" صفحة رقم 470 "
الإنشقاق : ( 19 ) لتركبن طبقا عن . . . . .
) لتركبن طبقا عن طبق ( حالا بعد حال مطابقة لأختها في الشدة وهو لما طابق غيره فقيل للحال المطابقة أو مراتب من الشدة بعد المراتب هي الموت ومواطن القيامة وأهوالها أو هي وما قبلها من الدواهي على أنه جمع طبقة وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي لتركبن بالفتح على خطاب الإنسان باعتبار اللفظ أو الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) على معنى لتركبن حالا شريفة ومرتبة عالية بعد حال ومرتبة أو ) طبقا ( من أطباق السماء بعد طبق ليلة المعراج وبالكسر على خطاب النفس وبالياء على الغيبة و ) عن طبق ( صفة ل ) طبقا ( أو حال من الضمير بمعنى مجاوز ال ) طبق ( أو مجاوزين له
الإنشقاق : ( 20 ) فما لهم لا . . . . .
) فما لهم لا يؤمنون ( بيوم القيامة
الإنشقاق : ( 21 ) وإذا قرئ عليهم . . . . .
) وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ( لا يخضعون أو ) لا يسجدون ( لتلاوته لما روي أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قرأ ) واسجد واقترب ( فسجد بمن معه من المؤمنين وقريش تصفق فوق رؤوسهم فنزلت واحتج به أبو حنيفة على وجوب السجود فإنه ذم لمن سمعه ولم يسجد وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه سجد فيها وقال والله ما سجدت فيها إلا بعد أن رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يسجد فيها
الإنشقاق : ( 22 ) بل الذين كفروا . . . . .
) بل الذين كفروا يكذبون ( أي بالقرآن
الإنشقاق : ( 23 ) والله أعلم بما . . . . .
) والله أعلم بما يوعون ( بما يضمرون في صدورهم من الكفر والعداوة(5/470)
" صفحة رقم 471 "
الإنشقاق : ( 24 ) فبشرهم بعذاب أليم
) فبشرهم بعذاب أليم ( استهزاء بهم
الإنشقاق : ( 25 ) إلا الذين آمنوا . . . . .
) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( استثناء منقطع أو متصل والمراد من تاب وآمن منهم ) لهم أجر غير ممنون ( مقطوع أو ) ممنون ( به عليهم وعن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة الانشقاق أعاذه الله أن يعطيه كتابه وراء ظهره(5/471)
" صفحة رقم 472 "
سورة البروج
مكية وآيها ثنتان وعشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
البروج : ( 1 ) والسماء ذات البروج
) والسماء ذات البروج ( يعني البروج الاثني عشر شبهت بالقصور لأنها تنزلها السيارات وتكون فيها الثوابت أو منازل القمر أو عظام الكواكب سميت بروجا لظهورها أو أبواب السماء فإن النوازل تخرج منها وأصل التركيب للظهور
البروج : ( 2 ) واليوم الموعود
) واليوم الموعود ( يوم القيامة
البروج : ( 3 ) وشاهد ومشهود
) وشاهد ومشهود ( ومن يشهد في ذلك اليوم من الخلائق وما أحضر فيه من العجائب وتنكيرهما للإبهام في الوصف أي ) وشاهد ومشهود ( لا يكتنه وصفهما أو المبالغة في الكثرة كأنه قيل ما أفرطت كثرته من شاهد ومشهود أو النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأمته أو أمته وسائر الأمم أو كل نبي وأمته أو الخالق والخلق أو عكسه فإن الخالق مطلع على خلقه وهو شاهد على وجوده أو الملك الحفيظ والمكلف أو يوم النحر أو عرفة والحجيج أو يوم الجمعة والجمع فإنه يشهد له أو كل يوم وأهله
البروج : ( 4 ) قتل أصحاب الأخدود
) قتل أصحاب الأخدود ( قيل إنه جواب القسم على تقدير لقد ) قتل ( والأظهر أنه دليل جواب محذوف كأنه قيل إنهم ملعونون يعني كفار مكة لعن أصحاب الأخدود فإن السورة وردت لتثبيت المؤمنين على أذاهم وتذكيرهم بما جرى على من قبلهم والأخدود الخد وهو الشق في الأرض ونحوهما بناء ومعنى الحق والأحقوق روي مرفوعا أن ملكا(5/472)
" صفحة رقم 473 "
كان له ساحرا فلما كبر ضم إليه غلاما ليعلمه وكان في طريقه راهب فمال قلبه إليه فرأى في طريقه ذات يوم حية قد حبست الناس فأخذ حجرا وقال اللهم إن كان الراهب أحب إليه من الساحر فاقتلها فقتلها وكان الغلام بعد يبرىء الأكمه والأبرص ويشفي من الأدواء وعمي جليس الملك فأبرأه فسأله الملك عمن أبرأه فقال ربي فغضب فعذبه فدل على الغلام فعذبه فدل على الراهب فقده بالمنشار وأرسل الغلام إلى جبل ليطرح من ذروته فدعا فرجف بالقوم فهلكوا ونجا وأجلسه في سفينة ليغرق فدعا فانكفأت السفينة بمن معه فغرقوا ونجا فقال للملك لست بقاتلي حتى تجمع الناس وتصلبني وتأخذ سهما من كنانتي وتقول بسم الله رب هذا الغلام ثم ترميني به فرماه فوقع في صدغه فمات فآمن الناس برب الغلام فأمر بأخاديد وأوقدت فيها النيران فمن لم يرجع منهم طرحه فيها حتى جاءت امرأة معها صبي فتقاعست فقال الصبي يا أماه اصبري فإنك على الحق فاقتحمت وعن علي رضي الله تعالى عنه كان بعض ملوك المجوس خطب الناس وقال إن الله أحل نكاح الأخوات فلم يقبلوه فأمر بأخاديد النار فطرح فيها من أبى وقيل لما تنصر نجران غزاهم ذو نواس اليهودي من حمير فأحرق في الأخاديد من لم يرتد
البروج : ( 5 ) النار ذات الوقود
) النار ( بدل من ) الأخدود ( بدل الاشتمال ) ذات الوقود ( صفة لها بالعظمة وكثرة ما يرتفع بها لهبها واللام في ) الوقود ( للجنس
البروج : ( 6 ) إذ هم عليها . . . . .
) إذ هم عليها ( على حافة النار ) قعود ( قاعدون
البروج : ( 7 ) وهم على ما . . . . .
) وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ( يشهد بعضهم لبعض عند الملك بأنهم لم(5/473)
" صفحة رقم 474 "
يقصروا فيما أمروا به أو يشهدون على ما يفعلون يوم القيامة حين تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم
البروج : ( 8 - 9 ) وما نقموا منهم . . . . .
) وما نقموا منهم ( وما أنكروا ) إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ( استثناء على طريقه قوله " ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب " ووصفه بكونه عزيزا غالبا يخشى عقابه حميدا منعما يرجى ثوابه وقرر ذلك بقوله ) الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد ( للإشعار بما يستحق أن يؤمن به ويعبد
البروج : ( 10 ) إن الذين فتنوا . . . . .
) إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ( بلوهم بالأذى ) ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ( بكفرهم ) ولهم عذاب الحريق ( العذاب الزائد في الاحراق بفتنتهم بل المراد ب ) الذين فتنوا ( ) أصحاب الأخدود ( وب ) عذاب الحريق ( ما روي أن النار انقلبت عليهم فأحرقتهم
البروج : ( 11 ) إن الذين آمنوا . . . . .
) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير ( إذ الدنيا وما فيها تصغر دونه
البروج : ( 12 ) إن بطش ربك . . . . .
) إن بطش ربك لشديد ( مضاعف عنفه فإن البطش أخذ بعنف
البروج : ( 13 ) إنه هو يبدئ . . . . .
) إنه هو يبدئ ويعيد ( ) يبدئ ( الخلق ويعيده أو ) يبدئ ( البطش بالكفرة في الدنيا ويعيده في الآخرة
البروج : ( 14 ) وهو الغفور الودود
) وهو الغفور ( لمن تاب ) الودود ( المحب لمن أطاع
البروج : ( 15 ) ذو العرش المجيد
) ذو العرش ( خالفه وقيل المراد ب ) العرش ( الملك وقرىء ذي العرش صفة ل ) ربك ( ) المجيد ( العظيم في ذاته وصفاته فإنه واجب الوجود تام القدرة والحكمة وجره حمزة والكسائي صفة ل ) ربك ( أو ل ) العرش ( ومجده علوه وعظمته(5/474)
" صفحة رقم 475 "
البروج : ( 16 ) فعال لما يريد
) فعال لما يريد ( لا يمتنع عليه مراد من أفعاله وأفعال غيره
البروج : ( 17 - 18 ) هل أتاك حديث . . . . .
) هل أتاك حديث الجنود فرعون وثمود ( أبدلهما من الجنود لأن المراد ب ) فرعون ( هو وقومه والمعنى قد عرفت تكذيبهم للرسل وما حاق بهم فتسل واصبر على تكذيب قومك وحذرهم مثل ما أصابهم
البروج : ( 19 ) بل الذين كفروا . . . . .
) بل الذين كفروا في تكذيب ( لا يرعوون عنه ومعنى الإضراب أن حالهم أعجب من حال هؤلاء فإنهم سمعوا قصتهم ورأوا آثار هلاكهم وكذبوا أشد من تكذيبهم
البروج : ( 20 ) والله من ورائهم . . . . .
) والله من ورائهم محيط ( لا يفوتونه كما لا يفوت المحاط المحيط
البروج : ( 21 ) بل هو قرآن . . . . .
) بل هو قرآن مجيد ( بل هذا الذي كذبوا به كتاب شريف وحيد في النظم والمعنى وقرىء ) قرآن مجيد ( بالإضافة أي قرآن رب مجيد
البروج : ( 22 ) في لوح محفوظ
) في لوح محفوظ ( من التحريف وقرأ نافع محفوظ بالرفع صفة ل ) القرآن ( وقرىء ) في لوح ( وهو الهواء يعني ما فوق السماء السابعة الذي فيه اللوح عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة البروج أعطاه الله بعدد كل جمعة وعرفة تكون في الدنيا عشر حسنات(5/475)
" صفحة رقم 476 "
سورة الطارق
مكية وآيها سبع عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
الطارق : ( 1 ) والسماء والطارق
) والسماء والطارق ( والكوكب البادي بالليل وهو في الأصل لسالك الطريق واختص عرفا بالآتي ليلا ثم استعمل للبادي فيه
الطارق : ( 2 - 3 ) وما أدراك ما . . . . .
) وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب ( المضيء كأنه يثقب الظلام بضوئه فينفذ فيه أو الأفلاك والمراد الجنس أو معهود بالثقب وهو زحل عبر عنه أولا بوصف عام ثم فسره بما يخصه تفخيما لشأنه
الطارق : ( 4 ) إن كل نفس . . . . .
) إن كل نفس لما عليها ( أي إن الشأن كل نفس لعليها ) حافظ ( رقيب فإن هي المخففة واللام الفاصلة وما مزيدة وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة لما على أنها بمعنى الأوان نافية والجملة على الوجهين جواب القسم
الطارق : ( 5 ) فلينظر الإنسان مم . . . . .
) فلينظر الإنسان مم خلق ( لما ذكر أن كل نفس عليها حافظ اتبعه توصيه الإنسان بالنظر في مبدئه ليعلم صحة إعادته فلا يملي على حافظه إلا ما يسره في عاقبته
الطارق : ( 6 ) خلق من ماء . . . . .
) خلق من ماء دافق ( جواب الاستفهام و ) ماء ( بمعنى ذي دفق وهو صعب فيه دفع والمراد الممتزج من الماءين في الرحم لقوله
الطارق : ( 7 ) يخرج من بين . . . . .
) يخرج من بين الصلب والترائب ( من بين صلب الرجل وترائب المرأة وهي عظام صدرها ولو صح أن النطفة تتولد من فضل الهضم الرابع وتنفصل عن جميع الأعضاء حتى تستعد لأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء ومقرها عروق ملتف بعضها بالبعض عند(5/476)
" صفحة رقم 477 "
البيضتين فلا شك أن الدماغ أعظم الأعضاء معونة في توليدها ولذلك تشبهه ويسرع الإفراط في الجماع بالضعف فيه ولو خليفة وهو النخاع وهو في الصلب وشعب كثيرة نازلة إلى الترائب وهما أقرب إلى أوعية المني فلذلك خصا بالذكر وقرىء الصلب بفتحتين و الصلب بضمتين وفيه لغة رابعة وهي صالب
الطارق : ( 8 ) إنه على رجعه . . . . .
) إنه على رجعه لقادر ( والضمير للخالق ويدل عليه ) خلق )
الطارق : ( 9 ) يوم تبلى السرائر
) يوم تبلى السرائر ( تتعرف ويميز بين ما طاب من الضمائر وما خفي من الأعمال وما خبث منها وهو ظرف ل ) رجعه )
الطارق : ( 10 ) فما له من . . . . .
) فما له ( فما للإنسان ) من قوة ( من منعة في نفسه يمتنع بها ) ولا ناصر ( يمنعه
الطارق : ( 11 ) والسماء ذات الرجع
) والسماء ذات الرجع ( ترجع في كل دورة إلى الموضع الذي تتحرك عنه وقيل الرجع المطر سمي به كما سمي أوبا لأن الله يرجعه وقتا فوقتا أو لما قيل من أن السحاب يحمل الماء من البحار ثم يرجعه إلى الأرض وعلى هذا يجوز أن يراد ب ) السماء ( السحاب
الطارق : ( 12 ) والأرض ذات الصدع
) والأرض ذات الصدع ( ما تتصدع عنه الأرض من النبات أو الشق بالنبات والعيون
الطارق : ( 13 ) إنه لقول فصل
) أنه ( إن القرآن ) لقول فصل ( فاصل بين الحق والباطل
الطارق : ( 14 ) وما هو بالهزل
) وما هو بالهزل ( فإنه جد كله
الطارق : ( 15 ) إنهم يكيدون كيدا
) إنهم ( يعني أهل مكة ) يكيدون كيدا ( في إبطاله وإطفاء نوره
الطارق : ( 16 ) وأكيد كيدا
) وأكيد كيدا ( وأقابلهم بكيد في استدراجي لهمم وانتقامي منهم من حيث لا يحتسبون(5/477)
" صفحة رقم 478 "
الطارق : ( 17 ) فمهل الكافرين أمهلهم . . . . .
) فمهل الكافرين ( فلا تشتغل بالانتقام منهم أو لا تستعجل بإهلاكهم ) أمهلهم رويدا ( أمهالا يسيرا والتكرير وتغيير البنية لزيادة التسكين عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة الطارق أعطاه الله بكل نجم في السماء عشر حسنات(5/478)
" صفحة رقم 479 "
سورة الأعلى
مكية وأيها تسع عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
الأعلى : ( 1 ) سبح اسم ربك . . . . .
