فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54)
رحمة لله وحكمه البديعة وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى من تعزز بشىء من دون الله فحتفه وهلاكه فى ذلك فلما تعزز فرعون بملك مصر وجرى النيل بأمره فكان فيه هلاكه وكذلك من استصغر أحدا سلط عليه كما ان فرعون استصغر موسى عليه السلام وحديثه وعابه بالفقر واللكنة فقال أم انا خير فسلطه الله عليه وكان هلاكه على يديه وفيه اشارة اخرى وهى ان قوله أم انا خير هو من خصوصية صفة إبليس فكانت هذه الصفة توجد فى فرعون وكان من صفة فرعون قوله انا ربكم الأعلى ولم توجد هذه الصفة فى إبليس ليعلم ان الله تعالى أكرم الإنسان باستعداد يختص به وهو قوله لقد خلقنا الإنسان فى احسن تقويم فاذا فسد استعداده استنزل دركة لا يبلغه فيها إبليس وغيره وهى أسفل السافلين فيكون شر البرية ولو استكمل استعداده لنال رتبة فى القربة لا يسعه فيها ملك مقرب ولكان خير البريه (قال الصائب)
سرورى از خلق بد خود را مصفى كردنست ... برنمى آيى بخود سر بر نمى بايد شدن
پادشاه از كشور بيكانه دارد صد خطر ... يك قدم از حد خود برتر نمى بايد شدن
فاذا عرفت حال إبليس وحال فرعون فاجتهد فى إصلاح النفس وتزكيتها عن الأوصاف الرذيلة التي بها صار الشيطان شيطانا وفرعون فرعونا نسأل الله سبحانه ان يدركنا بعنايته ويتداركنا بهدايته قبل القدوم على حضرته فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ قالوه توبيخا ولو ما على ترك الفعل ما هو مقتضى حرف التخضيض الداخل على الماضي واسورة جمع سوار على تعويض التاء من ياء اساوير يعنى الياء المقابلة لالف أسوار ونظيره زنادقة وبطارقة فالهاء فيهما عوض عن ياء زناديق وبطريق المقابلة لياء زنديق وبطريق قال فى القاموس السوار بالكسر والضم القلب كالأسوار بالضم والجمع اسورة وأساور واساورة وفى المفردات سوار المرأة أصله دستواره فهو فارسى معرب عند البعض والذهب جسم ذائب صاف منطرق اصفر رزين بالقياس الى سائر الأجسام والمعنى فهلا ألقى على موسى واعطى مقاليد الملك ان كان صادقا فى مقالته فى رسالته فيكون حاله خيرا من حالى والملقى هو رب موسى من السماء وإلقاء الا سورة كناية عن إلقاء مقاليد الملك اى أسبابه التي هى كالمفاتيح له وكانوا إذا سودوا رجلا سوروه وطوقوه بطوق من ذهب علما على رياسته ودلالة لسيادته يعنى آن زمان چنان بود كه هركرا مهترى و پيشوايى ميدهند دستوانه طلا در دست وطوق زر در كردن او ميكننده فرعون كفت كه اگر موسى راست ميكويد كه بسيادت ورياست قوم نامزد شده چرا خداى او را دستوانه نداده أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ اى حال كونهم مقرونين بموسى منضمين اليه يعينونه على امره وينصرونه ويصدقونه اى يشهدون له بصدقه قال الراغب الاقتران كالازدواج فى كونه اجتماع شيئين او أشياء فى معنى من المعاني فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ الاستخفاف سبك گردانيدن وسبك داشتن وطلب خفت كردن اى فاستفزهم بالقول وطلب منهم الخفة فى اطاعته فالمطلوب بما ذكره من التلبيسات والتمويهات خفة عقولهم حتى يطيعوه فيما أراد منهم مما يأباه ارباب العقول السليمة لا خفة أبدانهم فى امتثال امره او فاستخف أحلامهم اى وجدها خفيفة يغترون بالتلبيسات الباطلة وقال الراغب حملهم على ان يخفوا معه(8/379)
فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ (56) وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60)
او وجدهم خفافا فى أبدانهم وعزائمهم وفى القاموس استخفه ضد استثقله وفلانا عن رأيه حمله على الجهل والخفة وازاله عما كان عليه من الصواب (وقال الكاشفى) پس سبك عقل يافت فرعون بدين مكر كروه خود را يعنى اين فريب در ايشان اثر كرد فَأَطاعُوهُ فيما أمرهم به لفرط جهلهم وضلالهم وبكلى دل از متابعت موسى برداشتند إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ فلذلك سارعوا الى طاعة ذلك الفاسق الغوى وبالفارسية بدرستى كه فرعونيان بودند كروهى بيرون رفته از دائره بندگى خداى وفرمان بردارىء وى بلكه خارج از طريقه عقل كه بمال وجاه فانى اعتماد كرده باشند موسى را عليه السلام بنظر حقارت ديدند وندانستند كه فرعون وعذاب ابد وريش مرصع موسى كليم الله و چوبى وشبانى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل من استولى على قوم فاستخفهم فأطاعوه رهبة منه وان أمنوا من سطوته فخالفوه أمنا منه فانه يزيد فى جهادهم ورياضتهم ومخالفة طباعهم وانه استولت النفس الامارة على قومها وهم القلب والروح وصفاتهما فاستخفتهم بمخالفة الشريعة وموافقة الهوى والطبيعة فأطاعوها رهبة الى ان تخلقوا بأخلاقها فأطاعوها رغبة انتهى وفيه اشارة الى ان العدو لا ينقاد بحال واما انقياده كرها فلا يغتر به فانه لو وجد فرصة لقطع اليد بدل التقبيل
هركز ايمن ز زمان ننشستم ... تا بدانستم آنچهـ خصلت اوست
فَلَمَّا آسَفُونا الايساف اندوهگين كردن وبخشم آوردن منقول من أسف يأسف كعلم يعلم إذا اشتد غضبه وفى القاموس الأسف محركة أشد الحزن وأسف عليه غضب وسئل صلى الله عليه وسلم عن موت الفجأة فقال راحة للمؤمن واخذة أسف اى سخط للكافر ويروى أسف ككتف اى اخذة ساخط يعنى موت الفجأة اثر غضب الله على العبد الا ان يكون مستعدا للموت وقال الراغب الأسف الحزن والغضب معا وقد يقال لكل منهما على الانفراد وحقيقته ثوران دم القلب ارادة الانتقام فمتى كان ذلك على من دونه انتشر فصار غضبا ومتى كان على من فوقه انقبض فصار حزنا والمعنى فلما أغضبونا اى فرعون وقومه أشد الغضب بالإفراط فى العناد والعصيان وغضب الله نقيض الرضى او ارادة الانتقام او تحقيق الوعيد او الاخذ الأليم او البطش الشديد او هتك الأستار والتعذيب بالنار او تغيير النعمة انْتَقَمْنا مِنْهُمْ أردنا ان نعجل لهم انتقامنا وعذابنا وان لا نحلم عنهم وفى كشف الاسرار أحللنا بهم النقمة والعذاب فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ فأهلكناهم المطاع والمطيعين له أجمعين بالاغراق فى اليم لم نترك منهم أحدا فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً اما مصدر سلف يسلف كطلب يطلب بمعنى التقدم وصف به الأعيان للمبالغة فهو بمعنى متقدمين ماضين او جمع سالف كخدم جمع خادم ولما لم يكن التقدم متعديا باللام فسروه بالقدوة مجازا لان المتقدمين يلزمهم غالبا ان يكونوا قدوة لمن بعدهم فالمعنى فجعلناهم قدوة لمن بعدهم من الكفار يسلكون مسلكهم فى استيجاب مثل ما حل بهم من العذاب وفى عين المعاني فجعلناهم سلفا فى النار وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ اللام متعلق بكل من سلفا ومثلا على التنازع اى عظة للكفار المتأخرين عنهم والعظة ليس من لوازمها الاتعاظ او قصة عجيبة تسير مسير الأمثال لهم فيقال مثلكم مثل قوم فرعون (وقال الكاشفى) كردانيديم ايشانرا پندى وعبرتى براى پيشينيان كه در مقام اعتبار باشند چهـ ملاحظه(8/380)
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)
قصه عجيبه ايشان معتبر را در تقلب احوال كفايتيست واز جمله آنكه چون فرعون باب نازشى كرد او را هم باب غرقه ساختند وبد آنچهـ نازيد بفرياد او نرسيد
در سردارى كه باشدت سردارى ... هم در سران روى كه در سر دارى
وفى الآية اشارة الى ان الغضب فى الله من الفضائل لامن الرذائل وعن سماك ابن الفضل قال كنا عند عروة بن محمد وعنده وهب بن منبه فجاء قوم فشكوا عاملهم واثبتوا على ذلك فتناول وهب عصا كانت فى يد عروة فضرب بها رأس العامل حتى أدماه فاستهانها عروة وكان حليما وقال يعيب علينا ابو عبد الله الغضب وهو يغضب فقال وهب ومالى لا اغضب وقد غضب الذي خلق الأحلام ان الله يقول فلما آسفونا إلخ وفيها اشارة ايضا الى ان اغضاب أوليائه اغضابه تعالى حتى قالوا فى آسفونا آسفوا رسلنا وأولياءنا أضاف الايساف الى نفسه إكراما لهم قال ابو عبد الله الرضى ان الله لا يأسف كأسفنا ولكن له اولياء يأسفون ويرضون فجعل رضاهم رضاه وغضبهم غضبه فيتنقم لأوليائه من أعدائه كما اخبر فى حديث ربانى من عادى لى وليا فقد بارزني بالحرب وانى لا غضب لأوليائى كما يغضب الليث الجريء لجروه قال فى التأويلات النجمية هذا اصل فى باب الجمع أضاف لميساف أوليائه الى نفسه وفى الخبر انه يقول مرضت فلم تعدنى وقال فى صفة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من يطع الرسول فقد أطاع الله وفى عرائس البقلى فلما قاموا على دعاويهم الباطلة وكلماتهم المزخرفة وبدعهم البادرة وأصروا على أذى أوليائنا واحبائنا غضبنا وسلطنا عليهم جنود قهرياتنا وأمتناهم فى اودية الجهالة وأغرقناهم فى بحار الغفلة وجردنا قلوبهم عن أنوار المعرفة وطمسنا أعين أسرارهم حتى لا يرو الطائف برنا على أوليائنا قال سهل لما أقاموا مصرين على المخالفة فى الأوامر واظهار البدع فى الدين وترك السنن اتباعا للآراء والأهواء والعقول نزعنا نور المعرفة من قلوبهم وسراج التوحيد من أسرارهم ووكلناهم الى ما اختاروه فضلوا وأضلوا ومن الله الهداية لموافقة السنة ومنه المنة وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ اى عيسى مَثَلًا اى ضربه عبد الله بن الزبعرى السهمي كان من مردة قريش قبل ان يسلم قال فى القاموس الزبعرى بكسر الزاى وفتح الباء والراء والد عبد الله الصحابي القرشي الشاعر انتهى ومعنى ضربه مثلا اى جعله مثالا ومقياسا فى بيان ابطال ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من كون معبودات الأمم دون الله حصب جهنم الآية قرأه على قريش فامتعضوا من ذلك امتعاضا شديدا اى غضبوا وشق عليهم ذلك فقال ابن الزبعرى بطريق الجدال هذا لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم فقال عليه السلام هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم فقال خصمتك ورب لكعبة أليست النصارى يعبدون المسيح واليهود عزيرا وبنوا مليح الملائكة فان كان هؤلاء فى النار فقد رضينا ان نكون نحن وآلهتنا معهم ففرح به قومه وضحكوا وارتفعت أصواتهم وذلك قوله تعالى إِذا قَوْمُكَ آنگاه قوم تو مِنْهُ اى من ذلك المثل اى لاجله وسببه يَصِدُّونَ اى يرتفع لهم جلبة وضجيج فرحا وجذلا لظنهم ان الرسول صار ملزما به قال فى القاموس صد يصد ويصد صديدا ضج كما قال فى تاج المصادر الصديد بانك كردن والغابر يفعل ويفعل معا واما الصدود فبمعنى الاعراض يقال صد عنه صدودا اى اعرض وفلانا عن كذا(8/381)
وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60)
