جون اوزبد اين وآنرا ابتدا ... هم بدو بايدكه باشد انتها
نورهايى راكه كردازحق طلوع ... جلمه راهم سوى اوباشدرجوع
ثم قرر الوعد السابق فقال { قل ربى اعلم } بعلم { من جاء بالهدى } ومايستحقه من الثواب فى المعاد والنصرة فى الدنيا { ومن هو فى ضلال مبين } يريد به المشركين ، ودلت الآية على ان الله تعالى يفتح على المهتدى ويقهر الضال ولكل عسر يسر فسوف يراه من يصبر فلا ينبغى للعاقل ان ييأس من روح الله روى ان رجلا ركب البحر فانكسرت السفينة فوقع فى جزيرة فمكث ثلاثة ايام لايرى احدا ولم يذق شيئا فتمثل بقوله
اذا شاب الغراب اتيت اهلى ... وصار القير كاللبن الحليب
وصار البر مسكن كل حوت ... وصار البحر مرتع كل ذيب
فسمع هاتفا يهتف
عسى الكرب الذى امسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب
فيأمن خائف ويفك عان ويأتى اهله الرجل الغريب ... قال فما لبث ساعة الا فرج الله عنه ، وفى تفسير الآية اشارى الى ان حب الوطن من الايمان وكان عليه السلام يقول كثيرا الوطن الوطن فحقق الله سؤله يقال الابل نحن الى اوطانها وان كان عهدا بعيدا الى وكره وانك ان موضعه مجديا والانسان الى وطنه وان كان غيره اكثر له نفعنا وقدم اصيل الغفارى على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قبل ان يضرب الحجاب فقالت له عائشة رضى الله عنها كيف تركت مكة قال اخضر نباتها وابيض بطحاؤها واغدف اذخرها واث سملها فقال عليه السلام « حسبك ياصيل لاتحزنى » قال عمر رضى الله عنه لولا حب الوطن لخرب بلد السوء فبحب الاوطان عمرت البلدان ، واعلم ان الميل الى الاوطان وان كان لاينقطع عن الجنان لكن يلزم للمرء ان يختار من البقاع احسنها دينا حتى يتعاون بالاخوان ، قيل لعيسى عليه السلام من نجالس ياروح الله قال من يزيد فى علمكم منطقه ويذكركم الله رؤيته ويرغبكم فى الآخرة عمله : قال الشيخ سعدى قدس سره
سعد ياحب وطن كرجه حديث است صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم
وقال الحافظ
ديار يار مرد مرا مقيد ميكند ورنه ... جه جاى فارس كين محنت جهان بكسر نمى ازرد
والعاقل يختار الفراق عن الاحباب والاوطاق ولايجترىء على الفراق عن الملك الديان
لكى شىء اذا فارقته عوض ... وليس لله ان فارقت من عوض
فاقطع الالفة عما سوى الله اختيارا قبل الانقطاع اضطرارا
الفت مكير همجوالف هيج باكسى ... تابسته الم نشوى وقت انقطاع
ذو النون مصرى قدس سره [ ميكويد روزى درثناى سفركه شهرى رسيدم خواستم كه دراندرون شهر روم بردران شهر كوشكى ديدم وجويى روان بنزديك جوى رفتم وطهارت كردم جون جشم بر بام كوشك افتاد كنيزكى را ديدم ايستاده درغايت حسن وجمال جون نظر او بمن افتاد كفت اى ذو النون من ترا ازدور ديدم بنداشتم كه مجنونى وجون طهارت كردى تصور كردم عالمى وجون از طهارت فارغ شدى وبيش آمدى بنداشتم عارفى اكنون محقق شدم نه مجنونى نه عالمى ونه عارفى كفتم جرا كفت اكر ديوانه بودى طهارت نكردى واكر عالم بودى نظر بخانه بيكانه ونامحرم نكردى واكر عارف بودى دل تو بما سوى الله مايك نبودى ] كذا فى جليس الخلوة وانيس الوحدة(10/213)
وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (86)
{ وما كننت } يا محمد { ترجوا ان يلقى اليك الكتاب } اى يرسل وينزل كما تقول العجم خبر [ بمن افكند ] كما فى كشف الاسرار والمعنى سيردتك اى معادك كما القى اليك القرآن وما كنت ترجوه فهو تقير للوعد السابق ايضا { الا رحمة من ربك } ولكن القاه اليك رحمة منه فاعمل به فالاستثناء منقطع
وفى التأويلات النجمية { وماكنت ترجوا ان يلقى اليك الكتاب } القرآن القاء الاكسير على النحاس لتعديل جوهر نحاس انانتيك باريز هويته ماكان ذلك { الا رحمة من ربك } اختصك بهذه الرحمة عن جميع الانبياء لان كتبهم انزلت فى الالواح والصحف على صورتهم وكتابك نزل به الروح الامين على قلبك القاء كالقاء الاكسير { فلات تكونن ظهيرا } [ بشت ويار ] { للكافرين } على ماكانوا عليه بل كن ظهيرا ومعينا للمؤمنين(10/214)
وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87)
{ ولا يصدنك } اى لايصرفنك ويمنعنك الكافرون { عن آيات الله } اى عن قراءتها والعمل بها { بعد اذا نزلت } تلك الآيات القرآنية { اليك } وقرئت عليك وذلك حين دعوه عليه السلام الى دين آبائهم وتعظيم اوثانهم والموافقة الى اباطيلهم { وادع } الناس { الى ربك } الى عبادته وتوحيده { ولا تكونن من المشركين } بمساعدتهم فى الامور
وفى التأويلات النجمية { ولا تكونن من المشركين } فى الدعوة بان تدعو طلال الحق وعشاقه الى الجنة والنعم فادعهم الى ربهم خالصا عن شرك الجنة ، وفى فتح الرحمن وجميع الآية يتضمن المهادنة والموادعة وهذا كله منسوخ بآية السيف انتهى(10/215)
وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)
{ ولاتدع مع الله الها آخر } : قال الكاشفى [ مخاطب درين آيات حضرت بيغمبر است ومرادامت اند وفائده خطاب بآن حضرت قطع طمع مشر كانست ازموافقت وى بايشان ] وفيه اظهار ان المنهى عنه فى القبيح بحيث ينهى عنه من لايمكن صدوره عنه اصلا { لا اله الا هو } وحده { كل شىء } من الانسان والحيوان والجن والشيطان والملك والحور عين والجنة والنار والعرش والكرسى ونحوها { هالك } الهلاك هنا بطلان الشىء من العالم وعدمه رأسا اى فان وباطل ومعدوم ولو لحظة { الا وجهه } الا ذاته تعالى فانه واجب الوجود وكل ماعداه ممكن فى حد ذاته عرضة للهلاك والعدم والوجه يعبر به عن الذات وقال ابو العالية كل شىء فان الا ماريد به وجهه من الاعمال وفى الاثر « يجاء بالدنيا يوم القيامة فيقال ميزوا ما كان منها لله فيمز ما كان منها لله ثم يؤمر بسائرها فيلقى فى النار » ، وقال بعض اكابر العارفين الضمير راجع الى الشىء والمعنى كل شىء فان فى حد ذاته الا وجهه الذى يلى جهته تعالى وذلك لان الممكن له وجود ماهية عارضة على وجوده فماهيته امر اعتبارى معدوم فى الخارج لا يقبل الوجود فيه من حيث هو هو ووجوده موجود لايقبل العدم من حيث هو هو كما قال بعضهم الاعيان من حيث تعيناتها العدمية وهى الاماكن والحدوث راجعة الى العدم وان كانت باعتبار الحقيقة والتعينات الوجودية عين الوجود فاذا قرع سمعك من كلام العارفين ان عين المخلوق عدم والوجود كله لله فتلق بالقبول فانه يقول ذلك من هذه الجهة قال المغربى
غير تونيست اماهتى همى نمايد ... جون بيش جشم تشنه درباديه سرابى
وقال المولى الجامى
شهود ياردر اغيار مشرب جاميست ... كدام غيركه لاشىء فى الوجود سواه
{ له الحكم } اى القضاء النافذ فى الخلق { واليه } لا الى غيره تعالى { ترجعون } تردون عند البعث للجزاء بالحق والعدل فمن كان رجوعه بالاضطرار وجد الجبار القهار فوفاه حسابه ومن كان رجوعه بالاختيار وجد العفو الغفار فافرغ عليه ثوابه وذلك بالفناء قبل الفناء بازالة حجاب التعين واذابة انانيات الوجود ، قال الشيخ سعدى
اى برادر جو عاقبت خاكست ... خاك شوبيش ازانكه خاك شوى
[ در شرح عوارف مذكور است كه نكفت نهلك تامعلوم شودكه وجود همه اشيادر وجود اوامروز هالك است وحواله مشاهده اين حال بفردا در حق محجوبانست ] { يوم يرونه بعيدا ونراه قريبا }
باوجودتو زمن راست نيايدكه منم ... قال الشيخ ابو الحسن البكرى قدس سره استغفر الله مما سوى الله اى لان الباطل يستغفر من اثبات وجوده لذاته والعارف لاينظر الى الوجود الموهوم فيفنيه بحقائق لتوحيد ويتحقق بسر الوحدة الذاتية والهوية الالهية ، قال فى كشف الاسرار [ هو يك حرفست فرد اشارت فرا خداوند فرد نه مست ونه صفت اما اشارتست فراخداوندى كه اورا نامست وصفت وآن يك حرف هاست واوقرار كاه نفس است نه بينى كه جون تثنيه كنى .(10/216)
هما كويى نه هوما تابدانى كه آن خوديك حرفست تنها دليل برخداوند يكتا همه اسامى وصفات كه كويى ازسر زبان كويى مكر هوكه آن ازميان جان برآيد ازصميم سينه وقعر دل رود زبان ولب را باوى كارى نيست مردان راه دين وخداوندان عين اليقين كه دلهاء صافى دارند وهمتهاء عالى وسينهاء خالى جون ازقعر سينه نبود خود حقيقت هويت بروى مكشوف ايشان اين كلمه سربرزند مقصود ومفهوم ايشان جز حق جل جلاله نبود تاجنين جوانمردى نكردد آن عزيزى كه درراهى ميرفت درويشى بيش وى باز آمد وكفت از كجا مى آيى كفت هو كفت كجاميروى كفت هو فكت مقصودت جيست كفت هو ازهرجه سؤال ميكرودى مى كفت هواين جنانست كفته اند ]
ازبس كه دويده در خيالت دارم ... درهرجه نكه كنم تويى بندارم
فلامعبود الا هو كما للعابدين ولا مقصود الا هو كما للعاشقين ولا موجود الا هو كما للمكاشفين الواجدين(10/217)
الم (1)
{ الم } ، قال الكاشفى [ حروف مقطعة جهت تعجيز خلق است تادانندكه كسى را بحقائق اين كتاب راه نيست وعقل هيج كامل ازكنه معرفت اين كلام آكاه نى
خرد عاجز وفهم دروى كم است ... در حروف او اين سوره كفته اند الف اشارتست باسم الله ولام بلطيف وميم بمجيد ميفر مايدكه الله منم روى بطاعت من آر لطيف منم اخلاص در عبادت فرو مكذار مجيد منم بزركى ديكران مسلم مدار ] ، يقول الفقير من لطفه الابتلاء لانه لتخليص الجوهر من الكدورات الكونية وتصفية الباطن من العلائق الامكانية . ومن مجده وعظمته خضع له كى شىء فلا يقدر ان يخرج عن دائرة التسخير ويمتنع عن قبول الابتلاء . وفى الالف اشارة اخرى وهى استغناؤه عن كل شىء واحتياج كل شىء اليه كاستغناء الالف عن الاتصال بالحروف واحتياج الحروف الى الاتصال به(10/218)
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)
{ أحسب الناس } الحسبان بالكسر الظن كما فى القاموس ، وقال فى المفردات الحسبان هو ان يحكم لاحدج النقيضين احدهما على الآخر ، نزلت فى قوم من المؤمنين كانوا بمكة وكان الكفار من قريش يؤذونهم ويعذبونهم على الاسلام فكانت صدورهم تضيق لذلك ويجزعون فتداركهم الله بالتسلية بهذه الآية ، قال ابن عطية وهذه الآية وان كانت نزلت بهذا السبب فى هذه الجماعة فهى فى معناها باقية فى امة محمد موجود حكمها بقية الدهر والمعنى بالفارسية [ آيا بنداشتند مردمان يعنى اين ظن مكر ومستبعد ست ] { ان يتركوا } اى يهملوا سادّ مسدّ مفعولى حسب لاشتماله على مسند ومسند اليه { ان } اى لان { يقولوا آمنا وهم } اى والحال انهم { لايفتنون } لايمتحنون فى دعواهم بما يظهرها ويثبتها اى أظنوا انفسهم متروكين بلا فتنة وامتحان بمجرد ان يقولوا آمنا بالله يعنى ان الله يمتحنكم بمشاق التكاليف كالمهاجرة والمجاهدة ورفض الشهوات ووظائف الطاعات وانواع المصائب فى الانفس والاموال ليتميز المخلص من المنافق والراسخ فى الدين من المضطرب فيه ولينالوا بالصبر عليها عوالى الدرجات فان مجرد الايمان وان كان عن خلوص لايقتضى غير الخلاص من الخلود فى العذاب
عاشقانرا درد دل بسيار مى بايد كشيد ... جوريار وطعنه اغيار مى بايد كشيد
وفى التأويلات النجمية { احسب النار } يعنى الناسين من اهل الغفلة والبطالة { ان يتركوا ان يقولوا آمنا } بالتقليد والجهالة بمجرد الدعوى دون المطالبة بالبلوى { وهم لايفتنون } بانواع البلاء لتخليص ابريز الولاء فان البلاء للولاء كاللهب للذهب وان المحبة والمحنة توأمان فلا مميز بينهما الا نقطة الباء وبه يشير الى ان اهل المحبة اذا اوقعوا انفسهم كنقطة الباء تحتها تواضعا لله رفعهم الله كالنقطة فوق النون ومن تكبر وطلب الرفعة والعلو فى الدنيا كالنقطة فوق النون وضعه الله بالذلة كالنقطة تحت الباء . وقيل عند الامتحان يكرم الرجل او يهان فمن زاد قدر معناه زاد قدر بلواه كما قال عليه السلام « يبتلى الرجل على حسب دينه » وقال « البلاء موكل بالانبياء ثم الاولياء ثم الامثل فالامثل » فالعافية لمن لايعرف قدرها كالداء والبلاء لمن يعرف قدره كالدواء فالبلاء على النفوس لاخراجها من اوطان الكسل وتصريفها فى احسن العمل والبلاء على القلوب لتصفيتها من شين الرين لقبول نقوش الغيوب والبلاء على الارواح لتجردها بالبوائق عن العلائق والبلاء على اسرار فى اعتكافها فى شاهد الكشف بالصبر على آثار التجلى الى ان يصير مستهلكا فيه باقيا به وان اشد الفتن حفظ وجد التوحيد لئلا يجرى عليه مكر فى اوقات غلبات شواهد الحق فيظن انه هو الحق ولايدرى انه من الحق ولا يقال انه الحق وعزيز من يهتدى الى ذلك انتهى ، قال ابن عطاء ظن الخلق انهم يتركون مع دعاوى المحبة ولا يطالبون بحقائقها وحقائق المحبة هى صب البلاء على المحب وتلذذه بالبلاء فبلاء يلحق جسده وبلاء يلحق قلبه وبلاء يلحق سره وبلاء يلحق روحه وبلاء النفس فى الظاهر الامراض والمحن وفى الحقيقة منعها عن القيام بخدمة القوى العزيز بعد مخاطبته اياها بقوله(10/219)
{ وماخلقت الجن ولانس الا ليعبدون } وبلاء القلب تراكم الشوق ومراعاة مايرد عليه فى الوقت بعد الوقت من ربه والمحافظة على اقواله مع الحرمة والهيبة وبلاء السر هو المقام مع من لامقام للخلق معه والرجوع الى من لاوصول للخلق اليه وبلاء الروح الحصول فى القبضة والابتلاء بالمشاهدة وهذا مالا طاقة لاحد فيه : وفى البستان فى حق العشاق
دمادم شراب الم در كشند ... وكر تلخ بينند دم در كشند
بلاى خماراست در عيش مل ... سلحدار خارست باشاه كل
نه تلخست صبرى كه برياداوست ... كه تلخى شكر باشد ازدست دوست
اسيرش نخواهد رهابى زبند ... شكارش نجويد خلاص ازكمند(10/220)
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)
{ ولقد فتنا } [ وبدرستى كه مامتحان كرديم ودر فتنه انداختيم ] { الذين من قبلهم } اى من قبل الناس وهم هذه الامة ومن قبلهم هم الانبياء واممهم الصالحون يعنى ان ذلك سنة قديمة آلهية مبنية على الحكم والمصالح جارية فى الامم كلها فلا ينبغى ان يتوقع خلافها وقد اصابهم من ضروب الفتن والمحن ماهو اشد مما اصاب هؤلاء فصبروا كما يعرب عنه قوله تعالى { وكأين من نبى قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصابهم فى سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا } يعنى [ اين صورت درهمه امم واقع بود ونقد دعوى هريك را برمحك بلا آزموده اند ] ، وفى الحديث « كان من قبلكم يؤخذ فيوضع المنشار على رأسه فينفرق فرقتين مايصرفه ذلك عن دينه ويمشط بامشاط الحديد مادون عظم ولحم وعصب مايصرفه ذلك عن دينه » { فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } معنى علمه تعالى هو عالم بذلك فيما لم يزل ان يعلمه موجودا عند وجوده كما عمله قبل وجوده انه يوجد . والمعنى فوالله لتعلقن علمه تعالى بالامتحان تعلقا حاليا يتميز به الذين صدقوا فى الايمان بالله والذين هم كاذبون فيه مستمرون على الكذب ويرتب عليه اجزيتهم من الثواب والعقاب ولذلك قيل المعنى ليميزن او ليجازين يعنى ان بعضهم فسر العلم بالتمييز والمجازاة على طريق اطلاق السبب وارادة المسبب فان المراد بالعلم تعلقه الحالى الذى هو سبب لهما ، قال ابن عطاء تبين صدق العبد من كذبه فى اوقات الرخاء والبلاء فمن شكر فى ايام الرخاء وصبر فى ايام البلاء فهو من الصادقين ومن بطر فى ايام الرخاء وجزع فى ايام البلاء فهو من الكاذبين
در محت هركه او دعوى كند ... صدهزاران امتحان بروى زنند
كربود صادق كشد بارجفا ... وربود كاذب كريزد از بلا
قيل
آن بود دل كه وقت بيجابيج ... اندر وجز خدا نيابى هيج
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان صدق الصادقين وكذب الكاذبين الذى عجن فى تخمير طينتهم لايظهر الا اذا طرح فى نار البلاء فاذا طرح فيها تصاعدت منها روائج الصبر وفوائح الشكر عن عود جوهر الصادقين او بضده يصعد من الضجر وكفران النعمة وشق جوهر الكاذبين وانهم فى البلاء على ضروب منهم من يصبر فى حال البلاء ويشكر فى حال النعماء وهذه صفة الصادقين ومنهم من يضجر ولا يصبر فى البلاء ولا يشكر فى النعماء فهو من الكاذبين ومنهم من يؤثر فى حال الرخاء ولا يستمتع بالعطاء ويستروح الى البلاء فيستعذب مقاساة الضر والعناء وهذا احد الكبراء انتهى ، وعلم ان البلاء كالملح يصلح وجود الانسان باذن الله تعالى كما ان الملح يصلح الطعام واذا احب الله عبدا جعله للبلاء غرضا اى هدفا وكل محنة مقدمه لراحة ولكل شدة نتيجة شريفة [ آورده اندكه امير نصر احد سامانى را معلمى بودكه در ايام كودكى اورا بسيار رنجانيدى وامير نصر باخود عهد كرده بودكه جون بزرك شود و بيادشاهى رسد ازو وانتقام خواهد جون بزرك شد وبيادشاهى رسيد روزى در اثناى فكر آن معلم را اياد آورد وخادمى را كفت برو اورا حاضر كردان واز باغ جوبى جندان باخودبيار خادم برفت وباحضار اوفرمان برد ومعلم را دريافت وتاهر دوروانه شدند حاضر در راه جوب بود ببرداشت او تحريك داد وروى بمعلم نهاد وكفت جاى خود جون بينى معلم دست در آستين كردج وبهى بيرون آورد وكفت عمر امين دراز باد اين ميوه باين لطيفى وآبدارى ازان جوبست وجندين اخلاق حميده واستعداد بادشاهى كه حاصل فرموده است ازخوردن آن جوب بوده است باقى فرمان امير راست امير نصر را اين ساخن خوش آمد وتشريف ونواخت بسيار ارزانى فرمود ](10/221)
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4)
{ ام حسب الذين يعلمون السيآت } اى الكفر والمعاصى فان العمل يعم افعال القلوب والجوارح { ان يسبقونا } اصل السبق التقدم فى السير ثمم تجور به فى غيره من التقدم اى يفوتونا ويعجزونا فلا نقدر على مجازاتهم على مساويهم وهو سادّ مسدّ مفعولى حسب لاشتماله على مسند ومسند اليه وام منقطعة بمعنى بل والهمزة وبل ليس لابطال السابق لان انكار الحسبان الاول ليس بباطل بل للانتقال من التوبيخ بانكار حسبانهم متروكين غير مفتونين الى التوبيخ بنكار ماهو ابطل من الحسبان الاول وهو حسبانهم ان يجاوزوا بسيآتهم وهم وان لم يحسبوا انهم يفوتونه تعالى ولم يحدثوا نفوسهم بذلك لكنهم حيث اصروا على المعاصى ولم يتفكروا فى العاقبة نزلوا منزلة من يحسب ذلك كما فى قوله تعالى { أيحسب ان ماله اخلده } { ساء مايحكمون } اى بئس الحكم الذى يحكمونه حكمهم ذلك فحذف المخصوص بالذم ، قال الكاشفى [ درفتوحات مذكوراستكه آيامى بندراد كنهكاران ماكه به سيآت خود بر مغفرت وشمول رحمت من سبقت كبرند اين حكم نابسنديده است زيرا كه رحمت من سبقت كرفته است برذنوب ايشان كه موجب غضب باشد ]
كركناه تو از عدد بيش است ... سبقت رحمتم ازان بيش است(10/222)
مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5)
{ من } [ هركه ] { كان يرجوا لقاء الله } الرجاء ظن يقتضى حصول مافيه مسرة وتفسيره بالخوف لان الرجاء والخوف متلازمان ولقاء الله عبارة عن القيامة وعن المصير اليه والمعنى يتوقع ملاقاة جزائه ثوابا او عقابا فليستعد لاجل الله باختياره من الاعمال مايؤدى الى حسن الثواب واجتنابه عما يسوقه الى سوء العذاب { فان اجل الله } الاجل عبارة عن غاية زمان ممتد عينت لامر من الامور وقد يطلق على كل ذلك الزمان والاول هو الاشهر فى الاستعمال اى فان الوقت الذى عينه تعالى لذلك { لآت } لامحالة وكائن البتة لان اجزاء الزمان على الانقضاء والانصرام دائما فلابد من اتيان الوقت المعين واتيانه موجب لاتيان اللقاء والجزاء { وهو السميع } لاقوال العباد { العليم } باحوالهم من الاعمال الظاهرة والباطنة فلا يفوته شىء مافبادروا العمل قبل الفوت
وفى التأويلات النجمية من امل الثواب يفرّ من اعمال تورث العذاب ويعانق المجاهدات فانها تورث المشاهدات من مضى عمره فى رجاء لقائنا فسوف نبيح النظر الى جمالنا
عظمت همة عين ... طمعت فى ان تراكا
أو ما يكفى لعين ... ان ترى من قد رآكا
{ وهو السميع } لانين المشتاقين { العليم } بحنين الوامقين الصادقين(10/223)
وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6)
{ ومن } [ وهركه ] { جاهد } نفسه بالصبر على طاعة الله وجاهد الكفار بالسيف وجاهد الشيطان بدفع وساوسه . والمجاهدة استفراغ الجهد بالضم اى الطاقة فى مدافعة العدو { فانما يجاهد لنفسه } لان منفعتها عائدة { ان الله لغنى عن العالمين } فلا حاجة به الى طاعتهم ومجاهدتهم وانما امرهم بها رحمة عليهم لينالوا الثواب الجزيل كما قال « خلقت الخلق ليربحوا علىّ لا لاربح عليهم » فالعاملون هم الفقراء الى الله والمحتاجون اليه فى الدارين وهو مستغن عنهم
برى ذاتش از تهمت ضد وجنس ... غنى ملكش از طاعت جن وانس
مر اورا سزد كبريا ومنى ... كه ملكش قد يسمت وذاتش غنى
نه مستغنى از طاعتش بشت كس ... نه بر حرف اوجاى انكشت كس
قال ابو العباس المشتهر بزروق فى شرح الاسماء الحسنى الغنى هو الذى لايحتاج الى شىء فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى افعاله اذ لا يلحقه نقض ولا يعتريه عارض ومن عرف انه الغنى استغنى به عن كل شىء ورجع اليه بكل شىء وكان له بالافتقار فى كل شىء وللتقرب بهذا الاسم تعلق باظهار الفاقة والفقر اليه ابدا ، قيل لابى حفص بما يلقى الفقير مولاه فقال فهل يلقى الغنى الا بالفقر قلت يلقاه بفقره حتى من فقره والا فهو مستعد بفقره ولذلك قال ابن مشيش رحمه الله للشيخ ابى الحسن لئن لقيته بفقرك لتلقينه بالاسم الاعظم وبتمام فقره له يصح غناه عن غيره فيكون متخلقا بالغنى . وخاصية هذا الاسم وجود العافية فى كل شىء فمن ذكره على مرض او بلاء اذهبه الله عنه وفيه سر للغنى ومعنى الاسم الأعظم لمن لم استأهل انتهى ، وفى الاحياء يستحب ان يقول بعد صلاة الجمعة « اللهم ياغنى ياحميد يامبدىء يامعيد يارحيم ياودود اغننى بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك » فيقال من داوم على هذا الدعاء غناه الله تعالى عن خلقه ورزقه من حيث لايحتسب(10/224)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7)
{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن } [ هر آينه كنيم ] { عنهم سيآتهم } الكفر بالايمان والمعاصى بما يتعبها من الطاعات وتكفير الاسم ستره وتغطيته حتى يصير بمنزلة مالم يعمل ، قال بعضهم التكفير اذهاب السيئة وابطالها بالحسنة وسترها وترك العقوبة عليها { ولنجزينهم احسن الذى كانوا يعملون } اى احسن جزاء اعمالهم بان نعطى بواحد عشر او اكثر لاجزاء احسن اعمالهم فقط
رسم باشد كز غنى جيزى رسد محتاج را ... والعمل الصالح عندنا كل ما امره الله فانه صار صالحا بامره ولو نهى عنه لما كان صالحا فليس الصلاح والفساد من لوازم الفعل فى نفسه ، وقالت المعتزلة ذلك من صفات الفعل ويترتب عليه الامر والنهى فالصدق عمل صالح فى نفسه يأمر الله تعالى به لذلك فعندنا الصلاح والفساد والحسن والقبح يترتب على الامر والنهى وعندهم الامر والنهى يترتب على الحسن والقبح ، واعلم ان كل مايفعله الانسان من الخير فالله تعالى يجازيه عليه ويجده عند الله حين يلقاء فمنفعة خيره تعود الى نفسه وان كان نفعه الى الغير بحسب الظاهر ، وفى صحيح مسلم عن ابى هريرة رضى الله عنه « يابن آدم مرضت فلم تعدنى قال يارب كيف اعودك وانت رب العالمين قال اما علمت ان عبدى فلانا مرض فلم تعده اما علمت لو عدته لوجدتنى عنده . يابن آدم استطمتك فلم تطعمنى قال كيف اطعمك وانت رب العالمين قال اما علمت انه استطعمك فلان فلم تطعمه اما علمت انك لو اطعمته لوجدت ذلك عندى . يابن آدم استسقتيك فلم ستقنى قال يارب كيف اسقيك وانت رب العالمين قال استسقاك عبدى فلان فلم تسقه اما انك لو سقيته وجدت ذلك عندى » ، قال بعضهم كنت فى طريق الحج فاعترض ثعبان اسود امام القافلة فاتحا فاه ومنع القوم من المرور فاخذت قربة ماء وسللت سيفى وتقدمت ووضعت فم القربة فى فيه فشرب ثم غاب فلما حججت ورجعت الى هذا المكان مع القافلة اخذنى النوم وذهبت القافلة وبقيت متحيرا فاذا بناقة مع ناقتى وقفت بين يدى فقالت لى قم واركب فركبت واخذت ناقتى وقت السحر ولحقنا القافلة فاشارت الى بالنزول فقلت بالله الذى خلقك من انت قالت انا الاسود المعترض امام القافلة فانت دفعت ضرورتى وانا دفعت ضرورتك الآن هل جزاء الاحسان الا الاحسان
باحسانى آسوده كردن دلى ... به از الف ركعت بهر منزلى
كر ازحق نه توفيق خيرى رسد ... كى از بنده خيرى بغيرى رسد
غم وشادمانى نماند وليك ... جزاى عمل ماند ونام نيك(10/225)
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)
{ ووصينا الانسان بوالديه حسنا } اى بايتاء والديه وايلائهما فعلا ذا حسن اى امرناه بان يفعل بهما مايحسن من المعاملات فان وصى ويجرى مجرى امر معنى وتصرفا غير نه يستعمل فيما كان فى المأمور به نفع عائد الى المأمور وغيره يقال وصيت زيدا بعمرو امرته بتعهده ومراعاته . والتوصية [ وصيت كردن ] ، قال الراغب الوصية التقدم الى الغير بما يعمل به مقترفات بوعظ { وان جاهداك } اى وقلنا له ان جاهداك : يعنى [ اكر كوشش نمايد والدين وجنك وجدل كنند بتو ] وان كان معنى وصينا وقلنا له افعل بهما حسنا فلا يضمر القول هنا { لتشرك بى } [ تاشرك آورى بمن وانباز كيرى ] { ماليس لك به } اى بالهيته على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه { علم } عبر عن نفى الالهية بنفى العلم بها للايذان بان مالا يعلم صحته لايجوز اتباعه وان لم يعلم بطلانه فكيف بما علم بطلانه { فلاتطعهما } فى ذلك فانه لاطاعة لمخلوق فى معصية الخالق كما ورد فى الحديث ويدخل فيه الاستاذ والامير اذا امرا بغير معروف وهو ما انكره الشارع عليه { الىّ مرجعكم } مرجع من آمن منكم ومن اشرك ومن بر بوالديه ومن عق { فانبئكم بما كنتم تعملون } عبر عن اظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم اى اظهر لكم على رؤس الاشهاد واعلمكم أى شىء كنتم تفعلون فى الدنيا على الاستمرار وارتب عليه جزاءه اللائق به(10/226)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9)
{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم فى الصالحين } اى فى زمرة الراسخين فى الصلاح ولنحشرتهم معهم وهم الانبياء والاولياء وكل من صلحت سريرته مع الله والكمال فى الصلاح منتهى درجات المؤمنين وغاية مأمول الانبياء والمرسلين روى ان سعد بن مالك وهو سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه من السابقين الاولين لما اسلم او حين هاجر كما فى التكملة قالت له امه حمنة بنت ابى سفيان بن امية ياسعد ماهذا الذى قد احدثت لتدعن دينك اولا انتقل من الضح الى الظل ولا آكل ولا اشرب حتى اموت فتعير بى فيقال ياقاتل امه فلبثت ثلاثة ايام كذلك حتى جهدت اى وقعت فى الجهد والمشقة بسبب الجوع فقال سعد والله لو كان لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما كفرت فلكى وان شئت فلا تأكلى فلما رأت ذلك اكلت فامره الله تعالى ان يحسن اليها ويقوم بامرها ويسترضيها فيما ليس بشرك ومعصية ويعرض عنها ويخالف قولها فيما انكره الشارع : قال الشيخ سعدى قدس سره
جون نبود خويش را ديانت وتقوى ... قطع رحم بهتر از مودت قربى
وفى هدية المهدبين يجب على المرء نفقة الابوين الكافرين وخدمتهما وزيارتهما وان خاف من ان يجلباه الى الكفر ترك زيارتهما ويقود بهما زوجته لو كان كل منهما فاقد البصر من البيعة الى البيت لا العكس لان الذهاب اليها معصية والى البيت لا ومنه يعلم ان الذمى اذا سأل مسلما عن طريق البيعة لايدله عليه ، سئل ابراهيم بن ادهم رحمه الله عن طريق بيت السلطان فارشده الى المقابر فضربه الجندى وشجه ثم عرفه واستعفاه فقال كنت عفوت عنك فى اول ضربة وقلت اضرب رأسا ظالما عصى الله كذا فى البزازية ، قال الامام الغزالى رحمه الله اكثر العلماء على ان طاعة الوالدين واجبة فى الشبهات ولم تجب فى الحرام المحض لان ترك الشبهة وردع ورضى الوالدين حتم اى اجب . ويجيب اذا كان فى صلاة النافلة دعاء امه دون دعوة ابيه اى يقطع صلاته ويقول لبيلك مثلا ، وقال الطحاوى مصلى النافلة اذا ناداه احد ابويه ان علم انه فى الصلاة وناداه لابأس بان لايجيبه وان لم يعلم يجيبه واما مصلى الفريضة اذا دعاه احد ابويه لايجيبه مالم يفرغ من صلاته الا ان يستغيثه لشىء لان قطع الصلاة لايجوز الا لضرورة وكذلك الاجنبى اذا خاف ان يسقط من سطح او تحرقه النار او يغرق فى الماء وجب عليه ان يقطع الصلاة وان كان فى الفريضة وكذا لو قال له كافر اعرض علىّ الاسلام او سرق منه الدراهم او فارت قدرها او خافت على ولدها الفرض والنفل فيه سواء كما فى البزازية ، قال فى شرح التحفة لايفطر فى النافلة بعد الزوال الا اذا كان فى ترك الافطار عقوق الوالدين ولا يتركهما لعزو او حج او طلب علم نفل فان خدمتهما افضل من ذلك وفى الخبر(10/227)
« يسأل الولد عن الصلاة ثم عن حق الوالدين وتسأل المرأة عن الصلاة ثم عن حق الزوج ويسأل العبد عن الصلاة ثم عن حق المولى فان اجاب تجاوز عن موقفه الى موقف آخر من المواقف الخمسين والاعذب فى كل موقف الف سنة ودعاء الوالدين على الولد لايردّ » وقوله عليه السلام « دعاء على محبوبه خير بالنسبة الى غيرهما » كما فى المقاصد الحسنة ، سأل الزمخشرى بعض العلماء عن سبب قطع رجله قال امسكت عصفورا فى صباى وربطته بخيط فى رجله وافلت من يدى ودخل فىخرق فجذبته فانقطت رجله فتألمت والدتى وقالت قطع الله رجل الا بعد كما قطعت رجله فلما رحلت الى بخارى لطلب العلم سقطت من الدابة فانكسرت رجلى وقيل اصابه البرد فى الطريق فسقطت رجله وكان يمشى بخشب كذا فى روضة الاخبار ، ويجب على الابوين ان لايحملا الولد على العقوق بسبب الجفاء وسوء المعاملة ويعيناه على البر . فمن البر وهما حيان ان ينفق عليهما ويمتثل امرهما فى الامور المشروعة ويجامل فى معاملتهما . ومن البر بعد موتهما التصدق لهما وزيارة قبرهما فى كل جمعة والدعاء لهما فى ادبار الصلاة وتنفيذ عهودهما ووصاياهما ونحو ذلك
وفى التأويلات { ووصينا الانسان بوالديه حسنا } يشر الى تعظيم الحق تعالى وعظم شأنه وعزة الانبياء واعزازهم وعرفان قدر المشايخ واكرامهم لان الامر برعاية حق الوالدين المعنيين احدهما انهما كانا سبب وجود الولد والثانى ان لهما حق التربية فكلا المعنيين فى انعام الحق تعالى على العباد حاصل باعظم وجه واجل حق منهما لان حقهما كان مشوبا بحظ نفسهما وحق الحق تعالى منزه عن الشوب انهما وان كانا سبب وجود الولد لم يكونا مستقلين بالسببية بغير الحق تعالى وارادته لانهما كانا فى السببية محتاجين الى مشيئته وارادته بان يجعلهما سببا لوجود الولد فان الولد لايحصل بمجرد تسببهما بالنكاح بل يحصل بموهبة الله تعالى كما فى تعالى { يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور } الآية فالسبب الحقيقى فى ايجاد الولد هو الله تعالى فان شاء يوجده بواسطة تسبب الوالدين وان شاء بغير تسببهما كايجاد آدم عليه السلام واما التربية اليهما وحقيقة التربيى فاه رب كل شىء ومربيه والى الوالدين مجازية لان صورة التربية اليهما وحقيقة التربية الى الله تعالى كما ربى نطف الولد فى الرحم حتى جعله علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم كساه اللحم ثم انشأه خلقا آخر فالله تبارك وتعالى اعظم قدرا فى رعاية حقوقه بالعبودية من رعاية حق الوالدين لاحسان وان الواجب على العبد ان يخرج من عهده حق العبودية بالاخلاص اولا ثم يحسن بالوالدين كما قال تعالى(10/228)
{ وقضى رك ان لاتبعدوا الا اياه وبالوالدين احسانا } واما النبى والشيخ فكانا سبب الولادة الثانية بالقاء نظفة النبوة والولاية فى رحم قلب الامة والمريد وتربيتها الى ان يولد الولد عن رحم القلب فى عالم الملكوت كما اخبر النبى عليه السلام رواية عن عيسى عليه السلام انه قال « لن يلج ملكوت السموات والارض الام من يولد مرتين » وكان سبب ولادته فى عالم الارواح واعلى عليين القرب والولدان كانا سبب ولادته فى عالم الاشباح واسفل سافلين البعد ولهذا السر كان يقول النبى صلى الله عليه وسلم « انما انا لكم كالوالد لولده » وقد كانت ازواجه امهات للامة وقد قال عليه السلام « الشيخ فى قومه كالنبى فى امته » ولما كان الله تعالى فى الاحسان العميم بالعبد والامتنان القديم الذى خصمه به قبل وبعد احق واولى برعاية حقوقه عن والديه قال تعالى { وان جاهداك لتشرك بى ماليس لك به علم فلا تطعهما } وفيه اشارة الى ان المريد الصادق والطالب العاشق اذا تمسك بذيل ارادة شيخ كامل ودليل واصل بصدق الارادة وعشق الطلب بعد خروجه عن الدنيا بتركها بالكلية عن جاهها ومالها وقد سعى بقدر الوسع فى قطع تعلقات تمنعه عن السير الى الله متوجها الى الحضرة بعزيمة كعزيمة الرجال فان كان له الولدان هما بمعزل عما يهيجه من الصدق المحبة فهما بجهلهما عن حال الولد يمنعان عن صحبة الشيخ وطلب الحق بالاعراض ويقبلان به الى الدنيا ويرغبانه فى طلب جاهها ومالها ويحثان على التزويج فى غير اوانه فالواجب على المريد ان الا يطيعهما فى شىء من ذلك فان ذلك بالكلية طاغوت وقته وعليه ان يشرك بالله لجهلهما بحاله وحال انفسهما وانه يريد ان يخرج عن عهدة العبودية الخالصة لربه كما قضى ربه ان لايعبد لا اياه ولايعبد مادونه من الدنيا والآخرة ومافيهما وما يعلمان انهما من عبدة الهوى وانهما يدعوانه الى عبادة غير الله فالواجب عليه ان لايطعيهما فى ذلك ولكن عليه ان يردهما باللطف ولايزجرهما بالعنف الى ان يخرج عن عهدة ماقضى ربه من العبودية بالاخلاص ثم الواجب عليه ان يحسن اليهما ويسمع كلامهما ويطيعهما فيما لايقطعه عن الله على وقف امره ثم اوعد الجميع بالمرجع اليه فاقل { الىّ مرجعكم فانبئكم } ايها الولد والولدان { بما كنتم تعملون } من العبادة الخالصة لله ومن عبادة الهوى على لسان جزائكم ليقول لكم ان مرجعكم عبدة الهوى الهاوية { والذين آمنوا } بمحبة الحق { و } طلبوه بان { عملوا الصالحات } اى اعمالا تصلح للسير الى الله والوصل الى حضرة جلاله { لندخلنهم فى الصالحين } اى نجعل مدخلهم مقام الانبياء والاولياء بجذبات العناية تفهم ان شاء الله تعالى وتؤمن به(10/229)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10)
{ ومن الناس } مبتدأ باعتبار مضمونه اى وبعض الناس والخبر قوله { من يقول آمنا بالله فاذا اوذى فى الله } اى فى شأنه تعالى بان عذبهم الكفرة على الايمان وهو مجهول آذى يؤذى اذى واذية ولا تقل ايذا كما فى القاموس والاذى مايصل الى الانسان من ضرر اما فى نفسه اوفى جسمه او فى قنايته دنيويا كان او اخرويا { جعل فتنة الناس } اى مايصيبه من اذيتهم والفتنة الامتحان والاختبار تقول فتنت الذهب اذا ادخلته النار لتظهر جودته من رداءته واطلقت على المحنة لانها سبب نقادة القلب { كعذاب الله } فى الآخرة فى الشدة والهول ويستولى عليه خوف البشرية اذ من لم يكن فى حماية خوف الله وخشيته يفترسه خوف الحق فيساوى بين العذابين فيخاف العاجل الذى هو ساعة ويهمل الآجل الذى هو باق لاينقطع فيرتد عن الدين ولو علم شدة عذاب الله وان لاقدر لعذاب الناس عند عذابه تعالى لما ارتد لو قطع اربا اربا ولماخاف من الناس ومن عذابهم وفى الحديث « من خاف الله خوّف الله منه كل شىء ومن لم يخف الله يخوفه فى كلى شىء » ، وقال بعضهم جعل فتنة الناس فى الصرف عن الايمان كعذاب الله فى الصرف عن الكفر : يعنى [ ترك ايمان كند ازخوف عذاب خلق جنانكه ترك كفرى بايدكرد ازخوف خداى تعالى ] { ولئن جاء نصر من ربك } اى فتح وغنيمة للمؤمنين فالآية مدنية { ليقولن } بضم اللام نظرا الى معنى من كما ان الافراد فيما سبق بالنظر الى لفظهما { انا كنا معكم } اى متابعين لكم فى الدين فاشركونا فى الغنم وهم ناس من ضعفة المسلمين كانوا اذا مسهم اذى من الكفار وافقوهم وكانوا يكتمونه من المسلمين فرد عليهم ذلك بقوله { أوليس الله باعلم بما فى صدور العالمين } اى باعلم منهم بما فى صدورهم من الاخلاص والنفاق حتى يفعلوا مايفعلون من الارتداد والاخفاء وادعاء كونهم منهم لنيل الغنيمة : وبالفارسية [ آيانيست خداى تعالى داناتر ازهمه دانايان بآنجه درسينه عالميانست از صفاى اخلاص وكدورت نفاق ](10/230)
وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (11)
{ وليعلمن الله الذين آمنوا } بالاخلاص { وليعملن المنافقين } سواء كان نفاقهم باذية الكفرة اولا اى ليجزيهم على الايمان والنفاق فان المراد تعلق علمه تعالى بالامتحان تعلقا حاليا يبتنى عليه الجزاء كما سبق فجوهر الايمان والنفاق المودع فى القلب انما يظهر بالصبر او بالتزلزل عند البلاء والمحنة كما ان عيار النقدين يظهر بالنار
بشكل وهيآت انسان زره مروزنهار ... توان بصبر وتحمل شناخت جوهر مرد
اكرنه باك بود ازبلانخواهد جست ... وكردر اصل بود باك صبر خواهد كرد
وفى الآية تنبيه لكلم مسلم ان يصبر على الاذى فى الله ، وحقيقة الايمان نور اذا دخل قلب المؤمن لاتخرجه اذية الخلق بل يزيد بالصبر على اذاهم والتوكل على الله فاه نور حقيقى اصلى ذاته لايتكدر بالعوارض كنور الشمس والقمر فانهما اذا طلعا يزداد نورهما بالارتفاع ولايقدر احد ان يطفىء نورهما وكنور الحجر الشفاف المضيىء بالليل فانه لايقبل الانطفاء مثل الشمعة لان نوره اصلى ونور الشمعة عارضى ثم ان فى المحن والاذى تفاوتا فمن كانت محنته بموت قريب من الناس او فقد حبيب من الخلق او نحوه فحقير قدره وكثير من الناس مثله ومن كانت محنته لله وفى الله فعزيز قدره وقليل مثله وقد كان كفار مكة يؤذون النبى عليه الصلاة والسلام بانواع الاذى فيصبر وقد قال « ماوذى نبى مثل ماوذيت »
عاشق ثابت قدم آنكس بودكز كوى دوست ... رونكرداند اكر شمشير بارد بر شرس(10/231)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12)
{ وقال الذين كفروا للذين آمنوا } اللام للتبليغ اى قال كفار مكة مخاطبين للمؤمنين استمالة ليرتدوا { اتبعوا سبيلنا } اى اسلكوا طريقتنا التى نسلكها فى الدين عبر عن ذلك بالاتباع الذى هو المثنى خلف ماش آخر تنزيلا للمسلك منزلة السالك فيه { ولنحمل خطاياكم } اى ان كان لكم خطيئة تؤاخذون عليها ان كان بعث ومؤاخذة كما تقولون اى لابعث ولا مؤاخذة وان وقع فرضا نحمل آثامكم عنكم وهى جمع خطيئة من الخطأ وهو العدول عن الجهة فرد الله عليهم بقوله { وماهم بحاملين من خطاياهم من شىء } اى والحال انهم ليسوا بحاملين شيأ من خطاياهم التى التزموا ان يحلموها كلها على ان من الاولى للتبين والثانية مزيدة للاستغراق { انهم لكاذبون } فى دعوى الحمل بانهم قادرون على انجاز ماوعدوا(10/232)
وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)
{ وليحملن } اى هؤلاء القائلون { اثقالهم } اى ذنوبهم التى عملوها وذلك يوم القيامة جمع ثقل بالكسر وسكون القاف كحمل واحمال والثقل والخفة متقابلان وكل مايترجع على مايوزن به او يقدر به يقال هو ثقيل واصله فى الاجسام ثم يقال فى المعانى اثقله الغرم والوزر ، قال الراغب اثقالهم اى آثامهم التى تثقلهم وتثبطهم عن الثواب { واثقالا } آخر { مع اثقالهم } وهى اثقال الاضلال فيعذبون بضلال انفسهم واضلال غيرهم من ان ينقص من اثقال من اضلوه شىء ما اصلا فتكون اثقال المضلين زائدة على اثقال الضالين لان من دعا الى ضلالة فاتبع فعليه حمل اوزار الذين اتبعوه وكذا من سن سنة سيئة كما ورد فى الحديث : وفى المثنوى
هركه بنهد سنت بد اى فتى ... تا در افتد بعد او خلق ازعمى
جمع كردد بروى آن جمله بزه ... كوسرى بودست وايشان دم غزه
{ وليسألن يوم القيامة } سؤال تقريع وتبكيت لم فعلوه ولأى حجة ارتكبوه { عما كانوا يفترون } اى يختلقونه فى الدنيا من الاكاذيب والاباطيل التى اضلوا بها ومن جملتها كذبهم هذا ويدخل فى هذا بعض الجهلة حيث يقول لمثله افعل هذا وائمة فى عنقى ثم التعبير عن الخطايا بالاثقال للايذان بغاية ثقلها : قال الشيخ سعدى قدس سره
مرو زير باركناه اى بسر ... كه حمال عاجز بود در سفر
يعنى ان الحمال يعجز عن حمل الثقيل خصوصا اذا كان المنزل بعيدا وفى الطريق عقبات . ثم ان الخطايا على تفاوت الثقل وفى الخبر « التهمه على البريىء انقل من سبع سمات وسبع ارضين واثقل من جميع الموجودات » جبل الوجود والانانيات كما ورد « وجودك ذنب لايقاس عليه ذنب آخر »
جمعست خيرها همه در خانه ونيست ... آن خانه را كليد بغير از فروتنى
شرها بيدن قياس بيكاخانه داست جمع ... وانرا كليد نيست بجزمائى ومنى
وكمال ان عذاب الاظلال والحمل على الكفر والمعاصى اشد فكذا عذاب افساد استعداد الغير وحمله على الانكار ومنعه عن سلوك طريق الحق ومثل هذا الافساد اشد من الزنى لان فى الزنى يهلك الولد الصورى لبقائه بلا والد وفى الافساد يهلك الولد المعنى لبقائه بلا فيض وفساد المعنى اشد من فساد الصورة ، ففى الآية اشارة الى حال ارباب الالحاد والدعوى مع من يتبعهم ممن لايفرق بين الفساد والصلاح والبقاء والهلاك اللهم اجعلنا من الثابتين على الطريق القويم(10/233)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14)
{ ولقد ارسلنا } للدعوة الى التوحيد وطريق الحق من قبل ارسالنا ايا يامحمد { نوحا } واسمه عبدالغفار كما ذكره السهيلى رحمه الله فى كتاب التعريف والشاكر كما ذكره ابو الليث فى البستان . وسمى نوحا لكثرة نوحه وبكائه من خوف الله ولد بعد مضى الف وستمائة واثنتين واربعين سنة من هبوط آدم عليه السلام وبعثد عند الاربعين { الى قومه } وهم اهل الدنيا كلها . والفرق بين عموم رسالته وبين عموم رسالة نبينا عليه السلام ان نبينا عليه السلام مبعوث الى من فى زمانه والى من بعده الى يوم القيامة بخلاف نوح فانه مرسل الى جميع اهل الارض فى زمانه لابعده كما فى انسان العيون وهو اول نبى بعث الى عبدة الاصنام لان عبادة الاصنام اول ماحدثت فى قومه فارسله الله اليهم ينهاهم عن ذلك وايضا اول نبى بعث الى الاقارب والاجانب واما آدم فاول رسول الله الى اولاده بالايمان به وتعليم شرائعه وهو اى نوح عليه السلام ابونا الاصغر وقبره بكرك بالفتح من ارض الشام كما فى فتح الرحمن { فلبث فيهم } بعد الارسال ولبث بالمكان اقام به ملازما له { الف سنة } الالف العدد المخصوص سمى بذلك لكون الاعداد فيه مؤلفة فان الاعداد اربعة آحاد وعشرات ومئون والوف فاذا بلغ الالف فقد ائتلف وما بعده ويكون مكررا قال بعضهم الالف فى ذلك لانه مبدأ النظام والسنة اصلها سنهة لقولهم سانهت فلانا اى عاملته سنة فسنة وقيل اصلها من الواو لقولهم سنوات والهاء للوقف { الا خمسين عاما } العام كالسنة لكن كثيرا ماتستعمل السنة فى الحول الذى فيه الشدة والجدب ولهذا يعبر عن الجدب بالسنة والعام فميا فيه الرخاء وفى كون المستثنى منه بالسنة والمستثنى بالعام لطيفة وهى ان نوحا عاش بعد اغراق قومه ستين سنة فى طيب زمان وصفاء عيش وراحة بال وقيل سمى السنة عاما لعموم الشمس فى جميع بروجها والعوم السباحة ويدل على معنى العوم قوله تعالى { كل فى فلك يسبحون } ومعنى الآية فلبث بين اظهرهم تسعمائة وخمسين عاما يخوفهم من عذاب الله ولا يلتفتون اليه وانما ذكر الالف تخييلا لطول المدة الى السامع اى ليكون افخم فى اذنه ثم اخرج مها الخمسون ايضاحا لمجموع العدد فان المقصود من القصة تسلية رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وتثبيته على مايكايد من الكفرة : يعنى [ ايراد قصه نوح بجهت تسليه سيد انام است وتثبيت بركشيدن اذى ازقوم وتهديديكزبان بذكر طوفان يعنى نوح نهصد وبنجاه سال جفاى قوم كشيد وهمجنان دعوت ميفرمود وكسى نمى كرويد ] الا القليل الذين ذكرهم فى قوله { وما آمن معه الا قليل } فاذن له فى الدعاء فدعا عليهم بالهلاك { فاخذهم الطوفان } اى عقيب تمام المدة المذكورة فغرق من فى الدنيا كلها من الكفار . والطوفان يطلق على كل مايطوف بالشىء ويحيط به على كثرة وشدة وغلبة من السيل والريح والظلام والقتل والموت والطاعون والجدرى والحصبة والمجاعة وقد غلب على طوفان الماء وقد طاف الماء ذلك اليوم بجميع الارض { وهم ظالمون } اى والحال انهم مستمرون على الظلم والكفر لم يستمعوا الى داعى الحق هذه المدة المتمادية(10/234)
فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (15)
{ فانجيناه } اى نوحا من الغرق والابتلاء بمشاق الكفرة { واصحاب السفينة } اى ومن ركب معه فيها من اولاده واتباعه وكانوا ثمانين ذكورا واناثا ، قال الكاشفى يعنى [ هركه باوى بود از مؤمنان وهرجه در سفينه بود از انواع جانوران ] والسفينة من سفنه يسفنه قشره ونحته كانها تسفن الماء اى تقشره فهى فعليه بمعنى فاعلة { وجعلناها } اى السفينة او القصة { آية للعالمين } اى عبرة لمن بعدهم من الا هالى يتعظون بها او دلالة يستدلون بها على قدرة الله ، قال ابو الليث فى تفسيره وقد بقيت السفينة على الجودى الى قريب من وقت خروج النبى عليه السلام وبين الطوفان والهجرة الشريفة ثلاثة آلاف وتسعمائة واربع وسبعون سنة على ما فى فتح الرحمن وكان ذلك علامة وعبرة لمن رآها ولمن لم يرها لان الخبر قد بلغه ، وقال بعضهم سفينة نوح او سفينة فى الدنيا فابقيت السفن آية وعبرة للخلائق وعلامة من سفينة نوح وهو قوله تعالى { ولقد تركناها آية } روى ان نوحا بعث على رأس الاربعين ودعا قومه تسعمائة وخمسين عاما وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا وذلك من اولاده حام وسام ويافث لانهم لما خرجوا من السفينة ماتوا كلهم الا اولاد نوح كما فى البستان فيكون عمره الفا وخمسين عاما وهو اطول الانبياء عمرا ومن ذلك قيل له كبير الانبياء وشيخ المرسلين وهو اول من تنشق عنه الارض بعد نبينا عليه السلام ، قال الكاشفى [ ملك الموت بوقت قبض روح ازوى برسيدكه اى درازترين بيغمبران از جهت عمر دنيارا جون يافتى فرمودكه يافتم مانند خانه كه دودر داشته باشد از يكى در آيند واز ديكرى بيرون روند ]
كر عمر توعمر نوح ولقمان باشد ... آخر بروى جنانكه فرمان باشد
در بودن دنيا وبرون رفتن ازو ... يكروز وهزار سال يكسان باشد
قيل
ألا انما الدنيا كظل سحابة ... اظلتك يوما ثم عنك اضمحلت
فلاتك فرحانا بها حين اقلبت ... ولاتك جزعانا بها حين ولت
قال الحسن افضل الناس ثوابا يوم القيامة المؤمن المعمر ، وعن عبيد بن خالد رضى الله عنه ان النبى عليه السلام آخى بين الرجلين فقتل احدهما فى سبيل الله ثم مات الآخر بعده بجمعة او نحوها فصلوا عليه فقال عليه السلام « ماقلتم » قالوا دعونا الله ان يغفر له ويرحمه ويلحقه بصاحبه فقال عليه السلام « فاين صلاته بعد صلاته وعمله بعد عمله » او قال « صيامه بعد صيامه لما بينهما ابعد مما بين السماء والارض فطوبى لمن طال عمره وحسن عمله » والفيض الحاصل للامة المتقدمة فى المدة المتطاولة حاصل لهذه الامة فى المدة القصيرة لكمال الاستعداد الفطرى فلا ينبغى للمرء ان يتمنى اعمال القرون الاولى فان السبعين عمر طويل والمائة اطول بلى يتمنى كثرة المدد والخلاص من يد النفس الامارة فانه اذا لم تصلح النفس فلا يغنى طول العمر عن قهر الله شيأ وصلاحها استعمال احكام الشريعة التى اشارت اليها السفينة فكما ان السفينة تنجى راكبها فكذا الشريعة تنجى عاملها وهى دلالة للناس الى يوم القيامة تدل بظاهرها الى طريق الجنة وبباطنها الى طريق القربة والوصلة فبعبارتها نور واشارتها سرور واهل الاشارة مقربون والمتقربون اليهم متخلصون : قال الحافظ(10/235)
يار مردان خدا باش كه در كشتىء نوح ... هست خاكى كه بآبى نخرد طوفانرا
فليجدّ من وقع فى طوفان نفسه حتى يجد الخلاص واليه الملجأ والمناص(10/236)
وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16)
{ وابراهيم } نصب بالعطف على نوحا اى ولقد ارسلنا ابراهيم ايضا من قبل ارسالنا اياك يامحمد { اذ قال } نصب باذكر المقدر هكذا الهمت اى اذكر لقومك وقت قوله { لقومه } وهم اهل بابل ومنهم نمرود { اعبدوا الله } وحده { واتقوه } ان تشركوا به شيأ { ذلكم } اى ماذكر من العباد والتقوى { خير لكم } مما انتم عليه من الكفر ومعنى التفضيل مع انه لاخير فيه قطعا باعتبار زعمهم الباطل { ان كنتم تعلمون } اى الخير والشر وتميزون احدهما عن الآخر(10/237)
إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17)
{ انما تعبدون من دون الله اوثانا } هى فى نفسها تماثيل مصنوعة لكم ليس فيها وصف غير ذلك جمع وثن ، قال بعضهم الصنم هو الذى يؤلف من شجر او ذهب او فضة فى صورة الانسان والوثن هو الذى ليس كذلك بل كان تأليفه من حجارة وفى غير صورة الانسان { وتخلقون افكا } ، قال الراغب الخلق لايستعمل فى كافة الناس الا على وجهين احدهما فى معنى التقدير والثانى فى الكذب انتهى يقال خلق واختلق اى افترى لسانا او يدا كنحت الاصنام كما فى كشف الاسرار . والافك اسوأ الكذب وسمى الافك كذبا لانه مأفوك اى مصروف عن وجهه . والمعنى وتكذبون كذبا حيث تسمونها آلهة وتدعون انها شفعائكم عند الله وهو استدلال على شرارة ماهم عليه من حيث انه زور وباطل ثم استدل على شرارة ذلك من حيث انه الا يجدى بطائل فقال { ان الذين تعبدون من دون الله لايملكون لكم رزقا } يقال ملكت الشىء اذا قدرت عليه ومنه قول موسى لا املك الا نفسى واخى اى لاقدر الا على نفسى واخى ورزقا مصدر وتنكيره للتقليل . والمعنى لا يقدرون على ان يرزقوكم شيأ من الرزق { فابتغوا } فاطلبوا { عند الله الرزق } كله فانه القادر على ايصال الرزق { واعبدوه } وحده { واشكروا له } على نعمائه متوسلين الى مطالبكم بعبادته مقيدين للنعمة بالشكر ومستعجلين للمزيد ، قال ابن عطاء اطلبوا الرزق بالطاعة والاقبال على العبادة ، وقال سهل اطلبوا الرزق فى التوكل لافى الكسب وهذا سبيل العوام { اليه } لا الى غيره { ترجعون } تردون بالموت ثم البعث فافعلوا مامرتكم به(10/238)
وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18)
{ وان تكذبوا } اى وان تكذبونى فيما اخبرتكم به من انكم اليه ترجعون { فقد كذب امم من قبلكم } تعليل للجواب اى فلا تضروننى بتكذيبكم فان من قبلكم من الامم قد كذبوا من قبلى من الرسل وهم شيت وادريس ونوح فما ضرهم تكذيبهم شيأ وانما ضر انفسهم حيث تسبب لما حل بهم من العذاب فكذا تكذيبهم { وما على الرسول الا البلاغ المبين } اى التبليغ الذى لايبقى معه شك وما عليه ان يصدق ولا يكذب البتة وقد خرجت عن عهدة التبليغ بما لامزيد عليه فلا يضرنى تكذيبكم بعد ذلك اصلا وكل احد بعد ذلك مأخوذ بعمله ، قال فى الاسئلة المقحمة معنى البلاغ هو القاء المعنى الى النفس على سبيل الافهام وان لم يفهم السامع فقد حصل منى ذلك الابلاغ والاسماع والافهام من الله تعالى
بيش وحى حق اكر كرسرنهد ... كبريا از فضل خود سمعش دهد
جزمكر جانى كه شدبى نور وفر ... همجو ماهى كنك بد از اصل كر
وفى الآية تسلية للرسول عليه السلام ودعاء له الى الطبر وزجر لمخالفيه فيما فعلوا من التكذيب والجحود فعلى المؤمن الطاعة والتقوى وقبول وصية الملك الاقوى فان التقوى خير المزاد يوم التلاق وسبب النجاة وجالبة الارزاق واعظم اسباب التقوى التوحيد وهو اساس الايمان ومفتاح الجنان ومغلاق النيران روى ان عمر رضى الله عنه مر بعثمان رضى الله عنه وسلم عليه فلم يرد سلامه فشكا الى ابى بكر رضى الله عنه فقال لعله لعذر ثم ارسل الى عثمان وسأل عن ذلك فقال لم اسمع كلامه فانى كنت فى امر وهو انا صاحبنا النبى زمانا فلم نسأل عما تفتح به الجنان وتغلق ابواب النيران فقال ابو بكر رضى الله عنه سألت عن ذلك من النبى صلى الله عليه وسلم فقال « هى الكلمة التى عرضتها على عمى ابى طالب فابى لا اله الا الله محمد رسول الله » وذكر الله اكثر الاشياء تأثيرا فاذكروا الله ذكرا كثيرا ، قال السرى رحمه الله صحبت زنجيا فى البرية فرأيته كلما ذكر الله تغير لونه وابيض فقلت ياهذا أرى عجبا فقال ياأخى اما انك لو ذكرت الله تغيرت صفتك ، قال الحكيم الترمذى رحمه الله ذكر الله يرطب اللسان فاذا خلا عن الذكر اصابته حرارة النفس ونار الشهوة فتعس ويبس وامتنعت الاعضاء عن الطاعة كالشجرة اليابسة لا تصلح الا للقطع وتصير وقود النار وبالتوحيد تحصل الطهارة التامة عن لوث الشرك والسوى فالنفس تدعو مع الشيطان الى اسفل السافلين والله تعالى يدعو بلسان نبيه الى اعلى عليين وقد دعا الانبياء كلهم فقبحوا الاوثان والشرك والدنيا وحسنوا عبادة الله والتوحيد والاخرى ورغبوا الى الشكر والطاعة فى الدنيا التى هى الساعة بل كلمح البصر لايرى لها اثر ولا يسمع لها خبر فالعاقل يستمع الى الداعى الحق ولايكذب الخبر الصدق فيصل بالتصديق والقبول والرضى الى الدرجات العلى والراحة العظمى
مده براحت فانى حيات باقى را ... بمحنت دوسه روز ازغم ابد بكريز(10/239)
أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19)
{ أولم يرو كيف يبدىء الله الخلق } اعتراض بين طرفى قصة ابراهيم عليه السلام لتذكير اهل مكة وانكار تكذيبهم بالبعث مع وضوح دليله والهمزة لانكار عدم رؤيتهم الموجب لتقريرها والواو للعطف على مقدر وابداء الخلق اظهارهم من العدم الى الوجود ثم من الوجود الغيبى الى الوجود العينى ، قال الامام الغزالى رحمه الله الايجاد اذا لم يكن مسبوقا بمثله يسمى ابداء وان كان مسبوقا بمثله يسمى اعادة والله تعالى بدأ خلق الانسان ثم هو يعيدهم اى يرجعهم ويردهم بعد العدم الى الوجود ويحشرهم والاشياء كلها منه بدت واليه تعود . ومعنى الآية ألم ينظروا اى اهل مكة وكفار قريش ولم يعلموا علما جاريا مجرى الرؤية فى الجلاء والظهور كيفية خلق الله ابتداء من مادة ومن غير مادة اى قد علموا { ثم يعيده } اى يرده الى الوجود عطف على أولم يروا لا على يبدأ لعدم قوع الرؤية عليه فهو اخبار بانه تعالى يعيد الخلق قياسا على الابداء وقد جوز العطف على يبدأ بتأويل الاعادة بانشائه تعالى كل سنة مانشأه فى السنة السابقة من النبات والثمار وغيرهما فان ذلك مما يستدل به على صحة البعث ووقوعه من غير ريب : قال الشيخ سعدى قدس سره
بامرش وجود از عدم نقس بست ... كه داند جزاو كردن از نيست هست
دركرره بكتم عدم در برد ... واز آنجا بصحراى محشر برد
{ ان ذلك } اى ماذكر من الاعادة { على الله يسير } سهل لانصب فيه : وبالفارسية [ آسانست ] اذ لايفتقر فى فعله الى شىء من الاسباب(10/240)
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)
{ قل } يامحمد لمنكرى البعث { سيروا فى الارض } سافروا فى اقطارها { فانظروا كيف بدأ الخلق } خلقهم ابتداء على كثرتهم مع اختلاف الاشكال والافعال والاحوال { ثم الله ينشىء النشأة الآخرة } يقال نشأ نشأة حيى وربا وشب ، قال الراغب الانشاء ايجاد الشىء وتربيته واكثر مايقال ذلك فى الحيوان انتهى والنشأة مصدر مؤكد لينشىء بحذف الزوائد والاصل الانشاءة او بحذف العامل اى ينشىء فينشأون النشأة الآخرة كما فى قوله تعالى { وانبتناها نباتا حسنا } اى فنبتت نباتا حسنا والنشأة الآخرة هى النشأة الثانية هى نشأة القيام من القبور والجملة معطوفة على جملة سيروا فى الارض داخلة معها فى حيز القول وعطف الاخبار على الانشاء جائز فيما له محل من الاعراب وانما لم تعطف على قوله بدأ الخلق لان النظر غير واقع على انشاء النشأة الاخرى فان الفكر يكون فى الدليل لا فى النتيجة . والمعنى ثم الله يوجد الايجاد الآخر ويحيى الحياة الثانية اى بعد النشأة الاولى التى شاهدتموها وهى الابداء فانه والاعادة نشأتان من حيث ان كلا اختراع واخراج من العدم الى الوجود : وبالفارسية [ بس الله باز فردا بآفرينش بسين خلق را زنده كند وظاهر كرداند آفريدن ديكررا ملخص سخن آنست كه جون بديديد وبدانستيد كه خالق همه در ا بتداء الله است حجت لازم شود برشما دراعات وبضرورت دانيد آنكه مبدىء خلائق است ميتواند آنكه سعيد ايشان باشد ] { ان الله على كل شىء قدير } لان قدرته لذاته ونسبة ذاته الى كل الممكنات على سواء فيقدر على انشأة الآخرة كما قدر على النشأة الاولى(10/241)
يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21)
{ يعذب } اى بعد النشأة الآخرة { من يشاء } ان يعذبه وهم المنكرون لها { ويرحم من يشاء } ان يرحمه وهم المصدقون بها وتقديم التعذيب لما ان الترهيب انسب بالمقام من الترغيب { واليه } تعالى لا الى غيره { تقلبون } تردون بالعبث فيفعل بكم مايشاء من التعذيب والرحمة مجازاة على اعمالكم ، قال الكاشفى [ دركشف الاسرار آورده كه عذابش ازروى عدلست ورحمتش ازراه فضل بس هركرا خواهد باوى عدل كند از بيش براند وآنراكه خواهد باوى فضل نمايد بلطف خويش بخواند ]
اكر رانى زراه عدل رانى ... وكر خوانى زروى فضل خوانى
مراباراندن وخواندن جه كارست ... اكر خوانى وكررانى تودانى
[ درزاد المسير آورده كه عذاب بزشت خوييست ورحمت بخوش خلقى . ونزد ببعضى عذاب ورحمت بميل دنياست وترك آن يابحرص وقناعت يابمتابعت بدعت وملازمت سنت يابتفرقه خاطر وجميعت دل . امام قشيرى فرموده كه عذاب باآنست كه بنده را باوكذارد ورحمت آنكه بخود متولىء كار اوشود ]
تاتو نباشى يارمارونق نيابد كارما ...(10/242)
وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (22)
{ وما انتم بمعجزين } [ ونيستيد شما اى مردمان عاجز كنند كان برودكار خودرا ] اى عن اجراء حكمه وقضائه عليكم وان هربتم { فى الارض } الواسعة بالتوارى فيها : يعنى [ درزير زمين ] { ولا فى السماء } ولا بالتحصن فى السماء التى هى اوسع منها لو استطعتم الترقى فيها . يعنى فى الارض كنتم او فى السماء لا تقدرون ان تهربوا منه فهو يدرككم لا محالة ويجرى عليكم احكام تقديره { ومالكم من دون الله من ولى } [ دوست كار ساز ] { ولا نصير } يارى ومعين . يعنى ليس غيره تعالى يحرسكم مما يصيبكم من بلاء يظهر منن الارض او ينزل من السماء ويدفعه عنكم ان اراد بكم ذلك ، قال بعضهم الولى الذى يدفع المكروه عن الانسان والنصير الذى يأمر بدفعه عنه والوالى اخص من النصير اذا قد ينصر من ليس بولى(10/243)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (23)
{ والذين كفروا بآايات الله } اى بدلائله التكوينية والتزنيلية الدالة على ذاته وصفاته وافعاله فيدخل فيه النشأة الاولى الدالة على تحقق البعث والآيات الناطقة به دخولا اوليا ، قال فى كشف الاسرار الكفر بآيات الله ان لايستدل بها عليه وتنسيب الى غيره ويجحد موضع النعمة فيها { ولقائه } الذى تنطق به تلك الآيات ومعنى الكفر بلقاء الله جحود الورود عليه وانكار البعث وقيام الساعة والحساب والجنة والنار { اولئك } الموصوفون بما ذكر من الكفر بآياته تعالى ولقائه { يئسوا من رحمتى } الياس انتفاء الطمع كما فى المفردات : وبالفارسية [ نوميدشدن ] كما فى تاج المصادر اى ييأسون منها يوم القيامة وصيغة الماضى للدلالة على تحققه او يئسوا مها فى الدنيا لانكارهم البعث والجزاء { واولئك } الموصوفون بالكفر بالآيات واللقاء وباليأس من الرحمة الممتازون بذلك عن سائر الكفرة { لهم } بسبب تلك الاوصاف القبيحة { عذاب اليم } لايقادر قدره فى الشدة والايلام ، قال فى كشف الاسرار [ بدانكه تأثير رحمت الله درحق بند كان بيش از تأثير غضب است ودرقرآن ذكر صفات رحمت يبيش از ذكر صفات غضب است ودر خبرست كه ( سبقت رحمتى غضبى ) اين رحمت وعضب هر دوصفت حق است وروا نباشدكه كويى يكى بيش است ويكى بس يايكى يش است ويكى كم زيراكه اكر يكى بيش كويى ديكررا نقصان لازم آيد واكر يكى را بيش كويى ديكررا حدوث لازم آيد بس مراد ازين تأثير ورحمت است يعنى بيشى كرد تأثير رحمت من بر تأثير غضب من تأثير غضب اوست نوميدى كافران از رحمت اوتا مى كويد جل جلاله { اولئك يئسوا من رحمتى } وتأثير رحمت اوست اميد مؤمنان بمغفرت او دل نهادن بررحمت او تا ميكويد ] عز وجل { اولئك يرجون رحمة الله } فينبغى للمؤمن ان لاييأس من رحمته وان يأمن من عذابه فان كلا من اليأس والامن كفر بل يكون راجيا خائفا واما الكافر فلا يخطر بباله رجاء ولا خوف واذا ترقى العبد عن حالة الخوف والرجاء يعرض له حالتا القبض والبسط بالقبض للعارف كالخوف للمستأنف والبسط له كالرجاء له . والفرق بينهما ان الخوف والرجاء يتعلقان بامر مستقبل مكروه او محبوب فالقبض والبسط بامر حاضر فى الوقت يغلب على قلب العارف من وارد غيبى فتارة يغلب القبض فيقول ذلى كذل اذل اليهود واليه الاشارة بالابداء فى الآية واخرى يغلب البسط فيقول اين السموات والارضون حتى احملهما على شعرة جفن عينى واليه الاشارة الاعادة فى الآية ومن هذه القبيل ماقال عليه السلام « ليت رب محمد لم يخلق محمدا » وماقال « انا سيد ولد آدم » وفى قوله تعالى { أولم يروا } الخ اشارة الى انه تعالى كما بدأ خلق الخلق باخراجهم من العدم الى الوجود الى عالم الارواح ثم اهبطهم من عالم الارواح الى عالم الاشباح عابرين على الملكوت والنفوس السماوية والافلاك والانجم وفلك الاثير والهواء والبحار وكرة الارض ثم على المركبات والمعادن والنبات والحيوان الى ان يبلغ اسفل سافلين الموجودات وهو القالب الانسانى كما قال(10/244)
{ ثم رددناه اسفل سافلين } اى بتدبير النفخة الخاصة كما قال { ونفخت فيه } فكذلك يعيده بجذبات العناية الى الحضرة راجعا من حيث هبط عابرا على المنازل والمقامات التى كانت على ممره بقطع تعلق نظره الى خواص هذه المنازل وترك الانتفاع بها فانه حالة العبور على هذه المنازل استعار خواصها وبعض اجزائها منها لاستكمال الوجود الانسانى روحانيا وجسمانيا فصار محجوبا مبعدا عن الحضرة فعند رجوعه الى الحضرة بجذبة ارجعى يرد فى كل منزل ماستعار منه فان العارية مردودة الى ان يعاد الى العدم بلا انانية بتصرف جذبة العناية وهو معنى الفناء فى الله : قال المولى الجامى
طى كن بساط كون كه اين كعبه مراد ... باشد وراى كون ومكان جند مرحله
وقال الشيخ المغربى
زتنكناى جسد جون برون نهى قدمى ... بجز حظيره قدسى بادشاه مبرش
وفى المثنوى
از جمادى مردم نامى شدم ... وزنما مردم بحيوان بر زدم
مردم از حيوانى وآدم شدم ... بس جه ترسم كى زمردن كم شدم
جمله ديكر بميرم از بشر ... تا بر آرم از ملائك باوسر
وزملك هم بايدم جستن ز جو ... كل شىء هالك الا وجهه
بار ديكر از ملك قربان شوم ... آنجه اندر وهم نايد آن يوم
بس عدم كردم عدم جون ارغنون ... كويدم كانا اليه راجعون
وفى قوله { والذين كفروا } الخ اشارة الى الطائفة من ارباب الطلب واصحاب السلوك العابرين على بعض المقامات المشاهدين آثار شواهد الحق الذين كوشفوا ببعض الاسرار ثم ادركتهم العزة بحجاب الغيرة فابتلاهم الله للغيرة بالالتفات الى الغير فحجبوا بعد ان كوشفوا وستروا بعد ان تجردوا واستدرجوا بعد ان رفعوا وبعدوا بعد ان قربوا وردوا بعد ان دعوا فحاروا بعد ان كاروا نعوذ بالله من الحور بعد الكور كذا فى التأويلات النجمية(10/245)
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24)
{ فما كان جواب قومه } اى قال ابراهيم عليه السلام اعبدوا الله واتقوه فما كان جواب قومه آخر الامر وهو بالنصب على انه خبر كان واسمها قوله { الا ان قالوا } الا قول بعضهم لبعض { اقتلوه } اصل القتل ازالة الورح عن الجسد كالموت لكن اذا اعتبر بفعل المتولى لذلك يقال قتل واذا اعتبر بفوت الحياة يقال موت { او حرقوه } التحريق [ نيك سوزانيدن ] والفرق بين التحريق والاحراق وبين لحرق ان الاول ايقاع ذات لهب فى الشىء ومنه استعير احرقنى بلومه اذا بالغ فى اذيته بلوم والثانى ايقاع حرارة فى الشىء من غير لهيب كحركق الثوب بالدق كما فى المفرادت وفيه تسفيه لهم حيث اجابوا من احتج عليهم بان يقتل او يحرق وهكذا ديدن كل محجو مغلوب { فانجاه الله من النار } الفاء فصيحة اى فالقوه فى النار فانجاه الله من اذاها بان جعلها عليه بردا وسلاما روى انه لم ينتفع يومئذ بالنار فى موضع اصلا وذلك لذهاب حرها { ان فى ذلك } اى فى انجائه منها { لآيات } بينة عجيبة هى حفظه تعالى اياه من حرها واخمادها مع عظمها فى زمان يسير يعنى عقيب احتراق الحبل الذى اوثقوه به لانه ماحرقت منه النار الا وثاقه وانشىء روض فى مكانها يعنى كل وريحان { لقوم يؤمنون } لانهم المنتعفون بالتفحص عنها والتأمل فيها واما الكافرون فمجرومون من الفووز بمغانم آثارها ، وفيه اشارة الى دعوة ابراهيم الروح نمرود النفس وصفاتها الى الله تعالى ونهيهم عن عبادة الهوى والدنيا وماسوى الله والى اجابتهم اياه من لؤم طبعهم وغاية سفههم لقولهم اقتلوه بسيف الكفر والشرك او اقدوا عليه نار الشهوات والاخلاق الذميمة وحرقوه بها فخلص الله جوهر الروحية من حرقة النار الشهوات والاخلاق الذميمة ومتعه بالخصائص المودعة فيها مما لم يكن فى جبلة الروح مر كوزا وكان به محتاجا فى سيره الى الله ولهذه الاستفاده بعث الى اسفل سافلين القالب(10/246)
وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25)
{ وقال } ابراهيم مخاطبا لقومه { انما اتخذتم من دون الله اوثانا } اى اتخذتموها آلهة لا لحجة قامت بذلك بل { مودة بينكم } اى لتتوادوا بينكم وتتلاطفوا لاجتماعكم على عبادتها { فى الحياة الدنيا } يعنى مدة بقائكم فى الدنيا : وبالفارسية [ ميخاهيد تاشمارا درعبادت آن ابتان اجتماعى باشد ودوستى بايكديكرتايكديكررا اتباع ميكنيد وبرآن اتباع دوست يكديكر ميشويد همجنانكه مؤمنان در عبادت الله بايكديكر مهر دارند ودوستى وتا در دنيا باشيد آن دوستى باقيست ] { ثم يوم القيامة } بعد الخروج من الدنيا تنقل الامور ويتبدل التواد تباغضا والتلاطف تلاعنا حيث { يكفر بعضكم } وهم العبدة { ببعض } وهم الاوثان { وليعن بعظكم بعضا } اى يلعن ويشتم كل فريق منكم ومن الاوثان حيث ينطقها الله الفريق الآخر واللعن طرد وابعاد على سبيل السخط وهو من الانسان دعاء على غيره
وفى التأويلات النجمية تكفر النفس بشهوات الدنيا اذا شاهدت وبال استعمالها وخسران حرمانها من شهوات الجنة وتعلن على الدنيا لانها كانت سببا لشقاوتها وتلعن الدنيا عليها كما عليه السلام « ان احدكم اذا لعن الدنيا قالت الدنيا لعن الله اعصانا لله » { ومأويكم } جميعا العابدون والمعبودون والتابعون والمتبعون { النار } اى هى منزلكم الذى تأوون اليه ولاترجعون منه ابدا { ومالكم من ناصرين } يخلصونكم منها كما خلصنى ربى من النار التى القيتمونى فيها وجمع الناصر لوقوعه فى مقابلة الجمع اى وما لاحد منكم من ناصر اصلا
جون بت سنكين شمارا قبله شد ... لعنت وكورى شمارا ظاهر شد
نيست هركز ازخدا نفرت شما ... شد محرم جنت ورحمت شما(10/247)
فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26)
{ فآمن له لوط } آمن له وآمن به متقارب فى المعنى ولوط ابن اختهك يعنى [ خواهر زاده ابراهيم بود وبقولى برادر زاده او ] والمعنى صدقه فى جميع مقالاته لا فى نبوته ومادعا اليه من التوحيد فقط فانه كان منزها عن الكفر وماقيل انه آمن له حين رأى النار لم تحرقه ينبغى ان يحمل على ماذكرنا او على انه يراد بالايمان الرتبة العالية منه وهى التى لايرتقى اليها الا همم الافراد وهو اول من آمن به { وقال } اى ابراهيم للوط وسارة وهى ابنة عمه وكانت آمنت به وكانت تحت نكاحه { انى مهاجر } اى تارك لقومى وذاهب { الى ربى } اى حيث امرنى . والمهاجرة [ از زمينى شدن واز كسى ببريدن ] ومنه الحديث « لايذكر الله الا مهاجرا » اى قلبه مهاجر للسانه غير مطابق له ، قال فى المفردات الهجر والهجران مفارقة الانسان غيره اما بالبدن او باللسان او بالقلب ، قال بعض العارفين انى راجع من نفسى ومن الكون اليه فالرجوع اليه بالانفصال عما دونه ولايصح لاحد الرجوع اليه وهو متعلق بشىء من الكون حتى ينفصل عن الاكوان اجمع ولايتصل بها : قال الكمال الخجندى
وصل ميسر نشود جز بقطع ... قطع نخست ازهمه ببريدنست
{ انه هو العزيز } الغالب على امره فيمنعنى من اعدائه { الحكيم } الذى لايفعل الا مافيه حكمة ومصلحة فلا يأمرنى الا بما فيه صلاحى ومن لم يقدر فى بلدة على طاعة الله فليخرج الى بلدة اخرى ،
وفى التأويلات النجمية { انه العزيز } اى ان الله اعز من ان يصل اليه احد الا بعد مفارقته لغيره { الحكيم } الذى لايقبل بمقتضى حكمته الا طيبا من لوث انانيته كما قال عليه السلام « ان الله طيب لايقبل الا الطيب » انتهى روى ان ابراهيم عليه السلام او من هاجر ولكن نبى هجرة ولابراهيم هجرتان فانه هاجر من كوتى وهى قرية من سواد الكوفة مع لوط وسارة وهاجر الى حران ثم منها الى الشام فنزل فلسطين نزل لوط سدوم [ صاحب كشاف آورجه كه ابراهيم دروقت هجرت هفتاد وبنج ساله بود ودرهمين سال خدا اسماعيل را بوى دادازهاجركه كنيزك ساره فرزندى بخشيد جنانجه ميفرمايد ](10/248)
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)
{ ووهبنا له } من عجوز عاقر وهى سارة { اسحق } ولدا لصلبه اى من بعد اسماعيل من هاجر { ويعقوب } نافلة وهى ولد الولد حين ايس من الولادة ، قال القاضى ولذلك لم يذكر اسماعيل يعنى ان المقام الامتنان والامتنان لهما اكثر لما ذكر روى ان الله تعالى وهب له اربعة اولاد اسحاق من سارة واسماعيل من هاجر ومدين ومداين من غيرهما { وجعلنا فى ذريته } فى نسله يعنى من بنى اسماعيل وبنى اسرائيل { النبوة } فكثر منهم الانبياء يقال اخرج من ذريته الف نبى وكان شجرة الانبياء { والكتاب } اى جنس الكتاب المتناول الكتب الاربعة يعنى التوراة والانجيل والزبور والفرقان { وآتيناه اجره } بمقابلة هجرته الينا { فى الدنيا } باعطاء الولد فى غير اوانه والمال والذرية الطيبة واستمرار النبوة فيهم وانتماء اهل الملل اليه والثناء والصلاة عليه الى آخر الدهر [ مارودى كويد مزداو دردنيا بقاء ضيافت اوصت يعنى همجنانكه درحال حياة در مهما نخانه وى بساط دعوت انداخته حالا نيزهست وخاص وعام ازان مائده برفائده بهره مندند
سفره اشى مبسوط براهل جهان ... نعمتش مبذول شد بى امتنان
{ وانه فى الآخرة لمن الصالحين } لفى عداد الكاملين فى الصلاح وهم الانبياء واتباعهم عليهم السلام ، قال ابن عطاء اعطيناه فى الدنيا المعرفة والتوكل وانه فى الآخرة لمن الراجعين الى مقام العارفين ونحوها ، اعلم ان الهجرة على قسمين صورية وقد انقطع حكمها بفتح مكة كما قال عليه السلام « لاهجرة بعد الفتح » ومعنوية وهى السير من موطن النفس الى الله تعالى فتح كعبة القلب وتخليصها من اصنام الشرك والهوى فيجرى حكمها الى يوم القيامة واذا سار الانسان من موطن النفس الى مقام القلب فكل ماراده يعطيه الله وهو الاجر الدنيوى كما قال ابو سعيد الخراز رحمه الله اقمنا بمكة ثلاثة ايام لم نأكل شيأ وكان بحذائنا فقير معه ركوة مغطاة بحشيش وربما اراه يأكل خبزا حوّ ارى فقلت له نحن ضيفك فقال نعم فلما كان وقت العشاء مسح يده على سارية فناولنى درهمين فاشترينا خبزا فقلت بم وصلت الى ذلك فقال يابا سعيد بحرف واحد تخرج قدر الخلق من قلبك تصل الى حاجتك ، ثم اعلم بان الله تعالى منّ على ابراهيم عليه السلام بهبة الولد والولد الصالح الذى يدعو لوالديه من الاجور الباقية الغير المنقطعة كالاوقاف الجارية والمصاحف المتلوة والاشجار المنتفع بها ونحوها وكذلك منّ عليه بان جعل فى ذريته النبوة ، والاشارة فيه ان من السعادات ان يكون فى ذريته الرجل اهل الولاية الذين هم ورثة الانبياء فان بهم تقوم الدنيا والدين وتظهر الترقيات الصورية والمعنوية للمسلمين وتسطع الانوار الى جانب الارواح المقربين واعلى عليين فيحصل الفجر التام والشرف الشامل والانتفاع العام وهؤلاء ان كانوا من النسب الطينى فذاك وان كانوا من النسب الدينى فالاولاد الطيبون والاحفاد الطاهرون مطلقا من نعم الله الجليلة
نعم الاله على العباد كثيرة ... واجلهن نجابة الاولاد
ربنا هب لنا من ازواجنا الخ(10/249)
وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28)
{ ولوطا } اى ولقد ارسلنا لوطا من قبلك يامحمد اذكر لقومك { اذ قال لقومه } من اهل المؤتفكات { انكم } [ بدرستى كه شما ] { لتأتون الفاحشة } اى الخصلة المتناهية فى القبح : وبالفارسية [ بفاحشه مى آييد يعنى ميكنيد كارى كه بغايت زشت است ] كأن قائلا قال لم كانت تلك الخصلة فاحشة فقيل { ماسبقكم بها } اى بتلك الفاحشة { من احد من العالمين } [ هيجكس ازجهانيان ] اى لم يقدم احد قبلكم عليها لافراط قبحها وكونها مما تنفر عنها النفوس والطباع وانتم اقدمتم عليها لخباثة طبيعتكم ، قالوا لم ينز ذكر على ذكر قبل قوم لوط قط اى مع طول الزمان وكثرة القرون(10/250)
أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29)
{ ائنكم لتأتون الرجال } [ آياشما مى آييد ومى كراييد بمردان بطريق مباشرت وآن كار زشت ميكنيد ] { وتقطعون السبيل } السبيل من الطرق ماهو معتاد السلوك وفيه سهولة وقطع الطريق يقال على وجهين احدهما يراد به السير والسلوك والثانى يراد به الغصب من المارة والسالكين للطريق لانه يؤدى الى انقطاع الناس عن الطريق فجعل قطعا للطريق . والمعنى تتعرضون لابناء السبيل بالفاحشة حتى انقطع الناس عن طريقكم روى انهم كانوا كثيرا مايفعلونها بالغرباء ويجبرونهم عليها اوتقطعونها بالقتل واخذ المال وكانوا يفعلون ذلك لكيلا يدخلوا فى بلدهم ولا يتناولو من ثمارهم او تقطعون سبيل النسل بالاعراض عن الحرث واتيان ماليس بحرث { وتأتون } تفعلون وتتعاطون من غير مبالاة { فى ناديكم } فى مجلسكم ومتحدثكم الجامع لاصحابكم فانه لايقال النادى والندى الا لما فيه اهله فاذا قاموا عنه لم يبق ناديا ، قال فى كشف الاسرار النادى مجمع القوم للسمر والانس وجمعه اندية { المنكر } ، قال الراغب المنكر كل شىء تحكم العقول الصحيحة بقبحه او تتوقف فى استقباحه العقول وتحكم بقبحه الشريعة انتهى ، وهو ههنا امور . منها الجماع واللواطة فى المجالس بالعلانية والضراط وهو بالفارسية [ بادرا رهايى كردن ] زعمت الهند ان حبس الضراط داء وارساله دواء ولايحبسون فى مجالسهم ضرطة ولايرون ذلك عيبا وافلتت من معاوية ريح على المنبر فقال ايها الناس ان الله خلق ابدانا وجعل فيها اربحا فمتى يتمالك الناس ان لاتخرج منهم فقال صعصعة بن صوحان فقال اما بعد فان خروج الارياح فى المتوضاة سنة وعلى المنابر بدعة واستغفر الله لى ولكم . ومنها حل ازرار القباء وضرب الاوتار والمزامير والسخرية بمن يمر بهم وفى هذا اعلام انه لاينبغى ان يتعاشر الناس على المناكر وان لايجتمعوا على الهزؤ والمناهى سئل الجنيد رحمه الله عن هذه الآية فقال كل شىء يجتمع الناس عليه الا الذكر فهو منكر وعن ابن عباس رضى الله عنهما هو اى المنكر الحذف بالحصى : يعنى [ بسر انكشت سبابه وناخن انكشت سترك سنك بمردم انداختن ] وكانوا يجلسون على الطريق وعند كل واحد قصعة فيها حصى فمن مر بهم حذفوه فمن اصابه منهم فهو احق به فيأخذ مامعه وينكحه ويغرّمه ثلاثة دراهم ولهم قاض يقضى بينهم بذلك . ومنه « هواجور من قاضى سدوم » وفى الحديث « اياكم والحذف فانه لاينكى عدوا ولايقتل صيدا ولكن يفقأ العين ويكسر السن » وكان من اخلاق قوم لوط الرمى بالبنادق والجلاهق والغفير وتطريف الاصابع بالحناء والفرقعة اى مد الاصابع حتى تصوت ولذا كرهت فى الصلاة وخارجها لئلا يلزم التشبه بهم . ومن اخلاقهم مضغ العلك ولا يكره للمرأة ان لم تكن صائمة لقيامه مقام السواك فى حقن لان سنها اضعف من سن الرجال كسائر اعضائها فيخاف من السواك سقوط سنها وهو ينقى الاسنان ويشد اللثة كالسواك ويكره للرجال اذا لم يكن من علة كالبخر لما فيه من تشبه النساء .(10/251)
ومن اخلاقهم السباب والفحش فى المزاح يقال المزاح يجلب صغيرة الشرك وكبيرة الحرب . ومن اخلاقهم اللعب بالحمام ، عن سفيان الثورى انه قال كان اللعب بالحمام من عمل قوم لوط وان من لعب بالحمام الطيارة لم يمت حتى يذوق ألم الفقر كما فى حياة الحيوان { فما كان جواب قومه } لما انكر عليهم قبائحهم { الا ان قالوا } له استهزاء [ ماترك اين عملها نخواهيم كرد ] { ائتنا بعذاب الله } [ بيار عذاب خدايرا بما ] { ان كنت من الصادقين } فيما تعدنا من نزول العذاب : وبالفارسية [ از راست كويان درآنكه اين فعلها قبيح است وبسبب آن عذاب بشما نازل خواهد شد ] ، قال فى الارشاد فما كان جواب من جهتهم بشىء من الاشياء الا هذه الكلمة الشنيعة اى لم يصدر عنهم فى هذه المرة من مرات مواعظ لوط وقد كان اوعدهم فيها العذاب واما ماقى سورة الاعراف من قوله { فما كان } الخ ومافى سورة النمل من قوله { فما كان } الخ فهو الذى صدر عنهم بعد هذه المرة وهى المرة الاخيرة من مرات المقالات الجارية بينهم وبينه عليه السلام(10/252)
قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30)
{ قال } لوط بطريق المناجاة لما ايس منهم { رب } [ اى بروردكار من ] { انصرنى } اى بانزال العذاب الموعود { على القوم المفسدين } بابتداع الفاحشة وسنها فيمن بعدهم والاصرار عليها فاستجاب الله دعاءه [ وفرشتكان فرستاد تاقوم اورا عذاب كنند وايشانرا فرموده كه نخست بابراهيم بكذريد واورا بشارت دهيد ] كما سيأتى وانما وصفهم بالافساد ولم يقل عليهم او على قومى مبالغة فى استنزال العذاب عليهم واشعارا بانهم احقاء بان يعجل لهم العذاب ، قال الطيبى الكافر اذا وصف بالفسق او الافساد كان محمولا على غلوه فى الكفر(10/253)
وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31)
{ ولما جاءت } [ آن هنكام كه آمدند ] { رسلنا } يعنى الملائكة وهم جبريل ومن معه { ابراهيم بالبشرى } اى بالبشارة والولد النافلة { قالوا } لابراهيم فى تضاعيف الكلام { انا مهلكوا اهل هذه القرية } اى قرية سدوم والاضافة لفظية لان المعنى على الاستقبال { ان اهلها كانوا ظالمين } بالكفر والتكذيب وانواع المنكرات(10/254)
قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32)
{ قال } ابراهيم للرسل اشفاقا على المؤمنين ومجادلة عنهم { ان فيها لوطا } [ لوط دران شهرست ] اى فكيف تهلكونها سمى بلوط لان حبه ليط بقلب عمه ابراهيم اى تعلق ولصق وكان ابراهيم يحبه حبا شديدا { قالوا } اى الملائكة { نحن اعلم } منك { بمن فيها } ولسنا بغافلين عن حال لوط فلا تخف ان يقع حيف على مؤمن { لننجينه } اى لوطا { واهله } اتباعه المؤمنين وهم بناته { الا امرأته كانت من الغابرين } اى الباقين فى العذاب او القربة : يعنى [ خواهيم كفت تالوط ازميان قوم بيرون آيد باهل خود وهمه كسان وى بيرون روند مكر زن اوكه درميان قوم بماند وبايشان هلاك شود ](10/255)
وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34)
{ ولما ان } صلة لتأكيد الفعلين ومافيهما من الاتصال { جاءت رسلنا } المذكورون بعد مفارقة ابراهيم { لوطا سيىء بهم } اى اعتراه المساءة بسببهم مخافة ان يتعرض لهم قومه بسوء اى الفاحشة لانهم كانوا يتعرضون للغرباء ولم يعرف لوط انهم ملائكة وانما رأى شبانا مردا حسانا بثياب حسان وريح طيبة فظن انهم من الانس { وضاق بهم ذرعا } اى ضاف بشأنهم وتدبير امرهم ذرعه اى طاقته فلم يدر أيأمرهم بالخروج ام بالنزول كقولهم ضاقت يده وبازائه رحب ذرعه بكذا اذا كان مطيقا به قادرا عليه وذلك ان طويل الذراع ينال مالا يناله قصير الذراع { وقالوا } لما رأوا فيه اثر الضجرة : يعنى [ فرشتكان اثر ملال برجبين مبارك لوط مشاهده كرده اورا تسلى دادند وكفتند ] { لاتخف } من قومك علينا { ولاتحزن } على شىء { انا منجوك واهلك } مما يصيب القوم من العذاب { الا امرأتك كانت من الغابرين انا منزلون على اهل هذه القرية } يعنى سدوم وكانت مشتملة على سبعمائة الف رجل كما فى كشف الاسرار { رجزا من السماء } عذابا منها يعنى الخسف والحصب والرجز العذاب الذى يقلق المعذب اى يزعجه من قولهم ارتجز اذا ارتعش واضطرب { بما كانوا يفسقون } بسبب فسقهم المستمر فانتسف جبريل المدينة واما فيها باحد جناحيه فجعل عاليها سافلها وانصبت الحجار على من كان غائبا اى بعد خروج لوط مع بناته منه [ بس بحكم خداى لوط باهالىء خود خلاص يافت وكفار موتفكه هلاك شدند وشهر خراب شده ايشان عبرت عالميان كشت جنانجه ميفرمايد ](10/256)
وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35)
{ ولقد تركنا منها } اى من القرية ومن للتبيين لا للتبعيض لان المتروك الباقى ليس بعض القرية بل كلها { آية بينة } [ نشانه روشن ] وهى قصتها العجيبة وحكايتها السابقة او آثار ديارها الخربة او الحجارة الممطورة التى على كل واحد منها اسم صاحبها فانها كانت باقية بعدها وادركها اوائل هذه الامة وقيل ظهور الماء الاسود على وجه الارض حين خسف بهم وكان منتنا يتأذى الناس برائحته من مسافة بعيدة { لقوم يعقلون } يستعملون عقولهم فى الاعتبار وهو متعلق اما بتركنا او ببينة وفيه اشارة الى شرف العقل فانه هو الذى يعتبر ويردع الانسان عن الذنب والوقوع فى الخطر : وفى المثنوى
عقل ايمانى جو شحنه عادلست ... باسبان وحاكم شهر دلست
همجو كربه باشد اوبيدار هوش ... دزددرسوارخ ماند همجو موش
درهر آنجاكه بر آردموش دست ... نيست كربه ياكه نقش كربه است
كربه جون شير شير افكن بود ... عقل ايمانى كه اندرتن بود
غره او حاكم درند كان ... نعره او مانع جرند كان
شهر بردزدست وبرجامه كنى ... خواه شحنه باش كوو خواءنى
وعن انس رضى الله عنه اثنى قوم على رجل عند رسول الله حتى بالغوا فى الثناء بخصال الخير فقال سول الله « كيف عقل الرجل » فقالوا يارسول الله نخبرك عنه باجتهاده فى العبادة واصناف الخير وتسألنا عن عقله فقال نبى الله عليه السلام « ان الاحمق بحمقه اعظم من فجور الفاجر وانما يرتفع العباد غدا فى الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم » قيل كل شىء اذا كثر رخص غير العقل فانه اذا كثر غلا ، قال اعرابى لوصور العقل لاظلمت معه الشمس ولو صور الحمق لاضاء معه الليل اى لكان الليل مضيئا بالنسبة اليه مع انه لاضوء فيه من حيث انه ليل : وفى المثنوى
كفت بيغمبر كه احمق هركه هست ... او عدو ماست غول ورهزن است
هركه او عاقل بود ازجان ماست ... روح او وريح او ريحان ماست
مائدة عقلست نى نان وشوى ... نور عقلست اى بسر جان راغدى
نيست غير نور آدم را خورش ... ازجر آن جان نبايد بروش
زين خوشها اندك اندك بازبر زين غداى خربود نى آن حر ... تاغداى اصل را قابل شوى
لقمهاى نوررا آكل شوى ... ثم ان الآية تدل على كمال قدرته على الانجاء والانتقام من الاعداء والله غالب على امره ألا ان حزب الله هم المفلحون وهم الانبياء والاولياء ومن يليهم وعلى ان المعتبر فى باب النجاة والحشر اهل الفلاح والرشاد وهو حبهم وحسن اتباعهم لان الاتصال المعنوى بذلك الاختلاط الصورى فقط ألا يرى الى امرأة لوط وامرأة نوح حيث قيل لهما ادخلا النار مع الداخلين لخياتهما وعدم اطاعتهما وقد نجت بنتا لوط لايمانهما فسبحان من يخرج الحى من الميت(10/257)
وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36)
{ والى مدين } اى وارسلنا الى اهل مدين { اخاهم شعيبا } لانه من نسبهم وقد سبق تفسير الآية على التفصيل مرارا { فقال } شعيب بطريق الدعوة { ياقوم } [ اى كروه من ] { اعبدوا الله } وحده { وارجوا اليوم الآخر } المراد يوم القيامة لانه آخر الايام اى توقعوه وماسيقع فيه من فنون الاحوال وافعلوا اليوم من الاعمال ماتنتفعون به فى العاقبة وتأمنون من عذاب الله ويقال وارجوا يوم الموت لانه آخر عمرهم { ولا تعثوا } عثا افسد من الباب الاول { فى الارض } فى ارض مدين حال كونكم { مفسدين } بنقص الكيل والوزن اى لا تعتدوا حال افسادكم وانما قيده وان غلب فى الفساد لانه قد يكون فيه ماليس بفساد كمقابلة الظالم المعتدى بفعله ومنه ما يتضمن صلاحا راجحا كقتل الخضر الغلام وخرقه السفينة(10/258)
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37)
{ فكذبوه } اى شعيبا ولم يمتنعوا من الفساد { فاخذتهم الرجفة } اى الزلزلة الشديدة حتى تهدمت عليهم دورهم وفى سورة هود { فاخذت الذين ظلموا الصيحة } اى صيحة جبريل فانه الموجبة للرجفة بسبب تمويجها للهواء وما يجاوره من الارض { فاصبحوا } اى صاروا { فى دارهم } اى بلدهم او منازلهم ولم يجمع بان يقال فى ديارهم لامن اللبس { جاثمين } باركين على الركب ميتين مستقبلين بوجوههم الارض وذلك بسبب عدم استماعهم الى داعى الحق وتزلزل باطنهم فالجزاء من حنس العمل(10/259)
وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38)
{ وعادا } منصوب باضمار فعل دل عليه ماقبله اى واهلكنا عادا قوم هود { وثمود } قوم صالح وهو غير مصروف على تأويل القبيلة { وقد تبين لكم من مساكنهم } اى وقد ظهر لكم ياهل مكة اهلاكنا اياهم من جهة بقية منازلهم باليمن ديار عاد والحجر ديار ثمود بالنظر اليه عند مروركم بها فى اسفاركم { وزين لهم الشيطان اعمالهم } من فنون الكفر والمعاصى وحسنها فى اعينهم { فصدهم عن السبيل } صرفهم عن السبيل الذى و جب عليهم سلوكه وهو السبيل السوى الموصل الى الحق على التوحيد { وكانوا مستبصرين } يقال استبصر فى امره اذا كان ذا بصيرة اى والحال انهم اى عادا وثمود قد كانوا ذوى بصيرة عقلاء متمكنين من النظر والاستدلال ولكنهم لم يفعلوا ذلك لمتابعتهم الشيطان فلم ينتفعوا بعقولهم فى تمييز الحق من الباطل فكانوا كالحيوان : وفى المثنوى
مهر حق برجشم وبركوش خرد ... كر فلاطونست حيوانش كند(10/260)
وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39)
{ وقارون وفرعون وهامان } معطوف على عادا وتقديم قارون لشرف نسبه كما سبق ففيه تنبيه لكفار قريش ان شرف نسبهم لايخصلهم من العذاب كما لم يخلص قارون { ولقد جاءهم موسى بالبينات } بالدلالات الواضحة والمعجزات الباهرة { فاستكبروا } وتعظموا عن قبول الحق { فى الارض } [ در زمين مصر ] { وماكانوا سابقين } مفلتين فائتين بل ادركهم امر الله فهلكوا من قولهم سبق طالبه اذا فاته ولم يدركه ، قال الراغب اصل السبق التقدم فى السير ثم تجوز به فى غيره من التقدم كما قال بعضهم ان الله تعالى طلب كل مكلف بجزاء عمله ان خيرا فخير وان شر فشرا(10/261)
فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)
{ فكلا } تفسير لما ينبىء عنه عدم سبقهم بطريق الابهام اى كل واحد من المذكورين { اخذنا بذنبه } اى عاقبناه بجنايته لابعضهم دون بعض كما يشعر به تقديم المفعول ، قال بعضهم الاخذ اصله باليد ثم يستعار فى مواضع فيكون بمعنى القبول كما فى قوله { واخذتم على ذلك اصرى } اى قبلتم عهدى وبمعنى التعذيب فى هذا المقام ، قال فى المفردات الاخذ حوز الشىء وتحصيله وذلك تارة بالتناول نحو { معاذ لله ان نأخذ الامن وجدنا متاعنا عنده } وتارة بالقهر نحو { لا تأخذه سنة ولا نوم } ويقال اخذته الحمى ويعبر عن الاسير بالمأخوذ والاخيذ ، قال فى الاسئلة المقحمة قوله { فكلا اخذنا بذنبه } دليل على انه تعالى لايعاقب احدا الا بذنبه وانهم يقولون انه تعالى لو عاقب ابتداء جاز والجواب نحن لاننكر انه تعالى يعاقب الكفار على كفرهم والمذنبين بذنبهم وانما الكلام فى انه لو عاقب ابتداء لايكون ظالما لانه يفعل مايشاء بحكم الملك المطلق { فمنهم من ارسلنا عليه حاصبا } تفصيل للاخذ اى ريحا عاصفا فيه حصباء وهى الحصى الصغار وهم عاد او ملكا رماهم بها وهم قوم لوط { ومنهم من اخذته الصيحة } كمدين وثمود صاح بهم جبريل صيحة فانشقت قلوبهم وزهقت ارواحهم . وبالفارسية [ بانك كرفت ايشانرا تا زهره ايشان ترقيد ] { ومنهم من } [ وازايشان كسى بودكه ] { خسفنا به الارض } [ فرو برديم اورا بزمين جون قارون واتباع او ] فالباء للتعدية وهو الجزاء الوفاق لعمله لان المال الكثير يوضع غالبا تحت الارض { ومنهم من اغرقنا } كقوم نوح وفرعون وقومه والاغراق [ غرقه كردن ] كام فى التاج والغرق الرسوب فى الماء اى السفول والنزول فيه { وما كان الله ليظلمهم } بما فعل بهم بان يضع العقوبة فى غير موضعها فان ذلك محال من جهته تعالى لانه قد تبين بارسال الرسل { ولكن كانوا انفسهم يظلمون } بالاستمرار على مايوجب العذاب من انواع الكفر والمعاصى
اى كه حكم شرع را رد ميكنى ... راه باطل ميروى بدمكينى
جون توبد كردى بدى يابى جزا ... بس بدلها جلمه باخود ميكنى
وفى المثنوى
بس تراهر غم كه بيش آيد زدرد ... بركسى تهمت منه برخويس كرد
قال وهب بن منبه قرأت فى بعض الكتب حلاوة الدنيا مرارة الآخرة ومرارة الدنيا حلاوة الآخرة وظمأ الدينا رّى الآخرة ورّى الدنيا ظمأ الآخرة وفرح الدنيا حز الآخرة وحزن الدنيا فرح الآخرة ومن قدم شيأ من خير او شر وجده والامر بآخره ألا ترى ان هؤلاء المذكورين لما صار آخر امرهم التكذيب او اخذوا عليه ولو صار التصديق لسومحوا فيما صدر عنهم اولا . والحاصل انهم لما عاشوا على الاصرار هلكوا على العذاب ويحشرون على ماماتوا عليه ولذا يقولون عند القيام من قبورهم واويلاه فقط وعظا الله بهذه الآيات اهل مكة ومن جاء بعدهم الى يوم القيام ليعتبروا وينتفعوا بعقولهم ويجتنبوا عن الظلم والاذى والاستكبار والافساد فان فيه الصلاح والنجاة والفوز بالمراد لكن التربية والارشاد انما تؤثر فى المستعد من العباد : قال الشيخ سعدى قدس سره(10/262)
جون بود اصل جوهرى قابل ... تربيت را درو اثر باشد
هيج صيقل نكو نداند كرد ... آهنى را كه بدكهر باشد
والقرآن كالبحر وانما يتطهر به من كان من شأنه ذلك كالانسان واما الكلب فلا
سك بدرياى هفت كانه مشوى ... كه جو ترشد بليدتر باشد
خر عيسى اكر بمكه برند ... جون بيايد هنوز خرباشد
حكى ان بعض المتشيخين ادعى الفضل بسبب انه خدم فلانا العزيز اربعين سنة فقال واحد من العرفاء كان لذلك العزيز بغل قد ركبه اربعين سنة فلم يزل من ان يكون بغلا حتى هلك على حاله اى لم يؤثر فيه ركوب الانسان الكامل لعدم استعداده لكونه انسانا فافحم المدعى ولله دره نسأل الله الخروج من موطن النفس والاقامة فى حظيرة القدس(10/263)
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)
{ مثل الذين اتخذوا من دون الله اولياء } مثل الشىء بفتحتين صفته كما فى المختار والاتخاذ افتعال من الاخذ والمراد بالاولياء الآلهة اى الاصنام . والمعنى صفتهم العجيبة فيما اتخذوه معتمدا { كمثل العنكبوت } يقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث والغالب فى الاستعمال التأنيث وتاؤه كتاء طاغوت اى زائدة لا للتأنيث { اتخذت } نفسها { بيتا } اى كمثلها فيما نسجته فى الوهن بل ذلك اوهن من هذا لان له حقيقة وانتفاعا فى الجملة فالآية من قبيل تشبيه الهيئة بالهيئة لتشبيه حال من اتخذ الاصنام اولياء وعبدها واعتمد عليها راجيا نفعها وشفاعتها بحال العنكبوت التى اتخذت بيتا فكما ان بيتها لايدفع عنها حرا ولا بردا ولا مطرا ولا اذى وينتقض بادنى ريح فكذلك الاصنام لا تملك لعابديها نفعا ولا ضرا ولا خيرا ولا شرا
بيش جوب وبيش سنك نقش كند ... كه بسا كولان سرها مى نهند
ومن تخيل السراب شرابا لم يلبث الا قليلا حتى يعلم انه كان تخييلا ومن اعتمد شيأ سوى الله فهو هباء لا حاصل له وهلاكه فى نفس ماعتمد ومن اتخذ سواه ظهيرا قطع من نفسه سبيل العصمة ورد الى حوله وقوته ، وفى الآية اشارة الى ان الذين اتخذوا الله وليا وعبدوه واعتمدوا عليه وهم المؤمنون فمثلهم كمثل من بنى بيتا من حجر وجص له حائط يحول عن تطرق الشرور الىمن فيه وسقف مظل يدفع عنه البرد والحر
دوستيهاى همه عالم بروب از دل كمال ... باك بايد داشتن خلوت سراى دوست را
{ وان اوهن البيوت } اى اضعفها : وبالفارسية [ سست ترين خانها ] { لبيت العنكبوت } لابيت اوهن منه فيما تتخذه الهوام لانه بلا اساس ولا جدار ولا سقف لايدفع الحر والبرد ولذا كان سريع الزال ، وفيه اشارة الى انه لاصل لموالاة ماسوى الله فانه لاس لبنيانها يقول الفقير
تكيه كم كن صوفى برديوار غير ... غير او ديار نى خلاق دير
{ لو كانوا يعلمون } اى شيأ من الاشياء لجزموا انه هذا مثلهم وابعدوا عن اعتقاد ماهذا مثله ، قال الكاشفى [ صاحب بحر الحقائق آورده كه عنكبوت هرجند برخود مى تند ثرندان براى نفس خود ميسازد وقيدى بدست وباى خود مى نهد بس خانه او محبس اوست آنهانيزكه بدون خداى تعالى اوليا كيرند يعنى برستش هوا وبيروى دنيا ومتابعت شيطان ميكنند بسلاسل واغلال ووزر وبال مقيد كشته روى خلاصى ندارند وعاقبت در مهلكه نيران ودركه بعد وحرمان افتاده معاقب ومعذب كردند وبعضى هواى نفس را در بى اعتبارى بتار عنكبوت تشبيه كرده اند ] كما قيل
از هوابكذر كه بس بى اعتبار افتاده است ... رشته دام هوا جون تار بيت عنكبوت
اللهم ارزقنا دنيا بلا هوى وخلصنا مما يطلق عليه السوى ، قال بعض العارفين [ عاشقان در دمى دو عيد كنند عنكبوتان مكس قديد كنند .(10/264)
دو عيد عبارتست از نيستى وهستى كه هر لحظه در نظر عارف واقع است جه عيد در اصلاح مايعود على القلب است . وجماعتى كه بدام تعينات كرفتارندكه عنكبوتان عبارت ازان جماعت است مكس قديد كنند يعنى وجودات موهومه عالم را متحقق مى شمارند واز حقيقت حال غافلندكه اشيارا وجود حقيقى نيست وموجوديت اشيا عبارت از نسبت وجود حقست با ايشان وجون آن نسبت قطع كرده ميشود اشيا معدومانندكه ] التوحيد اسقاط الاضافات
جهانرانيست هستى جز مجازى ... سراسر حال او لهواست وبازى
كذا قال بعض اهل التأويل يقول الفقير لعل العيدين اشارة الى النفس الداخل والخارج وللعارفين فى كل منهما عيد اكبر باعتبار كونهم مع الحق وشهوده والعناكيب اشارة الى العباد الذين يتقيدون بالعبادات الظاهرة من غير شهود الحق فاين من يأكل القديد ممن يأكل الحلاوة(10/265)
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43)
{ ان الله } على اضمار القول اى قل للكفرة تهديدا ان الله { يعلم مايدعون } يعبدون وما استفهامية منصوبة بيدعون ويعلم معلق عنها { من دونه } اى من دون الله { من شىء } من للتبيين اى سواء كان مايدعون صنما او نجما او ملكا او جنيا او غيره لايخفى عليه ذلك فهو يجازيهم على كفرهم { وهو العزيز } الغالب القادر على انتقام اعدائه { الحكيم } ذو الحكمة فى ترك المعاجلة بالعقوبة ، ولما كان الجهلة والسفهاء من قريش يقولون ان رب محمد لايستحيى ان يضرب مثلا بالذباب والبعوضة والعنكبوت ويضحكون من ذلك قال تعالى { وتلك الامثال } اى هذا المثل وامثاله والمثل كلام سائر يتضمن تشبيه الآخر بالاول اى تشبيه حال الثانى بالاول { نضربها للناس } نذكرها ونبينها لاهل مكة وغيرهم تقريبا لما بعد عن افهامهم ، قال فى المفردات ضرب المثل هو من ضرب الدرهم اعتبارا بضربه بالمطرقة وهو ذكر شىء اثره يظهر فىغيره { وما يعقلها } اى وما يفهم حسن تلك الامثال وفائدتها { الا العالمون } اى الراسخون فى العلم المتدبرون فى الاشياء على ماينبغى وهم الذين عقلوا عن الله اى ما صدر عنه فعملوا بطاعته واجتنبوا سخطه والعالم على الحقيقة من حجزه علمه عن المعاصى فالعاصى جاهل وان كان عالما صورة ، فان قيل لم لم يقل ومايعلمها الا العاقلون والعقل يسبق العلم ، قلنا لان العقل آلة تدرك بها معانى الاشياء بالتأمل فيها ولا يمكن التأمل فيها والوصول اليها بطريقها الا بالعلم ، ودلت الآية على فضل العلم على العقل ولا عالم منا الا وهو عقال فاما العاقل فقد يكون غير عالم ، قال الامام الراغب فى المفردات العقل يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم ويقال للعلم الذى يستفيده الانسان بتلك القوة عقل ولهذا قال امير المؤمنين على رضى الله عنه اقول
العقل عقلان ... فمبطوع ومسوع
ولاينفع مطبوع ... اذا لم يك مسموع
كما لاتنفع الشمس ... وضوء العين ممنوع
والى الاول اشار عليه السلام بقوله « ماخلق الله خلقا اكرم عليه من العقل » والى الثانى اشار بقوله « ماكسب احد شيأ افضل من عقل يهديه الى هدى ويرده عن ردى » وهذا العقل هو المعنى بقوله { وما يعقلها الا العالمون } وكل موضع ذم فيه الكفار بعدم العقل فاشارة الى الثانى دون الاول وكل موضع رفع فيه التكليف عن العبد لعدم العقل فاشارة الى الاول انتهى : وفى المثنوى
عقل دو عقلست اول مكسبى ... كه در آموزى جودر مكتب صبى
از كتاب واوستاد وفكر وذكر ... از علوم واز معانى خوب وبكر
عقل تو افزون شود برديكران ... ليك توباشى ز حفظ آن كران
لوح حافظ باشى اندر دور وكشت ... لو محفوظ اوست كوزين در كذشت
عقل ديكر بخشش يزدان بود ... جشمه آن درميان جان بود
جون زسينه آب دانش جوش كرد ... نى شود كنده نى ديرينه نى زرد
ورره نبعش بود بسته جه غم ... كو همى جوشد زخانه دمبدم
عقل تحصيلى مثال جوبها ... كان رود درخانه از كويها
راه آبش بسته شد شد بى نوا ... ازدرون خويشتن جون جشمه را
جهد كن تابين عقل ودين شوى ... تاجو عقل كل توباطن بين شوى(10/266)
خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (44)
{ خلق الله السموات والارض بالحق } اى حال كونه محقا مراعيا للحكم والمصالح على انه حال من فاعل خلق او ملتبسة بالحق الذى لا محيد عنه مستتبعة للمنافع الدينية والدنيوية على على انه حال من مفعوله فانها مع اشتمالها على جميع مايتعلق به معاشهم شواهد دالة على وحدانيته وعظم قدرته وسائر صفاته كما اشار اليه بقوله { ان فى ذلك } اى فى خلقهما { لآية } دالة على شؤونه { للمؤمنين } تخصيص المؤمنين بالذكر مع عموم الهداية والارشاد فى خلقهما للكل لانهم المنتعفون بذلك
وفى التأويلات النجمية { خلق الله السموات والارض بالحق } لمرآتية صفات الحق تعالى ليكن مظهرها { ان فى ذلك لآية } اى فى السموات والارض آية حق مودعة ولكن { للمؤمنين } الذين ينظرون بنور الله فان النور لايرى الا بالنور ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور
جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات
فعلى العاقل النظر الى آثار رحمة الله والتفكر فى عجائب صنعه وبدائع قدرته حتى يستخرد الدر من بحار معرفته روى ان داود عليه السلام دخل فى محرابه فرأى دودة صغيرة فتفكر فى خلقها وقال مايعبأ الله بخلق هذه فانطقها الله تعالى فقالت ياداود أتعجبك نفسك وانا على مانا والله اذكر الله واشكره اكثر منك على ما آتاك الله وحكى ان رجلا رأى خنفساء فقال ماذا يريد الله تعالى من خلق هذه أحسن شكلها ام طيب ريحها فابتلاه الله بقرحة عجز عنها الاطباء حتى ترك علاجها فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين ينادى فى الدرب فقال هاتوه حتى ينظر فى امرى فقالوا ماتصنع بطرقى وقد عجز عنك حذاق الاطباء فقال لابد لى منه فلما احضروه ورأى القرحة استدعى الخنفساء فضحك الحاضرون فتذكر العليل القول الذى سبق منه فقال احضروا ماطلب فان الرجل على بصيرة فاحرقها ووضع رمادها على قرحته فبرئت باذن الله تعالى فقال للحاضرين ان الله تعالى اراد ان يعرفنى ان اخس المخلوقات اعز الادوية كذا فى حياة الحيوان فظهر ان الله تعالى ماخلق شيأ باطلا بل خلق الكل حقا مشتملا على المصلحة سواء عرفها الانسان او لم يعرفها واللائق بشأن المؤمن ان يسلك طريق التفكر ثم يرتقى منه حتى يرى الاشياء على ماهى عليه كما هو شان ارباب البصيرة . وقد قالوا لمشاهدة ثمرة المجاهدة فلا بد من استعمال العقل وسائر القوى وكذا الاعضاء فبالخدمة تزداد الحرمة ويحصل الانكشاف وتزول الحيرة ويجيىء الاطمئنان : قال المولى الجامى
بى طلب نتوان وصالت يافت آرى كى دهد ... دولت حج دست جزراه بيابان برده را
ومعنى الطلب ليس القصد القلبى الذكر اللسانى فقط بل الاجتهاد بجميع الظاهر والباطن بقدر الامكان وهو وظيفة الانسان ثم الفتح بيد الله ان شاء اراه ملكوت السموات والارض وجعله مكاشفا ومعاينا ومحققا واحدا وان شاء اوقفه فى مقامه واقل الامر حصول التفكر بالعقل المودع ويلزم شكره فان الله تعالى اخرجه بذلك عن دائرة الغافلين المعرضين اللهم اجعلنا من المتفكرين المتيقظين والمدركين لحقائق الامور فى كل شىء من خلق السموات والارضين(10/267)
اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)
{ اتل ماوحى اليك من الكتاب } التلاوة القراءة على سبيل التوالى والاحياء اعلام فى الخفاء ويقال للكلمة الالهية التى تلقى الى الانبياء والاولياء وحى . والمعنى اقرأ يامحمد مانزل اليك من القرآن تقربا الى الله بقراءته وتحفظا لنظمه وتذكرا لمعانيه وحقائقه فان القارىء المتأمل ينكشف له فى كل مرة مالم ينكشف قبل وتذكيرا للناس وحملالهم على العمل بما فيه من الاحكام ومحاسن الآداب ومكارم الاخلاق كما روى ان عمر رضى الله عنه اتى بسارق فامر بقطع يده فقال لم تقطع يدى وكان جاهلا بالاحكام فقال له عمر بما امر الله فى كتابه فقال اتل علىّ فقال { اعوذ بالله من الشيطان الرجيم : والسارق والسارقة فاقطعوا ايدهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم } فقال السارق والله ماسمعتها ولو سمعتها ماسرقت فامر بقطع يده ولم يعذره . فسن التواريح بالجماعة ليسمع الناس القرآن ، وعن على رضى الله عنه من قرأ القرآن وهو قائم فى الصلاة كان له بكل حرف مائة حسنة ومن قرأ وهو جالس فى الصلاة فله بكل حرف خمسون حسنه ومن قرأ وهو فى غير الصلاة وهو على وضوء فخمس وعشرون حسنة ومن قرأ على غير وضوء فعشر حسنات ، وعن الحسن البصرى رحمه الله قراءة القرآن فى غير الصلاة افضل من صلاة لايكون فيها كثير القراءة كما قال الفقهاء طول القيام افضل من كثرة السجود لقوله عليه اسلام « افضل الصلاة طول القنوت » اى القيام وبكثرة الركوع والسجود يكثر التسبيح والقراءة افضل منه . قالوا افضل التلاوة على الوضوء والجلوس نحو القبلة وان يكون غ ير مربع ولامتكىء ولاجالس جسلة متكبر ولكن نحو مايجلس بين يديى من يهابه ويحتشم منه وقد سبق فى آخر سورة النمل بعض مايتعلق بالتلاوة من الآداب والاسرار فارجع { واقم الصلاة } اى داوم على اقامتها وحيث كانت الصلاة منتظمة للصلوات المكتوبة بالمؤداة بالجماعة وكان امره عليه السلام باقامتها متضمنا لامر الامة بها علل بقوله تعالى { ان الصلاة } المعروفة وهى المقرونة بشرائطها الظاهرة والباطنة { تنهى } اى من شأنها وخاصيتها ان تنهاهم وتمنعهم { عن الفحشاء } [ ازكارى كه نزد عقل زشت بود ] { والمنكر } [ واز عملى كه بحكم شرع منهى باشد ] ، قال فى الوسيط المنكر لايعرف فى شريعة ولاسنة اى سواء كان قولا او فعلا والمعروف ضده : يعنى [ نماز سبب باز استادن مى باشد از معاصى جه مداومت بروموجب دوام ذكر ومورث كمال خشيت است وبخاصيت بنده را از كناه باز دارد ] كماروى ان فتى من الانصار كان يصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس ثم لايدع شيأ من الفواحش الا ركبه فوصف لرسول الله فقال(10/268)
« ان صلاته ستنهاه » فلم يلبث ان تاب وحسن حاله وصار من زهاد الصاحبة رضى الله عنه وعنهم ، يقول الفقير لاشك ان لكل عمل خيرا او شرا خاصية فخاصية الصلاة اثارة الخشية من الله والنهى عن المعاصى كا ان خاصية الكفر الذى قويل به ترك الصلاة فى قوله تعالى عليه السلام « من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر » اثارة الخوف من الناس الاقبال على المناهى دل عليه قوله تعالى { سنلقى فى قلوب الذين كفروا الرعب بماشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا } وفى الحديث « من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله الا بعدا » يعنى تكون صلاته وبالا عليه ويكون سبب القرب فى حقه سبب البعد لعل ذلك لعدم خروجه عن عهدة حقيقة الصلاة كما قال بعضهم حقيقة الصلاة حضور القلب بنعت الذكر والمراقبة بنعت الفكر فالذكر فى الصلاة يطرد الغفلة التى هيى الفحشاء والفكر يطرد الخواطر المذمومة التى هى المنكر فهذه الصلاة كما تنهى صاحبها وهو فى الصلاة عما ذكر كذلك تنهاه وهو فى خارجها عن رؤية الاعمال وطلب الاعواض ومثل هذه الصلاة قرة عين العارفين لانها مبنية على المعاينة لا على المغايبة والصلاة فريضة كانت او نافلة افضل الاعمال البدنية لان لها تأثيرا عظيما فى اصلاح النفس التى هى مبدأ جميع الفحشاء والمنكر وفى الخبر « قال عيسى عليه السلام يقول الله بالفرائض نجا منى عبدى وبالنوافل يتقرب الىّ » ، واعلم ان الصلاة على مراتب فصلاة البدن باقامة الاركان المعلومة . وصلاة النفس بالخشوع والطمأنينة بين الخوف والرجاء . وصلاة القلب بالحضور والمراقبة . وصلاة السر بالمناجات والمكالمة . وصلاة الروح بالمشاهدة والمعاينة . وصلاة الخفى بالمناغاة والملاطفة ولاصلاة فى المقام السابع لانه مقام الفناء والمحبة الصرفة فى عين الوحة . فنهاية الصلاة الصورية بظهور لموت الذى هو صورة اليقين كما قال تعالى { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } اى الموت . ونهاية الصلاة الحقيقة بالفناء المطلق الذى هو حق اليقين فكل صلاة تنهى عن الفحشاء فى مرتبتها : يعنى [ نماز تن ناهيست ازمعاصى وملاهى . ونماز نفس مانعست از ذائل وعلائق واخلاق ردية وهيآت مظلمة . ونمازدل بازدارد ازظهور فضول ووفور غفلت را . ونماز سرمنع نمايد از التفات بما سواى حضرت را را . ونماز روح نهى كند ازاستقرار بملاحظه اغيار . ونماز خفى بكذارند سالك را از شهود اثنينيت وظهور انانيت يعنى برو ظاهر كرددكه ازروى حقيقت ]
جزيكى نيست نقد اين عالم ... باز وبعالمش مفروش
قال بعض ارباب الحقيقة رعاية الظاهر سبب للصحة مطلقا وأرى ان فوت مافات من ترك الصلوات ، يقول الفقير هذا يحتمل معنيين . الاول انه على سبيل الفرض والتقدير يعنى لو فرض للمرء مايكون سببا لبقائه فى الدنيا لكان ذلك اقامة الصلاة فكان وفاته انما جاءت من قبل ترك الصلاة كما ان الصدقة والصلة تزيدان فى الاعمار يعنى لو فرض للمرء مايزيد به العمر لكان ذلك هو الصدقة وصلة الرحم ففيه بيان فضيلة رعاية الاحكام الظاهرة خصوصا من بينها الصلاة والصدقة والصلة .(10/269)
والثانى ان لكل شىء حيا او جمادا اجلا علق ذلك فانقطاعه عن الذكر لانه ما من شىء الا يسبح بحمده فالشجر لايقطع وكذا الحيوان لايقتل ولا يموت الا عند انقطاعه عن الذكر وفى الحديث « ان لكل شىء اجلا فلا تضربوه اماءكم على كسر انائكم » فمعنى ترك الصلاة ترك التوجه الى الله بالذكر والحضور معه لان العمدة فيها هى اليقظة الكاملة فاذا وقعت النفس فى الغفلة انقطع عرق حياتها وفاتت بسببها وهذا بالنسبة الى الغافلين الذاكرين واما الذين هم على صلاتهم دائمون فالموت يطرأ على ظاهرهم لاعلى باطنهم فانهم لايموتون بل ينقلبون من دار الى دار كما ورد فى بعض الآثار هذا هو اللائح والهل اعلم { ولذكر الله اكبر } اى والصلاة اكبر من سائر الطاعات وانما عبر عنها بالذكر كما فى قوله تعالى { فاسعوا الى ذكر الله } للايذان بان مافيها من ذكره تعالى هو العمدة فى كونها مفضلة على الحسنات ناهية عن السيآت او لذكر الله افضل الطاعات لان ثواب الذكر هو الذكر كما قال تعالى { فاذكرونى اذكركم } وقال عليه السلام « يقول الله تعالى انا عند ظن عبدى بى وانا مه حين يذكرنى فان ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى وان ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ اكثر من الملأ الذى ذكرنى فيهم » فالمراد بهذا الذكر هو الذكر الخالص وهو اصفى واجل من الذكر المشوب بالاعمال الظاهرة وهو خير من ضرب الاعناق وعتق الرقاب واعطاء لمال للاحباب واول الذكر توحيد ثم تجريد ثم تفريد كما قال عليه السلام « سبق المفردون » قالوا يارسول الله وما المفردون قال « الذاكرون الله كثيرا والذاكرات » : قال الشيخ العطار
اصل تجريدات وداع شهوتست ... بلكه كلى انقطاع لذنست
كرتوببريدى زموجودات اميد ... آنكه ازتفريد كردى مستفيد
والذكر طرد الغفلة ولذا قالوا ليس فى الجنة ذكر اى لانه لاغفلة فيها بل حال اهل الجنة الحضور الدائم
وفى التأويلات النجمية ماحاصله ان الفحشاء والمنكر من امارات مرض القلب ومرضه نيسان الله وذكر الله اكبر فى ازالة هذا المرض ن تلاوة القرآن واقامة الصلاة لان العلاج انما هو بالضد ، فان قلت اذا كانت تلاوة القرآ واقامة الصلاة والذكر صادرة من قلب مريض معلول بالنيسان الطبيعى للانسان لايكون كل منها سببا لازالة المرض المذكور ، قلت الذكر مختص بطرح اكسير ذكر الله للعبد كما قال { فاذكرونى اذكركم } فابطل خاصية المعلولية وجعله ابريزا خاصا بخاصيته المذكورة فذكر العبد فنى فى ذكر الله فلذا كان اكبر ، وقال بعض الكبار ذكر اللذات فى مقام الفناء المحض وصلاة الحق عند التمكين فى مقام البقاء اكبر من جميع الاذكار واعظم من جميع الصلوات ، قال ابن عطاء رحمه الله ذكر الله اكبر من ذكركم لان ذكره للفضل والكرم بلا علة وذكركم مشوب بالعلل الامانى والسؤال ، وقال بعضهم اذا قلت ذكر الله اكبر من ذكر العبد قابلت الحادث بالقديم وكيف يقال الله احسن من الخلق ولا يوازى قدمه الا قدمه ولا ذكره الا ذكره ولايبقى الكون فى سطوات المكون ، وقال بعضهم [ ذكر خداى بزركتراست ازهمه جيزيراكه ذكر انو طاعتست وذكر غير او طاعت نيست ] فويل لمن مروقته بذكر الاغيار : قال الحافظ(10/270)
اوقات خوش آن بودكه بادوست بسررفت ... باقى همه بيحاصل وبيخبرى بود
{ والله يعلم ماتصنعون } من الذكر وسائط الطاعات لايخفى عليه شىء فيجازيكم بها احسن المجازاة ، وقال بعض الكبار والله يعلم ماتصنعون فى جميع المقامات والاحوال فمن تيقن ان الله يعلم مايصنعه تجنب عن المعاصى والسيآت وتوجه الى عالم السر والخفيات بالطاعات والعبادات خصوصا الصلوات ولابد من تفريغ القلب عن الشواغل فصلاة بالحضور افضل من الف صلاة بدونه حكى ان واحدا كان يتضرع الى الله ان يوفقه لصلاة مقبولة فصلى مع حبيب العجمى فلم يعجبه ظاهرها من امر القراءة فاستأنف الصلاة فقيل له فى الرؤيا قد وفقك ا لله لصلاة مقبولة فلم تعرف قدرها فاصلاح الباطن اهم فان به بتفاضل الناس وتفاوت الحسنات ويحصل الفلاح الحقيقى هو الخلاص من حبس الوجود بجود واجب الوجود ونظر العبد لايدرك كمالية الجزاء المعدّ له بمباشرة اركان الشريعة وملازمة آداب الطريقة للوصول الى العالم الحقيقى ولكن الله يعلم ماتصنعون باستعمال مفتاح الشريعة وصناعة الطريقة بفتح ابواب طلسم الوجود المجازى والوصول الى الكنز المخفى من الوجود الحقيقى نسأل الله سبحانه ان يوفقنا للفعل الحسن والصنع الجميل ويسعدنا بالمقام الا رفع والاجر الجزيل(10/271)
وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)
{ ولاتجادلوا اهل الكتاب } المجادلة والجدال [ بيكار سخت كردن بايكديكر ] كما فى التاج ، قال الراغب الجدال المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة اصله من جدلت الحبل اى احكمت فتله فكأن المتجادلين يفتل كل واحد الآخر عن رأيه . والمعنى ولا تخاصموا اليهود النصارى : وبالفارسية [ وبيكار مكنيد وجدال منماييد باهل كتاب ] { الا بالتى هى احسن } اى بالخصلة التى هى احسن كمعاملة الخشونة باللين والغضب بالحلم والمشاغبة اى تحريك الشر واثارته بالنصح اى بتحريك الخير واثارته العجلة بالتأنى والاحتياط على وجه لايؤدى الى الضعف ولا الى اعظام الدنيا الدنية { الا الذين ظلموا منهم } بالافراط فى الاعتداء والعناد فان الكافر اذا وصف بمثل الفسق والظلم حمل على المبالغة فيما هو فيه او باثبات الولد وهم اهل نجران او بنبذ العهد ومنع الجزية ونحو ذلك فانه يجب حينئذ الموافقة بما يليق بحالهم من الغلظة باللسان وبالسيف والسنان { وقولوا آمنا } بالدصق والاخلاص { بالذى انزل الينا } من القرآن { وانزل اليكم } اى وبالذى انزل اليكم من التوراة والانجيل وسمع النبى عليه السلام ان اهل الكتاب يقرآون التوراة ويفسرونها بالعربية لاهل الاسلام فقال « لاتصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وبكتبه وبرسله فان قالوا باطلا لم تصدقوهم وان قالوا حقا لم تكذبوهم » قال ابن الملك انما نهى عن تصديقهم وتكذيبهم لانهم حرفوا كتابهم وماقالوه ان كان من جملة ماغيروه فتصديقهم يكون تصديقا بالباطل وان لم يكن كذلك يكون تكذيبهم تكذيبا لما هو حق وهذا اصل فى وجوب التوقف فيما يشكل من الامور والعلوم فلا يقضى فيه بجوار ولا بطلان وعلى هذا كان السلف رحمهم الله { والهنا والهكم واحد } لاشريك له فى الالوهية { ونحن له مسلمون } اى مطيعون له خاصة وفيه تعريض بحال الفريقين حيث اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله(10/272)
وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47)
{ وكذلك } اشارة الى مصدر الفعل الذى بعده اى ومثل ذلك الانزال البديع الموافق لانزال سائر الكتب { انزلنا اليك الكتاب } اى القرآن { فالذين آتيناهم الكتاب } من الطائفتين { يؤمنون به } اريد بهم عبدالله بن سلام واضرابه من اهل الكتاب خاصة كأن من عداهم لم يؤتوا الكتاب حيث لم يعملوا بما فيه اومن تقدم عهد الرسول عليه السلام حيث كانوا مصدقين بنزوله حسبما شاهدوا فى كتابيهما ومنهم قس بن ساعدة وبحيرا ونسطورا وورقة وغيرهم وتخصيصهم بايتاء الكتاب للايذان بان من بعدهم من معاصرى رسو الله قد نزع عنهم الكتاب بالنسخ فلم يؤتوه والفاء لترتيب مابعدها على ماقبلها فان ايمانهم به مترتب على انزاله على الوجه المذكور { من هؤلاء } اى من العرب { من يؤمن به } اى بالقرآن { ومايجحد } الجحد نفى مافى القلب اثباته او اثبات مافى القلب نفيه { بآياتنا } اى بالكتاب المعظم بالاضافة الينا عبر عنه بالآيات للتنبيه على ظهور دلالته على معانيه وعلى كونه من عند الله { الا الكافرون } المتوغلون فى الكفر المصممون عليه فان ذلك يصدهم عن التأمل فيما يؤديهم الى معرفة حقيتها ، وفى الآية اشارة الى ان ارباب القلوب واصحاب العلوم الباطنة الذين علومهم من مواهب الحق يجب ان يجادلوا اهل علم الظاهر الذين علومهم من طريق الكسب والدارسة بالرفق واللين والسكون ونحوها لئلا تهيج الفتنة الامارية ويزدادوا انكارا فمن رحمه الله منهم صدق الدلائل الكشفية والبراهين الحقية فى دلالتها الى الحق واهتدى ومن حرمه الله استقبل بالانكار وزاد بعدا من الوصول الى الله الغفار : وفى المثنوى
هركرا مشك نصيحت سودنيست ... لاجرم بابوى بدخوكردنيست
مغزرا خالى كن از انكار يار ... تاكه ريحان يابد ازكلزار يار
كاشكى جون طفل ازحيل باك آمدى ... تاجو طفلان جنك درمادر زدى
يابعلم ونقل كم بودى ملى ... علم وحى دل ربودى ازولى
باجنين نورى جوبيش آرى كتاب ... جان وحى آساى تو آرد عتاب
جون تميم باوجود آب دان ... علم نقلى بادم قطب زمان
خويش ابله كن تبع مى روز بس ... رستكى زين ابلهى يابى وبس
اكثر اهل الجنة البله اى بدر ... بهراين كفتست سلطان البشر
زيركى جون كبرباد انكيز تست ... ابلهى شو تابماند دل درست
ابلهى نى كو بمسخر كى دوتوست ... ابلهى كوواله وحيران هوست
ابلهانند آن زنان دست بر ... از كف ابله وزرخ يوسف نذر
واعلم ان المجادلة فى الدين تبطل ثواب الاعمال اذا كانت تعنتا وترويجا للباطل واما الجدال بالحق لاظهاره فمأمور به وقد جادل على رضى الله عنه شخصا قال انى املك حركاتى وسكناتى وطلاق زوجتى واعتق امتى فقال على رضى الله عنه أتملكها دون الله او مع الله فان قلت املكها دون الله فقد اثبت دون الهل مالكا وان قلت املكها مع الله فقد اثبت له شريكا كذا فى شحر المواقف ، قال الشيخ سعدى [ يكى درصورت درويشان در محفى ديدم نشسته ودفتر شكايت بازكرده وذم توانكاران آغاز كفتم اى يارتوانكران مقصد زائرين وكهف مسافرانند عبادت اينان بمحل قبول نزديكترست كه جمعند وحاضرنه براكنده خاطر ودرخبراست ( الفقر سواد الوجه فى الدارين ) كفت آن نشنيدى كه بيغمبر عليه السلام فرموده است [ الفقر فخرى ] كفتم خاموش كه اشارت سيد عالم بفقر طائفة ايست كه مردان ميدان رضاند وتسليم تير قضا درويش بى معرفت نياراميد تافقرش بكفر آنجاميد ( كاد الفقر ان يكون كفرا )(10/273)
باكرسنكى قوت وبرهير نماند ... افلاس عنان از كف تقوى بستاند
[ كفت توانكران مشتى طافئه اند مغرور نكنند بغير الا بكراهت سخن نكويند الا بسفاهت علما بكدايى منوسب كنند وفقرارا به بى سر وبايى معيوب كردانند كفتم مذمت ايشان روامداركه خدواندان كرمند كفت خطا كفتى بنده درمند جه فائده اكر ابر آذرند بركس نمى بارند كفتم بر بخل خداوندان وقوف نيافته الا بعلت كدايى ورنه هركه طمع يكسونهد كريم وبخليش يكسان نمايند كفتا بتجربه آن ميكويم كه متعلقان بردر بدارند تادست برسينه صاحب تمييزنهند وكويند كه كسى اينجانيست وراست كفته باشند زيرا
آنرا كه عقل وهمت وتدبير وراى نيست ... خوش كفت برده داركه كس درسراى نيست
كفتم اين حركت ازايشان بعد ازانست كه از دست سائلان بجان آمده اندو محال عقلست كه اكر ريك بيا بان در شود جشم كدا يان برشود كفتا كه من برحال ايشان رحمت مى برم « اى لان لهم مالا ولا يشترون ثوابا » كفتم نه كه بر مال ايشان حسرت مى خورى « اى لحرصك » مادرين كفتار وهردو بهم كرفتار هربيد فى براندى بدفع آن بكوشيدمى تانقد كيسه همت همه درباخت عاقبة الامر دليلش نماند ذليلش كردم دست تعدى درازكرد وسنت جاهلانند كه جون بدليل فرومانند سلسله خصومت بجنبانند دشنامم داد سقطش كفتم كريبانم دريد زنخدانش كرفتم مرافعه اين سخن بيش قاضى برديم قاضى جون هيئات ما ديد ومنطق ما شنيد بعد از تأمل بسيار كفت اى آنكه توانكر انرا ثنا كفتى بدانكه هرجا كلست خارهست وبرسر كنج مار همدجنان در زمره توانكران شاكرانند وكفور ودر حلقه درويشان صابرانند وضجور واى كه كفتى توانكران مشتغل تباهى ومست ملاهى اند قومى ازايشان برين صفتند وطائفه ديكر طالب نبك نامند ومغفرت وصاحب دنيا وآخرت قاضى جون اين سخن بكفت بمقتضاى حكم قضا رضاداديم واز ماضى در كذشتيم وبوسه برسروروى همد كرداديم وختم سخن بدين دوبيت بود ]
مكن زكردش كيتى شكايت اى درويش ... كه تيره بختى اكرهم برين نسق مردى
توانكرا جودل ودست كامرانت هست ... بخور ببخش كه دنيا وآخرت بردى
وهذه الحكاية طويلة قد اختصرناها(10/274)
وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49)
{ وما كنت تتلو من قبله } اى وما كانت عادتك يا محمد قبل انزالنا اليك القرآن ان تتلو شيأ { من كتاب } من الكتب المنزلة { ولا تخطه } ولا ان تكتب كتابا من الكتب والخط كالمد ويقال لما له طول ويعبر عن الكتابة بالخط { بيمينك } حسبما هو المعتاد يعنى ذكر اليمين لكون الكتابة غالبا باليمين لا انه لايخط بيمينه ويخط بشماله فان الخط بالشمال من ابعد النوادر ، قال الشيعة انه عليه السلام كان يحسن الخط قبل الوحى ثم نهى عنه الوحى وقالوا ان قوله و لاتخطه نهى فليس ينفى الخط ، قال فى كشف الاسرار قرىء ولا تخطه بالفتح على النهى وهو شاذ والصحيح انه لم يكن يكتب انتهى ، وفى الاسئلة المقحمة قول الشيعة مردود لان لاتخطه لو كان نهيا لكان بنصب الطاء او قال لاتخططه بطريق التضعيف { اذا } [ آن هنكام ] اى لو كنت ممن يعتاد التلاوة والخط { لارتاب المبطلون } ، قال فى المختار الريب الشك ، قال الراغب الريب ان يتوهم بالشىء امرا ينكشف عما يتوهمه ولهذا قال تعالى { لاريب فيه } والارابة ان يتوهم فيه امرا فلا ينكشف عما يتوهمه والارتياب يجرى مجرى الارابة ونفى عن المؤمنين الارتياب كما قال { ولا يرتاب الذى اوتوا الكتاب والمؤمنون } والمبطل من يأتى بالباطل وهو نقيض المحق وهو من يأتى بالحق لما ان الباطل نقيض الحق ، قال فى المفردات الابطال يقال فى افساد الشىء وازالته حقا كان ذلك الشىء او باطلا قال تعالى { ليحق الحق ويبطل الباطل } وقد يقال فيمن يقول شيأ لاحقيقة له . والمعنى لارتابوا وقالوا لعله تعلمه او التقطه من كتب الاوائل وحيث لم تكن كذلك لم يبق فى شأنك منشأ ريب اصلا ، قال الكاشفى [ درشك افتادندى تباه كاران وكجروان يعنى مشركان عرب كفتندى كه جون مى خواند ومى نويسد بس قر آنرا از كتب بيشينيان التقاط كرده وبرما مى خواند ياجهودان درشك افتادندكه دركتب خود خوانده ايم كه بيغمبر آخر زمان امى باشد واين كسى قارى وكاتب است ] ، فان قلت لم سماهم المبطلين ولو لم يكن اميا وقالوا ليس بالذى نجده فى كتبنا لكانوا محقين ولكان اهل مكة ايضا على حق فى قولهم لعله تعلمه او كتبه فانه رجل قارىء كاتب ، قلت لانهم كفروا به وهو امى بعيد من الريب فكأنه قال هؤلاء المبطلون فى كفهرم به لو لم يكن اميا لارتابوا اشد الريب فحيث انه ليس بقارىء ولا كاتب فلا وجه لارتيابهم ، قال فى الاسئلة المقحمة كيف منّ الله على نبيه انه امى ولا يعرف الخط والكتابة وهما من قبيل الكمال لا من قبيل النقص والجواب انما وصفه بعدم الخط والكتابة لان اهل الكتاب كانوا يجدون من نعته فى التوراة والانجيل انه امى لايقرأ ولا يكتب فاراد تحقيق ماوعدهم به على نعته اياه ولا ن الكتابة من قبيل الصناعات فلا توصف بالمدح ولا بالذم ولان المقصود من الكتابة والخط هو الاحتراز عن الغفلة والنيسان وقد خصه الله تعالى بما فيه غنية عن ذلك كالعين بها غنية عن العصا والقائد انتهى ، وقال فى اسئلة الحكم كان عليه السلام يعلم الخطوط ويخبر عنها فلما ذا لم يكتب الجواب انه لو كتب لقيل قرأ القرآن من صحف الاولين ، وقال النيسابورى انما لم يكتب لانه اذا كتب وعقد الخنصر يقع ظل قلمه واصبعه على اسم الله تعالى وذكره فلما كان ذلك قال الله تعالى لاجرم ياحبيبى لما لم ترد ان يكون قلمك فوق اسمى ولم ترد ان يكون ظل القلم على اسمى امرت الناس ان لايرفعوا اصواتهم فوق صوتك تشريفا لك وتعظيما ولا ادع بسبب ذلك ظلك يقع الى الارض صيانة له ان يوطأ ظله بالاقدام ، قيل انه نور محض وليس للنور ظل ، وفيه اشارة الى انه افنى الوجود الكونى الظلى وهو نور متجسد فى صورة البشر وكذلك الملك اذا تجسدت الارواح الخبيثة وقعت كشافة ظلها وظلمته على الارض اكثر من سائر الاظلال الكونية فليحفظ ذلك ، قال الكاشفى [ درتيسير آورده كه خط وقرائت فضيلت بوده است مرغير بيغمبر مارا وعدم آن فضل معجزه آن حضرت بوده وجون معجزه ظاهر شده ودراميت اوشك وشبه نماند حق سبحانه در آخر عمر اين فضيلت نيزبى ارزانى داشته تامعجزه ديكر باشد وابن ابى شيبه درمصنف خود از طريق عون بن عبد الله نقل ميكندكه « مامات رسول الله حتى كتب وقرأ » واين صورت منافىء قرآن نيست نيست زيرا كه درآيت نفى كتابت مقرر ساخته بزمانى قبل از نزول قرآن ومذهب آنانكه ويرا امى دانند از اول عمرتا آخر بصواب اقربست(10/275)
بقلم كرنرسيد انكشاتش ... بود لوح وقلم اندر مشتش
ازسواد خط اكرديده ببست ... بكاملش نرسد هيدج شكست
بود اونور خط تيره ظلم ... نشود نور وظلم جمع بهم
ولذا قال بعضهم من كان القلم الا على يخدمه واللوح المحفوظ مصحفه ومنظره لايحتاج الى تصوير الرسوم وتمثيل العلوم بالآلات الجسمانية لان الخط صنعة ذهنية وقوة طبعية صدرت بآلاتها الجسمانية ، قال رجل من الانصار للنبى عليه السلام انى لاسمع الحديث ولا احفظه فقال « استعن بيمينك » اى اكتبه ، قيل اول من كتب الكتاب العربى والفارسى والسريانى والعبرانى وغيرها من بقية الاثنى عشر وهى الحميرى واليونانى والرومى والقبطى والبربرى والاندلس والهندى والصينى آدم عليه السلام كتبها فى طين وطبخه فلما اصاب الارض وانفرق وجد كل قوم كتابا فكتبوه فاصاب اسماعيل عليه السلام كتاب العربى وما ماجاء ( اول من خط بالقلم ادريس عليه السلام ) فالمراد به خط الرمل(10/276)
وفى التأويلات النجمية القلب اذا تجرد عن المعلومات والسر تقدس عن المرقومات والروح تنزه عن الموهومات كانوا اقرب الى الفطرة ولم يشتغلوا بقبول النفوس السفلية من الحسيات والخياليات والوهميات فكانوا لما صادفهم من المغيبات قابلين من غيز ممازجه طبع ومشاركة كسب وتكلف بشرية ولما كان قلب النبى عليه السلام فى البداية مشروطا بعمل جبريل اذا اخرج منه ماخرج وقال هذا خط الشيطان منك ، وفى النهاية لما كان محفوظا من النقوش التعليمية بالقراءة والكتابة كان قابلا للانزال عليه مختصا عن جميع الانبياء كما قال { نزل به الروح الامين على قلبك } ثم اثبت هذه بتبعيته لمتابعيه فقال { بل هو } اى القرآن { آيات بينات } واضحات ثابتات راسخات { فى صدور الذين اوتوا العلم } من غير ان يلتقط من كتاب يحفظونه بحيث لايقدر احد على تحريفه ، قال الكاشفى [ درسينه آنانكه داده شده اند علم را يعنى مؤمنان اهل كتاب ياصحابه كرام كه آنرا ياد ميكردند تاهيج كس تحريف نتوان كرد واما خواندن قرآن ازظهر القلب خاصه امت مرحومه است جه كتب مقدمه را از اوراق مى خوانده اند ] يعنى كونه محفوظا فى الصدور من خصائص القرآن لان من تقدم كانوا لايقرأون كتبهم الا نظرا فاذا اطبقوها لم يعرفوا منها شيأ سوى الانبياء رمانقل عن قارون من انه كان يقرأ التوراة عن ظهر القلب فغير ثابت [ وازينجاست كه موسى عليه السلام درمناجاة حضرتكفت ] يارب انى اجد فى التوراة امة اناجيلهم فى صدورهم يقرأون ظاهرا لو لم يكن رسم الخطوط لكانوا يحفظون شرائعه عليه السلام بقلوبهم لكمال قوتهم وظهور استعدادتهم ولما اختل رسم التوراة اختلت شريعتهم ، وفى بعض الآثار ماحسدتكم اليهود والنصارى على شىء كحفظ القرآن ، قال ابو امامة ان الله لايعذب بالنار قلبا وعى القرآن وقال عليه السلام « القلب الذى ليس فيه شىء من القرآن كالبيت الخراب » وفى الحديث « تعاهدوا القرآن فوالذى نفس محمد بيده لهو اشد تفلتا من الابل من عقلها » اى من الابل المعقلة اذا اطلقها صاحبها والتعاهد والتعهد التحفظ اى المحافظة وتجديد الامر به والمراد هنا الامر بالمواظبة على تلاوته المداومة على تكراره فمن سنة القارىء ان يقرأ القرآن كل يوم وليلة كيلا ينساه وعن النبى عليه السلام « عرضت علىّ ذنوب امتى فلم ار ذنبا اكبر من آية او سورة اوتيها الرجل ثم نسيها » والنسيان ان لايمكنه القراءة من المصحف كذا فى القنية ، وكان ابن عيينة يذهب الى النسيان الذى يستحق صاحبه اللوم ويضاف اليه الاثم ترك العمل به والنيسان فى لسان العرب الترك قال تعالى { فلما نسوا ماذكروا به } اى تركوا وقال تعالى { نسوا الله } اى تركوا طاعته { فنسيهم } اى فترك رحمتهم ، قال شارح الجزرية وقراءة القرآن من المصحف افضل من قراءة القرآن من حفظه هذا هو المشهور عن السلف ولكن ليس هذا على اطلاقه بل ان كان القارىء من حفظه يحصل له التدبر والتفكر وجمع القلب والبصر اكثر مما يحصل له من المصحف فالقراءة من الحفظ افضل وان تساويا فمن المصحف افضل لان النظر فى المصحف عبادة واستماع القرآن من الغير فى بعض الاحيان من السنن(10/277)
دل ازشنيدن قرآن بكيردت همه وقت جو باطلان ز كلام حقت ملول جيست
قال فى كشف الاسرار قلوب الخواص من العلماء بالله خزائن الغيب فيها براهين حقه وبينات سره ودلائل توحيده وشواهد ربوبيته فقانون الحقائق قلوبهم وكل شىء يطلب من موطنه ومحله [ درشب افروز ازصدف جويند وآفتاب تابان از برج فلك وعسلك مصفى از نحل ونور معرفت ووصف ذات احديت از دلهاى عارفان جويندكه دلهاى ايشان قانون معرفت است ومحل تجلىء صفات ] بل يطلب حضرة جلاله عند حظائر قدس قلوب خواص عباده كما سأل الله موسى عليه السلام قال « اين الهى اين اطلبك قال انا عند المنكسرة قلوبهم من اجلى » وفى المثنوى
ازدرون واهل دل آب حيات ... جند نوشيدى وواشد جشمهات
بس غذاى سكر ووجد وبينحودى ... از در اهل دلان بر جان زدى
قال المولى الجامى
نكته عرفان مجو از خاطر آلود كان ... كوهر مقصود رادلهاى باك آمد صدف
{ وما يجحد بآياتنا } مع كونها كما ذكر { الا الظالمون } اى المتجاوزون للحدود فى الشر والمكابرة والفساد روى ان المسيح ابن مريم عليه السلام قال للحواريين « انا اذهب وسيأتيكم الفارّ قليط يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم روح الحق الذى لايتكلم من قبل نفسه ولكنه مايسمع به يكلمكم ويسوسكم بالحق ويخبركم بالحوادث والغيوب وهو يشهد لى كما شهدت له فانى جئتكم بالامثال وهو يأتيكم بالتأويل ويفسر لكم كل شىء ، قوله يخبركم بالحوادث . يعنى مايحدث فى الازمنة المستقبلية مثل خروج الدجال وظهور الدابة وطلوع الشمس من مغربها واشباه ذلك ويعنى بالغيوب امر القيامة من الحساب والجنة والنار مما لم يذكر فى التوراة والانجيل والزبور وذكره نبينا صلى الله عليه وسلم كذا فى كشف الاسرار ، وفى الآية اشارة ان الحرمان من رؤية الآيات من خصوصية رين الجحد والانكار اذا غلب على القلوب فتصدأ كما تصدأ المرآة فلا تظهر فيها نقوش الغيوب وتعمى عن رؤية الآيات : اقل الكمال الخجندى
له فى لك موجود علامات وآثار ... دو علام برز معشوقست كويك عاشق صادق
قال الشيخ المغربى قدس سره
نخست ديده طلب كن بس آنكهى ديدار ... ازانكه يار كند جلوه بر اولو الابصار
تراكم جشم نباشد جه حاصل ازشاهد ... تراكه كوش نباشد جه سود از كفتار
اكرجه آينه دارى از براى رخش ... ولى جه سود كه دارى هميشه آينه تار
بيا بصيقل توحيد ز آينه بز داى ... غبار شرك كه تاباك كردد از زنكار
قال ابراهيم الخواص رحمه الله دواء القلب خمسة . قراءة القرآن بالتدبر . والخلاء . وقيام الليل . والتضرع الى الله عند السحر . ومجالسة الصالحين جعلنا الله واياكم من اهل الصلاح والفلاج انه القادر الفتاح فالق الاصباح خالق المصباح(10/278)
وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)
{ وقالوا } اى كفار قريش { لولا } تحضيضة بمعنى هلا : وبالفارسية [ جرا ] { انزل } [ فرو فرستاه نمى شود ] { عليه } على محمد { آيات من ربه } مثل ناقة صالح وعصا موسى مائدة عيسى عليهم السلام { قل انما الآيات من عند الله } فى قدرته وحكمه ينزلها كمايشاء وليس بيدى شىء فآتيكم بما تقترحونه { وانما انا نذير مبين } ليس من شأنى الا الانذار والتخويف من عذاب الله بما اعطيت من الآيات : يعنى [ تخويف ميكنم بلغتى كه شمادريابيد ] وهو معنى الظهور ، قال فى كشف الاسرار والحكمة فى ترك اجابة النبى عليه السلام الى الآيات المقترحة انه يؤدى الى مالا يتناهى وان هؤلاء طلبوا آيات تضطرهم الى الايمان فلو اجابهم اليها لما استحقوا الثواب على ذلك انتهى ولو لم يؤمنوا لاستأصلوا وعذاب الاستئصال مرفوع عن هذه الامة ببركة النبى عليه السلام ثم قال تعالى بينا لبطلان اقتراحهم { أولم يكفهم } الهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام والكفاية مافيه سد الخلة وبلوغ المراد فى الامراى اقصر ولم يكفهم آية مغنية عما اقترحوه { انا انزلنا عليك الكتاب } الناطق بالحق المصدق لما بين يديه من الكتب السماوية وانت بمعزل من مدارستها وممارستها { يتلى عليهم } بلغتهم فى كل زمان ومكان فلا يزال معهم آية ثابتة لاتزول ولا تضمحل كما تزول كل آية بعد كونها وتكون فى مكان دون مكان ، وفيه اشارة الى عمى بصر قلوبهم حيث لم يروا الآية الواضحة التى هى القرآن حتى طلبوا الآيات والى ان تيسير قراءة مثل هذا القرآن فى غير كاتب وقارىء وانزاله عليه وحفظه لديه واحالة بيانه اليه واضحة { ان فى ذلك } الكتاب العظيم الشان الباقى على ممر الدهور والازمان { لرحمة } اى نعمة عظيمة { وذكرى } اى تذكرة : وبالفارسية [ بندى ونصيحتى ] { لقوم يؤمنون } اى لقوم هممهم الايمان لا التعنت كاولئك المقترحين : وفى المثنوى
بند كفتن باجهول خابناك ... تخم افكندن بود درشوره خاك(10/279)
قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52)
{ قل كفى بالله } اى كفى الله و الباء صلة { بينى وبينكم شهيدا } بما صدر عنى وعنكم { يعلم مافى السموات والارض } اى من الامور التى من جملتها شأنى وشأنكم { والذين آمنوا بالباطل } الذى لايجوز الايمان به كالصنم والشيطان وغيرهما ، وفه اشارة الى ان من ابصر بعين النفس لايرى الا الباطل فيؤمن به { وكفروا بالله } الذى يجب الايمان به مع تعاضد موجبات الايمان { اولئك هم الخاسرون } المغبنون فى صفتهم الاخروية حيث اشتروا الكفر بالايمان وضيعوا الفطرة الاصلية والادلة السمعية الموجبة للايمان
عمر تو كنج وهر نفس ازوى بكل كهر ... كنجى جيني لطيف مكن رايكان تلف(10/280)
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (53)
{ ويستعجلونك بالعذاب } الاستعجل طلب الشىء قبل وقته : يعنى [ شتاب ميكنند كافران ترا بعذاب آوردن بايشان ] اى يقول نضر بن الحارث وامثاله بطريق الاستهزاء متى هذا الوعد وامطر علينا حجارة من السماء ، وفيه اشارة الى ان من استعجل العذاب ولم يصبر على العافية لعجل خلق منه وهو مركوز فى جبلته كيف يصبر على البلاء والضراء لو لم يصبره الله كما قال لنبيه عليه السلام { واصبر وما صبرك الا بالله } نسأ الله العافية من كل بلية { ولولا اجل مسمى } اى وقت معين لعذابهم وهو يوم القيامة كما قال { بل الساعة موعدهم } وذلك ان الله تعالى وعد النبى عليه السلام انه لايعذب قومه استئصالا بل يؤخر عذابهم الى يوم القيامة وقد سمت الارادة القديمة بالحكمة الازلية لكل مقدور كائن اجلا فلا تقدم له ولا تأخر عن المضروب المسمى { لجاءهم العذاب } عاجلا ، وفيه اشارة الى ان الاستعجال فى طلب مرادات العذاب فى غير وقته المقدر لاينفع وهو مذموم فكيف ينفع الاستعجال فى طلب مرادات النفس وشهواتها فى غير اوانها [ وكيف لم يكن مذموما { وليأتينهم } العذاب الذى عين لهم عند حلول الاجل : وبالفارسية [ وبى شك خواهد آمد عذاب بديشان ] { بغتة } [ ناكاه ] ، قال الراغب البغت مفاجأة الشىء من حيث لايحتسب { وهم لايشعرون } بتيانه : يعنى [ حال آنكه ايشان نداننكه عذاب آيد بايشان وايشان ن آكاه ] ، يقول الفقير ان قلت عذاب الآخرة ليس من قبيل المفاجأة فكيف يأتى بغتة ، قلت الموت يأتيهم بغتة اى فى وقت لايظنون انهم يموتون فيه وزمانه متصل بزمان القيامة ولذا عد القبر اول منزل من منازل الآخرة وبدل عليه قوله عليه السلام « من مات فقد قامت قيامته » وفى البرزخ عذاب ولو كان نصفا من حيث انه حظ الروح فقد ، وقال بعضهم لعل المراد باتيانه كذلك ان لايأتيهم بطريق التعجيل عند استعجالهم والاجابة الى مسئولهم فان ذلك اتيان برأيهم وشعورهم ، وفى بعض الآثار من مات مصححا لامره مستعدا لموته ما كان موته بغتة وان قبض نائما ومن لم يكن مصححه لامره ولامستعدا لموته فموته موت فجأة وان كان صاحب الفراش سنة ، قال فى لطائف المنن وقد تحاورت الكلام انا وبعض من يشتغل بالعلم فى انه ينبغى اخلاص النية فيه وان لايشتغل به الا لله فقلت الذى يطلب العلم لله اذا قيل له غدا تموت لايضع الكتاب من يده لكونه وفى الحقوق فلم ير افضل مما هو فيه فيحب ان يأتيه الموت على ذلك
توغافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد بايمال
طريقى بدست آرو صلحى بجوى ... شفيعى برانكيز وغدرى بكوى
كه يك لحظه صورت نبندد امان ... جو بيمانه برشد بدور زمان(10/281)
يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54)
{ يستعجلونك بالعذاب } [ تعجيل ميكنند ترا بعذاب آوردن ] { وان جهنم } اى والحال ان محل العذاب الذى لاعذاب فوقه { لمحيطة بالكافرين } اى ستحيط بهم عن قريب لان ماهو آت قريب ، قال فى الارشاد وانماجيىء بالاسمية دلالة على تحقق الاحاطة واستمرارها وتنزيلا لحال السبب منزلة المسبب فان الكفر والمعاصى الموجبة لدخول جهنم محيطة بهم ، وقال بعضهم ان الكفر والمعاصى هى النار فى الحقيقة ظهرت فى هذه النشأة بهذه الصورة(10/282)
يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55)
{ يوم يغشيهم العذاب } ظرف لمضمر اى يوم يعلوهم ويسترهم العذاب الذى اشير اليه باحاطة جهنم بهم يكون من الاحوال والاهوال مالا يفى به المقال { من فوقهم } [ اى اززبر سرهاى ايشان ] { ومن تحت ارجلهم } [ واز زير بابهاى ايشان ] والمراد من جميع جهاتهم { ويقول } الله او بعض الملائكة بامره { ذوقوا } [ بجشيد ] والذوق وجود الطعم بالفم واصله مما يقل تناوله فاذا اكثر يقال له الاكل واختير فى القرآن لفظ الذوق فى العذاب لان ذلك وان كان فى التعارف للقليل فهو مستصلح للكثير فخصه بالذكر ليعلم الامرين كما فى المفردات { وما كنتم تعلمون } اى جزاء ما كنتم تعملونه فى الدنيا على الاستمرار من السيآت التى من جملتها الاستعجال بالعذاب ، قال الكاشفى [ دنيا دار عمل بود وعقبى دار جزاست هرجه آنجا كاشته ايد اينجا مى درويد ]
توخمى بيفشان كه جون بدورى ... زمحصول خود شاد وخرم شودى
