وأخرج ابن سعد عن ثعلبة بن مالك رضي الله عنه قال : هم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يطلق بعض نسائهن فجعلنه في حل فنزلت {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}.
وأخرج الفريابي ، وَابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ترجي من تشاء منهن} قال : تعتزل من تشاء منهن لا تأتيه بغير طلاق {وتؤوي إليك من تشاء} قال : ترده اليك {ومن ابتغيت ممن عزلت} أن تؤويه اليك ان شئت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ترجي} قال : تؤخر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : لم يكن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يطلق كان يعتزل.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد ان أنزلت هذه الآية {ترجي من تشاء منهن} فقلت لها : ما كنت(12/99)
تقولين
قالت : كنت أقول له : ان كان ذاك الي فاني لا أريد ان أوثر عليك أحدا.
- قوله تعالى : لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا.
أخرج الفريابي والدارمي ، وَابن سعد وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والضياء في المختارة عن زياد رضي الله عنه قال : قلت لأبي رضي الله عنه : أرأيت لو أن ازواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم متن أما يحل له أن يتزوج قال : وما يمنعه من ذلك قلت : قوله {لا يحل لك النساء من بعد} فقال : انما أحل له ضربا من النساء ووصف له صفة فقال {يا أيها النَّبِيّ إنا أحللنا لك أزواجك} الأحزاب الآية 50 إلى قوله {وامرأة مؤمنة} ثم قال {لا يحل لك النساء من بعد} هذه الصفة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردوية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات قال {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل(12/100)
بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك} فاحل له الفتيات المؤمنات {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} الأحزاب الآية 50 وحرم كل ذات دين إلا الإسلام وقال {يا أيها النَّبِيّ إنا أحللنا لك أزواجك} الأحزاب الآية 50 إلى قوله {خالصة لك من دون المؤمنين} وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : كان عكرمة رضي الله عنه يقول {لا يحل لك النساء من بعد} هؤلاء التي سمى الله تعالى له إلا بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك.
وأخرج الفريابي وأبو داود ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {لا يحل لك النساء من بعد} ما بينت لك من هذه الاصناف بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي فاحل له من هذه الاصناف ان ينكح ما شاء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد وابن(12/101)
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لا يحل لك النساء من بعد} يهوديات ولا نصرانيات لا ينبغي ان يكن أمهات المؤمنين {إلا ما ملكت يمينك} قال : هي اليهوديات والنصرانيات لا بأس أن يشتريها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {لا يحل لك النساء من بعد} قال : يهودية ولا نصرانيه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {لا يحل لك النساء من بعد} قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بعد نسائه الاول شيئا.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال : حبسه الله عليهن كما حبسهن عليه.
وأخرج أبو داود في ناسخه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أنس رضي الله عنه قال : لما خيرهن الله فاخترن الله ورسوله قصره عليهن فقال {لا يحل لك النساء من بعد}.
وأخرج ابن سعد عن عكرمة قال : لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه اخترن الله ورسوله فانزل الله {لا يحل لك النساء من بعد} هؤلاء(12/102)
التسع التي اخترنك فقد حرم عليك تزويج غيرهن.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي حاتم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم وذلك قول الله {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي من طريق عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم لقوله {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}.
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس ، مثله.
وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام في قوله
{لا يحل لك النساء من بعد} قال : حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه فلم(12/103)
يتزوج بعدهن.
وأخرج ابن سعد عن سليمان بن يسار رضي الله عنه قال : لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الكندية وبعث في العامريات ووهبت له أم شريك رضي الله عنها نفسها قالت أزواجه : لئن تزوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الغرائب ماله فينا من حاجة فانزل الله تعالى حبس النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على أزواجه وأحل له من بنات العم والعمة والخال والخالة ممن هاجر ما شاء وحرم عليه ما سوى ذلك إلا ما ملكت اليمين غير المرأة المؤمنة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وهي أم شريك.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي ذر رضي الله عنه {لا يحل لك النساء من بعد} قال : من المشركات إلا ما سبيت فملكته يمينك.
وأخرج البزار ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان البدل في الجاهلية ان يقول الرجل : تنزل لي عن امرأتك وأنزل لك من امرأتي فانزل الله {ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو(12/104)
أعجبك حسنهن} قال : فدخل عيينة بن حصن الفزاري على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة بلا اذن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الاستئذان قال : يا رسول الله ما استأذنت على رجل من الانصار منذ أدركت ثم قال : من هذه الحميراء إلى جنبك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذه عائشة أم المؤمنين قال : أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق قال : يا عيينة ان الله حرم ذلك ، فلما ان خرج قالت عائشة رضي الله عنها : من هذا قال : أحمق مطاع وانه على ما ترين لسيد في قومه.
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال : كانوا في الجاهلية يقول الرجل للرجل الآخر وله امرأة جميلة : تبادل امرأتي بامرأتك وأزيدك إلى ما ملكت يمينك.
وَأخرَج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه في قوله {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال : ذلك لو طلقهن لم
يحل له ان يستبدل وقد كان ينكح بعد ما نزلت هذه الآية ما شاء قال : ونزلت وتحته تسع نسوة ثم تزوج بعد أم حبيبة رضي الله عنها بنت أبي سفيان وجويرية بنت الحارث.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي بن زيد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال : قصره الله(12/105)
على نسائه التسع اللاتي مات عنهن قال علي : فاخبرت علي بن الحسين رضي الله عنه فقال : لو شاء تزوج غيرهن ولفظ عَبد بن حُمَيد فقال : بل كان له أيضا ان يتزوج غيرهن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم نزلت هذه الآية {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال : كان يومئذ يتزوج ما شاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {وكان الله على كل شيء رقيبا} أي حفيظا.
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النَّبِيّ إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النَّبِيّ فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما * إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله بكل شيء عليما.
أخرج البخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فانزل الله آية الحجاب.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" من طرق عن أنس رضي الله عنه قال : لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش رضي الله عنها دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون واذا هو كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا فلما رأى ذلك قام فلما قام قام من قام وقعد ثلاثة نفر فجاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ليدخل فاذا القوم جلوس ثم انهم قاموا فانطلقت فجئت فاخبرت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم انهم قد انطلقوا(12/106)
فجاء حتى دخل فذهبت أدخل فالقى الحجاب بيني وبينه فانزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي}.
وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال كنت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فاتى باب امرأة عرس بها فاذا عندها قوم فانطلق فقضى حاجته فرجع وقد خرجوا فدخل وقد أرخى بيني وبينه سترا فذكرته لابي طلحة فقال : لئن كان كما تقول لينزلن في هذا شيء ، فنزلت آية الحجاب.
وأخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن أنس رضي الله عنه قال كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير اذن فجئت يوما لادخل فقال علي : مكانك يا بني انه قد حدث بعدك أمر لا تدخل علينا إلا بإذن.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال دخل رجل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فاطال الجلوس فقام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مرارا كي يتبعه ويقوم فلم(12/107)
يفعل فدخل عمر رضي الله عنه فرأى الرجل وعرف الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى الرجل المقعد فقال : لعلك آذيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ففطن الرجل فقام فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لقد قمت مرارا كي يتبعني فلم يفعل فقال عمر رضي الله عنه : لو اتخذت حجابا فان نساءك لسن كسائر النساء وهو أطهر لقلوبهن ، فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي} ، فارسل إلى عمر رضي الله عنه فاخبره بذلك.
وأخرج النسائي ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه بسند صحيح عن عائشة
رضي الله عنها قالت : كنت آكل مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم طعاما في قعب فمر عمر فدعاه فأكل فاصابت أصبعه أصبعي فقال عمر : أوه لو أطاع فيكن ما رأتكن عين ، فنزلت آية الحجاب.
(12/108)
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال : نزل حجاب رسول الله في عمر ، أكل مع النَّبِيّ طعاما فاصاب يده بعض أيدي نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأمر بالحجاب.
وأخرج ابن سعد ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : ما بقي أحد أعلم بالحجاب مني ولقد سألني أبي بن كعب رضي الله عنه فقلت : نزل في زينب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي} إلى قوله {غير ناظرين إناه} قال : غير متحينين طعامه {ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا} قال : كان هذا في بيت أم سلمة رضي الله عنها أكلوا ثم أطالوا الحديث فجعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يخرج ويدخل ، ويستحي منهم والله لا يستحي من الحق {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} قال : بلغنا انهم أمرو بالحجاب عند ذلك {لا جناح عليهن في آبائهن} قال : فرخص لهن ان لا يحتجبن من هؤلاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : كانوا يجيئون فيدخلون بيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيجلسون فيتحدثون ليدرك الطعام فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النَّبِيّ إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه} ليدرك الطعام {ولا مستأنسين لحديث} ولا تجلسوا فتحدثوا.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن(12/109)
قوله {غير ناظرين إناه} قال : الانا : النضيج ، يعني اذا أدرك الطعام قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : ينعم ذاك الانا الغبيك كما * ينعم غرب المحالة الجمل.
وَأخرَج ابن جرير عن مجاهد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطعم ومعه بعض أصحابه فاصابت يد رجل منهم يد عائشة رضي الله عنها فكره ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت آية الحجاب.
وأخرج ابن جرير عن عائشة رضي الله عنها ، ان أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل اذا برزن إلى المناصع وهو صعيد فيح ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : أحجب نساءك فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فخرجت سودة رضي الله عنها بنت زمعة ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر رضي الله عنه بصوته إلا قد عرفناك يا سودة حرصا على أن ينزل الحجاب فانزل الله تعالى الحجاب ، قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي}.
(12/110)
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {غير ناظرين إناه} قال : غير متحينين نضجه {ولا مستأنسين لحديث} بعد ان تأكلوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {إناه} قال : نضجه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سليمان بن أرقم رضي الله عنه في قوله {ولا مستأنسين لحديث} قال : نزلت في الثقلاء.
وأخرج الخطيب عن أنس رضي الله عنه قال : كانوا اذا طعموا جلسوا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجاء ان يجيء شيء فنزلت {فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإذا سألتموهن متاعا} قال : أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عليهن الحجاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وإذا سألتموهن متاعا} قال : حاجة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : فضل الناس عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأربع ، بذكره الاسارى يوم بدر أمر بقتلهم فانزل الله {لولا كتاب من الله سبق} الأنفال الآية 68 ، وبذكره الحجاب أمر نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ان
يحتجبن فقالت له زينب رضي الله عنها : وانك لتغار علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل في بيوتنا.
(12/111)
فأنزل الله {وإذا سألتموهن متاعا} ، وبدعوة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اللهم أيد الإسلام بعمر ، وبرأيه في ابي بكر كان أول الناس بايعه.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا نهض إلى بيته بادروه فاخذوا المجالس فلا يعرف بذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ببسط يده إلى الطعام مستحيا منهم فعوتبوا في ذلك فانزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي}.
وأخرج ابن سعد عن أنس رضي الله عنه قال : نزل الحجاب مبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش رضي الله عنها وذلك سنة خمس من الهجرة وحجب نساؤه من يومئذ وأنا ابن خمس عشرة.
وأخرج ابن سعد عن صالح بن كيسان قال : نزل حجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة.
(12/112)
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردوية عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {كان لكم أن تؤذوا رسول الله} قال : نزلت في رجل هم أن يتزوج بعض نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعده قال سفيان : ذكروا أنها عائشة رضي الله عنها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رجل : لئن مات محمد صلى الله عليه وسلم لأتزوجن عائشة ، فأنزل الله {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : بلغ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ان رجلا يقول : ان توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت فلانة من بعده فكان ذلك يؤذي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فنزل القرآن {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : بلغنا ان طلحة بن عبيد الله قال : أيحجبنا محمد عن بنات عمنا ويتزوج نساءنا من بعدنا لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده ، فنزلت هذه الآية.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : قال طلحة بن عبيد الله : لو قبض النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة رضي الله عنها ، فنزلت {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله}.
(12/113)
وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في قوله {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله} قال : نزلت في طلحة بن عبيد الله لانه قال : اذا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة رضي الله عنها.
وأخرج البيهقي في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لو قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة ، أو أم سلمة ، فانزل الله {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله}.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رجلا أتى بعض أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكلمها وهو ابن عمها ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لا تقومن هذا المقام بعد يومك هذا فقال : يا رسول الله انها ابنة عمي والله ما قلت لها منكرا ولا قالت لي قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : قد عرفت ذلك انه ليس احد أغير من الله وانه ليس أحد أغير مني فمضي ثم قال : يمنعني من كلام ابنة عمي لاتزوجنها من بعده فانزل الله هذه الآية فاعتق ذلك الرجل رقبة وحمل على عشرة ابعرة في سبيل الله وحج ماشيا في كلمته.
وأخرج ابن مردويه عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت : خطبني علي رضي الله عنه فبلغ ذلك فاطمة رضي الله عنها فاتت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالت : ان أسماء متزوجة عليا فقال لها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما كان لها ان تؤذي الله ورسوله.
(12/114)
وأخرج البيهقي في السنن عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال لامرأته : ان سرك أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تتزوجي بعدي فان المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا فلذلك حرم أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده لانهن أزواجه في الجنة.
وأخرج ابن سعد عن أبي امامة بن سهل بن حنيف في قوله {إن تبدوا شيئا أو تخفوه} قال : ان تتكلموا به فتقولن : نتزوج فلانة لبعض أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أو تخفوا ذلك في أنفسكم فلا تنطقوا به يعلمه الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : بلغنا أن العالية بنت ظبيان طلقها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم نساؤه على الناس فنكحت ابن عم لها وولدت فيهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله {إن تبدوا شيئا} قال :
مما يكرهه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ? {أو تخفوه في أنفسكم فان الله كان بكل شيء عليما > ? يقول : فان الله يعلمه.
- قوله تعالى : لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيدا.
(12/115)
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا جناح عليهن في آبائهن} حتى بلغ {ولا نسائهن} قال : أنزلت هذه اآلآية في نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خاصة وقوله {نسائهن} يعني نساء المسلمات {أو ما ملكت أيمانهن} من المماليك والاماء ورخص لهن أن يروهن بعد ما ضرب عليهن الحجاب.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لا جناح عليهن في آبائهن} ومن ذكر معهن أن يروهن يعني أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن سعد عن الزهري رضي الله عنه أنه قيل له : من كان يدخل على أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كل ذي رحم محرم من نسب أو رضاع قيل : فسائر الناس قال : كن يحتجبن منه حتى انهن ليكلمنه من وراء حجاب وربما كان سترا واحدا إلا المملوكين والمكاتبين فانهن كن لا يحتجبن منهم.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبه وأبو داود في ناسخه عن أبي جعفر محمد بن علي ، ان الحسن والحسين رضي الله عنهما كان لا يريان أمهات المؤمنين فقال ابن عباس رضي الله عنهما : ان رؤيتهما لهن لحل.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبه وأبو داود في ناسخه عن عكرمة رضي الله عنه قال : بلغ ابن عباس رضي الله عنهما ان عائشة رضي الله عنها احتجبت من الحسن رضي الله عنه فقال : ان رؤيته لها لتحل.
(12/116)
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {لا جناح عليهن} الآية ، قال : لم يذكر العم والخال لانهما ينعتانها لابنائهما.
- قوله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النَّبِيّ يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {يصلون} يتبركون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه قال : صلاة الله عليه : ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة عليه : الدعاء له.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ان بني اسرائيل قالوا لموسى عليه السلام : هل يصلي ربك فناداه ربه يا موسى إن سألوك هل يصلي ربك فقل : نعم ، أنا أصلي وملائكتي على أنبيائي ورسلي فانزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم {إن الله وملائكته يصلون على النبي} الآية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {إن الله وملائكته} الآية ، قال : لما نزلت جعل الناس يهنؤنه بهذه الآية وقال أبي بن كعب : ما أنزل فيك خيرا إلا خلطنا به معك إلا هذه الآية ، فنزلت {وبشر المؤمنين} التوبة الآية 112.
(12/117)
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : صلاة الله على النَّبِيّ هي مغفرته ، ان الله لا يصلي ولكن يغفر وأما صلاة الناس على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فهي الاستغفار.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ (صلوا عليه كما صلى عليه وسلموا تسليما).
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : لما نزلت {إن الله وملائكته يصلون على النَّبِيّ يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} قلنا : يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك قال قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج ابن جرير عن يونس بن خباب قال : خطبنا بفارس فقال {إن الله وملائكته}
الآية ، قال : انبأني من سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول : هكذا انزل فقالوا : يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة(12/118)
عليك فقال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل ابرهيم انك حميد مجيد وارحم محمد وآل محمد كما رحمت آل إبراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم رضي الله عنه في قوله {إن الله وملائكته} قالوا : يا رسول الله هذا السلام قد عرفناه فكيف الصلاة عليك فقال : قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل بيته كما باركت على آل إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي كثير بن أبي مسعود الانصاري رضي الله عنه قال : لما نزلت {إن الله وملائكته يصلون على النبي} قالوا : يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال قولوا اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم اللهم(12/119)
بارك على محمد كما باركت على آل إبراهيم.
وأخرج عبد الرزاق من طريق أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول : اللهم على محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى أهل بيته وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبه وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن مردويه عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : قال رجل يا رسول الله أما السلام عليك فقد علمناه فكيف الصلاة عليك قال قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج أبو داود ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن(12/120)
النبي صلى الله عليه وسلم قال من سره ان يكتال بالمكيال الأوفى اذا صلى علينا أهل البيت فليقل : اللهم صل على محمد النَّبِيّ وأزواجه وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج ابن عدي عن علي رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من سره ان يكتال بالمكيال الأوفى اذا صلى علينا أهل البيت فليقل اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على محمد وأزواجه وذريته وأمهات المؤمنين كما صليت على إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج الدار قطني في الافراد ، وَابن النجار في تاريخه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : كنت عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فسلم فرد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم واطلق وجهه واجلسه إلى جنبه فلما قضى الرجل حاجته نهض فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر هذا رجل يرفع له كل يوم كعمل أهل الأرض قلت : ولم ذاك قال : انه كلما أصبح صلى علي عشر مرات كصلاة الخلق أجمع قلت : وما ذاك قال : يقول : اللهم صل على محمد النَّبِيّ عدد من صلى عليه من خلقك وصل على محمد النَّبِيّ كما ينبغي لنا أن نصلي عليه وصل على محمد النَّبِيّ كما أمرتنا أن نصلي عليه.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن أبي عاصم والهيثم بن كليب الشاشي ، وَابن مردويه عن طلحة بن عبيد الله قال :(12/121)
قلت يا رسول الله كيف الصلاة عليك قال قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج ابن جرير عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال : أتى رجل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : سمعت الله يقول {إن الله وملائكته يصلون على النبي} فكيف الصلاة عليك قال قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج ابن جرير عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : لما نزلت {إن الله وملائكته يصلون على النبي} ، قمت اليه فقلت : السلام عليك قد عرفناه
فكيف الصلاة عليك يا رسول الله قال قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيدوبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد.
(12/122)
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك قد علمناه فكيف الصلاة عليك قال قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، انهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم.
وأخرج مالك وعبد الرزاق ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن مردويه عن أبي مسعود الانصاري رضي الله عنه ، أن بشير بن سعد قال : يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك فسكت حتى تمنينا أنا لم نسأله ثم قال قولوا الله صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل(12/123)
محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم.
وأخرج مالك وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجه ، وَابن مردويه عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه ، أنهم قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج ابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : قلت يا رسول الله كيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف السلام عليك فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج ابن أبي شيبه عن الحسن رضي الله عنه قال : اذا قال الرجل في الصلاة {إن الله وملائكته يصلون على النبي} ، فليصل عليه.
(12/124)
وأخرج ابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي مسعود عقبة بن عمرو ، ان رجلا قال : يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك اذا نحن صلينا عليك في صلاتنا فصمت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثم قال اذا أنتم صليتم علي فقولوا : اللهم صل على محمد النَّبِيّ الامي وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد النَّبِيّ الامي وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يتشهد الرجل ثم يصلي على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثم يدعو لنفسه.
وأخرج البخاري في الادب المفرد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل مسلم لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وصل على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فانها له زكاة.
وأخرج البخاري في الادب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال من قال : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وآل(12/125)
إبراهيم ، شهدت له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له.
وأخرج البخاري في الأدب عن أنس ومالك بن أوس بن الحدثان ، ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ان جبريل عليه السلام جاءني فقال : من صلى عليك واحدة صلى الله عليه عشرا ورفع له عشر درجات.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد والبخاري في الأدب عن أنس بن مالك رضي الله
عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيآت.
وأخرج البخاري في الادب ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صل علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا.
وأخرج البخاري في الادب ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رقي المنبر فلما رقي الدرجة الاولى قال آمين ثم رقي الثانية فقال : آمين ثم رقي الثالثة فقال : آمين ، فقالوا : يا رسول الله سمعناك تقول آمين ثلاث مرات قال : لما رقيت الدرجة الاولى جاءني جبريل فقال شقي عبد(12/126)
أدرك رمضان فانسلخ منه ولم يغفر له فقلت آمين ، ثم قال : شقي عبد أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة فقلت آمين ، ثم قال : شقي عبد ذكرت عنده ولم يصل عليك فقلت آمين.
وأخرج ابن سعد وأحمد والنسائي ، وَابن مردويه عن زيد بن أبي خارجة رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله قد علمنا كيف السلام عليك فكيف نصلي عليك فقال صلوا علي واجتهدوا ثم قولوا : اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه ، ان رهطا من الانصار قالوا : يا رسول الله كيف الصلاة عليك قال : قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، فقال فتى من الأنصار : يا رسول الله من آل محمد قال : كل مؤمن.
(12/127)
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم اجعل
صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد كما جعلتها على إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكم تعرضون علي باسمائكم ومسماكم فاحسنوا الصلاة علي.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد عن أبي طلحة رضي الله عنه قال : دخلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فوجدته مسرورا فقلت : يا رسول الله ما أدري متى رأيتك أحسن بشرا وأطيب نفسا من اليوم قال وما يمنعني وجبريل خرج من عندي الساعة فبشرني ان لكل عبد صلى علي صلاة يكتب له بها عشر حسنات ويمحى عنه عشر سيئات ويرفع له بها عشر درجات ويعرض علي كما قالها ويرد عليه بمثل ما دعا.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عيينة قال : أخبرني يعقوب بن زيد التيمي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني آت من ربي فقال : لا يصلي عليك عبد صلاة(12/128)
إلا صلى عليه عشرا ، فقال رجل : يا رسول الله إلا أجعل نصف دعائي لك قال : ان شئت قال : ألا أجعل كل دعائي لك قال : اذن يكفيك الله هم الدنيا والآخرة.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه ، وَابن النجار عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : قالوا يا رسول الله أرأيت قول الله {إن الله وملائكته يصلون على النبي} قال ان هذا لمن المكتوم ولولا انكم سألتموني عنه ما أخبرتكم ان الله وكل بي ملكين لا أذكر عند عبد مسلم فيصلي علي إلا قال ذانك الملكان : غفر الله لك وقال الله وملائكته جوابا لذينك الملكين : آمين ، ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلي علي إلا قال : ذلك الملكان لا غفر الله لك وقال الله وملائكته لذينك الملكين : آمين.
وأخرج مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا.
وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن حبان عن ابن مسعود رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة.
(12/129)
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن حبان عن ابن مسعود رضي الله عنه ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة.
وأخرج أحمد والترمذي عن الحسين بن علي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي.
وأخرج ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة رضي الله عنه قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسي الصلاة علي اخطأ طريق الجنة.
وأخرج الترمذي وحسنه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة فان شاء عذبهم وان شاء غفر لهم.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله وصلاة على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلا قاموا عن أنتن جيفة.
وأخرج النسائي ، وَابن أبي عاصم وأبو بكر في الغيلانيات والبغوي في الجعديات والبيهقي في الشعب والضياء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لا يجلس قوم مجلسا لا يصلون فيه على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة وان دخلوا الجنة لما(12/130)
يرون من الثواب.
وأخرج البيهقي في الشعب عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل فقال : رغم أنف امريء ذكرت عنده فلم يصل عليك.
وأخرج القاضي اسمعيل عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى به شحا أن يذكرني قوم فلا يصلون علي.
وأخرج الاصفهاني في الترغيب والديلمي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أنجاكم يوم القيامة من أهوالها ومواطنها أكثركم علي في دار الدنيا صلاة انه قد كان في الله وملائكته كفاية ولكن خص المؤمنين بذلك ليثيبهم عليه.
وأخرج الخطيب في تاريخه والاصفهاني عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه
قال : الصلاة على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمحق للخطايا من الماء البارد والسلام على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أفضل من عتق الرقاب وحب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أفضل من مهج الانفس أو قال من ضرب السيف في سبيل الله.
وأخرج ابن عدي عن ابن عمر رضي الله عنهما وأبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(12/131)
صلوا علي صلى الله عليكم.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : قال رجل يا رسول الله أرأيت ان جعلت صلاتي كلها عليك قال اذا يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي عن أبي طلحة الانصاري رضي الله عنه قال : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيب النفس يرى في وجهه البشر قالوا : يا رسول الله أصبحت اليوم طيبا يرى في وجهك البشر قال أتاني آت من ربي فقال : من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيآت ورفع له عشر درجات ورد عليه مثلها ، وفي لفظ فقال : أتاني الملك فقال : يا محمد أما يرضيك ان ربك يقول : انه لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا قال : بلى.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان ، وَابن عساكر ، وَابن المنذر في(12/132)
تاريخه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم علي صلاة في الدنيا من صلى علي يوم الجمعة وليلة الجمعة مائة مرة قضى الله له مائة حاجة سبعين من حوائج الآخرة وثلاثين من حوائج الدنيا ثم يوكل الله بذلك ملكا يدخله في قبري كما يدخل عليكم الهدايا يخبرني بمن صلى علي باسمه ونسبه إلى عشرة فاثبته عندي في صحيفة بيضاء.
وأخرج البيهقي في الشعب والخطيب ، وَابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي نائيا كفى أمر دنياه وآخرته وكنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثروا(12/133)
الصلاة علي يوم الجمعة فانها معروضة علي.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبه والطبراني والحاكم في الكني عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا فأكثروا أو أقلوا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن عباس رضي الله عنهما ، انه كان اذا صلى على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اللهم تقبل شفاعة محمد الكبرى وارفع درجته العليا وأعطه سؤله في الآخرة والأولى كما آتيت إبراهيم وموسى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن ماجه ، وَابن مردوية عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : اذا صليتم على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فاحسنوا الصلاة عليه فانكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه ، قالوا : فعلمنا ، قال : قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وامام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك امام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الاولون والآخرون اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله قد عرفنا كيف(12/134)
السلام عليك فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وأبلغه درجة الوسيلة من الجنة اللهم اجعل في المصطفين محبته وفي المقربين مودته وفي عليين ذكره وداره والسلام عليك ورحمة الله وبركاته اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة رضي الله عنها قالت : زينوا مجالسكم بالصلاة على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الشيرازي في الالقاب عن زيد بن وهب قال : قال ابن مسعود رضي الله عنه : يا زيد بن وهب لا تدع اذا كان يوم الجمعة ان تصلي على النَّبِيّ ألف مرة تقول : اللهم صل على النَّبِيّ الأمي.
وأخرج عبد الرزاق والقاضي اسمعيل ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن أبي هريرة رضي الله عنه ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلوا على أنبياء الله ورسله فان الله بعثهم كما بعثني.
(12/135)
وأخرج ابن أبي شيبه والقاضي اسمعيل ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا تصلح الصلاة على أحد إلا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن حميدة قالت : أوصت لنا عائشة رضي الله عنها بمتاعها فكان في مصحفها {إن الله وملائكته يصلون على النبي} والذين يصفون الصفوف الأول.
- قوله تعالى : إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن الذين يؤذون الله ورسوله} الآية ، قال : نزلت في الذين طعنوا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حين أخذ صفية بنت حي رضي الله عنها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت في عبد الله بن أبي وناس معه قذفوا عائشة رضي الله عنها فخطب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقال من يعذرني في رجل(12/136)
يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني فنزلت.
وأخرج الحاكم عن ابن أبي مليكة قال : جاء رجل من أهل الشام فسب عليا رضي الله عنه عند ابن عباس رضي الله عنهما فحصبه ابن عباس رضي الله عنهما وقال : يا عدو الله آذيت رسول الله {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة} لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا لآذيته.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة} قال : آذوا الله فيما يدعون معه وآذوا رسول الله قالوا : انه ساحر مجنون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {إن الذين يؤذون الله ورسوله} قال : أصحاب التصاوير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : ذكر لنا ان نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول فيما يروي عن ربه عز وجل شتمني ابن آدم ولم ينبغ له أن يشتمني وكذبني ولم ينبغ له أن يكذبني فأما شتمه إياي فقوله {اتخذ الله ولدا} البقرة الآية 116 وأنا الأحد الصمد وأما تكذيبه اياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، قال قتادة :(12/137)
ان كعبا رضي الله عنه كان يقول : يخرج يوم القيامة عنق من النار فيقول : يا أيها الناس اني وكلت منكم بثلاث بكل عزيز كريم وبكل جبار عنيد وبمن دعا مع الله الها آخر فيلتقطهم كما يلتقط الطير الحب من الأرض فتنطوي عليهم فتدخل النار فتخرج عنق أخرى فتقول : يا أيها الناس أني وكلت منكم بثلاثة ، بمن كذب الله وكذب على الله وآذى الله فأما من كذب الله فمن زعم ان الله لا يبعثه بعد الموت وأما من كذب على الله فمن زعم ان الله يتخذ ولدا وأما من آذى الله : فالذين يصورون ولا يحيون ، فتلقطهم كما تلقط الطير الحب من الأرض فتنطوي عليهم فتدخل النار.
- قوله تعالى : والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا.
أخرج الفريابي ، وَابن سعد في الطبقات ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات} قال : يقعون {بغير ما اكتسبوا} يقول : بغير ما علموا {فقد احتملوا بهتانا} قال : إثما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : يلقى الجرب على أهل النار(12/138)
فيحكون حتى تبدو العظام فيقولون : ربنا بم أصابنا هذا فيقال : بأذاكم المسلمين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
الآية قال : اياكم وأذى المؤمنين فان الله يحوطهم ويغضب لهم وقد زعموا أن عمر بن الخطاب قرأها ذات يوم فافزعه ذلك حتى ذهب إلى أبي بن كعب رضي الله عنه فدخل عليه فقال : يا أبا المنذر اني قرأت آية من كتاب الله تعالى فوقعت مني كل موقع {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات} والله اني لأعاقبهم وأضربهم فقال له : انك لست منهم انما أنت معلم.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : اني لأبغض فلانا فقيل للرجل : ما شأن عمر رضي الله عنه يبغضك فلما أكثر القوم في الذكر جاء فقال : يا عمر أفتقت في الإسلام فتقا قال : لا ، قال : فجنيت جناية قال : لا ، قال : أحدثت حدثا قال : لا ، قال : فعلام تبغضني وقد قال الله {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} فقد آذيتني فلا غفرها الله لك ، فقال عمر رضي الله عنه : صدق والله ما فتق فتقا ولا ولا فاغفرها لي فلم يزل به حتى غفرها له.
(12/139)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عمر رضي الله عنهما {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات} إلى قوله {وإثما مبينا} قال : فكيف بمن أحسن إليهم يضاعف لهم الاجر.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن عبد الله بن يسر رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ليس منا ذو حسد ولا نميمة ولا خيانة ولا اهانة ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات}.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه أي الربا أربى عند الله قالوا : الله ورسوله أعلم قال : أربى الربا عند الله استحلال عرض امريء مسلم ثم قرأ {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا}.
- قوله تعالى : يا أيها النَّبِيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما.
(12/140)
أخرج ابن سعد والبخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرجت سودة رضي الله عنها بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفي على من يعرفها فرآها عمر رضي الله عنه فقال : يا سودة انك والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وانه ليتعشى وفي يده عرق فدخلت وقالت : يا رسول الله اني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر رضي الله عنه : كذا ، كذا ، فأوحى اليه ثم رفع عنه وان العرق في يده فقال : انه قد أذن لكن ان تخرجن لحاجتكن.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : كان نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يخرجن بالليل لحاجتهن وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين فقيل : ذلك للمنافقين فقالوا : انما نفعله بالأماء ، فنزلت هذه الآية {يا أيها النَّبِيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} فأمر بذلك حتى عرفوا من الأماء.
وأخرج ابن جرير عن أبي صالح رضي الله عنه قال : قدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المدينة على غير منزل فكان نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهن اذا كان الليل خرجن يقضين حوائجهن وكان(12/141)
رجال يجلسون على الطريق للغزل فانزل الله {يا أيها النَّبِيّ قل لأزواجك وبناتك} ، يعني بالجلباب حتى تعرف الأمة من الحرة.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن فاذا قيل له قال : كنت أحسبها أمة فأمرهن الله تعالى ان يخالفن زي الأماء ويدنين عليهن من جلابيبهن تخمر وجهها إلا احدى عينيها {ذلك أدنى أن يعرفن} يقول : ذلك أحرى ان يعرفن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردوية عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال : أمر الله نساء المؤمنين اذا خرجن من بيوتهن في حاجة ان يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : لما نزلت هذه الآية {يدنين عليهن من جلابيبهن} خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من أكسيه سود يلبسنها.
وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي قلابة رضي الله عنه قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يدع في(12/142)
خلافته أمة تقنع ويقول : انما القناع للحرائر لكيلا يؤذين.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد عن أنس رضي الله عنه قال : رأى عمر رضي الله عنه جارية مقنعة فضربها بدرته وقال : القي القناع لا تشبهين بالحرائر.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : رحم الله نساء الأنصار لما نزلت {يا أيها النَّبِيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين} ، شققن مروطهن ، فاعتجرن بها فصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما على رؤوسهن الغربان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن شهاب رضي الله عنه انه قيل له : الأمة تزوج فتخمر قال {يا أيها النَّبِيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} فنهى الله الاماء ان يتشبهن بالحرائر.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : سألت عبيدة رضي الله عنه عن هذه الآية {يدنين عليهن من جلابيبهن} فرفع ملحفة كانت عليه فقنع بها وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين وغطى وجهه.
وَأخرَج عينه اليسرى من شق وجهه الايسر مما يلي العين.
(12/143)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {يا أيها النَّبِيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} قال : أخذ الله عليهن اذا خرجن ان يعدنها على الحواجب {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} قال : قد كانت المملوكة يتناولونها فنهى الله الحرائر يتشبهن بالاماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكلبي في الآية قال : كن النساء يخرجن إلى الجبابين لقضاء حوائجهن فكان الفساق يتعرضون لهن فيؤذونهن فامرهن الله ان يدنين عليهن من جلابيبهن حتى تعلم الحرة من الامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن معاوية بن قرة ان دعارا من دعار أهل المدينة كانوا يخرجون بالليل فينظرون النساء ويغمزونهن وكانوا لا يفعلون ذلك بالحرائر انما يفعلون ذلك بالاماء فانزل الله هذه الآية {يا أيها النَّبِيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال :
كانت الحرة تلبس لباس الامة فامر الله نساء المؤمنين ان يدنين عليهم من جلابيبهن وأدنى الجلباب : ان تقنع وتشده على جبينها.
وأخرج ابن سعد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {يا أيها النَّبِيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} قال : اماؤكن بالمدينة يتعرض لهن السفهاء فيؤذين فكانت الحرة تخرج(12/144)
فيحسب انها أمة فتؤذى فامرهن الله أن يدنين عليهم من جلابيبهن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : كان أناس من فساق أهل المدينة بالليل حين يختلط الظلام يأتون إلى طرق المدينة فيتعرضون للنساء وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة فاذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق فيقضين حاجتهن فكان أولئك الفساق يتبعون ذلك منهن فاذا رأوا امرأة عليها جلباب قالوا : هذه حرة فكفوا عنها واذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا : هذه أمة فوثبوا عليها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال : يسدلن عليهن من جلابيبهن ، وهو القناع فوق الخمار ولا يحل لمسلمة أن يراها غريب إلا ان يكون عليها القناع فوق الخمار وقد شدت به رأسها ونحرها.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : تدني الجلباب حتى لا يرى ثغرة نحرها.
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قوله {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال : هو الرداء.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وابن(12/145)
المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال : يتجلببن بها فيعلمن انهن حرائر فلا يعرض لهن فاسق بأذى من قول ولا ريبة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : سألت عبيدا السلماني رضي الله عنه عن قوله الله {يدنين عليهن من جلابيبهن} فتقنع بملحفة فغطى رأسه ووجهه.
وَأخرَج احدى عينيه.
- قوله تعالى : لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا * ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا * سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا.
أخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : ان أناسا من المنافقين أرادوا ان يظهروا نفاقهم فنزلت فيهم {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم} لنحرشنك بهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال (الارجاف) الكذب الذي كان يذيعه أهل النفاق ويقولون : قد أتاكم عدد وعدة ، وذكر لنا : ان المنافقين أرادوا ان يظهروا ما في قلوبهم من النفاق فأوعدهم الله بهذه الآية {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض} إلى قوله {لنغرينك بهم} أي لنحملك عليهم ولنحرشنك بهم فلما أوعدهم الله بهذه الآية كتموا ذلك وأسروه {ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا} أي بالمدينة {ملعونين} قال : على كل حال {أينما(12/146)
ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا} قال : اذا هم أظهروا النفاق {سنة الله في الذين خلوا من قبل} يقول : هكذا سنة الله فيهم اذا أظهروا النفاق.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله {لئن لم ينته المنافقون} قال : يعني المنافقين بأعيانهم {والذين في قلوبهم مرض} شك ، يعني المنافقين أيضا.
وأخرج ابن سعد عن عبيد بن حنين رضي الله عنه في قوله {لئن لم ينته المنافقون} قال : عرف المنافقين بأعيانهم {والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة} هم المنافقون جميعا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، عَن طاووس رضي الله عنه في الآية قال : نزلت في بعض أمور النساء.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : سألت عكرمة رضي الله عنه عن قول الله {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض}(12/147)
قال : أصحاب الفواحش.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله {والذين في قلوبهم مرض} قال : أصحاب الفواحش.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله {والذين في قلوبهم مرض} قال : كانوا مؤمنين وكان في أنفسهم ان يزنوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {لئن لم ينته المنافقون} قال : كان النفاق على ثلاثة وجوه ، نفاق مثل نفاق عبد الله بن أبي بن سلول ، ونفاق مثل نفاق عبد الله بن نبتل ومالك بن داعس فكان هؤلاء وجوها من وجوه الأنصار فكانوا يستحبون أن يأتوا الزنا يصونون بذلك أنفسهم {والذين في قلوبهم مرض} قال : الزنا ان وجدوه عملوه وان لم يجدوه لم يبتغوه ، ونفاق يكابرون النساء مكابرة وهم هؤلاء الذين كانوا يكابرون النساء {لنغرينك بهم} يقول : لنعلمنك بهم ثم قال {ملعونين} ثم فصله في الآية {أينما ثقفوا} يعملون هذا العمل مكابرة النساء {أخذوا وقتلوا تقتيلا} قال : السدي رضي الله عنه : هذا حكم في القرآن ليس يعمل به ، لو ان رجلا أو أكثر من ذلك اقتصوا أثر امرأة فغلبوها على نفسها ففجروا بها(12/148)
كان الحكم فيهم غير الجلد والرجم ، ان يؤخذوا فتضرب أعناقهم {سنة الله في الذين خلوا من قبل} كذلك كان يفعل بمن مضى من الأمم {ولن تجد لسنة الله تبديلا} قال : فمن كابر امرأة على نفسها فغلبها فقتل فليس على قاتله دية لأنه مكابر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لنغرينك بهم} قال : لنسلطنك عليهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والخطيب في تالي التلخيص عن محمد بن سيرين رضي الله عنه في قوله {لئن لم ينته المنافقون} قال : لا أعلم أغري بهم حتى مات.
وأخرج ابن الانباري عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال
له : اخبرني عن قوله {لنغرينك بهم} قال : لنولعنك قال الحارث بن حلزة : لا تخلنا على غرائك انا * قلما قد رشى بنا الأعداء.
- قوله تعالى : يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا * إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا * يوم تقلب وجوههم في النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنل الرسولا.
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : كل شيء في(12/149)
القرآن {وما يدريك} فلم يخبره به وما كان {ما أدراك} فقد أخبره.
- قوله تعالى : وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا} أي رؤوسنا في الشر والشرك {ربنا آتهم ضعفين من العذاب} يعني بذلك جهنم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {سادتنا وكبراءنا} قال : منهم أبو جهل بن هشام.
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والترمذي ، وَابن جَرِير وابن
المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طرف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان موسى عليه السلام كان رجلا حييا ستيرا لا يرى من جلده شيء استحياء منه فاذاه من أذاه من بني اسرائيل وقالوا ما يستتر هذا الستر إلا من عيب بجلده ، اما برص واما أدرة وأما آفة وان الله أراد أن يبرئه مما قالوا وان موسى عليه السلام خلا يوما وحده فوضع ثيابه على حجر ثم اغتسل فلما فرغ(12/150)
أقبل إلى ثيابه ليأخذها وان الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى عليه السلام عصاه وطلب الحجر فجعل يقول : ثوبي حجر ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بني اسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله وأبرأه مما يقولون وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضربا بعصاه فوالله ان بالحجر لندبا من أثر ضربه ، ثلاثا ، أو أربعا أو خمسا ، فذلك قوله {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا}.
وأخرج البزار ، وَابن الانباري في المصاحف وة عن أنس رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان موسى رجلا حييا وانه أتى ليغتسل فوضع ثيابه على صخرة وكان لا يكاد تبدو عورته فقالت بنو اسرائيل : ان موسى عليه السلام آدر به آفة - يعنون انه لا يضع ثيابه - فاحتملت الصخرة ثيابه حتى صارت بحذاء مجالس بني اسرائيل فنظروا إلى موسى عليه السلام كأحسن الرجال فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها}.
(12/151)
وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان موسى بن عمران كان اذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه حتى يواري عورته في الماء.
وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} قال : قال له قومه : انه آدر ، فخرج ذات يوم يغتسل فوضع ثيابه على صخرة فخرجت الصخرة تشتد بثيابه فخرج موسى عليه السلام يتبعها عريانا حتى انتهت به إلى مجالس بني اسرائيل فرأوه وليس بآدر فذلك قوله {فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها}.
وأخرج ابن منيع ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} قال : صعد موسى وهارون الجبل فمات هارون عليه السلام فقالت بنو اسرائيل لموسى عليه السلام : أنت قتلته كان أشد حبا لنا منك وألين فآذوه من ذلك فأمر الله الملائكة عليهم السلام فحملته فمروا به على مجالس بني اسرائيل وتكلمت الملائكة عليهم السلام بموته فبرأه الله من ذلك فانطلقوا به فدفنوه ولم يعرف قبره إلا الرخم وان الله جعل أصم أبكم.
(12/152)
وأخرج الحاكم وصححه من طريق السدي رضي الله عنه عن أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن مرة عن ابن مسعود رضي الله عنه وناس من الصحابة ، ان الله أوحى إلى موسى عليه السلام : اني متوف هارون فائت به جبل كذا وكذا ، فانطلقا نحو الجبل فاذا هم بشجرة وبيت فيه سرير عليه فرش وريح طيب فلما نظر هارون عليه السلام إلى ذلك الجبل والبيت وما فيه أعجبه قال : يا موسى أني أحب أن أنام على هذا السرير قال : نم عليه قال : نم معي ، فلما ناما أخذ هارون عليه السلام الموت فلما قبض رفع ذلك البيت وذهبت تلك الشجرة ورفع السرير إلى السماء فلما رجع موسى عليه السلام إلى بني اسرائيل قالوا : قتل هارون عليه السلام وحسده حب بني اسرائيل له وكان هارون عليه السلام أكف عنهم وألين لهم وكان موسى عليه السلام فيه بعض الغلظة عليهم فلما بلغه ذلك قال : ويحكم انه كان أخي أفتروني أقتله فلما أكثروا عليه قام يصلي ركعتين ثم دعا الله فنزلت الملائكة بالسرير حتى نظروا اليه بين السماء والارض فصدقوه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا} قال : لا تؤذوا محمدا كما آذى قوم موسى ، موسى.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قسم(12/153)
رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقال رجل : ان هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فاحمر وجهه ثم قال رحمة الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وكان عند الله وجيها} قال : مستجاب الدعوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سنان عمن حدثه في قوله {وكان عند الله وجيها} قال : ما سأل موسى عليه السلام ربه شيئا قط إلا أعطاه إياه إلا النظر.
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما *.
أَخْرَج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر ثم قال على مكانكم اثبتوا ثم أتى الرجال فقال : ان الله أمرني أن آمركم ان تتقوا الله وان تقولوا قولا سديدا ثم أتى النساء فقال : ان الله أمرني ان آمركن ان تتقين الله وان تقلن قولا سديدا.
(12/154)
وأخرج أحمد في الزهد وأبو داود في المراسيل عن عروة رضي الله عنه قال : أكثر ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول {اتقوا الله وقولوا قولا سديدا}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر إلا سمعته يقول {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا}.
وأخرج سمويه في فوائده عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خطب الناس أو علمهم لا يدع هذه الآية أن يتلوها {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا} إلى قوله {فقد فاز فوزا عظيما}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : ما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المنبر قط إلا تلا هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا}.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق سأله عن قوله {قولا سديدا} قال : قولا عدلا حقا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول حمزة بن عبد المطلب :
أمين على ما استودع الله قلبه * فان قال قولا كان فيه مسددا(12/155)
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد رضي الله عنه في قوله {وقولوا قولا سديدا} قال : صدقا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قولا سديدا} قال : عدلا.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قولا سديدا} قال : سدادا.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وقولوا قولا سديدا} قال : قولوا لا إله إلا الله.
وأخرج البيهقي في الاسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقولوا قولا سديدا} قال : قولوا لا إله إلا الله ،.
- قوله تعالى : إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا * ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما.
(12/156)
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الانباري في كتاب الأضداد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنا عرضنا الأمانة} الآية ، قال : الامانة الفرائض عرضها الله على السموات والأرض والجبال ان أدوها أثابهم وان ضيعوها عذبهم فكرهوا ذلك واشفقوا من غير معصية ولكن تعظيما لدين الله ان لا يقوموا بها ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها ، وهو قوله {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا} يعني غرا بأمر الله.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض} قال : الأمانة : ما أمروا به
ونهوا عنه ، وفي قوله {وحملها الإنسان} قال : آدم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم قال : ان الله عرض الأمانة على السماء الدنيا فأبت ثم التي تليها حتى فرغ منها ثم الأرض ثم الجبال ثم عرضها على آدم عليه السلام فقال : نعم ، بين أذني وعاتقي قال الله فثلاث آمرك بهن فانهن لك عون ، اني جعلت لك بصرا وجعلت لك شفرتين ففضهما عن كل شيء نهيتك عنه وجعلت لك لسانا بين لحيين فكفه عن كل شيء نهيتك عنه وجعلت لك فرجا وواريته فلا تكشفه إلى ما حرمت عليك.
(12/157)
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الانباري عن ابن جريج رضي الله عنه في الاية قال : بلغني ان الله تعالى لما خلق السموات والأرض والجبال قال اني فارض فريضة وخالق جنة ونارا وثوابا لمن أطاعني وعقابا لمن عصاني فقالت السماء : خلقتني فسخرت في الشمس والقمر والنجوم والسحاب والريح والغيوب فانا مسخرة على ما خلقتني لا أتحمل فريضة ولا أبغي ثوابا ولا عقابا وقالت الأرض خلقتني وسخرتني فجرت في الأنهار فأخرجت مني الثمار وخلقتني لما شئت فانا مسخرة على ما خلقتني لا أتحمل فريضة ولا أبغي ثوابا ولا عقابا وقالت الجبال : خلقتني رواسي الأرض فأنا على ما خلقتني لا أتحمل فريضة ولا ابغي ثوابا ولا عقابا فلما خلق الله آدم عرض عليه فحمله {إنه كان ظلوما} ظلمه نفسه في خطيئته {جهولا} بعاقبة ما تحمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : لما خلق الله السموات والأرض والجبال عرض الأمانة عليهن فلم يقبلوها فلما خلق آدم عليه السلام عرضها عليه قال : يا رب وما هي قال : هي ان أحسنت أجرتك وان أسأت عذبتك قال : فقد تحملت يا رب قال : فما كان بين أن تحملها إلى أن أخرج إلا قدر ما بين الظهر والعصر.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جرير(12/158)
وابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الانباري في كتاب الاضداد والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنا عرضنا الأمانة} قال : عرضت على آدم عليه السلام فقيل : خذها بما فيها فان أطعت غفرت لك وان عصيت عذبتك قال :
قبلتها بما فيها فما كان إلا قدر ما بين الظهر إلى الليل من ذلك اليوم حتى أصاب الذنب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أشوع في الآية قال عرض عليهن العمل وجعل لهن الثواب فضججن إلى الله ثلاثة أيام ولياليهن فقلن : ربنا لا طاقة لنا بالعمل ولا نريد الثواب.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن الآزواعي ان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عرض العمل على محمد بن كعب فأبى فقال له عمر رضي الله عنه : أتعصي فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن الله تعالى حين عرض {الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها} هل كان ذلك منها معصية قال : لا ، فتركه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ان الله قال لآدم عليه السلام اني عرضت الامانة على السموات والأرض والجبال فلم تطقها فهل أنت حاملها بما فيها قال : أي رب وما فيها قال : ان حملتها(12/159)
أجرت وان ضيعتها عذبت قال : قد حملتها بما فيها قال : فما عبر في الجنة إلا قدر ما بين الأولى والعصر حتى أخرجه ابليس من الجنة قيل للضحاك : وما الأمانة قال : هي الفرائض وحق على كل مؤمن ان لا يغش مؤمنا ولا معاهدا في شيء قليل ولا كثير فمن فعل فقد خان أمانته ومن انتقص من الفرائض شيئا فقد خان أمانته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال} قال : يعني به الدين والفرائض والحدود {فأبين أن يحملنها وأشفقن منها} قيل لهن : ان تحملنها وتؤدين حقها ، فقلنا : لا نطيق ذلك {وحملها الإنسان} قيل له : أتحملها قال : نعم ، قيل : أتؤدي حقها فقال : أطيق ذلك قال الله {إنه كان ظلوما جهولا} أي ظلوما بها جهولا عن حقها {ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات} قال : هذا اللذان خاناها {ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات} قال : هذا اللذان أدياها {وكان الله غفورا رحيما}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {إنا عرضنا(12/160)
الأمانة} قال : الفرائض.
وأخرج الفريابي عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {إنا عرضنا الأمانة} قال : الدين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمانة ثلاث ، الصلاة والصيام والغسل من الجنابة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : من الأمانة ان ائتمنت المرأة على فرجها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الورع والحكيم الترمذي عن عبد الله بن عمرو قال : أول ما خلق الله من الانسان فرجه ثم قال : هذه أمانتي عندك فلا تضيعها إلا في حقها ، فالفرج أمانة والسمع أمانة والبصر أمانة.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عمرو رضي الله عنه قال : من تضييع الامانة : النظر في الحجرات والدور.
(12/161)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ومن الأمانة إلا ومن الخيانة ان يحدث الرجل أخاه بالحديث فيقول : اكتم عني ، فيفشيه.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من أعظم الامانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي اليه ثم ينشر سرها.
وأخرج الطبراني وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه وأبو يعلى والبيهقي والضياء ، عَن جَابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ليعذب الله المنافقين} قال : هما اللذان ظلماها واللذان خاناها : المنافق والمشرك.
وأخرج ابن جرير بسند ضعيف عن الحكم بن عمير وكان من أصحاب(12/162)
النبي
صلى الله عليه وسلم قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ان الأمانة والوفاء نزلا على ابن آدم مع الأنبياء فارسلوا به فمنهم رسول الله ومنهم نبي ومنهم نبي رسول الله ونزل القرآن وهو كلام الله ونزلت العربية والعجمية فعلموا أمر القرآن وعلموا أمر السنن بألسنتهم ولن يدع الله شئيا من أمره مما يأتون ومما يجتنبون وهي الحجج عليهم إلا بينت لهم فليس أهل لسان إلا وهم يعرفون الحسن من القبيح ثم الأمانة أول شيء يرفع ويبقى أثرها في جذور قلوب الناس ثم يرفع الوفاء والعهد والذمم وتبقى الكتب لعالم يعلمها وجاهل يعرفها وينكرها ولا يحملها حتى وصل الي والى أمتي فلا يهلك على الله إلا هالك ولا يغفله إلا تارك والحذر أيها الناس واياكم والوسواس الخناس فانما يبلوكم أيكم أحسن عملا والله أعلم.(12/163)
* بسم الله الرحمن الرحيم
- سورة سبأ.
مكية وآياتها أربع وخمسون.
- مقدمة سورة سبأ.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنه قال : نزلت سورة سبأ بمكة.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : سورة سبأ مكية.
- الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير * يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور * وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين * ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم * والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم * ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد * وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد * أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون
بالآخرة في العذاب والضلال البعيد * أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وهو الحكيم الخبير} قال {حكيم} في أمره {خبير} بخلقه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {يعلم ما يلج في الأرض} قال : من المطر {وما يخرج منها} قال : من النبات {وما ينزل من السماء} قال : الملائكة {وما يعرج فيها} قال : الملائكة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب} قال : يقول : بلى وربي عالم الغيب لتأتينكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه(12/164)
في قوله {أولئك لهم مغفرة ورزق كريم} قال : مغفرة لذنوبهم {ورزق كريم} في الجنة {والذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال : أي لا يعجزون وفي قوله {أولئك لهم عذاب من رجز أليم} قال : الرجز هو العذاب الأليم الموجع ، وفي قوله {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق} قال : أصحاب محمد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {ويرى الذين أوتوا العلم} قال : الذين أوتوا الحكمة {من قبل} قال : يعني المؤمنين من أهل الكتاب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم} قال : قال ذلك مشركو قريش {إذا مزقتم كل ممزق} يقول : اذا أكلتكم الأرض وصرتم عظاما ورفاتا ، وتقطعتكم السباع والطير {إنكم لفي خلق جديد} انكم ستحيون وتبعثون قالوا : ذلك تكذيبا به {أفترى على الله كذبا أم به جنة} قال : قالوا : إما أن يكون يكذب على الله واما أن يكون مجنونا {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض}
قال : انك ان نظرت عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك رأيت السماء والأرض {إن نشأ نخسف بهم الأرض} كما خسفنا بمن(12/165)
كان قبلهم {أو نسقط عليهم كسفا من السماء} أي قطعا من السماء ان يشأ يعذب بسمائه فعل وان يشأ يعذب بأرضه فعل وكل خلقه له جند قال قتادة رضي الله عنه : وكان الحسن رضي الله عنه يقول : ان الزبد لمن جنود الله {إن في ذلك لآية لكل عبد منيب} قال قتادة : تائب مقبل على الله عز وجل.
- قوله تعالى : ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد * أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير.
أخرج ابن أبي شيبه في المصنف ، وَابن جَرِير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أوبي معه} قال : سبحي معه.
وأخرج ابن جرير عن أبي ميسرة رضي الله عنه {أوبي معه} قال : سبحي معه بلسان الحبشة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {أوبي معه} قال : سبحي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة وأبي عبد الرحمن.
(12/166)
مثله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {يا جبال أوبي معه والطير} أيضا يعني يسبح معه الطير.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب رضي الله عنه قال : أمر الله الجبال والطير أن تسبح مع داود عليه السلام اذا سبح.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب رضي الله عنه قال : أمر الله الجبال والطير أن تسبح مع داود عليه السلام اذا سبح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه انه قرأ(12/167)
(الطير) بالنصب بجملة قال : سخرنا له الطير.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وألنا له الحديد} قال : كالعجين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنهما في قوله {وألنا له الحديد} قال : لين الله له الحديد فكان يسرده حلقا بيده يعمل به كما يعمل بالطين من غير ان يدخله النار ولا يضربه بمطرقة وكان داود عليه السلام أول من صنعها وانما كانت قبل ذلك صفائح من حديد يتحصنون بها من عدوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وألنا له الحديد} فيصير في يده مثل العجين فيصنع منه الدروع.
(12/168)
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقدر في السرد} قال : حلق الحديد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وقدر في السرد} قال : السرد المسامير التي في الحلق.
وأخرج عبد الرزاق والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقدر في السرد} قال : لا تدق المسامير ، وتوسع الحلق فتسلسل ولا تغلظ المسامير وتضيق الحلق فتنقصم واجعله قدرا.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {وقدر في السرد} قال : قدر المسامير والحلق لا تدق المسمار فيسلسل ولا تحلها فينقصم.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن أبي حاتم عن ابن شوذب رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يرفع في كل يوم درعا فيبيعها بستة آلاف درهم ، ألفين له(12/169)
ولأهله وأربعة آلاف يطعم بها بني اسرائيل الخبز الحواري.
- قوله تعالى : ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ (ولسليمان الريح) رفع الحاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر} قال : تغدو مسيرة شهر وتروح مسيرة شهر في يوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الريح مسيرها شهران في يوم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : ان سليمان عليه السلام لما شغلته الخيل فاتته صلاة العصر غضب لله فعقر الخيل فأبدله الله مكانها خيرا منها وأسرع الريح تجري بأمره كيف شاء فكان غدوها شهرا ورواحها شهرا وكان يغدو من ايليا فيقيل بقريرا ويروح من قريرا فيبيت(12/170)
بكابل.
وأخرج الخطيب في رواية مالك عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : كان سليمان عليه السلام يركب الريح من اصطخر فيتغدى ببيت المقدس ثم يعود فيتعشى باصطخر.
وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {غدوها شهر ورواحها شهر} قال : كان سليمان عليه السلام يغدو من بيت المقدس فيقيل باصطخر ثم يروح من اصطخر فيقيل بقلعة خراسان.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأسلنا له عين القطر} قال : النحاس.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله {وأسلنا له عين القطر} قال : أعطاه الله عينا من صفر تسيل كما يسيل الماء قال : وهل تعرف العرف ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :(12/171)
فالقى في مراجل من حديد * قدور القطر ليس من البرام.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وأسلنا له عين القطر} قال : عين النحاس كانت باليمنوان ما يصنع الناس اليوم مما أخرج الله لسليمان عليه السلام.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وأسلنا له عين القطر} قال : أسال الله تعالى له القطر ثلاثة أيام يسيل كما يسيل الماء قيل : إلى أين قال : لا أدري.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : سيلت له عين من نحاس ثلاثة أيام.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {القطر} النحاس ، لم يقدر عليها أحد بعد سليمان عليه السلام وإنما يعمل الناس بعد فيما كان أعطى سليمان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {عين القطر} قال : الصفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ليس كل الجن صخر له كما تسمعون {ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه(12/172)
ومن يزغ منهم عن أمرنا} قال : يعدل عما يأمره سليمان عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ومن يزغ منهم عن أمرنا} قال : من الجن.
- قوله تعالى : يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل} قال : من شبه ورخام.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من محاريب} قال : بنيان دون القصور {وتماثيل} قال : من نحاس {وجفان} قال : صحاف كالجوابي قال : الجفنة مثل الجوبة من الأرض {وقدور راسيات} قال : عظام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه في الآية قال المحاريب القصور ، والتماثيل الصور {وجفان كالجواب} قال : كالجوبة من الأرض.
(12/173)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {من محاريب} قال : قصور ومساجد {وتماثيل} قال : من رخام وشبه {وجفان كالجواب} كالحياض {وقدور راسيات} قال : ثابتات لا يزلن عن مكانهن كن يرين بأرض اليمن.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وتماثيل} قال : اتخذ سليمان عليه السلام تماثيل من نحاس فقال : يا رب انفخ فيها الروح فانها أقوى على الخدمة فنفخ الله فيها الروح فكانت تخدمه وكان اسفيديار من بقاياهم فقيل لداود عليه السلام {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي شيبه ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {من محاريب} قال : المساجد {وتماثيل} قال : الصور {وجفان كالجواب} قال : كحياض الإبل العظام {وقدور راسيات} قال : قدرو عظام كانوا ينحتونها من الجبال.
(12/174)
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وجفان كالجواب} قال : كالجوبة من الأرض {وقدور راسيات} قال : أثافيها منها.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {وجفان كالجواب} قال : كالحياض الواسعة تسع الجفنة الجزور
قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت طرفة بن العبد وهو يقول : كالجوابي لا هي مترعة * لقرى الأضياف أو للمحتضر وقال أيضا : يجبر المجروب فينا ماله * بقباب وجفان وخدم.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {وجفان كالجواب} قال : كالحياض !(12/175)
{وقدور راسيات} قال : القدور العظام التي لا تحول من مكانها.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {وقدور راسيات} قال : عظام تفرغ افراغا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {اعملوا آل داود شكرا} قال : إعملوا شكرا لله على ما أنعم به عليكم.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن شهاب في قوله {اعملوا آل داود شكرا} قال : قولوا الحمد لله.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ثابت البناني رضي الله عنه قال : بلغنا ان داود عليه السلام جزأ الصلاة على بيوته على نسائه وولده فلم تكن تأتي ساعة من الليل والنهار إلا وانسان قائم من آل داود يصلي فعمتهم هذه الآية {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور}.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : قال داود لسليمان عليهما السلام : قد ذكر الله الشكر فاكفني قيام النهار أكفك قيام الليل ، قال : لا أستطيع قال : فاكفني صلاة النهار ، فكفاه.
(12/176)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : الشكر تقوى الله والعمل بطاعته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : يا رب كيف أشكرك والشكر نعمة منك قال : الآن شكرتني حين علمت أن النعم مني.
وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الايمان عن المغيرة بن عتبة قال : قال داود عليه السلام : يا رب هل بات أحد من خلقك الليلة أطول
ذكرا لك مني فأوحى الله اليه : نعم ، الضفدع وأنزل الله تعالى على داود عليه السلام : يا رب كيف أطيق شكرك وأنت الذي تنعم علي ثم ترزقني على النعمة الشكر ، فالنعمة منك والشكر منك فكيف أطيق شكرك قال : يا داود الآن عرفتني حق معرفتي.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم في كتاب الشكر والبيهقي في شعب الايمان عن أبي الجلد رضي الله عنه قال : قرأت في مساءلة داود عليه السلام انه قال : اي رب كيف لي أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك قال : فأتاه الوحي : ان يا داود أليس تعلم ان الذي بك من النعم مني قال : بلى(12/177)
يارب . قال: فإني أرضى بذلك منك شكرا.
وَأخرَج ابن أبي شيبة وأحمد عن الحسن قال : قال داود عليه السلام : الهي لو أن لكل شعرة مني لسانين يسبحانك الليل والنهار والدهر كله ما قضيت حق نعمة واحدة من نعمك علي.
وأخرج ابن المنذر عن السدي رضي الله عنه في قوله {اعملوا آل داود شكرا} قال : لم ينفك منهم مصل.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لما قيل لهم {اعملوا آل داود شكرا} لم يأت على القوم ساعة إلا ومنهم يصلي.
وأخرج ابن المنذر عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس على المنبر وقرأ هذه الآية {اعملوا آل داود شكرا} قال : ثلاث من أوتيهن فقد أوتي ما أوتي آل داود قيل : وما هن يا رسول الله قال : العدل في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى وذكر الله في السر والعلانية ، وأخرجه ابن مردويه من طريق عطاء بن يسار عن حفصة رضي الله عنها مرفوعا به وأخرجه الحكيم الترمذي من طريق عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(12/178)
مرفوعا به ، وأخرجه ابن النجار في تاريخه من طريق عطاء بن يسار عن أبي ذر رضي الله عنه ، مرفوعا به ، وقال خشية الله في السر والعلانية والله أعلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقليل من عبادي الشكور} يقول : قليل من عبادي الموحدين توحيدهم.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال : قال رجل عند عمر رضي الله عنه : اللهم اجعلني من القليل ، فقال عمر رضي الله عنه : ما هذا الدعاء الذي تدعو به قال : اني سمعت الله يقول {وقليل من عبادي الشكور} فأنا أدعوا الله أن يجعلني من ذلك القليل فقال عمر رضي الله عنه : كل الناس أعلم من عمر.
(12/179)
- قوله تعالى : فلما قضينا عليه بالموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان سليمان عليه السلام يخلو في بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين وأقل من ذلك وأكثر ويدخل طعامه وشرابه فأدخله في المرة التي مات فيها وكان بدء ذلك انه لم يكن يوما يصبح فيه إلا نبتت في بيت المقدس شجرة فيأتيها فيسالها ما اسمك فتقول : الشجرة اسمي كذا وكذا ، فيقول لها : لأي شيء نبت فتقول : نبت لكذا وكذا ، فيأمر بها فتقطع ، فان كانت نبتت لغرس غرسها وان كانت نبتت دواء قالت : نبت دواء لكذا وكذا ، فيجعلها لذلك حتى نبتت شجرة يقال لها الخرنوبة قال لها : لأي شيء نبت قالت : نبت لخراب هذا المسجد فقال سليمان عليه السلام : ما كان الله ليخربه وأنا حي أنت الذي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس فنزعها فغرسها في حائط له ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئا على عصا فمات ولا تعلم به الشياطين في ذلك وهم يعملون له مخافة أن يخرج فيعاقبهم ، وكانت الشياطين حول المحراب يجتمعون وكان المحراب له كوا من بين يديه ومن خلفه وكان الشيطان المريد الذي يريد ان يخلع يقول : ألست جليدا ان دخلت فخرجت من ذلك الجانب فيدخل حتى يخرج من(12/180)
الجانب
الآخر فدخل شيطان من أولئك فمر ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان إلا احترق فمر ولم يسمع صوت سليمان ثم رجع فلم يسمع صوته ثم عاد فلم يسمع ثم رجع فوقع في البيت ولم يحترق ونظر إلى سليمان قد سقط ميتا فخرج فأخبر الناس : ان سليمان قد مات ففتحوا عنه فأخرجوه فوجدوا منسأته - وهي العصا بلسان الحبشة - قد أكلتها الارضة ولم يعلموا منذ كم مات فوضعوا الارضة على العصا فأكلت منها يوم وليلة ثم حسبوا على نحو ذلك فوجدوه قد مات منذ سنة ، وهي في قراءة ابن مسعود (فمكثوا يدينون له من بعد موته حولا كاملا) فأيقن الناس عند ذلك ان الجن كانوا يكذبون ولو انهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان عليه السلام ولما لبثوا في العذاب سنة يعملون له ولو كنت تشربين أتيناك بأطيب الشراب ولكننا ننقل اليك الطين والماء فهم ينقلون اليها حيث كانت ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب فهو مما يأتيها الشياطين شكرا لها.
(12/181)
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {دابة الأرض تأكل منسأته} عصاه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لبث سليمان عليه السلام على عصاه حولا بعدما مات ثم خر على رأس الحول فأخذت الأنس عصا مثل عصاه ودابة مثل دابته فأرسلوها عليها فأكلتها في سنة ، وكان ابن عباس يقرأ (فلما خر تبينت الأنس ان لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين سنة) قال سفيان : وفي قراءة ابن مسعود (وهم يدأبون له حولا).
وأخرج البزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن السنى في الطب النبوي ، وَابن مردويه عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان سليمان عليه السلام اذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها : ما أسمك فتقول : كذا وكذا ، فان كانت لغرس غرست وان كانت لدواء نبتت ، فصلى ذات يوم فاذا شجرة نابتة(12/182)
بين يديه فقال : لها : ما أسمك قالت : الخرنوب ، قال : لأي شيء أنت قالت : لخراب هذا البيت فقال سليمان عليه السلام : اللهم عم عن الجن موتي
حتى يعلم الأنس ، ان الجن لا يعلمون الغيب فأخذ عصا فتوكأ عليها وقبضه الله وهو متكيء فمكث حينا ميتا والجن تعمل فأكلتها الارضة فسقطت فعلموا عند ذلك بموته فتبينت الأنس ، ان الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين ، وكان ابن عباس يقرأها كذلك فشكرت الجن الأرضة فأينما كانت يأتونها بالماء.
وأخرج البزار والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس ، موقوفا.
وأخرج الديلمي عن زيد بن أرقم ، مرفوعا ، يقول الله أني تفضلت على عبادي بثلاث ، ألقيت الدابة على الحبة ولولا ذلك لكنزتها الملوك كما يكنزون الذهب والفضة ، وألقيت النتن على الجسد ولولا ذلك لم يدفن حبيب حبيبه وأسليت الحزين ولولا ذلك لذهب التسلي.
(12/183)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : كانت الجن تخبر الأنس انهم يعلمون من الغيب أشياء وانهم يعلمون ما في غد فابتلوا بموت سليمان عليه الصلاة والسلام فمات فلبث سنة على عصاه وهم لا يشعرون بموته وهم مسخرون تلك السنة ويعملون دائبين {فلما خر تبينت الجن} وفي بعض القراءة (فلما خر تبينت الأنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) وقد لبثوا يدأبون ويعملون له حولا بعد موته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق قيس بن سعد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الأنس تقول في زمن سليمان عليه السلام : ان الجن تعلم الغيب فلما مات سليمان عليه السلام مكث قائما على عصاه ميتا حولا والجن تعمل بقيامه (فلما خر تبينت الأنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) كان ابن عباس رضي الله عنهما كذلك يقرأها قال قيس بن سعد رضي الله عنه : وهي قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : قال سليمان عليه السلام لملك الموت : اذا أمرت بي فاعلمني فأتاه فقال : يا سليمان قد أمرت بك قد بقيت لك سويعة فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس عليه باب فقام يصلي فاتكأ على عصاه فدخل عليه ملك الموت عليه السلام فقبض
روحه وهو متكيء على عصاه ولم يصنع ذلك فرارا من الموت قال : والجن تعمل بين يديه وينظرون يحسبون انه حي فبعث الله {دابة الأرض} دابة تأكل العيدان يقال لها : القادح فدخلت فيها فأكلتها حتى اذا أكلت جوف العصا ضعفت وثقل عليها فخر ميتا فلما(12/184)
رأت ذلك الجن انفضوا وذهبوا ، فذلك قوله {ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما رد الله الخاتم اليه لم يصل صلاة الصبح يوما إلا نظر وراءه فاذا هو بشجرة خضراء تهتز فيقول : يا شجرة أما يأكلنك جن ولا أنس ولا طير ولا هوام ولا بهائم فتقول : اني لم أجعل رزقا لشيء ولكن دواء من كذا ، ودواء من كذا ، فقام الأنس والجن يقطعونها ويجعلونها في الدواء فصلى الصبح ذات يوم والتفت فاذا بشجرة وراءه قال : ما أنت يا شجرة قالت : أنا الخرنوبة قال : والله ما الخرنوبة إلا خراب بيت المقدس والله لا يخرب ما كنت حيا ولكني أموت فدعا بحنوط فتحنط وتكفن ثم جلس على كرسيه ثم جمع كفيه على طرف عصاه ثم جعلها تحت ذقنه ومات فمكث الجن سنة يحسبون أنه حي وكانت لا ترفع أبصارها اليه وبعث الله الارضة فأكلت طرف العصا فخر منكبا على وجهه فعلمت الجن أنه قد مات ، فذلك قوله {تبينت الجن} ولقد كانت الجن تعلم أنها لا تعلم الغيب ولكن في القراءة الأولى (تبينت الأنس أن لو كانت الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين).
(12/185)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بلغت نصف العصا فتركوها في النصف الباقي فأكلتها في حول فقالوا : مات عام أول.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : مكث سليمان بن داود عليه السلام حولا على عصاه متكئا حتى أكلتها الأرضة فخر.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إلا دابة الأرض تأكل منسأته} قال : عصاه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : الارضة أكلت عصاه حتى خر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {تأكل منسأته} قال : العصا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أنه سئل عن المنسأة قال : هي العصا وأنشد فيها شعرا قاله عبد المطلب : أمن أجل حبل لا أبالك صدته * بمنسأة قد جر حبلك أحبلا.
وَأخرَج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه قال : المنسأة العصا بلسان الحبشة.
- قوله تعالى : لقد كان لسبأ في مساكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور * فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط واثل وشيء من سدر قليل * ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور * وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين * فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهمفجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور.
(12/186)
أخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري في تاريخه والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن فروة بن مسيك المرادي رضي الله عنه قال : أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم فاذن لي في قتالهم وأمرني فلما خرجت من عنده أرسل في أثري فردني فقال ادع القوم فمن أسلم منهم فاقبل منه ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث اليك وأنزل في سبأ ما أنزل فقال رجل : يا رسول الله وما سبأ أرض أم امرأة قال : ليس بأرض ولا امرأة ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن منهم
ستة وتشاءم منهم أربعة فاما الذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة.
وَأَمَّا الذين تيامنوا فالازد والاشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار ، فقال رجل : يا رسول الله وما أنمار قال : الذين منهم خثعم وبجيلة.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والطبراني ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عدي والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن سبأ أرجل هو أو امرأة أم أرض فقال : بل هو رجل ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة وبالشام منهم أربعة فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير.
وَأَمَّا الشاميون فلخم وجذام وعاملة(12/187)
وغسان.
وأخرج الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {لقد كان لسبإ في مسكنهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ (لقد كان لسبأ) بالخفض منونة مهموزة (في مساكنهم) على الجماع بالألف.
(12/188)
وأخرج الفريابي عن يحيى بن وثاب أنه يقرأها {لقد كان لسبإ في مسكنهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : كان لسأ جنتان بين جبلين فكانت المرأة تمر ومكتلها على رأسها فتمشي بين جبلين فتمتليء فاكهة وما مسته بيدها فلما طغوا بعث الله عليهم دابة يقال لها : الجرذ فنقب عليهم فغرقهم فما بقي منهم إلا أثل وشيء من سدر قليل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {لقد كان لسبإ في مسكنهم} ، قال لم يكن يرى في قريتهم بعوضة قط ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية وان الركب ليأتون في ثيابهم القمل والدواب فما هو إلا أن ينظروا إلى بيوتها فتموت تلك الدواب وان كان الانسان ليدخل الجنتين فيمسك القفة على رأسه ويخرج حين يخرج وقد امتلأت تلك القفة(12/189)
من أنواع الفاكهة ولم يتناول منها شيئا بيده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بلدة طيبة ورب غفور} قال : هذه البلد طيبة وربكم غفور لذنوبكم ، وفي قوله {فأعرضوا} قال : بطر القوم أمر الله وكفروا نعمته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان أهل سبأ أعطوا ما لم يعطه أحد من أهل زمانهم فكانت المرأة تخرج على رأسها المكتل فتريد حاجتها فلا تبلغ مكانها الذي تريد حتى يمتليء مكتلها من أنواع الفاكهة فأجمعوا ذلك فكذبوا رسلهم وقد كان السيل يأتيهم من مسيرة عشرة أيام حتى يستقر في واديهم فيجمع الماء من تلك السيول والجبال في ذلك الوادي وكانوا قد حفروه بمسناة - وهم يسمون المسناة العرم - وكانوا يفتحون اذا شاؤا من ذلك الماء فيسقون جنانهم اذا شاءوا فلما غضب الله عليهم وأذن في هلاكهم دخل رجل إلى جنته - وهو عمرو بن عامر(12/190)
فيما بلغنا وكان كاهنا - فنظر إلى جرذة تنقل أولادها من بطن الوادي إلى أعلى الجبل فقال : ما نقلت هذه أولادها من ههنا إلا وقد حضر أهل هذه البلاد عذاب ويقدر أنها خرقت ذلك العرم فنقبت نقبا فسال ذلك النقب ماء إلى جنته فأمر عمرو بن عامر بذلك النقب فسد فأصبح وقد انفجر بأعظم ما كان فأمر به أيضا فسد ثم انفجر بأعظم ما كان فلما رأى ذلك دعا ابن أخيه فقال : اذا أنا جلست العشية في نادي قومي فائتني فقل : علام تحبس علي مالي فاني سأقول ليس لك عندي مال ولا ترك أبوك شيئا وانك لكاذب ، فاذا أنا كذبتك فكذبني وأردد على مثل ما قلت لك فاذا فعلت ذلك فاني سأشتمك فاشتمني ، فاذا أنت شتمتني لطمتك فاذا أنا لطمتك فقم فالطمني ، قال : ما كنت لاستقبلك بذلك يا عم قال : بلى ، فافعل فاني أريد بها صلاحك وصلاح أهل بيتك فقال الفتى فلطمه فقال الشيخ : يا معشر بني فلان الطم فيكم لا سكنت في بلد لطمني فيه فلان أبدا من يبتاع مني ، فلما عرف القوم منه الجد أعطوه فنظر إلى أفضلهم عطية فأوجب له البيع(12/191)
فدعا بالمال فنقده وتحمل هو وبنوه من ليلته فتفرقوا.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان في سبأ كهنة وكانت الشياطين يسترقون السمع فأخبروا الكهنة بشيء من أخبار السماء وكان فيهم رجل كاهن شريف كثير المال أنه أخبر ان زوال أمرهم قد دنا وان العذاب قد أظلهم فلم يدر كيف يصنع لأنه كان له مال كثير من عقر فقال لرجل
من بنيه وهو أعزهم أخوالا : اذا كان غدا وأمرتك بأمر فلا تفعله فاذا نهرتك فانتهرني فاذا تناولتك فالطمني قال : يا أبت لا تفعل ان هذا أمر عظيم وأمر شديد قال : يا بني قد حدث أمر لا بد منه فلم يزل حتى هيأه على ذلك فلما أصبحوا واجتمع الناس قال : يا بني افعل كذا وكذا ، فأبى فأنتهره أبوه فأجابه فلم يزل ذلك بينهما حتى تناوله أبوه فوثب على أبيه فلطمه فقال : ابني يلطمني علي بالشفرة قالوا : وما تصنع بالشفرة قال : اذبحه قالوا : تذبح ابنك الطمه واصنع ما بدا لك فأبى إلا أن يذبحه فأرسلوا إلى أخواله فاعلموهم بذلك فجاء أخواله فقالوا : خذ منا ما بدا لك فأبى إلا أن يذبحه قالوا : فلتموتن قبل أن تدعوه قال :(12/192)
اشتروا مني دوري اشتروا مني أرضي فلم يزل حتى باع دوره وأرضه وعقاره ، فلما صار الثمن في يده وأحرزه قال : أي قوم ان العذاب قد أظلكم وزوال أمركم قد دنا فمن أراد منكم دارا جديدا وجملا شديدا وسفرا فليلحق بعمان ومن أراد منكم الخمر والخمير والعصير فليلحق ببصرى ، ومن أراد منكم الراسخات في الوحل المطعمات في المحل المقيمات في الضحل فليلحق بيثرب ذات نخل فأطاعه قوم فخرج أهل عمان إلى عمان وخرجت غسان إلى بصرى وخرجت الاوس والخزرج وبنو كعب بن عمرو إلى يثرب فلما كانوا ببطن نخل قال بنو كعب : هذا مكان صالح لا نبتغي به بدلا فأقاموا فلذلك سموا خزاعة لأنهم انخزعوا عن أصحابهم وأقبلت الأوس والخزرج حتى نزلوا بيثرب.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {لقد كان لسبإ} ، قال : كان لهم مجلس مشيد بالمرمر فأتاهم ناس من النصارى فقالوا : أشكروا الله الذي أعطاكم هذا قالوا : ومن أعطاناه إنما كان لآبائنا(12/193)
فورثناه فسمع ذلك ذو يزن فعرف انه سيكون لكلمتهم تلك خبر فقال لابنه : كلامك علي حرام ذلك ذو يزن فعرف انه سيكون لكلمتهم تلك خبر فقال لابنه : كلامك علي حرام ان لم تأت غدا وأنا في مجلس قومي فتصك وجهي ففعل ذلك فقال : لا أقيم بأرض فعل هذا ابني بي فيها إلا من بيتاع مني مالي فابتدره الناس فابتاعوه
فبعث الله جرذا أعمى يقال له الخلد من جرذان عمى فلم يزل يحفر السد حتى خرقه فانهدم وذهب الماء بالجنتين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لقد بعث الله إلى سبأ ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم وكان لهم سد كانوا قد بنوه بنيانا أبدا وهو الذي كان يرد عنهم السيل اذا جاء أن يغشى أموالهم وكان فيما يزعمون في علمهم من كهانتهم انه إنما يخرب سدهم ذلك فارة فلم يتركوا فرجة بين حجرين إلا ربطو عندها هرة فلما جاء زمانه وما أراد الله بهم من التفريق أقبلت فيما يذكرون فأرة حمراء إلى هرة من تلك الهرر فساورنها حتى استأخرت عنها الهرة فدخلت في الفرجة التي كانت عندها فتغلغلت بالسد فحفرت فيه حتى رققته للسيل وهم لا يدرون فلما ان جاء السيل وجد عللا فدخل فيه حتى قلع السد وفاض على الأموال فاحتملها فلم يبق منها(12/194)
إلا ما ذكر عن الله تبارك وتعالى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : كانت أودية اليمن تسيل إلى وادي سبأ وهو واد بين جبلين فعمد أهل سبأ فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة وتركوا ما شاءوا لجناتهم فعاشوا بذلك زمانا من الدهر ثم انهم عتوا وعملوا بالمعاصي فبعث الله على ذلك السد جرذا فنقبه عليهم فعرض الله مساكنهم وجناتهم وبدلهم بمكان جنتهم جنتين خمط والخمط الاراك وائل الاثل القصير من الشجر الذي يصنعون منه الأقداح.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {سيل العرم} قال : الشديد.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه {سيل العرم} قال : المنساة بلحن اليمن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سيل العرم} قال : {العرم}(12/195)
بالحبشة وهي المنساة التي يجتمع فيها الماء ثم ينشف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال {العرم} اسم الوادي.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {سيل العرم} قال : واد كان باليمن كان يسيل إلى مكة.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال : وادي سبأ يدعى {العرم}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سيل العرم} السد ماء أحمر أرسله الله في السد فشقه وهمه وحفر الوادي عن الجنتين فارتفعا وغار عنهما الماء فيبستا ولم يكن الماء الاحمر من السد كان شيئا أرسله الله عليهم ، وفي قوله {أكل خمط} قال : الخمط الاراك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أرسله الله عليهم ، وفي قوله (أكل خمط) قال : (الخمط) الاراك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أكل خمط} قال : الاراك {وأثل} قال : الطرفاء.
(12/196)
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله {أكل خمط} قال : الاراك قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول : ما معول فود تراعى بعينها * أغن غضيض الطرف من خلل الخمط.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه في قوله {وأثل} قال الاثل شجر لا يأكلها شيء وانما هي حطب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال الخمط الاراك والاثل النضار والسدر النبق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لقد كان لسبإ في مسكنهم} ، قال : قوم أعطاهم الله نعمة وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته قال الله {فأعرضوا} قال : ترك القوم أمر الله {فأرسلنا عليهم سيل العرم} ذكر لنا {العرم} وادي سبأ كانت تجتمع اليه مسايل من أودية شتى فعمدوا فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة وجعلوا عليه أبوابا وكانوا يأخذون من مائة ما احتاجوا اليه ويسدون عنهم ما لم يعبؤا به من مائة فلما تركوا أمر الله بعث الله عليهم جرذا فنقبه من أسفله فاتسع حتى غرق الله به حروثهم وخرب به أراضيهم عقوبة بأعمالهم قال الله {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط}
والخمط الاراك و{أكل} بربرة و{وأثل وشيء من سدر قليل} بينما شجر القوم من خير الشجر اذ صيره الله من شر الشجر عقوبة(12/197)
بأعمالهم قال الله {ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور} ان الله اذا أراد بعبد كرامة أو خيرا تقبل حسناته واذا أراد بعبد هوانا أمسك عليه بذنبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : الخمط هو الاراك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن وأبي مالك ، مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وهل نجازي إلا الكفور} قال : تلك المناقشة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، عَن طاووس {وهل نجازي إلا الكفور} قال : هو المناقشة في الحساب ومن نوقش الحساب عذب وهو الكافر لا يغفر له.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن(12/198)
مجاهد : (وهل يجازى) قال : هل يعاقب إلا الكفور.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن أبي حيوة وكان من أصحاب علي قال : جزاء المعصية الوهن في العبادة والضيق في المعيشة والمنغص في اللذة قيل : وما المنغص قال : لا يصادف لذة حلال إلا جاءه من ينغصه إياها.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {القرى التي باركنا فيها} قال : الشام.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها} قال : هي قرى الشام.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة} قال : كان فيما بين اليمن إلى الشام قرى متواصلة و{القرى التي باركنا(12/199)
فيها} الشام ، كان الرجل يغدو فيقبل في القرية ثم يروح فيبيت في القرية الاخرى وكانت المرأة تخرج وزنبيلها على رأسها فما تبلغ حتى يمتلى ء من كل الثمار.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن أبي ملكية في قوله {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة}
قال : كانت قراهم متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وثمرهم متدل فبطروا.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {وقدرنا فيها السير} قال : دانينا فيها السير.
وأخرج إسحاق بن بشر ، وَابن عساكر عن ابن عباس في قوله {وجعلنا بينهم} يعني بين مساكنهم {وبين القرى التي باركنا فيها} يعني الأرض المقدسة {قرى} فيما بين منازلهم مساكنهم وبين أرض الشام {سيروا فيها} يعني اذا ظعنوا من منازلهم إلى أرض الشام(12/200)
من الأرض المقدسة.
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم في قوله {ظاهرة} قال : قرى بالشام.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {سيروا فيها ليالي وأياما آمنين} قال : لا يخافون جوعا ولا ظمأ انما يغدون فيقيلون في قرية ويروحون فيبيتون في قرية أهل جنة ونهر حتى ذكر لنا : أن المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها فيمتلى ء قبل أن ترجع إلى أهلها وكان الرجل يسافر لا يحمل معه زادا فبطروا النعمة {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} فمزقوا {كل ممزق} وجعلوا أحاديث.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} قال : قالوا يا ليت هذه القرى يبعد بعضها عن بعض فنسير على نجائبنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر رضي الله عنه انه قرأ (قالوا ربنا بعد بين(12/201)
أسفارنا) مثقلة قال : لم يدعوا على أنفسهم ولكن شكوا ما أصابهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكلبي رضي الله عنه انه قرأ (قالوا ربنا بعد بين أسفارنا) مثقلة على معنى فعل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه انه قرأ (بعد بين أسفارنا) بنصب الباء ورفع العين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ (ربنا) بالنصب (باعد) بنصب الباء وكسر العين على الدعاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في
قوله {ومزقناهم كل ممزق} قال : أما غسان فلحقوا بالشام وأما الانصار فلحقوا بيثرب وأما خزاعة فلحقوا بتهامة وأما الازد فلحقوا بعمان ، فمزقهم الله كل ممزق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال : مطرف في قوله {إن في ذلك لآيات} نعم العبد الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر واذا ابتلي صبر .(12/202)
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله : (لكل صبار شكور) قال: صبار في الكريهة ، شكور عند الحسنة ..
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الايمان عن عامر رضي الله عنه قال : الشكر نصف الايمان والصبر نصف الايمان واليقين الايمان كله.
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : ان الله قال : يا عيسى بن مريم اني باعث بعدك أمة ان أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا وان أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ولا حلم ولا علم ، قال : يا رب كيف يكون هذا لهم ولا حلم ولا علم قال : أعطيهم من حلمي وعلمي.
وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في شعب الايمان والدارمي ، وَابن حبان عن صهيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عجبا لأمر المؤمن أمر المؤمن كله خير ان أصابته سراء شكر كان خيرا وان أصابته ضراء صبر كان خيرا.
وأخرج أحمد والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله(12/203)
صلى الله عليه وسلم : عجبت للمؤمن ان أعطي قال الحمد لله فشكر وان ابتلي قال الحمد لله فصبر فالمؤمن يؤجر على كل حال حتى اللقمة يرفعها إلى فيه.
وأخرج البيهقي في الشعب وابو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نظر في الدين إلى من هو فوقه وفي الدنيا إلى من هو تحته كتبه الله صابرا وشاكرا ومن نظر في الدين إلى من هو تحته ونظر في الدنيا إلى من هو فوقه لم يكتبه الله صابرا ولا شاكرا والله سبحانه وتعالى أعلم.
- قوله تعالى : ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريق من المؤمنين * وما كان لهم عليه من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} قال ابليس : ان آدم خلق من تراب ومن طين ومن حمأ مسنون خلقا ضعيفا واني خلقت من نار والنار تحرق كل شيء {لأحتنكن ذريته إلا قليلا} الاسراء الآية 62 قال : فصدق ظنه عليهم فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين قال : هم المؤمنون كلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما انه كان يقرأها {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} مشددة قال : ظن بهم ظنا فصدقه.
(12/204)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} قال : على الناس إلا من أطاع ربه.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} ظن بهم فوافق ظنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : لما أهبط آدم عليه السلام من الجنة ومعه حواء عليها السلام هبط ابليس فرحا بما أصاب منهما وقال : اذا أصبت من الابوين ما أصبت فالذرية أضعف وكان ذلك ظنا من ابليس عند ذلك فقال : لا أفارق ابن آدم ما دام فيه الروح أغره وأمنيه وأخدعه فقال الله تعالى : وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما لم يغرغر بالموت ولا يدعوني إلا أجبته ولا يسألني إلا أعطيته ولا يستغفرني إلا غفرت له.
(12/205)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وما كان لي عليكم من سلطان} قال : والله ما ضربهم
بعصا ولا سيف ولا سوط وما أكرههم على شيء وما كان إلا غرورا وأماني دعاهم اليها فاجابوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إلا لنعلم} قال : انما كان بلاء ليعلم الله الكافر من المؤمن.
- قوله تعالى : قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وما لهم فيهما من شرك} يقول : ما لله من شريك في السموات ولا في الأرض {وما له منهم} قال : من الذين دعوا من دونه {من ظهير} يقول : من عون بشيء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وما له منهم من ظهير} يقول : من عون من الملائكة.
- قوله تعالى : ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن لهحتى إذا فزع عن قلويهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير * قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين * قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون * قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم * قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فزع عن(12/206)
قلوبهم} قال : خلى.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أوحى الجبار إلى محمد صلى الله عليه وسلم دعا الرسول من الملائكة ليبعثه بالوحي فسمعت الملائكة عليهم السلام صوت الجبار يتكلم بالوحي فلما كشف عن قلوبهم سئلوا عما قال الله فقالوا : الحق ، وعلموا أن الله تعالى لا يقول إلا حقا قال ابن عباس رضي الله عنهما : وصوت الوحي كصوت الحديد على الصفا فلما سمعوا خروا سجدا فلما رفعوا رؤوسهم {قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان اذا نزل الوحي كان صوته كوقع الحديد على الصفوان فيصعق أهل السماء {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم} قالت الرسل عليهم السلام {الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينزل الامر إلى السماء الدنيا له وقع كوقعة السلسلة على الصخرة فيفزع له جميع أهل السموات فيقولون {ماذا قال ربكم} ثم يرجعون إلى أنفسهم فيقولون {الحق وهو العلي الكبير}.
(12/207)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل من طريق معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في نفر من أصحابه فرمى بنجم فاستنار قال : ما كنتم تقولون اذا كان هذا في الجاهلية قالوا : كنا نقول يولد عظيم أو يموت عظيم قال : فانها لا ترمى لموت أحد ولا لحياته ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلون حملة العرش فيقول الذين يلون حملة العرش {ماذا قال ربكم} فيخبرونهم ويخبر أهل كل سماء سماء حتى ينتهي الخبر إلى هذه السماء وتخطف الجن السمع فيرمون فما جاؤا به على وجهه فهو محق ولكنهم يحرفونه ويزيدون فيه قال معمر : قلت للزهري : أكان يرمي بها في الجاهلية قال : نعم ، قال أرأيت {وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا} الجن الآية 9 قال : غلظت وشدد أمرها حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(12/208)
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن
ماجه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الاسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه ، ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اذا قضى الله الامر في السماء ضربت الملائكة باجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان يفزعهم ذلك {إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم} قالوا الذي قال {الحق وهو العلي الكبير} فيسمعها مسترقوا السمع ومسترقوا السمع هكذا واحد فوق آخر ، وصف سفيان بيده وفرج وبين أصابعه نصبها بعضها فوق بعض ، فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل ان يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة فيقال : أليس قد قال لنا يوم كذا ، وكذا ، وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء.
(12/209)
وأخرج ابن جرير ، وَابن خزيمة ، وَابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الاسماء والصفات عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذا أراد الله أن يوحي بامر تكلم بالوحي فاذا تكلم بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله تعالى فاذا سمع بذلك أهل السموات صعقوا وخروا سجدا فيكون أول من يرفع رأسه جبريل عليه السلام فيكلمه الله من وحيه بما أراد فيمضي به جبريل عليه السلام على الملائكة عليهم السلام كلما مر بسماء سماء سأله ملائكتها : ماذا قال ربنا يا جبريل فيقول {قالوا الحق وهو العلي الكبير} فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل عليه السلام فينتهي جبريل عليه السلام بالوحي حيث أمره الله من السماء والارض.
وأخرج الحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة ان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ (فرغ عن قلوبهم) يعني بالراء والغين والمعجمة.
وأخرج البيهقي ، وَابن أبي شيبه ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله عز وجل {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قال : كان لكل قبيل من الجن مقعد في السماء يستمعون منه الوحي وكان اذا نزل الوحي(12/210)
سمع له صوت كامرار السلسلة على الصفوان فلا ينزل على أهل سماء إلا صعقوا {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} وان كان مما يكون في الأرض من أمر
الغيب أو موت أو شيء مما يكون في الأرض تكلموا به فقالوا : يكون كذا ، وكذا ، فسمعته الشياطين فنزلوا به على أوليائهم يقولون : يكون العام كذا ويكون كذا فيسمعه الجن فيخبرون الكهنة به والكهنة تخبر به الناس يقولون : يكون كذا وكذا ، فيجدونه كذلك فلما بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم دحروا بالنجوم فقالت العرب حين لم يخبرهم الجن بذلك : هلك من في السماء فجعل صاحب الابل ينحر كل يوم بعيرا وصاحب البقر ينحر كل يوم بقرة وصاحب الغنم شاة حتى أسرعوا في اموالهم فقالت ثقيف : وكانت أعقل العرب : أيها الناس أمسكوا عليكم أموالكم فانه لم يمت من في السماء وان هذا ليس بانتشاء ألستم ترون معالمكم من النجوم كما هي والشمس والقمر والنجوم والليل والنهار قال : فقال ابليس لقد حدث اليوم في الأرض حدث فائتوني من تربة كل أرض فاتوه بها فجعل يشمها فلما شم تربة مكة قال : من ههنا جاء الحديث منتشرا فنقبوا(12/211)
فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث.
وأخرج أبو داود والبيهقي في الاسماء والصفات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء الدنيا صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام فاذا جاءهم جبريل عليه السلام {فزع عن قلوبهم} فيقولون يا جبريل : ماذا قال ربنا فيقول {الحق} فيقولون : الحق ، الحق.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وابو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي من وجه آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : اذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات صلصلة كجر السلسلة على الصفوان فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام فاذا اتاهم جبريل عليه السلام {فزع عن قلوبهم} قالوا يا جبريل : ماذا قال ربنا فيقول {الحق} فينادون الحق الحق.
وَأخرَج البخاري والحاكم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم(12/212)
قرأ : (فرغ عن قلوبهم) يعني : بالراء والغين المعجمة ..
وأخرج ابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لما نزل جبريل بالوحي على رسول الله فزع أهل السموات لا نحطاطه وسمعوا صوت الوحي كاشد ما يكون من صوت الحديد على الصفا فكلما مر بأهل سماء
{فزع عن قلوبهم} فيقولون : يا جبريل بماذا أمرت فيقول : نور العزة العظيم كلام الله بلسان عربي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : يوحي الله إلى جبريل عليه السلام فتفزع الملائكة عليهم السلام من مخافة أن يكون شيء من أمر الساعة فاذا خلى عن قلوبهم وعلموا ان ذلك ليس من أمر الساعة {قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق}.
وأخرج أبو نصر السجزي في الابانة عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت جبريل عليه السلام وزعم ان اسرافيل عليه السلام يحمل العرش وان قدمه في الأرض السابعة والالواح بين عينيه فاذا أراد ذو العرش أمرا سمعت الملائكة كجر السلسلة على الصفا فيغشى عليهم فاذا قاموا {قالوا ماذا قال ربكم} قال(12/213)
من شاء الله {الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة والكلبي رضي الله عنهما في قوله {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قالا : لما كانت الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم فنزل الوحي مثل صوت الحديد فافزع الملائكة عليهم السلام ذلك {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قالوا : اذا جلى عن قلوبهم {ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم في الآية قال : زعم ابن مسعود أن الملائكة المعقبات الذين يختلفون إلى أهل الأرض يكتبون أعمالهم اذا أرسلهم الرب تبارك وتعالى فانحدروا سمع لهم صوت شديد فيحسب الذي أسفل منهم من الملائكة أنه من أمر الساعة فيخرون سجدا وهكذا كلما مروا عليهم فيفعلون ذلك من خوف ربهم تبارك وتعالى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : اذا قضى الله تبارك وتعالى أمرا رجفت(12/214)
السموات والارض والجبال وخرت الملائكة كلهم سجدا حسبت الجن أن أمرا يقضى فاسترقت فلما قضي الامر رفعت الملائكة رؤوسهم ، وهي هذه الآية {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}.
وأخرج ابن الانباري عن الحسن رضي الله عنه أنه كان يقرأ {حتى إذا فزع عن قلوبهم}
ثم يفسره حتى اذا انجلى عن قلوبهم.
وأخرج ابن أبي شيبه من طريق آخر رضي الله عنه أنه كان يقرأ {فزع عن قلوبهم} قال : ما فيها من الشك والتكذيب.
(12/215)
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قال : فزع الشيطان عن قلوبهم ففارقهم وأمانيهم وما كان يضلهم {قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} قال : وهذا في بني آدم عند الموت أقروا حين لا ينفعهم الاقرار.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قال : كشف الغطاء عنها يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم والضحاك أنهما كانا يقراآن {حتى إذا فزع عن قلوبهم} يقولان : جلى عن قلوبهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن محمد بن سيرين أنه سأل كيف تقرأ هذه الآية {حتى إذا فزع عن قلوبهم} أو {فزع عن قلوبهم} قال {إذا فزع عن قلوبهم} قال :(12/216)
فان الحسن يقول برأيه أشياء أهاب أن أقولها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ حتى (اذا فزع عن قلوبهم) بالعين مثقلة الزاي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ثم أمره الله أن يسأل الناس فقال {قل من يرزقكم من السماوات والأرض}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} قال {إنا} نحن لعلى هدى وانكم في ضلال مبين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإنا أو إياكم} قال : قد قال ذلك أصحاب محمد للمشركين والله ما نحن وأنتم على أمر واحد ان أحد الفريقين مهتد ، وفي قوله !(12/217)
{قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا} أي يقضي.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الاسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الفتاح} قال : القاضي.
- قوله تعالى : وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون * ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين * قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون.
أخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وما أرسلناك إلا كافة للناس} قال : إلى الناس جميعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {كافة للناس} قال : للناس عامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما أرسلناك إلا كافة للناس} قال : أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم فاكرمهم على الله أطوعهم له.
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي ، بعثت إلى الناس كافة إلى كل أبيض وأحمر وأطعمت أمتي المغنم لم يطعم أمة قبل أمتي ونصرت بالرعب بين يدي من مسيرة(12/218)
شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا واعطيت الشفاعة فادخرتها لأمتي يوم القيامة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي ، بعثت إلى الناس كافة الاحمر والاسود وانما كان النَّبِيّ يبعث إلى قومه ونصرت بالرعب يرعب مني عدوي على مسيرة شهر وأطعمت المغنم وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأعطيت الشفاعة فادخرتها لأمتي إلى يوم القيامة وهي ان شاء الله نائلة من لا يشرك لبالله شيئا.
- قوله تعالى : وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ولو ترى غذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين * وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن} قال : هذا قول مشركي العرب كفروا بالقرآن {ولا بالذي بين يديه} من الكتب والانبياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ولا بالذي بين يديه}(12/219)
قال : التوراة والانجيل وفي قوله {يقول الذين استضعفوا} قال : هم الاتباع {للذين استكبروا} قال : هم القادة وفي قوله {بل مكر الليل والنهار} يقول : غركم اختلاف الليل والنهار.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {بل مكر الليل والنهار} قال : بل مكركم بما في الليل والنهار.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {بل مكر الليل والنهار} قال : بل مكركم بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {بل مكر الليل والنهار} قال : بل مكركم بما في الليل والنهار يا أيها العظماء والرؤساء حتى أزلتمونا عن عبادة الله تعالى.
أما قوله تعالى : {وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا}.
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : ما في جهنم دار ولا مغار ولا غل ولا قيد ولا سلسلة إلا اسم صاحبها عليها مكتوب.
(12/220)
فحدث به أبو سليمان الداراني رضي الله عنه فبكى ثم قال : فكيف به لو جمع هذا كله عليه فجعل القيد في رجليه والغل في يديه والسلسلة في عنقه ثم أدخل الدار وأدخل المغار.
- قوله تعالى : وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون * وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين * قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أخرج ابن أبي شيبه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : كان رجلان شريكان خرج أحدهما إلى الساحل وبقي الآخر فلما بعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كتب إلى صاحبه يسأله ، ما فعل فكتب اليه أنه لم يتبعه أحد من قريش إلا رذالة الناس ومساكينهم فترك تجارته واتى صاحبه فقال له : دلني عليه وكان يقرأ الكتب فاتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إلام تدعو قال إلى كذا وكذا ، قال : أشهد أنك رسول الله قال : ما علمك بذلك قال : انه لم يبعث نبي إلا اتبعه رذالة الناس ومساكينهم ، فنزلت هذه الآية {وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها} الآيات ، فارسل اليه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ان الله قد أنزل تصديق ما قلت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن(12/221)
قتادة في قوله {إلا قال مترفوها} قال : هم جبابرتهم ورؤوسهم وأشرافهم وقادتهم في الشر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {إلا قال مترفوها} قال : جبابرتها.
- قوله تعالى : وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون * والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {عندنا زلفى} قال : قربى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : لا تعتبروا الناس بكثرة المال والولد وان الكافر يعطى المال وربما حبسه عن المؤمن.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عَن طاووس أنه كان يقول : اللهم ارزقني الايمان والعمل وجنبني المال والولد فاني سمعت فيما أوحيت {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى}.
وأخرج أحمد ومسلم ، وَابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله(12/222)
صلى الله عليه وسلم : ان الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا} قال : بالواحد عشرا وفي سبيل الله بالواحد سبعمائة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب رضي الله عنه قال : اذا كان المؤمن غنيا تقيا آتاه الله أجره مرتين ، وتلا هذه الآية {وما أموالكم} إلى قوله {فأولئك لهم جزاء الضعف} قال : تضعيف الحسنة ، أما قوله تعالى : {وهم في الغرفات آمنون}.
أخرج ابن أبي شيبه والترمذي ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن علي رضي الله عنه(12/223)
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان في الجنة لغرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها ، قالوا : لمن هي قال : لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام.
- قوله تعالى : قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين.
أخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه أنه سأل عن قوله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} النفقة في سبيل الله قال : لا ، ولكن نفقة الرجل على نفسه وأهله فالله بخلفه.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الادب المفرد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} قال : في غير اسراف ولا تقتير.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(12/224)
ما أنفقتم على أهليكم في غير اسراف ولا تقتير فهو في سبيل الله.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} قال : من غير اسراف ولا تقتير.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : اذا كان لاحدكم شيء فليقتصد ولا يتاول هذه الآية {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} فان الرزق مقسوم يقول : لعل رزقه قليل وهو ينفق نفقة الموسع عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} قال : ما كان من خلف فهو منه وربما أنفق الانسان ماله كله في الخير ولم يخلف حتى يموت ، ومثلها {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} هود الآية 6 يقول : ما آتاهم من رزق فمنه وربما لم يرزقها حتى تموت.
وأخرج البيهقي في شعب الايمان ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : كل ما أنفق العبد نفقة فعلى الله خلفها ضامنا إلا نفقة في بنيان أو معصية.
وأخرج ابن عدي في الكامل والبيهقي من وجه آخر عن محمد بن المنكدر ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل معروف صدقة وما أنفق(12/225)
المرء على نفسه وأهله كتب له به صدقة وما وقي به عرضه كتب له به صدقة وكل نفقة انفقها مؤمن فعلى الله خلفها ضامن إلا نفقة في معصية أو بنيان ، قيل لابن المنكدر : وما أراد بما وقي به المرء عرضه كتب له به صدقة قال : ما اعطى الشاعر وذا اللسان المتقى.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلا ان بعد زمانكم هذا زمانا عضوضا يعض الموسر على ما في يده حذر الانفاق قال الله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه}.
وأخرج البخاري ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل : أنفق يا ابن آدم أنفق عليك.
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ان لكل يوم نحسا فادفعوا نحس ذلك اليوم بالصدقة ثم قال : اقرؤا مواضع الخلف فاني سمعت الله يقول {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} اذا لم تنفقوا كيف يخلف.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول(12/226)
الله صلى الله عليه وسلم قال : ان المعونة تنزل من السماء على قدر المؤونة.
وأخرج الحكيم والترمذي عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : جئت حتى جلست بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بطرف عمامتي من ورائي ، ثم قال : يا زبير إني رسول الله إليك خاصة وإلى الناس عامة أتدرون ماذا قال ربكم قلت : الله ورسوله أعلم قال : ربكم حين استوى على عرشه فنظر خلقه : عبادي أنتم خلقي وأنا ربكم أرزاقكم بيدي فلا تتبعوا فيما تكفلت لكم فاطلبوا مني أرزاقكم أتدرون ماذا قال ربكم قال الله تبارك وتعالى : أنفق أنفق عليك وأوسع أوسع عليك ولا تضيق أضيق عليك ولا تصر فأصر عليك ولا تحزن فأحزن
عليك إن باب الرزق مفتوح من فوق سبع سموات متواصل إلى العرش لا يغلق ليلا ولا نهارا ينزل الله منه الرزق على كل امرئ بقدر نيته وعطيته وصدقته ونفقته فمن أكثر أكثر له ومن أقل أقل له ومن أمسك أمسك عليه يا زبير فكل وأطعم ولا توك فيوكى عليك ولا تحص فيحصى عليك ولا تقتر فيقتر عليك ولا تعسر فيعسر عليك يا زبير إن(12/227)
الله يحب الإنفاق ويبغض الإقتار وإن السخاء من اليقين والبخل من الشك فلا يدخل النارمن أيقن ولا يدخل الجنة من شك ، يا زبير إن الله يحب السخاوة ولو بفلقة تمرة والشجاعة ولو بقتل عقرب أو حيه ، يا زبير إن الله يحب الصبر عند زلزلة الزلازل واليقين النافذ عند مجيء الشهوات والعقل الكامل عند نزول الشبهات والورع الصادق عند الحرام والخبيثات ، يا زبير عظم الإخوان وجلل الأبرار ووقر الأخيار وصل الجار ولا تماشي الفجار ، من فعل ذلك دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب هذه وصية الله إلي ووصيتي إليك.
- قوله تعالى : ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون * فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون * وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين * وما أتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير * وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون} قال : استفهام كقوله لعيسى عليه السلام {أأنت قلت للناس} المائده الآيه 116.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {بل كانوا يعبدون الجن} قال : الشيطان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وما آتيناهم من كتب(12/228)
يدرسونها} قال : لم يكن عندهم كتاب يدرسونه فيعلمون أن ما جئت به حق أم باطل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {وما آتيناهم من كتب يدرسونها} أي يقرؤونها {وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير} وقال : {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} فاطر الآيه 24 ولا ينقص هذا هذا ولكن كلما ذهب نبي فمن بعده في نذارته حتى يخرج النَّبِيّ الآخر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} يقول : من القدرة في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله {وكذب الذين من قبلهم} قال : القرون الأولى {وما بلغوا} أي الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم {معشار ما آتيناهم} من القوه والإجلال والدنيا والأموال.
(12/229)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {وكذب الذين من قبلهم} قال : كذب الذين قبل هؤلاء {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} قال : يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم من القوة وغير ذلك {فكيف كان نكير} يقول : فقد أهلك الله أولئك وهم أقوى وأخلد ، قوله تعالى : قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله
عنه {قل إنما أعظكم بواحدة} قال : بطاعة الله {أن تقوموا لله مثنى وفرادى} قال : واحد واثنين.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {قل إنما أعظكم بواحدة} قال : بلا إله إلا الله.
(12/230)
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله {قل إنما أعظكم بواحدة} قال : لا إله إلا الله ، وفي قوله {أن تقوموا لله} قال : ليس بالقيام على الأرجل كقوله {كونوا قوامين بالقسط} النساء الآيه 135 ، واخرج ابن المنذر ، وَابن ابي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في الآيه قال : يقوم الرجل مع الرجل أو وحده فيتفكر ما بصاحبكم من جنة يقول : إنه ليس بمجنون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامه رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول أعطيت ثلاثا لم يعطهن نبي قبلي ولا فخر ، أحلت لي الغنائم ولم تحل لمن كان قبلي كانوا يجمعون غنائمهم فيحرقونها ، وبعثت إلى كل أحمر وأسود وكان كل نبي يبعث إلى قومه وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا أتيمم بالصعيد وأصلي فيها حيث أدركتني الصلاة قال الله تعالى {أن تقوموا لله مثنى وفرادى} وأعنت بالرعب مسيرة شهر بين يدي.
(12/231)
- قوله تعالى : قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد * قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب * قل جاء الحق وما يبددئ الباطل وما يعيد * قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {قل ما سألتكم من أجر} أي من جعل {فهو لكم} يقول : لم أسألكم
على الإسلام جعلا وفي قوله {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب قل جاء الحق وما يبدئ الباطل} قال : الشيطان لا يبدئ ولا يعيد إذا هلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {يقذف بالحق} قال : ينزل بالوحي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {جاء الحق} قال : جاء القرآن {وما يبدئ الباطل وما يعيد} قال : ما يخلق إبليس شيئا ولا يبعثه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عمر بن سعد رضي الله عنه {قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي} قال : أؤخذ بخيانتي.
(12/232)
- قوله تعالى : ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال : في الدنيا عند الموت حين عاينوا الملائكه ورأوا بأس الله {وأنى لهم التناوش من مكان بعيد} غافر الآيه 84 قال : لا سبيل لهم إلى الإيمان كقوله {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين} قال : قد كانوا يدعون إليه وهم في دعه ورخاء فلم يؤمنوا به {ويقذفون بالغيب} يرجعون بالظن يقولون إنه لا جنة ولا نار ولا بعث {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : اشتهوا طاعة الله لو أنهم عملوا بها فحيل بينهم وبين ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال يوم القيامه {فلا فوت} فلم يفوتوا ربك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال في القبور من الصيحه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال : هذا يوم بدرحين ضربت أعناقهم فعاينوا العذاب فلم يستطيعوا فرارا من(12/233)
العذاب ولا رجوعا إلى التوبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والضحاك رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} قال : هو يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن زيد بن أسلم مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} قال : هم قتلى المشركين من أهل بدر نزلت فيهم هذه الآيه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب} قال : هو جيش السفياني قال : من أين أخذ قال : من تحت أقدامهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عطيه رضي الله عنه في قوله {ولو ترى إذ فزعوا} قال : قوم خسف بهم أخذوا من تحت أقدامهم.
وأخرج ابن مردويه عن حذيفه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث ناس إلى المدينه حتى إذا كانوا ببيداء بعث الله عليهم جبريل عليه السلام فضربهم برجله ضربة فيخسف الله بهم فذلك قوله {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من(12/234)
مكان قريب}.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} قال : هم الجيش الذين يخسف بهم بالبيداء يبقى منهم رجل يخبر الناس بما لقي أصحابه.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي معقل رضي الله عنه {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} قال : أخذوا فلم يفوتوا.
وأخرج أحمد عن نفيره امرأة القعقاع بن أبي حدره رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا سمعتم بجيش قد خسف به فقد أطلت الساعة.
وَأخرَج أحمد ومسلم والحاكم عن حفصه أم المؤمنين رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا بالبيداء خسف أوساطهم فينادي أولهم آخرهم فيخسف بهم خسفا فلا ينجو إلا(12/235)
الشريد الذي يخبر عنهم.
وَأخرَج أحمد عن حفصه رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
يأتي جيش من قبل المشرق يريدون رجلا من أهل مكه حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فيرجع من كان أمامهم لينظر ما فعل القوم فيصيبهم ما أصابهم ، قلت : يا رسول الله فكيف بمن كان مستكرها قال : يصيبهم كلهم ذلك ثم يبعث الله كل امرئ على نيته.
وَأخرَج ابن أبي شيبه وأحمد عن صفيه أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينتهي الناس عن غزو هذا البيت حتى يغزوه جيش حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بأولهم وآخرهم ولم ينج أوسطهم قلت : يا رسول الله أرأيت المكره قال : يبعثهم الله على ما في أنفسهم.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشه رضي الله عنها قالت : بينما رسول(12/236)
الله صلى الله عليه وسلم [ ].
وَأخرَج ابن أبي شيبه والحاكم وصححه عن أم سلمه رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يعوذ عائذ بالحرم فيبعث إليه بعث فإذا كان ببيداء من الأرض خسف بهم قلت : يا رسول الله فكيف بمن يخرج كارها قال : يخسف به معهم ولكنه يبعث على نيته يوم القيامه.
وَأخرَج ابن ابي سيبه والطبراني عن أم سلمه قالت :(12/237)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع الرجل من أمتي بين الركن والمقام كعدة أهل بدر فيأتيه عصب العراق وأبدال الشام فيأتيهم جيش من الشام حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم ثم يسير إليه رجل من قريش أخواله كلب فيهزمهم الله قال : وكان يقال إن الخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريره رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المحروم من حرم غنيمة كلب ولو عقالا والذي نفسي بيده لتباعن نساؤهم على درج دمشق حتى ترد المرأة من كسر بساقها.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا تنته البعوث عن غزو بيت الله حتى يخسف بجيش منهم.