صدا منعه وصرفه كأصده كما قال فى التاج الصد بگردانيد والصد والصدود بكشتن وَقالُوا اى قومك آلِهَتُنا خَيْرٌ اى عندك فان آلهتهم خير عندهم من عيسى أَمْ هُوَ اى عيسى اى ظاهر أن عيسى خير من آلهتنا فحيث كان هو فى النار فلا بأس بكوننا مع آلهتنا فيها (روى) ان الله تعالى انزل قوله تعالى جوابا ان الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون يدل على ان قوله وما يعبدون من دون الله خاص بالأصنام وروى انه عليه السلام رد على بن الزبعرى بقوله ما أجهلك بلغة قومك اما فهمت ان ما لما لا يعقل فيكون ان الذين سبقت إلخ لدفع احتمال المجاز لا لتخصيص العام المتأخر عن الخطاب وفى هذا الحديث تصريح بأن ما موضوع لغير العقلاء لا كما يقول جمهور العلماء انه موضوع على العموم للعقلاء وغيرهم كما فى بحر العلوم وقد بين عليه السلام ايضا بقوله بل هم عبدوا الشياطين التي امرتهم بذلك ان الملائكة والمسيح وعزيرا بمعزل عن ان يكونوا معبوديهم كما نطق به قوله تعالى سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن وانما أظهروا الفرح ورفع الأصوات من أول الأمر لمحض وقاحتهم وتهالكهم على المكابرة والعناد كما ينطق به قوله تعالى ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا الجدل قتل الخصم عن قصده لطلب صحة قوله وابطال غيره وهو مأمور به على وجه الانصاف واظهار الحق بالاتفاق وانتصاب جدلا على انه مفعول له للضرب اى ما ضربوا لك ذلك المثل الا لاجل الجدال والخصام لا لطلب الحق حتى يذعنوا له عند ظهوره ببيانك قال بعض الكبار إن قال عليه السلام آلهتكم خير من عيسى فقد أقر بأنها معبودة وان قال عيسى خير من آلهتكم فقد أقر بأن عيسى يصلح لان يعبد وان قال ليس واحد منهم خيرا فقد نفى عيسى فراموا بهذا السؤال ان يجادلوه ولم يسألوه للاستفادة فبين الله ان جدالهم ليس لفائدة انما هو لخصومة نفس الإنسان فقال بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ اى لد شداد الخصومة بالباطل مجبولون على اللجاج والخلاف كما قال الله تعالى وكان الإنسان اكثر شىء جدلا وذلك لانهم قد علموا ان المراد من قوله وما يعبدون من دون الله هؤلاء الأصنام بشهادة المقام لكن ابن الزبعرى لما رأى الكلام محتملا للعموم بحسب الظاهر وجد مجالا للخصومة وفى الحديث ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا أتوا الجدل ثم قرأ ما ضربوه لك الآية إِنْ هُوَ اى ما هو اى ابن مريم وهو عيسى إِلَّا عَبْدٌ مربوب أَنْعَمْنا عَلَيْهِ بفضلنا عليه بالنبوة او بخلقه بلا اب او بقمع شهوته لا ابن الله والعبد لا يكون مولى وآلها كالاصنام وقال يحيى ابن معاذ رحمه الله أنعمنا عليه بأن جعلنا ظاهره اماما للمريدين وباطنه نور القلوب العارفين وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ اى امرا عجيبا حقيقا بأن يسير ذكره كالامثال السائرة قال بعض الكبار عبرة يعتبرون به بأن يسارعوا فى عبوديتنا طمعا فى إنعامنا عليهم وكل عبد منعم عليه اما نبى او ولى وَلَوْ نَشاءُ لو للمضى وان دخل على المضارع ولذا لا يجزمه ويتضمن لو معنى الشرط اى قدرنا بحيث لو نشاء لَجَعَلْنا اولدنا اى لخلقنا بطريق التوالد مِنْكُمْ وأنتم رجال من الانس ليس من شأنكم الولادة كما ولد حواء من آدم وعيسى من غير أب وان لم تجر العادة مَلائِكَةً(8/382)
كما خلقناهم بطريق الإبداع فِي الْأَرْضِ مستقرين فيها كما جعلناهم مستقرين فى السماء يَخْلُفُونَ يقال خلف فلان فلانا إذا قام بالأمر عنه اما معه واما بعده اى يخلفونكم ويصيرون خلفاء بعدكم مثل أولادكم فيما تأتون وتذرون ويباشرون الا فاعيل المنوطة بمباشرتكم مع ان شأنهم التسبيح والتقديس فى السماء فمن شأنهم بهذه المثابة بالنسبة الى القدرة الربانية كيف يتوهم استحقاقهم للمعبودية او انتسابهم اليه بالولادة يعنى ان الملائكة مثلكم فى الجسمية واحتمال خلقها توليدا لما ثبت انها أجسام وان الأجسام متماثلة فيجوز على كل منها ما يجوز على الآخر كما جاز خلقها ابداعا وذات القديم الخالق لكل شىء متعالية عن مثل ذلك فقوله ولو نشاء إلخ لتحقيق ان مثل عيسى ليس ببدع من قدرة الله وانه تعالى قادر على أبدع من ذلك وهو توليد الملائكة من الرجال مع التنبيه على سقوط الملائكة ايضا من درجة المعبودية قال سعدى المفتى لجعلنا منكم اى ولدنا بعضكم فمن للتبعيض
وملائكة نصب على الحال والظاهر ان من ابتدائية اى نبتدىء التوليد منكم من غير أم عكس حال عيسى عليه السلام والتشبيه به على الوجهين فى الكون على خلاف العادة وجعل بعضهم من للبدل يعنى شما را إهلاك كنيم وبدل شما ملائكة آريم كه ايشان در زمين از پى درآيند شما را يعمرون الأرض ويعبدوننى كقوله تعالى ان يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد فتكون الآية للتوعد بالهلاك والاستئصال ولا يلائم المقام وفى الآية اشارة الى ان الإنسان لو أطاع الله تعالى لأنعم الله عليه بأن جعله متخلقا بأخلاق الملائكة ليكون خليفة الله فى الأرض بهذه الأخلاق ليستعد بها الى ان يتخلق بأخلاق الله فانها حقيقة الخلافة (حكى) ان هاروت وماروت لما أنكرا على ذرية آدم اتباع الهوى والظلم والقتل والفساد وقالا لو كنا بدلا منهم خلفاء الأرض ما نفعل مثل ما يفعلون فالله تعالى أنزلهما الى الأرض وخلع عليهما لباس البشرية وأمرهما ان يحكما بين الناس بالحق ونهاهما عن المناهي فصدر عنهما ما صدر فثبت ان الإنسان مخصوص بالحلافة وقبول فيضان نور الله فلو كان للملائكة هذه الخصوصية لم يفتتنا بالأوصاف المذمومة الحوانية السبعية كما ان الأنبياء عليهم السلام معصومون من مثل هذه الآفات والأخلاق وان كانت لازمة لصفاتهم البشرية ولكن بنور التجلي تنور مصباح قلوبهم واستنار بنور قلوبهم جميع مشكاة جسدهم ظاهرا وباطنا وأشرقت الأرض بنور ربها فلم يبق لظلمات هذه الصفات مجال الظهور مع استعلاء النور وبهذا التجلي المخصوص بالإنسان يتخلق الإنسان بالأخلاق الالهية فيكون فوق الملائكة ثم ان الإنسان وان لم يتولد منه الملائكة ظاهرا لكنه قد تولدت منه باطنا على وجهين أحدهما ان الله تعالى خلق من أنفاسه الطيبة وأذكاره الشريفة واعماله الصالحة ملائكة كما روى عن رفاعة بن رافع رضى الله عنه قال كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده فقال رجل وراءه ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال من المتكلم آنفا قال الرجل انا قال لقد رايت بضعا وثلاثين ملكا يبتدر ونها أيهم يكتب اولا وسره هو أن مجموع حروف هذه الكلمات الذي ذكره الرجل وراء النبي عليه السلام ثلاثة وثلاثون حرفا لكل حرف روح(8/383)
وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62) وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (66)
هو المثبت له والمبقى لصورة ما وقع النطق به فبالارواح الصور تبقى وبنيات العمال وتوجهات نفوسهم ومتعلقات هممهم التابعة لعلومهم واعتقاداتهم ترتفع حيث منتهى همة العامل هر كسى از همت والاى خويش سود برد در خور كالاى خويش والثاني ان الإنسان الكامل قد تتولد منه الأولاد المعنوية التي هى كالملائكة فى المشرب والأخلاق بل فوقهم فان استعداد الإنسان أقوى من استعداد الملك وهؤلاء الأولاد يخلفونه متسلسلين الى اخر الزمان بأن يتصل النفس النفيس من بعضهم الى بعض الى آخر الزمان وهى السلسلة المعنوية كما يتصل به النطفة من بعض الناس الى بعض الى قيام الساعة وهى السلسلة الصورية وكما ان عالم الصورة باق ببقاء أهله وتسلسله فكذا عالم المعنى وَإِنَّهُ اى وان عيسى عليه السلام بنزوله فى آخر الزمان لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ شرط من أشراطها يعلم به قربها وتسميته علما لحصوله به فهى على المبالغة فى كونه مما يعلم به فكأنه نفس العلم بقربها او ان حدوثه بغير أب او إحياءه الموتى دليل على صحة البعث الذي هو معظم ما ينكره الكفرة من الأمور الواقعة فى الساعة وفى الحديث ان عيسى ينزل على ثنبة بالأرض المقدسة يقال لها أفيق وهو كأمير قرية بين حوران والغور وعليه ممصرتان يعنى ثوبين مصبوغين بالأحمر فان المصر الطين الأحمر والممصر المصبوغ به كما فى القاموس وشعر رأسه دهين وبيده حربة وبها يقتل الدجال فيأتى بيت المقدس والناس فى صلاة الصبح وفى رواية فى صلاة العصر فيتأخر الامام فيقدمه عيسى ويصلى خلفه على شريعة محمد عليه السلام ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ويخرب البيع والكنائس ويقتل النصارى الا من آمن به وفى الحديث الأنبياء أولاد علات وانا اولى الناس بعيسى بن مريم ليس بينى وبينه نبى وانه أول ما ينزل يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويقاتل على الإسلام ويخرب البيع والكنائس وفى الحديث ليوشكن ان ينزل فيكم ابن مريم حكما وعدلا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتهلك فى رمانه الملل كلها الا الإسلام دل آخر الحديث على ان المراد بوضع الجزية تركها ورفعها عن الكفار بأن لا يقبل الا الإسلام صرح بذلك النووي ولعل المراد بالكسر والقتل المذكورين ليس حقيقتهما بل ازالة آثار الشرك عن الأرض وفى صحيح مسلم فبينما هو يعنى المسيح الدجال إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء بشرقى دمشق بين مهرودتين يعنى ثوبين مصبوغين بالهرد بالضم وهو طين احمر واضعا كفيه على اجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر يعنى چون سر در پيش افكند قطرات از رويش ريزان كردد وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ يعنى چون سر بالا كند قطرها بر روى وى چون مرواريد روان شود فلا يحل بكافر يجد ريح نفسه إلا مات يعنى نفس بهر كافر كه رسد بميرد ونفسه حين ينتهى طرفه يعنى بر هر جا كه چشم وى افتد نفس وى برسد فيطلبه اى الدجال حتى يدركه بباب لدقيقتله قال فى القاموس لد بالضم قرية بفلسطين بقتل عيسى عليه السلام الدجال عند بابها انتهى وآنكه يأجوج ومأجوج بيرون آيند وعيسى عليه السلام ومؤمنان بكوه طور برود وآنجا متحصن كردد ويجتمع عيسى والمهدى فيقوم عيسى بالشريعة والامامة والمهدى بالسيف والخلافة فعيسى خاتم الولاية المطلقة كما ان المهدى خاتم الخلافة المطلقة(8/384)
وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62) وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63)