وفى التأويلات النجمية قوله { ويستعجلونك بالعذاب } يشير الى ان استعجال العذاب لاهل العذاب وهو نفس الكافر لاحاجة اليه بالاستدعاء { وان جهنم } الحرص الشره والشهوة والكبر والحسد والغضب والحقد { لمحيطة بالكافرين } بالنفوس الكافرة الآن بنفاد الوقت { يوم يشغاهم العذاب } باحاطة هذه الصفات { من فوقهم } الكبر والغضب الحسد والحقد { ومن تحت ارجلهم } الحرص الشره والشهوة ولكنهم بنوم الغفلة نائمون ليس لهم خبر عن ذوق العذاب كالنائم لاشعور لهم فى النوم بما يجرى على صورته لانه نائم الصورة فاذا انتبه يجد ذوق مايجرى عليه من العذاب كا قال { ويقول } يعنى يوم القيامة { ذوقوا ما كنتم تعملون } اى عذاب ماكنتم تعاملون الخلق الخالق به والذى يؤكد هذا التأويل قوله تعالى { وان الفجار لفى جحيم } يعنى فى الوقت ولاشعور لهم { يصلونها يوم الدين } الذى يكون فيه الصلى والدخول يوم القيامة { وماهم عنها بغائبين } اليوم ولكن لاشعور لهم بها فمن تطلع له شمس الهداية والعناية من مشرق القلب فيخرج من ليل الدين الى يوم الدين واشرقت ارض بشريته بنور ربها يرى نفسه محاطة جهنم اخلاقها فيجد ذوق المهاد بقصد الخروج والخلاص منها فان ارض الله واسعة كما يأتى نسأل الله الخلاص(10/283)
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56)
{ ياعبادى الذين آمنوا } خطاب تشريف لبعض المؤمنين الذين لايتمكنون من اقامة امور الدين كا ينبغى لممانعة من جهة الكفر وارشاد لهم الى الطريق الاسلم ، قال الكاشفى [ آورده اندكه جمعى ازمؤمنان درمكه اقامت كرده ازجهت قلت زاد وكمى استعداد بابسبب محبت اوطان ياصحبت اخوان هجرت نميكردند وبترس وهراس برستش خدانمودند ] وربما يعذبون فى الدين فانزل الله هذه الآية وقال ياعبادى المؤمنين اذا لم تسهل لكم العبادة فى بلد ولم يتسر لكم اظهار دينكم فهاجروا الى حيث يتمشى لكم ذلك { ان ارضى } الارض الجرم المقابل للسماء اى بلاد المواضع التى خلقها { واسعة } لا مضايقة لكم فيها فان لم تخصلوا العبادة لى فى ارضى { فاياى فاعبدون } اى فاخصلوها فى غيره فالفاء جواب شرط محذوف ثم حذف الشرط وعوض عنه تقديم المفعول مع افادة تقديم معنى الاختصاص والاخلاص ، قال الكاشفى [ واكر از دوستى اهل وولد يابسته بلده شده ايد روزى مفارقت ضرورت خواهدبود زيرا كه ](10/284)
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57)
{ كل نفس } من النفوس سواء كان نفس الانسان او غيرها وهو مبتدأ وجاز الابتداء بالنكرة لما فيها من العموم { ذائقة الموت } اى واجدة مرارة المت ومتجرعة غصص المفارقة كما يجد الذائق ذوق المذوق وهذا مبنى على ان الذوق يصلح للقليل والكثير كما ذهب اليه الراغب ، وقال بعضهم اصل الذوق بالفم فيما يقل تناوله فالمعنى اذا ان النفوس تزهق بملابسة البدن جزأ من الموت ، واعلم ان للانسان روحا وجسدا وبخارا لطيفا بينهما هو الروح الحيوانى فمادم هذا البخار باقيا على الوجه الذى يصلح ان يكون علاقة ينهما فالحياة قائمة وعند انطفائه وخروجه عن الصلاحية تزول الحياة ويفارق الروح البدن مفارقة اضطرارية وهو الموت الصورى ولايعرف كيفية ظهرو الروح فى البدن ومفارقته له وقت الموت الا اهل الانسلاخ التام { ثم الينا } اى الى حكمنا وجزائنا { ترجعون } من الرجع وهو الرد اى تردون فمن كانت هذه عاقبته ينبغى ان يجتهد فى التزود والاستعداد لها ويرى مهاجرة الوطن سهلة واحتمال الغربة هونا هذا اذا كان الوطن دار الشرك وكذا اذا كان ارض المعاصى والبدع وهو لايقدر على تغييرها والمنع منها فيهاجر الى ارض المطيعين من ارض الله الواسعة
سفر كن جوجاى تو ناخوش بود ... كزينجاى رفتن بدان ننك نيست
وكرتنك كردد ترا جايكاه ... خداى جهانرا جهان تنك نيست(10/285)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58)
{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات } ومن الصالحات الهجرة للدين { لنبوئنهم } لننزلنهم : وبالفارسية [ هر آينه فرود اديم ايشانرا ] قال فى التاج النبوء [ كسى را جايى فر آوردن ] { من الجنة غرفا } مفعول ثان لنبوئنهم اى قصورا عالية من الدر والزبرجد والياقوت وانما قال ذلك لان الجنة فى جهة عالية والنار فى سافله ولان النظر من الغرف الى المياه والحضر اشهى وألذ { تجرى من تحتها الانهار } صفة لغرفا { خالدين فيها } اى ماكثين فى تلك الغرف الى غاية { نعم اجر العاملين } الاعمال الصالحة : يعنى [ نيك مزديست مزد عمل كنندكان خيررا كوشكهاى بهشت ](10/286)
الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59)
{ الذين صبروا } صفة للعاملين او نصب على المدح اى صبروا على اذية المشركين وشدائد الهجرة للدين وغير ذلك من المحن والمشاق { وعلى ربهم يتوكلون } اى لايعتمدن فى امورهم الا على الله تعالى وهذا التوكل من قوة الايمان فاذا قوى الايمان يخرج من الكفر ملاحظة الاوطان والاموال والارزاق وغيرها وتصير الغربة والوطن سواء ويكفى ثواب الله بدلا من الكل وفى الحديث « من فرّ بدينه من ارض الى ارض ولو كان شبرا استوجب الجنة كان رفيق ابراهيم ومحمد » علهيما السلام اما استيجابه الجنة والغرف فلتركه المسكن المألوف لاجل الدين وامتثال امر رب العالمين واما رفاقته لهما فلمتابعتهما فى باب الهجرة واحياء سنتهما فان ابراهيم عليه السلام هاجر الى الارض المقدسة ونبينا عليه السلام هاجر الى ارض المدينة ، وفيه اشارة الى ان السالك ينبغى ان يهاجر من ارض الجاه وهو قبول الخلق الى ارض الخمول حكايت كنند از ابو سعيد خراز قدس سره كفت در شهرى بودم ونام من در آنجا مشهور شده دركار من عظيم برفتند جنانكه بوست خربزه كه از دست من بيفتاد بر داشتند واز يكديكر بصد دينار مى خريدند وبر آن مى افزودند باخود كفتم اين نه جاى منسب ولائق روزكار من بس ازآنجا هجرت كردم بجاى افتادم كه مرا زنديق مى كفتند وهر روز دويار برمن سنك باران همى كردند همان جاى مقام ساختم وآن رنج وبلا همى كشيدم وخوش همى بودم ابراهيم هم قدس سره حكايت كنند كه كفت درهمه عمر خويش دردنيا سه شادى ديدم وباذن الله تعالى شادى نفس خويش را قهر كردم . در شهر انطاكيه شدم برهنه باى وبرهنه سر ميرفتم هريكى طعنه برمن همى زد يكى كفت « هذا عبد آبق من مولاه » مرا اين سخن خوش آمد بانفس خويش كفتم اكر كريخته ورميده كاه آن نيامدكه بطريق صلح بازآيى . دوم شادى آن بودكه دركشتى نشسبته بودم مسخره درميان آن جمع بود وهيج كس را از من حقير تر وخوار تر نمى ديد هر ساعتى بيامدى ودست درقفاى من داشتى سوم . آن بودكه در شهر مطيه در مسجدى سر بزانوى حست نهاده بودم در وادى كم وكاست خود افتاده بى حرمتى بيامد وبند ميزر بكشاد وآب در من ريخت يعنى تبول كرد وكفت « خذماء الورد » ونفس من آن ساعت ازآن حقارت خوش بكشت ودلم بدان شاد شد واين شادى از باركاه عزت در حق خود تحفه سعادت يافتم . بير طريقت كفت بسا مغرور در سير الله ومستدرج در نعمت الله ومفتون بثناى خلق ] فعلى العاقل ان يموت عن نفسه ويذوق ألم الفناء المعنوى قبل الفناء الصورى فان الدنيا دار الفناء [ هر نفسى جشنده مركست وهر كسى را راه كند بر مركست راهى رفتنى وبلى كذشتنى وشرابى آشاميدنى سيد صلوات الله عليه بيوسته امت را اين وصيت كردى ( اكثروا ذكر هاذم اللذات ) زينهار مرك را فراموش مكنيد واز آمدن او غافل مباشيد ، از ابراهيم بن ادهم قدس سره سؤال كردندكه اى قدوه اهل طريقت واى مقدمه زمره حقيقت آن جه معنى بودكه در سويداى دل وسينه تو بديدار آمد تاتاج شاهى از سر بنهادى ولباس سلطانى ازتن بركشيدى ومرقع درويشى دربوشيدى ومحنت وبى نوايى اختيار كردى كفت آرى روزى برتخت مملكت نشسته بودم وبرجهار بالش حشمت تكيه رده كه ن كاه آبينه دربيش روى من داشتند در آيينه نكه كردم منزل خود در خاك ديدم ومرامونس نهسفر دراز در بيش ومرازادنه زندانى تافته ديدم ومرا طاقت نه قاضى عدل ديدم ومراحجت نه اى مردى كه اكر بساط امل توكوشه باز كشند ازقاف تاقاف بكيرد بارى بنكركه صاحب قاب قوسين جه ميكويد ( والله مارفعت قدما وظننت انى وضعتها وما اكلت لقمة وظننت انى ابتلعتها ) كفت بدن خدايى كه مرا بخلق فرستاد هيج قدمى اززمين برنداشتم كه كمان بردم بيش ازمرك من آنرا بزمين باز توانم نهاد وهيج لقمه دردهان ننهادم كه جنان بنداشتم كه من آن لقمه را بيش ازمرك توانم فروبرد اوكه سيد اولين وآخرين ومقتداى اهل آسمان وزمين است جنين ميكويد وتومغرور وغافل امل دراز دربيش نهاده وصد ساله كار وبار ساخته ودل بر آن نهاده خبر ندارى كه اين دنيا غدار سراى غرورست نه سرور وسراى فرارست نه سراى قرار ](10/287)
تاكى ازدار الغرورى ساختن دار السرور ... تاكى ازدار الفرارى ساختن دار القرار
اى خداوندان مال الاعتبار الاعتبار ... وى خداوندان قال الاعتذار الاعتذار
بيش ازان كين جان عذر آردفروماند زنطق ... بيش ازان كين جشم عبرت بين فروماندزكار
كذا فى كشف الاسرار(10/288)
وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)
{ وكأين من دابة لاتحمل رزقها } كأين للتكثير بمعنى كم الخبرية ركب كاف التشبيه مع أى فجرد عنها معناها الافرادى فصار المجموع كأنه اسم مبنى على السكون آخره نون ساكنة كما فى من لاتنوين تمكين ولهذا يكتب بعد الياء نون مع ان التنوين لاصورة له فى الخط وهو مبتدأ . وجملة قوله الله يرزقها خبره . ولاتحمل صفة دابة . والدابة كل حيوان يدب ويتحرك على الارض مما يعقل وممالايعقل . والحمل بالفتح [ برداشتن بسروبه بشت ] وبالكسر اسم للمحمول على الرأس وعلى الظهر . والرزق لغة ماينتفع به واصطلاحا اسم لما يسوقه الله الى الحيوان فيأكله روى ان النبى صلى الله عليه وسلم لما امر المؤمنين الذين كانوا بمكة بالمهاجرة الى المدينة قالوا كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معيشة فنزلت والمعنى وكثير من دابة ذات حاجة الى الغذاء لاتطيق حمل رزقها لضفعها او لاتدخره وانما تصبح ولامعيشة عندها [ وذخيره كننده ازجانوران آدميست وموش ومور وكفته اند سياه كوش ذخيرة نهد وفراموش كند . ودر كشاف از بعضى نقل ميكندكه بلبلى را ديدم خوردنى درزير بالهاى خود نهان ميكرد القصه جانوران بسيارند ازدواب وطيور ووحوش وسباع وهوام وحيوانات آبى كه ذخيره ننهند وحامل رزق خود نشوند ] { الله يرزقها } يعطى رزقها يوما فيوما حيث توجهت { و } يرزق { اياكم } حيث كنتم اى ثم انها مع ضعفها وتوكلها واياكم مع قوتكم واجتهادكم سواء فى انه لايرزقها واياكم الا الله لان رزق الكل باسباب هو المسبب لها وحده فلا تخافوا الفقر بالمهاجرة والخروج الى دار الغربة
هست زفيض كرم ذو جلال ... مشرب ارزاق بر آب زلال
شاه وكداروزى ازان ميخورند ... مور وملخ قسم ت ازاوميبرند
{ وهو السميع العليم } المبالغ فى السمع فيسمع قولكم هذا فى امر الرزق المبالغ فى العلم فيعلم ضمائركم ، وقال الكاشفى [ دانا بآنكه شمارا رزوى از كجادهد ](10/289)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61)
{ ولئن سألتهم } اى اهل مكة { من } استفهام { خلق السموات والارض وسخر الشمس والقمر } لمصالح العباد حيث يجريان على الدوام والتسخير جعل الشىء منقادا للآخر وسوقه الى الغرض المختص به قهرا { ليقولن } خلقهن { الله } اذ لاسبيل لهم الى الانكار لما تقرر فى العقول من وجوب انتهاء الممكنات الى واحد واجب الوجود { فانى } [ بس كج ] { يؤفكون } الأفك بالفتح الصرف والقلب وبالكسر كل مصروف عن وجهه الذى يحق ان يكون عليه اى فكيف يصرفون عن الاقرار بتفرده فى الالهية مع اقرارهم بتفردجه فيما ذكر من الخلق والتسخير فهو انكار واستبعاد لتركهم العلم بموجب العلم وتوبيخ وتقرير عليه وتعجيب منه(10/290)
اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62)
{ الله يبسط الرزق لمن يشاء } ان يبسط له { من عباده } مؤمنين او كافرين
اديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغماجه دشمن جه دوست
{ ويقدر } [ تنك ميسازد ] { له } اى لمن يشاء ان يقدر له منهم كائنا من كان على ان الضمير مبهم حسب ابهام مرجعه ويحتمل ان يكون الموسع له والمضيق عليه واحدا على ان البسط والقبض على التعاقب اى يقدر لمن يبسط له التعاقب ، قال الحسن يبسط الرزق لعدوه مكرا به ويقدر على وليه نظرا له فطوبى لمن نظر الله اليه { ان الله بكل شىء عليم } فيعلم من يليق ببسط الرزق فيبسط له ويعلم من يليق بقبضه فيقبض له او فيعلم ان كلا من البسط والقبض فى أى وقت يوافق الحكمة والمصلحة فيفعل كلا منهما فى وقته وفى الحديث القدسى « ان من عبادى من لايصلح ايمانه الا الغنى ولو افقرته لافسده ذلك وان من عبادى من لايصلح ايمانه الا الفقر ولو اغنيته لافسده ذلك »(10/291)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63)
{ ولئن سألتم } اى مشركى العرب { من } [ كه ] { نزل من السماء ماء فاحيا } [ بس زنده كرد وتازه كرد وتازه ساخت ] { به } [ بسبب آن آب ] { الارض } باخراج الزرع والنبات والاشجار منها { من بعد موتها } يبسها وقحطها : وبالفارسية [ بس از مردكى وافسر دكى ] ، ويقال للارض التى ليست بمنتبة ميتة لانه لاينتفع بها كمالا ينتفع بالميتة { ليقولن } نزل واحيى { الله } اى يعترفون بانه الموجد للممكنات باسرها اصولها وفروعها ثم انهم يشركون به بعض مخلوقاته الذى لايكاد يتوهم منه القدرة على شىء ما اصلا { قل الحمد لله } على ان جعل الحق بحيث لايجترىء المبطلون على جحوده وان اظهر حجتك عليهم { بل اكثرهم } اى اكثر الكفار { لايعقلون } اى شيأ من الاشياء فلذلك لايعملون بمقتضى قولهم فيشركون به سبحانه اخس مخلوقاته وهو الصنم ، يقول الفقير اغناه الله القدير قد ذكر الله تعالى آية الرزق ثم آية التوحيد ثم كررهما فى صورتين اخريين تنبيها منه لعباده المؤمنين على انه سبحانه لايقطع ارزاق الكفار مع وجود الكفر والمعاصى فكيف يقطع ارزاق المؤمنين مع وجود الايمان والطاعات
اى كريمى كه از خزانه غيب ... كبر وترسا وظيفه خودرداى
دوستانرا كجا كنى محروم ... توكه بادشمنان نظر دارى
وانه سبحانه لايسأل من العباد الا التوحيد والتقوى والتوكل فانما الرزق على الله الكريم وقد قدر مقادير الخلق قبل خلق السموات والارض بخمسين الف سنة وماقدر فى الخلق والرزق والاجل لايتبدل بقصد القاصدين ألا ترى الى الوحوش والطيور لاتدخر شيأ الى الغد تغدو خماصا وتروح بطانا اى ممتلئة البطون والحواصل لاتكالها على الله تعالى بما وصل الى قلوبها من نور معرفة خالقها فكيف يهتم الانسان لاجل رزقه ويدخر شيأ لغده ولايعرف حقيقة رزقه واجله فربما يأكل ذخيرته غيره ولايصل الى غده ولذلك كان صلى الله عليه وسلم لايدخل شيأ لغد اذ الارزاق مجددة كالانفاس المجددة فى كل لمحة والرزق يطلب الرجل كما يطلبه اجله [ خواجه عالم صلى الله عليه وسلم فرموده كه اى مردم رزق قسمت كرده شده است تجاوز نمى كند ازمرد آنجه از براى وى نوشته شده است بس خوبى كنيد در طلب روزى يعنى بطاعت جوييد نه بمعصيت اى مردم درقناعت فراخى است ودرميانه رفتن واندازه بكار داشتن يسندكى وكفايت است درزهد راحت است وخفت حساب وهر عملى را جزاييست وكل آت قريب ] : قال المولى الجامى
درين خرابه مكش بهر كنج غصه ورنج ... جونقد وقت توشد فقر خاك برسر كنج
بقصر عشرت وايوان عيش شاهان بين ... كه زاغ نغمه سرا كشت وجفد قافيه سنج
وعن بعضهم قال كنت انا وصاحب لى نتعبد فى بعض الجبال وكان صاحبى بعيدا منى فجاءنى يوما وقال قد نزل بقربنا بدو فقم نمش اليهم لعله يحصل لنا منهم شىء من لبن غيره فامتنعت فلم يزل يلح علىّ حتى وافقته فذهبنا اليهم فاطعمونا من طعامهم ورجعنا وعاد كل واحد منا الى مكانه الذى كان فيه ثم انى انتظرت الظبية فى الوقت الذى كانت تأتينى فيه فلم تأتنى ثم انتظرتها بعد ذلك فلم تأتنى فانقطعت عنى فعرفت ان ذلك بشؤم ذنبى الذى احدثته بعد ان كنت مستغنيا بلبنها وهذا الذنب الذى ذكر ثلاثة اشياء احدها خروجه من التوكل الذى كان دخل فيه والثانى طمعه وعدم قناعته بالرزق الذى كان مستغنيا به والثالث اكله طعاما خبيثا فحرم رزقا حلالا طيبا محضا اخرجته القدرة الالهية من باب العدم وادخلته فى باب الايجاد بمحض الجود والكرم آتيا من طريق باب خرق العادة كرامة لولى من اوليائه اولى السعادة ذكره اليافعى فى الرياض(10/292)
وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)
{ وماهذه الحياة الدنيا } اشارة تحقير للدنيا وكيف لاوهى لاتزن عند الله جناح بعوضة : والمعنى بالفارسية [ ونيست اين زندكانىء دنيا ] ، قال الامام الراغب الحياة باعتبار الدنيا والآخرة ضربان الحياة الدنيا والحياة الآخرة فهى اشارة الى ان الحياة الدنيا بمعنى الحياة الاولى بقرينة المقابلة بالآخرة فانه قد يعبر بالادنى عن الاول المقابل للآخر والمراد بالحياة الاولى ماقبل الموت لدنوه اى قربه وبالآخرة مابعد الموت لتأخره { الا لهو } وهو مايلهى الانسان ويشغله عا يعنيه ويهمه والملاهى آلات اللهو { ولعب } يقال لعب فلان اذا لم يقصد بفعله مقصدا صحيحا ، قال الكاشفى { الا لهو } [ مكر مشغولى وبيكارى ولعب وبازى يعنى درسرعت انقضا وزوال ببازى كود كان مى ماندكه يكجا جمع آيند وساعتى بدان متهيج كردند واندك زمانى را ملول ومانده كشته متفرق شوند وجه زيبا كفته است ]
بازجه ايست طفل قريب اين متاع دهر ... بى عقل مردمان كه بدين مبتلا شوند
وفى التاويلات النجيمة يشير الى ان هذه الحياة التى يعيش بها المرء فى الدينا بالنسبة الى الحياة التى يعيش بها اهل الآخرة فى الآخرة وجوار الحق تعالى لهو ولعب وانما شبهها باللهو واللعب لمعنيين ، احدهما ان امر اللهو واللعب سريع الانقضاء لايداوم عليه فالمعنى ان الدنيا وزينتها وشهواتها لظل زائل لايكون لها بقاء فلا تصلح لاطمئنان القلب بها والركون اليها ، والثانى ان اللهو واللعب من شأن الصبيان والسفهاء دون العقلاء وذوى الاحلام ولهذا كان النبى عليه السلام يقول « ما انا من دد ولا الدد منى » والدد اللهو واللعب فالعاقل يصون نفسه منه انتهى ، قال فى كشف الاسرار فان قيل لم سماها لهوا ولعبا وقد خلقها لحمة ومصلحة قلنا انه سبحانه بنى الخطاب على الاعم الا غلب وذلك ان غرض اكثر الناس من الدنيا الله واللعب انتهى ورد فى الخبر النبوى حين سئل عن الدنيا فقال « دنياك مايشغلك عن ربك » وفى المثنوى
جيست دنيا از خدا غافل شدن ... نى قماش نقره فرزند وزن
مال را كر بهر دين باشى حمول ... نعم مال صالح خواندش رسول
آب در كشتى هلاك كشتى است ... آب اندر زير كشتى بشتى است
جونكه مال وملك را ازدل براند ... زان سليمان خويش جزمسكين نخواند
كوزه سربسته اندر آب رفت ... از دل بر باد فوق آب رفت
باد دروبشى جو در باطن بود ... بر سرآب جهان سان بود
كرجه جمله اين جهان ملك ويست ... ملك درجشم دل اولاشى است
قيل الشرك كله فى بيت واحد ومفتاحه حب الدنيا وما احسن من شبهها بخيال الظل حيث قال
رأيت خيال الظل اعظم عبرة ... لمن كان فى علم الحقائق راق
شخوص واصوات يخالف بعضها ... لبعض واشكال بغير وفاق
تمر وتقضى اوبه بعض اوبه ... وتفنى جميعا والمحرك باقى(10/293)
ومن اشارات المثنوى ما قال
اى دريده بوستين يوسفان ... كراد برخيزى ازين خواب كران
كشته كر كان يك خواهاى تو ... مى درانند از غضب اعضاى تو
خون نخسبد بعد مركت در قصاص ... تومكو كه مردم ويابم خلاص
اين قصاص نقد حيلت سازيست ... بيش زخم آن قصاص اين بازيست
زين لعب خواندست دنيارا خدا ... كين جزا لعبست بيش آن جزا
اين جزا تسكين جنك وفتنه است ... آن جواخصا است واين جون ختنه است
{ وان الدار الآخرة لهى الحيوان } اى وان الجنة لهى دار الحياة الحقيقة لامتناع طريان الموت والفناء عليها او هى فى ذاتها حياة للمبالغة . والحيوان مصدر حيى سمى به ذو الحياة واصله حييان فقلبت الياء الثانية واوا لئلا يحذف احدى الالفات وهو ابلغ من الحياة لما فى بناء فعلان من الحركة والاضطراب اللازم للحيوان ولذلك اختير على الحياة فى هذا المقام المقتضى للمبالغة { ولو كانوا يعلمون } لما آثروا عليها الدنيا التى اصلها عدم الحياة ثم مايحدث فيها من الحياة عارضة سريعة الزوال
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان دار الدنيا لهى الموتات لانه تعالى سمى الكافر وان كان حيا بالميت بقوله { انك لاتسمع الموتى } وقال { لتنذر من كان حيا } فثبت ان الدنيا وما فيها م الموتان الا من احياه الله بنور الايمان فهو الحى والآخرة عبارة عن عالم الارواح والملكوت فهى حياة كلها وانما سماها الحيوان والحيوان مايكون حيا وله حياة فيكون جميع اجزائه حيا فالآخرة حيوان لان جميع اجزائها حى فقد ورد فى الحديث « ان الجنة بما فيها من الاشجار والثمار والغرف والحيطان والانهار حتى ترابها وحصاها كلها حى » فالحياة الحقيقية التى لاتشينها الغصص والمحن والامراض والعلل ولايدكها الموت والفوت لهى حياة اهل الجنات والقربات لو كانوا يعلمون قدرها وغاية كماليتها وحقيقة عزتها لكانوا أشد حرصا فى تحصيلها ههنا فمن فاتته لايدركها فى الآخرة ألا ان من صفة اهل النار ان لايموت فيها ولايحيى يعنى ولا يحيى بحياة حقيقة يستريح بها وانهم يتمنون الموت ولا يجدونه انتهى ، قال فى كشف الاسرار [ غافل بى حاصل تاشند شربت مرادى آميزى وتاكى ارزوى بزى . كاه جون شير هرجت بيش آيدمى شكنى . كاه جون كرك هرجه بينى همى درى . كاه جون كبك در كوههاى مرادمى برى كاه جون آهو در مرغزار ارزو همه جرى . خبرندارى كه اين دنياكه توبدان همى نازى وتراهمى فرييدوا دردام غرورى كشد لهو ولعبست سراى بى سر مايكان وسرمايه بى دولتان وبازيجه بى كاران وبند معشوقه فتاتست ورعناى بى سرو سامان دوستى بى وفا وايه بى مهر دشمنى بركزند بو العجبى برفند هركرا بامداد بنوازد شبانكاه بكدازد وهركرا يك دو زدل بشادى بيفروزد وديكروزنش بانش هلاك مى سوزد ]
احلام نوم او كظل زائل ... ان اللبيب بمثلها لايخدع(10/294)
وفى المثنوى
صوفى در باغ از بهرى كشاد ... صوفيانه روى بر زانوا نهاد
بس فروفست او بخود اندر نفول ... شد ملون از صورت خوابش فضول
كه جه خسبى آخر اندر رزنكر ... اين درختان بين وآثار خضر
امر حق بشنوكه كفتست انظروا ... سوى اين آثار رحمت آر رو
كفت آثار ش دلست اى بوالهوس ... آن برون آثار آثارست وبس
باغها وسبزها بر عين جان ... بربرون عكش جودر آب روان
آن خيا باغ باشد اندر آب ... كه كند از لطف آب آن اضطراب
باغها وميوها اندر دلست ... عكس لطف آن برين آب وكلست
كرنبودى عكسى آن سرو وسرور ... بس بخواندى ازيدش دار الغرور
اين غرور آنست يعنى اين خيال ... هست از عكس دل جان رجال
جلمه مغروران برين عكس آمده ... بر كمانى كين بود جنت كده
مى كريزند از اصول باغها ... بر خيالى ميكنند آن لاغها
جونكه خواب غفلت آيد شان بسر ... راست بينند وجه سودست آن نظر
بس بكورستان غريو افتادواه ... تا قيامت زين غلط واحصرتاه
اى خنك آنراكه بيش ازمراك مرد ... جان او از اصل اين رز بويى برد
[ اين حيات لعب ولهو در جشم كسى آيكه از حياة طيبه وزندكانى مهر خبر ندارد مراورا دوستانندكه زندكانى ايشان امروز بذكر است وبمهر وفردا زندكانى ايشان بمشاهدت بود ومعاينت زندكانى ذكررا ثمره انس است وزندكانى مهررا ثمره فنا ايشانندكه يك طرف ازو محجوب نيند وهيج محجوب مانند زنده نمانند ]
غم كى خورد آنكه شادمانيش تويى ... ياكى ميرد آنكه زندكانيش تويى
فالعاقل لايضع العمر العزيز فى الهوى واشتغال الدنيا الدنية الرذيلة بل يسارع فى تحصيل الباقى ، قال الفضيل رحمه الله لو كانت الدنيا من ذهب يفنى والآخرة من خزف يبقى لكان ينبغى لنا ان نختار خزفا يبقى على ذهب يفنى كما روى ان سليمان عليه السلام قال لتسبيحة فى صحيفة مؤمن خير مما اوتى ابن داود فانه يذهب والتسبيحة تبقى ولايبقى مع العبد عند الموت الا ثلاث صفات صفاء القلب اى عن كدورات الدنيا وانسه بذكر الله وحبه لله ولايخفى ان صفاء القلب وطهارته عن ادناس الدنيا لا تكون الا مع المعرفة والمعرفة لا تكون الا بدوام الذكر والفكر وخير الاذكار التوحيد(10/295)
فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)
{ فاذا ركبوا فى الفلك } متصل بما دل عليه شرح حالهم . والركوب هو الاستعلاء على الشىء المتحرك وهو متعد بنفسه كما فى قوله تعالى { والخيل والبغال والحمير لتركبوها } واستعماله ههنا وفى امثاله بكلمة فى للايذان بان المركوب فى نفسه من قبيل الامكنة وحركته قسرية غير ارادية . والمعنى ان الكفار على ماوصفوا من الاشراك فاذا ركبوا فى السفينة لتجاراتهم وتصرفاتهم وهاجب الرياح واضطربت الامواج وخافوا الغرق : وبالفارسية [ بس جون نشينند كافران در كشتى وبسبب موج در كرداب اضطراب افتند ] { دعوا الله } حال كونهم { مخلصين له الدين } اى على صورة المخلصين لدينهم من المؤمنين حيث لايدعون غير الله لعلمهم بانه لايكشف الشدائد عنهم الاهو ، وقال فى الاسئلة المقحمة مامعنى الاخلاص فى حق الكافر والاخلاص دون الايمان لايتصور وجوده والجواب ان المراد به التضرع فى الدعاء عند مسيس الضرورة والاخلاص فى العزم على الاسلام عند النجاة من الغرق ثم العود والرجوع الى الغفلة والاصرار على الكفر بعد كشف الضر ولم يرد الاخلاص الذى هو من ثمرات الايمان انتهى ويدل عليه ماقال عكرمة كان اهل الجاهلية اذا ركبوا البحر حملوا معهم الاصنام فاذا اشتدت بهم الريح القوا تلك الاصنام فى البحر وصاحوا « ياخداى ياخداى » كما فى الوسيط و « يارب يارب » كماى فى كشف الاسرار { فلما نجينهم الى البر } البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشتق منه البر اى التوسع فى فعل الخير كما فى المفردات : والمعنى بالفارسية [ بس آن هنكام كه نجات دهد خداى تعالى ايشانرا از برح وغرق وبرون آرد بسلامت بسوى خشك ودشت ] { اذا هم } [ آنكاه ايشان ] { يشركون } اى فجأوا المعاودة الى الشرك . يعنى [ بازكردند بعادت خويش ](10/296)
لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66)
{ ليكفروا بما آتيناهم } اللام فيه لام كى اى ليكونوا كافرين بشركهم بما آتينا من نعمة النجات التى حقها ان يشكروها { وليتمتعوا } اى ولينتفعوا باجتماعهم على عبادة الاصنام وتوادهم عليها ويجوز ان تكون لام الامر كليهما ومعناه التهديد والوعيد كما فى اعملوا ماشئتم { فسوف يعلمون } اى عاقبة ذلك وغائلته حين يرون العذاب
وفى التأويلات النجمية { فاذا ركبوا فى الفلك } يشير الى ان الاخلاص تفريغ القلب من كل ما سوى الله والثقة بان لانفع ولاضرر الا منه وهذا لايحصل الا عند نزول البلاء والوقوع فى معرض التلف وورطة الهلاك ولهذا وكل بالانبياء والاولياء لتخليص الجوهر الانسانى القابل للفيض الالهى من قيد التعلقات بالكونيين والرجوع الى حضرة المكوّن فان الرجوع اليها مركووز فى الجوهر الانسان لو خلى وطبعه لقوله { ان الى ربك الرجعى } فالفرق بين اخلاص المؤمن واخلاص الكافر بان يكون اخلاص المؤمن مؤيدا بالتأييد الالهى وانه قد عبدالله مخلصا فى الرخاء قبل نزول البلاء فنال درجة الاخلاص المؤيد من الله بالسر الذى قال تعالى « الاخلاص سر بينى وبين عبدى لايسعه فيه ملك مقرب ولانبى مرسل » فلا يتغير فى الشدة والرخاء ولا فى السخط والرضى واخلاص الكافر اخلاص طبيعى قد حصل له عند نزول البلاء وخوف الهلاك بالرجوع الطبيى غير مؤيد بالتأييد الالهى عند خمود التعلقات كرا كبى الفلك { دعوا الله مخلصين له الدين } دعاء اضطراريا فاجابهم من يجيب المضطر بالنجاة من ورطة الهلاك { فلما نجاهم الى البر } وزال الخوف والاضطرار عاد الميشوم الى طبعه { اذاهم يشركون ليكفروا بما آتيناهم } اى ليكون حاصل امرهم من شقاوتهم ان يكفروا بنعمة الله ليستوجبو العذاب الشديد { وليتمتعوا } اياما قلائل { فسفو يعلمون } ان عاقبة امرهم دوام العقوبة الى الابد انتهى : قال الشيخ سعدى
ره سات بايد نه بالاى راست ... كه كافر هم ازورى صورت جوماست
ترا آنكه جشم ودهان داد ووكش ... اكر عاقلى در خلافش مكوش
مكان كردن از شكر منعم مبيج ... كه روز بسين سر بر آرى بهيج
قال الشيخ الشهير بزروق الفاسى فى شرح جزب البحر اما حكم ركومب البحر من حيث هو فلا خلاف اليوم فى جوازه ون اختلف فيه نظرا لمشقته فهوممنوع فى احوال خمسة . اولها اذا ادى لترك الصلاة . والثانى اذا كان مخوفا بارتجاجه من الغرق فيه فانه لايجوز ركوبه لانه من الالقاء الى التهلكة قالوا وذلك من دخول الشمس العقرب الى آخر الشتاء . والثالث اذا خيف فيه الاس وستهلاك العدو فى النفس والمال لايجوز ركوبه بخلاف ماذا كان معه امن والحكم للمسلمين لقوة يدهم واخذ رهائنهم ومافى معنى ذلك . والرابع اذا ادى ركوبه الى الدخول تحت احكامهم والتذلل لهم ومشاهدة منكرهم مع الامن على النفس والمال بالاستئمان منهم وهذه حالة المسلمين اليوم فى الركوب مع اهل الطرائد ونحوهم وقد اجراها بعض الشيوخ على مسألة التجارة لارض الحرب ومشهور المذهب فيها الكراهة وهى من قبيل الجائز وعليه يفهم ركوب ائمة العلماء والصلحاء معهم فى ذلك وكأنهم استخفوا الكراهة فى مقابلة تحصيل الواجب الذى هو الحج ومافى معناه .(10/297)
والخامس اذا خيف بركوبه عورة كركوب المرأة فى مركب صغير لايقع لها فيه سترها فقد منع مالك ذلك حتى حجها ان يختص بموضع ومركب كبير على المشهور . ومن اوراد البحر « الحى القيوم » ويقول عند ركوب السفينة { بسم الله مجريها ومرساها ان ربى لغفور رحيم } { وماقدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون } فانه امان من الغرق(10/298)
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67)
{ أو لم يروا } اى الم ينظر اهل مكة ولم يشاهدوا { انا جعلنا } أى بلدهم { حرما } محترما { آمنا } مصونا من النهب والتعدى سالما اهله آمنا من كل سوء { ويتخطف الناس من حولهم } التخطف بالفارسية [ ربودن ] وحول الشىء جانبه الذى يمكنه ان يتحول اليه اى والحال ان العرب يختلسون ويؤخذون من حولهم قتلا وسبيا اذا كانت العرب حوله فى تغاور وتناهب { أفبالباطل يؤمنون } اى أبعد ظهور الحق الذى لاريب فيه بالباطل وهو الصنم او الشيطان يؤمنون دون الحق وتقديم الصلة لاظهار شناعة مافعلوه وكذا فى قوله { وبنعمة الله } المستوجبة للشكر { يكفرون } حيث يشركون به غيره
وفى التأويلات النجمية { أفبالباطل } وهو ماسوى الله من مشارب النفس { يؤمنون } اى يصرفون صدقهم { وبنعمة الله } وهى مشاهدة الحق { يكفرون } بان لايطلبوها انتهى انما فسر الباطل بما سوى الله لان ماخلا الله باطل مجازى اما بطلانه فلكونه عدما فى نفسه واما مجازيته فلكونه مجلى ومرآة للوجود الاضافى ، واعلم ان لكفر بالله اشد من الكفر بنعمة الله لان الاول لايفارق اثانى بخلاف العكس والكفار جمعوا بينهما فكانوا اذم(10/299)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68)
{ ومن اظلم } [ وكيست ستمكار تر ] { ممن افترى } [ بيداكرد ازنفس خويش ] { على الله } الاحد الصمد { كذبا } بان زعم ان له شريكا اى هو اظلم من كل ظالم { او كذب بالحق } بالرسول او بالقرآن { لما جاءه } من غير توقف عنادا ففى لما تسفيه لهم بان لم يتوقفوا ولم يتأملوا قط حين جاءهم بل سارعوا الى التكذيب اول ماسمعوه { أليس فى جهنم مثوى للكافرين } تقرير لثوائهم فيها اى اقامتهم فان همزة الاستفهام الانكارى اذا دخلت على النفى صار ايجابا اى لايستوجبون الاقامة والخلود فى جهنم وقد فعلوا من الافتراء والتكذيب بالحق الصريح مثل هذا التكذيب الشنيع او انكار واستبعاد لاجترائهم على الافتراء والتكذيب اى ألم يعلموا ان فى جهنم مثوى للكافرين حتى اجترأوا هذه الجراءة
وفى التأويلات النجمية { ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا } بان يرى من نفسه بان له مع الله حالا او وقتا او كشفا او مشاهدة ولم يكن له من ذلك شىء وقالوا اذا فعلوا فاحشة وجدنا عليها آباءنا به يشير الى ان الاباحبة واكثر مدعى زماننا هذا اذا صدر منهم شىء على خلاف السنة والشريعة يقولون انا وجدنا مشايخنا عليه والله امرنا بهذا اى مسلم لنا من الله هذه الحركات لمكانة قربنا الى الله وقوة ولايتنا فانها لاتضر بل تنفعنا وتفيد { او كذب بالحق } اى بالشريعة وطريقة المشايخ وسيرتهم لما جاءه { أليس فى جنهم } النفس { مثوى } محبس { للكافرين } اى لكافرى نعمة الدين والاسلام والشريعة والطريقة بما يفترون وبما يدعون بلا معنى القيام به كذابين فى دعواهم انتهى : قال الحافظ
مدعى خواست كه آيد بتماشا كه راز ... دست غيب آمد وبرسينه نامحرم زد
فالمدعى اجنبى عن الدخول فى حرم المعنى كما ان الاجنبى ممنوع عن الدخول فى حرم السلطان وقال الكمال الخجندى
مدعى نيست محروم دريار ... خادم كعبه بولهب نبود
قالوا جب الاجتناب عن الدعوى والكذب وغيرهما من صفات النفس واكتساب المعنى والصدق ونحوهما من اوصاف القلب : قال الحافظ
طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب ازاكى جوسرو جمن
حى عن ابراهيم الخواص رحمه الله انه كان اذا اراد سفرا لم يعلم احدا ولم يذكره وانما يأخذ ركوته ويمشى قال حامد الاسوار فبينما نحن معه فى مسجده تناول ركوته ومشى فاتبعته فلما وافينا القادسية قال لى ياحامد الى اين قلت ياسيدى خرجت لخروجك قال انا اريد مكة ان شاء الله تعالى قلت وانا اريد ان اشاء الله مكة فلما كان بعد ايام اذا بشاب قد انضم الينا فمشى معنا يوما وليلة لايسجد لله تعالى سجدة فعرفت ابراهيم فقلت ان هذا الغلام لا يصلى فجلس وقال ياغلام مالك لاتصلى والصلاة اوجب عليك من الحج فقال ياشيخ ماعلىّ صلاة قال ألست مسلما قال لا قال فأى شىء انت قال نصرانى ولكن اشارتى فى النصرانية الى التوكل وادعت نفسى انها قد احكمت حال التوكل فلم اصدقها فيما ادعت حتى اخرجتها الى هذه الفلاة التى ليس فيها موجود غير المعبود اثير ساكنى وامتحن خاطرى فقام ابراهيم ومشى وقال دعه يكون معك فلم يزل يسايرنا حتى وافينا بطن مرو فقام ابراهيم ونزع خلقانه فطهرها بالماء ثم جلس وقال له ماسمك قال عبدالمسيح فقال ياعبدالمسيح هذا دهليز مكة يعنى الحرم وقد حرم الله على امثالك الدخول اليه قال تعالى(10/300)
{ انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } والذى اردت ان تستكشفمن نفسك قد بان لك فاحذر ان تدخل مكة فان رأيناك بمكة انكرنا عليك قال حامد فتركناه ودخلنا مكة وخرجنا الى الموقف فبينما نحن جلوس بعرفات اذا به قد اقبل عليه ثوبان وهو محرم يتصفح الوجوه حتى وقف علينا فاكب على ابراهيم يقبل رأسه فقال له ما الحال ياعبد المسيح فقال له هيهات انا اليوم عبد من المسيح عبده فقال له ابراهيم حدثنى حديثك قال جلست مكانى حتى اقبلت قافلة الحاج نقمت وتنكرت فى زى المسلمين كأنى محرم فساعة وقعت عينى على الكعبة اضمحل عندى كل دين سوى دين الاسلام فاسلمت واغتسلت واحرمت فها انا اطلبك يومى فالتفت الى ابراهيم وقال ياحامد انظر الى بركة الصدق فى النصرانية كيف هداه الى الاسلام ثم صحبنا حتى مات بين الفقراء رحمه الله تعالى ، يقول الفقير اصلحه الله القدير فى هذه الحكاية اشارات . منها كما ان حرم الكعبة لايدخله مشرك متلوث بلوث الشرك كذلك حرم القلب لايدخله مدع متلوث الدعوى . ومنها ان النصرانى المذكور صحب ابراهيم اياما فى طريق الصورة فلم يضيعه الله حيث هداه الى الصبحة به فى طريق المعنى . ومنها ان صدقه فى طريقه ادّه الى ان آمن بالله وكفر بالباطل . ومنها ان من كان نظره صحيحا فاذا شاهد شيأ من شواهد الحق يستدل به على الحق ولايكذب بآياة ربه كما وقع للنصرانى المذكور حين رأى الكعبة التى هى صورة سر الذات وكما وقع لعبد الله ابن سلام فانه حين رأى النبى عليه السلام آمن وقال عرفت انه ليس بوجه كذاب نسأل الله حقيقة الصدق والاخلاص والتمتع بثمرات اهل الاختصاص(10/301)
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)
{ والذين جاهدوا فينا } الجهاد والمجاهدة استفراغ الوسع فى مدافعة العدو اى جدوا وبذلوا وسعهم فى شأننا وحقنا ولوجهنا خالصا . واطلق المجاهدة ليعم جهاد الاعداء الظاهرة والباطنة اما الاول فكجهاد الكفار المجاربين واما الثانى فكجهاد النفس والشيطان وفى الحديث « جاهدوا اهواءكم كما تجاهدون اعداءكم » يكون الجهاد باليد واللسان كما قال عليه السلام « جاهدوا الكفار بايديكم و السنتكم » اى بما يسوءهم من الكلام كالهجو ونحوه ، قال ابن عطاء المجاهدة صدق الافتقار الى الله بالانقطاع عن كل ماسواه وقال عبدالله بن المبارك المجاهدة علم ادب الخدمة فان ادب الخدمة اعز من الخدمة ، وفى الكواشى المجاهدة غض البصر وحفظ اللسان وخطرات القلب ويجمعها الخروج عن العادات البشرية انتهى فيدخل فيها الغرض والقصد { لنهدينهم سبلنا } الهداية الدلالة الى مايوصل الى المطلوب . والسبل جمع سبيل الطريق الذى فيه سهولة انتهى . وانما جمع لان الطريق الى الله بعدد انفاس الخلائق والمعنى سبل السير الينا والوصول الى جنابنا ، وقال ابن عباس رضى الله عنهما يريد المهاجرين والانصار اى والذين جاهدوا المشركين وقاتلوهم فى نصرة ديننا لنهدينهم سبل الشهادة والمغفرة والرضوان ، وقال بعضهم معنى الهداية ههنا التثبيت عليها الزيادة فيها فانه تعالى يزيد المجاهدين هداية كما يزيد الكفارين ضلالة فالمعنى لنزيدنهم هداية الى سبل الخير وتوفيقا لسلوكها كقوله تعالى { والذين اهتدوا زادهم هدى } وفى الحديث « من عمل بماعلم ورثه الله علم مالم يعلم » وفى الحديث « من اخلص لله اربعين صباحا انفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه » ، وقال سهل بن عبدالله التسترى رحمه الله والذين جاهدوا فى اقامة السنة لنهدينهم سبيل الجنة ثم قيل مثل السنة فى الدنيا كمثل الجنة فى العقبى من دخل الجنة فى العقبى سلم كذلك من لزم السنة فى الدنيا سلم ، ويقال والذين جاهدوا بالتوبة لنهدينهم الى الاخلاص . والذين جاهدوا فى طلب العلم لنهدينهم الى طريق العمل به . والذين جاهدوا فى رضانا لنهدينهم الى الوصول الى محل الرضوان . والذين جاهدوا فى خدمتنا لنفتحن عليم سبل المناجاة معنا والانس بنا والمشاهدة لنا . والذين اشغلوا ظاهرهم بالوظائف اوصلنا الى اسرارهم اللطائف العجب ممن يعجز عن ظاهره ويطمع فى باطنه ومن لم يكن اوائل حاله المجاهدة كانت اوقاته موصولة بالامانى ويكون حظه البعد من حيث يأمل القرب ، والحاصل انه بقدر الجد تكتسب المعالى فمن جاهد بالشريعة وصل الى الجنة ومن جاهد بالطريقة وصل الهدى من جاهد بالمعرفة والانفصال عما سوى الله وصل الى العين واللقاء . ومن تقدمت مجاهدته على مشاهدته كما دلت الآية عليه صار مريدا مرادا وسالكا مجذوبا وهو اعلى درجة ممن تقدمت مشاهدته على مجاهدته وصار مرادا مريدا ومجذوبا سالكا لان سلوكه على وفق العادة الالهية ولانه متمكن هاضم بخلاف الثانى فانه متلون مغلوب وربما تكون مفاجاة الكشف من غير ان يكون المحل متهيئا له سببا للالحاد والجنون والعياذ بالله تعالى وفى التأويلات { لنهدينهم سبلنا } اى سبيل وجداننا كما قال(10/302)
« ألا من طلبنى وجدنى ومن تقرب الىّ شرا تقربت اليه ذراعا » ، قال الكاشفى در ترجمه بعضى از كلمات زبور آمده
انا المطلوب فاطلبنى تجدنى ... انا المقصود فاطلبنى تجدنى
اكر درجست وجوى من شتابد ... مراد خود بزودى باز يابد
وفى المثنوى
كركران وكر شتابنده بود ... آنكه جوينده است يابنده بود
در طلب زن دائما توهر دودست ... كه طلب درراه نيكو رهبرست
قالت المشايخ المجاهدات تورث المشاهدات ولو قال قائل للبراهمة والفلاسفة انهم يجاهدون النفس حق جهادهها ولاتورث لهم المشاهدة قلنا لانهم قاموا بالمجاهدات فجاهدوا وتركوا الشرط الاعظم منها وهو قوله فينا اى خالصنا وهم جاهدوا فى الهوى والدنيا والخلق الرياء والسمعة والشهرة وطلب الرياسة والعلوا فى الارض والتكبر على خلق الله فاما من جاهد فى الله جاهد اولا بترك المحرمات ثم بترك الشبهات ثم بترك الفضلات ثم بقطع التعلقات تزكية للنفس ثم بالتنقى عن شواغل القلب على جميع الاوقات وتخليته عن الاوصاف المذمومات تصفية للقلب ثم بترك الالتفات الى الكونين وقطع الطمع عن الدارين تحلية للروح فالذين جاهدوا فى قطع النظر عن الاغيار بالانقطاع والانفصال لنهدينهم سبلنا بالوصول والوصال ، واعلم ان الهداية على نوعين هداية تتعلق بالمواهب وهداية تتعلق بالمكاسب فالتى تتعلق بالمواهب فمن هبة الله وهى سابقة والتى تتعلق بالمكاسب فمن كسب العبد وهى مسبوقة ففى قوله تعالى { والذين جاهدوا فينا } اشارة الى ان الهداية الموهبية سابقة على جهد العبد وجهده ثمرة ذلك البذر فلولم يكن بذر الهداية الموهبية مزروعا بنظر العناية فى ارض طينة العبد لما نبتت فيها خضرة الجهد ولولم يكن المزروع مربى جهد العبد لما اثمر بثمار الهداية المكتسبية : قال الحافظ
قومى بجد وجهد نهادند وصل دوست ... قومى دكر حواله بتقدير ميكنند
قال بعض الكبار النبوة والرسالة كالسلطنة اختصاص الهى لامدخل لكسب العبد فيها واما الولاية كالوزارة فلكسب العبد مدخل فيها فكما تمكن الوزارة بالكسب كذلك تمكن الولاية بالكسب { وان الله مع المحسنين } بمعية النصرة والاعانة والعصمة فى الدنيا والثواب والمغفرة فى العقبة
وفى التأويلات النجمية لمع المحسنين الذين يعبدون الله كأنهم يرونه . وفى كشف الاسرار { جاهدوا } [ درين موضع سه منزل است . يكى جهاد اندر باطن باهوا ونفس . ديكر جهاد بظاهر اعداى دين وكفار زمين . ديكر اجتهاد باقامت حجت وطلب حق وكشف شبهت باشد مرآنرا اجتهاد كويند وهرجه اندر باطن بود اندر رعايت عهد الهى مرآنرا جهد كويند اين { جاهدوا فينا } بيان هرسه حالست اوكه بظاهر جهادكند رحمت نصيب وى اوكه باجتهاد بود عصمت بهره وى اوكه اندر نعمت جهد بود كرامت وصل نصيب وى وشرط هرسه كس آنست كه آن جهد فى الله بود تادرهدايت خلعت وى بود آنكه كفت { وان الله لمع المحسنين } جون هدايت دادم من باوى باشم روى بامن بود زبان حال بنده ميكويد الهى بعنايست هدايت دادى بمعونت زرع خدمت رويانيدى به بيغام آب قبول دادى بنظر خويش ميوه محبت ووفا رسانيدى اكنون سزدكه سموم مكر ازان بازدارى وبنايى كه خود افراشته بجرم ماخراب نكنى الهى توضعيفانرا يناهى قاصدانرا برسر راهى واجدانراكواهى جه بودكه افزايى ونكاهى ](10/303)
روضه روح من رضاى توباد ... قبله كاهم درسراى توباد
سرمه ديده جهن بينم ... تابود كرد خاكباى توباد
كرهمه راى توفنى منسب ... كارمن برمراد راى توباد
شد دلم ذره وار در هوست ... دائم اين ذره درهواى توباد
انتهى ما فى كشف الاسرار لحضرة الشيخ رشيد الدين اليزدى قدس سره هذا آخر ما اودعت فى المجلد الثانى ، من التفسير الموسوم ب « روح البيان » من جواهر المعانى ، ونظمت فى سلكه من فوائد العبارة والاشارة والالهام الربانى ، وسيحمده اولوا الالباب ، ان شاء الله الوهاب ، وقع الاتمام بعون الملك الصمد ، وقت الضحوة الكبرى من يوم الاحد ، وهو العشر السابع من الثلث الثانى من السدس الخامس من النصف الاول من العشر التاسع من العشر الاول من العقد الثانى من الالف الثانى من الهجرة النبوية ، على صاحبها الف الف تحية ، وقلت بالفارسية
جو زهجرت كذشت بى كم وكاست ... نه وصد سال يعنى بعد هزار
آخر فصل خزان شد موسم ... كه نماند ورقى از كلزار
در جماداى نخستن آخر ... بلبل خامه دم كرفت از زار
به نهايت رسيد جلد دوم ... شد بتاريك روز اين بازار
جد وجهدى كه اوفتاده درين ... شد بنوك قلم حقىء زار(10/304)
الم (1)
{ آلم } ابو الجوزاء از ابن عباس رضى الله عنهما نقل كرده كه حروف مقطعة آيت ربانية اندهر حرفي اشارت است بصفتي كه حق را بدان ثنا كويند جنانكه الف ازين كلمة كنايتست ازالوهيت ولام ازلطف وميم از ملك وكفته اندالف اشارت باسم اللّه است ولام بلام جبريل وميم باسم محمد . يعني اللّه جل جلاله بواسطة جبرائيل عليه السلام وحي فرستاد بحضرت محمد صلى اللّه عليه وسلم
وفي التأويلات النجمية يشير بالالف إلى الفة طبع المؤمنين بعضهم ببعض وباللام يشير إلى لؤم طبع الكافرين وبالميم إلى مغفرة رب العالمين فبالمجموع يشير إلى ان الفة المؤمنين لما كانت من كرم الله وفضله بان الله الف بين قولبهم انتهت إلى غاية حصلت الفة ما بينهم وبين أهل الكتاب اذ كانوا يوما ما من أهل الإيمان وان كانوا اليوم خالين عن ذلك وان لؤم الكافرين لما كان جبليالهم غلب عليهم حتى انهم من لؤم طبعهم يعادى بعضهم بعضا كمعاداة اهل الروم فارس مع جنسيتهم في الكفر وكانوا مختلفين في الالفة متفقين على العداوة وقتل بعضهم بعضا وان مغفرة رب العالمين لما كانت من كرمه العميم واحسانه القديم انتهت إلى غاية سلمت الفريقين ليتوب على العاتى من الحزبين ويعمم للطائفتين خطاب ان الله يغفر الذنوب جميعاً انتهى
وفى كشف الاسرار الم الف بلايانا من عرف كبريانا ولزم بابنا من شهد جمالنا ومكن من قربتنا من اقام على خدمتنا اي جوانمرد دل باتوحيداو سبار وجان باعشق ومحبت او بردار وبغيراو التفات مكن هركه بغيراو باز نكرد تبغ غيرت دمار ازجان اوبر آرد وهركه ازبلاى او بنالد دعوئ دوستى درست نيايد
مردى بود در عهد ييشين مهترى از سلاطين دين اورا عامر بن القيس ميكغتند جنين مي آيدكه درنماز نافله يايهاى او خون سياه بكرفت كفتند يايها ببرتا اين فساد زيادت نشود كفت يسر عبد القيس كه باشدكه اورابر اختيار حق اختياري بود بس جون درفرائض ونوافل وى خلل آمد روى سوى أسمان كرد كحفت بادشاها كرجه طاقت بلا دارم طاقت باز ماندن از خدمت نمى آرم باى مى برم تاز خدمت باز نمانم آنكه كفت كسى رابخوانيد تا آيتي از قرآن برخواند جون بينيد كه دروجد وسماع حال بر مابكردد شما بر كار خود مشغول باشيد بابها ازوى جدا كردند وداغ نهادند وآن مهتر دروجد وسماع آن جنان رفته بودكه ازان ألم خبر نداشت بس جون مقرى خاموش شد وشيخ بحال خود باز آمد كفت ابن باى بريده بطلا بشوييد وبمشك وكافور معطر كنيدكه بردكاه خدمت هر كز بربى وفايى كامى ننهاده است
يقول الفقير الالف من الم اشارة إلى عالم الامر الذي هو المبدأ لجميع التعنيات واللام اشارة إلى عالم الارواح الذي هو الوسط بين الوجودات والميم اشارة الى عالم الملك الذي هو آخر التنزيلات والاسترسالات .(10/305)
فكما ان فعل بالنسبة الى اهل النحو مشتمل على حروف المخارج الثلاثة التي هي الحلق والوسط والفم . فكذا الم بالاضافة الى اهل المحو محتو على حروف المراتب الثلاث التي هي الجبروت والملكوت والملك والملك وفرق بين كلمتيها اللفظيتين كما بين كلمتيها المعنويتين اذ كلمة اهل المحو مستوية مرتبة وكلمة اهل النحو منحية غير مرتبة
ثم اسرار الحروف المقطعة والمتشابهات القرآنية مما ينكشف لاهل الله بعد الوصول إلى غاية المراتب وان كان بعض لوازمها قد يحصل لاهل الوسط ايضاً فلا يطمع في حقائقها من توغل في الرسوم واشتغل بالعلوم تسأل الله تعالى ان ينجينا من ورطات العلاقات الوجودية المانعة عن الامور الشهودية .(10/306)
غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)
{ غلبت الروم في ادنى الارض } الغلبة القهر كما في المفردات والاستعلاء على القرن بما يبطل مقاومته في الحرب كما في كشف الاسرار . والروم تارة يقال للصنف المعروف وتارة يقال للصنف المعروف وتارة لجمع رومى كفارسى وفرس وهم بنوا روم بن عيص بن اسحق بن ابراهيم عليهم السلام والروم الاول منهم بنوا روم بن يونان بن يافث بن نوح عليه السلام . والفرس بسكون الراء قوم معروفون نسبوا الى فارس بن سام بن نوح . وادنى الفه منقلبة عن واو لانه من دنا يدنو وهو يتصرف على وجوه فتارة يعبر به عن الاقل والاصغر فيقابل بالاكثر والاكبر وتارة عن الاحقر والاذل فيقابل بالاعلى والافضل وتارة عن الاول فيقابل بالآخر وتارة عن الاقرب فيقابل بالابعد وهو المراد فى هذا المقام اي اقرب ارض العرب من الروم اذهى الارض المعهودة عندهم وهى اطراف الشام او فى اقرب ارض الروم من العرب على ان اللام عوض عن المضاف اليه وهى ارض جزيرة ما بين دجلة والفرات . والمعنى بالفارسية [ مغلوب شدند روميان يعني فارسيان برايشان غلب بردند درنزديكترين زمين كه عرب را باشد نسبت بزمين روم ] وكان ملك الفرس يوم الغلبة ابرويز بن هرمزبن انوشروان بن قباذ صاحب شيرين وهو المعروف بخسرو وتفسير ابرويز بالعربية مظفر وتفسير انوشروان مجدد الملك وآخر ملوك الفرس الذي قتل فى زمن عثمان رضى الله عنه هو يزدجرد بن شهريار بن ابرويز المذكور وكان ملك الروم هرقل كسبحل وزبرج وهو اول من ضرب الدنانير واول من ضرب الدنانير واول من احدث البيعة
قيل فارس والروم قريش العجم وفى الحديث « لو كان الايمان معلقاً بالثريا لناله اصحاب فارس » روى ان النبى عليه السلام كتب الى قيصر ملك الروم يدعوه الى الاسلام فقرأ كتابه ووضعه على عينيه ورأسه وختمه بخاتمه ثم اوثقه على صدره ثم كتب جواب كتابه انا نشهد انك نبي ولكنا لا نستطيع ان نترك الدين القديم الذي اصطفاه الله لعيسى عليه السلام فعجب النبي عليه السلام فقال « لق ثبت ملكهم الى يوم القيامة ابدا » وقال لفارس ( نطحة اونطحتان ثم لا فارس بعدها ) والروم ذات قرون كلما ذهب قرن خلف قرن هيهات الى آخر الابد كما في كشف الاسرار واما قوله ( اذا هلك قيصر لا قيصر بعده ) فمعناه اذا زال ملكه عن الشام لا يخلفه فيه احد وكان كذلك لم يبق الا ببلاد الروم كما في انسان العيون وكتب الى كسرى ملك فارس وهو خسروا المذكور وكسرى معرب خسرو فمزق كتابه ورجع الرسول بع ما اراد قتله فدعا عليه النبى عليه السلام ان يمزق كل ممزق فمزق الله ملكهم فلاملك لهم ابدا { وهم } اى الروم { من بعد غلبهم } اى من بعد مغاوبيتهم على يد فارس فهو من اضافة المصدر الى المفعول والفاعل متروك والاصل بعد غلبة فارس اياهم والغلب والغلبة كلاهما مصدر { سيغلبون } سيغلبون فارس .(10/307)
قوله { غلبت الروم } فيه اشارة الى ان حال اهل الطلب يتغير بحسب الاوقات ففى بعض الاحوال يغلب فارس النفس على روم القلب للطالب الصادق فينبغي ان لا يزل هذا قدمه عن صراط الطلب ويكون له قدم صدق عند ربه بالثبات واثقا { وهم من بعد غلبهم سيغلبون } اى سيغلب روم القلب لى فارس النفس بتأييد الله ونصرته .(10/308)
فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4)
{ في بضع سنين } البضع بالفتح قطع اللحم وبالكسر المنقطع عن العشرة ويقال ذلك لما بين الثلاث الى العشر وقيل بل هو فوق الخمس دون العشر
وفي القاموس ما بين الثلاث الى التسع
وفي كشف الاسرار البضع اسم للثلاث والخمس والسبع والتسع
وفي تفسير المناسبات وذلك من ادنى العدد لانه في المرتبة الاولى وهو مرتبة الآحاد وعبر بالبضع ولم يعين ابقاء للعباد في ربقة نوع من الجهل تعجيز الهم انتهى [ كفته اندكه ملك فارس يعني خسرو برويز شهريار وفرخان راكه دواميروى بودند بالشكر كران فرستاد وملك روم يعنى هرقل جون خبر يافت ازتوجه عسكر فارس خنس نام اميراش مهتر كراد برلشكر خويش وفرستاد هردوا لشكر بازرعات بهم رسيدند ] وهي ادنى الشام الى ارض العرب والعجم فغلب الفرس على الروم واخذوا من ايديهم بعض بلادهم وبلغ الخبر مكة ففرح المشركون وشمتوا بالمسلمين وقالوا انتم النصارى اهل كتاب ونحن فارس اميون لان فارس كانوا مجوساً وقد ظهر اخواننا على اخوانكم فلنظهرن عليكم فشق ذلك على المسلمين واغتموا فانزل الله الاية واخبر ان الامر يكون على غير مازعموا فقال ابو بكر رضى الله عنه للمشركين لا يقرّنّ الله اعينكم فوالله ليظهرن الروم على فارس بعد سنين فقال ابىّ بن خلف اللعين كذبت اجعل بيننا اجلا انا حبك عليه والمناحبه المخاطرة فناحبه على عشرة ناقة شابة من كل واحد منهما : يعني [ ضمان ازيكديكر بستند هرآن يكى كه راست كوى بودآن ده شتر بستاند ازان ديكر ] وجعلا الاجل ثلاث سنين فاخبر ابو بكر رضى الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال البضع ما بين الثلاث الى التسع فزايده في الخطر وماده في الاجل فجعلاهما مائة ناقة الى تسع سنين فلما خشى ابى ان يخرج ابو بكر مهاجرا الى المدينة اتاه فلزمه فكفل له عبد الرحمن ابن ابى بكر رضى الله عنهما فلما اراد ابى ان يخرج الى احد اتاه محمد بن ابى بكر رضى الله عنهما ولزمه فاعطاه كفيلا ثم خرج الى احد ومات ابى من جرح برمح رسول الله بعد قفوله اى رجوعه من احد وظهرت الروم على فارس عند رأس سبع سنين [ وآن جنان بودكه جون جون شهريار وفرخان بر بعضى بلاد روم مستولى كشتند برويز بغمازئ ارباب غرض بردو برادر متغير كشت وهواستند كه يكى را بدست ديكر هلاك كند وهردو بر صورت حال واقف شده كيفيت بقيصر روم عرضه كردند ودين ترسابى اختيار نمودند سبهدار لشكر روم شدند وفاز سيانرا مغلوب ساخته بعضى ازبلاد ايشان بكر فتند وشهر ستان رومية آنكه بنا كرند ] ووقع ذلك يوم الحديبية(10/309)
وفي الوسيط فجاءه جبريل بهزيمة فارس وظهور الروم عليهم ووافق ذلك يوم بدر انتهى واخذ ابو بكر الخطر من ورثة ابى فجاؤ به رسول الله فقال القمار بقوله تعالى { انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه } والقمار ان يشترط احد المتلاعبين في اللعب اخذ شيء من صاحبه ان غلب عليه والتفصيل في كراهية الفقه
والاية من دلائل النبوة لانها اخبار الغيب
ثم ان القرآن المذكور هي القرآة المشهورة
ويجوز ان يكون غلبت على البناء للفاعل على ان الضمير فارس والروم مفعوله اي غلبت فارس الروم وهم اى فارس من بعد غلبهم للروم سيغلبون على البناء للمفعول اى يكونون مغلوبين في ايدى الروم ويجوز ان يكون الروم فاعل غلبت على البناء للفاعل اي غلبت الروم اهل فارس وهم اى الروم بعد غلبهم سيلغبون على المجهول اى يكونون مغلوبين في ايدى المسلمين فكان ذلك في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه غلبهم على بلاد الشام واستخرج بيت المقدس لما فتح على يد عمر رضي الله عنه في سنة خمس عشرى اوست عشرة من الهجرة واستمر بايدى المسلمين اربعمائة سنة وسبعا وسبعين سنة ثم تغلب عليه الفرنج واستولوا عليه في شعبان سنة اثنتي وتسعين وارابعمائة من الهجرة واستمر بايديهم احدى وتسعين سنة الى ان فتحه الله على يد الناصر صلاح الدين يوسف بن ايوب في يوم الجمعة سابع عشر رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة فامتدحه القاضى محيى الدين بن البركى قاضى دمشق بقصيدة منا
فتوحكم حلبا بالسيف في صفر ... مبشر بفتوح القدس فى رجب
فكان كما قال وفتح القدس في رجب كما تقدم فقيل له من اين لك هذا فقال اخذته من تفسير ابن مرجان في قوله تعالى { الم غلبت الروم في ادنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين } وكان الامام ابو الحكم بن مرجان الاندلسى قد صنف تفسيره المذكور فى سنة عشرين وخمسمائة وبيت المقدس يومئذ بيد الافرنج لعنهم الله تعالى واستخرج الشيخ سعد الدين الحموى من قوله تعالى { في ادنى الارض } مغلوبية الروم سنة ثمانمائة فغلب تيمور على الروم
يقول الفقير لا يزال ظهور الغالبية او المغلوبية في البضع سواء كان باعتبار المآت او اعتبار الآحاد وقد غلب اهل الاسلام مرة في تسع وثمانين بعد الالف على ما اشار اليه ادنى الارض يقال ما من حادثة الا اليها اشارة في كتاب الله بطريق علم الحروف ولا تنكشف الا لاهله قال على كرم الله وجهه
العلم بالحرف سر الله يدركه ... من كان بالكشف والتحقيق متصفا
{ لله } وحده { الامر من قبل ومن بعد } اى في اول الوقتين وفي آخرهما حين غلبوا وحين يغلبون كأنه قيل من قبل كونهم غالبين وهو وقت كونهم مغلوبين ومن بعد كونهم مغلوبين وهو وقت كونهم غالبين .(10/310)
والمعنى ان كلا من كونهم مغلبين اولا وغالبين آخرا ليس الامر بامر الله وقضائه وتلك الايام نداولها بين الناس { ويومئذ } اي يوم اذيغلب الروم على فارس ويحل ما وعده الله تعالى من غلبتهم { يفرح المؤمنون } [ شاد خواهند شدن مؤمنان ]
قال الراغب الفرح انشراح الصدر بلذة عاجلة واكثر ما يكون ذلك فى اللذات البدنية الدنيوية ولم يرخص في الفرح الا فى قوله فبذلك فليفر حوا وقوله ويومئذ يفرح المؤمنون .
{ في بضع سنين } من ايام الطلبق { لله الامر من قبل } يعني غلبة فارس النفس على روم القلب اولا كانت بحكم الله وتقديره وله في ذلك حكمة بالغة في صلاح الحال والمآل ألا يرى ان فارس نفس جميع الانبياء والاولياء فى البداية غلبت على روم قلبهم ثم غلبت روم قلبهم على فارس نفسهم { من بعد } يعني غلبة روم القلب على فارس النفس ايضا بحكم الله فانه يحكم لا معقب لحكمه { يومئذ } يعني يوم غلبت الروم { يفرح المؤمنون } يعني الروح والسر والعقل { بنصر الله } القلب على النفس وبنصر الله المؤمنين على الكافرين { وهو العزيز } فبعزته يعز اولياءه ويذل اعداءه { الرحيم } برحمته ينصر اهل محبته وهم ارباب القلوب .(10/311)
بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)
{ بنصر الله } اي بتغليب من له كتاب على من لا كتاب له وغيظ من شمت بهم من كفار مكة وكون ذلك من دلائل غلبة المؤمنون على الكفرة فالنصرة في الحقيقة لكونها منصبا شريفا الا للمؤمنين
وقال بعضهم يفرح بعضهم يفرح المؤمنون بقتل الكفار بعضهم بعضا لما فيه من كسر شوكتهم وتقليل عددهم لا بظهور الكفار كما يفرح بقتل الظالمين بعضهم بعضا
وفي كشف الاسرار . اليوم ترح وغدا فرح . اليوم عبرة وغدا خبرة . اليوم اسف وغدا لطف . اليوم بكاء وغدا لقاء [ هرجندكه دوستانر امروز درين سراى بلا وعنا همه دردست واندوه همه حسرت وسوز اما آن وسوزرا بجان ودل خريدار آيد وهرجه معلوم ايشانست فداى آن دردمى كنند . جنانكه آن جوانمرد كفته اكنون بارى ينقدى دردى دارم كه آن درد بصد هزار درمان ندهم داود بيغمبر عليه السلام جون آن زلت صغيره ازوى برفت واز حق بدو عتاب آمد تازنده بود سر بر آسمان نداشت ويكساعت ازتضرع نياسود با اين كريه واندوه در سينة من بنه تاهر كزازين دردخالى نباشم . اى مسكين توهميشه بى درد بردة از سوز درد زدكان خبر ندارى از ان كريه برشادى وازان خندة بر اندوه تشانى نديده ]
من كرية بخنده درهمى بيوندم ... بنهان كريم وبآشكارا خندم
اى دوست كمان مبكره من خر سندم ... آكاه كه من نياز مندم
{ ينصر من يشاء } ان ينصره من ضعيف وقوى من عباده استئناف مقرر لمضمون قوله تعالى { لله الامر من قبل ومن بعد } { وهو العزيز } المبالغ في العزة والغلبة فلا يعجزه من يشاء ان ينصر عليه كائنا من كان { الرحيم } المبالغ في الرحمة فينصر من يشاء ان ينصره أى فريق كان او لا يعز من عادى ولا يذل من والى كما في المناسبات وهو محمول على ان المراد بالنصر نصر المؤمنين على المشركين في غزوة بدر كما اشير اليه من الوسيط
وفى الارشاد المراد من الرحمة هى الرحمة الدنيوية اما على القراءة المشهورة فظاهر لان كلا الفريقين لا يستحق الرحمة الدنيوية واما على القراءة الاخيرة فلان المسلمين وان كانوا مستحقين لها لكن المراد بها نصرهم الذى هو من آثار الرحمة الدنيوية وتقديم وصف العزة لتقدمه فى الاعتبار
{ وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس } من ناسى الطافه { لا يعلمون } صدق وعده ووفاء عهده .(10/312)
وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6)
{ وعد الله } مصدر مؤكد لنفسه لان ما قبله وهو ويؤمئذ الخ في معنى الوعد إذ الوعد هو الاخبار بايقاع شىء نافع قبل وقوعه وقوله ويومئذ الخ من هذا القبيل ومثل هذا المصدر يجب حذف عامله والتقدير وعد الله وعدا يعنى انظروا وعد الله ثم استأنف تقرير معنى المصدر فقال { لا يخلف الله وعده } لا هذا الذي في امر الروم ولا غيره مما يتعلق بالدنيا والآخرة لاستحالة الكذب عليه سبحانه { ولكن اكثر الناس } وهم المشركون واهل الاضطراب { لا يعلمون } صحة وعده لجهلهم وعدم تفكرهم في شئون الله تعالى .
لانهم { يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا } يجدون ذوق حلاوة عسل شهوات الدنيا بالحواس الظاهرة { وهم عن الاخرة } وكمالاتها ووجدان شوق شهواتها بالحواس الباطنة وانها موجبة للبقاء الابدى وان عسل شهوات الدنيا مسموم مهلك { هم غافلون } لاستغراقهم فى بحر البشرية وتراكم امواج اوصانها الذميمة انتهى : قال الكمال الخجندى
جهان وجملة لذاتش بزنبور عسل ماند
كه شيرينيش بسيارست وزان افزون شروشورش عصمنا الله واياكم من الانهماك في لذات الدنيا(10/313)
يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)
{ يعلمون ظاهرا من الحيوة الدنيا } وهو ما يشاهدونه من زخارفها وملاذها وسائر احوالها الموافقة لشهواتهم الملائمة لاهوائهم المستدعية لانهماكهم فيها وعكوفهم عليها وتنكير ظاهرا للتحقير والتخسيس اى يعلمون ظاهرا حقيرا خسيسا من الدنيا
قال الحسن كان الرجل منهم يأخذ درهما ويقول وزنه كذا ولا يخطئ وكذا يعرف رداءته بالنقد
وقال الضحاك يعلمون بنيان قصورها وتشقيق انهارها وغرس اشجارها ولا فرق بين عدم العلم وبين العلم المقصور على الدنيا
وفي التيسير قوله { لا يعلمون } نفى للعلم بامور الدين وقوله { يعلمون } اثبات للعلم بامور الدنيا فلا تناقض لان الاول نفى الانتفاع بالعلم بما ينبغي والثاني صرف العلم الى ما لا ينبغي ومن العلم القاصر ان يهيء الانسان امور شتائه فى صيفه وامور صيفه في شتائه وهو لا يتيقن بوصوله الى ذلك الوقت ويقصر في الدنيا فى اصلاح امور معاده ولا بدله منها { وهم عن الآخرة } التي هى الغاية القصوى والمطلب الاسنى { هم غافلون } لا يخطرونها بالبال ولا يدركون من الدنيا ما يؤدى الى معرفتها من احوالها ولا يتفكرون فيها . وهم الثانية تكرير للاولى للتأكيد يفيد انهم معدن الغفلة عن الآخرة او مبتدأ وغافلون خبرة والجملة خبر للأولى
وفة الآية تشبيه لاهل الغفلة بالبهائم المقصور ادراكاتها من الدنيا على الظواهر الحسية دون احوالها التي هى مبادى العلم بامور الآخرة وغفلة المؤمنين بترك الاستعداد لها وغفلة الكافرين بالجحود بها
قال بعضهم من كان عن الآخرة غافلا كان عن الله اغفل ومن كان عن الله غافلا فقد سقط عن درجات المتعبدين [ در خبراست كه فردا در انجمن رستاخيز وعرضصة عظمى دنيارا بيارند بصورت بيرة زنى آراسته كويد بار خدايا امروز مراجزى كمتر بنده كن از بندكان خود از دركاه عزت وجناب جبروت فرمان آيدكه اى ناجيز خسيس من راضى نباشم كه كمترين بندة از بندكان خودرا باجون تو جزاى وى دهم آنكه كويد « كونة تراتا » يعني خاك كرد ونيست شوجنان نيست شودكه هيج جاى بديد نيايد . وكفته اند طالبان دنيا سه كروه اند . كروهى دردنيا از وجه حرام كرد كنند دون دست رسد بغصب وقهر بخود مى كشند واز سرانجام وعاقبت آن نيند يشندكه ايشان اهل عقابند وسزاى عذاب مصطفى عليه السلام كفت كسى كه در دنيا حلال جمع كند از بهر تفاخر وتكاثرتا كردن كشد وبر مردم تطاول جوايد رب العزة ازوى اعراض كند ودر قيامت باوى بخشم بود اوكه دردنيا جلال جمع كرد برنيت تفاخر حالش اينست بس اوكه حرام طلب كند وحرام كيرد وخورد حالش خود جون بود . كروه دوم دنيا بدست آرند ازوجه مباح جون كسب وتجارات وجون معاملات ايشان اهل حسابند در مشيت حق جر خبرست كه ( من نوقش في الحساب عذب ) .(10/314)
كروه سوم از دنيا بسد جوعت وستر عورت قناعت كنند مصطفى عليه السلام ( ليس لابن آدم حق فيما سوى هذه الخصال بيت يكنه وثوب يوارى عورته وجرف الخبز والماء ) يعني از كسر الخبز ايشانرا نه حسابست ونه عتاب ايشانند كه جون سر ازخاك بركنند رويهاى ايشان جون ماه جهارده بود ]
قال بعضهم الاية وصف المدعين الذين هم عارفون بالامور الظاهرة والاحكام الدنيوية محجوبون عن معاملات الله غافلون عما فتح الله على قلوب اوليائه الذين غلب عليهم شوق الله واذهلهم حب الله عن تدابير عيش الدنيا ونظام امورها ولذلك قال عليه السلام « انتم اعلم بامور دنياكم وانا اعلم بامور آخرتكم »
وفى التأويلات النجمية .(10/315)
أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8)
{ أولم يتفكروا فى أنفسكم } الواو للعطف على مقدر . والتفكر تصرف فى معنانى الاشياء لدرك المطلوب وهو قبل ان يتصفى اللب والتذكر بعده ولذا لم يذكر فى كتاب الله تعالى مع اللب الا التذكر
قال بعض الادباء الفكر مقلوب الفرك لكن يستعمل الفكر في المعانى وهو فرك الامور وبحثها طلبا للوصول الى حقيقتها قوله { فى انفسهم } ظرف للتفكر وذكره فى ظهور استحالة كونه فى غيرها لتصوير حال المتفكر فهو من بسط القرآن نحو يقولون بأفواههم والمعنى اقصر كفار مكة نظرهم على ظاهر الحياة الدنيا ولم يحدثوا التفكر فى قلوبهم فيعلموا انه تعالى { ما خلق الله السموات } الاجرام العلوية وكذ سموات الارواح { والارض } الاجرام السفلية وكذا ارض الاجسام { وما بينهما } من المخلوقات والقوى ملتبسة بشئ من الاشياء { الا } ملتبسة { بالحق } والحكمة والمصلحة ليعتبروا بها ويستدلوا على وجود الصانع ووحدته ويعرفوا انها مجالى صفاته ومرائى قدرته وإنما جعل متعلق الفكر والعلم هو الخلق دون الخالق لان الله تعالى منزه عن ان يوصف بصورة في القلب ولهذا روى ( تفكروا فى آلاء الله تعالى ولا تتفكروا في ذات الله ) : وفي المثنوى
علم خلقست باسوى جهات ... بى جهت دان عالم امر وصفات
بى تعلق نيست مخلوقى بدو ... آن تعلق هست بيجون اى عمو
اين تعلق را خرد جون بى برد ... بستة فصلت ووصلست اين خرد
زين وصيت كرد مارد مصطفى ... بحث لكم جوييد در ذات خدا
آنكه درذاتش تفكر كردنيست ... در حقيقت آن نظر درذات نيست
هست آن يندار اوزيرا براه ... صد هزاران برده آمد تاله
هريكى دربردة موصول جوست ... وهم او آنست كه آن عين هوست
بس يمبر دفع كرد اين وهم ازو ... تانباشد درغلط سودا بزاو
در عجائبهاش فكر اندر رويد ... از عظيمى وزمهابت كم شويد
جونكه صنعش ريش وسلبت كم كند ... حد خود داند زصانع تن زند
جزكه لا احصى نكويد اوزحان ... كزشمار وحد برونست آن بيان
ثم انه لما كان معنى الحق فى اسماء الله تعالى هو الثابت الوجود على وجه لا يقبل الزوال والعدم والتغير كان الجارى على ألسنة اهل الفناء من الصوفية فى اكثر الاحوال هو الاسم الحق لانهم يلاحظون الذات الحقيقية دون ما هو هالك فى نفسه وباطل فى ذاته وهو ما سوى الله تعالى { واجل مسمى } عطف على الحق اى وباجل معين قدره الله تعالى لبقائها لا بد لها من ان تنتهى اليه وهو وقت قيام الساعة { وان كثيرا من الناس } مع غفلتهم عن الآخرة واعراضهم عن التفكر فيما يرشدهم الى معرفتها { بلقاء ربهم } اى بلقاء حسابه وجزائه بالبعث والباء متعلق بقوله { لكافرون } اى منكرون جاحدون يحسبون ان الدنيا ابدية وان الآخرة لا تكون بحلول الاجل المسمى(10/316)
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9)
{ أولم يسيروا } اهل مكة والسير المضى فى الارض { فى الارض فينظروا } اى اقعدوا فى اما كنهم ولم يسيروا فينظروا اى قد ساروا وقت التجارات فى اقطار الارض وشاهدوا { كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } من الامم المهلكة كعاد وثمود والعاقبة اذا اطلقت تستعمل فى الثواب كنا فى قوله تعالى { والعاقبة للمتقين } وبالاضافة قد تستعمل في العقوبة كما فى هذه الاية وهى آخر الامر : وبالفارسية [ سرانجام ] ثم بين مبدأ احوال الامم ومآلها فقال { كانوا اشد منهم قوة } { واثاروا الارض } يقال ثار الغبار والسحاب انتشر ساطعا وقد اثرته فالاثارة تحريك الشئ حتى يرتفع غباره : وبالفارسية [ برانكيختن كرد وشورانيدن زمين وميغ أوردن باد ] كما في تاج المصادر . والثور اسم البقر الذي يثار به الارض فكأنه فى الاصل مصدر جعل فى موضع الفاعل والبقر من بقر اذا شق العلم ودخل فيه مدخلا بليغا . والمعنى وقلبوا الارض للزراعة والحراثة واستنباط المياه واستخراج المعادن { وعمروها } العمارة نقيض الخراب اى عمروا الارض بفنون العمارات من الزراعة والغرس والبناء وغيرها مما يعد عمارة لها { اكثر مما عمروها } اى عمارة اكثر كما وكيفا وزمانا من عمارة هؤلاء المشركين . يعنى اهل مكة اياها كيف لا وهم اهل واد غيرذى زرع لا تنشط لهم فى غيره { وجاءتهم رسلهم بالبينات } بالمعجزات والايات الواضحات فكذبوها فاهلكهم الله تعالى { فما كان الله } بما افعل بهم من العذاب والاهلاك { ليظلمهم } من غير جرم يستدعيه من جانبهم { ولكن كانوا انفسهم يظلمون } بما اجتر أو اعلى اكتساب المعاصى الموحبة للهلاك(10/317)
ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10)
{ ثم كان عاقبة الذين اساؤا } اى عملوا السيآت : وبالفارسية [ بدكر دند يعنى كافر شدند ] { السواى } اى العقوبة التى هى اسوء العقوبات وافظعها وهى العقوبة النار فانها تأنيث الاسوأ كالحسنى تأنيث الاحسن او مصدر كالبشرى وصف به العقوبة مبالغة كأنها نفس السواى . وقيل السواى اسم لجهنم كما ان الحسنى اسم للجنة وانما سميت سواى لانها تسوء صاحبها
قال الراغب السوء كل ما يعم الانسان من الامور الدنيوية والاخروية ومن الاحوال النفسية والبدنية والخارجة من فوات مال وفقد حميم وعبر بالسوءى عن كل ما يقبح ولذلك قوبل بالحسنى قال { ثم كان عاقبة الذين اساؤا السواى } كما قال { للذين احسنوا الحسنى } انتهى .
والسوءى مرفوعة على انها اسم كان وخبرها عاقبة وقرئ على العكس وهو ادخل فى الجزالة كما في الارشاد { ان كذبوا بآيات الله } علة لما اشير الية من تعذيبهم الدنيوى والاخروى اى لان كذبوا بآيات الله المنزلة على رسله ومعجزاته الظاهرة على ايديهم { وكانوا بها يستهزئون } عطف على كذبوا دخل معه فى حكم العلة وايراد الاستهزاء بصيغة المضارع للدلالة على استمراره وتجدده
وحاصل الآيات ان الامم السالفة المكذبة عذبوا فى الدنيا والآخرة بسبب تكذيبهم واستهزائهم وسائر معاصيهم فلم ينفعهم قوتهم ولم يمنعهم اموالهم من العذاب والهلاك فما الظن باهل مكة وهم دونهم فى العدد والعدد وقوة الجسد
واعلم ان طبع القلوب والموت على الكفر مجازاة على الاساءة كما قال ابن عيينة ان لهذه الذنوب عواقب سوء لا يزال الرجل يذنب فينكت على قلبه حتى يسوّد القلب كله فيصير كافرا والعياذ بالله : وفيه اشارة الى طلبة العلم الذين يشرعون فى علوم غير نافعة بل مضرة مثل الكلام والمنطق والمعقولات فيشوش عليهم عقيدتهم على مذهب اهل السنة والجماعة وان وقعوا فى ادنى شك وقعوا فى الكفر
علم بى دينان رهاكن جهل راحكمت مخوان
ازخيالات وظنون اهل يونان دم مزن فمن كان له نور الايمان الحقيقى بالسير والسلوك ينظر كيف كان عاقبة الذين من قبلهم من حكماء الفلاسفة انهم كانوا اشد منهم قوة فى علم القال واثاروا الارض البشرية بالرياضة والمجاهدة وعمروها بتبديل الاخلاق والاستدلال بالدلائل العقلية والبراهين المنطقية اكثر مما عمروها المتأخرون لأنهم كانوا اطول اعمارا منهم فوسوس لهم الشيطان وغرهم بعلومهم العقلية واستبدت نفوسهم بها وظنوا انهم غير محتاجين الى الشرائع ومتابعة الانبياء انفسهم من الشبهات بحسبان انها من البراهين القاطعة فاهلكهم الله فى اودية الشكوك والحسبان فما كان الله ليظلمهم بالابتلاء بهذه الآفات بان يكلهم الى وساوس الشيطان وهو اجس نفوسهم ولا يرسل اليهم الرسل ولم ينزل معهم الكتب ولكن كانوا انفسهم يظلمون بتكذيب الانبياء السوءى بان صاروا ائمة الكفر وصنفوا الكتب فى الكفر واوردوا فيها الشبهات على بطلان ما جاء به الانبياء من الشرائع والتوحيد وسموها الحكمة وسموا انفسهم الحكماء فالآن بعض المتعلمين من الفقهاء اما لوفور حرصهم على العلم والحكمة واما خباثة الجوهر ليتخلصوا من تكاليف الشرع يطالعون تلك الكتب ويتعلمونها وبتلك الشبهات التى دونوا بها كتبهم يهلكون فى اودية الشكوك ويقعون فى الكفر وهذه الآفة وقعت فى الاسلام من المتقدمين والمتأخرين منهم وكم من مؤمن عالم قد فسدت عقدتهم بهذه الآفة واخرجوا ربقة الاسلام من عنقهم فصاروا من جملتهم ودخلوا فى زمرتهم ولعل هذه الآفة تبقى فى هذه الامة الى قيام الساعة فان فى كل يوم يزداد تقل طلبة علوم الدين من التفسير والحديث والمذهب وتكثر طلبة علوم الفلسفة والزندقة ويسمونها الاصول والكلام
علم دين فقهست وتفسير وحديث
هركه خواند غير ازين كردد خبيث وقد قال الشافعي رحمة الله من تكلم تزندق ثم وبال هذه جملة الى قيام الساعة يكتب فى ديوان من سن هذه السنة السيئة ومن اوزار من عمل بها من غير ان ينقص من اوزارهم شيء على ان كذبوا بالقرآن وسموا الانبياء عليهم السلام اصحاب النواميس وسموا الشرائع الناموس الاكبر عليهم لعنات الهل تترى كذا فى تأويلات حضرة الشيخ نجم الدين قدس سره(10/318)
اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11)
{ الله يبدأ الخلق } يخلقهم اولا فى الدنيا وهو الانسان المخلوق من النطفة { ثم يعيده } بعد الموت احياء كما كانوا اى يحييهم فى الآخرة ويبعثهم وتذكير الضمير باعتبار لفظ الخلق { ثم اليه } اى الى موقف حسابه تعالى وجزائه { ترجعون } تردون لا الى غيره والالتفات للمبالغة فى الترهيب . وقرئ بياء الغيبة والجمع باعتبار معنى الخلق .(10/319)
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12)
{ يوم تقوم الساعة } التى هى وقت اعادة الخلق ورجعهم اليه للجزاء . والساعة جزء من جزاء الزمان عبربها عن القيامة تشبيها لها لذلك لسرعة حسابها كما قال { وهو اسرع الحاسبين } او لما نبه عليه قوله { كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار } { يبلس المجرمون } يسكنون سكوت من انقطع عن الحجة متحيرين آيسن من الاهتداء الى الحجة او من كل خير
قال الراغب الابلاس الحزن المعترض من شدة اليأس ومنه اشتق ابليس ولما كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعينه . قيل ابلس فلان اذا سكت وانقطعت حجته(10/320)
وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (13)
{ ولم يكن لهم من شركائهم } اوثانهم التى عبدوها رجاء الشفاعة { شفعاء } يجبرونهم من عذاب الله ومجيئة بلفظ الماضى لتحققه فى علم الله وصيغة الجمع لوقوعها فى مقابلة الجمع اى لم يكن لكل واحد منهم شفيع اصلا وكتب فى المصحف شفعواء بواو قبل الالف كما كتب علمواء بنى اسرائيل فى الشعراء والسواى بالالف قبل الياء انباتاً للهمزة على صورة الحرف الذي منه حركتها { وكانوا بشركائهم كافرين } يكفرون بآلهتهم حيث يئسوا منهم . يعني [ جون ازمطلوب ناميد كردند ازايشان يزار شوند ] .(10/321)
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14)
{ ويوم تقوم الساعة } اعيد لتهويله وتفظيع ما يقع فيه { يومئذ } [ آن هنكام ] { يتفرقون } تهويل له اثر تهويل
وفيه رمز الى ان التفرق يقع فى بعض منه وضمير يتفرقون لجميع الخلق المدلول عليهم بما تقدم من بدئهم واعادتهم ورجوعهم لا المجرمين خاصة . والمعنى يتفرق المؤمنون والكافرون بعد الحساب الى الجنة والنار فلا يجتمعون ابدا
قال الحسن رحمه الله لئن كانوا اجتمعوا فى الدنيا ليتفرقن يوم القيامة هؤلاء فى اعلى علبين وهؤلاء فى اسفل سافلين [ يكى در درجة وصلت يكى در دركة فرقت آن برسرير محبت واين برحصير محنت آنرا انواع ثواب واين را اصناف عقاب جمعى ازدولت تلاقى نازان وبرخى بر آتش فراق كدازان ]
يكى خندان بصد عشرت ... يكى نالان بصد عسرت
يكى در راحت وصلت ... يكى در شدت هجرت
قال ابو بكر بن طاهر قدس سره يتفرق كل الى ما قدر له من محل السعادة ومنزل الشقاوة ومن كان تفرقته الى الجمع كان مجموع السر ثم لا يألف الخلق ابدا فينقلب الى محل السعداء ومن كان تفرقته الى الفرق كان متفرق السر ثم لا يألف الحق ابدا فيرجع الى محل الشقاوة ثم فصل احوال الفريقين وكيفية تفرقهم(10/322)
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15)
{ فاما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم فى روضة } عظيمة وهى كل ارض ذات نبات وماء ورونق ونضارة والمراد بها الجنة
قال الراغب الروض مستنقع الماء والخضرة وفى روضة عبارة عن رياض الجنة وهى محاسناه وملاذها انتهى .
وخص الروضة بالذكر لانه لم يكن عند العرب شئ احسن منظرا ولا اطيب نشرا من الرياض . ففيه تقريب المقصود من افهامهم . والمعنى بالفارسية [ بس ايشان درمر غزار هاى مشتمل برازهار وانهار ] { يحبرون } يسرون سرور تهللت له وجوههم : يعني [ شادمان كردانيده باشند جنان شادمانى كه اثر آن برصفحات وجنات ايشان ظاهر باشد ] فالحبور السرور يقال حبره اذا سره سرورا تهلل له وجهه
وفى المفردات يفرجون حتى يظهر عليهم حبار نعميهم اى اثره يقال حبر فلان بقى بجلده اثر من قرح . والحبر العالم لما يبقى من اثر علومه فى قلوب الناس ومن آثار فعاله الحسنة المقتدى بها والى هذا المعنى اشار امير المؤمنين رضى الله عنه بقوله « العلماء باقون ما بقى الدهر اعيانهم مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة » ويقال التحبير التحسين الذي يسر به يقال للعالم حبر كل نعمة حسنة « قال فى الارشاد واختلف فيه الاقاويل لاختلاف وجوه . فعن ابن عباس رضى الله عنهما ومجاهد يكرمون . وعن قتادة ينعمون . وعن ابن كيسان يحلون . وعن ابى بكر بن عياش يتوّجون [ متوج سازندشان ] وعن وكيع يسرون بالسماع : يعني [ آواز خوش شنوانند ايشانزا وهيج لذت برابر سماع نيست . درخبراست كه ابكار بهشت تغنى كنند باصواتى كه خلائق مثل ن نشنيده باشد واين افضل نعيم بهشت بود ازابى درداء رضى الله عنه را برسيدندكه مغنيات تبهشت بجه جيز تغنى كنند فرموده كه باتسبيح . ازيحيى بن معاذ رازى رضى الله عنه را يرسيدندكه از آوزها كدام دوستر دارى فرمود مزامير انس فى مقاصير قدس بالحان تحميد فى رياض تمجيد ] وروى ان فى الجنة اشجارا عليها اجراس من فضة فاذا اراد اهل الجنة السماع يهب الله ريحا من تحت العرش فتقع فى تلك الاشجار فتحرك تلك الاجراس باصوات لوسمعها اهل الدنيا لماتوا طربا وفى الحديث ( الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين منها كما بين السماء والارض الفردوس اعلاها سموا واوسطها محلا ومنها يتفجر انهار الجنة وعليها يوضع العرش يوم القيامة ) فقام اليه رجل فقال يا رسول الله انى رجل جبب الىّ الصوت فهل فى الجنة صوت حسن فقال ( اى نعم والذي نفسي بيده ان الله سبحانه ليوحى الى شجرة فى الجنة ان اسمعى عبادى الذين اشتغلوا بعبادتى وذكرى عن عزف البرابط والمزامير فترفع صوتا لم يسمع الخلائق مثله قط من تسبيح الرب وتقديسه ) [ فردا دوستان خدا درروضات بهشت ميان رياحين انس بشادى وطرب سماع كنند فرمان آيد بداود عليه السلام كه يا داود بآن نغمة دليذير وصوت شوق انكيز كه ترا داده ايم زبور بخوان .(10/323)
اى موسى تلاوت توران كن . اى عيسى بتلاوت انجيل مشغول شو . اى درخت طوبى آواز دل آراى بتسبيح ما بكشاى . اى اسرافيل توقر آن آغاز كن ]
قال الاوزاعي ليس أحد من خلق الله احس صوتا من اسرافيل فاذا اخذ فى السماع قطع على اهل سبع سموات صلاتهم وتسبيحهم [ اى ماه رويان فردوس جه نشينيد خيزيد ودوستانرا اقبال كنيد . اى تلهاى مشك اذفر وكافور مغبر برسر مشتاقان ما نثار شويد . اى درويشان كه دردنيا غمم خوريد اندوه بسر آمدودرخت شادى ببرآمد خيزيد وطرب كنيد در خطيرة قدس وخلوتكاه انس بنازيد . اى مستان مجلس مشاهده . اى مخمور خمر عشق . اى عاشقان سوخته كه سحر كاهان در ركوع وسجوع جون خون ازديدها روان كرده ودلها باميد وصال ما تسكين داده كاه آن آمدكه درمشاهدة ما بياساييد بارغم ازخود فرونهيد ويشادى دم زنيد . اى طالبان ساكن شويد كه نقد تزديسكتو . اى شب روان آرام كييد كه صبح نزديسكتز اى مشتاقان طرب كنيد كه ديرار نزديكست ] فيكشف الحجاب ويتجلى لهم تبارك وتعالى فى روضة من رياض الجنة ويقول انا الذي صدقتكم وعدى واتمت عليكم نعمتى فهذا محل كرامتي فسلونى
روزى كه سرا برده برون خواهى كره ... دانم كه زمانه را زبون خواهى كرد
كر زيب وجمال ازين فزون خواهى كرد ... يا رب جه جكر هست كه خون خواهى كرد
[ حاصل سخن آنكه شريفترين لذتى بعد ازمشاهدة انوار تجلى دربهشت سماع خواهد بود وازينجا كفته آن عزيز درشرجح مثنوى كه سماع منادى است كه درماند كان بيابان محنت افزاى دنيارا از عشرت آباد بهشت نورانى ياد ميدهد ]
مؤمنان كويند كاثار بهشت ... تغز كرادنيد هر آواز زشت
ما همه اجزاء آدم بوده ايم ... دربهشت آن لحن را بشنوده ايم
كرجه بر ما ريخت آب وكل شكى ... ياد ما آيد ازانها اندكى
بس نى وجنك ورباب وسازها ... جيزكى ماند بدان آوزها
عاشقان كين نغمها را بشنوند ... جزؤ بكذارند وسوى كل روند
قال بعض العارفين ان الله تعالى بجوده وجلاله يطيب اوقات عشاقه بكل لسان فى الدنيا وكل صوت حسن فى الاخرة ورب روضة فى الدنيا للعارف العاشق الصادق يرى الحق فيها ويسمع منه بغير وربما كان بواسطة فيسمعه الحق من ألسنة كل ذرة من العرش الى الثرى اصواتا قدوسية وخطابات سبوحية
قال جعفر فابدأ به فى صباحك وبه فاختم فى مسائك فمن كان به ابتداؤه واليه انتهاؤه لا يشقى فيما بينهما
قال البقلى رحمه الله وصف الله اهل الحبور بالايمان والعمل الصالح فاما ايمانهم فشهود ارواحهم مشاهد الازل فى اوائل ظهورها من العدم . واما اعمالهم الصالحة فالعشق والمحبة والشوق فآخر درجاتهم فى منازل الوصال الفرح بمشاهدة الله والسرور بقربة وطيب العيش لسماع كلامه يطربهم الحق بنفسه ابد الآبدين فى روح وصاله وكشف جماله .(10/324)
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)
{ واما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا } القرآنية التى من جملتها هذه الآيات الناطقة بما فصل { ولقاء الآخرة } اى البعث بعد الموت صرح بذلك مع اندراجه فى تكذيب الآيات للاعتناء بامره { فاولئك } الموصوفون بالكفر والتكذيب { فى العذاب محضرون } مدخلون على الدوام لا يغيبون عنه ابدا
قال بعضهم الاحضار انما يكون على اكراه فيجاء به على كراهة اى يحضرون العذاب فى الوقت الذي يحبر فيه المؤمنون فى روضات الجنان فيكونون على عذاب وويل وثبور كما يكون المؤمنون على ثواب وسماع وحبور . فعلى العاقل ان يجتنب عن القيل والقال ويكسب الوجد والحال من طريق صالحات الاعمال فان لكل عمل صالح اثرا ولكل ورع وتقوى ثمرة فمن حبس نفسه فى زاوية العبادة والطاعة وتخلى فى خلوة الذكر والفكر تفرج فى رياض الجنان بما قاسى بالاعضاء والجنان . ومن اغلق باب سمعه عن سماع الملاهى وصبر عنه فتح الله له باب سماع الاغاني فى الجنة والا فقد حرم من امثل اللذات
به ازروى زيباست آواز خوش ... كه آن حظ نفس اس واين قوت روح
كما ان من شرب الخمر فى الدنيا لم يشربها فى الآخرة واشار بالاحضار الى ان جهنم سجن الله تعالى فكما ان المجرم فى الدنيا يساق الى السجن وهو كاره له فكذا المجرم فى العقبى يساق ويجرّ الى النار بالسلاسل والاغلال فيذوق وبال كفره وتكذيبه وحضوره محاضر اهل الهوى من اهل الملاهى وربما يحضر فى العذاب من ليس بمكذب الحاقا له فى بعض الاوصاف وان كان غير مخلد فيه وربما تؤدى الجراءة على المعاصى والاصرار عليها الى الكفر والعياذ بالله تعالى . فيا اهل الشريعة عليكم بترك المحرمات الموجبة للعقوبات . ويا اهل الطريقة عليكم بترك الفضلات المؤدية الى التنزلات ولا يغرنكم احوال ابناء الزمان فان اكثرهم اباحيون غير مبالين ألا ترى الى مجامعهم المشحونة بالاحداث ومجالسهم المملوءة باهل الملاهى كأنهم المكذبون بلقاء الآخرة فلذا قصروا همتهم على الامور الظاهرة يطلبون العشق والحال فى الامر الزائل كالمتغنى والمزمّر يعرضون عن الذكر والتوحيد الباقى لذته وصفوته مدى الدهر ولعمرى ان من عقل لا يستن بسنن الجهلاء واهل الارتكاب ولا يرفع الى مجالسهم قدما ولو خطوة خوفا من العذاب فانه تعالى قال { ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار } وأى نار اعظم من نار البعد والفراق اذهى دائمة الاحراق تسأل الله سبحانه ان يوفقنا لسدّ خلل الدين والاعراض عن متسامحات الغافلين ويجعلنا ممن تعلق بحبل الشرع المبين وعروة الطريق القويم المتين ويحيينا بالحياة الطيبة الى آخر الاعمار ويعيدنا من الاجداث والوجوه اقمار ولا يخيبنا فى رحاء شفاعات الاعالى انه الكريم المتعالى .(10/325)
فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17)
{ فسبحان الله } الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها . والسبح المر السريع فى الماء اوفى الهواء والتسبيح تنزيه الله واصله المر السريع فى عبادة الله جعل عاما فى العبادات قولا كان او فعلا اونية والسبوح القدوس من اسماء الله تعالى وليس فى كلامهم فعول سواهما . وسبحان هنا مصدر كغفران موضوع موضع الامر مثل فضرب الرقاب التسبيح محمول على حقيقته وظاهره الذى هو تنزيه الله عن السوء والثناء عليه بالخير . والمعنى اذا علمتم ايها العقلاء المميزون ان الثواب والنعيم للمؤمنين العاملين والعذاب والجحيم للكافرين المكذبين فسبحوا الله اى نزهوه عن كل ما لا يليق بشأنه تعالى { حين تمسون وحين تصبحون } الحين بالكسر وقت مبهم يصلح لجميع الازمان طال او قصر ويتخصص بالمضاف اليه كما فى هذا المقام . والامساء الدخول فى المساء كما ان الاصباح الدخول فى الصباح والمساء والصباح ضدان
قال بعضهم اول اليوم الفجر ثم الصباح ثم الغداة ثم البكرة ثم الضحى ثم الضحوة ثم الهجير ثم الظهور ثم الرواح ثم المساء ثم العصر ثم الاصيل ثم العشاء الاولى ثم العشاء الاخيرة عند مغيب الشفق . والمعنى سبحوه تعالى وقت دخولكم فى المساء وساعة دخولكم فى الصباح .(10/326)
وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)
{ وله الحمد فى السموات والارض } يحمده خاصة اهل السموات والارض ويثنون عليه اى احمدوه على نعمه العظام فى الاوقات كلها فان الاخبار بثبوت الحمد له له تعالى ووجوبه على اهل التميز من خلق السموات والارض فى معنى الامر على ابلغ وجه .
وتقديم التسبيح على التحميد لان التخلية بالمعجمة متقدمة على التحلية بالمهملة كشرب المسهل متقدك على شرب المصلح وكالاساس متقدم على الحيطان وما يبنى عليها من النقوش { وعشيا } آخر النهار من عشي العين اذا نفص نورها ومنه الاعشى وهو معطوف على حين تمسون اى سبحوه وقت العشى وتقديمه على قوله { وحين تظهرون } اى تدخلون فى الظهيرة التى هى وسط النهار لمراعاة الفواصل وتغيير الاسلوب لانه لا يجبئ منه الفعل بمعنى الدخول فى العشى كالمساء والصباح والظهيرة وتوسيط الحمد بين اوقات التسبيح للاشعار بان حقها ان يجمع بينها كما ينبئ عنه قوله تعالى { فسبح بحمد ربك } وقوله عليه والسلام « من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر » وقوله عليه السلام « كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم » وتخصيص التسبيح والتحميد بتلك الاوقات للدلالة على ان ما يحدث فيها من آيات قدرته واحكام رحمته ونعمته شواهد ناطقة بتنزهه تعالى واستحقاقه الحمد موجبة لتسبيحه وتحميده حتما وفي الحديث « من سرّه ان يكال له بالقفيز الا وفى فليقل فسبحان الله حين تسمون » الآية وحمل بعضهم التسبيح والتحميد فى الآية على الصلاة لاشتمالها عليهما . والسبحة الصلاة ومنه سبحة الضحى وقد جاء فى القرآن اطلاق التسبيح بمعنى الصلاة فى قوله تعالى { فلولا انه كان من المسبحين } قال القرطبي وهو من اجلاء المفسرين اى من المصلين
وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الآية جامعة للصلوات الخمس ومواقيتها . تمسون صلاة المغرب والعشاء . وتصبحون صلاة الفجر . وعشيا صلاة العصر . وتظهرون صلاة الظهر فالمعنى فصلوا لله فى هذه الاوقات
واتفق الائمة على ان الصلاة المفروضة فى اليوم والليلة خمس وعلى انها سبع عشرة ركعة . الظهر اربع . والعصر اربع . والمغرب ثلاث . والعشاء اربع . والفجر ركعتان
قيل فرضت الصلوات الخمس في المعراج اربعاً الا المغرب ففرضت ثلاثاً والا الصبح ففرضت ركعتين والاصلاة الجمعة ففرضت ركعتين ثم قصرت الاربع فى السفر
وتجب الصلاة باول الوقت لغير معذور وعليه بآخره بالاتفاق . وعند ابى حنيفة اذا طلعت الشمس وهو فى صلاة الفجر بطلت صلاته وليس كذلك اذا خرج الوقت فى بقية الصلاة والزائدة على قدر واجب فى الصلاة فى قيام ونحوه نفل بالاتفاق كا فى فتح الرحمن وفى الحديث « ما افترض الله على خلقه بعد التوحيد احب اليه من الصلاة ولو كان شيء احب اليه من الصلاة لتعبد به ملائكته فمنهم راكع وساجد وقائم وقاعد »(10/327)
وفى الحديث « من حافظ على الصلوات الخمس باكمال طهورها ومواقيتها كانت لو نورا وبرهانا يوم القيامة ومن ضيعها حشر مع فرعون وهامان »
والجماعة سنة مؤكدة اى قوية تشبه الواجب فى القوة لقوله عليه السلام « الجماعة من سنن الهدى لا يتخلف عنها الامنافق » واكثر المشايخ على انها واجبة وتسميتها سنة لانها ثابته بالسنة لكن ان فاتته جماعة لا يجب عليه الطلب فى مسجد أخر كذا فى الفقه
قال ابو سليمان الدارانى قدس سره اقمت عشرين سنة لم احتلم فدخلت مكة فاحدثت بها حدثا فما اصبحت الا احتملت وكان الحدث فاتته صلاة العشاء بجماعة : وفى المثنوى
هرجه لآآيد برتو از ظلمات غم ... آن زبى شرمى وكستا خيست ههم
فلكل عمل اثر وجزاء واجر
دزانكه شاكررا زيادت وعده است ... آنجنانكه قرب مزد سجده است
كفت واسجد واقترب يزدان ما ... قرب جان شد سجدة ابدان ما(10/328)
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)
{ يخرج الحى من الميت } كالانسان من النطفة والطير من البيضة وايضا المؤمن من الكافر والمصلح من المفسد والعالم من الجاهل . وايضا القلب الحى بنور الله من النفس الميتة عن صفاتها واخلاقها الذميمة اظهارا للطفه ورحمته { ويخرج الميت من الحى } النطفة والبيضة من الحيوان . وايضا الكافر والمفسد والجاهل من المؤمن والمصلح والعالم . وايضا القلب الميت عن الاخلاق الحميدة الروحانية من النفس الحية بالصفات الحيوانية الشهوانية اظهارا لقهره وعزته { ويحيي الارض } بالمطر والنبات { بعد موتها } قحلها ويبسها { وكذلك } مثل ذلك الاخراج { تخرجون } من القبور احياء الى موقف الحساب فانه ايضا يعقب الحياة الموت
تلخيصه الابداء والاعادة فى قدرته سواء
قال مقاتل يرسل الله يوم القيامة ماء الحياة من السماء السابعة من البحر المسجور بين النفختين فينشر عظام الموتى وذلك قوله تعالى { وكذلك تخرجون } فكما ينبت النبات من الارض بالمطر فكذا ينبت الناس من القبور بمطر البحر المسجور كالمنى ويحيون به
والاشارة ان الله يحي ارض القلوب بعد اماتته اياها وكذلك تخرجون من العدم الى الوجود بالقدرة وفى الحديث « من قال حين يصبح فسبحان الله حين تمسون الى قوله وكذلك تخرجون ادرك ما فات من ليلته ومن قالها حين يمسى اردك ما فاته فى يومه »
وفى كشف الاسرار عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من قال سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون » هذه الآيات الثلاث من سورة الروم وآخر سورة الصافات ( دبر كل صلاة يصليها كتب له من الحسنات عدد نجوم السماء وقطر المطر وعدد ورق الشجر وعدد تراب الارض فاذا مات اجرى له بكل حسنة عشر حسنات فى قبره وكان ابراهيم خليل الله عليه السلام يقولها فى كل يوم وليلة ست مرات ) يعنى مضمونها بلغة السريان اذ لم تكن العربية يومئذ(10/329)
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)
{ ومن آياته } اى ومن علامات الله الدالة على البعث
وقال الكاشفي [ واز نشانهاى قدرت خداى تعالى ] { ان خلقكم } يا بنى آدم فى ضمن خلق آدم لانه خلقه منطويا على خلق ذرياته انطواء اجماليا والخلق عبارة عن تركيب الاجزاء وتسوية الاجسام { من تراب } لم يشم رائحة الحياة قط ولا مناسبة بينه وبين ما أنتم عليه فى ذاتكم وصفاتكم وانما خلق الله الانسان من التراب ليكون متواضعا ذلولا حمولا مثله والارض وحقائقها دائمة فى الطمأنينة والاحسان بالوجود ولذلك لا تزال ساكنة وساكتة لفوزها بوجود مطلوبها فكانت اعلى مرتبة وتحققت فى مرتبة العلو فى عين السفل وقامت بالرضى { ثم اذا انتم } [ بس ا كنون شما ] { بشر } [ مردمانيد آشكارا ] اى آدميون من لحم ودم عقلاء ناطقون
قال فى المفردات البشرة ظاهرة الجلد وعبر عن الانسان بالبشر اعتبارا بظهور جلده من الشعر بخلاف الحيوانات التى عليها الصوف او الشعر او الوبر . واستوى فى لفظ البشر الواحد والجمع وخص فى القرآن كل موضع اعتبر من الانسان جثته وظاهره بلفظ البشر { تنتشرون } الانتشار [ براكنده شدن ]
قال الراغب انتشار الناس تصرفهم فى الحاجات . والمعنى فاجأتم بعد ذلك وقت كونكم بشرا تنتشرون فى الارض فدل بدء خلقكم على اعادتكم وهذا مجمل ما فصل فى قوله تعالى فى اوائل سورة الحج { يا ايها الناس ان كنتم فى ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم } اى ان كنتم فى شك من البعث بعد الموت فانظروا الى ابتداء خلقكم وقد خلفناكم بالاطوار لتظهر لكم قدرتنا على البعث فتؤمنوا وانشد بعضهم
خلقت من التراب فصرت شخصا ... بصيرا بالسؤال وبالجواب
وعدت الى التراب فصرت فيه ... كأنى ما برحت من التراب
قال الشيخ سعدى قدس سره
بامرش وجود ازعدم نقش بست ... كه داندجزا وكردن ازنيست هست
دكرره بكتم عدم دربرد ... واز آنجا بصحراى محشر برد
وفي التأويلات النجمية يشير الى ان التراب ابعد الموجودات الى الحضرة لانا اذا نظرنا الى الحقيقة وجدنا اقرب الموجودات الى الحضرة عالم الارواح لانه اول ما خلق الله الارواح ثم العرش لانه محل استواء الصفة الرحمانية ثم الكرسي ثم السماء السابعة ثم السموات كلها ثم فلك الزمهرير اعنى الهواء ثم الماء ثم التراب وهو جماد لا حس فيه ولا حركة وليس له قدرة على تغيير ذاته وصفاته فلما وجدنا ذاته متغيرة عن وصف الترابية صورة ومعنى متبدلة كتغير صورته بصورة البشر وتبدل صفته بصفة البشرية علم انه محتاج الى مغير ومبدل وهو الله سبحانه واشار بقوله { ثم اذا انتم بشر تنتشرون } يعنى كنتم ترابا جمادا ميتا ابعد الموجودات عن الحضرة جعلتكم بشرا بنفخ الروح المشرف باضافة من روحى وهو اقرب الموجودات الى الحضرة فأى آية اظهر وابين من الجمع بين ابعد الابعدين واقرب الاقربين بكمال القدرة والحكمة ثم جعلتكم مسجود الملائكة المقربين وجعلتكم مرآة مظهرة لجميع صفات جمالى وجلالى ولهذا السر جعلتكم خلائق الارض انتهى
يقول الفقير والخليفة لا بد له من الانقتال الى الموطن الاول اعطاء لاحكام الاسلام فالموطن الدنيوى هو من آثار الاسم الظاهر والانتقال الى الموطن البرزخى من احكام الاسم الباطن فلما صار الغيب شهادة بالنسبة الى الموطن الاول فى ابتداء الظهو واو فكذلك تصير الشهادة غيبا بالنسبة الى الموطن الثاني والموطن الحشرى فى انتهاء الظهور وثانية .(10/330)
يعنى ان الدنيا تصير غيبا راجعا الى حكم الاسم الباطن عند ظهور البعث والحشر كما كانت شهادة قبله راجعة الى حكم الاسم الظاهر وان الاخرى تصير شهادة بعده كما كانت غيبا قبله فهى كالقلب الآن وسينقلب الامر فيكون القلب قالبا والقالب قلبا نسأل الله الانتقال بالكمال التام والظهور فى النشأة الآخرة بالوجود المحيط العالم(10/331)
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)
{ ومن آياته } الدالة على البعث وما بعده من الجزاء { ان خلق لكم } اى لاجلكم { من انفسكم } [ ازتن شما ] { ازواجا } [ زنان وجفتان ] فان خلق اصل ازواجكم حواء من ضلع آدم متضمن لخلقهن من انفسكم والازواج جمع زوج وهو الفرد المزاوج لصاحبه وكل واحد من القرينين من الذكر والانثى وزوجة لغة رديئة وجمعا زوجات كما فى المفردات ويجوز ان يكون معنى من انفسكم من جنسكم لا من جنس آخر وهو الاوفق بقوله { لتسكنوا اليها } اى لتميلوا الى تلك الازواج وتألفوا بها فان المجانسة من دواعى التضام والتعارف كما ان المخالفة من اسباب التفرق والتنافر
بجنس خود كند هرجنس آهنك ... ندارد هيجكس ازجنس خود ننك
بجنس خويش دارد ميل هرجنس ... فرشته بافرشته انس بانس(10/332)
وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22)
{ ومن آياته } الدالة على ما ذكر { خلق السموات والارض } على عظمتها وكثافتها وكثرة اجزائها بلا مادة فهو اظهر قدرة على اعادة ما كان حيا قبل ذلك فهذه من الآيات الآفاقية ثم اشار الى شئ من الآيات الانفسية فقال { واختلاف ألسنتكم } اى لغاتكم من العربية والفارسية والهندية والتركية وغيرها بان جعل لكل صنف لغة
قال الراغب اختلاف الالسنة اشارة الى اختلاف اللغات واختلاف النغمات فان لكل لسان نغمة يميزها السمع كما ان له صورة مخصوصة يميزها البصر انتهى النغمات فان لكل لسان نغمة يميزها البصر انتهى فلا تكاد تسمع منطقين متساويين فى الكيفية من كل وجه : يعني [ دربست وبلند وفصاحت ولكنت وغير آن ]
قال وهب جميع الالسنة اثنان وسبعون لسانا منها فى ولد سام تسعة عشر لسانا وفى ولد حام سبعة عشر لسانا وفى ولد يافث ستة وثلاثون لسانا { والوانكم } بالبياض والسواد والادمة والحمرة وغيرها
قال الراغب فى الآية اشارة الى ان الانواع الالوان من اختلاف الصور التى يختص كل انسان بهيئة غير هيّى صاحبه مع كثرة عددهم وذلك تنبيه على سعة قدرته يعنى ان اختلاف الالوان اشارة الى تخطيطات الاعضاء وهيآتها وحلاها ألا ترى ان التوأمين مع توافق موادهما واسبابهما والامور الملاقية لهما فى التخليق يختلفان فى شئ من ذلك لا محالة وان كانا فى غاية التشابه [ اكر برين وجه نبودى امتياز بين الاشخاص مشكل بودى وبسيار از مهات معطل ماندى ]
قال ابن عباس رضى الله عنهما كان آدم مؤلفا من انواع تراب الارض ولذلك كان بنوه مختلفين منهم الاحمر والاسود والابيض كل ظهر على لون ترابه وقابليته وتصور صورة كل رجل على صورة من اجداده الى آدم يحضر اشكالهم عند تصوير صورته فى الرحم كما اشار اليه بعض المفسرين فى قوله تعالى { فى اى صورة ما شاء ركبك } { ان فى ذلك } اى فيما ذكر من خلق السموات والارض واختلاف الالسنة والالوان { لآيات } عظيمة فى نفسها كثيرة فى عددها { للعالمين } بكسر اللام اى المتصفين بالعلم كما فى قوله { وما يعقلها العالمون } وخص العلماء لانهم اهل النظر والاستدلال دون الجهال المشغولين بحطام الدنيا وزخارفها فلما كان الوصول الى معرفة ما سبق ذكره انما يمكن بالعلم ختم الآية بالعالمين . وقرئ بفتح اللام ففيه اشارة الى كمال وضوح الآيات وعدم خفائها على احد من الخلق من ملك وانس وجن وغيرهم
وفى الاية اشارة الى اختلاف ألسنة القلوب وألسنة النفوس فان لسان القلوب يتحرك بالميل الى العلويات وفى طلبها يتكلم ولسان النفوس يتحرك بالميل الى السفليات وفى طلبها يتكلم كما يشاهد فى مجالس اهل الدنيا ومحافل اهل الآخرة : ومن كلمات مولانا قد سره(10/333)
ما راجه ازين قصة كه كاو آمد وخز رفت ... اين وقت عزيز ست ازين عربده بازآى
وايضا اشارة الى اختلاف الالوان اى الطبائع منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الاخرة ومنكم من يريد الله ان فى ذلك لآيات للعارفين الذين عرفوا حقيقة انفسهم وكماليتها فعرفوا الله ورأوا آياته باراءته اياهم لقوله تعالى { سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى انفسهم } ثم ان الله تعالى خلق الآيات واشار اليها مع وضوحها تنبيها للناظرين وتعليما للجاهلين وتكميلا للعالمين فمن له بصرر آها ومن له بصيره عرفها
يقال الامم على اختلاف الازمان والاديان متفقة على مدح اخلاق اربعة العلم والزهد والاحسان والامانة والمتعبد بغير علم كحماد الطاحونة يدور ولا يقطع المسافة
ثم ان المعتبر هو العلم بالله الناظر على عالم الملكوت وهذا العلم من الآيات الكبرى وصاحبه يشاهد الشواهد العظمى بالبصيرة الاجلى بل يعلم الكائنات قبل وجودها ويخبر بها قبل حصول اعيانها وفى زماننا قوم لا يحصى عددهم غلب عليهم الجهل بمقام العلم ولعبت بهم الاهواء حتى قالوا ان العلم حجاب ولقد صدقوا فى ذلك لو اعتقدوا اى والله حجاب عظيم يحجب القلب عن الغفلة والجهل
قال سهل بن عبد الله التسترى قدس سره السماء رحمة للارض وبطن الارض رحمة لظهرها والآخرة رحمة للدنيا والعلماء رحمة للجهال والكبار رحمة للصغار والنبي عليه السلام رحمة للخلق والله تعالى رحيم بخلقه
واجناس العلوك كثيرة منها علم النظر وعلم الخبر وعلم النبات وعلم الحيوان وعلم الرصد الى غير ذلك من العلوم ولكل جنس من هذه العلوم وامثالها فصول تقومها وفصول تقسمها فلننظر ما نحتاج اليه فى انفسنا مما تقترن به سعادتنا فنأخذه ونشتغل به ونترك ما لا نحتاج اليه احتياجا ضروريا مخافة فوت الوقت حتى تكون الاوقات لنا ان شاء الله تعالى . والذي يحتاج اليها فى تحصيل السعادة ثمانية وهى الواجب والجائز والمستحيل والذات الصفات والافعال وعلم السعادة وعلم الشقاوة فهذه الثمانية واجب طلبها على كل طالب نجاة نفسه وعلم السعادة والشقاوة موقوف على معرفة الواجب والمحظور والمندوب والمكروه والمباح . واصول هذه الاحكام الخمسة ثلاثة الكتاب والسنة المتواترة والاجماع كذا فى مواقع النجوم للشيخ الاكبر قدس سره الاطهر وفتكم الله وايانا لهذه العلوم النافعة وشرح صدورنا بالفيوض والاسرار وجعلنا مستضيئين بين شمس وقمر الى نهاية الاعمار وفناء الدار(10/334)
وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23)
{ ومن آياته } اى ومن اعلام قدرته تعالى على مجازاة العباد فى الآخرة { منامكم } مفعل من النوم اى نومكم الذى هو راحة لا بدانكم وقطع لاشغالكم ليدوم لكم به البقاء الى آجالكم { بالليل } كما هو المعتاد { والنهار } ايضا على حسب الحاجة كالقيلولة { وابتغاؤمك من فضله } وطلب معاشكم فيهما فان كلا من المنام وطلب القوت يقع فى الليل والنهار وان كان الاغلب وقوع المنام فى الليل والطلب فى النهار
وفيه اشارة الى الحياة بعد الممات فانها نظير الانتباه من المنام والانتشار للمعاش : وفى المثنوى
نوم ماجون شداخ الموت اى فلان ... زين برادر آن برادررا بدان
وقدم الليل على النهار لان الليل لخدمة المولى والنهار افضل من النهار
يقول الفقير الليل محل السكون وهو الاصل والنهار محل الحركة وهو الفرع كما اشار اليه تعالى فى قوله { كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق } اذا الخلق يقتضى حركة معنوية وكان ما قبل الخلق سكونا محضا يعنى عالم الذات البحت
قال بعض الكبار لم يقل تعالى وبالنهار ليتحقق لنا ان يريد اننا فى منام فى حال يقظتنا المعتادة اى انتم فى منام ما دمتم فى هذه الدار يقظة ومناما بالنسبة لما امامكم فهذا سبب عدم ذكر الباء فى قوله والنهار والاكتفاء بباء الليل انتهى يعنى لو قيل وبالنهار كان لا يتعين فيه ذلك لجواز ان يكون الجار والمجرور معمولا لمحذوف معطوف على المبتدأ تقديره ويقظتكم بالنهار ثم حذف لدلالة معموله او مقابلة عليه كقوله
علفتها تبنا وماء باردا
اى وسقيتها ماء باردا { ان فى ذلك } الامر العظيم العلى المرتبة من ايجاد النوم بعد النشاط والنشاط بعد النوم الذى هو الموت الاصغر وايجاد كل من الملوين بعد اعدامهما والجد فى الابتغاء مع المفاوتة فى التحصيل { لآيات } عديدة على القدرة والحكم لا سيما البعث { لقوم يسمعون } اى شأنهم ان يسمعوا الكلام من الناصحين سماع من انتبه من نومه فجسمه مستريح نشيط وقلبه فارغ عن مكدر للنصح مانع قبوله
وفيه اشارة الى ان من لم يتأمل فى هذه الآيات فهو نائم لا مستيقظ فهو غير مستأهل لان يسمع : قال الشيخ سعدى قدس سره
كسى راكه بندار درسر بود ... ميندار هر كزنكه حق بشنود
زعلمش ملال آيد ازوعظ ننك ... شقايق بباران نرويد بسنك
كرت در درياى فضلست خيز ... بتذكير درباى درويش ريز
نه بينى كه درباى افتاده خار ... برويد كل وبشكفد نوبهار
وقال الحافظ
جه نسبت است برندى صلاح وتقوى را ... سماع وعظ كجا نغمة رباب كجا
قال فى برهان القرآن ختم الآية بقوله { يسمعون } فان من النوم من صنع الله الحكيم لا يقدر احد على احتلابه اذا امتنع ولا على دفعة اذا امتنع ولا على دفعة اذا ورد تيقن ان له صانعا مدبرا(10/335)
قال الخطيب معنى يسمعون ههنا يستجيبون لما يدعوهم اليه الكتاب
واعلم ان النوم فضل من الله للعباد ولكن للعباد ان لا يناموا الا عند الضرورة وبقدر دفع المانع عن العبادة
سر آنكه ببالين نهد هو شمند ... خوابش بقهر أورد در كمند
وقد قيل فى ذم اهل البطالة
زسنت نه بينى درايشان اثر ... مكر خواب ببشين ونان سحر
ومن اداب النوم ان ينام على الضوء قال عليه السلام ( من بات طاهرا بات فى شعاره ملك لا يستيقظ ساعة من الليل الاقال الملك اللهم اغفر لعبدك فلان فانه بات طاهرا ) واذا استطاع الانسان ان يكون على الطهارة ابدا فليفعل لان الموت على الوضوء شهادة ويستحب ان يضطجع على يمينه مستقبلا للقبلة عند اول اضطجاعه فان بداله ان ينقلب الى جانبه الآخر فعل ويقول حين يضطجع ( بسم الله الذى لا يضر مع اسمه شئ فى الارض ولا فى السماء وهو السميع العليم ) وكان عليه السلام يقول « باسمك ربى وضعت جنبى وبك ارفعه ان امسكت نفسى فاحمها وان ارسلتها فاحفظها » ويقول عند ما قام من نومه « الحمد لله الذي احيانا بعدما اماتنا ورد الينا ارواحنا واليه البعث والنشور »
ثم اعلم ان حالة النوم وحالة الانتباه اشارة الى الوضوء اشارة الى التوبة والانابة . ثم التكبيرة الاولى اشارة الى التوجه الالهى فحاله من الانتباه الى هنا اشارة الى عبوره من عالم الملك وهو الناسوت ودخوله فى عالم الملكون . ثم الانتقال الى الركوع اشارة الى تجاوزه الى الجبروتز ثم الانتقال الى السجدة اشارة الى وصوله الىعالم اللاهوت وهو مقام الفناء الكلى وعند ذلك يحصل الصعود الكلى الى وطنه الاصلى . ثم القيام من السجدة اشارة الى حالة البقاء فانه رجوع الورى ففى صورة النزول عروج كما ان فى صورة العروج نزولا والركوع مقام قاب قوسين وهو مقام الذات الواحدية والسجدة مقام اوادنى وهو مقام الذات الاحدية والحركات الست وهى الحركة من القيام الى الركوع ثم منه الى القومة ثم منها الى السجدة الاولى ثم الى الجلسة ثم منها الى السجدة الثانية ثم منها الى القيام اشارة الى خلق الله السموات والارضين فى ستة ايام فالركعة الواحدة من الصلاة تحتوى على اول السلوك وآخره وغيره من الصور والحقائق الدنيوية والاخروية والعلمية والعينية والكونية والالهية
ثم اعلم ان توارد الليل والنهار اشارة الى توارد السيئة والحسنة فكما ان الدنيا لا تبقى على الليل وحده او النهار وحده بل هما على التعاقب دائماً فكذا العبد المؤمن لا يخلو من نور العمل الصالح وظلمة العمل الفاسد والفكر الكاسد فاذا كان يوم القيامة يلقى الله الليل فى جهنم والنهار فى الجنة فلا يكون فى الجنة ليل كما لا يكون فى النار نهار يعنى فى الجنة هو نور ايمان المؤمن ونور عمله الصالح بحسب مرتبته والليل فى النار هو ظلمة كفر الكافر وظلمة عمله الفاسد فكما ان الكفر لا يكون ايمانا فكذا الليل لا يكون نهارا والنار لا تكون نورا فيبقى كل من اهل النور والنار على صفته الغالبة عليه واما القلب وحاله بحسب التجلى فهو على عكس حاله الغالب فان نهاره المعنوى لا يتعاقب عليه ليل وان كان يطرأ عليه استتار فى بعض الاوقات فهو استتار رحمة الاستتار رحمة كحال المحجوبين وكذا سمع اهل القلب لا يقصر على امر واحد بل يسمعون من شجرة الموجودات كما سمع موسى عليه السلام فهم القوم السامعون على الحقيقة(10/336)
وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24)
{ ومن آياته يريكم البرق } اصله ان يريكم فلما حذف ان لدلالة الكلام عليه سكن الياء كما فى القرآن . وقيل غير ذلك كما فى التفاسير . والبرق لمعنان السحاب وبالفارسية [ درخش ]
وفى اخوان الصفاء البرق وهواء { خوفا } مفعول بمعنى الاخافة كقوله فعلته رغما للشيطان اى ارغا ماله . والمعنى يريكم ضوء السحاب اخافة من الصاعقة خصوصا لمن كان فى البرية من ابناء السبيل وغيرهم [ وصاعقة آوازيست هائل كه با او آتشى باشد فى زبانه ودودكهخ بهرجا رسد بسوزد ] { وطمعا } اى اطماعا فى الغيث لا سيما لمن كان مقيما
فان قلت المقيم يطمع لضرورة سقى الزروع والكروم والبساتين ونحوها واما المسافر فلا
قلت يطمع المسافر ايضا فى الارض القفر { وينزل من السماء } [ از آسمان يا ازابر ] { ماء } [ آبى را ]
قال فى اخوان الصفاء المطر هو الاجزاء المائية اذا التأم بعضها مع بعض وبردت وثقلت رجعت نحو الارض { فيحي به } اى بسبب ذلك الماء وهو المطر { الارض } بالنبات { بعد موتها } اى يبسها
فان قيل ما الارض يقال جسم غليظ ما يكون من الاجسام واقف فى مركز العالم بين ليكيفة الجهات الست فالمشرق حيث تطلع الشمس والمغرب حبث تغيب والشمال حيث مدار الجدى والجنوب حيث مدار سهيل والفوق ما يلى المحيط والاسفل ما يلى مركز الابيض
فان قيل ما النبات يقال ما الغالب عليه المائية ويقول الفرس اذا زخرت الاودية اى كثرت بالماء كثر الثمر واذا اشتد الرياح كثر الحب
واعلم ان الثمر والشجر من فيض المطر والكل آثار شؤونه تعالى فى الارض . وغرس معاوية نخلا بمكة فى آخر خلافته فقال ما غرستها طمعا فى ادراكها ولكن ذكرت قول الاسدى
ليس الفتى بفتى لا يستضاء به ... ولا تكون له فى الارض آثار
{ ان فى ذلك } المذكور { لآيات } [ علامتها ست برقدرت الهى ] { لقوم يعقلون } يفهمون عن الله حججه وادلته
قال الكاشفى [ مر كروهى راكه تعقل كنند درتكون حادثات حق تابر ايشان ظاهر كردد كمالات قدرت صانع در هر حادثة ] فكما انه تعالى قادر على ان يحي الارض بعد موتها كذلك قادر على ان يحي الموتى ويبعث من فى القبور
قال فى برهان القرآن ختم بقوله { يعقلون } لان العقل ملاك الامر فى هذه الابواب وهو المؤدى الى العلم انتهى
قال بعض العلماء العاقل من يرى باول رأيه آخر الامور ويهتك عن مهماتها ظلم الستور ويستنبط دقائق القلوب ويستخرج ودائع الغيوب
قال حكيم العقل والتجربة فى التعاون بمنزلة الماء والارض لا يطيق احدهما بدون الآخر انباتا : وفى المثنوى
بس نكوكفت آن رسول خوش جواز ... ذرة عقلت به از صوم ونماز
زانكه عقلت جوهر ست اين دوعرض ... ابن دودر تكميل آن شد مفترض
تا جلا باشد مران آيينه را ... كه صفا أيد ظكاعت سينه را
ليك كر آيينه از بن فاسدست ... صيقل اورا دير باز آرد بدست
اين تفاوت عقلها نيك دان ... در مراتب از زمين تا آسمان
هست عقلى همجو قرص آفتاب ... هست عقلى كمتر از زهره شهاب
هست عقلى جون جراغ سرخوشى ... خست عقلى جون ستاره آتشى
عقل جزوى عقل را بدنام كرد ... كام دنيا مرد را بى كام كرد(10/337)
وفى التأويلات النجمية { ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا } اى برق شواهد الحق عند انحراق سحاب حجب البشرية وظهور تلألؤ انوار الروحانية اولها البروق ثم اللوامع ثم الطوالع ثم الاشراق ثم المتجلى فبنور البرق يرى شهوات الدنيا انها نيران فيخاف منها ويتركها ويرى مكروهات تكاليف الشرع على النفس انها جنان فيطمع فيها ويطلبها { وينزل من السماء } الروح { ماء } الرحمة { فيحي به الارض } القلوب { بعد موتها } بالمعاصي والذنوب واستغراقها فى بحر الدنيا وتموج شهواتها برياج الخذلان { ان فى ذلك لآيات لقوم يعقلون } لا يبيعون الآخرة بالاولى ولا قربات المولى بنعيم جنة المولى انتهى اللهم اجعلنا من المشتغلين بذكرك وحست طاعتك واصرفنا عن الميل الى ما سوى حضرتك انك انت محي القلوب بفيوض الغيوب .(10/338)
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25)
{ ومن آياته ان تقوم السماء والارض } اى قيامهما واستمرارهما على ما هما عليه من الهيآت الى الاجل المقدر لقيامهما وهو يوم القيامة { بامره } اى بارادته تعالى والتعبير عن الارادة بالامر للدلالة على كمال قدرة والغنى عن المبادى والاسباب . والامر لفظ عام للافعال والاقوال كلها كما فى المفردات { ثم اذا دعاكم دعوة من الارض } متعلق بدعاكم اذ يكفى فى ذلك كون المدعو فيها يقال دعوته من اسفل الوادى فطلع الىّ . والمعنى ثم اذا دعاكم بعد انقضاء الاجل وانتم فى قبوركم دعوة واحدة بان قال ايها الموتى اخرجوا [ اى مرد كان بيرون آييد ] والداعى فى الحقيقة هو اسرافيل عليه السلام فانه يدعو الخلق على صخرة بيت المقدس حين ينفخ فى الصور النفخة الاخيرة { اذا انتم } [ آنكاه شما ] { تخرجون } اذا للمفاجأة ولذلك ناب مناب الفاء فى الجواب فانهما يشتركان فى افادة التعقيب اى فاجأتم الخروج منها بلا توقف ولا اباء ولذلك قوله تعالى { يومئذ يتبعون الداعى }
وفي الآية اشارة الى سماء القلب وارض النفس والقلب والروح بتلك الجذبة فتخرج من قبور انانية الوجود على عرصة الهوية والشهود وهو حشر اخص الخواص فان للحشر مراتب مرتبة العام وهى خروج الاجساد من القبور الى المحشر يوم النشور ومرتة الخاص وهى خروج الارواح الاخروية من قبور الاجسام الدنيوية بالسير والسلوك فى حال حياتهم الى عالم الروحانية لانهم ماتوا بالارادة عن صفات الحيوانية النفسانية قبل ان يموتوا بالموات عن صورة الحيوانية ومرتبة الاخص وهى الخروج من قبور الانانية الروحانية الى الهوية الربانية وهى مقام الحبيب فيبقى مع الله بلا هو : وفى المثنوى
هين كه اسرافيل وقتند اوليا ... مرده را زيشان حياتست ونما
جان هريك مرده اندر كورتن ... مى جهد زآواز شن اندر كفن
كويد اين آواززآواز هاجداست ... زنده كردن كار آواز خداست
ما بمر ديم وبكلى كاستيم ... بنك حق آمد همه بر خاستيم
بانك حق اندر حجاب وبى حجيب ... آن دهد كو داد مريم را زجيب
اى فناتان نيست كرده زير بوست ... باز كرديد از عدم ز آواز دوست
مطلق آن آواز خود از شه بود ... كوجه از حلقوم عبد الله بود
كفته اورا من زبان وجشم تو ... من حواسى ومن رضا وخشم تو(10/339)
وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (26)
{ وله } اى لله خاصة { من فى السموات } من الملائكة { والارض } من الانس والجن خلقا وملكا وتصرفا ليس لغيره شركه فى ذلك بوجه من الوجوه { كل } اى كل من فيها { له } تعالى وهو متعلق بقوله { قانتون } القنوت الطاعة : يعنى [ فرمان بردارى ]
والمراد طاعة الارادة لا طاعة العبادة اى منقادون لما يريده بهم من حياة وموت وبعث وصحة وسقم وعز وذل وغنى وفقير وغيرها لا يمتنعون عليه تعالى فى شأن من شئون : يعني [ تمرد نمى توانند كرد ] اى منقادون لما يريده بهم من حياة وموت وبعث وصحة وسقم فهم مسخرون تحت حكمه على كل حال
وفيه اشارة الى ان من فى سموات الروحانية من ارباب القلوب وارض البشرية من اصحاب النفوس كل له مطيعون بان تكون الطائفة الاولى مظهر صفات اللطف والفرقة الثانية مظهر صفات القهر ولذلك خلقهم(10/340)
وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)
{ وهو الذى يبدؤا الخلق } بمعنى المخلوق اى ينشئهم فى الدنيا ابتداءه فانه انشأ آدم وحواء وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ثم يميتهم عند انتهاء آجالهم { ثم يعيده } تذكير الضمير باعتبار لفظ الخلق اى ثم يعيدهم فى الآخرة بنفخ صور اسرافيل فيكونون احياء كما كانوا { وهو } اى الاعادة وتذكير الضمير لانها فى تأويل ان يعيدوا لقوله { اهون عليه } اى اسهل وايسر عليه تعالى من البدء بالاضافة الى قدركم ايها الانسان والقياس الى اصولكم والا فهما عليه تعالى سواء انما امره اذا اراد شيا ان يقول له كن فيكون سواء هناك مادة ام لا يعنى ان ابتداء الشئ اشد عند الخلق من اعادته واعادته اهون من ابتدائه فتكون الاية واردة على ما يزعمون فيما بينهم ويعتقدون عندهم والا فما شق على الله ابتداء الخلق ليكون اعادتهم اهون عليه
قال الكاشفى [ اعاده باعتقاد شما آسانترست از ابداء بس جون ابداء اقرار داريد اعاده راجرا منكريد وابداء واعاده نزد قدرت او يكسانست ]
جون قدرت او منزه ازنقصانست ... آوردن خلق وبردنش يكسانست
نسبت بمن وتو هرجه دشوار بود ... در قدرت بر كمال او آسانست
قال بعضهم افعل ههنا بمعنى فعيل اى أهون بمعنى هين مثل الله اكبر بمعنى كبير قال الفرزدق
ان الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتا دعائمه اعز واطول
اى عزيزة طويلة
وفى التأويلات النجمية يعنى الاعادة اهون عليه من البداءة لان فى البداءة كان بنفسه مباشرا للخليقة وفى الاعادة كان المباشر اسرافيل بنفخته والمباشرة بنفس الغير فى العمل اهون من المباشر بنفسه عند نظر الخلق وعنده سواء لان افعال الاغيار ايضا مخلوقة
وفيه اشارة اخرى فى غاية الدقة واللطافة وهى ان الخلق اهون على الله عند الاعادة منهم عند البداءة لان فى البداءة لم يكونوا متلوثين بلوث الحدوث ولا متدنسين بدنس الشركة فى الوجود بان يكونوا شركاء فى الوجود مع الله فلعزتهم فى البداءة باشر بنفسه وخلقهم وفى الاعادة لهو انهم باشر بنفسى غيره انتهى
قال فى القاموس هان هونا بالضم وهو انا ومهانة ذلك وهونا سهل فهو هين بالتشديد والتخفيف واهون { وله } اى لله تعالى { المثل الاعلى } المثل بمعنى الصفة كما فى قوله { مثل الجنة التي ومثلهم فى التوراة } اى(10/341)
ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)
{ ضرب لكم } يا معشر من اشرك بالله { مثلا } بين به بطلان الشرك { من انفسكم } من ابتدائيه اى منتزعا من احوالها التى هى اقرب الامور اليكم واعرفها عندكم يقال ضرب الدرهم اعتبارا بضربه بالمطرقة وقيل له الطبع اعتبارا بتأثير السكة فيه وضرب المثل هو من ضرب الدرهم وهو ذكر شئ اثره يظهر فى غيره والمثل عبارة عن قول فى شئ يشبه قولا فى شئ آخر بينهما مشابهة لتبيين احدهما بالآخر وتصويره
قال ابو الليث نزلت فى الكفار قريش كانوا يعبدون الآلهة ويقولون فى احرامهم لبيك لا شريك لك الاشريك هو لك تملكه وما ملك ثم وصور المثل فقال { هل لكم } [ آياشمارا هست اى ازاد كان ] { من من ملكت ايمانكم } من العبيد والاماء ومن تبعيضية { من شركاء } من مزيدة لتأكيد لانفى المستفاد من الاستفهام { فيما زرقناكم } من الاموال والاسباب اى هل ترضون لانفسكم شركة فى ذلك ثم حقق معنى الشركة فقال { فانتم } وهم اى مما ليككم { فيه } اى فيما رزقناكم { سواء } متساوون يتصرفون فيه كتصرفكم من غير فوق بينكم وبينهم
قال فى الكواشى محل الجملة نصب جواب الاستفهام { تخافونهم } خبر آخر لانتم داخل تحت الاستفهام الانكارى كما فى الارشاد اى تخافون مما ليككم ان يستقلوا وينفردوا بالتصرف فيه { كخيفتكم انفسكم } معنى انفسكم ههنا امثالكم من الاحرار كقوله { ولا تلمزوا انفسكم } اى بعضكم بعضا . والمعنى خيفة كائنة مثل خيفتكم من امثالكم من الاحرار المشاركين لكم فيما ذكروا والمراد نفى مضمون ما فصل من الجملة الاستفهامية اى لا ترضون بان يشارككم فيما بايديكم من الاموال المستعارة مما ليككم وهم عندكم امثالكم فى البشرية غير مخلوقين بل مصنوع مخلوقه بل مصنوع مخلوقه حيث تصنعونه بايديكم ثم تعبدونه
قال الكاشفى نقلا عن بعض التفاسير [ جون حضرت مصطفى عليه السلام اين آيت برصناديد قريش خواند كفتند « كلا والله لا يكون ذلك ابدا » آن حضرت فرمود كه شما بند كان خودرا درمال خود شركت نمى دهيد بس جكونه آفريد كانرا كه بند كان خدا اند درملك او شريك مى سازيد ]
خلق جون بند كان سردرييش ... مانده دربند حكم خالق خويش
جملة همم بنده اند وهم بندى ... نرسد بنده را خداوندى
وفى الآية على ان العبيد لا ملك له لانه اخبر ان لا مشاركة للعبيد فيما رزقنا الله من الاموال وفيه اشارة الى ان الانسان اذا تجلى الله له بانوار جماله وجلاله حيث اضمحل به آثار ظلمات اوصافه لا يكون شر يكاله تعالى فى كمالية ذاته وصفاته بل الكمال فى لحقيقة لله تعالى فلا يحسب احد من اهل التجلى ان الله صار حالا فيه اوصار هو بعضامنه تعالى اوصار العبد حقا او الحق عبدا فمن كبريائه ان لا يكون جزأ لاحد او مثلا ومن عظمته ان لا يكون احد جزاءه ليس كمثله شئ وهو السميع البصر { كذلك } اى مثل ذلك التفصيل الواضح { نفصل الآيات } اى نبين ونوضح دلائل الوحدة لا تفصيلا ادنى منه فان التمثيل تصوير للمعانى المعقولة بصورة المحسوس فيكون فى غاية البيان الايضاح { لقوم يعقلون } يستعملون عقولهم فى تدبر الامور والامثال [ اما جاهلان وستكماران از حقيقت اين سخنها بى خبرند ]
ثم اعرض عن مخاطبتهم وبين استحالة تبعيتهم للحق(10/342)
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30)
{ فأقم وجهك للدين } الاقامة [ برياى كردن وراست كردن ] كما فى تاج المصادر والوجه الجارحة المخصوصة وقد يعبر به عن الذات كما فى قوله { ومن يسلم وجهه } والدين فى الاصل الطاعة والجزاء واستعير للشريعة . والفرق بينه وبين الملة اعتبارى فان الشريعة من حيث انها تملئ وتكستب ملة . والاملال بمعنى الاملاء وهو ان يقول فيكتب آخر عنه واقامة الوحه للدين تمثيل لاقباله على الدين واستقامته واهتمامه بترتيب اسبابه فان من اهتم بشئ محسوس بالبصر عقد عليه طرفه ومد اليه نظره وقوّم له وجهه مقبلا يا محمد للدين الحق الذي هو دين الاسلام وعدله غير ملتفت يمينا وشمالا : وبالفارسية [ يس راست دار اى محمد روى خود دين را ] { حنيفا } اى حال كونك مائلا اليه عن سائر الاديان مستقيما عليه لا ترجع له عنه الى غيره ويجوز ان يكون حالا من الدين
قال فى القاموس الحنيف الصحيح الميل الى الاسلام الثابت عليه
ومن بلاغات الزمخشرى الجودو الحلم حاتمى واحنفى . والدين والعلم حنيفى وحنفى اى الجود منسوب الى حاتم الطائى والحلم الى احنف بن قيس كما ان الدين منسوب الى ابراهيم الحنيف والعلم الى ابى حنيفة رحمه الله
قال بعضهم فى الآية الوجه ما يتوجه اليه وعمل الانسان ودينه مما يتوجه الانسان اليه لتسديده واقامته . فالمعنى اخلص دينك وسدد عملك مائلا اليه عن جميع الاديان المحرفة المنسوخة { فطرت الله } الفطرة الخلقة وزنا ومعنى وقولهم صدقة الفطرة اى صدقة انسان مفطور اى مخلوق فيؤول الى قولهم زكاة الرأس والمراد بالفطرة ههنا القابلية للتوحيد ودينّ الاسلام من غير اباء عنه وانكار له
قال الراغب فطرة الله ما فطر اى ابدع وركز فى الناس من قوتهم على معرفة الايمان وهو المشار اليه بقوله تعالى { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } وانتصابها على الاغراء اى الزموا فطرة الله والخطاب للكل كما يفصح عنه قوله منيبين اليه والافراد فى اقم لما ان الرسول امام الامة فامره مستتبع لامرهم والمراد بلزومها الجريان على موجبها وعدم الاخلال به باتباع الهوى وتسويل الشيطات { التى فطر الناس عليها } صفة لفطرة الله مؤكدة لوجوب الامتثال بالامر فان خلق الله الناس على فطرته التى هى عبارة عن قبولها للحق وتمكنهم من ادراكه او عن ملة الاسلام من موجبات لزومها والتمسك بها قطعاً فانهم لو خلوا وما خلقوا عليه ادى بهم اليها وما اختاروا عليها دينا آخر ومن غوى منهم فباغواء شياطين الانس والجن ومنه قوله عليه السلام حكاية عن ب العزة ( كل عبادى خلقت حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وامروهم ان يشركوا بى غيرى ) والاجتيال بالجيم الجول اى استخفتهم فجالوا معها يقال اجتال الرجل الشئ ذهب به وساقه كذا فى تاج المصادر : قال ابن الكمال فى كتابه المسمى بنكارستان(10/343)
برسلامت زايد ازمادر بسر ... آن سقامت را بذيرد از بدر
صدق محض است اين كه كفتم شاهدش ... درخبر وارد شد از خير البشر
وهو قوله عليه السلام « ما من مولود الا وقد يولد على فطرة الاسلام ثم ابواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة هل تحسون فيها من جدعاء » يعنى [ بنى بريده ] ( حتى تكونوا انتم تجدعونها ) اى تقطعون انفها معناه كل مولود انما يولد فى مبدأ الخلقة واصل الجبلة على الفطرة السليمة والطبع المتهيئ لقبول الدين فلو ترك عليها استمر على لزومها ولم يفارقها الى غيرها لان هذا الدين حسنة موجود فى النفوس وانما يعدل عنه لآفة من الآفات البشرية والتقليد
بدبدان يا ركشت همسر لوط ... خاندان نبوتش كم شد
سك اصحاب كهف ورزى جند ... فى نيكان كرفت ومردم شد
فان ما معنى قوله عليه السلام ( ان الغلام الذى قتله الحضر طبع كافرا ) وقد قال ( كل مولود يولد على الفطرة )
قلت المراد بالفطرة استعداده لقبول الاسلام كما مر وذلك لا ينافى كونه شقيا فى جبليته او يراد بالفطرة قولهم بلى حين اقل الله ألست بربكم
قال النووى لما كان ابواه مؤمنين كان هو مؤمنا ايضا فيجب تأويله بان معناه والله اعلم ان ذلك الغلام لو بلغ لكان كافرا انتهى
ثم لا عبرة بالايمان الفطرى فى احكام الدنيا وانما يعتبر الايمان الشرعى الفطرى فيه محكوم له بحكم ابويه الكافرين كما فى كشف الاسرار
قال بعض الكبار [ هر آدمى كه باشد اورا البته سه مذهب باشد . يكى مذهب بدر ومادر وعوام شهو بود اينست « ما من مولود » الخ . دوم مذهب بادشاه ولايت بودكه اكر بادشاه عادل باشد بيشتر اهل ولايت عادل شوند واكر ظالم باشد واكر زاهد شوند واكر حكيم باشد حكيم شوند واكر حنفى مذهب باشد حنفى شوند واكر شافعى مذهب باشد شافعى شوند ازجهت آنكه همه كس را قرب بادشاه مطلوب باشد وهمه كس طالب ارادت ومحبت بادشاه باشند ابنست معنى « الناس على دين ملوكهم » سوم مذهب با ربود باكه صحبت دوستى مى ورزد هر آينه مذهب او كيرد ومعنى شرط صحبت مشابهت بيرون وموافقت اندرون اينست معنى « المرء على دين خليله » ]
عن المرء لا تسأل وابصر قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدى
ونعم ما قيل
نفس از همنفس بكيرد خوى ... بر حذر باش ازلقاى خبيث
باد جون بر فضاى بد كذرد ... بوى بدكيرد ازهواى خبيث
{ لا تبديل لخلق الله } تعليل للامر بلزوم فطرته تعالى لوجوب الامتثال به اى لا صحة ولا استقامة لتبديل بالاخلال بموجبه وعدم ترتيب مقتضاه عليه بقبول الهوى واتباع وسوسة الشيطان(10/344)
وفى التأويلات النجمية لا تحويل لما له خلقهم فطر الناس كلهم على التوحيد فاقام قلب من خلقه للتوحيد والسعادة وازاغ قلب من خلقه للالحاد والشقاوة انتهى
يقول الفقير عالم الشهادة مرآة اللوح المحفوظ فلصورها تغير وتبدل واما رحم الام فمرآة عالم الغيب ولا تبدل لصورها فى الحقيقة ولذا ( السعيد سعيد فى بطن امه والشقى شقى فى بطن امه )
مشكل آيد خلق را تغيير خلق ... آنكه بالذات است كى زائل شود
اصل طبعست وهمه اخلاق فرع ... فرع لا بد اصل مائل شود
جعلنا الله واياكم من المداوين لمرض هذا القلب العليل لا ممن اذا صدمه الوعظ والتذكير قيل لا تبديل { ذلك } الدين المأمور باقامة الوجه له او لزوم فطرة الله المستفاد من الاغراء او الفطرة ان فسرت بالملة والتذكير بتأويل المذكور او باعتبار الخبر { الدين القيم } المستوى الذى لا عوج فيه وهو وصف بمعنى المستقيم المستوى { ولكن اكثر الناس } كفار مكة { لا يعلمون } استقامته فينحرفون عنه انحرافا وذلك لعدم تدبرهم وتكفرهم(10/345)
مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31)
{ منيبين اليه } حال من الضمير فى الناصب المقدر لفطرة الله اوفى اقم لعمومه للامة وما بينها اعتراض وهو من اناب اذا رجع مرة بعد اخرى . والمعنى الزموا على الفطرة او فاقيموا وجوهكم للدين حال كونكم راجعين اليه تعالى والى كل ما امر به مقبلين عليه بالطاعة [ شيخ ابو سعيد خراز قدس سره فرموده كه انابت رجوع است از خلق بحق ومنيب اورا كويند كه جز حق سبحانه مرجعى نباشد ]
تومر جعى همه را من رجوع باكه كنم ... كرم تودرنبذ يرى كجا روم جه كنم
قال ابن عطاء قدس سره راجعين اليه من الكل خصوصا من ظلمات النفوس مقيمين معه على حد آداب العبودية لا يفارقون عرصته بحال ولا يخافون سواه
قال ابراهيم بن ادهم قدس سره اذا صدق العبد فى توبته صار منيبا لان الانابة ثانى درجة التوبة { واتقوه } اى من خلفه امره وهو عطف على الزموا المقدر { واقيموا الصلوة } ادوها فى اوقاتها على شرائطها وحقوقها
قال الراغب اقامة الشئ توفية حقه ولم يأمر تعالى بالصلاة حيث امر ولا مدح بها حيث مدح الا بلفظ الاقامة تنبيها على ان المقصود منها توفية شرائطها لا الاتيان بهيآتها { ولا تكونوا من المشركين } المبدلين لفطرة الله تبديلا
وقال الكاشفى [ ومباشيد از شرك آرندكان بترك نماز متعمدا خطاب با امت است . درتيسير ازشيخ محمد اسلم طوسى رحمه الله نقل ميكند كه حديثى بمن رسيده كه هرجه ازمن روايت كنند عرض كنيد بركتاب خداى تعالى اكر موافق بود قبول كنيد من اين حديث را كه ( من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر ) خواستم كه بآيتى از قرآن موافقت كنم سى سال تأمل كردم تاين آية يافتم كه ] { واقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين }(10/346)
مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)
{ من الذين فرقوا دينهم } بدل من المشركين باعادة الجار . والمعنى بالفارسية [ مباشيد از آنكه جدا كرده اند وبراكنده ساخته دين خودرا ] وتفريقهم لدينهم اختلافهم فيما يعبدون على اختلاف اهوائهم وفائدة الابدال التحذير عن الاتنماء الى ضرب من اضراب المشركين بيان ان الكل على الضلال المبين { وكانوا شيعا } اى فرقا مختلفة يشايع كل منها اى يتابع امامها الذى هواصل دينها { كل حزب } [ هر كروهى ]
قالف فى القاموس الحزب جماعة الناس { بما لديهم } بما عندهم من الدين المعوج المؤسس على الزيغ والزعم الباطل { فرحون } مسرورون ظنا منهم انه حق وأنى لهم ذلك
هر كسى را درخور مقدار خويش ... هست نوعى خوشدلى دركار خويش
ميكند اثبات خويش ونفى غير ... جه امام صومعه جه ببر دير
اعلم ان الدين عند الله الاسلام من لدن آدم عليه السلام الى يومنا هذا وان اختلفت الشرائع والاحكام بالنسبة الى الامم والاعصار وان الناس كانوا امة واحدة ثم صاروا فرقا مختلفة يهودا ونصارى ومجوسا وعابدى وثن وملك ونجم ونحو ذلك
وقد روى ان امة ابراهيم عليه السلام صارت بعده سبعين فرقة كلهم فى النار الافرقة واحدة وهم الذين كانوا على ما كان عليه ابراهيم فى الاصول والفروع . وان امة موسى عليه السلام صارت بعد احدى وسبعين فرقة كلهم فى النار الا واحدة واحدة كانت على اعتقاد موسى وعمله . وان امة عيسى عليه السلام صارت بعده ثنتين وسبعين فرقة كلهم فى النار الافرقة واحدة وهم الذين كانوا على ما كان عليه رسول الله عليه الصلاة السلام واصحابه وهم الفرقة الناجية
وهذه الفرق الضالة كليات والا فجزئيات المذاهب الزائغة كثيرة لا تحصى كما قال بعضهم [ من درولايت بارس صد مذهب يافتم كه آن صد مذهب باين هفتاد وسه مذهب هيج تعلق ندارد وبهيج وجه باين نماند بس وقتى كه دريك ولايت صد مذهب بادش جز آن هفتاد وسه مذهب نظر كن در عالم جند مذهب بود بدانكه اصل اين هفتاد ودو مذهب كه ازاهل اتش اند شش مذهب است . تشبيه . وتعطيل . وجبر . وقدر . ورفض . وتصب اهل تشبيه خدايرا بصفات ناسزا وصف كردند وبمخلوقات مانند كردند . واهل تعطيل خدايرا منكر شد ندو ونفى صفات خدا كردند . واهل جبر اختيار وفعل بند كانرا منكر شدند وبندكئ خودرا بخداوند اضافت كردند . واهل قدر خدايى خدايرا بخود اضافت كردند خالق افعال خود كفتند . واهل رفض دردوستئ على رضي الله عنه غلو كردند ودرحق صديق وفاروق طعن كردند وكفتند كه هركه بعد از محمد عليه السلام با صديق بيعت نكردند واورا خليفة وامام ندانستد ازدائرة ايمان بيرن رفتند وهريك ازين فرقة شش كانه دوازده فرق شدنج وهفتاد ودو فرقة آمدند .(10/347)
واين مذاهب حالا موجودست وجملة از قران واحاديث ميكويند وهريك اين جنين ميكويند كه از اوّل قرآن تا آخر قرآن بيان مذهب ماست اما مردم فهم نمى كنند . واصل خلاف از آنجا بيدا آمدكه مردمان شنيدند ازانبيا عليهم السلام كه اين مود\جوداترا خداو ندى خست خركسى درخداوند وصفات خداوندى جيزى اعتقاد كردند وجنين كام ن بردنندكه اين جملة دلائل ايشان راست ودرست است وآن كمان ايشان خطابود زيرا جملة را اتفاق هست كله « طريق العقل واحد » جون طريق عقل دونمى شايد هفتاد وسه وبلكه زياده كى روا باشد واين سخن ترابيك حكاية معلوم سود جنانكه هيج شبهت نماند وحكايت آوردندكه شهرى بودكه اهل آن شهر جملة ناينا بود وحكايت ييل شنيده بودند ميخوا ستند كه ييل را مشاهد كنند ودرين آرزو مى بودند ناكاه روزى كاروانى رسيد شهر بيرون آمدند وبنزيك ييل آمدند . يكى ديكردست دراز كرد وباي ييل بدست او آمد جيزى ديد همجون عمادى اين كس اعتقاد كردكه ييل همجون عماد يست جملة شادمان شدندج وباز كشتند وبشهر در آمدند هركسى ملحى خود رفتند . سؤال كردندكه ييل را ديدي كفتند كه ديديم كفتند جكونه ديديد وجه شكل بود . يكى در محلة خود كفت ييل همجون سير بود . وديكر در محلة خود كفت ييل همجون عمود بود واهل هر محلة جنانكه شنيدند اعتقاد كردند . جون جملة بيديكر رسيدند همه خلاف يكديكر كفته بودند جمله يكديكررا منكر شدن ودليل كفتن آغاز كردند هريك باثبات اعتقاد هود ونفى اعتقاد ديكران كرد وآن دليل را دليل عقلى ونقلى نام نهادند . يكى كفت كه ييل را نقل كنندكه در روز جنك بيش لشكرى دارند بايدكه ييل همجون سبرى باشد . وديكر كفت كه نقل ميكنند كه ييل روز جنك خودرا بر لشكر خصم مى زند ولشكر خصم بدين شكست ميشود بس بايدكه ييل همجون عمودى باشد . وديكر كفت كه نقل ميكنندكه ييل هزار من بار بر ميدارد وزحمتى بوى نمى رسد بس بايدكه ييل همجون عمادى باشد . وديكر كفت نقل ميكنندكه جند ين كس برييل مينشيند بس بايدكه ييل همجون تختى باشد . اكنون توباخود انديشه كن كه ايشان بدين دلائل هركز بمدلول كه ييل است كجا رسند وبترتيب اين مقدمات هركز نتيجة راست را كجا يابند جملة عاقلانرا دانندكه هر جندين ازين نزع دليل بيشتر كويند از معرفت ييل دور افتند وهركز بمدلول كه ييل است نرسند واين اختلاف ازميان ايشان بزنخيزد وبلكه زياده شود . جون عنايت حق دررسد ويكى ازميان ايشان بيناشود وييل را جنانكه ييل است بيند وبداند وبايشان كويدكه اين كه شما ازييل حكايت ميكنيد جيزى ازييل دانستيد وباقى ديكر ندانستيد مرا خداى تعالى بينا كردانيد كويند ترا خيالست ودماغ توخلل يافته است وديوانكى ترا زحمت مى دهد واكر نه بينا ما ييم كس سخن بينارا قبول نكند مكرا ندك باقى برهمان جهل مركب اصرار نمايند وازان رجوع نكنند .(10/348)
وآنكه درميان ايشان سخن بينارا شنود وقبول كند وموافقت كند اورا كافر نام نهند « وليس الخبر كالمعاينة » اكنون مذاهب مختلفة را همجون مى دان كه شنيدى اين موجوداترا خداوندى هست وهريك درذات وصفات خداوندى جيزى اعتقاد كردند جون بايكديكر حكايت كردند . بس هركه ازسر انصاف تأمل كند وتقليد وتعصب را بكذارد بيقين داندكه اين جملة اعتقادات نه بدليل نقلى ونه بدليل عقلبى درستست زيزا كه دلائل عقلى ونقلى مقتضئ يك اعتقادات بيش نباشد يس اعتقاد جملة بلا دليل است وجملة مقلد انند واز ملقد كى روا باشدكه ديكريرا كويدكه او كمراه وكافرست زيرا كه درانادانى باهمه باربرند
بس مذهب مستقيم أنست كه دروى تشبيه وتعطيل وجبر وقدر ورفض ونصب نباشد اسلامست ورد مذهب اهل سنت وجماعتست ازجهت آنكه معنى سنت وجماعة آنست سنت رسول وعقيدة الصحابة . واعتقاد صحابة آنست كه خدايكيست . وموصوفست بصفات سزا . ومنزه است ازصفات ناسزا . وذات وصفات اوقد يمست ولا غيره كالواحد من العشرة . واورا ضدّ وند ومثل وشريك وزن وفرزند وحيز ومكان نيست وامكان نداركه باشد . واو ازحيزى نيست وبر جيزى نيست ودر جيزى نيست وبجيزى نيست بكله همه جيزازوى است وقائم بوى است وباقى بوى است . واو ديدنى نيست بجشم سر وديدار اودردنيا جائز نيست ودر آخرت اهل بهشت را هر آينه خواهد بودز وكلام اوقد يمست . واو فاعل مختار ست وخالق خير وشر وكفر وايمانست . وجزوى خالق ديكر نيست . خالق عباد وافعال عبادست . وعباد خالق افعال هود نيستند اما فاعل مختارند . وهيج صفتى زصفات مخلوقات بوى نماند . وهرجه در خاطر ووهم كسى آيد ازخيال وامثال كه وى آنست وى آن نيست وى آفريدكار انست { ليس كمثله شئ } وفعل او ازعلت وغرض باك ومنزه . وهيج جيزى بروى واجب نيست . وفرستادن انبيا ازوى فضل است . وانبيا معصومند وغير انبيا كسى معصوم نيست . ومحمد عليه السلام ختم انياست وبهترين ودانا ترين آدميانست . وبعد از محمد عليه السلام ابو بكر خليفة وامام بحق بود . وبعد از ابو بكر عمر خليفة وامام بحق بود . وبعد ازو عثمان وامامت بعلى تمام شد . واجماع صحابه واجماع علما بعد ازصحابه حجتست . واجتهاد وقياس ازعلما درست است . ودرين جملة كه كفته شد ابو حنيفة وشافعى را اتفاقست ] .