وَأخرَج الحاكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعده تحارب القبائل وعامئذ ينهب الحاج وتكون(12/238)
ملحمه بمنى حتى يهرب صاحبهم فيبايع بين الركن والمقام وهو كاره يبايعه مثل عدة أهل بدر يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق وعامة من يتبعه من كلب فيقتل حتى يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان فيجمع لهم قيس فيقتلها حتى لا يمنع ذنب تلعة ويخرج رجل من أهل بيتي فيبلغ السفياني فيبعث إليه جندا من جنده فيهزمه فيسير إليه السفياني بمن معه حتى إذا صار ببيداء من الأرض خسف بهم فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحذركم سبع فتن فتنه تقبل من المدينه وفتنه بمكه وفتنه باليمن وفتنه تقبل من الشام وفتنه تقبل من المشرق وفتنه تقبل من المغرب وفتنه من بطن الشام وهي السفياني ، فقال ابن مسعود رضي الله عنه : منكم من يدرك أولهاومن هذه الأمه من يدرك آخرها قال الوليد بن عياش رضي الله عنه : فكانت فتنة المدينه من قبل طلحه والزبير وفتنة مكه فتنة ابن الزبير وفتنة الشام من قبل بني أميه وفتنة المشرق من(12/239)
قبل هؤلاء.
وَأخرَج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب قال : فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فوره ذلك حتى ينزل دمشق فيبعث جيشين جيشا إلى المشرق ، وجيشا إلى المدينة ،حتى ينزلوا بأرض بابل في المدينة الملعونة والبقعة الخبيثة فيقتلون أكثر من ثلاثة ألاف ويبقرون بها أكثر من مائة إمرأة ، ويقتلون بها ثلاثة مائة كبش من بني العباس ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها ، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام ، فتخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش منها على ليلتين فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم ، ويخلى جيشه الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام ولياليها ،ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبريل فيقول : ياجبريل اذهب فأبدهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم فذلك قوله عزوجل في سورة "سبأ" (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت) الآية . فلا ينفلت منهم إلا رجلان أحدهما بشير والأخر نذير وهما من جهينة " فلذلك جاء القول 000000وعند جهينة الخبر اليقين ..
(12/240)
- قوله تعالى : وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد * وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد.
أخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وقالوا آمنا به} قال : الله {وأنى لهم التناوش} قال : التناول كذلك {من مكان بعيد} قال : ما كان بين الآخرة والدنيا {وقد كفروا به من قبل} قال : كفروا بالله في الدنيا {ويقذفون بالغيب من مكان بعيد} قال : في الدنيا قولهم هو ساحر بل هو كاهن بل هو شاعر بل هو كذاب.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله
عنه {وأنى لهم التناوش} الرد {من مكان بعيد} قال : من الآخره إلى الدنيا.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وأنى لهم التناوش} قال : كيف لهم الرد {من مكان بعيد} قال : يسألون الرد وليس حين رد.
(12/241)
وأخرج ابن المنذر عن التيمي قال : أتيت ابن عباس قلت : ما التناوش قال : تناول الشيء وليس بحين ذاك.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتاده رضي الله عنه {وأنى لهم التناوش} قال : التوبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك رضي الله عنه مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ (التناؤش) ممدوده مهموزه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله {ويقذفون بالغيب} قال : يرجمون بالظن أنهم كانوا في الدنيا يكذبون بالآخرة ويقولون : لا بعث ولا جنه ولا نار.
- قوله تعالى : وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب.
أخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : حيل بينهم وبين الإيمان.
(12/242)
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : من مالأو ولد أو زهرة أو أهل {كما فعل بأشياعهم من قبل} قال : كما فعل بالكفار من قبلهم.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن السدي رضي الله عنه في قوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : التوبه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} قال : كان رجل من بني إسرائيل فاتحا أي الله فتح له مالا فورثه ابن له تافه - أي فاسد - فكان يعمل في مال أبيه بمعاصي الله فلما رأى ذلك إخوان أبيه أتوا الفتى فعزلوه ولاموه فضجر الفتى فباع عقاره بصامت ثم رحل فأتى عينا تجاهه فسرح فيها ماله وابتنى قصرا ، فبينما هو ذات يوم جالس إذ شملت عليه ريح بامرأة من أحسن الناس وجهاوأطيبهم ريحا فقالت : من أنت يا عبد الله قال : أنا امرؤ من بني إسرائيل قالت : فلك هذا القصر وهذا المال قال : نعم ، [ قالت ] فهل لك من زوجة قال : لا ، قالت : فكيف يهنيك العيش ولا زوجة لك قال : قد كان ذاك فهل لك من(12/243)
بعل قالت : لا ، قال : فهل لك أن أتزوجك قالت : إني امرأة منك على مسيرة ميل فإذا كان غد فتزود زاد يوم وأتني وإن رأيت في طريقك هولا قال : نعم ، قالت : إنه لا بأس عليك فلا يهولنك ، فلما كان من الغد تزود زاد يوم وانطلق إلى قصر فقرع بابه فخرج إليه شاب من أحسن الناس وجها وأطيب الناس ريحا فقال : من أنت يا عبد الله قال : أنا الإسرائيلي قال : فما حاجتك قال : دعتني صاحبة هذا القصر إلى نفسها قال : صدقت فهل رأيت في طريقك هولا قال : نعم ولولا أخبرتني أن لا بأس علي لهالني الذي رأيت أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذ أنا بكلبة فاتحة فاها ففزعت فوثبت فإذا أنا من ورائها وإذا جروها ينحر على صدرها قال : لست تدرك هذا هذا يكون آخر الزمان يقاعد الغلام المشيخه فيغلبهم على مجلسهم ويأسرهم حديثهم ، ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل وإذا بمائة أعنز حفل وإذا فيها جدي يمصها فإذا أتى عليها فظن أنه لم يترك شيئا فتح فاه يلتمس(12/244)
الزيادة قال : لست تدرك هذا هذا يكون في آخر الزمان ملك يجمع صامت الناس كلهم حتى إذا ظن أنه لم يترك شيئا فتح فاه يلتمس الزيادة قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا بشجر فأعجبني غصن من شجرة منها ناضر فأردت برجل معه منجل يحصد ما بلغ وما لم يبلغ قال له : لو حصدت ما بلغ وتركت ما لم يبلغ قال له : امض ، لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا.
قطعه فنادتني شجرة أخرى : يا عبد الله مني فخذ ، حتى ناداني الشجر : يا عبد الله منا فخذ ، قال : لست تدرك هذا هذا يكون في آخر الزمان يقل الرجال ويكثر النساء حتى أن الرجل ليخطب المرأة فتدعوه العشرة والعشرون إلى أنفسهن ، قال : ثم أقبلت حتى انفرج بي السبيل فإذا أنا برجل قائم على عين يغرف لكل إنسان من الماء فإذا تصدعوا عنه صب الماء في جرته فلم تعلق جرته من الماء بشيء قال : لست تدرك هذا هذا يكون في آخر الزمان القاضي يعلم الناس العلم ثم يخالفهم إلى معاصي الله ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل يميح على قليب كلما أخرج دلوه صبه في الحوض فانساب الماء راجعا إلى القليب قال : هذا رجل رد الله عليه صالح عمله فلم يقبله ، ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل يبذر بذرا فيستحصد فإذا حنطة طبيه قال : هذا رجل قبل الله صالح عمله وأزكاه له ، قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيلإذا أنا بعنز وإذا قوم قد أخذوا بقوائمها وإذا رجل آخذ بقرنيها وإذا رجل آخذ بذنبها وإذا رجل قد ركبها وإذا رجل يحلبها فقال : أما العنز فهي الدنيا والذين أخذوا بقوائمها فهم يتساقطون من عليتهاوأما الذي قد أخذ بقرنيها فهو يعالج من عيشها ضيقا وأما الذي قد أخذ بذنبها فقد أدبرت عنه وأما الذي ركبها فقد تركها وأما الذي يتحلبها ، فبخ ، بخ ذهب ذاك بها(12/245)
قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل مستلق على قفاه فقال : يا عبد الله ادن مني فخذ بيدي واقعدني فوالله ما قعدت منذ خلقني الله فأخذت بيده فقام يسعى حتى ما أراه فقال له الفتى : هذا عمرك فقد وأنا ملك الموت وأنا المرأة التي أتيتك أمرني الله بقبض روحك في هذا المكان ثم أصيرك إلى جهنم ، قال ففيه نزلت هذه الآيه {وحيل بينهم وبين ما يشتهون}.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات بسند ضعيف من طريق عكرمه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا تهتكوا سترا فإنه كان رجل في بني إسرائيل وكان له إمرأه وكانت إذا قدمت إليه الطعام ثم قامت على رأسه ثم تقول : هتك الله ستر
امرأة تخون زوجها بالغيب فبعث إليها يوما بسمكة ثم قامت على رأسه فقالت : هتك الله ستر امرأة تخون زوجها بالغيب فقهقهت السمكة حتى(12/246)
سقطت من القصعة ، فعل ذلك ثلاث مرات كل ذلك تقهقه السمكة وتضرب حتى تسقط من الخوان ، فأتى عالم بني إسرائيل فأخبره فقال : إنطلق فاذكر ربك وكل طعامك واخس الشيطان عنك فقال له : اخف الناس انطلق إلى إبنه فإنه أعلم منه فانطلق فأخبره فقال : ائتني بكل من في دارك ممن لم تر عورتهفأتاه فنظر في وجوههم ثم قال : اكشف عن هذه الحبشيه فكشف عنها فإذا مثل ذراع البكر فقال : من هذا أتيت ، فمات أبو الفتى العالم وهتك بهتكه ذلك الستر واحتاج إليه الناس فأتاه بني إسرائيل فقالوا ويحك ، أنت كنت أعلمناوأميننا ، فلما أن أكثروا عليه هرب منهم إلى أن بلغ إلى أقصى موضع بني إسرائيل من أرض البلقاء فأتيح له امرأة جميلة تستفتيه فقال لها : هل لك أن تمكنيني من نفسك وأهب لك مائة دينار قالت : أوخير من ذلك تجيء إلى أهلي تتزوجني واكون لك حلالا أبدا ، قال : فأين منزلك فوصفت له فطابت عليه تلك الليله ، فمضى فإذا هو بكلبة تنبح في بطنها جراؤها قال : ما أعجب هذا قيل له : امض ، لا تكونن مكلفا فسوف يأتيك خبر هذا فمضى فإذا هو برجل يحمل حجارة كلما ثقلت عليه وسقطت منه زاد عليها فقال له : أنت لا تستطيع تحمل هذا تزيد عليه قال :(12/247)
امض ، لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا ، فمضى فإذا هو برجل يستقي من بئر ويصبه في حوض إلى جنب البئر وفي الحوض ثقب فالماء يرجع إلى البئر قال له : لو سددت الجحر استمسك لك الماء قال : امض ، لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا فمضى فإذا هو بظبية ورجل راكب عليها وآخر يحلبها وآخر يمسك بقرنيها وآخرون يمسكون بقوائمها قال : ما أعجب هذا قال له : امض ، لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا فمضى فإذا هو برجل يبذر بذرا فلا يقع على الأرض حتى ينبت ثم مضى فإذا هو
فمضى فإذا هو بالقصر الذي وعدته وإذا دونه نهر وإذا رجل جالس على سرير فقال له : كيف الطريق إلى هذا القصر ولقد رأيت في ليلتي أعاجيب قال : ما هي فذكر الكلبه ، قال : يأتي على الناس زمان يثب الصغير على الكبير والوضيع على الشريف والسفيه على الحليم ، وذكر له الذي يحمل الحجارة قال : يأتي على الناس زمان يكون عند الرجل الأمانه فلا يقدر يؤديها ويزيد عليها ، وذكر له الذي يستقي قال : يأتي على الناس زمان يتزوج الرجل المرأة لا يتزوجها لدينها ولا حسب ولا جمال إنما يريد مالها وتكون لا تلد فيكون كل شيء منه يرجع فيها ، وذكر له الظبيه قال : هي الدنيا ، أما الراكب عليها فالملك.
وَأَمَّا الذين يحلبونها فهو(12/248)
أطيب الناس عيشا.
وَأَمَّا الذي يمسك بقرنيها فمن أيبس الناس عيشا ، واما الذي يمسك ذنبها فالذي لا يأتيه رزقه إلا قوتا ، والذين يمسكون بقوائمها فسفلة الناس ، وذكر له البذر قال : يأتي على الناس زمان لا يدري متى يتزوج الرجل ومتى يولد المولود ومتى قد بلغ ، وذكر له الذي يحصد فقال : ذاك ملك الموت يحصد الصغير والكبير وأنا هو بعثني الله إليك لأقبض روحك على أسوء أحوالك.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنه ، أنه شرب ماء بارد فبكى فقيل له : ما يبكيك فقال : ذكرت آية في كتاب الله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} فعرفت أن أهل النار لا يشتهون إلا الماء البارد وقد قال الله {أفيضوا علينا من الماء} الأعراف الآيه 50.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتاده في قوله {إنهم كانوا في شك مريب} قال : إياكم والشك والريبه فإنه من مات على شك بعث عليهومن مات على يقين بعث عليه ، والله أعلم | 7(12/249)
* بسم الله الرحمن الرحيم *- سورة فاطر.
مكية وآياتها خمس وأربعون.
مقدمة سورة فاطر.
أخرج ابن الضريس والبخاري ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت سورة فاطر بمكة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : سورة الملائكة مكية.
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي ملكية قال : كنت أقوم بسورة الملائكة في ركعة.
الآية 1.
أَخرَج أبو عبيد في فضائله ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت لا أدري ما {فاطر السماوات والأرض} حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها قال : ابتدأتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاطر السماوات والأرض} قال : بديع السموات والأرض.
(12/250)
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : كل شيء في القرآن {فاطر السماوات والأرض} فهو خالق السموات والأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {جاعل الملائكة رسلا} قال : إلى العباد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فاطر السماوات والأرض} قال : خالق السموات والأرض {جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع} قال : بعضهم له جناحان وبعضهم له ثلاثة أجنحة وبعضهم له أربعة أجنحة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {أولي أجنحة مثنى} قال : للملائكة الأجنحة من اثنين إلى ثلاثة إلى اثني عشر وفي ذلك وتر الثلاثة الأجنحة والخمسة والذين على الموازين فطران وأصحاب الموازين أجنحتهم عشرة ، عشرة ، وأجنحة الملائكة زغبة ولجبريل ستة أجنحة ، جناح بالمشرق وجناح بالمغرب وجناحان على عينيه وجناحان ، منهم من(12/251)
يقول على ظهره ومنهم من يقول متسرولا بهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {يزيد في الخلق ما يشاء} يزيد في أجنحتهم وخلقهم ما يشاء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {يزيد في الخلق ما يشاء} قال : الصوت الحسن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن الزهري رضي الله عنه في قوله {يزيد في الخلق ما يشاء} قال : حسن الصوت.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حذيفة ، أنه سمع أبا التياح يؤذن فقال : من يرد الله أن يجعل رزقه في صوته فعل.
وأخرج البيهقي عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يزيد في الخلق ما يشاء} قال : الملاحة في العينين.
الآيات 2 - 4(12/252)
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما يفتح الله للناس} قال : ما يفتح الله للناس من باب توبة {فلا مرسل له من بعده} وهم لا يتوبون.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده} يقول (ليس لك من الأمر شيء) (آل عمران 128).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما يفتح الله للناس من رحمة} أي من خير {فلا ممسك لها} قال : فلا يستطيع أحد حبسها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} قال : المطر.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب قال : سمعت مالكا يحدث أن أبا هريرة رضي الله عنه كان إذا أصبح في الليلة التي يمطرون فيها وتحدث مع أصحابه قال : مطرنا الليلة بنوء الفتح ثم يتلو {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}.
(12/253)
وأخرج ابن المنذر عن عامر بن عبد قيس رضي الله عنه قال : أربع آيات من كتاب الله إذا قرأتهن فما أبالي ما أصبح عليه وأمسي {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده} وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله {أنعام} وسيجعل الله بعد عسر يسرا {الطلاق} وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها {هود}.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن جعفر بن الزبير قال كان عروة يقول في ركوب المحمل : هي والله رحمة فتحت للناس ثم يقول {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يرزقكم من السماء والأرض} قال : الرزق من السماء : المطر ومن الأرض : النبات.
الآيات 5 - 7.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الغرة في الحياة الدنيا أن يغتر بها وتشغله عن الآخرة ، أن يمهد لها ويعمل لها كقول العبد إذا أفضى إلى الآخرة (يا ليتني قدمت لحياتي) (الفجر 24) والغرة بالله : أن يكون العبد في معصية الله ويتمنى على الله المغفرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه(12/254)
في قوله {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا} قال : عادوه فإنه يحق على كل مسلم عداوته وعداوته أن يعاديه بطاعة الله ، وفي قوله {إنما يدعو حزبه} قال : أولياءه {ليكونوا من أصحاب السعير} أي ليسوقهم إلى النار فهذه عداوته.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {إنما يدعو حزبه} الآية ، قال يدعو حزبه إلى معاصي الله وأصحاب معاصي الله أصحاب السعير وهؤلاء حزبه من الأنس ألا تراه يقول : (أولئك حزب الشيطان) (المجادلة 19) قال : والحزب ولاية الذين يتولاهم ويتولونه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {لهم مغفرة وأجر كبير} قال : كل شيء في القرآن {لهم مغفرة وأجر كبير} ورزق كريم فهو الجنة.
الآية 8
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي قلابة أنه سئل عن هذه الآية {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} أهم عمالنا هؤلاء الذين يصنعون قال : ليس هم ، إن هؤلاء ليس أحدهم يأتي شيئا مما لا يحل له إلا قد عرف إن ذلك حرام عليه ، إن(12/255)
أتى الزنا فهو حرام أو قتل النفس فهو حرام إنما أولئك أهل الملل ، اليهود والنصارى والمجوس وأظن الخزارج منهم لأن الخارجي يخرج بسيفه على جميع أهل البصرة وقد عرف أنه ليس ينال حاجته منهم وأنهم سوف يقتلونه ولولا أنه من دينه ما فعل ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة والحسن في قوله {أفمن زين له سوء عمله} قال : الشيطان زين لهم - والله - الضلالات {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} أي لا تحزن عليهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} قال : هذا المشرك {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} كقوله (لعلك باخع نفسك) (الكهف 6).
وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه قال : أنزلت هذه الآية {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} حيث قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اللهم(12/256)
أعز دينك بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام فهدى الله عمر رضي الله عنه وأضل أبا جهل ، ففيهما أنزلت.
الآية 9.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور} قال : أحيا الله هذه الأرض الميتة بهذا الماء كذلك يبعث الناس يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود رضي الله
عنه قال : يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فلا يبقى خلق لله في السموات والأرض (إلا ما شاء الله) (الأعلى الآية 7) ثم يرسل الله من تحت العرش منيا كمني الرجال فتنبت أجسامهم ولحمانهم من ذلك الماء كما تنبت الأرض من الثرى ثم قرأ عبد الله رضي الله عنه (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور) ويكون بين النفختين ما شاء الله ثم يقوم ملك فينفخ فيه فتنطلق كل نفس إلى جسدها.
وأخرج الطيالسي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه قال :(12/257)
قلت يا رسول الله كيف يحيى الله الموتى قال : أما مررت بأرض مجدبة ثم مررت بها مخصبة تهتز خضراء قال : بلى ، قال : كذلك يحيي الله الموتى وكذلك النشور.
الآية 10.
أَخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {من كان يريد العزة} قال : بعبادة الأوثان {فلله العزة جميعا} قال : فليتعزز بطاعة الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود قال : إذا حدثناكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله ، إن العبد المسلم إذا قال سبحان الله وبحمده والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله قبض عليهن ملك يضمهن تحت جناحه ثم يصعد بهن إلى السماء فلا يمر(12/258)
بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن
حتى يجيء بهن وجه الرحمن ثم قرأ {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب} قال : ذكر الله {والعمل الصالح يرفعه} قال : أداء الفرائض فمن ذكر الله في أداء فرائضه حمل عمله ذكر الله فصعد به إلى الله ومن ذكر الله ولم يؤد فرائضه وكلامه على عمله وكان عمله أولى به.
وأخرج آدم بن أبي أياس والبغوي والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد رضي الله عنه {إليه يصعد الكلم الطيب(12/259)
والعمل الصالح يرفعه} قال : هو الذي يرفع الكلام الطيب.
وأخرج الفريابي عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب} قال : القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر رضي الله عنه في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب} قال : الدعاء.
وأخرج ابن المبارك ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إلى الله ويعرض القول على العمل فإن وافقه رفع وإلا رد.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب.
(12/260)
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن شهر بن حوشب في الآية قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب.
وأخرج ابن المنذر عن مالك بن سعد قال : إن الرجل ليعمل الفريضة الواحدة من فرائض الله وقد أضاع ما سواها فما زال الشيطان يمنيه فيها ويزين له حتى ما يرى شيئا دون الجنة فقبل أن تعملوا أعمالكم فانظروا ما تريدون بها فإن كانت خالصة لله فامضوها وإن كانت لغير الله فلا تشقوا على أنفسكم ولا شيء لكم
فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا فإنه قال تبارك وتعالى {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والعمل الصالح يرفعه} قال : لا يقبل قول إلا بعمل ، وقال الحسن : بالعمل قبل الله.
وأخرج ابن المبارك عن قتادة رضي الله عنه {والعمل الصالح يرفعه} قال : يرفع الله العمل لصاحبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن الحسن رضي الله عنه(12/261)
قال : ليس الإيمان بالتمني ولا بالتخلي ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال ، من قال حسنا وعمل غير صالح رده الله على قوله ، ومن قال حسنا وعمل صالحا رفعه العمل ذلك لأن الله قال {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس أنه سئل : أتقطع المرأة والكلب والحمار الصلاة فقال {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} فما يقطع هذا ولكنه مكروه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في قوله {والذين يمكرون السيئات} قال : هم أصحاب الرياء وفي قوله {ومكر أولئك هو يبور} قال : الرياء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن شهر بن حوشب في قوله {والذين يمكرون السيئات} قال : يراؤن {ومكر أولئك هو يبور} قال : هم أصحاب(12/262)
الرياء لا يصعد عملهم.
وأخرج عن ابن زيد في قوله {والذين يمكرون السيئات} قال : هم المشركون {ومكر أولئك هو يبور} قال : بار فلم ينفعهم ولم ينتفعوا به وضرهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والذين يمكرون السيئات} قال : يعملون السيئات {ومكر أولئك هو يبور} قال : يفسد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ومكر أولئك هو يبور} قال : يهلك فليس له ثواب في الآخرة.
الآية 11.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والله خلقكم من تراب} يعني خلق آدم من تراب {ثم من نطفة} يعني ذريته(12/263)
(ثم ذكرانا وأناثا) (الشورى الآية 50).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما يعمر من معمر} الآية ، يقول : ليس أحد قضيت له طول العمر والحياة إلا وهو بالغ ما قدرت له من العمر وقد قضيت له ذلك فإنما ينتهي له الكتاب الذي قدرت له لا يزاد عليه وليس أحد قضيت له أنه قصير العمر والحياة ببالغ العمر ولكن ينتهي إلى الكتاب الذي كتب له ، فذلك قوله {ولا ينقص من عمره إلا في كتاب} يقول : كل ذلك في كتاب عنده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} يقول : لم يخلق الناس كلهم على عمر واحد ، لهذا عمر ولهذا عمر هو أنقص من عمره كل ذلك مكتوب لصاحبه بالغ ما بلغ.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} قال : ما من يوم يعمر في الدنيا إلا ينقص من أجله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وابن(12/264)
أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} قال : ليس يوم يسلبه من عمره إلا في كتاب كل يوم في نقصان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير في قوله {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} إلا في كتاب قال : مكتوب في أول الصحيفة عمره كذا وكذا ثم يكتب في أسفل ذلك ذهب يوم ذهب يومان حتى يأتي على آخر عمره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسان بن عطية في قوله {ولا ينقص من عمره} قال : كل ما ذهب من يوم وليلة فهو نقصان من عمره.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن جريج عن مجاهد في قوله {وما يعمر من معمر} إلا كتب الله له أجله في بطن أمه {ولا ينقص من(12/265)
عمره} يوم تضعه أمه بالغا ما بلغ يقول : لم يخلق الناس كلهم على عمر واحد ، لذا عمر ولذا عمر هو أنقص من عمر هذا وكل ذلك مكتوب لصاحبه بالغا ما بلغ.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : ألا ترى الناس يعيش الإنسان مائة سنة ، وآخر يموت حين يولد فهو هذا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : ليس من مخلوق إلا كتب الله له عمره جملة فكل يوم يمر به أو ليلة يكتب : نقص من عمر فلان كذا وكذا ، حتى يستكمل بالنقصان عدة ما كان له من أجل مكتوب فعمره جميعا في كتاب ونقصانه في كتاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي مسلم الخراساني في الآية قال : لا يذهب من عمر إنسان يوم ولا شهر ولا ساعة إلا ذلك مكتوب محفوظ معلوم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : أما العمر فمن بلغ ستين سنة.
وَأَمَّا الذي ينقص من عمره فالذي يموت قبل أن يبلغ ستين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وما يعمر من معمر} قال :(12/266)
في بطن أمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ولا ينقص من عمره} قال : ما لفظت الأرحام من الأولاد من غير تمام.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو بخمسة وأربعين
ليلة فيقول : أي رب أشقي أم سعيد أذكر أم أنثى فيقول الله ، ويكتبان ثم يكتب عمله ورزقه وأجله وأثره ومصيبته ثم تنطوي الصحيفة فلا يزاد فيها ولا ينقص منها.
وأخرج ابن أبي شيبه ومسلم والنسائي وأبو الشيخ عن عبد الله بن مسعود قال : قالت أم حبيبة : اللهم أمتعني بزوجي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : فإنك سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة ولن يعجل شيئا قبل حله أو يؤخر شيئا عن حله(12/267)
ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب النار أو عذاب القبر كان خيرا وأفضل.
وأخرج الخطيب ، وَابن عساكر عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كان في بني إسرائيل أخوان ملكان على مدينتين وكان أحدهما بارا برحمه عادلا على رعيته ، وكان الآخر عاقا برحمه جائرا على رعيته ، وكان في عصرهما نبي فأوحى الله إلى ذلك النَّبِيّ إنه قد بقي من عمر هذا البار ثلاث سنين وبقي من عمر هذا العاق ثلاثون سنة فأخبر النَّبِيّ رعية هذا ورعية هذا فأحزن ذلك رعية العادل وأفرح ذلك رعية الجائر ففرقوا بين الأمهات والأطفال وتركوا الطعام والشراب وخرجوا إلى الصحراء يدعون الله تعالى أن يمتعهم بالعادل ويزيل عنهم الجائر فأقاموا ثلاثا فأوحى الله إلى ذلك النَّبِيّ : أن أخبر عبادي أني قد رحمتهم وأجبت دعاءهم فجعلت ما بقي من عمر هذا البار لذلك الجائر وما بقي من عمر الجائر لهذا البار فرجعوا إلى بيوتهم ومات العاق لتمام ثلاث سنين وبقي العادل فيهم ثلاثين سنة ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير.
الآيات 12 - 13(12/268)
أخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي جعفر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شرب الماء قال : الحمد لله الذي جعله عذبا فراتا برحمته ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج} قال : الأجاج المر {ومن كل تأكلون لحما طريا} أي منهما جميعا {وتستخرجون حلية تلبسونها} هذا اللؤلؤ {وترى الفلك فيه مواخر} قال : السفن مقبلة ومدبرة تجري بريح واحدة {يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل} قال : نقصان الليل في زيادة النهار ونقصان النهار في زيادة الليل {وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى} قال : أجل معلوم وحد لا يتعداه ولا يقصر دونه {ذلكم الله ربكم} يقول : هو الذي سخر لكم هذا.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن أبي حاتم عن سنان بن سلمة أنه سأل ابن عباس عن ماء البحر فقال : بحران لا يضرك من أيهما توضأت ، ماء البحر وماء الفرات.
(12/269)
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ومن كل تأكلون لحما طريا} قال : السمك {وتستخرجون حلية تلبسونها} قال : اللؤلؤ من البحر الأجاج.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ما يملكون من قطمير} قال : القطمير القشر وفي لفظ الجلد الذي يكون على ظهر النواة.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {من قطمير} قال : الجلدة البيضاء التي على النواة قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول : لم أنل منهم بسطا ولا زبدا * ولا فوفة ولا قطميرا
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء قال : القطمير الذي بين النواة والتمرة القشر الأبيض.
(12/270)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قطمير} قال : لفافة النواة كسحاة البصلة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الضحاك في قوله {من قطمير} قال : رأس التمرة يعني القمع.
الآيات 14 - 17.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم} أي ما قبلوا ذلك منكم {ويوم القيامة يكفرون بشرككم} قال : لا يرضون ولا يقرون به {ولا ينبئك مثل خبير} والله هو الخبير أنه سيكون هذا من أمرهم يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إن تدعوهم لا يسمعوا(12/271)
دعاءكم} قال : هي الآلهة ، لا تسمع دعاء من دعاها وعبدها من دون الله تعالى {ولو سمعوا ما استجابوا لكم} قال : ولو سمعت الآلهة دعاءكم ما استجابوا لكم بشيء من الخير {ويوم القيامة يكفرون بشرككم} قال : بعبادتكم إياهم.
الآيات 18 – 26
أخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن ماجة عن عمرو بن الأحوص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في حجة الوداع ألا لا يجني جان إلا على نفسه ، لا يجني والد على ولده ولا مولود على والده.
وأخرج سعيد بن منصور وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن مردويه عن أبي رمثة قال : انطلقت مع أبي نحو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلما رأيته قال لأبي : ابنك هذا قال : أي ورب الكعبة قال : أما أنه لا يجني عليك ولا تجني عليه ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله {وإن تدع مثقلة إلى حملها} قال : إن تدع نفس مثقلة من الخطايا ذا قرابة أو غير(12/272)
ذي قرابة {لا يحمل} عنها من خطاياها شيء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء} يكون عليه وزر لا يجد أحدا يحمل عنه من وزره شيئا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء} كنحو {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إن الجار يتعلق بجاره يوم القيامة فيقول : يا رب سل هذا لم كان يغلق بابه دوني وإن الكافر ليتعلق بالمؤمن يوم القيامة فيقول له : يا مؤمن إن لي عندك يدا قد عرفت كيف كنت في الدنيا وقد احتجت إليك اليوم فلا يزال المؤمن يشفع له إلى ربه حتى يرده إلى منزلة دون منزلة وهو في النار ، وأن الوالد يتعلق بولده يوم القيامة فيقول : يا بني أي والد كنت لك فيثني خيرا فيقول : يا بني إني احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك أنجو بها مما ترى فيقول له ولده : يا أبت(12/273)
ما أيسر ما طلبت ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا أتخوف مثل الذي تخوفت فلا أستطيع أن أعطيك شيئا ، ثم يتعلق بزوجته فيقول : يا فلانة أي زوج كنت لك فتثني خيرا فيقول لها : فإني أطلب إليك حسنة واحدة تهبيها لي لعلي أنجو مما ترين ، قالت : ما أيسر ما طلبت ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا أتخوف مثل الذي تخوفت ، يقول الله {وإن تدع مثقلة إلى حملها} ، ويقول الله (يوم لا يجزي والد عن ولده) (لقمان 133) و(يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه) (عيسى 34).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإن تدع مثقلة إلى حملها} أي إلى ذنوبها {لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى} قال : قرابة قريبة لا يحمل من ذنوبه شيئا ويحمل عليها غيرها من ذنوبها شيئا {إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب} أي يخشون النار والحساب ، وفي قوله {ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه} أي من عمل عملا صالحا فإنما يعمل لنفسه ، وفي قوله {وما يستوي} ، قال : خلق فضل بعضه على بعض فأما المؤمن فعبد حي الأثر حي البصر حي النية حي العمل ، والكافر عبد ميت الأثر ميت البصر ميت(12/274)
القلب ميت العمل.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وما يستوي الأعمى والبصير} قال : هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن يقول : كما لا يستوي هذا وهذا كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وما يستوي الأعمى والبصير} قال : الكافر والمؤمن {ولا الظلمات} قال : الكفر {ولا النور}
قال : الإيمان {ولا الظل} قال : الجنة {ولا الحرور} قال : النار {وما يستوي الأحياء ولا الأموات} قال : المؤمن والكافر {إن الله يسمع من يشاء} قال : يهدي من يشاء.
وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجنديسابوري الخامس من حديثه من طريق عبد القدوس عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله (فإنك لا تسمع الموتى) (الروم 52) {وما أنت بمسمع من في القبور} قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقف على القتلى يوم بدر ويقول : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا يا فلان بن فلان ، ألم تكفر بربك ألم تكذب نبيك ألم تقطع رحمك فقالوا : يا رسول الله أيسمعون ما نقول قال : ما أنتم بأسمع منهم لما أقول ، فأنزل الله (فإنك لا تسمع الموتى) {وما أنت بمسمع من في القبور} ومثل(12/275)
ضربة الله للكفار أنهم لا يسمعون لقوله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما أنت بمسمع من في القبور} فكذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يسمع ، وفي قوله {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} يقول كل أمة قد كان لها رسول جاءها من الله ، وفي قوله {وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم} قال : يعزي نبيه {جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير} قال : شديد والله لقد عجل لهم عقوبة الدنيا ثم صيرهم إلى النار.
الآيات 27 - 28.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها} قال : أحمر وأصفر {ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها} أي جبال حمر {وغرابيب سود} والغرابيب السود يعني لونه كما
اختلفت ألوان هذه الجبال(12/276)
وألوان الناس والدواب والأنعام كذلك {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال : كان يقال كفى بالرهبة علما.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثمرات مختلفا ألوانها} قال : الأبيض والأحمر والأسود وفي قوله {ومن الجبال جدد بيض} قال : طرائق بيض يعني الألوان.
وأخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال أيصبغ ربك قال نعم ، صبغا لا ينقض ، أحمر ، وأصفر ، وأبيض.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {جدد} قال : طرائق ، طريقة بيضاء وطريقة خضراء ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الشاعر وهو يقول : قد غادر السبع في صفحاتها جددا * كأنها طرق لاحت على أكم.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ومن الجبال(12/277)
جدد بيض} قال : طرائق بيض {وغرابيب سود} قال : جبال سود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الغرابيب الأسود الشديد السواد.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله {مختلفا ألوانها} قال : منها الأحمر والأبيض والأخضر والأسود وكذلك ألوان الناس منهم الأحمر والأسود والأبيض وكذلك الدواب والأنعام.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {ومن الجبال جدد} قال : طرائق تكون في الجبل بيض وحمر فتلك الجدد {وغرابيب سود} قال : جبال سود {ومن الناس والدواب والأنعام} ، قال : كذلك اختلاف الناس والدواب والأنعام كاختلاف الجبال ، ثم قال {إنما يخشى الله من عباده العلماء} فلا فضل لما قبلها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ومن الجبال جدد بيض} قال : طرائق مختلفة كذلك اختلاف ما ذكر من اختلاف ألوان الناس والدواب(12/278)
والأنعام كذلك كما اختلفت هذه الأنعام تختلف الناس في خشية الله كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : الخشية والإيمان
والطاعة والتشتت في الألوان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال : العلماء بالله الذين يخافونه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عدي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليس العلم من كثرة الحديث ولكن العلم من الخشية.
(12/279)
وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير قال : العالم من خشي الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن صالح أبي الخليل رضي الله عنه في قوله {إنما يخشى الله من عباده العلماء} قال : أعلمهم بالله أشدهم له خشية.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي حيان التيمي عن رجل قال : كان يقال العلماء ثلاثة ، عالم بالله وعالم بأمر الله وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله ، فالعالم بالله وبأمر الله : الذي يخشى الله ويعلم الحدود والفرائض ، والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله : الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله : الذي يعلم الحدود والفرائض ولا يخشى الله.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن عدي عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال : إن العلم ليس بكثرة الرواية إنما العلم نور يقذفه الله في القلب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : الإيمان من خشي الله بالغيب ورغب فيما رغب الله فيه وزهد فيما أسخط الله ، ثم تلا {إنما يخشى الله من عباده العلماء}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مسروق قال : كفى بالمرء علما أن يخشى الله(12/280)
وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعمله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كفى بخشية الله علما وكفى باغترار المرء جهلا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الفقيه من يخاف الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن العباس العمي قال : بلغني أن داود عليه السلام قال : سبحانك تعاليت فوق عرشك وجعلت خشيتك على من في السموات والأرض فأقرب خلقك إليك أشدهم لك خشية وما علم من لم يخشك وما حكمة من لم يطع أمرك.
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليس العلم بكثرة الرواية ولكن العلم الخشية.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي والحاكم عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : العلم علمان ، علم في القلب فذاك العلم النافع ، وعلم على(12/281)
اللسان فتلك حجة الله على خلقه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : بحسب المرء من العلم أن يخشى الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس يفطرون وبحزنه إذا الناس يفرحون وببكائنا إذا الناس يضحكون وبصمته إذا الناس يخلطون وبخشوعه إذا الناس يختالون وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون صخابا ولا صياحا ولا حديدا.
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن وهب بن منبه قال : أقبلت مع(12/282)
عكرمة أقود ابن عباس رضي الله عنهما بعدما ذهب بصره حتى دخل المسجد الحرام فإذا قوم يمترون في حلقة لهم عند باب بني شيبة فقال : أمل بي إلى حلقة المراء فانطلقت به حتى أتاهم فسلم عليهم فأرادوه على الجلوس فأبى عليهم وقال : انتسبوا إلي أعرفكم فانتسبوا إليه فقال : أما علمتم أن لله عبادا أسكتتهم خشيته من غير عي ولا بكم إنهم لهم الفصحاء النطقاء النبلاء العلماء بأيام الله غير أنهم إذا ذكروا عظمة الله طاشت عقولهم من ذلك وانكسرت قلوبهم وانقطعت ألسنتهم حتى إذا استقاموا من ذلك سارعوا إلى الله بالأعمال الزاكية فأين أنتم منهم ثم تولى عنهم فلم ير بعد ذلك رجلان.
وأخرج الخطيب فيه أيضا عن سعيد بن المسيب قال : وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس ثماني عشرة كلمة حكم كلها قال : ما عاقبت من عصى الله فيك مثل أن تطيع الله فيه وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك منه ما يغلبك ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شرا أنت تجد لها في الخير محملا ومن عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء الظن به ، من كتم سره كانت الخيرة في يده وعليك بأخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء عدة في البلاء(12/283)
وعليك بالصدق وإن قتلك ولا تعرض فيما لا يعني ولا تسأل عما لم يكن فإن فيما كان شغلا عما لم يكن ولا تطلب حاجتك إلى من لا يحب نجاحها لك ولا تهاون بالحلف الكاذب فيهلكك الله ولا تصحب الفجار لتعلم من فجورهم واعتزل عدوك واحذر صديقك إلا الأمين ولا أمين إلا من خشي الله وتخشع عند القبور وذل عند الطاعة واستعصم عند المعصية واستشر الذين يخشون الله فإن الله تعالى يقول (إنما يخشى الله من عباده العلماء).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مكحول قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العالم والعابد فقال : فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ، ثم تلا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هذه الآية {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ثم قال إن الله وملائكته وأهل السماء وأهل الأرض والنون في البحر ليصلون على معلمي الخير).
الآيات 29 - 31.
أَخرَج عبد الغني بن سعيد الثقفي في تفسيره عن ابن عباس ، أن حصين بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي نزلت فيه {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة} الآية.
(12/284)
وأخرج
عبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {يرجون تجارة لن تبور} قال : الجنة {لن تبور} لا تبيد {ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله} قال : هو كقوله (ولدينا مزيد) (طه 35) {إنه غفور} قال : لذنوبهم {شكور} لحسناتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يرجون تجارة لن تبور} قال : لن تهلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ومحمد بن نصر ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة} ، قال كان مطرف بن عبد الله يقول : هذه آية القراء.
الآيات 32 - 36.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} قال : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ورثهم الله كل كتاب أنزل فظالمهم مغفور له ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا وسابقهم يدخل(12/285)
الجنة بغير حساب.
وأخرج الطيالسي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
وابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : في هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} قال : هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة وكلهم في الجنة.
وأخرج الفريابي وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي الدرداء : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} فأما الذين سبقوا فأولئك يدخلون الجنة بغير حساب.
وَأَمَّا الذين اقتصدوا فأولئك الذين يحاسبون حسابا يسيرا وأما الذين(12/286)
ظلموا أنفسهم فأولئك يحبسون في طول المحشر ثم هم الذين تلقاهم الله برحمة فهم الذين يقولون {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب} قال البيهقي : إن أكثر الروايات في حديث ظهر أن للحديث أصلا.
وأخرج الطيالسي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم ، وَابن مردويه عن عقبة بن صهبان قلت لعائشة : أرأيت قول الله {ثم أورثنا الكتاب} ، قالت : أما السابق فقد مضى في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد له بالجنة.
وَأَمَّا المقتصد فمن اتبع أمرهم فعمل بمثل أعمالهم حتى يلحق بهم.
وَأَمَّا الظالم لنفسه فمثلي ومثلك ومن اتبعنا ، وكل في الجنة.
وأخرج الطبراني والبيهقي في البعث عن أسامة بن زيد رضي الله عنه {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق(12/287)
بالخيرات} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلهم من هذه الأمة وكلهم في الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمتي ثلاثة أثلاث ، فثلث يدخلون الجنة بغير حساب ، وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ثم يدخلون الجنة ، وثلث يمحصون ويكسفون ثم تأتي الملائكة فيقولون : وجدناهم يقولون : لا إله إلا الله وحده فيقول الله : أدخلوهم الجنة بقولهم لا إله إلا الله وحده واحملوا خطاياهم على أهل التكذيب وهي التي قال الله وليحملن أثقالهم وأثقالا
مع أثقالهم وتصديقا في التي ذكر الملائكة قال الله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} فجعلهم ثلاثة أنواع {فمنهم ظالم لنفسه} فهذا الذي يكسف ويمحص !(12/288)
{ومنهم مقتصد} وهو الذي يحاسب حسابا يسيرا {ومنهم سابق بالخيرات} فهو الذي يلج الجنة بغير حساب ولا عذاب بإذن الله ، يدخلونها جميعا لم يفرق بينهم {يحلون فيها من أساور من ذهب} إلى قوله {لغوب}.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : هذه الآية ثلاثة أثلاث يوم القيامة ، ثلث يدخلون الجنة بغير حساب وثلث يحاسبون حسابا يسيرا وثلث يحبسون بذنوب عظام إلا أنهم لم يشركوا ، فيقول الرب (أدخلوا هؤلاء في سعة رحمتي) ثم قرأ {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا نزع بهذه الآية قال : ألا أن سابقنا سابق ومقتصنا ناج وظالمنا مغفور له.
وأخرج العقيلي ، وَابن لال ، وَابن مردويه والبيهقي من(12/289)
وجه آخر عن عمر بن الخطاب ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سابقنا سابق ومتقصدنا ناج وظالمنا ناج وظالمنا مغفور له وقرأ عمر {فمنهم ظالم لنفسه}.
وأخرج ابن النجار عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب ، والمقتصد برحمة الله والظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عثمان بن عفان : أنه نزع بهذه الآية قال : إن سابقنا أهل جهاد ، ألا وأن مقتصدنا ناج أهل حضرنا ألا وأن ظالمنا أهل بدونا.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في البعث عن البراء بن عازب في قوله {فمنهم ظالم لنفسه} قال : أشهد على الله أنه يدخلهم(12/290)
الجنة جميعا.
وأخرج الفريابي ، وَابن مردويه عن البراء قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية
{ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} قال : كلهم ناج وهي هذه الأمة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن عباس في قوله {ثم أورثنا الكتاب} ، قال : هي مثل الذي في الواقعة (فأصحاب الميمنة) (وأصحاب المشئمة) (والسابقون) صنفان ناجيان وصنف هالك.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله {فمنهم ظالم لنفسه} ، قال {ظالم لنفسه} هو الكافر والمقتصد أصحاب اليمين.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي عن كعب الأحبار أنه تلا هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} إلى قوله {لغوب} قال : دخلوها ورب الكعبة وفي لفظ قال :(12/291)
كلهم في الجنة ، ألا ترى على أثره (والذين كفروا لهم نار جهنم) فهؤلاء أهل النار فذكر ذلك للحسن فقال : أبت ذلك عليهم الواقعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الجنة فقال مسورون بالذهب والفضة مكللة بالدر وعليهم أكاليل من در وياقوت متواصلة وعليهم تاج كتاج الملوك جرد مرد مكحلون.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن حذيفة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يبعث الله الناس على ثلاثة أصناف وذلك في قول الله {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} فالسابق بالخيرات يدخل الجنة بلا حساب والمقتصد يحاسب حسابا يسيرا والظالم لنفسه يدخل الجنة برحمة الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {ثم أورثنا الكتاب} قال : جعل الله أهل الإيمان على ثلاثة منازل(12/292)
كقوله (أصحاب الشمال ما أصحاب الشمال) (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) (والسابقون السابقون) (أولئك المقربون) (الواقعة 8 - 11) فهم على هذا المثال.
وأخرج ابن مردويه عن عمر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {فمنهم ظالم لنفسه} قال : الكافر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {فمنهم ظالم لنفسه} قال : هذا المنافق {ومنهم مقتصد} قال : هذا صاحب اليمين {ومنهم سابق بالخيرات} قال : هذا المقرب قال قتادة : كان الناس ثلاث منازل عند الموت وثلاث منازل في الدنيا وثلاث منازل في الآخرة ، فأما الدنيا فكانوا مؤمن ومنافق ومشرك.
وَأَمَّا عند الموت فإن الله قال : (فأما إن كان من المقربين) (الواقعة 88) (وأما إن كان من أصحاب اليمين) (الواقعة 90) (وأما إن كان من المكذبين الضالين) (الواقعة 92).
وَأَمَّا الآخرة فكانوا أزواجا ثلاثة (فأصحاب الميمنة) (وأصحاب المشئمة) (والسابقون السابقون أولئك المقربون).
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن الحسن {فمنهم ظالم لنفسه} قال : هو المنافق سقط والمقتصد والسابق بالخيرات في(12/293)
الجنة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والبيهقي عن عبيد بن عمير في الآية قال : كلهم صالح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن صالح أبي الخليل قال : قال كعب يلومني أحبار بني إسرائيل : إني دخلت في أمة فرقهم الله ثم جمعهم ثم أدخلهم الجنة ثم تلا هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} حتى بلغ {جنات عدن يدخلونها} قال : قال فأدخلهم الله الجنة جميعا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : العلماء ثلاثة ، منهم عالم لنفسه ولغيره فذلك أفضلهم وخيرهم ، ومنهم عالم لنفسه محسن ، ومنهم عالم لا لنفسه ولا لغيره فذلك شرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مسلم الخولاني قال : قرأت في كتاب الله إن هذه الأمة تصنف يوم القيامة على ثلاثة أصناف ، صنف منهم يدخلون الجنة بغير حساب ، وصنف يحاسبهم الله حسابا يسيرا ويدخلون الجنة ، وصنف يوقفون ويؤخذ منهم ما شاء الله ثم يدركهم عفو الله وتجاوزه.
(12/294)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كعب في قوله {جنات عدن يدخلونها} قال : دخلوها ورب الكعبة فأخبر الحسن بذلك فقال : أبت والله ذلك عليهم الواقعة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عبد الله بن
الحارث أن ابن عباس سأل كعبا عن قوله {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} ، نجوا كلهم ثم قال : تحاكت مناكبهم ورب الكعبة ثم أعطوا الفضل بأعمالهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن الحنفية قال : أعطيت هذه الأمة ثلاثا لم تعطها أمة كانت قبلها {فمنهم ظالم لنفسه} مغفور له {ومنهم مقتصد} في الجنان {ومنهم سابق} بالمكان الأعلى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه} قال : هم أصحاب المشئمة {ومنهم مقتصد} قال : هم أصحاب الميمنة {ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} قال : هم السابقون من الناس كلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {ذلك هو الفضل الكبير} قال : ذاك من نعمة الله.
(12/295)
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تلا قول الله {جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا} فقال : إن عليهم التيجان ، إن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أهل الجنة حين دخلوا الجنة {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : هم قوم كانوا في الدنيا يخافون الله ويجتهدون له في العبادة سرا وعلانية وفي قلوبهم حزن من ذنوب قد سلفت منهم فهم خائفون أن لا يتقبل منهم هذا الاجتهاد من الذنوب التي سلفت ، فعندها {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور} غفر لنا العظيم وشكر لنا القليل من أعمالنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : حزن النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {الذي أذهب عنا الحزن} قال : ما كانوا يعملون.
(12/296)
وأخرج الحاكم وأبو نعيم ، وَابن مردويه عن صهيب رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : المهاجرون هم السابقون المدلون على ربهم والذي نفس محمد بيده أنهم ليأتون يوم القيامة على عواتقهم السلاح فيقرعون باب الجنة فتقول لهم الخزنة من أنتم فيقولون : نحن المهاجرون فتقول لهم الخزنة : هل حوسبتم فيجثون على ركبهم ويرفعون أيديهم إلى السماء فيقولون : أي رب أبهذه نحاسب قد خرجنا وتركنا الأهل والمال والولد فيمثل الله لهم أجنحة من ذهب مخوصة بالزبرجد والياقوت فيطيرون حتى يدخلوا الجنة فذلك قوله {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} إلى قوله {ولا يمسنا فيها لغوب} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلهم بمنازلهم في الجنة أعرف منهم بمنازلهم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر عن شمر بن عطية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث دخلوا الجنة {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : حزنهم هو الحزن.
(12/297)
وأخرج ابن أبي حاتم عن شمر بن عطية رضي الله عنه في قوله {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : الجوع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : طلب الخبز في الدنيا فلا نهتم له كاهتمامنا له في الدنيا طلب الغداء والعشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال : ينبغي لمن يحزن أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة لأنهم قالوا {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} وينبغي لمن يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة لأنهم (قالوا أنا كنا قبل في أهلنا مشفقين) (الطور الآية 26).
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن شمر بن عطية رضي الله عنه في قوله {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} قال : حزن الطعام {إن ربنا لغفور شكور} قال : غفر لهم الذنوب التي عملوها وشكر لهم الخير الذي دلهم عليه فعملوا به فأثابهم عليه.
(12/298)
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي رافع رضي الله عنه قال : يأتي يوم القيامة العبد
بدواوين ثلاث ، بديوان فيه النعم ، وديوان فيه ذنوبه ، وديوان فيه حسناته ، فيقال لأصغر نعمة عليه : قومي فاستوفي ثمنك من حسناته فتقوم فتستوهب تلك النعمة حسناته كلها وتبقى بقية النعم عليه وذنوبه كاملة ، فمن ثم يقول العبد إذا أدخله الله الجنة {إن ربنا لغفور شكور}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن ربنا لغفور شكور} يقول {غفور} لذنوبهم {شكور} لحسناتهم {الذي أحلنا دار المقامة من فضله} قال : أقاموا فلا يتحولون ولا يحولون {لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب} قال : قد كان القوم ينصبون في الدنيا في طاعة الله وهم قوم جهدهم الله قليلا ثم أراحهم كثيرا فهنيئا لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : قال رجل يا رسول الله إن النوم مما يقر الله به أعيننا في الدنيا فهل في الجنة من نوم قال : لا إن النوم شريك الموت وليس في الجنة موت قال : يا رسول الله فما راحتهم فأعظم ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقال : ليس فيها لغوب كل أمرهم راحة فنزلت {لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها(12/299)
لغوب}.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {لا يمسنا فيها نصب} أي وجع.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لغوب} قال : إعياء.
الآيات 37 - 38.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وهم يصطرخون فيها} قال : يستغيثون فيها.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال : ستين سنة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في "سُنَنِه" ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه(12/300)
والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان يوم القيامة قيل : أين أبناء الستين وهو العمر الذي قال الله {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر}.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري والنسائي والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعذر الله إلى امرى ء أخر عمره حتى بلغ ستين سنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني والروياني في الأمثال والحاكم ، وَابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا بلغ العبد ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر.
(12/301)
وأخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه في الآية قال : العمر الذي عمرهم الله به ، ستون سنة.
وأخرج الرامهرمزي في الأمثال عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من عمره الله ستين سنة أعذر إليه في العمر ، يريد {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر}.
وأخرج الترمذي ، وَابن المنذر والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : العمر ستون سنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال : هو ست وأربعون سنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {أولم(12/302)
نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} قال : أربعين سنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال :
اعلموا أن طول العمر حجة فنعوذ بالله أن نعير بطول العمر ، قال : نزلت وإن فيهم لابن ثمان عشرة سنة ، وفي قوله {وجاءكم النذير} قال : احتج عليهم بالعمر والرسل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وجاءكم النذير} قال : محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وجاءكم النذير} قال : محمد صلى الله عليه وسلم وقرأ (هذا نذير من النذر الأولى) (النجم 56).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وجاءكم النذير} قال : الشيب.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما {وجاءكم النذير} قال : الشيب.
الآيات 39 - 40.
أَخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هو الذي جعلكم خلائف في الأرض} قال : أمة بعد أمة.
(12/303)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {هو الذي جعلكم خلائف في الأرض} قال : أمة بعد أمة وقرنا بعد قرن ، وفي قوله {أروني ماذا خلقوا من الأرض} قال : لا شيء والله خلقوا منها ، وفي قوله {أم لهم شرك في السماوات}
قال : لا والله ما لهم فيهما من شرك {أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه} يقول : أم آتيناهم كتابا فهو يأمرهم أن لا يشركوا بي.
الآية 41.
أَخرَج أبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والدارقطني في الأفراد ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات والخطيب في تاريخه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : وقع في نفس موسى عليه السلام هل ينام الله عز وجل فأرسل الله ملكا إليه فارقه ثلاثا وأعطاه قارورتين في كل يد قارورة وأمره أن يتحفظ بهما فجعل ينام وتكاد يداه يلتقيان ثم يستيقظ فيحبس أحداهما عن الأخرى حتى نام نومة فاصطقت يداه وانكسرت القارورتان قال : ضرب الله له مثلا(12/304)
أن الله تبارك وتعالى لو كان ينام ما كان يمسك السماء ولا الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خرشة بن الحر رضي الله عنه قال : حدثني عبد الله بن سلام أن موسى عليه السلام قال : يا جبريل هل ينام ربك فقال جبريل : يا رب إن عبدك موسى يسألك هل تنام فقال الله : يا جبريل قل له فليأخذ بيده قارورتين وليقم على الجبل من أول الليل حتى يصبح فقام على الجبل وأخذ قارورتين فصبر فلما كان آخر الليل غلبته عيناه فسقطتا فانكسرتا فقال : يا جبريل انكسرت القارورتان فقال الله : يا جبريل قل لعبدي إني لو نمت لزالت السموات والأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق عن عكرمة قال : أسر موسى عليه السلام إلى الملائكة هل ينام رب العزة قال : فسهر موسى أربعة أيام ولياليهن ثم قام على المنبر يخطب ورفع إليه القارورتين في كل يد قارورة وأرسل الله عليه النعاس وهو يخطب إذ أدنى يده من الأخرى وهو يضرب القارورة(12/305)
على الأخرى ففزع ورد يده ثم خطب ثم أدنى يده فضرب بها على الأخرى ففزع ثم قال : (لا إله إلا الله الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم) قال عكرمة : السنة التي يضرب برأسه وهو جالس والنوم الذي يرقد.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه ، أن موسى عليه السلام قال له قومه : أينام ربك قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين فأوحى الله إلى موسى أن خذ قارورتين فاملأهما ماء ، ففعل فنعس فنام فسقطتا من يده فانكسرتا فأوحى الله إلى موسى أني أمسك السموات والأرض أن تزولا ولو نمت لزالتا قال البيهقي رضي الله عنه هذا أشبه أن يكون هو المحفوظ.
وأخرج الطبراني في كتاب السنة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أن بني إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام : هل ينام ربنا الخ.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا أتيت سلطانا مهيبا تخاف أن يسطو عليك فقل : الله أكبر ألله(12/306)
أعز من خلقه جميعا الله أعز مما أخاف وأحذر أعوذ بالله الذي لا إله إلا هو الممسك السموات السبع أن يقعن على الأرض إلا بإذنه من شر عبدك فلان وجنوده وأتباعه وأشياعه من الجن والأنس ، اللهم كن لي جارا من شرهم ، جل ثناؤك وعز جارك وتبارك اسمك ولا إله غيرك ، ثلاث مرات.
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن العبد إذا دخل بيته وأوى إلى فراشه ابتدره ملكه وشيطانه ، يقول شيطانه : أختم بشر ، ويقول الملك : أختم بخير ، فإن ذكر الله وحده طرد الملك الشيطان وظل يكلؤه وإن هو انتبه من منامه ابتدره ملكه وشيطانه ، يقول له الشيطان : افتح بشر ، ويقول الملك : افتح بخير ، فإن هو قال الحمد لله الذي رد إلي نفسي بعد موتها ولم يمتها في منامها ، الحمد لله الذي {يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا} وقال الحمد لله الذي (يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم) (الحج الآية 56) قال : فإن خرج من فراشه فمات كان شهيدا وإن قام يصلي صلى).
(12/307)
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأرض على حوت
والسلسلة على أذن الحوت في يد الله تعالى فذلك قوله {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} قال : من مكانهما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة أن كعبا كان يقول : إن السماء تدور على نصب مثل نصب الرحا ، فقال حذيفة بن اليمان : كذب كعب {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن شقيق قال : قيل لابن مسعود إن كعبا يقول : أن السماء تدور في قطبة مثل قطبة الرحا في عمود على منكب ملك فقال : كذب كعب {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} وكفى بها زوالا أن تدور.
(12/308)
من آية 42 - 45.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن أبي هلال أنه بلغه أن قريشا كانت تقول : إن الله بعث منا نبيا ما كانت أمة من الأمم أطوع لخالقها ولا أسمع لنبيها ولا أشد تمسكا بكتابها منا ، فأنزل الله (لو أن عندنا ذكرا من الأولين) (الصفات 168) (ولو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم) (الأنعام 157) {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم}
وكانت اليهود تستفتح به على الأنصار فيقولون : إنا نجد نبيا يخرج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {فلما جاءهم نذير} قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم {ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيء} وهو الشرك {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} أي الشرك {فهل ينظرون إلا سنة الأولين} قال : عقوبة الأولين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} قال : قريش {ليكونن أهدى من إحدى الأمم} قال : أهل الكتاب ، وفي قوله تعالى {ومكر السيء} قال : الشرك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب(12/309)
قال : ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به ، من مكر أو بغي أو نكث ، ثم قرأ {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم {يونس} ومن نكث فإنما ينكث على نفسه {الفتح}.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي زكريا الكوفي عن رجل حدثه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إياكم والمكر السيء فإنه {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} ولهم من الله طالب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {فهل ينظرون إلا سنة الأولين} قال : هل ينظرون إلا أن يصيبهم من العذاب مثل ما أصاب الأولين من العذاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وما كان الله ليعجزه} قال : لن يفوته ، قوله تعالى {ولو يؤاخذ الله الناس}.
وأخرج الفريابي ، وَابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : إن كان الجعل ليعذب في جحره من ذنب ابن آدم ثم قرأ {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة} والله أعلم.
(12/310)
* بسم الله الرحمن الرحيم * (36)- سورة يس.
مكية وآياتها ثلاث وثمانون.
مقدمة سورة يس.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة يس بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة يس بمكة.
وأخرج الدارمي والترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل شيء قلبا وقلب القلب (يس) ومن قرأ (يس) كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات.
وأخرج البزار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لكل شيء قلبا وقلب القرآن (يس).
(12/311)
وأخرج الدارمي وأبو يعلى والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : من قرأ (يس) في ليلة ابتغاء وجه الله غفر الله له تلك الليلة.
وأخرج ابن حبان عن جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ (يس) في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له.
وأخرج الدارمي عن الحسن قال : من قرأ (يس) في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له وقال : بلغني أنها تعدل القرآن كله.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة ومحمد بن نصر ، وَابن حبان والطبراني والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن معقل بن يسار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يس قلب القرآن لا يقرأها عبد يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له ما تقدم من ذنبه فاقرأوها على موتاكم.
(12/312)
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن حسان بن عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
سورة (يس) تدعى في التوراة (المعمة) تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة وتكابد عنه بلوى الدنيا والآخرة وتدفع عنه أهاويل الدنيا والآخرة ، وتدعى (المدافعة القاضية) تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضي له كل حاجة ، من قرأها عدلت له عشرين حجة ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله ومن كتبها ثم شربها أدخلت جوفه ألف دواء وألف نور وألف يقين وألف بركة وألف رحمة ونزعت عنه كل غل وداء قال البيهقي تفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني عن سليمان بن رفاع الجندي وهو منكر.
وأخرج الخطيب من حديث أنس ، مثله.
(12/313)
وأخرج الخطيب عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سمع سورة (يس) عدلت له عشرين دينارا في سبيل الله ومن قرأها عدلت له عشرين حجة ومن كتبها وشربها أدخلت جوفه ألف يقين وألف نور وألف بركة وألف رحمة وألف رزق ونزعت منه كل غل وداء.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أبي عثمان النهدي قال أبو برزة : من قرأ (يس) مرة فكأنما قرأ القرآن عشر مرات وقال أبو سعيد : من قرأ (يس) مرة فكأنما قرأ القرآن مرتين قال أبو برزة : تحدث أنت بما سمعت وأحدث أنا بما سمعت.
وأخرج البزار عن ابن عباس قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي يعني (يس).
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من داوم على قراءة (يس) كل ليلة ثم مات مات شهيدا.
(12/314)
وأخرج الدارمي عن عطاء بن أبي رباح قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ (يس) في صدر النهار قضيت حوائجه.
وأخرج الدارمي عن ابن عباس قال : من قرأ يس حين يصبح أعطى يسر يومه حتى يمسي ومن قرأها في صدر ليله أعطى يسر ليله حتى يصبح.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي الدرداء عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من ميت يقرأ عنده (يس) إلا هون الله عليه.
وأخرج أبو الشيخ في فضائل القرآن والديلمي من حديث أبي ذر ، مثله.
وأخرج ابن سعد وأحمد في مسنده عن صفوان بن عمرو قال : كانت المشيخة يقولون : إذا قرأت (يس) عند الميت خفف عنه بها.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي قلابة قال : من قرأ (يس) غفر له ومن قرأها عند طعام خاف قلته كفاه ومن قرأها عند ميت هون عليه ومن قرأها عند امرأة عسر عليها ولدها يسر عليها ومن قرأها فكأنما(12/315)
قرأ القرآن إحدى عشرة مرة ولكل شيء قلب وقلب القرآن (يس) قال البيهقي : هكذا نقل إلينا عن أبي قلابة وهو من كبار التابعين ولا يقول ذلك إن صح عنه إلا بلاغا.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن أبي جعفر محمد بن علي قال : من وجد في قلبه قسوة فليكتب (يس والقرآن الحكيم) في جام من زعفران ثم يشربه.
وأخرج سعيد بن منصور من طريق سماك بن حرب عن رجل من أهل المدينة عمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم الغداة ، فقرأ (بقاف والقرآن المجيد) (سورة ق الآية 1) و(يس والقرآن الحكيم) (سورة يس الآية 1).
وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ (يس) فكأنما قرأ القرآن عشر مرات.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لكل شيء قلب وقلب القرآن (يس) ومن قرأ (يس) فكأنما قرأ القرآن عشر مرات.
وأخرج ابن مردويه من حديث أبي هريرة وأنس ، مثله.
وأخرج ابن سعد عن عمار بن ياسر ، أنه كان يقرأ كل يوم جمعة على المنبر (يس) .(12/316)
وأخرج ابن الضريس عن يحيي بن أبي كثير قال : من قرأ " يس " إذا أصبح لم يزل في فرح ختى يمشي ، ومن قرأها إذا أمسى لم يزل في فرح حتى يصبح ، أخبرنا من جرب ذلك قال : هي قلب القرآن.
وَأخرَج ابن الضريس عن جعفر قال : قرأ سعيد بن جبير على رجل مجنون سورة "يس" فبرأ.
وَأخرَج أبو الشيخ في " العظمة" عن محمد بن سهل المقرىء عن أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمرو الدباغ عن أبيه قال : سلكت طريقا فيه غول فإذا امرأة عليها ثياب معصفرة على سرير وقناديل وهي تدعوني ، فلما رأيت ذلك أخذت في قرأءة "يس" فطفئت قناديلها ، وهي تقول : يا عبدالله ما صنعت بي ، ياعبدالله ما صنعت بي . منها . قال المقرىء : فلا يصيبكم شىء من خوف أو مطالبة من سلطان أو عدو إلا قرأتم "يس" فإنه يدفع عنكم بها ..
وأخرج محمد بن عثمان ، وَابن أبي شيبة في تاريخه والطبراني ، وَابن عساكر عن خريم بن فاتك قال : خرجت في طلب ابل لي وكنا إذا نزلنا بواد نقول : نعوذ بعزيز هذا الوادي فتوسدت ناقة وقلت : أعوذ بعزيز هذا الوادي فإذا هاتف يهتف بي ويقول :(12/317)
ويحك عذ بالله ذي الجلال * منزل الحرام والحلال ووحد الله ولا تبالي * ما كيد ذا الجن من الأهوال إذ يذكر الله على الأميال * وفي سهول الأرض والجبال وصار كيد الجن في سفال * إلا التقى وصالح الأعمال
فقلت له : أيها القائل ما تقول * أرشد عندك أم تضليل فقال : هذا رسول الله ذا الخيرات * جاء بياسين وحاميمات وسور بعد مفصلات * يأمر بالصلاة والزكاة ويزجر الأقوام عن هنات * فذاك في الأنام نكرات فقلت له : من أنت قال : ملك من ملوك الجن بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جن نجد ، قلت : أما كان لي من يؤدي إبلي هذه إلى أهلي ، لآتيه حتى أسلم قال : فأنا أؤديها فركبت بعيرا منها ثم تقدمت فإذا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على المنبر فلما رآني قال : ما فعل الرجل الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك أما إنه قد أداها سالمة.
(12/318)
وأخرج الطبراني في الأوسط ، عَن جَابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح ب {يس}.
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زار قبر والديه أو أحدهما في كل جمعة فقرأ عندها (يس) غفر الله له بعدد كل حرف منها.
وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة وحسنه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في القرآن لسورة تدعى العظيمة عند الله يدعى صاحبها الشريف عند الله يشفع صاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر ، وهي سورة {يس}.
وأخرج الترمذي والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال علي بن أبي طالب يا رسول الله إن القرآن ينفلت من صدري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع من علمته قال : نعم بأبي أنت وأمي قال : صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب ويس ، وفي الثانية بفاتحة الكتاب(12/319)
(وحم) الدخان ، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب (وألم تنزيل) السجدة ، وفي الرابعة بفاتحة الكتاب (وتبارك) المفصل ، فإذا فرغت من التشهد فأحمد الله وأثن عليه وصل على النبيين واستغفر للمؤمنين ثم قل : اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني وارحمني ما لا أتكلف ما لا
يعنيني وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني وأسألك أن تنور بالكتاب بصري وتطلق به لساني وتفرج به عن قلبي وتشرح به صدري وتستعمل به بدني وتقويني على ذلك وتعينني عليه ، فإنه لا يعينني على الخير غيرك ولا يوفق له إلا أنت فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تحفظه بإذن الله ، وما أخطأ مؤمنا قط فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد سبع جمع فأخبره بحفظه القرآن والحديث فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مؤمن ورب الكعبة علم أبا حسن علم أبا حسن.
الآيات 1 - 11.
أَخْرَج ابن مردويه من طريق ابن عباس قال {يس} محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي لفظ قال : يا محمد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن محمد بن(12/320)
الحنفية في قوله {يس} قال : يا محمد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {يس} قال : يا إنسان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن وعكرمة والضحاك ، مثله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يس} قال : يا إنسان بالحبشية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أشهب قال : سألت مالك بن أنس أينبغي لأحد أن يتسمى بيس فقال : ما أراه ينبغي لقوله {يس والقرآن الحكيم} يقول : هذا اسمي تسميت به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله الله {يس والقرآن الحكيم} قال : يقسم الله بما يشاء ثم نزع بهذه الآية {سلام على إل ياسين} الصافات 130 كأنه يرى أنه سلم على رسوله.
(12/321)
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي كثير في قوله {يس والقرآن الحكيم} قال : يقسم بألف عالم {إنك لمن المرسلين}.
وأخرج ابن مردويه عن كعب الأحبار في قوله {يس} قال : هذا قسم أقسم به ربك قال يا محمد إنك لمن المرسلين قبل أن أخلق الخلق بألفي عام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين} قال : أقسم كما تسمعون أنه {لمن المرسلين على صراط مستقيم} أي على الإسلام {تنزيل العزيز الرحيم} قال : هو القرآن {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} قال : قريش لم يأت العرب رسول قبل محمد صلى الله عليه وسلم لم يأتهم ولا آباءهم رسول قبله.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} قال : قد أنذر آباؤهم .(12/322)
وأخرج ابن جرير عن قتادة : (لتنذر قوما ما أنذر أباؤهم) قال: قال بعضهم {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} ما أنذر الناس من قبلهم وقال بعضهم {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} أي هذه الأمة لم يأتهم نذير حتى جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {لقد حق القول على أكثرهم} قال : سبق في علمه.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ في المسجد فيجهر بالقراءة حتى تأذى به ناس من قريش حتى قاموا ليأخذوه وإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم وإذا هم لا يبصرون فجاؤا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : ننشدك الله والرحم يا محمد ولم يكن بطن من بطون قريش إلا وللنبي صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة فدعا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى ذهب ذلك عنهم ، فنزلت {يس والقرآن الحكيم}
إلى قوله {أم لم تنذرهم لا يؤمنون} قال : فلم يؤمن من ذلك النفر أحد.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه قال : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا لأفعلن ، ولأفعلن ، فنزلت {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} إلى قوله {لا يبصرون} فكانوا يقولون : هذا محمد فيقول : أين هو أين هو ، لا يبصره.
(12/323)
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وجعلنا من بين أيديهم سدا} قال : كفار قريش غطاء {فأغشيناهم} يقول : ألبسنا أبصارهم {فهم لا يبصرون} النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيؤذونه وذلك أن ناسا من بني مخزوم تواطؤا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليقتلوه ، منهم أبو جهل والوليد بن المغيرة ، فبينا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قائم يصلي يسمعون قراءته فأرسلوا إليه الوليد ليقتله فانطلق حتى أتى المكان الذي يصلي فيه فجعل يسمع قراءته ولا يراه فانصرف إليهم فأعلمهم ذلك فأتوه فلما انتهوا إلى المكان الذي يصلي فيه سمعوا قراءته فيذهبون إليه فيسمعون أيضا من خلفهم فانصرفوا ولم يجدوا إليه سبيلا ، فذلك قوله {وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا}.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن محمد بن كعب القرظي قال : اجتمع قريش ، وفيهم أبو جهل على باب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا على بابه : إن محمدا يزعم أنكم إن بايعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم وبعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار(12/324)
تحرقون فيها فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ حفنة من تراب في يده قال : نعم ، أقول ذلك وأنت أحدهم وأخذ الله على أبصارهم فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات {يس والقرآن الحكيم} إلى قوله {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات فلم يبق رجل إلا وضع على رأسه ترابا فوضع كل رجل منهم يده على رأسه وإذا عليه تراب فقالوا : لقد كان صدقنا الذي حدثنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {الأغلال} ما بين الصدر إلى الذقن {فهم مقمحون} كما تقمح الدابة باللجام.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله
عنهما أنه قرأ {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {مقمحون} قال : مجموعة أيديهم إلى أعناقهم تحت الذقن.
(12/325)
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {مقمحون} قال المقمح : الشامخ بأنفه المنكس برأسه ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : ونحن على جوانبها قعود * نغض الطرف كالإبل القماح.
وَأخرَج الخرائطي في مساوى ء الأخلاق عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} قال : البخل ، أمسك الله أيديهم عن النفقة في سبيل الله {فهم لا يبصرون}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} قال : في بعض القراءآت إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون) قال : مغلولون عن كل خير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {فهم مقمحون} قال : رافعوا رؤوسهم وأيديهم موضوعة على أفواههم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن(12/326)
خلفهم سدا برفع السين فيهما {فأغشيناهم} بالغين.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اجتمعت قريش بباب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ينتظرون خروجه ليؤذوه فشق ذلك عليه فأتاه جبريل بسورة {يس} وأمره بالخروج عليهم فأخذ كفا من تراب وخرج وهو يقرأوها ويذر التراب على رؤوسهم فما رأوه حتى جاز فجعل أحدهم يلمس رأسه فيجد التراب وجاء بعضهم فقال : ما يجلسكم قالوا : ننتظر محمدا فقال : لقد رأيته داخلا المسجد قالوا : قوموا فقد سحركم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد قال : اجتمعت قريش فبعثوا عتبة بن ربيعة فقالوا : ائت هذا الرجل فقل له إن قومك يقولون : إنك جئت بأمر عظيم ولم يكن عليه آباؤنا ولا يتبعك عليه أحلامنا وإنك إنما صنعت هذا أنك ذو حاجة
فإن كنت تريد المال فإن قومك سيجمعون لك ويعطونك فدع ما تريد(12/327)
وعليك بما كان عليه آباؤك فانطلق إليه عتبة فقال له : الذي أمروه فلما فرغ من قوله وسكت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم) (فصلت 1 - 2) فقرأ عليه من أولها حتى بلغ (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) (فصلت 13) فرجع عتبة فأخبرهم الخبر فقال : لقد كلمني بكلام ما هو بشعر ولا بسحر وإنه لكلام عجيب ما هو بكلام الناس فوقعوا به وقالوا نذهب إليه بأجمعنا فلما أرادوا ذلك طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمدهم حتى قام على رؤوسهم وقال بسم الله الرحمن الرحيم {يس والقرآن الحكيم} حتى بلغ {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} فضرب الله بأيديهم على أعناقهم فجعل من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأخذ ترابا فجعله على رؤوسهم ثم انصرف عنهم ولا يدرون ما صنع بهم فعجبوا وقالوا : ما رأينا أحدا قط أسحر منه أنظروا ما صنع بنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : ائتمر ناس من قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم ليسطوا عليه فجاؤا يريدون ذلك فجعل الله {من بين أيديهم سدا} قال : ظلمة {ومن خلفهم سدا} قال : ظلمة {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} قال : فلم يبصروا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة قال : كان(12/328)
ناس من المشركين من قريش يقول بعضهم لبعض : لو قد رأيت محمدا لفعلت به كذا وكذا فأتاهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهم في حلقة في المسجد فوقف عليهم فقرأ {يس والقرآن الحكيم} حتى بلغ {لا يبصرون} ثم أخذ ترابا فجعل يذره على رؤوسهم فما يرفع إليه رجل طرفه ولا يتكلم كلمة ثم جاوز النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم والله ما سمعنا والله ما أبصرنا والله ما عقلنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا} قال : عن الحق {فهم} يترددون {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} هدى ولا ينتفعون به.
(12/329)
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : جعل هذا السد
بينهم وبين الإسلام والإيمان فلم يخلصوا إليه ، وقرأ {وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} من منعه الله لا يستطيع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا بنصب السين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة أنه قرأ {فأغشيناهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إنما تنذر من اتبع الذكر} قال : اتباع الذكر اتباع القرآن {وخشي الرحمن بالغيب} قال : خشي عذاب الله وناره {فبشره بمغفرة وأجر كريم} قال : الجنة.
الآية 12.
أَخرَج عبد الرزاق والترمذي وحسنه والبزار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري قال : كان بنو سلمة في ناحية من المدينة فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فأنزل الله {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه يكتب(12/330)
آثاركم ثم قرأ عليهم الآية فتركوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال : الخطا.
وأخرج الفريابي وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الأنصار منازلهم بعيدة من المسجد فأرادوا أن ينتقلوا قريبا من المسجد فنزلت {ونكتب ما قدموا وآثارهم} فقالوا : بل نمكث مكاننا.
وأخرج مسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله قال : إن بني سلمة أرادوا أن يبيعوا ديارهم ويتحولوا قريبا من المسجد فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بني سلمة دياركم نكتب آثاركم.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد ، وَابن مردويه عن أنس قال : أراد بنو سلمة أن يبيعوا دورهم ويتحولوا قريب المسجد فبلغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكره أن تعرى المدينة فقال يا بني سلمة أما تحبون أن تكتب آثاركم إلى المسجد(12/331)
قالوا : بلى ، فأقاموا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس رضي الله عنه في قوله {ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال : هذا في الخطو يوم الجمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه عن أبي بن كعب قال : كان رجل ما يعلم من أهل المدينة ممن يصلي القبلة أبعد منزلا منه من المسجد فكان يشهد الصلاة مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقيل له لو اشتريت حمارا تركبه في الرمضاء والظلمات فقال والله ما يسرني أن منزلي بلصق المسجد فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال : يا رسول الله كيما يكتب أثري وخطاي ورجوعي إلى أهلي وإقبالي وإدباري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطاك الله ذلك كله وأعطاك ما احتسبت أجمع.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حين يخرج أحدكم من منزله إلى منزل رجل يكتب له حسنة ويحط(12/332)
عنه سيئة).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مسروق قال : ما خطا رجل خطوة إلا كتب الله له حسنة أو سيئة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {ونكتب ما قدموا} قال : أعمالهم {وآثارهم} قال : خطاهم بأرجلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : لو كان مغفلا شيئا من أثر ابن آدم لأغفل هذا الأثر التي تعفها الرياح ولكن أحصر على ابن آدم أثره وعمله كله حتى أحصي هذا الأثر فيما هو في طاعة الله أو معصيته فمن استطاع منكم أن(12/333)
يكتب أثره في طاعة الله فليفعل.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال : ما سنوا من سنة فعملوا بها من بعد موتهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ونكتب ما قدموا} قال : ما قدموا من خير {وآثارهم} قال : ما أورثوا من الضلالة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن جرير بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيء ، ثم تلا هذه الآية {ونكتب ما قدموا وآثارهم}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن الضريس في فضائل القرآن ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله !(12/334)
{وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} قال : أم الكتاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} قال : كل شيء من إمام عند الله محفوظ يعني في كتاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم رضي الله عنه {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} قال : كتاب.
الآيات 13 – 27
أخرج الفريابي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية} قال : هي أنطاكية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بريدة {أصحاب القرية} قال : أنطاكية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون} قال : أنطاكية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون} قال : ذكر لنا أنها قرية من قرى الروم بعث عيسى بن مريم إليها رجلين فكذبوهما.
(12/335)
وأخرج ابن سعد ، وَابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان موسى بن عمران عليه السلام بينه وبين عيسى ألف سنة وتسعمائة سنة ولم يكن بينهما وإنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل ثم من أرسل من غيرهم وكان بين ميلاد عيسى والنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وتسع وستون
سنة بعث في أولها ثلاثة أنبياء ، وهو قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} والذي عززبه : شمعون ، وكان من الحواريين وكانت الفترة التي ليس فيها رسول أربعمائة سنة وأربعة وثلاثين سنة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين} قال : بلغني أن عيسى بن مريم بعث إلى أهل القرية - وهي أنطاكية - رجلين من الحواريين وأتبعهم بثالث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} قال : لكي تكون عليهم الحجة أشد فأتوا أهل القرية فدعوهم إلى الله وحده وعبادته لا شريك له فكذبوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : اسم الرسولين اللذين قالا !(12/336)
{إذ أرسلنا إليهم اثنين} شمعون ، ويوحنا ، واسم (الثالث) بولص.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فعززنا بثالث} مخففة.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين} ، ، قال : اسم الثالث الذي عزز به سمعون بن يوحنا ، والثالث بولص فزعموا أن الثلاثة قتلوا جميعا وجاء حبيب وهو يكتم إيمانه {قال يا قوم اتبعوا المرسلين} فلما رأوه أعلن بإيمانه فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} وكان نجارا ألقوه في بئر وهي الرس وهم أصحاب الرس.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قالوا إنا تطيرنا بكم} قال : يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم {لئن لم تنتهوا لنرجمنكم} بالحجارة {قالوا طائركم معكم} أي أعمالكم معكم {أئن ذكرتم} يقول : أئن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا.
(12/337)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {لنرجمنكم} قال : لنشتمنكم قال والرجم في القرآن كله الشتم وفي قوله {طائركم معكم أئن ذكرتم} يقول : ما كتب عليكم واقع بكم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {طائركم معكم} قال : شؤمكم معكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يحيي بن وثاب أنه قرأها أئن ذكرتم بالخفض وقرأها زر بن حبيش أن ذكرتم بالنصب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال : هو حبيب النجار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد ، مثله.
وأخرج ابن جرير عن أبي مجلز قال : كان اسم صاحب (يس) حبيب بن مري.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال : اسم صاحب (يس) حبيب وكان الجذام قد أسرع فيه.
(12/338)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال : بلغني أنه رجل كان يعبد الله في غار واسمه حبيب فسمع بهؤلاء النفرالذين أرسلهم عيسى إلى أهل أنطاكية فجاءهم فقال : تسألون أجرا فقالوا : لا فقال لقومه {يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون} حتى بلغ {فاسمعون} قال : فرجموه بالحجارة فجعل يقول : رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون {بما غفر لي ربي} حتى بلغ {إن كانت إلا صيحة واحدة} قال : فما نوظروا بعد قتلهم إياه حتى أخذتهم {صيحة واحدة فإذا هم خامدون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الحكم في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال : بلغنا أنه كان قصارا.
(12/339)
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل} كان حراثا.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن كعب أن ابن عباس سأله عن أصحاب الرس فقال : إنكم معشر العرب تدعون البئر رسا وتدعون القبر رسا فخدوا خدودا في الأرض وأوقدوا فيها النيران للرسل الذين ذكر الله في {يس} {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث}
وكان الله تعالى إذا جمع لعبد النبوة والرسالة منعه من الناس وكانت الأنبياء تقتل فلما سمع بذلك رجل من أقصى المدينة وما يراد بالرسل أقبل يسعى ليدركهم فيشهدهم على إيمانه فأقبل على قومه فقال {يا قوم اتبعوا المرسلين} إلى قوله {لفي ضلال مبين} ثم أقبل على الرسل فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} ليشهدهم على إيمانه فأخذ فقذف في النار فقال الله تعالى {ادخل الجنة} قال {يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين}.
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال : لما قال صاحب (يس) {يا قوم اتبعوا المرسلين} خنقوه ليموت فالتفت إلى الأنبياء فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} أي فاشهدوا لي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قيل ادخل الجنة} قال : وجبت له الجنة {قال يا ليت(12/340)
قومي يعلمون} قال : هذا حين رأى الثواب.
الآيات 28 - 29.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {وما أنزلنا على قومه} قال : ما استعنت عليهم جندا من السماء ولا من الأرض.
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن سيرين قال : في قراءة ابن مسعود إن كانت إلا رتقة واحدة وفي قراءتنا {إن كانت إلا صيحة واحدة}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فإذا هم خامدون} قال : ميتون.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : السبق ثلاثة ، فالسابق إلى موسى يوشع بن نون والسابق إلى عيسى صاحب يس ، والسابق إلى محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب.
(12/341)
وأخرج ابن عساكر من طريق صدقة القرشي عن رجل قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : أبو بكر الصديق خير أهل الأرض إلا أن يكون نبي وإلا مؤمن آل ياسين وإلا مؤمن آل فرعون.
وأخرج ابن عدي ، وَابن عساكر : ثلاثة ما كفروا بالله قط ، مؤمن آل ياسين وعلي بن أبي طالب وآسية امرأة فرعون.
وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصديقون ثلاثة ، حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار صاحب آل ياسين وعلي بن أبي طالب.
وأخرج أبو داود وأبو نعيم ، وَابن عساكر والديلمي عن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصديقون ثلاثة ، حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي قال {يا قوم اتبعوا المرسلين} وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) (غافر الآية 28) وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم.
وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن عروة قال : قدم عروة بن مسعود الثقفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استأذن ليرجع إلى قومه فقال له(12/342)
رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنهم قاتلوك قال : لو وجدوني نائما ما أيقظوني فرجع إليهم فدعاهم إلى الإسلام فعصوه وأسمعوه من الأذى فلما طلع الفجر قام على غرفة فأذن بالصلاة ، وتشهد فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه قتله : مثل عروة ، مثل صاحب يس ، دعا قومه إلى الله فقتلوه).
وأخرج ابن مردويه من حديث ابن شعبة موصولا ، نحوه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني عن مقسم عن ابن عباس ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعث عروة بن مسعود إلى الطائف إلى قومه ثقيف فدعاهم إلى الإسلام فرماه رجل بسهم فقتله فقال : ما أشبهه بصاحب (يس).
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر الشعبي قال : شبه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر من أمته قال دحية الكلبي يشبه جبريل وعروة بن مسعود الثقفي يشبه عيسى بن مريم وعبد العزى يشبه الدجال).
الآية 30
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يا حسرة على العباد} يقول : يا ويلا للعباد.
(12/343)
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه قال {يا حسرة على العباد}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد {يا حسرة على العباد} قال : كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {يا حسرة على العباد} يا حسرة العباد على أنفسها على ما ضيعت من أمر الله وفرطت في جنب الله تعالى قال : وفي بعض القراءة يا حسرة العباد على أنفسها ما يأتيهم من رسول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يا حسرة على العباد} قال : الندامة على العباد الذين {وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون} يقول : الندامة عليهم إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {يا حسرة على العباد} قال : يا حسرة لهم.
(12/344)
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هارون قال : في حرف أبي بن كعب يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤن.
الآيات 31 - 34.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
{ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون} قال : عادا وثمودا وقرونا بين ذلك كثيرا {وإن كل لما جميع لدينا محضرون} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هارون عن الأعرج وأبي عمرو في قوله {أنهم إليهم لا يرجعون} قالا : ليس في مدة اختلاف هذا من رجوع الدنيا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أبي إسحاق قال : قيل لابن عباس إن ناسا يزعمون أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة ، فسكت ساعة ثم قال : بئس القوم نحن إن كنا أنكحنا نساءه واقتسمنا ميراثه أما تقرأون {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون}.
آية 35.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن ابن عباس أنه قرأ {وما عملته(12/345)
أيديهم >.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : (وما عملته أيديهم) ! قال : وجدوه معمولا لم تعمله أيديهم ، يعني الفرات ودجلة ونهر بلخ وأشباهها {أفلا يشكرون} لهذا ، والله أعلم.
آية 36.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {سبحان الذي خلق الأزواج كلها} قال : الأصناف كلها ، الملائكة زوج والأنس زوج والجن زوج وما تنبت الأرض زوج وكل صنف من الطير زوج ثم فسر فقال {مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون} الروح لا يعلمه الملائكة ولا خلق الله ولم يطلع على الروح أحد وقوله {ومما لا يعلمون} لا يعلم الملائكة ولا غيرها.
آية 37(12/346)
أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} قال : يخرج أحدهما من الآخر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} قال : كقوله (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) (الحج الآية 61).
آية 38.
أَخرَج عَبد بن حميد والبخاري والترمذي ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي ذر قال : كنت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال : يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله {والشمس تجري لمستقر لها} قال : مستقرها تحت العرش.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله !(12/347)
{والشمس تجري لمستقر لها} قال : مستقرها تحت العرش.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي ذر قال : دخلت المسجد حين غابت الشمس والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فقال يا أبا ذر أتدري أين تذهب هذه قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها فتستأذن في الرجوع فيأذن لها وكأنها قيل لها اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ثم قرأ وذلك مستقر لها قال : وذلك قراءة عبد الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن عمر في الآية قال {لمستقر لها} أن تطلع فتردها ذنوب بني آدم فإذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت فيؤذن لها حتى إذا غربت سلمت فلا يؤذن لها فتقول : إن السير بعيد وإني لم يؤذن لي لا أبلغ فتحبس ما شاء الله أن تحبس ثم يقال اطلعي من حيث غربت ، قال : فمن يومئذ إلى يوم القيامة (لا ينفع نفسا إيمانها) (الأنعام 158).
(12/348)
وأخرج أبو عبيد في فضائله ، وَابن الأنباري في المصاحف وأحمد عن ابن عباس أنه كان يقرأ والشمس تجري لمستقر لها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عمرو قال : لو أن الشمس تجري مجرى واحدا من أهل الأرض فيخشى منها ولكنها تحلق في الصيف وتعترض في الشتاء فلو أنها طلعت مطلعها في الشتاء في الصيف لأنضجهم الحر ، ولو أنها طلعت في الصيف لقطعهم البرد.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي راشد رضي الله عنه في قوله {والشمس تجري لمستقر لها} قال : موضع سجودها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري في المصاحف عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والشمس تجري(12/349)
لمستقر لها} قال : لوقتها ولأجل لا تعدوه.
آية 39.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والقمر قدرناه منازل} الآية ، قال : قدره الله منازل فجعل ينقص حتى كان مثل عذق النخلة فشبهه بذلك.
وأخرج الخطيب في كتب النجوم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم} قال : في ثمانية وعشرين منزلا ينزلها القمر في شهر ، أربعة عشر منها شامية وأربعة عشر منها يمانية ، فأولها السرطين والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك ، وهو آخر الشامية والعقرب والزبابين والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية ومقدم الدلو ومؤخر الدلو والحوت وهو آخر اليمانية ، فإذا سار هذه الثمانية والعشرين منزلا {عاد كالعرجون القديم} كما كان في أول الشهر.
(12/350)
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {كالعرجون القديم} يعني أصل العذق القديم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال : عرجون النخل اليابس.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال : هو عذق النخلة اليابس المنحني.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال : كعذق النخلة إذا قدم فانحنى.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن بن الوليد قال : أعتق رجل كل غلام له عتيق قديم فسئل يعقوب فقال : من كان لسنة فهو حر ، قال الله {حتى عاد كالعرجون القديم} وكان لسنة.
آية 40.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال : لا يشبه ضوء(12/351)
أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك ، وذلك {ولا الليل سابق النهار} قال : يتطالبان حثيثين يسلخ أحدهما من الآخر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال : لكل حد وعلم لا يعدوه ولا يقصر دونه إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا وإذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال : ذاك ليلة الهلال.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ] [ في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال : لكل واحد منهما سلطان ، للقمر سلطان بالليل ، وللشمس سلطان بالنهار فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل ، وقوله
{ولا الليل سابق النهار} يقول : لا ينبغي إذا كان ليل أن يكون ليل آخر حتى يكون النهار.
(12/352)
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ولا الليل سابق النهار} قال : لا يذهب الليل من ههنا حتى يجيء النهار من ههنا وأومأ بيده إلى المشرق.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولا الليل سابق النهار} قال : في قضاء الله وعلمه أن لا يفوت الليل النهار حتى يدركه فتذهب ظلمته ، وفي قضاء الله وعلمه أن لا يفوت النهار الليل حتى يدركه فيذهب بضوئه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال : لا يدرك هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : لا يسبق هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : لا يعلو هذا ضوء هذا ولا هذا على هذا.
الآيات 41 - 48
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال : سفينة نوح عليه السلام حمل فيها من كل(12/353)
زوجين اثنين {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : السفن التي في البحور والأنهار التي يركب الناس فيها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أبي صالح في قوله {حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال : سفينة نوح {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : هذه السفن مثل خشبها وصنعتها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : هي السفن جعلت من بعد سفينة نوح على مثلها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : يعني السفن الصغار وقال : الحسن رضي الله عنه : هي الإبل.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} يعني الإبل خلقها الله تعالى كما رأيت فهي سفن البر يحملون عليها ويركبونها.
(12/354)
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قالا : الإبل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال : الأنعام ، وفي قوله {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} لا مغيث لهم يستغيثون به.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فلا صريخ لهم} قال : لا مغيث لهم وفي قوله {ومتاعا إلى حين} قال : إلى الموت ، وفي قوله {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم} قال : من الوقائع التي قد خلت فيمن كان قبلكم والعقوبات التي أصابت عادا وثمودا والأمم {وما خلفكم} قال : من أمر الساعة ، وفي قوله {وإذا قيل لهم أنفقوا من ما رزقكم الله} ، قال : نزلت في الزنادقة كانوا(12/355)
لا يطعمون فقيرا فعاب الله ذلك عليه وعيرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم} قال ما مضى وما بقي من الذنوب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {أنطعم من لو يشاء الله أطعمه} قال : اليهود تقوله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن إسمعيل عن أبي خالد رضي الله عنه في قوله {أنطعم من لو يشاء الله أطعمه} قال : يهود تقوله.
الآيات 49 - 50.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون} قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : تهيج الساعة الناس والرجل يسقي ماشيته والرجل يصلح حوضه والرجل يقيم سلعته في سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه فتهيج بهم وهم كذلك {فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون} قال : أعجلوا عن ذلك.
(12/356)
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون} قال : هذا مبتدأ يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وهم يخصمون} قال : يتكلمون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : لينفخن في الصور والناس في طرقهم وأسواقهم ومجالسهم حتى أن الثوب ليكون بين الرجلين يتساومان فما يرسله أحدهما من يده حتى ينفخ في الصور فيصعق به وهي التي قال الله {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون}.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه في هذه الآية قال : تقوم الساعة والناس في أسواقهم يتبايعون ويذرعون الثياب ويحلبون اللقاح وفي حوائجهم {فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن(12/357)
المنذر عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : إن الساعة تقوم والرجل يذرع الثوب والرجل يحلب الناقة ثم قرأ {فلا يستطيعون توصية}.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم ، وَابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فمه فلا يطعمها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {تأخذهم وهم يخصمون} قال : تذرهم في أسواقهم وطرقهم {فلا يستطيعون توصية} قال : لا يوصي بعضهم إلى بعض ، والله أعلم.
الآيات 51 - 54.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث} قال : النفخة الأخيرة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما
{فإذا هم من الأجداث} يعني من القبور {إلى ربهم ينسلون} قال :(12/358)
يخرجون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {من الأجداث} قال : القبور قال : هل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول عبد الله بن رواحة : حينا يقولون اذ مروا على جدثي * أرشده يا رب من غاز وقد رشدا قال أخبرني عن قوله {إلى ربهم ينسلون} قال : النسل المشي الخبب قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت نابغة بن جعدة وهو يقول : عملان الذنب أمشي فاريا * يرد الليل عليه فنسل.
وَأخرَج ابن الأنباري في المصاحف عن علي رضي الله عنه أنه قرأ {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}.
(12/359)
وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : ينامون نومة قبل البعث فيجدون لذلك راحة فيقولون {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله {من بعثنا من مرقدنا} قال : ينامون قبل البعث نومة.
وأخرج هناد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن الأنباري عن مجاهد قال : للكافر هجعة يجدون فيها طعم النوم قبل يوم القيامة فإذا صيح بأهل القبور يقول الكافر {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} فيقول المؤمن إلى جنبه {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : يقول المشركون {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} فيقول المؤمن {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.
(12/360)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} قال : أولها للكفار وآخرها للمسلمين ، قال الكفار {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} وقال المسلمون {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه في الآية قال : كانوا يرون أن العذاب يخفف عنهم ما بين النفختين فلما كانت النفخة الثانية قالوا ، {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}.
وأخرج ابن أبي حاتم رضي الله عنه في الآية قال : ينامون قبل البعث نومة فإذا بعثوا قال الكفار {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} قال : فتجيبهم الملائكة {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فإذا هم جميع لدينا محضرون} قال : عند الحساب.
الآيات 55 - 56.
أَخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم(12/361)
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} قال : يعجبون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} قال : شغلهم النعيم عما فيه أهل النار من العذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا في صفة الجنة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {في شغل فاكهون} قال : في افتضاض الأبكار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} قال : شغلهم افتضاض العذارى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة وقتادة ، مثله.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : إن
المؤمن(12/362)
كلما أراد زوجة وجدها عذراء.
وأخرج البزار والطبراني في الصغير وأبو الشيخ في العظمة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا أبكارا.
وأخرج المقدسي في صفة الجنة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل أنطؤ في الجنة قال : نعم ، والذي نفسي بيده دحما دحما فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله {في شغل فاكهون} قال : ضرب الأوتار قال أبو حاتم : هذا خطأ من السمع إنما هو افتضاض الأبكار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله : (فاكهون) . قال : فرحون .(12/363)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأزواجهم} قال : حلائلهم.
الآية 57.
أَخْرَج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة بسند جيد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الشراب من شراب الجنة فيجيء إليه الإبريق فيقع في يده فيشرب فيعود إلى مكانه.
الآية 58.
أَخْرَج ابن ماجة ، وَابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبزار ، وَابن أبي حاتم والآجري في الرؤية ، وَابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا أهل الجنة ، وذلك قول الله {سلام قولا من رب رحيم}
قال : فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتوا إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {سلام قولا من(12/364)
رب رحيم} قال : فإن الله هو يسلم عليهم.
وأخرج ابن جرير عن البراء رضي الله عنه في قوله {سلام قولا من رب رحيم} قال : يسلم عليهم عند الموت.
وأخرج ابن جرير وأبو نصر السجزي في الإبانة عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في قوله {سلام قولا من رب رحيم} قال : يأتيهم تبارك وتعالى في درجاتهم فيسلم عليهم فيردون عليه السلام فيقول سلوني فيقولون : ما نسألك وعزتك وجلالك لو أنك قسمت علينا رزق الثقلين الجن والإنس لأطعمناهم ولأسقيناهم ولألبسناهم ولأخدمناهم ولا ينقصنا ذلك شيئا ، فيقول : إن لدي مزيدا فيقول ذلك بأهل كل درجة حتى ينتهي ثم يأتيهم التحف من الله تحمله إليهم الملائكة.
الآية 59.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس على تل رفيع ثم نادى مناد : امتازوا اليوم أيها المجرمون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن رواد بن الجراح رضي الله عنه في الآية قال : إذا كان يوم القيامة(12/365)
نادى مناد : أن ميزوا المسلمين من المجرمين إلا صاحب الأهواء ، يعني يترك صاحب الهوى مع المجرمين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} فرق وبكى وقال : ما سمع الناس قط بنعت أشد منه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} قال : عزلوا عن كل خير.
الآيات 60 - 64.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ألم أعهد إليكم} يقول : ألم أنهكم.
وأخرج ابن المنذر عن مكحول رضي الله عنه في قوله {أن لا تعبدوا الشيطان} قال : إنما عبادته طاعته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {جبلا كثيرا} قال : خلقا كثيرا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ جبلا كثيرا بكسر الجيم مثقلة اللام أفلم يكونوا يعقلون بالياء.
(12/366)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن هذيل رضي الله عنه أنه قرأ جبلا كثيرا) مخففة.
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ ولقد أضل منكم جبلا مخففة.
الآية 65.
أَخرَج أحمد ومسلم والنسائي ، وَابن أبي الدنيا في التوبة واللفظ له ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس رضي الله عنه في قوله {اليوم نختم على أفواههم} قال كنا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه قال : أتدرون ممن ضحكت قلنا : لا يا رسول الله قال : من مخاطبة العبد ربه فيقول : يا رب ألم
تجرني من الظلم فيقول : بلى ، فيقول : إني لا أجيز علي إلا شاهدا مني فيقول : كفى بنفسك عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا فيختم على فيه ويقال لأركانه : أنطقي فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل.
(12/367)
وأخرج مسلم والترمذي ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يلقى العبد ربه فيقول الله : أي قل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع فيقول : بلى أي رب فيقول : أفطنت أنك ملاقي فيقول : لا ، فيقول : فإني أنساك كما نسيتني ، ثم يلقى الثاني فيقول : مثل ذلك ، ثم يلقى الثالث فيقول له : مثل ذلك فيقول : آمنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول : ألا نبعث شاهدنا عليك فيفكر في نفسه من الذي يشهد علي فيختم على فيه ويقال لفخذه : انطقي ، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه ، بعمله ما كان ذلك يعذر من نفسه وذلك بسخط الله عليه.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول عظم من الإنسان يتكلم(12/368)
يوم يختم على الأفواه ، فخذه من الرجل الشمال.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : يدعى المؤمن للحساب يوم القيامة فيعرض عليه ربه عمله فيما بينه وبينه ليعترف فيقول : أي رب عملت ، عملت عملت فيغفر الله له ذنوبه ويستره منها قال : فما على الأرض خليقة يرى من تلك الذنوب شيئا وتبدو حسناته فود أن الناس كلهم يرونها ، ويدعى الكافر والمنافق للحساب فيعرض ربه عليه عمله فيجحد ويقول : أي رب وعزتك لقد كتب علي هذا الملك ما لم أعمل فيقول له الملك : أما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا فيقول : لا وعزتك ، أي رب ما عملته فإذا فعل ذلك ختم على فيه فإني أحسب أول ما ينطق منه لفخذه اليمنى ثم تلا {اليوم نختم على أفواههم}.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن بسرة وكانت
من المهاجرات قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس ولا تغفلن واعقدن بالأنامل(12/369)
فإنهن مسؤولات ومستنطقات).
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال : يقال للرجل يوم القيامة : عملت كذا وكذا ، فيقول : ما عملته ، فيختم على فيه وتنطق جوارحه فيقول لجوارحه : أبعدكن الله ما خاصمت إلا فيكن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أسماء بن عبيد رضي الله عنه قال : يؤتى بابن آدم يوم القيامة ومعه جبل من صحف لكل ساعة صحيفة فيقول الفاجر : وعزتك لقد كتبوا علي ما لم أعمل فعند ذلك يختم على أفواههم ويؤذن لجوارحهم في الكلام فيكون أول ما يتكلم من جوارح ابن آدم فخذه اليسرى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {نختم على أفواههم} قال : فلا يتكلمون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : كانت خصومات وكلام وكان هذا آخره أن ختم على أفواههم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : أول ما ينطق من الإنسان فخذه اليمنى.
(12/370)
الآيات 66 - 67.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} قال : أعميناهم وأضللناهم عن الهدى {فأنى يبصرون} فكيف يهتدون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فاستبقوا الصراط} قال : الطريق {فأنى يبصرون} وقد طمسنا على أعينهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو نشاء لمسخناهم} قال : أهلكناهم {على مكانتهم} قال : في مساكنهم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {ولو نشاء لمسخناهم} يقول : لجعلناهم حجارة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ولو نشاء لطمسنا} ، قال : لو شاء الله لتركهم عميا يترددون {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} قال : لو نشاء لجعلناهم كسحا لا يقومون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون} قال : فلم يستطيعوا أن يتقدموا ولا يتأخروا.
الآية 68(12/371)
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ومن نعمره ننكسه في الخلق} قال : هو الهرم ، يتغير سمعه وبصره وقوته كما رأيت.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ومن نعمره ننكسه في الخلق} قال : نرده إلى أرذل العمر.
(12/372)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {ومن نعمره ننكسه} قال : ثمانين سنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ومن نعمره} يقول : من نمد له في العمر {ننكسه في الخلق} كيلا يعلم من بعد علم شيئا {الحج} يعني الهرم.
الآيات 69 - 70.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وما علمناه الشعر} قال : محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما علمناه الشعر وما ينبغي له} قال : محمد صلى الله عليه وسلم عصمه الله من ذلك {إن هو إلا ذكر} قال : هذا القرآن {لينذر من كان حيا} قال : حي القلب حي البصر {ويحق القول على الكافرين} بأعمالهم أعمال السوء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : بلغني أنه قيل لعائشة رضي الله عنها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر قالت : كان أبغض الحديث إليه غير أنه كان يتمثل ببيت أخي بني قيس يجعل أخره أوله وأوله آخره ويقول : ويأتيك من لم تزود(12/373)
بالأخبار فقال له أبو بكر رضي الله عنه : ليس هكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني والله ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراب الخبر تمثل ببيت طرفة : ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
وَأخرَج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل من الأشعار : ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
وَأخرَج ابن سعد ، وَابن أبي حاتم والمرزباني في معجم الشعراء عن الحسن رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت : كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا(12/374)
فقال أبو بكر رضي الله عنه : أشهد أنك رسول الله ما علمك الشعر وما ينبغي لك.
وأخرج ابن سعد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن مرداس : أرأيت قولك :
أصبح نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما أنت بشاعر ولا راويه ولا ينبغي لك ، إنما قال : بين عيينة والأقرع.
وأخرج البيهقي في "سُنَنِه" بسند فيه من يجهل حاله عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط إلا بيتا واحدا : يقال بما نهوى يكن فلقا * يقال لشيء كان إلا يحقق(12/375)
قالت عائشة رضي الله عنها : فقل تحققا لئلا يعربه فيصير شعرا.
وأخرج أبو داود والطبراني والبيهقي عن ابن عمرو رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما أبالي ما أتيت إن أنا شربت ترياقا أو تعلقت تميمة أو قلت الشعر من قبل نفسي.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {لينذر من كان حيا} قال : عاقلا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن نوفل بن عقرب قال : سألت عائشة رضي الله عنها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسامع عنده الشعر قالت : كان أبغض الحديث إليه.
الآيات 71 - 76.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {مما عملت أيدينا} قال : من صنعتنا.
(12/376)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله
عنه في قوله {فهم لها مالكون} قال : ضابطون {وذللناها لهم فمنها ركوبهم} يركبونها ويسافرون عليها {ومنها يأكلون} لحومها {ولهم فيها منافع} قال : يلبسون أصوافها {ومشارب} يشربون ألبانها {أفلا يشكرون}.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن عروة رضي الله عنه قال في مصحف عائشة رضي الله عنها فمنها ركوبتهم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هارون رضي الله عنه قال في حرف أبي بن كعب رضي الله عنه فمنها ركوبتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن هارون رضي الله عنه قال : قراءة الحسن والأعرج وأبي عمرو والعامة {فمنها ركوبهم} يعني ركوبتهم حمولتهم.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة رضي الله عنه في قوله {واتخذوا من دون الله آلهة} قال : هي الأصنام.
(12/377)
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {لعلهم ينصرون} قال : يمنعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {لا يستطيعون نصرهم} قال : لا تستطيع الآلهة نصرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لا يستطيعون نصرهم} قال : نصر الآلهة ولا تستطيع الآلهة نصرهم {وهم لهم جند محضرون} قال : المشركون يغضبون للآلهة في الدنيا وهي لا تسوق إليهم خيرا ولا تدفع عنهم سوء إنما هي أصنام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وهم لهم جند محضرون} قال : هم لهم جند في الدنيا وهم {محضرون} في النار.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وهم لهم جند محضرون} لآلهتهم التي يعبدون يدفعون عنهم ويمنعونهم.
الآيات 77 - 83.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والإسمعيلي في معجمه(12/378)
والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء العاص بن وائل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم حائل ففته بيده فقال يا محمد أيحيي الله هذا بعد ما أرى قال : نعم ، يبعث الله هذا ثم يميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم ، فنزلت الآيات من آخر يس {أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين} إلى آخر السورة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء عبد الله بن أبي وفي يده عظم حائل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكسره بيده ثم قال : يا محمد كيف يبعثه الله وهو رميم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث الله هذا ويميتك ثم يدخلك جهنم ، قال الله {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء أبي بن خلف وفي يده عظم حائل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكسره بيده ثم قال : يا محمد كيف يبعثه الله وهو رميم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يبعث الله هذا ويميتك ثم يدخلك جهنم ، قال الله {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم}.
(12/379)
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء أبي بن خلف
الجمحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم نخر فقال : أتعدنا يا محمد إذا بليت عظامنا فكانت رميما أن الله باعثنا خلقا جديدا ثم جعل يفت العظم ويذره في الريح فيقول : يا محمد من يحيي هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، يميتك الله ثم يحييك ويجعلك في جهنم ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث عن أبي مالك قال : جاء أبي بن خلف بعظم نخرة فجعل يفته بين يدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من يحيي العظام وهي رميم فأنزل الله {أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين} إلى قوله {وهو بكل شيء عليم}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في أبي جهل بن هشام جاء بعظم حائل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذراه فقال : من يحيي العظام وهي رميم فقال الله : يا محمد {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وضرب لنا مثلا} قال : أبي بن خلف ، جاء بعظم فقال :(12/380)
يا محمد أتعدنا أنا إذا متنا ، فكنا مثل هذا العظم البالي في يده ففته وقال : من يحيينا إذا كنا مثل هذا.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وضرب لنا مثلا} قال : نزلت في أبي بن خلف جاء بعظم نخر فجعل يذره في الريح فقال : أنى يحيي الله هذا قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : نعم ، يحيي الله هذا ويدخلك النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة} قال : نزلت في أبي بن خلف ، أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومعه عظم قد دثر فجعل يفته بين أصابعه ويقول : يا محمد أنت الذي تحدث أن هذا سيحيا بعد ما قد بلى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، ليميتن الآخر ثم ليحيينه ثم ليدخلنه النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : جاء أبي بن خلف إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم حائل فقال : يا محمد أنى يحيي الله هذا فأنزل الله {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه} فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : خلقها قبل أن تكون أعجب من إحيائها وقد كانت.
(12/381)
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : لما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، إن الناس يحاسبون بأعمالهم ومبعوثون يوم القيامة أنكروا ذلك إنكارا شديدا ، فعمد أبي بن خلف إلى عظم حائل قد نخر ففته ثم ذراه في الريح ثم قال : يا محمد إذا بليت عظامنا إنا لمبعوثون خلقا جديدا فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من استقباله إياه بالتكذيب والأذى في وجهه وجدا شديدا فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا} يقول : الذي أخرج هذه النار من هذا الشجر قادر على أن يبعثه ، وفي قوله {أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر} ، قال : هذا مثل قوله {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} قال : ليس من كلام العرب أهون ولا أخف من ذلك ، فأمر الله كذلك.
(12/382)
* بسم الله الرحمن الرحيم * (37)- سورة الصافات.
مكية وآياتها ثنتان وثمانون ومائة.
مقدمة سورة الصافات.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة الصافات بمكة.
وأخرج النسائي والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات.
وأخرج ابن أبي داود في فضائل القرآن ، وَابن النجار في تاريخه عن نهشل بن سعيد الورداني عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ يس والصافات يوم الجمعة ثم سأل الله أعطاه سؤله.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل والسلفي في الطيوريات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم أهل حضرموت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو وليعة حمزة(12/383)
ومحرش ومشرح وأبصعة وأختهم العمردة وفيهم الأشعث بن قيس وهو أصغرهم فقالوا : أبيت اللعن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لست ملكا أنا محمد بن عبد الله قالوا : نسميك باسمك قال : لكن الله سماني وأنا أبو القاسم قالوا : يا أبا القاسم إنا قد خبأنا لك خبيئا فما هو ذا كانوا خبؤا لرسول الله صلى الله عليه وسلم جرادة في حمية سمن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله ، إنما يفعل هذا بالكاهن وإن الكاهن والكهانة والتكهن في النار فقالوا : يا رسول الله كيف نعلم أنك رسول الله فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفا من حصى فقال : هذا يشهد أني رسول الله ، فسبح الحصى في يده قالوا : نشهد أنك رسول الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني بالحق وأنزل علي كتابا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد أثقل في الميزان من الجبل العظيم وفي الليلة الظلماء مثل نور الشهاب ، قالوا : فأسمعنا منه فتلا رسول الله(12/384)
صلى الله عليه وسلم {والصافات صفا} حتى بلغ {ورب المشارق}
ثم سكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكن روعه فما يتحرك منه شيء ودموعه تجري على لحيته فقالوا : أنا نراك تبكي أفمن مخافة من أرسلك تبكي قال : إن خشيتي منه أبكتني بعثني على صراط مستقيم في مثل حد السيف إن زغت عنه هلكت ، ثم تلا (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك) (الإسراء 86) إلى آخر الآية.
الآيات 1 - 5.
أَخرَج عَبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه {والصافات صفا} قال : الملائكة {فالزاجرات زجرا} قال : الملائكة {فالتاليات ذكرا} قال : الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد وعكرمة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج سعيد بن منصور عن مسروق رضي الله عنه قال : كان يقال في الصافات والمرسلات والنازعات هي الملائكة.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !(12/385)
{والصافات صفا فالزاجرات زجرا} قال : هم الملائكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله {فالزاجرات زجرا} قال : ما زجر الله عنه في القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {فالتاليات ذكرا} قال : الملائكة يجيؤن بالكتاب والقرآن من عند الله إلى الناس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والصافات صفا} قال : الملائكة صفوف في السماء {فالزاجرات زجرا} قال : ما زجر الله عنه في القرآن {فالتاليات ذكرا} قال : ما يتلى في القرآن من أخبار الأمم السالفة {إن إلهكم لواحد} قال : وقع القسم على هذا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ورب المشارق} قال : المشارق ثلاثمائة وستون مشرقا {والمغارب} ثلاثمائة وستون مغربا في(12/386)
السنة قال والمشرقان مشرق الشتاء ومشرق الصيف والمغربان مغرب الشتاء ومغرب الصيف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال {المشارق} ثلاثمائة وستون مشرقا {والمغارب} مثل ذلك تطلع الشمس كل يوم من مشرق وتغرب في مغرب.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ورب المشارق} قال : عدد أيام السنة كل يوم مطلع ومغرب.
من آية 6 - 10.
أَخرَج عَبد بن حميد عن ابن مسعود أنه كان يقرأ (بزينة الكواكب) منونة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن أبي بكر بن عياش قال : قال عاصم رضي الله عنه من قرأها بزينة الكواكب مضافا ولم ينون فلم يجعلها زينة(12/387)
للسماء وإنما جعل الزينة للكواكب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وحفظا} قال : جعلناها حفظا {من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملإ الأعلى} قال : منعوا بها ، يعني بالنجوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {لا يسمعون إلى الملإ الأعلى} مخففة وقال : أنهم كانوا يتسمعون ولكن لا يسمعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {لا يسمعون إلى الملإ الأعلى}
قال : الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ويقذفون من كل جانب} قال : يرمون من كل مكان {دحورا} قال : مطر ودين {ولهم عذاب واصب} قال : دائم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {ويقذفون من كل جانب دحورا} قال : قذفا بالشهب {ولهم عذاب واصب} قال : دائم.