) سبح اسم ربك الأعلى ( نزه اسمه عن إلحاد فيه بالتأويلات الزائغة وإطلاقه على غيره زاعما أنهما فيه سواء وذكره الأعلى على وجه التعظيم وقرىء سبحان ربي الأعلى وفي الحديث لما نزلت ) فسبح باسم ربك العظيم ( قال ( صلى الله عليه وسلم ) اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت ) سبح اسم ربك الأعلى ( قال ( صلى الله عليه وسلم ) اجعلوها في سجودكم وكانوا يقولون في الركوع اللهم لك ركعت وفي السجود اللهم لك سجدت
الأعلى : ( 2 ) الذي خلق فسوى
) الذي خلق فسوى ( خلق كل شيء فسوى خلقه بأن جعل له ما به يتأتى كماله ويتم معاشه(5/479)
" صفحة رقم 480 "
الأعلى : ( 3 ) والذي قدر فهدى
) والذي قدر ( أي قدر أجناس الأشياء وأنواعها وأشخاصها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها وآجالها ) فهدى ( فوجهه إلى أفعاله طبعا واختيارا بخلق الميول والإلهامات ونصب الدلائل وانزال الآيات
الأعلى : ( 4 ) والذي أخرج المرعى
) والذي أخرج المرعى ( أنبت ما ترعاه الدواب
الأعلى : ( 5 ) فجعله غثاء أحوى
) فجعله ( بعد خضرته ) غثاء أحوى ( يابسا أسود وقيل ) أحوى ( حال من المرعى أي أخرجه ) أحوى ( أي أسود من شدة خضرته
الأعلى : ( 6 ) سنقرئك فلا تنسى
) سنقرئك ( على لسان جبريل عليه الصلاة والسلام أو سنجعلك قارئا بإلهام القراءة ) فلا تنسى ( أصلا من قوة الحفظ مع أنك أمي ليكون ذلك آية أخرى لك مع أن الإخبار به عما يستقبل ووقوعه كذلك أيضا من الآيات وقيل نهي والألف للفاصلة كقوله تعالى ) السبيلا )
الأعلى : ( 7 ) إلا ما شاء . . . . .
) إلا ما شاء الله ( نسيانه بأن نسخ تلاوته وقيل أراد به القلة والنذرة لما روي أنه ( صلى الله عليه وسلم ) أسقط آية في قراءته في الصلاة فحسب أبي أنها نسخت فسأله فقال نسيتها أو نفي النسيان رأسا فإن القلة تستعمل للنفي ) إنه يعلم الجهر وما يخفى ( ما ظهر من أحوالكم وما بطن أو جهرك بالقراءة مع جبريل عليه الصلاة والسلام وما دعاك إليه من مخافة النسيان فيعلم ما فيه صلاحكم من ابقاء وإنساء
الأعلى : ( 8 ) ونيسرك لليسرى
) ونيسرك لليسرى ( ونعدك لطريقة اليسرى في حفظ الوحي أو التدين وتوفقك لها ولهذه النكتة قال ) ونيسرك ( لا نيسر لك عطف على ) سنقرئك ( وأنه يعلم اعتراض
الأعلى : ( 9 ) فذكر إن نفعت . . . . .
) فذكر ( بعد ما استتب لك الأمر ) إن نفعت الذكرى ( لعل هذه الشرطية إنما جاءت بعد تكرير التذكير وحصول اليأس من البعض لئلا يتعب نفسه ويتلهف عليهم كقوله ) وما أنت عليهم بجبار ( الآية أو لذم المذكورين واستبعاد تأثير الذكرى فيهم أو(5/480)
" صفحة رقم 481 "
للإشعار بأن التذكير إنما يجب إذا ظن نفعه ولذلك أمر بالإعراض عمن تولى
الأعلى : ( 10 ) سيذكر من يخشى
) سيذكر من يخشى ( سيتعظ وينتفع بها من يخشى الله تعالى بأن يتأمل فيها فيعلم حقيقتها وهو يتناول العارف والمتردد
الأعلى : ( 11 ) ويتجنبها الأشقى
) ويتجنبها ( ويتجنب ) الذكرى ( ) الأشقى ( الكافر فإنه أشقى من الفاسق أو ) الأشقى ( من الكفرة لتوغله في الكفر
الأعلى : ( 12 ) الذي يصلى النار . . . . .
) الذي يصلى النار الكبرى ( نار جهنم فإنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم أو ما في الدرك الأسفل منها
الأعلى : ( 13 ) ثم لا يموت . . . . .
) ثم لا يموت فيها ( فيستريح ) ولا يحيى ( حياة تنفعه
الأعلى : ( 14 ) قد أفلح من . . . . .
) قد أفلح من تزكى ( تطهر من الكفر والمعصية أو تكثر من التقوى من الزكاة أو تطهر للصلاة أو أدى الزكاة
الأعلى : ( 15 ) وذكر اسم ربه . . . . .
) وذكر اسم ربه ( بقلبه ولسانه ) فصلى ( كقوله ) وأقم الصلاة لذكري ( ويجوزأن يراد بالذكر تكبيرة التحريم وقيل ) تزكى ( تصدق للفطر ) وذكر اسم ربه ( كبره يوم العيد ) فصلى ( صلاته
الأعلى : ( 16 ) بل تؤثرون الحياة . . . . .
) بل تؤثرون الحياة الدنيا ( فلا تفعلون ما يسعدكم في الآخرة والخطاب للأشقين على الالتفات أو على إضمار قل أو للكل فإن السعي للدنيا أكثر في الجملة وقرأ أبو عمرو بالياء
الأعلى : ( 17 ) والآخرة خير وأبقى
) والآخرة خير وأبقى ( فإن نعيمها ملذ بالذات خالص عن الغوائل لا انقطاع له
الأعلى : ( 18 ) إن هذا لفي . . . . .
) إن هذا لفي الصحف الأولى ( الإشارة إلى ما سبق من ) قد أفلح ( فإنه جامع أمر الديانة وخلاصة الكتب المنزلة(5/481)
" صفحة رقم 482 "
الأعلى : ( 19 ) صحف إبراهيم وموسى
) صحف إبراهيم وموسى ( بدل من الصحف الأولى قال ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة الأعلى أعطاه الله عشر حسنات بعدد كل حرف أنزله الله على إبراهيم وموسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام(5/482)
" صفحة رقم 483 "
سورة الغاشية
مكية وهي ست وعشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
الغاشية : ( 1 ) هل أتاك حديث . . . . .
) هل أتاك حديث الغاشية ( الداهية التي تغشى الناس بشدائدها يعني يوم القيامة أو النار من قوله تعالى ) وتغشى وجوههم النار )
الغاشية : ( 2 ) وجوه يومئذ خاشعة
) وجوه يومئذ خاشعة ( ذليلة
الغاشية : ( 3 ) عاملة ناصبة
) عاملة ناصبة ( تعمل ما تتعب فيه كجر السلاسل وخوضها في النار خوض الأبل في الوحل والصعود والهبوط في تلالها ووهادها ما عملت ونصبت في أعمال لا تنفعها يومئذ
الغاشية : ( 4 ) تصلى نارا حامية
) تصلى نارا ( تدخلها وقرأ أبو عمرو ويعقوب وأبو بكر تصلى من أصلاه الله وقرىء تصل بالتشديد للمبالغة ) حامية ( متناهية في الحر
الغاشية : ( 5 ) تسقى من عين . . . . .
) تسقى من عين آنية ( بلغت أناها الحر
الغاشية : ( 6 ) ليس لهم طعام . . . . .
) ليس لهم طعام إلا من ضريع ( يبيس الشبرق وهو شوك ترعاه الإبل ما دام رطبا وقيل شجرة نارية تشبه الضريع ولعله طعام هؤلاء والزقوم والغسلين طعام غيرهم أو المراد طعامهم ما تتحاماه الإبل وتعافه لضره وعدم نفعه كما قال الله تعالى
الغاشية : ( 7 ) لا يسمن ولا . . . . .
) لا يسمن ولا يغني من جوع ( والمقصود من الطعام أحد الأمرين
الغاشية : ( 8 ) وجوه يومئذ ناعمة
) وجوه يومئذ ناعمة ( ذات بهجة أو متنعمة
الغاشية : ( 9 ) لسعيها راضية
) لسعيها راضية ( رضيت بعملها لما رأت ثوابه(5/483)
" صفحة رقم 484 "
الغاشية : ( 10 ) في جنة عالية
) في جنة عالية ( علية المحل أو القدر
الغاشية : ( 11 ) لا تسمع فيها . . . . .
) لا تسمع ( يا مخاطب أو الوجوه وقرأ على بناء المفعول بالياء ابن كثير وأبو عمرو ورويس وبالتاء نافع ) فيها لاغية ( لغوا أو كلمة ذات لغو أو نفسا تلغو فإن كلام أهل الجنة الذكر والحكم
الغاشية : ( 12 ) فيها عين جارية
) فيها عين جارية ( يجري ماؤها ولا ينقطع والتنكير للتعظيم
الغاشية : ( 13 ) فيها سرر مرفوعة
) فيها سرر مرفوعة ( رفيعة السمك أو القدر
الغاشية : ( 14 ) وأكواب موضوعة
) وأكواب ( جمع كوب وهي آنية لا عروة لها ) موضوعة ( بين أيديهم
الغاشية : ( 15 ) ونمارق مصفوفة
) ونمارق ( وسائد جمع نمرقة بالفتح والضم ) مصفوفة ( بعضها إلى بعض
الغاشية : ( 16 ) وزرابي مبثوثة
) وزرابي ( بسط فاخرة جمع زريبة ) مبثوثة ( مبسوطة
الغاشية : ( 17 ) أفلا ينظرون إلى . . . . .
) أفلا ينظرون ( نظر اعتبار ) إلى الإبل كيف خلقت ( خلقا دالا على كمال قدرتهوحسن تدبيره حيث خلقها لجر الأثقال إلى البلاد النائية فجعلها عظيمة باركة للمحل ناهضة بالحمل منقادة لمن اقتادها طوال الأعناق لينوء بالأوقار ترعى كل نابت وتحتمل العطش إلى عشر فصاعدا ليتأتى لها قطع البوادي والمفاوز مع ما لها من منافع أخرى ولذلك خصت بالذكر لبيان الآيات المنبثة في الحيوانات التي هي أشرف المركبات وأكثرها صنعا ولأنها أعجب ما عند العرب من هذا النوع وقيل المراد بها السحاب على الاستعارة
الغاشية : ( 18 ) وإلى السماء كيف . . . . .
) وإلى السماء كيف رفعت ( بلا عمد
الغاشية : ( 19 ) وإلى الجبال كيف . . . . .
) وإلى الجبال كيف نصبت ( فهي راسخة لا تميل
الغاشية : ( 20 - 21 ) وإلى الأرض كيف . . . . .
) وإلى الأرض كيف سطحت ( بسطت حتى صارت مهادا وقرىء الأفعال الأربعة على بناء الفاعل للمتكلم وحذف الراجع المنصوب والمعنى ) أفلا ينظرون ( إلى أنواع المخلوقات من البسائط والمركبات ليتحققوا كمال قدرة الخالق سبحانه وتعالى فلا ينكروا اقتداره على البعث ولذلك عقب به أمر المعاد ورتب عليه الأمر بالتذكير فقال(5/484)
" صفحة رقم 485 "
) فذكر إنما أنت مذكر ( فلا عليك إن لم ينظروا ولم يذكروا إذ ما عليك إلا البلاغ
الغاشية : ( 22 ) لست عليهم بمصيطر
) لست عليهم بمصيطر ( بمتسلط وعن الكسائي بالسين على الأصل وحمزة بالإشمام
الغاشية : ( 23 ) إلا من تولى . . . . .
) إلا من تولى وكفر ( لكن من تولى وكفر
الغاشية : ( 24 ) فيعذبه الله العذاب . . . . .
) فيعذبه الله العذاب الأكبر ( يعني عذاب الآخرة وقيل متصل فإن جهاد الكفار وقتلهم تسلط وكأنه أوعدهم بالجهاد في الدنيا وعذاب النار في الآخرة وقيل هو استثناء من قوله ) فذكر ( أي فذكر إلا من تولى وأصر فاستحق العذاب الأكبر وما بينهما اعتراض ويؤيد الأول أنه قرىء ) إلا من تولى ( على التنبيه
الغاشية : ( 25 ) إن إلينا إيابهم
) إن إلينا إيابهم ( رجوعهم وقرىء بالتشديد على أنه فيعلل مصدر فيعل من الإياب أو فعال من الأوب قلبت واوه الأولى قلبها في ديوان ثم الثانية للإدغام
الغاشية : ( 26 ) ثم إن علينا . . . . .
) ثم إن علينا حسابهم ( في المحشر وتقديم الخبر للتخصيص والمبالغة في الوعيد عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة الغاشية حاسبه الله حسابا يسيرا(5/485)
" صفحة رقم 486 "
سورة الفجر
مكية وآيها ثلاثون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
الفجر : ( 1 ) والفجر
) والفجر ( أقسم بالصبح أو فلقه كقوله ) والصبح إذا تنفس ( أو بصلاته
الفجر : ( 2 ) وليال عشر
) وليال عشر ( عشر ذي الحجة ولذلك فسر ) الفجر ( بفجر عرفة أو النحر أو عشر رمضان الأخير وتنكيرها للتعظيم وقرئ وليال عشر بالإضافة على أن المراد بالعشر الأيام
الفجر : ( 3 ) والشفع والوتر
) والشفع والوتر ( والأشياء كلها شفعها ووترها أو الخلق لقوله ) ومن كل شيء خلقنا زوجين ( والخالق لأنه فرد ومن فسرهما بالعناصر والأفلاك أو البروج والسيارات أو شفع الصلوات ووترها أو بيومي النحر وعرفة وقد روي مرفوعا أو بغيرها فلعله أفرد بالذكر من أنواع المدلول ما رآه أظهر دلالة على التوحيد أو مدخلا في الدين أو مناسبة(5/486)
" صفحة رقم 487 "
لما قبلهما أو أكثر منفعة موجبة للشكر وقرئ ) والوتر ( بكسر الواو وهما لغتان كالحبر والحبر
الفجر : ( 4 ) والليل إذا يسر
) والليل إذا يسر ( إذا يمضي كقوله ) والليل إذ أدبر ( والتقييد بذلك لما في التعاقب من قوة الدلالة على كمال القدرة ووفور النعمة أو يرى فيه من قولهم صلى المقام وحذف الياء للاكتفاء بالكسرة تخفيفا وقد خصه نافع وأبو عمرو بالوقف لمراعاة الفواصل ولم يحذفها ابن كثير ويعقوب أصلا وقرئ ) يسر ( بالتنوين المبدل من حرف الاطلاق
الفجر : ( 5 - 6 ) هل في ذلك . . . . .