واعلم ان الشيخين الكاملين من طائفة اهل الحق اسم احدها الشيخ ابو الحسن الاشعرى من نسل الصحابى ابى موسى الاشعرى ابو منصور الماتريدى رحمه الله وكل من اعتقد موافقا لمذهب هذا الشيخ يسمونه الماتريديه .(10/349)
ومذهب ابى حنيفة موافق لمذهب الشيخ الثانى وان جاء الشيخ الثانى بعد ابى حنيفة بمدة . ومذهب ابى حنيفة موافق لمذهب الشيخ الاول فى باب الاعتقاد وان جاء بعد الشافعى بمدة والماتريديون حنفيون فى باب الاعمال كما ان الاشاعرة شافعيون فى باب الاعمال والتزام مذهب من المذاهب الحقة لازم لقوله تعالى { اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم } والاحتراز عن المذاهب الباطلة واجب لقوله تعالى { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } وقد نهى عليه السلام عن مجالسة اهل الاهواء والبدع وتبرأ منهم
وفي الحديث « يجيء قوم يميتون السنة ويدغلون فى الدين فعلى اولئك لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس اجمعين »
وقد تفرق اهل التصوف على ثنتى عشرى فرقة فواحدة منهم سنيون وهم الذين اثنى عليهم العلماء والبواقى بدعيون وهم الجلوتية والحالية والاوليائية والشمراخية والحبية والحوارية والاباحية والمتكاسلة والمتجاهلة والواقفية والالهامية
وكان الصحابة رضى الله عنهم من اهل الجذبة ببركة صحبة النبى عليه السلام ثم انتشرت تلك الجذبة فى مشايخ الطريقة وتشعبت الى سلاسل كثيرة حتى ضعفت وانقطعت عن كثير منهم فبقوا رسميين فى صورة الشيوخ بلا معنى ثم انتسب بعضهم الى قلندر وبعضهم الى حيدر وبعضهم الى ادهم الى غير ذلك وفى زماننا هذا اهل الارشاد اقل من القليل . ويعلم اهله بشاهدين احدهما ظاهر والآخر باطن فالظاهر استحكام الشريعة والباطن السلوك على البصيرة فيرى من يقتدى به وهو النبى عليه السلام ويجعله واسطة بينه وبين الله حتى لا يكون سلوكه على العمى
قال بعض الكبار [ هركه درجنين وقت افتدكه اعتقادات بسيار واختلافات بى شمار باشد يادران شهر يادر ولايت دانايى نباشد مذهب مستقيم آنست كه دوازده جيزرا حرفت خود سازدكه اني دوازده جيز حرفت دانا يانست وسبب نور وهدايت . اول آنكه بانيكان صحبت دارد . دوم آنكه فرمان بردارئ ايشان كند . سوم آنكه ازخداى راضى شود . جهارم آنكه باخلق خداى صلح كند نجم آنكه آزارى بخلق نرساند . ششم آنكه اكرتواند راحت راساند ين شش جيزاست معنى « التعظيم لامر الله والشفقة على خلق الله » . هفتم متقى وبرهيزكار وحلال خور باشد . هشتم ترك طمع وحرص كند . نهم آنكه باهيجكس بدنكويد نكر ضرورت وهر كزبخود كمان دانابيى نبرد . دهم آنكه اخلاق نيك حاصل كند . يازدهم آنكه بيوسته برياضات ومجاهدات مشغول باشد . دوازدهم آنكه دعوى باشد وهميشه نيازمندبودكه اصل جملة سعادات وتخم جملة درجات اين دوازده جيزست درهركه اين دوارزده جيزهست مردى ازمردان خدايست ورونده وسالك راه حق ودرهركه اين دوازده جيزنيست اكر صورت عوام دارد لباس خواصست ديواست وكمراه كنندة مردم است ] الخناس الذي يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس
وفى التأويلات النجمية(10/350)
{ ولا تكونوا من المشركين } الملتفتين الى غير الله { من الذين فرقوا دينهم } الذي كانوا عليه فى الفطرة التى فطر الناس عليها من التجريد والتفريد والتوحيد والمراقبة فى مجلس الانس والملازمة للمكالمة مع الحق { وكانوا شيعا } اى صاروا فرقا فريقا منهم مالوا الى نعيم الجنان وفريقا منهم رغبوا فى نعيم الدنيا بالخذلان وفريقا منهم وقعوا فى شبكة الشيطان فساقهم بتزين حب الشهوات الى دركات النيران { كل حزب } من هؤلاء الفرق { بما لديهم } من مشتهى نفوسهم ومقتضى طبائعهم { فرحون } فجالوا فى ميادين الغفلات واستغرقوا فى بحار الشهوات وظنوا بالظنون الكاذبة ان جذبتهم الى ما فيه السعادة الجاذبة فاذا انكشف ضباب وقتهم وانقشع سحاب جهدهم انقلب فرحهم ترحا واستيقنوا انهم كانوا فى ضلالة ولم يعرجوا الا الى اوطان الجهالة كما قيل
سوف ترى اذا انجلى الغبار ... أفرس تحتك ام حمار(10/351)
وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34)
{ واذا مس الناس } [ وجون برسد آدميان يعنى مشر كان مكة را ] { ضر } سوء حال من الرجوع والقحط واحتباس المطر والمرض والفقر وغير ذلك من انواع البلاء
قال فى المفردات المس يقال فى كل ما ينال الانسان من اذى { دعوا ربهم } حال كونهم { منيبين اليه } راجعين اليه من دعاء غيره لعلمهم انه لا فرج عند الاصنام ولا يقدر على كشف ذلك عنهم غير الله { ثم اذا اذاقهم } [ بس جون بجشاند ايشانرا ] { منه } من عنده { رحمة } خلاصا وعافية من الضر النازل بهم وذلك بالسعة والغنى والصحة ونحوها { اذا فريق منهم بربهم يشركون } اى فاجأ فريق منهم بالعود الى الاشراك بربهم الذى عافاهم : وبالفارسية [ آنكاه كروهى ازيشان بيروردكار خود شرك آرند يعنى در مقابلة نجات ازبلا جنين عمل كنند ] وتخصيص هذا الفعل ببعضهم لما ان بعضهم ليسوا كذلك كما فى قوله تعالى { فلما نجاهم الى البر فمنهم مقتصد } اى مقيم على الطريق القصد او متوسط فى الكفر لا نزجاره فى الجملة { ليكفروا بما آتيناهم } اللام فيه للعاقبة والمراد بالموصول نعمة الخلاص والعافية { فتمتعوا } اى بكفركم قليلا الى وقت آجالكم وهو التفات من الغيبة الى الخطاب
وفى كشف الاسرار [ كوى برخوريد وروزكار فراسر بريد ] وقال الكاشفى : يعنى [ اى كافران ان برخوريد دوسه روز از نعمتهاى دينوى ] { فسوف تعلمون } عاقبة فتمتعكم فى الآخرة وهى العقوبة
وفي التأويلات النجمية يشير الى طبيعة الانسان انها ممزوجة من هداية الروح واطاعته ومن ضلالة النفس وعصيانها وتمردها فالناس اذا اظلتهم المحنة ونالتهم الفتنة ومستهم البلية انكسرت نفوسهم وسكنت دواعيها وتخلصت ارواحهم من اسر ظلمة شهواتها ورجعت على وفق طبعها المجبولة عليه الى الحضرة ورجعت النفوس ايضا بموافقة الارواح على خلاف طباعها مضطرين فى دفع البلية الى الله مستغيثين بلطفه مستجيرين من محنهم مستكشفين للضر فاذا جاد عليهم بكشف ما نالهم ونظر اليهم باللطف فيما اصابهم { اذا فريق منهم } وهم النفوس المتمردة يعودون الى عادتهم المذمومة وطبيعتهم الدنيئة وكفران النعمة { ليكفروا بما آتيناهم } من النعمة والرحمة ثم هدّدهم بقوله { فتمتعوا فسوت تعلمون } جزاء ما تعلمون على وفق طباعكم اتباعا لهواكم(10/352)
أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35)
{ ام انزلنا } [ آيا فرستاد ايم ] { عليهم سلطانا } اى حجة واضحة كالكتاب { فهو يتكلم } تكلم دلالة كما فى قوله تعالى { هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق } { بما كانوا به يشركون } اى باشراكهم به تعالى وصحته فتكون ما مصدرية او بالامر الذى بسببه بشركون فى الوهيته فتكون موصوله والمراد بالاستفهام النفى والانكار اى لم ننزل عليهم ذلك
وفيه اشارة الى ان اعمال العباد اذا كانت مقرونة بالحجة المنزلة تكون حجة لهم وان كانت من نتائج طباع نفوسهم الخبيثة تكون حجة عليهم فالعمل بالطبع هوى وبالحجة هدى فقد اعماله الخبيثة طيبة من غير سلطان يتكلم لهم بطيبها ونعوذ بالله من الخوض فى الباطل واعتقاد انه امر تحته طائل
ترسم نرسى بكعبه اى اعرابى ... كين ره كه توميروى بتركستانست(10/353)
وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36)
{ واذا اذقنا الناس رحمة } اى نعمة وصحة وسعة { فرحوا بها } بطرا واشرا لاحمدا وشكرا وغرتهم الحياة الدنيا واعرضوا عن عبودية المولى { وان تصبهم سيئة } اى شدة من بلاء وضيق { بما ضيق ايديهم } اى بشؤم معاصيهم { اذاهم سيئة } فاجأوا القنوط واليأس من رحمة الله تعالى : وبالفارسية [ آنكاه ايشان نوميد وجزع ميكنند يعنى نه شكر ميكذارند در نعمت ونه صبردارند برمحنت ] وهذا وصف الغافلين المحجوبين واما اهل المحبة والارادة فسواء نالوا ما يلائم الطبع او فات عنهم ذلك فانهم لا يفرحون ولا يحزنون كما قال تعالى { لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم } فلما كان بهم من قوة الاعتماد على الله تعالى لا يقنطون من الرحمة الظاهرة والباطنة ويرون التنزلات من التلوينات فيرجعون الى الله بتصحيح بانواع الرياضيات والمجاهدات ويصبرون الى ظهور التمكينات والترقيات
بصبر كوش دلاروز هجر نيست ... طييب سربت تلخ از براى فائدة ساخت(10/354)
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37)
{ أولم يروا } اى ألم ينظروا ولم يشاهدوا { ان الله } الرزاق { يبسط الرزق لمن يشاء } اى يوسعه لمن يرى صلاحه فى ذلك ويمتحنه بالشكر { ويقدر } اى يضيقه لمن يرى نظام حاله فى ذلك ويمتحنه بالصبر ليستخرج منهم بذلك معلومة من الشكر والكفران والصبر والجزع فما لهم لا يشكرون فى السراء ولا يتوقعون الثواب بالصبر فى الضراء كالمؤمنين
قال شقيق رحمه الله كما لا تستطيع ان تزيد فى خلقك ولا فى حياتك كذلك لا تستطيح ان تزيد فى رزقك فلا تتعب نفسك فى طلب الرزق
رزق اكبر بر آدمى عاشق نمى باشد جرا اززمين كندم كريبان جاك مى آيد جرا
{ ان فى ذلك } المذكور من القبض والبسط { لآيات لقوم يؤمنون } فيستدلون بها على كمال القدرة والحكمة : قال ابو بكر محمد بن سابق
فكم قوى قوى فى تقلبه ... مهذب الرأى عنه الرزق ينحرف
وكم ضعيف فى تقلبه ... كأنه من خليج البحر يغترف
هذا دليل على ان الاله له ... فى الخلق سر خفى ليس ينكشف
حكى انه سئل بعض العلماء ما الدليل على ان للعالم صانعا واحدا قال ثلاثة اشياء . ذل اللبيب . وفقر الاديب . وسقم الطيب
قال فى التأويلات النجمية الاشارة الى ان لا يعلق العباد قلوبهم الا بالله لان ما يسوءهم ليس زواله الا من الله وما يسرهم ليس وجوده الا من الله فالبسط الذى يسرهم ويؤنسهم منه وجوده والقبض الذى يسوءهم ويوحشهم منه حصوله فالواجب لزوم بابه بالاسرار وقطع الافكار عن الاغيار انتهى . اذ لا يفيد للعاجر طلب مراده من عاجز مثله فلا بد من الطلب من القادر المطلق الذى هو الحق
قال ابراهيم ابن ادهم قدس سره طلبنا الفقر فاستقبلنا الغنى وطلب الناس الغنى فاستقبلهم الفقر . فعلى العاقل تحصيل سكون القلب والفناء عن الارادات فان الله تعالى يفعل ما يريد على وفق علمه وحكمته
وفى الحديث ( انما يخشى المؤمن الفقر مخافة الآفات على دينه ) فالملحوظ فى كل حال تحقيق دين الله المتعال وتحقيقه انما يحصل بالامتثال الى امر صاحب الدين وقد امر بالتوكيل واليقين فى باب الرزق فلا بد من الائتمار واخراج الافكار من القلب فان من شك فى رازقه فقد شك فى خالقه كما حكى ان معروفا الكرخى قدس سره اقتدى بامام فسأله الامام بعد الصلاة وقال له من اين تأكل يا معروف فقال معروف اصبر يا امام حتى اقضى ما صليت خلفك ثم اجيب فان الشاك فى الرازق شاك فى الخالق ولا يجوز اقتداء المؤمن بالمتزلزل المتردد ولذا قال تعالى { لقوم يؤمنون } فان غير المؤمن لا يعرف الايات ولا يقدر على الاستدلال بالدلالات فيبقى فى الشك والتردد والظلمات
قال هرم لاويس رضى الله عنه اين تأمرنى ان اكون فاومأ الى الشام فقال هرم كيف المعيشة بها ق اويس اف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة اى لان العظة كالصقر لا يصيد الا الحى والقلب الذى خالطه الشك بمثابة الميت فلا يفيده التنبيه نسأل الله سبحانه ان يوقظنا من سنة الغفلة ولا يجعلنا من المعذبين بعذاب الجهالة انه الكريم الرؤف الرحيم(10/355)
فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38)
{ فآت } اعط يا من بسط له الرزق { ذا القربى } صاحب القرابة { حقه } من الصلة والصدقة وسائر المبرات يحتج ابو حنيفة رحمه الله بهذه الاية على وجوب النفقة لذوى الارحام المحارم عند الاحتياج ويقيسهم الشافعي على ابن العم فلا يوجب النفقة الا على النفقة الولد والولدين لوجود الولاد { والمسكين وابن السبيل } ما يستحقانه من الصدقة والاعانة والضيافة فان ابن السبيل هو الضيف كما فى كشف الاسرار
قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان القرابة على قسمين قرابة النسب وقرابة الدين فقرابة الدين امس وبالمراعاة احق وهم الاخوان فى الله والاولاد من صلب الولاية من اهل الارادة الذين تمسكوا باذيال الكابر منقطعين الى الله مشتغلين بطلب الله متجردين عن الدنيا غير مستفزعين بطلب المعيشة فالواجب على الاغنياء بالله القيام باداء حقوقهم فيما كيون لهم عونا على الاشتغال بمواجب الطلب بفراغ القلب والمسكين من يكون محروما من صدق الطلب وهو من اهل الطاعة والعبادة او طالب العلم فمعاونته بقدر الامكان وحسب الحال واجب وابن السبيل وهو المسافر والضيف فحقه القيام بشأنه بحكم الوقت فمن يكون همته فى الطلب اعلى فهومن اقارب ذوى القربى وبايثار الوقت عليه اولى فحقه آكد وتفقده اوجب انتهى
قال فى كشف الاسرار [ قرابت دين سزاوار ترست بمواساة ازقرابت نسب مجرد زيرا كه قرابت نسب بريده كردد وقرابت دين روانيست كه هركز بريده كردد اينست كه مصطفى عليه السلام كفت ( كل نسب وسبب ينقطع الانسبى وسببى ) قرابت دين است كه سيد عالم صلوات الله عليه وسلامه اضافت باخود كردد وديندارز انرا نزديكان وخويشان خود شمر بحكم اين آيت وهركه روى ذكر الله نشيند جنانكه باكسب وتجارب نبردازد وطلب معيشت نكند كما قال تعالى { رجال لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } اورا برمسلمانا حق مواسات واجب شود اورا مراعات كنند ودل وى ازضرورت قد فارغ دارند جنانكه رسول خدا كرد باصحاب سفه وايشان بودندكه درصفة بيغمير وطن دائتند وصفة ييغمبر جاييست بمدينة كه آنر قبا خوانند ازمدينة تا آنجا دوفرسنك است رسول الله خدا روزى ما حضرى درييش داشت وبعضى اهل بيت خويش را كفت ( لا اعطيكم وادع اصحاب الصفة تطوى بطونهم من الجوع ) اين اصحاب صفه جهل تن بودند ازدنيا بيكباركى اعراض كرده وازطلب معيشت برخاسته وباعبادت وذكر الله برداخته وبر فتوح وتجريد روز بسر آورده وبيشترين ايشان برهنه بودند خويشتن را درميان بنهان كرده جون وقت نماز بودى آنكروه كه جامه داشتند نماز كردندى آنكه جامه برديكيران دادندى واصل مذهب تصوف ازايشان كرفته اندازدنيا اعراض كردن وازراه خصومت بر خاستن وبرتوكل زيستن وبيافته قناعت كردن وآز وحرص وشره بكذاشتن ] قال الشيخ سعدى قدس سره(10/356)
بر اوج فلك جون برد جره باز ... كه بر شهيرش بستة سنك آز
ندارند تن بروران آكهى ... كه برمعده باشد زحكمت تهى
{ ذلك } اى ايتاء الحق واخراجه من المال { خير } من الامساك { للذين يريدون وجه الله } اى يقصدون بمعروفهم اياه تعالى خالصا فيكون الوجه بمعنى الذات اوجهة التقرب اليه لاجهة اخرى من الاغراض والاعواض فيكون بمعنى الجهة
قال فى الكشف الاسرار المريد هو الذي يؤثر على نفسه . جنيد قدس الله روحه [ مريديرا وصيت ميكرد وكفت جنان كن كه خلق را بارحمت باشى وخودرا بلا كه مؤمنان ودوستان ازالله بر خلق رحمت اند وجنان كن كه درساية صفات خود نشينى تادريكران درساية تو بياسايند . ذو النون مصرى را يرسيدندكه مريد كيست كفت « المريد يطلب والمراد يهرب » . مريد مى طلبد واز صدهز ارنياز . ومراد مى كريزد واورا صدهز ارناز مريد بادل سوزان . مراد بامقصود بربساط خندان . مر درخبر آو يخته . مراد درعيان آميخته . بيررا برسيدند مريد به يا مراد از حقيقت تفريد جواب داد كه « لا مريد ولا خبر ولا استخبار ولاحد ولا رسم وهو الكل بالكل » اين جنانست كه كويند ]
اين جاى نه عشقت نه شوق نه يار خود جملة تويى خصومت ازره برداد
{ واولئك } [ آن كروه منفقان ] { هم المفلحون } الفائزون المطلوب فى الآخرة حيث حصلوا بما بسط لهم النعيم المقيم . والمعنى لهم فى الدنيا خير وهو البركة فى ما لهم لان اخراج الزكاة يزيد فى المال
زكات مال بدركن كه فضلة رزارا ... جو باغبان ببرد بيشرت دهد انكور
وفى الآخرة يصير لطاعة ربه فى اخراج الصدقة من الفائزين بالجنة
توانكرا جودل ودست كامرانت هست بخور ببخش كه دنيا وآخرت بردى
وعن على رضى الله عنه ان المال حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لا قوام . وكان لقمان اذا امر بالاغنياء يقول يا اهل النعيم لا تنسوا النعيم الاكبر واذا مر بالفقراء يقول اياكم ان تغبنوا مرتين
وعن على رضى الله عنه فرض فى اموال الاغنياء اقوات الفقراء فما جاع فقير الا بما منع غنى والله يسألهم عن ذلك
قال بعضهم اول ما فرض الصوم على الاغنياء لاجل الفقراء فى زمن الملك طهمورث ثالث ملوك بنى آدم وقع القحط فى زمانه فامر الاغنياء بطعام واحد بعد غروب الشمس وبامساكهم بالنهار شفقة على الفقراء وايثارا عليهم بطعام النهار وتعبدا وتواضعا لله تعالى
توانكرانرا وقفست وبذل ومهمانى ... زكاة وفطره واعتاق وهدى وقربانى
توكى بدولت ايشان رسى كه نتوانى ... جزاين دو ركعت وآن هم بصد بر يشانى
شرف نفس بجودست وكرامت بسدود ... هركه ابن هردوندا وعدمش به زوجود(10/357)
وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)
{ وما } [ جيزى وآنجه ] { آتيتم } [ مى دهيد ] { من ربوا } كتب بالواو للتفخيم على لغة من يفخم فى امثاله من الصلوة والزكوة او للتنبيه على اصله لانه من ربا يربوا زاد وزيدت الالف تشبيها بواو الجمع وهى الزيادة فى المقدار بان يباع احد مطعوم او نقد بنقد باكثر منه من جنسه ويقال له ربا الفضل اوفى الاجل بان يباع احدهما الى اجل ويقال له ربا النساء وكلاهما محرم . والمعنى من زيادة خالية من العوض عند المعاملة { ليربوا فى اموال الناس } ليزيدو يزكو فى اموالهم : يعنى [ تازيادتى درمال سود خوران بديد آيد ] { فلا يربو عند الله } لا يزيد عنده ولا يبارك له فيه كما قال تعالى { يمحق الله الربوا } وقال بعضهم المراد بالربا فى الآية هو ان يعطى الرجل العطية او يهدى الهدية ويثاب ما هو افضل منها فهذا ربا حلال جائز ولكن ل يثاب عليه فى القيامة لانه لم يرد به وجه الله وهذا كان حراما للنبى عليه السلام لقوله تعالى { ولا تمنن تستكثر } اى لا تعط ولا تطكلب اكثر مما اعطيت كذا فى كشف الاسرار
يقول الفقير قوله تعالى { من ربوا } يشير الى انه لو قال المعطى للآخذ انا لا اعطى هذا المال اياك على انه ربا وجعله فى حل لا يكون حالا ولا يخرج عن كونه ربا لان ما كان حراما بتحريم الله تعالى لا يكون حلالا بتحليل غيره والى ان المعطى فى الوعيد الا اذا كانت الضرورة قوية فى جانب المعطى فلم يجد بدّا من الاخذ بطريق الرياء بان لا يقرضه احد بغير معاوضة { وما آتيتم من زكوة } مفروضة او صدقة سميت زكاة لانها تزكو وتنمو { تريدون وجه الله } تبتغون به وجهه خالصا اى ثوابه ورضاه لا ثواب غيره ورضاه بان يكون رياء وسمعه { فاولئك هم المضعفون } اى ذووا الاضعاف من الثواب كما قال تعالى { ويربى الصدقات } ونظير المضعف المقوى لذوى القوة والموسر لذوى اليسار او الذين اضعفوا ثوابهم واموالهم ببركة الزكاة وانما قال { فاولئك هم المضعفون } فعدل عن الخطاب الى الاخبار ايماء الى انه لم يخص به المخاطبون بل هو عام فى جميع المكلفين الى قيام الساعة
قال سهل رحمه الله وقع التضعيف لارادة وجه الله به لابايتاء الزكاة وزكاة البدن فى تطهيره من المعاصى وزكاة المال فى تطهيره من الشبهات
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان فى انفاق المال فى سبيل الله تزكية النفس عن لوث حب الدنيا كما كان حال ابى بكر رضى الله عنه حيث تجرد عن ماله تزكية لنفسه كما اخبر الله تعالى عن حاله بقوله { وسيجنبها الاتقى الذ يؤتى ماله يتزكى ومالا حد عنده من نعمة تجزى الابتغاء وجه ربه الاعلى }(10/358)
اى شوقا الى لقاء ربه { فاولئك هم المضعفون } اى يعطون اضعاف ما يرجون ويتمنون لانهم بقدر هممم وحسب نظرهم المحدث يرجون والله تعالى بحسب احسانه وكرمه القديم يعطى عطاء غير منقطع انتهى
واعلم ان المال عارية مستردة فى الانسان ولا احد اجهل ممن لا ينقذ نفسه من العذاب الدائم بما لا يبقى فى يده وقد تكفل الله باعواض المنفق : وفى المثنوى
كفت ييغبر كه دائم بهر بند ... دو فرشته خوش منادى ميكند
كاى خدايا منفقانرا سيردار ... هردرمشانرا عوض ده صد هزار
اى خدايا ممسكانرا درجهان ... تومده الا زيان اندر زيان
كرنماند ازجود دردست تومال ... كى كند فضل الهت يايمال
هركه كارد كردد انبارش تهى ... ليكش اندر مزرعه باشد بهى
وانكه درانبار ماند وصرفه كرد ... اشيش وموش وحواد ثهاش خورد
وفى البستان
بريشان كن امروز كنجبينه جست ... كه فردا كليدش نه در دست تست
تو باخود ببر توشة خويشتن ... كه شفقت نيايد زفرزند وزن
كنون بركف ودست نه هرجه هست ... كه فردا بدنان كزى بشت دست
بحال دل خستكان درنكر ... كه روزى دلت خسته باشد مكر
فروماندكانرا درون شاد كن ... زروز فروماند كى ياد كن
نه خواهندة بر در ديكران ... بشكرانه خواهنده ازدر مران(10/359)
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)
{ الله } وحده { الذى خلقكم } اوجدكم من العدم ولم تكونوا شيأ { ثم رزقكم } اطعمكم ماعشتم ودمتم فى الدنيا
قال فى كشف الاسرار [ يكى را روزى وجودا ارزاقست ويكى راشهود رزاق عامة خلق دريند ورزى وتهى معده اند طعام وشراب ميخواهند واهل خصوص روزئ دل خواهند توفيق طاعات واخلاص عبادات دون همت كسى باشد كه همت وى همه آن نان بود شربتى آب « من كانت همته مايأ كل فقيمته ما يخرج منه » نيكو سخنى كه آن جوانمرد كفت ]
اى توانكر بكنج خرسندى ... زين بخيلان كناره كير وكنار
اين بخيلان عهدما همه بار ... راح خورند ومستراج انبار
{ ثم يميتكم } وقت انقضاء آجالكم { ثم يحييكم } فى النفخة الاخيرة ليجازيكم بما عملتم فى الدنيا من الخير والشر فهو المختص بهذه الاشياء { هل من شركائكم } اللاتى زعمتم انها شركاء الله { من يفعل من ذلكم } اى الخلق والرزق والاماتة والاحياء { من شئ } اى لا يفعل احد شيأ قط من تلك الافعال [ جون ازهيجكدام آن كار نيايدش بتانرا شريك كرفتن نشايد ] ومن الاولى والثانية تفيدان شيوع الحكم فى جنس الشركاء والافعال والثالثة مزيدة لتعميم المنفى وكل منهما مستعملة للتأكيد لتعجيز الشركاء { سبحانه } تنزه بليغا { وتعالى } تعاليا كبيرا { عما يشركون } عن اشراك المشركين
وفى التأويلات النجمية { الله الذي خلقكم } من العدم باخراجكم الى عالم الارواح { ثم رزقكم } استماع كلامه بلا واسطة عند خطابه « ألست بربكم » وهو رزق آذانكم ورزق ابصاركم مشاهدة شواهد ربوبيته ورزق قلوبكم فهم خطابه ودرك مراده من خطابه ورزق ألسنتكم اجابه سؤاله والشهادة بتوحيده { ثم يميتكم } بنور الايمان والايقان والعرفان { هل من شركائكم } من الاصنام والانام { من يفعل من ذلكم من شئ سبحانه وتعالى } منزه بذاته وصفاته { عما يشركون } اعداؤه بطريق عبادة الاصنام واولياؤه بطريق عباده الهوى انتهى
وفى الحديث القدسى « انا اغنى الشركاء عن الشرك » يعنى انا اكثر الشركاء استغناء وذلك لانهم قد يثبت لهم الاستغناء فى بعض الاوقات والاحتياج فى بعضها والله تعالى مستغن فى جميع الاوقات « من عمل عملا اشرك فيه معى غيرى تركته وشركه » بفتح الكاف اى مع شركه والضمير فى تركته لمن يعنى ان المرائى فى طاعته آثم لا ثواب له فيها
قيل الشرك على اقسام اعظمها اعتقاد شريك الله فى الذات ويليه اعتقاد شريك لله فى الفعل كقول من يقول العباد خالقون افعالهم الاختيارية ويليه الشرك فى العبادة وهو الرياء وهذا هو المراد فى الحديث
قال الشيخ ابو حامد رحمه الله اذا كان مع الرياء قصد الثواب راجحا فالذى نظنه والعلم عند الله ان لا يحبط اصل الثواب ولكن ينقص منه فيكون الحديث محمولا على ما اذا تساوى القصدان او يكون قصد الرياء ارجح(10/360)
قال الشيخ الكلا باذى رحمه الله العمل اذا صح فى اوله لم يضره فساد بعد ولا يحبطه شئ دون الشرك لان الرياء هو ما يفعل العبد من اوله ليرائي به الناس ويكون ذلك قصده ومراده عند اهل السنة والجماعة لقوله تعالى { خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا } ولو كان الامر على ما زعم المتزلة من احباط الطاعات بالمعاصى لم يجز اختلاطها واجتماعها كذا فى شرح المشارق لابن الملك
قال فى الاشباه نقلا عن التاتارخانية لو افتتح الصلاة خالصا لله تعالى ثم دخل فى قلبه الرياء فهو على ما افتتح والرياء انه لو خلا عن الناس لا يصلى ولو كان مع الناس يصلى فاما لو صلى مع الناس يحسنها ولو صلى وحده لا يحسن فله ثواب اصل الصلاة دون الاحسان ولا يدخل الرياء فى الصوم انتهى
فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق الكشف والعيان حتى يلاحظ الله تعالى فى كل فعل باشره من مأمورات ولا يلاحظ غيره من مخلوقاته ألا يرى ان الراعى اذا صلى عند الاغنام لا يلتفت اليها اذ وجودها وعدمها سواء فالرياء لها هواء والله تعالى خلق العبد وخلق القدرة على الحركة ورزقه القيام بامره فما معنى الشركة
اكر جز بحق ميرود جاده ات ... در آتش فشانند سجاده ات
نسأل الله سبحانه وتعالى الخلاص من الاغيار واخراج الملاحظات والافكار من القلب الذى خلق للتوجه اليه والحضور لديه
ترابكو هردل كرده اند امانتدار ... زدزد امانت حق را نكاه دار مخسب(10/361)
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)
{ ظهر الفساد } شاع { فى البر } كالجدب وقلة النبات والربح فى التجارات والريع فى الزراعات والدر والنسل فى الحيوانات ومحق البركات من كل شئ ووقوع الموتان بضم الميم كبطلان الموت الشائع فى الماشية وظهور الوباء والطاعون فى الناس وكثرة الحرق بفتحتين اسم من الاحراق وغلبة الاعداء ووجود الفتن والحرب ونحو ذلك من المضار { والبحر } كالغرق بفتحتين اسم من الاغراق وعمى دواب البحر بانقطاع المطر فان المطر لها كالحكل للانسان واخفاق الغواصين اى خيبتهم من اللؤلؤ فانه يتكوّن من مطر نيسان فاذا انقطع لم ينعقد . وبيانه انه اذا اتى الربيع يكثر هبوب الرياح وترتفع الامواج ويضطرب البحر فاذا كان الثامن عشر من نيسان خرجت الاصداف من قعور بحر الهند وفارس ولها اصوات وقعقعة وبوسط كل صدفة دويبة صغيرة وصفحتا الصدفة لها كالجناحين وكالسور تتحصن به من عدو مسلط عليها وهو سرطان البحر فربما تفتتح اجنحتها تشم الهواء فيدخل السرطان مقصية بينهما ويأكها وربما يتحيل السرطان فى اكلها بحيلة دقيقة وهو ان يحمل فى مقصيه حجر مدورا كبندقة الطين ويراقب دابة الصدف حتى تشق عن جناحيها فيلقى السرطان الحجر بين صفحتى الصدفة فلا تنطبق فيأكلها ففى الثامن عشر من نيسان لا تبقى صدفة فى قعور البحار المعروفة بالدر الا صارت على وجه الماء وتفتحت على وجه وتفتحت على وجه يصير وجه الماء ابيض كاللؤلؤ وتأتى سحابه مطر عظيم ثم تتقشع السحابه وقد وقع فى جوف كل صدفة ما قدر الله تعالى واختار من القطر اما قطرة واحدة واما اثنان واما اثلاث وهلم جرا الى المائة والمائتين وفوق ذلك ثم تنطبق الصداف وتلحم وتموت الدابة التى كانت فى جوف الصدفة فى الحال وترسب الاصداف الى قعر البحر حتى لا يحركها الماء فيفسد ما فى بطناه وتلحم صفحتا الصدفة الحاما بالغا حتى لا يدخل الى الدرة ماء البحر فيصفرها وافضل الدر المتكون فى هذه الاصداف القطرة الواحدة ثم الاثنتان ثم الثلاث وكلما قل العدد كان اكبر جسما واعظم قيمة وكلما كثر العدد كان اصغر جسما وارخص قيمة والمتكون من قطرة واحدة هى الدرة اليتيمة التى لا قيمة لها والاخريان بعدها
زبر افكند قطرة سوى يم ... زصلب او افكند نطفة درشكم
ازان قطره لؤلؤ لا لا كند ... وزين صورتى سروبالا كند
فالصدفة تنقلب الى ثلاثة اطوار فى الاول طور الحيوانية فاذ وقع القطر فيها ماتت الدويبة وصارت فى طور الحجرية ولذلك غاصت الى القرار وهذا طبع الحجر وهو الطور الثانى وفى الطور الثالث وهو الطور النباتى تشرس فى قرار البحر وتمد عروقها كالشجرة ذلك تقدير العزيز العليم ولمدة حملها وانعقادها وقت معلوم وموسم يجتمع فيه الغواصون والتجار لاستخراج ذلك هذا فى البحر .(10/362)
واما فى البر ففى الثامن عشر من نيسان تخرج فراخ الحيات التى ولدت فى تلك السنة وتصر من بطن الارض الى وجهها كالاصداف فى البحر وتفتح افواهها نحو السماء كما فتحت الاصداف فما نزل من قطر السماء فى فمها اطبقت فمها عليه ودخلت بطن الارض فاذا تم حمل الصدف فى البحر وصار لؤلؤا شفافا صار ما دخل فى فم فراخ الحيات داء وسما فالماء واحد والاوعية مختلفة والقدرة صالحة لكل شئ وقد قيل فى هذا المعنى
ارى الاحسان عند الحرّ دينا ... وعند الندل منقصة وذمّا
كقطر الماء فى الاصداف درّا ... وفى جوف الافاعى صار سما
كذا فى خريدة العجائب وفريدة الغرائب للشيخ العلامة ابى حفص الوردى رحمه الله
قال فى التأويلات النجمية يشير الى بر النفس وبحر القلب وفساد النفس باكل الحرام وارتكاب المحظورات وتتبع الشهوات وفساد القلب بالعقائد السوء ولزوم الشبهات والتمسك بالاهواء والبدع والاتصاف بالاوصاف الذميمة وحب الدنيا وزينتها وطلب شهواتها ومنافعها ومن اعظم فساد القلب عقد الاصرار على المخالفات كما ان من اعظم الخيرات صحة العزم على التوجه الى الحق والاعراض عن الباطل انتهى
وايضا البر لسان علماء الظاهر وفساده بالتأويلات الفاسدة . والبحر لسان علماء الباطن وفساده بالدعاوى الباطلة
ماه ناديده نشانها ميدهند ... { بما كسبت ايدى الناس } اى بسبب شؤم المعاصى التى كسبها الناس فى البحر والبحر بمزاولة الايدى غالبا
ففيه اشارة الى ان الكسب من العبد والتقدير والخلق من الله تعالى فالطاعة كالشمس المنيرة تنتشر انوارها فى الآفاق فكذا الطاعة تسى بركاتها الى الاقطار فهى من تأثيرات لطفه تعالى والمعصية كالليلة المظلمة فكما ان الليلة تحيط ظلمتها بالجوانب فكذا المعصية تتفرق شآمتها الى الاقارب والاجانب فهى من تأثيرات قهره تعالى
واول فساد ظهر فى البر قتل قاببل اخاه هابيل . وفى البحر اخذ الجلندى الملك كل سفينة غصبا وفى المثل اظلم من اين الجلندى بزيادة ابن كما فى انسان العيون وكان من اجداد لحاج بينه وبينه سبعون جدا وكانت الارض خضرة معجبة بنضارتها لا يأتى ابن آدم شجرة الاوجد عليها ثمرة وكان ماء البحر عذبا وكان لا تقصد الاسود البقر فلما وقع قتل المذكور تغيير ما على الارض وشاكت الاشجار اى صارت ذات وصار ماء البحر ملحا مرّا جدّا وقصد بعض الحيوان بعضا
وتعلقت شوكة بنبى فلعنها فقالت لا تلعني فانى ظهرت من شؤم ذنوب الآدميين يقول الفقير
جون عمل نيكو بود كلها دمد ... جونكه زشت آيد برويد خارزار
كر بد وكرنيك باشد كارتو ... هوجه كارى بد روى آنجام كار
{ ليذيقهم بعض الذى عملوا } اللام للعلة والذوق وجود الطعم بالفم وكثر استعماله فى العذاب يعنى افسد الله اسباب بسوء صنيعهم ليذيقهم بعض جزاء ما عملوا من الذنوب والاعراض عن الحق ويعذبهم بالبأساء والضراء والمصائب وانما قال بعض لان تمام الجزاء فى الآخرة ويجوز ان يكون اللام العاقبة اى كان عاقبة ظهور الشرور منهم ذلك نعوذ بالله من سوء العاقبة { لعلهم يرجعون } عما كانوا عليه من الشرك والمعاصى والغفلات وتتبع الشهوات وتضييع الاوقات الى التوحيد والطاعة وطلب الحق والجهد فى عبوديته وتعظيم الشرع والتأسف على ما فات وهذا كقوله تعالى { ولقد اخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون } اى يتعظون فلم يتعظوا ففيه تنبيه على ان الله تعالى انما يقضى بالجدوبة ونقص الثمرات والنبات لطفا من جنابه فى رجوع الخلق عن المعصية(10/363)
بارها بوشد بى اظهار فضل ... باز كيرد ازبى اظهار عدل
تايشمان ميشوى ازكار بد ... تاحيا دارى زالله الصمد
اعلم ان الله تعالى غير بشؤم المعصية اشياء كثيرة . غير صورة ابليس واسمه وكان اسمه الحارث وعزايل فسماه ابليس . وغير لون حام بن نوح بسبب انه نظر الى سوءة ابيه فضحك وكان ابوه نوح نائما فاخبر بذلك فدعا عليه فسوده الله تعالى فتولد منه الهند والحبشة . وغير الصورة على قوم موسى فصيرهم قردة وعلى قوم عيسى فصيرهم خنازير . وغير ماء القبط ومالهم فصيرهما دما وحجرا . وغير العلم على امية بن ابى الصلت وكان من بلغاء العرب حيث كان نائما فاتاه طائر وادخل منقاره فى فيه فلما استيقظ نسى جميع علومه . وغير اللسان على رجل بسبب العقوق حيث نادته والدته فلم يجب فصار اخرس . وغير الايمان على برصيصا بسبب شرب الخمر والزنى بعد ما عبد الله تعالى مائتين وعشرين سنة الى غير ذلك
وقد قال كعب الاحبار لما اهبط الله تعالى آدم عليه السلام جاءه ميكائيل بشئ من حب الحنطة وقال هذا رزقك ورزق اولادك قم فاضرب الارض وابذر البذر قال ولم يزل الحب من عهد آدم الى زمن ادريس عليهما السلام كبيضة النعام فلما كفر الناس نقص الى بيضة الدجاجة ثم الى بيضة الحمامة ثم الى قدر البندقية وكان فى زمن عزيز عليه السلام على قدر الحمصة
وقد ثبت فى الاحاديث الصحيحة ان ظهور الفاحشة فى قوم واعلانها سبب لفشوّ الطاعون والاوجاع
ونقص الميزان والمكيال سبب للقحط وشدة المؤوتة وجوز السلطان
ومنع الزكاة سبب لانقطاع المطر ولولا البهائم لم يمطروا
ونقض عهد الله وعهد رسوله سبب لتسلط العدو
واخذ الاموال من ايدى الناس وعدم حكم الائمة بكتاب الله سبب لوقوع السيف والقتال بين الناس
واكل الربا سبب للزلزلة والخسف فضرر البعض يسرى الى الجميع ولذا يقال من اذنب ذنبا فجميع الخلق من الانس والدواب والوحوش والطيور والذر خصماؤه يوم القيامة فلا بد من الرجوع الى الله تعالى بالتوبة والطاعة والاصلاح فان فيه الفوز والفلاح
قال ذو النون المصرى قدس سره رأيت رجلا احدى رجليه خارجه من صومعته يسيل منها الصديد فسألته عن ذلك فقال زارتنى امرأة فنامت بجنب صومعتى فجملتنى نفسى على ان انزل عليها بالفجور فساعدتنى احدى رجلى دون الاخرى فحلفت ان لا تصحبنى ابدا وهذا حقيقة التوبة والندامة نسأل الله العفو والعافية والسلامة
توبة كردم حقيقت باخدا ... نشكنم تاجان شدن ازتن جدا
كذا فى المثنوى نقلا عن لسان نصوح(10/364)
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42)
{ تل } يا محمد { سيروا } ايها المشركون وسافروا { فى الارض } فى ارض الامم المعذبة { فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل } اى آخر من كان قبلكم والنظر على وجهين يقال نظر اليه اذا نظر يعينه ونظر فيه اذا تفكر بقلبه وههنا قال فانظروا ولم يقل اليه اوفيه ليدل على مشاهدة الآثار ومطالعة الاحوال { كان اكثرهم مشركين } اى كان اكثر الذين من قبل مشركين فاهلكوا بشركهم وهو استئناف للدلالة على ان ما اصابهم لفشوّ الشرك فيما بينهم او كان الشرك فى اكثرهم ومادونه من المعاصى فى قليل منهم فاذا اصابهم العذاب بسبب شركهم ومعاصيهم فليحذر من كان على صفتهم من مشركى قريش وغيرهم ان اصروا على ذلك(10/365)
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43)
{ فاقم } عدل يا محمد { وجهك للدين القيم } البليغ الاستقامة الذى ليس فيه عوج اصلا وهو دين الاسلام وقد سبق معنى اقامة الوجه للدين فى هذه السورة { من قبل ان يأتى يوم } يوم القيامة { لا مرد له } لا يقدر احد على رده ولا ينفع نفسا ايمانها حينئذ { من الله } متعلق بيأتى او بمرد لانه مصدر على معنى لا يرده الله تعالى لتعلق ارادته القديمة بمجيئة وقد وعد ولا خلف فى وعده { يومئذ } اى يوم القيامة بعد محاسبة الله اهل الموقف { يصدعون } اصله يتصدعون فادغمت التاء فى الصاد وشددت . والصدع وهو الانشقاق فى الرأس من الوجع ومنه الصديع للفجر لانه ينشق من الليل والمعنى يتفرقون فريق فى الجنة وفريق فى السعير كما(10/366)
مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44)
{ من } [ هركه ] { كفر } بالله فى الدنيا { فعليه } لا على غيره { كفره } وبال كفره وجزاؤه وهو النار المؤبدة { ومن } [ وهركه ] { عمل صالحا } وحده . وعمل بالطاعة الخالصة بعد التوحيد : وبالفارسية [ كار ستوده كند ] { فلانفسهم } وحدها { يمهدون } اصل المهد اصلاح المضجع للصبى ثم استعير لغيره كما فى كشف الاسرار يسوّون منزلا فى الجنة ويفرشون ويهيئون : وبالفارسية [ خويشتن را نشتكاه سازد دربهشت وبساط مى كستراند ] ومن التمهيد تمهيد المضاجع في القبور فان بالعمل الصالح يصلح منزل القبر ومأوى الجنة
يروى ان بعض اهل القبور فى برزخ محمود مفورش فيه الريحان وموسد فيه السندس والاستبرق الى يوم القيامة وفى الحديث « ان عمل الانسان يدفن معه فى قبره فان كان العمل كريما اكرم صاحبه وان كان لئيما اسلمه » اى ان كان عملا صالحا آنس صاحبه وبشره ووسع عليه قبره ونوره وحماه من الشدائد والاهوال وان كان عملا سيئا فزع صاحبه وروّعه واظلم عليه قبره وضيقه وعذبه وخلى بينه وبين الشدائد والاهوال والعذاب والوبال
برك عيشى بكور خويش فرست ... كس نيارد زيس زييش فرست(10/367)
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (45)
{ ليجزى الذين آمنوا } به فى الدنيا { وعملوا الصالحات } وهى ما اريد به وجه الله تعالى ورضاه { من فضله } [ ازبخشش خود ] متعلق بيجزى وهو متعلق بيصدعون اى يتفرقون بتفريق الله تعالى فريقين ليجزى كلامنهما بحسب اعمالهم وحيث كان جزاء المؤمنين هو المقصود بالذات ذلك فى معرض الغاية وعبر عنه بالفضل لما ان الاثابة عند اهل السنة بطريق التفضيل لا الوجوب كما عند المعتزلة واشير الى جزاء الفريق الآخر بقوله { انه لا يحب الكافرين } فان عدم محبته تعالى كناية عن بغضه الموجب لغضبه المستتبع للعقوبة لا محالة
قال بعضهم [ دوست نميدارد كافر انرا تابا مؤمنان جمع كند بلكه ايشانرا جدا ساخته بدوزخ فرستد ] روى ان الله تعالى قال لموسى عليه السلام ما خلقت النار بخلامنى ولكن اكره ان اجمع اعدائى واوليائى فى دار واحدة نسأل الله تعالى دار اوليائه ونستعيذ به من دار اعدائه
وفى التأويلات اشارات منها ان النظر بالعبرة من اسباب الترقى فى طريق الحق وذلك ان بعض السلاك استحلوا بعض الاحوال فسكنوا اليها وبعضهم استحسنوا بعض المقامات فركنوا اليها فاشركوا بالالتفات الى ما سوى الحق تعالى فمن نظر من اهل الاستعداد الكامل الى هذه المساكنات والركون الى الملائمات يسير على قدمى الشريعة والطريقة لكى يقطع المنازل المنازل والمقامات ويجتهد فى ان لا يقع فى ورطة الفترات والوقفات كما وقع بعض من كان قبله فحرم من الوصول الى دائرة التوحيد الحقانى
اى برادر بى نهايت در كهيست ... هو كجا كه ميرسى بالله مأيست
ومنها انه لا بد للطالب من الاستقامة وصدق التوجه وذلك بالموافقة بالاتباع دون الاستبداد برأيه على وجه الابتداع ومن لم يتأدب بشيخ كامل ولم يتلقف كلمة التوحيد ممن هو لسان وقته كان خسرانه اتم ونقصانه اعم من نفعه
زمن اى دوست اين يك بند بيذير ... برو فتراك صاحب دولتى كير
كه قطره تا صدف را درنيابد ... نكردد كوهر وروشن نتابد
ومنها ان من انكر على اهل الحق فعليه جزاء انكاره وهو الحرمان من حقائق الايمان والله تعالى لا يحب المنكرين اذلوا حبهم لرزقهم الصدق والطلب ولما وقعوا بالخذلان فى الانكار والكفر
مغزرا خالى كن ازانكار يار تاكه ريحان يابد ازكلز اريار
وفى الحديث « الاصل لا يخطئ » وتأويله ان اهل الاقرار يرجع الى صفات اللطف واهل الانكار الى صفات القهر لان اصل خلقة الاول من الاولى والثانى من الثانية شراب داد خدا مرمرا وسركه ترا جوقسمت است جه جنكست مرمرا وترا
نسأل الله العشق والاشتياق والسلوك الى طريقة العشاق ونعوذ بالله من الزيغ والضلال على كل حال(10/368)
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46)
{ ومن آياته } علامات وحدته وقدرته { ان يرسل الرياح } [ فرو كشايد ازهوا بادها ] اى الشمال والجنوب والصبا فانها رياح الرحمة . واما الدبور فانها ريح العذاب ومنه قوله عليه السلام « اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا »
قال فى القاموس الشمال بالفتح ويكسر ما مهبه بين مطلع الشمس وبنات نعش او من مطلع الشمس الى مسقط النسر الطائر ولا تكاد تهب ليلا . والجنوب ريح تخالف الشمال مهبه من مطلع سهيل الى مطلع الثريا . والصبا ريح تهب مطلع الشمس اذا استوى الليل والنهار ومقابلته الدبور والصبا موصوفة بالطيب والروح لانخفاضها عن برد الشمال وارتفاعها عن حر الجنوب وفى الحديث « الريح من روح الله تأتى بالرحمة وتأتى بالعذاب فلا تسبوها وسلوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها » وكان للمتوكل بيت يسميه بيت مال الشمال فكلما هبت الريح شمالا تصدق بالف درهم وذكر فى سبب مد النيل ان الله تعالى يبعث عليه الريح الشمالى فينقلب عليه من البحر فتصير كالسكر له فيزيد حتى يعم البلاد فاذا بلغ حد الردى بعث الله عليه ريح الجنوب فاخرجته الى البحر وليس فى الدنيا نهر يضرب من الجنوب الى الشمال ويمد فى شدة الحر حين تنقص الانهار كلها ويزيد بترتيب وينقص بترتيب المجارى
قال وكيع لولا الريح والذباب لأنتنت الدنيا قيل الريح تموج الهواء بتأثير الكواكب وسيلانه الى احدى الجهات . والصحيح عند اهل الشرع ما ذكر فى الحديث من انها من روح الله
والاشارة ان الله تعالى يرسل رياح الرجاء على قلوب العوام فتكنس قلوبهم من غبار المعاصى وغثاء اليأس ويبشر بدخول نور الايمان ثم يرسل رياح البسط على ارواح الخواص فيطهرها من وحشة القبض ودجنس الملاحظات ويبشرها بدرك الوصال ويرسل رياح التوحيد فتهب على اسرار اخص الخواص ويطهرها من آثار الاغيار ويبشرها بدوام الوصال وذلك قوله تعالى { مبشرات } اى حال كون تلك الرياح مبشرات للخلق بالمطر ونحوه : وبالفارسية [ مزدة دهندكان بباران تابفرياد شمارسد ] { وليذيقكم من رحمته } وهى المنافع التابعة لها والجملة معطوفة على مبشرات على المعنى كأنه قيل ليبشركم بها وليذيقكم { ولتجري الفلك } فى البحر بسوق الرياح { بامره } فالسفن تجرى بالرياح والرياح بامر الله فهى فى الحقيقة جارية بامره
وفى الاسرار المحمدية لا تعتمد على الريح فى استواء السفينة وسيرها وهذا شرك فى توحيد الافعال وجهل بحقائق الامور ومن انكشف له امر العالم كما هو عليه علم ان الريح لا يتحرك بنفسه بل له محرك الى ان ينتهي الى المحرك الاول الذى لا محرك له ولا يتحرك هو فى نفسه ايضا بل هو منزه عن ذلك وعما يضاهيه سبحانه وتعالى { ولتبتغوا من فضله } يعنى تجارة البحر
وفيه جواز ركوب البحر للتجارة وقد سبق شرائطه فى آخر الجلد الثانى
سود دريانيك بودى كرنبودى بيم موج ... صحبت كل خوش بدى كرنيستى تشويش حار
ومن الابيات المشهورة للعطار قدس سره
بدريا در منافع بى شمارست ... ارك خواهى سلامت در كنارست
{ ولعلكم تشكرون } وتشكروا نعمة الله فيما ذكر من الغايات الجليلة فتوحدوه وتطيعوه
مكن كردن از شكر منعم مييسج كه روز بسين سربر آرى بهيج
ثم حذر من اخل بموجب الشكر(10/369)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)
{ ولقد أرسلنا من قبلك رسلا الى قومهم } كما ارسلناك الى قومك { فجاؤهم بالبينات } الباء تصلح للتعدية والملابسة اى جاء كل رسول قومه بما يخصه من الدلائل الواضحة على صدقة فى دعوى الرسالة كما جئت قومك بالبراهين النيرة { فانتقمنا من الذين اجرموا } النقمة العقوبة ومنها الانتقام وهو بالفارسية [ كينه كشيدن ] والفاء فصيحة اى فكذبوهم فانتقمنا من الذين اجرموا من الجرم وهو تكذيب الانبياء والاصرار عليه اى عاقبناهم واهلكناهم وانما وضع الموصول موضع ضميرهم للتنبيه على مكان المحذوف وللاشعار بكونه علة للانتقام { وكان حقا } [ سزاوار ] { علينا } قال بعضهم واجبا وجوب كرم لا وجوب الزام
وفى الوسيط واجبا وجوباهو اوجبه على نفسه
وفى كشف الاسرار هذه كما يقال علىّ قصد هذا الامر اى انا افعله وحقا خبر كان واسمه قوله { نصر المؤمنين } وانجاؤهم من شر اعدائهم ومما اصابهم من العذاب نصر عزيز وانجاء عظيم
وفيه اشعار بان الانتقام للمؤمنين واظهار لكرامتهم حيث جعلوا مستحقين على الله ان ينصرهم وفى الحديث « ما من امرئ مسلم يرد عن عرض اخيه الا كان حقا على الله ان يرد عنه نار جهنم » ثم تلا قوله تعالى { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } حكى عن الشيخ ابى على الرودبارى قدس سره انه ورد عليه جماعة من الفقراء فاعتل واحد وبقى فى علته اياما فمل اصحابه من خدمته وشكوا ذلك الى الشيخ ابى على ذات يوم فخالف الشيخ نفسه وحلف ان لا يتولى خدمته غيره فتولى خدمته بنفسه اياما ثم مات ذلك الفقير فغسله وكفنه وصلى عليه ودفنه فلما اراد ان يفتح رأس كفنه عند اضجاعه فى القبر رآه وعيناه مفتوحتان اليه وقال له يا ابا على لا نصرتك بجاهى يوم القيامة كما نصرتنى فى مخالفتك نفسك
ففى القصة امور . الاول ان احباب الله احياء فى الحقيقة وان ماتوا وانما ينقلون من دار الى دار . والثانى ما اشار اليه النبى عليه السلام بقوله « اتخذوا الايادى عند الفقراء قبل ان تجيئ دولتهم فاذا كان يوم القيامة يجمع الله الفقراء والمساكين فيقال تصفحوا الوجوه فكل من اطعمكم لقمة او سقاكم شربة او كساكم خرقة او دفع عنكم غيبة فخذوا بيده وادخلوه الجنة » والثالث ان الشفاعة من باب النصرة الالهية
وفى الآية تبشير للنبىعليه السلام بالظفر فى العاقبة والنصر على من كذبه وتنبيه للمؤمنين على ان العاقبة لهم لانهم هم المتقون وقد قال تعالى { والعاقبة للمتقين }
سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشة بكيتى دزم نخواهد ماند
وفى التأويلات النجمية قوله { ولقد ارسلنا من قبلك رسلا الى قومهم } يشير به الى المتقدمين من المشايخ المنصوبين لتربية قومهم من المريجين ودلالتهم بالتسليك الى حضرة رب العالمين { فجاؤهم بالبينات } على لسان التحقيق فى بيان الطريق لاهل التصديق فمن قابلهم بالتصديق وصل الى خلاصة التحقيق ومن عارضهم بالانكار والجحود ابتلاهم بعذاب الخلود فى الابعاد والجمود وذلك قوله { فانتقمنا من الذين اجرموا } اى انكروا { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } المتقربين الينا بان ننصرهم بتقربنا اليهم انتهى اللهم اجعلنا من المنصورين مطلقا ووجهنا الى نحو بابك صدقا وحقا انك انت الناصر المعين ومحول القلوب الى جانب اليقين(10/370)
اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48)
{ الله الذى يرسل الرياح } رياح الرحمة كالصبا ونحوها { فتثير سحابا } يقال ثار الغبار والسحاب انتشر ساطعا وقد اثرته
قال فى تاج المصادر : الانارة [ برانكيختن كرد وشورانيدن زمين وميغ آوردن باد ]
والسحاب اسم جنس يصح اطلاقه على سحاب واحدة وما فوقها
قال فى المفردات اصل السحب الجر ومنه السحاب اما الجر الريح له او لجره الماء . والمعنى فتنشره تلك الرياح وتزعجه وتخرجه من اماكنه : وبالفارسية [ برانكيزد آن بادهان ابررا ] واضاف الاثارة الى الرياح وانما المثير هو الله تعالى لانها سببها والفعل قد ينسب الى سببه كما ينسب الى فاعله { فيبسطه } [ بس خداى تعالى بكستراند سحاب را ] يعنى يجعله متصلا تارة { فى السماء } فى سمتها { كيف يشاء } سائرا وواقفا مسيرة يوم او يومين او اقل او اكثر من جانب الجنوب او ناحية الشمال او سمت الدبور او جهة الصبا الى غير ذلك { ويجعله كسفا } تارة اخرى اى قطعا : بالفارسية : [ باره باره هر قطعه در طرفى ] جمع كسفة وهى قطعة من السحاب والقطن ونحو ذلك من الاجسام المتخلخلة كما فى المفردات { فترى الودق } اى المطر يا محمد ويا من من شأنه الرؤية . قيل الودق فى الاصل ما يكون خلال المطر كانه غبار وقد يعبر به عن المطر { يخرج } بالامر الالهى { من خلاله } فرج السحاب وشقوقه فى التارتين : يعنى [ در وقتى كه متصل است ودر وقتى كه متفرق ]
قال الراغب الخلل فرجة بين الشيئين وجمعه خلال نحو خلل الدار والسحاب وقيل السحاب كالغربال ولولا ذلك لافسد المطر الارض روى عن وهب بن منبه ان الارض شكت الى الله عز وجل ايام الطوفان لان الله تعالى ارسل الماء بغير وزن ولا كيل فخرج الماء غضبا لله تعالى فخدش الارض وخددهاك يعنى [ خراشيدروى زمين را وسوراخ كردش ] فقالت يا رب ان الماء خددنى وخدشنى فقال الله تعالى فيما بلغنى والله اعلم انى ساجعل للمال غربالا لا يخدّدك ولا يخدشك فجعل السحاب غربال المطر { فاذا اصاب به من يشاء من عباده } الباء للتعدية والضمير للودق . والمعنى بالفارسية [ بس جون بر ساند خداى تعالى بارانرا در اراضى وبلاد هركه خواهد زبندكان خود { اذاهم } [ آنكاه ايشان ] { يستبشرون } [ شادمان وخوشدل ميشوند ] اى فاجأوا الاستبشار والفرح بمجيئ الخصب وزوال القحد(10/371)
وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49)
{ وان } اى وان الشأن { كانوا } اى اهل المطر { من قبل ان ينزل عليهم } المطر { من قبله } اى قبل التنزيل تكرير للتأكيد والدلالة على تطاول عهدهم بالمطر واستحكام يأسهم منه { لمبلسين } اى آيسين من نزوله خبر كانوا واللام فارقة وقد سبق معنى الا بلاس فى اوائل السورة(10/372)
فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)
{ فانظر الى آثار رحمة الله } الخطاب وان توجه نحو النبى عليه السلام فالمراد به جميع المكلفين والمراد برحمة الله المطر لانه انزله برحمته على خلقه . والمعنى فانظروا الى آثار المطر من النبات والاشجار وانواع الثمار والازهار والفاء للدلالة على سرعة ترتب هذه الاشياء على تنزيل المطر { كيف يحيى } اى الله تعالى { الارض } بالآثار { بعد موتها } اى يبسها
قال فى الارشاد كيف الخ فى حيز النصب بنزع الخافض وكيف معلق لانظراى فانظروا الى الاحياء البديع للارض بعد موتها والمراد بالنظر التنبيه على عظيم قدرته وسعة رحمته مع ما فيه من تمهيد امر البعث { ان ذلك } العظيم الشأن الذى قدر على احياء الارض بعد موتها ابدانهم من القوى الحيوانية كما ان احياء الارض احياء لمثل ما كان فيها من القوى النباتية { وهو على كل شى قدير } اى مبالغ فى القدرة على جميع الاشياء التة من جملتها احياء قالب الانسان بعد موته فى الحشر ومن احياء قلبه بعد موته فى الدنيا لان نسبة قدرته الى جميع الممكنات على سواء رجع كل شئ الى قدرته فلم يعظم عليه شئ فقدره الله الكاملة بخلاف قدرة العبد فانها مستفادة من قدرة الله تعالى
تعالى الله زهى قيوم ودانا توانايى ده هر ناتوانا
وسيجئ ان الانسان خلق من ضعف فالله تعالى اقدره وقواه
اعلم ان الله سبحانه زين الارض بآثار قدرته وانوار فعله وحكمته فانبت الخضرة واضاء الزهر وتجلى فى صورها لا عين العارفين الذين شاهدوا الله تعالى بنعت الحسن ولذا قال الشيخ المغربى
مغربى زان ميكند بكلشن كاندر او هرده را رنكى وبويى هست رنك وبوى اوست
وسأل بنوا اسرائيل موسى عليه السلام هل يصبغ ربك قال نعم يصبغ الوان الثمار والرياحين الاحمر والاصفر والابيض والصباغ يقدر بان يسود الابيض ولا يقدر بان يبيض الاسود والله تعالى يبيض الشعر الاسود والقلب الاسود ومن احسن من الله صبغة
خرج او حفص قدس سره الى البستان ائتمان بقوله تعالى { فانظر الى آثار رحمة الله } فاضافة مجوسى فى بستان له فلما علم ان قلوب اصحابه نظرت الى بستان المجوسى قال اقرأوا { كم تركوا من جنات وعيون } الآية ولما اراد ان يخرج ابو حفص اسلم المجوسى وثمانية عشر من اولاده واقربائه فقال ابو حفص اذا خرجتم لاجل التفرج فاخرجوا هكذا اشار قدس سره الى ان هذا الخروج ليس مع النفس والهوى والا لم يكن له اثر محمود
ثم انه يلزم للإنسان ان ينظر بعين ظاهره الى زهرة الدنيا وبعين قلبه الى فنائها ويعتبر ايام الربيع بانواع الاعتبار وفى الحديث « اذا رأيتم الربيع فاذكروا النشور »(10/373)
اى فان خروج الموتى من القبور كخروج النبات من الارض فيلزم ان يذكره عند رؤية الربيع ويذكر شمس القيامة عند اشتداد الحر وفى الحديث « اذا كان اليوم حارا فاذا قال الرجل الا اله الا الله ما اشد حر هذا اليوم اللهم اجرنى من حرجهنم قال الله تعالى لجهنم ان عبدا من عبيدى استجاربى من حرك وانا اشهدك انى قد اجرته واذا كان اليوم شديد البر فاذا قال العبد لا اله الا الله ما اشد برد هذا اليوم اللهم اجرنى من زمهرير قال الله تعالى ان عبدا من عبى استجاربى من زمهريرك وانى اشهدك انى قد اجرته » قالوا وما زمهرير جهنم قال « بيت يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة برده » اى يتفرق ويتفسخ . وينبغي ان يذكر بكاء العصاة على الصراط عند رؤية نزول المطر من السماء
قالت رابعة القيسية ما سمعت الاذان الا ذكرت منادى يوم القيامة وما رأيت الثلوج الا ذكرت تطاير الكتب وما رأيت الجراد الا ذكرت الحشر . وان يذكر حمرة وجوه المشتاقين عند رؤية الريحان الاحمر . وبياض وجه المؤمنين عند رؤية الابيض . وصفرة وجوه العصاة عند رؤية الاصفر . وغبرة وجوه الشبان والنسوان الحسان فى القبر بعد سبعة ايام عند رؤية الريحان الا كهب وهو ماله لون غبرة
وفى كشف الاسرار [ كل زرد طبيبى است براى شفاى عالم واو وخود بيمار . كل سييد كويى ستم رسيده ايست ازدست روزكار جوانى بباد داده وعمر رسيده بكنار دروقت اعتدال سال دو آفتاب بر آيد يكى بردل تابددل افروخته كردد جون كل شكفته شد بلبل برو عاشق شود دل كه افروخته شد نظر خالق درو حاضر بود . كل باخر بريزد بلبل درهجراو ماتم كيرد . دل كربماند حق تعالى اورا در كنف الطاف وكرم كيرد : قلب المؤمن لا يموت ابدا ]
جشمى كه تراديد شد از درد معاف جانى كه ترا يافت شد ازمرك مسلم
وخرج ابن السماك قدس سره ايام الربيع فنظر الى الانوار فصاح وقال يامنور الاشجار بانواع الانوار نور قلوبنا بذكرك وحسن طاعتك
وبعض الصالحن كانوا يبكون ايام الربيع شوقا الى الله تعالى ومنهم من يبكى خوفا من الفراق حكى ان الشيخ الشلبى قدس سره خرج يوما فوجده اصحابه تحت شجرة يبكى فقيل له فى ذلك قال مررت بهذه الشجرة فقطع منها غصن الارض وهو بعد اخضر لا خبر له بقطعه من اصله فقلت يا نفس ماذا انت صانعة ان لو قطعت من الحق ولا علم لك بذك فجلس اصحابه يبكون
ويقال الربيع يدل على نعيم الجنة وراحتها والانسان الكامل فى الربيع يظهر تأسفا وحسرة فلا يدرى سبب ذلك وذلك ان الارواح كلها كانت فى صلب آدم عليه السلام حين كان فى الجنة فاسفت على مفارقتها وجزعت على الخروج منها
ونظر بعض العلماء الى الورد فبكى وقال ان الميت يبكى فى الارض الا بياض عينيه فاذا جاء الربيع وانفتح الورد انشق بياض عينيه واذا تزوجت امرأته انشق قلبه بنصفين
ويقال فى الآية كيف يحيى الارض يعنى نفس المؤمن بعد يبوستها من الطاعات روى فى الخبر ( من احيى ارضا ميتة فهى له ) فالله تعالى احيى نفس المؤمن وقلبه فهو له لا للشيطان كذلك التائب اذا حيى نفسه بالطاعة فهو للجنة لا للنار
ويقال يحيى النفوس بعد فترتها بصدق الارادات ويحيى القلوب بعد غفلتها بانوار المحاضرات ويحيى الارواح بعد حجتها بدوام المشاهدات(10/374)
اموت اذا ذكرت ثم احيى ... فكم احيى عليك وكم اموت
والقلب بستان العارف وجنته وحياته بمعرفة الله تعالى فمن نظر الى انواره استغنى عن العالم وازهاره : وفى المثنوى
صوفئ در باغ از بهر كشاد ... صوفيانه روى بر زانو نهاد
بس فرو رفت او بخود اندر نغول ... شد از صورت خوابش فضول
كه جه بشنكه كفت است انظروا ... سوى اين آثار رحمت آر رو
كفت آثار ش دلست اى بو الهوس ... آن برون آثار آثارست وبس
باغها وميوها اندر دلست ... عكس لطف آن برين آب وكلست
جون حيات ازحق بكيرى اى روى ... بس غنى كردى زكل دردل روى
نسأل الله تعالى ان يفتح بصائرنا لمشاهدة آثار رحمته ومطالعة انوار صفاته ويأذن لنا فى دخول بستان اسرار ذاته والانتقال الى حرم هويته من حريم آياته وبيناته انه مفيض الخير والمراد ومحيى الفؤاد(10/375)
وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51)
{ ولئن أرسلنا ريحا فرأوه } اللام موطئة للقسم دخلت على حرف الشرط والريح ريح العذاب كالدبور ونحوها والفاء فصيحة والضمير المنصوب راجع الى اثر الرحمة المدلول عليه بالآثار دلالة الجمع على واحدة او النبات المعبر عنه بالآثار فانه اسم جنس يعم القليل والكثير . والمعنى وبالله لئن ارسلنا ريحا مضرة حارة او باردة فافسدت زرع الكفارة فرأوه { مصفرا } من تأثير الريح اى قد اصفر بعد خضرته وقرب من الجفاف والهلاك . والاصفرار بالفارسية [ زرد شدن ] والصفرة لون من الالوان التى بين السواد والبياض وهو الى البياض اقرب { لظلوا } اللام لام جواب القسم الساد مسد الجوابين ولذلك فسر الماضى بالاستقبال اى يظلون وظل بالفتح اصله العمل بالنهار ويستعمل فى موضع صار كما فى هذا المقام . والمعنى الفارسية [ هرآينه باشند ] { من بعده } اى بعد على ربهم فان اصابهم خير وخصب لم يشكروا الله ولم يطيعوه وافرطوا فى الاستبشار وان نالهم ادنى شئ يكرهونه جزعوا ولم يصبروا وكفروا سالف النعم ولم يلتجئوا اليه بالاستغفار وليس كذلك حال المؤمن فانه يشكر عند النعمة ويصبر عند المحنة ولا ييأس من روح الله ويلتجئ اليه بالطاعة والاستغفار ليستجلب الرحمة فى الليل والنهار : وفى المثنوى
جون فرود آيد بلا بلاى دافعى ... جون ازتضرع شافعى
جز خضوع وبندكى واضطرار ... اندرين حضرت ندارد اعتبار
جونكه غم بينى تو استغفار كن ... غم بامر خالق آمد كان كن
وفى الآية اشار الى ان ريح الشقاوة الازلية اذا هبت من مهب القهر والعزة على زروع معاملات الاشقياء وان كانت مخضرة اى على وفق الشرع تجعلها مصفرة يابسة تذروها الرياح كاعمال المنافق فيصيرون من بعد الايمان التقليدى بالنفاق يكفرون بالله وبنعمته وهذا الكفر اقبح من الكفر المتعلق بالنعمة فقط نعوذ بالله من درك الشقاء وسوء الحال وسيآت الاقوال والافعال(10/376)
فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52)
{ فانك لا تسمع الموتى } اى من كان من الكفار كما وصفنا فلا تطمع يا محمد فى فهمهم مقالتك وقبولهم دعوتك فانك لا تسمع الموتى . والكفار فى التشبيه كالموتى لانسداد مشاعرهم عن الحق وهم الذين علم الله قبل خلقهم انهم لا يؤمنون به ولا برسله
وفى الآية دليل على ان الاحياء قد تسمون امواتا اذا لم يكن لهم منفعة الحياة
قال امير المؤمنين على كرم الله وجهه مات خزان الاموال وهم احياء والعلماء باقون ما بقى الدهر اجسادهم مفقودة وآثارهم بين الورى موجودة
واعلم ان الكفر موت القلب كما ان العصيان مرضه فمن مات قلبه بالكفر بطل سمعه بالكلية فلا ينفعه النصح اصلا ومن مرض قلبه بالعصيان فيسمع سمعا ضعيفا كالمريض فيحتاج الى المعالجة فى ازالته حتى يعود سمعه الى الحالة الاولى ثم اشار تعالى الى تشبيه آخر بقوله { ولا تسمع الصم } جمع اصم والصمم فقدان حاسة السمع وبه شبه من لا يصغى الى الحق ولا يقبله كما فى المفردات { الدعاء } اى الدعوة : وبالفارسية [ خواندن ] { اذا ولوا } اعرضوا عن الداعى حال كونهم { مدبرين } تاركين له وراء ظهورهم فارين منه وتقييد لحكم باذا الخ لبيان كمال سوء حال الكفرة والتنبيه على انهم احداهما لخصلتى السوء بنبوّ اسماعهم عن الحق واعراضهم عن الاصغاء اليه ولو كان فيهم احدا هما لكفتهم فكيف وقد جمعوهما فان الاصم المقبل الى التكلم ربما يتفطن منه بواسطة اوضاعه وحركات فمه واشارات يد ه ورأسه شيأ من كلامه وان لم يسمعه اصلا واما اذا كان معرضا عنه يعنى : [ كرىكه يشت برمتكلم دارد ] فلا يكاد يفهم منه شيأ ثم اشار الى تشبيه آخر بقوله(10/377)
وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53)
{ وما انت بهاد العمى } جمع اعمى وهو فاقد البصر { عن ضلالتهم } متعلق بالهداية باعتبار تضمنها معنى الصرف سماهم عميا اما لفقدهم المقصود الحقيقى من الابصار او العمى قلوبهم كما فى الارشاد : وبالفارسية [ ونيستى توراه نمايندة كوردلان هئ ايشان يعنى قادر نيستى بر آنكه توفيق ايمان دهى مشر كانرا ] فانهم ميتون والميت لا يبصر شيأ كما لا يسمع شيأ فيكف يهتدى { ان } ما { تسمع } مواعظ القرآن ونصائحه { الا من يؤمن بآياتنا } فان ايمانهم يدعوهم الى التدبر فيها وتلقيها بالقبول . يعنى ان الايمان حياة القلب فاذا كان القلب حيا يكون له السمع والبصر واللسان ويجوز ان يراد بالمؤمن المشارف للايمان اى الامن يشارف الايمان ويقبل عليها اقبالا حقيقاً { فهم مسلمون } تعليل لايمانهم اى منقادون لما تأمرهم به من الحق
وفى التأويلات النجمية مستسلمون لاحكام الشريعة وآداب الطريقة فى التوجه الى عالم الحقيقة انتهى فان الاحكام والآداب كالجناحين للسالك الطائر الى الله تعالى فالمؤمن مطلقا سواء كان سالكا الى طريق الجنان او الى طريق قرب الرحمان يعرض عن النفس والشيطان ويقبل على داعى الحق بالوجه والجنان : قال حضرة الشيخ العطار قدس سره فى الهى نامه
يكى مر غيست اندر كوه يايه ... كه در سالى نهد جل روزخايه
بحد شام باشد جاى اورا ... بسوى بيضه نبود راى اورا
دوبنهد بسضه درجل روزبسيار ... شود از جثنم مردم نابديدار
يكى بيكانه مرغى آيد از راه ... نشيند بر سر آن بيضه آنكاه
جنان آن بيضه درزير آرد ... كه تاروزى از وبجه بر آرد
جنانش برورد آن دايه بيوست ... كه ندهد هيج كس را آندنان دست
جو جوقى بجة اوبر بر آرند ... بيدده روى دريكد يكر آرند
در آيد زود مادر شان بيرواز ... نشيند بر سر كوهى سر افراز
كند بانكى عجب ازدور ناكاه ... كه آن خيل بجه كردند آكاه
دو بنيوشند بانك مادر خويش ... شوند از مرغ بيكانه بر خويش
بسوى مادر خود باز كردند ... وزان مرغ دكر ممتاز كردند
اكر روزى در ابليس مغرور ... كرفته زير برهستى تومعذور
كه دون كردد خطاب خودبديدار ... بسوى قح شود زابليس بيزار
فعلى العاقل ان يرجع الى اصله من صحبة الفروع ويجتهد فى ان يحصل له سمع الروع قبل ان تنسدّ الحواس وينهدم الاساس(10/378)
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)
{ الله } مبتدأ خبره قوله { الذى خلقكم } اوجدكم ايها الانسان { من ضعيف } اى من اصل ضعيف هو النطفة او التراب على تأويل المصدر باسم الفاعل . والضعف بالفتح والضم خلاف القوة وفرقوا بان الفتح لغة تميم واختاره عاصم وحمزة فى المواضع الثلاثة والضم لغة قريش واختاره الباقون ولذا لما قرأه ابن عمر رضى الله عنهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح اقرأه بالضم { ثم } للتراخى فى الزمان { جعل } خلق لانه عدى لمفعول واحد { من بعد ضعف } آخر وهو الضعف الموجود ف الجنين والطفل { قوة } هى القوة التى تجعل للطفل من التحرك واستدعائه اللبن ودفع الاذى عن نفسه بالبكاء
قال بعض العلماء اول ما يوجد فى الباطن حول ثم ما يجر به فى الاعضاء قوة ثم ظهر العمل بصورة البطش والتناول قدرة { ثم جعل من بعد قوة } اخرى هى التى بعد البلوغ وهى قوة الشباب { ضعفا } آخر هو ضعف الشيخوخة والكبر { وشيبة } شيبة الهرم والشيب والمشيب بياض الشعر وبدل عل ان كل واحد من قوله ضعف وقوة اشارة الى حالة غير الحالة الاولى ذكره منكرا والمنكر متى اعيد ذكره معرفا اريد به ما تقدم كقولك رأيت رجلا فقال لى الرجل كذا ومتى اعيد منكرا اريد به غير الاول ولذلك قال ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله { فان مع العسر يسرا } لن يغلب عسر يسرين هكذا حققه الام الراغب وتبعه اجلاء المفسرين
وفى التأويلات النجمية { خلقكم من ضعف } فى البداية وهو ضعف العقل { ثم جعل من بعد ضعف قوة } فى العقل بالبراهين والحجج { ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة } فى الايمان لمن كان العقل عقيله فيعقله بعلاقة المعقولات فينظر فيها بداعية الهوى بنظر مشوب بآفة الوهم والخيال فيقع فى ظلمات الشبهات فتزول قدمه عن صراط والدين القويم فيهلك كما هلك كثير ممن شرع فى تعلم المعقولات لا طفاء نور الشريعة وسعى فى ابطال الشريعة الطبيعة يريدون والتحير فى الطلب { ثم جعل من بعد ضعف قوة } فى الطلب { ضعفا } فى حمل القول الثقيل وهو حقيقة قول لا اله الا الله فانها توجب الفناء الحقيقى وتوجب الضعف الحقيقى فى الصورة بحمل المعاتبات والمعاشقات التى تجرى بين المحبين فانها تورث الضعف والشيبة كما قال صلى الله عليه وسلم ( شيبتنى سورة هود واخراتها ) فان فيها اشارة من المعاشقات بقوله { فاستقم كما امرت } { يخلق } الله تعالى { ما يشاء } من الاشياء التى من جملتها ما ركب من الضعف والقوة والشباب والشيبة . يعنى هذا ليس طبعا بل بمشيئة الله تعالى
وفى التأويلات النجمية { يخلق ما يشاء } من القوة والضعف فى السعيد والشقى فيخلق فى السعيد قوة الايمان وضعف البشرية وفى الشقى قوة البشرية لقبول الكفر وضعف الروحانية لقبول الايمان { وهو العليم } بخلقه { القدير } بتحويله من حال الى حال .(10/379)
وايضا العليم باهل السعادة والشقاوة التقدير بخلق اسباب السعادة والشقاء فيهم
واعلم ان نفس الانسان اقرب الى اعتبار من نفس غيرهم ولذا خبر عن خلق انفسهم فى اطوار مختلفة ليتغيروا ويتقلبوا وينتقلوا من معرفة هذا التغير والتقلب الى معرفة الصانع الكامل بالعلم والقدرة المنزه عن الحدوث والامكان ويصرفوا القوى الى طاعته
قال بعضهم رحم الله امرأ كان قويا فاعمل قوته فى طاهة الله او كان ضعيفا فكف لضعفه عن معصية الله
قيل اذا جاوز الرجل الستين وقع بين قوة العلل وعجز العمل وضعف الامل ووثبة الاجل فلا بد للشبان من دفع الكس وسد الخلل وقد اثنى عليهم رسول الله صلى الله خيرا حيق قال ( اوصيكم بالشبان خيرا ثلاثا فانهم ارق افئدة ألا وان الله ارسلنى شاهدا ومبشرا ونذيرا فخالصنى الشبان وخالفنى الشيوخ ) : يعنى [ وصيت ميكنم شمارا به جوانا نكه بهتراند سه بار زيرا كه ايشان رحيم دل ترند آكاه باشيد خداى تعالى مرا فرستاد شاهد ومبشر ونذير دوستى كردند بامن جوانان ومخالفت كردند ييران ] واثنى على الشيوخ ايضا حيث ( قال من شباب شيبة فى الاسلام كانت له نورا يوم القيامة ما لم يخضبها او ينتفها ) والمراد الخضاب بالسواد فانه حرام لغير الغزاة وحلال لهم ليكونوا هيب فى عين العدو واما الخضاب بالحمرة والصفرة فمستحب ودل قوله { يخلق ما يشاء } على ان الله تعالى لو لم يخلق الشيب فى الانسان ما شاب واما قول الشاعر
اشاب الصغير وافنى الكبير ... ركر الغداة ومر العشى
فمن قبيل الاسناد المجازى
ونظرا بويزيد قدس سره الى المرآة فقال ظهر الشيب ولم يذهب العيب ولا ادرى ما فى الغيب
يا عامر الدنيا على شيبه ... فيك اعاجيب لمن يعجب
ما عذر من يعمر بنيانه ... وجسمه مستهدم يخرب
قال الشيخ سعدى قدس سره
كنون بايد الاى خفته بيدار بود ... جومرك اندر آردزخوابت جه سود
جوشيب اندر آمد بروى شباب ... شبت روز شد ديده بركن زخواب
من آن روز بركندم از عمر اميد ... كه افتادم اندر سياهى سييد
دريغاكه بكذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دمى جند نيز
فرو رفت جم را يكى نازنين ... كفن كرد جون كرمش ابريشمين
يدخمه در آمد بس از جند روز ... كه بروى بكريد بزارى وسوز
جو بوسيده ديديش حرير كفن ... بفكرت جنين كفت باخويشتن
من ازكرم بركنده بودم بزور ... بكندند ازو باز كرمان كور
روى ان عثمان رضى الله عنه كان اذا وقف على قبر بكى حتى تبل لحيته فقيل تذكر الجنة والنار ولا تبكى وتبكى من هذا فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ان القبر اول منزل من منازل الاخرة فان نجا منه فما بعده ايسر منه وان لم ينج منه فما بعده اشد منه ) روى ان الحسن البصرى وحمه الله رأى بنتا على قبر تنوح وتقول يا ابت كنت افرش فراشك فمن فرشه الليلة يا ابت كنت اطعمك فمن اطعمك الليلة الى غير ذلك فقال الحسن لا تقولى كذلك بل قولى يا ابت وضعناك متوجها الى القبلة فهل بقيت او حولت عنها يا ابت هل كان القبر روضة لك من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران يا ابت هل اجبت الملكين على الحق والا فقالت ما احسن قولك يا شيخ وقبلت نصيحته .(10/380)
فعلى العاقل ان يتذكر الموت ويتفكر فى بعد السفر ويتأهب بالايمان والاعمال مثل الصلاة والصيام والقيام ونحوها وافضلها اصلاح النفس وكف الاذى عن الناس بترك الغيبة والكذب وتخليص العمل لله تعالى وذلك يحتاج الى قوة التوحيد بتكريره وتكريره بصفاء القلب آناء الليل واطراف النهار(10/381)
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55)
{ ويوم تقوم الساعة } اى القيامة سميت بها لانها تقوم فى آخر ساعة من ساعات الدنيا او لانها تقع بغتة وبداهة وصارت علما لها بالغلبة كالنجم للثريا والكوكب للزهرة
وفى فتح الرحمن ويوم تقوم الساعة التى فيها القيامة { يقسم المجرمون } يحلف الكافرون يقال اقسم اى حلف اصله من القسامة وهى ايمان تقسم على المتهمين على الدم ثم صار اسما لكل حلف { ما لبثوا } فى القبور وما نافية ولبث بالمكان اقام به ملازما له { غير ساعة } اى الاساعة واحدة وهى جزؤ من اجزاء الزمان استقلوا مدة لبثهم نسيانا او كذبا او تخمينا ويقال ما لبثوا فى الدنيا والاول هو الاظهر لان لبثهم مغيى بيوم البعث كما سيأتى وليس لبثهم فى الدنيا كذلك { كذلك } مثل ذك الصرف : وبالفارسية [ مثل اين بركشتن ازراستى در آخرت ] { كانوا } فى الدنيا بانكار البعث والحلف على بطلانه كما اخبر سبحانه فى قوله { واقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبقه الله } من يموت { يؤفكون } يقال افك فلان اذا صرف عن الصدق والخير اى يصرفون عن الحق والصدق فيأخذون فى الباطل والافك والكذب يعنى كذبوا فى الآخرة كما كانوا يكذبون فى الدنيا : وبالفارسية [ كار ايشان دروغ كفتن است درين سرا ودران سرا ]
واعلم ان الله تعالى خلق الصدق فظهر من ظله الايمان والاخلاص وخلق الكذب فظهر من ظله الكفر والنفاق فانتج الايمان المتولد من الصدق ان يقول المؤمنون يوم القيامة الحمد لله الذى صدقنا وعده وهذا ما وعده وهذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ونحوه وانتج الكفر المتولد من الكذب ان يقول الكافرون يومئذ والله ما كنا مشركين وما لبثوا غير ساعة ونحوه من الاكاذيب : قال الحافظ
بصدق كوش كه خورشيد زايد ازنفست ... كه از دروغ سه روى كشت صبح ونخست
يعنى ان آخر الصدق النور كما ان آخر الصبح الصادق الشمس وآخر الكذب الظلمة كما ان آخر الصبح الكاذب كذلك(10/382)
وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56)
{ وقال الذين اوتوا العلم والايمان } فى الدنيا من الملائكة والانس ردالهم وانكار لكذبهم { لقد } والله قد { لبثتم فى كتاب الله } وهو التقدير الازلى فى ام الكتاب اى علمه وقضائه { الى يوم البعث } [ تاروز انكيختن ] وهو مدة مديدة وغاية بعيدة لا ساعة حقيقة . وفى الحديث « ما بين فناء الدنيا والبعث اربعون » وهو محتمل للساعات والايام والاعوام والظاهر اربعون سنة او اربعون الف سنة ثم اخبروا بوقوع البعث تبكيتالهم لانهم كانوا ينكرونه فقالوا { فهذا } الفاء جواب شرط محذوف شرط محذوف اى ان كنتم منكرين البعث فهذا { يوم البعث } الذى انكرتموه وكنتم توعدون فى الدنيا اى فقد تبين بطلان انكاركم { ولكنكم } من فرط الجهل وتفريط النظر { كنتم } فى الدنيا { لا تعلمون } انه حق سيكون فتستعجلون به استهزاء(10/383)
فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57)
{ فيومئذ } اى يوم القيامة { لا ينفع الذين ظلموا } اى اشركوا { معذرتهم } اى عذرهم وهو فاعل لا ينفع . والعذر تحرى الانسان ما يمحو به ذنوبه بان يقول لم افعل او فعلت لاجل كذا فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا او فعلت ولا اعود ونحو ذلك وهذا الثالث هو التوبة فكل توبة عذر وليس كل عذر توبة واصل الكلمة من العذرة وهى الشئ النجس تقول عذرت الصبى اذا طهرته وازلت عذرته وكذا عذرت فلانا اذا ازلت نجاسة ذنبه بالعفو عنه كذا فى المفردات
وقال فى كشف الاسرار اخذ من العذار وهو الستر { ولا هم يستعتبون } الاعتاب ازالة العتب اى الغضب والغلظة : وبالفارسية [ خوشنود كردن ] والاستعتاب طلب ذلك : يعنى [ ازكسى خواستن كه ترا خوشنود كند ] من قولهم استعتبنى فلان فاعتبته اى استرضانى فارضيته . والمعنى لا يدعون الى ما يقتضى اعتابهم اى ازالة عتبهم وغضبهم من التوبة والطاعة كما دعوا اليه فى الدنيا اذ لا يقبل حينئذ توبة ولا طاعة وكذا لا يصح رجوع الى الدنيا لا درك فائت من الايمان والعمل : قال الشيخ سعدى قدس سره
كنونت كه جشم است اشكى ببار ... زبان دردهانست عذرى بيار
كنون بايدت عذر تقصير كفت ... نه جون نفس زكفتن بخفت
بشهر قيامت مرو تنكدست ... كه وجهى ندارد بحسرت نشست
وفى الآية الى ان القالب للانسان كالقبر للميت فهم يستقصرون يوم البعث ايامهم الدنيوية الفانية المتناهية وان طالت مدتهم بالنسبة الى صباح الحشر فانه يوم طويل
قال عليه السلام « الدنيا ساعة فاجعلها طاعة » واحتضر عابد فقال ما تأسفى على دار الاحزان والغموم والخطايا والذنوب وانما تأسفى على ليلة نمتها ويوم افطرته وساعة غفلت فيها عن ذكر الله
وعن ابن عباس رضى الله عنهما الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة وقد مضى ستة آلاف وليأتينّ عليها مئون من سنين ليس عليها موحد يعنى فرب القيامة فانه حينئذ ينقرض اهل الايمان لما اراد الله من فناء الدنيا ثم ينتهى دور السنبلة وينتقل الظهور الى البطون ثم بعد تمام مدة البرزخ وينفخ فى الصور فيبعث اهل الايمان على ما ماتوا عليه من التوحيد ويبعث اهل الكفر على ما هلكوا عليه من الاشراك وتكون الدنيا ومدتها وما تحويه من الامور والاحوال نسيا منسيا فيا طوبى لمن صام نهاره حتى يطعمه الله فى ذلك اليوم الطويل من نعم جناته ولمن قام طول ليلته فيقيمه الله فى ظل عرشه اراجة له من الكدر لمن وقع فى نار محبته فيخلصه من نار ذلك اليوم ويحيطه بالنور فانه لا يجتمع شدة الدنيا وحدة الآخرة للمؤمن المتقى : قال الشيخ العطار فى الهى نامه(10/384)
مكر يكروز دربازار بغداد ... بغايت آتشى سوزنده افتاد
فغان برخاست ازمردم بيكبار ... وزان آتش قيامت شدبديدار
بزه برييره زالى مبتلايى ... عصا دردست مى آمد زجايى
يكى كفتا مكر ديوانة تو ... كه حق افتاد آتش اندر خانة تو
زنش كفتا تويى ديوانة من ... كه حق هركزنسوزخانة من
بدو كفتندهان اى زال دمساز ... بكو كزجه بدانستى تواين راز
بآخرجون بسوخت عالم جهانى ... نبود آن زال را زآتش زيانى
جنين كفت آنكهى زال فروتن ... كه ياهانه بسوزد يادل من
جوسوخت ازغم دل ديوانة را ... نخواهد سوخت ’آخرهانة را
فعلى العاقل ان يكون على مراد الله فى احكامه واو امره حتى يكون الله تعالى على مراده فى انجائه من ناره والاسترضاء لا يكون الا فى الدنيا فانها دار تكليف فاذا جاء الموت يختم الفم والاعضاء وتنسد الحواس والقوى وطرق التدارك بالكلية فيبقى كل امرئ مرهونا بعمله(10/385)
وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58)
{ ولقد ضربنا للناس فى القرآن من كل مثل } اى وبالله لقد بينالهم كل حال ووصفنا لهم كل صفة كأنها فى غرابتها كالامثال وذلك كالتوحيد والحشر وصدق الرسل وسائر ما يحتاجون اليه من امر الدين والدنيا مما يهتدى به المتفكر ويعتبر به الناظر المتدبر { ولئن جئتهم } [ اكر بيارى تواى محمد عليه السلام بديشان يعنى بمنكران متعاندان ] { بآية } من آيات القرآن الناطقة بامثال ذلك { ليقولن الذين كفروا } من فرط عنادهم وقساوة قلوبهم مخاطبين للنبى عليه السلام والمؤمنين { ان } ما { انتم الا مبطلون } مزوّرون يقال ابطال الرجل اذا جاء بالباطل واكذب اذا جاء بالكذب
وفى المفردات الابطال يقال فى افساد الشئ وازالته حقا كان ذلك الشئ او باطلا قال تعالى { ليحق الحق ويبطل الباطل } وقد يقال فيمن يقول شيأ لا حقيقة له قال تعالى { ان انتم الا مبطلون }(10/386)
كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59)
{ كذلك } اى مثل ذلك الطبع الفظيع { يطبع الله } يختم بسبب اختيارهم الكفر : وبالفارسية [ مهرمى نهد خداى تعالى ] { على قلوب الذين لا يعلمون } لا يطلبون العلم ويصرفون على خرافات اعتقدوها وترهات ابتدعوها فان الجهل المركب يمنع ادراك الحق ويوجب تكذيب المحق
واعلم ان الطبع ان يصور الشئ بصورة ما كطبع السكة وطبع الدراهم وهو اعم من الختم واخص من النقش والطابع والخاتم ما يطبع به ويختتم والطابع فاعل ذلك وبه اعتبر الطبع والطبيعة التى هى السجية فان ذلك هو نقش بصورة ما اما من حيث الخلقة او من حيث العادة وهو فيما ينقش به من جهة الخلقة اغلب وشبه احداث الله تعالى فى نفوس الكفار هيئة تمرنهم وتعودهم على استحباب الكفر والمعاصى واستقباح الايمان والطاعات بسبب اعراضهم عن النظر الصحيح بالختم والطبع على الاوانى ونحوها فى انهما مانعان فان هه الهيئة مانعة عن نفوذ الحق فى قلوبهم كما ان الختم على الاوانى ونحوها مانع عن التصرف فيها ثم استعير الطبع لتلك الهيئة ثم اشقق منه يطبع فيكون استعارة تبعية(10/387)
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)
{ فاصبر } يا محمد على اذاهم قولا وفعلا { ان وعد الله } بنصرتك واظهار دينك { حق } لا بد من انجازه والوفاء به [ نكه داريد وقت كارهارا كه هركارى بوقتى بازيسته است ] { ولا يستخفنك } اى لا يحملنك على الخفة والقلق جزعا
قال فى المفردات لا يزعجنك ولا يزيلنك عن اعتقادك بما يوقعون من الشبه { الذين لا يوقنون } الايقان [ بى كمان شدن ] واليقين اخذ من اليقين وهو الماء الصافى كما فى كشف الاسرار اى لا يوقنون بالايات بتكذيبهم اياها واذاهم باباطيلهم التى من جملتها قولهم ان انتم الا مبطلون فانهم شاكون ضالون ولا يستبدع منهم امثال ذلك فظاهر النظم الكريم وان كان نهيا للكفرة عن استخافة عليه السلام لكنه فى الحقيقة نهى له عن التأثر من استخفافهم على طريق الكناية روى انه لما مات ابو طالب عم النبى عليه السلام بالغ قريش فى الاذى حتى ان بعض سفهائهم نثر على رأسه الشريفة التراب فدخل عليه السلام بيته والتراب على رأسه فقام اليه بعض بناته وجعلت تزيله عن رأسه وتبكى ورسول الله عليه السلام يقول لها « لا تبكى يا بنية فان الله مانع اباك » وكذا او ذى الاصحاب كلهم فصبروا وظفروا وظفروا بالمراد فكانت الدولة لهم دينا ودنيا وآخره : قال الحافظ
دلادر عاشقى ثابت قدم باش ... كه دراين ره نباشد كار بى اجر
وفى التأويلات النجمية وبقوله { فاصبر } يشير الى الطالب الصادق فاصبرعلى مقاساة شدائد فطام النفس عن مألوفاتها تزكية لها وعلى مراقبة القلب عن التدنس بصفات النفس تصفية له وعلى معاونة الروح على بذل الوجود لنيل الجود تحلية له { ان وعد الله حق } فيما قال ( ألا من طلبنى وجدنى ) { ولا يستخفنك الذين لا يوقنون } يشير به الى استخفاف اهل البطالة واستجهالهم اهل الايمان التقليدى يعنى لا يقطعون عليك الطريق بطريق الاستهزاء والانكار كما هو عادة اهل الزمان يستخفون طالبى الحق وينظرون اليهم بنظر الحقارة ويزرونهم وينكرون عليهم فيما يفعلون من ترك الدنيا وتجردهم عن الاهالى والاولاد والاقارب وذلك لانهم لا يوقنون بوجوب طلب الحق تعالى ويجب على طالبى الحق اولا التجريد لقوله تعالى { ان من ازواجكم واولادكم عدوا لكم فاحذروهم } وبعد تجريد الظاهر يجب عليهم التفريد وهو قطع تعلق القلب من سعادة الدارين وبهذين القدمين وصل من وصل الى مقام التوحيد كما قال بعضهم خطوتان وقد وصلت قال الشيخ العطار قد سره
مكرسنك وكلوخى بود درراه ... بدريايى در افتادند ناكاه
بزارى سنك كفتا غرقة كشتم ... كنون باقعر كويم سر كذشتم
كلوخى بى زبان آواز برداشت ... شنود آن راز اوهركو خبر داشت
كه ازمن در دو عالم تن نماندست ... وجودم يك سر سوزن نما ندست
زمن نه جان ونه تن مى توان ديد ... همه درياست روشن مى توان ديد
اكر همرنك دريا كردى امروز ... شوى دروى توهم درشب افروز
وليكن تاتوخواهى بود خود را ... نخواهى بافت جانرا وخردرا(10/388)
وفى المثنوى
آن يكى نحوى بكشتى درنشت ... روبكشيتبان نهاد آن خود برست
كفت هيج ازنحو خواندى كفت لا ... كفت نيم عمر توشد درفنا
دل شكسته كشت كشتيبان زتاب ... ليك اندم كرد خاموش از جواب
باد كشتى را بكردابى فكند ... كفت كشتيبان بآن نحوى بلند
هيج دانى آشنا كردن بكو ... كفت نى از من توسباهى مجو
كفت كل عمرت اى نحوى فناست ... زانكه كشتى غرق اين كردابهاست
محومى بايد نه نحو اينجا بدان ... كر تومحوى بى خطر درآب ران
آب دريا مرده را برسو نهد ... وربود زنده زدر يا كى رهد
جون بمردى تو زاوصاف بشر ... بحر اسرارت نهد بر فرق سر
تم تفسير سورة الروم وما يتعلق بها من العلوم بعون الله ذى الامداد على كافة العباد يوم السبت السادس من شهر الله رجب المنتظم فى شهور سنة تسع ومائة والف من الهجرة(10/389)
الم (1)
{ الم } اى هذه سورة الم
قال بعضهم الحروف المقطعات مبادى السور ومفاتيح كنوز العبر . والاشارة ههنا بهذه الحروف الثلاثة الى قوله انالله ولى جميع صفات الكمال ومنى الغفران والاحسان
وقال بعضهم الالف اشارة الى الفة العارفين واللام الى لطف صنعه مع المحسنين والميم الى معالم محبة قلوب المحبين
وقال بعضهم يشير بالالف الى آلائه وباللام الى لطفه وعطائه وبالميم الى مجده وثنائه فبآلائه رفع الجحد من قلوب الاولياء وبلطف عطائه اثبت المحبة فى اسرار اصفيائه وبمجده وثنائه مستغن عن جميع خلقه بوصف كبريائه
مراورا رسد كبرياء ومنى ... كه ملكش قد يمست وذاتش غنى(10/390)
تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2)
{ تلك } اى هذه السورة وآياتها { آيات الكتاب الحكيم } اى ذى الحكمة لاشتماله عليها او المحكم المحروس من التغيير والتبديل والممنوع من الفساد والبطلان فهو فعيل بمعنى المفعل وان كان قليلا كما قالوا اعقدت اللبن فهو عقيد اى معقد(10/391)
هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3)
{ هدى } من الضلالة وهو بالنصب على الحالية من الآيات والعامل معنى الاشارة { ورحمة } من العذاب
وقال بعضهم سماه هدى لما فيه من الدواعى الى الفلاح والالطاف المؤدية الى الخيرات فهو هدى ورحمة للعابدين ودليل وحجة للعارفين
وفى التأويلات النجمية هدى يهدى الى الحق ورحمة لمن اعتصم به يوصله بالجذبات المودعة فيه الى الله تعالى { للمحسنين } اى العاملين للحسنات والمحسن لا يقع مطلقا الا مدحا للمؤمنين . وفى تخصيص المحسن من يعتصم بحبل القرآن متوجها الى الله ولذا فسر النبى عليه السلام الاحسان حين سأله جبريل ما الاحسان قال ( ان تعبد الله كأنك تراه ) فمن يكون بهذا الوصف يكون متوجهاً اليه حتى يراه ولا بد للمتوجه اليه ان يعتصم بحبله والا فهو منزه عن الجهات فلا يتوجه اليه لجهة من الجهات انتهى .
ولذا قال موسى عليه السلام اين اجدك يا رب قال يا موسى اذا قصدت الى فقد وصلت الى اشارة الى انه ليس هناك شئ من الاين حتى يتوجه اليه
صوفى فغانست كه من اين الى اين ... اين نكته عيانست من العلم الى العين
جامى مكن انديشه زنزديكى ودورى ... لاقرب ولا بعد ولا وصل ولا بين
ثم ان رايد بالحسنات مشاهيرها المعهودة فى الدين(10/392)
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)
{ الذين يقيمون الصلوة } الخ صفة كاشفة للمحسنين وبيان لما عملوه من الحسنات فاللام فى للمحسنين لتعريف الجنس وان اريد بها جميع الحسنات الاعتقادية والعلمية على ان يكون اللام للاستغراق فهو تخصيص لهذه الثلاث بالذكر من بين سائر شعبها لاظهار فضلها على غيرها ومعنى اقامة الصلاة اداؤها وانما عبر عن الاداء بالاقامة اشارة الى ان الصلاة عماد الدين
وفى المفردات اقامة الشئ توفية حقه واقامة الصلاة توفية شرائطها لا الاتيان بهيئتها : يعنى [ شرائط نماز دوقسم است قسمى را شرائط جواز كويند يعنى فرائض وحدود واوقات آن وقسمى را شرائط قبول كريند يعنى تقوى وخشوع واخلاص وتعظيم وحرمت آن قال تعالى { انما يتقبل الله من المتقين } وتاهردو قسم بجاى نيارد معنى اقامت درست نشود ازينجاست كه رب العزة در قرآن هرجا كه بنده را نماز فرمايد ويابنادى مدح كند { اقيموا الصلوة : ويقيمون الصلوة } كويد « صلوا ويصلون » نكويد ]
وفى التأويلات النجمية { يقيمون الصلاة } اى يديمونها بصدق التوجه وحضور القلب والاعراض عما سواه انتهى اشار الى معنى آخر لاقام وهو ادام كما قاله الجوهرى وفى الحديث « ان بين يدى الخلق خمس عقبات لا يقطعها كل ضامر ومهزول » فقال ابو بكر رضى الله عنه ما هى يا رسول الله قال عليه السلام « . اولاها الموت وغصته . وخامستها الصراط ودقته » فلما سمع ابو بكر رضى الله عنه هذه المقالة بكى بكاء كثيرا حتى بكت السموات والملائكة كلها فنزل جبريل وقال يا محمد قل لابى بكر حتى لا يبكى اما سمع من العرب كل داء له دواء الا الموت ثم قال « من صلى صلاة الفجر هان عليه الموت وغصته ومن صلى صلاة العشاء هان عليه الصراط ودقته ومن صلى صلاة الظهر هان عليه القبر وضيقه ومن صلى صلاة العصر هان عليه سؤال منكر ونكير وهيبتها ومن صلى صلاة المغرب هان عليه الميزان وخفته » ويقال من تهاون فى الصلاة منع الله منه عند الموت قول لا اله الا الله { ويؤتون الزكاة } اى يعطونها بشرائطها الى مستحقيها من اهل السنة فان المختار انه لا يجوز دفع الزكاة الى اهل البدع كما فى الاشباه
يقال من منع الزكاة منع الله منه حفظ المال ومن منع الصدقة منع الله منه العافية كما قال عليه السلام « حصنوا اموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة ومن منع العشر منع الله منه بركة ارضه »
وفى التأويلات النجمية { ويؤتون الزكاة } تزكية للنفس . فزكاة العوام من كل عشرين دينارا نصف دينار لتزكية نفوسهم من نجاسة البخل كما قال تعالى { خذ من اموالههم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } فبايتاء الزكاة على وجه الشرع ورعاية حقوق الاركان الاخرى نجاة العوام من النار .(10/393)
وزكاة الخواص من المال لتصفية قلوبهم من صدأ محبة الدنيا . وزكاة اخص الخواص بذل الوجود ونيل المقصود من المعبود كما قال عليه السلام « من كان لله كان الله له » وفى المثنوى
جون شدى من كان الله ازوله ... من ترا باشم كه كان الله له
{ وهم بالآخرة } اى بالدار الآخرة والجزاء على الاعمال سميت آخرها لتأخرها عن الدنيا { هم يوقنون } فلا يشكون فى البعث والحساب [ والايقان فى كمان شدن ] : وبالفارسية [ ايشان بسراى ديكر بى كمانانند يعنى بعث وجزارا تصديق ميكنند ] واعادة لفظة هم للتوكيد فى اليقين بالبعث والحساب ولما حيل بينه وبين خبره بقوله بالآخرة
وفى التأويلات النجمية وهم بالآخرة هم يوقنون لخروجهم من الدنيا وتوجههم الى المولى . والآخرة هى المنزل الثانى لمن يسير الى الله بقدم الخروج من منزل الدنيا فمن خرج من الدنيا لا بد له ان يكون فى الآخرة فيكون موقنابها بعد ان كان مؤمنا بها انتهى
يقول الفقير لا شك عند اهل الله ان الدنيا من الحجب الجسمانية الظلمانية وان الآخرة من الحجب الروحانية النورانية ولا بد للسالك من خرقها بان يتجاوز من سير الاكوان الى سير الارواح ومنه الى سير عالم الحقيقة فانه فوق الاولين فاذا وصل الى الارواح صار الايمان ايقانا والعلم عيانا واذا وصل الى عالم الحقيقة صار العيان عينا والحمد لله تعالى(10/394)
أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)
{ اولئك } المحسنون المتصفون بتلك الصفات الجليلة { على هدى } كائن { من ربهم } اى على بيان منه تعالى بين لهم طريقهم ووفقهم لذلك
قال فى كشف الاسرار [ برراست راهى اند وارهنمونى خداوند خويش { على هدى } بيان عبوديت است و { من ربهم } بيان ربوبيت بعد از كزار ومعاملت وتحصيل عبادت ايشانرا بستود هم باعتقاد سنت همه بكزارد عبوديت هم باقرار ربوبيت ]
وفى الآية دليلعلى ان العبد لا يهتدى بنفسه الابهداية الله تعالى ألا ترى انه قال { على هدى من ربهم } وهورد على المعتزلة فانهم يقولون العبد يهتدى بنفسه
قال شاه شجاع قدس سره ثلاثة من علامات الهدى . والاسترجاع عند المصيبة . والاستكانة عند النعمة . ونفى الامتنان عند العطية { واولئك هم المفلحون } الفائزون بكل مطلوب والناجون من كل مهروب لاستجماعهم العقيدة الحقة والعمل الصالح
قال فى المفردات الفلاح الظفر وادراك البغية وذلك ضربان دنيوى واخروى . فالدنيوى الظفر بالسعادات التى تطيب بها حياة الدنيا : والاخروى اربعة اشياء . بقاء بلا فناء . وغنى بلا فقر . وعز بلا ذل . وعلم بلا جهل ولذلك قيل لا عيش الآخرة ألا ترى الى قوله عليه السلام « المؤمن لا يخلو عن قلة او علة او ذلة » يعنى ما دام فى الدنيا فانها دار البلايا المصائب والاوجاع ودل قوله تعالى { لكيلا يعلم بعد علم شيأ } على ان الانسان عند ارذل العمر يعود الى حال الطفولية من الجهل والنسيان اى اذا كان علمه حصوليا اما اذا كان حضوريا كالعلوم الوهيبة لخواص المؤمنين فإنه لا يغيب ولا يزول عن قلبه ابدا لا فى الدنيا ولا فى برزخه ولا فى آخرته فان ذلك العلم الشريف الوهبى اللدنى ليس بيد العقل الجزئى الذى من شأنه عروض النسيان له عند ضعف حال الشيخوخة ولذا لا يطرأ عليهم العتة بالكبر بخلاف عوام المؤمنين والعلماء غالبا
فعلى العاقل ان يجتهد حتى يدخل فى زمرة اهل الفلاح وذلك بتزكية النفس فى الدنيا والترقى الى مقامات المقربين فى العقبى وهى المقامات الواقعة فى جنات عدن والفردوس فالعاليات انما هى لاهل الهمة العالية نسأ الله تعالى ان يلحقنا بالابرار(10/395)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6)
{ ومن الناس } اى وبعض الناس فهذا مبتدأ خبره قوله { من يشترى } الاشتراء دفع الثمن واخذ المثمن ههنا يستبدل ويختار { لهو الحديث } وهو ما يلهى عما يعنى من المهمات كالاحاديث التى لا اصل لها . والاساطير التى لا اعتداد بها والاضاحيك وسائر ما لا خير فيه من الكلام . والحديث يستعمل فى قليل الكلام وكثيرة لانه يحدث شيأ فشيأ
قال ابو عثمان رحمه الله كل كلام سوى كتاب الله او سنة رسوله او سيرة الصالحين فهو لهو
وفى عرائس البيان الاشارة فيه الى طلب علوم الفلسفة من علم الا كسير والسحر والنيرنجات واباطيل الزنادقة وترهاتهم لان هذه كلها سبب ضلالة الخلق
وفى التأويلات النجمية ما يشغل عن الله ذكره ويحجب عن الله سماعه فهو لهو الحديث
والاضافة بمعنى من التبيينية ان اريد بالحديث المنكر لان اللهو يكون من الحديث ومن غيره فاضيف العام الى الخاص للبيان كأنه قيل من يشترى اللهو الذى هو الحديث وبمعنى من التبعيضية ان اريد به الاعم من ذلك كأنه قيل من يشترى بعض الحديث الذى هو اللهو منه . واكثر اهل التفسير على ان الآية نزلت فى النضر بن الحارث بن كلدة [ مردى كافر دل وكافر كيش بود سخت خصومت بارسول خدا كرد ] قتله رسول الله صبرا حين فرغ من وقعة بدر روى انه ذهب الى فارس تاجرا فاشترى كليلة ودمنة واخبار رستم واسفنديار واحاديث الا كاسرة فجعل يحدث بها قريشا فى انديتهم ولعلها كانت مترجمة بالعربية ويقول ان محمد يحدثكم بعاد وثمود وانا احدثكم بحديث رستم واسفنديار فيستحملون حديثه ويتركون استماع القرآن فيكون الاشتراء على حقيقته بان يشترى بماله كتبا فيها لهو الحديث وباطل الكلام { ليضل } الناس ويصرفهم { عن سبيل الله } اى دينه الحق الموصل اليه وليضلهم ويمنعهم بتلك الكتب المزخرفة عن قراءة كتابه الهادى اليه واذا اضل غيره فقد ضل هو ايضا { بغير علم } اى حال كونه جاهلا بحال ما يشتريه ويختاره او بالتجارة حيث استبدل اللهو بقراءة القرآن { ويتخذها } بالنصب عفطا من ليضل والضمير السبيل فانه مما يذكر ويؤنث اى وليتخذها { هزوا } مهزوءا باه ومستهزأة { اولئك } المصوفون بما ذكر من الاشتراء والاضلال { لهم عذاب مهين } لاهانتم الحق بايثار الباطل عليه وترغيب الناس فيه : وبالفارسية [ عذابى خوار كنندة كه سبى وقتل است دردنيا وعذاب خزى درعقبى ](10/396)
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7)
{ واذا تتلى عليه } اى على المشترى افرد الضمير فيه وفيما بعده كالضمائر الثلاثة الاول باعتبار لفظ من وجمع فى اولئك باعتباره معناه
قال فى كشف الاسرار هذا دليل على ان الآية السابقة نزلت فى النضرين الحارث { آياتنا } اى آيات كتابنا { ولى } اعرض غيرمتعد بها { مستكبرا } مبالغا فى التكبر ودفع النفس عن الطاعة والاصغاء { كأن لم يسمعها } حال من ضمير ولى او من ضمير مستكبرا والاصل كأنه فحذف ضمير الشأن وخففت المثقلة اى مشابها حاله حال من لم يسمعها وهو سامع . وفيه رمز الى ان من سمعها لا يتصور منه التولية والاستكبار لما فيها من الامور الموجبة للاقبال عليها والخضوع لها { كأن فى اذنيه وقرا } حال من ضمير لم يسمعها اى مشابها حاله حال من فى اذنيه ثقل مانع من السماع
قال الشيخ سعدى [ ازانرا كه كوش ارادت كران آفريده است جه كندكه بشنود وانرا كه بكند سعادت كشيده اند دون كندكه نرود ]
قال فى كشف الاسرار [ آدميان دوكر وهند آشنايان وببكانكان آشنايانرا قرآن سبب هدايت است بيكانكانرا سبب ضلالت كما قال تعالى { يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا } بيكانكان جون قرآن شنوند بشت بران كنند وكردن كشند كافر وارجنانكه رب العزة كفت ] { واذا تتلى عليه آياتنا ولى } الخ
دل ازشنيدن قرآن بكيردت همه وقت ... جو باطلان زكلام حقت مالوى جيست
[ آشنايان جون قرآن شنوندبنده وار بسجود درافتند وبادل تازه وزنده دران زارند جنانكه الله تعالى كفت ] { اذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا_@_ }
ذوق سجده در دماغ آدمى ... ديورا تلخى دهد اواز غمى
{ فبشره بعذاب اليم } اى فاعلمه بان العذاب المفرط فى الايلام لاحق به لا محالة وذكر البشارة للتهكم ثم ذكر احوال اضدادهم(10/397)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8)
بقوله { ان الذين آمنوا } بآياتنا { وعملوا الصالحات } وعملوا بموجبها
قال فى كشف الاسرار الايمان التصديق بالقلب وتحقيقه بالاعمال الصالحة ولذلك قرن الله بينهما وجعل الجنة مستحقة بهما قال تعالى { اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } { لهم } بمقابلة ايمانهم واعمالهم { جنات النعيم } [ بهشتهاى بانعمت ناز ويا نعمنهاى بهشت ] كما قال البيضاوى اى نعيم جنات فعكس للمبالغة . وقيل جنات النعيم احدى الجنات الثمان وهى دار الجلال ودار السلام ودار القرار وجنة عدن وجنة المأوى وجنة الخلد الفردوس وجنة النعيم كذا روى وهب بن منبه عن ابن عباس رضى الله عنهما(10/398)
خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)
{ خالدين فيها } حال من الضمير فى لهم { وعد الله } اى وعد الله جنات النعيم وعدا فهو مصدر مؤكد لنفسه لان معنى لهم جنات النعيم وعدهم بها { حقا } اى حق ذلك الوعد حقا فهو تأكيد لقوله لهم جنات النعيم ايضا لكنه مصدر مؤكد لغيره لان قوله لهم جنات النعيم وعد وليس كل وعد حقا { وهو العزيز } الذى لا يغلبه شئ فيمنعه عن انجاز وعده او تحقيق وعيده { الحكيم } الذى لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة
نه در رعدة اوست نقض وخلاف ... نه در كار اوهيج لاف وكذاف
هذا
وقد ذهب بعض المفسرين الى ان المراد بلهو الحديث فى الآية المتقدمة الغناء : يعنى [ تغنى وسرور فاسقانست در مجلس وآيت درزم كسى فرود آمدكه بندكان مغنيان خرد يا كنيز كان مغنيات تافا سقانرا مطربى كند ] فيكون المعنى من يشترى ذا لهو الحديث او ذات لهو الحديث
قال الامام مالم اذا اشترى جارية فوجدها مغنية فله ان يردها بهذا العيب
قال فى الفقه ولا تقبل شهادة الرجل المغنى لنفسه لدفع الوحشة ازالة الحزن فتقبل شهادته اذبه لا تسقط العدالة اذا لم يسمع غيره فى الصحيح وكذا لا تقبل شهادة المغنية سواء تغنت للناس او لا اذرفع صوتها حرام فبارتكابها محرما حيث نهى عليه السلام عن صوت المغنية سقطت عن درجة العدالة وفى الحديث ( لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن ولاشراؤهن وثمنهن حرام ) وقد نهى عليه السلام عن ثمن الكلب وكسب الزمارة : يعنى [ از كسب ناى زدن ]
قالوا المال الذى يأخذه المغنى والقوال والنائحة حكمه اخف من الرشوة لان صاحب المال اعطاه عن اختيار بغير عقد
قال مكحول من اشترى جارية ضرابة ليمسكها لغنائها وضربها مقيما عليه حتى يموت لم اصل عليه ان الله يقول { ومن الناس } الخ وفى الحديث « ان الله بعثنى هدى ورحمة للعالمين وامرنى بمحو المعازف والمزامير والاوتار والصنج وامر الجاهلية وحلف ربى بعزته لا يشرب عبد من عبيدى جرعة من خمر متعمدا الا سقيته من الصديد مثلها يوم القيامة مغفور له او معذبا ولا يتركها من مخافتى الا سقيته من حياض القدس يوم القيامة » وفى الحديث « بعثت لكسر المزامير وقتل الخنازير » قال ابن الكمال المراد بالمزامير آلات الغناء كلها تغليبا اى وان كانت فى الاصل اسماء لذوات النفخ كالبوق ونحوه مما ينفخ فيه والكسر ليس على حقيقته بدليل قرينه بل مبالغة فى النهى وفى الحديث « من ملأ مسامعه من غناء لم يؤذن له ان يسمع صوت الروحانيين يوم القيامة » قيل وما الروحانيون يا رسول الله قال « قراء اهل الجنة » اى من الملائكة والحوار العين ونحوهم
قال اهل المعانى يدخل فى الاستبدال والاختيار كثيرا كما فى الوسيط
قال فى النصاب ويمنع اهل الذمة عن اظهار بيع المزامير والطنابير واظهار الغناء وغير ذلك
واما الاحاديث الناطقة برخصة الغناء ايام العبد فمتروكة غير معمول بها اليوم ولذا يلزم على المحتسب احراق المعازف يوم العيد
واعلم انه لما كان القرآن اصدق الاحاديث واملحها وسماعه والاصغاء اليه مما يستجلب الرحمة من الله استحب التغنى به وهو تحسين الصوت وتطييبه لان ذلك سبب للرقة واثارة للخشية على ما ذهب اليه الامام(10/399)
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10)
{ خلق الله } تعالى واوجد { السموات } السبع وكذا الكرسى والعرش { بغير عمد } بفتحتين جمع عماد كاهب واهاب وهو ما يعمد به اى يسند يقال عمد الحائط اذا دعمته اى خلقها بغير دعائم وسوارى على ان الجمع لتعدد السموات : وبالفارسية [ بيافرد آسمانها را بى ستون ] { ترونها } استئناف جيئ به للاستشهاد على ما ذكر من خلقه تعالى اياها غير معمودة بمشاهدتهم لها كذلك او صفة لعمد اى خلقها بغير عند مرئية على ان التقييد للرمز على انه تعالى عمدها بعمد لا ترى هى عند القدرة
واعلم ان وقوف السموات وثبات الارض على هذا النظام من غير اختلال انما هو بقدرة الله الملك المتعال ولله تعالى رجال خواص مظاهر القدرة من غير اختلال انما هو بقدرة الله الملك المتعال ولله تعالى رجال خواص مظاهر القدرة هم العمد المعنوية للمسوات والسبب الموجب لنظام العالم مطلقا وهم موجودون فى كل عنصر فاذا كان قرب القيامة يحصل لهم الانقراض والانتقال من هذه النشأة بلا خلف فيبقى العالم كشبح بلا روح فتنحل اجزاؤه انحلال اجزاء الميت ويرجع الظهور الى البطون ولا ينكر هذه الحال الا مغلوب القال نعوذ بالله من الانكار والاصرار { والقى فى الارض رواسى } الالقاء طرح الشئ حيث تلقاه وتراه ثم صار فى التعارف اسما لكل طرح . والرواسى جمع راسية من رسا الشئ يرسو اى ثبت والمراد الجبال الثوابت لانها ثبتت فى الارض وثبتت بها الارض شبه الجبال الرواسى استحقارا لها واستقلالا لعددها وان كانت خلقا عظيما بحصيات قبضهن قابض بيده فنبذهن فى الارض وما هو الاتصوير لعظمته وتمثيل لقدرته وان كل فعل عظيم يتحير فيه الاذهان فهو هين عليه والمراد قال لها كونى فكانت فاصبحت الارض وقد ارسيت بالجبال بعد ان كانت تمور مورا اى تضطرب فلم يدر احد مم خلقت { ان تميد بكم } الميد اضطراب الشئ العظيم كاضطراب الارض يقال ماد يميد ميدا وميدانا تحرك واضطراب : وبالفارسية [ الميد : جنبيدن وخراميدن ] والباء للتعدية . والمعنى كراهة ان تميل بكم فان بساطة اجزائها تقتضى تبدل احيازها واوضاعها لامتناع اختصاص كل منها لذاته او لشئ من لوازمه بحيز معين ووضع مخصوص : وبالفارسية [ تازمين شماوا نه جنباند يعنى حركت ندهد ومضرب نسازد جه زمين برروى آب متحرك بود جون كشتى وبجبال راسيات آرام يافت كما قال الشيخ سعدى قدس سره ]
جومى كسترانيد فرش تراب ... جو سجادة نيك مردان برآب
زمين ازتب لرزه آمد ستوه ... فرو كفت بردامنش ميخ كوه
[ درموضح ازضحاك نقل ميكنند كه حق سبحانه نوزده كوه را ميخ زمين كرد تابر جاى بايستاد ازجمله كوه قاف وابو قبيس وجودى ولبنان وسنين وطور سينا وفيران ]
واعلم ان الجبال تزيد فى بعض الروايات على ما فيه الموضح كما سبق فى تفسير سورة الحجر
قال بعضهم عظام الارض وعروقها وهذا كقول من قال من اهل السلوك الشمس والقمر عينا هذا التعين والكواكب ليست مركوزة فيه وانما هى بانعكاس الانوار فى بعض عروقه اللطيفة وهذا لا يطلع عليه الحكماء وانما يعرف بالكشف { وبث } [ وبرا كنده كرد ] { فيها } [ درزمين ] { من كل دابة } من كل نوع من انواعها مع كثرتها واختلاف اجناسها .(10/400)
اصل البث اثارة الشئ وتفريقه كبث الريح التراب وبث النفس ما انطوت عليه من الغم والشر فبث كل دابة فى الارض اشارة الى ايجاده تعالى ما لم يكن موجودا واظهاره اياه والدب والدبيب مشى خفيف ويستعمل ذلك فى الحيوان وفى الحشرات اكثر { وانزلنا من السماء } من السحاب لان السماء فى اللغة ما علاك واظلك { ماء } هو المطر { فانبتنا فيها } فى الارض بسبب ذلك الماء والالتفات الى نون العظمة فى الفعلين لا براز مزيد الاعتناء بامرهما { من كل زوج كريم } من كل صنف كثير المنفعة
قال فى المفردات وكل شئ يشرف فى بابه فانه زوج من حيث ان له ضدا ما او مثلا ما او تركبا ما من جوهر وعرض ومادة وصورة . وفيه تنبيه على انه لا بد للمركب من مركب وهو الصانع الفرد
واعلم وفقنا الله جميعا للتفكر فى عجائب صنعه وغرائب قدرته ان عقول ان عقول العقلاء وافهام الاذكياء قاصرة متحيرة فى امر النباتات والاشجار وعجائبها وخواصها وفوائدها ومضارها ومنافعها وكيف لا وانت تشاهد اختلاف اشكالها وتباين الوانها وعجائب وخواصها صور اوراقها وروائح ازهارها وكل لون من الوانها ينقسم الى اقسام كالحمرة مثلا كوردىّ وارجوانى وسوسنى وشقائقى وخمرى وعنابى وعقيقى ودموى ولكىّ وغير ذلك مع اشتراك الكل فى الحمرة ثم عجائب روائحها ومخالفة بعضها بعضا واشتراك الكل فى طيب الرائحة وعجائب اشكال اثمارها وحبوبها واوراقها ولكل لون وريح وطعم وورق وثمر وزهر وحب وخاصية لا تشبه الاخرى ولا يعلم حقيقة الحكمة فيها الا الله والذى يعرف الانسان من ذلك بالنسبة الى ما لا يعرفه كقطرة من بحر وقد اخرج الله تعالى آدم وحواء عليهما السلام من الجنة فبكيا على الفراق سنين كثيرة فنبت من دموعهما نباتات حارة كالزنجبيل ونحوه فلم يضيع دموعهما كما لم يضيع نطفته حيث خلق منها يأجوج ومأجوج اذ لا يلزم ان يكون نزول النطفة على وجه الشهوة حتى يرد انه لم يحتلم نبى قط وقد سبق البحث فيه(10/401)
هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (11)
{ هذا } الذى ذكر من السموات والارض والجبال والحيوان والنبات { خلق الله } مخلوقه كضرب الامير اى مضروبه فاقيم المصدر مقام المفعول توسعا { فارونى } ايها المشركون : والاراءة بالفارسية [ نمودن ] يقال اريته الشئ واصله ارأيته { ماذا خلق الذين من دونه } اى من دون الله تعالى مما اتخذتوهم شركاء له تعالى فى العبادة حتى استحقوا مشاركته فى العبودية وماذا بمنزلة اسم واحد بمعنى أى شئ نصب بخلق او ما مرتفع بالابتداء وخبره ذا وصلته وأرونى معلق عنه على التقديرين { بل الظالمون فى ضلال مبين } اضراب عن تبكيتهم اى كفار قريش الى التسجيل عليهم بالضلال الذى لا يخفى على ناظر اى فى ذهاب عن الحق بين واضح وابان بمعنى بان ووضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على انهم ظالمون باشراكهم
وفى فتح الرحمن بل هذا الذى قريش فيه ضلال مبين فذكرهم بالصفة التى تعم معهم اشباههم ممن فعل فعلهم من الامم
قال الكاشفى [ بلكه مشر كان در كمراهى آشكار انندكه عاجزرا باقادر ومخلوق رابا خالق در برستش شركت مى دهند ]
هركه هست آفريده او بنده است ... بنده دربند آفريننده است
بس كجا بندة كه بنده است ... لائق شركت خداونداست
واعلم ان التوحيد افضل كما ان الشرك اكبر الكبائر وللتوحيد نور كما ان للشرك نارا وان نور التوحيد احرق لسيآت الموحدين كما ان نار الشرك احرق لحسنات المشركين ولكون التوحيد افضل العبادات وذكر الله اقرب القربات لم يقيد بالزمان والاوقات بخلاف سائر الاعمال من الصيام والصلوات فالخلاص من الضلالة انما هو بالهداية الى التوحيد واخلاص العبادة لله الحميد وفى الحديث « من قال لا اله لا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله » اى فى الآخرة فيما يخفيه من الاخلاص وغيره
ثم علم المشرك بالشرك الجلى وكذا عمله وان كانا فى صورة الحسنة كلاهما مردود مبعود وكذا علم المشرك بالشرك الخفى وعمله فان عمل الرياء والسمعة يدور بين السماء والارض ثم يضرب به على وجه صاحبه واما المخلص وعمله فكلاهما محبوب مقرب عند الله تعالى روى ان المنزل الاول من منازل الاعمال المتقلبة المشروعة هو سدرة المنتهى ويتعدى بعض الاعمال الى الجنة وبعضها الى العرش ولك عمل غلبت عليه الصفات الروحانية وقواها اذا اقترن به علم محقق او اعتقاد حاصل عن تصور صحيح مطابق للمتصور مع حضور وجمعية وصدق فانه يتجاوز العرش الى عالم المثال فيدخر فيه لصاحبه الى يوم الجمع وقد يتعدى من عالم المثال الى اللوح فيتعين صورته فيه ثم يرد الى صاحبه يوم الجمع ثم من تتعدى اعماله الى مقام القلم ثم الى العماد فانظر الى الاعمال الصالحة ومقاماتها العلوية واعرض عن الشرك والاعمال السفلية قال الشيخ سعدى قدس سره
ره راست روتا بمنزل رسى ... تو برره نة زين قبل وا يسى
جوكاوى كه عصار جشمش به بست ... دوان تابشب شب هم آنجا كه هست
كسى كربتابد زمحراب روى ... بكفرش كواهى دهند اهل كوى
توهم بشت بر قبله كن درنماز ... كرت در خدانيست روى نياز
فاذا كان ما سوى الله تعالى لا يقدر على خلق شئ واعطاء ثواب فلا معنى للقصد اليه بالعبادة ففروا الى الله تعالى ايها المؤمنون لعلكم تنزلون اهلها آمنون(10/402)
وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12)
{ ولقد آتينا لقمان الحكمة } [ آورده اندكه قصة لقمان حكيم ووصايا او نزد يهودا شهرتى داشت عظيم وعرب در مهمى كه بديشان رجوع كردندى ازحكمتها ولقمان براى ايشان مثل زندى حق سبحانه وتعالى ازحال وى خبرداد وفرمود : ولقد الخ ] وهو على ما قال محمد بن اسحاق صاحب المغازى لقمان بن باغور بن باحور بن تارخ بن تارخ وهو آزر ابو ابراهيم الخيل عليه السلام وعاش الف سنة حتى ادرك زمن داود عليه السلام واخذ عنه العلم وكان يفتى قبل مبعثه فلما بعث ترك الفتيا فقيل له فى ذلك فقال ألا اكتفى اذا كفيت
وقال بعضهم هو لقمان بن عنقا بن سرون كان عبدا نوبيا من اهل ايلة اسود اللون ولا ضمير فان الله تعالى لا يطفى عباده اصطفاء نبوة او ولاية وحكمة على الحسن والجمال وانما يصطفيهم على ما يعلم من غائب امرهم ونعم ما قال المولى الجامى
جه غم زمنقصت صورت اهل معنى را ... جوجان زروم بود كوتن ازحبش مى باش
والجمهور على انه كان حكيما حكمة طب وحكمة حقيقة : يعنى [ مردى حكيم بود ازنيك مردان بنى اسرائيل خلق را بند دادى وسخن حكمت كفتى وليكن سبط او معلوم نيست ولم يكن نبيا اما هزار ييغمبررا شا كردى كرده بود وهزار ييغمبر اورا شا كرد بودند درسخت حمكت ]
وفى بعض الكتب قال لقمان خدمت اربعة آلاف نبى واخترت من كلامهم ثمانى كلمات . ان كنت فى الصلاة فاحفظ قلبك . وان كنت فى الطعام فاحفظ حلقك . وان كنت فى بيت الغير فاحفظ عينيك . وان كنت بين الناس فاحفظ لسانك . واذكر اثنين . وانس اثنين اما اللذان تذكرهما فالله والموت واما اللذان تنساهما احسانك فى حق الغير واساءة الغير فى حقك
ويؤيد كونه حكيما لا نبيا كونه اسود اللون لان الله تعالى لم يبعث نبيا الاحسن الشكل حسن الصوت . وما روى انه قيل ما اقبح وجهك يا لقمان فقال أتعيب بهذا على النقش ام على النقاش . وما قال عليه السلام حقا اقول لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا كثير التفكر حسن اليقين احب الله فاحبه فمن عليه بالحكمة وهى اصابة الحق باللسان واصابة الفكر بالجنان واصابة الحركة بالاركان ان تكلم تكلم بحكمة وان تفكر تفكر بحكمة وان تحرك تحرك بحكمة كما قال الامام الراغب الحكمة اصابة الحق بالعلم والفعل . فالحكمة من الله تعالى معرفة الاشياء وايجادها على غاية الاحكام . ومن الانسان معرفة الموجودات على ما هى عليه وفعل الخيرات وهذا هو الذى وصف به لقمان فى هذه الآية
قال الامام الغزالى رحمه الله من عرف جميع الاشياء ولم يعرف الله لم يستحق ان يسمى حكيماً لانه لم يعرف اجل الاشياء وافضلها والحكمة اجل العلوم وجلاله المعلوم ولا اجل من الله ومن عرف الله فهو حكيم وان كان ضعيف المنة فى سائر العلوم الرسمية كليل اللسان قاصر البيان فيها ومن عرف الله كان كلامه مخالفا لكلام غيره فانه قلما يتعرف للجزئيات بل يكون كلامه جمليا ولا يتعرض لمصالح العاجلة بل يتعرض لما ينفع فى العاقبة ولما كانت الكلمات الكلية اظهر عند الناس من احوال الحكيم من معرفته بالله ربما اطلق الناس اسم الحكمة على مثل تلك الكلمات الكلية ويقال للناطق بها حكيم وذلك مثل قول سيد الانبياء عليه السلام(10/403)
« رأس الحكمة مخافة الله . ما قل وكفى خير مما كثر وألهى . كن ورعا تكن اعبد الناس . وكن تقيا تكن اشكر الناس . البلاء موكل بالمنطق . السعيد من وعظ بغيره . القناعة مال لا ينفد . اليقين الايمان كله » فهذه الكلمات وامثالها تسمى حكمة وصاحبها يسمى حكيما
وفى التأويلات النجمية الحكمة عدل الوحى قال عليه السلام « اوتيت القرآن وما يعدله » وهو الحكمة بدليل قوله { ويعلمهم الكتاب والحكمة } فالحكمة موهبة للاولياء كما ان الوحى موهبة للانبياء وكما ان النبوة ليست كسبية بل هى فضل الله يؤتيه من يشاء فكذلك الحكمة ليست كسبية تحصل بمجرد كسب العبد دون تعليم الانبياء اياه طريق تحصيلها بل بايتاء الله تعالى كما علمنا النبى عليه السلام طريق تحصيلها بقوله « من اخلص لله اربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه » وكما ان القلب مهبط الوحى من ايحاء الحق تعالى كذلك مهبط الحكمة بايتاء الحق تعالى كما قال تعالى { ولقد آتينا لقمان الحكمة } وقال { يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا } فثبت ان الحكمة من المواهب لا من المكاسب لانها الاقوال لا من المقامات والمعقولات التى سمتها الحكماء حكمة ليست بحكمة فانها من نتائج الفكر السليم ن شوب آفة الوهم والخيال وذلك يكون للمؤمن والكافر وقلما يسلم من الشوائب ولهذا وقع الاختلاف فى ادلتهم وعقائدهم ومن يحفظ الحكمة التى اوتيت لبعض الحكماء الحقيقية لم تكن هى حكمة بالنسبة اليه لانه لم يؤت الحكمة ولم يكن هو حكيما انتهى
قال فى عرائس البيان الحكمة ثلاث . حكمة القرآن وهى حقائقه . وحكمة الايمان وهى المعرفة . وحكمة البرهان وهى ادراك لطائف صنع الحق فى الافعال واصل الحكمة ادراك خطاب الحق بوصف الالهام
قال شاه شجاع ثلاث من علامات الحكمة . انزال النفس من الناس منزلتها . وانزال الناس من النفس منزلتهم . ووعظهم على قدر عقولهم فيقوم بنفع حاضر
وقال الحسين بن منصور الحكمة سهام وقلوب المؤمنين اهدافها والرامى الله والخطأ معدوم
وقيل الحكمة هو النور الفارق بين الالهام والوسواس ويتولد هذا النور فى القلب من الفكر والعبرة وهما ميراث الحزن والجوع
قال حكيم قوت الاجساد المشارب والمطاعم وقوت العقل الحكمة والعلم .(10/404)
وافضل ما اوتى العبد فى الدنيا الحكمة وفى الآخرة الرحمة والحكمة للاخلاق كالطب للاجساد
وعن على رضى الله عنه روّحوا هذه القلوب واطلبوا لها طرائق الحكمة فانها تمل كما تمل الابدان وفى الحديث « ما زهد عبد فى الدنيا الا انبت الله الحكمة فى قلبه وانطق بها لسانه وبصّره عيوب الدنيا وعيوب نفسه واذا رأيتم اخاكم قد زهد فاقربوا اليه فاستمعوا منه فانه يلقى الحكمة » . والزهد فى اللغة ترك الميل الى الشئ وفى اصطلاح اهل الحقيقة هو بعض الدنيا والاعراض عنها وشرط الزاهد ان لا يحنّ الى ما زهد فيه واد به ان لا يذم المزهرد فيه لكونه من جملة افعال الله تعالى وليشغل نفسه بمن زهد من اجله
قال عيسى عليه السلام اين تنبت الحبة قالوا سر من اسرار الله المخزونة عنده لا يهنه على الكمال الا لنبىّ او صديق فليس كل تواضع تواضعا وهو اعلى مقامات الطريق وآخر مقام ينتهى اليه رجال الله وحقيقة العلم بعبودية النفس ولا يصح من العبودية رياسة اصلا لانها ضدلها . ولهذا قال ابو مدين قدس سره آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرياسة ولا تظن ان هذا التواضع الظاهر على اكثر الناس وعلى بعض الصالحين تواضع وانما هو تملق بسبب غاب عنك وكل يتملق على قدر مطلوبه والمطلوب منه فالتواضع شريف لا يقدر عليه كل احد فانه موقوف على صاحب التمكين فى العالم والتحقق فى التخلق كذا فى مواقع النجوم لحضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر روى ان لقمان كان نائما نصف النهار فنودى يا لقمان هل لك ان يجعلك الله خليفة فى الارض وتحكم بين الناس بالحق فاجاب الصوت فقال ان خيرنى ربى قبلت العافية ولم اقبل البلاء وان عزم على اى جزم فسمعا وطاعة فانى اعلم ان فعل بى ذلك اعاننى وعصمنى فقالت الملائكة بصوت لا يراهم لم يا لقمان قال لان الحاكم باشد المنازل وا كدرها يغشاه الظلم من كل مكان اصاب فبالحرى ان ينجو وان اخطأ اخطأ طريق الجنة ومن يكن فى الدنيا ذليلا خير من ان يكون شريفا ومن يختر الدنيا على الآخرة تفته الدنيا ولا يصيب الآخرة فعجبت الملائكة من حسن منطقه ثم نام نومة اخرى فاعطى الحكمة فانتبه وهو يتكلم بها
قال الكاشفى [ حق سبحانه وتعالى اورا بسنديد وحكمت را برو افاضه كرد بمثابة كه ده هزار كلمة حكمت ازو منقولست كه هر كلمة بعالمى ارزد ] فانظر الى قابليته وحسن استعداده لحسن حاله مع الله
واما امية بن ابى الصلت الذى كان يأمل ان يكون نبى آخر الزمان وكان من بلغاء العرب فانه نام يوما فاتاه طائر وادخل منقاره فى فيه فلما استيقظ نسى جميع علومه لسوء حاله مع الله تعالى
ثم نودى داود بعد لقمان فقبلها فلم يشترط لقمان فوقع منه بعض الزلات وكانت مغفورة له
وكان لقمان يوازره بحكمته : يعني [ وزيرئ وى ميكند بحمكت ] فقال له داود طوبى لك يا لقمان اعطيت الحكمة وصرفت عنك البلوى واعطى داود الخلافة وابتلى بالبلية والفتنة(10/405)
در قصر عافيت جه نشنيم اى سليم ... مارا كه هست معركهاى بلا نصيب
وقال
دائم شاد بودن من نيست مصلحت ... جزغم نصيب جان ودل ناتوان مباد
ولما كانت الحكمة من انعام الله تعالى على لقمان ونعمة من نعمه طالبه بشكره بقوله { ان اشكر لله } اى قلنا له اشكر لله على نعمة الحكمة اذا آتاك الله اياها وانت نائم غافل عنها جاهل بها { ومن } [ وهركه ] { يشكر } له تعالى على نعمه { فانما يشكر لنفسه } لان منفعته التى هى دوام النعمة واستحقاق مزيدها عائدة اليها مقصورة عليها ولان الكفران من الوصف اللازم للانسان فانه ظلوم كفار والشكر من صفة الحق تعالى فان الله شاكر عليم فمن شكر فانما يشكر لنفسه بازالة صفة الكفران عنها واتصافها بصفة ساكرية الحق تعالى { ومن كفر } نعمة ربه فعليه وبال كفره { فان الله غنى } عنه وعن شكره { حميد } محمود فى ذاته وصفاته وافعاله سواء حمده العباد وشكروه ام كفروه ولا يحصى عليه احد ثناء كما يثنى هو على نفسه وعدم التعرض لكونه تعالى شكورا لما ان الحمد متضمن للشكر وهو رأسه كما قال عليه السلام « الحمد رأس الشكر لم يشكر الله عبد لم يحمده » فاثباته له تعالى للشكر
قال فى كشف الاسرار رأس الحكمة الشكر لله ثم المخافة منه ثم القيام بطاعته ولا شك ان لقمان امتثل امر الله فى الشكر وقام بعبوديته [ لقمان ادبى تمام داشت وعبادت فراوان وسينئة آبادان ودلى برنور وحمكت روشن برمردمان مشفق ودرميان خلق مصلح وهمواره ناصح خودران بوشديه داشتى وبرمرك فرزندان وهلاك مال غم نخوردى واز تعلم هيج نيا سودى حكيم بود وحليم ورحيم وكريم ] فلقمان ذو الخير الكثير بشهادة الله له بذلك فانه قال { ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا } واول ما روى من حكمته الطيبة انه بينا هومع مولاه اذ دخل المخرج فاطال الجلوس فناداه لقمان ان طول الجلوس على الحاجة يتجزع منه الكبد ويورث الناسور ويصعد الحرارة الى الرأس فاجلس هوينا وثم هوينا فخرج فكتب حكمته على باب الحش
واوّل ما ظهرت حكمته العقلية انه كان راعيا لسيده فقال مولاه يوما امتحانا لعقله ومعرفته اذبح وائتنى منها باطيب مضغتين فاتاه باللسان والقلب
وفى كشف الاسرار [ آنجه ازجانور بدتراست وخبث تربمن آر ] فاتاه باللسان والقلب ايضا فسأله عن ذلك فقال لقمان ليس شئ اطيب منهما اذا طابا ولا اخبث منهما اذا خبثا [ خواجه آن حكمت ازوى بيسنديد واورا آزاد كرد ](10/406)
وفى بعض الكتب ان لقمان خير بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة فبينا هويعظ الناس يوما وهم مجتمعون عليه لاستماع كلمة الحكمة اذ مر به عظيم من عظماء بنى اسرائيل فقال ما هذه الجماعة قيل له هذه جماعة اجتمعت على لقمان الحكيم فاقبل اليه فقال له ألست العبد الاسود الذى كنت ترعى بموضع كذا وكذا : وبالفارسية [ توآن بندة سياه نيستى كه شبانئ رمة فلان مى كردى ] قال نعم فقال فما الذى بلغ بك ما ارى قال صدق الحديث واداء الامانة وترك ما لا يعنى : يعنى [ آنجه دردين بكار نيايد وازان بسر نشود بكذاشتن ]
قال فى كشف الاسرار [ لقمان سى سال بادواد همى بود بيك جاى وازيس داود زنده بود تابعهد يونس بن متى ]
وكان عند داود وهو يسرد درعا لان الحديد صار له كالشمع بطريق المعجزة فجعل لقمان يتعجب مما يرى ويردان ان يسأله وتمنعه حكمته عن السؤال فلما اتمها لبسها وقال نعم درع الحرب هذه فقال لقمان ان من الحكمة الصمت وقليل فاعله اى من يستعمله كما قال الشيخ سعدى [ هر آنجه دانى هرآينه معلوم توخوا هدشد بيرسيدن او تعجيل مكن كه حكمت زيان كند ]
جو لقمان ديد كاندر دست داود ... همى آهن بمعجز موم كردد
نبر سيدش جه مى سازى كه دانست ... كه بى برسيدنش معلوم كردد
ومن حكمته ان داود عليه السلام قال له يوما كيف اصبحت فقال اصبحت بيد غيرى فتفكر داود فيه صعق صعقة : يعنى [ نعرة زد وبيهوش شد ومراد ازيد غير قبضتين فضل وعدلست ] كما فى تفسير الكاشفى
قال لقمان ليس مال كصحة ولا نعيم كطيب نفس . وقال ضرب الوالد كالسبار للزرع [ در تفسير ثعلبى ازحكمت لقمان مى آردكه روزى خواجه وى اورا باغلامان ديكر بباغ فرستاد تاميوة بيارد « وكان من اهون مملوك على سيده »
بود لقمان ييش خواجه خويشتن ... درميان بندكانش خوارتن
بود لقمان در غلامان جون طفيل ... بر معانى تيره صورت همجو ليل
غلامان ميوه را درراه بخورند وحوالة خوردن آن بلقمان كردند خواجه بروخشم كرفت لقمان كفت ايشان ميوه خورده اند دروغ بمن بستند خواجه كفت حقيقت اين سخن بجه جيز معلوم توان كرد كفت آنكه مارا آب كرم بخورانى ودر صحرا بارة بدوانى تاقى كنيم ازدرون هركه ميوه بيرون آيد خائن اوست ]
كشت ساقى خواجه از آب حميم ... مرغلامانرا وخوردند آن زبيم
بعد ازان مى راند شان دردشتها ... ميدويدند آن نفر تحت وعلا
قى در افتادند ايشان از عنا ... آب مى آورد زيشان ميوها
جونكه لقمان رادر آمد قى زناف ... مى برآمد از درونش آب صاف
حكمت لقمان جوداند اين نمود ... بس جه باشد حكمت رب ودود
يوم تبلى والسرائر كلها ... بان منكم كامن لا يشتهى
جون سقوا ماء حميما قطعت ... جملة الاستار مما افضحت
هرجه بنهان باشد آن ييدا شود ... هركه او خائن بود رسوا شود(10/407)
وعن عبد الله بن دينار ان لقمان قدم من سفر فلقى غلامه فى الطريق فقال ما فعل ابى قال مات قال الحمد لله ملكت امرى قال وما فعلت امى قال قد ماتت قال سترت عورتى قال ما فعل اخى قال مات قال انقطع ظهرى وانكسر جناحى ثم قال ما فعل ابنى قال مات قال انصدع قلبى
قال فى فتح الرحمان وقبر لقمان بقرية صرفند ظاهر مدينة الرملة من اعمال فلسطين بكسر الفاء وفتح اللام وسكون السين هى البلاد الى بين الشام وارض مصر منها الرملة وغزة وعسقلان وعلى قبره مشهد وهو مقصود بالزيارة
وقال قتادة قبره بالرملة ما بين مسجدها وسوقها وهناك قبور سبعين نبيا ماتوا بعد لقمان جوعا فى يوم واحد اخرجهم بنوا اسرائيل من القدس فالجأوهم الى الرملة ثم احاطوهم هناك فتلك قبورهم
جهان جاى راحت نشد اى فتى ... شدند انبيا اوليا مبتلا(10/408)
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)
{ واذ قال لقمان } واذكر يا محمد لقومك وقت قول لقمان { لابنه } انعم فهو ابو انعم اى يكنى به كما قالوا { وهو } اى والحال ان لقمان { يعظه } اى الابن
والوعظ زجر يقترن بتخويف
وقال الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق القلب والاسم العظة والموعظة : وبالفارسية [ ولقمان بند مى داد اورا وميكفت ] { يا بنىّ } بالتصغير والاضافة الى ياء المتكلم بالفتح والكسر وهو تصغير رحمة وعطوفة ولهذا اوصاه بما فيه سعادته اذا عمل بذلك : وبالفارسية [ اى بسرك من ] { لا تشرك بالله } لا تعدل بالله شيأ فى العبادة : وبالفارسية [ انباز مكير بخداى ] { ان الشرك لظلم عظيم } لانه تسوية بين من لا نعمة الامنه ومن لا نعمة منه
وفى كشف الاسرار [ بيدادى است برخويشتن بزرك ] وعظمه انه لا يغفر ابدا قال الشاعر
الحمد لله لا شريك له ... ومن اباها فنفسه ظلما
وكان ابنه وامرأته كافرين فما زال بهما حتى اسلما بخلاف ابن نوح وامرأته فانهما لم يسلما وبخلاف ابنتى لوط وامراته فان ابنتيه اسلمتا دون امرأته ولذا ما سلمت فكانت حجرا فى بعض الروايات كما سبق
قيل وعظ لقمان ابنه فى ابتداء وعظه على مجانبة الشرك . والوعظ زجر النفس عن الاشتغال بما دون الله وهو التفريد للحق بالكل نفسا وقلبا وروحا فلا تشتغل بالنفس الا بخدمته ولا تلاحظ بالقلب سواه ولا تشاهد بالروح غيره وهو مقام فى التوحيد
هركه در درياى وحدت غرقة باشدجان او ... جوهر فرد حقيقت يافت از جانان او
اللهم اجعلنا من المفرّدين(10/409)
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)
{ ووصينا الانسان بوالديه } الى آخره اعتراض فى اثناء وصية لقمان تأكيدا لما فيها من النهى عن الشرك يقال وصيت زيدا بعمرو امرته بتعهده ومراعاته : والمعنى [ وصيت كرديم مردم را به بدر ومادر ورعايت حقوق ايشان ]
ثم رجح الام ونبه على عظم حق والديه فقال { حملته امه } الى قوله عامين اعتراض بين المفسرين والمفسر اى التوصية والشكر . والمعنى بالفارسية [ برداشت مادر اورا درشكم ] { وهنا } حال من امه اى ذات وهن والوهن الضعف من حيث الخلق والخلق { على وهن } اى ضعفا كائنا على ضعف فانه كلما عظما ما فى بطنها زادها ضعفا الى ان تضع { وفصاله فى عامين } الفصال التفريق بين الصبى والرضاع ومنه الفصيل وهو ولد الناقة اذا فصل عن امه . والعام بالتخفيف السنة لكن كثيرا ما تستعمل السنة فى الحول الذى فيه الشدة والجدب ولذا يعبر عن الجدب بالسنة لكن كثيرا ما تستعمل السنة فى الحول الذى فيه الشدة والجدب ولذا يعبر عن الجدب بالسنة والعام فيما فيه الرخاء اى فطام الانسان من اللبن يقع فى تمام عامين من وقت الولادة وهى مدة الرضاع عند الشافعى فلا يثبت حرمة الارضاع بعدها فالارضاع عنده واجب الى الاستغناء ويستحب الى الحولين وجائز الى حولين ونصف وهذا الخلاف بينهما فى حرمة الرضاع كما اشير اليه اما استحقاق الاجرة فمقدر بحولين فلا تجب نفقة الارضاع على الاب بعد الحولين بالاتفاق وتمام الباب فى كتاب الرضاع فى الفقه
قال فى الوسيط المعنى ذكر مشقة الوالدة بارضاع الولد بعد الوضع عامين { ان اشكر لى ولوالديك } تفسير لوصيناه اى قلنا له اشكر لى او علة له اى لان يشكر لى وما بينهما اعتراض مؤكد للوصية فى حقها خاصة ولذلك قال عليه السلام لمن قال له من ابر « امك ثم امك ثم امك » ثم قال بعد ذلك « ثم اباك » والمعنى اشكر لى حيث اوجدتك وهديتك بالاسلام واشكر لوالديك حيث ربياك صغيرا وشكر الحق بالتعظيم والتكبير وشكر الوالدين بالاشفاق والتوقير
وفى شرح الحكم قرن شكرهما بشكره اذهما اصل وجودك المجازى كما ان اصل وجودك الحقيقى فضله وكرمه فله حقيقة الشكر كما له حقيقة النعمة ولغيره مجازه كما لغيره مجازها وفى الحديث « لا يشكر الله من لا يشكر الناس » فجعل شكر الناس شرطا فى صحة شكره تعالى او جعل ثواب الله على الشكر لا يتوجه الا لمن شكر عباده
ثم حق المعلم فى الشكر فوق حق الوالدين
سئل الاسكندر وقيل ما بالك تعظم مؤد بك اشد من تعظيمك لابيك فقال ابى حطنى من السماء الى الارض ومؤدبى رفعنى من الارض الى السماء : قال الحافظ(10/410)
من ملك بودم وفردوس برين جايم بود ... آدم آورد درين خراب آبادم
وقيل
لبرزجمهر ما بالك تعظيمك لمعلمك اشد من تعظيمك لابيك قال لان ابى سبب حياتى الفانية ومعلمى سبب حياتى الباقية { الىّ المصير } تعليل لوجوب الامتثال بالامر اى الى الرجوع لا الى غيرى فاجازيك على شكرك وكفرك . ومعنى الرجوع الى الله الرجوع الىّ حيث لا حاكم ولا مالك سواه
قال سفيان بن عيينه من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ومن دعا لوالديه فى ادبار الصلوات الخمس فقد شكر والديه وفى الحديث « من احب ان يصل باه فى قبره فليصل اخوان ابيه من بعده ومن مات والداه وهو لهما غير بار وهو حى فليستغفر لهما ويتصدق لهما حتى يكتب بارا لوالديه ومن زار قبر ابويه او احدهما فى كل جمعة كان بارا » وفى الحديث « من صلى ليلة الخميس ما بين المغرب والعشاء ركعتين يقرأ فى كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسى خمس مرات وقل هو الله احد خمس مرات والمعوذتين خمسا خمسا فاذا فرغ من صلاته استغفر الله خمس عشرة مرة وجعل ثوابه لوالديه فقد ادى حق والديه عليه وان كان عاقالهما واعطاه الله تعالى ما يعطى الصديقين والشهداء » كذا فى الاحياء وقوت القلوب(10/411)
وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)
{ وان جاهداك } المجاهدة استفراغ الجهد اى الوسع فى مدافعة العدو : وبالفارسية [ باكسى زار كردن در راه خداى ] والمعنى وقلنا للانسان ان اجتهد ابواك وحملاك : وبالفارسية [ واكر كشش وكوشش كنند بدر ومادر تو باتو ] { على ان تشرك بى ما ليس لك به } اى بشركته تعالى فى استحقاق العبادة { علم فلا تطعهما } فى الشرك يعنى ان خدمة الوالدين وان كانت عظيمة فلا يجوز للولد ان يعطيعهما فى المعصية
جون نبود خويش را ديانت وتقوى ... قطع رحم بهتر از مودت قربى
{ وصاحبهما } [ ومصاحبت كن بايشان ومعاشرت ] { فى الدنيا } صحابا { معروفا } ومعاشرة جميلة يرتضيه الشرع ويقتضيه الكرم من الانفاق وغيره وفى الحديث « حسن المصاحبة ان يطعهما اذا جاعا وان يكسوهما اذا عريا » فيجب على المسلم نفقة الوالدين ولو كانا كافرين وبرهما وخدمتهما وزيارتهما الا ان يخاف ان يجلباه الى الكفر وحينئذ يجوز ان لا يزورهما ولا يقودهما الى البيعة لانه معصية ويقودهما منها الى المنزل
وقال بعضهم المعروف ههنا ان يعرفهما مكان الخطأ والغلط فى الدين عند جهالتهما بالله
قال فى المفردات المعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل والشرع حسنه والمنكر بهما ولهذا قيل للاقتصاد فى الجود معروف لما كان ذلك مستحسنا فى العقول بالشرع { واتبع } فى الدين { سبيل من اناب الىّ } رجع بالتوحيد والاخلاص فى الطاعة وهم المؤمنون الكاملون { ثم الىّ مرجعكم } مرجعك ومرجعهما { فنبئكم } عن رجوعكم { بما كنتم تعملون } بان اجازى كلا منكم بما صدر عنه من الخير والشر : وبالفارسية [ بس آكاه شمارا بياداش آن جيز كه مى كرديد ] ونزل الآية فى سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه من العشرة المبشرة حين اسلم وحلفت امه ان لا تأكل ولا تشرب حتى يرجع عن دينه [ أورده اندكه مادر سعد سه روزنان وآب نخورد تادهن او بجوبى بشكافتند وآب دران ريختند وسعد ميكفت اكر اورا هفتاد روح باشد ويك بيك اكر قبض كنند يعنى بفرض اكر هفتاد باربميرد من از دين اسلام بر نمى كردم ] وقد سبقت قصته مع فوائد كثيرة فى اوائل سورة العنكبوت
واعلم ان اهم الواجبات بعد التوحيد بر الوالدين روى ان رجلا قال يا رسول الله ان امى هرمت فاطعمها بيدى واسقيها واضئها واحملها على عاتقى فهل جازيتها حقها قال عليه السلام « لا ولا واحدا ما مائة » قال ولم يا رسول الله قال « لانها خدمتك فى وقت ضعفك مريدة حياتك وانت تخدمها مريدا مماتها ولكنك احسنت والله يثيبك على القليل كثيرا » قال الشيخ سعدى
رازراى مادر بتافت ... دل درد مندجش بآزر بتافت
جو بيجاره شد ييشش آورد مهد ... كه اى سست مهر وفراموش عهد
نه كريان ودر مانده بودى وخرد ... كه شبها زدست تو خوابم نبرد
نه در مهد نيروى حالت نبود ... مكس راندن ازخود مجالت نبود
توانى كه از يك مكس رنجة ... كه امروز سالار سر بنجه
بحالى شوى باز در قعر كور ... كه نتوانى ازخويشتن دفع مور
در ديده جون برفروزد جراغ ... جو كرم لحد خورد بيه دماغ
جوبوشيده جشمى نه بينى كه راه ... نداند همى وقت رفتن زجاه
توكر شكر كردى كه باديده ... وكرنه توهم جشم بوشيدة(10/412)
وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « لولا انى اخاف عليكم تغير الاحوال عليكم بعدى لامرتكم ان تشهدوا لاربعة اصناف بالجنة . او لهم امرأة وهبت صداقها لزوجها لاجل الله وزوجها لاجل الله وزوجها راض . والثانى ذو عيال كثير يجتهد فى المعيشة لاجلهم حتى يطعمهم الحلال . والثالث التائب من الذنب على ان لا يعود اليه ابدا كاللبن لا يعود الى الثدى . والرابع البار بوالديه » ثم قال عليه السلام « طوبى لمن بر بوالديه وويل لمن عقهما »
وعن عطاء بن يسار ان قوما سافروا فنزلوا برية فسمعوا نهيق حمار حتى اسهرهم فلما اصبحوا نظروا فرأوا بيتا من شعر فيه عجوز فقالوا سمعنا نهيق حمار وليس عندك حمار فقالت ذاك ابنى كان يقول لى يا حمارة فدعوت الله ان يصيره حمارا فذاك منذ مات ينهق كل ليلة حتى الصباح
وعن وهب لما خرج نوح عليه السلام من السفينة نام فانكشفت عورته وكان عنده حام ولده فضحك ولم يستره فسمع سام ويافث صنع حام فألقيا عليه ثوبا فلما سمعه نوح قال غير الله لونك فجعل السودان من نسل حام فصار الذل لا ولاده الى يوم القيامة : قال الحافظ
دخترانرا همه جنكست وجدل بامادر بسرانرا همه بدخواه بدر مى بينم
ثم ان الآية قد تضمنت النهى عن صحبة الكفار والفساق والترغيب فى صحبة الصالحين فان المقارنة مؤثرة والطبع جذاب والامراض سارية
وفى الحديث « لاتسا كنوا المشركين ولا بحامعوهم فمن ساكنهم او جامعهم فهو منهم وليس منا » اى لا تسكنوا مع المشركين فى المسكن الواحد ولا تجتمعوا معهم فى المجلس الواحد حتى لا تسرى اليكم اخلاقهم الخبيثة وسيرهم القبيحة بحكم المقارنة
باد جون برفضاى بد كذرد ... بوى بدكيرد از هواى خبيث
قال ابراهيم قدس سره دواء القلب خمسة . قراءة القرآن بالتدبر . واخلاء البطن . وقيام الليل . والتضرع الى الله تعالى عند السحر . ومجالسة الصالحين
بى نيك مردان ببايد شتافت ... كه هركه اين سعادت طلب كرد يافت
وليكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى
كذا فى البستان(10/413)
يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16)
كذا فى البستان { يا بنىّ } [ كفت لقسان فرزند خودرا كه انعم نام بود ] بضم العين [ اى بسرك من ]
قال فى الارشاد شروع فى حكاية بقية وصايا لقمان اثر تقرير ما فى مطلعها من النهى عن الشرك وتأكيده بالاعتراض { انها } اى الخصلة من الاساءة او الاحسان
وقال مقاتل وذلك ان ابن لقمان قال لابيه يا ابتاه ان عملت الخطيئة حيث لا يرانى احد كيف يعلمها الله فرد عليه لقمان فقال يا بنى انها اى الخطيئة { ان تك } اصله تكون حذفت الواو لاجتماع الساكنين الحاصل من سقوط حركة النون بان الشرطية وحذفت النون ايضا تشبيها بحرف العلة فى امتداد الصوت او بالواو فى الغنة او بالتنوين
وقال بعضهم حذفت تخفيفا لكثرة الاستعمال فلا تحذف من مثل لم يصن ولم يخن فان وصلت بساكن ردت النون وتحرك نحو لم الذين الآية { مثقال حبة من خردل } المثقال ما يوزن به وهو من الثقل وذلك اسم لكل صنج
وفى كشف الاسرار يقال مثقال الشئ ما يساويه فى الوزن وكثر الكلام فصار عبارة عن مقدار ما هو اصغر المقادير التى توزن بها الاشياء من جنس الخردل الذى هو اصغر الحبوب المقتاتة { فتكن } [ بس باشد آن ] اى مع كونها فى اقصى غايات الصغر { فى صخرة } الصخر الحجر الصلب اى فى اخفى مكان واحرزه كجوف صخرة ما
وقال المولى الجامى فى صخرة هى اصلب المركبات واشدها منعا لاستخراج ما فيها انتهى والمراد بالصخرة أية صخرة كانت لانه قال بلفظ النكرة
وعن ابن عباس رضى الله عنهما الارض على الحوت والحوت فى الماء والماء على صفاة والصفاة على ظهر ملك والملك على صخرة والصخرة التى ذكر لقمان ليست فى السموات ولا فى الارض كذا فى التكملة { او فى السموات } مع ما بعدها
وفى بعض التفاسير فى العالم العلوى كمحدب السموات { او فى الارض } مع طولها وعرضها
وفى بعض التفاسير فى العالم السفلى كمقعر الارض { يأت بها الله } اى يحضرها فيحاسب عليها لانه من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره : وبالفارسية [ بيارد خداى تعالى آنرا وحاضر كرداند وبر آن حساب كند ] فالباء للتعدية
قال المولى الجامى فى شرح الفصوص انها اى القصة ان تك مثقال حبة بالرفع كما قراءة نافع وحينئذ كان تامة وتأنيثها لاضافة المثقال الى الحبة وقوله يأت بها الله اى للأغتذاء بها { ان الله } من قول لقمان { لطيف } يصل علمه الى كل خفى فان احد معانى اللطيف هو العالم بخفيات الامور ومن عرف انه العالم بالخفيات يحذر ان يطلع عليه فيما هو فيه ويثق به فى علم ما يجهله(10/414)
برو علم يك ذره بوشيده نيست ... كه ييدا وبنهان بنزدش يكيست
{ خبير } عالم بكنهه
قال فى شرح حزب البحر الخبير هو العليم بدقائق الامور التى لا يتوصل اليها غيره الا بالاختيار والاحتيال ومن عرف انه الخبير ترك الرياء والتصنع لغيره بالاخلاص له فالله تعالى لا يخفى عليه شئ فى الارض ولا فى السماء ويحيط باسرار الضمائر وبطون الخواطر ويحاسب عليها سواء كانت فى صخرة النفوس او فى سماء الارواح او فى ارض القلوب
وفيه تنبيه لاهل المراقبة وتحذير من الملاحظات لاطلاع الحق على نوادر الخطرات وبطون الحركات
وفى التأويلات النجمية { يا بنى انها } يشير الى المقسومات الازلية من الارزاق والاخلاصات الانسانية والمواهب الالهية { ان تك مثقال حبة من خردل فتكن فى صخرة } اى صخرة العدم { او فى السموات } فى الصورة والمعنى { او فى الارض } فى الصورة والمبنى { يأت بها الله } لمن قدر له وقسم من اسباب السعادة والشقاوة ان شاء بطريق كسب العبد من وان شاء يجعل له مخرجا فى حصولها من حيث لا يحتسب { ان الله لطيف } بعباده { خبير } باتيان ما قسم لهم بلطف ربوبيته فالواجب على العبد ان يتق بوعده ويتكل على كرمه فيما قدر له ويسعى الى القيام بعبوديته انتهى
وفى بعض الكتب ان هذه الكلمة آخر كلمة تكلم بها لقمان فانشقت مرارته من هيبتها فمات انتهى
يقول الفقير هذا الحضور فى مقام الهيبة من صفات المقربين . وكان ابراهيم عليه السلام اذا صلى يسمع غليان صدره وذلك من استيلاء الهيبة عليه وهذا الغليان يقال له برهان الصدر وقع لنبينا عليه السلام فى مرتبة الا كملية فواعجبا لا مثالنا كيف لا ينجع فينا الوعظ ولا يأخذ بنا معانى اللفظ وليس الا من الغفلة والنسيان وكثرة العصيان
تا نيابى رتبة لقمانرا ... آتش هيبت نسوزد جانرا
جان عاشق همجو بروانه بود ... نزد شمع آيدا كر سوزان شود
ومن وصايا لقمان ما قال فى كشف الاسرار [ لقمان بسر خويش را بنداد ووصيت كرد كه اى بسر بسورها مروكه ترا رغبت دردنيابديد آيد واخرى بردل توفراموش كردد وكفت كه اى بسر كر سعادت آخرت ميخواهى وزهد دردنيا به تشييع جنازها بيرون شو ومرك رابيش بردار وفضول بكذار وازننك زنان تاتوانى برحذر باشر وبرزنان بد فرياد خواه بالله كه ايشان دام شيطانند وسبب فتنة ](10/415)
يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)
{ يا بنىّ اقم الصلاة } التى هى اكمل العبادات تكميلا لنفسك من حيث العمل بعد تكميلها من حيث العلم والاعتقادات لان النهى عن الشرك فيما سبق قد تضمن الامر بالتوحيد الذى هو اول ما يجب على الانسان
وفى التأويلات النجمية ادمها وادمتها فى ان تنتهى عن الفحشاء والمنكر فان الله وصف الصلاة بانها تنهى عن الفحشاء والمنكر فمن كان منتهيا عنهما فانه فى الصلاة وان لم يكن على هيئتها ومن لم يكن منتهيا عنهما فليس فى الصلاة وان كان مؤديا هيئتها انتهى
ومن وصايا لقمان ما قال فى كشف الاسرار [ اى بسر روزه كه دارى جنان دار كه شهوت ببرد نه قوت ببرد وضعيف كند نازنماز بازمانى كه بنزديك خدانماز دوستر ازروزه ] وذلك لان الصوم والرياضات لاصلاح الطبيعة وتحسين الاخلاق واما الصلاة فلا صلاح النفس التى هى مأوى كل شر ومعدن كل هوى وما عبد اله ابغض الى الله من الهوى { وأمر بالمعروف } بالمستحسن شرعا وعقلا وحقيقته ما يوصل العبد الى الله { وانه عن المنكر } اىعن المستقبح شرعا وعقلا تكميلا لغيرك وحقيقته ما يشغل العبد عن الله { واصبر } الصبر حبس النفس عما يقتضى الشرع او العقل الكف عنه { على ما اصبر } من الشدائد والمحن كالامراض والفقر والهم والغم لا سيما عند التصدى للامر بالمعروف والنهى عن المنكر من اذى الذين تأمرهم بالمعروف وتبعثهم على الخير وتنهاهم عن المنكر وتزجرهم عن الشر { من عزم الامور } العزم والعزيمة عقد القلب على امضاء الامر وعزم الامور ما لا يشوبه شبهة ولا يدافعه ريبة
وفى الخبر ( من صلى قبل العصر اربعا غفر الله له مغفرة عزما ) اى هذا الوعد صادق عزيم وثيق وفى دعائه عليه السلام { اسألك عزائم مغفرتك } اى اسألك ان توفقنى للاعمال التى تغفر لصاحبها لا محالة واطلق المصدر اى العزم على المفعول اى المعزوم . والمعنى من معزومات الامور ومقطوعاتها ومفروضات بمعنى مما عزمه الله اى قطعه قطع ايجاب وامر به العباد امرا حتما ويجوز ان يكون بمعنى الفاعل اى من عازمات الامور وواجباتها ولازماتها من قوله فاذا عزم الامر اى جد
وفى هذا دليل على قدم هذه الطاعات والحث عليها فى شريعة من تقدمنا وبيان لهذه الامة ان من امر بالمعروف ونهى عن المنكر ينبغى ان يكون صابرا على ما يصيبه فى ذلك ان كان امره ونهيه لوجه الله لانه قد اصابه ذلك فى ذات الله وشانه
واشارة الى ان البلاء والمحنة من لوازم المحبة فلا بد للمريد الصادق ان يصبر على ما اصابه فى اثناء الطلب مما ابتلاه الله به من الخوف من الاعداء فى الظاهر والباطن الجزع من الجوع الظاهر عند قلة الغذاء للنفس ومن الباطن عند قلة الكشوف والمشاهدات التى هى غذاء للقلب ونقص من الاموال والانفس ومن مفارقة الاولاد والاهالى والاخوان والاخدان والثمرات .(10/416)
يعنى ثمرات المجاهدات وبشر الصابرين على هذه الاحوال بان عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون الى الحضرة
ومن وصايا لقمان على ما فى كشف الاسرار [ اى بسر مبادا كه ترا كارى ييش آيد ازمحبوب ومكروه كه تونيز در ضمير خود جنان دانى كه خير وصلاح تو در آنست بسر كفت اى بدر من اين عهد نتوانم داد تا آنكه بدانم كه آنجه كفتى جنانست كه توكفتى بدر كفت الله تعالى ييغمبر مى فرستاد است وعلم وبينان آنجه من كفتم باوى است تاهردنو نزديك وى شويم وازوى بيرسيم هردو بيرون آمدند وبر مركوب نشتند وآنجه دربايست بود ازتوشه وزاد سفر برداشتند بيابانى درييش بود مركوب همى راندند تاروز بنماز ييشين رسيد وكرما عظيم بود آب وتوشه سيرى كشت وهيج نماند هر دو ازمر كوب فرود آمدند وبياده بشتاب همى رفتند ن كاه لقمان در بيش نكرست سياهى ديد ودود بادل خويش كفت آن سياهى درخت است وآن دودنشان آبادانى ومردمانكه آنجا وطن كرفته اند همجنان وفتند بشتاب ناكاه بسر لقمان باى براستخوانى نهاد آن استخوان بزير قدم وى برآمد وبيشت باى بيرون آمد بسر بيهوش كشت وبر جاى بيفتاد لقمان دروى آويخت واستخوان بدندان ازياى وى بيرون كرد وعمامة وى باره كرد وبر ياى وى بست لقمان آن ساعت بكريست ويك قطره آب جشم برروى بسم افتاد وبسرروى فرايدر كرد وكفت اى باباى من بكريى بجيزى كه ميكويى كه بهتر من صلاح من در آنست اى بدر جه بهتريست مارا درين حال وتوشه سبرى شد وما هردو درين بيابان متحير ماندان يم اكر توبروى ومرا درين حال بجاى مانى باغم وانديشه روى واكر بامن اينجا مقام كنى كنى برين حال هردو بميريم درين جه بهترست وجه خبرست بدر كفت كريستن من اينجا آنست كه مرا دوست داشتيد كه بهر حظى كه مرا ازدنياست من فداى توكر دمى كه من بدرم ومهربانى بدران برفرزندان معلومست واما آنجه توميكويى كه درين جه خيرست توجه دانى مكر آن بلا كه او توصرف كرده اند خود بزركتر ازين بلاست كه بتو رسانيده اند وباشد كه اين بلا كه بتو رسانيده اند آسانتر از أنست كه ازتو صرف كرده اند ايشان درين سخن بودند كه لقمان فرا ييش نكرست وهيج جيز نديد ازان سواد ودخان بادل خويش بادل خويش كفت من اينجا جيزى ميديدم واكنون نمى بينم ندانم تا آن جه بودنا كاه شخصى را ديدكه مى آمد براسبى نشته وجامة بوشيده آزاداد كه لقمان توبى كفت آرى حكيم تويى كفت جنين ميكويند كفت آن بسربى خردجه كفت اكر آن نبودى كه اين بوى ريد شمارا هردو بزمين فرو بردندى جنانجه آن ديكر انرا فروبردند لقمان روى بايسر كرد وكفت دريافتى وبدانستى كه هر جه بربنده رسد از محبوب ومكروه خيرت وصلاحت در آنست بس هر دو برخاستند ورفتند .(10/417)
عمر خطاب رضى الله عنه از آنجا كفت من باك ندارم كه مامداد بر خيزم بر هر حال باشم بر محبوب يابر مكروه زيراكه من ندايم خيرت من اندر جيست . موسى عليه السلام كفت بار خدايا ازبند كان توكيست بزرك كناهتر كفت آنكس كه مرامتهم دارد كفت آن كيست كفت استخارت كند وزامن بهترئ خويش خواهد آنكه بحكم من رضا ندهد ] قال الصائب
جون سرو در مقام رضا ايستاده ام ... آسوده خاطرم زبهار وخزان خويش(10/418)
وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)
{ ولا تصعر خدك للناس } التصعر التواء وميل فى العنق من خلقة او داء او من كبر فى الانسان وفى الابل . والتصعير امالته عن كبرا كما قال فى تاج المصادر [ التصعير : روى بكردانيدن از كبر ] . وخد الانسان ما اكتنف الانف عن اليمين والشمال او ما جاوز مؤخر العينين الى منتهى الشدق او من لدن المحجر الى اللحى كما فى القاموس . والمعنى اقبل على الناس بجملة وجهك عند السلام والكلام واللقاء تواضعا ولا تحول وجهك عنهم ولا ولا تعظ شق وجهك وصفحته كما يفعله المتكبرون استحقارا للناس خصوصا الفقراء وليكن الغنى والفقير عندك على السوية فى حسن المعاملة
والاشارة لا تمل خدك تكبرا او تجبرا معجبا بما فتح الله عليك فتكون بهذا مفسدا فى لحظة ما اصلحته فى مدة : قال الحافظ
ببال وبر مرو ازره كه تير برتابى ... هوا كرفت زمانى ولى بخاك نشت
{ ولا تمش فى الارض مرحا } المرح اشد الفرح والخفة الحاصلة من النعمة كالاشر والبطر اى حال كونك ذا فرح شديد ونشاط وعجب وخفة اى مشيا كمشى المرح من الناس كما يرى من كثيرهم لا سيما اذا لم يتضمن مصلحة دينية او دنيوية : وبالفارسية [ مخرام جون جاهلان ومانند دنيا برستان ] { ان الله لا يحب كل مختال } الاختيال والخيلاء التكبر عن تخيل فضيلة ومنه لفظ الخيل كما قيل انه لا يركب احد فرسا الاوجد فى نفسه نخوة اى لا يرضى عن المتكبر المتبختر فى مشيته بل يسخط عليه : وبالفارسية [ هرخرا مند كه متكبرا انه رود ] وهو بمقابلة الماشى مرحا { فخور } هو بمقابلة المصعر خده وتأخيره لرعاية الفواصل . والفخر المباهاة فى الاشياء الخارجة عن الانسان كالمال والجاه والفخور الذى يعدد مناقبه تطاولا بها واحتقارا لمن عدم مثلها . والمعنى بالفارسية [ نازش كنندة كه باسباب تنعم بر مردمان تطاول نمايد ]
وفى الحديث « خرج رجل يتبختر فى الجاهلية عليه حلة فامر الله الارض فاخذته فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة »
جو صبيان مباز ... وجوصنوان مناز برو مرد حق شو زروى نياز
قال بعض الحكماء ان افتخرت بفرسك فالحسن والفراهة له دونك . وان افتحرت بثيابك وآلاتك فالجمال لها دونك . وان افتخرت بآبائك فالفضل فيهم لافيك ولو تكلمت هذه الاشياء لقالت هذه محاسننا فما لك من الحسن شئ . فان افتخرت فافتخر بمعنى فيك غير خارج عنك : قال الحافظ
قلندران حقيقت بنيم جو نخرند قباى اطلس آنكس كه ازهنز عار يست
واذا اعجبك من الدنيا شئ فاذكر فناءك وبقاءه او بقاءك وزواله او فناء كما جميعا فاذا راقك ما هو لك فانظر الى قرب خروجه من يدك وبعد رجوعه اليك وطول حسابه عليك ان كنت تؤمن بالله واليوم الآخر حكى انه حمل الى بعض الملوك قد من فيروزج مرصع بالجوهر لم ير له نظير ففرح به الملك فرحا شديدا فقال لمن عنده من الحكماء كيف ترى هذا فقال اراه فقرا حاضرا ومصيبة عاجلة قال وكيف ذلك قال ان انكسر كانت مصيبة لا جبر لها وان سرق صرت فقيرا اليه وقد كنت قبل ان يحمل اليك فى امن من المصيبة والفقر فاتفق انه انكسر القدح يوما فعظمت المصيبة على الملك وقال صدق الحكيم ليته لم يحمل الينا
انما الدنيا كرؤيا فرّحت ... من رآها ساعة ثم انقضت(10/419)
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)
{ واقصد فى مشيك } القصد ضد الافراط والتفريط . والمعنى واعدل فى المشى بعد الاجتناب عن المرح فيه : وبالفارسية [ وميانه باش دررفتن خود ] اى توسد بين الدبيب والاسراع فلا تمش كمشى الزهاد المظهرين الضعف فى المشى من كثرة العبادات وهم المرؤون الذين ضل سعيهم ولا كمشى الشطار ووثوبهم وعليك بالسكينة والوقار وفى الحديث « سرعة المشى تذهب بهاء المؤمن » وقول عائشة رضى الله عنها فى عمر رضى الله عنه كان اذا مشى اسرع فالمراد ما فوق دبيب المتماوت
قال بعضهم ان للشيطان من ابن آدم نزعتين بايتهما ظفر قنع الافراط والتفريط وذلك فى كل شئ يتصور ذلك فيه { واغضض من صوتك } يقال غض صوته وغض بصره اذا خفض صوته وغمض بصره
قال فى المفردات الغض النقص من الطرف والصوت : وبالفارسية [ فرو خوابا نيدن جشم وفروداشتن اواز ] والصوت هو الهواء المنضغط عند قرع جسمين
قال بعضهم الهواء الخارج من داخل الانسان ان خرج بدفع الطبع يسمى نفسا بفتح الفاء وان خرج بالارادة وعرض له تموّج بتصادم جسمين يسمى صوتا واذا عرض للصوت كيفيات مخصوصة باسباب معلومة يسمى حروفا . والمعنى وانقص من صوتك واقصر واخفض فى محل الخطاب والكلام خصوصا عند الامر بالمعروف والنهى عن المنكر وعند الدعاء والمناجاة . وكذلك وصية الله فى الانجيل لعيسى ابن مريم مر عبادى اذا دعونى يخفضوا اصواتهم فانى اسمع واعلم ما فى قلوبهم : وبالفارسية [ فرو آور وكم كن آوز وكم كمن آوز خويش يعنى فرياد كننده ونعره زننده ودراز زبان وسخت كوى مباش ] واستثنى منه الجهر لارهاب العدو ونحوه
وقال محمد بن طلحة فى العقد الفريد قد اختار الحكماء للسلطان جهاره الصوت فى كلامه ليكون اهيب لسامعيه واوقع فى قلوبهم انتهى
وفى الخلاصة لا يجهر الامام فوق حاجة الناس والا فهو مسيئ كما فى الكشف . والفرق بين الكراهة والاساءة هوان الكراهة افحش من الاساءة
وفى انسان العيون لا بأس برفع المؤذنين اصواتهم لتبليغ التكبير لمن بعد عن الامام من المقتدين لما فيه من النفع بخلاف ما اذا بلغهم صوت الامام فوق حاجة الناس والا فهو مسيئ كما فى الكشف . والفرق بين الكراهة والاساءة هوان الكراهة افحش من الاساءة
وفى انسان العيون لا بأس برفع المؤذنين اصواتهم لتبليغ التكبير لمن بعد عن الامام من المقتدين لما فيه من النفع بخلاف ما اذا بلغهم صوت الامام فان التبليغ حينئذ بدعة منكرة باتفاق الائمة الاربعة ومعنى منكرة مكروهة
وفى انوار المشارق المختار عند الاخيار ان المبالغة والاستقصاء فى رفع الصوت بالتكبير فى الصلاة ونحوه مكروه والحالة الوسطى بين الجهر والاخفاء مع التضرع والتذلل والاستكانة الخالية عن الرياء جائز غير مكروه باتفاق العلماء
وقد جمع النووى بين الاحاديث الواردة فى استحباب الجهر بالذكر والواردة فى استحباب الاسرار به بان الاخفاء افضل حيث خاف الرياء او تأذى المصلون او النائمون والجهر افضل فى غير ذلك لان العمل فيه اكثر ولان فائدته تتعدى الى السامعين ولانه يوقظ قلب الذاكر ويجمع همة التفكر ويشنف سمعه ويطرد النوم ويزيد فى النشاط وكان عليه السلام اذا سلم من صلاته قال بصوته الاعلى(10/420)
« لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير »
ومن اللطائف ان الحجاج سأل بعض جلسائه عن ارق الصوت عندهم فقال احدهم ما سمعت صوتا ارق من صوت قارئ حسن الصوت يقرأ كتاب الله فى جوف الليل قال ان ذلك لحسن . وقال آخر ما سمعت صوتا اعجب من ان اترك امرأتى ما خضا واتوجه الى المسجد بكيرا فيأتينى آت فيبشرنى بغلام فقال واحسناه . فقال الحجاج ابيتم يا بنى تميم الاحب الزاد { ان انكر الاصوات } اوحشها واقبحها الذى ينكره العقل الصحيح ويحكم بقبحه وبالفارسية [ زشت ترين آوازها ] { لصوت الحمير } جمع حمار
قال بعضهم سمى حمارا لشدته من قولهم طعنة حمراء اى شديدة وحمارة القيظ شدته وافراد الصوت مع اضافته الى الجمع لما ان المراد ليس بيان حال صوت كل واحد من آحاد هذا الجنس حتى يجمع بل بيان حال صوت هذا الجنس من بين اصوات سائر الاجناس
قال ابو الليث صوت الحمار كان هو المعروف عند العرب وسائر الناس بالقبح وان كان قد يكون ما سواه اقبح منه فى بعض الحيوان وانما ضرب الله بما هو معروف عند الناس بالقبح لان اوله زفير وآخره شهيق كصوت اهل النار يتوحش من يسمعه ويتنفر منه كل التنفر . والمعنى ان انكر اصوات الناس حين يصوتون ويتكلمون لصوت من يصوّت صوت الحمار اى يرفع صوته عند التصويت كما يرفع الحمار صوته . ففيه تشبيه الرافعين اصواتهم فوق الحاجة بالحمير حميرا واصواتهم نهاقا ثم اخلاء الكلام عن لفظ التشبيه واخراجه مخرج الاستعارة وجعلهم حميرا واصواتهم نهاقا مبالغة شديدة فى الذم والزجر عن رفع الصوت فوق الحاجة وتنبيه على انه من المكاره عند الله لا من المحاب
قال الكاشفى [ يعنى در ارتفاع صوت فضيلتى نيست جو صوت حمار باوجود رفعت مكروهست طباع را وموجب وحشت اسماع است . درعين المعانى آورده كه مشركان عرب برفع اصوات تفاخر ميكر دندى بدين آيت رد كرد برايشان فخرايشان ]
يقول الفقير ان الرد ليس بمنحصر فى رفع الصوت بل كل ما فى وصايا لقمان من نهى الشرك وما يليه ردلهم لانهم كانوا متصفين بالشرط وسائر ما حكى من الاوصاف القبيحة آتين بالسيآت تاركين للصلاة والامر بالمعروف والنهى عن المنكر جزعين عند المصيبات والحمار مثل فى الذم سيما نهاقه لذلك كنى عنه فيقال طويل الاذنين
قال سفيان الثورى رحمه الله تعالى صوت كل شئ تسبيح الاصوت الحمير فانها تصيح لرؤية الشيطان ولذلك سماه منكرا وفى الحديث(10/421)
« اذا سمعتم نهاق الحمير » وهو بالضم صوتها ( فتعوّذوا بالله من فضله فانها رأت ملكا ) وفى الحديث دلالة على نزول الرحمة عند حضور اهل الصلاح فيستحب الدعاء فى ذلك الوقت وعلى نزول الرحمة عند حضور اهل الصلاح فيستحب الدعاء فى ذلك الوقت وعلى نزول الغضب عند اهل المعصية فيستحب التعوذ كما فى شرح المشارق لابن الملك
يقول الفقير ومن هنا قال عليه السلام « يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب » اى يقطع كمالها وينقصها مرور هذه الاشياء بين يدى المصلى . اما المرأة فلكونها احب الشهوات الى الناس واشد فسادا للحال من الوسواس . واما الكلب والمراد الكلب الاسود فلكونه شيطانا كما قال عليه السلام « الكلب الاسود شيطان » سمى شيطانا لكونه اعقر الكلاب واخبثها واقلها نفعا واكثرها نعاسا ومن هذا احمد بن حنبل لا يحل الصيد به . واما الحمار فلكونه الشيطان قد تعلق بذنبه حين دخل سفينة نوح عليه السلام فهو غير مفارق عنه فى اكثر الاوقات وهو السر فى اختصاص الحمار برؤية الشيطان والله اعلم كما ان وجه الاختصاص الديك برؤية الملك كون صياحه تابعا لصياح ديك العرش كما ثبت فى بعض الروايات الصحيحة فالملك غير مفارق عنه فى غالب الحالات وفى الحديث « ان الله يبغض ثلاثة اصواتها نهقة الحمير ونباح الكلب والداعية بالحرب »
[ ورد فيه ما فيه ازحضرت مولوى قدس سره وجه انكريت صوت حمار جنين نقل كرده اندكه درغالب او براى كاه وجوست . ويا بجهت اجراء شهوت . ياجنك بادراز كوش ديكر . وصدايى كه ازغلبة صفات بهيمى زايد زشت ترين باشد وازنيجا معلوم ميشود كه ندايى كه از صاحب اخلاق روحانى وملكى آيد خوبترين نداها خواهد بود نغمهاى عاشقانه بس دلكش است استماع نغمة ايشان خوش وحضرت رسالت عليه السلام آواز نرم را دوست داشتى وجهر صوت را كاره بودى ] ودخل فى الصوت المنكر العطسة المنكره فلتدفع بقدر الاستطاعة وكذا الزفزات والشهقات الصادرة من اهل الطبيعة والنفس بدون غلبة الحال فانها ممزوجة بالحظوظ مخلوطة بالرياء فلا تكون صيحة حقيقة بل صيحة طبيعة ونفس نعوذ بالله من شهوات الطبيعة وهوى النفس ومخالطة اهل الدعوى
قال بعضهم فى الآية اشارة الى الذى يتكلم فى لسان المعرفة من غير اذن من الحق وقبل اوانه ومن تصدر قبل اوانه تصدى لهوانه
ثم من وصايا لقمان على ما فى كشف الاسرار قوله [ اى بسر جون قدرت يابى برظلم بندكان قدرت خداى برعقوبت خود يادكن واز انتقام وى بينديش كه او جل جلاله منتقم است دادستان از كردن كشان وكين خواه از ستمكاران وبحقيقت دان كه ظلم تو ازان مظلوم فرا كذرد وعقوبة الله بر ان ظلم برتو بماند وباينده بود ] : قال الشيح سعدى قدس سره(10/422)
شنيدم كه لقمان سيه فام بود ... نه تن برور ونازك اندام بود
يكى بندة خويش بنداشتش ... ببغداد دركار كل داشتش
به سالى سراني بير داختش ... كس ازبندة خواجه نشناختش
جوييش آمدش بنددة رفتة باز ... زلقمانش آمد نهيبى فراز
به بايش درافتاد وبوزش نمود ... بخنديد لقمان كه بوزش حجه سود
بسالى زجورت جكر خون كنم ... بيك ساعت ازدل بدر جون كنم
وليكن بجخشايم اى نيك مرد ... كه سود تومارا زيانى نكرد
تو آباد كردى شبستان خويش ... مرا حكمت ومعرفت كشت بيش
غلاميست درخيم اى نيك بخت ... كه فرمايمش وقتها كار سخت دكرره نيازارمش سخت دل جو آيدم سختئ كار كل
هر آنكس كه جور بزركان نبرد ... نسوزد دلش برضعيفان خرد
كه از حا كمان سخت آيد سخن ... تو برزير دستان درشتى مكن
مهازور مندى مكن بركهان ... كه بريك نمط مى نماند جهان
[ لقمانرا كفتند ادب ازكه آموختى كفت ازبى ادبان كه هرجه از ايشان در نظرم نايسند آمد ازان فعل برهيز كردم ]
نكويند ازسر بازيجه جرفى ... كزان يندى نكيرد صاحب هوش
وكر صد باب حكمت بيش نادان ... بخوانند آيدش بازيجه در كوش
وعن على رضى الله عنه الحكمة ضالة المؤمن فالتقفها ولو من افواه المشركين : يعنى [ مرد مؤمن هميشه طالب حكمت بود حنانكه طالب كم خويش بود ] قال عيسى عليه السلام لا تقولوا العلم فى السماء من يصعد يأتى به ولا فى تخوم الارض من ينزل يأتى به ولا من وراء البحر من يعبر يأتى به العلم مجعول فى قلوبكم تأدبوا بين يدى الله بآداب الروحانيين يظهر عليكم كما فى شرح منازل السائرين . ومن آداب الروحانيين ترك الامور الطبيعية والقيام فى مقام الصمدية [ عابدى را حكايت كنند كه هر شب ده من طعام . بخوردى وتا بسحر ختمى درنماز بكردى صاحب دلى بشنيد وكفت اكر نيم من بخوردى وبخفتى بسيار ازين فاضلتر بودى ]
اندرون از طعام خالى دار ... تادرو نور معرفت بينى
تهى ازحكمتى بعلت آن ... كه برى ازطعام تابينى
واعلم ان الحكمة قد تكون متلفظا بها كالاحكام الشرعية المتعلقة بظواهر القرآن وقد تكون مسكوتا عنها كالاسرار الالهية المستورة عن غير اهلها المتعلقة ببواطن القرآن فمن لج فى الطلب من طريقه ولج فى المعرفة بفضل الله تعالى وتوفيقه(10/423)
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20)
{ ألم تروا } ألم تعلموا با بنى آدم { ان الله سخر لكم } التسخير سياقة الشئ الى الغرض المختص به قهرا { ما فى السموات } من الكواكب السيارة مثل الشمس والقمر وغيرهما والملائكة المقربين بان جعلها اسبابا محصلة لمنافعكم ومراداتكم فتسخير الكواكب بان الله تعالى سيرها فى البروج على الافلاك التى دبر لكل واحد منها فلكا وقدر لها القرانات والاتصالات وجعلها مدبرات العالم السفلى من الزمانى مثل الشتاء والصيف والخريف والربيع ومن المكانى مثل المعدن والنبات والحيوان والانسان وظهور الاحوال المختلفة بحسب سير الكواكب على الدوام لمصالح الانسان ومنافعهم منها
قال الكاشفى [ رام ساخت براى نفع شما آنجه در آسمانها ست از آفتاب وماه وستاره تاز روشنئ ايشان بهره مندشويد ]
زمشرق بمغرب مه وآفتاب ... روان كرد وكسترد كيتى بر آب
[ واز ستار تابد ايشان راه بريد ] كما قال تعالى { وبالنجم هم يهتدون } وتسخير الملائكة بان الله تعالى من كمال قدرته وحكمته جعل كل صنف من الملائكة موكلين على نوع من المدبرات وعونالها كالملائكة الموكلين على الشمس والقمر والنجوم وافلاكها والموكلين عل الحساب والمطر
وقد جاء فى الخبر ان على كل قطرة من المطر موكلا من الملائكة لينزلها حيث امرو الموكلين على البحور والفلوات والرياح والملائكة الكتاب للناس الموكلين عليهم ومنهم المعقبات من بين ايديهم ومن خلفهم يحفظونهم من امرالله حتى جعل على الارحام ملائكة فاذا وقعت نطفة الرجل فى الرحم يأخذها الملك بيده اليمنى واذا وقعت نطفة المرأة يأخذها الملك بيده اليسرى فاذا امر بمشجها يمشج النطفتين وذلك قوله تعالى { انا خلقنا الانسان من نطفة امشاج } والملائكة الموكلين على الجنة والنار كلهم مسخرون لمنافع الانسان ومصالحهم حتى الجنة والنار مسخرتان لهم تطميعا وتخويفا لانهم يدعون ربهم خوفا وطمعا وكذا سخر ما فى سموات القلوب من الصدق والاخلاص والتوكل واليقين والصبر والشكر وسائر المقامات القلبية والروحانية المواهب الربانية وتسخيرها بان يسر لمن يسر له العبور عليها بالسير والسلوك المتداركة بالجذبة والانتفاع بمنافعها والاجتناب عن مضارها { وما فى الارض } من الجبال والصحارى والبحار والانهار والحيوانات والنباتات والمعادن بان مكنكم من الانتفاع بها بوسط او بغير وسط وكذا سخر ما فى ارض النفوس من الاوصاف الذميمة مثل الكبر والحسد والحقد والبخل والحرص والشره والشهوة وغيرها وتسخيرها بتبديلها بالاخلاق الحميدة والعبور عليها والتمتع بخواصها محترزا عن آفاتها { واسبغ عليكم } اتم واكمل { نعمه } جمع نعمة وهى فى الاصل الحالة الطيبة التى يستلذها الانسان فاطلقت للامور اللذيذة الملائمة للطبع المؤدية الى تلك الحالة الطيبة { ظاهرة } اى حال كون تلك النعم محسوسة مشاهدة مثل حسن الصورة وامتداد القامة وكمال الاعضاء
دهد نطفة را صورتى جون برى ... كه كر دست بر آب صور تكرى(10/424)
والحواس الظاهرة من السمع والبصر والشم والذوق واللمس والنطق وذكر اللسان والرزق والمال والجاه والخدم والاولاد والصحة والعافية والامن ووضع الوزر ورفع الذكر والادب الحسن ونفس بلا ذلة وقدم بلا ذلة والاقرار والاسلام من نطق الشهادة والصلاة والصوم والزكاة والحج والقرآن وحفظه ومتابعة الرسول والتواضع لاولياء الله والاعراض عن الدنيا ويبين آياته للناس وانتم الاعلون يعنى النصرة والغلبة وغير ذلك مما يعرفه الانسان { وباطنة } ومعقولة غير مشاهدة بالحس كنفخ الروح فى البدن واشراقه بالعقل والفهم والفكر والمعرفة وتزكية النفس عن الرذائل وتحلية القلب بالفضائل ولذا قال عليه السلام « اللهم كما حسنت خلقى فحسن خلقى » ومحبة الرسول وزينه فى قلوبكم والسعادة السابقة واولئك المقربون وشرح الصدر وشهود المنعم وامداد الملائكة فى الجهاد ونحوه وصحة الدين والبصيرة وصفاء الاحوال والولاية فانها باطنة بالنسبة الى النبوة والفطرة السليمة وطلب الحقيقة والاستعداد لقبول الفيض واتصال الذكر على الدوام والرضى والغفران وقلب بلا غفلة وتوجه بلا علة وفيض بلا قلة
وعن ابن عباس رضى الله عنهما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ما هذه النعمة الظاهرة والباطنة قال « اما الظاهرة فالاسلام وما حسن من خلقك وما افضل عليك من الرزق واما الباطنة فما ستر من سوء عملك ولم يفضحك به »
دبس برده بيند عملهاى بد ... هم او برده بوشد بآلاى خود
( يا ابن عباس يقول الله تعالى انى جعلت للمؤمن ثلث صلاة المؤمنين عليه بعد انقطاع عمله اكفر به عنه خطاياه له ثلث ماله ليكفر به عنه خطاياه وسترت عليه سوء عمله الذى لوقد اريته للناس لنبذه اهله فمن سواهم ) { ومن الناس } اى وبعض الناس فهو مبتدأ خبره قوله { من يجادل } ويخاصم يقال جدلت الحبل اذا احكمت فتله ومنه الجدال فكأن المتجادلين يفتل كل واحد منهما الآخر عن رأيه { فى الله } فى توحيده وصفاته ويميل الى الشرك حيث يزعم ان الملائكة بنات الله
وقال الكاشفى { فى الله } [ در كتاب خداى يعنى نضر بن الحارث كه ميكفت افسانة ييشينيانست . ودر عين المعانى آورده كه يكى از يهود از حضرت رسالت بناه عليه السلام برسيدكه خداى تو ازتو جيزست فى الحال اورا صاعقه كرفت واين آيت آمدكه كسى بودكه مجادلة كند در ذات حق ] { بغير علم } مستفاد من دليل { ولا هدى } { ولا كتاب } انزله الله تعالى { منير } مضيء له بالحجة بمجرد التقليد(10/425)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21)
{ واذا قيل لهم } اى لمن يجادل والجمع باعتبار المعنى { اتبعوا ما انزل الله } على نبيه من القرآن الواضح والنور البين فآمنوا به { قالوا بل نتبع ما وجدنا آباءنا } الماضين يريدون به عبادة الاصنام يقول الله تعالى فى جوابهم { أولو كان الشيطان يدعوهم } الاستفهام للانكار والتعجب من التعلق بشبهة هى فى غاية البعد من مقتضى العقل والضمير عائد الى الآباء والجملة فى حيز النصب على الحالية . والمعنى أيتبعونهم ولو كان الشيطان يدعوهم بما هم عليه من الشرك { الى عذاب السعير } فهم مجيبون اليه حسبما يدعوهم والسعر التهاب النار وعذاب السعير اى الحميم كما فى المفردات
وفى الآية منع صريح من التقليد فى الاصول اى التوحيد والصفات والتقليد لغة وضع الشئ فى العنق صريح من التقليد فى الاصول اى التوحيد والصفات والتقليد لغة وضع لاشئ فى العنق محيطا به ومنه القلادة ثم استعمل فى تفويض الامر الى الغير كأنه ربطه بعنقه واصطلاحا قبول قول الغير بلا حجة فيخرج الاخذ بقوله عليه السلام لانه حجة فى نفسه
وفى التعريفات التقليد عبارة عن اتباع الانسان غيره فيما يقول او يفعل معتقداً للحقية فيه من غير نظر وتأمل فى الدليل كأن هذا المتبع جعل قول الغير او فعله قلادة فى عنقه انتهى .
فالتقليد جائز فى الفروع والعمليات ولا يجوز فى اصول الدين والاعتقادات بل لا بد من النظر والاستدلال لكن ايمان المقلد ظاهر عند الحنفية والظاهرية وهو الذى اعتقد جميع ما يجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وارسال الرسل وما جاؤوا به حقا من غير دليل لان النبى عليه السلام قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والاماء من غير تعليم الدليل ولكنه يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوب عليه
قال فى فصل الخطاب من نشأ فى بلاد المسلمين وسبح الله عند رؤية صنائعه فهو خارج عن حد التقليد يعنى ان مثل هذا المقلد لو ترك الاستدلال لا يأثم كمن فى شاهق جبل فان تسبيحه عند رؤية المصنوعات عين الاستدلال فكأنه يقول الله خالق هذا النمط البديع ولا يقدر احد غيره ذلك فالاستدلال هو الانتقال من المصنوع الى الصانع لا ملاحظة الصغرى والكبرى وترتيب المقدمات للانتاج على قاعدة المعقول وعلى هذا فالمقلد فى هذا الزمان نادر
وفى الآية اشارة الى ان من سلك طريق المعرفة بالعقل القاصر فهو مقلد لا يصح الاقتداء به
خواهى بصوب كعبة تحقيق ره برى ... بى بربى مقلد كم كرده ره مرو
فلا بد من الاقتداء بصاحب ولاية عالم ربانى واقف على اسرار الطريقة عارف بمنازل عالم الحقيقة مكاشف عن حقائق القرآن مطلع على معانى الفرقان فانه يخرج باذن الله تعالى من الظلمات الانسانية الى النور الربانى ويخلص من عذاب النفس الامارة ويشرف بنعيم القلب فان كان مطلبك ايها السالك هو المطلب الحقيقى فان طريقه بعيد وبرازخ منازله كثيرة لا يقدر اهل الجدل وارباب العقول المشوبة بالوهم والخيال والشبهات على دلالة تلك الطريق فأين الثريا من يد المتطاول فهم انما يصيدون الريح لا العنقاء فى قاف الوجود وحقائق الوجود لا يعرفها الا اهل المعرفة والشهود نسأل الله سبحانه ان يجعلنا واياكم من العاملين باحكام القرآن العظيم والمتأدبين بآداب الكلام القديم والواصلين الى انواره والمصاحبين بمن يتحقق باسراره(10/426)
وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22)
{ ومن يسلم وجهه الى الله } من شرطية معناها بالفارسية [ هركه ما ] واسلم اذا عدى بالى يكون بمعنى سلم واذا عدى باللام تضمن معنى الاخلاص والوجه بمعنى الذات . والمعنى ومن يسلم نفسه الى الله تسليم المتاع للعامل بان فوض امره اليه واقبل بكليته عليه { وهو محسن } والحال انه محسن فى عمله آت به على الوجه اللائق الذى هو حسنه الوصفى المستلزم لحسنه الذاتى ولا يحصل ذلك غالبا الا عن مشاهدة ولذا فسر النبى عليه السلام الاحسان بان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك { فقد استمسك بالعروة الوثقى }
قال فى المفردات امساك الشئ التعلق به وحفظه واستمسكت بالشئ اذا تحركت بالامساك انتهى .
والاستمساك بالفارسية [ جنك درزدن ] كما فى تاج المصادر . والعروة بالضم ما يعلق به الشئ من عروته بالكسر اى ناحيته والمراد مقبض نحو الدلو والكوز . والوثقى الموثقة المحكمة تأنيث الاوثق كالصغرى تأنيث الاصغر والشئ الوثيق ما يأمن صاحبه من السقوط . والمعنى فقد تعلق باوثق ما يتعلق به من الاسباب واقواه : وبالفارسية [ دست درزد استوارتر كوشة وبدست آويز محكم ] وهو تمثيل لحال المتوكل المشتغل بالطاعة بحال من اراد ان يترقى الى شاهق جبل فتمسك باوثق عرى الحبل المتدلى منه بحيث لا يخاف انقطاعه { والى الله } لا الى احد غيره { عاقبة الامور } عاقبة امر المتوكل وامر غيره فيجازيه احسن الجزاء : وبالفارسية [ وبالله كردد سر انجام همه كار وجنان بود كه او خواهد ](10/427)
وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23)
{ ومن كفر } [ وهركه نكردد جنك در عروة وثقى نزند ] { فلا يحزنك كفره } فانه لا يضرك فى الدنيا والآخرة يقال احزنه من المزيد ويحزنه من الثلاثى واما حزن الثلاثى ويحزن المزيد فليس بشائع فى الاستعمال { الينا } لا الى غيرنا { مرجعهم } رجوعهم ومعنى الرجوع الى الله الرجوع الى حيث لا حاكم ولا مالك سواه { فننبئهم بما عملوا } فى الدنيا من الكفر والمعاصى بالعذاب والعقاب وجمع الضمائر الثلاثة باعتبار معنى من كما ان الافراد فى الموضعين باعتبار لفظه { ان الله عليم بذات الصدور } اى الضمائر والنيات المصاحبة بالصدر فيجازى عليها كما يجازى على الاعمال الظاهرة(10/428)
نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (24)
{ نمتعهم } اى الكافرين بمنافع الدنيا { قليلا } تمتيعا قليلا او زمانا قليلا : وبالفارسية [ برخور دارى دهم ايشانرا بنعمت وسرور زمانى اندك كه زود انقطاع يابد ] فان ما يزول وان كان بعد امد طويل بالنسبة الى ما يدوم قليل { ثم نضطرهم } الاضطرار حمل الانسان على ما يضره وهو فى التعارف حمل على امر يكرهه اى نجلئهم ونردهم فى الآخرة قهرا : وبالفارسية [ بس بياريم ايشانرا به بيجاركى يعنى ناجار بيايند ] { الى عذاب غليظ } يثقل عليهم ثقل الاجرام الغلاظ او نضم الى الاحراق الضغط والتضييق
وفى التأويلات النجمية غلظة العذاب عبارة عن دوامة الى الابد انتهى .