(12/388)
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {عذاب واصب} قال : دائم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إلا من خطف الخطفة} يقول : إلا من استرق السمع من أصوات الملائكة {فأتبعه شهاب} يعني الكواكب.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا رمي الشهاب لم يخطء من رمي به وتلا {فأتبعه شهاب ثاقب}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فأتبعه شهاب ثاقب} قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون ولكنها تحرق وتخبل(12/389)
وتجرح من غير قتل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن إبراهيم في قوله : (فأتبعه شهاب ثاقب) قال : إن الجني يجيء فيسترق فإذا سرق السمع فرمي بالشهاب قال للذي يليه : كان كذا وكذا ،.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن يزيد الرقاشي في قوله {شهاب ثاقب} قال : يثقب الشيطان حتى يخرج من الجانب الآخر فذكر ذلك لأبي مجلز رضي الله عنه فقال : ليس ذاك ولكن ثقوبه ضوءه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {شهاب ثاقب} قال : ضوءه إذا نقض فأصاب الشيطان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال {الثاقب} المتوقد.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة والحسن في قوله {ثاقب} قالا : مضيء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال {الثاقب} المحرق.
الآيات 11 - 21.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه(12/390)
في قوله {أهم أشد خلقا أم من خلقنا} قال : السموات والأرض والجبال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أم من خلقنا} قال : أم من عددنا عليك من خلق السموات والأرض قال الله تعالى (لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس) (غافر 57).
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه أنه قرأ أهم أشد خلقا أم من عددنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {أم من خلقنا} قال : من الأموات والملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {من طين لازب} قال : ملتصق.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن نافع بن الأزرق سأله قال له : أخبرني عن قوله {من طين لازب} قال : الملتزق قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت النابغة وهو يقول :(12/391)
فلا تحسبون الخير لا شر بعده * ولا تحسبون الشر ضربة لازب.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله {من طين لازب} قال : اللزب الجيد.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن عكرمة رضي الله عنه {من طين لازب} قال : لازج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {من طين لازب} قال : اللازب والحمأ والطين واحد ، كان أوله ترابا ثم صار حمأ منتنا ثم صار طينا لازبا فخلق الله منه آدم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال اللازب الذي يلزق بعضه إلى بعض.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : اللازب الذي يلزق باليد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله !(12/392)
{طين لازب} قال : لازم منتن.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ بل عجبت ويسخرون بالرفع.
وأخرج أبو عبيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق الأعمش عن شقيق بن سلمة عن شريح رضي الله عنه أنه كان يقرأ هذه الآية بل عجبت ويسخرون بالنصب ويقول إن الله لا يعجب من الشيء إنما يعجب من لا يعلم قال الأعمش : فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي رضي الله عنه فقال : إن شريحا كان معجبا برأيه وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان أعلم منه كان يقرأها {بل عجبت}.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ {بل عجبت}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بل عجبت ويسخرون} قال : عجبت من كتاب الله ووحيه {ويسخرون} بما(12/393)
جئت به.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {بل عجبت} قال النبي
صلى الله عليه وسلم : عجبت بالقرآن حين أنزل ويسخر منه ضلال بني آدم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بل عجبت} قال : عجب محمد صلى الله عليه وسلم من هذا القرآن حين أعطيه وسخر منه أهل الضلالة {ويسخرون} يعني أهل مكة {وإذا ذكروا لا يذكرون} أي لا ينتفعون ولا يبصرون {وإذا رأوا آية يستسخرون} أي يسخرون منه ويستهزؤن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يستسخرون} قال : يستهزؤن ، وفي قوله {فإنما هي زجرة} قال : صيحة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فإنما هي زجرة(12/394)
واحدة} قال : نفخة واحدة وهي النفخة الآخرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هذا يوم الدين} قال : يدين الله فيه العباد بأعمالهم {هذا يوم الفصل} يعني يوم القيامة.
الآيات 22 - 23.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : تقول الملائكة للزبانية {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم}.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن منيع في مسنده ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أمثالهم الذين هم مثلهم يجيء أصحاب الربا مع أصحاب الربا وأصحاب الزنا مع أصحاب الزنا وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر ، أزواج في الجنة وأزواج في النار.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وعبد بن حميد(12/395)
وابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أشباههم ، وفي لفظ نظراءهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير وعكرمة رضي الله عنهما ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أزواجهم في الأعمال وقرأ (وكنتم أزواجا ثلاثة) (الواقعة 7) الآية (فأصحاب الميمنة) (الواقعة 8) زوج (وأصحاب المشئمة) (الواقعة 9) زوج (والسابقون) (الواقعة 10) زوج.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أمثالهم ، القتلة مع القتلة والزناة مع الزناة وأكلة الربا مع أكلة الربا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} قال : أشباههم من الكفار مع الكفار {وما كانوا يعبدون من دون الله} قال : الأصنام.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !(12/396)
{فاهدوهم إلى صراط الجحيم} قال : سوقوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاهدوهم} قال : دلوهم {إلى صراط الجحيم} قال : طريق النار.
آية 24.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقفوهم إنهم مسؤولون} قال : احبسوهم إنهم محاسبون.
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي والدارمي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما به لا يفارقه وإن دعا رجل
رجلا ، ثم قرأ {وقفوهم إنهم مسؤولون}.
وأخرج ابن المنذر عن عطية رضي الله عنه في قوله {وقفوهم إنهم مسؤولون} قال : يقفون يوم القيامة حتى يسألوا عن أعمالهم.
(12/397)
وأخرج ابن أبي حاتم عن عثمان بن زائدة رضي الله عنه قال : كان يقال إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة عن جلسائه.
الآيات 25 - 44.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما لكم لا تناصرون} قال : لا تمانعون منا {بل هم اليوم مستسلمون} مسخرون {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} أقبل بعضهم يلوم بعضا قال : الضعفاء للذين استكبروا {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين} تقهروننا بالقدرة عليكم {قالوا بل لم تكونوا مؤمنين} في علم الله {وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين} مشركين في علم الله {فحق علينا قول ربنا} فوجب علينا قضاء ربنا لأنا كنا أذلاء وكنتم أعزة {فإنهم يومئذ} قال : كلهم {في العذاب مشتركون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه(12/398)
في قوله {ما لكم لا تناصرون} قال : لا يدفع بعضكم بعضا {بل هم اليوم مستسلمون} في عذاب الله {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} قال : الأنس على الجن قالت الأنس للجن {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين} قال : من قبل الخير أفتهنونا عنه ، قالت الجن للأنس {بل كنتم قوما طاغين فحق علينا قول ربنا} قال : هذا قول الجن {فأغويناكم إنا كنا غاوين} هذا قول الشياطين لضلال بني آدم {ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم {بل جاء بالحق وصدق المرسلين} أي صدق من كان قبله من المرسلين {إنكم لذائقوا العذاب الأليم وما تجزون إلا ما كنتم تعملون إلا عباد الله المخلصين} قال : هذه ثنية الله {أولئك لهم رزق معلوم} قال : الجنة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} قال : ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {كنتم تأتوننا عن اليمين} قال : كانوا يأتونهم عند كل خير ليصدوهم عنه.
(12/399)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {تأتوننا عن اليمين} قال : عن الحق الكفار تقوله للشياطين.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي شيبه ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {لم تكونوا مؤمنين} قال : لو كنتم مؤمنين منعتم منا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فأغويناكم} قال : الشياطين تقول {فأغويناكم} في الدنيا {إنا كنا غاوين} {فإنهم يومئذ} ومن أغووا في الدنيا {في العذاب مشتركون}.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون} قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون {ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} لا يعقل قال : فحكى الله صدقه فقال {بل جاء بالحق وصدق المرسلين}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ، وأنزل الله في كتابه وذكر قوما استكبروا فقال {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون} وقال (إذ جعل(12/400)
الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها) (الفتح الآية 26) وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله ، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية ، يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج البخاري في تاريخه عن وهب بن منبه رضي الله عنه أنه قيل له : أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة قال : بلى ، ولكن ليس من مفتاح إلا وله أسنان فمن جاء بأسنانه فتح له ومن لا لم يفتح له.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد رضي الله عنه أنه كان يقرأ {إلا عباد الله المخلصين}.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {أولئك لهم رزق معلوم} قال : في الجنة.
الآيات 45 - 49.
أَخْرَج ابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر(12/401)
وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : كل كأس ذكره الله في القرآن إنما عني به الخمر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بكأس من معين} قال : كأس من خمر لم تعصر والمعين هي الجارية {لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون} قال : لا تذهب عقولهم ولا تصدع رؤوسهم ولا توجع بطونهم.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه {بكأس من معين} هو الجاري.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {بيضاء} قال : في قراءة عبد الله صفراء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يطاف عليهم بكأس من معين} قال : الخمر {لا فيها غول} قال : ليس فيها صداع {ولا هم عنها ينزفون} قال : لا تذهب عقولهم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : في الخمر أربع خصال : السكر والصداع والقيء والبول ، فنزه الله خمر الجنة عنها !(12/402)
{لا فيها غول} لا تغول عقولهم من السكر {ولا هم عنها ينزفون} لا يقيؤن عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها والقيء مستكره.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {لا فيها غول} قال : ليس فيها نتن ولا كراهية كخمر الدنيا قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت أمرؤ القيس وهو يقول : رب كاس شربت لا غول فيها * وسقيت النديم منها مزاجا قال أخبرني عن قوله {ولا هم عنها ينزفون} قال : لا يسكرون قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وهو يقول : ثم لا ينزفون عنها ولكن * يذهب الهم عنهم والغليل.
وَأخرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {لا فيها غول} قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن.
وأخرج هناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لا فيها غول} قال : وجع بطن {ولا هم عنها(12/403)
ينزفون} قال : لا تذهب عقولهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {بكأس من معين} قال : المعين الخمر {لا فيها غول} قال : وجع بطن {ولا هم عنها ينزفون} لا مكروه فيها ولا أذى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله {وعندهم قاصرات الطرف} يقول : عن غير أزواجهن {كأنهن بيض مكنون} قال : اللؤلؤ المكنون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {وعندهم قاصرات الطرف} يقول : عن غير أزواجهن قال : قصرن طرفهن على أزواجهن {عين} قال : حسان العيون.
(12/404)
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {عين} قال : العين العظام الأعين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : بياض البيضة ينزع عنها فوقها وغشاؤها الذي يكون في العرف.
وأخرج ابن أبي شيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : كأنهن بطن البيض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : بياض البيض حين ينزع قشره.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : هو السخاء الذي يكون بين قشرته العليا ولباب البيضة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في(12/405)
قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : البيض في عشه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وعندهم قاصرات الطرف} قال : قصرن طرفهن على أزواجهن ، فلا يردن غيرهم {كأنهن بيض مكنون} قال : البيض الذي لم تلوثه الأيدي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : محصون لم تمرته الأيدي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {كأنهن بيض مكنون} قال : البيض الذي يكنه الريش مثل بيض النعام الذي أكنه الريش من الريح فهو أبيض إلى الصفرة فكانت تترقرق فذلك المكنون.
الآيات 50 - 61.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} قال : أهل الجنة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وابن(12/406)
أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إني كان لي قرين} قال : شيطان.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال : كان رجلان شريكين وكان لهما ثمانية آلاف دينار فاقتسماها فعمد أحدهما فأشترى بألف دينار أرضا فقال صاحبه : اللهم إن فلانا اشترى بألف دينار أرضا وإني أشتري منك بألف دينار أرضا في الجنة ، فتصدق بألف دينار ثم ابتنى صاحبه دارا بألف دينار فقال هذا : اللهم إن فلانا ابتنى دارا بألف دينار وإني أشتري منك دارا في الجنة بألف دينار ، فتصدق بألف دينار ثم تزوج صاحبه امرأة فأنفق عليها ألف دينار فقال : اللهم إن فلانا تزوج امرأة فأنفق عليها ألف دينار وإني أخطب إليك من نساء الجنة بألف دينار ، فتصدق بألف دينار ثم أشترى خدما ومتاعا بألف دينار وإني أشتري منك خدما ومتاعا في الجنة بألف دينار ، فتصدق بألف دينار ، ثم أصابته حاجة شديدة فقال : لو أتيت صاحبي هذا لعله ينالني معروف فجلس على طريقه فمر به في حشمه وأهله فقام إليه الآخر فنظر فعرفه فقال فلان ، فقال : نعم ، فقال : ما شأنك فقال : أصابتني بعدك(12/407)
حاجة فأتيتك لتصيبني بخير قال : فما فعل فقد اقتسمناه مالا واحدا فأخذت شطره وأنا شطره ، فقال : اشتريت دارا بألف دينار ففعلت أنا كذلك وفعلت أنا كذلك ، فقص عليه القصة فقال : إنك لمن المصدقين بهذا أذهب فو الله لا أعطيك شيئا فرده فقضي لهما أن توفيا فنزلت فيهما {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} حتى بلغ {أئنا لمدينون} قال : لمحاسبون.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير عن فرات بن ثعلبة البهراني رضي الله عنه في قوله {إني كان لي قرين} قال : ذكر لي أن رجلين كان شريكين فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار فكان أحدهما ليس له حرفة والآخر له حرفة فقال : إنه ليس لك حرفة فما أراني إلا مفارقك ومقاسمك فقاسمه ثم فارقه ، ثم إن أحد الرجلين أشترى دارا كانت لملك بألف دينار فدعا صاحبه ثم قال : كيف ترى هذه الدار ابتعتها بألف دينار فقال : ما أحسنها فلما خرج قال : اللهم إن صاحبي قد ابتاع هذه الدار وإني أسألك دارا من الجنة ، فتصدق بألف دينار ، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم تزوج امرأة بألف دينار فدعاه وصنع له طعاما فلما أتاه قال : إني تزوجت هذه المرأة بألف دينار قال : ما أحسن هذا فلما خرج قال : اللهم إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار وإني أسألك امرأة من الحور العين ، فتصدق بألف دينار(12/408)
ثم أنه مكث ما شاء الله أن يمكث ثم اشترى بستانين بألفي دينار ثم دعاه فأراه وقال : إني قد ابتعت هذه البستانين بألفي دينار فقال : ما أحسن هذا فلما خرج قال : يا رب إن صاحبي قد ابتاع بستانين بألفي دينار وإني أسألك بستانين في الجنة ، فتصدق بألفي دينار ، ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما فانطلق بهذا المتصدق فأدخله دارا تعجبه فإذا امرأة يضيء ما تحتها من حسنها ثم أدخله البستانين وشيئا الله به عليم فقال عند ذلك : ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا ، وكذا ، ، قال : فإنه ذلك ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة فقال {إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين} قيل لهك فإنه في الجحيم قال {هل أنتم مطلعون فاطلع فرآه في سواء الجحيم} فقال عند ذلك {تالله إن كدت(12/409)
لتردين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : كانا شريكين في
بني إسرائيل ، أحدهما مؤمن ، والآخر كافر فافترقا على ستة آلاف دينار كل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار ، ثم افترقا فمكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت في مالك أضربت به شيئا اتجرت به في شيء قال له المؤمن : لا ، فما صنعت أنت قال : اشتريت به نخلا وأرضا وثمارا وأنهارا بألف دينار فقال له المؤمن : أو فعلت قال : نعم ، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل فصلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ثم قال : اللهم إن فلانا - يعني شريكه الكافر - اشترى أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا بألف دينار ثم يموت ويتركها غدا ، اللهم وإني أشتري منك بهذه الألف دينار أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا في الجنة ، ثم أصبح فقسمها للمساكين ، ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت أضربت به في شيء أتجرت به قال : لا ، قال : فما صنعت أنت قال : كانت ضيعتي قد اشتد على مؤنتها فأشتريت رقيقا(12/410)
بألف دينار يقومون لي ويعملون لي فيها ، فقال المؤمن : أو فعلت قال : نعم ، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعا بين يديه ثم قال : اللهم إن فلانا اشترى رقيقا من رقيق الدنيا بألف دينار يموت غدا فيتركهم أو يموتون فيتركونه اللهم وإني أشتري منك بهذه الألف دينار رقيقا في الجنة ، ثم أصبح فقسمها بين المساكين ، ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت في مالك أضربت به في شيء أتجرت به في شيء قال : لا ، فما صنعت أنت قال : كان أمري كله قد تم إلا شيئا واحدا فلانة مات عنها زوجها فأصدقتها ألف دينار فجاءتني بها وبمثلها معها فقال له المؤمن : أو فعلت قال : له نعم ، فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ الألف دينار الباقية فوضعها بين يديه وقال : اللهم إن فلانا تزوج زوجة من أزواج الدنيا بألف دينار ويموت عنها فيتركها أو تموت فتتركه اللهم وإني أخطب إليك بهذه الألف دينار حوراء عيناء في الجنة ، ثم أصبح فقسمها بين المساكين فبقي المؤمن ليس عنده شيء.
فلبس قميصا من قطن وكساء من صوف ثم جعل يعمل ويحفر(12/411)
بقوته فقال رجل : يا عبد الله أتؤجر نفسك مشاهرة ، شهرا بشهر تقوم على دواب لي قال : نعم ، فكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه فإذا رأى منها دابة ضامرة أخذ برأسه فوجأ عنقه ثم يقول له : سرقت شعير هذه البارحة ، فلما رأى المؤمن الشدة قال : لآتين شريكي الكافر فلأعملن في أرضه يطعمني هذه الكسرة يوما بيوم ويكسيني هذين الثوبين إذا بليا ، فأنطلق يريده فانتهى إلى بابه وهم ممس فإذا قصر في السماء وإذا حوله البوابون فقال لهم : استأذنوا لي صاحب هذا القصر فإنكم إن فعلتم ذلك سره فقالوا له : إنطلق فإن كنت صادقا فنم في ناحية فإذا أصبحت فتعرض له فانطلق المؤمن فألقى نصف كسائه تحته ونصفه فوقه ثم نام فلما أصبح أتى شريكه فتعرض له فخرج شريكه وهو راكب فلما رآه عرفه فوقف فسلم عليه وصافحه ثم قال له : ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت فأين مالك قال : لا تسألني عنه قال : فما جاء بك قال : جئت أعمل في أرضك هذه تطعمني هذه الكسرة يوما بيوم وتكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال : لا ترى مني خيرا حتى تخبرني ما صنعت في مالك قال : أقرضته من الملأ الوفي قال : من قال : الله ربي وهو مصافحه(12/412)
فأنتزع يده ثم قال {أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون} وتركه فلما رآه المؤمن لا يلوي عليه رجع وتركه يعيش المؤمن في شدة من الزمان ويعيش الكافر في رخاء من الزمان ، فإذا كان يوم القيامة وأدخل الله المؤمن الجنة يمر فإذا هو بأرض ونخل وأنهار وثمار فيقول : لمن هذا فيقال : هذا لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ثم يمر فإذا هو برقيق لا يحصى عددهم فيقول : لمن هذا فيقال : هؤلاء لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ثم يمر فإذا هو بقبة من ياقوتة حمراء مجوفة فيها حوراء عين فيقول : لمن هذه فيقال : هذه لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ثم يذكر شريكه الكافر فيقول {إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين} فالجنة عالية والنار هاوية فيريه الله شريكه في وسط الجحيم من بين أهل النار فإذا رآه عرفه المؤمن فيقول {قال تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون}
بمثل ما قدمت عليه قال : فيتذكر المؤمن ما مر عليه في الدنيا من الشدة فلا يذكر أشد عليه من الموت.
(12/413)
وأخرج ابن أبي شيبه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أئنا لمدينون} قال : لمحاسبون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {هل أنتم مطلعون} يقول : مطلعون إليه حتى أنظر إليه في النار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {سواء الجحيم} قال : وسط الجحيم.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {في سواء الجحيم} قال : وسط الجحيم قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر : رماهم بسهم فاستوى في سوائها * وكان قبولا للهوى والطوارق.
وَأخرَج ابن أبي شيبه وهناد ، وَابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله !(12/414)
{فاطلع فرآه في سواء الجحيم} قال : اطلع ثم التفت إلى أصحابه فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن كعب الأحبار رضي الله عنه قال : في الجنة كوى فإذا أراد أحد من أهلها أن ينظر إلى عدوه في النار اطلع فأزداد شكرا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هل أنتم مطلعون} قال : سأل ربه أن يطلعه {فاطلع فرآه في سواء الجحيم} يقول : في وسطها فرأى جماجمهم تغلي فقال : فلان ، فلولا أن الله عرفه إياه لما عرفه ، لقد تغير خبره وسبره ، فعند ذلك قال {تالله إن كدت لتردين} يقول : لتهلكني لو أطعتك {ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين} قال : في النار {أفما نحن بميتين} إلى قوله {الفوز العظيم} قال : هذا قول أهل الجنة يقول الله {لمثل هذا فليعمل العاملون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : علموا أن كل نعيم بعد(12/415)
الموت يقطعه فقالوا {أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين} قيل : لا ، قالوا {إن هذا لهو الفوز العظيم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يقول الله تعالى لأهل الجنة : (كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون) (المرسلات 43) قال : قول الله (هنيئا) أي لا تموتون فيها ، فعندها قالوا {أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون}.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر ثم جثا على ركبتيه فجعل يبكي حتى بل الثرى ثم قال {لمثل هذا فليعمل العاملون}.
الآيات 62 - 68.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال :(12/416)
لما ذكر الله شجرة الزقوم افتتن بها الظلمة فقال أبو جهل : يزعم صاحبكم هذا أن في النار شجرة والنار تأكل الشجر وإنا والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد فتزقموا فأنزل الله حين عجبوا أن يكون في النار شجر {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم} أي غذيت بالنار ومنها خلقت {طلعها كأنه رؤوس الشياطين} قال : يشبهها بذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنا جعلناها فتنة للظالمين} قال : قول أبي جهل : إنما الزقوم التمر والزبد أتزقمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه في قوله {طلعها كأنه رؤوس الشياطين}
قال : شعور الشياطين قائمة إلى السماء.
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد ، وَابن المنذر عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال : بلغنا أن ابن آدم لا ينهش من شجرة الزقوم نهشه إلا نهشت منه مثلها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فلما نفد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى) (القيامة 34 - 35) فسمع أبو جهل فقال : من توعد يا محمد قال : إياك فقال : بم توعدني فقال : أوعدك بالعزيز الكريم فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز(12/417)
الكريم فأنزل الله (إن شجرة الزقوم طعام الأثيم) (الدخان 43) إلى قوله (ذق إنك أنت العزيز الكريم) فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه فأخرج إليهم زبدا وتمرا فقال : تزقموا من هذا فو الله ما يتوعدكم محمدا إلا بهذا فأنزل الله {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم} إلى قوله {ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم} فقال : في الشوب إنها تختلط باللبن فتشوبه بها فإن لهم على ما يأكلون {لشوبا من حميم}.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثم إن لهم عليها لشوبا} قال : لمزجا.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم} قال : يختلط الحميم والغساق قال له : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :(12/418)
تلك المكارم لا قعبان من لبن * شيبا بماء فعادا بعد أبوالا.
وَأخرَج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لشوبا من حميم} قال : يخلط طعامهم ويشاب بالحميم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لا
ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقبل هؤلاء وهؤلاء أهل الجنة وأهل النار وقرأ ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم} قال : مزجا {ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم} قال : فهم في عناء وعذاب بين نار وحميم ، وتلا هذه(12/419)
الآية (يطوفون بينها وبين حميم آن) (الرحمن 44).
الآيات 69 - 74.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنهم ألفوا آباءهم} قال : وجدوا آباءهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنهم ألفوا آباءهم} قال : وجدوا آباءهم {ضالين فهم على آثارهم يهرعون} أي مسرعين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنهم ألفوا آباءهم ضالين} قال : جاهلين {فهم على آثارهم يهرعون} قال : كهيئة الهرولة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {فانظر كيف كان عاقبة المنذرين} قال : كيف عذب الله قوم نوح وقوم لوط وقوم صالح والأمم التي عذب الله.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {إلا عباد الله(12/420)
المخلصين} قال : الذين استخلصهم الله سبحانه وتعالى.
الآيات 75 - 101.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون} قال : أجابه الله تعالى.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا صلى في بيتي فمر بهذه الآية {ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون} قال : صدقت ربنا أنت أقرب من دعي وأقرب من يعطي فنعم المدعي ونعم المعطي ونعم المسؤول ونعم المولى وأنت ربنا ونعم النصير.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ونجيناه وأهله من الكرب العظيم} قال : من غرق الطوفان.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وجعلنا ذريته هم الباقين} قال : فالناس كلهم من ذرية نوح عليه السلام {وتركنا عليه في الآخرين} قال : أبقى الله عليه الثناء الحسن في الآخرة.
(12/421)
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وجعلنا ذريته هم الباقين} يقول : لم يبق إلا ذرية نوح عليه السلام {وتركنا عليه في الآخرين} يقول : يذكر بخير.
وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وجعلنا ذريته هم الباقين} قال : سام وحام ويافث.
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وحسنه وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن سمرة رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم.
وأخرج البزار ، وَابن أبي حاتم والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولد نوح ثلاثة ، سام وحام ويافث ، فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم ، وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير منهم.
وَأَمَّا ولد حام القبط(12/422)
والبربر والسودان.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وجعلنا ذريته هم الباقين} قال : ولد نوح ثلاثة ، فسام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم.
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أن نوحا عليه السلام اغتسل فرأى ابنه ينظر إليه فقال : تنظر إلي وأنا أغتسل حار الله لونك ، فأسود فهو أبو السودان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وتركنا عليه في الآخرين} قال : لسان صدق للأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {وتركنا عليه في الآخرين} قال : هو السلام كما قال {سلام على نوح في العالمين}.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن رضي الله عنه {وتركنا عليه في الآخرين} قال : الثناء الحسن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : (وتركنا عليه في الآخرين) قال : السلام والثناء الحسن .(12/423)
قوله تعالى : (وإن من شيعته لإبراهيم) الآيات.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن من شيعته} قال : من أهل ذريته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإن من شيعته لإبراهيم} قال : من شيعة نوح إبراهيم ، على منهاجه وسننه {إذ جاء ربه بقلب سليم} قال : ليس فيه شك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإن من شيعته لإبراهيم} قال : على دينه {إذ جاء ربه بقلب سليم} من الشرك (أئفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين) إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي(12/424)
حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله {فنظر نظرة في النجوم} قال : رأى نجما طالعا فقال {إني سقيم} قال كايديني في النجوم قال : كلمة من كلام العرب يقول الله عز دينه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فنظر نظرة في النجوم} قال : كلمة من كلام العرب يقول إذا تفكر ، نظر في النجوم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {فنظر نظرة في النجوم} قال : في السماء {فقال إني سقيم} قال : مطعون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إني سقيم} قال : مريض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه في قوله {إني سقيم} قال : مطعون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إني سقيم} قال : مطعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه في قوله {إني سقيم} قال : طعين(12/425)
وكانوا يفرون من المطعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : أرسل إليه ملكهم
فقال : إن غدا عيدنا فأخرج قال : فنظر إلى نجم فقال : إن ذا النجم لم يطلع قط إلا طلع بسقم لي {فتولوا عنه مدبرين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فتولوا عنه مدبرين} قال : فنكصوا عنه منطلقين {فراغ} قال : فمال {إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون} يستنطقهم منطلقين {ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين} أي فأقبل عليهن فكسرهن {فأقبلوا إليه يزفون} قال : يسعون {قال أتعبدون ما تنحتون} من الأصنام {والله خلقكم وما تعملون} قال : خلقكم وخلق ما تعملون بأيديكم {فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين} قال : فما ناظرهم الله بعد ذلك حتى أهلكهم {وقال إني ذاهب إلى ربي} قال : ذاهب بعمله وقلبه ونيته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن قال : خرج قوم إبراهيم عليه السلام إلى عيد لهم وأرادوا إبراهيم عليه السلام على الخروج فأضطجع على ظهره و{فقال إني سقيم} لا أستطيع الخروج وجعل ينظر إلى السماء فلما خرجوا أقبل على آلهتهم فكسرها.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !(12/426)
{فأقبلوا إليه يزفون} قال : يجرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {فأقبلوا إليه يزفون} قال : ينسلون ، والزفيف النسلان.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {يزفون} قال : يسعون.
وأخرج البخاري في خلق أفعال العباد والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله صانع كل صانع وصنعته ، وتلا عند ذلك {والله خلقكم وما تعملون}.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال {قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم} قال : فحبسوه في بيت وجمعوا له حطبا حتى إن كانت المرأة لتمرض فتقول :(12/427)
لئن عافاني الله لأجمعن حطبا لإبراهيم فلما جمعوا له وأكثروا من الحطب حتى إن كانت
الطير لتمر بها فتحترق من شدة وهجها فعمدوا إليه فرفعوه على رأس البنيان فرفع إبراهيم عليه السلام رأسه إلى السماء فقالت السماء والأرض والجبال والملائكة إبراهيم يحرق فيك فقال : أنا أعلم به وإن دعاكم فأغيثوه ، وقال إبراهيم عليه السلام حين رفع رأسه إلى السماء : اللهم أنت الواحد في السماء وأنا الواحد في الأرض ليس في الأرض ولد يعبدك غيري حسبي الله ونعم الوكيل فناداها (يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) (الأنبياء 69).
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين} قال : حين هاجر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {رب هب لي من الصالحين} قال : ولدا صالحا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : بولادة إسحاق عليه السلام.
(12/428)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فبشرناه بغلام حليم} قال : بشر بإسحاق قال : ولم يثن الله بالحلم على أحد إلا على إبراهيم وإسحاق عليهما السلام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : هو إسماعيل عليه السلام قال : وبشره الله بنبوة إسحاق بعد ذلك.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر من طريق الزهري عن القاسم رضي الله عنه في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما هو إسحاق عليه السلام وكان ذلك بمنى ، وقال كعب رضي الله عنه : هو إسحاق عليه السلام وكان ذلك ببيت المقدس.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : إسماعيل عليه السلام.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه {فبشرناه بغلام حليم} قال : هو إسحاق عليه السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن عبيد بن عمير رضي الله عنه في قوله {فبشرناه بغلام حليم} قال : هو إسحاق عليه السلام.
(12/429)
من آية 102 - 111.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {بلغ معه السعي} قال : العمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {فلما بلغ معه السعي} قال : أدرك معه العمل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلما بلغ معه السعي} قال : لما مشى مع أبيه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه {فلما بلغ معه السعي} قال : لما مشى فأسر في نفسه حزنا في قراءة عبد الله {قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {فلما بلغ معه السعي} قال : لما شب حتى أدرك سعيه سعي إبراهيم في العمل {فلما أسلما} قال : سلما ما أمرا به {وتله للجبين} قال : وضع وجهي للأرض ، ففعل فلما أدخل يده ليذبحه {وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا}(12/430)
فأمسك
يده ورفع رأسه فرأى الكبش ينحط إليه حتى وقع عليه فذبحه.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أراد إبراهيم عليه السلام أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني فاعتزل لا أضطرب فينتضح عليك دمي فشده فلما أخذ الشفرة وأراد أن يذبحه نودي من خلفه {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا}.
وأخرج أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن جبريل ذهب بإبراهيم إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ ثم أتى به الجمرة القصوى فعرض له الشيطان فرماه بسبع فساخ فلما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق عليهما السلام قال لأبيه : يا أبت أوثقني لا أضطرب فينتضح عليك دمي إذا ذبحتني فشده فلما أخذ الشفرة فأراد أن يذبحه ، نودي من خلفه {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا}.
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه من طريق مجاهد رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما !(12/431)
{وإن من شيعته لإبراهيم} قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه {بلغ معه السعي} شب حتى بلغ سعيه سعي إبراهيم في العمل {فلما أسلما} سلما ما أمرا به {وتله} وضع وجهه للأرض فقال : لا تذبحني وأنت تنظر عسى أن ترحمني فلا تجهز علي وأن أجزع فأنكص فأمتنع منك ولكن أربط يدي إلى رقبتي ثم ضع وجهي إلى الأرض فلما أدخل يده ليذبحه فلم تصل المدية حتى نودي {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} فأمسك يده فذلك قوله {وفديناه بذبح عظيم} بكبش {عظيم} متقبل ، وزعم ابن عباس رضي الله عنهما أن الذبيح إسماعيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا الأنبياء وحي.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : رؤيا الأنبياء وحي ، ثم تلا هذه الآية {إني أرى في المنام أني(12/432)
أذبحك فانظر ماذا ترى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : رؤيا الأنبياء عليهم السلام
حق ، إذا رأوا شيئا فعلوه.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أمر إبراهيم عليه السلام بالمناسك عرض له الشيطان عند المسعى فسابقه فسبقه إبراهيم عليه السلام ثم ذهب به جبريل عليه السلام إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات {وتله للجبين} وعلى إسماعيل عليه السلام قميص أبيض فقال : يا أبت ليس لي ثوب تكفني فيه غيره فأخلعه حتى تكفني فيه فعالجه ليخلعه فنودي من خلفه {أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} فالتفت فإذا كبش أبيض أعين أقرن فذبحه.
وأخرج ابن جرير والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه قال : المفدى إسماعيل وزعمت اليهود إنه إسحاق ، وكذبت اليهود.
وأخرج الفريابي ، وَابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم(12/433)
وصححه من طريق الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل عليه السلام.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق مجاهد ويوسف بن ماهك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق يوسف بن مهران وأبي الطفيل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير قالا : الذي أراد إبراهيم عليه السلام ذبحه إسماعيل عليه السلام.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي ومجاهد والحسن ويوسف بن مهران ومحمد بن كعب القرظي ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {وفديناه بذبح عظيم} قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش.
وأخرج ابن جرير والآمدي في مغازيه والخلعي في فوائده والحاكم ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن عبد الله بن سعيد(12/434)
الصنايجي قال : حضرنا مجلس معاوية بن أبي
سفيان فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق أيهما الذبيح فقال معاوية : سقطتم على الخبير كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه إعرابي فقال : يا رسول الله خلفت الكلأ يابسا والماء عابسا هلك العيال وضاع المال فعد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه فقال القوم : من الذبيحان يا أمير المؤمنين قال : إن عبد المطلب لما حفر زمزم نذر لله أن سهل حفرها أن ينحر بعض ولده فلما فرغ أسهم بينهم وكانوا عشرة فخرج السهم على عبد الله فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم وقالوا : أرض ربك وأفد ابنك ، ففداه بمائة ناقة فهو الذبيح وإسماعيل الثاني.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : إن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل وإنا لنجد ذلك في كتاب الله وذلك أن الله يقول حين فرغ من قصة المذبوح {وبشرناه بإسحاق} وقال (فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) (هود الآية 71) بابن ، وَابن ابن فلم يكن يأمر بذبح إسحاق وله فيه موعود بما(12/435)
وعده وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل.
وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال سألت خوات بن جبير رضي الله عنه عن ذبيح الله قال : إسماعيل عليه السلام لما بلغ سبع سنين رأى إبراهيم عليه السلام في النوم في منزله بالشام أن يذبحه فركب إليه على البراق حتى جاءه فوجده عند أمه فأخذ بيديه ومضى به لما أمر به وجاء الشيطان في صورة رجل يعرفه فذبح طرفي حلقه فإذا هو نحر في نحاس فشحذ الشفرة مرتين أو ثلاثا بالحجر ولا تحز قال إبراهيم : إن هذا الأمر من الله فرفع رأسه فإذا هو بوعل واقف بين يديه فقال إبراهيم : قم يا بني قد نزل فداؤك فذبحه هناك بمنى.
وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي من طريق عطاء بن يسار رضي الله عنه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : الذبيح إسماعيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد والحسن رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل.
(12/436)
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة رضي
الله عنه يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : إن الذي أمر بذبحه إسماعيل.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن محمد بن كعب رضي الله عنه ، أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أرسل إلى رجل كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه وكان من علمائهم فسأله : أي ابني إبراهيم أمر بذبحه فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وأن اليهود لتعلم بذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب.
وأخرج البزار ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب فأجعلني رابعا قال : إن إبراهيم ألقي في النار فصبر من أجلي وإن إسحاق جاد لي بنفسه وأن يعقوب غاب عنه يوسف وتلك بلية لم تنلك).
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الإيمان عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : قال موسى عليه السلام : يا رب يقولون يا رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب لأي شيء يقولون ذلك قال : لأن إبراهيم لم يعدل بي شيئا إلا إختارني عليه وإن إسحاق جاد لي بنفسه فهو على ما سواه أجود وأما(12/437)
يعقوب فما ابتليت ببلاء إلا ازداد بي حسن الظن.
وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن داود سأل ربه مسأله فقال : اجعلني مثل إبراهيم وإسحاق ويعقوب فأوحى الله إليه أني : ابتليت إبراهيم بالنار فصبر وابتليت إسحاق بالذبح فصبر وابتليت يعقوب فصبر).
وأخرج الدارقطني في الأفراد والديلمي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن مردويه عن بهار وكانت له صحبة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إسحاق ذبيح.
(12/438)
وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني عن أبي الأحوص قال : فاخر أسماء بن خارجة عند ابن مسعود فقال : أنا ابن الأشياخ الكرام فقال ابن مسعود رضي الله عنه : ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من أكرم الناس قال يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله خيرني بين أن يغفر لنصف أمتي أو شفاعتي فاخترت شفاعتي ورجوت أن تكون أعم لأمتي ولولا الذي سبقني إليه العبد الصالح لعجلت دعوتي إن الله لما فرج عن إسحاق كرب الذبح قيل له : يا ابا إسحاق سل تعطيه قال : أما والله لا تعجلها قبل نزغات الشيطان اللهم من مات لا يشرك بك شيئا قد أحسن فأغفر له.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن كعب رضي الله عنه ، أنه قال(12/439)
لأبي هريرة : ألا أخبرك عن إسحاق قال : بلى ، قال : رأى إبراهيم أن يذبح إسحاق قال الشيطان : والله لئن لم أفتن عند هذه آل إبراهيم لا أفتن أحدا منهم أبدا فتمثل الشيطان رجلا يعرفونه فأقبل حتى خرج إبراهيم بإسحاق ليذبحه دخل على سارة فقال : أين أصبح إبراهيم غاديا بإسحاق قالت : لبعض حاجته قال : لا والله قالت : فلم غدا قال : ليذبحه قالت : لم يكن ليذبح ابنه قال : بلى والله قالت سارة : فلم يذبحه قال : زعم أن ربه أمره بذلك قالت : قد أحسن أن يطيع ربه إن كان أمره بذلك ، فخرج الشيطان فأدرك إسحاق وهو يمشي على أثر أبيه قال : أين أصبح أبوك غاديا قال : لبعض حاجته قال : لا والله بل غدا بك ليذبحك قال : ما كان أبي ليذبحني قال : بلى قال : لم قال : زعم إن الله أمره بذلك قال إسحاق : فوالله لئن أمره ليطيعنه ، فتركه الشيطان وأسرع إلى إبراهيم فقال أين أصبحت غاديا بابنك قال : لبعض حاجتي قال : لا والله ما غدوت به إلا لتذبحه ، قال : ولم أذبحه قال : زعمت أن الله أمرك بذلك فقال : والله لئن كان الله أمرني لأفعلن ، قال فتركه ويئس أن يطاع فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه وسلم إسحاق عافاه الله وفداه بذبح عظيم ، فقال : قم أي بني فإن الله قد عافاك فأوحى الله إلى إسحاق : إني قد
أعطيتك دعوة أستجيب لك فيها قال : فإني أدعوك أن تستجيب لي ، أيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لا يشرك بك شيئا فأدخله الجنة .(12/440)
وأخرج ابن جرير عن ابن أبي الهذيل وأبي ميسرة ، وَابن سابط قالوا : الذبيح إسحاق ..
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج عبد الرزاق والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال الذبيح إسحاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري في تاريخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق .(12/441)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما رأى إبراهيم عليه السلام في المنام ذبح إسحاق سار به من منزله إلى المنحر بمنى مسيرة شهر في غداة واحدة فلما صرف عنه الذبح وأمر بذبح الكبش ذبحه ثم راح به وراحا إلى منزله في عشية واحدة مسيرة شهر طويت له الأودية والجبال.
وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : رأى إبراهيم عليه السلام في المنام ، أن يذبح إسحاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مسروق رضي الله عنه قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن عساكر عن نوح بن حبيب قال : سمعت الشافعي يقول كلاما ما سمعت قط أحسن منه سمعته يقول : قال خليل الله إبراهيم لولده في وقت ما قص عليه ما رأى ماذا ترى أي ماذا تشير به ليستخرج(12/442)
بهذه اللفظة منه ذكر التفويض والصبر والتسليم والإنقياد لأمر الله لا لمواراته لدفع أمر الله تعالى {يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} قال الشافعي رضي الله عنه والتفويض هو الصبر والتسليم هو الصبر والإنقياد هو ملاك الصبر فجمع له الذبيح جمع ما ابتغاه بهذه اللفظة اليسيرة.
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن فضيل بن عياض قال : أضجعه ووضع
الشفرة فأقلب جبريل الشفرة فقال : يا أبت شدني فإني أخاف أن ينتضح عليك من دمي ثم قال : يا أبت حلني فإني أخاف أن تشهد علي الملائكة إني جزعت من أمر الله تعالى ،.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : أتي إبراهيم في النوم فقيل له : أوف بنذرك الذي نذرت ، أن الله رزقك غلاما من سارة أن تذبحه ، فقال : يا إسحاق انطلق فقرب قربانا إلى الله فأخذ سكينا وحبلا ثم انطلق به حتى إذا ذهب به بين الجبال قال الغلام : يا أبت أين قربانك {قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} قال له إسحاق : يا أبت اشدد رباطي(12/443)
حتى لا أضطرب وأكفف عني ثيابك حتى لا ينضح عليها من دمي شيء فتراه سارة فتحزن وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون للموت علي فإذا أتيت سارة فأقرأ عليها السلام مني ، فأقبل عليه إبراهيم بقلبه وهو يبكي وإسحاق يبكي ثم أنه جر السكين على حلقه فلم تنحر وضرب الله على حلق إسحاق صفيحة من نحاس فلما رأى ذلك ضرب به على جبينه وحز من قفاه ، وذلك قول الله {فلما أسلما} يقول : سلما لله الأمر {وتله للجبين} فنودي يا إبراهيم (قد صدقت الرؤيا) بإسحاق فالتفت فإذا هو بكبش فأخذه وحل عن ابنه وأكب عليه يقبله وجعل يقول : اليوم يا بني وهبت لي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : إن الله لما أمر إبراهيم بذبح ابنه قال له : يا بني خذ الشفرة فقال الشيطان : هذا أوان أصيب حاجتي من آل إبراهيم فلقي إبراهيم متشبها بصديق له فقال له : يا إبراهيم أين تعمد قال : لحاجة قال : والله ما تذهب إلا لتذبح ابنك من أجل رؤيا رأيتها والرؤيا تخطى ء وتصيب وليس في رؤيا رأيتها ما تذهب إسحاق فلما رأى أنه(12/444)
لم يستفد من إبراهيم شيئا ، لقي إسحاق فقال : أين تعمد يا إسحاق قال : لحاجة إبراهيم قال : إن إبراهيم إنما يذهب بك ليذبحك فقال إسحاق : وما شأنه يذبحني وهل رأيت أحدا يذبح ابنه قال : يذبحك لله قال : فإن يذبحني لله أصبر والله لذلك أهل فلما رأى أنه لم يستفد من إسحاق شيئا جاء إلى سارة فقال : أين يذهب إسحاق قالت : ذهب مع إبراهيم
لحاجته فقال : إنما ذهب به ليذبحه فقالت : وهل رأيت أحدا يذبح ابنه قال : يذبحه لله قالت : فإن ذبحه لله فإن إبراهيم وإسحاق لله والله لذلك أهل فلما رأى أنه لم يستفد منهما شيئا أتى الجمرة فانتفخ حتى سد الوادي ومع إبراهيم الملك فقال الملك : أرم يا إبراهيم فرمى بسبع حصيات يكبر في أثر كل حصاة فأفرج له عن طريق ثم انطلق حتى أتى الجمرة الثانية فانتفخ حتى سد الوادي فقال له الملك : أرم يا إبراهيم فرمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة فأفرج له عن الطريق ثم انطلق حتى أتى الجمرة الثالثة فانتفخ حتى سد الوادي عليه فقال له الملك : أرم يا إبراهيم فرمى بسبع حصيات يكبر في أثر كل حصاة فأفرج له عن الطريق حتى أتى المنحر.
(12/445)
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إنما سميت تروية وعرفة لأن إبراهيم عليه السلام أتاه الوحي في منامه : أن يذبح ابنه فرأى في نفسه أمن الله هذا أم من الشيطان فأصبح صائما فلما كان ليلة عرفة أتاه الوحي فعرف أنه الحق من ربه فسميت عرفة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلما أسلما} قال : أسلم هذا نفسه لله وأسلم هذا ابنه لله {وتله} أي كبه لفيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {فلما أسلما} قال : اتفقا على أمر واحد {وتله للجبين} قال : أكبه للجبين.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وتله للجبين} قال : أكبه على وجهه.
(12/446)
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وتله للجبين} قال : صرعه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه قال : يا أبتاه خذ بناصيتي واجلس بين كتفي حتى لا أؤذيك إذا مسني حر السكين ففعل فانقلبت السكين قال : مالك يا أبتاه قال : انقلبت
السكين قال : فاطعن بها طعنا قال : فتثنت قال : مالك يا أبتاه قال : تثنت فعرف الصدق ففداه الله بذبح عظيم وهو إسحاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وتله للجبين} قال : ساجدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح رضي الله عنه قال : لما أن وضع السكين على حلقه انقلبت صارت نحاسا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عثمان بن حاضر قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه إسحاق ترك أمه سارة في مسجد الخيف وذهب بإسحاق معه فلما بلغ حيث أراد أن يذبحه قال إبراهيم لمن كان معه : استأخروا مني وأخذ بيد ابنه إسحاق فعزله فقال : يا بني {إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا(12/447)
ترى} قال له إسحاق : يا أبت ربي أمرك قال إبراهيم : نعم يا إسحاق قال إسحاق : {افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما} لأمر الله {وتله} قال إسحاق لأبيه : يا أبت أوثقتني لأطيش بك نودي {يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} وهبط عليه الكبش من ثبير وقد قيل : إنه ارتعى في الجنة أربعين سنة فلما كشف عن إسحاق دعا ربه ورغب إليه وحمده وأوحى إليه : أن أدع فإن دعاءك مستجاب فقال : اللهم من خرج من الدنيا لا يشرك بك شيئا فأدخله الجنة ، قال ابن خاضر : إن إبراهيم كان قال لربه : يا رب أي ولدي أذبح فأوحى الرب إليه : أحبهما إليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه : أن داود قال : يا رب إن الناس يقولون رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب فاجعلني لهم رابعا ، فأوحى الله إليه : إن تلك بلية لم تصل إليك بعد ، إن إبراهيم لم يعدل بي شيئا إلا اختارني ووفى بجميع ما أمرته ، وإن إسحاق جاد لي بنفسه ، وأن يعقوب أخذت خاصته غيبته عنه طول الدهر فلم ييأس من روحي.
وأخرج سعد بن منصور ، وَابن المنذر عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : خرج(12/448)
إبراهيم عليه السلام بابنه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام فتمثل له الشيطان في صورة رجل فقال له : أين تذهب فقال إبراهيم : عليه السلام ما لك ولذلك ،.
أذهب في حاجتي قال : فإنك تزعم أنك تذهب بابنك فتذبحه قال : والله إن كان الله أمرني بذلك إني لحقيق أن أطيع ربي ثم ذهب إلى ابنه وهو وراءه يمشي فقال له : أين تذهب قال : أذهب مع أبي فقال : إن أباك يزعم أن الله أمره بذبحك فقال له مثل ما قال إبراهيم ثم انطلق إبراهيم عليه السلام حتى إذا كانوا على جبل قال لابنه {يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} ويا أبت أوثقني رباطا لا ينتضح عليك من دمي فقام إليه إبراهيم بالشفرة فبرك عليه فجعل ما بين لبته إلى منحره نحاسا لا تحيك فيه الشفرة ثم إن إبراهيم التفت وراء فإذا هو بالكبش فقال له : أي بني قم فإن الله فداك فذبح إبراهيم الكبش وترك ابنه ثم إن إبراهيم عليه السلام قال : يا بني إن الله قد أعطاك بصبرك اليوم فسل ما شئت تعطى قال : فإني أسأل الله أن لا يلقاه له عبد مؤمن به يشهد أن لا إله إلا الله وحده(12/449)
لا شريك له إلا غفر له وأدخله الجنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن علي رضي الله عنه في قوله {وفديناه بذبح عظيم} قال : كبش أبيض أعين أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وفديناه بذبح عظيم} قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا.
وأخرج البخاري في تاريخه عن علي بن أبي طالب قال : هبط الكبش الذي فدى ابن إبراهيم من هذه الخيبة على يسار الجمرة الوسطى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي التي ذبح عليها إبراهيم عليه السلام فدى ابنه إسحاق هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه وكان مخزونا في الجنة حتى فدي به إسحاق عليه السلام.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبيهقي في "سُنَنِه" عن امرأة من بني سليم قالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة فسألت عثمان لما(12/450)
دعاه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : قال إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت الكعبة فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : فدى الله إسماعيل عليه السلام بكبشين أملحين أقرنين أعينين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {وفديناه بذبح عظيم} قال : بكبش متقبل.
وأخرج البغوي عن عطاء بن السائب رضي الله عنه قال : كنت قاعدا بالمنحر مع رجل من قريش فحدثني القرشي قال : حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : إن الكبش الذي نزل على إبراهيم في هذا المكان.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وفديناه بذبح عظيم} قال : خرج عليه كبش من الجنة وقد رعاها قبل ذلك أربعين خريفا فأرسل إبراهيم عليه السلام ابنه واتبع الكبش فأخرجه إلى الجمرة الأولى فرماه بسبع حصيات فأفلته عنده فجاء الجمرة الوسطى فأخرجه عندها فرماه بسبع(12/451)
حصيات ثم أفلته عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات فأخرجه عندها ثم أخذه فأتى به المنحر من منى فذبحه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : كان اسم كبش إبراهيم ، جرير.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال له رجل : نذرت لأنحرن نفسي فقال ابن عباس رضي الله عنهما (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) (الأحزاب 21) ثم تلا {وفديناه بذبح عظيم} فأمره بكبش فذبحه.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من نذر أن يذبح نفسه فليذبح كبشا ثم تلا (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).
وأخرج الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه لما فدى الله إسحاق من الذبح أتاه(12/452)
جبريل عليه السلام فقال : يا إسحاق إنه لم يصبر أحد من الأولين
والآخرين يشهد أن لا إله إلا الله فاغفر له ، سبقني أخي إسحاق عليه السلام إلى الدعوة.
الآيات 112 - 122.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين} قال : إنما بشر به نبيا حين فداه الله من الذبح ولم تكن البشارة بالنبوة حين مولده.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وبشرناه بإسحاق} قال : بشرى نبوة ، بشر به مرتين حين ولد ، وحين نبى ء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة قال : قلت لابن المسيب {وفديناه بذبح عظيم} هو إسحاق قال معاذ الله ، ولكنه إسماعيل عليه السلام فثوب بصبره إسحاق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وبشرناه بإسحاق نبيا} قال : بشر به بعد ذلك نبيا ، بعدما كان هذا(12/453)
من أمره لما جاد لله بنفسه {وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين} أي مؤمن وكافر ، وفي قوله {ولقد مننا على موسى وهارون ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم}
أي من آل فرعون {وآتيناهما الكتاب المستبين} قال : التوراة {وهديناهما الصراط المستقيم} قال : الإسلام {وتركنا عليهما في الآخرين} قال : أبقى الله عليهما الثناء الحسن في الآخرين.
الآيات 123 - 132.
أَخْرَج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن إلياس لمن المرسلين} الآيات ، قال : إنما سمي بعلبك لعبادتهم البعل وكان موضعهم البدء فسمي بعلبك.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وإن إلياس} قال : إن الله تعالى بعث إلياس إلى بعلبك وكانوا قوما يعبدون الأصنام وكانت ملوك بني إسرائيل متفرقة على العامة كل ملك على ناحية يأكلها وكان الملك الذي كان إلياس معه يقوم له أمره ويقتدي برأيه وهو على هدى من بين أصحابه حتى وقع إليهم قوم من عبدة الأصنام فقالوا له : ما يدعوك إلا إلى الضلالة والباطل وجعلوا يقولون له : أعبد هذه الأوثان التي تعبد الملوك ودع ما أنت عليه . فقال الملك لإلياس : يا إلياس(12/454)
والله ما تدعو إلا إلى الباطل إني أرى ملوك بني إسرائيل كلهم قد عبدوا الأوثان التي تفيد الملوك ، وهم على ما نحن عليه ، يأكلون ويشربون وهم في ملكهم يتقلبون وما تنقص دنياهم ، من ربهم الذي تزعم أنه باطل وما لنا عليهم من فضل ، فاسترجع إلياس فقام شعر رأسه وجلده فخرج عليه إلياس ، قال الحسن رضي الله عنه : وإن الذي زين لذلك الملك امرأته وكانت قبله تحت ملك جبار وكان من الكنعانيين في طول وجسم وحسن فمات زوجها فاتخذت تمثالا
على صورة بعلها من الذهب وجعلت له حدقتين من ياقوتتين وتوجته بتاج مكلل بالدر والجوهر ثم أقعدته على سرير تدخل عليه فتدخنه وتطيبه وتسجد له ثم تخرج عنه فتزوجت بعد ذلك هذا الملك الذي كان إلياس معه وكانت فاجرة قد قهرت زوجها ووضعت البعل في ذلك البيت وجعلت سبعين سادنا فعبدوا البعل فدعاهم إلياس إلى الله فلم يزدهم ذلك إلا بعدا ، فقال إلياس : اللهم إن بني إسرائيل قد أبوا إلا الكفر بك وعبادة غيرك فغير ما بهم من نعمتك فأوحى الله إليه : إني قد جعلت أرزاقهم بيدك ، فقال : اللهم أمسك عنهم القطر ثلاث سنين فأمسك الله عنهم القطر وأرسل إلى الملك فتاه اليسع فقال : قل له إن إلياس يقول لك إنك اخترت عبادة البعل على عبادة الله واتبعت هوى(12/455)
امرأتك فاستعد للعذاب والبلاء فانطلق اليسع فبلغ رسالته للملك فعصمه الله تعالى من شر الملك وأمسك الله عنهم القطر حتى هلكت الماشية والدواب وجهد الناس جهدا شديدا ، وخرج إلياس إلى ذروة جبل فكان الله يأتيه برزقه وفجر له عينا معينا لشرابه وطهوره حتى أصاب الناس الجهد فأرسل الملك إلى السبعين فقال لهم : سلوا البعل أن يفرج ما بنا فأخرجوا أصنامهم فقربوا لها الذبائح وعطفوا عليها وجعلوا يدعون حتى طال ذلك بهم فقال لهم الملك : إن إله إلياس كان أسرع إجابة من هؤلاء فبعثوا في طلب إلياس فأتى فقال : أتحبون أن يفرج عنكم قالوا : نعم ، قال : فأخرجوا أوثانكم فدعا إلياس عليه السلام ربه أن يفرج عنهم فارتفعت سحابة مثل الترس ، وهم ينظرون ثم أرسل الله عليهم المطر فأغاثهم فتابوا ورجعوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن ابن مسعود قال {إلياس} هو إدريس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : كان يقال أن {إلياس} هو(12/456)
إدريس عليه السلام.
وأخرج ابن عساكر عن كعب رضي الله عنه قال : أربعة أنبياء اليوم أحياء ، اثنان في الدنيا ، إلياس والخضر ، واثنان في السماء ، عيسى وإدريس.
وأخرج ابن عساكر عن ابن شوذب رضي الله عنه قال : الخضر عليه السلام من وفد فارس وإلياس عليه السلام من بني إسرائيل يلتقيان كل عام بالموسم.
وأخرج ابن عساكر عن وهب رضي الله عنه قال : دعا إلياس عليه السلام ربه أن يريحه من قومه فقيل له : أنظر يوم كذا وكذا ، فإذا هو بشيء قد أقبل على صورة فرس فإذا رأيت دابة لونها مثل لون النار فاركبها فجعل يتوقع ذلك اليوم فإذا هو بشيء قد أقبل على صورة فرس لونه كلون النار حتى وقف بين يديه فوثب عليه فانطلق به فكان آخر العهد به فكساه الله الريش وكساه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب فصار في الملائكة عليهم السلام.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : إلياس عليه السلام موكل بالفيافي ، والخضر عليه السلام بالجبال وقد أعطيا الخلد في الدنيا إلى الصيحة الأولى وإنهما يجتمعان(12/457)
كل عام بالموسم.
وأخرج الحاكم عن كعب رضي الله عنه قال : كان إلياس عليه السلام صاحب جبال وبرية يخلو فيها يعبد ربه عز وجل وكان ضخم الرأس خميص البطن دقيق الساقين في صدره شامة حمراء وإنما رفعه الله تعالى إلى أرض الشام لم يصعد به إلى السماء وهو الذي سماه الله ذا النون.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الخضر هو إلياس.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل وضعفه عن أنس رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فإذا رجل في الوادي يقول : اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفورة المثاب لها فأشرفت على الوادي فإذا طوله ثلثمائة ذراع وأكثر ، فقال : من أنت قلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أين هو قلت : هو ذا يسمع كلامك قال : فأته وأقره مني السلام وقل له أخوك إلياس يقرئك السلام ، فأتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فجاء حتى عانقه وقعدا يتحدثان فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كل سنة(12/458)
يوما وهذا يوم فطري فكل أنت وأنا فنزلت عليهما مائدة من السماء وخبز وحوت وكرفس فأكلا وأطعماني وصليا العصر ثم ودعني وودعه ثم رأيته مر على
السحاب نحو السماء قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد وقال الذهبي : بل هو موضوع قبح الله من وضعه ، قال : وما كنت أحسب ولا أجوز أن الجهل يبلغ بالحاكم أن يصحح هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أتدعون بعلا} قال : صنما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {أتدعون بعلا} قال : ربا.
وأخرج ابن أبي حاتم وإبراهيم الحربي في غريب الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه أبصر رجلا يسوق بقرة فقال : من بعل هذه فدعاه فقال : ممن أنت قال : من أهل اليمن ، فقال : هي لغة {أتدعون بعلا} أي ربا.
وأخرج ابن الأنباري عن مجاهد رضي الله عنه ، استام بناقة رجل من(12/459)
حمير فقال له : أنت صاحبها قال : أنا بعلها فقال ابن عباس {أتدعون بعلا} أتدعون ربا ، ممن أنت قال : من حمير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : مر رجل يقول : من يعرف البقرة فقال رجل : أنا بعلها فقال له ابن عباس رضي الله عنهما : تزعم أنك زوج البقرة قال الرجل : أما سمعت قول الله {أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين} قال : تدعون بعلا وأنا ربكم فقال له ابن عباس رضي الله عنهما : صدقت.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أتدعون بعلا} قال : ربا بلغة ازدة شنوأة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {أتدعون بعلا} قال : صنما لهم كانوا يعبدونه في بعلبك وهي وراء دمشق فكان بها البعل الذي يعبدونه.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {أتدعون بعلا} قال : ربا باليمانية يقول الرجل للرجل : من بعل الثوب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قيس بن سعد قال : سأل
رجل ابن عباس رضي الله عنه عن قوله {أتدعون بعلا} فسكت عنه ابن عباس رضي الله عنهما ثم(12/460)
سأله فسكت عنه فسمع رجلا ينشد ضالة فسمع آخر يقول : أنا بعلها ، فقال ابن عباس : أين السائل اسمع ما يقول السائل ، أنا بعلها ، أنا ربها {أتدعون بعلا} أتدعون ربا.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {سلام على إل ياسين} قال : هو إلياس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك أنه قرأ سلام على ادراسين وقال : هو مثل إلياس مثل عيسى والمسيح ومحمد وأحمد وإسرائيل ويعقوب.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {سلام على إل ياسين} قال : نحن آل محمد {إل ياسين}.
الآيات 133 - 138.
أَخْرَج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه {إلا عجوزا في الغابرين} يقول : إلا امرأته تخلفت فمشخت حجرا وكانت تسمى هيشفع.
(12/461)
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {إلا عجوزا في الغابرين} قال : الهالكين {وإنكم لتمرون عليهم} قال : في أسفاركم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة {وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل} قال : نعم ، صباحا ومساء من أخذ من المدينة إلى الشام أخذ على سدوم قرية قوم لوط.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل} قال {لتمرون عليهم مصبحين} قال : على قرية قوم لوط {أفلا تعقلون} قال : أفلا تتفكرون أن يصيبكم ما أصابهم.
الآيات 139 - 148.
أَخرَج عَبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، عَن طاووس في قوله {وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون} قال : قيل ليونس عليه السلام إن قومك يأتيهم العذاب يوم كذا وكذا ، فلما كان يومئذ خرج يونس عليه السلام ففقده قومه فخرجوا بالصغير والكبير والدواب(12/462)
وكل شيء ، ثم عزلوا الوالدة عن ولدها والشاة عن ولدها والناقة والبقرة عن ولدها فسمعت لهم عجيجا فأتاهم العذاب حتى نظروا إليه ثم صرف عنهم ، فلما لم يصبهم العذاب ذهب يونس عليه السلام مغاضبا فركب في البحر في سفينة مع أناس حتى إذا كانوا حيث شاء الله تعالى ركدت السفينة فلم تسر فقال صاحب السفينة : ما يمنعنا أن نسير إلا أن فيكم رجلا مشؤوما قال : فاقترعوا ليلقوا أحدهم فخرجت القرعة على يونس فقالوا : ما كنا لنفعل بك هذا ، ثم اقترعوا أيضا فخرجت القرعة عليه ثلاثا فرمى بنفسه فالتقمه الحوت قال طاووس : بلغني أنه لما نبذه الحوت بالعراء وهو سقيم نبتت عليه شجرة من يقطين واليقطين الدباء فمكث حتى إذا رجعت إليه نفسه يبست الشجرة فبكى يونس عليه السلام حزنا عليها فأوحى الله إليه : أتبكي على هلاك شجرة ولا تبكي على هلاك مائة ألف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل قريته فردوا عليه ما جاءهم به فامتنعوا منه فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليه : إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا ، فاخرج من بين
أظهرهم فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم فقالوا : ارمقوه فإن هو خرج من بين(12/463)
أظهركم فهو الله كائن ما وعدكم ، فلما كانت الليلة التي وعدوا العذاب في صبيحتها أدلج فرآه القوم فحذروا فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم وفرقوا بين كل دابة وولدها ، ثم عجوا إلى الله وأنابوا واستقالوا فأقالهم وانتظر يونس عليه الخبر عن القرية وأهلها ، حتى مر مار فقال : ما فعل أهل القرية قال : فعلوا أن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض ثم فرقوا بين كل ذات ولد وولدها ثم عجوا إلى الله وتابوا إليه فقبل منهم وأخر عنهم العذاب ، فقال يونس عليه السلام عند ذلك : لا أرجع إليهم كذابا أبدا ومضى على وجهه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحارث قال : لما خرج يونس عليه السلام مغاضبا أتى السفينة فركبها فامتنعت أن تجري فقال أصحاب السفينة : ما هذا إلا لحدث أحدثتموه فقال بعضهم لبعض : تعالوا حتى نقترع فمن وقعت عليه القرعة فالقوه في الماء فاقترعوا فوقعت القرعة على يونس عليه السلام ثم عادوا فوقعت القرعة عليه في الثالثة فلما رأى يونس ذلك قال : هو أنا فخرج فطرح نفسه فإذا حوت قد رفع رأسه من الماء قدر ثلاثة أذرع فذهب ليطرح نفسه فاستقبله الحوت فإذا هوى إليه ليأخذه فتحول إلى(12/464)
الجانب الآخر فإذا الحوت قد استقبله فلما رأى يونس عليه السلام ذلك عرف أنه أمر من الله فطرح نفسه فأخذه الحوت قبل أن يمر على الماء فأوحى الله إلى الحوت أن لا تهضم له عظما ولا تأكل له لحما حتى آمر بأمري بكذا وكذا وكذا ، حتى ألزقه بالطين فسمع تسبيح الأرض فذلك حين نادى.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما ألقى يونس عليه سلام نفسه في البحر التقمه الحوت هوى به حتى انتهى إلى مفجر من الأرض أو كلمة تشبهها فسمع تسبيح الأرض (فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) (الأنبياء الآية 87) فأقبلت الدعوة تحوم العرش فقالت الملائكة : يا ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا من بلاد غربة قال : وتدرون ما ذا كم قالوا : لا يا ربنا قال : ذاك عبدي يونس قالوا : الذي كنا لا
نزال نرفع له عملا متقبلا ودعوة مجابة قال : نعم ، قالوا : يا ربنا ألا ترحم ما كان يصنع في الرخاء وتنجيه عند البلاء ، قال : بلى فأمر الحوت فحفظه.
(12/465)
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن لفظه حين لفظه في أصل يقطينة وهي الدباء فلفظه وهو كهيئة الصبي وكان يستظل بظلها وهيأ الله له أرواة من الوحش فكانت تروح عليه بكرة وعشية فتفشخ رجليها فيشرب من لبنها حتى نبت لحمه.
وأخرج ابن إسحاق والبزار ، وَابن جَرِير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أراد الله حبس يونس عليه السلام في بطن الحوت أوحى الله إلى الحوت أن خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما فأخذه ثم أهوى به إلى مسكنه في البحر فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسا فقال في نفسه : ما هذا ، فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت : إن هذا تسبيح دواب الأرض فسبح وهو في بطن الحوت فسمعت الملائكة عليهم السلام تسبيحه فقالوا : ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غربة قال : ذاك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر قالوا : العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم عمل صالح قال : نعم ، فشفعوا له عند ذلك فأمره(12/466)
فقذفه في الساحل كما قال الله {وهو سقيم}.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن يونس عليه السلام كان وعد قومه العذاب وأخبرهم أنه يأتيهم إلى ثلاثة أيام ففرقوا بين كل والدة وولدها ثم خرجوا فجأروا إلى الله واستغفروه فكف الله عنهم العذاب وغدا يونس عليه السلام ينتظر العذاب فلم ير شيئا وكان من كذب ولم يكن له بينة قتل ، فانظلق مغاضبا حتى أتى قوما في سفينة فحملوه وعرفوه فلما دخل السفينة ركدت والسفن تسير يمينا وشمالا فقال : ما بال سفينتكم قالوا : ما ندري قال : ولكني أدري ، إن فيها عبدا أبق من ربه وإنها والله لا تسير حتى تلقوه قالوا : أما أنت والله يا نبي الله فلا نلقيك ، فقال لهم يونس عليه السلام : اقترعوا فمن قرع ، فليقع فاقترعوا فقرعهم يونس عليه السلام ثلاث مرات فوقع
وقد وكل به الحوت فلما وقع ابتلعه فأهوى به إلى قرار الأرض فسمع يونس عليه السلام تسبيح الحصى (فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) (الأنبياء 87) قال : ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل قال {فنبذناه بالعراء وهو سقيم} قال كهيئة الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش وأنبت الله عليه شجرة من يقطين فكان يستظل بها ويصيب منها فيبست فبكى عليها حين يبست(12/467)
فأوحى الله إليه : أتبكي على شجرة أن يبست ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم فخرج فإذا هو بغلام يرعى غنما فقال : ممن أنت يا غلام قال : من قوم يونس قال : فإذا رجعت إليهم فأقرئهم السلام وأخبرهم إنك لقيت يونس فقال له الغلام : إن تكن يونس فقد تعلم أنه من كذب ولم يكن له بينة قتل فمن يشهد لي قال : تشهد لك هذه الشجرة وهذه البقعة ، فقال الغلام ليونس : مرهما فقال لهما يونس عليه السلام : إذا جاءكما هذا الغلام فأشهدا له ، قالتا : نعم ، فرجع الغلام إلى قومه وكان له أخوة فكان في منعة فأتى الملك فقال : إني لقيت يونس وهو يقرأ عليكم السلام فأمر به الملك أن يقتل فقال : إن له بينة فأرسل معه فانتهوا إلى الشجرة والبقعة فقال لهما الغلام : نشدتكما بالله هل أشهدكما يونس قالتا : نعم ، فرجع القوم مذعورين يقولون : تشهد لك الشجرة والأرض فأتوا الملك فحدثوه بما رأوا فتناول الملك يد الغلام فأجلسه في مجلسه وقال : أنت أحق بهذا المكان مني وأقام لهم أمرهم ذلك الغلام أربعين سنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : إن يونس بن متى كان عبدا صالحا وكان في خلقه ضيق فلما حملت عليه أثقال النبوة ، ولها أثقال لا يحملها إلا قليل ، تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل فقذفها من(12/468)
يده وخرج هاربا منها ، يقول الله لنبيه (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تكن كصاحب الحوت) (الأحقاف 35).
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فساهم فكان من المدحضين} قال : من المسهومين قال : اقترع فكان من المدحضين قال : من المسهومين.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي عن قتادة رضي الله عنه {فساهم فكان من المدحضين} قال : احتبست السفينة فعلم القوم إنها احتبست من حدث أحدثوه فتساهموا فقرع يونس عليه السلام فرمى بنفسه {فالتقمه الحوت وهو مليم} أي مسيء فيما صنع {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : كان كثير الصلاة في الرخاء فنجا وكان يقال في الحكمة ، إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر وإذا ما صرع ، وجد متكأ {للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} يقول : لصارت له قبر إلى يوم القيامة.
(12/469)
وأخرج ابن أبي شيبة عن وهب بن منبه رضي الله عنه أنه جلس هو وطاوس ونحوهم من أهل ذلك الزمان فذكروا أي أمر الله أسرع فقال بعضهم : قول الله تعالى (كلمح البصر) (النحل 77) وقال بعضهم : السرير حين أتي به سليمان ، فقال ابن منبه : أسرع أمر الله أن يونس على حافة السفينة إذا أوحى الله تعالى إلى نون في نيل مصر فما خر من حافتها إلا في جوفه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال التقمه حوت يقال له نجم فجرى به في بحر الروم ثم النيل ثم فارس ثم في دجلة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وهو مليم} مسيء.
وأخرج ابن الأنباري والطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله {وهو مليم} قال : المليم المسيء والمذنب قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول : بريء من الآفات ليس لها * بأهل ولكن المسيء هو المليم.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {وهو مليم} قال :(12/470)
مذنب.
وأخرج أحمد في الزهد عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : لولا أنه حلاله عمل صالح {للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} قال : وفي الحكمة ، أن العمل الصالح يرفع صاحبه.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن
جبير رضي الله عنه في قوله {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : من المصلين قبل أن يدخل بطن الحوت.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه في قوله {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : ما كان إلا صلاة أحدثها في بطن الحوت ، فذكر ذلك لقتادة رضي الله عنه فقال : لا ، إنما كان يعمل في الرخاء.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : من المصلين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {فلولا أنه كان من المسبحين}(12/471)
قال : العابدين الله قبل ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : لولا أنه كان له سلف من عبادة وتسبيح تداركه الله به حين أصابه ما أصابه نعمه في بطن الحوت أربعين من بين يوم وليلة ثم أخرجه وتاب عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : نعلم والله أن التضرع في الرخاء استعدادا لنزول البلاء ويجد صاحبه متكأ إذا نزل به وأن سالف السيئة تلحق صاحبها وإن قدمت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك رضي الله عنه قال : اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة فإن يونس عليه السلام كان عبدا صالحا ذاكرا لله فلما وقع في بطن الحوت قال الله {فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} وإن فرعون كان عبدا طاغيا ناسيا لذكر الله فلما أدركه الغرق قال : (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) (يونس 90) فقيل له (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين).
(12/472)
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن رضي الله عنه في قوله {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : كان يكثر الصلاة في الرخاء فلما حصل في بطن الحوت ظن أنه الموت فحرك رجليه فإذا هي تتحرك فسجد
وقال : يا رب اتخذت لك مسجدا في موضع لم يسجد فيه أحد.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم عن الشعبي قال : التقمه الحوت ضحى ولفظه عشية ما بات في بطنه.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مكث يونس عليه السلام في بطن الحوت أربعين يوما.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن مردويه عن ابن جريج قال : بقي يونس في بطن الحوت أربعين يوما.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك رضي الله عنه قال : لبث يونس عليه السلام في بطن الحوت أربعين يوما.
(12/473)
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لبث يونس في بطن الحوت سبعة أيام فطاف به البحار كلها ثم نبذه على شاطى ء دجلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال {فالتقمه الحوت} يقال له نجم وإنه لبث ثلاثا في جوفه وفي قوله {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : كان كثير الصلاة في الرخاء فنجا {للبث في بطنه} قال : لصار له بطن الحوت قبرا {إلى يوم يبعثون} قال : إلى يوم القيامة ، وفي قوله {فنبذناه بالعراء} قال : شط دجلة ، ونينوى على شط دجلة مكث في بطنه أربعين يوما يتردد به في دجلة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {فنبذناه بالعراء} قال : ألقيناه بالساحل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : انطلق يونس عليه السلام مغضبا فركب مع قوم في سفينة فوقفت السفينة لم تسر فساهمهم فتدلى في البحر فجاء الحوت يبصبص بذنبه فنودي الحوت أنا لم نجعل يونس لك رزقا إنما جعلناك له حرزا ومسجدا.
(12/474)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما ذهب
مغاضبا فكان في بطن الحوت قال من بطن الحوت : إلهي من البيوت أخرجتني ومن رؤوس الجبال أنزلتني وفي البلاد سيرتني وفي البحر قذفتني وفي بطن الحوت سجنتني فما تعرف مني عملا صالحا تروح به عني ، قالت الملائكة عليهم السلام : ربنا صوت معروف من مكان غربة فقال لهم الرب : ذاك عبدي يونس قال الله {فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} وكان في بطن الحوت أربعين يوما فنبذه الله {بالعراء وهو سقيم} وأنبت {عليه شجرة من يقطين} قال : اليقطين الدباء فاستظل بظلها وأكل من قرعها وشرب من أصلها ما شاء الله ، ثم أن الله تعالى أيبسها وذهب ما كان فيها فحزن يونس عليه السلام فأوحى الله إليه : حزنت على شجرة أنبتها ثم أيبستها ولم تحزن على قومك حين جاءهم العذاب فصرف عنهم ثم ذهبت مغاضبا.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ عن حميد بن هلال قال : كان يونس عليه السلام يدعو قومه فيأبون عليه فإذا خلا دعا الله لهم بالخير وقد بعثوا عليه عينا فلما أعيوه دعا الله عليهم فأتاهم عينهم فقال : ما كنتم صانعين فاصنعوا فقد أتاكم العذاب فقد دعا عليكم فانطلق ولا يشك أنه يسأتيهم العذاب فخرجوا قد ولهوا البهائم عن أولادها فخرجوا تائبين(12/475)
فرحمهم الله تعالى وجاء يونس عليه السلام ينظر بأي شيء أهلكها فإذا الأرض مسودة منهم بدون عذاب وذاك حين ذهب مغاضبا فركب مع قوم في سفينة فجعلت السفينة لا تنفذ ولا ترجع فقال بعضهم لبعض ماذا إلا لذنب بعضكم فاقترعوا أيكم نلقيه في الماء ونخلي وجهنا فاقترعوا فبقي سهم يونس عليه السلام في الشمال فقالوا : لا نفتدي من أصحابنا بنبي الله فقال يونس عليه السلام : ما يراد غيري فاقذفوني ولا تنكسوني ولكن صبوني على رجلي صبا ففعلوا وجاء الحوت شاحبا فاه فالتقمه فاتبعه حوت أكبر من ذلك ليلتقمهما فسبقه فكان يونس في بطن الحوت حتى رق العظم وذهب اللحم والبشر والشعر وكان سقيما فدعا بما دعا به فنبذ بالعراء وهو سقيم فأنبت الله {عليه شجرة من يقطين} فكان فيها غذاه حتى اشتد العظم ونبت اللحم والشعر والبشر فعاد كما كان فبعث الله عليها ريحا فيبست فبكى عليها فأوحى الله إليه يا يونس أتبكي على شجرة(12/476)
جعل
الله لك فيها غذاء ولا تبكي على قومك أن يهلكوا.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما بعث الله يونس عليه السلام إلى قومه يدعوهم إلى الله وعبادته وأن يتركوا ما هم فيه أتاهم فدعاهم فأبوا عليه فرجع إلى ربه فقال : رب إن قومي قد أبوا علي وكذبوني قال : فأرجع إليهم فإن هم آمنوا وصدقوا وإلا فأخبرهم إن العذاب مصبحهم غدوة فأتاهم فدعاهم فأبوا عليه قال : فإن العذاب مصبحكم غدوة ثم تولى عنهم فقال القوم بعضهم لبعض والله ما جربنا عليه من كذب منذ كان فينا فانظروا صاحبكم فإن بات فيكم الليلة ولم يخرج من قريتكم ولم يبت فيها فاعلموا أن العذاب مصبحكم حتى إذا كان في جوف الليل أخذ مخلاة فجعل فيها طعيما له ثم خرج فلما رأوه فرقوا بين كل والدة وولدها من بهيمة أو إنسان ثم عجوا إلى الله مؤمنين ومصدقين بيونس عليه السلام وبما جاء به فلما رأى الله ذلك منهم بعد ما كان قد غشيهم العذاب كما يغشى القبر بالثوب كشفه عنهم ومكث ينظر ما أصابهم من العذاب فلما أصبح رأى القوم يخرجون لم يصبهم شيء من العذاب قال : لا والله لا آتيهم وقد جربوا علي كذبة فخرج فذهب مغاضبا لربه فوجد قوما يركبون في سفينة فركب معهم فلما جنحت بهم السفينة(12/477)
تكفت ووقفت فقال القوم : إن فيكم لرجلا عظيم الذنب فاستهموا لا تغرقوا جميعا فاستهم القوم فسهمهم يونس عليه السلام قال القوم : لا نلقي فيه نبي الله اختلطت سهامكم فأعيدوها فأسهموا فسهمهم يونس فلما رأى يونس عليه السلام ذلك قال للقوم : فألقوني لا تغرقوا جميعا فألقوه فوكل الله تعالى به حوتا فالتقمه لا يكسر له عظما ولا يأكل له لحما فهبط به الحوت إلى أسفل البحر فلما جنه الليلنادى في الظلمات ثلاث ، ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر (أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) (الأنبياء 87) فأوحى الله إلى الحوت : أن ألقيه في البر فارتفع الحوت فألقاه في البر لا شعر له ولا جلد ولا ظفر فلما طلعت عليه الشمس أذاه حرها فدعا الله فأنبتت {عليه شجرة من يقطين} وهي الدباء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : لما ألقي
يونس عليه السلام في بطن الحوت طاف في البحور كلها سبعة أيام ثم انتهى به إلى شط دجلة فقذفه على شط دجلة فأنبت الله {عليه شجرة من يقطين} قال من نبات البرية فأرسله {إلى مائة ألف أو يزيدون} قال : يزيدون بسبعين ألفا وقد كان أظلهم العذاب ففرقوا بين كل ذات رحم(12/478)
ورحمها من الناس والبهائم ثم عجوا إلى الله فصرف عنهم العذاب ومطرت السماء دما.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد عن وهب قال : أمر الحوت أن لا يضره ولا يكلمه ، قال الله {فلولا أنه كان من المسبحين} قال : من العابدين قبل ذلك فذكر بعبادته فلما خرج من البحر نام نومة فأنبت الله {عليه شجرة من يقطين} وهي الدباء فأظلته فبلغت في يومها فرآها قد أظلته ورأى خضرتها فأعجبته ثم نام نومة فاستيقظ فإذا هي قد يبست فجعل يحزن عليها فقيل أنت الذي لم تخلق ولم تسق ولم تنبت تحزن عليها ، وأنا الذي خلقت مائة ألف من الناس أو يزيدون ثم رحمتهم فشق عليك.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن قسيط أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول : طرح بالعراء فأنبت الله عليه يقطينة فقلنا يا أبا هريرة : ما اليقطينة قال : شجرة الدباء ، هيأ الله تعالى له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض فتفشخ عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة ، حتى نبت وقال(12/479)
ابن أبي الصلت قبل الإسلام في ذلك بيتا من شعر : فأنبت يقطينا عليه برحمة * من الله لولا الله ألفى ضاحيا.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} قال : القرع.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {شجرة من يقطين} قال : القرع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : كنا نحدث أنها الدباء هذا القرع الذي رأيتم أنبتها الله عليه يأكل منها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {شجرة من يقطين} قال : القرع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة وسعيد بن جبير في(12/480)
قوله {شجرة من يقطين} قالا : هي الدباء.
وأخرج الديلمي عن الحسن بن علي رفعه كلوا اليقطين فلو علم الله عز وجل شجرة أخف منها لأنبتها على يونس عليه السلام وإذا اتخذ أحدكم مرقا فليكثر فيه من الدباء فإنه يزيد في الدماغ وفي العقل.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه قال : أنبت الله شجرة من يقطين وكان لا يتناول منها ورقة فيأخذها إلا أروته لبنا ، أو قال : يشرب منها ما شاء حتى نبت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} قال : غير ذات أصل من الدباء أو غيره من شجرة ليس لها ساق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} قال : كل شيء نبت ثم يموت من عامه.
(12/481)
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر من طريق سعيد بن جبير رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما بال البطيخ من القرع هو كل شيء يذهب على وجه الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كل شجرة لا ساق لها فهي من اليقطين والذي يكون على وجه الأرض من البطيخ والقثاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه سئل عن اليقطين أهو القرع قال : لا ، ولكنها شجرة سماها الله اليقطين أظلته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأرسلناه} قبل أن يلتقمه الحوت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن وقتادة في قوله {وأرسلناه} قالا بعثه الله تعالى قبل أن يصيبه ما أصابه أرسل إلى أهل نينوى من أرض الموصل.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إنما كانت رسالة يونس عليه السلام بعدما نبذه الحوت ثم تلا !(12/482)
{فنبذناه بالعراء} إلى قوله {وأرسلناه إلى مائة ألف}.
وأخرج الترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} قال : يزيدون عشرين ألفا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أو يزيدون} قال : يزيدون ثلاثين ألفا.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أو يزيدون} قال : يزيدون بضعة وثلاثين ألفا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إلى مائة ألف أو يزيدون} قال : كانوا مائة ألف وبضعة وأربعين ألفا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {مائة ألف أو يزيدون} قال : يزيدون بسبعين ألفا.
(12/483)
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن نوف في قوله {مائة ألف أو يزيدون} قال : كانت زيادتهم سبعين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فآمنوا فمتعناهم إلى حين} قال : الموت.
الآيات 149 – 160
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فاستفتهم} قال : فسلهم يعني مشركي قريش {ألربك البنات ولهم البنون} قال : لأنهم قالوا : لله البنات ولهم البنون وقالوا : إن الملائكة أناث فقال {أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون} كذلك {ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون أصطفى البنات على البنين} فكيف يجعل لكم البنين ولنفسه البنات {ما لكم كيف تحكمون} إن هذا لحكم جائر {أفلا تذكرون أم لكم سلطان مبين} أي عذر مبين {فأتوا بكتابكم} أي بعذركم {إن كنتم صادقين وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا > قال : قد قالت اليهود : إن الله صاهر الجن فخرجت بينهما الملائكة .(12/484)
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : (وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا) . ! قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى أنه هو وإبليس اخوان.
وأخرج آدم بن أبي إياس ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا} قال : قال كفار قريش الملائكة بنات الله فقال لهم أبو بكر الصديق : فمن أمهاتهم فقالوا : بنات سروات الجن ، فقال الله {ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون} يقول : أنها ستحضر الحساب قال : والجنة الملائكة.
وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت هذه الآية في ثلاثة أحياء من قريش ، سليم وخزاعة وجهينة {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا} قال : قالوا صاهر إلى كرام الجن الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا} قال : قالوا الملائكة بنات الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه في قوله {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا} قال : قالوا صاهر إلى كرام الجن.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه قال {الجنة} الملائكة.
(12/485)
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه قال : إنهم سموا الجن لأنهم كانوا على الجنان والملائكة كلهم أجنة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون} قال : في النار {سبحان الله عما يصفون} قال : عما يكذبون {إلا عباد الله المخلصين} قال : هذه ثنيا الله من الجن والأنس.
الآيات 161 - 163.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {فإنكم} يا معشر المشركين {وما تعبدون} يعني الآلهة {ما أنتم عليه بفاتنين} بمصلين {إلا من هو صال الجحيم} يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم واللالكائي في السنة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم} يقول : لا تضلون أنتم ولا أضل منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم.
(12/486)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ما أنتم عليه بفاتنين} قال : بمضلين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه {ما أنتم عليه بفاتنين} قال : بمضلين {إلا من هو صال الجحيم} إلا من قدر له أن يصلى الجحيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم التيمي وعمر بن عبد العزيز والضحاك ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : لا يفتنون إلا من يصلى الجحيم ولا يفتنون المؤمن ولا يسلطون عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال : لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس ثم قرأ {ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : يا بني إبليس
أنكم لن تقدروا أن تفتنوا أحدا من عبادي إلا من سيصلى الجحيم.
(12/487)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : لا يفتنون {إلا من هو صال الجحيم}.
الآيات 164 - 166.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما منا إلا له مقام معلوم} قال : الملائكة {وإنا لنحن الصافون} قال الملائكة {وإنا لنحن المسبحون} قال : الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : ذاك قول جبريل عليه السلام.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {وما منا إلا له مقام معلوم} قال : الملائكة ، ما في السماء موضع إلا عليه ملك إما ساجدا أو قائما حتى تقوم الساعة.
(12/488)
وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجدا أو قائم وذلك قول الملائكة عليهم السلام {وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون}.
وأخرج محمد بن نصر ، وَابن عساكر عن العلاء بن سعد رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لجلسائه : أطت السماء وحق لها أن تئط ليس منها موضع قدم إلا عليه ملك راكع أو ساجد ، ثم قرأ {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون}.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه
قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا عليه جبهة ملك أو قدماه قائما أو ساجدا ، ثم قرأ {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون} قال : أطت السماء وما تلام أن تئط إن في(12/489)
السماء لسماء ما فيها موضع شبر إلا عليه جبهة ملك أو قدماه.
وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون ، إن السماء أطت وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله.
وأخرج ابن مردويه عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هل تسمعون ما أسمع قلنا يا رسول الله ما تسمع قال : أسمع أطيط السماء وما تلام أن تئط ، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك راكع أو ساجد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : كانوا يصلون الرجال والنساء جميعا حتى نزلت {وما منا إلا له مقام معلوم} فتقدم الرجال وتأخر النساء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن مالك رضي الله عنه قال : كان الناس يصلون متبددين فأنزل الله {وإنا لنحن الصافون} فأمرهم أن يصفوا.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : حدثت أنهم كانوا لا يصفون حتى نزلت {وإنا لنحن الصافون}.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن الوليد بن عبد الله(12/490)
بن أبي مغيث رضي الله عنه قال : كانوا لا يصفون في الصلاة حتى نزلت {وإنا لنحن الصافون}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن الحسن رضي الله عنه قال : (كانت أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ، فأتاه جبريل عليه السلام فقال {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون} فقام جبريل عليه السلام بين يديه ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ثم صف النساء من خلفه والنساء خلف الرجال فصلى بهم الظهر أربعا حتى إذا كان عند العصر قام جبريل عليه السلام ففعل مثلها ثم جاءه حين غربت
الشمس فصلى بهم ثلاثا يقرأ في الركعتين الأولتين يجهر فيهما ولم يسمع في الثالثة ، حتى إذا كان عند العشاء وغاب الشفق جاء جبريل عليه السلام فصلى بالناس أربع ركعات يجهر بالقراءة في ركعتين ، حتى إذا أصبح ليلته ، أتاه فصلى ركعتين يجهر فيهما ويطول القراءة.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة قال : استووا وتراصوا يريد الله بكم هدى الملائكة " وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (وإنا لنحن الصافون ، وإنا لنحن المسبحون) ..
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن أبي نضرة قال كان عمر بن الخطاب إذا أقيمت الصلاة قال : استووا، تقدم يا فلان تأخر يا(12/491)
فلان أقيموا صفوفكم يريد الله بكم هدي الملائكة ، ثم يتلو {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون}.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة ، عَن جَابر بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم ، قال : يقيمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف.
وأخرج مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فضلنا على الناس بثلاث ، جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت لنا تربتها طهورا إذا لم نجد الماء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اعتدلوا في صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من ورائي ، قال أنس رضي الله عنه : لقد رأيت أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : لقد رأيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقوم(12/492)
الصفوف كما تقوم القداح فأبصر يوما صدر رجل خارجا من الصف فقال : لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم.
وأخرج أحمد ، وَابن أبي شيبة عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقيموا صفوفكم لا يتخللكم الشيطان كأولاد الحذف ، قيل يا رسول الله وما أولاد الحذف قال : ضأن سود يكون بأرض اليمن.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول : استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقيموا صفوفكم فإن من حسن الصلاة إقامة الصف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا(12/493)
فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال : إذا صليتم فأقيموا صفوفكم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : إذا قمتم إلى الصلاة فأعدلوا صفوفكم وسدوا الفرج فإني أراكم من وراء ظهري.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سد فرجة في صف رفعه الله بها درجة وبنى له بيتا في الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سووا صفوفكم وأحسنوا ركوعكم وسجودكم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه قال : استووا تستوي قلوبكم وتراصوا ترحموا.
وأخرج محمد بن نصر عن أبي صالح رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية (إن ربك(12/494)
يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل) (المزمل 20) إلى قوله (علم أن لن تحصوه) قال جبريل عليه السلام : أشق ذلك عليكم قال : نعم ، قال {وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإنا لنحن الصافون} قال : صفوف في السماء {وإنا لنحن المسبحون} أي المصلون هذا قول الملائكة يبينون مكانهم من العباد.
الآيات 166 - 179
أخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لو أن عندنا ذكرا من الأولين} قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأولين وعلم الآخرين كفروا بالكتاب {فسوف يعلمون}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {وإن كانوا ليقولون} قال : قالت هذه الأمة ذلك قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم قول أهل الشرك من أهل مكة فلما جاءهم ذكر الأولين وعلم الآخرين كفروا به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله !(12/495)
{وإن كانوا ليقولون} قال : قالت هذه الأمة ذلك قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم {فكفروا به فسوف يعلمون} وفي قوله {ولقد سبقت كلمتنا} قال : كانت الأنبياء تقتل وهم منصورون والمؤمنون يقتلون وهم منصورون نصروا بالحجج في الدنيا والآخرة ولم يقتل نبي قط ولا قوم يدعون إلى الحق من المؤمنين فتذهب تلك الأمة والقرن حتى يبعث الله قرنا ينتصر بهم منهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فتول عنهم حتى حين} قال : إلى الموت {وأبصرهم فسوف يبصرون} قال : أبصروا حين لم ينفعهم البصر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فتول عنهم حتى(12/496)
حين} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فتول عنهم حتى حين} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {فتول عنهم حتى حين} قال : يوم بدر ، وفي قوله {فإذا نزل بساحتهم} قال : بدارهم {فساء صباح المنذرين} قال : بئسما يصبحون.
وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قالوا يا محمد أرنا العذاب الذي تخوفنا به عجله لنا فنزلت {أفبعذابنا يستعجلون}.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أنس
رضي الله عنه قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وقد خرجوا بالمساحي فلما نظروا إليه قالوا : محمد والخميس ، فقال : الله أكبر خربت خيبر إنا أنزلنا بساحة قوم {فساء صباح المنذرين} فأصبنا حمرا خارجة من القرية فطبخناها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ورسوله ينهاكم عن الحمر الأهلية فإنها رجس من عمل الشيطان.
(12/497)
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وتول عنهم حتى حين} قال : قيل له أعرض عنهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {وأبصر فسوف يبصرون} قال : يقول يوم القيامة ما صنعوا من أمر الله وكفرهم بالله ورسوله وكتابه قال {أبصر} وأبصرهم واحد.
الآيات 180 - 182.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {سبحان ربك رب العزة} قال : يسبح نفسه إذ كذب عليه وقيل عليه البهتان {عما يصفون} قال : عما يكذبون {وسلام على المرسلين} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين فإنما أنا رسول من المرسلين.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين فإنما أنا رسول من المرسلين قال أبو العوام رضي الله عنه : كان قتادة يذكر هذا الحديث إذا تلا هذه الآية {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}.
(12/498)
وأخرج ابن سعد ، وَابن مردويه من طريق سعيد عن قتادة عن أنس عن أبي طلحة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا سلمتم على المرسلين فسلموا علي فإنما أنا بشر من المرسلين.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأبو يعلى ، وَابن مردويه عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}.
وأخرج الدارقطني في الأفراد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ هذه الآيات {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}.
وأخرج الخطيب عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : بعد أن يسلم {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على(12/499)
المرسلين والحمد لله رب العالمين}.
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قال دبر كل صلاة {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين} ثلاث مرات فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر).
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل آخر مجلسه حين يريد أن يقوم {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}.
وأخرج البغوي في تفسيره من وجه آخر متصل عن علي موقوفا.
وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقرأ هذه الآية ثلاث مرات {سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين}.
(12/500)
* بسم الله الرحمن الرحيم * (38)- سورة ص.
مكية وآياتها ثمان وثمانون.
مقدمة سورة ص.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : نزلت سورة بمكة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل فقالوا : إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل ويفعل ، ويقول ويقول ، فلو بعثت إليه فنهيته فبعث إليه فجاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس فخشي أبو جهل أن جلس إلى أبي طالب أن يكون أرق عليه فوثب فجلس في ذلك المجلس فلم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا قرب عمه فجلس عند الباب فقال له أبو طالب : أي ابن أخي ما بال قومك يشكونك يزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول ، ، قال وأكثروا عليه من القول وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب(12/501)
وتؤدي إليهم بها العجم الجزية ففزعوا لكلمته ولقوله ، فقال القوم : كلمة واحدة نعم وأبيك عشرا قالوا : فما هي قال : لا إله إلا الله فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون {أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب} فنزل فيهم {ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق} إلى قوله {بل لما يذوقوا عذاب}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي ، أن ناسا من قريش اجتمعوا فيهم أبو جهل بن هشام والعاصي بن وائل والأسود بن المطلب بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش ، فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى أبي طالب نكلمه فيه فلينصفنا منه فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه الذي يعبد فإننا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون منا شيء فتعيرنا العرب يقولون : تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه ، فبعثوا رجلا منهم يسمى المطلب فاستأذن لهم علي أبي طالب فقال : هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم يستأذنون عليك قال : أدخلهم ، فلما دخلوا عليه قالوا : يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا فأنصفنا من ابن أخيك فمره فليكف عن شتم آلهتنا ونعده وإلهه فبعث إليه أبو طالب فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا ابن أخي(12/502)
هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم قد سألوك النصف ، أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك فقال : أي عم أولا أدعوهم إلى ما هو خير لهم منها قال : وإلام تدعوهم قال : أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة يدين لهم بها العرب ويملكون بها العجم فقال أبو جهل من بين القوم : ما هي وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها قال : تقول لا إله إلا الله ، فنفروا وقالوا سلنا غير هذه قال : لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم غيرها فغضبوا وقاموا من عنده غضابا وقالوا : والله لنشتمنك وإلهك الذي يأمرك بهذا {وانطلق الملأ منهم أن امشوا} إلى قوله {اختلاق}.
الآيات 1 - 3.
أَخرَج عَبد بن حميد عن أبي صالح قال : سئل جابر بن عبد الله ، وَابن عباس رضي الله عنهما عن {ص} فقالا : ما ندري ما هو.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ص} قال : حادث القرآن.
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله أنه كان يقرأ {ص والقرآن} بخفض الدال وكان يجعلها من المصاداة يقول عارض القرآن قال عبد الوهاب :(12/503)
أعرضه على عملك فانظر أين عملك من القرآن.
وأخرج ابن مردويه عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ص} يقول : إني أنا الله الصادق.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {ص} قال : صدق الله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {ص} محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {ص والقرآن ذي الذكر} قال : نزلت في مجالسهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {ص والقرآن ذي الذكر} قال : ذي الشرف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن الأنباري في المصاحف عن قتادة {بل الذين كفروا في عزة} قال : ههنا وقع القسم {في عزة وشقاق} قال : في حمية وفراق.
(12/504)
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {بل الذين كفروا في عزة وشقاق} قال : معازين {شقاق} قال : عاصين وفي قوله {فنادوا ولات حين مناص} قال : ما هذا بحين فرار.
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن التميمي قال : سألت ابن عباس رضي الله عنه عن قول الله {فنادوا ولات حين مناص} قال : ليس بحين تزور ولا فرار.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنه أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله {ولات حين} قال : ليس بحين فرار قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الأعشى وهو يقول : تذكرت ليلى لات حين تذكر * وقد تبت عنها والمناص بعيد.
وَأخرَج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما {فنادوا ولات حين مناص} قال : نادوا والنداء حين لا ينفعهم وأنشد(12/505)
تذكرت.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس {ولات حين مناص} قال : لا حين فرار.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولات حين مناص} قال : ليس بحين مغاث.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير {ولات حين مناص} ليس بحين جزع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {ولات حين مناص} قال : وليس حين نداء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي في قوله {ولات حين مناص} قال : نادوا بالتوحيد والعقاب حين مضت الدنيا(12/506)
عنهم فاستناصوا التوبة حين زالت الدنيا عنهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {فنادوا ولات حين مناص} قال : نادى القوم على غير حين نداء وأرادوا التوبة حين عاينوا عذاب الله فلم ينفعهم ولم يقبل منهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {ولات حين مناص} قال : ليس حين انقلاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن وهب بن منبه {ولات حين مناص} قال : إذا أراد السرياني أن يقول وليس يقول ولات.
الآيات 4 - 16
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وعجبوا أن جاءهم منذر منهم} يعني محمدا صلى الله عليه وسلم {وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب} قال : عجب المشركون أن دعوا إلى الله وحده وقالوا : إنه لا يسمع حاجتنا جميعا إله واحدا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مجلز قال : قال رجل يوم بدر ما هم إلا النساء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل هم الملأ وتلا {وانطلق الملأ منهم}.
(12/507)
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وانطلق الملأ منهم} قال : نزلت حين انطلق أشراف قريش إلى أبي طالب يكلموه في النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وانطلق الملأ منهم} قال : أبو جهل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا} قال : هو عقبة بن أبي معيط ، وفي قوله {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} قال : النصرانية قالوا : لو كان هذا القرآن حقا لأخبرتنا به النصارى.
(12/508)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن محمد بن كعب {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} قال : ملة عيسى عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} قال : النصرانية.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} قال : النصرانية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} أي في ديننا هذا ولا في زماننا هذا {إن هذا إلا اختلاق} قال : قالوا إن هذا إلا شيء يخلقه ، وفي قوله {أم عندهم خزائن(12/509)
رحمة ربك العزيز الوهاب} قال : لا والله ما عندهم منها شيء ولكن الله يختص برحمته من يشاء {أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب} قال : في السماء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فليرتقوا في الأسباب} قال : في السماء.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال {الأسباب} أدق من الشعر وأحد من الحديد وهو بكل مكان غير أنه لا يرى.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فليرتقوا في الأسباب} قال : طرق السماء أبوابها ، وفي قوله {جند ما هنالك} قال : قريش {من الأحزاب} قال : القرون الماضية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب} قال : وعده الله وهو بمكة أنه سيهزم له جند المشركين فجاء تأويلها يوم بدر ، وفي قوله {وفرعون ذو الأوتاد} قال : كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب له عليها ، وفي قوله !(12/510)
{إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب} قال : هؤلاء كلهم قد كذبوا الرسل فحق عليهم عقاب {وما ينظر هؤلاء} يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم {إلا صيحة واحدة} يعني الساعة {ما لها من فواق} يعني ما لها من رجوع ولا مثوبة ولا ارتداد {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} أي نصيبنا حظنا من العذاب {قبل يوم} القيامة قد كان قال ذلك أبو جهل : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا (فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (الأنفال 32).
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ما لها من فواق} قال : رجوع {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال : عذابنا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما لها من فواق} قال : من رجعة {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال : سألوا الله أن يعجل لهم.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله(12/511)
تعالى {عجل لنا قطنا} قال : القط الجزاء ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الأعشى وهو يقول : ولا الملك النعمان يوم لقيته * بنعمة يعطيني القطوط ويطلق
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {عجل لنا قطنا} قال : عقوبتنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {عجل لنا قطنا} قال : كتابنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {عجل لنا قطنا} قال : حظنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء رضي الله عنه في قوله {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال : هو النضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة أخو بني عبد الدار وهو الذي قال (سأل سائل بعذاب واقع) (المعارج 1) قال : سأل بعذاب هو واقع به فكان الذي سأل أن قال (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (الأنفال 32) قال عطاء رضي الله عنه : لقد نزلت فيه بضع عشرة آية من كتاب الله.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الزبير بن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {عجل لنا قطنا} قال : نصيبنا من الجنة.
الآية 17(12/512)
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {داود ذا الأيد} قال : القوة في العمل في طاعة الله تعالى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ذا الأيد} قال : القوة في العبادة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {واذكر عبدنا داود ذا الأيد} قال : أعطي قوة في العبادة وفقها في الإسلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {ذا الأيد} قال : القوة في العبادة والبصر في الهدى.
وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا ذكر داود عليه السلام وحدث عنه قال : كان أعبد البشر.
وأخرج الديلمي عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينبغي(12/513)
لأحد أن يقول إني أعبد من داود.
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يطيل الصلاة من الليل فيركع الركعة ثم يرفع رأسه فينظر إلى أديم السماء ثم يقول : إليك رفعت رأسي يا عامر السماء نظر العبيد إلى أربابها.
وأخرج أحمد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : إلهي أي رزق أطيب قال : ثمرة يدك يا داود.
وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يصنع القفة من الخوص وهو على المنبر ثم يرسل بها إلى السوق فيبيعها ثم يأكل بثمنها.
وأخرج أحمد عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام إذا قام من الليل يقول : اللهم نامت العيون وغارت النجوم وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذك سنة ولا نوم.
(12/514)
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأواب المسبح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأواب المسبح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه قال : الأواب المسبح بلغة الحبشة.
وأخرج الديلمي عن مجاهد رضي الله عنه قال : سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عنه فقال هو الرجل يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنه أواب} قال : منيب راجع عن الذنوب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأواب التائب الراجع.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {إنه أواب} قال : كان مطيعا لربه كثير الصلاة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأواب الموقن.
(12/515)
الآية 18.
أَخرَج عَبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن} قال : يسبحن معه إذا سبح {بالعشي والإشراق} قال : إذا أشرقت الشمس.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {بالعشي والإشراق} قال : إذا أشرقت الشمس وجبت الصلاة قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت الأعشى وهو يقول : لم ينم ليلة التمام لكي * يصيح حتى إضاءة الإشراق.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن عطاء الخراساني أن ابن عباس قال : لم يزل في نفسي من صلاة الضحى شيء حتى قرأت هذه الآية {سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان ابن عباس رضي الله عنهما لا يصلي الضحى ويقول : أين هي في القرآن حتى قال بعد هي قول الله {يسبحن بالعشي والإشراق} هي الإشراق فصلاها ابن عباس رضي الله عنهما بعد.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لقد أتى علي زمان وما أدري ما وجه هذه الآية {يسبحن بالعشي والإشراق} قال : رأيت الناس يصلون الضحى.
(12/516)
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت أمر بهذه الآية {يسبحن بالعشي والإشراق} فما أدري ما هي حتى حدثتني أم هانيء بنت أبي طالب رضي الله عنها ، ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم فتح مكة صلاة الضحى ثمان ركعات فقال ابن عباس رضي الله عنهما : قد ظنت أن لهذه الساعة صلاة لقول الله تعالى {يسبحن بالعشي والإشراق}.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الحارث قال : دخلت على أم هانيء رضي الله
عنها فحدثتني : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الضحى فخرجت فلقيت ابن عباس رضي الله عنهما فقلت : انطلق إلى أم هانيء فدخلنا عليها فقلت : حدثني ابن عمك عن صلاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الضحى فحدثته فقال : تأول هذه الآية صلاة الإشراق وهي صلاة الضحى.
وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد عن سعيد عن أم هانى ء بنت أبي(12/517)
طالب رضي الله عنها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقد علاه الغبار فأمر بقصعة فإني أنظر إلى أثر العجين فسكبت فيها فأمر بثوب فيما بيني وبينه فاستتر فقام فأفاض عليه الماء ثم قام فصلى الضحى ثمان ركعات قال مجاهد : فحدثت ابن عباس رضي الله عنهما بهذا الحديث فقال : هي صلاة الإشراق.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الحرث رضي الله عنه قال : سألت عن صلاة الضحى في إمارة عثمان بن عفان وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون فلم أجد أحدا أثبت لي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أم هانيء قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها مرة واحدة ثمان ركعات يوم الفتح في ثوب واحد مخالفا بين طرفيه لم أره صلاها قبلها ولا بعدها ، فذكرت ذلك لابن عباس رضي الله عنهما فقال : إني كنت لأمر على هذه الأية {يسبحن بالعشي والإشراق} فأقول أي صلاة صلاة الإشراق فهذه صلاة الإشراق.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما ، كان لا يصلي الضحى حتى أدخلناه على أم هانيء فقلنا لها : أخبري ابن عباس رضي الله عنهما بما أخبرتنا به ، فقالت : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فصلى الضحى ثمان ركعات ، فخرج ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول : لقد قرأت ما بين اللوحين فما عرفت صلاة الإشراق إلا الساعة {يسبحن بالعشي والإشراق}.
(12/518)
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : طلبت صلاة الضحى في القرآن فوجدتها {بالعشي والإشراق}.
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب هي صلاة الأوابين.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أنس رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أنس صل صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والطبراني عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أهل قباء وهم يصلون الضحى ، وفي لفظ وهم يصلون بعد طلوع الشمس فقال صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال.
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحافظ على(12/519)
سبحة الضحى إلا أواب.
وأخرج الترمذي ، وَابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى له الله في الجنة قصرا من ذهب.
وأخرج أبو نعيم عن أنس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : صل صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين.
وأخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى الفجر ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى من الضحى ركعتين حرمه الله على النار أن تلفحه أو تطعمه.
وأخرج حميد بن زنجويه والطبراني والبيهقي عن عتيبة بن عبد الله السلمي وأبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من صلى الصبح في مسجد جماعة ثم ثبت فيه حتى يسبح تسبيحة الضحى كان له كأجر حاج أو(12/520)
معتمر قام له حجته وعمرته.
وأخرج أبو داود والطبراني والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يصبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرا غفر له خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر.
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين ومن صلى أربعا كتب من العابدين ومن صلى ستا كفي ذلك اليوم ومن صلى ثمانيا كتب من القانتين ومن صلى اثنتي عشرة بنى الله له بيتا في الجنة.
وأخرج حميد بن زنجويه والبزار والبيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين وإن صليتها أربعا كنت من المحسنين وإن صليتها ستا كتبت من القانتين وإن صليتها ثمانيا كتبت من الفائزين وإن صليتها عشرا لم يكتب لك ذلك اليوم ذنب وإن صليتها اثنتي عشرة بنى الله لك بيتا في الجنة.
(12/521)
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وأحمد ، وَابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من حافظ على سبحة الضحى غفر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر.
الآيات 19 - 20.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {والطير محشورة} قال : مسخرة له {كل له أواب} قال : مطيع {وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة} أي السنة {وفصل الخطاب} قال : البينة على الطالب واليمين على المطلوب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحاكم عن مجاهد رضي الله عنه {وشددنا ملكه} قال : كان أشد ملوك أهل الدنيا لله سلطانا {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} قال : ما قال من شيء أنفذه وعدله في الحكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ادعى رجل من بني إسرائيل عند داود عليه السلام [ قتل ولده فسأل ] (ما بين القوسين [ قتل ولده فسأل ] زيادة اقتضاها اتمام المعنى) الرجل على ذلك فجحده فسأل الآخر البينة فلم تكن بينة فقال لهما داود عليه السلام : قوما حتى أنظر في أمركما فقاما من عنده(12/522)
فأتى داود عليه السلام في منامه فقيل له : أقتل الرجل الذي استعدى فقال : إن هذه رؤيا ولست أعجل حتى أثبت فأتي الليلة الثانية في منامه فقيل له : أقتل الرجل فلم يفعل ، ثم أتي الليلة الثالثة فقيل له : أقتل الرجل أو تأتيك العقوبة من الله تعالى فأرسل داود عليه السلام إلى الرجل فقال : إن الله أمرني أن أقتلك فقال : تقتلني بغير بينة ولا
تثبت قال : نعم ، والله لأنفذن أمر الله فيك فقال له الرجل : لا تعجل علي حتى أخبرك ، إني ما أخذت بهذا الذنب ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته فبذلك أخذت فأمر به داود عليه السلام فقتل فاشتدت هيبته في بني إسرائيل وشدد به ملكه ، فهو قول الله تعالى {وشددنا ملكه}.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وشددنا ملكه} قال : كان يحرسه كل يوم وليلة أربعة آلاف وفي قوله {وآتيناه الحكمة} قال : النبوة {وفصل الخطاب} قال : علم القضاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وآتيناه الحكمة} قال : أعطي الفهم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وآتيناه الحكمة} قال : الصواب {وفصل الخطاب} قال : الإيمان والشهود.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال :(12/523)
اصابة القضاء وفهمه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي عبد الرحمن رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال : فصل القضاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال : الفهم في القضاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي عن شريح رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال : الشهود والإيمان.
وأخرج البيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه ، أن داود عليه السلام أمر بالقضاء فقطع به فأوحى الله تعالى إليه : أن استحلفهم باسمي وسلهم البينات قال : فذلك {وفصل الخطاب}.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن قتادة رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال : البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {وفصل الخطاب} قال : هو قول الرجل : أما بعد.
(12/524)
وأخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : أول من قال أما بعد داود عليه السلام وهو فصل الخطاب.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه أنه سمع زياد بن أبي سفيان رضي الله عنه يقول {وفصل الخطاب} الذي أوتي داود عليه السلام أما بعد.
الآيات 21 - 24.
أَخْرَج ابن أبي شيبة في المصنف ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن داود عليه السلام حدث نفسه إن ابتلي أن يعتصم فقيل له إنك ستبتلى وستعلم اليوم الذي تبتلى فيه فخذ حذرك فقيل له : هذا اليوم الذي تبتلى فيه فأخذ الزبور ودخل المحراب وأغلق باب المحراب وأدخل الزبور في حجره وأقعد منصفا على الباب وقال لا تأذن لأحد علي اليوم ، فبينما هو يقرأ الزببور إذ جاء طائر مذهب كأحسن ما يكون للطير فيه من كل لون فجعل يدرج بين يديه فدنا منه فأمكن أن يأخذه فتناوله بيده ليأخذه فطار فوقه على كوة المحراب فدنا(12/525)
منه ليأخذه فطار فأشرف عليه لينظر أين وقع فإذا هو بامرأة عند بركتها تغتسل من الحيض فلما رأت ظله حركت رأسها فغطت جسدها أجمع بشعرها وكان زوجها غازيا في سبيل الله فكتب داود عليه السلام إلى رأس الغزاة ، انظر فاجعله في حملة التابوت أما أن يفتح عليهم وإما أن يقتلوا ، فقدمه في حملة التابوت فقتل ، فلما انقضت عدتها خطبها داود عليه السلام فاشترطت عليه إن ولدت غلاما أن يكون الخليفة من بعده وأشهدت عليه خمسا من بني إسرائيل وكتبت عليه بذلك كتابا فأشعر بنفسه أنه كتب حتى ولدت سليمان عليه الصلاة والسلام وشب فتسور عليه الملكان المحراب فكان شأنهما ما قص الله تعالى في كتابه وخر داود عليه السلام ساجدا فغفر الله له وتاب عليه.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما(12/526)
قال : ما أصابه القدر إلا من عجب عجب بنفسه ، وذلك أنه قال يا رب ما من ساعة من ليل ونهار إلا وعابد من بني إسرائيل يعبدك يصلي لك أو يسبح أو يكبر وذكر أشياء فكره الله ذلك فقال يا داود إن ذلك لم يكن إلا بي فلولا عوني ما قويت عليه ، وجلالي لآكلك إلى نفسك يوما ، قال : يا رب فأخبرني به فأصابته الفتنة ذلك اليوم.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم بسند ضعيف عن أنس رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن داود عليه السلام حين نظر إلى المرأة قطع على بني إسرائيل وأوصى صاحب الجيش فقال : إذا حضر العدو تضرب فلانا بين يدي التابوت وكان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به من قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم منه الجيش ، فقتل وتزوج المرأة ونزل الملكان على داود عليه السلام فسجد فمكث أربعين ليلة ساجدا حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه فأكلت الأرض جبينه وهو يقول في سجوده : رب زل داود زلة(12/527)
أبعد مما بين المشرق والمغرب ، رب إن لم ترحم ضعف داود وتغفر ذنوبه جعلت ذنبه حديثا في المخلوق من بعده ، فجاء جبريل عليه السلام من بعد أربعين ليلة فقال : يا داود إن الله قد غفر لك وقد عرفت أن الله عدل لا يميل فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة فقال : يا رب دمي الذي عند داود قال جبريل : ما سألت ربك عن ذلك فإن شئت لأفعلن فقال : نعم ، ففرح جبريل وسجد داود عليه السلام فمكث ما شاء الله ثم نزل فقال : قد سألت
الله يا داود عن الذي أرسلتني فيه ، فقال : قل لداود إن الله يجمعكما يوم القيامة فيقول هب لي دمك الذي عند داود فيقول : هو لك يا رب فيقول : فإن لك في الجنة ما شئت وما اشتهيت عوضا.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : لما أصاب داود عليه السلام الخطيئة وإنما كانت خطيئته أنه لما أبصرها أمر بها فعزلها فلم يقربها فأتاه الخصمان فتسورا في المحراب فلما أبصرهما قام إليهما فقال : أخرجا عني ما جاء بكما إلي فقالا : إنما نكلمك بكلام يسير {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة} وأنا {ولي نعجة واحدة} وهو يريد أن يأخذها مني فقال داود عليه السلام : والله أنا أحق أن ينشر منه من لدن هذه إلى هذه ، يعني من أنفه إلى صدره فقال(12/528)
رجل : هذا داود فعله فعرف داود عليه السلام أنما عني بذلك وعرف ذنبه فخر ساجدا لله عز وجل أربعين يوما وأربعين ليلة وكانت خطيئته مكتوبة في يده ينظر إليها لكي لا يغفل حتى نبت البقل حوله من دموعه ما غطى رأسه فنودي أجائع فتطعم أم عار فتكسى أم مظلوم فتنصر قال : فنحب نحبة هاج ما يليه من البقل حين لم يذكر ذنبه فعند ذلك غفر له فإذا كان يوم القيامة قال له ربه : كن أمامي فيقول أي رب ذنبي ذنبي ، فيقول الله : كن خلفي فيقول له : خذ بقدمي فيأخذ بقدمه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب} قال : إن داود عليه السلام قال : يا رب قد أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الذكر ما لو وددت أنك أعطيتني مثله ، قال الله عز وجل إني ابتليتهم بما لم أبتلك به فإن شئت ابتليتك بمثل ما ابتليتهم به وأعطيتك كما أعطيتهم قال : نعم ، قال له : فاعمل حتى أرى بلاءك ، فكان ما شاء الله أن يكون وطال ذلك عليه فكاد أن ينساه فبينما هو في محرابه إذ وقعت عليه حمامة فأراد أن يأخذها فطارت على كوة المحراب فذهب ليأخذها فطارت فاطلع من الكوة فرأى امرأة تغتسل فنزل من المحراب فذهب ليأخذها فأرسل إليها(12/529)
فجاءته فسألها عن زوجها وعن شأنها فأخبرته أن زوجها غائب فكتب إلى أمير تلك السرية أن يؤمره على السرايا ليهلك زوجها
ففعل فكان يصاب أصحابه وينجو وربما نصروا ، وإن الله عز وجل لما رأى الذي وقع فيه داود عليه السلام أراد أن ينفذ أمره فبينما داود عليه السلام ذات يوم في محرابه إذ تسور عليه الملكان من قبل وجهه فلما رأهما وهو يقرأ فزع وسكت وقال : لقد استضعفت في ملكي حتى أن الناس يتسورون على محرابي فقالا له {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض} ولم يكن لنا بد من أن نأتيك فاسمع منا فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها} يريد أن يتم مائة ويتركني ليس لي شيء {وعزني في الخطاب} قال : إن دعوت ودعا كان أكثر مني وإن بطشت وبطش كان أشد مني ، فذلك قوله {وعزني في الخطاب} قال له داود عليه السلام : أنت كنت أحوج إلى نعجتك منه {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} إلى قوله {وقليل ما هم} ونسي نفسه صلى الله عليه وسلم فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال فتبسم أحدهما إلى الآخر فرآه داود عليه السلام فظن إنما فتن {فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} أربعين ليلة حتى نبتت الخضرة من دموع عينيه ثم شدد الله ملكه.
