك اندك بازبر زين غاى خربود نى آن حر تا غذاى اصل را قابل شوى لقمهاى نور را آكل شوى ( وقال الجامى ) جوع باشد غذاى اهل صفا محنت وابتلاى اهل هوا جوع تنوير خانه دل تست اكل تعمير حانه كل تست خانه دل كذاشتى بى نور خانه كل جه ميكنى معمور ( وقال الشيخ سعدى ) باندازه خورزاداكر مردمى جنين برشكم آدمى ياخمى درون جاى قوتست وذكر ونفس توبندارى از بهر نانس وبس ندارند تن بروران آكهى كه بر معده باشد زحكمت تهى
ومن اوصاف المريدين المجاهدة وهو حمل النفس على المكاره البدنية من الجوع والعطش والعرى ولا بد من مقاساة الموتات الاربع الموت الابيض وهو الجوع والموت الاحمر وهو مخالفة الهوى والموت الاسود وهو تحمل الاذى والموت الاخضر وهو طرح الرقاء بعضها على بعض اى لبس الخرقة المرقعة هضما للنفس ما لم تكن لباس شهرة فان النبى عليه السلام نهى عن الشهرتين فى اللباس اللين الارف والغليظ الاقوى لانه اشتهار بذلك وامتياز عن المسلمين له قد وقال عليه السلام « كن فى الناس كواحد من الناس » قال ابراهيم بن ادهم قدس سره للقمة تتركها من عشائك مجاهدة لنفسك خير لك من قيام ليلة هذا اذا كان حلالا واما اذا كان حراما فلا خير فيه البتة فما ملئ وعاء شر من بطن ملئ بالحلال وبالجوع يحصل الصمت وقلة الكلام والذلة والانكسار من جميع الشهوات ويذهب الوساوس وكل آفة تطرأ عليك من نتائج الشبع وانت لا تدرى قديما كان او حديثا فان المعدة حوض البدن يسقى منه هذه الاعضاء التى هى مجموعة فالغذآء الجسمانى هو ماء حياة الجسم على التمام ولذلك قال سهل قدس سره ان سر الخلوة فى الماء وانت لا تشك ان صاحب الزراعة لو سقاها فوق حاجتها واطلق الماء عليها جملة واحدة هلكت ولو منعها الماء فوق الحاجة ايضا هلكت سوآء كان من الارض او من السماء وقس عليه الامتلاء من الطعام ولو كان حلالا نسأل الله الحماية والرعاية(13/424)
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13)
{ وكأين } كلمة مركبة من الكاف واى بمعنى كم الخبرية ( قال المولى الجامى ) فى شرح الكافية انما بنى كأين لان كاف التشبيه دخلت على أى واى فى الاصل كان معربا لكنه انمحى عن الجزءين معناهما الافرادى فصار المجموع كاسم مفرد بمعنى كم الخبرية فصار كأنه اسم مبنى على السكون آخره نون ساكنة كما فى من لا تنوين تمكن ولهذا يكتب بعد الياء نون مع ان التنوين لا صورة له فى الخط انتهى ومحلها الرفع بالابتدآء { من قرية } تميز لها { هى اشد قوة من قريتك } صفة لقرية { التى اخرجتك } صفة لقريتك وهى مكة وقد حذف منهما المضاف واجرى احكامه عليهما كما يفصح عنه الخبر الذى هو قوله تعالى { اهلكناهم } اى وكم من أهل قرية هم اشد قوة من اهل قريتك الذين كانوا سببا لخروجك من بينهم ووصف القرية الاولى بشدة القوة للايذان باولوية الثانية منها بالاهلاك لضعف قوتها كما ان وصف الثانية باخراجه عليه السلام للايذان باولويتها به لقوة جنايتها { فلا ناصر لهم } بيان لعدم خلاصهم من العذاب بواسطة الاعوان والانصار اثر بيان عدم خلاصهم منه بأنفسهم والفاء لترتيب ذكر ما بالغير على ذكر ما بالذات وهو حكاية حال ماضية وقال ابن عباس وقتادة رضى الله عنهم لما خرج رسول الله عليه السلام من مكة الى الغار التفت الى مكة وقال « أنت أحب البلاد الى الله ولى ولولا المشركين اخرجونى ما خرجت منك » فانزل الله هذه الآية فتكون الآية مكية وضعت بين الآيات المدنية وفى الاية اشارة الى الروح وقريته وهى الجسد فكم من قالب هو اقوى وأعظم من قالب قد اهلكه الله بالموت فلا ناصر لهم فى دفع الموت فاذا كان الروح خارجا من القالب القوى بالموت فاولى ان يخرج من القالب الضعيف كما قال تعالى { اينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة } اى فى اجسام ضخمة ممتلئة
سيل بى زنهاررا در زيل بل آرام نيست ما بغفلت زير طاق آسمان اسوده ايم(13/425)
أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14)
{ أفمن كان } آياهركه باشد { على بينة من ربه } الفاء للعطف على مقدر يقضيه المقام ومن عبارة عن المؤمنين المتمسكين بادلة الدين اى أليس الامر كما ذكر فمن كان مستقرا على حجة ظاهرة وبرهان نير من مالك امره ومربيه وهو القرءآن وسائر المعجزات والحجج العقلية { كمن زين له سوء عمله } من الشر وسائر المعاصى مع كونه فى نفسه اقبح القبائح يعنى شيطان ونفس اورا آرايش كرده است
والمعنى لا مساواة بين المهتدى والضال { واتبعوا } بسبب ذلك التزيين { اهواءهم } الزائغة وانهمكوا فى فنون الضلالات من غير ان يكون لهم شبهة توهم صحة ما هم عليه فضلا عن حجة تدل عليها وجمع الضمير باعتبار معنى من كما ان افراد الاولين باعتبار لفظها وفى الآية اشارة الى اهل القلب وأهل النفس فان أهل القلب بسبب تصفية قلوبهم عن صدأ الاخلاق الذميمة رأوا شواهد الحق فكانوا على بصيرة من الامر واما أهل النفس فزين لهم البدع ومخالفات الشرع واتبعوا اهواءهم فى العقائد القلبية والاعمال القالبية فصاروا اضل من الحمير حيث لم يهتدوا لا الى الله تعالى ولا الى الجنة وقال ابو عثمان البينة هى النور الذى يفرق بين المرء بين الالهام والوسوسة ولا يكون الا لاهل الحقائق فى الايمان وأصل البينة للنبى عليه السلام كما قال تعالى { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } وقال تعالى { ما كذب الفؤاد ما رأى } قال بعض الكبار انما لم يجمع لنبى من الانبياء عليهم السلام ما جمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم من العلوم لان مظهر عليه السلام رحمانى والرحمن اول اسم صدر بعد الاسم العليم فالمعلومات كلها يحتوى عليها الاسم الرحمن ومن هنا تحريم زينة الدنيا عليه صلى الله عليه وسلم لكونها زائلة فمنع من التلبس بها لان مظهره الرحمانى ينافى الانقضاء ويلائم الابد
ازما مجوى زينت ظاهركه جون صدف ما اندرون خانه بكوهر كرفته ايم(13/426)
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)
{ مثل الجنة التى وعد المتقون } عبر عن المؤمنين بالمتقين ايذانا بان الايمان والعمل الصالح من باب التقوى الذى هو عبارة عن فعل الواجبات باسرها وترك السيئات عن آخرها ومثلها وصفها العجيب الشان وهو مبتدأ محذوف الخبر اى مثل الجنة الموعودة للمؤمنين وصفتها العجيبة الشان ما تسمعون فيما يتلى عليكم وقوله { فيها } اى فى الجنة الموعودة الى آخره مفسر له { انهار } جمع نهر بالسكون ويحرك مجرى الماء الفائض { من ماء غير آسن } من اسن الماء بالفتح من باب ضرب او نصر أو بالكسر اذا تغير طعمه وريحه تغيرا منكرا وفى عين المعانى من اسن غشى عليه من رآئحة البئر وفى القاموس الآسن من الماء الاجن اى المتغير الطعم واللون والمعنى من ماء غير متغير الطعم والرآئحة واللون وان طالت اقامته بخلاف ماء الدنيا فانه يتغير بطول المكث فى مناقعه وفى اوانيه مع انه مختلف الطعوم مع اتحاد الارض ببساطتها وشدة اتصالها وقد يكون متغيرا بريح منتنة من أصل خلقته او من عارض عرض له من منبعه او مجراه كذا فى المناسبات
يقول الفقير قد صح ان المياه كلها تجرى من تحت الصخرة فى المسجد الاقصى فهى ماء واحد فى الاصل عذب فرات سائغ للشاربين وانما يحصل التغير من المجارى فان طباعها ليست متساوية دل عليها قوله تعالى { وفى الارض قطع متجاورات } وتجاور اجزآئها لا يستلزم اتحادها فى نفس الامر بل هى متجاورة مختلفة ومثلها العلوم فانها اذا مرت بطبع غير مستقيم تتغير عن اصلها فتكون فى حكم الجهل ومن هذا القبيل علوم جميع أهل الهوى والبدع والضلال { وأنهار من لبن لم يتغير طعمه } بأن كان قارصا وهو الذى يقرص اللسان ويقبضه او حازرا بتقديم الزاى وهو الحامض او غير ذلك كألبان الدنيا والمعنى لم يتغير طعمه بنفسه عن أصل خلقته ولو أنهم ارادوا تغييره بشهوة اشتهوها تغير { وانهار من خمر } وهو ما اسكر من عصير العنب او عام اى لكل مسكر كما فى القاموس { لذة للشاربين } اما تأنيث لذ بمعنى لذيذ كطب وطبيب او مصدر نعت به اى لذيذة ليس فيها كراهة طعم وريح ولا غائلة سكر وخمار كما فى خمر الدنيا وانما هى تلذذ محض ( قال الحافظ ) مادر بياله عكس رخ يار ديده ايم اى بى خبرز لذت شرب مدام ما ( يقول الفقير ) باده جنت مثال كوثرست اى هوشيار نيست اندر طبع كوثر آفت سكر وخمار { وانهار من عسل } هو لعاب النحل وقيئه كما قال ظهير الفارابى بدان غرض دهن خوش كنى زغايت حرص نشسته مترصدكه فى كندزنبور
وعن على رضى الله عنه انه قال فى تحقير الدنيا أشرف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة واشرف شرابه رجيع نحلة وظاهر هذا انه من غير الفم قال فى حياة الحيوان وبالجملة انه يخرج من بطون النحل ولا ندرى أمن فمها ام من غيره وقد سبق جملة النقل فى سورة النحل { مصفى } لا يخالطه الشمع وفضلات النحل وغيرها خلقه الله مصفى لا انه كان مختلطا فصفى قال بعضهم فى الفرق بين الخالص والصافى ان الخالص ما زال عنه شوبه بعد ان كان فيه والصافى قد يقال لما لا شوب فيه فقد حصل بهذا غاية التشويق الى الجنة بالتمثيل بما يستلذ من اشربة الدنيا لانه غاية ما نعلم من ذلك مجردا عما ينقصها او ينغصها مع الوصف بالغزارة والاستمرار وبدأ بأنهار الماء لغرابتها فى بلاد العرب وشدة حاجتهم اليها ولما كان خلوها عن تغير أغرب نفاه بقوله غير آسن ولما كان اللبن اقل فكان جريه انهارا اغرب ثنى به ولما كان الخمر اعز ثلث به ولما كان العسل اشرفها واقلها ختم به قال كعب الاحبار نهر دجلة نهر ماء أهل الجنة ونهر الفرات نهر لبنهم ونهر مصر نهر خمرهم ونهر سيحان نهر عسلهم وهذه الانهار الاربعة تخرج من نهر الكوثر قال ابن عباس رضى الله عنهما ليس هنا مما فى الجنة سوى الاسامى قال كعب قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف انهار الجنة فقال(13/427)
« على حافاتها كراسى وقباب مضروبة وماؤها اصفى من الدمع واحلى من الشهد وألين من الزبد وألذ من كل شئ فيه حلاوة عرض كل نهر مسيرة خمسمائة عام تدور تحت القصور والحجال لا يرطب ثيابهم ولا يوجع بطونهم واكبر أنهارها نهر الكوثر طينه المسك الاذفر وحافتاه الدر والياقوت » ( قال الكاشفى ) ارباب اشارات كفته اندكه جنانجه أنهار اربعه درزمين بهشت بزير شجره طوبى روانست جهار جوى نيزدر زيمن دل عارف درزير شجره طيبة اصلها ثابت وفرعها فى السماء جاريست ازمنبع قلب آب انابت وازينبوع صدر لبن صفوت وازخمخانه سر خمر محبت واذحجر روح عسل مودت ( وفى المثنوى ) آب صبرت جوى آب خلد شد جوى شير خلد مهر تست وود ذوق طاعت كشت جوى انكبين مستى وشوق توجوى خمربين آين سببها جون بفرمان توبود جارجوهم مرترا فرمان نمود ودر بحر الحقائق فرموده كه آب اشارت بحيات دل است ولبن بفطرت اصليه كه بحموضت هوى وتفاهت بدعت متغير نكشته وخمر جوشش محبت الها وعسل مصفى حلاوت قرب
يقول الفقير يفهم من هذا وجه آخر لترتيب الانهار وهو أن تحصل حياة القلب بالعلم اولا ثم تظهر صفوة الفطرة الاصلية ثم يترقى السالك من محبة الاكوان الى محبة الرحمن ثم يصل الى مقام القرب والجوار الالهى وقيل التجلى العلمى لا يقع الا فى اربع صور الماء واللبن والخمر والعسل فمن شرب الماء يعطى العلم اللدنى ومن شرب اللبن يعطى العلم بأمور الشريعة ومن شرب الخمر يعطى العلم بالكمال ومن شرب العسل يعطى العلم بطريق الوحى والعلم اذا حصل بقدر استعداد القابل اعطاه الله استعداد العلم الآخر فيحصل له عطش آخر ومن هذا قيل طالب العلم كشارب ماء البحر كلما ازداد شربا ازداد عطشا ومن هذا الباب ما نقل عن سيد العارفين ابى يزيد البسطامى قدس سره من انه قال(13/428)
شربت الحب كأسا بعد كأس ... فما نفد الشراب ولا رويت
واليه الاشارة بقوله تعالى { وقل رب زدنى علما } واما الرى فى العلم فأضافى لا حقيقى قال بعض العارفين من شرب بكأس الوفاء لم ينظر فى غيبته الى غيره ومن شرب بكأس الصفاء خلص من شوبه وكدورته ومن شرب بكأس الفناء عدم فيه القرار ومن شرب فى حال اللقاء انس على الدوام ببقائه فلم يطلب مع لقائه شيأ آخر لا من عطائه ولا من لقائه لاستهلاكه فى علائه عند سطوات جلاله وكبريائه ولما ذكر ما للشرب ذكر ما للاكل فقال { ولهم } اى للمتقين { فيها } اى فى الجنة الموعودة مع ما فيها من فنون الانهار { من كل الثمرات } اى صنف من كل الثمرات على وجه لا حاجة معه من قلة ولا انقطاع وقيل زوجان انتزاعا من قوله تعالى { فيهما من كل فاكهة زوجان } وهى جمع ثمرة وهى اسم لكل ما يطعم من احمال الشجر ويقال لكل نفع يصدر عن شيئ ثمرة كقولك ثمرة العلم العمل الصالح وثمرة العمل الصالح الجنة { ومغفرة } عظيمة كائنة { من ربهم } اى المحسن اليهم بمحو ذنوبهم السالفة اعيانها وآثارها بحيث لا يخشون لهما عاقبة بعقاب ولا عتاب والا لتنغص العيش عليهم يعنى ببوشد ذنوب ايشانرا نه بران معاقبه كندونه معاتبه نمايد
وفيه تأكيد لما افاده التنكير من الفخامة الذاتية بالفخامة الاضافية قال فى فتح الرحمن قوله ومغفرة عطف على الصنف المحذوف اى ونعيم اعطته المغفرة وسببته والا فالمغفرة انما هى قبل الجنة وفى الكواشى عطف على اصناف المقدرة للايذان بانه تعالى راض عنهم مع ما اعطاهم فان السيد قد يعطى مولاه مع ما سخطه عليه قال بعض العارفين الثمرات عبارة عن المكاشفات والمغفرة عن غفران ذنب الوجود كما قيل
وجودك ذنب لا يقاس به ذنب بندار وجود ماكناهيست عظيم لطفى كن واين كنه زما در كذران { كمن هو خالد فى النار } خبر لمبتدأ محذوف تقديره امن هو خالد فى هذه الجنة حسبما جرى به الوعد الكريم كمن هو خالد فى النار التى لا يطفأ لهيبها ولا يفك اسيرها ولا يؤنس غريبها كما نطق به قوله تعالى { والنار مثوى لهم } وبالفارسية آياهركه درجنين نعمتى باشد مانند كسى است كه اوجاودانست درآتش دوزخ { وسقوا } الجمع باعتبار معنى من اى سقوا بدل ما ذكر من اشربة أهل الجنة { ماء حميما } حارا غاية الحرارة { فقطع } بس باره باره ميكند آب از فرط حرارت { امعاءهم } رودهاى ايشانرا(13/429)
جمع معى بالكسر والقصر وهو من اعفاج البطن اى ما ينتقل الطعام اليه بعد المعدة قبل اذا دنا منهم شوى وجوههم وانمازت فروة رؤسهم اى انعزلت وانفرزت فاذا شربوه قطع امعاءهم فخرجت من ادبارهم فانظر بالاعتبار ايها الغافل عن القهار هل يستوى الشراب العذب البارد والماء الحميم المر وانما ابتلاهم الله بذلك لان قلوبهم كانت خالية عن العلوم والمعارف الالهية ممتلئة بالجهل والغفلة ولا شك ان اللذة الصورة الاخروية انما تنشأ من اللذة المعنوية الدنيوية كما اشار اليه مالك بن دينار قدس سره بقوله خرج الناس من الدنيا ولم يذوقوا اطيب الاشياء قيل وما هو قال معرفة الله تعالى فبقدر هذا الذوق فى الدنيا يحصل الذوق فى الآخرة فمن كمل له الذوق كمل له النعيم قال ابو يزيد البسطامى قدس سره حلاوة المعرفة الآلهية خير من جنتة الفردوس واعلى عليين
واعلم ان الانسان لو حبس فى بيت حمام حار لا يتحمله بل يؤدى الى موته فكيف حاله اذا حبس فى دار جهنم التى حرارتها فوق كل حرارة لانها سجرت بغضب القهار وكيف حاله اذا سقى مثل ذلك الماء الحميم وقد كان فى الدنيا بحيث لا يدفع عطشه كل بارد فلا ينبغى الاغترار بنعيم الدنيا اذا كان عاقبته الجحيم والحميم وفى الخبر « ان مؤمنا وكافرا فى الزمان الاول انطلقا يصيدان السمك فجعل الكافر يذكر آلهته ويأخذ السمك حتى اخذ سمكا كثيرا وجعل المؤمن يذكر الله كثيرا فلا يجيئ شئ ثم أصاب سمكة عند ألغروب فاضطربت ووقعت فى الماء فرجع المؤمن وليس معه شئ ورجع الكافر وقد امتلئت شبكته فأسف ملك المؤمن الموكل عليه فلما صعد الى السماء اراه الله مسكن المؤمن فى الجنة فقال والله ما يضره ما اصابه بعد أن يصير الى هذا واراه مسكن الكافر فى جهنم فقال والله ما يغنى عنه ما اصابه من الدنيا بعد ان يصير الى هذا »
نعيم هر دو جهان بيشان عاشقان بدودو كه آن متاع قليلست واين بهاى كثير(13/430)
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16)
{ ومنهم من يستمع اليك } يقال استمع له واليه اى اصغى وهم المنافقون كانوا يحضرون مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسمعون كلامه ولا يعونه ولا يراعونه حق رعايته تهاونا منهم { حتى اذا خرجوا من عندك } جمع الضمير باعتبار معنى من كمان ان افراده فيما قبله باعتبار لفظه { قالوا للذين اوتوا العلم } يعنى علماء الصحابة كعبد الله بن مسعود رضى الله عنه وابن عباس وابى الدردآء رضى الله عنهم { ماذا قال آنفا } اى ما الذى قال الساعة على طريق الاستهزآء وان كان بصورة الاستعلام وبالفارسية جه كفت بيغمبر اكنون يعنى ما فهم نكرديم سخن اورا واين بروجه سخريت ميكفثند
وآنفا من قولهم انف الشئ لما تقدم منه مستعار من الجارحة قال الراغب استأنفت الشى اخذت انفه اى مبدأه ومنه ماذا قال آنفا اى مبتدأ انتهى قال بعضهم تفسير الآنف بالساعة يدل على انه ظرف حالى لكنه اسم للساعة التى قبل ساعتك التى أنت فيها كما قاله صاحب الكشاف وفى القاموس قال آنفا كصاحب وكتف وقرئ بهما اى مذ ساعة اى فى اول وقت يقرب منا انتهى وبه يندفع اعتراض البعض فان الساعة ليست محمولة على الوقت الحاضر فى مثل هذا المقام وانما يراد بها ما فى تفسير صاحب القاموس ومن هنا قال بعضهم يقال مر آنفا اى قريبا او هذه الساعة اى ان شئت قل هذه الساعة فانه بمعنى الاول فاعرف { اولئك } الموصوفون بما ذكر { الذين طبع الله على قلوبهم } ختم عليها لعدم توجهها نحو الخير اصلا ومنه الطابع للخاتم قال الراغب الطبع ان يصور الشئ بصورة ما كطبع السكة وطبع الدراهم وهو أعم من الختم واخص من النقش والطابع والخاتم ما يطبع به ويختم والطابع فاعل ذلك { واتبعوا اهوآءهم } الباطلة فلذلك فعلوا ما فعلوا مما لا خير فيه(13/431)
وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17)
{ والذين اهتدوا } الى طريق الحق وهم المؤمنون { زادهم } اى الله تعالى { هدى } بالتوفيق والالهام { وآتاهم تقواهم } اى خلق التقوى فيهم او بين لهم ما يتقون منه قال ابن عطاء قدس سره الذين تحققوا فى طلب الهداية اوصلناهم الى مقام الهداية وزدناهم هدى بالوصول الى الهادى(13/432)
فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18)
{ فهل ينظرون } اى المنافقون والكافرون { الا الساعة } اى ما ينتظرون الا القيامة { ان تأتيهم بغتة } وهى المفاجأة بدل اشتمال من الساعة اى تباغتهم بغتة والمعنى انهم لا يتذكرون بذكر احوال الامم الخالية ولا بالاخبار باتيان الساعة وما فيها من عظائم الامور وما ينتظرون للتذكر الا اتيان نفس الساعة بغتة { فقد جاء اشراطها } تعليل لمفاجأتها لا لاتيانها مطلقا على معنى انه لم يبق من الامور الموجبة للتذكر امر مترقب ينتظرونه سوى اتيان نفس الساعة اذا جاء اشراطها فلم يرفعوا لها رأسا ولم يعدوها من مبادى اتيانها فيكون اتيانها بطريق المفاجأة لا محالة والاشراط جمع شرط بالتحريك وهو العلامة والمراد بها مبعثه عليه السلام وامته آخر الامم فمبعثه يدل على قرب انتهاء الزمان { فانى لهم اذا جاءتهم ذكراهم } حكم بخطاهم وفساد رأيهم فى تأخير التذكر الى اتيانها ببيان استحالة نفع التذكر حينئذ كقوله { يومئذ يتذكر الانسان وأنى له الذكرى } اى وكيف لهم ذكراهم اذا جاءتهم الساعة على ان انى خبر مقدم وذكراهم مبتدأ واذا جاءتهم اعتراض وسط بينهما رمزا الى غاية سرعة مجيئها واطلاق المجيئ عن قيد البغتة لما ان مدار استحالة نفع التذكر كونه عند مجيئه مطلقا لا مقيدا بقوله البغتة وروى عن مكحول عن حذيفة قال سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى الساعة قال « ما المسئول عنها بأعلم من السائل ولكن لها اشراط تقارب الاسواق » يعنى كسادها « ومطر لانبات » يعنى مطر فى غير حينه « وتفشو الفتنة وتظهر أولاد البغية ويعظم رب المال وتعلو أصوات الفسقه فى المساجد ويظهر أهل المنكر على أهل الحق » وفى الحديث « اذا ضيعت الامانة فانتظر الساعة » فقيل كيف اضاعتها فقال « اذا وسد الامر الى غير اهله فانتظر الساعة »
بقومى كه نيكى بسندد خداى دهد خسرو عادل نيك راى جو خواهدكه ويران كند عالمى كند ملك دربنجه ظالمى
وقال الكلبى اشراط الساعة كثيرة المال والتجارة وشهادة الزور وقطع الارحام وقلة الكرام وكثرة اللئام وفى الحديث « ما ينتظر احدكم الا غنى مطغيا او فقرا منسيا او مرضا مفسدا او هرما مفدا او موتا مجهزا والدجال شر غائب ينتظر والساعة ادهى وامر » انتهى وقيامة كل احد موته فعليه ان يستعد لما بعد الموت قبل الموت بل يقوم بالقيامة الكبرى التى هى قيامة العشق والمحبة التى يهلك عندها جميع ما سوى الله ويزول تعيين الوجود المجازى ويظهر سر الوجود الحقيقى نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من المسارعين الى مرضاته والاعضاء والقوى تساعد لا من المسومين فى امره والاوقات تمر وتباعد(13/433)
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)
{ فاعلم انه } اى الشان الاعظم { لا اله الا الله } اى انتفى انتفاء عظيما ان يكون معبودا بحق غير الملك الاعظم اى اذاعلمت ان مدار السعادة هو التوحيد والطاعة ومناط الشقاوة هو الاشراك والعصيان فأثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية والعمل بموجبه كقوله تعالى { اهدنا الصراط المستقيم } اى ثبتنا على الصراط المستقيم وقدم العلم على العمل تنبيها على فضله واستبداده بالمرية عليه لا سيما العلم بوحدانية الله تعالى فانه اول ما يجب على كل احد والعلم ارفع من المعرفة ولذا قال فاعلم دون فاعرف لان الانسان قد يعرف الشئ ولا يحيط به علما فاذا علمه واحاط به علما فقد عرفه والعلم بالالوهية من قبيل العلم بالصفات لان الالوهية صفة من الصفات فلا يلزم ان يحيط بكنهه تعالى احد فانه محال اذ لا يعرف الله الا الله قال بعض البكار لما كان ما تنتهى اليه معرفة كل عارف مرتبة الالوهية ومرتبة احديتها المعبر عنها بتعين الاول لا كنه ذاته وغيب هويته ولا احاطة صفاته امر فى كتابه العزيز نبيه لذلك هو اكمل الخلق قدر او منزلة وقابلية فقال فاعلم انه لا اله الا الله تنبيها له ولمن يتبعه من امته على قدر ما يمكن معرفته من جناب قدسه ويمكن الظفر به وهو مرتبة الالوهية وما ورآءها من حضرة الغيب المطلق وغيب الهوية خارج عن طوق الكون اذ ليس ورآءها اسم ولا رسم ولا نعت ولا وصف ولا حكم وليس فى قوة الكون المقيد أن يعطى غير ما يقتضيه تقييده فكيف يمكن له ان يدرك حضرة الغيب المطلق وغيب الهوية ولما كان حصول التوحيد الذى هو كمال النفس موجبا للاجابة قال تعالى معلما انه يجب على الانسان بعد تكميل نفسه السعى فى تكميل غيره ليحصل التعاون على ما خلق العباد له من العبادة { واستغفر } اى اطلب الغفران من الله { لذنبك } وهو كل مقام عال ارتفع عليه السلام عنه الى اعلى وما صدر عنه عليه السلام من ترك الاولى وعبر عنه بالذنب نظرا الى منصبه الجليل كيف لا وحسنات الابرار سيئات المقربين وارشادا له عليه السلام الى التواضع وهضم النفس واستقصاء العمل { وللمؤمنين والمؤمنات } اى لذنوب امتك بالدعاء لهم وترغيبهم فيما يستدعى غفرانهم لانهم احق الناس بذلك منك لان ما عملوا من خير كان لك مثل اجره اذ لمكمل الغير مثل اجر ذلك الغير وفى اعادة صلة الاستغفار على اختلاف متعلقيه جنسا وفى حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه اشعار بعراقتهم فى الذنب وفرط افتقارهم الى الاستغفار وهو سؤال المغفرة وطلب الستر اما من اصابة الذنب فيكون حاصله العصمة والحفظ واما من اصابة عقوبة الذنب فيكون حاصله العفو والمحو قال بعضهم للنبى عليه السلام احوال ثلاثة الاول مع الله فلذا قيل وحده والثانى مع نفسه ولذا امر بالاستغفار لذنبه والثالث مع المؤمنين ولذا امر بالاستغفار لهم وهذه ارجى آية فى القرءآن فانه لا شك انه عليه السلام ائتمر بهذا الامر وانه لا شك ان الله تعالى اجابه فيه فانه لو لم يرد اجابته فيه لما امره بذلك(13/434)
هركرا جون توبيشوا باشد ن اميد ازخدا جرا باشد جون نشان شفاعت كبرى يافت برنام ناميت طغرا امتان باكناهكا ريها بتودارند اميد واريها { والله يعلم متقلبكم } اى مكانكم الذى تتقلبون عليه فى معاشكم ومتاجركم فى الدنيا فانها مراحل لا بد من قطعها وبالفارسية وخداى ميداند جار رفتن وكرديدن شمادر دنياكه جون ميكرديد از حال بحال { ومثواكم } فى العقبى فانها موطن اقامتكم وبالفارسية وآرامكاه شمادر عقبى بهشت است يا دوزخ
فلا يأمركم الا بما هو خير لكم فى الدنيا والآخرة فبادروا الى الامتثال بما امركم به فانه المهم لكم فى المقامين قال فى بحر العلوم الخطاب فى قوله فاعلم واستغفر للنبى عليه السلام وهو الظاهر او لكل من يتأتى منه العلم والاستغفار من أهل الايمان وينصره الخطاب بلفظ الجمع فى قوله والله يعلم متقلبكم ومثواكم انتهى ( وفى كشف الاسرار ) يعنى يا محمد آنجه بنظر واستدلال دانسته از توحيد مابخير نيز بدان ويقين باش كه الله تعالى يكانه ويكتاست درذات وصفات ودرحقايق سلمى آورده كه جون عالمىرا كويند اعلم مرادبان ذكرباشد يعنى يادكن آنجه دانسته