والغليظ ضد الرقيق واصله ان يستعمل فى الاجسام لكن قد يستعار للمعانى كما فى المفردات(10/429)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25)
{ ولئن سألتهم } اى الكافرين { من خلق السموات والارض } اى الاجرام العلوية والسفلية { ليقولن } خلقهن { الله } لغاية وضوح الامر بحيث اضطروا الى الاعتراف به { قل الحمد لله } على ان جعل دلائل التوحيد بحيث لا يكاد ينكرها المكابرون ايضا { بل اكثرهم لا يعلمون } شيأ من الاشياء فلذلك لا يعملون بمقتضى اعترافهم بان يتركوا الشرك ويعبدوا الله وحده(10/430)
لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26)
{ لله ما فى السموات والارض } فلا يستحق العبادة فيهما غيره { ان الله هو الغنى } بذاته وصفاته قبل خلق السموات والارض وبعده لا حاجة به فى وجوده وكماله الذاتى الى شئ اصلا وكلمة هو للحصر اى هو الغنى وحده وليس معه غنى آخر دليله قوله { والله الغنى وانتم الفقراء } المحمود فى ذاته وصفاته وان لم يكن حامد فهو الحامد لنفسه
اى غنى درذات خود ازما سواى خويشتن ... خود توميكريى بحمد خود ثناى خويشتن
وفى الاربعين الادريسية يا حميد الفعال ذا المنّ على جميع خلقه بلطفه
قال السهروردى رحمه الله من داوم على هذا الذكر يحصل له من الاموال ما لا يمكن ضبطه
وفى الآيات امور
منها ان التفويض والتوكل واخلاص القصد والاعراض عما سوى الله والاقبال على الله بالتوحيد والطاعة من موجبات حسن العاقبة وهى الجنة والقربة والوصلة كما ان الكفر والشرك والرياء والسمعة من اسباب سوء العاقبة وهى النار والعذاب الغليظ والفرقة والقطيعة : قال الشيخ العطار قد سره
زر وسيم وقبول كار وبارت ... نيايد دردم آخر بكارت
اكر اخلاص باشد آن زمانت ... بكار آيد وكرنه واى جانت
وفى البستان
شنيدم كه ن بالغى روزه داشت ... بصد محنت آورد روزى بجاشت
يدر ديده بوسيد وما درسرش ... فشاندند بادام وزر برسرش
جو بروى كذر كرديك نيم روز ... فتاد اندر روز آتش معده سوز
بدل كفت اكر لقمه جندى خورم ... جه داند بدر غيب يا مادرم
جو روى بسر دربدر بود وقوم ... نهان خورد وييدا بسر برد صوم
بس اين يير ازان طفل ناد انترست ... كه ازبهر مردم بطاعت درست
فالتمسك باحكام الدين هى العروة الوثقى لاهل اليقين فانها لا تنفصم بخلاف سائر العرى
ومنها ان ليس لعمر الدنيا بقاء بل هى ساعة من الساعات
فعلى العاقل ان لا يغتر بالتمتع القليل بل يتأهب لليوم الطويل
دريغا كه بكذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دمى جندنيز
كنون وقت تخمست اكر بروى ... كر اميد دارى كه خرمن برى
ومنها ان الله تعالى قدر المقادير ودبر الامور فالكل يجرى فى الافعال والاحوال على قضائه وقدره وليس على الناصح الا التبليغ دون الجبر والحزن على عدم القبول فان الحجر لا يصير مرآة بالصيقل
توان باك كردن ززنك آينه ... وليكن نيايد زسنك آينه
ومنها ان عدم الجريان بموجب العلم من الجهل فى الحقيقة
كر همه علم عالمت باشد ... بى عمل مدعى وكذابى
ومنها ان الله تعالى خلق الخلق ليربحوا عليه لا ليربح عليهم فمنفعة الطاعات والعبادات راجعة الى العباد لا الى الله تعالى اذهو غنى عن العالمين لا ينتفع بطاعاتهم ولا يتضرر بمعاصيهم فهو يمنّ عليهم ان هداهم للايمان والطاعات وليس لهم ان يمنوا عليه باسلامهم جعلنا الله واياكم من عباد المخلصين وحفظنا فى حصنه الحصين من عونه وتوفيقه الرصين(10/431)
وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)
{ ولو ان ما فى الارض من شجرة اقلام } جواب لليهود حين سألوا الحصين رسول الله صلىلله عليه وسلم او امروا وفد قريش ان يسألوه عن قوله { وما اوتيتم من العلم الا قليلا } وقد انزل التوراة وفيها علم كل شئ يعنى ان علم التوراة وسائر ما اوتى الانسان من الحكمة والمعرفة وان كان كثيرا بالنسبة اليهم لكنه قطرة من بحر علم الله
وقال قتادة قال المشركون ان القرآن يوشك ان ينفد وينقطع فنزلت . وقوله من شجرة حال من الموصول وهى ماله ساق وتوحيدها لما ان المراد تفصيل الاحاد يعنى ان كل فرد من جنس الشجر بحيث لا يبقى منه شئ لو برى قلما واصل القلم القص من الشئ الصلب كالظفر وخص ذلك بما يكتب به
وفى كشف الاسرار سمى قلما لانه قط رأسه والاقاليم القطعة من الارض وتقليم الاظفار قطعها . والفرق بين القط ولقدّ ان القط القطع عرضا والقدّ القطع طولا والقطع فصل الجسم بنفوذ جسم آخر فيه . والمعنى لو ثبت ان الاشجار اقلام { والبحر } اى والحال ان البحر المحيط بسعته وهو البحر الاعظم الذى منه مادة جميع البحار المتصلة والمنقطعة وهو بحر لا يعرف له ساحل ولا يعلم عمقه الا الله تعالى والبحار التى على وجه الارض خلجان منه وفى هذا البحر عرش ابليس لعنه الله وفيه مدائن تطفو على وجه الماء واهلها من الجن فى مقابلة الربع الخراب من الارض وفى هذا البحر ينبت شجر المرجان كسائر الاشجار فى الارض وفيه من الجزائر المكسونة والخالية ما لا يعلمه الا الله تعالى وهو اى البحر مبتدأ خبره قوله { يمده } اى يزيده وينصب فيه من بعد نفاده وفنائه { سبعة ابحر } نحو بحر الصين وبحر تبت كسكر على ما فى القاموس وبحر الهند وبحر السند وبحر فارس وبحر الشرق وبحر الغرب والله اعلم
قال فى اسئلة الحكم ان الله زين الدنيا بسبعة ابحر وسبعة اقاليم انتهى ولم يتعرضوا لتعداد الابحر فيما رأينا وقد استخرجناها من موضعها بطريق التقريب واجرينا القلم فيها ويحتمل ان يكون المراد الانهار السبعة من الفرات ودجلة وسيحان وسيحون وجيحان وجيحون والنيل لان البحر عند العرب هو الماء الكثير
وقال الكاشفى { سبعة ابحر } [ هفت درياى ديكر مانند او ] انتهى فيكون ذكر العدد للتكثير كما لا يخفى
وفى الارشاد اسناد المد الى الابحر السبعة دون السبعة دون البحر المحيط مع كونه اعظم منها واطم لانها هى المجاورة للجبال ومنابع المياه الجارية واليها تنصب الانهار العظام اولا ومنها تنصب الى البحر المحيط ثانيا . والمعنى يمده الابحر السبعة مدا لا ينقطع ابدا وكتبت بتلك الاقلام وبذلك المداد كلمات الله { ما نفدت كلمات الله } اى ما فنيت متعلقات علمه وحكمته ونفدت تلك الاقلام والمداد وقد سبق تحقيقه فى اواخر سورة الكهف عند قوله تعالى(10/432)
{ قل لو كان البحر مدادا } الآية وايثار جمع القلة فى الكلمات للايذان بان ما ذكر لا يفى بالقليل منها فكيف بالكثير
وفى التأويلات النجمية اى لوان ما فى الارض من الاشجار اقلام والبحر يصير مدادا وبمقدار ما يقابله ينفق القرطاس ويتكلف الكتاب حتى تنكسر الاقلام وتفنى البحار وتستوفى القراطيس ويفنى عمر الكتاب ما نفدت معانى كلام الله تعالى لان هذه الاشياء وان كثرت فهى متناهية ومعانى كلامه لا تتناهى لانها قديمة والمحصور لا يفى بما لا حصر له انتهى وقد قصر من جعل الارض قرطاسا
وفى الاية اشارة ظاهرة الى قدم القرآن فان عدم التناهى من خاصية القديم . وجاء فى حق القرآن ( ولا تنقضى عجائبه ) اى لا ينتهى احد الى كنه معانيه العجيبة وفوائده الكثيرة
وفى الآية اشارة ايضا الى ان كلمات الحكماء الالهية وعلومهم لا تنقطع ابدا لانها من عيون الحكمة كما ان ماء العين لا ينقطع عن عينه وكيف ينقطع وحكمة الحكيم تلقين من رب العالمين وفيض من خزائنه وخزائنه لا تنفد كما دلت عليه الآية ولبعض العارفين تجلى برقّى يعطى فى مقدار طرفة عين من العلوم مالا نهاية له واذا كان حاله هذا فى جزء يسير من الزمان فما ظنك بحاله فى مدة عمره { ان الله عزيز } لا يعجزه شئ { حكيم } لا يخرج عن علمه وحكمته امر فلا تنفد كلماته المؤسسة عليهما . وخاصية الاسم العزيز وجود الغنى والعز صورة ومعنى فمن ذكره اربعين يوما فى كل يوم اربعين مرة اغناه الله واعزه فلم يحوجه الى احد من خلقه والتقرب بهذا الاسم فى التمسك بمعناه وذلك برفع الهمة عن الخلائق وهو عزيز جدا . وخاصية الاسم الحكيم دفع الدواهى وفتح باب الحكمة من اكثر ذكره صرف عنه ما يخشاه من الدواهى وفتح له باب من الحكمة والتقرب بهذا الاسم تعلقا ان تراعى حكمته فى الامور مقدما ما جاء شرعا ثم عادة فتسلم من معارض شرعى وتخلقا ان تكون حكيما والحكمة فى حقنا الاصابة فى القول والعمل وقد سبق فى اول قصة لقمان
واعلم ان فى خلق البحار والانهار والجزائر ونحوها حكما ومصالح تدل على عظم ملكه تعالى وسعة سلطانه وليس من بر ولا بحر الا وفيه خلق من خلائق يعبد الله تعالى على ان الاسكندر وصل الى جزيرة الحكماء وهى جزيرة عظيمة فرأى بها قوما لباسهم ورق الشجر وبيوتهم كهوف فى الصخر والحجر فسألهم فى الحكمة فاجابوا باحسن جواب وألطف خطاب لما انهم من مظاهر الاسم الحكيم فقال لهم سلوا حوائجكم لتقضى فقالوا له نسألك الخلد فى الدنيا فقال وانى به لنفسى ومن لا يقدر على نفس من انفاسه كيف يبلغكم الخلد فقال كبيرهم نسألك صحة فى ابداننا ما بقينا فقال هذا ايضا لا اقدر عليه قالوا فعرفنا بقية اعمارنا فقال لا اعرف ذلك لروحى فكيف بكم فقالوا له فدعنا نطلب ذلك ممن يقدر على ذلك واعظم من ذلك وجعل الناس ينظرون الى كثرة الجنود اى جنود الاسكندر وعظمة موكبه وبينهم شيخ صعلوك لا يرفع رأسه فقال الاسكندر مالك لا تنظر الى ما ينظر اليه الناس قال الشيخ ما اعجبنى الملك الذى رأيت قبلك حتى انظر اليك والى ملكك فقال الاسكندر وماذاك قال الشيخ كان عندنا ملك وآخر صعلوك فماتا فى يوم واحد فغبت عنهما مدة ثم جئت اليهما واجتهدت ان اعرف الملك من المسكين فلم اعرفه فتركهم وانصرف : قال الشيخ العطار قدس سره(10/433)
جه ملكت اين وتوجه بادشاهى ... كه باشير اجل بر مى نيايى
اكر تو فى المثل بهرام زورى ... بروزوا بسين بهرام كورى
جو ملك اين جهان ملكى رونده است ... بملك آن جهان شد هركه زنده است
اكر آن ملك خواهى اين فداكن ... كه بابراهيم ادهم اقتداكن
رباط كهنة دنيا در انداخت ... جهاندارى بدرويشى فروباخت
اكرجه ملك بادشا ييست ... ولى جون بنكرى اصلش كدا ييست(10/434)
مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)
{ ما خلقكم }
قال مقاتل وقتادة ان كفار قريش قالوا ان الله خلقنا اطوارا نطفة علقة مضغة لحما فكيف يبعثنا خلقا جديدا فى ساعة واحدة فانزل الله هذه الآية وقال ما خلقكم ايها الانسان مع كثرتكم
وقال الكاشفى [ نيست آفريدن شما اى اهل مكة ] { ولا بعثكم } احياؤكم واخراجكم من القبور : وبالفارسية [ ونه برانكيختن شما بعد ازمرك ] { الا كنفس واحدة } الا كخلقها وبعثها فى سهولة الحصول اذ لا يشغله شأن عن شأن لانه يكفى لوجود الكل تعلق ارادته وقدرته قلوا او كثروا ويقول كن فيكون
وقال الكاشفى : يعنى [ حق سبحانه وتعالى در خلق اشيا بآلات وادوات احتياج ندارد بلكه اسرافيل را كويد بكوبر خيزنداز كورها بيك دعوت او همه خلائق از كور بابيرون آيند ] ومثاله فى الدنيا ان السلطان فيدخل فيه ما قالوا فى امر الخلق والبعث مما يتعلق بالانكار والاستبعاد { بصير } يبصر كل مبصر لا يشغله علم بعضها عن بعض فكذلك الخلق والبعث
وقال بعضهم بصير باحوال الاحياء والاموات
بس بقدرت جنين كس عجزراراه نيست ... قدرت بى عجز ندادى بكس ... قدرت بى عجز تودارى بس ...(10/435)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29)
{ ألم تر } ألم تعلم يا من يصلح للخطاب علما قويا جاريا مجرى الرؤية { ان الله } بقدرته وحكمته { يولج الليل فى النهار } الولوج الدخول فى مضيق والايلاج الادخال اى يدخل الليل فى النهار ويضيفه اليه بان يزيد من ساعات الليل فى ساعات النهار صيفا بحسب مطالع الشمس ومغاربها : يعنى [ ازوقت نزول آفتاب بنقطة شتوى تازمان حلول او بنقطة انقلاب صيفى ازا جزاى شب مى كاهد ودر اجزاى روز مى افزايد تاروزى كه دراول جدى اقصر ايام سنة دراول سرطان اطول ايام سنة ميشود ] يعى يصير النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات
قال عبد الله بن سلام اخبرنى يا محمد عن الليل لم سمى ليلا قال « انه منال الرجال من النساء جعله الله الفة ومسكنا ولباسا » قال صدقت يا محمد ولم سمى النهار نهار قال « لانه محل طلب الخلق لمعايشهم ووقت سعيهم واكتسابهم » قال صدقت { ويولج النهار فى الليل } اى يدخله فيه ويضم بعض اجزائه اليه بان يزيد من ساعات النهار فى ساعات الليل شتاء بحسب المطالع والمغارب : يعنى [ درباقى سنة ازجزاى روز كم مى كند واجزاى شب را بدان زياده مى زاد تاشبى كه در آخر جوزا اقصر ليالى بود در آخر قوس اطول ليالى ميشود ] : يعنى يصير الليل خمس عشرة ساعة والنهار تسع ساعات ووجدت مملكة فى خط الاستواء لها ربيعان وصيفان وخريفان وشتا آن فى سنة واحدة وفى بعضها ستة اشهر ليل وستة اشهر نهار بعضها حر وبعضها برد وممالك الاقاليم السبعة التى ضبط عددها فى زمن المأمون ثلاثمائة وثلاث واربعون مملكة منها ثلاثة ايام وهى اضيقها وثلاثة اشهر وهى اوسعها والمملكة سلطان الملك وبقاعه التى يتملكها { وسخر الشمس والقمر } [ رام كرد آفتاب وماه را كه سبب منافع الخلق اند ]
قال عبد الله بن سلام اخبرنى يا محمد عن الشمس والقمر أهما مؤمنان ام كافران قال عليه السلام « مؤمنان طائعان مسخران تحت قهر المشيئة » قال صدقت قال فما بال الشمس والقمر لا يستويان فى الضوء والنور قال « لان الله تعالى محا آية الليل وجعل آية النهار مبصرة نعمة منه وفضلا ولولا ذلك لما عرف الليل من النهار » والجملة عطف على يولج والاختلاف بينهما صيغة لما ان ايلاج احد الملوين فى الآخر امر متجدد فى كل حيث واما تسخير النيرين فامر لا تعدد فيه ولا تجدد وانما التعدد والتجدد فى آثاره وقد اشير الى ذلك حيث قيل { كل } من الشمس والقمر { يجرى } بحسب حركته الخاصة القسرية على المدارات اليومية المتخالفة المتعددة حسب تعدد الايام جريا مستمرا { الى اجل مسمى } قدره الله تعالى لجريهما وهو يوم القيامة كما روى عن الحسن فانهما لا ينقطع جريهما الا حينئذ وذلك لانه تموت الملائكة الموكلون عليهما فيبقى كل منهما خاليا كبدن بلا روح ويطمس نورهما فيلقيان فى جهنم ليظهر لعبدة الشمس والقمر والنار انها ليست بآلهة ولو كانت آلهة لدفعت عن انفسها فالجملة اعتراض بين المعطوفين لبيان الواقع بطريق الاستطراد هذا وقد جعل جريانهما عبارة عن حركتها الخاصة بهما فى فلكهما والاجل حينئذ بيان لحكم تسخيرهما وتنبيه على كيفية ايلاج احد الملوين فى الآخر وكون ذلك بحسب انقلاب جريان الشمس والقمر على مداراتهما اليومية { وان الله بما تعملون خبير } عالم يكنهه عطف على ان الله يولج الخ داخل معه فى حيز الرؤية فان من شاهد ذلك الصنع الرائق والتدبير اللائق لا يكاد يغفل عن كون صانعه محيطا بجلائل اغماله ودقائها(10/436)
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30)
{ ذلك } المذكور من سعة العلم وشمول القدرة وعجائب الصنع واختصاص البارى بها { بان الله } اى بسبب ان الله تعالى { هو الحق } الهيتة فقط { وان ما يدعون } يعبدون { من دونه } تعالى من الاصنام { الباطل } الهيتة لا يقدر على شئ من ذلك فليس فى عبادته نفع اصلا والتصريح بذلك مع ان الدلالة على اختصاص حقية الهيت به تعالى مستتبعة للدلالة على بطلان الهية ما عداه لا براز كمال الاعتناء بامر التوحيد { وان الله هو العلى } المرتفع عن كل شئ { الكبير } المتسلط عليه يحتقر شئ علوه مكانة وجلالا يرفع همته اليه ولا يختار سواه ويحب معالى الامور ويكره سفافها
وعن على رضى الله عنه علو الهمة من الايمان : قال الحافظ
همايى جون توعالى قدر وحرص استخوان حيفست ... دريغا ساية همت كه برنا اهل افكندى
ومن عرف كبرياءه ونسى كبرياء نفسه تعلق بعروة التواضع والانصاف ولزم حفظ الحرمة
وفى الاربعين الادريسة يا كبير انت الذى لا تهتدى العقول لوصف عظمته
قال السهروردى اذا اكثر منه المديان ادى دينه واتسع رزقه وان ذكره معزول عن رتبة سبعة ايام كل يوم الفا وهو صائم فانه يرجع الى مرتبته ولو كان ملكا ثم فى قوله { وان ما يدعون من دونه الباطل } اشارة الى ان كل ما يطلب من دونه تعالى هو الباطل فلا بد من تركه بالاختيار قبل الفوت بالاضطرار ومن المبادرة الى طلب العلى الكبير قبل فوات الفرصة
مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزاست والوقت سيف
نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى بيش دانا به از عالميست
نسأل الله التدارك(10/437)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31)
{ ألم تر } رؤية عياينة ايها الذى من شأنه الرؤية والمشاهدة { ان الفلك } بالفارسية [ كشتى ] { تجري } [ مى رود ]
قال فى المفردات الجرى المر السريع واصله لمر الماء ولما يجرى بجريه { فى البحر } [ دردريا ] { بنعمة الله } الباء للصلة اى متعلقة بتجرى او للحال اى متعلقة بمقدر هو حال من فاعله اى ملتبسة بنعمته تعالى واحسانه فى تهيئة اسبابه
وقال الكاشفى [ بمنت واحسان او آنرا برروى آب نكه ميدارد بادرا براى رفتن او ميفرستد ]
وفى الاسئلة المفخمة برحمة الله حيث جعل الماء مركبا لكم لتقريب المزار { ليريكم } [ تابنمايد شمارا ] { من آياته } اى بعض دلائل وحدته وعلمه وقدرته وبعض عجائبه وهو فى الظاهر سلامتهم فى السفينة كما قيل لتاجر ما اعجب ما رأيته من عجائب البحر قال سلامتى منه وفى الحقيقة سلامة السالكين فى سفينة الشريعة بملاحية الطريقة فى بحر الحقيقة { ان فى ذلك }(10/438)
وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32)
{ واذا غشيهم } غشيه ستره وعلاه والضمير لمن ركب البحر مطلقا او لاهل الكفراى علاهم واحاط بهم { موج } هو ما ارتفع دريا كه دربزركى مانند ساسيبانها يا مثل كوهها يا ابراها ] جمع ظلة بالضم : وبالفارسية [ سايبان ] كما قال فى المفردات الظلة شئ كهيئة الصفة وعليه حمل قوله تعالى { موج كالظلل } وذلك موج كقطع السحاب انتهى
وفى كشف الاسرار كل ما اظلك من شئ فهو ظلة شبه بها الموج فى كثرتها وارتفاعها وجعل الموج وهو واحد كالظلل وهو جمع لان الموج يأتى منه شئ بعد شئ { دعوا الله } [ خوانند خدايرا ] حال كونهم { مخلصين له الدين } اى الدعاء والطاعة لا يذكرون معه سواه ولا يستغيثون بغيره لزوال ما ينازع الفطرة من الهوى والتقليد بما دهاهم من الخوف الشديد والاخلاص افراد الشئ من الشوائب { فما نجيهم } الله تعالى { الى البر } وجاد بتحقيق مناهم بسبب اخلاصهم ف الدعاء : وبالفارسية [ بس آن هنكام كه برهاغند ايشانرا وبرساند بسلامت بسوى صحرا وبيابان ] { فمنهم مقتصد } اى مقيم على الطريق القصد وهو التوحيد او متوسط فى الكفر لانزحاره فى الجملة
قال بعضهم لما كان يوم فتح مكة امن رسول الله صلى الله عليه وسلم لناس الا اربعة نفر قال ( اقتلوهم وان وجدتموهم متعلقين باستار الكعبة عكرمة بن ابى جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن سبابة وعبد الله بن سعد بن ابى سرح ) فاما عكرمة فهرب الى البحر فاصابتهم ريح عاصف فقال اهل السفينة اخلصوا فان آلهتكم لا تغنى عنكم شيأ ههنا فقال عكرمة لئن لم ينجنى فى البحر الا الاخلاص فما نيجينى فى البر غيره اللهم ان لك على عهدا ان انت عافيتنى مما انا فيه ان اتى محمدا حتى اضع يدى فى يده فلا جدن عفوّا كريما فسكنت الريح فرجع الى مكة فاسلم واحسن اسلامه
قضا كشتى آنجا كه خواهد برد ... وكرنا خدا جامه برتن درد
كرت بيخ اخلاص در بوم نيست ... ازين در كسى جون تومحروم نيست
سلامت در اخلاص اعمال هست ... شود زورق زرق كاران شكست
{ وما يجحد بآياتنا } [ وانكار نكنند نشانهاى قدرت مارا ] { الا كل ختار } غدار فانه نقض للعهد الفطرى او رفض لما كان فى البحر . والختر اسوء الغدر واقبحه
قال فى المفرادت الختر غدر يختر فيه الانسان اى يضعف ويكسر لاجتهاده فيه { كفور } مبالغ ف كفران نعم الله تعالى وانما يذكر هذا اللفظ لمن صار عادة له كما يقال ظلوم وانما وصف الكافر بهما لانهما اقبح خصال فيه . وقد عدا لنبيى عليه السلام الغدر من علامات المنافق لكن قال على رضى الله عنه الوفاء لاهل الغدر غدر والغدر باهل الغدر وفاء عند الله تعالى كما ان التكبر على المتكبر صدقة
فعلى العاقل الوفاء بالعهد وهو الخروج عن عهدة ما قيل عند الاقرار بالربوبية بقوله(10/439)
{ بلى } حيث قال الله تعالى { ألست بربكم } وهو للعامة العبادة رغبة فى الوعد ورهبة من الوعيد وللخاصة الوقوف مع الامر لالغرض وقد يعرض للانسان النسيان فينسى العهد فيصير مبتلى بحسب مقامه حكى ان الشيخ ابا الخير الاقطع سئل عن سبب قطع يده فقال كنت اتعيش من سقط مائدة الناس فخطر لى الترك والتوكل فعدت ان لا آكل من طعام الناس ولا من حبوب الاراضى فلم يفتح الله لى شيأ من القوت قريبا من خمسين يوما حتى غلب الضعف على القوى ثم فتح قوصتين مع شئ من الادام ثم انى خرجت من بين الناس وسكنت فى مغارة فيوما من الايام خرجت من المغارة فرأيت بعض الفواكه البرية فتناولت شيأ منها حتى اذا جعلته فى فمى تذكرت العهد والقيته وعدت الى المغارة ففى اثناء ذلك اخذ بعض اللصوص وقطاع الطريق فقطع ايديهم وارجلهم فى حضور امير البلدة فاخذونى ايضا وقالوا انت منهم حتى اذا كنت عند الامير قطع يدى فلما ارادوا قطع رجلى تضرعت الى الله تعلاى وقلت يا رب ان يدى هذه جنت فقطعت فما جناية رحلى فعند ذلك جاء شخص الى الامير كان يعرفنى فوصف له الحال حتى عفا بل اعتذر اعتذر بليغا فهذه حال الرجال مع الله فالعبرة حفظ العهد ظاهرا وباطنا : قال الحافظ
ازدم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بريك عهد ويك ميثاق بود
واما الكفران فسبب لزوال الايمان ألا ترى ان بلعم بن باعوراء لم يشكر يوما على توفيق الايمان وهداية الرحمن حتى سلب عنه والعياذ بالله تعالى(10/440)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)
{ يا ايها الناس } نداء عام لكافة المكلفين واصله لكفار مكة { اتقوا ربكم } [ بيرهيزيد ازعذاب وخشم خداوند خويش ] وذلك بالاجتناب عن الكفر والمعاصى وما سوى الله تعالى
قال بعض العارفين مرة يخوّفهم بافعاله فيقول { اتقوا فتنة } ومرة بصفاته فيقول { ألم يعلم بان الله يرى } ومرة بذاته فيقول { يحذركم الله نفسه } { واخشوا } الخشية خوف يشوبه تعظيم واكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى عليه { يوما }
قال فى التيسير يجوز ان يكون على ظاهره لان يوم القيامة مخوف { لا يجزى } فيه { والد عن ولده } اى لا يقضى عنه شيأ من الحقوق ولا يحمل من سيآته ولا يعطيه من طاعاته يقال جزاءه دينه اذا قضاه
وفى المفردات الجزاء الغناء والكفاية كقوله تعالى { لا تجزى نفس عن نفس شيأ } وبالفارسية [ وبترسيد از روزى كه دفع نكند عذاب را وباز ندارد بدر از بسر خويش ] والولد ولو كان يقع على القريب والبعيد اى ولد الولد لكن الاضاة تشير الى الصلبى القريب فاذا لم يدفع عما هون الصق به لم يقدر ان يدفع عن غيره بالطريق الاولى . ففيه قطع لاطماع اهل الغرور المفتخرين بالآباء والاجداد المعتمدين على شفاعتهم من غير ان يكون بينهم جهة جامعة من الايمان والعمل الصالح { ولا مولود } [ ونه فرزندى ] عطف على والد وهو مبتدأ خبره قوله { هو جاز } قال ومؤد { عن والده شيأ } ما من الحقوق وخص الولد والوالد بالذكر تنبيها على غيرهما والمولود خاص بالصلبى الاقرب فاذا لم يقبل شفاعته للاب الاول الذى ولدمنه لم يقبل لمن فوقه من الاجداد وتغير النظم للدلالة على ان المولود اولى بان لا يجزى ولقطع طمع من توقع من المؤمنين ان ينفع اباه الكافر فى الآخرة ولذا قالوا ان هذا الخبر خاص بالكفار فان اولاد المؤمنين وآباءهم ينفع بعضهم بعضا قال تعالى { ألحقنا بهم ذرياتهم } اى بشرط الايمان { ان وعد الله } بالحشر والجنة والنار والثواب والعقاب والوعد يكون فى الخير والشر يقال وعدته بنفع وضر وعدا وميعادا والوعيد فى الشر خاصة { حق } كائن لا خلف فيه { فلا تغرنكم الحياة الدنيا } يقال غره خدعه واطعمه بالباطل فاغتر هو كما فى القاموس والمراد بالحياة الدنيا زينتها وزخارفها وآمالها : يعنى [ بمتاعهاى دلفريب او فريفته مشويد ]
وفى التأويلات النجمية اى بسلامتكم فى الحال وعن قريب ستندمون فى المآل انتهى { ولا يغرنكم بالله الغرور }
قال فى المفردات الغرور كل ما يغر الانسان من مال وجاه وشهوة وشيطان وقد فسر بالشيطان اذ هو اخبث الغارين اى ولا يخدعنكم الشيطان المبالغ فى الغرور والخدعة بان يرجيكم التوبة والمغفرة فيحسركم على المعاصى وينسيكم الرجع الى القبور ويحملكم على الغفلة عن احوال القيامة واهوالها
وعذر فردارا عمر فردا بايد ... كار امروز بفردا نكذارى زنهار ... روز جون بافتة كاركن وعذر ميار(10/441)
قال فى كشف الاسرار الغرة بالله حسن الظن به مع سوء العمل وفى الخبر ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله المغفرة ) ونعم ما قيل
ان السفينة لا تجرى على اليبس ... فلا بد من الاعمال الصالحة فان بها النجاة وبه يلتحق الاواخر
ففى الآية حسم المادة الطمع فى الانتفاع بالغير مع اهمال الاسلام او الطاعات اعتمادا على صلاح الغير فان يوم القيامة يوم عظيم لا ينفع فيه من له اتصال الولادة فما ظنك بما سواها ويشتغل كل احد بنفسه الا من رحمه الله تعالى
وعن كعب الاحبار تقول امرأة من هذه الامة لولدها يوم القيامة يا ولدى أما كان لك بطنى وعاء وحجرى وطاء وثديى سقاء كما قال الشيخ سعدى قدس سره
نه طفلى زبان بسته بودى زلاف ... همى روزى آمد بجوفت زناف
جونافت بريدند روزى كست ... به بستان مادر در آويخت دست
كنار وبرمادر دليذير ... بهشت است وبستان ازو جوة شير
فاحمل عنى واحدا فقد اثقلنى ذنوبى فيقول هيهات يا اماه كل نفس بما كسبت رهينة فاذا حملت عنك فمن يحمل عنى
من وتو دو محتاج يك مائده ... نه ازمن نه از تو بمن فائده
وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم « انه ليكون للوالدين على ولدهما دين فاذا كان يوم القيامة يتعلقان به فيقول ان ولد كما فيوّد ان لو كان اكثر من ذلك » فلا يليق للمؤمن الاهمال فى العبادة والتوبة والندم اغترار واعتمادا على مجرد الكرم ذكر فى الاسرائيليات ان الكليم عليه السلام مرض فذكر له دواء المرض فابى وقال يعافينى بغير دواء فطالت علته فاوحى الله تعالى ان الاعمال اسباب ووسائل للجنات والدرجات وان لم تكن عللا موحبة فكما ان اهل الدنيا يباشرون الاسباب فى تحصيل مرامهم فكذلك ينبغى لاهل الآخرة ان يباشروا الاعمال الصالحة فى تحصيل الدرجات العالية والمطالب الاخروية
ومن هذا المقام ما حكى عن ابراهيم بن ادهم قدس سره انه لما منع من دخول الحمام بلا اجرة تأوّه وقال اذا منع من دخول بيت الشيطان بلا شئ فأنى يدخل بيت الرحمن بلا شئ
قال بعض الكبار لا ينبغى للمؤمن ان يتطير ويعد نفسه ن الاشقياء فيتكاسل فى العمل بل ينبغى ان يحسن الظن بالله تعالى ويجاهد فى طريقه فان للاعتقاد تأثيرا بليغا وقد وعد الله ووعد الشيطان ووعده الله تعالى صدق محض لانه هو الولى ووعد الشيطان كذب محض لانه هو العدو فالاصغاء لكلام الولى خير من استماع كلام العدو فلا تغتر بتغرير الشيطان والنفس ولا بالحياة الدنيا فان دولتها ذاهبة وزينتها زائلة وليس لها لاحد وفاء(10/442)
برمرد هشيار دنيا خس است ... كه هر مدتى جاى ديكر كسست
منه برجهان دل كه بيكانه ايستا ... جومطرب كه هرروز درخانة ايست
نه لائق بود عشق بادلبرى ... كه هربا مدادش بود شوهرى
مكن تكيه برملك وجاه وزال ... بجز ملك فرمانده لا يزال
وغم وشادمانى نماند وليك ... جزاى عمل ماند ونام نيك
عروسى بود نوبت ماتمت ... كرت نيك روزى بود خاتمت
خدايا بحق بنى فاطمه ... كه برقوم ايمان بود خاتمت
نسأل الله سبحانه ان يختمنا على افضل الاعمال الذى هو التوحيد وذكر رب العرش المجيد ويحعلنا فى جنات تحرى من تحتها الانهار ويشرفنا برؤية جماله المنير فى الليل والنهار آمين بجاه النبى الامين(10/443)
إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)
{ ان الله عنده علم الساعة } الساعة جزء من اجزاء الجديدين سميت بها القيامة لانها تقوم فى آخره ساعة من ساعات الدنيا اى عنده علم وقت قيام القيامة وما يتبعه من الاحوال والاهوال وهو متفرد بعلمه فلا يدرى احد من الناس فى أى ينة وفى اى شهر وفى أى ساعة من ساعات الليل والنهار تقوم القيامة روى ان الحارث بن عمرو من اهل البادية اتى النبى عليه السلام فسأله عن الساعة ووقتها وقال ان ارضنا اجدبت وانى القيت حباتى فى الارض فمتى ينزل المطر وتركت امرأتى حبلى فحملها ذكر ام انثى وانى اعلم ما عملت امس فما اعمل غدا وقد علمت اين ولدت فبأى ارض اموت فنزلت : يعنى [ اين ينج علم درخزانة مشيت حضرت آفريدكاراست وكليد اطلاع بدان بدست اجتهاد هيج آدمى نداده اند ] وانما اخفى الله وقت الساعة ليكون الناس على حذر واهبة كما روى ان اعرابيا قال للنبى عليه السلام متى الساعة فقال عليه السلام « وما اعددت لها » قال لا شئ الا انى احب الله ورسوله فقال « انت مع من احببت »
لى حبيب عربى مدنى قرشى ... كه بود دردو غمش ماية سودا وخوشى
ذره وارم بهوا درئ او رقص كنان ... تاشد او شهرة آفاق بخورشيد رشى
{ وينزل الغيث } عطف على ما يقتضى الظرف من الفعل تقديره ان الله يثبت عنده علم الساعة وينزل الغيث كما فى المدارك . وسمى المطر غيثا لانه غياث الخلق به رزقهم وعليه بقاؤهم فالغيث مخصوص بالمطر النافع اى وينزله فى زمانه الذى قدره من غير تقديم وتأخير الى محله الذى عينه فى علمه من غير خطأ وتبديل فهو متفرد بعلم زمانه ومكانه وعدد قطراته روى مرفوعا ( ما من ساعة من ليل ولا نهار الا السماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء ) وفى الحديث « ما سنة بامطر من اخرى ولكن اذا عمل قوم بالمعاصى حول الله ذلك الى غيرهم فاذا اعصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافى والبحار » فمن اراد استجلاب الرحمة فعليه بالتوبة والندامة والتضرع الى قاضى الحاجات المناجاة
تو ازفشاندن تخم اميد دست مدار ... كه در كرام نكند ابر نوبهار امساك
{ ويعلم ما فى الارحام } الرحم بيت منبت الولد ووعاؤه اى يعلم ذاته أذكر ام أنثى حى ام ميت وصفاته اتام أم ناقص حسن ام قبيح سعيد ام شقى
براحوال نابوده علمش بصير ... براسرار ناكفته لطفش خبير
قديمى نكو كار نيكو بسند ... بكلك قضا در رحم نقش بند
زبر افكند قطرة سوة يم ... زصلب آورد نطفة درشكم
ازان قطره لؤلؤى لالا كند ... وزين صورتى سرو بالاكند(10/444)
{ وما تدرى نفس } من النفوس . والدراية المعرفة المدركة بضرب من الحيل ولذا لا يوصف الله بها ولا يقال الدارى واما قول الشاعر
لا هم لا ادرى وانت تدرى
فمن تصرف اجلاف العرب او بطريق المشاكلة كما فى قوله تعالى { تعلم ما فى نفسى ولا اعلم ما فى نفسك } اى ذاتك { ماذا } اى أى شئ { تكسب غدا } الكسب ما يتحراه الانسان مما فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظ مثل كسب المال وقد يستعمل فيما يظن الانسان ان يجلب به منفعة به مضرة والغد اليوم الذى يلى يومك الذى انت فيه كما ان امس اليوم الذى قبل يومك بليلة اى يفعل ويحصل من خير وشر ووفاق وشقاق وربما تعزم على خير فتفعل الشر وبالعكس واذا لم يكن للانسان طريق الى معرفة ما هو اخص به من كسبه وان اعمل حيله وانفذ فيها وسعه كان من معرفة ما عداه مما لم ينصب له عليه ابعد وكذا اذا لم يعلم ما فى الغد مع قربة فما يكون بعده لا يعلمه بطريق الاولى
نداند كسى جون شود امر او ... جه حاصل كند دربس عمر او
بجز حق كه علمش محيط كلست ... برابر باو ماضى مستقبلست
{ وما تدرى نفس } وان اعملت حيلها { بأى ارض } مكان { تموت } من بر وبحر وسهل وجبل كما لا تدرى فى أى وقت تموت وان كان يدرى انه يموت فى الارض فى وقت من الاوقات روى ان ملك الموت مر على سليمان عليه السلام فجعل ينظر الى رجل من جلسائه فقال الرجل من هذا قال ملك الموت فقال كأنه يريدنى فمر الريح ان تحملنى وتلقينى فى بلاد الهند ففعل فقال الملك كان دوام نظرى اليه تعجبا منه اذا مرت ان اقبض روحه بالهند وهو عندك
قال فى المقاصد الحسنة كان رجل يقول اللهم صلى على ملك الشمس فيكثر ذلك فاستأذن ملك الشمس ربه ان ينزل الى الارض فيزوره فنزل ثم اتى الرجل فقال انى سألت الله النزول من اجلك فما حاجتك فقال بلغنى ان ملك الموت صديقك فاسأله ان ينسئ فى اجله ويخفف عنى الموت فحمله معه واقعده مقعده من الشمس واتى ملك الموت فاخبره فقال من هو فقال فلان ابن فلان فنظر ملك الموت فى اللوح معه فقال ان هذا لا يموت حتى يقعد مقعدك من الشمس قال فقد قعد مقعدى من الشمس فقال فقد توفته رسلنا وهم لا يفرّطون فرجع ملك الشمس الى الشمس فوجده قدمات
وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف ببعض نواحى المدينة فاذا بقبر يحفر فاقبل حتى وقف عليه فقال لمن هذا قيل لرجل من الحبشة فقال ( لا اله الا الله سيق من ارضه وسمائه حتى دفن فى الارض التى خلق منها تقول الارض يوم القيامة يا رب هذا ما استودعتنى ) وانشدوا(10/445)
اذا ما حمام المرء كان ببلدة دعته اليها حاجة فيطير
وفائدة هذا تنبيه العبد على التيقظ للموت والاستعداد له بحسن الطاعة والخروج عن المظلمة وقضاء الدين واثبات الوصية بماله وعليه فى الحضر فضلا عن او ان الخروج عن وطنه الى سفر فانه لا يدرى اين كتبت منيته من بقاع الارض وانشد بعضهم
مشينا فى خطى كتبت علنيا ... ومن كتبت عليه خطى مشاها
وارزاق لنا متفرقات ... فمن لم تأته منا اتاها
ومن كتبت منيته بارض ... فليس يموت فى ارض سواها
كما فى عقد الدرر { ان الله عليم } يعلم الاشياء كلها { خبير } يعلم بواطنها كما يعلم ظواهرها وعنه عليه السلام « مفاتيح الغيب خمس وتلا هذه الآية فن ادعى علم شئ من هذه المغيبات الخمس فهو كافر بالله تعالى » وانما عد هذه الخمس وكل المغيبات لا يعلمها الا الله لما ان السؤال ورد عنها كما سبق فى سبب النزول . وكان اهل الجاهلية يسألون المنجمين عنها زاعمين انهم يعملونها وتصديق الكاهن بما يخبره عن الغيب كفر لقوله عليه السلام « من اتى كاهنا فصدقه فيما يقول فقد كفر بما انزل الله على محمد » والكاهن هو الذى يخبر عن الكواهن فى مستقبل الزمان ويدّعى معرفة الاسرار وكان فى العرب كهنة يدعون معرفة الامور فمنهم من يزعم انه له ريئا من الجن يلقى اليه الاخبار
قال ابو الحسن الآمدى فى مناقب الشافعى التى الفها سمعت الشافعى يقول من زعم من اهل العدالة انه يرى الجن ابطلنا شهادته لقوله تعالى { انه يراكم هو وقبيله من حث لا ترونهم } الا ان يكون الزاعم نبيا كذا فى حياة الحيوان . والمنجم اذا ادعى العلم بالحوادث الآتية فهو مثل الكاهن وفى الحديث « من سأل عرّافا لم تقبل له صلاة اربعين ليلة » والعرّاف من يخبر عن المسروق ومكان الضالة والمراد من سأله على وجه التصديق لخبره وتعظيم المسئول يعنى اذا اعتقد انه ملهم من الله او ان الجن يلقون اليه مما يسمعون من الملائكة فصدقة فهو حرام واذا اعتقد انه عالم بالغيب فهو كفر كما فى حديث الكاهن . واما اذا سأل ليمتحن حاله ويخبر باطن امره وعنده ما يميز به صدقه من كذبه فهو جائز فعلم ان الغيب مختص بالله تعالى
وما روى عن الانبياء والاولياء من الاخبار عن الغيوب فبتعليم الله تعالى اما بطريق الوحى او بطريق الالهام والكشف فلا ينافى ذلك الاختصاص علم الغيب مما لا يطلع عليه الا الانبياء والاولياء والملائكة كما اشار اليه بقوله
عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول ...(10/446)
ومنه ما استأثر لنفسه لا يطلع عليه ملك مقرب ولا نبى مرسل كما اشار اليه بقوله { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو } ومنه علم الساعة فقد اخفى الله علم الساعة لكن اماراتها بانت من لسان صاحب الشرع كخروج الدجال ونزول عيسى وطلوع الشمس من مغربها وغيرها مما يظهر فى آخر الزمان من غلبة البدع والهوى وكذا اخبر بعض الاولياء عن نزول المطر واخبر عما فى الرحم من ذكر وانثى فوقع كما اخبر لانه من قبيل الالهام الصحيح الذى لا يتخلف وكذا مرض او العزم الاصفهانى فى شيراز فقال ان مت فى شيراز فلا تدفنونى الا فى مقابر اليهود فانى سألت الله ان اموت فى طرطوس فبرئ ومضى الى طرطوس ومات فيها يعنى اخبر انه لا يموت فى شيراز فكان كذلك
يقول الفقير اخبر شيخى وسندى قدس سره فى بعض تحريراته عن وقت وفاته قبل عشرين سنة فوقع كما قال وذلك من امارات وراثته الصحيحة
فان قيل اذا امكن العلم بالغيب لخلص عباه تعالى بتعليمه اياهم فلم لم يعلم الله نبيه الغيوب المذكورة فى الآية
فالجواب ان الله تعالى انما فعل ذلك اشعارا بان المهم للعبد ان يشتغل بالطاعة ويستعد لسعادة الآخرة ولا يسأل عما لا يهم ولا يشتغل بما لا يعنيه فافهم جدا واعمل لتكون عاقبتك خيرا
تمت سورة لقمان يوم الاربعاء ثامن من شعبان المبارك من شهور تسع ومائة والف(10/447)
الم (1)
{ الم } [ مرتضى على كرم الله وجهه فرمودكه هو كتاب خدايرا خلاصة بوده وخلاصة قرآن حروف مقطعة است . وكفته اند الف ازاقصاى حلق آيد وآن اول مخارج است . ولام ازطرف لسان كفته شود وآن اوسط مخارج است . وميم را ازشفه كويند وآن آخر مخارج است واين سخن اشارتست بآن كه بنده بايد كه درمبادى واواسط واواخر اقوال وافعال خود بذكر حق سبحانه وتعالى مستأنس باشد ]
وقال البقلى رحمه الله الالف اشارة الى الاعلام واللام الى اللزوم والميم الى الملك اعلم من نفسه اهل الكون لزوم العبودية عليهم وملكهم قهرا وجبرا حتى عبدوه طوعا وكرها فمن علم وقع لى الاسم ومن عبد وقع فى الصفة ومن تسخر لمراده كما اراد وقع فى نور الذات
وفى التأويلات النجمية يشير بالالف الى انه الف المحبون بقربتى فلا يصبرون عنى والف العارفون بتمجيدى فلا يستأنسون بغيرى والاشارة فى اللام لانى لاحبائى مدخر لقائى فلا ابالى اقاموا على صفائي ام قصروا فى وفائى والاشارة فى الميم ترك اوليائى مرادهم لمرادى فلذلك آثرتهم على جميع عبادى
وفى كشف الاسرار [ كفته اندكه رب العزة جل جلاله جون نون فطرت مصطفى عليه السلام بيافريد انرا بحضرت عزت خود بداشت جنانكه خود خواست ] فبقى بين يدى الله مائة الف عام وقل الفى عام ينظر الله فى كل يوم سبعين الف نظرة يكسوه فى لك نظرة نورا جديدا وكرامة جديدة [ ودران نظرها باسر فطرت او كفته بودند كه عزت قرآن مرتبت دار عصمت توخواهد بود آن خبردر نظرت اوراسخ كشته بود جون عين طينت او باسر فطرت اوباين عالم آوردند واز دركاه عزت وحى منزل روى آورد اومى كفت ارجوك اين تحقيق آن وعداست كه مرا آن وقت دادند تسكين دل ويرا وتصديق انديشة او آيت فرستاد كه { الم } الف اشارتست بالله لام بجبرئيل ميم بمحمد . ميكويد بالهيت من وتقدس جبريل ومجد تو يا محمد اين وحى وآن قرآن آنست كه ترا وعده داده بوديم كه مرتبت دار نبوت ومعجز دولت توخواهد بود ] وقال اهل التفسير الم خبر لمبتدأ محذوف اى هذه السورة مسماة بالم(10/448)
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)
{ تنزيل الكتاب } فىهذا المقام وجوه من الاعراب الاوجه الانسب بما بعده انه مبتدأ ومعناه بالفارسية [ فرو ستادن قرآن ] { لا ريب فيه } حال من الكتاب اى حال كونه لا شك فيه عند اهل الاعتبار { من رب العالمين } خبر المبتدأ فان كونه من رب العالمين حكم مقصود الافادة وانما كان منه لكونه معجزا فلما انكر قريش كونه منزلا من رب العالمين(10/449)
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3)
قال { ام } منقطعة اى بل أ { يقولون افتريه } اختلق محمد القرآن فهذا القول منهم منكر متعجب منه لغاية ظهور بطلانه
وفى التأويلات النجمية اذا تعذر لقاء الاحباب فاعز الاشياء على الاحباب كتاب الاحباب
ذوقى رسد ازنامة تو روز فراقم كرنامة طاعت نرسد روز قيامت
انزل رب العالمين ال العالمين كتابا فى الظاهر ليقرأ على اهل الظاهر فينذر به اهل الغفلة ويبشر به اله الخدمة وكتابا فى الباطن على اهل الباطن ليتنور بانواره بواطنهم ويتزين باسراره سرائرهم فينذر به اهل القربة لئلا يلتفتوا الى غيره ولا يستأنسوا بغيره فتسقطهم الغيرة عن القربة ويبشر به اهل المحبة بالوفاء بوعد الرؤية وباللقاء على بساط الوصلة وبالبقاء بعد الفناء فى الوحدة فيتكلموا بالحق عن الحق للحق فاذا سمع اهل الباطن كلامهم فى الحقائق من ربهم انكر عليهم اهل الغفلة انه من الله
زد شيخ طعنه براسرار هل دل المرء لا يزال عدوا لما جهل
ثم اضرب عنه الى بيان حقيقة ما انكروه فقال { بل } [ نه جنين است كافران ميكويند بلكه ] { هو } اى القرآن { الحق } [ سخن درست وراست است فرآمده ] { من ربك } [ از برورد كار تو ] ثم بين غايته فقال { لتنذر } [ تابيم كنى از عذاب الهى ] { قوما } هم العرب { ما } نافية { اتيهم من نذير } مخوف { من قبلك } اى من قبل انذارك او من قبل زمانك اذ كان قريش اهل الفطرة واضل الناس واحواجهم الى الهداية لكونهم امة امية وفى الحديث « ليس بينى وبينه نبى » اى ليس بينى وبين عيسى نبى من العرب اما اسماعيل عليه السلام فكان نبيا قبل عيسى مبعوثا الى قومه خاصة وانقطعت نبوته بموته واما خالد بن سنان فكان نبيا بعد عيسى ولكنه اضاعه قومه فلم يعش الى ان يبلغ دعوته وقد سبقت قصته على التفصيل فعلم من هذا ان اهل الفطرة الزمتهم الحجة العقلية لانهم كانوا عقلاء قادرين على الاستدلال لكنهم لم تلزمهم الحجة الرسالية { لعلهم يهتدون } بانذارك اياهم والترجى معتبر من جهته عليه السلام اى لتنذرهم راجيا لاهتدائهم الى التوحيد والاخلاص فعلم منه ان المقصود من البعثة تعريف طريق الحق وكل يهتدى بقدر استعداده الا ان لا يكون له استعداد اصلا كالمصرين فانهم لم يقبلوا التربية والتعريف وكذا من كان على جبلتهم الى يوم القيام
توان باك كردن ززنك آينه ... وليكن نيايد زسنك آينه
واما قول المثنوى
كرتوسنك صخره ومرمر شوى ... جون بصاحب دل رسى كوهر شوى
فلذلك فى حق المستعد فى الحقيقة ألا ترى ان ابا جهل رأى النبى عليه السلام ووصل اليه لكن لما رآه بعين الاحتقار وانه يتيم ابى طالب لابعين التعظيم وانه رسول الله ووصل اليه وصول عناد وانكار لا وصول قبول واقرار لم يصر جوهرا وهكذا حال ورثته مع المقرين والمنكرين ثم ان الاهتداء اما اهتداء الى الجنة ودرجاتها وذلك بالايمان والاخلاص واما اهتداء الى القربة والوصلة وذلك بالمحبة والترك والفناء والاول حال اهل العموم والثانى حال اهل الخصوص وهو اكمل من الاول فعليك بقبول الارشاد لتصل الى المراد واياك ومتابعة اهل الهوى فانهم ليسوا من اهل الهدى والميت لا يقدر على تلقين الحى وانما يقدر الحى تلقين الميت روى ان الشيخ نجم الدين الاصفهانى قدس سره خرج مع جنازة بعض الصالحين بمكة فلما دفنوه وجلس الملقن يلقنه ضحك الشيخ نجم الدين وكان عادته لا يضحك فسأله بعض اصحابه عن ضحكة فزجره فلما كان بعد ذلك قال ما ضحكت الا انه لما جلس على القبر يلقن سمعت صاحب القبر يقول ألا تعجبون من ميت يلقن حيا قال الصائب زبى دردان علاج خود جستن بدان ماند كه خاراز بابرون آرد كسى بانيش عقربها(10/450)
وقال المولى الجامى
بلاف ناخلفان ومانة غره مشو ... مرو جوسامرى ازره ببانك كوساله
وقال الحافظ
درراه عشق وسوسة اهر من بسست ... هش دار وكوش دل بييام سروش كن
نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من المهتدين الى جنابه اللائقين بحسن خطابه ويصوننا من الضلالة والصحبة باربابها ويحفظنا من الغواية والاقتداء باصحابها انه الهادى والمرشد(10/451)
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4)
{ الله } مبتدأ خبره قوله { الذى خلق السموات والارض } اى الاجرام العلوية والسفلية { وما بينهما } من السحاب والرياح ونحوهما { فى ستة ايام } [ در مقدار شش از ايام دنيا ]
وقال فى كشف الاسرار [ درشش روز هرروزى ازان هزار سال ] انتهى
ولو شاء خلقها فى ساعة واحدة لفعل ولكنه خلقها فى ستة ايام ليدل على التأنى فى الامور { ثم استوى على العرش } [ بس مستولى شد حكم اوبر عرش كه اعظم مخلوقاتست ] وقد سبق تحقيق الآية مرارا ويكفى لك ارشادا ما فى سورة الفرقان ان كنت من اهل الايمان فارجع الى تفسيرها وما فيها من الكلام الا كبرى قدسر سره الخطير { ما لكم من دونه من ولى ولا شفيع } ويجيركم من بأسه { أفلا تتذكرون } [ آيابند بذير نمى شويد ازمواغظ ربانى ونصائح قرآنى ]
قال فى الارشاد اى ألا تسمعون هذه المواعظ فلا تتذكرون بها فالانكار متوجه الى عدم الاستماع وعدم التذكر او تسمعونها فلا تتذكرون بها فالانكار متوجه على عدم التذكر مع تحقق ما يوجبه من السماع . والفرق بين التذكر والتفكر ان التفكر عند فقدان المطلوب لاحتجاب القلب بالصفات النفسانية واما التذكر فهو عند رفع الحجاب والرجوع الى الفطرة فيتذكر ما انطبع فىلازل من التوحيد والمعارف(10/452)
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5)
{ يدبر الامر من السماء الى الارض } التدبير التفكر فى دبر الامور والنظر فى عاقبتهما : وبالفارسية [ انديشه كردن در عاقبت كار ] وهو بالنسبة اليه تعالى التقدير وتهيئة الاسباب وله تعالى مدبرات سماوية كما قال فالمدبرات امرا فجبريل موكل بالرياح والجنود وميكائيل بالقطر والنبات وملك الموت بقبض الانفس واسرافيل ينزل عليهم بالامور . والمعنى يدبر الله تعالى امر الدنيا باسباب سماوية كالملائكة وغيرها نازلة آثارها الى الارض واضاف التدبير الى ذاته اشارة الى ان تدبير العباد عند تدبيره لا اثر له { ثم يعرج اليه } العروج ذهاب فى صعود من عرج بفتح الراء يعرج بضمها صعد اى يصعد ذلك الامر اليه تعالى ويثبت فى علمه موجودا بالفعل { فى يوم كان مقداره } [ اندازة آن ] { الف سنة مما تعدون } اى فى برهة من الزمان متطاولة والمراد بيان طول امتداد ما بين تدبير الحوادث وحدوثها من الزمان
وقال بعضهم { يدبر الامر } [ ميسازد كار دنيا يعنى حكم ميكند بدان وميفرستد ملكى راكه موكلست بدان { من السماء } از آسمان { الى الارض } بسوى زمين بس ملك مى آيد وآن كار بجاى مى آرد بس عروج ميكند بسوى اسمان در روزى كه هست اندازة او هزار سال از آنجه شما شماره ميكنيد سالى دوازده ماه وماهى سى روز يعنى فرشته فروة مى آيد از آسمان وبالا ميرود درميدتى كه اكر آدمى رود آيد جزهزار سال ميسر نشود زيرا كه از زمين تا آسمان بانصد ساله راهست بس مقدار نزول وعروج هزار بود ] واما قوله فى سورة المعارج { فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة } فاراد به مدة المسافة بين سدرة المنتهى والارض ثم عوده الى السدرة فالملك يسيره فى قدر يوم واحد من ايام الدنيا فضمير اليه حينئذ راجع الى مكان الملك يعنى المكان الذى امره الله تعالى ان يعرج اليه
وقال بعضهم يدبر الله امر الدنيا مدة ايام الدنيا فينزل القضاء والقدر من السماء الى الارض ثم يعود الامر والتدبير اليه حين ينقطع امر الامراء وحكم الحكام وينفرد الله بالامر فى يوم اى يوم القيامة كان مقداره الف سنة لان يوما من ايام الآخرة مثل الف سنة من ايام الدنيا كما قال تعالى { وان يوما عند ربك كالف سنة } فمعنى خمسين الف سنة على هذا ان يشتد على الكافرين حتى يكون كخمسين الف سنة فى الطول ويسهل على المؤمنين حتى يكون كقدر صلاة مكتوبة صلاها فى الدنيا فقيامه كل واحد على حسب ما يليق بمعاملته ففى الحشر مواقف ومواطن بحسب الاشخاص من جهة الاعمال والاحوال والمقامات
يقول الفقير قد اختلف العلماء فى تفسير هذه الاية على وجوه شتى وسكت بعضهم تفويضا لعلمها الى الله تعالى حيث ان كل ما ذكر فيها يقبل نوعا من الجرح ويشعر بشئ من القصور ولا شك عند العلماء بالله ان لليوم مراتب واحكاما فى الزمان فيوم كالآن وهو الجزء الغير المنقسم المشار اليه بقوله تعالى(10/453)
{ كل يوم هو فى شأن } ثم ينفصل منه اليوم الذى هو كالف سنة وهو يوم الآخرة ويوم الرب ثم ينفصل منه اليوم الذى هو كخمسين ألف سنة وهو يوم القيامة فالله تعالى يمتحن عباده بما شاء فيتقدر لهم اليوم بحسبه ومنهم من يكون حاله اسرع من لمح البصر كما قال { وما امرنا الا واحدة كلمح البصر } وهو سر اليوم الشأنى المذكور . ثم ان الملائكة مقامات علوية معلومة فى عالم ملكوت فربما ينزل بعضهم من المصعد المعلوم الى مسقط الامر فى اقل من ساعة بل فى لمحة كجبريل عليه السلام فانه كان ينزل من سدرة المنتهى التى اليها ينزل الاحكام ويصعد الاعمال الى النبى عليه السلام كذلك وربما بنزل فى اكثر منها وانما يتفاوت النزول والعروج باعتبار المبدأ فاذا اعتبر السماء الدنيا التى هى مهبط احكام السدرة قدر مدتهما بالف سنة واذا اعتبر سدرة المنتهى التى هى مهبط احكام العرش قدرت باكثر منها ولما كان القرآن يفسر بعضه بعضا دل قوله { تعرج الملائكة والروح } الآية على ان الفاعل يعرج فى آية سورة السجدة ايضا الملك وانما قال اليه اى الى الله مع انه لم يكن للحق مكان ومنتهى يمكن العروج اليه اشارة الى التقرب وشرف العندية المرتيبية وحقيقته الى المقسام العلوى المعين له هذا ما سخ لى والعلم عند الله الملك العلى
وفى التأويلات النجمية هو الذى { يدبر الامر من السماء } اى امركن طبق سماء الروح والقلب { الى الارض } ارض النفس والبدن بتدبر الامر { ثم يعرج اليه } النفس المخاطبة بخطاب ارجعى الى ربك { فى يوم } طلعت فيه شمس واشرقت الارض بنور جذبات الحق تعالى { كان مقداره } فى العروج بالجذبة { كألف سنة مما تعدون } من ايامكم فى السير من غير جذبة كما قال عليه السلام ( جذبة من جذبات الحق توازى عمل الثقلين ) انتهى
وفى كشف الحقائق للشيخ النسفى قدس سره [ بدانكه نفس جزؤى اوجى دارد حضيضى دارد اوج وى فلك نهم است كه فلك الافلاك محيط عالمست وحضيض وى خاكست كه مركز عالمست ونزولى دارد وعروجى دارد ونزول وى آمدنست بخاك { تنزل الملائكة والروح } وعروج وى باز كشتن است بفلك الافلاك { تعرج الملائكة والروح } ومدت آمدن ورفتن از هزار سال كم نيست واز بنجاه هزار سال زيادة نيست ] تعرج الملائكة والروح اليه فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة انتهى(10/454)
ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6)
{ ذلك } الله العظيم الشان المتصف بالخلق والاستواء وانحصار الولاية والنصرة فيه وتدبير امر الكائنات { عالم الغيب } ما غاب عن الخلق { والشهادة } ما حضر لهم ويدبر امرهما حسبما يقتضيه
وقال الكاشفى [ داند امور دنيا وآخرت يا عالم بآنجه بوده باشد وخواهد بود ]
وقال بعض الكبار الغيب الروح والشهادة النفس والبدن { العزيز } الغالب على امره { الرحيم } علىعباده فى تدبيره . وفيه ايماء الى انه تعالى يراعى المصالح تفضلا واحسانا لا ايجابا(10/455)
الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7)
{ الذى احسن كل شئ خلقه } خبر آخر لذلك
قال الراغب الاحسان من فعله وذلك اذا علم علما حسنا او عمل عملا حسنا وعلى هذا قول امير المؤمنين رضى الله عنه الناس على ما يحسنون اى منسوبون الى ما يعلمون من الافعال الحسنة انتهى
اى جعل كل شئ خلقه على وجه حسن فى الصورة والمعنى على ما يقتضيه استعداده وتوجبه الحكمة والمصلحة : وبالفارسية [ نيكو كرد هرجيزى راكه بيافريد يعنى بياراست بروجه نيكو بمقتضاى حكمت ]
كردن آنجه درجهان شايد ... كردة آنجنانكه مى بايد
ازتو رونق كرفت كار همه ... كه تويى آفريد كار همه
نقش دنيا بلوح خاك ازتست ... دل دانا وجان باك ازتست
طوّل رجل البهيمة والطائر وطوّل عنقهما لئلا يتعذر عليهما ما لا بد منه من قوتهما ولو تفاوت ذلك لم يكن لهما معاش وكذلك كل شئ من اعضاء الانسان مقدر لما يصلح به معاشه فجميع المخلوقات حسنة وان اختلفت اشكالها وافترقت الى حسن واحسن كما قال تعالى { لقد خلقنا الانسان فى احسن تقويم } قال ابن عباس رضى الله عنهما الانسان فى خلقه حسن
قال البقلى القبيح قبيح من جهة الامتحان وحسن من حيث صدر من امر الرحمن
وقال الشيخ اليزدى ان الله تعالى خلق الحسن والقبيح لكن القبيح كان فى علمه ان يكون قبيحا فلما كان ينبغى تقبيحه كان الاحسن والاصوب فى خلقه تقبيحه على ما ينبغى فى علم الله لان المستحسنات انما احسنت فى مقابلة المستقبحات فلما احتاج الحسن الى قبيح يقابله ليظهر حسنه كان تقبيحه حسنا انتهى
يقول الفقير لا شك ان الله تعالى خلق الحسن والقبح وان كان كل صنعه وفعله جميلا ومطلق الخلق قد مدح به ذاته كما قال { أفمن يخلق كمن لا يخلق } لكنه لا يقال فى مقام المدح انه تعالى خالق القردة والخنازير والحيات والعقارب ونحوها من الاجسام القبيحة والضارة بل يقال خالق كل شئ فالقبيح ليس خلقه وايجاده بل ما خلقه وان كان قبح القبيح بالنسبة الى مقابلة الحسن لا فى ذاته وقد طلب عين الحمار بلسان الاستعداد صورته التى هو عليها وكذا الكلب ونحوه وصورتها مقتضى عينها الثابتة وكذا الحكم على الكلب بالنجاسة مقتضى ذاته وكل صورة وصفة الدنيا فهى صورة كمال وصفة كمال فى مرتبتها فى الحقيقة ولو لم يظهر كل موجود فى صورة التى هو عليها وفى صفته التى البسها الخلاق اليه بمقتضى استعداده لصار ناقصا قبيحا فاين القبح فى الاشياء وقد خلقها الله بالاسماء الحسنى { وبدأ خلق الانسان } من بين جميع المخلوقات وهو آدم ابو البشر عليه السلام { من طين } الطين التراب والماء المختلط وقد سمى بذلك وان زال عنه قوة الماء
قال الشيخ عبد العزيز النسفى رحمه الله [ خداوند تعالى قالب آدم زخاك آفريد يعنى از عناصر اربعة اما خاك ظاهر تربود خاكرا ذكر كردد وخاك آدم را ميان مكة وطائف مى برورد وتربيت داد بروايتى جهل سال وبروايتى جهل هزار سال اينست معنى « خمرت طينةآدم بيد اربعين صباحا » ]
وفى كشف الاسرار [ جه زيان دارد اين جوهر راكه نهادوى از كل بوده جون كمال وى دردل نهاده قيمت اوكه هست ازروى تربت آن سركه با آدميان همه بند كان بودند وهم دوستان ](10/456)
ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8)
{ ثم جعل نسله } ذريته سميت به لانها تنسل من الانسان اى تنفصل { من سلالة } اى من نطفة مسلولة اى منزوعة من صلب الانسان
وقال الكاشفى [ از خلاصة بيرون آورده ازصلب ] ثم ابدل منها قوله { من ماء مهين } حقير وضعيف كما فى القاموس : وبالفارسية [ از آب ضعيف وخوار ] وهو المنى(10/457)
ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (9)
{ ثم سوّيه } اى قوم النسل بتكميل اعضائه فى الرحم وتصويرها على ما ينبغى
وقال الكاشفى [ بس راست كرد قالب آدم را ]
قال النسفى [ مراد : از تسوية آدم برابرئ اركانست يعنى شفاف وعكس بذير شود وقابل صورت كردد ] { ونفخ فيه من روحه } اضافة الى نفسه تشريفا واظهارا بانه خلق عجيب ومخلوق شريف وان له شأنا له مناسبة الى حضرة الربوبية ولاجله من عرف نفسه فقد عرف ربه
وفى الكواشى جعل فيه الشئ الذى اختص تعالى به ولذلك اضافة اليه فصار بذلك حيا حساسا بعد ان كان جمادا لا ان ثمة حقيقة نفخ
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الروح ليس بجسم يحل فى البدن حلول الماء فى الاناء ولا هو عرض يحل القلب او الدماغ حلول السواد فى الاسود والعلم فى العالم بل هو جوهر لا يتجزأ باتفاق اهل البصائر فالتسوية عبارة عن فعل فى المحل القابل وهو الطين فى حق آدم عليه السلام والنطفة فى حق اولاده بالتصفية وتعديل المزاج حتى ينتهى فى الصفاء ومناسبة الاجزاء الى الغاية فيستعد لقبول الروح وامساكها والنفخ عبارة عما اشتغل به الروح فى المحل القابل فالنفخ سبب الاشتغال وصورة النفخ فى حق الله محال والمسبب غير محال فعبر عن نتيجة النفخ بالنفخ وهو الاشعال والسبب الذى اشتعل به نور الروح هو صفة فى الفاعل وصفة فى المحل القابل اما صفة الفاعل فالجود الذى هو ينبوع الوجود وهو فياض بذاته على كل موجود حقيقة وجوده ويعبر عن تلك الصفة بالقدرة(10/458)
وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10)
{ وقالوا } اى كفار قريش كابى بن خلف ونحوه من المنكرين للبعث بعد الموت { أئذا } [ آياجون ] { ضللنا فى الارض }
قال فى القاموس ضل صار ترابا وعظاما وخفى وغاب انتهى واصله ضل الماء فى اللبن اذا غاب وهلك . والمعنى هلكنا وصرنا ترابا مخلوطا بتراب الارض بحيث لا نتميز منه : [ خاك اعضاى ما ازخاك زمين متميز نباشد جنانكه آب درشير متميز نباشد ] أو غبنا فيها بالدفن ذهبنا عن اعين الناس والعامل فيه نبعث او يجدد خلقنا كما دل عليه قوله { أئنا } [ آياما ] والهمزة لتأكيد الانكار السابق وتذكيره { لفى خلق جديد } اى انبعث بعد موتنا وانعدامنا ونصير احياء كما كنا قبل موتنا يعنى هذا منكر عجب فانهم كانوا يقرون بالموت ويشاهدونه وانما ينكرون البعث فالاستفهام الانكارى متوجه الى البعث دون الموت : وبالفارسية [ در آفرينش نو خواهم بود يعنى جون خاك شويم آفريدن نو بما تعلق نخواه كرفت ] ثم اضرب وانتقل من بيان كفرهم بالبعث الى بيان ما هو ابلغ واشنع منه وهو كفرهم بالوصول الى العاقبة وما يلقونه فيها من الاهوال فقال { بل } [ نه جنانست كه ميكويند بلكه ] { هم } [ ايشان ] { بلقاء ربهم } لقاء الله عبارة عن القيامة وعن المصير اليه : يعنى [ بآخرت كه سراى بقاست ] { كافرون } جاحدون فمن انكره لقى الله وهو عليه غضبان ومن اقره لقى الله وهو عليه رحمن(10/459)
قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)
{ قل } بيانا للحق وردا على زعمهم الباطل { يتوفيكم ملك الموت } التوفى اخذ الشئ تاما وافيا واستيفاء العدد
قال فى الصحاح توفان الله قبض روحه والوفاة الموت . والملك جسم لطيف نورانى يتشكل باشكال مختلفة
قال بعض المحققين المتولى من الملائكة شيأ من السياسة يقال له ملك بالفتح ومن البشر يقال له ملك بالكسر فكل ملك ملائكة وليس كل ملائكة ملكا بل الملك هم المشار اليهم بقوله فالمدبرات فالمقسمات والنازعات ونحو ذلك ومنه ملك الموت انتهى
والموت صفة وجودية خلقت ضدا للحياة . والمعنى يقبض عزرائيل ارواحكم بحيث لا يترك منها شيأ يل يستوفيها ويأخذها تماما على اشد ما يكون من الوجوه وافظعها من ضرب وجوهكم وادباركم او يقبض ارواحكم بحيث لا يترك منكم احدا ولا يبقى شخصا من العدد الذى كتب عليهم الموت واما ملك الموت نفسه فيتوفاه الله تعالى كما روى انه اذا امات الله الخلائق لم يبق شئ له روح يقول الله الملك الموت من بقى من خلقى وهو اعلم فيقول يا رب انت اعلم بمن لم يبقى الاعبدك الضعيف ملك الموت فيقول الله يا ملك الموت قد اذقت انبيائى ورسلى واوليائى وعبادى الموت وقد سبق فى علمى القديم وانا علام الغيوب ان كل شئ هالك الا وجهى وهذه نوبتك فيقول الهى ارحم عبدك ملك الموت وألطف به فانه ضعيف فيقول سبحانه وتعالى ضع يمينك تحت خدك الايمن واضطجع بين الجنة والنار ومت فيموت بامر الله تعالى
وفى الآية رد للكافرين حيث زعموا ان الموت من الاحوال الطبيعية العارضة للحيوان بموجب الجبلة { الذى وكل } التوكيل ان تعتمد على غيرك وتجعله نائبا عنك : وبالفارسية [ وكيل كردن كسى را بر جيزى كما شتن وكاربا كسى كذاشتن ] { بكم } اى بقبض ارواحكم واحصاء آجالكم { ثم الى ربكم ترجعون } تردون بالبعث للحساب والجزاء وهذا معنى لقاء الله
واعلم ان الله تعالى اخبر ههنا ملك الموت هو المتوفى والقابض وفى موضع انه الرسل اى الملائكة وفى موضع انه تعالى فوجه الجمع بين الآى ان ملك الموت يقبض الارواح والملائكة اعوان له يعالجون ويعملون بامره والله تعالى يزهق الروح فالفاعل لكل فعل حقيقة والقابض لارواح جميع الخلائق هو الله تعالى وان الملك الموت واعوانه وسائط
قال ابن عطية ان البهائم كلها يتوفى الله ارواحهم دون ملك الموت كأنه يعدم حياتها وكذلك الامر فى بنى آدم الا ان لهم نوع شرف بتصرف ملك الموت والملائكة معه فى قبض ارواحهم قالوا ان عزرائيل يقبض الارواح من بنى آدم وهى فى مواضع مختلفة وهو فى مكان واحد فهو حالة مختصة به كما ان لوسوسة الشيطان فى قلوب جميع اهل الدنيا حالة مختصة به
قال انس بن مالك رضى الله عنه لقى جبريل ملك الموت بنهر بفارس فقال يا ملك الموت كيف تستطيع قبض الانفس عند الوباء ههنا عشرة آلاف وهنا كذا وكذا فقال له ملك الموت تزوى لى الارض حتى كأنها بين فخذىّ فالتقطهم بيدّى وروى ان الدنيا لملك الموت كراحة اليد او كطست لديه يتناول منه ما يشاء من غير تعب
قال ابن عباس رضى الله عنهما ان خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب .(10/460)
وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه ان لملك الموت حربة تبلغ ما بين المشرق والمغرب وهو يتصفح وجوه الناس فما من اهل بيت الا وملك الموت يتصفحهم فى اليوم مرتين فاذا رأى انسانا قد انقضى اجله ضرب رأسه بتلك الحربة وقال الآن يزاد بك عسكر الموتى وروى ان ملك الموت على معراج بين السماء والارض وله اعوان من ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فينزع اعوانه روح الانسان ويخرجونها من جسده فاذا بلغت ثغرة النحر نزعها هو وروى فى الخبر ان له وجوها اربعة فوجه من نار يقبض به الارواح الكافرين ووجه من ظلمة يقبض به ارواح المنافقين ووجه من رحمة يقبض به ارواح المؤمنين ووجه من نور يقبض به ارواح الانبياء والصديقين فاذا قبض روح المؤمن دفعها الى ملائكة الرحمة واذا قبض روح الكافر دفعها الى ملائكة العذاب . وكان ملك الموت يقبض الارواح بغير وجع فاقبل الناس يسبونه ويلعنونه فشكا الى ربه فوضع الله الامراض والاوجاع فقالوا مات فلان من وجع كذا وكذا . وفى الحديث « الامراض والاوجاع كلها بريد الموت ورسل الموت فاذا جاء الاجل اتى ملك الموت بنفسه فقال ايها العبد كم خبر بعد خبر وكم رسول بعد رسول وكم بريد بعد بريد انا المخبر ليس بعدى خبر وانا الرسول ليس بعدى رسول اجب ربك طائعا او مكروها فاذا قبض روحه وتصارخوا عليه قال على من تصرخون وعلى من تبكون فوالله ما ظلمت له اجلا ولا اكلت له رزقا بل دعاه ربه فليبك الباكى على نفسه فان لى فيكم عودات وعودات حتى لا ابقى منكم احدا » قال عليه السلام « لو رأوا مكانه وسمعوا كلامه لذهلوا عن ميتهم ولبكوا على انفسهم »
قال الكاشفى [ عجب اذ آدمى كه باوجود جنين حريفى دركمين جكونه لاف آسايش تواند زد ]
آسودكى مجوى كه ازصدمت اجل ... كس را نداده برات مسلمى
وفى البستان
بيا اى كه عمرت بهفتاد رفت ... مكر خفته بودى كه برباد رفت
كه يك لحظة صورت نبندن امان ... جو ييمانه برشد بدور زمان
قال بعضهم لولا غفلة قلوب الناس ما احال قبض ارواحهم على ملك الموت [ خير نساج قدس سره بيمار بود ملك الموت خواست كه جان اوبر آرد مؤذن كفت وقت نماز شام كه الله اكبر الله اكبر خير نساج كفت يا ملك الموت باش تافريضة نماز بكزارم كه اين فرمان برمن فوت ميشود وفرمان توفوت نمى شود جون نماز بكزارد سربسجود نهاد كفت الهى آن روز كه اين وديعت مى نهادى زحمت ملك الموت درميان نبود جه باشدكه امروز بى زحمت او بردارى اين بكفت وجان بداد ](10/461)
يا رب ارفانى كنى مارا بتيغ دوستى ... مر فرشته مرك را باما نباشد هييج كار
هركه ازجام توروزى شربت شوق توخورد ... جون نماند آن شراب اوداند آن رنج خمار
قال بعض الكبار ملك الموت هو المحبة الآلهية فانها تقبض الارواح عن الصفات الانسانية وتميتها عن محبوباتها لقطع تعلق الروح الانسانى عما سوى الحق تعالى فترجع الى الله بجذبة ارجعى الى ربك والموت باصطلاح اهل الحقيقة قمع هوى النفس فمن مات عن هواه حيى حياة حقيقية
قال الامام جعفر بن محمد الصادق رضى الله عنه الموت هو التوبة قال تعالى { فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم } فمن تاب فقد قتل نفسه
مكن دامن از كرد زلت بشوى ... كه ناركه زبالا به بندند جوى(10/462)
وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)
{ ولو ترى } [ واكر بينى اى بيننده ] { اذا المجرمون } هم القائلون أئذا ضللنا الخ
قال فى الكواشى لو واذ للماضى ودخلتا على المستقبل هنا لان من فعله كالماضى لتحقق وقوعه { ناكسوا رؤسهم عند ربهم } النكس قلب الشئ على رأسه : وبالفارسية [ سرفروا افكندن ونكونسار كردن ] اى مطرقوا رؤسهم ومطأمئوها فى موقف العرض على الله من الحياء والحزن والغم يقولون { ربنا } [ اى بروردكار ما ] { ابصرنا وسمعنا } اى صرنا ممن يبصر بسمع وحصل لنا الاستعداد لادراك الآيات المبصرة والمسموعة وكنا من قبل عمنيا لاندرك شيأ { فارجعنا } فارددنا الى الدنيا من رجعه اى رده وصرفه { نعمل } عملا { صالحا } حسبما تقضيه تلك الآيات { انا موقنون } الآن : [ بى كمانيم ]
قال فى الارشاد ادعاء ما قبله ادعاء لصحة مشعرى البصر والسمع كأنهم قالوا ايقنا وكنا من قبل لا نعقل شيأ اصلا وجواب لو محذوف اى لرأيت امرا فظيعا فهذا الامر مستقبل فى التحقيق ماض بحسب التأويل كأنه قيل قد انقضى الامر ومضى لكنك ما رأيته ولو رأيته لرأيت امرا فظيعا
وفى التأويلات النجمية يشير الى اهل الدنيا من المجرمين وكان جرمهم انهم نكسوا رؤسهم فى اسفل الدنيا وشهواتها بعد ان خلقوا رافعى رؤسهم عند ربهم يوم الميثاق عند استماع خطاب ألست بربكم حيث رفعوا رؤسهم وقالوا بلى فلما ابتلوا بالدنيا وشهواتها وتزيينها من الشيطان نكسوا رؤسهم بالطبع فيها فصاروا كالبهائم والانعام فى طلب شهوات الدنيا كما قال تعالى { اولئك كالانعام بل هم اضل } لان للانعام ضلالة طبيعية جبلية فى طلب شهوات الدنيا وما كانوا مأمورين بعبودية الله ولا منهيين عن الشهوات حتى يحصل لهم ضلالة مخالفة للامر والنهى وللانسان شركة معه الانعام فى الضلالة الطبيعية بميل النفس الى الدنيا وشهواتها وله اختصاص بضلالة المخالفة فلهذا صار اضل من الانعام فكما عاشوا ناكسى رؤسهم الى شهوات الدنيا ماتوا فيما عاشوا فيه ثم حشروا على ما ماتوا عليه ناكسى رؤسهم عند ربهم وقد ملكتهم الدهشة وغلبتهم الخجلة فاعتذروا حين لا عذر واعترفوا حين لا اعتراف
سر ازجيب غفلت بر آور كنون ... كه فردا نماند بخجلت نكون
كنونت كه جشمست اشكى ببار ... زبان دردهانست عذرى بيار
نه ييوسته باشد روان در بد ... نه همواره كردد زبان در دهن(10/463)
وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13)
{ ولو شئنا لآتينا كل نفس هديها } مقدر بقول معطوف على ما قدر قبل قوله ربنا ابصرنا اى ونقول لو شئنا اى لو تعلقت مشيئتنا تعلقا فعليا بان نعطى كل نفس من النفوس البرّة والفاجرة ما تهتدى به الى الايمان والعمل الصالح بالتوفيق لهما لاعطيناها اياه فى الدنيا التى هى دار الكسب وما اخرناه الى دار الجزاء { ولكن حق القول منى } ثبت قضائى وسبق وعيدى وهو { لاملأن } [ ناجار بركنيم ] { جهنم من الجنة } بالكسر جماعة الجن والمراد الشياطين وكفار الجن { والناس } الذين اتبعوا ابليس فى الكفر والمعاصى { اجمعين } يستعمل لتأكيد الاجتماع على الامر
وقال بعضهم { ولكن حق القول منى } اى سبقت كلمتى حيث قلت لابليس عند قوله { لاغوينهم } الآية { ملأن } الخ
وفى التأويلات { ولو شئنا } فى الازل هدايتكم وهداية اهل الضلالة { لآتينا كل نفس هديها } باصابة رشاش النور على الارواح { ولكن حق القول منى } قبل وجود آدم وابليس { لاملأن } الخ ولكن تعلقت المشيئة باغواء قوم كما تعلقت باهداء قوم واردنا ان يكون للنار قطان كما اردنا ان يكون للجنة سكان اظهارا لصفات لطفنا وصفات قهرنا لان الجنة واهلها مظهر لصفات لطفى والنار واهلها مظهر لصفات قهوى وانى فعال لما اريد
وفى عرائس البيان ان جهنم فم قهره انفتح ليأخذ نصيبه ممن له استعداد مباشرة القهر كما ان الجنة فم لطفه انفتح ليأخذ نصيبه ممن له استعداد مباشرة لطفه فاللطيف يرجع الى اللطيف والكثيف يرجع الى الكثيف ولو شاء لجعل الناس كلهم عارفين به ولكن جرى القلم فى الازل بالوعد والوعيد كما قال ابن عطاء قدس سره لو شئنا لوفقنا كل عبد لرضانا ولكن حق القول بالوعد والوعيد ليتم الاختيار
وسئل الشبلى قدس سره عن هذه الآية فقال يا رب املأ نازك من الشبلى واعف عن عبيدك ليتروح الشبلى بتعذيبك كما يتروح جميع العباد بالعوافى وذلك ان من استوى عنده اللطف والقهر بالوصول الى الاصل رأى مقصوده فى كل واحد منهما كما رأى ايوب عليه السلام المتبلى فى بلائه فطاب وقته وحاله وصفا باله فى عين الكدر
ما بلا خواهيم وزاهد عافيت هر متاعى را خريدارى فتاد
وعن الحسن قال خطبنا ابو هريرة رضى الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سمعت رسول الله يقول « ليعتذرن الله الى آدم ثلاث معاذير يقول الله يا آدم لولا انى لعنت الكذابين وابغضت الكذب والخلف واعذب عليه لرحمت اليوم ولدك اجمعين من شدة ما اعددت لهم من العذاب ولكن حق القول منى لئن كذب رسلى وعصى امرى لاملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين . ويقول الله يا آدم اعلم انى لا ادخل من ذريتك النار احدا ولا اعذب منهم بالنار احدا الا من قد علمت بعلمى انى لو رددته الى الدنيا لعاد الى اشر مما كان فيه ولم يرجع ولم يتب ويقول الله قد جعلتك حكما بينى وبين ذريتك قم عند الميزان فانظر ما يرفع اليك من اعمالهم فمن رجح منهم خيره على شره مثقال ذرة فله الجنة حتى تعلم انى لا ادخل منهم الا ظالما »(10/464)
واعلم ان الله تعالى يملأ جهنم من الاقوياء كما يملأ الجنة من الضعفاء بدليل قوله عليه السلام « اذا ما ملئت جهنم تقول الجنة ملأت جهنم من الجبابرة والملوك والفراعنة ولم تملأنى من ضعفاء خلقك فينشئ الله خلقا عند ذلك فيدخلهم الجنة فطوبى لهم من خلق لم يذوقوا موتا ولم يروا سوأ باعينهم » رواه انس رضى الله عنه . وقوله عليه السلام « تحاجت الجنة والنار فقالت النار او ثرت » اى فضلت ( بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة انى لا يدخلنى الاضعفاء الناس وسقطهم فقال الله للنار انت عذابى اعذبك من اشاء من عبادى ولك واحدة منكما ملؤها ) رواه ابو هريرة رضى الله عنه كذا فى بحر العلوم(10/465)
فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14)
{ فذوقوا } الفاء لترتيب الامر بالذوق على ما يعرف عنه ما قبله من نفى الرجع الى الدنيا { بما نسيتم لقاء يومكم هذا } النسيان ترك الانسان من الانسان ذمه الله به فهو ما كان اصله من تعمد كما فى هذه الآية واشار بالباء الى انه وان سبق القول فى حق التعذيب لكنه كان بسبب موجب من جانبهم ايضا فان الله قد علم منهم سوء الاختيار وذلك السبب هو نسيانهم لقاء هذا اليوم الهائل وتركهم التفكر فيه والاستعداد له بالكلية بالاشتغال باللذات الدنيوية وشهواتها فان التوغل فيها يذهل الجن والانس عن تذكر الآخرة وما فيها من لقاء الله ولقاء جزائه ويسلط عليهم نسيانهم واضافة اللقاء الى اليوم كاضافة المكر فى قوله { بل مكر الليل والنهار } اى لقاء الله فى يومكم هذا
وفى التأويلات النجمية يشير الى انكم كنتم فى الغفلة والنائم لا يذوق الم ما عليه من العذاب ما دام نائما ولكنه اذا انتبه من نومه يذوق الم ما به من العذاب فالناس نيام ليس لهم ذوق ما عليهم من العذاب فاذا ماتوا انتبهوا فقيل لهم ذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا { انا نسيناكم } من الرحمة كما نسيتمونا من الخدمة { وذوقوا عذاب الخلد } اى العذاب المخلد فى جهنم فهو من اضافة الموصوف الى صفته مثل عذاب الحريق { بما كنتم تعملون } اى بالذى كنتم تعملونه من الكفر والمعاصى وهو تكرير للامر للتأكيد واظهار الغضب عليهم وتعيين المفعول المطوى للذوق والاشعار بان سببه ليس مجرد ما ذكر من النسيان بل له اسباب اخر من فنون الكفر والمعاصى التى كانوا مستمرين عليها فى الدنيا
وعن كعب الاحبار قال اذا كان يوم القيامة تقوم الملائكة فيشفعون ثم تقوم الشهداء فيشفعون ثم تقوم المؤمنون فيشفعون حتى اذا انصرمن الشفاعة كلها خرجت الرحمة فتشفع حتى لا يبقى فى النار احد يعبأ الله به ثم يعظكم بكاء اهلها فيها ويؤمر بالباب فيقبض عليهم فلا يدخل فيها روح ولا يخرج منها غم ابدا
الهى زدوزخ دوجشمم بدوز ... بنورت فردا بنارت مسوز(10/466)
إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15)
{ انما يؤمن بآياتنا } اى انكم ايها المجرمون لا تؤمنون بآياتنا ولا تعملون بموجبها عملا صالحا ولو رجعناكم الى الدنيا كما تدعون حسبما ينطق به قوله تعالى { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } وانما يؤمن بها { الذين اذا ذكروا بها } وعظوا : وبالفارسية [ بندداده شوند ] { خروا سجدا }
قال فى المفردات خر سقط سقوطا سمع منه خرير والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من العلو فاستعمال الخرور فى الآية تنبيه على اجتماع امرين السقوط وحصول الصوت منهم بالتسبيح
وقوله بعد { وسبحوا بحمد ربهم } تنبيه على ان ذلك الخرير كان تسبيحا بحمد الله لا شيأ آخر انتهى اى سقطوا على وجوههم حال كونهم ساجدين خوفا من عذاب الله { وسبحوا } نزهوه عن كل ما لا يليق به من الشرك والشبه والعجز عن البعث وغير ذلك { بحمد ربهم } فى موضع الحال اى ملتبسين بحمده تعالى على نعمائه كتوفيق الايمان والعمل وغيرهما { وهم لا يستكبرون } الظاهر انه عطف على صلة الذين اى لا يتعظمون عن الايمان والطاعة كما يفعل من يصر مستكبرا كأن لم يسمعها وهذا محل سجود بالاتفاق
قال الكاشفى [ اين سجدة نهم است بقول امام اعظم رحمه الله وبقول امام شافعى دهم حضرت شيخ اكبر قدس سره الاطهر اين را سجدة تذكر كفته وساجد بايدكه متذكر كردد آن جيزى راكه ازان غافل شده وتصديق كند دلالات وجود واحدرا كه آن دلالتها درهمه اشيا موجودست ]
همه ذرات ازمه تابماهى بوحدانينش داد كواهى
همه اجزاى كون ازمغزتابوست جووا بينى دليل وحدت اوست
وينبغى ان يدعو الساجد فى سجدته بما يليق بآيتها ففى هذه الآية يقول اللهم اجعلنى من الساجدين لوجهك المسبحين بحمدك واعوذ بك من ان اكون من المستكبرين عن امرك وكره مالك رحمه الله قراءة السجدة فى قراءة صلاة الفجر جهرا وسرا فان قرأ هل يسجد فيه قولان كذا فى فتح الرحمن
قال فى خلاصة الفتاوى رجل قرأ آية السجدة فى الصلاة ان كانت السجدة فى آخر السورة او قريبا من آخرها بعدها آية او آيتان الى آخر السورة فهو بالخيار ان شاء ركع بها ينوى التلاوة وان شاء سجد ثم يعود الى القيام فيختم السورة وان وصل بها سورة اخرى كان افضل وان لم يسجد للتلاوة على الفور حتى ختم السورة ثم ركع وسجد لصلاته سقط عنه سجده التلاوة
وفى التأويلات { وهم لا يستكبرون } عن سجودك كما استكبر ابليس ان يسجد لك الى قبلة آدم ولو سجد لآدم بامرك لكان سجوده فى الحقيقة لك وكان آدم قبلة للسجود كما ان الكعبة قبلة لنا فى سجودنا لك انتهى
قال بعض الكبار وليس الانسان بمعصوم من ابليس فى صلاته الا فى سجوده لانه حينئذ يتذكر الشيطان غير معصوم من النفس .(10/467)
فخواطر السجود كلها اما ربانية او ملكية او نفسية وليس للشيطان عليه من سبيل فاذا قام من سجوده غابت تلك الصفة عن ابليس فزال حزنه واشتغل بك
فعلى العاقل ان يسارع الى الصلاة فريضة كانت او نافلة حتى يحصل الرغم للشيطان والرضى للرحمان ويتقرب الروح الى حضرة الملك المتعال ويجد لذة المناجاة وطعم الوصال ذوق سجده زائداست از ذوق سكر نزدجان
هركرا اين ذوق نى بى مغز باشد درجهان اللهم اجعلنا من اهل سجدة الفناء انك سميع الدعاء(10/468)
تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)
{ تتجافى جنوبهم } استئناف لبيان بقية محاسن المؤمنين . والتجافى النبوّ والبعد اخذ من الجفاء فان من لم يوافقك فقد جافاك وتجنب وتنحى عنك والحبوب جمع جنب وهو شق الانسان وغيره . والمعنى ترتفع وتتنحى اضلاعهم { عن المضاجع } اى الفرش ومواضع النوم جمع مضجع كمقعد بمعنى موضع الضجوع اى وضع الجنب على الارض : وبالفارسية [ دور ميشود بهلوهاى ايشان از خوابكهها ] وفى اسناد التجافى الى الجنوب دون ان يقال يجافون جنوبهم اشارة الى ان حال اهل اليقظة والكشف ليس كحال اهل الغفلة والحجاب فانهم لكمال حرصهم على المناجاة ترتفع جنوبهم عن المضاجع حين ناموا بغير اختيارهم كان الارض القتهم من نفسها واما اهل الغفلة فيتلاصقون بالارض لا يحركهم محرك { يدعون ربهم } حال من ضمير جنوبهم اى داعين له تعالى على الاستمرار { خوفا } من سخطه وعذابه وعدم قبول عبادته { وطمعا } فى رحمته قال عليه السلام فى تفسير الآية قيام العبد من الليل يعنى انها نزلت فى شأن المتهجدين فان افضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم وافضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل
قال الكاشفى [ جون بردة شب فرو كذارند وجهانيان سربر بالين غفلت بنهند ايشان بهلو از بستر كرم وفراش نرم تهى كرده برقدم نياز بايستند ودر شب در از باحضرت خداوند را ز كويند . از سهيل يمنى يعنى اويس قرنى رضى الله عنه منقولست كه درشبى ميكفت « هذه ليلة الركوع » وبيك ركوع بسر مى برد ودرشبى ديكر ميفر مودكه « هذه ليلة السجود » وبيك سجدة بصبح ميرسانيد كفتند اى اويس جون طاقت طاعت دارى سبب جيست كه شبها بدين درازى بريك حال مى كذرانى كفت كجاست شب درازى كاشكى ازل وابد يكشب بودى تابيك سجده بآخر بردمى دران سجده نالهاى زار وكريهاى بيشمار كردمى ]
به نيم شب كه همه مست خواب خوش باشند ... من وخيال تو ونالهاى درد آلود
وفى الحديث « عجب ربنا من رجلين رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين احبته واهله الى صلاته فيقول الله تعالى لملائكته انظروا الى عبدى ثار عن فراشه ووطائه من بين احببته واهله الى صلاته رغبة فيما عندى واشفاقا مما عندى ورجل غزا فى سبيل لاله فانهزم مع اصحابه فعلم ما عليه من الانهزام وماله فى الرجوع فرجع حتى اهريق دمه فيقوالله لملائكته انظروا الى عبدى رجع رغبة فيما عندى واشفاقا مما عندى حتى اهريق دمه » وفى الحديث « ان فى الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها اعدها الله لمن ألان الكلام واطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام » قال ابن رواحة رضى الله عنه يمدح النبى عليه السلام(10/469)
وفينا رسول الله يتلو كتابه ... اذا انشق معروف من الفجر ساطع
ارنا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات ان ما قال واقع
يبين يجافى جنبه عن فراشه ... اذا استثقلت بالكافرين المضاجع
وفى الحديث « اذا جمع الله الاولين والآخرين جاء مناد بصوت يسمع الخلائق كلهم سيعلم اهل الجمع اليوم من اولى بالكرم ثم يرجع فينادى ليقم الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجغع فيقومون وهم قليل ثم يرجع فيقول ليقم الذين يحمدون الله فى السراء والضراء فيقومون وهم قليل فيسر حون جميعا الى الجنة ثم يحاسب سائر الناس »
واعلم ان قيام الليل من علو الهمة وهو وهب من الله تعالى فمن وهب له فيلقم ولا يترك ورد الليل بوجه من الوجوه
قال ابو سليمان الدارانى قدس سره نمت عن وردى فاذا انا بحوراء تقول يا ابا سليمان تنام وانا اربى لك فى الخيام منذ خمسمائة عام
وعن الشيخ ابى بكر الضرير رضى الله عنه قال كان فى جوارى شاب حسن الوجه يصوم النهار ولا يفطر ويقول الليل ولا ينام فجاءنى يوما وقال لى يا استاذ انى نمت عن وردى الليلة فرأيت كأن محرابى قد انشق وكأنى بجوار قد خرجن من المحراب لم ار احسن اوجها منهن واذا فيهنواحدة شوهاء لم ار اقبح منها منظرا فقلت لمن ائتن ولمن هذه فقلن نحن لياليك التى مضين وهذه ليلة نومك فلومت فى ليلتك هذه لكانت هذه حظك ثم انشأت الشوهاء تقول
اسأل لمولاك وارددنى الى حالى ... فانت قبحتنى من بين اشكالى
لا ترقدن الليالى ما حييت فان ... نمت الليالى فهن الدهر امثالى
فاجابتها جارية من الحسان تقول
ابشر بخير فقد نلت الغنى ابدا ... فى جنة الخلد فى روضات جنات
نحن الليالى اللواتى كنت تسهرها ... تتلو القرآن بترجيع ورنات
ابشر وقد نلت ما ترجوه من ملك ... بر يجود بافضال وفرحات
غدا تراه تجلى غير محتجب ... تدنى اليه وتحظى بالتحيات
قال ثم شهق شهقة خرميتا رحمه الله تعالى
وفى آكام المرجان ظهر ابليس ليحيى عليه السلام فقال له يحيى هل قدرت منى على شئ قال لا الامرة واحدة فانك قدّمت طعاما لتأكله فلم ازل اشهيه اليل حتى اكلت منه اكثر مما تريد فنمت تلك الليلة فلم تقم الى الصلاة كما كنت تقوم اليها فقال له يحيى لا جرم لا شبعت من طعام ابدا قال له الخبث لا جرم لا نصحت آدميا بعدك
باندازه خور زاد اكرمردمى ... جنين برشكم آدمى ياخمى
ندارند تن بروران آكهى ... كه برمعده باشد زحكمت تهى
{ ومما رزقناهم } اعطيناهم من المال { ينفقون } فى وجوه الخير والحسنات
قال بعضهم هذا عام من الواجب والتطوع وذلك على ثلاثة اضرب زكاة من نصاب ومواساة من فضل وايثار من قوت(10/470)
بدونيك را بذل كن سيم وزر ... كه آن كسب خيراست وآن دفع شر
از آن كس كه خيرى بماند روان ... دمادم رسد رحمتش بر روان
{ فلا تعلم نفس } من النفوس لا ملك مقرب ولا نبى مرسل فضلا عمن عداهم { ما اخفى لهم } اى لاولئك الذين عددت نعوتهم الجليلة من التجافى والدعاء والانفاق ومحل الجملة نصب لا تعلم سدت مسد المفعولين { من قرة اعين } مما تقربه اعينهم اذا رأوه وتسكن به انفسهم
وقال الكاشفى [ از روشنى جشمها يعنى جيزى كه بدان جشمها روشن كردد ] وفى الحديث « يقول الله تعالى اعددت لعبادى الصالحين مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بل ما اطلعتم عليه اقرأوا ان شئتم فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة اعين » { جزاء بما كانوا يعملون } اى جزوا جزاء بسبب ما كانوا يعملون فى الدنيا من اخلاص النية وصدق الطوية فى الاعمال الصالحة [ بزركى فرموده كه جون عمل بنهان ميكردند جزا نيز بنهانست تاجنانجه كس را برطاعت ايشان اطلاع نبود كسى را نيز بمكافاة ايشان اطلاع نباشد ]
روزى كه روم همره جانان بجمن ... نه لا له وكل بينم ونه سرو وسمن
زيرا كه ميان من واو كفته شود ... من دانم واو داند واو داند ومن
وفى التأويلات النجمية { تتجافى جنوب } همم { عن المضاجع } عن مضاجع الدارين وتتباعد قلوبهم عن مضاجعات الاحوال فلا يساكنون اعمالهم ولا يلاحظون احوالهم ويفارقون مآلفهم ويهجرون فى الله معارفهم يدعون ربهم بربهم لربهم خوفا من القطيعة والابعاد { وطمعا } فى القربات والمواصلات { ومما رزقناهم } من نعمة الوجود { ينفقون } ببذل المجهود فى طلب المفقود وليردّ اليهم بالجود ما اخفى لهم من النقود كما قال تعالى { فلا تعلم } الخ . وفى الحقيقة ان ما اخفى لهم انما هو جمالهم فقد اخفى عنهم لعينهم فان العين حق
فاعلم انه ما دام ان تكون عينكم الفانية باقية يكون جمالكم الباقى مخفيا عنكم لئلا تصيبه عينكم فلو طلع صبح سعادة التلاقى وذهب بظلمة البين من البين وتبدلت العين بالعين فذهب الجفاء وظهر الخفاء ودام اللقاء كما اقول
مذ جاء هواكم ذاهبا بالبين ... لم يبق سوى وصالكم فى البين
ما جاء بغير عينكم فى عينى ... والآن محت عينكمولى عينى
وبقوله { جزاء بما كانوا يعملون } يشير الى ان عدم علم كل نفس بما اخفى لهم وحصول جهلهم به انما كان جزاء بما كانوا يعملون بالاعراض عن الحق لاقبالهم على طلب غير الله وعبادة ما سواه انتهى(10/471)
أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20)
{ أفمن } [ آيا آنكس كه ] { كان } فى الدنيا { مؤمنا كمن كان فاسقا } خارجا عن الايمان لانه قابل به المؤمن وايضا اخبر انه يخلد فى النار ولا يستحق التخليد فيها الا الكافر { لا يستوون } فى الشرف والجزاء فى الآخرة والتصريح به مع افادة الانكار نفى المشابهة للتأكيد وبناء التفصيل الآتى عليه والجمع للحمل على معنى من
قال الكاشفى [ آورده اندكه وليد بن عقبه باشير بيشة مردى در مقام مفاخرت آمده كفت اى على سنان توسخترست وزبان من از زبان توتيز تر على كفت خاموش باش اى فاسق ترا با من جه زهرة مساوات وجه ياراى مجادلا تست حق سبحانه وتعالى براى تصديق على رضى الله عنه آيت فرستاد ] فالمؤمن هو علىّ رضى الله عنه ودخل فيه من مثل حاله والكافر هو الوليد ودخل فيه من هو على صفته ولذلك اورد الجمع فى لا يستوون
قال ابن عطاء من كان فى انوار الطاعة والايمان لا يستوى مع من هو فى ظلمات الفسق والطغيان
وفى كشف الاسرار أفمن كان فى حلة الوصال يجرّ اذياله كمن هو فى مذلة الفراق يقاسى وباله أفمن كان فى روح القربة ونيسم الزلفة كمن هو فى هول العقوبة يعانى مشقة الكلفة أفمن ايد بنور البرهان وطلعت عليه شموس العرفان كمن ربط بالخذلان ووسم بالحرمان لا يستويان ولا يلتقيان
ايها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف يلتقيان
هى شامية اذا ما استقلت ... وسهيل اذا استقل يمانى
{ اما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم } استحقاقا { جنات المأوى } قال الراغب المأوى مصدر اوى الى كذا انضم اليه وجنة المأوى كقوله دار الخلود فى كون الدار مضافا الى المصدر
وفى الارشاد اضيفت الجنة الى المأوى الحقيقى وانما الدنيا منزل مرتحل عنه لا محالة ولذلك سميت قنطرة لانها معبر للآخر لا مقر : وبالفارسية [ ايشانراست بوستانها وبهشتها كه مأوى حقيقى است ]
وعن ابن عباس رضى الله عنهما جنة المأوى كلها من الذهب وهى احدى الجنان الثمان التى هى دار الجلال ودار القرار ودار السلام وجنة عدن وجنة المأوى وجنة الخلد وجنة الفردوس وجنة النعيم { نزلا } اى حال كون تلك الجنات ثوابا واجرا : وبالفارسية [ در حالتى كه ييشكن باشد يعنى ما حضرى كه براى مهمانان آرند ] وهو فى الاصل ما يعد للنازل والضيف من طعام وشراب وصلة ثم صار عاما فى العطاء { بما كانوا يعملون } بسبب اعمالهم الحسنة التى عملوها فى الدنيا
وفى التأويلات النجمية { أفمن كان مؤمنا } بطلب الحق تعالى { كمن كان فاسقا } بطلب ما سوى الحق { لا يستوون } اى الطالبون لله والطالبون لغير الله ف { أما الذين آمنوا } بطلب الحق { وعملوا الصالحات } بالاقبال على الله والاعراض عما سواه { فلهم جنات المأوى نزلا } يعنى ان جنات مأوى الابرار ومنزلهم يكون نزلا للمقربين السائرين الى الله واما مأواهم ومنزلهم ففى مقعد صدق عند مليك مقتدر { واما الذين فسقوا } خرجوا عن الايمان والطاعة بايثار الكفر والمعصية عليهما { فمأواهم } اسم مكان ملجأهم ومنزلهم { النار } مكان جنات المأوى للمؤمنين { كلما } [ هركاه كه ] { ارادوا ان يخرجوا منها اعيدوا فيها } عبارة عن الخلود فيها فانه لا خروج ولا اعادة فى الحقيقة كقوله(10/472)
{ كلما خبت زدناهم سعيرا } ونار جهنم لا تخبو يعنى كلما قال قائلهم قد خبت زيد فيها ويروى انه يضربهم لهيب النار فيرتفعون الى طبقاتها حتى اذا قربوا من بابها وارادوا ان يخرجوا منها يضربهم لهيب النار او تتلقاهم الخزنة بمقامع : يعنى [ بكرزهاى آتشين ] فتضربهم فيهوون الى قعرها سبعين خريفا وهكذا يفعل بهم ابدا وكلمة فى للدلالة على انهم مستقرون فيها وانما الاعادة من بعض طبقاتها الى بعض { وقيل لهم } اهانة وتشديدا عليهم وزيادة فى غيظهم { ذوقوا عذاب النار الذى كنتم به } اى بعذاب النار { تكذبون } على الاستمرار فى الدنيا وتقولون لاجنة ولا نار
قال فى برهان القرآن وفى سبأ { عذاب النار التى كنتم بها تكذبون } لان النار فى هذه السورة وقعت موقع الكناية لتقدم ذكرها والكنايات لا توصف بوصف العذاب وفى سبأ لم يتقدم ذكر النار فحسن وصف النار وهذه لطيفة فاحفظها انتهى
وفى التأويلات { واما الذين فسقوا } خرجوا عن سبيل الرشاد ووقعوا فى بئر البعد والابعاد { فمأواهم النار كلما ارادوا ان يخرجوا منها اعيدوا فيها } لانهم فى هذه الصفة عاشوا وفيها ماتوا فعليها حشروا وذلك ان دعاة الحق لما كانوا فى الدنيا ينصحون لهم ان يخرجوا من اسفل الطبيعة بحبل الشريعة برعاية آداب الطريقة حملهم الشوق الروحانى على التوجه الى الوطن الاصلى العلوى فلما عزموا على الخروج من الدركات الشهوانية ادركتهم الطبيعة النفسانية الحيوانية السفلية واعادتهم الى اسفل الطبيعة { وقيل لهم } يوم القيامة { ذوقوا } الخ لانكم وان كنتم معذبين فى الدنيا ولكن ما كان لكم شعور بالعذاب الذى يجلل حواسكم الاخروية ولو كنتم تجدون ذوق العذاب لانتهيتم عن الاعمال الموجبة لعذاب النار كما انكم لما ذقتم ألم عذاب النار فى الدنيا احترزتم عنها غاية الاحتراز انتهى . فالاحتراق وصف الكافر والفاسق واما المؤمن والمطيع فقد قال عليه السلام فى حقه « تقول جهنم للمؤمن من جزيا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى » كما قال فى المثنوى
كويدش بكذر سبك اى محتشم ... وزنه زاتشهاى تومرد آتشم
وذلك النور هو نور التوحيد وله تأثير جدا فى عدم الاحتراق كما حكى ان مجذوبا كان يصاحب الشيخ الحاجى بيرام قدس سره وكان يحبه فلما توفى الشيخ جاء المجذوب الى الشيخ الشهير بآق شمس الدين لكونه خليفة الشيخ الحاجى بيرام فقال له شمس الدين يوما يا اخى ما لبست كسوة الشيخ الحاجى بيرام فى حياته فكيف لو لبستها من يدنا فقبل ففرح شمس الدين مع مريديه فعملوا ضيافة والبسوه كسوة فلما لبسها القى نفسه فى نار كانت فى ذلك المجلس فلبث فيها حتى احترقت الكسوة ولم يحترق المجذوب ثم خرج منها وقال يا ايها الشيخ لا خير فى كسوة تحرفها النار(10/473)
قال بعض العارفين لو كان المشتاقون دون جماله فى الجنة واويلاه ولو كانوا فى الجحيم معه واشوقاه فمن كان مع المحبوب فهو لا يحترق ألا ترى ان النبى عليه الصلاة والسلام نظر الى جهنم وما فيها ليلة المعراج ولم يحترق منه شعرة وكما ان النار تقول للمؤمن ذلك القول كذلك الجنة تقول له حين يذهب الى مقامه جزيا مؤمن الى مقامك فان نورك يذهب بزينتى ولطافتى كما قال فى المثنوى
كويدش جنت كذركن همجو باد ... ورثه كردد هرجه من دارم كساد
وذلك لان نور المؤمن التجلى والتجلى انما يكون للمؤمن لا للجنة فيغلب نوره على الجنة التى ليس لها نور التجلى ألا ترى ان من جلس للوعظ وفى المجلس من هو اعلى حالا منه فى العلم يحصل له الانقباض والكساد فلا يطلب الا قيام ذلك من المجلس فاذا كان هذا حال العالم مع من هو اعلم منه فى الظاهر فقس عليه حال العالم مع من هو اعلم منه فى الباطن فمن عرف مراتب اهل الله تعالى يسكت عند حضورهم لان لهم الغلبة فى كل شان ولهم المعرفة بكل مقام قدس الله اسرارهم(10/474)
وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)
{ ولنذيقنهم } اى اهل مكة . والاذاقة بالفارسية [ جشانيدن ] { من العذاب الادنى } اى الاقرب وهو عذاب الدنيا وهو ما محنوا به من القحط سبع سنين بدعاء النبى عليه السلام حين بالغوا فى الاذية حتى اكلوا الجيف والجلود والعظام المحترقة والعلهز وهو الوبر والدم بان يخلط الدم باوبار الابل وشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان وكذا ابتلوا بمصائب الدنيا وبلاياها مما فيه تعذيبهم حتى آل امرهم الى القتل والاسر يوم بدر { دون العذاب الاكبر } اى قبل العذاب الاكبر الذى هو عذاب الآخر فدون هنا بمعنى قبل
وفى كشف الاسرار وتبعه الكاشفى فى تفسيره [ فروتر ازعذاب بزركتركه خلودست در آتش ] وذلك لانه فى الاصل ادنى مكان من الشئ فيقال هذا دون ذلك اذا كان احط منه قليلا ثم استعير منه للتفاوت فى الاموال
[ والرتب درلباب ازتفسير نقل كرده كه ادنى غلاى اسعارست واكبر خروج مهدى بشمشير آبدار وكفته اندخوارئ دنيا ونكو نسارئ عقبا يا افتادن دركناه ودور افتادن ازدركاه قرب الله ]
دورماندن از وصال او عذاب اكبراست ... آتش سوز فراق ازهر عذابى بدترست
وفى حقائق البقلى العذاب الادنى حرمان المعرفة والعذاب الاكبر والاحتجاب عن مشاهدة المعروف
وقال ابو الحسن الوراق الادنى الحرص على الدنيا والاكبر العذاب عليه { لعلهم } اى لعل من بقى منهم وشاهده ولعل فى مثله بمعنى كى { يرجعون } يتوبون عن الكفر والمعاصى
وفى التأويلات النجمية يشير الى ارباب الطلب واصحاب السلوك اذا وقعت لاحدهم فى اثناء السلوك وقفة لعجب تداخله او لملالة وسآمة نفس او لحسبان وغرور قبول او وقعت له فترة بالتفاته الى شئ من الدنيا وزينتها وشهواتها فابتلاه الله اما ببلاء فى نفسه او ماله او بيته من اهاليه واقربائه واحبائه لعلهم باذاقة عذاب البلاء والمحن انتبهوا من نوم الغفلة وتداركوا ايام العطلة قبل ان يذيقهم العذاب الاكبر بالخذلان والهجران وقسوة القلب كما قال تعالى { ونقلب افئدتهم } الآية لعلهم يرجعون الى صدق طلبهم وعلو محبتهم(10/475)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22)
{ ومن اظلم } [ وكيست ستمكارتر ] { ممن ذكر بآيات ربه } اى وعظ بالقرآن { ثم اعرض عنها } فلم يتفكر فيها ولم يقبلها ولم يعمل بموجبها وثم لاستبعاد الاعراض عنها مع غاية وضوحها وارشادها الى سعادة الدارين كقولك لصاحبك دخلت المسجد ثم لم تصل فيه استبعادا لتركه الصلاة فيه . والمعنى هو اظلم من كل ظالم وان كان سبك التركيب على نفى الاعظم من غير تعرض لنفى المساوى { انا من المجرمين } اى من كل من اتصف باجرام وان هانت جريمته { منتقمون } فكيف من كان اظلم من كل ظالم واشد جرما من كل مجرم : وبالفارسية [ انتقام كشيد كانيم هلاك وعذاب ] يقال نقمت من الشئ ونقمته اذا انكرته اما باللسان واما بالعقوبة والنقمة العقوبة والانتقام [ كينه كشيدن ] فاذانبه العبد بانواع الزجر وحرك فى تركه حدود الوفاق بصنوف من التأديب ثم لم يرتدع عن فعله واغتر بطول سلامته وامن هواجم مكر الله وخفايا امره اخذه بغته بحيث لا يجد فرجة من اخذته كما قال { انا من المجرمين } اى المصرين على جرمهم { منتقمون } بخسارة الدارين : قال الحافظ
كمين كهست وتوخوش تيزميروى هش دار ... مكن كه كرد بر آيد زشهرة عدمت
وفى الحديث « ثلاثة من فعلن فقد اجرم من عقد لواء فى غير حق ومن عق لوالديه ومن نصر ظالما »
واعلم ان الظلم اقبح الامور ولذلك حرمه الله على نفسه فينبغى للعاقل ان يتعظ بمواعظ الله ويتخلق باخلاقه ويجتنب عن اذية الروح بموافقة النفس والطبيعة واذية عباد الله
وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه استند الى جدار الكعبة وقال يا كعبة ما اعظم حرمتك على الله لكنى لوهدمتك سبع مرات كان احب الى من ان اوذى مسلما مرة واحدة
وعن وهب بن منبه انه قال جمع عالم من علماء بنى اسرائيل سبعين صندوقا من كتب العلم كل صندوق سبعون ذراعا فاوحى الله تعالى الى نبى ذلك الزمان ان قل لهذا العالم لا تنفعك هذه العلوم وان جمعت اضعافا مضاعفة ما دام معك ثلاث خصال حب الدنيا ومرافقة الشيطان واذى مسلم فهذه الاسباب توقع الانسان فى ورطة الانتقام وانتقام الله لا يشبه انتقام غيره ألا ترى انه وصف العذاب الاكبر
وفى الحديث « ان فى اهون باب منها سبعين الف جبل من نار وفى كل جبل سبعون الف واد من نار وفى كل واد سبعون الف شعب من نار وفى كل شعب سبعون الف مدينة من نار وفى كل مدينة سبعون الف شعب من نار وفى كل شعب سبعون الف مدينة من نار وفى كل صندوق سبعون الف نوع من العذاب ليس فيها عذاب يشاكل عذابا » فسمع عمر رضى الله عنه با ليتنى كنت طيرا فى المفازة ولم اسمع ان يحفظنا من الوقوع فى اسباب العذاب والوقوف فى مواقف المناقشة وسوء الحساب وهو الذى خلق فهدى اى طريق رضاه ومنه الثبات على دينه الموصل الى جنته وقربته ووصلته ولقاه(10/476)
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (23)
{ ولقد آتينا موسى الكتاب } اى التوراة { فلا تكن فى مرية } اى شك
وفى المفردات المرية التردد فى الامر وهو اخص من الشك { من لقائه } اللقاء [ ديدن ] يقال لقيه كرضيه رآه
قال الراغب يقال ذلك فى الادراك بالحس بالبصر وبالبصيرة وهو مضاف الى مفعوله . والمعنى ن لقاء موسى الكتاب فانا القينا عليه التوراة
يقول الفقير هذا هو الذى يستدعيه ترتيب الفاء على ما فبلها
فان قلت ما معنى النهى وليس له عليه السلام فى ذلك شك اصلا
قلت فيه تعريض للكفار بانهم فى شك من لقائه اذ لو يكن لهم فيه شك لآمنوا بالقرآن اذفى التوراة وسائر الكتب الآلهية ما يصدق القرآن من الشواهد والآيات فايتاء الكتاب ليس ببدع حتى يرتابوا فيه فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان موسى عليه السلام لما اوتى الكتاب وهو حظ سمعه فلا تسك يا محمد ان يحظى غدا حظ بالرؤية ولكن بشفاعتك وبركة متابعتك واختصاسه فى دعائه بقوله اللهم اجعلنى من امة احمد فان الرؤية مخصوصة بك وبامتك بتبعيتك { وجعلناه } اى الكتاب الذى آتيناه موسى { هدى } من الضلالة : وبالفارسية [ راه نماينده ] { لبنى اسرائيل } لانه انزل اليهم وهم متعبدون به دون بنى اسماعيل وعليهم يحمل الناس فى قوله تعالى { قل من انزل الكتاب الذى جاء به موسى نورا وهدى للناس }(10/477)
وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)
{ وجعلنا منهم } اى من بنى اسرائيل { ائمة } جمع امام بمعنى المؤتم والمقتدى به قولا وفعلا : بالفارسية [ ييشوا ] { يهدون } يرشدون الخلق الى الحق بما فى التوراة من الشرائع والاحكام والحكم { بامرنا } اياهم بذلك او بتوفيقنا لهم { لما صبروا } على الحق فى جميع الامور والاحوال وهى شرط لما فيها من معنى الجزاء نحو احسنت اليك لما جئتنى والتقدير لما صبر الائمة اى العلماء من بنى اسرائيل على المشاق وطريق الحق جعلناهم ائمة او هى ظرف بمعنى الحين اى جعلناهم ائمة حين صبروا { وكانوا بآياتنا } التى فى تضاعيف الكتاب { يوقنون } لامعانهم فيها النظر والايقان [ بى كمان شدن ] ولا تشك انها من عندنا كما يشك الكفار من قومك فى حق القرآن
وفيه اشارة الى انه كما ان الله تعالى جعل التوراة هدى لبنى اسرائيل فاهتدوا بها الى مصالح الدين والدنيا كذلك جعل القرآن هدى لهذه الامة المرحومة يهتدون به الى الشرائع والحقائق وكما انه جعل من بنى اسرائيل قادة ادلاء كذل جعل من هذه الامة سادة اجلاء بل رجحهم على الكل بكل كمال فان الافضل اولى باحراز الفضائل كلها
قال الشيخ العارف ابو الحسن الشاذلى قدس سره رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى النوم باهى موسى وعيسى عليهما السلام بالامام الغزالى قدس سره وقال أفى امتكما حبر كذا قالا لا ورضى الله عن جميع الاولياء والعلماء ونفعنا بهم فانظر ما اشرف علم هذه الامة وما اعز معرفتهم ولذا يشرفون يوم القيامة بكل حلية كما قال بعض الاخيار رأيت الشيخ ابا اسحق ابراهيم ابن على بن يوسف الشيرازى رحمه الله فى النوم بعد وفاته وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج فقلت له ما هذا البياض فقال شرف الطاعة قلت والتاج قال عز العلم
قال بعض الكبار من عدم الانصاف عدم ايمان الناس بما جاء به الانبياء المعصومون وعدم الايمان بما اتى به الاولياء المحفوظون فان البحر واحد فمن آمن بما جاء به الاصل من الوحى يجب ان يؤمن بما جاء به الفرع من الالهام بجامع الموافقة وقد ثبت ان العلماء ورثة الانبياء فعلومهم علومهم ففى الاتباع لهم فى اقوالهم وافعالهم واحوالهم اجر كثير وثواب عظيم ونجاة من المهلك كما قال الحافظ
يار مردان خدا باش كه در كشتى نوح ... هست خاكى كه بآبى نخرد طوفانرا(10/478)
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25)
{ ان ربك هو يفصل } يقضى { بينهم } بين الانبياء واممهم المكذبين واممهم المكذبين او بين المؤمنين والمشركين { يوم القيمة } فيميز بين المحق والمبطل [ وهريك را مناسب او جزا دهد ] وكلمة هو للتخصيص والتأكيد وان ذلك الفصل يوم القيامة ليس الا اليه وحده لا يقدر عليه احد سواه ولا يفوّض الى من عداه { فيما كانوا فيه يختلفون } من امور الدين هنا اى فى الدنيا
قال بعض الكبار ان الله تبارك وتعالى يحكم بين عباده لوجوده . او لها لعزتهم لانهم عنده اعز من ان يجعل حكمهم الى احد من المخلوقين بل هو بفضله وكرمه يكون حاكما عليهم . وثانيها غيره عليهم لئلا يطلع على احوالهم احد غيره . وثالثها رحمة وكرما فانه ستار لا يفشى عيوبهم ويستر عن الاغيار ذنوبهم . ورابعها لانه كريم ومن سنة الكرام انهم اذا مروا باللغو مرواكراما . وخامسها فضلا وعدلا لانه الخالق الحكم الذى خلقهم وما يعملون على مقتضى حمكته ووفق مشيئته فان رأى منهم حسنا فذلك من نتائج احسانه وفضله وان رأى منهم قبحا فذلك من موجبات حكمته وعدله وانه { لا يظلم مثقال ذرة وان تلك حسنة يضاعفها } الآية . وسادسها عناية وشفقة فانه تعالى خلقهم ليربحوا عليه لا ليربح عليهم فلا يجوز من كرمه ان يخسروا عليه . وسابعها رحمة ومحبة فانه تعالى بالمحبة خلقهم لقوله { فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لا عرف } وللمحبة خلقهم لقوله { يحبهم ويحبونه } فينظر فى شأنهم بنظر المحبة والرضى
وعين الرضى عن كل عيب كليلة ... وثامنها لطفا وتكريما فانه نادى عليهم بقوله { ولقد كرمنا بنى آدم } فلا يهين من كرّمه . وتاسقها عفوا وجودا فانه تعالى عفو يحب العفو فان رأى جريمة فى جريدة العبد يحب عفوها وانه جواد يحب ان يجود عليه بالمغفرة والرضوان . وعاشرها انه تعالى جعلهم خزائن اسراره فهو اعلم بحالهم واعرف بقدرهم فانه خمر طينتهمبيده اربعين صباحا وجعلهم مرآة يظهر بها جميع صفاته عليهم لا على غيرهم ولو كان الملائكة المقربين ألا ترى انه تعالى لما قال { انى جاعل فى الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويفسك الدماء } فما عرفوهم حق معرفتهم حتى قال تعالى فيهم عزة وكرامة { انى اعلم ما لا تعلمون } اى من فضائلهم وشمائلهم فانهم خزائن اسرارى ومرآة جمالى وجلالى فانتم تنظرون اليهم بنظرة الغيرة وانا انظر اليهم بنظر المحبة والرحمة فلا ترون منهم الا كل قبيح ولا أرى منهم الا كل جميل فلا ارضى ان اجعلكم حاكما بينهم بل بفضلى وكرمى انا افضل بينهم فيما كانوا فيه يختلفون فاحسن الى محسنهم واتجاوز عن مسيئهم فلا يكبر علىّ اختلافهم لعلمى انهم لايزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم
فعلى العاقل ان يرفع الاختلاف من البين ولا يقع فى البين فان الله تعالى قد هدى بهداية القرآن الى طريق القربات ولكن ضل عن الاتفاق الاعضاء والقوى فى قطع العقبات اللهم ارحم انك انت الجواد الاكرم(10/479)
أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (26)
{ أولم يهد لهم } تخويف لكفار مكة اى اغفلوا ولم يبين لهم آمال امرهم والفاعل ما دل عليه قوله { كم اهلكنا } اى كثرة اهلاكنا لان كم لا يقع فاعلا فلا يقال جاءنى كم رجل { من قبلهم من القرون } مثل عاد وثمود وقوم لوط . والقرن اسم لسكان الارض عصرا والقرون سكانها على الاعاصير { يمشون فى مساكنهم } الجملة حال من ضمير يعنى اهل مكة يمرون فى متاجرهم على ديار الهالكين وبلادهم ويشاهدون آثار هلاكهم وخراب منازلهم { ان فى ذلك } الاهلاك وما يتعلق به من الآثار { لآيات } حججا ومواعظ لكل مستبصر ومعتبر : وبالفارسية [ عبرتهاست مر امم آتيه را ] { أفلا تسمعون } آيات الله ومواعظه سماع تدبر واتعاظ فينتهوا عماهم عليه من الكفر والكذيب
كسى راكه بندار درسر بود ... ميندار هركز كه حق بشنود
زعلمش ملال آيد ازوعظ ننك ... شقايق بباران نرويد زسنك(10/480)
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (27)
{ أولم يروا انا نسوق الماء } السوق [ راندن ] والمراد سوق السحاب الحامل للماء لانه هو الذى ينسب الى الله تعالى واما السقى بالانهار فمنسوب الى العبد وان كان الانبات من الله تعالى ولما كان هذا السوق وما بعده من الاخراج محسوسا حمل بعضعهم الرؤية على البصرية ويدل عليه ايضا آخر الآية وهو أفلا يبصرون
وقال فى بحر العلوم حملا على المقصود من النظر اى قد علموا انا نسوق الماء : وبالفارسية [ آيا نمى بينند ونميد انندكه ما آب را در ابر ميرانيم ] { الى الارض الجرز } اى التى حرز نباتها اى قطع وازبل بالكلية لعدم المطر ولغيره كالرعى لا التى لا تنبت لقوله { فنخرج } من تلك الارض { به } اى بسبب ذلك الماء المسوق { زرعا } [ كشت زارها وغلات واشجار ] وهو فى الاصل مصدر عبربه عن عن المزروع { تأكل منه } اى من ذلك الزرع { انعامهم } [ جهار يايان ايشان ] كالتبن والقصيل والورق وبعض الحبوب المخصوصة بها { وانفسهم } كالحبوب التى يقتاتها الانسان والثمار { أفلا يبصرون } اى ألا ينظرون فلا يبصرون ذلك فيستدلون به على وحدته وكمال قدرته وفضله تعالى وانه الحقيق بالعبادة وان لا يشرك به بعض خلقه من ملك وانسان فضلا عن جماد لا يضر ولا ينفع وايضا فيعلمون انا نقدر على اعادتهم واحيائهم
قال ابن عطاء فى الاية نوصل بركات المواعظ الى القلوب القاسية المعرضة عن الحق فتتعظ بتلك المواعظ
قال بعضهم يسوق مياه معرفته من بحار تجلى جلاله الى ارض القلوب الميتة فينبت نرجس الوصلة وياسمين المودة وريحان المؤانسة وبنفسج الحكمة وزهر الفطنة وورد المكاشفة وشقائق الحقيقة
وقال بعضهم نسوق ماء الهداية الى القلوب الميتة فنسقى حدائق وصلهم بعد جفاف عودها وزوال المأنوس من معهودها فيعود عودها مورقا بعد ذبوله حاكيا لحالة حال حصوله فنخرج به زرعا من الواردات التى تصلح لزينة النفوس ومن المشاهدات التى تصلح لتغذية القلوب ولا يخفى ان الهداية على انواع فهداية الكافر الى الايمان وهداية المؤمن الفاسق الى الطاعات وهداية المؤمن المطيع الى الزهد والورع وهداية الزاهد المتورع الى المعرفة وهداية العارف الى الوصول وهداية الواصل الى الحصول فعند الحصول تنبت حبة القلب بفيض الالهام الصريح نباتا لا جفاف لها بعده فمن ههنا يأخذ الانسان الكامل فى الحياة الباقية وينبغى لطالب الحق ان يجتهد فى طريق العبودية فان الفيض والنماء انما يحصل من طريق العبادات ولذا جعل الله الطاعات رحمة على العباد ألا ترى ان الانسان اذا صلى صلاة الفجر يقع فى بحر المناجاة مع الله ولكن تنقطع هذه الحالة الى صلاة الظهر بالنسبة الى الانسان الناقص اذربما يشتغل فى البين بما ينقطع به المدد فصلاة الظهر اذا تجدد له حالته وهكذا فتكرر الصلوات فى الليل والنهار كتكرر سقى الارض والزرع صباحا ومساء وكذا الصوم فان شهر رمضان يفتح فيه باب القلب ويغلق باب الطبيعة فيحصل للصائم صفة الصمدية فيكون كالملائكة فى المحل ففى تكرر رمضان عليه امداد له لتكميل تلك الصفة الالهية وانما لا يظهر اثر الطاعات فى حق العوام لانهم لا يؤدونها من طريقها وبشرائطها فالله تعالى قادر على ان ينقذهم من شهواتهم ويخرجهم من دائرة غفلاتهم ومن استعجز القدرة الالهية فقد كفر(10/481)
قال فى شرح الحكم وان اردت الاستعانة على تقوية رجائك فانظر الحال من كان مثلك ثم انقذه الله وخصه بعنايته كابراهيم بن ادهم وفضيل بن عياض وابن المبارك وذى النون ومالك بن دينار وغيرهم من محرومى البداية ومرزوقى النهاية : وفى المثنوى
ساية حق برسر بنده بود عاقبت جوينده يابنده بود
كت ييغمبر كه جون بى درى ... عاقبت زان در برون آيد سرى
جون نشينى برسر كوى كسى ... عاقبت بينى توهم روى كسى
جون زجاهى ميكنى هر روز خاك ... عاقبت اندر رسى در آب باك
جملة دانند اين اكر تو نكروى ... هرجه ميكاريش روزى بد روى
وقال فى موضع آخر
جون صلاى وصل بشنيدن كرفت ... اندك اندك مرده جنبيدن كرفت
نى كم ازخا كست كز عشوة صبا ... سبز بوشد سر برآرد ازقنا
كم زآب نطفة نبود كز خطاب ... بوسفان زايند رخ جون آفتاب
كم زبادى نيست شد از امركن ... درر حم طاوس ومرغ خوش سخن
كم زكوه وسنك نبود كز ولاد ... ناقة كان ناقة زاد زاد(10/482)
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28)
{ ويقولون } وذلك ان المؤمنين كانوا يقولون لكفار مكة ان لنا يوما يفتح الله فيه بيننا اى يحكم ويقضى يريدون يوم القيامة او ان الله سيفتح لنا على المشركين ويفصل بينا وبينهم وكان اهل مكة اذا سمعوه يقولون بطريق الاستعجال تكذيبا اواستهزاء { متى هذا الفتح } اى فى أى وقت يكون الحكم والفصل او النصر والظفر { ان كنتم صادقين } فى انه كائن(10/483)
قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (29)
{ قل } تبكيتالهم وتحقيقا للحق لا تستعجلوا ولا تستهزئوا فان { يوم الفتح } يوم ازالة الشبهة باقامة القيامة فان اصله ازالة الاغلاق والاشكال او يوم الغلبة على الاعداء { لا ينفع الذين كفروا ايمانهم } فاعل لا ينفع والموصول مفعوله { ولا هم ينظرون } يمهلون ويؤخرون فان الانظار بالفارسية [ زمان دادن ] اما اذا كان المراد يوم القيامة فان الايمان يومئذ لا ينفع الكافر لفوات الوقت ولا يمهل ايضا فى ادراك العذاب ولا فى بيان العذر فانه لا عذر له واما اذا كان المراد يوم النصرة كيوم بدر فانه لا ينفع ايمانه حال القتل اذ هو ايمان يأس كايمان فرعون حين الجمة الغرق ولا يتوقف فى قتله اصلا والعدول عن تطبيق الجواب على ظاهر سؤالهم للتنبيه على انه ليس مما ينبغى ان يسأل عنه لكونه ارما بينا غنيا من الاخبار وكذا ايمانهم واستنظارهم يومئذ وانما المحتاج الى البيان عدم نفع ذلك الايمان وعدم الانظار(10/484)
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)
{ فاعرض عنهم } اى لا تبال بتكذيبهم : وبالفارسية [ بس روى بكردان بطريق اهانت از ايشان تامدت معلوم يعنى تانزول آية السيف ] { وانتظر } النصرة عليهم وهلاكهم لصدق وعدى { انهم منتظرون } الغلبة عليك وحوادث الزمان من موت او قتل فيستريحوا منك او اهلاكهم كما فى قوله تعالى { هل ينظرون الا ان يأتيهم الله } الآية ويقرب منه ما قيل وانتظر عذابنا فانهم منظرون فان استعجالهم المذكور وعكوفهم على ما هم عليه من الكفر والمعاصى فى حكم انتظارهم العذاب المترتب عليه لا محالة وقد انجز الله وعده فنصر عبده وفتح للمؤمنين وحصل امانيهم اجمعين
شكر خداكه هرجه طلب كردم ازخدا ... برمنتهاى همت خود كامران شدم
قال بعضهم
هركوا اقبال باشد رهنمون ... دشمنش كردد بزودى سرنكون
وفى الآية حث على الانتظار والصبر
قد يدرك المتأنى بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل
واشارة الى ان اهل الاهواء ينكرون على الاولياء ويستدعون منهم اظهار الكرامات وعرض الفتوحات ولكن اذا فتح الله على قلوب اوليائه لا ينفع الايمان بفتوحهم زمرة اعدائه اذ لم يقتدروا لهم ولم يهتدوا بهدايتهم فمالهم الا الحسرات والزفرات فانتظار المقر المقبل لفتوحات الالطاف وانتظار المنكر المدبر لهواجم المقت وخفايا المكر والقهر نعوذ بالله تعالى . وفى الحديث « من قرأ الم تنزيل وتبارك الذى بيده الملك اعطى من الاجر كأنما احيى ليلة القدر » وفى الحديث « ومن قرأ الم تنزيل فى بيته لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة ايام » كما فى الارشاد وفى الحديث « تجيئ الم تنزيل السجدة يوم القيامة لها جناحان تطاير صاحبها وتقول لا سبيل عليك » كما فى بحر العلوم وروى عن جابر رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ الم السجدة وتبارك الذى بيده الملك ويقول « هما تفضلان كل سورة فى القرآن بسبعين حسنة فمن قرأهما كتب له سبعون حسنة ومحى عنه سبعون سيئة ورفع له سبعون درجة » وعن ابى هريرة رضى الله عنه كان النبى عليه السلام يقرأ فى الفجر يوم الجمعة الم تنزيل وهل اتى على الانسان كما فى كشف الاسرار . ويسن عند الشافعى واحمد ان يقرأ فى فجر يوم الجمعة فى الركعة الاولى الم السجدة وفى الثانية هل اتى على الانسان وكره احمد المداومة عليها لئلا يظن انها مفضلة بسجده وعند ابى حنيفة ومالك لا يسن بل كره ابو حنيفة تعيين سورة غير الفاتحة لشئ من الصلوات لما فيه من هجران الباقى كما فى فتح الرحمن
قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر ان من ادب العارف اذا قرأ فى صلاته المطلقة ان لا يقصد قراءة سورة معينة او آية وذلك لانه لا يدرى اين يسلك به ربه من طريق مناجاته فالعارف يقرأ بحسب ما يناجيه به من كلامه وبحسب ما يلقى اليه الحق فى خاطره كما فى الكبريت الاحمر نسأل الله سبحانه ان يجعلنا ممن يقوم بكلامه آناء الليل واطراف النهار ويتحق بمعانية ومناجاته فى السر والجهار
تمت سورة السجدة بعون اللّه تعالى يوم الاحد الرابع من شهر رمضان المتنظم فى شهور سنة الف ومائة وتسع(10/485)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)
{ يا ايها النبى } من النبأ وهو خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم او غلبه ظن وسمى نبيا لانه منبئ اى مخبر عن الله بما تسكن اليه العقول الزكية او من النبوة اى الرفعة محل النبى عن سائر الناس المدلول عليه بقوله { ورفعناه مكانا عليا } ناداه تعالى بالنبى لا باسمه اى لم يقل يا محمد كما قال يا آدم ويا نوح ويا موسى ويا عيسى ويا زكريا ويا يحيى تشريفا فهو من الالقاب تدل على شرف المسمى واما تصريحه باسمه فى قوله { محمد رسول الله } فلتعليم الناس انه رسول الله ولعتقدوه كذلك ويجعلوه من عقائدهم الحقة [ در اسباب نزول مذكوراست كه ابو سفيان وعكرمة وابو الاعور بعد ازواقعة احد ازمكة بمدينة آمده در مركز نفاق يعنى وثاق ابن ابى نزول كردند ديكر ازرسول خدا درخواستند تايشانرا امان دهد وباوى سخن كويند رسول خدا ايشانرا امان داد باجمعى ازمنافقان برخاستند بحضرت مصطفى عليه السلام آمدند وكفتند « ارفض ذكر آلهتنا وقل انها تشفع يوم القيامة وتنفع لمن عبدها ونحن ندعك وربك » اين سخن بدان حضرت شاق آمد روى مبارك درهم كشيد عبد الله ابن ابىّ ومقت بن قشير وجد بن قيس از منافقان كفتند يا رسول الله سخن اشراف عرب را باور كن كه صلاح كلى درضمن آنست فاروق رضى الله عنه حميت اسلام وصلابت دين دريافته قصد قتل كفره فرمود حضرت عليه السلام كفت اى عمر من ايشانرا بجان امان داده ام تونقض عهد مكن فاخرجهم عمر رضى الله عنه من المسجد بل من المدينة وقال اخرجوا فى لعنة الله وغضبه فنزلت هذه الآية { اتق الله } فى نقض العهد ونبذ الامان واثبت على التقوى وزد منها فانه ليس لدرجات التقوى نهاية وانما حملت على الدوام لان المشتغل بالشئ لا يؤمر به فلا يقال للجالس مثلا اجلس امره الله بالتقوى تعظيما لشأن التقوى فان تعظيم المنادى ذريعة الى تعظيم شان المنادى له
قال فى كشف الاسرار يأتى فى القرآن الامر بالتقوى كثيرا لتعظيم ما بعده من امر او نهى كقول { اتقوا الله وآمنوا برسوله } وقول لوط { اتقوا الله ولا تخزون فى ضيفى }
قال فى الكبير لا يجوز حمله على غفلة النبى عليه السلام لان قوله النبى ينافى الغفلة لان النبى خبير فلا يكون غافلا
قال ابن عطاء ايها المخبر عنى خبر صدق والعارف فى معرفة حقيقية اتق الله فى ان يكون لك الالتفات الى شئ سواى
اعلم ان التقوى فى اللغة بمعنى الاتقاء وهو اتخاذ الوقاية وعند اهل الحقيقة هو الاحتراز بطاعة الله من عقوبته وصيانة النفس عما تستحق به العقوبة من فعل او ترك(10/486)
قال بعض الكبار المتقى اما ان يتقى بنفسه عن الحق تعالى واما بالحق عن نفسه والاول هو الاتقاء باسناد النقائص الى نفسه عن اسنادها الى الحق سبحانه فيجعل نفسه وقاية له تعالى والثانى هو الاتقاء باسناد الكمالات الى الحق سبحانه فيجعل الحق وقاية لنفسه والعدم نقصان فهو مضاف الى العبد والوجود كال فهو مضاف الى الله تعالى
وفى كشف الاسرار [ آشنا باتقوى كسانند كه بيناه طاعت شوند ازهرجه معصيتشت واز حرام بيرهيزند خادمان تقوى ايشانندكه بيناه احتياط شوند واز هرجه شبهتست بيرهيزند كنند كه ديكران از معاصى ]
ما سواى حق مثال كلخنست ... تقوى ازوى جون حمام روشنست
هركه در حمام شد سيماى او ... هست ييدا برزخ زيباى او
{ ولا تطع } اى المجاهرين بالكفر { والمنافقين } اى المضمرين له اى دم على ما انت عليه من انتفاء الطاعة لهم فيما يخالف شريعتك ويعود بوهن فى الدين وذلك ان رسول الله لم يكن مطيعالهم حتى ينهى عن اطاعتهم لكنه اكد عليه ما كان ثبت على التزامه والاطاعة الانقياد وهو لا يتصور الابعد الامر . فالفرق بين الطاعة والبعادة ان الطاعة فعل يعمل بالامر لا غير بخلاف العبادة { ان الله كان } على الاستمرار والدوام لا فى جانب الماضى فقط { عليما } بالمصالح والمفاسد فلا يأمرك الا بما فيه مصلحة ولا ينهاك الاعما فيه مفسدة { حكيما } لا يحكم الا بما تقتضيه الحكمة البالغة(10/487)
وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2)
{ واتبع } فى كل ما تأتى وما تذر من امور الدين { ما يوحى اليك من ربك } فى التقوى وترك طاعة الكافرين والمنافقين وغير ذلك اى فاعمل بالقرآن لا برأى الكافرين
قال سهل قطعه بذلك عن اتباع اعدائه وامره بالاتباع فى كل احواله ليعلم ان اصح الطريق شريعة الاتباع والاقتداء لا طريقة الابتداع والاستبداد
من بسر منزل عنقا نه بخود بردم راه قطع اين مرحله بامرغ سليمان كردم
{ ان الله كان بما تعملون } من الامتثال وتركه وهو خطاب للنبى عليه السلام والمؤمنين { خبيرا } [ آكاه وخبر دار ] فيرتب على كل منهما جزاءه ثوابا او عقابا فهو ترغيب وترهيب(10/488)
وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3)
{ وتوكل على الله } اى فوض جميع امورك اليه { وكفى بالله } اى الله تعالى { وكيلا } حافظا موكولا اليه كل الامور : وبالفارسية [ كاز ساز ونكهبان وكفايت كنندة مهمات ]
جون ره لطف عنايت كند ... جملة كفايت كند
قال الشيخ الزورقى فى شرح الاسماء الحسنى الوكيل هو المتكفل بمصالح عباده والكافى لهم فى كل امر ومن عرف انه الوكيل اكتفى به فى كل امره فلم يدبر معه ولم يعتمد عليه . وخاصيته نفى الحوائج والمصائب فمن خاف ريحا او صاعقة او نحوهما فليكثر منه فانه يصرف عنه ويفتح له ابواب الخير والرزق
قال فى كشف الاسرار ابو يزيد بسطامى قدس سره [ باكروه مريدان برتوكل نشسته بودند مدتى بكذشت كه ايشانرا فتوحى برنياند وازهيج كس رفقى نيافتند بى طاقت شدند كفتند اىشيخ اكر دستورى باشد بطلب رزقى رويم شيخ كفت اكر دانيد كه روزئ شما كجاست رويد وطلب كنيد كفتند تا الله را خوانيم ودعا كنيم ]
ارباب حاجتيم وزبان سؤال نيست ... در حضرت كريم تمنا جه حاجتست
[ كفتند اى شيخ بس برتوكل مى نشينيم وخاموش مى باشيم كفتا خدايرا آزمايش ميكنيد كفتند اى شيخ بس جاره وحيلت جيست شيخ كفت « الحيلة ترك الحيلة » يعنى حيلت آنست كه اختيار ومراد خود در باقى كنيد تا آنجه قضاست خود ميرود اى جوانمرد حقيقت توكل آنست كه مرد از راه اختيار خود بر خيزد ديدة تصرف را ميل در كشد خيمة رضا وتسليم برسر كوى قضا وقدر بزندديدة مطالعت بر مطالع احكام كذا رد تا از بردة عزت دجه آشكاراشود وبهر جه ييش آيد در نظارة محول باشد نه در نظارة حال جون مرد بدين مقام رسد كليد كنج مملكت در كنار وى نهند توانكر دل كردد ]
فعلى العاقل ان يجتهد فى ترك الالتفات الى غير الله ويركب المشاق فى طريق من يهواه فان الاخذ بالعزائم نعت الرجل الحازم واولوا العزم من الرسل هم الذين لقوا الشدائد فى تمهيد السبل . ما جنح الى الرخص الا من يقع الغصص . من سلك ههنا ما توعر تيسر له فى آخرته ما تعسر . فما اثقل ظهرك سوى وزرك . فهنا تحط الاثقال اثقال الاعمال والاقوال . فاحذر من الابتداع فى حال الاتباع
واعلم ان النعم لا يمكن العبد تحصيلها بالاصالة فالله يحصلها له بالوكالة والعاقبة للتقوى
وقال بعض الكبار من الادب ان تسأل لانه تعالى ما اوجدك الا لتسأل فانك الفقير الاول فاسأل من كريم لا يبخل فانه ذو فضل عميم ومن اتبع هواه لم يبلغ مناه ومن قام بالخدمة مع طرح الحرمة والحشمة فقد خاب وما نجح وخسر وما ربح الخادم فى مقام الاذلال فماله وللدلال اذا دخل الخادم على مخدومه واعترض ففى قلبه مرض فبالحرمة والتسليم والتوكل تنال الرغائب فى جميع المناصب والله تعالى هو الخبير اى العليم بدقائق الامور وخفاياها ومن عرف انه الخبير اكفتى بعلمه ورجع عن غيره ونسى ذكر غيره بذكره ويترك الدعوى والرياء والتصنع ويكون على اخلاص فى العمل فان الناقد بصير
بروى ريا حرقه سهلست دوخت ... كرش باغدا در توانى فروخت
نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل التقوى والاخلاص ويلحقنا بارباب الاختصاص ويفتح لنا باب الخيرات والفتوح ما مكث فى هذا البدن الروح(10/489)
مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4)
{ ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه } جعل بمعنى خلق والرجل مخصوص بالذكر من الانسان والتنكير ومن الاستغراقية لافادة التعيمم والقلب مضغة صغيرة فى هيئة الصنوبرة خلقها الله فى الجانب الايسر من صدر الانسان معلقة بعرف الوتين وجعلها محلا للعلم وجوف الانسان بطنه كما فى اللغات وذكره لزيادة التقرير كما فى قوله تعالى { ولكن تعمى القلوب التى فى الصدر } والمعنى بالفارسية [ الله تعالى هيج مردرا دو دل نيافريد اندرون وى زيرا كه قلب معدن روح حيوانى ومنبع قوتها ست بس يكى نشايد زيرا كه روح حيوانى يكيست ] وفيه طعن على المنافقين كما قاله القرطبى يعنى ان الله تعالى لم يخلق للانسان قلبين حتى يسع احدهما الكفر والضلال والاصرار والانزعاج والآخر الايمان والهدى والانابة والمطأنينة فما بال هؤلاء المنافقين يظهرون ما لم يضمروه وبالعكس
وعن ابن عباس رضى الله عنهما كان المنافقون يقولون ان لمحمد قلبين قلبا معنا وقلبا مع اصحابه فاكذبهم الله
وقال بعضهم هذا رد ما كانت العرب تزعم من ان للعاقل المجرب للامور قلبين ولذلك قيل لابى معمر ذى القلبين وكان من احفظ العرب وادراهم واهدى الناس الى طريق البلدان وكان مبغضا للنبى عليه السلام وكان هو او جميل بن اسد يقول فى صدرى قلبان اعقل بهما افضل مما يعقل محمد بقليه [ كفت در سينة من دودل نهاده اند تادانش ودر يافت من بيش از در يافت محمد باشد ] وكان الناس يظنون انه صادق فى دعواه فلما هزم الله المشركين يوم بدر انهزم فيهم وهو يعدو فى الرمضاء واحدى نعليه فى يده والاخرى فى رجله فلقيه ابو سفيان وهو يقول اين نعلى اين نعلى ولا يعقل انها فى يده فقال له احدى نعليك فى يدك والاخرى فى رجلك فعلموا يومئد انه لو كان له قلبان ما نسى نعله فى يده
ويقول اما ما يقول بين الناس لفلان قلبان فليس على حقيقته وانما يريدون بذلك وصفه بكمال القوة وتمام الشجاعة كأنه رجلان وله قلبان
فى الآية اشارة الى ان القلب خلق للمحبة فقط فالقلب واحد والمحبة واحدة فلا تصلح الا لمحبوب واحد لا شريك له كما اشار اليه من قال
دلم خانة مهريارست وبس ... ازان مى نكنجد دروكين كس
فمن اشتغل بالدنيا قالبا وقلبا ثم ادعى حب ... الآخرة بل حب اله فهو كاذب فى دعواه
جمشيد جز حكايت جام از جهان نبرد زنهار دل مبند براسباب دنيوى
{ وما جعل ازواجكم } نساءكم جمع زوج كما ان الزوجات جمع زوجة والزوج افصح وان كان الثانى اشهر : وبالفارسية [ ونساخته زنان شمارا ] { واللاتى } جمع التى { تظاهرون منهن } اى تقولون لهن انتن علينا كظهور امهاتنا اى فى التحريم فان معنى ظاهر من امرأته قال لها انت علىّ كظهر امى فهو مأخوذ من الظهر بحسب اللفظ كما يقال لبى المحرم اذا قال لبيك واقف الرجل اذا قال اف تعديته بمن لتضمنه معى التجنب وكان طلاقانى الجاهلية وكانوا يجتنبون المطلقة : يعنى [ طلاق جاهليت اين بود كه بازن خويش ميكفتند ] انت علىّ كظهر امى انت علىّ حرام كبطن امى فكنوا عن البطن بالظهر لئلا يذكروا البطن الذى ذكره يقارب ذكر الفرج وانما جعلوا الكناية بالظهر عن البطن بالظهر لانه عمود البطن وقوام البنية { امهاتكم } اى كامهاتكم جمع ام زيدت الهاء فيه كما زيدت فى احراق من اراق وشدت زيادتها فى الواحدة بان يقال امه .(10/490)
والمعنى ما جمع الله الزوجية والامومة فى امرأة لان الام مخذومة لا يتصرف فيها والزوجة خادمة يتصرف فيها والمراد بذلك نفى ما كانت العرب تزعمه من ان الزوجة المظاهر منها كالام
قال فى كشف الاسرار [ جون اسلام آمد وشريعت راست رب العالمين براى اين كفارت وتحلت بديد كرد وشرع آنرا اظهار نام نهاد ] وهو فى الاسلام يقتضى الطلاق والحرمة الى اداء الكفارة وهى عتق وقبة فان عجز صام شهرين متتابعين ليس فيهما رمضان ولا شئ من الايام المنهية وهى يوما العيد وايام التشريق فان عجز اطعم ستين مسكينا كل مسكين كالفطرة او قيمة ذلك . وقوله انت على كظهر امى لا يحتمل غير الظاهر سواء نوى او لم ينو ولا يكون طلاقا او ايلاء لانه صريح فى الظهار . ولو قال انت علىّ امى فان نوى الكرامة اى ان قال اردت انها مكرمة على كامى صدق او الظهار او الطلاق فبائن وان لم ينو شيأ فليس شئ . ولو قال انت علىّ حرام كامى ونوى ظهارا او طلاقا فكما نوى . ولو اقل انت علىّ حرام كظهر امى ونوى طلاقا وايلاء فهو ظهار وعندهما ما نوى ولا ظهار الا من الزوجة فلا ظهار من امته لان الظهار منقول عن الطلاق لانه كان طلاقا فى الجاهلية ولا طلاق فى المملوك . ولو قال لنسائه انتن علىّ كظهر امى كان مظاهرا منهن وعليه لكل واحدة كفارة وان ظاهر من واحدة مرارا فى مجلس او مجالس فعليه لكل ظهار كفارة كما فى تكرار اليمين فكفارة الظهار واليمين لا تتداخل بخلاف كفارة شهر رمضان وسجدة التلاوة اى اذا تكررت التلاوة فى موضع لا يلزم الا سجدة واحدة { وما جعل ادعياءكم } جمع دعى فعيل بمعنى مفعول وهو الذى يدعى ولدا ويتخذ ابنا اى المتبنى بتقديم الباء الموحدة على النون : وبالفارسية [ كسى را به بسرى كرفتن ] وقياسه ان يجمع على فعلى كجرحى بان يقال دعيا فان افعلاء مختص بفعيل بمعنى فاعل مثل تقى واتقياء كأنه شبه فعيل بمعنى مفعول فى اللفظ بفعليل بمعنى فاعل فجمع جمعه { ابناءكم } حقيقة فى حكم الميراث والحرمة والنسب ولا يجتمعان فى الشئ الواحد وهذا ايضا رد ما كانوا يزعمون من ان دعى الرجل ابنه فيجعلون له من الميراث مثل نصيب الذكر من اولادهم ويحرمون نكاح زوجته اذا طلقها ومات عنها ويجوز ان يكون نفى القلبين لتمهيد اصل يحمل عليه نفى الامومة عن المظاهر منها والبنوة عن المتبنى .(10/491)
والمعنى كما لم يجعل اله قلبين فى جوف واحد لادائه الى التناقض وهو ان يكون كل منهما اصلا لكل القوى وغير اصل كذلك لم يجعل الزوجة امّا والدعىّ ابنا لاحد يعنى كون المظاهر منها امّا وكون الدعىّ ابنا اى بمنزلة الام والابن فى الآثار والاحكام المعهودة بينهم فى الاستحالة بمنزلة اجتماع قلبين فى جوف واحد
وفيه اشارة الى ان فى القرابة النسبية خواص لا توجد فى القرابة السببية فلا سبيل لاحد ان يضع فى الازواج بالظهار ما وضع الله فى الامهات ولا ان يضع فى الاجانب بالتبنى ما وضع الله فى الابناء فان الولد سرا ابيه فما لم يجعل الله فليس فى مقدور احد ان يجعله { ذلكم } [ اين مظاهره را مطلقة ودعى وا ابن خواندن ] او هو اشارة الى الاخير فقط لأنه المقصود من سياق الكلام اى دعاؤكم الدعى بقولكم هذا بنى { قولكم بافواهكم } فقط لا حقيقة له فى الاعيان كقول الهارب فاذا هو بمعزل عن احكام النبوة كما زعمتم والافواه جمع فم واصل فم بالفتح مثل ثوب واثواب وهو مذهب سيبويه والبصريين وفوه بالضم مثل سوق واسواق وهو مذهب الفراء حذفت الهاء حذفا غير قياسى لخفائها ثم الواو لاعتلالها ثم ابدلت الواو المحذوفة ميما لتجانسهما لانهما من حروف الشفة فصار فم
قال الراغب وكل موضع علق الله فيه حكم القول بالفم فاشارة الى الكذب وتنبيه على ان الاعتقاد لا يطابقه { والله يقول الحق } اى الكلام المطابق للواقع لان الحق لا يصدر الا من الحق وهو ان غير الابن لا يكون ابنا { وهو يهدى السبيل } اى سبيل الحق لا غير فدعوا اقوالكم وخذوا بقوله هذا . والسبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك وما فيه سهولة
وفى التأويلات النجمية { والله يقول الحق } فيما سمى كل شئ بازاء معناه { هو يهدى السبيل } الى اسم كل شئ مناسب لمعناه كما هدى آدم عليه السلام بتعليم الاسماء كلها وخصصه بهذا العلم دون الملائكة المقربين
قال بعض الكبار اعلم ان آداب الشريعة كلها ترجع الى ما نذكره وهو ان لا يتعدى العبد فى الحكم موضعه فى جوهر كان او فى عرض او فى زمان او فى مكان او فى وضع او فى اضافة او فى حال او فى مقدار او عدد او فى مؤثر او فى مؤثر فيه .(10/492)
فاما اولاها فى الجوهر فهو ان يعلم العبد حكم الشرع فى ذلك فيجريه فيه بحسنه . واما ادب العبد فى الاعراض فهو ما يتعلق بافعال المكلفين من وجوب وحظر واباحة ومكروه وندب . واما ادبه فى الزمان فلا يتعلق الا باوقات العبادات المرتبطة بالاوقات فكل وقت له حكم فى المكلف ومنه ما يضيق وقته ومنه يتسع . واما ادبه به فى المكان كمواضع العبادات مثل بيوت الله فيرفعها عن البيوت المنسوبة الى الخلق ويذكر فيها اسمه . واما ادبه فى الوضع فلا يسمى الشئ بغير اسمه ليغير عليه حكم الشرع بتغيير اسمه فيحلل ما كان محرما ويحرم ما كان محللا كما فى الحديث « سيأتى على امتى زمان يظهر فيه اقوام يسمون الخرم بغير اسمها » اى فتحا لباب استحلالها بالاسم وقد تفطن لما ذكره الامام مالك رحمه الله فسئل عن خنزير البحر فقال هو حرام فقيل له انه من جملة سمك البحر فقال انتم سميتوه خنزيرا فانسحب عليه حكم التحريم لاجل الاسم كما سموا خمرا . واما الادب الاضافة فهو مثل قول الخضر عليه السلام « فاردت ان اعيبها » وقوله { فاردنا ان يبدلهما ربهما } وذلك للاشتراك بين ما يحمد ويذم وقال { فاراد ربك } لتخليص المحمدة فيه فان الشئ الواحد يكتسب ذما بالنسبة الى جهة ويكتسب حمدا بالاضافة الى جهة اخرى وهو هو بعينه وانما يغير الحكم بالنسبة . واما الادب الاحوال كحال السفر فى الطاعة وحال السفر فى المعصية فيختلف الحكم بالحال . واما الادب فى الاعداد فهو ان لا يزيد فى افعال الطهارة على اعضاء الوضوء ولا ينقص وذلك القول فى اعداد الصلوات والزكوات ونحوها وكذلك لا يزيد فى الغسل عن صاع والوضوء عن مد . واما ادبه فى المؤثر فيه كالمقتول قودا فينظر هل قتل بصفة ما قتل به او بامر آخر وكالمغصوب اذا وجد بغير يد الذى باشر الغصب فهذه اقسام آداب الشريعة كلها فمن عرفها واجراها كان من المهتدين الى السبيل الحق والمحفوظين عن الضلال المطلق فاعرف(10/493)
ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5)
{ ادعوهم لآبائهم } يقال فلان يدعى لفلان اى ينسب اليه ووقوع اللام ههنا للاستحقاق
قال بعضهم [ اين آيت براى زيد بن حارثة ين شراحيل الكلبى بود ] سبى صغيرا وكانت العرب فى جاهليتها يغير بعضهم على بعض ويسبى فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد رضى الله عنها فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له وطلبه ابوه وعمه فخير فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتقه ورباه كالاولاد وتبناه قبل الوحى وآخى بينه وبين حمزة بن عبد المطلب وكان يدعى زيد ابن محمد وكذا يدعى المقداد بن عمرو البهرانى المقداد ابن الاسود وسالم مولى ابى حذيفة سالم ابن ابى حذيفة وغير هؤلاء ممن تبنى وانتسب لغير ابيه [ ودر صحيح بخارى از ابن عمر منقولست كه نمى كفتيم الازيد ابن محمد تا اين آيت آمد وما اورا زيد بن حارثة كفتيم ] فالمعنى انسبوا الادعياء الى الذين ولدوهم فقولوا زيد بن حارثة وكذا غيره : وبالفارسية [ مردانرا به بدران باز خوانيد ] { هو } اى الدعاء لآبائهم فالضمير لمصدر ادعوا كما فى قوله { اعدلوا هو اقرب للتقوى } { اقسط عند الله } القسط بالكسر العدل وبالفتح هو ان يأخذ قسط غيره وذلك غيره انصاف ولذلك قيل قسط الرجل اذا جار واقسط اذا عدل حكى ان امرأة قال للحجاج انت القاسط فضربها قوال انما اردت القسط بالفتح واقسط افعل تفضيل قصد به الزيادة المطلقة والمعنى بالغ فى العدل والصدق : وبالفارسية [ راسترست ودادتر ]
وفى كشف الاسرار هو اعدل واصدق من دعائم اياهم لغير آبائهم { فان لم تعلموا } [ بس اكرندانيد ونشناسيد ] { آباءهم } [ بدران ايشانرا تانسبت دهيد بآنها ]
قال بعضهم متى عرض ما يحيل معنى الشرط جعلت ان بمعنى اذ واذ يكون للماضى فلا منافاة ههنا بين حرفى الماضى والاستقبال
قال البيضاوى فى قوله تعالى { فان لم تفعلوا } ان تفعلوا جزم بلم فانها لما صيرته اى المضارع ماضيا صارت كالجزء منه وحرف الشرط كالداخل على المجموع وكأنه قال فان تركتم الفعل ولذلك ساغ اجتماعهما اى حرف الشرك ولم { فاخوانكم فى الدين } اى فهم اخوانكم فى الدين يعنى من اسلم منهم { ومواليكم } واولياؤكم فيه اى فادعوهم بالاخوة الدينية والمولوية وقولوا هذا اخى وهذا مولاى بمعنى الاخوة والولاية فى الدين فهو من الموالاة والمحبة
قال بعضهم [ ايشانرا برادر مى خوانيد واكر شمارا مولاست يعنى آزاد كرده مولى ميخوانيد ] ويدل عليه ان ابا حذيفة اعتق عبدا يقال له سالم وتبناه وكانوا يسمونه سالم ابن ابى حذيفة كما سبق فلما نزلت هذه الآية سموه سالما مولى ابى حذيفة { وليس عليكم جناح } اى اثم يقال جنحت السفينة اى مالت الى احد جانبيها وسمى الاثم المائل بالانسان على الحق جناحا ثم سمى كل اثم جناحا
وقال بعضهم انه معرب كناه على ما هو عادة العرب فى الابدال ومثله الجوهر معرّب كوهر { فيما اخطأتم به } بقطع الهمزة لان همزة باب الافعال مقطوعة اى فيما فعلتموه من ذلك مخطئين قبل النهى والخطأ العدول عن الجهة .(10/494)
وفرق بين الخاطئ والمخطئ فان من يأتى بالخطأ الا بعد النهى والخطأ العدول عن الجهة . وفرق بين الخاطئ والمخطئ فان من يأتى بالخطأ وهو يعلم انه خطأ فهو خاطئ فاذا لم يعلم فهو مخطئ يقال اخطأ الرجل فى كلامه وامره اذا ازل وهفا وخطأ الرجل اذا ضل فى دينه وفعله ومنه { لا يأكله الا الخاطئون } والمعنى : بالفارسية [ دران جيزى كه خطا كرديد بآن ] { ولكن ما تعمدت قلوبكم } اى ولكن الجناح فيما قصدت قلوبكم بعد النهى على ان ما فى محل الجر عطفا على ما اخطأتم او ما تعمدت قلوبكم فيه الجناح على ان محل ما الرفع على الابتداء محذوف الخبر وفى الحديث « من دعى الى غير ابيه وهو يعلم انه غير ابيه فالجنة عليه حرام » { وكان الله غفورا رحيما } بليغ المغفرة والرحمة يغفر لخطيئتى ويرحم . وسمع عمر رضى الله عنه رجلا يقول اللهم اغفر خطاياى فقال يا ابن آدم استغفر العمد واما الخطأ فقد تجاوز لك عنه
يقول الفقير هذا لا يخالف الآية لان المخطئ اذا قصر ووقع فى اسباب ادّته الى الخطأ كأن مظنة المغفرة ومحل الرحمة ثم المتبنى بقوله هو ابنى اذا كان مجهول النسب واصغر سنا من المتبنى ثبت نسبه منه وان كان عبدا له عتق مع ثبوت النسب وان كان لا يولد لمثله لم يثبت النسب ولكنه يعتق عند ابى حنيفة خلافا لصاحبيه فانه لا يعتق عندهما لان كلامه محال فيلغو واما معروف النسب فلا يثبت نسبه بالتبنى وان كان عبدا عتق
واعلم ان من نفى نسب الدعى عنه لا يلزمه شئ اذ هو ليس بابن له حقيقة واما اذا نفى نسب ولده الثابت ولادته منه فيلزمه اللعان لانه قذف منكوحته بالزنى وان كذب نفسه يحد واللعان باب من الفقه فليطلب هناك
ثم اعلم ان النسب الحقيقى ما ينسب الى النبى صلى الله عليه وسلم فانه النسب الباقى كما قال « كل حسب ونسب ينقطع الاحسبى ونسبى » فحسبه الفقر ونسبه النبوة فينبغى ان لا يقطع الرحم عن النبوة بترك سننه وسيرته فان قطع الرحم الحقيقى فوق قطع الرحم المجازى فى الاثم اذ ربما يقطع الرحم المجازى اذا كان الوصل مؤديا الى الكر او المعصية كما قال تعالى { وان جاهداك على ان تشرك بى } الخ
جون نبود خويش را ديانت وتقوى قطع رحم بهتر ازمودت قربى
واما قطع الرحم الحقيقى فلا مساغ له اصلا والاب الحقيقى هو الذى يقدر على التوليد من رحم القلب بالنشأة الثانية يعنى فى عالم الملكوت وهم الانبياء والورثة من كمل الانبياء فاعرف هذا وانتسب نسبة لاتنقطع فى الدنيا والآخرة قال عليه السلام « كل تقى نقى آلى » جعلنالله واياكم من هذا الآل(10/495)
النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)
{ النبى اولى بالمؤمنين من انفسهم } يقال فلان اولى بكذا اى احرى واليق : وبالفارسية [ سزاوارتر ] روى عنه عليه السلام اراد غزوة تبوك فامر الناس بالخروج فقال ناس نشاور آباءنا وامهاتنا فنزلت والمعنى النبى عليه السلام احرى واجدر بالمؤمنين من انفسهم فى كل امر من امور الدين والدنيا كا يشهد به الاطلاق على معنى انه لو دعاهم الى شئ ودعتهم نفوسهم الى شئ آخر كان النبى اولى بالاجابة الى ما يدعوهم اليه من اجابة ما تدعوهم اليه نفوسهم لان النبى لا يدعوهم الا الى ما فيه نجاتهم وفوزهم واما نفوسهم فربما تدعوهم الى ما فيه هلاكهم وبوارهم كما قال تعالى حكاية عن يوسف الصديق عليه السلام { ان النفس لاماراة بالسوء } فيجب ان يكون عليه السلام احب اليهم من انفسهم وامره انفذ عليهم من امرها وآثر لديهم من حقوقها وشفقتهم عليه اقدم من شفقتهم عليها وان يبذلوها دونه ويجعلوها فداءه فى الخطوب والحروب ويتبعوه فى كل ما دعاهم اليه : يعنى [ بايدكه فرمان اورا ازهمه فرمانها لازمتر شناسند ] وفى الحديث « مثلى ومثلكم كمثل رجل اوقد نارا فجعل الفراش والجنادب » جمع جندب بضم الجيم وفتح الدال وضمها نوع من الجراد . والفراش جمع فراشة بفتح الفاء وهى دويبة تطير وتقع فى النار : وبالفارسية [ بروانه ] ( يقعن فيها وهو يذب عنها ) اى يدفع عن النار من الوقوع فيها ( وانا آخذ بحجزكم ) بضم الحاء وفتح الجيم جمع حجزة وهى معقد الازار وحجزة السراويل موضع التكة ( عن النار ) اى ادفع عن نار جهنم ( وانتم تفلتون ) بتشديد اللام اى تخلصون ( من يدى ) وتطلبون الوقوع فى النار بترك ما امرته وارتكاب ما نهيته وفى الحديث « ما من مؤمن الا وانا اولى به فى الدنيا والآخرة » اى فى الشفقة ( من انفسهم ومن آبائهم ) وفى الحديث « لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من نفسه وولده وماله والناس اجمعين »
قال سهل قدس سره من لم ير نفسه فى ملك الرسول ولم ير ولايته فى جميع احواله لم يذق حلاوة سننه بحال
درد وعالم وظاهر اوست دوست ... دوستئ ديكران بربوى اوست
دوستئ اصل بايد كرد وبس ... فرع را بهر جه دارد دوست كس
اصل دارى فرع كوهر كزمباش ... تن بمان وجان بكيراى خواجه تاش
قال فى الاسئلة المقحمة والآية تشير الى ان اتباع الكتاب والسنة اولى من متابعة الآراء والاقيسة حسبما ذهب اليه اهل السنة والجماعة { وازاجه } [ وزنان او ] { امهاتهم } اى منزلات منازلهن فى وجوب التعظيم والاحترام وتحريم النكاح كما قال تعالى { ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابدا } واما فيما عدا ذلك من النظر اليهن والخلوة بهن والمسافرة معهن والميراث فهن كالاجنبيات فلا يحل رؤيتهن كما قال تعالى { واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب } ولا الخلوة والمسافرة ولا يرث المؤمنين ولا يرثونهن .(10/496)
وعن ابى حنيفة رحمه الله كان الناس لعائشة رضى الله عنها محرما فمع ايهم سافرت فقد سافرت مع محرم وليس غيرها من النساء كذلك انتهى وقد سبق وجهه فى سورة النور فى قصة الافك فبان ان معنى هذه الامومة تحريم نكاحهن فقط ولهذا قالت عائشة رضى الله عنها لسنا امهات النساء اى بل امهات الرجال وضعف ما قال بعض المفسرين من انهن امهات المؤمنين والمؤمنات ولا لاخوانهن واخواتهن اخوال المؤمنين وخالاتهم ولهذا قال الشافعى تزوج الزبير اسماء بنت ابى بكر وهى اخت ام المؤمنين ولم يقل هى خالة المؤمنين ثم ان حرمة نكاحهن من احترام النبى عليه السلام واحترامه واجب كذا احترام ورثته الكمل ولذا قال بعض الكبار لا ينكح المريد امرأة شيخه ان طلقها او مات عنها وقس عليه حال كل معلم مع تلميذه وهذا لانه ليس فى هذا النكاح يمن اصلا لا فى الدنيا ولا فى الآخرة وان كان رخصة فى الفتوى ولكن التقوى فوق امر الفتوى فاعرف هذا
ورد مصحف ابىّ وقرأة ابن مسعود رضى الله عنهما [ جنين بوده « وهواب لهم وازواجه امهاتهم » مراد شفقت تمام ورحمت لا كلام است ]
وقال بعضهم اى النبى عليه السلام اب لهم فى الدين لان كل نبى اب لامته من حيث انه اصل فيما به الحياة الابدية ولذلك صار المؤمنون اخوة
قال الامام الراغب الاب الوالد ويسمى كل من كان سببا الى ايجاد شئ او اصلاحه او ظهوره ابا ولذلك سمى النبى عليه السلام ابا للمؤمنين قال الله تعالى { النبى اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم } وفى بعض القراآت وهو « اب لهم » وروى انه قال عليه السلام لعلى رضى الله عنه « انا وانت ابو هذه الامة » والى هذا اشار بقوله ( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة الا سببى ونسبى ) { واولوا الارحام } اى وذذوا القرابات { بعضهم اولى ببعض } فى التوارث كان المسلمون فى صدر الاسلام يتوارثون بالموالاة فى الدين والمؤاخاة وبالهجرة لا بالقرابة كما كانت تولف قلوب قوم باسهام لهم فى الصدقات ثم نسخ ذلك لما قوى الاسلام وعز اهله وجعل التوارث بالقرابة { فى كتاب الله } اى فى اللوح المحفوظ او فى القرآن المنزل وهو هذه الآية او آية المواريث او فيما فرض الله كقوله كتاب الله عليكم وهو متعلق باولوا وافعل يعمل فى الجار والمجرور { من المؤمنين } يعنى الانصار { والمهاجرين } [ وازمها جران كه حضرت ييغمبر ايشانرا بايكديكر برادرى داد ] وهو بيان لاولى الارحام اى الاقرباء من هؤلاء بعضهم اولى ببعض بان يرث بعضهم بعضا من الاجانب اوصلة اولى اى اولوا الارحام بحق القرابة اولى بالميراث من المؤمنين بحق الولاية فى الدين ومن المهاجرين بحق الهجرة(10/497)
وفى التأويلات النجمية { النبى اولى بالمؤمنين من انفسهم } اى حق بهم فى توليدهم من صلبه فالنبى بمنزلة ابيهم { وازواجه امهاتهم } يشير الى ان امهاتهم قلوبهم وهن ازواجه يتصرف فى قلوبهم تصرف الذكور فى الاناث بشرط كمال التسليم ليأخذوا من صلب النبوة نطفة الولاية فى ارحام القلوب واذا حملوا النطفة صانوها من الآفات لئلا تسقط بادنى رائحة من روائح حب الدنيا وشهواتها فانها تسقط الجنين فيرتدوا على اعقابهم كما لم يؤمنوا به اول مرة ثم قال { واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض } يعنى بعد اولوية النبى عليه اكابرهم من المؤمنين اولوا الارحام فى الدين بعضهم اولى ببعض للتربية او بعد النبى عليه السلام الله اكابرهم من المؤمنين الكاملين اولى باصرغرهم من الطالبين { فى كتاب الله } اى فى سنة الله وتقديره للتوالد فى النشأة الثانية نيابة عن النبى عليه السلام { من المؤمنين } بالنشأة الاخرى { والمهاجرين } عما سوى الله انتهى { الا ان تفعلوا الى اوليائكم معروفا } استثناء من اعم ما تقدر الاولوية فيه من النفع كقولك القريب اولى من الاجنبى الا فى الوصية تريد احق منه فى كل نفع من ميراث وهبة وهدية وصدقة وغير ذلك الا فى الوصية فالمراد بالاولياء من يوالونهم ويواخونهم وبفعل المعروف التوصية بثلث المال او اقل منه لا بما زاد عليه اى انهم احقاء فى كل نفع منهم الا فى الوصية لانه لا وصية لوارث ويجوز ان يكون الاستثناء منقطعا اى الاقارب احق بالميراث من الاجانب لكن فعل التوصية اولى للاجانب من الاقارب لانه لا وصية لوارث { كان ذلك } اى ما ذكر فى الآيتين من اولوية النبى عليه السلام وتوارث ذوى الارحام { فى كتاب } متعلق بقوله { مسطورا } يقال سطر فلان كذا اى كتب سطرا وهو الصف من الكتابة اى مثبتا محفوظا فى اللوح او مكتوبا فى القرآن
اعلم انه لا توارث بين المسلم والكافر ولكن صحت الوصية بشئ من مال المسلم للذمى لانه كالمسلم فى المعاملات وصحت بعكسه اى من الذمى للمسلم ولذا ذهب بعضهم الى ان المراد بالاولياء هم الاقارب من غير المسلمين اى الا ان توصوا لذوى قرابتكم بشئ وان كانوا من غير اهل الايمان وذلك فان القريب الغير المسلم يكون كالاجنبى فتصح الوصية له مثله وندبت الوصية عند الجمهور فى وجوه الخير لتدارك التقاصير
وفى الزاهدى انها مباحة كالوصية للاغنياء من الاجانب ومكروهة كالوصية لاهل المعصية ومستحبة كالوصية بالكفارات وفدية الصيامات والصوات
وفى الآية اشارة الى ان النفس اذا تزكت عن الاخلاق الذميمة وتبدلت عداوتها وصارت من الاولياء بعد ان كانت من الاعداء فيواسيها ويعمل معها معروفا برفق من الافارق كان ذلك المعروف فى حق النفس مسطورا فى ام الكتاب واما قبل التزكى فلا يرفق بها لانها عدوة الله ولا بد للعدو من الغلظة وترك المواساة ولهذا لم تصح الوصية للحربى لانه ليس من اهل البر فالوصية لمثله كتربية الحية الضارة لتلدغة : وفى المثنوى(10/498)
دست ظالم را ببر جه جاى آن ... كه بدست او نهى حكم وعنان
توبدان بزمانى اى مجهول داد ... كه نزاد كرك را او شيرداد
نقش بى عهدست كان رو كشتنيست ... او دنى وقبله كاه اود نيست
ومن الامثال كمجير ام عامر وكان من حديثه ان قوما خرجوا الى الصيد فى يوم حار فبينما هم كذلك اذ عرضت لهم ام عامر وهى الضبع فطردوها حتى الجأوها الى خباء اعرابى فاقتحمت فخرج اليهم الاعرابى فقال ما شأنكم قالوا صيدنا وطريدتنا قال كلا والذى نفسى بيده لا تصلون اليها ما ثبت قائم سيفى بيدى فرجعوا وتركوه فقام الى لقحة فحلبها وقرّب منها ذلك وقرب اليها ماء فاقبل مرة تلغ من هذا ومرة من هذا حتى عاشت واستراحت فبينما الاعرابى قائم فى جوف بيته اذ وثبت عليه فبقرت بطنه وشربت دمه وتركته فجاء ابن عم له واذا به على تلك الصورة فالتفت الى موضع الضبع فلم يرها فقام اثرها فقال صاحبتى والله واخذ سيفه وكنانته واتبعها فلم يزل حتى ادركها فقتلها وانشأ يقول
ومن يصنع المعروف مع غير اهله ... يلاق كما لا فى مجير ام عامر
ادام لها حين استجات بقربة ... قراها بالبان اللقاح الغزائر
فقل لذوى المعروف هذا جزاء من ... غدا يصنع المعروف مع غير شاكر
كذا فى حياة الحيوان نسأل الله العناية والتوفيق(10/499)
وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (8)
{ واذ اخذنا من النبيين } اى واذكر يا محمد لقومك او ليكن ذكر منك يعنى لا تنس وقت اخذنا من الانبياء كافة عند تحميلهم الرسالة { ميثاقهم } الميثاق عقد يؤكد بيمين اى عهودهم بتبليغ الرسالة والدعاء الى الدين الحق { ومنك } اى واخذنا منك يا حبيبى خاصة وقدم تعظيما واشعارا بانه افضل الانبياء واولهم فى الخلق وان كان آخرهم فى البعث وفى الحديث « انا سيد ولد آدم ولا فخر » اى لا قول هذا بطريق الفخر { من نوح } شيح الانبياء واول الرسل بعد الطوفان { وابراهيم } الخليل { وموسى } الكليم { وعيسى بن مريم } روح الله خصهم بالذكر مع اندراجهم فى النبيين للايذان بمزيد فضلهم وكونهم من مشاهير ارباب الشرائع واساطين اولى العزم من الرسل { واخذنا منهم } اى من النبيين { ميثاقا غليظا } اى عهدا وثيقا شديدا على الوفاء بما التزموا من تبليغ الرسالات واداء الامانات وهذا هو الميثاق الاول بعينه والتكرير لبيان هذا الوصف { ليسأل الصادقين عن صدقهم } متعلق بمضمر مستأنف مسوق لبيان ما هو داع الى ما ذكر من اخذ الميثاق وغاية له لا باخذنا فان المقصود تذكير نفس الميثاق ثم بيان الغرض منه بيانا قصديا كما ينبئ عنه تغيير الاسلوب بالالتفت الى الغيبة . والمعنى فعل الله ذلك ليسأل يوم القيامة الانبياء الذين صدقوا عهودهم عما قالوا لقومهم : يعنى [ از راستئ ايشان در سخن كه باقوم كفته اند ] روى فى الخبر انه يسأل القلم يوم القيامة فيقول ما فعلت بامانتى فيقول يا رب سلمتها الى اللوح ثم يصير القلم يرتعد مخافة ان لا يصدقه اللوح فيسأل اللوح فيقر بان القلم قد ادى الامانة وانه قد سلمها الى اسرافيل فيقول لاسرافيل ما فعلت بامانتى التى سلمها اليك اللوح فيقول سلمتها الى جبريل فيقول لجبريل ما فعلت بامانى فيقول سلمتها الى انبيائك فيسأل الانبياء فيقولون سلمناها الى خلقك فذلك قوله { ليسأل الصادقين عن صدقهم } قال القرطبى اذا كان الانبياء يسألون فكيف من سواهم
دران روز كز فعل برسند وقول ... اولوا العزم را تن بلرزد زهول
بجايى كه دهشت خورد انبيا ... توعذر كنه را جه دادى بيا
وفى مسألة الرسل والله يعلم انهم لصادقون التبكيت للذين كفروا بهم واثبات الحجة عليهم ويحوز ان يكون المعنى ليسأل المصدقين للانبياء عن تصديقهم لان مصدق الصادق صادق
وفى الاسئلة المقحمة ما معنى السؤال عن الصدق فان حكم الصدق ان يثاب عليه لا ان يسأل عنه والجواب ان الصدق ههنا هو كلمة الشهادتين وكل من تلفظ بهما وارتسم شعائرهما يسأل عن تحقيق احكامهما والاخلاص فى العمل والاعتقاد بهما كما قال الراغب ليسأل من صدق بلسانه عن صدق فعله ففيه تنبيه على انه لا يكفى الاعتراف بالحق دون تحريه بالفعل(10/500)
ازعشق دم مرن جونكشتى شهيد عشق ... دعوئ اين مقام درست ازشهادتست
وفى المثنوى
وقت ذكر غزو وشمشيرش دراز ... وقت كروفر تيغش جون يياز
قال الجنيد قدس سره فى الآية ليسأل الصادقين عن صدقهم اى عنده لا عندهم انتهى وهذالذى فسره معنى لطيف فان الصدق والاسلام عند الخلق سهل ولكن عند الحق صلب فنسأل الله ان يجعل صدقنا واسلامنا حقيقيا { واعد } [ واماده كرد وساخت ] { للكافرين } المكذبين للرسل { عذابا اليما } [ عذابى دردناك ودردنماى ] وهو عطف على ما ذكر من المضمر وعلى ما دل عليه ليسأل الخ كأنه قال فاثاب المؤمنين واعد للكافرين عذابا اليما
وفى التأويلات النجمية { وذا اخذنا من النبيين ميثاقهم } فى الازل وهم فى كتم العدم مختفون { منك } يا محمد اولا بالحبيبية { ومن نوح } بالدعوة { و } من { ابراهيم } بالخلة { و } من { موسى } بالمكالمة { و } من { عيسى بن مريم } بالعبدية { واخذنا منهم ميثاقا غليظا } بالوفاء وبغلظة الميثاق يشير الى انا غلظنا ميثاقهم بالتأييد والتوفيق للوفاء به { ليسأل الصادقين } فى العهد والوفاء به { عن صدقهم } لما صدقوا اظهارا كما اثنى بقوله { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدة الله عليه } فكان سؤال تشريف لاسؤال تعنيف ايجاب لا سؤال عتاب . والصدق ان لا يكون فى احوالك شوب ولا فى اعمالك عيب ولا فى اعتقادك ريب . ومن امارات الصدق فى المعاملة وجود الاخلاص من غير ملاحظة مخلوق . وفى الاحوال تصفيتها من غير مداخلة اعجاب . وفى القول السلامة من المعاريض . وفيما بينك الناس التباعد من التلبي والتدليس . وفيما بينك وبين الله ادامة التبرى من الحول والقوة بل الخروج عن الوجود المجازى شوقا الى الوجود الحقيقى واعد للكافرين المنكرين على هذه المقامات المعرضين عن هذه الكرامات عذابا اليما من الحسرات والغرامات انتهى
قال البقلى ان الله تعالى اراد بذلك السؤال ان يعرّف الخلق شرف منازل الصادقين فرب قلب يذوب من الحسرة حيث ما عرفهم وما عرف قدرهم قال تعالى { ذلك يوم التغابن } وصدقهم استقامة اسرارهم مع الحق فى مقام المحبة والاخلاص
قال سهل يقول الله لهم لمن عملتم وماذا اردتم فيقولون لك عملنا واياك اردنا فيقول صدقتم فوعزته لقوله لهم فى المشاهدة صدقتم ألذ عندهم من نعيم الجنة
لذت شيرينئ كفتار جانان لذتيست ... كز دماغ جان بيرون شود برحالتست
قال فى كشف الاسرار [ مصطفى عليه السلام برسيدند كه كمال در جيست جواب داد كه كفتار بحق وكردار بصدق . وكفته اند صدق را دو درجه است يكى ظاهر ويكى باطن اما ظاهر سه جيزاست دردين صلابت ودر خدمت سنت ودر معاملت خشيت . وآنجه باطنست سه جيزاست آنجه كويى كنى وبآنجه نمايى دارى وآنجه كه دارى دهى وباشى ]
قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر اسوداد الوجوه من الحق المكروه كالغيبة والنميمة وافشاء السر فهو مذموم وان كان صدقا فلذلك قال تعالى { ليسأل الصادقين عن صدقهم } اى هل اذن لهم فى افشائه اولا فما كل صدق حق انتهى(11/1)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)
{ يا ايها الذين آمنوا } روى ان النبى عليه السلام لما قدم المدينة صالح بنى قريظة وبنى النضير على ان لا يكونوا عليه بل معه فنقض بنوا النضير وهم حى من يهود خيبر عهودهم وذلك انهم كانوا يسكنون قرية يقال لها زهرة فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة ومعه الخلفاء فجلس الى جانب جدار من بيوتهم فطمعوا فيه حتى صعد بعضهم على البيت ليلقى عليه صخرة فيقتله فاتاه الخبر من السماء بما اراد القوم فقام مسرعا الى المدينة ولما نقضوا العهد ارسل اليهم رسلو الله محمد بن مسلمة رضى الله عنه ان اخرجوا من بلدى يعنى المدينة لان قريتهم كانت من اعمالها فامتنعوا من الخروج بسبب عناد سيدهم حيى بن اخطب وكان حيى فى اليهود يشبه بابى جهل فى قريش فخرج عليه السلام مع اصحابه لمحاربتهم فحاصرهم ست ليال وقذف الله فى قلوبهم الرعب فسألوا رسول الله ان يجليهم ويكف عن دمائهم فمنهم من سار الى خيبر ومنهم من سار الى اذرعات من بلاد الشام ولما وقع اجلاؤهم من اماكنهم صار سيدهم حيى وجمع من كبرائهم الى قريش فى مكة يحرّضونهم على حرب رسول الله ويقولون انا سنكون معكم جملة واحدة ونستأصله فوافقهم قريش لشدة عداوتهم لرسول الله ثم جاؤا الى غطفان وهو محركة حى من قيس وحرضوهم ايضا على الحرب واعملوهم ان قريش قد تابعوهم فى ذلك فتجهزت قريش ومن اتبعهم من قبائل شتى وعقد الواء فى دار الندوة وكان مجموع الاحزاب من قريش وغطفان وبنى مرة وبنى اشجع وبنى سليم وبنى اسد ويهود قريظة والنضير قدر اثنى عشر الفا وقائد الكل ابو سفيان ولما تهيأت قريش للخروج اتى ركب من خزاعة فى اربع ليال حتى اخبروا رسول الله فجمع عليه السلام الناس وشاورهم فى امر العدو هل يبرزون من المدينة او يقيمون فيها فقال سلمان الفارسى رضى الله عنه يا رسول الله انا كنا اذا تخوفنا الخيل بارض فارس خندقنا علينا وكان الخندق من مكايد الفرس واول من فعله من ملوك الفرس ملك كان فى زمن موسى عليه السلام فاستحسن عليه السلام رأى سلمان فركب فرسا ومعه المهاجرون والانصار وهم ثلاثة آلاف وامر بالذرارى والنساء فرفعوا فى الاطام وسبكوا المدينة بالبنيان من كل ناحية فصارت كالحصن وطلب موضعا ينزله فجعل سلعا وهو جبل فوق المدينة خلف ظهره يعنى ضرب معسكره بالفارسية [ لشكركاه ] فى اسفل ذلك الجبل على ان يكون الجبل خلف ظهره والخندق بينه وبين العدو وامرهم بالجد فى عمل الخندق على ان يكون عرضه اربعين ذراعا وعمقه عشرا ووعدهم النصر ان صبروا فعمل فيه بنفسه مع المسلمين وحمل التراب على ظهره الشريف وكان فى زمن عشرة وعام مجاعة فى شوال من السنة الخامسة من الهجرة ولما رأى رسول الله ما باصحابه من التعب قال(11/2)
اللهم لا عيش الاعيش الاخرة فارحم الانصار والمهاجرة
[ انس رضى الله عنه كفت مهاجر وانصار بدست خويش تير ميزدند وكار ميكردند كه مزدوران وجاكران نداشتند وسر ما سخت بود وبخوش دلى آن رنج دشوارى ميكشيدند رسول خدا كه ايشانرا جنان ديد وكفت ]
لا همّ ان العيش عيش الآخرة ... فاكرم الانصار والمهاجره
[ ايشان جواب دادند كه ]
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا ابدا
واذا اشتد على الصحابة فى حر الخندق كدية اى محل صعب شكوا ذلك الى رسول الله فاخذ المعول وضرب فصار كثيبا مهيلا قال سلمان وضربت فصار كثيا مهيلا قال سلمان وضربت فى ناحية من الخندق فغلظت على وكان رجلا قويا يعمل عمل عشرة رجال حتى تنافس فيه المهاجرين والانصار فقال المهاجرون سلمان منا وقال الانصار سلمان منا فقال عليه السلام « سلمان منا اهل » ولذلك يشير بعضهم بقوله
لقد رقى سلمان بعد رقه ... منزلة شامخة البنيان
وكيف لا والمصطفى قد عده ... من اهل العظيم الشان
قال سلمان فاخذ عليه السلام المعول من يدى وقال « بسم الله » وضرب ضربة فكسر ثلث الحجارة وبرق منها برقة فخرج نور من قبل اليمين كالمصباح فى جوف الليل المظلم فكبر رسول الله وقال « اعطيت مفاتيح اليمن والله انى لا بصر ابواب صنعاء من مكانى الساعة كانها انياب الكلاب » ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر وبرق منها برقة فخرج نور من قبل الروم فكبر رسول الله وقال « اعطيت مفاتيح الشام والله انى لا بصر قصورها » ثم ضرب الثالثة فقطع بقية الحجر وبرق منها برقة فخرج نور من قبل فارس فكبر رسول الله وقال « اعطيت مفاتيح فارس والله انى لا بصر قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها انياب الكلاب » وجعل يصف لسلمان اماكن فارس ويقول سلمان صدقت يا رسول الله هذه صفتها ثم قال رسول الله « هذه فتوح يفتحها الله بعدى يا سلمان » وعند ذلك قال جمع المنافقين منهم معتب بن قشير ألا تعجبون من محمد يمنيكم ويعدكم الباطل ويخبركم انه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وانها تفتح لكم وانتم تحفرون الخندق من الفرق لا تستطيعون ان تبرزوا اى تجاوزوا الرحل وتخرجوا الى الصحراء وتذهبوا الى البرارى ما هذا الا وعد غرور ولما فرغ رسول الله من حفر الخندق على المدينة
قال الكاشفى [ بعد ازشش روز كه مهم خندق سمت اتمام يافت ] اقبلت قريش ومن معهم [ خندق راد ديدند كه كفتند اين عرب را نبودست ] فنزلوا بمجمع الاسيال ونقض بنوا قريظة العهد بينه عليه السلام وبينهم باغواء حيى وارادوا الاغارة على المدينة بمعاونة طائفة من قريش ولما جاء خبر النقض عظم البلاء وصار الخوف على الذرارى اشد الخوف على اهل الخندق فبعث عليه السلام ثلاثمائة رجل يحرسون المدينة ويظهرون النكير تخوفا على الذرارى من العدو اى بنى قريظة وكانوا من يهود المدينة ومكث عليه السلام فى الخندق قريبا من شهر وهوا ثبت الاقاويل وكان اكثر الحال بينهم وبين العدو الرمى بالنبال والحصى واقبل نوفل بن عبد الله فضرب فرسه ليدخل الخندق فوقع فيه مع فرسه فنزل اليه على رضى الله عنه فضربه بالسيف فقطعه نصفين وكذا اقبل طائفة من مشاهير الشجعان واكرهوا خيولهم على اقتحام الخندق من مضيق به وفيهم عمرو بن الاستئذان من رسول الله فقال يا ابن اخى لا احب ان اقتلك فقال على رضى الله عنه احب ان اقتلك فحمى عمرو عند ذلك اى خذته الحمية وكان غيورا مشهورا بالشجاعة ونزل عن فرسه وسل سيفه كأنه شعلة نار اقبل على على رضى الله عنه فاستقبله على بدرقته فضربه عمرو فيها فقدّها ونفذ منها السيف واصاب رأسه فشجه فضربه على ضربة على موضع الرداء من العنق ونفذ منها السيف واصاب رأسه فشجه فضربه على ضربة علىموضع الرداء من العنق فسقط فكبر المسلمون فلما سمع رسول الله التكبير عرف ان عليا قتل عمرا لعنه الله وقال حينئذ ( لا فتى الاعلى لا سيف الا ذو الفقار ) فلما قتل انهزم من معه(11/3)
قال فى كشف الاسرار [ سه تن از كافر ان كشته شدند واز صحابة رسول هيج كس كشته نشد عبد الرحمن بن ابى بكر رضى الله عنه هنوز در اسلام نيامده بود بيرون آمد ومبارزت خواست ابو بكر فراييش آمد عبد الرحمن جون روى بدر ديد بركشت بس با ابو بكر كفتند اكر بسرت حرب كردى باتوحه خواستى كردن باوى ابو بكر كفت بآن خدايى كه يكانه ويكتاست كه بازنكشتمى تاويرا بكشتمى يا او مرا بكشتى ] وفات منه عليه السلام ومن اصحابه فى بعض ايام الخندق صلاة العصر ولذلك قال عليه السلام « شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا » وهذا دعاء عليهم بعذاب الدارين من خراب بيوتهم فى الدنيا فتكون النار استعارة للفتنة ومن اشتعال النار فى قبورهم وقام عليه السلام فى الناس فقال « ايها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فان لقيتم العدو فاصبروا واعلموا ان الجنة تحت ظلال السيوف » اى سبب الموصل الى الجنة عند الضرب بالسيف فى سبيل الله ثم دعا عليه السلام فى الاحزاب فقال « اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الحزاب اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم وزلزلهم »(11/4)
ودعا ايضا بقوله « اللهم يا صريخ المكرو بين يا مجيب المضطرين اكشف همى وغمى وكربى فانك ترى ما نزل بى وباصحابى » وقال له المسلمون هل من شئ نقوله فقد بلغت القلوب الخناجر قال « نعم قولوا اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا » فاستجاب الله دعاءه يوم الاربعاء بين الظهر والعصر فاتاه جبريل فبشره ان الله يرسل عليهم ريحا وجنودا واعلم عليه السلام اصحابه بذلك وصار يرفع يديه قائلا شكرا شكرا انعام الله عليكم بالنصرة { اذ } ظرف للنعمة . والمعنى بالفارسية [ آنكاه كه ] { جاءتكم } [ آمد بشما ] { جنود } لشكرها والمراد الاحزاب المذكورة من قريش وغطفان ونحوهما يقال للعسكر الجند اعتبارا بالغلظ من الجند وهى الارض الغليظة التى فيها حجارة ثم يقال لكل مجتمع جند نحو الارواح جنود مجندة { فارسلنا عليهم } من جانب الاسم القهار ليلا عطف على جاءتكم { ريحا } اى ريح الصبا وهى تهب من جانب المشرق والدبور من قبل المغرب
قال ابن عباس رضى الله عنهما قالت الصبا للدبور اى الريح الغربية اذهبى بنا ننصر رسول الله فقالت ان الحرائر لا تهيب بالليل فغضب الله عليها فجعلها عقيما وفى الحديث « نصرت بالصبا واهلكت عاد بالدبور » { وجنودا لم تروها } وهم الملائكة وكانوا الفا روى ان الله تعالى بعث على المشركين ريحا صبا باردة فى ليلة ذات شتاء ولم تجاوز عسكرهم فاحصرتهم وسفت التراب فى وجوههم وامرت الملائكة فقلعت الاوتاد وقطعت الاطناب واطفأت النيران واكفأت القدور ونفثت فى روعهم الرعب وكبرت فى جوانب معسكرهم حتى سمعوا التكبير وقعقعة السلاح واضطربت الخيول ونفرت فصار سيد كل حى يقول لقومه با بنى فلان هلموا الىّ فاذا اجتمعوا قال النجاء النجاء اى الاسراع والاسراع وحملوا ما وقع على السحر فانهزموا من غير قتال وارتحلوا ليلا وتركوا ما استثقلوه من متاعهم { وكان الله بما تعملون } من حفر الخندق وترتيب الاسباب { بصيرا } رائيا ولذلك فعل ما فعل من نصركم عليهم وعصمتكم من شرهم فلا بدلكم من الشكر على هذه النعمة الجليلة باللسان والجنان والاركان [ شكر زبان آنست كه ييوسته خدايرا ياد ميكند وزبان خود بذكر تر ميدارد وجون نعمى تازه شود الحمد لله ميكويد . شكرتن آنست كه اعضاى خود در ما خلق له استعمال كند وهمه اعضارا حق تعالى براى آخرت آفريد ]
عطايست هر موى ازو برتنم ... جكونه بهرموة شكرى كنم
وفى التأويلات النجمية يشير الى نعمه الظاهرة والباطنة اولها نعمة الايجاد من كتم العدم . وثانيها اذا اخرجكم من العدم جعلكم ارواحا مطهرة انسانية فى احسن تقويم لا حيوانا او نباتا او جمادا . وثالثها يوم الميثاق شرفكم بخطاب ألست بربكم ثم وفقكم لاستماع خطابه ثم دلكم على اصابة جوابه . ورابعها انعم عليكم بالنفخة الخاصة عند بعثكم الى القالب الانسانى لئلا تتنزلوا بمنزل من المنازل السماوية والكوكبية والجنية والشيطانية والنارية والهوائية والمائية والارضية والنباتية والحيوانية وغيرها الى ان انزلكم فى مقام الانسانية .(11/5)
وخامسها عجن طينة قالبكم بيده اربعين صباحا ثم صوركم فى الارحام وسوا كم ثم نفخ فيكم من روحه . وسادسها شرف روحكم بتشريف اضافته الى نفسه بقوله { من روحى } وما اعطى هذا التشريف لروح من ارواح الملائكة المقربين . وسابعها اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيأ فبالها مات الربانية علمكم ما تحتاجون اليه من اسباب المعاش . وثامنها الهمكم فجوركم وتقواكم لتهتدوا الى سبيل الرشاد للرجوع الى الميعاد . وتاسعها ارسل اليكم الانبياء والرسل ليخرجوكم من الظلمات الخلقية الى نور الخالقية . وعاشرها انعم عليكم بالايمان ثم بالاتقان ثم بالاحسان ثم بالعرفان ثم بالعيان ثم بالعين ثم آتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها وذكر نعمته استعمالها فى عبوديته اداء شكر نعمته وشكر النعمة رؤية النعمة ورؤية النعمة ان تكون ترى نعم توفيقه لاداء شكره الى ان تعجز عن اداء شكره فان نعمته غير متناهية وشكرك متناه فرؤية العجز عن اداء الشكر حقيقة الشكر ومن الشكر ان تذكر ما سلف من الذى دفع عنك وانت بصدده من انواع البلاءت والمحن والمصائب والمكابد فمن جملة ذلك قوله { اذ جاءتكم } الخ يشير الى جنود الشياطين وجنود صفات النفس وجنود الدنيا وزينتها فارسلنا عليهم ريحا من نكباء قهران وجنودا لم تروها من حفظنا وعصمتنا وكان الله بما تعملون من الليل الى الدنيا وشهواتها بصيرا بدفعها وعلاجها كم من بلاء صرفه عن العبد ولم يشعر وكم شغل كان بصدده فصده عنه ولم يعلم وكم امر عوّقه والعبد يضج وهو يعلم ان فى تيسيره هلاكه فيمنعه منه رحمة عليه والعبد يهتم ويضيق به صدره
هرجه آمد ز آسمان قضا ... بقضا مى نكر بعين رضا
خوش دل شوز ما جراى قلم ... زانكه حق ازتو بحالت اعلم(11/6)
إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)
{ اذ جاؤكم } بدل من اذجاءتكم { من فوقكم } من اعلى الوادى من جهة المشرق وهم بنوا غطفان ومن تابعهم من اهل نجد وقائدهم عيينه بن حصين الفزارى وعامر بن الطفيل ومعهم اليهود { من اسفل منكم } اى من اسفل الوادى من قبل المغرب وهم قريش ومن تابعهم من الجماعات المتفرقة وقائدهم ابو سفيان الوادى من قبل المغرب وهم قريش ومن تابعهم من الجماعات المتفرقة وقائدهم ابو سفيان والفوق اشارة الى الآفات السماوية والاسفل الى المتولدات البشرية والكل بلاء وقضاء { واذ زاغت الابصار } عطف على ما قبله داخل فى حكم التذكير . والزيغ الميل عن الاستقامة
قال الراغب يصح ان يكون اشارة الى ما تداخلهم من الخوف حتى اظلمت ابصارهم ويصح ان يكون اشارة الى ما تداخلهم من الخوف حتى اظلمت ابصارهم ويصح ان يكون اشارة الى ما قال { يرونهم مثليهم رأى العين } انتهى والبصر الجارحة الناظرة والمعنى وحين مالت عن مستوى نظرها حيرة وشخوصا لكثرة ما رأت من العدد والعدد فانه كان مع قريش ثلاثمائه فرس والف وخمسائه بعير : وبالفارسية [ وآنكه كه بكشت جشمها در جشم خانها ازبيم او خيره شد ]
وقال بعضهم المراد ابصار المنافقين لانهم اشد خوفا ولا حاجة اليه لان من شأن ضعف الانسانية التغير عند تراكم البلاء وترادف النكبات وهو لا ينافى قوة اليقين وكمال الاعتماد على الرب المعين كما دل عليه ما بعد الآية ألا ترى الى قوله تعالى { حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله } كما سبق فى سورة البقرة { وبلغت القلوب الخناجر } جمع حنجرة وهى منتهى الحلقوم مدخل الطعام والشراب اى بلغت رأس الغلصمة من خارج رعبا وغما لان الرئة بالفارسية [ شش ] تنتفخ من شدة الفزع والغم فيرتفع القلب بارتفاعها الى رأس الحنجرة وهو مشاهد فى مرض الخفقان من غلبة السوداء
قال قتادة شخصت عن اماكنها فلولا انه ضاق الحلقوم بها عن ان تخرج لخرجت
وقال بعضهم كادت تبلغ فان القلب اذا بلغ الحنجرة مات الانسان فعلى هذا يكون الكلام تمثيلا لاضطراب القلوب من شدة الخوف وان لم تبلغ الخناجر حقيقة
واعلم انهم وقعوا فى الخوف من وجهين . الاول خافوا على انفسهم من الاحزاب لان الاحزاب كانوا اضعافهم . والثانى خافوا على ذراريهم فى المدينة بسبب ان نقض بنوا قريظة العهد كما سبق وقد قاسوا شدائد البرد والجوع وهو لا ينافى قوله { انى لست مثلكم انى ابيت عند ربى يطعمنى ربى ويسقينى } فانه قد يحصل الابتلاء فى بعض الاحيان تعظيما للثواب . واول بعض العارفين حديث ربط الحجر بان لم يكن فمن كانت الدنيا رشحة من فيض ديمه وقطرة من زواجر بحار نعمه لا يحتاج اليها ولكن الصبر عند الحاجة مع الوجدان من خواص من عصم بعصمة الرحمن(11/7)
در بزم احتشام توسياره هفت جام ... بر مطبخ نوال تو افلاك نه طبق
{ وتظنون بالله } يا من يظهر الايمان على الاطلاق { الظنونا } انواع الظنون المختلفة حيث ظن المخلصون المثبتوا القلوب والاقدام ان الله تعالى ينجز وعده فى اعلاء دينه او يمتحنهم فخافوا الزلل وضعف الاحتمال كما فى وقعة احد وظن الضعاف القلوب الذين هم على حرف والمنافقين ما حكى عنهم مما لا خير فيه . والجملة معطوفة على زاغت وصيغة المضارع لاستحضار الصورة والدلالة على الاستمرار . واثبت حفص فى الظنونا والسبيلا والرسولا هذه الالفات اتباعا لمصحف عثمان رضى الله عنه فانها وجدت فيه كذلك فبقيت على حكمها اليوم فهى بغير الالف فى الوصل وبالالف فى الوقف . وقرئ الظنون بحذف الالف على ترك الاشباع فى الوصل والوقف وهو الاصل والقياس وجه الاول ان الالف مزيجة فى امثالها لمراعاة الفواصل تشبيها لها بالقوافى فان البلغاء من الشعراء يزيدونها فى القوافى اشباعا للفتحة(11/8)
هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)
{ هنالك } هو فى الاصل للمكان البعيد لكن العرب تكنى بالمكان عن الزمان وبالزمان عن المكان فهو اما ظرف زمان او ظرف مكان لما بعده اى فى ذلك الزمان الهائل او فى ذلك المكان الدحض الذى تدحض فيه الاقدام { ابتلى المؤمنون } بالحصر والرعب اى عوملوا معاملة من يختبر فظهر المخلص من المنافق والراسخ من المتزلزل { وزلزلوا زلزالا شديدا } الزلة فى الاصل استرسال الرجل من غير قصد يقال زلت رجله تزل والمزلة المكان الزلق وقيل للذنب من غير قصد زلة تشبيها بزلة الرجل والتزلزل الاضطراب وكذا الزلزلة شدة الحركة وتكرير حروف لفظه تنبيه على تكرر معنى الزلل . والمعنى حركوا تحريكا شديدا وازعجوا ازعاجا قويا وذلك ان الخائف يكون قلقا مضطربا لا يستقر على مكان
قال فى كشف الاسرار [ اين جايست كه عجم كويند فلان كس را از جاى ببردند از خشم يا ازبيم يا از خجل
قال الكاشفى يعنى از جاى برفتند بمثابة كه بددلان عزم سفر اين المفرّ نمودند وناشكيبان اوراق الفرار مما لا يطلق من سنن المرسلين تكرار مى فرمودند ]