) هل في ذلك ( القسم أو المقسم به ) قسم ( حلف أو محلوف به ) لذي حجر ( يعتبره ويؤكد به ما يريد تحقيقه وال ) حجر ( العقل سمي به لأنه يحجر عما لا ينبغي كما سمي عقلا ونهية وحصاة من الإحصاء وهو الضبط والمقسم عليه محذوف وهو ليعذبن يدل عليه قوله ) ألم تر كيف فعل ربك بعاد ( يعني أولاد عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام قوم هود سموا باسم أبيهم كما سمي بنو هاشم باسمه ) إرم ( عطف بيان ل ) عاد ( على تقدير مضاف أي سبط
الفجر : ( 7 ) إرم ذات العماد
) إرم ( أو أهل ) إرم ( إن صح أنه اسم بلدتهم وقيل سمي أوائلهم وهم ) عادا الأولى ( باسم جدهم ومنع صرفه للعلمية والتأنيث ) ذات العماد ( ذات البناء الرفيع أو القدود الطوال أو الرفعة والثبات وقيل كان لعاد ابنان شداد وشديد فملكا وقهرا ثم مات شديد فخلص الأمر لشداد وملك المعمورة ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة فبنى على مثالها في بعض صحارى عدن جنة وسماها إرم فلما تمت سار إليها بأهله فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم(5/487)
" صفحة رقم 488 "
صيحة من السماء فهلكوا وعن عبد الله بن قلابة أنه خرج في طلب إبله فوقع عليها
الفجر : ( 8 ) التي لم يخلق . . . . .
) التي لم يخلق مثلها في البلاد ( صفة أخرى ل ) إرم ( والضمير لها سواء جعلت ) إرم ( القبيلة أو البلدة
الفجر : ( 9 ) وثمود الذين جابوا . . . . .
) وثمود الذين جابوا الصخر ( قطعوه واتخذوه منازل لقوله ) وتنحتون من الجبال بيوتا ( ) بالواد ( وادي القرى
الفجر : ( 10 ) وفرعون ذي الأوتاد
) وفرعون ذي الأوتاد ( لكثرة جنوده ومضاربهم التي كانوا يضربونها إذا نزلوا أو لتعذيبه بالأوتاد
الفجر : ( 11 ) الذين طغوا في . . . . .
) الذين طغوا في البلاد ( صفة للمذكورين عاد ) وثمود ( ) وفرعون ( أو ذم منصوب أو مرفوع
الفجر : ( 12 ) فأكثروا فيها الفساد
) فأكثروا فيها الفساد ( بالكفر والظلم
الفجر : ( 13 ) فصب عليهم ربك . . . . .
) فصب عليهم ربك سوط عذاب ( ما خلط لهم من أنواع العذاب وأصله الخلط وإنما سمي به الجلد المضفور الذي يضرب به لكونه مخلوط الطاقات بعضها ببعض وقيل شبه بال ) سوط ( ما أحل بهم في الدنيا إشعارا بأنه القياس إلى ما أعد لهم في الآخرة من العذاب كالسوط إذا قيس إلى السيف
الفجر : ( 14 ) إن ربك لبالمرصاد
) إن ربك لبالمرصاد ( إلى المكان الذي يترقب فيه الرصد مفعال من رصده كالميقات من وقته وهو تمثيل لإرصاده العصاة بالعقاب
الفجر : ( 15 - 18 ) فأما الإنسان إذا . . . . .
) فأما الإنسان ( متصل بقوله ) إن ربك لبالمرصاد ( كأنه قيل إنه ) لبالمرصاد ( من الآخرة فلا يريد إلا السعي لها فأما الإنسان فلا يهمه إلا الدنيا ولذاتها ) إذا ما ابتلاه ربه ( اختبره بالغنى واليسر ) فأكرمه ونعمه ( بالجاه والمال ) فيقول ربي أكرمن ( فضلني بما أعطاني وهو خبر المبتدأ الذي هو ) الإنسان ( والفاء لما في أما من معنى الشرط(5/488)
" صفحة رقم 489 "
والظرف المتوسط في تقدير التأخير كأنه قيل فأما الإنسان فقائل ربي أكرمني وقت ابتلائه بالإنعام وكذا قوله ) وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ( إذ التقدير وأما الإنسان إذا ما ابتلاه أي بالفقر والتقتير ليوازن قسيمه ) فيقول ربي أهانن ( لقصور نظره وسوء فقره فإن التقتير قد يؤدي إلى كرامة الدارين والتوسعة قد تفضي إلى قصد الأعداء والانهماك في حب الدنيا ولذلك ذمه على قوليه سبحانه وتعالى وردعه عنه بقوله ) كلا ( مع أن قوله الأول مطابق لأكرمه ولم يقل فأهانه وقدر عليه كما قال ) فأكرمه ونعمه ( لأن التوسعة تفضل والإخلال به لا يكون إهانة وقرأ ابن عامر والكوفيون أكرمن وأهانن بغير ياء في الوصل والوقف وعن أبي عمرو مثله ووافقهم نافع في الوقف وقرأ ابن عامر فقدر بالتشديد ) بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين ( أي بل فعلهم أسوأ من قولهم وأدل على تهالكهم بالمال وهو أنهم لا يكرمون اليتيم بالنفقة والمبرة ولا يحثون أهلهم على طعام المسكين فضلا عن غيرهم وقرأ الكوفيون ولا تحاضون
الفجر : ( 19 ) وتأكلون التراث أكلا . . . . .
) وتأكلون التراث ( الميراث وأصله وراث ) أكلا لما ( ذا لم أي جمع بين الحلال والحرام فإنهم كانوا لا يورثون النساء والصبيان ويأكلون أنصباءهم أو يأكلون ما جمعه المورث من حلال وحرام عالمين بذلك
الفجر : ( 20 ) وتحبون المال حبا . . . . .
) وتحبون المال حبا جما ( كثيرا مع حرص وشره وقرأ أبو عمرو وسهل ويعقوب لا يكرمون إلى ويحبون بالياء والباقون بالتاء
الفجر : ( 21 ) كلا إذا دكت . . . . .
) كلا ( ردع لهم عن ذلك وإنكار لفعلهم وما بعده وعيد عليه ) إذا دكت الأرض دكا دكا ( إي دكا بعد دك حتى صارت منخفضة الجبال والتلال أو ) هباء منبثا )
الفجر : ( 22 ) وجاء ربك والملك . . . . .
) وجاء ربك ( أي ظهرت آيات قدرته وآثار قهره مثل ذلك بما يظهر عند حضور(5/489)
" صفحة رقم 490 "
السلطان من آثار هيبته وسياسته ) والملك صفا صفا ( بحسب منازلهم ومراتبهم
الفجر : ( 23 ) وجيء يومئذ بجهنم . . . . .
) وجيء يومئذ بجهنم ( كقوله تعالى ) وبرزت الجحيم ( وفي الحديث يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ) يومئذ ( يدل من إذا دكت الأرض والعامل فيهما ) يتذكر الإنسان ( أي يتذكر معاصيه أو يتعظ لأنه يعلم قبحها فيندم عليها ) وأنى له الذكرى ( أي منفعة الذكرى لئلا يناقض ما قبله واستدل به على عدم وجوب قبول التوبة فإن هذا التذكر توبة غير مقبولة
الفجر : ( 24 ) يقول يا ليتني . . . . .
) يقول يا ليتني قدمت لحياتي ( أي لحياتي هذه أو وقت حياتي في الدنيا أعمالا صالحة وليس في هذا التمني دلالة على استقلال العبد بفعله فإن المحجور عن شيء قد يتمنى أن كان ممكنا منه
الفجر : ( 25 - 26 ) فيومئذ لا يعذب . . . . .
) فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد ( الهاء لله أي لا يتولى عذاب الله ووثاقه يوم القيامة سواه إذ الأمر كله له أو للإنسان أي لا يعذب أحد من الزبانية مثل ما يعذبونه وقرأهما الكسائي ويعقوب على بناء المفعول
الفجر : ( 27 ) يا أيتها النفس . . . . .
) يا أيتها النفس المطمئنة ( على إرادة القول وهي التي اطمأنت بذكر الله فإن النفس تترقى في سلسلة الأسباب والمسببات إلى الواجب لذاته فتستفز دون معرفته وتستغني به عن غيره أو إلى الحق بحيث لا يريبها شك أو الآمنة التي لا يستفزها خوف ولا حزن وقد قرئ بهما
الفجر : ( 28 ) ارجعي إلى ربك . . . . .
) ارجعي إلى ربك ( إلى أمره أو موعده بالموت ويشعر ذلك بقول من قال كانت(5/490)
" صفحة رقم 491 "
النفوس قبل الأبدان موجودة في عالم القدس أو البعث ) راضية ( بما أوتيت ) مرضية ( عند الله تعالى
الفجر : ( 29 ) فادخلي في عبادي
) فادخلي في عبادي ( في جملة عبادي الصالحين
الفجر : ( 30 ) وادخلي جنتي
) وادخلي جنتي ( معهم أو في زمرة المقربين فتستضيء بنورهم فإن الجواهر القدسية كالمرايا المتقابلة أو ادخلي في أجساد عبادي التي فارقت عنها وادخلي دار ثوابي التي أعدت لك عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة الفجر في الليالي العشر غفر له ومن قرأها في سائر الأيام كانت له نورا يوم القيامة(5/491)
" صفحة رقم 492 "
سورة البلد
مكية وآيها عشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
البلد : ( 1 - 2 ) لا أقسم بهذا . . . . .
) لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ( أقسم سبحانه بالبلد الحرام وقيده بحلول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فيه إظهارا لمزيد فضله وإشعارا بأن شرف المكان بشرف أهله وقيل ) حل ( مستحل تعرضك فيه كما يستحل تعرض الصيد في غيره أو حلال لك أن تفعل فيه ما تريد ساعة من النهار فهو وعد بما أحل له عام الفتح
البلد : ( 3 ) ووالد وما ولد
) ووالد ( عطف على ) هذا البلد ( والوالد آدم أو إبراهيم عليهما الصلاة والسلام ) وما ولد ( ذريته أو محمد ( صلى الله عليه وسلم ) والتنكير للتعظيم وإيثار ما على من لمعنى التعجب كما في قوله ) والله أعلم بما وضعت )
البلد : ( 4 ) لقد خلقنا الإنسان . . . . .
) لقد خلقنا الإنسان في كبد ( تعب ومشقة من كبد الرجل كبدا إذا وجعت كبده ومنه المكابدة والإنسان لا يزال في شدائد مبدؤها ظلمة الرحم ومضيقه ومنتهاها الموت وما بعده وهو تسلية للرسول ( صلى الله عليه وسلم ) مما كان يكابده من قريش
البلد : ( 5 ) أيحسب أن لن . . . . .
والضمير في ) أيحسب ( لبعضهم الذي كان يكابد من أكثر أو يفتر بقوته كأبي الأشد بن كلدة فإنه كان يبسط تحت قدميه أديم عكاظي ويجذبه عشرة فينقطع ولا تزال قدماه أو لكل أحد منهم أو للإنسان ) أن لن يقدر عليه أحد ( فينتقم منه(5/492)
" صفحة رقم 493 "
البلد : ( 6 ) يقول أهلكت مالا . . . . .
) يقول ( أي في ذلك الوقت ) أهلكت مالا لبدا ( كثيرا من تلبد الشيء إذا اجتمع والمراد ما أنفقه سمعه ومفاخرة أو معاداة للرسول ( صلى الله عليه وسلم )
البلد : ( 7 ) أيحسب أن لم . . . . .
) أيحسب أن لم يره أحد ( حين كان ينفق أو بعد ذلك فيسأله عنه يعني أن الله سبحانه وتعالى يراه فيجازيه أو يجده فيحاسبه عليه ثم بين ذلك بقوله
البلد : ( 8 ) ألم نجعل له . . . . .
) ألم نجعل له عينين ( يبصر بهما
البلد : ( 9 ) ولسانا وشفتين
) ولسانا ( يترجم به عن ضميره ) وشفتين ( يستر بهما فاه ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب وغيرها
البلد : ( 10 ) وهديناه النجدين
) وهديناه النجدين ( طريقي الخير والشر أو الثديين وأصله المكان المرتفع
البلد : ( 11 ) فلا اقتحم العقبة
) فلا اقتحم العقبة ( أي فلم يشكر تلك الأيادي باقتحام العقبة وهو الدخول في أمر شديد و ) العقبة ( الطريق في الجبل استعارها بما فسرها عز وجل من الفلك
البلد : ( 12 - 16 ) وما أدراك ما . . . . .
والإطعام في قوله ) وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ( لما فيهما من مجاهدة النفس ولتعدد المراد بها حسن وقوع لا موقع لم فإنها لا تكاد تقع إلا مكررة إذ المعنى فلا فك رقبة ولا أطعم يتيما أو مسكينا والمسغبة والمقربة والمتربة مفعلات من سغب إذا جاع وقرب في النسب وترب إذا افتقر وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي فك رقبة أو أطعم على الإبدال من ) اقتحم ( وقوله تعالى ) وما أدراك ما العقبة ( اعترض معناه إنك لم تدركنه صعوبتها وثوابها
البلد : ( 17 ) ثم كان من . . . . .
) ثم كان من الذين آمنوا ( عطفه على ) اقتحم ( أو ) فك ( ب ) ثم ( لتباعد الإيمان(5/493)
" صفحة رقم 494 "
عن العتق والإطعام في الرتبة لاستقلاله واشتراط سائر الطاعات به ) وتواصوا ( وأوصي بعضهم بعضا ) بالصبر ( على طاعة الله ) وتواصوا بالمرحمة ( بالرحمة على عباده أو بموجبات رحمة الله تعالى
البلد : ( 18 ) أولئك أصحاب الميمنة
) أولئك أصحاب الميمنة ( اليمين أو اليمن
البلد : ( 19 ) والذين كفروا بآياتنا . . . . .
) والذين كفروا بآياتنا ( بما نصبناه دليلا على الحق من كتاب وحجة أو بالقرآن ) هم أصحاب المشأمة ( الشمال أو الشؤم ولتكرير ذكر المؤمنين باسم الإشارة والكفار بالضمير شأن لا يخفى
البلد : ( 20 ) عليهم نار مؤصدة
) عليهم نار مؤصدة ( مطبقة من أوصدت الباب إذ أطبقته وأغلقته وثرأ أبو عمرو وحمزة وحفص بالهمزة من آصدته عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ لا أقسم بهذا البلد أعطاه الله سبحانه وتعالى الأمان من غضبه يوم القيامة(5/494)
" صفحة رقم 495 "
سورة الشمس
مكية وآيها خمس عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
الشمس : ( 1 ) والشمس وضحاها
) والشمس وضحاها ( وضوئها إذا أشرقت وقيل الضحوة ارتفاع النهار والضحى فوق ذلك والضحاء بالفتح والمد إذا امتد النهار وكاد ينتصف
الشمس : ( 2 ) والقمر إذا تلاها
) والقمر إذا تلاها ( تلا طلوعه طلوع الشمس أول الشهر أو غروبها ليلة البدر أو في الاستدارة وكمال النور
الشمس : ( 3 ) والنهار إذا جلاها
) والنهار إذا جلاها ( جلى الشمس فإنها تتجلى إذا انبسط النهار أو الظلمة أو الدنيا أو الأرض وإن لم يجر ذكرها للعلم بها
الشمس : ( 4 ) والليل إذا يغشاها
) والليل إذا يغشاها ( يغشى الشمس فيغطي ضوءها أو الآفاق أو الأرض ولما كانت واوات العطف نوائب للواو الأولى القسيمة الجارة بنفسها النائبة مناب فعل القسم من حيث استلزمت طرحه معها ربطن المجرورات والظرف بالمجرور والظرف المتقدمين(5/495)
" صفحة رقم 496 "
ربط الواو لما بعدها في قولك ضرب زيد عمرا وبكر وخالدا على الفاعل والمفعول من غير عطف على عاملين مختلفين
الشمس : ( 5 - 7 ) والسماء وما بناها
) والسماء وما بناها ( ومن بناها وإنما أوثرت على من لإرادة معنى الوصفية كأنه قيل والشيء القادر الذي بناها ودل على وجوده وكمال قدرته بناؤها ولذلك أفرد ذكره وكذا الكلام في قوله ) والأرض وما طحاها ونفس وما سواها ( وجعل الماءات مصدرية يجرد الفعل عن الفاعل
الشمس : ( 8 ) فألهمها فجورها وتقواها
ويخل بنظم قوله ) فألهمها فجورها وتقواها ( بقوله ) وما سواها ( إلا أن يضمر فيه اسم الله للعلم به وتنكير ) نفس ( للتكثير كما في قوله تعالى ) علمت نفس ( أو للتعظيم والمراد نفس آدم وإلهام الفجور والتقوى إفهامهما وتعريف حالهما أو التمكين من الإتيان بهما
الشمس : ( 9 ) قد أفلح من . . . . .