وقال ابو الحسين النورى قدس سره والعلم الذى دعى اليه المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم هو علم الحروف وعلم الحروف فى لام ألف وعلم لام ألف فى الألف وعلم الألف فى اليقظة وعلم اليقظة فى المعرفة الاصلية وعلم المعرفة الاصلية فى علم الاول وعلم الاول فى المشيئة وعلم المشيئة فى غيب الهوية وهو الذى دعاء اليه فقال فاعلم فالهاء راجع على غيب الهوية انتهى
اكركسى كويد ابراهيم خليل را عليه السلام كفتند اسلم جواب دادكه اسلمت مصطفى حبيب را كفتند فاعلم نكفت علمت جواب آنست كه خليل رونده بود درراه كه انى ذاهب الى ربى در وادى تفرقت مانده لا جرم جوابش خود بايست داد وحبيب ربوده حق بود در نقطه جمع نواخته اسرى بعبده ق اورا بخود بازنكذاشت از بهر او جواب دادكه آمن الرسول
والايمان هو العلم واخبار الحق تعالى عنه انه آمن وعلم اتم من اخباره بنفسه علمت قوله واستغفر لذنبك اى اذا علمت انك علمت فاستغفر لذنبك هذا فان الحق على جلال قدره لا يعلمه غيره
تراكه داندكه تراتودانى تو ترانداندكس تراتودانى كس(13/435)
وفى التأويلات النجمية فاعلم بعلم اليقين انه لا اله بعلم اليقين الا الله بحق اليقين فاذا تجلى الله بصفة علمه الذاتى للجهولية الذاتية للعبد تفنى ظلمة جهوليته بنور علمه فيعلم بعلم الله ان لا موجود الا الله فهذه مظنة حسبان العبد ان العالم يعلم انه لا اله الا الله فقيل له واستغفر لذنبك بانك علمت وللمؤمنين والمؤمنات بانهم يحسبون ان يحسنوا علم لا اله الا الله فان من وصفه وما قدروا الله حق قدره والله يعلم متقلب كل روح من العدم بوصف خاص الى عالم الارواح فى مقام مخصوص به ومثوى كل روح الى اسفل سافلين قالب خاص بوصف خاص ثم متقلبه من اسفل سافلين القالب بالايمان والعمل الصالح او بالكفر والعمل الطالح الى الدرجات الروحانية او الدركات النفسانية ثم مثواه الى عليين القرب المخصوص به او الى سجين البعد المخصوص به مثاله كما ان لكل حجر ومدر وخشب يبنى به دار متقلبا مخصوصا به وموضعا من الدار مخصوصا به ليوضع فيه لا يشاركه فيه شئ آخر كذلك لكل روح منقلب مخصوص به لا يشاركه فيه احد انتهى وقال البقلى واستغفر من وجودك فى مطالعتى ووجود وصالى فان بقاء الوجود الحدثانى فى بقاء الحق اعظم الذنوب وفى الاسئلة المقحمة المراد الصغائر والعثرات التى هى من صفات البشرية وهذا على قول من جوز الصغائر على الانبياء عليهم السلام
ودر معام آورده كه آن حضرت مأمور شد باستغفار باآنكه مغفورست ن امت درين سنت بوى قتدا كنند
يعنى واستغفر لذنبك ليستن بك غيرك
ودرتبيان آوورده كه مراد آنست كه طلب عصمت كن ازخداى تاترا از كاهل نكاه دارد
وقيل من التقصير فى حقيقة العبودية التى لا يدركها احد وقال بعض الكبار الذنب المضاف الى الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم هو ما اشير اليه فى قوله فاعلم ولا يفهمه الا اهل الاشارة
يقول الفقير لعله ذنب نسبة العلم اليه فى مرتبة الفرق اذ هو فى مرتبة الجمع لذا قيل لى فى الروضة المنيفة عند رأسه الشريف عليه السلام لا تجوز السجدة لمخلوق الا لباطن رسول الله فانه الحق
والذنب المضاف الى المؤمنين والمؤمنات هو قصورهم فى علم التوحيد بالنسبة الى النبى المحترم صلى الله عليه وسلم ثم هذه الكلمة كلمة التوحيد فالتوحيد لا يماثله ولا يعادله شئ والا لما كان واحدا بل كان اثنين فصاعدا واذا اريد بهذه الكلمة التوحيد الحقيقى لم تدخل فى الميزان لانه ليس له مماثل ومعادل فكيف تدخل فيه واليه اشار الخبر الصحيح عن الله تعالى « قال الله تعالى لو أن السموات السبع وعامرهن غيرى والارضين السبع وعامرهن غيرى فى كفة ولا اله الا الله فى كفة لمالت بهن لا اله الا الله »(13/436)
فعلم من هذه الاشارة ان المانع من دخولها فى ميزان الحقيقة هو عدم المماثل والمعادل كما قال تعالى { ليس كمثله شئ } واذا اريد بها التوحيد الرسمى تدخل فى الميزان لانه يوجد لها ضد بل اضداد كما اشير اليه بحديث صاحب السجلات التسعة والتسعين فما مالت الكفة الا بالبطاقة التى كتبها الملك فيها فهى الكلمة المكتوبة المنطوقة المخلوقة فعلم من هذه الاشارة ان السبب لدخولها فى ميزان الشريعة هو وجود الضد والمخالف وهو السيئات المكتوبة فى السجلات وانما وضعها فى الميزان ليرى اهل الموقف فى صاحب السجلات فضلها لكن انما يكون ذلك بعد دخول من شاء الله من الموحدين النار ولم يبق فى الموقف الا من يدخل الجنة لانها لا توضع فى الميزان لمن قضى الله ان يدخل النار ثم يخرج بالشفاعة او بالعناية الالهية فانها لو وضعت لهم ايضا لما دخلوا النار ايضا ولزم الخلاف للقضاء وهو محال ووضعها فيه لصاحب السجلات اختصاص الهى يختص برحمته من يشاء
واعلم ان الله تعالى ما وضع فى العموم الا افضل الاشياء واعمها نفعا لانه يقابل به اضداد كثيرة فلا بد فى ذلك الموضع من قوة ما يقابل به كل ضد وهو كلمة لا اله الا الله ولهذا كانت افضل الاذكار فالذكر بها افضل من الذكر بكلمة الله الله وهو هو عند العلماء بالله لانها جامعة بين النفى والاثبات وحاوية على زيادة العلم والمعرفة فعليك بهذا الذكر الثابت فى العموم فانه الذكر الاقوى وله النور الاضوى والمكانة الزلفى وبه النجاة فى الدنيا والعقبى والكل يطلب النجاة وان جهل البعض طريقها فمن نفى بلا اله عين الخلق حكما لا علما فقد اثبت كون الحق حكما وعلما والاله من جميع الاسماء ما هو الا عين واحد هى مسمى الله الذى بيده ميزان الرفع والخفض
ثم اعلم ان التوحيد لا ينفع بدون الشهادة له صلى الله عليه وسلم بالرسالة وبين الكلمتين مزيد اتفاق يدل على تمام الاتحاد والاعتناق وذلك ان احرف كل منهما ان نظرنا اليها خطا كانت اثنى عشر حرفا على عدد اشهر السنة يكفر كل حرف منها شهرا وان نظرنا اليها نطقا كانت اربعة عشر تملأ الخافقين نورا وان نظرنا اليها بالنظرين معا كانت خمسة عشر لا يوقفها عن ذى العرش موفق وهو سر غريب دال على الحكم الشرعى الذى هو عدم انفكاك احداهما عن الاخرا فمن لم يجمعهما اعتقاده لم يقبل ايمانه واسلام اليهود والنصارى مشروط بالتبرى من اليهودية والنصرانية بعد الاتيان بكلمتى الشهادة وبدون التبرى لا يكونان مسلمين ولو أتيا بالشهادتين مرارا لانهما فسرا بقولهما بانه رسول الله اليكم لكن هذا فى الذين اليوم بين ظهرانى اهل الاسلام اما اذا كان فى دار الحرب وحمل عليه رجل من المسلمين فأتى بالشهادتين او قال دخلت فى دين الاسلام او فى دين محمد عليه السلام فهذا دليل توبته ولهذه الكلمة من الاسرار ما يملأ الاقطار منها انها بكلماتها الاربع مركبة من ثلاثة احرف اشارة الى الوتر الذى هو الله تعالى والشفع الذى هو الخلق انشأه الله تعالى ازواجا ومنها ان احرفها اللفظية اربعة عشر حرفا على عدد السموات والارض الدالة على الذات الاقدس الذى هو غيب محض والمقصود منها مسمى الجلالة الذى هو الاله الحق والجلالة الدالة عليه خمسة احرف على عدد دعائم الاسلام الخمس ووتريته ثلاثة احرف دلالة على التوحيد ومنها انه ان لم يفعل فيها شيأ شفهيا ليمكن ملازمتها لكونها اعظم مقرب الى الله واقرب موصل اليه مع الاخلاص فان الذاكر بها يقدر على المواظبة عليها ولا يعلم جليسه بذلك اصلا لان غيرك لا يعلم ما فى ورآء شفتيك الا باعلامك ومنها ان هذه الكلمة مع قرينتها الشاهدة بالرسالة سبع كلمات فجعلت كل كلمة منها مانعة من باب من ابواب جهنم السبعة ومنها ان عدد حروفها مع قرينتها اربعة وعشرون وساعات اليوم والليلة كذلك فمن قالها فقد اتى بخير ينجيه من المكاره فى تلك الآنات ( قال المولى الجامى ) نقطه بصورت مكس است ولمه شهادت ازنقطه معراست يعنى اين شهد ازآلايش مكس طبعان معراست(13/437)
وقال بعض العارفين لا يجوز لشخص ان يتصدر فى مرتبة الشيخوخة الا ان كان عالما بالكتاب والسنة عارفا بامراض الطريق عارفا بمقامات التوحيد الخمسة والثمانين نوعا عارفا باختلاف السالكين واوديتهم حال كونهم مبتدئين وحال كونهم متوسطين وحال كونهم كاملين ويجمع كل ذلك قولهم ما اتخذ الله وليا جاهلا قط ولو اتخذه لعلمه قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ليس فى طريق الشيخ الحاجى بيرام الرقص حال التوحيد وليس فى طريقنا ايضا بل نذكر الله قياما وقعودا ولا نرقص وفق قوله تعالى { الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم } وقال الرقص والاصوات كلها انما وضعت لدفع الخواطر ولا شئ فى دفعها اشد تأثيرا من التوحيد فطريقنا طريق الانبياء عليهم السلام فنبينا عليه السلام لم يلقن الا التوحيد وقال فى احياء العلوم الكامل هو الذى لا يحتاج ان يروح نفسه بغير الحق ولكن حسنات الابرار سيئات المقربين ومن احاط بعلم علاج القلوب ووجوه التلطف بها للسياقة الى الحق علم قطعا ان ترويحها بامثال هذه الامور دواء نافع لا غنى عنه انتهى واراد بامثال هذه الامور السماع والغناء واللهو المباح ونحو ذلك وقال حضرة الشيخ افتاده قدس سره اذا غلبت الخواطر واحتجت الى نفيها فاجهر بذكر النفى وخافت الاثبات اما اذا حصلت الطمأنينة وغلب الاثبات على النفى فاجهر بالاثبات فانه المقصود الاصلى وخافت النفى(13/438)
يقول الفقير قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه ينبغى ان يبدأ النفى من جانب اليسار ويحول الوجه الى اليمين ثم يوقع الاثبات على اليسار ايضا وذلك لان الظلمة فى اليسار فبابتدآء النفى منه تطرح تلك الظلمة الى طرف اليمين وهو التخلية التى هى سر الخلوتية والنور فى اليمين فبتحويل الوجه الى جانبها ثم الميل فى الاثبات الى اليسار يطرح ذلك النور الى جانب اليسار الذى هو موضع الايمان لانه فى يسار الصدر وهى النجلية التى هى سر الخلوتية وهذا لا ينافى قولهم النفى فى طرف اليمين والاثبات الى طرف اليسار لان النفى من طرف اليمين حقيقة وانما الابتدآء من اليسار وهذا الابتدآء لا ينافى كون النفى من طرفها فاعرف ومن آداب الذكر ان يكون الذاكر فى بيت مظلم وان ينظر بعين قلبه الى ما بين حاجبيه وفى ذلك سر ينكشف لمن ذاقه قال بعض الاكابر من قال فى الثلث الاخير من ليلة الثلاثاء لا اله الا الله ألف مرة بجمع همة وحضور قلب وأرسلها الى ظالم عجل الله دماره وخرب دياره وسلط عليه الافات وأهلك بالعاهات ومن قال ألف مرة لا اله الا الله وهو على طهارة فى كل صبيحة يسر الله عليه اسباب الرزق وكذا من قالها عند منامه العدد المذكور باتت روحه تحت العرش تتغذى من ذلك العالم حسب قواها وكذلك من قالها عند وقوف الشمس ضعف منه شيطان الباطن وفى الحديث « لو يعلم الامير ماله فى ذكر الله لترك امارته ولو يعلم التاجر ماله فى ذكر الله لترك تجارته ولو أن ثواب تسبيحة قسم على أهل الارض لأصاب كل واحد منهم عشرة أضعاف الدنيا » وفى حديث آخر « للمؤمنين حصون ثلاثة ذكر الله وقرآءة القرءان والمسجد » والمراد بالمسجد مصلاه سواء كان فى بيته او فى الخارج كذا اوله بعض الكبار قال الحسن البصرى حادثوا هذه القلوب بذكر الله فانها سريعة الدثور والمحادثة بالفارسية بزدودن والدثور زنك افكندن كاردوشمشير ( وقال الجامى ) يادكن آنكه درشب اسرى باحبيب خدا خليل خدا كفت كوى ازمن اى رسول كرام امت خويش راز بعد سلام كه بودياك وخوش زمين بهشت ليك آنجاكسى درخت نكشت خاك اوباك وطيب افتاده ليك هست از درختها ساده غرس اشجار آن بسعى جميل بسمله حمدله است بس تهليل هست تكبير نيزازان اشجار خوش كسى كش جزاين نباشد كار باغ جنات تحتها الانهار سبز وخرم شودازان اشجار
وفى الحديث « استكثروا من قوله لا اله الا الله والاستغفار فان الشيطان قال قد اهلكت الناس بالذنوب واهلكونى بلا اله الا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك اهلكتهم بالاهوآء حتى يحسبون انهم مهتدون فلا يستغفرون »(13/439)
وفى الحديث « جددوا ايمانكم » قالوا يا رسول الله كيف نجدد ايماننا قال « اكثروا من قول لا اله الا الله » ولما بعث عليه السلام معاذ بن جبل رضى الله عنه الى اليمن اوصاه وقال « انكم ستقدمون على اهل كتاب فان سألوكم عن مفتاح الجنة فقولوا لا اله الا الله » وفى الحديث « اذا قال العبد المسلم لا اله الا الله خرقت السموت حتى تقف بين يدى الله فيقول الله اسكنى اسكنى فتقول كيف اسكن ولم تغفر لقائلها فيقول ما اجريتك على لسانه الا وقد غفرت له » وفى طلب المغفرة للمؤمنين والمؤمنات تحصيل لزيادة الحسنة لقوله عليه السلام « من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة » وفى الخبر « من لم يكن عنده ما يتصدق به فليستغفر للمؤمنين والمؤمنات فانه صدقة » وكان عليه السلام يستغفر الله فى كل يوم سبعين مرة وفى رواية مائة مرة ويستغفر للمؤمنين خصوصا للشهدآء ويزور القبور ويستغفر للموتى ويعرف من الآية انه يلزم الابتدآء بنفسه ثم بغيره قال فى ترجمة الفتوحات بعدازرسل هيجكس را آن حق نيست كه مادر وبدررا ومع هذا نوح عليه السلام دردعاى نفس خودرا مقدم داشت قال رب اغفر لى ولوالدى وابراهيم عليه السلام فرمود واجنبى وبنى ان نعبد الاصنام رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى ابتدا بنفس خودكرد والداعى للغير لا ينبغى ان يراه احوج الى الدعاء من نفسه ولا لداخله العجب فلذا امر الداعى بالدعاء لنفسه اولا ثم للغيره اللهم اجعلنا من المغفورين(13/440)
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20)
{ ويقول الذين آمنوا } اشتياقا منهم الى الوحى وحرصا على الجهاد لان فيه احدى الحسنيين اما الجنة والشهادة واما الظفر والغنيمة { لولا نزلت سورة } اى هلا نزلت نؤمر فيها بالجهاد وبالفارسية جرا فر وفرستاده نمى شود سوره درباب قتال باكفار { فاذا انزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال } بطريق الامر به اى سورة مبينة لا تشابه ولا احتمال فيها بوجه آخر سوى وجوب القتال عن قتادة كل سورة فيها ذكر القتال فهى محكمة لم تنسخ { رأيت الذين فى قلوبهم مرض } اى ضعف فى الدنيا او نفاق وهو الاظهر فيكون المراد الايمان الظاهرى الزعمى والكلام من اقامة المظهر مقام المضمر { ينظرون اليك نظر المغشى عليه من الموت } اى تشخص ابصارهم جبنا وهلعا كدأب من اصابته غشية الموت اى حيرته وسكرته اذا نزل به وعاين الملائكة والغشى تعطل القوى المتحركة والحساسة لضعف القلب واجتماع الروح اليه بسبب يحققه فى داخل فلا يجد منقذا ومن اسباب ذلك امتلاء خانق او مؤذ بارد أو جوع شديد أو وجع شديد أو آفة فى عضو مشارك كالقلب والمعدة كذا فى المغرب وفى الآية اشارة الى ان من امارات الايمان تمنى الجهاد والموت شوقا الى لقاء الله ومن امارات الكفر والنفاق كراهة الجهاد كراهية الموت { فأولى لهم } اى فويل لهم وبالفارسية بس واى برايشان باد ودوزخ مريشا نراست وهو افعل من الولى وهو القرب فمعناه الدعاء عليهم بان يليهم المكروه وقيل فعلى من آل فمعناه الدعاء عليهم بأن يؤول الى المكروه امرهم قال الراغب اولى كلمة تهدد وتخوف يخاطب به من اشرف على الهلاك فيحث به على عدم التعرض او يخاطب به من نجا منه فينهى عن مثله ثانيا واكثر ما يستعمل مكررا وكأنه حث على تأمل ما يؤول اليه امره ليتنبه المتحر زمنه(13/441)
طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21)
{ طاعة وقول معروف } كلام مستأنف اى امرهم طاعة لله ولرسوله وقول معروف بالاجابة لما امروا به من الجهاد أو طاعة وقول معروف خير لهم او حكاية لقولهم ويؤيده قرآءة ابى يقولون طاعة وقول معروف اى امرنا ذلك كما قال فى النساء ويقولون طاعة فاذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذى تقول { فاذا عزم الامر } العزم والعزيمة الجد وعقد القلب الى امضاء الامر والعزيمة تعويذ كانه تصور انك قد عقدت على الشيطان ان يمضى ارادته منك والمعنى فاذا جدوا فى امر الجهاد وافترض القتال واسند العزم الى الامر وهو لاصحابه مجازا كما فى قوله تعالى { ان ذلك من عزم الامور } وعامل الظرف محذوف اى خالفوا وتخلفوا وبالفارسية بس جون لازم شد امر قتال وعزم كردن اصحاب جهاد ايشان خلاف ورزيده يازنان درخانها نشستند { فلو صدقوا الله } اى فيما قالوا من الكلام المنبئ عن الحرص على الجهاد بالجرى على موجبه وبالفارسية بس اكرراست كفتندى باخداى دراظهار حرص برجهاد { لكان } اى الصدق { خيرا لهم } من الكذب والنفاق والقعود عن الجهاد وفيه دلالة على اشتراك الكل فيما حكى عنهم من قوله تعالى { لولا نزلت سورة } فالمراد بهم الذين فى قلوبهم مرض
واعلم انه كما يلزم الصدق والاجابة فى الجهاد الاصغر اذا كان متعينا عليه كذلك يلزم ذلك فى الجهاد الاكبر اذا اضطر اليه وذلك بالرياضات والمجاهدات على وفق اشارة المرشد او العقل السليم والا فالقعود فى بيت الطبيعة والنفس سبب الحرمان من غنائم القلب والروح وفى بذل الوجود حصول ما هو خير منه وهو الشهود والاصل الايمان واليقين
نقلست كه روزى حسن بصرى نزد حبيب عجمى آمد بزيارت حبيب دوقرص جوين باياره نمك بيش حسن نهاد حسن خوردن كرفت سائل بدر آمد حبيب آن دو قرص بدان نمك بدان سائل داد حسن همجنان بماند كفت اى حبيب تومر دشايسته اكر باره علم داشتى مى بودى كه نان ازبيش مهمان بركرفتى وهمه را بسائل دادى باره شايد داد بان وباره بمهمان حبيب هيج نكفت ساعتى بود غلامى بيامد وخوانى برسرنهاد وترى وحلوى ونان باكيزه وبانصددرم نقد دربيش حبيب كفت اى استاد تونيك مردى اكرباره يقين داشتى به بودى باعلم بهم يقين بايد
يعنى ان من كان له يقين تام عوضه الله تعالى خيرا من مفقوده وتداركه بفضله وجوده فلا بد من بذل المال والوجود فى الجهاد الاصغر والاكبر ( قال الحافظ ) فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ كه كار عشق زما اين قدر نمى آيد(13/442)
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)
{ فهل عسيتم } اى يتوقع منكم يا من فى قلوبهم مرض وبالفارسية بس آياشايد وتوقع هست ازشما اى منافقان { ان توليتم } امور الناس وتأمرتم عليهم اى ان صرتم متولين لامور الناس وولاة وحكاما عليهم متسلطين فتوليتم من الولاية { ان تفسدوا فى الارض وتقطعوا ارحامكم } تحارصا على الملك وتهالكا على الدنيا فان من شاهد احوالكم الدالة على الضعف فى الدين والحرص على الدنيا حين امرتم بالجهاد الذى هو عبارة عن احراز كل خير وصلاح ودفع كل شر وفساد وانتم مأمورون شأنكم الطاعة والقول المعروف يتوقع منكم اذا اطلقت اعنتكم وصرتم آمرين ما ذكر من الافساد وقطع الارحام والرحم رحم المرأة وهو منبت الولد ووعاؤه فى البطن ثم سميت القرابة والوصلة من جهة الولاد رحما بطريق الاستعارة لكونهم خارجين من رحم واحد وقرأ على رضى الله عنه ان توليتم بضم تاء وواو وكسر لام اى ولى عليكم الظلمة ملتم معهم وعاونتموهم فى الفتنة كما هو المشاهد فى هذا الاعصار وقال ابو حيان الاظهر ان المعنى ان اعرضتم ايها المنافقون عن امتثال امر الله فى القتال ان تفسدوا فى الارض بعدم معونة اهل الاسلام على اعدائهم وتقطعوا ارحامكم لان من ارحامكم كثيرا من المسلمين فاذا لم تعينوهم قطعتم ارحامكم(13/443)
أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)
{ اولئك } اشارة الى المخاطبين بطريق الالتفات ايذانا بان ذكر اهانتهم اوجب اسقاطهم عن رتبة الخطاب وحكاية احوالهم الفظيعة لغيرهم وهو مبتدأ خبره قوله تعالى { الذين لعنهم الله } اى ابعدهم من رحمته { فأصمهم } عن استماع الحق لتصامهم عنه بسوء اختيارهم والاصمام كركردن { واعمى ابصارهم } لتعاميهم عما يشاهدونه من الآيات المنصوبة فى الانفس والآفاق والاعماء كور كردن
قيل لم يقل اصم آذانهم لانه لا يلزم من ذهاب الآذان ذهاب السماع فلم يتعرض لها ولم يقل اعماهم لانه لا يلزم من ذهاب الابصار وهى الاعين ذهاب الابصار قال سعدى المفتى اصمام الآذان غير اذهابها ولا يلزم من احدهما الاخر والصمم والعمى يوصف بكل منهما الجارحة وكذلك مقابلهما من السماع والابصار ويوصف به صاحبها فى العرف المستمر وقد ورد النزيل على الاستعمالين اختصر فى الاصمام واطنب فى الاعماء مع مراعاة الفواصل وفى الآية اشارة الى اهل الطلب واصحاب المجاهدة ان اعرضتم عن طلب الحق ان تفسدوا فى ارض قلوبكم بافساد استعدادها لقبول الفيض الالهى وتقطعوا ارحامكم مع اهل الحب فى الله فتكونوا فى سلك اولئك الذين الخ وهذا كما قال الجنيد قدس سره لو اقبل صديق على الله الف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله
يقول الفقير وقع لى فى الحرم النبوى على صاحبه السلام انى قعدت يوما عند الرأس المبارك على ما هو عادتى مدة مجاورتى فرأيت بعض الناس يسيئون الادب فى تلك الحضرة الجليلة وذلك من وجوه كثيرة فغلبنى البكاء الشديد فاذا هذه الآية تقرأ على اذنى اولئك الذين لعنهم الله يعنى ان المسيئين للادب فى مثل هذا المقام محرومون من درجات اهل الآداب الكرام ( وفى المثنوى ) از خدا جوييم توفيق ادب بى ادب محروم كشت از لطف رب بى ادب تنهانه خودرا داشت بد بلكه آتش در همه آفاق زد هركه بى باكى كند در راه دوست رهزن مردان شده نامرد اوست(13/444)
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)
{ أفلا يتدبرون القرآن } التدبر النظر فى دبر الامور وعواقبها اى ألا يلاحظون القرءآن فلا يتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر حتى لا يقعوا فى المعاصى الموبقة { ام على قلوب اقفالها } فلا يكاد يصل اليها ذكر اصلا وبالفارسية بلكه بر دلهاى ايشان است قفلهاى آن يعنى جيزى كه دلهارا بمنزله قفلها باشد وأن ختم وطبع الهيست بران دركه خدابست بروى عباد هيج كليدش نتواند كشاد قفل كه اوبر در دلها زند كيست كه بردارد ودر واكند
والاقفال جمع قفل بالضم وهو الحديد الذى يغلق به الباب كما فى القاموس قال فى الارشاد ام منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من التوبيخ بعدم التدبر الى التوبيخ بكون قلوبهم مقفلة لا تقبل التدبر والتفكر والهمزة للتقرير وتنكير القلوب اما لتهويل حالها وتفظيع شأنها بابهام امرها فى الفساد والجهالة كأنه قيل على قلوب منكرة لا يعرف حالها ولا يقادر قدرها فى القسوة واما لان المراد قلوب بعض منهم وهم المنافقون واضافة الاقفال اليها للدلالة على انها اقفال مخصوصة بها مناسبة لها غير مجانسة لسائر الاقفال المعهودة التى من الحديد اذ هى اقفال الكفر التى استغلقت فلا تنفتح وفى التأويلات النجمية أفلا يتدبرون القرءآن فان فيه شفاء من كل دآء ليفضى بهم الى حسن العرفان ويخلصهم من سجن الهجران ام على قلوب أقفالها ام قفل الحق على قلوب اهل الهوى فلا يدخلها زواجر التنبيه ولا ينبسط عليها شعاع العلم ولا يحصل لهم فهم الخطاب واذا كان الباب متقفلا فلا الشك والانكار الذى فيها يخرج ولا الصدق واليقين الذى هم يدعون اليه يدخل فى قلوبهم أنتهى
نقلست كه بشرحا فى قدس سره بخانه خواهر اوبيامد كفت اى خواهر بربام ميشوم وقدم بنهادوباى جندبرآمد وبايستاد وتاروز همجنان ايستاده بودجون روزشد فرود آمد وبنماز جماعت رفت بامداد باز آمد خواهرش برسيدكه ايستادن تراسبب جه بود كفت درخاطرم آمد دربغداد جندين كس اندكه نام ايشان بشرست يكى جهود ويكى ترسا ويكى مع ومرا نام بشراست وبجنين دولتى رسيده واسلام يافنه درين حيرت مانده بودم كه ايشان جه كرده اندازين دولت محروم ماندند ومن جه كرده ام كه بدين دولت رسيدم
يعنى ان انفتاح اقفال القلوب من فضل علام الغيوب ولا يتيسر لكل احد مقام القرب والقبول ورتبة الشهود والوصول وعدم تدبر القرءآن انما هو من آثار الخذلان ومقتضيات الاعيان والا فكل طلب ينتهى الى حصول ارب ( قال الصائب ) تواز فشاندن تخم اميددست مدار كه در كرم نكند ابرنو بهارا مساك(13/445)
إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25)
{ ان الذين ارتدوا على ادبارهم } الارتداد والردة الرجوع فى الطريق الذى جاء منه لكن الردة تختص بالكفر والارتداد يستعمل فيه وفى غيره والادبار جمع دبر ودبر الشئ خلاف القبل وكنى بهما عن العضوين المخصوصين والمعنى ان الذين رجعوا الى ما كانو عليه من الكفر وهم المنافقون الموصوفون بمرض القلوب وغيره من قبائح الافعال والاحوال فانهم قد كفروا به عليه السلام { من بعد ما تبين لهم الهدى } بالدلائل الظاهرة والمعجزات القاهرة { الشيطان سول لهم } جملة من مبتدأ وخبر وقعت خبرا لان اى سهل لهم ركوب العظائم من السول وهو الاسترخاء وقال الراغب السول الحاجة التى تحرص عليها النفس والتسويل تزيين النفس لما تحرص عليه وتصوير القبيح منه بصورة الحسن { وأملى لهم } وأمد لهم فى الامانى والآمال وقيل امهلهم الله ولم يعاجلهم بالعقوبة قال الراغب الاملاء الامداد ومنه قيل للمدة الطويلة ملاوة من الدهر وملوة من الدهر(13/446)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26)