وفى شرح العقائد ثم الأصح ان عيسى يصلى بالناس ويؤمهم ويقتدى به المهدى لانه أفضل منه فامامته اولى من المهدى لان عيسى نبى والمهدى ولى ولا يبلغ الولي درجة النبي يقول الفقير فيه كلام لان عيسى عليه السلام لا ينزل بالنبوة فان زمان نبوته قد انقضى وقد ثبت انه لا تبى بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا مشرعا كأصحاب الكتب ولا متابعا كأنبيا بنى إسرائيل وانما ينزل على شريعتنا وعلى انه من هذه الامة لكن للغيرة الالهية يؤم المهدى ويقتدى به عيسى لان الاقتداء به اقتداء بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقد صح ان عيسى اقتدى بنبينا ليلة المعراج فى المسجد الأقصى مع صائر الأنبياء فيجب ان يقتدى بخليفته ايضا لانه ظاهر صورته الجمعية الكمالية فَلا تَمْتَرُنَّ بِها فلا تشكن فى وقوعها وبالفارسية پس شك مكنيد وجدل منماييد بآمدن قيامت والامتراء المحاجة فيما فيه مرية وَاتَّبِعُونِ اى واتبعوا هداى وشرعى او رسولى هذا الذي أدعوكم اليه وهو الاتباع صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ موصل الى الحق وقال الحسن الضمير فى وانه لعلم للقرءآن لما فيه من الاعلام بالساعة والدلالة عليها فيكون هذا ايضا اشارة الى القرآن وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ اى لا يمنعنكم الشيطان ولا يصرفنكم عن صراط اتباعى إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ بين العداوة حيث اخرج أباكم من الجنة ونزع عنه لباس النور وعرضكم للبلية (وحكى) انه لما خرج آدم عليه السلام من الجنة قال إبليس أخرجته من الجنة بالوسوسة فما أفعل به الآن فذهب الى السباع والوحوش فأخبرهم بخبر آدم وما يولد منه حتى قالت الوحوش والسباع ما التدبير فى ذلك قال ينبغى ان تقتلوه وقتل واحد أسهل من قتل ألف فأقبلوا الى آدم وإبليس امامهم فلما رأى آدم ان السباع قد أقبلت اليه رفع يده الى السماء وتضرع الى الله فقال الله يا آدم امسح بيدك على رأس الكلب فمسح فكر الكلب على السباع والوحوش حتى هزمها ومن ذلك اليوم صار الكلب عدوا للسباع التي هى اعداء لآدم ولاولاده وأصله ان إبليس بصق على آدم حين كان طينا فوقع بصاقه على موضع سرته فأمر الله جبريل حتى قور ذلك الموضع فخلق من الفوارة الكلب ولذا أنس بآدم وصار حاميا له ويقال المؤمن بين خمسة اعداء مؤمن يحسده ومنافق يبغضه وعدو يقتله ونفس تغويه وشيطان يضله قال بعض الكبار لما كان تصرف النفس فى الصد عن صراط المتابعة أقوى من الشيطان كانت أعدى الأعداء وقال بعضهم هر آن دشمن كه با وى احسان كنى دوست كردد مكر نفس را كه چندان كه مدارا پيش كنى مخالفت زياده كند مراد هر كه بر آرى مطيع امر تو شد خلاف نفس كه كردن كشد چويافت مراد وَلَمَّا جاءَ عِيسى وآن هنكام كه عيسى آمد بِالْبَيِّناتِ اى بالمعجزات الواضحة او بآيات الإنجيل او بالشرائع قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ آمدم شما را ويا آوردم شما را بِالْحِكْمَةِ اى الإنجيل او الشريعة لأعملكم إياها وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ وهو ما يتعلق بامور الدين واما ما يتعلق بامور الدنيا فليس بيانه من وظائف الأنبياء كما قال عليه السلام أنتم اعلم بامور دنياكم وفى الاسئلة المقحمة كيف قال بعض وانما بعث ليبين الكل والجواب قال ابن عباس رضى الله عنهما ان البعض هاهنا بمعنى الكل وكذا قال فى عين المعاني الأصح ان البعض يراد به الكل كعكسه فى قوله ثم اجعل على كل جبل(8/385)
إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (66)
منهن جزأ وقال بعض أهل المعاني كانوا يسألون عن أشياء لا فائدة فيها فقال ولأبين لكم إلخ يعنى أجيبكم عن الاسئلة التي لكم فيها فوائد وفى الاية اشارة الى ان الأنبياء كما يجيئون بالكتاب من عند الله يجيئون بالحكمة مما آتاهم كما قال ويعلمهم الكتاب والحكمة ولذا قال ولأبين لكم إلخ لان البيان عما يختلفون فيه هو الحكمة فَاتَّقُوا اللَّهَ فى مخالفتى وَأَطِيعُونِ فيما أبلغه عنه تعالى فان طاعتى طاعة الحق كما قال من يطع الرسول فقد أطاع الله إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ فخصوه بالعبادة والتوحيد وهو بيان لما أمرهم بالطاعة فيه وهو اعتقاد التوحيد والتبعد بالشرائع هذا اى التوحيد والتعبد بالشرائع صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ لا يضل سالكه وفى التأويلات النجمية فاعبدوه اى لا تعبدونى فانى فى العبودية شريك معكم وانه متفرد بربوبيته إيانا هذا صراط مستقيم ان تعبده جميعا فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ جمع حزب بالكسر بمعنى جماعة الناس اى فاختلف الفرق المتحزية والتحزب كروه كروه شدن يقال حزب قومه فتحزبوا اى جعلهم فرقا وطوائف فكانوا كذلك والمراد اختلافهم بعد عيسى عليه السلام بثلاث مائة سنة لا فى حياته لانهم أحدثوا بعد رفعه مِنْ بَيْنِهِمْ اى من بين من بعث إليهم من اليهود والنصارى يعنى تحزب اليهود والنصارى فى امر عيسى عليه السلام فقالت اليهود لعنهم الله زنت امه فهو ولد الزنى وقال بعض النصار عيسى هو الله وبعضهم ابن الله وبعضهم الله وعيسى وامه آلهة وهو ثالث ثلاثة وفى التأويلات النجمية يعنى قومه تحزبوا عليه حزب آمنوا به انه عبد الله ورسوله وحزب آمنوا به انه ثالث ثلثة فعبدوه بالالوهية وحزب اتخذوه ولد الله وابنا له تعال الله عما يقول الظالمون وحزب كفروا به وجحدوا نبوته وظلموا عليه وأرادوا قتله فقال الله تعالى فى حق الظالمين المشركين فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا من المختلفين واقام المظهر مقام المضمر تسجيلا عليهم بالظلم من عذاب يوم أليم هو يوم القيمة والمراد يوم اليم العذاب كقوله فى يوم عاصف اى عاصف الريح هَلْ يَنْظُرُونَ اى ما ينتظر الناس إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ اى الا إتيان الساعة فهو بدل من الساعة ولما كانت الساعة تأتيهم لا محالة كانوا كأنهم ينتظرونها بَغْتَةً انتصابها على المصدر أي إتيان بغتة وبالفارسية ناكاه والبغت مفاجاة الشيء من حيث لا يختسب كما فى المفردات قال فى الإرشاد فجاة لكن لا عند كونهم مترقبين لها بل غافلين عنها مشتغلين بامور الدنيا منكرين لها وذلك قوله تعالى وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بإتيانها فيبجازى كل الناس على حسب أعمالهم فلا تؤدى بغتة مؤدى قوله وهم لا يشعرون حتى لا يستغنى بها غنه لانه ربما يكون إتيان الشيء بغتة مع الشعور بوقوعه والاستعداد له لانه إذا لم يعرف وقت مجيئه ففى اى وقت جاء اتى بغتة وربما يجيىء والشخص غافل عنه منكر له والمراد هنا هو الثاني فلذا وجب تقييد إتيان الساعة بمضمون الجملة الحالية فعلى العاقل الخروج عن كل ذنب والتوبة لكل جريمة قبل أن يأتى يوم أليم عذابه وهو يوم الموت فان ملائكة العذاب ينزلون فيه على الظالمين ويشددون عليهم حتى تخرج أرواحهم الخبيثة باشد العذاب وفى الحديث ما من مؤمن الا وله كل يوم صحيفة جديدة فاذا طويت وليس فيها استغفار طويت وهى سوداء مظلمة وإذا طويت وفيها استغفار طويت ولها نور يتلالا ومن(8/386)
الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71)
كلمة الاستغفار يخلق الله تعالى ملائكة الرحمة فيسترحمون له ويستغفرون واعلم ان القيامة ثلاث الكبرى وهو حشر الأجساد والسوق الى المحشر للجزاء والقيامة الصغرى وهى موت كل أحد كما قال عليه السلام من مات فقد قامت قيامته ولذا جعل القبر روضة من رياض الجنان او حفرة من حفر النيران والقيامة الوسطى وهى موت جميع الخلائق وقيام هذه الوسطى لا يعلم وقته يقينا وانما يعلم بالعلامات المنقولة عن الرسول عليه السلام مثل ان يرفع العلم ويكتر الجهل والزنى وشرب الخمر ويقل المرجال ويكثر النساء حتى يكون لخمسين امراة القيم الواحد وعن على رشى الله عنه يأتى على الناس زمان لا يبقى من الإسلام الا اسمه ولا من الدين الا رسمه ولا من القرآن الا درسه يعمرون مساجدهم وهى خراب عن ذكر الله شر أهل ذلك الزمان علمأؤهم منهم تخرج الفتنة وإليهم تعود (قال الشيخ سعدى)
كر همه علم عالمت باشد ... بى عمل مدعى وكذابى
(وقال)
عالم ناپرهيزكار كوريست مشعله دار
يعنى يهدى به ولا يهتدى فنعوذ بالله من علم بلا عمل (الْأَخِلَّاءُ) جمع خليل بالفارسية دوست والخلة المودة لانها تتخلل النفس اى تتوسطها اى المتحابون فى الدنيا على الإطلاق او فى الأمور الدنيوية يَوْمَئِذٍ يوم إذ تأتيهم الساعة وهو ظرف لقوله عدو والفصل بالمبتدأ غير مانع والتنوين فيه عوض عن المضاف اليه بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ لانقطاع ما بينهم من علائق الخلة والتحاب لظهور كونها أسبابا بالعذاب إِلَّا الْمُتَّقِينَ فان خلتهم فى الدنيا لما كانت فى الله تبقى على حالها بل تزداد بمشاهدة كل منهم آثار الخلة من الثواب ورفع الدرجات والاستثناء على الاول متصل وعلى الثاني منقطع (قال الكاشفى) كافران كه دوستىء ايشان براى معاونت بوده بر كفر معصيت با همه دشمن شوند كه ويلعن بعضهم بعضا ومؤمنان كه محبت ايشان براى خداى تعالى بوده دوستىء ايشان مجانا باشد تا يكديكر را شفاعت كنند ودر تأويلات كاشفى مذكور است كه خلت چهار نوع مى باشد خلت تامه حقيقيه كه محبت روحانيه است وآن مستند بود به تناسب أرواح وتعارف آن چون محبت انبيا وأوليا واصفيا وشهدا با يكديكر دوم محبت قلبيه واستناد اين به تناسب أوصاف كامله واخلاق فاضله است چون محبت صلحا وابرار با هم ودوستىء امم با انبيا وأرادت مريدان بمشايخ واين دو نوع از محبت خلل پذير نيست نه در دنيا نه در آخرت ومثمر فوائد نتائج صورى ومعنويست سوم محبت عقليه كه مستند است بتحصيل اسباب معاش وتيسير مصالح دنيويه چون محبت تجار وصناع ودوستى خدام با مخاديم وارباب حاجات باغنيا چهارم محبت نفسانيه واستناد آن بلذات حسيه ومشتهيات نفسيه پس در قيامت كه اسباب اين دو نوع از محبت قانى وزائل باشد آن محبت نيز زوال پذيرد بلكه چون متمنىء وجود نكيرد وغرض وغايت بحصول نه پيوندد آن دوستى به دشمنى مبدل شود
دوستىء كان غرض آميز شد ... دوستىء دشمنى انگيز شد
مهر كه از هر غرضى كشت پاك ... راست چوخورشيد شود تابناك
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل خلة وصداقة تكون فى الدنيا مبنية على الهوى والطبيعة الانسانية تكون فى الاخرة عداوة يتبرأ بعضهم من بعض والأخلاء فى الله خلتهم باقية الى الابد وينتفع بعضهم من بعض(8/387)
يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68)
ويشفع بعضهم فى بعض ويتكلم بعضهم فى شأن بعض وهم المتقون الذين استثناهم وشرائط الخلة فى الله ان يكونوا متحابين فى الله محبة خالصة لوجه الله من غير شوب بعلة دنيوية هوائية متعاونين فى طلب الله ولا يجرى بينهم مداهنة فيقدر ما يرى بعضهم فى بعض من صدق الطلب والجد والاجتهاد يساعده ويوافقه ويعاونه فاذا علم منه شيأ لا يرضاه الله تعالى لا يرضاه من صاحبه ولا يداريه فقد قيل المداراة فى الطريقة كفر بل ينصحه بالرفق والموعظة الحسنة فاذا عاد الى ما كان عليه وترك ما تجدد لديه يعود الى صدق مودته وحسن صحبته كما قال الله تعالى وان عدتم عدنا