) قد أفلح من زكاها ( أنماها بالعلم والعمل جواب القسم وحذف اللام للطول كأنه لما أراد به الحث على تكميل النفس والمبالغة فيه أقسم عليه بما يدلهم على العلم بوجود الصانع ووجوب ذاته وكمال صفاته الذي هو أقصى درجات القوة النظرية ويذكرهم عظائم آلائه ليحملهم على الاستغراق في شكر نعمائه الذي هو منتهى كمالات القوة العملية وقيل هو استطراد بذكر بعض أحوال النفس والجواب محذوف تقديره ليدمدمن الله على كفار مكة لتكذيبهم رسول ( صلى الله عليه وسلم ) كما دمدم على ثمود لتكذيبهم صالحا عليه الصلاة والسلام
الشمس : ( 10 ) وقد خاب من . . . . .
) وقد خاب من دساها ( نقصها وأخفاها بالجهالة والفسوق وأصل دسى دسس كتقضى وتقضض
الشمس : ( 11 ) كذبت ثمود بطغواها
) كذبت ثمود بطغواها ( بسبب طغيانها أو بما أوعدت به من عذابها ذي الطغوى(5/496)
" صفحة رقم 497 "
كقوله تعالى ) فأهلكوا بالطاغية ( وأصله طغياها وإنما قلبت ياؤه واوا تفرقة بين الأسم والصفة وقرىء بالضم كا الرجعى
الشمس : ( 12 ) إذ انبعث أشقاها
) إذ انبعث ( حين قام ظرف ل ) كذبت ( أو طغوى ) أشقاها ( أشقى ثمود وهو قدار بن سالف أو هو ومن مالأه على قتل الناقة فإن أفعل التفضيل إذا أضفته صلح للواحد والجمع وفضل شقاوتهم لتوليهم العقر
الشمس : ( 13 ) فقال لهم رسول . . . . .
) فقال لهم رسول الله ناقة الله ( أي ذروا ناقة الله واحذروا عقرها ) وسقياها ( وسقيها فلا تذودوها عنها
الشمس : ( 14 ) فكذبوه فعقروها فدمدم . . . . .
) فكذبوه ( فيما حذرهم منه من حلول العذاب إن فعلوا ) فعقروها فدمدم عليهم ربهم ( فأطبق عليهم العذاب وهو من تكرير قولهم ناقة مدمومة إذا ألبسها الشحم ) بذنبهم ( بسببه ) فسواها ( فسوى الدمدمة بينهم أو عليهم فلم يفلت منهم صغير ولا كبير أو ثمود بالإهلاك
الشمس : ( 15 ) ولا يخاف عقباها
) ولا يخاف عقباها ( أي عاقبة الدمدمة أو عاقبة هلاك ثمود وتبعتها فيبقي بعض الإبقاء والواو للحال وقرأ نافع وابن عامر فلا على العطف عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة الشمس فكأنما تصدق بكل شيء طلعت عليه الشمس والقمر(5/497)
" صفحة رقم 498 "
سورة الليل
مكية وآيها إحدى وعشرين آية
بسم الله الرحمن الرحيم
الليل : ( 1 ) والليل إذا يغشى
) والليل إذا يغشى ( أي يغشى الشمس أو النهار أو كل ما يواريه بظلامه
الليل : ( 2 ) والنهار إذا تجلى
) والنهار إذا تجلى ( ظهر بزوال ظلمة الليل أو تبين بطلوع الشمس
الليل : ( 3 ) وما خلق الذكر . . . . .
) وما خلق الذكر والأنثى ( والقادر الذي خلق صنفي الذكر والأنثى من كل نوع له توالد أو آدم وحواء وقيل ) ما ( مصدرية
الليل : ( 4 ) إن سعيكم لشتى
) إن سعيكم لشتى ( إن مساعيكم لأشتات مختلفة جمع شتيت
الليل : ( 5 - 6 ) فأما من أعطى . . . . .
) فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ( تفصيل مبين لتشتت المساعي والمعنى من أعطى الطاعة واتقى المعصية وصدق بالكلمة الحسنى وهي ما دلت على حق ككلمة التوحيد
الليل : ( 7 ) فسنيسره لليسرى
) فسنيسره لليسرى ( فسنهيئه للخلة التي تؤدي إلى يسر وراحة كدخول الجنة من يسر الفرس إذا هيأه للركوب بالسرج واللجام
الليل : ( 8 ) وأما من بخل . . . . .
) وأما من بخل ( بما أمر به ) واستغنى ( بشهوات الدنيا عن نعيم العقبى
الليل : ( 9 ) وكذب بالحسنى
) وكذب بالحسنى ( وبإنكار مدلولها
الليل : ( 10 ) فسنيسره للعسرى
) فسنيسره للعسرى ( للخلة المؤدية إلى العسر والشدة كدخول النار
الليل : ( 11 ) وما يغني عنه . . . . .
) وما يغني عنه ماله ( نفي أو استفهام إنكار ) إذا تردى ( هلك تفعل من الردى أو تردى في حفرة القبر أو قعر جهنم(5/498)
" صفحة رقم 499 "
الليل : ( 12 ) إن علينا للهدى
) إن علينا للهدى ( للإرشاد إلى الحق بموجب قضائنا أو بمقتضى حكمتنا أو ) إن علينا ( طريقة الهدى كقوله سبحانه وتعالى ) وعلى الله قصد السبيل )
الليل : ( 13 ) وإن لنا للآخرة . . . . .
) وإن لنا للآخرة والأولى ( فنعطي في الدارين ما نشاء لمن نشاء أو ثواب الهداية للمهتدين أو فلا يضرنا ترككم الاهتداء
الليل : ( 14 ) فأنذرتكم نارا تلظى
) فأنذرتكم نارا تلظى ( تتلهب
الليل : ( 15 - 16 ) لا يصلاها إلا . . . . .
) لا يصلاها ( لا يلزمها مقياسا شدتها ) إلا الأشقى ( إلا الكافر فإن الفاسق وإن دخلها لا يلزمها ولذلك سماه أشقى ووصفه بقوله ) الذي كذب وتولى ( أي كذب الحق وأعرض عن الطاعة
الليل : ( 17 - 18 ) وسيجنبها الأتقى
) وسيجنبها الأتقى الذي ( اتقى الشرك والمعاصي فإنه لا يدخلها فضلا عن أن يدخلها ويصلاها ومفهوم ذلك أن من اتقى الشرك دون المعصية لا يجنبها ولا يلزم ذلك صليها فلا يخالف الحصر السابق ) يؤتي ماله ( يصرفه في مصارف الخير لقوله ) يتزكى ( فإنه بدل من ) يؤتي ( أو حال من فاعله
الليل : ( 19 ) وما لأحد عنده . . . . .
) وما لأحد عنده من نعمة تجزى ( فيقصد بإيتائه مجازاتها
الليل : ( 20 ) إلا ابتغاء وجه . . . . .
) إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ( استثناء منقطع أو متصل عن محذوف مثل لا يؤتى إلا ابتغاء وجه ربه لا لمكافأة نعمة
الليل : ( 21 ) ولسوف يرضى
) ولسوف يرضى ( وعد بالثواب الذي يرضيه والآيات نزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه حين اشترى بلالا في جماعة تولاهم المشركون فأعتقهم ولذلك قيل المراد بالأشقى أبو جهل أو أمية بن خلف(5/499)
" صفحة رقم 500 "
عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة والليل أعطاه الله سبحانه وتعالى حتى يرضى وعافاه من العسر ويسر له اليسر(5/500)
" صفحة رقم 501 "
سورة الضحى
مكية وآيها إحدى عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
الضحى : ( 1 ) والضحى
) والضحى ( ووقت ارتفاع الشمس وتخصيصه لأن النهار يقوى فيه أو لأن فيه كلم موسى عليه الصلاة والسلام ربه وألقى السحرة سجدا أو النهار ويؤيده قوله تعالى ) أن يأتيهم بأسنا ضحى ( في مقابلة ) بياتا )
الضحى : ( 2 ) والليل إذا سجى
) والليل إذا سجى ( سكن أهله أو ركد ظلامه من سجا البحر سجوا إذا سكنت أمواجه وتقديم ) الليل ( في السورة المتقدمة باعتبار الأصل وتقديم النهار ها هنا باعتبار الشرف
الضحى : ( 3 ) ما ودعك ربك . . . . .
) ما ودعك ربك ( ما قطعك قطع المودع وقرئ بالتخفيف بمعنى ما تركك وهو جواب القسم ) وما قلى ( وما أبغضك وحذف المفعول استغناء بذكره من قبل ومراعاة للفواصل روي أن الوحي تأخر عنه أياما لتركه الاستثناء كما مر في سورة الكهف أو لزجره سائلا ملحا أو لأن جروا ميتا كان تحت سريره أو لغيره فقال المشركون إن(5/501)
" صفحة رقم 502 "
محمدا ودعه ربه وقلاه فنزلت ردا عليهم
الضحى : ( 4 ) وللآخرة خير لك . . . . .
) وللآخرة خير لك من الأولى ( فإنها باقية خالصة عن الشوائب وهذه فانية مشوبة بالمضار كأنه لما بين أنه سبحانه وتعالى لا يزال يواصله بالوحي والكرامة في الدنيا وعد له ما هو أعلى وأجل من ذلك في الآخرة أو لنهاية أمرك خير من بدايته فإنه ( صلى الله عليه وسلم ) لا يزال يتصاعد في الرفعة والكمال
الضحى : ( 5 ) ولسوف يعطيك ربك . . . . .
) ولسوف يعطيك ربك فترضى ( وعد شامل لما أعطاه من كمال النفس وظهور الأمر وإعلاء الدين ولما ادخر له مما لا يعرف كنهه سواء واللام للابتلاء دخل الخبر بعد حذف المبتدأ والتقدير ولأنت سوف يعطيك لا للقسم فإنها لا تدخل على المضارع إلا مع النون المؤكدة وجمعها مع سوف للدلالة على أن الإعطاء كائن لا محالة وإن تأخر لحكمه
الضحى : ( 6 ) ألم يجدك يتيما . . . . .
) ألم يجدك يتيما فآوى ( تعديد لما أنعم عليه تنبيها على أنه كما أحسن إليه فيما مضى يحسن إليه فيما يستقبل وإن تأخر و ) يجدك ( من الوجود بمعنى العلم و ) يتيما ( مفعولك الثاني أو المصادقة و ) يتيما ( حال
الضحى : ( 7 ) ووجدك ضالا فهدى
) ووجدك ضالا ( عن علم الحكم والأحكام ) فهدى ( فعلمك بالوحي والإلهام والتوفيق للنظر وقيل وجدك ضالا في الطريق حين خرج بك أبو طالب إلى الشام أو حين فطمتك حليمة وجاءت بك لتردك إلى جدك فأزال ضلالك عن عمك أو جدك(5/502)
" صفحة رقم 503 "
الضحى : ( 8 ) ووجدك عائلا فأغنى
) ووجدك عائلا ( فقيرا ذا عيال ) فأغنى ( بما حصل لك من ربح التجارة
الضحى : ( 9 ) فأما اليتيم فلا . . . . .
) فأما اليتيم فلا تقهر ( فلا تغلبه على ماله لضعفه وقرئ فلا تكهر أي فلا تعبس في وجهه
الضحى : ( 10 ) وأما السائل فلا . . . . .
) وأما السائل فلا تنهر ( فلا تزجره
الضحى : ( 11 ) وأما بنعمة ربك . . . . .
) وأما بنعمة ربك فحدث ( فإن التحدث بها شكرها وقيل المراد بالنعمة النبوة والتحديث بها تبليغها عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة والضحى جعله الله سبحانه وتعالى فيمن يرضى لمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) أن يشفع له وعشر حسنات يكتبها الله سبحانه وتعالى بعدد كل يتيم وسائل(5/503)
" صفحة رقم 504 "
سورة الشرح
مكية وآيها ثمان آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
الشرح : ( 1 ) ألم نشرح لك . . . . .
) ألم نشرح لك صدرك ( ألم نفسحه حتى وسع مناجاة الحق ودعوة الخلق فكان غائبا حاضرا أو ألم نفسحه بما أودعنا فيه من الحكم وأزلنا عنه ضيق الجهل أو بما يسرنا لك تلقي الوحي بعدما كان يشق عليك وقيل إنه إشارة إلى ما روي أن جبريل عليه الصلاة والسلام أتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في صباه أو يوم الميثاق فاستخرج قلبه فغسله ثم ملأه إيمانا وعلما ولعله إشارة إلى نحو ما سبق ومعنى الاستفهام إنكار نفي الانشراح مبالغة في إثباته ولذلك عطف عليه
الشرح : ( 2 ) ووضعنا عنك وزرك
) ووضعنا عنك وزرك ( عبأك الثقيل(5/504)
" صفحة رقم 505 "
الشرح : ( 3 ) الذي أنقض ظهرك
) الذي أنقض ظهرك ( الذي حمله على النقيض وهو صوت الرحل عند الانتقاض من ثقل الحمل وهو ما ثقل عليه من فرطاته قبل البعثة أو جهله بالحكم والأحكام أو حيرته أو تلقي الوحي أو ما كان يرى من ضلال قومه من العجز عن إرشادهم أو من إصرارهم وتعديهم في إيذائه حين دعاهم إلى الإيمان
الشرح : ( 4 ) ورفعنا لك ذكرك
) ورفعنا لك ذكرك ( بالنبوة وغيرها وأي رفع مثل أن قرن اسمه باسمه تعالى في كلمتي الشهادة وجعل طاعته طاعته صلى عليه في ملائكته وأمر المؤمنين بالصلاة عليه وخاطبه بالألقاب وإنما زاد ) لك ( ليكون إبهاما قبل إيضاح فيفيد المبالغة
الشرح : ( 5 ) فإن مع العسر . . . . .