{ ذلك } الارتداد كائن { بأنهم } اى بسبب ان المنافقين المذكورين { قالوا } سرا { للذين كرهوا ما نزل الله } اى لليهود الكارهين لنزول القرءآن على رسول الله عليه السلام مع علمهم بانه من عند الله حسدا وطمعا فى نزوله عليهم { سنطيعكم فى بعض الامر } وهو ما افاده قوله تعالى { الم تر الى الذين نافقوا يقولون لاخوانهم الذين كفروا من اهل الكتاب لئن اخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم احدا ابدا وان قوتلتم لننصرنكم } وهم بنوا قريظة والنضير الذين كانوا يوالونهم ويودونهم وارادوا بالبعض الذى اشاروا الى عدم اطاعتهم فيه اظهار كفرهم واعلان امرهم بالفعل قبل قتالهم واخراجهم من ديارهم فانهم كانوا يأبون ذلك قبل مساس الحاجة الضرورية الداعية اليه لما كان لهم فى اظهار الايمان من المنافع الدنيوية { والله يعلم اسرارهم } اى اخفاءهم لما يقولون لليهود(13/447)
فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27)
{ فكيف اذا توفتهم الملائكة } اى يفعلون فى حياتهم ما يفعلون من الحيلة فكيف يفعلون اذا قبض ارواحهم ملك الموت وأعوانه { يضربون وجوههم وادبارهم } بمقامع الحديد وادبارهم ظهورهم وخلفهم ( قال الكاشفى ) مى زنند رويهاى ايشان كه از حق بكردانيده اند ويشتهاى ايشان كه بر اهل حق كرده اند
والجملة حال من فاعل توفتهم وهو تصوير لتوفيهم على اهول الوجوه وافظعها وعن ابن عباس رضى الله عنهما لا يتوفى احد على معصية الا تضرب الملائكة وجهه ودبره(13/448)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)
{ ذلك } التوفى الهائل وبالفارسية اين قبض ارواح ايشان بدين وصف { بانهم } اى بسبب انهم { اتبعوا ما اسخط الله } من الكفر والمعاصى يعنى متابعت كردند آن جيزى راكه بخشم آورد خداى تعالى رايعنى موجب غضب وى كردد { وكرهوا رضوانه } اى ما يرضاه من الايمان والطاعة حيث كفروا بعد الايمان وخرجوا عن الطاعة بما صنعو من المعاملة مع اليهود { فأحبط } لاجل ذلك { اعمالهم } التى عملوها حال ايمانهم من الطاعات او بعد ذلك من اعمال البر التى لو عملوها حال الايمان لانتفعوا بها فالكفر والمعاصى سبب لاحباط الاعمال وباعث على العذاب والنكال قال الامام الغزالى رحمه الله الفاجر تنسل روحه كالسفود من الصوف المبلول والميت الفاجر يظن ان بطنه قد ملئت شوكا وكان نفسه يخرج من ثقب ابره وكأنما السماع انطبقت على الارض وهو بينهما ولهذا سئل كعب الاخبار عن الموت فقال كغصن شجر ذى شوك ادخل فى جوف رجل فجذبه انسان شديد البطش ذو قوة فقطع ما قطع وابقى ما ابقى وقال النبى عليه السلام « لسكرة من سكرات الموت امر من ثلاثمائة ضربة بالسيف » وعند وقت الهلاك يطعنه الملائكة بحربة مسمومة قد سقيت سما من نار جهنم فتفر النفس وتنقبض خارجة فيأخذها الملك فى يده وهى ترعد اشبه شئ بالزئبق على قدر النحلة شخصا انسانيا يناولها الملائكة الزبانية وهى ملائكة العذاب هذا حال الكافر والفاجر واما المؤمن المطيع فعلى خلاف هذا لانه اهل الرضى قال ميمون بن مهران شهدت جنازة ابن عباس رضى الله عنهما بالطائف فلما وضع على المصلى ليصلى عليه جاء طائر ابيض حتى وقع على اكفانه ثم دخل فيها فالتمس ولم يوجد فلما سوى عليه سمعنا صوتا وما رأينا شخصا يا ايتها النفس المطمئنة ارجعى الى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى فعلى العاقل ان يتهيا للموت ولا يضيع الوقت ( قال الصائب ) ترانكر حاصلى هست ازحيات خود غنيمت دان كه من از حاصل دوران غم بى حاصلى درام(13/449)
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29)
{ ام حسب الذين فى قلوبهم مرض } اى المنافقون فان النفاق مرض قلبى كالشك ونحوه { ان لن يخرج الله اضغانهم } فأم منقطعة وان مخففة من أن والاضغان جمع ضغن بالكسر وهو الحقد وهو امساك العداوة فى القلب والتربص لفرصتها وبه شبه الناقة فقالوا ذات ضغن والمعنى بل احسب الذين فى قلوبهم حقد وعداوة للمؤمنين ان لن يخرج الله احقادهم ولن يبرزها لرسول الله وللمؤمنين فتبقى امورهم مستورة اى ان ذلك مما يكاد يدخل تحت الاحتمال وفى بعض الاثار لا يموت ذو زيغ فى الدين حتى يفتضح وذلك لانه كحامل الثؤم فلا بد من أن تظهر رآئحته كما ان الثابت فى طريق السنة كحامل المسك اذ لا يقدر على امساك رآئحته
اكرمسك خالص ندارى مكوى وكرهست خودفاش كردد ببوى(13/450)
وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)
{ ولو نشاء } ارآءتهم وبالفارسية واكر ماخواهيم { لأريناكهم } لعرفناكهم بدلائل تعرفهم بأعيانهم معرفة متأخمة للرؤية { فلعرفتهم بسيماهم } بعلامتهم التى نسمهم بها قال فى القاموس السومة بالضم والسمية والسيما والسيميا بكسرهن العلامة وذكر فى السوم وعن انس رضى الله عنه ما خفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شئ من المنافقين كان يعرفهم بسيماهم ولقد كنا فى بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين يشكون فيهم الناس فناموا ذات ليلة واصبحوا وعلى وجه كل منهم مكتوب هذا منافق وفى عين المعانى وعلى جبهة كل واحد مكتوب كيئة الوشم هذا منافق واللام لام الجواب كررت فى المعطوف للتأكيد والفاء لترتيب المعرفة على الاراءة { ولتعرفنهم فى لحن القول } اللام جواب قسم محذوف ولحن القول فحواه ومعناه واسلوبه او امالته الى جهة تعريض وتورية يعنى بشناسى توايشازا در كردانيدن سخن از صوب صواب بجهت تعريض وتوريت
ومنه قيل للمخطئ لاحن لعدله بالكلام عن سمت الصواب وفى الحديث « لعل بعضكم الحن بحجته من بعض » اى اذهب بها فى الجهات قال فى المفردات اللحن صرف الكلام عن سننه الجارى عليه اما بازالة الاعراب او التصحيف وهو المذموم وذلك اكثر استعمالا واما بازالته عن التصريح وصرفه بمعناه الى تعريض وفحوى وهو محمود من حيث البلاغة عند اكثر الادباء واليه قصد بقول الشاعر فخير الاحاديث ما كان لحنا واياه قصد بقوله ولتعرفنهم فى لحن القول ومنه قيل للفطنة لما يقتضى فحوى الكلام لحن انتهى وفى المختار اللحن الخطأ فى الاعراب وبابه قطع واللحن بفتح الحاء الفطنة وقد لحن من باب طرب وفى الحديث « لعل احدكم الحن بحجته » اى افطن بها انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما هو قولهم ما لنا ان اطعنا من الثواب ولا يقولون ما علينا ان عصينا من العقاب قال بعض الكبار الاكابر والسادات يعرفون صدق المريد من كذبه بسؤاله وكلامه لان الله يقول ولتعرفنهم فى لحن القول { والله يعلم اعمالكم } فيجازيكم بحسب قصدكم وهذا وعد للمؤمنين وايذان بان حالهم بخلاف حال المنافقين وفى الآية اشارة الى ان من مرض القلوب الحسبان الفاسد والظن الكاذب فظنوا ان الله لا يطلع على خبث عقائدهم ولا يظهره على رسوله وليس الامر كما توهموه بل الله فضحهم وكشف تلبيسهم بالاخبار والتعريف مع ان المؤمن ينظر بنور الفراسة والعارف ينظر بنور التحقيق والنبى عليه السلام ينظر بالله فلا يستتر عليه شئ فالاعمال التى تصدر بخباثة النيات لها شواهد عليها كما سئل سفيان بن عيينة رحمه الله هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبان ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه اذا هم العبد بحسنة فاح من فيه رآئحة المسك فيعلمون ذلك فيكتبونها حسنة فاذا هم بسيئة استقر عليها قلبه فاح منه ريح النتن ففى كل شى شواهد الا ترى ان الحارث بن اسد المحاسبى رحمه الله كان اذا قدم له طعام فيه شبهة ضرب عرقه على اصبعه وكأم ابى يزيد اليسطامى رحمهما الله ما دامت حاملا بأبى يزيد لا تمتد يدها الى طعام حرام وآخر ينادى ويقال له تورع وآخر يأخذه الغثيان وآخر يصير الطعام امامه دما وآخر يرى عليه سوادا وآخر يراه خنزيرا الى امثال هذه المعاملات التى خص الله بها اولياءه واصفياءه فعليك بالمراقبة مع الله والورع فى المنطق فانه من الحكمة وهل يكب الناس على مناخرهم فى النار الا حصائد ألسنتهم قال مالك بن انس رضى الله عنه من عد كلامه من عمله قل كلامه والتزم اربعة الدعاء للمسلمين بظهر الغيب وسلامة الصدر وخدمة الفقرآء وكان مع كل احد على نفسه قال بعض الكبار أنصت لحديث الجليس ما لم يكن هجرا فان كان هجرا فانصحه فى الله ان علمت منه القبول بألطف النصح والا فاعتذر فى الانفصال فان كان ما جاء به حسنا فحسن الاستماع ولا تقطع عليه حديثه(13/451)
سخن را سرست اى خردمندوبن مياور سخن درميان سخن خداوند تدبير وفرهنك وهوش نكويت سخن تانبيند خموش(13/452)
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)
{ ولنبلونكم } بالامر بالقتال ونحوه من التكاليف الشاقة اعلاما لا استعلاما او نعاملكم معاملة المختبر ليكون ابلغ فى اظهار العذاب { حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين } على مشاق الجهاد علما فعليا يتعلق به الجزاء وقد سبق تحقيق المقام بما لا مزيد عليه من الكلام { ونبلوا أخباركم } الاخبار بمعنى المخبر بها اى ما يخبر به عن اعمالكم فيظهر حسنها وقبحها لان الخبر على حسب المخبر عنه ان حسنا فحسن وان قبيحا فقبيح ففيه اشارة الى ان بلاء الاخبار كناية عن بلاء الاعمال ( قال الكاشفى ) تامى ازماييم خبرها شماراكه ميكوييد درايمان يعنى تاصدق وكذب آن همه را آشكارا شود
وكان الفضيل رحمه الله اذا قرأ هذه الآية بكى وقال اللهم لا تبلنا فانك ان بلوتنا هتكت استارنا وفضحتنا وفيه اشارة الى انه بنار البلاء يخلص ابريز الولاء قيل البلاء للولاء كاللهب للذهب فان بالابتلاء والامتحان تبين جواهر الرجال فيظهر المخلص ويفتضح المنافق وعند الامتحان يكرم الرجل او يهان والله تعالى علم بخصائص جواهر الانسان من الازل الى الابد لانه خلقها على اوصافها من السعادة والشقاوة الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير وبتغير أحوال الجواهر فى الازمان المختلفة لا يتغير علم الله فانه تعالى يراهم فى حالة واحدة وتغيرات الاحوال كلها كما هى بحيث لا يشغله حالة عن حالة وانما يبلو للاعلام والكشف عن حقيقة الحال قال بعض الكبار العارفون يعرفون بالابصار ما تعرفه الناس بالبصائر ويعرفون بالبصائر ما لم يدرك احد فى النادر ومع ذلك فلا يأمنون على نفوسهم من نفوسهم فكيف يأمنون على نفوسهم من مقدورات ربهم مما يقطع الظهور وكان الشيخ عبد القادر الجيلى قدس سره يقول اعطانى الله تعالى ثلاثين عهدا وميثاقا ان لا يمكر بى فقيل له فهل امنت مكره بعد ذلك فقال حالى بعد ذلك كحالى قبل العهد والله عزيز حكيم فاذا كان حال العارف الواقف هكذا فما حال الجاهل الغافل فلا بد من اليقظة
بر غفلت سياه دلان خنده مى زند غافل مشو زخنده دندان نماى صبح(13/453)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32)
{ ان الذين كفروا وصدوا } اى منعوا الناس { عن سبيل الله } اى عن دين الاسلام الموصل الى رضى الله تعالى { وشاقوا الرسول } وعادوه وخالفوه وصارو فى شق غير شقه والمخالفة اصل كل شر الى يوم القيامة { من بعدما تبين لهم الهدى } بما شاهدوا نعته عليه السلام فى التوراة وبما ظهر على يديه من المعجزات ونزل عليه من الآيات وهم قريضة والنضير أو المطعمون يوم بدر وهم رؤساء قريش { لن يضروا الله } بكفرهم وصدهم { شيأ } من الاشياء يعنى زيانى نتواند رسانيد خدا يرا جيزى يعنى از كفر ايشان اثر ضررى بدين خداى وبيغمبر او نرسد بلكه شرر آن شر بديشان عائد كردد
او شيأ من الضرر او لن يضروا رسول الله بمشاقته شيأ وقد حذف المضاف لتعظيمه وتفظيع مشاقته { وسيحبط } السين لمجرد التأكيد { اعمالهم } اى مكايدهم التى نصبوها فى ابطال دينه تعالى ومشاقة رسوله فلا يصلون بها الى ما كانوا يبغون من الغوائل ولا يتم لهم الا القتل كما لقريظة واكثر المطعمين ببدر والجلاء عن اوطانهم كما للنضير(13/454)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)
{ يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول } فى العقائد والشرائع كلها فلا تشاقوا الله ورسوله فى شئ منها { ولا تبطلوا اعمالكم } اى بمثل ما ابطل به هؤلاء اعمالهم من الكفر والنفاق والرياء والمن والاذى والعجب وغيرها وفى الحديث « ان العجب يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب »
درهر عملى كه عجب ره يافت رويش زره قبول برتافت اى كشته بكار خويش مغرور وزدركه قرب كشته مهجور تاجند زعجب وخود نمايى وزدبدبه منى ومايى معجب مشو از طريق تلبيس كز عجب بجه فتاد ابليس وليس فيه دليل على احباط الطاعات بالكبائر على ما زعمت المعتزلة والخوارج فان جمهورهم على ان بكبيرة واحدة تحبط جميع الطاعات حتى ان من عبد الله طول عمره ثم شرب جرعة من خمر فهو كمن لم يعبده قط وفى الآية اشارة الى ان كل عمل وطاعة لم يكن بامر الله وسنة رسوله فهو باطل لم يكن له ثمرة لانه صدر عن الطبع والطبع ظلمانى وانما جاء لشرع وهو نورانى ليزيل ظلمة الطبع بنور الشرع فيكون مثمرا وثمرته ان يخرجكم من الظلمات الى النور أى من ظلمات الطبع الى نور الحق فعليك بالاطاعة واستعمال الشريعة واياك والمخالفة والاهمال
نقلست كه احمد حنبل وشافعى رضى الله عنهما نشتسه بودند حبيب عجمى از كوشه درآمد احمد كفت من اورا سؤالى كنم شافعى كفت ايشانرا سؤال نشايد كردكه ايشان قومى عجب باشند احمد كفت جاره نيست جون حبيب فرا رسيد احمد كفت جه كويى درحق كسى كه ازين بنج نمازيكى ازو فوت شده است ونمى داندكه كدامست حبيب كفت هذا قلب غفل عن الله فليؤدب يعنى اين دل كسى بودكه ازخداوند غافل بود اورا ادب بايد كرد درجواب اومتحير شد شافعى كفت نكفتم كه ايشانرا شؤال نشايد كرد والجواب فى الشريعة ان يقضى صلاة ذلك اليوم فالتى توافقها تكون قضاء لها والبواقى من النوافل نسأل الله الاطاعة والانقياد فى كل حال على الاطراد(13/455)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34)
{ ان الذين كفروا } بالله تعالى ورسوله { وصدوا } الناس { عن سبيل الله } الموصل الى رضاه { ثم ماتوا } وفارقوا الدنيا { وهم كفار } الواو للحال { فلن يغفر الله لهم } فى الآخرة لانهم ماتوا على الكفر فيحشرون على ما ماتوا عليه كما ورد تموتون كما تعيشون وتحشرون كما تموتون وهو حكم يعم كل من مات على الكفر وان صح نزوله فى اصحاب القليب وهو كأمير البئر او لعادية القديمة منها كما فى القاموس والمراد البئر التى طرح فيها جيف الكفار المقتولين يوم بدر واما البئر التى سقى منه المشركون ذلك اليوم وهى بئر لماء فهى منتنة الآن سمعته من بعض اهل بدر حين مرورى بها(13/456)
فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)
{ فلا تهنو } من الوهن وهو الضعف والفاء فصيحة اى اذا تبين لكم بما يتلى عليكم ان الله عدوهم يبطل اعمالهم فلا يغفر لهم فلا تهنوا اى لا تضعفوا فان من كان الله عليه لا يفلح { وتدعوا الى السلم } مجزوم بالعطف على تهنوا والسلم بفتح السين وكسرها لغتان بمنى الصلح اى ولا تدعوا الكفار الى الصلح فورا فان ذلك فيه ذلة يعنى طلب صلح مكنيد از ايشان نشانه ضعف وتذلل شما بود { وانتم الاعلون } جمع الاعلى بمنى الاغلب اصله اعليون فكرهوا الجمع بين اخت الكسرة والضمة اى الاغلبون وقال الكلبى آخر الامر لكم وان غلبوكم فى بعض الاوقات وهى جملة حالية مقررة لمعنى النهى مؤكدة لوجوب الانتهاء وكذا قوله تعالى { والله معكم } فان كونهم الاغلبين وكونه تعالى معهم اى ناصرهم فى الدارين من اقوى موجبات الاجتناب عما يوهم الذل والضراعة وكذا توفيته تعالى لأجور الاعمال حسبما يعرب عنه قوله تعالى { ولن يتركم اعمالكم } الوتركم وضائع كردن اى ولن يضيعها من وترت الرجل اذا قتلت له قتيلا من ولد او أخ او حميم فافردته منه من الوتر الذى هو الفرد وفى القاموس وتر الرجل افزعه وادركه بمكروه ووتره ماله نقصه اياه انتهى وعبر عن ترك الاثابة فى مقابلة الاعمال بالوتر الذى هو اضاعة شئ معتد به من الانفس والاموال مع ان الاعمال غير موجبة للثواب على قاعدة اهل السنة ابراز لغاية اللطف بتصوير الصواب بصورة الحق المستحق وتنزيل ترك الاثابة بمنزل اضاعة اعظم الحقوق واتلافها وفى الحديث القدسى « انما هى اعمالكم ثم اؤديكم اياها » وهى ضمير القصة يعنى ما جزاء اعمالكم الا محفوظ عندى لاجلكم ثم اؤديها اليكم وافية كاملة وعن ابى ذر رضى الله عنه رفعه يقول الله تعالى انى حرمت الظلم على نفسى وحرمته على عبادى فلا تظالموا فاذا كان الله منزها عن الظلم ونقص جزاء الاعمال فليطلب العبد نفسا بل لا ينبغى له ان يطلب الاجر لان الله تعالى اكرم الاكرمين فيعطيه فوق مطلوبه
توبندكى جو كدايان بشرط مزدمكن كه دوست خود روش بنده برورى داند ( وفى المثنوى ) عاشقانرا شادمانى وغم اوست دست مزد واجرت خدمت هم اوست غير معشوق از تماشايى بود عشق نبود هرزه سودايى بود عشق آن شعله است كوجون بر فروخت هرجه جز معشوق باقى جمله سوخت
قال ابو الليث رحمه الله فى تفسيره وفى الآية دليل على ان ايدى المسلمين اذا كانت عالية على المشركين لا ينبغى ان يجيبوهم الى الصلح لان فيه ترك الجهاد وان لم تكن يدهم عالية فلا بأس بالصلح لقوله تعالى { وان جنحوا للسلم فاجنح لها }(13/457)
اى ان مالوا الى الصلح فمل اليه وكذا قال غيره هذا نهى للمسلمين عن طلب صلح الكافرين قالوا وهو دليل على انه عليه السلام لم يدخل مكة صلحا لانه نهى عن الصلح وكذا قال الحدادى فى تفسيره فى سورة النساء لا يجوز مهادنة الكفار وترك احد منهم على الكفر من غير جزية اذا كان بالمسلمين قوة على القتال واما اذا عجزوا عن مقاومتهم وخافوا على انفسهم وذراريهم جاز لهم مهادنة العدو من غير جزية يؤدونها اليهم لان حظر الموادعة كان بسبب القوة فاذا زال السبب زال الحظر انتهى والجمهور على ان مكة فتحت عنوة اى قهرا لا صلحا لوقوع القتال بها ولو كان صلحا لما قال عليه السلام « من دخل دار أبى سفيان فهو آمن » الى آخر الحديث(13/458)
إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36)
{ انما الحياة الدنيا } عند اهل البصيرة { لعب ولهو } باطل وغرور لا اعتبار بها ولا ثبات لها الا اياما قلائل وبالفارسية جزاين نيست كه زندكانئ دنيا بازيست نابايدار ومشغولى بىعتبار يقال لعب فلان اذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا واللهو ما يشغل الانسان عما يعنيه ويهمه وفى الخبر « ان الله تعالى خلق ملكا وهو يمد لا اله من اول الدنيا فاذا قال الا الله قامت القيامة » وفيه اشارة الى ان الدنيا وما فيها من اولها الى آخرها لا وجود لها فى الحقيقة وانما هى امر عارض زائل والله هو الازلى الابدى { وان تؤمنوا } ايها الناس بما يجب به الايمان { وتتقوا } عن الكفر والمعاصى { يؤتكم اجوركم } اى ثواب ايمانكم وتقواكم من الباقيات الصالحات التى يتنافس فيها المتنافسون وفى الآية حث على طلب الآخرة العلية الباقية وتنفير عن طلب الدنيا الدنية الفانية
مكن تكيه بر ملك وجاه وحشم كه بيش ازتو بودست وبعدازتوهم بدنيا توانىكه عقبى خرى بخرجان من ورنه حسرت خورى { ولا يسألكم } اى الله تعالى { اموالكم } الجمع المضاف من صيغ العموم فالمراد جميع اموالكم بحيث يخل ادآؤها بمعاشكم وانما اقتصر على شئ قليل منها وهو ربع العشر تؤدونها الى فقرآئكم فطيبوا بها نفسا(13/459)
إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37)
{ ان يسألكموها } اى اموالكم { فيحفكم } اى يجهدكم بطلب الكل وبالفارسية بس مبالغه كند درخواستن يعنى كويد همه ارا نفقه كنيد
وذلك فان الاحفاء والالحاف المبالغة وبلوغ الغاية يقال احفى شاربه اى استأسله اى قطعه من أصله { تبخلوا } بها فلا تعطوا { ويخرج } اى الله تعالى ويعضده القرآءة بنون العظمة أو البخل لانه سبب الاضغان { اضغانكم } اى احقادكم وقد سبق تفسيره فى هذه السورة قال فى عين المعانى اى يظهر اضغانكم عند الامتناع وقال قتادة علم الله ان ابن آدم ينقم ممن يريد ماله ويقال ويخرج ما فى قلوبكم من حب المال وهذه المرتبة لمن يوقى شح نفسه فاما الاحرار عن رق الكونين ومن علت رتبتهم فى طلب الحق فلا يسامحون فى استبقاء ذرة ويطالبون ببذل الروح والتزام الغرامات فان المكاتب عبد ما بقى عليه درهم(13/460)
هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)
{ ها انتم } ها تنبيه بمعنى آكاه باشيد وكوش داريد
وانتم كلمة على حدة وهو مبتدأ خبره قوله { هؤلاء } اى انتم ايها المخاطبون هؤلاء الموصوفون يعنى فى قوله تعالى { ان يسألكموها } الآية { تدعون لتنفقوا فى سبيل الله } استئناف مقرر لذلك حيث دل على انهم يدعون لانفاق بعض اموالهم فى سبيل الله فيبخل ناس منهم او صلة لهؤلاء على انه بمعنى الذين اى هاأنتم الذين تدعون ففيه توبيخ عظيم وتحقير من شأنهم والانفاق فى سبيل الله يعم نفقة الغزو والزكاة وغيرهما { فمنكم من يبخل } بالرفع لان من هذه ليس بشرط اى ناس يبخلون وهو فى حيز الدليل على الشرطية الثانية كأنه قيل الدليل عليه انكم تدعون الى اداء ربع العشر فمنكم ناس يبخلون به { ومن يبخل } بالجزم لان من شرط { فانما يبخل عن نفسه } فان كلا من نفع الانفاق وضرر البخل عائد اليه والبخل يستعمل بعن وعلى لتضمنه معنى الامساك والتعدى اى فانما يمسك الخير عن نفسه بالبخل { والله الغنى } عنكم وعن صدقاتكم دون من عداه { وانتم الفقراء } اليه والى ما عنده من الخير فما يأمركم به فهو لاحتياجكم الى ما فيه من المنافع فان امتثلتم فلكم وان توليتم فعليكم قال الجنيد قدس سره الفقر يليق بالعبودية والغنى يليق بالربوبية ويلزم الفقر من الفقر ايضا وهو الغنى التام ولذلك قال ابن مشيش للشيخ ابى الحسن الشاذلى قدس الله سرهما لئن لقيته بفقرك لتلقينه بالصنم الاعظم وبتمام الفقر يصح الغنى عن الغير فيكون متخلقا بالغنى وفى التأويلات النجمية والله الغنى لذاته بذاته ومن غناه تمكنه من تنفيذ مراده واستغناؤه عما سواه وانتم الفقرآء الى الله فى الابتداء ليخلقكم وفى الوسط ليربيكم وفى الانتهاء ليغنيكم عن انانيتكم ويبقيكم بهويته فالله غنى عنكم من الازل الى الابد وانتم الفقراء محتاجون اليه من الازل الى الابد
مراورا رسد كبريا ومنى كه ملكش قديمست وذاتش غنى
ولما كان الله غنيا جوادا احب ان يتخلق عباده بأخلاقه فأمرهم بالبذل والانفاق فان السخاء سائق الى الجنة والرضى والقربة
درخبرست كه خالد بن وليد ازسفرى بازآمد ازجانب روم وجماعت ازايشان اسير آورده رسول عليه السلام برايشان اسلام عرضه كرد قبول نكردند بفرمود تاجندكس را ازايشان بكشتند بآخر جوانىرا بياوردندكه اورابكشند خالد ميكويد تيغ بر كشيدم تابزنم رسول عليه السلام كفت آن يكى رامزان يا خالد كفتم يا رسول الله درميان اين قوم هيج كس دركفر قوى ترازين جوان نبوده است رسول فرمود جبريل امده وميكويدكه اين يكى رامكش كه اودرميان قوم خويش جوانمرد بوده است وجوانمردرا كشتن روانيست آن جوان كفت جه بوده است كه مرابياران خود نرسانيديد كفتند درحق تووحى آمده است اى بشيرترا درين سراى باكافر جوانمرد عتاب نيست ومارا دران سراى بامؤمن جوانمرد حساب نيست آن جوان كفت اكنون بدانستم كه دين شما حقست وراست ايمان برمن عرضه كنيدكه ازجوانمردى من جز قوم من خبرنداشتند اكنون يقين همى دانم كه اين سيد راست كويست اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله بس رسول خدا فرمودكه آن جوانمرد خلعت ايمان ببركت جوانمردى يافت جوانمرد اكر راست خواعى وليست كرم بيشه شاه مردان عليست { وان تتولوا } عطف على ان تؤمنوا اى وان تعرضوا عن الايمان والتقوى وعما دعاكم اليه ورغبكم فيه من الانفاق فى سبيله { يستبدل قوما غيركم } اى يذهبكم ويخلق مكانكم قوما آخرين { ثم لا يكونوا امثالكم } فى التولى عن الايمان والتقوى والانفاق بل يكونوا راغبين فيها وكلمة ثم للدلالة على ان مدخولها مما يستبعده المخاطب لتقارب الناس فى الاحوال واشتراك الجل فى الميل الى المال والخطاب فى تتولوا لقريش والبدل الانصار وهذا كقوله تعالى(13/461)
{ فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين } او للعرب والبدل العجم وأهل فارس كما روى انه عليه السلام سئل عن القوم وكان سلمان الى جنبه فضرب على فخذه فقال « هذا وقومه والذى نفسى بيده لو كان الايمان منوطا بالثريا » اى معلقا بالنجم المعروف « لتناوله رجال من فارس » فدل على انهم الفرس الذين اسلموا وفيه فضيلة لهذه القبيلة وفى الحديث « خيرتان من خلقه فى ارضه قريش خيرة الله من العرب وفارس خيرة الله من العجم » كما فى كشف الاسرار
ودر لباب آورده كه ابو الدردآء رضى الله عنه بعد از قرائت اين آيت مى كفت ابشروا يا بنى فروخ ومراد بارسيانند
قال فى القاموس فروخ كتنور اخو اسماعيل واسحق ابو العجم الذين فى وسط البلاد انتهى وفيه اشارة الى منقبة قوم يعرفون بخواجكان ونحوهم من كبار اهل الفرس وعظماء اهل الله منهم وهم كثيرون ومنهم الشيخ سعدى الشيرازى وقد تقطب من الفجر الى الظهر ثم تركه باختياره على ما فى الواقعات المحمودية ثم هذا يدل على ان الله تعالى قد استبدل باولئك الكفار غيرهم من المؤمنين وقيل معناه وان تتولوا كلكم عن الايمان فحينئذ يستبدل غيركم قال تعالى { ولولا ان يكون الناس امة واحدة } الآية قال بعضهم لا يستقر على حقيقة بساط العبودية الا أهل السعادة ألا تراه يقول وان تتولوا الآية وفى الآية اشارة الى ان الانسان خلق ملولا غير ثابت فى طلب الحق تعالى وان من خواصهم من يرغب فى طلب الحق بالجد والاجتهاد من حسن استعداده الروحانى ثم فى اثناء السلوك بمجاهدة النفس ومخالفة هواها بظمأ النهار وسهر الليل تمل النفس من مكايدة الشيطان وطلب الرحمة فيتولى عن الطلب بالخذلان ويبتلى بالكفران ان لم يكن معانا بجذبة العناية وحسن الرعاية فالله تعالى قادر على ان يستبدل به قوما آخرين فى الطلب صادقين وعلى قدم العبودية ثابتين وقد داركتهم جذبات العناية موفقين للهداية وهم اشد رغبة واعز رهبة منكم ثم لا يكونوا امثالكم فى الاعراض بعد الاقبال والانكار بعد الاقرار وترك الشكر والثناء بل يكونوا خيرا منكم فى جميع الاحوال اظهارا للقدرة على ما يشاء والحكمة فيما يشاء كذا فى التأويلات النجمية(13/462)