هنوزت از سر صلحست باز آي ... كزان محبوبتر باشى كه بودى
وقال على بن ابى طالب رضى الله عنه فى هذه الآية كان خليلان مؤمنان وخليلان كافر ان فمات أحد المؤمنين فقال يا رب ان فلانا كان يأمرنى بطاعتك وطاعة رسولك ويأمرنى بالخير وينهانى عن الشر ويخبرنى انى ملاقيك يا رب فلا تضله بعدي واهده كما هديتنى وأكرمه كما أكرمتني فاذا مات خليله المؤمن جمع بينهما اى بين أرواحهما فيقول كل واحد منهما لصاحبه نعم الأخ ونعم الصاحب فيثنى عليه خيرا قال ويموت أحد الكافرين فيقول يا رب ان فلانا كان ينهانى عن طاعتك وطاعة رسولك ويأمرنى بالشر وينهانى عن الخير ويخبرنى انى غير ملاقيك فلا تهده بعدي واضلله كما أضللتني وأهنه كما أهنتني فاذا مات خليله الكافر جمع بينهما فيقول كل واحد منهما لصاحبه بئس الأخ وبئس الخليل فيثنى عليه شرا وفى الحديث ان الله يقول يوم القيامة ابن المتحابون بجلالي اليوم أظلهم فى ظلى يوم لا ظل إلا ظلي وفى رواية اخرى المتحابون فى اى فى الله بجلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء وقال ابن عباس رضى الله عنهما أحب لله وأبغض لله ووال لله وعاد لله فانه انما ينال ما عند الله بهذا ولن ينفع أحدا كثرة صومه وصلاته وحجه حتى يكون هكذا وقد صار الناس اليوم يحبون ويبغضون للدنيا ولن ينفع ذلك اهله ثم قرأ الآية وقد ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار بعد قدومه الى المدينة وقال كونوا فى الله إخوانا اى لا فى طريق الدنيا والنفس والشيطان وقال الصديق رضى الله عنه من ذاق خالص محبة الله منعه ذلك من طلب الدنيا واوحشه ذلك من جميع البشر اگر كسى را دوست دارد از مخلوقات از آنست كه وى بحق تعالى تعلقى دارد يا از روى دوستى با حق مناسبتى دارد
وما عمدى بحب تراب ارض ... ولكن ما يحل به الحبيب
قال عبيد بن عمر كان لرجل ثلاثة اخلاء بعضهم أخص به من بعض فنزلت به نازلة فلقى أخص الثلاثة فقال يا فلان انه قد نزل بي كذا وكذا وانى أحب ان تعيننى قال له ما انا بالذي أعينك وأنفعك فانطلق الى الذي يليه فقال له انا معك حتى إذا بلغت المكان الذي تريده رجعت وتركتك فانطلق الى الثالث فقاله انا معك حيث ما كنت ودخلت قال فالاول ما له والثاني أهله وعشيرته والثالث عمله
بشهر قيامت مرو تنكدست ... كه وجهى ندارد بحسرت نشست
كرت چشم وعقلست تدبير كور ... كنون كن كه چشمت نخور دست مور
يا عِبادِ اى(8/388)
الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71)
يا عبادى ولفظ العباد المضاف الى الله مخصوص بالمؤمنين المتقين اى يقال للمتقين يوم القيامة تشريفا وتطييبا لقلوبهم يا عبادى لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ من إلقاء المكاره وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ من فوت المقاصد كما يخاف ويحزن غير المتقين وقال ابن عطاء لا خوف عليكم اليوم اى فى الدنيا من مفارقة الايمان ولا أنتم تحزنون فى الآخرة بوحشة البعد وذلك لان خواص العباد يبشرهم ربهم بالسلامة فى الدنيا والآخرة كما دل عليه قوله تعالى لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ولكنهم مأمورون بالكتمان وعلمهم بسلامتهم يكفى لهم ولا حاجة بعلم غيرهم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من اعتقه الله من رق المخلوقات واختصه بشرف عبوديته فى الدنيا لا خوف عليه يوم القيامة من شىء يحجبه عن الله ولا يحزن على مافاته من نعيم الدنيا والآخرة مع استغراقه فى لجج بحر المعارف والعواطف الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا صفة للمنادى وَكانُوا مُسْلِمِينَ حال من الواو او عطف على الصلة او مخلصين وجوهم لنا جاعلين أنفسهم سالمة لطاعتنا عن مقاتل إذا بعث الله الناس فزع كل أحد فينادى مناد يا عبادى فترفع الخلائق رؤسهم على الرجاع ثم يتبعها الذين آمنوا الآية فينكس اهل الأديان الباطلة رؤسهم وفى التأويلات النجمية وكانوا مسلمين فى البداية لاوامره ونواهيه فى الظاهر وفى الوسط مسلمين لآداب الطريقة على وفق الشريعة بتأديب أرباب الحقيقة فى تبديل الأخلاق فى الباطن وفى النهاية مسلمين للاحكام الازلية والتقديرات الالهية وجريان الحكم ظاهرا وباطنا فى الإخراج من من ظلمة الوجود المجازى الى نور الوجود الحقيقي انتهى ثم فى الآية اشارة الى الايمان بالآيات التنزيلية والتكوينية ايمانا عيانيا وحقيقة الإسلام انما تظهر بعد العيان فى الايمان ثم إذا حصل الايمان الصفاتى وهو الايمان بالآيات يترقى السالك الى الايمان بالله الذي هو الايمان الذاتي فاعرف جدا ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ نساؤكم المؤمنات حال كونكم تُحْبَرُونَ تسرون سرورا يظهر حباره اى أثره على وجوهكم او تزينون من الحبرة وهو حسن الهيئة قال الراغب الحبر الأثر المستحسن ومنه ما روى يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره اى جماله وبهاؤه والحبر العالم لما يبقى من أثر علومه فى قلوب الناس من آثار أفعاله الحسنة المقتدى بها قال فى القاموس الحبر بالكسر الأثر او أثر النعمة والحسن والوشي وبالفتح السرور وحبره سره والنعمة والحبرة بالفتح السماء فى الجنة وكل نغمة حسنة وقد مر فى سورة الروم ما يتعلق بالسماع عند قوله تعالى فهم فى روضة يحبرون وفى التأويلات النجمية ادخلوا جنة الوصال أنتم وأمثالكم فى الطلب تتنعمون فى رياض الانس يُطافُ عَلَيْهِمْ اى على العباد المؤمنين بعد دخولهم الجنة وبالفارسية بگردانند بر سر ايشان يدار بأيدى الغلمان والولدان والطائف الخادم ومن يدور حول البيوت حافظا والاطافة كالطوف والطواف كرد چيزى در آمدن يعنى بكشتن بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ كاساتهن جمع صحفة كجفان جمع جقنة وهى القصعة العريضة الواسعة قال مجاهد اى أواني مدورة الأفواه قال السدى اى ليست لها أذان والمراد قصاع فيها طعام وَأَكْوابٍ من ذهب فيها شراب وبالفارسية وكوزهاى بى دست وبى گوشه پر از اصناف شراب جمع كوب وهو كوز لا عروة له ولاخرطوم ليشرب الشارب من حيث شاء(8/389)
قال سعدى المفتى قللت الأكواب وكترت الصحاف اى كما دل عليهما الصيغة لان المعهود قلة أواني الشرب بالنسبة الى أواني الاكل وعن ابن عباس رضى الله عنه يطاف بسبعين الف صحقة من ذهب فى كل صحفة سبعون ألف لون كل لون له طعم وهذا لأسفل درجة واما الأعلى فيؤتى بسبعمائة ألف صحفة كما فى عين المعاني وَفِيها اى فى الجنة ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ من فنون الملاذ والمشتهيات النفسانية كالمطاعم والمشارب والمناكح والملابس والمراكب ونحو ذلك قال فى الاسئلة المقحمة اهل الجنة هل يعطيهم الله جميع ما يسألونه وتشتهى أنفسهم ولو اشتهت نفوسهم شيأ من مناهى الشريعة كيف يكون حاله والجواب معنى الآية ان نعيم الجنة كله مما تشتهيه الأنفس وليس فيها ما لا تشتهيه النفوس ولا تصل اليه وقد قيل يعصم الله اهل جنة من شهوة محال او منهى عنه يقول الفقير دل هذا على انه ليس فى الجنة اللواطة المحرمة فى جميع الأديان والمذاهب ولو فى دبر امرأته فان
الامام مالكا رحمه الله رجع عن تجويز اللواطة فى دبر امرأته فليس فيها اشتهاء اللواطة لكونها مخالفة للحكمة الالهية وقد جوزها بعضهم فى شرح الأشباح وغلط فيه غلطا فاحشا وقد بيناه فى قصة لوط واما الخمر فليست كاللواطة لكونها حلالا على بعض الأمم والحاصل انه ليس فى الجنة ما يخالف الحكمة كائنا ما كان ولذا تستتر فيها الأزواج عن غير محارمهن وان كان لا حل ولا حرمة هناك وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ يقال لذذت الشيء بالكسر لذاذا ولذاذة اى وجدته لذيذا والمعنى تستلذه الأعين وتقر بمشاهدته قال سعدى المفتى هذا من باب تنزل الملائكة والروح تعظيما لنعيمها فان منه النظر الى وجهه الكريم انتهى فهذا النظر هو اللذة الكبرى قال جعفر شتان بين ما تشتهى الأنفس وبين ما تلذ الأعين لان ما فى الجنة من النعيم والشهوات واللذات فى جنب ما تلذ الأعين كأصبع يغمس فى بحر لأن شهوات الجنة لها حد ونهاية لانها مخلوقة ولا تلذ الأعين فى الدار الباقية الا بالنظر الى الوجه الباقي الذي لاحد ولا نهاية له در وسيط آورده كه بدين دو كلمه اخبار كرد از جمله نعيم اهل بهشت نعيم رياض جنان يا نصيب نفس است يا بهره عين كذا قال فى كشف الاسرار هذا من جوامع القرآن لانه جمع بهاتين اللفظنين مالو اجتمع الخلق كلهم على وصف ما فيهما على الفصيل لم يخرجوا عنه درويشى فرموده كه اهل نظر ميدانند كه لذت عين در چهـ چيز است ميتوانند بود جمعى را كه غشاؤه اعتزال بر نظر بصيرت ايشان طارى كشته يا لمعات أنوار جمال انكم سترون ربكم بر ايشان پوشيده ماند با ايشان بكوى كه تلذ الأعين عبارت از چيست بر هر صاحب بصيرتى روشن است كه اهل شوق را لذت عين جز بمشاهده جمال محبوب متصور نيست
پرده از پيش برانداز كه مشتاقانرا ... لذت ديده جز از ديدن ديدار تو نيست
امام قشيرى رحمه الله فرموده كه لذت ديدار فراخور اشتياق است عاشق را هر چند كه شوق بيشتر بود لذت ديدار افزونتر باشد واز ذو النون مصرى رحمه الله نقل كرده اند كه شوق ثمره محبت است هركرا دوستى بيشتر شوق بديدار دوست زياده تر ودر زبور آمده كه اى داود بهشت من براى مطيعانست وكفايت من جهت متوكلان وزيادت من براى شاكران وانس من بهره طالبان ورحمت من از ان محبان ومغفرت من براى تائبان ومن خاصه(8/390)
مشتاقانم ألا طال شوق الأبرار الى لقائى وانا لهم أشد شوقا
دلم از شوق تو خونست وندانم چونست ... در درون شوق جمالت ز بيان بيرونست
در دلم شوق تو هر روز فزون ميكردد ... دل شوريده من بين كه چهـ روز افزونست