) فإن مع العسر ( كضيق الصدر والوزر المنقض للظهر وضلال القوم وإيذائهم ) يسرا ( كالشرح والوضع والتوفيق للاهتداء والطاعة فلا تيأس من روح الله إذا عراك ما يغمك وتنكيره للتعظيم والمعنى بما في إن مع من المصاحبة المبالغة في معاقبة اليسر للعسر واتصاله به اتصال المتقاربين
الشرح : ( 6 ) إن مع العسر . . . . .
) إن مع العسر يسرا ( تكرير للتأكيد أو استئناف وعده بأن ) العسر ( متبوع بيسر آخر كثواب الآخرة كقولك إن للصائم فرحة إن للصائم فرحة أي فرحة عند الإفطار وفرحة عند لقاء الرب وعليه قوله ( صلى الله عليه وسلم ) لن يغلب عسر يسرين فإن العسر معرف فلا يتعدد سواء كان للعهد أو للجنس واليسر منكر فيحتمل أن يراد بالثاني فرد يغاير ما أريد بالأول
الشرح : ( 7 ) فإذا فرغت فانصب
) فإذا فرغت ( من التبليغ ) فانصب ( فاتعب في العبادة شكرا لما عددنا عليك من(5/505)
" صفحة رقم 506 "
النعم السالفة ووعدناك من النعم الآتية وقيل إذا فرغت من الغزو فانصب في العبادة أو ) فإذا فرغت ( من الصلاة فانصب بالدعاء
الشرح : ( 8 ) وإلى ربك فارغب
) وإلى ربك فارغب ( بالسؤال ولا تسأل غيره فإنه القادر وحده على إسعافك وقرئ فرغب أي فرغب الناس إلى طلب ثوابه عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة ألم نشرح فكأنما جاءني وأنا مغتم ففرج عني(5/506)
" صفحة رقم 507 "
سورة التين
مختلف فيها وآيها ثمان آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
التين : ( 1 ) والتين والزيتون
) والتين والزيتون ( خصهما من الثمار بالقسم لأن التين فاكهة طيبة لا فصل له وغذاء لطيف سريع الهضم ودواء كثير النفع فإنه يلين الطبع ويحلل البلغم ويطهر الكليتين ويزيل رمل المثانة ويفتح سدد الكبد والطحال ويسمن البدن وفي الحديث أنه يقطع البواسير وينفع من النقرس والزيتون فاكهة وإدام ودواء وله دهن لطيف كثير المنافع مع أنه قد ينبت حيث لا دهنية فيه كالجبال وقيل المراد بهما جبلان من الأرض المقدسة أو مسجدا دمشق وبيت المقدس أو البلدان
التين : ( 2 ) وطور سينين
) وطور سينين ( يعني الجبل الذي ناجى عليه موسى عليه الصلاة والسلام ربه و ) سينين ( و ) سيناء ( اسمان للموضع الذي هو فيه
التين : ( 3 ) وهذا البلد الأمين
) وهذا البلد الأمين ( أي الآمن من أمن الرجل أمانة فهو أمين أو المأمون فيه يأمن فيه من دخله والمراد به مكة
التين : ( 4 ) لقد خلقنا الإنسان . . . . .
) لقد خلقنا الإنسان ( يريد به الجنس ) في أحسن تقويم ( تعديل بأن خص بانتصاب القامة وحسن الصورة واستجماع خواص الكائنات ونظائر سائر الممكنات(5/507)
" صفحة رقم 508 "
التين : ( 5 ) ثم رددناه أسفل . . . . .
) ثم رددناه أسفل سافلين ( بأن جعلناه من أهل النار أو إلى أسفل سافلين وهو النار وقيل هو أرذل العمر فيكون قوله
التين : ( 6 ) إلا الذين آمنوا . . . . .
) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( استثناء منقطعا ) فلهم أجر غير ممنون ( لا ينقطع أو لا يمن به عليهم وهو على الأولى حكم مرتب على الاستثناء مقرر له
التين : ( 7 ) فما يكذبك بعد . . . . .
) فما يكذبك ( أي فأي شيء يكذبك يا محمد دلالة أو نطقا ) بعد بالدين ( بالجزاء بعد ظهور هذه الدلائل وقيل ما بمعنى من وقيل الخطاب للإنسان على الالتفات والمعنى فما الذي يحملك على هذا الكذب
التين : ( 8 ) أليس الله بأحكم . . . . .
) أليس الله بأحكم الحاكمين ( تحقيق لما سبق والمعنى أليس الذي فعل ذلك من الخلق والرد ) بأحكم الحاكمين ( صنعا وتدبيرا ومن كان كذلك كان قادرا على الإعادة والجزاء على ما مر مرارا عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة والتين أعطاه الله العافية واليقين ما دام حيا فإذا مات أعطاه الله من الأجر بعدد من قرأ هذه السورة(5/508)
" صفحة رقم 509 "
سورة العلق
مكية وآيها تسع عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
العلق : ( 1 ) اقرأ باسم ربك . . . . .
) اقرأ باسم ربك ( أي اقرأ القرآن مفتتحا باسمه سبحانه وتعالى أو مستعينا به ) الذي خلق ( أي الذي له الخلق أو الذي خلق كل شيء
العلق : ( 2 ) خلق الإنسان من . . . . .
ثم أفرد ما هو أشرف وأظهر صنعا وتدبيرا وأدل على وجوب العبادة المقصودة من القراءة فقال ) خلق الإنسان ( أو الذي ) خلق الإنسان ( فأبهم أولا ثم فسر تفخيما لخلقه ودلالة على عجيب فطرته ) من علق ( جمعه على ) الإنسان ( في معنى الجمع ولما كان أول الواجبات معرفة الله سبحانه وتعالى نزل أولا ما يدل على وجوده وفرط قدرته وكمال حكمته
العلق : ( 3 ) اقرأ وربك الأكرم
) اقرأ ( تكرير للمبالغة أو الأول مطلق والثاني للتبليغ أو في الصلاة ولعله لما قيل له ) اقرأ باسم ربك ( فقال ما أنا بقارئ فقيل له اقرأ ) وربك الأكرم ( الزائد في الكرم على كل كريم فإنه سبحانه وتعالى ينعم بلا عوض ويحلم من غير تخوف بل هو الكريم وحده على الحقيقة
العلق : ( 4 ) الذي علم بالقلم
) الذي علم بالقلم ( أي الخط بالقلم وقد قرئ به لتقيد به العلوم ويعلم به البعيد
العلق : ( 5 ) علم الإنسان ما . . . . .
) علم الإنسان ما لم يعلم ( بخلق القوى ونصب الدلائل وإنزال الآيات فيعلمك(5/509)
" صفحة رقم 510 "
القراءة وإن لم تكن قارئا وقد عدد سبحانه وتعالى مبدأ أمر الإنسان ومنتهاه إظهارا لما أنعم عليه من أن نقله من أخس المراتب إلى أعلاها تقريرا لربوبيته وتحقيقا لأكرميته وأشار أولا إلى ما يدل على معرفته عقلا ثم نبه على ما يدل عليها سمعا
العلق : ( 6 ) كلا إن الإنسان . . . . .
) كلا ( ردع لمن كفر بنعمة الله بطغيانه وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه
العلق : ( 7 ) أن رآه استغنى
) إن الإنسان ليطغى ( ) أن رآه استغنى ( أن رأى نفسه واستغنى مفعوله الثاني لأنه بمعنى علم ولذلك جاز أن يكون فاعله ومفعوله ضميرين لواحد
العلق : ( 8 ) إن إلى ربك . . . . .
) إن إلى ربك الرجعى ( الخطاب للإنسان على الالتفات تهديدا وتحذيرا من عاقبة الطغيان و ) الرجعى ( مصدر كالبشرى
العلق : ( 9 - 10 ) أرأيت الذي ينهى
) أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ( نزلت في أبي جهل قال لو رأيت محمدا ساجدا لوطئت عنقه فجاءه ثم نكص على عقبيه فقيل له ما لك فقال إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة فنزلت ولفظ العبد وتنكيره للمبالغة في تقبيح النهي والدلالة على كمال عبودية المنهي
العلق : ( 11 - 14 ) أرأيت إن كان . . . . .
) أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ( أرأيت تكرير للأول وكذا الذي في قوله ) أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى ( والشرطية مفعوله الثاني وجواب(5/510)
" صفحة رقم 511 "
الشرط محذوف دل عليه جواب الشرط الثاني الواقع موقع القسيم له والمعنى أخبرني عمن ينهى بعض عباد الله عن صلاته إن كان ذلك الناهي على هدى فيما ينهى عنه أو آمرا ) بالتقوى ( فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقده أو إن كان على التكذيب للحق والتولي عن الصواب كما تقول ) ألم يعلم بأن الله يرى ( ويطلع على أحواله من هداه وضلاله وقيل المعنى ) أرأيت الذي ينهى عبدا ( يصلي والمنهي على الهدى آمرا بالتقوى والناهي مكذب متول فما أعجب من ذا وقيل الخطاب في الثانية مع الكافر فإنه سبحانه وتعالى كالحاكم الذي حضره الخصمان يخاطب هذا مرة والآخر أخرى وكأنه قال يا كافر أخبرني إن كان صلاته هدى ودعاؤه إلى الله سبحانه وتعالى أمرا بالتقوى أتنهاه ولعله ذكر الأمر بالتقوى في التعجب والتوبيخ ولم يتعرض له في النهي لأن النهي كان عن الصلاة والأمر بالتقوى فاقتصر على ذكر الصلاة لأنه دعوة بالفعل أو لأن نهي العبد إذا صلى يحتمل أن يكون لها ولغيرها وعامة أحوالها محصورة في تكميل نفسه بالعبادة وغيره بالدعوة
العلق : ( 15 ) كلا لئن لم . . . . .
) كلا ( ردع للناهي ) لئن لم ينته ( عما هو فيه ) لنسفعا بالناصية ( لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار والسفع القبض على الشيء وجذبه بشدة وقرئ لنسفعن بنون مشددة ولأسفعن وكتابته في المصحف بالألف على حكم الوقف والاكتفاء باللام عن الإضافة للعلم بأن المراد ناصية المذكور
العلق : ( 16 ) ناصية كاذبة خاطئة
) ناصية كاذبة خاطئة ( بدل من الناصية وإنما جاز لوصفها وقرئت بالرفع على(5/511)
" صفحة رقم 512 "
هي ناصية والنصب على الذم ووصفها بالكذب والخطأ وهما لصاحبها على الإسناد المجازي للمبالغة
العلق : ( 17 ) فليدع ناديه
) فليدع ناديه ( أي أهل نادية ليعينوه وهو المجلس الذي ينتدي فيه القوم روي أنا أبا جهل لعنه الله مر برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو يصلي فقال ألم أنهك فاغلظ له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال أتهددني وأنا أكثر أهل الوادي ناديا فنزلت
العلق : ( 18 ) سندع الزبانية
) سندع الزبانية ( ليجروه إلى النار وهو في الأصل الشرط واحدها زبنية كعفرية من الزبن وهو الدفع أو زبني على النسب وأصلها زباني والتاء معوضة عن الياء
العلق : ( 19 ) كلا لا تطعه . . . . .
) كلا ( ردع أيضا للناهي ) لا تطعه ( أي اثبت أنت على طاعتك ) واسجد ( داوم على سجودك ) واقترب ( وتقرب إلى ربك وفي الحديث أقرب ما يكون العبد إلى ربه إذا سجد عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة العلق أعطي من الأجر كأنما قرأ المفصل كله(5/512)
" صفحة رقم 513 "
سورة القدر
مختلف فيها وآيها خمس آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
القدر : ( 1 - 3 ) إنا أنزلناه في . . . . .
) إنا أنزلناه في ليلة القدر ( الضمير للقرآن فخمه بإضماره من غير ذكر شهادة له بالنباهة المغنية عن التصريح كما عظمه بأن أسند نزوله إليه وعظم الوقت الذي أنزل فيه بقوله ) وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ( وإنزاله فيها بأن ابتدأ بإنزاله فيها أو أنزله جملة من اللوح إلى السماء الدنيا على السفرة ثم كان جبريل عليه الصلاة والسلام ينزله على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نجوما في ثلاث وعشرين سنة وقيل المعنى ) أنزلناه ( في فضلها وهي في أوتار العشر الأخير في رمضان ولعلها السابعة منها والداعي إلى إخفائها أن يحيي من يريدها ليالي كثيرة وتسميتها بذلك لشرفها أو لتقدير الأمور فيها لقوله سبحانه وتعالى ) فيها يفرق كل أمر حكيم ( وذكر الألف إما للتكثير أو لما روي أنه ( صلى الله عليه وسلم ) ذكر إسرائيليا يلبس السلاح في سبيل الله ألف شهر فعجب المؤمنون وتقاصرت إليهم أعمالهم فأعطوا ليلة القدر هي خير من مدة ذلك الغازي
القدر : ( 4 ) تنزل الملائكة والروح . . . . .
) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم ( بيان لما له فصلت على ألف شهر وتنزلهم إلى الأرض أو إلى السماء الدنيا أو تقربهم إلى المؤمنين ) من كل أمر ( من أجل كل(5/513)
" صفحة رقم 514 "
قدر في تلك السنة وقرئ من كل امرئ أي من أجل كل إنسان
القدر : ( 5 ) سلام هي حتى . . . . .
) سلام هي ( ما هي إلا سلامة أي لا يقدر الله فيها إلا السلامة ويقضي في غيرها السلامة والبلاء أو ما هي إلا سلام لكثرة ما يسلمون فيها على المؤمنين ) حتى مطلع الفجر ( أي وقت مطلعه أي طلوعه وقرأ الكسائي بالكسر على أنه كالمرجع أو اسم زمان على غير قياس كالمشرق عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة القدر أعطي من الأجر كمن صام رمضان وأحيا ليلة القدر(5/514)
" صفحة رقم 515 "
سورة البينة
مختلف فيها وآيها ثمان آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
البينة : ( 1 ) لم يكن الذين . . . . .
) لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ( اليهود والنصارى فإنهم كفروا بالإلحاد في صفات الله سبحانه وتعالى و ) من ( للتبيين ) والمشركين ( وعبدة الأصنام ) منفكين ( عما كانوا عليه من دينهم أو الوعد باتباع الحق إذ جاءهم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) حتى تأتيهم البينة ( الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أو القرآن فإنه مبين للحق أو معجزة الرسول بأخلاقه والقرآن بإفحامه من تحدى به
البينة : ( 2 ) رسول من الله . . . . .
) رسول من الله ( بدل من ) البينة ( بنفسه أو بتقدير مضاف أو مبتدأ ) يتلو صحفا مطهرة ( صفته أو خبره والرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وإن كان أميا لكنه لما تلا مثل ما في الصحف كان كالتالي لها وقيل المراد جبريل عليه الصلاة والسلام وكون الصحف ) مطهرة ( أن الباطل لا يأتي ما فيها أو أنها لا يمسها إلا المطهرون(5/515)
" صفحة رقم 516 "
البينة : ( 3 ) فيها كتب قيمة
) فيها كتب قيمة ( مكتوبات مستقيمة ناطقة بالحق
البينة : ( 4 ) وما تفرق الذين . . . . .