آرام زدل شد ودل از جائ ... هوش از سررفت وقوت ازباى
وقد صح ان فى قلبه مرض فر الى المدينة وبقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اهل اليقين من المؤمنين وهذا وان كان بيانا للاضطراب فى الابتداء لكن الله تعالى هون عليهم الشدائد فى الانتهاء حتى تفرقت عن قلوبهم الغموم وتفجرت ينابيع السكينة وهذا عادة الله مع المخلصين [ مصطفى عليه السلام كفت در فراديس اعلى بسى درجات ومنازلست كه بنده هركز بجهت خود بدان نتواند رسيد رب العزة بنده را بآن بلاها كه دردنيا برسروى كمارد بدان رساند وكفته اندكه حق تعالى ذريت آدم را هزار قسم كردانيد وايشانرا بر بساط محبت اشراف داد همه را ازروى محبت خاست آمكه دنيارا بيار است وبرايشان عرضه كرد ايشان جون زخارف وزهرات ديدند مست وشفته دنيا كشتند وبا دنيا بما ندند مكريك طائفة كه همجنان بر بساط محبت ايستاده وسر بكريبان دعوى فرو برده بس اين طائفة را هزار قسم كردانيد وعقبى برايشان عرض كرد وجون ايشان آن ناز نعيم ابدى ديدند ظل ممدود وماء مسكوب وحور وقصور شيفتة آ ، شدند وبآن بامندند مكريك طائفة كه همجنان ايستاده بودند بر بساط محبت طالب كنوز معرفت خطاب آمد از جانب جبروت ودركاه عزت كه شماجه ميجوييد ودرجه مانده ايد ايشان كفتند « وانك تعلم ما نريد » خداوندا زبان بى زبانان تويى عالم الاسرار والخفيات تويى خود دانى كه مقصود ما جيست ]
ما را زجهانيان شمارى دكرست ... در سر بجز ازباداه خمارى دكرست(11/9)
[ رب العالمين ايشانرا بسر كوى بلا آورد ومفاوز ومهالك بلا بايشان نمود آن قسم هزار قسم كشتند همه روى از قبلة بلا بكرد دانيدند اين نه كار ماست ومارا طاقت اين بار بلا كشيدن نيست مكريك طائفة كه روى نكردا نيدند كفتند مارا خود آن دولت بس كه محمل اندوه توكشيم وغم وبلاى توخوريم ]
من كه باشم كه به تن رخت وفاى توكشم ... ديده حمال حثم بار جفاى تو كشم
كرتوبر من به تن وجان ودلى كنى ... هرسه رارقص كنان ييش هواى توكشم
قال الله تعالى فى حقهم { اولئك عبادى حقا } [ قدر درد اوكسى داندكه اورا شناسد اوكه ويرا نشناسد قدر درد اوجه داند ]
جاميان دل بغم ودردنه اندرره عشق ... كه نشد مردره آنكس كه نه اين درد كشيد
روى انه ارسل ابو سفيان بعد الفرار كتابا لرسول الله فيه باسمك اللهم فانى احلف باللات والعزى واساف ونائلة وهبل لقد سرت اليك فى جمع وانا اريد ان لا اعود ابدا حتى استأصلكم فرأيتك قد كرها لقاءنا واعتصمت بالخندق وفى لفظ قد اعتصمت بمكيدة ما كانت العرب تعرفها تعرفها وانما تعرف ظل رماحها وسيوفها وما فعلت هذا الافرار من سيوفنا ولقائنا ولك منى يوم كيوم واحد فارسل له عليه السلام جوابا فيه ( اما بعد ) اى بعد بسم الله الرحمن الرحيم ( من محمد رسول الله الى صخر بن حرب فقد اتانى كتابك وقديما غرّك بالله الغرور أما ما ذكرت انك سرت الينا وانت لا تريد ان تعود حتى تستأصلنا فذلك امر يحول الله بينك وبينه ويجعل لنا العاقبة وليأتين عليك يوم اكثر فيه اللات والعزى واساف ونائلة وهبل حتى اذكر يا سفيه بنى غالب ) انتهى فاجتهدوا وقاسوا الشدائد فى طريق الحق الى ان فتح الله مكة واتسع الاسلام وبلاده واهاليه(11/10)
وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)
{ واذ يقول المنافقون } [ وآنكه كه دورويان كفتندن ] وهو عطف على اذ زاغت وصيغته للدلالة على استحضار القول واستحضار صورته { والذين فى قلوبهم مرض } ضعف اعتقاد
فان قلت ما الفرق بين المنافق والمريض
قلت المنافق من كذب الشئ تكذيبا لا يعتريه فيه شك والمريض من قال الله تعالى فى حقه { ومن الناس من يعبد الله على حرف فان اصابه خير اطمأن به وان اصابته فتنة انقلب على وجهه } كذا فى الاسئلة المقحمة
قال الراغب المرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالانسان وهو ضربان جسمى ونفسى كالجهل والجبن والنفاق ونحوها من الرذائل الخلقية وشبه النفاق والكفر ونحوهما من الرذائل بالمرض اما لكونها مانعة عن ادراك الفضائل كالمرض المانع عن التصرف الكامل واما لكونها مانعة عن تحصيل الحياة الاخروية المذكورة فى قوله { وان الدار الآخرة لهى الحيوان } واما لميل النفس بها الى الاعتقادات الرديئة ميل بدن المريض الى الاشياء المضرة { ما وعدنا الله ورسوله } من الظفر واعلاء الدين وهم لم يقولوا رسول الله وانما قالوه باسمه ولكن الله ذكره بهذا اللفظ { الا غرورا } اى وعد غرور وهو بالضم [ فريفتن ] والقائل لذلك معتب بن قشير ومن تبعه وقد سبق(11/11)
وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13)
{ واذ قالت طائفة منهم } هم اوس بن قيظى ومن تبعه فى رأيه : وبالفارسية [ وانرا نيز ياد كنيد كه كفتند كروهى ازمنافقان ] { يا اهل يثرب } [ اى مردان مدينة ] هو اسم للمدينة المنورة لا ينصرف للتعريف وزنة الفعل وفيه التأنيث وقد نهى النبى عليه السلام ان تسمى المدينة بيثرب وقال هى طيبة او طابة والمدينة كانه كره هذا اللفظ لان يثرب يفعل من التثريب وهو اللوم الذى لا يستعمل الا فيما يكره غالبا ولذلك نفاه يوسف الصديق عليه السلام حيث قال لاخوته { لا تثريب عليكم اليوم } وكأن المنافقين ذكروها بهذا الاسم مخالفة له عليه السلام فحكى الله عنهم كما قالوا
وقال الامام السهيلى سميت يثرب لان الذى نزلها من العماليق اسمه يثرب بن عبيل بن مهلايل بن عوص بن عملاق ابن لاود بن ارم وعبيل هم الذين سكنوا الجحفة وهى ميقات الشاميين فاجحفت بهم السيول فيها اى ذهبت بهم فسميت الجحفة
وقال بعضهم هى من الثرب بالتحريك وهو الفساد وكان فى المدينة الفساد واللؤم بسبب عفونة الهواء وكثرة الحمى فلما هاجر رسول الله كره ذلك فسماها طيبة على وزن بصرة من الطيب وقد افتى الامام مالك رحمه فيمن قال تربة دفن فيها رسول الله يزعم انها غير طيبة وفى الحديث « من سمى المدينة بيثرب فليستغفر الله فليستغفر الله هى طيبة هى طيبة » وقوله عليه السلام حين اشار الى دار الهجرة « لا اراها الا يثرب » ونحو ذلك من كل ما وقع فى كلامه عليه السلام من تسميتها بذلك كان قبل النهى عن ذلك . وانما سميت طيبة لطيب رائحة من مكث بها وتزايد روائح الطيب بها ولا يدخلها طاعون ولا دجال ولا يكون بها مجذوم لان ترابها يشفى الجذام وهو كغراب علة تحدث من انتشار السوداء فى البدن كله فيفسد مزاج الاعضاء وهيآتها وربما انتهى الى تأكل الاعضاء وسقوطها عن تقرّح { لا مقام لكم } لا موضع اقامة لكم ههنا لكثرة العدو وغلبة الاحزاب يريدون المعسكر بالفارسية [ لشكركاه ] فهو مصدر من اقام { فارجعوا } اى الى منازلكم بالمدينة ومرادهم الامر بالفرار لكنهم عبروا عنه بالرجوع وترويجا لمقالهم وايذانا بانه ليس من قبيل الفرار المذموم وقد ثبطوا الناس عن الجهاد والرباط لنفاقهم ومرضهم ولم يوافقهم الا امثالهم فان المؤمن المخلص لا يختار الا الله ورسوله
وفيه اشارة الى حال اهل الفساد والافساد فى هذه الامة الى يوم القيام نسأل الله تعالى ان يقيمنا على نهج الصواب ويجعلنا من اهل التواصى بالحق والصبر دون التزلزل والاضطراب { ويستأذن فريق منهم النبى } [ ودستورئ رجوع ميطلبند ازيغمبر كروهى از منافقان ] يعنى بنى حارثة وبنى سلمة { يقولون } بدل من يستأذن { ان بيوتنا } فى المدينة { عورة } بجزم الواو فى الاصل اطلقت على المختل مبالغة يقال عور المكان عورا اذا بدا فيه خلل يخاف منه العدو والسارق وفلان يحفظ عورته اى خلله والعورة ايضا سوءة الانسان وذلك كناية واصلها من العار وذلك لما يلحق فى ظهورها من العار اى المذمة ولذلك سمى النساء عورة ومن ذلك العوراء للكلمة القبيحة .(11/12)
والمعنى انها غير حصينة متخرّقة ممكنة لمن ارادها فأذن لنا حتى نحصنها ثم نرجع الى العسكر وكان عليه السلام يأذن لهم { وما هى بعورة } اى والحال انها ليست كذلك بل هى حصينة محرزة { ان يريدون } ما يريدون بالاستئذان { الافرارا } من القتال(11/13)
وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14)
{ ولو دخلت عليهم } اسند الدخول الى بيوتهم واوقع عليهم لما ان المراد فرض دخولها وهم فيها لا فرض دخولها مطلقا كما هو المفهوم لو لم يذكر الجار والمجرور { من اقطارها } جمع قطر بالضم بمعنى الجانب اى من جميع جوانبها لا من بعضها دون بعض فالمعنى لو كانت بيوتهم مختلة بالكلية ودخلها كل من اراد الخبث والفساد { ثم سئلوا } من جهة طائفة اخرى عند تلك النازلة { الفتنة } اى الردة والرجعة الى الكفر مكان ما سئلوا من الايمان والطاعة { لآتوها } لاعطوها السائلين اى اعطوهم مرادهم غير مبالين بما دهاهم من الداهية والغارة { وما تلبثوا بها } [ التلبث : درنك كردن كالتمكث يعنى درنك نكند باجابت فتنة ] { الا يسيرا } قدر ما يسمع السؤال والجواب من الزمان فضلا عن التعلل باختلال البيوت عند سلامتها كما فعلوا الآن وما ذلك الا لمقتهم الاسلام وشدة بغضهم لاهله وحبهم الكفر وتهالكهم على حزبه
قال الامام الراغب اليسير السهل ومنه قوله تعالى { وكان ذلك على الله يسيرا } ويقال فى الشئ القليل ومنه { وما تلبثوا بها الا يسيرا }
وفى الآية اشارة الى مرض القلوب وصحة النفوس . وخاصيتهما اذا وكلتا الى حالتهما من فساد الاعتقاد وسوء الظن بالله ورسوله ونقض العهود والاغترار بتسويلات الشياطين والفرار من معادن الصدق والتمسك بالحيل والمكائد والكذب والتعلل بالاعذار الواهية وغلبات خوف البشرية والجبانة وقلة اليقين والصبر وكثرة الريب والجزع من احتمال خطر الاذية لو سئلوا الارتداد عن الاسلام والاشراك بعد الاقرار بالتوحيد لاجابوهم وجاؤوا به وما تلبثوا يعنى الاحتراز عن الوقوع فى الفتنة الا يسيرا بل اسرعوا فى اجابتها لاستيلاء اوصاف النفوس وغلباتها وتصدئ القلوب وهجوم غفلاتها ومن عرف طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به احدا من العالمين
واعلم ان الله تعالى ذم المنافقين فى اقوالهم وافعالهم فان للانسان اختيارا فى كل طريق سلكه فمن وجد شرا فلا يذم الا نفسه ولم تجب الهداية على النبى عليه السلام فى حق الكفار والمنافقين فكيف على غيره من الورثة فى حق العاصين كما قال عليه السلام « انما انا رسول وليس الىّ من الهداية شئ ولو كانت الهداية الىّ لآمن كل من فى الارض وانما ابليس مزين وليس اليه من الضالة شئ ولو كانت الضلالة اليه لاضل كل من فى الارض ولكن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء »
مؤمن وكافر درين درفنا ... صورتى دارد زنقش كبريا
نقش كرجه آمداز دست قضا ... ليك ميدان نقش را از مقتضا
فافهم جدا(11/14)
وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (15)
{ ولقد كانوا } اى الفريق الذين استأذنوك للرجوع الى منازلهم فى المدينة وهم بنوا حارثة وبنوا سلمة { عاهدوا الله } العهد حفظ الشئ ومراعاته حالا بعد حال وسمى الموثق الذى يلزم مراعاته عهدا والمعاهدة المعاقدة كما فى تاج المصادر . والمعنى بالفارسية [ عهد كردند باخداى تعالى ] { من قبل } اى من قبل واقعة الحندق يعنى يوم احد حين هموا بالانهزام ثم تابوا لما نزل فيهم ما نزل كما سبق فى آل عمران { لا يولون الادبار } جواب قسم لان عاهدوا بمعنى حلفوا كما فى الكواشى [ والتولية : يشت بكردانيدن ] ودبر الشئ خلاف القبل وولاه دبره انهزم . والمعنى لا يتركون العدو خلف ظهورهم ولا يفرون من القتال ولا ينهزمون ولا يعودون لمثل ما فى يوم واحد ثم وقع منهم هذا الاستئذان نقضا للعهد : وبالفارسية [ يشتها برنكردانند دركار زارها ] { وكان عهد الله مسئولا } مطلوبا مقتضى حتى يوفى يقال سألت فلانا حقى اى طالبته به او مسئولا يوم القيامة يسأل عنه هل وفى المعهود به او نقضه فيجازى عليه وهذا وعيد : قال الحافظ
وفا وعهد نكو باشد اربياموزى ... وكرنه هركه توبينى ستمكرى داند
وقال فى حق وفاء العشاق
از دم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بريك عهد ويك ميثاق بود(11/15)
قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16)
{ قل } يا محمد لهم { لن ينفعكم الفرار } [ سود نميدارد شمارا كريختن ] { ان فررتم من الموت } [ از مرك ] { او القتل } [ يا از كشتن ] فانه لا بد لكل شخص من الفناء والهلاك سواء كان بحتف انف او بقتل سيف فى وقت معين سبق به القضاء وجرى عليه القلم ولا يتغير جدا والقتل فعل يحصل به زهوق الروح
قال الراغب اصل القتل ازالة الروح عن الجسد كالموت لكن اذا اعتبر بفعل المتولى لذلك يقال قتل واذا اعتبر بفوت الحياة يقال موت انتهى . والحتف الهلاك قال على كرم الله وجهه ما سمعت كلمة عربية من العرب الا وقد سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعته يقول « مات حتف انفه » وما سمعتها من عربى قبله وهو ان يموت الانسان على فراشه لانه سقط لانفه فمات وكانوا يتخيلون ان روح المريض تخرج من انفه فان جرح خرجت من جراحته { واذا ل تمتعون الا قليلا } [ التمتيع : برخوردارى دادن ] اى وان نفعكم الفرار مثلا فمتعتم بالتأخير لم يكن ذلك التمتيع الا تعتيعا اوزمانا قليلا : وبالفارسية [ وانكاه كه كريزد زنده نكذار ند شمارا مكرزمانى اندك جه آخر شربت فنا نوشيد نيست وخرقة فوات بوشيدنى ]
كه مينهد قدم اندر سراى كون وفساد ... كه بازروى براه عدم نمى آرد
الموت كأس وكل الناس شاربه ... والقبر باب وكل الناس داخله
وعمر الدنيا كله قليل فكيف مدى آجال اهلها وقد قال من عرف الحال مقدار عمرك فى جنب عيش الآخرة كنفس واحد
وعن بعض المروانية انه مر بحائط مائل فاسرع فتليت له هذه الآية فقال ذلك القليل اطلب(11/16)
قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (17)
{ قل من ذا الذى يعصمكم } مذهب سيبويه على ان من الاستفهامية مبتدأ وذا خبرة والذى صفة او بدل منه : والمعنى بالفارسية [ آن كيست كه نكاه دارد شمارا ] وذهب بعض النجاة الى كون من خبرا مقدما فالمعنى [ كيست آنكه ] والعصمة الامساك والحفظ { من الله } اى من قضائه { ان اراد بكم سوأ } بالفارسية [ بدى ] وهو كل ما يسوء الانسان ويغمه والمراد هنا القتل والهزيمة ونحوهما { او اراد بكم رحمة } من عافية ونصرة وغيرهما مما هو من آثار الرحمة قرينة السوء فى العصمة ولا عصمة الا من السوء لان معناه او يصيبكم بسوء ان اراده بكم رحمة فاختصر الكلام كما فى قوله متقلدا سيفا ورمحا اى ومعتقلا رمحا والاعتقال اخذ الرمح بين الركب والسرج
[ وفى التاج ] الاعتقال : نيز بميان ساق وركاب برداشتن ] { ولا يجدون لهم } اى لانفسهم { من دون الله } متجاوزين الله تعالى { وليا } [ دوستى نفع رساند ] { ولا نصيرا } يدفع الضرر عنهم : وبالفارسية [ ونه يا رى كه ضرر باز دارد ]
واعلم ان الآية دلت على امور . والاول ان الموت لا بد منه
قال بعضهم [ عمر اكر جه دراز بود جون مرك روى نمود آزان درازى جه سود نوح عليه السلام هزار سال درجهان بسر رده است امروز بنج هزار سالست كه مرده است ]
دريغا كه بكذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دمى جند نيز
قال بعضهم اذا بلغ الرجل اربعين سنة ناداه مناد من السماء دنا فاعدّ زادا
قال الثورى ينبغى لمن كان له عقل اذا اتى عليه عمر النبى عليه السلام ان يهيئ كفته
قال حاتم الاصم ما من صباح الا ويقول الشيطان لى ما تأكل وما تلبس واني تسكن فاقول له آكل الموت والبس الكفن واسكن القبر . والثانى ان الفرار لا يزيد فى الآجال ومن اسوأ حالا ممن سعى لتبديل الآجال والارزاق ورجا دفع ما قدر له انه لاق وانه لا يقيه منه واق
قال على كرم الله وجهه ان اكرم الموت القتل والذى نفس ابن ابى طالب بيده لالف ضربة بالسيف اهون من موت على فراش فلو لم يكن فى القتل الذى يفر منه الانسان الا الراحة من سكرات الموت لكان فى ذلك ما يوهب الثبات وان لم ينظر الى ما بعده وهو الفوز العظيم وذلك ان شهيد البحر لا الم له اصلا واما شهيد البر فلا يجد من ألم الموت الا كمس قرصة
قال بعضهم الفار مسلم لنفسه والمقاتل مدافع عنها واذا انقضت مدى الاجل فالمنية لابد منها
بروز اجل نيزة جوشن درد ... زييراهنى بى اجل نكذرد
كرت زند كانى نبشتست دير ... نه مارت كز آيدنه شمشير وتير(11/17)
اما تخشى ايها الفار . ان تدركك المنية فتكون من اصحاب النار . اما تخاف ان يأتيك سهم وانت مول فيسكنك دار البوار . اما تخشى ان تؤسر فتفتن عن دينك او ينوّع عذابك ولا شك عند كل ذى لب ان استقبال الموت اذا كان وقته خير من استدباره وقد اشتاق اهل الله الى لقاء الله : قال المولى العارف فى المثنوى
بس رجال ازنقل عالم شادمان ... وزبقا اش شادمان اين كودكان
جونكه آب خوش نديد آن مرغ كور ... ييش او كوثر نمايد آب شور
والثالث ان من اتخذ الله وليا ونصيرا نال ما يتمناه قليلا وكثيرا ونصر اميرا وفقيرا وطاب له وقته مطلقا واسيرا فثبت ثبات الجبال وعامل معاملة الرجال
قال بعض العارفين فى الآية اشارة الى مدعيى الطلب فانهم يعاهدون الله من قبل الشروع فى الطلب انهم لا يولون ادبارهم عند المحاربة مع الشيطان وعند الجهاد مع النفس فلما شرعوا فى الحرب والجهاد مع احزاب النفس والشيطان وقد حمل كل حزب اسلحتهم واخذوا خدعات الحرب ومكايدها وهم الشجعان الاقوياء والابطال المجربون وعساكر الطلاب المرضى القلوب وهم بعد اغمار غير مجربى القتال والحروب وان كان لهم الاسلحة ولكنهم بمعزل عن استعمالها لضعفهم وعدم العلم بكيفية الاستعمال فاذا قام الحرب ودام الضرب غلب الاقوياء على الضعفاء وانهزام المرضى على الاصحاء
جالش است وخمره خوردن نيست اين ... فلم يساعدهم الصدق ولم يعانهم العشق ولم يذكروا حقيقة قوله { وكان عهد الله مسئولا } ولم يتفكروا فى ان الفرار النافع انما هو الى الله لا من الله فمن فر من موت النفس وقتلها بالمجاهدة فلا يتمتع كالبهائم والانعام فى رياض الدنيا الا قليلا ولا يجد بركة عمره بل يكون الفرار سبب قصر العمر نسأل الله سبحانه ان يعصمنا من الفرار من نحو بابه والاقبال على الادبار عن جنابه انه الولى النصير ذو الفضل الكثير(11/18)
قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18)
{ قد يعلم الله المعوقين منكم } قد لتأكيد العلم بالتعويق ومرجع العلم الى توكيد الوعيد . والتعويق التثبيط بالفارسية [ باز داشتن ] يقال عاقه وعوقه اذا صرفه عن الوجه الذى يريده والعائق الصارف عما يراد منه خير ومنه عوائق الدهر والخطاب لمن اظهر الايمان مطلقا . والمعنى قد علم الله المثبطين للناس عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصارفين عن طريق الخير وهم المنافقون ايا من كان منهم { والقائلين لاخوانهم } من منافقى المدينة فالمراد الاخوة فى الكفر والنفاق { هلم الينا } هلم صوت سمى به فعل متعد نحو احضر او اقرب ويستوى فيه الواحد والجمع على لغة اهل الحجاز واما بنو تميم فيقولون هلم يا رجل وهلموا يا رحال وكلمة الى صلة التقريب الذى تضمنه هلم . والمعنى قربوا انفسكم الينا وهذا يدل على انهم عهد هذا القول خارجون عن العسكر متوجهون نحو المدينة فرارا من العدو { قليلا } فانهم يعتذرون ويتأخرون ما امكن لهم او يخرجون من المؤمنين يرهمونهم انهم معهم لا تراهم يبارزون ويقاتلون الاشيأ قليلا اذا اضطروا اليه وهذا على تقدير عدم الفرار(11/19)
أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (19)
{ اشحة عليكم } حال من فاعل يأتون جمع شحيح وهو البخيل
قال الراغب الشح بخل مع حرص وذلك فيما كان عادة يقال رجل شحيح وقوم اشحة اى حال كونهم بخلاء عليكم بالمعاونة او الانفاق فى سبيل الله على فقراء المسلمين [ يا نمى خواهدكه ظفر وغنيمت شمارا باشد ] { فاذا جاء الخوف } خوف العدو { رأيتهم ينظرون اليك } فى تلك الحالة { تدور اعينهم } فى احداقكم يمينا وشمالا { كالذى يغشى عليه من الموت } اى دورانا كائنا كدوران عين المغشى عليه من معالجة سكرات الموت حذرا وخوفا والتجاء بك يقال غشى على فلان اذا نابه ما غشى فهمه اى ستره { فاذا ذهب الخوف } وجمعت الغنائم { سلقوكم } يقال سلقه بالكلام آذاه كما فى القاموس
قال فى تاج المصادر [ السلق : بزبان آزردن ] ومنه سلقوكم { بألسنة حداد ] اى جهروا فيكم بالسوء من القول وآذوكم . والحداد جمع حديد يقال لسان حديد نحو لسان صارم وماض وذلك اذا كان يؤثر تأثير الحديد : يعنى [ برنجانند شمارا وسخنهاى سخت كويند بربانهاى تيز يعنى تيز زبانى كنند ] وقالوا فروا قسمنا فانا قد ساعدناكم وقاتلنا معكم وبمكاننا غلبتم عدوكم وبنا نصرتم عليه { اشحة على الخير } نصب على الحال من فاعل سلقوكم : يعنى [ در حالتى كه سخت حريصند برغنيمت مشاحنه ومجادله ميكنند دروقت قسمت او بخيلند برمال اين جهان نمى خواهندكه رساند بشما كرم وفضل خدا ] فهم عند الغيمة اشح الناس واجبنهم عند اليأس { اولئك } الموصوفون بما ذكر من صفات السوء { لم يؤمنوا } بالاخلاص حيث ابطنوا خلاف ما اظهروا فصار اخبث الكفرة وابغضهم الى الله { فاحبط الله اعمالهم } اى اظهر بطلانها اذ لم يثبت لهم اعمال فتبطل لانهم منافقون وفى هذا دلالة على ان المعتبر عند الله هو العمل المينى على التصديق والا فهو كبناء على غير اساس { وكان ذلك } الاحباط { على الله يسيرا } هينا : بالفارسية [ آسان ] لتعلق الارادة به وعدمها يمنعه عنه
وفى التأويلات النجمية يشير الى مدعي الطلب اذا ارتدوا عن الطلب فانهم لم يؤمنوا ايمانا ايمانا حقيقيا فى صدق الطلب والالم يرتدوا عن الطلب فان المشايخ قد قالوا ان مرتد الطريقة شر من مرتد الشريعة ولهذا قال تعالى { فاحبط الله اعمالهم } لانها لم تكن بايمان حقيقى بل كانت بالتقليد والرياء والسمعة وكان ذلك الرد والابطال على الله يسيرا
وقد قال بعض الكبار انى لست بقطب الوجود ولكن مؤمن به فقيل له ونحن مؤمنون به ايضا فقال بين ايمان وايمان فرق فمن ايمان لا يزول كاصل الشجرة الراسخة ومن ايمان يزول كاصل النباتات الواهية وذلك لان المحسن الموقن مأمون من الارتداد والريب بخلاف اهل الغفلة والمتعبد على حرف
لا يزيل الماء نقشا فى الحجر ... بل يزيل النقش فى وجه الورق
باش بر عشق خدا ثابت قدم ... رونمى كردان زوجه باك حق(11/20)
يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا (20)
{ يحسبون الاحزاب لم يذهبوا } اى هؤلاء المنافقون لجبنهم المفرط يظنون ان الاحزاب لم ينهزموا ففروا الى المدينة والاحزاب هم الذين تحزبوا على النبى عليه السلام يوم الخندق وهم قريش وغطفان وبنوا قريظة والنضير من اليهود [ والتحزب : كروه كروه شدن ] كما فى التاج { وان يأت الاحزاب } كرة ثانية الى المدينة : وبالفارسية [ اكر بيايند اين لشكرها نوبتى ديكر ] { يودوا لوانهم بادون فى الاعراب } تمنوا انهم خارجون من المدينة الى البدو وحاصلون بين الاعراب لئلا يقوتلوا . والود محبة الشئ وتمنى كونه وبدا يبدو بداوة اذا خرج الى البادية وهى مكان يبدو ما يعن فيه اى يعرض ويقال للمقيم بالبادية باد فالبادون خلاف الحاضرين والبدو خلاف الحضر { يسألون } كل قادم من جانب المدينة { عن انبائكم } عن اخباركم وعما جرى عليكم : يعنى [ از آنج كذشته باشد ميان شما ودشمنان ] وهو داخل تحت الود اى يودون انهم غائبون عنكم يسمعون اخباركم بسؤالهم عنها من غير مشاهدة { ولو كانوا فيكم } فى الخندق هذه الكرة الثانية ولم يرجعوا الى المدينة وكان قتال : وبالفارسية [ واكر باشند درميان يعنى درمدينه ومقاتله باعدادست دهد ] { ما قاتلوا الا قليلا } رياء وخوفا من التعيير من غير حسبة(11/21)
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)
{ لقد كان لكم } ايها المؤمنون كما فى تفسير الجلالين وهو الظاهر من قوله فيما بعد لمن كان يرجو الله الخ
{ فى رسول الله اسوة حسنة }
قال الراغب الاسوة والاسوة كالقدرة والقدرة الحالة التى يكون الانسان عليها فى اتباع غيره ان حسنا وان قبيحا ان سارّا وان ضارا ويقال تأسيت به اى اقتديت . والمعنى لقد كان لكم فى محمد صلى الله عليه وسلم خصلة حسنة وسنة صالحة حقها ان يؤتسى بها اى يقتدى كالثبات فى الحرب ومقاساة الشدائد فانه قد شج فوق حاجبه وكسرت رباعيته وقتل عمه حمزة يوم واحد واوذى بضروب الاذى فوقف ولم ينهزم وصبر فلم يجزع فاستسنوا بسنته وانصروه ولا تتخلفوا عنه
وقال بعضهم كلمة فى تجرديديه جرد من نفسه الزكية شئ وسمى قدره وهى هو يعنى ان رسول فى نفسه اسوة وقدوة يحسن التأسى والاقتداء به كقولك فى البيضة عشرون منا حديدا اى هى نفسها هذا القدر من الحديد { لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر } اى يأمل ثواب الله ونعيم الآخرة او يخاف الله واليوم الآخر . فالرجاء يحتمل الامل والخوف ولمن كان صلة الحسنة او صفة لها لا بدل من لكم فان الاكثر على ان ضمير المخاطب لا يبدل منه { وذكر الله كثيرا } اى ذكرا كثيرا فى جميع اوقاته واحواله اى وقرن بالرجاء كثرة الذكر المؤدية الى ملازمة الطاعة وبها يتحقق الأتساء برسول الله
قال الحكيم الترمذى الاسوة فى الرسول الاقتداء به والاتباع لسنته وترك مخالفته فى قول وفعل
قال الشيخ سعدى
درين بحر جزمرد ساعى نرفت ... كم آن شد كه دنبال راعى نرفت
كسانى كزين راه بركشته اند ... بر فتند بسيار وسر كشته اند
خلاف ييمبر كسى ره كزيد ... كه هركز بمنزل نخواهد رسيد
محالست سعدى كه راه صفا ... توان رفت جزبربى مصطفى
فمتابعة الرسول تجب على كل مؤمن حتى يتحقق رجاؤه ويثمر عمله لكونه الواسطة والوسيلة وذكر الرجاء اللازم للايمان بالغيب فى مقام النفس وقرن به الذكر الكثير الذى هو عمل ذلك المقام ليعلم ان من كان فى البداية يلزم متابعته فى الاعمال والاخلاق والمجاهدات بالنفس والمال اذ لو لم يستحكم البداية لم يفلح بالنهاية ثم اذا تجرد وتزكى عن صفات نفسه فليتابعه فى موارد قلبه كالصدق والاخلاص والتسليم ليحتظى ببركة المتابعة بالمواهب والاحوال وتجليات الصفات فى مقام القلب كما احتظى بالمكاسب والمقامات وتجليات الافعال فى مقام النفس وهكذا فى مقام الروح حتى الفناء
وفى التأويلات النجمية يشير الى ما سبقت به العناية لهذه الامة فى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم كما اخبر بلفظ { لقد كان } اى كان { لكم } مقدرا فى الازل ان يكون لكم عند الخروج من العدم الى الوجود { فى رسول الله اسوة حسنة } اى اقتداء حسن وذلك فان اول كل شئ تعلقت به القدرة للايجاد كان روح رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله(11/22)
« اول ما خلق الله روحى » فالاسوة الحسنة عبارة عن تعلق القدرة بارواح هذه الامة لاخراجهم من العدم الى الوجود عقيب اخراج روح رسول الله صلى الله عليه وسلم من العدم الى الوجود فمن اكرم بهذه الكرامة يكون له اثر فى عالم الارواح قبل تعلقه بعالم الاشباح وبعد تعلقه بعالم الاشخاص فأما اثره فى عالم الارواح فبتقدمه على الارواح بالخروج الى عالم الارواح وبرتبته فى الصف الاول بقرب روح رسول الله صلى الله عليه وسلم اوفى الصف الذى يليه وبتقدمه فى قبول الفيض الالهى وبتقدمه عند استخراج ذرات الذريات من صلب آدم فى استخراج ذراته وباحضارها فى الحضرة وبتقدمه فى المعاهدة مع الله وبتأخره ألست بربكم وبتقدمه فى اجابة الرب تعالى بقوله قالوا بلى وبتقدمه فى المعاهدة مع الله وبتأخيره فى الرجوع الى صلب آدم وبتأخره فى الخروج عن اصلاب الآباء الى ارحام الامهات وفى الخروج عن الرحم وبتأخر تعلق روحه بجسمه فان لله الذى هو المقدم والمؤخر فى هذه التقدمات والتأخرات حكمه بالغة ولها تأثيرات عجيبة يطول شرحها واما اثره فى عالم الاشباح فاعلم انه بحسب هذه المراتب فى ظهور اثر الاسوة يظهر اثرها فى عالم الاشباح عند تعلق نظر الروح بالنظفة فى الرحم او لا الى ان تتربى النطفة بنظره فى الاطوار المختلفة ويصير قالبا مسويا مستعدا لقبول تعلق الروح به فمثل القالب المسوى مع الروح كمثل الشمعة مع نقش الخاتم اذا وضع عليها يقبل جميع نقوش الخاتم فالروح المكرم اذا تعلق بالقالب المسوّى يودع فيه جميع خواصه التى استفادها من تلك التقدمات والتأخرات الاسوتية فكل ما يجرى على الانسان من بداية ولادته الى نهاية عمره من الافعال والاقوال والاخلاق والاحوال كلها من آثار خواص اودعها الله فى الروح فبحسب قرب كل روح الى روح الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده عنه له اعمال ونيات تنسب حاله فى الاسوة فاما حال اهل القرب منهم فبان يكون عملهم على وفق السنة خالصا لوجه الله تعالى كما قال { لمن كان يرجو الله } واما من هودنهم فى القرب والاخلاص فبان يكون عملهم لليوم الآخر اى للفوز بنعيم الجنان كما قال تعالى { واليوم الآخر } اى لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ثم جعل نيل هذه المقامات مشروطا بقوله تعالى { وذكر الله } كثيرا لان فى الذكر وهو كلمة ال اله الا الله نفيا واثباتا وهما قدمان للسائرين الله تعالى وجنا حان للطائرين بالله بهما يخرجون من ظلمات الوجود المجازى الى نور الوجود الحقيقى انتهى كلام التأويلات(11/23)
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)
{ ولما رأى المؤمنون الاحزاب } اى الجنود المجتمعة لمحاربة النبى عليه السلام واصحابه يوم الخندق . والحزب جماعة غلظ كما فى المفردات { قالواهذا } البلاء العظيم { ما وعدنا الله ورسوله } بقوله تعالى { ام حسبتم ان تدخلوا الجنة لما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء } الآية وقوله عليه السلام « سيشتدّ الامر باجتماع الاحزاب عليكم والعاقبة لكم عليهم » وقوله عليه السلام « ان الاحزاب سائرون اليكم بعد تسع ليال او عشر » { صدق الله ورسوله } اى ظهر صدق خبر الله ورسوله { وما زادهم } ما رأوه : وبالفارسية [ ونيفزود ديدن احزاب مؤمنانرا ] { الا ايمانا } بالله ومواعيده { وتسليما } لا وامره ومقاديره
وقال الكاشفى [ وكردن نهادن احكام امر حضرت رسالت بناهى راكه سعادت دوسراى دران تسليم مندرجست ]
هركه دارد جون قلم سر برخط فرمان او ... مى نويسد بخت طغراى شرف برنام او(11/24)
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)
{ من المؤمنين } بالاخلاص { رجال صدقوا } اتوا الصدق فى { ما عاهدوا الله عليه } من الثبات مع الرسول والمقاتلة لاعلاء الدين اى حققوا العهد بما اظهروه من افعالهم وهم عثمان بن عفان وطلحة بن عبد الله وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وحمزة ومعصب بن عمير وانس بن النضر وغيرهم رضى الله عنهم نذروا انهم اذا لقوا حزبا مع رسول الله ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا
قال الحكيم الترمذى رحمه الله خص الله الانس من بين الحيوان ثم خص المؤمنين من بين الانس ثم خص الرجال من المؤمنين فقال { رجال صدقوا } فحقيقة الرجولية الصدق ومن لم يدخل فى ميادين الصدق فقد خرج من حد الرجولية
واعلم ان النذر قربة مشروعة وقد اجمعوا على لزومه اذا لم يكن المنذور معصية واما قوله عليه السلام « لا تنذروا فان النذر لا يغنى من القدر شيأ » فانما يدل على ان النذر المنهى لا يقصد به تحصيل غرض او دفع مكروه على ظن ان النذر يرد من القدر شيأ فليس مطلق النذر منهيا اذلو كان كذلك لما لزم الوفا به وآخر الحديث « وانما يستخرج به من البخيل » وهو اشارة الى لزومه لان غير البخيل يعطى باختياره بلا واسطة النذر والبخيل انما يعطى بواسطة النذر الموجب عليه واما لو كان النذر وعدمه سواء عنده وانما نذر لتحقيق عزيمته وتوكيدها فلا كلام فى حسن مثل النذر واكثر نذور الخواص ما خطر ببالهم وعقده جنانهم فان العقد اللسانى ليس الا لتتميم العقد الجنانى فكما يلزم الوفاء فى المعاقدة اللسانية فكذا فى المعاقدة الجنانية فليحافظ فانه من باب التقوى المحافظ عليها من اهل الله تعالى
طريق صدق بياموز ازآب صافى دل ... براستى طلب ازاكى جوسرو جمن
وفاكنيم وملامت كشيم وخوش باشيم ... كه در طريقت ما كافريست رنجيدن
{ فمنهم من قضى نحبه } تفضيل لحال الصادقين وتقسيم لهم الى قسمين . والنحب النذر المحكوم بوجوبه وهو ان يلتزم الانسان شيأ من اعماله ويوجبه على نفسه وقضاؤه الفراغ منه والوفاء به يقال قضى فلان نحبه اى وفى بنذره ويعبر بذلك عمن مات كقولهم قض اجله واستوفى اكله وقضى من الدنيا حاجته وذلك لان الموت كنذر لازم فى عنق كل حيوان ومحل الجار والمجرور الرفع على الابتداء اى فبعضهم من خرج عن عهده النذر بان قاتل حتى استشهد كحمزة ومصعب بن عمير وانس بن النضر الخزرجى الانصارى عم انس بن مالك رضى الله عنه روى ان انسا رضى الله عنه غاب عن بدر فشهد احدا فلما نادى ابليس ألا ان محمدا قد قتل مر بعمر رضى الله عنه ومعه نفر فقال ما يقعدكم قالوا قتل رسول الله قال فما تصنعون بالحياة بعده قوموا على ما مات عليه ثم جال بسيفه فوجد قتيلا وبه بضع وثمانون جراحة(11/25)
بى زخم تيغ عشق زعالم روم ... بيرون شدن زمعركة بى زخم عارماست
{ ومنهم } اى وبعضهم { من ينتظر } قضاء نذره لكونه موقتا كعثمان وطلحة وغيرهما فانه مستمرون على نذورهم وقد قضوا بعضها الباقى وهو القتال الى الموت شهيدا وفى وصفهم بالانتظار اشارة الى كمال اشتياقهم الى الشهادة
غافلان ازمرك مهلت خواستند ... عاشقان كفتند نىنى زود باد
وفى المثوى
دانة مردن مرا شيرين شدست ... بل هم احياء بى من آمدست
صدق جان دادن بودهين سابقوا ... ازنبى برخوان رجال صدقوا
اى بسا نفس شهيد معتمد ... مرده در دنيا وزنده مى رود
{ وما بدلوا } عطف على صدقوا وفاعله اى وما بدلوا عهدهم وما غيروه { تبديلا } مّا لا اصلا ولا وصفا بل ثبتوا عليه راغبين فيه مراعين لحقوقه على احسن ما يكون اما الذين قضوا فظاهر واما الباقون فيشهد به انتظارهم اصدق الشهادة روى ان طلحة رضى الله عنه ثبت مع رسول الله يوم احد يحميه حتى اصيبت يده وجرح اربعا وعشرين جراحة فقال عليه السلام « اوجب طلحة الجنة » وسماه النبى عليه السلام يومئذ طلحة الخير ويوم حنين طلحة الجود ويوم غزوة ذات العشيرة طلحة الفياض وقتل يوم الجمل . وفى الآية تعريض بارباب النفاق واصحاب مرض القلب فانهم ينقضون العهود ويبدّلون العقود
فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق زما اين قدر نمى آيد(11/26)
لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24)
{ ليجزى الله الصادقين بصدقهم } اى وقع جميع ما وقع ليجزى الله الصادقين بما صدر عنهم من الصدق والوفاء قولا وفعلا
قال فى كشف الاسرار فى الدنيا بالتمكين والنصرة على العدو واعلاء الراية وفى الآخرة بجميل الثواب وجزيل المآب والخلود فى النعيم المقيم والتقديم على الامثال بالتكريم والتعظيم { ويعذب المنافقين } بما صدر عنهم من الاقوال والاعمال المحكية { ان شاء } تعذيبهم اى ان لم يتوبوا فان الشرك لا يغفر البتة { او يتوب عليهم } اى يقبل توبتهم ان تابوا { ان الله كان غفورا } ستورا على من تاب محاء لما صدر منه { رحيما } منعما عليه بالجنة والثواب
قال بعضهم امارة الرجولية الصدق فى العهد وهو ان لا يعبد غيره تعالى من الدنيا والعقبى والدرجات العليا الى ان يصل الى حضرة العلى الاعلى . فمن الصادقين من بلغ مقصده ونال مقصده وهذا حال المنتهين . ومنهم من ينتظر البلوغ والوصول وهو فى السير وهذا حال المتوسطين بصدقهم فى الطلب وبقدم الصدق ينزلون عند ربهم ويعذب المنافقين ان شاء وهم مدعوا الطلب بغير قدم صدق بل بقدم كذب وتلبيس ورياء فهم فى زى اهل الخزقة ولباس القوم وفى سيرة اهل الرياء والنفاق كما قال بعضهم
اما الخيام فانها كخيامهم ... وارى نساء الحى غير نسائه
فلا بد من التوبة والصدق والثبات حتى تظهر الآثار من المغفرة والرحمة والهداية [ اى جوانمرد عنايت ازلى كوهر صادقانرا رنكى دهدكه هركه در ايشان نكرد اكر بيكانه بود آشنا كردد ورعاصى بود عارف كردد ور درويش بود توانكر كردد
ابراهيم ادهم قدس سره كفت وقتى كشش روم در باطن من سر برزد كفتم آياجه حالتست اين وازكحا افتاد اين كشش درباطن من همى سر درنهادم وزفتم تابدار الملك روم در سرايى شدم جمعى انبوه آنجا كرد آمد زنار هاى ايشان بديدم غيرت دين درمن كار كرد ييراهن از سر تاياى فرو دريدم ونعرة جند كشيدم آن روميان فراز آمدند وهمى برسيدندكه تراجه بود ورد توجه صفرا افتاد كفتم من اين زنار هاى شما نميتوانم ديد كفتند همانا تو از محمد يانى كفتم آرى من از محمد يانم كفتند كارى سهل است بما جنين رسيد كه سنك وخاك بنبوّت محمد كواهى ميداد واز روى جماديت اين زنار هارى ما حالت آن سنك وخاك دارد اكر باتو صدقى هست از خدا بخواه تا اين زنار هاى بنبوت محمد كواه دهند تاما در دائرة اسلام آييم ابراهيم سربر سجده نهاد ودر الله زاريد وكفت خداوندا بر من ببخشاى وحبيب خويش را نصرت كن ودين اسلام را قوى كن هنوز آن مناجات تمام ن كرده كه هر زنارى بزبان فصيح ميكفت لا اله الا محمد رسول الله ](11/27)
وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25)
{ ورد الله الذين كفروا } يعنى الاحزاب وهو رجوع الى حكاية بقية القصة اى وقع ما وقع من الحوادث ورد الله الذين كفروا حال كونهم ملتبسين { بغيظهم } وحسرتهم : يعنى [ خشمناك برفتند ] والغيظ اشد الغضب وهو الحرارة التى يجدها الانسان من ثوران دم قلبه { لم ينالوا خيرا } حال من حال اى حال كونهم لم يصيبوا ما ارادوا من الغلبة وسماها خيرا لان ذلك كان عندهم خيرا فجاء على استعمال وزعمهم { وكفى الله المؤمنين القتال } بما ذكر من ارسال الريح الشديدة والملائكة
باد صبا ببست ميان نصرت ترا ... ديدى جزاغ راكه كند باد يا ورى
{ وكان الله قويا } على احداث كل ما يريده { عزيزا } غالبا على كل شئ ثم اخبر بالكفاية الاخرى(11/28)
وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26)
{ وانزل الذين ظاهروهم } اى عاونوا الاحزاب المردودة على رسول الله والمسلمين حين نقضوا العهد { من اهل الكتاب } وهم بنوا قريظة قوم من اليهود بالمدينة من خلفاء الاوس وسيد الاوس حينئذ سعد بن معاذ رضى الله عنه { من صياصيهم } من حصونهم جمع صيصة بالكسر وهى ما يتحصن به ولذلك يقال لقرن الثور والظبى وشوكة الديك وهى فى مخلبته التى فى ساقه لانه يتحصن بها ويقاتل { وقذف } رمة والقى { فى قلوبهم الرعب } اى الخوف والفزع بحيث سلموا انفسهم للقتل واهليهم واودلاهم للاسر حسبما ينطق به قوله تعالى { فريقا تقتلون } يعنى رجالهم { وتأسرون فريقا } يعنى نساءهم وصبيانهم من غير ان يكون من جهتهم حركة فضلا عن المخالفة والاسر الشد بالقيد وسمى الاسير بذلك ثم قيل لكل مأخوذ مقيد وان لم يكن مشدودا ذلك(11/29)
وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27)
{ وأورثكم } [ وميراث داد شمارا ] { ارضهم } مزارعهم وحدائقهم { وديارهم } حصونهم وبيوتهم { واموالهم } نقودهم واثاثهم ومواشيهم شبهت فى بقائها على المسلمين بالميراث الباقى على الوارثين اذ ليسوا فى الشئ منهم من قرابة ولادين ولا ولاء فاهلكهم الله على ايديهم وجعل املاكهم واموالهم غنائم لهم باقية عليهم كالمال الباقى على الوارث { وارضا } [ وشمارا داد زمينى راكه ] يعنى فى علمه وتقديره { لم تطؤها } باقدامكم بعد كفارس والروم وما ستفتح الى يوم القيامة من الاراضى والممالك من وطئ يطأ وطئا : وبالفارسية [ بياى سيردن ] { وكان الله على كل شئ قديرا } فقد شاهدتم بعض مقدوراته من ايراث الارض التى تسلتموها فقيسوا عليها ما بعدها
قال الكاشقى [ بس قادر باشد بر فتح بلاد وتسخير آن براى ملازمان سيد عباد
لشكر عزم ترا فتح وظفر همراهست ... لا جرم هر نفس اقليم دكر مى كيرى
روى انه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق وكان وقت الظهيرة وصلى الظهر ودخل بيت زينب وقد غسلت شق رأسه الشريف اتى جبريل عليه السلام على فرسه حيزوم معتجرا بعمامة سوداء فقال أوقد وضعت السلاح يا رسول الله قال نعم قال جبريل ما وضعت ملائكة الله السلاح منذ نزل بك العدو ان الله يأمرك بالمسير الى بنى قريظة فانى عاند اليهم بمن معى من الملائكة فمزلزل بهم الحصون وداقهم دق البيض على الصفا فادبر بمن معه وسار حتى سطع الغبار فامر عليه السلام بلالا رضى الله عنه فاذن فى الناس من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر الا فى بنى قريظة وقد لبس عليه السلام الدرع والمغفر واخذ قناة بيده الشريفة وتقلد السيف وركب فرسه اللحيف بالضم والناس حوله قد لبسوا السلاح وهم ثلاثة آلاف واستعمل على المدينة ابن ام مكتوم رضى الله عنه ودفع اللواء الى على رضى الله عنه وكان اللواء على حاله لم يحل من مرجعه من الخندق وارسله متقدما مع بعض الاصحاب ومر عليه السلام بنفر من بنى النجار قد لبسوا السلاح فقال هل مرّ بكم احد قالوا نعم دحية الكلبى رضى الله عنه وامرنا بحمل السلاح وقال لنا رسول الله يطلع عليكم الآن فقال ذلك جبريل فلما دنا على رضى الله من الحصون وغرز اللواء عند اصل الحصون سمع من بنى قريظة مقالة قبيحة فى حقه عليه السلام وحق ازواجه فسكت المسلمون وقالوا السيف بيننا وبينكم فلما رأى على رضى الله عنه رسول الله مقبلا امر قتادة الانصارى ان يلزم اللواء ورجع اليه عليه السلام فقال يا رسول الله لا عليك ان لا تدنو من هؤلاء الاخابث قال لعلك سمعت منهم لى اذى قال لو رأونى لم يقولوا من ذلك شيأ فلما دنا من حصونهم قال يا اخوان القردة والخنازير لان اليهود مسخ شبانهم قردة وشيوههم خنازير فى زمن داود عليه السلام عند اعتدائهم يوم السبت بصيد السمك اخزاكم الله وانزل بكم نقمته أتشتموننى فجعلوا يحلفون ويقولون ما قلنا يا ابا القاسم ما كنت فحاشا : يعنى [ توفحاش نبودى وهركز ناسزا نكفتى جونست كه امروز مارا ميكويى ] ثم ان جماعة من الصحابة شغلهم ما لم يكن منه بد عن المسير لبنى قريظة ليصلوا بها العصر فاخروا صلاة العصر الى ان جاؤا بعد العشاء الاخيرة فصلوها هناك امتثالا لقوله عليه السلام(11/30)
« لا يصلين العصر الا فى بنى قريظة » وقال بعضهم نصلى ما يريد رسول الله منا ان ندع الصلاة ونخرجها عن وقتها وانما اراد الحث على الاسراع فصلوها ما يريد رسول الله منا ان ندع الصلاة ونخرجها عن وقتها وانما اراد الحث على الاسراع فصلوها فى اماكنهم ثم ساروا فما عابهم الله فى كتابه ولا عنفهم رسول الله لقيام عذرهم فى التسمك بظاهر الامر فكل من الفريقين متأول ومأجور بقصده وهو دليل على ان كل مختلفين فى الفروع من المجتهدين مصيب . ومن هنا اخذ الصوفية ما ذكروا فى آداب الطريقة ان الشيخ المرشد اذا ارسل المريد لحاجة فمر فى الطريق بمسجد وقد حضرت الصلاة فانه يقدم السعى للحاجة اهتماما لا تهاونا بالصلاة . وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى قريظة خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف الله فى قلوبهم الخوف الشديد وكان حيى ابن اخطب سيد بنى النضير دخل مع بنى قريظة حصنهم حين رجعت الاحزاب فلما ايقنوا ان رسول الله غير منصرف حتى يقاتلهم قال كبيرهم كعب بن اسد يا معشر اليهود نتابع هذا الرجل ونصدقه فوالله لقد تبين لكم انه النبى الذى تجدونه فى كتابكم وان المدينة دار هجرته وما معنى من الدخول معه الا الحسد للعرب حيث لم يكن من بنى اسرائيل ولقد كنت كارها لنقض العهد ولم يكن البلاء والشؤم الا من هذا الجالس يعنى حيى بن اخطب فقالوا لا نفارق حكم التوراة ابدا ولا نستبدل به غيره اى القرآن فقال ان ابيتم على هذه الخصلة فهلموا فلنقتل ابناءنا ونساءنا ثم نخرج الى محمد واصحابه رجالا مصلتين السيوف حتى لا نترك وراءنا نسلا يخشى عليه ان هلكنا فقالوا نقتل هؤلاء المساكين فما خير العيش بعدهم ان لم نهلك فقال فان ابيتم الليلة ليلة السبت وان محمدا واصحابه قد آمنوا فيها فانزل لعلنا نصيب منهم غفلة فقالوا نفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يحدث فيه من كان قبلنا فقال لهم عمرو بن سعدى فان ابيتم فاثبتوا على اليهودية واعطوا الجزية فقالوا نحن لا نقر للعرب بخرّاج فى رقابتنا يأخذونه القتل خير من ذلك ثم قال لهم رسول الله تنزلون على حكمى فابوا فقال على حكم سعد بن معاذ سيد الاوس فرضوا به وعاهدوا على ان لا يخرجوا من حكمه فارسل عليه السلام فى طلبه وكان جريحا فى وقعى الخندق فجاء راكب حمار وكان رجلا جسيما فقال عليه السلام(11/31)
« قوموا الى سيدكم » فقام الانصار فانزلوه وبه ثبت الاستقبال للقادم فحكم بقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم ونسائهم فكبر النبى عليه السلام وقال « لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة ارقعة » اى السموات السبع والمراد ان شأن هذا الحكم العلو والرفعة ثم استزلهم وامر بان يجمع ما وجد فى حصونهم فوجدوا فيها الا وخمسمائة سيف وثلاثمائة درع والفى رمح وخمسمائة ترس واثاثا واوانى كثيرة وجمالا ومواشى وشياها وغيرها وخمس ذلك وجعل عقارهم للمهاجرين دون الانصار لانه كان لهم منازل فرضى الكل بما صنع الله ورسوله وامر بالمتاع ان يحمل وترك المواشى هناك ترعى الشجر ثم غدا الى المدينة فامر بالاسارى وكانوا ستمائة مقاتل او اكثر ان يكونوا فى دار اسامة بن زيد رضى الله عنه والنساء والذرية وكانت سبعمائة فى دار ابنة الحارث النجارية لان تلك الدار كانت معدودة لنزول الوفود من العرب ثم خرج الى سوق المدينة فامر بالخندق فحفروا فيه حفائر فضرب اعناق الرجال والقوا فى تلك الخنادق وردوا عليهم التراب وكان المتولى لقتلهم علينا والزبير ولم يقتل من نسائهم الابنانة كانت طرحت رحى على خلاد بن سويد رضى الله عنه تحت الحصن فقتلته ولم يستشهد فى هذه الغزوة الاخلاد قال عليه السلام « له اجر شهيدين » ثم بعث رسول الله سعد بن زيد الانصارى بسبايا بنى قريظة الى نجد فابتاع لهم بها خيلا وسلاحا قسمها رسول الله على المسلمين ونهى عليه السلام ان يفرق بين ام وولدها حتى يبلغ اى تحيض الجارية ويحتلم الغلام وقال « من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين احبته يوم القيامة » واصطفى عليه السلام لنفسه منهم ريحانة بنت شمعون وكانت جميلة واسلمت فاعتقها رسول الله وتزوجها ولم تزل عنده حتى ماتت مرجعه من حجة الوداع سنة عشر فدفنها بالبقيع وكانت هذه الوقعة فى آخر ذى القعدة سنة خمسين من الهجرة
وفى الآية اشارة الى انه كما ان بنى قريظة اعانوا المشركين على المسلمين فهلكوا فكذلك العلماء المداهنون اعانوا النفس والشيطان والدنيا على القلوب وافتوا بالرخص لا رباب الطلب وفتروهم عن التجريد والمجاهدة وترك الدنيا والعزلة والانقطاع وقالوا هذه رهبانية وليست من ديننا وتمسكوا بآيات واخبار لها ظاهر وباطن فأخذوها بظاهرها وضيعوا باطنها فآمنوا ببعض هو على وفق طباعهم وكفروا بعض هوعلى خلاف طباعهم اولئك اعوان النفوس والشياطين والدنيا فمن قاربهم هلك كما هلكوا فى وادى المساعدات ونعوذ بالله من المخالفات وترك الرياضيات والمجاهدات : وفى المثنوى
اندرين ره مى تراش ومى خراش ... تادمى آخر دمى فارغ مباش
فان البطالة لا تثمر الا الحرمان والجد بفتح ابواب المراد من أى نوع كان(11/32)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28)
{ يا ايها النبى } الرفيع الشان المخبر عن الله الرحمن
قال الكاشفى [ ارباب سر برانند كه سال تاسع ازهجرت سيد عالم عليه السلام ازازواج طاهرات عزلت نمود وسوكند خورد كه يك ماه با ايشان مخالطت نكند وسبب آن بود كه ازان حضرت ثياب زينت وزيادت نفقه ميطلبيد ند واورا رنجه داشتند بسبب غيرت جنانكه عادت زنان ضرائر بود فخر عالم ملول وغمناك كشته بغرفة در مسجد كه خزانة وى بود تشريف فرمود بعد ازبيست ونه روز كه آن ماه بدان عدد تمام شدة بود جبرائيل عليه السلام آيت تخيير فرود آورد كه ] { يا ايها النبى } { قل } امر وجوب فى تخييرهن وهو من خصائصه عليه السلام { لازواجك } نسائك وهو يومئذ تسع نسوة خمس من قريش عائشة بنت ابى بكر وحفصة بنت عمر وام حبيبة واسمها رملة بنت ابى سفيان وام سلمة واسمها هند بنت ابى امية المخزومية وسودة بنت زمعة العامرية واربع من غير قريش زينب بنت جحش الاسدية وميمونة بنت الحارث الهلالية وصفية بنت حيى بن اخطب الخيبرية الهارونية وحجويرية بنت الحارث الخزاعية المصطلقية وكانت هذه بعد وفاة خديجة رضى الله عنها { ان كنتن تردن الحياة الدنيا } اى السعة والتنعيم فيها { وزينتها } [ وآرايش جون ثياب فاخره وييرايها بتكليف ] { فتعالين } اصل تعالى ان يقوله من فى المكان المرتفع لمن فى المكان المنخفض ثم كثر حتى استوت فى استعماله الامكنة ولم يرد حقيقة الاقبال والمجيئ بل أراد اجبن على ما اعرض عليكن واقبلن بارادتكن واختياركن لاحدى الخصلتين كما يقال اقبل يكلمنى وذهب يخاصمى وقام يهددنى { امتعكن } بالجزم جوابا للامر : والتمتيع بالفارسية [ برخوردارى دادن ] اى اعطكن المتعة : وبالفارسية [ بس بياييد كه بدهم شمارا متعة طلاق جنانجه مطلقه را دهند ] سوى المهر واصل المتعة والمتاع ما ينتفع به انتفاعا قليلا غير باق بل ينقضى عن قريب ويسمى التلذذ تمتعا لذلك وهى درع وهو ما يستر البدن وملحفة وهى ما يستر المرأة عند خروجها من البيت وخمار وهو ما يستر الرأس وهى واجبه عند ابى حنيفة رضى الله عنه فى المطلقة التى لم يدخل بها ولم يسم لها مهر عند العقد ومستحبة فيما عداها والحكمة فى ايجاب المتعة جبر لما اوحشها الزوج بالطلاق فيعطيها لتنتفع بها مدة عدتها ويعتبر ذلك بحسب السعة والاقتار الا ان يكون نصف مهرها اقل من ذلك فحينئذ يجب لها الاقل منه ولا ينقص عن خمسة دراهم لان اقل المهر عشرة فلا ينقص عن نصفها { واسرحكن } السرح شجر له ثمرة واصله سرحت الابل ان ترعيها السرح ثم جعل لكل ارسال فى الرعى والتسريح فى الطلاق مستعار من تسريح الابل كالطلاق فى كونه مستعارا من طلاق الابل وصريح اللفظ الذى يقع به الطلاق من غيرنية وهو لفظ الطلاق عند ابى حنيفة واحمد والطلاق والفراق والسراح عند الشافعى ومالك والمعنى اطلقكن { سراحا جميلا } طلاقا من غير ضرار وبدعة(11/33)
واتفق الائمة على ان السنة فى الطلاق ان يطلقها واحدة فى طهر لم يصبها فى ثم يدعها حتى تنقضى عدتها وان طلق المدخول بها فى حيضها او طهر اصابها فيه وهى ممن تحبل فهو طلاق بدعة محرم ويقع بالاتفاق وجمع الثلاثة بدعة عند ابى حنيفة ومالك وقال احمد هو محرم خلافا للشافعى ويقع بلا خلاف بينهم
واعلم ان الشارع انما كره الطلاق ندبا الى الالفة وانتظام الشمل ولما علم الله ان الافتراق لا بد منه لكل مجموع مولف لحقيقة خفيت عن اكثر الناس شرع الطلاق رحمة لعباده ليكونوا مأجورين فى أفعالهم محمودين غير مذمومين ارغاما للشيطان فانهم فى ذلك تحت اذن الهى وانما كان الطلاق ابغض الحلال الى الله تعالى لانه رجوع الى العدم اذ بأئتلاف الطبائع ظهر وجود التركيب وبعد الائتلاف كان العدم فمن اجل هذه الرائحة كرهت الفرقة بين الزوجين لعدم عين الاجتماع كذا فى الفتوحاتز وتقديم التمتيع على التسريح من باب الكرم وفيه قطع لمعاذيرهن من اول الامر(11/34)
وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)
{ وان كنتن تردن الله ورسوله } اى تردن رسوله وصحبته روضاه وذكر الله للايذان بجلالته عليه السلام عنده تعالى { والدار الآخرة } اى نعيمها الذى لا قدر عنده للدنيا وما فيها جميعا { فان الله اعد للمحسنات } [ مرزنان نيكو كارانرا ] { منكن } بمقابلة احسانهن ومن للتبين لان كلهن محسنات اصلح نساء العالمين ولم يقل لكن اعلاما بان كل الاحسان فى ايثار مرضاة الله ورسوله على مرضاة انفسهن { اجرا عظيما } لا يعرف كنهه وغايته وهو السر فيما ذكر من تقديم التمتيع على التسريح وفى وصف التسريح بالجميل ولما نزلت هذه الآية بدأ عليه السلام بعائشة رضى الله عنها وكانت احب ازواجه اليه وقرأها عليها وخيرها فاختارت الله ورسوله وروى انه قول لعائشة رضى الله عنها انى ذا كرلك امرا احب ان لا تعجلى حتى تستأمرى ابويك تشاورى لما علم ان ابويها لا يأمر انها بفراقة عليه السلام قالت وما هو يا رسول الله فتلا عليها الآية فقالت أفى هذا استأمر ابوى بل اختار الله ورسوله قالت وما هو يا رسول الله فتلا عليها الاية فقالت أفى هذا استأمر ابوى بل اختار الله ورسوله والدار الآخرة [ رسول را اين سخن ازو عجب آمد وبدان شاد شد واثر شادى بربشرة مبارك وى ييدا آمد ]
ثم اختارت الباقيات اختيارها فلما آثرنه عليه السلام والنعيم الباقى على الفانى شكر الله لهن ذلك وحرم على النبى التزوج بغيرهن فقال { لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج } الآية كما سيأتى
واختلف فى ان هذا التخيير هل كان تفويض الطلاق اليهن حتى يقع الطلاق باختيارهن او كان تخييرا لهن بين الارادتين على انهن ان اردن الدنيا فارقهن عليه السلام كما ينبئ عنه قوله { فتعالين } الخ فذهب البعضى الى الاول وقالوا لو اخترن انفسهن كان ذلك طلاقا ولذا اختلف فى حكم التخيير فانه اذا خير رجل امرأته فاختارت نفسها فى ذلك المجلس قبل القيام او الاشتغال بما يدل على الاعراض بان تقول اخترت نفسى وقعت طلقة بائنة عند ابى حنيفة ورجعية عند الشافعى وثلاث تطليقات عند مالك ولو اختارت زوجها لا يقع شئ اصلا وكذا اذا قامت من مجلسها قبل ان تختار نفسها انقطع التخيير باتفاقهم
واختلفوا فيما اذا قال امرك بيدك فقال ابو حنيفة اذا قال امرك بيدك فى تطليقة فاختارت نفسها يقع طلقة رجعية وان نوى الثلاث صح فلو قالت اخترت واحدة فهى ثلاث وهو كالتخيير يتوقف على المجلس
وفى الآية اشارتان
الاولى ان حب الدنيا وزينتها موجب للمفارقة عند صحبة النبى عليه السلام لازواجه مع انهن محال النطفة الانسانية فىعالم الصورة ليعلم ان حب الدنيا وزينتها آكد فى ايجاب المفارقة عن صحبة النبى عليه السلام لامته لان ارحام قلوبهم محل النطفة الروحانية الربانية فينبغى ان يكون اطيب وازكى لاستحقاق تلك النطفة الشريفة فان الطيبات للطيبين(11/35)
خاطرت كى رقم فيض بذيرد هيهات ... مكر اين نقش برا كنده ورق ساده كنى
والثانية ان محبة الله ورسوله والدار الآخرة موجبة للاتصال بالنبى عليه السلام والوصلة الى الله ان كانت خالصة لوجه الله فان كانت مشوبة بنعيم الجنة فله نعيم الجنة بقدر شوب محبة الله محبة نعيم وله من الاجر العظيم بحسب محبة الله
فان قال قائل قد تحقق ان محبة الله اذا كانت مشوبة بمحبة غير الله توجب النقص من الاجر العظيم بقدر شوب محبة غير الله فكذلك هل يوجب النقص شوب محبة النبى عليه السلام من الاجر العظيم
قلنا لا توجب النقص من الاجر العظيم بل تزيد فيه لان من احب النبى عليه السلام فقد احب الله كما ان من يطع الرسول فقد اطاع الله والفرق بين محبة النبى ومحبة الجنة ان محبته بالحق دون الحظ ومحبة الجنة النبى ومتابعت مؤدية الى محبة الله للعبد كقوله تعالى { قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله } قال المولى الجامى
لى حبيب عربى مدنى قرشى ... كه بود در غمش ماية شادى وخوشى
فهم رازش نكنم او عربى من عجمى ... لاف مهرش جه زنم او قرشى من حبشى
ذره وارم بهوا دارئ او رقص كنان ... تاشد او شهرة آفاق بخور رشيد وشى
كرجه صد مرحله دورست زييش نظرم ... وجهه فى نظرى كل غداة وعشى(11/36)
يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)
{ يا نساء النبى } توجيه الخطاب اليهن لاظهار الاعتناء بنصحهن ونداؤهن ههنا وفيما بعده بالاضافة اليه عليه السلام لانها التى يدور عليها ما يرد عليهن من الاحكام { من يأت منكن بفاحشة } بسيئة بليغة فى القبح وهى الكبيرة : وبالفارسية [ هركه بياديد ازشما بكارى ن بسنديده ] { مبينة } ظاهرة القبح من بين بمعنى تببن قيل هذا كقوله تعالى { لئن اشركت ليحبطن عملك } لا ان منهن من اتت بفاحشة اى معصية ظاهرة
قال ابن عباس رضى الله عنهما يعنى النشوز وسوء الخلق
قال الراغب الفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والاقوال انتهى
يقول الفقير لعل وحه قول ابن عباس رض الله عنهما ان الزلة منهن كسوء الخلق مما يعد فاحشة بالنسبة اليهن لشرفهن وعلو مقامهن خصوصا اذا حصل بها اذية النبى صلى الله عليه وسلم ولذا قال { يضاعف لها العذاب ضعفين } اى يعذبن ضعفى عذاب غيرهن اي مثليه { وكان ذلك } اى تضعيف العذاب { على الله يسيرا } لا يمنعه عنه كونهن نساء النبى بل يدعوه اليه لمراعاة حقه
قال فى الاسئلة المقحمة ما وجه تضعيف العذاب لزوجات النبى عليه السلام الجواب لما كان فنون نعم الله عليهن اكثر وعيون فوائده لديهن اظهر من الاكتحال بميمون غرّة النبى عليه السلام وترداد الوحى الى حجراتهن بانزال الملائكة فلا جرم كانت عقوبتهن عند مخالفة الامر من اعظم الامور وافخمها ولهذا قيل ان عقوبة من عصى الله تعالى عن العلم اكثر من عقوبة من يعصيه عن الجهل وعلى هذا ابدا . وحد الحر اعظم من حد العبد وحد المحصن اعظم من حد غير المحصن لهذه الحقيقة انتهى .
وعوتب الانبياء بما لا يعاتب به الامم
والحاصل ان الذنب يعظم بعظم جانيه وزيادة قبحه تابعة لزيادة شرف المذنب والنعمة فلما كانت الازواج المطهرة امهات المؤمنين واشراف نساء العالمين كان الذنب منهن اقبح على تقدير صدوره وعقوبة الاقبح اشد واضعف : وفى المثنوى
آنجه عين لطف باشد برعوام ... قهر شد برعشق كيشان كرام
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الثواب والعقاب بقدر نفاسة النفس وخستها يزيد وينقص وان زيادة العقوبة على الجرم من امارات الفضيلة كحد الحر والعبد وتقليل ذلك من امارات النقص
وذلك لان اهل السعادة على صنفين . صنف منهم السعيد والآخر الاسعد فالسعيد من اهل الجنة والاسعد من اهل الله فاذا صدر من السعيد طاعة فاعطى بها اجرا واحد من الجنة وان صدر منه معصية فاعطى بها عذابا واحدا من الجحيم واذا صدر من الاسعد طاعة فاعطى اجره مرتين وذلك بان يزيد له بها درجة فى الجنة ومرتبة فى القرية وان صدر منه معصية يضاعف له العذاب ضعفين بنقص فى درجة من الجنة ونقص فى مرتبته من القربة او عذاب من ألم مس النار وعذاب من ألم مس البعد وذل الحجاب ومن هنا دعاء السرىّ السقطى قدس سره اللهم ان كنت تعذبنى بشئ فلا تعذبنى بذل الحجاب وكان ذلك على الله يسيرا ان يضاعف لهم العذاب ضعفين بخلاف الخلق لان تضعيف العذاب فى حقهم ليس بيسير لانهم يتبعون به ويعسر عليهم ذلك انتهى عصمنا الله واياكم من العذاب فى حقهم ليس بيسير لانهم يتبعون به ويعسر عليهم ذلك انتهى عصمنا الله واياكم من العذاب وشرفنا بجزيل الثواب .(11/37)
ومن اسباب العذاب والتنزل عدم التوكل وترك القناعة بالواصل والسعى بلا حاصل
قال عبد الواحد بن زيد سألت الله تعالى ثلاث ليال ان يرينى رفيقى فى الجنة فقيل لى يا عبد الواحد رفيقك فى الجنة ميمونة السوداء فقلت واين هى فقيل لى فى بنى فلان بالكوفة فخرجت فاذا هى قائمة تصلى واذا بين يديها عكاز وعليها جبة صوف مكتوب عليها لاتباع ولا تشترى واذا الغنم مع الذئاب ترعى فلا الذئاب تأكل الغنم ولا الغنم تخاف الذئاب فلما رأتنى او جزت فى صلاتها ثم قالت ارجع يا ابن زيد ليس الموعد ههنا انما الموعد ثمة فقلت رحمك الله من اعلمك انى ابن زيد فقالت ان الارواح جنود مجندة فما تعارف منها اختلف فقلت لها عظينى فقالت واعجبا لواعظ يوعظ بلغنى انه ما من عبد اعطى من الدنيا شيأ فابتغى اليه ثانيا الا سلبه الله حب الخلوة معه وبدله بعد القرب بعدا وبعد الانس وحشة ولهذا السر وعظ الله الارواح المطهرة فى القرآن وذلك من فضله : قال الصائب
تازخاك باى درويشى توانى سرمه كرد خاك در جشمت اكر درباد شاهى بنكرى
يعنى ان جلاء البصر فى الفقر والقناعة وترك زينة الدنيا لا فى الدولة والسلطنة والنعيم الفانى فان الدنيا كدر بما فيها
فعلى العاقل تخفيف الاثقال والاوزار وتكميل التجرد الى آخر جزء من عمره السيار(11/38)
وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31)
{ ومن يقنت منكن } ومن تدم على الطاعة : وبالفارسية [ وهركه مداومت كندبر طاعت از شماكه ازواج ييغمبر يد ]
قال الراغب القنوت لزوم الطاعة مع الخضوع { لله ورسوله } [ مرخدا ورسول اورا ] { مرتين } مرة على الطاعة والتقوى واخرى على طلبها رضى رسول الله بالقناعة وحسن المعاشرة
قال مقاتل بحسنة عشرين { واعتدنا لها } فى الجنة زيادة على اجرها المضاعف . والاعتاد التهيئة من العتاد وهو العدة
قال الراغب الاعتاد ادّخار الشئ قبل الحاجة اليه كالاعداد وقيل اصله اعددنا فابدلت تاء { رزقا كريما } اى الكريم مرضيا
قال فى المفردات كل شئ يشرف فى بابه فانه كريم وفيه اشارة الى ان الرزق الكريم فى الحقيقة هو نعيم الجنة فمن اراده يترك التنعم فى الدنيا قال عليه السلام لمعاذ رضى الله عنه « اياك والتنعيم فان عباد الله ليسوا بمتنعمين » يعنى ان عباد الله الخلص لا يرضون نعيم الدنيا بدل نعيم الآخرة فان نعيم الدنيا فان
شنيدم كه جمشيد فرخ شرشت ... بسر جشمة بربسنكى نبشت
برين جشمه جون ما بسى دم زدند ... برفتند جون جشم برهم زدند
وفى الآية اشارة الى ان الطاعة والعمل الخالص من غير شوب بطمع الجنة ونحوها يوجب اجرا بمزيد فى القربة وبتبعيتها يوجب اجرا آخر فى درجات الجنة والعمل بالنفس يزيد فى وجودها واما العمل وفق اشارة المرشد ودلالة الانبياء والاولياء فيخلصها من الوجود وعلامة الخلاص من الوجود العمل بالحضور والتوجه التام لا بالانقلاب والاضطراب ألا ترى ان بعض المريدين دخل التنور اتباعا لامر شيخه ابى سليمان الدارانى رحمه الله فلم يحترق منه شئ وكيف يحترق ولم يبق منه سوى الاسم من الوجود وهذا هو الشهود وهو الرزق الكريم فان الكريم هو الله فيرزق المخلص من المشاهدات الربانية والمكاشفات والمكالمات مزيدا على القربة وهذا معنى قوله تعالى { وان تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه اجرا عظيما } الا ترى ان ابراهيم الخليل عليه السلام لم يحترق فى نار النمرود بل وجد الرزق الكريم من الله الودود لان كل نعيم ظاهرى لاهل الله فانما ينعكس من نعيم باطنى لهم وحقيقة الاجر انما تعطى فى النشأة الآخرة لان هذه النشأة لا تسعها لضيقها نسأل الله القنوت والعمل ونستعيذ به من الفتور والكسل فان الكسل يورث الغفلة والحجاب كما ن العمل يورث الشهود وارتفاع النقاب فان التجليات الوجودية مظاهر التجليات الشهودية ومنه يعرف سر قوله عليه السلام « دم على الطهارة يوسع عليك الرزق » فكما ان الطهارة الصورية تجلب بخاصيتها الرزق الصورى فكذا الطهارة المعنوية تجذب بمقتضاها الرزق المعنوى فيحصل لكل من الجسم والروح غذاؤه ويظهر سر الحياة الباقية فان اذواق الروح لا نهاية لها لا فى الدنيا ولا فى الآخرة : وفى المثنوى
اين زمين وسختيان بردست وبس ... اصل روزى از خدا دان هرنفس
رزق ازوى جو مجو از زيد وعمرو ... مستى ازوى جو مجو اتز بنك وخمر
منعمى زوخواه نى از كنج ومال ... نصرت ازوى خواه نى ازعم وخال
اللهم اجعلنا من خلص العباد وثبت اقدامنا فى طريق الرشاد بحق النون والصاد(11/39)
يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32)
{ يا نساء النبى } [ اى زنان ييغمبر ] { لستن كاحد من النساء } [ نيستيد شما جون هيج كس اززنان ديكر ]
واصل احد وحد بمعنى الواحد قلبت واوه همزة على خلاف القياس ثم وضع فى النفى العام مستويا فيه المذكر والمؤنث والواحد والكثير . والمعنى لستن كجماعة واحدة من جماعات النساء فى الفضل والشرف بسبب صحبة النبى عليه السلام فان المضاف الى الشريف شريف { ان اتقيتن } مخالفة حكم الله ورضى رسوله وهو استئناف والكلام تام على احد من النساء ويحتمل ان يكون شرطا لخير يتهن وبيانا ان فضيلتهن انما تكون بالتقوى لا باتصالهن بالنبى عليه السلام
زهد وتقوى فضل را محراب شد ... { فلا تخضعن بالقول } عند مخاطبة الناس اى لا تجبن بقولكن خاضعا لينا مثل قول المطمعات : وبالفارسية [ بس نرمى وفروتنى مكنيد در سخن كفتن ونياز مكوييد بامردان بيكانه ]
والخضوع التطامن والتواضع والسكون والمرأة مندوبة الى الغلظة فى المقالة اذا خاطبت الاجانب لقطع الاطماع فاذا اتى الرجل باب انسان وهو غائب فلا يجوز للمرأة ان تلين بالقول معه وترفق الكلام له فانه يهيج الشهوة ويورث الطمع كما قال { فيطمع الذى فى قلبه مرض } اى محبة فجور { وقلن قولا معروفا } بعيدا من التهمة والاطماع بجد وخشونة لا بتكسر وتغنج كما يفعله المخنث فالزنى من اسباب الهلاك المعنوى كالمرض من اسباب الهلاك الصورى وسببه الملاينة والمطاوعة
هست نرمى آفت جان سمور ... وزدرشتى ميبردجان خاريشت
وفى الآية اشارة الى ان احوال ارباب القلوب الذين اسلموا ارحام قلوبهم لتصرفات ولاية المشايخ ليست كاحوال غيرهم من الخلق فالمتقى بالله من غيره لا يخضع لشئ من الدارين فان الخضوع بالقول يجذب الى الخضوع بالقلب والعمل وكثير من الصادقين يخضعون بالقول لارباب الدنيا والاعمال الدنيوية لصلاح الآخرة ومصالح الدين بزعمهم فبالتدريج يقعون فى ورطة الهلاك ويرجعون القهقرى الى الدنيا ويستغرقون فى بحر الفضلات لضعف الخالات فلا بد من ترك المساعدات وترك الشروع فى شئ من احوال الدنيا واعمالها الا بالمعروف والا فيكون مغلوبا بالمنكرات فنعوذ بالله من المخالفات(11/40)
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)
{ وقرن } [ وآرام كيريد ] { فى بيوتكن } [ درخانهاى خويش ]
قرأ نافع وعاصم وابو جعفر بفتح القاف فى المضارع من باب علم واصله اقررن نقلت حركة الراء الى القاف وحذفت لالتقاء الساكنين ثم حذفت همزة الوصل استغناء عنها فصار قرن ووزنه الحالى فلن والاصل افعلن والباقون بكسرها لما انه امر من وقر يقر وقارا اذا ثبت وسكن واصله او قرن فحذفت الواو تخفيفا ثم الهمزة استغناء عنها فصار قرن ووزنه الحالى فلن . والمعنى الزمن يا نساء النبى بيوتكن واثبتن فى مساكنكن . والخطاب وان كان لنساء النبى فقد دخل فيه غيرهن روى ان سودة بنت زمعة رضى الله عنها من الازواج المطهرة ما خطت باب حجرتها لصلاة ولا لحج ولا لعمرة حتى اخرجت جنازتها من بيتها فى زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقيل لها لم لا تحجبين ولا تعتمرين فقالت قيل لنا { وقرن فى بيوتكن }
زبيكانكان جشم زن كور باد ... جوبيرون شد ازخانه در كورباد
وفى الخبر ( خير مساجد النساء قعر بيوتهن ) { ولا تبرجن }
قال الراغب يقال ثوب متبرج صور عليه بروج واعتبر الحسنة فيكون المعنى [ اظهار بيرايها مكنيد ] ويدل عليه قوله فى تهذيب المصادر [ التبرج : بزن خويشتن را بيار استن ] قال تعالى { ولا تبرجن } واصل التبرج صعود البرج وذلك ان من صعد البرج ظهر لمن نظر اليه قاله ابوعلى انتهى
وقيل تبرجت المرأة ظهرت من برجها اى قصرها ويدل على ذلك قوله ولا تبرجن كما فى المفردات
وقال بعضهم ولا تتبخترن فى مشيكن { تبرج الجاهلية الاولى } اى تبرجا مثل تبرج النساء فى ايام الجاهلية القديمة وهى ما بين آدم ونوح وكان بين موت آدم وطوفان نوح الف ومائتا سنة واثنتان وسبعون سنة كما فى التكملة . والجاهلية الاخرى ما بين محمد وعيسى عليهما السلام
قال ابن الملك الجاهلية الزمان الذى كان قبل بعثته عليه السلام قريبا منها سمى به لكثرة الجهالة انتهى روى ان بطنين من ولد آدم سكن احدهما السهل والآخر الجبل وكان رجال الجبل صباحا وفى نسائهم دمامة والسهل بالعكس فجاء ابليس وآجر نفسه من رجل سهلى وكان يخدمه فاتخذ يستمعون اليه واتخذوا عيدا يجتمعون اليه فى السنة فتبرج النساء للرجال وتزينوا لهن فهجم رجل من اهل الجبل عليهم فى عيدهم فرأى النساء وصباحتهن فاخبر اصحابه فتحولوا اليهم فنزلوا معهم وظهرت الفاحشة فيهن فذلك قوله { ولا تبرجن } الخ وذلك بعد زمان ادريس
قال الكاشفى [ اصح آنست كه جاهليت اولى درزمان حضرت ابراهيم عليه السلام بودكه زنان لباسها بمرواريد بافته بوشيده خودرا درميان طريق بمردان عرض كردندى ]
وقيل الجاهلية الاخرى قوم يفعلون مثل فعلهم فى آخر الزمان .(11/41)
وفى الحديث « صنفان من اهل النار لم ارهما بعد » يعنى فى ايديهم سياط ( كأذناب البقر يضربون بها الناس ) جمع سوط تسمى تلك السياط فى ديار العرب بالمقارع جمع مقرعة وهى جلد طرفها مشدود عرضه كعرض الاصبع الوسطى يضربون بها السارقين عراة وقيل هم الطوافون على ابواب الظلمة كالكلاب يطردون الناس عنها بالضرب والسباب { ونساء } يعنى ثانيهما نساء ( كاسيات ) يعنى فى الحقيقة ( عاريات ) يعنى فى المعنى لانهن يلبسن رقاقا نصف ما تحتها او معناه عاريات من لباس التقوى وهن اللاتى يلقين ملاحفهن من ورائهن فتنكشف صدورهن كنساء زماننا . او معناه كاسيات بنعم الله عاريات عن الشكر يعنى نعيم الدنيا لا ينفع فى الآخرة اذا خلا عن العمل الصالح وهذا المعنى غير مختص بالنساء ( مميلات ) اى قلوب الرجال الى الفساد بهن او مميلات اكنافهن واكفالهن كما تفعل الرقاصات او مميلات مقانعهن عن رؤسهن لتظهر وجوههن ( مائلات ) اى الى الرجال او معناه متبخترات فى مشيهن ( رؤسهن كأسنمة البخث ) يعنى يعظمن رؤسهن بالخمر والقلنسوة حتى تشبه اسنمة البخت او معناه ينظرن الى الرجال برفع رؤسهن ( المائلة ) لان اعلى السنام يميل لكثرة شحمه ( لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وان ريحها ليوجد مسيرة اربعين عاما ) { واقمن الصلاة } التى هى اصل الطاعات البدنية { وآتين الزكاة } التى هى اشرف العبادات المالية اى ان كان لكن مال كما فى تفسير ابى الليث { واطعن الله ورسوله } فى سائر الاوامر والنواهى
وقال بعضهم اطعن الله فى الفرائض ورسوله فى السنن { انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس } الرجس الشئ القذر اى الذنب المدنس لعرضكم وعرض الرجل جانبه الذى يصونه وهو تعليل لامرهن ونهيهن على الاستئناف ولذلك عم الحكم بتعميم الخطاب لغيرهن وصرح بالمقصود حيث قيل { اهل البيت } اى يا اهل البيت والمراد به من حواه بيت النبوة رجالا ونساء
قال الراغب اهل الرجل من يجمعه واياهم نسب او دين او ما يجرى مجراهما من صناعة وبيت وبلد وضيعة فاهل الرجل فى الاصل من يجمعه واياهم مسكن واحد ثم تجوّز به فقيل اهل بيت الرجل لمن يجمعه واياهم نسب وتعورف فى اسرة النبى عليه السلام مطلقا اذا قيل اهل البيت يعنى اهل البيت متعارف فى آل النبى عليه السلام من بنى هاشم ونبه عليه السلام بقوله ( سلمان منا اهل البيت ) على ان مولى القوم يصح نسبته اليهم . والبيت فىلاصل مأوى الانسان بالليل ثم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه وجمعه ابيات وبيوت لكن البيوت بالمسكن اخص والابيات بالشعر ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر وصوف ووبر وبه شبه بيت الشعر وعبر عن مكان الشئ بانه بيته الكل فى المفردات { ويطهركم } من ادناس المعاصى { تطهيرا } بليغا واستعارة الرجس للمعصية والترشيح بالتطهير لمزيد التنفير عنها وهذه كما ترى آية بينة وحجة نيرة على كون نساء النبى عليه السلام من اهل بيته قاضية ببطلان مذهب الشيعة فى تخصيصهم اهل البيت بفاطمة وعلى وا بينه اى الحسن والحسين رضى الله عنهم واماما تمسكوا به من ان النبى عليه السلام خرج ذات يوم غدوة وعليه مرط مرجل من شعر اسود : يعنى [ بروى ميزر معلم بود از موى سياه ] فجلس فأتت فاطمة فادخلها فيه ثم جاء على فادخله فيه ثم جاء الحسن والحسين فادخلهما فيه ثم قال انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت فانه يدل على كونهم من اهل البيت لا ان من عداهم ليسوا كذلك ولو فرضت دلالته على ذلك لما اعتد لها لكونها فى مقابلة النص
قال الكاشفى [ وازين جهت است كه آل عبا بزينج تن اطلاق ميكنند(11/42)
آل العباء رسول الله وابنته ... والمرتضى ثم سبطاه اذا اجتمعوا
قال فى كشف الاسرار [ رجس در افعال خبيثة است واخلاق دنيه افعال خبيثة فواحش است ما ظهر منها وما بطن واخلاق دنيه هوا وبدعت وبخل وحرص وقطع رحم وامتثال آن رب العالمين ايشانرا بجاى بدعت سنت نهاد وبجاى بخل سخاوت وبجاى حرص قناعت وبجاى قطع رحم وصلت وشفقت آنكه كفت { ويطهركم تطهيرا } وشمارا باك ميدارد از آنكه بخود معجب باشيد ياخودرا برا الله دلالى دانيد يا بطاعات واعمال خود نظرى كنيد
يير طريقت كفت نظر دواست نظر انسانى ونظر رحمانى . نظر انسانى آنست كه توبخود نكرى . ونظ رحمانى آنست كه حق بتونكرد وتانظر انسانى ازنهاد تورخت برنيارد نظر رحمانى بدلت نزول نكند اى مسكين جه نكرى توباين طاعت آلودة خويش وآنرا بدركاه بى نيازى جه وزن نهى خبر ندارى كه اعمال همه صديقان زمين وطاعات مه قدوسيان آسمان جمع كنى درميزان جلال ذى الجلال بريشة نسنجند ليكن او جل جلاله بابى نيازئ خود بنده را به بندكى مى بسند دوراه بندكى بود مى نمايد ] قال المولى الجامى
كاهى كه تكيه بر عمل خود كنند خلق ... اورا مباد جز كرمت هيج تكيه كاه
باو بفضل كاركن اى مفضل كريم ... كز عدل تو بفضل تو مى آورد بناه
وفى التأويلات { وقرن فى بيوتكن } يخاطب به القلوب ان يقروا فى وكناتهم من عالم الملكوت والارواح متوجهين الى الحضرة { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى } لا تخرجوا الى عالم الحواس راغبين فى زينة الدنيا وشهواتها كما هو من عادات الجهلة { واقمن الصلاة } بدوام الحضور والمراقبة والعروج الى الله بالسير فان الصلاة معراج المؤمن بان يرفع يديه من الدنيا ويكبر عليها ويقبل على الله بالاعراض عما سواه ويرجع عن مقام التكبر الانسانى الى خضوع الركوع الحيوانى ومنه الى خشوع السجود النباتى ثم الى القعود الجمادى فانه بهذا الطريق اهبط الى اسفل القالب فيكون رجوعه بهذا الطريق الى ان يصل الى مقام الشهود الذى كان فيه فى البداية الروحانية ثم يتشهد بالتحية والثناء على الحضرة ثم يسلم عن يمينه على الآخرة وما فيها ويسلم عن شماله على الدنيا وما فيها مستغرق فى بحر الالوهية باقامة الصلاة وادامتها { وآتين الزكاة } فالزكاة هى ما زاد على الوجود الحقيقى من الوجود المجازى فايتاؤها صرفها وافنائها فى الوجود الحقيقى بطريق { واطعن الله ورسوله انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس } وهو لوث الحدوث { اهل البيت } بيت الوصول ومجلس الوحدة ويطهركم عن لوث الحدوث بشراب طهور تجلى صفات جماله وجلاله تطهيرا لا يكون بعده تلوث انتهى(11/43)
كما قالوا الفانى لا يرد الى اوصافه [ بس اولياء كمل را خوف ظهور طبيعت نيست ]
تابنده زخود فانئ مطلق نشود ... توحيد بنزد او محقق نشود
توحيد حلول نيست نابودن تست ... وزنه بكذاف آدمى حق نشود
حققنا الله واياكم بحقائق التوحيد وايدنا من عنده باشد التأيي ومحا عنا نقوش وجوداتنا وظهرنا من ادناس انا نياتنا انه الكريم الجواد الرؤف بكل عبد من العباد(11/44)
وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)
{ واذكرن } [ وياد كنيد اى زنان ييغمبر ] اى للناس بطريق العظة والتذكير { ما يتلى فى بيوتكن من آيات الله والحكمة } اى من الكتاب الجامع بين كونه آيات الله البينة الدالة على صدق النبوة بنظحه المعجز وكونه حكمة منطوية على فنون العلم والشرائع وقد سبق معنى الحكمة فى سورة لقمان . وحمل قتادة الآيات على آيات القرآن والحكمة على الحديث الذى هو محض حكمة وهذا تذكير بما انعم عليهن من كونهن اهل بيت النبوة ومهبط الوحى حثا على الانتهاء والائتمار فيما كلفن به والتعرض للتلاوة فى البيوت دون النزول فيها مع انه الانسب لكونها مهبط الوحى لعمومها جميع الآيات ووقوعها فى كل البيوت وتكررها الموجب لتمكنهن من الذكر والتذكير بخلاف النزول وعدم تعيين التالى ليعم تلاوة جبريل وتلاوة النبى وتلاوتهن وتلاوة غيرهن تعلما وتعليما
قال فى الوسيط وهذا حث لهن على حفظ القرآن والاخبار ومذاكرتهن بها للاحاطة بحدود الشريعة والخطاب وان اختص بهن فغيرهن داخل فيه لان مبنى الشريعة على هذين القرآن والسنة وبهما يوقف على حدود الله ومفترضاته انتهى .
ومن سنة القارى ان يقرأ القرآن كل يوم وليلة كيلا ينساه ولا يخرج عن صدره فان النسيان وهو ان لا يمكنه القراءة من المصحف من الكبائر . ومن السنة ان يجعل المؤمن لبيته حظا من القرآن فيقرأ فيه منه ما تيسر له من حزبه ففى الحديث « ان فى بيوتات المسلمين لمصابيح الى العرش يعرفها مقربوا ملائكة السموات السبع والارضين السبع يقولون هذا النور من بيوتات المؤمنين التى يتلى فيها القرآن » ومن السنة ان يستمع القرآن احيانا من الغير . وكان عليه السلام يستمع قراءة ابى وبن مسعود رضى الله عنهما . وكان عمر رضى الله عنه يستمع قراءة ابى موسى الاشعرى رضى الله عنه وكان حسن الصوت واستماع القرآن فى الصلاة فرض وفى خارجها مستحب عند الجمهور فعليك بالتذكير والتحفظ والاستماع
دل ازشنيدن قرآن بكيردت همه وقت ... جو باطلان زكلام حقت ملولى جيست
{ ان الله كان لطيفا } بليغ اللطف والبر بخلقه كلهم { خبيرا } بليغ العلم بالاشياء كلها فيعلم ويدبر ما يصلح فى الدين ولذلك امر ونهى او يعلم من يصلح لنبوته ومن يستأهل ان يكون من اهل بيته روى انه تكلم رجل فى زين العابدين رضى الله عنه وافترى عليه فقال زين العابدين ان كنت كما قلت فاستغفر الله وان لم اكن نستغفر الله لك فقام اليه الرجل وقبل رأسه وقال جعلت فداءك لست كما قلت فاستغفر لى قال غفر الله لك فقال الرجل الله اعلم حيث يجعل رسالته
وخرج يوما من المسجد فلقيه رجل فسبه فثارت اليه العبيد والموالى فقال لهم زين العابدن مهلا على الرجل ثم اقبل عليه وقال بالله ألا ما سترت من امرنا ألك حاجة نعينك عليها فاستحيى الرجل فالقى عليه خميصه كانت عليه وامر له بالف درهم فكان الرجل بعد ذلك يقول اشهدانك من اولاد الرسول(11/45)
قال بعض الكبار القرابة طينية وهى ما كان من النسب ودينية وهى ما كان من مجانسة الارواح فى مقام المعرفة ومشابهة الاخلاق فى مقام الطريقة ومناسبة الاعمال الصالحة فى مقام الشريعة كما قال عليه السلام « آل محمد كل تقى نقى » فاهل التقوى الحقيقية وهم العلماء بالله التابعون له عليه السلام فى طريق الهدى من جملة اهل البيت وذوى القربى وافضل الخلق عند الله وكذا السادات الصالحون لهم كرامة عظمى فرعايتهم راجعة الى النبى عليه السلام روى ان علوية فقيرة مع بناتها نزلت مسجدا بسمرقند فخرجت لطلب القوت لبناتها فمرت على امير البلد وذكرت انها علوية وطلبت منه قوت الليلة فقال ألك بينة على انك علوية فقالت ما فى البلد من يعرفنى فاعرض عنها فمضت الى مجوسى هو ضا من البلد فعرضت له حالها فارسل المجوس الى بناتها واكرم مثواهن فرأى امير البلد فى المنام كأن القيامة قد قامت وعند النبى عليه السلام لواء واذا قصر من زمرد اخضر فقال لمن هذا القصر يا رسول الله فقال عليه السلام « لمؤمن موحد » فقال انا مسلم موحد قال عليه السلام « ألك بينة على انك مسلم موحد » فانتبه يبكى ويلطم وجهه وسأل عن العلوية وعرفها عند المجوسى وطلبها منه فابى المجوسى فقال خذ منى الف دينار وسلمهن الىّ قال لا يكون ذلك وقد اسلمنا على يد العلوية وقد اخبرنا النبى عليه السلام بان القصر لنا روى انه كان ببغداد تاجر له بضاعة يسيرة فاتفق انه صلى صلاة فى جماعة فلما سلموا قام علوى وقال ان لى بنية اريد تزويجها بحق جدى رسول الله اعطونى ما اصلح به لها جهازها فاعطاه التاجر رأس ماله وكان خمسمائة درهم فلما كان الليل رأى التاجر رسول الله فى المنام فقال له يا فتى قد وصل الىّ ما اتحفتنى فاقصد الى مدينة بلخ فان عبد الله بن طاهر بها فقل له ان محمدا يقرئك السلام ويقول قد بعثت اليك ليا له عندى يد فادفع اليه خمسمائة دينار فانبته التاجر واخبر بذلك امرأته فقالت ومن يقوم بنفقتنا الى ان ترجع من بلخ فقصد الى خباز من جيرانه وقال ان اعطيت اهلى كفايتهم مدى غيبتى اعطيتك اذا رجعت بدل كل درهم دينارا فقال الخباز ان الذى امرك بالخروج الى بلخ اوصانى بنفقة اهلك الى رجوعك ففرح التاجر وخرج نحو بلخ فلما قرب استقبله عبد الله ابن طاهر وقال مرحبا برسلو الله ان الذى ارسلك الى اوصانى بالاحسان اليك فاحسن ضيافته ثلاثة ايام ثم اعطاه خمسمائة دينار وفق امره عليه السلام واعطاه خمسمائة دينار لكونه رسول رسول الله وبعث معه جماعة اوصلوه الى منزله : قال الشيخ سعدى(11/46)
زر ونعمت اكنون بده كان تست ... كه بعد توبيرون يادكن
فروماندكانرا درون شاد كن ... زروز فروماندكى يادكن
نه خواهندة بردر ديكران ... بشكرانه خواهنده از درمران
جوانمردا كرراست خواهى ... وليست كرم ييشة شاه مردان عليست
باحسانى آسوده كردن دلى ... به ازالف ركعت بهر منزلى
بقنطار زر بخش كردن زكنج ... نباشد جوقيراطى از دست رنج
برد هركسى بار درخورد زور ... كرانست باى ملخ ييش مور
فاذا سمعت الى هذا المقال فابسط يدك بالنوال ان كان لك مال والا فالعاقل الغيور يطير ويجود بهمته(11/47)
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)
{ ان المسلمين والمسلمات } روى انه لما نزل فى نساء النبى عليه السلام الآيات المذكورة قالت نساء المؤمنين فما نزل فينا ولو كان فينا خير لذكرنا فنزلت والمعنى ان الداخلين فى السلم بعد الحرب المنقادين لحكم الله من الذكور والاناث
وفى التأويلات النجمية المسلم هو المستسلم للاحكام الازلية بالطوع والرغبة مسلما نفسه الى المجاهدة والمكايدة ومخالفة الهوى وقد سلم المسلمون من لسانه ويده { والمؤمنين والمؤمنات } المصدقين بما يجب ان يصدق به من الفريقين
وفى التأويلات المؤمن من امنه الناس وقد احيى الله قلبه اولا بالعقل ثم بالعلم ثم بالفهم عن الله تعالى ثم بنور الله تعالى بالتوحيد ثم بالمعرفة ثم احياه بالله
قال فى بحر العلوم ومراد اصحابنا باتحاد الايمان والاسلام ان الاسلام هو الخضوع والانقياد بمعنى قبول ما جاء به من عند الله والاذعان له وذلك حقيقة التصديق ولذلك لم يصح فى الشرع ان يحكم على احد بانه مسلم وليس بمؤمن او مؤمن وليس بمسلم فلا يمتاز احدهما عن الآخر ولم يريدوا الاتحاد بحسب المفهوم لان الايمان هو تصديق الله فيما اخبر من اوامره ونواهيه ومواعيده والاسلام هو الخضوع والانقياد لالوهيته وهذا لا يحصل الا بقبول الامر والنهى والوعد والوعيد والاذعان لذلك فمن لم يقبل شيأ من هذه الاربعة فقد كفر وليس بمسلم انتهى { والقانتين والقانتات } اى المداومين على الطاعات القائمين بها
وفى التأويلات القنوت استغراق الوجود فى الطاعة والعبودية { والصادقين والصادقات } فى القول والعمل والنية
وفى التأويلات فى عقودهم وعهودهم ورعاية حدودهم والصدق نور اهدى لقلوب الصديقين بحسب قربهم من ربهم { والصابرين والصابرات } على الطاعات وعن المعاصى
وفى التأويلات على الخصال الحميدة وعن الصفات الذميمة وعند جريان القضاء ونزول البلاء { والخاشعين والخاشعات } المتواضعين لله بقلوبهم وجوارحهم
وفى التأويلات الخشوع اطراق السريرة عند توارد الحقيقة انتهى
قال بعضهم الخشوع انقياد الباطن للحق والخضوع انقياد الظاهر له
وفى القاموس الخشوع الخضوع او هو فى البدن والخشوع فى الصوت { والمتصدقين والمتصدقات } بما وجب فى مالهم والمعطين للصدقات فرضا او نفلا يقال تصدق على الفقراء اذا اعطاهم الصدقة وهى العطية التى بها تبتغى المثوبة من الله تعالى
وفى المفردات الصدقة ما يخرجه الانسان من ماله على وجه القربة كالزكاة لكن الصدقة فى الاصل تقال للمتطوع به والزكاة للواجب وقيل يسمى الواجب صدقة اذا تحرى صاحبه الصدق فى فعله
وفى التأويلات والمتصدقين والمتصدقات باموالهم واعراضهم حتى لا يكون لهم مع احد خصميه فيما ينال منهم : يعنى [ بخشند كانند هم بمال وهم بنفس حق هيج كس برخود نكذاشته وازراه خصومت باخلق برخاسته ] وحقيقة الصدقة ما يكون بالاحوال على ارباب الطلب : قال الحافظ(11/48)
اى صاحب كرامت شكرانة سلامت ... روزى تفقدى كن درويش بى نوارا
{ والصائمين والصائمات } الصوم المفروض او مطلق الصوم فرضا او نفلا
وفى التأويلات الممسكين عما لا يجوز فى الشريعة والطريقة بالقلب والقالب فيصوم القالب بالامساك عن الشهوات ويصوم القلب بالامساك عن رؤية الدرجات والقربات
وفى المفردات الصوم فى الاصل الامساك عن الفعل مطعما كان او كلاما او مشيا وفى الشرع امساك المكاف بالنية من الخيط الابيض الى الخيط الاسود عن تناول الاطيبين والاستمناء والاستقاءة { والحافظين فروجهم والحافظات } فى الظاهر عن الحرام وفى الحقيقة عن تصرفات المكونات اى والحافظاتها فحذف المفعول لدلالة المذكور عليه
وفى المفردات الفرج والفرجة الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه { والذاكرين الله } ذكرا { كثيرا والذاكرات } اى والذاكراته فترك المفعول كما فى الحافظات اى بقلوبهم وألسنتهم
وفى التأويلات النجمية بجميع اجزاء وجودهم الجسمانية والروحانية بل بجميع ذرات المكونات بل بالله وجميع صفاته
وقال ابن عباس رضى الله عنهما يريد ادبار الصلوات وغدوا وعشيا وفى المضاجع وكلما استيقظ من نومه وكلما غدا وراح من منزله ذكر الله انتهى
والاشتغال بالعلم النافع وتلاوة القرآن والدعاء من الذكر وفى الحديث « من استيقظ من منامه وايقظ امرأته فصليا جميعا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات »
وعن مجاهد لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا { اعد الله لهم } بسبب ما عملوا من الطاعات العشر المذكورة وجمعوا بينها وهو خبران والعطف بالواو بين الذكور والاناث كالمسلمين والمسلمين كالعطف بين الضدين لاختلاف الجنسين . واما عطف الزوجين على الزوجين كعطف المؤمنين والمؤمنات على المسلمين والمسلمات فمن عطف الصفة على الصفة بحرف الجمع اى عطفهما لتغاير الوصفين { مغفرة } لما اقترفوا من الصغائر لانهن مكفرات بما عملوا من الاعمال الصالحات
وفى التأويلات هى نور من انوار جماله جعل مغفر الرأس روحهم يعصمهم مما يقطعهم عن الله { واجرا عظيما } على ما صدر عنهم من الطاعات وهو الجنة واليوم سهولة العبادة ودوام المعرفة وغدا تحقيق المسئول ونيل ما فوق المأمول
وفى التأويلات العظيم هو الله يعنى اجرا من واهب الطافه بتجلى ذاته وصفاته
وعن عطاء بن ابى رباح من فوّض امره الى الله فهو داخل فى قوله { ان المسلمين والمسلمات } ومن اقرّ بان الله ربه ومحمدا عليه السلام ولم يخالف قلبه لسانه فهو داخل فى قوله { والقانتين والقانتات } ومن صان قوله عن الكذب فهو داخل فى قوله { والصادقين والصادقات } ومن صبر على الطاعة وعن المعصية وعلى الرزية فهو داخل فى قوله { والصادقين والصابرات } ومن صلى فلم يعرف من عن يمينه وعن شماله فهو داخل فى قوله { والخاشعين والخاشعات }
قال فى بحر العلوم بنى الامر فى هذا على الاشد وليس هذا بمرضى عنه انتهى
يقول الفقير بل بنى على الاسهل فانه اراد ترك الالتفات يمينا وشمالا وهو اسهل بالنسبة الى الاستغراق فى الشهود .(11/49)
ومن تصدق فى كل اسبوع بدرهم فهو داخل فى قوله { والمتصدقين والمتصدقات } ومن صام من كل شهر ايام البيض فهو داخل فى قوله { والصائمين والصائمات } ومن حفظ فرجه عما لا يحل فهو داخل فهو فى قوله { والحافظين فروجهم والحافظات } ومن صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل فى قوله { والذاكرين الله كثيرا والذاكرات }
وعن ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى العباد افضل درجة عند الله يوم القيامة قال « الذاكرون الله كثيرا والذاكرات » قالوا يا رسول الله ومن الغازى فى سبيل الله قال « لو ضرب بسيفه الكفار والمشركين حتى تكسر او تخضب دما لكان ذاكر الله كثيرا افضل منه درجة » وعن ابى هريرة رضى الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير فى طريق مكة فمر على جبل يقال له جمدان كعثمان فقال « الذاكرون الله كثيرا والذاكرات » اى كثيرا والفمردون نقلة البعض بكسر الراء وتشديدها والبعض الآخر بتخفيفها وانما لم يقولوا من المفردون لان مقصودهم من النبى عليه السلام كان ان يبين لهم ما المراد من الافراد والتفريد لابيان من يقوم به الفعل فبينه عليه السلام بقوله « الذاكرون الله كثيرا والذاكرات » يعنى المراد من الافراد هنا ان يجعل الرجل بان لا يذكر معه غيره والمراد من كثرة ذكره ان لا ينساه على كل حال لا الذكر بكثرة اللغات
قال ابن ملك وفى ذكره عليه السلام هذا الكلام عقيب قوله « هذا جمدان » لطيفة وهى ان جمدان كان منفردا ولم يكن مثله فكذا هؤلاء السادات منفردون ثابتون على السعادات
يقول الفقير اشار عليه السلام بجمدان الى جبل الوجود والسير فيه وقطع طريقه بتفريد التوحيد وهو تقطيع الموحد عن الانفس كما ان تجريد التوحيد تقطيعه عن الآفاق جعلنا الله واياكم من السائرين الطائرين لا من الواقفين الحائرين
سالكا بى كشش دوست بجايى نرسند ... سالها كرجه درين راه تك وبوى كنند(11/50)
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)
{ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة } روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب زينب بنت جحش بن رباب الاسدى بنت عمته اميمة بنت عبد المطلب لمولاه زيد بن حارثة وكانت زينب بيضاء جميلة وزيد اسود افطس فابت وقالت انا بنت عمتك يا رسول الله وارفع قريش فلا ارضاه لنفسى وكذلك ابى اخوها عبد الله بن جحش فنزلت . والمعنى ما صح وما استقام لرجل ولا امرأة من المؤمنين فدخل فيه عبد الله واخته زينب { اذا قضى الله ورسوله امرا } مثل نكاح زينب اى قضى رسول الله وحكم وذكر الله لتعظيم امره والاشعار بان قضاءه عليه السلام قضاء الله كما ان طاعته طاعة الله تعالى { ان يكون لهم الخيرة } الخيرة بالكسر اسم من الاختيار اى ان يختاروا { من امرهم } ما شاؤا بل يجب عليهم ان يجعلوا آراءهم واختيارهم تبعا لرأية عليه السلام واختياره وجمع الضميرين لعموم مؤمن ومؤمنة لوقوعهما فى سياق النفى
وقال بعضهم الضمير الثانى للرسول اى من امره والجمع للتعظيم { ومن } [ وهركه ] { يعص الله ورسوله } فى امر من الامور ويعمل برأيه
وفى كشف الاسرار ومن يعص الله فخالف الكتاب ورسوله فخالف السنة { فقد ضل } طريق الحق وعدل عن الصراط المستقيم { ضلالا مبينا } اى بين الانحراف عن سنن الصواب
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان العبد ينبغى ان لا يكون له اختيار بغير ما اختاره الله بل تكون خيرته فيما اختاره الله له ولا يعترض على احكامه الازلية عند ظهورها له بل له الاحتراز عن شرّ ما قضى الله قبل وقوعه فاذا وقع الامر فلا يخلو اما ان يكون موافقا للشرع او يكون مخالفا للشرع فان يكن موافقا للشرع فلا يخلو اما ان يكون موافقا لطبعه او مخالفا لطبعه فان يكن موافقا لطبعه فهو نعمة من الله يجب عليه شكرها وان يكن مخالفا لطبعه فيستقبله بالصبر والتسليم والرضى وان يكن مخالفا للشرع يجب عليه التوبة والاستغفار والانابة الى الله تعالى من غير اعتراض على الله فيما قدّر وقضى وحكم به يفعل ما يشاء بحكمته ويحكم ما يريد بعزته انتهى
يقول الفقير هذه الآية اصل فى باب التسليم وترك الاختيار والاعتراض فان الخير فيما اختاره الله واختاره رسوله واختاره ورثته الكمل والرسول حق فى مرتبة الفرق كما ان الوارث رسول الله للخلافة الكاملة فكل من الرسول والوارث لا ينطق عن الهوى لفنائه عن ارادته بل هو وحى يوحى والهام يلهم فيجب على المريد ان يستسلم لامر الشيخ المرشد محبوبا او مكروها ولا يتبع هوى نفسه ومقتضى طبيعته وقد قال تعالى { وعسى ان تكرهوا شيأ وهو خير لكم }(11/51)
فيمكن وجدان ماء الحياة فى الظلمات { وعسى ان تحبوا شيأ وهو شر لكم } فقد يجعل فى السكر السم ومن عرف ان فعل الحبيب حبيب وان المبلى ليس لبلائه سواه طبيب لم يتحرك يمينا وشمالا ورضى جمالا وجلالا : قال الحافظ
عاشقانرا كردر آتش مى نشاند قهردوست ... تنك جشمم كرنظر درجشمة كوثر كنم
واعلم ان الفناء عن الارادة امر صعب وقد قيل المريد من لا ارادة له يعنى لا ارادة له من جهة نفسه فله اراده من جهة ربه فهو لا يريد الا ما يريد الله ولصعوبة افناء الارادة فى ارادة الله وارادة رسوله وارادة وارث رسوله بقى اكثر السلاك فى حجاب الوجود وغابوا عن الشهود وحرموا من بركة المتابعة ونماء المشايعة
قال بعض الكبار القهر عذاب ومن اراد ان يزول عنه حكم هذا القهر فليصحب الحق تعالى بلا غرض ولا شوق بل ينظر فى كل ما وقع فى العالم وفى نفسه فيجعله كالمراد له فيلتذ به ويتلقاه بالقبول والبشر والرضى فلا يزال من هذه حالته مقيما فى النعيم الدائم لا ينصف بالقهر ولا بالذلة وصاحب هذا المقام يحصل له اللذة بكل واقع منه او فيه او من غيره او فى غيره نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل التسليم وارباب القلب السليم ويحفظنا من الوقوع فى الاعتراض والعناد لما حكم وقضى واراد(11/52)
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37)
واذ تقول } روى انه لما نزلت الآية المتقدمة قالت زينب واخوها عبد الله رضينا يا رسول الله اى بنكاح زيد فانكحها عليه السلام اياه وساق اليها مهرها عشرة دنانير وستين درهما وخمارا وملحفة ودرعا وازارا وخمسين مدا من طعام وثلاثين زينب فاعجبه حسنها فوقع فى قلبه محبتها بلا اختيار منه والعبد غير ملوم على مثله ما لم يقصد المأثم ونظرة المفاجأة التى هى النظرة الاولى مباحة فقال عليه السلام عند ذلك « سبحان لله يا مقلب القلوب ثبت قلبي » انصرف وذلك ان نفسه كانت تمتنع عنها قبل ذلك لا يريدها ولو ارادها لخطبها وسمعت زينب التسبيحة فذكرتها لزيد بعد مجيئه وكان غائب ففطن : يعنى [ بدانست كه جيزى دردل رسول افتاد وبآنكه در حكم ازلى زينب زن رسول باشد الله تعالى محبت زينب دردل رسول افكند ونفرت وكراهت دردل زيد ] فاتى رسول الله تلك الساعة فقال يا رسول الله انى اريد ان افارق صاحبتى فقال { مالك أرأيت منها شيأ } قال لا والله ما رأيت منها الا خبرا ولكنها تتعظم على لشرفها وتؤذينى بلسانها فمنعه عليه السلام من الفرقة وذلك قوله تعالى { واذ تقول } اى واذكر وقت قولك يا محمد { للذى انعم الله عليه } بالتوفيق للاسلام الذى هو اجل النعم وللخدمة والصحبة
وفى التأويلات النجمية بان اوقعه فى معرض هذه الفتنة العظيمة والبلية الجسيمة وقواه على احتمالها واعانه على التسليم والرضى فيما يجرى الله عليه وفيما يحكم به عليه من مفارقة الزوجة وتسليمها الى رسول الله وبان ذكر اسمه فى القرآن من بين الصحابة وافرد به { وانعمت عليه } بحسن التربية والاعتاق والتبنى
وفى التأويلات بقبول زينب بعد ان انعمت عليه بايثارها عليه بقولك امسك الخ وهو زيد بن حارثة رضى الله عنه مولاه عليه السلام وهو اول من اسلم من الموالى وكان عليه السلام يحبه ويحب ابنه اسامة شهد بدرا والخندق والحديبية واستخلفه النبى عليه السلام على المدينة حين خرج الى بنى المصطلق وخرج اميرا فى سبع سرايا وقتل يوم مؤتة بضم الميم وبالهمزة ساكنة موضع معروف عند الكرك وقد سبق فى ترجمته عند قوله تعالى { ادعوهم لآبائهم } فى اوائل هذه السورة
قال فى الارشاد وايراده بالعنوان المذكور لبيان منافاة حاله لما صدر منه عليه السلام على زيد لا ينافى استحياءه منه فى بعض الامور خصوصا اذا قارن تعيير الناس ونحوه كما سيجيئ { امسك عليك زوجك } [ نكاه دار براى خود زن خودرا يعنى زينب ] وامساك الشئ التعلق به وحفظه { واتق الله } فى امرها ولا تطلقها ضرارا : يعنى [ ازوى ضرر طلاقش مده ] او تعللا بتكبرها { وتخفى فى نفسك ما الله مبديه } الموصول مفعول تخفى والابداء الاظهار .(11/53)
يعنى [ ونكاه داشتى جيزى دردل كه الله آنرا ييدا خواست كر ] وهو علم بان زيدا سيطلقها وسينكحها يعنى انك تعلم بما اعلمتك انها ستكون زوجتك وانت تخفى فى نفسك هذا المعنى والله يريد ان ينجز لك وعده ويبدى انها زوجتك بقوله { زوجناكها } وكان من علامات انها زوجته القاء محبتها فى قلبه وذلك بتحبيب الله تعالى لا بمحبته بطبعه وذلك ممدوح جدا ومنه قوله عليه السلام « حبب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة » وانه لم يقل احبب ودواعى الانبياء والاولياء من قبيل الاذن الآلهى اذ ليس للشيطان عليهم سبيل
قال فى الاسئلة المقحمة قد اوحى اليه ان زيدا يطلقها وانت تزوج بها فاخفى عن زيد سرما اوحى اليه لان ذلك السر يتعلق بالمشيئة والارادة ولا يجب على الرسل الاخبار عن المشيئة والارادة وانما يجب عليهم الاخبار والاعلام عن الاوامر والنواهى لا عن المشيئة كما انه كان يقول لا بى لهب آمن بالله وقد علم ان الله اراد ان لا يؤمن ابو لهب كما قال تعالى { سيصلى نارا ذات لهب } لان ذلك الذى يتعلق بعذاب ابى لهب انما هو من المشيئة والارادة فلا يجب على النبى اظهاره ولا الاخبار عنه { وتخشى الناس } تخاف لومهم وتعييرهم اياك به : يعنى [ مى ترسى از سرزنش مردم كه كويند زن بسررا بخواست ]
وفى التأويلات النجمية اى تخشى عليهم ان يقعوا فى الفتنة بان يخطر ببالهم نوع انكارا او اعتراض عليه او شك فى نبوته بان النبى من تنزه عن مثل هذا الميل وتتبع الهوى فيخرجهم من الايمان الى الكفر فكانت تلك الخشية اشفاقا منه عليهم ورحمة بهم انهم لا يطيقون سماع هذه الحالة ولا يقدرون على تحملها { والله احق ان تخشيه } وان كان فيه ما يخشى
قال الكاشفى [ مقرراست كه حضرت رسالت عليه السلام ترسكار ترين خلق بوده زيرا كه خوف وخشيت نتيجة علمست { انما يخشى الله من عباده العلماء } بس بحكم ( انا اعلمكم بالله واخشاكم ازهمه عالميان اخشى بود ودر حديث آمده ( الخوف رفيقى ) ]
خوف وخشيت نتيجة علمست ... هر كرا علم بيش خشيت بيش
هركرا خوف شد رفيق رهش ... باشد از جملة رهروان دربيش
وفى كشف الاسرار انما عوتب عليه السلام على اخفاء ما اعلمه الله انها ستكون زوجة له قالت عائشة رضى الله عنها لو كتم النبى عليه السلام شيأ من الوحى لكتم هذه الآية اذ تقول الخ وما نزل على رسول الله آية هى اشد عليه من هذه الآية
وفى التأويلات يشير الى ان رعاية جانب الحق احق من رعاية جانب الخلق لان لله تعالى فى ابداء هذا الامر واجراء هذا القضاء حكما كثيرة فاقصى ما يكون فى رعاية جانب الخلق ان لا يضل به بعض الضعفاء فلعل الحكمة فى اجراء هذه الحكم فتنة لبعض الناس المستحقين الضلالة والانكار ليهلك من هلك عن بينة ويحى من حىّ عن بينه وهذا كما قال(11/54)
{ وما جعلنا الرؤيا التى اريناك الا فتنة للناس } فالواجب على النبى اذا عرض له امران فى احدهما رعاية جانب الحق وفى الآخر رعاية جانب الخلق ان يختار رعاية جانب الحق على الخلق فان للحق تعالى فى اجراء حكم من احكامه واصفاء امر من اوامره حكما كثيرة كما قال تعالى فى اجراء تزويج النبى عليه السلام بزينب قوله { لكيلا يكون على المؤمنين } { فلما قضى زيد منها } اى من زوجه وهى زينب { وطرا }
قال فى القاموس الوطر محركة الحاجة او حاجة لك فيها همّ وعناية فاذا بلغتها فقد قضيت وطرك
وفى الوسيط معنى قضاء الوننطر فى اللغة بلوغ منتهى ما فى النفس من الشئ يقال قضى منها وطرا اذا بلغ ما اراد من حاجة فيها ثم صار عبارة عن الطلاق لان الرجل انما يطلق امرأته اذا لم يبق له فيها حاجة والمعنى فلما لم يبق لزيد فيها حاجة وتقاصرت حظه منها بالنكاح ووطره منها فى المعنى شهرته بين الخلق الى قيام الساعة بان الله تعالى ذكره فى القرآن باسمه دون جميع الصحابة وبانه اثر النبى عليه السلام على نفسه بايثار زينب
وفى الاسئلة المقحمة كيف طلق زيد زوجته بعد ان امر الله ورسوله بامساكه اياها والجواب ما هذا اللوجوب واللزوم وانما هو امر للاستحباب { زوجناكها } هلال ذى القعدة سنة اربع من الهجرة على الصحيح وهى بنت خمس وثلاثين سنة والمراد الامر بتزوجها او جعلها زوجته بلا واسطة عقد ويؤيده ما روى انس رضى الله عنه انها كانت تفخر على سائر ازواج النبى عليه السلام وتقول زوجكن اهاليكن وزوجنى الله من فوق سبع سموات : يعنى [ سيد عالم از نزول آيت بخانة زينب آمدبى دستورى وزينب كفت يا رسول الله بى خطبه وبى كواه حضرت فرموده كه ] ( الله المزوج وجبريل الشاهد ) وهو من خصائصه عليه السلام واجاز الامام محمد انعقاد النكاح بغير شهود خلافا لهما قاس الامام محمد ذلك بالبيع فان النكاح بيع البضع الثمن المهر فكما ان نفس العقد فى البيع لا يحتاج الى الشهود فكذا فى باب النكاح ونظر الامامان الى المآل فانه اذا لم يكن عند الشهود بدون الاعلان فقد يحمل على الزنى فالنبى عليه السلام شرط ذلك حفظا عن الفسخ وصونا للمؤمنين عن شبهة الزنى وروى انها لما اعتدت قال رسول الله لزيد « ما اجد احدا اوثق فى نفسى منك اخطب علىّ زينب » قال زيد فانطلقت فاذا هى تخمر عجينها فقلت يا زينب ابشرى فان رسول الله يخطبك ففرحت وقالت ما انا بصانعة شيأ حتى اوامر ربى فقامت الى مسجدها ونزل القرآن زوجناكها فزوجها رسول الله ودخل بها وما او لم على امرأة من نسائه ما او لم عليها ذبح شاة واطعم الناس الخبز واللحم حتى امتد النهار وجعل زيد سفيرا ف خطبتها ابتلاء عظيم له وشاهد بين على قوة ايمانه ورسوخه فيه(11/55)
اعتقاد من جو بيخ سرو دارد محكمى ... بيش باشد ازهواى عشق وسود انه كمى
{ لكيلا يكون على المؤمنين حرج } اى ضيق ومشقة
قال فى المفردات اصل الحرج مجتمع الشجر وتصور منه ضيق بينها فقيل للضيق حرج وللاثم حرج واللام فى لكى هى لام كى دخلت على كى للتوكيد
وقال بعضهم اللام جارة لتعليل التزويج وكى حرف مصدرى كأن { فى ازواج ادعيائهم } فى حق تزوج زوجات الذين دعوهم ابناء والادعياء جمع دعىّ وهو الذى يدعى ابنا من غير ولادة { اذا قضوا منهن وطرا } اى اذا لم يبق لهم فيهن حاجة وطلقوهن وانقضت عدتهن فان لهم فى رسول الله اسوة حسنة . وفيه دليل على ان حكمه عليه السلام وحكم الامة سواء الا ما خصه الدليل
قال الحسن كانت العرب تظن ان حرمة المتبنى كحرمة الابن فبين الله ان حلائل الادعياء غير محرمة على المتبنى وان اصابوهن اى وطئوهن بخلاف ابن الصلب فان امرأته تحرم بنفس العقد { وكان امر الله } اى ما يريد تكوينه من الامور { مفعولا } مكوّنا لا محالة لا يمكن دفعه ولو كان نبيا كما كان تزويج زينب وكانت كالعارية عند زيد . ولذا قال حضرة الشيخ افتاده افندى قدس سره فى اعتقادنا ان زينب بكر كعائشة رضى الله عنها لان زيدا كان يعرف انها حق النبى عليه السلام فلم يمسها وذلك مثل آسية وزليخا ولكن عرفان عائشة لا يوصف ويكفينا ان ميلة عليه السلام اليها كان اكثر من غيرها ولم تلد ايضا لانها فوق جميع التعينات وكانت عائشة رضى الله عنها تقول فى حق زينب هى التى كانت تساوينى فى المنزلة عند رسول الله ما رأيت امرأة قط خيرا فى الدين واتقى لله واصدق فى حديث واوصل للرحم واعظم صدقة من زينب [ وازبس درويش نواز ومهما ندار وبخشنده بود اورام ام المساكين ميكفتند واول زنى كه بعد ازرسول خدا ازدنيا بيرون شد زينب بود ] ماتت بالمدينة سنة عشرين وصلى عليها عمر بن الخطاب رضى الله عنه ودفنت بالبقيع ولها من العمر ثلاث وخمسون سنة وابدل الله منها لزيد جارية فى الجنة كما عليه السلام « استقبلتنى جارية لعساء وقد اعجبتنى فقلت لها يا جارية انات لمن قالت لزيد بن حارثة » قوله استقبلتنى اى خرجت من الجنة واستقبلته عليه السلام بعد مجاوزة السماء السابعة ليلة المعراج .(11/56)
واللعس لون الشفة اذا كانت تضرب الى السواد قليلا وذلك مستملح قاله فى الصحاح . وابدى السهيلى حكمة لذكر زيد بامسه فى القرآن وهى انه لما نزل قوله تعالى { ادعوهم لآبائهم } وصار يقال له زيد بن حارثة ولا يقال له زيد بن محمد ونزع عنه هذا التشريف وعلم الله وحشته من ذلك شرفه بذكر اسمه فى القرآن دون غيره من الصحابة فصار اسمه يتلى فى المحاريب . وزاد فى الاية ان قال واذ تقول للذى انعم الله عليه اى بالايمان فدل على انه من اهل الجنة علم بذلك قبل ان يموت وهذه فضيلة اخرى . ثم ان هذا الايثار الذى نقل عن زيد انما يتحقق به السالك القوى الاعتقاد الثابت فى طريق الرشاد فانظر الى حال الاصحاب يفتح الله لك الحجاب روى انه عليه السلام آخى بعد الهجرة بين عبد الرحمن بن عوف من المهاجرين وبين سعد بن الربيع من الانصار وعند ذلك قال سعد لعبد الرحمن يا عبد الرحمن انى من اكثر الانصار مالا فانا مقاسمك وعندى امرأتان فانا مطلق احداهما فاذا انقضت عدتها فتنزوجها فقال له بارك الله لك فى اهلك ومالك كما فى انسان العيون ثم دار الزمان فصار كل امر معكوسا فرحم الله امرأ نصب نفسه لرفع البدع والهوى وجانب جر الذيل الى جانب الردى(11/57)
مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38)
{ ما كان على النبى من حرج } اى ما صح وما استقام فى الحكمة ان يكون عليه ضيق فمن زائدة بعد النفى وحرج اسم كان الناقصة { فيما فرض الله له } اى قسم الله له وقدر كتزوج زينب من قولهم فرض له فى الديوان كذا ومنه فروض العساكر لارزاقهم { سنة الله } اسم موضوع موضع المصدر مؤكد لما قبله من نفى الحرج اى سن الله نفى الحرج سنة اى جعله طريقة مسلوكة { فى الذين خلوا } مضوا
قال فى المفردات الحلو يستعمل فى الزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضى فسر اهل اللغة قولهم خلا الزمان بقولهم مضى وذهب انتهى
يقول الفقير الخلو فى الحقيقة حال الزمان والمكان لان المراد خلوهما عما فيهما بموت ما فيهما فافهم { من قبل } من الانبياء حيث وسع عليهم فى باب النكاح وغيره ولقد كان لداود عليه السلام مائة امرأة وثلاثمائة سرية ولابنه سليمان عليه السلام ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سرية فذلك التوسعة فى امر النكاح مثل الانبياء الماضين { وكان امر الله } [ وهست كار خدا ] { قدرا مقدورا } قضاء مقضيا وحكما مبتوتا
قال فى المفردات القدر اشارة الى ما بين به القضاء والكتابة فى اللوح المحفوظ وهو المشار اليه بقوله ( فرغ ربك من الخلق ) والخلق والاجل والرزق والمقدور اشارة الى ما يحدث حالا فحالا وهو المشار اليه بقوله { كل يوم هو فى شأن } وفيه اشارة الى ان الله تعالى اذا قضى ارم نبى او ولى لم يجعل عليه فى ذلك من حرج ولا سبب نقصان وان كان فى الظاهر سبب نقصان ما عند الخلق والذى يجرى على الانبياء والاولياء قضاء مبرم مبنى على حكم كثيرة ليس فيه خطأ ولا غلظ ولا عبث
يير ما كفت خطا برقلم صنع نرفت ... آفرين برنظر باك خطا بوشش باد(11/58)
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)
{ الذين يبلغون رسالات الله } مجرور المحل على انه صفة للذين خلوا . ومعناه بالفارسية [ آنانكه ميرسانيدند ييفامهاى خدارا بامتان خود ] والمراد ما يتعلق بالرسالة وهى سفارة العبد بين الله وبين ذوى الالباب من خلقه اى ايصال الخبر من الله الى العبد { ويخشونه } فى كل ما يأتون ويذرون لا سيما فى ارم تبليغ الرسالة حيث لا يقطعون منها حرفا ولا تأخذهم فى ذلك لومى لائم { ولا يخشون احدا الا الله } وفى وصفهم بقصرهم الخشية على الله تعريض بما صدر عنه عليه السلام من الاحتراز عن لائمة الخلق بعد التصريح فى قوله { وتخشى الناس } الآية
قال بعض الكبار خشية الانبياء من العقاب وخشية الاولياء من الحجاب وخشية عموم الخلق من العذاب
وفى الاسئلة المقحمة كيف قال ويخشونه ولا يخشون احدا الا الله ومعلوم انهم خافوا غير الله وقد خاف موسى عليه السلام حين قال له { لا تخف انك انت الاعلى } وكذلك قال يعقوب عليه السلام { انى اخاف ان يأكله الذئب } وكذلك خاف نبينا عليه السلام حين قيل له { والله يعصمك من الناس } وكذلك اخبر الكتاب عن جماعة من الانبياء انهم خافوا اشياء غير الله والجواب ان معنى الآية لا يعتقدون ان شيأ من المخلوقات يستقل باضرارهم ويستبد بايذائهم دون ارادة الله ومشيئته لما يعلمون ان الامور كلها بقضاء الله وقدره فاراد بالخوف خوف العقيدة والعلم واليقين لا خوف البشرية الذى هو من الطباع الخلقية وخواص البشرية ونتائج الحيوانية { وكفى بالله حسيبا } محاسبا لعباده على اعمالهم فينبغى ان يحاسب العبد نفسه قبل محاسبة الله اياه ولا يخاف غير الله لا فى امر النكاح ولا فى غيره اذا علم ان رضى الله وحكمه فيه
واعلم ان السواك والتعطر والنكاح ونحوها من سنن الانبياء عليهم السلام وليس لنا عبادة شرعت من عهد آدم الى الآن ثم تستمر تلك العبادة فى الجنة الا الايمان والنكاح
قال بعض الكبار من كان اتقى كانت شهوته اشد وذلك ان حرارة الشهوة الحقيقية انما هى بعد نار العشق التى بعد نور المحبة فانظركم من فرق بين شهوة اهل الحجاب وشهوة اهل الشهود فعروق اهل الغفلة ممتلئة بالدم وعروق اهل اليقضة ممتلئة بالنور ولا شك ان قوة النور فوق قوة الدم فنسأل الله الهدى لا الحركة بالهوى حكى عن بعض الكبار انه قال كنت فى مجلس بعض العارفين فتكلم الى ان قال لا مخلص لاحد من الهوى ولو كان فلانا عنى به النبى عليه السلام حيث قال « حبب الى من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة » فقلت له أما تستحيى من الله تعالى فانه عليه السلام ما قال احببت بل قال حبب فكيف يلام العبد على ما كان من عند الله بلا اختيار منه قال ثم حصل لى غم وهمّ فرأيت النبى عليه السلام فى المنام فقال لا تغتم فقد كفينا ارمه ثم سمعت انه قتل فى طريق ضيعة له(11/59)
قال بعض الكبار من اراد فهم المعانى الغامضة فى الشريعة فليتعمل فى تكثير النوافل فى الفرائض وان امكنه ان يكثر من نوافل النكاح فهو اولى اذ هو اعظم نوافل الخيرات فائدة لما فيه من الازدواج والانتاج فيجمع بين المعقول والمحسوس فلا يفوته شئ من العلم بالعالم الصادر عن الاسم الظاهر والباطن فيكون اشتغاله بمثل هذه النافلة اتم واقرب لتحصيل ما يرونه فانه اذا فعل ذلك احبه الحق واذا احبه صار من اهل الله كاهل القرآن واذا صار من اهل القرآن كان محلا للقائه وعرشا لاستوائه وسماء لنزوله وكرسيا لامره ونهيه فيظهر له منه ما لم يره فيه مع كونه كان فيه وقال كنت من ابغض خلق الله للنساء وللجماع فى اول دخولى فى الطريق وبقيت على ذلك نحو ثمانى عشر سنة حتى خفت على نفسى المقت لمخالفة ما حبب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما افهمنى الله معنى حبب علمت ان المراد ان لا يحبهن طبعا وانما يحبهن بتحبيب الله فزالت تلك الكراهة عنى وانا الآن من اعظم خلق الله شفقة على النساء لانى فى ذلك على بصيرة لا عن حب طبيعىة انتهى روى ان جماعة اتوا منزل زكريا عليه السلام فاذا فتاة جميلة قد اشرق لها البيت حسنا قالوا من انت قالت انا امرأة زكريا فقالوا لزكريا كنانرى نبى الله لا يريد الدنيا وقد اتخذت امرأة جميلة فقال انما تزوجت امرأة جميلة لا كف بها بصرى واحفظ بها فرجى فالمرأة الصالحة المعينة ليست من الدنيا فى الحقيقة : قال الشيخ سعدى قدس سره
زن خوب وفرمان بروبارسا ... كند مرد درويش را بادشا
كراخانة آباد همخوا به دوست ... خدارا برحمت نظر سوى اوست
جومستور باشد زن خوبروى ... بديدار او در بهشتست شوى(11/60)
مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)
{ ما كان محمد } ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم . والمختار انه لا يشترط فى الاسلام معرفة اب النبى عليه السلام واسم جده بل يكفى فيه معرفة اسمه الشريف كما فى هداية المريدين للموالى اخى جلبى يقال فلان محمود اذا حمد ومحمد اذا كثرت خصاله المحمودة كما فى المفردات
قال الشيخ زكريا فى شرح المقدمة الجزرية هو البليغ فى كونه محمودا وهو الذى حمدت عقائده وافعاله واقواله واخلاقه سماه به جده عبد المطلب بالهام من الهل فى سابع ولادته فقيل له لم سميت محمدا وليس من اسماء آبائك ولا قومك فقال رجوت ان يحمد فى السماء والارض وقد حقق الله رجاءه وتفؤله فكان عليه السلام بخصاله المحبوبة وشمائله المرغوبة محمودا عند الله وعند الملائكة المقربين وعند الانبياء والمرسلين وعند اهل الارض اجمعين وان كفر به بعضهم فان ما فيه من صفات الكمال محمود عند كل عاقل . وقله الف اسم كما ان لله تعالى الف اسم وجميع اسمائه مشتقة من صفات قامت به توجب له المدح والكمال فله من كل وصف اسم ألا ترى انه الماحى لانه الله محابه الكفر اى سورته التى كانت قبل بعثه . والحاشر لانه الذى يحشر الناس على قدمه اى على اثره وبعده . والعاقب وهو الآتى عقيب الانبياء . واشار بالميم الى انه الختام لان مخرجها ختام المخارج وكذا الى بعثته عند الاربعين
قال الامام النيسابورى كان من الاسم الشريف اربعة احرف ليوافق اسم الله تعالى كما ان محمد رسول الله اثنا عشر حرفا مثل لا اله الا الله وهو من اسرار المناسبة وكذا لفظ ابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان ابن عفان وعلى بن ابى طالب لكمال مناسبتهم فى اخلاقهم لتلك الحضرة المحمدية ولهذه المناسبة يلتقى نسبهم بنسبة . فعلى يلتقى نسبه فى الاب الثانى . وعثمان فى الخامس . وابو بكر فى السابع . وعمر فى التاسع . ومحمد باعتبار البسط لا بحساب ابجد ثلاثمائة وثلاثة عشر مثل عدد المرسلين فانك اذا اخذت فى بسط الميمين والميم المدغم « م ى م ، حا ، دال » [ 2 ] يظهر لك العدد المذكور : قال المولى الجامى
محمدت جون بلا نهاية زحق ... يافت شد نام او ازان مشتق
مى نمايد بجشم عقل سليم ... حرف حايشس عيان ميان دوميم
جون رخ حوركز كنارة او ... كشته ييدار دو كوشوارة او
ياد وحلقة زعنبرين مويش ... آشكار از جانب رويش
دال آن كز همه فرودنشت ... دل بنازش كرفته كرفته برسر دست
وفى الحديث « من ولد قه مولود فسماه محمدا حبا لى وتبركا باسمى كان هو ومولوده فى الجنة . ومن كان له ذو بطن فاجمع ان يسميه محمدا رزقه الله غلاما . ومن كان لا يعيش له ولد فجعل لله عليه ان يسمى الولد المرزوق محمدا عاش »(11/61)
ومن خصائصه البركة فى الطعام الذى عليه مسمى باسم محمد وكذا المشاورة ونحوها وينبغى ان يعظم هذا الاسم وصاحبه
[ در مجمع اللطائف آورده كه اياز خاص بسرى داشت محمد نام واورا ملازم سلطان محمود ساخته بود روزى سلطان متوجه طهارت خانه شده فرمود كه بسر ايازرا بكوييد تا آب طهارت بيارد اياز اين سخن شنوده در تأمل افتادكه ايا بسر من جه كناه كرده كه سلطان نام او برزبان نمى راند سلطان وضو ساخته بيرون آمد ودر اياز نكريست اورا انديشه مند ديد برسيدكه سبب اثر ملال كه برجبين تو مى بينم جيست اياز از روى نياز بموقف عرض رسانيدكه بنده زاده را بنام نخواند رترسيدم كه مبادا ترك ادبى ازوصادر شده باشد وموجب انحراف مزاج هما يون كشته سلطان تبسمى فرمود وكفت اى اياز دل جمع داركه از وصوتى كه مكروه طبع من باشد صدور نيافته بلكه وضو نداشتم واو محمد نام داشت مراشرم آمد لفظ محمد برزبان من كذرد وقتى كه بى وضو باشم جه اين لفظ نشانة حضرت سيد انام است
هزار بار بشويم دهن بمشك وكلاب ... هنوز نام توبردن ادب نمى دانم
وكان رجل فى بنى اسرائيل عصى الله مائة سنة ثم مات فاخذه فالقوة فى مزبلة فاوحى الله تعالى الى موسى ان اخرجه وصل عليه قال يا رب بنى اسرائيل شهدوا انه عصاك مائة سنة فاوحى الله اليه انه هكذا الا انه كان كلما نشر التوراة نظر الى محمد قبله ووضعه على عينيه فشكرت له ذلك وغفرت له وزوجته سبعين حوراء
قال اهل التفسير لما نكح النبى عليه السلام زينب بعد انقضاء عدتها استطال لسان المنافقين وقالوا كيف نكح زوجة ابنة لنفسه وكان من حكم العرب ان من تبنى ولدا كان كولده من صلبه فى التوريث وحرمة نكاح امرأته على الاب المتبنى واراد الله ان يغير هذا الحكم فانزل { ما كان محمد } { ابا احد } [ بدر هيج كس ] { من رجالكم } [ از مردان شما ] على الحقيقة يعنى بالنسب والولادة حتى يثبت بينه وبينه ما بين الوالد وولده من حرمة المصاهرة وغيرها ولا ينتقض عمومه بكونه ابا للطاهر والقاسم وابراهيم لانهم لم يبلغوا مبلغ الرجال لان الرجل هو الذكر البالغ : [ ايشان بمبلغ رجال نرسيدند اورا فى الحقيقة بسر صلبى نيست كه ميان وى وآن بسر حرمت مصاهرت باشد ] ولو بلغوا لكانوا رجالهم وكذا الحسن الحسين رضى الله عنهما لانهما ابنا النبى عليه السلام بشهادة لفظه عليه السلام على انهما ايضا لم يكونا رجلين حينئذ بل طفلين او المقصود ولده خاصة لا ولد ولده
قال فى الاسئلة المقحمة كان الله عالما فى الازل بان لا يكون لذكور اولاد رسوله نسل ولا عقب وانما يكون نسبه لاناث اولاده دون ذكرانهم فقال { ما كان محمد ابا احد من رجالكم } فعلى هذا كان من قبيل معجزاته على صدقه فان المخبر عنه قد حصل كما اخبر وقد صدق الخبر انتهى وابناء النبى عليه السلام على الصحيح ثلاثة .(11/62)
القاسم وبه يكنى اذ هو اول اولاده عاش سنتين ومات قبل البعثة بمكة . وعبد الله وهو الطيب الطاهر مات فى الرضاع بعد البعثة ودفن بمكة وهما من خديجة رضى الله عنها . وابراهيم من مارية القبطية ولد فى ذى الحجة فى ثمان من الهجرة عق عنه عليه السلام بكبشين يوم سابع ولاده وحلق رأسه وتصدق بزنة شعره فضة على المساكين وامر بشعره فدفن فى الارض ومات فى الرضاع وهو ابن ثمانية عشر شهرا ودفن بالبقيع وجلس عليه السلام على شفير القبرورش على قبره ماء وعلم على قبره بعلامة ولقنه وقال « يا بنى قل الله ربى ورسول الله ابى والاسلام دينى » ومن ههنا ذهب بعضهم الى ان الاطفال يسألون فى القبر العقل يكمل لهم فيسن تلقينهم وذهب جمع الى انهم لا يسألون وان السؤال خاص بالمكلف
قال السيوطى لم يثبت فى التلقين حديث صحيح ولا حسن بل حديثه ضعيف باتفاق جمهور المحدثين ولهذا ذهب جمهور الامة الا ان التلقين بدعة حسنة وآخر من افتى بذلك عز الدين بن عبد السلام وانما استحبه ابن الصلاح وتبعه النووى نظرا الى ان الحديث الضعيف يعمل به فى فضائل الاعمال وحينئذ فقول الامام السبكى حديث التلقين اى تلقين النبى عليه السلام لابنه ليس له اصل اى اصل صحيح او حسن كذا فى انسان العيون وبقية الكلام فى السؤال والتلقين سبق فى سورة ابراهيم عليه السلام عند قوله تعالى { يثبت الله الذين آمنوا } الآية { ولكن رسول الله } الرسول والمرسل بمعنى واحد من ارسلت فلانا فى رسالة فهو مرسل ورسول
قال القهستانى الرسول فعول مبالغة مفعل بضم الميم وفتح العين بمعنى ذى رسالة امس من الارسال وفعول هذا لم يأت الا نادرا وعرفا هو من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او انسانا بخلاف النبى فانه مختص بالانسان وهذا الفرق هو المعول عليه انتهى . والمعنى ولكن كان رسول الله وكل رسول الله ابو امته لكن لا حقيقة بل بمعنى انه شفيق ناصح لهم وسبب لحياتهم الابدية واجب التوقير والطاعة له ولذا حرمت ازواجه عليه السلام على امته حرمة امهاتهم فانه من باب التعظيم وما زيد بن حارثة الا واحد من رجالكم الذين لا ولادة بينهم وبينه عليه السلام فحكم حكمهم وليس للتبنى والادعاء حكم سوى التقريب والاختصاص
قال بعضهم لم يسمه لنا ابا لانه لو سماه ابا لكان يحرم نكاح اولاده كما حرمت على الامة نساؤه لكونهن امهاتهم او لانه لو سماه ابا لكان يحرم عليه ان يتزوج من نساء امته كما يحرم على الاب ان يتزوج بابنته وتزوج بنات امته ليس بحرام
قال فى كشف الاسرار [ هو جند اسم بدرى ازوبيفكند اما از همه بدران مشفق ومهر بانتر بود قال عليه السلام(11/63)
« انا لكم مثل الوالد لولده » كفته اند شفقت او برامت ازشفقت بدران افزون بود اما اورا بدرامت نخوانند ازبهر آنكه در حكم ازلى رفته ك روز قيامت دران عرصة كبرى كه سرا بردة قهارى بزنند وبساط عظمت بكسترانند وترازوى عدل بياويزند وزندان عذاب از حجاب بيرون آرند جانها بكلو رسد زبانها فصيح كردد وعذرها همه باطل شود نسبها بريده كردد بدرانه همه از فرزندان بكريزند جنانكه رب العزت كفت « يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه » آدم كه بدر همكانست فراييش آيد بارخدايا آدم را بكذارد بافرزندان تودان كه جه كنى نوح هم آن كويد ابراهيم هم آن كويد وموسى وعيسى وديكر ييغمبران هم آن كويند از سياست قيامت وفزع او همه بكر بزند وبخود در ماند ندوبافر زندان نبردازند وكويند ( نفسى نفسى ) خدا وندا مارا برهان وباقر زندان هرجه خواهى كن ومصطفى عربى عليه السلام رحمت وشفقت بكشاده كه بار خدايا امت من مشتى ضعيفان وبيجار كانند طاقت عذاب وعقاب توندار ندبر ايشان ببخشاى ورحمت كن وبامحمد هرجه خواهى ميكن بحكم آنكه رازل رفته كه بدران ازفر زندان بكر يزند آن روز اورا بدر نخوانند تازيشان نكريزد وازبهر ايشان شفاعت كند وديكر اورا نخوانند كه اكر بدر بودى كواهى بدر مريسر قبول نكند در شرع واو صلوات الله عليه در قيامت بعدالت امت كواهى خواهداد ] وذلك قوله تعالى { لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسل عليكم شهيدا } { وخاتم النبيين } قرأ عاصم بفتح التاء وهو آلة الختم بمعنى ما يختم به كالطابع بمعنى ما يطبع به . والمعنى وكان آخرهم الذى ختموا به : وبالفارسية [ مهر ييغمبران يعنى بدو مهر كرده شد در نبوت وييغمبر انرا بدوختم كرده اند ] وقرأ الباقون بكسر التاء اى كان خاتمهم اى فاعل الختم بالفارسية [ مهر كنندة ييغمبرانست ] وهو بالمعنى الاول ايضا
وفى المفردات لانه ختم النبوة اى تممت بمجيئة واياما كان فلو كان له ابن بالغ لكان نبيا ولم يكن هو عليه السلام خاتم النبيين كما يروى انه قال فى ابنه ابراهيم « لو عاش لكان نبيا » وذلك لان اولاد الرسل كانوا يرثون النبوة قبله من آباهم وكان ذلك من امتنان الله عليهم فكانت علماء امته ورثته عليه السلام من جهة الولاية وانقطع ارث النبوة بختميته ولا يقدح فى كونه خاتم النبيين نزول عيسى بعده لان معنى كونه خاتم النبيين انه لا ينبأ احد بعده كما قال لعلى رضى الله عنه(11/64)
« انت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبى بعدى » وعيسى ممن تنبأ قبله وحين ينزل انما ينزل على شريعة محمد عليه السلام مصليا الى قبلته كأنه بعض امته فلا يكون اليه وحى ولا نصب احكام بل يكون خليفة رسول الله
فان قلت قد روى ان عيسى عليه السلام اذا نزل فى آخر الزمان يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويزيد فى الحلال ويرفع الجزية عن الكفرة فلا يقبل الا الاسلام
قلت هذه من احكام الشريعة المحمدية لكن ظهورها موقت بزمان عيسى وبالجملة قوله { وخاتم النبيين } يفيد زيادة الشفقة من جانبه والتعظيم من جهتهم لان النبى الذى بعده نبى يجوز ان يترك شيأ من النصيحة والبيان لانها مستدركة من بعده واما من لا نبى بعده يكون اشفق على امته واهدى بهم من كل الوجوه
شمسة نه مسند وهفت اختران ... ختم رسل خواجة ييغمبران
( نظم )
احمد مرسل كه نوشته قلم ... حمد بنام وى وحم هم
جون شدجه او مظهر الله هاد ... در ره ارشاد وجودش نهاد
جملة اسباب هدى از خدا ... كرد بتقرير بديعش ادا
{ وكان الله بكل شئ عليما } فيعلم من يليق بان يختم به النبوة وكيف ينبغى لشانه ولا يعلم احد سواه ذلك
قال ابن كثير فى تفسير هذه الآية هى نص على انه لا نبى بعده واذا كان لا نبى بعده فلا رسول بطريق الاولى والاحرى لان مقام الرسالة اخص من مقام النبوة فان كل رسول نبى ولا ينعكس وبذلك وردت الاحاديث المتواترة عن رسول الله فمن رحمة الله بالعباد ارسال محمد اليهم ثم من تشريفه له ختم الانبياء والمرسلين به واكمال الدين الحنيف له وقد اخبر الله فى كتابه ورسوله فى السنة المتواترة عن انه لا نبى بعده ليعلموا ان كل من ادعى هذا المقام بعده كذاب افاك دجال ضال مضل ولو تخرق وشعبذ واتى بانواع السحر والطلاسم والنير نجيات فكلها محال وضلال عند اولى الالباب كما اجرى سبحانه على يدى الاسود العبسى باليمن ومسيلمة الكذاب باليمامة من الاحوال الفاسدة والاقوال الباردة ما علم كل ذى لب وفهم وحجى انهما كاذبان ضالان لعنهما الله تعالى وكذلك كل مدع لذلك الى يوم القيامة حتى يختموا بالمسيح الدجال يخلق الله معه من الامور ما يشهد العلماء والمؤمنون بكذب ما جاء بها انتهى
ولما نزل قوله تعالى { وخاتم النبيين } استغرب الكفار كون باب النبوة مسدودا فضرب النبى عليه السلام لهذا مثلا ليتقرر فى نفوسهم وقال « ان مثلى ومثل الانبياء من قبلى كمثل رجل بنى بنيانا فاحسنه واجمله الا موضع لبنة فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة فانا اللبنة وانا خاتم النبيين »(11/65)
قال فى بحر الكلام وصنف من الروفض قالوا بان الارض لا تخلو عن النبى والنبوة صارت ميراثا لعلى واولاده ويفرض على المسلمين طاعة على وكل من لا يرى اطاعته يكفر
وقال اهل السنة والجماعة لا نبى بعد نبينا لقوله تعالى { ولكن رسول الله وخاتم النبيين } وقوله عليه السلام « لا نبى بعدى » ومن قال بعد نبينا نبى يكفر لانه انكر النص وكذلك لو شك فيه لان الحجة تبين الحق من الباطل . ومن ادعى النبوة بعد موت لا يكون دعواه الا باطلا انتهى وتنبأ رجل فى زمن ابى حنيفة وقال امهلونى حتى اجئ بالعلامات فقال ابو حنيفة من طلب منه علامة فقد كفر لقوله عليه السلام « لا نبى بعدى » كذا فى مناقب الامام
وفى الفتوحات المكية وانما لم يعطف المصلى السلام الذى سلم به على نفسه بالواو على السلام الذى سلم به على نبيه اى لم يقل والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين بعد قوله السلام عليك ايها النبى لانه لو عطفه عليه وقال والسلام علينا على نفسه من جهة النبوة وهو باب قد سده اله كما سد باب الرسالة عن كل مخلوق بمحمد الى يوم القيامة وتعين بهذا انه لا مناسبة بينان وبين رسول الله فانه فى المرتبة التى لا تنبغى لنا فابتدأنا بالسلام علينا فى طورنا من غير عطف والمقام المحمدى ممنوع دخوله لنا وغاية معرفتنا بالنظر اليه كما تنظر الكواكب فى السماء وكما ينظر اهل الجنة السفلى الى من هو فى عليين . وقد وقع للشيخ ابى يزيد البسطامى فى مقام النبى قدر خرم ابرة تجليا لا دخولا فاحترق
وفى الفصوص وشرحه للجامى لا نبى بعده مشرعا او مشر عاله والاول هو الآتى بالاحكام الشرعية من غير متابعة لنبى آخر قبله كموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام والثانى هو المتبع لما شرعه له النبى المقدم كانبياء بنى اسرائيل اذكلهم كانوا داعين الى شريعة موسى فالنبوة والرسالة منقطعتان عن هذا الموطن بانقطاع الرسول الخاتم فلم يبق الا النبوة اللغوية التى هى الانباء عن الحق واسمائه وصفاته واسرار الملكوت والجبروت وعجائب الغيب ويقال لها الولاية وهى الجهة التى تلى الحق كما ان النبوة هى الجهة التى تلى الحق فالولاية باقية دائمة الى قيام الساعة
يقول الفقير كان له عليه السلام نوران نور النبوة ونور الولاية فلما انتقل من هذا الموطن بقى نور النبوة فى الشريعة المطهرة وهى باقية فكأن صاحب الشريعة حى بيننا لم يمت وانتقل نور الولاية الى باطن قطب الاقطاب يعنى ظهر فيه ظهورا تاما فكان له مرآه وهو واحد فى كل عصر ويقال له قطب الوجود وهو مظهر التجلى الحقى .(11/66)
واما قطب الارشاد فكثير وهم مظاهر التجلى العينى
قال فى هدية المهديين اما الايمان بسيدنا محمد عليه السلام فانه يجب بانه رسولنا فى الحالة وخاتم الانبياء والرسل فاذا آمن بانه رسول ولم يؤمن بانه خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا
وقال فى الاشباه فى كتاب السير اذا لم يعرف ان محمدا عليه السلام آخر الانبياء فليس بمسلم لانه من الضروريات
وفى الآية اشارة الى قطع نسبه عن الخلق لانه نفى الابوة لرجال الناس والى اثبات نسبه لا ولاده وآله ففى قوله { من رجالكم } تشريف لهم وانهم ليسوا كرجالهم بل هم المخصوصون بزيادة الانعام لا ينقطع حسبهم ونسبهم كما قال عليه السلام « كل حسب ونسب ينقطع الاحسبى ونسبى » اى فانه يختم باب التناسل برجل من اهل البيت من صلب المهدى خاتم الخلافة العامة وخاتم الولاية الخاصة ولا يلزم من ذلك ان يكون منهم انبياء ولو جاء بعده نبى لجاء على رضى الله عنه لانه كان منه عليه السلام بمنزلة هارون من موسى فاذا لم يكن هو نبيا لم يكن الحسنان ايضا نبيين لانهما لم يكونا افضل من ابيهما
قال بعض الكبار الحسب فى الحقيقة الفقر والنسب التقوى فمن اراد ان يرتبط برسول الله وان يكون من آله المقبولين فليرتبط بهذين
[ درعيون الاجوبة آورده كه صحت هر كتابى بمهراوست حق تعالى ييغمبررا مهر كفت تادانند كه تصحيح دعوت محبت الهى جز بمتابعت حضرت رسالتنا هى نتوان كرد { ان كنتم تحبون الله فاتبعونى } وشرف بزركوارئ كتاب بمهر اوست شرف جملة انبياء نيز بدان حضر تست وشاهد هر كتاب مهر اوست بس شاهد همه در محكمة قيامت او خواهد بود { وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } وجون كتبا را مهر كردند كتاب درجهان باقى شد جون نبوت بدان حضرت سمعت اختتام يافت در نبوت بسته كشت وديكر جون ازهمه انبيا بمهر مخصوص بختميت ايشان نيز اختصاص يافت ] : وفى المثنوى
بهر اين خاتم شده است اوكه بجود ... مثل او ونى خواهند بود
جونكه در صنعت بود استاد دست ... نى تو كويى ختم صنعت برتواست
قال فى حل الرموز الختم اذا كان على الكتاب لا يقدر احد على فكه كذلك لا يقدر احد ان يحيط بحقيقة علوم القرآن دون الخاتم وما دام خاتم الملك على الخزانة لا يجسر احد على فتحها ولا شك ان القرآن خزانة جميع الكتب الالهية المنزلة من عند الله ومجمع جواهر العلوم الالهية والحقائق اللدنية فلذلك خص به خاتم النبيين محمد عليه السلام ولهذا السر كان خاتم النبوة على ظهره بين كتفيه لان خزانة الملك تختم من خارج الباب لعصمة الباطن وما فى داخل الخزانة .(11/67)
وفى الخبر القدسى « كنت كنزا مخفيا » فلا بد للكنز من المفتاح والخاتم فسمى عليه السلام بالخاتم لانه خاتمه على خزانة كنز الوجود وسمى بالفاتح لانه مفتاح الكنز الازلى به فتح وبه ختم ولا يعرف ما فى الكنز الا بالخاتم الذى هو المفتاح قال تعالى « فاحببت ان اعرف » فحصل العرفان بالفيض الحثى على لسان الحبيب ولذلك سمى الخاتم حبيب الله لان اثر الختم على كنز الملك صورة الحب لما فى الكنز [ كفته اند معنئ خاتم النبيين آنست كه رب العزة نبوت همه انبيا جمع كرد ودل مصطفى عليه السلام را معدن آن كرد ومهر نبوت ] بران نهاد تاهيج دشمن بموضع نبوت راه نيافت نه هواى نفس نه وسوسة شيطان ونه خطرات مذمومة وديكر ييغمبرا نرا اين مهر نبوت نبود لا جرم ازخطرات وهواجس امين نبودند بس رب العالمين كمال شرف مصطفار آن مهركه در دل وى نهاد نكذاشت تا درميان دو كتف وى آشكارا كرد تاهر كسى كه نكرستى آنرا ديدى همجو خانة كبوترى ]
وفى صفاته عليه السلام بين كتفيه خاتم النبوة ووجه كونه بين كفتيه يعرف مما نقله الامام الدميرى فى حياة الحيوان ان بعض الاولياء سأل الله تعالى ان يريه كيف يأتى الشيطان ويوسوس فاراه الحق تعالى هيكل الانسان فى صورة بللور وبين كتفيه شامة سوداء كالعش والوكر فجاء الخناس يتجسس من جميع جوانبه وهو فى صورة خنزير له خرطوم كخرطوم الفيل فجاء من بين الكتفين فادخل خرطومه قبل قلبه فوسوس اليه فذكر الله فخنس وراءه ولذلك سمى بالخناس لانه ينكص على عقبيه مهما حصل نور الذكر فى القلب وكان خاتمه مثل زرّ الحجلة وهو طائر على قدر الحمامة احمر المنقار والرجلين ويسمى دجاج البر
قال الترمذى وزّرها بيضها
قال الدميرى والصواب حجلة السرير واحدة الحجال وزّرها الذى يدخل فى عروتها وكان حول ذلك الخاتم شعرات مائلة الى الخضرة مكتوب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله او محمد نبى امين او غير ذلك كما قال فى السبعيات كان خاتم النبوة « تبخيخ هيصور توجه حيث شئت فانك منصور » والتوفيق بين الروايات بتعدد الخطوط وتنوعها بحسب الحالات والتجليات او بالنسبة الى انظار الناظرين ولكون ما بين الكتفين مدخل الشيطان كان عليه السلام يحتجم بين كتفيه ويأمر بذلك ووصاه جبريل بذلك لتضعيف مادة الشيطان وتضييق مرصده لانه يجرى وسوسته محرى الدم وعصم عليه السلام من وسوسته لقوله « اعاننى الله عليه فاسلم » اى بالختم الالهىّ وما اسلم قرين آدم فوسوس اليه لذلك
وفى سفر السعادة ان النبى عليه السلام لما سحره اليهودى ووصل المرض الى اللذات المقدسة النبوية امر بالحجامة على قبة رأسه المباركة واستعمال الحجامة فى كل متضرر فى السحر غاية الحكمة ونهاية حسن المعالجة ومن لا حظ له فى الدين والايمان يستشكل هذا العلاج وفى الحديث(11/68)
« الحجامة فى الرأس شفاء من سبع » من الجنون والصداع والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة يجدها فى عينيه والحجامة فى البلاد الحارة انفع من الفصد وروى انه عليه السلام ما شكا اليه رجل وجعا فى رأسه الا قال « احتجم » ولا وجعا فى رجليه الا قال « اخضبه » وخير ايام الحجامة يوم الاحد والاثنين
وجاء فى بعض الروايات النهى عن يوم الاحد واختار بعضهم يوم الثلاثاء وكرهه بعضهم وتكره يوم السبت والاربعاء الا ان يكون قد غلب عليه الدم وخير ازمانها الربيع بعد نصف الشهر فى السابع عشر والتاسع عشر والحادى والعشرين فالاولى ان تكون فى الربع الثالث من الشهر لانه وقت هيجان الدم وتكره فى المحاق وهو ثلاثة ايام من آخر الشهر ولا يستحب ان يحتجم فى ايام الصيف فى شدة الحر ولا فى شدة البرد فى ايام الشتاء وخير اوقاتها من لدن طلوع الشمس الى وقت الضحى وتستحب الحجامة على الريق فانها شفاء وبركة وزيادة فى العقل والحفظ وعلى الشبع داء الا اذا كان ضرر فليذق او لا شيأ قليلا ثم ليحتجم واذا اراد الحجامة يستحب ان لا يقرب النساء قبل ذلك بيوم وليلة وبعده مثل ذلك ولا يدخل فى يومه الحمام واذا احتجم او افتصدوا لا ينبغى ان يأكل على اثره ما لحا فانه يخاف منه القروح او الجرب ولا يأكل رأسا ولا لبنا ولا شيأ مما يتخذ من اللبن ويستحب على اثره الخل ليسكن ما به ثم يحسو شيأ من المرقة ويتناول شيأ من الحلاوة ان قدر عليه كما فى بستان العارفين والله الشافى وهو الكافى(11/69)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41)
{ يا ايها الذين آمنوا اذكروا الله } بما هو اهله من التهليل والتحميد والتكبير ونحوها . والذكر احضار الشئ فى القلب او فى القول وهو ذكر عن نسيان وهو حال العامة او ادامة الحضور والحفظ وهو حال الخاصة اذ ليس لهم نسيان اصلا وهم عند مذكورهم مطلقا { ذكرا كثيرا } فى جميع الاوقات ليلا ونهارا صيفا وشتاء وفى عموم الامكنة برا وبحرا سهلا وجبلا وفى كل الاحوال حضرا وسفرا صحة وسقما سرا وعلانية قياما وقعودا وعلى الجنوب وفى الطاعة بالاخلاص وسؤال القبول والتوفيق وفى المعصية بالامتناع منها وبالتوبة والاستغفار وفى النعمة بالشكر وفى الشدة بالصبر فانه ليس للذكر حد معلوم كسائر الفرائض ولا لتركه عذر مقبول الا ان يكون المرء مغلوبا على عقله
واحوال الذاكرين متفاوتة يتفاوت اذكارهم
فذكر بعضهم بمجرد اللسان بدون فكر مذكوره ومطالعة آثاره بعقله وبدون حضور مذكورة ومكاشفة اطواره بقلبه وبدون انس مذكوره ومشاهدة انواره بروحه وبدون فنائه فى مذكوره ومعاينه اسراره بسره
وهذا مردود مطلقا
وذكر بعضهم باللسان والعقل فقد يذكر بلسانه ويتفكر مذكوره ويطالع آثاره بعقله لكن ليس له الحضور والانس والفناء المذكور وهو ذكر الابرار مقبول بالنسبة الى الاول
وذكر بعضهم باللسان والعقل فقد يذكر بلسانه ويتفكر مذكوره ويطالع آثاره بعقله ولكن ليس له الحضور والانس والفناء فقط بدون الانس والفناء المذكور وهو ذكر اهل البداية من المقربين مقبول بالنسبة الى ذكر الابرار وما تحته
وذكر بعضهم باللسان والعقل والقلب والروح والسر جميعا وهو ذكر ارباب النهاية من المقربين من الانبياء والمرسلين والاولياء الا كملين وهو مقبول مطلقا وللارشاد الى هذه الترقيات قال عليه السلام « ان هذه القلوب من ظلماتها واكدارها »
ثم قيل يا رسول الله فما جلاؤها قال « تلاوة كتاب الله وكثرة ذكره » فبكثرة الذكر يترقى السالك من مرتبة اللسان الى ما فوقها من المراتب العالية ويصقل مرآة القلب من ظلماتها واكدارها
ثم ان ذكر الله وان كان يشتمل الصلاة والتلاوة والدراسة ونحوها الا ان افضل الاذكار لا اله الا الله فالاشتغال به منفردا مع الجماعة محافظا على الآداب الظاهرة والباطنة ليس كالاشتغال بغيره [ سلمى كويد مراد ازذكر كثير ذكر دلست جه دوام ذكر بزبان ممكن نيست ]
وقال بعضهم الامر بالذكر الكثير اشراة الى محبة الله تعالى يعنى احبوا الله لان النبى عليه السلام قال من احب شيأ اكثر من ذكره [ نشان دوستى آنست كه نكذارك كه زبان ازذكر دوست يا دل ازفكر او خالى ماند ]
درهيج مكان نيم زفكرت خالى ... در هيج زمان نيم زذ كرت غافل
فاوجب الله محبته بالاشارة فى الذكر الكثير وانما اوجبها بالاشارة دون العبارة الصريحة لان اهل المحبة هم الاحرار عن رق الكونين والحر تكفيه الاشارة وانما لم يصرح بوجوب المحبة لانها مخصوصة بقوم دون سائر الخلق كما قال { فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه } فعلى هذا بقوله { فاذكرونى اذكركم } يشير الى احبونى احببكم
بدرياى محبت آشنا باش ... صدف سان معدن در صفا باش(11/70)
وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)
{ وسبحوه } ونزهوه تعالى عما لا يليق به
قال فى المفردات السبح المر السريع فى الماء او فى الهواء والتسبيح تنزيه الله واصله المر السريع فى عباده الله وجعل عاما فى العبادات قولا كان او فعلا اونية { بكرة واصيلا } اى اول النهار وآخره وقد يذكر الطرفان ويفهم منها الوسط فيكون المراد سبحوه فى جميع الاوقات خصوصا فى الوقتين المذكورين المفضلين على سائر الاوقات لكونهما مشهودين على ما دل عليه قوله عليه السلام « يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار » وافراد التسبيح من بين الاذكار لكونه العمدة فيها من حيث انه من باب التحلية وفى الحديث « اربع لا يمسك عنهن جنب سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر » فاذا قالها الجنب فالمحدث اولى فلا منع من التسبيح على جميع الاحوال الا ان الذكر على الوضوء والطهارة من آداب الرجال
وفى كشف الاسرار [ وسبحوه اى صلوا له بكره يعنى صلاة الصبح واصيلا يعنى صلاة العصر ] اين تفسير موافق آن خبرست كه مصطفى عليه السلام كفت ( من استطاع منكم ان لا يغلب على صلاة قبل طلوع الشمس ولا غروبها فليفعل ) ميكويد هركه تواند ازشما كه مغلوب كارها وشغل دنيوى نكردد برنماز بامداد ييش از برآمدن آفتاب ومناز ديكر ييش ازفروشدن آفتاب باجنين كند اين هردو نماز بذكر مخصوص كرد ازبهر آنكه بسيار افتد مردم را اين دو وقت تقصير كردن درنماز وغافل بودن ازان اما نماز بامداد بسبب خواب ونماز ديكر بسبب امور دنيا ونيز شرف اين دونماز درميان نمازها ييداست نماز بامداد شهود فرشتكانست ] لقوله تعالى { ان قرآن الفجر كان مشهودا } والله تعالى يقسم الارزاق وينزل البركات ويستجيب الدعوات فيما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس فلا بد من ترك الغفلة فى تلك الساعة الشريفة وفى الحديث « من صلى الفجر فى جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كاجر حجة وعمرة تامة تامة تامة » ومن هنا لم يزل الصوفية المتأدبون يجتمعون على الذكر بعد صلاة الصبح الى وقت صلاة الاشراف فللذكر فى هذا الوقت اثر عظيم فى النفوس وهو اولى من القراءة كما دل عليه قوله عليه السلام « ثم قعد يذكر الله » على ما فى شرح المصابيح ويؤيده ما ذكر فى القنية من ان الصلاة على النبى عليه السلام والدعاء والتسبيح افضل من قراءة القرآن فى الاوقات التى نهى عن الصلاة فيها . وذكر فى المحيط انه يكره الكلام بعد انشقاق الفجر الى صلاته وقيل بعد صلاة الفجر ايضا الى طلوع الشمس وقيل الى ارتفاعها وهو كمال العزيمة
قال بعض الكبار اذا قارب طلوع الشمس يبتدئ بقراءة المسبعات وهى من تعليم الخضر عليه السلام علمها ابراهيم التيمى وذكر انه تعلمها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وينال بالمداومة عليها جميع المتفرق فى الاذكار والدعوات وهى عشرة اشياء سبعة الفاتحة والمعوذتان وقل هو الله احد وقل يا ايها الكافرون وآية الكرسى وسبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر والصلاة على النبى عليه السلام وآله بان يقول اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد وسلم والاستغفار بان يقول اللهم اغفر لى ولوالدىّ ولجميع المؤمنين والمؤمنات وقوله سبعا اللهم افعل بنا وبهم عاجلا وآجلا فى الدين والدنيا والآخرة ما انت له اهل ولا تفعل بنا وبهم يا مولانا ما نحن له اهل انك غفور حليم جواد كريم رؤف رحيم
روى ان ابراهيم التيمى لما قرأ هذه بعد ان تعلمها من الخضر رأى فى المنام انه دخل الجنة ورأى الملائكة والانبياء واكل من طعام الجنة ومكث اربعة اشهر لم يطعم لكونه اكل من طعام الجنة ويلازم الذاكر موضعه الذى صلى فيه مستقبل القبلة الا ان يرى انتقاله الى زاوية فانه اسلم لدينه كيلا يحتاج الى حديث او نحوه مما يكره فى ذلك الوقت فان حديث الدنيا ونحوه يبطل ثواب العمل وشرف الوقت فلا بد من محافظة اللسان من غير ذكر الله ومحافظة القلب عن غير فكره فان اللسان والقلب اذا لم يتوافقا كان مجرد ولولة الواقف على الباب وصوت الحارس على السطح : وفى المثنوى(11/71)
ذكر آرد فكررا دراهتزاز ... ذكررا خورشيد اين افسرده ساز
اصل خود جذبه است ليك اى خواجه تاش ... كار كن موقوف آن جذبه مباش
زانكه ترك كار جون نازى بود ... نازكى درخورو جانبازى بود
نى قبول انديش ونى رد اى غلام ... امرراو نهى را مى بين مدام
مرغ جذبه ناكهان برد زعش ... جون بديدى صبح شمع آنكه بكش
جشمها جون شد كذاره نوراوست ... مغزها مى بيند اودر عين بوست
بيند اندر ذره خورشيد بقا ... بيند اندر قطره كل بحررا
نسأل الله الحركات التى تورث البركات انه قاضى الحاجات(11/72)
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)
{ هو الذى } [ اوست آن خداونديكه ] { يصلى عليكم } يعتنى بكم بالرحمة والمغفرة والتزكية [ والاعتناء : عنايت ورعايت داشتن ] { ملائكته } عطف على المستكن فى يصلى لمكان الفصل المغنى عن التأكيد بالمنفصل اى ويعتنى ملائكته بالدعاء والاستغفار فالمراد بالصلاة المعنى المجازى الشامل للرحمة والاستغفار وهو الاعتناء بما فيه خيرهم وصلاح امرهم
عن السدى قالت بنوا اسرائيل لموسى عليه السلام أيصلى ربنا فكبر هذا الكلام عليه فاوحى الله اليه ان قل لهم انى اصلى وان صلاتى رحمتى التى تطفئ غضبى وقيل له عليه السلام ليلة المعراج ( قف يا محمد فان ربك يصلى ) فقال عليه السلام ان ربى عن ان يصلى فقال تعالى « انا الغنى عن ان اصلى لاحد وانما اقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتى غضبى اقرأ يا محمد هو الذى يصلى عليكم وملائكته الآية فصلاتى رحمة لك ولامتك » فكانت هذه الآية الى قوله رحيما مما نزلت بقاب قوسين بلا وساطة جبريل عليه السلام . وفى رواية لما وصلت الى السماء السابعة قال لى جبريل رويدا اى قف قليلا فان ربك يصلى قلت أهو يصلى قال نعم قلت وما يقول قال « سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتى غضبى »
وفى التأويلات النجمية يشير الى انكم ان تذكرونى بذكر محدث فانى قد صليت عليكم بصلاة قديمة لا اول لها ولا آخر وانكم لولا صلاتى عليكم لما وفقتم لذكرى كما ان محبتى لو لم تكن سابقة على محبتكم لما هديتم الى محبتى واما صلاة الملائكة فانما هى دعاء لكم على انهم وجدوا رتبة الموافقة مع الله فى الصلاة عليكم ببركتكم ولولا استحقاقكم لصلاة الله عليكم لما وجدوا هذه الرتبة الشريفة
وفى عرائس البقلى صلوات الله اختياره للعبد فى الازل بمعرفته ومحبته فاذا خص وجعل زلاته مغفورة وجعل خواص ملائكته مستغفرين له لئلا يحتاج الى الاستغفار بنفسه لاشتغاله بالله وبمحبته
قال ابو بكر بن طاهر صلوات الله على عبده ان يزينه بانوار الايمان ويحليه التوفيق ويتوجه بتاج الصدق ويسقط عن نفسه الاهواء المضلة والارادات الباطلة ويجعل له الرضى بالمقدور : قال الحافظ
رضا بداده بده وزجبين كره بكشاى ... كه برمن وتو در اختيار نكشا دست
{ ليخرجكم } الله تعالى بتلك الصلاة والعناية وانما لم يقل ليخرجاكم لئلا يكون للملائكة منه عليهم بالاخراج ولانهم لا يقدرون على ذلك لان الله هو الهادى فى الحقيقة لا غير { من الظلمات الى النور } الظلمة عدم النور ويعبر بها عن الجهل والشرك والفسق ونحوها كما يعبر بالنور عن اضدادها اى من ظلمات الجهل والشرك والمعصية والشك والضلالة والبشرية وصفاتها والربوبية بجذبات تجلى ذاته وصفاته . والمعنى برحمة الله وبسبب دعاء الملائكة فزتم بالمقصود ونلتم الشهود وتنورتم بنور الشريعة وتحققتم بسر الحقيقة
وقال الكاشفى [ مراد از اخراج ادامت واستقامت است برخروج جه دروقت صلات خدا وملائكه بر ايشان در ظلمات نبوده اند ] { وكان } فى الازل قبل ايجاد الملائكة المقربين { بالمؤمنين } يكافتهم قبل وجوداتهم العينية { رحيما } ولذلك فعل بهم ما فعل من الاعتناء بصلاحهم بالذات وبواسطة الملائكة فلا تتغير رحمته يتغير احوال من سعد فى الازل
كرد عصيان رحمت حق را نمى آرد بشور ... مشرب دريا نكردد تيره از سيلابها
ولما بين عنايته فى الاولى وهى هدايتهم الى الطاعة ونحوها بين عنايته فى الآخرة(11/73)
تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)
{ تحيتهم } من اضافة المصدر الى المفعول اى ما يحيون به . والتحية الدعاء بالتعمير بان يقال حياك الله اى جعل لك حياة ثم جعل كل دعاء تحية لكونه جميعه غير خارج عن حصول الحياة او سبب حياة اما لدنيا واما لآخرة { يوم يقلونه } يوم لقائه تعالى عند الموت او عند البعث من القبور او عند دخول الجنة { سلام } تسليم عليهم من الله تعظيما لهم
خوشت ازتوسلامى بما در آخر عمر ... جونامه رفت باتمام والسلام خوشست
او من الملائكة بشارة لهم بالجنة او تكرمة لهم كما فى قوله تعالى { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } او اخبار بالسلامة من كل مكروه وآفة وشدةز وعن انس رضى الله عنه عن النبى عليه السلام « اذا جاء ملك الموت الى ولىّ الله سلم عليه وسلامه عليه ان يقول السلام عليك يا ولى الله قم فاخرج من دارك التى خربتها الى دارك التى عمرتها فاذا لم يكن وليا لله قاله له قم فاخرج من دارك التى عمرتها التى خربتها »
يقول الفقير عمارة الدنيا بزرع الحبوب وتكير القوت وكرى الانهار وغرس الاشجار ورفع ابنية الدور وتزيين القصور وعمارة الآخرة بالاذكار والاعمال والاخلاق والاحوال كما قال المولى الجامى
يا دكن آنكه درشب اسرى ... باحبيب خدا خليل خدا
كفت كوى ازمن اى رسول كرام ... امت خويش را بعد سلام
كه بود باك وخوش زمين بهشت ... ليك آنجا كسى درخت نكشت
خاك او باك وطيب افتاده ... ليك هست از درختها ساده
غرس اشجار آن بسعى جميل ... بسمله حمد له است بس تهليل
هست تكبير نيزاز ان اشجار ... خوش كسى كش جزاين نباشد كار
باغ جنات تحتها الانهار ... سبز وخرم شود ازان اشجار
وفى الآية اشارة الى ان التحية اذا قرنت بالرؤية واللقاء اذا قرن بالتحية لا يكونان الا بمعنى رؤية البصر والتحية خطاب يفاتح به الملوك فبهذا اخبر عن علو شانهم ورفعة درجتهم وانهم قد سلموا من آفات القطعية بدوام الوصلة
قال ابن عطاء اعظم عطية المؤمنين فى الجنة سلام الله عليهم من غير واسطة
سلامت من دلخسته در سلام توباشد ... زهى سعادت اكردولت سلام تويابم
{ واعد لهم } [ وآماده كرد خداى تعالى براى مؤمنان باوجود تحيت برايشان ] { اجرا كريما } ثوابا حسنا دائما وهو نعيم الجنة وهو بيان لآثار رحمته الفائضة عليهم بعد دخول الجنة عقيب بيان آثار رحمته الواصلة اليهم قبل ذلك وايثار الجملة الفعلية دون واجرهم اجر كريم ونحوه لمراعاة الفواصل
وفيه اشارة الى سبق العناية الازلية فى حقهم لان فى الاعداد تعريفا بالاحسان السابق والاجر الكريم ما يكون سابقا على العمل بل يكون العمل من نتائج الكرم(11/74)
قرب تو باسباب وعلل نتوان يافت ... بى سابقة فضل ازل نتوان يافت
بر هرجه توان كرفتن اورا بدلى ... توبى بدلى ترا بدل نتوان يافت
ثم هذه الآية من اكبر نعم الله على هذه الامة ومن ادل دليل على افضليتها على سائر الامم ومن جملة ما اوحى اليه عليه السلام ليلة المعراج « ان الجنة حرام على الانبياء حتى تدخلها يا محمد وعلى الامم حتى تدخلها امتك » فاذا كانوا اقدم فى الدخول للتعظيم كانوا افضل واكثر فى الاجر الكريم ثم ان فقراء هذه الامة اكبر شأنا من اغنيائهم . وعن انس بن مالك رضى الله عنه قال بعث الفقراء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا فقال يا رسول الله انى رسول الفقراء اليك فقال « مرحبا بك وبمن جئت من عندهم جئت من عند قوم احبهم » فقال يا رسول الله ان الفقراء يقولون لك ان الاغنياء ذهبوا بالخير كله هم يحجون ولا نقدر عليه ويتصدقون ولا نقدر عليه ويعتقون ولا نقدر عليه واذا مرضوا بعثوا بفضل اموالهم ذخروا لهم فقال عليه السلام « بلغ الفقراء عنى ان لمن صبر واحتسب منهم ثلاث خصال ليس للاغنياء منها شئ اما الخصلة الاولى فان فى الجنة غرفا من ياقوت احمر ينظر اليها اهل الجنة كما ينظر اهل الدنيا الى النجوم لا يدخلها الا نبى فقير او شهيد فقير او مؤمن فقير والخصلة الثانية يدخل الفقراء الجنة قبل الاغنياء بنصف يوم وهو خمسمائة عام والخصلة الثالثة اذا قال الفقير سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر مخلصا وقال الغنى مثل ذلك لم يلحق الغنى بالفقير فى فضله وتضاعف الثواب وان انفق الغنى معها عشرة آلاف درهم وكذلك اعمال البر كلها » فرجع الرسول اليهم واخبرهم بذلك فقالوا رضينا يا رب رضينا ذكره اليافعى فى روض الرياحين
صائب فريب نعمت الوان نمى خوريم ... روزئ خود زخوان كرم مى خوريم ما
قال
افتد هماى دولت اكرد كمند ما ... ازهمت بلند رها مى كنيم ما
وقال الحافظ
ازكران تابكران لشكر ظلمست ولى ... ازازل تابابد فرصت درويشا نست(11/75)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45)
{ يا ايها النبى } نداء كرامة وتعظيم لان الشريف ينادى باللقب الشريف لانداء علامة مثل يا آدم ونحوه { انا ارسلناك شاهدا } الشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصر او بصيرة وهو حال مقدرة من كاف ارسلناك فانه عليه السلام انما يكون شاهدا وقت الأداء وذلك متأخر عن زمان الارسال نحو مررت برجل معه صقر صائدا به غدا اى مقدرا به الصيد غدا . والمعنى انا ارسلناك بعظمتنا مقدر شهادتك على امتك بتصديقهم وتكذيبهم وتؤديها يوم القيامة اداء مقبولا قبول قول الشاهد العدل فى الحكم { ومبشرا } لاهل الايمان والطاعة بالجنة ولاهل المحبة بالرؤية { ونذيرا } ومنذرا لاهل الكفر والعصيان بالنار ولاهل الغفلة بالحجاب(11/76)
وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)
{ وداعيا الى الله } اى الى الاقرار به وبوحدانيته وبسائر ما يجب الايمان به من صفاته وافعاله
وفيه اشارة الى ان نبينا عليه السلام اختص برتبة دعوة الخلق الى الله من بين سائر الانبياء والمرسلين فانهم كانوا مأمورين بدعوة الخلق الى الجنة وايضا دعا الى الله لا الى نفسه فانه افتخر بالعبودية ولم يفتخر بالربوبية ليصح له بذلك الدعاء الى سيده فمن اجاب دعوته صارت الدعوة له سراجا منيرا يدله على سبيل الرشد ويبصر عيوب النفس وغيها { باذنه } اى بتيسيره وتسهيله فاطلق الاذن واريد به التيسير مجازا بعلاقة السببية فان التصرف فى ملك الغير متعسر فاذا اذن تسهل وتيسر وانما لم يحمل على حقيقته وهو الاعلام باجازة الشئ والرخصة فيه لانفهامه من قوله ارسلناك وداعيا الى الله وقيد به الدعوة ايذانا بانها امر صعب لا يتأنى الا بمعونة وامداد من جانب قدسه كيف لا وهى صرف الوجوه عن سمت الخلق الى الخلاق وادخال قلاده غير معهودة فى الاعناق
قال بعض الكبار باذنه اى بامره لا بطبعك ورأيك وذلك فان حكم الطبع مرفوع عن الكمل فلا يدعون قولا ولا عملا الا بالفناء فى ذات الله عز وجل { وسراجا منيرا } السراج الزاهر بفتيلة : يعنى [ آتش بارده كه در فتيلة شمعست ] والسراج المنير بالفارسية [ جزاع روشن ودر خشان ]
اعلم ان الله تعالى شبه نبينا عليه السلام بالسراج لوجوه
الاول انه يستضاء به فى ظلمات الجهل والغواية ويهتدى بانواره الى مناهج الرشد والهداية كما يهتدى بالسراج المنير فى الظلام الى سمت المرام كما قال بعضهم [ حق تعالى ييغمبر مارا جراغ خواند زيرا كه ضوء جراغ ظلمت را محو كند ووجود آن حضرت نيز ظلمت كفررا از عرصة جهان نابود ساخت ]
جراغ روشن از نور خدايى ... جها نرا داده از ظلمت رهايى
والثانى [ هرجه درخانه كم شود بنور جراغ باز توان يافت حقايقى كه ازمر دم بوشيده بود بنور اين جراغ بر مقتبسان انوار معرفت روشن كشت ]
ازو جانرا بدانش آشنا ييست ... وزو جشم جهانرا روشناييست
در كنج معانى بر كشاده ... وزان صاحب دلانرا مايه داده
والثالث [ جزاع اهل خانة سبب امن وراحتسن ودزدرا واسطة خجلت وعقوبت آن حضرت دوستانرا وسيلة سلامتست ومنكرانرا حسرت وندامت ]
والرابع ان السراج الواحد يوقد منه الف سراج ولات ينقص من نوره شئ وقد اتفق اهل الظاهر والشهود على ان الله تعالى خلق جميع الاشياء من نور محمد ولم ينقص من نوره شئ وهذا كما روى ان موسى عليه السلام قال يا رب اريد ان اعرف خزائنك فقال له اجعل على باب خيمتك نارا يأخذ كل انسان سراجا من نارك ففعل فقال هل نقص من نارك قال لا يا رب قال فكذلك خزائنى .(11/77)
وايضا علوم الشريعة وفوائد الطريقة وانوار المعرفة واسرار الحقيقة قد ظهرت فى علماء امته وهى بحالها فى نفسه عليه السلام ألا ترى ان نور القمر مستفاد من الشمس ونور الشمس بحاله وفى القصيدة البردية
فانه شمس فضل هم كواكبها ... يظهرن انوارها للناس فى الظلم
تو مهر منيرى همه اخترند ... تو سلطان ملكى همه لشكرند
اى ان سيدنا محمدا عليه السلام شمس من فضل الله طلعت على العالمين والانبياء اقمارها يظهرن الانوار المستفادة منها وهى العلوم والحكم فى عالم الشهادة عند غيبتها ويختفين عند ظهور سلطان الشمس فينسخ دينه سائر الاديان . وفيه اشارة الى ان المقتبس من نور القمر كالمقتبس من نور الشمس : وفى المثنوى
كفت طوبى من رآنى مصطفى ... والذى يبصر لمن وجهى رأى
جون جراغ نور شمعى را كشيد ... هركه ديد آنرا يقين آن شمع ديد
همجين تا صد جراغ ار نقل شد ... ديدن آخر لقاى اصل شد
خواه ازنور بسين بستان توآن ... هيج فرقى نيست خواه از شمعدان
والخامس انه عليه السلام يضيئ من جميع الجهات الكونية الى جميع العوالم كما ان السراج يضيء من كل جانب وايضا يضيئ لامته كلهم كالسراج لجميع الجهات الا من عمى مثل ابى جهل ومن تبعه على صفته فانه لا يستضيئ بنوره ولا يراه حقيقة كما قال تعالى { وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون } حكى ان السلطان محمود الغزنوى دخل على الشيخ ابى الحسن الخرقانى قدس سره وجلس ساعة ثم قال يا شيخ ما تقول فى حق ابى يزيد البسطامى فقال الشيخ هو رجل من رآه اهتدى فقال السلطان وكيف ذلك وان ابا جهل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخلص من الضلالة قال الشيخ فى جوابه انه ما رأى رسول الله وانما رأى محمد بن عبد الله يتيم ابى طالب حتى لو كان رأى رسول الله لدخل فى السعادة اى رآه عليه السلام من حيث انه رسول معلم هاد لا من حيث انه بشر يتيم . والسادس انه عليه السلام عرج به من العالم السفلى الى العالم العلوى ومن الملك الى الملكوت ومن الملكوت الى الجبروت والعظموت بجذبة ( ادن منى ) الى مقام ( قاب قوسين ) وقرب ( او ادنى ) الى ان نوّر سراج قلبه بنور الله بلا واسطة ملك او نبى ومن هنا قال « لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل » لانه كان فى مقام الوحدة فلا يصل اليه احد الاعلى قدمى الفناء عن نفسه والبقاء بربه فناء بالكلية وبقاء بالكلية بحيث لا تبقى نار نور الالهية من حطب وجوده قدر ما يصعد منه دخان نفسى نفسى وما بلغ كمال هذه الرتبة الا نبينا عليه السلام فانه من بين سائر الانبياء يقول امتى امتى وحسبك فى هذا الحديث المعراج حيث انه عليه السلام وجد فى كل سماء نفرا من الانياء الىن بلغ السماء السابعة ووجد هناك ابراهيم عليه السلام مستندا الى سدرة المنتهى فعبر عنه مع جبريل الى اقصى السدرة وبقى جبرائيل فى السدرة فادلى اليه الرفرف فركب عليه فاداه الى قاب قوسين او ادنى فهو الذى جعل الله له نورا فارسله الى الخلق وقال(11/78)
{ قد جاءكم من الله نور } فاذن له ان يدعو الخلق الى الله بطريق متابعته فانه من يطع الرسول حق اطاعته فقد اطاع الله والذين يبايعونه انما يبايعون الله يدا الله فوق ايديهم فان يده فانية فى يد الله باقية لها وكذلك جميع صفاته تفهم ان شاء الله وتنتفع بها ووصفه تعالى بالانارة حيث قال { منيرا } لزيادة نوره وكماله فيه فان بعض السرج له فتور لا ينير
قال الكاشفى { منيراً } [ تأكيداست يعنى توجراغى نه جون جرا غهاى ديكر كه آن جراغها كاهى مرده باشد وكاهى افروخته واز تو ازوال تا آخر وروشنى جراغها ببادى مقهور شود وهييج كس نور ترا مغلوب نتواند ساخت ] كما قال تعالى { يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون } : وفى المثنوى
هركه برشمع خدا آرد بفو ... شمع كى ميرد بسوزد بوز او
كى شود دريا زبوز سك نجس ... كى شود خورشيد از بف منطمس
[ ديكر جراغها بشب نرو دهند نه بروز وتوشب ظلمت دنيارا بنور دعوت روشن ساختة وروز قيامت را نيز به برتو شفاعت روشن خواهى ساخت ]
شد بدنيا رخش جراغ افروز ... شب ما كشت ز التفاتش روز
باز فردا جراغ افروزد ... كه ازان جرم عاصيان سوزد
[ در كشف الاسرار فرموده كه حق سبحانه آفتاب را جراغ خواندكه { وجعلنا سراجا وهاجا } . وييغمبر مارا نيز جراغ كفت . آن جراغ آسمانست . واين جراغ زمين . آن جراغ دنياست . واين جراغ دين . آن جراغ منازل فلسكت . واين جراغ محافل ملك . آن جراغ آب كلست . واين جراغ جان ودل بطلوع . آن جراغ ازخواب بيدار شوند . وبظهور اين جراغ از خواب عدم برخاسته بعرصه كه وجود آمده اند ]
از ظلمات عدم راه كه برد ... كرنشدى نور تو شمع روان همه
[ واشارت بهمين معنى فرموده از اقليم عدم مى آمدى وييش رو آدم جراغى بود بردستش همه ازنور نخستينست ]
وقال بعضهم المراد بالسراج الشمس وبالمنير القمر جمع له الوصف بين الشمس والقمر دل على ذلك قوله تعالى { تبارك الذى جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا } وانما جمل على ذلك لان نور الشمس والقمر اتم من نور السراج ويقا سماه سراجا ولم يسمه شمسا ولا قمرا لا ينقلان من موضع الى موضع بخلاف السراج الا ترى ان الله تعالى نقله عليه السلام من مكة الى المدينة(11/79)
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47)
{ وبشر المؤمنين } عطف على المقدر اى فراقب احوال امتك وبشر المؤمنين { بان لهم من الله فضلا كبيرا } اى على مؤمنى سائر الامم فى الرتبة والشرف او زيادة على اجور اعمالهم بطريق التفضيل والاحسان روى ان الحسنة الواحدة فى الامم السالفة كانت بواحدة وفى هذه الامة بعشر امثالها الى ما لا نهاية له
وقال بعضهم { فضلا كبيرا } يعنى [ بخششى بزرك زيادة ازمر دكار ايشان يعنى دولت لقاكه بزركتر عطايى وشر يفتر جزايست ]
وفى كشف الاسرار [ داعى را اجابت وسائررا عطيت ومجتهد را معونت وشاكررا زيادت ومطيع را مثوبت وعاصى را قالت نادم را رحمت ومحب را كرامت ومشتاق را لقاء ورؤيت ]
قال ابن عباس رضى الله عنهما لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله عليه السلام عليا ومعاذا فبعثهما الى اليمن وقال « اذهبا فبشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا فانه قد نزل علىّ » وقرأ الآية ما فى فتح الرحمن
ودل الآية والحديث وكذا قوله تعالى { وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين } على انه لا بأس بالجلوس للوعظ اذا اراد به وجه الله تعالى وكان ابن مسعود رضى الله عنه يذكر عشية كل خميس وكان يدعو بدعوات ويتكلم بالخوف الرجاء وكان لا يجعل كله خوفا ولا كله رجاء ومن لم يذكر لعذر وقدر على الاستخلاف فله ذلك ومنه ارسال الخلفاء الى اطراف البلاد فان فيه نفع العباد كما لا يخفى على ذوى الرشاد(11/80)
وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (48)
{ ولا تطع الكافرين } من اهل مكة { والمنافقين } من اهل المدينة ومعناه الدوام اى دم واثبت على ما انت عليه من مخالفتم وترك اطاعتهم واتباعهم
وفى الارشاد نهى عن مداراتهم فى امر الدعوة واستعمال لين الجانب فى التبليغ والمسامحة فى الانذار كنى عن ذلك بالنهى عن طاعتهم مبالغة فى الزجر والتنفير عن النهى عنه بنظمه فى سلكها وتصويره بصورتها { ودع اذيهم } الى لاتبال بايذائهم لك بسبب تصلبك فى الدعوة والانذار
وعن ابن مسعود رضى الله عنه قسم رسول الله قسمة فقال رجل من الانصار ان هذه لقسمة ما اريد بها وجه الله فاخبر بذلك فاحمر وجهه فقال « رحمه الله اخى موسى لقد او ذى باكثر من هذا فصبر »
صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همجو صبر آدم نديد
وفى التأويلات النجمية { ولا تطع } الخ اى لا تتخلق بخلق من اخلاقهم ولا توافق من اعراضنا عنه واغفلنا قلبه عن ذكرنا واضللناه من اهل الكفر والنفاق واهل البدع والشقاق وفيه اشارة الى ارباب الطلب بالصدق ان لا يطيعوا المنكرين الغافلين عن هذا الحديث فيما يدعونهم الى ما يلائم هوى نفوسهم ويقطعون به الطريق عليهم ويزعمونانهم ناصحوهم ومشفقون عليهم وهم يحسنون صنعا { ودع اذاهم } بالبحث والمناظرة على ابطالهم فانهم عن سمع كلمات الحق لمعزولون فتضيع اوقاتك ويزيد انكارهم { وتوكل على الله } فى كل الامور خصوصا فى هذا الشأن فانه تعالى يكفيكهم والعاقبة لك { وكفى بالله وكيلا } موكولا اليه الامور فى كل الاحوال فهو فعيل بمعنى المفعول تمييز من فاعل كفى وهو الله اذا الباء صلة والتقدير وكفى الله من جهة الوكالة فان اهل الدارين لا يكفى كفاية الله فيما يحتاج اليه فمن عرف انه تعالى هو المتكفل بمصالح عباده والكافى لهم فى كل امر اكتفى به فى كل امره فلم يدبر معه ولم يعتمد الا عليه روى ان الحجاج بن يوسف سمع ملبيا يلبى حول البيت رافعا صوته بالتلبية وكان اذذاك بمكة فقال علىّ بالرجل فاتى به اليه فقال ممن الرجل قال من المسلمين فقال ليس عن الاسلام سألتك قال فعمّ سألت قال سألتك عن البلد قال من اهل اليمن قال كيف تركت محمد بن يوسف يعنى اخاه قال تركته عن سيرته قال تركته ظلوما غشوما مكيعا للمخلوق عاصيا للخالق فقال له الحجاج ما حملك على هذا الكلام وانت تعلم مكانه منى قال أترى مكانه منك اعزمنى بمكانى من الله وانا وافد بيته مصدق نبيه فسكت الحجاج ولم يحسن جوابا وانصرف الرجل من غير اذن فتعلق باستار الكعبة وقال اللهم بك اعوذ وبك الود اللهم فرجك القريب ومعروفك القديم وعادتك الحسنة فخلص من يد الحجاج بسبب توكله على الله فى قوله الخشن وبعدم اطاعته وانقياده للمخلوق(11/81)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)
{ يا ايها الذين آمنوا اذا نكحتم }
قال فى بحر العلوم اصل النكاح الوطئ ثم قيل للعقد نكاح مجازا تسمية للسبب باسم المسبب فان العقد سبب الوطئ المباح وعليه قوله تعالى { الزانى لا ينكح الا زانية } اى لا يتزوج ونظيره تسمية النبات غيثا فى قوله رعينا الغيث لانه سبب للنبات والخمر لانها سبب لاكتساب الاثم
وقال الامام الراغب فى المفردات اصل النكاح للعقد ثم استعير للجماع ومحال ان يكون فى الاصل للجماع ثم استعير للعقد لان اسماء الجماع كلها كنايات لاستقباحهم ذكره كاستقباح تعاطيه ومحال ان يستعير من لا يقصد فخشا اسم ما يستفظعونه لما يستحسنونه انتهى
وفى القاموس النكاح الوطئ والعقد والمعنى اذا تزوجتم { المؤمنات } وعقدتم عليهن وخص المؤمنات مع ان هذا الحكم الذى فى الآية يستوى فيه المؤمنات والكتابيات تنبيها على ان من شأن المؤمن ان لا ينكح الا مؤمنة تخيرا لنطفته ويجتنب عن مجانبة الفواسق فما بال الكوافر فالتى فى سورة المائدة تعليم ما هو جائز غير محرم من نكاح المحصنات من الذين اوتوا الكتاب وهذه فيما تعليم ما هو اولى بالمؤمنين من نكاح المؤمنات وقد قيل الجنس يميل الى الجنس : وفى المثنوى
جنس سوى جنس صد بره برد ... بر خيالش بندهارا بر درد
آن يكى را صحبت اخيار خار ... لا جرم شد يلهوى فجار جار
{ ثم طلقتموهن } اصل الطلاق التخلية من وثاق يقال اطلقت الناقة من عقالها وطلقها وهى طالق وطلق لا قيد ومنه استعير طلقت المرأة نحو خليتها فهى طالق اى مخلاة عن حبالة النكاح { من قبل ان تمسوهن } اى تجامعوهن فان لمس اى اللمس كناية عن الوطئ وفائدة ثم ازاحة ما عسى يتوهم ان تراخى الطلاق ريثما تمكن الاصابة يؤثر فى العدة كما يؤثر فى النسب فلا تفاوت فى الحكم بين ان يطلقها وهى قريبة العهد من النكاح وبين ان يطلقها وهى بعيدة منه . قالوا فيه بعضهم انما النكاح عقدة والطلاق قبل النكاح غير واقع لان الله تعالى رتب الطلاق على النكاح كما قال بعضهم انما النكاح عقدة والطلاق يحلها فكيف تحل عقدة لم تعقد فلو قال متى تزوجت فلانه او كل امرأة اتزوجها فهى طالق لم يقع عليه طلاق اذا تزوج عند الشافعى واحمد وقال ابو حنيفة يقع مطلقا لانه تطليق عند وجود الشرط الا اذا زوجها فضولى فانها لم تطلق كما فى المحيط وقال مالك ان عين امرأة بعينها او من قبيلة او من بلد فتزوجها وقع الطلاق وان عمم فقال كل امرأة اتزوجها من الناس كلهم لم يلزمه شئ ثم ان حكم الخلوة التى يمكن معها المساس فى حكم المساس عند ابى حنيفة واصحابه والخلوة الصحيحة غلق الرجل الباب على منكوحته بلا مانع وطئ من الطرفين وهو ثلاثة
حسى كمرض يمنع الوطأ ورتق وهو انسداد موضع الجماع بحيث لا يستطاع
وشرعى كصوم رمضان دون صوم التطوع والقضاء والنذور والكفارة فى الصحيح لعدم وجوب الكفارة بالافساد وكاحرام فرض او نفل فان الجماع مع الاحرام يفسد النسك ويوجب دما مع القضاء
وطبعى كالحيض والنفاس اذا الطباع السليمة تنفر منها فاذا خلابها فى محل خال عن غيرهما حتى عن الاعمى والنائم بحيث امنا من اطلاع غيرهما عليهما بلا اذنهما لزمه تمام المهر لانه فى حكم الوطئ ولو كان خصيا وهو مقطوع الانثيين او عنينا وهو الذى لا يقدر على الجماع وكذا لو كان مجبوبا وهو مقطوع الذكر خلافا لهما وفرض الصلاة مانع كفرض الصوم للوعيد على تركها والعدة تجب بالخلوة ولو مع المانع احتياطا لتوهم شغل الماء ولانها حق الشرع والولد
واعلم ان الحيض والنفاس والرتق من الاعذار المخصوصة بالمرأة واما المرض والاحرام والصوم فتعتبر فى كل من الرجل والمرأة وتعد مانعا بالنسبة الى كليهما كما فى تفسير ابى الليث .(11/82)
ومعنى الاية بالفارسية [ بس نيست شمارا برين مطلقات ] { من عدة } ايام ينتظرون فيها وعدة اى تستوفون عددها او تعدونها وتحصونها بالاقراء ان كانت من ذوات الحيض او بالاشهر ان كانت آيسة . وفى الاسناد الى الرجال دلالة على ان العدة حقهم كما اشعر به فما لكم . فدلت الآية على انه لا عدة على غير المدخول بها لبراءة رحمها من نطفة الغير فان شاءت تزوجت من يومها وكذا اذا تيقن بفراغ رحم الامة من ماء البائع لم يستبرئ عند ابى يوسف وقالا اذا ملك جارية ولو كانت بكرا او مشرية ممن لا يطأ اصلا مثل المرأة والصبى والعنين والمجبوب او شرعا كالمحرم رضاعا او مصاهرة او نحو ذلك حرم عليه وطؤها ودواعيه كالقبلة والمعانقة والنظر الى فرجها بشهوة او غيرها حتى يستبرئ بحيضة او يطلب براءة رحمها من الحمل كذا فى شرح القهستانى { فمتعوهن } اى فاعطوهن المتعة وهى درع وخمار وملحفة كما سبقت فى هذه السورة وهو محمول على ايجاب المتعة ان لم يسمها لها مهر عند العقد وعلى استحبابها ان سمى ذلك فانه ان سمى المهر عنده وطلق قبل الدخول فالواجب نصفه دون المتعة كما قال تعالى { وان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } اى فالواجب عليكم نصف ما سميتم لهن من مهر { وسرحوهن } قد سبق معنى التسريح فى هذه السورة والمراد هنا اخرجوهن من منازلكم اذ ليس لكم عليهن من عدة { سراحا جميلا } اى من غير ضرار ولا منع حق
وفى كشف الاسرار معنى الجميل ان لا يكون الطلاق جور الغضب او طاعة لغيره وان لا يكون ثلاثا بتا او لمنع صداق انتهى .(11/83)
ولا يجوز تفسير التسريح بالطلاق السنى لانه انما يتسنى فى المدخول بها والضمير لغير المدخول بها
وفى التأويلات النجمية وفى الآية اشارة الى كرم الاخلاق يعنى اذا نكحتم المؤمنات ومالت قلوبهن اليكم ثم آثرتم الفراق قبل الوصال فكسرتم قلوبهن فما لكم عيهن من عدى تعتدونها فمتعوهن ليكون لهن عليكم تذكرة فى ايام الفرقة واوائلها الى ان تتوطن نفوسهن على الفرقة واوئلها الى ان تتوطن نفوسهن على الفرقة وسرحوهن سراحا جميلا بان لا تذكروهن بعد الفراق الا بخير ولا تستردوا منهن شيأ تفضلتم به معهن فلا تجمعوا عليها الفراق بالحال والاضرار من جهة المال انتهى .