قال بعض الكبار وفيها ما تشتهى انفس ارباب المجاهدات والرضايات لما قاسوا فى الدنيا من الجوع والعطش وتحملوا وجوه المشاق فيمتازون فى الجنة بوجوه من الثواب ويقال لهم كلوا من ألوان الاطعمة فى صحاف الذهب واشربوا من اصناف الاشربة من أكواب الذهب هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية واما ارباب القلوب واهل المعرفة والمحبة فلهم ما تلذ الأعين من النظر الى الله تعالى لطول ما قاسوه من فرط الاشتياق بقلوبهم وبذل الأرواح فى الطلب قومى خدايرا پرستند بر بيم وطمع آنان مزدو رانند در بند پاداش مانده وقومى او را بمهر ومحبت پرستند آنان عارفانند واوحى الله تعالى الى داود عليه السلام يا داود ان أود الأوداء الى من عبدنى لغير نوال ولكن ليعطى الربوبية حقها يا داود من اظلم ممن عبدنى لجنة او نار لو لم اخلق جنة ونارا الم أكن أهلا لأن أطاع ومر عيسى عليه السلام بطائفة من العباد قد نحلوا يعنى از عبادت كداخته بودند وقالوا نخاف النار ونرجوا الجنة فقال مخلوقا خفتم ومخلوقا رجوتم ومر بقوم آخرين كذلك فقالوا نعبده حباله وتعظيما لجلاله فقال أنتم اولياء الله حقا أمرت ان أقيم معكم قال حسن البصري رحمه الله لذاذة شهادة ان لا اله الا الله فى الآخرة كلذاذة الماء البارد فى الدنيا وفى الخبر ان أعرابيا قال يا رسول الله هل فى الجنة ابل فانى أحب الإبل فقال يا أعرابي ان أدخلك الله الجنة أصبت فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك وقال آخر يا رسول الله هل فى الجنة خيل فانى أحب الخيل قال ان أدخلك الله الجنة أصبت فيها فرسا من ياقوتة حمراء تطير بك حيث شئت وفى الحديث ان أدنى اهل الجنة منزلة من ان له سبع درجات وهو على السادسة وفوقه السابعة وان له ثلاثمائة خادم وانه يغدى عليه ويراح فى كل يوم بثلاثمائة صحفة فى كل صحفة لون من الطعام ليس فى الاخرى وانه ليلذ أو له كما يلذ آخره وان له من الاشربة ثلاثمائة اناء فى كل اناء شراب ليس فى الآخر وانه ليلذ أوله كما يلذ آخره وانه ليقول يا رب لو أذنت لى لأطعمت اهل الجنة وسقيتهم ولم ينقص ذلك مما عندى شيأ وان له من الحور العين ثنتين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا وعن ابى ظبية السلمى قال ان اهل الجنة لتظلهم سحابة فتقول ما أمطركم فما يدعو داع من القوم بشىء الا امطرته حتى ان القائل منهم ليقول امطرينا كواعب اترابا وعن ابى امامة قال ان الرجل من اهل الجنة يشتهى الطائر وهو يطير فيقع متفلقا نضيجا فى كفه فيأكل منه حتى تنتهى نفسه ثم يطير ويشتهى الشراب فيقع الإبريق فى يده فيشرب منه ما يريد ثم يرجع الى مكانه واما الرؤية فلها مراتب حسب تفاوت طبقات الرائين وإذا نظروا الى الله نسوا نعيم الجنان فانه أعظم اللذات وفى الخبر اسألك لذة النظر الى وجهك يقول الفقير فى الآية رد على من قال من الفقهاء لو قال ارى الله فى الجنة يكفر ولو قال من الجنة لا يكفر انتهى وذلك لان الحق سبحانه جعل ظرفا للرؤية وانما يلزم الكفر إذا اعتقد أن الجنة ظرف المرئي اى الله ولا يلزم من تقيد رؤية العبد الرائي بالجنة تقيد المعبود المرئي بها ألا ترى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الله فى الدنيا مع ان الله ليس فى الدنيا(8/391)
وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77)
فاعرف وفوقه مجال للكلام لكن لما كانت الرؤية نصيب اهل الشهود لا اهل القيود كان الا وجب طى المقال إذ لا يعرف هذا بالقيل والقال (ع) نداند لذت اين باده زاهد وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ الالتفات للتشريف اى باقون دائمون لا تخرجون ولا تموتون إذ لولا البقاء والدوام لنغص العيش ونقص السرور والاشتهاء واللذة فلم يكن التنعم كاملا والخوف والحسرة زائلا بخلاف الدنيا فانها لفنائها عيشها مشوب بالكدر ونفعها مخلوط بالضرر جز حسرت وندامت وأفسوس روزكار از زندكى اگر ثمرى يافتى بگو وَتِلْكَ مبتدأ اشارة الى الجنة المذكورة الْجَنَّةُ خبره الَّتِي أُورِثْتُمُوها أعطيتموها وجعلتم ورثتها والايراث ميراث دادن بِما الباء للسببية كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا من الأعمال الصالحة والمقصود أن دخول الجنة بمحض فضل الله تعالى ورحمته واقتسام الدرجات بسبب الأعمال والخلود فيها بحسب عدم السيئات شبه جزاء العمل بالميراث لان العامل يكون خليفة العمل على جزائه يعنى يذهب العمل ويبقى جزاؤه مع العامل فكان العمل كالمورث وجزاؤه كالميراث قال الكاشفى جزارا بلفظ ميراث ياد فرمود كه خالص است وباستحقاق بدست آيد وقال ابن عباس رضى الله عنهما خلق الله لكل نفس جنة ونارا فالكافر يرث نار المسلم والمسلم يرث جنة الكافر قال بعضهم قارن ثواب الجنة بالأعمال واخرج المعرفة واللقاء والمحبة والمشاهدة من العلل لانها اصطفائية خاصة ازلية يورثها من يشاء من العارفين الصديقين فالجنة مخلوقة وكذا الأعمال فاعطيت للمخلوق بسبب المخلوق وجعل الرؤية عطاء لا يوازيها شىء لَكُمْ فِيها اى فى الجنة سوى الطعام والشراب فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ بحسب الأنواع والأصناف لا بحسب الافراط فقط والفواكه من أشهى الأشياء للناس وألذها عندهم وأوفقها لطباعهم وأبدانهم ولذلك أفردها بالذكر مِنْها تَأْكُلُونَ اى بعضها تأكلون فى نوبة لكثرتها واما الباقي فعلى الأشجار على الدوام لا ترى فيها شجرة خلت عن ثمرها لحظة فهى مزينة بالثمار ابدا موفرة بها وفى الحديث لا ينزع رجل فى الجنة ثمرة من ثمرها الا نبت مثلاها مكانها فمن تبعيضية والتقديم للتخصيص ويجوز ان تكون ابتدائية وتقدم الجار للفاصلة او للتخصيص كالاول فيكون فيه دلالة على ان كل ما يأكلون للتفكه ليس فيها تفوت إذ لا تحلل حتى يحتاج الى الغذاء ولعل تفصيل التنعم بالمطاعم والمشارب والملابس وتكريره فى القرآن وهو حقير بالاضافة الى سائر نعم الجنة لما كان بهم من الشدة والفاقة ففيه تحريك لدواعيهم وتشويق لهم والفاسق من اهل الصلاة آمن بالله وآياته واسلم فوجب ان يدخل تحت هذا الوعد والظاهر انه خارج فانه يخاف ويحزن يوم القيامة ولا محذور فى خروجه والحاصل ان الآية فى حق المؤمنين الكاملين فانهم الذين أسلموا وجوههم لله تعالى واما الناقصون فانهم وان آمنوا لكن إسلامهم لم يكن على الكمال والا لما خصوا الله بترك التقوى فقام الامتنان يأبى عن دخولهم تحت حكم الآية اللهم الا بطريق الإلحاق فان لهم نعيما بعد انقضاء مدة خوفهم وحزنهم وانتهاء زمان حبسهم وعذابهم فعلى العاقل ان يجتهد فى الظواهر والبواطن فان من اكتفى بالمطاعم والمشارب الصورية حرم من طعام المشاهدات وشراب المكاشفات ومن لم يطعم فى هذه الدار من اثمار أشجار المعارف لم(8/392)
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77)
يلتذ فى تلك الدار بالاذواق الحقيقية التي هى نصيب الخواص من اهل التقوى (قال الحافظ) عشق مى ورزم واميد كه اين فن شريف چون هنرهاى دكر موجب حرمان نشود اللهم اجعلنا من المشتاقين الى جمالك والقابلين لوصالك بحرمة جلالك إِنَّ الْمُجْرِمِينَ اى الراسخين فى الاجرام وهم الكفار حسبما ينبىء عند إيرادهم فى مقابلة المؤمنين بالآيات فِي عَذابِ جَهَنَّمَ متعلق بقوله خالِدُونَ اى لا ينقطع عذابهم فى جهنم كما ينقطع عذاب عصاة المؤمنين على تقدير دخولهم فيها لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ اى لا يخفف العذاب عنهم ولا ينقص من قولهم فترت عنه الحمى إذا سكنت قليلا ونقص حرها والتركيب للضعف والوهن قال الراغب الفتر سكون بعد حدة ولين بعد شدة وضعف بعد قوة والتفتير سست كردانيدن وَهُمْ فِيهِ اى فى العذاب مُبْلِسُونَ آيسون من النجاة والراحة وخفة العقوبات قيل يجعل المجرم فى تابوت من النار ثم يردم عليه فيبقى فيه خالدا لا يرى ولا يرى قال فى تاج المصادر الإبلاس نوميد شدن وشكسته واندوهگين شدن وفى المفردات الا بلاس الحزن المعترض من شدة اليأس ومنه اشتق إبليس ولما كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل ابلس فلان إذا سكت وانقطعت حجته قال فى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان اهل التوحيد وان كان بعضهم فى النار لكن لا يخلدون فيها ويفتر عنهم العذاب بدليل الخطاب وقد ورد فى الخبر انه يميتهم الحق اماتة الى ان يخرجهم من النار والميت لا يحس ولا يألم وذكر فى الآية وهم مبلسون اى خائبون وهذه صفة الكفار والمؤمنون وان كانوا فى بلائهم فهم على وصف رجائهم يعدون ايامهم الى ان تنتهى اشجانهم وقال بعض الشيوخ ان حال المؤمن فى النار من وجه أروح لقلوبهم من حالهم فى الدنيا لان اليوم خوف الهلاك وهذا يعين النجاة ولقد انشدوا
عيب السلامة ان صاحبها ... متوقع لقوا صم الظهر
وفضيلة البلوى ترقبه ... عقبى الرجاء ودورة الدهر
هست در قرب همه بيم زوال ... نيست در بعد جز اميد وصال
وَما ظَلَمْناهُمْ بذلك وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ لتعريض أنفسهم للعذاب الخالد بالكفر والمعاصي وهم ضمير فصل عند البصريين من حيث انه فصل به بين كون ما بعده خبرا ونعتا وتسمية الكوفيين له عمادا لكونه حافظا لما بعده حتى لا يسقط عن الخبرية كعماد البيت فانه يحفظ سقفه من السقوط وَنادَوْا يا مالِكُ در خواه از خداى تو لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ اى ليمتنا حتى نستريح من قضى عليه إذا أماته والمعنى سل ربك ان يقضى علينا وهذا لا ينافى ما ذكر من ابلاسهم لانه جؤار أي صياح وتمن للموت لفرط الشدة قالَ مالك مجيبا بعد أربعين سنة يعنى ينادون مالكا أربعين سنة فيجيبهم بعدها او بعد مائة سنة او ألف در تبيان آورده كه بعد از چهل روز از روزهاى آن سراى لان تراخى الجواب احزن لهم إِنَّكُمْ ماكِثُونَ المكث ثبات مع انتظار اى مقيمون فى العذاب ابد الإخلاص لكم منه بموت ولا بغيره فليس بعدها إلا جؤار كصياح(8/393)
لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78) أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80) قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81) سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83)
الحمير اوله زفير وآخره شهيق لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ فى الدنيا بإرسال الرسل وإنزال الكتب وهو خطاب توبيخ وتقريع من جهة الله تعالى مقرر لجواب مالك ومبين لسبب مكثهم وفى التأويلات النجمية لقد جئناكم بالدين القويم فلم تقبلوا لان اهل الطبيعة الانسانية أكثرهم يميلون الى الباطل كما قال وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ اى حق كان كارِهُونَ اى لا يقبلون وينفرون منه لما فى طباعه من اتعاب النفس والجوارح واما الحق المعهود الذي هو التوحيد او القرآن فكلهم كارهون له مشمئزون منه هكذا قالوا والظاهر ما أشار اليه فى التأويلات فاعرف والكراهة مصدر كره الشيء بالكسر اى لم يرده فهو كاره وفى الآية اشارة الى ان النفرة عن الحق من صفات الكفار فلا بد من قبول الحق حلو او مر او الى ان الله تعالى ما ترك الناس سدى بل ارشدهم الى طريق الحق بدلالات الأنبياء والأولياء لكن أكثرهم لم يقبلوا العلاج ثم ان أنفع العلاج هو التوحيد حكى عن الشبلي قدس سره انه اعتل فحمل الى البيمارستان وكتب على بن عيسى الوزير الى الخليفة فى ذلك فارسل الخليفة اليه مقدم الأطباء وكان نصرانيا ليداويه فما أنجحت مداواته فقال الطبيب للشبلى والله لو علمت ان مداواتك من قطعة لحم فى جسدى ما عسر على ذلك فقال الشبلي دوآئى فى دون ذلك قال الطبيب وما هو قال فى قطعك الزنار فقال الطبيب أشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد اعبده ورسوله فاخبر الخليفة بذلك فبكى وقال نفذنا طبيبا الى مريض وما علمنا انا نفذنا مريضا الى طبيب ونظيره ما حكى ان الشيخ نجم الدين الاصفهانى قدس سره خرج مع جنازة بعض الصالحين بمكة فلما دفنوه وجلس الملقن بلقنه ضحك الشيخ نجم الدين وكان من عادته لا يضحك فسأله بعض أصحابه عن ضحكه فزجره فلما كان بعد ذلك قال ما ضحكت الا لانه لما جلس على القبر يلقن سمعت صاحب القبر يقول الا تعجبون من ميت يلقن حيا أشار الى ان الملقن وان كان من زمرة الاحياء صورة لكنه فى زمرة الأموات حقيقة لممات قلبه بالغفلة عن الله تعالى فهو ماكث فى جهنم النفس معذب بعذاب الفرقة لا ينفع نفسه فكيف ينفع غيره بخلاف الذي لقنه فانه بعكس ذلك يعنى انه وان كان فى زمرة الأموات صورة لكن فى زمرة الاحياء حقيقة لان المؤمنين الكاملين لا يموتون بل ينقلون من دار الى دار فهو ماكث فى جنة القلب منعم بنعيم الوصال منتفع بأعماله وأحواله وله تأثير فى نفع الغير ايضا بالشفاعة ونحوها على ما أشار اليه قوله تعالى فالمدبرات امرا