) وما تفرق الذين أوتوا الكتاب ( عما كانوا عليه بأن آمن بعضهم أو تردد في دينه أو عن وعدهم بالإصرار على الكفر ) إلا من بعد ما جاءتهم البينة ( فيكون كقوله ) وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ( وإفراد أهل الكتاب بعد الجمع بينهم وبين المشركين للدلالة على شناعة حالهم وأنهم لما تفرقوا مع علمهم كان غيرهم بذلك أولى
البينة : ( 5 ) وما أمروا إلا . . . . .
) وما أمروا ( أي في كتبهم بما فيها ) إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ( لا يشركون به ) حنفاء ( مائلين عن العقائد الزائغة ) ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ( ولكنهم حرفوا وعصوا ) وذلك دين القيمة ( دين الملة القيمة
البينة : ( 6 ) إن الذين كفروا . . . . .
) إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها ( أي يوم القيامة أو في الحال لملابستهم ما يوجب ذلك واشتراك الفريقين في جنس العذاب لا يوجب اشتراكهما في نوعه فلعله يختلف لتفاوت كفرهما ) أولئك هم شر البرية ( أي الخليقة وقرأ نافع البريئة بالهمز على الأصل(5/516)
" صفحة رقم 517 "
البينة : ( 7 - 8 ) إن الذين آمنوا . . . . .
) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ( فيه مبالغات تقديم المدح وذكر الجزاء المؤذن بأن ما منحوا في مقابلة ما وصفوا به والحكم عليه بأن من ) عند ربهم ( وجمع ) جنات ( وتقييدها إضافة ووصفا بما تزداد لما نعيما وتأكيد الخلود بالتأييد ) رضي الله عنهم ( استئناف بما يكون لهم زيادة على جزائهم ) ورضوا عنه ( لأنه بلغهم أقصى أمانيهم ) ذلك ( أي المذكور من الجزاء والرضوان ) لمن خشي ربه ( فإن الخشية ملاك الأمر والباعث على كل خير عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة لم يكن الذين كفروا كان يوم القيامة مع خير البرية مساء ومقيلا(5/517)
" صفحة رقم 518 "
سورة الزلزلة
مختلف فيها وآيها ثمان آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
الزلزلة : ( 1 ) إذا زلزلت الأرض . . . . .
) إذا زلزلت الأرض زلزالها ( اضطرابها المقدر لها عند النفخة الأولى أو الثانية أو الممكن لها أو اللائق بها في الحكمة وقرئ بالفتح وهو اسم الحركة وليس في الأبنية فعلال إلا في المضاعف
الزلزلة : ( 2 ) وأخرجت الأرض أثقالها
) وأخرجت الأرض أثقالها ( ما في جوفها من الدفائن أو الأموات جمع ثقل وهو متاع البيت
الزلزلة : ( 3 ) وقال الإنسان ما . . . . .
) وقال الإنسان ما لها ( لما يبهرهم من الأمر الفظيع وقيل المراد ب ) الإنسان ( الكافر فإن المؤمن يعلم ما لها
الزلزلة : ( 4 ) يومئذ تحدث أخبارها
) يومئذ تحدث ( تحدث الخلق بلسان الحال ) أخبارها ( ما لأجله زلزالها وإخراجها وقيل ينطقها الله سبحانه وتعالى فتخبر بما عمل عليها و ) يومئذ ( بدل من ) إذا ( وناصبهما ) تحدث ( أو أصل و ) إذا ( منتصب بمضمر
الزلزلة : ( 5 ) بأن ربك أوحى . . . . .
) بأن ربك أوحى لها ( أي تحدث بسبب إيحاء ربك لها بأن أحدث فيها ما دلت على الأخبار أو أنطقها بها ويجوز أن يكون بدلا من إخبارها إذ يقال حدثته كذا وبكذا واللام بمعنى إلى أو على أصلها إذ لها في ذلك تشف من العصاة(5/518)
" صفحة رقم 519 "
الزلزلة : ( 6 ) يومئذ يصدر الناس . . . . .
) يومئذ يصدر الناس ( من مخارجهم من القبور إلى الموقف ) أشتاتا ( متفرقين بحسب مراتبهم ) ليروا أعمالهم ( جزاء أعمالهم وقرئ بفتح الياء
الزلزلة : ( 7 - 8 ) فمن يعمل مثقال . . . . .
) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ( تفصيل ) ليروا ( ولذلك قرئ يره بالضم وقرأ هشام بإسكان الهاء ولعل حسنة الكافر وسيئة المجتنب عن الكبائر تؤثران في نقص الثواب والعقاب وقيل الآية مشروطة بعدم الإحباط والمغفرة أو من الأولى مخصوصة بالسعداء والثانية بالأشقياء لقوله ) أشتاتا ( وال ) ذرة ( النملة الصغيرة أو الهباء عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة إذا زلزلت الأرض أربع مرات كان كمن قرأ القرآن كله(5/519)
" صفحة رقم 520 "
سورة العاديات
مختلف فيها وآيها إحدى عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
العاديات : ( 1 ) والعاديات ضبحا
) والعاديات ضبحا ( أقسم سبحانه بخيل الغزاة تعدو فتضبح ضبحا وهو صوت أنفاسها عند العدو ونصبه بفعله المحذوف أو ب ) والعاديات ( فإنها تدل بالالتزام على الضابحات أو ضبحا حال بمعنى ضابحة
العاديات : ( 2 ) فالموريات قدحا
) فالموريات قدحا ( فالتي توري النار والإيراء إخراج النار يقال قدح الزند فأورى
العاديات : ( 3 ) فالمغيرات صبحا
) فالمغيرات ( يغير أهلها على العدو ) صبحا ( أي في وقته
العاديات : ( 4 ) فأثرن به نقعا
) فأثرن ( فيهجن ) به ( بذلك الوقت ) نقعا ( غبارا أو صياحا
العاديات : ( 5 ) فوسطن به جمعا
) فوسطن به ( فتوسطن بذلك الوقت أو بالعدو أو بالنقع أي ملتبسات به ) جمعا ( من جموع الأعداء روي أنه ( صلى الله عليه وسلم ) بعث خيلا فمضت أشهر لم يأته منهم خبر فنزلت ويحتمل أن يكون القسم بالنفوس العادية أثر كما لهن الموريات بأفكارهن أنوار المعارف والمغيرات على الهوى والعادات إذا ظهر لهن مثل أنوار القدس ) فأثرن به ( شوقا ) فوسطن به جمعا ( من مجموع العليين(5/520)
" صفحة رقم 521 "
العاديات : ( 6 ) إن الإنسان لربه . . . . .
) إن الإنسان لربه لكنود ( لكفور من كند النعمة كنودا أو لعاص بلغة كندة أو لبخيل بلغة بني مالك وهو جواب القسم
العاديات : ( 7 ) وإنه على ذلك . . . . .
) وإنه على ذلك ( وإن الإنسان على كنوده ) لشهيد ( يشهد على نفسه لظهور أثره عليه أو أن الله سبحانه وتعالى على كنوده لشهيد فيكون وعيدا
العاديات : ( 8 ) وإنه لحب الخير . . . . .
) وإنه لحب الخير ( المال من قوله سبحانه وتعالى ) إن ترك خيرا ( أي مالا ) لشديد ( لبخيل أو لقوي مبالغ فيه
العاديات : ( 9 ) أفلا يعلم إذا . . . . .
) أفلا يعلم إذا بعثر ( بعث ) ما في القبور ( من الموتى وقرئ بحثر وبحت
العاديات : ( 10 ) وحصل ما في . . . . .
) وحصل ( جمع محصلا في الصحف أو ميز ) ما في الصدور ( من خير أو شر وتخصيصه لأنه الأصل
العاديات : ( 11 ) إن ربهم بهم . . . . .
) إن ربهم بهم يومئذ ( وهو يوم القيامة ) لخبير ( عالم بما أعلنوا وما أسروا فيجازيهم عليه وإنما قال ) ما ( ثم قال ) بهم ( لاختلاف شأنهم في الحالين وقرئ ) إن ( وخبير بلا لام عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة والعاديات أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من بات بالمزدلفة وشهد جمعا(5/521)
" صفحة رقم 522 "
سورة القارعة
مكية وآيها ثمان آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
القارعة : ( 1 - 3 ) القارعة
) القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة ( سبق بيانه في الحاقة
القارعة : ( 4 ) يوم يكون الناس . . . . .
) يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ( في كثرتهم وذلتهم وانتشارهم واضطرابهم وانتصاب ) يوم ( بمضمر دلت عليه ) القارعة )
القارعة : ( 5 ) وتكون الجبال كالعهن . . . . .
) وتكون الجبال كالعهن ( كالصوف ذي الألوان ) المنفوش ( المندوف لتفرق أجزائها وتطايرها في الجو
القارعة : ( 6 ) فأما من ثقلت . . . . .
) فأما من ثقلت موازينه ( بأن ترجحت مقادير أنواع حسناته
القارعة : ( 7 ) فهو في عيشة . . . . .
) فهو في عيشة ( في عيش ) راضية ( ذات رضا أو مرضية
القارعة : ( 8 ) وأما من خفت . . . . .
) وأما من خفت موازينه ( بأن لم يكن له حسنة يعبأ بها أو ترجحت سيئاته على حسناته
القارعة : ( 9 - 11 ) فأمه هاوية
) فأمه هاوية ( فمأواه النار المحرقة والهاوية من أسمائها ولذلك قال ) وما أدراك ما هيه نار حامية ( ذات حمى عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة القارعة ثقل الله بها ميزانه يوم القيامة(5/522)
" صفحة رقم 523 "
سورة التكاثر
مختلف فيها وآيها ثمان آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
التكاثر : ( 1 ) ألهاكم التكاثر
) ألهاكم ( شغلكم وأصله الصرف إلى اللهو منقول من لها إذا غفل ) التكاثر ( التباهي بالكثرة
التكاثر : ( 2 ) حتى زرتم المقابر
) حتى زرتم المقابر ( إذا استوعبتم عدد الأحياء صرتم إلى المقابر فتكاثرتم بالأموات عبر عن انتقالهم إلى ذكر الموتى بزيارة المقابر روي أن بني عبد مناف وبني سهم تفاخروا بالكثرة فكثرهم بنو عبد مناف فقال بنو سهم إن البغي أهلكنا في الجاهلية فعادونا بالأحياء والأموات فكثرهم بنو سهم وإنما حذف المنهي عنه وهو ما يعنيهم من أمر الدين للتعظيم والمبالغة وقيل معناه ) ألهاكم التكاثر ( بالأموال والأولاد إلى أن متم(5/523)
" صفحة رقم 524 "
وقبرتم مضيعين أعماركم في طلب الدنيا عما هو أهم لكم وهو السعي لأخراكم فتكون زيارة القبور عبارة عن الموت
التكاثر : ( 3 ) كلا سوف تعلمون
) كلا ( ردع وتنبيه على أن العاقل ينبغي له أن لا يكون جميع همه ومعظم سعيه للدنيا فإن عاقبة ذلك وبال وحسرة ) سوف تعلمون ( خطأ رأيكم إذا عاينتم ما وراءكم وهو إنذار ليخافوا وينتبهوا من غفلتهم
التكاثر : ( 4 ) ثم كلا سوف . . . . .
) ثم كلا سوف تعلمون ( تكرير للتأكيد وفي ) ثم ( دلالة على أن الثاني أبلغ من الأول أو الأول عند الموت أو في القبر والثاني عند النشور
التكاثر : ( 5 ) كلا لو تعلمون . . . . .
) كلا لو تعلمون علم اليقين ( أي لو تعلمون ما بين أيديكم علم اليقين أي كعلمكم ما تستيقنونه لشغلكم ذلك عن غيره أو لفعلتم ما لا يوصف ولا يكتنه فحذف الجواب للتفخيم
التكاثر : ( 6 ) لترون الجحيم
ولا يجوز أن يكون قوله ) لترون الجحيم ( جوابا له لأنه محقق الوقوع بل هو جواب قسم محذوف أكد به الوعيد وأوضح به ما أنذرهم منه بعد إبهامه تفخيما وقرأ ابن عامر والكسائي بضم التاء
التكاثر : ( 7 ) ثم لترونها عين . . . . .
) ثم لترونها ( تكرير للتأكيد أو الأولى إذا رأيتهم من مكان بعيد والثانية إذا وردوها أو المراد بالأولى المعرفة وبالثانية الإبصار ) عين اليقين ( أي الرؤية التي هي نفس اليقين فإن علم المشاهدة أعلى مراتب اليقين
التكاثر : ( 8 ) ثم لتسألن يومئذ . . . . .
) ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ( الذي ألهاكم والخطاب مخصوص بكل من ألهاه دنياه عن دينه و ) النعيم ( بما يشغله للقرينة والنصوص الكثيرة كقوله ) من حرم زينة الله ( ) كلوا من الطيبات ( وقيل يعمان إذ كل يسأل عن شكره وقيل الآية مخصوصة بالكفار(5/524)
" صفحة رقم 525 "
عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ ألهاكم لم يحاسبه الله سبحانه وتعالى بالنعيم الذي أنعم به عليه في دار الدنيا وأعطي من الأجر كأنما قرأ ألف آية(5/525)
" صفحة رقم 526 "
سورة العصر
بسم الله الرحمن الرحيم
العصر : ( 1 ) والعصر
) والعصر ( أقسم سبحانه بصلاة العصر لفضلها أو بعصر النبوة أو بالدهر لاشتماله على الأعاجيب والتعريض بنفي ما يضاف إليه من الخسران
العصر : ( 2 ) إن الإنسان لفي . . . . .
) إن الإنسان لفي خسر ( إن الناس لفي خسران في مساعيهم وصرف أعمارهم في مطالبهم والتعريف للجنس والتنكير للتعظيم
العصر : ( 3 ) إلا الذين آمنوا . . . . .
) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( فإنهم اشتروا الآخرة بالدنيا ففازوا بالحياة الأبدية والسعادة السرمدية ) وتواصوا بالحق ( الثابت الذي لا يصح إنكاره من اعتقاد أو عمل ) وتواصوا بالصبر ( عن المعاصي أو على الحق أو ما يبلو الله به عباده وهذا من عطف الخاص على العام للمبالغة إلا أن يخص العمل بما يكون مقصورا على كماله ولعله سبحانه وتعالى إنما ذكر سبب الربح دون الخسران اكتفاء ببيان المقصود وإشعارا بأن ما(5/526)
" صفحة رقم 527 "
عد إما عد يؤدي إلى خسر ونقص حظ أو تكرما فإن الإبهام في جانب الخسر كرم عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة والعصر غفر الله له وكان ممن تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر(5/527)
" صفحة رقم 528 "
سورة الهمزة
مكية وآيها تسع آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
الهمزة : ( 1 ) ويل لكل همزة . . . . .
) ويل لكل همزة لمزة ( الهمز الكسر كالهزم واللمز الطعن كاللهز فشاعا في الكسر من أعراض الناس والطعن فيهم وبناء فعله يدل على الاعتياد فلا يقال ضحكة ولعنة إلا للمكثر المتعود وقرئ همزة لمزة بالسكون على بناء المفعول وهو المسخرة الذي يأتي بالأضاحيك فيضحك منه ويشتم ونزولها في الأخنس بن شريق فإنه كان مغيابا أو في الوليد بن المغيرة واغتيابه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
الهمزة : ( 2 ) الذي جمع مالا . . . . .