وينبغى للمؤمن ان لا يؤذى احد بغير حق ولو كلبا او خنزيرا ولا يظلم ولو بشق تمرة ولو وقع شئ من الاذى والجور يجب الاستحلال والارضاء ورأينا كثيرا من الناس فى هذا الزمان يطلقون ضرارا ويقعون فى الاثم مرارا يخالعون على المال بعد الخصومات كأنهم غافلون عما بعد الممات : قال المولى الجامى
هزار كونه خصومت كنى بخلق جهان ... زبسكه درهوس سيم وآرزوى زرى
تراست دوست زروسيم وخصم صاحب اوست ... كه كيرى از كفش آنرا بظلم وحيله كرى
نه مقتضاى خرد باشد ونتيجة عقل ... كه دوست را بكذارى وخصم را ببرى(11/84)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (50)
{ يا ايها النبى انا احللنا لك } [ الاحلال : حلال كردن ] واصل الحل حل العقدة ومنه استعير قولهم حل الشئ حلالا كما فى المفردات : والمعنى بالفارسية بدرستى كه ما حلال كرده ايم براى تو ] { ازواجك } نساءك { اللاتى آتيت اجورهن } الاجر يقال فيما كان عن عقد وما يجرى مجرى العقد وهو ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان او اخرويا وهو ههنا كناية عن المهر اى مهورهن لان المهر اجرعلى البضع اى المباشرة وايتاؤها اما اعطاؤها معجلة او تسميتها فى العقد واياما كان فتقييد الاحوال له عليه السلام بالايتاء ليس لتوقف الحل عليه ضرورة انه يصح العقد بلا تسمية ويجب مهر المثل او المتعة على تقديرى الدخول وعدمه بل لآيتاء الافضل له { وما ملكت يمينك } [ وحلال ساخته ايم برتو آنجه مالك شده است دست راست تو يعنى مملوكات ترا ] { مما افاء الله عليك } [ الافاءة : مال كسى غنيمت دادن ] وقيل للغنيمة التى لا يلحق فيها مشقة فيئ تشبيها بالفيئ الذى هو الظل تنبيها على ان اشرف اعراض الدنيا يجرى مجرى ظل زائل
قال الفقهاء كل ما يحل اخذه من اموال الكفار فهو فيئ فالفيئ اسم لكل فائدة تفيئ الى الامير اى تعود وترجع من اهل الحرب والشرك فالغنيمة هى ما نيل من اهل الشرك عنوة والحرب قائمة فيئ والجزية فيئ ومال اهل الصلح فيئ والخراج فيئ لان ذلك كله مما افاء الله على المسلمين من المشركين وحقيقة افاء الله عليك فيئا لك اى غنيمة وتقييد حلال المملوكة بكونها مسبية لاختيار الاولى له عليه السلام فان المشتراة لا يتحقق بدء امرها وما جرى عليها هكذا قالوا وهو لا يتناول مثل مارية القبطية ونحوها فان مارية ليست سبية بل اهداها له عليه السلام سلطان مصر المقلب بالمقوقس
وقد قال فى انسان العيون ان سرارية عليه السلام اربع مارية القبطية ام سيدنا ابراهيم رضى الله عنه وريحانة وجارية وهبتها له عليه السلام زينب بنت جحش واخرى اسمها زليخا القرظية انتهى وكون ريحانة بنت يزيد من بنى النضير سرية اضبط على ما قاله العراقى وزوجة اثبت عند اهل العلم على ما قاله الحافظ الدمياطى . واما صفية بنت حيى الهارونية من غنائم خيبر . وجويرية بنت الحارث نب ابى صوار الخزاعية المصطلقية وان كانتا من المسبيات لكنه عليه السلام اعتقهما فتزوجهما فهما من الازواج لا من السرايا على ما بين فى كتب السير فالوجه ان المعنى مما افاء الله اى اعاده عليك بمعنى صيره لك ورده لك بأى جهة كانت هدية او سبية
واستفتى من المولى ابى السعود صاحب التفسير هل فى تصرف الجوارى المشتراة من الغزاة بلا نكاح نوع كراهية اذ فى القسمة الشرعية بينهم شبهة فافتى بانه ليس فى هذا الزمان قسمة شرعية وقع التنفيل الكلى فى سنة تسعمائة وثمان واربعين فاذا اعطى ما يقال له بالفارسية [ بنج يك ] لا يبقى شبهة والنفل ما ينفله الغازى اى يعطاه زائدا على سهمه وهو ان يقول الامام او الامير من قتل قتيلا فله سلبه او قال للسرية ما اصبتم فهو لكم او ربعه او خمسه وعلى الامام الوفاء به { وبنات عمك وبنات عماتك } البنت والابنة مؤنث ابن والعم اخ الاب والعمة اخته .(11/85)
والمعنى واحللنا لك نساء قريش من اولاد عبد المطلب
واعمامه عليه السلام اثنا عشر وهم الحارث وابو طالب والزبير وعبد الكعبة وحمزة والمقوم بفتح الواو وكسرها مشددة وجحل بتقديم الجيم على الحاء واسمه المغيرة والجحل السقاء الضخم وقيل بتقديم الحاء المفتوحة على الجيم وهو فى الاصل الخلخال والعباس وضرار وابو لهب وقثم والغيداق واسمه مصعب او نوفل وسمى بالغيداق لكثرة جوده ولم يسلم من اعمامه الذين ادركوا البعثة الاحمزة والعباس
وبنات اعمامه عليه السلام صباغة بنت الزبير بن عبد المطلب وكانت تحت المقدام وام الحكم بنت الزبير وكانت تحت النضر بن الحارث وام هانئ بنت ابى طالب واسمها فاخته وجمانة بنت ابى طالب وام حبيبة وآمنة وصفية بنات العباس بن عبد المطلب واروى بنت الحارث بن عبد المطلب
وعماته عليه السلام ست وهن ام حكيم واسمها البيضاء وعاتكة وبرة واروى واميمة وصفية ولم تسلم من عماته اللاتى اردكن البعثة من غير خلاف الا صفية ام الزبير بن العوام اسلمت وهاجرت وماتت فى خلافة عمر رضى الله عنه . واختلف فى اسلام عاتكه واروى ولم يتزوج رسول الله من بنات اعمامه دينا واما بنات عماته دينا فكانت عنده منهن زينب بنت جحش بن رباب لان امها اميمة بنت عبد المطلب كما فى التكملة { وبنات خالك وبنات خالاتك } الخال اخ الام والخالة اختها والمراد نساء بنى زهرة يعنى اولاد عبد مناف بن زهرة لا اخوة امه ولا اخواتها لان آمنة بنت وهب ام رسول الله لم يكن لها اخ فاذا لم يكن له عليه السلام خال ولا خالة فالمراد بذلك الخال والخالة عشيرة امه لان بنى زهرة يقولون نحن اخوال النبى عليه السلام لان امه منهم ولهذا قال عليه السلام لسعد بن ابى وقاص رضى الله تعالى عنه « هذا خالى » وانما افرد العم والخال وجمع العمات والخالات فى الاية وان كان معنى الكل الجمع لان لفظ العم والخال لما كان يعطى المفرد معنى الجنس استغنى فيه عن لفظ الجمع تخفيفا للفظ ولفظ العمة والخالة وان كان يعطى مفرد معنى الجنس ففيه الهاء وهى تؤذن بالتحديد والافراد فوجب الجمع لذلك ألا ترى ان المصدر اذا كان بغير هاء لم يجمع واذا حدد بالهاء جمع هكذا ذكره الشيخ ابو على رضى الله عنه كذا فى التكملة { اللاتى هاجرن معك } صفة للبنات والمهاجرة فى الاصل مفارقة الغير ومتاركته استعملت فى الخروج من دار الكفر الى دار الايمان والمعنى خرجن معك من مكة الى المدينة وفارقن اوطانهن والمراد بالمعينة المتابعة له عليه السلام فى المهاجرة سواء وقعت قبله او بعده وتقييد القرائب بكونها مهاجرات معه للتنبيه على الاليق له عليه السلام فالهجرة وصفهن لا بطريق التعليل كقوله تعالى(11/86)
{ وربائبكم اللاتى فى حجوركم } ويحتمل تقييد الحل بذلك فى حقه عليه السلام خاصة وان من هاجر معه كنت من الطلقاء وهم الذين اسلموا بعد الفتح اطلقهم رسول الله حين اخذهم ولفائدة التقييد بالهجرة اعاد هنا ذكر بنات العم والعمات والخال والخالات وان كن داخلات تحت عموم قوله تعالى عند ذكر المحرمات من النساء { واحل لكم ما وراء ذلكم } واول بعضهم الهجرة فى هذه الآية على الاسلام اى اسلمن معك فدل ذلك على انه لا يحل له نكاح غير المسلمة { وامرأة مؤمنة } بالنصب عطف على مفعول احللنا اذ ليس معناه انشاء الاحلال الناجز بل اعلام مطلق الاحلال المنتظم بلما سبق ولحق . والمعنى واحللنا لك ايضا اى اعلمناك حل امرأة مؤمنة أية امرأة كانت من النساء المؤمنات فانه لا تحل له المشركة وان وهبت نفسها
قال فى كشف الاسرار اخلتفوا فى انه هل كان يحل للنبى عليه السلام نكاح اليهودية والنصرانية بالمهر فذهب جماعة الى انه كان لا يحل له ذلك لقوله { وامرأة مؤمنة } { ان وهبت } تلك المرأة المؤمنة { نفسها للنبى } اى لك والالتفات للايذان بان هذا الحكم مخصوص به لشرف نبوته
والهبة ان تجعل ملكك لغيرك بغير عوض والحرة ولا تقبل الهبة ولا البيع ولا الشراء اذ ليست بمملوكه فمعناه ان ملكته بعضها بلا مهر بأى عبارة كانت من الهبة والصدقة والتمليك والبيع والشراء والنكاح والتزويج ومعنى الشرط ان اتفق ذلك اى وجد اتفاقا { ان اراد النبى ان يستنكحها } شرط للشرط الاول فى استيجاب الحل فان هبتها نفسها منه لا توجب له حلها الا بارداته نكاحها فانها جارية مجرى القبول والاستنكاح طلب النكاح والرغبة فيه والمعنى اراد النبى ان يتملك بعضها كذلك اى بلا مهر ابتداء وانتهاء { خالصة لك } مصدر كالكاذبة اى خلص لك احلال المرأة المؤمنة خالصة اى خلوصا او حال من ضمير وهبت اى حال كون تلك الواهية خالصة لك { من دون المؤمنين } فان الاحلال للمؤمنين انما يتحقق بالمهر او بمهر المثل ان لم يسم عند العقد ولا يتحقق بلا مهر اصلا { قد علمنا ما فرضنا عليهم } اى اوجبنا على المؤمنين { فى ازواجهم } فى حقهن { و } فى حق { ما ملكت ايمانهم } من الاحكام { لكيلا يكون عليك حرج } متعلق بخالصة ولام كى دخلت على كى للتوكيد اى لئلا يكون عليك ضيق فى امر النكاح فقوله قد علمنا الخ اعتراض بين قوله لكيلا يكون عليك حرج وبين متعلقة وهو خالصة لك من دون المؤمنين مقرر لما قبله من خلوص الاحلال المذكور لرسول الله وعدم تجاوزه للمؤمنين ببيان انه قد فرض عليهم من شرائط العقد وحقوقه ما لم يفرض عليه صلى الله عليه وسلم تكرمة له وتوسعة عليه اى قد علمنا ما ينبغى ان يفرض عليهم فى حق ازواجهم ومملوكاتهم وعلى أى حد وعلى أى صفة يحق ان يفرض عليهم ففرضنا ما فرضنا على ذلك الوجه وخصصناك ببعض الخصائص كالنكاح بلا مهر وولى وشهود ونحوها وفسروا المفروض فى حق الازواج بالمهر والولى والشهود والنفقة ووجوب القسم والاقتصار على الحرائر الاربع وفى حق المملوكات بكونهن ملكا طيبا بان تكون من اهل الحرب لا ملكا خبيثا بان تكون من اهل العهد وفى الحديث(11/87)
« الصلاة وما ملكت ايمانكم » اىحفظوا الصلوات الخمس والمماليك بحسن القيام بما يحتاجون اليه من الطعام والكسوة وغيرها وبغير تكليف ما لا يطيقون من العمل وترك التعذيب قرنه عليه السلام بامر الصلاة اشارة الى ان حقوق المماليك واجبة على السادات وجوب الصلوات
جوانمرد وخو شخوى وبخشنده باش ... جو حق برتو باشد تو بر خلق باش
حق بنده هركز فرامش مكن ... بدستت اكر نوشد وكركهن
جوخشم آيدت بركناه كسى ... تأمل كنش در عقوبت بسى
كه سهلست لعل بدخشان شكست ... شكسته نشايد دكرباره بست
{ وكان الله غفورا } اى فيما يعسر التحرز عنه { رحيما } منعما على عباده بالتوسعة فى مظانّ الحرج ونحوه
واختلف فى انه هل كان عنده عليه السلام امرأة وهبت نفسها منه اولا
فعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ما كانت عنده امرأة الا بعقد نكاح او ملك يمين
وقال آخرون بل كان عنده موهوبة نفسها
واختلفوا فيها فقال قتادة هى ميمونة بنت الحارث الهلالية خالة عبد الله بن عباس رضى الله عنه حين خطبها النبى عليه السلام فجاءها الخاطب وهى على بعيرها فقالت البعير وما عليه لرسول الله وقال الشعبى هى زينب بنت خزيمة الانصارية
يقول الفقير ذهب الاكثر الى تلقبيها بام المساكين والملقبة به ليست زينب هذه فى المشهور وان كانت تدعى به فى الجاهلية بل زينب جحش التى كانت تعمل بيدها وتتصدق على الفقراء والمساكين فسميت به لسخاوتها ويدل عليه قوله عليه السلام خطابا لازواجه « اسرعكن لحاقابى اطولكن يدا » اى اول من يموت منكن بعد موتى من كانت اسخى وهى زينب بنت جحش بالاتفاق ماتت فى خلافة عمر رضى الله تعالى عنه كما سبق .(11/88)
واما زينب بنت خزيمة فانها ماتت فى حياته عليه السلام كما قال الكاشفى [ اكر واهبة زينب بوده باشد كه اشهر ست وواقع است در رمضان المبارك سال سوم ازهجرت وهشت ماه در حرم محترم آن حضرت بود ودر ربيع الآخر درسال جهارم وفات كرد ]
وقال على بن الحسين والضحاك ومقاتل هى ام شريك كزبير بنت جابر من بنى اسد واسمها غزية فالاكثرون على انه لم يقبلها وقيل بل قبلها ثم طلقها قبل ان يدخل بها
وقال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وقع فى قلب ام شريك الاسلام وهى بمكة فاسلمت ثم جعلت تدخل على نساء قريس سرا فتدعوهن للاسلام وترغبهن فيه حتى ظهر امرها لاهل مكة فاخذوها وقالوا لولا قومك لفعلنا بك ما فعلنا ولكنا نسيرك اليهم قالت فحملونى على بعير ليس تحتى شئ ثم تركونى ثلاثا لا يطعموننى ولا يسقوننى وكانوا اذا نزلوا منزلا او قفونى فى الشمس واستظلوا فبينما هم قد نزلوا منزلا واوقفونى فى الشمس اذا انا برد شئ على صدرى فتناولته فاذا هو دلو من ماء فشربت منه قليلا ثم نزع منى ورفع ثم عاد فتناولته فشربت منه ثم رفع ثم عاد مرارا ثم رفع مرارا فشربت منه حتى رويت ثم افضت سائره على جسدى وثيابى فلما استيقظوا اذاهم باثر الماء على ثيابى فقالوا انحللت فاخذت سقاءنا فشربت منه فقلت لا والله ولكنه كان من الامر كذا وكذا فقالوا ان كنت صادقة لدينك خير من ديننا فلما نظروا الى اسقينهم وجدوها كما تركوها فاسلموا عند ذلك واقبلت الى النبى عليه السلام فوهبت نفسها له بغير مهر فقبلها ودخل عليها . وفى ذلك ان من صدق فى حسن الاعتماد على الله وقطع طعمه عما سواه جاءته الفتوحات من الغيب
هركه باشد اعتمادش بر خدا آمد از غيب خدايش صد غذا
وقال عروة بن الزبير هى اى الواهبة نفسها خولة بنت حكيم من بنى سليم وكانت من المهاجرات الاول فاجأها فتزوجها عثمان بن مظعون رضى الله عنه قالت عائشة رضى الله عنها كانت خلوة بنت حكيم من اللاتى وهبن انفسهن لرسول الله فدل انهن كن غير واحدة
وجملة من خطبة عليه السلام من النساء ثلاثون امرأة منهن من عقد عليه وهذا القسم ايضا منه من دخل به ومنه من لم يدخل به
وفى لفظ جملة من دخل عليه ثلاث وعشرون امرأة والذى دخل به منهن اثنتا عشرة
وقال ابو الليث فى البستان جميع ما تزوج من النساء اربع عشرة نسوة خديجة ثم سودة ثم عائشة ثم حفصة ثم ام سلمة ثم ام حبيبة ثم جويرية ثم صفية ثم زينب ثم ميمونة ثم زينب بنت خزيمة ثم امرأة من بنى هلال وهى التى وهبت نفسها للنبى عليه السلام ثم امرأة من كندة وهى التى استعاذت منه فطلقها ثم امرأة من بنى كليب
قال فى انسان العيون لا يخفى ان ازواجه عليه السلام بهن اثنتا عشرة امرأة خديجة ثم سودة ثم عائشة ثم حفصة ثم زينب بنت خزيمة ثم ام سلمة ثم زينب بنت جحش ثم جويرية ثم ريحانة ثم ام حبيبة ثم صفية ثم ميمونة على هذا الترتيب فى التزوج .(11/89)
ومن جملة التى لم يدخل بهن عليه السلام التى ماتت من الفرح لما علمت انه عليه السلام تزوج بها غراء اخت دحية الكلبى . ومن جملتهن سودة القريشية التى خطبها عليه السلام فاعتذرت ببنيها وكانوا خمسة او ستة فقال لها خيرا . ومن جملتهن التى تعوذت منه عليه السلام وهى اسماء بنت معاذ الكندية قلن لها ان اردت ان تحظى عنده فتعوذى بالله منه فلما دخل عليها رسول الله قالت اعوذ بالله منك ظننت ان هذا القول كان من الادب فقال عليه السلام ( عذت بمعاذ عظيم الحقى باهلك ) ومتها ثلاثة اثواب . ومن جملتهن التى اختارت الدنيا حين نزلت آية التخيير وهى فاطمة بنت الضحك وكانت تقول انا الشقية اخترت الدنيا . ومن جملتهن قتيلة على صيغة التصغير زوجه اياها اخوها وهى بحضرموت ومات عليه السلام قبل قدومها عليه واوصى بان تخير فان شاء ضرب عليها الحجاب وكانت من امهات المؤمنين وان شاءت الفراق فتنكح من شاءت فاختارت الفراق فتزوجها عكرمة بن ابى جهل بحضرموت
وفى الحديث « ما تزوجت شيأ من نسائى ولازوجت شيأ من بناتى الا بوحى جاءنى جبريل عليه السلام من ربى عز وجل »(11/90)
تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)
{ ترجى من تشاء منهن } قرأ نافع وحمزة والكسائى وحفص وابو جعفر ترجى بياء ساكنة والباقون ترجئ بهمزة مضمومة . والمعنى واحد اذ الياء بدل من الهمزة وذكر فى القاموس فى الهمزة ارجأ الامر اخره واترك الهمزة لغة وفى الناقص الارجاء التأخير وهو بالفارسية [ وابس افكندن ]
قال فى كشف الاسرار الارجاء تأخير المرأة من غير طلاق والمعنى تؤخر يا محمد من تشاء من ازواجك وتترك مضاجعتها من غير نظر الى نوبة وقسم وعدل { وتؤوى اليك من تشاء } يقال اوى الى كذا اى انضم وآواه غيره ايواء اى وتضمها اليك وتضاجعها من غير التفات الى نوبة وقسمة ايضا فالاختيار بيديك فى الصحبة بمن شئت ولو اياما زائدة على النوبة وكذا فى تركها او تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء او تترك تزوج من شئت من نساء امتك وتتزوج من شئت كما فى بحر العلوم { ومن ابتغيت } اى وتؤوى اليك ايضا من ابتغيتها وطلبتها { ممن عزلت } اى طلقتها بالرجعة . والعزل الترك والتبعيد { فلا جناح } لا اثم ولا لوم ولا عتاب ولا ضيق { عليك } فى شئ مما ذكر من الامور الثلاثة كما فى كشف الاسرار [ درين هرسة برتوتنكى نيست ]
وقال فى الكواشى من مبتدأ بمعنى الذى او شرط نصب بقوله ابتغيب وخير المبتدأ وجواب الشرط على التقديرين فلا جناح عليك وهذه قسمة جامعة لما هوالغرض وهو اما ان يطلق واما ان يمسك واذا امسك ضاجع او ترك وقسم او لم يقسم واذا طلق فاما ان لا يبتغى المعزولة او يبتغيها
والجمهور على ان الآية نزلت فى القسم بينهن فان التسوية فى القسم كانت واجبة عليه فلما نزلت سقط عنه وصار الاختيار اليه فيهن وكان ذلك من خصائصه عليه السلام ويروى ان ازواجه عليه السلام لما طلبن زيادة النفقة ولباس الزينة هجر شهرا حتى نزلت آية التخيير فاشفقن ان يطلقهن وقلن يا نبى الله افرض لنا من نفسك ومالك ما شئت ودعنا على حالنا فارجأ منهن خمسا ام حبيبة وميمونة وسودة وصفية وجويرية فكان يقسم لهن ما شاء وآوى اليه اربع عائشة وحفصة وزينب وام سلمة فكان يقسم بينهن سواء . ويروى انه عليه السلام لم يخرج احدا منهن عن القسم بل كان يسوى بينهن ما اطلق له وخير فيه الاسودة فانها رضيت بترك حقها من القسم ووهبت ليلتها لعائشة وقالت لا تطلقنى حتى احشر فى زمرة نسائك { ذلك } اى ما ذكر من تفويض الامر الى مشيئتك { ادنى ان تقر اعينهن } [ نزديكتراست بآنكه روشن شود جشمهاى ايشان ] فاصله من القر بالضم وهو البرد وللسرور دمعة قارة اى باردة وللحزن دمعة حارة او من القرار اى تسكن اعينهن ولا تطمح الى ما عاملتهن به
قال فى القاموس قرت عينه تقر بالكسر والتفح قرة وتضم وقرورا بردت وانقطع بكاؤها او رأت ما كانت متشوفة اليه وقر بالمكان يقر بالكسر والفتح قرارا ثبت وسكن كاستقر { ولا يحزن } [ واندو هناك نشوند ] { ويرضين بما آتيتهن كلهن } [ وخوشنود باشند بآنجه دهى ايشانرا يعنى جون خمه دانستندكه آنجه توميكنى از ارجاء وايواء وتقريب وتبعيد بفرمان خداست ملول نميشوند ] قوله كلهن بالرفع تأكيد لفاعل يرضين وهو النون اى اقرب الى قرة عيونهن وقلة حزنهن ورضاهن جميعا لانه حكم كلهن فيه سواء ثم ان سويت بينهن وجدن ذلك تفضلا منك وان رجحت بعضهن علمن انه بحكم الله فتطمئن به نفوسهن ويذهب التنافس والتغاير فرضين بذلك فاخترنه على الشرط ولذا قصره الله عليهن وحرم عليه طلاقهن والتزوج بسواهن وجعلهن امهات المؤمنين كما فى تفسير الجلالين { والله } وحده { يعلم ما فى قلوبكم } من الضمائر والخواطر فاجتهدوا فى احسانها { وكان الله عليما } مبالغا فى العلم فيعلم ما تبدونه وما تخفونه { حليما } لا يعاجل بالعقوبة فلا تغتروا بتأخيرها فانه امهال لا اهمال(11/91)
نه كردن كشانرا بكيرد بفور ... نه عذر آورانرا براند بجوز
وكر خشم كيرد بكردار زشت ... جو باز آمدى ماجرا در نوشت
مكن يك نفس كار بد اى بسر ... جه دانى دجه آيد بآخر بسر
وفى التأويلات النجمية لما انسلخت نفسه عليه السلام عن صفاتها بالكلية لم يبق له ان يقول يوم القيامة نفسى نفسى ومن هنا قال « اسلم الشيطان على يدى » فلما اتصفت نفسه بصفات القلب وزال عنها الهوى حتى لا ينطق بالهوى اتصفت دنياه بصفات الآخرة فحل له الدنيا ما يحل لغيره فى الآخرة لانه نزع من صدره فى الدنيا غل ينزع من صدره غيره فى الآخرة كما قال { ونزعنا ما فى صدورهم من غل } وقال فى حقه { ألم تشرح لك صدرك } يعنى نزع الغل منه فقال الله تعالى له فى الدنيا { ترجى من تشاء } الخ اى على من تتعلق به ارادتك ويقع عليه اختيارك فلا حرج عليك ولا جناح كما يقول لاهل الجنة { ولكم فيها ما تشتهى الانفس وتلذ الاعين } { وكان الله عليما } فى الازل بتأسيس بنيان وجودك على قاعدة محبوبيتك ومحبيتك { حليما } فيما صدر منك فيحلم عنك ما لم يحلم عن غيرك انتهى
قيل انما يقع ظله عليه السلام على الارض لانه نور محض وليس للنور ظل
وفيه اشارة الى انه افنى الوجود الكونى الظلى وهومتجسد فى صورة البشر ليس له ظلمة المعصية وهو مغفور عن اصل
قال بعض الكبار ليس فى مقدور البشر مراقبة الله فى السر والعلن مع الانفس فان ذلك من خصائص الملأ الاعلى . واما رسول الله عليه السلام فكان له هذه المرتبة فلم يوجد الا فى واجب او مندوب او مباح فهو ذاكر الله على احيانه .(11/92)
وما نقل من سهوه عليه السلام فى بعض الامور فهو ليس كسهو سائر الخلق الناشئ عن رعونة الطبع وغفلته حاشاه عن ذلك بل سهوه تشريع لامته ليقتدوا به فيه كالسهو فى عدد الركعات حيث انه عليه السلام صلى الظهر ركعتين ثم سلم فقال ابو بكر رضى الله تعالى عنه صليت ركعتين فقام واضاف اليهما ركعتين وبعض سهوه عليه السلام ناشئ عن الاستغراق والانجذاب ولذلك كان يقول « كلمينى يا حميراء »
والحاصل ان حاله عليه السلام ليس كاحوال افراد امته ولذا عامل الله تعالى به ما لم يعالم بغيره اذ هو يعلم ما فى القلوب والصدور ويحيط باطراف الامور نسأل منه التوفيق لرضاه والوسيلة لعطاه وهو المفيض على كل نبى وولى والمرشد فى كل امر خفى وجلى(11/93)
لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)
{ لا يحل لك النساء } بالياء لان تأنيث الجمع غير حقيقى ولوجود الفصل واذا جاز التذكير بغيره فى قوله وقال نسوة كان معه اجوز . والنساء والنسوان بالكسر جموع المرأة من غير لفظها اى لا تحل واحدة من النساء مسلمة او كتابية لما تقرر ان حرف التعريف اذا دخل على الجمع يبطل الجمعية ويراد الجنس وهو كالنكرة يخص فى الاثبات ويعم فى النفى كما اذا حلف لا يتزوج النساء ولا يكلم الناس او لا يشترى العبيد فانه يحنث بالواحد لان اسم الجنس حقيقة فيه { من بعد } اى من بعد هؤلاء التسع اللاتى خيرتهن بين الدنيا والآخرة فاخترنك لانه نصاب من الازواج كما ن الاربع نصاب امتك منهن او من بعد اليوم حتى لو ماتت واحدة لم يحل له نكاح اخرى
وانما حرّم على امته الزيادة على الاربع بخلافه فانه عليه السلام فى بذرقة النبوة وعصمة الرسالة قد يقدر على اشياء لا يقدر عليها غيره وقد افترض الله عليه اشياء لم يفترضها على امته لهذا المعنى وهى قيام الليل وانه اذا عمل نافلة يجب المواظبة عليها وغير ذلك
وسرّ الاقتصار على الاربع ان المراتب اربع . مرتبة المعنى . ومرتبة الروح . ومرتبة المثال . ومرتبةالحس ولما كان الوجود الحاصل للانسان انما حصل له بالاجتماع الحاصل من مجموع الاسماء الغيبية والحقائق العلمية والارواح النووية والصور المثالية والصور العلوية والسفلية والتوليديه شرع له نكاح الاربع وتمامه ف كتب التصوف { ولا ان تبدل بهن من ازواج } تبدل بحذف احد التاءين والاصل تتبدل وبدل الشئ الخلف منه وتبدله به وابدله منه وبدله اتخذه بدلا كما فى القاموس
قال الراغب التبدل والابدال والتبديل والاستبدال جعل الشئ مكان آخر وهو اعم من العوض فان العوض هو ان يصير لك الثانى باعطاء الاول والتبديل يقال للتغيير وان لم تأت ببدله انتهى .
وقوله من ازواج مفعول تبدل ومن مزيدة لتأكيد النفى تفيد استغراق جنس الازواج بالتحريم . والمعنى ولا يحل لك ان تتبدل بهؤلاء التسع ازواجا اخر بكلهن او بعضهن بان تطلق واحدة وتنكح مكانها اخرى : وبالفارسية [ وحلال نيست ترا آنكه بدل كنى بديشان اززنان ديكر يعنى يكى را ازايشان طلاق دهى وبجاى او ديكرى رانكاح كنى ] اراد الله لهنّ كرامة وجزاء على ما اخترن رسول الله والدار الآخرة لا الدنيا وزينتها ورضين بمراده فقصر رسوله عليهن ونهاه عن تطليقهن والاستبدال بهن { ولو اعجبك حسنهن } الواو عاطفة لمدخولها على حال محذوفة قبلها ولو فى امثال هذا الموقع لا يلاحظ لها جواب : والاعجاب [ شكفتى نمودن وخوش آمدن ]
قال الراغب العجب والتعجب حالة تعرض للانسان عند الجهل بسبب الشئ وقد يستعار للروق فيقال اعجبنى كذا اى راقنى والحسن كون الشئ ملائما للطبع واكثر ما يقال الحسن بفتحتين فى تعارف العامة فى المستحسن بالبصر .(11/94)
والمعنى ولا يحل لك ان تستبدل بهن حال كونك لو لم يعجبك حسن الازواج المستبد له وجمالهن ولو اعجبك حسنهن اى حال عدم اعجاب حسنهن اياك وحال اعجابه اى على كل حال ولو فى هذه الحالة فان المراد استقصاء الاحوال : وبالفارسية [ بشكفت آردترا خوبى ايشان ]
قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما هى اسماء بنت عميش الخثعمية امرأة جعفر بن ابى طالب لما استشهد اراد رسول الله ان يخطبها فنهاه الله عن ذلك فتركها فتزوجها ابو بكر باذن رسول الله فهى ممن اعجبه حسنهن
وفى التكملة قيل يريد حبابة اخت الاشعث بن قيسس انتهى وفى الحديث « شارطت ربى ان لا اتزوج الا من تكون معى فى الجنة » فاسماء اوجباته لم تكن اهلا لرسول الله فى الدنيا ولم تستأهل ان تكون معه فى مقامه فى الجنة فلذ اصرفها الله عنه تعالى لا ينظر الى الصورة بل الى المعنى
جون ترا دل اسير معنى بود ... عشق معنى زصورت اولى بود
حسن معنى نمى شود سبرى ... عشق آن باشد از زوال برى
اهل عالم همه درين كارند ... بحجاب صور كرفتارند
وفى الحديث « من نكح امرأة لمالها وجمالها حرم مالها وجمالها ومن نكحها لدينها رزقه الله مالها وجمالها » { الا ما ملكت يمينك } استثناء من النساء لانه يتاول الازواج والاماء : يعنى [ حلال نيست برتوزنان بس ازين نه تن كه دارى كر آنجه مالك آن شود دست تو يعنى بتصرف تودر آيد وملك توكردد ] فانه حل له ان يتسرى بهن
قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ملك من هؤلاء التسع مارية القبطية ام سيدنا ابراهيم رضى الله تعالى عنه
وقال مجاهد معنى الآية لا يحل لك اليهوديات ولا النصرانيات من بعد المسلمات ولا ان تبدل بالمسلمات غيرهن من اليهود والنصارى يقول لا تكون ام المؤمنين يهودية ولا نصراينة الا ملكت يمينك احل الله له ما ملكت يمينه من الكتابيات ان يتسرى بهن { وكان الله على كل شئ رقيبا } يقال رقبته حفظته والرقيب الحافظ وذلك اما لمراعاة رقبة المحفوظ واما الرفعة رقبته . والرقيب هو الذى لا يغفل ولا يذهل ولا يجوز عليه ذلك فلا يحتاج الى مذكر ولا منبه كما فى شرح الاسماء للزروقى اى حافظا مهيمنا فتحفظوا ما امركم به ولا تتخطوا ما حدكم
وفى الآية الكريمة امور
منها ان الجمهور على انها محكمة وان رسول الله عليه السلام مات على التحريم
ومنها ان الله لما وسع عليه الامر فى باب النكاح حظيت نفسه بشرب من مشاربها موجب لانحراف مزاجها كمن اكل طعاما حلوا حارا صفراويا فيحتاج الى غذاء حامض بارد دافع للصفراء حفظا للصحة فالله تعالى من كمال عنايته فى حق حبيبة غداه بخامض { ولا يحل لك النساء } الآية لاعتدال المزاج القلبى والنفسى فهو من باب تربية نفس النبى صلى الله عليه وسلم .(11/95)
ومنها انه تعالى لما ضيق الامر على الازواج المطهرة فى باب الصبر بما احل للنبى عليه السلام ووسع امر النكاح عليه وخيره فى الارجاء والايواء اليه كان احمض شئ فى مذاقهن وابرد شئ لمزاج قلوبهن فغذاهن بحلاوة { لا يحل لك النساء } وسكن بها برودة مزاجهن حفظا لسلامة قلوبهن وجبرا لانكسارها فهو من باب تربية نفوسهن
ومنها ان فيها ما يتعلق بمواعظ نفوس رجال الامة ونسائها ليتعظوا باحوال النبى عليه السلام واحوال نسائه ويعتبروا بها { وكان الله على كل شئ } من احوال النبى عليه السلام واحوال ازواجه واحوال امته { رقيبا } يراقب مصالحهم
ومنها ان المراد بهؤلاء التسع عائشة وحفصة وام حبيبة وسودة وام سلمة وصفية وميمونة وزينب وجويرية
اما عائشة رضى الله عنها فهى بنت ابى بكر رضى الله عنه تزوجها عليه السلام بمكة فى شوال وهى بنت سبع وبنى بها فى شوال على رأس ثمانية اشهر من الهجرة وهى بنت تسع وقبض عليه السلام عنها وهى بنت ثمانى عشرة ورأسه فى حجرها ودفن فى بيتها وماتت وقد قارفت سبعا وستين سنة فى شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وصلى عليها ابو هريرة بالبقيع ودفنت به ليلا وذلك فى زمن ولاية مروان بن الحكم على المدينة من خلافة معاوية وكان مروان استخلف على المدينة ابا هريرة رضى الله عنه لما ذهب الى العمرة فى تلك السنة
واما حفصة رضى الله عنها فهى بنت عمر بن الخطاب رضصى الله عنه وامها زينب اخت عثمان بن مظعون اخوه عليه السلام من الرضاعة تزوجها عليه السلام فى شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة قبل احد بشهرين وكانت ولادتها قبل النبوة بخمس سنين وقريش تبنى البيت وبلغت ثلاثا وستين وماتت بالمدينة فى شعبان سنة خمس واربعين وصلى عليها مروان بن الحكم وهو امير المدينة يومئذ وحمل سريرها وحمله ايضا ابو هريرة رضى الله عنه
واما ام حبيبة رضى الله عنها واسمها رملة فهى بنت ابى سفيان بن حرب رضى الله عنه هاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش الى ارض الحبشة الهجرة الثانية وتنصر عبيد الله هناك وثبتت هى على الاسلام وبعث رسول الله عمرو بن امية الضمرى الى النجاشى ملك الحبشة فزوجه عليه السلام اياها واصدقها النجاشى عن رسول الله اربعمائة دينار وجهزها من عنده وارسلها فى سنة سبع
واما سودة رضى الله عنها فهى بنت زمعة العامرية وامها من بنى النجار لانها بنت اخى سلمى بن عبد المطلب
واما ام سلمة واسمها هند فهى بنت ابى امية المخزومية تزوجها عليه السلام ومعها اربع بنات ماتت فى ولاية يزيد بن معاوية وكان عمرها اربعا وثمانين سنة ودفنت بالبقيع وصلى عليها ابو هريرة رضى الله عنه
واما صفية رضى الله عنها فهى بنت حيى سيد بنى النضير من اولادها هارون عليه السلام قتل حيى مع بنى قريظة واصطفاها عليه السلام لنفسه فاعتقها فتزوجها وجعل عتقها صداقها وكانت رأت فى المنام ان القمر وقع فى حجرها فتزوجها عليه السلام وكان عمرها لم يبلغ سبع عشرة ماتت فى رمضان سنة خمسين ودفنت بالبقيع
واما ميمونة رضى الله عنها فهى بنت الحارث الهلالية تزوجها عليه السلام وهو محرم فى عمرة القضاء سنة سبع وبعد الاحلال بنى بها بسرف ماتت سنة احدى وخمسين وبلغت ثمانين سنة ودفنت بسرف الذى هو محل الدخول بها وهو ككتف موضع قرب التنعيم
واما زينب رضى الله عنها فهى بنت جحش بن رباب الاسدية وقد سبقت قصتها فى هذه السورة
واما جويرية فهى بنت الحارثة الخزاعية سبيت فى غزوة المصطلق وكانت بنت عشرين سنة ووقعت فى سهم ثابت بن قيس فكاتبها على تسع آواق فادى عليه السلام عنها ذلك وتزوجها وقيل انها كانت بملك اليمين فاعتقها عليه السلام وتزوجها توفيت بالمدينة سنة ست وخمسين وقد بلغت سبعين سنة وصلى عليها مروان بن الحكم وهو والى المدينة يومئذ
وهؤلاء التسع مات عنهن صلى الله عليه وسلم وقد نظمهن بعضهم فقال(11/96)
توفى رسول الله عن تسع نسوة ... اليهن تعزى المكرمات وتنسب
فعائشة ميمونة وصفية ... وحفصة تتلوهن هند وزينب
جويرية مع رملة ثم سودة ... ثلاث وست ذكرهن ليعذب
ومنها ان الآية دلت على جواز النظر الى من يريد نكاحها من النساء وعن ابى هريرة ان رجلا اراد ان يتزوج امرأة من الانصار فقاله له النبى عليه السلام « انظر اليها فان فى اعين نساء الانصار شيأ » قال الحميدى يعنى الصغر وذلك ان النظر الى المخطوبة قبل ألنكاح داع للالفة والانس وامر النبى عليه السلام ام سلمة خالته من الرضاعة حين خطب امرأة ان تشم هى عوارضها اى اطراف عارضى تلك المرأة لتعرف ان رأئحتها طيبة او كريهة وعارضا الانسان صفحتا خدّيه
وبالاعذار يجوز النظر الى جميع الاعضاء حتى العورة الغليظة وهى تسعة
الاول تحمل الشهادة كما فى الزنى يعنى ان الرجل اذا زنى بامرأة يجوز النظر الى فرجهما ليشهد بانه رآه كالميل فى المكحلة
والثانى اداء الشهادة فان اداء الشهادة بدون رؤية الوجه لا يصح
والثالث حكم القاضى
والرابع الولادة للقابلة
والخامس البكارة فى العنة والرد بالعيب
والسادس والسابع الختان والخفض فالختان للولد سنة مؤكدة والخفض للنساء وهو محتسب وذلك ان فوق ثقبة البول شيأ هوموضه ختاناه فان هناك جلدة رقيقة قائمة مثل عرف الديك وقطع هذه الجلدة هو ختانها وفى الحديث(11/97)
« الختان سنة للرجال مكرمة للنساء ويزيد لذتها ويجف رطوبتها »
والثامن ارادة الشراء
والتاسع ارادة النكاح ففى هذه الاعذار يجوز النظر وان كان بالشهوة لكن ينبغى ان لا يقصدها فان خطب الرجل امرأة ابيح له النظر اليها بالاتفاق فعند احمد ينظر الى ما يظهر غالبا كوجه ورقبة ويد وقدم وعند الثلاثة لا ينظر غير الوجه والكفين كما فى فتح الرحمن
ومنها ان من علم انه تعالى هو الرقيب على كل شئ راقبه فى كل شئ ولم يلتفت الى غيره
قال الكاشفى [ وكسى كه ازسر رقيبى حق آكاه كرد اورا از مراقبه جاره نيست ]
جو دانستى كه حق دانا وبيناست نهان واشكار خويش كن راست
والتقرب بهذا الاسم تعلقا من جهة مراقبته تعالى والاكتفاء بعلمه بان يعلم ان الله رقيبه وشاهده فى كل حال ويعلم ان نفسه عدوله وان الشيطان عدوله وانهما ينتهزان الفرص حتى يحملانه على الغفلة والمخالفة فيأخذ منها حذره بان يلاحظ مكانها وتلبيسها ومواضع انبعاثها حتى يسد عليها المنافذ والمجارى ومن جهة التخلق ان يكون رقيبا على نفسها كما ذكر وعلى من امره الله بمراقبته من اهل وغيره
وخاصية هذا الاسم جمع الضوال والحفظ فى الاهل والمال فصاحب الضالة يكثر من قراءته فتنجمع عليه ويقرأه من خاف على الجنين فى بطن امه سبع مرات وكذلك لو اراد سفرا يضع يده على رقبة من يخاف عليه المنكر من اهل وولد يقوله سبعا فانه يأمن عليه ان شاء الله ذكره ابو العباس الفاسى فى شرح الاسماء الحسنى نسأل الله سبحانه وتعالى ان يحفظنا فى الليل والنهار والسر والجهار ويجعلنا من اهل المراقبة الى ان تخلو منا هذه الدار(11/98)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)
{ يا ايها الذين آمنوا } [ آورده اندكه جون حضرت ييغمبر عليه السلام زينب را رضى الله عنها بحكم ربانى قبول فرموده وليمة ترتيب نمود ومردم را طلبيده دعوتى مستوفى داد وجون طعام خورده شد بسخن مشغول كشتند وزينب در كوشة خانه روى بديوار نشسته بود حضرت عليه السلام ميخواست كه مردمان بروند آخر خود از مجلس برخاست وبرفت صحابه نيزبر فتند وسه كس مانده همجنان سخن ميكفتند حضرت بدرخانة آمد وشرم ميداشت كه ايشانرا عذر خواهد وبعد ازانتظار بسياركه خلوت شد آيت حجاب نازل شد ] روى ان ناسا من المؤمنين كانوا ينتظرون وقت طعام رسول الله فيدخلون ويقعدون الى حين ادراكه ثم يأكلون ولا يخرجون وكان رسول الله يتأذى من ذلك فقال تعالى { يا ايها الذين آمنوا } { لا تدخلوا بيوت النبى } حجراته فى حال من الاحوال { الا ان يأذن لكم } الاحال كونكم مأذونا لكم ومدعوا { الى طعام } [ بس آن هنكام در آييد ] وهو متعلق بيؤذن لانه متضمن معنى يدعى للاشعار بانه لا يحسن الدخول على الطعام من غير دعوة وان اذن به كما اشعر به قوله { غير ناظرين انيه } حال من فاعل لا تدخلوا على ان الاستثناء وقع على ظرف والحال كأنه قيل لا تدخلوا بيوت النبى الا حال الاذن ولا تدخلوها الا غير ناظرين اناه اى غير منتظرين وقت الطعام او ادراكه وهو بالقصر والكسر مصدر انى الطعام اذا ادرك
قال فى المفردات الانا اذا كسر اوله قصروا واذا فتح مد وانى الشئ يأنى قرب اناه ومثله آن يئين اى حان يحين . وفيه اشارة الى حفظ الادب فى الاستئذان ومراعاة الوقت وايجاب الاحترام { ولكن اذا دعيتم فادخلوا } استدراك من النهى عن الدخول بغير اذن وفيه دلالة بينة على ان المراد بالاذن الى الطعام هو الدعوة اليه اى اذا اذن لكم فى الدخول ودعيتم الى الطعام فادخلوا بيوته على وجوب الادب وحفظ احكام تلك الحضرة { فاذا طعمتم } الطعام وتناولتم فان الطعم تناول الغذاء : وبالفارسية [ بس جون طعام خورديد ] { فانتشروا } فتفرقوا ولا تمكثوا : وبالفارسية [ بس برا كنده شرويد ازخانهاى او ] هذه الآية مخصوصة بالداخلين لاجل الطعام بلا اذن وامثالهم والا لما جاز لاحد ان يدخل بيوته بالاذن لغير الطعام ولا اللبث بعد الطعام لامر مهم { ولا مستأنسين } [ الاستئناس : انس كرفتن ] وهو ضد الوحشة والنفور { لحديث } الحديث يستعمل فى قليل الكلام وكثيره لانه يحدث شيأ فشيأ وهو عطف على ناظرين او مقدر بفعل اى ولا تدخلوا طالبين الانس لحديث بعضكم او لحديث اهل البيت بالتسمع له : وبالفارسية [ ومنشينيد آرام كرفتكان براى سخن بيكديكر ] وفى التأويلات النجمية اذا انتهت حوائجكم فاخرجوا ولا تتغافلوا ولا يمنعكم حسن خلقه من حسن الادب ولا يحملنكم فرط احتشامه على الابرام عليه وكان حسن خلقه جسرهم على المباسطة معه حتى انزل الله هذه الآية { ان ذلكم } اى الاستئناس بعد الاكل الدال على اللبث { كان يؤذى النبى } [ مى رنجاند وآزرده كند ييغمبررا ] لتضييق المنزل عليه وعلى اهله واشغاله فيما لا يعنيه .(11/99)
والاذى ما يصل الى الانسان من ضرر اما فى نفسه او فى جسمه او فتياته دنيويا كان او اخرويا { فيستحى منكم } محمول على حذف المضاف اى من اخراجكم بدليل قوله { والله لا يستحيى من الحق } فانه يستدعى ان يكون المستحيى منه امرا حقا متعلقا بهم لانفسهم وما ذكل الا اخراجهم . يعنى ان اخراجكم حق فينبغى ان لا يترك حياء ولذلك لم يترك الله ترك الحى وامركم بالخروج والتعبير عن عدم الترك بعد الاستحياء للمشاكلة وكان عليه السلام اشد الناس حياء واكثرهم عن العورات اغضاء وهو التغابل عما يكره الانسان بطبيعته . والحياء رقة تعترى وجه الانسان عند فعل ما يتوقع كراهته او ما يكون تركه خيرا من فعله
قال الراغب الحياء انقباض النفس عن القبائح وتركه لذلك روى ان الله تعالى يستحيى من ذى الشيبة المسلم ان يعذبه فليس يراد به انقباض النفس اذ هو تعالى منزه عن الوصف بذلك وانما المراد به ترك تعذيبه وعلى هذا ما روى ان الله تعالى حى اى تارك للمقابح فاعل للمحاسن
ثم فى الآية تأديب للثقلاء
قال الاحنف نزل قوله تعالى { فاذا طعمتم فانتشروا } فى حق الثقلاء فينبغى للضيف ان لا يجعل نفسه ثقيلا بل يخفف الجلوس وكذا حال العائد فان عيادة المرضى لحظة قيل للاعمش ما الذى اعمش عينيك قال النظر الى الثقلاء قيل
اذا دخل الثقيل بارض قوم ... فما للساكنين سوى الرحيل
وقيل مجالسة الثقيل حمى الروح
وقيل لأنوشروان ما بال الرجل يحمل الحمل الثقيل ولا يحمل مجالسة الثقيل قال يحمل الحمل بجميع الاعضاء والثقيل تنفرد به الروح . قيل من حق العاقل الداخل على الكرام قلة الكلام وسرعة القيام . ومن علامة الاحمق بالجلوس فوق القدر والمجيئ فى غير الوقت . وقد قالوا اذا اتى باب اخيه المسلم يستأذن ثلاثا ويقول فى كل مرة السلام عليكم يا اهل البيت ثم يقول أيدخل فلان ويمكث بعد كل مرة مقدار ما يفرغ الآكل من اكله ومقدار ما يفرغ المتوضئ من وضوئه والمصلى باربع ركعات من صلاته فان اذن دخل وخفف والارجع سالما عن الحقد والعداوة . ولا يجب الاستئذان على من ارسل اليه صاحب البيت رسولا فتى بدعوته
قال فى كشف الاسرار [ ادب نهايت قال است وبدايت حال حق جل جلاله اول مصطفى را عليه السلام بادب بيارست بس بخلق فرستاد : كما قال(11/100)
« ادبنى ربى فاحسن تأديبى » عام را هرعضوى ازاعضاى ظاهر ادبى بايد والا هالكند . وخاص راهر عضوى از اعضاى باطن ادبى بايد والا هالكند . وخاص درهمه اوقات ادب بايد قال المولى الجامى ]
ادبوا النفس ايها الاحباب ... طرق العشق كلها آداب
ماية دولت ابد ادبست ... باية رفعت خرد ادبست
جيست آن داد بندكى دادن ... بر حدود خداى ايستادن
قول وفعل از شنيدن وديدن ... بموازين شرع سنيجدن
باحق وخلق وشيخ ويار ورفيق ... ره سيردن بمقتضاى طريق
حركات جوارح واعضا ... راست كردن بحكم دين هدا
خطرات وخواطر واوهام ... باك كردن زشوب نفس تمام
دين واسلام در ادب طلبيست ... كفر وطغيان زشوم بى ادبيست
ومن الله التوفيق للآداب الحسنة والافعال المستحسنة { واذا سألتموهن متاعا } الماعون وغيره { فاسألوهن } اى المتاع { من وراء حجاب } من خلف ستر : وبالفارسية [ ازبس برده ] ويقال خارج الباب { ذلكم } اى سؤال المتاع من وراء الحجاب { اطهر لقلوبكم وقلوبهن } اى اكثر تطهيرا من الخواطر النفسانية والخيالات الشيطانية فان كل واحد من الرجل والمرأة اذا لم ير الآخر لم يقع فى قلبه شئ
قال فى كشف الاسرار نقلهم عن مألوف العادة الى معروف الشريعة ومفروض العبادة وبين ان البشر بشر وان كانوا من الصحابة وازواج النبى عليه السلام فلا يأمن احد على نفسه من الرجال والنساء ولهذا شدد الامر فى الشريعة بان لا يخلو رجل بامرأة ليس بينهما محرمية كما قال عليه السلام « لا يخلوّن رجل بامرأة فان ثالثهما الشيطان »
وكان عمر رضى الله عنه يحب ضرب الحجاب عليهن محبة شديدة وكان يذكره كثيرا ويود ان ينزل فيه وكان يقول لو اطاع فيكن ما رأتكن عين وقال يا رسول الله يدخل عليك البر والفاخر فلو امرت امهات المؤمنين بالحجاب فنزلت روى انه مر عليهن وهن مع النساء فى المسجد فقال احتجبن فان لكن على النساء فضلا كما ان لزوجكن على الرجال الفضل فقالت زينب انك يا ابن الخطاب لتغار علينا والوحى ينزل فى بيوتنا : يعنى [ اكر مراد الله بود خود فرمايد وحاجت بغيرت تو نباشد تادرين حديث بودند بروفق قول عمر رضى الله عنه آيت حجاب فرود آمد { واذ سألتموهن } الخ
وعن عائشة رضى الله عنها ان ازواج النبى عليه السلام كن يخرجن الليل لحاجتهن وكان عمر يقول للنبى احجب نساءك فلم يكن يفعل فخرجت سودة بنت زمعة ليلة من الليالي عشيا وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة حرصا على ان تنزل آية الحجاب فانزلها الله تعالى وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال [ وبعد ازنزولش حكم شد تاهمه زنان برده فروكذاشتند ] ولم يكن لاحد ان ينظر الى امرأة من نساء رسول الله متنقبة كانت او غير متنقبة : يعنى [ بعد ازنزول آيت حجاب هيج كس را روا نبود كه درزنى از زنان رسول نكر ستند اكر در نقاب بودى يابى نقاب ] واستدل بعض العلماء باخذ الناس عن ازواج النبى عليه السلام من وراء الحجاب على جواز شهادة الاعمى اذا تيقن الصوت وهو مذهب مالك واحمد ولم يجزها ابو حنيفة سواء كانت فيما يسمع او لا خلافا لابى يوسف فيما اذا تحملها بصيرا فان العلم حصل له بالنظر وقت التحمل وهو العيان فاداؤه صحيح اذ لا خلل فى لسانه وتعريف المشهود عليه يحصل بذكر نسبه ولابى حنيفة انه يحتاج فى ادائها الى التمييز بين الخصمين وهو لا يفرق بينهما الا بالنغمة وهى لا تعتبر لانها تشبه نغمة اخرى ويخاف عليه التلقين من الخصم والمعرفة بذكر النسب لا تكفى لانه ربما يشاركه غيره فى الاسم والنسب وهذا الخلاف فى الدين والعقار لا فى المنقول لان شهادة لا تقبل فيه اتفاقا لانه يحتاج الى الاشارة والدين يعرف ببيان الجنس والوصف والعقار بالتحديد وكذا قال الشافعى تجوز شهادة الاعمى فيما رآه قبل ذهاب بصره او يقر فى اذته فيتعلق به حتى يشهد عند قاض قه { وما كان لكم } اى وما صح وما استقام لكم { ان تؤذوا رسول الله } اى ان تفعلوا فى حياته فعلا يكرهه ويتأذى به { ولا ان تنكحوا ازواجه } [ زنان اوراكه مدخول بها باشد ] { من بعده } اى من بعد وفاته او فراقه { ابدا } فان فيه تركا لمراعاة حرمته فانه اب وازواجه امهات ويقال لانهن ازواجه فى الدنيا والآخرة كما قال عليه السلام(11/101)
« شارطت ربى ان لا اتزوج الا من تكون معى فى الجنة » ولو تزوجن لم يكنّ معه فى الجنة لان المرأة لآخر ازواجها لما روى ان ام الدرداء رضى الله عنها قالت لابى الدرداء رضى الله عنه عند موته انك خطبتنى من ابوىّ فى الدنيا فانكحاك فانى اخطبك الى نفسى فى الآخرة فقال لها لا تنكحى بعدى فخطبها معاوية بن ابى سفيان فاخبرته بالذى كان وابت ان تتزوجه روى عن حذيفة رضى الله عنه انه قال لامرأته ان اردت ان تكونى زوجى فى الجنة فلا تتزوجى بعدى فان المرأة لآخر ازواجها روى فى خبر آخر بخلاف هذا وهو ان ام حبيبة رضى الله عنها قالت يا رسول الله ان المرأة منا اذا كان لها زوجان لايهما تكون فى الآخرة فقال « انها تخير فتختار احسنهما خلقا منها » ثم « قال يا ام حبيبة ان حسن الخلق ذهب بالدنيا والاخرة » والحاصل انه يجب على الامة ان يعظوه وتوقيره فى جميع الاحوال فى حال حياته وبعد وقاته فانه يقدر ازدياد تعظيمه وتوقيره فى القلوب يزداد نور الايمان فيها وللمريدين مع الشيوخ فى رعاية امثال هذا الادب اسوة حسنة لان الشيخ فى قومه كالنبى فى امته كما سبق بيانه عند قوله { وازواجه امهاتهم }(11/102)
وفى الآية اشارة الى ان قوى النفس المحمدية من جهة الراضية والمرضية والمطمئنة بطبقاتها بكلياتها متفردة بالكمالات الخاصة للحضرة الاحمدية دنيا وآخرة فافهم سر الاختصاص والتشريف
ثم ان اللاتى طلقهن النبى عليه السلام اختلف فيهن ومن قال بحلهن فلانه عليه السلام قطع العصمة حيث قال « ازواجى فى الدنيا هن ازواجى فى الآخرة » فلم يدخلن تحت الآية والصحيح ان من دخل بها النبى عليه السلام ثبتت حرمتها قطعا فخص من الآية التى لم يدخل بها لما روى ان الاشعث بن قيس تزوج المستعيذة فى ايام خلافة عمر رضى الله عنه فهمّ برجمهما فاخبر بانه عليه السلام فارقها قبل ان تمسها فترك من غير نكير
وسبب نزول الآية ان طلحة بن عبيد الله التيمى قال لئن مات محمد لاتزوجن عائشة وفى لفظ تزوج محمد بنات عمنا ويحجبهن عنا يعنا يمنعنا من الدخول على بنات عمنا لانه وعائشة كانت من بنى تيم ابن مرة فقال لئن مات لاتزوجن عائشة من بعده فنزل فيه قوله تعالى { وما كان لكم } الآية
قال الحافظ السيوطى وقد كنت فى وقفة شديدة من صحة هذا الخبر لان طلحة احد العشرة المبشرين بالجنة اجل مقاما من ان يصدر منه ذلك حتى رأيت انه رجل آخر شاركه فى اسمه واسم ابيه ونسبته كما فى انسان العيون { ان ذلكم } يعنى ايذاءه ونكاح ازواجه من بعده { كان عند الله عظيما } اى ذنبا عظيما وامرا هائلا [ زيرا كه حرمت آن حضرت لازمست درحيات او وبعد از وفات او بلكه حيات وممات او دراداى حقوق تعظيم يكسانست جه خلعت خلافت ولباس شفاعت كبرى بس از وفات بر بالاى اعتدال او دوخته اند ]
قباى سلطنت هو دو كون تشريفست ... كه جز يقامت زيباى او نيامد راست
ثم بالغ فى الوعيد(11/103)
إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54)
{ ان تبدوا } على ألسنتكم [ يعنى آشكارا كنيد ] { شيأ } مما لا خير فيه كنكاحهن
وفى التأويلات من ترك الادب وحفظ الحرمة وتعظيم شأنه صلى الله عليه وسلم { او تخفوه } فى صدوركم : يعنى [ بزبان نياريد زيرا كه نكاح عائشة رضى الله عنها دردل بعض كذشته بود وبزبان نياورده ] كذا قال الكاشفى { فان الله كان بكل شئ عليما } بليغ العلم بظاهر كل شئ وباطنه فيجازيكم بما صدر عنكم من المعاصى البادية والخافية لا محالة وعمم ذلك ليدخل فيه نكاحهن وغيره
قال فى كشف الاسرار [ جون ميدانى كه حق تعالى بر اعمال واحوال تو مطلع است ونهان وآشكاراى توميدان ومى بيند ييوسته بردركاه او باش افعال خودرا مهذب داشته باتباع علم وغذاى حلال ودوام ورد واقوال خودرا رياضت داده بقراءت قرآن ومداومت عذر ونصيحت خلق واخلاق خود باك داشته از هرجه غبار راه دين است وسد منهج طريقت جون بخل وريا وطمع است وآرايش سخا وتوكل وقناعت وكلمة « لا اله الا الله » برهر دو حالت مشتمل است « لا اله » نفى آلايش است و « الا الله » اثبات وآرايش جون بنده كويد « لا اله » هرجه آلايش است وحجاب راه ازبيخ بكند آنكه جمال « الا الله » روى نمايد ونبده را بصفات آرايش بيارايد واورا آراسته وييراسته فرا مصطفى بردتا ويرا بامتى قبول كند واكر اثر « لا اله » بروى ظاهر نبود وجمال خلعت « الا الله » بروى نبيند اورا بامتى فرا نيذيرد وكويد سحق سحقا ] : قال المولى الجامى
« لا » نهنكيست كائنات آشام ... عرش تا فرش او كشيده بكام
هر كجا كرده آن نهنك آهنك ... ازمن وما نه بوى مانده نه رنك
كرجه « لا » داشت تيركئ عدم ... دارد « الا » فروغ نور قدم
جون كند « لا » بساط كثرت طى ... دهد « الا » زجام وحدت مى
تانسازى حجاب كثرت دور ... ندهد آفتاب وحدت نور
كرزمانى زخود خلاص شوى ... مهبط فيض نور خاص شوى
جذب آن فيض يابد استيلا ... هم ز « لا » وار هى هم از « الا »
هركه حق داد نور معرفتش ... كائن بائن بود صفتش
جان بحق تن بغير حق كائن ... تن زحق جان زغير حق بائن(11/104)
لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)
{ لا جناح عليهن فى آبائهن } استئناف لبيان من لا يجب الاحتجاب عنهم روى انه لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والابناء والاقارب يا رسول الله او نكلمهن ايضا اى كالاباعد من وراء حجاب فنزلت ورخص الدخول على نساء ذوات محارم بغير حجاب : يعنى [ هيج كناهى نيست برزنان در نمودن روى بيدران خويش ] { ولا ابنائهن } [ ونه بيسران برادران ايشان ] فهؤلاء ينظرون عند ابى حنيفة الى الوجه وألراس والساقين والعضدين ولا ينظرون الى ظهرها وبطنها وفخذها وابيح النظر لهؤلاء لكثرة مجداخلتهن عليهن واحتياجهن الى مداخلتهن وانما لم يذكر العم والخال لانهما بمنزلة الوالدين ولذلك سمى العم ابا فى قوله { واله آبائك ابراهيم واسحق } او لانه كره ترك الاحتجاب منهم مخافة ان يصفاهنلابنائهما وابناؤهما غير محارم لجواز النكاح بينهم وكره وضع الخمار عندهما وقد نهى عن وصف المرأة لزوجها بشرة امرأة اخرى ومحاسنها بحيث يكون كائه ينظر اليها فانه يتعلق قلبه بها فيقع بذلك فتنة { ولا نسائهن } يعنى المؤمنات فتنظر المسلمة الى المسلمة سوى ما بين السرة والركبة وابو حنيفة يوجب ستر الركبة فالمراد بالنساء اهل دينهن من الحرائر فلا يجوز للكتابيات الدخول عليهن والتكشف عندهن او المراد المسلمات والكتابيات وانما قال ولا نسائهن لانهن من اجناسهن فيحل دخول الكتابيات وقد كانت النساء الكوافر من اليهوديات وغيرهن يدخلن على نساء النبى عليه السلام فلم يكن يحتجبن ولا امرن بالحجاب وهو قول ابى حنيفة واحمد ومالك { ولا ما ملكت ايمانهن } من العبيد والاماء فيكون عبد المرأة محرما لها فيجوز له الدخول عليها اذا كان عفيفا وان ينظر اليها كالمحارم وقد اباحت عائشة النظر لعبدها وقالت لذكوان انك اذا وضعتنى فى القبر وخرجت فانت حر وقيل من الاماء خاصة فيكون العبد حكمه حكم الاجنبى معها
قال فى بحر العلوم وهو اقرب الى التقوى لان عبد المرأة كالاجنبى خصيا كان او فحلا واين مثل عائشة واين مثل عبدها فى العبيد لا سيما فى زماننا هذا وهو قول ابى حنيفة وعليه الجمهور فلا يجوز لها الحج ولا السفر معه وقد اجاز رؤيته الى وجهها وكفيها اذا وجد الامن من الشهوة ولكن جواز النظر لا يوجب المحرمية وقد سبق بعض ما يتعلق بالمقام فى سورة النور فارجع لعلك تجد السرور { واتقين الله } فيما امرتن من الاحتجاب واخشين حتى لا يراكن غير هؤلاء ممن ذكر وعليكن بالاحتياط ما قدرتن
قال الكاشفى [ بس عدول كرد ازغيبت بخطاب بجهت تشديد وامر فرمود كه اى زنان در بس حجاب قرار كيريد وبترسيد ازخداى وبردة شرم ازييش برنداريد ] { ان الله كان على كل شئ شهيدا } لا يخفى عليه خافية من الاقوال والافعال ولا يتفاوت فى علمه الا ما كان والاوقات والاحوال(11/105)
جونكه خدا شد بخافا كواه ... كرد شمارا همه لحظه نكاه
ديده بيوشيد الزنا محرمان ... دور شويد ازره وهم وكمان
دربس زانوى حيا ووقار ... خوش بنشينيد بصبر وقرار
وفى التأويلات النجمية يشير الآية الى تسكين فلو بهن بعد فطامهن عن مألوفات العادة ونقلهن الى معروف الشريعة ومفروض العبادة فمنّ عليهن وعلى اقربائهن بانزاله هذه الرخصة لانه ما اخرجهن وما خلى سبيل الاحتياط لهن مع ذلك فقال { واتقين الله } فيهن وفى غيرهن بحفظ الخواطر { شهيدا } حاضرا وناظرا اليها
قال ابو العباس الفاسى الشهيد هو الحاضر الذى لا يغيب عنه معلوم ولا مرئى ولا مسموع ومن عرف انه الشهيد عبده على المراقبة فلم يره حيث نهاه ولم يفقده حيث امره واكتفى بعلمه ومشاهدته عن غيره فالله تعالى لا يغيب عنه شئ فى الدنيا والآخرة وهو يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم وشاهد منهم
ذرة نيست درمكين ومكان ... كه نه علمش بود محيط برآن
عدد ربك دربيابانها ... عدد بركها ببستانها
همه نزديك او بود ظاهر ... همه در علم او بود حاضر
وخاصية هذا الاسم الرجوع عن الباطل الى الحق حتى انه اذا اخذ من الولد العاق من جبهته شعر وقرئ عليه او على الزوجة كذلك الفا فانه يصلح حالها كما فى شرح الاسماء للفاسى نسأل الله سبحانه ان يصلح احوالنا واقوالنا وافعالنا ويوجه الى جنابه الكريم آمالنا(11/106)
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)
{ ان الله وملائكته }
اعلم ان الملائكة عند اهل الكشف من اكابر اهل الله على قسمين . قسم تنزلوا من مرتبة الارواح الى مرتبة الاجسام فلهم اجسام لطيفة كما ان للبشر اجساما كثيفة وهم المأمورون بسجود آدم عليه السلام ويدخل فيهم جميع الملائكة الارضية والسماوية اصاغرهم واكابرهم كجبريل وغيره بحيث لا يشذ منهم فرد اصلا . وقسم بقوا فى عالم الارواح وتجردوا عن ملابس الجسمانية لطيفة كانت او كثيفة وهم المهيمون الذين اشير اليهم بقوله تعالى { ام كنت من العالين } وهم غير مأمورين بالسجود اذ ليس لهم شعور اصلا لابانفسهم ولا بغيرهم من الموجدات مطلقا لاستغراقهم فى بحر شهود الحق . والانسان افضل من هذين القسمين فى شرف الحال ورتبة الكمال لانه مخلوق بقبضتى الجمال والجلال بخلاف الملائكة فانهم مخلوقون بيد الجمال ورتبة الجمال فقط كما اشير اليه بقوله
ملائك را جه سود از حسن طاعت ... جو فيض عشق بر آدم فرو ريخت
وذلك لان العسق يقتضى المحنة وموطنها الدنيا ولذا اهبط آدم من الجنة والمحنة من باب التربية وهى من آثار الجلال والمراد بالملائكة ههنا هو القسم الاول لانهم يشاركون مؤمنى البشر فى الجمال والوجود الجسمانى فكما ان مؤمنى البشر كلهم يصلون على النبى فكذا هذا القسم من الملائكة مع ان مقام التعظيم يقتضى التعميم كما لا يخفى على ذى القلب السليم فاعرف واضبط ايها اللبيب الفهيم { يصلون على النبى } اى يعتنون بما فيه خيره وصلا ح امره ويهتمون باظهار شرفه وتعظيم شأنه وذلك من الله تعالى بالرحمة ومن الملائكة بالدعاء والاستغفار . فقوله يصلون محمول على عموم المجاز اذ لا يجوز ارادة معني المشترك معا فانه لا عموم للمشترك مطلقت اى سواء كان بين المعانى تناف ام لا
قال القهستانى الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن الانس والجن القيام والركوع والسجود والدعاء ونحوها ومن الطير والهوام التسبيح اسم من التصلية وكلاهما مستعمل بخلاف الصلاة بمعنى اداء الاركان فان مصدرها لم يستعمل فلا يقال صليت تصلية بل صلاة
وقال بعضهم الصلاة من الله تعالى بمعنى الرحمة لغير النبى عليه السلام وبمعنى التشريف بمزيد الكرامة للنبى والرحمة عامة والصلاة خاصة كما دل العطف على التغابر فى قوله تعالى { اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة } وقال بعضهم صلوات الله على غير النبى رحمة وعلى النبى ثناء ومدحة قولا وتوفيق وتأييد فعلا وصلاة الملائكة على غير النبى استغفار وعلى النبى اظهار للفضيلة والمدح قولا والنصرة والمعاونة فعلا وصلاة المؤمنين على غير النبى دعاء وعلى النبى طلب الشفاعة قولا واتباع السنة فعلا { يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه } اعتنوا انتم ايضا بذلك فانكم اولى به { وسلموا تسليما } بان تقولوا اللهم صل على محمد وسلم او صلى الله عليه وسلم بان يقال اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد وسلم لقوله عليه السلام(11/107)
« اذا صليتم علىّ فعمموا » والافقد نقضت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كما فى شرح القهستانى
وقال الامام السخاوى فى المقاصد الحسنة لم اقف عليه اى على هذا الحديث بهذا اللفظ ويمكن ان يكون بمعنى صلوا علىّ وعلى انبياء الله فان الله بعثهم كما بعثنى انتهى . وخص اللهم ولم يقل يا رب ويا رحمن صل لانه اسم جامع دال على الالوهية وعلامة الاسلام فى قوله لا اله الا الله فناسب ذكره صل لانه اسم جامع دال على الالوهية وعلامة الاسلام جامع لنعوت الكمال مشتمل على اسرار الجمال والجلال
وخص اسم محمد لان معناه المحمود مرة بعد اخرى فناسب مقام المدح والثناء . والمراد بآله الاتقياء من امته فدخل فيه بنوا هاشم والازواج المطهرة وغيرهم جميعا
قال فى شرح الكشاف وغيره معنى قوله اللهم صل على محمد اللهم عظمه فى الدنيا باعلاء دينه واعظام ذكره واظهار دعوته وابقاء شريعته وفى الآخرة بتشفيعه فى امته وتضعيف اجره ومثوبته واظهار فضله عن الاولين والآخرين وتقديمه على كافة الانبياء والمرسلين ولما لم يكن حقيقة الثناء وفى وسعنا امرنا ان نكل ذلك اليه تعالى فالله يصلى عليه بسؤالنا
سلام من الرحمن نحو جنابه ... لان سلامى لا يليق ببابه
فان قلت فما الفائدة فى الامر بالصلاة
قلت اظهار المحبة للصلاة كما استحمد فقال قل الحمد لله اظهار المحبة الحمد مع انه هو الحامد لنفسه فى الحقيقة ومعنى سلم اجعله يا رب سالما من كل مكروه كما قال القهستانى
وقال بعضهم [ التسليم هنا بمعنى : آفرين كردن ] ويجيئ بمعنى [ باك ساختن وسبردن وفروتنى كردن وسلامت دادن ]
وفى التفوحات المكية ان السلام انما شرع من المؤمنين لان مقام الانبياء يعطى الاعتراض عليهم لامرهم الناس بما يخالف اهواءهم فكأن المؤمن يقول يا رسول الله انت فى امان من اعتراضى عليك فى نفسى وكذلك السلام على عباد الله الصالحين فانهم كذلك يأمرون الناس بما يخالف اهواءهم بحكم الارث للانبياء واما تسليمنا على انفسنا فان فينا ما يقتضى الاعتراض واللوم منا علينا فنلزم نفوسنا التسليم فيه لنا ولا نعترض كما يقول الانسان قلت لنفسى كذا فقالت لا ولم نقف على رواية عن النبى عليه السلام فى تشهده الذى كان يقوله فى الصلاة هل كان يقول مثلنا السلام علينا على عباد الله الصالحين . فان كان يقول مثل ما امرنا نقول فى ذلك وجهان . احدهما ان يكون المسلم عليه هو الحق وهو مترجم عنه كما جاء فى سمع الله لمن حمده . والوجه الثانى انه كان يقام فى صلاته فى مقام الملائكة مثلا ثم يخاطب نفسه من حيث المقام الذى اقيم فيه ايضا من كونه نبيا فيقول السلام عليك يا ايها النبى فعل الاجنبى فكأنه جرد من نفسه شخصا آخر انتهى كلام الفتوحات
قالوا السلام مخصوص بالحى والنبى عليه السلام ميت
واجيب بان المؤمن لا يموت حقيقة وان فارق روحه جسده فالنبى عليه السلام مصون بدنه الشريف من التفسخ والانحلال حى بالحياة البرزخية ويدل عليه قوله(11/108)
« ان لله ملائكة سياحين يبلغوننى عن امتى السلام » وفى الحديث « ما من مسلم يسلم علىّ الا رد الله علىّ روحى حتى اردّ عليه السلام » ويؤخذ من هذا الحديث انه حى على الدوام فى البرزخ الدنيوى لانه محال عادة ان يخلو الوجود كله من واحد يسلم على النبى فى ليل او نهار . فقوله رد الله علىّ روحى اى ابقى الحق فىّ شعور خيالى الحسى فى البرزخ وادراك حواسى من السمع والنطق فلا ينفك الحس والشعور الكلى عن الروح المحمدى وليس له غيبة عن الحواس والا كوان لانه روح العالم وسره السارى
قال الامام السيوطى وللروح بالبدن اتصال بحيث يسمع ويشعر ويرد السلام فيكون عليه السلام فى الرفيق الاعلى وهى متصلة بالبدن بحيث اذا سلم المسلم على صاحبها رد عليه السلام وهى فى مكانها هناك وانما يأتى الغلط هنا من قياس الغائب على الشاهد فيعتقد ان الروح من جنس ما يعهد من الاجسام التى اذا اشغلت مكانا لم يمكن ان تكون فى غيره وهذا غلط محض وقد رأى النبى موسى عليهما السلام ليلة المعراج قائما يصلى عليه وهو فى الرفيق الاعلى ولا تنافى بين الامرين فان شأن الارواح غير شأن الابدان ولولا لطافة الروح ونور انيتها ما صح اختراق بعض الاولياء الجدران ولا كان قيام الميت فى قبره والتراب عليه او التابوت فانه لا يمنعه شئ من ذلك عن قعوده وقد صح ان الانسان يمكن ان يدخل من الابواب الثمانية للجنة فى آن واحد لغلبة الروحانية مع تعذره فى هذه النشأة الدنيوية . وقد مثل بعضهم بالشمس فانها فى السماء كالارواح وشعاعها فى الارض وفى الحديث « ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه الا عرفه ورد عليه السلام » ولعل المراد ان يرد السلام بلسان الحال لا بلسان المقال لانهم يتأسفون على انقطاع الاعمال عنهم حتى يتحسرون على رد السلام ثوابه
قال الشيخ المظهر التسليم على الاموات كالتسليم على الاحياء واما قوله عليه السلام « عليكم السلام تحية الموتى » اى بتقديم عليكم فمبنى على عادة العرب وعرفهم فانهم كانوا اذا اسلموا على قبر يقدمون لفظ عليكم فتكلم عليه السلام على عادتهم
وينبغى ان يقول المصلى اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد باعادة كلمة على فان اهل السنة التزموا ادخال على على الآل ردا على الشيعة فانهم منعوا ذكر على بين النبى وآله وينقلونه فى ذلك حديثا وهو(11/109)
« من فصل بينى وبين آلى بعلى لم ينله شفاعتى » قاله القهستانى والعصام وغيرهما
وقال محمد الكردى هذا غير ثابت وعلى تقدير الثبوت فالمراد به على بن ابى طالب بان يجعل عليا من آله دون غيرهم فيكون فيه تعريض للشيعة فانهم الذين يفصلون بينه وبين آله به لفرط محبتهم له ولذا قال عليه السلام لعلى « هلك فيك اثنان محب مفرط ومبغض مفرط » فالمحب المفرط الروافض والمبغض الخوارج ونحن فيما بين ذلك انتهى كلامه
ولا يقول فى الصلاة وارحم محمدا فانه يوهم التقصير اذا الرحمة تكون باتيان ما يلام عليه وهو الاصح كما ذكره شرف الدين الطيبى فى شرح المشكاه
وقال فى الدر الصحيح انه يكره
قال الشيخ على من اسئلة الحكم حرمت الصدقة على رسول الله وعلى آله لان الصداقة تنشأ عن رحمة الدافع لمن يتصدق عليه فلم يرد الله ان يكون مرحوم غيره ولهذا نهى بعض الفقهاء عن الترحم فى الصلاة عليه تأدبا لتلك الحضرة وان كانت الرواية وردت به كما ذكره صدر الشريعة
ويتصل به قراءة الفاتحة لروحه المطهرة فالشافعى واصحابه منعوا ذلك لروحه ولا رواح سائر الانبياء عليهم السلام لان العادة جرت بقراءة الفاتحة لارواح العصاة فيلزم التسوية بارواحهم مع ان فى الدعاء بالترحم التحقير وجوزه ابو حنيفة واصحابه لانه عليه السلام دعا لبعض الانبياء بالرحمة كما قال « رحم الله اخى موسى . ورحم الله اخى لوطا » وقال بين السجدتين « اللهم اغفر لى وارحمنى » وقال فى تعليم السلام « السلام عليك ايها النبى ورحمة الله وبركاته » فليس احد مستغنيا عن الرحمة . وايضا فائدة القراءة ونحوها عائدة الينا كما قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر الصلاة على النبى فى الصلاة وغيرها دعاء من العبد المصلى لمحمد صلى الله عليه وسلم بظهر الغيب وقد ورد فى الحديث الصحيح « ان من دعا لاخيه بظهر الغيب قال له الملك ولك بمثله » وفى رواية ( ولك بمثليه ) فشرع ذلك رسول الله وامر الله به فى قوله { يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه } ليعود هذا الخير من الملك الى المصلى انتهى
وفى الدعاء ايضا حكمة جليلة
قال بعض الكبار اما الوسيلة فهى على درجة فى الجنة اى جنة عدن وهى لرسول الله حصلت له بدعاء امته فعلى ذلك الحق سبحانه حكمة اخفاها فانا بسببه نلنا السعادة من الله وبه كنا خير امة اخرجت للناس وبه ختم الله لنا كما ختم به النبيين وهو عليه السلام بشر كما امر ان يقول ولنا وجه خاص الى الله نناجيه منه ويناجينا وكذلك كل مخلوق له وجه خاص الى الله فامرنا عن امر الله ان ندعو له بالوسيلة حتى ينزل فيها بدعاء امته وهذا من باب الغيرة الالهية ان فهمت
قال فى التأويلات النجمية يشير بهذا الاختصاص الى كمال العناية فى حق النبى وفى حق امته .(11/110)
اما فى حق النبى فانه يصلى عليه صلاة تليق بتلك الحضرة المقدسة عن الشبه والمثال مناسبة لحضرة نبوته بحيث لا يفهم معناها سواها . واما فى حق امته فهو انه تعالى اوجب على امته الصلاة عليه ثم جازاهم بكل صلاة عليه عشر صلوات من صلاته وبكل سلام عشرا لان من جاء بالحسنة فله عشر امثالها وهذه عناية مختصة بالنبى وامته
ولصلاة الله على عباده مراتب بحسب مراتب العباد ولها معان كالرحمة والمغفرة والوارد والشواهد والكشوف والمشاهدة والجذبة والقرب والشرب والرى والسكر والتجلى والفناء فى الله والبقاء بالله فكل هذا من قبيل الصلاة على العبد
وقال بعضهم صلوات الله على النبى تبليغه الى المقام المحمود وهو مقام الشفاعة لامته وصلوات الملائكة دعاؤهم له بزيادة مرتبته واستغفارهم لامته وصلوات الامة متابعتهم له ومحبتهم ومحبتهم اياه والثناء عليه بالذكر الجميل وهذا التشريف الذى شرف الله به نبينا عليه السلام اتم من تشريف آدم عليه السلام بامر الملائكة بالسجود له لانه لا يجوز ان يكون الله تعالى مع الملائكة فى هذا التشريف وقد اخبر تعالى عن نفسه بالصلاة على النبى ثم عن الملائكة
عقل دور انديش ميداند كه تشر يفى جنين ... هيج دي بروزند يد وهيج ييغمبر نيافت
يصلى عليه الله جل جلاله ... بهذا بدا للعالمين كماله
بجامه خانة دين خلعت درود وسلام ... جوكشت دوخته برقامت تو آمدراست
نشان وفرمود كه صلوا عليه بر نامت ... نوشته اندو جنين منصى شريف تراست
[ بعد از نزول آيت صلوات هردو رخسار مبارك آن حضرت ازغايت مسرت برافر وخته كشت وفرمود كه تهنيت كوييد مرا كه آيت بر من فرود آمدكه دوستراست نزديك من از دنيا وهرجه دراوست ]
نورى از روزى اقبال در آفتاد مرا ... كه ازان خانة دل شد طرب آباد مرا
عن الاصمعى قال سمعت المهدى على منبر البصرة يقول ان الله امركم بامر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته فقال { ان الله } الخ آثره صلى الله عليه وسلم من بين الرسل واختصكم بها من بين الامم فقابلوا نعمة الله بالشكر وانما بدأ تعالى بالصلاة عليه بنفسه اظهارا لشرفه ومنزلته وترغيبا للامة فانه تعالى مع استغنائه اذا كان مصليا عليه كان الامة به لاحتياجهم الى شفاعته وتقوية لصلوات الملائكة والمؤمنين فان صلاة الحق حق وصلاة غيره رسم والرسم يتقوى بمقارنة الحق
از كنه وصف توكه تواندكه دم زند ... وصفى سزاى تونكند خداى تو(11/111)
واشارة الى انه عليه السلام مجلى تام لانوار الجمال والجلال ومظهر جامع لنعوت الكمال به فاض الجود وظهر الوجود
ثم ثنى بملائكة قدسه فانهم مقدمون فى الخلقة واهل عليين فى الصورة خائفون كبنى آدم من نوازل القضاء ومستعيذون بالله مثل واقعة ابليس وهاروت وماروت فاحتاجوا الى الصلاة على النبى عليه السلام ليحصل لهم جمعية الخاطر والحفظ من المحن والبليات ببركة الصلوات
وايضا ليظهر لصلوات المؤمنين رواج بسبب موافقة صلواتهم كما ورد فى آمين
وايضا لما خلق آدم رأوا انوار محمد عليه السلام على جبينه فصلوا عليه وقتئذ فلما تشرف بخلقه الوجود قيل لهم هذا هو الذى كنتم تصلون عليه وهو نور فى جبين آدم فصلوا عليه وهو موجود بالفعل فى العالم . ثم ثلث بالمؤمنين من برية جنه وانسه فان المؤمنين محتاجون الى الصلاة عليه اداء لبعض حقوق الدعوة والابوة فانه عليه السلام بمنزلة الاب للامة وقد اجاد فى التعليم والتربية والارشاد وبالغ فى لوازم الشفقة على العباد وثناء المعلم واجب على المتعلم وشكر الاب لازم على الابن
ميان باغ جهان اززلال فيض حبيب ... نهال جان مرا صد هزار نشو ونماست
وايضا فى الصلوات شكر على كونه افضل الرسل وكونهم خير الامم
وايضا فيها ايجاب حق الشفاعة على ذمة ذلك الجناب فان الصلوات ثمن الشفاعة فاذا ادوا الثمن هذا اليوم يرجى ان يحرزوا المثمن يوم القيامة
بضاعت بجندا نكه آرى برى ... اكر مفلسى شر مسارى برى
ألا ايها الاخوان صلو وسلموا ... على المصطفى فى كل وقت وساعة
فان صلاة الهاشمى محمد ... تنجى من الاهوال يوم القيامة
وبقدر صلواتهم عليه تحصيل المعارفة بينهم وبينه
وعلامة المصلى يوم القيامة ان يكون لسانه ابيض وعلامة التارك ان يكون لسانه اسود وبهما تعرف الامة يؤمئذ
وايضا فيها مزيد القربات وذلك لان بالصلوات تزيد مرتبة النبى فتزيد مرتبة الامة لان مرتبة التابع تابعة لمرتبة المتبوع كما اشار اليه حضرة المولى جلال الدين الرومى فى المعراجية بقوله
صلوات برتو آرم كه فزوده باد قربت ... جه بقرب كل بكردد همه جزؤها مقرب
وايضا فيها اثبات المحبة ومن احب شيأ اكثر ذكره
قال بعضهم صيغة المضارع : يعنى { يصلون } [ دلالت برآن ميكند كه ملائكة ييوسته در كفتن صلواتند بس دررد دهنده متشبه باشد بديشان وبحكم ( من تشبه بقوم فهو منهم ) از طهارت وعصمت كه لوازم ذات ملائكة است محتظى كردد وباعالم روحانى آشنايى يابد ]
يا سيد انام درود وصلات تو ... ورد زبان ماست مه وسال وصبح وشام
نزديك تو جه تحفه فرستيم ما زدور ... دردست ما همين صلاتسن والسلام
قال سهل بن عبد الله التسترى قدس سره الصلاة على محمد افضل العبادات لان الله تولاها هو وملائكته ثم امر بها المؤمنين وسائر العبادات ليس كذلك يعنى ان الله تعالى امر بسائر العبادات ولم يفعله بنفسه(11/112)
قال الصديق الاكبر رضى الله عنه الصلاة عليه امحق للذنوب من الماء البارد للنار وهى افضل من عتق الرقاب لان عتق الرقاب فى مقابلة العتق من النار ودخول الجنة والسلام على النبى عليه السلام فى مقابلة سلام الله وسلام الله افضل من الف حسنة
قال الواسطى صل عليه بالاوقار ولا تجعل له فى قلبك مقدار اى لا تجعل لصلواتك عليه مقدار تظن انك تقضى به من حقه شيأ بصلواتك عليه استجلاب رحمة على نفسك به وفى الحديث « ان لله ملكا اعطاه سمع الخلائق وهو قائم على قبرى اذا مت الى يوم القيامة فليس احد من امتى يصلى علىّ صلاة الاسماه باسمه واسم ابيه قال يا محمد صلى عليك فلان كذا وكذا ويصلى الرب على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا » وفى الحديث « اذا صليتم علىّ فاحسنوا علىّ الصلاة فانكم تعرضون علىّ باسمائكم واسماء آبائكم وعشائركم واعمامكم » ومن احسان الصلوات حضور القلب وجمع الخاطر
وقد قال بعضهم انما تكون الصلوات على النبى طاعة وقربة ووسيلة واستجابة اذا قصد بها التحية والتوسل والتقرب الى حضرة النبوة الاحمدية فانه بهذه المناسبة يحصل له التقرب الى الحضرة الاحدية ألا ترى ان التقرب الى القمر كالتقرب الى الشمس فانه مرآتها ومطرح انوارها وفى الحديث « من صلى واحدة امر الله حافظه ان لا يكتب عليه ثلاثة ايام »
ورأت امرأة ولدها بعد موته يعذب فحزنت لذلك ثم رأته بعد ذلك فى النور والرحمة فسألته عن ذلك فقال مر رجل بالمقبرة فصلى على النبى عليه السلام واهدى ثوابها للاموات فجعل نصيبى من ذلك المغفرة فغفر لى وحكى عن سفيان الثورى رحمه الله انه قال بينا انا اطوف بالبيت اذ رأيت رجلالا يرفع قدما الا وهو يصلى على النبى عليه السلام فقلت يا هذا انك تركت التسبيح والتهليل واقبلت بالصلاة على النبى عليه السلام فهل عندك فى هذا شئ فقال من انت عافاك الله فقلت انا سفيان الثورى فقال لولا انك غريب فى اهل زمانك لما اخبرتك عن حالى ولا اطعتك على سرى ثم قال خرجت انا وابى حاجين الى بيت الله الحرام حتى اذا كنا فى بعض المنازل مرضى ابى ومات واسود وجهه وازرقت عيناه وانتفخ بطنه فبكيت وقلت انا لله وانا اليه راجعون مات ابى فى ارض غربة هذه الموتة فجذبت الازار على وجهه فغلبتنى عيناى فنمت فاذا انا برجل لم ارا اجمل منه وجها ولا انظف ثوبا ولا اطيب ريحا فدنا من ابى فكشف الازار عن وجهه ومسح على وجهه فصار اشد بياضا من اللبن ثم مسح على بطنه فعاد كما كان ثم اراد ان ينصرف فقمت اليه فامسكت بردائه وقلت يا سيدى بالذى ارسلك الى ابى رحمة فى ارض غربة من انت فقال أو ما تعرفنى انا محمد رسول الله كان ابوك هذا كثير المعاصى غير انه كان يكثر الصلاة علىّ فلما نزل به ما نزل استغاث بى فاغثته وانا غياث لمن يكثر الصلاة علىّ فى دار الدنيا فانتبهت فاذا وجه ابى قد ابيض وانتفاخ بطنه قد زال(11/113)
يا من يجيب دعا المضطر فى الظلم ... يا كاشف الضر والبلوى مع السقم
شفع نبيك فى ذلى ومسكنتى ... واستر فانك ذو فضل وذو كرم
قال كعب بن عجرة رضى الله عنه لما نزل قوله تعالى { يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } قمنا اليه فقلنا اما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك يا رسول الله قال « قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد » كما فى تفسير التيسير وهى الصلاة التى تقرأ فى التشهد الاخير على ما هو الاصح ذكرها الزاهدى رواية عن محمد . والمعنى اللهم صل على محمد صلاة كاملة كما دل عليه الاطلاق . وقوله وعلى آل محمد بن عطف الجملة اى وصل على آله مثل الصلاة على ابراهيم وآله فلا يشكل بوجوب كون المشبه به اقوى كما هو المشهور ذكره القهستانى
وقال فى الضياء المعنوى هذا تشبيه من حيث اصل الصلاة لا من حيث المصلى عليه لان نبينا افضل من ابراهيم فمعناه اللهم صل على محمد بمقدار فضله وشرفه عندك كما صليت على ابراهيم بقدر فضله وشرفه وهذا كقوله تعالى { فاذكروا الله كذكركم آباءكم } يعنى اذكروا الله بقدر نعمه وآلائه عليكم كما تذكرون آباءكم بقدر نعمهم عليكم وتشبيه الشئ بالشئ يصح من وجه واحد وان كان لا يشبهه من كان وجه كما قال تعالى { ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم } من وجه واحد وهو تخليقه عيسى من غير اب انتهى
[ ودر شرح مشكاة مذكور راست كه تشبيهى كه در كما صليت واقع شده نه ازقبيل الحاق ناقص است بكامل بلكه ازباب بيان حال ما لا يعرف است بما يعرف يعنى بسبب نزول آيت { رحمة الله وبركاته عليكم اهل البيت انه حميد مجيد } درود ابراهيم وآل اوميان اهل ايمان اشتهار تام داشت وهمه دانسته بودندكه خداى برابراهيم درود وبركت فرستاده بس حضرت ييغمبر فرمود كه ازخداى در خواهيد كه فرستد برمن صلواتى مشهور ومعروف مانند صلوات ابراهيم وكويند كاف در « كما » براى تأكيد وجود آيد نه براى قرآن در وقوع جنانجه { وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا } زيرا كه تر بيت واقعست از والدين ورحمت مطلوب الوقوع براى ايشان بس فائدة كاف تأكيداست در وجود رحمت يعنى ايجاد كن رحمت ايشانرا ايجادى محقق ومقر راست بس ميكويد ارسال كن صلوات را حبيب خود ووجوده آنرا همجنانجه قبل ازين وجود داده بودى براى خليل خود ] وهذا المعنى قريب مما فى الضياء المعنوى كما سبق [ وكفته اند حضرت ييغمبر در ضمن اين تشبيه مر امت خودرا طريق تواضع تعليم فرموده وبتكريم آباء اشارتى نموده يعنى با آنكه صلوات من اكمل واشرفست از درود ابراهيم آنرا دررتبه اقوى وارفع ميدارم وحرمت ابوت ويرا فرو نمى كذارم ومانند اين در كسر نفسى ونفى غائلة تكبر بسيار ازان حضرت مروى ومذكور است جنانجه ] ( انا اول من ينشق عنه الارض ولا فخر وانا حبيب ولا فخور وانا اكرم الاولين والآخرين على الله ولا فخر ولا تفضلونى على موسى .(11/114)
ولا تخيرونى على ابراهيم . ولا ينبغى لاحد ان يقول انا خير من يونس ) وانما صلينا على ابراهيم وعلى آل ابراهيم لانه حيث تم بناء البيت دعو للحجاج بالرحمة فكافأناهم بذلك
وقال الامام النيسابورى لأنه سأل الله ان يبعث نبيا من ذرية اسماعيل فقال { ربنا وابعث فيهم رسولا منهم } ولذا قال عليه السلام « انا دعوة ابى ابراهيم » فكافأه وشركه واثنى عليه مع نفسه بالصلاة التى صلى الله وملائكته عليه وهذه الصلاة من الحق عليه فى قرة عين لانه اكمل مظاهر الحق ومشاهد تجلياته ومجامع اسراره
وفى الخبر ان ابراهيم عليه السلام رأى فى منام جنة عريضة مكتوب على اشجارها لا اله الا الله محمد رسول الله فسأل جبريل عنها فاخبره بقصتها فقال يا رب اجر على لسان امة محمد ذكرى فاستجاب الله دعاءه وضم فى الصلاة مع محمد عليهما السلام
وايضا امرنا بالصلاة على ابراهيم لان قبلتنا قبلته مناسكنا مناسكه والكعبة بناؤه وملته متبوعة الامم فاوجب الله على امة محمد ثناءه
يقول الفقير كان ابراهيم عليه السلام قطب التوحيد الذاتى وصلوات الله عليه اتم من صلواته على سائر اصفيائه وكان امته اكثر استعدادا من الامم السالفة حتى بعث الله غيره الى جميع المراتب من الافعال والصفات والذات وان لم يظهر حكمها تفصيلا كما فى هذه الامة المرحومة ولذا اختص ببناء الكعبة اشارة الى سر الذات ولذا لم يتكرر الحج تكرر سائر العبادات وامر نبينا باتباع ملته اى باعتبار الجمع دون التفصيل اذ لا متمم لتفاصيل الصفات الا هو ولذلك لم يكن غيره خاتما فلهذه المعانى خص ابراهيم بالذكر فى الصلاة وشبه صلوات نبينا بصلاته دون صلوات غيره فاعرف
ثم ان الآية الكريمة دلت على وجوب الصلاة والسلام على نبينا عليه السلام وذلك لان النفس الانسانية منغمسة غالبا فى العلائق البدنية والعوائق الطبيعية كالاكل والشرب ونحوها وكالاوصاف الذميمة والاخلاق الرديئة والمفيض تعالى وتقدس فى غاية التنزه والتقدس فليس بينهما مناسبة والاستفاضة منه انما تحصل بواسطة ذى جهتين اى جهة التجرد وجهة التعلق كالحطب اليابس بين النار والحطب الرطب وكالغضروف بين اللحم والعظم وتلك الواسطة حضرة صاحب الرسالة عليه السلام حيث يستفيض من جهة تجرده ويفيض من جهة تعلقه فالصلاة عليه واجبة عقلا كما انها واجبة شرعا اى بهذه الآية لكن مطلقا اى فى الجملة اذ ليس فيها تعرض للتكرار كما فى قوله تعالى { واذكروا الله ذكرا كثيرا }(11/115)
وقال الطحاوى تجب الصلاة عليه كلما جرى ذكره على لسانه او سمعه من غيره
قال فى بحر العلوم وهو الاصح لان الامر وان كان لا يقتضى التكرار الا ان تكرار سبب الشئ يقتضى تكراره كوقت الصلاة لقوله عليه السلام « من ذكرت عنده فلم يصل علىّ فدخل النار فابعده الله » اى من رحمته وفى الحديث « لا يرى وجهى ثلاثة اقوام احدها العاق لوالديه والثانى تارك سنتى والثالث من ذكرت عنده فلم يصل علىّ » وفى الحديث « اربع من الجفاء ان يبول الرجل وهو قائم وان يمسح جبهته قبل ان يفرغ وان يسمع النداء فلا يشهد مثل يشهد المؤذن وان اذكر عنده فلا يصلى علىّ »
فان قلت الصلاة على النبى لم تخل عن ذكره ولو وجبت كلما ذكر لم نجد فراغا من الصلاة عليه مدة عمرنا
قلت المراد من ذكر النبى الموجب للصلاة عليه الذكر المسموع فى غير ضمن الصلاة عليه
وقيل تجب الصلاة فى كل مجلس مرة فى الصحيح وان تكرار ذكره كما قيل فى آية السجدة وتشميت العاطس وان كان السنة ان يشمت لكل مرة الى ان يبلغ الى ثلاث ثم هو مخير ان شاء شمته وان شاء تركه
وكذلك تجب الصلاة فى كل دعا فى اوله وآخره وقيل تجب فى العمر مرة كما فى اظهار الشهادتين والزيادة عليها مندوبة والذى يقتضيه الاحتياط وتستدعيه معرفة علو شأنه ان يصلى عليه كلما جرى ذكره الرفيع كما قال فى فتح الرحمن المختار فى مذهب ابى حنيفة انها مستحبة كلما ذكر وعليه الفتوى
وفى تفسير الكاشفى [ وفتوى بر آنست كه نام آن حضرت هوجند تكرار يابد يك نوبت درود واجبست وباقى سنت ] اى يستحب تكراراه كلما ذكر بخلاف سجود التلاوة فانه لا يندب تكراره بتكرير التلاوة فى مجلس واحد . والفرق ان الله تعالى غنى غير محتاج بخلاف النبى عليه السلام كما فى حواشى الهداية للامام الخبازى ولو تكرر اسم الله فى مجلس واحد او فى مجلس يجب لكل مجلس ثناء على حدة بان يقول سبحان الله او تبارك الله او جل جلاله او نحو ذلك فان تعظيم الله لازم فى كل زمان ومكان ولو تركه لا يقضى بخلاف الصلاة على النبى عليه السلام لانه لا يخلو عن تجدد نعم الله الموجبة للثناء فلا يخلص للقضاء وقت بخلاف الصلاة على النبى فتبقى دينا فى الذمة فتقضى لان كل وقت محل للاداء
وفى قاضى خان رجل يقرأ القرآن ويسمع اسم النبى لا تجب عليه الصلاة والتسليم لان قراءة القرآن على النظم والتأليف افضل من الصلاة على النبى فاذا فرغ من القرآن ان صلى عليه كان حسنا وان لم يصل لاشئ عليه
اما الصلاة عليه فى التشهد الاخير كما سبق فسنة عند ابى حنيفة ومالك وشرط لجواز الصلاة عند الشافعى وركن عند احمد فتبطل الصلاة عندهما بتركها عمدا كان او سهوا لقوله عليه السلام(11/116)
« لا صلاة لمن لم يصل علىّ فى صلاته » قلنا محمول على نفى الكمال ولو كانت فريضة لعلمها النبى عليه السلام الاعرابى حين علمه راكان الصلاة
واما الصلاة على غير الانبياء فتجوز تبعا بان يقول اللهم صل على محمد وعلى آله . ويكره استقلالا وابتداء كراهة تنزيه كما هو الصحيح الذى عليه الاكثرون فلا يقال اللهم صل على ابى بكر لانه فى العرف شعار ذكر الرسل . ومن هنا كره ان يقال محمد عز وجل مع كونه عزيزا جليلا ولتأديته الى الاتهام بالرفض لانه شعار اهل البدع وقد نهينا عن شعارهم وفى الحديث « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقف مواقف التهم »
واما السلام فهو فى معنى الصلاة فلا يستعمل الغائب فلا يفرد به غير الانبياء فلا يقال علىّ عليه السلام كما تقول الروافض وتكتبه وسواء فى هذا الاحياء والاموات . واما الحاضر فيخاطب به فيقال السلام عليكم او عليكم وسلام عليك او عليكم وهذا مجمع عليه . والسلام على الاموات عند الحضور فى القبور من قبيل السلام على الحاضر وقد سبق
واما افراد الصلاة عن ذكر السلام وعكسه فقد اختلفت الروايات فيه منهم من ذهب الى عدم كراهته فان الواو فى وسلموا المطلق الجمع من غير دلالة على المعية وعن ابراهيم النخعى ان السلام اى قول الرجل عليه السلام يجزى عن الصلاة على النبى عليه السلام لقوله تعالى { قل الحمد لله وسلام علىعباده الذين اصطفى } ولكن لا يقتصر على الصلاة فاذا صلى او كتب اتبعها التسليم
يستحب الترضى والترحم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الاخيار فيقال ابو بكر وابو حنيفة رضى الله عنه او رحمه الله او نحو ذلك فليس رضى الله عنه مخصوصا بالصحابة بل يقال فيهم رحمه الله ايضا . والارجح فى مثل لقمان ومريم والخضر والاسكندر المختلف فى نبوته ان يقال رضى الله عنه او عنها ولو قال عليه السلام او عليها السلام لا بأس به
وقال الامام اليافعى فى تاريخه والذى اراه ان يفرق بين الصلاة والسلام والترضى والترحم والعفو .(11/117)
فالصلاة مخصوصة على المذهب الصحيح بالانبياء والملائكة . والترضى مخصوص بالصحابة والاولياء والعلماء . والترحم لم دونهم . والعفو للمذنبين . والسلام مرتبة بين مرتبة الصلاة والترضى فيحسن ان يكون لمن منزلته بين منزلتين اعنى يقال لمن اختلف فى نبوتهم كلقمان والحضر وذى القرنين لا لمن دونهم . ويكره ان يرمز للصلاة والسلام على النبى عليه الصلاة والسلام فى الخط بان يقتصر من ذلك على الحرفين هكذا « عدم » او نحو ذلك كمن يكتب « صلعم » يشير به الى صلى الله عليه وسلم . ويكره حذف واحد من الصلاة والتسليم والاقتصار على احدهما وفى الحديث « من صلى علىّ فى كتاب لم تزل صلاته جارية له ما دام اسمى فى ذلك الكتاب » كما فى انوار المشارق لمفتى حلب
ثم ان للصلوات والتسليمات مواطن
فمنها ان يصلى عند سماع اسمه الشريف فى الاذان
قال القهستانى فى شرحه الكبير نقلا عن كنز العباد اعلم انه يستحب ان يقال عند سماع الاولى من الشهادة الثانية ( صلى الله عليك يا رسول الله ) وعند سماع الثانية ( قرة عينى بك يا رسول الله ) ثم يقال ( اللهم متعنى بالسمع والبصر ) بعد وضع ظفر الابهامين على العينين فانه صلى الله عليه وسلم يكون قائدا له الى الجنة انتهى
قال بعضهم [ بشت ابهامين برجشم ماليده اين دعا بخواند ( اللهم متعنى ) الخ . ودر صلوات نجمى فرموده كه ناخن هوردوا بهام را برجشم نهد بطريق وضع نه بطريق مد . ودر محيط آورده كه ييغمبر صلى الله عليه وسلم بمسجد در آمد ونزديك ستون بنشست وصديق رضى الله عنه در برابر آ ، حضرت نشته بود بلال رضى الله عنه برخاست وباذان اشتغال فرمود جون كفت اشهد ان محمدا رسول الله ابو بكر رضى الله عنه هردوناهن ابهامين خودرا برهردو جشم خود نهاده كفت « قرة عينى بك يا رسول الله » دون بلال رضى الله عنه فارغ شد حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرموده كه يا ابا بكر هركه بكند جنين كه توكردى خداى بيامرزد كناهان جديد وقديم اورا اكر بعمد بوده باشد اكر بخطا
وحضرت شيخ امام ابو طالب محمد بن على المكى رفع الله درجته در قوت القلوب روايت كرده ازابن عيينه رحمه الله كه حضرت ييغمبر عليه الصلاة والسلام بمسجد در آمد دردهمة محرم وبعد از آنكه نماز جمعه ادا فرموده بود نزديك اسطوانة قرار كرفت وابو بكر رضى الله عنه بظهر ابهامين جشم خودرا مسح كرد وكفت قرة عينى بك يا رسول الله وجون بلال رضى الله عنه ازاذان فراغتى روى نمود حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمود كه اى ابا بكر هركه بكويد آنجه توكفتى ازروى شوق بلقاى من وبكند آنجه توكردى خداى در كذارد كناهان ويرا انجه باشد نوو كهنه خطا وعمد ونهان واشكارا ومن در خواستكيم جرايم ويرا ودر مضمرات برين وجه نقل كرده ]
وفى قصص الانبياء وغيرها ان آدم عليه السلام اشتاق الى لقاء محمد صلى الله عليه وسلم حين كان فى الجنة فاوحى الله تعالى اليه هو من صلبك ويظهر فى آخر الزمان فسأل لقاء محمد صلى الله عليه وسلم حين كان فى الجنة فاوحى الله تعالى اليه فجعل الله النور المحمدى فى اصبعه المسبحة من يده اليمنى فسبح ذلك النور فلذلك سميت تلك الاصبع مسبحة كما فى الروض الفائق .(11/118)
او اظهر الله تعالى جمال حبيبه فى صفاء ظفرى ابهاميه مثل المرآة فقبل آدم طفرى ابهامية ومسح على عينيه فصار اصلا لذريته فلما اخبر جبرائيل النبى صلى الله عليه وسلم بهذه القصة ال عليه السلام « من سمع اسمى فى الاذن فقبل طفرى ابهامية ومسح على عينيه لم يعم ابدا »
قال الامام السخاوى فى المقاصد الحسنة ان هذا الحديث لم يصح فى المرفوع والمرفوع من الحديث هو ما اخبر الصحابى عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفى شرح اليمانى ويكره تقبيل الظفرين ووضعهما على العينين لانه لم يرد فيه حديث والذى فيه ليس بصحيح انتهى
يقول الفقير قد صح عن العلماء تجويز الاخذ بالحديث الضعيف فى العمليات فكون الحديث المذكور غير مرفوع لا يستلزم ترك العمل بمضمونه وقد اصاب القهستانى فى القول باستحبابه وكفانا كلام الامام المكى فى كتابه فانه قد شهد الشيخ السهروردى فى عوارف المعارف بوفور علمه وكثرة حفظه وقوة حاله وقبل جميع ما اورده فى كتابه قوت القلوب ولله در ارباب الحال فى بيان الحق وترك الجدال
ومنها ان يصلى بعد سماع الاذان بان يقول « اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه مقاما محمودا الذى وعدته » فانه عليه السلام وعد لقائله الشفاعة العظمى
ومنها ان يصلى عند ابتداء الوضوء ثم يقول « بسم الله » وبعد الفراغ منه يفتح له ابواب الرحمة وفى المرفوع ( لا وضوء لمن لم يصل على النبى عليه السلام )
ومنها ان يصلى عند دخول المسجد ثم يقول « اللهم افتح لى ابواب رحمتك » وعند الخروج ايضا ثم يقول « اللهم افتح لى ابواب فضلك واعصمنى من الشيطان » وكذا عند المرور بالمساجد ووقوع نظره عليها ويصلى فى التشهد الاخير كما سبق وقبل الدعاء وبعده فان الصلوات مقبولة لا محالة فيرجى ان يقبل الدعاء بين الصلاتين ايضا(11/119)
وفى المصابيح عن فضله بن عبيد رضى الله عنه قال دخل رجل مسجد الرسول فصلى فقال اللهم اغفر لى وارحمنى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « عجلت ايها المصلى اذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو اهله وصلى علىّ ثم ادعه » قال ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله تعالى وصلى على النبى عليه السلام فقال له النبى عليه السلام « ايها المصلى ادع تجب » وفى الحديث « ما من دعاء الا بينه وبين الله حجاب حتى يصلى على محمد وعلى آل محمد فاذا فعل ذلك انخرق الحجاب ودخل الدعاء واذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء » ذكره فى الروضة وسره ما سبق من ان نبينا عليه السلام هو الواسطة بيننا وبينه تعالى والوسيلة ولا بد من تقديم الوسيلة قبل الطلب وقد قال الله تعالى { وابتغوا اليه الوسيلة }
فى بدرقة درود او هيج دعا ... البته بمنزل اجابت نرسد
وقد توسل آدم عليه السلام الى الله تعالى بسيد الكونين فى استجابة دعوته وقبول توبته كما جاء الحديث « لما اعترف آدم بالخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد ان تغفر لى فقال الله تعالى يا آدم كيف عرفت محمدا ولم اخلقه قال لانك اذ خلقتنى بيدك ونفخت فىّ من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعرفت انك لم تضف الى اسمك الا اسم احب الخلق اليك فقال الله صدقت يا آدم انه لا حب الخلق الىّ فغفرت لك ولولا محمد لما خلقتك » رواه البهقى فى دلائله
از نسل آدمى تو ولى به ز آدمى ... شك نيست اندراين كه بود دربه ازصدف
سلطان انبيا كه بدركاه كبريا ... جون او نيافت هيج كسى عزت وشرف
ويصلى بعد التكبير الثانى فى صلاة الجنازة على الاستحباب عند ابى حنيفة ومالك وعلى الوجوب عند الشافعى واحمد وكذا فى خطبة الجمعة على هذا الاختلاف بين الائمة وكذا فى خطبة العيدين والاستسقاء على مذهب الشافعى والا مامين فانه ليس فى الاستسقاء خطبة ولا اذان واقامة عند الامام بل ولا صلاة بجماعة وانما فيه دعاء واستغفار
ويصلى فى الصباح والمساء عشرا ومن صلى بعد صلاة الصبح والمغرب مائة فان الله يقضى له مائة حاجة ثلاثين فى الدنيا وسبعين فى الآخرة
وبعد ختم القرآن وهو من مواطن استجابة الدعاء ويصلى قبل الاشتغال بالذكر منفردا او مجتمعا فان الملائكة يحضرون مجالس الذكر ويوافقون اهله فى الذكر والدعاء والصلوات . وعند ابتداء كل امر ذى بال
وفى ايام شعبان ولياليها فانه عليه السلام اضاف شعبان الى نفسه ليكثر فيه امته الصلوات عليه [ ودر آثار آمده كه در آسمان درياييست كه انرا درياى بركات كويند وبر لب آن دريا درختيست كه درخت تحيات خوانند وبران درخت مرغيست كه بمرغ صلوات واورا بربسيارست جون بندة مؤمن درماه شعبان برسيد آخر الزمان صلوات فرستد آن مرغ بدان دريا فروشود وغوطه زده بيرون آيد وبران درخت نشيند وبرهاى خودرا بيفشاند حق تعالى ازهر قطرة آب كه از بروى بجكه فرشته بيافريند وآن همه بحمد وثناى حق تعالى مشغول كردند وثواب ايشان در ديوان عمل درود دهنده رقم ثبت يابد ودر خبر آمده كه يك درود در ماه شعبان برابرست باده درود وغير آن ](11/120)
شعبان شهر رسول الله فاغتنموا ... صيام ايامه الغر الميامين
صللوا على المصطفى فى شهره وارجوا ... منه الشفاعة يوم الحشر والدين
ويصلى يوم الجمعة وليلته فان الجمعة سيد الايام ومخصوص بسيد الانام فللصلوات فيه مزية وزيادة مثوبة وقربة ودرجة وفى الحديث « ان افضل ايامكم يوم الجمعة خلق فيه آدم وفيه النفخة وفيه الصعقة فاكثروا علىّ من الصلاة فيه فان صلاتكم معروضة علىّ » قيل يا رسول الله كيف تعرض عليك صلاتنا وقد رممت عى بليت قال « ان الله حرم على الارض ان تأكل اجساد الانبياء » وفى الحديث « من صلى علىّ يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين سنة ومن صلى علىّ كل يوم خمسمائة مرة لم يفتقر ابدا » [ ودرازهار الاحاديث آيد كه حق تعالى بعضى ازملائكة مقربين روز نبجشنبه ازدائرة جرخ برين بمركز زمين فرستد باصحيفها از نقره وقلمها اززر تابنويسند صلواتى راكه مؤمنان درشب وروز جمعة برسيد عالم مى فرستد ]
بروز جمعه درود محمد عربى ز روى قدر زايام ديكر افزونست
وعن بعض الكبار ان من صلى على النبى عليه السلام ليلة الجمعة ثلاثة آلاف رأى فى منامه ذلك الجناب العالى ذكره على الصفى فى الرشحات
ويصلى عند الركوب : يعنى [ در همه سفرها دروقت نشستن برمركب بايد كفت كه ] بسم الله والله اكبر وصل على محمد خير البشر ثم يتلو قوله تعالى { سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون } ويصلى فى طريق مكة : يعنى [ درراه حرم كعبه جون كسى خواهد كه بر بلندى رود تكبير بايد كفت وجون روى بنشيب آرد صلوات بايد فرستاد ]
وعند استلام الحجر يقول « اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك وسنة نبيك » ثم يصلى على النبى عليه السلام . ويصلى على جبل الصفا والمروة وبعد الفراغ من التلبية ووقت الوقوف عند المشعر الحرام
وفى طريق المدينة وعند وقوع النظر عليها وعند طواف الروضة المقدسة وحين التوجه الى القبر المقدس [ هركه نزديك قبر آن حضرت ايستاده آيت { ان الله وملائكته } تا آخر بخواند وهفتاد باربكويد ] صلى الله عليك يا محمد [ فرشته ندا كند كه ] صلى الله عليك يا فلان [ بخواه حاجتى كه دارى كه هيج حاجت تورد نمى شود ]
ويصلى بين القبر والمنبر ويكبر ويدعو .(11/121)
ويصلى وقت استماع ذكره عليه السلام كما سبق . وكذا وقت ذكر اسمه الشريف وكتابته : يعنى [ كاتب را صلوات بايد فرستاد ب بايد فرستاد بزبان وبدست نيز بايد نوشت ]
ويصلى عند ابتداء درس الحديث وتبليغ السنن فيقول « الحمد لله رب العالمين اكمل الحمد على كل حال الصلاة والسلام الاتمان والاكملان على سيد المرسلين كلما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون اللهم صل عليه وعلى آله وسائر النبيين وآل كل وسائر الصالحين نهاية ما ينبغى ان يسلكه السالكون »
ويصلى عند ابتداء التذكير والعظة اى بعد الحمد والثناء لانه موطجن تبليغ العلم المروى عنه عليه السلام
ووقت المنام والقيام منه
وحين دخول السوق لتربح تجارة آخرته
وحين المصافحة لاهل الاسلام
وحين افتتاح الطعام فيقول « اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وطيب ارزاقنا وحسن اختلاقنا »
وفى الشرعة والسنة فى اول قضمة : يعنى [ دراول دندان برو زدن ] لئلا يوجد ريحه : يعنى [ تادر يافته نشود رايحة آن ] قال بعضهم المقصود الاصلى من الفجل ورقة كما قالوا المطلوب من الحمام العرق ومن الفجل الورق
ويصلى عند اختتام الطعام فيقول « الحمد لله الذى اطعمنا هذا ورقناه من غير حول منا وقوة الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات وتنزل البركات اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد وسلم »
ويصلى عند قيامه من المجلس فيقول « صلى الله وملائكته على محمد وعلى انبيائه » فانه كفارة اللهو واللغو الواقعين فيه
ويصلى عند العطسة بل يقول الحمد لله . ولاقت الذبح حتى لو قال بسم الله واسم محمد لا يحل لانه لا يقع الذبح خالصا لله ولو قال بسم الله واسم محمد لا يحل لانه لا يقع الذبح خالصا لله ولو قال بسم الله وصلى الله على محمد يكره . ولاقت التعجب فان الذكر عند التعجب ان يقول سبحان الله
ويصلى عند طنين الاذن ثم يقول « ذكر الله بخير من ذكرنى »
وفى خطبة النكاح فيقول « الحمد لله الذى احل النكاح وحرم السفاح والصلاة والسلام على سيدنا محمد الداعى الى الله القادر الفتاح وعلى آله واصحابه ذوى الفلاح والنجاج »
وعند شم الورد وفى مسند الفردوس « الورد الابيض خلق من عرقى ليلة المعراج . والورد الاحمر خلق من عرق جبريل . والورد الاصفر من بعدى فنبت الاصفر من نباتها فلما ان رجعت قطر عرقى على الارض فنبت ورد احمر ألا من اراد ان يشم رائحتى فليشم الورد الاحمر »
قال ابو الفرج النهروانى هذا الخبر يسير من كثير مما اكرم الله به نبيه عليه السلام ودل على فضله ورفيع منزلته كما فى المقاصد الحسنة(11/122)
زكيسوى او نافه بو يافته ... كل از روى او آب رو يافته
[ در خبر آمده هركل بوى كند وبر من صلوات نفر ستد جفا كرده باشد بامن ]
ويصلى عند خطور ذلك الجناب بباله
وعند ارادة ان يتذكر ما غاب عن الخاطر فان بركة الصلوات تخطر على القلب
ومن آداب المصلى ان يصلى على الطهارة وقد سبق حكاية السلطان محمود عند قوله تعالى { ما كان محمد اباحد } الخ الآية
وان يرفع صوته عند اداء الحديث [ ودر آثار آمده كه برداريد آواز خودرا دراداى صلوات كه رفع الصوت بوقت اداى درود صيقليست كه غبار شقاق وزنكار نفاق از مراياء قلوب مى زدايد ]
نام تو صيقليست كه دلهاى تيره را ... روشن كند جو آينهاء سكندرى
وان يكون على المراقبة وهو حضور القلب وطرد الغفلة وان يصحح نيته وهو ان تكون صلواته امتثالا لامر الله وطلبا لرضاه وجلبا لشفاعة رسوله وان يستوى ظاهره وباطنه فان الذكر اللسانى ترجمان الفكر الجنانى فلا بد من تطبيق احدهما بالآخر والا فمجرد الذكر اللسانى من غير حضور القلب غير مفيد
وان يصلى ورسول الله صلى الله عليه وسلم مشهود لديه كما يقتضيه الخطاب فى قوله السلام عليك فان لم يكن يراه حاضرا وسامعا لصلاته فاقل الامران يعلم انه عليه السلام يرى صلاته معروضة عليه والا فهى مجرد حركة لسان ورفع صوت
واعلم ان الصلوات متنوعة الى اربعة آلاف وفى رواية الى اثنى عشر الفا على ما نقل عن الشيخ سعد الدين محمد الحموى قدس سره كل منها مختار جماعة من اهل الشرق والغرب بحسب ما وجدوه رابطة المناسبة بينهم وبينه عليه السلام وفهموا فيه الخواص والمنافع منها ما سبق فى اوائل الآية وهو قوله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم [ دررياض الاحاديث آورده كه ييغمبر عليه السلام فرمودكه در بهشت در ختيست كه آنرا محبوبة كويند ميؤة او خرد ترست ازانار وبزر كترست ازسيب وآن ايست سفيد تر وشيرين تر ازعسل ونرم ترا ازمسكه نخورد ازآن ميوه الا كسى كه هروز مداومت كند بركفتن ] اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم
ومنها قوله « اللهم صل على محمد النبى كما امرتنا ان نصلى عليه وصل على محمد النبى كما ينبغى ان يصلى عليه وصل على محمد بعدد من صلى عليه وصل على محمد النبى بعدد من لم يصل عليه وصل على محمد النبى كما تحب ان تصلى عليه » من صلى هذه الصلوات صعد له من العمل المقبول ما لم يصعد لفرد من افراد الامة وامن من المخاوف مطلقا خصوصا اذا كان على طريق يخاف فيه من قطاع الطريق واهل البغى
هست از آفات دوران ومخافات زمان نام او حصن حصين وذكر او دار الامان(11/123)
ومنها قوله « اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك وعلى المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات » من صلى هذه الصلوات كثر ماله يوما فيوما
ومنها قوله « اللهم صل على محمد وآله عدد ما خلقت اللهم صلى على محمد وآله ملئ ما خلقت اللهم صلى على محمد وآله عدد كل شئ اللهم صلى على محمد وآله ملئ ما احصاه كتابك اللهم صل على محمد وآله عدد ما احاط به علمك اللهم صل على محمد وآله ملئما احاط به علمك »
قال الكاشفى [ اين صلوات ثمانيه منسوبست بنجيا وايشان هشت تن اند درهر زمان زياده وكم نشوند حضرت شيخ قدس سره در فتوحات فرمودكه ايشان اهل علم اند بصفات ثمانية ومقام ايشسان كرسى است يعنى كشف ايشان ازان تجاوز نتواند نمود ودر علم تيسير كواكب ازجهت كشف واطلاع نه بروجه اصطلاح قدمى راسخ دارند وسلطان ابراهيم بن ادهم قدس سره ايشانرا درقبة الملائكة ديده در حرم مسجد اقصى وهريك يك كلمة ازين صلوات بوى آموخته اند فرموده كه مارا ببركات اين كلمات تصرفات كلى هست واحوال ومواجيد بجهت اين ورد برماعلب مى كند وفوائد اين بسيارست نقلست كه حضرت ابراهيم ادهم بقية عمر براداى اين صلوات مواظبت مى نموده
ومنها قوله « اللهم صل على سيدنا محمد مفرّق الكفر والطغيان ومشت بغاة جيوش القرين والشيطان وعلى آل محمد وسلم » [ از حضرت شيخ المشايخ سعد الدين الحموى قدس سره روايت كرده اندكه اكر كسى از وسوسة شيطان ودغدغة نفس وهوى متضرر باشد بايدكه بيوست بدين نوع صلوات فرستد تازشر شياطين وهمزات ايشان مأمون ومحفوظ باشد ]
ومنها قوله « اللهم صى على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم بعدد ما فى جميع القرآن حرفا حرفا وبعدد كل حرف الفا الفا » من قاله من الحفاظ بعد تلاوة حزب من القرآن استظهر بميامنه فى الدنيا والآخرة واستفاد من فائدته صورة ومعنى
ومنها قوله « اللهم صل على سيدنا محمد ما اختلف الملوان وتعاقب العصران وكرّ الجديدان واستقل الفرقدان وبلغ روحه وارواح اهل بيته منا التحية والسلام وبارك وسلم عليه كثيرا »
[ آورده اندكه كسى نزد سلطان غازى محمود غزنوى آمد وكفت دارم بآن دلدار غمخوار باز كريم ]
همه شب ديده بعمدا نكشايم از خواب ... بوكه در خواب بدان دولت بيدار رسم
[ قصارسعادت مساعده نموده شب دوش بدان دولت بيدار رسيدم ورخسار جانفزاى جهان آرايش « كالقمر ليلة البدر وكالروح ليلة القدر » ديدم جون آن حضرت را منبسط يافتم كفتم يا رسول الله هزار درم قرض دارم اداى ويرا قادر نيستم ومى ترسم كه اجل در رسد ووام در كردن من بماند حضرت ييغمبر عليه السلام فرمودكه نزد محمود سبكتكين رو واين مبلغ از وبستان كفتم يا سيد الشر شايد ازمن باور نكند ونشانى طلبد كفت بكو بدان نشانى كه دراول شب كه تكيه ميكنى سى هزار بار برمن درود مى دهى وباخر شب كه بيدار ميشوى سى هزار نوبت ديكر صلوات مى فرستى وام مرا اداكن سلطان محمود بكريه در آمد واورا تصديق كرده قرضش ادا كرد وهزار درم ديكرش بداد اركان دولت متعجب شده كفتند اى سلطان ايم مردرا درين سخن محال كه كفت تصديق كردى وحال آنكه ما دراول شب وآخر باتوييم ونمى بينيم كه بصلوات اشتغال ميكنى واكركسى بفرستادن درود مشغول كردد وبجدى وجهدى كه زياده ازان درحيز تصور نيايد درتمام اوقات وساعات شبانه روز شصت هزار بارصلوات نميتواند فرستاد باندك فرصتى دراول وآخر شب جكونه اين صورت تيسيير بذير باشد سلطان محمود فرمود كه من ازعلما شنوده بودم كه هركه يكبار بدين نوع صلوات فرستدككه « اللهم صل على سيدنا محمد ما اختلف الملموان الخ » جنان باشد كه ده هزار بارصلوات فرستاده باشد ومن در اول شب سه نوبت ودر آخر شب سه كرت اين را مى خوانم وجنان ميدانم كه شصت هزار صلوات فرستاده ام بس اين درويش كه ييغام سيد انام عليه الصلاة السلام آورده است كفت آن كريه كه كردم از شادى بود كه سخن علما راست بوده وحضرت رسول عليه الصلاة والسلام بران كواهى داده ](11/124)
ومنها قوله « اللهم صلى على محمد وآل محمد بعدد كل داء ودواء » [ مولانا شمس الدين وقتى كه در ولايت وى وباى عام بوده حضرت رسالت را عليه السلام در واقعة ديده وكفته يا رسول الله مرا دعايى تعليم ده كه ببركت آن ازبلية طاعون ايمن شوم آن حضرت فرموده كه هركه بدين نوع برمن صلوات از طاعون امان يابد ]
اكرز آفت دوران شكسته حال شوى ... امان طلب زجناب مقدس نبوى
وكر سهام حوادث ترا نشانه كند ... بناه برحصار درود مصطفوى
ومنها قوله « اللهم صل على محمد بعدد ورق هذه الاشجار . وصل على محمد بعدد الورد والانوار . وصل على محمد بعدد قطر الامطار . وصل على محمد بعدد رمل القفار . وصل على محمد بعدد دواب البرارى والبحار » [ در ذخيرة المذكرين آورده كه يكى از صلحاى امت در ايام بهر بصحرا بيرون شد وسر سبز اشجار وظهور انوار وازهار مشاهده نمود كفت « يا رب صلى على محمد بعد ورق الخ » هاتفى آوازدادكه كه اى درود دهنده دررنج انداختى كرام الكاتبين را بجهت نوشتن ثواب اين كلمات ومستوجب درجها بنو شتيدى كار ازسر كيركه هرجه ازبدى كرده بودى درين وقت بيامرزند ](11/125)
ومنها قوله « اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسلم صلاة تنجينا بها من جميع الاهوال والآفات . وتقضى لنا بها جميع الحاجات . وتطهرنا بها من جميع السيآت . وترفعنا بها عندك اعلى الدرجات . وتبلغنا بها اقصى الغايات . من جميع الخيرات فى الحياة وبعد الممات . » [ در شفاء السقم آورده كه فاكهانى در كتاب فجر منير ازشيخ ابو موسى ضرير رحمة الله نقل ميكند باجمعى مردم دركشتى نشسته بوديم ناكاه بادى كه اوراريح اقلابيه كويند وزيدان آغازكرد وملاحان مضطرب شدند جه اركشتى ازان باد سالم راندى ازنوادر شمردندى اهل كشتى ازين حال واقف كشت غريو وزارى در كرفتند ودل برمرك نهاده يكديكررا وصيت ميكردند ناكاه جشم من درخواب شد وحضرت رسالت را صلى الله عليه وسلم ديدم كه بكشتى در ومن در اول شب سه نوبت ودر آخر شب سه كرت اين را صلى الله عليه وسلم ديدم كه بكشتى در آمد وكفت يا ابا موسى اهل كشتى را بكو تاهزار بار صلوات فرستند بدين نوع كه « اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد الخ » بيدار شدم وقصة باياران كفتم وآن كلمات برزبان من جارى بود باتفاق مى خوانديم نزديك به سيصد عدد كه خوانده شد آن باد بياراميد وكشتى بسلامت بكذشت ]
على المصطفى صلوا فان صلاته امان من الآفات والخطرات
تحيته اصل الميامن فاطلبوا بها جملة الخيرات والبركات
ومنها قوله « الصلاة والسلام عليك يا رسول الله . الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله . الصلاة والسلام عليك يا خليل الله . الصلاة والسلام عليك يا صفى الله . الصلاة والسلام عليك يا نجى الله . الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله . الصلاة والسلام عليك يا من اختاره الله . الصلاة والسلام عليك يا من زينه الله . الصلاة والسلام عليك يا من ارسله الله . الصلاة والسلام عليك يا من شرفه الله . الصلاة والسلام عليك يا من عظمه الله . الصلاة والسلام عليك يا من كرمه الله . الصلاة والسلام عليك يا سيد المرسلين . الصلاة والسلام عليك يا امام المتقين . الصلاة والسلام عليك يا خاتم النبيين . الصلاة والسلام عليك يا شفيع المذنبين . الصلاة والسلام عليك يا رسول الله رب العالمين . الصلاة والسلام عليك يا سيد الاولين . الصلاة والسلام عليك يا سيد الآخرين . الصلاة والسلام عليك يا قائد المرسلين . الصلاة والسلام عليك يا شفيع الامه . الصلاة والسلام عليك يا عظيم الهمة . الصلاة والسلام عليك يا حامل لواء الحمد . الصلاة والسلام عليك يا صاحب المقام المحمود . الصلاة والسلام عليك يا ساقى الحوض المورود . الصلاة والسلام عليك يا اكثر الناس تبعا يوم القيامة . الصلاة والسلام عليك يا سيد ولد آدم . الصلاة والسلام عليك يا اكرم الاولين والآخرين . والصلاة والسلام عليك يا بشير . الصلاة والسلام عليك يا نبى التوبة . الصلاة والسلام عليك يا داعى لله باذنه والسراج المنير . الصلاة والسلام عليك يا نبى التوبة . الصلاة والسلاك عليك با نبى الرحمة . الصلاة والسلام عليك يا مقفى . الصلاة والسلام عليك يا عاقب . الصلاة والسلام عليك يا حاشر . الصلاة والسلام عليك يا مختار . الصلاة والسلام عليك يا ماحى . الصلاة والسلام عليك يا يا احمد . الصلاة والسلام عليك يا محمد صلوات الله وملائكته ورسله وحملة عرشه وجميع خلقه عليك وعلى آلك واصحابك ورحمة الله وبركاته »(11/126)
[ اين صلوات را صلواتع فتح كويند جهل كلمة است صلواتى مباركست ونزد علما معروف وممشهور وبهر مرادى كه بخوانند حاصل كردد هركه جهل بامداد بعد ازادى فرض بكويد كارفرويستة او بكشايد وبرد شمن ظفر يابد واكر در حبس بود حق سبحانه وتعالى اورا رهايى بخشد وخواص او بسيارست
وحضرت عارف صمدانى اميرسيد على همدانى قدس سره بعضى ازين صلوالت در آخر اوراد فتحيه ايراد فرموده اند وشرط خواندن اين صلوات آنست كه حضرت ييغبررا صلى الله عليه وسلم حاضر بيند ومشافهه با ايشان خطاب كند
ومنها قوله « السلام عليك يا امام الحرمين . السلام عليك يا امام الخافقين . السلام عليك يا رسو الثقلين . السلام عليك يا سيد من فى الكونين وشفيع من فى الدارين . السلام عليك يا صاحب القبلتين . السلام عليك عليك يا نور المشرقين وضياء المغربين . السلام عليك يا جد السبطين الحسن والحسين عليك وعلى عترتك واسرتك واولادك واحفادك وازواجك وافواجك وخلفائك ونقبائك ونجبائك واصحابك واحزابك واتباعك واشياعك سلام الله والملائكة والناس اجمعين الى يوم الدين والحمد لله رب العالمين » [ اين را تسليمات سبعه كويند كه هفت سلامست هركه بكارى درماند ومهمات اوفرو بسته باشد هفت روزى بعد ازنمازى يازده بار صلوات فرستد بس اين را تسليمات هفت بار بخواند مهم كفايت شود وحاجت روا كردد ]
يا نبى الله السلام عليك ... انما الفوز والفلاح لديك
بسلام آمد جوابم ده ... مرهمى بر دل خرابم نه
بس بود واحترام مرا ... يك عليك ازتوصد سلام مرا
زارئ من شنو تكلم كن ... كرية من نكر تبسم كن
لب بجنبان بى شفاعت من ... منكر دركناه وطاعت من
قال الكاشفى [ فى تفسيره وفى تحفة الصلوات ايضا در كيفيت صلاة احاديث متنوعة وارد شده وامام نووى فرموده كه افضل آنست كه جمع نمايند ميان احاديث طرق مذكوره جه اكثر آن بصحت بيوسته والفاظ وارده را بتمام بيارند برين وجه كه ] « اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبى الامى وعلى آل محمد وازواجه وذريته كما صليت على ابراهيهم وعلى آل ابراهيم وبارك على محمد النبى الامى على آل محمد وازواجه وذريته كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم فى العالمين انك حميد مجيد »(11/127)
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)
{ ان الذين يؤذون الله } يقال اذى يؤذى اذى واذية واذاية ولا يقال ايذاء كما فى القاموس ولكن شاع بين اهل التصنيف استعماله كما فى التنبيه لابن كمال . نم ان حقيقة التأذى وهو بالفارسية [ آزرده شدن ] فى حقه تعالى محال فالمعنى يفعلون ما يكرهه ويرتكبون ما لا يرضاه بترك الايمان به ومخالفة امره ومتابعة هواهم ونسبة الولد والشريك اليه والحاد فى اسمائه وصفاته ونفى قدرته على الاعادة وسب الدهر ونحت التصاوير تشبيها بخلق الله تعالى ونحو ذلك { ورسوله } بقولهم شاعر ساحر كاهن مجنون وطعنهم فى نكاح صفية الهارونية وهو الاذى القولى وكسر رباعيته وشج وجهه الكريم يوم احد ورمى التراب عليه ووضع القاذورات على مهر النبوة
عبد الله بن مسعود [ كفت ديدم رسول خدايرا عليه السلام در مسجد حرام درنمار بود سر بر سجود نهاده كه آن كافر بيامد وشكنبة شتر ميان دو كتف وى فرو كذاشت رسول همجنان در سجود بخدمت الهل ايستاده وسراززمين برنداشت تاآنكه كه فاطمة زهرا رضى الله عنها بيامد وآن از كتف مبارك وى بينداخت وروى نهاد درجمع قريش وآنجه سزاى ايشان بود كفت ] ونحو ذلك من الاذى الفعلى ويجوز ان يكون المراد بايذاء الله ورسوله ايذاء رسول الله خاصة بطريق الحقيقة وذكر الله لتعظيمه والايذان بجلاله مقداره عنده وان ايذاءه عليه السلام ايذاء له تعالى لانه لما قال { من يطع الرسول فقد اطاع الله } فمن آذى رسوله فقد آذى الله
قال الامام السهيلى رحمه الله ليس لنا ان نقول ان ابوى النبى صلى الله عليه وسلم فى النار لقوله عليه السلام « لا تؤذوا الاحياء بسبب الاموات » والله تعالى يقول { ان الذين يؤذون الله ورسوله } الآية يعنى يدخل التعامل المذكور فى اللعنة الآتية ولا يجوز القول فى الانبياء عليهم السلام بشئ يؤدة الى العيب والنقصان ولا فيما يتعلق بهم
وعن ابى سهلة بن جلاد رضى الله عنه ان رجلا ام قوما فبصق فى القبلة ورسول الله ينظر اليه فقال عليه السلام حين فرغ « لا يصل بكم هذا » فاراد بعد ذلك ان يصلى بم فمنعوه واخبروه بقول رسول الله فذكر ذلك لرسول الله فقال ( نعم ) وحسبت انه قال انك آذيت الله ورسوله كما فى الترغيب للامام المنذرى
قال العلماء اذا كان الامام يرتكب المكروهات فى الصلاة كره الاقتداء به لحديث ابى سهلة هذا وينبغى للناظر وولى الامر عزله لانه عليه السلام عزله بسبب بصاقه فى قبلة المسجد وكذلك تكره الصلاة بالموسوسة لانه يشك فى افعال نفسه كما فى فتح القريب
وانما يكره للامام ان يؤم قوما وهم له كارهون بسبب خصلة توجب الكراهة او لان فيهم من هو اولى منه واما ان كانت كراهتهم بغير سبب يقتضيها فلا تكره امامته لانها كراهة غير مشروعة فلا تعتبر(11/128)
ومن الاذية ان لا يذكر اسمه الشريف بالتعظيم والصلاة والتسليم : وفى المثنوى
آن دهان كثر كر واز تسخر بخواند ... مر محمد را دهانش كثر بماند
باز آمد كاى محمد عوف كن ... اى ترا الطاف علم من لدن
من تر افسوس مى كردم ز جهل ... من بدم افسوس منسوب واهل
جون خدا خواهدكه برده كس درد ... ميلش اندر طعنة باكان برد
ورخدا خواهد كه بوشد عيب كس ... كم زند در عيب معيوبان نفس
{ لعنهم الله } طردهم وابعدهم من رحمته { فى الدنيا والآخرة } بحيث لا يكادون ينالون فيهما شيأ منها { واعدلهم } مع ذلك { عذابا مهينا } يصيبهم فى الآخرة خاصة اى نوعا من العذاب يهانون فيه فيذهب بعزهم وكبرهم
قال فى التأويلات لما استحق المؤمنون بطاعة الرسول والصلاة عليه صلاة الله فكذلك الكافرون استحقوا بمخالفة الرسول وايذائه لعنة الله فلعنة الدنيا هى الطرد عن الحضرة والحرمان من الايمان ولعنة الآخرة الخلود فى النيران والحرمان من الجنان وهذا حقيقة قوله { واعد لهم عذابا مهينا }
قال فى فتح الرحمن يحرم اذى النبى عليه السلام بالقول والفعل بالاتفاق
واختلفوا فى حكم من سبه والعياذ بالله من المسلمين . فقال ابو حنيفة والشافعى هو كفر كالردة يقتل ما لم يتب وقال مالك واحمد يقتل ولا تقبل توبته لان قتله من جهة الحد لا من جهة الكفر
واما الكافر اذا سبه صريحا بغير ما كفر به من تكذيبه ونحوه . فقال ابو حنيفة لا يقتل لان ما هو عليه من الشرك اعظم ولكن يؤدب ويعزر . وقال الشافعى ينتقض عهده فيخير فيه الامام بين القتل والاسترقاق والمنّ والفداء ولا يرد مأمنه لانه كافر لا امان له ولو لم يشترط عليه الكف عن ذلك بخلاف ما اذا ذكره بسوء يعقتده ويتدين به كتكذيب ونحوه فانه لا ينتقض عهده بذلك الا باشتراط . وقال مالك واحمد يقتل ما لم يسلم واختار جماعة من ائمة مذهب احمد ان سابه عليه السلام يقتل بكل حال منهم الشيخ تقى الدين بن تميية وقال هو الصحيح من المذهب وحكم من سبب سائر انبياء الله وملائكته حكم من سبب نبينا عليه السلام
واما من معتقدهم فى عزير والمسيح ونحو ذلك فحكمه حكم من سب النبى صلى الله عليه وسلم نسأل الله العصمة والهداية ونعوذ به من السهو والزلل والغواية انه الحافظ الرقيب(11/129)
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)
{ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات } يفعلون بهم ما يتأذون به من قول او فعل { بغير ما اكتسبوا } اى بغير جناية يستحقون بها الاذية وتقييد اذاهم به بعد اطلاقه فى الآية السابقة للايذان بان اذى الله ورسوله لا يكون الا غير حق واما اذى هؤلاء فقد يكون حقا وقد يكون غير حق
والاية عامة لكل اذى بغير حق فى كل مؤمن ومؤمنة . فتشمل ما روى ان عمر رضى الله عنه خرج يوما فرأى جارية مزينة مائلة الى الفجور فضربها فخرج فضربها فخرج اهلها فآذوا عمر باللسان . وما روى ان المنافقين كانوا يؤذون عليا رضى الله عنهما . وما روى ان الزناة كانوا يتبعون النساء اذا برذن بالليل لطلب الماء او لقضاء حوائجهن وكانوا لا يتعرضون الا للاماء ولكن ربما كان يقع منهم التعرض للحرائر جهلا او تجاهلا لا تحاد الكل فى الزى واللباس حيث كانت تخرج الحرة والامة فى درع وخمار وما سيأتى من اراجيف المرجفين وغير ذلك مما يثقل على المؤمن { فقد احتملوا } الاحتمال مثل الاكتساب بناء ومعنى كما فى بحر العلوم
وقال بعضهم تحملوا لان الاحتمال بالفارسية [ برداشتن ] { بهتانا } افتراء وكذبا عليهم من بهته فلان بهتانا اذا قال عليه ما لم يفعله : بالفارسية [ دروغى بزرك ] { واثما مبينا } اى ذنبا ظاهرا
وقال الكاشفى : يعنى [ سزاوار عقوبت بهتان ومستحق عذاب كناه ظاهر ميشوند ]
واعلم ان اذى المؤمنين قرن باذى الرسول عليه السلام كما ان اذى الرسول قرن باذى الله ففيه اشارة الى ان من آذى المؤمنين كان كمن آذى الرسول ومن آذى الرسولكان كمن آذى الله تعالى فكما ان المؤذى لله وللرسول مستحق الطرد واللعن فى الدنيا والآخرة فكذا المؤذى للمؤمن روى ان رجلا شتم علقمة رضى الله عنه فقرأ هذه الآية
وعن عبد الرحمن بن سمرة رضى الله عنه قال خرج النبى عليه السلام على اصحابه فقال « رأيت الليلة عجبا رأيت رجالا يعلقون بألسنتهم فقلت من هؤلاء يا جبريل فقال هؤلاء الذين يرمون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا » وفى الحديث القدسى « من آذى لى وليا فقد بارزنى بالمحاربة » يعنى [ هركه دوستى را ازدوستان من بيازا رد آزارنده جنك مرا ساخته وازآزا رآن دوست جفاى من خواسته وهركه جنك مراسازد ويرا بلشكر انتقام مقهور كنم واورا بخوارى اندر جهان مشهور سازم ] روى ان ابن عمر رضى الله عنهما نظر يوما الى الكعبة فقال ما اعظمك واعظم حرمتك والمؤمن اعظم حرمة عند الله منك
واوحى الله الى موسى عليه السلام لو يعلم الخلق اكرامى الفقراء فى مجلى قدسى ودار كرامتى للحسوا اقدامهم وصاروا ترابا يمشون عليهم فوعزتى ومجدى وعلوى وارتفاع مكانى لاسفرّن لهم عن وجهى الكريم واعتذر اليهم بنفسى واجعل شفاعتهم لمن برهم فىّ او آواهم فى ولو كان عشار وعزتى ولا اعزمنى وجلالى ولا اجل منى انى اطلب ثارهم ممن عاداتهم حتى اهلكه فى الهالكين قال الشيخ سعدى قدس سره(11/130)
نكو كار مردم نباشد بدش ... نورزد كسى بدكه نيك آيدش
نه هر آدمى زاده ازدد بهست ... كه دد زآدمى زاده بدبهست
بهست ازدد انسان صاحب خرد ... نه انسان كه در مردم افتد جودد
يعنى خاصمة وافترسه كالاسد مثلا
قال فضيل رحمه الله والله لا يحل لك ان تؤذى كلبا ولا خنزيرا بغير ذنب فكيف ان تؤذى مسلما وفى الحديث « المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده » بان لا يتعرض لهم بما حرم من دمائهم واموالهم واعراضهم قدم اللسان فى الذكر لان التعرض به اسرع وقوعا واكثر وخص اليد بالذكر لان معظم الافعال يكون بها
واعلم ان المؤمن اذا اوذى يلزم عليه ان لا يتأذى بل يصبر فان له فيه الاجر فالمؤذى لا يسعى فى الحقيقة الا فى ايصال الاجر الى من آذاه ولذا ورد « واحسن الى من اساء اليك » وذلك لان المسيئ وان كان مسيئا فى الشريعة لكنه محسن فى الحقيقة
بدى را بدى سهل باشد جزا ... اكر مردى احسن الى من اساء(11/131)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)
{ يا أيها النبى قل لازواجك } اى نسائك وكانت تسعا حين توفى عليه السلام وهن عائشة وحفصة وام حبيبة وام سلمة وسودة وزينب وميمونة وصفية وجويرية وقد سبق تفاصيلهن نسبا واوصافا واحوالا { وبناتك } وكانت ثمانى اربعا صلبية ولدتها خديجة وهى زينب ورقية وام كلثوم وفاطمة رضى الله عنهن متن فى حياته عليه السلام الا فاطمة فانها عاشت بعده ستة اشهر . واربعا ربائب ولدتها ام سلمة وهى برة وسلمة وعمرة ودرة رضى الله عنهن { ونساء المؤمنين } فى المدينة { يدنين عليهن من جلابيبهن } مقول القول [ والادناء . نزديك كردن ] من الدنو وهو القرب . والجلباب ثوب اوسع من الخمار دون الرداء تلويه المرأة على رأسها وتبقى منه ما ترسله الى صدرها بالفارسية [ جار ] ومن للتبعيض لان المرأة ترخى بعض جلبابها وتتلفع ببعض [ والتلفع : جامه بسر تاباى دركرفتن ] والمعنى يغطين بها وجوههن وابدانهن وقت خروجهن من بيوتهن لحاجة ولا يخرجن مكشوفات الوجوه والابدان كالاماء حتى لا يتعرض لهن السفهاء ظنا بانهن اماء
وعن السدى تغطى احدى عينيها وشق وجهها والشق الآخر الا العين { ذلك } اى ما ذكر من التغطى { ادنى } اقرب { ان يعرفن } ويميزن من الاماء والقينات اللاتى هن مواقع تعرض الزناة واذاهم كما ذكر فى الآية السابقة { فلا يؤذين } من جهة اهل الفجور بالتعرض لهن
قال انس رضى الله عنه مرت لعمر بن الخطاب جارية متقنعة فعلاها بالدرة وقال يالكاع تتشبهين بالحرائر القى القناع { وكان الله غفورا } لما سلف من التفريط وترك الستر { رحيما } بعباده حيث يراعى مصالحهم حتى يراعى مصالحهم حتى الجزئيات منها
وفى الاية تنبيه لهن على حفظ انفسهن ورعاية حقوقهن بالتصاونت والتعفف . وفيه اثبات زينتهن وعزة قدرهن { ذلك } التنبيه { ادنى ان يعرف } ان لهن قدرا ومنزلة وعزة فى الحضرة { فلا يؤذين } بالاطماع الفاسدة والاقوال الكاذبة { وكان الله غفورا } لهن بامتثال الاوامر { رحيما } بهن باعلاء درجانهن كما فى التأويلات النجمية
واعلم انه فهم من الآية شيآن
الاول ان نساء ذلك الزمان كن لا يخرجن لقضاء حوائجهن الا ليلا تسترا وتعففا واذا خرجن نهارا لضرورة يبالغن فى التغطى ورعاية الادب والوقار وغض البصر عن الرجال الاخيار والاشرار ولا يخرجن الا فى ثياب دنيئة فمن خرجت من بيتها متعطرة متبرجة اى مظهرة زينتها ومحاسنها للرجال فان عليها ما على الزانية من الوزر : قال الشيخ سعدى قدس سره
جوزن راه بازار كيرد بزن ... وكرنه تودر خانه بنشين جوزن
زبيكانكان جشم زن كورباد ... جو بيرون شداز خانه در كورباد
وعلامة المرأة الصالحة عند اهل الحقيق ان يكون حسنها مخافة الله وغناها القناعة وحليها العفة اى التكفف عن الشرور والمفاسد والاجتناب عن مواقع التهم .(11/132)
يقال ان المرأة مثل الحمامة اذا نبت لها جناح طارت كذلك الرجل اذا زين امراته بالثياب الفاخرة فلا تجلس فى البيت
جو بينى كه زن باى برجاى نيست ... ثبات ازخردمندى وراى نيست
كريزاز كفش در هان نهنك ... كه مردن به از زند كانى به ننك
قال الجامى
جومر داز زن بخوش خويى كشدبار ... زخوش خويى ببدبويى كشد كار
مكن بركار زن جند ان صبورى ... كه افتد رخنه در رسد غيورى
قيل لا خير فى بنات وقد يؤذى عليهن فى الاسواق وتمر عليهن ايدى الفساق يعنى انها فى الابتذال بحيث لا يميل اليها اكثر الرجال والغالب عليها النظر الى الاجانب والميل الى كل جانب فأين نساء الزمان من رابعة العدوية رحمها الله فانها مرضت مرة مرضا شديدا فسئلت عن سببه فقالت نظرت الى الجنة فادبنى ربى وعاتبنى فاخذنى المرض من ذلك العتاب فاذا كان الناظر الى الجنة فى معرض الخطاب والعتاب لكونها ما دون الله تعالى مع كونها دار كرامته وتجليه فما ظنك بالناظر الى الدنيا وحطامها ورجالها ونسائها
والثانى ان الدنيا لم تخل عن الفسق والفجور حتى فى الصدر الاول فرحم الله امرأ غض بصره عن اجنبية فان النظرة تزرع فى القلب شهوة وكفى بها فتنة
قال ابن سيرين رحمه الله انى لأرى المرأة فى منامى فاعلم انها لا تحل لى فاصرف بصرى فيجب ان لا يقرب امرأة ذات عطر وطيب ولا يمس يدها ولا يكلمها ولا يمازحها ولا يطلافها ولا يخلو بها فان الشيطان يهيج شهوته ويوقعه فى الفاحشة وفى الحديث « من فاكه امرأة لم تحل له ولا يملكها حبس بكل كلمة الف عام فى النار ومن التزم امرأة حراما » اى اعتنقها ( قرن مع الشيطان فى سلسلة ثم يؤمر به الى النار ) والعياذ بالله من دار البوار(11/133)
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60)
{ لئن لم ينته المنافقون } لام قسم والانتهاء الانزجار عما نهى عنه : وبالفارسية [ بازايستيدن ] والمعنى والله لئن لم يمتنع المنافقون عما هم عليه من النفاق واحكامه الموجبة للايذاء { والذين فى قلوبهم مرض } ضعف ايمان وقلة ثبات عليه او فجور من تزلزلهم فى الدين وما يستتبعه مما لا خير فيه او من فجورهم وميلهم الى الزنى والفواحش { والمرجفون فى المدينة } الرجف الاضطراب الشديد يقال رجف الارض والبحر وبحر رجاف والرجفة الزلزلة والارجاف ايقاع الرجفة والاضطراب اما بالفعل او بالقول وصف بالارجاف الاخبار الكاذب لكونه متزلزلا غير ثابت
وفى التاج [ الارجاف : خبر دروغ افكندن ] والمعنى لئن لم ينته المخبرون بالاخبار الكاذبة فى الفريقين عما هم عليه من نشر اخبار السوء عن سرايا المسلمين بان يقولوا انهزموا وقتلوا واخذوا وجرى عليهم كيت كيت واتاكم العدو وغير ذلك من الاراجيف المؤذية الموقعة لقلوب المسلمين فى الاضطراب والكسر والرعب { لنغرينك بهم } جواب القسم المضمر [ الاغراء : برانكيختن برجيز ] يقال غرى بكذا اى لهج به ولصق واصل ذلك من الغراء وهو ما يلصق به وقد اغريت فلانا بكذا اغراء الهجته به والضمير فى بهم لاهل النفاق والمرض والارجاف اى لنأمرنك بقتالهم واجلائهم او بما يضطرهم الى الجلاء ولنحرضنك على ذلك : وبالفارسية [ هرآينه ترا بر كماريم بريشان ومسلط سازيم وامر كنيم بقتل ايشان ] { ثم لا يجاورونك فيها } عطف على جواب القسم وثم للدلالة على ان الجلاء ومفارقة جوار الرسول اعظم ما يصبهم اى لا يساكنونك : وبالفارسية [ بس همسا يكى نكند باتو در مدينة ] فان الجار من يقرب مسكنه [ والمجاورة : باكسى همسايكى كردن ] { الا قليلا } زمانا او جوارا قليلا ريثما يتبين حالهم من الانتهاء وعدمه
وفى بحر العلوم ريثما يرتحلون بانفسهم وعيالهم(11/134)
مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61)
{ ملعونين } مطرودين عن الرحمة والمدينة وهو نصب على الشتم والذم اى اشتم واذم او على الحال على ان حرف الاستثناء داخل على الظرف والحال معا اى لا يجاورونك الاحال كونهم ملعونين { اينما ثقفوا } فى أى مكان وجدوا وادركوا : وبالفارسية [ هركجا يافته شوند ]
قال الراغب الثقف الحذق فى ادراك الشئ وفعله يقال ثقفت كذا اذا ادركته ببصرك لحذق فى النظر ثم قد تجوز به فاستعمل فى الادراك وان لم يكن معه ثقافة { اخذوا } [ كرفته شوند يعنى بايدكه بكيرند ايشانرا ] { وقتلوا تقتيلا } [ وكشته كردند يعنى بكشند كشتنى را بخوارى وزارى ] يعنى الحكم فيهم الاخذ والقتل على جهة الامر فما انتهوا عن ذلك كما فى تفسير ابى الليث
وقال محمد بن سيرين فلم ينتهوا ولم يغر الله بهم والعفو عن الوعيد جائز لا يدخل فى الخلف كما فى كشف الاسرار(11/135)
سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)
{ سنة الله فى الذين خلوا من قبل } مصدر مؤكد اى سن الله ذلك فى الامم الماضية سنة وجعله طريقة مسلوكة من جهة الحكمة وهى ان يقتل الذين نافقوا الانبياء وسعوا فى توهين امرهم بالارجاف ونحوه اينما ثقفوا { ولن تجد لسنة الله تبديلا } تغييرا اصلا اى لا يبدلها لابتنائها على اساس الحكمة التى عليها يدور فلك التشريع او لا يقدر احد على ان يبدلها لان ذلك مفعول له لا محالة
وفى الآية تهديد للمنافقين عبارة ومن بصددهم من منافقى اهل الطلب من المتصوفة والمتعرفة الذين يلبسون فى الظاهر ثيابهم ويتلبسون فى الباطن بما يخالف سيرتهم وسرائرهم وانهم لو لم يمتنعوا عن افعالهم ولم يتغيروا عن احوالهم لا جرى معهم سنته فى التبديل والتغيير على من سلف من نظائرهم ولكل قوم عقوبة بحسب جنايتهم
مالك بن دينار رضى الله عنه [ كفت كه ازحسن بصرى برسيدم دنيا « فلا بد من احياء القلب واصلاح الباطن » نقلست كه جنيد بغدادى قدس سره جامه بر سم علماى دانشمندان بوشيدى اورا كفتند اى يير طريقت جه بود كر براى اصحاب مرقع در بوشى كفت اكرد انشمندى بمرقع كار مى شود ازآتش وآهن لباس ساختمى ودر يوشيدمى ولكن هرساعت درباطن من ندايى ميكنندكه « ليس الاعتبار بالخرقة انما الاعتبار بالحرقة »
اى درونت برهنه از تقوى ... وز برون جامة ريا دارى
بردة هفت رنك در مكذار ... تو كه خانه بوريا دارى
نقلست كه وقتى نماز شام حسن بصرى بدر صومعة حبيب اعجمى كذشت وى اقامت نماز شام كفته بودى وبنماز ايستاد حسن درآمد وشنيدكه « الحمد » را « الهمد » ميخواند كفت نماز اودرست نبود بدو اقتدا نكرد وخود نماز بكذارد جون شب بخفت حق را تبارك وتعالى بخواب ديد اى بارخدا رضاى تو درجة جيزاست كفت يا حسن رضاى من درتو يافته بودى واين نماز مهر نمازهاى توخواسته بود اما تراسقم عبادت از صحت نيت داشت بسى تفاوتست اززبان راست كردن تادل ] فعلى العاقل ان لا يميل الى الشقاوة والنفاق بل الى الاخلاص والوفاق
ويقال هاتان الآيتان فى الزنادقة تستثقلهم اهل كل ملة فى الدنيا كما فى كشف الاسرار . والزنديق هو المحد المبطن للكفر
قال ابو حنيفة رضى الله عنه اقتلوا الزنديق وان قال تبت . قال بعضهم الزنديق من يقول ببقاء الدهر اى لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شئ من المحرمات ويقول ان الاموال مشتركة
وفى قبول توبته روايتان والذى يرجح عدم قبولها قاتله الله ومن يليه من الملاحدة ولعنهم على حدة وحفظ الارض من ظهورهم وشرورهم(11/136)
يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63)
{ يسألك الناس عن الساعة } [ مى برسند ترا مردمان ] عن وقت قيامها والساعة جزء من اجزاء الزمان ويعبر بها عن القيامة تشبيها بذلك لسرعة حسابها كما قال { وهو اسرع الحاسبين } كان المشركين يسألونه عليه السلام عن ذلك استعجالا بطريق الاستهزاء والتعنت والانكار واليهود امتحانا لما أن الله تعالى عمى اى اخفى وقتها فى التوراة وسائر الكتب { قل انما علمها عند الله } لا يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا [ كويند ازخلفاى يكى بخواب ديد ملك الموت ازو برسيدكه عمر من جند مانده است او بنج انكشت اشارت كرد تعبير خواب از بسياركس برسيدند معلوم نشد امام اعظم ابو حنيفة را رضى الله عنه خواند ند كفت اشارت بينج علمست كه كس نداند وآن بنج علم درين آيتست كه الله تعالى كفت { ان الله عنده علم الساعة } الآية خلعت نيكو دادش اما نبوشد ] { وما يدريك } أى شئ يجعلك داريا وعالما بوقت قيامها اى لا يعلمك به شئ اصلا فانت لا تعرفه وليس من شرط النبى ان يعلم الغيب بغير تعليم من الله تعالى : وبالفارسية [ وجه جيز ترا دانا كرد بآن ] { لعل الساعة } { شايد كه قيامت } { تكون } شيأ { قريبا } او تكون الساعة فى وقت قريب فتكون تامة وانتصاب قريبا على الظرفية
وفيه تهديد للمستعجلين واسكات للمتعنتين
قالوا من اشراط الساعة ان يقول الرجل افعل غدا فاذا جاء غد خالف قوله فعله وان ترفع الاشرار وتوضع الاخيار ويرفع العلم ويظهر الجهل ويفشو الزنى والفجور ورقص القينات وشرب الخمور ونحو ذلك من موت الفجأة وعلوّ اصوات الفساق فى المساجد والمطر بلا نبات
وفى الحديث « لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش وحتى يعبد الدرهم والدينار » الى غير ذلك وذكر امورا لم تحدث فى زمانه ولا بعده وكانت اذا هبت ريح شديدة تغير لونه عليه السلام وقال « تخوفت الساعة » وقال « ما امد طرفى ولا اغضه الا واظن الساعة قد قامت » يعنى موته فان الموت الساعة الصغرى اى موت كل انسان كما ان موت اهل القرن الواحد هى الساعة الوسطى نسأل الله التدارك
قال المولى الجامى قدس سره
كار امروز را مباش اسير ... بهر فردا ذخيرة بركير
روز عمرت بوقت عصر رسيد ... عصر تو تا نماز شام كشيد
خفتن خواب مرك نزديكست ... موج كرداب مرك نزديكست
فانتبه قد اقيمت الساعة ... ان عمر الخلائق ساعة(11/137)
إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64)
{ ان الله لعن الكافرين } على الاطلاق لا منكرى الحشر ولا معاندى الرسول فقط اى طردهم وابعدهم من رحمته العاجلة والآجلة ولذلك يستهزئون بالحق الذى لابد لكل خلق من انتهائه اليه والاهتمام بالاستعداد له { واعد لهم } مع ذلك { سعيرا } نارا مسعورة شديدة الاتقاد يقاسونها فى الآخرة : وبالفارسية [ آماده كرد براى عذاب ايشان آتشى افروخته ] يقال سعر النار واسعرها وسعرها اوقدها(11/138)
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65)
{ خالدين فيها } مقدّرا خلودهم فى السعير { ابدا } دائما : وبالفارسية [ درحالتى كه جاويد باشند دران يعنى هميشه در آتش معذب مانند ] اكد الخلود بالتأييد والدوام مبالغة فى ذلك { لا يجدون وليا } يحفظهم { ولا نصيرا } يدفع العذاب عنهم ويخلصهم منه(11/139)
يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66)
{ يوم تقلب وجوهم فى النار } ظرف لعدم الوجدان اى يوم تصرف وجوههم فيها من جهة الى جهة الى حال او يطرحون فيها مقلوبين منكوسين وتخصيص الوجوه بالذكر للتعبير عن الكل وهى الجملة باشرف الاجزاء اكرمها ويقال تحول وجوههم من الحسن الى القبيح ومن حال البياض الى حال السواد { يقولون } استئناف بيانى كأنه قيل فماذا يصنعون عند ذلك فقيل يقولون متحسرون على ما فاتهم { يا ليتنا } يا هؤلاء فالمنادى محذوف ويجوز ان يكون يا لمجرد التنبيه من غير قصد الى تعيين المنبه : وبالفارسية [ كاشكى ما ] { اطعنا الله } فى دار الدنيا فيما امرنا ونهانا { اطعنا الرسولا } فيما دعانا الى الحق فلن نبتلى بهذا العذاب(11/140)
وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67)
{ وقالوا } اى الاتباع عطف على يقولون والعدول الى صيغة الماضى للاشعار بان قولهم هذا ليس مسببا لقولهم السابق بل هو ضرب اعتذار ارادوا به ضربا من التشفى بمضاعفة عذاب الذين القوهم فى تلك الورطة وان علموا قدم قبوله فى حق خلاصهم منها { ربنا } [ اى بروردكارما ] { انا اطعنا سادتنا وكبراءنا } يعنون قادتهم ورؤساءهم الذين لقنوهم الكفر والتعبير عنهم بعنوان السيادة والكبر لتقوية الاعتذار والا فهم فى مقام التحقير والاهانة . والسادة جمع سيد وجمع الجمع سادات وقد قرئ بها للدلالة على الكثرة
قال فى الوسيط وسادة احسن لان العرب لا تكاد تقول سادات . والكبراء جمع كبير وهو مقابل الصغير والمراد الكبير رتبة وحالا { فاضلونا السبيلا } اى صرفونا عن طريق الاسلام والتوحيد بما زينوا لنا الكفر والشرك يقال اضله الطريق واضله عن الطريق بمعنى واحد اى اخطأ به عند : وبالفارسية [ بس كم كردند راه مارا يعنى مارا ازراه ببردند وبافسون وافسانه فريب دادند ] والالف الزائدة فى الرسولا والسبيلا لاطلاق الصوت لان اواخر آيات السورة الالف والعرب تحفظ هذا فى خطبها واشعارها
قال فى بحر العلوم قرأ ابن كثير وابو عمرو وحمزة وحفص والكسائى { واطعنا الرسول فاضلونا السبيل } بغير الف فى الوصل . وحمزة وابو عمرو ويعقوب فى الوقف ايضا والباقون بالالف فى الحالين تشبيها للفواصل بالقوافى فان زيادة الالف لاطلاق الصوت وفائدتها الوقف والدلالة على ان الكلام قد انقطع وان ما بعده مستأنف واما حذفها فهو القياس اى فى الوصف والوقف(11/141)
رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)
{ ربنا } تصدير الدعاء بالنداء المكرر للمبالغة فى الجؤار واستدعاء الاجابة { آتهم ضعفين من العذاب } اى مثلى العذاب الذى اوتيناه لانهم ضلوا واضلوا فضعف لضلالهم فى انفسهم عن طريق الهداية وضعف لاضلالهم غيرهم عنها { والعنهم لعنا كبيرا } اى شديدا عظيما واصل الكبير والعظيم ان يستعملا فى الاعيان ثم استعير للمعانى : وبالفارسية [ وبرايشان راندن بزرك كه بآن خواندن نباشد ومقرراست كه هركوا حق تعالى براند ديكرى نتواند كه بخواند ]
هركه را قهر تو راند كه خواندن وانكه را لطف توخواند نتوانش راندن
وقرئ كثيرا اى كثير العدد اى اللعن على اثر اللعن اى مرة بعد مرة ويشهد للكثرة قوله تعالى { اولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين } قال فى كشف الاسرار [ محمد بن ابى السرى مردى بود از جملة نيك مردان روزكار كفتا بخواب نمودند مرا كه در مسجد عسقلان كسى قرآن مى خواند بايهجا رسيد كه { والعنهم لعنا كبيرا } من كفتم كثيرا وى كفت كبيرا بازنكرستم رسول هدايرا ديدم درميان مسجد كه قص مناره داشت فراييش وى رفتم كفتم « السلام عليك يا رسول الله استغفر لى » رسول ازمن بركشت ديكر بار ازسوى راست وى در آمدم كفتم « يا رسول الله استغفر لى » رسول اعراض كرد برابروى بايستادم كفتم يا رسول الله سفيان بن عيينه مرا خبر كرد از محمد بن المنكدر از جابر بن عبد الله كه هركز ازتو نخواسنتد كه كفتى « لا » جونست كه سؤال من رد ميكنى ومرادم نميدهى رسول خدا تبسمى كرد آنكه كفت { اللهم لعنا كبيرا } ومن ميكويم ( كثيرا ) رسول همجنان برمناره ميشدو ميكفت ] ( كثيرا كثيرا كثيرا )