مشو بمرك زامداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آگاه عين بيداريست
فاذا عرفت حال ملقن القبر فقس عليه سائر ارباب التلقين من اهل النقصان واصحاب الدعوى والرياء فان الميت يحتاج فى احيائه الى نفخ روح حقيقى وأنى ذلك لمن فى حكم الأموات من النافحين فان نفخته عقيم إذ ليس من اهل الولادة الثانية نسأل الله سبحانه ان يجعلنا احياء بالعلم والمعرفة والشهود ويعصمنا من الجهل والغفلة والقيود أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً الإبرام احكام الأمر وأصله من إبرام الحبل وهو ترديد فتله وهو كلام مبتدأ وأم منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من توبيخ اهل النار الى حكاية جناية هولاء والهمزة للانكار فان أريد بالابرام الاحكام حقيقة فهى لانكار الوقوع واستبعاده وان أريد الاحكام صورة(8/394)
فهى لانكار الواقع واستقباحه اى أبرم واحكم مشركوا مكة امر من كيدهم ومكرهم برسول الله فَإِنَّا مُبْرِمُونَ كيدنا حقيقة لاهم أو فإنا مبرمون بهم حقيقة كما أبرموا كيدهم صورة كقوله تعالى أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون وكانوا يتناجون فى أنديتهم ويتشاورون فى أموره عليه السلام قال فى فتح الرحمن كما فعلوا فى اجتماعهم على قتله عليه السلام فى دار الندوة الى غير ذلك وفى الآية اشارة الى ان امور الخلق منتقدة عليهم فلما يتم لهم ماد بروه وقلما يرتفع لهم من الأمور شىء على ما قدروه وهذه الحال أوضح دليل على اثبات الصانع أَمْ يَحْسَبُونَ اى بل أيحسبون يعنى آيا پندارند ناكران كفار أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وهو ما حدثوا به أنفسهم من الكيد لانهم كانوا مجاهرين بتكذيب الحق وَنَجْواهُمْ اى بما تكلموا به فيما بينهم بطريق التباهي والتشاور وبالفارسية وآنچهـ بر از با يكديكر مشاورت
ميكنند يقال ناجيته اى ساررته وأصله ان تخلو فى نجوة من الأرض اى مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله بَلى نحن نسمعهما ونطلع عليهما وَرُسُلُنا الذين يحفظون عليهم أعمالهم ويلازمونهم أينما كانوا لَدَيْهِمْ عندهم يَكْتُبُونَ اى يكتبونهما او يكتبون كل ما صدر عنهم من الافعال والأقوال التي من جملتها ما ذكر من سرهم ونجواهم ثم تعرض عليهم يوم القيامة فاذا كان خفاياهم غير خفية على الملائكة فكيف على عالم السر والنجوى والجملة عطف على ما يترجم عنه بلى وفى التأويلات النجمية خوفهم بسماعه أحوالهم وكتابة الملك عليهم أعمالهم لغفلتهم عن الله ولو كان لهم خبر عن الله لما خوفهم بغير الله ومن علم ان أعماله تكتب عليه ويطالب بمقتضاها قل إلمامه بما يخاف ان يسأل عنه قال ابو بكر بن طاهر رحمه الله دل قوما من عباده الى الحياء منه ودل قوما الى الحياء من الكرام الكاتبين فمن استغنى بعلم نظر الله اليه والحياء منه أغناه ذلك عن الاشتغال بالكرام الكاتبين وعن يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله من ستر من الناس ذنوبه وأبداها لمن لا يخفى عليه شىء فى السموات والأرض فقد جعله أهون الناظرين اليه وهو من علامات النفاق قال الشيخ سعدى فى كلستانه بخشايش الهى كم شده را در مناهىء چراغ توفيق فرا راه داشت وبحلقه أهل تحقيق درآمد وبيمن قدم درويشان وصدق نفس ايشان ذمايم اخلاق او بمحامد مبدل شده دست از هوا وهوس كوتاه كرده بود وزبان طاعنان در حقش دراز كه همچنانكه قاعده اولست وزهد وصلاحش نامعقول
بعذر توبه توان رستن از عذاب خداى وليك ... مى نتوان از زبان مردم رست
چون طاقت جور زبانها نياورد شكايت اين حال با پير طريقت برد شيخ بگريست وكفت شكر آن نعمت كجا كزارى كه بهتر از انى كه پندارندت نيك باشى وبدت كويند خلق به كه بد باشى ونيكت كويند ليكن مرا بين كه حسن ظن همكنان در حق من بكمالست ومن در غايت نقصان
انى لمستتر من عين جيرانى ... والله يعلم أسراري واعلانى
در بسته بروى خود ز مردم ... تا عيب نكسترند ما را
دربسته چهـ سود عالم الغيب ... داناى نهان وآشكارا
يقول الفقير دلت الآية على ان الحفظة يكتبون الاسرار والأمور(8/395)
قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81) سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83)
القلبية سئل سفيان ابن عيينة رحمه الله هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبون ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه فاذاهم العبد بحسنة فاح من فيه رائحة المسك فيعلمون ذلك فيكتبونها حسنة وإذا هم بسيئة استقر قلبه لها فاح منه ريح النتن وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الملك لا سبيل له الى معرفة باطن العبد فى قول أكثرهم وقال فى شرح الطريقة يكره الكلام فى الخلاء وعند قضاء الحاجة أشد كراهة لان الحفظة تتأذى بالحضور فى ذلك الموضع الكريه لاجل كتابة الكلام فان سلم عليه فى هذه الحالة قال الامام ابو حنيفة يرد السلام بقلبه لا بلسانه لئلا يلزم كتابة الملائكة فانهم لا يكتبون الأمور القلبية وقال فى ريحان القلوب الذكر الخفي هو ما خفى عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت وهو خاص به صلى الله عليه وسلم ومن له به أسوة حسنة انتهى والله اعلم بتوفيق الاخبار قُلْ للكفرة إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فرضا كما تقولون الملائكة بنات الله فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ ولذلك الولد وأسبقكم الى تعظيمه والانقياد له وذلك لانه عليه السلام اعلم الناس بشؤونه تعالى وبما يجوز عليه وبما لا يجوز وأولاهم بمراعاة حقوقه ومن مواجب تعظيم الوالد تعظيم ولده اى ان يثبت بحجة قطعية كون الولد له تعالى كما تزعمون فانا أولكم فى التعظيم وأسبقكم الى الطاعة تعظيما لله تعالى وانقيادا لان الداعي الى طاعته وتعظيمه أول واسبق فى ذلك وكون الولد له تعالى مما هو مقطوع بعدم وقوعه ولكن نزل منزلة ما لا جزم لوقوعه واللاوقوعه على المساهلة وإرخاء العنان لقصد التبكيت والإسكات والإلزام فجيىء بكلمة ان فلا يلزم من هذا الكلام صحة كينونة الولد وعبادته لانها محال فى نفسها يستلزم المحال يعنى اين سخن بر سبيل تمثيل است ومبالغه در نفى ولد فليس هناك ولد ولا عبادة له وفى التأويلات النجمية يشير الى نوع من الاستهزاء بهم وبمقالتهم والاستخفاف بعقولهم يعنى قل ان كان للرحمن ولد كما تزعمون وتعبدون عيسى بانه ولده فانا كنت أول العابدين له قال جعفر الصادق رضى الله عنه أول ما خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم قبل كل شىء وأول من وحد الله تعالى ذرة محمد عليه السلام وأول ما جرى به القلم لا اله الا الله محمد رسول الله قال فانا أول العابدين أحق بتوحيد الله وذكر الله سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فى اضافة اسم الرب الى أعظم الاجرام وأقواها تنبيه على انها وما فيها من المخلوقات حيث كانت تحت ملكوته وربوبيتة كيف يتوهم ان يكون شىء منها جزأ منه سبحانه رَبِّ الْعَرْشِ فى تكرير اسم الرب تفخيم لشان العرش عَمَّا يَصِفُونَ اى يصفونه به وهو الولد قال فى بحر العلوم اى سبحوا رب هذه الأجسام العظام لان مثل هذه الربوبية توجب التسبيح على كل مربوب فيها ونزهوه عن كل ما يصفه الكافرون به من صفات الأجسام فانه لو كان جسما لم يقدر على خلق هذا العالم وتدبير امره فَذَرْهُمْ اى اترك الكفرة حيث لم يذعنوا للحق بعد ما سمعوا هذا البرهان الجلى يَخُوضُوا يشرعوا فى أباطيلهم وأكاذيبهم والخوض هو الشروع فى الماء والمرور فيه ويستعار للامور واكثر ما ورد فى القرآن ورد فيما يذم الشروع فيه كما فى المفردات وَيَلْعَبُوا فى دنياهم فان ماهم فيه من الأقوال والافعال ليست الا من باب الجهل واللعب والجزم فى الفعل لجواب الأمر(8/396)
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)
يقال لعب فلان إذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا قالوا كل لعب لا لذة فيه فهو عبث وما كان فيه لذة فهو لعب حَتَّى يُلاقُوا يعاينوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ على لسانك يعنى روزى را كه وعده داده شده اند بملاقات آن وهو يوم القيامة فانهم يومئذ يعلمون ما فعلوا وما يفعل بهم قال سعدى المفتى والأظهر يوم الموت فان خوضهم ولعبهم انما ينتهى به يقول الفقير وفيه ان الموعود هو يوم القيامة لانه الذي كانوا ينكرونه لا يوم الموت الذي لا يشكون فيه ولما كان يوم الموت متصلا بيوم القيامة على ما أشار اليه قوله عليه السلام من مات فقد قامت قيامته جعل الخوض واللعب منتهيين بيوم القيامه وفى الآية اعلام بأنهم من الذين طبع الله على قلوبهم فلا يرجعون عما هم عليه ابدا واشارة الى ان الله خلق الخلق أطوارا مختلفة فمنهم من خلقه للجنة فيستعده للجنة بالايمان والعمل الصالح وانقياد الشريعة ومتابعة النبي عليه السلام ومنهم من خلقه للنار فيستعده للنار برد الدعوة والإنكار والجحود والخذلان ويكله الى الطبيعة النفسانية الحيوانية التي تميل الى اللهو واللعب والخوض فيما لا يعنيه ومنهم من خلقه للقربة والمعرفة فيستعده لهما بالمحبة والصدق والتوكل واليقين والمشاهدات والمكاشفات والمراقبات وبذل الوجود بترك الشهوات وانواع المجاهدات وتسليم تصرفات ارباب المؤلفات (عن بهلول رحمه الله) قال بينما انا ذات يوم فى بعض شوارع البصرة إذا الصبيان يلعبون بالجوز واللوز وإذا انا بصبى ينظر إليهم ويبكى ففلت هذا الصبى يتحسر على ما فى أيدي الصبيان ولا شىء معه يلعب به فقلت له اى بنى ما يبكيك اشترى لك من الجوز واللوز ما تلعب به مع الصبيان فرفع بصره الى وقال يا قليل العقل ما للعب خلقنا فقلت اى بنى فلماذا خلقنا فقال للعلم والعبادة فقلت من اين لك ذلك بارك الله فيك قال من قول الله تعالى أفحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم إلينا لا ترجعون (وحكى) انه كان سبب خروج ابراهيم بن أدهم رحمه الله عن اهله وماله وجاهه ورياسته وكان من أبناء الملوك انه خرج يوما يصطاد فأثار ثعلبا او أرنبا فبينما هو فى طلبه هتف به هاتف ألهذا خلقت أم بهذا أمرت ثم هتف به من قربوس سرجه والله ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فأخذ جبة للراعى من صوف فلبسها وأعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان واعلم ان الاشتغال بما سوى الله تعالى من قبيل اللهو واللعب إذ ليس فيه مقصد صحيح وانما المطلب الا على هو الله تعالى ولذا خرج السلف عن الكل ووصلوا الى مبدأ الكل دلا