(12/530)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن داود عليه السلام جزأ الدهر أربعة أجزاء ، يوما لنسائه ويوما للعبادة ويوما للقضاء بين بني إسرائيل ويوما لبني إسرائيل ، ذكروا فقالوا : هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا فأضمر داود عليه السلام في نفسه أنه سيطيق ذلك فلما كان في يوم عبادته غلق أبوابه وأمر أن لا يدخل عليه أحد وأكب على التوراة ، فبينما هو يقرأوها إذ حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن قد وقعت بين يديه فأهوى إليها ليأخذها فطارت فوقعت غير بعيد من غير مرتبتها فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل فأعجبه حسنها وخلقها فلما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها فزاد ذلك أيضا بها اعجابا وكان قد بعث زوجها على بعض بعوثه فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا ، مكان إذا سار إليه قتل ولم يرجع ففعل فأصيب فخطبها داود عليه السلام ، فتزوجها ، فبينما هو في المحراب إذ تسور الملكان عليه وكان الخصمان إنما يأتونه من باب المحراب ففزع منهم حين تسوروا المحراب فقالوا : {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط}
أي لا تمل {واهدنا إلى سواء الصراط} أي أعدله وخيره {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} يعني تسعا وتسعين امرأة لداود وللرجل نعجة واحدة فقال {أكفلنيها وعزني في الخطاب} أي قهرني وظلمني قال {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه(12/531)
وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} قال : سجد أربعين ليلة حتى أوحى الله إليه : إني قد غفرت لك ، قال : رب كيف تغفر لي وأنت حكم عدل لا تظلم أحدا قال إني أقضيك له ثم استوهبه دمك ثم أثيبه من الجنة حتى يرضى قال : الآن طابت نفسي وعلمت أن قد غفرت لي ، قال الله تعالى {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه في قوله {وهل أتاك نبأ الخصم} فجلسا فقال لهما قضاء فقال أحدهما إلى الآخر {أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب} فعجب داود عليه السلام وقال {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} فأغلظ له أحدهما وارتفع ، فعرف داود إنما ذلك بذنبه فسجد فكان أربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه إلا إلى صلاة الفريضة حتى يبست وقرحت جبهته وقرحت كفاه وركبتاه فأتاه ملك فقال : يا داود إني رسول ربك إليك وإنه يقول لك ارفع رأسك فقد غفرت(12/532)
لك فقال : يا رب كيف وأنت حكم عدل كيف تغفر لي ظلامة الرجل فترك ما شاء الله ثم أتاه ملك آخر فقال : يا داود إني رسول ربك إليك وإنه يقول لك إنك تأتيني يوم القيامة ، وَابن صوريا تختصمان إلي فأقضي له عليك ثم أسألها إياه فيهبها لي ثم أعطيه من الجنة حتى يرضى.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي قال : إن داود عليه السلام قد قسم الدهر ثلاثة أيام ، يوما يقضي فيه بين الناس ويوما يخلو فيه لعبادة ربه ويوما يخلو فيه بنسائه وكان له تسع وتسعون امرأة وكان فيما يقرأ من الكتب قال : يا رب أرى الخير قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي ، فأعطني مثل ما أعطيتهم وافعل بي مثل ما فعلت بهم ، فأوحى الله إليه إن آباءك قد ابتلوا ببلايا لم تبتل بها ، ابتلي
إبراهيم بذبح ولده وابتلي إسحاق بذهاب بصره وابتلي يعقوب بحزنه على يوسف وإنك لم تبتل بشيء من ذلك ، قال : رب ابتلني بما ابتليتهم به وأعطني مثل ما أعطيتهم فأوحى الله إليه : إنك مبتلى فاحترس ، فمكث بعد ذلك ما شاء الله تعالى أن يمكث إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة حتى وقع عند رجليه وهو(12/533)
قائم يصلي فمد يده ليأخذه فتنحى فتبعه فتباعد حتى وقع في كوة فذهب ليأخذه فطار من الكوة فنظر أين يقع فبعث في أثره فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها فرأى امرأة من أجمل الناس خلقا فحانت منها التفاتة فأبصرته فالتفت بشعرها فاستترت به فزاده ذلك فيها رغبة فسأل عنها فأخبر أن لها زوجا غائبا بمسلحة كذا وكذا ، فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره ، أن يبعث إلى عدو كذا وكذا ، فبعثه ففتح له أيضا فكتب إلى داود عليه السلام بذلك فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا ، فبعثه فقتل في المرة الثالثة وتزوج امرأته ، فلما دخلت عليه لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله له ملكين في صورة أنسيين فطلبا أن يدخلا عليه فتسورا عليه الحراب فما شعر وهو يصلي إذ هما بين يديه جالسين ففزع(12/534)
منهما فقالا {لا تخف} إنما نحن {خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} يقول : لا تخف {واهدنا إلى سواء الصراط} إلى عدل القضاء فقال : قصا علي قصتكما فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} قال الآخر : وأنا أريد أن آخذها فأكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذا لا ندعك وذاك قال : يا أخي أنت على ذلك بقادر قال : فإن ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا ، يعني طرف الأنف والجبهة ، قال : يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا ، حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لاوريا إلا امرأة واحدة فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتلته ، وتزوجت امرأته فنظر فلم ير شيئا فعرف ما قد وقع فيه وما قد ابتلي به {وخر راكعا} فبكى فمكث يبكي أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة ثم يقع ساجدا يبكي ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه فأوحى الله إليه بعد أربعين يوما يا داود ارفع رأسك قد غفر لك قال : يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت
لي وأنت(12/535)
حكم عدل لا تحيف في القضاء إذا جاء يوم القيامة أخذ رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه دما في يقول : يا رب سل هذا فيم قتلني فأوحى الله إليه إذا كان ذلك دعوت أوريا فأستوهبك منه فيهبك لي فأثيبه بذلك الجنة قال : رب الآن علمت أنك غفرت لي فما استطاع أن يملاء عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه ، نحوه.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إذ تسوروا المحراب} قال : المسجد.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أبي الأحوص قال : دخل الخصمان على داود عليه السلام وكل واحد منهما آخذ برأس صاحبه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ففزع منهم} قال : كان الخصوم يدخلون من الباب ففزع من تسورهما.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {ولا تشطط} أي لا تمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {إن هذا أخي} قال : على ديني.
(12/536)
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد ، وَابن جَرِير والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما زاد داود عليه السلام على أن قال {أكفلنيها}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فقال أكفلنيها} قال : فما زاد داود عليه السلام على أن قال : تحول لي عنها.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما زاد داود عليه السلام على أن قال : انزل لي عنها.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {أكفلنيها} قال : أعطنيها طلقها لي أنكحها وخل سبيلها {وعزني في الخطاب} قال : قهرني ذلك العز الكلام والخطاب.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {أكفلنيها} قال :
أعطنيها {وعزني في الخطاب} قال : إذا تكلم كان أبلغ مني وإذا دعا كان أكثر قال أحد الملكين : ما جزاؤه قال : يضرب(12/537)
ههنا وههنا وههنا ، ووضع يده على جبهته ثم على أنفه ثم تحت الأنف قال : ترى ذلك جزاءه ، فلم يزل يردد ذلك عليه حتى علم أنه ملك وخرج الملك فخر داود ساجدا قال : ذكر أنه لم يرفع رأسه أربعين صباحا يبكي حتى أعشب الدموع ما حول رأسه حتى إذا مضى أربعون صباحا زفر زفرة هاج ما حول رأسه من ذلك العشب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقليل ما هم} يقول : قليل الذين هم فيه ، وفي قوله {أنما فتناه} قال : اختبرناه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وظن داود} قال : علم داود.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وظن داود أنما فتناه} قال : ظن إنما ابتلي بذلك.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : إنما كان فتنة داود عليه السلام النظر.
(12/538)
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {وخر راكعا} قال : ساجدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كعب رضي الله عنه قال : سجد داود نبي الله أربعين يوما وأربعين ليلة لا يرفع رأسه حتى رقأ دمعه ويبس وكان من آخر دعائه وهو ساجد أن قال : يا رب رزقتني العافية فسألتك البلاء فلما ابتليتني لم أصبر فإن تعذبني فأنا أهل ذاك وإن تغفر لي فأنت أهل ذاك ، قال : وإذا جبريل عليه السلام قائم على رأسه قال : يا داود إن الله قد غفر لك فارفع رأسك فلم يلتفت إليه وناجى ربه وهو ساجد فقال : يا رب كيف تغفر لي وأنت الحكم العدل قال إذا كان يوم القيامة دفعتك إلى أوريا ثم استوهبك منه فيهبك لي وأثيبه الجنة قال : يا رب الآن علمت أنك قد غفرت لي فذهب يرفع رأسه فإذا هو يابس لا يستطيع فمسحه جبريل عليه السلام ببعض ريشه فانبسط فأوحى الله تعالى إليه بعد ذلك : يا داود قد أحللت لك امرأة أوريا فتزوجها فولدت له سليمان عليه
الصلاة والسلام ، لم تلد قبله ولا بعده) قال كعب رضي الله عنه : فو الله لقد كان داود بعد ذلك يظل صائما اليوم(12/539)
الحار فيقرب الشراب إلى فيه فيذكر خطيئته فينزل دمعه في الشراب حتى يفيضه ثم يرده ولا يشربه.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد عن يونس بن خباب رضي الله عنه أن داود عليه السلام بكى أربعين ليلة حتى نبت العشب حوله من دموعه ثم قال : يا رب قرح الجبين ورقا الدمع وخطيئتي علي كما هي فنودي : أن يا داود أجائع فتطعم أم ظمآن فتسقى أم مظلوم فتنصر فنحب نحبة هاج ما هنالك من الخضرة فغفر له عند ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن عبيد بن عمير الليثي رضي الله عنه ، أن داود عليه السلام سجد حتى نبت ما حوله خضرا من دموعه فأوحى الله إليه : أن يا داود سجدت أتريد أن أزيدك في ملكك وولدك وعمرك فقال : يا رب أبهذا ترد علي أريد أن تغفر لي.
وأخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي عن الأوزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل عيني داود كالقربتين ينطفان ماء ولقد خددت الدموع في وجهه خديد الماء في الأرض.
(12/540)
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبد الله الجدلي قال : ما رفع داود عليه السلام رأسه إلى السماء بعد الخطيئة حتى مات.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد عن صفوان بن محرز قال : كان لداود عليه السلام يوم يتأوه فيه يقول : أوه من عذاب الله أوه من عذاب الله أوه من عذاب الله قيل لا أوه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أوحى الله إلى داود عليه السلام : ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال : يا رب كيف تكون هذه المغفرة وأنت قضاء بالحق ولست بظلام للعبيد ورجل ظلمته غصبته قتلته فأوحى الله تعالى إليه : بلى يا داود إنكما تجتمعان عندي فأقضي له عليك فإذا برز(12/541)
الحق عليك أستوهبك منه فوهبك لي وأرضيته من قبلي وأدخلته الجنة فرفع
داود رأسه وطابت نفسه وقال : نعم ، يا رب هكذا تكون المغفرة.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : لما أصاب داود الخطيئة ? {خر ساجدا > ? أربعين ليلة حتى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطى رأسه ثم نادى رب قرح الجبين وجمدت العين وداود لم يرجع إليه في خطيئته شيء ، فنودي أجائع فتطعم أم مريض فتشفى أم مظلوم فتنصر فنحب نحبا هاج منه نبت الوادي كله فعند ذلك غفر له وكان يؤتى بالإناء فيشرب فيذكر خطيئته فينتحب فتكاد مفاصله تزول بعضها من بعض فما يشرب بعض الإناء حتى يمتلى ء من دموعه وكان يقال دمعة داود عليه السلام تعدل دمعة الخلائق ودمعة آدم عليه السلام تعدل دمعة داود ودمعة الخلائق فيجيء يوم القيامة مكتوبة بكفه يقرأها يقول : ذنبي ذنبي ، فيقول رب قدمني فيتقدم فلا يأمن ويتأخر فلا يأمن حتى يقول تبارك وتعالى : خذ بقدمي.
(12/542)
وأخرج أحمد في الزهد عن علقمة بن يزيد قال : لو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء داود ما عدله ولو عدل بكاء داود وبكاء أهل الأرض ببكاء آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض ما عدله.
وأخرج أحمد عن إسمعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر ، أن داود عليه السلام كان يعاتب في كثرة البكاء فيقول : ذروني أبكي قبل يوم البكاء قبل تحريق العظام واشتعال اللحى وقبل أن يؤمر بي (ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) (التحريم 6).
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي ، وَابن جَرِير عن عطاء الخراساني أن داود عليه السلام نقش خطيئته في كفه لكيلا ينساها وكان إذا رآها اضطربت يداه.
(12/543)
وأخرج عن مجاهد قال : يحشر داود عليه السلام وخطيئته منقوشة في كفه.
وأخرج أحمد عن عثمان بن أبي العاتكة قال : كان من دعاء داود عليه السلام ، سبحانك إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت علي الأرض برحبها وإذا ذكرت رحمتك ارتدت إلي روحي سبحانك إلهي فكلهم [ رآني ] (ما بين قوسين زيادة اقتضاها أتمام المعنى فأثبتها المصحح) عليل بذنبي.
وأخرج أحمد عن ثابت قال : اتخذ داود عليه السلام سبع حشايا من سعد وحشاهن من الرماد ثم بكى حتى أنفذها دموعا ولم يشرب شرابا إلا مزجه بدموع عينيه.
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال داود : رب لا صبر لي على حر شمسك فكيف صبري على حر نارك ؟ رب لا صبر لي على صوت رحمتك يعني الرعد- فكيف صبري على صوت عذابك ؟(12/544)
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال : بكى داود عليه السلام حتى خددت الدموع في وجهه واعتزل النساء وبكى حتى رعش.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : إذا خرج داود عليه السلام من قبره فرأى الأرض نارا وضع يده على رأسه وقال : خطيئتي اليوم موبقتي.
وأخرج عن عبد الرحمن بن جبير ، أن داود عليه السلام كان يقول : اللهم ما كتبت في هذا اليوم من مصيبة فخلصني منها ثلاث مرات وما أنزلت في هذا اليوم من خير فائتني منه نصيبا ثلاث مرات وإذا أمسى قال مثل ذلك فلم ير بعد ذلك مكروها.
وأخرج أحمد عن معمر ، أن داود عليه السلام لما أصاب الذنب قال : رب كنت أبغض الخطائين فأنا اليوم أحب أن تغفر لهم.
وأخرج عبد الله ابنه والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سعيد بن أبي هلال ، أن داود عليه السلام كان يعوده الناس وما يظنون إلا أنه مريض وما به إلا شدة الفرق من الله سبحانه وتعالى.
وأخرج ابن أبي شيبه عن كعب قال : كان داود عليه السلام إذا أفطر استقبل القبلة ، وقال : اللهم خلصني من كل مصيبة نزلت من السماء ثلاثا(12/545)
وإذا طلع حاجب الشمس قال : اللهم اجعل لي سهما في كل حسنة نزلت الليلة من السماء إلى الأرض ثلاثا.
وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس أنه قال : في السجود في {ص} ليست من عزائم السجود وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها.
وأخرج النسائي ، وَابن مردويه بسند جيد عن ابن عباسط أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سجد في {ص} وقال : سجدها داود ونسجدها شكرا.
وأخرج ابن أبي شيبه والبخاري عن العوام قال : سألت مجاهدا عن سجدة ص فقال : سألت ابن عباس من أين سجدت فقال : أو ما تقرأ (ومن ذريته
داود وسليمان) (الأنعام 84) إلى قوله (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) فكان داود ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدى به فسجد بها داود عليه السلام فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم(12/546)
لا يسجد في ص حتى نزلت (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) (الأنعام 90) فسجد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الترمذي ، وَابن ماجة والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أني رأيت في هذه الليلة فيما يرى النائم كأني أصلي عند شجرة وكأني قرأت سورة السجدة فسجدت فرأيت الشجرة سجدت بسجودي وكأني أسمعها وهي تقول اللهم اكتب لي بها عندك ذكرا وضع عني بها وزرا واجعلها إلي عندك ذخرا وأعظم بها أجرا وتقبل مني كما تقبلت من عبدك داود ، قال ابن عباس فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم السجدة فسمعته يقول في سجوده كما أخبر الرجل عن قول الشجرة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في ص.
وأخرج ابن مردويه عن السائب بن يزيد قال : صليت خلف عمر الفجر فقرأ بنا سورة ص فسجد فيها فلما قضى الصلاة قال له رجل : يا أمير المؤمنين ومن عزائم السجود هذه فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها.
(12/547)
وأخرج ابن مردويه عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في ص.
وأخرج الدارمي وأبو داود ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والدارقطني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي سعيد الخدري قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه فلما كان آخر يوم قرأها فلما بلغ السجدة تهيأ الناس للسجود فقال : إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تهيأتم للسجود فنزل فسجد.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة ص وهوعلى المنبر فلما أتى على السجدة قرأها ثم نزل فسجد.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير ، أن عمر بن الخطاب كان يسجد في ص.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عمر قال : في ص سجدة.
(12/548)
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبه والطبراني والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن مسعود ، أنه كان لا يسجد في ص ويقول : إنما هي توبة نبي ذكرت.
وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي العالية قال : كان بعض أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يسجد في ص وبعضهم لا يسجد فأي ذلك شئت فافعل.
وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي مريم قال : لما قدم عمر الشام أتى محراب داود عليه السلام فصلى فيه فقرأ سورة ص فلما انتهى إلى السجدة سجد.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد ، أنه رأى رؤيا أنه يكتب ص فلما أنتهى إلى التي يسجد بها رأى الدواة والقلم وكل شيء بحضرته انقلب ساجدا فقصها على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجد بها بعد.
وأخرج أبو يعلى عن أبي سعيد قال : رأيت فيما يرى النائم كأني تحت شجرة وكأن الشجرة تقرأ ص فلما أتت على السجدة سجدت فقالت في سجودها : اللهم اغفر بها اللهم حط عني بها وزرا واحدث لي(12/549)
بها شكرا وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال سجدت أنت يا أبا سعيد فقلت : لا فقال ، أنت أحق بالسجود من الشجرة ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ص ثم أتى على السجدة وقال في سجوده ما قالت الشجرة في سجودها.
وأخرج الطبراني والخطيب عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال السجدة التي في ص سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرا.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : دخلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في سفره وهو يقرأ ص فسجد فيها.
آية 25.
أَخرَج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مالك
بن دينار في قوله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال : مقام داود عليه السلام يوم القيامة عند ساق العرش ثم يقول الرب جل وعلا يا داود مجدني(12/550)
اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم الذي كنت تمجدني به في الدنيا فيقول : يا رب كيف وقد سلبته فيقول : إني راده عليك اليوم فيندفع بصوت يستفز نعيم أهل الجنة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب أنه قال {وإن له عندنا لزلفى} أول الكائن يوم القيامة داود ، وابنه عليهما السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن السدي بن يحيى قال : حدثني أبو حفص رجل قد أدرك عمر بن الخطاب أن الناس يصيبهم يوم القيامة عطش وحر شديد فينادي المنادي داود فيسقي على رؤوس العالمين فهو الذي ذكر الله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}.
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إنه ذكر يوم القيامة فعظم شأنه ، وشدته قال : ويقول الرحمن لداود عليه السلام مر بين يدي فيقول داود : يا رب أخاف أن تدحضني خطيئتي.
(12/551)
فيقول خذ بقدومي فيأخذ بقدمه عز وجل فيمر قال فتلك {لزلفى} التي قال الله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبيد بن عمير رضي الله عنه {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال : يدنو حتى يضع يده عليه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه فغفرنا له ذلك الذنب {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال حسن المنقلب.
وأخرج الحكيم الترمذي عن مجاهد رضي الله عنه قال : يبعث داود عليه السلام يوم القيامة وخطيئته في كفه فإذا رآها يوم القيامة لم يجد منها مخرجا إلا أن يلجأ إلى رحمة الله تعالى ثم يرى فيقلق ، فيقال له : ههنا ، فذلك قوله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}.
(12/552)
من الآيات 26 - 27.
أَخرَج الثعلبي من طريق العوام بن حوشب قال : حدثني رجل من قومي شهد عمر رضي الله عنه أنه سأل طلحة والزبير وكعبا وسلمان ما الخليفة من الملك قال طلحة والزبير : ما ندري فقال سلمان رضي الله عنه : الخليفة الذي يعدل في الرعية ويقسم بينهم بالسوية ويشفق عليهم شفقة الرجل على أهله ويقضي بكتاب الله تعالى ، فقال كعب : ما كنت أحسب أحدا يعرف الخليفة من الملك غيري.
وأخرج ابن سعد من طريق مردان عن سلمان رضي الله عنه : أن عمر رضي الله عنه قال له : أنا ملك أم خليفة فقال له سلمان رضي الله عنه : الخليفة الذي يعدل أن أتت جبيت من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك غير خليفة فاستعبر عمر رضي الله عنه.
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي العرجاء قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك قال قائل : يا أمير المؤمنين إن بينهما فرقا قال : ما هو قال : الخليفة لا يأخذ إلا حقا ولا يضعه إلا في حق وأنت(12/553)
الحمد لله كذلك ، والملك يعسف الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا.
وأخرج ابن سعد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : إن الإمارة ما ائتمرتها وأن الملك ما غلب عليه بالسيف.
وأخرج الثعلبي عن معاوية رضي الله عنه ، أنه كان يقول إذا جلس على المنبر : يا أيها الناس أن الخلافة ليست بجمع المال ولكن الخلافة العمل بالحق والحكم بالعدل وأخذ الناس بأمر الله.
وأخرج الحكيم الترمذي عن سالم مولى أبي جعفر قال : خرجنا مع أبي جعفر أمير المؤمنين إلى بيت المقدس فلما دخل وشق بعث إلى الأوزاعي فأتاه فقال : يا أمير المؤمنين حدثني حسان بن عطية عن جدك ابن عباس رضي الله عنه ما في قوله {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} قال : إذا ارتفع إليك الخصمان فكان لك في أحدهما هوى فلا تشته في نفسك الحق له فيفلح على صاحبه فأمحو اسمك من نبوتي ثم لا تكون خليفتي ولا كرامة ، يا أمير المؤمنين حدثنا حسان بن عطية عن جدك قال : من كره الحق فقد كره الله لأن الحق هو الله ، يا أمير المؤمنين حدثني(12/554)
حسان بن عطية عن جدك في قوله (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة) (الكهف 49) قال : الصغيرة التبسم والكبيرة الضحك فكيف ما جنته الأيدي.
وَأخرَج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {فاحكم بين الناس بالحق} يعني بالعدل والإنصاف {ولا تتبع الهوى} يقول : ولا تؤثر هواك في قضائك بينهم على الحق والعدل فتزوغ عن الحق فيضلك عن سبيل الله.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب} قال : هذا من التقديم والتأخير ، يقول : لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي السليل رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يدخل المسجد فينظر أغمض حلقة من بني إسرائيل فيجلس إليهم ثم يقول : مسكينا بين(12/555)
ظهراني مساكين.
وأخرج أحمد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه ، أن ابنا لداود مات فأشتد عليه جزعه فقيل ما كان يعدل عندك قال : كان أحب إلي من ملء الأرض ذهبا ، فقيل له : إن الأجر على قدر ذلك.
وأخرج عبد الله في زوائده عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كان من دعاء داود عليه السلام ، سبحان مستخرج الشكر بالعطاء ومستخرج الدعاء بالبلاء.
وأخرج عبد الله عن الأوزاعي رضي الله عنه قال : أوحى الله إلى داود عليه
السلام ألا أعلمك علمين إذا عملتهما ألقيت وجوه الناس إليك وبلغت بهما رضاي ، قال : بلى يا رب قال احتجز فيما بيني وبينك بالورع وخالط الناس بأخلاقهم.
(12/556)
وأخرج أحمد عن يزيد بن منصور رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام إلا ذاكر لله فاذكر معه إلا مذكر فاذكر معه.
وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يصنع القفة من الخوص وهو على المنبر ثم يرسل بها إلى السوق فيبيعها فيأكل بثمنها.
وأخرج أحمد عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام إذا قام من الليل يقول : اللهم نامت العيون وغارت النجوم وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذك سنة ولا نوم.
وأخرج أحمد عن عثمان الشحام أبي سلمة قال : حدثني شيخ من أهل البصرة كان له فضل وكان له سن قال : بلغني أن داود عليه السلام سأل ربه قال : يا رب كيف لي أن أمشي لك في ألأرض بنصح وأعمل لك فيها بنصح قال يا داود تحب من يحبني من أحمر وأبيض ولا تزال شفتاك رطبتين من ذكري واجتنب فراش الغيبة قال : رب كيف لي أن تحببني في أهل الدنيا البر والفاجر قال : يا داود تصانع أهل الدنيا لدنياهم وتحب أهل الآخرة لآخرتهم وتختار إليك دينك بيني وبينك فإنك إذا فعلت ذلك لا يضرك من(12/557)
ضل إذا اهتديت قال : رب فأرني أضيافك من خلقك من هم قال : نقي الكفين نقي القلب يمشي تماما ويقول صوابا.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام لإبنه سليمان عليه السلام : أتدري ما جهد البلاء قال شراء الخبز من السوق والانتقال من منزل إلى منزل.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وسمعي وبصري وأهلي ومن الماء البارد.
وأخرج أحمد عن وهب رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام رب أي عبادك أحب إليك قال : مؤمن حسن الصورة قال : فأي عبادك أبغض إليك قال كافر حسن الصورة شكر هذا وكفر هذا قال : يا رب فأي عبادك أبغض إليك قال عبد استخارني في أمر فخرت له فلم يرض به.
وأخرج عبد الله في زوائده عن عبد الله بن أبي مليكة رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : إلهي لا تجعل لي أهل سوء فأكون رجل سوء.
(12/558)
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن قال : بلغني أنه كان من دعاء داود عليه السلام : اللهم لا تفقرني فأنسى ولا تغنني فأطغى.
وأخرج أحمد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : إلهي أي رزق أطيب قال : ثمرة يدك يا داود.
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه ، أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : يا داود أنذر عبادي الصديقين لا يعجبن بأنفسهم ولا يتكلن على أعمالهم فإنه ليس أحد من عبادي أنصبه للحساب وأقيم عليه عدلي إلا عذبته من غير أن أظلمه وبشر الخاطئين أنه لا يتعاظم ذنب أن أغفره وأتجاوز عنه.
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه ، أن داود عليه السلام أمر مناديا فنادى : الصلاة جامعة فخرج الناس وهم يرون أنه سيكون منه يومئذ موعظة وتأديب ودعاء فلما رقي مكانه قال : اللهم اغفر لنا وانصرف فأستقبل آخر الناس أوائلهم قالوا : ما لكم قالوا : إن النَّبِيّ إنما دعا بدعوة واحدة فأوحى الله تعالى إليه : أن أبلغ قومك عني فإنهم قد استقلوا دعاءك ، إني من أغفر له أصلح له أمر آخرته ودنياه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبد الرحمن بن أبزي رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام أصبر الناس على البلاء وأحلمهم وأكظمهم للغيظ.
وأخرج أحمد عن سعيد بن عبد العزيز رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام يا رب كيف أسعى لك في الأرض بالنصيحة قال : تكثر ذكري وتحب من أحبني من أبيض وأسود وتحكم للناس كما تحكم لنفسك وتجتنب فراش الغيبة.
وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي عبد الله الجدلي رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يقول : اللهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني وقلبه يرعاني ، إن رأى خيرا دفنه وإن رأى شرا أشاعه.
وأخرج ابن أبي شيبه عن سعيد بن أبي سعيد رضي الله عنه قال : كان من دعاء داود عليه(12/559)
السلام : اللهم أني أعوذ بك من الجار السوء.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن بريدة رضي الله عنه ، أن داود عليه السلام كان يقول : اللهم إني أعوذ بك من عمل يخزيني وهم يرديني وفقر ينسيني وغنى يطغيني.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال : أوحى الله إلى داود عليه السلام : أحبب عبادي وحببني إلى عبادي قال : يا رب هذا أحبك وأحب عبادك فكيف أحببك إلى عبادك قال تذكرني عندهم فإنهم لا يذكرون مني إلا الحسن.
وأخرج أحمد عن أبي الجعد رضي الله عنه قال : بلغنا أن داود عليه السلام قال : إلهي ما جزاء من عزى حزينا لا يريد به إلا وجهك قال : جزاؤه أن ألبسه لباس التقوى قال : إلهي ما جزاء من شيع جنازة لا يريد بها إلا وجهك قال : جزاؤه أن تشيعه ملائكتي إذا مات وأن أصلي على روحه في الأرواح قال : إلهي ما جزاء من أسند يتيما أو أرملة لا يريد بها إلا وجهك قال جزاؤه أن أظله تحت ظل(12/560)
عرشي يوم لا ظل إلا ظلي قال : إلهي ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك قال : جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر وأن أقي وجهه فيح جهنم.
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه قال : قرأت في مساءلة داود عليه السلام أنه قال : إلهي ما جزاء من يعزي الحزين المصاب ابتغاء مرضاتك قال : جزاؤه أن أكسوه رداء من أردية الإيمان أستره به من النار وأدخله الجنة قال : إلهي فما جزاء من شيع الجنازة ابتغاء مرضاتك قال : جزاؤه أن تشيعه الملائكة يوم يموت إلى قبره وأن أصلي على روحه في الأرواح قال : إلهي فما جزاء من أسند اليتيم والأرملة ابتغاء مرضاتك قال : جزاؤه أن أظله في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي قال : إلهي فما جزاء من بكى من خشيتك حتى تسيل دموعه على وجهه قال :
جزاؤه أن أحرم وجهه على النار وأن أؤمنه يوم الفزع الأكبر.
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن أبزي رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام لسليمان : كن لليتيم كالأب الرحيم واعلم أنك كما تزرع تحصد وأعلم أن(12/561)
خطيئة [ إمام ] (ما بين قوسين زيادة إقتضاها إتمام المعنى فأثبتناها) القوم كالمسيء عند رأس الميت واعلم أن المرأة الصالحة لأهلها كالملك المتوج بالتاج المخوص بالذهب واعلم أن المرأة السوء لأهلها كالشيخ الضعيف على ظهره الحمل الثقيل وما أقبح الفقر بعد الغنى وأقبح من ذلك الضلالة بعد الهدى وإن وعدت صاحبك فأنجز ما وعدته فإنك إن لا تفعل تورث بينك وبينه عداوة ونعوذ بالله من صاحب إذا ذكرت لم يعنك وإذا نسيت لم يذكرك.
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد عن الحسن رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يقول : اللهم لا مرض يفنيني ولا صحة تنسيني ولكن بين ذلك.
وأخرج عبد الله بن زيد بن رفيع قال : نظر داود عليه السلام مبخلا يهوي بين السماء والأرض فقال : يا رب ما هذا قال : هذه لعنتي أدخلها بيت كل ظلام.
(12/562)
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن أبزي رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : نعم العون اليسار على الدين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : يا رب طال عمري وكبر سني وضعف ركني فأوحى الله إليه يا داود طوبى لمن طال عمره وحسن عمله.
وأخرج الخطيب من طريق الأوزاعي عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال : أعطي داود عليه السلام من حسن الصوت ما لم يعط أحد قط حتى إن كان الطير والوحش حوله حتى تموت عطشا وجوعا وإن الأنهار لتقف ، والله أعلم.
الآية 28.
أَخْرَج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض}
قال {الذين آمنوا} علي وحمزة وعبيدة بن الحارث والمفسدين في الأرض عتبة وشيبة والوليد وهم تبارزوا يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا(12/563)
الصالحات} إلى قوله {كالفجار} قال : لعمري ما استووا لقد تفرق القوم في الدنيا عند الموت ، أما قوله تعالى : {أم نجعل المتقين كالفجار}.
أخرج أبو يعلى عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : كما أنه لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا تنال الفجار منازل الأبرار.
الآية 29.
أَخرَج سعيد بن منصور عن الحسين رضي الله عنه في قوله {ليدبروا آياته} اتباعه بعمله.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {أولوا الألباب} قال : أولوا العقول من الناس.
الآيات 30 - 33.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن مكحول قال : لما وهب الله لداود سليمان قال له : يا بني ما أحسن قال : سكينة الله والإيمان قال : فما أقبح قال : كفر بعد(12/564)
إيمان قال : فما أحلى قال : روح الله بين عباده قال : فما أبرد قال : عفو الله عن الناس وعفو الناس بعضهم عن بعض قال داود عليه السلام : فأنت نبي.
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه السلام ، إني سائل ابنك عن سبع كلمات ، فإن أخبرك فورثه العلم والنبوة فقال له داود عليه السلام : إن الله أوحى إلي أن أسألك عن سبع كلمات فإن أخبرتني ورثتك العلم والنبوة قال : سلني عما شئت قال : أخبرني ما أحلى من العسل وما أبرد من الثلج وما ألين من الخز وما لا يرى أثره في الماء وما لا يرى أثره في الصفاء وما لا يرى أثره في السماء ومن يسمن في الخصب والجدب ، قال : أما ما أحلى من العسل فروح الله للمتحابين في الله.
وَأَمَّا ما أبرد من الثلج فكلام الله إذا قرع أفئدة أولياء الله.
وَأَمَّا ما ألين شيئا من الخز فحكمة الله تعالى إذا(12/565)
أنشدها أولياء الله بينهم.
وَأَمَّا ما لا يرى أثره في الماء فالفلك تمر فلا يرى أثرها.
وَأَمَّا ما لا يرى أثره في الصفاء فالنملة تمر على الحجر فلا يرى أثرها.
وَأَمَّا ما لا يرى أثره في السماء فالطير يطير ولا يرى أثره في السماء وأما من يسمن في الجدب والخصب فهو المؤمن إذا أعطاه الله شكر وإذا ابتلاه صبر فقلبه أجرد أزهر ، قال : أنظر إلى ابنك فاسأله عن أربع عشرة كلمة فإن أخبرك فورثه العلم والنبوة فسأله فقال : ما لي من ذي علم فقال داود لسليمان عليه السلام : أخبرني يا بني أين موضع العقل منك قال : الدماغ قال : أين موضع الحياء منك قال : العينان قال : أين موضع الباطل منك قال : الأذنان قال : أين باب الخطايا منك قال : اللسان قال : أين الطريق منك قال : المنخران قال : أين موضع الأدب والبيان منك قال : الكلوتان قال : أين باب الفظاظة والغلظة منك قال : الكبد قال : أين بيت الريح منك قال : الرئة قال : أين باب الفرح منك قال : الطحال قال : أين باب الكسب منك قال : اليدان قال : أين باب النصب منك قال : الرجلان قال : أين باب الشهوة منك قال : الفرج(12/566)
قال : أين باب الذرية منك قال : الصلب قال : أين باب العلم والفهم والحكمة منك قال : القلب ، إذا صلح القلب صلح ذلك كله وإذا فسد القلب فسد ذلك كله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب} قال : كان مطيعا لله كثير الصلاة {إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد}
قال : يعني الخيل وصفونها قيامها وبسطها قوائمها {فقال إني أحببت حب الخير} أي المال {عن ذكر ربي} عن صلاة العصر {حتى توارت بالحجاب}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه {الصافنات الجياد} قال : الخيل خيل خلقت على ما شاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {الصافنات} قال : صفون الفرس : رفع إحدى يديه حتى يكون على أطراف الحافر ، وفي قوله الجياد قال : السراع.
(12/567)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن وقتادة رضي الله عنهما في قوله {الصافنات الجياد} قال : الخيل إذا صفن قيامها عقرها تطلع أعناقها وسوقها ، وفي قوله {أحببت حب الخير عن ذكر ربي} قال : الخير المال والخيل من ذلك فقوله شغلته عن الصلاة قال : لا والله لا تشغلني عن عبادة الله تعالى جرها عليك فكشف عراقيبها وضرب أعناقها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عوف رضي الله عنه قال : بلغني أن الخيل التي عقر سليمان عليه السلام كانت خيلا ذات أجنحة أخرجت له من البحر لم تكن لأحد قبله ولا بعده.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حب الخير} قال : المال وفي قوله {ردوها علي} قال : الخيل {فطفق مسحا} قال : عقرا بالسيف.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال : الصلاة التي فرط فيها سليمان عليه السلام صلاة العصر.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب رضي الله عنه(12/568)
في قوله {حتى توارت بالحجاب} قال : حجاب من ياقوت أخضر محيط بالخلائق فمنه أخضرت السماء التي يقال لها السماء الخضراء وأخضر البحر من السماء فمن ثم يقال : البحر الأخضر.
وأخرج أبو داود عن عائشة رضي الله عنهما قالت : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة
تبوك أو خيبر فجئت فكشفت ناحية الستر عن بنات لعب لعائشة فقال : ما هذا يا عائشة قالت : بناتي ، ورأى بينهن فرسا لها جناحان من رقاع فقال : ما هذا الذي أرى وسطهن قالت : فرس له جناحان قال : وما هذا الذي عليه فقلت : جناحان قال : فرس له جناحان قالت : أما سمعت أن لسليمان عليه السلام خيلا لها أجنحة فضحك حتى رؤيت نواجذه.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه في قوله {إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد} قال : كانت عشرين ألف فرس ذات أجنحة فعقرها.
(12/569)
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن جَرِير عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {حتى توارت بالحجاب} قال {توارت} من وراء قرية خضرة السماء منها.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان سليمان عليه السلام لا يكلم اعظاما له فلقد فاتته صلاة العصر وما استطاع أحد أن يكلمه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {عن ذكر ربي} يقول : من ذكر ربي {فطفق مسحا} يقول : جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها.
وأخرج الطبراني في الأوسط والإسماعيلي في معجمه ، وَابن مردويه بسند حسن عن أبي بن كعب رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {فطفق مسحا بالسوق والأعناق} قال : قطع سوقها وأعناقها بالسيف.
الآية 34.
أَخرَج الفريابي والحكيم الترمذي والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا} قال : هو الشيطان الذي(12/570)
كان على كرسيه يقضي بين الناس أربعين يوما وكان لسليمان عليه السلام امرأة يقال لها جرادة وكان بين بعض أهلها وبين قوم خصومة فقضى بينهم بالحق إلا أنه ود أن الحق كان لأهلها ، فأوحى الله تعالى إليه : إنه سيصيبك بلاء فكان لا يدري يأتيه من السماء أم من الأرض.
وأخرج النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم بسند قوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أراد سليمان عليه السلام أن يدخل الخلاء فأعطى الجرادة خاتمه وكانت جرادة امرأته وكانت أحب نسائه إليه فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها : هاتي خاتمي فأعطته فلما لبسه دانت له الجن والأنس والشياطين فلما خرج سليمان عليه السلام من الخلاء قال لها : هاتي خاتمي ، فقالت : قد أعطيته سليمان قال : أنا سليمان قالت : كذبت لست سليمان ، فجعل لا يأتي أحدا يقول أنا سليمان إلا كذبه حتى جعل الصبيان يرمونه بالحجارة فلما رأى ذلك عرف أنه من أمر الله عز وجل وقام الشيطان يحكم بين الناس ، فلما أراد الله تعالى أن يرد على سليمان عليه السلام سلطانه ألقى في قلوب الناس انكار ذلك الشيطان فأرسلوا إلى نساء سليمان عليه السلام فقالوا لهن : أيكون من سليمان شيء قلنا : نعم ، أنه يأتينا ونحن حيض وما كان يأتينا قبل ذلك ، فلما رأى الشيطان أنه قد فطن له ظن أن أمره قد انقطع فكتبوا كتبا فيها سحر ومكر فدفنوها تحت كرسي سليمان ثم أثاروها وقرأوها على الناس(12/571)
قالوا : بهذا كان يظهر سليمان على الناس ويغلبهم فأكفر الناس سليمان فلم يزالوا يكفرونه وبعث ذلك الشيطان بالخاتم فطرحه في البحر فتلقته سمكة فأخذته وكان سليمان عليه السلام يعمل على شط البحر بالأجر فجاء رجل فاشترى سمكا فيه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم فدعا سليمان عليه السلام فقال : تحمل لي هذه السمك ثم انطلق إلى منزله فلما انتهى الرجل إلى باب داره أعطاه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم فأخذها سليمان عليه السلام فشق بطنها فإذا الخاتم في جوفها فأخذه فلبسه فلما لبسه دانت له الإنس والجن والشياطين وعاد إلى حاله وهرب الشيطان حتى لحق بجزيرة من جزائر البحر فأرسل سليمان عليه السلام في طلبه وكان شيطانا مريدا يطلبونه ولا يقدرون عليه حتى وجدوه يوما نائما فجاؤا فنقبوا عليه بنيانا من رصاص فاستيقظ فوثب فجعل لا يثبت في مكان من البيت إلا أن دار معه الرصاص فأخذوه وأوثقوه وجاؤا به إلى سليمان عليه السلام فأمر به
فنقر له في رخام ثم أدخل في جوفه ثم سد بالنحاس ثم أمر به فطرح في البحر ، فذلك قوله {ولقد فتنا سليمان وألقينا على(12/572)
كرسيه جسدا} يعني الشيطان الذي كان تسلط عليه.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أربع آيات من كتاب الله لم أدر ما هي حتى سألت عنهن كعب الأحبار رضي الله عنه في قوله (قوم تبع) (الدخان 73) في القرآن ولم يذكر تبع فقال : إن تبعا كان ملكا وكان قومه كهانا وكان في قومه قوم من أهل الكتاب وكان الكهان يبغون على أهل الكتاب ويقتلون تابعهم فقال أهل الكتاب لتبع : إنهم يكذبون علينا فقال تبع : إن كنتم صادقين فقربوا قربانا فأيكم كان أفضل أكلت النار قربانه ، فقرب أهل الكتاب والكهان فنزلت نار من السماء فأكلت قربان أهل الكتاب فأتبعهم تبع فأسلم ، فلهذا ذكر الله قومه في القرآن ولم يذكره قال ابن عباس رضي الله عنه وسألته عن قوله {وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب} قال : الشيطان أخذ خاتم سليمان عليه السلام الذي فيه ملكه فقذف به في البحر فوقع في بطن سمكة فانطلق سليمان يطوف إذ تصدق عليه بتلك السمكة فاشتواها فأكلها فإذا فيها خاتمه فرجع إليه ملكه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب} قال : صخر الجني ، مثل على كرسيه(12/573)
على صورته.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : أمر سليمان عليه السلام ببناء بيت المقدس فقيل له : ابنه ولا يسمع فيه صوت حديد فطلب ذلك فلم يقدر عليه فقيل له إن شيطانا يقال له صخر شبه المارد فطلبه وكانت عين في البحر يردها في كل سبعة أيام مرة فنزح ماءها وجعل فيها خمرا فجاء يوم وروده فإذا هو بالخمر فقال : إنك لشراب طيب تصيب من الحليم وتزيد من الجاهل جهلا ثم جفل حتى عطش عطشا شديدا ثم أتاها فشربها حتى غلب على عقله فأوتي بالخاتم فختم بين كتفيه فذل وكان ملكه في خاتمه فأتي به سليمان فقال : أنا قد أمرنا ببناء هذا البيت فقيل لنا : لا تسمعن فيه صوت حديد فأتى ببيض الهدهد فجعل عليه زجاجة فجاء
الهدهد فدار حولها فجعل يرى بيضه ولا يقدر عليه فذهب فجاء بألماس فوضعها عليه فقطعها حتى أفضى إلى بيضه فأخذوا الماس فجعلوا يقطعون به الحجارة ، وكان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يدخل الخلاء أو الحمام لم يدخل بخاتمه ، فانطلق يوما إلى الحمام وذلك الشيطان صخر(12/574)
معه فدخل الحمام وأعطى الشيطان خاتمه فألقاه في البحر فالتقمته سمكة ونزع ملك سليمان عليه السلام منه وألقي على الشيطان شبه سليمان فجاء فقعد على كرسيه وسلط على ملك سليمان كله غير نسائه فجعل يقضي بينهم أربعين يوما حتى وجد سليمان عليه السلام خاتمه في بطن السمكة فأقبل فجعل لا يستقبله جني ولا طير إلا سجد له حتى انتهى إليهم {وألقينا على كرسيه جسدا} قال : هو الشيطان صخر {ثم أناب} قال : تاب ثم أقبل يعني سليمان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وألقينا على كرسيه جسدا} قال : شيطانا يقال له آصف ، فقال له سليمان : كيف تفتنون الناس قال أرني خاتمك أخبرك ، فلما أعطاه إياه نبذه آصف في البحر فساح سليمان عليه السلام وذهب ملكه وقعد آصف على كرسيه ومنعه الله تعالى نساء سليمان عليه السلام فلم يقربهن ولا يقربنه وأنكرنه وأنكر الناس أمر سليمان عليه السلام ، وكان سليمان عليه السلام يستطعم فيقول : أتعرفوني أنا سليمان فيكذبوه حتى أعطته امرأة يوما حوتا وطيب بطنه فوجد خاتمه في بطنه فرجع إليه ملكه وفر الشيطان فدخل البحر فارا(12/575)
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الشيطان الذي جلس على كرسي سليمان كان اسمه حبقيق ..
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولد لسليمان ولد فقال للشيطان : تواريه من الموت قالوا نذهب به إلى المشرق ، فقال يصل إليه الموت ، قالوا فإلى المغرب ، قال يصل إليه ، قالوا إلى البحار ، قال يصل إليه الموت ، قال نضعه بين السماء والأرض ونزل عليه ملك الموت فقال : إني أمرت بقبض نسمة طلبتها في البحار وطلبتها في تخوم الأرض ، فلم أصبها فبينا أنا صاعد أصبتها فقبضتها وجاء جسده حتى وقع على
كرسي سليمان فهو قول الله {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب} ، وقال ابن سعد رضي الله عنه أخبرنا الواقدي حدثنا معشر عن المقبري : أن سليمان بن داود عليه السلام قال : لأطوفن الليلة بمائة امرأة من نسائي فتأتي كل امرأة منهن بفارس يجاهد في سبيل الله ، ولم يستثن ولو استثنى لكان فطاف على مائة امرأة فلم تحمل امرأة إلا امرأة واحدة حملت بشق إنسان قال : ولم يكن شيء أحب إلى سليمان من تلك الشقة ، قال وكان أولاده يموتون فجاء ملك الموت في صورة رجل فقال له سليمان عليه السلام : إن استطعت أن تؤخر ابني هذا ثمانية أيام إذا جاءه أجله فقال : لا.
(12/576)
ولكن أخبرك قبل موته بثلاثة أيام ، قال لمن عنده من الجن : أيكم يخبى ء لي ابني هذا قال أحدهم أنا أخبؤه لك في المشرق قال : ممن تخبؤه قال : من ملك الموت ، قال يبصره ، قال آخر : أنا أخبؤه لك بين قرينين لا يريان ، قال سليمان عليه السلام إن كان شيء فهذا ، فلما جاء أجله نظر ملك الموت في الأرض فلم يره في مشرقها ولا في مغربها ولا شيء من البحار ورآه بين قرينين فجاءه فأخذه فقبض روحه على كرسي سليمان ، فذلك قوله {ولقد فتنا سليمان} وهو قول الله {وألقينا على كرسيه جسدا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : بينما سليمان بن داود جالسا على شاطى ء البحر وهو يعبث بخاتمه إذ سقط منه في البحر وكان ملكه في خاتمه فانطلق وخلف شيطانا في أهله فأتى عجوزا فأوى إليها فقالت له العجوز : إن شئت أن تنطلق فتطلب(12/577)
وأكفيك عمل البيت وإن شئت أن تكفيني عمل البيت وأنطلق فألتمس ، قال : فانطلق يلتمس فأتى قوما يصيدون السمك فجلس إليهم فنبذوا سمكات فانطلق بهن حتى أتى العجوز فأخذت تصلحه فشقت بطن سمكة فإذا فيها الخاتم فأخذته وقالت لسليمان عليه السلام : ما هذا فأخذه سليمان عليه السلام فلبسه فأقبلت إليه الشياطين والإنس والجن والطير والوحش وهرب الشيطان الذي خلف في أهله فأتى جزيرة في البحر فبعث إليه الشياطين فقالوا : لا نقدر عليه إنه يرد عينا في جزيرة في البحر في سبعة أيام ولا نقدر عليه حتى يسكر.
قال فصب له في تلك العين خمرا فأقبل فشرب فسكر فأروه الخاتم فقال : سمعا وطاعة فأوثقه سليمان عليه السلام ثم بعث به إلى جبل فذكروا أنه جبل الدخان فالدخان الذي يرون من نفسه والماء الذي يخرج من الجبل بوله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن {وألقينا على كرسيه جسدا} قال : هو الشيطان ، دخل سليمان عليه السلام الحمام فوضع خاتمه عند امرأة من أوثق نسائه في نفسه فأتاها الشيطان فتمثل لها على صورة سليمان عليه السلام فأخذ الخاتم منها فلما خرج سليمان عليه السلام أتاها فقال لها : هاتي الخاتم فقالت : قد دفعته إليك ، قال ما فعلت ، فهرب سليمان عليه السلام وجلس الشيطان على ملكه وانطلق سليمان عليه السلام(12/578)
هاربا في الأرض يتتبع ورق الشجر خمسين ليلة فأنكر بنو إسرائيل أمر الشيطان فقال بعضهم لبعض : هل تنكرون من أمر ملككم ما ننكر عليه قالوا : نعم ، قال أما لقد هلكتم أنتم العامة وأما قد هلك ملككم فقالوا : والله أن عندكم من هذا الخبر نساؤه معكم فاسألوهن فإن كن أنكرن ما أنكرنا فقد ابتلينا ، فسألوهن فقلن : أي والله لقد أنكرنا ، فلما انقضت مدته انطلق سليمان عليه السلام حتى أتى ساحل البحر فوجد صيادين يصيدون السمك فصادوا سمكا كثيرا غلبهم بعضه فألقوه فأتاهم سليمان عليه السلام فاستطعمهم فأعطوه تلك الحيتان قال : لا بل أطعموني من هذا فأبوا فقال : أطعموني فإني سليمان فوثب إليه بعضهم بالعصا فضربه غضبا لسليمان فأتى إلى تلك الحيتان التي ألقوا فأخذ منها حوتين فانطلق بهما إلى البحر فغسلهما فشق بطن أحدهما فإذا فيه الخاتم فأخذه فجعله في يده فعاد في ملكه فجاءه الصيادون يبيعون إليه فقال لهم : لقد كنت استطعمتكم فلم تطعموني فلم أظلمكم إذا هنتموني ولم أحمدكم إذا أكرمتموني.
(12/579)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنه ما قال : كان سليمان عليه السلام إذا دخل الخلاء أعطى خاتمه أحب نسائه إليه فإذا هو قد خرج وقد وضع له وضوء فدفع خاتمه إلى امرأته فلبث ما شاء الله ، وخرج عليها شيطان في صورة سليمان فدفعت الخاتم إليه فضاق درعا به فألقاه في البحر فالتقمته سمكة فخرج سليمان عليه السلام على امرأته فسألها
الخاتم فقالت : قد دفعته إليك ، فعلم سليمان عليه السلام أنه قد ابتلي فخرج وترك ملكه ولزم البحر فجعل يجوع فأتى يوما على صيادين قد صادوا سمكا بالأمس فنبذوه وصادوا يومهم سمكا فهو بين أيديهم فقام عليهم سليمان عليه السلام فقال : أطعموني بارك الله فيكم فإني ابن سبيل فلم يلتفتوا إليه ثم عاد فقال لهم : مثل ذلك فرفع رجل منهم رأسه إليه فقال : أئت ذلك السمك فخذ منه سمكة فأتاه سليمان عليه السلام فأخذ منه أدنى سمكة فلما أخذها إذا فيها ريح فأتى بها البحر فغسلها وشق بطنها فإذا هو بخاتمه فحمد الله وأخذه فتختم به ونطق كل شيء كان حوله من جنوده وفزع الصيادون لذلك فقاموا إليه وحيل بينهم ولم يصلوا إليه ورد الله إليه ملكه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن سليمان بن داود عليه السلام احتجب عن الناس ثلاثة أيام فأوحى الله إليه أن يا سليمان احتجبت عن الناس ثلاثة أيام فلم تنظر في أمور العباد ولم(12/580)
تنصف مظلوما من ظالم ، وكان ملكه في خاتمه وكان إذا دخل الحمام وضع خاتمه تحت فراشه فجاء الشيطان فأخذه فأقبل الناس على الشيطان فقال سليمان : يا أيها الناس أنا سليمان نبي الله فدفعوه فساح أربعين يوما فأتى أهل سفينة فأعطوه حوتا فشقها فإذا هو بالخاتم فيها فتختم به ثم جاء فأخذ بناصيته فقال عند ذلك (رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) ، قال وكان أول من أنكره نساؤه ، فقال بعضهم لبعض : أتنكرون منه شيئا قلن : نعم ، وكان يأتيهن وهن حيض فقال علي : فذكرت ذلك للحسن فقال : ما كان الله يسلطه على نسائه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الرحمن بن رافع رضي الله عنه قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : حدث عن فتنة سليمان عليه السلام قال : إنه كان في قومه رجل كعمر بن الخطاب في أمتي فلما أنكر حال الجان الذي كان مكانه أرسل إلى أفاضل نسائه فقال : هل تنكرن من صاحبكن شيئا قلن : نعم ، كان لا يأتينا حيضا وهذا يأتينا حيضا فاشتمل على سيفه ليقتله فرد الله على سليمان ملكه فأقبل
فوجده في مكانه فأخبره بما يريد.
(12/581)
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا} قال : الجسد الشيطان الذي كان دفع سليمان عليه السلام إليه خاتمه فقذفه في البحر وكان ملك سليمان عليه السلام في خاتمه وكان اسم الجني صخرا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {وألقينا على كرسيه جسدا} قال : الجسد الشيطان الذي كان دفع إليه سليمان خاتمه شيطانا يقال له آصف.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {وألقينا على كرسيه جسدا} قال : الشيطان حين جلس على كرسيه أربعين يوما ، كان لسليمان عليه السلام مائة امرأة وكانت امرأة منهن يقال لها جرادة وهي آثر نسائه عنده وآمنهن وكان إذا أجنب أو أتى حاجة نزع خاتمه ولم يأتمن عليه أحدا من الناس غيرها فجاءته يوما من الأيام فقالت : أن أخي بينه وبين فلان خصومة وأنا أحب أن تقضي له إذا جاءك فقال : نعم ، ولم يفعل وابتلي فأعطاها خاتمه ودخل المخرج فخرج الشيطان في صورته فقال : هات الخاتم ، فأعطته فجاء حتى جلس على مجلس سليمان وخرج سليمان عليه السلام بعد فسألها أن تعطيه خاتمه فقالت : ألم تأخذه قبل قال : لا ، قال وخرج مكانه تائها ومكث الشيطان(12/582)
يحكم بين الناس أربعين يوما فأنكر الناس أحكامه فاجتمع قراء بني إسرائيل وعلماؤهم فجاؤا حتى دخلوا على نسائه فقالوا : إنا قد أنكرنا هذا وأقبلوا يمشون حتى أتوه فأحدقوا به ثم نشروا فقرأوا التوراة فطار من بين أيديهم حتى وقع على شرفة والخاتم معه ثم طار حتى ذهب إلى البحر فوقع الخاتم منه في البحر فابتلعه حوت من حيتان البحر ، وأقبل سليمان في حالته التي كان فيها حتى انتهى إلى صياد من صيادي البحر وهو جائع فاستطعمه من صيدهم فأعطاه سمكتين فقام إلى شط البحر فشق بطونهما فوجد خاتمه في بطن أحدهما فأخذه فلبسه فرد الله عليه بهاءه وملكه ، فأرسل إلى الشيطان فجيء به فأمر به فجعل في صندوق من حديد ثم أطبق عليه وأقفل عليه بقفل وختم عليه بخاتمه ثم أمر به فألقي في البحر ، فهو فيه
حتى تقوم الساعة وكان اسمه حبقيق.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ثم أناب} قال : دخل سليمان على امرأة تبيع السمك فاشترى منها سمكة فشق بطنها فوجد خاتمه فجعل لا يمر على شجرة ولا على شيء إلا سجد له حتى أتى ملكه وأهله ، فذلك قوله {ثم أناب} يقول : ثم رجع.
الآيات 35 - 40(12/583)
أخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد في مسنده والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلا استفتحه بسبحان ربي الأعلى الوهاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} يقول : لا أسلبه كما سلبته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} قال : لا تسلبنيه كما سلبتنيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : عرض لي الشيطان في مصلاي الليلة كأنه هركم هذا فأردت أن أحبسه حتى(12/584)
أصبح فذكرت دعوة أخي سليمان {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} فتركته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والنسائي والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن
عفريتا جعل يتلفت علي البارحة ليقطع علي صلاتي وإن الله تعالى أمكنني منه فلقد هممت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا فتنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} فرده الله خاسئا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : بينا أنا قائم أصلي اعترض الشيطان فأخذت حلقه فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه على إبهامي فيرحم الله سليمان لولا دعوته لأصبح مربوطا تنظرون إليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خرجت لصلاة الصبح فلقيني شيطان في السدة ، سدة المسجد فزحمني حتى إني لأجد مس شعره فاستمكنت منه فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه على يدي فلولا دعوة أخي سليمان عليه السلام لأصبح مقتولا تنظرون إليه.
وأخرج أحمد عن أبي سعيد رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قام يصلي صلاة الصبح فقرأ فألبست عليه القراءة فلما فرغ من صلاته قال : لو رأيتموني وإبليس.
(12/585)
فأهويت بيدي فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصبعي هاتين الإبهام والتي تليها ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا بسارية من سواري المسجد فتلاعب به صبيان المدينة.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه والبيهقي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مر علي الشيطان فتناولته فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي فقال : أوجعتني أوجعتني ، ولولا ما دعا به سليمان لأصبح مناطا إلى أسطوانة من أساطين المسجد ينظر إليه ولدان أهل المدينة.
(12/586)
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : رآى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيطانا وهو في الصلاة فأخذه فخنقه حتى وجد برد لسانه على يده فقال : لولا دعوة أخي سليمان لأصبح موثقا حتى يراه الناس .
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دخلت البيت فإذا خلف الباب شيطان فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدى ولولا دعوة العبد الصالح لأصبح موثقا بالبقيع يراه الناس .
وأخرج مسلم والنسائي ، وَابن مردويه عن أبي الدرداء قال :قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فسمعناه يقول : أعوذ بالله منك " ثم قال : ألعنك بلعنة الله " ثلاثا ثم بسط يده كأنه يتناول شيئا لم نسمعك تقوله فبل ذلك ورأيناك بسطت يدك. فقال : إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت : أعوذ بالله منك. فلم يستأخر ، ثم قلت ذلك فلم يستأخر ثم أردت أخذه فلولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة.
وَأخرَج الطبراني ، عَن جَابر بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن(12/587)
الشيطان أراد أن يمر بين يدي فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي ، وأيم الله لولا ما سبق إليه أخي سليمان لربطته إلى سارية من سواري المسجد حتى به ولدان أهل المدينة.
وأخرج الحاكم في المستدرك عن عمر بن علي بن حسين قال : مشيت مع عمي
وأخي جعفر فقلت : زعموا أن سليمان عليه السلام سأل ربه أن يهبه ملكا قال : حدثني أبي عن أبيه عن علي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لن يعمر ملك في أمة نبي مضى قبله ما بلغ بذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من العمر في أمته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن وهب بن منبه رضي الله عنه ، أنه ذكر من ملك سليمان وتعظيم ملكه أنه كان في رباطه اثنا عشر ألف حصان وكان يذبح على غدائه كل يوم سبعين ثورا سوى الكباش والطير والصيد فقيل لوهب أكان يسع هذا ماله قال : كان إذا ملك الملك(12/588)
على بني إسرائيل اشترط عليهم أنهم رقيقه وأن أموالهم له ، ما شاء أخذ منها وما شاء ترك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي خالد البجلي رضي الله عنه قال : بلغني أن سليمان عليه السلام ركب يوما في موكبه فوضع سريره فقعد عليه وألقيت كراسي يمينا وشمالا فقعد الناس عليها يلونه والجن وراءهم ومردة الجن والشياطين وراء الجن ، فأرسل إلى الطير فأظلته بأجنحتها وقال للريح : احملينا يريد بعض مسيره فاحتملته الريح وهو على سريره والناس على كراسيهم يحدثهم ويحدثونه لا يرتفع كرسي ولا يتضع والطير تظلهم ، وكان موكب سليمان يسمع من مكان بعيد ورجل من بني إسرائيل آخذ مسحاته في زرع له قائما يهيئه إذ سمع الصوت فقال : إن هذا الصوت ما هو إلا لموكب سليمان وجنوده فحان من سليمان التفاتة وهو على سريره فإذا هو برجل يشتد يبادر الطريق فقال عليه السلام في نفسه : إن هذا الرجل ملهوف أو(12/589)
طالب حاجة فقال للريح حين وقفت به : قفي ، فوقفت به وبجنود حتى انتهى إليه الرجل وهو منبهر فتركه سليمان حتى ذهب بهره ثم أقبل عليه فقال ألك حاجة وقد وقف عليه الخلق فقال : الحاجة جاءت بي إلى هذا المكان يا رسول الله ، إني رأيت الله أعطاك ملكا لم يعطه أحدا قبلك ولا أراه يعطيه أحدا بعدك فكيف تجد ما مضى من ملكك هذه الساعة قال : أخبرك عن ذاك إني كنت نائما فرأيت رؤيا ثم تنبهت فعبرتها قال : ليس إلا ذاك قال : فأخبرني كيف تجد ما بقي من ملكك الساعة قال : تسألني عن شيء لم أره قال : فإنما هي هذه الساعة ثم انصرف عنه موليا.
فجلس سليمان عليه السلام ينظر في قفاه ويتفكر فيما قاله ثم قال للريح امضي بنا فمضت به قال الله {رخاء حيث أصاب} قال : الرخاء التي ليست بالعاصف ولا باللينة وسطا قال الله تعالى (غدوها شهر ورواحها شهر) (سورة سبأ 12) ليست بالعاصف التي تؤذيه ولا باللينة التي تشق عليه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن سلمان بن عامر الشيباني رضي الله عنه قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أرأيتم سليمان وما أعطاه الله تعالى من ملكه فلم يكن يرفع طرفه إلى السماء تخشعا حتى قبضه الله تعالى.
(12/590)
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما رفع سليمان عليه السلام طرفه إلى السماء تخشعا حيث أعطاه الله تعالى ما أعطاه.
وأخرج أحمد في الزهد عن عطاء رضي الله عنه قال : كان سليمان عليه السلام يعمل الخوص بيده ويأكل خبز الشعير ويطعم بني إسرائيل الحواري.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن صالح بن سمار رضي الله عنه قال : بلغني أنه لما مات داود عليه السلام أوحى الله تعالى إلى سليمان عليه الصلاة والسلام سلني حاجتك قال : أسألك أن تجعل قلبي يخشاك كما كان قلب أمي وأن تجعل قلبي يحبك كما كان قلب أبي ، فقال : أرسلت إلى عبدي أسأله حاجته فكانت حاجته أن اجعل قلبه يخشاني وأن أجعل قلبه يحبني(12/591)
لأهبن له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده قال الله تعالى {فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب} والتي بعدها مما أعطاه وفي الآخرة لا حساب عليه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {فسخرنا له الريح} قال : لم يكن في ملكه يوم دعا الريح والشياطين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال : لما عقر سليمان عليه السلام الخيل أبدله الله خيرا منها وأمر الريح تجري بأمره كيف يشاء {رخاء} قال : ليست بالعاصف ولا باللينة بين ذلك.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {تجري بأمره رخاء} قال : مطيعة له حيث أراد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {رخاء(12/592)
حيث أصاب} قال : حيث شاء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {رخاء} قال : لينة {حيث أصاب} قال : حيث أراد {والشياطين كل بناء} قال : يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل {وغواص} قال : يستخرجون له الحلي من البحر {وآخرين مقرنين في الأصفاد} قال : مردة الشياطين في الأغلال.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {رخاء} قال : الطيبة {والشياطين كل بناء وغواص} قال : يغوص للحلية وبناء بنوا لسليمان قصرا على الماء فقال : اهدموه من غير أن تمسه الأيدي ، فرموه بالفادقات حتى وضعوه فبقيت لنا منفعته بعدهم فكان من عمل الجن وبقيت لنا منفعة السياط كان يضرب الجن بالخشب فيكسر أيديها وأرجلها فقالوا هل توجعنا فلا تكسرنا قال : نعم ، فدلوه على السياط والتمويه أمر الجن فموهت(12/593)
على ثم أمر به فألقى على الأساطين تحت قوائم خيل بلقيس والقارورة لما أخرج الأعور شيطان البحر حيث أراد بناء بيت المقدس قال الأعور : ابتغوا لي بيضة هدهد ثم قال اجعلوا عليها قارورة فجاء الهدهد فجعل يرى بيضته وهو لا يقدر عليها ويطيف بها فانطلق فجاء بماسة مثل هذه فوضعها على القارورة فانشقت فانشق بيت المقدس بتلك الماسة والقذافة ، وكان في البحر كنز فدلوا عليه سليمان عليه السلام وزعموا أن سليمان عليه السلام يدخل الجنة بعد الأنبياء بأربعين سنة لما أعطي من الملك في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله {هذا عطاؤنا} قال : كل هذا أعطاه إياه بعد رد الخاتم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فامنن} يقول : اعتق من الجن من شئت {أو أمسك} منهم من شئت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {هذا عطاؤنا} قال الحسن : الملك الذي أعطيناك فأعط ما شئت وامنع ما(12/594)
شئت فليس لك تبعة ولا حساب . وقال قتادة : هؤلاء الشياطين احبس ما شئت منهم في وثاقك هذا وفي عذابك ورح من شئت منهم فاتخذ عندهم يدا اصنع ما شئت لا حساب عليك في ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب} قال : بغير حرج إن شئت أمسكت وإن شئت أعطيت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : ما أعطيت أو أمسكت فليس عليك فيه حساب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : ما من نعمة أنعم الله على عبد إلا وقد سأله فيها الشكر إلا سليمان بن داود عليه السلام ، قال الله لسليمان عليه السلام فامنن أو أمسك بغير حساب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه قال : إن الله أعطى سليمان عليه السلام ملكا هنيئا فقال الله {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب} قال : إن أعطى أجر وأن لم يعط لم يكن عليه تبعة.
(12/595)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} أي حسن مصير.
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال : الزلفى القرب {وحسن مآب} قال : المرجع.
الآيات 41 - 44.
أَخرَج عَبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب} قال : ذهاب الأهل والمال والضر الذي أصابه في جسده ، قال : ابتلي سبع سنين وأشهرا فألقي على كناسة بني إسرائيل تختلف الدواب في جسده ففرج الله عنه وأعظم له الأجر وأحسن.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بنصب وعذاب} قال {بنصب} الضر في الجسد {وعذاب} قال : في المال.
وأخرج أحمد في الزهد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن الشيطان عرج إلى السماء قال : يا رب سلطني على أيوب عليه السلام قال الله : قد سلطتك على ماله وولده ولم أسلطك على جسده ، فنزل فجمع جنوده فقال(12/596)
لهم : قد سلطت على أيوب عليه السلام فأروني سلطانكم فصاروا نيرانا ثم صاروا ماء فبينما هم بالمشرق إذا هم بالمغرب وبينما هم بالمغرب إذا هم بالمشرق فأرسل طائفة منهم إلى زرعه وطائفة إلى أهله وطائفة إلى بقره وطائفة إلى غنمه وقال : إنه لا يعتصم منكم إلا بالمعروف ، فأتوه بالمصائب بعضها على بعض ، فجاء صاحب الزرع فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على زرعك عدوا فذهب به وجاء صاحب الإبل فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على إبلك عدوا فذهب بها ثم جاءه صاحب البقر فقال : ألم تر إلى ربك أرسل على بقرك عدوا فذهب بها وتفرد هو ببنيه جمعهم في بيت أكبرهم ، فبينما هم يأكلون ويشربون إذ هبت ريح فأخذت بأركان البيت فألقته عليهم فجاء الشيطان إلى أيوب بصورة غلام فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك جمع بنيك في بيت أكبرهم فبينما هم يأكلون ويشربون إذ هبت ريح فأخذت بأركان البيت فألقته عليهم فلو رأيتهم حين اختلطت دماؤهم ولحومهم بطعامهم وشرابهم.
(12/597)
فقال له أيوب أنت الشيطان ثم قال له أنا اليوم كيوم ولدتني أمي فقام فحلق رأسه وقام يصلي فرن إبليس رنة سمع بها أهل السماء وأهل الأرض ثم خرج إلى السماء فقال : أي رب إنه قد اعتصم فسلطني عليه فإني لا أستطيعه إلا بسلطانك قال : قد سلطتك على جسده ولم أسلطك على قلبه ، فنزل فنفخ تحت قدمه نفخة قرح ما بين قدميه إلى قرنه فصار قرحة واحدة وألقي على الرماد حتى بدا حجاب قلبه فكانت امرأته تسعى إليه حتى قالت له : أما ترى يا أيوب نزل بي والله من الجهد والفاقة ما أن بعت قروني برغيف ، فأطعمك فأدع الله أن يشفيك ويريحك قال : ويحك ، كنا في النعيم سبعين عاما فاصبري حتى نكون في الضر سبعين عاما فكان في البلاء سبع سنين ودعا
فجاء جبريل عليه السلام يوما فأخذ بيده ثم قال : قم.
(12/598)
فقام فنحاه عن مكانه وقال {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} فركض برجله فنبعت عين فقال : اغتسل ، فأغتسل منها ثم جاء أيضا فقال {اركض برجلك} فنبعت عين أخرى ، فقال له : اشرب منها وهو قوله {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} وألبسه الله تعالى حلة من الجنة فتنحى أيوب فجلس في ناحية وجاءت امرأته فلم تعرفه فقالت : يا عبد الله أين المبتلى الذي كان ههنا لعل الكلاب ذهبت به والذئاب وجعلت تكلمه ساعة فقال : ويحك ، أنا أيوب قد رد الله علي جسدي ورد الله عليه ماله وولده عيانا {ومثلهم معهم} وأمطر عليهم جرادا من ذهب فجعل يأخذ الجراد بيده ثم يجعله في ثوبه وينشر كساءه فيجعل فيه فأوحى الله إليه : يا أيوب أما شبعت قال : يا رب من ذا الذي يشبع من فضلك ورحمتك.
وأخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أن إبليس قعد على الطريق فأتخذ تابوتا يداوي الناس فقالت امرأة أيوب : يا عبد الله أن ههنا مبتلى من أمره كذا وكذا ، فهل لك أن تداويه قال : نعم ، بشرط إن أنا شفيته أن يقول أنت شفيتني لا أريد منه أجرا غيره ، فأتت أيوب عليه السلام فذكرت ذلك له فقال : ويحك ، ذاك الشيطان لله علي إن شفاني الله تعالى أن أجلدك مائة جلدة فلما شفاه الله تعالى أمره أن يأخذ(12/599)
ضغثا فأخذ عذقا فيه مائة شمراخ فضرب بها ضربة واحدة.
وأخرج ابن أبي حاتم قال : الشيطان الذي مس أيوب يقال له مسوط ، فقالت امرأة أيوب أدع الله يشفيك فجعل لا يدعو حتى مر به نفر من بني إسرائيل فقال بعضهم لبعض : ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه فعند ذلك قال : (رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) (الأنبياء 83).
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله {اركض برجلك هذا} الماء {مغتسل بارد وشراب} قال : ركض رجله اليمنى فنبعت عين وضرب بيده اليمنى خلف ظهره فنبعت عين فشرب من أحداهما واغتسل من الأخرى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : ضرب برجله(12/600)
أرضا يقال لها الحمامة فإذا عينان ينبعان فشرب من أحداهما واغتسل من الأخرى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه أن نبي الله أيوب عليه السلام لما اشتد به البلاء إما دعا وإما عرض بالدعاء فأوحى الله تعالى إليه {اركض برجلك} فنبعت عين فاغتسل منها فذهب ما به ثم مشى أربعين ذراعا ثم ضرب برجله فنبعت عين فشرب منها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن معاوية بن قرة رضي الله عنه قال : إن نبي الله أيوب عليه السلام لما أصابه الذي أصابه قال إبليس : يا رب ما يبالي أيوب أن تعطيه أهله ومثلهم معهم وتخلف له ماله وسلطانه سلطني على جسده قال : اذهب فقد سلطتك على جسده وإياك يا خبيث ونفسه قال فنفخ فيه نفخة سقط لحمه فلما أعياه صرخ صرخة اجتمعت إليه جنوده قالوا يا سيدنا ما أغضبك فقال ألا أغضب أني أخرجت آدم من الجنة وأن ولده هذا الضعيف قد غلبني فقالوا : يا سيدنا ما فعلت امرأته فقال : حية فقال : أما هي فقد كفيك أمرها فقال(12/601)
له : فإن أطلقتها فقد أصبت وإلا فأعطه فجاء إليها فاستبرأها فأتت أيوب فقالت له : يا أيوب إلى متى هذا البلاء كلمة واحدة ثم استغفر ربك فيغفر لك فقال لها : فعلتها أنت أيضا ، ثم قال لها أما والله لئن الله تعالى عافاني لأجلدنك مائة جلدة فقال {ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب} قأتاه جبريل عليه السلام فقال {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} فرجع إليه حسنه وشبابه ثم جلس على تل من التراب فجاءته امرأته بطعامه فلم تر له أثرا فقالت لأيوب عليه السلام وهو على التل : يا عبد الله هل رأيت مبتلى كان ههنا فقال لها : إن رأيتيه تعرفينه فقالت له لعلك أنت هو قال : نعم ، فأوحى الله إليه أن {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} قال : والضغث أن يأخذ الحزمة من السياط فيضرب بها الضربة الواحدة.
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه قال : ابتلي أيوب عليه السلام بماله وولده وجسده وطرح في المزبلة فجعلت امرأته تخرج فتكتسب عليه ما تطعمه فحسده الشيطان بذلك فكان يأتي أصحاب الخير والغنى الذين(12/602)
كانوا يتصدقون عليها فيقول : اطردوا هذه المرأة التي تغشاكم فإنها تعالج صاحبها وتلمسه بيدها فالناس يتقذرون طعامكم من أجلها إنها تأتيكم وتغشاكم
فجعلوا لا يدنونها منهم ويقولون : تباعدي عنا ونحن نطعمك ولا تقربينا فأخبرت بذلك أيوب عليه السلام فحمد الله تعالى على ذلك وكان يلقاها إذا خرجت كالمتحزن بما لقي أيوب فيقول : لج صاحبك وأبى إلا ما أبى الله ولو تكلم بكلمة واحدة تكشف عنه كل ضر ولرجع إليه ماله وولده ، فتجيء فتخبر أيوب فيقول لها : لقيك عدو الله فلقنك هذا الكلام لئن أقامني الله من مرضي لأجلدنك مائة ، فلذلك قال الله تعالى {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} يعني بالضغث القبضة من الكبائس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {وخذ بيدك ضغثا} قال : الضغث القبضة من المرعى الطيب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وخذ بيدك ضغثا} قال :(12/603)
حزمة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وخذ بيدك ضغثا} قال : عود فيه تسعة وتسعون عودا والأصل تمام المائة ، وذلك أن امرأته قال لها الشيطان : قولي لزوجك يقول كذا وكذا ، فقالت له ، فحلف أن يضربها مائة فضربها تلك الضربة فكانت تحلة ليمينه وتخفيفا عن امرأته.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أنه بلغه أن أيوب عليه السلام حلف ليضربن امرأته مائة في أن جاءته في زيادة على ما كانت تأتي به من الخبز الذي كانت تعمل عليه وخشي أن تكون قارفت من الخيانة فلما رحمه الله وكشف عنه الضر علم براءة امرأته مما اتهمها به فقال الله عز وجل {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} فأخذ ضغثا من ثمام وهو مائة عود فضرب به كما أمره الله تعالى.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وخذ بيدك ضغثا} قال : هي لأيوب عليه السلام خاصة وقال عطاء : هي للناس عامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه {وخذ بيدك ضغثا} قال :
جماعة من الشجر وكانت لأيوب عليه السلام خاصة وهي لنا عامة.
(12/604)
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وخذ بيدك ضغثا} ، وذلك أنه أمره أن يأخذ ضغثا فيه مائة طاق من عيدان القت فيضرب به امرأته لليمين التي كان يحلف عليها قال : ولا يجوز ذلك لأحد بعد أيوب إلا الأنبياء عليهم السلام.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال : حملت وليدة في بني ساعدة من زنا فقيل لها : ممن حملك قالت : من فلان المقعد فسأل المقعد فقال صدقت فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : خذوا له عثكولا فيه مائة شمراخ فاضربوه به ضربة واحدة ففعلوا.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والطبراني ، وَابن عساكر من طريق أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال : كان في أبياتنا إنسان ضعيف مجدع فلم يرع أهل الدار إلا وهو على أمة من إماء أهل الدار يعبث بها وكان مسلما فرفع سعد رضي الله عنه شأنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم(12/605)
فقال : اضربوه حده فقالوا يا رسول الله : أنه أضعف من ذلك إن ضربناه مائة قتلناه قال : فخذوا له عثكالا فيه مائة شمراخ فاضربوه ضربة واحدة وخلوا سبيله).
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان رضي الله عنه ، أن رجلا أصاب فاحشة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض على شفا موت فأخبر أهله بما صنع فأمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقنو فيه مائة شمراخ فضربه ضربة واحدة.
وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أتي بشيخ قد ظهرت عروقه قد زنى بامرأة فضربه بضغث فيه مائة شمراخ ضربة واحدة ، أما قوله تعالى : {إنا وجدناه صابرا نعم العبد}.
أخرج ابن عساكر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أيوب عليه السلام رأس الصابرين يوم القيامة.
(12/606)
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن العاصي رضي الله عنه قال : نودي أيوب عليه السلام يا أيوب لولا أفرغت مكان كل شعرة منك صبرا ما صبرت.
وأخرج ابن عساكر عن ليث بن أبي سليمان رضي الله عنه قال : قيل لأيوب عليه السلام لا تعجب بصبرك فلولا أني أعطيت موضع كل شعرة منك صبرا ما صبرت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أيوب قالت : يا أيوب إنك رجل مجاب الدعوة فأدع الله أن يشفيك فقال : ويحك ، كنا في النعماء سبعين عاما فدعينا نكون في البلاء سبع سنين.
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : زوجة أيوب عليه السلام رحمة رضي الله عنها بنت ميشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن الحسن رضي الله عنه قال : كان أيوب عليه السلام كلما أصابه مصيبة قال : اللهم أنت أخذت وأنت أعطيت مهما تبقى نفسك(12/607)
أحمدك على حسن بلائك.
الآيات 45 - 48.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {واذكر عبادنا إبراهيم} ويقول : إنما ذكر إبراهيم ثم ذكر بعده ولده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {واذكر عبادنا} على الجمع إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أولي الأيدي} قال : القوة في العبادة {والأبصار} قال : البصر في أمر الله.
(12/608)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {أولي الأيدي والأبصار}
قال : أما اليد فهو القوة في العمل وأما الأبصار فالبصر ما هم فيه من أمر دينهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {أولي الأيدي} قال : القوة في أمر الله {والأبصار} قال : العقل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {أولي الأيدي والأبصار} قال : أولي القوة في العبادة ونصرا في الدين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (أولي الأيدي) قال : النعمة.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن الحسن : (أولي الأيدي والأبصار) قال : أولي الأيدي على الناس بالمعروف.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} قال : أخلصوا بذكر دار الآخرة أن يعملوا لها ..
(12/609)
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار). قال : أخلصوا بذلك وبذكرهم دار يوم القيامة.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد : (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار) قال : بذكر الآخرة وليس لهم هم ولا ذكر غيرها.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} قال : لهذه أخلصهم الله تعالى كانوا يدعون إلى الآخرة وإلى الله تعالى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} قال : بفضل أهل الجنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير {ذكرى الدار} قال : عقبى الدار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ واليسع خفيفة ، وعن الأعمش أنه قرأ اليسع مشددة.
(12/610)
الآيات 49 - 61
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب} قال : يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها ، يقال لها انفتحي وانغلقي تكلمي فتفهم وتتكلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله {وعندهم قاصرات الطرف أتراب} قال : قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يردن غيرهن {أتراب} قال : سن واحد.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله {أتراب} قال : أمثال.
(12/611)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} أي من انقطاع {هذا فليذوقوه حميم وغساق} قال : كنا نحدث أن الغساق ما يسيل من بين جلده ولحمه {وآخر من شكله أزواج} قال : من نحوه أزواج من العذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي رزين قال : الغساق ما يسيل من صديدهم.
وأخرج هناد عن عطية في قوله {وغساق} قال : الذي يسيل من جلودهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وغساق} قال : الزمهرير {وآخر من شكله} قال : نحوه {أزواج} قال : ألوان من العذاب.
وأخرج هناد بن السري في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد قال : الغساق الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من شدة برده.
(12/612)
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن بريدة قال : الغساق المنتن وهو بالطخاوية.
وأخرج أحمد والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن دلو من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا.
وأخرج ابن جرير عن كعب قال {وغساق} عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة من حية أو عقرب أو غيرها فليستنقع.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {وآخر من شكله أزواج} قال : الزمهرير.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مرة قال : ذكروا الزمهرير فقال عبد الله ! ذلك(12/613)
قول الله {وآخر من شكله أزواج} فقالوا لعبد الله : إن للزمهرير بردا فقرأ هذه الآية (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا) (النبأ 24 - 25).
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن في قوله {وآخر من شكله أزواج} قال : ألوان من العذاب.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : ذكر الله العذاب فذكر السلاسل والأغلال وما يكون في الدنيا ثم قال {وآخر من شكله أزواج} قال : آخر لم ير في الدنيا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد أنه قرأ وآخر من شكله برفع الألف ونصب الخاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ وآخر من شكله ممدودة منصوبة الألف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {هذا فوج مقتحم معكم} إلى قوله {فبئس القرار} قال : هؤلاء الأتباع يقولونه(12/614)
للرؤوس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود في قوله {فزده عذابا ضعفا في النار} قال : أفاعي وحيات.
الآيات 62 - 64
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن مجاهد في قوله {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال : ذلك قول أبي جهل بن هشام في النار : ما لي لا أرى بلالا وعمارا وصهيبا وخباب وفلانا ، {أتخذناهم سخريا} وليسوا كذلك {أم زاغت عنهم الأبصار} أم هم في النار ولا نراهم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال : عبد الله بن مسعود ومن معه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن شمر بن عطية {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا} قال أبو جهل في النار : أين خباب أين صهيب أين بلال أين عمار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال : فقدوا أهل الجنة {أتخذناهم سخريا(12/615)
أم زاغت عنهم الأبصار} قال : أم هم معنا في النار ولا نراهم {زاغت} أبصارنا عنهم فلم ترهم حين أدخلوا النار.
الآيات 65 - 66.
أَخرَج النسائي ومحمد بن نصر والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل قال : لا إله إلا الله الواحد القهار رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار.
من آية 67 - 70.
أَخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو نصر السجزي في
الإبانة عن مجاهد في قوله {قل هو نبأ عظيم} قال : القرآن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد في الإبانة ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة ، وَابن جَرِير عن قتادة {قل هو نبأ عظيم} قال : إنكم تراجعون نبأ عظيما فأعقلوه عن الله {ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون} قال : هم الملائكة عليهم السلام كانت خصومتهم في شأن آدم عليه السلام (إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض(12/616)
خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الماء) إلى قوله (إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) (البقرة 30) ففي هذا اختصم الملأ الأعلى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما كان لي من علم بالملإ الأعلى} قال : الملائكة حين شووروا في خلق آدم عليه السلام فاختصموا فيه : قالوا أتجعل في الأرض خليفة.
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون} قال : هي الخصومة في شأن آدم {أتجعل فيها من يفسد فيها}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تدرون فيم يختصم الملاء الأعلى قالوا : الله ورسوله أعلم قال : يختصمون في الكفارات الثلاث ، إسباغ الوضوء في المكروهات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ومحمد بن نصر رضي الله عنه في كتاب الصلاة قال : قال رسول الله(12/617)
صلى الله عليه وسلم : أتاني ربي الليلة في أحسن صورة أحسبه قال في المنام قال : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لا ، فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي أو في نحري فعلمت ما في السموات وما في الأرض ثم قال : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملاء الأعلى قلت : نعم ، في الكفارات والمكث في المسجد بعد الصلوات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في المكاره ومن فعل ذلك عاش بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه وقل يا محمد إذا صليت : اللهم إني أسألك فعل
الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون ، قال : والدرجات ، إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام.
وأخرج الترمذي وصححه ومحمد بن نصر والطبراني والحاكم ، وَابن مردويه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة من(12/618)
صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس فخرج سريعا فثوب بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سلم دعا بسوطه فقال : على مصافكم كما أنتم ، ثم انفتل إلينا ثم قال : أما إني أحدثكم ما حبسني عنكم الغداة ، إني قمت الليلة فقمت وصليت ما قدر لي ونعست في صلاتي حتى استثقلت فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال : يا محمد قلت لبيك ربي قال : فيم يختصم الملاء الأعلى قلت : لا أدري ، فوضع كفه بين كتفي فوجدت برد أنامله بين ثديي فتجلى لي كل شيء وعرفته فقال : يا محمد قلت لبيك رب قال : فيم يختصم الملأ الأعلى قلت : في الدرجات والكفارات فقال : ما الدرجات فقلت : إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام ، قال : صدقت فما الكفارات قلت : إسباغ الوضوء في المكاره وانتظار الصلاة بعد الصلاة ونقل الأقدام إلى الجماعات ، قال : صدقت قل يا محمد : اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير(12/619)
مفتون ، اللهم إني أسألك حبك وحب من أحبك وحب عمل يقربني إلى حبك ، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : تعلموهن وادرسوهن فأنهن حق.
وأخرج الطبراني في السنة ، وَابن مردويه ، عَن جَابر بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تجلى لي في أحسن صورة فسألني فيم يختصم الملائكة قلت : يا رب ما لي به علم ، فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي فما سألني عن شيء إلا علمته قلت : في الدرجات والكفارات وإطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام).
وأخرج الطبراني في السنة ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رأيت ربي في أحسن صورة قال : يا محمد فقلت لبيك ربي
وسعيدك ثلاث مرات ، قال : هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى قلت : لا ، فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي ففهمت الذي سألني عنه فقلت : نعم يا رب ، يختصمون في الدرجات والكفارات ، قلت : الدرجات : إسباغ الوضوء بالسبرات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة والكفارات : إطعام الطعام وإفشاء(12/620)
السلام والصلاة بالليل والناس نيام.
وأخرج الطبراني في السنة والشيرازي في الألقاب ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : أصبحنا يوما فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرنا فقال : أتاني ربي البارحة في منامي في أحسن صورة فوضع يده بين ثدي وبين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمني كل شيء قال : يا محمد قلت : لبيك رب وسعديك قال : هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى قلت : نعم يا رب في الكفارات والدرجات قال : فما الكفارات قلت : إفشاء السلام وإطعام الكعام والصلاة والناس نيام ، قال : فما الدرجات قلت : إسباغ الوضوء في المكروهات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة.
(12/621)
وأخرج ابن نصر والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال أتاني ربي في أحسن صورة فقال : يا محمد فقلت : لبيك وسعديك ، قال : فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لا أدري فوضع يده بين ثديي فعلمت في منامي ذلك ما سألني عنه من أمر الدنيا والآخرة فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى فقلت في الدرجات والكفارات فأما الدرجات : فإسباغ الوضوء في السبرات وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، قال : صدقت من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه.
وَأَمَّا الكفارات : فإطعام الطعام وإفشاء السلام وطيب الكلام والصلاة والناس نيام ، ثم قال : اللهم إني أسألك فعل الحسنات وترك السيئات وحب المساكين ومغفرة وأن تتوب علي وإذا أردت في قوم فتنة فنجني غير مفتون.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن طارق بن شهاب رضي الله عنه قال : سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيم يختصم الملأ الأعلى قال : في الدرجات والكفارات ، فأما
الدرجات : فإطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام.
(12/622)
وأما الكفارات : فإسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة.
وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سري بي إلى السماء السابعة قال : يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى فذكر الحديث.
وأخرج الطبراني في السنة والخطيب عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لما كان ليلة أسري بي رأيت ربي عز وجل في أحسن صورة فقال : يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى قلت : في الكفارات والدرجات ، قال : وما الكفارات قلت : إسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام إلى الجماعات وإنتظار الصلاة بعد الصلاة قال : فما الدرجات قلت : إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام ، ثم قال : قل ، قلت : فما أقول قال : قل اللهم إني أسألك عملا بالحسنات وترك المنكرات وإذا أردت بقوم فتنة وأنا فيهم فاقبضني إليك غير مفتون.
(12/623)
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة والطبراني في السنة عن عبد الرحمن بن عابس الحضرمي رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة فقال له قائل : ما رأيناك أسفر وجها منك الغداة قال : وما لي لا أكون كذلك وقد رأيت ربي عز وجل في أحسن صورة فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد فقلت : في الكفارات ، قال : وما هن قلت : المشي على الأقدام إلى الجماعات والجلوس في المساجد لانتظار الصلوات ووضع الوضوء أماكنه في المكان قال : وفيم قلت : في الدرجات ، قال : وما هن قال : إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام ، ثم قال : يا محمد قل اللهم إني أسألك الطيبات وترك المنكرات وحب المساكين فو الذي نفسي بيده إنهن حق.
(12/624)
وأخرج ابن نصر والطبراني في السنة عن ثوبان رضي الله عنه قال خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح فقال : إن ربي عز وجل أتاني الليلة في أحسن صورة فقال لي : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى فقلت : لا أعلم يا رب.
قال فوضع كفيه بين كتفي حتى وجدت أنامله في صدري فتجلى لي بين السماء والأرض قلت : نعم يا رب يختصمون في الكفارات والدرجات قال : فما الدرجات قلت : إطعام الطعام وإفشاء السلام وقيام الليل والناس نيام.
وَأَمَّا الكفارات : فمشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في الكراهيات وجلوس في المساجد خلف الصلوات ، ثم قال : يا محمد قل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع قلت : اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت في قوم فتنة فتوفني إليك وأنا غير مفتون ، اللهم إني أسألك حبك وحب من أحبك وحب عمل يبلغني إلى حبك.
الآيات 71 - 74.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون} {إذ قال ربك للملائكة} قال : هذه الخصومة.
من آية 75 - 83(12/625)
أخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خلق الله ثلاثة أشياء بيده ، خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس الفردوس بيده ، ثم قال : وعزتي لا يسكنها مدمن خمر ولا ديوث ، قالوا : يا رسول الله قد عرفنا مدمن الخمر فما الديوث قال : الذي يشير لأهله السوء.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : خلق الله أربعا بيده ، العرش وجنات عدن والقلم وآدم ، ثم قال لكل شيء كن فكان ، واحتجب من خلقه بأربعة ، بنار وظلمة ونور [ ].
وأخرج هناد عن ميسرة رضي الله عنه قال : خلق الله أربعة بيده ، خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده وخلق القلم بيده.
وأخرج هناد عن إبراهيم رضي الله عنه ، مثله.
(12/626)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كعب قال : إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء ، خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : الرجيم اللعين ، قوله {إلا عبادك منهم المخلصين} قال : المخلصين بالنصب ، فقلت كل شيء في القرآن هكذا نقرأوها قال : نعم.
الآيات 84 - 85.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {فالحق والحق أقول} قال : أنا الحق أقول الحق.
(12/627)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه قال {فالحق} رفع {والحق} نصب {أقول} رفع.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأها فالحق بالرفع والحق
أقول نصبا قال : يقول الله أنا الحق والحق أقول.
الآيات 86 - 87.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : قل يا محمد {ما أسألكم} على ما أدعوكم إليه من أجر عرض من الدنيا.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن مسروق رضي الله عنه قال : بينما رجل يحدث في المسجد فقال فيما يقول (يوم تأتي السماء بدخان) يكون يوم القيامة يأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام قال : فقمنا حتى دخلنا على عبد الله رضي الله عنه وهو في بيته فأخبرناه وكان متكئا فاستوى قاعدا فقال : أيها الناس من علم منكم علما فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله(12/628)
أعلم ، فإن من العلم أن يقول العالم لما لايعلم : الله أعلم قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}.
وأخرج الديلمي ، وَابن عساكر عن الزبير رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إني لا ألى من التكلف وصالحوا أمتي.
وأخرج أحمد ، وَابن عدي والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن شقيق رضي الله عنه قال : دخلت أنا وصاحب لي على سلمان رضي الله عنه فقرب إلينا خبزا وملحا فقال : لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن التكلفت لتكلف لكم فقال صاحبي لو كان في ملحتنا صعتر فبعث مطهرته فرهنها فجاء الصعتر فلما أكلنا قال صاحبي : الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا ، فقال سلمان رضي الله عنه : لو قنعت ما كانت مطهرتي مرهونة عند البقال.
(12/629)
وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي عن سلمان رضي الله عنه قال : نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتكلف للضيف.
وأخرج البيهقي عن سلمان رضي الله عنه قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نتكلف للضيف ما ليس عندنا وأن نقدم ما حضر.
وأخرج ابن عدي عن أبي برزة رضي الله عنه قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بأهل الجنة قلنا بلى يا رسول الله قال : الرحماء بينهم ، ألا أنبئكم بأهل النار قلنا بلى ، قال : هم الآيسون والقانطون والكذابون والمتكلفون.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن المنذر قال : آية المتكلف ثلاث ، تكلف فيما لا يعلم وينازل من فوقه ويتعاطى ما لا ينال.
وأخرج ابن سعد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : من علم علما فليعلمه ولا يقولن ما ليس له به علم فيكون من المتكلفين ويمرق من الدين.
(12/630)
الآية 88.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولتعلمن نبأه بعد حين} قال : بعد الموت وقال الحسن رضي الله عنه : يا ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {ولتعلمن نبأه بعد حين} قال بعضهم : يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ولتعلمن نبأه} قال : صدق هذا الحديث نبأ ما كذبوا به بعد حين من الدنيا وهو يوم القيامة وقرأ (لكل نبأ مستقر) (الأنعام الآية 67) قال : وهو الآخرة يستقر فيها الحق ويبطل فيها الباطل.
*(12/631)
بسم الله الرحمن الرحيم * (39)- سورة الزمر.
مكية وآياتها خمس وسبعون.
مقدمة سورة الزمر.
أَخْرَج ابن الضريس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت سورة الزمر بمكة.
وأخرج النحاس في تاريخه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت بمكة سورة الزمر سوى ثلاث آيات نزلت بالمدينة في وحشي قاتل حمزة (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) إلى ثلاث آيات.
الآيات 1 - 4.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} يعني القرآن {فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص} قال : شهادة أن لا إله إلا الله {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} قال : ما نعبد هذه الآلهة إلا ليشفعوا لنا عند الله تعالى.
وأخرج ابن مردويه عن يزيد الرقاشي رضي الله عنه ، أن رجلا قال : يا رسول الله إنا نعطي أموالنا التماس الذكر فهل لنا في ذلك من أجر فقال رسول الله(12/632)
صلى الله عليه وسلم : لا ط. قال : يارسول الله إنما نعطي أموالنا التماس الأجر والذكرفهل لنا أجر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الله لا يقبل إلا من أخلص له ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {ألا لله الدين الخالص}.
وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما {والذين اتخذوا من دونه أولياء} قال : أنزلت في ثلاثة أحياء ، عامر وكنانة وبني سلمة ، كانوا يعبدون الأوثان ويقولون الملائكة بناته ، فقالوا {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} قال : قريش يقولون للأوثان ومن قبلهم يقولونه للملائكة ولعيسى بن مريم ولعزيز.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد رضي الله عنه قال كان عبد الله رضي الله عنه يقرأ {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يقرأها قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.
الآية 5(12/633)
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يكور الليل على النهار} قال : يحمل الليل.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} قال : هو غشيان أحدهما على الآخر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل}
قال : يغشي هذا هذا وهذا هذا.
آية 6.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {خلقكم من نفس واحدة} يعني آدم {وخلق منها زوجها} خلقها من ضلع من أضلاعه و{وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق} قال : نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم لحما ثم أنبت الشعر أطوارا {في ظلمات(12/634)
ثلاث} قال : البطن والرحم والمشيمة {فأنى تصرفون} قال : كقوله (فأنى تؤفكون) (الزخرف 87).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} من الإبل والبقر والضان والمعز ، وفي قوله {من بعد خلق} قال : نطفة ثم ما يتبعها حتى يتم خلقه {في ظلمات ثلاث} قال : البطن والرحم والمشيمة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {خلقا من بعد خلق} قال : علقة ثم مضغة ثم عظاما {في ظلمات ثلاث} قال : ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك رضي الله عنه في ظلمات ثلاث قال البطن(12/635)
والرحم والمشيمة.
الآية 7
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما {إن تكفروا فإن الله غني عنكم} يعني الكفار الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم فيقولون لا إله إلا الله ، ثم قال {ولا يرضى لعباده الكفر} وهم عباده المخلصون الذين قال (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) (الحجر 42) فألزمهم شهادة أن لا إله إلا الله وحببها إليهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {ولا يرضى لعباده الكفر} قال : لا يرضى لعباده المسلمين الكفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : والله ما رضي الله لعبده ضلالة ولا أمره بها ولا دعا إليها ولكن رضي لكم طاعته وأمركم بها ونهاكم عن معصيته.
الآية 8.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {دعا ربه منيبا إليه} قال : أي مخلصا إليه.
الآية 9(12/636)
أخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية ، وَابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أنه تلا هذه الآية {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} قال : ذاك عثمان بن عفان ، وفي لفظ نزلت في عثمان بن عفان.
وأخرج ابن سعد في طبقاته ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما} قال : نزلت في عمار بن ياسر.
وأخرج جويبر عن عكرمة ، مثله.
وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في ابن مسعود وعمار وسالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يحذر الآخرة} يقول : يحذر عذاب الآخرة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ، أنه كان يقرأ أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر(12/637)
عذاب الآخرة والله تعالى أعلم ، أما قوله تعالى : {يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه}.
أخرج الترمذي والنسائي ، وَابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل وهو في الموت فقال كيف تجدك قال : أرجو وأخاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الذي يرجو وأمنه الذي يخاف.
الآيات 10 - 14.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأرض الله واسعة} قال : أرضي واسعة فهاجروا واعتزلوا الأوثان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} قال : لا والله ما هناك مكيال ولا ميزان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} قال : بلغني أنه لا يحسب عليهم ثواب عملهم ولكن يزادون على ذلك.
(12/638)
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله إذا أحب عبدا أو أراد أن يصافيه صب عليه البلاء صبا ويحثه عليه حثا فإذا دعا قالت الملائكة عليهم السلام : صوت معروف قال جبريل عليه السلام : يا رب عبدك فلان اقض حاجته ، فيقول الله تعالى : دعه إني أحب أن أسمع صوته ، فإذا قال يا رب ، ، قال الله تعالى لبيك عبدي وسعديك ، وعزتي لا تدعوني بشيء إلا استجبت لك ولا تسألني شيئا إلا أعطيتك ، إما أن أعجل لك ما سألت وإما أن أدخر لك عندي أفضل منه وإما أن أدفع عنك من البلاء أعظم منه ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وتنصب الموازين يوم القيامة فيأتون بأهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الصيام فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الصدقة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الحج فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ويصب عليهم الأجر صبا بغير حساب حتى يتمنى أهل العافية أنهم كانوا في الدنيا تقرض أجسادهم بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل ، وذلك قوله {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.
وأخرج الطبراني ، وَابن عساكر ، وَابن مردويه عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن في الجنة شجرة يقال لها شجرة البلوى يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة فلا يرفع لهم ديوان ولا ينصب لهم ميزان(12/639)
يصب عليهم الأجر صبا ، وقرأ {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يود أهل البلاء يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض.
الآية 15.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم} الآية ، قال : هم الكفار الذين خلقهم الله للنار زالت عنهم الدنيا وحرمت عليهم الجنة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة} قال {أهليهم} من أهل الجنة كانوا أعدوا لهم لو عملوا بطاعة الله فغبنوهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم} يخسرونها فيتحسرون في النار أحياء ويخسرون أهليهم فلا يكون لهم أهل يرجعون إليهم.
(12/640)
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة} قال : ليس أحد إلا قد أعد الله تعالى له أهلا في الجنة إن أطاعه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد ، مثله.
الآية 16.
أَخْرَج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {لهم من فوقهم ظلل} قال : غواش {ومن تحتهم ظلل} قال : مهاد.
وأخرج ابن أبي شيبه عن سويد بن غفلة قال : إذا أراد الله أن يعذب أهل النار جعل لكل إنسان منهم تابوتا من نار على قدره ثم أقفل عليه بأقفال من نار فلا
يعرف منه عرق إلا وفيه مسمار ثم جعل ذلك التابوت في تابوت آخر من نار ثم يقفل بأقفال من نار ثم يضرم بينهما نار فلا يرى أحد منهم أن في النار غيره ، فذلك قوله {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل} وقوله (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش) (الأعراف 41).
الآيات 17 - 18(12/641)
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها} قال : نزلت هاتان الآيتان في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون : لا إله إلا الله ، في زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان سعيد بن زيد وأبو ذر وسلمان يتبعون في الجاهلية أحسن القول وأحسن القول والكلام لا إله إلا الله ، قالوا بها فأنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم {يستمعون القول فيتبعون أحسنه} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن زيد قال {الطاغوت} الشيطان هو ههنا واحد وهي جماعة ، مثل قوله (يا أيها الإنسان ما غرك) (الانتصار 6) قال : هي للناس كلهم الذين قال لهم الناس إنما هو واحد ، وخ عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {والذين اجتنبوا الطاغوت} قال : الشيطان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وأنابوا إلى الله لهم البشرى} قال : أقبلوا إلى الله {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} قال : أحسنه طاعة الله.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الضحاك في قوله !(12/642)
{فيتبعون أحسنه} قال : ما أمر الله تعالى النبيين عليهم السلام من الطاعة.
وأخرج سعيد بن منصور عن الكلبي في قوله {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} قال : لولا ثلاث يسرني أن أكون قد مت ، لولا أن أضع جبيني لله وأجالس قوما يلتقطون طيب الكلام كما يلتقطون طيب الثمر والسير في سبيل الله.
وأخرج جويبر ، عَن جَابر بن عبد الله قال : لما نزلت (لها سبعة أبواب) (الحجر 44) ، أتى رجل من الأنصار إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن لي سبعة مماليك وإني أعتقت لكل باب منها مملوكا ، فنزلت هذه الآية {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال لما نزلت {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، فاستقبل عمر الرسول فرده فقال : يا رسول الله خشيت أن يتكل الناس فلا يعملون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو يعلم الناس قدر رحمة الله لاتكلوا ولو يعلمون قدر سخط الله وعقابه لاستصغروا أعمالهم.
(12/643)
الآيات 19 - 20.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {لهم غرف من فوقها غرف} قال : علالي.
الآية 21
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض} قال : ما أنزل الله من السماء ولكن عروق في الأرض تغمره فذلك قوله {فسلكه ينابيع في الأرض} فمن سره أن يعود الملح عذبا فليصعد.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة والخرائطي في مكارم الأخلاق عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {فسلكه ينابيع في الأرض} أصله من السماء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {فسلكه ينابيع في الأرض}(12/644)
قال : عيونا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الكبي رضي الله عنه قال : العيون والركايا مما أنزل الله من السماء {فسلكه ينابيع في الأرض} والله أعلم.
الآية 22.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أفمن شرح الله صدره للإسلام} الآية ، قال : ليس المشروح صدره كالقاسية قلوبهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه} قالوا : يا رسول الله فهل ينفرج الصدر قال : نعم ، قالوا : هل لذلك علامة قال : نعم ، التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزول الموت.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه(12/645)
الآية {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه} فقلنا يا رسول الله كيف انشراح صدره قال : إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح ، قلنا يا رسول الله فما علامة ذلك قال : الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزول الموت.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رجلا قال : يا نبي الله أي المؤمنين أكيس قال أكثرهم ذكر للموت وأحسنهم له استعدادا وإذا دخل النور القلب انفسح واستوسع ، فقالوا ما آية ذلك يا نبي الله قال : الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت ثم أخرج عن أبي جعفر عبد الله بن المسور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه وزاد فيه {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه} ، أما قوله تعالى : {فويل للقاسية قلوبهم}.
وأخرج الترمذي ، وَابن مردويه ، وَابن شاهين في الترغيب في الذكر في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القاسي.
(12/646)
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد رضي الله عنه ، أن عيسى عليه السلام أوصى إلى الحواريين : أن لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم وإن القاسي قلبه بعيد من الله ولكن لا يعلم.
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل العباد ونومهم عليه قسوة في قلوبهم.
وأخرج العقيلي والطبراني في الأوسط ، وَابن عدي ، وَابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب والبيهقي في شعب الإيمان ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة ولا تناموا عليه فتقسوا قلوبكم.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يورث القسوة في القلب ثلاث خصال ، حب الطعام وحب النوم وحب الراحة ، والله أعلم.
الآية 23
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قالوا : يا رسول الله لو حدثتنا فنزل {الله نزل أحسن الحديث}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {الله نزل أحسن الحديث كتابا(12/647)
متشابها مثاني} قال : القرآن كله مثاني.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {مثاني} قال : القرآن يشبه بعضه بعضا ويرد بعضه إلى بعض.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {كتابا متشابها} حلاله وحرامه لا يختلف شيء منه ، الآية تشبه الآية والحرف يشبه الحرف {مثاني} قال : يثني الله فيه الفرائض والحدود والقضاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {كتابا متشابها} قال : القرآن كله مثاني ، قال : من ثناء الله إلى عبده.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {متشابها} قال : يفسر بعضه بعضا ويدل بعضه على بعض.
(12/648)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي رجاء رضي الله عنه قال : سألت الحسن رضي الله عنه عن قول الله تعالى {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها} قال : ثنى الله فيه القضاء ، تكون في هذه السورة الآية وفي السورة الآية الأخرى تشبه بها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي رضي الله عنه قال : سأل عكرمة رضي الله عنه عنها وأنا أسمع فقال : ثنى الله فيه القضاء.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} هذا نعت أولياء الله نعتهم الله تعالى قال : تقشعر جلودهم وتبكي أعينهم وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله تعالى ، ولم ينعتهم الله تعالى بذهاب عقولهم والغشيان عليهم إنما هذا في أهل البدع وإنما هو من الشيطان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} قال : إذا سمعوا ذكر الله والوعيد اقشعروا {ثم تلين جلودهم}
إذا سمعوا ذكر الجنة واللين {يرجون رحمة الله}.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عساكر عن عبد الله بن عروة بن الزبير قال : قلت لجدتي أسماء رضي الله عنها كيف كان يصنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأوا القرآن قالت : كانوا كما نعتهم الله تعالى(12/649)
تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم ، قلت : فإن ناسا ههنا إذا سمعوا ذلك تأخذهم عليه غشية فقالت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عامر بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : جئت أمي فقلت : وجدت قوما ما رأيت خيرا منهم قط يذكرون الله تعالى فيرعد أحدهم حتى يغشى عليه من خشية الله فقالت : لا تقعد معهم ، ثم قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن ورأيت أبا بكر وعمر يتلوان القرآن فلا يصيبهم هذا ، أفتراهم أخشى من أبي بكر وعمر.
وَأخرَج ابن أبي شيبه عن قيس بن جبير رضي الله عنه قال : الصعقة من الشيطان.
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر عن إبراهيم رضي الله عنه في الرجل يرى الضوء قال : من الشيطان لو كان يرى خيرا لأوثر به أهل بدر.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه : إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه خطاياه كما(12/650)
يتحات عن الشجرة البالية ورقها.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : ليس من عبد على سبيل ذكر سنة ذكر الرحمن فاقشعر جلده من مخافة الله تعالى إلا كان مثله مثل شجرة يبس ورقها وهي كذلك فأصابتها ريح تحات ورقها كما تحات عن الشجرة البالية ورقها وليس من عبد على سبيل وذكر سنة وذكر الرحمن ففاضت عيناه من خشية الله إلا لم تمسه النار أبدا.
الآيات 24 - 27
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة} قال : يجر على وجهه في النار وهو مثل قوله (أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة) (فصلت الآية 40).
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينطلق به إلى النار مكتوفا ثم يرمى فيها فأول ما تمس وجهه النار.
الآية 28.
أَخرَج الآجري في الشريعة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قرآنا عربيا غير ذي عوج} قال : غير مخلوق.
(12/651)
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {قرآنا عربيا غير ذي عوج} قال : غير مخلوق.
وأخرج ابن شاهين في السنة عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال القرآن كلام الله غير مخلوق.
وأخرج ابن أبي حاتم في السنة والبيهقي في الأسماء والصفات عن الفرج بن زيد الكلاعي رضي الله عنه قال : قالوا لعلي رضي الله عنه : حكمت كافرا ومنافقا فقال : ما حكمت مخلوقا ما حكمت إلا القرآن.
وأخرج البيهقي ، وَابن عدي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : القرآن كلام الله وليس كلام الله بمخلوق.
وأخرج البيهقي عن عكرمة رضي الله عنه قال : صلى ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة فلما وضع الميت في قبره قال له رجل : اللهم رب القرآن اغفر له ، فقال
له ابن عباس رضي الله عنه : مه لا تقل مثل هذا منه بدا وإليه يعود ، وفي لفظ فقال ابن عباس : ثكلتك(12/652)
أمك ، إن القرآن منه.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : القرآن كلام الله.
وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : أدركت مشيختنا منذ سبعين سنة منهم عمرو بن دينار يقولون : القرآن كلام الله ليس بمخلوق.
وأخرج البيهقي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : سأل علي بن الحسين عن القرآن فقال : ليس بخالق ولا بمخلوق وهو كلام الخالق.
وأخرج البيهقي عن قيس بن الربيع قال سألت جعفر بن محمد رضي الله عنه عن القرآن فقال : كلام الله قلت : مخلوق قال : لا ، قلت : فما تقول فيمن زعم أنه مخلوق قال : يقتل ولا يستتاب.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قرآنا عربيا غير ذي عوج} قال : غير ذي سلس.