ثم ان الله تعالى اخبر بهذه الآيات عن صعوبة العقوبة التى علم انه يعذبهم بها وما يقع لهم من الندامة على ما فرطوا حين لا تنفعهم الندامة ولا يكون سوى الغرامة والملامة
حسرت ازجان اوبر آرد دود ... وان زمان حسر تش ندرد سود
بسكه ريزد زديده اشك ندم ... غرق كردد زفرق تابقدم
آب جشمش شود دران شيون ... آتشش را بخاصيت روغن
كاش اين كريه ييش ازين كردى ... غم اين كار بيش ازين كردى
اى بمهد بدن جو طفل صغير ... مانده دردست خواب غفلت اسير
ييش ازان كت اجل كند بيدار ... كر بمردى زخواب سر بردار
اللهم ايقظنا من الغفلة وادفع عنا الكسر واستخدمنا فيما يرضيك من حسن العمل(11/142)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69)
{ يا ايها الذين آمنوا لا تكونوا } فى ان تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
قيل نزلت فى شأن زينب وما سمع فيه من مقالة الناس كما سبق
وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال قسم النبى عليه السلام قسما فقال الرجل ان هذه القسمة ما اريد بها وجه الله فاتيت النبى عليه السلام فاخبرته فغضب حتى رأيت الغضب فى وجهه ثم قال « يرحم الله موسى قد اوذى باكثر من هذا » { كالذين آذوا موسى } كقارون واشياعه وغيرهم من سفهاء بنى اسرائيل كما سيأتى { فبرأه الله مما قالوا } اصل البراءة التفصى مما تكره مجاورته اى فاظهر براءة موسى عليه السلام مما قالوا فى حقه اى من مضمونه ومؤداه الذى هو الامر المعيب فان البراءة تكون الغيب لا من القول وانما الكائن من القول التخلص { وكان } موسى { عند الله وجيها } فى الوسيط وجه الرجل يوجه وجاهة فهو وجيه اذا كان ذا جاه وقدر
قال فى تاج المصادر [ الوجاهة : خداوند قدروجاه شدن ] والمعنى ذا جاه ومنزلة وقربة فكيف يوصف بعيب ونقيصه
وقال ابن عباس رضى الله عنهما وجيها اى حظيا لا يسأل الله شيأ الا اعطاه
وفيه اشارة الى ان موسى عليه السلام كان فى الازل عند الله مقضيا له بالوجاهة فلا يكون غير وجيه بتعيير بنى اسرائيل اياه كما قيل
ان كنت عند يا مولاى مطرحا ... فعند غيرك محمول على الحذف
وفى المثنوى
كى شود دريا زبوزسك نجس ... كى شود خورشيد ازيف منطمس
وفى البستان
امين وبدانديش طشتند ومور ... نشايد درو رخته كردن بزور
واختلفوا فى وجه اذى موسى عليه السلام فقال بعضهم ان قارون دفع الى زانية ما لا عظيما على ان تقول على رأس الملأ من بنى اسرائيل انى حامل من موسى على الزنى فاظهر الله نزاهته عن ذلك بان اقرت الزانية بالمصانعة الجارية بينها وبين قارون وفعل بقارون ما فعل من الخسف كما فصل فى سورة القصص
كند ازبهر كليم الله جاه ... درجه افتا وبشد حالش تباه
جون قضا آيد شودتنك اين جهان ... از قضا حلوا شود رنج دهان
اين جهان جون قحبة مكاره بين ... كس زمكر قحبة جون باشد امين
او بمكرش كرد قارون درزمين ... شد زرسوايى شهير عالمين
وقال بعضهم قذفوه بعيب فى بدنه من برص وهو محركة بياض يظهر فى ظاهر البدن لفساد مزاج او من ادرة وهى مرض الانثيين ونفختهما بالفارسية [ مادخايه ] وذلك لفرط تستره حياء فاطلعهم الله على براءته وذلك ان النبى اسرائيل كانونا يغتسلون عراة ينظر بعضهم الى سوءة بعضهم اى فرجه وكان موسى عليه السلام يغتسل وحده
قال ابن ملك وهذا مشعر بوجوب التستر فى شرعه(11/143)
فقال بعضهم والله ما يمنع موسى ان يغتسل معنا الا انه آدر على وزن افعل وهو من له ادرة فذهب مرة موسى يغتسل فوضع ثوبه على حجر قيل هو الحجر الذى يتفجر منه الماء ففر الحجر بثوبه اى بعد ان غسل واراد ان يلبس ثوبه فاسرع موسى خلف الحجر وهو عريان وهو يقول ثوبى حجر ثوبى حجر اى دع ثوبى يا حجر فوقف الحجر عند بنى اسرائيل ينظرون اليه فقالوا والله ما بموسى من بأس وعلموا انه ليس كما قالوا فى حقه فاحذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا فضربه خمسا اوستا او سبعا اواثنتى عشرة ضربة بقى اثر الضربات فيه
قال فى انسان العيون كان موسى عليه السلام اذا غضب يخرج شعر رأسه من قلنسوته وربما اشتعلت قلنسوته نارا لشدة غضبه ولشدة غضبه لما فر الحجر بثوبه ضربه منع انه لا ادرك له ووجه بانه فر صار كالدابة والدابة اذا جمحت بصاحبها يؤديها بالضرب انتهى
يقول الفقير للجمادات حياة حقانية عند اهل الله تعالى فهم يعاملونها معاملة الاحياء : قال فى المثنوى
بادرا بى جشم اكر بينش نداد ... فرق جون ميكرد اندر قوم عاد
كر نبودى نيل را آن نور ديد ... ازجه قبطى را زسبطى ميكزيد
كرنه كوه وسنك باديدار شد ... بس جرا داودرا آن يار شد
اين زمين را كرنبودى جشم جان ... ازجه قارونرا فرو خورد آنجنان
وفى القصة اشارة الى ان الانبياء عليهم السلام لابد وان يكونوا متبرئين من النقص فى اصل الخلقة وقد يكون تبريهم بطريق خارق للعادة كما وقع لموسى من طريق فرار الحجر كما شاهد ونظروا الى سوأته
وفى الخصائص الصغرى ان من خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم انه لم ترعورته قط ولو رآها احد طمست عيناه
وقال بعضهم فى وجه الاذى ان موسى خرج مع هارون الى بعض الكهوف فرأى سريرا هناك فنام عليه هارون فمات ثم ان موسى لما اعاد وليس معه هارون قال بنوا اسرائيل قتل موسى هارون حسدا له على محبة بنى اسرائيل اياه فقال لهم موسى ويحكم كان اخى ووزيرى أتروننى اقتله فلما اكثروا عليه قام فصلى ركعتين ثم دعا فنزل السرير الذى نام عليه فمات حتى نظروا اليه بين السماء والارض فصدقوه وان هارون مات فيه فدفنه موسى فقيل فى حقه ما قيل كما ذكر حتى انطلق موسى ببنى اسرائيل الى قبرة ودعا الله ان يحييه فاحياه الله تعالى واخبرهم انه مات ولم يقتله موسى عليه السلام وقد سبقت قصة وفاة موسى وهارون فى سورة المائدة فارجع اليها
وفى التأويلات النجمية يشير الى هذه الامة بكلام قديم ازلى ان لا يكونوا كامة موسى فى الايذاء فانه من صفات السبع بل يكونوا اشداء على الكفار رحماء بينهم ولهذا المعنى قال صلى الله عليه وسلم(11/144)
« لا يؤمن احدكم حتى يأمن جاره بوائقه » وقال « المؤمن من امنه الناس » وقوله « لا تكونوا » نهى عن كونهم بنفى هذه الصفة عنهم اى كونوا ولا تكونوا بهذا الصفة لتكونوا امة اخرجت للناس فكانوا ولم يكونوا بهذه الصفة
وفيه اشارة الى ان كل موجود عند ايجاده بامركن مأمور بصفة مخصوصة به ومنهى عن صفة غير مخصوصة به فكان كل موجود كما امر بامر التكوين ولم يكن كما نهى بنهى التكوين كما قال تعالى للنبى صلى الله عليه وسلم { فاستقم كما امرت } بالاستقامة بامر التكوين عند الايجاد فكان كما امر وقال تعالى ناهيا له نهى التكوين { ولا تكونن من الجاهلين } فلم لم يكن من الجاهلين كما نهى عن الجهل(11/145)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70)
{ يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله } فى رعاية حقوقه وحقوق عباده فمن الاول الامتثال لامره ومن الثانى ترك الاذى لا سيما فى حق رسوله
قال الواسطى التقوى على اربعة اوجه . للعامة تقوى الشرك . وللخاصة تقوى المعاصى . وللخاص من الاولياء تقوى التوصل بالافعال . وللانبياء تقواهم منه اليه { وقولوا } فى أى شأن من الشؤون { قولا سديدا } مستقيما مائلا الى الحق من سد يسد سدادا صار صوابا ومستقيما فان السداد الاستقامة يقال سدد السهو نحو الرمية اذا لم يعدل به عن سمتها وخص القول الصدق بالذكر وهو ما اريد به وجه الله ليس فيه شائبة غير وكذب اصلا لان التقوى صيانة النفس عما تستحق به العقوبة من فعل او ترك فلا يدخل فيها
وقال بعضهم القول السديد داخل فى التقوى وتخصيصه اعظم اركانها
قال الكاشفى [ قول جامع درين باب آنست كه قول سديد سخنست كه صدق باشد نه كذب وصواب بود نه خطا وجد بود نه هزل جنين سخن كوييد ] والمراد نهيهم عن ضده اى عما خاضوا فيه من حديث زينب الجائر عن العدل والقصد : يعنى [ دروغ مكوييد وناراستى درسخن جون حديث افك ] وقصة زينب وبعثهم على ان يسددوا قولهم فى كل باب لان حفظ اللسان وسداد القول رأس الخير كله حكى ان يعقوب بن اسحاق المعروف بابن السكيت من اكابر علماء العربية جلس يوما مع المتوكل فجاء المعتز والمؤيد ابنا المتوكل فقال ايما احب اليك ابناى ام الحسن والحسين قال والله ان قنبرا خادم على رضى الله عنه خير منك ومن ابنيك فقال سلوا لسانه من قفاه ففعلوا فمات تلك الليلة ومن العجب انه انشد قبل ذلك للمعتز والمؤيد وكان يعلمهما فقال
يصاب الفتة من عثرة بلسانه ... وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فعثرته فى القول تذهب رأسه ... وعثرته فى الرجل تبرا على مهل(11/146)
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)
{ يصلح لكم اعمالكم } يوفقكم للاعمال الصالحة او يصلحها بالقبول والاثابة عليها { ويغفر ذنوبكم } ويجعلها مفكرة باستقامتكم فى القول والفعل
وفيه اشارة الى ان من وفقه الله الصالح الاعمال فذلك دليل على انه مغفور له ذنوبه { ومن } [ وهركه ] { يطع الله ورسوله } فى الاوامر والنواهى التى من جملتها هذه التكليفات والطاعة موافقة الامر والمعصية مخالتفه { فقد فاز } فى الدارين والفوز الظفر مع حصول السلامة { فوزا عظيما } عاش فى الدنيا محمودا وفى الاخرة مسعودا او نجا من كل ما يخاف ووصل الى كل ما يرجو
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الايمان لا يكمل الا بالتقوى وهو التوحيد عقدا وحفظ الحدود جهدا ولا يحصل سداد اعمال التقوى الا بالقول السديد وهى كلمة لا اله الا الله فبالمداومة على قول هذه الكلمة بشرائطها يصلح لكم اعمال التقوى فسداد اقوالكم سبب لسداد اعمالكم وبسداد الاقوال وسداد الاعمال يحصل سداد الاحوال وهو قوله ويغفر لكم ذنوبكم وهو عبارة عن رفع الحجب الظلمانية بنور المغفرة الربانية ومن يطع الله فيما امره ونهاه ويطع الرسول فيما ارشده الى صراط مستقيم متابعته فقد فاز فوزا عظيما بالخروج عن الحجب الوجودية بالفناء فى وجود الهوية والبقاء ببقاء الربوبية انتهى
وقال بعضهم من يطع الله ورسوله فى التزكية ومحو الصفات فقد فاز بالتحلية والاتصاف بالصفات الالهية وهو الفوز العظيم
وفى صحيح مسلم عن جابر رضى الله عنه ( اما بعد فان خير الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدى هدى محمد ) اى خير الارشاد ارشاده صلى الله عليه وسلم واطاعة الرسول بالاستمساك بحبل الشريعة فان النجاة من بحر الحجود وظلمة الشرك اما بنور الكشف او بسفينة الشريعة اما الاول فهو ان يعتصم الطالب فى طلبه بالله حتى يهتدى اليه بنوره ويؤتيه الله العلم من لدنه واما الثانى فهو ان يكفتى بالاقرار بالوحدانية والايمان التقليدى والعمل بظواهر الشرع روى ان الامام احمد بن حنبل رضى الله عنه لما راعى الشريعة بين جماعة كشفوا العورة فى الحمام قيل له فى المنام ان الله جعلك للناس اماما برعايتك الشريعة [ نقلست كه در بغداد جون معتزله غلبه كردند كفنند ويرا تكليف بايد كردن تاقر آنرا مخلوق كويد بس عزم كردند واورا بسراى خليفة بردند سرهنكى بود بردرسراى كفت اى امام مردانه باش كه وقتى من درذى كردم وهزار جوبم زدند ومن مقر نكشتم تاعاقبت رهايى يافتم من كه درباطل جنين صبر كردم توكه برحقى اوليتر باشى بصبر كردن احمد كفت آن سخن او مرا عظيم يارى داد وتأثير كرد بس اورا مى بردند واويير وضعيف بود دودستش ازبس برون كشيدند وهزار تازيانه بزدندش كه قرآنرا مخلوق كوى نكفت ودران ميان بند ازارش كشاده شد ودستش بسته بود درحال دودست ازغيب بديد آمد وبه بست وآن ازان بود كه بارى تنها در حمام بود خواست كه ازار بكشايد وبشويد آنرا ترك كرد ونكشود كفت اكر خلق حاضر نيست خداى تعالى حاضر است جون اين برهان ديدند بكذاشتند ]
درره حق كشيده اند بلا اين بلا ... شد سبب بقرب وولا
صبر وتقوى وطاعت مولى ... نزد عارف زهر شرف اولى(11/147)
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)
{ انا } هذه النون نون العظمة والكبرياء عند العلماء فان الملوك والعظماء يعبرون عن انفسهم بصيغة الجمع ونون الاسماء والصفات عند العرفاء فانها متعددة ومتكثرة { عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال } يقال عرض لى امر كذا اى ظهر وعرضت له الشئ اى اظهرته له وابرزته اليه وعرضت الشئ على البيع وعرض الجند اذا امرّ همم عليه ونظر ما حالهم والاماوة ضد الخيانة
والمراد هنا ما ائتمن عليها وهى على ثلاث مراتب
المرتبة الاولى انها التكاليف الشرعية والامور الدينية المرعية ولذا سميت امانة لانها حقوق مرعية اودعها الله المكلفين وائتمنهم عليها واوجب عليهم تلقيها بحسن الطاعة والانقياد وامرهم بمراعاتها والمحافظة عليها وادائها من غير اخلال بشئ من حقوقها انتهى وتلك الامانة هى العقل اولا فان به يحصل تعلم كل ما فى طوق البشر تعلمه وفعل ما فى طوقهم فعله من الجميل وبه فضل الانسان على كثير من الخلائق ثم التوحيد والايمان باليوم الآخر والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد وصدق الحديث وحفظ اللسان من الفضول وحفظ الودائع واشدها كتم الاسرار وقضاء الدين والعدالة والقيام بالحدود وحفظ الفرج الذى هو اول ما خلق الله من الانسان وقال له هذه امانة استودعتكها والاذن والعين واليد والرجل وحروف التهجى كما نقله الراغب فى المفردات وترك الخيانة فى قليل وكثير لمؤمن ومعاهد وغير ذلك مما مر به الشرع واوجبه وهى بعينها المواثيق والعهود التى اخذت من الارواح فى عالمها ووضعت امانة فى الجوهر الجمادى صورة المسمى بالحجر الاسود لسيادته بين الجواهر وألقمه الحق تلك المواثيق وهو امين الله لتلك الامانة
والمرتبة الثانية انها المحبة والعشق والانجذاب الالهى التى هى ثمرة الامانة الاولى ونتيجتها وبها فضل الانسان على الملائكة اذا الملائكة وان حصل لهم المحبة فى الجملة لكن محبتهم ليست بمبنية على المحن والبلوى الاله ألا ترى الى قول الحافظ
شب تاريك وبيم موج وكردابى جنين هائل ... كجا دانند حال ماسبكباران ساحلها
اراد بقوله « شب تاريك » جلال الذات وبقوله « بيم موج » خوف صفات القهر وبقوله « كرداب » درّ دربحر العشق وهى الامتحانات الهائلة والبرازخ المخوفة وبقوله « سبكباران ساحل » الزهاد والملائكة الذين بقوا فى ساحل بحر العشق وهو بر الزهد والطاعة المجردة وهم اهل الامانة الاولى ومن هذا القبيل ايضا قوله
فرشته عشق نداندكه جيست قصة مخوان ... بخواه جام كلابى بخاك آدم ريز
وقول المولى الجامى
ملائك را جه سود از حسن طاعت ... جو فيض عشق بر آدم فرو ريخت
[ در لوامع آورده كه آن بو العجى كه عشق را درعالم بشر يتست در مملكت ملكيت نيست كه ايشان سايه برورد لطف وعصمت اند محبت بى دردا قدر وقيمتى نيست عشق را طائفة در خورند كه صفت(11/148)
{ أتجعل فيها من يفسد فيها } سر ماية بازار ايشان وسمت { انه كان ظلوما جهولا } ييرائة روزكار ايشانست ملكى را بينى كه اكر جناحى را بسط كند خافقين را در زير جناح خود آرد اما طاقت حمل اين معنى ندارد وآن بييجاره آدمى زادى را بينى بوستى در استخوانى كشيده بيباك واز شراب بلا در قدح ولا جشيده ودروى تغير نيامده آن جراست زيراكه آن صاحب دلست ] والقلب يحمل ما لا يحمل البدن
والمرتبة الثالثة انها الفيض انما يحصل بالخروج عن الحجب الوجودية المشار اليها بالظلومية والجهولية وذلك بالفناء فى وجود الهوية والبقاء ببقاء الربوبية وهذه المرتبة نتيجة المرتبة وغايتها فان العشق من مقام المحبة الصفاتية وهذا الفيض والفناء من مقام المحبوبية الذاتية وفى هذا المقام يتولد من القلب طفل خليفة الله فى الارض وهو الحامل للامانة فالمرتبة الاولى للعوام والثانية للخواص والثالثة لا خص الخواص والاولى طريق الثانية وهى طريق الثالثة ولم يجد سر هذه الامانة الا من اتى البيت من الباب ولك وجه ذكره المفسرون فى معنى الامانة حق لكن لما كان فى المرتبة الاولى كان ظرفا ووعاء للامانة ولبه ما فى المرتبة الثانية ولب اللب ما فى المرتبة الثالثة ومن الله الهداية الى هذه المراتب والعناية فى الوصول الى جميع المطالب
ثم المراد بالسموات والارض والجبال هى انفسها اعيانها واهاليها وذلك لان تخصص الانسان بحمل الامانة يقتضى ان يكون المعروض عليه ما عداه من جميع الموجودات ايامّا كان حيوانا او غيره وانما خص فى مقام الحمل ذلك لأنه اصلب الاجسام واثبتها واقواها كما خص الافلاك فى قوله ( لولاك لما خلقت الافلاك ) لكونها اعظم الاجسام ولهذا السر لم يقل فابوا ان يحملوها بواو العقلاء
فان قلت ما ذكر من السموات وغيرها جمادات والجمادات لادراك لها فما معنى عرض الامانة عليها
قلت للعلماء فيه قولان
الاول انه محمول على الحقيقة وهو الانسب بمذهب اهل السنة لانهم لا يؤولون امثال هذا بل يحملونها على حقيقتها خلافا للمعتزلة
وعلى تقدير الحقيقة فيه وجهان احدهما ادق من الآخر
الاول ان للجمادات حياة حقانية دل عليها كثير من الايات نحو قوله { ألم تر ان الله يسجد له من فى السموات ومن فى الارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب } وقوله { ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين } وقوله { وان منها لما يهبط من خشية الله } وقوله { وان من شئ الا يسبح بحمده } وقوله { كل قد علم صلوته وتسبيح } قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر اكثر العقلاء بل كلهم يقولون ان الجمادات لا تعقل فوقفوا عند بصرهم والامر عندنا ليس كذلك فاذا جاءهم عن نبى او ولى ان حجرا كلمة مثلا يقولون خلق الله فيه العلم والحياة فى ذلك الوقت والامر عندنا ليس كذلك بل سره الحياة سارٍ فى جميع العالم وقد ورد ( ان كل شى سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له ) ولا يشهد الا من علم وقد اخذ الله بابصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء الله كنحن واضرابنا فانا لا نحتاج الى دليل فى ذلك لكون الحق تعالى قد كشف لنا عن حياتها واسمعنا تسبيحا ونطقها وكذلك اندكاك الجبل لما وقع التجلى انما كان ذلك منه لمعرفته بعظمة الله ولولا ما عنده من معرفة العظمة لما تدكدك انتهى(11/149)
ومثله ما روينا ان حضرة شيخنا وسندنا روح الله روحه ووالى فى البرزخ فتوحه دعا مرة من عنده للافطار فجلسنا له وبين يديه ماء وكعك مبلول وكان لا يأكل فى اواخر عمره الا الكعك المجرد فقال اثناء الافطار ان لهذا الخبز روحا حقانيا فظاهره يرجع الى الجسد وروحه يرجع الى الروح فيتقوى به الجسم والروح جميعا : وفى المثنوى
علم وحكمت زايد از لقمة حلال ... عشق ورقت آيد ازلقمة حلال
ثم قال ولكل موجود روح اما حيوانى او حقانى فجسد الميت له روح حقانى غير روحه الحيوانى الذى فارقه ألا ترى ان الله تعالى لو انطقه لنطق فنطقه انما هو لروحه وقد جاء ان كل شئ يسبح بحمده حجرا او شجرا او غير ذلك وما هو الا لسريان الحياة فيه حقيقة ولذا سبح الجبال مع داود وحمل الريح سليمان عليه السلام وجذبت الارض قارون وحن الجذع فى المسجد النبوى وسلم الحجر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك مما لا لا يحصى : وفى المثنوى
جون شماسوى جمادى مى رويد ... محرم جان جمادان جون شويد
از جمادى عالم جانها رويد ... غلغل اجزاى عالم بشنويد
جون ندارد جان توقنديلها ... بهر كردة تأويلها
والوجه الثانى ان الله تعالى ركب العقل والفهم فى الجمادات المذكورة عند عرض الامانة كما ركب العقل وقبول الخطاب فى النمل السليمانية والهدهد وغيرهما من الطيور والوحوش والسباغ بل وفى الحجر والشجر والتراب فهن بهذا العقل والادراك سمعن الخطاب انطقهن الله بالجواب حيث قال لهن أتحملن هذه الامانة على ان يكون لكنّ الثواب والنعيم فى الحفظ والاداء والعقاب والجحيم فى الغدر والخيانة { فابين ان يحملنها } الاباء شدة الامتناع عناية مختلطة بخوف لان المشفق يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه فاذا عدى بمن فمعنى الخوف فيه اظهر واذا عدى بعلى فمعنى العناية فيه اظهر كما قال فى تاج المصادر [ الاشفاق : ترسيدن ومهربانى كردن ] ويعدى بعلى واصلهما واحد . والمعنى وحفن من الامانة وحملها وقلن يا رب نحن مسخرات بامرك لا نريد ثوابا ولا عقابا ولم يكن هذا القول منهن من جهة المعصية والمخالفة بل من جهة الخوف والخشية من ان لا يؤدين حقوقها ويقعن فى العذاب ولو كان لهن استعداد ومعرفة بسعة الرحمة واعتماد على الله لما ابين وكان العرض عرض تخيير لا عرض الزام وايجاب لان المخالفة والاباء عن التكليف الواجب يوجب المقت والسقوط عن درجة الكمال ولم يذكر تعالى توبيخا على الاباء ولا عقوبة
والقول الثانى انه محمول على الفرض والتمثيل فعبر عن اعتبار الامانة بالنسبة الى استعدادهن بالعرض عليهن لاظهار مزيد الاعتناء بامرها والرغبة فى قبولهن لها وعن عدم استعدادهن لقبولها بالاباء والاشفاق منها لتهويل امرها ومزيد فخافتها وعن قبولها بالحمل لتحقيق معنى الصعوبة المعتبرة فيها بجعلها من قبيل الاجسام الثقيلة التى يستعمل فيها القوى الجسمانية التى هى اشدها واعظمها ما فيهن من القوة والشدة فالمعنى ان تلك الامانة فى عظم الشأن بحيث لو كلفت هاتيك الاجرام العظام التى هى مثل فى الشدة والقوة مراعاتها وكانت ذات شهود وادراك لا بين قبولها واشفقن منها ولكن صرف الكلام عن سننه بتصوير المفروض بصورة المحقق روما لزيادة تحقيق المعنى المقصود بالتمثيل وتوضيحه { وحملها الانسان } عند عرضها عليه كما قال الامام القشيرى [ امانتها برانها عرض نمود وبرانسان فرض نمود آنجا كه عرض بود سرباز زدند واينجا كه فرض بود در معرض حمل آمدند ] والمراد بالانسان الجنس بدليل قوله { انه كان ظلوما جهولا } اى تكلفها والتزمها مع ما فيه من ضعف البنية ورخاوة القوة لان الحمل انما يكون بالهمة لا بالقوة
قال فى الارشاد وهو اما عبارة عن قبولها بموجب استعداده الطفرى او عن اعترافه يوم الميثاق بقوله بلى ولما حملها قال الله تعالى(11/150)
{ وحملناهم فى البر والبحر : هل جزاء الاحسان الا الاحسان } [ واين را در ظاهر مثالى هست درختانى كه اصل ايشان محكم ترست وشاخ ايشان بيشترابار ايشان خردتر وسبكترباز درختانى كه ضعيف ترند وسست تر بارايشان شكرف تراست وبزركترجون خربزه وكدو ومانند آن ليكن اينجا لطيفه ايست آن درخت كه باراو شكرف تراست وبزركتر طاقت كشيدن آن ندارد اورا كفتند بار كران از كردن خويش برفرق زمين نه تاعالميان بدانندكه هركجا ضعيفى است مربئ او لطف حضرت عزت است اينست سر ] { وحملناهم فى البر والبحر } فالانسان اختص بالعشق وقبول الفيض بلا واسطعة وحمله من سائر المخلوقات لا ختصاصه باصابة رشاش النور الالهى وكل روح اصابه رشاش نور الله صار مستعدا لقبول الفيض الالهى بلا واسطة وكان عرض العشق والفيض عاما على المخلوقات وحمله خاصا بالانسان لان نسبة الانسان مع المخلوقات كنسبة القلب مع الشخص فالعالم شخص وقلبه الانسان فكما ان عرض الروح عام على الشخص الانسانى وقبوله وحمله مخصوص بالقلب بلا واسطة ثم من القلب بواسطة العروق الممتدة يصل عكس الروح الى جميع الاعضاء فيكون متحركا به كذلك عرض العشق والفيض الالهى عام لاحتياج الموجودات الى الفيض وقبوله وحمله خاص بالانسان ومنه يصل عكسه الى سائر المخلوقات ملكها وملكوتها فاما الى ملكها وهو ظاهر الكون اعنى الدنيا فيصل الفيض اليه بواسطة صورة الانسان من صنائعه الشريفة وحرفه اللطيفة التى بها العالم معمور ومزين واما الى ملكوتها وهو بامركن باطن الكون اعنى الآخرة فيصل الفيض اليها بواسطة روح الانسان وهو اول شئ تعلقت به القدرة فيتعلق الفيض الالهى من امركن اولا بالروح الانسانى ثم يفيض منه الى عالم الملكوت فظاهر العالم وباطنه معمور بظاهر الانسان وباطنه وهذا سر الخلافة المخصوصة بالانسان(11/151)
وقال بعضهم المراد بالانسان آدم
وقد روى عن ابن مسعود رضى الله عنه انه قال مثلت الامانة كالصخرة المقاة ودعيت السماوات والارض والجبال اليها فلم يقربوا منها وقالوا لا نطيق حملها وجاء آدم من غير ان دعى وحرك الصخرة وقال لو امرت بحملها لحملتها فقلن له احمل فحملها الى ركبتيه ثم وضعها وقال لو اردت ان ازداد لزدت فقلن له احمل فحملها الى حقوة ثم وضعها وقال لو اردت ان ازداد لزدت فقلن له احمل فحملها حتى وضعت على عاتقه فاراد ان يضعها فقال الله مكانك فانها فى عنقك وعنق ذريتك الى يوم القيامة
آسمان بارامانت نتوانست كشيد ... قرعة فال بنام من ديوانه زدند
وفى كشف الاسرار [ جون آسمان وزمين وكوهها بترسيدند ازبذيرفتن امانت وباز نشستند ازبرداشتن آن رب العزة آدم را كفت ( انى عرضت الامانة على السموات والارض والجبال فلم يطقنها وانت آخذها بما فيها يا رب وما فيها قال ان احسنت جوزيت وان اسأت عوقبت قال بين اذنى وعاتقى ) يعنى آدم بطاعت وخدمت بنده وار آمد وكفت برداشتم ميان كوش ودوش خويش رب العالمين كيف اكنون كه برداشت ترادران معونت وقوت دهم ] اجعل لبصرك حجابا فاذا خشيت ان تنظر الى ما لا يحل لك فارخ حجابه واجعل للسانك لحيين وغلقا فاذا خشيت ان تتكلم بما لا يحل فاغلقه واجعل لفرجك لباسا فلا تكشفه على ما حرمت عليك
شيخ جنيد قدس سره [ فرموده كه نظر آدم برعرض حق بود نه برامانت لذت عرض ثقل امانت را بروفراموش كردانيد لا جرم لطف ربانى بزبان عنايت فرموده كه برداشتن ازتو ونكاه داشتن ازمن جون تو بطوع بارمرا برداتشنى من هم ازيمان همه تر برداشتم ] { وحملناهم فى البر والبحر } روى ان آدم عليه السلام قال احمل الامانة بقوتى ام بالحق فقيل من يحملها يحمل بنا فان ما هو منا لا يحمل الا بنا فحلمها
راه اورا بدو توان ييمود ... بار اورا بدو توان برداشت
قال بعضهم
آن باركه ازبردن آن عرش اباكرد ... باقوت او حامل آن بارتوان بود(11/152)
القصة [ خلعت حمل امانت جز برقامت باستقامت انسان كه منشور { انى جاعل فى الارض خليفة } اوبرنام نامى نوشته اند راست نيامد وجون كارى بدين عظمت وفهمى بدين ابهت نامزد اوشد جهت دفع جشم زخم حسود آن شياطين كه دشمن ديرينه اند سيند { انه كان ظلوما جهولا } برآتش غيرت افكندند تاكورشود هر آنكه نتواندديد ] قال { انه } اى الانسان { كان ظلوما } لنفسه بمعصية ربه حيث لم يف بالامانة ولم يراع حقها { جهولا } بكنه عاقبتها يعنى [ نادان بعقوبت خيانت اكر واقع شود ] والظلم وضع الشئ فى غير موضعه المختص به اما بنقصان او بزيادة واما بعدول عن وقته او مكانه ومن هذا ظلمت السقاء اذا تناولته فى غير وقته ويسمى ذلك اللبن الظلم وظلمت الارض اذا حفرتها ولم تكن موضعا للحفر تلك الارض يقال لها المظلومة والتراب الذى يخرج منها ظليم والظلم يقال فى مجاوزة الحد الذى يجرى مجرى النقطة فى الدائرة ويقال فيما يكثر ويقل من التجاوز ولذا يستعمل فى الذنب الصغير والكبير ولذا قيل لآدم فى تقدمه ظالم وفى ابليس ظالم وان كان بين الظلمين بون بعيد
قال بعض الحكماء الظلم ثلاثة . احدها بين الانسان وبين الله واعظمه الكفر والشرك والنفاق . والثانى ظلم بينه وبين الناس . والثالث ظلم بينه وبين نفسه وهذه الثلاثة فى الحقيقة للنفس فان الانسان اول ما يهم بالظلم فقد ظلم نفسه
اول بظالمان اثر ظلم ميرسد ... بيش ازهدف هميشه كمان تارميكند
والجهل خلو النفس من العلم وهو على قسمين ضعيف وهو الجهل البسيط وقوى وهو الجهل المركب الذى لا يدرى فيكون محروما من التعلم ولذا كان قويا
قال فى الارشاد وقوله انه الخ اعتراض وسط بين الحمل وغايته للايذان من اول الامر بعدم وفائه بما عهده وتحمله اى انه كان مفرطا فى الظلم مبالغا فى الجهل اى بحسب غالب افراده الذين لم يعملوا بموجب فطرتهم السليمة او عهودهم بقولهم بلى
وقال بعضهم الانسان ظلوم وجهول اى من شأنه الظلم والجهل كما يقال الماء طهور اى من شأنه الطهارة
واعلم ان الظلومية والجهولية صفتا ذم عند اهل الظاهر لانهما فى حق الخائنين فى الامانة فمن وضع الغدر والخيانة موضع الوفاء والاداء فقد ظلم وجهل
قال فى كشف الاسرار [ عادت خلق آنست كه جون امانتى عزيز بنزديك كسى نهند مهرى بروى نهند وآن روز كه باز خواهند مهررا مطالعت كنندا اكر مهر برجاى بود اورا ثناها كويند امانتى بنزديك تونهادند از عهد ربوبيت { ألست بربكم } ومهرى كه بروى نهادند جون عمر بآخر رسد وترا بمنزل خاك برند آن فرشته در آيد وكويد « من ربك » آن مطالعت كه ميكند تامهرروز برجاى هست يانه ] قال الحافظ
از دم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بريك عهد ويك ميثاق بود(11/153)
وقال اهل الحقيقة هما صفتا مدح اى فى حق مؤدى الامانة فان الانسان ظلم نفسه بحمل الامانة لانه وضع شيأ فى غير موضعه فافنى نفسه وازال حجبها الوجودية وهى المعروفة بالانانية وجهل ربه فانه فى اول الامر يحب هذه البهيمية التى تأكل وتشرب وتنكح وتحمل الذكورية والانوثية اللتين اشترك فيهما جميع الحيوانات وما يدرى ان هذه الصورة الحيوانية قشر وله لب هو محبوب الحق الذى قال { يحبهم } وهو محب الحق الذى قال { يحبونه } فاذا عبر عن قشر جسمانية الظلمانية ووصل على لب روحانية النورانية
ثم علم ان هذا اللب النور انى ايضا قشر فان النبى صلى الله عليه وسلم قال « ان لله سبعين الف حجاب من نور وظلمة » فعبر عن القشر الروحانى ايضا ووصل الى لبه الذى هو محبوب الحق ومحبة فقد عرف نفسه واذا عرف نفسه فقد عرف ربه بتوحيد لاشرك فيه وجهل ما سوى الله تعالى بالكلية وايضا ان الجهول هوالعالم لان نهاية العلم هو الاعتراف بالجهل فى باب المعرفة والعجز عن درك الادراك ادراك قال المولى الجامى قدس سره
غير انسان كش نكرد قبول ... زانكه انسان ظلوم بود وجهول
ظلم او آنكه هستئ خود را ... ساخت فانى بقاى سرمدرا
جهل اوآنكه هرجه جزحق بود ... صورت آن زلوح دل نزدود
نيك ظلمى كه عين معدلتست ... نغز جهلى كه مغز معرفتست
اى نكرده دل از علائق صاف ... مزن از دانش خلائق لاف
زانكه در عالم خدا دانى ... جهل علمست علم ن دانى
فلو لم يكن للانسان قوة هذه الظلومية والجهولية لما حمل الامانة وبهذا الاعتبار صح تعليل الحمل بهما وقال بعض اهل التفسير وتبعهم صاحب القاموس ان الوصف بالظلومية والجهولية انما يليق بمن خان فى الامانة وقصر عن حقها لا بمن يتحملها ويقبلها فمعنى حملها الانسان اى خانها والانسان الكافر والمنافق من قولك فلان حامل للامانة ومحتمل لها بمعنى انه لا يؤديها الى صاحبها حتى تزول عن ذمته ويخرج من عهدتها بجعل الامانة كأناه راكبة للمؤتمن عليها كما يقال ركبته الديون فما يحمل اذا كناية عن الخيانة والتضيع والمعنى انا عرضنا الطاعة على هذه الاجرام العظام فانقادت لامر الله انقيادا يصح من الجمادات واطاعت له اطاعة تليق بها حيث لم تمتنع عن مشيئة وارادته ايجادا وتكوينا وتسوية على هيآت مختلفة واشكال متنوعة كما قال { اتينا طائعين } والانسان مع حياته وكمال عقله وصلاحه للتكليفلم يكن حاله فيما يصح منه ويليق به من الانقياد لا وامر الله ونواهيه مثل حال تلك الجمادات بل مال الى ان يكون محتملا لتلك الامانة مؤديا اياها ومن ثم وصف بالظلم حيث ترك اداء الامانة وبالجهل حيث اخطأ طريق السعادة ففى هذا التمثيل تشبيه انقياد تلك الاجرام لمشيئة الله ايجادا وتكوينا بحال مأمور مطيع لا يتوقفعن الامتثال فالحمل فى هذا مجاز وفى التمثيل السابق على حقيقته وليس فى هذا المعنى حذف المعطوف مع حرف العطف بخلافه فى محل الحمل على التحمل فان المراد حينئذ فان المراد حينئذ وحملها الانسان ثم غدر بالحمل حتى يصح التعليل بقوله انه كان الخ فاعرف هذا المقام والقول ما قالت حذام(11/154)
قال فى الاسئلة المقحمة كيف عرض الامانة عليه ما علمه بحاله من كونه ظلوما جهولا والجواب هذا سؤال طويل الذيل فانه تعالى قد بعث الرسل مبشرين ومنذرين الى جميع الخلق ليدعوهم الى الايمان مع علمه السابق بان يؤمن بعضهم ويكفر بعضهم والخطاب عم الكل مع علمه باختلاف احوالهم فى الايمان والكفر فهذا من قبيله وسبيله فانه مالك الاعيان والآثار على الاطلاق
وقد قال ابن عباس رضى الله عنهما كان ظلوما بحق الامانة جهولا بما يفعل من الخيانة يعنى لم تكن الخيانة عن عند وقصد بل كانت عن جهل وسهو كما قال { فنسى ولم نجد له عزما } والسهو والنسيان مغفور والجهل فى بعض المواضع معذور الهنا اصنع بنا ما انت اهله ولا تصنع بنا ما نحن اهله : قال الشيخ سعدى قدس سره
بر در كعبه سائلى ديدم ... كه همى كفت ميكرستى خوش
من نكويم كه طاعتم بيذير ... قلم عفو بركناهم كش(11/155)
لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)
{ ليعذب الله المنافقين والمنافقات } الذين ضيعوا الامانة بعد ما قبلوها { والمشركين والمشركات } الذين خانوا فى الامانة بعدم قبولها رأسا
قال فى الارشاد اشارة الى الفريق الاول اى حملها الانسان ليعذب الله بعض افراده الذين لم يراعوها ولم يقابلوها بالطاعة على ان اللام للعاقبة فان التعذيب وان لم يكن غرضا له من الحمل لكن لما ترتب عليه بالنسبة الى بعض افراده ترتب الاغراض على الافعال المعللة بها ابرز فى معرض الغرض اى كان عاقبة حمل الانسان لها ان يعذب الله هؤلاء من افراده لخيانتهم الامانة وخروجهم عن الطاعة بالكلية
قال فى بحر العلوم ويجوز ان تكون اللام علة لعرضنا اى عرضنا ليظهر نفاق المنافقين واشراك المشركين فيعذبهما الله { ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات } الذين حفظوا الامانة وراعوا حقها
قال فى الارشاد اشارة الى الفريق الثانى اى كان عاقبة حملة لها ان يتوب الله على هؤلاء من افراده اى يقبل توبتهم لعدم خلعهم ربقة الطاعة عن رقابهم بالمرة وتلافيهم لما فرط منهم من فرطات قلما يخلو عنها الانسان بحكم جبليته وتداركهم لها بالتوبة والانابة والالتفات الى الاسم الجليل اولا لتهويل الخطب وتربية المهابة والاظهار فى موضع الاضمار ثانيا لا براز مزيد الاعتناء بامر المؤمنين توفية لكل من مقامى الوعيد والوعد حقه { وكان الله غفورا رحيما } مبالغا فى المغفرة والرحمة حيث تاب عليهم وغفر لهم فرطاتهم واثاب بالفوز على طاعاتهم
وفى التأويلات النجمية هذه اللام لام الصيرورة والعاقبة يشير الى ان الحكمة فى عرض الامانة ان يكون الخليقة فى امرها على ثلاث طبقات . طبقة منها تكون الملائكة وغيرهم ممن لم يحملها فلا يكون لهم فى ذلك ثواب ولا عقاب . وطبقة منها من يحملها ولم يؤد حقها وقد خان فيها وهم المنافقون والمنافقات والمشركون والمشركات الذين حملوها بالظلومية على انفسهم وضيعوها بجهولية قدرها فما رعوها حق رعايتها فحاصل امرهم العذاب المؤبد . وطبقة منها من يحملها ويؤدى حقها ولم يخن فيها ولكن لثقل الحمل وضعف الانسانية يتلعثم فى بعض الاوقات فيرجع الى الحضرة بالتضرع والابتهال معترفا بالذنوب وهم المؤمنون والمؤمنات فيتوب الله عليهم لقوله { ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات } والحكمة فى ذلك ليكون كل طبقة من الطبقات الثلاث مرآة يظهر فيها جمال صفة من صفاته . فالطبقة الاولى اذا لم يحملوا الامانة وتركوا نفعها لضرها فهم مرآة جمال صفة عدله . والطبقة الثانية اذ حملوها طمعا فى نفعها ولم يؤدوا حقها وقد خانوا فيها بان باعوها بعوض من الدنيا الفانية فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين فهم مرآة يظهر فيها جمال صفة قهره . والطبقة الثالثة اذ حملوها بالطوع والرغبة والشوق والمحبة وادوا حقها بقدر وسعهم ولكن كما قيل لكل جواد كبوة وقع فى بعض الاوقات قدم صدقهم عند ربهم فى حجر بلاء وابتلاء بغير اختيارهم ثم اجتباهم ربهم فتاب عليهم وهداهم بجذبات العناية الى الحضرة فهم مرآة يظهر فيها جمال فضله ولطفه وذلك قوله تعالى { وكان الله غفورا رحيما } للمؤمنين بفضله وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء انتهى
قال بعض العارفين الحكمة الالهية اقتضت ظهور المخالفة من الانسان ليظهر منه الرحمة والغفران : قال الحافظ(11/156)
سهو وخطاى بنده كرش نيست اعتبار ... معنى عفو ورحمت آمر زكار جيست
وفى الحديث القدسى « لو لم تذنبوا بكم وخلقت خلقا يذنبون ويستغفرون فاغفر لهم » وفى الحديث القدسى « لو لم تذنبوا لخشيت عليكم اشد من الذنب ألا وهو العجب » ولهذه الحكمة خلق الله آدم بيديه اى بصفاته الجلالية والجمالية فظهر من صفة الجلال قابيل والمخالفة ومن صفة الجمال هابيل والموافقة وهكذا يظهر الى يوم قيام الساعة وليس الحديثان المذكور ان واردين على سبيل الحث على الذنب فان قضية البعثة اصلاح العالم وهو لا يوجد الا بترك الكفر والشرك والمعاصى ولكن على سبيل الحق على التوبة والاستغفار
ابراهيم ادهم قدس سره [ كفت فرصت مى جستم تاكعبه را خالى يابم ازطواف وحاجتى خواهم هيج فرصتى نيافتم تاشبى باران عظيم بود كعبه خالى ماند طواف كردم ودست در حلقه زدم وعصمت خواستم ندا آمد كه جيزى مى خواهى كه كسى را نداده ام اكر من عصمت دهم آنكاه درياى غفارى وغفورى ورحمانى ورحيمئ من كجا شود بس كفتم « اللهم اغفر لى ذنوبى » آوازى شنودم كه از همة جهان باما سخن كوى واز خود مكوى كه سخن تو ديكران كويند ودر مناجات كفت يا رب العزة مرا ازذل معصيت باعز طاعت آور وديكر كفت الهى آه « من عرفك لم يعرفك فكيف حال من لم يعرفك » آه آنكه ترا مى داند ترا نمى داند بس جكونه باشد حال كسى كه ترانميداند ابراهيم كفت بانزده سال مشقت كشيدم تاندايى شنودم كه ] كن عبدا فاسترح يعنى ليست الراحة الا فى العبودية للمولى والاعراض عن الهوى من الادنى والاعلى فلا راحة لعبد الدنيا وما دون المولى لا فى الاولى ولا فى العقبى فاذا وقع تقصير او سهو او نسيان فالله تعالى يحكم اسميه الغفور الرحيم بمحوه ويعرض عنه ولا يثبته فى صحيفة ولا يناقش عليه ولا يعذب به بل من العصاة من يبدل الله سيآتهم حسنات هذا
قال ابىّ بن كعب رحمه الله كانت سورة الاحزاب تقارب سورة البقرة او اطول منها وكان فيها آية الرجم وهى « اذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله العزيز الحكيم » ثم رفع اكثرها من الصدور ونسخ وبقى ما بقى وفى الحديث « من قرأ سورة الاحزاب وعلمها اهله وما ملكت يمينه اعطى الامان من عذاب القبر » اللهم اختم لنا بالخير واعصمنا من كل سوء وضير وآمنا من البلايا وفتنة القبر ومحاسبة الحشر(11/157)
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1)
{ الحمد لله } الالف واللام لاستغراق الجنس واللام للتمليك والاختصاص اى جميع افراد المدح والثناء والشكر من كل حامد ملك لله تعالى ومخصوص به لا شركى لاحد فيه لانه الخالق والمالك كما قال { الذى له } خاصة خلقا وملكا وتصرفا بالايجاد والاعدام والاحياء والاماتة { ما فى السموات وما فى الارض } اى جميع الموجودات فاليه يرجع الحمد لا الى غيره وكل مخلوق اجرى عليه اسم المالك فهو مملوك له تعالى فى الحقيقة وان الزنجى لا يتغير عن لونه لان سمى كافورا والمراد على نعمه الدنيوية فان السموات والارض وما فيها خلقت لانتفاعنا فكلها نعمة لنا دينا ودنيا فاكتفى بذكر كون المحمود عليه فى الدنيا عن ذكر كون الحمد ايضا فيها وقد صرح فى موضع آخر كما قال { له الحمد فى الاولى والآخرة } وهذا القول اى الحمد لله الخ وان كان حمدا لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه { وله الحمد فى الآخرة } بيان لاختصاص الحمد الاخروى به تعالى اثر بيان اختصاص الدنيوى به على ان الجار متعلق اما بنفس الحمد او بما تعلق به الخبر من الاستقرار واطلاقه عن ذكر ما يشعر بالمحمود عليه ليعم النعم الاخروية كما فى قوله { الحمد لله الذى صدقنا وعده واورثنا الارض نتبوأ من الجنة حيث نشاء } وقوله { الذى احلنا دار المقامة من فضله } الآية وما يكون ذريعة الى نيلها من النعم الدنيوية كما فى قوله { الحمد لله الذى هدانا لهذا } اى لما جزاؤه هذه الايمان والعمل الصالح
يقال يحمده اهل الجنة فى ستة مواضع
احدها حين نودى { وامتاز اليوم ايها المجرمون } فاذا يميز المؤمنون من الكافرين يقولون { الحمد لله الذى نجانا من القوم الظالمين } كما قال نوح عليه السلام حين انجاه الله من قومه
والثانى حين جاوزوا الصراط قالوا { الحمد لله الذى اذهب عنا الحزن } والثالث لما دنوا الى باب الجنة واغتسلوا بماء الحياة ونظروا الى الجنة قالوا { الحمد لله الذى هدانا لهذا }
الرابع لما دخلوا الجنة واستقبلهم الملائكة بالتحية قالوا { الحمد لله الذى احلنا دار المقامة } والخامس حين استقروا فى منازلهم قالوا { الحمد لله الذى صدقنا وعده واورثنا الارض } والسادس كلما فرغوا من الطعام قالوا { الحمد لله رب العالمين } والفرق بين الحمدين مع كون نعمتى الدنيا والآخرة بطريق التفضل ان الاول على نهج العبادة والثانى على وجه التلذذ كما يتلذذ العطشان بالماء البارد لا على وجه الفرض والوجوب وقد ورد فى الخبر ( انهم يلهمون التسبيح مكا يلهمون النفس ) [ وكفته اند مجموع اهل آخرت مرورا حمد كويند دوستان اورا بفضل ستايند ودشنمان بعدل ]
يقول الفقير فيه نظر لان الآخرة المطلقة كالعاقبة الجنة مع ان المقام ان يكون ذلك من ألسنة اهل الفضل اذ لا اعتبار بحال اهل العدل كما لا يخفى { وهو الحكيم } الذى احكم امور الدين والدنيا ودبرهما حسبما تقضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة { الخبير } بليغ الخبرة والعلم ببواطن الاشياء ومكنوناتها ثم بين كونه خبيرا(11/158)
يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)
فقال { يعلم ما يلج فى الارض } الولوج الدخول فى مضيق اى يعلم ما يدخل فيها من البزور والغيث ينفذ فى موضع وينبع من آخر والكنوز والدفائن والاموات والحشرات والهوام ونحوها وايضا يعلم ما يدخل فى ارض البشرية بواسطة الحواس الخمس والاغذية الصالحة والفاسدة من الحلال والحرام { وما يخرج منها } كالحيوان من جحره والزرع والنبات وماء العيون والمعادن والاموات عند الحشر ونحوها وايضا ما يخرج من ارض البشرية من الصفات المتوالدة منها والاعمال الحسنة والقبيحة { وما ينزل من السماء } كالملائكة والكتب والمقادير والارزاق والبركات والامطار والثلوج والبرد والانداء والشهب والصواعق ونحوها ايضا ما ينزل من سماء القلب من الفيوض الروحانية والالهامات الربانية { وما يعرج } يصعد { فيها } كالملائكة والارواح الطاهرة والابخرة والادخنة والدعوات واعمال العباد
ولم يقل « اليها » لان قوله تعالى { اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } يشير الى ان الله تعالى هو المنتهى لا السماء ففى ذكر « فى » اعلام بنفوذ الاعمال فيها وصعودها منها . وايضا وما يعرج فى سماء القلب من آثار الفجور والتقوى وظلمة الضلالة ونور الهدى
وقال بعضهم [ آنجه بالاميرود نالة تابئانست وآه مفلسان كه جون سحر كاه ازخلو تخانة سينة ايشان روى بدركاه رحمت بناه آرد فى الحال رقم قبول بروى افتدكه ( انين المذنبين احب الىّ من زجل المسبحين ) غلغل تسببح شيخ ارجند مقبولست ليك آه درد آلود رندانرا قبول ديكرست بداود كفت بارخدا ذلت جكونه مبارك باشد كفت اى داود ييش ازان ذلت هرباركه بدركاه ما آمدى ملك وار مى آمدى باكر شمه وناز طاعت واكنون مى آيى بنده وار مى آيى باسوز ونياز مفلسى ] { وهو الرحيم } للحامدين ولمن تولاه { الغفور } للمقصرين ولذنوب اهل ولايته فاذا كان الله متصفا بالخلق والملك والتصرف والحكمة والعلم والرحمة والمغفرة ونحوها من الصفات الجليلة فله الحمد المطلق والحمد هو الثناء على الجميل الاختيارى من جهة التعظيم من نعمة وغيرها كالعلم والكرم واما قولهم الحمد لله على دين الاسلام فمعناه على تعليم الدين وتوفيقه والحمد القولى هو حمد اللسان وثناؤه على الحق بما اثنى به بنفسه على لسان انبيائه والحمد الفعلى هو الاتيان بالاعمال البدنية ابتغاء لوجه الله والحمد الحالى هو الاتصاف بالمعارف والاخلاق الالهية والحمد عند المحنة الرضى عن الله فيما حكم به وعند النعم الشكر فيقال فى الضراء الحمد لله على كل حال نظرا الى النعمة الباطنة دون الشكر لله خوفا من زيادة المحنة لان الله تعالى قال { لئن شكرتم لازيدنكم } والحمد على النعمة كالروح للجسد فلا بد من احيائها وابلغ الكلمات فى تعظيم صنع الله وقضاء شكر نعمته الحمد لله ولذا جعلت زينة لكل خطبة وابتداء لكل مدحة وفاتحة لكل ثناء وفضيلة لكل سورة ابتدئت بها على غيرها(11/159)
وفى الحديث « كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو اجذم » اى اقطع فله الحمد قبل كل كلام بصفات الجلال والاكرام
حمد اوتاج تارك سخنست صدر هرنامة نووكهنست
قال فى فتوح الحرمين
احسن ما اهتم به ذو الههم ... ذكر جميل لولى النعم
جون نعم اوست برون ازخيال ... كيف يؤديه لسان المقال
نعمت او ييشتر از شكر ماست ... شكرهم ازنعمتهاى خداست
وعن رفاعة بن رافع رضى الله عنه قال كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه صلى الله عليه وسلم من الركوع قال « سمع الله لمن حمده » فقال رجل وراءه ربنا لك الحمد رأسه كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال ( من المتكلم آنفا ) قال الرجل انا قال ( لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها اولا ) وانما ابتدرها هذا العدد لان ذلك عدد حروف هذه الكلمات فلكل حرف روح هو المثبت له والمبقى لصورة ما وقع النطق به فبالارواح تبقى الصور وبنيات العمال وتوجهات نفوسهم ترتفع حيث منتهى همة العامل وللملائكة مراتب منها مخلوق من الانوار القدسية والارواح الكلية ومنها من الاعمال الصالحة والاذكار الخالصة بعضها على عدد بعض كلمات الاذكار وبعضها على عدد حروف الاذكار وبعضها على عدد الحروف المررة وبعضها على عدد اركان الاعمال على قدر استعداد الذاكرين وقوتهم الروحية وهمتهم العلية . وفى الحديث المذكور دليل على ان من الاعمال ما يكتبه غيرا لفظة مع الحفظة ويختصم الملأ الاعلى فى الاعمال الصالحة ويستبقون الى كتابه اعمال بنى آدم على قدر مراتبهم وتفصيل سر الحديث فى شرح الاربعين لحضرة الشيخ الاجل صدر الدين القنوى قدس سره(11/160)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3)
{ وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة } [ نمى آيد بما قيامت ] وعبر عن القيامة بالساعة تشبيها لها بالساهة التى هى جزء من اجزاء الزمان لسرعة حسابها
قال فى الارشاد ارادوا بضمير المتكلم جنس البشر قاطبة لا انفسهم او معاصرهم فقط كما ارادوا بنفى اتيانها نفى وجودها بالكلية لاعدم حضورها مع تحققها فى نفس الامر وانما عبروا عنه بذلك لانهم كانوا يوعدون باتيانها ولان وجود الامور الزمانية المستقبلة لا سيما اجزاء الزمان لا تكون الا بالاتيان والحضور
وفى كشف الاسرار [ منكران بعث دو كروه اند كروهى كفند { ان نظن الا ظنا وما نحن بمستيقنين } يعنى مادر كما نيم برستا خيز يقين نميدانيم كه خواهد بود ورب العالمين ميكويد ايمان بنده وقتى درست شود كه برستاخيز وآخرت بيكمان باشد : وذلك قوله { وبالآخرة هم يوقنون } كروهى ديكر كفتند { لا تأتينا الساعة } رستاخيز بما نيايد ونخواهد بود ] { قل بلى } رد لكلامهم واثبات لما نفوه من اتيان الساعة على معنى ليس الامر الا اتيانها [ درلباب كفته كه ابو سفيان بلات وعزى سوكند خوردكه بعث ونشور نيست حق تعالى فرمود كه اى حبيب من تو هم سوكند خوركه ] { وربى } الواو للقسم : يعنى [ بحق آفريدكار من بزودى ] { لتأتينكم } الساعة البتة : يعنى [ بيايد بشما قيامت ] وهو تأكيد لما قبله { عالم الغيب } نعت لربى او بدل منه وهو تشديد للتأكيد يريد ان الساعة من الغيوب والله عالم بكلها والغيب ما غاب عن الخلق على ما قال بعضهم العلقة غيب فى النطفة والمضغة غيب فى العلقة والانسان غيب فى هذا كله والماء غيب فى الهواء والنبات غيب فى الماء والحيوان غيب فى النبات والانسان غيب فى هذا كله والله تعالى قد اظهره من هذه الغيوب وسيظهره بعد ما كان غيبا فى التراب وفائدة الامر باليمين ان لا يبقى للمعاندين عذر اصلا لما انهم كانوا يعرفون امانته ونزاهته عن وصمة الكذب فضلا عن اليمين الفاجرة وانما لم يصدقوه مكابرة وهذا الكفر والتكذيب طبيعة النفوس الكاذبة المكذبة فمن وكله الله بالخذلان الى طبيعة نفسه لا يصدر منه الا الانكار ومن نظره الله الى قلبه بنظر العناية فلا يظهر منه عند سماع قوله { قل بلى وربى لتأتينكم عالم الغيب } الا الاقرار والنطق بالحق { لا يعزب عنه } [ العزوب : درشدن ] والعازب المتباعد فى طلب الكلأ وعن اهله اى لا يبعد عن علمه ولا يغيب { مثقال ذرة } المثقال ما يوزن به وهو من الثقل وذلك اسم لكل سنج كما فى المفردات . والذرة النملة الصغيرة الحميراء وما يرى فى شعاع الشمس من ذرات الهواى اى وزن اصغر نملة او مقدار الهباء { فى السموات ولا فى الارض } اى كائنة فيهما
وفيه اشارة الى علمه بالارواح والاجسام { ولا اصغر من ذلك } المثقال { ولا اكبر } منه ورفعهما على الابتداء فلا وقف عند اكبر والخبر قوله تعالى { الا } مسطور ومثبت { فى كتاب مبين } هو اللوح المحفوظ المظهر لكل شئ وانما كتب جريا على عادة المخاطبين لا مخافة نسيان وليعلم انه لم يقع خلل وان اتى عليه الدهر والجملة مؤكدة لنفى العزوب(11/161)
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)
{ ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات } علة لقوله { لتأنيكم } وبيان لما يقتضى اتيانها فاللام للعلة عقلا وللمصلحة والحكمة شرعا { اولئك } الموصوفون بالايمان والعمل { لهم } بسبب ذلك { مغفرة } ستر ومحو لما صدر عنهم مما لا يخلو عنه البشر { ورزق كريم } لا تعب فيه ولا منّ عليه(11/162)
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5)
{ والذين سعوا } [ بشتافتند ] { فى آياتنا } القرآنية بالرد والطعن فيها ومنع الناس عن تصديق بها { معاجزين } اى مسابقين كى يفوتونا
قال فى البحر ظانين فى زعمهم وتقديرهم انهم يفوتوننا وان كيدهم للاسلام يتم لهم
وفى المفردات السفى المشى السريع وهو دون العدو ويستعمل للجد فى الامر خيرا كان او شرا واعجزت فلانا وعاجزته اى ظانين ومقدرين انهم يعجزوننا لانهم حسبوا ان لا بعث ولا نشور فيكون لهم ثواب وعقاب وهذا فى معنى كقوله تعالى { ام حسب الذين يعملون السيآت ان يسبقونا } وقال فى موضع اخر اى اجتهدوا فى ان يظهروا لنا عجزا فيما انزلناه من الآيات : وبالفارسية [ وميكوشند درانكه مارا عاجز آرند وييش شوند ] { اولئك } الساعون { لهم } بسبب ذلك { عذاب من رجز } من للبيان والرجز سوء العذاب اى من جنس سوء العذاب { اليم } بالرفع صفة عذاب اى شديد الا يلام ويجيئ الرجز بمعنى القذر والشرك والاوثان كما فى قوله { والرجز فاهجر } سماها رجزا لانها تؤدى الى العذاب وكذا سمى كيد الشيطان رجزا فى قوله تعالى { ويذهب عنكم رجز الشيطان } لانه سبب العذاب
وفى المفردات اصل الرجز الاضطراب وهو فى الآية كالزلزلة(11/163)
وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)
{ ويرى الذين اوتوا العلم } مستأنف مسوق للاستشهاد باولى العلم على الجهلة الساعين فى الآيات اى يعلم اولوا العلم من اصحاب رسول الله ومن شايعهم من علماء الامة او من آمن من علماء اهل الكتاب كعبد الله بن سلام وكعب الاحبار ونحوهما والاول اظهر لان السورة مكية كما فى التكملة { الذى انزل اليك من ربك } اى النبوة والقرآن والحكمة والجملة مفعول اول لقوله يرى { هو } ضمير فصل يفيد التوكيد كقوله تعالى { هو خيرا لهم } { الحق } بالنصب على انه مفعول ثان ليرى { ويهدى } عطف على الحق عطف الفعل على الاسم لانه فى تأويله كما فى قوله تعالى { صافات } اى وقابضات كأنه قيل ويرى الذين اوتوا العلم الذى انزل اليك الحق وهاديا { الى صراط العزيز الحميد } الذى هو التوحيد والتوشيح بلباس التقوى وهذا يفيد رهبة لان العزيز يكون ذا انتقام من المكذب ورغبة لان الحميد يشكر على المصدق
وفيه ان دين الاسلام وتوحيد الملك العلام هو الذى يتوصل به الى المذمة والمذلة فى الدنيا والآخرة والى البعد والطرد والحجاب عما تعاينه القلوب الحاضرة والوجوه الناظرة
قال بعض الكبار يشير بالآية الى الفلاسفة الذين يقولون ان محمدا صلى الله عليه وسلم كان حكيما من حكماء العرب وبالحكمة اخرج هذا الناموس الاكبر يعنون النبوة والشريعة ويزعمون ان القرآن كلامه انشأه من تلقاء نفسه يسعون فى هذا المعنى مجاهدين جهدا تاما فى ابطال الحق واثبات الباطل فلهم اسوأ الطرد والابعاد لان القدح فى النبوة ليس كالقدح فى سائر الامور . واما الذين اوتوا العلم من عند الله موهبة منه لا من عند الناس بالتكرار والبحث فيعلمون ان النبوة والقرآن والحكمة هو الحق من ربهم وانما يرون هذه الحقيقة لانهم ينظرون بنور العلم الذى اوتوه من الحق بالحق كان الحق هاديا لاهل لاحق وطالبيه الى طريق الحق وذلك قوله { ويهدى الى صراط العزيز الحميد } فهو العزيز لانه لا يوجد الا به وبهدايته والحميد لانه لا يرد الطالب بغير وجدان كما قال ( ألا من طلبنى وجدنى )
قال موسى عليه السلام اين اجدك يا رب قال يا موسى اذا قصدت الىّ فقد وصلت الىّ : قال المولى الجامى
هرجه جزحق زلوح دل بتراش ... بكذر از خلق جمله حق را باش
رخت همت بخطة جان كش ... روى دل غير خط نسيان كش
بكسلى خويش از هوا وهوس ... روى دل در خداى دارى بس(11/164)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7)
{ وقال الذين كفروا } منكرى البعث وهم كفار قريش قالوا بطريق الاستهزاء مخاطبا بعضهم لبعض { هل ندلكم } [ يا دلالت كنيم ونشان دهيم شمارا ] { على رجل } يعنون به النبى صلى الله عليه وسلم وانما قصدوا بالتنكير الهزؤ والسخرية { ينبئكم } اى يحدثكم ويخبركم باعجب الاعاجيب ويقول لكم { اذا مزقتم كل ممزق } الممزق مصدر بمعنى التمزيق وهو بالفارسية [ يرا كنده كردن ] واصل التمزيق يقال مزق ثيابه اى فرقها والمعنى اذا متم وفرقت اجسادكم كل تفريق بحيث صرتم رفاتا وترابا { انكم لفى خلق جديد } اى مستقرون فيه : وبالفارسية [ در آفرينش تو خواهيد بود يعنى زنده خواهيد كشت ] وجديد فعيل بمعنى فاعل عند البصريين من جدّ فهو جديد كقل فهو قليل وبمعنى المفعول عند الكوفيين من جدّ النساج الثوب اذا قطعه
قال فى المفردات يقال جددت الثوب اذا قطعته على وجه الاصلاح وثوب جديد اصله المقطوع ثم جعل لكل ما احدث انشاؤه والخلق الجديد اشارة الى النشأة الثانية والجديدان الليل والنهار والعامل فى اذا محذوف دل عليه ما بعده اى تنشأون خلقا جديدا ولا يعمل فيها مزقتم لا ضافتها اليه ولا ينبئكم لان التنبئة لم تقع وقت التمزيق بل تقدمت ولا جديد لان ما بعد انّ لا يعمل فيما قبلها(11/165)
أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8)
{ افترى على الله كذبا } فيما قاله وهذا ايضا من كلام الكفار واصل افترى أافترى بهمزة الاستفهام المفتوحة الداخلة على همزة الوصل المكسورة للانكار والتعجب فحذفت همزة الوصل تخفيفا مع عدم اللبس
والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه ومعنى الافتراء بالفارسية [ دروغ بافتن ] اى اختلق محمد على الله كذبا { ام به جنة } [ يا بدو جنونى هست ] اى جنون يوهمه ذلك ويلقيه على لسانه من غير قصد والجنون حائل بين النفس والعقل وهذا حصر للخبر الكاذب بزعمهم فى نوعيه وهما الكذب على عمد وهو المعنىّ بالافتراء بالجنة لان المجنون لا افتراء له لان الكذب عن عند ولا عمد للمجنون فالاخبار حال الجنة قسيم للافتراء الاخص لا الكذب الاعمم ثم اجاب الله عن ترديدهم فقال { بل الذين لا يؤمنون بالآخرة } اى ليس محمد من الافتراء والجنون فى شئ كما زعموا وهو مبرأ منهما بل هؤلاء القائلون الكافرون بالحشر والنشر واقعون { فى العذاب } فى الآخرة { والضلال البعيد } فى الدنيا اى البعيد عن الصواب والهدى بحيث لا يرجى الخلاص منه ووصف الضلال بالبعد على الاسناد المجازى للمبالغة اذ هو فى الاصل وصف الضال لانه الذى يتباعد عن المنهاج المستقيم وكلما ازداد بعدا عنه كان اضل وتقديم العذاب على ما يوجبه ويؤدى اليه وهو الضلال للمسارعة الى بيان ما يسوؤهم وجعل العذاب والضلال محيطين بهم احاطة الظرف بالمظروف لان اسباب العذاب معهم فكأنهم فى وسطه ووضع الموصول موضع ضميرهم للتنبيه على ان علة ما اجترأوا عليه كفرهم بالآخرة وما فيها فنون العقاب ولولاه لما فعلوا ذلك خوفا من غائلته
وحاصل الآية اثبات الجنون الحقيقى لهم فان الغفلة عن الوقوع فى العذاب وعن الضلال الموجب لذلك جنون اى جنون واختلال عقل أى اختلال اذ لو كان فهمهم ودراكهم تاما وكاملا لفهموا حقيقة الحال ولما اجترأوا على سوء المقال
قال بعض الكبار كما ان الطفل الصغير يسبى الى بعض البلاد فينسى وطنه الاصلى بحيث لو ذكر به لم يتذكر كذلك نفس الانسان القاسى قلبه ان ذكر بالآخرة وهو وطنه الاصلى لم يتذكر ويكفر به ويقول مستهزئا ما يقول ولا يتفكر ان اجزاءه كانت متفرقة حين كان هو ذرة اخرجت من صلب آدم كيف جمع الله ذرات شخصه المتفرقة وجعلها خلقا جديدا كذلك يجمع الله اجزاءه المفترقة للعبث
بامرش وجود از عدم نقش بست ... كه داند جزاو كردن ازنيست هست
دكر ره بكتم عدم در برد ... وزانجا بصحراى محشر برد
دهد روح كر تربت آدمى ... شود تربت آدم دران يكدمى
كسى كو بخواهد نظير نشور ... بكو در نكر سبزه را در ظهور
كه بعد خزان بشكفد جند كل ... بجوشد زمين در بهاران جومل(11/166)
أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9)
{ أفلم يروا الى ما بين ايديهم وما خلفهم من السماء والارض } الفاء للعطف على مقدر اى افعلوا ما فعلوا من المنكر المستتبع للعقوبة فلم ينظروا الى ما احاط بهم من جميع جوانبهم بحيث لا مفرّ له وهو السماء والارض فانهما امامهم وخلفهم وعن يمينهم وشمالهم حيثما كانوا وساروا : وبالفارسية [ آيا نمى نكرند كافران بسوى آنجه در ييش ايشانست از آسمان وزمين ]
ثم بين المحذور المتوقع من جهتهما فقال { ان نشأ } جريا على موجب جناياتهم { نخسف بهم الارض } كما خسفناها بقارون وخسف به الارض غاب به فيها فالباء للتعدية : وبالفارسية [ فرو بريم ايشانرا بزمين ] { او نسقط عليهم كسفا من السماء } كما استقطنا على اصحاب الايكة لاستجابهم ذلك بما ارتكبوه من الجرائم والكسف كقطع لفظا ومعنى جمع كسفة
قال فى المفردات ومعنى الكسفة قطعة من السحاب والقطن ونحو ذلك من الاجسام المتخلخلة ومعنى اسقاط الكسف من السماء اسقاط قطع من النار كما وقع لاصحاب الايكة وهم قوم شعيب كانوا اصحاب غياض ورياض واشجار ملتفة حيث ارسل الله عليهم حرا شديدا فرأوا سحابة فجأوا ليستظلوا تحتها فامطرت عليهم النار فاحترقوا { ان فى ذلك } اى فيما ذكر من السماء والارض من حيث احاطتهما بالناظر من جميع الجوانب او فيما تلى من الوحى الناطق بما ذكر { لآية } لدلالة واضحة { لكل عبد منيب } شأنه الانابة والرجوع الى ربه فانه اذا تأمل فهيما او فى الوحى المذكور ينزجر عن تعاطى القبيح وينيب اليه تعالى
قال فى المفردات النوب رجوع الشئ مرة بعد اخرى والانابة الى الله الرجوع اليه بالتوبة واخلاص العمل
وفى الآية حث بليغ على التوبة والانابة وزجر عن الجرم والجناية وان العبد الخائف لا يأمن من قهر الله طرفة عين فان الله قادر على كل شئ يوصل اللطف والقهر من كل ذرة من ذرات العالم
قال ابراهيم بن ادهم قدس سره اذا صدق العبد فى توبته صار منيبا لان الانابة ثانى درجة التوبة
وقال ابو سعيد القرشى المنيب الراجع عن كل شئ يشغله عن الله الى الله
وقال بعضهم الانابة الرجوع منه اليه لا من شئ غيره فمن رجع من غيره اليه ضيع احد طرفى الانابة والمنيب على الحقيقة من لم يكن له مرجع سواه ويرجع اليه من رجوعه ثم يرجع من رجوع فيبقى شبحا لا وصف له قائما بين يدى الحق مستغرقا فى عين الجمع
سرى سقطى قدس سره [ كويد معروف كرخى را روح الله روحه بخواب ديدم در زير عرش خداى واله ومدهوش وازحق ندايى رسيد بملائكه اين مرد كيست كفتند خداوندا تودانا ترى كفت معروف ازدوشتئ ام ازدوشتى ما واله كشته است جزبديدار ما بهوش نيايد وجز بلقاى ما ازخود خبر نيابد ] فهذه هى حقيقة الرجوع(11/167)
ومن هذا القبيل ما حكى عن ابراهيم بن ادهم قدس سره انه حج الى بيت الله الحرام فبينما هو فى الطواف اذ بشاب حسن الوجه قد اعجب الناس حسنه وجماله فصار ابراهيم ينظر اليه ويبكى فقال بعض اصحابه انا لله وانا اليه راجعون غفلة دخلت على الشيخ بلا شك ثم قال يا سيدى ما هذا النظر الذى يخالطه البكاء فقال ابراهيم يا اخى انى عقدت مع الله عقدا لا اقدر على فسخه والا كنت ادنى هذا الفتى منى واسلم عليه لانه ولدى وقرة عينى تركته صغيرا وخرجت فارّا الى الله تعالى وها هو قد كبر كما ترى وانى لاستحيى من الله ان اعود الى شئ خرجت منه
هجرت الخلق كلا فى هواكا ... وايتمت العيال لكى اراكا
فلو قطعتنى فى الحب اربا ... لما سكن الفؤاد الى سواكا
قال بعضهم هجر النفس مواصلة الحق ومواصلة النفس هجر الحق ومن الله الايصال الى مقام الوصال(11/168)
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)
{ ولقد آتينا داود منا فضلا } اعطى الله تعالى داود اسما ليس فيه حروف الاتصال فدل على انه قطعه عن العالم بالكلية وشرفه بالطافه الخفية والجلية فان بين الاسم والمسمى مناسبة لا يفهمها الا اهل الحقيقة وقد صح ان الالقاب والاسماء تنزل من صوب السماء والفضل الزيادة والتنوين للنوع اى نوعا من الفضل على سائر الانبياء مطلقا سواء كانوا انبياء بنى اسرائيل او غيرهم كما دل عليه قوله تعالى { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض } والفاضل من وجه لا ينافى كونه مفضولا من وجه آخر وهذا الفضل هو ما ذكر بعد من تأويب الجبال وتسخير الطير والانة الحديد فانه معجزة خاصة به وهذا لا يقتضى انحصار فضله فيها فانه تعالى اعطاه الزبور كما قال فى مقام الامتنان والتفضل { وآتينا داود زبورا }
قال فى التأويلات النجمية والفرق بين داود وبين نبيا صلى الله عليه وسلم { وكان فضل الله عليك عظيما } والفضل الموصوف بالعظمة يدل على كمال الفضل وكذا قوله فضل الله لما اضاف الفضل الى الله اشتمل على جميع الفضل كما لو قال احد دار فلان اشتملت على جميع الدور انتهى بنوع من التغيير . ويجوز ان يكون التنكير للتفخيم ومنا لتأكيد فخامته الذاتية لفخامتنه الاضافية على ان يكون المفضل عليه غير الانبياء فالمعنى اذا ولقد آتينا داود بلا واسطة فضلا عظيما على سائر الناس كالنبوة والعلم والقوة والملك والصوت الحسن وغير ذلك { يا جبال اوبى معه } بدل من آتينا باضمار قلنا او من فضلا باضمار قولنا
والتأويب على معنيين . احدهما الترجيع وهو بالفارسية [ نعمة كردانيدن ] لانه من الاوب وهو الرجوع . والثانى السير بالنهار كله فالمعنى على الاول رجعى معه التسبيح وسبحى مرة بعد مرة
قال فى كشف الاسرار اوبى سبحى معه اذا سبح وهو بلسان الحبشة انتهى : وبالفارسية [ باز كردانيدن آواز خودرا باداود دروقت تسبيح او يعنى موافقت كنيد باوى ] وذلك بان يخلق الله تعالى فيها صوتا مثل صوته كما خلق الكلام فى شجرة موسى عليه السلام فكان كلما سبح سمع من الجبال ما يسمع من المسبح ويعقل معنى معجزة له قالوا فمن ذلك الوقت يسمع الصدى من الجبال وهو ما يرده الجبل على المصوت فيه
فان قلت قد صح عند اهل الحقيقة ان للاشياء جميعا تسبيحا بلسان فصيح ولفظ صريح يسمعه الكمل من اهل الشهود فما معنى الفضل فيه لداود
قلت الفضل موافقة الجبال له بطريق خرق العادة كما دل عليه كلمة مع
فان قلت قد ثبت ايضا عندهم ان اذكار العوالم متنوعة فمتى سمع السالك من الاشياء الذكر الذى هو مشغول به فكشفه خيالى غير صحيح يعنى انه خيال اقيم له فى الموجودات وليس له حقيقة وانما الكشف الصحيح الحقيقى هو ان يسمع من كل شئ ذكرا غير ذكر الآخر
قلت لا يلزم من موافقة الجبال لداود ان لا يكون لها تسبيح آخر فى نفسها مسموع لداود كما هى فيه والمعنى على الثانى سيرى معه حيث سار : يعنى [ سر كنيد با او هرجا كه رود وهركاه كه رود وهركاه كه خواهد واين معجزة داود بودكه با او روان شدى ] ولعل تخصيص الجبال بالتسبيح او السير لانها على صور الرجال كما دل عليه ثباتها { والطير } بالنصب عطفا على فضلا يعنى وسخرنا له الطير لان ايتاءها عليه السلام لتسخيرها له فلا حاجة الى اضماره ولا الى تقدير المضاف اى تسبيح الطير كما فى الارشاد : وبالفارسية [ ومسخر كرديم ويرا مرغان تادر وقت ذكرا با او موافق بودندى ] نزل الجبال والطير منزلة العقلاء حيث نوديت نداءهم اذ ما من حيوان وجماد الا وهو منقاد لمشيئته ومطيع لامره فانظر اذ من طبع الصخور الجمود ومن طبع الطيور النفور ومع هذا قد وافقته عليه السلام فاشد منها القاسية قلوبهم الذين لا يواقون ذكرا ولا يطاوعون تسبيحا وينفرون من مجالس اهل الحق نفور الوحوش بل يهجمون عليها باقدام الانكار كأنهم الاعداء من الجيوش
قال المولى الجامى فى شرح الفصوص وانما كان تسبيح الجبال والطير لتسبيحه لانه لما قوى توجهه عليه السلام بروحه الى معنى التسبيح والتحميد سرى ذلك الى اعضائه وقواه فانها مظاهر روحه ومنها الى الجبال والطير فانها صور اعضائه وقواه فى الخارج فلا جرم يسبحن لتسبيحه وتعود فائدة تسبيحها اليه يعنى لما كان تسبيحها ينشأ من تسبيحه لا جرم يكون ثوابه عائدا اليه لا اليها لعدم استحقاقها لذلك انتهى
والحاصل ان الذكر من اللسان يعبر الى ان يصل الى الروح ثم ينعكس النور من الروح الى جبال النفس وطير القلب ثم بالمداومة ينعكس من الروح الانسانى الى عالم الاوراح الى ان يستوعب جميع العالم ملكه وملكوته واليهما الاشارة بالجبال والطير فيذكر العالم بما فيه موافقة للذاكر ثم يعبر الذكر عن المخلوقات ويصعد الى رب العالمين كما قال { اليه يصعد الكلم الطيب } فيذكره الله تعالى فيكون ذاكرا ومذكورا متصفا بصفة الرب وبخلقه ويكون الفضل فى حقه كونه مذكورا للحق
ثم ان الله تعالى ما بعث نبيا الاحسن الوجه حسن الصوت وكان لداود عليه السلام حسن صوت جدا زائد على غيره كما انه كان ليوسف عليه السلام حسن زائد على حسن غيره [ هركاه كه داود بزبور خواندن مشغول شدى سباع ووحوش ازمنازل خود بيرون آمده استماع آواز دلنوازش كردندى وطيور ازنغمات جانفزايش مضطرب كشته خود از منزل برزمين افكندندى(11/169)
زضوت دلكشش جان تازه كشتى ... روانرا ذوق بى اندازه كشستى
سيهر جنك يشت ارغنون ساز ... ازان بر حالت نشنوده آواز(11/170)
وكفتند جون داود تسبيح كفتى كوهها بصدا ويرا مدد دادندى ومرغان برز برسروى كشيده بالحان دلاويز امداد نمودندى وهركس كه آواز وى شنيدى از لذت آن نغمه بيخود كشتى وازان وجد وسماع بودى كه دريك مجلس جهار صد جنازه بركر فتندى ]
جو كردد مطرب من نغمه برداز ... زشوقش مرغ روح آيد بيرواز
قال القرطبى حسن الصوت هبة الله تعالى وقد استحسن كثير من فقهاء الامصار القراءة بتزيين الصوت وبالترجيع ما لم يكن لحنا مفسدا مغيرا للمبنى مخرجا للنظم عن صحة المعنى لان ذلك سبب للرقة واثارة الخشية كما فى فتح القريب [ شبى داود عليه السلام باخود كفت « لاعبدّن الله تعالى عبادة لم يعبده احد بمثلها » اين بكفت وبركوه شد تاعبادت كند وتسبيح كويد درميانة شب وحشتى بوى در آمد ورب العالمين آن ساعت كوهرا فرمود تا انس دل داودرا باوى تسبيح وتهليل مساعدت كند جندان آواز تسبيح وتهليل از كوه بديد آمد كه آواز داود در جنب آن ناجيز كشت باخود كفت ] كيف يسمع صوتى مع هذه الاصوات فنزل ملك واخذ بعضد داود واوصله الى البحر فوضع قدمه عليه فانقلق حتى وصل الى الارض تحته فوضع قدمه على الصخرة فظهرت دودة وكانت تنشر فقال له الملك يا داود ان ربك يسمع نشير هذه الدودة فى هذا الموضع من وراء السبع الطباق فكيف لا يسمع صوتك من بين اصوات الصخور والجبال فتنبه داود لذلك ورجع الى مقامه
همه آوازها در ييش حق باز ... اكر ييدار اكر بوشيده آواز
كسى كوبشنود آواز ازحق ... شود در نفس خود خاموش مطلق
اللهم اسمعنا كلامك { وألنا له الحديد } اللين ضد الخشونة يستعمل فى الاجسام ثم يستعار للمعانى والانة الحديد بالفارسية [ نرم كردانيدن آهن ] اى جعلناه لينا فى نفسه كالشمع والعجين والمبلول يصرفه فى يده كيف يشاء من غير احماء بنار ولا ضرب بمطرقة او جعلناه بالنسبة الى قوته التى آتيناها اياه لينا كالشمع بالنسبة الى سائر قوة البشرية وكان داود اوتى شدة قوة فى الجسد وان لم يكن جسيما وهو احد الوجهين لقوله ذا الايد فى سورة ص(11/171)
أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11)
{ ان اعمل } اى امرناه بان عمل على ان ان مصدرية حذف منها الباء { سابغات } اى دروعا واسعة تامة طويلة
قال فى القاموس سبغ الشئ سبوغا طال الى الارض والنعمة انسغت ودرع سابغة تامة طويلة انتهى ومنه استعير اسباغ الوضوء او اسباغ النعمة كما فى المفردات وهو عليه السلام اول من اتخذها وكانت قبل ذلك صفائح حديد مضروبة قالوا كان عليه السلام حين ملك على بنى اسرائيل يخرج متنكرا فيسأل الناس ما تقولون فى داود فيثنون عليه فقيض الله له ملكا فى صورة آدمى فسأله على عادته فقال نعم الرجل لولا خصلة فيه فسأله عنها فقال لولا انه يأكل ويطعم عياله من بيت المال ولو اكل من عمل يده لتمت فضائله فعند عند سأل ربه ان يسبب له ما يستغنى به عن بيت المال فعلمه تعالى صنعة الدروع فكان يعمل كل يوم درعا ويبيعها باربعة آلاف درهم او بستة آلاف ينفق عليه وعلى عياله الفين ويتصدق بالباقى على فقراء بنى اسرائيل [ درلباب كويد جون وفات فرمود هزار ذره در خزانة او بود ] وفى الحديث « كان داود لا يأكل الا من كسب يده »
وفى الآية دليل على تعلم اهل الفضل الصنائع فان العمل بها لا ينقص بمرتبتهم بل ذلك زيادة فى فضلهم اذ يحصل لهم التواضع فى انفسهم والاستغناء عن غيرهم وفى الحديث « ان خيرا ما اكل المرء من عمل يده »
قال الشيخ سعدى قدس سره
بياموز برورده را دست رنج ... وكردست دارى جوقارون كنج
بيايان رسد كيسة سيم وزر ... نكردد تهى كيسة ييشه ور
{ وقدر فى السرد } التقدير بالفارسية [ اندازه كردن ] والسرد فى الاصل خرز ما يخشن ويغلظ كخرز الجلد ثم استعير لنظم الحديد ونسج الدروع كما فى المفردات وقيل لصانع الدروع سرا وزراد بابدال الزاء من السين وسرد كلامه وصل بعضه ببعض واتى به متتابعا وهو انما يكون مقبولا اذا لم يخل بالفهم والمعنى اقتصد فى نسجها بحيث تناسب حلقها : وبالفارسية [ واندازه نكه دار بافتن آن « يعنى حلقها مساوى » درهم افكن تا وضع آن متناسب افتد ] ولا تصرف جميع اوقاتك اليه بل مقدار ما يحصل به القوة واما الباقى فاصرفه الى العبادة وهو الانسب بما بعده
وفى التأويلات النجمية يشير الى الانة قلبه والسابغات الحكم البالغة التى ظهرت ينابيعها من قلبه على لسانه { وقدر فى السرد } الحديث بان تتكلم بالحكمة على قدر عقول الناس
نكته كفتن ييش كثر فهمان زحكمت بيكمان ... جوهرى جند ازجواهر ريختن ييش خرست
{ واعملوا } خطاب لداود واهله لعموم التكليف { صالحا } عملا صالحا من الاغراض { انى بما تعملون بصير } لا اضيع عمل عامل منكم فاجازيكم عليه وهو تعليل للامر او لوجوب الامتثال به
وفى التأويلات النجمية اشارة بقوله { واعملوا صالحا } الى جميع اعضائه الظاهرة والباطنة ان تعمل فى العبودية كل واحدة منها عملا يصلح لها ولذلك خلقت انى بعمل كل واحدة منكن بصير بالبصارة خلقتكن انتهى .(11/172)
والبصير هو المدرك لكل موجود برؤيته ومن عرف انه البصير راقبه فى الحركات والسكنات حتى لا يراه حيث نهاه او يفقده حيث امره
وخاصة هذا الاسم وجود التوفيق فمن قرأه قبل صلاة الجمعة مائة مرة فتح الله بصيرته ووفقه لصالح القول والعمل وان كان الانسان لا يخلو عن الخطأ
يقال كان داود عليه السلام يقول اللهم لا يغفر للخطائين غيره منه وصلابة فى الدين فلما وقع له ما وقع من الزلة كان يقول اللهم اغفر للمذنبين
ويقال لما تاب الله عليه اجتمع الانس والجن والطير بمجلسه فلما رفع صوته وادار لسانه فى حنكه على حسب ما كان من عادته تفرقت الطيور وقالت الصوت صوت داود والحال ليست تلك الحال فلكى داود عليه السلام وقال ما هذا يا رب فاوحى الله اليه يا داود هذا من وحشة الزلة وكانت تلك من انس الطاعة
قدم نتوان نهاد آنجا كه خواهى ... بفرمان رو بفرمان كن نكاهى
كه هر كاو نه بامر حق قدم زد ... جوشمع ازسر برآمد تيز دم زد(11/173)
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12)
{ ولسليمان الريح } اى وسخرنا له الريح وهى الصبا { غذوها } اى جريها وسيرها بالغداة اى من لدن طلوع الشمس الى زوالها وهو وقت انتصاف النهار : وبالفارسية [ بامداد بردن باد اورا ] { شهر } مسيرة شهر اى مسير دواب الناس فى شهر
قال الراغب الشهر مدة معروفة مشهورة باهلال الهلال او اعتبار جزء من اثنى عشر جزأ من دوران الشمس من نقطة الى تلك النقطة . والمشاهرة المعاملة بالشهر كما ان المسانهى والمياومة المعاملة بالسنة واليوم { ورواحها } اى جريها وسيرها بالعشى اى من انتصاف النهار الى الليل : وبالفارسية [ ورفتن او شبانكاه ] { شهر } مسيرة شهر ومسافته يعنى كانت تسير فى يوم واحد مسيرة شهرين للراكب . والجملة اما مستأنفة او حال من الريح
وعن الحسن كان يغدو بدمشق مع جنوده على البساط فيقيل باصطخر وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع واصطخر بوزن فردوس بلدة من بلاد فارس بناها لسليمان صخر الجنى المراد بقوله { وقال عفريت من الجن } ثم يروح اى من اصطخر فيكون رواحه بكابل وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع وكابل بضم الباء الموحدة ناحية معروفة من بلاد الهند وكان عليه السلام يتغدى بالرى ويتعشى بالسمرقند والرى من مشاهير ديار الديلم بين قومس والجبال وسمرقند اعظم مدينة بما وراء النهر اى نهر جيحون و يحكى ان بعضهم رأى مكتوبا فى منزل بناحية دجلة كتبه بعض اصحاب سليمان نحن نزلناه وما بنيناه ومبنيا وجدناه غدونا من اصطخر فقلناه ونحن رائحون عنه فبائتون بالشام ان شاء الله
قال فى كشف الاسرار [ كفته اند سفروى از زمين عراق بود تابمرو واز آنجا تاببلخ واز آنجا تادر بلاد ترك شدى وبلاد ترك باز بريدى تاومين جين آنكه سوى راست زجانب مطلع آفتاب بركشتى برساحل دريا تابزمين قندهار واز آنجا تابمكران وكرمان واز آنجا تاباصطخر فارس نزولكاه وى بود يكجند آنجا مقام كردى واز آنجا بامداد برفتى وشبانكاه بشام بودى بمدينة تدمر ومسكن ومستقروى تدمر بود ] وكان سليمان امر الشياطين قبل شخوصه من الشام الى العراق فبنوها له بالصفاح والعمد والرخام الابيض والاصفر وقد وجدت هذه الابيات منقورة فى صخرة بارض الشام انشأها بعض اصحاب سليمان
ونحن ولا حول سوى حول ربنا ... نروح الى الاوطان من ارض تدمر
اذا نحن رحنا كان ريث رواحنا ... مسيرة شهر والغدوّ لآخر
اناس شر والله طوعا نفوسهم ... بنصر ابن داود النبى المطهر
متى يركب الريح المطيعة ارسلت ... مبادرة عن شهرها لم تقصر
تظلهمو طير صفوف عليهمو ... متى زفرفت من فوقهم لم تبتر
قال مقاتل كان ملك سليمان ما بين مصر وكابل وقال بعضهم جميع الارض وهو الموافق لما اشتهر من انه ملك الدنيا باسرها اربعة اثنان من اهل الاسلام وهما الاسكندر وسليمان واثنان من اهل الكفر وهما نمرود وبخت نصر [ بعض كبار كفته كه سليمان عليه السلام اسبان نيكويى عيب داشت همجون مرغان بايرجون آن قصة فوت نماز بيفتاد تيغ بركشيد وكردن اسبان مى بريد كفتند كه اكنون بترك اسبان بكفتى ما باد مركب توكرديم « من كان لله كان الله له » هركه بترك نظر خود بكريد نظر الله بدلش بيوند هيج كس نبود كه بترك جيزى نكفت ازبهر خدا كه نه عوضى به ازانش ندادند مصطفى عليه السلام جعفررا رضى الله عنه بغزو فرستاد وامارت جيش بوى داد لواى اسلام دردست وى بود كفار حمله آوردند ويك دستش بيند اختند لوا بديكردست كرفت يك زخم ديكر برآوزدند وديكردستش بيندا ختند بعد ازان هفتاد ونه زخم برداشت شهيد ازدنيا بيرون شد اورا بخواب ديدندكه « ما فعل الله بك » كفت « عوّضنى الله من اليدين جناحين اطير بهما فى الجنة حيث اشاء مع جبريل وميكائيل » كفتم « على من ترد السلام يا رسول الله » جواب سلام كحه ميدهى هح كس را نمى بينم كه برتوسلام مكيند كفت « ان جعفر بن ابى طالب مرمع جبريل وميكائيل » اى جعفر دست بدادى اينك بزجزاى تو آى سليمان اسبان بدادى اينك اسبان در بر وبحر حمال تو اى محب صادق اكر بحكم رياضت ديده فدا كردى وجشم نثار اينك لطف ماديدة تو وفضل ما سمع تو وكرام ما جراغومشعتو « فاذا احببته كنت له سمعا يسمع بى وبصرا يبصر بى ويدا يبطش بى » اول مرد كويند شود بس داننده شود بس رونده شود بس برنده شود اى مسكين ترا هركز آرزوى آن نبودكه روزى مرغ دلت ازقفس ادبار نفس خلاص يابد وبرهواى رضاى حق برواز كند بجلال قدر بارخدا كه جزنواخت « اتيته هرولة » استقبال تو نكند ](11/174)
جه مانى بهر دارى جو زاغان اندرين بستى ... قفس بشكن جو طاوسان يكى برير برين بالا
قفس قالب است وامانت مرغ جان برا وعشق برواز او ارادت افق او غيب منزل او در دركاه كه مرغ امانت ازين قفس بشريت برافق غيب بروازكند كروبيان عالم قدس دستها بديدة خويش بازنهندتا از برق اين جمال ديدهاى ايشان نسوزد ]
وفى التأويلات النجمية يشير قوله { ولسليمان الريح } الى آخره الى القلب وسيره الى عالم الارواح وسرعته فى السير للطافته بالنسبة الى كثافة النفس وابطائها فى السير وذلك لان مركب النفس فى السير البدن وهو كثيف بطيئ السير ومركب القلب فى السير هو الجذبة الالهية وهى من صفات لطفه كما قال عليه السلام « قلوب العباد بيد الله يقلبها كيف يشاء »(11/175)
وتقليبها الى الحضرة برياح العناية واللطف كما قال عليه السلام « قلب المؤمن كريشة فى فلاة يقلبها الريح ظهرا لبطن وبطنا لظهر » وهو حقيقة قوله ولسليمان الريح اى لسليمان القلب سخرنا ريخ العناية ليسير بها وهو ابن داود الروح وبساطه الذى كان مجلسه ويجرى به الريح هو السر ولهذا المعنى قيل ان سليمان فى سيره لاحظ ملكه يوما فمال الريح فقال سليمان للريح فقالت الريح استو انت مادمت مستويا بقلبك كنت مستوية ملت فملت كذلك حال السر والقلب وريح العناية اذا زاغ القلب ازاغ الله الريح الخذلان بساط السر فان الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم انتهى
وفى المثنوى
همجنين تاج سليمان ميل كرد ... روز روشن را بروجون ليل كرد
كفت تاجا كثرمشو برفرق من ... آفتمابا كم مشو از شرق من
راست مى كرد او بدست آن تاج را ... باز كثر مى شد بروتاج اى فتى
هشت بارش راست كرد وكشت كثر ... كفت تاجاجيست آخر كثر مغثر
كفت اكر صدره كنى تو راست من ... كثر روم جون كثرروى اى مؤتمن
بس سليمان اندرون وراست كرد ... دل بر آن شهرت كه بودش كرد سرد
بعد ازان تاجش همان دم راست شد ... آنجنانكه تاج را ميخواست شد
بس ترا هرغم ييش آيد زدرد ... بركسى تهمت منه برخويش كرد
حكى ان رجلا سقاء بمدينة بخارى كان يحمل الماء الى دار صائغ مدى ثلاثين سنة وكان لذلك الصائغ زوجة صالحة فى نهاية الحسن والبهاء فجاء السقاء على عادته يوما واخذ بيدها وعصرها فلما جاء زوجها من السوق قالت ما فعلت اليوم خلاف رضى الله تعالى فقال ما صنعت شيأ فالحت عليه فقال جاءت امرأة الى دكانى وكان عندى سوار فوضعته فى ساعدها فأعجبنى بياضها فعصرتها فقالت الله اكبر هذه حكمة خيانة السقاء وتاب وقال يا صاحبة المنزل اجعلينى فى حل فان الشيطان قد اضلنى فقالت امض فان الخطأ لم يكن الا من الشيخ الذى فى الدكان فانه لما غير حاله مع الله بمس الاجنبية غير الله حاله معه بمس الاجنبى زوجته ومثل ذلك من عدل الله تعالى والله تعالى غيور اذا رأى عبده فيما نهاه يواخذه بما يناسب حاله وفعله فاذا عرف العبد ان الحال هذا وجب عليه ان يترك الجفاء والاذى ويسلك طريق العدل والانصاف ولا يأخذ سمت الجور والاعتساف والشقاق والخلاف { واسلنا له عين القطر } اى اذبنا واجرينا لسليمان عين النحاس المذاب اساله من معدنه كما الان الحديد لداود فنبع منه نبوع الماء من الينبوع ولذلك مسى عينا : وبالفارسية [ وجارى كرديم براى سليمان جشمة مس كداخت راتا از معدن بيرون آمدى جون آب روان وزان مس هرجه ميخواست ميساخت وآن در موضعى بود ازيمن بقرب صنعاء ]
قال فى كشف الاسرار لم يعمل بالنحاس قبل ذلك فكل ما فى ايدى الناس ومن النحاس فى الدنيا من تلك العين
يقول الفقير يرد عليه ان فى بعض البلاد معدن النحاس يلتقط جوهره منه اليوم يذاب ويعمل فكيف يكون ما فى ايدى الناس مما اعطى سليمان الا ان يقال ان اصله كان من تلك العين كما ان المياه كلها تخرج من تحت الصخرة فى بيت المقدس على ما ورد فى بعض الآثار { ومن الجن من يعمل بين يديه } جملة من مبتدأ وخبر .(11/176)
يعنى [ از طائفة جن است كسى كه كار كردى ييش سليمان ] { باذن ربه } بامره كما ينبئ عنه قوله تعالى { ومن يزغ منهم عن امرنا } الزيغ الميل عن الاستقامة اى من يعدل من الجن ويمل عما امرناه به من طاعة سليمان ويعصه { نذقه } [ بجشانيم اورا ] { من عذاب السعير } اى عذاب النار فى الآخرة روى عن السدى انه كان معه ملك بيده سوط من نار كلما استعصى عليه الجنى ضربه من حيث لا يراه ضربة احرقته بالنار
وفيه اشارة الى تسخير الله لسليمان صفات الشيطنة كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم « ان الله سلطنى على شيطانى فاسلم على يدى فلا يأمرنى الا بخير » فاذا كانت القوى الباطنة مسخرة كانت الظاهرة الصورية ايضا مسخرة فتذهب الظلمة ويجيئ النور ويزول الكدر ويحصل السرور وهذا هو حال الكمل فى النهايات(11/177)
يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)
{ يعملون له ما يشاء } تفصيل لما ذكر من عملهم { من محاريب } بيان لما يشاء جمع محراب
قال فى القاموس المحراب الفرفة وصدر البيت واكرم مواضعه ومقام الامام من المسجد والموضع ينفرد به الملك فيتباعد عن الناس انتهى
وفى المفردات محراب المسجد قيل سمى بذلك لانه موضع محاربة الشيطان والهوى او لكون حق الانسان فيه ان يكون حريبا اى مسلوبا من اشغال الدنيا ومن توزع الخاطر
وقيل الاصل فيه ان محراب البيت صدر المجلس ثم لما اتخذت المساجد سمى صدرها به وقيل بل المحراب اصل فى المسجد وهو اسم خص به صدر المسجد وسمى صدر البيت محرابا تشبيها بمحراب المسجد وهذا اصح انتهى . والمعنى من قصور حصينة ومساكن شريفة سميت بذلك لانها يذب عنها ويحارب عليها وادرج فى تفسير الجلالين ايضا
قال المفسرون فبنت الشياطين لسليمان تدمر كتنصر وهى بلدة بالشام والابنية العجيبة باليمن وهى صرواج ومرواج وبينون وسلحين وهيذة وهنيذة وفلتوم وغمدان ونحوها وكلها خراب الآن وعملوا له بيت المقدس فى غاية الحسن والبهاء
[ اصحاب سير كفته اندكه رب العالمين در نثراد ابراهيم عليه السلام بركت كرد جنانكه كس طاقت شمردن نسل آن نداشت خصوصا در روزكار داود عليه السلام داود خواست كه عدد بنى اسرائيل بداند ايشان كه در زمين فلسطين مسكن داشتند روز كارى دراز مى شمردند وبسر نرسيدند ونوميد كشتند بس وحى آمد بداود كه جون ابراهيم آن خواب كه اورا نموديم يذبح فرزند تصديق ووفا كرد من اورا وعده دادم كه درنسل وى بركت كنم اين كثرت ايشان ازانست اما ايشان فراوانى ازخويشتن ديدند وخودبين كشتند لا جرم عدد ايشان كم كنم اكنون مخيراند ميان سه بليه آن يكى كه اختيار كنند برايشان كما رم يا قحط ونياز وكرسنكى يا دشمن سه ماه ياوبا وطاعون سه روز داود اسرائيل را جمع كرد وايشانرا درين سه بليت مخر كرد داز هرسه طاعون اختيار كردند كفتند اين يكى آسانتراست وار فضيحت دور تربس همه جهاز مرك بساختند عسل كردند وخنود برخود ريختند وكفن در برشيدن وبصحرا بيرون رفتند با اهل وعيال وخرد وبزرك دران صعيد بيت المقدس بيش ازبنا نهادن آن وداود بصخرة سجود درافتاد وايشان دعا وتضرع كردند رب العالمين طاعون برايشان فرود كشاد يك شبان روز جندان هلاك شدندكه بعد ازان بدوماه ايشانرا دفن توانستند كرد جون يك شبان روز از طاعون بكذشت رب العالمين دعاى داود اجابت وتضرع ايشان روا كرد وآن طاعون ازايشان برداشت بشكر آنكه رب العالمين دران مقام برايشان رحمت كرد بفرمود تا آنجا مسجدى سازندكه ييوسته آنجا ذكر الله ودعا وتضرع رود بس ايشان دركار ايستادن ونخست مدينة بيت المقدس بنا نهادند وداود بردوش خودسنك ميكشيد وخيار بنى اسرائيل همجنان سنك مى كشيدند تايك قامت بنابر آوردند بس وحى آمد بداودكه اين شهر ستانرا بيت المقدس نام نهاديم قدمكاه ييغمبران وهجرتكاه ونزولكاه باكان ونيكان ]
قال بعض الكبار اراد داود عليه السلام بنيان بيت المقدس فبناه مرارا فلما فرغ منه تهدّم فشكا ذلك الى الله فاوحى الله اليه ان بيتى هذا لا يقوم على يدى من سفك الدماء فقال داود يا رب ألم يك ذلك فى سبلك قال بلى ولكنهم أليسوا عبادى فقال يا رب اجعل بنيانه على يدى من هو منى فاوحى الله اليه ان ابنك سليمان يبنيه فانى املكه بعدك واسلمه من سفك الدماء واقضى اتمامه على يده
وسبب هذا ان الشفقة على خلق الله احق بالرعاية من الغيرة فى الله باجراء الحدود المفضية الى هلاكهم ولكون اقامة هذه النشأة اولى من هدمها فرض الله فى حق الكفار الجزية والصلح ابقاء عليهم ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولى الدم اخذ الفدية او العفو ن ابى فحينئذ يقتل ألا تراه سبحانه اذا كان اولياء الدم جماعة فرضى واحد بالدية اوعفا وباقى الاولياء لا يرون الا القتل كيف يراعى من عفا ويرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا
ثم نرجح الى القصة فصلوا فيه زمانا [ كفته اند داود درآن روز صد وبيست وهفت سال بود جون سال وى بصد وجهل رسيد ازدنيا بيرون شد وسليمان بجاى وى نشست ] وكان مولد سليمان بغزة وملك بعد ابيه وله اثنتا عشر سنة ولما كان فى السنة الرابعة من ملكه فى شهر ايار سنة تسع وثلاثين وخمسمائة لوفاة موسى عليه السلام ابتدأ سليمان فى عمارة بيت المقدس واتمامه حسبما تقدم وصية ابيه اليه وجمع حكماء الانس والجن وعفاريت الارض وعظماء الشياطين وجعل منهم فريقا يبنون وفريقا يقطعون الصخور والعمد من معادن الرخام وفريقا يغوصون فى البحر فيخرجون منه الدر والمرجان وكان فى الدر ما هو مثل بيضة النعامة والدجاجة وبنى اسرائيل وكانوا اثنى عشر سبطا ثم بنى المسجد الاقصى بالرخام الملوم وسقفه بالواح الجواهر الثمينة ورصع سقوفه وحيطانه باللآلى واليواقيت وانبت الله شجرتين عند باب الرحمة احداهما تنبت الذهب والاخرى تنبت الفضة فكان كل يوم ينزع من كل واحدة مائتى رطل ذهبا وف
وفرض وفرش المسجد بلاطة من ذهب وبلاطة من فضة وبالواح الفيروزج فلم يكن يومئذ فى الارض بيت ابهى ولا انوار من ذلك المسجد كان يضيئ فى الظلمة كالقمر ليلة البدر وفرغ منه فى السنة الحادية عشرة من ملكة وكان ذلك بعد هبوط آدم عليه السلام باربعة آلاف واربعمائة واربع عشرة سنة وبين عمارة سليمان بيت المقدس والهجرة النبوية المحمدية على صاحبها ازكى السلام الف وثمانمائة وقريب من سنتين ولما فرغ من بناء المسجد سأل الله ثلاثا حكما يوافق حكمه وسأله ملكا لا ينبغى لاحد من بعده وسأله ان لا يأتى الى هذا المسجد احد لا يريد الا الصلاة فيه الاخرج من خطيئته كيوم ولدته امه قال عليه السلام نرجو ان يكون قد اعطاه اياه ولما رفع سليمان يده من البناء جمع الناس فاخبرهم انه مسجد لله تعالى وهو امره ببنائه وان كان شئ فيه لله من انتقص شيأ منه فقد خان الله تعالى ثم اتخذ طعاما وجمع الناس جمعا لم ير مثله ولا طعام اكثر منه وقرب القرابين لله تعالى واتخذ ذلك اليوم الذى فرغ منه فيه عيدا
قال سعيد بن المسيب لما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس تغلقت ابوابه فعالجا سليمان فلم تنفتح حتى قال فى دعائه بصلوات ابى داود وافتتح الابواب فتفتحت فوزع له سليمان عشرة آلاف من قراء بنى اسرائيل خمسة آلاف بالليل وخسمة آلاف بالنهار فلا يأتى ساعة من ليل ولانهار الا والله يعبد فيها واستمر بيت المقدس على ما بناه سليمان اربعمائة سنة وثلاثا وخمسين سنة حتى قصده بخت نصر فخرب المدينة وهدمها ونقض المسجد واخذ جميع ما كان فيه من الذهب والفضة والجواهر وحمله الى دار مملكته من ارض العراق واستمر بيت المقدس خرابا سبعين سنة ثم اهلك بخت نصر ببعوضة دخلت دماغة وذلك انه من كبر الدماغ وانتفاخه فعل ما فعل من التخريب والقتل فجازاه الله تعالى بتسليط اضعف حيوان على دماغة(11/178)
نه هركز شنيديم در عمر خويش ... كه بدمر درانيكى آمد به بيش
{ وتماثيل } جمع تمثال بالكسر وهو الصورة على مثال الغير اى وصور الملائكة والانبياء على صورة القائمين والراكعين والساجدين على ما اعتادوه فانها كانت تعمل حينئذ فى المساجد من زجاج ونحاس ورخام وسأل ربه ان ينفخ فيها الروح ليقاتلوا فى سبيل الله ولا يعمل فيهم السلاح وكان اسفنديار روبين منهم كما فى تفسير القرطبى وروى انهم عملوا اسدين فى اسفل كرسيه ونسرين فوقه فاذا اراد ان يصعد بسط الاسدان ذراعيهما فارتقى عليهما : يعنى [ جون سليمان خواستى كه بتخت برآيد آن دوشير بازوهاى خود برافر اختندى تاباى بران نهاده بالارفتى ] واذا قعد اظله النسران باجنحتهما فلما مات سليمان جاء افريدون ليصعد الكرسى ولم يدر كيف يصعد فلما دنا منه ضربه الاسد على ساقه فكسر ساقه ولم يجسر احد بعده ان يدنو من ذلك الكرسى
واعلم ان حرمة التصاوير شرع جديد وكان اتخاذ الصور قبل هذه الامة مباحا وانما حرم على هذه الامة لان قو رسولنا صلى الله عليه وسلم كانوا يعبدون التماثيل اى الاصنام فنهى عن الاشتغال بالتصوير وابغض الاشياء الى الخواص ما عصى الله به وفى الحديث(11/179)
« من صور صورة فان الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها ابدا » وهذا يدل على ان تصوير ذى الروح حرام
قال الشيخ الاكمل هل هو كبيرة او لا فيه كلام فعند من جعل الكبيرة عبارة عما ورد عليه من الشرع فهو كبيرة واما من جعل الكبيرة منحصرة فى عدد محصور فهذا ليس من جملته فيكون الحديث محمولا على المستحل او على استحقاق العذاب المؤبد واما تصوير ما لاروح له فرخص فيه وان كان مكروها من حيث انه اشتغال بما لا يعنى
قال فى نصاب الاحتساب ويحتسب على من يزخرف البيت بنقش فيه تصاوير لان الصورة فى البيت لامتناع الملائكة عن دخوله قال جبريل عليه السلام « انا لا ندخل بيتا فيه كلب او صورة » ولو خرفة بنقش لا صورة فيه لا بأس به
وفى ملتقط الناصرى لو هدم بيتا مصورا فيه بهذه الاصباغ تماثيل الرجال والطيور ضمن قيمة البيت واصباغه غير مصورة انتهى فاذا منع من التصاوير فى البيت فاولى ان يمنع منها فى المسجد ولذا محيت رؤس الطيور فى المساجد التى كانت كنائس وفيها تماثيل وجاء فى الفروع انه يكره ان يكون فوق رأس المصلى او بين يديه او بحذائه صورة واشدها كراهة ان يكون امام المصلى ثم فوق رأسه ثم على يمين ثم على يساره ثم خلفه قيل ولو كانت خلفه لا يكره لانه لا يشبه عبادة الصنم وفيه اهانة لها ولو كانت تحت قدميه لا يكره
قال فى العناية قيل اذا كانت خلفه لا تكره الصالة ويكره كونها فى البيت لان تنزيه مكان الصلاة عما يمنع دخول الملائكة مستحب
لا يقال فعلى هذا لا يكره كونها تحت القدم فيه ايضا
لانا نقول فيه من التحقير والاهانة مالا يوجد فى الخلف فلا قياس لوجود الفارق ثم الكراهة اذا كانت الصورة كبيرة بحيث تبدو وتظهر للناظر بلا تأمل فلو كانت صغيرة بحيث لا تتبين تفاصيل اعضائها الا بتأمل لا يكره لان الصغير جدا يعبد ولو قطع رأسها لا يكرد لانها لا تعبد بلا رأس عادة ومعنى قطع الرأس ان يمحى رأسها بخيط عليها وينسخ حتى لم يبق للرأس اصلا بل طمست هيئته قطعا ولو خيط ما بين الرأس والجسد لا يعتبر لان من الطيور ما هو مطرق فيكون احسن فى العين ولو محى وجه الصورة فهو كقطع رأسها بخلاف قطع يديها ورجليها ولا تكره الصلاة على بساط مصور لانه اهانة ولس بتعظيم ان لم يسجد عليها لان السجود عليها بشبه عبادة الاصنام واطلق الكراهة فى المبسوط لان البساط الذى يصلى عليه معظم بالنسبة الى سائر البسط فكان فيه تعظيم الصورة وقد امرنا باهانتها(11/180)
وفى حواشى اخى جلبى اذا كان التمثال تمثال ما يعظم الكفار كشكل الصليب مثلا لا ريب فى كراهة السجدة عليه ألا ترى الى ظهير الدين حيث قال الاصل فيه ان كل ما يقع تشبها بهم فيما يعظمون يكره الاستقبال بالصلاة اليه ولو كانت الصورة على وسادة ملقاة او بساط مفروش لم يكره لانها توطأ فكأنه استهانة بالصورة بخلاف ما لو كانت الوسادة منصوبة كالوسائد الكبار او كانت على الستر لانها تعظيم لها
وفى الخلاصة الصورة اذا كانت على وسادة او بساط لا بأس باستعمالهما وان كان يكره اتخاذهما وان كانت على الازار والستر فمكروه ولا يفسد صلاته فى كل الفصول لوجود شرائط الجواز والنهى لمعنى فى غير المعنى عنه وتعاد على وجه غير مكروه وهو الحكم فى كل صلاة اديت مع الكراهة كما لو ترك تعديل الاركان كما فى الكافى { وجفان } [ وميكردندى يعنى شياطين براى سليمان ازكاسهاى جوبين وغير آن ] وهى جمع جفنة وهى القصعه العظيمة فان اعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تليها تشبع الرجل فتفسير الجفان بالصحاف كما فعله البعض منظور فيه
قال سعدى المفتى والجفنة خصت بوعاء الاطعمة كما فى المفردات { كالجواب } كالحياض الكبار اصله الجوابى بالياء كالجوارى جمع جابيه من الجباية لاجتماع الماء فيها وهى من الصفات الغالبة كالدابة
قال الراغب يقال جبيت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابيه ومنه استعير جبيت الخراج جباية
قيل كان يقعد على الجفنة الفا رجل فيأكلون منها وكان لمطبخه كل يوم اثنا عشر الف شاة والف بقرة وكان له اثنا عشر الف خباز واثنا عشر الف طباخ يصلحون الطعام فى تلك الجفان لكثرة القوم
وكان لعبد الله بن جدعان من رؤساء قريش وهو ابن عم عائشة الصديقة رضى الله عنها جفنة يستظل بظلها ويصل اليها المتناول من ظهر البعير ووقع فيها صبى فغرق وكان يطعم الفقراء كل يوم من تلك الجفنة وكان لنبينا صلى الله عليه وسلم قصعة يحملها اربعة رجال يقال لها الغراء اى البيضاء فلما دخلوا فى الضحى وصلوا صلاة الضحى اتى بتلك القصعة وقد ثرد فيها فالتفوا حولها اى اجتمعوا فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اعرابى ما هذه الجلسة فقال عليه السلام « ان الله جعلنى عبدا كريما ولم يجعلنى جبارا عنيدا » ثم قال « كلوا من جوانبها ودعوا ذروتها يبارك فيها » قال فى الشرعة ولا بركة فى القصاع الصغار ولتكن قصعة الطعام من خزف او خشب فانهما اقرب الى التواضع . ويحرم الاكل فى الذهب والفضة وكذا الشرب منهما .(11/181)
ويكره آنية النحاس اذا كان غير مطلىّ بالرصاص . وكذا فى آنية الصفر وهو بضم الصاد المهملة وسكون الفاء شئ مركب من المعدنيات كالنحاس والاسرب وغير ذلك يقال له بالفارسية [ روى ] بترقيق الراء فانه بتفخيمها بمعنى الوجه { وقدور راسيات } القدر بالكسر اسم لما يطبخ فيه اللحم كما فى المفردات . والجمع قدور . والراسيات جمع راسية من رسا الشئ يرسو اذا ثبت ولذلك سميت ولا تحرك من اماكنها وكان يصعد عليها بالسلال وكانت باليمين [ وهنوز در بعض از ولايات شام ديكهاى جنين ازسنك تراشيدهخ موجودست ] وكانت تتخذ القدور من الجبال او هى قدور النحاس وكانت موضوعة على الاثافى او كانت اثافيها منها كما فى الكواشى
وفى التأويلات النجمية يشير بقوله { وجفان } الى آخره الى مأذبة الله التى لا نهاية لها التى يأكل منها الاولياء اذ يبيتون عنده كما قال عليه السلام « ابيت عند ربى يطعمنى ويسقينى » { اعملوا } يا { آل داود } فنصبه على النداء والمراد به سليمان لان هذا الكلام قدورد فى خلال قصته وخطاب الجمع للتعظيم او اولاده او كل من ينفق عليه او كل من يتأتى منه الشكر من امته كما فى بحر العلوم والمعنى وقلنا له او لهم اعلموا { شكرا } نصب على العلة اى اعملوا له واعبدوه شكرا لما اعطيتكم من الفضل وسائر النعماء فانه لا بد من اظهار الشكر كظهور النعمة او على المصدر لا عملوا لان العمل للمنعم شكر له فيكون مصدرا من غير لفظه او لفعل محذوف اى اشكروا شكرا او حال اى شاكرين او مفعول به اى اعملوا شكرا ومعناه انا سخرنا لكم الجن يعملون لكم ما شئتم فاعملوا انتم شكرا على طريق المشاكلة
قال بعض الكبار قال تعالى فى حق داود { ولقد آتينا داود منا فضلا } فلم يقرن بالفضل الذى آتاه شكرا يطلبه منه ولا اخبر انه اعطاه هذا الفضل جزاء لعمل من اعماله ولما طلب الشكر على ذلك الفضل بالعمل طلبه من آل داود لامنه ليشكره الآل على ما انعم به على داود فهو فى حق داود عطاء نعمة وافضال وفى حق آله عطاء لطلب المعارضة منهم فداود عليه السلام ليس يطلب منه الشكر على ذلك العطاء وان كانت الانبياء عليهم السلام قد شكروا الله على انعامه وهبته فلم يكن ذلك الشكر الواقع منهم نبيا على طلب من الله سبحانه بل تبرعوا بذلك من عند نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه من غير ان يكون مأمورا بالقيام على هذا الوجه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلما قيل له فى ذلك قال « أفلا اكون عبدا شكورا »
وفى التأويلات النجمية يشير الى شكر داود الروح وسليمان القلب من آله السر والخفى والنفس والبدن فان هؤلاء كلهم من مولدات الروح قال اعملوا .(11/182)
وشكر النفس باقامة شرائط التقوى والورع . وشكر القلب بمحبة الله وخلوه عن محبة ما سواه . وشكر السر مراقبته من التقانة لغير الله . وشكر الروح ببذل وجوده على نار المحبة كالفراش على شعلة الشمع . وشكر الخفى قبول الفيض بلا واسطة فى مقام الوحدة ولهذا سمى خفيا لانه بعد فناء الروح فى الله يبقى فى قبول الفيض فى مقام الوحدة مخفيا بنور الوحدة على نفسه { وقليل من عبادى الشكور } قليل خبر مقدم للشكور
وقال الكاشفى وصاحب كشف الاسرار [ واندكى ازبند كان من ساس دارند ] والشكور المبالغ فى اداء الشكر على النعماء والآباء بان يشكر بقلبه ولسانه وجوارحه اكثر اوقاته واغلب احواله ومع ذلك لا يوفى حقه لان التوفيق للشكر نعمة تستدعى شكرا آخر لا الى نهاية ولذلك قيل الشكور من يرى عجزه عن الشكر
حق شكر حق نداند هيج كس ... حيرت آمد حاصل دانا وبس
آن بزركى كفت باحق درنهان ... كاى بديد آرندة هر دوجهان
اى منزه اززن وفرزند وجفت ... كى توانم شكر نعمتهات كفت
ييك حضرت دادش از ايزد ييام ... كفتش از تواين بود شكر مداد
جون درين را اين قدر بشناختى ... شكر نعمتهاى ما برداختى
قال الامام الغزالى رحمه الله احسن وجوه الشكر لنعم الله تعالى ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعاته وذلك ايضا بالتوفيق
وعن جعفر بن سليمان سمعت ثابتا يقول ان داود جزأ ساعات الليل والنهار على اهله فلم تكن تأتى ساعة من ساعات الليل والنهار الا وانسان من آل داود قائم يصلى
وعن النبى عليه السلام « اذا كان يوم القيامة نادى مناد ألا ان داود اشكر العابدين وايوب صابر الدنيا والآخرة »
وفى التأويلا النجمية وبقوله { قليل من عبادى الشكور } يشير الى قلة من يصل الى مقام الشكورية وهو الذى يكون شكره بالاحوال . فللعوام شكرهم بالاقوال كقوله تعالى { وقل الحمد لله سيريكم آياته } وللخواص شكرهم باعمال كقوله { اعملوا آل داود شكرا } . ولخواص الخواص شكرهم بالاحوال وهو الاتصاف بصفة الشكورية والشكور هو الله تعالى لقوله تعالى { ان ربنا لغفور شكور } بان يعطى على عمل فان عشرا من ثواب باق كل ما كان عندهم ينفد وما عنده الى السرمد ان الله كثير الاحسان فاعمل شكرا ايها الانسان(11/183)
فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)
[ بس ازان سليمان بملك الموت رسيد وكفت جون ترا بقبض روح من فرمايند مرا خبر ده ملك الموت بوقتى كه اورا فرمودند آمد واورا خبر داد كفت نماند از عمرتو الا يك ساعت اكر وصيتى ميكنى يا كارى از بهر مرك ميسازى بساز ] فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب فقام يصلى
قال فى كشف الاسرار [ بس بآخركار عصاى خود ييش كرفت وتكيه برآن كرد وهردوكف زير سرنهاد وآن عصا اورا همجنان بناهى كشت وملك الموت در آن حال قبض روح وى كرد ويكسال برين صفت برآن عصا تكيه زده بماند وشياطين همجنان دركار ورنج وعمل خويش مى بودند ونمى دانستند كه سليمان مرا وفات رسيد ] ولا ينكرون احتباسه عن الخروج الى الناس لطول صلاته قبل ذلك
وقال الكاشفى فى تفسيره [ جون سليمان در كذشت وبشستند وبرو نماز كذا ردند مى بنداشتند وبهما ن كاركه نامزد ايشان بود قيام نمودند تابعد از يكسال اسفل عصاى اورا دوده يخورد سليمان برزمين افتاد همكنانرا موت او معلوم شد ]
قال بعضهم كانت الشياطين تجتمع حول محرابة اينما صلى فلم يكن شيطان ينظر اليه فى صلاته الا احترق فمر به شيطان فلم يسمع صوته ثم رجع فلم يسمع صوتة ثم ينظر فاذا سليمان قد خر ميتا ففتحوا عنه فاذا العصا قد اكلتها الارضة فارادوا ان يعرفوا وقت موته فوضعوا قد مات منذ سنة وكانوا يعملون بين يديه ويحسبونه حيا ولو علموا انه مات لما لبثوا فى العذاب سنة
قال فى كشف الاسرار [ وعذاب ايشان ازجهت سليمان آن بودى جون بريكى ازايشان خشم كرفتى ] كان قد حبسه فى دنّ وشدّ رأسه بالرصاص او جعله بين طبقتين من الصخر فالقاه فى البحر او شدّ رجليه بشعره الى عنقه فالقاه فى الحبس(11/184)
ثم ان الشياطين قالوا للارضة لو كنت تأكلين الطعام اتيناك باطيب الطعام ولو كنت تشربين من الشراب سقيناك اطيب الشراب ولكن ننقل اليك الماء والطين فهم ينقلون ذلك حيث كانت ألم تر الى الطيب الذى يكون فى جوف الخشب فهو ما يأتيها به الشياطين تشكرا لها
قال القفال قد دلت هذه الآية على ان الجن لم يسخروا الا لسليمان وانهم تخلصوا بعد موته من تلك الاعمال الشاقة : يعنى [ جون بدانستند كه سليمان را وفات رسيد فى الحال فرار نمود درشعاب جبال وجواف بوادى كريختند وازرنج وعذاب بازرستند ] وانما تهيأ لهم التسخير والعمل لان الله تعالى زاد فى اجسامهم وقواهم وغير خلقهم عن خلق الجن الذين لا يرون ولا يقدرون على شئ من هذه الاعمال الشاقة مثل نقل الاجسام رقاق ولرقتها لا نراها ويجوز ان يكثف الله اجسام الجن فى زمان الانبياء دون غيره من الازمنة وان يقويهم بخلاف ما هم عليه فى غير زمانهم
قال القاضى عبد الجبار ويدل على ذلك ما فى القرآن من قصة سليمان انه كثفهم له حتى كان الناس يرونهم وقواهم حتى يعملون له الاعمال الشاقة واما تكثيف اجسامهم واقدارهم عليها فى غير زمان الانبياء فانه غير جائز لكونه نقضا للعادة
قال اهل التاريخ كان سليمان عليه السلام ابيض جسيما وضيئا كثير الشعر يلبس البياض وكان عمره ثلاثا وخمسين سنة وكانت وفاته بعد فراغ بناء بيت المقدس بتسع وعشرين سنة
يقول الفقير هو الصحيح اى كون وفاته بعد الفراغ من البناء لا قبله بسنة على ما زعم بعض اهل التفسير وذلك لوجوه الاول ما فى المرفوع من ان سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله ثلاثا فاعطاه اثنتين ونحن نرجو ان يكون قد اعطاه الثالثة وقد سبق فى تفسير قوله تعالى { من محاريب } والثانى اتفاقهم على ان داود اسس بيت المقدس فى موضع فسطاس موسى وبنى مقدار قامة انسان فلم يؤذن له فى الاتمام كما مر وجهه ثم لما دنا اجله وصى به الى ابنه سليمان وبعيد ان يؤخر سليمان وصية ابيه الى آخر عمره مع ما ملك مة اربعين سنة والثالث قصة الخروب التى ذكرها الاجلاء من العلماء فانها تقتضى ان سليمان صلى فى المسجد الاقصى بعد اتمامه زمانا كثيرا
وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى كمال قدرته وحكمته وانه هو الذى سخر الجن والانس لمخلوق مثلهم وهم الالوف الكثيرة والوحوش والطيور ثم قضى عليه الموت وجعلهم مسخرين لجثة بلا روح وبحكمته جعل دابة الارض حيوانا ضعيفا مثلها دليلا لهذه الالوف الكثيرة من الجن والانس تدلهم بفعلها على علم ما لم يعلموا(11/185)
وفيه ايضا اشارة الى انه تعالى جعل فيها سببا لايمان امة عظيمة وبيان حال الجن انهم لا يعلمون الغيب
وفيه اشارة اخرى ان نبين من الانبياء اتكئا على عصوين وهما موسى وسليمان فلما قال موسى هى عصاى اتوكأ عليها قال ربه القها فلما القاها جعلها ثعبانا مبينا يعنى من اتكأ على غير فضل الله ورحمته يكون متكؤه ثعبانا ولما اتكأ سليمان على عصاه فى قيام ملكه بها واستمسك بها بعث الله اضعف دابة واخسها لابطال متكئة ومتمسكه ليعلم ان من قام بغيره زال بزواله وان كل مستمسك بغير الله طاغوت من الطواغيتت ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها انتهى كلامه(11/186)
لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)
{ لقد } اى بالله لقد { كان لسبأ } كجبل وقد يمنع من الصرف باعتبار القبيلة اى كان لقبيله سبأ وهم اولاد سبأ بن يشجب بالجيم على ما فى القاموس بان يعرب بن قحطان بن عامر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام . وسبأ لقب عبد شمس بن يشجب وانما لقب به لانه اول من سبى كما قاله السهيلى وهو يجمع قبائل اليمن . ويعرب بن قحطان اول من تكلم بالعربية فهو ابو عرب اليمن يقال لهم العرب العاربة . ويقال لمن تكلم بلغة اسماعيل العرب المستعربة وهى لغة اهل الحجاز فعربية قحطان كانت قبل اسماعيل عليه السلام وهو لا ينافى كون اسماعيل اول من تكلم بالعربية لانه اول من تكلم بالعربية البينة المحضة وهى عربية قريش التى نزل بها القرآن وكذا لا ينافى ما قيل ان اول من تكلم بالعربية آدم فى الجنة فلما اهبط الى الارض تكلم بالسريانية وجاء ( من احسن ان يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسية فانه يورث النفاق ) واشتهر على ألسنة الناس انه صلى الله عليه وسلم « قال انا افصح من نطق بالضاد » قال جمع لا اصل له ومعناه صحيح لان المعنى انا افصح العرب لكونهم هم الذين ينطقون بالضاد ولا توجد فى غير لغتهم كما فى انسان العيون لعلى بن برهان الدين الحلبى { فى مسكنهم } بالفارسية [ نشستكاه ] والمعنى فى بلدهم الذى كانوا فيه باليمن وهو مأرب كمنزل على ما فى القاموس بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث ليال وهى المرادة بسبا بلدة بلقيس فى سورة النمل
قال السهيلى مأرب اسم ملك كان يملكهم كما ان كسرى اسم لكل من ملك الفرس . وخاقان اسم لكل من ملك الصين . وقيصر اسم لكل من ملك الروم . وفرعون لكل من ملك مصر . وتبع لكل من ملك الشجر واليمن وحضرموت . والنجاشى لكل من ملك الحبشة
وقيل مأرب اسم قصر كان لهم ذكره المسعودى
قال فى انسان العيون ويعرب بن قحطان قيل له ايمن لان هودا عليه السلام قال له انت ايمن ولدى وسمى اليمن يمنا بنزوله فيه { آية } علامة ظاهرة دالة بملاحظة الاحوال السابقة واللاحقة لتلك القبيلة من الاعطاء والترفية بمقتضى اللطف ثم من المنع والتخريب بموجب القهر على وجود الصانع المختار وقدرته على كل ما يشاء من الامور البديعة ومجازاته للمحسن والمسيئ وما يعقلها الا العالمون وما يعتبرها الا العاقلون { جنتان } بدل من آية والمراد بهما جماعتان من البساتين لا بستانان اثنان فقط { عن يمين } جماعة عن يمين بلدتهم واليمين فى الاصل الجارحة وهى اشرف الجوارح لقوتها وبها تعرف من الشمال وتمتاز عنها { وشمال } وجماعة عن شمالها كل واحدة من تينك الجماعتين فى تقاربها وتضامها كأنها جنة واحدة او يستانان لكل رجل منهم عن يمين مسكنه وعن شماله { كلوا } حكاية لما قال لهم نبيهم تكميلا للنعمة وتذكيرا لحقوقها او لسان الحال او بيان لكونهم احقاء بان يقال لهم ذلك { من رزق ربكم } من انواع الثمار { واشكروا له } على ما رزقكم باللسان والجنان والاركان { بلدة طيبة ورب غفور } استئناف مبين لما يوجب الشكر المأمور به اى بلدتكم بلدة طيبة انها لم تكن سبخة بل لينة حيث اخرجت الثمار الطيبة او انها طيبة الهواء والماء كما قال الكاشفى [ اين شهرى كه خداى تعالى دروى روزى ميدهد شهرى يا كيزه است هواى تن درست وآب شيرين وخاك باك ](11/187)
شهرى جو بهشت از نكويى ... جون باغ ارم بتازه رويى
وفى فتح الرحمن وطيبتها انها لم يكن بها بعوض ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية ولا غيرها من المؤذيات وكان يمر بها الغريب وفى ثيابه القمل فتموت كلها لطيب هوائها ومن ثمة لم يكن بها آفات وامراض ايضا
وعن ابن عباس رضى الله عنهما كانت اطيب البلاد هواء واخصبها . وكانت المرأة تخرج من منزلها الى منزل جارتها وعلى رأسها المكتمل فتعمل بيديها وتسير فيما بين الاشجار فيمتلئ المكتمل مما يتساقط فيه من انواع الثمار من غير ان تمديدها والى هذا المعنى اشير بعبارة الجنة اذخال الجنة يكون هكذا . ولله تعالى جنان فى الارض كجنانه فى السماء وافضلها الجنة المعنوية التى هى القلب وما يحتويه من انواع المعارف والفيوض والكشوف فالطيب من الاشياء ما يستلذه الحواس ومن الانسان من تطهر عن نجاسة الجهل والفسق وقبائح الاعمال وتطيب بالعلم والايمان ومحاسن الافعال
قال بعض الكبار بلدة طيبة بلدة الانسانية قابلة لبذر التوحيد وكلمة لا اله الا الله ورب غفور يستر عيوب اوليائه بنور مغفرته ويغفر ذنوبهم لعزة معرفته انتهى
وبسببهم يغفر ذنوب كثير من عباده ويقبل حسناتهم [ نقلست عبد الله بن مبارك رضى الله عنه درحرم محترم يكسال ازحج فارغ شده بود بخواب ديدكه دوفرشته در آمدندى ويكى ازديكرى برسيدى كه خلق امسال جند جمع آمدند ديكرى كفت سيصد هزار من كفتم حج جند كس مقبول افتاد كفتند حج هيج كس عبد الله كفت جون اين شنودم اضطرابى در من بديد آمد كفتم آخر اين همه خلق ازاطراف جهان با اين همه رنج وتعب مى آمدند واين همه ضايعست كفتند كفشكريست در دمشق على بن موفق كويند او اينجا نيامده است وليكن حج اورا قبول كردند واين جملة را دركار او كردند ] وكان حجه انه قال جمعت ثلاثمائة وخمسين درهما للحج فمرت بى حامل فقالت ان هذه الدار يجيئ منها رائحة طعام فاذهب وخذ شيأ منه لى لئلا يسقط حملى قال فذهبت فاخبرت القصة لصاحب الدار فبكى وقال ان لى اولادا لم يذوقوا طعاما منذ اسبوع فقمت اليوم وجئت بلحم من ميتة حمار فهم يطبخونه فهو لنا حلال فانا مضطرون ولك حرام فكيف اعطيك منه قال على فلما سمعت ذلك منه احترق فؤادى ودفعت المبلغ المذكور اليه وقلت حجى هذا فقبل الله تعالى ذلك منه بقبول حسن ووهب له جميع الحجاج
باحسانى آسوده كردن دلى ... به ازالف ركعت بهر منزلى
يعنى فى طريق مكة المشرفة(11/188)
فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16)
{ فاعرضوا } اى اولاد سبأ عن الوفاء واقبلوا على الجفاء وكفرو النعمة وتعرضوا للنقمة وضيعوا الشكر فبدلوا وبدل لهم الحال . يقال اعرض اى اظهر عرضه اى ناحيته
قال ابن عباس رضى الله عنهما بعث الله تعالى ثلاثة عشر نبيا الى ثلاث عشرة قرية باليمن فدعوهم الى الايمان والطاعة وذكروهم نعمه تعالى وخوفوهم عقابه فكذبوهم وقالوا ما نعرف له علينا من نعمة فقولوا لربكم فليحبس عنا هذه النعمة ان استطاع { فارسلنا عليهم } الارسال مقابل الامساك والتخلية وترك المنع { سيل العرم } السيل اصله مصدر كالسيلان بمعنى [ رفتن آب ] وجعل اسما للماء الذى يأتيك ولم يصبك مطره والعرم من العرامة وهى الشدة والصعوبة يقال عرم كنصر وضرب وكرم وعلم عرامة وعراما بالضم فهو عارم وعرم اشتد وعرم الرجل اذا شرس خلقه اى ساء وصعب اضاف السيل الى العرم اى الصعب وهو من اضافة الموصوف الى صفته بمعنى سيل المطر العرم او الامر العرم . والمعنى بالفارسية [ بس فرستاديم وفرو كشاديم برايشان سيل صعب ودشوار ]
وقال ابن عباس رضى الله عنهما العرم اسم الوادى : يعنى [ نام وادى كه آب از جانب او آمد ]
وقال بعضهم العرم السد الذى يحبس الماء ليعلوا على الارض المرتفعة : يعنى [ عرم بند آبست بلغة حمير ]
وقال بعضهم هو الجرذ الذكر اضاف السيل اليه لان الله تعالى ارسل جرذانا برية كان لها انياب من حديد لا يقرب منها هرة الا قتلتها فنقبت عليهم ذلك السد : يعنى [ بندرا سوراخ كرد ] فغرقت جنانهم ومساكنهم ويقال لذلك الجرذ الخلد بالضم لاقامته عند حجره وهو الفار الاعمى الذى لا يدرك الا بالسمع
قال ارسطو كل حيوان له عينان الا الخلد وانما خلق كذلك لانه ترابى جعل الله له الارض كالماء للسمك وغذاؤه من باطنها وليس له فى ظاهرها قوت ولا نشاط ولما لم يكن له بصر عوّضه الله حدة السمع فيدرك الوطء الخفى من مسافة بعيدة فاذا احسن بذلك جعل يحفر فى الارض قبل ان سمعه بمقدار بصر غيره وفى طبعه الهرب من الرائحة الطيبة ويهوى رائحة الكراث والبصل وربما صيدبها فانه اذا شمها خرج اليها فاذا جاع فتح فاه فيرسل الله له الذباب فيسقط عليه فيأخذه ودمه اذا اكتحل به ابرأ العين كما فى حياة الحيوان
قال الكاشفى [ در مختار آورده كه فرزندان سبارا در حوالى مأرب از ولايت يمن منزلى بود درميان دو كوه از على تا اسفل آن منزلى هزده فرسخ وشرب ايشان در اعلاى وادى بود ازجشمه در يايان كوى كاه بودى كه فاضل آب ازاودية يمن با آب ايشان ضم شدى وخرابى كردى ]
قال ابو الليث كان الماء لا يأتيهم من مسيرة عشرة ايام حتى يجرى بين الجبلين [ از بلقيس كه ازوالية ولايت ايشان بود درخواست كردند تا سدى بست بسنك وقار دردهانة كوه تا آبهاى اصلى وزاندى ازا مطار وعيون آنجا جمع شدند ] .(11/189)
وقال السهيلى فى كتاب التعريف والاعلام كان الذى بنى السد سبأ بن يشجب بناه بالرخام وساق اليه سبعين واديا ومات قبل ان يستتمه فاتم بعده انتهى
[ وسه ثقبه برآن سد ترتيب كرد تاول ثقبة اعلى بكشايند وآب بمزروعات وباغها وخود برند وجون وفا نكند وكمتر شود وسطى وبآخر سفلى جون سيزده ييغمبررا تكذيب كردند وييغمبر آخرين در زمان بادشاه ذى الاوغار بن جيشان بعد ازرفع عيسى بديشان آمد واورا بفرمود تا سوراخ كردند ونيم شب كه همه در خواب بودند بندشكسته شد وسيل در آمده منازل وحدائق ايشان مغمور كشت وبسيار مردم وجارى باى هلاك كشت ]
وقال فى فتح الرحمن فارسلنا عليهم السيل الذى لا يطاق فخرب السد وملأ ما بين الجبلين وحمل الجبلين وحمل الجنات وكثيرا من الناس ممن لم يمكنه الفرار الى الى الجبل واغرق اموالهم فتفرقوا فى البلاد فصاروا مثلا { وبدلناهم بجنتيهم } المذكورين وتيناهم بدلهما : وبالفارسية [ وبدل داديم ايشانرا بباغهاى ايشان ] والتبديل جعل الشئ مكان آخر والباء تدخل على المتروك على ما هى القاعدة المشهورة { جنتين } ثانى مفعولى بدلنا { ذواتى اكل خمط } صفة لجنتين ويقال فى الرفع ذواتا بالالف وهى تثنية ذات مؤنث ذى بمعنى الصاحب والاكل بضم الكاف وسكونه اسم لما يؤكل والخمط كل نبت اخذ طعما من مرارة حتى لا يمكن اكله والمعنى جنتين صاحبتى ثمر مرّ : وبالفارسية [ دوباغ خداوند ميوهاى تلخ ] فيكون الخمط نعتا للاكل وجاء فى بعض القراآت باضافة الاكل الى الخمط على ان يكون الخمط كل شجر مر الثمر او كل شجر له شوك او هو الاراك على ما قاله البخارى والاكل ثمره
قال فى المختار الخمط ضرب من الاراك له حمل يؤكل وتسمية البدل جنتين للمشاكلة والتهكم { واثل } معطوف على اكل لا على خمط فان الاثل هو الطرفاء بالفارسية [ كز ] او شجر يشبهه اعظم منه ولا ثمر له : قال الشيخ سعدى قدس سره
اكر بد كنى جشم نيكى مدار كه هركز نيارد كز انكور بار ... { وشئ من سدر قليل } وهو معطوف ايضا على اكل
قال البيضاوى وصف السدر بالقلة لما ان جناه وهو النبق مما يطيب اكله ولذلك يغرس فى البساتين انتهى
فالسدر شجر النبق على ما فى القاموس
وقال المولى ابو السعود والصحيح ان السدر صنفان صنف يؤكل من ثمره وينتفع بورقه لغسل اليد وصنف له ثمرة عفصة لا تؤكل اصلا وهو البرى الذى يقال له الضال والمراد ههنا هو الثانى فكان شجرهم من خير الشجر فصيره الله من شر الشجر بسبب اعمالهم القبيحة
والحاصل ان الله تعالى اهلك اشجارهم المثمرة وانبت بدلها غير المثمرة(11/190)
ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17)
{ ذلك } اشارة الى مصدر قوله تعالى { جزيناهم } فمحله النصب على انه مصدر مؤكد له اى ذلك الجزاء الفظيع جزينهم لاجزاء آخر او الى ما ذكر من التبديل فمحله النصب على انه مفعول ثان له اى ذلك التبديل جزيناهم لا غيره { بما كفروا } بسبب كفرانهم النعمة يحث نزعناها منهم ووضعنا مكانها ضدها او بسبب كفرهم بالرسلوفى هذه الآية دليل على على بعث الانبياء بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام فانه روى ان الواقعة المذكورة كانت فى الفترة التى بينهما وما قيل من انه لم يكن بينهما نبى يعنى نبى به ذو كتاب كذا فى بحر العلوم فلا يشكل قوله عليه السلام « ليس بينى وبينه نبى » اى رسول مبعوث بشريعة مستقلة بل كل من بعث كان مقررا لشريعة عيسى وقد سبق تحقيق هذا المبحث مرارا { وهل نجازى الا الكفور } اى وما نجازى هذا الجزاء الا المبالغ فى الكفران او الكفر . فهل وان كان استفهاما فمعناه النفى ولذلك دخلت الا فى قوله الا الكفور
قال فى القاموس هل كلمة استفهام وقد يكون بمعنى الجحد وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك اداء شكرها والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا
وفى الآية اشارة الى ان المؤمن الشاكر يربط بشكره النعم الصورية والمعنوية من الايقان والتقوى والصدق والاخلاص والتوكل والاخلاق الحميدة وغير الشاكر يزيل بكفرانه هذه النعم فيجد بدلها الفقر والكفر والنفاق والشك والاوصاف الذميمة ألا ترى الى حال بلعم فانه لم يشكر يوما على نعمة الايمان والتوفيق فوقع فيما وقع من الكفر والعياذ بالله تعالى . فلما غرس اهل الكفر فى بستان القلب والروح الاشجار الخبيثة لم يجدوا الا الاثمار الخبيثة فما عوملوا الا بما استوجبوا وما حصدوا الا ما زرعوا وما وقعوا الا فى الحفرة التى حفروها كما قيل « يداك اوكتا وفوك نفخ » وهذا مثل مشهور يضرب لمن يتحسر ويتضجر مما يرد عليه منه يقال اوكأ على سقائه اذا شده بالوكاء والوكاء للقربة وهو الخيط الذى يشد به فوها وقد ورد فى العبارة النبوية ( فمن وجد خيرا فليحمد الله ) اى الذى هو ينبوع الرحمة والخير ( ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه ) وفى المثنوى
داد حق اهل سبارا بس فراغ ... صد هزاران قصر وايوانها وباغ
شكر آن نكزادرند آن بدركان ... در وفا بودند كمتر از سكان
مر سكانرا لقمة نانى زدر ... جون رسد بردرهمى بندد كمر
باسبان وحارس در ميشود ... كرجه بروى جور سختى ميرود
هم بارن درباشدش باش وقرار ... كفر دارد كرد غيرى اختيار
بيوفايى جون سكانرا عرا بود ... بيوفايى جون روا دارى نمود(11/191)
وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18)
{ وجعلنا } عطف على كان لسبأ وهو بيان لما اوتوا من النعم البادية فى مسايرهم ومتاجرهم بعد حكاية ما اوتوا من النعم الحاضرة فى مساكنهم ومحاضرهم وما فعلوا بها من الكفران وما فعل بهم من الجزاء تكملة لقصتهم وانما لم يذكر الكل معا لما فى التثنية والتكرير من زيادة تنبيه وتذكير والمعنى وجعلنا مع ما آتيناهم فى مساكنهم من فنون النعم { بينهم } اى بين بلادهم اليمنية { وبين القرى } الشامية { التى باركنا فيها } [ بركت داده ايم دران ] يعنى بالمياه والاشجار والثمار والخصب والسعية فى العيش للاعلى والادنى والقربة اسم للموضع الذى يجتمع فيه الناس بلدة كانت او غيرها والمراد هنا فلسطين واريحا واردن ونحوها والبركة ثبوت الخير الالهى فى الشئ والمبارك ما فيه ذلك الخير { قرى ظاهرة } اصل ظهر الشئ ان يحصل على ظهر الارض فلا يخفى وبطن الشئ ان يحصل فى بطنان الارض فيخفى ثم صار مستعملا فى كل ما برز للبصر والبصيرة اى قرى متواصلة يرى بعضها من بعض لتقاربها فهى ظاهرة لا عين اهلها اوراكبة متن الطريق ظاهرة للسابلة غير بعيدة عن مسالكهم حتى تخفى عليهم [ ودر عين المعانى آورده كه ازمأرب كه منزل اهل سبابود تاشام جهار هزار وهفتصدديه بود متصل ازسبا تابشام ] { وقدرنا فيها السير } [ التقدير : اندازه كردن ] والسير المضى فى الارض اى جعلنا القرى فى نسبة بعضها الى بعض على مقدار معين يليق بحال ابناء السبيل قيل كان الغادى من قرية يقيل فى الاخرى والرائح منها يبيت فى اخرى الى ان يبلغ الشام لا يحتاج الى حمل ماء وزاد وكل ذلك كان تكيملا لما اوتوا من انواع النعماء وتوافيرا لها فى الحضر والسفر { سيروا فيها } على ارادة واذن لهم فيه اى وقلنا لهم سيروا فى تلك القرى لمصالحكم { ليالى واياما } اى متى شئتم من الليالى والايام حال كونكم { آمنين } اصل الا من طمأنينة النفس وزوال الخوف اى آمنين من كل ما تكرهونه عن الاعداء واللصوص والسباع بسبب كثرة الخلق ومن الجوع والعطش بسبب عمارة المواضع لا يختلف الا من فيها باختلاف الاوقات او سيروا فيها آمنين وان تطاولت مدة سفركم وامتدت ليالى واياما كثيرة او سيروا فيها ليالى اعماركم وايامها لا تلقون فيها الا الا من لكن لا على الحقيقة بل على تنزيل تمكينهم من السير المذكور وتسوية مبادية واسبابه على الوجه المذكور منزلة امرهم بذلك(11/192)
فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)
{ فقالوا ربنا باعد بين اسفارنا } [ المباعدة والبعاد : ازكسى دورشدن وكسى را دور كردن ] والسفر خلاف الحضر وهو فى الاصل كشف الغطاء وسفر الرجل فهو سافر وسافر خص بالمفاعلة اعتبارا بان الانسان قد سفر عن المكان والمكان سفر عنه ومن لفظ السفر اشتقت السفرة لطعام السفر ولما يوضع فيه من الجلد المستدير
وقال بعضهم وسمى السفر سفرا لانه يسفر اى يكشف عن اخلاق الرجال ويستخرج دعاوى النفوس ودفائنها
قال اهل التفسير بطر اهل سبأ النعمة وسئموا طيب العيش وملوا العافية فطلبوا الكد والتعب كما طلب بنوا اسرائيل الثؤم والبصل مكان السلوى والعسل وقالوا لو كان جنى جناننا ابعد لكان اجدر ان نشتهيه وسألوا ان يجعل الله بينهم وبين الشام مفاوز وقفارا ليركبوا فيها الرواحل ويتزودوا الازواد ويتطاولوا فيها على الفقراء : يعنى [ توانكرانرا بردر ويشان حسد آمدكه ميان ما وايشان دررفتن هيج فرقى نيست يياده ومفلس اين راه همجنان ميرودكه سواره وتوانكر { فقالوا } بس كفتند اغنياى ايشان اى بروردكار ما دورى افكن ميان منازل سفرهاى ما : يعنى بيابانها بديدكن ازمنزلى بمنزلى تامردم بى زاد وراحله سفر نتوانند كرد ] فعجل لهم الاجابة بتخريب تلك القرى المتوسطة وجعلها بلقعا لا يسمع فيها داع ولا مجيب وفى المثنوى
آن سبا زاهل صبا بودند وخام ... كار شان كفران نعمت با كرام
باشد آن كفران نعمت در مثال ... كه كنى بامحسن خود توجزال
كه نمى بايد مرا اين نيكويى ... من برنجم زين جه رنجه ميشوى
لطف كن اين نيكويى را دور ... كن من نخواهم عافيت رنجور كن
بس سبا كفتند باعد بيننا ... شيننا خير لنا خذ زيننا
ما نمى خواهيم اين ايوان وباغ ... نى زنان خوب ونى امن وفراغ
شهرها نزديك همد يكر بدست ... آن بيا بانست خوش كانجاد دست
يطلب الانسان فى الصيف الشتا ... فاذا جاء الشتا انكرذا
فهو لا يرضى بحال ابدا ... لا يضيق لا بعيش رغدا
قتل الانسان ما اكفره ... كلما نال هدى انكره
{ وظلموا انفسهم } حين عرّضوها للسخط والعذاب بالشرك وترك الشكر وعدم الاعتداد بالنعمة وتكذيب الانبياء { فجعلناهم احاديث }
قال ابن الكمال الاحاديث مبنى على واحدة المستعمل وهو الحديث كأنهم جمعوا حديثا على احدثة ثم جمعوا الجمع على الاحاديث اى جعلنا اهل سبا اخبار وعظة لمن بعدهم بحيث يتحدث الناس بهم متعجبين من احوالهم ومعتبرين بعاقبتهم ومآلهم { ومزقناهم كل ممزق } اى فرقناهم غاية التفريق على ان الممزق مصدر او كل مطرح ومكان تفريق على انه اسم مكان وفى عبارة التمزيق بتفريق المتصل وخرقه من تهويل الامر والدلالة على شدة التأثير والايلام ما لا يخفى اى مزقناهم لا غاية وراءه بحيث تضرب به الامثال فى كل فرقة ليس بعدها وصال فيقال تفرقوا ايدى سبأ اى تفرقوا تفرق اهل هذا المكان من كل جانب وكانوا قبائل ولدهم سبأ فتفرقوا فى البلاد [ تايكى ازايشان دو مأرب نمايد قبيلة غسان از ايشان بشام رفت وقضاعه بمكه واسد ببحرين وانمار بيثرب وجذام بتهامه وازد بعمان ] { ان فى ذلك } المذكور من قصتهم { لآيات } عظيمة ودلالات كثيرة وعبرا وحجبا واضحة قاطعة على الوحدانية والقدرة(11/193)
قال بعضهم جمع الآيات لانهم صاروا فرقا كثيرة كل منهم آية مستقلة { لكل صبار } عن المعاصى ودواعى الهوى والشهوات وعلى البلايا والمشاق والطاعات { شكور } على النعم الآلهية فى كل الاوقات والحالات او لكل مؤمن كامل لان الايمان نصفان نصف صبر ونصف شكر [ در كشف الاسرار آورده كه اهل سبا دوخوش حال وفارغ بالى مى كذر انيدند بسبب بى صبرى بر غافيت وناشكرى برنعمت رسيد بديشان آنجه رسيد ]
اى روز كار عافيت شكرت نكفتم لا جرم ... دستى كه در آغوش بودا كنون بدندان مى كزم
وفى المثنوى
جون زحد بردند اصحاب سبا ... كه به ييش ماو بابه از صبا
ناصحانشان در نصيحت آمدند ... از فسوق وكفر مانع مى شدند
قصد خون ناصحان ميداشتند ... تخم فسق وكافرى مى كاشتند
بهر مظلومان همى كندند جاه ... درجة افتادند ومى كفتند آه
صبر آرد آرزورانى شتاب ... صبر كن الله اعلم بالصواب
قال بعض الكبار ان طلب الدنيا وشهواتها هو طلب البعد عن الله وعن حضرته والميل الى الدنيا والرغبة فى شهواتها من خسة النفس وركاكة العقل وهو ظلم على النفس فمن قطعته الدنيا عن الحضرة جعله الله عبرة لاهل الطلب واوقعه فى وادى الهلاك فلا بد من الصبر عن الدنيا وشهواتها والكشر على نعمة العصمة وتوفيق العبودية جعلنا الله واياكم من الراغبين اليه والمعتمدين عليه وعصمنا من الرجوع عن طريقه والضلال بعد ارشاده وتوفيقه انه الرحمن الذى بيده القلوب وتقليبها من حال الى حال وتصريفها كيف يشاء فى الايام والليالى(11/194)
وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20)
{ ولقد صدق عليهم ابليس ظنه } التصديق بالفارسية [ راستى يافتن ] وضمير عليهم الى اهل سبأ لتقدم ذكرهم والظاهر انه راجع الى الناس كما يشهد به ما بعده . وابليس مشتق من الابلاس وهو الحزن المعترض من شدة اليأس كما فى المفردات ابلس يئس وتحير ومنه ابليس او هو اعجمى انتهى
والظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض ومظنة الشئ بكسر الظاء موضع يظن فيه وجوده والمعنى وبالله لقد وجد ابليس ظنه بسبأ حين رأى انهماكهم فى الشهوات صادقا { فاتبعوه } اى اتبع اهل سبأ الشيطان فى الشرك والمعصية { الا فريقا من المؤمنين } الفريق الجماعة المنفردة عن الناس ومن بيانية اى الاجماعة هم المؤمنون لم يتبعوه فى اصل الدين وتقليلهم بالاضافة الى الكفار او تبعيضية اى الا فريقا من فرق المؤمنين لم يتبعوه وهم المخلصون او وجد ظنه ببنى آدم صادقا فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين وذلك انه حيث شاهد آدم عليه السلام قد اصغى الى وسوسته قال ان ذريته اضعف منه عزما ما ولذا قال لاضلنهم
وقال الكاشفى [ شيطان لعين كمان برده بود كه من بر بنى آدم بسبب شهوت وغضب كه درنهاد ايشان نهاده اند دست يابم وايشانرا كمراه كنم كمان دربارة اهل غوايت راست شد ] او قال انا نارى وآدم طينى والنار تأكل الطين او ظن عند قول الملائكة { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء }
قال فى التأويلات النجمية يشير الى ابليس لم يكن متيقنا ان يقدر على الاغواء والاضلال بل كان ظانا بنفسه انه يقدر على الاغواء والاضلال بل كان ظانا بنفسه انه يقدر على اغواء من لم يطع الله ورسوله فلما زين لهم الكفر والمعاصى وكانوا مستعدين لقبولها حكمة لله فى ذلك وقبلوا منه بعض ما امرهم به على وفق هواهم وتابعوه بذلك صدق عليهم ظنه اى وجدهم كما ظن فيهم : قال الشيخ سعدى قدس سره
نه ابليس در حق ما طعنه زد ... كز اينان نيايد بجز كار بد
فغان از بديها كه در نفس ما ست ... كه ترسم ظن ابليس راست
جو ملعون بسند آمدش قهر ما ... خدايش برانداخت از بهر ما
كجا سر برآ ريم ازين عاروننك ... كه با او بصلحيم وباحق بجنك
نظر دوست نادر كند سوى تو ... جودرروى دشمن بود روى تو
ندانى كه كمتر دوست باى ... جو بيند كه دشمن بود درسراى(11/195)
وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21)
{ وما كان له } اى لا بليس { عليهم من سلطان } السلطان القهر والغلبة ومنه السلطان لمن له ذلك اى تسلط واستيلاء بالوسوسة والاستغواء والا فهو ماسل سيفا ولا ضرب بعصا { الا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها فى شك } استثناء مفرغ من اعم العلل ومن وموصولة منصوبة بنعلم . والعلم ادراك الشئ بحقيقته والعالم فى وصف الله تعالى هو الذى لا يخفى عليه شئ والشك اعتدال النقيضين عند الانسان وتساويهما وفى نظم الصلة الاولى بالفعلية دلالة على الحدوث كما ان فى نظم الثانية بالاسمية اشعارا بالدوام وفى مقابلة الايمان بالشك ايذان بان ادنى مرتبة الكفر يوقع فى الورطة وجعل الشك محيطا وتقديم صلته والعدول الى كلمة من مع انه يتعدى بفى للمبالغة والاشعار بشدته وانه لا يرجى زواله فانه اذا كان منشأ الشك متعلقة لا امرا غيره كيف يزول وان من كان حاله على خلاف هذا يكون مرجوّ الفلاح . والمعنى وما كان تسلطه عليهم الا ليتعلق علمنا بمن يؤمن بالآخرة متميزا ممن هو فى شك منها تعلق حاليا يترتب عليه الجزاء فعلم الله قديم وتعلقه حادث اذ هو موقوف على وجود المكلف فى عالم الشهادة فلا يظن ظان بالله ظن السوء ان الله جل جلاله لم يكن عالما باهل الكفر واهل الايمان وانما سلط عليهم ابليس ليعلم به المؤمن من الكافر فان الله بكمال قدرته وحكمته خلق الكفر مستعدا للكفر وخلق اهل الايمان مستعدا للايمان كما قال عليه السلام « خلق الجنة وخلق لها اهلها وخلق النار وخلق لها اهلا » وقال تعالى { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس } فالله تعالى كان عالما بحال الفريقين قبل خلقهم وهو الذى خلقهم على ما هم به وانما سلط الله الشيطان على بنى آدم لاستخراج جواهرهم من معادن الانسانية كما تسلط النار على المعادن لتخليص جوهرها فان كان الجوهر ذهبا فيخرج منه الذهب وان كان الجوهر نحاسا فيخرج منه النحاس فلا تقدر النار ان تخرج من معدن النحاس الذهب ولا من معدن الذهب النحاس فسلط عليهم لانهم معادن كمعادن الذهب والفضة وهو نارى يستخرج جواهرهم من معادنهم بنفخة الوساوسو فلا يقدر ان يخرج من كل معدن الا ما هو جوهره
درزمين كرنيشكر ورخودنى است ... ترجمان هرزمين بنت وى است
وقال بعضهم العلم هنا مجاز عن التمييز والمعنى الا لتميز المؤمن بالآخرة من الشاك فيها فعلل التسلط بالعلم والمراد ما يلزمه { وربك على كل شئ حفيظ } محافظة عليه بالفارسية [ نكهبانست ] فان فعيلا ومفاعلا صيغتان متآخيتان
وقال بعضهم هو الذى يحفظ كل شئ على ما هو به
والحفيظ من العباد من يحفظ ما امر بحفظه من الجوارح والشرائع والامانات والودائع ويحفظ دينه عن سطوة الغضب وخلابة الشهوة وخداع النفس وغرور الحكماء الالهية اسباب الحفظ الجد والمواظبة وترك المعاصى واستعمال السواك وتقليل النوم وصلاة الليل وقراءة القرآن نظراً وشرب العسل واكل الكندر مع السكر واكل احدى وعشرين زبيبة حمراء كل يوم على الريق(11/196)
ومن خصاية هذا الاسم وهو الحفيظ ان من علقه عليه لو نام بين السباع ما ضرته ومن حفظ الله تعالى ما قال ذو النون رضى الله عنه وقعت ولولة فى قلبى فخرجت الى شط النيل فرأيت عقربا يعدو فتبعته فوصل الى ضفدع على الشط فركب ظهره وعبر به النيل فركبت السفينة واتبعته فنزل وعدا الى شاب نائم واذا بافعى بقربه تقصده فتواثبا وتلادغا وماتا وسلم النائم
قال ابراهيم الخواص قدس سره كنت فى طريق مكة فدخلت الى خربة بالليل واذا فيها سبع عظيم فخفت فهتف بى هاتف اثبت فان حولك سبعين الف ملك يحفظونك وهذا من لطف الله باوليائه فواحد يحفظ عليه اعماله ليجازيه وآخر يحفظه فيدفع عنه الآفات اللهم احرسنا بعينك التى لا تنام واحفظنا برأفتك التى لا ترام وارحمنا بقدرتك علينا فلا تهلك وانت ثقتنا ورجاؤنا يا ارحم الراحمين برأفتك التى لا ترام وارحمنا بقدرتك علينا فلا تهلك وانت ثقتنا ورجاؤنا يا ارحم الراحمين ويا اكرم الاكرمين(11/197)
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22)
{ قل } يا محمد للمشركين اظهارا لبطلان ما هم عليه وتبكيتا لهم { ادعوا } نادوا { الذين زعمتم }
قال فى القاموس الزعم مثلثة القول الحق والباطل والكذب ضد واكثر ما يقال فيما يشك فيه
وفى المفردات الزعم حكاية قول يكون مظنة الكذب ولهذا جاء فى القرآن فى كل موضع ذك القائلين به والمعنى زعمتموهم آلهة وهما مفعولا زعم ثم حذف الاول وهو ضمير الراجع الى الموصول تخفيفا لطول الموصول بصلته والثانى وهو آلهة لقيام صفته اعنى قوله { من دون الله } مقامه والمعنى ادعوا الذين بعدتموهم من دون الله فيما يهتمكم من جلب نفع ودفع ضر لعلهم يستجيبون لكم ان صح دعواكم ثم اجاب عنه اشعارا بتعين الجواب وانه لا يقبل المكابرة فقال بطريق الاستئناف لبيان حالهم { لا يملكون مثقال ذرة } من خير وشر ونفع وضر وقد سبق معنى المثقال والذرة فى اوائل هذه السورة { فى السموات ولا فى الارض } اى فى امر ما من الامور وذكرهما للتعميم عرفا يعنى ان اهل العرف يعبرون بهما عن جميع الموجودات كما يعبرون بالمهاجرين والانصار عن جميع الجماعة او لان آلهتهم بعضها سماوية كالملائكة والكواكب وبعضها ارضية كالاصنام او لان الاسباب القريبة للخير والشر سماوية وارضية { ومالهم } اى لآلهتهم { فيهما } فى السموات والارض { من شرك } اى شركة لا خلقا ولا ملكا ولا تصرفا { وماله } اى لله تعالى { منهم } من آلهتهم { من ظهير } من عون يعينه فى تدبير امورهما . تلخيصه انه تعالى غنى عن كل خلقه وآلهتهم عجزه عن كل شئ وفى المثنوى
نيست خلقش را دكر س مالكى ... شر كتش دعوى كند حزهالكى
ذات او مستغنيست از ياورى ... بلكه يابد عون ازو هر سرورى(11/198)
وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)
{ ولا تنفع الشفاعة } وهى طلب العفو او الفضل للغير من الغير يعنى ان الشافع شفيع للمشفوع له فى طلب نجاته او زيادة ثوابه ولذا لا تطلق الشفاعة على دعاء الرجل لنفسه واما دعاء الامة للنبى عليه السلام وسؤالهم له مقام الوسيلة فلا يطلق عليه الشفاعة اما لاشتراط العلو فى الشفيع واما لاشتراط العجز فى المشفوع له وكلاهما منتف ههنا { عنده } تعالى كما يزعمون اى لا توجد رأسا لقوله تعالى { من ذا الذى يشفع عنده الا بأذنه } وانما علق النفى بنفعها لا بوقوعها تصريحا بنفى ما هو غرضهم من وقوعها { الا لمن اذن له } استثناء مفرغ من اعم الاحوال اى لا تنفع الشفاعة فى حال من الاحوال الا كائنة لمن اذن له اى لاجله وفى شأنه من المستحقين للشفاعة واما من عداهم من غير المستحقين لها فلا تنفعهم اصلا وان فرض وقوعها وصدورها عن الشفعاء اذ لم يأذن لهم فى شفاعتهم بل فى شفاعة غيرهم فعلى هذا يثبت حرمانهم من شفاعة هؤلاء بعبارة النص ومن شفاعة الاصنام بدلالته اذ حين حرموها من جهة القادرين على شفاعة بعض المحتاجين اليها فلان يحرموها من جهة العجزة عنها اولى { حتى اذا فزع عن قلوبهم } التفزيع من الاضداد فانه التخويف وازالة الخوف والفزع : وبالفارسية [ بترسانيدن واندوه وابردن ] وهذا يعدى بعن كما فى هذا المقام والفزع انقباض ونفار يعترى الانسان من الشئ المخيف وهو من جنس الجزع ولذا لا يقال فزعت من الله كما يقال خفت منه والمعنى حتى اذا ازيل الفزع عن قلوب الشفعاء والمشفوع لهم من المؤمنين واما الكفرة فهم عن موقف الاستشفاع بمعزل وعن التفزيع عن قلوبهم بالف منزل وحتى غاية لما ينبئ عنه ما قبلها من الاشعار بوقوع الا لمن اذن له فانه يشعر بالاستئذان المستدعى الترقب والانتظار للجواب كأنه سئل كيف يؤذن لهم فقيل يتربصون فى موقف الاستئذان والاستدعاء ويتوقفونعلى وجل وفزع زمانا طويلا حتى اذا ازيل الفزع عن قلوبهم بعد اللتيا والتى وظهرت لهم تباشير الاجابة { قالوا } اى المشفوع لهم اذ هم المحتاجون الى الاذن والمهتمون بامره { ماذا } [ جه جيز ] { قال ربكم } اى فى شأن الاذن { قالوا } اى الشفعاء لانهم المباشرون للاستئذان بالذات المتوسطون بينهم وبينه تعالى بالشفاعة { الحق } اى وقال ربنا القول الحق وهو الاذن فى الشفاعة للمستحقين لها { وهو العلى الكبير } من تمام كلام الشفعاء قالوه اعترفا بغاية عظمة جناب العزة وقصور شأن كل من سواه اى هو المتفرد بالعلو والكبرياء شأنا وسلطانا ذاتا وصفة قولا وفعلا ليس لاحد من اشراف الخلائق ان يتكلم الا باذنه