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)
{ إنا فتحنا } فتح البلد عبارة عن الظفر به عنوة او صلحا بحرب او بدونه فانه ما لم يظفر منغلق مأخوذ من فتح باب الدار قال فى عين المعانى الفتح هو الفرج المزيل للهم لان المطلوب كالمنغلق فاذا نيل انفتح وفى المفردات الفتح ازالة الاغلاق والاشكال وذلك ضربان احدهما يدرك باليصر نحو فتح الباب والغلق والغفل والمتاع نحو قوله ولما فتحوا متاعهم والثانى ما يدرك بالبصيرة كفتح الهم وهو ازالة الغم وذلك ضربان احدهما فى الامور الدنيوية كغم يفرج وفقر يزال باعطاء المال ونحوه والثانى فتح المستغلق من العلوم نحو قولك فلان فتح من العلم بابا مغلقا انتهى واسناده الى نون العظمة لاستناد افعال العباد اليه تعالى خلقا وايجادا والمراد فتح مكة وهو المروى عن انس رضى الله عنه بشربه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انصرافه من الحديبية والتعبير عنه بصيغة الماضى على سنن سائر الاخبار الربانية للايذان تحققه لا محاله تأكيدا للتبشير كما ان تصدير الكلام بحرف التحقيق كذلك وفيه من الفخامة المنبثة عن عظمة شأن المخبر جل جلاله وعز سلطانه ما لا يخفى وحذف المفعول للقصد الى نفس الفعل والايذان بان مناط التبشير نفس الفتح الصادر عنه سبحانه لا خصوصية المفتوح قال الامام الراغب انا فتحنا لك يقال عنى فتح مكة ويقال بل عنى ما فتح على النبى عليه السلام من العلوم والهدايات التى هى ذريعة الى الثواب والمقام المحمود التى صارت سببا لغفران ذنوبه انتهى وسيجيء غير هذا { فتحا مبينا } اى بينا ظاهر الامر مكشوف الحال او فارقا بين الحق والباطل وقال بعضهم المراد بالفتح المبين هو الصلح مع قريش فى غزوة الحديبية وهى كدوهية وقد تشدد بئر قرب مكة حرسها الله تعالى او شجرة حدباء كانت هنالك كما فى القاموس سمى المكان باسمها و سببها انه صلى الله تعالى عليه وسلم رأى فى المنام انه دخل البيت واخذ مفتاحه وطاف هو واصحابه واعتمر واخبر بذلك اصحابه ففرحوا ثم اخبر اصحابه انه يريد الخروج للعمرة فتجهزوا للسفر وخرج عليه السلام بعد ان اغتسل ببيته ولبس ثوبين وركب راحلته القصوى من عند بابه ومعه ألف وأربعمائة من المسلمين على الصحسح وابطأ عليه كثير من اهل البوادى خشية قريش وساق عليه السلام معه الهدى سبعين بدنة وكان خروجه يوم الاثنين غرة ذى القعدة من السنة السادسة من الهجرة فلما وصل الى ذى الحليفة وهو ميقات المدنيين صلى بالمسجد الذى ركعتين واحرم بالعمرة واحرم معه غالب اصحابه ومنهم من لم يحرم الا من الجحفة وهو ميقات اهل الشام وانما خرج معتمراليأ من اهل مكة ومن حولها من حربه وليعلموا انه عليه السلام انما خرج زآئر للبيت فلما كان الاصحاب فى بعض المحال اقبلوا نحوه عليه السلام وكان بين يديه ركوة يتوضأ منها فقال(13/463)
« مالكم » فقالوا يا رسول الله ليس عندنا ماء نشرب ولا ماء نتوضأ منه الا فى ركوتك فوضع رسول الله يده فى الركوة فجعل الماء يفور من بين اصابعه الشريفة امثال العيون فشربوا وتوضأوا حتى قال جابر رضى الله عنه لو كنا مائة الف لكفانا وهو اعجب من نبع الماء لموسى عليه السلام من الحجر فان نبعه من الحجر متعارف معهود واما من بين اللحم والدم فلم يعهد وانما لم يخرجه عليه السلام بغير ملامسة ماء تأدبا مع الله لانه المنفرد بابداع المعدومات من غير اصل وارسل عليه السلام بشر بن سفيان الى مكة عيناله فلما كانوا بعسفان جاء وقال يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بخروجك فلبسوا جلود النمراى اظهروا العداوة والحقد والتنفروا من اطاعهم من الا حابيش وهى قبيلة عظيمة من العرب ومعهم زادهم ونساؤهم واولادهم ليكون ادعى لعدم الفرار وقد نزلوا بذى طوى وهو موضع بمكة مثلث الطاء ويصرف كما فى القاموس يعاهدون الله ان لا ندخلها عليهم عنوة ابدا فقال عليه السلام « اشيروا على ايها الناس اتريدون ان نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه » وقال المقداد يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنوا اسرائيل لموسى عليه السلام اذهب انت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون ولكن اذهب انت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون فقال عليه السلام « فامضوا على اسم الله » فساروا ثم قال « هل من رجل يخرجنا عن طريق الى غير طريقهم التى هم بها » فقال رجل من اسلم وهو ناجية بن جندب انا يا رسول الله فسلك بهم طريقا وعرائم افضوا الى ارض سهلة ثم امر رسول الله ان يسلكوا طريقا يخرجهم على مهبط الحديبية من اسفل مكة فسلكوا ذلك الطريق فلما نزلوا بالحديبية نزح ماؤها حتى لم يبق فيها قطرة ماء فاشتكى الناس الى رسول الله العطش وكان الحر شديدا فاخرج عليه السلام سهما من كنانته ودفعه الى البرآء بن عازب وامره ان يغرزه في جوف البئر او تمضمض رسول الله ثم مجه فى البئر فجاش الماء ثم امتلأت البئر فشربوا جميعا ورويت ابلهم وفى التفاسير ولم ينفد ماؤها بعد وفى انسان العيون فلما ارتحلوا من الحديبية اخذ البرآء السهم فجف الماء كان لم يكن هناك شئ فلما اطمأن رسول الله بالحديبية اتاه بديل بن ورقاء وكان سيد قومه فسأله ما الذى جاء به فاخبره انه لم يأت يريد حربا انما جاء زآئرا للبيت فلما رجع الى قريش لم يستمعوا وارسلوا الحليس بن علقمة وكان سيد الاحابيش فلم يعتمدوا عليه ايضا وارسلوا عروة بن مسعود الثقفى عظيم الطائف ومتمول العرب ولما قام عروة بالخبر من عنده عليه السلام وقد رأى ما يصنع به اصحابه لا يغسل يديه الا ابتدروا وضوءه اى كادوا يعتتلون عليه ولا يبصق بصاقا الا ابتدروه اى يدلك به من وقع فى يده وجهه وجلده ولا يسقط من شعره شئ الا اخذوه واذا تكلم خفضوا اصواتهم عنده ولا يحدون النظر اليه تعظيما له فقال يا معشر قريش انى جئت كسرى فى ملكه وقيصر فى ملكه والنجاشى فى ملكه والله ما رأيت ملكا فى قوم قط مثل محمد فى اصحابه اخاف ان لا تنصروا عليه فقالت له قريش لا تتكلم بهذا يا ابا يعفور ولكن نرده عامنا هذا ويرجع من قابل فقال ما اراكم الا ستصيبكم قارعة ثم انصرف هو ومن معه الى الطائف واسلم بعد ذلك ودعا عليه السلام خراش بن امية الخزاعى فبعثه الى قريش وحمله عليه السلام على بعير له يقال له الثعلب ليبلغ اشرافهم عنه ما جاء له فعقر واجمل رسول الله وارادو اقتل خراش فمنعه الاحابيش فخلوا سبيله حتى اتى رسول الله واخبره بما لقى ثم دعا رسول الله عمر بن الخطاب رضى الله عنه ليبلغ عنه اشراف قريش ما جاء له فقال يا رسول الله انى اخاف قريشا على نفسى وما بمكة من نبى عدى ابن كعب احد يمنعنى وقد عرفت قريش عداوتى اياها وغلظتى عليها ولكن ادلك على رجل اعز بها منى عثمان بن عفان رضى الله عنه فان بنى عمه يمنعونه فدا عليه السلام عثمان فبعثه الى اشراف قريش يخبرهم بالخبر وامر عليه السلام عثمان ان يأتى رجالا مسلمين بمكة ونساء مسلمات ويدخل عليهم ويخبرهم ان الله قرب ان يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالايمان فخرج عثمان رضى الله عنه الى مكة ومعه عشرة رجال من الصحابة باذن رسول الله ليزوروا اهاليهم هناك فلقى عثمان قبل أن يدخل مكة ابان ابن سعيد فاجازه حتى يبلغ رسالة رسول الله وجعله بين يديه فاتى عظماء قريش فبلغهم الرسالة وهم يرددون عليه ان محمدا لا يدخل علينا ابدا فلما فرغ عثمان من تبليغ الرسالة قالوا له ان شئت فطف بالبيت فقال ما كنت لا أفعل حتى يطوف رسول الله وكانت قريش قد احتبست عثمان عندها ثلاثة ايام فبلغ رسول الله ان عثمان قد قتل وكذا من معه من العشرة فقال عليه السلام(13/464)
« لا نبرح حتى نناجز القوم » اى نقاتلهم فامره الله بالبيعة فنادى مناديه ايها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس فاخرجوا على اسم الله فثاروا الى رسول الله وهو تحت شجرة من اشجار السمر بضم الميم شجر معروف فبايعوه على عدم الفرار وانه اما الفتح واما الشهادة وبايع عليه السلام عن عثمان اى على تقدير عدم صحة القول بقتله فوضع يده اليمنى على يده اليسرى وقال(13/465)
« اللهم ان هذه عن عثمان فانه فى حاجتك وحاجة رسولك » وسيجيء معنى المبايعة وقيل لها بيعة الرضوان لان الله تعالى رضى عنهم وقال عليه السلام لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة وقال ايضا لا يدخل النار من شهد بدر او الحديبية واول من بايع سنان بن ابى سنان الاسدى فقال للنبى عليه السلام ابايعك على ما فى نفسك قال وما فى نفسى قال اضرب بسيفى بين يديك حتى يظهرك الله او اقتل وصار الناس يقولون نبايعك على ما بايعك عليه سنان ( روى ) ان عثمان رضى الله عنه رجع بعد ثلاثة ايام فبايع هو ايضا وكان محمد بن مسلمة على حرس رسول الله فبعث قريش اربعين رجلا عليهم مكرز بن حفص ليطوفوا بعسكر رسول الله ليلا رجاء أن يصيبوا منهم احدا ويجدوا منهم غرة اى غفلة فاخذهم محمد بن مسلمة الا مكرزا فانه افلت واتى بهم الى رسول الله فحبسوا وبلغ قريشا حبس اصحابهم فجاء جمع منهم حتى رموا المسلمين بالنبل والحجارة وقتل من المسلمين ابن رسم رمى بسهم فاسر المسلمون منهم اثنى عشر رجلا وعند ذلك بعثت قريش الى رسول الله جمعافيهم سهيل بن عمرو فلما رآه عليه السلام قال لاصحابه « سهل امركم » وكان يحب الفأل بمثل هذا فقال سهيل يا محمد ان ما كان من حبس اصحابك اى عثمان والعشرة وما كان من قتال من قاتلك لم يكن من رأى ذوى رأينا بل كنا كارهين له حين بلغنا ولم نعلم وكان من سفهائنا فابعث الينا من اصحابنا الذين اسروا اولا وثانيا فقال عليه السلام « انى غير مرسلهم حتى ترسلوا اصحابى » فقالوا نفعل فبعث سهيل ومن معه الى قريش بذلك فبعثوا من كان عندهم وهو عثمان والعشرة فارسل رسول الله اصحابهم ولما علمت قريش بهذه البيعة كبرت عليهم وخافوا أن يحاربوا واشار اهل الرأى بالصلح على أن يرجع ويعود من قابل فيقيم ثلاثا فبعثوا سهيل بن عمر وثانيا ومعه مكرز بن حفص وحويط بن عبد العزى الى رسول الله ليصالحه على ان يرجع من علمه هذا لئلا يتحدث العرب بأنه دخل عنوة ويعود من قابل فلما رآه عليه السلام مقبلا قال « اراد القوم الصلح حيث بعثوا هذا الرجل » اى ثانيا فالتأم الامر بينهم على الصلح وان كان بعض الاصحاب لم يرضوا به فى اول الامر حتى قالوا علام نعطى الدنية بفتح الدال وكسر النون وتشديد الياء النقيصة والخصلة المذمومة فى ديننا وهم مشركون ونحن مسلمون فأشار عليه السلام بالرضى ومتابعة الرسول ثم دعا عليه السلام عليا فقال(13/466)
« اكتب بسم الله الرحمن الرحيم » فقال سهيل لا اعرف هذا اى الرحمن الرحيم ولكن اكتب باسمك اللهم فكتبها لان قريشا كانت تقولها ثم قال رسول الله « اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو » فقال سهيل لو شهدت انك رسول الله لم اقاتلك ولم اصدك عن البيت ولكن اكتب اسمك واسم ابيك فقال عليه السلام لعلى رضى الله عنه « امح رسول الله » فقال والله ما امحوك ابدا فقال « ارنيه » فأراه اياه فمحاه رسول الله بيده الشريفة وقال « اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو » وقال « انا والله رسول الله وان كذبتمونى وانا محمد بن عبد الله » وكان الصلح على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيه الناس ويكف بعضهم عن بعض ومن أتى محمدا من قريش ممن هو على دين محمد بغير اذن وليه رده اليه ذكرا كان او انثى ومن اتى قريشا ممن كان مع محمد اى مرتدا ذاكرا كان او انثى لم ترده اليه وسبب الاول ان فى رد المسلم الى مكة عمارة للبيت وزيادة خير له فى الصلوة بالمسجد الحرام والطواف بالبيت فكان هذا من تعظيم حرمات الله وسبب الثانى انه ليس من المسلمين فلا حاجة الى رده وشرطوا انه من احب أن يدخل فى عقد محمد وعهده دخل فيه ومن احب أن يدخل فى عقد قريش وعهدهم دخل فيه وان بيننا وبينكم عيبة مكفوفة اى صدورا منطوية على ما فيها لا تبدى عداوة بل منطوية على الوفاء بالصلح وانه لا اسلال ولا اغلال اى لا سرقة ولا خيانة قال سهيل وانك ترجع عامك هذا فلا تدخل مكة وانه اذا كان عام قابل خرج منها قريش فدخلتاه باصحابك فأقمت بها ثلاثة ايام معك سلاح الراكب السيوف فى القرب والقوس لا تدخلها بغيرهما وكان المسلمون لا يشكون فى دخولهم مكة وطوافهم بالبيت ذلك العام للرؤيا التى رآها رسول الله فلما رأوا الصلح وما تحمله رسول الله فى نفسه دخلهم من ذلك امر عظيم حتى كادوا يهلكون خصوصا من اشتراط ان يرد الى المشركين من جاء مسلما منهم وكانت بيعة الرضوان قبل الصلح وانها السبب الباعث لقريش عليه ولما فرغ رسول الله من الصلح واشهد عليه رجالا من المسلمين قام الى هديه فنحره وفرق لحم الهدى على الفقرآء الذين حضروا الحديبية وفى رواية بعث الى مكة عشرين بدنة مع ناجية رضى الله عنه حتى نحرت بالمروة وقسم لحمها على فقراء مكة ثم جلس رسول الله فى قبة من اديم احمر فحلق رأسه خداش الذى بعث الى قريش كما تقدم ورمى شعره على شجرة فاخذه الناس تبركا وأخذت ام عمارة رضى الله عنها طاقات منه فكانت تغسلها للمريض وتسقيه فيبرأ باذن الله تعالى فلما رأوا رسول الله قد نحر رافعا صوته باسم الله والله اكبرو حلق تواثبوا ينحرون ويحلقون وقصر بعضهم كعثمان وابى قتاده رضى الله عنهما وقال عليه السلام(13/467)
« اللهم ارحم المحلقين دون المقصرين » قال لانهم لم يرجوا أن يطوفوا بالبيت بخلاف المقصرين اى لان الظاهر من حالهم انهم اخروا بقية شعورهم رجاء أن يحلقوا بعد طوافهم وارسل الله ريحا عاصفة احتملت شعورهم فألقتها فى قرب الحرم وان كان اكثر الحديبية فى الحرم فاستبشروا بقبول عمرتهم واقام عليه السلام بالجديبية تسعة عشر او عشرين يوما ثم انصرف قافلا الى المدينة فلما كان بين الحرمين وأتى بكراع الغميم على ما فى انسان العيون وغيره انزلت عليه سورة الفتح وحصل للناس مجاعة هموا أن ينحروا ظهورهم فقال عليه السلام « ابسطوا انطاعكم وعباءكم » ففعلوا ثم قال « من كان عنده بقية من زاد او طعام فلينشره » ودعا لهم ثم قال « قربوا اوعيتكم فأخذوا ما شاء الله » وحشوا اوعيتهم وأكلوا حتى شبعوا وبقى مثله وقال عليه السلام لرجل من اصحابه « هل من وضوء » بفتح الواو وهو ما يتوضأ به فجاء بأداوة وهى الركوة فيها ماء قليل فأفرغها فى قدح ووضع راحته الشريفة فى ذلك الماء قال الراوى فتوضأنا كلنا اى الالف الاربعمائة نصبه صبا شديد او لما أنزلت سورة الفتح قال عليه السلام لاصحابه « أنزلت على سورة هى احب الى مما طلعت عليه الشمس » وفى رواية « أنزلت على سورة مايسرنى بها حمر النعم » والحمر بسكن الميم جمع أحمر والنعم بفتحتين تطلق على جماعة الابل لا واحد لها من لفضها والمراد بحمر النعم الابل الحمر وهى من أنفس اموال العرب يضربون بها المثل فى نفاسة الشىء وانه ليس هناك اعظم منها ثم قرأ السورة عليهم وهنأهم وهنأوه يعى ايشانرا تهنية كفت واصحاب نيز ويرا مبارك باد كفتند .
وتكلم بعض الصاحبة وقال هذا هو بفتح لقد صدونا عن البيت وصد هدينا فقال عليه السلام لما بلغه بئس الكلام « بل هو اعظم الفتح لقد رضى المشركون أن يدفعوكم بالبراح عن بلادهم وسألوكم القضية » اى الصلح « والتجأوا اليكم فى الامان وقد رأوا منكم ماكرهوا وظفركم الله عليهم وردكم سالمين مأجورين فهو اعظم الفتوح أنسيتم يوم احد وأنا أدعوكم فى اخراكم أنسيتم يوم الاحزاب { اذ جاؤكم من فوقكم ومن اسفل منكم واذا زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا } »(13/468)
فقال المسلمون صدق الله ورسوله هو اعظم الفتوح والله يانبى الله مافكرنا فيما فكرت فيه ولأنت اعلم بالله وبأمره منا وقال له عمر رضى الله عنه ألم تقل انك تدخل مكة آمنا قال « بلى أفقلت لكم من عامى هذا » قالوا لا قال « فهو كما قال جبريل فانكم تأتونه وتطوفون به » اى لانه جاء الوحى بمثل مارأى وذكر بعضهم انه عليه السلام لما دخل مكة فى العام القابل وحلق رأسه قال « هذا الذى وعدتكم » فلما كان يوم الفتح واخذ المفتاح قال « هذا الذى قلت لكم » .
يقول الفقير لاشك ان الاصحاب رضى الله عنهم لم يشكوا فى امر النبى عليه السلام ولم يكن كلامهم معه من قبيل الاعتراض عليه وانما سألوه استعلاما لما داخلهم شىء مما لايخلو عنه البشر فان الامر عميق والا فأدنى مراتب الارادة فى باب الولاية ترك الاعتراض فكي فى باب النبوة والله تعالى حكم ومصالح فى ايراد انا فتحنا بصيغة الماضى فانه بظاهره ناطق بفتح الصلح ويحقيقته مشير الى فتح مكة فى الزمان الآتى وكل منهما فتح اى فتح وحاصل ماقال العلماء انه سمى الصلح فتجامع انه ليس بفتح لا عرفا لانه ليس بظفر على البلد ولا لغة لانه ليس بظفر للمنغلق كيف وقد احصروا ومنعوا من البيت فنحروا وحلقوا بالحديبية واى ظفر فى ذلك فالجواب ان الصلح مع المشركين فتح بالمعنى اللغوى لانه كان منغلقا ومتعذرا وقت نزولهم بالحديبية الا انه لما آل الامر الى بيعة الرضوان وظهر عند المشركين اتفاق كلمة المؤمنين وصدق عزيمتهم على الجهاد والقتال ضعفوا وخافوا حتى اضطروا الى طلب الصلح وتحقق بذلك غلبة المسملين عليهم مع ان ذلك الصلح قد كان سببا لامور أخر كانت منغلقة قبل ذلك منها ان المشركين اختلطوا بالمسلمين بسببه فسمعوا كلامهم وتمكن الاسلام فى قلوبهم واسلم فى مدة قليلة خلق كثير كثر بهم سواد اهل الاسلام حتى قالوا دخل فى تلك السنة فى الاسلام مثل من دخل فيه قبل ذلك واكثر وفرغ عليه السلام بهذا الصلح لسائر العرب فغزاهم وفتح مواضع خصوصا خيبر واغتنم المسلمون واتفقت فى تلك السنة ملحمة عظيمة بين الروم وفارس غلبت فيها الروم على فارس وكانت غلبتهم عليهم من دلائل النبوة حيث كان عليه السلام وعد بوقوع تلك الغلبة فى بضع سنين وهو مابين الثلاث الى التسع فكانت كما وعد بها فظهر بها صدقه عليه السلام فكان من جملة الفتح وسر به عليه السلام والمؤمنون لظهور اهل الكتاب على المجوس الى غير ذلك من فتوحات الله الجليلة ونعمه العظيمة(13/469)
لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)
{ ليغفر لك الله } غاية للفتح من حيث انه مترتب على سعيه عليه السلام فى اعلاء كلمة الله بمكابدة مشاق الحروب واقتحام موارد الخطوب قال بعضهم لما لم يظهر وجه تعليل الفتح بالمغفرة جعل الفتح مجازا مرسلا عن اسباب الفتح ليغفر لك فالفتح معلول مترتب على الافعال المؤدية الى المغفرة وان المغفرة علة حاملة على تلك الافعال فصح جعلها علة لما ترتب على تلك الافعال وهو الفتح وجعل الزمخشرى فتح مكة علة للمغفرة وهو اوفق للمذهب الحق لان افعال الله تعالى لا تعلل بالاغراض على مذهبهم فليست اللام على حقيقتها بل هى اما للصيرورة والعاقبة او لتشبيه مدخولها بالعلة الغائية فى ترتيبها على متعلقها وايضا ان العلة الغائية لها جهتا عليه ومعلولية على ما تقرر فلا لوم على من نظر الى جهة المعلولية كالزمخشرى لظهور صحته كما فى حواشى سعدى المفتى والالتفات الى اسم الذات المستتبع لجميع الصفات للاشعار بأن كل واحد مما انتظم فى سلك الغاية من افعاله تعالى صادر عنه تعالى من حيثية غير حيثية الآخر مترتبه على صفة من صفاته تعالى قال ابن الشيخ فى اظهار فاعل قوله { ليغفر لك } وينصرك اشعار بأن كل واحد من المغفرة والنصرة متفرع على الالوهية وكونه معبودا بالحق والمغفرة ستر الذنوب ومحوها قال بعض الكبار المغفرة اشد عند العارفين من العقوبة لان العقوبة جزآء فتكون الراحة عقيب الاستيفاء فهو بمنزلة من استوفى حقه والغفران ليس كذلك فانك تعرف ان الحق عليك متوجه لوانه انعم عليك بترك المطالبة فلا تزال خجلا ذاحياء ولهذا اذا غفر الله تعالى للعبد ذنبه احال بينه وبين تذكره وانساه اياه وانه لو تذكره لاستحيى ولا عذاب على النفوس اعظم من الحياء حتى يود صاحب الحياء انه لم يكن شيأ كما قالت مريم الكاملة { يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسياً منسيا } هذا حياء من المخلوقين فكيف بالحياء من الله تعالى فيما فعل العبد من المخالفات ومن هذا الباب ما حكى ان الفضيل قدس سره وقف فى بعض حجاته ولم ينطق بشئ فلما غربت الشمس قال واسوأتاه وان عفوت ( قال الصائب ) هركز نداد شرم مرا رخصت نكاه . در هجر ووصل روى بديوار داشتم { ما تقدم من ذنبك وما تأخر } اى جميع ما فرط منك من ترك الاولى وتسميته ذنبا بالنظر الى منصبه الجليل لان حسنات الابرار سيئات المقربين على ما قاله ابو سعيد الخراز قدس سره ( وفى المثنوى ) آنكه عين لطف باشد برعوام . قهر شد برعشف كيشان كرام . قال بعضهم اى جميع ما صدر منك قبل النبوة وما تأخر عناه لادلالة اللفظ عليه اذيجوز ان يصدر عنه قبل النبوة صغيرتان احداهما متقدمة على الاخرى انتهى وفيه انه يصح أن يطلق على كل من الصغيرتين انهما قبل النبوة قان التقدم والتأخر اضافى وهو اللائح قال اهل الكلام ان الانبياء معصومون من الكفر قبل الوحى وبعده باجماع العلماء ومن سائر الكبائر عمدا بعد الوحى واما سهوا فجوزه الاكثرون واما الصغائر فتجوز عمدا عند الجمهور وسهوا بالاتفاق واما قبل الوحى فلا دليل بحسب السمع او العقل على امتناع صدور الكبيرة وقال عطاء الخراسانى ما تقدم من ذنبك اى ذنب ابويك آدم وحواء ببركتك روى ان آدم لما اعترف بالخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد أن تغفر لى فقال الله يا آدم كيف عرفت محمد ولم اخلفه قال لانك لما خلقتنى بيدك ونفخت فى من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعرفت انك لم تضف إلى اسمك الا اسم احب الخلق اليك فقال الله صدقت يا آدم انه لأحب الخلق الى فغفرت لك ولولا محمد لما خلقتك رواه البيهقى فى دلائله وما تأخر من ذنوب امتك بدعوتك وشفاعتك .(13/470)
سلمى قدس سره فرمودكه ذنب آدم رابوى اضافت كردجه در وقت زلت در صلب وى بوده وكناه امت را بوى اسناد فرمودجه او بيش رودكار ساز ايشانست . وقال ابن عطاء قدس سره لما بلغ عليه السلام سدرة المنتهى ليلة المعراج قدم هو وأخر جبريل فقال لجبريل « تتركنى فى هذا الموضع وحدى » فعاتبه الله حين سكن الى جبريل فقال { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } فيكون كل من الذنبين بعد النبوة وقال سفيان الثورى رحمه الله ما تقدم ما عملت فى الجاهلية وما تأخر مالم تعمله قال فى كشف الاسرار ويذكر مثل ذلك على طريق التأكيد كما يقا لأعطى من رآه ومن لم يره وضرب من لقيه ومن لم يلقه انتهى لكن فيه انه خارج من ادب العبارة فالواجب أن يقال ما تقدم اى ما عملت قبل الوحى وقيل ما تقدم من ذنب يوم بدر وما تأخر من ذنب يوم حنين حيث قال يوم بدر اللهم « أن تهلك هذه العصابة لا تعبد فى الارض ابدا » وكرره مرارا فأوحى الله اليه من اين تعلم انى لو اهلكتها لا اعبد ابدا فكان هذا الذنب المتقدم وقال يوم حنين بعد أن هزم الناس ورجعوا اليه « لو لم ارمهم » اى الكفار « بكف الحصى لم يهزموا » فأنزل الله { وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى } وهو الذنب المتأخر لكن فيه ان المتأخر متأخر عن الوقعة فيكون وعدا بغفران ما سيقع منه قال فى بحر العلوم وأبعد من هذا قول ابى على الرود بادى رحمه الله لو كان لك ذنب قديم او حديث لغفرناه لك انتهى .(13/471)
يقول الفقير ابو على قدس سره من كبار العارفين فكيف يصدر عنه ما هو ابعد عند العقول بل كلامه من قبيل قوله من عرف الله عرف كل شئ يعنى لو تصورت معرفة الله لاحد وهى لا تتصور حقيقة وكذا لو تصور منه عليه السلام ذنب لغفر له لكنه لا يتصور لانه فى جميع احواله اما مشتغل بواجب او يمندوب لا غير فهو كالملائكة فى انه لا يصدر منه المخالفة ولى معنى آخر فى هذا المقام وهو انالمراد بالمغفرة الحفظ والعصمة ازلا وبدا فيكون المعنى ليحفظك الله ويعصمك من الذنب المتقدم والمتأخر فهو تعالى انما جاء بما قدم اشارة الى انه عليه السلام محفوظ معصوم فى اللاحق كما فى السابق فاعرفه وفى الفتوحات المكية استغفارالانبياء لا يكون عن ذنب حقيقة كذنوبنا وانما هو عن امر يدق عن عقولنا لانه لا ذوق لنا فى مقامهم فلا يجوز حمل ذنوبهم على ما نتعقله نحن من الذنب انتهى ومؤآخذة الله عباده فى الدنيا والآخرة تطهير لهم ورحمة وفى حق الانبياء من جهة العصمة والحفظ والعقات لا يكون الا فى مذنب والعقوبة تقتضى التأخر عن المتقدم لانها تأتى عقبه فقد تجد العقوبة الذنب فى المحل وقد لا تجده اما بأن يقلع عنه واما ان يكون الاسم العفو والغفور استوليا عليه بالاسم الرحيم فزال فترجع العقوبة حاسرة ويزول عن المذنب اسم الذنب لانه لا يسمى مذنبا الا فى حال قيام الذنب به كما فى كتاب الجواهر والدرر للشعرانى وقال الشعرانى فى الكبريت الاحمر قلت ويجوز حمل نحو قوله { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } على نسبة الذنب اليه من حيث ان شريعته هى التى حكمت بأنه ذنب فلولا اوحى به اليه ما كان ذنبا فجميع ذنوب امته يضاف اليه والى شريعته بهذا التقدير وكذلك ذنب كل نبي ذكره الله وقد قالوا لم يعص آدم وانما عصى بنوه الذين كانوا فى ظهره فما كان قوله { ليغفر لك } الخ الا تطمينا له عليه السلام ان الله قد غفر جميع ذنوب امته التى جاءت بها شريعته ولو بعد عقوبة باقامة الحدود عليهم فى دار الدنيا كما وقع لماعز ومن الواجب على كل مؤمن انتحال الاجوبة للاكابر جهده وذلك مما يحبه الله ويحب من احبنا عنه فافهم هذا اعتقادنا الذى نلقى الله عليه ان شاء الله تعالى انتهى وفى التأويلات النجمية { انا فتحنا لك فتحا مبينا } يشير الى فتح باب قلبه عليه السلام الى حضرة ربوبيه يتجلى صفات جماله وجلاله وفتح ما انفلق على جميع القلوب { ليغفر لك ما تقدم من ذنبك } اى ليسترلك بانوار جلاله ما تقدم من ذنب وجودك من بدأ خلق روحك وهو اول شئ تعلقت به القدرة كما قال(13/472)