ترك هوا كن قرب حق كر آرزو دارى ... كه دور افتد حباب از بحر در كسب هوا كردن
جعلنا الله وإياكم من المشتغلين به وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ اى مستحق لان يعبد فيها اى هو معبود أهل السماء من الملائكة وبه تقوم السماء وليس حالا فيها وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ اى مستحق لان يعبد فيها اى فهو معبود اهل الأرض من الانس والجن واله الآلهة ولا قاضى لحوائج اهل الأرض الا هو وبه تقوم الأرض وليس حالا فيها فالظرفان يتعلقان باله لانه بمعنى المعبود بالحق او متضمن معناه كقوله هو حاتم اى جواد لاشتهاره بالجود وكذا فيمن قرأ وهو الذي فى السماء الله وفى الأرض الله ومنه قوله تعالى فى الانعام وهو الله فى السموات وفى الأرض اى(8/397)
وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86)
وهو الواجب الوجود المعبود المستحق للعبادة فيهما والراجع الى الموصول مبتدأ محذوف لطول الصلة بمتعلق الخبر وهو فى السماء والعطف عليه والتقدير وهو الذي هو فى السماء وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ كالدليل على ما قبله لانه المتصف بكمال الحكمة والعلم المستحق للالوهية لا غيره اى وهو الحكيم فى تدبير العالم واهله العليم بجميع الأحوال من الأزل الى الابد وَتَبارَكَ تعالى عن الولد والشريك وجل عن الزوال والانتقال وعمت بركة ذكره وزياده شكره الَّذِي إلخ فاعل تبارك لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ پادشاهىء آسمان وزمين وَما بَيْنَهُما اما على الدوام كالهواء او فى بعض الأوقات كالطير والسحاب ومن اخبار الرشيد انه خرج يوما للصيد فارسل بازيا أشب فلم يزل يعلو حتى غاب فى الهولء ثم رجع بعد اليأس منه ومعه سمكة فأحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك فقال مقاتل يا امير المؤمنين روينا عن جدك ابن عباس رضى الله عنهما ان الهولء معمور بامم مختلفة الخلق سكان فيه وفيه دواب تبيض وتفرخ فيه شيأ على هيئة السمك لها اجنحة ليست بذات ريش فاجاز مقاتلا على ذلك كذا فى حيوة الحيوان وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ اى الساعة التي فيها تقوم القيامة لا يعلمها الا هو وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ الالتفات للتهديد أي تردون للجزاء فاهتموا بالاستعداد للقائه قال بعض الكبار واليه ترجعون بالاختيار والاضطرار فأهل السعادة يرجعون اليه بالاختيار على قدم الشوق والمحبة والعبودية وأهل الشقاوة يرجعون اليه بالاضطرار قد يكون نافعا ممدوحا مقبولا وهو أن يؤخذ العبد بالجذبة الالهية ويجر الى الله جرا عنيفا ووقع ذلك لكثير من المنقطعين الى الله تعالى (حكى) عن الجنيد رحمه الله انه قال كنت فى المسجد مرة فاذا رجل قد دخل علينا وصلى ركعتين ثم انتبذ ناحية من المسجد وأشار الى فلما جئته قال لى يا أبا القاسم قد حان لقاء الله تعالى ولقاء الأحباب فاذا فرغت من امرى فسيدخل عليك شاب مغن فادفع اليه مرقعتى وعصاى وركونى فقلت الى مغن وكيف يكون ذلك قال انه قد بلغ رتبة القيام بخدمة الله فى مقامى قال الجنيد فلما قضى الرجل نحبه اى مات وفرغنا من مواراته إذا نحن بشاب مصرى قد دخل علينا وسلم وقال ابن الوديعة يا أبا القاسم فقلت كيف ذاك أخبرنا بحالك قال كنت فى مشربة بنى فلان فهتف بي هاتف ان قم الى الجنيد وتسلم ما عنده وهو كيت وكيت فانك قد جعلت مكان فلان الفلاني من الابدال قال الجنيد فدفعت اليه ذلك فنزع ثيابه واغتسل ولبس المرقعة وخرج على وجهه نحو الشام ففى هذه الحكاية تبين ان ذلك المغني انجذب الى الله تعالى بصوت الهاتف وخرج الى الشام مقام الابدال لان المهاجرة سنة قديمة وبها يحصل من الترقيات ما لا يحصل بغيرها فاذا جاءت الساعة يحصل اثر التوفيق ويظهر اللحوق بأهل التحقيق زين جماعت اگر جدا افتى در نخستين قدم ز پاافتى وَلا يَمْلِكُ اى لا يقدر الَّذِينَ يَدْعُونَ اى يعبدهم الكفار مِنْ دُونِهِ تعالى الشَّفاعَةَ عند الله كما يزعمون إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ الذي هو التوحيد والاستثناء اما متصل والموصول عام لكل ما يعبد من دون الله كعيسى وعزير والملائكة وغيرهم او منفصل(8/398)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)
على انه خاص بالأصنام وَهُمْ يَعْلَمُونَ بما يشهدون به عن بصيرة وايقان واخلاص (قال الكاشفى) وايشان ميداند بدل خود كه بزبان خواهى داده اند وايشان شفاعت نخواهند كرد الا مؤمنان كنهكار را وجمع الضمير باعتبار معنى من كما ان الافراد اولا باعتبار لفظها وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ اى سألت العابدين والمعبودين من أوجدهم وأخرجهم من العدم الى الوجود لَيَقُولُنَّ اللَّهُ لتعذر الإنكار لغاية ظهوره لان الإنسان خلق للمعرفة وطبع عليها وبها أكرمه الله تعالى فاما الشان فى معرفة الأشياء فقبول دعوتهم والتوفيق لمتابعتهم والتدين بأديانهم فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ الافك بركردانيدن اى فكيف يصرفون عن عبادة الله تعالى الى عبادة غيره مع اعترافهم بأن الكل مخلوق له تعالى فهو تعجيب من جحودهم التوحيد مع ارتكازه فى فطرتهم قال فى الاسئلة المقحمة فان قلت هذا دليل على ان معرفة الله ضرورية ولا تجب بالسمع الضروريات لانه تعالى اخبر عن الكفار أنهم كانوا يقرون بوحدانية الله قبل ورود السمع قلت انهم يقولون ذلك تقليدا لا دليلا وضرورة ومعلوم ان فى الناس من اهل الإلحاد من ينكر الصانع ولو كان ضروريا لما اختلف فيه اثنان
خانه بي صنع خانه ساز كه ديد ... نقش بى دست خامه زن كه شنيد
هر كه شد ز آدمي سوى تعطيل ... نيست در وى خرد چوقدر فتيل
وَقِيلِهِ القول والقيل والقال كلها مصادر قرأ عاصم وحمزة بالجر على انه عطف على الساعة اى عنده علم الساعة وعلم قوله عليه السلام شكاية وبالفارسية ونزديك خداست دانستن قول رسول آنجا كه كفت يا رَبِّ اى پروردگار من إِنَّ هؤُلاءِ بدرستى كه اين كروه يعنى معاند ان قريش قَوْمٌ كروهى اند كه از روى عناد مكابره لا يُؤْمِنُونَ نمى كروند ولم يضفهم الى نفسه بأن يقول ان قومى لما ساءه من حالهم او على ان الواو للقسم وقوله ان هؤلاء إلخ جوابه فيكون اخبارا من الله عنهم لا من كلام رسوله وفى الاقسام به من رفع شأنه عليه السلام وتفخيم دعائه والتجائه اليه تعالى ما لا يخفى وقرأ الباقون بالنصب عطفا على محل الساعة اى وعنده ان يعلم الساعة وقيله او على سرهم ونجواهم او على يكتبون المحذوف اى يكتبون ذلك وقيله قال بعضهم والا وجه ان يكون الجر والنصب على إضمار حرف القسم وحذفه يعنى ان الجر على إضمار حرف القسم كما فى قولك الله لافعلن والنصب على حذفه وإيصال فعله اليه كقولك الله لافعلن كأنه قيل واقسم قيله او بقيله والفرق بين الحذف والإضمار انه فى الحذف لا يبقى للذاهب أثر نحو وأسال القرية وفى الإضمار يبقى له الأثر نحو انتهوا خيرا لكم والتقدير افعلوا ويجوز الرفع فى قيله على انه قسم مرفوع بالابتداء محذوف الخبر كقولهم ايمن الله ويكون ان هؤلاء إلخ جواب القسم اى وقيله يا رب قسمى ان هؤلاء إلخ وذلك لوقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما لا يحسن اعتراضا ان كان مرفوعا معطوفا على علم الساعة بتقدير مضاف مع تنافر النظم ورجح الزمخشري احتمال القسم لسلامته عن وقوع الفصل وتنافر النظم ولكن فيه التزام حذف وإضمار بلا قرينة ظاهرة فى اللفظ الذي لم يشتهر استعماله فى القسم كما فى حواشى سعدى المفتى فَاصْفَحْ عَنْهُمْ اى فأعرض عن(8/399)
حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5)
دعوتهم واقنط من ايمانهم وَقُلْ سَلامٌ اى امرى تسلم منكم ومن دينكم وتبر ومتاركة فليس المأمور به السلام عليهم والتحية بل البراءة كقول ابراهيم عليه السلام سلام عليك سأستغفر لك فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حالهم البتة وان تأخر ذلك وبالفارسية پس زود باشد كه بدانند عاقبت كفر خود را وقتى كه عذاب بر ايشان فرود آيد در دنيا بروز بدر ودر عقبى بدخول در نار سوزان وهو وعيد من الله لهم وتسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فعلى العاقل ان يتدارك حاله قبل خروج الوقت بدخول الموت ونحوه ويقبل على قبول الدعوة مادام الداعي مقبلا غير صافح والا فمن كان شفيعه خصما له لم يبق له رجاء النجاة قال ذو النون رحمه الله سمعت بعض المتعبدين بساحل الشام يقول ان لله عبادا عرفوه بيقين من معرفته فشمروا قصدا اليه وتحملوا فيه المصائب لما يرجون عنده من الرغائب صحبوا الدنيا بالاشجان وتنعموا فيها بطول الأحزان فما نظروا إليها بعين راغب ولا تزودوا منها إلا كزاد راكب خافوا البيات فأسرعوا ورجوا النجاة فأزمعوا بذلوا مهج أنفسهم فى رضى سيدهم نصبوا الآخره نصب أعينهم وأصغوا إليها بآذان قلوبهم فلو رأيتهم لرأيت قوما ذبلا شفاههم خمصا بطونهم خزينة قلوبهم ناحلة أجسادهم باكية أعينهم لم يصحبوا التعليل والتسويف وقنعوا من الدنيا بقوت خفيف ولبسوا من اللباس أطمارا بالية وسكنوا من البلاد قفراء خالية هربوا من الأوطان واستبدلوا الوحدة من الاخوان فلو رأيتهم لرأيت قوما قد ذبحهم الليل بسكاكين السهر والنصب وفصل أعضاءهم بخناجر التعب خمص بطول السرى شعث بفقد الكرى قد وصلوا الكلال بالكلال وتأهبوا للنقلة والارتحال
چواز جايكان در دويدن كرو ... بتيزى هم افتان وحيزان برو
كران باد پايان برفتند تيز ... تو بى دست و پااز نشستن بخيز
تمت سورة الزخرف بعون الله تعالى فى اواخر جمادى الآخرة من الشهور المنتظمة فى سلك سنة ثلاث عشرة ومائة وألف وتليها سورة الدخان وهى سبع او تسع وخمسون آية مكية الا قوله انا كاشفوا العذاب إلخ.