الآية 29.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {ضرب الله(12/653)
مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون} قال : الرجل يعبد آلهة شتى ، فهذا مثل ضربه الله تعالى لأهل الأوثان {ورجلا سلما} يعبد الها واحدا ضرب لنفسه مثلا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون} قال : هو المشرك تنازعه الشياطين لا يعرفه بعضهم لبعض {ورجلا سلما لرجل} قال : هذا المؤمن أخلص لله الدعوة والعبادة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل} قال : آلهة الباطل وإله الحق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {شركاء متشاكسون} يعني الصنم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ورجلا سلما} قال : ليس لأحد فيه شيء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأها ورجلا سلما لرجل بغير(12/654)
ألف يعني : ورجلا سالما.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأها : (ورجلا سلما لرجل) بغير ألف منصوبة اللام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد القرشي رضي الله عنه قال : قراءة عبد الله بن عمر رضي الله عنه {ورجلا سلما لرجل} قال : خالصا ، فإنما يعني مستسلما لرجل.
الآيات 30 - 31.
أَخرَج عَبد بن حميد والنسائي ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنه قال : لقد لبثنا برهة من دهرنا ونحن نرى أن هذه الآية نزلت فينا وفي أهل الكتابين من قبل {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قلنا : كيف نختصم ونبينا واحد وكتابنا واحد حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف فعرفت أنها نزلت فينا.
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن(12/655)
ابن عمر رضي الله عنهما قال : عشنا برهة من دهرنا ونحن نرى هذه الآية نزلت فينا {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} فقلت : لم نختصم ، أما نحن فلا نعبد إلا الله وأما ديننا فالإسلام وأما كتابنا فالقرآن لا نغيره أبدا ولا نحرف الكتاب وأما قبلتنا فالكعبة وأما حرمنا فواحد وأما نبينا فمحمد صلى الله عليه وسلم ، فكيف نختصم حتى كفح بعضنا وجه بعض بالسيف فعرفت أنها نزلت فينا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما
قال : نزلت علينا الآية {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} وما ندري ما تفسيرها ولفظ عَبد بن حُمَيد : وما ندري فيم نزلت قلنا ليس بيننا خصومة فما التخاصم حتى وقعت الفتنة فقلنا : هذا الذي وعدنا ربنا أن نختصم فيه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن عساكر عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه قال : أنزلت هذه الآية {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} وما ندري فيم نزلت قلنا : ليس بيننا خصومة قالوا وما خصومتنا ونحن إخوان فلما قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه قالوا : هذه خصومة ما بيننا.
(12/656)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الفضل بن عيسى رضي الله عنه قال : لما قرأت هذه الآية {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قيل : يا رسول الله فما الخصومة قال : في الدماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنك ميت وإنهم ميتون} قال : نعى لنبيه صلى الله عليه وسلم نفسه ونعى لكم أنفسكم.
وأخرج عبد الرزاق واحمد ، وَابن منيع ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في البعث والنشور عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : لما نزلت {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قلت : يا رسول الله أينكر علينا ما يكون بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب قال : نعم ، لينكرن ذلك عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه ، قال الزبير رضي الله عنه : فو الله إن الأمر لشديد.
(12/657)
وأخرج ابن جرير والطبراني ، وَابن مردويه وأبو نعيم عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : لما أنزلت هذه الآية {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قال الزبير رضي الله عنه : يا رسول الله يكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، ليكرر ذلك عليكم حتى يؤدي إلى كل ذي حق حقه قال الزبير رضي الله عنه : إن الأمر لشديد.
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : لما نزلت {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} كنا نقول ربنا واحد وديننا واحد فما
هذه الخصومة فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا : نعم ، هو هذا.
وأخرج أحمد بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليختصمن يوم القيامة كل شيء حتى الشاتين فيما انتطحتا.
(12/658)
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه بسند لا بأس به عن أبي أيوب رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته ، والله ما يتكلم لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت لزوجها وتشهد يداه ورجلاه بما كان يوليها ، ثم يدعى الرجل وخادمه بمثل ذلك ثم يدعى أهل الأسواق وما يوجد ثم دوانق ولا قراريط ولكن حسنات هذا تدفع إلى هذا الذي ظلم وسيئآت هذا الذي ظلمه توضع عليه ثم يؤتى بالجبارين في مقامع من حديد فيقال : أوردوهم إلى النار ، فو الله ما أدري يدخلونها أو كما قال الله (وإن منكم إلا واردها) (مريم الآية 71).
وأخرج أحمد والطبراني بسند حسن عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول خصمين يوم القيامة جاران.
وأخرج البزار عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يجاء بالأمير الجائر فتخاصمه الرعية ، فيفلجون عليه فيقال له: سد ركنا من أركان جهنم " ..
(12/659)
وأخرج ابن منده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يختصم الناس يوم القيامة حتى يختصم الروح مع الجسد ، فتقول الروح للجسد أنت فعلت ويقول الجسد للروح أنت أمرت وأنت سولت ، فيبعث الله تعالى ملكا فيقضي بينهما فيقول لهما : إن مثلكما كمثل رجل مقعد بصير وآخر ضرير دخلا بستانا فقال المقعد للضرير : أني أرى ههنا ثمارا ولكن لا أصل إليها ، فقال له الضرير : اركبني فتناولها فركبه فتناولها فأيهما المعتدي فيقولان : كلاهما فيقول لهما الملك : فإنكما قد حكمتما على أنفسكما ، يعني أن الجسد للروح كالمطية وهو راكبه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} يقول : يخاصم الصادق الكاذب والمظلوم الظالم والمهتدي الضال والضعيف المستكبر.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، أن رجلا أبصر جنازة فقال : من هذا قال : أبو الدرداء رضي الله عنه : هذا أنت هذا أنت ، يقول الله {إنك ميت وإنهم ميتون}.
الآيات 32 - 35.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة(12/660)
في قوله {فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق} أي بالقرآن {وصدق به} قال : المؤمنون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {والذي جاء بالصدق} يعني بلا إله إلا الله {وصدق به} يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم {أولئك هم المتقون} يعني اتقوا الشرك.
وأخرج ابن جرير والباوردي في معرفة الصحابة ، وَابن عساكر من طريق أسيد بن صفوان وله صحبة عن علي بن أبي طالب قال {والذي جاء بالصدق} محمد {وصدق به} أبو بكر رضي الله عنه هكذا الرواية {بالحق} ولعلها قراءة لعلي رضي الله عنه.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة {والذي جاء بالصدق} قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم {وصدق به > . أبو بكر !.
وَأخرَج ابن عساكر عن مجاهد في قوله : (والذي جاء بالصدق) قال :(12/661)
رسول الله صلى الله عليه وسلم (وصدق به). قال : علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {والذي جاء بالصدق} قال : هو جبريل عليه السلام {وصدق به} قال : هو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن الضريس ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر
عن مجاهد أنه كان يقرأ والذي جاء بالصدق وصدقوا به قال : هم أهل القرآن يجيئون بالقرآن يوم القيامة يقولون : هذا ما أعطيتمونا قد اتبعنا ما فيه.
الآيات 36 - 37.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن السدي في قوله {أليس الله بكاف عبده} قال : محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة قال : قال لي رجل : قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم لتكفن عن شتم آلهتنا أو لتأمرنها فلتخبلنك ، فنزلت {ويخوفونك(12/662)
بالذين من دونه}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن جَرِير عن قتادة {ويخوفونك بالذين من دونه} قال : بالآلهة قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد ليكسر العزى فقال سادنها : - وهو قيمها - يا خالد إني أحذركها لا يقوم لها شيء فمشى إليها خالد بالفأس وهشم أنفها.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد {ويخوفونك بالذين من دونه} قال : الأوثان ، والله أعلم.
الآيات 38 - 41
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {قل أرأيتم ما تدعون من دون الله} يعني الأصنام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {هل هن كاشفات ضره} مضاف لآمنون كاشفات ، وممسكات رحمته مثلها.
(12/663)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وما أنت عليهم بوكيل} قال : بحفيظ ، والله أعلم.
الآية 42.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الله يتوفى الأنفس} الآية ، قال : نفس وروح بينهما شعاع الشمس فيتوفى الله النفس في منامه ويدع الروح في جسده وجوفه يتقلب ويعيش فإن بدا لله أن يقبضه قبض الروح فمات أو أخر أجله رد النفس إلى مكانها من جوفه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ في العظمة والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله {الله يتوفى الأنفس حين موتها} الآية قال : يلتقي أرواح الأحياء وأرواح الأموات في المنام فيتساءلون بينهم ما شاء الله تعالى ثم يمسك الله أرواح الأموات ويرسل أرواح الأحياء إلى
أجسادها {إلى أجل مسمى} لا يغلط(12/664)
بشيء من ذلك ، فذلك قوله {إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس في قوله {الله يتوفى الأنفس حين موتها} قال : كل نفس لها سبب تجري فيه فإذا قضى عليها الموت نامت حتى ينقطع السبب {والتي لم تمت} تترك.
وأخرج جويبر عن ابن عباس في الآية قال : سبب ممدود بين السماء والأرض فأرواح الموتى وأرواح الأحياء إلى ذلك السبب فتعلق النفس الميتة بالنفس الحية فإذا أذن لهذه الحية بالأنصراف إلى جسدها لتستكمل رزقها أمسكت النفس الميتة وأرسلت الأخرى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن فرقد قال : ما من ليلة من ليالي الدنيا إلا والرب تبارك وتعالى يقبض الأرواح كلها مؤمنها وكافرها ، فيسأل كل نفس ما عمل صاحبها من النهار وهو أعلم ثم يدعو ملك الموت فيقول : اقبض هذا واقبض هذا من قضى عليه الموت {ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى}.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سليم بن عامر أن عمر بن الخطاب قال : العجب من رؤيا الرجل أنه يبيت فيرى الشيء لم يخطر له على(12/665)
باله فتكون رؤياه كأخذ باليد ويرى الرجل الرؤيا فلا تكون رؤياه شيئا فقال علي بن أبي طالب : أفلا أخبرك بذلك يا أمير المؤمنين يقول الله تعالى {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} فالله يتوفى الأنفس كلها فما رأت وهي عنده في السماء فهي الرؤيا الصادقة وما رأت إذا أرسلت إلى أجسادها تلقتها الشياطين في الهواء فكذبتها وأخبرتها بالأباطيل فكذبت فيها ، فعجب عمر من قوله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أيوب ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان نازلا عليه في بيته حين أراد أن يرقد قال كلاما لم نفهمه قال : فسألته عن ذلك فقال اللهم أنت تتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فتمسك التي قضي عليها الموت وترسل الأخرى إلى أجل مسمى أنت خلقتني وأنت تتوفاني فإن أنت توفيتني فاغفر لي وأن أنت أخرتني فاحفظني.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا(12/666)
أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم ليقل : اللهم باسمك ربي وضعت جنبي وباسمك أرفعه أن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين من عبادك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره الذي ناموا فيه حتى طلعت الشمس ثم قال : إنكم كنتم أمواتا فرد الله إليكم أرواحكم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو داود والنسائي عن أبي قتادة رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لهم ليلة الوادي : إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها عليكم حين شاء.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في سفر فقال : من يكلؤنا الليلة فقلت : أنا ، فنام ونام الناس ونمت فلم نستيقظ إلا بحر الشمس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيها الناس إن هذه الأرواح عارية(12/667)
في أجساد العباد فيقبضها إذا شاء ويرسلها إذا شاء.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس فأقام الصلاة ثم صلى بهم ، ثم قال : إذا رقد أحدكم فغلبته عيناه فليفعل هكذا ، فإن الله سبحانه وتعالى {يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها}.
الآيات 43 - 45
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أم اتخذوا من دون الله شفعاء} قال : الآلهة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث والنشور عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قل لله الشفاعة جميعا} قال : لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت} قال : انقبضت قال : هو يوم قرأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم(12/668)
عليهم {والنجم} عند باب الكعبة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال : قست ونفرت قلوب هؤلاء الأربعة الذين لا يؤمنون بالآخرة : أبو جهل بن هشام والوليد بن عتبة وصفوان وأبي بن خلف {وإذا ذكر الذين من دونه} اللات والعزى {إذا هم يستبشرون}.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال : نفرت قلوب الكافرين من ذكر الله سبحانه وتعالى قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم ، أما سمعت عمرو بن كلثوم الثعلبي وهو يقول : إذا غض النفاق لها اشمأزت * وولته عشورته زبونا(12/669)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال : استكبرت ونفرت {وإذا ذكر الذين من دونه} قال : الآلهة.
الآيات 46 - 48
أخرج مسلم وأبو داود والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل {فاطر السماوات والأرض} عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلفت من الحق بإذنك أنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
الآيات 49 - 52.
أَخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ثم إذا خولناه نعمة منا} قال : أعطيناه {قال إنما أوتيته على علم} أي على شرف أعطانيه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ثم إذا خولناه نعمة منا} قال : أعطيناه ، وعن قتادة(12/670)
في قوله {إنما أوتيته على علم} قال : قال : على خبر عندي {بل هي فتنة} قال : بلاء.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {قد قالها الذين من قبلهم} الأمم الماضية {والذين ظلموا من هؤلاء} قال : من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
الآية 53.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} في مشركي أهل مكة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر رضي الله عنهما فكتبتها بيدي ثم بعثت إلى هشام بن العاصي.
(12/671)
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان بسند لين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وحشي بن حرب قاتل حمزة يدعوه إلى الإسلام فأرسل إليه : يا محمد كيف تدعوني وأنت تزعم أن من قتل أو أشرك أو زنى (يلق أثاما) (يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا) (الفرقان 69) وأنا صنعت ذلك فهل تجد لي من رخصة فأنزل الله (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئآتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) (الفرقان 70) فقال وحشي : هذا شرط شديد (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا) (الفرقان 70) فلعلي لا أقدر على هذا ، فأنزل الله (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء 48) فقال وحشي : هذا أرى بعد مشيئة فلا يدري يغفر لي أم لا فهل غير هذا فأنزل الله {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} الآية قال وحشي : هذا فهم ، فأسلم فقال الناس : يا رسول الله : إنا أصبنا ما أصاب وحشي قال : بلى للمسلمين عامة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي سعيد قال : لما أسلم وحشي أنزل الله (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق) (الفرقان 68) قال وحشي وأصحابه : فنحن قد إرتكبنا هذا كله ، فأنزل الله {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} الآية.
(12/672)
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن وحشي قال : لما كان في أمر حمزة
ما كان ألقى الله خوف محمد صلى الله عليه وسلم في قلبي خرجت هاربا أكمن النهار وأسير الليل حتى صرت إلى أقاويل حمير فنزلت فيهم فأقمت حتى أتاني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوني إلى الإسلام قلت : وما الإسلام قال : تؤمن بالله ورسوله وتترك الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله وشرب الخمر والزنا والفواحش كلها وتستحم من الجنابة وتصلي الخمس ، قال : إن الله قد أنزل هذه الآية {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فصافحني وكناني بأبي حرب.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة قال : خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على رهط من أصحابه يضحكون فقال : والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، ثم انصرف وبكى القوم فأوحى الله إليه : يا محمد لم تقنط عبادي فرجع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقال : أبشروا وقربوا وسددوا.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن عمر بن الخطاب قال : اتفقت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي بن وائل أن نهاجر إلى(12/673)
المدينة ، فخرجت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي بن وائل أن نهاجر إلى المدينة ، فخرجت أنا وعياش وفتن هشام فافتتن فقدم على عياش أخوه أبو جهل والحارث بن هشام فقالا : إن أمك قد نذرت أن لا يظلها ظل ولا يمس رأسها غسل حتى تراك ، فقلت : والله إن يريداك إلا أن يفتناك عن دينك وخرجا به ، وفتنوه فافتتن قال : فنزلت {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} قال : عمر رضي الله عنه : فكتبت إلى هشام فقدم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} وذلك أن أهل مكة قالوا : يزعم محمد أن من عبد الأوثان ودعا مع الله إلها آخر وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له فكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا الآلهة وقتلنا النفس ونحن أهل الشرك فأنزل الله {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} وقال (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له) وإنما يعاتب الله أولي الألباب وإنما الحلال والحرام لأهل الإيمان فإياهم عاتب وإياهم أمر إذا أسرف أحدهم على نفسه أن لا يقنط من رحمة الله وأن يتوب ولا يضن بالتوبة على لك الإسراف
والذنب الذي عمل وقد ذكر الله تعالى في سورة آل عمران المؤمنين حين سألوا المغفرة فقالوا : (ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا(12/674)
في أمرنا) (آل عمران 147) فينبغي أن يعلم أنهم كانوا يصيبون الأمرين فأمرهم بالتوبة.
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت هذه الآيات الثلاث بالمدينة في وحشي وأصحابه {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} إلى قوله (وأنتم لا تشعرون) (النساء 110).
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : نزلت هذه الآية في عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين كانوا أسلموا ثم فتنوا وعذبوا فافتتنوا فكنا نقول : لا يقبل الله من هؤلاء صرفا ولا عدلا أبدا ، أقوام أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عذبوه فنزلت هؤلاء الآيات وكان عمر بن الخطاب كاتبا فكتبها بيده ثم كتب بها إلى عياش والوليد وإلى أولئك النفر ، فأسلموا وهاجروا.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ثوبان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} إلى آخر الآية ، فقال رجل : يا رسول الله فمن أشرك فسكت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إلا ومن أشرك ثلاث مرات.
(12/675)
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه ، وَابن المنذر ، وَابن الأنباري في المصاحف والحاكم ، وَابن مردويه عن أسماء بنت يزيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} ولا يبالي إنه هو الغفور الرحيم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في حسن الظن ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود أنه مر على قاص يذكر الناس فقال : يا مذكر الناس لا تقنط الناس ثم قرأ {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله}.
وأخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال : قال علي أي آية أوسع فجعلوا يذكرون آيات من القرآن (من يعمل سوء أو يظلم نفسه) (النساء 110).
(12/676)
ونحوها ، فقال علي
رضي الله عنه : ما في القرآن أوسع آية من {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} ، قد دعا الله إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله ومن زعم أن المسيح ابن الله ومن زعم أن عزيرا ابن الله ومن زعم أن الله فقير ومن زعم أن يد الله مغلولة ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة ، يقول الله تعالى لهؤلاء (أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم) (المائدة 74) ثم دعا إلى توبته من هو أعظم قولا من هؤلاء ، من قال (أنا ربكم الأعلى) (النازعات 24) وقال (ما علمت لكم من إله غيري) (القصص 38) قال ابن عباس رضي الله عنهما : من آيس العباد من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : إن إبليس قال : يا رب زدني قال : صدوركم مساكن لكم وتجرون منهم مجرى الدم قال : يا رب زدني ، قال : (اجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) (الإسراء 64) فقال آدم عليه السلام : يا رب قد سلطته علي(12/677)
وإني لا أمتنع منه إلا بك فقال : لا يولد لك ولد إلا وكلت به من يحفظه من قرناء السوء ، قال : يا رب زدني ، قال : الحسنة عشرا أو أزيد والسيئة واحدة أو أمحوها قال : يا رب زدني قال : باب التوبة مفتوح ما كان الروح في الجسد ، قال : يا رب زدني قال {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}.
وأخرج أحمد وأبو يعلى والضياء عن أنس رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم لغفر لكم ، والذي نفس محمد بيده لو لم تخطئوا لجاء الله بقوم يخطئون ثم يستغفرون فيغفر لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فيغفر لهم.
وأخرج الخطيب عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أوحى الله إلى داود عليه
السلام : يا داود إن العبد من عبيدي ليأتيني بالحسنة فأحكمه في ، قال داود عليه السلام : وما تلك الحسنة قال : كربة فرجها عن(12/678)
مؤمن قال داود عليه السلام : اللهم حقيق على من عرفك حق معرفتك أن لا يقنط منك.
وأخرج الحكيم الترمذي ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال لي جبريل عليه السلام : يا محمد إن الله يخاطبني يوم القيامة فيقول : يا جبريل ما لي أرى فلان بن فلان في صفوف أهل النار فأقول : يا رب أنا لم نجد له حسنة يعود عليه خيرها اليوم ، فيقول الله : إني سمعته في دار الدنيا يقول : يا حنان يا منان فأته فاسأله فيقول وهل من حنان ومنان غيري فآخذ بيده من صفوف أهل النار فأدخله في صفوف أهل الجنة.
وأخرج ابن الضريس وأبو القسام بن بشير في أماليه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إن الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله تعالى ولم يرخص لهم في معاصيه ولم يؤمنهم عذاب الله ولم يدع القرآن رغبة منه إلى غيره إنه لا خير في عبادة لا علم فيها ولا علم لا فهم فيه ولا قراءة لا تدبر فيها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : إن للمتقنطين جسرا يطأ(12/679)
الناس يوم القيامة على أعناقهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ألم أحدث أنك تعظ الناس قال : بلى ، قالت : فإياك وإهلاك الناس وتقنيطهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن رجلا كان في الأمم الماضية يجتهد في العبادة ويشدد على نفسه ويقنط الناس من رحمة الله تعالى ثم مات فقال : أي رب ما لي عندك قال : النار قال : فأين عبادتي واجتهادي فقيل له كنت تقنط الناس من رحمتي وأنا أقنطك اليوم من رحمتي.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن ناسا أصابوا في الشرك عظاما فكانوا يخافون أن لا يغفر لهم فدعاهم الله لهذه الاية {يا عبادي الذين أسرفوا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مجلز لاحق بن حميد السدوسي قال : لما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا}
إلى آخر الآية قام نبي الله صلى الله عليه وسلم فخطب(12/680)
الناس وتلا عليهم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله والشرك بالله فسكت فأعاد ذلك ما شاء الله فأنزل الله (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء 48).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} إلى قوله (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له) (الزمر 54) قال عكرمة رضي الله عنه : قال ابن عباس رضي الله عنهما فيها علقة (وأنيبوا إلى ربكم).
الآيات 54 - 59.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له} قال : أقبلوا إلى ربكم.
وأخرج ابن المنذر عن عبيد بن يعلى رضي الله عنه قال : الإنابة الدعاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله {أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت} الآيات ، قال أخبر الله سبحانه ما العباد قائلون قبل أن يقولوه وعملهم قبل أن يعلموه (ولا ينبئك مثل خبير) (فاطر 14) {أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين} يقول المحلوقين {أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين} يقول : من المهتدين ، فأخبر الله سبحانه
وتعالى : أنهم لو ردوا لم يقدروا(12/681)
على الهدى قال الله تعالى (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) (الأنعام 38) وقال (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة) (الأنعام 110) قال : ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم الهدى كما حلنا بينهم وبينه أول مرة في الدنيا.
وأخرج آدم بن أبي إياس ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {على ما فرطت في جنب الله} قال : في ذكر الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين} قال : فلم يكفه أن ضيع طاعة الله تعالى حتى جعل يسخر بأهل طاعة الله ، قال : هذا قول صنف منهم {أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين} قال : هذا قول صنف منهم آخر {أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين} قال : لو رجعت إلى الدنيا قال : هذا قول صنف آخر ، يقول الله ردا لقولهم وتكذيبا لهم {بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت(12/682)
من الكافرين}.
وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول {لو أن الله هداني} فيكون عليه حسرة وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيحمد الله فيكون له شكرا ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما جلس قوم مجلسا لا يذكرون الله فيه إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن كانوا من أهل الجنة يرون ثواب كل مجلس ذكروا الله فيه ولا يرون ثواب ذلك المجلس فيكون عليهم حسرة.
وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني ، وَابن مردويه عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ {بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها(12/683)
واستكبرت وكنت من الكافرين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ بلى قد جاءتك آياتي بنصب الكاف فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين بنصب التاء فيهن كلهن وينجي الله الذين اتقوا بمفازاتهم على الجماع.
الآيات 60 - 61.
أَخْرَج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان ، يساقون إلى سجن في جهنم ، يشربون من عصارة أهل(12/684)
النار طينة الخبال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن المتكبرين يوم القيامة يجعلون في توابيت من نار يطبق عليهم ويجعلون في الدرك الأسفل من النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي عن كعب رضي الله عنه قال : يحشر المتكبرون يوم القيامة رجالا في صور الذر ، يغشاهم الذل من كل مكان ، يسلكون في نار الأنيار ، يسقون من طينة الخبال عصارة أهل النار.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال يجاء بالجبارين والمتكبرين رجالا في صور الذر يطؤهم الناس من هوانهم على الله حتى يقضى بين الناس ثم يذهب بهم إلى نار الأنيار ، قيل يا رسول الله وما نار الأنيار قال : عصارة أهل النار.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه {وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم} قال : بأعمالهم.
(12/685)
الآية 62.
أَخرَج البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليسألنكم الناس عن كل شيء حتى يسألوكم هذا الله خالق كل شيء فمن خلق الله فإن سئلتم فقولوا : الله كان قبل كل شيء وهو خالق كل شيء وهو كائن بعد كل شيء ، والله أعلم.
الآية 63.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {له مقاليد السماوات والأرض} قال : مفاتيحها.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {له مقاليد السماوات} قال : مفاتيح بالفارسية.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة والحسن رضي الله عنهما {له مقاليد السماوات والأرض} مفاتيحها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة(12/686)
فقال : إني رأيت في غداتي هذه كأني أتيت بالمقاليد والموازين ، فأما المقاليد : فالمفاتيح.
وَأَمَّا الموازين : فموازينكم هذه التي تزنون بها ، وجيء بالموازين فوضعت ما بين السماء والأرض ثم وضعت في كفة ، وجيء بالأمة فوضعت في الكفة الأخرى فرجحت بهم ، ثم جيء بأبي بكر فوضع في كفة فوزن بهم ثم جيء بعمر فوضع في كفة والأمة في كفة فوزنهم ثم رفعت الميزان.
وأخرج أبو يعلى ويوسف القاضي في "سُنَنِه" وأبو الحسن القطان في المطولات ، وَابن السني في عمل يوم وليلة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى {له مقاليد السماوات والأرض}
قال : لا إله إلا الله والله أكبر سبحان الله والحمد لله ، أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الأول والآخر والظاهر والباطن يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، يا عثمان من قالها كل يوم مائة مرة أعطي بها عشر خصال ، أما أولها فيغفر له ما تقدم من ذنبه.
وَأَمَّا الثانية فيكتب له براءة من النار.
وَأَمَّا الثالثة فيوكل به ملكان يحفظانه في ليله ونهاره من الآفات(12/687)
والعاهات.
وَأَمَّا الرابعة فيعطى قنطارا من الأجر.
وَأَمَّا الخامسة فيكون له أجر من أعتق مائة رقبة محررة من ولد إسمعيل.
وَأَمَّا السادسة فيزوج من الحور العين.
وَأَمَّا السابعة فيحرس من إبليس وجنوده.
وَأَمَّا الثامنة فيعقد على رأسه تاج الوقار.
وَأَمَّا التاسعة فيكون مع إبراهيم.
وَأَمَّا العاشرة فيشفع في سبعين رجلا من أهل بيته ، يا عثمان إن استطعت فلا يفوتك يوما من الدهر تفز بها من الفائزين وتسبق بها الأولين والآخرين.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن عثمان بن عفان رضي الله عنه جاء إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال له : أخبرني عن {مقاليد السماوات والأرض} فقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، يا عثمان من قالها إذا أصبح عشر مرات وإذا أمسى أعطاه الله ست(12/688)
خصال ، أما أولهن فيحرس من إبليس وجنوده.
وَأَمَّا الثانية فيعطى قنطارا من الأجر.
وَأَمَّا الثالثة فيتزوج من الحور العين.
وَأَمَّا الرابعة فيغفر له ذنوبه.
وَأَمَّا الخامسة فيكون مع إبراهيم.
وَأَمَّا السادسة فيحضره اثنا عشر ملكا عند موته يبشرونه بالجنة ويزفونه من قبره إلى الموقف فإن أصابه شيء من أهاويل يوم القيامة قالوا له : لا تخف أنك من الآمنين ثم يحاسبه الله حسابا يسيرا ثم يؤمر به إلى الجنة يزفونه إلى الجنة من موقفه كما تزف العروس حتى يدخلوه الجنة بإذن الله والناس في شدة الحساب.
وأخرج الحارث بن أبي أسامة ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سأل عثمان بن عفان رضي الله عنه عن {مقاليد السماوات والأرض} فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم من كنوز العرش.
وأخرج العقيلي والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن عثمان رضي الله عنه سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن تفسير {له مقاليد السماوات والأرض} فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ما سألني عنها أحد تفسيرها لا إله إلا الله والله(12/689)
أكبر وسبحان الله والله أكبر وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه {له مقاليد السماوات والأرض} له مفاتيح خزائن السموات والأرض.
الآيات 64 - 66.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن قريشا دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من النساء ويطأون عقبه ، فقالوا له : هذا لك عندنا يا محمد وتكف عن شتم آلهتنا ولا تذكرها بسوء ، فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة هي لنا ولك فدلوه قال : حتى أنظر ما يأتيني من ربي فجاء الوحي (قل يا أيها الكافرون) (الكافرون الآية 1) إلى آخر السورة وأنزل الله عليه {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين}.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الحسن رضي الله عنه قال : قال المشركون للنبي(12/690)
صلى الله عليه وسلم : إياك وأجدادك يا محمد ، فأنزل الله {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} إلى قوله {بل الله فاعبد وكن من الشاكرين}.
الآية 67
أخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والدارقطني في الأسماء والصفات عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد إنا نجد أن الله يحمل السموات يوم القيامة على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ، فيقول : أنا الملك ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة}.
(12/691)
وأخرج أحمد والترمذي وصححه ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مر يهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس قال : كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السموات على ذه وأشار بالسبابة والأرضين على ذه والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه ، كل ذلك يشير بأصابعه فأنزل الله {وما قدروا الله حق قدره}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : تكلمت اليهود في صفة الرب فقالوا ما لم يعلموه وما لم يروا ، فأنزل الله {وما قدروا الله حق قدره}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : اليهود نظروا في خلق السموات والأرض والملائكة فلما زاغوا أخذوا يقدرونه ، فأنزل الله {وما قدروا الله حق قدره}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : لما نزلت (وسع كرسيه السموات والأرض) (البقرة الآية 255) قالوا : يا رسول الله هذا الكرسي هكذا فكيف بالعرش فأنزل الله {وما قدروا الله حق قدره}.
(12/692)
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السموات بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جرير
وابن ماجة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وَابن مردويه والبيهقي في السماء والصفات عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده ويحركها يقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه أنا الجبار أنا المتكبر أنا الملك أنا الكريم ، فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرن به).
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي والحاكم وصححه وابن(12/693)
مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حدثتني عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} قال : يقول أنا الجبار أنا أنا ، ويمجد نفسه فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى أن قلنا ليخرن به قالوا : فأين الناس يومئذ يا رسول الله قال : على جسر جهنم.
وأخرج البزار ، وَابن عدي وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية على المنبر {وما قدروا الله حق قدره} حتى بلغ {عما يشركون} فقال : المنبر هكذا ، فذهب وجاء ثلاث مرات.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله السموات السبع والأرضين السبع في قبضته ثم يقول أنا الله أنا الرحمن أنا الملك أنا القدوس أنا السلام أنا المؤمن أنا المهيمن أنا العزيز أنا(12/694)
الجبار أنا المتكبر أنا الذي بدأت الدنيا ولم تك شيئا أنا الذي أعيدها أين الملوك ، أين الجبارون ،.
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن جرير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفر من أصحابه : أنا قارى ء عليكم آيات من آخر الزمر فمن بكى منكم وجبت له الجنة ، فقرأها من عند {وما قدروا الله حق قدره} إلى آخر السورة فمنا من بكى ومنا من لم يبك فقال الذين لم يبكوا : يا رسول الله لقد جهدنا أن نبكي فلم نبك فقال : إني سأقرأوها عليكم فمن لم يبك فليتباك.
وأخرج الطبراني بسند مقارب وأبو الشيخ في العظمة عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يقول : ثلاث خلال غيبتهن عن عبادي لو رآهن رجل ما عمل سوء أبدا ، لو كشفت غطائي فرآني حتى استيقن ويعلم كيف أعمل بخلقي إذا أمتهم ، وقبضت السموات بيدي ثم قبضت الأرضين ثم قلت : أنا الملك من ذا الذي له الملك دوني ، ثم أريهم الجنة وما أعددت لهم فيها من كل خير فيستيقنوا بها وأريهم النار وما أعددت لهم فيها من كل شر فيستيقنوا بها ، ولكن عمدا غيبت عنهم ذلك لأعلم(12/695)
كيف يعملون وقد بينته لهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن مسروق رضي الله عنه ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ليهودي إذ ذكر من عظمة ربنا فقال : السموات على الخنصر والأرضون على البنصر والجبال على الوسطى والماء على السبابة وسائر الخلق على الإبهام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يطوي الله السموات بما فيها من الخليقة والأرضين السبع بما فيها من الخليقة ، يطوي كله بيمينه يكون ذلك في يده بمنزلة خردلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {والسماوات مطويات بيمينه}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الضحاك رضي الله عنه {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} قال : كلهن في يمينه.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن شيبان النحوي رضي الله عنه {وما(12/696)
قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} قال : لم يفسرها قتادة.
وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : كل ما وصف الله من نفسه في كتابه ، فتفسيره تلاوته والسكوت عليه.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتدري ما الكرسي قلت : لا ، ما في السموات وما في الأرض وما فيهن في الكرسي إلا كحلقة ألقاها ملق في الأرض وما الكرسي في العرش إلا كحلقة ألقاها ملق في الأرض وما الماء في الريح إلا كحلقة ألقاها ملق في أرض فلاة وما جميع ذلك في قبضة الله عز وجل إلا كحبة وأصغر من الحبة في كف
أحدكم وذلك قوله {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة}.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما في السموات السبع والأرضين السبع في يد الله عز وجل إلا كخردلة في يد أحدكم.
(12/697)
وأخرج ابن جرير عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} فأين الناس يومئذ قال : على الصراط.
وأخرج ابن جرير عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حبر من اليهود فقال : أرأيت إذ يقول الله عز وجل في كتابه {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} فأين الخلق عند ذلك قال : هم كرتم الكتاب.
الآية 68.
أَخرَج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رجل من اليهود بسوق المدينة : والذي اصطفى موسى على البشر ، فرفع رجل من الأنصار يده فلطمه قال : أتقول هذا وفينا رسول الله فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قال الله {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} فأكون أول من يرفع رأسه فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أرفع رأسه قبلي أو كان ممن استثنى الله عز وجل.
(12/698)
وأخرج أبو يعلى والدار قطني في الأفراد ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : سئل جبريل عليه السلام عن هذه الآية {فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} من الذين لم يشاء الله أن يصعقهم قال : هم الشهداء مقلدون بأسيافهم حول عرشه تتلقاهم الملائكة عليهم السلام يوم القيامة إلى المحشر بنجائب من ياقوت أزمتها الدر برحائل السندس والإستبرق نمارها ألين من الحرير
مد خطاها مد أبصار الرجل يسيرون في الجنة يقولون عند طول البرهة : انطلقوا بنا إلى ربنا ننظر كيف يقضي بين خلقه يضحك إليهم إلهي وإذا ضحك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة {فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال : هم الشهداء ثنية الله تعالى.
(12/699)
وأخرج سعيد بن منصور وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله {إلا من شاء الله} قال : هم الشهداء ثنية الله متقلدي السيوف حول العرش.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد وأبو نصر السجزي في الإبانة ، وَابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين استثنى الله قال جبريل وميكائيل وملك الموت وإسرافيل وحملة العرش ، فإذا قبض الله أرواح الخلائق قال لملك الموت : من بقي وهو أعلم فيقول : رب سبحانك ، رب تعاليت ذا الجلال والإكرام بقي جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت ، فيقول : خذ نفس ميكائيل ، فيقع كالطود العظيم ، فيقول : يا ملك الموت من بقي فيقول سبحانك رب ، ذا الجلال والإكرام بقي جبريل وملك الموت ، فيقول مت يا ملك الموت فيموت فيقول(12/700)
يا جبريل من بقي فيقول : سبحانك ، يا ذا الجلال والإكرام بقي جبريل وهو من الله بالمكان الذي هو به ، فيقول : يا جبريل ما بد من موتك ، فيقع ساجدا يخفق بجناحيه يقول : سبحانك رب ، تباركت وتعاليت ذا الجلال والإكرام أنت الباقي وجبريل الميت الفاني ويأخذ روحه في الخفقة التي يخفق فيها فيقع على حيز من فضل خلقه على خلق ميكائيل كفضل الطود العظيم.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أنس رفعه في قوله {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال : فكان ممن استثنى الله جبريل وميكائيل وملك الموت فيقول الله - وهو أعلم : يا ملك الموت من بقي فيقول بقي وجهك الكريم وعبدك جبريل وميكائيل وملك
الموت ، فيقول : توف نفس(12/701)
ميكائيل ، ثم يقول - وهو أعلم - يا ملك الموت من بقي فيقول بقي وجهك الكريم وعبدك جبريل وملك الموت ، فيقول توف نفس جبريل ، ثم يقول - وهو أعلم - يا ملك الموت من بقي فيقول : بقي وجهك الباقي الكريم وعبدك ملك الموت وهو ميت ، فيقول : مت ، ثم ينادي أنا بدأت الخلق وأنا أعيده فأين الجبارون المتكبرون فلا يجيبه أحد ، ثم ينادي لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيقول هو لله الواحد القهار {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}.
وأخرج ابن المنذر ، عَن جَابر {فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال : استثنى موسى عليه السلام لأنه كان صعق قبل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه {إلا من شاء الله} قال : هم حملة العرش.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : ما يبقى أحد إلا مات وقد استثنى والله أعلم مثنياه.
وأخرج أحمد ومسلم عن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(12/702)
يخرج الدجال في أمتي فيمكث فيهم أربعين يوما أو أربعين عاما أو أربعين شهرا أو أربعين ليلة فيبعث الله عيسى بن مريم عليه السلام كأنه عروة بن مسعود الثقفي فيطلبه فيهلكه الله تعالى ثم يلبث الناس بعده سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يبعث الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من الإيمان إلا قبضته حتى لو كان أحدهم في كبد جبل لدخلت عليه ، يبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع ، لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون فيأمرهم بالأوثان فيعبدوها وهم في ذلك دارة أرزاقهم حسن عيشهم ، ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا صغى ، وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه فيصعق ثم لا يبقى أحد إلا صعق ، ثم يرسل الله مطرا كأنه الطل فتنبت منه أجساد الناس {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}
ثم يقال : يا أيها الناس هلموا إلى ربكم (وقفوهم إنهم مسؤلون) (الصافات 24) ثم يقال : أخرجوا بعث النار فيقال : من كم فيقال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين فذلك (يوم يجعل الولدان شيبا) (المزمل 17) وذلك (يوم يكشف عن ساق) (القلم 42).
(12/703)
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بين النفختين أربعون ، قالوا : يا أبا هريرة أربعون يوما قال : أبيت قالوا : أربعون شهر قال : أبيت قالوا : أربعون عاما قال : أبيت ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل وليس من الإنسان شيء ألا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة.
وأخرج أبو داود في البعث ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ينفخ في الصور والصور كهيئة القرن فصعق من في السموات ومن في الأرض ، وبين النفختين أربعون عاما فيمطر الله في تلك الأربعين مطرا فينبتون من الأرض كما ينبت البقل ومن الإنسان عظم لا تأكله الأرض ، عجب ذنبه ومنه يركب جسده يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي عاصم في السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب ينبت ويرسل الله ماء الحياة فينبتون منه نبات الخضر حتى إذا خرجت الأجساد أرسل الله الأرواح فكان كل روح أسرع إلى صاحبه من الطرف ثم ينفخ في الصور {فإذا هم قيام(12/704)
ينظرون}.
وأخرج ابن المبارك عن الحسن قال : بين النفختين أربعون سنة ، الأولى يميت الله بها كل حي والأخرى يحيي الله بها كل ميت.
وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عمرو ، أن أعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن {الصور} فقال : قرن ينفخ فيه.
وأخرج مسدد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال {الصور} كهيئة القرن ينفخ فيه.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه وأبو يعلى ، وَابن حبان ، وَابن خزيمة ، وَابن المنذر والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر فينفخ قال المسلمون : كيف نقول يا رسول الله(12/705)
قال : قالوا (حسبنا الله ونعم الوكيل) على الله توكلنا.
وأخرج أبو الشيخ وصححه ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما طرف صاحب الصور منذ وكل به مستعدا ينظر العرش مخافة أن يؤمر بالصيحة قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان دريان.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره وهو صاحب الصور يعني إسرافيل.
وأخرج ابن ماجة والبزار ، وَابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن صاحبي الصور بأيديهما قرنان يلاحظان النظر حتى يؤمران.
وأخرج البزار والحاكم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال ما من صباح(12/706)
إلا وملكان موكلان بالصور ينتظران متى يؤمران فينفخان.
وأخرج أحمد والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : النافخان في السماء الثانية ، رأس أحدهما بالمشرق ، ورجلاه بالمغرب ، ينتظران متى يؤمران أن ينفخا في الصور فينفخا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والطبراني في الأوسط بسند حسن عن عبد الله بن الحارث قال : كنت عند عائشة رضي الله عنها وعندها كعب رضي الله عنه فذكر إسرافيل عليه السلام فقالت عائشة : أخبرني عن إسرافيل عليه السلام قال : له أربعة أجنحة ، جناحان في الهواء وجناح قد تسرول به وجناح على كاهله والقلم على أذنه ، فإذا نزل الوحي كتب القلم ودرست الملائكة وملك الصور أسفل منه جاث على إحدى ركبتيه وقد نصب الأخرى فالتقم الصور فحنى ظهره وطرفه إلى إسرافيل ضم جناحيه أن ينفخ في الصور.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي بكر الهذلي قال : إن ملك الصور(12/707)
الذي وكل به إحدى قدميه لفي الأرض السابعة وهو جاث على ركبتيه شاخص ببصره إلى
إسرافيل عليه السلام ما طرف ، منذ خلقه الله ينظر متى يشير إليه فينفخ في الصور.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه قال : خلق الله الصور من لؤلؤة بيضاء في صفاء الزجاجة ثم قال للعرش : خذ الصور فتعلق به ثم قال كن فكان إسرافيل فأمره أن يأخذ الصور فأخذه وبه ثقب بعدد كل روح مخلوقة ونفس منفوسة لا يخرج روحا من ثقب واحد وفي وسط الصور كوة كاستدارة السماء والأرض ، وإسرافيل عليه السلام واضع فمه على تلك الكوة ، ثم قال له الرب عز وجل : قد وكلتك بالصور فأنت للنفخة وللصيحة فدخل إسرافيل في مقدمة العرش فأدخل رجله اليمنى تحت العرش وقدم اليسرى ولم يطرف منذ خلقه الله تعالى لينظر ما يؤمر به.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والحاكم عن أوس بن أوس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه نفخة الصور وفيه الصعقة.
(12/708)
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : كأني أنفض رأسي من التراب أول خارج فالتفت فلا أرى أحدا إلا موسى متعلقا بالعرش فلا أدري أممن استثنى الله أن لا تصيبه النفخة فبعث قبلي.
وأخرج ابن جرير عن السدي {فصعق} قال : مات {إلا من شاء الله} قال : جبريل وإسرافيل وملك الموت ثم نفخ فيه أخرى قال : في الصور.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي عمران الجوني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما بعث الله إلى صاحب الصور فأخذه فأهوى بيده إلى فيه فقدم رجلا وأخر رجلا حتى يؤمر فينفخ فاتقوا النفخة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {فإذا هم قيام ينظرون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : أتاني ملك فقال : يا محمد اختر نبيا ملكا أو نبيا عبدا قال : فأومأ إلي جبريل أن تواضع فقلت : نبيا عبدا فأعطيت خصلتين ، أن جعلت أول من تنشق عنه
الأرض ، وأول شافع فأرفع رأسي فأجد موسى آخذا بالعرش فالله أعلم أصعق لهذه الصعقة الأولى أم أفاق قبلي (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون).
(12/709)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم عن أبيه قال : كنت جالسا عند عكرمة فذكروا الذين يغرقون في البحر فقال عكرمة : الحمد لله الذين يغرقون في البحار فلا يبقى منهم شيء إلا العظام فتقبلها الأمواج حتى تلقيها إلى البر فتمكث العظام حينا حتى تصير حائلة نخرة فتمر بها الإبل فتأكلها ثم تسير الإبل فتبعر ثم يجيء بعدهم قوم فينزلون فيأخذون ذلك البعر فيوقدونه في تلك النار فتجيء ريح فتلقي ذلك الرماد على الأرض فإذا جاءت النفخة قال الله {فإذا(12/710)
هم قيام ينظرون} فخرج أولئك وأهل القبور سواء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبد الله بن العاصي قال : ينفخ في الصور النفخة الأولى من باب إيليا الشرقي ، أو قال الغربي ، والنفخة الثانية من باب آخر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بين النفختين أربعون يقول الحسن فلا ندري أربعين سنة أو أربعين شهرا أو أربعين ليلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بين النفختين أربعون قال أصحابه : فما سألناه عن ذلك وما زاد ، غير أنهم كانوا يرون من رأيهم أنها أربعون سنة قال : وذكر لنا أنه يبعث في تلك الأربعين مطر يقال له مطر الحياة ، حتى تطيب الأرض وتهتز وتنبت أجساد الناس نبات البقل ثم ينفخ النفخة الثانية {فإذا هم قيام ينظرون}.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة في قوله {ونفخ في الصور} قال : {الصور} مع إسرافيل عليه السلام وفيه أرواح كل شيء يكون فيه {ثم نفخ فيه} نفخة الصعقة فإذا نفخ فيه نفخة البعث قال الله بعزتي ليرجعن كل روح إلى جسده(12/711)
قال : ودارة منها أعظم من سبع سموات ومن الأرض ، فحلق الصور على إسرافيل وهو شاخص ببصره إلى العرش حتى يؤمر بالنفخة فينفخ في الصور.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله {ونفخ في الصور} قال : الأولى من الدنيا والأخيرة من الآخرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعلي بن سعيد في كتاب الطاعة والعصيان وأبو يعلى وأبو الحسن القطان في المطولات ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني وأبو موسى المديني كلاهما في المطولات وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في البعث والنشور عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : وعنده طائفة من أصحابه : إن الله تبارك وتعالى لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص بصره إلى السماء فينظر متى يؤمر فينفخ فيه ، قلت : يا رسول الله وما الصور قال : القرن قلت فكيف هو قال : عظيم ، والذي بعثني(12/712)
بالحق إن عظم دارة فيه لعرض السموات والأرض فينفخ فيه النفخة الأولى فيصعق من في السموات ومن في الأرض ثم ينفخ فيه أخرى {فإذا هم قيام ينظرون} لرب العالمين فيأمر الله إسرافيل عليه السلام في النفخة الأولى أن يمدها ويطولها فلا يفتر وهو الذي يقول الله (ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق) (ص 15) فيسير الله الجبال فتكون سرابا وترتج الأرض بأهلها رجا فتكون كالسفينة الموسقة في البحر تضربها الرياح تنكفأ بأهلها كالقناديل المعلقة بالعرش تميلها الرياح وهي التي يقول الله (يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة) (النازعات 5 - 8) فيميد الناس على ظهرها وتذهل المراضع وتضع الحوامل وتشيب الولدان وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع وتولي الناس به مدبرين ينادي بعضهم بعضا ، فبينما على ذلك إذ تصدعت الأرض كل صدع من قطر إلى قطر فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله وأخذهم لذلك من(12/713)
الكرب والهول ما الله به عليم ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل ثم انشقت وانتثرت نجومها وخسف شمسها وقمرها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والأموات لا يعلمون شيئا من ذلك فقلت : يا رسول الله فمن استثنى الله حين يقول {ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال : أولئك الشهداء وإنما يصل الفزع إلى الأحياء وهم أحياء عند ربهم يرزقون ووقاهم الله فزع ذلك اليوم وآمنهم منه وهو الذي يقول الله (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم) (الحج 1) إلى قوله (ولكن عذاب الله شديد) (الحج 2) ، فينفخ الصور فيصعق أهل السمموات وأهل الأرض {إلا من شاء الله} فإذا
هم خمود ثم يجيء ملك الموت إلى الجبار فيقول : يا رب قد مات أهل السموات وأهل الأرض إلا من شئت ، فيقول - وهو أعلم - فمن بقي فيقول : يا رب بقيت أنت الحي الذي لا يموت وبقي حملة عرشك وبقي جبريل وميكائيل وإسرافيل وبقيت أنا ، فيقول الله : ليمت جبريل وميكائيل وإسرافيل وينطق الله العرش فيقول : يا رب تميت جبريل وميكائيل وإسرافيل فيقول الله له : اسكت فإني كتبت الموت على من كان تحت عرشي ، فيموتون ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول : يا رب قد مات جبريل وميكائيل وإسرافيل(12/714)
فيقول الله عز وجل - وهو أعلم - فمن بقي فيقول : يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقي حملة عرشك وبقيت أنا ، فيقول الله له : ليمت حملة عرشي ، فيموتون ويأمر الله العرش فيقبض الصور ثم يأتي ملك الموت الرب عز وجل فيقول : يا رب مات حملة عرشك فيقول الله - وهو أعلم - فمن بقي فيقول : يا رب بقيت أنت الحي الذي لا يموت وبقيت أنا ، فيقول الله له : أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت فإذا لم يبق إلا الله الواحد القهار الصمد الذي لم يلد ولم يولد كان آخرا كما كان أولا طوى السموات والأرض كطي السجل للكتاب ، ثم قال بهما فلفهما ، ثم قال : أنا الجبار أنا الجبار أنا الجبار ثلاث مرات ، ثم هتف بصوته لمن الملك اليوم لمن الملك اليوم لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد ، ثم يقول لنفسه : لله الواحد القهار (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات) (إبراهيم 48) فبسطها وسطحها ثم مدها مد الأديم العكاظي (لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) (طه الآية 107) ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة فإذا هم في هذه المبدلة من كان في بطنها كان في بطنها ومن كان على ظهرها كان على ظهرها ، ثم ينزل الله عليكم ماء من تحت العرش فيأمر الله السماء أن تمطر فتمطر أربعين يوما حتى يكون الماء فوقكم إثني عشر ذراعا ثم يأمر الله الأجساد أن تنبت فتنبت نبات الطوانيت كنبات البقل حتى إذا تكاملت أجسامهم وكانت كما كانت قال الله : ليحيى حملة العرش فيحيون ويأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور فيضعه على فيه ثم يقول الله : ليحيى جبريل وميكائيل فيحييان ، ثم يدعو الله بالأرواح
فيؤتى بهن توهج أرواح المؤمنين نورا(12/715)
والأخرى ظلمة فيقبضهن الله جميعا ثم يلقيها في الصور ثم يأمر إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض ، فيقول : وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد فتدخل في الخياشيم ثم تمشي في الأجساد كما يمشي السم في اللديغ ثم تنشق الأرض عنكم ، وأنا أول من تنشق الأرض عنه فتخرجون منها سراعا إلى ربكم تنسلون مهطعين إلى الداعي يقول الكافرون هذا يوم عسر حفاة عراة غلفا غرلا ، فبينما نحن وقوف إذ سمعنا حسا من السماء شديدا فينزل أهل سماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم ، ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم ، ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم ، ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف إلى السموات السبع ، ثم ينزل الجبار (في ظلل من الغمام) (البقرة 210) والملائكة يحمل عرشه يومئذ ثمانية وهم اليوم أربعة ، أقدامهم على تخوم الأرض السفلى والأرضون والسموات إلى حجزهم والعرش على مناكبهم لهم زجل بالتسبيح فيقولون : سبحان ذي العزة والجبروت سبحان ذي الملك والملكوت سبحان الحي الذي لا يموت(12/716)
سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبحان ربنا الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت ، فيضع عرشه حيث يشاء من الأرض ثم يهتف بصوته فيقول : يا معشر الجن والإنس إني قد أنصت لكم منذ يوم خلقكم إلى يومك هذا ، أسمع قولكم وأبصر أعمالكم فأنصتوا إلي ، فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ، ثم يأمر الله جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم ثم يقول (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم) (يس 60) إلى قوله (وامتازوا اليوم أيها
المجرمون) (يس 59) فيميز بين الناس وتجثو الأمم قال (وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها) (الجاثية الآية 28) ويقفون موقفا واحدا مقدار سبعين عاما لا يقضى بينهم فيبكون حتى تنقطع الدموع ويدمعون دما ويعرقون عرقا إلى أن يبلغ ذلك منهم أن يلجمهم العرق وأن يبلغ الأذقان منهم ، فيصيحون ويقولون : من يشفع لنا إلى ربنا فيقضي بيننا فيقولون : ومن أحق بذلك من أبيكم آدم عليه السلام فيطلبون ذلك إليه فيأبى ويقول : ما أنا بصاحب ذلك ، ثم يستفزون الأنبياء نبيا نبيا كلما جاؤا نبيا أبى عليهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حتى يأتوني(12/717)
فأنطلق حتى أتي فأخر ساجدا قال : أبو هريرة رضي الله عنه وربما قال قدام العرش حتى يبعث إلي ملكا فيأخذ بعضدي فيرفعني فيقول لي : يا محمد فأقول : نعم يا رب : ما شأنك - وهو أعلم - فأقول : يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك فاقض بينهم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأرجع فأقف مع الناس فيقضي الله بين الخلائق فيكون أول من يقضى فيه في الدماء ويأتي كل من قتل في سبيل الله يحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقولون : يا ربنا قتلنا فلان وفلان ، فيقول الله - وهو أعلم - أقتلتم فيقولون : يا ربنا قتلنا لتكون العزة لك ، فيقول الله لهم : صدقتم ، فيجعل لوجوههم نورا مثل نور الشمس ثم توصلهم الملائكة إلى الجنة ويأتي من كان قتل على غير ذلك يحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقولون : يا ربنا قتلنا فلان وفلان ، فيقول : لم - وهو أعلم - فيقولون : لتكون العزة لك فيقول الله : تعستم ثم ما يبقى نفس(12/718)
قتلها إلا قتل بها ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها ، وكان في مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء رحمه ثم يقضي الله بين من بقي من خلقه حتى لا يبقى مظلمة لأحد عند أحد إلا أخذها الله تعالى للمظلوم من الظالم ، حتى إنه ليكلف يومئذ شائب اللبن للبيع الذي كان يشوب اللبن بالماء ثم يبيعه فيكلف أن يخلص اللبن من الماء ، فإذا فرغ الله من ذلك نادى نداء أسمع الخلائق كلهم : ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله ، فلا يبقى أحد عبد من دون الله شيئا إلا مثلت له آلهة بين يديه ويجعل يومئذ من الملائكة على صورة عزير ويجعل ملك
من الملائكة على صورة عيسى فيتبع هذا اليهود وهذا النصارى ثم يعود بهم آلهتهم إلى النار ، فهي التي قال الله (لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون) (الأنبياء الآية 99) فإذا لم يبق إلا المؤمنون وفيهم المنافقون فيقال لهم : يا أيها الناس ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون ، فيقولون : والله ما لنا إله إلا الله وما كنا نعبد غيره فيقال لهم : الثانية ، والثالثة فيقولون : مثل ذلك فيقول : أنا ربكم فهل بينكم وبين ربكم آية تعرفونه بها فيقولون : نعم ، فيكشف عن ساق ويريهم الله ما شاء من الآية أن يريهم فيعرفون أنه ربهم فيخرون له سجدا لوجوههم ويخر كل منافق(12/719)
على قفاه يجعل الله أصلابهم كصياصي البقر ثم يأذن الله لهم فيرفعون رؤوسهم ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم كدقة الشعر وكحد السيف عليه كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان دونه جسر دحض مزلة فيمرون كطرف العين وكلمح البرق وكمر الريح وكجياد الخيل وكجياد الركاب وكجياد الرجال فناج مسلم وناج مخدوش ومكدوش على وجهه في جهنم ، فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة فدخلوها ، فو الذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم إذ دخلوا الجنة ، فدخل كل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشى ء الله في الجنة واثنتين آدميتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما في الدنيا ، فيدخل على الأولى منهن في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ عليه سبعون زوجا من سندس ، واستبرق ثم إنه يضع يده بين كتفيها فينظر إلى يدها من صدرها ومن وراء ثيابها ولحمها وجلدها ، وإنه لينظر(12/720)
إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في الياقوتة كبدها له مرآة ، فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء لا يفتران ولا يألمان ، فبينما هو كذلك إذ نودي فيقال له : إنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل وإن لك أزواجا غيرها فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة كلما جاء واحدة قالت له : والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك ولا شيئا في الجنة أحب إلي منك ، قال وإذا وقع أهل النار في النار وقع فيها خلق من خلق الله أوبقتهم أعمالهم فمنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه ومنهم من تأخذه النار في جسده كله إلا وجهه حرم
الله صورهم على النار ، فينادون في النار فيقولون : من يشفع لنا إلى ربنا حتى يخرجنا من النار فيقولون : ومن أحق بذلك من أبيكم آدم فينطلق المؤمنون إلى آدم فيقولون : خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وكلمك ، فيذكر آدم ذنبه فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بنوح فإنه أول رسل الله فيأتون نوحا عليه السلام ويذكرون ذلك إليه فيذكر ذنبا فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بإبراهيم فإن الله اتخذه خليلا ، فيؤتى إبراهيم فيطلب ذلك إليه ، فيذكر ذنبا فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بموسى فإن الله قربه نجيا وكلمه وأنزل عليه التوراة ، فيؤتى موسى فيطلب ذلك إليه فيذكر ذنبا ويقول :(12/721)
ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بروح الله وكلمته عيسى بن مريم عليه السلام ، فيؤتى عيسى بن مريم عليه السلام فيطلب ذلك إليه فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فيأتوني ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعدنيهن فأنطلق حتى آتي باب الجنة فآخذ بحلقة الباب فاستفتح فيفتح لي فأخر ساجدا فيأذن لي من حمده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد من خلقه ثم يقول : ارفع رأسك يا محمد اشفع تشفع وسل تعطه ، فإذا رفعت رأسي قال لي - وهو أعلم - ما شأنك فأقول : يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني ، فأقول يا رب من وقع في النار من أمتي فيقول الله : أخرجوا من عرفتم صورته فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد ثم يأذن الله بالشفاعة فلا يبقى نبي ولا شهيد إلا شفع فيقول الله : أخرجوا من وجدتم في قلبه زنة دينار من خير فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد وحتى لا يبقى في النار من عمل خيرا قط ولا يبقى أحد له شفاعة إلا شفع ، حتى أن إبليس ليتطاول في النار لما يرى من رحمة الله رجاء أن يشفع له ثم يقول الله : بقيت وأنا أرحم الراحمين فيقبض قبضة فيخرج منها ما لا يحصيه غيره فينبتهم على نهر يقال له نهر(12/722)
الحيوان فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل فما يلي الشمس أخضر وما يلي الظل أصفر فينبتون كالدر مكتوب في رقابهم : الجهنميون عتقاء الرحمن لم يعملوا لله خيرا قط يقول مع التوحيد فيمكثون في الجنة
ما شاء الله وذلك الكتاب في رقابهم ثم يقولون : يا ربنا امح عنا هذا الكتاب فيمحوه عنهم.
من الآيات 69 - 70.
أَخْرَج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {وأشرقت الأرض} قال : أضاءت {ووضع الكتاب} قال : الحساب.
(12/723)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {وأشرقت الأرض بنور ربها} قال : فما يتضارون في نوره إلا كما يتضارون في اليوم الصحو الذي لا دخن فيه {وجيء بالنبيين والشهداء} قال : الذين استشهدوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما {وجيء بالنبيين والشهداء} قال : النبيون الرسل {والشهداء} الذين يشهدون بالبلاغ ليس فيهم طعان ولا لعان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وجيء بالنبيين والشهداء} قال : يشهدون بتبليغ الرسالة وتكذيب الأمم إياهم.
الآيات 71 – 72
أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال إن جهنم إذا سيق إليها أهلها تلفحهم بعنق منها لفحة لم تدع لحما على عظم إلا ألقته على العرقوب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {ولكن حقت كلمة(12/724)
العذاب على الكافرين} قال : بأعمالهم أعمال السوء ، والله أعلم.
الآية 73.
أَخرَج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول : محمد . فيقول : بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك .
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يتمخطون ولا يتغوطون آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب واحد يسبحون الله بكرة(12/725)
وعشية.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين يلونهم على صورة أشد كوكب دري في السماء إضاءة.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وَابن راهويه ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبيهقي في البعث والضياء في المختارة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : يساق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان فعمدوا إلى إحدهما فشربوا منها فذهب ما في بطونهم من أذى أو قذى وباس ثم عمدوا إلى الأخرى فتطهروا منها فجرت عليهم نضرة النعيم فلن تغير أبشارهم بعدها أبدا ولن تشعث أشعارهم كأنما دهنوا بالدهان ثم انتهوا(12/726)
إلى خزنة الجنة فقالوا {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين} ثم تلقاهم الولدان يطوفون بهم كما يطيف أهل الدنيا بالحميم فيقولون : ابشر بما أعد الله لك من الكرامة ثم ينطلق غلام من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين فيقول : قد جاء فلان باسمه الذي يدعى به في الدنيا فتقول : أنت رأيته فيقول : أنا رأيته فيستخفها الفرح حتى تقوم على أسكفة بابها فإذا انتهى إلى منزله نظر شيئا من أساس بنيانه فإذا جندل اللؤلؤ فوقه أخضر وأصفر وأحمر من كل لون ، ثم رفع رأسه فنظر إلى
سقفه فإذا مثل البرق ، ولولا أن الله تعالى قدر أنه لا ألم لذهب ببصره ، ثم طأطأ برأسه فنظر إلى أزواجه (وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة) (الغاشية 14 - 16) فنظر إلى تلك النعمة ثم اتكأ على أريكة من أريكته ثم قال (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن(12/727)
هدانا الله) (الأعراف 43) ، ثم ينادي مناد : تحيون فلا تموتون أبدا وتقيمون فلا تظعنون أبدا وتصحون فلا تمرضون أبدا ، والله تعالى أعلم ، أما قوله تعالى : {وفتحت أبوابها}.
أخرج البخاري ومسلم والطبراني عن سهل بن سعد رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون.
وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله دعي من أبواب الجنة وللجنة أبواب فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان(12/728)
من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله فهل يدعى أحد منها كلها قال : نعم وأرجو أن تكون منهم.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو يعلى والطبراني والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : للجنة ثمانية أبواب ، سبعة مغلقة وباب مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : للجنة ثمانية أبواب ، باب للمصلين وباب للصائمين وباب للحاجين وباب للمعتمرين وباب للمجاهدين وباب للذاكرين وباب للشاكرين.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكل عمل أهل من أبواب الجنة يدعون منه بذلك العمل.
وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة دعي الإنسان بأكبر عمله فإذا كانت الصلاة أفضل دعي بها وإن
كان(12/729)
صيامه أفضل دعي به وإن كان الجهاد أفضل دعي به ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : أحد يدعى بعملين قال : نعم ، أنت.
وأخرج الطبراني في الأوسط والخطيب في المتفق المفترق عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة بابا يقال له الضحى فإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين كانوا يديمون صلاة الضحى هذا بابكم فادخلوه برحمة الله.
وأخرج أحمد عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما بين مصراعين من مصاريع الجنة أربعون عاما وليأتين عليهم يوم وأنه لكظيظ.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفسي بيده لما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر ، أو كما بين(12/730)
مكة وبصرى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه أنه خطب فقال : إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لمسيرة أربعين عاما وليأتين على أبواب الجنة يوم وليس منها باب إلا وهو كظيظ.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب رضي الله عنه قال : ما بين مصراعي الجنة أربعون خريفا للراكب المجد وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلمي قال إن الرجل ليوقف على باب الجنة مائة عام بالذنب عمله وأنه ليرى أزواجه وخدمه.
وأخرج أحمد والبزار عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : مفاتيح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله.
وأخرج الطيالسي والدارمي ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(12/731)
مفاتيح الجنة الصلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي ومسلم وأبو داود ، وَابن ماجة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما منكم من أحد يسبغ الوضوء ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له من الجنة ثمانية أبواب من أيها شاء دخل.
(12/732)
وأخرج النسائي والحاكم ، وَابن حبان عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويخرج الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة.
وأخرج أحمد ، وَابن جَرِير والبيهقي عن عتبة بن عبد الله السلمي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من عبد يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية ، من أيها شاء دخل.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان له بنتان أو أختان أو عمتان أو خالتان فعالهن فتحت له أبواب الجنة.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن(12/733)
رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما امرأة اتقت ربها وحفظت فرجها فتحت لها ثمانية أبواب الجنة فقيل لها : أدخلي من حيث شئت.
وأخرج أبو نعيم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حفظ على أمتي أربعين حديثا ينفعهم الله بها قيل له : ادخل من أي أبواب الجنة شئت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سلام عليكم طبتم} قال : كنتم طيبين بطاعة الله.
الآيات 74 - 75
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وأورثنا الأرض} قال : أرض الجنة.
وأخرج هناد عن أبي العالية رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {نتبوأ من الجنة حيث نشاء} قال : انتهت مشيئتهم إلى ما أعطوا.
(12/734)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أرض الجنة قال : هي بيضاء نقية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : أرض الجنة رخام من فضة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء رضي الله عنه {وترى الملائكة حافين من حول العرش} قال : مديرين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {وترى الملائكة حافين من حول العرش} قال : محدقين به.
وأخرج ابن عساكر عن كعب رضي الله عنه قال : جبل الخليل والطور والجودي يكون كل واحد منهم يوم القيامة لؤلؤة بيضاء تضيء ما بين السماء والأرض ، يعني يرجعن إلى بيت المقدس حتى يجعلن في زواياه ويضع عليها كرسيه حتى يقضي بين أهل الجنة والنار {الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله !(12/735)
{وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} قال : افتتح أول الخلق بالحمد وختم بالحمد فتح بقوله {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض} وختم بقوله {وقيل الحمد لله رب العالمين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن وهب رضي الله عنه قال : من أراد أن يعرف قضاء الله في خلقه فليقرأ آخر سورة الزمر.
(12/736)
المجلد الثالث عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
(40)- سورة غافر.
مكية وآياتها خمس وثمانون.
مقدمة سورة غافر.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت الحواميم السبع بمكة.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال : أخبرني مسروق رضي الله عنه أنها أنزلت بمكة.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : نزلت الحواميم جميعا بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت حم (المؤمن) بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله أعطاني السبع مكان التوراة وأعطاني الراآت(13/5)
إلى الطواسين ، مكان الإنجيل وأعطاني ما بين الطواسين إلى الحواميم مكان الزبور وفضلني بالحواميم والمفصل ، ما قرأهن نبي قبلي.
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن لكل شيء لبابا وإن لباب القرآن الحواميم.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن الضريس ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : الحواميم ديباج القرآن.
وأخرج أبو عبيد ومحمد بن نصر ، وَابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إذا وقعت في الحواميم وقعت في روضات أتأنق فيهن.
وأخرج محمد بن نصر وحميد بن زنجويه ، من وجه آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن مثل القرآن كمثل رجل انطلق يرتاد لأهله منزلا فمر
بأثر غيث فبينما هو يسير فيه ويتعجب منه إذ هبط على روضات دمثات فقال : عجبت من الغيث الأول فهذا أعجب وأعجب ، فقيل له : إن مثل الغيث الأول(13/6)
كمثل عظم القرآن وإن مثل هؤلاء الروضات الدمثات مثل آل حم في القرآن.
وأخرج أبو الشيخ وأبو النعيم والديلمي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحواميم ديباج القرآن.
وأخرج الديلمي ، وَابن مردويه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه مرفوعا الحواميم روضة من رياض الجنة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الخليل بن مرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الحواميم سبع وأبواب جهنم سبع تجيء كل حم منها تقف على باب من هذه الأبواب تقول : اللهم لا تدخل من هذا الباب من كان يؤمن بي ويقرأني.
وأخرج الدارمي ومحمد بن نصر عن سعد بن إبراهيم قال : كن الحواميم(13/7)
يسمين العرائس.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن سعد ومحمد بن نصر والحاكم عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، أنه بنى مسجدا فقيل له : ما هذا فقال لآل حم.
وأخرج الترمذي والبزار ومحمد بن نصر ، وَابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ (حم) إلى (وإليه المصير) (غافر الآية 1 - 3) وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح.
الآية 1 - 3.
أَخْرَج ابن الضريس عن إسحاق بن عبد الله رضي الله عنه قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لكل شجرة ثمرا وأن ثمرات القرآن ذوات (حم) من روضات
مخصبات معشبات ومتجاورات فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم ومن قرأ سورة الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له ومن قرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك في يوم وليلة فكأنما وافق ليلة القدر ومن قرأ إذا زلزلت الأرض زلزالها فكأنما قرأ ربع القرآن ومن قرأ قل يا أيها الكافرون(13/8)
فكأنما قرأ ربع القرآن ومن قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : إذن نستكثر من القصور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكثر وأطيب ومن قرأ أقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس لم يبق شيء من البشر إلا قال : أي رب أعذه من شري ومن قرأ أم القرآن فكأنما قرأ ربع القرآن ومن قرأ ألهاكم التكاثر فكأنما قرأ ألف آية.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال {حم} اسم من أسماء الله تعالى.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وأبو عبيد ، وَابن سعد ، وَابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن المهلب بن أبي صفرة رضي الله عنه قال : حدثني من سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن قلتم الليلة (حم) لا ينصرون.
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم ، وَابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنكم تلقون عدوكم غدا فليكن شعاركم {حم} لا ينصرون.
(13/9)
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال : انهزم المسلمون بخيبر فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من تراب حفنها في وجوههم وقال {حم} لا ينصرون فانهزم القوم وما رميناهم بسهم ولا طعن برمح.
وأخرج البغوي والطبراني عن شيبة بن عثمان رضي الله عنه قال : لما كان يوم خيبر تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحصى ينفخ في وجوههم وقال : شاهت الوجوه {حم} لا ينصرون.
(13/10)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن يزيد بن الأصم رضي الله عنه أن رجلا كان ذا بأس وكان من أهل الشام وأن عمر فقده فسأل عنه فقيل له : في الشراب فدعا عمر رضي الله عنه كاتبه فقال له : اكتب : من عمر بن الخطاب إلى فلان بن فلان ،.
سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو {غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير} ثم دعا وأمن من عنده فدعوا له أن يقبل الله عليه بقلبه وأن يتوب الله عليه ، فلما أتت الصحيفة الرجل جعل يقرأها ويقول {غافر الذنب} قد وعدني أن يغفر لي {وقابل التوب شديد العقاب} قد حذرني الله عقابه {ذي الطول} الكثير الخير {إليه المصير} فلم يزل يرددها على نفسه حتى بكى ثم نزع فأحسن النزع ، فلما بلغ عمر رضي الله عنه أمره قال : هكذا فافعلوا إذا رأيتم حالكم في زلة فسددوه ووفقوه وادعوا الله له أن يتوب عليه ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه.
(13/11)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : كان شاب بالمدينة صاحب عبادة وكان عمر رضي الله عنه يحبه فانطلق إلى مصر فانفسد فجعل لا يمتنع من شر فقدم على عمر رضي الله عنه بعض أهله فسأله حتى سأله عن الشاب فقال : لا تسألني عنه قال : لم قال : لأنه قد فسد وخلع فكتب إليه عمر رضي الله عنه : من عمر إلا فلان {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير} فجعل يقرأها على نفسه فأقبل بخير.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن رضي الله عنه في قوله {غافر الذنب وقابل التوب} قال {غافر الذنب} لمن لم يتب {وقابل التوب} لمن تاب.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن المنذر عن أبي إسحاق السبيعي قال : جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين إن قتلت فهل لي من توبة فقرأ عليه {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب} وقال : اعمل ولا تيأس.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن(13/12)
ابن عباس رضي الله عنهما {ذي الطول} السعة والغنى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {ذي الطول} قال : ذي الغنى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ذي الطول} قال : ذي النعم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه {ذي الطول} قال : ذي المن.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {غافر الذنب وقابل التوب} قال {غافر الذنب} لمن يقول لا إله إلا الله {وقابل التوب} لمن يقول لا إله إلا الله {شديد العقاب} لمن لا يقول لا إله إلا الله {ذي الطول} ذي الغنى {لا إله إلا هو} كانت كفار قريش لا يوحدونه فوحد نفسه {إليه المصير} مصير من يقول لا إله إلا هو فيدخله الجنة ومصير من لا يقول لا إله إلا هو فيدخله النار.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن ثابت البناني رضي الله عنه قال : كنت مع مصعب بن الزبير رضي الله عنه في سواد الكوفة فدخلت حائطا أصلي ركعتين فافتتحت !(13/13)
{حم} المؤمن حتى بلغت {لا إله إلا هو إليه المصير} فإذا خلفي رجل على بغلة شهباء عليه مقطنات يمنية فقال : إذا قلت {وقابل التوب} فقل : يا قابل التوب اقبل توبتي وإذا قلت {شديد العقاب} فقل : يا شديد العقاب لا تعاقبني ولفظ ابن أبي شيبة اعف عني وإذ قلت {ذي الطول} فقل : يا ذا الطول طل علي بخير قال : فقلتها ثم التفت فلم أر أحدا فخرجت إلى الباب فقلت : مر بكم رجل عليه مقطنات يمينة قالوا : مارأينا أحدا ، كانوا يقولون أنه إلياس.
الآيات 4 - 6
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا} ونزلت في الحرث بن قيس السلمي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جدالا(13/14)
في القرآن كفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مراء في القرآن كفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي جهم رضي الله عنه قال : اختلف رجلان من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في آية فقال أحدهما : تلقيتها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال الآخر أنا تلقيتها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال : أنزل القرآن على سبعة أحرف وإياكم والمراء فيه فإن المراء كفر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جدال في القرآن كفر.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلا يغررك تقلبهم في البلاد} قال : إقبالهم وإدبارهم وتقلبهم في أسفارهم ، وفي قوله {والأحزاب من بعدهم} قال : من بعد قوم نوح عاد وثمود وتلك(13/15)
القرون ، كانوا أحزابا على الكفار {وهمت كل أمة برسولهم} ليأخذوه فيقتلوه {وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا} قال : حق عليهم العذاب بأعمالهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فلا يغررك تقلبهم في البلاد} قال : فسادهم فيها وكفرهم {فأخذتهم فكيف كان عقاب} قال : والله شديد العقاب ، أما قوله تعالى : {وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق}.
أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من أعان باطلا ليدحض بباطله حقا فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله.
الآيات 7 - 9.
أَخرَج أبو يعلى ، وَابن مردويه بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أذن لي أن أحدث عن ملك قد مرقت رجلاه الأرض السابعة والعرش على منكبيه وهو يقول : سبحانك أين كنت وأين(13/16)
تكون.
وأخرج أبو داود ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات بسند صحيح ، عَن جَابر رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش ، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن حبان بن عطية رضي الله عنه قال : حملة العرش ثمانية ، أقدامهم مثقفة في الأرض السابعة ورؤوسهم قد جاوزت السماء السابعة وقرونهم مثل طولهم عليها العرش.
وأخرج أبو الشيخ عن ذاذان رضي الله عنه قال : حملة العرش أرجلهم في التخوم لا يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم من شعاع النور.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن هرون(13/17)
بن رباب رضي الله عنه قال : حملة العرش ثمانية يتجاوبون بصوت رخيم ، يقول أربعة منهم : سبحانك وبحمدك على عفوك بعد قدرتك ، وأربعة منهم يقولون : سبحانك وبحمدك على حلمك بعد علمك.
وأخرج أبو الشيخ ، وَابن أبي حاتم من طريق أبي قبيل أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول : حملة العرش ثمانية ، ما بين موق أحدهم إلى مؤخرة عينيه مسيرة خمسمائة عام.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه قال : حملة العرش الذي يحملونه لكل ملك منهم أربعة وجوه وأربعة أجنحة جناحان على وجهه ينظر إلى العرش فيصعق وجناحان يطير بهما ، أقدامهم في الثرى والعرش على أكتافهم ، لكل واحد منهم وجه ثور ووجه أسد ووجه إنسان ووجه نسر ، ليس لهم كلام إلا أن يقولوا : قدوس الله القوي ملأت عظمته السموات والأرض.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه قال : حملة العرش أربعة فإذا كان يوم(13/18)
القيامة أيدوا بأربعة آخرين ، ملك منهم في صورة إنسان يشفع لبني آدم في أرزاقهم وملك منهم في صورة نسر يشفع للطير في أرزاقهم وملك منهم في صورة ثور يشفع للبهائم في أرزاقهم وملك في صورة أسد يشفع للسباع في أرزاقهم ، فلما حملوا العرش وقعوا على ركبهم من عظمة الله فلقنوا لا حول ولا قوة إلا بالله فاستووا قياما على أرجلهم.
وأخرج أبو الشيخ عن مكحول رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في حملة العرش أربعة أملاك ، ملك على صورة سيد الصور وهو ابن آدم وملك على صورة سيد السباع وهو الأسد وملك على صورة سيد الأنعام وهو الثور فما زال غضبان مذ يوم العجل إلى ساعتي هذه وملك على صورة سيد الطير وهو النسر.
وأخرج ابن مردويه عن أم سعد رضي الله عنها قالت : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول العرش على ملك من لؤلؤة على صورة ديك رجلاه في تخوم الأرض وجناحاه في الشرق وعنقه تحت العرش.
(13/19)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه قال : حملة العرش كلهم على صور ، قيل : يا عكرمة وما صور فأمال خده قليلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ميسرة رضي الله عنه قال : لا تستطيع الملائكة الذين يحملون العرش أن ينظروا إلى ما فوقهم من شعاع النور.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : حملة العرش ما بين منكب أحدهم إلى أسفل قدميه مسيرة خمسمائة عام وذكر : أن خطوة تلك الملك ما بين المشرق والمغرب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ميسرة رضي الله عنه قال : حملة العرش أرجلهم في الأرض السفلى ورؤوسهم قد خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم وهم أشد خوفا من أهل السماء السابعة وأهل السماء السابعة أشد خوفا من أهل السماء التي تليها وأهل السماء التي تليها أشد خوفا من التي تليها.
وأخرج البيهقي عن عروة رضي الله عنه قال : حملة العرش منهم من صورته صورة الإنسان ومنهم من صورته صورة النسر ومنهم من صورته صورة الثور ومنهم من صورته صورة الأسد.
(13/20)
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : إن الملائكة الذين يحملون العرش يتكلمون بالفارسية.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقال : ما جمعكم قالوا : اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته فقال : لن تدركوا التفكر في عظمته ، ألا أخبركم ببعض عظمة ربكم قيل : بلى يا رسول الله قال : إن ملكا من حملة العرش يقال له إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله ، قد مرقت قدماه في الأرض السابعة السفلى ومرق رأسه من السماء السابعة في مثله من خليقة ربكم تعالى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : في بعض القراءة الذين يحملون العرش فالذين حوله الملائكة يسبحون بحمد ربهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ويستغفرون للذين آمنوا} قال مطرف بن عبد الله بن الشخير : وجدنا أنصح عباد الله لعباده الملائكة عليهم السلام ووجدنا أغش عباد الله لعباده الشياطين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : في بعض القراءة {الذين يحملون العرش} في قوله فاغفر للذين(13/21)
تابوا من الشرك واتبعوا سبيلك قال : طاعتك وفي قوله {وأدخلهم جنات عدن} قال : إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : يا كعب ما عدن قال : قصور من ذهب في الجنة
يسكنها النبيون والصديقون وأئمة العدل وفي قوله {وقهم السيئات} قال : العذاب.
الآية 10.
أَخرَج عَبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} قال : إذا كان يوم القيامة فرأوا ما صاروا إليه مقتوا أنفسهم فقيل لهم {لمقت الله} إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون {أكبر من مقتكم أنفسكم} اليوم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : مقتوا أنفسهم لما دخل المؤمنون الجنة وأدخلوا النار فأكلوا أناملهم من المقت قال : ينادون في النار {لمقت الله} إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون {أكبر من مقتكم أنفسكم} في النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} الآية قال : مقتوا أنفسهم حين رأوا أعمالهم(13/22)
ومقت الله إياهم في الدنيا إذ يدعون إلى الايمان فيكفرون أكبر ..
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : (لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم) الآية . يقول : لمقت الله أهل الضلالة حين يعرض عليهم الإيمان في الدنيا فتركوه وأبو أن يقبلوا أكبر مما مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن زر الهمداني رضي الله عنه في قوله {إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} قال : هذا شيء يقال لهم يوم القيامة حين مقتوا أنفسهم فيقال لهم {لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} قال : مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة حين مقتوا أنفسهم الآن حين علمتم أنكم من أصحاب النار.
الآيات 11 - 13
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} قال : هي مثل التي في البقرة (كنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم) (البقرة الآية 28) كانوا أموتا في أصلاب آبائهم ثم أخرجهم فأحياهم ثم يميتهم ثم يحييهم بعد الموت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !(13/23)
{أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} قال : كنتم أمواتا قبل أن يخلقكم فهذه ميتة ثم أحياكم فهذه حياة ثم يميتكم فترجعون إلى القبور فهذه ميتة أخرى ثم يبعثكم يوم القيامة فهذه حياة فهما ميتتان وحياتان ، فهو كقوله (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون) (البقرة الآية 28).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك رضي الله عنه قال : كانوا أمواتا فأحياهم الله تعالى فأماتهم ثم يحييهم الله تعإلى يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} قال : كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم فأحياهم الله تعالى في الدنيا ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها ثم أحياهم للبعث يوم القيامة ، فهما حياتان وموتتان {فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل} فهل إلى كرة إلى الدنيا من سبيل.
الآية 14.
أَخرَج مسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن(13/24)
الزبير رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دبر الصلاة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهوعلى كل شيء قدير ، ولا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
الآيات 15 - 16
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يلقي الروح من أمره} قال : الوحي والرحمة {لينذر يوم التلاق} قال : يوم يتلاقى أهل السماء وأهل الأرض والخالق وخلقه {يوم هم بارزون} ولا يسترهم جبل ولا شيء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (لينذر يوم التلاق) قال : يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (لينذر يوم التلاق) قال يوم القيامة ، يلتلقي فيها آدم وأخر ولده .(13/25)
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: يوم التلاق ويوم الآزفة ونحو هذا من أسماء يوم القيامة عظمه الله وحذره عباده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء} قال : واليوم لا يخفى على الله منهم شيء ولكنهم برزوا لله يوم القيامة لا يستترون بجبل ولا مدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينادي مناد بين يدي الساعة : يا أيها الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات وينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في البعث والديلمي عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ينادي مناد بين الصيحة : يا أيها الناس أتتكم الساعة - ومد بها صوته يسمعه الأحياء والأموات - وينزل الله إلى السماء الدنيا ثم ينادي مناد : لمن الملك اليوم ، لله الواحد القهار.
الآية 17(13/26)
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الأية قال : ينادي بالجبارين فيجعلون في توابيت من نار ثم يقال : لمن الملك اليوم ؟ فيقال : لله الواحد القهار . قوله تعالى : (اليوم تجزى كل نفس) الآية ..
أَخرَج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : بلغني حديث عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في القصاص فأتيت بعير فشددت عليه رحلي ثم سرت إليه شهرا حتى قدمت مصر فأتيت عبد الله بن أنيس فقلت له : حديث بلغني عنك في القصاص فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
يحشر الله العباد حفاة عراة غرلا ، قلنا ما هما قال : ليس معهم شيء ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب ، أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولا لأحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة حتى أقصه منها حتى اللطمة ، قلنا كيف وإن نأتي الله غرلا بهما قال :(13/27)
بالحسنات والسيئآت وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذنوب ثلاثة ، فذنب يغفر وذنب لا يغفر وذنب لا يترك منه شيء ، فالذنب الذي يغفر العبد يذنب الذنب فيستغفر الله فيغفر له وأما النذب الذي لا يغفر فالشرك وأما الذنب الذي لا يترك منه شيء فمظلمة الرجل أخاه ، ثم قرأ ابن عباس رضي الله عنهما {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} يؤخذ للشاة الجماء من ذات القرون بفضل نطحها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يجمع الله الخلق يوم القيامة بصعيد واحد بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله عليها قط ولم يخط فيها ، فأول ما يتكلم أن ينادي مناد : لمن الملك اليوم ، لله الواحد القهار {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} فأول ما يبدؤن به من الخصومات الدماء فيؤتى بالقاتل والمقتول فيقول : سل عبدك هذا فيم قتلتني فيقول : نعم ، فإن قال قتلته لتكون العزة لله فإنها له وإن قال قتلته لتكون العزة لفلان فإنها ليست له(13/28)
ويبوء بإئمه فيقتله ، ومن كان قتل بالغين ما بلغوا ويذوقوا الموت كما ذاقوه في الدنيا.
وأخرج الخطيب في تاريخه بسند واه عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يحشر الناس يوم القيامة كما ولدتهم أمهاتهم ، حفاة عراة غرلا ، فقالت عائشة رضي الله عنها : واسوأتاه ، ينظر بعضنا إلى بعض فضرب على منكبها وقال : يا بنت أبي قحافة شغل الناس يومئذ عن النظر وسموا بأبصارهم إلى السماء موقوفون أربعين سنة ، لا يأكلون ولا يشربون ولا يتكلمون سامين أبصارهم إلى السماء ، يلجمهم العرق فمنهم من بلغ العرق قدميه ومنهم من بلغ ساقيه ومنهم من بلغ فخذيه ، وبطنه ومنهم من يلجمه العرق.
ثم يرحم بعد ذلك على العباد فيأمر الملائكة المقربين فيحملون عرش الرب عز وجل حتى يوضع في أرض بيضاء كأنها الفضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل فيها خطيئة وذلك أول يوم نظرت عين إلى الله تعالى ، ثم تقوم الملائكة (حافين من حول العرش) (الزمر 75) ثم ينادي مناد(13/29)
فينادي بصوت يسمع الثقلين الجن والإنس يستمع الناس لذلك الصوت ثم يخرج الرجل من الموقف فيعرق الناس كلهم ثم يعرق بأخذ حسناته فتخرج معه فيخرج بشيء لم ير الناس مثله كثرة ويعرف الناس تلك الحسنات فإذا وقف بين يدي رب العالمين قال : أين أصحاب المظالم فيقول له الرحمن تعالى : أظلمت فلان بن فلان في كذا وكذا ، فيقول : نعم يا رب وذلك (يوم تشهد عليه ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) (النور 24) فإذا فرغ من ذلك فيؤخذ من حسناته فيدع إلى من ظلمه ، وذلك يوم لا دينار ولا درهم إلا أخذ من الحسنات وترك من السيئآت فإذا لم يبق حسنة قال : من بقي يا ربنا ما بال غيرنا استوفوا حقوقهم وبقينا قيل : لا تعجلوا فيؤخذ من سيئآتهم عليه فإذا لم يبق أحد يطلبه قيل له ارجع إلى أمك الهاوية فإنه {لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب} ولا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد إلا ظن أنه(13/30)
لم ينج لما رأى من شدة الحساب.
الآية 18.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {وأنذرهم يوم الآزفة} قال : الساعة {إذ القلوب لدى الحناجر} قال : وقعت في حناجرهم من المخافة فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وأنذرهم يوم الآزفة} قال : يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {إذ القلوب لدى الحناجر} قال : إذا عاين أهل النار النار حتى تبلغ حناجرهم فلا تخرج فيموتون ولا ترجع
إلى أماكنها من أجوافهم ، وفي قوله {كاظمين} قال : باكين.
الآيات 19 - 20.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} قال : الرجل يكون في القوم فتمر بهم المرأة فيريهم أنه يغض بصره عنها وإذا غفلوا لحظ إليها وإذا نظروا غض بصره عنها وقد اطلع الله من قلبه أنه ود أنه ينظر إلى(13/31)
عورتها.
وأخرج أبو نعيم في الحلية ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يعلم خائنة الأعين} قال : نظرت إليها لتريد الخيانة أم لا {وما تخفي الصدور} قال : إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا ألا أخبركم {والله يقضي بالحق} قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال : يعلم همزه واضمامه بعينيه فيما لا يحب الله تعالى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال : نظر العين إلى ما نهي عنه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي الجوزاء رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال : كان الرجل يدخل على القوم في البيت وفي البيت امرأة فيرفع رأسه فيلحظ(13/32)
إليها ثم ينكس.
وأخرج أبو داود والنسائي ، وَابن مردويه عن سعد رضي الله عنه قال : لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال : أقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فأختبأ عند عثمان بن عفان رضي الله عنه فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به
فقال : يا رسول الله بايع عبد الله ، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى يبايعه ثم أقبل على أصحابه فقال : أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله فقالوا : ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك قال : أنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين.
وأخرج الخطيب في تاريخه والحكيم الترمذي عن أم معبد رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم طهر قلبي من النفاق وعملي من الرياء ولساني من الكذب وعيني من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {والله يقضي بالحق} قال : قادر على أن يقضي بالحق !(13/33)
{والذين يدعون من دونه} لا يقدرون على أن يقضوا بالحق.
من آية 21 - 22.
أَخرَج عَبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وما كان لهم من الله من واق} قال : من واق يقيهم ولا ينفعهم.
من آية 23 - 27
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا} ، قال : هذا بعد القتل الأول ولفظ عَبد بن حُمَيد هذا قتل غير القتل الأول الذي كان.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وقال فرعون ذروني أقتل موسى} قال : أنظر من يمنعه مني.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} قال : أن يقتلوا(13/34)
أبناءكم ويستحيوا نساءكم إذا ظهروا عليكم كما كنتم تفعلون بهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {إني أخاف أن يبدل دينكم} أي أمركم الذي أنتم عليه {أو أن يظهر في الأرض الفساد} والفساد عنده أن يعمل بطاعة الله (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) قال : المشرك أسرف على نفسه بالشرك.
الآية 28.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم يكن في آل فرعون مؤمن غيره وغير امرأة فرعون وغير المؤمن الذي أنذر موسى عليه
السلام ، الذي قال : أن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك) قال ابن المنذر أخبرت أن اسمه حزقيل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي إسحاق رضي الله عنه قال : كان سم الرجل الذي آمن من آل فرعون حبيب.
وأخرج البخاري ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه من طريق عروة رضي الله عنه قال : قلت(13/35)
لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر رضي الله عنه فأخذ بمنكبيه ودفعه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، ثم قال {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم}.
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كان أشد من أن طاف بالبيت ضحى فلقوه حين فرغ فأخذوا بمجامع ردائه وقالوا : أنت الذي تنهانا عما كان يعبد آباؤنا قال : أنا ذاك ، فقام أبو بكر رضي الله عنه فالتزمه من ورائه ثم قال {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب} رافعا صوته بذلك وعيناه يسحان حتى أرسلوه.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ضربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غشي عليه ، فقام أبو بكر رضي الله عنه فجعل ينادي ويلكم {أتقتلون رجلا أن يقول(13/36)
ربي الله} قالوا : من هذا قال : هذا ابن أبي قحافة.
وأخرج الحكيم الترمذي ، وَابن مردويه من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ، نحوه.
وأخرج البزار وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن علي رضي الله عنه أنه قال : أيها الناس أخبروني بأشجع الناس قالوا : أنت ، قال : لا ، قالوا : فمن قال : أبو بكر رضي الله عنه ، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش ، هذا يحثه وهذا يبلبله وهم يقولون : أنت الذي جعلت الآلهة آلها واحدا قال : فوالله ما دنا منا أحد
إلا أبو بكر رضي الله عنه ، يضرب هذا ويجاهد هذا وهو يقول ويلكم {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله} ثم رفع علي رضي عنه بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته ثم قال : أنشدكم بالله أمؤمن آل فرعون خير أم(13/37)
أبو بكر رضي الله عنه خير من مؤمن آل فرعون ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه.
الآية 29 - 31.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن عباس {مثل دأب} مثل حال.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {مثل دأب قوم نوح} قال : هم الأحزاب {قوم نوح وعاد وثمود}.
الآيات 32 - 33.
أَخْرَج ابن المبارك ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت بأهلها فتكون الملائكة على حافتها حتى يأمرهم الرب فينزلون فيحيطون بالأرض ومن بها ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة ، فصفوا صفا دون صف ثم ينزل الملك الأعلى ليسري جهنم فإذا رأها أهل الأرض هربوا فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة(13/38)
صفوف من الملائكة فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه ، فذلك قوله {يوم التناد} يعني بتشديد الدال {يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم}
وذلك قوله (وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم) (الفجر الآية 22 - 23) وقوله (يا معشر الجن والإنس إن إستطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فأنفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) (الرحمن الآية 33) وقوله (وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها) (الحاقة الآية 17) يعني ما تشقق فيها ، فبينما هم كذلك إذ سمعوا الصوت فأقبلوا إلى الحساب.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {يوم التناد} قال : ينادى كل قوم بأعمالهم ، فنادي أهل النار أهل الجنة ، وأهل الجنة أهل النار {يوم تولون مدبرين} إلى النار {ما لكم من الله من عاصم} أي من ناصر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد}(13/39)
قال : ينادي أهل الجنة أهل النار (أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا) (الأعراف الآية 44) قال : وينادي أهل النار أهل الجنة (أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) (الأعراف الآية 50).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {يوم تولون مدبرين} قال : قادرين غير معجزين.
الآيات 34 - 38
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات} قال : رؤيا يوسف عليه السلام.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان} قال : بغير برهان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما رآه المؤمنون حسنا فهو حسن عند الله وما رآه المؤمنون سيئا فهو سيء عند الله ، وكان الأعمش رضي الله عنه يتأول بعده {كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه {كذلك يطبع الله على كل قلب(13/40)
متكبر} مضاف لا ينون في قلب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا} قال : كان أول من بنى بهذا الآجر وطبخه {لعلي أبلغ الأسباب} قال : الأبواب {أسباب} أي أبواب {كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل} قال : فعل ذلك به {زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب} أي في ضلال وخسار.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {يا هامان ابن لي صرحا} قال : أوقد على الطين حتى يكون الآجر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي صالح رضي الله عنهم في قوله {أسباب السماوات} قال : طرق السموات.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إلا في تباب} قال : خسران.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {في تباب} قال : في خسارة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ (وصدوا عن السبيل) برفع(13/41)
الصاد.
الآيات 39 - 40
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الدنيا جمعة من جمع الآخرة ، سبعة آلاف سنة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الحياة الدنيا متاع وليس من متاعه شيء خيرا من المرأة الصالحة التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {وإن الآخرة هي دار القرار} استقرت الجنة بأهلها واستقرت النار بأهلها {من عمل سيئة} قال : الشرك {فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا} أي خيرا {من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب} لا والله ما هناك مكيال ولا ميزان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ فأولئك يدخلون الجنة بنصب الياء.
(13/42)
الآيات 41 - 45
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد في قوله {ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة} قال : إلى الإيمان وفي قوله {لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا} قال : الوثن ليس بشيء {وأن المسرفين} السفاكين الدماء بغير حقها {هم أصحاب النار}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال {ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة} قال : لا يضر ولا ينفع {وأن المسرفين هم أصحاب النار} قال : جميع أصحابنا {وأن المسرفين هم أصحاب النار}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {فوقاه الله سيئات ما مكروا} قال : كان قبطيا من قوم فرعون فنجا(13/43)
مع موسى وبني إسرائيل حين نجوا.
الآيات 46 - 50.
أَخْرَج ابن أبي شيبة وهناد ، وعَبد بن حُمَيد عن هذيل بن شرحبيل رضي الله عنه قال : إن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار ، فذلك عرضها وأرواح الشهداء في أجواف طير خضر وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحنث في أجواف عصافير من عصافير الجنة ترعى وتسرح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الضحاك رضي الله عنه أنه سئل عن أرواح الشهداء قال : تجعل أرواحهم في أجواف طير خضر تسرح في الجنة وتأوي بالليل إلى قناديل من ذهب معلقة بالعرش فتأوي فيها ، قيل فأرواح الكفار قال : توجد أرواحهم فتجعل في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار ، ثم قرأ هذه الآية {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاءوا وأن أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت وإن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح ، فذلك عرضها.
(13/44)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} قال : صباحا ومساء ، يقال لهم : هذه منازلكم فانظروا إليها توبيخا ونقمة وصغارا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {يعرضون عليها غدوا وعشيا} قال : ما كانت الدنيا تعرض أرواحهم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنه كان له صرختان في كل يوم غدوة وعشية ، كان يقول أول النهار : ذهب الليل وجاء النهار وعرض آل فرعون على النار فلا يسمع أحد صوته إلا استعاذ بالله من النار.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت ، وَابن جَرِير عن الأوزاعي رضي الله عنه ، أنه سأله رجل فقال : يا أبا عمرو إنا نرى طيرا أسود تخرج من البحر فوجا فوجا لا يعلم عددها إلا الله تعالى فإذا كان العشاء عاد مثلها بيضا قال : وفطنتم لذلك قالوا : نعم ، قال : تلك في حواصلها أرواح آل فرعون !(13/45)
{يعرضون عليها غدوا وعشيا} فترجع وكورها وقد أحرقت رياشها وصارت سوداء فينبت عليها ريش أبيض وتتناثر السود ثم تعرض على النار ثم ترجع إلى وكورها فذلك دأبهم في الدنيا فإذا كان يوم القيامة قال الله {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله
عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده من الغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، يقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة ، زاد ابن مردويه {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا}.
وأخرج البزار ، وَابن أبي حاتم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما أحسن محسن مسلم أو كافر إلا أثابه الله ، قلنا يا رسول الله ما إثابة الكافر قال : المال(13/46)
والولد والصحة وأشباه ذلك ، قلنا : وما إثابته في الآخرة قال : عذابا دون العذاب ، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} قراءة مقطوعة الألف.
الآيات 51 - 55.
أَخرَج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن أبي الدنيا في ذم الغيبة والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه نار جهنم ، ثم تلا {إنا لننصر رسلنا} الآية.
وأخرج ابن مردويه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {إنا لننصر رسلنا} الآية ، قال : ذلك في الحجة ، يفتح الله حجتهم في الدنيا.
(13/47)
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في هذه الآية قال : لم يبعث الله
إليهم من ينصرهم فيطلب بدمائهم ممن فعل ذلك بهم في الدنيا وهم منصورون فيها.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ويوم يقوم الأشهاد} قال : هم الملائكة.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سفيان رضي الله عنه قال : سألت الأعمش عن قوله {ويوم يقوم الأشهاد} قال : الملائكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال {الأشهاد} ملائكة الله وأنبياؤه والمؤمنون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال {الأشهاد} أربعة :(13/48)
الملائكة الذين يحصون أعمالنا ، وقرأ (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) (ق 21) ، والنبيون شهداء على أممهم ، وقرأ (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد) (النساء 41) ، وأمة محمد صلى الله عليه وسلم شهداء على الأمم ، وقرأ (لتكونوا شهداء على الناس) (الحج 78) ، والأجساد والجلود ، وقرأ (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء) (فصلت 21).
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار} قال : صل لربك {بالعشي والإبكار} قال : الصلوات المكتوبات.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {بالعشي والإبكار} قال : صلاة الفجر والعصر.
الآيات 56 - 59
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم بسند صحيح عن أبي العالية رضي الله عنه قال : إن اليهود أتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن الدجال يكون منا في آخر الزمان ويكون من أمره فعظموا أمره وقالوا : يصنع كذا ، فأنزل الله !(13/49)
{إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه} قال : لا يبلغ الذي يقول {فاستعذ بالله} فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ من فتنة الدجال {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} الدجال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار رضي الله عنه في قوله {إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان} قال : هم اليهود نزلت فيهم فيما ينتظرونه من أمر الدجال.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} قال : زعموا أن اليهود قالوا : يكون منا ملك في آخر الزمان البحر إلى ركبتيه والسحاب دون رأسه يأخذ الطير بين السماء والأرض ، معه جبل خبز ونهر ، فنزلت {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {إن في صدورهم إلا كبر} قال : عظمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة : (إن الذين يجادلون في آيات(13/50)
الله بغير سلطان أتاهم) : أي : لم يأتهم بذلك سلطان (إن في صدورهم إلا كبر ماهم ببالغيه). قال : الكبر في صدورهم.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن قتادة قال : قال سعيد: إنما حملهم على التكذيب الزيغ الذي في قلوبهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {وما يستوي الأعمى والبصير} قال {الأعمى} الكافر {والبصير} المؤمن {والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون} قال : هم في بغيهم بعد.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما كان من فتنة ولا تكون حتى تقوم الساعة أعظم من فتنة الدجال وما من نبي إلا حذر
قومه ولأخبرنكم عنه بشيء ما أخبره نبي قبلي فوضع يده على عينه ثم قال : أشهد أن الله ليس بأعور.
(13/51)
وأخرج ابن عدي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من نبي إلا وقد حذر أمته الدجال ، وهو أعور بين عينيه طفرة مكتوب عليه كافر معه واديان ، أحدهما جنة والآخر نار ، فناره جنة وجنته نار.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن داود بن عامر بن أبي وقاص عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد وصف الدجال لأمته ، ولأصفنه صفة لم يصفها أحد كان قبلي إنه أعور وإن الله عز وجل ليس بأعور.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه عن أبي عبيدة بن الجراح ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنه لم يكن نبي إلا قد أنذر قومه الدجال وأنا أنذركموه ، فوصف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : لعله سيدركه بعض من رآني وسمع كلامي قالوا : يا رسول الله كيف قلوبنا يومئذ قال : مثلها اليوم أو خير.
(13/52)
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد في مسنده والحاكم عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني خاتم ألف نبي أو أكثر ، ما بعث نبي إلا وقد حذر أمته وأني قد بين لي من أمره ما لم يتبين لأحد وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وعينه اليمنى جاحظة كأنها في حائط مجصص وعينه اليسرى كأنها كوكب دري معه من كل لسان ومعه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء ومعه صورة النار سوداء تدخن ، يتبعه من كل قوم يدعونهم بلسانهم إليها.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور والكذاب ، إلا أنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ومكتوب بين عينيه كافر.
وأخرج يعقوب بن سفيان عن معاذ بن جبل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من نبي إلا وقد حذر أمته الدجال وإني أحذركم(13/53)
أمره إنه أعور وإن ربكم عز وجل ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرأه الكاتب وغير الكاتب معه جنة ونار فناره جنة وجنته نار.
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار ، وَابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لخاتم ألف نبي أو أكثر وإنه ليس منهم نبي إلا وقد أنذر قومه الدجال وإنه تبين لي ما لم يتبين لأحد منهم وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال : إني أنذركموه وما من نبي إلا قد أنذر قومه ، لقد أنذر نوح قومه ، ولكن سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلمون أنه أعور وأن الله ليس بأعور.
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمر قال : كنا نحدث بحجة الوداع ولا نرى أنه الوداع من(13/54)
رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر المسيح الدجال فأطنب في ذكره قال : ما بعث الله من نبي إلا قد أنذر أمته ، لقد أنذر نوح أمته والنبيون من بعده ، إلا ما خفي عليكم من شأنه فلا يخفين عليكم ، إن ربكم ليس بأعور ، قالها ثلاثا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الدجال أعور العين عليها طفرة ، مكتوب بين عينيه كافر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن الدجال أعور جعد حجان أحمر كان رأسه غصن شجرة ، أشبه الناس بعبد العزى فأما هلك الهلك فأنه أعور وإن ربكم ليس بأعور.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأنا أعلم بما(13/55)
مع الدجال ، معه نهران يجريان ، أحدهما رأي العين نار تتأجج فمن أدرك ذلك فليأت النار الذي يراه فليغمض عينيه ثم يطأطى ء رأسه يشرب فإنه بارد وإن الدجال ممسوح العين عليه طفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرأها كل مؤمن كاتب وغير كاتب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أحدثكم عن الدجال حديثا ما حدثه نبي قط ، إنه أعور وإنه يجيء معه بمثل الجنة والنار فالذي يقول هي الجنة هي النار إني أنذركم به كما أنذر نوح قومه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والطبراني والحاكم عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سمع منكم بخروج الدجال فلينأى عنه ما استطاع فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فما يزال به حتى يتبعه مما يرى من الشبهات.
(13/56)
وأخرج ابن أبي شيبة عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : ما كان أحد يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر مني قال : وما تسألني عنه قلت : إن الناس يقولون : إن معه الطعام والشراب ، قال : هو أهون على الله من ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من شر فتنة المسيح الدجال.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من نجا من ثلاثة فقد نجا قالها ثلاث(13/57)
مرات قالوا : ما ذاك يا رسول الله قال : داء والدجال وقتل خليفة يصطبر بالحق يعطيه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : يمكث الناس بعد خروج الدجال أربعين عاما ويغرس النخل وتقوم الأسواق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العلاء بن الشخير رضي الله عنه : أن نوحا عليه السلام ومن بعده من الأنبياء عليهم السلام كانوا يتعوذون من فتنة الدجال.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : لا يخرج الدجال حتى(13/58)
يكون خروجه أشهى إلى المسلمين من شرب الماء على الظمأ فقال له رجل : لم قال : من شده البلاء والشر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : حتى لا يكون غائب أحب إلى المؤمن خروجا منه وما خروجه بأضر للمؤمن من حصاة يرفعها من الأرض وما علم أحدهم أدناهم وأقصاهم إلا سواء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي وائل رضي الله عنه قال : أكثر أتباع الدجال اليهود وأولاد الأمهات.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : كان بمقدمة الأعور الدجال ستمائة ألف يلبسون التيجان.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن هشام بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من(13/59)
الدجال.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه ، وَابن ماجة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة.
وأخرج أحمد عن أبي بن كعب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده الدجال فقال : إحدى عينيه كأنها زجاجة خضراء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عاصم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما مسيح الضلالة فرجل أجلى الجبهة ممسوخ العين اليسرى عريض النحر فيه دمامة كأنه فلان بن عبد العزى أو عبد العزى بن(13/60)
فلان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سفينة قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه لم يكن نبي إلا حذر الدجال أمته ، أعور العين اليسرى بعينه اليمنى طفرة غليظة بين عينيه كافر معه واديان ، أحدهما جنة ، والآخر نار فجنته نار وناره جنة ومعه ملكان يشبهان نبيين من الأنبياء ، أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله فيقول من الناس إلا صاحبه فيقول صاحبه : صدقت ، فيسمعه الناس فيحسبون ما صدق الدجال وذلك فتنة ثم يسير حتى يأتي الشام فينزل عيسى فيقتله الله عند عقبة أفيق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يمكث(13/61)
أبو الدجال ثلاثين عاما لا يولد لهما ولد ثم يولد لهما غلام أعور ، أضر شيء وأقله نفعا تنام عيناه ولا ينام قلبه ، ثم نعت أبويه فقال : أبوه رجل طوال ضرب اللحم طويل الأنف كان أنفه مهار ، وأمه امرأة فرغانية عظيمة الثديين.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الدجال يطوي الأرض كلها إلا مكة والمدينة فيأتي المدينة فيجد كل نقب من أنقابها صفوفا من الملائكة فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه ثم ترتجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل منافق ومنافقة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : لو خرج الدجال لآمن به قوم في قبورهم.
(13/62)
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : يهبط الدجال من كور كرهان معه ثمانون ألفا عليهم الطيالسة ينتعلون كان وجوههم مجان مطرقة.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق حوط العبدي عن عبد الله رضي الله عنه قال : إن أذن حمار الدجال لتظل سبعين ألفا.
وأخرج ابن أبي شهبة عن جنادة بن أمية الدري رضي الله عنه قال : دخلت أنا وصاحب لي على رجل من أصحاب رسول الله فقلنا : حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تحدثنا عن غيره وإن كان عندنا مصدقا قال : نعم ، قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : أنذركم الدجال أنذركم الدجال أنذركم الدجال ، فإنه لم يكن نبي إلا أنذره أمته وإنه فيكم أيتها الأمة وأنه جعد آدم ممسوخ العين اليسرى وإن معه جنة ونارا فناره جنة وجنته نار وإن معه نهر ماء وجبل خبز وإنه يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها لا يسلط على(13/63)
غيرها وإنه يمطر السماء وينبت الأرض وإنه يلبث في الأرض أربعين صباحا حتى يبلغ منها كل منهل وإنه لا يقرب أربعة مساجد ، مسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد المقدس ومسجد الطور وما عليكم من الأشياء فإن الله ليس بأعور مرتين.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الدجال ممسوخ العين اليسرى كأنها عين أبي يحيى الشيخ من الأنصار وإنه متى يخرج فإنه يزعم أنه الله فمن آمن به وصدقه واتبعه فليس ينفعه صالح له من عمل له سلف ومن كفر به وكذبه فليس يعاقب بشيء من عمل له سلف ، وإنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس فهزمه الله وجنوده ، حتى أن حرم الحائط أو أصل الشجرة ينادي : يا مؤمن هذا كافر(13/64)
يستتر بي فتعال فاقتله ولن يكون ذاك كذلك حتى تروا أمور يتفاقم شأنها في أنفسكم فتتساءلون بينكم : هل كان نبيكم ذكر لكم منها شيئا ذكر أو حتى تزول جبال عن مراتبها ثم على أثر ذلك القبض ، وأشار بيده إلى الموت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدجال يخوض البحار إلى ركبتيه ويتناول السحاب ويسبق الشمس إلى مغربها وفي جبهته قرن منه الحيات وقد صور في جسده السلاح كله حتى ذكر السيف والرمح والدرق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يخرج الدجال فيمكث في الأرض أربعين صباحا يبلغ منها كل منهل ، اليوم منها كالجمعة والجمعة كالشهر والشهر كالسنة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(13/65)
ليصحبن الدجال قوم يقولون : إنا لنصحبه وإنا لنعلم أنه كذاب ولكنا إنما نصحبه لنأكل من الطعام ونرعى من الشجر وإذا نزل غضب الله نزل عليهم كلهم.
وأخرج الطبراني عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه قال : ذكر الدجال عند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال : لا تكثروا ذكره فإن الأمر إذا قضي في السماء كان أسرع لنزوله إلى الأرض أن يظهر على ألسنة الناس.
الآيات 60 - 64
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن حبان والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدعاء تلو العبادة ، ثم قرأ {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي} قال : عن دعائي {سيدخلون جهنم داخرين}(13/66)
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن النعمان بن بشير قال : وعظ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في خطبته فقال : قال ربكم : (ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين). هل تدرون ما عبادة الله قلنا : الله ورسوله أعلم قال : هو إخلاص الله مما سواه.
وأخرج ابن مردويه والخطيب عن البراء رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الدعاء هو العبادة ، وقرأ {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ادعوني أستجب لكم} قال : اعبدوني.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {سيدخلون جهنم داخرين} قال : صاغرين.
(13/67)
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدعاء الاستغفار.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يدع الله يغضب عليه.
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي وأبو يعلى والطبراني عن معاذ رضي الله عنه قال : لن ينفع حذر من قدر ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، فعليكم بالدعاء عباد الله.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا فتح الله على عبد بالدعاء فليدع فإن الله يستجيب له.
(13/68)
وأخرج الحكيم الترمذي ، وَابن عدي في نوادر الأصول عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يحب الملحين في الدعاء.
وأخرج الحكيم الترمذي عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : نجد فيما أنزل الله
تعالى في بعض الكتب أن الله تعالى يقول : أنزل البلاء أستخرج به الدعاء.
وأخرج ابن المنذر عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله {ادعوني أستجب لكم} قال : قال ربكم : عبدي إنك ما دعوتني ورجوتني فإني سأغفر لك على ما كان فيك ولو لقيتني بقراب الأرض خطايا لقيتك بقرابها مغفرة ولو أخطأت حتى تبلغ خطاياك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي.
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أفضل العبادة الدعاء وقرأ {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}.
(13/69)
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ادعوني أستجب لكم} ، قال : اعملوا وأبشروا فإنه حق على الله أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن كعب رضي الله عنه أنه تلا هذه الآية فقال : ما أعطي أحد من الأمم ما أعطيت هذه الأمة إلا بني الرجل المجتبى يقال له : سل تعطه.
وأخرج البخاري في الأدب عن عائشة رضي الله عنها قالت : سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أي العبادة أفضل فقال : دعاء المرء لنفسه.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن كعب رضي الله عنه قال : قال الله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام : قل للمؤمنين لا يستعجلوني إذا دعوني ولا يبخلوني أليس يعلمون أني أبغض البخيل فكيف أكون بخيلا يا موسى لا تخف مني بخلا أن تسألني عظيما ولا تستحي أن تسألني صغيرا اطلب إلي الدقة واطلب إلي العلف لشاتك ، يا موسى أما علمت أني خلقت الخردلة فما فوقها وإني لم أخلق شيئا إلا وقد علمت أن الخلق يحتاجون إليه فمن يسألني مسألة وهو يعلم أني قادر أعطي وأمنع وأعطيته مسألته مع المغفرة فإن حمدني حين(13/70)
أعطيته وحين أمنعه أسكنته دار الحمادين وأيما عبد لم يسألني مسألة ثم أعطيته كان أشد عليه من الحساب.
وأخرج الحكيم الترمذي عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال : قال عروة بن الزبير رضي الله عنه : إني لأسأل الله تعالى حوائجي في صلاتي ، حتى أسأله الملح لأهلي.
وأخرج الحكيم الترمذي عن زهرة بن معبد رضي الله عنه قال : سمعت محمد بن المنكدر رضي الله عنه يدعو يقول : اللهم قو ذكري فإن فيه منفعة لأهلي.
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت البناني رضي الله عنه قال : تعبد رجل سبعين سنة فكان يقول في دعائه : رب أجزني بعملي فأدخل الجنة فمكث فيها سبعين عاما فلما وفت قيل له : أخرج قد استوفيت عملك ، أي شيء كان في الدنيا أوثق في نفسه فلم يجد شيئا أوثق في نفسه مما دعا الله سبحانه فأقبل يقول في دعائه : رب سمعتك وأنا في الدنيا وأنت تقيل(13/71)
العثرات فأقل اليوم عثرتي ، فترك في الجنة ، أما قوله تعالى : {الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه}.
أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى بن مريم عليه السلام قال : يا معشر الحواريين الصلاة جامعة فخرج الحواريون في هيئة العبادة قد تضمرت البطون وغارت العيون واصفرت الألوان فسار بهم عيسى عليه السلام إلى فلاة من الأرض فقام على رأس جرثومة فحمد الله وأثنى عليه ثم أنشأ يتلو عليهم آيات الله وحكمته فقال : يا معشر الحواريين اسمعوا ما أقول لكم ، إني لأجد في كتاب الله المنزل الذي أنزل الله في الإنجيل أشياء معلومة فأعملوا بها قالوا : يا روح الله وما هي قال : خلق الليل لثلاث خصال وخلق النهار لسبع خصال فمن مضى عليه الليل والنهار وهو في غير هذه الخصال خاصمه الليل والنهار يوم القيامة فخصماه ، خلق الليل لتسكن فيه العروق الفاترة التي أتعبتها في نهارك وتستغفر لذنبك الذي كسبته في النهار ثم لا تعود فيه وتقنت فيه قنوت الصابرين ، فثلث تنام وثلث تقوم وثلث تتضرع إلى ربك فهذا ما خلق له الليل وخلق النهار لتؤدي فيه الصلاة المفروضة التي عنها تسأل وبها تحاسب وبر والديك وأن تضرب في الأرض تبتغي المعيشة معيشة يومك وأن تعود فيه وليا لله تعالى كيما(13/72)
يتعهدكم الله برحمته وأن تشيعوا فيه جنازة كيما تنقلبوا مغفورا لكم وأن تأمروا بمعروف وتنهوا عن منكر فهو ذروة الإيمان وقوام الدين وأن تجاهد في سبيل الله تراحموا إبراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام في قبته ، ومن مضى عليه الليل والنهار وهو في غير هذه الخصال خاصمه الله والنهار يوم القيامة وهو عند مليك مقتدر.
آية 65.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من قال لا إله إلا الله فليقل على أثرهما الحمد لله رب العالمين ، وذلك قوله {فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يستحب إذا قال : لا إله إلا الله يتبعها : الحمد لله رب العالمين ثم يقرأ هذه الآية {هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين} والله أعلم.
آية 66.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الوليد بن المغيرة وشيبة بن ربيعة قالا :(13/73)
يا محمد ارجع عما تقول وعليك بدين آبائك وأجدادك ، فأنزل الله تعالى {قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين}.
الآيات 67 - 70
أخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه قال : يثغر الغلام لسبع ويحتلم لأربعة عشر وينتهي طوله لاحدى وعشرين وينتهي عقله لثمان وعشرين ويبلغ أشده لثلاث وثلاثين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه {ومنكم من يتوفى من قبل} قال : من قبل أن يكون شيخا {ولتبلغوا أجلا مسمى} الشيخ والشاب {ولعلكم تعقلون} عن ربكم أنه يحييكم كما أماتكم وهذه لأهل مكة كانوا يكذبون بالبعث.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {أنى يصرفون} قال : أنى يكذبون وهم يعقلون.
الآيات 71 - 77.
أَخرَج أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه ، وَابن مردويه(13/74)
والبيهقي في البعث والنشور عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون} فقال : لو أن رصاصة مثل هذه - وأشار إلى جمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض وهي مسيرة خمسمائة سنة - لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا - الليل والنهار - قبل أن تبلغ أصلها أو قال قعرها.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن يعلى بن منبه رضي الله عنه رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينشى ء الله سحابة لأهل النار سوداء
مظلمة يقال لها ولأهل النار أي شيء تطلبون فيذكرون بها سحاب الدنيا فيقولون : يا ربنا الشراب فتمطرهم أغلالا تزيد في أعناقهم وسلاسل تزيد في سلاسلهم وجمر يلتهب عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ {والسلاسل(13/75)
يسحبون في الحميم}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه وهو يصلي في شهر رمضان يردد هذه الآية {فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {يسحبون في الحميم} فيسلخ كل شيء عليهم من جلد ولحم وعرق حتى يصير في عقبه ، حتى أن لحمه قدر طوله ستون ذراعا ، ثم يكسى جلدا آخر ثم يسجر في الحميم فيسلخ كل شيء عليهم من جلد ولحم وعرق.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يسجرون} قال : توقد بهم النار ، وفي قوله {تمرحون} قال : تبطرون وتاشرون.
(13/76)
الآية 78.
أَخرَج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {ومنهم من لم نقصص عليك} قال : بعث الله عبدا حبشيا نبيا فهو ممن لم يقصص على محمد صلى الله عليه وسلم.
الآيات 79 - 85
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم} قال : أسفاركم لحاجتكم ما كانت ، وفي قوله {وآثارا في الأرض} قال : المشي فيها بأرجلهم ، وفي قوله {فرحوا بما عندهم من العلم} قال : قولهم نحن أعلم منهم ولن نعذب وفي قوله {وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون} قال : ما جاءت به رسلهم من الحق.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم} قال : من بلد إلى بلد ، وفي قوله {سنة الله التي قد خلت في عباده} قال : سننه أنهم كانوا إذا رأوا بأسنا آمنوا فلم ينفعهم إيمانهم عند ذلك.
(13/77)
* بسم الله الرحمن الرحيم * (41)- سورة فصلت.
مكية وآياتها أربع وخمسون.
مقدمة السورة.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت (حم) السجدة بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنه ، مثله.
الآيات 1 - 4.
وَأخرَج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد وأبو يعلى والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل ، وَابن عساكر ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : اجتمع قريش يوما فقالوا : انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه فقالوا : ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة قالوا : أنت يا أبا الوليد ، فأتاه فقال : يا محمد أنت خير أم عبد الله ، أنت خير أم عبد المطلب ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع لك أما والله ما رأينا سلحة قط أشأم على قومه(13/78)
منك فرقت جماعتنا وشتت أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في العرب ، حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا وأن في قريش كاهنا والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف ، يا أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا
واحدا وإن كان نما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فرغت قال : نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم {حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون} حتى بلغ {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} فقال عتبة : حسبك ، ما عندك غير هذا قال : لا ، فرجع إلى قريش فقالوا : ما وراءك قال : ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمون به إلا كلمته قالوا : فهل أجابك قال : والذي نصبها بنية ما فهمت شيئا مما قال غير أنه قال {أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} قالوا : ويلك ، يكلمك الرجل بالعربية وما تدري ما قال قال : لا ، والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة.
وأخرج ابن إسحاق ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر(13/79)
عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : حدثت أن عتبة بن ربيعة وكان أشد قريش حلما ، قال ذات يوم وهو جالس في نادي قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده في المسجد يا معشر قريش ألا أقوم إلى هذا فأكلمه فأعرض عليه أمورا لعله أن يقبل منها بعضه ويكف عنا قالوا : بلى يا أبا الوليد فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث فيما قال له عتبة وفيما عرض عليه من المال والملك وغير ذلك ، حتى إذا فرغ عتبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفرغت يا أبا الوليد قال : نعم ، قال : فأستمع مني ، قال أفعل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم {حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون} فلما سمعها عتبة أنصت لها وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يستمع منه حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة فسجد فيها ثم قال : سمعت يا أبا الوليد قال : سمعت قال : أنت وذاك ، فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد قال : والله إني قد سمعت قولا ما سمعت بمثله قط والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة والله ليكونن لقوله الذي سمعت نبا.
(13/80)
وأخرج أبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما قرأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على عتبة بن ربيعة {حم تنزيل من الرحمن الرحيم} أتى أصحابه
فقال : يا قوم أطيعوني في هذا اليوم واعصوني بعده فوالله لقد سمعت من هذا الرجل كلاما ما سمعت مثله قط وما دريت ما أرد عليه.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير فنزل في بني غنم على أسعد بن زرارة فجعل يدعو الناس فجاء سعد بن معاذ فتوعده فقال له أسعد بن زرارة : اسمع من قوله فإن سمعت منكرا فاردده يا هذا وإن سمعت حقا فأجب إليه ، فقال : ماذا تقول فقرأ مصعب {حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} قال : سعد بن معاذ رضي الله عنه : ما أسمع إلا ما أعرف فرجع وقد هداه الله.
وأخرج البيهقي في الدلائل ، وَابن عساكر ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال أبو جهل والملأ من قريش : قد انتشر علينا أمر محمد صلى الله عليه وسلم فلو التمستم رجلا(13/81)
عالما بالسحر والكهانة والشعر ، فقال عتبة ، علمت من ذلك علما وما يخفى علي إن كان كذلك فأتاه فلما أتاه قال له : يا محمد أنت خير أم هاشم أنت خير أم عبد المطلب ، فلم يجبه قال : فيم تشتم آلهتنا وتضلل آباءنا فإن كنت إنما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسنا ما بقيت وإن كان بك الباءة زوجناك عشرة نسوة تختار من أي بنات قريش وإن كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك - ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم - فلما فرغ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم {حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا} فقرأ حتى بلغ (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) فأمسك عتبة على فيه وناشده الرحم أن يكف عنه لم يخرج إلى أهله واحتبس عنهم فقال أبو جهل : يا معشر قريش ما نرى عتبة إلا قد صبأ إلى محمد وأعجبه طعامه وما ذاك إلا من حاجة أصابته انتقلوا بنا إليه ، فأتوه فقال أبو جهل : والله يا عتبة ما حسبنا إلا أنك صبوت إلى محمد وأعجبك أمره فإن كنت بك حاجة جمعنا لك من(13/82)
أموالنا ما يغنيك عن محمد ، فغضب وأقسم بالله لا يكلم محمد أبدا وقال : لقد علمتم أني أكثر قريش مالا ولكني أتيته ، فقص عليهم القصة فأجابني بشيء والله ما هو بسحر ولا شعر ولا كهانة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم {حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا}
حتى بلغ (أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) فأمسكت بفيه وناشدته الرحم فكيف وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب فخفت أن ينزل بكم العذاب.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن قريشا اجتمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد فقال لهم عتبة بن ربيعة : دعوني حتى أقوم إلى محمد أكلمه فإني عسى أن أكون أرفق به منكم ، فقام عتبة حتى جلس إليه فقال : يا ابن أخي إنك أوسطنا بيتا وأفضلنا مكانا وقد أدخلت في قومك ما لم يدخل رجل على قومه قبلك فإن كنت تطلب بهذا الحديث مالا فذلك لك على قومك أن تجمع لك حتى تكون أكثرنا(13/83)
مالا وأن كنت تريد شرفا فنحن مشرفوك حتى لا يكون أحد من قومك فوقك ولا نقطع الأمور دونك وإن كان هذا عن لمم يصيبك لا تقدر على النزوع عنه بذلنا لك خزائنا في طلب الطب لذلك منه وإن كنت تريد ملكا ملكناك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفرغت يا أبا الوليد قال : نعم ، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {حم} السجدة حتى مر بالسجدة فسجد وعتبة ملق يده خلف ظهره حتى فرغ من قراءته وقام عتبة لا يدري ما يراجعه به ، حتى أتى نادي قومه فلما رأوه مقبلا قالوا : لقد رجع إليكم بوجه ما قام به من عندكم فجلس إليهم فقال : يا معشر قريش قد كلمته بالذي أمرتموني به ، حتى إذا فرغت كلمني بكلام لا والله ما سمعت أذناي بمثله قط فما دريت ما أقول له يا معشر قريش أطيعوني اليوم واعصوني فيما بعده ، اتركوا الرجل واعتزلوه فوالله ما هو بتارك ما هو عليه وخلوا بينه وبين سائر العرب فإن يكن يظهر عليهم يكن شرفه شرفكم وعزه عزكم وملكه ملككم وإن يظهروا عليه تكونوا قد كفيتموه بغيركم ، قالوا : أصبأت إليه يا أبا الوليد.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه(13/84)
قال : جئت أزور عائشة رضي الله عنها ورسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ثم سري عنه فقال : يا عائشة ناوليني ردائي فناولته ثم أتى المسجد فإذا مذكر يذكر فجلس حتى إذا قضى المذكر تذكره إفتتح (حم تنزيل من الرحمن الرحيم) (السجدة الآية 1) فسجد حتى طالت سجدته ثم تسامع به من كان على ميلين وتلا عليه السجدة فأرسلت عائشة رضي الله عنها في خاصتها أن احضروا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلقد رأيت ما لم أره منذ كنت معه فرفع رأسه فقال : سجدت هذه السجدة شكر لربي فيما أبلاني في أمتي فقال له أبو بكر رضي الله عنه : وماذا أبلاك في أمتك قال : أعطاني سبعين ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله إن أمتك كثير طيب فازدد قال : قد فعلت فأعطاني مع كل واحد من السبعين ألفا سبعين ألفا فقال : يا رسول الله ازدد لأمتك فقال بيده ثم قال بها على صدره فقال عمر رضي الله عنه : وعيت يا رسول الله.
(13/85)
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الخليل بن مرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ تبارك وحم السجدة.
الآية 5.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وقالوا قلوبنا في أكنة} قالوا : كالجعبة للنبل.
وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجنديسابوري في حديثه من طريق عبد القدوس عن نافع بن الأزرق عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله {وقالوا قلوبنا في أكنة} الآية ، قال : أقبلت قريش إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال لهم ما يمنعكم من الإسلام فتسودوا العرب فقالوا : يا محمد ما نفقه ما تقول ولا نسمعه وإن على قلوبنا لغلفا ، وأخذ أبو جهل ثوبا فمده فيما بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد {قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب} ، قال لهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أدعوكم إلى خصلتين ، أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله ، فلما سمعوا شهادة أن لا إله إلا الله (ولو على أدبارهم نفورا) (الإسراء 46)(13/86)
وقالوا (أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب) (ص 5) وقال بعضهم لبعض (امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق أأنزل عليه الذكر من بيننا) (ص 7).
وهبط جبريل فقال : يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول : أليس يزعم هؤلاء أن على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقر فليس يسمعون قولك كيف (وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا) (الإسراء 46) لو كان كما زعموا لم ينفروا ولكنهم كاذبون يسمعون ولا ينتفعون بذلك كراهية له ، فلما كان من الغد أقبل منهم سبعون رجلا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد أعرض علينا الإسلام فلما عرض عليهم الإسلام أسلموا عن آخرهم فتبسم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الحمد الله ألستم بالأمس تزعمون أن على قلوبكم غلفا وقلوبكم في أكنة مما ندعوكم إليه وفي آذانكم وقرا وأصبحتم اليوم مسلمين فقالوا : يا رسول الله كذبنا والله بالأمس لو كان كذلك ما اهتدينا أبدا ولكن الله الصادق والعباد الكاذبون عليه وهو الغني ونحن الفقراء إليه.
الآيات 6 - 8(13/87)
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة} قال : لا يشهدون أن لا إله إلا الله ، وفي قوله {لهم أجر غير ممنون} قال : غير منقوص.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة} قال : لا يقولوا لا إله إلا الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {الذين لا يؤتون الزكاة} قال : كان يقال الزكاة قنطرة الإسلام من قطعها برى ء ونجا ومن لم يقطعها هلك ، والله أعلم.
الآيات 9 - 12.
أَخْرَج ابن جرير والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن اليهود أتت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فسألته عن خلق السموات والأرض فقال : خلق الله الأرض يوم الأحد والإثنين وخلق الجبال وما فيهن من(13/88)
منافع يوم الثلاثاء وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب فهذه أربعة فقال تعالى {قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين} وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقين منه ، فخلق في أول ساعة من هذه الثلاثة الآجال حين يموت من مات ، وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء من منتفع به ، وفي الثالثة خلق آدم وأسكنه الجنة وأمر إبليس بالسجود له وأخرجه منها في آخر ساعة قالت اليهود : ثم ماذا يا محمد قال : ثم استوى على العرش قالوا : لقد أصبت لو أتممت ، ثم قالوا : استراح ، فغضب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا ، فنزل (ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون) (ق 38).
(13/89)
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وقدر فيها أقواتها} قال : شق الأنهار وغرس الأشجار ووضع الجبال وأجرى البحار وجعل في هذه ما ليس في هذه وفي هذه ما ليس في هذه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وقدر فيها أقواتها} قال : قدر في كل أرض شيئا لا يصلح في غيرها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة في قوله {وقدر فيها أقواتها} قال : لا يصلح السابري إلا بسابور ولا ثياب اليمن إلا باليمن.
(13/90)
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن {وقدر فيها أقواتها} قال : أرزاقها.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في قوله {سواء للسائلين} قال : من سأل فهو كما قال الله.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : خلق الله السموات من دخان ثم ابتدأ خلق الأرض يوم الأحد ويوم الإثنين فذلك قول الله تعالى {قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين} ثم {وقدر فيها أقواتها} في يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فذلك قوله {وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان} فسمكها وزينها بالنجوم والشمس والقمر وأجراهما في فلكهما وخلق فيها ما شاء من خلقه وملائكته يوم الخميس ويوم الجمعة وخلق الجنة يوم الجمعة وخلق اليهود يوم السبت لأنه(13/91)
يسبت فيه كل شيء وعظمت النصارى يوم الأحد لأنه ابتدى ء فيه خلق كل شيء وعظم المسلمون يوم الجمعة لأن الله فرغ فيه من خلقه وخلق في الجنة رحمته وجمع فيه آدم عليه السلام وفيه هبط من الجنة وفيه قبلت توبته وهو أعظمها.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : إن الله تعالى خلق يوما فسماه الأحد ثم خلق ثانيا فسماه الإثنين ثم خلق ثالثا فسماه الثلاثاء ثم خلق رابعا فسماه الأربعاء وخلق خامسا فسماه الخميس فخلق الأرض يوم الأحد والإثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء ولذلك يقول الناس أنه يوم ثقيل كذلك وخلق مواضع الأنهار والشجر والقرى يوم الأربعاء وخلق الطير والوحش والسباع والهوام والآفة يوم الخميس وخلق الإنسان يوم الجمعة وفرغ من الخلق يوم السبت.
(13/92)
وأخرج أبو الشيخ عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : إن الله تعالى ابتدأ الخلق وخلق الأرض يوم الأحد والإثنين وخلق الأقوات والرواسي يوم الثلاثاء والأربعاء وخلق السموات يوم الخميس والجمعة إلى صلاة العصر وخلق آدم
عليه السلام في تلك الساعة التي لا يوافقها عبد يدعو ربه إلا استجاب له فهو ما بين صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ما يوم الأحد قال : خلق الله فيه الأرض قالوا : فيوم الأربعاء قال : الأقوات قالوا : فيوم الخميس قال : فيه خلق الله السموات قالوا :(13/93)
فيوم الجمعة قال : خلق في ساعتين الملائكة وفي ساعتين الجنة والنار وفي ساعتين الشمس والقمر والكواكب وفي ساعتين الليل والنهار قالوا : ألست تذكر الراحة فقال سبحان الله ، فأنزل الله (ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب) (ق 38).
وأخرج أبو الشيخ من وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن الله تعالى فرغ من خلقه في ستة أيام ، أولهن يوم الأحد والأثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة خلق يوم الأحد السموات وخلق يوم الإثنين الشمس والقمر وخلق يوم الثلاثاء دواب البحر ودواب الأرض وفجر الأنهار وقوت الأقوات وخلق الأشجار يوم الأربعاء وخلق يوم الخميس الجنة والنار وخلق آدم عليه السلام يوم الجمعة ثم أقبل على الأمر يوم(13/94)
السبت.
وأخرج ابن جرير عن أبي بكر رضي الله عنه قال : جاء اليهود إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد أخبرنا ما خلق الله من الخلق في هذه الأيام الستة فقال : خلق الله الأرض يوم الأحد والإثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء وخلق المدائن والأقوات والأنهار وعمرانها وخرابها يوم الأربعاء وخلق السموات والملائكة يوم الخميس إلى ثلاث ساعات يعني من يوم الجمعة وخلق في أول ساعة الآجال وفي الثانية الآفة وفي الثالثة آدم قالوا : صدقت إن تممت فعرف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما يريدون فغضب فأنزل الله (وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون) .
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها} قال : قال
للسماء أخرجي شمسك أخرجي قمرك ونجومك وقال للأرض : شققي أنهارك وأخرجي ثمارك {قالتا أتينا طائعين}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !(13/95)
{ائتيا} قال : أعطيا وفي قوله {آتينا} قال : أعطينا.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأوحى في كل سماء أمرها} قال : ما أمر به وأراده من خلق النيرات وغير ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {وأوحى في كل سماء أمرها} قال : خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وصلاحها.
الآيات 13 - 18.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر عن الكلبي رضي الله عنه قال : كل شيء في القرآن {صاعقة} فهو عذاب.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} يقول : أنذرتكم وقيعة عاد(13/96)
وثمود ، وفي قوله {ريحا صرصرا} باردة ، وفي قوله {نحسات} قال : مشؤمات نكدات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا} قال : شديدة الشؤم قال : مشؤومات.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وأما ثمود فهديناهم} قال : بينا لهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {وأما ثمود فهديناهم} يقول : بينا لهم سبيل الخير والشر والله أعلم.
الآيات 19 - 24.
أَخرَج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما {ويوم يحشر أعداء الله إلى النار(13/97)
فهم يوزعون} قال : يحبس أولهم على آخرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد وأبي رزين رضي الله عنه ، مثله.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يوزعون} قال : يدفعون.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون} قال الوزعة الساقة من الملائكة عليهم السلام يسوقونهم إلى النار ويردون الآخر على الأول.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : عليهم وزعة ترد أولهم على آخرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {فهم يوزعون} قال : يحبسون بعضا على بعض قال : عليهم وزعة ترد أولهم على آخرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال(13/98)
لابن الأزرق : أن يوم القيامة يأتي على الناس منه حين لا ينطقون ولا يعتذرون ولا يتكلمون حتى يؤذن لهم فيختصمون فيجحد الجاحد بشركه بالله تعالى فيحلفون له كما يحلفون لكم فيبعث الله عليهم حين يجحدون شهودا من أنفسهم جلودهم وأبصارهم وأيديهم وأرجلهم ويختم على أفواههم ثم تفتح الأفواه فتخاصم الجوارح فتقول {أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون} فتقر الألسنة بعد.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنت مستترا بأستار الكعبة فجاء ثلاثة نفر قرشي وثقفيان أو ثقفي وقرشيان كثير لحم بطونهم قليل فقه قلوبهم فتكلموا بكلام لم أسمعه فقال أحدهم : أترون أن الله يسمع كلامنا هذا فقال الآخر : إنا إذا رفعنا أصواتنا سمعه وإذا لم نرفعه لم يسمع ، فقال الآخران : سمع منه شيئا سمعه كله قال : فذكرت ذلك للنبي(13/99)
صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم} إلى قوله {من الخاسرين}.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والنسائي ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تحشرون ههنا - وأوما بيده إلى الشام - مشاة وركبانا على وجوهكم وتعرضون على الله وعلى أفواهكم الفدام وإن أول ما يعرب عن أحدكم فخذه وكفه وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه(13/100)
قال : ما كنتم تظنون.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {وما كنتم تستترون} قال : تستخفون.
وأخرج أحمد والطبراني ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن حبان ، وَابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله فإن قوما قد أرادهم سوء ظنهم بالله عز وجل قال الله عز وجل {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين}.
الآية 25.
أَخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وقيضنا لهم قرناء} قال : شياطين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {فزينوا لهم ما بين أيديهم} قال : الدنيا يرغبونهم فيها {وما خلفهم} قال : الآخرة زينوا لهم(13/101)
نسيانها والكفر بها.
الآيات 26 - 28.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة إذا قرأ القرآن يرفع صوته فكان المشركون يطردون الناس عنه ويقولون {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون} وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخفى قراءته لم يسمع من يحب أن يسمع القرآن فأنزل الله (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) (الإسراء 110).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {والغوا فيه} قال : بالتصفير والتخليط في المنطق على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن قريش تفعله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {والغوا فيه} قال : يقولون اجحدوا به وأنكروه وعادوه ، والله أعلم.
الآية 29.
أَخرَج عَبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وابن(13/102)
عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن قوله {ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس} قال : هو ابن آدم الذي قتل أخاه وإبليس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة وإبراهيم ، مثله.
الآيات 30 - 32.
أَخرَج الترمذي والنسائي والبزار وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عدي ، وَابن مردويه قال : قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} قال : قد قالها ناس من الناس ثم كفر أكثرهم فمن قالها حتى يموت فهو ممن استقام عليها.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ومسدد ، وَابن سعد وعبد بن
حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق سعيد بن عمران عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في قوله {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} قال الاستقامة أن لا تشركوا بالله شيئا.
(13/103)
وأخرج ابن راهويه ، وعَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية من طريق الأسود بن هلال عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : ما تقولون في هاتين الآيتين {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} و{الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} الأنعام قالوا : لم يذنبوا قال : لقد حملتموها على أمر شديد (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) يقول : بشرك و{الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} فلم يرجعوا إلى عبادة الأوثان.
وأخرج ابن مردويه من طريق الثوري رضي الله عنه عن بعض أصحابه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} قال : على فرائض الله.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} قال : على شهادة أن لا إله إلا الله.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد والحكيم الترمذي ، وَابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} قال : استقاموا بطاعة الله ولم يروغوا روغان(13/104)
الثعلب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس أنه سئل أي آية في كتاب الله أرحب قال : قوله {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} على شهادة أن لا إله إلا الله قيل له : فأين قوله تعالى (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) (الزمر 53) زاد قرأ (وأنيبوا إلى ربكم) (الزمر 54) فيهما علقه اعملوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم ومجاهد رضي الله عنهما في قوله {ثم استقاموا} قال : قالوا لا إله إلا الله لم يشركوا بعدها بالله شيئا حتى يلقوه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {قالوا ربنا الله} وحده {ثم استقاموا} يقول : على أداء فرائض الله {تتنزل عليهم الملائكة} قال : في الآخرة.
(13/105)
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والدارمي والبخاري في تاريخه ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن حبان عن سفيان الثقفي أن رجلا قال يا رسول الله مرني بأمر في الإسلام لا أسأل عنه أحدا بعدك قال : قل آمنت بالله ثم استقم قلت : فما أتقي فأوما إلى لسانه.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد والبيهقي في الشعب عن مجاهد في قوله {تتنزل عليهم الملائكة} قال : عند الموت.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال {ألا تخافوا} مما تقدمون عليه من الموت وأمر الآخرة {ولا تحزنوا} على ما خلفتم من أمر دنياكم من ولد وأهل ودين مما استخلفكم في ذلك كله.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال : يؤتى المؤمن عند الموت فيقال : لا تخف مما أنت قادم عليه فيذهب خوفه ولا تحزن على الدنيا ولا على أهلها وأبشر بالجنة فيموت وقد قر الله عينه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن(13/106)
زيد بن أسلم في الآية قال : يبشر بها عند موته وفي قبره ويوم يبعث فإنه لقي الجنة وما رميت فرحة البشارة من قلبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في الآية قال {ألا تخافوا} من ضيعتكم.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي الدنيا في ذكر الموت عن علي بن أبي طالب قال : حرام على كل نفس أن تخرج من الدنيا حتى تعلم مصيرها.
وَأخرَج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : إن المؤمن يبشر بصلاح ولده من بعده لتقر عينه.
وأخرج أحمد والنسائي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه قلنا :(13/107)
يا رسول الله كلنا يكره الموت قال : ليس ذلك كراهية الموت ولكن المؤمن إذا احتضر جاءه البشير من الله بما هو صائر إليه فليس شيء أحب إليه من أن يكون لقي الله فأحب الله لقاءه وإن الكافر والفاجر إذا احتضر جاءه بما هو صائر إليه من الشر فكره الله لقاءه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ثابت أنه قرأ السجدة حتى بلغ {تتنزل عليهم الملائكة} فوقف قال : بلغنا أن العبد المؤمن يبعثه الله من قبره يتلقاه ملكاه
اللذان كانا معه في الدنيا فيقولان له : لا تخف ولا تحزن وأبشر بالجنة التي كنت توعد فيؤمن الله خوفه ويقر عينه وبما عصمه ألا وهي للمؤمن قرة عين لما هداه الله تعالى ولما كان يعمل في الدنيا.
وأخرج ابن المبارك ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {نحن أولياؤكم} قال : رفقاؤكم في الدنيا لا نفارقكم حتى ندخل معكم الجنة ولفظ عَبد بن حُمَيد قال : قرناؤهم الذين معهم في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة قالوا : لن نفارقكم حتى ندخلكم الجنة.
(13/108)
وأخرج أبو نعيم في صفة الجنة والبيهقي في البعث ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينا أهل الجنة في مجلس لهم إذ سطع لهم نور على باب الجنة فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب تعالى قد أشرف فقال يا أهل الجنة سلوني فقالوا : نسألك الرضا عنا قال : رضاي أحلكم داري وأنالكم كرامتي هذه وأيها تسألوني قالوا : نسألك الزيادة قال : فيؤتون بنجائب من ياقوت أحمر أزمتها زبرجد أخضر وياقوت أحمر فجاؤا عليها تضع حوافرها عند منتهى طرفها فأمر الله بأشجار عليها الثمار فتجيء حور من العين وهن يقلن : نحن الناعمات فلا نبأس ونحن الخالدات فلا نموت أزواج قوم مؤمنين كرام ويأمر الله بكثبان من مسك أبيض أذفر فتنثر عليهم ريحا يقال لها المثيرة حتى تنتهي بهم إلى جنة عدن وهي قصبة الجنة فتقول الملائكة : يا ربنا قد جاء القوم فيقول : مرحبا بالصادقين فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى الله فيتمتعون بنور الرحمن حتى لا يبصر بعضهم بعضا ، ثم يقول ارجعوهم إلى(13/109)
القصور بالتحف فيرجعون وقد أبصر بعضهم بعضا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذلك قوله تعالى {نزلا من غفور رحيم}.
وأخرج ابن النجار من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، مثله سواء.
الآية 33
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله} قالت : المؤذن {وعمل صالحا} قالت : ركعتان فيما بين الآذان والإقامة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه من وجه آخر عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما أرى هذه الآية نزلت إلا في المؤذنين {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله} قال : هو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن ابن سيرين رضي الله عنه في قوله {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله} قال : ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : هو المؤمن(13/110)
عمل صالحا ودعا إلى الله تعالى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} قال : هذا عبد صدق قوله وعمله ومولجه ومخرجه وسره وعلانيته ومشهده ومغيبه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله} قال : قول لا إله إلا الله يعني المؤذن {وعمل صالحا} صام وصلى.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن قيس بن أبي حازم رضي الله عنه في قوله {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله} قال الآذان {وعمل صالحا} قال : الصلاة بين الآذان والإقامة قال الخطيب : قال أبو بكر النقاش رضي الله عنه قال لي أبو بكر بن أبي داود في تفسيره عشرون ومائة ألف حديث ليس فيه هذا الحديث.
وأخرج سعيد بن منصور عن عاصم بن هبيرة قال : إذا فرغت من آذانك فقل : لا إله إلا الله والله أكبر وأنا من المسلمين ثم قرأ {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن ماجة عن معاوية رضي الله عنه سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول :(13/111)
إن المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة والديلمي عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بلال سيد المؤذنين يوم القيامة ولا يتبعه إلا مؤمن والمؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المؤذن يغفر له مد صوته ويصدقه كل رطب ويابس.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر رضي الله عنه أنه قال لرجل : ما عملك قال : الآذان قال : نعم العمل عملك يشهد لك كل شيء سمعك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لو أطقت الآذان مع الخليفي لأذنت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعد رضي الله عنه قال : لأن أقوى على الآذان أحب الي من أن(13/112)
أحج أو أعتمر أو أجاهد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لو كنت مؤذنا ما باليت أن لا أحج ولا أغزو.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب رضي الله عنه قال : من أذن كتب له سبعون حسنة وإن أقام فهو أفضل.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق هشام عن يحيى رضي الله عنه قال : حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو علم الناس ما في الآذان لتجاذبوه قال وكان يقال : ابتدروا الآذان ولا تبتدروا الإمامة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : المؤذن المحتسب أول ما يكسى يوم القيامة.
الآيات 34 - 35
أخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي(13/113)
هي أحسن} قال : أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب والحلم عند الجهل والعفو عند الإساءة فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان وخضع لهم عدوهم {كأنه ولي حميم}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن} قال : القه بالسلام {فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ادفع بالتي هي أحسن} قال : السلام أن تسلم عليه إذا لقيته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء رضي الله عنه {ادفع بالتي هي أحسن} قال : السلام.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {كأنه ولي حميم} قال : ولي رقيب ، وفي قوله {إلا ذو حظ عظيم} قال : الجنة.
(13/114)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : الحميم ذو القرابة والولي الصديق.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه {وما يلقاها إلا الذين صبروا} قال : والله لا يصيبها صاحبها حتى يكظم غيظا ويصفح عن بعض ما يكره.
وأخرج ابن المنذر عن أنس رضي الله عنه في قوله {وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} قال : الرجل يشتمه أخوه فيقول إن كنت صادقا يغفر الله لي وإن كنت كاذبا يغفر الله لك ، والله أعلم.
الآية 36.
أَخْرَج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والحاكم ، وَابن مردويه عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال : استب رجلان عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فاشتد غضب
أحدهما فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فقال الرجل أمجنون تراني فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم}.
(13/115)
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن مردويه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : استب رجلان عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى عرف الغضب في وجه أحدهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب غضبه ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اتقوا الغضب فإنها جمرة توقد في قلب ابن آدم ألم تر انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه فمن أحس من ذلك شيئا فليلزق بالأرض.
وأخرج ابن أبي شيبة عن خيثمة رضي الله عنه قال : كان يقال إن الشيطان يقول : كيف يغلبني ابن آدم إذا رضي حيث أكون في قلبه وإذا غضب طرت حيث أكون على رأسه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله} قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بينما هو(13/116)
يصلي إذ جعل يسند حتى يستند السارية ثم يقول ألعنك بلعنة الله التامة فقال بعض أصحابه : يا نبي الله ما شيء رأيناك تصنعه قال : أتاني الشيطان بشهاب من نار ليحرقني به فلعنته بلعنة الله التامة فانكب لفيه وطفئت ناره.
الآيات 37 - 38.
أَخرَج أبو يعلى ، وَابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا تسبوا الليل والنهار ولا الشمس ولا القمر ولا الرياح فإنها ترسل رحمة لقوم وعذابا لقوم.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {لا يسأمون} قال : لا يملون ولا يفترون قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : من الخوف لا ذي سأمة من عبادة * ولا مؤمن طول التعبد يجهد.
وَأخرَج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" من طريق سعيد بن جبير رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما كان يسجد بآخر الآيتين من (حم)(13/117)
السجدة وكان ابن مسعود رضي الله عنه يسجد الأولى منهما.
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي إسحاق قال : كان عبد الله رضي الله عنه وأصحابه يسجدون بالآية الأولى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن رجل من بني سليم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد بالآية الأولى.
وأخرج ابن سعد ، وَابن أبي شيبة من طريق نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يسجد بالآية الأولى.
وأخرج البخاري عن عبدة بن حسن البصري رضي الله عنه وله صحبة أنه سجد في الآية الأولى من (حم).
وأخرج سعيد بن منصور من طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يسجد في الآية الأخيرة.
(13/118)
الآية 39.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة} قال : غبراء متهشمة {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت} قال : تغرف الغيث وربوها إذا ما أصابها.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {اهتزت} قال : بالنبات {وربت} قال : ارتعشت قبل أن تنبت.
الآية 40.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن الذين يلحدون في آياتنا} قال : هو أن يوضع الكلام على غير موضعه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن الذين يلحدون في آياتنا} قال : هو أن يوضع الكلام على غير موضعه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن الذين يلحدون في آياتنا} قال : الحاد ما ذكر معه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال الإلحاد(13/119)
التكذيب.
وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : إن هذا القرآن كلام الله فضعوه على مواضعه ولا تتبعوا فيه هواكم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أفمن يلقى في النار خير} قال : أبو جهل بن هشام {أم من يأتي آمنا يوم القيامة} قال : أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن عساكر عن بشير بن تميم رضي الله عنه قال : نزلت هذه الآية في أبي جهل وعمار بن ياسر {أفمن يلقى في النار} أبو جهل {أم من يأتي آمنا يوم القيامة} عمار.
وأخرج ابن عساكر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة} نزلت في عمار بن ياسر وفي أبي جهل.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {اعملوا ما شئتم} قال : هذا وعيد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {اعملوا ما شئتم} قال : خيركم(13/120)
وأمركم
بالعمل واتخذ الحجة وبعث رسوله وأنزل كتابه وشرع شرائعه حجة وتقدمة إلى خلقه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {اعملوا ما شئتم} قال : هذا لأهل بدرخاصة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه قال : ذكر أن السماء فرجت يوم بدر فقيل {اعملوا ما شئتم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه قال : فأبيحت لهم الأعمال.
الآيات 41 - 42.
أَخْرَج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو سئل : ما المخرج منها فقال : كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه {تنزيل من حكيم حميد}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن سعد لا أحسبه إلا أسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مثل القرآن ومثل الناس كمثل الأرض والغيث بينما الأرض ميتة هامدة ثم لا يزال ترسل الأدوية حتى تبذر وتنبت ويتم شأنها ويخرج الله ما فيها من زينتها(13/121)
ومعايش الناس وكذلك فعل الله بهذا القرآن والناس.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم} إلى قوله {حميد} فقال : إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أحب إليه من شيء خرج منه يعني القرآن.
وأخرج البيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه يعني القرآن.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عطية بن قيس رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ما تكلم العباد بكلام أحب إلى الله من كلامه وما أناب العباد إلى الله بكلام أحب إليه من كلامه بالذكر قال بالقرآن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لا يأتيه الباطل} قال : الشيطان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في الآية {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من(13/122)
خلفه} قال : لا يدخل فيه الشيطان ما ليس منه ولا أحد من الكفرة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن الضريس عن قتادة رضي الله عنه {وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} قال : أعزه الله لأنه كلامه وحفظه من الباطل والباطل إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقا ولا يزيد فيه باطلا.
الآية 43.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما يقال لك} من التكذيب {إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} فكما كذبت فقد كذبوا وكما صبروا على أذى قومهم لهم فاصبر على أذى قومك إليك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} قال : من الأذى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة في الآية قال : تعزية.
آية 44.
أَخْرَج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو جعلناه قرآنا أعجميا} الآية يقول لو جعلنا القرآن أعجميا ولسانك يا محمد عربي
{لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي} يأتينا به مختلفا أو مختلطا {لولا فصلت(13/123)
آياته} فكان القرآن مثل اللسان يقول فلم يفعل لئلا يقولوا فكانت حجة عليهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال : لو نزل أعجميا قال المشركون : كيف يكون أعجميا وهو عربي.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : قالت : قريش لولا أنزل هذا القرآن أعجميا وعربيا فأنزل الله {لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي} وأنزل الله تعالى بعد هذه الآية فيه بكل لسان حجارة من سجيل قال ابن جبير رضي الله عنه ، والقراءة على هذا أعجمي بالاستفهام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي ميسرة رضي الله عنه قال : في القرآن بكل لسان.
(13/124)
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه في قوله : (وهو عليهم عمى) . قال : عموا عن القرآن وصموا عنه.
وَأخرَج سعيد بن منصور عن ابن عباس أنه كان يقرأ : (أعمى ،أولئك).
وَأخرَج عن الضحاك في قوله : {أولئك ينادون من مكان بعيد} قال : ينادون يوم القيامة بأشنع أسمائهم.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : (أولئك ينادون من مكان بعيد) . قال : بعيد من قلوبهم.
الآيات 45 - 46
أخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ولولا كلمة سبقت من ربك} قال : سبق لهم من الله حين واجلهم بالغرة.
الآيات 47 - 54.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وما تخرج من ثمرات من أكمامها} قال : حين تطلع.
(13/125)
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {آذناك} أعلمناك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم في قوله {لا يسأم الإنسان} قال : لا يمل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ولئن أذقناه رحمة منا} الآية ، قال : عافية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : (ليقولن هذا لي) . أى : بعملي وأنا محقوق بهذا.
وَأخرَج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : (سنريهم أياتنا في الأفاق) قال : محمد صلى الله عليه وسلم.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : (سنريهم أياتنا في الأفاق) . قال : ما يفتح الله عليهم من القرى ، (وفي أنفسهم) قال : فتح مكة.
وَأخرَج ابن المنذر عن ابن جريج : (سنريهم أياتنا في الأفاق) قال : إمساك المطر عن الأرض كلها (وفي أنفسهم) . قال : البلايا التي تكون في(13/126)
أجسامهم.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس : {سنريهم آياتنا في الآفاق} قال : كانوا يسافرون فيرون آثار عاد وثمود يقولون والله لقد صدق محمد صلى الله عليه وسلم ? {وما أراهم في أنفسهم > ? قال : الأمراض.
(13/127)
* بسم الله الرحمن الرحيم * (42)- سورة الشورى.
مكية وآياتها ثلاث وخمسون.
مقدمة السورة.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت {حم عسق} بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير - رضي الله عنهما - قال : أنزلت بمكة {حم عسق}.
الآيات 1 - 4.
وَأخرَج عبد الرزاق في المصنف عن جعفر بن محمد رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ ذات ليلة {حم عسق} فرددها مرارا {حم عسق} في بيت ميمونة ، فقال : يا ميمونة أمعك {حم عسق} قالت : نعم قال : فاقرئيها فلقد نسيت ما بين أولها وآخرها.
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن ميمونة قالت : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {حم عسق} فقال : يا ميمونة أتعرفين {حم عسق} لقد نسيت ما بين أولها وآخرها ، قالت : فقرأتها فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(13/128)
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ونعيم بن حماد والخطيب عن ابن قال : جاء رجل إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - وعنده حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - فقال : أخبرني عن تفسير {حم عسق} فأعرض عنه ثم كرر مقالته فأعرض عنه ثم كررها الثالثة فلم يجبه فقال له حذيفة : رضي الله
عنه - أنا أنبئك بها لم كررتها نزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبد إله أو عبد الله ينزل على نهر من أنهار المشرق يبني عليه مدينتين يشق النهر بينهما شقا يجتمع فيها كل جبار عنيد فإذا أذن الله في زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدتهم بعث الله على إحدهما نارا ليلا فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفلتت فما هو إلا بياض يومها وذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم ثم يخسف الله بها وبهم جميعا فذلك عدل منه سين - يعني سيكون ، ق - يعني واقع بهاتين المدينتين.
(13/129)
وأخرج أبو يعلى ، وَابن عساكر بسند ضعيف عن أبي معاوية رضي الله عنه قال : صعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه المنبر فقال : يا أيها الناس هل سمع أحد منكم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ {حم عسق} فوثب ابن عباس رضي الله عنهما فقال : إن حم اسم من أسماء الله تعالى ، قال : فعين قال : عاين المذكور عذاب يوم بدر ، قال : فسين قال : (سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (الشعراء الآية 227) قال : فقاف فسكت فقام أبو ذر رضي الله عنه ففسر كما فسر ابن عباس رضي الله عنهما وقال : قاف قارعة من السماء تصيب الناس.
الآيات 5 - 9
أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنا نقرأ هذه الآية تكاد السموات يتفطرن من فوقهن.
وَأخرَج ابن جرير عن الضحاك : (يتفطرن من فوقهن) . يقول :(13/130)
يتصدعن من عظمة الله ..
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما تكاد السموات ينفطرن من فوقهن قال : ممن فوقهن وقرأها خصيف بالتاء المشددة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن} قال : من عظمة الله تعالى وجلاله.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما {تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن} قال : من الثقل.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ويستغفرون لمن في الأرض} قال : الملائكة عليهم السلام يستغفرون للذين آمنوا.
(13/131)
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن إبراهيم قال : كان أصحاب عبد الله يقولون : الملائكة خير من ابن الكواء يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ، وَابن الكواء يشهد عليهم بالكفر.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {وتنذر يوم الجمع} قال : يوم القيامة ، قوله تعالى : {فريق في الجنة وفريق في السعير}.
وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان فقال : أتدرون ما هذان الكتابان قلنا لا إلا أن تخبرنا يا رسول الله قال : للذي في يده اليمنى هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ثم قال للذي في شماله هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا فقال أصحابه : ففيم العمل يا رسول الله إن كان قد فرغ منه(13/132)
فقال : سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي
عمل ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بيديه فنبذهما ثم قال : فرغ ربكم من العباد {فريق في الجنة وفريق في السعير}.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده كتاب ينظر فيه قال : انظروا إليه كيف وهو أمي لا يقرأ قال : فعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم وقال : {فريق في الجنة وفريق في السعير} فرغ ربكم من أعمال العباد.
الآيات 10 - 11
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} قال : فهو يحكم فيه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه} قال : عيش من الله يعيشكم الله(13/133)
فيه.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {يذرؤكم فيه} قال : نسلا من بعد نسل من الناس والأنعام.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {يذرؤكم} قال : يخلقكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي وائل رضي الله عنه قال : بينما عبد الله رضي الله عنه يمدح ربه إذ قال مصعد : نعم الرب يذكر ، فقال عبد الله : إني لأجله عن ذلك {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.
الآية 12.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ في العظمة ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار نور السموات من نور وجهه إن مقدار كل يوم من أيامكم عنده اثنتا عشرة ساعة فيعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار واليوم فينظر فيه ثلاث ساعات فيطلع منها على ما يكره فيغضبه ذلك وأول من يعلم(13/134)
بغضبه الذين يحملون العرش وسرادقات العرش والملائكة المقربون وسائر الملائكة وينفخ جبريل في القرن فلا يبقى شيء إلا سمعه إلا الثقلين : الجن والإنس فيسبحونه ثلاث ساعات حتى يمتلى ء الرحمن رحمة فتلك ست ساعات ثم يؤتى بما في الأرحام فينظر فيها ثلاث ساعات (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم) (آل عمران 6) (يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور) (الشورى 49) حتى بلغ (عليم) فتلك تسع ساعات ثم ينظر في أرزاق الخلق كله ثلاث ساعات (يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم) (الرعد 26) فتلك اثنتا عشرة ساعة ثم قال : (كل يوم هو في شأن) (الرحمن 29) فهذا شأن ربكم كل يوم.
الآيات 13 - 14.
أَخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا} : قال : وصاك(13/135)
يا محمد وأنبياءه كلهم دينا واحدا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا} قال : الحلال والحرام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة - رضي الله عنه قال : بعث نوح عليه السلام حين بعث بالشريعة بتحليل الحلال وتحريم الحرام.
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن رفيع بقية أهل الجزيرة قال : بعث الله نوحا عليه السلام وشرع له الدين فكان الناس في شريعة نوح عليه السلام ما كانوا فما أطفأها إلا الزندقة ثم بعث الله موسى عليه السلام وشرع له الدين فكان الناس في شريعة من بعد موسى ما كانوا فما أطفأها إلا الزندقة ثم بعث الله عيسى عليه السلام وشرع له الدين فكان الناس في شريعة عيسى عليه السلام ما كانوا فما أطفأها إلا الزندقة قال : ولا يخاف على هلاك هذا الدين إلا الزندقة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الحكم قال : {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا} قال : جاء نوح عليه السلام بالشريعة بتحريم الأمهات والأخوات والبنات.
(13/136)
وأخرج ابن جرير عن السدي - رضي الله عنه {أن أقيموا الدين} قال : اعملوا به.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة : {أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} ، قال : تعلموا أن الفرقة هلكة وأن الجماعة ثقة {كبر على المشركين ما تدعوهم إليه} ، قال : استكبر المشركون أن قيل لهم : لا إله إلا الله ضانها إبليس وجنوده ليردوها فأبى الله إلا أن يمضيها وينصرها ويظهرها على ما ناوأها وهي كلمة من خاصم بها فلج ومن انتصر بها نصر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - {الله يجتبي إليه من يشاء} قال : يخلص لنفسه من يشاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - {بغيا بينهم} قال : كثرت أموالهم فبغى بعضهم على بعض.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {ويهدي إليه من ينيب} قال : من
يقبل إلى طاعة الله وفي قوله {وإن الذين أورثوا الكتاب من(13/137)
بعدهم} قال : اليهود والنصارى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كعب - رضي الله عنه {وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم} قال : في الدنيا.
الآيات 15 - 16.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وأمرت لأعدل بينكم} قال : أمر نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعدل فعدل حتى مات ، والعدل ميزان الله في الأرض به يأخذ للمظلوم من الظالم وللضعيف من الشديد وبالعدل يصدق الله الصادق ويكذب الكاذب وبالعدل يرد المعتدي ويوبخه.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : {لا حجة بيننا وبينكم} قال : لا خصومة بيننا وبينكم ، قوله تعالى : {والذين يحاجون في الله}.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له} قال : هم أهل الكتاب كانوا يجادلون المسلمين ويصدونهم عن الهدى من بعد ما استجابوا لله.
(13/138)
وقال : هم قوم من أهل الضلالة وكان استجيب على ضلالتهم وهم يتربصون بأن تأتيهم الجاهلية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له} قال : طمع رجال بأن تعود الجاهلية.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {والذين يحاجون في الله} الآية قال : هم اليهود والنصارى حاجوا المسلمين في ربهم فقالوا : أنزل كتابنا قبل كتابكم ونبينا قبل نبيكم فنحن أولى بالله منكم فأنزل الله (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب) (آل عمران الآية 6) وأما قوله : {من بعد ما استجيب له} قال : من بعد ما استجاب المسلمون لله وصلوا لله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن - رضي الله عنه - {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له} الآية قال : قال أهل الكتاب لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - نحن أولى بالله منكم فأنزل الله {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم} يعني أهل الكتاب.
(13/139)
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : لما نزلت (إذا جاء نصر الله والفتح) (النصر الآية 1) قال المشركون بمكة : لمن بين أظهرهم من المؤمنين قد دخل الناس في الدين الله أفواجا فاخرجوا من بين أظهرنا فعلام تقيمون بين أظهرنا فنزلت {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له} الآية.
الآية 17.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} قال : العدل.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه كان واقفا بعرفة فنظر إلى الشمس حين تدلت مثل الترس للغروب فبكى واشتد بكاؤه وتلا قول الله تعالى {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} إلى {العزيز} فقيل له فقال : ذكرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف بمكاني هذا فقال : أيها الناس لم يبق من دنياكم هذه فيما مضى إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قد كان الرجل منا يدخل الخلاء فيحمل الإداوة من الماء فإذا خرج توضأ خشية من أن تقوم الساعة وأن يكون عنده الفصلة من الطعام فيقول لا آكلها حتى تقوم الساعة.
(13/140)
وأخرج أحمد وهناد بن السري والطبراني ، وَابن مردويه والضياء ، عَن جَابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعثت أنا والساعة كهاتين.
الآيات 18 - 19.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : لا تقوم الساعة حتى يتمناها المتمنون فقيل له {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها} قال : إنما يتمنونها خشية على إيمانهم.
الآية 20.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {من كان يريد حرث الآخرة} قال : عيش الآخرة {نزد له في حرثه} {ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها} الآية قال : من يؤثر دنياه على آخرته لم يجعل له نصيبا في الآخرة إلا النار ولم يزدد بذلك من الدنيا شيئا إلا رزقا قد فرغ منه وقسم له.
(13/141)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {من كان يريد حرث الآخرة} قال : من كان يريد عيش الآخرة نزد له في حرثه {ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} قال : من يؤثر دنياه على آخرته لم يجعل الله له نصيبا في الآخرة إلا النار ولم يزدد بذلك من الدنيا شيئا إلا رزقا قد فرغ منه وقسم له.
وأخرج ابن مردويه من طريق قتادة عن أنس - رضي الله عنه {ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} قال : نزلت في اليهود.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه ، وَابن مردويه ، وَابن حبان عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة والنصر والتمكين في الأرض ما لم يطلبوا الدنيا بعمل الآخرة فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه} الآية ، ثم قال : يقول الله : ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك.
(13/142)
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعا : من جعل الهم هما واحدا كفاه الله هم دنياه ومن تشعبته الهموم لم يبال الله في أي أودية الدنيا هلك.
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن عساكر عن علي - رضي الله عنه - قال : الحرث حرثان فحرث الدنيا المال والبنون وحرث الآخرة الباقيات الصالحات.
وأخرج ابن المبارك عن مرة - رضي الله عنه - قال : ذكر عند عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قوم قتلوا في سبيل الله فقال : إنه ليس على ما تذهبون وترون إنه إذا التقى الزحقان نزلت الملائكة فكتبت الناس على منازلهم فلان يقاتل للدنيا وفلان يقاتل للملك وفلان يقاتل للذكر ونحو هذا وفلان يقاتل يريد وجه الله فمن قتل يريد وجه الله فذلك في الجنة.
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن رزين بن حصين - رضي الله عنه - قال : قرأت القرآن من أوله إلى آخره على علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فلما بلغت الحواميم قال لي : قد بلغت عرائس القرآن فلما بلغت اثنتين وعشرين آية من {حم عسق} بكى ثم قال : اللهم إني أسألك إخبات المخبتين وخلاص الموقنين ومرافقة الأبرار واستحقاق حقائق الإيمان والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم(13/143)
ورجوت رحمتك والفوز بالجنة والنجاة من النار ثم قال : يا
رزين إذ ختمت فادع بهذه فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرني أن أدعو بهن عند ختم القرآن.
الآيات 21 - 26.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {ولولا كلمة الفصل} قال : يوم القيامة أخروا إليه وفي قوله {روضات الجنات} قال : المكان الموفق ، أما قوله تعالى : {لهم ما يشاؤون}.
أخرج ابن جرير عن أبي ظبية - رضي الله عنه - قال : إن السرب من أهل الجنة لتظلهم السحابة فتقول ما أمطركم قال : فما يدعو داع من القوم بشيء إلا أمطرتهم حتى أن القائل منهم ليقول : أمطرينا كواعب أترابا.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه
من طريق طاووس عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن قوله {إلا المودة في القربى} فقال سعيد بن جبير : - رضي الله عنه - قربى آل محمد فقال ابن عباس : - رضي الله عنهما - عجلت أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة فقال : ألا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أسألكم عليه أجرا ألا أن تودوني في نفسي لقرابتي منكم وتحفظوا القرابة التي بيني وبينكم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن الشعبي - رضي الله عنه - قال : أكثر الناس علينا في هذه الآية {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} فكتبنا إلى ابن عباس - رضي الله عنه - نسأله فكتب ابن عباس رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان واسط النسب في قريش ليس بطن من بطونهم إلا وقد ولدوه فقال الله {قل لا أسألكم عليه أجرا} على ما أدعوكم إليه {إلا المودة في القربى} تودوني لقرابتي منكم وتحفظوني بها.
(13/144)
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إلا المودة في القربى} قال : كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرابة من جميع قريش فلما كذبوه وأبوا أن يبايعوه قال : يا قوم إذا أبيتم أن تبايعوني فاحفظوا قرابتي فيكم ولا يكون غيركم من العرب أولى بحفظي ونصرتي منكم.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : نزلت هذه الآية بمكة ، وكان المشركون يؤذون رسول الله - صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : {قل} لهم يا محمد {لا أسألكم عليه} يعني على ما أدعوكم إليه {أجرا} عوضا من الدنيا {إلا المودة في القربى} إلا الحفظ لي في قرابتي فيكم قال : المودة إنما هي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قرابته فلما هاجر إلى المدينة أحب أن يلحقه بإخوته من الأنبياء - عليهم السلام - فقال : {لا أسألكم عليه أجرا} فهو لكم (إن أجري إلا على الله) يعني ثوابه وكرامته في الآخرة كما قال : نوح عليه السلام
(وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين) (الشعراء الآية 109) وكما قال هود وصالح وشعيب : لم يستثنوا أجرا كما استثنى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرده عليهم ، وهي منسوخة.
(13/145)
وأخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه من طريق مجاهد - رضي الله عنه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الآية {قل لا أسألكم} على ما أتيتكم به من البينات والهدى {أجرا} إلا أن تودوا الله وأن تتقربوا إليه بطاعته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قال : أن تتبعوني وتصدقوني وتصلوا رحمي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية قال : إن محمدا قال : لقريش : لا أسألكم من أموالكم شيئا ولكن أسألكم أن تودوني لقرابة ما بيني وبينكم فإنكم قومي وأحق من أطاعني وأجابني.
(13/146)
وأخرج ابن مردويه من طريق ابن المبارك عن ابن عباس في قوله {إلا المودة في القربى} قال : تحفظوني في قرابتي.
وأخرج ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية - قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن في قريش بطن إلا وله فيهم أم حتى كانت له من هذيل أم فقال الله : {قل لا أسألكم عليه أجرا} إلا أن تحفظوني في قرابتي إن كذبتموني فلا تؤذوني.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه من طريق مقسم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قالت الأنصار : فعلنا وفعلنا وكأنهم فخروا فقال ابن عباس - رضي الله عنهما - لنا الفضل عليكم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم في مجالسهم فقال يا معشر الأنصار ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله قالوا : بلى يا رسول الله قال : أفلا تجيبوني قالوا : ما تقول يا رسول الله قال : ألا تقولون : ألم يخرجك قومك فآويناك أو لم يكذبوك فصدقناك أو لم يخذلوك
فنصرناك فما زال يقول : حتى جثوا على الركب وقالوا : أموالنا وما في أيدينا لله ورسوله فنزلت {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}.
(13/147)
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه بسند ضعيف من طريق سعيد بن جبير قال : قالت الأنصار فيما بينهم : لولا جمعنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مالا يبسط يده لا يحول بينه وبينه أحد فقالوا : يا رسول الله إنا أردنا أن نجمع لك من أموالنا فأنزل الله : {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} فخرجوا مختلفين فقالوا : لمن ترون ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : بعضهم إنما قال هذا لنقاتل عن أهل بيته وننصرهم ، فأنزل الله : {أم يقولون افترى على الله كذبا} إلى قوله {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} فعرض لهم بالتوبة إلى قوله : {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله} هم الذين قالوا هذا : إن يتوبوا إلى الله ويستغفرونه.
وأخرج أبو نعيم والديلمي من طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} أن تحفظوني في أهل بيتي وتودوهم بي.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه بسند ضعيف من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قالوا : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء(13/148)
الذين وجبت مودتهم قال : علي وفاطمة وولداها.
وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن جبير {إلا المودة في القربى} قال : قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن أبي الديلم قال : لما جيء بعلي بن الحسين - رضي الله عنه - أسيرا فأقيم على درج دمشق قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم فقال له علي بن الحسين - رضي الله عنه : أقرأت القرآن قال : نعم ، قال : أقرأت آل حم لا ، قال : أما قرأت {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قال : فأنكم لأنتم هم قال : نعم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {ومن يقترف حسنة} قال : المودة لآل محمد.
وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي والحاكم عن المطلب(13/149)
بن ربيعة - رضي الله عنه - قال : دخل العباس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إنا لنخرج فنرى قريشا تحدث فإذا رأونا سكتوا فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودر عرق بين عينيه ثم قال : والله لا يدخل قلب امرى ء مسلم إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي.
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن زيد بن أرقم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أذكركم الله في أهل بيتي.
وأخرج الترمذي وحسنه ، وَابن الأنباري في المصاحف عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما.
وأخرج الترمذي وحسنه والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحبوا الله لما(13/150)
يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي.
وأخرج البخاري عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال : ارقبوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - في أهل بيته.
وأخرج ابن عدي عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أبغضنا أهل البيت فهو منافق.
وأخرج الطبراني عن الحسن بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يبغضنا أحد ولا يحسدنا أحد إلا ذيد يوم القيامة بسياط من نار.
وأخرج أحمد ، وَابن حبان والحاكم عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت رجل إلا أدخله الله النار.
(13/151)
وأخرج الطبراني والخطيب من طريق أبي الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء العباس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إنك قد تركت فينا ضغائن منذ صنعت الذي صنعت فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لا يبلغوا الخير أو الإيمان حتى يحبوكم.
وأخرج الخطيب من طريق أبي الضحى عن مسروق عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : أتى العباس بن عبد المطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله إنا لنعرف الضغائن في أناس من قومنا من وقائع أوقعناها فقال : أما والله إنهم لن يبلغوا خيرا حتى يحبوكم لقرابتي ترجو سليم شفاعتي ولا يرجوها بنو عبد المطلب.
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن الحسن بن علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكل شيء أساس وأساس الإسلام حب أصحاب رسول الله -(13/152)
صلى الله عليه وسلم - وحب أهل بيته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله : {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قال : ما كان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يسألهم على هذا القرآن أجرا ولكنه أمرهم أن يتقربوا إلى الله بطاعته وحب كتابه.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن - رضي الله عنه - في الآية قال : كل من تقرب إلى الله بطاعته وجبت عليه محبته.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن في قوله : {إلا المودة في القربى} قال : إلا التقرب إلى الله بالعمل الصالح.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة في الآية قال : كن له عشر أمهات في المشركات وكان إذا مر بهم أذوه في تنقيصهن وشتمهن فهو قوله : {إلا المودة في القربى} يقول : لا تؤذوني في قرابتي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله : {إن الله غفور شكور} قال : غفور للذنوب شكور للحسنات يضاعفها.
(13/153)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله : {فإن يشأ الله يختم على قلبك} قال : إن يشأ الله أنساك ما قد آتاك والله تعالى أعلم.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن الزهري في قوله : {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} أن أبا هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته في المكان الذي يخاف أن يقتله فيه العطش.
وأخرج مسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لله أفرح بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلا مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته فطلبها حتى إذا اشتد عليه العطش والحر قال : أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فرجع فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده عليه(13/154)
زاده وطعامه وشرابه فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها قال : لا بأس به ثم قرأ {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده}.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عتبة بن الوليد حدثني بعض الرهاويين قال : سمع جبريل عليه السلام خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام وهو يقول : يا كريم العفو فقال : له جبريل عليه السلام وتدري ما كريم العفو قال : لا يا جبريل ، قال : أن يعفو عن السيئة ويكتبها حسنة.
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن الأخنس قال : امترينا في قراءة هذا الحرف : ويعلم ما يفعلون أو تفعلون فأتينا ابن مسعود فقال : تفعلون.
(13/155)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن علقمة رضي الله عنه أنه قرأ في {حم عسق} {ويعلم ما تفعلون} بالتاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن سلمة بن سبرة رضي الله عنه قال : خطبنا معاذ رضي الله عنه فقال : أنتم المؤمنون وأنتم أهل الجنة والله إني لأطمع أن يكون عامة من تنصبون بفارس والروم في الجنة فإن أحدهم يعمل الخير فيقول أحسنت بارك الله فيك أحسنت رحمك الله والله يقول : {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله}.
وأخرج ابن جرير من طريق قتادة عن أبي إبراهيم اللخمي في قوله : {ويزيدهم من فضله} قال يشفعون في إخوان إخوانهم.
الآية 27.
أَخْرَج ابن المنذر وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جرير(13/156)
وابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن أبي هانى ء الخولاني قال : سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون : إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصفة ، {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض} وذلك أنهم قالوا : لو أن لنا فتمنوا الدنيا.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن علي رضي الله عنه قال : إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصفة {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض} وذلك أنهم قالوا : لو أن لنا فتمنوا الدنيا.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية قال : يقال خير الرزق ما لا يطغيك ولا يلهيك ، قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وزخرفها فقال له قائل : يا نبي الله هل يأتي الخير بالشر فأنزل الله عليه عند ذلك {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض} وكان إذا نزل عليه(13/157)
كرب لذلك وتربد وجهه حتى إذا سري عنه ، قال : هل يأتي الخير بالشر يقولها ثلاثا إن الخير لا يأتي إلا بالخير ولكنه والله ما كان ربيع قط إلا أحبط أو ألم فأما عبد أعطاه الله مالا فوضعه في سبيل الله التي افترض وارتضى فذلك عبد أريد به خير وعزم له على الخير وأما عبد أعطاه الله مالا فوضعه في شهواته ولذاته وعدل عن حق الله عليه فذلك عبد أريد به شر وعزم له على شر.
وأخرج أحمد والطيالسي والبخاري ومسلم والنسائي وأبو يعلى ، وَابن حبان عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا وزينتها فقال له رجل : يا رسول الله أويأتي الخير بالشر فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأينا أنه ينزل عليه فقيل له : ما شأنك تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمك فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح عنه الرحضاء فقال : أين السائل فرأينا أنه حمده فقال : إن(13/158)
الخير لا يأتي بالشر وإن مما ينبت الربيع يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر فإنها أكلت حتى امتلأت
خاصرتاها فاستقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت وإن المال حلوة خضرة ونعم صاحبها المسلم هو إن وصل الرحم وأنفق في سبيل الله ومثل الذي يأخذه بغير حقه كمثل الذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض} قال : كان يقال خير العيش ما لا يطغيك ولا يلهيك.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية ، وَابن عساكر في تاريخه عن أنس رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن الله عز وجل قال : يقول الله عز وجل : من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وإني لأغضب لأوليائي كما يغضب الليث الحرود وما تقرب إلي عبدي المؤمن بمثل أداء ما افترضت عليه وما يزال عبدي المؤمن يتقرب إلي بالنوافل حتى(13/159)
أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ومؤيدا إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه وإن من عبادي المؤمنين لمن يسألني الباب من العبادة فأكفه عنه أن لا يدخله عجب فيفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك إني أدبر أمر عبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا} قال : المطر.
الآيات 28 - 29.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجلا قال لعمر رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين قحط المطر وقنط الناس فقال عمر : مطرتم إذا ثم قرأ {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {من بعد ما قنطوا} قال : يئسوا.
وأخرج ابن المنذر عن ثابت رضي الله عنه قال : بلغنا أنه يستجاب الدعاء عند المطر ثم تلا هذه الآية {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا}.
(13/160)
وأخرج الحاكم والبيهقي في "سُنَنِه" عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثنتان ما تردان : الدعاء عند النداء وتحت المطر.
وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن : عند التقاء الصفوف في سبيل الله وعند نزول الغيث وعند إقامة الصلاة وعند رؤية الكعبة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وما بث فيهما من دابة} قال : الناس والملائكة ، والله أعلم.
الآيات 30 - 31.
أَخرَج أحمد ، وَابن راهويه ، وَابن منيع ، وعَبد بن حُمَيد والحكيم والترمذي وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والحاكم عن(13/161)
علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدثنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} وسأفسرها لك يا علي ما أصابك من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم والله أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أكرم من أن يعود بعد عفوه.
وأخرج سعيد بن منصور وهناد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الحسن البصري رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ما من خدش عود ولا اختلاج عرق ولا نكبة حجر ولا عثرة قدم إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والترمذي عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يصيب عبدا نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر وقرأ {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}.
(13/162)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في الكفارات ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه دخل عليه بعض أصحابه وكان قد ابتلي في جسده فقال إنا لنبأس لك لما نرى فيك قال : فلا تبتئس لما ترى وهو بذنب وما يعفو الله عنه أكثر ثم تلا {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}.
وأخرج ابن المبارك ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن الضحاك قال : ما تعلم أحد القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه ثم قرأ هذه الآية {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} وقال : وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن العلاء بن بدر رضي الله عنه أن رجلا سأله عن(13/163)
هذه الآية وقال : قد ذهب بصري وأنا غلام صغير ، قال : ذلك بذنوب والديك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة رضي الله عنه {وما أصابكم من مصيبة} الآية ، قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : لا يصيب ابن آدم خدش عود ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر.
وأخرج ابن مردويه عن البراء رضي الله عنه قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ما عثرة قدم ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم وما يعفو الله عنه أكثر.
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه - أن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما - كانت تصدع فتضع يدها على رأسها وتقول بذنبي وما يغفره الله أكثر.
(13/164)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} قال : الحدود.
الآيات 32 - 37.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ومن آياته الجوار في البحر} قال : السفن {كالأعلام} قال : كالجبال.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه - في الآية قال : سفن هذا البحر تجري بالريح فإذا مسكت عنها الريح ركدت.
وأخرج ابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما - في قوله : {فيظللن رواكد على ظهره} قال : لا يتحركن ولا يجرين في البحر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما - {رواكد} قال : وقوفا {أو يوبقهن} قال : يهلكهن.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك : {أو يوبقهن} قال : يغرقهن.
(13/165)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {أو يوبقهن} قال : يهلكهن.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {ما لهم من محيص} من ملجأ.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة : {أو يوبقهن بما كسبوا} قال : بذنوب أهلها.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي ظبيان قال : كنا نعرض المصاحف عند علقمة - رضي الله عنه فقرأ هذه الآية : {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} فقال : قال عبد الله : الصبر نصف الإيمان.
وأخرج سعيد بن منصور عن الشعبي رضي الله عنه - قال : الشكر نصف الإيمان والصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله ، وقرأ {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} و{آيات للموقنين}.
(13/166)
الآية 38.
أَخرَج عَبد بن حميد والبخاري في الأدب ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه - قال : ما تشاور قوم قط إلا هدوا وأرشد أمرهم ثم تلا {وأمرهم شورى بينهم}.
وأخرج الخطيب في رواة مالك عن علي رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله : الأمر ينزل بنا بعدك لم ينزل فيه قرآن ولم يسمع منك فيه شيء قال : اجمعوا له العابد من أمتي واجعلوه بينكم شورى ولا تقضوه برأي واحد.
وأخرج الخطيب في رواة مالك عن أبي هريرة رضي الله عنه - مرفوعا استرشدوا العاقل ترشدوا ولا تعصوه فتندموا.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال :(13/167)
من أراد أمرا فشاور فيه وقضى اهتدى لأرشد الأمور.
وأخرج البيهقي عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه - قال : قال سليمان بن داود عليه السلام لابنه : يا بني عليك بخشية الله فإنها غاية كل شيء ، يا بني لا تقطع أمرا حتى تؤامر مرشدا فإنك إذا فعلت ذلك رشدت عليه يا بني عليك بالحبيب الأول فإن الأخير لا يعدله.
الآية 39.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه - في قوله : {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} قال : كانوا يكرهون للمؤمنين أن يستذلوا وكانوا إذا قدروا عفوا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن منصور قال : سألت إبراهيم عن قوله : {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} قال : كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم فيجترى ء الفساق عليهم.
(13/168)
وأخرج النسائي ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها - قالت : دخلت علي زينب وعندي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبلت علي تسبني فردعها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلم تنته فقال لي : سبيها فسببتها حتى جف ريقها في فمها ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم متهلل سرورا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن علي بن زيد بن جدعان رضي الله عنه - قال : لم أسمع في الأنصار مثل حديث حدثتني به أم ولد أبي محمد عن عائشة رضي الله عنها - قالت : كنت في البيت وعندنا زينب بنت جحش فدخل علينا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأقبلت عليه زينب فقالت : ما كل واحدة منا عندك إلا على خلابة ثم أقبلت علي تسبني فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : قولي لها كما تقول لك فأقبلت عليها - وكنت أطول وأجود لسانا منها فقامت.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} قال :(13/169)
ينتصرون ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : {والذين إذا أصابهم البغي} قال : هذا محمد صلى الله عليه وسلم - ظلم وبغي عليه وكذب {هم ينتصرون} قال : ينتصر محمد صلى الله عليه وسلم بالسيف.
الآية 40.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {وجزاء سيئة سيئة مثلها} قال : ما يكون من الناس في الدنيا مما يصيب بعضهم بعضا والقصاص.
وأخرج أحمد ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المستبان ما قالا من شيء فعلى البادى ء حتى يعتدي المظلوم ثم قرأ {وجزاء سيئة سيئة مثلها}.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله : {وجزاء سيئة سيئة مثلها} قال : إذا شتمك فاشتمه بمثلها من غير أن تعتدي.
(13/170)
وأخرج ابن جرير عن ابن أبي نجيح في قوله : {وجزاء سيئة سيئة مثلها} قال : يقول أخزاه الله فيقول أخزاه الله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة أمر الله مناديا ينادي ألا ليقم من كان له على الله أجر فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا وذلك قوله {فمن عفا وأصلح فأجره على الله}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من كان له على الله أجر فليقم فيقوم عنق كثير فيقال لهم : ما أجركم على الله فيقولون : نحن الذين عفونا عمن ظلمنا وذلك قول الله {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} فيقال لهم : ادخلوا الجنة بإذن الله.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وقف العباد للحساب ينادي مناد ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة ثم نادى الثانية ليقم من أجره على الله قالوا : ومن ذا الذي أجره على الله قال : العافون عن الناس فقام كذا وكذا ألفا(13/171)
فدخلوا الجنة بغير حساب.
وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ينادي مناد من كان أجره على الله فليدخل الجنة مرتين فيقوم من عفا عن أخيه ، قال الله {فمن عفا وأصلح فأجره على الله}.
وأخرج ابن مردويه عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أول مناد من عند الله يقول : أين الذين أجرهم على الله فيقوم من عفا في الدنيا فيقول الله أنتم الذين عفوتم لي ثوابكم الجنة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن محمد بن المنكدر رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة صرخ صارخ الأرض ألا من كان له على الله حق فليقم فيقوم من عفا وأصلح.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ينادي مناد يوم القيامة لا يقوم اليوم أحد إلا من له عند الله يد فتقول الخلائق : سبحانك بل لك اليد فيقول بلى من عفا في الدنيا بعد قدرة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال موسى بن(13/172)
عمران عليه السلام : يا رب من أعز عبادك عندك قال : من إذا قدر عفا.
وأخرج أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه - أن رجلا شتم أبا بكر رضي الله عنه والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فجعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يعجب ويبتسم فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقام فلحقه أبو بكر رضي الله عنه فقال يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت قال : إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان ثم قال : يا أبا بكر نلت من حق ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله إلا أعز الله بها نصره وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قلة.
الآيات 41 - 44.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة رضي الله عنه {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} قال : هذا في(13/173)
الخماشة تكون بين الناس فأما إن ظلمك رجل فلا تظلمه وإن فجر بك فلا تفجر به وإن خانك فلا تخنه فإن المؤمن هو الموفي المؤدي وإن الفاجر هو الخائن الغادر ، وخ ابن أبي شيبة والترمذي والبزار ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من دعا على من ظلمه فقد انتصر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها : أن سارقا سرق لها فدعت عليه فقال لها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا تسبخي عليه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : {ولمن انتصر بعد ظلمه} قال : لمحمد صلى الله عليه وسلم أيضا انتصاره بالسيف وفي قوله : {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس} الآية ، قال : من أهل الشرك.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله : {هل إلى مرد من سبيل} يقول : إلى الدنيا.
(13/174)
الآيات 45 - 48.
أَخْرَج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ينظرون من طرف خفي} قال : ذليل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه مثله.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله : {ينظرون من طرف خفي} قال : يسارقون النظر إلى النار.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن خلف بن حوشب رضي الله عنه قال : قرأ زيد بن
صوحان رضي الله عنه {استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله} فقال : لبيك من زيد لبيك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {من ملجأ يومئذ} قال : تحرز {وما لكم من نكير}(13/175)
ناصر ينصركم.
الآيات 49 - 51.
أَخْرَج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أولادكم هبة الله {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من بركة المرأة ابتكارها بالأنثى لأن الله قال : {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن(13/176)
يشاء الذكور}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} قال : لا إناث معهم {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا} قال : يولد له جارية وغلام {ويجعل من يشاء عقيما} لا يولد له.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مالك رضي الله عنه : {يهب لمن يشاء إناثا} قال : يكون الرجل لا يولد إلا الإناث ، {ويهب لمن يشاء الذكور} قال : يكون الرجل لا يولد له إلا الذكور {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا} قال : يكون(13/177)
الرجل يولد له الذكور والإناث {ويجعل من يشاء عقيما} قال : يكون الرجل لا يولد له.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن محمد بن الحنفية : {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا} قال : التوأم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ويجعل من يشاء عقيما} قال : الذي لا يولد له ولد.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {ويجعل من يشاء عقيما} قال : لا يلقح.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الله بن الحرث بن عمير أن أبا بكر رضي الله عنه أصاب وليدة له سوداء فعزلها ثم باعها فانطلق بها سيدها حتى إذا كان في بعض الطريق أرادها فامتنعت منه فإذا هو براعي غنم فدعاه فراطنها فأخبرها أنه سيدها قالت : إني قد حملت من سيدي الذي كان قبل هذا وأنا في ديني أن لا يصيبني رجل في حمل من آخر فكتب سيدها إلى أبي بكر أو عمر فأخبره الخبر فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم بمكة(13/178)
فمكث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من الغد وكان مجلسهم الحجر قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : جاءني جبريل في مجلسي هذا عن الله : أن أحدكم ليس بالخيار على الله إذا شجع ذلك المشجع ولكنه {يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} فاعترف بولدك فكتب بذلك فيها.
وأخرج عبد الرزاق عن غيلان عن أنس رضي الله عنه قال : ابتاع أبو بكر رضي الله عنه جارية أعجمية من رجل قد كان أصابها فحملت له فأراد أبو بكر رضي الله عنه أن يطأها فأبت عليه وأخبرت أنها حامل فرفع ذلك إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إنها حفظت فحفظ الله لها إن أحدكم إذا شجع ذلك المشجع فليس بالخيار على الله فردها إلى صاحبها الذي باعها ..
أَخرَج بن أبي حاتم عن ابن عباس : (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا(13/179)
وحيا) الآيه . قال : إلا أن يبعث ملكا يوحي إليه من عنده أو يلهمه فيقذف في قلبه ، أو يكلمه من وراء حجاب.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد : (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا) . قال : ينفث في قلبه (أو من وراء حجاب) قال : موسى (أو يرسل رسولا) قال : جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم وأشباهه من الأنبياء..
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن يونس بن يزيد رضي الله عنه قال : سمعت الزهري رضي الله عنه سئل عن قول الله {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا} الآية قال : نزلت هذه الآية تعم من أوحى الله إليه من النبيين فالكلام كلام الله الذي كلم به موسى من وراء حجاب والوحي ما يوحي الله به إلى نبي من أنبيائه فيثبت الله ما أراد من وحيه في قلب النَّبِيّ فيتكلم به النَّبِيّ ويعيه وهو كلام الله ووحيه ومنه ما يكون بين الله ورسله لا يكلم به أحدا من الأنبياء ولكنه سر غيب بين الله ورسله ومنه ما يتكلم به الأنبياء عليهم السلام ولا يكتبونه لأحد ولا يأمرون بكتابته ولكنهم يحدثون به الناس حديثا ويبينون لهم أن الله أمرهم أن يبينوه للناس ويبلغوهم ومن الوحي ما يرسل الله به من يشاء من اصطفى من ملائكته
فيكلمون أنبياءه ومن الوحي ما يرسل به إلى من يشاء(13/180)
فيوحون به وحيا في قلوب من يشاء من رسله.
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي عن عائشة : أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي قال : أحيانا يأتيني الملك في مثل صلصلة الجرس فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال وهو أشده علي وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول قالت عائشة رضي الله عنها : ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم وأن جبينه ليتفصد عرقا.
وأخرج أبو يعلى والعقيلي والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات وضعفه عن سهل بن سعد وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دون الله سبعون ألف حجاب من نور وظلمة ما يسمع من نفس من حس تلك الحجب إلا زهقت نفسه.
الآيات 52 - 53.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا} قال : القرآن.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل ، وَابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم :(13/181)
هل عبدت وثنا قط قال : لا قالوا : فهل شربت خمرا قط قال : لا وما زلت أعرف الذي هم عليه كفر (وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإيمان) وبذلك نزل القرآن (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان).
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : {وإنك لتهدي} قال : لتدعو.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} قال : قال الله (ولكل قوم هاد) (يوسف 7) قال : داع يدعو إلى الله تعالى.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} قال : تدعو.
(13/182)
* بسم الله الرحمن الرحيم * (43)- سورة الزخرف.
مكية وآياتها تسع وثمانون.
مقدمة السورة.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت بمكة سورة {حم} الزخرف.
الآيات 1 - 3 أما قوله تعالى : {إنا جعلناه قرآنا عربيا}.
أخرج ابن مردويه ، عَن طاووس رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى ابن عباس من حضرموت فقال له : يا ابن عباس اخبرني عن القرآن أكلام من كلام الله أم خلق من خلق الله قال : بل كلام من كلام الله ، أو ما سمعت الله يقول : (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) (التوبة الآية 6) فقال له الرجل : أفرأيت قوله {إنا جعلناه قرآنا عربيا} قال : كتبه الله في اللوح المحفوظ بالعربية ، أما سمعت الله يقول (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ) (البروج الآية 22) المجيد : هو العزيز أي كتبه الله في اللوح المحفوظ.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مقاتل بن حيان رضي الله عنه قال : كلام أهل السماء العربية ، ثم قرأ {حم والكتاب المبين} {إنا جعلناه قرآنا عربيا} الآيتين.
الآية 4
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أن أول ما خلق الله من شيء القلم فأمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة والكتاب عنده ثم(13/183)
قرأ {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم >.
وَأخرَج ابن مردويه والديلمي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السموات والأرض وهو عنده فوق العرش، الخلق منتهون إلى ما في ذلك الكتاب وتصديق ذلك في كتاب الله : (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) " . !.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {وإنه في أم الكتاب} قال : في أصل الكتاب وجملته.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه {وإنه في أم الكتاب} قال : القرآن عند الله {في أم الكتاب}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : {وإنه في أم الكتاب لدينا} قال : الذكر الحكيم فيه كل شيء كان وكل شيء يكون وما نزل من كتاب فمنه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن سابط رضي الله عنه في قوله : {وإنه في أم الكتاب} ما هو كائن إلى يوم القيامة وكل ثلاثة من الملائكة يحفظون فوكل(13/184)
جبريل عليه السلام بالوحي ينزل به إلى الرسل عليهم الصلاة والسلام وبالهلاك إذا أراد أن يهلك قوما كان صاحب ذلك ووكل أيضا بالنصر في الحروب إذا أراد الله أن ينصر ووكل ميكائيل عليه السلام بالقطر أن يحفظه ووكل ملك الموت عليه السلام بقبض الأنفس فإذا ذهبت الدنيا جمع بين حفظهم وحفظ أهل الكتاب فوجده سواء.
الآيات 5 – 18
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {أفنضرب عنكم الذكر صفحا} قال : أحسبتم أن نصفح عنكم ولم تفعلوا ما أمرتم به.
وَأخرَج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {أفنضرب عنكم الذكر صفحا} قال : تكذبون بالقرآن ثم لا تعاقبون عليه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي صالح رضي الله عنه {أفنضرب عنكم الذكر صفحا} قال : العذاب.
وَأخرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة : (أفنضرب عنكم الذكر(13/185)
صفحا) . قال: والله لو أن هذا القرآن رفع حيث رده أوائل هذه الأمة لهلكوا ولكن الله تعالى عاد عليهم بعائدته ورحمته فكرره عليهم ودعاهم إليه.
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن الحسن رضي الله عنه قال : لم يبعث الله رسولا إلا أن أنزل عليه كتابا فإن قبله قومه وإلا رفع فذلك قوله : {أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين} لا تقبلونه فيلقنه قلب نبيه ، قالوا : قبلناه ربنا قبلناه ربنا ولو لم يفعلوا لرفع ولم يترك منه شيء على ظهر الأرض.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ومضى مثل الأولين} قال : سنتهم.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن حاتم عن قتادة : (ومضى مثل الأولين) قال : عقوبة الأولين ..
(13/186)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {صفحا أن كنتم} بنصب الألف {جعل لكم الأرض مهدا} بنصب الميم بغير ألف.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه}
أن تقولوا : الحمد لله الذي من علينا بمحمد عبده ورسوله ثم تقولوا : {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين}.
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر ركب راحلته ثم كبر ثلاثا ثم قال : {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} {وإنا إلى ربنا لمنقلبون}.
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو داود والترمذي وصححه ، وَابن جَرِير والنسائي(13/187)
وابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن علي رضي الله عنه أنه أتى بدابة فلما وضع رجله في الركاب قال : بسم الله فلما استوى على ظهرها قال : الحمد لله ثلاثا والله أكبر ثلاثا {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} {وإنا إلى ربنا لمنقلبون} سبحانك لا إله إلا أنت قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم ضحك فقلت : مم ضحكت يا أمير المؤمنين قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت ثم ضحك فقلت يا رسول الله : مم ضحكت فقال : يعجب الرب من عبده إذا قال : رب اغفر لي ويقول : علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب غيري.
وأخرج أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على دابته فلما استوى عليها (كبر ثلاثا وهلل الله وحده ثم ضحك إليه كما ضحكت إليك).
(13/188)
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن محمد بن حمزة بن عمر الأسلمي عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فوق ظهر كل بعير شيطان فإذا ركبتموه فاذكروا اسم الله ثم لا تقصروا عن حاجاتكم.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : على ذروة كل بعير شيطان فامتهنوهن بالركوب فإنما يحمل الله.
وأخرج ابن سعد وأحمد والبغوي والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في "سُنَنِه" عن أبي لاس الخزاعي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من بعير إلا في
ذروته شيطان فاذكروا اسم الله عليه إذا ركبتموه كما أمركم ثم امتهنوها لأنفسكم فإنما يحمل الله.
وأخرج ابن المنذر عن شهر بن حوشب رضي الله عنه في قوله {ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه} قال : نعمة الإسلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن أبي مجلز رضي الله عنه قال : رأى(13/189)
حسين بن علي رضي الله عنه رجلا يركب دابة فقال {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} {وإنا إلى ربنا لمنقلبون} قال : أو بذلك أمرت قال : فكيف أقول قال : الحمد لله الذي هدانا للإسلام الحمد لله الذي من علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي جعلني في خير أمة أخرجت للناس ثم تقول : {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، عَن طاووس رضي الله عنه أنه كان إذ ركب دابة قال : بسم الله اللهم هذا من منك وفضلك علينا فلك الحمد ربنا {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} {وإنا إلى ربنا لمنقلبون}.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وما كنا له مقرنين} قال : الإبل والخيل والبغال والحمير.
(13/190)
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {وما كنا له مقرنين} قال : مطيقين.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {وما كنا له مقرنين} قال : لا في الأيدي ولا في القوة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سليمان بن يسار رضي الله عنه أن قوما كانوا في سفر فكانوا إذا ركبوا قالوا : {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} وكان فيهم رجل له ناقة رازم فقال : أما أنا فأنا لهذه مقرن فقمصت به فصرعته فاندقت عنقه ، والله أعلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {وجعلوا له من عباده جزءا} قال : عدلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : !(13/191)
{وجعلوا له من عباده جزءا} قال : ولدا وبنات من الملائكة ، وفي قوله : {وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا} قال : ولدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم} قال : حزين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {بما ضرب للرحمن مثلا} بنصب الضاد.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {أو من ينشأ في الحلية} قال : الجواري جعلتموهن للرحمن ولدا {كيف تحكمون} الصافات الآية 154.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما {أو من ينشأ في الحلية} قال : هن النساء فرق بين زيهن وزي الرجال ونقصهن من الميراث وبالشهادة وأمرهن بالقعدة وسماهن الخوالف.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {أو من ينشأ في الحلية} قال : جعلوا لله البنات {وإذا بشر أحدهم} بهن {ظل وجهه مسودا وهو كظيم} حزين.
وَأَمَّا قوله : !(13/192)
{وهو في الخصام غير مبين} قال : قلما تكلمت امرأة تريد أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ {أو من ينشأ في الحلية} مخففة الياء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {ينشأ في الحلية} مخففة منصوبة الياء مهموزة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي العالية رضي الله عنه أنه سئل عن الذهب للنساء فقال لا بأس به ، يقول الله : {أو من ينشأ في الحلية}.
الآيات 19 - 25
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} قال : قد قال ذلك أناس من الناس(13/193)
ولا نعلمهم إلا اليهود : إن الله عز وجل صاهر الجن فخرجت من بنيه الملائكة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كنت أقرأ هذا الحرف {الذين هم عباد الرحمن إناثا} فسألت ابن عباس فقال : {عباد الرحمن} قلت : فإنها في مصحفي عند الرحمن قال : فامحها واكتبها {عباد الرحمن} بالألف والباء ، وقال : أتاني رجل اليوم وددت أنه لم يأتني فقال : كيف تقرأ هذا الحرف {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} قال : أن أناسا يقرأون الذين هم عند الرحمن فسكت عنه فقلت : اذهب إلى أهلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأها الذين هم عند الرحمن بالنون.
(13/194)
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن مروان وجعلوا الملائكة عند الرحمن إناثا ليس فيه {الذين هم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {عباد الرحمن} بالألف والباء {أشهدوا خلقهم} بنصبهم الألف والشين {ستكتب} بالتاء ورفع التاء.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي
في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله : {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم} قال : يعنون الأوثان لأنهم عبدوا الأوثان يقول الله : {ما لهم بذلك من علم} يعني الأوثان أنهم لا يعلمون {إن هم إلا يخرصون} قال : يعلمون قدرة الله على ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم}(13/195)
قال : عبدوا الملائكة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {أم آتيناهم كتابا من قبله} قال : قبل هذا الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة} قال : على دين.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : {إنا وجدنا آباءنا على أمة} قال : على ملة غير الملة التي تدعونا إليها ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يعتذر إلى النعمان بن المنذر ويقول : حلفت فلم أترك لنفسك ريبة * وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون} قال : قد قال : ذلك مشركو قريش : إنا وجدنا آباءنا على دين وإنا متبعوهم على ذلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم(13/196)
مقتدون} قال : بفعلهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه قال : الأمة في القرآن على وجوه (واذكر بعد أمة) (يوسف الآية 45) قال : بعد حين ، (ووجد عليه أمة من الناس يسقون) (يوسف الآية 23) قال : جماعة من الناس {إنا وجدنا آباءنا على أمة} قال : على دين ، ورفع الألف في كلها ، وقرأ {قال أولو جئتكم} بغير ألف بالتاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين}
قال : شر والله كان عاقبتهم أخذهم بخسف وغرق فأهلكهم الله ثم أدخلهم النار.
الآيات 26 - 28.
أَخرَج الفضل بن شاذان في كتاب القراءات بسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ : إنني بريء مما تعبدون بالياء.
(13/197)
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه : إنني بريء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين : قال : إنهم يقولون إن الله ربنا (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) فلم يبرأ من ربه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة {وجعلها كلمة باقية في عقبه} قال : في الإسلام أوصى بها ولده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد {وجعلها كلمة باقية في عقبه} قال : لا إله إلا الله (في عقبه) قال :ولده.
وَأخرَج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة (وجعلها كلمة باقية في عقبه) قال : الإخلاص والتوحيد لا يزال في ذريته من يوحد الله ويعبده.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في الأسماء والصفات "(13/198)
عن قتادة : (وجعلها كلمة باقية في عقبه) قال : شهادة أن لا إله إلا الله والتوحيد ، لايزال في ذريته من يقولها من بعده {لعلهم يرجعون} قال : يتوبون أو يذكرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ابن عباس {وجعلها كلمة باقية في عقبه} قال : لا إله إلا الله في عقبه قال : عقب إبراهيم ولده.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الزهري قال : عقب الرجل ولده الذكور والإناث وأولاد الذكور.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عبيدة قال : قلت لإبراهيم : ما العقب قال : ولده الذكر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء في رجل أسكنه رجل له ولعقبه من بعده أتكون امرأته من عقبه قال : لا ولكن ولده عقبه.
الآيات 29 – 30
أخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {بل متعت هؤلاء} برفع التاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين} قال : هذا قول أهل الكتاب لهذه الأمة(13/199)
وكان قتادة رضي الله عنه يقرؤها {بل متعت هؤلاء} بنصب التاء.
وأخرج ابن جرير عن السدي : {ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر} قال : هؤلاء قريش قالوا للقرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم : هذا سحر.
الآيات 31 - 32.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قول الله : {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} ما القريتان قال : الطائف ومكة قيل : فمن الرجلان قال : عروة بن مسعود وخيار قريش.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قول الله {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} قال : يعني بالقريتين مكة والطائف والعظيم الوليد بن المغيرة القرشي وحبيب بن عمير الثقفي.
(13/200)
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} قال : يعني من القريتين مكة والطائف والعظيم الوليد بن المغيرة القرشي وحبيب بن عمير الثقفي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} قال : يعنون أشرف من محمد الوليد بن المغيرة من أهل مكة ومسعود بن عمرو الثقفي من أهل الطائف.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن قتادة قال : قال الوليد بن المغيرة : لو كان ما يقول محمد حقا أنزل علي هذا القرآن أو على عروة بن مسعود الثقفي فنزلت {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} قال : القريتان مكة والطائف ، قال ذلك مشركو قريش ، قال : بلغنا أنه ليس فخذ من قريش إلا قد ادعته فقالوا : هو منا وكنا نحدث أنه الوليد بن المغيرة وعروة بن مسعود الثقفي ، قال : يقولون فهلا كان أنزل على أحد هذين الرجلين ليس على محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {على رجل من القريتين عظيم} قال : عتبة بن ربيعة من مكة ، وَابن عبد ياليل بن كنانة الثقفي من الطائف وعمير بن(13/201)
مسعود الثقفي وفي لفظ وأبو مسعود الثقفي.
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} قال : هو عتبة بن ربيعة - وكان ريحانة قريش يومئذ.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه في قوله : {على رجل من القريتين عظيم} قال : هو الوليد بن المغيرة المخزومي أو كنانة بن عمر بن عمير عظيم أهل الطائف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا} قال : قسم بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا كما قسم بينهم صورهم وأخلاقهم فتعالى ربنا وتبارك {ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات} قال : فتلقاه ضعيف الحيلة عيي اللسان وهو مبسوط له في الرزق وتلقاه شديد الحيلة سليط اللسان وهو مقتور عليه {ليتخذ(13/202)
بعضهم بعضا سخريا} قال : ملكة يسخر بعضهم بعضا يبتلي الله به عباده فالله الله فيما ملكت يمينك {ورحمة ربك خير مما يجمعون} قال : الجنة.
الآيات 33 - 35.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله لولا أن يجزع عبدي المؤمن لعصبت الكافر عصابة من حديد فلا يشتكي شيئا ولصببت عليه الدنيا صبا قال ابن عباس رضي الله عنهما : قد أنزل الله شبه ذلك في كتابه في قوله {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة} الآية يقول : لولا أن أجعل الناس كلهم كفارا لجعلت لبيوت الكفار سقفا من فضة {ومعارج} من فضة وهي درج {عليها يظهرون} يصعدون إلى الغرف وسرر فضة {وزخرفا} وهو الذهب.
(13/203)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة} قال : لولا أن يكون الناس كفارا {لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة} قال : السقف أعالي البيوت {ومعارج عليها يظهرون} قال : درج عليها يصعدون {وزخرفا} قال : الذهب {والآخرة عند ربك للمتقين} قال : خصوصا.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة} قال : لولا أن يكفروا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه في قوله : {سقفا} قال : الجزوع {ومعارج} قال : الدرج {وزخرفا} قال : الذهب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في
قوله : {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة} قال : لولا أن يكون الناس أجمعون كفارا فيميلوا إلى الدنيا لجعل الله لهم الذي قال ، قال : وقد مالت الدنيا بأكبر همها وما فعل ذلك فكيف لو فعله.
وأخرج أحمد والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : {أهم يقسمون رحمة ربك} قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله قسم بينكم أخلاقكم(13/204)
كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب فمن أعطاه الدين فقد أحبه.
وأخرج الترمذي وصححه ، وَابن ماجة عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء.
الآيات 36 - 40.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن محمد بن عثمان المخرمي أن قريشا قالت : قيضوا لكل رجل رجلا من أصحاب محمد يأخذه فقيضوا لأبي بكر رضي الله عنه طلحة بن عبيد الله فأتاه وهو في القوم فقال أبو بكر رضي الله عنه : إلام تدعوني قال : أدعوك إلى عبادة اللات والعزى قال أبو بكر رضي الله عنه : وما اللات قال : ربنا ، قال : وما العزى قال : بنات الله ، قال أبو بكر رضي الله عنه : فمن أمهم فسكت طلحة فلم يجبه فقال طلحة لأصحابه : أجيبوا الرجل فسكت القوم فقال طلحة : قم يا أبا بكر أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فأنزل الله {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {ومن يعش عن ذكر الرحمن} قال : يعمى قال ابن جرير : هذا على قراءة فتح(13/205)
الشين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {ومن يعش} قال : يعرض {وإنهم ليصدونهم عن السبيل} قال : عن الدين {حتى إذا جاءنا} جميعا هو وقرينه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ حتى إذا جاءنا على معنى اثنين هو وقرينه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ومن يعش} الآية ، قال : من جانب الحق وأنكره وهو يعلم أن الحلال حلال وأن الحرام حرام فترك العلم بالحلال والحق لهوى نفسه وقضى حاجته ثم أراد من الحرام قيض له شيطان.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد الجزري في قوله : {نقيض له شيطانا} قال : بلغنا أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره شفع بيده شيطان ولم يفارقه حتى يصيرهما الله إلى النار فذلك حين يقول : !(13/206)
{يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين} قال : وأما المؤمن فيوكل به ملك حتى يقضي بين الناس أو يصير إلى الجنة.
وأخرج ابن حبان والبغوي ، وَابن قانع والطبراني ، وَابن مردويه عن شريك بن طارق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس منكم أحد إلا ومعه شيطان قالوا : ومعك يا رسول الله قال : ومعي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم.
وأخرج مسلم ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلا قالت : فغرت عليه فجاء فرأى ما أصنع فقال ما لك يا عائشة أغرت فقلت : وما لي لا يغار مثلي على مثلك فقال : أقد جاء شيطانك قلت : يا رسول الله أمعي شيطان قال : نعم ومع كل إنسان ، قلت : ومعك قال : نعم ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم.
وأخرج مسلم ، وَابن مردويه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منكم من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الجن ، قالوا :
وإياك يا رسول الله قال : وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا(13/207)
بخير.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منكم من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الجن ، قالوا : وإياك يا رسول الله قال : وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم.
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : ليس من الآدميين أحد إلا ومعه شيطان موكل به أما الكافر فيأكل معه من طعامه ويشرب معه من شرابه وينام معه على فراشه وأما المؤمن فهو بجانب له ينتظره حتى يصيب منه غفلة أو غرة فيثب عليه وأحب الآدميين إلى الشيطان الأكول النؤوم.
الآيات 41 - 43.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون} قال : قال أنس رضي الله عنه : ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقيت النقمة فلم ير الله نبيه في أمته شيئا(13/208)
يكرهه حتى قبض ولم يكن نبي قط إلا وقد رأى العقوبة في أمته إلا نبيكم صلى الله عليه وسلم رأى ما يصيب أمته بعده فما رؤي ضاحكا منبسطا حتى قبض.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق حميد عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله : {فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون} الآية ، قال : أكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يريه في أمته ما يكره فرفعه إليه وبقيت النقمة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن مسعود العبدي قال : قرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه هذه الآية {فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون} قال : ذهب نبيه صلى الله عليه وسلم وبقيت نقمته في عدوه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : {فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون}
قال : لقد كانت نقمة شديدة أكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يريه في أمته ما كان من النقمة بعده.
وأخرج ابن مردويه من طريق محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح ، عَن جَابر بن عبد الله : عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : {فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون > قال بعلي.(13/209)
وأخرج الديلمي من وجه آخر ، عَن جَابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) : ! نزلت في علي بن أبي طالب أنه ينتقم من الناكثين والقاسطين بعدي.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أو نرينك الذي وعدناهم} الآية قال : يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {إنك على صراط مستقيم} قال : على الإسلام.
الآية 44.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما {وإنه لذكر لك ولقومك} قال : القرآن شرف لك ولقومك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {وإنه لذكر لك} يعني القرآن ولقومك يعني من اتبعك من أمتك.
(13/210)
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد في قوله : {وإنه لذكر لك ولقومك} قال : يقال ممن هذا الرجل فيقال : من العرب فيقال : من أي العرب فيقال : من قريش فيقال : من أي قريش فيقال : من بني هاشم.
وأخرج ابن عدي ، وَابن مردويه عن علي ، وَابن عباس قالا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل بمكة ويعدهم الظهور فإذا قالوا لمن الملك بعدك أمسك فلم يجبهم بشيء لأنه لم يؤمر في ذلك بشيء حتى نزلت {وإنه لذكر لك ولقومك} فكان بعد إذا سئل قال : لقريش فلا يجيبونه حتى قبلته الأنصار على ذلك.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : كنت قاعدا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا إن الله علم ما في قلبي من حبي لقومي فشرفني فيهم فقال : {وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون} فجعل الذكر والشرف لقومي في كتابه ثم قال (وأنذر عشيرتك الأقربين) (الشعراء الآية 214) (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) (الشعراء الآية 215) يعني قومي فالحمد لله الذي جعل الصديق من قومي والشهيد من قومي إن الله(13/211)
قلب العباد ظهرا وبطنا فكان خير العرب قريش وهي الشجرة المباركة التي قال الله في كتابه (ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة) (إبراهيم الآية 24) يعني بها قريشا (أصلها ثابت) يقول : أصلها كرم (وفرعها في السماء) يقول : الشرف الذي شرفهم الله بالإسلام الذي هداهم له وجعلهم أهله ، ثم أنزل فيهم سورة من كتاب الله بمكة (لإيلاف قريش) (قريش الآية 1 - 2 - 3 - 4) إلى آخرها قال عدي بن حاتم : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده قريش بخير قط إلا سره حتى يتبين ذلك السرور للناس كلهم في وجهه وكان كثيرا ما يتلوا هذه الآية {وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون}.
الآية 45.
أَخرَج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا} قال : ليلة أسري به لقي الرسل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا} قال : بلغنا أنه ليلة أسري به أري الأنبياء فأري آدم فسلم عليه : وأري(13/212)
مالكا خازن النار وأري الكذاب الدجال.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون} قال : سل
أهل التوراة والإنجيل هل جاءت الرسل إلا بالتوحيد وقال : في بعض القراءة واسأل من أرسلنا إليهم رسلنا قبلك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا} قال : سل الذين أرسلنا إليهم قبلك من رسلنا.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن المنذر عن مجاهد قال : كان عبد الله يقرأ / {واسأل الذين أرسلنا إليهم قبلك من رسلنا > / قال : في قراءة ابن مسعود واسأل الذين يقرأون الكتاب من قبل مؤمني أهل الكتاب.
(13/213)
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا} قال : جمعوا له ليلة أسري به ببيت المقدس.
الآيات 46 - 56.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها} قال : الطوفان وما معه من الآيات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة {وأخذناهم بالعذاب} قال : هو عام السنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون} قال : يتوبون أو يذكرون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {ادع لنا ربك بما عهد عندك} لئن آمنا ليكشفن عنا العذاب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {إذا هم ينكثون} قال : يغدرون.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {ونادى فرعون في قومه} قال : ليس هو نفسه ولكن أمر أن ينادي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأسود بن يزيد قال : قلت لعائشة : ألا تعجبين من(13/214)
رجل من الطلقاء ينازع أصحاب محمد في الخلافة قالت : وما تعجب من ذلك هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر وقد ملك فرعون أهل مصر أربعمائة سنة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي} قال : قد كان لهم جنان وأنهار {أم أنا خير من هذا الذي هو مهين} قال : ضعيف {ولا يكاد يبين} قال : عيي اللسان {فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب} قال : أحلية من ذهب {أو جاء معه الملائكة مقترنين} أي متتابعين ، {فلما آسفونا} قال : أغضبونا {فجعلناهم سلفا} قال : إلى النار {ومثلا} قال : عظة {للآخرين}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : {ولا يكاد يبين} قال : كانت لموسى لثغة في لسانه.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله : {أو جاء معه الملائكة مقترنين} قال : يمشون معا.
(13/215)
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن عكرمة قال : لم يخرج فرعون من زاد على الأربعين سنة ومن دون العشرين فذلك قوله : {فاستخف قومه فأطاعوه} يعني استخف قومه في طلب موسى عليه السلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة {فلما آسفونا} قال : أغضبونا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فلما آسفونا} قال : أغضبونا ، وفي قوله : {سلفا} قال : أهواء مختلفة.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {فلما آسفونا} قال : أغضبونا {فجعلناهم سلفا} قال : هم قوم فرعون كفارهم {سلفا} لكفار أمة محمد {ومثلا للآخرين} قال : عبرة لمن بعدهم.
(13/216)
وأخرج أحمد والطبراني والبيهقي في الشعب ، وَابن أبي حاتم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا رأيت الله يعطي العبد ما شاء وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك استدراج منه له ثم تلا {فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين}.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن طارق بن شهاب قال : كنت عند عبد الله فذكر عند موت الفجأة فقال : تخفيف على المؤمن وحسرة على الكافر {فلما آسفونا انتقمنا منهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه كان يقرأ {فجعلناهم سلفا} بنصب السين واللام.
الآيات 57 – 65
أخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس(13/217)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقريش : إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير فقالوا : ألست : تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا وقد عبدته النصارى فإن كنت صادقا فإنه كآلهتهم ، فأنزل الله {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون} قال : يضجون {وإنه لعلم للساعة} قال : هو خروج عيسى بن مريم قبيل يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : لما ذكر عيسى بن مريم جزعت قريش وقالوا : ما ذكر محمد عيسى بن مريم ما يريد محمد إلا أن نصنع به كما صنعت النصارى بعيسى بن مريم ، فقال الله : {ما ضربوه لك إلا جدلا}.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد(13/218)
وابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرؤها {يصدون} يعني بكسر الصاد يقول : يضجون.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه أنه قرأ {يصدون} بضم الصاد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن إبراهيم {يصدون} قال : يعرضون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن معبد بن أخي عبيد بن عمير الليثي رضي الله عنه قال : قال لي ابن عباس : ما لعمك يقرأ هذه الآية {إذا قومك منه يصدون} إنها ليست كذا إنما هي {إذا قومك منه يصدون} إذا هم يهجون إذا هم يضجون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {إذا قومك منه يصدون} قال : يضجون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد والحسن وقتادة رضي الله عنهما مثله.
(13/219)
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ {يصدون} بالكسر.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه ، وَابن ماجة ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم قرأ {ما ضربوه لك إلا جدلا} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : ما ضلت أمة بعد نبيها إلا أعطوا الجدل ، ثم قرأ {ما ضربوه لك إلا جدلا}.
(13/220)
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي إدريس الخولاني رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما ثار قوم فتنة إلا أوتوا بها جدلا وما ثار قوم في فتنة إلا كانوا لها حرزا.
وأخرج ابن عدي والخرائطي في مساوى ء الأخلاق عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الكذب باب من أبواب النفاق وإن آية النفاق أن يكون الرجل جدلا خصما).
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : لما ذكر الله عيسى عليه السلام في القرآن قال مشركو مكة إنما أراد محمد أن نحبه كما أحب النصارى عيسى قال : {ما ضربوه لك إلا جدلا} قال : ما قالوا هذا القول إلا ليجادلوا {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه} قال : ذلك نبي الله عيسى أن كان عبدا صالحا أنعم الله عليه {وجعلناه مثلا} قال : آية {لبني إسرائيل} {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} قال : يخلف بعضهم بعضا مكان بني آدم.
(13/221)
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن المشركين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له : أرأيت ما يعبد من دون الله أين هم قال : في النار ، قالوا : والشمس والقمر قال : والشمس والقمر قالوا : فعيسى بن مريم فأنزل الله {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} قال : يعمرون الأرض بدلا منكم.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ومسدد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم والطبراني من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإنه لعلم للساعة} قال : خروج عيسى قبل يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي هريرة رضي الله عنه {وإنه لعلم للساعة}
قال : خروج(13/222)
عيسى يمكث في الأرض أربعين سنة تكون تلك الأربعون أربع سنين يحج ويعتمر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {وإنه لعلم للساعة} قال : آية للساعة خروج عيسى بن مريم قبل يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن رضي الله عنه {وإنه لعلم للساعة} قال : نزول عيسى.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {وإنه لعلم للساعة} قال : نزول عيسى علم للساعة وناس يقولون : القرآن علم للساعة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن شيبان رضي الله عنه قال : كان الحسن يقول {وإنه لعلم للساعة} قال : هذا القرآن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {وإنه لعلم للساعة} قال : هذا القرآن بخفض العين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن حماد بن سلمة رضي الله عنه قال : قرأتها في مصحف أبي(13/223)
وإنه لذكر للساعة.
وأخرج ابن جرير من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما {وإنه لعلم للساعة} قال : نزول عيسى.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه} قال : من تبديل التوراة.
الآية 66
أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تقوم الساعة والرجلان يحلبان اللقحة والرجلان يطويان الثوب ثم قرأ {هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون}.
الآيات 67 - 71.
أَخْرَج ابن مردويه عن سعد بن معاذ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة انقطعت الأرحام وقلت الأنساب وذهبت الأخوة إلا الأخوة في الله وذلك قوله : {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {الأخلاء يومئذ(13/224)
بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} قال : معصية الله في الدنيا متعادين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : الأخلاء أربعة مؤمنان وكافران فمات أحد المؤمنين فسئل عن خليله فقال : اللهم لم أر خليلا آمر بمعروف ولا أنهى عن منكر منه اللهم اهده كما هديتني وأمته على ما أمتني عليه ومات أحد الكافرين فسئل عن خليله فقال : اللهم لم أر خليلا آمر بمنكر منه ولا أنهى عن معروف منه اللهم أضله كما أضللتني وأمته على ما أمتني عليه قال : ثم يبعثون يوم القيامة فقال : ليثن بعضكم على بعض فأما المؤمنان فأثنى كل واحد منهما على صاحبه كأحسن الثناء وأما الكافران فأثنى كل واحد منهما على صاحبه كأقبح الثناء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب رضي الله عنه قال : يؤتى بالرئيس في الخير يوم القيامة فيقال : أجب ربك فينطلق به إلى ربه فلا يحجب عنه فيؤمر به إلى(13/225)
الجنة فيرى منزله ومنازل أصحابه الذين كانوا يجامعونه على الخير ويعينونه عليه فيقال هذه منزلة فلان وهذه منزلة فلان فيرى ما أعد الله في الجنة من الكرامة ويرى منزلته أفضل من منازلهم ويكسى من ثياب الجنة ويوضع على رأسه تاج ويعلقه من ريح الجنة ويشرق وجهه حتى يكون مثل القمر ليلة البدر فيخرج فلا يراه أهل ملأ إلا قالوا : اللهم اجعله منهم حتى يأتي أصحابه الذين كانوا يجامعونه على الخير ويعينونه عليه فيقول أبشر يا فلان فإن الله أعد لك في الجنة
كذا وأعد لك في الجنة كذا وكذا فلا يزال يخبرهم بما أعد الله لهم في الجنة من الكرامة حتى يعلو وجوههم من البياض مثل ما علا وجهه فيعرفهم الناس ببياض وجوههم فيقولون هؤلاء أهل الجنة ، ويؤتي بالرئيس في الشر فيقال أجب ربك فينطلق به إلى ربه فيحجب عنه ويؤمر به إلى النار فيرى منزله ومنازل أصحابه فيقال هذه منزلة فلان وهذه منزلة فلان فيرى ما أعد الله فيها من الهوان ويرى منزلته شرا من منازلهم فيسود وجهه وتزرق عيناه ويوضع على رأسه قلنسوة من نار فيخرج فلا يراه أهل ملأ إلا تعوذوا بالله منه فيقول ما(13/226)
أعاذكم الله مني أما تذكر يا فلان كذا وكذا فيذكرهم الشر الذي كانوا يجامعونه ويعينونه عليه فما يزال يخبرهم بما أعد الله لهم في النار حتى يعلو وجوههم من السواد مثل الذي علا وجهه فيعرفهم الناس بسواد وجوههم فيقولون هؤلاء أهل النار.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد وحميد بن زنجويه في ترغيبه ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله : {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} قال : خليلان مؤمنان وخليلان كافران توفي أحد المؤمنين فبشر بالجنة فذكر خليله فقال : اللهم إنا خليلي فلانا كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر وينبئني أني ملاقيك اللهم فلا تضله بعدي حتى تريه ما أريتني وترضى عنه كما رضيت عني فيقال له اذهب فلو تعلم ما له عندي لضحكت كثيرا ولبكيت قليلا ثم يموت الآخر فيجمع بين أرواحهما فيقال : ليثن كل واحد منكما على صاحبه فيقول كل واحد منهما لصاحبه نعم الأخ ونعم الصاحب ونعم الخليل وإذا مات أحد الكافرين بشر بالنار فيذكر خليله فيقول : اللهم إن خليلي فلانا كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير وينبئني أني غير ملاقيك اللهم فلا تهده بعدي حتى تريه مثل ما أريتني وتسخط عليه كما سخطت علي فيموت الآخر فيجمع بين أرواحهما فيقال ليثن كل(13/227)
واحد منكما على صاحبه فيقول كل واحد لصاحبه بئس الأخ وبئس الصاحب وبئس الخليل.
وأخرج ابن جرير عن سليمان التيمي قال : سمعت أن الناس حين يبعثون ليس
فيهم إلا فزع فينادي مناد {يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون} فيرجوها الناس كلهم فيتبعها {الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {تحبرون} قال : تكرمون والله تعالى أعلم.
وأخرج ابن المبارك ، وَابن أبي الدنيا في صفة الجنة والطبراني في الأوسط بسند رجاله ثقات عن أنس رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أسفل أهل الجنة أجمعين درجة لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف بيد كل واحد صحفتان : واحدة من ذهب والأخرى من فضة في كل واحدة لون ليس في الأخرى مثله يأكل من آخرها مثل ما يأكل من أولها يجد لآخرها من الطيب واللذة مثل الذي يجد لأولها ثم يكون ذلك ريح المسك الأذفر لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون إخوانا على سرر متقابلين.
(13/228)
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {بصحاف} قال : القصاع.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب رضي الله عنه قال : إن أدنى أهل الجنة منزلة يوم القيامة ليؤتى بغدائه في سبعين ألف صحفة في كل صحفة لون ليس كالآخر فيجد للآخر لذته أوله ليس منه أول.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأكواب الجرار من الفضة.