« اول ما خلق الله روحى » وفى رواية نورى وما تأخز اى من ذنب وجودك الى الابد وذنب الوجود هو الشركة فى الوجود وغفره ستره بنور الوحدة لمحو آثار الاثنينية انتهى وقال بعض الاكابر اعلم ان فتوح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة اولها الفتح القريب وهو فتح باب القلب بالترفى عن مقام النفس وذلك بالمكاشفات الغيبية والانوار اليقينية وقد شاركه فى ذلك اكثر المؤمنين وثانيها الفتح المبين بظهور انوار الروح وترقى القلب الى مقامه وحينئذ تترقى النفس الى مقام القلب فتستتر صفاتها المظلمة بالانوار القلبية وتنتفى بالكلية وذلك معنى قوله تعالى { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } فالسابقة الهيئات المظلمة على فتح باب القلب والمتأخرة الهيئات النورانية المكتسبة بالانوار القلبية التى تظهر فى التلوينات فيخفى حالها ولا تنتفى هذه بالفتح القريب وان انتفت الاولى لأن مقام القلب لا يكمل الا بعد الترقى الى مقام الروح واستيلاء انواره على القلب فيظهر تلوين القلب وينتفى تلوين النفس بالكلية ويحصل فى هذا الفتح مغانم المشاهدات الروحية والمسامرات السرية وثالثها الفتح المطلق المشار اليه بقوله { اذا جاء نصر الله والفتح } وهو فتح باب الوحدة بالفناء المطلق والاستغراق فى عين الجمع بالشهود الذاتى . وظهور النور الاحدى فمن صحت له متابعة النبى عليه السلام اثابه الله مغانم كثيرة وفتوحات فان حسن المتابعة سبب لفيضان الانوار الالهية بواسطة روحانية النبى عليه السلام ( قال الشيخ سعدى قدس سره ) خلاف بيمبر كسى ره مزيد . كه هركز بمنزل نخواهد رسيد . مبندار سعدى كه راه صفا . توان رفت جزبربى مصطفى . وذلك ان الفلاسفة والبراهمة والرهابنة ادعوا بمعرفة الله والوصول إليه بطريق العقل والرياضة والمجاهدة من غير متابعة الانبياء وارشاد الله تعلى فانقطعوا دون الوصول اليه { ويتم نعمته عليك } باعلاء الدين وضم الملك الى النبوة وغيرهما مما افاضه عليه من النعم الدينية والدنيوية { ويهديك صراطاً مستقيماً } فى تبليغ الرسالة واقامة مراسم الرياسة واصل الاستقامة وان كانت حاصلة قبل الفتح لكن حصل بعد ذلك من اتضاح سبل الحق واستقامة مناهجه ما لم يكن حاصلا قبل(13/473)
وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)
{ وينصرك الله } اظهار الاسم الجليل لكونه خاتمة الغايات ولاظهار كمال العناية بشأن النصر كما يعرب عنه تأكيده بقوله تعالى { نصرا عزيزا } اى نصرافيه عزة ومنعة فعزيزا للنسبة اى ذا عز قال فى فتح الرحمن النصر العزيز هو الذى معه غلبة العدو والظهور عليه والنصر غير العزيز هو الذى معه الحماية ودفع العدو فقط انتهى او نصرا قويا منيعا على وصف المصدر بوصف صاحبه اى المنصور مجازا للمبالغة ولم يجعل وصفا بوصف الناصر لقلة الفائدة فيه لان القصد بيان حال المخاطب لا المتكلم او نصرا عزيزا صاحبه ثم الظاهر ان المراد من ذلك النصر هو ما ترتب على فتح مكة من النصر على الاعداء كهوازن وغيرهم ونصر امته على الاكاسرة والقياصرة وكانت الحكمة فى قنال بعض الرسل لمن خالفهم انما هى لمخالفة ما فطروا عليه من التوحيد الموجبة تلك المخالفة لفساد ذلك الفطر الذى هم فيه باعمالهم واحوالهم الفاسدة التى لا يحصل منها الا حل نظام الاسباب وتبديد ما ذلك الشخص مأمور يحفظه عن ذلك كله فالنبى رحمة للخلق ولو بعث بالسيف وقس عليه سائر من تصدى للامر بالمعروف والنهى عن المنكر قال ابن عطاء قدس سره جمع الله لنبيه فى هذه السورة نعما مختلفة من الفتح المبين وهو من اعلام الاجابة والمغفرة وهى من اعلام المحبة واتمام النعمة وهى من اعلام الاختصاص والهداية وهى من اعلام التحقق بالحق والنصر وهو من اعلام الولاية فالمغفرة تبرئة من العيوب واتمام النعمة ابلاغ الدرجة الكاملة والهداية هى الدعوة الى المشاهدة والنصرة هى رؤية الكل من الحق من غير أن يرجع الى ما سواء نسأل الله أن ينصرنا ببذل الوجود المجازى فى وجوده الحقيقى .(13/474)
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)
{ هو الذي أنزل السكينة } بيان لما افاض عليهم من مبادى الفتح من الثبات والطمأنينة يعنى انزلها { فى قلوب المؤمنين } بسبب الصلح والامن بعد الخوف لانهم كانوا قليلى العدة بسبب انهم معتمرون وكان العدو مستعدين لقتالهم مع ما لهم من القوة والشوكة وشدة البأس فثبتوا وبايعوا على الموت بفضل الله تعالى ( وقال الكاشفى ونحوه ) جون در صلح حديبية صحابة خالى ازدغدغه وترددى نبودند خق سبحانه وتعالى فرمود هو الذى الخ . فالمراد ثبتوا واطمأنوا بعد ان ماجوا وزلزلوا حتى عمر الفاروق رضى الله عنه على ما عرف فى القصة وذلك القلق والاضطراب انما هو لما دهمهم من صد الكفار ورجوعهم دون بلوغ مقصودهم وكانوا يتوقعون دخول مكة فى ذلك العام آمنين للرؤيا التى رآها عليه السلام على ما سبق { ليزدادوا } تازيادت كند { ايمانا } مفعول يزدادوا كما فى قوله تعالى { وازدادوا تسعا } { مع ايمانهم } اى يقينا منضما الى يقينهم الذى هم غليه برسوخ العقيدة واطمئنان النفس عليها ومن ثمة قال عليه السلام « لو وزن ايمان ابى بكر مع الثقلين لرجح » وكلمة مع فى ايمانهم ليسث على حقيقتها لان الواقع فى الحقيقة ليس انضمام يقين الى يقين لامتناع اجتماع المثلين بل حصول نوع يقين اقوى من الاول فان له مراتب لا تحصى من اجلى البديهيات الى اخفى النظريات ثم لا ينفى الاول ما قلنا وذلك كما فى مراتب البياض ما حقق فى مقامه فيها استعارة او المعنى أنزل فيها السكون الى ما جاء به النبى عليه السلام من الدرآئع ليزدادوا ايمانا بها مقرونا مع ايمانهم بالوحدانية واليوم الآخر فكان القرآن حينئذ على حقيقتها والقرآن فى الحقيقة لتعلق الايمان بزيادة متعلقة فلا يلزم اجتماع المثلين وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان اول ما اتاهم به النبى عليه السلام التوحيد ثم الصلاة والزكاة ثم الحج والجهاد حتى اكمل لم دينهم كما قال { اليوم اكملت لكم دينكم } فازدادوا ايمانا مع ايمانهم فكان الايمان يزيد فى ذلك الزمان بزيادة الشرائع والاحكام واما الآن فلا يزيد ولا ينقص بل يزيد نوره ويقوى بكثرة الاعمال وقوة الاحوال فهو كالجوهر الفرد فكما لا يتصور الزيادة و النقصان فى الجوهر الفرد من حيث هو فكذا فى الايمان واما قوله تعالى { ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله } فالكفر بالطاوت هو عين الايمان بالله فى الحقيقة فلا يلزم ان يكون الايمان جزءا قال بعض الكبار الايمان الحقيقى هو ايمان الفطرة التى فطر الله الناس عليها لا تبديل لها ويتحقق بالخاتمة وما بينهما يزيد الايمان فيه وينقص والحكم للخاتمة لانها عين السابقة فيحمل قول من قال ان الايمان لا يزيد ولا ينقض على ايمان الفطرة الذى حقيقته ما مات عليه ويحمل قول من قال ان الايمان يزيد وينقص على الحالة التى بين السابقة والخاتمة من حين يتعقل التكاليف فتأمل ذلك فانه نفيس انتهى وقال حضرة الهدائى قدس سره فى مجالسة المنيفة ليزداد ايمانا وجدانيا ذوقيا عيني مع ايمانهم العلمى الغيبى فان السكينة نور فى القلب يسكن به الى ما شاهده ويطمئن وهو من مبادى عين اليقين بعد علم اليقين كأنه وجدان يقينى معه لذة وسرور وفى المفردات قيل ان السكينة ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه كما ورد ان السكينة لتنطق على لسان عمر وقال بعض الكبار السكينة تطلق على ثلاثة اشياء بالاشتراك اللفظى او لها ما اعطى بنوا اسرائيل فى التابوت كما قال تعالى(13/475)
{ ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم } قال المسرون هى ريح ساكنة طبيعة تخلع قلب العدو بصوتها رعبا اذا التقى الصفان وهى معجزة لانبيائهم وكرامة لملوكهم والثانى شئ من لطائف صنع الحق يلقى على لسان المحدث الحكمة كما يلقى الملك الوحى على قلوب الانبياء مع ترويح الاسرار وكشف السر والثالث هى التى أنزلت على قلب النبى عليه السلام وقلوب المؤمنين وهى شئ يجمع نورا وقوة وروحا يسكن اليه الخائف ويتسلى به الحزين كما قال تعالى { فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } انتهى وقال بعض الكبار ان الانبياء والاولياء مشتركون فى تنزل الملائكة عليهم ومختلفون فيما نزلت به فأن ملك الالهام لا ينزل على الاولياء بشرع مستقل ابدا وانما ينزل عليهم بالاتباع وبافهام ما جاء به نبيهم مما لم يتحقق الاولياء بالعلم به فكل فيض ونور وسكينة انما ينزل من الله تعالى بواسطة الملك او بلا واسطته وان كان فرق عظيم بين حال النبى والولى فأنه كما ان النبى افضل واولى فكذا وارده اقوى واولى نسال الله فضله وسكينته . هرآنكه يافت زفضل خدا سكينت دل . نماند درحرم سينه اش تردد وغل { ولله جنود السموات والأرض } الجنود جمع جند بالضم وهو جمع معد للحرب اى مختص به تعالى جنود العالم يدبر امرها كيفما يشاء يسلط بعضها على بعض تارة ويوقع فيما بينها السلم اخرى حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح ( وقال الكاشفى ) ومرخدا يراست لشكرهاى آسمانها از ملائكة وجنود زمين ازمؤمنان مجاهد بس اى اهل ايمان جهاد كنيد رينصرت الهى واثق باشيدكه هركه لشكر آسمان وزمين درحكم وى بود بلكه ذرات كون سباه وى بوده باشند اولياى خودرا در وقت غزابا عداى خود فرونكذارد . نصرت از وطلب كه بميدان قدرتش . هرذره بهلوانى وهربشه صفدريست . قال بعضهم كل ما فى السموات والارض بمنزلة الجند له لو شاء لا تنصر به كما ينتصر بالجند وتأويل الآية لم يكن صد المشركين رسول الله عن قلة جنود الله ولا عن وهن نصره لكن عن علم الله واختياره انتهى وفى فتح الرحمن { ولله جنود السموات والارض } فلو أراد نصر دينه بغيركم لفعل وقال بعضهم همم سموات ارواح العارفين وقصور ارض قلوب المحبين وانفاسهم جنوده ينتقم بنفس منهم من جميع اعدآئه فيقهرهم دعا نوح عليه السلام على قومه فقال(13/476)
{ لا تذر على الارض من الكافرين ديارا } فهلك به اهل الارض جميعا الا من آمن ودعا موسى عليه السلام على القبط فقال { ربنا اطمس على اموالهم واشدد على قلوبهم } فصارت حجارة ولم يؤمنوا حتى رأوا العذاب الاليم وقال سيد البريات عليه افضل التحيات حين رمى الحصى على وجوه الاعدآء شاهت الوجوه فانهزموا باذن الله تعالى وكذا حال كل ولى وارث قاهر من اهل الانفاس بل كل ذرة من العرش الى النرى جند من جنوده تعالى حتى لو سلط نملة على حية عظيمة لهلكت وقد قيل الدبة اذا ولدت ولدها رفعته فى الهوآء يومين خوفا من النمل لأنه تضعه لحمة كبيرة غير متميزة الجوارح ثم تميز اولا فأولا واذا جمع بين العقرب والفارة فى اناء زجاج قرضت الفأرة ابرة العقرب فتسلم منها ويكفى قصة البعوض مع نمرود ( وفى المثنوى ) جملة ذرات زمين وآسمان . لشكر حفندكاء امتحان . بادرا ديديكه باعادان جه كرد . آب را ديديكه باطوفان جه كرد . آنجه برفرعون زدآن بحركين . وآنجه باقارون نموداست اين زمين . آنجه با آن بيلبانان بيل كرد . وآنجه بشه كلهُ نمرود خورد . وآنكه سنك انداخت داودى بدست . كشت ششصد بار . ولشكر شكست . سنك مى باريد باعداى لوط . تاكه درآب سيه خوردند غوط . دست بركافر كواهى مىدهد . لشكر حق مىشود سر مى نهد . كربكويد جثم راكور افشاره دردجثم از توبر آرد صددمار . كربدندان كويد اوبنما وبال . بس به بينى توزندان كوشمال . فلا بد من التوكل على الله فانه عون كل ضعيف وحسب كل عاجز قال بعضهم ما سلط الله عليك فهو من جنوده ان سلط عليك نفسك اهلك بنفسك وان سلط عليك جوارحك اهلك جوارحك بجوارحك وان سلط نفسك على قلبك قادتك فى متابعة الهوى وطاعة الشيطان وان سلط قلبك على نفسك وجوارحك زمها بالادب فألزمها العبادة وزينها بالاخلاص فى العبودية { وكان الله } ازلا وابدا { عليما } مبالغا فى العلم بجميع الامور { حكيما } فى تقديره وتدبيره فكان بمعنى كان ويكون اى دالة على الاستمرار والوجود بهذه الصفة لا معينة وقتا ماضيا وقال بعض الكبار ولله جنود السموات من الانوار القدسية والامدادات الروحانية وجنود الارض من الصفات النفسانية والقوى الطبيعية فيغلب بعضها على بعض فاذا غلب الاولى على الاخرى حصلت السكينة وكمال اليقين واذا عكس وقع الشك والريب وكان الله عليما بسرآئرهم ومقتضيات استعداداتهم وصفاء فطرة الفريق الاول وكدورة نفوس الفريق الثانى حكيما فيما فعله وفى التأويلات النجمية { ولله جنود السموات والارض } اى كلها دالة على وحدانيته تعالى وهى جنود الله بالنصرة لعبادة فى الظفر بمعرفته وكان الله عليما بمن هو اهل النصرة للمعرفة حكيما فيما حكم فى الازل لهم .(13/477)
لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5)
{ ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها } متعلق بما يدل عليه ما ذكر من كون جنود السموات والارض له تعالى من معنى التصرف والتدبير اى دبر ما دبر من تسليط المؤمنين ليعرفوا نعمة الله فى ذلك ويشكروها فيدخلهم الجنة { ويكفر عنهم سيئاتهم } هذا بازآء قوله { ليغفر لك الله } اى يغطيها ولا يظهرها قبل أن يدخلهم الجنة ليدخلوها مطهرين من الآثام وتقديم الادخال على التكفير مع ان الترتيب فى الوجود على العكس من حيث ان النخلية قبل التحلية للمسارعة الى بيان ما هو المطلب الاعلى { وكان ذلك } اى ما ذكر من الادخال والتكفير { عند الله فوزا عظيما } لا يقادر قجره لانه منتهى ما يمتد اليه اعناق الهمم من جلب نفع ودفع ضر والفوز الظفر مع حصول السلامة وعند الله حال من فوزا لانه صفته فى الاصل فلما قدم عليه صار حالا اى كائنا عند الله تعالى اى فى علمه وقضائه(13/478)
وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6)
{ ويعذب المنافقين والمنافقات } من اهل المدينة { والمشركين والمشركات } من اهل مكة عطف على يدخل والتعذيب هو ما حصل لهم من الغيظ بنصر المؤمنين وفى تقديم المنافقين على المشركين ما لا يخفى من الدلالة على انهم احق منهم بالعذاب وقد تثاقل كثير منهم فلم يخرجوا معه عليه السلام ثم اعتذروا فقالوا بالسنتهم ما ليس فى قلوبهم ولو صدقوا عند الناس فما صدقوا عند الله وقد قال تعالى { يوم ينفع الصادقين صدقهم } اى صدقهم عند الله لا عند الخلق ولذلك قال عليه السلام « جاهدوا المشركين باموالكم وانفسكم وألسنتكم » اشارة الى مقام التحقيق والتصديق فان الدعوى بغير برهان كذب . برهان ببايد صدق را . ورنه زدعواها جهسود { الظانين بالله ظن السوء } صفة لطائفتى اهل النفاق واهل الشرك وظن السوء منصوب على المصدر والاضافة فيه كالاضافة فى سيف شجاع من حيث ان المضاف اليه فى الحقيقة هو موصوف هذا المجرور والتقدير سيف رجل شجاع فكذا التقدير هنا ظن الامر السوء وهو ان الله لا ينصر رسوله ولا يرجعهم الى مكة فاتحين والى المدينة سالمين كما قال { بل ظننتم ان لن ينقلب الرسل والمؤمنون الى اهليهم ابدا } وبالفارسية كمان بردند بخدا كمان بد . وقال فى كشف الكشاف ان ظن السوء مثل رجل صدق اى الظن السئ الفاسد المذموم انتهى وعند البصر بين لا يجوز اضافة الموصوف الى صفته ولا عكسها لان الصفة والموصوف عبارتان عن شئ واحد فاضافة احدهما الى الآخر اضافة الشئ الى نفسه وفى التأويلات النجمية { الظانين بالله ظن السوء } فى ذاته وصفاته بالاهواء والبدع وفى افعاله واحكامه بالظلم والعبث قال بعض العارفين مثال من احسن فى الله ظنه مثال من سلط الله عليه الشيطان ليفتنه ويمتحنه فلما جاءه الشيطان أخبره بأنه رسول من عند الله وانه رسول رحمة وقال جئتك لأشد عضدك فى الخير وألهمك رشدك لتكون عند ربك فى درجة العرش فحسن بربه ظنه وخر ساجدا فصبر الله له الشيطان ملكا كما ظن كما روى ان الجن صنعت لسليمان عليه السلام ارضا وصفحتها بالزمرد الاخضر وخصبتها باللؤلؤ والجواهر لتفتنه بها وو لا يعلم فرأى ان ذلك من مواهب ربه له فى دار الدنيا فخر ساجدا لله فأثبتها الله له ارضا مقدسة كما ظن الى أن مات على حسن ظنه بربه ومثال من اساء بربه ظنه مثال من أرسل الله اليه ملك رحمة ليرشده للخير فقال انما أنت شيطان حيث تغوينى فصير الله له الملك شيطانا كما ظن وفى الحديث « أنا عند ظن عبدى بى » وقال عليه السلام قبل موته بثلاثة ايام « لا يموتن احد الا وهو يحسن الظن بالله وهو من امارات اليقين »(13/479)
در روايت آمده است از بعض صحابة رسول عليه السلام كه رسول اورا خبرداده بودكه تو والى شوى در مصر حكم كنى وقتى اقلعه را حصار كرده بودند وآن صحابى نيز در ميان بو دسائر اصحابرا كفت مردار كفة منجنيق نهيدوبسوى كفار در قلعه اندازيد جون من آنجا رسم قتال كنم ودر حصار بكشايم جون از سبب اين جرأت برسيدند كفت رسول صلى الله عليه وسلم مراخبرداده است كه من والى مصر شوم وهنوز نشدم يقين ميدانم كه نميرم تا والى نشوم فهم كن كه قوت ايمان اينست والا ازروى عرف معلوم است كه جون كسى را در كفة منجنيق نهند وبيندازند حال اوجه باشد . ظاهر وباطن ما آينة يكديكرند . سينة صاف ترازاب روانم دادند { عليهم دآئرة السوء } اى ما يظنونه ويتر بصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودآئر عليهم لا يتجاوزهم الى غيرهم فقد اكذب الله ظنهم وقلب ما يظنونه بالمؤمنين عليهم بحيث لا يتخطاهم ولا يظفرون بالنصرة ابدا وهذا كقوله تعالى { ويتربص بكم الدوآئر عليهم دآئرة السوء } وبالفارسية وبرين كمان برند كانست كردش بديعنى ايشان منكوب ومغلوب خواهندشد . قال المولى ابو السعود فى التوبة قوله { عليهم دآئرة السوء } دعاء عليهم نجوما ار ادوا بالمؤمنين على نهج الاعتراض كقوله تعالى { غلت ايديهم } بعد قول اليهود ما قالوا انتهى فان قلت كيف يحمل على الدعاء وهو للعاجز عرفا والله منزه عن العجز قلت هذا تعليم من الله لعباده انه يجوز الدعاء عليهم كقوله { قاتلهم الله } ونحوه قال ابن الشيخ السوء بالفتح صفة مشبهة من ساء يسوء بضم العين فيها سوأ فهو سوء ويقابله من حيث المعنى قولك حسن يحسن حسنا فهو حسن وهو فعل لازم بمعنى قبح وصار فاسدا رديئا بخلاف ساءه يسوءه سوأ ومساءة اى احزنه نقيض سره فانه متعدو وزنه فى الماضى فعل بفتح العين ووزن ما كان لازما فعل بضم العين وفعل يأتى فاعله على فعل كصعب صعوبة فهو صعب والسوء بضم السين مصدر لهذا اللازم والسوء بالفتح مشترك بين اسم الفاعل من اللازم وبين مصدر المتعدى وقيل السوء بالفتح والضم لغتان من ساء بمعنى كالكره والكره والضغف والضعف خلان المفتوح غلب فى أن يضاف اليه ما يراد ذمه من كل شئ واما المضموم فجار مجرى الشر المناقض للخير ومن ثمة اضيف الظن الى المفتوح لكونه مذموما وكانت الدآئرة محمودة فكان حقها أن لا تضاف اليه الا على التأويل المذكور واما دآئرة السوء بالضم فلأن الذى اصابهم مكروه وشدة يصح أن يقع عليه اسم السوء كقوله تعالى { ان اراد بكم سوأ او اراد بكم رحمة } كما فى بعض التفاسير والدآئرة عبارة عن الخط المحيط بالمركز ثم استعملت فى الحادثة والمصيبة المحيطة لمن وقعت هى عليه فمعنى الآية يحيط بهم السوء احاطة الدآئرة بالشئ او بمن فيها بحيث لا سبيل الى الانفكاك عنها بوجه الا ان اكثر استعمالها اي الدآئرة فى المكروه كما ان اكثر استعمال الدولة فى المحبوب الذى يتداول ويكون مرة لهذا ومرة لذاك والاضافة فى دآئرة السوء من اضافة العام الى الخاص للبيان كما فى خاتم فضة اى دآئرة من شر لا من خير وقال ابو السعود فى التوبة السوء مصدر ثم اطلق على كل ضرر وشر واضيفت اليه الدآئرة ذما كما يقال رجل سوء لان من درات عليه يذمها وهى من اضافة الموصوف الى صفته فوصفت فى الاصل بالمصدر مبالغة ثم اضيفت الى صفتها كقوله تعالى(13/480)
{ ما كان ابوك امرأ سوء } وقيل معنى الدآئرة يقتضى معنى السوء لان دآئرة الجهر لا تستعمل الا فى المكروه فانما هو اضافة بيان وتأكيد كما قالوا شمس النهار ولحيا رأسه { وغضب الله عليهم } عطف لما استحقوه فى الآخرة على ما استوجبوه فى الدنيا قال بعضهم غضبه تعالى ارادة العقوبة لهم فى الآخرة وكونهم على الشرك والنفاق فى الدنيا وحقيقته ان للغضب صورة ونتيجة اما صورة فتغير فى الغضبان يتأذى به ويتألم واما نتيجة فاهلاك المغضوب عليه وايلامه فعبر عن نتيجة الغضب بالغضب على الكناية بالسبب عن المسبب { ولعنهم } طردهم من رحمته { واعد لهم جهنم } وآماده كرديم براى ايشان دوزخ راء والواو فى الفعلين الاخيرين مع ان حقهما الفاء المفيدة لسببية ما قبلها لما بعدها اذ اللعن سبب الاعداد والغضب سبب اللعن للايذان باستقلال كل منهما فى الوعيد واصالته من غير استتباع بعضهما لبعض { وساءت مصيرا } اى جهنم والمصير المرجع وبالفارسية ويدباز كشتيست دوزخ(13/481)
وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7)
{ ولله جنود السموات والأرض وكان الله عزيزا } اى بليغ العزة والقدرة على كل شيء { حكيما } بليغ الحكمة فيه فلا يفعل ما يفعل الاعلى مقتضى الحكمة والصواب وهذه الآية اعادة لما سبق قالوا فائدتها التنبيه على ان لله تعالى جنودا للرحمة ينزلهم ليدخل بهم المؤمنين الجنة معظما مكرما وان له تعالى جنودا للعذاب يسلطهم على الكفار يعذبهم بهم فى جهنم والمراد ههنا جنود العذاب كما ينبئ عنه التعرض لوصف العزة فان عادته تعالى أن يصف نفسه بالعزة فى مقام ذكر العذاب والانتقام قال فى برهان القرآن الاول متصل بانزال السكينة وازدياد ايمان المؤمنين فكان الموضع موضع علم وحكمة وقد تقدم ما اقتضاه الفتح عند قوله { وينصرك الله نصرا عزيزا } واما الثانى والثالث الذى بعده فمتصلان بالعذاب والغضب وسلب الاموال والغنائم فكان الموضع موضع هز وغلبة وحكمة وفى كشف الاسرار يدفع كيد من عادى نبيه والمؤمنين بما شاء من الجنود هو الذى جند البعوض على نمرود والهدهد على بلقيس رووى ان رئيس المنافقين عبد الله بن ابى بن سلول قال هب ان محمدا هزم اليهود وغلب عليهم فكيف استطاعته بفارس والروم فقال الله تعالى { ولله جنود السموات والارض } اكثر عددا من فارس والروم ( وقال الكاشفى ) ومرخد ايراست لشكرهاى آسمان وزمين يعنى هركه در آسمانها وزمينهاست همه مملوك ومسخر ويند جنانجه لشكريان مر سر دار خودرا تكرار اين سخن جهت وعدة مؤمنانست تابنصرت الهى مستظهر باشند وبراى وعيد مشركان ومنافقان تا از تكذيب ربانى خائف كردند وفى الآية اشارة الى ما اعد الله من عظائم فضله وعجائب صنعه فى سموات القلوب وارض النفوس يمد بها اولياءه وينصرهم بها على أنفسهم ليفوزوا بكمال قربه ويخذل بها اعدآءه ويهلكهم فى اودية الاهوية ليصيروا الى كما بعده وكان الله عزيز اذل اعدآءه حكيما فيما يعز اولياءه كما فى التأويلات النجمية . واعلم ان الله تعالى قد جعل فى النار مائة دركة فى مقابلة درج الجنة ولكل دركة قوم مخصوصون لهم من الغضب الالهى الحال بهم آلام مخصوصة تصل اليهم من ايدى الملائكة الموكلين بهم نعوذ بالله من سخطه وعذابه ونسأله الاولى من نعيمه وثوابه وللغضب درجات منها وقطع الامداد العلمى المستلزم لتسليط الجهل والهوى والنفس والشيطان والاحوال الذميمة لانه موقت الى النفس الذى قبل آخر الانفاس فى حق من يختم له بالسعادة ومنها ما يتصل الى حين دخولهم جهنم وفتح باب الشفاعة ومنها ما يقتضى الخلود فى النار ( قال الحافظ ) دارم از لطف ازل جنت فردوس طمع . كرجه دربانئ ميخانه فراوان كردم . والله غفور رحيم لمن تاب ورجع الى الصراط المستقيم(13/482)
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8)
{ إنا أرسلناك شاهدا } اى على امتك لقوله تعالى { ويكون الرسول عليكم شهيدا } يعنى على تصديق من صدقه وتكذيب من صدقه وتكذيب من كذبه اى مقبولا قوله فى حقهم يوم القيامة عند الله تعالى سوآء شهد لهم او عليهم كلما يقبل قول الشاهد العدل عند الحاكم وهو حال مقدرة فانه عليه السلام انما يكون شاهدا وقت التحمل والادآء وذلك متأخر عن زمان الارسال بخلاف غيره مما عطف عليه فانه ليس من الاحوال المقدرة { ومبشرا } على الطاعة بالجنة والثواب وعلى اهل الطلب بالوصول { نذيرا } على المعصية بالنار والعذاب وعلى اهل الاعراض بالقطية وفى التوراة يا أيها النبى انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للاميين أنت عبدى ورسولى سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب فى الاسواق ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه الله حتى يقيم له الملة العوجاء بأن يقولوا لا اله لله فيفتح لها اعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلنا سرخيل انبيا وسبهدار اتقيا . سلطان باركاه دنى قائدامم(13/483)
لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)
{ لتؤمنوا بالله ورسوله } الخطاب للنبى عليه السلام ولأمته فيكون تعميما للخطاب بعد التخصيص لان خطاب ارسلناك للنبى خاصة ومثله قوله تعالى { يا ايها النبى اذا طلقتم النساء } خصه عليه السلام بالندآء ثم عمم الخطاب على طريق تغليب المخاطب على الغائبين وهم المؤمنون فدلت الآية على انه عليه السلام يجب أن يؤمن برسالة نفسه كما ورد فى الحديث انه عليه السلام « أشهد انى عبد الله ورسوله » قال السيلى فى الامالى انما عرف نبوة نفسه بعد معرفته بجبريل وايمانه به اى بالعلم الضرورى فاذا عرف نبوة نفسه وآمن بها وجب عليه أن يؤمن بما أنزل اليه من ربه كما قال تعالى { آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه } ويجوز ان يكون الخطاب للامة فقط فان قلت كيف يجوز تخصيصهم الخطاب الثانى بالامة فى مقام توجيه الخطاب الاول اليه عليه السلام بخصوصه قلت ان خطاب رئيس القوم بمنزلة خطاب من معه من اتباعه فجاز أن يخاطب الاتباع فى مقام تخصيص الرسل بالخطاب لان المقصود سماعهم { وتعزروه } وتقووه تعالى بتقوية دينه ورسوله قال فى المفردات التعزير النصرة من التعظيم قال تعالى { وتعزروه } والتعزير دون الحد وذلك يرجع الاول فان ذلك تأديب والتأديب نصرة بقهر عدوه فان افعال الشر عدو الانسان فمتى قمعته عناه فقد نصرته وعلى هذا الوجه قال النبى عليه السلام « انصر اخاك ظالما او مظلوما » فقال أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما قال « تكفه عن الظلم » انتهى وفى القاموس التعزير ضرب دون الحد او هو أشد الضرب والتفخيم والتعظيم ضد والاعانة كالعزر والتقوية والنصر انتهى وقال بعضهم اصله المنع ومنه التعزير فانه منع من معاودة القبيح يعنى وتمنعوه تعالى اى دينه ورسوله حتى لا يقوى عليه عدو { وتوقروه } وتعظموه باعتقاد أنه متصف بجميع صفات الكمال منزه عن جميع وجوه النقصان قال فى القاموس التوقير التبجيل والوقار كسحاب الرزانة انتهى يعنى السكون والحلم فأصله من الوقر الذى هو الثقل فى الاذن { وتسبحوه } وتنزهوه تعالى عما لا يليق به ولا يجوز اطلاقه عليه من الشريك والولد وسائر صفات المخلوقين او تصلوا له من السبحة وهى الدعاء وصلاة التطوع قال فى القاموس التسبيح الصلاة ومنه فلولا انه كان من المسبحين اى من المصلين { بكرة واصيلا } اى غدوة وعشيا فالبكرة اول النهار والاصيل آخره او دآئما فانه يراد بهما الدوام وعن ابن عباس رضى الله عنهما صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر وفى عين المعانى البكرة صلاة الفجر والأصيل الصلوات الاربع فتكون الآية مشتملة على جميع الصلوات المفروضة وجوز بعض اهل التفسير ان يكون ضمير وتعزروه وتوقروه للرسول عليه السلام ولا وجه له لانه تفكيك اذ ضمير رسوله وتسبحوه لله تعالى قطعا وعلى تقدير أن يكون له وجه فمعنى تعظيم رسول الله وتوقيره حقيقة اتباع سنته فى الظاهر والباطن والعلم بانه زبدة الموجودات وخلاصتها وهو المحبوب الازلى وما سواه تبع له ولذا ارسله تعالى شاهدا فانه لما كان اول مخلوق خلقه الله كان شاهدا بوحدانية الحق وربوبيته وشاهدا بما اخرج من العدم الى الوجود من الارواح والنفوس والاجرام والاركان والاجسام والاجساد والمعادن والنبات والحيوان والملك الجن والشيطان والانسان وغير ذلك لئلا يشذ عنه ما يمكن للمخلوق دركه من اسرار افعاله وعجائب صنعه وغرآئب قدرته بحيث لا يشاركه فيه غيره ولهذا قال عليه السلام(13/484)
« علمت ما كان وما سيكون » لانه شاهد الكل وما غاب لحظة وشاهد خلق آدم عليه السلام ولاجله قال « كنت نبيا وآدم بين الماء والطين » اى كنت مخلوقا وعالما بأنى نبى وحكم لى بالنبوة وآدم بين أن يخلق له جسد وروح ولم يخلق بعد واحد منهما فشاهد خلقه وما جرى عليه من الا كرام والاخراج من الجنة بسبب المخابة وما تاب الله عليه الى آخر ما جرى عليه وشاهد خلق ابليس وما جرى عليه من امتناع السجود لآدم والطرد واللعن بعد طول عبادته ووفور علمه بمخالفة امر واحد فحصل له بكل حادث جرى على الأنبياء والرسل والامم فهوم وعلوم ثم انزل روحه فى قالبه ليزداد له نور على نور فوجود كل موجود من وجوده وعلوم كل نبى وولى من علومه حتى صحف آدم وابراهيم وموسى وغيرهم من اهل الكتب الالهية وقال بعض الكبار ان مع كل سعيد رقيفة من روح النبى صلى الله عليه وسلم هى الرقيب العتيد عليه فاعراضه عنها بعدم اقباله عليها سبب لانتهاكه ولما قبض الروح المحمدى عن آدم الذى كان به دآئما لا يضل ولا ينسى جرى عليه ما جرى من النسيان وما يتبعه واليه الاشارة بقوله صلى الله عليه وسلم « اذا اراد الله انفاذ قضائه وقدره سلب ذوى العقول عقولهم » واليه ينظر قوله عليه السلام « لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن » اى ينزع منه الايمان ثم يزنى . واعلم ان كل نبى له الولاية والنبوة فان كان رسولا فله الولاية والنبوة والرسالة فعالم رسالته هو كونه واسطة بين الله وخلقه وكذلك ان كان رسولا الى نفسه او اهله او قومه او الى الكافة فليس مع الرسول من عالم الرسالة الاقدر ما يحتاج اليه المرسل اليهم وما عدا ذلك فهو عالم ولايته فيما بينه وبين الله ولما تفاضلت الامم تفاضلت الرسل ويأتى النبى يوم القيامة ومعه امته وآخر معه قومه وآخر معه رهطه وهو ما دون العشرة وآخر معه ابنه وآخر معه رجل وآخر استتبع فلم يتبع ودعا فلم يجب لاتيانه فى الوقت الشديد الظلمة ولما جاء نبينا عليه السلام نورا من الله نور العالم ظواهرها وبواطنها فكانت امته اسعد الامم واكثرها ولذا تجيء فى ثمانين صفا وباقى الامم من لدن آدم عليه السلام فى اربعين صفا وقد قال تعالى فى حقه(13/485)
{ مبشرا } فانه لما ارسله الى الاحمر والاسود بشرهم بان لهم فى متابعته الرتبة المحبوبية التى هى مخصوصة به من بين سائر الانبياء والمرسلين فقد قال تعالى { ونذيرا } لئلا ينقطعوا عنه تعالى بشئ من الدارين كما انقطع أكثر الامم ولم يكونوا على شئ ( قال الكمال الخجندى ) مرد تاروى نيارد زدوعالم بخداى . مصطفى واركزين همه عالم نشود . نسأل الله ان يجعلنا على حظ وافر من الاقبال اليه والوقوف لديه(13/486)
إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)
{ ان الذين يبايعونك } المبايعة باكسى بيع ويا بيعت وعهد كردن اى يعاهدونك على قتال قريش تحت الشجرة وبالفارسية بدرستى كه آنانكه بيعت ميكنند باتودر حديبية سميت المعاهدة مبايعة تشبيها بالمعاوضة المالية اى مبادلة لمال بالمال فى اشتمال كل واحد منهما على معنى المبادلة فهم التزموا طاعة النبى عليه السلام والثبات على محاربة المشركين والنبى عليه السلام وعدلهم بالثواب ورضى الله تعالى قال بعض الانصار عند بيعة العقبة تكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت فقال عليه السلام « أشترط لربى ان تعبدوه ولا تشركوا به شيأ ولنفسى أن تمنعونى ومما تمنعون منه انفسكم وابناءكم ونساءكم » فقال ابن رواحة رضى الله عنه فاذا فعلنا فما لنا فقال « لكم الجنة » قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل { انما يبايعون الله } يعنى ان من بايعك بمنزلة من بايع الله كأنهم باعوا انفسهم من الله بالجنة كما قال تعالى { ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بأن لهم الجنة } وذلك لان المقصود ببيعة رسوله هو وجه الله وتوثيق العهد بمراعاة او امره ونواهيه قال ابن الشيخ لما كان الثواب انما يصل اليهم من قبله تعالى كان المقصود بالمبايعة منه عليه السلام المبايعة مع الله وانه عليه السلام انما هو سفير ومعبر عنه تعالى وبهذا الاعتبار صاروا كأنهم يبايعون الله وبالفارسية جزين نيست كه بيعت ميكنند باخداى جه مقصود بيعت اوست وبراى طلب رضاى اوسث . قال سعدى المفتى الظاهر والله اعلم ان المعنى على التشبيه اى كأنهم يبايعون الله وكذا الحال فى قوله { يد الله فوق ايديهم } اى كأن يد الله حين المبايعة فوق ايديهم حذف اداة التشبيه للمبالغة فى التأكيد وذكر اليد لاخذهم بيد رسول الله حين البيعة على ما هو عادة العرب عند المعاهدة والمعاقدة وفيه تشريف عظيم ليد رسول الله التى تعلو أيدى المؤمنين المبايعين حيث عبر عنها بيد الله كما ان وضعه عليه السلام يده اليمنى على يده اليسرى لبيعة عثمان رضى الله عنه تفخيم لشأن عثمان حيث وضعت يد رسول الله موضع يده ولم ينال تلك الدولة العظمى احد من الاصحاب فكانت غيبته رضى الله عنه فى تلك الوقعة خيرا له من الحضور وقال بعضهم فيه استعارة تخييلية لتنزهه تعالى عن الجارحة وعن سائر صفات الاجسام فلفظ الله فى يد الله استعارة بالكناية عن مبايع من الذين يبايعون بالايدى ولفظ اليد استعارة تخييلية اريد به الصورة المنتزعة الشبيهة باليد مع ان ذكر اليد فى حقه تعالى لاجتماعه مع ذكر الايدى فى حق الناس مشاكلة ازداد بها حسن التخييلية ثم ان قوله { يد الله فوق ايديهم } على كل من القولين تأكيد لما قبله والمقصود تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما وحقيقته ان الله تعالى لو كان من من شأنه التمثيل فتمثل للناس لفعل معه عين ما فعل مع نبيه من غير فرق فكان العقد مع النبى صورة العقد مع الله بل حقيقته كما ستجيء الاشارة اليه وقال الراغب فى المفردات يقال فلان يد فلان اى وليه وناصره ويقال لاولياء الله هم ايدى الله وعلى هذا الوجه قال الله تعالى { ان الذين يبايعونك } الآية ويؤيد ذلك ما روى(13/487)
« لا يزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذى يسمع به ويده التى يبطش بها » انتهى فيكون المعنى قوة الله ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم كأنه قيل ثق يا محمد بنصرة الله لك لا بنصرة اصحابك ومبايعتهم على النصرة والثبات وقال بعضهم اليد فى الموضعين بمعنى الاحسان والصنيعة فالمعنى نعمة الله عليهم فى الهداية الى الايمان والى بيعة الرضوان فوق ما صنعوا من البيعة كقوله تعالى { بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان } وقال السدى يأخذون بيد رسول الله ويبايعونه ويد الله اى حفظ تلك المبايعة عن الانتقاض والبطلان فوق ايديهم كما ان احد المتبايعين اذا مد يده الى الآخر لعقد البيع يتوسط بينهما ثالث فيضع يده على يديهما ويحفظ يديهما الى أن يتم العقد لا يترك واحدا منهما ان يقبض يده الى نفسه ويتفرق عن صاحبه قبل انعقاد البيع فيكون وضع الثالث يده على يديهما سببا لحفظ البيعة فلذلك قال تعالى { يد الله فوق ايديهم } يحفظهم ويمنعهم عن ترك البيعة كما يحفظ المتوسط ايدى المتبايعين وقال اهل الحقيقة هذه الآية كقوله تعالى { من يطع الرسول فقد اطاع الله } فالنبى عليه السلام قد فنى عن وجوده بالكلية وتحقق بالله فى ذاته وصفاته وافعاله فكل ما صدر عنه صدر عن الله فمبايعته مبايعة الله كما ان اطاعته اطاعة الله سلمى قدس سره فرموده كه اين سخن درمقام جمعست وحق سبحانه مرتبة جمع را براى هيج كس تصريح نكرده الا براى آنكه اخص واشرف موجوداتست . ولهذا السر يقول عليه السلام يوم القيامة « امتى امتى دون نفسى نفسى » لانه لم يبق فيه بقية الوجود اصلا وفيه اسوة حسنة للكمل من افراد امته فاعرف جدا فمعنى { يد الله فوق ايديهم } اى قدرته الظاهرة فى صورة قدرة النبى عليه السلام فوق قدرتهم الظاهرة فى صور ايديهم لانه مظهر الاسم الاعظم المحيط الجامع وكل الاسماء تحت حيطة هذا الاسم الجليل فيدالنبى عليه السلام مع غيره كيد السلطان مع ما سواه وهو أى قوله { يد الله فوق ايديهم } زيادة التصريح فى مقام عين الجمع لحصول هذا المعنى الاطلاقى مما قبله والحاصل ان الله تعالى جعل نبيه صلى الله عليه وسلم مظهرا لكمالاته ومرءآة لتجلياته ولذا قال عليه السلام(13/488)
« من رآنى فقد رأى الحق » ولما فنى عليه السلام عن ذاته وصفاته و أفعاله كان تائبا عن الحق فى ذاته وصفاته وأفعاله كما قيل ( ع ) نائبست ودست اودست خداى . وفى هذا المقام قال الحلاج انا الحق وابو بزيد سبحانى سبحانى ما اعظم شانى وابو سعيد الخراز ليس فى الجبة غير الله قال الواسطى اخبر الله بهذه الآية ان البشرية في نبيه عارية واضافة لا حقيقة يعنى فظاهره مخلوق وباطنه حق ولذا يجوز السجدة لباطنه دون ظاهره اذ ظاهره من عالم التقييد وباطنه من عالم الاطلاق واذا كانت الصلاة جائزة على الموتى فما ظنك بالاحياء فاعرف جداً فانه انما جازت الصلاة على الموتى لاشتمالهم على حصة من الحقيقة المحمدية الجامعة الكلية { فمن نكث } لنكث نقض نحو الحبل والغزل استعير لنقض العهداى فمن نقض عهده وبيعته وأزال ابرامه واحكامه { فانما ينكث على نفسه } فانما يعود ضرر نكته على نفسه لان الناكث هو لا غير { ومن اوفى بما عاهد عليه الله } بضم الهاء فانه ابقى بعد حذف الو او اذ اصله هو توسلا بذلك الى تفخيم لام الجلالة اى ومن اوفى بعهده وثبت عليه واتمه { فسيؤتيه أجرا عظيما } هى الجنة وما فيها من رضوان الله العظيم والنظر الى جماله الكريم ويحتمل ان يراج بنكث العهد ما يتناول عدم مباشرته ابتدآء ونقضه بعد انعقاده لما روى عن جابر رضى الله عنه انه قال بايعنا رسول الله بيعة الرضوان تحت الشجرة على اموت وعلى ان لا نفر فما نكث احد منا البيعة الاجد بن قيس وكان منافقا احتبأ تحت ابط بعيره ولم يسر مع الفوم اى الى المبايعة حين دعوا اليها . در موضح آورده كه سه جيز راجع باهل آن ميشوديكى مكركه ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله دوم ستم كه انما بغيكم على انفسكم سيوم نقض عهدكه فمن نكث غلى نفسه و درعهدوبيمان كفته اند . بيمان مشكن كه هر كه بيمان بشكست . ازباى درافناد وبرون رفت زدست . آنراكه بدردست بودبيمان الست . نشكسته بهيج حال هرعهدكه بست ( كما قال الحافظ ) ازدم صبح ازل تا آخر شام ابد . دوستى و مهر بريك عهد ويك ميثاق بود ( وقال ) بيمان شكن هر آينه كردد شكسته حال . ان العهود لدى اهل النهى ذمم . قال بعض الكبار هذه البيعة نتيجة العهد السابق المأخوذ على العباد فى بدء الفطرة فيضرهم النكث وينفعهم الوفاء قال الشيخ اسمعيل بن سودكين فى شرح التجليات الاكبرية قدس الله سرهما المبايعون ثلاثة الرسل والشيوخ الورثة والسلاطين والمبايع فى هؤلاء الثلاثة على الحقيقة واحد وهو الله تعالى وهؤلاء الثلاثة شهود الله تعالى على بيعة هؤلاء الاتباع وعلى هؤلاء الثلاثة شروط يجمعها القيام بأمر الله وعلى الاتباع الذين بايعوهم شروط يجمعها المتابعة فيما امروا به فاما الرسل والشيوخ فلا يأمرون بمعصية اصلا فان الرسل معصومون من هذا والشيوخ محفوظون واما السلاطين فمن لحق منهم بالشيوح كان محفوظا ولا كان مخذولا وما هذا فلا يطاع فى معصية والبيعة لازمة حتى يلقوا الله تعالى ومن نكث الاتباع من هؤلاء فحسبه جهنم خالدا فيها لا يكلمه الله ولا ينظر اليه وله عذاب أليم هذا كما قال ابو سليمان الداراتى قدس سره هذا حظه فى الآخرة واما فى الدنيا فقد قال ابو يزيد البسطامى قدس سره فى حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك مع المخنثين و سرق فقطعت يده هذا لما نكث اين هو ممن وفى بيعته مثل تلميذ الدارانى قيل له ألق نفسك فى التنور فألقى نفسه فيه فعاد عليه بردا وسلاما هذه نتيجة الوفاء انتهى .(13/489)
يقول الفقير ثبت بهذه الآية سنة المبايعة واخذ التلقين من المشايخ الكبار وهم الذين جعلهم الله قطب ارشاد بأن اوصلهم الى التجلى العينى بعد التجلى العلمى اذ لا فائدة فى مبايعة الناقصين المحجبين لعدم اقتدارهم على الارشاد والتسليك وعن شداد بن اوس وعبادة بن الصامت رضى الله عنهما قالا كنا عند رسول الله عليه السلام فقال « هل فيكم غريب » يعني اهل كتاب قلنا لا يا رسول الله فأمر بغلق الباب فقال « ارفعوا ايديكم فقولوا لا اله الا الله » فرفعنا ايدينا ساعة ثم وضع رسول الله يده ثم قال « الحمد لله اللهم انك بعثتنى بهذه الكلمة وامرتنى بها ووعدتنى عليها الجنة انك لا تخلف الميعاد » ثم قال « أبشروا فان الله قد غفر لكم » كما فى ترويح القلوب لعبد الرحمن البسطامى قدس سره وعن عبد الرحمن بن عوف بن مالك الاشجعى رضى الله عنه قال كنا عند رسول الله تسعة او ثمانية او سبعة فقال « الا تبايعون رسول الله » وكنا حديثى عهد ببيعته فقلنا قد بايعناك يا رسول الله قال « الا تبايعون رسول الله » فبسطنا ايدينا وقلنا على مم نبايعك قال « أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيأ وتقيموا الصلوات الخمس وتطيعوا » واسر كلمة خفية « ولا تسألوا الناس ولقد رأيت بعض اولئك النفر يسقط سوط احدهم فلا يسأل احدا يناوله اياه » رواه مسلم والترمذى والنسائى كما فى الترغيب والترهيب للامام المنذرى رحمه الله وعن عبادة بن الصامت قال اخبرنى ابى عن ابيه قال بايعنا رسول الله على السمع والطاعة فى العسر واليسر والمنشط والمكره وان لا ننازع الامر اهله وان نقول بالحق حيث كنا ولا نخاف فى الله لومة لائم كما فى عوارف المعارف للسهرور دى قدس سره وقوله وان لا ننازع الامر اهله اى اذا فوض امر من الامور الى من هو اهل لذلك الامر لا ننازع فيه ونسلم ذلك الامر له وقوله حيث كنا اى عند الصديق والعدو والاقارب والاباعد كما فى حواشى زين الدين الحافى رحمه الله واخذ من التقرير المذكور أخذ اليد فى المبايعة وذلك بالنسبة الى الرجال دون النساء لما روى ان النساء اجتمعن عند النبى عليه السلام وطلبن ان يعاهدهن باليد فقال(13/490)
« لا تمس يدى يد المرأة ولكن قولى لامرأة واحدة كقولى لمائة امرأة » فبايعهن بالكلام ثم طلبن منه البركة فوضع يده الشريفة فى الماء ودفعه اليهن فوضعن ايديهن فيه كذا ذكره الشيخ عبد العزيز الديرينى فى الرورضة الانيفة وكذا فى ترجمة الفتوحات حيث قال ورسول عليه السلام وفات كرد ودست او بهيج زن ن محرم نرسيد وبازنان مبايعة بسخن مى كرد وقول اوبايك زن جنان بودكه باهمه انتهى وقال فى انسان العيون بايعه عليه السلام ليلة العقبة الثانية السبعون رجلا وبايعه المرأتان من غير مصافحة لانه صلى الله عليه وسلم كان لا يصافح النساء انما كان يأخذ عليهن فاذا احرزن قال « اذهبن فقد بايعتكن » انتهى وفى الاحياء ويجب منع النساء من حضور المساجد للصلاة ولمجالس الذكر اذا خيفت الفتنة اذ منعتهن عائشة رضى الله عنها فقيل لها ان رسول الله ما منعن من الجماعات فقالت لو علم رسول الله ما أحدثن بعده لمنعهن انتهى
فحضورهن مجالس الوعظ والذكر من غير حائل يمنع من النظر اذا كان محظورا منكرا فكيف مس ايديهن كما فى مشيخة هذا الزمان ومبتدعته وربما يمسون المسك لاجل النساء اللاتى يحضرن مجالسهم ويبايعنهم كما سمعناه من الثقات والعياذ بالله تعالى ولنعد الى تحرير المقام قال ابو يزيد البسطامى قدس سره من لم يكن له استاذ فأمامه الشيطان وحكى الاستاذ ابو القاسم القشيرى عن شيخه ابى على الدقاق قدس سرهما انه قال الشجرة اذا نبتت بنفسها من غير غارس فانها تتورق ولا تثمر وهو كما قال ويجوز أنها تثمر كالاشجار التى فى الاودية والجبال ولكن لا يكون لفاكهتها طعم فاكهة البساتين والغرس اذا نقل من موضع الى موضع آخر يكون احسن واكثر ثمرة لدخول التصرف فيه وقد اعتبر الشرع وجود التعليم فى الكلب المعلم وأحل ما يقتله بخلاف غير المعلم وسمعت كثيرا من المشايخ يقولون من لم ير مفلحا لا يفلح ولنا فى رسول الله اسوة حسنة فأصحاب رسول الله تلقوا العلوم والآداب من رسول الله كما روى عن بعض الصحابة علمنا رسول الله كل شئ حتى الخراءة بكسر الخاء المعجمة يعنى قضاء الحاجة فلا بد لطالب الحق من اديب كامل واستاذ حاذق يبصره بآفات النفوس وفساد الاعمال ومداخل العدو فاذا وجد مثل هذا فليلازمه وليصحبه وليتأدب بآدابه ليسرى من باطنه الى باطنه حال قوى كسراج يقتبس من سراج ولينسلخ من ارادة نفسه بالكلية فان لتسليم له تسليم لله ولرسوله لان سلسلة التسليم تنتهى الى رسول الله والى الله ( فى المثنوى ) كفت طوبى من رآنى مصطفى .(13/491)
والذى يبصر لمن وجهى رأى . جون جراغى نور شمعى راكشيده هركه ديدانرا يقين آن شمع ديد . همجنين قاصد جراغ ارنقل شد . ديدن آخر لقاى اصل شد . خواه نوراز وابسين بستان بجان . هيج فرقى نيست خواه ازشمعدان . وفى الحديث « الحجر الاسود يمين الله فى ارضه فمن لم يدرك بيعة رسول الله فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله » وفى رواية « الركن يمين الله فى الارض يصافح بها عباده كما يصافح احدكم اخاه » قال السخاوى معنى الحديث ان كل ملك اذا قدم عليه قبلت يمينه ولما كان الحاج والمعتمر يتعين لهما تقبيله نزل منزلة يمين الملك ويده ولله المثل الاعلى وكذلك من صافحه كان له عند الله عهد كما ان الملك يعطى الهدية والعهد بالمصافحة انتهى .
يقول الفقير لا شك ان الكعبة عند اهل الحقيقة اشارة الى مرتبة الذات الاحدية والذات الاحدية قد تجلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بجميع اسمائها وصفاتها فكانت الكعبة صورة رسول الله والحجر الاسود صورة يده الكريمة واما حقيقة سر الكعبة والحجر فذاته الشريفة ويمينه المباركة ومن هنا نعرف ان الانسان الكامل افضل من الكعبة وكذا يده اولى من الحجر ولما انتقل النبى عليه السلام خلفه ورثته بعده فهم مظاهر هذين السرين فلا بد من تقبيل الحجر فى الشريعة ومن تقبيل يد الانسان الكامل فى الحقيقة فانه المبايعة الحقيقة فانها عين المبايعة مع الله ورسوله ثم اذا وقعت المبايعة للمبايع فى ذلك او ان ارتضاع وزمان انفطام فلا يفارق من بايعه الا بعد حصول المقصود بأن ينفتح له باب الفهم من الله ومتى فارق قبل او ان انفطام يناله من الاعلال فى الطريق بالرجوع الى الدنيا ومتابعة الهوى ما ينال المفطوم لغير اوانه فى الولادة الطبيعية وكذا الحال فى العلم الظاهر فانه لا بد فيه من التكميل ثم الاذن من الاستاذ للتدريس قال فى الاشباه لما جلس ابو يوسف للتدريس من غير اعلام ابى حنيفة ارسل اليه ابو حنيفة رجلا فسأله عن مسائل خمس . الاولى قصار جحد الثوب ثم جاء به مقصورا هل يستحق الاجر او لا فأجاب ابو يوسف يستحق الاجر فقال له الرجل اخطأت فقال لا يستحق فقال اخطأت ثم قال له الرجل ان كانت القصارة قبل الجحود استحق والا لا .(13/492)
الثانية هل الدخول فى الصلاة بالفرض او بالسنة فقال بالفرض فقال اخطأت فقال بالسنة فقال اخطأت فتحير ابو يوسف فقال الرجل بهما لان التكبير فرض ورفع اليدين سنة . الثالثة طير سقط فى قدر على النار فيه لحم ومرق هل يؤكلان اول لا فقال يؤكلان فخطأه فقال لا يؤكلان فخطأه ثم قال ان كان اللحم مطبوخا قبل سقوط الطير يغسل ثلاثا ويؤكل وترمى المرقة والا يرمى الكل .
الرابعة مسلم له زوجة ذمية ماتت وهى حامل منه تدفن فى اى المقابر فقال ابو يوسف فى مقابر المسلمين فخطأه فقال فى مقابر اهل الذمة فخطأه فتحير فقال تدفن فى مقابر اليهود ولكن يحول وجهها عن القبلة حتى يكون وجه الولد الى القبلة لان الولد فى البطن يكون وجهه الى ظهر أمه .
الخامسة ام ولد لرجل تزوجت بغير اذن مولاها فمات المولى هل تجب العدة من المولى فقال تجب فخطأه فقال لا تجب فخطأه ثم قال الرجل ان كان الزوج دخل بها لا تجب والا وجبت فعلم ابو يوسف تقصيره فعاد الى ابى حنيفة فقال تزببت قبل ان تحصرم ( قال الشيخ سعدى ) يكى درضعت كشتى كيرى بسر آمده يود وسيصد وشصت بند فاخر درين علم بدانستى وهر روز بنوعى كشتى كرفتى مكر كوشة خاطرش باجمال بكى از شاكردان ميل داشت سيصدو بنجاهو نه بند اورا آموخت مكر يك بندكه در تعليم آن دفع انداختى وتهاون كردى فى الجملة بسر درقوت وضعت بسر آمد وكسى را با او مجال مقاومت نماند تابحدى كه بيش ملك كفت استادرا فضيلتى كه برمنست ازروى بزركيست وحق تر بيت وكرنه بقوت ازوكمتر نيستم وبضعت بالوبرابر ملك را اين سخن بسنديده نيامد بفرمود تامصارعه كنند مقامى متسع ترتيب كردند واركان دولت واعيان حضرت وزور آوران آن اقليم حاضر شدند بسر جون بيل مست در آمد بصد متى كه اكركوه آهنين بودى ازجاى بركندى استاد دانست كه جوان ازو بقوت برترست بدان بند غريب كه ازونهان داشته بود بر اودر آويخت وبدودست بر كرفت اززمين بر بالاى سر بردو بر زمين زدغريو ازخلق برخاست ملك فرمود تا استادرا خلعت ونعمت بى قياس دادندو بسررا زجرو ملامت كردكه بايرورندة خويش دعوى مقاومت كردى وبسر نبردى كفت اى خداوند مرا بزور دست ظفر نيافت بلكه ازعلم كشتى دقيقة مانده بودكه زمن دريغ همى داشت امر وزبدان دقيقه برمن دست يافت استاد كفت ازبهر جنين روزنهان داشتم فعلم ان التلميذ لا يبلغ درجة استاذه فى زمانه فللاستاذ العلو من كل وجه .(13/493)
مريدان بقوت زطفلان كمند .