قال بعضهم العلى فوق خلقه بالقهر والاقتدار والعلى الرفيع القدر واذا وصف به تعالى فمعناه انه يعلو ان يحيط به وصف الواصفين بل وعلم العارفين والعبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا اذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الانبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقها وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه علو اضافى لا مطلق والتحلق بهذا الاسم بالجنوح الى معالى الامور والبعد عن سفسافها وفى الحديث(11/199)
« ان الله يحب معالى الامور ويبغض سفسافها » وعن على رضى الله عنه علو الهمة من الايمان قال الصائب
جون بسير لا مكان خود ميروم ازخويشتن ... همجو همت توسنى درزير زين داريم ما
وخاصية هذا الاسم الرفع عن اسافل الامور الى اعاليها فيكتب ويعلق على الصغير فيبلغ وعلى الغريب فيجمع شمله وعلى الفقير فيجد غنى بفضل الله تعالى
واما الكبير فهو الذى يحتقر كل شئ فى جنب كبريائه
وقيل فى معنى الله اكبر اى اكبر من ان يقال له اكبر او يدرك كنه كبريائه وغيره
قال بعض الكبار معنى قول المصلى الله اكبر بلسان الظاهر الله اكبر ان يقيد ربى حال من الاحوال بل هو تعالى فى كل الاحوال اكبر ومن عرف كبرياءه نسى كبرياء نفسه والكبير من العباد هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من انواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء
وخاصية هذا الاسم فتح باب العلم والمعرفة لمن اكثر من ذكره وان قرأه على طعام واكله الزوجان وقع بينهما وفق وصلح
وفى الاربعين الادريسية يا كبير انت الذى لا تهتدى العقول لوصف عظمته
قال السهروردى اذا اكثر منه المديان ادى دينه واتسع رزقه وان ذكره معزول عن رتبته سبعة ايام كل يوم الفا وهو صائم فانه يرجع الى مرتبته ولو كان ملكا(11/200)
قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)
{ قل من } استفهام بمعنى [ كه ] بالفارسية { يرزقكم من السموات } بانزال المطر { والارض } باخراج النبات امر عليه السلام بتبكيت المشركين بحملهم على الاقرار بان آلهتهم لا يملكون مثال ذرة فيهما وان الرازق هو الله تعالى فانهم لا ينكرونه كما ينطق به قوله تعالى { قل من يرزقكم من السماء والارض ام من يملك السمع والابصار فسيقولون الله } وحيث كانوا يتلعثمون فى الجواب مخافة الالزام قيل له عليه السلام { قل الله } يرزقكم اذ لا جواب سواه عندهم ايضا
اعلم ان الرزق قسمان ظاهر وهو الاقوات والاطعمة المتعلقة بالابدان وباطن وهو المعارف والمكاشفات المتعلقة بالارواح وهذا اشرف القسمين فان ثمرته حياة الابد وثمرة الرزق الظاهر قوة الى مدة قريبة الامد والله تعالى هو المتولى لخلق الرزقين والمتفضل بالايصال الى كلا الفريقين ولكنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفى الحديث « طلب الحلال فريضة بعد الفريضة » اى فريضة الايمان والصلاة وفى الحديث « ان الله ملكا على بيت المقدس ينادى كل ليلة من اكل حراما لم يقبل منه صرف ولا عدل » اى نافلة وفريضة [ وكفته اند وكتفه ازباكى مطعم وحلالى قوت صفاى دل خيزد واز صفاى دل نور معرفت افزايد وبانور معرفت مكاشفات ومنازلات در ييوندد ] : وفى المثنوى
لقمة كان نور افزود وكمال ... آن بود آورده از كسب حلال
روغنى كايد جراغ ما كشد ... آب خوانش جون جراغى راكشد
علم وحكمت زايد از لقمه حلال ... جهل ورقت آيد از لقمة حلال
جون لقمة توحسد بينى ودام ... جهل وغفلت زايد آنراد ان حرام
هيج كندم كارى وجو بردهد ... ديدة اسبى كه كره خردهد
لقمه تخمست وبرش انديشها ... لقمه بحر وكوهرش انديشها
زايد از لقمة حلال اندر دهان ... ميل خدمت عزم رفتن آن جهان
{ وانا } [ وديكر بكو بايشان كه بدرستئ ما ] { او اياكم } عطف على اسم ان يعنى [ باشما ] { لعلى هدى } [ برراه راستيم ] { او فى ضلال مبين } [ يادركمراهى آشكار ] اى وان احد الفريقين من الذين يوحدون المتوحد بالرزق والقدرة الذاتية ويحصونه بالعبادة والذين يشركون به فى العبادة الجماد النازل فى ادنى المراتب الامكانية لعلى احد الامرين من الهدى والضلال المبين وهذا بعد ما سبق من التقرير البليغ الناطق بتعيين من هو على الهدى ومن هو فى الضلال ابلغ من التصريح بذلك لجريانه على سنن الانصاف المسكت للخصم الالد ونحو قول الرجل فى التعريف لصاحبه الله يعلم ان احدنا لكاذب : يعنى [ اين سخن جنانست دوكس در خصومت باشند يكى محق ويكى مبطل محق كويد از مايكى دروغ زنست ناجار ومقتصد وى ازين سخن تكذيب مبطل باشد وتصديق خويش همانست كه رسول عليه السلام كفت متلاعنين را ] الله يعلم ان احدا كما كاذب فهل منكما تائب واو هننا لمجرد ابهام واظهار نصفة لا للشك والتشكيك
وقال بعضهم او ههنا بمعنى الواو : يعنى انا واياكم لعلى هدى ان آمنا او فى ضلال مبين ان لم نؤمن انتهى
واختلاف الجارين للايذان بان الهادى الذى هو صاحب الحق كمن استعلى على مكان مرتفع ينظر الاشياء ويتطلع عليها او ركب فرسا جوادا يركضه حيث يشاء والضال كأنه منغمس فى ظلام لا يرى شيأ ولا يدرى اين يتوجه او متردى فى بئر عميق او محبوس فى مطمورة لا يستطيع الخروج منها(11/201)
قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25)
{ قل لا تسألون عما اجرمنا } [ الاجرام : جرم كردن ] والجرم بالضم الذنب واصله القطع واستعير لكل اكتساب مكروه مكا فى المفردات اى فعلنا واكتسبنا من الصغائر والزلات التى لا يخلو منها مؤمن { ولا نسأل عما تعملون } من الكفر والكبائر بل كل مطالب بعمله وكل زرّاع يحصد زرعه لا زرع غيره
برفتند وهركس ... درود آنجه كشت
وهذا ابلغ فى الانصاف وابعد من الجدل والاعتساف حيث اسند فيه الاجرام وان اريد به الزلة وترك الاولى الى انفسهم ومطلق العمل الى المخاطبين مع ان اعمالهم اكبر الكبائر(11/202)
قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26)
{ قل يجمع بيننا ربنا } يوم القيامة عند الحشر والحساب { ثم يفتح بيننا بالحق } [ الفتح : كشادن وحكم كردن ] اى يحكم بيننا ويفصل بعد ظهور حال كل منا ومنكم بان يدخل المحقين الجنة والمبطلين النار { وهو التفاح } الحاكم الفيصل فى القضايا المنغلقة اى المشكلة { العليم } بما ينبغى ان يقضى به وبمن يقضى له وعليه ولا يخفى عليه شئ من ذلك كما لا يخفى عليه ما عدا ذلك
قال الزروقى الفتاح المتفضل باظهار الخير والسعة على اثر ضيق وانغلاق باب للارواح والاشباح فى الامور الدنيوية والاخروية
وقال بعض المشايخ الفتاح من الفتح وهو الافراج عن الضيق كالذى يفرج تضايق الخصمين فى الحق بحكمه والذى يذهب ضيق النفس بخيره وضيق الجهل بتعليمه وضيق الفقر ببذله
قال الامام الغزالى رحمه الله الفتاح هو الذى بعنايته ينفتح كل منغلق وبهدايته ينكشف كل مشكل فتارة يفتح الممالك لانبيائه ويخرجها من ايدى اعدائه ويقول انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وتارة يرفع الحجاب عن قلوب اوليائه ويفتح لهم الابواب الى ملكوت سمائه وجمال كبريائه ويقول ما يفتح للناس من رحمة فلا ممسك لها ومن بيده مفاتيح الغيب ومفاتيح الرزق فبالاحرى ان يكون فتاحا وينبغى ان يتعطش العبد الى ان يصير بحيث ينفتح بلسانه مغاليق المشكلات الالهية وان يتيسر بمعونته ما تعسر على الخلق من الامور الدينية والدنيوية لكيون له حظ من اسم الفتاح
وخاصية هذا الاسم تيسير الامور وتنوير القلب والتمكين من اسباب الفتح فمن قرأه فى اثر صلاة الفجر احدى وسبعين مرة ويده على صدره طهر قلبه وتنور سره وتيسر امره وفيه تيسير الرزق وغيره
والعليم مبالغة العالم وهو من قام به العلم ومن عرف انه تعالى هو العالم بكل شئ راقبه فى كل شئ واكتفى بعلمه فى كل شئ فكان واثقا به عند كل شئ ومتوجها له بكل شئ
قال ابن عطاء الله متى آلمك عدم اقبال الناس عليك اوتوجهم بالذم اليك فارجع الى علم الله فيك فمصيبتك بعدم قتاعتك بعلمه اشد من مصيبتك بوجود الاذى منهم
وخاصية هذا الاسم تحصيل العلم والمعرفة فمن لازمه عرف الله حق معرفته على الوجه الذى يليق به
وفى شمس المعارف من انبهم عليه امر او كشف سر من اسرار الله فليدم عليه فانه يتيسر له ما سأل ويعرف الحكمة فيما طلب وان اراد فتح باب الصفة الالهية فتح له باب من العلم والعمل(11/203)
قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)
{ قل ارونى } { بنماييد بمن } { الذين الحقتم } الحتقموهم : يعنى [ بربسته آيد ]
قال فى تاج المصادر [ الالحاق : دررسيدن ودر رسانيدن ] { به } تعالى { شركاء } اريد بامرهم اراءة الاصنام مع كونها بمرأى منه عليه السلام اظهار خطأهم العظيم وطلاعهم على بطلان رأيهم اى اورنيها لانظر بأى صفة الحقتموها بالله الذى الزام الحجة عليهم { كلا } ردع لهم عن المشاركة بعد ابطال المقايسة كما قال ابراهيم عليه السلام اف لكم ولما تعبدون بعدما حجهم يعنى : [ اين انبازى درست نيست ] { بل هو } اى الله وحده او الشان كما قال هو الله احد { الله العزيز الحكيم } اى الموصوف بالغلبة القاهرة والحكمة الباهرة فاين شركاؤكم التى هى اخس الاشياء واذلها من هذه المرتبة العالية : يعنى [ بس كه با اودم شركت تواندزد وحده لا شريك له صفتش وهو الفرد اصل معرفتش شرك راسوى وحدتش ده نه عقل ازكنه ذاتش آكه نه هست درراه كبريا وجلال شرك نالائق وشريك محال ]
والتقرب باسم العزيز فى التمسك بمعناه وذلك برفع الهمة عن الخلائق فان العزفيه ومن ذكره اربعين يوما فى كل يوم اربعين مرة اعانه الله تعالى واعزه فلم يحوجه لاحد من خلقه
وفى الاربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب عل امره فلا شئ يعادله
قال السهروردى من قرأه سبعة ايام متواليات كل يوم الفا اهلك خصمه وان ذكره فى وجه العسكر سبعين مرة ويشير اليهم بيده فانهم ينهزمون والتقرب باسم الحكيم ان تراعى حكمته فى الامور فتجرى عليها مقدما مقدما ما جاء شرعا ثم عادة سلمت من معارض شرعى
وخاصيته دفع الدواهى وفتح باب الحكمة فمن اكثر ذكره صرف عنه ما يخشاه من الدواهى وفتح له باب من الحكمة والحكمة فى حقنا اصابة الحقفى القول والعمل وفى حق الله تعالى معرفة الاشياء وايجادها على غاية الاحكام
قال بعضهم الحكمة تقال بالاشتراك على معنيين . الاول كون الحكيم بحيث يعلم الاشياء على ما هى عليه فى نفس الامر . والثانى كونه بحيث تصدر عنه الافعال المحكمة الجامعة وقد سبق باقى البيان فى تفسير سورة لقمان ومن الله العون على تحصيل العلم والاجتهاد فى العمل ومعرفة الاشياء على ما هى عليه(11/204)
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)
{ وما ارسلناك } يا محمد اى ما يعثناك : والارسال بالفارسية [ فرستادن ] { الا } ارسالا { كافة } عامة شاملة { للناس } محيطة باحمرهم واسودهم من الكف بمعنى المنع لانها اذا عمتهم وشملتهم فقد كفتهم ان يخرج منها احد منهم فانتصاب كافة على انها صفة مصدر محذوف والتاء للتأنيث والجار متعلق بها ويجوز ان تكون حالا من الكاف والتاء للمبالغة كتاء علامة اى ما ارسلناك فى حال من الاحوال الا حال كونك جامعا لهم فى الابلاغ لان الكف يلزم الجمع
وفى كشف الاسرار الكافة هى الجامعة للشئ المانعة له عن التفرق ومنه الكفاف من العيش وقولك كف يدك اى اجمعها اليك ولا يجوز ان يكون حالا من الناس لامتناع تقدم الحال على صاحبها المجرور كامتناع تقدم المجرور على الجار
قال الراغب وما ارسلناك الا كافا لهم عن المعاصى والتاء فيه للمبالغة انتهى
{ بشيرا } حال كونك بالفارسية { مزدة دهنده } للمؤمنين بالجنة وللعاشقين بالرؤية { ونذيرا } وحال كونك منذرا بالفارسية [ بيم كننده ] للكافرين بالنار وللمنكرين بالحجاب { ولكن اكثر الناس لا يعلمون } ذلك فيحملهم على المخالفة والعصيان وكرر ذكر الناس تخصيصا للجهل بنعمتى البشارة والنذارة ونعمة الرسالة بهم وانهم هم الذين لا يعلمون فضل الله بذلك عليهم ولا يشكرونه وذلك لان العقل لا يستقل بادراك جميع الامور الدنيوية والاخروية والتمييز بين المضار والمنافع فاحتاج الناس الى التبشير والانذار وبيان المشكلات من جهة اهل الوحى
قال صاحب كشف الاسرار [ صديق صديقان عالم كرد شراك نعلين جاكران وى بود وبيكانكان منكران اورا كاذب ميكفتند صداى وحى غيب عاشق سمع عزيز وى بود اورا كاهى ميخواندند عقول همه عقول عقلاء عالم از ادراك نور شراك غرا وعاجز بود وكافران نام او ديوانه نهادند آرى ديدهاى ايشان بحكم لطف ازل توتياى صدق نيافته وبجشمهاى ايشان كحل اقبل حق نرسيده واز آنست كه اورا نشتاختند ]
ودلت الآية على عموم رسالته وشمول بعثته وفى الحديث « فضلت على الانبياء بست اعطيت جوامع الكلم » وهى ما يكون الفاظه قليلة ومعانيه كثيرة ( ونصرت بالرعب ) يعنى نصرنى الله بالقاء الخوف فى قلوب اعدائى ( من مسيرة شهر بينى وبينهم ) وجعل الغاية شهرا لانه لم يكن بين بلده وبين احد من اعدائه المحاربين له اكثر من شهر ( واحلت لى الغنائم ) يعنى ان من قبله من الامم كانوا اذا غنموا الحيوانات تكون ملكا للغانمين دون الانبياء فخص نبينا عليه السلام باخذ الخمس والصفى واذا غنموا غيرها من الامتعة والاطعمة والاموال جمعوه فتجيء نار بيضاء من السماء فتحرقه حيث لاغلول وخص هذه الامة المرحومة بالقسمة بينهم كاكل لحم القربان فان الله احله لهم زيادة فى ازراقهم ولم يحله لمن قبلهم من الامم ( وجعلت لى الارض طهورا ومسجدا ) يعنى اباح الله لامتى الصلاة حيث كانوا تخفيفا لهم واباح التيمم بالتراب عند فقد الماء ولم يبح الصلاة للامم الماضية الا فى كنائسهم ولم يجز التطهر لهم الا بالماء ( وارسلت الى الخلق كافة ) اى فى زمنه وغيره ممن تقدم او تأخر بخلاف رسالة نوح عليه السلام فانها وان كانت عامة لجميع اهل الارض لكنها خصت بزمانه(11/205)
قال فى انسان العيون والخلق يشتمل الانس والجن والملك والحيوانات والنبات والحجر
قال الجلال السيوطى وهذا القول اى ارساله للملائكة رجحته فى كتاب الخصائص وقد رجحه قبلى الساعة ورجحه ايضا البارزى وزاد انه مرسل الى جميع الحيوانات والجمادات وزيد على ذلك انه مرسل الى نفسه وذهب جمع الى انه لم يرسل للملائكة منهم الحافظ العراقى والجلال المحلى وحكى الفخر الرازى فى تفسيره والبرهان النسفى فيه الاجماع فيكون قوله عليه السلام « ارسلت الى الخلق كافة » وقوله تعالى { ليكون للعالمين نذيرا } من العام المخصوص ولا يشكل عليه حديث سلمان رضى الله عنه اذا كان الرجل فى ارض واقام الصلاة صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى طرفاه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده لانه يجوز ان يكون ذلك صادرا عن بعثته اليهم
يقول الفقير دل كونه افضل المخلوقات على عموم بعثته لجميع الموجودات ولذا بشر بمولده اهل الارض والسماء وسلموا عليه حتى الجماد بفصيح الاداء فهو رحمة للعالمين ورسول الى الخلق اجمعين : قال حضرة الشيخ العطار قدس سره
داعئ ذرات بود آن باك ذات ... در كفش تسبيح ازان كفتى حصات
قال بعضهم
ترا دادند منشور سعادت ... وزان بس نوع انسان آفريدند
برى را جمله درخيل تو كردند ... بس آنكاهى سليمان آفريدند
وختم به النبيون اى فلا نبى بعده لا مشرعا ولا متابعا كما بين فى سورة الاحزاب
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ارسال ماهية وجودك التى عبرت عنها مرة بنورى وتارة بروحى من كتم العدم الى عالم الوجود لم يكن منا الا لتكون بشيرا ونذيرا للناس كافة من اهل الاولين والآخرين والانبياء والمرسلين وان لم يخلقوا بعد لاحتياجهم لك من بدء الوجود فى هذا الشأن وغيره الى الابد كما قال صلى الله عليه وسلم « الناس محتاجون الى شفاعتى حتى ابى ابراهيم » فاما فى بدء وجودهم فالارواح لما حصلت فى عالم الارواح باشارة كن تابعة لروحك احتاجت الى ان تكون لها بشيرا ونذيرا لتعلقها بالاجسام لانها علوية بالطبع لطيفة نورانية والاجسام سفلية بالطبع كثيفة ظلمانية لا تتعلق به ولا تميل اليها لمضادة بينهما فتحتاج الى بشير يبشرها بحصول كمال لها عند الاتصال بها لترغيب اليها وتحتاج الى نذير ينذرها بانها ان لم تتعلق بالاجسام تحرم من كمالها وتبقى ناقصة غير كاملة كمثل حبة فيها شجرة مركوزة بالقوة فان تزرع وترب بالماء تخرج الشجرة من القوة الى الفعل الى ان تبلغ كمال شجرة مثمرة فالروح بمثابة الأكار المربى فبعد تعلق الروح بالقالب واطمئنانه واتصفافه بصفته يحتاج الى بشير بحسب مقامه يبشره بنعيم الجنة وملك لا يبلى ثم يبشره بقرب الحق تعالى ويشوقه الى جماله ويعده بوصاله ونذير ينذره اولا بنار جهنم ثم يوعده بالبعد عن الحق ثم بالقطيعة والهجران ان واذا امعنت النظر وجدت شجرة الموجودات منبتة من بذر روحه صلى الله عليه وسلم وهو ثمرة هذه الشجرة من جميع الانبياء والمرسلين وهم وان كانوا ثمرة هذه الشجرة ايضا ولكن وجدوا هذه المرتبة بتبعيته كما انه من بذر واحد يظهر على الشجرة ثمار كثيرة بتبعية ذلك البذر الواحد فيجد كل بشير ونذير فرعا لاصل بشيريته ونذيريته والذى يدل على هذا التحقيق قوله تعالى(11/206)
{ وما ارسلناك الا رحمة للعالمين } دخلت شجرات الموجودات كلها تحت الخطاب وبقوله { ولكن اكثر الناس لا يعلمون } يشير الى ان اكثر الناس الذين هم اجزاء وجود الشجرة وما وصلوا الى رتبة الثمرية لا يعلمون حقيقة ما قررنا لان احوال الثمرة ليست معلومة للشجرة الا لثمرة مثلها فى وصفها لتكون واقفة بحالها
نداند آدم كامل جز آدم ...(11/207)
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29)
{ ويقولون } اى المشركون من فرط جهلهم وغاية غيهم مخاطبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به بطريق الاستهزاء { متى } [ كى باشد ] { هذا الوعيد } المبشر به والمنذر عنه يعنى الجنة والنار { ان كنتم صادقين } فى دعوى الوقوع والوجود(11/208)
قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30)
{ قل لكم ميعاد يوم } اى وعد يوم وهو يوم البعث مصدر ميمى { لا تستأخرون عنه } اى عن ذلك الميعاد عند مفاجأته فالجملة صفة للميعاد { ساعة } [ مقدار اندك اززمان ] { ولا تستقدمون } [ الاستئخار : بس شدن . والاستقدام : ييش شدن ] وفى الجواب من المبالغة فى التهديد ما لا يخفى حيث جعل الاستئخار فى الاستحالة كالاستقدام الممتنع عقلا
وفى التأويلات النجمية يشير الى ارباب الطلب واستعجالهم فيما وعدوهم من رتبة الثمرية يعنى متى نصل الى الكمال الذى بشرتمونا به وبقوله { قل لكم } الى آخره يجيبهم كما ان الثمرة كل شجرة وقتا معلوما لادراكها وبلوغها الى كمالها كذلك لكل سالك وقت معلوم لبلوغه الى رتبة كما له كما قال تعالى { حتى اذا بلغ اشده وبلغ اربعين سنة } ولهذا السر قال تعالى مع حبيبه عليه السلام « فاصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل » هذا يشير الى ان لنيل كل مقام صبرا مناسبا لذلك المقام كما ان النبى عليه السلام لما كان من اولى العزم من الرسل امر بصبر اولى العزم من الرسل كما قال مولانا جلال الدين الرومى قدس سره
صبر آرد آرزور انى شتاب ... صبر كن والله اعلم بالصواب(11/209)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31)
{ وقال الذين كفروا } اى كفار قريش { لن نؤمن بهذا القرآن } الذى ينزل على محمد { ولا بالذى بين يديه } اى ولابما نزل قبله من الكتب القديمة الدالة على البعث كالتوراة والانجيل
قال فى كشف الاسرار [ جشمى كه مستعمل شدة مملكت شيطان باشد مارا جون شناسد . دلى كه ملوث تصرف ديو بود ازكجا جلال عزت قرآن بداند . دلى بايد بضمان امان وحرم كرم حق بناه يافته تا راه بر رسالت ونبوت ما برد . شمعى بايد كفر خلاص يافته واز خواب شهوت بيدار شده تامعجزات وآيات بيند ودريابد . اى جوانمرد هركه جمالى ندارد كه باسلطان نديمى كند جه كند تا كلخانيانرا حريقى نكند ]
در مصطبها هميشه فراشتم من ... شايستة صومعه كجا باشم من
هو جند قلندرى وقلاشم من ... تخمى باميد درد مى باشم من
{ ولو ترى } يا محمد او يا من يليق بالخطاب { اذ الظالمون } المنكرون للبعث لانهم ظلموا بان وضعوا الانكارموضع الاقرار { موقوفون عند ربهم } اى محبوسون فى موقف المحاسبة على اطراف اناملهم وجواب لو محذوف اى لرأيت امرا فظيعا شنيعا تقصر العبارة عن تصويره : يعنى [ هرآينه به بينى امرى صعب وكارى دشوار ] وانما دخلت لو على المضارع مع انها للشرط فى الماضى لتنزيله منزلة الماضى الن المترقب فى اخبار الله كالماضى المقطوع به فى تحقق وقوعه او لاستحضار صورة الرؤية ليشاهدها المخاطب { يرجع بعضهم } اى يرد من رجع رجعا بمعنى رد { الى بعض القول } اى يتحاورون ويتراجعون القول ويتجاذبون اطراف المجادلة : وبالفارسية [ محاوره ميكنند سخن برهم ميكردانند وجواب ميكويند ] ثم ابدل منه قوله { يقول الذين استضعفوا } [ الاستضعاف : ضعيف شمردن ] اى يقول الاتباع الذين عدوا ضعفاء وقهروا : وبالفارسية [ زبون وبيجاره كرفتكان ] { للذين استكبروا } [ سركشى ميكردند دردنيا ] اى للرؤساء الذين بالغوا فى الكبر والتعظيم عن عبادة الله وقبول قوله المنزل على انبيائه واستتبعوا الضعفاء فى الغى والضلال { لولا انتم } اى لولا اضلالكم وصدكم لنا عن الايمان { لكنا مؤمنين } اى انتم منعتمونا من الايمان واتباع الرسول كأنه قيل فماذا قال الذين استكبروا(11/210)
قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32)
{ قال الذين استكبروا للذين استضعفوا } منكرين لكونهم الصادين لهم عن الايمان مثبتين ذلك لانفسهم اى المستضعفين { أنحن } [ آياما ] { صددناكم } منعناكم وصرفناكم { عن الهدى } [ ازقبلو ايمان وهدايت ] { بعد اذ جاءكم } اى الهدى اى لم نصدكم عنه كقولك ما انا قلت هذا تريد لم اقله مع انه مقول لغيرى فان دخول همزة الاستفهام الانكارى على الضمير يفيد نفى الفعل عن المتكلم وثبوته لغيره كما قال { بل كنتم مجرمين } فى الاجرام فبسبب ذلك صددتم انفسكم عن الايمان وآثرتم التقليد وفى هذا تنبيه للكفار على ان طاعة بعضهم لبعض فى الدنيا تصير سبب عداوة فى الآخرة وتبرى بعضهم من بعض(11/211)
وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)
{ وقال الذين استضعفوا } مجيبين { للذين استكبروا } عطف على الجملة الاستئنافية واضراب على اضرابهم وابطال له { بل مكر الليل والنهار } المكر صرف الغير عما يقتصده بحيلة اى بل صدّنا مكركم بنا فى الليل والنهار وحملكم ايانا على الشرك والاوزار فحذف المضاف اليه واقيم مقامه الظرف اتساعا يعنى اتسع فى الظرف باجرائه مجرى المفعول به كقوله « يا سارق الليلة اهل الدار » او جعل ليلهم ونهارهم ماكرين مجازا { اذ تأمروننا } ظرف للمكر اى بل مكركم الدائم وقت امركم لنا { ان نكفر بالله ونجعل له اندادا } نقول له شركاء على ان المراد بمكرهم اما نفس امرهم بما ذكر كما فى قوله تعالى { يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم اذ جعل فيكم انبياء وجعلكم ملوكا } فان الجعلين المذكورين نعمة من الله أى نعمة واما امور اخر مقارنة للامر داعية الى الامتثال به والترغيب والترهيب ونحو ذلك { واسروا الندامة لما رأوا العذاب } الندامة التحسر فى امر فائت اى اضمر الفريقان الندامة على ما فعلا من الضلال والاضلال حين ما نفعتهم الندامة واخفاها كل منهما عن الآخر مخافة التعيير وهو بالفارسية [ سرزنش كردن ] او اظهروها فانه من الاضداد اذ الهمزة تصلح للاثبات والسلب كما فى رقبته غل من حديد اى قيد وطوق واصل الغل توسط الشئ ومنه الغل للماء الجارى خص بما يقيد به فيجعل الاعضاء وسطه كما فى المفردات والمعنى ونجعل الاغلال يوم القيامة فى اعناق الذين كفروا بالحق لما جاءهم فى الدنيا من التابعين والمتبوعين وايراد المستقبل بلفظ الماضى من جهة تحقق وقوعه والاظهار فى موضع الاضمار حيث لم يقل فى اعناقهم للتنويه بذمهم والتنبيه على موجب اغلالهم { هل يجزون الا ما كانوا يعملون } اى لا يجزون الاجزاء ما كانوا يعملون فى الدنيا من الكفر والمعاصى والا بما كانوا يعملونه على نزع الجار فلما قيدوا انفسهم فى الدنيا ومنعوها عن الايمان بتسويلات الشيطان الجنى والانسى جوزوا فى الآخرة بالقيد
وفى الفروع وكره جعل الغل فى عنق عبده لانه عقوبة اهل النار
قال القهستانى الغفل الطوق من حديد الجامع لليد الى العنق المانع عن تحرك الرأس انتهى
وهو معتاد بين الظلمة
وقال الفقيه انه فى زماننا جرت العادة بذلك اذا خيف من الاباق كما فى الكبرى . ولا يكره فى العبد اذ فيه تحرز عن اباقه وصيانة لماله وحل ربطه بالحبل ونحوه
قول فى نصاب الاحتساب واما ما اعتاده اهل الحسبة فى اطاقة السوقيين بعد تحقق جنايتهم وخيانتهم فاصله ما ذكر فا ادب القاضى للخصاف ان شاهد الزور يطاق به اى يجعل فى عنقه الطوق وهو ما يقال له بالفارسية [ تخته كله ] ويجوز ان تكون الا طافة بالفاء وذلك للتشهير بين الناس(11/212)
وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34)
{ وما ارسلنا فى قرية } من القرى : وبالفارسية [ نفر ستاديم درهيج ديهى وشهرى ]
قال فى كشف الاسرار القرية المصر تقى اهلها وتجمعهم { من نذير } نبى ينذر اهلها بالعذاب { الا قال مترفوها } المترف كمكرم المتنعم والموسع العيش والنعمة من الترفة بالضم وهو التوسع فى النعمة يقال اترفه نعمه واترفته النعمة اطغته اى قال رؤساء تلك القرية التكبرون المتنعمون بالدنيا لرسلهم { انا بما ارسلتم به } على زعمكم من التوحيد والايمان { كافرون } منكرون على مقابل الجمع بالجمع
هذه الآية جاءت لتسلية النبى عليه السلام اى يا محمد هذه سيرة اغنياء الامم الماضية فلا يهمك امر اكابر قومك فتخصيص المتنعيمن بالتكذيب مع اشتراك الكل فيه اما لانهم المتبوعون او لان الداعى المعظم الى التكذيب والانكار هو التنعم المستتبع للاستكبار(11/213)
وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35)
{ وقالوا } اى الكفار المترفون للفقراء المؤمنين فخرا بزخارف الدنيا وبما هو فتنة لهم { نحن اكثر اموالا واولادا } منكم فى الدنيا { وما نحن بمعذبين } فى الآخرة على تقدير وقوعها لان المكرم فى الدنيا لا يهان فى الآخرة(11/214)
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36)
{ قل } يا محمد ردا عليهم { ان ربى يبسط الرزق } ويوسعه { لمن يشاء } ان يبسطه له ويوسعه من مؤمن وكافر { ويقدر } اى يضيق على من يشاء ان يقدره عليه ويضيقه من مؤمن وكافر حسب اقتضاء مشيئته المبنية على الحكم البالغة فلا ينقاس على ذلك امر الثواب والعقاب اللذين مناطهما الطاعة وعدمها فليس فى التوسيع دلالة على الاكرام كما انه ليس فى التضييق دلالة على الاهانة وفى الحديث « الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر والآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر »
اديم زمين سفرة عام اوست ... برين خوان يغما جه دشمن دوست
{ ولكن اكثر الناس } وهم اهل الغفلة والخذلان { لا يعلمون } حمكة البسط والقدر فيزعمون ان مدار البسط هو الشرف والكرامة ومدار القدر هو الذل والهوان ولا يدرون ان الاول كثيرا ما يكون بطريق الاستدراج والثانى بطريق الابتلاء ورفع الدرجات قال الصائب
نفس را بدخو بناز ونعمت دنيا مكن ... آب ونان سيركاهل ميكند مزدور را(11/215)
وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37)
{ وما } [ ونيست ] { اموالكم ولا اولادكم } كلام مستأنف من جهته تعالى مبالغة فى تحقيق الحق اى وما جماعة اموالكم واولادكم ايها الناس { بالتى } بالجماعة التى فان الجمع المكسر عقلاؤه وغير عقلائه سواء فى حكم التأنيث او بالخصلة التى فيكون تأنيث الموصول باعتبار تأنيث الصفة المحذوفة { تقربكم عندنا زلفى } نصب مصدرا بتقربكم كانبتكم من الارض نباتا والزلفى والقربى والقربة بمعنى واحد
وقال الاخفش زلفى اسم مصدر كأنه قال بالتى تقربكم عندنا تقريبا { الا من آمن وعمل صالحا } استثناء من مفعول تقربكم اى وما الاموال والاولاد تقرب احدا الا المؤمن الصالح الذى انفق امواله فى سبيل الله وعلم اولاده الخير ورباهم على الصلاح والطاعة او من مبتدأ خبره ما بعده كما فى الكواشى فيكون الاستثناء منقطعا كما فى فتح الرحمن { فاولئك } المؤمنون العاملون ثابت { لهم جزاء الضعف } على ان الجار والمجرور خبر لما بعده والجملة خبر لاولئك واضافة الجزاء الى الضعف من اضافة المصدر الى المفعول اصله فاؤلئك لهم ان يجازوا الضعف ثم جزاء الضعف ثم جزاء الضعف ومعناه ان يضاعف لهم الواحدة من حسناتهم عشرا فما فوقها الى سبعمائة الى ما لا يحصى { بما عملوا } بسبب ما عملوا من الصالحات { وهم فى الغرفات } اى غرفات الجنة وهى قصورها ومنازلها الرفيعة جمع غرفة وهى البيت فوق البناء يعنى كل بناء يكون علو فوق سفل { آمنون } من جميع المكاره والآفات كالموت والهرم والمرض والعدو وغير ذلك
وفى الآية اشارة الى انه لا تستحق الزلفى عند الله بالمال والاولاد مما زين للناس حبه وحب غير الله يوجب البعد عن الله كما قال صلى الله عليه وسلم « حبك الشئ يعمى ويصم » يعنى يعميك عن رؤية غيره ويصمك عن دعوة غيره وهذا امارة كمال البعد فان كمال البعد يورث العمى والصمم ولكن من موجبات القربة الاعمال الصالحة والاحوال الصافية والانفاس الزكية بل العناية السابقة والهداية والقطيعة واما المنقطعون عن هذه الاسباب المفتخرون بما لا ينفع يوم الحساب وهم اهل الغفلات والدعوى والترهات فلهم الدركات والخوف الغالب فى جميع الحالات : قال الصائب
نميدانند اهل غفلت انجام شراب آخر ... بآتش مى روند اين غفلان ازراه آب آخر
قال ابراهيم بن ادهم قدس سره لرجل أدهم فى المنام احب اليك ام دينار فى القيظة قال دينار فى اليقظة فقال كذبت لان الذى تحبه فى الدنيا كانك تحبه فى المنام والذى لا تحبه فى الآخرة كأنك لا تحبه فى اليقظة
ودخل عمر بن الخطاب رضى الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فى داره فوجده فى بيت منخفض السطح وقد اثر فى جنبه الحصير فقال ما هذا قال(11/216)
« يا عمر اما تأثير الحصين فى جنبى فحبذا خشونة بعدها لين واما السطح فسطح القبر يكون اخفض من هذا فنحن تركنا الدنيا لاهلها وهم تركوا لنا الآخرة وما مثلى ومثل الدنيا الا كراكب سار فى يوم صائف فاستظل تحت شجرة ثم راح وتركها » فالعاقل من لم يغتر بزينة الدنيا ويسعى الى مرضا المولى
هركه كوته كند بدنيا دست بر بر آرد جو جعفر طيار ... فالاولى ان يأخذ الباقى ويترك الفانى حكى ان سلطانا كان يحب واحدا من وزرائه اكثر من غيره فحسدوه وطعنوا فيه فاراد السلطان ان يظهر حقيقة الحال فاضافهم فى دار مزينة بانواع الزينة ثم قال ليأخذ كل منكم ما اعجبه فى الدار فاخذ كل منهم ما اعجبه من الجواهر والمتاع واخذ الوزير المحسود السلطان وقال ما اعجبنى الا انت فالانسان لم يجيئ الى هذه الدار المزينة الا للامتحان فانه كالعروس وهى لا تلتفت الى ما ينثر عليها فان التفتت فمن دناءة الهمة ونقصان العقل فاليوم يوم الفرصة وتدارك الزاد لسفر المعاد
ازرباط تن جو بكذشتى دكر معموره نيست ... زاد راهى برنمى دارى ازين منزل جرا
نسأل الله سبحانه ان يقطع رجاءنا عزمنا اليه صدقا واقبالنا عليه حقا(11/217)
وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38)
{ والذين } هم كفار قريش { يسعون فى آياتنا } القرآنية بالرد والطعن فيها ويجتهدون فى ابطالها حال كونهم { معاجزين } ظانين انهم يعجزوننا ويفوتوننا فلا يكون لهم مؤاخذة بمقابلة ذلك
قال فى تاج المصادر [ المعاجزة : بركسى ييشى كرفتن در كارى ] وقد سبق فى اوائل السورة { اولئك فى العذاب محضرون } من الاحضار وهو بالفارسية [ حاضر كردن ] اى مدخلون لا يغيبون عنه ولا ينفعهم ما اعتمدوا عليه
وفى التأويلات النجمية هم الذين لا يحترمون الانبياء ولا يزعون حق الله فى السر فهم فى عذاب الاعتراض عليهم وعذاب الوقوع بشؤم ذلك فى ارتكاب محارم الله ثم فى عذاب السقوط من عين الحق : وفى المثنوى
جون خدا خواهدكه بردة كس درد ... ميلش اندر طعنة باكان برد(11/218)
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)
{ قل ان ربى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده } اى يوسعه عليه تارة { ويقدر له } اى يضيقه عليه تارة اخرى ابتلاء وحكمة ابتلاء وحكمة فهذا فى شخص واحد باعتبار وقتين وما سبق فى شخصين فلا تكرار { وما انفقتم من شئ } ما موصولة بمعنى الذى : وبالفارسية [ آنجه ] مبتدأ خبره قوله { فهو يخلفه } او شرطية بمعنى أى شئ : وبالفارسية [ هرجه ] نصب بقوله انفقتم ومن شئ بيان له وجواب الشرط قوله فهو يخلفه [ والانفاق : نفقه كردن ] يقال نفق الشئ نفقت الدراهم تنفق وانفقتها [ والاخلاف : بدل بازدادن ازمال وفرزند ] يقال اخلف الله له وعليه اذا بدل له ما ذهب عنه والمعنى الذى أو شئ انفقتم فى طاعة الله وطريق الخير والبر فالله تعالى يعطى خلفا له وعوضا منه اما عوضا منه اما فى الدنيا بالمال او بالقناعة التى هى كنز لا يفنى واما فى الآخرة بالثواب والنعيم او فيهما جميعا فلا تخشوا الفقر وانفقوا فى سبيل الله وتعرضوا لالطاف الله عاجلا وآجلا
وفى التأويلات النجمية وما انفقتم من شئ من الموجود او الوجود فهو يخلفه من الموجود الفانى بالموجود الباقى ومن الوجود المجازى بالوجود الحقيقى فمن الخلف فى الدنيا الرضى بالعدم والفقر صورة ومعنى وهم اتم من السرور بالموجود والوجود
افتد هماى دولت اكر دركمندما ... از همت بلند رها ميكنيم ما
{ وهو خير الرازقين } اى خير من اعطى الرزق فان غيره كالسلطان والسيد والرجل بالنسبة الى جنده وعبده وعياله واسطة فى ايصال رزقه ولا حقيقة لرازقيته والله تعالى يعطى الكل من خزائن لا تفنى
وفى التأويلات النجمية يشبر الى انه خير المنفقين لان خيرية المنفق بقدر خيرية النفقة فما ينفق كل منفق فى النفقة فهو فان وما ينفق الله من نفقة ليخلفه بها فهى باقية والباقيات خير من الفانيات انتهى
قال فى بحر العلوم لما كانت اقامة مصالح العباد من اجل الطاعات واشرف العبادات لانها من وظيفة الانبياء والصالحين دلهم الله فى الآية على طرف منها حثا عليها كما قال عليه السلام حثا لامته عليها « الخلق كلهم عيال الله واحبهم اليه انفعهم لعياله » قال العسكرى هذا على التوسع والمجاز كأن الله تعالى لما كان المتضمن لارزاق العباد والكافل بها كان الخلق كالعيال وفى الحديث « ان الله املاكا خلقهم كيف يشاء وصورهم على ما يشاء تحت عرشه ألهمهم ان ينادوا قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فى كل يوم مرتين ألا من وسع على عياله وجيرانه وسع الله عليه فى الدنيا والآخرة ألا من ضيق ضيق الله عليه ألا ان الله قد اعطاكم لنفقة درهم على عيالكم خير من سبعين قنطارا »(11/219)
والقنطار كجبل احد وزنا « انفقوا ولا تخشوا ولا تضيقوا ولا تقتروا وليكن اكثر نفقتكم يوم الجمعة » وفى الحديث « كل معروف صدقة وكل ما انفق الرجل على نفسه واهله كتب له به صدقة وما وقى الرجل به عرضه كتب له به صدقة » ومعنى كل معروف صدقة ان الانفاق لا ينحصر فى المال بل يتناول كل بر من الاموال والاقوال والعلوم والمعارف وانفاق الواصلين الى التوحيد والارواح ومعنى ما وقى به عرضه ما اعطى الشاعر وذا اللسان المتقى وفى الحديث « ان لكل يوم نحسا فادفعوا نحس ذلك اليوم بالصدقة » وفى الحديث « ينادى مناد كل ليلة لا دواء للموت وينادى آخر ابنوا للخراب وينادى مناد هب للمنفق خلفا وينادى مناد هب للممسك تلفا » قال الحافظ
احوال كندج قارون كايام داد برباد ... باغنده باز كوييد تازر نهان ندارد
وفى المثنوى
آن درم دادن سخى را لا يقست ... جان سبردن خودسخاى عاشقست
نان دهى ازبهر حق نانت دهند ... جان دهى از بهر حق جانت دهند
هركه كارد كردد انبارش تهى ... ليكش اندر مرزعه باشد بهى
وانكه در انبار ماند وصرفه كرد ... اشيش وموش وجوادتهاش خورد
جملة در بازار زان كشستند بند ... تاجه سود افتاد مال خود دهند
وفى الحديث « يؤجر ابن فى نفقته كلها الا شيأ وضعه فى الماء والطين »
قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى فى شرحذ هذا الحديث اعلم ان صور الاعمال اعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وان كان من حيث الصيغة مطلقا فالاحوال والقرائن تخصصه وذلك ان بناء المساجد والرباطات ومواضع العبادات يؤجر البانى لها عليها بلا خلاف فالمراد بالمذكور هنا انما هو البناء الذى لم يقصد صاحبه الا التنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة واذا كان كذلك فمطمح همة البانى ومقصده لا يتجاوزه هذا العالم فلا يكون لبنائه ثمرة ونتيجة فى الآخرة لانه لم يقصد بما فعله امرا وراء هذه الدار فافعاله اعراض زائلة لا موجب لتعديها من هنا الى الآخرة فلا اثمار لها فلا اجر انتهى
اعلم ان العلماء تكلموا فى الانفاق والظاهر انه بحسب طبقات الناس . فمنهم من ينفق جميع ما ملكه توكلا على الله تعالى كما فعله الصديق لقوة يقينه . ومنهم من ينفق بعضه ويمسك بعضه لا للتنعيم بل للاتفاق وقت الحاجة . ومنهم من يقتصر على اداء الواجب
قال الغزالى رحمه الله الاكتفاء بمجرد الواجب حد البخلاء فلا بد من زيادة عليه لو شئت يسيرا فبين هذه الطبقات تفاوت فى الدرجات وقد اسلفنا الكلام على الانفاق فى اواخر سورة الفرقان فارجع اليه واعتمد عليه جعلنا الله واياكم من اهل البذل والاحسان بلا امساك وادّخار واخلف خيرا مما انفقنا فان خزائنه لا تفنى وبحر جوده زخار وهو المعطى المفيض كل ليل ونهار(11/220)
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40)
{ ويوم يحشرهم } اى واذكر يا محمد لقومك يوم يحشر الله اى يجمع المستكبرين والمستضعفين وما كانوا يعبدون من دون الله حال كونهم { جميعا } مجتمعين لا يشذ احد منهم
وقال بعضهم هؤلاء المحشورون بنوا مليح من خزاعة كانوا يعبدون الملائكة ويزعمون انهم بنات الله لذلك سترهم
فان قلت لم لم يقولوا ذلك فى حق الجن مع انهم مستورون ايضا عن اعين الناس
قلت لان الملائكة سماوية والجن ارضية وهم اعتقدوا ان الله تعالى فى السماء { ثم يقول للملائكة } توبيخا للمشركين العادبدين واقناطالهم من شفاعتهم كما زعموا { أهولاء } اى الكفار : وبالفارسية [ آيا اين كروه اندكه ] { اياكم كانوا يعبدون } فى الدنيا واياكم نصب بيعبدون وتخصيص الملائكة لانهم اشرف شركائهم بطريق الاولوية(11/221)
قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41)
{ قالوا } متنزهين عن ذلك وهو استئناف بيانى { سبحانك } تنزيها لك عن الشرك
وفى كشف الاسرار [ باكى ترا است از آنكه غير ترا برستند ] { انت ولينا } الوالى خلاف العدو اى انت الذى نواليه { من دونهم } [ بجزمشر كان يعنى ميان ايشان هيج دوستى نيست وحاشا كه بيرستش ايشان رضا داده باشيم ] ثم اضربوا عن ذلك ونفوا انهم عبدوهم حقيقة بقولهم { بل كانوا } من جهلهم وغوايتهم { يعبدوا الجن } اى الشياطين حيث اطاعوهم فى عبادة غير الله وقيل كانوا يتمثلون لهم ويتخيلون انهم الملائكة فيعبدونهم وعبر عن الشياطين بالجن لاستتارهم عن الحواس وذا اطلقه بعضهم على الملائكة ايضا { اكثرهم } الاكثر ههنا بمعنى الكل والضمير للمشركين كما هو الظاهر من السوق اى كل المشركين
وقال بعضهم الضمير للانس الاكثر بمعناه اى اكثر الانس { بهم } اى الجن وبقولهم الكذب الملائكة بنات الله { مؤمنون } مصدقون ومتابعون ويغترون بما يلقون اليهم من انهم يشفعون لهم
وفى الآية اشارة الى انه كما يعبد قوم الملائكة بقول الشيطان وتتبرأ الملائكة منهم يوم القيامة كذلك من يعبد الله بقول الوالدين او الاستاذين او اهل بلده او بالتعصب والهوى كما يعبده اليهود والنصارى والصائبون والمجوس واهل البدع والاهواء يتبرأ الله منه ويقول انا بريئ من ان اعبد بقول الغير وبقول من يعبدنى بالهوى او باعانة اهل الهوى فان من عبدنى بالهوى فقد عبد الهوى ومن عبدنى باعانة اهل الهوى اياه على ان يعبدنى فقد عبد اهل الهوى لانه ما عبدنى مخلصا كما امرته ولهذا المعنى امرنا الله ان نقول فى عبادته فى الصلاة اياك نعبد اى لم نعبد غيرك واياك نستعين على عبادتك باعانتك باعانتك لا باعانة غيرك وبقوله { اكثر بهم مؤمنون } يشير الى ان اكثر مدعى الاسلام باهل الهوى مؤمنون اى بتقليدهم وتصديقهم فيما ينتمون اليه من البدع والاعتقاد السوء كذا فى التأويلات النجمية : قال الصائب
جه قدر راه بتقليد توان بيمودن ... رشته كوتاه بود مرغ نو آمو خته را(11/222)
فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (42)
{ فاليوم } اى يوم الحشر { لا يملك } [ الملك بالحركات الثلاث : خداوند شدن ] { بعضكم } يعنى المعبودين { لبعض } يعنى العابدين { نفعا } بالشفاعة { ولا ضرا } اى دفع ضرر وهو العذاب على تقدير المضاف اذ الامر فيه كله لله لان الدار دار جزاء ولا يجازى الخلق احد غير الله
قال فى الارشاد تقييد هذا الحكم بذلك اليوم مع ثبوته على الاطلاق لانعقاد رجائهم على تحقيق النفع يؤمئذ وهذا الكلام من جملة ما يقال للملائكة عند جوابهم بالتنزه والتبرى مما نسب اليهم الكفرة يخاطبون على رؤس الاشهاد اظهارا لعجزهم وقصورهم عند عبدتهم وتنصيصا على ما يوجب خيبة رجائهم بالكلية والفاء ليست لترتيب ما بعدها من الحكم على جواب الملائكة فانه محقق اجابوا بذلك ام لا بل لترتيب الاخبار به عليه { ونقول } فى الآخرة { للذين ظلموا } انفسهم بالكفر والتكذيب فوضعوهما موضع الايمان والتصديق وهو عطف على يقول للملائكة لا على يملك كما قيل لانه مما يقال يوم القيامة خطابا للملائكة مترتبا على جوابهم المحكى وهذا حكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما سيقال للعبدة يومئذ اثر حكاية ما سيقال للملائكة { ذوقوا } الذوق فى الاصل وان كان فيما يقل تناوله كالاكل فيما يكثر تناوله الا انه مستصلح للكثير { عذاب النار التى كنتم } فى الدنيا { بها } متعلق بقوله { تكذبون } وتصرون على القول بانها غير كائنة فقد وردتموها وبطل ظنكم ودعواكم
وفى التأويلات يشير الى ان من علق قلبه بالاغيار وظن صلاح حاله من الاحتيال والاستعانة بالامثال والاشكال نزع الله الرحمة من قلوبهم فتتركهم وتشوش احوالهم فلا لهم من الاشكال والامثال معونة ولا لهم من عقولهم فى امورهم استبصار ولا الى الله رجوع الا فى الدنيا فان رجعوا اليه فى الآخرة لا يرحمهم ولا يجيبهم ويذيقهم عذاب نار البعد والقطيعة لكونهم ظالمين اى عابدين غير الله تعالى [ احمد حرب كفت خداى تعالى خلق را آفريده تاورا بيكانكى شناسند وشريك نسازند ورزق داد تاورا برزاقى بدانند وميراند تاورا بقهارى شناسند « ألا ترى ان الموت يذل الجبابرة ويقهر الفراعنة » وزنده كردانيد تاورا بقادرى بدانند جونكه قادر مطلق اوست انسان ببايدكه عجز خودرا بداند وعدم طاقت اودر زيربار قهرش شناسند ورجوع كند باختيار نه باضطرار واحق شناسد توفيق هركار ]
نكشود صائب ازمدد خلق هيج كار ... از خلق روى خود بخدا مى كنيم ما
اعلم ان من عبد الجن واطاع الشيطان فيما شاء وهو زوال دينه يكون عذابه فى التأييد كعذاب ابليس ومن اطاع النفس فيما شاءت وهى المعصية يكون عذابه على الانقطاع ومن اطاع الهوى فيما شاء وهو الشهوات يكون له شدة الحساب من اجاب ابليس ذهب عنه المولى ومن اجاب النفس ذهب عنه الورع ومن اجاب الهوى ذهب عنه العقل
وكان يحيى عليه السلام مع جلالة قدره وعدم همه بخطيئة يخاف من عذاب النار ويبكى فى الليل والنهار والغافل كيف يأمن من سلب الايمان مع كثرة العصيان وله عدو مثل الشيطان لتحصل النجاة من النيران والفوز بدرجات الجنان والتنعيم بنعيم القرب وشهود الرحمن
زيشت آينه روى مراد نتوان ديد ... ترا كه روى بخلق است ازخداجه خبر(11/223)
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43)
{ واذا تتلى } اى تقرأ قراءة متتابعة بلسان الرسول عليه السلام { عليهم } اى على مشركى مكة { آياتنا } القرآنية حال كونها { بينات } واضحات الدلالة على حقية التوحيد وبطلان الشرك { قالوا } مشيرين الى النبى عليه السلام { ما هذا الارجل } تنكيره للتهكم والتلهى والا فرسول الله كان علما مشهروا بينهم { يريد ان يصدكم } اى يمنعكم ويصرفكم { عما كان يعبد آباؤكم } من الاصنام منذ ازمنة متطاولة فيستتبعكم بما يستبدعه من غير ان يكون هناك دين الهى : يعنى [ مدعاى او آنست كه شما ازبت برستيدن منع كند وبدين وآيين كه احداث كرده در آورد وتابع خود سازد ] واضافة الآباء الى المخاطبين لا الى انفسهم لتحريك عرق العصبية منهم مبالغة فى تقريرهم على الشرك وتنفيرهم عن التوحيد { وقالوا ما هذا } القرآن { الا افك } كلام مصروف عن جهته لعدم مطابقة ما فيه من التوحيد والبعث الواقع { مفترى } باسناده الى الله تعالى والافتراء الكذب عمدا قالوه عنادا ومكابرة والا فقد قال كبيرهم عتبة بن ربيعة ما هو شعر ولا كهانة ولا سحر { وقال الذين كفروا للحق } اى للقرآن على ان العطف لاختلاف العنوان بان يراد بالاول معناه وبالثانى نظمه المعجز ووضع المظهر موضع المضمر اظهارا للغضب عليهم ودلالة على ان هذا لا يجترئ عليه الا المتمادون فى الكفر المنهمكون فى الغى والباطل { لما جاءهم } من الله تعالى ومعنى التوقيع فى لما انهم كذبوا بهوجحدوه على البديهة ساعة اتاهم واول ما سمعوه قبل التدبر والتأمل { ان } بمعنى ما النافية { هذا الا سحر مبين } ظاهر سحريته لاشبهة فيه . والسحر من سحر يسحر اذا خدع احدا وجعله مدهوشا متحيرا وهذا انما يكون بان يفعل الساحر شيأ يعجز عن فعله وادرا كه المسحور عليه كما فى شرح الامالى
وقال الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر فى الفتوحات المكية السحر مأخوذ من السحر وهو ما بين الفجر الاول والفجر الثانى واختلاطته وحقيقته اختلاط الضوء والظلمة فما هو بليل لما خالطه من ضوء الصبح ولا هو بنهار لعدم طلوع الشمس للابصار فكذلك ما فعله السحرة ما هو باطل محقق فيكون عدما فان العين ادركت امرا ما لا تشك فيه ولا هو حق محض فيكون له وجود فى عينه فانه ليس فى نفسه كما تشهد العين ويظنه الرائى انتهى
قال الشيخ الشعرانى فى الكبريت الاحمر هو كلام نفيس ما سمعنا مثله قط(11/224)
وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44)
{ وما آتيناهم } اى مشركى مكة { من كتب } اى كتبا فان من الاستغراقية داخلة على المفعول لتأكيد النفى { يدرسونها } يقرأونها فيها دليل على صحة الاشراك كما فى قوله تعالى { ام انزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون } وقوله { ام آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون } وفى ايراد كتب بصيغة الجمع تنبيه على انه لا بد لمثل تلك الشبهة من نظائر الادلة والدرس قراءة الكتاب بامعان النظر فيه طلبا لدرك معناه والتدريس تكرير الدرس
قال الراغب فى المفردات درس الشئ معناه بقى اثره وبقاء الاثر يقتضى انمحاءه فى نفسه ولذلك فسر الدروس بالانمحاء وكذا درس الكتاب ودرست العلم تناولت اثره بالحفظ ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن ادمة القراءة بالدرس { وما ارسلنا اليهم قبلك من نذير } يدعوهم الى الشرك وينذرهم بالعقاب على تركه وقد بان من قبل ان لا وجه له بوجه من الوجوه فمن اين ذهبوا هذا المذهب الزائغ وهو تجهيل لهم وتسفيه لآرائهم ثم هددهم بقوله(11/225)
وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45)
{ وكذب الذين من قبلهم } من الامم المتقدمة والقرون الماضية كما كذب قومك من قريش { وما بلغوا } [ ونرسيدند قريش ومشركان مكة ] { معشار ما آتيناهم } اى عشر ما آتينا اولئك من قوة الاجسام وكثرة الاموال والاولاد وطول الاعمار . فالمعشار بمعنى العشر كالمرباع بمعنى الربع
قال الواحدى المعشار والعشير والعشر جزء من العشرة وقيل المعشار عشر العشر { فكذبوا رسلى } عطف على وكذب الذين الخ بطريق التفصيل والتفسير كقوله تعالى { كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا } الخ { فكيف كان نكير } اى انكارى لهم بالاستئصال والتدمير فأى شئ خطر هؤلاء بجنب اولئك فليحذروا من مثل ذلك : وبالفارسية [ بس جه كونه بودنا بسند من ايشانرا وعذاب دادن ]
وفى الآية اشارة الى ان صاحب النظر اذادل الناس على الله ودعاهم اليه قال اخدانهم السوء واخوانهم الجهلة واعوانهم الغفلة من الاقارب وابناء الدنيا وربما كان ذلك من العلماء السوء الذين اسكرتهم محبة الدنيا وقال صلى الله عليه وسلم فيهم « اولئك قطاع الطريق على العباد » هذا رجل يريد اصطيادكم واستتباعكم لتكونوا من اتباعه واعوانه ومريديه ويصدكم عن مذاهبكم ويطمع فى اموالكم ومن ذا الذى يطيق ان يترك الدنيا بالكلية وينقطع عن اقاربه واهاليه ويضيع اولاده ويعق والديه وليس هذا طريق الحق وانك لا تتم هذا الامر ولا بد لك من الدنيا ما دمت تعيش وامثال هذا حتى يميل ذلك المسكين عن قبول النصح فى الاقبال على الله والاعراض عن الدنيا وربما كان هذا من خواطره الدنية وهواجس نفسه الردية فيهلك ويضل كما هلكوا وضلوا فليعتبر الطالب بمن كان قبله من منكرى المشايخ ومكذبى الورثة ما كان عاقبة امرهم الحرمان فى الدنيا من مراتب الدين والعذاب فى الآخرة بنار القطيعة وليحذر من الاستماع الى العائقين له عن طريق العاشقين فانهم اعداء له فى صورة الاحباب : وفى المثنوى
آدمى را دشمن بنهان بسيست ... آدمئ باحذر عاقل كسيست
قال المولى الجامى فى درة التاج
جون سكندر بقصد آب حيات ... كرد عزم عبور بر ظلمات
بزمينى رسيد بهن وفراخ ... راند خيل وحشم دران كستاخ
هركجا مى شد از يسار ويمين ... بود بر سنكريزه روى زمين
كرد روى سخن بسوى سباه ... كاى همه كرده كم زظلمت راه
اين همه كوهراست بى شك وريب ... كيسه تان بركنيد ودامن وجيب
هركوا بود شك در اسكندر ... آن حكايت نيامدش باور
كفت در زير نعل لعل كه ديد ... در وكوهر برهكذر كه شنيد
وانكه آينية سكندر بود ... سر جانش درو مصوّر بود
هرجه ازوى شنيد باورداشت ... آنجه مقدور بودازان برداشت
جون بريدند راه تاريكى ... تافت خورشيد شان ز نزديكى
وان يكى دست ميكزيد كه جون ... زين كهر بر نداشتم افزون
وان دكر خون همى كريست آه ... نفس وشيطان زدند برمن راه
كاشكى كز كهر بكردم بار ... برسكندر نكردمى انكار
تانيفتادمى ازان تقصير ... در حجاب وخجالت وتشوير
فقس عليه مصدّق القرآن ومكذبه(11/226)
قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46)
{ قل انما اعظكم بواحدة } الوعظ زجر يقترن به تخويف
وقال عليه الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب والعظة والموعظة الاسم اى ما انشدكم وانصح لكم الا بخصلة واحدة هى { ان تقوموا } من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتفرقوا من مجمعكم عنده فالقيام على حقيقته بمعنى القيام على الرجلين ضد الجلوس ويجوز ان يكون بمعنى القيام بالامر والاهتمام بطلب الحق { لله } لاجله تعالى ورضاه لا للمراء والرياء والتقليد حال كونكم متفرقين { مثنى } اثنين اثنين { وفرادى } واحدا واحدا
قال الراغب الفرد الذى لا يختلط به غيره فهو اعم من الوتر واخص من الواحد وجمعه فرادى انتهى
وفى المختار الفرد الوتر وجمعه افراد وفرادى بالضم على غير القياس كأنه جمع فردان { ثم تتفكروا } التفكر طلب المعنى بالقلب : يعنى [ تفكر جست وجوى دلست در طلب معنى ] اى تتفكروا فى امره صلى الله عليه وسلم فتعلموا { ما } نافية { بصاحبكم } المراد الرسول عليه السلام { من جنة } اى جنون يحمله على دعوى النبوة العامة كما ظننتم وفائدة التقييد بالاثنين والفرادى ان الاثنين اذا التجتا الى الله تعالى وبحثا طلبا للحق مع الانصاف هديا اليه وكذا الواحد اذا تفكر فى نفسه مجردا عن الهوى بخلاف كثرة الجمع فانه يقل فيهما الانصاف غالبا ويكثر الخلاف ويثور غبار الغضب ولا يسمع الانصرة المذهب . وفى تقديم مثنى ايذان بانه اوفق واقرب من الاطمئنان فان الاثنين اذا قعدوا بطريق المشاورة فى شأن الرسول عليه السلام وصحة نبوته من غير هوى وعصبية وعرض كل منهما محصول فكره على الآخر ادى النظر الصحيح الى التصديق ويحصل العلم على العلم
وفى الفتوحات المكية قدس الله سر صاحبها الواحدة ان يقوم الواعظ من اجل الله اما غيره واما تعظيما وقوله { مثنى } اى بالله ورسوله فانه من اطاع الرسول فقد اطاع الله فيقوم صاحب هذا المقام بكتاب الله وسنة رسوله لا عن هوى نفس ولا تعظيم كونى ولا غيره نفسية وقوله { وفرادى } اى بالله خاصة او برسوله خاصة انتهى هذا اذا علقت { ما بصاحبكم } بمحذوف كما قدر فلا يوقف اذا على تتفكروا ويجوز ان يكون الوقف تاما عند تفكروا على معنى ثم تتفكروا فى امره عليه السلام وما جاء به لتعلموا حقيقته فقوله { ما بصاحبكم من جنة } استئناف مسوق من جهته تعالى للتنبيه على طريقة النظر والتأمل بان مثل هذا الامر العظيم الذى تحته ملك الدنيا والآخرة لا يتصدى لادعائه الا مجنون لا يبالى بافتضاحه عند مطالبته بالبرهان وظهور عجزه او مؤيد من عند الله مرشح للنبوة واثق بحجته وبرهانه واذ قد علمتم انه عليه السلام ارجح العالمين عقلا واصدقهم قولا وانزههم نفسا وافضلهم علما واحسنهم عملا واجمعهم للكمالات البشرية وجب ان تصدقوه فى دعواه فكيف وقد انضم الى ذلك معجزات تخر لها صم الجبال { ان } ما { هو } صاحبكم { الا نذير لكم } مخوف لكم بلسان ينطق بالحق { بين يدى عذاب شديد } اى قدام عذاب الآخرة منك يصل اليك نفسه
وفى التأويلات النجمية { بين يدى عذاب شديد } فى الدنيا والآخرة لينجيكم منه والعذاب الشديد الجهل والنكرة والجحود والانكار والطرد واللعن من الله تعالى وفى الآخرة الحسرة والندامة والخجلة عند السؤال
وفى بعض الاخبار انه عذاب من يسألهم الحق فيقع عليهم من الخجل ما يقولون عنده عذبنا يا ربنا بما شئت من انواع العقوبة ولا تعذبنا بهذا السؤال(11/227)
قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47)
{ قل ما } اى شئ { سألتكم من اجر } جعل على تبليغ الرسالة { فهو لكم } والمراد نفى السؤال رأسا : يعنى [ هيج اجرى نخواهم ] كقول من قال لمن يعطه شيأ ان شيأ ان عطيتنى شيأ فخذه
وقال بعضهم لما نزل قوله تعالى { قل لا اسألكم عليه اجرا الا المودة فى القربى } قال عليه السلام لمشركى مكة « لا تؤذونى فى قرابتى » فكفوا عن ذلك فلما سب آلهتهم قالوا لن ينصفنا يسألنا ان لا نؤذيه فى قرابته وهو يؤذينا بذكر آلهتنا بسوء فنزل { قل ما سألتكم من اجر فهو لكم } ان شئتم آذوهم وان شئتم امتنعوا { ان اجرى } ا ما اجرى وثوابى { الا على الله } فانما اطلب ثواب الله لا عرض الدنيا { وهو على كل شئ شهيد } مطلع يعلم صدقى وخلوص نيتى
وفيه اشارة الى انه من شرط دعوة الخلق الى الله ان تكون خالصة لوجه الله لا يشوبها طمع فى الدنيا الآخرة : قال الشيخ سعدى قدس سره
زيان ميكند مرد تفسير دان ... كه علم وادب ميفروشد بنان
كجا عقل با شرع فتوى دهد ... كه اهل خرد دين بدنيا دهد
قال الامام الزروقى الشهيد هو الحاضر الذى لا يغيب عنه معلوم ولا مرئى ولا مسموع ومنه عرف ان الشهيد عبد حافظ على المراقبة واتقى بعلمه ومشاهدته عن غيره(11/228)
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48)
{ قل ان ربى يقذف بالحق } القذف الرمى البعيد بنحو الحجارة والسهم ويستعار لمعنى الالقاء والباء للتعدية اى يلقى الوحى وينزله على من يجتبيه من عباده فالاجتباء ليس لعلة والاصطفاء ليس لحيلة اى يرمى به الباطل فيدمغه ويزيله { علام الغيوب } بالرفع صفة محمولة على محل ان واسمها او بدل من المستكن فى يقذف او خبر ثان لان اى عالم بطريق المبالغة بكل ما غاب عن خلقه فى السموات والارض قولا كان او فعلا او غيرهما
قال بعض الكبار من ادمن ذكر يا علام الغيوب لاى ان يغلب عليه منه حال فانه يتكلم بالمغيبات ويكشف ما فى الضمائر وتترقى روحه الى العالم العلوى ويتحدث بامور الكائنات والحوادث . وايضا هو نافع لقوة الحفظ وزوال النسيان
وفى التأويلات انما ذكر الغيوب بلفظ الجمع لانه عالم يغيب كل احد وهو ما فى ضمير كل احد وانه تعالى عالم بما يكون فى ضمير اولاد كل احد الى يوم القيامة وانما قال علام بلفظ المبالغة ليتناول علم معلومات الغيوب فى الحالات المختلفة كما هى بلا تغير فى العلم عند تغير المعلومات من حال الى حال بحيث لا يشغله شأن حال عن حال(11/229)
قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49)
{ قل جاء الحق } اى الاسلام والتوحيد { وما يبدئ الباطل وما يعيد } ابدأ الشئ فعله ابتداء [ والاعادة : بازكردانيدن ] والمعنى زال الشرك وذهب بحيث لم يبق اثره اصلامأ خوذ من هلاك الحى فانه اذاهلك لم يبق له ابداء ولا اعادة فجعل مثلا فى الهلاك بالكلية روى ابن مسعود رضى الله عنه ان النبى عليه السلام دخل مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فجعل يطعنها بعود فى يده ويقول « جاء الحق وزهق الباطل قل جاء الجق وما يبدئ الباطل وما يعيد »(11/230)
قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50)
{ قل ان ضللت } عن الطريق الحق كما تزعمون وتقولون لقد ضللت حين تركت دين آياتك { فانما اضل على نفسى } فان وبال ضلالى عليها لانه بسببها اذ هى الحاملة عليه بالذات والامارة وبهذا الاعتبار قوبل الشرطية بقوله { وان اهتديت } الى الطريق الحق { فيما يوحى } فبسبب ما يوحى { الىّ ربى } من الحكمة والبيان فان الاهتداء بتوفيقه وهدايته
وفيه اشارة الى منشأ الضلالة نفس الانسان فاذا وكلت النفس الى طبعها لا يتولد منها الا الضلالة وان الهداية من مواهب الحق تعالى ليست النفس منشأها ولذلك قال تعالى { ووجدك ضالا فهدى } { انه } تعالى { سميع قريب } يعلم قول كل من المهتدى والضال وفعله وان بالغ فى اخفائهما
قال بعض الكبار سميع بمنطق كل ناطق قريب لكل شئ وان كان بعيدا منه
دوست نزديكتر از من بمن است ... وين عجبتر كه من ازوى دورم
جه كنم باكه توان كفت كه او ... در كنار من ومن مهجورم
قال بعضهم السميع هو الذى انكشف كل موجود لصفة سمعه فكان مدركا لكل مسموع من كلام
وغيره وخاصية هذا الاسم اجابة الدعاء فمن قرأه يوم الخميس خمسمائة مرة كان مجاب الدعوة وقرب الله من العبد بمعنى انه عند ظنه كما قال « انا عند ظن عبدى بى »
وقال بعضهم هو قريب من الكل لظهوره على العموم وان لم يره الا اهل الخصوص لانه لا بد للرؤية من ازالة كل شئ معترض وحائل وهى حجب بعيد لا بالافتراق وقال القرب يورث الحياء ولذا قال بعضهم
نعره كمتر زن كه نزديكست يار ... يشير الى حال اهل الشهود فانهم يراعون الادب مع الله فى كل حال فلا يصيحون كما لا يصيح القريب للقريب واما اهل الحجاب فلهم ذلك لا قربهم بالهم لا بالشهود وكم من فرق بينهما
وفى الآية اشارة الى انه لا يصير المرء ضالا بتضليل الآخر اياه فان الضال فى الحقيقة من خلق الله فيه الضلالة بسبب اعراضه عن الهدى كما انه لا يكون كافرا باكفار الغير اياه فان الكافر فى الحقيقة من قبل الكفر واعرض عن الايمان والى انه لا تزر وازره وزر اخرى وان كل شاة معلقة برجلها اى كل واحد مجزى بعمله لا بعمل غيره فالصالح مجزى باعماله الصالحة واخلاقه الحسنة ولا ضرر له من الاعمال القبيحة لغيره وكذا الفاسق مجزى بعمله السوء ولا نفع له من صالحات غيره
هركه او نيك ميكند يابد ... نيك وبد هرجه ميكند يابد
وقيل للنابعة حين اسلم أصبوت يعنى آمنت بمحمد قال بلى غلبنى بثلاث آيات من كتاب الله فاردت ان اقول ثلاثة ابيات من الشعر على قافيتها فلما سمعت هذه الآية تعبت فيها ولم اطق فعلمت انه ليس من كلام البشر وهى هذه { قل ان ربى يقذف بالحق علام الغيوب } الى قوله { انه سميع قريب }(11/231)
وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51)
{ ولو ترى } يا محمد ايوا من يفهم الخطاب ويليق به { اذ فزعوا } اى حين يفزع الكفار ويخافون عند الموت او البعث او يوم بدر وجواب لو محذوف اى لرأيت امرا هائلا وجيئ بالماضى لان المستقبل بالنسبة الى الله تعالى كالماضى فى تحققه وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان ثمانين الفا وهم السفيانى وقومه يخرجون فى آخر الزمان فيقصدون الكعبة ليخربوها فاذا ادخلوا البيداء وهى ارض ملساء بين الحرمين كما فى القاموس خسف بهم فلا ينجو منهم الا السرىّ الذى يخبر عنهم وهو جهينة فلذلك قيل عند جهينة الخبر اليقين
قال الكاشفى [ ازتمام لشكر دوكس نجات يابند يكى به بشارت بمكة برود وديكرى كه ناجى جهنى كويند روى ابو برقفا كشته خبر قوم بسفيانى رساند ] { فلا فوت } الفوت بعد الشئ عن الانسان بحيث يتعذر ادراكه اى فلا فوت لهم من عذاب الله ولا نجاة بهرب او تحصين ويدركهم ما فزعوا منه { واخذوا من مكان قريب } اى من ظهر الارض الى بطنها او من الموقف الى النار او من صحراء بدر الى قليبها وهو البئر قبل ان تبنى بالحجارة
وقال ابو عبيدة هى البئر العادية القديمة او من تحت اقدامهم اذا خسف بهم وحيث كانوا فهم قريب من الله والجملة معطوفة على فزعوا(11/232)
وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52)
{ وقالوا } عند معاينة العذاب { آمنا به } اى بمحمد عليه السلام لانه مر ذكره فى قوله { ما بصاحبكم من جنة } فلا يلزم الاضمار قبل الذكر { وأنى لهم التناوش } التناوش بالواو والتناول السهل بالفارسية [ كرفتن ] من النوش يقال تناوش وتناول اذا مديده الى شئ يصل اليه ومن همزه فاما انه ابدل من الواو همزة لانضمامه نحو اقتت فى وقتت وادؤر فى ادور واما ان يكون من النأش وهو الطلب كما فى المفردات والمعنى ومن اين لهم ان يتناولوا الايمان تناولا سهلا { من مكان بعيد } فان الايمان انما هو فى حيز التكليف وهى الدنيا وقد بعد عنهم بارتحالهم الى الآخرة وهو تمثيل حالهم فى الاستخلاص بالايمان بعد ما فات عنهم وبعد بحال من يريد ان يتناول الشئ من غلوة وهى غاية قدر رمية كتناوله من مقدار ذراع فى الاستحالة(11/233)
وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53)
{ وقد كفروا به } اى بمحمد او بالعذاب الشديد الذى انذرهم ايا { من قبل } من قبل ذلك فى وقت التكليف تابوا وقد اغلقت الابواب وندموا وقد تقطعت الاسباب فليس الا الخسران والندم والعذاب والالم
فخل سبيل العين بعدك لليكا ... فليس لايام الصفاء رجوع
قال الحافظ
جو برروى زمين باشى توانايى غنيمت دان ... كه دوران ناتوانيها بسى زير زمين دارد
اى لا يقدر الانسان على شئ اذا مات وصار الى تحت الارض كما كان يقدر اذا كان فوق الارض وهو حى { ويقذفون بالغيب } الباء للتعدية اى يرجمون بالظن الكاذب ويتكلمون بما لم يظهر لهم فى حق الرسول من المطاعن او فى العذاب من قطع القول بنفيه كما قالوا وما نحن بمعذبين { من مكان بعيد } من جهة بعيدة من حاله عليه السلام حيث ينسبونه الى الشعر والسحر والكهانة والكذب ولعله تمثيل لحالهم فى ذلك بحال من يرمى شيأ لا يراه من مكان بعيد لا مجال للظن فى لحوقه وهو معطوف على وقد كفروا به على حكاية الحال الماضية او على قالوا فيكون تمثيلا لحالهم بحال القاذف فى تحصيل ما ضيعوه من الايمان فى الدنيا(11/234)
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54)
{ وحيل بينهم } اى اوقعت الحيلولة والمنع بين هؤلاء الكفار { وبين ما يشتهون } من نفع الايمان والنجاة من النار { كما فعل باشياعهم من قبل } اى باشياعهم من كفرة الامم الماضية { انهم كانوا } فى الدنيا { فى شك } مما وجب به الايمان واليقين كالتوحيد والبعث ونزول العذاب على تقدير الاصرار { مريب } [ بتهمت افكنده ودلرا مضطرب سازنده وشوراننده ]
قال اهل التفسير مريب موقع لهم فى الريبة والتهمة من ارابه اذا وقعه فى الريبة او ذى ريبة من اراب الرجل اذا صار ذا ريبة ودخل فيها وكلاهما مجاز فى الاسناد الا ان بينهما فرقا وهو ان المريب من الاول منقول ممن يصلح ان يكون مريبا من الاشخاص والاعيان الى المعنى وهو الشك اى يكون صفة من اوقع فى الريب حقيقة وقد جعل فى الآية صفة نفس الشك الذى هو معنى من المعانى
والمريب من الثانى منقول من صاحب الشك الى الشك اى انهم كانوا فى شك ذى شك كما تقول شعر شاعر وانما الشاعر فى الحقيقة صاحب الشعر وانما اسند الشاعرية الى الشعر للمبالغة واذا كان حال الكفرة الشك فى الدنيا فلا ينفعهم اليقين فى الآخرة لانه حاصل بعد معاينة العذاب والخروج من موطن التكليف وقد ذموا فى هذه الآيات بالشك والكفر والرجم بالغيب فليس للمرء ان يبادر الى انكار شئ الا بعد العلم اما بالدليل او بالشهود
قال فى الفتوحات المكية لا يجوز لاحد المبادرة الى الانكار اذا رأى رجلا ينظر الى امرأة فى الطريق مثلا فربما يكون قاصدا خطبتها او طبيبا فلا ينبغى المبادرة للانكار الا فيما لا يتطرق اليه احتمال وهذا يغلط فيه كثير من المذنبين لا من اصحاب الدين لان صاحب الدين اول ما يحتفظ على نفسه ولا سيما فى الانكار خاصة وقد ندبنا الحق الى حسن الظن بالناس لا الى سوء الظن فصاحب الدين لا ينكر قط مع الظن لانه يعلم الظن اثم ويقول لعل هذا من ذلك البعض واثمه ان ينطق به وان وافق العلم فى نفس الامر وذلك ان ظن وما علم فنطق فيه بامر محتمل وما كان له ذلك فمعلوم ان سوء الظن بنفس الانسان اولى من سوء ظنه بالغير وذلك لانه من نفسه على بصيرة وليس هو من غيره على بصيرة فلا يقال فى حقه ان فلانا اساء الظن بنفسه بل انه عالم بنفسه وانما عبرنا بسوء الظن بنفسه اتباعا لتعبيرنا بسوء الظن بغيره فهو من تناسب الكلام والى الآن ما رأيت احدا من العلماء استبرأ لدينه هذا الاستبراء فالحمد لله الذى وفقنا لاستعماله انتهى كلام الشيخ فى الفتوحات
هميشه در صدد عيب جوئى خويشيم ... نبوده ايم بى عيب ديكران هركز
والله الموفق لصالحات الاعمال وحسنات الاخلاق(11/235)
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)
{ الحمد لله } اى كل المحامد مختصة بالله تعالى لا تتجاوز منه الى من سواه وهو وان كان فى الحقيقة حمد الله لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه
واعلم ان الحمد يتعلق بالنعمة والمحنة اذ تحت كل محنة منحة فمن النعمة العطاس وذلك لانه سبب لانفتاح المسلم اى ثقب الجسد واندفاع الابخرة المحتبسة عن الدماغ الذى فيه قوة التذكر التفكر فهو بحران الرأس كما ان العرق بحران بدن المريض ولذا اوجب الشارع الحمد للعاطس
قال ابن عباس رضى الله عنهما من سبق العاطس بالحمد لله وقى وجع الرأس والاضراس ومن المحنة النجشى وفى الحديث « من عطس او تجشا فقال الحمد على كل حال دفع الله بها عنه سبعين داء اهونها الجذام »
والتجشى تنفس المعدة : وبالفارسية [ بدروغ شدن ] وذلك لان التجشى انما يتولد عليه انه السلام كان يقول عند كل مصيبة « الحمد لله على كل حال » ثم رتب الحمد على نعمة الايجاد او لا اذ لا غاية وراءها اذ كل كمال مبنى عليها فقال { فاطر السموات والارض } اضافته محضة لانه بمعنى الماضى فهو نعت للاسم الجليل ومن جعلها غير محضة جعله بدلا منه وهو قليل فى المشتق والمعنى مبدعهما وخالقهما ابتداء من غير مثال سبق من الفطر بالفتح بمعنى الشق او الشق طولا كما ذهب اليه الراغب كأنه شق العدم باخراجهما منه والفطر بالكسر ترك الصوم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما كنت ادرى ما فاطر السموات حتى اختصم الىّ اعرابيان فى بئر فقال احدهما انا فطرتها اى ابتدأت حفرها قال المبرد فاطر خالق مبتدئ
ففيه اشارة الى ان اول كل شئ تعلقت به القدرة سموات الارواح وارض النفوس واما الملائكة فقد خلقت بعد خلق ارواح الانسان يدل عليه تأخير ذكرهم كما قال { جاعل الملائكة رسلا } اضافته محضة ايضا على انه نعت آخر للاسم الجليل ورسلا منصوب بجاعل واسم الفاعل بمعنى الماضى وان كان لا يعمل عند البصريين الا معرفا باللام الا انه بالاضافة اشبه المعرف باللام فعمل عمله فالجاعل بمعنى المصير والمراد بالملائكة جبرائيل واسرافيل وميكائيل وعزرائيل والحفظة ونحوهم
ويقال لم ينزل اسرافيل على نبى الا على محمد صلى الله عليه وسلم نزل فاخبره بما هو كائن الى يوم القيامة ثم عرج
وفى انسان العيون نزل عليه ستة اشهر قبل نبوته فكان عليه السلام يسمع صوته ولا يرى شخصه . والرسل جمع رسول بمعنى المرسل والمعنى مصير الملائكة وسائط بينه تعالى وبين انبيائه والصالحين من عباده يبلغون اليهم رسالاته الهىّ ربانى متعلق بالعلوم والمعارف او ملكى روحانى وهو الباعث على الطاعة وعلى كل ما فيه صلاح ويسمى الهاما والفاسد نفسانى وهو ما فيه حظ النفس ويسمى هاجسا او شيطانى وهو ما يدعو الى معصية ويسمى وسواسا { اولى اجنحة } صفة لرسلا واولوا بمعنى اصحاب اسم جمع لذو كما ان اولاء اسم جمع لذا وانما كتبت الواو بعد الالف حالتى الجر والنصب لئلا يلتبس بالى حرف الجر وانما كتبوه فى الرفع حملا عليهما .(11/236)
والاجنحة جمع جناح بالفارسية [ بروبال ] { مثنى وثلاث ورباع } صفات لاجنحة فهى فى موضع خفض ومعناها اثنين وثلاثة ثلاثة واربعة اربعة اى ذوى اجنحة متعددة متفاوتة فى العدد حسب تفاوت مالهم من المراتب ينزلون بها من السماء الى الارض ويعرجون او يسرعون بها فان ما بين السماء والارض وكذا ما بين السموات مسيرة خمسمائة سنة وهم يقطعونها فى بعض الاحيان فى وقت واحد ففى تعدد الاجنحة اشارة الى كمالية استعداد بعض الملائكة على بعض والمعنى ان من الملائكة خلقا لكل منهم جناحان وخلقا لكل منهم ثلاثة وخلقا آخر لكل منهم اربعة
قال الكاشفى [ مثنى دو دو براى طيران وثلاث سه سه ورباع جهار جهار براى آرايش ] انتهى
روى ان صفنا من الملائكة له ستة اجنحة بجناحين منها يلفون اجسادهم وبآخرين منها يطيرون فيما امروا به من جهته تعالى وجناحان منها مرخيان على وجوههم حياء من الله تعالى ويفهم من كلام بعضهم ان الطيران بكل الاجنحة كما قال عرف تعالى الى العباد بافعاله وندبهم الى الاعتبار بها فمنها ما يعلمونه معاينة من السماء والارض وغيرهما ومنها ما سبيل اثباته الخبر والنقل لا يعلم بالضرورة ولا بدليل العقل فالملائكة منه ولا يتحقق كيفية صورتهم واجنحتهم وانهم كيف يطيرون باجنحتهم الثلاثة والاربعة لكن على الجملة يعلم كمال قدرته وصدق حكمته انتهى
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه رأى جبريل ليلة المعراج وله ستمائة جناح منها اثنان يبلغان من المشرق الى المغرب ودل هذا وكذا كل ما فيه زيادة على الاربع انه تعالى لم يرد خصوصية الاعداد ونفى ما زاد عليها
وذكر السهيلى ان المراد بالاجنحة فى حق الملائكة صفة ملكية وقوة روحانية وليست كاجنحة الطير ولا ينافى ذلك وصف كل جناح منها بانه يسد ما بين المشرق والمغرب هذا كلامه كما فى انسان العيون
يقول الفقير لا يجوز العدول عن الظاهر مع امكان الحمل على الحقيقة وقد تظاهرت الروايات الدالة على اثبات الاجنحة للملائكة وان لم تكن كاجنحة الطير من حيث ان الله تعالى باين بين صور المخلوقات والملائكة وان كانوا روحانيين لكن لهم اجسام لطيفة فلا يمنع ان يكون للاجسام اجنحة جسمانية كما لا يمنع ان يكون للارواح اجنخة روحانية نورانية كما ثبت لجعفر الطيار رضى الله عنه
والحاصل ان المناسب لحال العلويين ان يكونوا طائرين كما ان المناسب لحال السفليين ان يكونوا سائرين ومن امعن النظر فى خلق الارض والجو عرف ذلك ويؤيد ما قلنا ان البراق وان كان فى صورة البغل فى الجملة لكنه لما كان علويا اثبت له الجناح نعم ان الاجنحة من قبيل الاشارة الى القوة الملكية والاشارة لا تنافى العبارة هذا
وفى كشف الاسرار وردت فى عجائب صور الملائكة اخبار يقال ان حملة العرش لهم قرون وهم فى صورة الاوعال : يعنى [ بزان كوهى ] وفى الخبر(11/237)
« ان فى السماء ملائكة نصفهم ثلج ونصفهم نار تسبيحهم يا من يؤلف بين الثلج والنار الف بين قلوب المؤمنين » وقيل لم يجتمع الله فى الارض لشئ من خلقه بين الاجنحة والقرون والخراطيم والقوائم الا لا ضعف خلقه وهو البعوض وفيه ايضا [ هرجندكه فرشتكان مقربان دركاه عزت اند وطاوسان حضرت با اين مرتبت خاكيان مؤمنان برايشان شرف دارند ] كما قال عليه السلام « المؤمن اكرم على الله من الملائكة الذين عنده » فالملائكة ان طاروا من الارض الى السماء فى اسرع وقت فاهل الشهود طاروا الى ما فوق السماء فى لمحة بصر فلهم اجنحة من العقول السليمة والالباب الصافية والتوجهات المسرعة والجذبات المعجلة اجتهدوا وسلكوا ثم صاروا ثم طاروا طيرانا عجز عنده الملائكة وحاروا واليه الاشارة بقوله عليه السلام « لى مع الله وقت لا يستعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل »
بربساط بوريا سير دو عالم ميكنيم ... باوجود نى سوارى برق جولانيم ما
جون باوج حق بريم عاجز شوداز ماملك ... كرد باد لا مكانى طرفه سيرانيم ما
{ يزيد } الله تعالى : يعنى [ زياده ميكند ومى افزايد ] فان زاد مشترك بين اللازم والمتعدى وليس فى اللغة ازاد { فى الخلق } فى أى خلق كان من الملائكة وغيرهم فاللام للجنس والخلق بمعنى المخلوق { ما يشاء } كل ما يشاء ان يزيده بموجب مشيئته ومقتضى حكمته من الامور التى لا يحيط بها الوصف فليس تفاوت احوال الملائكة فى عدد الاجنحة وكذا تفاوت احوال غيرهم فى بعض الامور تستدعيه ذواتهم بل ذلك من احكام المشيئة ومتقضيات الحكم وذلك لان اختلاف الاصناف بالخواص والفصول بالانواع ان كان لذواتهم المشتركة لزم تنافى لوازم الامور المتفقة وهو محال
والآية متناولة لزيادات الصور والمعانى
فمن الاولى حسن الصورة خصوصا الوجه قيل ما بعت الله نبيا الاحسن الشكل وكان نبينا عليه السلام املح : يعنى [ بر يوسف عليه السلام مليحتر وشيرين تر بود ] فمن قال كان اسود يقتل كما فى هدية المهديين الا ان لا يريد التقبيح بل الوصف بالسمرة والاسود العرب كما ان الاحمر العجم كما قال عليه السلام « بعثت الى الاسود والاحمر »
آن سيه جرده كه شير ينئ عالم با اوست ...(11/238)
ومنها ملاحة العينين واعتدال الصورة وسهولة اللسان وطلاقته وقوة البطش والشعر الحسن والصوت الحسن وكان نبينا عليه السلام طيب النغمة وفى الحديث « لله اشد اذنا للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب قينة الى قينته » اى من استماع مالك جارية مغنية اريد هنا المغنية وفى الحديث « زينوا القرآن باصواتكم » اى اظهروا زينته بحسن اصواتكم والا فجل كلام الخالق ان يزينه صوت مخلوق ورخص تحسين الصوت والتطريب ما لم يتغير المعنى بزيادة او نقصان فى الحروف
جنانكه ميرود ازجاى دل بوقت سماع ... هم از سماع بمأواى خود كند برواز
خدايرا حدئ عاشقانة سركن ... كه بى حدى نشود قطع راه دور ودراز
ومنها حسن الحظ وفى الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم « الخط الحسن يزيد الحق وضحا » وهو بالفتح الضوء والبياض وفى الحديث « عليكم بحسن الخط فانه من مفاتيح الرزق »
يقول الفقير حسن الخط مما يرغب فيه الناس فى جميع البلاد فاستكمال صنعة الكتابة من الكمالات البشرية وان كانت من الزيادات لا من المقاصد وقد يتعيش بعض الفقراء بمنافع قلمه ولا يحتاج الى الغير فيكون المنة لله على كل حال
برو بحسن خطت دل فراخ كن يارا ... زتنكدستى مبر شكوه اهل دنيارا
ومن الثانية كمال العقل وجزالة الرأى وجراءة القلب وسماحة النفس وغير ذلك من الزيادات المحمودة [ در حقايق سلمى آورده كه تواضع در اشراف وصخا در اغنيا وتعفف در فقرا وصدق در مؤمنان وشوق در محبان
امام قشيرى فرموده كه علوهمت است همنت عالى كسى را دهدكه خود خواهد ] فالمراد بعلوا الهمة التعلق بالمولى لا بالدنيا والعقبى
همانى جون تو عالى قدر حرص استخوان حيفست ... دريغا ساية همت كه برنا اهل افكندى
ويقال يزيد فى الجمال والكمال والدمامة
يقول الفقير هذا المعنى لا يناسب مقام الامتنان كما لا يخفى على اهل الاذعان { ان الله على كل شئ قدير } بليغ القدرة على كل شئ ممكن وهو تعليل بطريق التحقيق للحكم المذكور فان شمول قدرته تعالى لجميع الاشياء مما يوجب قدرته على ان يزيد كل ما يشاؤه ايجابا بينا فقد ابان سبحانه ان قدرته شاملة لكل شئ ومن الاشياء الانقاذ من الشهوات والاخراج من الغفلات والادخال فى دائرة العلم والشهود الذى هو من باب الزيادات فمن استعجز القدرة الالهية فقد كفر ألا ترى الى حال ابراهيم بن ادهم حيث تجلى الله له بجمال اللطف الصورى اولا واعطاه الجاه السلطنة ثم منّ له باللطف المعنوى ثانيا حيث انقذه من حبس العلاقات وخلصه من ايدى الكدورات وشرفه بالوصول الى عالم الاطلاق والدخول فى حرم الوفاق حكى انه كان سبب خروج ابراهيم بن ادهم عن اهله وماله وجاهه ورياسته وكان من ابناء الملوك انه خرج يوما يصطاد فاثار ثعلبا ثم ارنبا فبينما هو فى طلبه اذ هتف به هاتف ألهذا خلقت ام بهذا امرت ثم هتف به من قربوس سرجه والله ما لهذا خلقت ولا بهذا امرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فاخذ جبة الراعى من صوف فلبسها واعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان وحكى ان الشيخ ابا الفوارس شاهين بن شجاع الكرمانى رضى الله عنه خرج للصيد وهو ملك كرمان فامعن فى الطلب حتى وقع فى برية مقفرة وحده فاذا هو بشاب راكب على سبع وحوله سبع فلما رأته ابتدرت نحوه فزجرها الشاب عنه فلما دنا اليه السلام عليه وقال له يا شاه ما هذه الغفلة عن الله اشتغلت بدنياك عن آخرتك وبلذتك وهواك عن خدمة مولاك انما اعطاك الله الدنيا لتستعين بها على خدمته فجعلتها ذريعة الى الاشتغال عنه فبينما الشاب يحدثه اذ خرجت عجوز بيدها شربة ماء فناولتها الشاب فشرب ودفع باقيها الى الشاه فشربه فقال ما شربت شيأ الذّ منه ولا ابرد ولا اعذب ثم غابت العجوز فقال الشاب هذه الدنيا وكلها الله الى خدمتى الدنيا قال لها يا دنيا من خدمنى فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه فلما رأى ذلك تاب وكان منه ما كان فهذان الملكان بالكسر صارا ملكين بالفتح بقدرة الله تعالى فجاء فى حقهما يزيد فى الخلق ما يشاء والله الموفق(11/239)
مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)
{ ما يفتح الله للناس من رحمة } ما شرطية فى محل النصب ببفتح . والفتح فى الاصل ازالة الاغلاق وفى العرف الظفر ولما كان سببا للارسال والاطلاق استعير له بقرينة لا مرسل له مكان الفاتح
وفى الارشاد والابهام اى أى شئ يفتح الله من خزائن رحمته أية رحمة كانت من نعمة وصحة وعلم وحكمة الى غير ذلك : وبالفارسية [ آنكه بكشايد خداى براى مردمان وفرستد بديشان از بخشايش خويش جون نعمت وعافيت وصحت ] { فلا ممسك لها } اى لا احد من المخلوقات يقدر على امساكها وحبسها فانه لا مانع لما اعطاه
قيل الفتح ضربان فتح الهى وهو النصرة بالوصول الى العلوم والهدايات التى هى ذريعة الى الثواب والمقامات المحمودة فذلك قوله { انا فتحتا لك فتحا مبينا } وقوله { فعسى الله ان يأتى بالفتح او امر من عنده } والثانى فتح دنيوى وهو النصرة فى الوصول الى اللذات البدنية وذلك قوله { ما يفتح الله للناس من رحمة } وقوله { لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض } { وما يمسك } اى لا احد من الموجودات يقدر على ارساله واعطائه فانه لا معطى لما منعه . واختلاف الضمير بالتذكير والتأنيث لما ان مرجع الاول مفسر بالرحمة ومرجع الثانى مطلق فى كل ما يمسكه من رحمته وغضبه . ففى التفسير الاول وتقييده بالرحمة ايذان بان رحمته سبقت غضبه اى فى التعلق والا فهما صفتان لله تعالى لا تسبق احداهما الاخرى فى ذاتهما { من بعده } على تقدير المضاف اى من بعد امساكه ومنعه كقوله { فمن يهديه من بعد الله } اى من بعد هداية الله { وهو العزيز } الغالب على كل ما يشاء من الامور التى من جملتها الفتح والامساك فلا احد ينازعه { الحكيم } الذى يفعل ما يشاء حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة
وعن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه كان النبى عليه السلام يقول فى دبر الصلاة « لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير اللهم لا مانع لام اعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد » وهو بالفتح الحظ والاقبال فى الدنيا اى لا ينفع الفتى المحظوظ حظه منك اى بدل طاعتك وانما ينفع العمل والطاعة
وعن معاذ رضى الله عنه مرفوعا ( لا تزال يد الله مبسوطة على هذه الامة ما لم يرفق خيارهم بشرارهم ويعظم برّهم فاجرهم ويعن قراؤهم امراءهم على معصية الله فاذا فعلوا نزع الله يده عنهم )
صاحب كشف الاسرار [ كويد ارباب فهم بدانندكه اين آيت درباب فتوح مؤمنان وارباب عرفانست وفتوح آنرا كويند كه ناجسته وناخواسته آيد وآن دوقسمت يكى مواهب صورية جون رزق نامكتسب وديكر مطالب معنوية وآن علم لدنيست ن آموخته ](11/240)
دست لطفش منبع علم وحكم ... بى قلم برصفحة دل زد رقم
علم اهل دل نه از مكتب بود ... بلكه از تلقين خاص رب بود
فعلى العاقل ان يجتهد حتى يأتى رزقه الصورى والمعنوى بلا جهد ومشقة وتعب روى عن الشيخ ابى يعقوب البصرى رضى الله عنه انه قال جعت مرة فى الحرم عشرة ايام فوجدت ضعفا فحدثتنى نفسى ان اخرج الى الوادى لعلى اجد شيأ يسكن به ضعفى فخرجت فوجدت سلجمة مطروحة فاخذتها فاذا برجل جاء فجلس بين يدىّ ووضع قمطرة وقال هذه الك فقلت كيف خصصتنى بها فقال اعلم انا كما فى البحر منذ عشرة ايام فاشرفت السفينة على الغرق فنذر كل واحد منا نذرا ان خلصنا الله ان يتصدق بشئ ونذرت انا ان خلصنى الله ان اتصدق بهذه على اول من يقع عليه بصرى من المجاورين وانت اول من لقيته قلت افتحها ففتحها فاذا فيها كعك ممصر ولوز مقشر وسكر كعاب فقبضت قبضة من ذا وقبضة من ذا وقلت ردّ الباقى الى صبيانك هدية متى اليهم وقد اليهم وقد قبلتها ثم قلت فى نفسى رزقك يسير اليك منذ عشرة
صائب فريب نعمت الوان نمى خوريم ... روزى خود زخوان كرم ميخوريم ما
وقال
كشاد عقدة روزى بدست تقديراست ... مكن ز رزق شكايت ازين وآن زنهار
اللهم افتح لنا خير الباب وارزقنا مما رزقت اولى الالباب انك مفتح الابواب(11/241)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)
{ يا ايها الناس } عامة فاللام للجنس او يا اهل مكة خاصة فاللام للعهد { اذكروا نعمت الله عليكم } نعمة رسمت بالتاء فى احد عشر موضعا من القرآن ووقف عليها بالهاء ابن كثير وابو كثير وابو عمرو والكسائى ويعقوب اى انعامه عليكم ان جعلت النعمة مصدرا وكائنة عليكم ان جعلت اسما اى راعوها واحفظوها بمعرفة حقها والاعتراف بها وتخصيص العبادة والطاعة بمعطيها سواء كانت نعمة خارجة كالمال والجاه او نعمة بدنية كالصحة والقوة او نعمة نفسية كالعقل والفطنة ولما كان ذكر النعمة مؤديا الى ذكر المنعم قال بطريق الاستفهام الانكارى { هل من خالق غير الله } اى هل خالق مغاير له تعالى موجود اى لا خالق سواه على ان خالق مبتدأ محذوف الخبر زيدت عليه من تأكيدا للعموم وغير الله نعت له باعتبار محله كما انه نعت له فى قراءة الجر باعتبار لفظه
قال فى الاسئلة المفحمة اى حجة فيها على المعتزلة الجواب انه تعالى اخبر بان لا خالق غيره وهم يقولون نحن نخلق افعالنا وقوله من صلة وذلك يقتضى غاية النفى والانتفاء { يرزقكم من السماء والارض } اى المطر من السماء والنبات من الارض وهو كلام مبتدأ لا محل له من الاعراب ولا مساغ لكونه صفة اخرى لخالق لان معناه نفى وجود خالق موصوف بوصفى المغايرة والرازقية معا من غير خالق مغاير له تعالى من غير تعرض لنفى وجوده رأسا مع انه المراد حتما وفائدة هذا التعريف انه اذا عرف انه لا رازق غيره لم يعلق قلبه باحد فى طلب شئ ولا يتلل للانفاق لمخلوق وكما لا يرى رزقه من مخلوق لا يراه من نفسه ايضا فيتخلص من ظلمات تدبيره واحتياله وتوهم شئ من امثاله واشكاله ويستريح بشهود تقديره
قال شيخى وسندى روّح الله روحه فى بعض تعليقاته يا مهموما بنفسه كنت من كنت لو القيتها الينا واسقطت تدبيرها وتركت تدبيرك لها واكتفيت بتدبيرنا لها من غير منازعة فى تدبيرنا لها لاسترحت جعلنا الله واياكم هكذا بفضله آمين { لا اله الا هو } واذا تبين تفرده تعالى بالالوهية والخالقية والرازقية { فأنى } فمن أى وجه { تؤفكون } تصرفون عن التوحيد الى الشرك وعن عبادته الى عبادة الاوثان فالفاء لترتيب انكار عدولهم عن الحق الى الباطل على ما قبلها(11/242)
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4)
{ وان يكذبوك } اى وان استمر المشركون على ان يكذبوك يا محمد فيما بلغت اليهم فلا تحزن واصبر { فقد كذبت رسل } اولوا شأن خطير وذووا عدد كثير { من قبلك } فصبروا وظفروا { والى الله } لا الى غيره { ترجع الامور } من الرجع وهو الرد اى ترد اليه عواقبها فيجازى كل صابر على صبره وكل مكذب على تكذيبه
وفى التأويلات النجمية يشير الى تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم واولياء امته وتسهيل الصبر على الاذية اذا علم ان الانبياء عليهم السلام استقبلهم مثل ما استقبله وانهم لما صبروا لله كفاهم علم انه يكفيه بسلوك سبيلهم والاقتداء بهم وليعلم ارباب القلوب ان حالهم مع الاجانب من هذه الطريقة كاحوال الانبياء مع السفهاء من اممهم وانهم لا يقبلون منهم الا يقبلون منهم الا القليل من اهل الارادة وقد كان اهل الحقائق ابدا منهم فى مقاساة الاذية ولا يتخلصون الا بستر حالهم عنهم والعوام اقرب الى هذه الطريقة من القراء المتقشفين والعلماء الذين همم لهذه الاصول منكرون واقرار المقرين وانكار المنكرين ليس يرجع اليهم بل يرجع الى تقدير عليم حكيم يعلم المبدأ والمعاد ويدبر على وفق ارادته الاحوال
فعلى العاقل ان يختار طريق العشق والاقرار وان كان فيه الاذى والملامة ويجتنب عن طريق النفى والانكار وان كان فيه الراحة والسلامة فان ذرة من العشق خير للعاشقين من كثير من اعمال العابدين : قال الحافظ
هرجند غرق بحر كناهم زصد جهت كر آشناى عشق شوم غرق رحمتم
وطريق العشق هو التوحيد واثبات الهوية بالتفريد كما قال { لا اله الا هو } وهو كناية عن موجود غائب والغائب عن الحواس الموجود فى الازل هو الله تعالى وهو ذكر كل من المبتدى والمنتهى اما المبتدى ففى حقه غيبه لانه من اهل الحجاب واما المنتهى ففى حقه حضور لانه من اهل الكشف فلا يشاهد الا الهوية المطلقة وهو مركب فى الحس من حرفين وهما ( هو ) وفى العقل من حرفين ايضا وهما ( اى ) فكانت حروفه فى الحس والعقل اربعة لتدل على الاحاطة التربيعية التى هى احاطة هو الاول والآخر والظاهر والباطن ولما كانت الاولية والآخرية اعتبارين عقليين دل عليهما بالالف والياء ولما كانت الظاهرية والباطنية اعتبارين حسيين دل عليهما بالهاء والواو فالف هو غيب فى هائه وياؤه غيب فى واوه
واعلم ان الذكر خير من الجهاد فان الثواب الغزو والشهادة فى سبيل الله حصول الجنة والذاكر جليس الحق تعالى كما قال ( انا جليس من ذكرنى ) وشهود الحق افضل من حصول الجنة ولذلك كانت الرؤية بعد حصول الجنة وشرط الذكر الحضور بالقلب والروح وجميع القوى
حضور قلب ببايدكه حق شود مشهود ... وكرنه ذكر مجرد نمى دهد يك سود(11/243)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5)
{ يا ايها الناس ان وعد الله } بالبعث والجزاء { حق } ثابت لا محالة لا خلف فيه
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل ما وعد به الله من الثواب والعقاب والدرجات فى الجنة والدركات فى النار والقربات فى اعلى عليين وفى مقعد صدق عند مليك مقتدر والبعد الى اسفل سافلين حق فاذا علم ذلك استعد للموت قبل نزول الموت ولم يهتم للرزق ولم يتهم الرب فى كفاية الشغل ونشط فى استكثار الطاعة ورضى بالمقسوم { فلا يغرنكم الحياة الدنيا } بان يذهلكم التمتع بها عن طلب الآخرة والسعى لها وتقطعكم زينتها وشهواتها عن الرياضيات والمجاهدات وترك الاوطان ومفارقة الاخوان فى طريق الطلب والمراد نهيهم عن الاغترار بها وان توجه النهى صورة اليها
وفى بعض الآثار ( يا ابن آدم لا يغرنك طول المهلة فانما يعجل بالاخذ من يخاف الفوت )
وعن العلاء بن زياد فقالت انا الدنيا فى منامى قبيحة عمشاء ضعيفة عليها من كل زينة فقلت من انت اعوذ بالله منك فقالت انا الدنيا فان سرك ان يعيذك الله منى فابغض منى فابغض الدراهم يعنى لا تمسكها عن النفقة فى موضع الحق وفى الحديث « الدنيا غنيمة الاكياس وغفلة الجهال » وذلك لان الاكياس يزرعون فى مزرعة الدنيا انواع الطاعات فيغتنمون بها يوم الحصاد بخلاف من جهل ان الدنيا مزرعة انواع الطاعات فيغتنمون بها يوم الحصاد بخلاف من جهل الدنيا مزرعة الآخرة
نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى ييش دانا به از عالميست
دل اندر دلارام دنيا مبند ... كه ننشست باكس كه دل برنكند
{ ولا يغرنكم بالله } وكرمه وعفوه وسعة رحمته { الغرور } فعول صيغة مبالغة كالشكور والصبور وسمى به الشيطان لانه لا نهاية لغروره : بالفارسية [ فريفتن ]
وفى المفردات الغرور كل ما يغر الانسان من مال وجاه وشهوة وشيطان وقد فسر بالشيطان اذ هو اخبث الغارين وبالدنيا لما قيل الدنيا تغر وتضر وتمر . والمعنى ولا يغرنكم بالله الشيطان المبالغ فى الغرور با يمنيكم المغفرة مع الاصرار على المعاصى قائلا اعملوا ما شئتم ان الله غفور يغفر الذنوب جميعا وانه غنى عن عبادتكم وتعذيبكم فان ذلك وان امكن لكن تناول الذنوب بهذا التوقع من قبيل تناول السم اعتمادا على دفع الطبيعة فالله تعالى وان كان اكرم الاكرمين مع اهل الكرم لكنه شديد العقاب مع اهل العذاب [ بزركان فرمود اندكه يكى مصائد ابليس تسويفست در توبة يعنى توبة بنده رادر تأخير افكند كه فرصت باقيست عشرت نقد از دست مده ]
امشب همه شب يار ومى وشاهد باش ... جون روز شود توبة كن وزاهد باش
[ عاقل بايدكه بدين فريب ازراه نرود وازنكتة « الفرصة تمر مر السحاب » غافل نكردد ]
عذر بافردا فكندى عمر فردار راكه ديد ...(11/244)
إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)
{ ان الشيطان عدو } عداوة قديمة بما فعل بابيكم ما فعل لا تكاد تزول وتقديم لكم للاهتمام به { فاتخذوه عدوا } بمخالفتكم له فى عقائدكم وافعالكم وكونكم على حذر منه فى جميع احوالكم [ از بزركى برسيدندكه جكونه شيطانرا دشمان كيريم كفت از بى آرزو مرويد ومتابع هواى نفس مشويد وخرجه كنيد بايدكه موافق شرع ومخالف طبع بود ] فلا تكفى العداوة باللسان فقط بل يجب ان تكون بالقلب والجوارح جميعا ولا يقوى المرء على عداوته الا بملازمة الذكر ودوام الاستعانة بالرب فان من هجم عليه كلاب الراعى يشكل عليه دفعها الا ان ينادى الراعى فانه يطردها بكلمة منه { ان يدعو } الشيطان { حزبه } جماعته واتباعه
قال فى التأويلات حزبه المعرضون عن الله المشتغلون بغير الله { ليكونوا } اى حزبه { من اصحاب السعير } : يعنى [ جزاين نيست كه مى خواند شيطان باتباع هوى وميل بدنيا كروه خودرا يعنى بى روان وفرمان بردار نرا تاباشند در آخرت باآواز ياران آتش يعنى ملازمان دوزخ ]
قال فى الارشاد تقرير لعداوته وتحذير من طاعته بالتنبيه على ان غرضه فى دعوة شيعته الى اتباع الهوى والركون الى ملاذ الدنيا ليس تحصيل مطالبهم ومنافعهم الدنيوية كما هو مقصد المتحابين فى الدنيا عند سعى بعضهم فى حاجة بعض بل هو توريطهم والقاؤهم فى العذاب المخلد من حيث لا يحتسبون(11/245)
الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7)
{ الذين كفروا } اى ثبتوا على الكفر بما وجب به الايمان واصروا عليه { لهم } بسبب كفرهم واجابتهم لدعوة الشيطان { عذاب شديد } معجل ومؤجل . فمعجلة تفرقة وانسداد بصائرهم وخساسة همتهم حتى انهم يرضون بان يكون معبودهم الاصنام والهوى والدنيا والشيطان . ومؤجلة عذاب الآخرة وهو مما لا تخفى شدته وصعوبته { والذين آمنوا } ثبتوا على الايمان واليقين { وعملوا الصالحات } اى الطاعات الخالصة لله تحصيلا لزيادة نور الايمان { لهم } بسبب ايمانهم وعملهم الصالح الذى من جملته عداوة الشيطان { مغفرة } عظيمة وهى فى المعجل ستر ذنوبهم ولولا ذلك لافتضحوا وفى المؤجل محوها من ديوانهم ولولا ذلك لهلكوا { واجر كبير } لا غاية له وهو اليوم سهولة العبادة ودوام المعرفة وما يناله فى قلبه من زوائد اليقين وخصائص الاحوال وانواع المواهب وفى الآخرة تحقيق المسؤل ونيل ما فوق المأمول
قيل مثل الصالحين ومازينهم الله به دون غيرهم مثل جند قال لهم الملك تزينوا للعرض علىّ غدا فمن كانت زينته احسن كانت منزلته عندى ارفع ثم يرسل الملك فى السر بزينة عنده ليس عند الجند مثلها الى خواص مملكته واهل محبته فاذا تزينوا بزينة الملك فخروا على سائر الجند عند العرض على الملك فالله تعالى وفقهم للاعمال الصالحة وزينهم بالطاعات الخالصة وحلاهم بالتوجهات الصافية بتوفيقه الخاص قصدا الى الاصطفاء والاختصاص فميزهم بها فى الدنيا عن سائرهم وباجورهم العظيمة فى الآخرة لمفاخرهم فليحمد الله كثيرا من استخدامه الله واستعمله فى طريق طاعته وعبادته فان طريق الخدمة قلّ من يسلكه خصوصا فى هذا الزمان وسبيل العشق ندر من يشرع فيها من الاخوان : قال الحافظ
نشان اهل هدا عاشقيست باخود دار ... كه در مشايخ شهر اين نشان نمى بينم
ولله عباد لهم قلوب الهموم عمارتها والاحزان اوطانها والعشق والمحبة قصورها وبروجها
احبك حبين حب الهوى ... وحبا لانك اهل لذاكا
فاما الذى هو حب الهوى ... فذكر شغلت به عن سواكا
واما الذى انت اهل له ... فكشفك للحجب حتى اراكا
ولا حمد فى ذا ولا ذاك لى ... ولكن لك الحمد فى ذا وذاكا
نسأل الله سبحانه ان يعمر قلوبنا بانواع العمارات ويزين بيوت بواطننا باصناف الارادات ويحشرنا مع خواص عباده الذين لهم اجر كبير وثواب جزيل ويشرفنا بمطالعة انوار وجهه الجميل انه المرجو فى الاول والآخر والباطن والظاهر(11/246)
أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)
{ أفمن زين له } [ التزيين : آراستن ] { سوء عمله } اى قبيح عمله بالفارسية [ زشت وبد ] { فرآه حسنا } فظنه جميلا لان رأى اذا عدّى الى مفعولين اقتضى معن الظن والعلم والمعنى ابعد تباين عاقبتى الفريقين يكوم من زين له الكفر من جهة الشيطان فانهمك فيه كمن استقبحه واجتنبه واختار الايمان والعمل الصالح اى لا يكون فحذف ما حذف دلالة ما سبق عليه { فان الله يضل } الى آخره تقرير له وتحقيق للحق ببيان ان الكل بمشيئة الله تعالى اى فانه تعالى يضل { من يشاء } ان يضله لاستحسانه الضلال وصرف اختياره اليه فيرده الى اسفل سافلين { ويهدى من يشاء } ان يهديه لصرف اختياره الى الهدى فيرفعه الى اعلى عليين { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } الفاء للسببية فان ما سبق للنهى عن التحسر . والذهاب المضىّ وذهاب النفس كناية عن الموت . والحسرة شدة الحزن على ما فات والندم عليه كأنه انحسر عنه الجهل الذى حمله على ما ارتكبه : وقوله حسرات مفعول له والجمع للدلالة على تضاعف اغمّامه عليه السلام على احوالهم او على كثرة قبائح اعمالهم الموجبة للتأسف والتحسر وعليهم صلة تذهب كما يقال هلك عليه حبا ومات عليه حزنا ولا يجوز ان يتعلق بحسرات لان المصدر لا تتقدم عليه صلته والمعنى اذا عرفت ان الكل بمشيئة الله فلا تهلك نفسك للحسرات على غبهم واصرارهم والغموم على تكذيبهم وانكارهم : وبالفارسية [ بس بايدكه نرود جان تو بعنى هلاك نشود براى حسر تهاى متوالى كه مى خورى وتأسفهاى كونا كون كه دارى برفعلهاى ناخوش ايشان كه هريك مقتضئ حسرت است ] فقد بذلت لهم النصح وخرجت عن عهدة التبليغ فلا مشقة لك من بعد وانما المشقة عن عين الله فلا يوجد احد يرحمه { ان الله عليم } بليغ العلم { بما يصنعون } يفعلون من القبائح فيجازيهم عليها جزاء قبيحا فانهم وان استحسنوا القبائح لقصور نظرهم فالقبيح لا يكون حسنا ابدا
واعلم ان الكافر يتوهم ان عمله حسن كما قال تعالى { وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا } ثم الراغب فى الدنيا يجمع حلالها وحرامها ولا يتفكروا فى زوالها ولا فى ارتحاله عنها قبل كمالها فقد زين له سوء عمله
شد قواى جملة اجراى جسمت درفنا ... باهزاران آرزو وست وكريبانى هنوز
ثم الذى يتوهم انه اذا وجد نجاته ودرجاته فى الجنة فقد استراح واكتفى فقد زين له سوء عمله حيث تغافل عن حلاوة مناجاة ربه فانها فوق نعيم الجنان
ماييم وهمين عاشقى ولذت ديدار ... زاهد تو برو در طلب خلد برين باش
فمن زين له الدنيا بشهواتها ليس كمن زين له العقبى بدرجاتها ومن زين له نعيم العقبى ليس كمن زين له جمال المولى اى لا يستوى هذا وذاك فاصرف الى الاشهى هواك والله تعالى هو مبدأ كل حسن فمن وصل اليه حسن بحسن ذاته وصفاته وافعاله واعماله ومن وجده وجد كل شئ ومن لم يجده لم يجد شيأ وان وجد الدنيا كلها [ نقلست كه ابراهيم بن ادهم قدس سره روزى برلب دجلة نشسته بود خرقة مى دوخت سوزنش بدريا افتدي كى ازو برسيد كه ملك جنان از دست دادى جه يافتى اشارت بدريا كرد كه سوزنم بدهيد قرب هزار ما هى برآمد هر يكى سوزن زرين برلب كرفته كفت سوزن من خواهم ماهيكه ضعيف برآمد وسوزن او آورد بستد وكفت كمترين جيزى كه يا فتم اين است باقى تو ندانى ] فهذا من ثمرات الهداية الخاصة ونتائج النيات الخالصة والاعمال الصالحة وحسن الحال مع الله تعالى ولا يحصل الا لمن اخذ الامر من طريقه فاصلح الطبيعة فى مرتبة الشريعة والنفس فى مرتبة الطريقة وحسن ما حسنه الشرع والعقل السليم وقبح ما قبحه كل منهما فاما اصحاب الاهواء والبدع فقد زين لهم سوء اعمالهم ويناتهم من جهة الشيطان فضلوا طريق الهدى والسنة نسأل الله سبحانه ان يجعلنا على صراطه المستقيم الذى سلكه اهل الدين القويم ويهدينا الى الاعمال الحسنة ويحلينا بالاخلاق المستحسنة(11/247)
وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9)
{ والله } وحده وهو مبتدأ خبره قوله { الذى ارسل الرياح } الارسال فى القرآن على معنيين . الاول بمعنى [ فرستادن ] كما فى قوله تعالى { انا ارسلناك } والثانى بمعنى [ فرو كشادن ] كما فى قوله تعالى { ارسل الرياح }
وفى المفردات الارسال يقال فى الانسان وفى الاشياء المحبوبة والمكروهة وقد يكون ذلك بالتخلية وترك المنع ونحو { انا ارسلنا الشياطين على الكافرين } والارسال يقابل الامساك . والرياح جمع ريح بمعنى الهواء المتحرك اصله روح ولذا يجمع على ارواح واما ارياح قياسا على رياح فخطأ
قال صاحب كشف الاسرار [ الله است كه فرو كشايد بتقدير وتدبير خويش بهنكام دربايست وباندازة دربايست بادهاى مختلف ازمخارج مختلف ] اراد بها الجنوب والشمال مهبها من مطلع سهيل الى مطلع الثريا واما الشمال بالفتح ويكسر فمهبها بين مطلع الشمس وبنات النعش او من مطلع الشمس الى مسقط النسر الطائر ولا تكاد تهب ليلا واما الصبا فمهبها من جانب المشرق اذا استوى الليل والنهار سميت بها لانها تصبو اليها النفوس اى تميل ويقال لها القبول ايضا بالفتح لانها تقابل الدبور او لانها تقابل باب الكعبة او لان النفس تقبلها { فتثير سحابا } تهيجه وتنشره بين السماء والارض لا نزال المطر فانه مزيد ثار الغبار اذا هاج وانتشر ساطعا
قال فى تاج المصادر [ الاثارة : برانكيختن كرد وشورانيدن زمين وميغ آوردن باد ] والسحاب جسم يملأه الله ماء كما شاء وقيل بخار يرتفع منا البحار والارض فيصيب الجبال فيستمسك ويناله البرد فيصير ماء وينزل واصل السحب الجر كسحب الذيل والانسان على الوجه ومنه السحاب لجره الماء وصيغة المضارع مع مضى ارسل وسقنا لحكاية الحال الماضية استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على كمال القدرة والحكمة ولان المراد بيان احداثها لتلك الخاصية ولذلك اسند اليها { فسقناه الى بلد ميت } السوق بالفارسية [ راندن ] والبلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه واقامتهم فيه ولاعتبار الاثر قيل بجلده بلد اى اثر والبلد الميت هو الذى لا نبت فيه قد اغبر من القحط
قال الراغب الموت يقال بازاء القوة النامية الموجودة فى النبات ومقتضى الظاهر فساقه اى ساق الله ذلك السحاب واجراه الى الارض التى تحتاج الى الماء وقال فسقناه الى بلد التفاتا من الغيبة الى التكلم دلالة على زيادة اختصاصه به تعالى وان الكل منه والوسائط اسباب وقال الى بلد ميت بالتنكير قصدا به الى بعض البلاد الميتة وهى بلاد الذين تبعدوا عن مظان الماء { فاحيينا } الفا آت الثلاث للسببية فان ما قبل كل واحدة منها سبب لمدخولها غير ان الاولى دخلت على السبب بخلاف الاخيرتين فانهما دخلتا على المسبب { به } اى بالمطر النازل من السحاب المدلول عليه بالسحاب فان بينهما تلازما فى الذهن كما فى الخارج او بالسحاب فانه سبب السبب { الارض } اى صيرناها خضراء بالنبات { بعد موتها } اى يبسها { كذلك النشور } الكاف فى حيز الرفع على الخبرية اى مثل ذلك الاحياء الذى تشاهدونه احياء الموتى واخراجهم من القبور يوم الحشر فى صحة المقدورية وسهولة التأنى من غير تفاوت بينهما اصلا سوى الالف فى الاول دون الثانى فالآية احتجاج على الكفرة فى انكارهم البعث حيث دلهم على مثال يعاينونه
وعن ابى رزين العقيلى قال قلت يا رسول الله كيف يحيى الله الموتى قال(11/248)
« اما مررت بواد ممحلا ثم مررت به خضرا » قلت بلى قال « فكذلك يحيى الله الموتى » او قال { كذلك النشور }
وقال بعضهم فى آية كذلك الشنور اى فى كيفية الاحياء فكما ان احياء الارض بالماء فكذا احياء الموتى كما روى ان الله تعالى يرسل من تحت العرش ماء كمنى الرجال فينبت به الاجساد كنبات البقل ثم يأمر اسرافيل فيأخذ الصور فينفخ نفخة ثانية فتخرج الارواح من ثقب الصور كامثال النحل وقد ملأت ما بين السماء والارض فيقول الله ليرجعن كل روح الى جسده فتدخل الارواح فى الارض الى الاجساد ثم تدخل فى الخياشيم فتمشى فى الاجساد مشى السم فى اللديغ ثم تنشق الارض فيخرجون حفاة عراة
وفى الاية اشارة الى انه تعالى من سنته اذا اراد احياء ارض يرسل الرياح فتثير سحابا ثم يوجه ذلك السحاب الى الموضع الذى يريد تخصيصا له كيف يشاء ويمطر هنالك كيف يشاء كذلك اذا اراد احياء قلب عبد يرسل اولا رياح الرجاء ويزعج بها كوامن الارادة ثم ينشئ فيه سحاب الاحتياج ولوعة الانزعاج ثم يأتى بمطر الجود فينبت به فى القلب ازهار البسط وانوار الروح ويطيب لصاحبه العيش والحضور
يا رب از ابر هدايت برسان بارانى ... ييشتر زانكه جو كردئ زمان برخيزم(11/249)
مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)
{ من كان } [ هركه باشد ] { يريد العزة } الشرف والمنعة بالفارسية [ ارجمندى ]
قال الراغب العز حالة مانعة للانسان من ان يغلب من قولهم ارض عزاز اى صلبة والعزيز الذى يقهر ولا يقهر والعزة يمدح بها تارة كما قال تعالى { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } ويذم بها اخرى كعزة الكافرين وذلك ان العزة التى لله ولرسوله وللمؤمنين هى الدائمة الباقية وهى العزة الحقيقية والعزة التى للكافرين هى التعزز وهو فى الحقيقة ذل والمراد بما فى الآية المشركون المتعززون بعباده الاصنام والمنافقون المتعززون بالمشركين { فلله } وحده لا لغيره { العزة } حال كونها { جميعا } اى عزة الدنيا وعزة الآخرة لا يملك غيره شيأ منها اى فليطلبها من عنده تعالى بطاعته وتقواه لا من عند غيره فاستغنى عن ذكره بذكر دليله ايذانا بان اختصاص العزة به تعالى موجب لتخصيص طلبها به تعالى ونظيره قولك من اراد العلم فهو عند العلماء اى فليطلبه من عندهم لان الشئ لا يطلب الا عند صاحبه ومالكه فقد اقمت الدليل مقام المدلول واثبت العزة فى آية اخرى لله ولرسوله وللمؤمنين وجه الجمع بينهما ان عز الربوبية والالهية لله تعالى وصفا وعز الرسول وعز المؤمنين له فعلا ومنة وفضلا فاذا العزة لله جميعا
قال الكاشفى [ وبعزة او رسول ومؤمنان متعززند عزت در موافقت اوست ومذلت در مخالفت او ]
عزيزى كه هركه از درش سربتافت ... بهر دركه شد هيج عزت نيافت
وفى الحديث « ان ربكم يقول كل يوم انا العزيز فمن اراد عز الدارين فليطع العزيز » ثم بين ما يطلب به العزة وهو الايمان والعمل الصالح فقال { اليه يصعد الكلم الطيب } الضمير الى الله تعالى وهو الظاهر . والصعود الذهاب فى المكان العالى استعير لما يصل من العبد الى الله كما استعير النزول لما يصل من الله الى العبد . والكلم بكسر اللام جنس كنمر كما دهب اليه الجمهور ولذا وصف بالمذكر لا جمع كلمة كما ذهب اليه البعض واصل الطيب الذى به يطلب العزة لا الى الملائكة الموكلين باعمال العباد فقط وهو يعز صاحبه ويعطى مطلوبه بالذات
وقال بعضهم الكلم يتناول الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن والذكر من قوله « سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر » ونحو ذلك مما كان كلاما طيبا
وقيل اليه يصعد اى الى سمائه ومحل قبوله وحيث يكتب الاعمال المقبولة لا الى الله كما قال { ان كتاب الابرار لفى عليين } وقال الخليل { انى ذاهب الى ربى سيهدين } اى ذاهب الى الشام الذى امرنى بالذهاب اليه
فالظاهر ان الكتبة يصعدون بصحيفته الى حيث امر الله ان توضع او يصعد هو بنفسه
قال بعض الكبار يتجاوز العرش الى عالم المثال وقد يتعدى من عالم المثال الى اللوح ثم الى المقام القلمى ثم الى العماء وذلك بحسب تفاوت مراتب العمال فى الصدق والاخلاص وصحة التصور والشهود والعيان .(11/250)
فعلى هذا فبعض الاعمال يتجاوز السماء وعالم الاجسام كلها فيكون محل قبوله ما فوقها مما ذكر فسدر الانتهاآت اذا كثيرة بعضها فوق بعض الى مرتبة العماء نسأل الله قبول الاعمال وصحت توجه البال وقوة الحال { والعمل الصالح يرفعه } الرفع يقال تارة فى الاجسام الموضوعة اذا اعليتها عن مقرها وتارة فى البناء اذا طولته وتارة فى الذكر اذا نوهته وتارة فى المنزلة اذا شرفتها كما فى المفردات
وفى مرجع المستكن فى يرفعه وجوه . الاول انه للكلم فان العمل لا يقبل الا بالتوحيد ويؤيده القراءة بنصب العمل يعنى ان التوحيد يصعد بنفسه ويرفع العمل الصالح بان يكون سببا لقوله ألا ترى ان اعمال الكفار مردودة محبطة لوجود الشرك . والثانى انه للعمل فانه يحقق الايمان ويقويه ولا ينال الدرحات العالية الا به كما فى الارشاد
قال الشيخ التوحيد انما قبل بسبب الطاعة اذ هو مع العصيانلا ينفع اى لا يمنع العقاب والاولى ما فى الارشاد فان الاعمال كالمراقى وقول بلا عمل كثريد بلا دسم وسحاب بلا مطر وقوس بلا وتر
وقال الكاشفى فى الآية [ وعمل شايسته برميدارد آنرا وبمحل قبول ميرساند جه مجرد قول بى عمل صالح كه اخلاصست نافع نيست . يا كلم طيب دعاست وعمل صالح صدقة مساكين ودر غالب اجابت دعوات بتصدقاتست . يا كلم طيب دعاى ائمة است وعمل تأمين جماعتيان . يا كلم تكبير غزاست وعمل شمشير زدن . يا كلم استغفاراست وعمل ندم ودرين همه صور بردارندة كلمة عمل است ] . والثالث انه لله تعالى يعنى يتقبله
قال ابن عطية وهذا ارجح الاقوال وتخصيص العمل بهذا الشرف على هذا الوجه لما فيه من الكلفة
وقال فى حل الرموز قالوا كلمة « لا اله الا الله محمد رسول الله » تصعد الى الله بنفسها وغيرها من الاذكار والاعمال ترفعها الملائكة كما قال تعالى { والعمل الصالح يرفعه } اى يرفعه الحق ويقبله على ايدى الملائكة من الحفظة والسفرة وقد روى ان دعوة اليتيم وكذا دعوة المظلوم تصعد الى الله بنفسها اى من غير ملائكة
وفيه معنى آخر وهو ان يرفعه بمعنى يجعله ذا قدر وقيمة مثل ثوب رفيع ومرتفع : يعنى [ قدر ومرتبة او رفيع سازد مراد عمل موحد مخلص است كه هيج جيزى بقيمت آن نيست وكاريرا كه بآن آميخته باشد ازهمه جيزى خوارتر وبى مقدار تراست ]
كرت بيخ اخلاص در بوم نيست ... ازين در كسى جون تومحروم نيست
رز قلب آلوده بى قيمت است ... زريرا كه خالص بود حرمت است
وفى التأويلات النجمية بقوله { من كان يريد العزة } يشير الى ان الانسان خلق ذليلا مهينا محتاجا الى كل شئ ولا يحتاج شئ الى شئ كاحتياج الانسان الى الاشياء كلها ولا يحتاج الى كل شئ الا الانسان والذلة قرين الحاجة فمن ازدادت حاجته ازدادت مذلته { فلله العزة جميعا } لعدم احتياجه وكل شئ ذليل له لاحتياجه اليه فكلما كان احتياج الانسان كاملا كان ذلة كاملا فقال تعالى من كان الى آخره اى يطلب العزة من غير الله لانه ذليل ايضا لله فبقدر قطع النظر عن الاشياء وطلب العزة منها تنقص ذلة العبد وتزيد عزته الى ان لا يبقى له الاحتياج الى غير الله ولا يزول الاحتياج والافتقار الى غير الله من القلوب الا بنفى لا اله واثبات الا الله فبالنفى تنقطع تعلقاته عن الكونين وبالاثبات يتوجه بالكلية الى الحق تعالى فاذا لم يبق له تعلق ترجع حقيقة الكلمة الى الحضرة كما ان النار تستنزل من الفلك الاثير باصطكاك الحجر والحديد ثم يوقد بها شجرة فالنار تأكل الشجرة وتفنيها من الحطيبة وتبقيها بالنارية الى ان تفنى الشجرة بالكلية فلما لم يبق من وجود الحطب شئ ترجع النار الى الاثير وهذا سر قول الله { يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } والعمل الصالح هو اركان الشريعة فاول ركن منها كمال استنزال نار نور الله من اثير الحضرة باصطحاك حديد « لا اله الا الله » وحجر القلب القاسى فلما وقعت النار فى شجرة الوجود الانسانى عمل العبد بركن من الاركان الخمسة التى بنى الاسلام عليها والاركان الاربعة الباقية هى العمل الصالح الذى يقلع اصل الشجرة من ارض الدنيا ويقطعها قطعا تستعد به لقبولها النار واشتعالها بالنار واحتراقها بها لتقع النار الى ان تحترق الشجرة بالكلية وترفع بالعبور عن الشجرة الى اثير الحضرة ولما كانت الشجرة مشتعلة بتلك النار آنس موسى عليه السلام من جانب الطور نارا فلما اتاها نودى من شاطئ الوادى الايمن فى البقعة المباركة من الشجرة على لسان الشعلة(11/251)
{ انى انا الله رب العالمين } تأمله تفهم ان شاء الله تعالى { والذين يمكرون السيآت } المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة
وفى القاموس المكر الخديعة وهذا بيان لحال الكلم الخبيث والعمل السيئ واهلها بعد بيان حال الكلم الطيب والعمل الصالح وانتصاب السيآت على انها صفة للمصدر المحذوف فان يمكر لازم لا ينصب المفعول به اى يمكرون المكرات السيآت وهى مكرات قريش بالنبى عليه السلام فى دار الندوة وتدارؤهم الرأى فى احدى الثلاث التى هى الاثبات والقتل والاخراج كما حكى الله عنهم فى سورة الانفال بقوله { واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك } { لهم } بسبب مكراتهم { عذاب شديد } فى الدنيا والآخرة لا يدرك غايته ولا يبالى عنده بما يمكرون به { ومكر اولئك } المفسدين الذين ارادوا ان يمكروا به عليه السلام .(11/252)
وضع اسم الاشارة موضع ضميرهم للايذان بكمال تميزهم بما هم فيه من الشر والفساد عن سائر المفسدين واشتهارهم بذلك { هو } خاصة دون مكر الله بهم
وفى الارشاد لا من مكروا به { يبور } يهلك ويفسد فان البوار فرط المكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك والفساد ولقد ابارهم الله تعالى ابارة بعد ابارة مكراتهم حيث اخرجهم من مكة وقتلهم واثبتهم فى قليب بدر فجمع عليهم مكراتهم الثلاث التى اكتفوا فى حقه عليه السلام بواحدة منهن قل كل يعمل على شاكلته
فللمكر السيئ قوم اشقياء غاية امرهم الهلاك وللكلم الطيب والعمل الصالح قوم سعداء نهاية شانهم النجاة
قال مجاهد وشهر بن حوشب المراد بالآية اصحاب الرياء
وفى التأويلات النجمية بقوله { والذين يمكرون السيآت } يشير الى الذين يظهرون الحسنات بالمكر ويخفون السيآت من العقائد الفاسدة ليحسبهم الخلق من الصالحين الصادقين { لهم عذاب شديد } وشدة عذابهم فى تضعيف عذابهم فانهم يعذبون بالسيآت التى يخفونها ويضاعف لهم العذاب بمكرهم فى اظهار الحسنات دون حقيقتها كما قال تعالى { ومكر اولئك هو يبور } اى مكرهم يبوّرهم ويهلكهم انتهى وانما تظهر الكرامات بصدق المعاملات
قال ابو يزيد البسطامى قدس سره [ كفت شبى خانه روشن كشت كفتم اكر شيطانست من ازان عزيز ترم وبلند همت كه اورا در من طمع افتد واكر ازنزديك تست بكذار تا ازسراى خدمت بسراى كرامت رسم ] فالخدمة فى طريق الحق بالخلوص وسيلة الى ظهور الانوار وانكشاف الاسرار
وقد قيل ليس الايمان بالتمنى يعنى لا بد للتصديق من مقارنة العمل ولا بد لتحقيق التصديق من صدق المعاملة فمن وقع فى التمنى المجرد فقد اشتهى جريان السفينة فى البر
كر همه علم عالمت باشد ... بى عمل مدعى وكذابى
حفظنا الله واياكم من ترك المحافظة على الشرائع والاحكام وشرفنا بمراعاة الححدود والآداب فى كل فعل وكلام انه ميسر كل مراد ومرام(11/253)
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11)
{ والله خلقكم من تراب } دليل آخر على صحة البعث والنشور اى خلقكم ابتداء من التراب فى ضمن خلق آدم خلقا اجماليا لتكونوا متواضعين كالتراب . وفى الحديث « ان الله جعل الارض ذلولا تمشون فى مناكبها وخلق بنى آدم من تراب ليذلهم بذلك فابوا الانخوة واستكبارا ولن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من كبر »
وقال بعضهم من تراب تقبرون وتدفنون فيه
وفى التأويلات النجمية يشير الى انكم ابعد شئ من المخلوقات الى الحضرة لان التراب اسفل المخلوقات وكثيفها فان فوقه ماء وهو ألطف منه وفوق الماء هواء وهو ألطف منه وفوق الهواء اثير وهو ألطف من الهواء وفوق الاثير السماء وهى الطف من الاثير ولكن لا تشبه لطافة السماء بلطافة ما تحتها من العناصر لان لطافة العناصر من لطافة الاجسام ولطافة السموات من لطافة الاجرام . فالفرق بينهما ان الطافة الاجسام تقبل الخرق والالتئام ولطافة السموات لا تقبل الخرق والالتئام وفوق كل سماء سماء هى ألطف منها الى الكرسى وهو ألطف من السموات وفوقه العرش وهو ألطف من الكرسى وفوقه عالم الارواح وهو الطف من العرش ولكن لا تشبه لطافة الارواح بلطافة العرش والسموات لانها لطافة الاجرام فالفرق بينهما ان لطافة الاجرام قابلة للجهات الست ولطافة الارواح غير قابلة للجهات وفوق الارواح هو الله القاهر فوق عباده وهو ألطف من الارواح ولكن لطافته لا تشبه لطافة الارواح لان لطافة الارواح نورانية علوية محيطة بما دونها احاطة العلم بالمعلوم والله تعالى فوق كل شئ وهو منزه عن هذه الاوصاف ليس كمثله شئ وهو السميع البصير العليم { ثم من نطفة } النطفة هى الماء الصافى الخارج من بين الصلب والترائب قل او كثر اى ثم خلقكم من نطفة خلقا تفصيليا لتكونوا قابلين لكل كمال كالماء الذى هو سر الحياة ومبدأ العناصر الاربعة
وقال بعضهم خلقكم من تراب يعنى آدم وهو اصل الخلق ثم من نطفة ذرية منه بالتناسل والتوالد
وفى التأويلات يشير الى انه خلقكم من اسفل المخلوقات وهى النطفة لان التراب نزل دركه المركبية ثم دركة النباتية ثم دركة الحيوانية ثم دركة الانسانية ثم دركة النطفة فهى اسفل سافلى المخلوقات وهى آخر خلق خلقه الله تعالى من اصناف المخلوقات كما ان اعلى الشجرة آخر شئ يخلقه الله وهو البذر الذى يصلح ان توجد منه الشجرة فالبذر آخر صنف خلق من اصناف اجزاء الشجرة { ثم جعلكم ازواجا } اصنافا احمر وابيض واسود او ذكرانا واناثا
وعن قتادة جعل بعضكم زوجا لبعض
وفى التأويلات يشير الى ازدزاج الروح والقالب فالروح من اعلى مراتب القرب والقالب من اسفل دركات البعد فبكمال القدرة والحكمة جمبع بين اقربين وابعد الابعدين ورتب للقالب فى ظاهره الحواس الخمس وفى باطنه القوى البشرية ورتب للروح المدركات الروحانية ليكون بالروح والقالب مدركا لعوالم الغيب والشهادة كلها وعالما بما فيها خلافة عن حضرة الربوبية عالم الغيب والشهادة(11/254)
آدمى شاه وكائنات سباه ... مظهر كل خليفة الله
{ وما } نافيه { تحمل } [ برنكيرد يعنى ازفرزند ] { من انثى } [ هيج زنى ] من مزيدة لاستغراق النفى وتأكيده والانثى خلاف الذكر ويقالان فى الاصل اعبارا بالفرجين كما فى المفردات { ولا تضع } [ وننهد آنجه دشكم اوست يعنى نزايد { الا } حال كونها ملتبسة { بعلمه } تابعة لمشيئته
قال فى بحر العلوم بعلمه فى موضع الحال والمعنى ما يحدث شئ من حمل حامل ولا وضع واضع الا وهو عالم به يعلم مكان الحمل ووضعه وايامه وساعاته واحواله من الخداج والتما م والذكورة والانوثة وغير ذلك { وما يعمر من معمر } ما نافية [ والعمير : عمر دادن ] والمعمر من اطيل عمره ويقال ابن الليالى . وقوله من معمر اى من احد ومن زائدة لتأكيد النفى فى ان انثى وانما سمى معمرا باعتبار مصيره يعنى هو من باب تسمية الشئ بما يأول اليه والمعنى فى عمر احد وما يطول : وبالفارسية [ وزندكانى داده نشود هيج درازى عمرى ] { ولا ينقص من عمره } العمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة وعن ابن عمر رضى الله عنهما انه قرأه من عمره بجزم الميم وهما لغتان مثل نكر ونكر والضمير راجع الى المعمر والنقصان من عمر المعمر محال فهو من التسامح فى العبارة ثقة بفهم السامع فيراد من ضمير المعمر ما من شأنه ان يعمر على الاستخدام والمعنى ولا ينقص من عمر احد لكن لا على معنى لا ينقص من عمره بعد كونه زائدا بل على معنى لا يجعل من الابتداء ناقصا : وبالفارسية [ وكم كرده نشود از عمر معمرى ديكر يعنى كه بعمر معمر اول نرسد ] { الا فى كتاب } اى اللوح او علم الله او صحيفة كل انسان { ان ذلك } المذكور من الخلق وما بعده مع كونه محارا للعقول والافهام { على الله يسير } لاستغنائه عن الاسباب فكذلك البعث
وفى بحر العلوم ان ذلك اشارة الى ان الزيادة والنقص فى الآية بالنسبة الى عمرين كما عرفت والا فمذهب اكثر المتكلمين وعليه الجمهور ان العمر يعنى عمر شخص واحد لا يزيد ولا ينقص
وقيل الزيادة والنقص فى عمر واحد باعتبار اسباب مختلفة اثبتت فى اللوح مثل ان يكتب فيه ان حج فلان فعمره ستون والافاربعون فاذا حج فقد بلغ الستين وقد عمر واذا لم يحج فلا يجاوز الاربعين فقد نقص من عمره الذى هو الغاية وهو الستون وكذا ان تصدق او وصل الرحم فعمره ثمانون والا فخمسون واليه اشار عليه السلام بقوله(11/255)
« الصدقة والصلة تعمران الديار وتزيدان فى الاعمار » وفى الحديث « ان المرء ليصل رحمه وما بقى من عمره ثلاثون سنة فيرده الله الى ثلاثة ايام » وفى الحديث « بر الوالدين يزيد فى العمر والكذب ينقص الرزق والدعاء يرد القضاء »
قال بعض الكبار لم يختلف احد من علماء الاسلام فى ان حكم القضاء والقدر الشامل لكل شئ ومنسحب على جميع الموجودات ولوازمها من الصفات والافعال والاحوال وغير ذلك . فما الفرق بين ما نهى النبى عليه السلام عن الدعاء فيه كالارزاق المقسومة والآجال المضروبة وبين ما حرّض عليه كطلب الاجارة من عذاب النار وعذاب القبر ونحو ذلك فاعلم ان المقدورات على ضربين ضرب يختص بالكليات وضرب يختص بالجزيئات التفصيلية فالكليات المختصة بالانسان قد اخبر عليه السلام انها محصورة فى اربعة اشياء وهى العمر والرزق والاجل والسعادة او الشقاء وهى لا تقبل التغير فالدعاء فيها لا يفيد كصلة الرحم الا بطريق الفرض يعنى لو امكن ان يبسط فى الرزق ويؤخر فى الاجل لكان ذلك بالصلة والصدقة فان لهما تأثيرا عظيما ومزّية على غيرهما ويجوز فرض المحال اذا تعلق بذلك الحكمة قال تعالى { قل ان كان للرحمن ولد فانا اول العابدين } واما الجزئيات ولوازمها التفصيلية فقد يكون ظهور بعضها وحصوله للانسان متوقفا على اسباب وشروط ربما كان الدعاء والكسب والسعى والعمل من جملتها بمعنى انه لم يقّدر حصوله بدون الشرط او الشروط
وقال ابن الكمال اما الذى يقتضيه النظر الدقيق فهو ان المعمر الذى قدر له العمر الطويل يجوز ان يبلغ حد ذلك العمر وان لا يبلغه فيزيد عمره على الاول وينقص على الثانى ومع ذلك لا يلزم التغيير فى التقدير وذلك لان المقدر لكل شخص انما هو الانفاس المعدودة لا الايام المحدودة والاعوام المعدودة ولا خفاء فى ان ايام ما قدر من الانفاس تزيد وتنقص بالصحة والحضور والمرض والتعب فافهم هذا السر العجيب حتى ينكشف لك سر اختيار بعض الطوائف حبس النفس ويتضح وجه كون الصدقة والصلة سببا لزيادة العمر انتهى
وقيل المراد من النقص ما يمر من عمره وينقص فانه يكتب فى الصحيفة عمره كذا وكذا سنة ثم يكتب تحت ذلك ذهب يوم ذهب يومان وهكذا حتى يأتى على آخره كما قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الله تعالى جعل لكل نسمة عمرا تنتهى اليه فاذا جرى عليه الليل والنهار نقص من عمره بالضرورة وقد قيل نقصان العمر صرفه الى غيره مرضاة الله تعالى : قال الحافظ قد سره
فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق زما اين قدر نمى آيد
وقال
اوقات خوش آن بود كه بادوست بسر رفت ... باقى همه بى حاصلى وبى خبرى بود
وقال المولى الجامى قدس سره
هردم از عمر كرامى هست كنج بى بدل ... ميرود كنج جنين هر لحظه برباد آه آه
وقال الشيخ سعدى قدس سره
هردم از عمر ميرود نفسى ... جون نكه ميكنم نمانده بسى
عر برفست وآفتاب تموز ... اندكى ماندو خواجه غره هنوز
ايقظنا الله واياكم(11/256)
وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)
{ وما يستوى البحران } اصل البحر كل مكان واسع جامع للماء الكثير ويقال للمتوسع فى العلم بحر
وفى القاموس البحر الماء الكثير عذبا او ملحا
وقال بعضهم البحر فى الاصل يقال للملح دون العذب فقوله وما يستوى البحر الخ انما سمى العذب بحرا لكونه مع الملح كما يقال للشمس والقمر قمران
قال فى اخوان الصفا فان قيل ما البحار يقال هى مستنقعات على وجه الارض حاصرة للمياه المجتمعة فيها { هذا } البحر { عذب } طيب بالفارسية [ شيرين ] { فرات } بليغ عذوبته بحيث يكسر العطش
قال فى تاج المصادر [ الفروتة : خوش شدن آب ] والنعت فعال ويقال للواحد والجمع { سائغ شرابه } سهل انحدار مائه فى الخلق لعذوبته فان العذب لكونه ملائما للطبع تجذبه القوة الجاذبة بسهولة . والشائغ بالفارسية [ كوارنده ] يقال ساغ الشراب سهل مدخله والشراب ما شرب والمراد هنا الماء { وهذا } البحر الآخر { ملح } [ تلخست ]
قال فى المفردات الملح الماء الذى تغير طعمه التغير المعروف وتجمد ويقال له ملح اذا تغير طعمه وان لم يتجمد فيقال ماء ملح وقلما تقول العرب مالح ثم استعير من لفظ الملح الملاحة فقيل رجل مليح { اجاج } شدي ملوحته بحيث يحرق بملوحته وهو نقيض الفرات
قال فى خريدة العجائب الحكمة فى كون ماء البحر ملحا اجاجا لا يذاق ولا يساغ لئلا ينتن من تقادم الدهور والازمان وعلى ممرّ الاحقاب والاحيان فيهلك من نتنه العالم الارضى ولو كان عذبا لكان كذلك ألا ترى الى العين التى بها ينظر الانسان الارض والسماء والعالم والالوان وهى شحمه مغمورة فى الدمع وهو ماء مالح والشحم لا يصان الا بالملح فكان الدمع مالحا لذلك المعنى انتهى .
واما الانهار العظيمة العذبة فلجريانها دائما لم يتغير طعمها ورائحتها فان التغير انما يحصل من الوقوف فى مكان { ومن كل } اى من كل واحد من البحرين المختلفين طعما { تأكلون } ايها الناس { لحما طريا } غضا جديدا من الطراء [ والطراوة : وبالفارسية ميخوريد كوشتى تازه يعنى ما هى ] وصف السمك بالطراوة وهى : وبالفارسية [ تارة شدن ] لتسارع الفساد اليه فيسارع الى اكله طيا ومضى باقى النقل فى سورة النحل { وتستخرجون } اى من المالح خاصة ولم يقل منه لانه معلوم { حلية } زينة اى لؤلؤا ومرجانا
وفى الاسئلة المقحمة اراد بالحلية اللآلى واللآلى انما تخرج من ملح اجاج لا من عذب فرات فكيف اضافها الى البحرين والجواب قد قيل ان اللآلى تخرج من عذب فرات وفى الملح عيون من ماء عذب ينعقد فيه اللؤلؤ والمرجان انتهى
قال فى الخريدة اللؤلؤ يتكون فى بحر الهند وفارس والمرجان ينبت فى البحر كالشجر واذا كلس المرجان عقد الزئبق فمنه ابيض ومنه احمر ومنه اسود وهو يقوى العين كحلا وينشف رطوبتها { تلبسونها } اى تلبس تلك الحلية نساؤكم ولما كان تزينهن بها لاجل الرجال فكأنها زينتهم ولباسهم ولذا اسند اليهم وفى الحديث(11/257)
« كلم الله البحرين فقال البحر الذى بالشام يا بحر انى قد خلقتك واكثرت فيك من الماء وانى حامل فيك عبادا لى يسبحوننى ويحمدوننى ويهللوننى ويكبروننى فما انت صانع بهم قال اسبحك واحمدك واهللك واكبرك معهم واحملهم على ظهرى قال الله تعالى فانى افضلك على البحر الآخر بالحلية والطرى » كذا فى كشف الاسرار { وترى الفلك } السفينة { فيه } اى فى كل منهما وافراد ضمير الخطاب مع جمعه فيما سبق وما لحق لان الخطاب لكل احد يأتى منه الرؤية دون المنتفعين بالبحرين فقط { مراخر } يقال سفينة ماخرة اذا جرت تشق الماء مع صوت والجمع المواخر كما فى المفردات والمعنى شواق للماء بجريها مقبلة ومدبرة بريح واحدة { لتبتغوا } [ تاطلب كنيد ] واللام متعلق بمواخر { من فضله } اى من فضل الله تعالى بالنقلة فيها
قال فى بحر العلوم ابتغاء الفضل التجارة وهى اعظم اسباب سعة الرزق وزيادته قال عليه السلام « تسعة اعشار رزق امتى فى البيع والشراء » { ولعلكم تشركون } اى ولتشكروا على ذلك الفضل وحرف الترجى للايذان بكونه مرضيا عنده تعالى
وفى بحر العلوم وكى تعرفوا نعم الله فتقوموا بحقها سيما انه جعل المهالك سببا لوجود المنافع وحصول المعايش
واعلم ان الله تعالى ذكر هذه الآية دلالة على قدرته وبيانا لنعمته
وقال بعضهم ضرب البحر العذب والملح مثلا للمؤمن والكافر فكما لا يستوى البحران فى الطعم فكذا المؤمن والكافر [ يكى ازحلاوت ايمان عين عذب عرفانست وديكر از مرارت عصيان بحر اجاج كفر وطغيان آن آب حيات آمد واين نقش سرابست اين عين خطا باشد وآن محض صوابست ] فقوله ومن كل الخ اما استطراد فى صفة البحرين وما فيهما من النعم والمنافع او تفضيل للاجاج على الكافر من حيث انه يشارك العذب فى منافع كثيرة كالسمك وجرى الفلك ونحوهما الكافر خلا من المنافع بالكية على طريقة قوله تعالى { ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهى كالحجارة او اشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله } ورحم الله ابا الليث حيث قال فى تفسيره ومن كل يظهر شئ من الصلاح يعنى يلد الكافر المسلم مثل ما ولد الوليد بن المغيرة خالد بن الوليد وابو جهل عكرمة بن ابى جهل
والاشارة بالبحر العذب الى الروح وصفاته الحميدة ومشربه الواردات الربانية وبالملح الى النفس وصفاتها الذميمة ومشربها الشهوات الحيوانية ولنا سفينتان الشريعة والطريقة فسفينة الشريعة تجرى من بحر الروح الى بحر النفس فيها احمال الاوامر والنواهى وسفينة الطريقة تجرى من بحر الروح الى الحضرة فيها احمال الاسرار والحقائق والمغانى والمقصود الوصول الى الحضرة على قدمى الشريعة والطريقة
وفى كشف الاسرار [ اين دودرياى مختلف يكى فرات ويكى اجاج .(11/258)
مثال دو درياست كه ميان بنده وخداست يكى درياى هلاك ديكر درياى نجات . دردرياى هلاك بنج كشتى روانست . يكى حرص . وديكر رياست . ديكر اصرار برمعاصى . جهارم غفلت بنجم قنوط . هركه در كشتئ حرص نشيند بساحل حسرت رسد . هركه در كشتئ زهد نشيند بساحل قربت رسد هركه دركشتئ معرفت نشيند بساحل انس رسد . هركه در كشتئ توحيد نشيند بساحل مشاهده رسد . بيرطريقت موعظتى بليغ كفته ياران ودوستان خودرا كفت اى عزيزان وبرادران هنكام آن آمد كه ازين درياى هلاك نجات جوييد واز ورطة فترت برخيزيد نعيم باقى باين سراى فانى نفروشيد نفس بخدمت بيكانه است بيكانه را مبروريد دل بى يقظت غول است تابغول صحبت مدار يد نفس بى آكاهى باداست باباد عرم مكذرانيد باسمى ورسمى ازحقيقت قانع مباشيد از مكر نهانى ايمن منشينيد ازكار خاتمه ونفس باز بسين همواره برحذر باشيد شيرين سخن ونيكو نظمى كه آن جوانمرد كفته است ]
اى دل ار عقبيت بايد جنك ازين دنيا بدار ... باك بازى ييشكه كير وراه دين كه اختيار
باى دردنيا نه وبردوز جشم نام وننك ... دست در عقبى زن وبربندراه فخر وعار
جون زنان تركى نشينى براميدرنك وبوى ... همت اندر راه بند كامزن مردانه وار
جشم آن نادان كه عشق آوردبر رنك صدف ... والله آرديدش رسد هركز بدرشاهوار
قال بعض اهل المعرفة { وما يستوى البحران } اى الوقتان هذا بسط وصاحبه فى روح وهذا قبض وصاحبه فى نوح هذا فرق وصاحبه يوصف بالعبودية وهذا جمع وصاحبه فى شهود الربوبية [ بنده تادر قبض است خوابش جون خواب غرق شدكان خوردش جون خورد بيماران عيشش جون عيش زندانيان بسزاى نياز خويش مى زيد بخوارى وراه مى برد بزارى زبزبان تذلل مى كويد برآب دوجشم وبر آتش جكرم يرباد دودستم وبرازخاك سرم جون زارى وخوارى بغايت رسد وتذلل وعجزى ظاهر كردد رب العزة تدارك دل وى كند دربسك وانبساط بردل وى كشايد وقت وى خوش كردد دلش بامولى بيوسته وسر باطلاع حق آراسته وبزبان شكر ميكويد الهى محنت من بودى دولت من شدى اندوه من بودى راحت من شدى داغ من بودى جراغ من شدى جراحت من بودى مرهم من شدى ] نسأل الله الخلاص من البرازخ والقيود والوصول الى الغاية القصوى من الوجدان والشهود انه رحيم ودود(11/259)
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13)
{ يولج الليل فى النهار } اى يدخل الله الليل فى النهار باضافة عبض اجزاء الليل الى النهرا فينقص الاول ويزيد الثانى كما فى فصل الربيع والصيف { ويولج النهار فى الليل } باضافة بعض اجزاء النهار الى الليل كما فى فصلى الخريف والشتاء { وسخر الشمس والقمر } [ ورام كرد آفتاب وماه را يعنى مسخر فرمان خود ساخت ]
وفى بحر العلوم معنى تسخير الشمس والقمر تصييرهما نافعين للناس حيث يعلمون بمسيرهما عدد السنين والحساب انتهى
يقول الفقير ومنه يعلم حكمة الايلاج فانه بحركة النيرين تختلف الاوقات وتظهر الفصول الاربعة التى تعلق بها المصالح والامور المهمة
ثم قوله وسخر عطف على يولج واختلافهما صيغة لما ان ايلاج احد الملوين فى الآخر متجدد حينا فحينا واما تسخير النيرين فلا تعدد فيه وانما المتتعدد والمتجدد آثاره وقد اشير اليه بقوله تعالى { كل } اى كل واحد من الشمس والقمر { يجرى } اى بحسب حركته الخاصة وحركته القسرية على المدارات اليومية المتعددة حسب تعدد ايام السنة فحينئذ ينقطع جريهما
وقال بعضهم يجرى الى اقصى منازلهما فى الغروب لانهما يغربان كل ليلة فى موضع ثم يرجعان الى ادنى منازلهما فجريانهما عبارة عن حركتيهما الخاصتين بهما فى فلكيهما . والاجل المسمى عبارة عن منتهى دوريتهما ومدة الجريان للشمس سنة وللقمر شهر فاذا كان آخر السنة ينتهى جرى الشمس واذا كان آخر الشمس ينتهى جرى القمر
قال فى البحر والمعنى فى التحقيق يجرى لادراك اجل على ان الجرى مختص بادراك اجل { ذلكم } مبتدأ اشارة الى فاعل الافاعيل المذكورة اشارة تجوّز فان الاصل فى الاشارة ان تكون حسية ويستحيل احساسه تعالى وما فيه من معنى البعد للايذان بغاية العظمة اى ذلك العظيم الشان الذى ابدع هذه الصنائع البديعة { الله } خبر { ربكم } خبر ثان { له الملك } خبر ثالث اى هو الجامع لهذه الاوصاف من الالهية والربوبية والمالكية لما فى السموات والارض فاعرفوه ووحدوه واطيعوا امره { والذين تدعون } [ وآنانرا كه مى خوانيد ومى برستيد ] { من دونه } اى حال كونكم متجاوزين الله وعبادته { ما يملكون من قمطير } هو القشرة البيضاء الرقيقة الملتفة على النواة كاللفافة لها وهو مثل فى القلة والحقارة كالنقير الذى هو النكتة فى ظهر النواة ومنه ينبت النخل والفتيل الذى فى شق النواة على هيئة الخيط المفتول والمعنى لا يقدرون على ان ينفعوكم مقدار القطمير(11/260)
إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)
{ ان تدعوهم } اى الاصنام للاصنام للاعانة وكشف الضر { لا يسمعوا دعاءكم } لانهم جماد والجماد ليس من شأنه السماع { ولو سمعوا } على الفرض والتمثيل { ما استجابوا لكم } فانهم لالسان لهم او جابوكم لملتبسكم لعجزهم عن النفع بالكلية فان من لا يملك نفع نفسه كيف يملك نفع غيره
قال الكاشفى يعنى [ قادر نيستند برايصال منافع ودفع مكاره ] { ويوم القيمة يكفرون بشرككم } اى يجحدون باشراككم لهم وبعبادتكم اياهم بقولهم ما كنتم ايانا تعبدون وانما جيئ بضمير العقلاء لان عبدتهم كانوا يصفونهم بالتمييز جهلا وغباوة ولانه اسند اليهم ما يسند الى اولى العلم من الاستجابة والسمع ويجوز ان يريد كل معبود من دون الله من الجن والانس والاصنام فغلب غير الاصنام عليها كما فى بحر العلوم { ولا ينبئك مثل خبير } اى لا يخبرك يا محمد بالامر مخبر مثل خبير اخبرك به وهو الحق سبحانه فانه الخبير بكنه الامور دون سائر المخبرين والمراد تحقيق ما اخبر به من حال آلهتهم ونفى ما يدعون لهم من الالهية [ صاحب لباب آورده كه اضافت مثل بخداى جائز نيست بس اين مثليست در كلام عرب شايع كشته واستعمال كنند در اخبار مخبرى كه سخن او فى نفس الامر معتمد عليه باشد ]
قال الزروقى الخبير هو العليم بدقائق الامور التى لا يتوصل اليها غيره الا بالاختيار
وقال الغزالى هو الذى لا يعزب عنه الاخبار الباطنة ولا يجرى فى الملك والملكوت شئ ولا تتحرك ذرة ولا تسكن ولا تضطرب نفس ولا تطمئن الا ويكون عنده خبرها
نر احوال ن بوده علمش بصير ... بر اسرار ناكفته لطفش خبير
وحظ العبد من ذلك ان يكون خبيرا بما يجرى فى بدنه وقلبه من الغش والخيانة والتطوف حول العاجلة واضمار الشر واظهار الخير والتحمل باظهار الاخلاص والافلاس عنه ولا يكون خبيرا بمثل هذه الخفايا الا باظهار التوحيد واخفائه وتحقيقه والوصول الى الله بالاعراض عن الشرك وما يكون متعلق العلاقة والميل
غلام همت آنم كه زير جرخ كبود ... زهرجه رنك تعلق يذيرد آزادست
وذلك ان التعلق بما سوى الله تعالى لا يفيد شيأ من الجلب والسلب فانه كله مخلوق والمخلوق عاجز وليست القدرة الكاملة الا لله تعالى فوجب توحيده والعبادة له والتعلق به
وخاصية الاسم الخبير حصول الاخبار بكل شئ فمن ذكره سبعة ايام اتته الروحانية بكل خبر يريده من اخبار السنة واخبار الملوك واخبار القلوب وغير ذلك كذا فى شمس المعارف ومن كان فى يد شخص يؤذيه فليكثر ذكره يصلح حاله كذا فى شرح الاسماء الحسنى للشيخ الزروقى(11/261)