) الذي جمع مالا ( بدل من كل أو ذم منصوب أو مرفوع وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بالتشديد للتكثير ) وعدده ( وجعله عدة للنوازل أو عده مرة بعد أخرى ويؤيده أنه قرئ وعدده على فك الإدغام
الهمزة : ( 3 ) يحسب أن ماله . . . . .
) يحسب أن ماله أخلده ( تركه خالدا في الدنيا فأحبه كما يحب الخلود أو حب المال أغفله عن الموت أو طول أمله حتى حسب أنه مخلد فعمل عمل من لا يظن الموت وفيه تعريض بأن المخلد هو السعي للآخرة(5/528)
" صفحة رقم 529 "
الهمزة : ( 4 ) كلا لينبذن في . . . . .
) كلا ( ردع له عن حسبانه ) لينبذن ( ليطرحن ) في الحطمة ( في النار التي من شأنها أن تحطم كل ما يطرح فيها
الهمزة : ( 5 ) وما أدراك ما . . . . .
) وما أدراك ما الحطمة ( ما هذه النار التي لها هذه الخاصية
الهمزة : ( 6 ) نار الله الموقدة
) نار الله ( تفسير لها ) الموقدة ( التي أوقدها الله وما أوقده لا يقدر غيره أن يطفئه
الهمزة : ( 7 ) التي تطلع على . . . . .
) التي تطلع على الأفئدة ( تعلو أوساط القلوب وتشتمل عليها وتخصيصها بالذكر لأن الفؤاد ألطف ما في البدن وأشده ألما أو لأنه محل العقائد الزائفة ومنشأ الأعمال القبيحة
الهمزة : ( 8 ) إنها عليهم مؤصدة
) إنها عليهم مؤصدة ( مطبقة من أوصدت الباب إذا أطبقته قال " تحن إلى أجبال مكة ناقتي ومن دونها أبواب صنعاء موصده " وقرأ حفص وأبو عمرو وحمزة بالهمزة
الهمزة : ( 9 ) في عمد ممددة
) في عمد ممددة ( أي موثقين في أعمدة ممدودة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص وقرأ الكوفيون غير حفص بضمتين وقرئ عمد بسكون الميم مع ضم العين عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة الهمزة أعطاه الله عشر حسنات بعدد من استهزأ بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين(5/529)
" صفحة رقم 530 "
سورة الفيل
مكية وهي خمس آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
الفيل : ( 1 ) ألم تر كيف . . . . .
) ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ( الخطاب للرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وهو وإن لم يشهد تلك الوقعة لكن شاهد آثارها وسمع بالتواتر أخبارها فكأنه رآها وإنما قال ) كيف ( ولم يقل ما لأن المراد تذكير ما فيها من وجوه الدلالة على كمال علم الله تعالى وقدرته وعزة بيته وشرف رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) فإنها من الإرهاصات إذ روي أنها وقعت في السنة التي ولد فيها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قصتها أن أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى كنيسة بصنعاء وسماها القليس وأراد أن يصرف الحاج إليها فخرج رجل من كنانة فقعد فيها ليلا فأغضبه ذلك فحلف ليهدمن الكعبة فخرج بجيشه ومعه فيل قوي اسمه محمود وفيلة أخرى فلما تهيأ للدخول وعبى جيشه قدم الفيل وكان كلما وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح وإذا رجعوه إلى اليمن أو إلى جهة أخرى هرول فأرسل الله تعالى طيرا مع كل واحد في منقاره حجر وفي رجليه حجران أكبر من العدسه وأصغر من الحمصة فترميهم فيقع الحجر في رأس الرجل فيخرج من دبره فهلكوا جميعا وقرئ ) ألم تر ( جدا في إظهار أثر الجازم وكيف نصب بفعل لأبتر لما فيه من معنى الاستفهام(5/530)
" صفحة رقم 531 "
الفيل : ( 2 ) ألم يجعل كيدهم . . . . .
) ألم يجعل كيدهم ( في تعطيل الكعبة وتخريبها ) في تضليل ( في تضييع وإبطال بأن دمرهم وعظم شأنها
الفيل : ( 3 ) وأرسل عليهم طيرا . . . . .
) وأرسل عليهم طيرا أبابيل ( جماعات جمع إبالة وهي الحزمة الكبيرة شبهت بها الجماعة من الطير في تضامها وقيل لا واحد لها كعبابيد وشماطيط
الفيل : ( 4 ) ترميهم بحجارة من . . . . .
) ترميهم بحجارة ( وقرئ بالياء على تذكير الطير لأنه اسم جمع أو إسناده إلى ضمير ربك ) من سجيل ( من طين متحجر معرب سنككل وقيل من السجل وهو الدلو الكبير أو الاسجال وهو الارسال أو من السجل ومعناه من جملة العذاب المكتوب المدون
الفيل : ( 5 ) فجعلهم كعصف مأكول
) فجعلهم كعصف مأكول ( كورق زرع وقع فيه والآكال وهو أن يأكله الدود أو أكل حبه فبقي صفرا منه أو كتين أكلته الدواب وراثته عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة الفيل أعفاه الله أيام حياته من الخسف والمسخ(5/531)
" صفحة رقم 532 "
سورة قريش
مكية وآيها أربع آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
قريش : ( 1 - 2 ) لإيلاف قريش
) لإيلاف قريش ( متعلق بقوله ) فليعبدوا رب هذا البيت ( والفاء لما في الكلام من معنى الشرط إذ المعنى أن نعم الله عليهم لا تحصى فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لأجل ) إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ( أي الرحلة في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام فيمتارون ويتجرون أو بمحذوف مثل أعجبوا أو بما قبله كالتضمين في الشعر أي ) فجعلهم كعصف مأكول ( ) لإيلاف قريش ( ويؤيده أنهما في مصحف أبي سورة واحدة وقرئ ليألف قريش إلفهم رحلة الشتاء وقريش ولد النضر بن كنانة(5/532)
" صفحة رقم 533 "
منقول من تصغير قريش وهو دابة عظيمة في البحر تعبث بالسفن فلا تطاق إلا بالنار فشبهوا بها لأنها تأكل ولا تؤكل وتعلو ولا تعلى وصغر الاسم للتعظيم وإطلاق الإيلاف ثم إبدال المقيد عنه للتفخيم وقرأ ابن عامر لئلاف بغير ياء بعد الهمزة
قريش : ( 3 - 4 ) فليعبدوا رب هذا . . . . .
) فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع ( أي بالرحلتين والتنكير للتعظيم وقيل المراد به شدة أكلوا فيها الجيف والعظام ) وآمنهم من خوف ( أصحاب الفيل أو التخطف في بلدهم ومسايرهم أو الجذام فلا يصيبهم ببلدهم عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة لإيلاف قريش أعطاه الله عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة واعتكف بها(5/533)
" صفحة رقم 534 "
سورة الماعون
مختلف فيها وآيها سبع آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
الماعون : ( 1 ) أرأيت الذي يكذب . . . . .
) أرأيت ( استفهام معناه التعجب وقرئ أريت بلا همزة إلحاقا بالمضارع ولعل تصديرها بحرف الاستفهام سهل أمرها وأرأيتك بزيادة الكاف ) الذي يكذب بالدين ( بالجزاء أو الإسلام والذي يحتمل الجنس والعهد ويؤيد الثاني قوله
الماعون : ( 2 ) فذلك الذي يدع . . . . .
) فذلك الذي يدع اليتيم ( يدفعه دفعا عنيفا وهو أبو جهل كان وصيا ليتيم فجاءه عريانا يسأله من مال نفسه فدفعه أو أبو سفيان نحر جزورا فسأله يتيم لحما فقرعه بعصاه أو الوليد بن المغيرة أو منافق بخيل وقرئ يدع أي يترك
الماعون : ( 3 ) ولا يحض على . . . . .
) ولا يحض ( أهله وغيرهم ) على طعام المسكين ( لعدم اعتقاده بالجزاء ولذلك رتب الجملة على ) يكذب ( بالفاء
الماعون : ( 4 - 5 ) فويل للمصلين
) فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ( أي غافلون غير مبالين بها
الماعون : ( 6 ) الذين هم يراؤون
) الذين هم يراؤون ( يرون الناس أعمالهم ليروهم الثناء عليهم(5/534)
" صفحة رقم 535 "
الماعون : ( 7 ) ويمنعون الماعون
) ويمنعون الماعون ( الزكاة أو ما يتعاور في العادة والفاء جزائية والمعنى إذا كان عدم المبالاة باليتيم من ضعف الدين والموجب للذم والتوبيخ فالسهو عن الصلاة التي هي عماد الدين والرياء الذي هو شعبة من الكفر ومنع الزكاة التي هي قنطرة الإسلام أحق بذلك ولذلك رتب عليها الويل أو للسببية على معنى ) فويل ( لهم وإنما وضع المصلين موضع الضمير للدلالة على سوء معاملتهم مع الخالق والخلق عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة أرأيت غفر له إن كان للزكاة مؤديا(5/535)
" صفحة رقم 536 "
سورة الكوثر
مكية وآيها ثلاث آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
الكوثر : ( 1 ) إنا أعطيناك الكوثر
) إنا أعطيناك ( وقرئ أنطيناك ) الكوثر ( الخير المفرط الكثرة من العلم والعمل وشرف الدارين وروي عنه ( صلى الله عليه وسلم ) أنه نهر في الجنة وعدنيه ربي فيه خير كثير أحلى من العسل وأبيض من اللبن وأبرد من الثلج وألين من الزبد حافتاه الزبرجد وأوانيه من فضة لا يظمأ من شرب منه وقيل حوض فيها وقيل أولاده وأتباعه أو علماء أمته والقرآن العظيم
الكوثر : ( 2 ) فصل لربك وانحر
) فصل لربك ( فدم على الصلاة خالصا لوجه الله تعالى خلاف الساهي عنها المرائي فيها شكرا لانعامه فإن الصلاة جامعة لأقسام الشكر ) وانحر ( البدن التي هي خيار(5/536)
" صفحة رقم 537 "
أموال العرب وتصدق على المحاويج خلافا لمن يدعهم ويمنع عنهم الماعون فالسورة كالمقابلة للسورة المتقدمة وقد فسرت الصلاة بصلاة العيد والنحر بالتضحية
الكوثر : ( 3 ) إن شانئك هو . . . . .
) إن شانئك ( إن من أبغضك لبغضه الله ) هو الأبتر ( الذي لا عقب له إذ لا يبقى له نسل ولا حسن ذكر وأما أنت فتبقى ذريتك وحسن صيتك وآثار فضلك إلى يوم القيامة ولك في الآخرة ما لا يدخل تحت الوصف عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة الكوثر سقاه الله من كل نهر له في الجنة ويكتب له عشر حسنات بعدد كل قربان قربه العباد في يوم النحر العظيم(5/537)
" صفحة رقم 538 "
سورة الكافرون
مكية وآيها ست آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
الكافرون : ( 1 ) قل يا أيها . . . . .
) قل يا أيها الكافرون ( يعني كفرة مخصوصين قد علم الله منهم أنهم لا يؤمنون روي أن رهطا من قريش قالوا يا محمد تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة فنزلت
الكافرون : ( 2 ) لا أعبد ما . . . . .
) لا أعبد ما تعبدون ( أي فيما يستقبل فأن لا تدخل إلا على مضارع بمعنى الاستقبال كما أن ) ما ( لا تدخل إلا على مضارع بمعنى الحال
الكافرون : ( 3 ) ولا أنتم عابدون . . . . .
) ولا أنتم عابدون ما أعبد ( أي فيما يستقبل لأنه في قرآن ) لا أعبد )
الكافرون : ( 4 ) ولا أنا عابد . . . . .
) ولا أنا عابد ما عبدتم ( أي في الحال أو فيما سلف(5/538)
" صفحة رقم 539 "
الكافرون : ( 5 ) ولا أنتم عابدون . . . . .
) ولا أنتم عابدون ما أعبد ( أي وما عبدتم في وقت ما أنا عابده ويجوز أن يكونا تأكيدين على طريقة أبلغ وأما لم يقل ما عبدت ليطابق ) ما عبدتم ( لأنهم كانوا موسومين قبل المبعث بعبادة الأصنام وهو لم يكن حينئذ موسوما بعبادة الله وإنما قال ) ما ( دون من لأن المراد الصفة كأنه قال لا أعبد الباطل ولا تعبدون الحق أو للمطابقة وقيل إنها مصدرية وقيل الأوليان بمعنى الذي والآخريان مصدريتان
الكافرون : ( 6 ) لكم دينكم ولي . . . . .
) لكم دينكم ( الذي أنتم عليه لا تتركونه ) ولي دين ( ديني الذي أنا عليه لا أرفضه فليس فيه إذن في الكفر ولا منع عن الجهاد ليكون منسوخا بآية القتال اللهم إلا إذا فسر بالمتاركة وتقرير كل من الفريقين الآخر على دينه وقد فسر ال ) دين ( بالحساب الجزاء الدعاء العبادة عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة الكافرون فكأنما قرأ ربع القرآن وتباعدت عنه مردة الشياطين وبرئ من الشرك(5/539)
" صفحة رقم 540 "
صفحة فارغة(5/540)
" صفحة رقم 541 "
سورة النصر
مدنية وآيها ثلاث آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
النصر : ( 1 ) إذا جاء نصر . . . . .
) إذا جاء نصر الله ( إظهاره إياك على أعدائك ) والفتح ( فتح مكة وقيل المراد جنس نصر الله المؤمنين وفتح مكة وسائر البلاد عليهم وإنما عبر عن الحصول بالمجيء تجوزا للإشعار بأن المقدرات متوجهة من الأزل إلى أوقاتها المعينة لها فتقرب منها شيئا فشيئا وقد قرب النصر من وقته فكن مترقبا لوروده مستعدا لشكره
النصر : ( 2 ) ورأيت الناس يدخلون . . . . .
) ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ( جماعات كثيفة كأهل مكة والطائف واليمن وهوازن وسائر قبائل العرب ) يدخلون ( حال على أن ) رأيت ( بمعنى أبصرت أو مفعول ثان على أنه بمعنى علمت
النصر : ( 3 ) فسبح بحمد ربك . . . . .