مشايخ جو ديوار مستحكمند . قال فى كشف النور عن اصحاب القبور واما هذا الزى المخصوص الذى اتخذه كل فريق من الصوفية كلبس المرقعات ومثازر الصوف والميلويات فهو امر قصدوا به التبرك بمشايخهم الماضية فلا ينهون عنه ولا يؤمرون به فان غالب ملابس هذا الزمان من هذا القيل كالعمائم التى اتخذها الفقهاء والمحدثون والعمائم التى اتخذها العساكر والجنود والملابس التى يتخذها عوام الناس وخواصهم فانها جميعها مباحة وليس فيها شئ يوافق السنة الا القليل ولا نقول انها بدعة ايضا لان البدعة هى الفعلة المخترعة فى الدين على خلاف ما كان عليه النبى عليه السلام وكانت عليه الصحابة والتابعون رضى الله عنهم وهذه الهيئات والملابس والعمائم ليست مبتدعة فى الدين بل هى مبتدعة فى العادة ولا هى مخالفة للسنة ايضا على حسب ماعرف الفقهاء السنة بانها كل فعلة فعلها النبى عليه السلام على وجه العبادة لا العبادة ولم يكن النبى عليه السلام يلبس العمامة على سبيل العبادة ولا يلبس الثياب المخصوصة على طريق العادة وانما القصد بذلك ستر العورة ودفع اذية الحر والبرد ولهذا ورد عنه لبس الصوف والقطن وغير ذلك من الثياب العالية والسافلة فليس مخالفته فى ذلك لمخالفة سنة وان كان الاتباع فى جميع ذلك افضل لانه مستحب انتهى
قال فى العوارف لبس الخرقة اى من يد الشيخ علامة التفويض والتسليم ودخوله فى حكم الشيخ دخوله فى حكم الله تعالى وحكم رسوله عليه السلام واحياء سنة المبايعة مع رسول الله قالت ام خالد أتى النبى عليه السلام بثياب فيها خميصة سودآء صغيرة وهى كساء اسود مربع له علمان فان لم يكن معلما فليس بخميصة فقال عليه السلام « من ترون اكسو هذه » فكست القوم فقال عليه السلام « ائتونى بام خالد » قالت فأتى بى فألبسنيها بيده فقال « ابلى واخلقى » يقولها مرتين وجعل ينظر الى علم فى الخميصة اصفر واحمر ويقول « يا ام خالد هذا سناء » والسناء هو الحسن بلسان الحبشة ولا خفاء بأن لبس الخرقة على الهيئة التى يعمدها الشيوخ فى هذا الزمان لم يكن فى زمن رسول الله وهذه الهيئة والاجتماع لها والاعتداد بها من استحسان الشيوخ وقد كان طبقة من السلف الصالحين لا يعرفون الخرقة ولا يلبسونها المريدين فمن يلبسها فله مقصد صحيح واصل من السنة وشاهد من التسرع ومن لا يلبسها فله رأى وله فى ذلك مقصد صحيح وكل تصاريف المشايخ محمولة على السداد والصواب ولا تخلو عن نية خالصة فيها انتهى كلام العوارف باختصار وقال الشيخ زين الدين الحافى فى حواشيه قد صح واشتهر بنقل الاولياء كابرا عن كابر على ما هو مسطور فى اجازات المشايخ ان رسول الله ألبس عليا الخرقة الشريفة وهو ألبس الحسن البصرى وكميل بن زياد رضى الله عنهما وفى المقاصد الحسنة ان أئمة الحديث لم يثبتوا للحسن من على سماعا فضلا عن أن يلبسه الخرقة قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الضرورى من اللباس الظاهر ما يستر السوآت والرياش ما يزيد على ذلك مما تقع به الزينة والضرورى من اللباس الباطن وهو تقوى المحارم مطلقا ما يوارى سوأة .(13/494)
الباطن والريش لباس مكارم الاخلاق مثل نوافل العبادات كالصفح والاصلاح فأراد اهل الله أن يجمعوا بين اللبستين ويتزينوا بالزينتين ليجمعوا بين الحسنيين فيثابوا من الطرفين فلبسوا الخرقة وألبسوها ليكون تنبيها على ما يريدونه من لباس بواطنهم وجعلوا ذلك اصلا واصل هذا اللباس عندى ما القى فى سرى ان الحق لبس قلب عبده فانه قال « ما وسعنى ارضى ولا سمائى ووسعنى قلب عبدى » فان الثوب وسع لابسه وظهر هذا الجمع بين اللبستين فى زمان الشبلى وابن حفيف الى هلم جرا فجرينا على مذهبهم فى ذلك فلبسناها من ايدى مشايخ جمة سادات بعد ان صحبناهم وتأدبنا بآدابهم ليصح اللباس ظاهرا وباطنا انتهى
باختصار نسأل الله سبحانه أن يجعل لباس التقوى لباسا خيرا لنا وأن يصح نياتنا وعقائدنا واعمالنا واحوالنا انه هو المعين لاهل الدين الى أن يأتى اليقين(13/495)
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11)
{ سيقول لك المخلفون من الاعراب } السين للاستقبال يقال خلفته بالتشديد تركته خلفى وخلفوا اثقالهم تخليفا خلوها ورآء ظهورهم والتخليف بالفارسية وابس كنشتن ودر انيجا مراد از مخلفون بازبس كردكان خداى يعنى ايشان كه بازيس كرده انداز صحبت رسول عليه السلام ازباديه نشينان . خلفهم الله عن رسول الله كما قال { كره الله انبعاثهم فثبطهم } وقيل { اقعدوا مع الخالفين } قال فى المفردات العرب اولاد اسمعيل عليه السلام والاعراب جمعه فى الاصل وصار ذلك اسما لمكان البادية وقيل فى جمع الاعراب اعاريب والاعرابى صار اسما فى التعارف للمنسوبين الى سكان البادية انتهى
وفى القاموس العرب بالضم وبالتحريك خلاف العجم مؤنث وهم سكان الامصار والاعراب منهم سكان البادية ويجمع على اعاريب انتهى
وفى مختار الصحاح العرب جيل من الناس والنسبة اليهم عربى وهم اهل الامصار والاعراب منهم سكان البادية خاصة و النسبة اليهم اعرابى وليس الاعراب جمعا لعرب بل هو اسم جنس انتهى وقال ابن الشيخ فى سورة التوبة العرب هو الصنف الخاص من بنى آدم سوآء سكن البوادى ام القرى واما الاعراب فانه لا يطلق الا على من يسكن البوادى فالاعراب جمع اعرابى كما ان العرب جمع عربى والمجوس جمع مجوسى واليهود جمع يهودى بحذف ياء النسبة فى الجمع ويدل على الفرق بين العرب والاعراب قوله عليه السلام « حب العرب من الايمان » وقوله تعالى { الاعراب اشد كفرا ونفاقا } حيث مدح العرب وذم الاعراب الذين خم سكان البادية فعلى هذا يكون العرب اعم من الاعراب وقيل العرب هم الذين استوطنوا المدن والقرى والاعراب اهل البدو فعلى هذا القول يكونان متباينين انتهى والمراد هنا هم اعراب غفار ومزينة وجهينة واشجع واسلم والدئل بالكسر تخلفوا عن رسول الله عليه السلام حين استنفر من حول المدينة من الاعراب واهل البوادى ليخرجوا معه عند ارادته المسير الى مكة عام الحديبية معتمرا حذرا من قريش أن يتعرضوا له بحرب ويصدوه عن البيب واحرم عليه السلام وساق معه الهدى ليعلم انه لا يريد الحرب وتثاقلوا عن الخروج وقالوا أنذهب الى قوم قد غزوه فى عقر داره بالمدينة وقتلوا اصحابه فنقاتلهم فأوحى الله اليه عليه السلام بأنهم سبعتلون اى عند وصولك الى المدينة ويقولون { شغلتنا } مشغول كرد مارا . والشغل العارض الذى يذهل الانسان وقد شغل فهو مشغول { اموالنا واهلونا } ولم يكن لنا من يخلفنا فيهم ويقوم بمصالحهم ويحميهم من الضياع والاموال جمع مال وهو كل ما يتملكه الناس من دراهم او دنانير او ذهب او فضة او حنطة او خبز او حيوان او ثياب او سلاح او غير ذلك والمال العين هو المضروب وسمى المال مالا لكونه بالذات تميل القلوب اليه وفى التلويح المال ما يميل اليه الطبع ويدخر لوقت الحاجة او ما خلق لمصالح الآدمى ويجرى فيه الشح والضنة انتهى
والاهلون جمع اهل واهل الرجل عشيرته وذو واقرباء وقد يجمع الاهل على اهال وآهال واهلات ويحرك كأرضات على تقدير تاء التأنيث اى على ان اصله اهلة كما فى ارض لحكمه حكم تمرة حيث يجوز فى تمرات تحريك الميم { فاستغفر لنا } الله تعالى ليغفر لنا تخلفنا عنك حيث لم يكن ذلك باختيار بل عن اضطرار { يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم } تكذيب لهم فى الاعتذار وسؤال الاستغفار يعنى انه تكذيب لهم فيما يتضمنه من الحكم من انا مؤمنون حقا معترفون بذنوبنا فالشك والنفاق هو الذى خلفهم لا غير وفى الآية إشارة الى ان القلوب الغافلة عن الله يقولون اى اهلها بألسنتهم ما ليس له حقيقة ولا شعور لقلوبهم على حقيقة ما يقولون فانهم يقولون ويريدون به معنى آخر كقولهم شغلتنا اموالنا واهلونا مجازا يريدون به اعتذارا لتخلفهم ولقولهم شغلتنا حقيقة وذلك ان اموالهم واهليهم شغلتهم عن ذكر الله والائتمار بأوامره وعن متابعة النبى عليه السلام وهم مأمورون بها ( قال المولى الجامى ) مكن تعلق خاطر بنقش صفحة دهره جريده وارهمى زى وساده وش مى باش { قل } رداً لهم عند اعتذارهم اليك باباطيلهم { فمن يملك لكم من الله شيأ } اى فمن يقدر لاجلكم من مشيئة الله وقضائه على شئ من النفع { ان اراد بكم ضرا } اى ما يضركم من هلاك الاهل والمال وضياعهما حتى تتخلفوا عن الخروج لحفظهما ودفع الضرر عنهما { او اراد بكم نفعاً } اى ومن يقدر على شئ من الضرران اراد بكم ما ينفعكم من حفظ اموالكم واهليكم فأى حاجة الى التخلف لاجل القيام بحفظهما { بل كان الله بما تعملون خبيرا } اى ليس الامر كما تقولون بل كان الله خبيرا بجميع ما تعملون من الأعمال التى من جملتها تخلفكم وما هو من مباديه فمن ترك امر الله ومتابعة رسوله وقعد طلبا للسلامة دخل فى الاية ثم لم يجد خلاصا منالضرر والبلاء فان الله تعالى قادر على ايصال المكروه ولو بغير صورة القتال فلا بد من الصدق والعمل بالاخلاص والتوكل على الله تعالى فان فيه الخلاص .(13/496)
نقلست كه يكروز كسان حجاج ظالم حسن بصرى را رضى الله عنه طلب كردند حسن در صومعة حبيب عجمى قدس سره ينهان شد حبيب راكفتند امروز حسن راديدى كفت ديدم كفتند كجاست كفث درين صومعه شد در صومعه رفتند جندانكه طلب كردند حسن رانيا فتند جنانكه حسن كفت هفت باردست برمن نهادند ومرانديدند وبيرون آمدند و كفتند اى حبيب آنجه حجاج باشما كند سزاى شماست تاجرا دروغ ميكوييد حبيب كفت او دربيش من درين جاشد اكر شمانمى دانيد ونمى ينيد مراجه جرم عوانان ديكر باره طلب كردند نيا فند حسن از صومعه بيرون آمد كفت اى حبيب حق استاذى نكاه داشتى ومرابعوا نان غمز ميكردى كفت اى استاذ بروكه براست كفتن خلاص يافتى كه اكر دروغ ميكفتمى هردو كرفنار خواستيم شدن ( قال الحافظ ) بصدق كوش كه خورشيد زايد ازنفست .(13/497)
كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست . حسن كفت جه كردى كه مرانديدند كفت نه بار آية الكرسى ونه بار آمن الرسول ونه بار قل هو الله احد بخواندم وباز كفتم كه خدايا حسن را بتو سبزم كه نكاهش دارى وهكذا يحفظ الله اولياءه الصادقين وينصرهم ويترك اعدآءه الكافرين ويخذلهم(13/498)
بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12)
{ بل ظننتم } الخ بدل من كان الله الخ مفسر لما فيه من الابهام اى بل ظننتم ايها المخلفون { أن لن ينقلب } لن برجع وبالفارسية بلكه كمان ميبرديد آنكه باز نكردد { الرسول } صلى الله عليه وسلم { والمؤمنون } الذين معه وهم ألف واربعمائة { الى اهليهم } بسوى اهالى خود بمدينه { ابدا } هركزاى بأن يستأصلهم المشركون بالكلية فخشيتم ان كنتم معهم أن يصيبكم ما اصابهم فلاجل ذلك تخلفكم لا لما ذكرتم من المعاذير الباطلة { وزين ذلك فى قلوبكم } واراسته شد اين كمان دردلهاى شما يعنى شيطان بياراست . وقبلتموه واشتغلتم بشأن انفسكم غير مبالين بهم { وظننتم ظن السوء } وكمان بر ديد كمان بد . المراد به اما الظن الاول والتكرير لتشديد التوبيخ والتسجيل عليه بالسوء والا فهو من عطف الشئ على نفسه او ما يعمه وغيره من الظنون الفاسدة التى من جملتها الظن بعدم الصحة رسالته عليه السلام فان الجازم بصحتها لا يحوم حول فكره ما ذكر من الاستئصال فبهذا التعميم لا يلزم التكرار { وكنتم قوما بورا } اى هالكين عند الله مستوجبين سخطه وعقابه على انه جمع باثر من بار بمعنى هلك كعائذ وعوذ وهى من الابل والخيل الحديثة النتاج او فاسدين فى انفسكم وقلوبكم ونياتكم لا خير فيكم فان البور الفاسد فى بعض اللغات وقيل البور مصدر من بار كالهلك من هلك بناء ومعنى ولذا وصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث فيقال رجل بورو قوم بوروفى المفردات البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك وكانوا قوما بورا اى هلكى انتهى وفيه اشارة الى ان كل من ظن انه يصيبه فى الغز وقتل او جراحة او ما يكره من المصائب ثم يتخلف عن الغزو فانه من الهالكين وقد استولى الشيطان على قلبه فزين فى قلبه الحياة الدنيا ليؤثرها على الحياة الاخروية التى اعدت للشهدآء والدرجات العلى فى الجنة والقربات فى جوار الحق تعالى . مكن زغصه شكايت كه در طريق طلب . براحتى نرسيد آتكه زحمتى نكشيد(13/499)
وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (13)
{ ومن لم يؤمن بالله ورسوله } كلام مبتدأ من جهته تعالى ومن شرطية او موصولة اى ومن لم يؤمن بهما كدأب هؤلاء المخلفين { فانا اعتدنا للكافرين سعيرا } اى لهم وانما وضع موضع الضمير العائد الى من الكافرون ايذانا بأن من لم يجمع بين الايمان بالله ورسوله وهو كافر فانه مستوجب السعير اى النار الملتهبة وتنكيره للتهويل للدلالة على انه سعير لا يكتنه كنهها او لأنها نار مخصوصة كما قال نارا تلظى فالتنكير للتنويع(13/500)
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (14)
{ ولله ملك السموات والأرض } وما فيهما يتصرف فى الكل كيف يشاء وبالفارسية مرخدا يراست بادشاهئ آسمانها وزمينها زمام امور ممالك علوى وسفلى در قبضة قدرت اوست { يغفر لمن يشاء } أن يغفر له وهو فضل منه { ويعذب من يشاء } أن يعذبه وهو عدل منه من غير دخل لأحد فى شئ منهما وجودا وعدما وفيه حسم لاطماعهم الفارغة فى استغفاره عليه السلام لهم { وكان الله غفوراً رحيماً } مبالغا فى المغفرة والرحمة لمن يشاء ولا يشاء الا لمن تقتضى الحكمة مغفرته ممن يؤمن به وبرسوله واما من عداه من الكافرين فهم بمعزل من ذلك قطعا فالآية نظير قوله تعالى فى الاحزاب { ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين ان شاء او يتوب عليهم ان الله كان غفورا رحيما } اى يعذب المنافقين ان شاء تعذيبهم اى ان لم يتوبوا فان الشرك لا يغفر البتة او يتوب عليهم اى يقبل توبتهم ان تابوا فالله تعالى بمحو بتوبة واحدة ذنوب العمر كله ويعطى بدل كل واحدة منها حسنة وثوابا قال ابو هريرة رضى الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ان الله افرح بتوبة عبده المؤمن من الضال الواجد ومن الظمئان الوارد ومن العقيم الوالد ومن تاب الى الله توبة نصوحا انسى الله حافظيه وبقاع ارضه خطاياه وذنوبه » كرآيينه از آه كردد تباه . شود روشن آينة دل بآه . توبيش از عقوبت در عفو كوب . كه سودى ندارد فغان زبرجوب . وفى هذا المعنى قال الكمال الخجندى . تراجه سود بروز جزا وقايه وحرز . كه از وقاية عفوش حمايتى نرسيد . وفى الآية اشارة الى أن من اطفأ سعير نفسه وشعلة صفاتها بماء الذكر وترك الشهوات يؤمن قلبه وينجو من سعير النفس وهو حال من آمن بالله ورسوله والا فيكون سعير نفسه وشعلة صفاتها مستولية على القلب فتحرقه وما تبقى من آثاره شيأ وهو حال من لم يؤمن بالله ورسوله ولله ملك سموات القلوب وارض النفوس يغفر لنفس من يشاء ويزكيها عن الصفات الذميمة ويجعلها مطمئنة قابلة لجذبة ارجعى ويعذب قلب من يشاء باستيلاء صفات النفس عليه ويقلبه كما لم يؤمن به وكان الله غفورا لقلب من يشاء رحيما لنفس من يشاء يؤتى ملك نفس من يشاء لقلبه وينزع ملك قلب من يشاء ويؤتيه لنفسه(14/1)
سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15)
{ سيقول المخلفون } المذكورون { اذا انطلقتم الى مغانم لتأخذوها } ظرف لما قبله لا شرط لما بعده وانطلقتم اى ذهبتم يقال انطلق فلان اذا مر متخلفا واصل الطلاق التخلية من وثاق كما يقال حبس طلقا ويضم اى بلا قيد ولا وثاق والمغانم جمع مغنم بمعنى الغنيمة اى الفيء اى سيقولون عند انطلاقكم الى مغانم خيبر لنحوزوها حسبما وعدكم اياها وخصكم بها عوضا عما فاتكم من غنائم مكة اذا نصرفوا منها على صلح ولم يصيبوا منها شيأ فالسين يدل على القرب وخيبرا قرب مغانم انطلقو اليها فهى هى فان قيل كيف يصح هذا الكلام وقد ثبت انه عليه السلام أعطى من قدم مع جعفر رضى الله عنه من مهاجرى الحبشة وكذا الدوسيين والاشعريين ولم يكونوا ممن حضر الحديبية قلنا كان ذلك باستنزال اهل الحديبية عن شئ من حقهم ولولا ان بعض خيبر كانت صلحا لما قال موسى بن عقبة ومن تبعه ما قالوا وكان ما أعطاهم من ذلك كما فى حواشى سعدى المفتى { ذرونا } بكذاريد مارا . امر من يذر ا لشئ اى يتركه ويقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه { نتبعكم } الى خيبر ونشهد معكم قتال اهلها { يريدون ان يبدلوا كلام الله } بأن يشاركوا فى المغانم التى خصها بأهل الحديبية فانه عليه السلام رجع من الحديبية فى ذى الحجة من سنة ست واقام بالمدينة بقيتها واوآئل المحرم من سنة سبع ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم اموالا كثيرة فخصها بهم حسبما امره الله تعالى فالمراد بكلام الله ما ذكر من وعده تعالى غنائم خيبر لاهل الحديبية خاصة لا قوله تعالى { لن تخرجوا معى ابدا } فان ذلك فى غزوة تبوك { قل } اقنا طالهم { لن تتبعونا } اى لا تتبعونا فانه نفى فى معنى النهى للمبالغة وقال سعدى المفتى لن ليس للتأييد سيما اذا اريد النهى والمراد لن تتبعونا فى خيبر أو ديمومتهم على مرض القلوب وقال ابو الليث لن تتبعونا فى المسير الى خيبر الا متطوعين من غير ان يكون لكم شركة فى الغنيمة { كذلكم قال الله } همجنين كفته است خداى تعالى { من قبل } اى عند الانصراف من الحديبية { فسيقولون } للمؤمنين عند سماع هذا النهى { بل تحسدوننا } اى ليس ذلك النهى حكم الله بل تحسدوننا أن نشارككم فى الغنائم الحسد تمنى زوال النعمة عمن يستحق لها وربما يكون من ذلك سعى فى ازالتها وروى المؤمن يغبط والمنافق يحسد وقال بعض الكبار لا يكون الحسد على المرتبة الا بين الجنس الواحد لا بين الجنسين ولذلك كان اول ابتلاء ابتلى الله به عباده لعثة الرسل اليهم منهم لا من غيرهم لتقوم الحجة على من جحد قال تعالى(14/2)
{ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا } يعنى لو كان الرسول الى البشر ملكا لنزل فى صورة رجل حتى لا يعرفوا انه ملك لانهم لو رأوه ملكا لم يقم بهم حسد { بل كانوا لا يفقهوه } اى لا يفهمون قال الراغب الفقه هو التوصل الى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم والفقه العلم باحكام الشريعة وفقه اى فهم فقها { الا قليلا } اى الا فهما قليلا وهم فطنتهم لامور الدنيا وهو وصف الهم بالجهل المفرط وسوء الفهم فى امور الدين وعن على رضى الله عنه اقل الناس قيمة اقلهم علما . واعلم ان العلم انما يزداد بصحبة اهله ولما تخلف المنافقون عن صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفهم الله بعدم الفقه فلا بد من مجالسة العلماء العاملين حتى تكون الدنيا ورآء الظهر ويجعل الرغبة فى الآخرة وقد قال عليه السلام « اطلبوا العلم ولو بالصين » فكلما بعد المنزلة كثر الخطى وعن بعضهم قال رأيت فى الطواف كهلا قد أجهدته العبادة وبيده عصا وهو يطوف معتمدا عليها فسألته عن بلده فقال خراسان ثم قال فى فى كم تقطعون هذا الطريق قلت فى شهرين او ثلاثة فقال افلا تحجون كل عام فقلت له وكم بينكم وبين هذا البيت قال مسيرة خمس سنين قلت هذا والله هو الفضل المبين والمحبة الصادقة فضحك وانشأ يقول
زرمن هويت وان شطت بك الدار ... وخال من دونه حجب واستار
لايمنعنك بعد عن زيارته ... ان المحب لمن يهواه زوار
وفى الآية اشارة الى ان الدنيا من مظان الحسد هو من زذآئل النفس وفى الحديث « ولا تحاسدوا » اى على نعم الله تعالى مالا او علما او غير ذلك الا أن يقع الغبطة على المال المبذول فى سبيل الله والعلم والمعمول به المنشور « ولا تناجشوا » النجش هو أن تزيد فى ثمن سلعة ولا رغبة لك فى شرآئها وقيل هو تحريض الغير على شر « ولاتباغضوا » الا ان يكون البغض فى الله قال الشيخ الكلاباذى معنى لاتباغضوا لاتختلفوا فى الآهواء والمذاهب لان البدعة فى الدين والضلال عن الطريق يوجب البغض عليه « ولا تدابروا » اى لاتقاطعوا فان التدابر التقاطع وان يولى الرجل صاحبه دبره فيعرض عنه كما فى الفائق او لاتغتابوا وصفة الاخرة التقابل كما قال تعالى { اخوانا على سرر متقابلين } وكما قال عليه السلام « وكونوا عباد الله اخوانا » قال الحافظ هيج رحمى نه برادر ببرا در دارد . هيج شوقى نه بدر رابه بسرمى بينم . دخترا انراهمه جنكست وجدل بامادر . بسرا تراهمه بدخواه بدر مى بينم . نسأل الله السلامة والعافية(14/3)
قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16)
{ قل للمخلفين من الاعراب } كرر ذكرهم بهذا العنوان لذممهم مرة بعد اخرى فان التخلف عن صحبة الرسول عليه السلام شفاعة اى شناعة { ستدعون الى قوم } بحرب كروهى { اولى بأس شديد } اى اولى قوة فى الحرب وبالفارسية كروهى بازور سخت . وهم بنوا حنيفة كسفينة ابو حى كما فى القاموس والمراد اهل اليمامة قوم مسيلمة الكذاب او هم غيرهم ممن ارتدوا بعد رسول الله او المشركون لقوله تعالى { تقاتلونهم أو يسلمون } استئناف كأنه قيل لماذا فأجيب ليكون احد الامرين اما المقاتلة ابدا او الاسلام لا غير واما من عدا المرتدين والمشركين من العرب فينتهى قتالهم بالجزية كما ينتهى بالاسلام يعنى ان المراد بقوم اولى باس شديد هم المرتدون والمشركون مطلقا سوآء كانوا مشركى العرب او العجم بناء على ان من عدا الطائفتين المذكورتين وهم اهل الكتاب والمجوس ليس الحكم فيهم أن يقتلوا الى أن يسلموا بل تقبل منهم الجزية بخلاف المرتدين ومشركى العرب والعجم فانه لا تقبل منهم الجزية بل يقاتلون حتى يسلموا وهذا عند الشافعى واما عند ابى حنيفة رحمه الله فمشركوا العجم تقبل منهم الجزية كما تقبل من اهل الكتاب والمجوس والذين لا يقبل منهم الا الاسلام او السيف انما هم مشركوا العرب والمرتدون فقط عنده وفى الآية دليل على امامة ابى بكر رضى الله عنه اذ لم يتفق دعوة المخلفين الى قتال اولى الباس الشديد لغيره من الخلفاء وقد وعدهم الثواب على طاعته واوعدهم على مخالفته بقوله { فان تطيعوا } الخ ومن اوجب الله طاعته يكون اما ماحقا فيكون ابو بكر اماما حقا الا اذا ثبت ان المراد بأولى البأس اهل حنين وهم ثقيف وهوازن فلا دلالة للآية حينئذ على امامة ابى بكر لان الدعوة الى قتالهم كانت فى حياته عليه السلام لانه غزاهم عقيب فتح مكة فيكون المخلفون ممنوعين من خيبر مدعوين الى قتال اهل حنين اى فيخص دوام نفى الاتباع بما فيه غزوة خيبر كما قال محيى السنة وقيل هم فارس والروم ومعنى يسلمون ينقادن فان الروم نصارى وفارس مجوس تقبل منهم الجزية فتكون الآية دليلا على امامة عمر رضى الله عنه لانه هو الذى قاتلهم ودعا الناس الى قتالهم { فان تطيعوا } بس اكر فرمان بريج كسى راكه خوانندة شماست بقتال آن كروه { يؤتكم الله } بدهد شمارا خداى { اجرا حسنا } هو الغنيمة فى الدنيا والجنة فى الآخرة { وان تتولوا } اى تعرضوا عن الدعوة وبالفارسية واكر روى بكردانيد وبشت بر داعى كنيد { كما توليتم من قبل } فى الحديبية { يعذبكم عذابا اليما } لتضاعف جرمكم وبيان المقام انه عليه السلام لما قال لهم لن تتبعونا دعت الحاجة الى بيان قبول توبة من رجع منهم عن النفاق فجعل تعالى لهذا القبول علامة وهوانهم يدعون بعد وفاته عليه السلام الى محاربة قوم اولى قوة فى الحرب فمن اجاب منهم دعوة امام ذلك الزمان وحاربهم فانه يقبل توبته ويعطى الاجر الحسن فلولا هذا الامتحان لاستمر حالهم على النفاق كما استمرت حالة ثعلبة عليه فانه قد امتنع من ادآء الزكاة ثم اتى بها ولم يقبل منه النبى عليه السلام واستمر عليه الحال ولم يقبل منه احد من الصحابة فلعله تعالى علم من ثعلبة ان حاله لا تتغير فلم يبين لتوبته علامة وعلم من احوال الاعراب انها تتغير فبين لتغيرها علامة وقال بعضهم ان عثمان رضى الله عنه قد قبل من ثعلبة وهو مجتهد معذور فى ذلك ولعله وقف على اخلاصه والعلم عند الله تعالى ولما حكم داود وسليمان عليهما السلام فى الحرث الذى نفشت فيه غنم القوم والنفش الرعى بالليل فحكم داود بشئ وحكم سليمان بامر آخر وقال الله تعالى(14/4)
{ ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما } فاخذنا من هنا وامثاله ان كل مجتهد مصبب وان لم يكن نصافى الباب قال بعضهم لا تنكروا على احد حاله والا لباسه ولا طعامه ولا غير ذلك الا باجازة الشرع وسلموا الكل احد حاله وما هو فيه ففيهم سائحون وتائبون وعابدون وحامدون وساجدون ومسبحون ومستنفرون ومحققون فقد يكون الانكار سبب الايحاش والوحشة سبب انقطاعهم على باب الخالق ويرحم البعض بالبعض ( قال الحافظ ) عيب رندان مكن اى زاهد باكيزه سرشت ، كه كناه دكران بر تونخوا هند نوشت ، من اكرنيكم وكربد توبرو خودرا باش ، هركسى آن درود عاقبت كاركه كشت ، ناميدم مكن ازسابقة لطف ازل ، توجه دانى كه بس برده كه خوبست كه زشت ، برعمل تكيه مكن زانكه دران روز ازل ، توجه دانى فلم صنع بنامت جه نوشت ، وفى الآية اشارة الى ان النفوس المتخلفة عن الطاعات والعبادات من المفرآئض والنوافل لو دعيت الى الجهاد فى سبيل الله او الجهاد الاكبر وهو جهاد النفس والشيطان والدنيا تقاتلونهم بنهى النفس عن الهوى وترك الدنيا وزينتها فان اجابوا واطاعوا فقد استوجبوا الاجر الحسن وان اعرضوا عن الطاعات والعبادات يعذبهم الله بعذاب أليم يتألمون به فى الدنيا والآخرة(14/5)
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17)
{ ليس على الاعمى } لما وعد على التخلف نفى الحرج عن الضعفاء والمعذورين فقال ليس على الاعمى وهو فاقد البصر { حرج } اثم فى التخلف نفى الضعفاء والمعذورين فقال ليس على الاعمى وهو فاقد البصر { حرج } اثم فى التخلف عن الغزو لانه كالطائر المقصوص الجناح لا منتنع على من قصده والتكليف يدور على الاستطاعة واصل الحرج والحراج مجتمع الشئ كالشجر وتصور منه ضيق ما بينهما فقيل للضيق حرج وللاثم حرج { ولا على الاعرج حرج } لما به من العلة اللازمة احدى الرجلين او كلتيهما وقد سقط عمن ليس له رجلان غسلهما فى الوضوء فكيف بالجهاد والاعرج بالفارسية لتلك ، من العروج لان الاعرج ذاهب فى صعود بعد هبوط وعرج كفرح اذا صار ذلك خلقة له وقيل للضبع عرجاء لكونها فى خلقتها ذات عرج وعرج كدخل ارتقى واصابه شئ فى رجليه فمش ىمشى العارج اى الذاهب فى صعود وليس ذلك بخلقة او يثلث فى غير الخلقة كما فى القاموس { ولا على المريض حرج } لانه لا قوة به وفى نفى الحرج عن كل من الطوائف المعدودة مزيد اعتناء بامرهم وتوسيع لدآئرة الرخصة { ومن } وهركه { يطع الله ورسوله } اى فبما ذكر من الاوامر والنواهى فى السر والعلانية { يدخله جنات تجرى من تحتها الانهار } قال بعض الكبار انما سميت الجنة جنة لانها ستر بينك وبين الحق تعالى وحجاب فانها محل شهوات الانفس واذا اراد أن يريك ذاتك حجبك عن شهوتك ورفع عن عينيك سترها فغبت عن جنتك وانت فيها ورأيت ربك والحجاب عليك منك فانت الغمامة على شمسك فاعرف حقيقة نفسك { ومن يتول } عن الطاعة وبالفارسية وحركه اعراض كند از فرمان خدا ورسول { يعذبه عذابا أليما } لا يقادر قدره وبالفارسية عذابى دردناك كه دردان منقطع نكر ددوالم آن منقضى نشود وآن عذاب حرمانست جه بمخالفت امر خدا از دولت لقامهجور وبنافرمانئ رسول از سعادت شفاعت محروم خواهدماند ، مسوز آتش محروميم كه هيج عذاب ، زروى سوزو الم جون عذاب حرمان نيست .