وأخرج هناد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأكواب التي ليس لها آذان.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : {وأكواب} قال : القلال التي لا عرا لها ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت قول الهذلي فلم ينطق الديك حتى ملأت * كوب الذباب له فاستدارا .(13/229)
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله : {بأكواب} قال : جرار ليس لها عرا وهي بالنبطية كوى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أهون أهل النار عذابا رجل يطأ على جمرة يغلي منها دماغه قال أبو بكر الصديق : وما كان
جرمه يا رسول الله قال : كانت له ماشية يغشى بها الزرع ويؤذيه وحرم الله الزرع وما حوله رمية بحجر فلا تستحبوا أموالكم في الدنيا وتهلكوا أنفسكم في الآخرة ، وقال : إن أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة لا يدخل بعده أحد يفسح له في بصره مسيرة عام في قصور من ذهب وخيام من لؤلؤ ليس فيها موضع شبر إلا معمور يغدى عليه كل يوم ويراح بسبعين ألف صحفة في كل صحفة(13/230)
لون ليس في الآخر مثله شهوته في آخرها كشهوته في أولها لو نزل به جميع أهل الأرض لوسع عليهم مما أعطي لا ينقص ذلك مما أوتي شيئا.
وأخرج ابن جرير عن أبي أمامة قال : إن الرجل من أهل الجنة يشتهي الطائر وهو يطير فيقع منفلقا نضيجا في كفه فيأكل منه حتى ينتهي ثم يطير ويشتهي الشراب فيقع الإبريق في يده فيشرب منه ما يريد ثم يرجع إلى مكانه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وأكواب} قال : هي دون الأباريق بلغنا أنها مدورة الرأس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم وذكر الجنة فقال : والذي نفسي بيده ليأخذن أحدكم اللقمة فيجعلها في فيه ثم يخطر على باله طعام آخر فيتحول الطعام الذي في فيه على الذي اشتهى ثم قرأ {وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ(13/231)
الأعين وأنتم فيها خالدون}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن ابن عباس قال : الرمانة من رمان الجنة يجتمع عليها بشر كثير يأكلون منها فإن جرى على ذكر أحدهم شيء وجده في موضع يده حيث يأكل.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك ستنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ميمونة : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إن الرجل ليشتهي الطير في الجنة فيجيء مثل البختي حتى يقع على خوانه لم يصبه دخان ولم تمسه نار فيأكل منه حتى يشبع ثم يطير.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أخس أهل الجنة منزلا له سبعون ألف خادم مع كل خادم صحفة من(13/232)
ذهب لو نزل به أهل الأرض
جميعا لأوصلهم لا يستعين عليهم بشيء من عند غيره ، وذلك في قول الله {وفيها ما تشتهيه الأنفس}.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه سئل في الجنة ولد قال : إن شاؤوا.
وأخرج أحمد وهناد والدارمي ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجة ، وَابن المنذر ، وَابن حبان والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري قال : قلنا يا رسول الله إن الولد من قرة العين وتمام السرور فهل يولد لأهل الجنة فقال : إن المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة : كما يشتهي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جريرعن ابن سابط قال : قال رجل يا رسول الله : أفي الجنة خيل فإني أحب الخيل قال : إن يدخلك الله(13/233)
الجنة ما من شيء شئت إلا فعلت فقال الأعرابي : أفي الجنة إبل فإني أحب الإبل فقال يا أعرابي : إن أدخلك الله الجنة أصبت فيها ما تشتهي نفسك ولذت عينك.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي ، وَابن مردويه عن بريدة قال : جاء رجل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : هل في الجنة خيل فإنها تعجبني قال : إن أحببت ذلك أتيت بفرس من ياقوتة حمراء فتطير بك في الجنة حيث شئت فقال له رجل : إن الإبل تعجبني فهل في الجنة من إبل فقال : يا عبد الله إن أدخلت الجنة فلك فيها ما تشتهي نفسك ولذت عينك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن كثير بن مرة الحضرمي قال : إن السحابة لتمر بأهل الجنة فتقول ما أمطركم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط قال : إن الرسول يجيء إلى الشجرة من شجر الجنة فيقول : إن ربي يأمرك أن تفتقى لهذا ما شاء فإن الرسول ليجيء إلى الرجل من أهل الجنة فينشر عليه الحلة فيقول : قد رأيت الحلل فما رأيت مثل هذه.
(13/234)
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر بن قيس قال : إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الثمرة فتجيء حتى تسيل في فيه وإنها في أصلها في الشجرة.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عبد الرحمن بن سابط قال : إن الرجل من أهل الجنة ليزوج خمسمائة حوراء وأربعمائة بكر وثمانية آلاف ثيب ما منهن
واحدة إلا يعانقها عمر الدنيا كلها لا يوجد واحد منهما من صاحبه وإنه لتوضع مائدته فما تنقضي منها نهمته عمر الدنيا كلها وإنه ليأتيه الملك بتحية من ربه وبين أصبعيه مائة أو سبعون حلة فيقول ما أتاني من ربي شيء أعجب إلي من هذه فيقول : أيعجبك هذا فيقول : نعم فيقول الملك : لأدنى شجرة بالجنة تلوني لفلان من هذا ما اشتهت نفسه.
وأخرج ابن جرير عن أبي ظبية السلمي قال : إن السرب من أهل الجنة لتظلهم السحابة فتقول : ما أمطركم فما يدعو داع من القوم بشيء إلا(13/235)
أمطرتهم حتى أن القائل منهم ليقول : أمطرينا كواعب أترابا.
الآيات 72 – 89
أخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار فالكافر يرث المؤمن منزله في النار والمؤمن يرث الكافر منزله في الجنة وذلك قوله {وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون}.
وأخرج هناد بن السري ، وعَبد بن حُمَيد في الزهد عن عبد الله بن مسعود قال : تجوزون الصراط بعفو الله وتدخلون الجنة برحمة الله وتقتسمون المنازل بأعمالكم ، قوله تعالى : {إن المجرمين}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {وهم فيه مبلسون} قال : مستسلمون.
(13/236)
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ، وَابن الأنباري في المصاحف ، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن يعلى بن أمية قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر {ونادوا يا مالك}.
وأخرج ابن مردويه عن علي أنه سمع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر {ونادوا يا مالك}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن الأنباري عن مجاهد قال : في قراءة عبد الله بن مسعود {ونادوا يا مالك}.
وأخرج الطبراني عن يعلى بن أمية قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك}.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا في صفة النار ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس : {ونادوا يا مالك} قال : مكث عنهم ألف سنة ثم يجيبهم {إنكم ماكثون}.
(13/237)
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون} قال : أم أجمعوا أمرا فإنا مجمعون إن كادوا شرا كدناهم مثله.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : بينا ثلاثة بين الكعبة وأستارها قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي فقال واحد منهم : ترون الله يسمع
كلامنا فقال واحد : إذا جهرتم سمع وإذا أسررتم لم يسمع فنزلت {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم} الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : !(13/238)
{قل إن كان للرحمن ولد} يقول : لم يكن للرحمن ولد {فأنا أول العابدين} قال : الشاهدين.
وأخرج الطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل {فأنا أول العابدين} قال : أنا أول متبرى ء من أن يكون لله ولد.
قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت تبعا وهو يقول : وقد علمت فهر بأني ربهم * طرا ولم تعبد [ ].
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن الحسن وقتادة {قل إن كان للرحمن ولد} قالا : ما كان للرحمن ولد {فأنا أول العابدين} قال : يقول محمد صلى الله عليه وسلم : فأنا أول من عبد الله من هذه الأمة.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد {قل إن كان للرحمن ولد} في زعمكم {فأنا أول العابدين} فأنا أول من عبد الله وحده وكذبكم بما تقولون.
(13/239)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} قال : المؤمنين بالله فقولوا ما شئتم.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : هذه كلمة من كلام العرب : {إن كان للرحمن ولد} أي إن ذلك لم يكن.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم قال : هذا مقول من قول العرب إن كان هذا الأمر قط أي ما كان.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الأعمش أنه كان يقرأ : كل شيء بعد السجدة في مريم ولد والتي في الزخرف ونوح وسائر (لعلها : وسائر السور مصححه) ولد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والبيهقي في الأسماء والصفات عن قتادة في قوله {عما يصفون} قال : عما يكذبون ، وفي قوله !(13/240)
{وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} قال : هو الذي يعبد في السماء ويعبد في الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة} قال : عيسى وعزير والملائكة {إلا من شهد بالحق} قال : كلمة الإخلاص {وهم يعلمون} أن الله حق وعيسى وعزير والملائكة - يقول : لا يشفع عيسى وعزير والملائكة {إلا من شهد بالحق} وهو يعلم الحق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {إلا من شهد بالحق وهم يعلمون} قال : الملائكة وعيسى وعزيز فإن لهم عند الله شفاعة.
وأخرج البيهقي في الشعب عن مجاهد في الآية قال : {شهد بالحق} وهو يعلم أن الله ربه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عوف قال : سألت إبراهيم عن الرجل يجد شهادته في الكتاب ويعرف الخط والخاتم ولا يحفظ الدراهم فتلا {إلا من شهد بالحق وهم يعلمون}.
(13/241)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله : {وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون} قال : هذا قول نبيكم صلى الله عليه وسلم يشكو قومه إلى ربه وعن ابن مسعود أنه قرأ وقال الرسول يا رب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم أنه قرأ {وقيله يا رب} بخفض اللام والهاء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {فاصفح عنهم} قال : نسخ الصفح.
وأخرج ابن أبي شيبة عن شعيب بن الحجاب قال : كنت مع علي بن عبد الله البارقي فمر علينا يهودي أو نصراني فسلم عليه فقال شعيب : قلت إنه يهودي أو نصراني فقرأ علي آخر سورة الزخرف {وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون}.
(13/242)
وأخرج ابن أبي شيبة عن عون بن عبد الله قال : سئل عمر بن عبد العزيز عن ابتداء أهل الذمة بالسلام فقال : ترد عليهم ولا تبتدئهم ، قلت : فكيف تقول أنت قال : ما أرى بأسا أن نبدأهم ، قلت : لم قال : لقول الله تعالى {فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون}.
(13/243)
* بسم الله الرحمن الرحيم * (44)- سورة الدخان.
مكية وآياتها تسع وخمسون.
مقدمة سورة الدخان.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت بمكة سورة {حم} الدخان.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : نزلت بمكة سورة الدخان.
وأخرج الترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك.
وأخرج الترمذي ومحمد بن نصر ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك.
وأخرج الترمذي ومحمد بن نصر ، وَابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ حم الدخان في ليلة جمعة أصبح مغفورا له.
وأخرج ابن الضريس والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ ليلة الجمعة {حم} الدخان و{يس} أصبح مغفورا له.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ {حم} الدخان في ليلة جمعة أو يوم جمعة بنى الله له بيتا في(13/244)
الجنة.
وأخرج ابن الضريس عن الحسن : أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ سورة الدخان في ليلة غفر له ما تقدم من ذنبه.
وأخرج الدارمي ومحمد بن نصر عن أبي رافع قال : من قرأ الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له وزوج من الحور العين.
وأخرج الدارمي عن عبد الله بن عيسى قال : أخبرت أنه من قرأ {حم} الدخان ليلة الجمعة إيمانا وتصديقا بها أصبح مغفورا له.
وأخرج البزار عن زيد بن حارثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن صياداني : خبأت لك خبيا فما هو وخبا له رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الدخان فقال : هو الدخ فقال : اخسه ما شاء الله كان ثم انصرف.
وأخرج الطبراني عن الأسود بن يزيد وعنبسة أن رجلا أتى عبد الله بن مسعود فقال : قرأت المفصل في ركعة فقال عبد الله : بل هذذت كهذ(13/245)
الشعر وكنثر الدقل ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ النظائر في ركعة فذكر عشر ركعات بعشرين سورة عن تأليف عبد الله آخرهن إذا الشمس كورت والدخان.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : لقد علمت النظائر التي كان يصلي بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذاريات والطور والنجم واقتربت والرحمن والواقعة ونون والحاقة والمزمل ولا أقسم بيوم القيامة وهل أتى على الإنسان والمرسلات وعم يتساءلون والنازعات وعبس وويل للمطففين وإذا الشمس كورت والدخان.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : لأني لأحفظ القرائن التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهن ثمان عشرة من المفصل وسورتين من آل حم.
(13/246)
وأخرج ابن أبي عمر في مسنده عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب {حم} التي يذكر فيها الدخان.
الآيات 1 - 5.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} قال : أنزل القرآن في ليلة القدر ثم نزل به جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوما بجواب كلام الناس.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن قتادة {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} قال : هي (ليلة القدر).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي الجلد قال : نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان وأنزل الإنجيل لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان وأنزل الفرقان لأربع وعشرين.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي في قوله : {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} قال : نزل القرآن جملة على جبريل وكان جبريل يجيء بعد إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
(13/247)
وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن جبير قال : نزل القرآن من السماء العليا إلى السماء الدنيا جميعا في (ليلة القدر) ثم فصل بعد ذلك في تلك السنين.
وأخرج محمد بن نصر ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : {فيها يفرق كل أمر حكيم} قال : يكتب من (أم الكتاب) (الرعد الآية 39) (في ليلة القدر) ما يكون في السنة من رزق أو موت أو حياة أو مطر حتى يكتب الحاج يحج فلان ويحج فلان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر في قوله {فيها يفرق كل أمر حكيم} قال : أمر السنة إلى السنة إلا الشقاء والسعادة فإنه في كتاب الله لا يبدل ولا يغير.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطاء الخراساني عن عكرمة {فيها يفرق كل أمر حكيم} قال : يقضى في (ليلة القدر) (كل أمر محكم).
وأخرج ابن أبي شيبة ومحمد بن نصر ، وَابن المنذر من طريق محمد بن سوقة عن عكرمة قال : يؤذن للحاج ببيت الله في (ليلة القدر) فيكتبون بأسمائهم وأسماء آبائهم فلا يغادر تلك الليلة أحد ممن كتب ثم قرأ {فيها يفرق كل أمر حكيم} فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم.
(13/248)
وأخرج سعيد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه أنه سئل عن قوله {حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين} {فيها يفرق كل أمر حكيم} قال : يفرق {في ليلة القدر} ما يكون من السنة إلى السنة إلا الحياة والموت يفرق فيها المعايش والمصائب كلها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ومحمد بن نصر ، وَابن جَرِير عن ربيعة بن كلثوم قال : كنت عند الحسن فقال له رجل يا أبا سعيد (ليلة القدر) في كل رمضان هي قال : أي والله إنها لفي كل رمضان وإنه لليلة {فيها يفرق كل أمر حكيم} فيها يقضي الله كل أجل وعمل ورزق إلى مثلها.
وأخرج ابن جرير عن عمر مولى غفرة قال : يقال ينسخ لملك الموت من يموت من (ليلة القدر) إلى مثلها وذلك لأن الله يقول : {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} إلى قوله {فيها يفرق كل أمر حكيم} فتجد الرجل ينكح(13/249)
النساء ويفرش الفرش واسمه في الأموات.
وأخرج ابن جرير عن هلال بن يساف قال : كان يقال انتظروا القضاء في شهر رمضان.
وأخرج ابن جرير عن قتادة {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} قال : (ليلة القدر).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى ثم قرأ {إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين} {فيها يفرق كل أمر حكيم} يعني (ليلة القدر) قال : ففي تلك الليلة يفرق أمر الدنيا إلى مثلها من قابل موت أو حياة أو رزق كل أمر الدنيا يفرق تلك الليلة إلى مثلها من قابل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ومحمد بن نصر ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن أبي مالك في قوله : {فيها يفرق كل أمر حكيم} قال : عمل(13/250)
السنة إلى السنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ومحمد بن نصر ، وَابن جَرِير والبيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي في قوله : {فيها يفرق كل أمر حكيم} قال : يدبر أمر السنة إلى السنة (في ليلة القدر).
وأخرج البيهقي عن أبي الجوزاء {فيها يفرق كل أمر حكيم} قال : هي (ليلة القدر) يجاء بالديوان الأعظم السنة إلى السنة فيغفر الله عز وجل لمن يشاء ألا ترى أنه قال : {رحمة من ربك}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن نصر ، وَابن جَرِير والبيهقي عن قتادة في
قوله : {فيها يفرق كل أمر حكيم} قال : فيها يفرق أمر السنة إلى السنة وفي لفظ قال : فيها يقضى ما يكون من السنة إلى السنة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن نصر والبيهقي عن أبي نضرة {فيها يفرق كل أمر حكيم} قال : يفرق أمر السنة في كل (ليلة قدر) خيرها وشرها ورزقها وأجلها وبلاؤها ورخاؤها ومعاشها إلى مثلها من السنة.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طريق محمد بن سوقة عن عكرمة {فيها يفرق كل أمر حكيم} قال : في ليلة النصف من شعبان(13/251)
يبرم أمر السنة وينسخ الأحياء من الأموات ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أحد.
وأخرج ابن زنجويه والديلمي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى أن الرجل لينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان وذلك أنه ينسخ فيه آجال من ينسخ في السنة.
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر عن عائشة قالت : لم يكن رسول الله(13/252)
صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان لأنه ينسخ فيه أرواح الأحياء في الأموات حتى أن الرجل يتزوج وقد رفع اسمه فيمن يموت وأن الرجل ليحج وقد رفع اسمه فيمن يموت.
وأخرج أبو يعلى عن عائشة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله فسألته قال : إن الله يكتب فيه كل نفس مبتة تلك السنة فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم.
وأخرج الدينوري في المجالسة عن راشد بن سعد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : في ليلة النصف من شعبان يوحي الله إلى ملك الموت بقبض كل نفس يريد قبضها في تلك السنة.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن الزهري عن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى أن الرجل ينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى قال : الزهري وحدثني أيضا عثمان بن محمد بن المغيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من يوم
طلعت شمسه إلا يقول من استطاع أن يعمل في خيرا فليعمله فإني غير مكر عليكم أبدا وما من يوم إلا ينادي مناديان من السماء(13/253)
يقول أحدهما : يا طالب الخير أبشر ويقول الآخر : يا طالب الشر أقصر ويقول أحدهما : اللهم أعط منفقا مالا خلفا ويقول الآخر : اللهم اعط ممسكا مالا تلفا.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عطاء بن يسار قال : إذا كان ليلة النصف من شعبان دفع إلى ملك الموت صحيفة فيقال اقبض من في هذه الصحيفة فإن العبد ليفرش الفراش وينكح الأزواج ويبني البنيان وإن اسمه قد نسخ في الموتى.
وأخرج الخطيب في رواة مالك عن عائشة : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : يفتح الله الخير في أربع ليال ليلة الأضحى والفطر وليلة النصف من شعبان ينسخ فيها الآجال والأرزاق ويكتب فيها الحاج وفي ليلة عرفة إلى الأذان.
وأخرج الخطيب ، وَابن النجار عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان ولم يكن يصوم شهرا تاما إلا شعبان فقلت يا رسول الله : إن شعبان لمن أحب الشهور إليك أن تصومه فقال : نعم يا عائشة إنه ليس نفس تموت في سنة إلا كتب أجلها في شعبان فأحب أن يكتب أجلي وأنا في عبادة ربي وعمل صالح ولفظ ابن النجار(13/254)
يا عائشة إنه يكتب فيه ملك الموت ومن يقبض فأحب أن لا ينسخ اسمي إلا وأنا صائم.
وَأخرَج ابن ماجة والبيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول ألا مستغفر فأغفر له ألا مسترزق فأرزقه ألا مبتلى فأعافيه ألا سائل فأعطيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي ، وَابن ماجة والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرجت أطلبه فإذا هو بالبقيع رافعا رأسه إلى السماء فقال يا عائشة : أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله قلت : ما بي من ذلك ولكني ظننت أنك أتيت بعض نسائك فقال : إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب.
(13/255)
وأخرج البيهقي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه أو عن عمه أو جده أبي بكر الصديق عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : ينزل الله إلى السماء الدنيا ليلة النصف من شعبان فيغفر لكل شيء إلا لرجل مشرك أو في قلبه شحناء.
وأخرج البيهقي عن أبي ثعلبة الخشني عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله تعالى إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه.
وأخرج البيهقي عن معاذ بن جبل عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يطلع الله في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن.
وأخرج البيهقي عن أبي موسى الأشعري مرفوعا نحوه.
وأخرج البيهقي عن عائشة قالت : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل يصلي فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض فلما رأيت ذلك قمت حتى حركت(13/256)
إبهامه فتحرك فرجعت فلما رفع رأسه من السجود وفرغ من صلاته فقال : يا عائشة أو يا حميراء ظننت أن النَّبِيّ قد خاس بك قلت : لا والله يا نبي الله ولكني ظننت أنك قبضت لطول سجودك فقال : أتدرين أي ليلة هذه قلت : الله ورسوله أعلم قال : هذه ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويؤخر أهل الحقد كما هم.
وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع عنه ثوبيه ثم لم يستتم أن قام فلبسهما فأخذتني غيرة شديدة ظننت أنه يأتي بعض صويحباتي فخرجت أتبعه فأدركته بالبقيع بقيع الغرقد يستغفر للمؤمنين والمؤمنات والشهداء فقلت : بأبي أنت وأمي أنت في حاجة ربك وأنا في حاجة الدنيا فانصرفت فدخلت في حجرتي ولي نفس عال ولحقني النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا النفس يا عائشة فقلت : بأبي أنت وأمي أتيتني فوضعت عنك ثوبيك ثم لن تستتم أن قمت فلبستهما فأخذتني غيرة شديدة ظننت أنك تأتي بعض صويحباتي حتى رأيتك بالبقيع(13/257)
تصنع ما تصنع ، قال يا عائشة : أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله بل أتاني جبريل عليه السلام فقال هذه الليلة ليلة النصف من شعبان ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم كلب لا ينظر الله فيها إلى مشرك ولا إلى مشاحن ولا إلى قاطع رحم ولا إلى مسبل ولا إلى عاق لوالديه ولا
إلى مدمن خمر ، قالت : ثم وضع عنه ثوبيه فقال لي : يا عائشة أتأذنين لي في القيام هذه الليلة فقلت : نعم بأبي وأمي فقام فسجد ليلا طويلا حتى ظننت أنه قد قبض فقمت ألتمسه ووضعت يدي على باطن قدميه فتحرك وسمعته يقول في سجوده : أعوذ بعفوك من عقوبتك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك جل وجهك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فلما أصبح ذكرتهن له فقال يا عائشة : تعلمتيهن فقلت : نعم فقال : تعلميهن وعلميهن فإن جبريل عليه السلام علمنيهن وأمرني أن أرددهن في السجود.
وأخرج البيهقي عن عائشة قالت : كانت ليلة النصف من شعبان ليلتي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي فلما كان في جوف الليل فقدته فأخذني ما يأخذ النساء من الغيرة فتلفعت بمرطي فطلبته في حجر نسائه فلم أجده فانصرفت إلى حجرتي فإذا أنا به كالثوب الساقط وهو يقول في سجوده :(13/258)
سجد لك خيالي وسوادي وآمن بك فؤادي فهذه يدي وما جنيت بها على نفسي يا عظيم يرجى لكل عظيم يا عظيم اغفر الذنب العظيم سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره ثم رفع رأسه ثم عاد ساجدا فقال : أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ بك منك أنت كما أثنيت على نفسك أقول كما قال أخي داود أعفر وجهي في التراب لسيدي وحق له أن يسجد ثم رفع رأسه فقال : اللهم ارزقني قلبا تقيا من الشر نقيا لا جافيا ولا شقيا ثم انصرف فدخل معي في الخميلة ولي نفس عال فقال ما هذا النفس يا حميراء فأخبرته فطفق يمسح بيديه على ركبتي ويقول : ويح هاتين الركبتين ما لقيتا في هذه الليلة هذه ليلة النصف من شعبان ينزل الله فيها إلى السماء الدنيا فيغفر لعباده إلا المشرك والمشاحن.
وأخرج البيهقي عن عثمان بن أبي العاص عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان ليلة النصف من شعبان ينزل فيها إلى السماء الدنيا نادى مناد هل من مستغفر فأغفر له هل من سائل فأعطيه فلا يسأل أحد إلا أعطي إلا زانية بفرجها أو مشرك.
وأخرج البيهقي ، عَن عَلِي ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة النصف من شعبان قام فصلى أربع عشرة ركعة ثم جلس بعد الفراغ فقرأ بأم القرآن أربع عشرة مرة(13/259)
وقل هو الله أحد أربع عشرة مرة وقل أعوذ برب الفلق أربع عشرة مرة وقل أعوذ برب الناس أربع عشرة مرة وآية الكرسي مرة (لقد جاءكم رسول من
أنفسكم) (سورة التوبة الآية 128) الآية فلما فرغ من صلاته سألته عما رأيت من صنيعه قال : من صنع مثل الذي رأيت كان له ثواب عشرين حجة مبرورة وصيام عشرين سنة مقبولة فإذا أصبح في ذلك اليوم صائما كان له كصيام سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة قال البيهقي : يشبه أن يكون هذا الحديث موضوعا وهو منكر وفي رواته مجهولون.
الآيات 6 - 9.
أَخرَج عَبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {إنه هو السميع العليم} {رب السماوات والأرض} بالخفض.
الآيات 10 - 16.
أَخْرَج ابن جرير عن قتادة {فارتقب} أي فانتظر.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي عبيدة عن ابن مسعود قال : آية الدخان قد مضت.
(13/260)
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي عبيدة وأبي الأحوص عن عبد الله قال : الدخان جوع أصاب قريشا حتى كان أحدهم لا يبصر السماء من الجوع.
وأخرج ابن مردويه من طريق عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن مسعود قال : الدخان قد مضى كان أناس أصابهم مخمصة وجوع شديد حتى كانوا يرون الدخان فيما بينهم وبين السماء.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي وائل عن عبد الله {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} قال : جوع أصاب الناس بمكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي العالية قال : مضى الدخان والبطشة الكبرى يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن محمد بن سيرين قال : قال ابن مسعود : كل ما وعدنا الله ورسوله فقد رأيناه غير أربع : طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض ويأجوج ومأجوج فأما الدخان فقد مضى وكان سني(13/261)
كسني يوسف وأما القمر فقد انشق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما البطشة الكبرى فيوم بدر.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري وأبو نعيم واليهقي معا في الدلائل عن مسروق قال : جاء رجل إلى عبد الله فقال : إني تركت رجلا في المسجد يقول : في هذه الآية {يوم تأتي السماء بدخان} {يغشى الناس} يوم القيامة دخان فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزكام فغضب وكان متكئا فجلس ثم قال : من علم منكم علما فليقل به ومن لم يكن يعلم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول لما يقول لما لا يعلم الله أعلم وسأحدثكم عن الدخان : إن قريشا لما استصعبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبطأوا عن الإسلام قال : اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجوع فأنزل الله {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم} فأتي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقيل يا رسول(13/262)
الله : استسق الله لمضر فاستسقى لهم فسقوا فأنزل الله {إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون} أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم ، فأنزل الله {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون} فانتقم الله منهم يوم بدر فقد مضى البطشة والدخان واللزام.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال : لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس إدبارا قال : اللهم سبع كسبع يوسف فأخذتهم سنة حتى أكلوا الميتة والجلود والعظام فجاءه أبو سفيان وناس من أهل مكة فقالوا يا محمد : إنك تزعم أنك قد بعثت رحمة وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم فدعا رسول الله
صلى الله عليه وسلم فسقوا الغيث فأطبقت عليهم سبعا فشكا الناس كثرة المطر فقال : اللهم حوالينا ولا علينا فانحدرت السحابة على رأسه فسقي الناس حولهم ، قال : فقد مضت آية الدخان وهو الجوع الذي أصابهم ، وهو قوله : {إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون} وآية الروم والبطشة الكبرى(13/263)
وانشقاق القمر وذلك كله يوم بدر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {يوم تأتي السماء بدخان مبين} قال : الجدب وإمساك المطر عن كفار قريش.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {يغشى الناس هذا عذاب أليم} قال : الأليم الموجع {ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون} قال : الدخان {أنى لهم الذكرى} قال : أنى لهم التوبة {إنا كاشفو العذاب قليلا} يعني الدخان {إنكم عائدون} إلى عذاب الله يوم القيامة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله : {أنى لهم الذكرى} قال : بعد وقوع البلاء بهم {ثم تولوا عنه} عن محمد {وقالوا معلم مجنون} ثم كشف عنهم العذاب.
(13/264)
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن لهيعة عن عبد الرحمن الأعرج {يوم تأتي السماء بدخان مبين} قال : كان يوم فتح مكة.
وأخرج ابن سعد من طريق ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة قال : كان يوم فتح مكة دخان وهو قول الله {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، عَن عَلِي ، قال : إن الدخان لم يمض بعد يأخذ المؤمن كهيئة الزكام وينفخ الكافر حتى ينفد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم بسند صحيح عن ابن أبي مليكة قال : دخلت على ابن عباس رضي الله عنهما فقال : لم أنم هذه الليلة فقلت : لم قال : طلع الكوكب ذو الذنب فخشيت أن يطرق الدخان.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : يخرج الدخان فيأخذ المؤمن كهيئة الزكمة ويدخل في مسامع الكافر والمنافق حتى يكون كالرأس الحنيذ.
(13/265)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : إن الدخان إذا جاء نفخ الكافر حتى يخرج من كل مسمع من مسامعه ويأخذ المؤمن منه كالزكمة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن قال : الدخان قد بقي وهو أول الآيات.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير من طريق الحسن عن أبي سعيد الخدري قال : يهيج الدخان بالناس فأما المؤمن فيأخذه كهيئة الزكمة وأما الكافر فينفخه حتى يخرج من كل مسمع منه.
وأخرج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان مرفوعا : أول الآيات : الدجال ونزول عيسى ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا والدخان قال : حذيفة يا رسول الله وما الدخان فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوما وليلة أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة وأما الكافر بمنزلة السكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره.
(13/266)
وأخرج ابن جرير والطبراني بسند جيد عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ربكم أنذركم ثلاثا الدخان يأخذ المؤمن منه كالزكمة ويأخذ الكافر فينفخ حتى يخرج من كل مسمع منه والثانية الدابة والثالثة الدجال.
وَأخرَج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يهيج الدخان بالناس فأما المؤمن فيأخذه كالزكمة وأما الكافر فينفخه حتى يخرج من كل مسمع منه.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون} قال : يوم بدر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن أبي بن كعب ومجاهد والحسن وأبي العالية وسعيد بن جبير ومحمد بن سيرين وقتادة وعطية مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه قال : أن يوم البطشة الكبرى يوم القيامة.
(13/267)
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية قال : كنا نتحدث أن قوله : {يوم نبطش البطشة الكبرى} يوم بدر والدخان قد مضى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير بسند صحيح عن عكرمة قال : قال ابن عباس قال : ابن مسعود {البطشة الكبرى} يوم بدر وأنا أقول : هي يوم القيامة.
الآيات 17 - 28.
أَخْرَج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولقد فتنا} قال : بلونا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {ولقد فتنا} قال : ابتلينا {قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم} قال : هو موسى {أن أدوا إلي عباد الله} قال : يعني أرسلوا بني إسرائيل {وأن لا تعلوا على الله} قال : لا تعثوا {إني آتيكم بسلطان مبين} قال : بعذر مبين {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} قال : بالحجارة {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} أي خلوا سبيلي..
وَأخرَج ابن جرير عن مجاهد : (أن أدوا إلى عباد الله) . أرسلوا معي بني إسرائيل ..
(13/268)
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {أن أدوا إلي عباد الله} قال : يقول اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحق وفي قوله {وأن لا تعلوا} قال : لا تفتروا وفي قوله {أن ترجمون} قال : تشتمون.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن عبد الحكم في فتوح مصر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {رهوا} قال : سمتا.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما {واترك البحر رهوا} قال : كهيئته وامضه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحارث الهاشمي أن ابن عباس سأل كعبا عن قوله {واترك البحر رهوا} قال : طريقا.
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الأضداد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {واترك البحر رهوا} قال : طريقا يبسا.
وأخرج ابن الأنباري عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {واترك البحر رهوا} قال :(13/269)
ساكنا.
وأخرج ابن جرير عن الربيع {واترك البحر رهوا} قال : سهلا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {واترك البحر رهوا} قال : الرهو أن يترك كما كان فإنهم لن يخلصوا من ورائه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {واترك البحر رهوا} قال : دمثا.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه {واترك البحر رهوا} قال : جددا.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {واترك البحر رهوا} قال : طريقا يابسا كهيئته يوم ضربه يقول : لا تأمره أن يرجع بل اتركه حتى يدخل آخرهم.
وأخرج ابن عبد الحكم عن الحسن رضي الله عنه {رهوا} قال : سهلا دمثا.
وأخرج محمد بن كعب القرظي {رهوا} قال : طريقا مفتوحا.
(13/270)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {رهوا} قال : طريقا منفرجا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : لما قطع موسى البحر عطف ليضرب البحر بعصاه ليلتئم : وخاف أن يتبعه فرعون وجنوده فقيل له {واترك البحر رهوا} يقول : كما هو طريقا يابسا {إنهم جند مغرقون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ومقام كريم} قال : المنابر.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله : {ومقام كريم} قال : مقام حسن {ونعمة كانوا فيها فاكهين} قال : ناعمين أخرجه الله من جناته وعيونه وزروعه حتى أورطه في البحر كذلك {وأورثناها قوما آخرين} يعني بني إسرائيل والله أعلم.
الآيات 29 - 31(13/271)
أخرج الترمذي ، وَابن أبي الدنيا في ذكر الموت وأبو يعلى ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والخطيب عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد إلا وله في السماء بابان باب يصعد منه عمله وباب ينزل عليه منه رزقه فإذا مات فقداه وبكيا عليه وتلا هذه الآية {فما بكت عليهم السماء والأرض} وذكر أنهم لم يكونوا يعملون على وجه الأرض عملا صالحا يبكي عليهم ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله : {فما بكت عليهم السماء والأرض} هل تبكي السماء والأرض على أحد قال : نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا له باب في السماء منه ينزل رزقه وفيه يصعد عمله فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء فقده فبكى عليه وإذا فقده مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله فيها بكت عليه وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض آثار صالحة ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير فلم تبك عليهم السماء والأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {فما بكت عليهم السماء(13/272)
والأرض}
قال : هم كانوا أهون على الله من ذلك ، قال : وكنا نحدث أن المؤمن تبكي عليه بقاعه التي كان يصلي فيها من الأرض ومصعد عمله من السماء.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه {فما بكت عليهم السماء والأرض} قال : ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض صياحا ، قال : فقيل له تبكي ما تعجب وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتسبيحه وتكبيره دوي كدوي النحل.
وَأخرَج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه قال : إن العالم إذا مات بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن معاوية بن قرة رضي الله عنه قال : إن البقعة التي يصلي عليها المؤمن تبكي عليه إذا مات وبحذائها من السماء ثم قرأ {فما بكت عليهم السماء والأرض}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن وهب رضي الله عنه قال : إن الأرض لتحزن على العبد الصالح أربعين صباحا.
(13/273)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {فما بكت عليهم السماء والأرض} قال : لم تبك عليهم السماء لأنهم لم يكونوا يرفع لهم فيها عمل صالح ولم تبك عليهم الأرض لأنهم لم يكونوا يعملون فيها بعمل صالح.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان يقال : الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحا.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يقال الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحا.
وأخرج ابن المبارك وأبو الشيخ عن ثور بن يزيد عن مولى لهذيل قال : ما من عبد يضع جبهته في بقعة من الأرض ساجدا لله عز وجل إلا شهدت له بها يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت.
وأخرج ابن أبي الدنيا ، وَابن جَرِير عن شريح بن عبيد الحضرمي مرسلا رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا ألا لا غربة على مؤمن ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء
والأرض ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {فما بكت عليهم السماء والأرض} ثم قال : إنهما لا يبكيان على كافر.
(13/274)
وأخرج ابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله رضي الله عنه قال : سأل رجل عليا هل تبكي السماء والأرض على أحد فقال : إنه ليس من عبد إلا له مصلى في الأرض ومصعد عمله في السماء وإن آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض ولا مصعد في السماء.
وأخرج ابن المبارك ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا ، وَابن المنذر من طريق المسيب بن رافع عن علي رضي الله عنه قال : إن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء ثم تلا {فما بكت عليهم السماء والأرض}.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه قال : ما من ميت يموت إلا تبكي عليه الأرض أربعين صباحا.
وأخرج ابن المبارك ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي الدنيا والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : إن الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحا ، ثم قرأ {فما بكت عليهم السماء والأرض}.
وأخرج ابن المبارك ، وَابن أبي الدنيا عن عطاء الخراساني - رضي الله عنه - قال : ما من عبد يسجد لله سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له يوم القيامة وبكت(13/275)
عليه يوم يموت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد المكتب عن إبراهيم - رضي الله عنه - قال : ما بكت السماء منذ كانت الدنيا إلا على اثنين ، قيل لعبيد : أليس السماء والأرض تبكي على المؤمن قال : ذاك مقامه وحيث يصعد عمله ، قال : وتدري ما بكاء السماء قال : لا ، قال : تحمر وتصير وردة كالدهان إن يحيى بن ذكريا لما قتل احمرت السماء وقطرت دما ، وإن حسين بن علي يوم قتل احمرت السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن زياد - رضي الله عنه - قال : لما قتل الحسين احمرت آفاق السماء أربعة أشهر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن عطاء - رضي الله عنه - قال : بكاء السماء حمرة أطرافها.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن - رضي الله عنه - قال : بكاء السماء حمرتها.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان الثوري - رضي الله عنه - قال : كان يقال : هذه الحمرة التي تكون في السماء بكاء السماء على المؤمن.
الآيات 32 - 36.
أَخرَج الفريابي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : !(13/276)
{ولقد اخترناهم على علم على العالمين} قال : فضلناهم على من بين أظهرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : اخترناهم على خير علمه الله فيهم على العالمين ، قال : العالم الذي كانوا فيه ولكل زمان عالم {وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين} قال : أنجاهم من عدوهم وأقطعهم البحر وظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم المن والسلوى {إن هؤلاء ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى} قال : قد قال مشركو العرب {وما نحن بمنشرين} قال : بمبعوثين.
الآيات 37 - 42
أخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا تبعا فإنه قد أسلم.
وأخرج أحمد والطبراني ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم.
(13/277)
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا يشتبهن عليكم أمر تبع فإنه كان مسلما.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا تقولوا لتبع إلا خيرا فإنه قد حج البيت وآمن بما جاء به عيسى بن مريم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن كعب رضي الله عنه قال : لا تقولوا لتبع إلا خيرا فإنه قد حج البيت وآمن بما جاء به عيسى بن مريم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن كعب رضي الله عنه قال : إن تبعا نعت الرجل الصالح ذم الله قومه ولم يذمه ، قال : وكانت عائشة رضي الله عنها تقول : لا تسبوا تبعا فإنه كان رجلا صالحا.
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان تبع رجلا صالحا ألا ترى أن الله ذم قومه ولم يذمه.
وَأخرَج ابن عساكر عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه قال : لا تسبوا تبعا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن سبه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن عساكر عن وهب بن منبه قال : نهى رسول الله(13/278)
صلى الله عليه وسلم عن سب أسعد وهو تبع ، قيل : وما كان أسعد قال : كان على دين إبراهييم وكان إبراهيم يصلي كل يوم صلاة ولم تكن شريعة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا أسعد الحميري وقال : هو أول من كسا الكعبة.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن عساكر عن سعيد بن جبير قال : إن تبعا كسا البيت.
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز قال : كان تبع إذا عرض الخيل قاموا صفا من دمشق إلى صنعاء اليمن.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن عساكر عن ابن عباس قال : سألت كعبا عن تبع فإني أسمع الله يذكر في القرآن قوم تبع ولا يذكر تبعا فقال : إن تبعا كان رجلا من أهل اليمن ملكا منصورا فسار بالجيوش حتى انتهى إلى سمرقند رجع فأخذ طريق
الشام فأسر بها أحبارا فانطلق بهم نحو اليمن - حتى إذا دنا من ملكه طار في الناس أنه هادم الكعبة فقال له الأحبار : ما هذا الذي تحدث(13/279)
به نفسك فإن هذا البيت لله وإنك لن تسلط عليه فقال : إن هذا لله وأنا أحق من حرمه فأسلم من مكانه وأحرم فدخلها محرما فقضى نسكه ثم انصرف نحو اليمن راجعا حتى قدم على قومه فدخل عليه أشرافهم فقالوا : يا تبع أنت سيدنا ، وَابن سيدنا خرجت من عندنا على دين وجئت على غيره فاختر منا أحد أمرين أما أن تخلينا وملكنا وتعبد ما شئت وإما أن تذر دينك الذي أحدثت - وبينهم يومئذ نار تنزل من السماء - فقال الأحبار عند ذلك : اجعل بينك وبينهم النار فتواعد القوم عند ذلك جميعا على أن يجعلوا بينهم النار فجيء بالأحبار وكتبهم وجيء بالأصنام وعمارها وقدموا جميعا إلى النار وقامت الرجال خلفهم بالسيوف فهدرت النار هدير الرعد ورمت شعاعا لها فنكص أصحاب الأصنام وأقبلت النار فأحرقت الأصنام وعمالها وسلم الآخرون فأسلم قوم واستسلم قوم فلبثوا بعد ذلك عمر تبع حتى إذا نزل بتبع الموت استخلف أخاه وهلك فقتلوا أخاه وكفروا صفقة واحدة.
وأخرج ابن سعد ، وَابن عساكر عن أبي بن كعب قال : لما قدم تبع المدينة(13/280)
ونزل بفناه بعث إلى أحبار يهود فقال : إني مخرب هذا البلد حتى لا تقوم به يهودية ويرجع الأمر إلى دين العرب ، فقال له شابور اليهودي : - وهو يومئذ أعلمهم - أيها الملك إن هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي من بني إسماعيل مولده بمكة اسمه أحمد وهذه دار هِجرته إن منزلك هذا الذي نزلت به يكون من القتال والجراح أمر كثير في أصحابه وفي عدوهم ، قال تبع : ومن يقاتله يومئذ وهو نبي كما تزعم قال : يسير إليه قومه فيقتتلون ههنا ، قال : فأين قبره قال : بهذا البلد ، قال : فإذا قوتل لمن تكون الدبرة قال : تكون عليه مرة وله مرة وبهذا المكان الذي أنت به يكون عليه ويقتل به أصحابه مقتلة عظيمة لم تقتل في موطن ثم تكون العاقبة له ويظهر فلا ينازعه هذا الأمر أحد ، قال : وما صفته قال : رجل ليس بالقصير ولا بالطويل في عينيه حمرة يركب البعير ويلبس الشملة سيفه على عاتقه ولا يبالي من لاقى حتى(13/281)
يظهر أمره ، فقال تبع : ما إلى هذا البلد من سبيل وما كان ليكون خرابها على يدي فرجع تبع منصرفا إلى اليمن.
وأخرج ابن عساكر عن عباد بن زياد المري عمن أدرك قال : أقبل تبع يفتتح
المدائن ويعمل العرب حتى نزل المدينة وأهلها يومئذ يهود فظهر على أهلها وجمع أحبار اليهود فأخبروه أنه سيخرج نبي بمكة يكون قراره بهذا البلد اسمه أحمد وأخبروه أنه لا يدركه فقال تبع للأوس والخزرج : أقيموا بهذا البلد فإن خرج فيكم فآزروه وصدقوه وإن لم يخرج فأوصوا بذلك أولادكم وقال في شعره : حدثت أن رسول المليك * يخرج حقا بأرض الحرم ولو مد دهري إلى دهره * لكنت وزيرا له ، وَابن عم.
وَأخرَج أبو نعيم في الدلائل عن عبد الله بن سلام قال : لم يمت تبع حتى صدق بالنبي صلى الله عليه وسلم لما كان يهود يثرب يخبرونه.
وأخرج ابن عساكر عن ابن إسحاق قال : أري تبع في منامه أن يكسو البيت فكساه الخصف ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه(13/282)
العافر ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الوصائل وصائل اليمن فكان تبع فيما ذكر لي أول من كساه وأوصى بها ولاته من جرهم وأمر بتطهيره وجعل له بابا ومفتاحا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ابن جرير عن قتادة {إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين} قال يوم يفصل بين الناس بأعمالهم يوفي فيه للأولين والآخرين {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا} قال : انقطعت الأسباب يومئذ وذهبت الآصار وصار الناس إلى أعمالهم فمن أصاب يومئذ خيرا سعد به ومن أصاب يومئذ شرا شقي به.
وأخرج ابن المبارك عن الضحاك في قوله {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا} قال : ولي عن ولي.
الآيات 43 – 59(13/283)
أخرج سعيد بن منصور عن أبي مالك قال : إن أبا جهل كان يأتي بالتمر والزبد فيقول تزقموا بهذا الزقوم الذي يعدكم به محمد فنزلت {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم}.
وأخرج ابن أبي حاتم والخطيب في تاريخه عن سعيد بن جبير في الآية قال : {الأثيم} أبو جهل.
وأخرج أبو عبيد في فضائله ، وَابن الأنباري ، وَابن المنذر عن عون بن عبد الله أن ابن مسعود أقرأ رجلا {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} فقال الرجل : طعام اليتيم فرددها عليه فلم يستقم بها لسانه فقال : أتستطيع أن تقول : طعام الفاجر قال : نعم ، قال : فافعل.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والحاكم وصححه عن همام بن الحارث قال : كان أبو الدرداء يقرى ء رجلا {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} فجعل الرجل يقول : طعام اليتيم ، فلما رأى أبو الدرداء أنه لا يفهم قال : إن شجرة الزقوم طعام الفاجر.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد(13/284)
في قوله {خذوه فاعتلوه} قال : ادفعوه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ذق إنك أنت العزيز الكريم} يقول : لست بعزيز ولا كريم.
وأخرج الأموي في مغازيه عن عكرمة قال : لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل فقال : إن الله أمرني أن أقول لك (أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى) (سورة القيامة 34 - 35) قال : فنزع يده من يده وقال : ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء لقد علمت أني أمنع
أهل بطحاء وأنا العزيز الكريم فقتله الله يوم بدر وأذله وعيره بكلمته {ذق إنك أنت العزيز الكريم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة قال : قال أبو جهل : أيوعدني محمد وأنا أعز من مشى بين جبليها فنزلت {ذق إنك أنت العزيز الكريم}.
وأخرج ابن المنذر عن قال : أخبرت أن أبا جهل قال : يا معشر قريش أخبروني ما اسمي فذكرت له ثلاثة أسماء عمرو والجلاس وأبو(13/285)
الحكم قال : ما أصبتم اسمي ألا أخبركم قالوا : بلى ، قال : اسمي العزيز الكريم ، فنزلت {إن شجرة الزقوم} الآيات.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة قال لما نزلت {خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم} قال أبو جهل : ما بين جبليها رجل أعز ولا أكرم مني فقال الله {ذق إنك أنت العزيز الكريم}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} قال : أبو جهل.
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب أنه كان يقرى ء رجلا فارسيا فكان إذا قرأ عليه {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} قال : طعام اليتيم فمر به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : قل له طعام الظالم فقالها ففصح بها لسانه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن وعمرو بن ميمون أنهما قرآ (كالمهل تغلي في البطون) بالتاء.
(13/286)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد {خذوه فاعتلوه} فاقصفوه كما يقصف الحطب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن الضحاك {خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم} قال : خذوه فادفعوه في وسط الجحيم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير {إلى سواء الجحيم} قال : وسط الجحيم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {ذق إنك أنت العزيز الكريم} قال : هو يومئذ ذليل ولكنه يستهزأ به كما كنت تعزز في الدنيا وتكرم بغير كرم الله وعزه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : {إن المتقين في مقام أمين} قال : أمنوا الموت والعذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك في قوله {في مقام أمين} قال : أمنوا الموت أن يموتوا وأمنوا الهرم أن يهرموا ولا يجوعوا ولا يعروا.
(13/287)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {إن المتقين في مقام أمين} قال أمين من الشيطان والأوصاب والأحزان وفي قوله {وزوجناهم بحور عين} قال : بيض عين ، قال : وفي قراءة ابن مسعود بعيس عين وفي قوله {يدعون فيها بكل فاكهة آمنين} قال : أمنوا من الموت والأوصاب والشيطان.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وزوجناهم بحور عين} قال : أنكحناهم حورا والحور التي يحار فيها الطرف باديا يرى مخ سوقهن من وراء ثيابهن ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهن كالمرآة من رقة الجلد وصفاء اللون.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {وحور عين} قال الحوراء البيضاء الممتعة ، قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الأعشى الشاعر وهو يقول : وحور كأمثال الدمى ومناصف * وماء وريحان وراح يصفق.
وَأخرَج البيهقي في البعث عن عطاء في قوله {بحور عين} قال : سوداء(13/288)
الحدقة عظيمة العين.
وأخرج هناد بن السري ، وعَبد بن حُمَيد عن الضحاك في قوله {بحور عين} قال الحور البيض والعين العظام الأعين.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خلق الحور العين من الزعفران.
وأخرج ابن مردويه والخطيب عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحور العين خلقن من زعفران.
وأخرج ابن جرير عن ليث بن أبي سليم قال : بلغني أن الحور العين خلقن من الزعفران.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : خلق الحور العين من الزعفران.
وأخرج ابن المبارك عن زيد بن أسلم قال : إن الله لم يخلق الحور العين من تراب إنما خلقهن من مسك وكافور وزعفران.
(13/289)
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة ، وَابن أبي حاتم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن حوراء بزقت في بحر لجي لعذب ذلك البحر من عذوبة ريقها.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عمرو قال : لشفر المرأة أطول من جناح النسر.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عباس قال : لو أن حوراء أخرجت كفها بين السماء والأرض لافتتن الخلائق بحسنها ولو أخرجت نصيفها لكانت الشمس عند حسنه مثل الفتيلة في الشمس لا ضوء لها ولو أخرجت وجهها لأضاء حسنها ما بين السماء والأرض.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حور العين خلقهن من تسبيح الملائكة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه أنه قال : ليوجد ريح المرأة من الحور العين من مسيرة خمسمائة سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وزوجناهم بحور عين} قال :(13/290)
هي لغة يمانية وذلك أن أهل اليمن يقولون : زوجنا فلانا بفلانة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : في قراءة ابن مسعود لا يذقون فيها طعم الموت.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يجاء بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيعرفه هؤلاء ويعرفه هؤلاء فيقول أهل النار : اللهم سلطه علينا ويقول أهل الجنة : اللهم إنك قضيت أن لا نذوق فيها الموت إلا الموتة الأولى فيذبح بينهما فييأس أهل النار من الموت ويأمن أهل الجنة من الموت.
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث بسند صحيح ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله أينام أهل الجنة قال : لا النوم أخو الموت وأهل الجنة لا يموتون ولا ينامون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فإنما يسرناه بلسانك} يعني القرآن وفي قوله {فارتقب إنهم مرتقبون} فانتظر إنهم منتظرون.
(13/291)
* بسم الله الرحمن الرحيم * (45)- سورة الجاثية.
مكية وآياتها سبع وثلاثون.
مقدمة سورة الجاثية.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت بمكة سورة {حم} الجاثية.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنهما قال : أنزلت سورة الشريعة بمكة.
الآيات 1 - 11
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : {وما أنزل الله من السماء من رزق} قال : المطر ، وفي قوله {وتصريف الرياح} إذا شاء جعلها رحمة وإذا شاء جعلها عذابا ، وفي قوله {لكل أفاك أثيم} قال : كذاب.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لكل أفاك أثيم} قال : المغيرة بن مخزوم.
الآيات 12 - 13.
أَخْرَج ابن المنذر من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لم يكن يفسر أربع آيات قوله {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} والرقيم والغسلين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لم يفسر ابن عباس رضي الله عنهما هذه الآية إلا لندبة(13/292)
القارى ء {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه}.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ في العظمة من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} نور الشمس والقمر.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} قال : كل شيء هو من الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والحاكمي وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات ، عَن طاووس رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فسأله مم خلق الخلق قال : من الماء والنور والظلمة
والريح والتراب ، قال : فمم خلق هؤلاء قال : لا أدري ، ثم أتى الرجل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه فسأله فقال له مثل قول عبد الله بن عمرو رضي الله عنه فأتى ابن عباس رضي الله عنهما فسأله : مم خلق الخلق قال : من الماء والنور والظلمة والريح والتراب ، قال : فمم خلق هؤلاء فقرأ ابن عباس رضي الله عنهما {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} فقال(13/293)
الرجل : ما كان ليأتي بهذا إلا رجل من أهل بيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
الآيات 14 - 15.
أَخرَج عَبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {قل للذين آمنوا يغفروا} الآية قال : ما زال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يأمر بالعفو ويحث عليه ويرغب فيه حتى أمر أن يعفو عمن لا يرجو أيام الله وذكر أنها منسوخة نسختها الآية التي في الأنفال {فإما تثقفنهم في الحرب} سورة الأنفال 57 الآية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قل للذين آمنوا يغفروا} الآية قال : كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يعرض عن المشركين إذا أذوه وكان يستهزئون به ويكذبونه فأمره الله أن يقاتل المشركين كافة فكان هذا من المنسوخ.
وأخرج أبو داود في تاريخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} ، قال : اللذين لا يدرون أنعم الله عليهم أم لم ينعم قال سفيان رضي الله عنه : بلغني أنها نسختها آية القتال.
(13/294)
وأخرج ابن جرير ، وَابن الأنباري في المصاحف عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} قال : هي منسوخة بقول الله (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم).
وأخرج ابن عساكر عن أبي مسلم الخولاني رضي الله عنه أنه قال لجارية له : لولا أن الله تعالى يقول {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله}
لأوجعتك ، فقالت : والله إني لممن يرجو أيامه فما لك لا توجعني فقال : إن الله تعالى يأمرني أن أغفر للذين لا يرجون أيامه فعمن يرجو أيامه أحرى انطلقي فأنت حرة.
الآيات 16 - 22.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم} قال : اللب.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ثم جعلناك على شريعة} قال : على طريقة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {ثم جعلناك على شريعة من الأمر}(13/295)
يقول : على هدى من الأمر وبينة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {ثم جعلناك على شريعة من الأمر} قال : الشريعة الفرائض والحدود والأمر والنهي.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور ، وَابن سعد ، وَابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد والطبراني عن أبي الضحى رضي الله عنه قال : قرأ تميم الداري رضي الله عنه سورة الجاثية فلما أتى على هذه الآية {أم حسب الذين اجترحوا السيئات} الآية فلم يزل يكررها ويبكي حتى أصبح وهو عند المقام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن بشير مولى الربيع بن خيثم رضي الله عنه قال : قام تميم الداري يصلي فمر بهذه الآية {أم حسب الذين اجترحوا السيئات} فلم يزل يرددها حتى أصبح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سواء محياهم ومماتهم} قال : المؤمن في الدنيا والآخرة مؤمن والكافر في الدنيا والآخرة كافر.
(13/296)
آية 23.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم واللالكائي في السنة والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه} قال : ذاك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من الله ولا برهان {وأضله الله على علم} يقول : أضله الله في سابق علمه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه} قال : لا يهوى شيئا إلا ركبه لا يخاف الله عز وجل.
وأخرج النسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان الرجل من العرب يعبد الحجر فإذا رأى أحسن منه أخذه وألقى الآخر فأنزل الله {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه}.
الآيات 24 - 26(13/297)
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الجاهلية يقولون : إنما يهلكنا الليل والنهار فقال الله في كتابه {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر} وقال الله : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا}.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل : (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وما يهلكنا إلا الدهر} قال : الزمان.
(13/298)
وأخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تبارك وتعالى : لا يقل ابن آدم يسب الدهر بأخيبة الدهر فإني أنا الدهر أرسل الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله تعالى : استقرضت عبدي فلم يعطني وسبني عبدي يقول وادهراه وأنا الدهر.
الآيات 27 - 37
أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه مر على قوم وعليه بردة حمراء حسناء فقال رجل من القوم إن أنا سلبته بردته فما لي عندكم فجعلوا له شيئا فأتاه فقال : يا أبا عبد الرحمن بردتك هذه لي ، فقال : إني اشتريتها أمس ، قال : قد أعلمتك وأنت في حرج من لبسها ، فخلعها ليدفعها إليه فضحك القوم ، فقال : ما لكم فقالوا : هذا رجل(13/299)
بطال ، فالتفت إليه فقال يا أخي : أما علمت أن الموت أمامك لا تدري متى يأتيك صباحا أو مساء أو نهارا ثم القبر ومنكر ونكير وبعد ذلك القيامة يوم يخسر فيه المبطلون فأبكاهم ومضى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة رضي الله عنه {وترى كل أمة جاثية} قال : متميزة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وترى كل أمة جاثية} قال : تستفز على الركب.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه {وترى كل أمة جاثية} يقول : على الركب عند الحساب.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن عبد الله بن باباه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(13/300)
كأني أراكم بالكوم دون جهنم جاثين ثم قرأ سفيان {وترى كل أمة جاثية}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {وترى كل أمة جاثية} كل أمة مع نبيها حتى يجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم على كوم قد علا الخلائق فذلك المقام المحمود.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {كل أمة تدعى إلى كتابها} قال يعلمون أنه يدعى أمة قبل أمة وقوم قبل قوم ورجل قبل رجل ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول يمثل لكل أمة يوم القيامة ما كانت تعبد من حجر أو وثن أو خشبة أو دابة ثم يقال : من كان يعبد شيئا فليتبعه فيكون أول ذلك الأوثان قادة إلى النار حتى تقذفهم فيها فيبقى أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأهل الكتاب فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون فيقولون : كنا نعبد الله(13/301)
وعزيزا إلا قليلا منهم ثم يقال لهم : أما عزير فليس منكم ولستم منه فيؤخذ بهم ذات الشمال فينطلقون لا يستطيعون مكوثا ، ثم يدعى بالنصارى فيقال لهم : ما كنتم تعبدون فيقولون : كنا نعبد الله والمسيح بن مريم إلا قليلا منهم فيقال : أما المسيح فليس منكم ولستم منه فيؤخذ بهم ذات الشمال فينطلقون ولا يستطيعون مكوثا ، وتبقى أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيقال : ما كنتم تعبدون فيقولون : كنا نعبد الله وحده وإنما فارقنا في الدنيا مخافة يومنا هذا فيؤذن للمؤمنين في السجود فيسجد المؤمنون ويمنع كل منافق فيقصم ظهر المنافق عن السجود ويجعل الله سجود المؤمنين عليه توبيخا وصغارا وحسرة وندامة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق} قال : هو أم الكتاب فيه أعمال بني آدم {إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} قال : هم الملائكة عليهم الصلاة والسلام يستنسخون أعمال بني آدم.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن هذه الآية !(13/302)
{إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} فقال : إن أول ما خلق الله القلم ثم خلق النون وهي الدواة ثم خلق الألواح فكتب الدنيا وما يكون فيها حتى تفنى من خلق مخلوق وعمل معمول من بر أو فاجر وما كان من رزق حلال أو حرام وما كان من رطب ويابس ثم ألزم كل شيء من ذلك شأنه دخوله في الدنيا حي وبقاؤه فيها كم وإلى كم تفنى ثم وكل بذلك الكتاب الملائكة ووكل بالخلق ملائكة فتأتي ملائكة الخلق إلى ملائكة ذلك الكتاب فيستنسخون ما يكون في كل يوم وليلة مقسوم على ما وكلوا به ثم يأتون إلى الناس فيحفظونهم بأمر الله ويسوقونهم إلى ما في أيديهم
من تلك النسخ فقام رجل يا ابن عباس ، ألستم قوما عربا {إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} هل يستنسخ الشيء إلا من كتاب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الله خلق النون وهو الدواة وخلق القلم فقال : اكتب ، قال : ما أكتب قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل معمول بر أو فاجر أو رزق مقسوم(13/303)
حلال أو حرام ثم ألزم كل شيء من ذلك شأنه : دخوله في الدنيا ومقامه فيها كم وخروجه منها كيف ثم جعل على العباد حفظة وعلى الكتاب خزانا تحفظه ينسخون كل يوم من الخزان عمل ذلك اليوم فإذا فني ذلك الرزق انقطع الأمر وانقضى الأجل أتت الحفظة الخزنة يطلبون عمل ذلك اليوم فتقول لهم الخزنة : ما نجد لصاحبكم عندنا شيئا فترجع الحفظة فيجدونهم قد ماتوا ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : ألستم قوما عربا تسمعون الحفظة يقولون {إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل.
وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إن لله ملائكة يتولون في كل يوم بشيء يكتبون فيه أعمال بني آدم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أول شيء خلق الله القلم فأخذه بيمينه وكلتا يديه يمين فكتب الدنيا وما يكون فيها من عمل معمول بر أو فاجر رطب أو يابس فأحصاه عنده في الذكر وقال اقرؤوا إن شئتم {هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} فهل تكون النسخة إلا من شيء قد فرغ منه.
(13/304)
وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} قال : هي أعمال أهل الدنيا الحسنات والسيئات تنزل من السماء كل غداة أو عشية ما يصيب الإنسان في ذلك اليوم أو الليلة الذي يقتل والذي يغرق والذي يقع من فوق بيت والذي يتردى من فوق جبل والذي يقع في بئر والذي يحرق بالنار فيحفظون عليه ذلك كله ، فإذا كان العشي صعدوا به إلى السماء فيجدونه كما في السماء مكتوبا في الذكر الحكيم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : تستنسخ
الحفظة من أم الكتاب ما يعمل بنو آدم فإنما يعمل الإنسان على ما استنسخ الملك من أم الكتاب.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كتب في الذكر عنده كل شيء هو كائن ثم بعث الحفظة على آدم عليه السلام وذريته فالحفظة ينسخون من الذكر ما يعمل العباد ثم قرأ {هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون}(13/305)
وأخرج الحاكم واللالكائي في السنة ، وَابن مردويه من طريق مقسم عن ابن عباس قال : أول ما خلق الله القلم فتصور قلما من نور فقيل له : اجر في اللوح المحفوظ قال :يارب بماذا ؟ قال :بما يكون إلى يوم القيامة فلما خلق الله الخلق وكل بالخلق حفظه يحفظون عليهم أعمالهم فلما قامت القيامة عرضت عليهم أعمالهم وقيل: هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون عرض بالكتابين سواء قال ابن عباس : ألستم عربا هل تكون النسخة إلا من كتاب ..
وأخرج الطبراني عن ابن عباس في قوله {إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} قال : إن الله وكل ملائكة ينسخون من ذلك العام في رمضان ليلة القدر ما يكون في الأرض من حدث إلى مثلها من السنة المستقبلة فيعارضون به حفظة الله على العباد عشية كل خميس فيجدون ما رفع الحفظة موافقا لما في كتابهم ذلك ليس فيه زيادة ولا نقصان.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله !(13/306)
{وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا} قال : تركتم ذكري وطاعتني فكذا أترككم {كما نسيتم لقاء يومكم هذا} قال : تركتم ذكري وطاعتي فكذا تركتم في النار.
وأخرج ابن عساكر عن عمر بن ذر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما قعد قوم يذكرون الله إلا قعد معهم عددهم من الملائكة فإذا حمدوا الله حمدوه وإن سبحوا الله سبحوه وإن كبروا الله كبروه وإن استغفروا الله أمنوا ثم عرجوا إلى ربهم فيسألهم فقالوا : ربنا عبيد لك في الأرض ذكروك فذكرناك ، قال : ماذا قالوا : قالوا : ربنا حمدوك فقال : أول من عبد وآخر من حمد ، قالوا : وسبحوك ، قال : مدحي لا ينبغي لأحد غيري قالوا : ربنا كبروك ، قال : لي الكبرياء في السموات والأرض وأنا العزيز الحكيم ، قالوا : ربنا استغفروك ، قال : أشهدكم أني قد غفرت لهم.
(13/307)
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه أن لله ثلاثة أثواب : اتزر بالعزة وتسربل الرحمة وارتدى بالكبرياء فمن تعزز بغير ما أعز الله فذلك الذي يقال له (ذق إنك أنت العزيز الكريم) (سورة الدخان الآية 49) ومن رحم رحمه
الله ومن تكبر فقد نازع الله الذي ينبغي له فإنه تبارك وتعالى يقول : لا ينبغي لمن نازعني أن أدخله الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل : الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في واحد منهما ألقيته في النار والله أعلم.
(13/308)
* بسم الله الرحمن الرحيم * (46)- سورة الأحقاف.
مكية وآياتها خمس وثلاثون.
مقدمة سورة الأحقاف.
أَخْرَج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت بمكة سورة {حم} الأحقاف.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.
الآيات 1 - 3.
وَأخرَج أحمد بسند جيد عن ابن مسعود قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة من آل {حم} وهي الأحقاف قال : وكانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت ثلاثين.
وأخرج ابن الضريس والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الأحقاف وأقرأها آخر فخالف قراءته فقلت : من أقرأكها قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : والله لقد أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم غير ذا ، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله : ألم تقرئني كذا وكذا قال : بلى فقال الآخر : ألم تقرئني كذا وكذا قال : بلى ، فتمعر (تمعر وجهه : تغير) وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ليقرأ كل واحد منكما ما سمع فإنما هلك من كان قبلكم بالإختلاف.
الآيات 4 - 8(13/309)
أخرج أحمد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والطبراني ، وَابن مردويه من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {أو أثارة من علم} قال : الخط.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والخطيب من طريق أبي سلمة عن ابن عباس {أو أثارة من علم} قال : هذا الخط.
وأخرج سعيد بن منصور من طريق صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخط فقال : علمه نبي ومن كان وافقه علم ، قال : صفوان : فحدثت به أبا سلمة بن عبد الرحمن فقال : سألت ابن عباس فقال : {أو أثارة من علم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان نبي من الأنبياء يخط فمن صادف مثل خطه علم.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {أو أثارة(13/310)
من علم} قال : حسن خط.
وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم من طريق الشعبي عن ابن عباس {أو أثارة من علم} قال : جودة الخط.
وأخرج ابن جرير من طريق أبي سلمة عن ابن عباس في قوله {أو أثارة من علم} قال : خط كان تخطه العرب في الأرض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة في قوله {أو أثارة من علم} قال : أو خاصة من علم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس {أو أثارة من علم} يقول : بينة من الأمر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {أو أثارة من علم} قال : أحد يأثر علما وفي قوله {هو أعلم بما تفيضون فيه} قال : تقولون.
الآية 9.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن(13/311)
عباس {قل ما كنت بدعا من الرسل} يقول لست بأول الرسل {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} فأنزل الله بعد هذا (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) (الفتح الآية 2) وقوله {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات} الفتح الآية 3 الآية فأعلم الله سبحانه نبيه ما يفعل به وبالمؤمنين جميعا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {قل ما كنت بدعا من الرسل} قال : ما كنت بأولهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة {قل ما كنت بدعا من الرسل} قال : يقول : قد كانت الرسل قبله.
وأخرج ابن المنذر عن عطية رضي الله عنه في قوله {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} قال : هل يترك بمكة أو يخرج منها.
وأخرج أبو داود في ناسخه من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} قال : نسختها هذه الآية التي في الفتح
فخرج إلى الناس فبشرهم بالذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فقال رجل من المؤمنين : هنيئا لك يا نبي الله قد علمنا الآن ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله في سورة الأحزاب (وبشر المؤمنين بأن لهم من(13/312)
الله فضلا كبيرا) (الأحزاب الآية 47) وقال (ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما) (الفتح الآية 5) فبين الله ما به يفعل وبهم.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن مثله.
وأخرج أحمد والبخاري والنسائي ، وَابن مردويه عن أم العلاء رضي الله عنها وكانت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت : لما مات عثمان بن مظعون رضي الله عنه قلت : رحمة الله عليك أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما يدريك أن الله أكرمه أما هو فقد جاءه اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم ، قالت أم العلاء : فو الله ما أزكي بعده أحدا.
وأخرج الطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما مات عثمان بن مظعون رضي الله عنه قالت : امرأته أو امرأة : هنيئا لك ابن مظعون الجنة ، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر مغضب وقال : وما يدريك والله إني لرسول الله وما أدري ما يفعل الله بي ، قال : وذلك قبل أن ينزل (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) (الفتح الآية 1 - 2) فقالت يا رسول الله صاحبك وفارسك وأنت أعلم(13/313)
فقال : أرجو له رحمة ربه وأخاف عليه ذنبه.
وأخرج ابن حبان والطبراني عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن عثمان بن مظعون رضي الله عنه لما قبض قالت أم العلاء : طبت أبا السائب نفسا إنك في الجنة ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : وما يدريك قالت : يا رسول الله عثمان بن مظعون قال : أجل ما رأينا إلا خيرا والله ما أدري ما يصنع بي.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوف زمانا فلما نزلت (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) (الفتح الآية 1 – 2) اجتهد
فقيل له : تجهد نفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، قال : أفلا أكون عبدا شكورا.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} قال : ثم دري نبي الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ما يفعل به بقوله (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر).
(13/314)
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} قال : أما في الآخرة فمعاذ الله قد علم أنه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل ولكن {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} في الدنيا أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي أم أقتل كما قتلت الأنبياء من قبلي {ولا بكم} أمتي المكذبة أم أمتي المصدقة أم أمتي المرمية بالحجارة من السماء قذفا أم يخسف بها خسفا ثم أوحي إليه (وإذ قلنا لك أن ربك أحاط بالناس) (الإسراء الآية 60) يقول : أحطت لك بالعرب أن لا يقتلوك فعرف أنه لا يقتل ثم أنزل الله (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا) (التوبة الآية 33) يقول : أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الأديان ثم قال له في أمته (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) (الرعد الآية 43) فأخبر الله ما صنع به وما يصنع بأمته.
الآية 10.
أَخرَج أبو يعلى ، وَابن جَرِير والطبراني والحاكم وصححه بسند صحيح عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال : انطلق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى(13/315)
دخلنا على كنيسة اليهود يوم عيدهم فكرهوا دخولنا عليهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : أروني اثني عشر رجلا منكم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يحبط الله عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي عليه ، فسكتوا فما أجابه منهم أحد ثم رد عليه فلم يجبه أحد فثلث فلم يجبه أحد فقال : أبيتم فو الله لأنا الحاشر وأنا
العاقب وأنا المقفي آمنتم أو كذبتم ، ثم انصرف وأنا معه حتى كدنا أن نخرج فإذا رجل من خلفه فقال : كما أنت يا محمد فأقبل فقال ذلك الرجل أي رجل تعلموني فيكم يا معشر اليهود فقالوا : والله ما نعلم فينا رجلا أعلم بكتاب الله ولا أفقه منك ولا من أبيك ولا من جدك ، قال : فإني أشهد بالله أنه النَّبِيّ الذي تجدونه في التوراة والإنجيل ، قالوا : كذبت ثم ردوا عليه وقالوا شرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبتم لن يقبل منكم قولكم ، فخرجنا ونحن ثلاث : رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ، وَابن سلام ، فأنزل الله {قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}.
(13/316)
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام وفيه نزلت {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله}.
وأخرج الترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : نزلت في آيات من كتاب الله نزلت في {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} ونزل في (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) (الأحقاف الآية 16).
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وشهد شاهد من بني إسرائيل} قال : عبد الله بن سلام.
وأخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد والضحاك مثله.
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم وقتادة مثله.
وأخرج ابن سعد ، وَابن عساكر عن مجاهد(13/317)
وعطاء وعكرمة {وشهد شاهد من بني إسرائيل} قال : عبد الله بن سلام.
وأخرج الحسن بن مسلم رضي الله عنه نزلت هذه الآية بمكة وعبد الله بن سلام بالمدينة.
وأخرج ابن سعد ، وَابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : نزلت {حم} وعبد الله بالمدينة مسلم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : كانوا يرون أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن سلام {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} قال : والسورة مكية والآية مدنية ، قال : وكانت الآية تنزل فيؤمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يضعها بين آيتي كذا وكذا في سورة كذا يرون أن هذه منهن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} قال : ليس بعبد الله بن سلام هذه الآية مكية فيقول : من آمن من بني إسرائيل فهو كمن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه قال : ما نزل في عبد الله بن سلام رضي الله عنه شيء من(13/318)
القرآن.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن مسروق رضي الله عنه في قوله {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} قال : والله ما نزلت في عبد الله بن سلام ما نزلت إلا بمكة وإنما كان إسلام ابن سلام بالمدينة وإنما كانت خصومة خاصم بها محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : لما أراد عبد الله بن سلام الإسلام دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : أشهد أنك رسول الله أرسلك بالهدى ودين الحق وإن اليهود تجد ذلك عندهم في التوراة منعوتا ، ثم قال له : أرسل إلى نفر من اليهود فسلهم عني وعن والدي فإنهم سيخبرونك وإني سأخرج عليهم فأشهد أنك رسول الله لعلهم يسلمون ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النفر فدعاهم وخبأهم في بيته فقال لهم ما عبد الله بن سلام فيكم وما كان والده قالوا : سيدنا ، وَابن سيدنا وعالمنا ، وَابن عالمنا ، قال : أرأيتم إن أسلم أتسلمون قالوا : إنه لا يسلم ، فخرج عليهم فقال : أشهد أنك رسول الله وإنهم ليعلمون منك مثل ما أعلم ، فخرجوا من عنده وأنزل الله في ذلك {قل أرأيتم إن كان من عند الله} الآية.
(13/319)
وأخرج ابن مردويه عن جندب قال : جاء عبد الله بن سلام حتى أخذ بعضادتي الباب ثم قال : أنشدكم بالله أي قوم أتعلمون أني الذي أنزلت فيه {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} الآية قالوا : اللهم نعم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير قال : جاء ميمون بن يامين إلى النبي
صلى الله عليه وسلم وكان رأس اليهود بالمدينة قد أسلم وقال : يا رسول الله ابعث إليهم فاجعل بينك وبينهم حكما من أنفسهم فإنهم سيرضوني فبعث إليهم وأدخله الداخل فأتوه فخاطبوه مليا فقال لهم : اختاروا رجلا من أنفسكم يكون حكما بيني وبينكم قالوا : فإنا قد رضينا بميمون بن يامين فأخرجه إليهم فقال لهم ميمون أشهد أنه رسول الله وأنه على الحق فأبوا أن يصدقوه فأنزل الله فيه {قل أرأيتم إن كان من عند الله} الآية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مسروق رضي الله عنه في قوله {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} قال : موسى مثل محمد والتوراة مثل القرآن فآمن هذا بكتابه ونبيه وكفرتم أنتم يا أهل مكة.
الآيات 11 - 14.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه قال : قال ناس من المشركين :(13/320)
نحن أعز ونحن ونحن فلو كان خيرا ما سبقنا إليه فلان وفلان فنزل {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه}.
وأخرج ابن المنذر عن عون بن أبي شداد قال : كانت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمة أسلمت قبله يقال لها زنيرة فكان عمر رضي الله عنه يضربها على إسلامها وكان كفار قريش يقولون : لو كان خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة فأنزل الله في شأنها {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا} الآية.
وأخرج الطبراني عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بنو غفار وأسلم كانوا الكثير من الناس فتنة يقولون لو كان خيرا ما جعلهم الله أول الناس فيه يقولون لو كان خيرا ماجعلهم الله أول الناس فيه.
الآيات 15 - 16.
أَخْرَج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا} إلى قوله : {وعد الصدق الذي كانوا يوعدون}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {حملته أمه كرها} قال : مشقة عليها.
(13/321)
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن أنه قال : وحمله وفصله بغير ألف.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن بعجة بن عبد الله الجهني قال : تزوج رجل منا امرأة من جهينة فولدت له تماما لستة أشهر فانطلق زوجها إلى عثمان بن عفان فأمر برجمها فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه فأتاه فقال : ما تصنع قال : ولدت تماما لستة أشهر وهل يكون ذلك قال علي رضي الله عنه : أما سمعت الله تعالى يقول {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} وقال : (حولين كاملين) (البقرة الآية 233) فكم تجده بقي إلا ستة أشهر فقال عثمان رضي الله عنه : والله ما فطنت لهذا علي بالمرأة فوجدوها قد فرغ منها ، وكان من قولها لأختها : يا أخيه لا تحزني فو الله ما كشف فرجي أحد قط غيره ، قال : فشب الغلام بعد فاعترف الرجل به وكان أشبه الناس به ، قال : فرأيت الرجل بعد يتساقط عضوا عضوا على فراشه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر من طريق قتادة عن أبي حرب ابن أبي الأسود الدؤلي قال : رفع إلى عمر رضي الله عنه امرأة ولدت لستة أشهر
فسأل عنها أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال علي رضي الله عنه : لا رجم عليها ألا ترى أنه يقول {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا}(13/322)
وقال : (وفصاله في عامين) (لقمان 14) وكان الحمل ههنا ستة أشهر ، فتركها عمر رضي الله عنه ، قال : ثم بلغنا أنها ولدت آخر لستة أشهر.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن المنذر عن نافع بن جبير أن ابن عباس أخبره قال : إني لصاحب المرأة التي أتي بها عمر وضعت لستة أشهر فأنكر الناس ذلك فقلت لعمر : لا تظلم ، قال : كيف قلت : اقرأ {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} البقرة الآية 233 كم الحول قال : سنة ، قلت : كم السنة قال : اثنا عشر شهرا ، قلت : فأربعة وعشرين شهرا حولان كاملان ويؤخر الله من الحمل ما شاء ويقدم ، قال : فاستراح عمر رضي الله عنه إلى قولي.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف قال : رفعت امرأة إلى عثمان رضي الله عنه ولدت لستة أشهر فقال عثمان : إنها قد رفعت إلي امرأة ما أراها إلا جاءت بشر فقال ابن عباس : إذا كملت الرضاعة كان الحمل ستة أشهر وقرأ (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) ، فدرأ عثمان عنها.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما(13/323)
أنه كان يقول : إذا ولدت المرأة لتسعة أشهر كفاها من الرضاع أحد وعشرون شهرا وإذا ولدت لسبعة أشهر كفاها من الرضاع ثلاثة وعشرون شهرا وإذا وضعت لستة أشهر فحولين كاملين لأن الله تعالى يقول {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم بن عبد الرحمن قال : قلت لمسروق رضي الله عنه : متى يؤخذ الرجل بذنوبه قال : إذا بلغت الأربعين فخذ حذرك.
وأخرج ابن الجوزي في كتاب الحدائق بسند ضعيف عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : جاء جبريل عليه السلام إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله أمر الحافظين فقال لهما رفقا بعبدي في حداثته فإذا بلغ الأربعين فاحفظا وحققا.
وأخرج أبو الفتح الأزدي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا من أتى عليه الأربعون سنة فلم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن مغول قال شكا أبو معشر ابنه إلى طلحة بن مصرف فقال طلحة رضي الله عنه : استعن عليه بهذه الآية {رب أوزعني أن أشكر(13/324)
نعمتك} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي الله عنه {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني} الآية فاستجاب الله له فأسلم والداه جميعا وإخوانه وولده كلهم ونزلت فيه أيضا {فأما من أعطى واتقى} الآية (الليل الآية 5) إلى آخر السورة.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وأصلح لي في ذريتي} قال : اجعلهم لي صالحين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح الأمين قال : يؤتى بحسنات العبد وسيئاته فيقتص بعضها من بعض فإن بقيت له حسنة وسع الله له بها إلى الجنة قال : فدخلت على يزدان فحدثت مثل هذا الحديث قلت : فإن ذهبت الحسنة ، قال {أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا} الآية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال دعا أبو بكر عمر رضي الله عنهما فقال له : إني موصيك بوصية أن تحفظها إن لله في الليل حقا لا يقبله بالنهار وحقا بالنهار(13/325)
لا يقبله بالليل إنه ليس لأحد نافلة حتى يؤدي الفريضة إنه إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في الدنيا وثقل ذلك عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يثقل وخفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة لاتباعهم الباطل في الدنيا وخفته عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يخف ، ألم تر أن الله ذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم فيقول : أين يبلغ عملك من عمل هؤلاء وذكر أهل النار بأسوأ أعمالهم حتى يقول القائل أنا خير من عمل هؤلاء وذلك بأن الله تعالى رد عليهم أحسن أعمالهم ألم تر أن الله أنزل آية الشدة عند آية الرخاء وآية الرخاء عند آية الشدة ليكون المؤمن راغبا راهبا لئلا يلقى بيده إلى التهلكة ولا يتمنى على الله أمنية يتمنى على الله فيها غير الحق.
الآيات 17 - 19.
أَخرَج البخاري عن يوسف بن ماهك قال : كان مروان على الحجاز استعمله معاوية بن أبي سفيان فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه شيئا فقال : خذوه ، فدخل بيت عائشة رضي الله عنها فلم يقدروا عليه فقال مروان : إن هذا أنزل فيه {والذي قال لوالديه(13/326)
أف لكما} فقالت عائشة رضي الله عنها من وراء الحجاب : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والنسائي ، وَابن المنذر والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن محمد بن زياد قال : لما بايع معاوية لابنه قال مروان : سنة أبي بكر وعمر فقال عبد الرحمن : سنة هرقل وقيصر ، فقال مروان : هذا الذي أنزل الله فيه {والذي قال لوالديه أف لكما} الآية فبلغ ذلك عائشة رضي الله عنها فقالت : كذب مروان كذب مروان والله ما هو به ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أبا مروان في صلبه فمروان فضفض (فضفض : سعة) من لعنة الله.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن عبد الله قال : إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال : إن الله قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأيا حسنا وإن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر ، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه : أهرقلية إن أبا بكر رضي الله عنه والله ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته ولا جعلها معاوية إلا رحمة وكرامة لولده فقال مروان : ألست الذي قال لوالديه أف لكما فقال عبد الرحمن : ألست ابن اللعين الذي لعن أباك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وسمعتها
عائشة فقالت : يا مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا(13/327)
وكذا كذبت والله ما فيه نزلت نزلت في فلان بن فلان.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في {والذي قال لوالديه أف لكما} الآية قال : هذا ابن لأبي بكر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : نزلت هذه الآية {والذي قال لوالديه أف لكما} في عبد الرحمن بن أبي بكر قال لوالديه وكانا قد أسلما وأبى هو أن يسلم فكانا يأمرانه بالإسلام ويرد عليهما ويكذبهما فيقول فأين فلان وأين فلان يعني مشايخ قريش ممن قد مات ، ثم أسلم بعد فحسن إسلامه فنزلت توبته في هذه الآية {ولكل درجات مما عملوا}.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن مردويه من طريق ميناء أنه سمع عائشة رضي الله عنها تنكر أن تكون الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه وقالت : إنما نزلت في فلان بن فلان سمت رجلا.
وأخرج عبد الرزاق ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {أتعدانني أن أخرج} قال : يعني البعث بعد الموت.
الآية 20.
أَخْرَج ابن مردويه عن حفص بن أبي العاصي قال : كنا نتغدى مع عمر رضي الله عنه(13/328)
فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله في كتابه {ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم} الآية.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه رأى في يد جابر بن عبد الله درهما فقال : ما هذا الدرهم قال : أريد أن أشتري به لحما لأهلي قرموا (قرموا إليه : اشتهوه) إليه
فقال : أفكلما اشتهيتم شيئا اشتريتموه أين تذهب عنكم هذه الآية {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها}.
وأخرج أحمد في الزهد عن الأعمش قال : مر جابر بن عبد الله وهو متعلق لحما على عمر رضي الله عنه فقال ما هذا يا جابر قال : هذا لحم اشتهيته اشتريته ، قال : وكلما اشتهيت شيئا اشتريته أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا}.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن سالم بن عبد الله بن عمر أن عمر كان يقول : والله ما يعني بلذات العيش أن نأمر بصغار المعزى فتسمط لنا ونأمر(13/329)
بلباب الحنطة فتخبز لنا ونأمر بالزبيب فينبذ لنا في الأسعان (الأسعان : جمع سعنة : القربة) حتى إذا صار مثل عين اليعقوب أكلنا هذا وشربنا هذا ولكنا نريد أن نستبقي طيباتنا لأنا سمعنا الله يقول : {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا} الآية.
وأخرج أبو نعيم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه قال : قدم على عمر رضي الله عنه ناس من العراق فرأى كأنهم يأكلون هديرا (الهدير : العشب طال وعظم) فقال يا أهل العراق لو شئت أن يدهمق لي كما يدهمق لكم لفعلت ولكنا نستبقي من ربنا ما نجده في آخرتنا أما سمعتم الله يقول لقوم {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها} قال : تعلموا أن أقواما يسترطون حسناتهم في الدنيا استبقى رجل طيباته إن استطاع ولا قوة إلا بالله ، قال : وذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول : لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وألينكم لباسا(13/330)
ولكني أستبقي طيباتي وذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قدم الشام صنع له طعام لم ير قبله مثله قال : هذا لنا فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا وهم لا يشبعون من خبز الشعير فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه : لهم الجنة ، فاغرورقت عينا عمر رضي الله عنه فقال : لئن كان حظنا من هذا الحطام وذهبوا بالجنة لقد باينونا بونا بعيدا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أبي مجلز رضي الله عنه قال : ليطلبن ناس حسنات عملوها فيقال لهم {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها} الآية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحسن رضي الله عنه قال : أتي عمر رضي الله عنه بشربة عسل فقال : والله لا أتحمل فضلها اسقوها فلانا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن وهب بن كيسان ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : رآني عمر رضي الله عنه وأنا متعلق لحما فقال يا جابر ما هذا قلت : لحم اشتريته بدرهم لنسوة عندي قرمن إليه فقال أما يشتهي أحدكم شيئا إلا صنعه أما يجد أحدكم أن يطوي بطنه لجاره ، وَابن عمه أين تذهب هذه الآية {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا} قال فما انفلت منه حتى كدت أن لا أنفلت.
وأخرج ابن سعد ، وعَبد بن حُمَيد عن حميد بن هلال قال : كان حفص رضي الله عنه يكثر غشيان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وكان إذا قرب طعامه اتقاه فقال له عمر رضي الله عنه : ما لك(13/331)
ولطعامنا فقال : يا أمير المؤمنين إن أهلي يصنعون لي طعاما هو أبين من طعامك فأختار طعامهم على طعامك فقال : ثكلتك أمك أما تراني لو شئت أمرت بشاة فتية سمينة فألقي عنها شعرها ثم أمرت بدقيق فنخل في خرقة فجعل خبزا مرققا وأمرت بصاع من زبيب فجعل في سمن حتى يكون كدم الغزال فقال حفص : إني أراك تعرف لين الطعام ، فقال عمر رضي الله عنه : ثكلتك أمك والذي نفسي بيده لولا كراهية أن ينقص من حسناتي يوم القيامة لأشركتكم في لين طعامكم.
وأخرج ابن المبارك ، وَابن سعد وأحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد وأبو نعيم في الحلية عن الحسن قال : قدم وفد أهل البصرة على عمر مع أبي موسى الأشعري فكان له في كل يوم خبز يلت فربما وافقناها مأدومة بزيت وربما وافقناها مأدومة بسمن وربما وافقناها مأدومة بلبن وربما وافقناها القدائد اليابسة قد دقت ثم أغلي لها وربما وافقناها اللحم الغريض وهو قليل ، قال وقال لنا عمر رضي الله عنه : إني والله لقد أرى تقديركم وكراهيتكم طعامي أما والله لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وأرقكم عيشا أما والله ما أجهل عن كراكر(13/332)
وأسنمة وعن صلى وصناب وسلائق ولكني وجدت الله عير قوما بأمر فعلوه فقال {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها}.
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن ثوبان رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة فقدم من غزاة فأتاها فإذا بمسح على بابها ورأى على الحسن والحسين قلبين من فضة فرجع ولم يدخل عليها فلما رأت ذلك فاطمة ظنت أنه لم يدخل من أجل ما رأى فهتكت الستر ونزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما فبكى الصبيان فقسمته بينهما فانطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما يبكيان فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما فقال : يا ثوبان اذهب بهذا إلى بني فلان أهل بيت بالمدينة واشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين(13/333)
من عاج فإن هؤلاء أهل بيتي ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا والله تعالى أعلم.
الآيات 21 - 23.
أَخْرَج ابن ماجة ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يرحمنا الله وأخا عاد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه قال : خير واديين في الناس وادي مكة ووادي أرم بأرض الهند وشر واديين في الناس وادي الأحقاف وواد بحضرموت يدعى برهوت يلقى فيه أرواح الكفار وخير بئر في الناس زمزم وشر بئر في الناس برهوت وهي في ذاك الوادي الذي بحضرموت.
وأخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأحقاف جبل بالشام.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : الأحقاف جبل بالشام يسمى(13/334)
الأحقاف.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأحقاف الأرض.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأحقاف جساق من جسمي.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن عادا كانوا أحياء باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشحر.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله بالأحقاف قال : تلال من أرض اليمن.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله} قال : لم يبعث الله رسولا إلا بأن يعبد الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {لتأفكنا} قال لتزيلنا وقرأ إن كاد ليضلنا عن آلهتنا قال : يضلنا ويزيلنا ويأفكنا(13/335)
واحد.
الآيات 24 - 25.
أَخْرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {هذا عارض ممطرنا} قال : هو السحاب.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم وأبو داود ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه ، قلت يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وإذا رأيته عرف في وجهك الكراهية ، قال يا عائشة وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا {هذا عارض ممطرنا}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال : اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما(13/336)
أرسلت به
فإذا تخليت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه فسألته فقال لا أدري لعله كما قال قوم عاد {هذا عارض ممطرنا}.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} قال غيم فيه مطر فأول ما عرفوا أنه عذاب رأوا ما كان خارجا من رحالهم ومواشيهم يطير بين السماء والأرض مثل الريش دخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فجاءت الريح ففتحت أبوابهم ومالت عليهم بالرمل فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام حسوما لهم أنين ثم أمر الريح فكشف عنهم الرمل وطرحتهم في البحر فهو قوله {فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم}.
(13/337)
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما فتح الله على عاد من الريح التي هلكوا فيها إلا مثل الخاتم فمرت بأهل البادية فحملتهم وأموالهم فجعلتهم بين السماء والأرض فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها {قالوا هذا عارض ممطرنا} فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة.
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما فتح الله على عاد من الريح إلا موضع الخاتم أرسلت عليهم فحملت البدو إلى الحضر فلما رآها أهل الحضر {قالوا هذا عارض ممطرنا} مستقبل أوديتنا وكان أهل البوادي فيها فألقي أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا قال : عتت على خزانها حتى خرجت من خلال الأبواب.
(13/338)
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه قال : كان هود قاعدا في قومه فجاء سحاب مكفهر فقالوا {هذا عارض ممطرنا} فقال هود {بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم} فجعلت تلقي الفسطاط وتجيء بالرجل الغائب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما أرسل الله على عاد من الريح إلا قدر خاتمي هذا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن ميمون رضي الله عنه أنه قرأ لا ترى إلا مساكنهم بالتاء والنصب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {لا يرى إلا مساكنهم} بالياء ورفع النون.
الآيات 26 - 28.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه} يقول : لم نمكنكم فيه.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولقد(13/339)
مكناهم} الآية قال : عاد مكنوا في الأرض أفضل مما مكنت فيه هذه الأمة وكانوا أشد قوة وأكثر أولادا وأطول أعمارا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى} ههنا وههنا شيئا باليمن واليمامة والشام.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن الزبير رضي الله عنه أنه قرأ وتلك إفكهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأها وذلك أفكهم يعني بفتح الألف والكاف وقال : أصلهم.
الآيات 29 - 34
أخرج أحمد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن الزبير {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن} قال : بنخلة قال : ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء الآخرة كادوا يكونون عليه لبدا.
(13/340)
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن منيع والحاكم وصححه ، وَابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : هبطوا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة فلما سمعوه قالوا : أنصتوا قالوا : صه وكانوا تسعة أحدهم زوبعة فأنزل الله {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن} إلى قوله {ضلال مبين}.
وأخرج ابن جرير والطبراني ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن} الآية قال : كانوا تسعة عشر من أهل نصيبين فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم رسلا إلى قومهم.
وأخرج الطبراني في الأوسط ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : صرفت الجن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين وكان أشراف الجن بنصيبين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن} قال : كانوا(13/341)
من أهل نصيبين أتوه ببطن نخلة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير وأبو الشيخ في العظمة عن ابن مسعود رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : بت الليلة أقرأ على الجن - رفقا بالحجون.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن مسروق قال : سألت ابن مسعود من آذن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالجن ليلة استمعوا القرآن قال : آذنته بهم شجرة.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل أين قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن فقال : قرأ عليهم بشعب يقال له الحجون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأحمد ومسلم والترمذي عن علقمة قال : قلت لابن مسعود رضي الله عنه : هل صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن منكم أحد قال : ما(13/342)
صحبه منا أحد ولكنا فقدناه ذات ليلة فقلنا اغتيل استطير ما فعل قال : فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فلما كان في وجه الصبح إذا نحن به يجيء من قبل حرا فأخبرناه فقال : إنه أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم القرآن فانطلق فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن} قال : هم اثنا عشر ألفا من جزيرة الموصل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن} قال : كانوا سبعة ثلاثة من أهل حران وأربعة من نصيبين وكان أسماؤهم حسى ومسى وشاصر وماصر والأرد وإينان والأحقم وسرق.
(13/343)
وأخرج الطبراني والحاكم ، وَابن مردويه عن صفوان بن المعطل قال : خرجنا حجاجا فلما كنا بالعرج إذا نحن بحية تضطرب فما لبث أن ماتت فلفها رجل في خرقة ودفنها ثم قدمنا مكة فإنا لبالمسجد الحرام إذ وقف علينا شخص فقال : أيكم صاحب عمرو قلنا : ما نعرف عمرا ، قال : أيكم صاحب الجان قالوا : هذا ، قال : أما أنه آخر التسعة موتا الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمعون القرآن.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل والواقدي عن أبي جعفر رضي الله عنه قال : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الجن في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من النبوة.
وأخرج الواقدي وأبو نعيم عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال : لما انصرف النفر التسعة من أهل نصيبين من بطن نخلة وهم فلان وفلان وفلان والأرد وإينان والأحقب جاؤوا قومهم منذرين فخرجوا بعد وافدين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم ثلثمائة فانتهوا إلى الحجون فجاء الأحقب فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن قومنا قد حضروا الحجون يلقونك فواعده رسول الله صلى الله عليه وسلم لساعة من الليل بالحجون والله أعلم.
(13/344)
الآية 35
أخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن عائشة رضي الله عنها قالت : ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما ثم طوى ثم ظل صائما ثم طوى ثم ظل صائما قال : يا عائشة إن الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد ، يا عائشة إن الله لم يرض من أولي العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر عن محبوبها ثم لم يرض مني إلا أن يكلفني ما كلفهم فقال : {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل} وإني والله لأصبرن كما صبروا جهدي ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : أولو العزم من الرسل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان ، وَابن عساكر عن أبي العالية {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل} قال : نوح وهود وإبراهيم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصبر كما صبروا وكانوا ثلاثة ورسول الله صلى الله عليه وسلم رابعهم قال نوح : يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله) (يونس الآية 71) إلى آخرها فأظهر لهم المفارقة وقال هود حين (قالوا : إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله وأشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه) (تعود الآية 53) فأظهر لهم(13/345)
المفارقة قال لإبراهيم (لقد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم) (الممتحنة الآية 4) إلى آخر الآية فأظهر لهم المفارقة قال يا محمد : (قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله) (الأنعام الآية 56) فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الكعبة فقرأها على المشركين فأظهر لهم المفارقة.
وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله {أولوا العزم} قال : هم نوح وهود وإبراهيم وشعيب وموسى.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال {أولوا العزم} إسماعيل ويعقوب وأيوب وليس آدم منهم ولا يونس ولا سليمان.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة قال : {أولوا العزم} نوح وإبراهيم وموسى وعيسى.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل} قال : هم الذين أمروا بالقتال حتى مضوا على ذلك نوح وهود وصالح وموسى وداود وسليمان.
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : بلغني أن أولي العزم من الرسل كانوا ثلثمائة وثلاثة عشر.
(13/346)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فهل يهلك إلا القوم الفاسقون} قال : تعلموا والله ما يهلك على الله إلا هالك مشرك ولى الإسلام ظهره أو منافق صدق بلسانه وخالف بقلبه.
وأخرج الطبراني في الدعاء عن أنس أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا طلبت وأحببت أن تنجح فقل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب السموات والأرض ورب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار اللهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين والحمد لله رب العالمين.
(13/347)
* بسم الله الرحمن الرحيم * (47)- سورة محمد.
مدنية وآياتها ثمان وثلاثون.
مقدمة سورة محمد.
أَخْرَج ابن ضريس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت سورة القتال بالمدينة.
وَأخرَج النحاس ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة محمد بالمدينة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت بالمدينة سورة {الذين كفروا}.
وأخرج ابن مردويه ، عَن عَلِي ، قال : سورة محمد آية فينا وآية في بني أمية.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهم في المغرب {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله}.
الآيات 1 – 3
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم} قال : هم أهل مكة قريش نزلت فيهم !(13/348)
{والذين آمنوا وعملوا الصالحات} قال : هم أهل المدينة الأنصار {وأصلح بالهم} قال : أمرهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {أضل أعمالهم} قال : كانت لهم أعمال فاضلة لا يقبل الله مع الكفر عملا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وأصلح بالهم} قال : أصلح حالهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد في قوله {وأصلح بالهم} قال : شأنهم ، وفي قوله {ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل} قال : الشيطان.
الآيات 4 - 6.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} قال : مشركي العرب يقول {فضرب الرقاب} قال : حتى يقولوا لا إله إلا الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله {حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق} قال : لا تأسروهم ولا تفادوهم حتى تثخنوهم(13/349)
بالسيف.
وأخرج النحاس عن ابن عباس في قوله {فإما منا بعد وإما فداء} قال : فجعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالخيار في الأسرى إن شاؤوا قتلوهم وإن شاؤوا استعبدوهم وإن شاؤوا فادوهم.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {فإما منا بعد وإما فداء} قال : هذا منسوخ نسختها (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين) (التوبة الآية 5).
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فإما منا بعد وإما فداء} قال : فرخص لهم أن يمنوا على من شاؤوا منهم نسخ الله ذلك بعد في براءة فقال : (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (التوبة الآية 5).
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو داود في ناسخه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فإما منا بعد وإما فداء} قال : كان المسلمون إذا لقوا المشركين قاتلوهم فإذا أسروا منهم أسيرا فليس لهم إلا أن يفادوه أو يمنوا عليه ثم نسخ ذلك بعد (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم) (الأنفال 57).
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن(13/350)
الضحاك ومجاهد في قوله {فإما منا بعد وإما فداء} قالا : نسختها (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم).
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن السدي مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأدى رجلين من أصحابه برجلين من المشركين أسروا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن أشعث قال : سألت الحسن وعطاء عن قوله {فإما منا بعد وإما فداء} قال : أحدهما يمن عليه أو لا يفادى وقال الآخر : يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم يمن عليه أو لا يفادى.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن الحسن رضي الله عنه قال : أتى الحجاج بأسارى فدفع إلى ابن عمر رضي الله عنهما رجلا يقتله فقال ابن عمر : ليست بهذا أمرنا إنما قال الله {حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما(13/351)
منا بعد وإما فداء}.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما أعتق ولد زنية وقال : قد أمرنا الله ورسوله أن نمن على من هو شر منه قال الله {فإما منا بعد وإما فداء}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن ليث رضي الله عنه قال : قلت لمجاهد : بلغني أن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا يحل قتل الأسارى لأن الله تعالى قال {فإما منا بعد وإما فداء} فقال مجاهد : لا تعبأ بهذا شيئا أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلهم ينكر هذا ويقول : هذه منسوخة إنما كانت
في الهدنة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين فأما اليوم فلا يقول الله (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) ويقول {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} فإن كانوا من مشركي العرب لم يقبل منهم شيء إلا الإسلام فإن لم يسلموا فالقتل وأما من سواهم فإنهم إذا أسروا فالمسلمون فيهم بالخيار إن شاؤوا قتلوهم وإن شاؤوا استحيوهم وإن شاؤوا فادوهم إذا لم يتحولوا عن دينهم فإن أظهروا الإسلام لم يفادوا ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الصغير والمرأة والشيخ الفاني.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : نسخت (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (النساء 89) ما كان قبل ذلك من فداء أو من.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عطاء رضي الله عنه أنه كان يكره قتل أهل الشرك(13/352)
صبرا ويتلو {فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء} ثم نسختها {فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم} ونزلت زعموا في العرب خاصة وقتل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط يوم بدر صبرا.
وأخرج عبد الرزاق عن أيوب رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الوصفاء والعسفاء.
وأخرج عبد الرزاق عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه قال : نهى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والولدان إلا من عدا منهم بالسيف.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن جَرِير عن القاسم بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال : بعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سرية فطلبوا رجلا فصعد شجرة فأحرقوها بالنار فلما قدموا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أخبروه بذلك فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : إني لم أبعث أعذب بعذاب الله إنما بعثت بضرب الرقاب وشد الوثاق ، أما قوله تعالى : {حتى تضع الحرب أوزارها}.
(13/353)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {حتى تضع الحرب أوزارها} قال : حتى لا يكون شرك.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه {حتى تضع الحرب أوزارها} قال : حتى يعبد الله ولا يشرك به.
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في "سُنَنِه" عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {حتى تضع الحرب أوزارها} قال : حتى يخرج عيسى بن مريم عليه السلام فيسلم كل يهودي ونصراني وصاحب ملة وتأمن الشاة من الذئب ولا تقرض فأرة جرابا وتذهب العداوة من الناس كلها ذلك ظهور الإسلام على الدين كله وينعم الرجل المسلم حتى تقطر رجله دما إذا وضعها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن(13/354)
النبي صلى الله عليه وسلم قال : يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى بن مريم إماما مهديا وحكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير وتوضع الجزية وتضع الحرب أوزارها.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {حتى تضع الحرب أوزارها} قال : خروج عيسى بن مريم عليه السلام.
وأخرج ابن سعد وأحمد والنسائي والبغوي والطبراني ، وَابن مردويه عن سلمة بن نفيل رضي الله عنه قال : بينما أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله : إن الخيل قد سيبت ووضع السلاح وزعم أقوام أن لا قتال وأن قد وضعت الحرب أوزارها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبوا فالآن جاء القتال ولا تزال طائفة من أمتي يقاتلون في سبيل الله لا يضرهم من خالفهم يزيغ الله قلوب قوم ليرزقهم منهم ويقاتلون حتى تقوم الساعة ولا تزال الخيل معقودا في نواصيها الخير حتى تقوم الساعة ولا تضع الحرب أوزارها حتى يخرج يأجوج ومأجوج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : فتح لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتح(13/355)
فقلت يا رسول الله اليوم ألقى الإسلام بجرانه ووضعت الحرب أوزارها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن دون أن تضع الحرب أوزارها خلالا ستا أولهن موتى ثم فتح بيت المقدس ثم فئتان من أمتي دعواهم واحدة يقتل بعضهم بعضا ويفيض المال حتى يعطي الرجل المائة دينار فيتسخط وموت يكون كقعاص الغنم وغلام من بني الأصفر ينبت في اليوم كنبات الشهر وفي الشهر كنبات السنة فيرغب فيه قومه فيملكونه يقولون نرجو أن ير بك علينا ملكنا فيجمع جمعا عظيما ثم يسير حتى يكون فيما بين العريش وأنطاكية وأميركم يومئذ نعم الأمير فيقول لأصحابه : ما ترون فيقولون نقاتلهم حتى يحكم الله بيننا وبينهم فيقول لا أرى ذلك نحرز ذرارينا وعيالنا ونخلي بينهم وبين الأرض ثم نغزوهم وقد أحرزنا ذرارينا فيسيرون فيخلون بينهم وبين أرضهم حتى يأتوا مدينتي هذه فيستهدون أهل الإسلام فيهدونهم ثم يقول لا ينتدبن
معي إلا من يهب نفسه لله حتى نلقاهم فنقاتل حتى يحكم الله بيني وبينهم فينتدب معه سبعون ألفا ويزيدون(13/356)
على ذلك فيقول حسبي سبعون ألفا لا تحملهم الأرض وفيهم عين لعدوهم فيأتيهم فيخبرهم بالذي كان فيسيرون إليهم حتى إذا التقوا سألوا أن يخلي بينهم وبين من كان بينهم وبينه نسب فيدعونهم فيقولون ما ترون فيما يقولون فيقول : ما أنتم بأحق بقتالهم ولا أبعد منهم فيقول : فعندكم فأكسروا أغمادكم فيسل الله سيفه عليهم فيقتل منهم الثلثان ويقر في السفن الثلث وصاحبهم فيهم حتى إذا تراءت لهم جبالهم بعث الله عليهم ريحا فردتهم إلى مراسيهم من الشام فأخذوا فذبحوا عند أرجل سفنهم عند الساحل فيومئذ تضع الحرب أوزارها ، أما قوله تعالى : {ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم}.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم} قال : أي والله بجنوده الكثيرة كل خلقه له جند فلو سلط أضعف خلقه لكان له جندا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ذلك {ولو يشاء الله لانتصر(13/357)
منهم} قال : لأرسل عليهم ملكا فدمر عليهم وفي قوله {والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم} قال : نزلت فيمن قتل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم أحد.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ والذين قاتلوا بالألف.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم} الآية ، قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في يوم أحد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب وقد فشت فيهم الجراحات والقتل وقد نادى المشركون يومئذ : أعل هبل ونادى المسلمون الله أعلى وأجل ففادى المشركون يوم بيوم بدر وإن الحرب سجال لنا عزى ولا عزى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا الله مولانا ولا مولى لكم إن القتلى مختلفة أما قتلانا فأحياء يرزقون وأما قتلاكم ففي النار يعذبون.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {ويدخلهم الجنة عرفها لهم} قال : يهدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم وحيث قسم الله لهم منها لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا.
(13/358)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {عرفها لهم} قال : عرفهم منازلهم فيها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله {ويدخلهم الجنة عرفها لهم} قال : بلغنا أن الملك الذي كان وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه في الجنة ويتبعه ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له فيعرفه كل شيء أعطاه الله في الجنة فإذا انتهى إلى أقصى منزله في الجنة دخل إلى منزله وأزواجه وانصرف الملك عنه.
الآيات 7 - 11.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} قال : على نصره.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {إن تنصروا الله ينصركم} قال : حق على الله أن يعطي من سأله وأن ينصر من نصره {والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم} قال : أما الأولى ففي الكفار الذين قتل الله يوم بدر وأما الأخرى ففي الكفار عامة.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه : !(13/359)
{ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله} قال : كرهوا الفرائض.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم} قال : أهلكهم الله بألوان العذاب بأن يتفكر متفكر ويتذكر متذكر ويرجع راجع فضرب الأمثال وبعث الرسل ليعقلوا عن الله أمره.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وللكافرين أمثالها} قال : لكفار قومك يا محمد مثل ما دمرت به القرى فأهلكوا بالسيف.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد في قوله {وللكافرين أمثالها} قال : مثل ما دمرت به القرون الأولى وعيد من الله تعالى لهم وفي قوله {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا} قال : وليهم الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا} قال : ليس لهم مولى غيره.
الآيات 12 - 14.
أَخْرَج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : {والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام} قال : لا يلتفت إلى آخرته ، قوله تعالى : {وكأين من قرية} الآيتين.
(13/360)
وأخرج عَبد بن حُمَيد وأبو يعلى ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة إلى الغار التفت إلى مكة وقال : أنت أحب بلاد الله إلى الله وأنت أحب بلاد الله إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك لم أخرج منك فأعتى الأعداء من عدا على الله في حرمه أو قتل غير قاتله أو قتل بذحول أهل الجاهلية فأنزل الله تعالى {وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم}.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك} قال : قريته مكة وفي قوله {أفمن كان على بينة من ربه} قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم {كمن زين له سوء عمله} قال : هم المشركون.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : كل هوى ضلالة.
وأخرج ابن المنذر ، عَن طاووس قال : ما ذكر الله هوى في القرآن إلا ذمه.
(13/361)
الآية 15.
أَخْرَج ابن جريج ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أنهار من ماء غير آسن} قال : غير متغير.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {من ماء غير آسن} قال : غير منتن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة رضي الله عنه {وأنهار من لبن لم يتغير طعمه} قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما : لم يحلب.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {وأنهار من لبن لم يتغير طعمه} قال : لم يخرج من بين فرث ودم {وأنهار من خمر لذة للشاربين} قال : لم تدنسه الرجال بأرجلهم {وأنهار من عسل مصفى} قال : لم يخرج من بطون النحل.
وأخرج أحمد والترمذي وصححه ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الجنة بحر اللبن وبحر الماء وبحر العسل وبحر الخمر ثم تشقق الأنهار منها بعد.
(13/362)
وأخرج الحرث بن أبي أسامة في مسنده والبيهقي عن كعب رضي الله عنه قال : نهر النيل نهر العسل في الجنة ونهر دجلة نهر اللبن في الجنة ونهر الفرات نهر الخمر في الجنة ، ونهر سيحان نهر الماء في الجنة.
وأخرج ابن مردويه عن الكلبي رضي الله عنه في قوله : {مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن} الآية قال : حدثني أبو صالح عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أسرى بي فانطلق بي الملك فانتهى بي إلى نهر الخمر فإذا عليه إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقلت للملك : أي نهر هذا فقال : هذا نهر دجلة ، فقلت له : إنه ماء قال هو في ماء في الدنيا يسقي الله به من يشاء وهو في الآخرة خمر لأهل الجنة ، قال : ثم انطلقت مع الملك إلى نهر الرب فقلت للملك : أي نهر هذا قال : هو جيحون وهو الماء غير آسن وهو في الدنيا ماء يسقي الله به من يشاء وهو في الآخرة ماء غير آسن ثم انطلق بي فأبلغني نهر اللبن الذي يلي القبلة فقلت للملك : أي نهر هذا قال : هذا نهر الفرات فقلت : هو ماء ، قال : هو ماء يسقي الله به من يشاء في الدنيا وهو لبن في الآخرة لذرية المؤمنين الذين رضي الله عنهم وعن آبائهم ثم انطلق بي فأبلغني نهر العسل الذي يخرج من جانب المدينة فقلت للملك الذي أرسل معي : أي نهر هذا قال : هذا نهر مصر ، قلت : هو ماء ، قال : هو ماء يسقي الله به من يشاء في الدنيا وهو في الآخرة عسل لأهل الجنة {ولهم فيها من كل(13/363)
الثمرات} يقول : في الجنة {ومغفرة من ربهم} يقول : لذنوبهم.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي وائل رضي الله عنه قال : جاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال : يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذا الحرف أياء تجده أم ألفا من ماء غير ياسن أو من ماء غير آسن فقال له عبد الله رضي الله عنه : وكل القرآن أحصيت غير هذا فقال إني لأقرأ المفصل في ركعة ، قال : هذا كهذا الشعر إن قوما يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن القرآن إذا وقع في القلب فرسخ نفع إني لأعرف النظائر التي كان يقرأ بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن سعد بن طريف رضي الله عنه قال : سألت أبا إسحاق رضي الله عنه عن {ماء غير آسن} قال : سألت عنها الحارث فحدثني أن الماء الذي غير آسن تسنيم قال : بلغني أنه لا تمسه يد وأنه يجيء الماء هكذا حتى يدخل فمه والله تعالى أعلم.
الآيات 16 – 19
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : كان المؤمنون والمنافقون يجتمعون(13/364)
إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيستمع المؤمنون منه ما يقول ويعونه ويسمعه المنافقون فلا يعونه فإذا أخرجوا سألوا المؤمنين ماذا قال آنفا فنزلت {ومنهم من يستمع إليك}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : كانوا يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا خرجوا من عنده قالوا لابن عباس رضي الله عنهما : ماذا قال آنفا فيقول : كذا وكذا ، وكان ابن عباس رضي الله عنهما من الذين أوتوا العلم.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا} قال : أنا منهم ولقد سئلت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ومنهم من يستمع إليك} قال : هؤلاء المنافقون دخل رجلان فرجل عقل عن الله وانتفع(13/365)
بما يسمع ورجل لم يعقل عن الله ولم يعه ولم ينتفع به.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن عساكر عن ابن بريدة رضي الله عنه {قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا} قال : هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وأخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قوله تعالى : {والذين اهتدوا} الآية.
أخرج ابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عكرمة رضي الله عنه أن ناسا من أهل الكتاب آمنوا برسلهم وصدقوهم وآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث فلما بعث كفروا به فذلك قوله {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم} وكان قوم
من أهل الكتاب آمنوا برسلهم وبمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث فلما بعث آمنوا به فذلك قوله {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} قال : لما أنزل القرآن آمنوا به فكان هدى فلما تبين الناسخ من المنسوخ زادهم هدى.
(13/366)
أما قوله تعالى : {فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها}.
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فقد جاء أشراطها} قال : دنت الساعة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فقد جاء أشراطها} قال : أول الساعات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {فقد جاء أشراطها} قال : محمد صلى الله عليه وسلم من أشراطها.
وأخرج البخاري عن سهل بن مسعود رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بأصبعه هكذا الوسطى والتي تليها بعثت أنا والساعة كهاتين.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى.
وأخرج ابن مردويه عن سعيد بن أبي عروبة رضي الله عنه في قوله {فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها} قال : كان قتادة رضي الله عنه يقول : قد دنت الساعة ودنا منكم فداء ودنا من الله فراغ للعباد قال قتادة رضي الله عنه وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم خطب أصحابه بعد العصر حتى كادت الشمس تغرب ولم يبق منها(13/367)
إلا أسف أي شيء قال : والذي نفس محمد بيده ما مثل ما مضى من الدنيا فيما بقي منها إلا مثل ما مضى من يومكم هذا فيما بقي منه وما بقي منه إلا اليسير.
وأخرج أحمد عن بريدة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : بعثت أنا والساعة جميعا إن كادت تسبقني.
وأخرج البخاري ، وَابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعثت أنا والساعة كهاتين.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي جبيرة بن الضحاك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعثت في سم الساعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا ويقل الرجال ويكثر النساء حتى يكون على خمسين امرأة قيم واحد.
(13/368)
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بارزا للناس فأتاه رجل فقال : يا رسول الله متى الساعة فقال : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ولكن سأحدثك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربتها فذاك من أشراطها وإذا كانت الحفاة العراة رعاء الشاء رؤوس الناس فذاك من أشراطها وإذا تطاول رعاء الغنم في البنيان فذاك من أشراطها.
وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : متى الساعة فقال : إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ، قال يا رسول الله وكيف إضاعتها قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتى رجل فقال يا رسول الله متى الساعة قال : ما السائل بأعلم من المسؤول ، قال : فلو علمتنا أشراطها ، قال : تقارب الأسواق ، قلت : وما تقارب الأسواق قال : أن يشكو الناس بعضهم إلى بعض قلة إصابتهم ويكثر ولد البغي وتفشوا الغيبة ويعظم رب المال وترتفع أصوات الفساق في المساجد ويظهر أهل المنكر ويظهر البغاء.
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أشراط الساعة سوء الجوار وقطيعة الأرحام وأن يعطل السيف من الجهاد(13/369)
وأن ينتحل الدنيا بالدين.
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من أشراط الساعة أن يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن تذهب الدنيا حتى تصير للكع بن لكع.
وأخرج أحمد والبخاري ، وَابن ماجة عن عمرو بن تغلب رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما نعالهم الشعر وإن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة.
وأخرج النسائي عن عمرو بن تغلب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أشراط الساعة أن يقبض العلم ويفشو المال وتفشو التجارة ويظهر القلم قال عمرو فإن كان هذا الرجل ليبيع البيع فيقول حتى أستأمر(13/370)
تاجر بني فلان ويلتمس في الحواء العظيم الكاتب فلا يوجد.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم ، وَابن ماجة عن ابن مسعود رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يكون بين يدي الساعة أيام فيرفع فيها العلم وينزل فيها الجهل ويكثر فيها الهرج.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الله بن ربيب الجندي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا الوليد يا عبادة بن الصامت إذا رأيت الصدقة كتمت وغلت واستؤجر في الغزو وعمر الخراب وخرب العامر والرجل يتمرس بأمانته كما يتمرس البعير بالشجرة فإنك والساعة كهاتين وأشار بأصبعه السبابة والتي تليها.
(13/371)
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد.
وأخرج أحمد والترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فيكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كالساعة والساعة كالضرمة بالنار).
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر ويكون الشهر كالجمعة وتكون الجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كاحتراق السعفة.
وأخرج مسلم والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى يقتل فئتان عظيمتان يكون بينهم مقتلة عظيمة دعواهما واحدة
وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم(13/372)
أنه رسول الله وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل وحتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب لي به وحتى يتطاول الناس في البنيان وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه وحتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون وذلك حين لا ينفع إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبا بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقى به ولتقومن الساعة وقد رفعت أكلته إلى فيه فلا يطعمها.
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش وسوء الجوار وقطيعة الأرحام وحتى يخون الأمين ويؤتمن الخائن ، ثم قال : إنما مثل المؤمن مثل النخلة وقعت(13/373)
فأكلت طيبا ولم تفسد ولم تكسر ومثل المؤمن كمثل القطعة الذهب الأحمر أدخلت النار فنفخ عليها ولم تتغير ووزنت فلم تنقص.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطرا عاما ولا تنبت الأرض شيئا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، عَن جَابر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : بين يدي الساعة كذابون منهم صاحب اليمامة وصاحب صنعاء العنسي ومنهم صاحب حمير ومنهم الدجال وهو أعظمهم فتنة.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : بين يدي الساعة قريب من ثلاثين دجالين كلهم يقول أنا نبي أنا نبي.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سيكون في أمتي دجالون كذابون يأتونكم ببدع من الحديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يفتنونكم.
(13/374)
وأخرج أحمد والطبراني عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليكونن قبل يوم القيامة المسيح الدجال وكذابون ثلاثون أو أكثر.
وأخرج أبو يعلى عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن في أمتي لنيفا وسبعين داعيا كلهم داع إلى النار لو أشاء لأنبأتكم بأسمائهم وقبائلهم.
وأخرج أبو يعلى عن أبي الجلاس قال : سمعت عليا رضي الله عنه يقول لعبد الله السبائي لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن بين يدي الساعة ثلاثين كذابا وإنك لأحدهم.
وأخرج أبو يعلى عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون قبل خروج الدجال ينيف على سبعين دجالا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه أن بين يدي الساعة لستا وسبعين دجالا.
(13/375)
وأخرج أحمد والبزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تمطر السماء مطرا لا يكن منه بيوت المدر ولا يكن منه إلا بيوت الشعر.
وأخرج البيهقي في البعث والنشور عن الحسن قال : قال علي خرجت في طلب العلم فقدمت الكوفة فإذا أنا بعبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقلت يا أبا عبد الرحمن : هل للساعة من علم تعرب به قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : إن من أشراط الساعة أن يكون الولد غيظا والمطر قيظا وتفيض الأشرار فيضا ويصدق الكاذب ويؤتمن الخائن ويخون الأمين ويسود كل قبيلة وكل سوق فجارهم وتزخرف المحاريب وتخرب القلوب ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء ويخرب عمران الدنيا ويعمر خرابها وتظهر الفتنة وأكل الربا وتظهر المعازف والكنوز وشرب الخمر ويكثر الشرط والغمازون والهمازون.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله(13/376)
صلى الله عليه وسلم : من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة إذ رأيتم الناس أماتوا الصلاة وأضاعوا الأمانة وأكلوا الربا واستحلوا الكذب واستخفوا بالدماء واستعلوا البناء وباعوا الدين بالدنيا وتقطعت الأرحام ويكون الحكم ضعفا والكذب صدقا والحرير لباسا وظهر الجور وكثرة الطلاق وموت الفجاءة وائتمن الخائن وخون الأمين
وصدق الكاذب وكذب الصادق وكثر القذف وكان المطر قيظا والولد غيظا وفاض اللئام فيضا وغاض الكرام غيضا وكان الأمراء والوزراء كذبة والأمناء خونة والعرفاء ظلمة والقراء فسقة إذا لبسوا مسوك الضأن قلوبهم أنتن من الجيف وأمر من الصبر يغشيهم الله تعالى فتنة يتهاركون (يتهاركون : يمشون باختيال وبطى ء) فيها تهارك اليهود الظلمة وتظهر الصفراء يعني الدنانير وتطلب البيضاء وتكثر الخطايا ويقل الأمن وحليت المصاحف وصورت المساجد وطولت المنائر وخربت القلوب وشربت الخمور وعطلت الحدود وولدت الأمة ربتها وترى الحفاة العراة قد صاروا ملوكا وشاركت المرأة زوجها في التجارة وتشبه الرجال بالنساء والنساء(13/377)
بالرجال وحلف بغير الله وشهد المؤمن من غير أن يستشهد وسلم للمعرفة وتفقه لغير دين الله وطلب الدنيا بعمل الآخرة واتخذ المغنم دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما وكان زعيم القوم أرذلهم وعق الرجل أباه وجفا أمه وضر صديقه وأطاع امرأته وعلت أصوات الفسقة في المساجد واتخذ القينات والمعازف وشربت الخمور في الطرق واتخذ الظلم فخرا وبيع الحكم وكثرت الشرط واتخذ القرآن مزامير وجلود السباع خفافا ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وخسفا ومسخا وقذفا وآيات.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه أنهم سألوا متى الساعة فقال : لقد سألتموني عن أمر ما يعلمه جبريل ولا ميكائيل ولكن إن شئتم أنبأتكم بأشياء إذا كانت لم يكن للساعة كثير لبث إذا كانت الألسن لينة والقلوب جنادل ورغب الناس في الدنيا وظهر البناء على وجه الأرض(13/378)
واختلف الأخوان فصار هواهما شتى وبيع حكم الله بيعا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : إن من اقتراب الساعة أن يظهر البناء على وجه الأرض وأن تقطع الأرحام وأن يؤذي الجار جاره.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن من أشراط
الساعة أن يظهر الفحش والتفحش وسوء الخلق وسوء الجوار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر بن العاص قال : إن من أشراط الساعة أن يظهر القول ويخزن العمل ويرتفع الأشرار ويوضع الأخيار ويقرأ المثاني عليهم فلا يعيها أحد منهم ، قلت : ما المثاني قال : كل كتاب سوى كتاب الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن رجاء بن حيوة قال : لا تقوم الساعة حتى لا تحمل النخلة إلا تمرة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن قيس قال : لا تقوم الساعة حتى تقوم رأس البقرة بالأوقية.
(13/379)
وأخرج ابن أبي شيبة عن الوداك قال : من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا فيقال ابن ليلتين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا فيقال ابن ليلتين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال : إن بين يدي الساعة أياما ينزل فيها الجهل ويرفع العلم حتى يقوم الرجل إلى أمه فيكربها بالسيف من الجهل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر قال : يأتي على الناس زمان يجتمعون ويصلون في المساجد وليس فيهم مؤمن.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : لا تقوم الساعة حتى يصير العلم جهلا والجهل علما.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه قال : ليأتين على الناس زمان يجد النسوة نعلا(13/380)
ملقى على الطريق فيقول بعضهن لبعض قد كانت هذه النعلة مرة لرجل.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار عن علي رضي الله عنه قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : متى الساعة فزبره رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا صلى الفجر رفع رأسه إلى السماء فقال : تبارك خالقها ورافعها ومبدلها وطاويها كطي السجل للكتاب ثم تطلع إلى الأرض فقال تبارك خالقها وواضعها ومبدلها وطاويها كطي السجل للكتاب ثم قال : أين السائل عن الساعة فجثا رجل من آخر القوم على ركبتيه فإذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عند حيف الأئمة وتكذيب بالقدر وإيمان بالنجوم وقوم يتخذون الأمانة مغنما والزكاة مغرما والفاحشة زيارة فسألته عن الفاحشة زيارة فقال : الرجلان من أهل الفسق يصنع أحدهما طعاما وشرابا
ويأتيه بالمرأة فيقول اصنعي لي كما صنعت فيتزاورون على ذلك قال : فعند ذلك هلكت أمتي يا ابن الخطاب.
(13/381)
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تقوم الساعة حتى يكون السلام على المعرفة وحتى تتخذ المساجد طرقا لا يسجد لله فيها حتى يجاوز وحتى يبعث الغلام بالشيخ بريدا بين الأفقين وحتى ينطلق الفاجر إلى الأرض النامية فلا يجد فضلا.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ثم أخذ بحلقة باب الكعبة قال : أيها الناس ألا أخبركم بأشراط الساعة فقام إليه سلمان رضي الله عنه فقال : أخبرنا فداك أبي وأمي يا رسول الله ، قال : إن من أشراط الساعة إضاعة الصلاة والميل مع الهوى وتعظيم رب المال ، فقال سلمان : ويكون هذا يا رسول الله قال : نعم والذي نفس محمد بيده فعند ذلك يا سلمان تكون الزكاة مغرما والفيء مغنما ويصدق الكاذب ويكذب الصادق ويؤتمن الخائن ويخون الأمين ويتكلم الرويبضة ، قال : وما الرويبضة قال : يتكلم في الناس من لم يتكلم وينكر الحق تسعة أعشارهم ويذهب الإسلام فلا يبقى إلا اسمه ويذهب القرآن فلا يبقى إلا رسمه وتحلى المصاحف بالذهب وتتسمن ذكور أمتي وتكون المشورة(13/382)
للإماء ويخطب على المنابر الصبيان وتكون المخاطبة للنساء فعند ذلك تزخرف المساجد كما تزخرف الكنائس والبيع وتطول المنائر وتكثر الصفوف مع قلوب متباغضة وألسن مختلفة وأهواء جمة ، قال سلمان : ويكون ذلك يا رسول الله قال : نعم والذي نفس محمد بيده عند ذلك يا سلمان يكون المؤمن فيهم أذل من الأمة يذوب قلبه في جوفه كما يذوب الملح في الماء مما يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيره ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية البكر فعند ذلك يا سلمان يكون أمراء فسقة ووزراء فجرة وأمناء خونة يضيعون الصلوات ويتبعون الشهوات فإن أدركتموهم فصلوا صلاتكم لوقتها ، عند ذلك يا سلمان يجي سبي من المشرق وسبي من المغرب جثاؤهم جثاء الناس وقلوبهم قلوب الشياطين لا يرحمون صغيرا ولا يوقرون كبيرا
عند ذلك يا سلمان يحج الناس إلى هذا البيت الحرام تحج ملوكهم لهوا وتنزها وأغنياؤهم للتجارة ومساكينهم للمسألة وقراؤهم رياء وسمعة ، قال : ويكون ذلك يا رسول الله قال : نعم والذي نفسي بيده عند ذلك يا سلمان يفشوا الكذب ويظهر الكوكب له الذنب وتشارك المرأة زوجها في التجارة وتتقارب الأسواق ، قال : وما تقاربها قال : كسادها وقلة أرباحها(13/383)
عند ذلك يا سلمان يبعث الله ريحا فيها حيات صفر فتلتقط رؤساء العلماء لما رأوا المنكر فلم يغيروه قال : ويكون ذلك يا رسول الله قال : نعم والذي بعث محمدا بالحق.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن حذيفة رضي الله عنه قال : والله لا تقوم الساعة حتى يلي عليكم من لا يزن عشر بعوضة يوم القيامة.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجة والطبراني عن سلامة بنت الحر قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يأتي على الناس زمان يقومون ساعة لا يجدون إماما يصلي بهم.
وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أيام الدجال سنين خداعة يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن ويتكلم فيها الرويبضة ، قيل : وما الرويبضة قال : الفاسق يتكلم في أمر العامة.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قبل الساعة سنون خداعة يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويخون فيها الأمين(13/384)
ويؤتمن فيها الخائن وينطق بها الرويبضة.
وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم والبيهقي في البعث والضياء عن بريدة قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : إن أمتي يسوقها قوم أعراض الوجوه صغار الأعين كأن وجوههم الحجف ثلاث مرار حتى يلحوقهم بجزيرة العرب ، أما السابقة الأولى فينجو من هرب منهم وأما الثانية فيهلك بعض وينجو بعض وأما الثالثة فيصطلمون كلهم من بقي منهم ، قالوا يا رسول الله : من هم قال : هم الترك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس في الطرق تسافد الحمر وفي لفظ : حتى يتهارجون في الطرق تهارج الحمر فيأتيهم إبليس فيصرفهم إلى عبادة الأوثان.
(13/385)
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال :
لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما صغار الأعين ذلف الأنف كأن وجوههم المجان المطرقة.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن حذيفة رضي الله عنه قال : إن الناس كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر كيما أعرفه فأتقيه قلت يا رسول الله : أرأيت هذا الخير الذي أعطانا الله يكون بعده شر قال : نعم قلت : فما العصمة من ذلك قال : السيف ، قلت : وهل للسيف من بقية قال : نعم ، قلت : ثم ماذا قال : ثم على دخن جماعة على فرية فإن كان يومئذ لله خليفة ضرب ظهرك وأخذ مالك فأسمع وأطع وإلا فمت عاضا بجذل شجرة قلت : ثم ماذا قال : يخرج الدجال ومعه نهر ونار فمن وقع في ناره وقع وحط وزره ومن وقع في نهره وجب وزره وحط أجره ، قلت : ثم ماذا قال : ثم إنما هي قيام الساعة.
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله.
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله.
(13/386)
وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله وحتى تمر المرأة بقطعة النعل فتقول : قد كان لهذه رجل مرة وحتى يكون الرجل قيم خمسين امرأة وحتى تمطر السماء ولا تنبت الأرض.
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه مرفوعا والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة على رجل يقول لا إله إلا الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر).
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد لله فيه حاجة وحتى تؤخذ المرأة نهارا جهارا تنكح وسط الطريق لا ينكر ذلك أحد فيكون أمثلهم الذي يقول : لو نحيتها عن الطريق قليلا فذاك فيهم مثل أبي بكر وعمر فيكم.
(13/387)
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن علباء السلمي مرفوعا : لا تقوم الساعة إلا على حثالة الناس.
وأخرج أحمد ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم لا يدركني زمان لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس.
وأخرج أحمد عن سهل بن سعد الساعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم لا يدركني زمان ولا تدركون زمانا لا يتبع فيه العليم ولا يستحيا من الحليم قلوبهم قلوب الأعاجم وألسنتهم ألسنة العرب.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تقوم الساعة حتى تضطرب اليات نساء دوس على ذي الخلصة وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر قال : لا تقوم الساعة حتى تضطرب اليات نساء حول الأصنام.
(13/388)
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أشراط الساعة أن تعزب العقول وتنقص الأحلام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : كان يقال من اقتراب الساعة موت الفجأة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : من أشراط الساعة موت البدار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية قال : كنا نتحدث أنه سيأتي على الناس زمان خير أهله الذي يرى الخير فيجانبه قريبا.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في البعث عن طلحة بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أشراط الساعة هلاك العرب.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا وحتى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة وحتى تتجر المرأة وزوجها وحتى تغلو الخيل والنساء ثم ترخص فلا تغلو إلى يوم القيامة.
(13/389)
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد والحاكم وصححه عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة وقطع الأرحام وفشو القلم وظهور الشهادة بالزور وكتمان شهادة الحق.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم يقول : إن من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرفه وأن يبرد الصبي الشيخ لفقره وأن تتطاول الحفاة العراة رعاة الشاء في البنيان.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض فيبقى منها عجاج لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا.
(13/390)
وأخرج أحمد ومسلم والحاكم وصححه عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن طالت بك مدة يوشك أن ترى قوما يغدون في سخط الله ويروحون في لعنته في أيديهم مثل أذناب البقر.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا يكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون على المياثر حتى يأتوا أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف العنوهن فإنهن ملعونات لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدمتهم كما خدمكم نساء الأمم قبلكم فقلت لأبي : وما المياثر قال : سروج عظام.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أبي أمامة مرفوعا : يخرج في هذه الأمة في آخر الزمان رجال معهم سياط كأنها أذناب البقر يغدون في سخط الله ويروحون في لعنته.
وأخرج البزار والحاكم بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم(13/391)
قال : والذي بعثني بالحق لا تنقضي هذه الدنيا حتى يقع بهم الخسف والمسخ والقذف ، قالوا : ومتى ذاك يا نبي الله قال : إذا رأيت النساء ركبن السروج وكثرت القينات وشهد شهادات الزور وشرب المصلون في آنية أهل الشرك الذهب والفضة واستغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء فاستبدروا واستعدوا.
وأخرج الطبراني وصححه عن أبي أمامة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يزداد الأمر إلا شدة ولا المال إلا إفاضة ولا تقوم الساعة إلا على شرار خلقه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصححه عن أبي ذر رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رجعنا تعجل ناس فدخلوا المدينة فسأل عنهم
النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر أنهم تعجلوا المدينة فقال : يوشك أن يدعوها أحسن ما كانت ليت شعري متى تخرج نار من جبل الوراق يضيء لها أعناق(13/392)
البخت ببصرى يروها كضوء النهار.
وأخرج أحمد والحاكم عن رافع بن بشر السلمي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تخرج نار من حبس سيل تسير بطيبة تكمن بالليل وتسير بالنهار تغدو وتروح يقال غدت النار أيها الناس فأغدوا قالت النار أيها الناس فقيلوا راحت النار فروحوا من أدركته أكلته.
وأخرج الحاكم عن أبي البداح بن عاصم الأنصاري رضي الله عنه بسند ضعيف قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثان ما قدم فقال : أين حبس سيل قلنا : لا ندري فمر بي رجل من بني سليم فقلت : من أين جئت قال : من حبس سيل ، فأتيت فقلت يا رسول الله : إن هذا الرجل يخبر أن أهله بحبس سيل فسأله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقال : أخر أهلك فإنه يوشك أن تخرج منه نار تضيء(13/393)
أعناق الإبل ببصرى.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى تخرج نار بأرض الحجاز تضيء منها أعناق الإبل ببصرى.
وأخرج أحمد وصححه وضعفه الذهبي عن معاذ بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تزال الأمة على شريعة ما لم يظهر فيهم ثلاث : ما لم يقبض منهم العلم ويكثر ولد الخبث ويظهر فيهم السقارون ، قالوا : وما السقارون قال : بشر يكونون في آخر الزمان تكون تحيتهم بينهم إذا تلاقوا التلاعن.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة فيصبح القوم فيقولون : من صعق(13/394)
البارحة فيقولون : صعق فلان وفلان.
وأخرج البزار وأبو يعلى ، وَابن حبان والحاكم وصححه عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت.
وأخرج الحاكم صححه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون في أمتي خليفة يحثي المال حثا لا يعده عدا ثم قال : والذي نفسي بيده ليعودن الأمر كما بدأ ليعودن كل إيمان إلى المدينة كما بدأ بها حتى يكون كل إيمان بالمدينة ، ثم قال : لا يخرج رجل من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرا منه
وليسمعن ناس برخص من أسعار وزيف فيتبعونه والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو أن أحدهم دخل حجر ضب لدخلتم وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه.
(13/395)
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيأتي على أمتي زمان يكثر فيه القراء وتقل الفقهاء ويقل العلم ويكثر الهرج ، قالوا وما الهرج يا رسول الله قال : القتل بينكم ، ثم يأتي بعد ذلك زمان يقرأ القرآن رجال لا يجاوز تراقيهم ، ثم يأتي بعد ذلك زمان يحاول المنافق الكافر المشرك بالله المؤمن بمثل ما يقول).
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصححه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنسان وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله ويخبره فخذه بما أحدث أهله من بعده.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : يكون فتنة فيقوم لها رجال فيضربون خيشومها حتى تذهب ثم تكون أخرى فيقوم لها رجال فيضربون خيشومها حتى تذهب ثم تكون أخرى فيقوم لها رجال فيضربون خيشومها حتى تذهب ثم تكون أخرى فيقوم لها رجال فيضربون خيشومها حتى تذهب(13/396)
ثم تكون الخامسة وهي مجللة تنشق في الأرض كما ينشق الماء.
وأخرج مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : والله إني لأعلم الناس بكل فتنة كائنة فيما بيني وبين الساعة وما بي أن لا يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر إلي في ذلك شيئا لم يحدثه غيري ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الفتن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن : منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئا ومنهن فتن كرياح الصيف منها صغار ومنها كبار قال حذيفة رضي الله عنه : فذهب أولئك الرهط غيري.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يكون في هذه الأمة أربع فتن آخرها الغناء.
وأخرج أحمد وأبو الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
قال :(13/397)
كنا قعودا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل يا رسول الله : وما فتنة الأحلاس قال : هي فتنة حرب وهرب ثم فتنة السراء دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه نبي وليس مني إنما أوليائي المتقون ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته حتى إذا قيل انقضت عادت يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه فإذا كان ذاكم فأنظروا الدجال من يومه أو من غده.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن ماجة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يضرب خباءه ومنا من ينتضل إذ نادى منادي رسول الله(13/398)
صلى الله عليه وسلم : الصلاة جامعة ، فانتهيت إليه وهو يخطب الناس ويقول : أيها الناس إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيرا لهم وينذرهم ما يعلمه شرا لهم ألا وإن عافية هذه الأمة في أولها وسيصيب آخرها بلاء وفتن يرفق بعضها بعضا تجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه تهلكني ثم تنكشف ثم تجيء فيقول هذه وهذه ثم تجيء فيقول هذه وهذه ثم تنكشف ، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ويأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع.
وأخرج ابن خزيمة والحاكم عن العداء بن خالد رضي الله عنه قال : كنا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذ قام قومة له كأنه مفزع ثم رجع فقال : أحذركم الدجالين الثلاث فقال ابن مسعود رضي الله عنه بأبي أنت وأمي يا رسول الله أخبرتنا عن الدجال الأعور وعن أكذب الكذابين فمن الثالث قال : رجل يخرج في قوم أولهم مثبور وآخرهم مثبور عليهم اللعنة دائبة في فتنة الجارفة وهو الدجال الأكيس(13/399)
يأكل عباد الله قال محمد : وهو أبعد الناس من سننه قال الذهبي : الحديث منكر بمرة.
وأخرج الحاكم وصححه ، عَن جَابر بن سمرة مرفوعا ليفتحن لكم كنوز كسرى ، الأبيض أو الذي في الأبيض عصابة من المسلمين.
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا تكون هدة في شهر
رمضان توقظ النائم وتفزع اليقظان ثم تظهر عصابة في شوال ثم مقمعة في ذي الحجة تنتهك المحارم ثم يكون موت في صفر ثم تتنازل القبائل في ربيع ثم العجب كل العجب بين جمادى ورجب ثم في المحرم ناقة مقتبة خير من دسكرة تقل مائة ألف قال الحاكم : غريب المتن وقال الذهبي : موضوع.
(13/400)
وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شيطان الردهة يحتدره رجل من بجيلة يقال له الأشهب أو ابن الأشهب راعي الخيل غلامه في القوم الظلمة قال الذهبي ما أبعده من الصحة وأنكره.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أرقم بن يعقوب قال : سمعت عبد الله رضي الله عنه يقول : كيف أنتم إذا أخرجتم من أرضكم هذه إلى جزيرة العرب ومنابت الشيح قلت : من يخرجنا قال : عدو الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : كأني أراهم مسر آذان خيلهم وأبطيها بحافتي الفرات.
وأخرج الحاكم وصححه عن معيقيب ونعيم بن حماد عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا لن تفنى أمتي حتى يظهر فيهم التمايز والتمايل والمقامع ، قلت يا رسول الله : ما التمايز قال : عصبية يظهرها الناس بعدي في الإسلام.
(13/401)
قلت : فما التمايل قال : تميل القبيلة على القبيلة فتستحل حرمتها ، قلت : فما المقامع قال : تسير الأحبار بعضها إلى بعض تختلف أعناقها في الحرب.
وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه ، وَابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا وقعت الملاحم خرج بعث من الموالي من دمشق هم أكرم العرب فرسا وأجودهم سلاحا يؤيد الله بهم هذا الدين.
وأخرج الحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ستكون فتنة تحصل الناس منها كما يحصل الذهب في المعدن فلا تسبوا أهل الشام وسبوا ظلمتهم فإن فيهم الأبدال وسيرسل الله سيبا من السماء فيغرقهم حتى لو قاتلهم الثعالب غلبتهم ثم يبعث الله عند ذلك رجلا من عترة الرسول عليه الصلاة والسلام في إثني عشر ألفا إن قلوا أو خمسة عشر ألفا إن كثروا أمارتهم أن علامتهم أمت أمت على ثلاث رايات يقاتلهم أهل سبع رايات ليس من صاحب راية إلا وهو
يطمع في الملك فيقتلون ويهزمون ثم يظهر(13/402)
الهاشمي فيرد الله على الناس إلفتهم ونعمتهم فيكونون على ذلك حتى يخرج الدجال.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي عن جبير بن نفير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لتستصعبن الأرض بأهلها حتى لا يكون على ظهرها أهل بيت مدر ولا وبر وليبتلين آخر هذه الأمة بالرجف فإن تابوا تاب عليهم وإن عادوا عاد الله عليهم بالرجف والقذف والمسخ والصواعق.
وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبشركم بالمهدي يبعثه الله في أمتي على اختلاف من الزمان وزلازل فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ويرضى عنه ساكنو السماء وساكنو الأرض يقسم الأرض ضحاحا ، فقال له رجل : ما ضحاحا قال : بالسوية بين الناس ويملأ قلوب أمة محمد غنى ويسعهم عدله حتى يأمر مناد ينادي يقول : من كانت له في مال حاجة فما يقوم من المسلمين إلا رجل(13/403)
واحد فيقول : أئت السادن يعني الخازن فقل له : إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالا فيقول له : أحث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول : كنت أجشع أمة محمد نفسا إذ عجز عني ما وسعهم قال : فيرد فلا يقبل منه فيقال له : إنا لا نأخذ شيئا أعطيناه فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ثم لا خير في العيش بعده قال : ثم لا خير في الحياة بعده.
وأخرج أحمد وأبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يملك الأرض رجل من أهل بيتي أجلى أقنى ولفظ أبي داود : المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت قبله ظلما وجورا يكون سبع سنين.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ، وَابن ماجة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يخرج المهدي في أمتي خمسا أو سبعا - شك أبو الجوري - قلنا : أي شيء قال : سنين ثم ترسل السماء عليهم(13/404)
مدرارا ولا تدخر الأرض من نباتها شيئا ويكون المال كردسا يجيء الرجل إليه فيقول يا مهدي أعطني أعطني فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمل.
وأخرج أحمد ومسلم : يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي الحق بغير عدد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن يكون عطاؤه حثيا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلا منا يملؤها عدلا كما ملئت جورا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وَابن ماجة ، عَن عَلِي ، قال : قال رسول الله(13/405)
صلى الله عليه وسلم : المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة.
وأخرج أبو داود عن أبي إسحاق قال : قال علي ونظر إلى ابنه الحسن فقال : إن ابني هذا سيد كما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق يملأ الأرض عدلا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححاه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجل مني أو من أهل بيتي وفي لفظ لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطى ء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
وأخرج الترمذي وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.
(13/406)
وأخرج أبو داود ، وَابن ماجة والطبراني والحاكم عن أم سلمة رضي الله عنها : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : المهدي من عترتي من ولد فاطمة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وأبو يعلى والطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل المدينة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث إليه بعث من الشام فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة
فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثا فيظهرون عليهم فذلك بعث كلب والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب فيقسم المال ويعمل في الناس سنة نبيهم ويلقى الإسلام بجرانه إلى الأرض فيلبث سنين ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن ماجة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اغرورقت عيناه وتغير لونه فقلت : ما تزال ترى في وجهك شيئا نكرهه فقال :(13/407)
إنا أهل بيت اختار لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون الخير فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤوها قسطا كما ملؤوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج.
وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقاتلونكم قتالا لم يقاتله قوم ثم ذكر شيئا لا أحفظه قال : فإذا رأيتموه فتابعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي.
وأخرج الترمذي ونعيم بن حماد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينزل بأمتي في(13/408)
آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم حتى تضيق عليهم الأرض فيبعث الله رجلا من عترتي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض لا تدخر الأرض من بذرها شيئا إلا أخرجته ولا السماء شيئا من قطرها إلا صبته يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : حدثني رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن المهدي لا يخرج حتى يقتل النفس الزكية فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض فأتى الناس المهدي فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها وهو يملأ الأرض قسطا وعدلا وتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء مطرها وتنعم أمتي في ولايته نعمة لا تنعمها قط.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الجلد قال : تكون فتنة بعدها فتنة ألا وفي الآخرة كثمرة السوط يتبعها ذباب السيف ثم يكون بعد ذلك فتنة تستحل فيها
المحارم كلها ثم يأتي الخلافة خير أهل الأرض وهو قاعد في بيته ههنا.
(13/409)
وأخرج ابن أبي شيبة عن عاصم بن عمر والبجيلي رضي الله عنه قال : لينادين باسم رجل من السماء لا ينكره الذليل ولا يمتنع منه الدليل.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق ثابت بن عطية عن عبد الله قال : الزموا هذه الطاعة والجماعة فإنه حبل الله الذي أمر به وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة إن الله لم يخلق شيئا إلا جعل له منتهى وإن هذا الدين قد تم وإنه صائر إلى نقصان وإن أمارة ذلك أن تقطع الأرحام ويؤخذ المال بغير حقه ويسفك الدماء ويشتكي ذو القرابة قرابته لا يعود عليه شيء ويطوف السائل لا يوضع في يده شيء فبينما هم كذلك إذ خارت الأرض خور البقرة يحسب كل إنسان أنها خارت من قبلهم فبينما الناس كذلك قذفت الأرض بأفلاذ كبدها من الذهب والفضة لا ينفع بعد شيء منه ذهب ولا فضة.
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو قال : دخلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فرفع رأسه فنظر إلي فقال : ست فيكم أيتها الأمة موت نبيكم فكأنما انتزع قلبي من مكانه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : واحدة قال : ويفيض(13/410)
المال فيكم حتى إن الرجل ليعطى عشرة آلاف فيظل يسخطها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتين قال : وفتنة تدخل بيت كل رجل منكم ، قال رسول صلى الله عليه وسلم ثلاث ، قال : وموت كقعاص الغنم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أربع وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيجمعون لكم تسعة أشهر بقدر حمل المرأة ثم يكونون أولى بالغدر منكم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس وفتح مدينة ، قلت يا رسول الله : أي مدينة قال : قسطنطينية.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو داود ، وَابن ماجة عن عوف بن مالك الأشجعي قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة أدم فقال : أعدد ستا بين يدي الساعة : موتي ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخذكم كقعاص الغنم ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين راية تحت كل راية اثنا عشر ألفا زاد أحمد فسطاط المسلمين يومئذ في أرض يقال لها الغوطة في مدينة يقال لها دمشق.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال :
قال(13/411)
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ست من أشراط الساعة : موتي وفتح بيت المقدس وموت يأخذ في الناس كقعاص الغنم وفتنة يدخل حرها بيت كل مسلم وأن يعطى الرجل ألف دينار فيسخطها وأن يغدر الروم فيسيرون بثمانين بندا تحت كل بند اثنا عشر ألفا.
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة الكبرى بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن دمشق.
وأخرج الحاكم عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال : إذا رأيت بيدة بيد رجل وأهل بيته فعند ذلك فتح القسطنطينية.
وأخرج مسلم والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هل سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر فقالوا : نعم يا رسول الله قال : لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق حتى إذا(13/412)
جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم فيقولون لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها ثم يقولون الثانية لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر ثم يقولون الثالثة لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلونها فيغنمون فبينما هم يقتسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ أن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون ، قال الحاكم : يقال إن هذه المدينة هي القسطنطينية صح أن فتحها مع قيام الساعة.
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن ماجة وأبو يعلى ونعيم بن حماد في الفتن والطبراني والبيهقي في البعث والضياء والمقدسي في المختارة عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بين الملحمة وفتح القسطنطينية سنين ويخرج الدجال في السابعة.
وأخرج الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : فتح القسطنطينية مع قيام الساعة.
وأخرج مسلم والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا(13/413)
تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق فيخرج إليهم جلب من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم فيقاتل المسلمون لا والله فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا
ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ويصبح ثلث لا يفتنون أبدا فيبلغون القسطنطينية فيفتتحون فبينما هم يقتسمون غنائمهم وقد علقوا سلاحهم بالزيتون إذ صاح الشيطان ، أن المسيح قد خلفكم في أهليكم وذاك باطل فإذا جاؤوا الشام خرج فبينما هم يعدون للقتال ويسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة صلاة الصبح فينزل عيسى بن مريم فأمهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح فلو تركه لذاب حتى يهلك ولكن الله يقتله بيده فيريهم دمه في حربته.
وأخرج ابن ماجة والحاكم عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تذهب الدنيا حتى تقاتلوا بني الأصفر يخرج إليهم روقة المؤمنين أهل الحجاز الذين يجاهدون في سبيل الله(13/414)
ولا تأخذهم في الله لومة لائم حتى يفتح الله عليهم قسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير فينهدم حصنها فيصيبون نيلا عظيما لم يصيبوا مثله قط حتى إنهم يقتسمون بالترس ثم يصرخ صارخ بأهل الإسلام قد خرج الدجال في بلادكم وذراريكم فينفض الناس حتى عن المال منهم الآخذ ومنهم التارك فالآخذ نادم والتارك نادم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والحاكم وصححه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمران بيت المقدس خراب يثرب وخراب يثرب حضور الملحمة وحضور الملحمة فتح القسطنطينية وفتح القسطنطينية خروج الدجال ثم ضرب معاذ على منكب عمر بن الخطاب وقال والله إن ذلك لحق كما أنك جالس.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ، وَابن ماجة عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الملحمة العظمى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر.
(13/415)
وأخرج أحمد وأبو داود ، وَابن ماجة ، وَابن حبان والحاكم وصححه عن ذي مخمر بن أخي النجاشي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ستصالحكم الروم صلحا آمنا حتى تغزون أنتم وهم عدوا من ورائهم فتنصرون وتغنمون وتنصرفون تنزلوا بمرج ذي تلال فيقول قائل من الروم : غلب الصليب ويقول قائل من المسلمين : بل الله غلب فيتداولانها بينهم فيثور المسلم إلى صليبهم وهم منهم غير بعيد فيدقه وتثور الروم إلى كاسر صليبهم فيقتلونه ويثور المسلمون إلى أسلحتهم فيقتتلون فيكرم الله تلك
العصابة من المسلمين بالشهادة فتقول الروم لصاحب الروم كفيناك حد العرب فيندرون فيجمعون الملحمة فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا.
وأخرج أحمد والبخاري والبزار ، وَابن خزيمة والطبراني والحاكم وصححه عن عبد الله بن بشر الغنوي حدثني أبي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها(13/416)
ولنعم الجيش ذلك الجيش.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أبي قبيل قال : تذاكر فتح القسطنطينية والرومية أيهما تفتح أولا فدعا عبد الله بن عمر بصندوق ففتحه فأخرج منه كتابا قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب فقيل : أي المدينتين تفتح أولا يا رسول الله قسطنطينية أو رومية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مدينة هرقل تفتح أولا يريد القسطنطينية.
وأخرج الحاكم وصححه عن عوف بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم واقناء معلقة وقنو منها حشف ومعه عصا فطعن في القنو وقال : لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب منها ، إن صاحب هذه الصدقة يأكل الحشف يوم القيامة أما والله يا أهل المدينة لتدعنها مذللة أربعين عاما للعوافي ، قلنا : الله ورسوله أعلم قال : أتدرون ما العوافي قالوا لا ، قال : الطير والسباع.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا لتتركن المدينة على خير ما(13/417)
كانت تأكلها الطير والسباع.
وأخرج الحاكم وصححه عن محجن بن الأدرع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وصعدت معه فأقبل بوجهه نحو المدينة فقال لها قولا ثم قال : ويل أمك أو يح أمها قرية يدعها أهلها أينع ما تكون يأكلها عافية الطير والسباع ولا يدخلها الدجال إن شاء الله كلما أراد دخولها يلقاه : بكل نقب من أنقابها ملك مصلت يمنعه عنها.
وأخرج الحاكم وصححه عن واثلة بن الأسقع سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تقوم الساعة حتى يكون عشر آيات خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب والدجال ونزول يأجوج ومأجوج والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تحشر الذر والنمل.
وأخرج أبو يعلى والروياني ، وَابن قانع والحاكم وصححه عن بريدة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله ريحا يبعثها على رأس مائة سنة تقبض روح(13/418)
كل مؤمن.
وأخرج أحمد والطبراني والحاكم وصححه عن عياش بن أبي ربيعة : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : تجيء ريح بين يدي الساعة تقبض فيها روح كل مؤمن.
وأخرج مسلم والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يبعث ريحا من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحدا في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته.
وأخرج مسلم والحاكم وصححه عن عائشة رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى ويبعث الله ريحا طيبة فتتوفى من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من خير فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم.
وأخرج الحاكم وصححه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله ظاهرين على العدو لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك فقال(13/419)
عبد الله بن عمرو أجل ويبعث الله ريحا ريحها المسك ومسها مس الحرير فلا تترك نفسا في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلا قبضته ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة.
وأخرج الحاكم عن ابن عمرو قال : لا تقوم الساعة حتى يبعث الله ريحا لا تدع أحدا في قلبه مثقال ذرة من تقى أو نهي إلا قبضته ويلحق كل قوم بما كان يعبد آباؤهم في الجاهلية ويبقى عجاج من الناس لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر يتناكحون في الطرق فإذا كان ذلك اشتد غضب الله على أهل الأرض فأقام الساعة.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب فيقتتل الناس عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ويقول كل رجل منهم : لعلي أكون الذي أنجو.
وأخرج مسلم عن أبي كعب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب فإذا سمع به الناس ساروا إليه فيقول من عنده : لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله ، قال : فيقتتلون عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : تخرج معادن مختلفة(13/420)
معدن فيها قريب من الحجاز يأتيه شرار الناس يقال له فرعون فبينما هم يعملون فيه إذ حسر عن الذهب فأعجبهم معتمله إذ خسف به وبهم.
وأخرج أحمد ، وَابن ماجة والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون في أمتي خسف وقذف ومسخ.
وأخرج أحمد والبغوي ، وَابن قانع والطبراني والحاكم وصححه عن عبد الله بن صحار العبدي عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل من العرب فيقال من بني فلان.
وأخرج ابن أبي شيبه عن عبد الله بن عمرو قال : ليخسفن بالدار إلى جنب الدار وبالدار إلى جنب الدار حيث تكون المظالم.
(13/421)
وأخرج ابن سعد عن أبي عاصم الغطفاني قال : كان حذيفة رضي الله عنه لا يزال يحدث الحديث يستفظعونه فقيل له يوشك أن تحدثنا أنه سيكون فينا مسخ قال : نعم ليكونن فيكم مسخ قردة وخنازير.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي عن فرقد السبخي قال : قرأت في التوراة التي جاء بها جبريل إلى موسى عليه السلام : ليكونن مسخ وقذف وخسف في أمة محمد في أهل القبلة ، قيل يا أبا يعقوب : ما أعمالهم قال : باتخاذهم القينات وضربهم بالدفوف ولباسهم الحرير والذهب ولن تغيب حتى ترى أعمالا أزلية فاستيقن واستعد واحذر ، قيل : ما هي قال : تكافأ الرجال بالرجال والنساء بالنساء ورغبت العرب في آنية العجم فعند ذلك ، ثم قال : والله ليقذفن رجال من السماء بالحجارة يشدخون بها في طرقهم وقبائلهم كما فعل بقوم لوط وليمسخن آخرون قردة وخنازير كما فعل ببني إسرائيل وليخسف بقوم كما خسف بقارون.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن سالم بن أبي الجعد رضي الله عنه قال : ليأتين على الناس زمان يجتمعون فيه على باب رجل منهم ينتظرون أن يخرج إليهم فيطلبون إليه الحاجة فيخرج إليهم وقد مسخ قردا أو خنزيرا وليمرن الرجل على الرجل في حانوته(13/422)
يبيع فيرجع عليه وقد مسخ قردا أو خنزيرا.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي الزاهرية رضي الله عنه قال : لا تقوم الساعة حتى يمشي الرجلان إلى الأمر يعملانه فيمسخ أحدهما قردا أو خنزيرا فلا يمنع الذي
نجا منهما ما رأى بصاحبه أن يمشي إلى شأنه ذلك حتى يقضي شهوته وحتى يمشي الرجلان إلى الأمر يعملانه فيخسف بأحدهما فلا يمنع الذي نجا منهما ما رأى بصاحبه أن يمضي إلى شأنه ذلك حتى يقضي شهوته منه.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن غنم قال : يوشك أن تقعد أمتان على رحى فتطحنان فتمسخ إحداهما والأخرى تنظر.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن غنم قال : سيكون خباءان متجاوران فينشق بينهما نهر فيسقيان منه بسهم واحد يقبس بعضهم من بعض فيصبحان يوما من الأيام قد خسف بأحدهما والآخر حي.
(13/423)
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار قال : بلغني أن ريحا تكون في آخر الزمان وظلمة فيفزع الناس إلى علمائهم فيجدونهم قد مسخوا.
وأخرج الترمذي في نوادر الأصول عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون في أمتي فزعة فيصير الناس إلى علمائهم فإذا هم قردة وخنازير.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة أنه قال : لتعملن عمل بني إسرائيل فلا يكون فيهم شيء إلا كان فيكم مثله ، فقال رجل : يكون منا قردة وخنازير قال : وما يبرئك من ذلك لا أم لك.
وَأخرَج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : كيف أنتم إذا أتاكم زمان يخرج أحدهم من حجلته إلى حشه فيرجع وقد مسخ قردا.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن مردويه عن أنس أن عبد الله بن سلام قال يا رسول الله : ما أول أشراط الساعة قال : نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب.
(13/424)
وأخرج الدار قطني في الأفراد والطبراني والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تبعث نار على أهل المشرق فتحشرهم إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا يكون لها ما سقط منهم وتخلف تسوقهم سوق الجمل الكسير.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وقال : حسن صحيح عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ستخرج نار قبل يوم القيامة من بحر حضرموت تحشر الناس قالوا يا رسول الله : فما تأمرنا قال : عليكم بالشام.
أما قوله تعالى : {فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم}.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم} يقول : إذا جاءت الساعة أنى لهم الذكرى ، وخ عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم} قال : إذا جاءتهم الساعة فأنى لهم أن يذكروا ويتوبوا ويعملوا والله أعلم ، أما قوله تعالى : {فاعلم أنه لا إله إلا الله}.
أخرج الطبراني ، وَابن مردويه والديلمي عن عبد الله بن عمرو عن النبي(13/425)
صلى الله عليه وسلم قال : أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الاستغفار ثم قرأ {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}.
وأخرج أبو يعلى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار فأكثروا منهما فإن إبليس قال : أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء وهم يحسبون أنهم مهتدون.
وأخرج أحمد والنسائي والطبراني والحاكم والترمذي في نوادر الأصول ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يموت عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله يرجع ذلك إلى قلب موقن إلا دخل الجنة وفي لفظ : إلا غفر الله له.
وأخرج أحمد والبزار ، وَابن مردويه والبيهقي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مفتاح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله.
(13/426)
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس شيء إلا بينه وبين الله حجاب إلا قول لا إله إلا الله ودعاء الوالد.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما قال عبد لا إله إلا الله مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش.
وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل : اعلم أنه من مات يشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم ، وَابن ماجة والبيهقي في الأسماء والصفات عن عتبان بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن يوافي عبد يوم القيامة يقول لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله إلا حرم على النار.
وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فلن تطعمه النار.
وأخرج أحمد والطبراني عن سهيل بن البيضاء رضي الله عنه قال : بينما نحن في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا رديفه فقال : يا سهيل بن بيضاء ورفع صوته(13/427)
فاجتمع الناس فقال : إنه من شهد أن لا إله إلا الله حرمه الله على النار وأوجب له الجنة.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن يحيى بن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال : رؤي طلحة حزينا فقيل له : ما لك قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا نفس الله عنه كربته وأشرق لونه ورأى ما يسره وما منعني أن أسأله عنها إلا القدرة عليه حتى مات فقال عمر : إني لأعلمها فقال : فما هي قال : لا نعلم كلمة هي أعظم من كلمة أمر بها عمه ، لا إله إلا الله قال : فهي والله هي.
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي ، وَابن حبان والبيهقي عن عثمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة.
وأخرج البيهقي عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر بشر الناس أنه من قال لا إله إلا الله دخل الجنة.
(13/428)
وأخرج أحمد وأبو داود والطبراني والحاكم ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن خزيمة ، وَابن حبان والبيهقي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال لا إله إلا الله أنجته يوما من الدهر أصابه قبلها ما أصابه.
وأخرج البيهقي عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال لا إله إلا الله طلست ما في صحيفته من السيئات حتى يعود إلى مثلها.
(13/429)
وأخرج البيهقي عن حذيفة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من ختم له بشهادة أن لا إله إلا الله صادقا دخل الجنة ومن ختم له بصوم يوم يبتغي به وجه الله دخل الجنة ومن ختم له عند الموت بإطعام مسكين يبتغي به وجه الله دخل الجنة.
قوله تعالى : {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} الآية.
أخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي وصححه ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة.
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال : أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأكلت معه من طعام فقلت : غفر الله لك يا رسول الله ، قال : ولك ، فقيل : أستغفر لك يا رسول الله قال : نعم ولكم وقرأ {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}.
(13/430)
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه ، وَابن مردويه عن عبيد بن المغيرة رضي الله عنه قال : سمعت حذيفة رضي الله عنه تلا قوله تعالى {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك} قال : كنت ذرب اللسان على أهلي فقلت يا رسول الله : إني أخشى أن يدخلني لساني النار ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : فأين أنت عن الاستغفار إني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة.
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه والطبراني عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أصبحت غداة قط إلا استغفرت الله فيها مائة مرة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني ، وَابن مردويه عن رجل من المهاجرين يقال له الأغر قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : يا أيها الناس استغفروا الله وتوبوا إليه فإني أستغفر الله وأتوب إليه في كل يوم مائة مرة.
(13/431)
وأخرج ابن أبي شيبه ومسلم وأبو داود والنسائي ، وَابن حبان ، وَابن مردويه عن الأغر المزني رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله كل يوم مائة مرة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي ، وَابن ماجة ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : إنا كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول : رب أغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم مائة مرة وفي لفظ التواب والغفور.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي ، وَابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة ، أما قوله تعالى : {والله يعلم متقلبكم ومثواكم}.
(13/432)
أخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {والله يعلم متقلبكم} في الدنيا {ومثواكم} في الآخرة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {والله يعلم متقلبكم ومثواكم} قال : متقلب كل دابة بالليل والنهار.
الآيات 20 - 24.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة} الآية قال : كل سورة أنزل فيها الجهاد فهي محكمة وهي أشد القرآن على المنافقين.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ويقول الذين آمنوا} الآية قال : كان المؤمنون يشتاقون إلى كتاب الله تعالى وإلى بيان ما ينزل عليهم فيه فإذا أنزلت السورة يذكر فيها القتال رأيت يا محمد المنافقين {ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم} قال : وعيد من الله لهم.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة في قوله {فأولى لهم} قال : هذه وعيد ثم انقطع الكلام فقال {طاعة وقول معروف} يقول : طاعة الله ورسوله وقول بالمعروف عند حقائق الأمور خير لهم.
(13/433)
وأخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {طاعة وقول معروف} قال : أمر الله عز وجل بذلك المنافقين فإذا عزم الأمر قال : جد الأمر.
أخرج الحاكم عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ {فهل عسيتم إن توليتم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {فهل عسيتم إن توليتم} الآية قال : كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله ألم يسفكوا الدم الحرام وقطعوا الأرحام وعصوا الرحمن.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن بكر بن عبد الله المزني في قوله {فهل عسيتم إن توليتم} الآية قال : ما أراها نزلت إلا في الحرورية.
(13/434)
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه عن بريدة رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند عمر رضي الله عنه إذ سمع صائحا فقال يا يرفا أنظر ما هذا الصوت فنظر ثم جاء فقال : جارية من قريش تباع أمها ، فقال عمر رضي الله عنه : أدع لي المهاجرين والأنصار فلم يمكث إلا ساعة حتى امتلأت الدار والحجرة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فهل تعلمونه كان فيما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم القطيعة قالوا : لا ، قال : فإنها قد أصبحت فيكم فاشية ، ثم قرأ {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} ثم قال : وأي قطيعة أقطع من أن تباع أم امرى ء فيكم وقد أوسع الله لكم قالوا : فاصنع ما بدا لك فكتب في الآفاق أن لا تباع أم حر فإنها قطيعة رحم وأنه لا يحل.
وأخرج عَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والنسائي والحكيم والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن حبان والحاكم ، وَابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال : مه فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال : نعم أما ترضي أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت : بلى قال : فذاك لك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرؤا إن شئتم {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض(13/435)
وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن للرحم لسانا يوم القيامة تحت العرش فتقول يا رب قطعت يا رب ظلمت يا رب أسيء إلي فيجيبها ربها ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن للرحم لسانا ذلقا يوم القيامة رب صل من وصلني(13/436)
واقطع من قطعني.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي ، عَن طاووس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن للرحم شعبة من الرحمن تجيء يوم القيامة لها جلبة تحت العرش تكلم بلسان ذلق فمن أشارت إليه بوصل وصله الله ومن أشارت إليه بقطع قطعه الله.
وأخرج البيهقي ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرحم معلقة بالعرش لها لسان ذلق تقول اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم(13/437)
وصححاه والبيهقي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها إسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته ومن بتها بتته.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن أبي أوفى قال : كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في حلقة فقال : إنا لا نحل لرجل أمسى قاطع رحم إلا قام عنا فلم يقم إلا فتى كان في أقصى الحلقة فأتى خالة له فقالت : ما جاء بك فأخبرها بما قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثم رجع فجلس في مجلسه فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما لي لا أرى أحدا قام من الحلقة غيرك فأخبره بما قال لخالته وما قالت له فقال : اجلس فقد أحسنت ألا أنها لا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع رحم.
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أعمال بني آدم تعرض عشية كل خميس فلا يقبل عمل قاطع رحم.
(13/438)
وأخرج الحاكم وصححه عن عمرو بن عبسة قال : أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أول ما بعث وهو بمكة فقلت : ما أنت قال : نبي ، قلت : بم أرسلت قال : بأن تعبد الله وتكسر الأصنام وتصل الأرحام بالبر والصلة.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله أنا الرحمن وهي الرحم فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته.
وأخرج الحاكم وصححه عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله.
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الرحم شجنة من الله فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه.
(13/439)
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم وصححاه والبيهقي عن عبد الله بن عمر يرفعه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله ومن قطعها قطعه.
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : انتهيت إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو في قبة من أدم حمراء في نحو من أربعين رجلا فقال : إنه مفتوح لكم وإنكم منصورون ومصيبون فمن أدرك منكم ذلك فليتق الله وليأمر بالمعروف ولينه عن المنكر وليصل رحمه ومثل الذي يعين قومه على غير الحق كمثل البعير يتردى فهو يتردى بذنبه.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قلت يا رسول الله : أوصني قال : أقم الصلاة وأد الزكاة وصم رمضان وحج البيت واعتمر وبر والديك وصل رحمك وأقر الضيف وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر وزل مع الحق حيث زال.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم(13/440)
وصححه عن عبد الله بن سلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات ، وَابن نصر في
الصلاة ، وَابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله : إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء قال : كل شيء خلق من ماء ، قلت أنبئني عن أمر إذا عملت به دخلت الجنة ، قال : أفش السلام وأطعم الطعام وصل الأرحام وقم بالليل والناس نيام ثم أدخل الجنة بسلام.
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليعمر بالقوم ويكثر لهم الأموال وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضا لهم ، قالوا : وكيف ذاك يا رسول الله قال : بصلتهم أرحامهم.
وأخرج الطيالسي والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما(13/441)
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إعرفوا أنسابكم تصلوا أرحامكم فإنه لا قرب لرحم إذا قطعت وإن كانت قريبة ولا بعد لها إذا وصلت وإن كانت بعيدة.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : تجيء الرحم يوم القيامة كحجنة المغزل فتتكلم بلسان ذلق طلق فتصل من وصلها وتقطع من قطعها.
وأخرج البزار والبيهقي في الأسماء والصفات عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث معلقات بالعرش : الرحم تقول : اللهم إني بك فلا أقطع والأمانة تقول : اللهم إني بك فلا أخان والنعمة تقول : اللهم إني بك فلا أكفر.
وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : قال رسول الله(13/442)
صلى الله عليه وسلم : ثلاث تحت العرش القرآن له ظهر وبطن يحاج العباد والرحم تنادي صل من وصلني واقطع من قطعني والأمانة.
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الرحم معلقة بالعرش فإذا أتاها الواصل بشرت به وكلمته وإذا أتاها القاطع احتجبت منه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وَابن حبان والطبراني والبيهقي والحكيم الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الرحم شجنة معلقة بالعرش.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الرحم شجنة آخذة بحجزة الرحمن تناشده حقها فيقول : ألا ترضين أن(13/443)
أصل من وصلك وأقطع من قطعك من وصلك فقد وصلني ومن قطعك فقد قطعني.
وأخرج الطبراني والخرائطي في مساوى ء الأخلاق عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يدخل الجنة مدمن الخمر ولا العاق ولا المنان قال ابن عباس : شق ذلك على المؤمنين يصيبون ذنوبا حتى وجدت ذلك في كتاب الله في العاق {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} و(لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) (البقرة الآية 264) وقال (إنما الخمر والميسر) (المائدة الآية 90) ، قوله تعالى : {أولئك الذين لعنهم الله} الآية.
أخرج أحمد في الزهد ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن أبي حاتم عن سلمان موقوفا والحسن بن سفيان والطبراني ، وَابن عساكر عن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ظهر القول وخزن العمل وائتلفت الألسن واختلفت القلوب وقطع كل ذي رحم رحمه فعند ذلك {لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}.
(13/444)
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب العلم عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا الناس أظهروا العلم وضيعوا العمل وتحابوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا في الأرحام لعنهم الله عند ذلك {فأصمهم وأعمى أبصارهم} ، أما قوله تعالى : {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}.
أخرج إسحاق بن راهويه ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه عن عروة رضي الله عنه قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} فقال شاب من أهل اليمن بل عليها أقفالها حتى يكون الله يفتحها أو يفرجها فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : صدقت فما زال الشاب في نفس عمر رضي الله عنه حتى ولي فاستعان به.
وأخرج الدارقطني في الأفراد ، وَابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} فقال شاب عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : بل والله عليها أقفالها حتى يكون الله هو الذي يفكها ، فلما ولي عمر سأل عن ذلك الشاب ليستعمله فقيل : قد مات.
(13/445)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {أفلا يتدبرون القرآن} قال : إذا والله في القرآن زاجر عن معصية الله قال : لم يتدبره القوم ويعقلوه ولكنهم أخذوا بمتشابهه فهلكوا عند ذلك.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر عن خالد بن معدان رضي الله عنه قال : ما من عبد إلا له أربع أعين عينان في وجهه يبصر بهما دنياه وما يصلحه من معيشته وعينان في قلبه يبصر بهما دينه وما وعد الله بالغيب فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح عينيه اللذين في قلبه فأبصر بهما ما وعد بالغيب وإذا أراد الله بعبد سوء ترك القلب على ما فيه وقرأ {أم على قلوب أقفالها} وما من عبد إلا وله شيطان متبطن فقار ظهره لاو عنقه على عنقه فاغر فاه على قلبه.
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعا إلى قوله : وقرأ {أم على قلوب أقفالها}.
وأخرج الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يأتي على الناس زمان يخلق القرآن في قلوبهم يتهافتون تهافتا قيل يا رسول الله : وما(13/446)
تهافتهم قال : يقرأ أحدهم فلا يجد حلاوة ولا لذة يبدأ أحدهم بالسورة وإنما معه آخرها فإن عملوا قالوا ربنا اغفر لنا وإن تركوا الفرائض قالوا : لا يعذبنا الله ونحن لا نشرك به شيئا أمرهم رجاء ولا خوف فيهم {أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}.
الآيات 25 - 28.
أَخرَج عَبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى} قال : هم
أعداء الله أهل الكتاب يعرفون نعت محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه عندهم ويجدونه مكتوبا في التوراة والإنجيل ثم يكفرون به {الشيطان سول لهم} قال : زين لهم {ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله} قال : هم المنافقون.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : {إن الذين ارتدوا على أدبارهم(13/447)
من بعد ما تبين لهم الهدى} قال : اليهود ارتدوا عن الهدى بعد أن عرفوا أن محمدا صلى الله عليه وسلم نبي {الشيطان سول لهم وأملى لهم} قال : أملى الله لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله قال : يهود تقول للمنافقين من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وكانوا يسرون إليهم إنا {سنطيعكم في بعض الأمر} وكان بعض الأمر أنهم يعلمون أن محمدا نبي وقالوا : اليهودية الدين فكان المنافقون يطيعون اليهود بما أمرتهم {والله يعلم إسرارهم} قال : ذلك سر القول {فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم} قال : عند الموت.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {إن الذين ارتدوا على أدبارهم} ، إلى {إسرارهم} هم أهل النفاق.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {يضربون وجوههم وأدبارهم} قال : يضربون وجوههم وأستاهم ولكن الله كريم يكني.
الآيات 29 - 32.
وَأخرَج ابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم} قال : أعمالهم ، خبثهم والحسد الذي في قلوبهم ثم دل الله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعد على المنافقين فكان يدعو باسم الرجل من أهل النفاق.
(13/448)
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قوله {ولتعرفنهم في لحن القول} قال : ببغضهم علي بن أبي طالب.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ببغضهم علي بن أبي طالب.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه أنه تلا هذه الآية {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين} الآية فقال : اللهم عافنا واسترنا ولا تبل أخبارنا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ أو ليبلونكم بالياء حتى يعلم بالياء ويبلو بالياء ونصب الواو والله أعلم.
الآيات 33 - 38.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا بعمل سوء فليفعل ولا قوة إلا بالله فإن الخير ينسخ الشر فإنما ملاك الأعمال خواتيمها.
(13/449)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة ، وَابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع لا إله إلا الله ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل حتى نزلت {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم}
فخافوا أن يبطل الذنب العمل ولفظ عَبد بن حُمَيد : فخافوا الكبائر أن تحبط أعمالكم.
وأخرج ابن نصر ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنا معشر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نرى أنه ليس شيء من الحسنات إلا مقبولا حتى نزلت {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم} فلما نزلت هذه الآية قلنا : ما هذا الذي يبطل أعمالنا فقال : الكبائر الموجبات والفواحش فكنا إذا رأينا من أصاب شيئا منها قلنا : هلك حتى نزلت هذه الآية (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (سورة النساء الآية 48) فلما نزلت كففنا عن القول في ذلك وكنا إذا رأينا أحدا أصاب منها شيئا خفنا عليه وإن لم يصب منها شيئا رجونا له.
(13/450)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون} يقول : ولا تكونوا أول الطائفتين صرعت صاحبتها ودعتها إلى الموادعة وأنتم أولى بالله منهم {ولن يتركم أعمالكم} يقول : لن يظلمكم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن مجاهد رضي الله عنه {فلا تهنوا} قال : لا تضعفوا {وأنتم الأعلون} قال : الغالبون {ولن يتركم} قال : لن ينقصكم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {يتركم} قال : يظلمكم.
وأخرج الخطيب عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم} قال محمد بن المنتشر : منتصبة السين.
وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة عن عبد الرحمن بن أبزي قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ هؤلاء الأحرف (ادخلوا في السلم) (سورة البقرة الآية 208) (وإن جنحوا للسلم) (سورة الأنفال الآية 61) {وتدعوا إلى السلم} بنصب السين.
(13/451)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {إن يسألكموها} قال : علم الله في مسألة الأموال خروج الأضغان.
قوله تعالى : {وإن تتولوا} الآية.
أخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم} قيل : من هؤلاء وسلمان رضي الله عنه إلى جنب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال : هم الفرس وهذا وقومه.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} فقالوا يا رسول الله : من هؤلاء الذين إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب سلمان ثم قال : هذا وقومه والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس.
(13/452)
وأخرج ابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم} الآية فسئل من هم قال : فارس لو كان الدين بالثريا لتناوله رجال من فارس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {ويستبدل قوما غيركم} قال : من شاء.
(13/453)
* بسم الله الرحمن الرحيم * (48)- سورة الفتح.
مدنية وآياتها تسع وعشرون.
مقدمة سورة الفتح.
أَخْرَج ابن الضريس والنحاس ، وَابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة الفتح بالمدينة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنهما مثله.
وأخرج ابن إسحاق والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة ومروان قالا : نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي والبيهقي في "سُنَنِه" عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في مسيره سورة الفتح على راحلته فرجع فيها.
(13/454)
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أبي بردة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قرأ في الصبح {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}.
الآيات 1 - 3.
أَخرَج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي ، وَابن حبان ، وَابن مردويه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فسألته عن شيء ثلاث مرات فلم يرد علي فقلت في نفسي : ثكلتك أمك يا ابن الخطاب نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فلم يرد عليك فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس وخشيت
أن ينزل في القرآن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي فرجعت وأنا أظن أنه نزل في شيء فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : لقد أنزلت علي الليلة سورة أحب إلي من الدنيا وما فيها {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود ، وَابن المنذر(13/455)
والحاكم وصححه ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مجمع بن جارية الأنصاري قال : شهدنا الحديبية فلما انصرفنا عنها إلى كراع الغميم إذا الناس يوجفون الأباعر فقال الناس بعضهم لبعض : ما للناس قالوا : أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجنا مع الناس نوجف فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته على كراع الغميم فاجتمع الناس عليه فقرأ عليهم : {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} فقال رجل : يا رسول الله : أوفتح هو قال : والذي نفس محمد بيده إنه لفتح فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهما وكان الجيش ألفا وخمسمائة منهم ثلثمائة فارس فأعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهما.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في تاريخه وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أقبلنا من الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا نحن نسير إذ أتاه الوحي وكان إذا أتاه إشتد عليه فسري عنه وبه من السرور ما شاء الله(13/456)
فأخبرنا أنه أنزل عليه {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ، وَابن مردويه والبيهقي عن أنس رضي الله عنه في قوله : {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} قال : الحديبية.
وأخرج ابن أبي شيبة ، وَابن المنذر والحاكم ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه في قوله : {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} قال : فتح خيبر.
وأخرج البخاري ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن البراء رضي الله عنه قال : تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية ، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها فلم نترك فيها قطرة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء
من ماء فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها تركناها غير بعيد ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا.
وأخرج البيهقي عن عروة رضي الله عنه قال : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية راجعا(13/457)
فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله ما هذا بفتح لقد صددنا عن البيت وصد هدينا وعكف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ورد رجلين من المسلمين خرجا فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قول رجال من أصحابه : إن هذا ليس بفتح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بئس الكلام هذا أعظم الفتح لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم ويسألوكم القضية ويرغبون إليكم في الإياب وقد كرهوا منكم ما كرهوا وقد أظفركم الله عليهم وردكم سالمين غانمين مأجورين فهذا أعظم الفتح ، أنسيتم يوم أحد إذ تصعدون ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخراكم أنسيتم يوم الأحزاب إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا قال المسلمون : صدق الله ورسوله هو أعظم الفتوح والله يا نبي الله ما فكرنا فيما فكرت فيه ولأنت أعلم بالله وبالأمور منا ، فأنزل الله سورة الفتح.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في البعث في قوله {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} قال :(13/458)
نزلت في الحديبية وأصاب في تلك الغزوة ما لم يصب في غزوة أصاب أن بويع بيعة الرضوان فتح الحديبية وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وبايعوا بيعة الرضوان وأطعموا نخيل خيبر وبلغ الهدي محله وظهرت الروم على فارس وفرح المؤمنون بتصديق كتاب الله وظهور أهل الكتاب على المجوس.
وأخرج البيهقي عن المسور ومروان في قصة الحديبية قالا : ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا فلما كان بين مكة والمدينة نزلت سورة الفتح من أولها إلى آخرها فلما أمن الناس وتفاوضوا لم يكلم أحدا بالإسلام إلا دخل فيه فلقد دخل في تلك السنين في الإسلام أكثر مما كان فيه قبل ذلك فكان صلح الحديبية فتحا عظيما.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} قال : إنا قضينا لك قضاء بينا نزلت عام الحديبية للنحر الذي بالحديبية وحلقه رأسه.
وأخرج عَبد بن حُمَيد وعبد الرزاق ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {إنا فتحنا لك(13/459)
فتحا مبينا} قال : قضينا لك قضاء بينا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عامر الشعبي رضي الله عنه أن رجلا سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية : أفتح هذا قال : وأنزلت عليه {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : نعم عظيم قال : وكان فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية قال : (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) (الحديد 10) الآية.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} قال : فتح مكة.
وأخرج ابن عساكر من طريق أبي خالد الواسطي عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ذات يوم بغلس وكان يغلس ويسفر ويقول : ما بين هذين وقت لكيلا يختلف المؤمنون ، فصلى بنا ذات يوم بغلس فلما قضى الصلاة التفت إلينا كأن وجهه ورقة مصحف فقال : أفيكم من رأى الليلة شيئا قلنا : لا يارسول الله ، قال : لكني رأيت ملكين أتياني الليلة فأخذا بضبعي فانطلقا بي إلى السماء الدنيا فمررت بملك وأمامه آدمي وبيده صخرة فيضرب بهامة الآدمي فيقع دماغه جانبا وتقع الصخرة(13/460)
جانبا ، قلت : ما هذا قالا لي : امضه ، فمضيت فإذا أنا بملك وأمامه آدمي وبيد الملك كلوب من حديد فيضعه في شدقه الأيمن فيشقه حتى ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن قلت : ما هذا قالا : امضه ، فمضيت فإذا أنا بنهر من دم يمور كمور المرجل على فيه قوم عراة على حافة النهر ملائكة بأيديهم مدرتان كلما طلع طالع قذفوه بمدرة فيقع في فيه ويسيل إلى أسفل ذلك النهر قلت : ما هذا قالا : امضه ، فمضيت فإذا أنا ببيت أسفله أضيق من أعلاه فيه قوم عراة توقد من تحتهم النار أمسكت على أنفي من نتن ما أجد من ريحهم قلت : من هؤلاء قالا : امضه ، فمضيت فإذا أنا بتل أسود عليه قوم مخبلون تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم ومناخرهم وآذانهم وأعينهم قلت : ما هذا قالا : امضه ، فمضيت فإذا أنا بنار مطبقة موكل بها ملك لا يخرج منها شيء إلا اتبعه حتى يعيده فيها قلت : ما هذا قالا لي : امضه ، فمضيت فإذا أنا بروضة وإذا فيها شيخ
جميل لا أجمل منه وإذا حوله الولدان وإذا شجرة ورقها كآذان الفيلة ، فصعدت ما شاء الله من تلك الشجرة وإذا أنا بمنازل لا(13/461)
أحسن منها من زمردة جوفاء وزبر جدة خضراء وياقوته حمراء ، قلت : ما هذا قالا : امضه ، فمضيت فإذا أنا بنهر عليه جسران من ذهب وفضة على حافتي النهر منازل لا منازل أحسن منها من درة جوفاء وياقوته حمراء وفيه قدحان وأباريق تطرد قلت : ما هذا قالا لي : انزل فنزلت فضربت بيدي إلى إناء منها فغرفت ثم شربت فإذا أحلى من عسل وأشد بياضا من اللين وألين من الزبد ، فقالا لي : أما صاحب الصخرة التي رأيت يضرب بها هامته فيقع دماغه جانبا وتقع الصخرة جانبا فأولئك الذين كانوا ينامون عن صلاة العشاء الآخرة ويصلون الصلاة لغير مواقيتها يضربون بها حتى يصيروا إلى النار.
وَأَمَّا صاحب الكلوب الذي رأيت ملكا موكلا بيده كلوب من حديد يشق شدقه الأيمن حتى ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن فأولئك الذين كانوا يمشون بين المؤمنين بالنميمة فيفسدون بينهم فهم يعذبون بها حتى يصيروا إلى النار.
وَأَمَّا ملائكة بأيديهم مدرتان من النار كلما طلع(13/462)
طالع قذفوه بمدرة فتقع في فيه فينفتل إلى أسفل ذلك النهر فأولئك أكلة الربا يعذبون حتى يصيروا إلى النار.
وَأَمَّا البيت الذي رأيت أسفله أضيق من أعلاه فيه قوم عراة تتوقد من تحتهم النار أمسكت على أنفك من نتن ما وجدت من ريحهم فأولئك الزناة وذلك نتن فروجهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار.
وَأَمَّا التل الأسود الذي رأيت عليه قوما مخبلين تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم ومناخرهم وأعينهم وآذانهم فأولئك الذين يعملون عمل قوم لوط الفاعل والمفعول به فهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار.
وَأَمَّا النار المطبقة التي رأيت ملكا موكلا بها كلما خرج منها شيء اتبعه حتى يعيده فيها فتلك جهنم تفرق بين أهل الجنة وأهل النار.
وَأَمَّا الروضة التي رأيت فتلك جنة المأوى.
وَأَمَّا الشيخ الذي رأيت ومن حوله من الولدان فهو إبراهيم وهم بنوه.
وَأَمَّا الشجرة التي رأيت فطلعت إليها فيها منازل لا منازل أحسن منها من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوته حمراء فتلك منازل أهل عليين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وَأَمَّا النهر فهو نهرك الذي أعطاك الله : الكوثر وهذه منازلك وأهل بيتك ، قال : فنوديت من فوقي : يا محمد سل تعطه ، فارتعدت فرائصي ورجف فؤادي واضطرب كل عضو مني ولم أستطع أن أجيب شيئا ، فأخذ أحد الملكين بيده اليمنى فوضعها في يدي(13/463)
وأخذ والآخر
يده اليمنى فوضعها بين كتفي فسكن ذلك مني ثم نوديت من فوقي : يا محمد سل تعط ، قال : قلت : اللهم إني أسألك أن تثبت شفاعتي وأن تلحق بي أهل بيتي وأن ألقاك ولا ذنب لي ، قال : ثم ولي بي ، ونزلت عليه هذه الآية {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكما أعطيت هذه كذلك أعطانيها إن شاء الله تعالى.
وأخرج السلفي في الطيوريات من طريق يزيد بن هارون رضي الله عنه قال : سمعت المسعودي رضي الله عنه يقول : بلغني أن من قرأ أول ليلة من رمضان {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} في التطوع حفظ ذلك العام ، قوله تعالى : {ليغفر لك الله ما تقدم} الآية.
وأخرج ابن المنذر عن عامر وأبي جعفر رضي الله عنه في قوله {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك} قال : في الجاهلية {وما تأخر} قال : في الإسلام.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سفيان رضي الله عنه قال : بلغنا في قوله الله {ليغفر لك الله ما(13/464)
تقدم من ذنبك وما تأخر} قال : ما تقدم ما كان في الجاهلية وما تأخر : ما كان في الإسلام ما لم يفعله بعد.
وأخرج ابن سعد عن مجمع بن جارية رضي الله عنه قال : لما كنا بضجنان رأيت الناس يركضون وإذا هم يقولون : أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فركضت مع الناس حتى توافينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقرأ {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} فلما نزل بها جبريل عليه السلام قال : ليهنك يا رسول الله فلما هنأه جبريل عليه السلام هنأه المسلمون.
وأخرج ابن المنذر ، وَابن مردويه ، وَابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} الآية إجتهد في العبادة فقيل : يا رسول الله ما هذا الإجتهاد وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات ، وَابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما نزلت {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} صام وصلى حتى انتفخت قدماه وتعبد حتى صار كالشن
البالي فقيل له : أتفعل هذا بنفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك(13/465)
وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن الحسن رضي الله عنه قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تأخذه العبادة حتى يخرج على الناس كالشن البالي فقيل له : يا رسول الله أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا.
وَأخرَج ابن عساكر عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تفطر قدماه فقيل له : أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا.
وأخرج أبو يعلى ، وَابن عساكر عن أنس رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قام يصلي حتى تورمت قدماه فقيل له : أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما(13/466)
تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا.
وأخرج ابن عساكر عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي حتى ترم قدماه.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان ، وَابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حتى ترم قدماه فقيل له : أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا.
وأخرج الحسن بن سفيان ، وَابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصلي حتى ترم قدماه قلت يا رسول الله : أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبادا شكورا.
وأخرج ابن عساكر عن أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط الشجعي رضي الله عنه قال : حدثني أبي عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلى حتى تورمت قدماه فقيل له يا رسول الله : أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبادا شكورا.
وأخرج ابن عدي ، وَابن عساكر عن أنس رضي الله عنه قال : تعبد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى(13/467)
صار كالشن البالي فقالوا : يا رسول الله ما يحملك على هذا الإجتهاد كله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الليل أربع ركعات ثم يتروح فطال حتى رحمته فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا ، أما قوله تعالى : {وينصرك الله نصرا عزيزا}.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : {وينصرك الله نصرا عزيزا} قال : يريد بذلك فتح مكة وخيبر والطائف.
الآية 4.
أَخْرَج ابن جرير ، وَابن المنذر والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين} قال : السكينة هي الرحمة في قوله {ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} قال : إن الله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بشهادة أن لا إله إلا الله فما صدق بها المؤمنون زادهم الصلاة فلما صدقوا بها زادهم الزكاة فلما صدقوا بها زادهم الصيام فلما صدقوا به زادهم الحج فلما صدقوا به زادهم الجهاد ثم أكمل(13/468)
لهم دينهم فقال : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (المائدة الآية 3) قال ابن عباس رضي الله عنهما : فأوثق إيمان أهل السماء وأهل الأرض وأصدقه وأكمله شهادة أن لا إله إلا الله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه {ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} قال : تصديقا مع تصديقهم.
الآيات 5 – 7
أخرج عبد الرزاق ، وَابن أبي شيبة ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري ومسلم والترمذي ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن أنس رضي الله عنه قال : أنزلت على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} مرجعه من الحديبية فقال : لقد أنزلت علي آية هي أحب إلي مما على الأرض ثم قرأها عليهم فقالوا : هنيئا مريئا يا رسول الله قد بين الله لك ماذا يفعل بك فماذا يفعل بنا فنزلت عليه {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار} حتى بلغ {فوزا عظيما}.
(13/469)
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر والحاكم ، وَابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : لما رجعنا من الحديبية وأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قد خالطوا الحزن والكآبة حيث ذبحوا هديهم في أمكنتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنزلت علي ضحى آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا ثلاثا قلنا : ما هي يا رسول الله فقرأ {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} الآيتين قلنا : هنيئا لك يا رسول الله فما لنا فقرأ {ليدخل المؤمنين والمؤمنات} الآية فلما أتينا خيبر فأبصروا خميس رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني جيشه أدبروا هاربين إلى الحصن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} الآية قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : هنيئا لك ما أعطاك ربك هذا لك فما لنا فأنزل الله {ليدخل المؤمنين والمؤمنات} إلى آخر الآية.
الآيات 8 - 9.
أَخرَج عَبد بن حميد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {إنا أرسلناك شاهدا} قال : شاهدا على أمته وشاهدا على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أنهم قد بلغوا {ومبشرا} يبشر(13/470)
بالجنة من أطاع الله {ونذيرا} ينذر الناس من عصاه {لتؤمنوا بالله ورسوله} قال : بوعده وبالحساب وبالبعث بعد الموت {وتعزروه} قال : تنصروه {وتوقروه} قال : أمر الله بتسويده وتفخيمة وتشريفه وتعظيمه قال : وكان في بعض القراءة ويسبحوا الله بكرة وأصيلا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه : ويعزروه قال : لينصروه ويوقروه أي ليعظموه.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وتعزروه} يعني الإجلال {وتوقروه} يعني التعظيم يعني محمدا صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم ، وَابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وتعزروه} قال : تضربوا بين يديه بالسيف.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وتعزروه} قال : تقاتلوا معه بالسيف.
(13/471)
وأخرج ابن عدي ، وَابن مردويه والخطيب ، وَابن عساكر في تاريخه ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {وتعزروه} قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ما ذاك قالوا : الله ورسوله أعلم قال : ? {لتنصروه > ?.
وأخرج ابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان ابن عباس يقرأ هذه الآية {لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا} قال : فكان يقول : إذا أشكل ياء أو تاء فأجعلوها على ياء فإن القرآن كله على ياء.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله / {ويسبحوه > / قال : يسبحوا الله رجع إلى نفسه.
وأخرج أبو عبيد ، وَابن المنذر عن هرون رضي الله عنه قال : في قراءة ابن مسعود ويسبحوا الله بكرة وأصيلا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يقرأ ويسبحوا الله بكرة وأصيلا.
الآية 10(13/472)
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن الذين يبايعونك} قال : يوم الحديبية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {إن الذين يبايعونك} قال : هم الذين بايعوه زمن الحديبية.
وأخرج ابن مردويه عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : كانت بيعة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله} الآية فكانت بيعة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم التي بايع عليها الناس البيعة لله والطاعة للحق ، وكانت بيعة أبي بكر رضي الله عنه : بايعوني ما أطعت الله فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم ، وكانت بيعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه : البيعة لله والطاعة للحق ، وكانت بيعة عثمان بن عفان رضي الله عنه : البيعة لله والطاعة للحق.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الحكم بن الأعرج رضي الله عنه {يد الله فوق أيديهم} قال : أن لا يفروا.
وأخرج أحمد ، وَابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى أن نقول في الله لا تأخذنا في الله لومة لائم وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا(13/473)
وأزواجنا وأبناءنا ولنا الجنة فمن وفى وفى الله له ومن نكث فإنما ينكث على نفسه.
الآية 11.
أَخرَج عَبد بن حميد عن جويبر رضي الله عنه في قوله {سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا} قال : كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حين انصرف من الحديبية وسار إلى خيبر تخلف عنه أناس من الأعراب فلحقوا بأهاليهم فلما بلغهم أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر ساروا إليه وقد كان أمره أن لا يعطي أحدا تخلف عنه من مغنم خيبر ويقسم مغنمها من شهد الفتح وذلك قوله : {يريدون أن يبدلوا كلام الله} يعني ما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن لا يعطي أحدا تخلف عنه من مغنم خيبر شيئا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {سيقول لك المخلفون من الأعراب} قال : أعراب المدينة جهينة ومزينة استنفرهم لخروجه إلى مكة فقالوا : نذهب معه إلى قوم جاؤه فقتلوا أصحابه فنقاتلهم في ديارهم فاعتلوا له بالشغل فأقبل معتمرا فأخذ أصحابه أناسا من أهل الحرم غافلين فأرسلهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذلك الأظفار ببطن مكة ورجع محمد صلى الله عليه وسلم فوعد مغانم كثيرة فجعلت له خيبر فقال(13/474)
المخلفون : {ذرونا نتبعكم} وهي المغانم التي قال الله {إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها} وعرض عليهم قتال قوم أولي بأس شديد فهم فارس والمغانم الكثيرة التي وعدوا ما يأخذون حتى اليوم.
الآيات 12 - 15
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه {بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء} قال : ظنوا بنبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم لن يرجعوا من وجههم ذلك وأنهم سيهلكون فذلك الذي خلفهم عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وهم كاذبون بما يقولون {سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها} قال : هم الذين تخلفوا عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية كذلكم قال الله من قبل قال : إنما جعلت الغنيمة لأجل الجهاد إنما كانت غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ليس لغيرهم فيها نصيب {قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} قال : فدعوا يوم حنين إلى هوازن وثقيف فمنهم من أحسن الإجابة ورغب في الجهاد ثم عذر الله أهل العذر من الناس فقال : (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) (النور 61).
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول} قال : نافق القوم {وظننتم ظن السوء} أن لن ينقلب الرسول.
(13/475)
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {يريدون أن يبدلوا كلام الله} قال : كتاب الله كانوا يبطئون المسلمين عن الجهاد ويأمرونهم أن يفروا.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أولي بأس شديد} يقول : فارس.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال : هم فارس والروم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {أولي بأس شديد} قال : هم البآرز يعني الأكراد.
وأخرج ابن المنذر والطبراني في الكبير عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : أعراب فارس وأكراد العجم.
وأخرج ابن المنذر والطبراني عن الزهري رضي الله عنه قال : هم بنو حنيفة.
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه {ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} قال : لم يأت أولئك بعد.
الآية 16(13/476)
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم} قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : دعا أعراب المدينة جهينة ومزينة الذين كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى خروجه إلى مكة دعاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى قتال فارس قال : فإن تطيعوا إذا دعاكم عمر تكن توبة لتخلفكم عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا إذا دعاكم عمر كما توليتم من قبل إذ دعاكم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يعذبكم عذابا أليما.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} قال : فارس والروم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد رضي الله عنه {ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} قال : أهل الأوثان.
وأخرج الفريابي ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} قال : هوازن وبني حنيفة.
وأخرج سعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن عكرمة وسعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} قال : هوازن يوم حنين.
الآيات 17 - 23(13/477)
أخرج الطبراني بسند حسن عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإني لواضع القلم على أذني إذ أمر بالقتال إذ جاء أعمى فقال : كيف بي وأنا ذاهب البصر فنزلت {ليس على الأعمى حرج} الآية قال : هذا في الجهاد ليس عليهم من جهاد إذا لم يطيقوا ، أما قوله تعالى : {لقد رضي الله عن المؤمنين}.
أخرج ابن جرير ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : بينا نحن قائلون إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس فثرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه فذلك قول الله تعالى : {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} فبايع لعثمان رضي الله عنه إحدى يديه على الأخرى فقال الناس : هنيئا لابن عفان رضي الله عنه يطوف بالبيت ونحن ههنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف.
وأخرج البخاري ، وَابن مردويه عن طارق بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال : انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون فقلت : ما هذا المسجد قالوا : هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان ، فأتيت سعيد بن المسيب رضي الله عنه فأخبرته فقال(13/478)
سعيد : حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة فلما
خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها فقال سعيد رضي الله عنه : إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن نافع رضي الله عنه قال : بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها فأمر بها فقطعت.
وأخرج البخاري ، وَابن مردويه عن قتادة رضي الله عنه قال : قلت لسعيد بن المسيب : كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان قال : خمس عشرة مائة قلت : فإن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : كانوا أربع عشرة مائة ، قال : يرحمه الله وهم هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة.
وأخرج البخاري ومسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : كان أصحاب الشجرة ألفا وثلثمائة.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتم خير أهل الأرض.
(13/479)
وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب والبخاري ومسلم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتم خير أهل الأرض.
وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب عن أبيه رضي الله عنه قال : كنا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ألفا وأربعمائة.
وأخرج البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة قيل : على أي شيء كنتم تبايعون قال : على الموت.
وأخرج البيهقي عن عروة رضي الله عنه قال : لما نزل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الحديبية فزعت قريش لنزوله عليهم فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم رجلا من أصحابه فدعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليبعثه إليهم فقال : يا رسول الله إني لا آمن وليس بمكة أحد من بني كعب يغضب لي إن أوذيت فأرسل عثمان بن عفان فإن عشيرته بها وإنه يبلغ لك ما أردت ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه فأرسله إلى قريش وقال : أخبرهم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عمارا وادعهم إلى الإسلام وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات فيدخل عليهم ويبشرهم بالفتح.
ويخبرهم أن الله وشيك أن يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالإيمان فانطلق عثمان رضي الله عنه إلى قريش فأخبرهم فارتهنه المشركون ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيعة ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا إن روح القدس قد نزل على(13/480)
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالبيعة فاخرجوا على اسم الله فبايعوه فثار المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت الشجرة فبايعوه على أن لا يفروا أبدا فرعبهم الله فأرسلوا من كانوا ارتهنوا من المسلمين ودعوا إلى الموادعة والصلح.
وأخرج مسلم ، وَابن جَرِير ، وَابن مردويه ، عَن جَابر رضي الله عنه قال : كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فبايعناه وعمر رضي الله عنه آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة وقال : بايعناه على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ومسلم ، وَابن مردويه عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه ونحن أربع عشرة مائة ولم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أن لا نفر.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الشعبي قال : لما دعا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة كان أول من انتهى إليه أبو سنان الأسدي فقال : ابسط يدك أبايعك فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : علام تبايعني قال : على ما في نفسك.
وأخرج البيهقي عن أنس قال : لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان كان عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة فبايع الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله فضرب بإحدى(13/481)
يديه على الأخرى فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيرا من أيديهم لأنفسهم.
وأخرج أحمد ، عَن جَابر ومسلم عن أم بشر عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم} قال : إنما أنزلت السكينة على من علم منه الوفاء.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن عبد الرحمن بن أبي أوفى في قوله {وأثابهم فتحا قريبا} قال : خيبر.
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في مراسيله عن الزهري قال : بلغنا أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لم يقسم لغائب في مقسم لم يشهده إلا يوم خيبر قسم لغيب أهل الحديبية من أجل أن الله كان أعطى أهل خيبر المسلمين من أهل الحديبية فقال {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} وكانت لأهل الحديبية من شهد منهم ومن غاب.
(13/482)
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم} قال : الوقار والصبر وهم الذين بايعوا زمان الحديبية وكانت الشجرة فيما ذكر لنا سمرة بايع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه تحتها وكانوا يومئذ خمس عشرة مائة فبايعوه على أن لا يفروا ولم يبايعوه على الموت {وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة} قال : هي مغانم خيبر وكانت عقارا ومالا فقسمها نبي الله بين أصحابه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية إلى المدينة حتى إذا كان بين المدينة ومكة نزلت عليه سورة الفتح فقال : {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} إلى قوله {عزيزا} ثم ذكر الله الأعراب ومخالفتهم للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : {سيقول لك المخلفون من الأعراب} إلى قوله {خبيرا} ثم قال للأعراب {بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون} إلى قوله {سعيرا} ثم ذكر البيعة فقال : {لقد رضي الله عن المؤمنين} إلى قوله {وأثابهم فتحا قريبا} لفتح الحديبية.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس في قوله {لقد رضي الله عن المؤمنين} قال : كان أهل البيعة تحت الشجرة ألفا وخمسمائة وخمسا وعشرين.
(13/483)
وأخرج ابن مردويه ، وَابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال : لما نزلت {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} قال : يا أبا أمامة أنت مني وأنا منك.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عكرمة {وأثابهم فتحا قريبا} قال : خيبر حيث رجعوا من صلح الحديبية.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن الشعبي {وأثابهم فتحا قريبا} قال : فتح خيبر.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها} قال :
المغانم الكثيرة التي وعدوا ما يأخذون حتى اليوم {فعجل لكم هذه} قال : عجلت لهم خيبر.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} يعني الفتح.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} يعني خيبر {وكف أيدي الناس عنكم} يعني(13/484)
أهل مكة أن يستحلوا ما حرم الله أو يستحل بكم وأنتم حرم {ولتكون آية للمؤمنين} قال : سنة لمن بعدكم.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مروان والمسور بن مخرمة قالا : انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة فأعطاه الله فيها خيبر {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} خيبر فقدم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المدينة في ذي الحجة فقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجيع واد بين غطفان وخيبر فتخوف أن تمدهم غطفان فبات به حتى أصبح فغدا عليهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {فعجل لكم هذه} قال : خيبر {وكف أيدي الناس عنكم} قال : عن بيضتهم وعن عيالهم بالمدينة حين ساروا عن المدينة إلى خيبر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن عطية {فعجل لكم هذه} قال : فتح خيبر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وكف أيدي الناس عنكم} قال : الحليفان أسد وغطفان عليهم عيينة بن حصن معه مالك بن عوف(13/485)
النصري أبو النضر وأهل خيبر على بئر معونة فألقى الله في قلوبهم الرعب فانهزموا ولم يلقوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، وفي قوله {ولو قاتلكم الذين كفروا} هم أسد وغطفان {لولوا الأدبار} حتى {ولن تجد لسنة الله تبديلا} يقول سنة الله في الذين خلوا من قبل أنه لن يقاتل أحد نبيه إلا خذله الله فقتله أو رعبه فانهزم ولن يسمع به عدو إلا إنهزموا واستسلموا.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس {وأخرى لم تقدروا عليها} قال : هذه الفتوح التي تفتح إلى اليوم.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس {قد أحاط الله بها} أنها ستكون لكم بمنزلة قوله أحاط الله بها علما أنها لكم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الأسود الديلمي أن الزبير بن العوام لما قدم البصرة دخل بيت المال فإذا هو بصفراء وبيضاء فقال : يقول الله {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها} فقال : هذا لنا.
(13/486)
وأخرج ابن عساكر عن علي ، وَابن عباس قالا في قوله تعالى : {وعدكم الله مغانم كثيرة} فتوح من لدن خيبر {تأخذونها} تلونها وتغنمون ما فيها {فعجل لكم} من ذلك خيبر {وكف أيدي الناس} قريشا {عنكم} بالصلح يوم الحديبية {ولتكون آية للمؤمنين} شاهدا على ما بعدها ودليلا على إنجازها {وأخرى لم تقدروا عليها} على علم وفيها أقسمها بينكم فارس والروم {قد أحاط الله بها} قضى الله بها أنها لكم.
وأخرج سعيد بن منصور ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى {وأخرى لم تقدروا عليها} قال : فارس والروم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطية {وأخرى لم تقدروا عليها} قال : فتح فارس.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن جويبر {وأخرى لم تقدروا عليها} قال : يزعمون أنها قرى عربية ويزعم آخرون أنها فارس والروم.
(13/487)
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وأخرى لم تقدروا عليها} قال : بلغنا أنها مكة.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عكرمة {وأخرى لم تقدروا عليها} قال : يوم حنين.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس {وأخرى لم تقدروا عليها} قال : هي خيبر.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار} يعني أهل مكة والله أعلم.
الآيات 24 - 25
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس قال : لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثمانون رجلا من أهل مكة في السلاح من قبل جبل التنعيم يريدون غرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عليهم فأخذوا فعفا عنهم فنزلت هذه الآية {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم(13/488)
عليهم}.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة} قال : بطن مكة الحديبية ذكر لنا أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له زنيم أطلع الثنية زمان الحديبية فرماه المشركون فقتلوه فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا فأتوا بأثني عشر فارسا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل لكم عهد أو ذمة قالوا لا ، فأرسلهم فأنزل الله في ذلك {وهو الذي كف أيديهم عنكم} الآية.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعَبد بن حُمَيد والبخاري وأبو داود والنسائي ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يخبره عن قريش وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بغدير الأشطاط قريبا من عسفان أتاه عينه الخزاعي فقال : إني قد تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش وجمعوا لك(13/489)
جموعا وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أشيروا علي أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم فإن قعدوا قعدوا موثورين محزونين وإن لحوا تكن عنقا قطعها الله أم ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه فقال أبو بكر : الله ورسوله أعلم يا رسول اللهن إنما جئنا معتمرين ولم نجيء لقتال أحد ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : فروحوا إذن ، فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين ، فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هو بقترة الجيش فانطلق يركض نذيرا لقريش ، وسار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : حل حل فألحت فقالوا : خلأت القصواء ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده لا يسألوني خطة يعظمون(13/490)
فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ، ثم زجرها فوثبت فعدل بهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء إنما يتربضه الناس تربضا فلم يلبث الناس أن نزحوه فشكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه ، قال : فو الله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه ، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة فقال : إني قد تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيتز فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا لم نجيء لقتال أحد ولكن جئنا معتمرين وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم فإن شاؤوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس فإن أظهر فإن شاؤوا أن(13/491)
يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا وإلا فقد جموا وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن الله أمره ، فقال بديل سأبلغهم ما تقول ، فانطلق حتى أتى قريشا فقال : إنا قد جئناكم من عند الرجل وسمعناه يقول قولا فإن شئتم نعرضه عليكم فعلنا ، فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشيء ، وقال ذو الرأي منهم هات ما سمعته يقول ، قال : سمعته يقول :
كذا وكذا فحدثهم بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام عروة بن مسعود الثقفي فقال : أي قوم ألستم بالولد قالوا : بلى ، قال : ألست بالوالد قالوا : بلى ، قال : فهل تتهموني قالوا : لا ، قال : ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني قالوا : بلى ، قال : فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته ، قالوا : ائته ، فأتاه فجعل يكلم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لبديلز فقال عروة عند ذلك : أي محمد أرأيت إن استأصلت قومك هل سمعت أحدا من العرب اجتاح أهله(13/492)
قبلك وإن تكن الأخرى فوالله إني لأرى وجوها وأرى أوباشا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك ، فقال له أبو بكر : أمصص بظر اللات أنحن نفر عنه وندعه فقال : من ذا قال : أبو بكر ، قال : أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك ، قال : وجعل يكلم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فكلما كلمه أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ضرب المغيرة يده بنعل السيف وقال : أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرفع عروة رأسه فقال : من هذا قالوا : المغيرة بن شعبة ، قال : أي غدر ألست أسعى في غدرتك وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أما الإسلام فأقبل وأما المال فلست منه في شيء ، ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعينيه ، قال : فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف واحد منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له ، فرجع عروة إلى(13/493)
أصحابه فقال : أي قوم والله لقد وفدت على الملوك وفدت على قيصر وكسرى والنجاشي والله إن رأيت ملكا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف واحد منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم إبتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له وإنه عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ، فقال رجل من بني كنانة : دعوني آته ، فقالوا : ائته ، فلما أشرف على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له فبعثت له واستقبله القوم يلبون فلما رأى ذلك قال : سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت ، فلما رجع إلى أصحابه قال : رأيت البدن قد قلدت وأشعرت فما أرى أن يصدوا عن البيت ، فقام رجل يقال له مكرز بن حفص فقال : دعوني آته فقالوا : ائته ، فلما أشرف عليهم قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : هذا مكرز وهو رجل فاجر ، فجعل يكلم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : قد سهل لكم من أمركم ، فجاء سهيل فقال هات أكتب بيننا وبينك كتابا ، فدعا الكاتب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، قال سهيل : أما الرحمن فوالله ما أدري ما(13/494)
هو ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب ، فقال المسلمون : والله ما نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : اكتب باسمك اللهم ، ثم قال : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ، فقال سهيل : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب : محمد بن عبد الله ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب : هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله ، قال الزهري وذلك لقوله : لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به ، قال سهيل : والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضفطة ولكن لك من العام المقبل فكتب ، فقال سهيل : وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا ، فقال المسلمون : سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمر ويرسف في قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين فقال سهيل : هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترد إلي ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : إنا لم نقض الكتاب بعد ، قال : فوالله لا أصالحك على شيء أبدا ، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم :(13/495)
فأجزه لي ، قال : ما أنا بمجيزه ، قال : بلى فافعل ، قال : ما أنا بفاعل ، فقال أبو جندل : أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما ألا ترون ما لقيت في الله وكان قد عذب عذابا شديدا في الله ، فقال عمر بن الخطاب : والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ فأتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقلت : ألست نبي الله قال : بلى ، فقلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل قال : بلى ، قلت : فلم نعطى الدنية في ديننا إذن قال : إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري ، قلت : أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به قال : بلى
أفأخبرتك أنك تأتيه العام قلت : لا ، قال : فإنك آتيه ومطوف به ، فأتيت أبا بكر فقلت يا أبا بكر : أليس هذا نبي الله حقا قال : بلى ، قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل قال : بلى ، قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذن قال : أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه تفز حتى تموت فو الله إنه لعلى الحق ، قلت : أوليس كان يحدثنا إنا سنأتي البيت ونطوف به قال : بلى أفأخبرك أنك تأتيه العام قلت : لا ، قال : فإنك آتيه ومطوف به ، قال عمر : فعملت لذلك أعمالا ، فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا ، فوالله ما قام رجل منهم حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة : يا نبي الله أتحب ذلك قال : نعم ، قالت : فاخرج ثم لا تكلم أحدا منهم حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك.
(13/496)
فقام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة حتى فعل ذلك : نحر بدنه ودعا بحالقه فحلقه ، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما ، ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات) (الممتحنة 10) حتى بلغ (بعصم الكوافر) فطلق عمر رضي الله عنه يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية ، ثم رجع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا : العهد الذي جعلته لنا فدفعه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم فقال أبو بصير لأحد الرجلين : والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا ، فاستله الآخر وقال : أجل والله إنه لجيد لقد جربت به وجربت ، فقال له أبو بصير : أرني أنظر إليه ، فأمكنه منه فضربه حتى برد وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه : لقد رأى هذا ذعرا ، فلما انتهى إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : قد قتل والله صاحبي وإني لمقتول فجاء أبو بصير(13/497)
فقال يا نبي الله : قد أوفى الله بذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم ، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر ، قال : وينفلت منهم أبو جندل
فلحق بأبي بصير فجعل لا يخرج رجل من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة ، قال : فوالله ما يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم ، فأرسلت قريش إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحمن لما أرسل إليهم فمن أتاه منهم فهو آمنز فأرسل إليهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم} حتى بلغ {حمية الجاهلية} وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم وحالوا بينه وبين البيت.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال : كاتب الكتاب يوم الحديبية علي بن(13/498)
أبي طالب.
وأخرج أحمد ، وعَبد بن حُمَيد ومسلم والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن سلمة بن الأكوع قال : قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربع عشرة مائة ثم إن المشركين من أهل مكة راسلونا في الصلح فلما اصطلحنا واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فاضطجعت في ظلها فأتاني أربعة من مشركي أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمعضتهم وتحولت إلى شجرة أخرى فعلقوا سلاحهم واضطجعوا فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي : يا للمهاجرين قتل ابن زنيم فاخترطت سيفي فاشتددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم وجعلته في يدي ثم قلت : والذي أكرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز من المشركين يقوده حتى وقفنا بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين من المشركين فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : دعوهم يكون لهم بدء الفجور ومنتهاه فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم(13/499)
وأنزل الله {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم}.
وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه ، وَابن جَرِير وأبو نعيم في الدلائل ، وَابن مردويه عن عبد الله بن مغفل قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصل الشجرة التي قال الله في القرآن وكان يقع من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب وسهيل بن عمرو بين يديه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فأخذ سهيل بيده قال : ما نعرف الرحمن ولا الرحيم
أكتب في قضيتنا ما نعرف ، قال : اكتب : باسمك اللهم ، وكتب : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله أهل مكة فأمسك سهيل بيده وقال : لقد ظلمناك إن كنت رسوله اكتب في قضيتنا ما نعرف فقال : اكتب هذا ما صالح محمد بن عبد الله فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الله بأسماعهم ، ولفظ الحاكم : بأبصارهم ، فقمنا إليهم فأخذناهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل جئتم في عهد أحد أو هل جعل لكم أحد أمانا فقالوا : لا ، فخلى(13/500)
سبيلهم فأنزل الله {وهو الذي كف أيديهم عنكم}.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن ابن أبزي قال : لما خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالهدي وانتهى إلى ذي الحليفة قال له عمر : يا نبي الله تدخل على قوم لك حرب بغير سلاح ولا كراع فبعث إلى المدينة فلم يدع فيها سلاحا ولا كراعا إلا حمله فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل فسار حتى أتى منى فنزل بمنى فأتاه عيينة بن عكرمة بن أبي جهل قد خرج عليه في خمسمائة فقال لخالد بن الوليد : يا خالد هذا ابن عمك قد أتاك في الخيل فقال خالد : أنا سيف الله وسيف رسوله فيومئذ سمي سيف الله يا رسول الله إرم بي أين شئت فبعثه على خيل فلقيه عكرمة في الشعب فهزمه حتى أدخله حيطان مكة ثم عاد في الثانية حتى أدخله حيطان مكة ثم عاد في الثالثة فهزمه حتى أدخله حيطان مكة فأنزل الله {وهو الذي كف أيديهم عنكم} الآية ، قال : فكف الله النَّبِيّ عنهم من بعد أن أظفره عليهم لبقايا من المسلمين كانوا بقوا فيها كراهية أن تطأهم الخيل.
(13/501)
أخرج ابن المنذر عن الضحاك وسعيد بن جبير {والهدي معكوفا} قال : محبوسا.
وأخرج أحمد والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نحروا يوم الحديبية سبعين بدنة فلما صدت عن البيت حنت كما تحن إلى أولادها.
وأخرج الطبراني عن مالك بن ربيعة السلولي رضي الله عنه أنه شهد مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم الشجرة ويوم رد الهدي معكوفا قبل أن يبلغ محله وأن رجلا من المشركين قال يا محمد : ما يحملك على أن تدخل هؤلاء علينا ونحن كارهون فقال : هؤلاء خير منك ومن أجدادك يؤمنون بالله واليوم الآخر والذي نفسي بيده لقد رضي الله عنهم ، قوله تعالى : {ولولا رجال مؤمنون} الآية.
أخرج الحسن بن سفيان وأبو يعلى ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن قانع والباوردي والطبراني ، وَابن مردويه وأبو نعيم بسند جيد عن أبي(13/502)
جمعة حنيبذ بن سبيع قال : قاتلت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أول النهار كافرا وقاتلت معه آخر النهار مسلما وفينا نزلت {ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات} وكنا تسعة نفر سبعة رجال وامرأتين.
وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم} قال : حين ردوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {أن تطؤوهم} بقتلهم إياهم {لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما} يقول لو تزيل الكفار من المؤمنين لعذبهم الله عذابا أليما بقتلهم إياهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ولولا رجال مؤمنون} قال : دفع الله عن المشركين يوم الحديبية بأناس من المؤمنين كانوا بين أظهرهم.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : هم أناس كانوا بمكة تكلموا بالإسلام كره الله أن يؤذوا وأن يوطأوا حين رد محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم الحديبية فتصيب المسلمين منهم معرة يقول ذنب بغير علم.
(13/503)
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {فتصيبكم منهم معرة بغير علم} قال : إثم {لو تزيلوا} قال : لو تفرقوا.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما} قال : هو القتل والسبي.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما} قال : إن الله عز وجل يدفع بالمؤمنين عن الكفار.
الآية 26.
أَخْرَج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي ، وَابن جَرِير والطبراني ، وَابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن سهل بن حنيف أنه قال يوم صفين : إتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية نرجى ء الصلح الذي كان بين النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وبين المشركين ولو نرى قتالا لقاتلنا فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : ألسنا على الحق وهم على الباطل قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال : بلى ، قال ففيم نعطى الدنية في(13/504)
ديننا ونرجع لما يحكم الله بيننا وبينهم فقال يا ابن الخطاب : إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا ، فرجع متغيظا لم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال يا أبا بكر : ألسنا على الحق وهم على الباطل قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال : بلى ، قال : فلم نعطى الدنية في ديننا قال : يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا ، فنزلت سورة الفتح فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر رضي الله عنه فأقرأه إياها ، قال يا رسول الله : أو فتح هو قال : نعم.
وأخرج النسائي والحاكم وصححه من طريق أبي إدريس عن أبي كعب رضي الله عنه أنه كان يقرأ [ إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرم فأنزل الله سكينته على رسوله ] فبلغ ذلك عمر فاشتد عليه فبعث إليه فدخل عليه فدعا ناسا من أصحابه فيهم زيد بن ثابت فقال : من يقرأ منكم سورة الفتح فقرأ زيد على قراءتنا اليوم فغلظ له عمر فقال أبي أأتكلم قال : تكلم ، فقال : لقد علمت أني كنت أدخل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ويقرئني وأنت بالباب فإن(13/505)
أحببت أن أقرى ء الناس على ما أقرأني أقرأت وإلا لم أقرى ء حرفا ما حييت ، قال : بل أقرى ء الناس.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {حمية الجاهلية} قال : حميت قريش أن يدخل عليهم محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا : لا يدخلها علينا أبدا فوضع الله الحمية عن محمد وأصحابه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأجلح قال : كان حمزة بن عبد المطلب رجلا حسن الشعر حسن الهيئة صاحب صيد وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على أبي جهل فولع به وآذاه فرجع حمزة من الصيد وامرأتان تمشيان خلفه فقالت إحداهما لو علم ذا ما صنع بابن أخيه أقصر عن مشيته فالتفت إليهما فقال : وما ذاك قالت : أبو جهل فعل بمحمد كذا وكذا فدخلته الحمية فجاء حتى دخل المسجد وفيه أبو جهل فعلا رأسه بقوسه ثم قال : ديني دين محمد إن كنتم صادقين فامنعوني فقامت إليه قريش فقالوا يا أبا(13/506)
يعلى فأنزل الله {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية} إلى قوله {وألزمهم كلمة التقوى} قال : حمزة بن عبد المطلب ، أما قوله تعالى : {وألزمهم كلمة التقوى}.
أخرج الترمذي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، وَابن جَرِير والدار قطني في الأفراد ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي بن كعب عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم {وألزمهم كلمة التقوى} قال : لا إله إلا الله.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وألزمهم كلمة التقوى} قال : لا إله إلا الله.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التقوى} قال : لا إله إلا الله.
(13/507)
وأخرج ابن جرير وأبو الحسين بن مروان في فوائده عن علي رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التقوى} قالا : لا إله إلا الله والله أكبر.
وأخرج أحمد عن حمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول : إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقا من قلبه إلا حرمه الله على النار فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنا أحدثكم ما هي كلمة الإخلاص التي ألزمها الله محمدا وأصحابه وهي كلمة التقوى التي حض عليها نبي الله عمه أبا طالب عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله.
وأخرج ابن جرير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم ، وَابن مردويه والبيهقي في الأسماء
والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما {وألزمهم كلمة التقوى} قال : شهادة لا إله إلا الله وهي رأس كل تقوى.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن مردويه والبيهقي عن علي الأزدي قال : كنت مع ابن عمر رضي الله عنه بين مكة ومنى فسمع الناس يقولون لا إله إلا الله والله أكبر فقال : هي هي فقلت : ما هي(13/508)
هي قال {وألزمهم كلمة التقوى}.
وأخرج ابن أبي حاتم والدارقطني في الأفراد عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم {وألزمهم كلمة التقوى} قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن مجاهد وعطاء في قوله {وألزمهم كلمة التقوى} قال أحدهما : الإخلاص وقال الآخر : كلمة التقوى لا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {وألزمهم كلمة التقوى} قال : كلمة الإخلاص.
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون {وألزمهم كلمة التقوى} قال : لا إله إلا الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عكرمة رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التقوى} قال : لا إله إلا الله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد عن مجاهد والحسن وقتادة وإبراهيم التيمي(13/509)
وسعيد بن جبير مثله.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن عطاء الخراساني رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التقوى} قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وأخرج عبد الرزاق ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن الزهري رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التقوى} قال : بسم الله الرحمن الرحيم.
وأخرج ابن جرير عن قتادة {وكانوا أحق بها وأهلها} وكان المسلمون أحق بها وكانوا أهلها والله أعلم.
الآيات 27 - 28
أخرج الفريابي ، وعَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن مجاهد قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحديبية أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين فلما نحر الهدي بالحديبية قال له أصحابه : أين رؤياك يا رسول الله فأنزل الله {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} إلى قوله {فجعل من دون ذلك فتحا قريبا} فرجعوا ففتحوا خيبر ثم اعتمر بعد ذلك فكان تصديق رؤياه في السنة المقبلة.
(13/510)
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما : {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} قال : كان تأويل رؤياه في عمرة القضاء.
وأخرج ابن جرير ، وَابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} قال : هو دخول محمد صلى الله عليه وسلم البيت والمؤمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين.
وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يطوف بالبيت وأصحابه فصدق الله رؤياه بالحق.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} قال : رأى في المنام أنهم يدخلون المسجد الحرام وأنهم آمنون محلقين رؤوسهم ومقصرين.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} إلى آخر الآية ، قال : قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لهم : إني قد رأيت أنكم ستدخلون المسجد الحرام محلقين رؤوسكم ومقصرين فلما نزلت بالحديبية(13/511)
ولم يدخل ذلك العام طعن المنافقون في ذلك فقال الله {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} إلى قوله {لا تخافون} أي لم أره أنه يدخله هذا العام وليكونن ذلك {فعلم ما لم تعلموا} قال : رده لمكان من بين أظهرهم من المؤمنين والمؤمنات وأخره
ليدخل الله في رحمته من يشاء ممن يريد الله أن يهديه {فجعل من دون ذلك فتحا قريبا} قال : خيبر حين رجعوا من الحديبية فتحها الله عليهم فقسمها على أهل الحديبية كلهم إلا رجلا واحدا من الأنصار يقال له أبو دجانة سماك بن خرشة كان قد شهد الحديبية وغاب عن خيبر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : خرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم معتمرا في ذي القعدة معه المهاجرون والأنصار حتى أتى الحديبية فخرجت إليه قريش فردوه عن البيت حتى كان بينهم كلام وتنازع حتى كاد يكون بينهم قتال فبايع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه وعدتهم ألف وخمسمائة تحت الشجرة وذلك يوم بيعة الرضوان فقاضاهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالت قريش : نقاضيك على أن تنحر الهدي مكانه وتحلق وترجع حتى إذا كان العام المقبل نخلي لك مكة ثلاثة أيام ففعل فخرجوا إلى عكاظ فأقاموا فيها ثلاثة أيام واشترطوا عليه أن لا يدخلها بسلاح إلا بالسيف ولا يخرج بأحد من أهل مكة إن خرج معه فنحر الهدي(13/512)
مكانه وحلق ورجع حتى إذا كان في قابل من تلك الأيام دخل مكة وجاء بالبدن معه وجاء الناس معه فدخل المسجد الحرام فأنزل الله عليه {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين} وأنزل عليه (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص) (البقرة الآية 194) الآية ، أما قوله تعالى : {محلقين رؤوسكم ومقصرين}.
أخرج مالك والطيالسي ، وَابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ، وَابن ماجة عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رحم الله المحلقين قالوا : والمقصرين يا رسول الله قال : رحم الله المحلقين قالوا : والمقصرين يا رسول الله قال : والمقصرين.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم ، وَابن ماجة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول الله والمقصرين قال : اللهم اغفر للمحلقين ثلاثا قالوا يا رسول الله والمقصرين قال والمقصرين.
(13/513)
وأخرج الطيالسي وأحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حلقوا رؤوسهم يوم الحديبية إلا عثمان بن عفان وأبا قتادة فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبشي بن جنادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول الله والمقصرين قال اللهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول الله والمقصرين قال اللهم اغفر للمقصرين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن أبي مريم أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : اللهم اغفر للمحلقين ثلاثا قالوا يا رسول الله والمقصرين قال والمقصرين وكنت يومئذ محلوق الرأس فما يسرني بحلق رأسي حمر النعم.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن يحيى بن أبي الحصين عن جدته أنها سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة في حجة الوداع.
(13/514)
وأخرج أحمد عن مالك بن ربيعة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم اغفر للمحلقين ثلاثا قال رجل : والمقصرين فقال في الثالثة أو الرابعة وللمقصرين.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أنه قيل له لم ظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة فقال : إنهم لم يشكوا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر للمحلقين قالها ثلاثا فقالوا يا رسول الله ما بال المحلقين ظاهرت لهم الترحم قال : إنهم لم يشكوا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يستحبون للرجل أول ما يحج أن يحلق وأول ما يعتمر أن يحلق.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يقول للحلاق إذا حلق في الحج والعمرة أبلغ للعظمين.
(13/515)
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : السنة أن يبلغ بالحلق إلى العظمين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس أنه رأى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال للحلاق هكذا وأشار بيده إلى الجانب الأيمن.
وأخرج أبو داود والبيهقي في "سُنَنِه" عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير.
الآية 29.
أَخرَج الخطيب في رواة مالك بسند ضعيف عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : {والذين معه} {مثلهم في التوراة} إلى قوله {كزرع أخرج شطأه} قال مالك : نزل في الإنجيل نعت النَّبِيّ وأصحابه.
وأخرج ابن سعد في الطبقات ، وَابن أبي شيبة عن عائشة قالت : لما مات سعد بن معاذ حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي وكانوا كما قال الله {رحماء بينهم} قيل فكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم(13/516)