) فسبح بحمد ربك ( فتعجب لتيسير الله ما لم يخطر ببال أحد حامدا له أو فصل له حامدا على نعمه روي أنه ( صلى الله عليه وسلم ) لما دخل مكة بدأ بالمسجد فدخل الكعبة وصلى ثمان ركعات أو فنزهه تعالى عما كانت الظلمة يقولون فيه حامدا له على أن صدق وعده أو(5/541)
" صفحة رقم 542 "
فأثن على الله تعالى بصفات الجلال حامدا له على صفات الإكرام ) واستغفره ( هضما لنفسك واستقصارا لعملك واستدراكا لما فرط منك من الالتفات إلى غيره وعنه عليه ( صلى الله عليه وسلم ) إني لأستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة وقيل استغفره لأمتك وتقديم التسبيح على الحمد ثم الحمد على الاستغفار على طريق النزول من الخالق إلى الخلق كما قيل ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله ) إنه كان توابا ( لمن استغفره مذ خلق المكلفين والأكثر على أن السورة نزلت قبل فتح مكة وأنه نعي لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لأنه لما قرأها بكى العباس رضي الله عنه فقال ( صلى الله عليه وسلم ) ما يبكيك فقال نعيت إليك نفسك فقال إنها لكما تقول ولعل ذلك لدلالتها على تمام الدعوة وكمال أمر الدين فهي كقوله تعالى ) اليوم أكملت لكم دينكم ( أو لأن الأمر بالاستغفار تنبيه على دنو الأجل ولهذا سميت سورة التوديع(5/542)
" صفحة رقم 543 "
وعنه ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة إذا جاء أعطي من الأجر كمن شهد مع محمد ( صلى الله عليه وسلم ) يوم فتح مكة شرفها الله تعالى(5/543)
" صفحة رقم 544 "
سورة المسد
مكية وأيها خمس آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
المسد : ( 1 ) تبت يدا أبي . . . . .
) تبت ( هلكت أو خسرت والتباب خسران يؤدي إلى الهلاك ) يدا أبي لهب ( نفسه كقوله تعالى ) ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ( وقيل إنما خصتا لأنه ( صلى الله عليه وسلم ) لما نزل عليه ) وأنذر عشيرتك الأقربين ( جمع أقاربه فأنذرهم فقال أبو لهب تبا لك ألهذا دعوتنا واخذ حجرا ليرميه به فنزلت وقيل المراد بهما دنياه وأخراه وإنما كناه والتكنية تكرمة لاشتهاره بكنيته ولأن اسمه عبد العزى فاستكره ذكره ولأنه لما كان من أصحاب النار كانت الكنية أوفق بحاله أو ليجانس قوله ) ذات لهب ( وقرئ أبو لهب كما قيل علي بن أبي طالب ) وتب ( إخبار بعد دعاء والتعبير بالماضي لتحقق وقوعه كقوله " جزاني جزاه الله شر جزائه جزاء الكلاب العاويات وقد فعل " ويدل عليه أنه قرئ وقد تب أو الأول إخبار عما كسبت يداه والثاني عن عمل نفسه(5/544)
" صفحة رقم 545 "
المسد : ( 2 ) ما أغنى عنه . . . . .
) ما أغنى عنه ماله ( نفي لإغناء المال عنه حين نزل به التباب أو استفهام إنكار له ومحلها النصب ) وما كسب ( وكسبه أو مكسوبه بماله من النتائج والأرباح والوجاهة والإتباع أو عمله الذي ظن أنه ينفعه أو ولده عتبة وقد افترسه أسد في طريق الشام وقد أحدق به العير ومات أبو لهب بالعدسة بعد وقعة بدر بأيام معدودة وترك ثلاثا حتى أنتن ثم استأجروا بعض السودان حتى دفنوه فهو إخبار عن الغيب طابقه وقوعه
المسد : ( 3 ) سيصلى نارا ذات . . . . .
) سيصلى نارا ذات لهب ( اشتعال يريد نار جهنم وليس فيه ما يدل على أنه لا يؤمن لجواز أن يكون صليها للفسق وقرئ ) سيصلى ( بالضم مخففا و ) سيصلى ( مشددا
المسد : ( 4 ) وامرأته حمالة الحطب
) وامرأته ( عطف على المستتر في ) سيصلى ( أو مبتدأ وهي أم جميل أخت أبي سفيان ) حمالة الحطب ( يعني حطب جهنم فإنها كانت تحمل الأوزار بمعاداة الرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وتحمل زوجها على إيذائه أو النميمة فإنها كانت توقد نار الخصومة أو حزمة الشوك أو الحسك فإنها كانت تحملها فتنثرها بالليل في طريق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وقرأ عاصم بالنصب على الشتم
المسد : ( 5 ) في جيدها حبل . . . . .
) في جيدها حبل من مسد ( أي مما مسد أي فتل ومنه رجل ممسود الخلق أي مجدوله وهو ترشيح للمجاز أو تصوير لها بصورة الخطابة التي تحمل الحزمة وتربطها في جيدها تحقيرا لشأنها أو بيانا لحالها في نار جهنم حيث يكون على ظهرها حزمة من حطب(5/545)
" صفحة رقم 546 "
جهنم كالزقوم والضريع وفي جيدها سلسلة من النار والظرف في موضع الحال أو الخبر وحبل مرتفع به عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ سورة تبت رجوت أن لا يجمع الله بينه وبين أبي لهب في دار واحدة(5/546)
" صفحة رقم 547 "
سورة الإخلاص
مختلف فيها وآيها أربع آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخلاص : ( 1 ) قل هو الله . . . . .
) قل هو الله أحد ( الضمير للشأن كقولك هو زيد منطلق وارتفاعه بالابتداء وخبره الجملة ولا حاجة إلى العائد لأنها هي هو أو لما سئل عنه ( صلى الله عليه وسلم ) أي الذي سألتموني عنه هو الله إذ روي أن قريشا قالوا يا محمد صف لنا ربك الذي تدعونا إليه فنزلت وأحد بدل أو خبر ثان يدل على مجامع صفات الجلال كما دل الله على جميع صفات الكمال إذ الواحد الحقيقي ما يكون منزه الذات عن أنحاء التركيب والتعدد وما يستلزم أحدهما كالجسمية والتحيز والمشاركة في الحقيقة وخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامة(5/547)
" صفحة رقم 548 "
المقتضية للألوهية وقرئ هو الله بلا ) قل ( مع الأتفاق على أنه لا بد منه في ) قل يا أيها الكافرون ( ولا يجوز في تبت ولعل ذاك لأن سورة الكافرون مشاقة الرسول أو موادعته لهم وتبت معاتبة عمه فلا يناسب أن تكون منه وأما هذا فتوحيد يقول به تارة ويؤمر بأن يدعو إليه أخرى
الإخلاص : ( 2 ) الله الصمد
) الله الصمد ( السيد المصمود إليه في الحوائج من صمد إليه إذا قصد وهو الموصوف به على الإطلاق فإنه يستغنى عن غيره مطلقا وكل ما عداه محتاج إليه في جميع جهاته وتعريفه لعلمهم بصمديته بخلاف أحديته وتكرير لفظة ) الله ( للإشعار بأن من لم يتصف به لم يستحق الألوهية وإخلاء الجملة عن العاطف لأنها كالنتيجة للأولى أو الدليل عليها
الإخلاص : ( 3 ) لم يلد ولم . . . . .
) لم يلد ( لأنه لك يجانس ولم يفتقر إلى ما يعينه أو يخلف عنه لامتناع الحاجة والفناء عليه ولعل الاقتصاد على لفظ الماضي لوروده ردا على من قال الملائكة بنات الله أو المسيح ابن الله أو ليطابق قوله ) ولم يولد ( وذلك لأنه لا يفتقر إلى شيء ولا يسبقه عدم(5/548)
" صفحة رقم 549 "
الإخلاص : ( 4 ) ولم يكن له . . . . .
) ولم يكن له كفوا أحد ( أي ولم يكن أحد يكافئه أو يماثله من صاحبة أو غيرها وكان أصله أن يؤخر الظرف لأنه صلة ) كفوا ( لكن لما كان المقصود نفي المكافأة عن ذاته تعالى قدم تقديما للأهم ويجوز أن يكون حالا من المستكن في ) كفوا ( أو خبرا ويكون ) كفوا ( حالا من ) أحد ( ولعل ربط الجمل الثلاث بالعطف لأن المراد منها نفي أقسام المكافأة فهي كجملة واحدة منبهة عليها بالجمل وقرأ حمزة ويعقوب ونافع في رواية كفوا بالتخفيف وحفص ) كفوا ( بالحركة وقلب الهمزة واوا ولاشتمال هذه السورمع قصرها على جميع المعارف الإلهية والردعلى من ألحد فيها جاء في الحديث أنها تعدل ثلث القرآن فإن مقاصده محصورة في بيان العقائد والأحكام والقصص ومن عدلها بكله اعتبر المقصود بالذات من ذلك وعنه ( صلى الله عليه وسلم ) أنه سمع رجلا يقرؤها فقال وجبت قيل يا رسول الله وما وجبت قال وجبت له الجنة(5/549)
" صفحة رقم 550 "
سورة الفلق
مختلف فيها وآيها خمس آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
الفلق : ( 1 ) قل أعوذ برب . . . . .
) قل أعوذ برب الفلق ( ما يفلق عنه أي يفرق كالفرق فعل بمعنى مفعول وهو يعم جميع الممكنات فإنه تعالى فلق ظلمة العدم بنور الإيجاد عنها سيما ما يخرج من أصل كالعيون والأمطار والنبات والأولاد ويختص عرفا بالصبح ولذلك فسر به وتخصيصه لما فيه من تغير الحال وتبدل وحشة الليل بسرور النور ومحاكاة فاتحة يوم القيامة والإشعار بأن من قدر أن يزيل به ظلمة الليل عن هذا العالم قدر أن يزيل عن العائذ به ما يخافه ولفظ الرب هنا أوقع من سائر أسمائه تعالى لأن الإعاذة من المضار قريبة
الفلق : ( 2 ) من شر ما . . . . .
) من شر ما خلق ( خص عالم الخلق بالاستعاذة عنه لانحصار الشرفية فإن عالم الأمر خير كله وشره اختياري لازم ومتعد كالكفر والظلم وطبيعي كإحراق النار وإهلاك السموم
الفلق : ( 3 ) ومن شر غاسق . . . . .
) ومن شر غاسق ( ليل عظيم ظلامه من قوله ) إلى غسق الليل ( وأصله الامتلاء(5/550)
" صفحة رقم 551 "
يقال غسقت العين إذا امتلأت دمعا وقيل السيلان و ) غسق الليل ( انصباب ظلامه وغسق العين سيلان دمعه ) إذا وقب ( دخل ظلامه في كل شيء وتخصيصه لأن المضار فيه تكثر ويعسر الدفع ولذلك قيل الليل أخفى للويل وقيل المراد به القمر فإنه يكسف فيغسق ووقوبه دخوله في الكسوف
الفلق : ( 4 ) ومن شر النفاثات . . . . .
) ومن شر النفاثات في العقد ( ومن شر النفوس أو النساء السواحر اللاتي يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها والنفث النفخ مع ريق وتخصيصه لما روي أن يهوديا سحر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في إحدى عشرة عقدة في وتر دسه في بئر فمرض النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ونزلت المعوذتان وأخبره جبريل عليه الصلاة والسلام بموضع السحر فأرسل عليا رضي الله تعالى عنه فجاء به فقرأهما عليه فكان كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد بعض الخفة ولا يوجب ذلك صدق الكفرة في أنه مسحور لأنهم أرادوا به أنه مجنون بواسطة السحر وقيل المراد بالنفث في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل مستعار من تليين العقد بنفث الريق ليسهل حلها وإفرادها بالتعريف لأن كل نفاثة شريرة بخلاف كل غاسق وحاسد(5/551)
" صفحة رقم 552 "
الفلق : ( 5 ) ومن شر حاسد . . . . .
) ومن شر حاسد إذا حسد ( إذا أظهر حسده وعمل بمقتضاه فإنه لا يعود ضرر منه قبل ذلك إلى المحسود بل يخص به لاغتمامه بسروره وتخصيصه لأنه العمدة في إضرار الإنسان بل الحيوان غيره ويجوز أن يراد بالغاسق ما يخلو عن النور وما يضاهيه كالقوى وب ) النفاثات ( النباتات فإن قواها النباتية من حيث أنها تزيد في طولها وعرضها وعمقها كانت تنفث في العقد الثلاثة وبالحاسد الحيوان فإنه إنما يقصد غيره غالبا طمعا فيما عنده ولعل إفرادها من عالم الخلق لأنها الأسباب القريبة للمضرة عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لقد أنزلت علي سورتان ما أنزل مثلهما وإنك لن تقرأ سورتين أحب ولا أرضى عند الله منهما يعني المعوذتين(5/552)
" صفحة رقم 553 "
سورة الناس
مختلف فيها وآيها ست آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
الناس : ( 1 ) قل أعوذ برب . . . . .
) قل أعوذ ( وقرئ في السورتين بحذف الهمزة ونقل حركتهما إلى اللام ) برب الناس ( لما كانت الاستعاذة في السورة المتقدمة من المضار البدنية وهي تعم الإنسان وغيره والاستعاذة في هذه السورة من الأضرار التي تعرض للنفوس البشرية وتخصها عمم الإضافة ثم وخصصها بالناس ها هنا فكأنه قيل أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي يملك أمورهم ويستحق عبادتهم
الناس : ( 2 - 3 ) ملك الناس
) ملك الناس إله الناس ( عطفا بيان له فإن الرب قد لا يكون ملكا والملك قد لا يكون إلها وفي هذا النظم دلالة على أنه حقيق بالإعاذة قادرا عليها غير ممنوع عنها وإشعار على مراتب الناظر في المعارف فإنه يعلم أولا بما عليه من النعم الظاهرة والباطنة أن له ربا ثم يتغلل في النظر حتى يتحقق أنه غني عن الكل وذات كل شيء له ومصارف أمره منه فهو الملك الحق ثم يستدل به على أنه المستحق للعبادة لا غير ويتدرج وجوه الاستعاذة كما يتدرج في الاستعاذة المعتادة تنزيلا لاختلاف الصفات منزلة اختلاف الذات إشعارا بعظم الآفة المستعاذة منها وتكرير ) الناس ( لما في الإظهار من مزيد البيان والإشعار بشرف الإنسان
الناس : ( 4 ) من شر الوسواس . . . . .
) من شر الوسواس ( أي الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة وأما المصدر فبالكسر(5/553)
" صفحة رقم 554 "
كالزلزال والمراد به الموسوس وسمي بفعله مبالغة ) الخناس ( الذي عادته أن يخنس أي يتأخر إذا ذكر الإنسان ربه
الناس : ( 5 ) الذي يوسوس في . . . . .
) الذي يوسوس في صدور الناس ( إذا غفلوا عن ذكر ربهم وذلك كالقوة الوهمية فإنها تساعد العقل في المقدمات فإذا آل الأمر إلى النتيجة خنست وأخذت توسوسه وتشككه ومحل ) الذي ( الجر على الصفة أو النصب أو الرفع على الذم
الناس : ( 6 ) من الجنة والناس
) من الجنة والناس ( بيان ل ) الوسواس ( أو الذي أو متعلق ب ) يوسوس ( أي يوسوس في صدورهم من جهة الجنة والناس وقيل بيان ل ) الناس ( على أن المراد به ما يعم الثقلين وفيه تعسف إلا أن يراد به الناسي كقوله تعالى ) يوم يدع الداع ( فإن نسيان حق الله تعالى يعم الثقلين عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من قرأ المعوذتين فكأنما قرا الكتب التي أنزلها الله تبارك وتعالى(5/554)