وفى الآية اشارة الى اصحاب الاعذار من ارباب الطلب فمن عرض له مانع يعجزه عن السير بلا عزيمة منه وهمته فى الطلب ورغبته فى السير وتوجهه الى الحق باق فلا حرج عليه فيما يعتريه فيكون اجره على الله وذلك قوله تعالى { ومن يطع الله ورسوله } يعنى بقدر الاستطاعة يدخله جنات تجرى من تحتها الانهار { ومن يتول } يعنى يعرض عن الله وينقض عهد الطلب { يعذبه عذابا أليما } كما قال اوحد المشايخ فى وقته ابو عبد الله الشيرازى قدس سره رأيت رسول الله صلى الله لعيه وسلم فى المنام وهو يقول من عرفه طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به احدا من العالمين وقد قالوا مرتد الطريقة اعظم ذنبا من مرتد الشضريعة وقال الجنيد لو اقبل صديق على الله ألف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله وقال بعضهم فى الآية اشارة الى الاعمى الحقيقى وهو من لا يرى غير الله لا الآخرة التى اشير اليها بالعين اليمنى ولا الدنيا التى اشير اليها بالعين اليسرى وهو معذور باستعمال الرخص والدخول فى الرفاهية كما قال بعض الكبار ان المحقق لا يجوع نفسه الا اضطرارا سيما اذا كان فى مقام الهيبة وكسر الصفات فانه يكثر اكله لشدة سطوات نيران الحقاشق فى قلبه بالعظمة وشهودها وهى حالة المقربين ولكن قد يقلل عمدا على قصد المحاق بأهله الانس بالله فهو بذلك يجتمع بالسالك انتهى والى الاعرج الحقيقى وهو من وصل الى منزل المشاهدة فضرب بسيوف الوحدة والاطلاق على رجل الاثنينية والتقيد فتعطل آلاته بالفناء فتقاعد هناك وهم الافراد المشاهدون فلا حرج لهم أن لا ينزلوا الى مقام المجاهدين ايضا ومن هنا يعرف سر قولهم الصوفى من لا مذهب له فان من لا مذهب له لا سير له ومن لا سير له لا يلزم له آلة والى المريض الحقيقى وهو الذى اسقمه العشق والمحبة وهو معذور اذا باشر الروحانيات مثل السماع واستعمال الطيب والنظر الى المستحسناتفان مداواته ايضا تكون من قبيل العشق والمحبة لان العشق امرضه فيداوى بالعشق ايضا كما قيل(14/6)
تداويت من ليلى بليلى من الهوا ... كما يتداوى شارب الخمر بالخمر
وقال بعضهم من كان له عذر فى المجاهدة فان الله يحب ان تؤتى رخصة كما يحب أن تؤتى عزآئمه فاعرف ذلك(14/7)
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)
{ لقد رضى الله عن المؤمنين } رضى العبد عن الله ان لا يكره ما يجرى به قضاؤه ورضى الله عن العبد هو أن يراه مؤتمر الامره منتهيا عن نهيه وهم الذين ذكر شأن مبايعتهم وكانوا ألفا وأربعمائة على الصحيح وقيل ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين وبهذه الآية سميت بيعة الرضوان وقال بعض الكبار سميت بيعة الرضوان لان الرضى فناء الارادة فى ارادته تعالى وهو كمال فناء الصفات وذلك ان الذات العلية محتجبة بالصفات والصفات بالافعال والافعال بالاكوان والآثار فمن تجلت عليه الافعال بارتفاع حجب الاكوان توكل ومن تجلت عليه الصفات بارتفاع حجب الافعال رضى وسلم ومن تجلت عليه الذات بانكشاف حجب الصفات فنى فى الواحدة فصار موحدا مطلقا فاعلا ما فعل وقارئا ما قرأ ما دام هذا شهوده فتوحيد الافعال مقدم على توحيد الصفات وتوحيد الصفات مقدم على توحيد الذات والى هذه المراتب الثلاث اشار صلى الله عليه وسلم بقوله فى سجوده « واعوذ بعفوك من عقابك واعوذ برضاك من سخطك واعوذ بك منك » فاعلم ذلك فانه من لباب المعرفة { اذ يبايعونك تحت الشجرة } منصوب برضى وصيغة المضارع لاستحضار صورتها وتحت الشجرة متعلق به والشجر من النبت ماله ساق والمراد بالشجرة هنا سمرة اى ام غيلان وهى كثيرة فى بوادى الحجاز وقيل سدرة وكان مبايعتهم على أن يقاتلوا قريشا ولا يفروا وروى على الموت دونه قال ابو عيسى معنى الحديثين صحيح فبايعه جماعة على الموت اى لانزال نقاتلهم بين يديك مالم تقتل وبايعه آخرون وقالوا لا نفر ، يقول الفقير عدم الفرار لا يستلزم الموت فلا تعارض وآن اصحاب را اصحاب الشجرة كويند وكان علامة اصحاب رسول الله معه فى الغزاة ان يقول يا اصحاب الشجرة يا اصحاب سورة البقرة وآن ساعت كه دست عهد بيعت كرفتند بارسول فرمان آمد از حق تعالى تادر هاى آسمان بكشادند وفرشتكان از ذروة فلك نظاه كردند واز حق فرمان آمد بطريق مباهات كه اى مقربان افلاك نظر كنيد بآن كروهكه از بهر اعزاز دين اسلام واعلاى كلمة حق ميكوشند جان بذل كرده وتن سبيل ودل فدا ودر وقت قتال روى نشانة نيزه كرده وسينه سبر سامنه
شراب ازخون وجام ازكاسة سر ... بجاى بانك رود آوازاسبان
بجاى دستة كل دشنه وتيغ ... بجاى قرطه برتن درع وخفتان
كواه باشيد اى مقربان كه من از ايشان خشنودم ودر قيامت هريكى را ازايشان در امت محمد جندان شفاعت دهم كه ازمن خشنود كردند وازين عهدتا آخر دور هرمؤمنى كه آن بيعت بشنود وبدل بامر ايشان درقبول آن بيعت موافق بود من آن مؤمن راهمان خلعت دهم كه اين مؤمنا نرا دادم ، وعند تلك المبايعة قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم(14/8)
« انتم اليوم خير اهل الارض » واستدل بهذا الحديث على عدم حياة الخضر عليه السلام حينئذ لانه يلزم ان يكون غير النبى افضل منه وقد قامت الادلة الواضحة على ثبوت نبوته كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ، يقول الفقير نبوة الخضر منقضية كنبوة عيسى عليهما السلام فعلى تقدير حياته يكون من اتباعه عليه السلام وامته كما قال عليه السلام « لو كان اخى موسى حيا لما وسعه الا اتباعى » وثبت ان عيسى من اصحابه عليه السلام وعند نزوله فى آخر الزمان يكون من امته فان قلت بحضور الخضر بين الاصحاب فى تلك المبايعة وان لم يعرفه احد فالا امر ظاهر وان قلت بعدم الحضور فلا يلزم رجحان الاصحاب عليه من كل وجه اذ بعض من هو فاضل مفضول من وجه قال فى انسان العيون صارت تلك الشجرة التى وقعت عندها البيعة يقال لها شجرة الرضوان وبلغ عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى زمان خلافته ان ناسا يصلون عندها فتوعدهم وامر بها فقطعت خوف ظهور البدعة انتهى وروى الامام النسفى رحمه الله فى التيسير انها عميت عليهم ذهبوا يصلون تحت شجرة على ظن انها هى شجرة البيعة فامر عمر رضى الله عنه بقطعها وفى كشف النور لابن النابلسى اما قول بعض المفرورين باننا نخاف على العوام اذا اعتقد واوليا من الاولياء وعظموا قبره والتمسوا البركة والمعونة منه ان يدركهم اعتقاد أن الاولياء تؤثر فى الوجود مع الله فيكفرون ويشركون بالله تعالى فنهاهم عن ذلك ونهدم قبور الاولياء ونرفع البنايات الموضوعة عليها ونزيل الستور عناه ونجعل الاهانة للاولياء ظاهرا حتى تعلم العوام الجاهلون ان هؤلاء الاولياء لو كانوا مؤثرين فى الوجود مع الله تعالى لدفعوا عن انفسهم هذه الاهانة التى نفعلها معهم فاعلم ان هذا الصنيع كفر صراح مأخوذ من قول فرعون على ما حكاه الله تعالى لنا فى كتابه القديم وقال فرعون ذوونى اقتل موسى وليدع ربه انى اخاف ان يبدل دينكم او ان يظهر فى الارض الفساد وكيف يجوز هذا الصنيع من اجل الامر الموهوم وهو خوف الضلال على العامة انتهى
يقول الفقير والتوفيق بين هذا وبين ما فعله عمر رضى الله عنه ان الذى يصح هو اتباع الظن لا الوهم { فعلم ما فى قلوبهم } عطف على يبايعونك لما عرفت من انه بمعنى بايعوك لا على رضى فان رضاه تعالى عنهم مترتب على علمه تعالى بما فى قلوبهم من الصدق والاخلاص عند مبايعتهم له عليه السلام قال بعضهم ان من الفرق بين علم الحق وعلم عبيده ان علمهم لم يكن لهم الا بعد ظهورهم وحصول صورتهم واما علم الحق تعالى فكان قبل وجود الخلق وبعدهم فليس علمه تعالى بعناية من غيره بخلاف العبد { فأنزل السكينة عليهم } عطف على رضى اى فأنزل عليهم الطمأنينة وسكون النفس بالربط على قلوبهم وقيل بالصلح قال البقلى فى عرآئسه رضى الله عنهم فى الازل وسابق علم القدم ويبقى رضاه الى الابد لان رضاه صفته الازلية الباقية الابدية لا تتغير بتغير الحدثان ولا بالوقت والزمان ولا باطاعة والعصيان فاذاهم فى اصطفائيته باقون الى الابد لا يسقطون من درجاتهم بالزلات ولا بالشرية والشهوات لان اهل الرضى محروسون برعايته لا يجرى عليهم نعوت اهل البعد وصاروا متصفين بوصف رضاه فرضوا عنه كما رضى عنهم وهذا بعد قذف انوار الانس فى قلوبهم بقوله { فأنزل السكينة عليهم } قال ابن عطاء رضى الله عنهم فارضاهم واوصلهم الى مقام الرضى و اليقين والاطمئنان فأنزل سكينته عليهم لتسكن قلوبهم اليه { واثابهم } وباداش داد ايشانرا فان الاثابة بالفارسية باداش دادن .(14/9)
و الثواب ما يرجع الى الانسان من جزآء عمل يستعمل فى الخير والشر لكن الاكثر المتعارف فى الخير والاثابة تستعمل فى المحبوب وقد قيل ذلك فى المكروه نحو فأثابكم غما بغم على الاستعارة { فتحا قريبا } وهو فتح خيبر غب انصرا فهم من الحديبية(14/10)
وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19)
{ ومغانم كثيرة ياخذونها } اى واثابهم مغانم خيبر وكانت ذات عقار واشجار أخذوها من اليهود مع فتح بلدتهم فقسمت عليهم { وكان الله عزيزا } غالبا { حكيما } مراعيا لمقتضى الحكمة فى احكامه وقضاياه وقال ابن الشيخ حكيما فى امره حكم لهم بالظفر والغنيمة ولاهل خيبر بالسبى والهزيمة(14/11)
وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20)
{ وعدكم الله مغانم كثيرة } هى ما يفيئه على المؤمنين الى يوم القيامة والافاءة مال كسى غنيمت كردن { تأخذونها } فى اوقاتها المقدرة لكل واحد منها { فعجل لكم هذه } اى غنائم خيبر { وكف ايدى الناس عنكم } اى ايدى اهل خيبر وهم سبعون ألفا وحلفاؤهم من بنى اسد وغطفان حيث جاؤا لنصرتهم فقذف الله فى قلوبهم الرعب فنكصوا والحلفاء بالحاء المهملة جمع حليف وهو المعاهد للنصر فان الحلف العهد بين القوم وقيل ايدى اهل مكة بالصلح وبالفارسية ودست مردمانرا از شما كوتاه كرد . وقال فى المفردات الكف كف الناس وهى ما بها يقبض ويبسط وكففته دفعته بالكف وتعورف الكف بالدفع على اى وجه كان بالكف وبغيرها حتى قيل رجل مكفوف لمن قبض بصره قال سعدى المفتى ان كان نزولها بعد فتح خيبر كما هو الظاهر لا تكون السورة بتمامها نازلة فى مرجعه عليه السلام من الحديبية وان كان قبله على انها من الاخبار عن الغيب فالاشارة بهذه تنزيل المغانم منزلة الحاضرة المشاهدة والتعبير بالمضى للتحق { ولتكون آية للمؤمنين } عطف على علة اخرى محذوفة من احد الفعلين اى فعجل لكم هذه او كف ايدى الناس عنكم لتغتنموها ولتكون ان رة للمؤمنين يعرفون بها صدق الرسول فى وعده اياهم عند رجوعه من الحديبية ما ذكر من الغنائم وفتح مكة و دخول المسجد الحرام ويجوز ان تكون الواو واعتراضية على أن تكون اللام متعلقة بمحذوف مؤخر اى ولتكون آية لهم فعل ما فعل من التعجيل والكف { ويهديكم } بتلك الآية { صراطاً مستقيما } هو الثقة بفضل الله تعالى والتوكل عليه فى كل ما تأتون وما تذرون وفى الآية اشارة الى ما وعد الله عباده من المغانم الكثيرة بقوله { ادعونى استجب لكم } فكل واحد يأخذها بحسب مطمح نظره وعلو همته فمن كانت همته الدنيا فهى له معجلة { وماله فى الآخرة من خلاق } ومن كانت همته الآخرة فله نصيب من حظ الدارين وربما يكف الله ايدى دواعى شهوات النفس عن المؤمنين ليكونوا من اهل الجنة كما قال تعالى { ونهى النفس عن الهوا0 فان الجنة هى المأوى } ولو وكلهم الى انفسهم لاتبعوا الشهوات وهى دركات الجحيم اذ حفت النار بالشهوات وفى ترك الدنيا وشهوات النفس آية للمؤمنين حيث يهتدى بعضهم بهدى بعض ويصلون على هذا الصراط المستقيم الى حضرة ربوبية ( قال الشيخ سعدى )
بي نيك مردان ببايد شتافت ... هران كين سعادت طلب كرديافت
وليكن تودنبال ديوخسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى
بيمبر كسى راشفاعت كرست ... كه بر جادة شرع بيغمبرست
ثم ان خيبر حصن معروف قرب المدينة على ما فى القاموس وقال فى انسان العيون هو على وزن جعفر سميت باسم رجل من العماليق نزلها يقال له خيبر وهو اخو يثرب الذي سميت باسمه المدينة وفى كلام بعض خيبر بلسان اليهود الحصن ومن ثم قيل لها خيابر لاشامالها على الحصون وهى مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع ونخل كثير بينها وبين المدينة الشريفة ثمانية برد والبريد اربعة فراسخ وكل فرسخ ثلاثة اميال ، يقول الفقير وكل ميلين ساعة واحدة بالساعات النجومية لانه عد من المدينة الى قباميلان وهى ساعة واحدة فتكون الثمانية البرد ثمانى واربعين ساعة بتلك الساعات وفى القاموس البريد فرسخان واثنا عشر ميلا انتها ولما رجع عليه السلام من الحديبية اقام شهرا اى بقية ذى الحجة وبعض المحرم من سنة سبع ثم خرج الى خيبر وقد استنفر من حوله ممن شهد الحديبية يغزون معه وجاءه المخلفون عنه فى غزوة الحديبية ليخرجوا معه رجاء الغنيمة فقال عليه السلام(14/12)
« لا تخرجوا معى الا راغبين فى الجهاد » اما الغنيمة فلا اى لا تعطون منها شيأثم امر مناديا ينادى بذلك فنادى به وامر ايضا انه لا يخرج الضعيف ولا من له مركب صعب حتى ان بعضهم خالف هذا الامر فنفر مركوبه فصرعه فاندقت فخذه فمات فأمر عليه السلام بلالا رضى الله عنه أن ينادى فى الناس الجنة لا تحل العاص ثلاثا وخرج معه عليه السلام من نسائه ام سلمة رضى الله عنها ولما اشرف على خيبر وكان وقت الصبح رأى عمالها وقد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم وهى القفف الكبيرة قالوا محمد والخميس اى الجيش العظيم معه قيل له الخميس لانه خمسة اقسام المقدمة والساقة والميمنة والميسرة وهما الجناحان والقلب وادبروا اى العمال هربا الى حصونهم وكانوا لا يظنون ان رسول الله يغزوهم وكان بها عشرة آلاف مقاتل فقال عليه السلام « الله اكبر خربت خيبر انا اذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين » وانما قاله بالوحى كما نطق به قولهه تعالى فعجل لكم هذه وابتدأ من حصونهم بحصون النطاة وامر بقطع نخلها فقطعوا اربعمائة نخلة ثم نهاهم عن القطع ومكث عليه السلام سبعة ايام يقاتل اهل حصون النطاة فلم يرجع من أعطى له الراية بفتح ثم قال « لأعطين الراية عدا الى رجل يحب الله ورسوله ويحبانه يفتح الله على يديه » فتطاولها ابو بكر وعمر وبعض الصحابة من قريش فدعا عليه السلام عليا رضى الله عنه وبه رمد فتفل فى عينيه ثم أعطاه الراية وكانت بيضاء مكتوب فيها لا اله الا الله محمد رسول الله بالسواد فقال على علام اقاتلهم يا رسول الله قال « أن يشهدوا ان لا اله الا الله وانى رسول الله فاذا فعلوا ذلك فقد حقنوا دماءهم واموالهم » وألبسه عليه السلام درعه الحديد وشد سيفه ذا الفقار فى وسطه ووجهه الى الحصن وقال(14/13)
« لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم » اى من الابل النفيسة التى تصدق بها فى سبيل الله فخرج على رضى الله عنه بالراية يهرول حتى ركزها تحت الحصن الحارث احو مرجب وكان معروفا بالشجاعة فتضاربا فقتله على وانهزم اليهود الى الحصن
صعوه كريا عقاب سازدجنك ... دهد ازخون خودبرش رارنك
ثم خرج اليه مرحب سيد اليهود وهو يرتجز ويقول
قد علمت خيبر انى مرحب ... شاكى السلاح البطل المجرب
اى تام السلاح معروف بالشجاعة وقهر الفرسان وارتجز على رضى الله عنه وقال
انا الذى سمتنى امى حيدره ... ضرغام آجام وليث قسوره
وضرب عليا فطرح ترسه من يده فتناول على بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل فى يده يقاتل حتى قتل مرحبا وفتح الله عليه الحصن وهو حصن ناعم من حصون النطاة والقى الباب من يده ورآء ظهره ثمانين شبرا وذلك بالقوة القدسية وفيه بيان شجاعة على حيث قتل شجيعا بعد شجيع ونعم ما قيل
كرجله شاطر بود خروس بجنك ... جهزند بيش بازروبين جنك
كربه شيرست در كرفتن موش ... ليك موشست درمصاف بلنك
ثم انتقل عليه السلام من حصن ناعم الى حصن العصب من حصون النطاة فأقاموا على محاصرته يومين حتى فتحه الله وما بخيبر حصن اكثر طعاما منه كالشعير السمن والتمر والزيت والشحم والماشية والمتاع ثم انتقلوا الى حصن قلة وهو حصن بقلة وهو آخر حصون النطاة فقطعوا عنهم ماءهم ففتحه الله ثم سار المسلمون الى حصار الشق بفتح الشين المعجمة وهو اعرف عند اهل اللغة من الكسر ففتحو الحصن الاول من حصونه ثم حاصروا حصن البرآء وهو الحصن الثانى من حصنى الشق فقاتلوا قتالا شديدا حتى فتحه الله ثم حاصروا حصون الكثيبة وهى ثلاثة حصون القموص كصبور والوطيح وسلالم بضم السين المهملة وكان اعظم حصون خيبر القموص وكان منيعا حاصره المسلمون عشرين ليلة ثم فتحه الله على يد على رضى الله عنه ومنه سبيت صفية رضى الله عنها وانتهت المسلمون الى حصار الوطيح بالحاء المهملة سمى باسم الوطيح بن مارن رجل من اليهود وسلالم آخر حصون خبر ومكثوا على حصارهما اربعة عشر يوما وهذان الحصنان فتحا صلحا لان اهلهما لما أيقنوا بالهلاك سألوا رسول الله عليه السلام الصلح على حقن دماء المقاتلة وترك الذرية لهم ويخرجون من خيبر وارضها بذراريهم وان لا يصحب احدا منهم الاثوب واحد على ظهره فصالحهم عليه ووجدوا فى الحصنين المذكورين مائة درع واربعمائة سيف والف رمح وخمسمائة قوس عربية بجعابها واشياء آخر غالية القيمة وهى ما فى الخزانة ابى الحقيق مصغرا وارسل عليه السلام الى اهل فدك وهى محركة قرية بخيبر يدعوهم الى الاسلام ويخوفهم فتصالحوا معه عليه السلام على أن يحقن دماءهم ويخليهم ويخلون بينه وبين الاموال ففعل ذلك رسول الله وقيل تصالحوا معه على ان يكون لهم النصف فى الارض ولرسول الله النصف الآخر وكان فدك الاول لرسول الله وعلى الثانى كان له نصفها لانه لم تؤخذ بمقاتلة وكان عليه السلام ينفق منها ويعود منها على صغير بنى هاشم ويزوج منها ايمهم ولما مات عليه السلام وولى ابو بكر رضى الله عنه الخلافة سألته فاطمة رضى الله عنها ان يجعل فدك او نصفها لها فابى وروى لها انه عليه السلام قال(14/14)
« أنا معاشر الانبياء لا نورث » اى لا نكون مورثين « ما تركناه صدقة » اى على المسلمين ثم ان النبى عليى السلام امر بالغنائم التى غنمت قبل الصلح فجمعت واصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا منها صفية بنت ملكهم حيى بن اخطب من سبط هرون بن عمران اخى موسى عليهما السلام فهداها الله فأسلمت ثم اعتقها رسول الله وتزوجها وكانت رأت ان القمر وقع فى حجرها فكان ذلك رسول الله وجعل وليمتها حيسا فى نطع الحيس تمر واقط وسمن ودخل بها رسول الله فى منزل الصهباء فى العود والصهباء موضع قرب خيبر كما فى القاموس وبات تلك الليلة ابو ايوب الانصارى رضى الله عنه متوشحا سيفه يحرسه ويطوف حول قبته حتى اصبح رسول الله فرأى مكان ابى ايوب فقال « مالك يا ابى ايوب » قال يا رسول الله خفت عليك من هذه المرأة قتلت اباها وزوجها وقومها وهى حديثة عهد بجاهلية فبت احفظك فقال عليه السلام « اللهم احفظ ابا ايوب كما بات يحفظنى » قال السهيلى رحمه الله فحرس الله تعالى ابا ايوب بهذه الدعوة حتى ان الروم لتحرس قبره ويستسقون به فيسقون فانه غزا مع يزيد بن معاوية سنة خمسين فلما بلغوا القسطنطينية مات ابو ايوب هناك فأوصى يزيد ان يدفنه فى اقرب موضع من مدينة الروم فركب المسلمون ومشوا به حتى اذا لم يجدوا مساغا دفنوه فسألتهم الروم عن شأنهم فأخبروهم انه كبير من اكابر المسلمين الصحابة فقالت ليزيد ما احمقك واحمق من ارسلك امنت ان ننبشه بعدك فخرق عظامه فحلف لهم يزيد لئن فعلوا ذلك ليهدمن كل كنيسة بارض العرب وينبش قبورهم فحينئذ حلفوا له بنبيهم ليكرمن قبره وليحرسنه ما استطاعوا وق لصاحب روضة الاخبار مات ابو ايوب خالد بن زيد الانصارى رضى الله عنه بالقسطنطينية سنة احدى وخمسين مرابطا مع يزيد بن معاوية مرض فلما ثقل مرضه قال لاصحابه اذا انا مت فاحملونى فاذا صاففتم العدو فادفنونى تحت اقدامكم ففعلوا وقبره قريب من سورها معروف معظم وكان الروم يتعاهدون قبره ويستشفون به انتهى .(14/15)
يقول الفقير ثبت ان قبر ابى ايوب انما تعين باشارة الشيخ الشهير بآق شمس الدين قدس سره وقد كان مع الفاتح السلطان محمد العثمانى فى زمان الفتح وهذا يقتضى ان يكون محل قبره المنيف مندرسا بمرور الايام ولنعد الى تمام القصة ونهى النبى عليه السلام عن اتيان الحبالى حتى تضع وعن غير الحبالى حتى تستبرأ بحيضة ونهى عن اتيان المسجد لمن اكل الثؤم والبصل وعن بعضهم ما اكل نبى قط ثؤما ولا بصلا . يقول الفقير يدخل فيه الدخان الشائع شربه فى هذا الزمان بل رآئحته اكره من رآئحة الثؤم والبصل فاذا كان جخول المسجد ممنوعا مع رآئحتهما دفعا لاذى الناس والملائكة فمع رآئحة الدخان اولى وظاهر ان الثؤم والبصل من جنس الاغذية ولا كذلك الدخان ومحافظة المزاج بشربه انما عرفت بعد الادمان المولد للامراض الهائلة فليس لشاربه دليل فى ذلك اصلا فكما ان شرب الخمر ممنوع اولا وآخرا حتى لو تاب منها ومرض لا يجوز ان يشربها ولو مات من ذلك المرض يؤجر ولا ياثم فكذا شرب الدخان وليس استطابته الا من خباثة الطبع فان الطباع السليمة تستقذره لا محالة فتب الى الله وعد حتى لا يراك حيث نهاك ووقت عليه السلام قص الشارب وتقليم الاظفار واستعمال النورة بان لا يترك ذلك اربعين يوما وقدم عليه صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر ابن عمه جعفر بن ابى طالب من ارض الحبشة وقج كان هاجر اليها ومعه الاشعريون فقام عليه السلام الى جعفر وقبله بين عينيه واعتنقه وقال « والله ما ادرى بأيهما افرح بفتح خيبر ام بقدوم جعفر » وليس حديث القيام معارضا لحديث من سره أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار لان هذا الوعيد انما توجه للمتكبرين ولمن يغضب ان لا يقام له وكان من جملة من قدم معهم من الحبشة ام حبيبة بنت ابى سفيان زوج النبى عليه السلام وذلك ان ام حبيبة كانت ممن هاجر الى الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش فارتد عن الاسلام هناك وتنصر ومات على ذلك وبقيت هى على اسلامها ورأت فى المنام كان قائلا يقول لها يا ام المؤمنين فعلمت بأن رسول الله يتزوجها فارسل عليه السلام فى المحرم افتتاح سنة سبع الى النجاشى بالتخفيف ملك الحبشة وكان مؤمنا ليزوجها منه عليه السلام فزوجها واصدقها اربعمائة دينار ولما قدم رسول الله خيبر كان الثمر اخضر فأكثر الصحابة من اكله فأصابتهم الحى فشكوا ذلك الى رسول الله فقال « بر دوائها الماء فى الشنان » اى فى القرب « ثم صبوا منه عليكم بين اذانى الفجر واذكروا اسم الله عليه »(14/16)