سورة الدخان
بسم الله الرحمن الرحيم
حم اى بحق حم وهى هذه السورة او مجموع القرآن وَالْكِتابِ عطف على حم إذ لو كان قسما آخر لزم اجتماع القسمين على مقسم عليه واحد ومدار العطف على تقدير كون حم اسما لمجموع القرآن المغايرة فى العنوان الْمُبِينِ اى البين معانيه لمن انزل عليهم وهم العرب لكونه بلغتهم وعلى أساليبهم او المبين لطريق الهدى من طرق الضلالة الموضح لكل ما يحتاج اليه فى أبواب الديانة وقال بعضهم بحق الحي القيوم وبحق القرآن الفاصل بين الحق والباطل فالحاء اشارة الى الاسم الحي والميم الى الاسم القيوم وهما أعظم الأسماء الالهية لاشتمالهما على ما يشتمل عليه كل منها من المعاني والأوصاف والحقائق كما سبق فى آية الكرسي وفى عرائس البقلى الحاء الوحى الخاص الى محمد والميم محمد عليه السلام وذلك ما كان بلا واسطة فهو سر بين المحب والمحبوب لا يطلع عليه أحد غيرهما كما قال تعالى فأوحى(8/400)
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3)
الى عبده ما أوحى وقال بعضهم حميت المحبين يعنى حمايت كردم دوستان خود را از توجه بما سوى يقول الفقير ويحتمل ان يكون اشارة الى حمد الله الى انزاله القرآن الذي هو أجل النعم الالهية فحم مقصور من الحمد والمعنى وحق الحق الذي يستحق الحمد فى مقابلة إنزال القرآن إِنَّا أَنْزَلْناهُ اى الكتاب المبين الذي هو القرآن وهو جواب القسم فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ هى ليلة القدر فانه تعالى أنزل القرآن فى ليلة القدر من شهر رمضان من اللوح المحفوظ الى بيت العزة فى السماء الدنيا دفعة واحدة واملاه جبريل على السفرة ثم كان ينزله على النبي عليه السلام نجوما اى متفرقا فى ثلاث وعشرين سنة والظاهر ان ابتداء تنزيله الى النبي عليه السلام ايضا كان فى ليلة القدر لان ليلة القدر فى الحقيقة ليلة افتتاح الوصلة ولا بد فى الوصلة من الكلام والحطاب والحكمة فى نزوله ليلا ان الليل زمان المناجاة ومهبط النفحات ومشهد التنزلات ومظهر التجليات ومورد الكرامات ومحل الاسرار الى حضرة الكبرياء وفى الليل فراغ القلوب بذكر حضرة المحبوب فهو أطيب من النهار عند المقربين والأبرار ووصف الليلة بالبركة لما ان نزول القرآن مستتبع للمنافع الدينية والدنيوية بأجمعها او لما فيها من تنزل الملائكة والرحمة واجابة الدعوة ونحوها والا فاجزاء الزمان متشابهة بحسب ذواتها وصفاتها فيمتنع ان يتميز بعض اجزائه عن بعض بمزيد القدر والشرف لنفس ذواتها وعلى هذا فقس شرف الامكنة فانه لعارض فى ذاتها قال حضرة الشيخ صدر الدين قدس سره فى شرح الأربعين حديثا وللازمنة والامكنة فى محو السيئات وتغليب طرف الحسنات وامدادها والتكفير والتضعيف مدخل عظيم وفى الحديث ان الله غفر لاهل عرفات وضمن عنهم التبعات وانه ينزل يوم عرفة الى السماء الدنيا وقد وردت أحاديث دالة على فضيلة شهر رمضان وعشر ذى الحجة وليلة النصف من شعبان وان الصلاة فى المسجد الحرام بمائة ألف وفى مسجد النبي عليه السلام بألف وفى المسجد الأقصى بخمسمائة وكلها دالة على شرف الازمنة والامكنة انتهى كلامه قال الشيخ المغربي قدس سره أفضل الشهور عندنا شهر رمضان اى لانه انزل فيه القرآن ثم شهر ربيع الاول اى لانه مولد حبيب الرحمن ثم رجب اى لانه فرد الأشهر الحرم وشهر الله ثم شعبان اى لانه شهر حبيب الرحمن ومقسم الأعمال والآجال بين شهرين عظيمين رجب ورمضان ففيه فضل الجوارين العظيمين كما ان ليوم الخميس وليوم السبت فضلا عظيما لكونها فى جوار الجمعة ولذا ورد بارك الله فى السبت والخميس ثم ذو الحجة اى لانه موطن الحج والعشر التي تعادل كل ليلة منها ليلة القدر والأيام المعلومات ايام التشريق ثم شوال اى لكونه فى جوار شهر رمضان ثم ذو القعدة اى لكونه من الأشهر الحرم ثم المحرم شهر الأنبياء عليهم السلام ورأس السنة وأحد الأشهر الحرم وقيل فضل الله الأشهر والأيام والأوقات بعضها على بعض كما فضل الرسل والأمم بعضها على بعض لتبادر النفوس وتسارع القلوب الى احترامها وتتشوق الأرواح الى إحيائها بالتعبد فيها ويرغب الخلق فى فضائلها واما تضاعف الحسنات فى بعضها فمن المواهب اللدنية والاختصاصات الربانية ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء قال القاشاني فى شرح التائية كما ان شرف الازمنة وفضيلتها بحسب شرف الأحوال الواقعة فيها من حضور المحبوب ومشاهدته فكذلك(8/401)
شرف الأعمال يكون بحسب شرف النيات والمقاصد الباعثة وشرف النية فى العمل ان يؤدى للمحبوب ويكون خالصا لوجهه غير مشوب بغرض آخر قال ابن الفارض
وعندى عيدى كل يوم أرى به ... جمال محياها بعين قريرة
وكل الليالى ليلة القدر ان دنت ... كما كل ايام اللقا يوم جمعة
قال بعض الكبار وأشد الليالى بركة وقدرا ليلة يكون العبد فيها حاضرا بقلبه مشاهدا لربه يتنعم بأنوار الوصلة ويجد فيها نسيم القرية واحوال هذه الطائفة فى لياليهم مختلفة كما قالوا
لا أظلم الليل ولا ادعى ... ان نجوم الليل ليست تزول
ليلى كما شاءت قصير إذا ... جادت وان ضنت قليلى طويل
وقال بعض المفسرين المراد من الليلة المباركة ليلة النصف من شعبان ولها أربعة اسماء الاول الليلة المباركة لكثرة خيرها وبركتها على العاملين فيها الخير وان بركات جماله تعالى تصل الى كل ذرة من العرش الى الثرى كما فى ليلة القدر وفى تلك الليلة اجتماع جميع الملائكة فى حظيرة القدس ودر كشف الاسرار فرموده كه آنرا مبارك خواند از بهر آنكه پر خير و پر بركت است همه شب دعيانرا اجابت است وسائلانرا عطيت ومجتهدانرا معونت ومطيعانرا مثوبت وغاصبانرا إقالت ومحبانرا كرامت همه شب درهاى آسمان كشاده جنات عدن وفراديس أعلا درها نهاده ساكنان جنة الخلد بر كنكرها نشسته أرواح انبيا وشهدا در عليين فراطرب آمده همه شب نسيم روح ازلى از جانب قربت بدل دوستان ميدمد وباد هواى فردانيث بر جان عاشقان مى وزد واز دوست خطاب مى آيد كه هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له اى درويش بيدار باش درين شب كه همه بساط نزول بيفكنده وكل وصال جانان در باغ رازدارى شكفته نسيم سحر مبارك بهارى ازو ميدمد و پيغام ملك برمزى باريك وبرازى عجب ميكويد الم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله
الم يأن للهجران أن يتصرما ... وللعود غصن البان ان يتضرما
وللعاشق الصب الذي ذاب وانحنى ... ألم يأن ان يبكى عليه ويرحما
وفى بعض الآثار عجبا لمن آمن بي كيف يتكل على غيرى لو أنهم نظروا الى لطائف برى ما عبدوا غيرى اى عجب كسى كه ما را شناخت با غير ما آرام كى كيرد كسى كه ما را يافت با ديكرى چون پردازد كسى كه رنك وبوى وصال ويا دما دارد دل در رنك وبوى دنيا
چون بندد از تعجب هر زمان كويد بنفشه كاى عجب ... هر كه زلف يار دارد چنك در ما جون زند
والثاني ليلة الرحمة والثالث ليلة البراءة والرابع ليلة الصك وذلك لان البندار إذا استوفى فى الخراج من اهله كتب لهم البراءة كذلك الله يكتب لعباده المؤمنين البراءات فى هذه الليلة (كما حكى) ان عمر بن عبد العزيز لما رفع رأسه من صلاته ليلة النصف من شعبان وجد رقعة خضرآء قد اتصل نورها بالسماء مكتوب فيها هذه براءة من النار من الملك العزيز لعبده(8/402)
عمر بن عبد العزيز وكما ان فى هذه الليلة براءة للسعداء من الغضب فكذا فيها براءة للاشقياء من الرحمة نعوذ بالله تعالى ولهذه الليلة خصال الاولى تفريق كل امر حكيم كما سيأتى والثانية فضيلة العبادة فيها وفى الحديث من صلى فى هذه الليلة مائة ركعة أرسل الله تعالى اليه مائة ملك ثلاثون يبشرونه بالجنة وثلاثون يؤمنونه من عذاب النار وثلاثون يدفعون عنه آفات الدنيا وعشرة يدفعون عنه مكايد الشيطان قال فى الاحياء يصلى فى الليلة الخامسة عشرة من شعبان مائة ركعة كل ركعتين بتسليمة يقرأ فى كل ركعة بعد الفاتحة قل هو الله أحد عشر مرات وان شاء صلى عشر ركعات يقرأ فى كل ركعة بعد الفاتحة مائة مرة قل هو الله أحد فهذه ايضا اى كصلاة رجب مروية عن النبي عليه السلام فى جملة الصلوات كان السلف يصلون هذه الصلاة فى هذه الليلة ويسمونها صلاة الخير ويجتمعون فيها وربما صلوها جماعة (روى) عن الحسن البصري انه قال حدثنى ثلاثون من اصحاب النبي عليه السلام ان من صلى هذه الصلاة فى هذه الليلة نظر الله اليه سبعين نظرة وقضى الله له بكل نظرة سبعين حاجة أدناها المغفرة انتهى كلام الاحياء قال الشيخ الشهير بافتاه قدس سره ان النبي عليه السلام لما تجلى له جميع الصفات فى ثمانية عشر ألف عالم وأكثر صلى تلك الصلاة بعد العشاء شكرا على النعمة المذكورة (وروى) مجاهد عن على رضى الله عنه انه عليه السلام قال يا على من صلى مائة ركعة فى ليلة النصف من شعبان فقرأ فى كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد عشر مرات قال عليه السلام يا على ما من عبد يصلى هذه الصلاة الا قضى الله له كل حاجة طلبها تلك الليلة ويبعث الله سبعين ألف ملك يكتبون له الحسنات ويمحون عنه السيئات ويرفعون له الدرجات الى رأس السنة ويبعث الله فى جنات عدن سبعين ألف ملك وسبعمائة ألف يبنون له المدائن والقصور ويغرسون له من الأشجار مالا عين رأيت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب المخلوقين وان مات من ليلته قبل ان يحول الحول مات شهيدا ويعطيه الله بكل حرف من قل هو الله أحد فى ليلته تلك سبعين حوراء كما فى كشف الاسرار قال بعضهم أقل صلاة البراءة ركعتان وأوسطها مائة وأكثرها ألف يقول الفقير الألف الذي هو اشارة الى ألف اسم له تعالى تفضيل للمائة التي هى اشارة الى مائة اسم له منتخبة من الالف لان التسعة والتسعين باعتبار احديتها مائة وهى تفصيل للواحد الذي هو الاسم الأعظم ولما لم تشرع ركعة منفردة ضم إليها اخرى اشارة الى الذات والصفات والليل والنهار والجسد والروح والملك والملكوت ولهذا السر استحب ان يقرأ فى الركعتين المذكورتين اربعمائة آية من القرآن فان فرض القراءة آية واحدة ومشتحبها اربع آيات والمائة اربع مرات اربعمائة فالركعتان باعتبار القراءة المستحبة فى حكم المائة فاعرف جدا وفى الحديث من احيى الليالى الخمس وجبت له الحنة ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان والثالثة نزول الرحمة قال عليه السلام ان الله ينزل ليلة النصف من شعبان الى السماء الدنيا اى تنزل رحمته والمراد فى الحقيقة تنزل عظيم من تنزلات عالم الحقيقة مخصوص بتلك الليلة وايضا المراد تنزل
من أول الليلة اى وقت غروب الشمس الى آخرها اى الى طلوع الفجر أو طلوع الشمس(8/403)
فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5)
والرابعة حصول المغفرة قال عليه السلام ان الله يغفر لجميع المسلمين فى تلك الليلة الا لكاهن او ساحر أو مشاحن أو مدمن خمر أو عاق للوالدين او مصر على الزنى قال فى كشف الاسرار فسر اهل العلم المشاحن فى هذا الموضع بأهل البدع والأهواء والحقد على اهل الإسلام والخامسة انه اعطى فيها رسول الله عليه السلام تمام الشفاعة وذلك انه سأل ليلة الثالث عشر من شعبان الشفاعة فى أمته فأعطى الثلث منها ثم سأل ليلة الرابع عشر فأعطى الثلثين ثم سأل ليلة الخامس عشر فأعطى الجميع الا من شرد على الله شراد بعير وفى رواية اخرى قالت عائشة رضى الله عنها رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فى ليلة النصف من شعبان ساجدا يدعو فنزل جبريل فقال ان الله قد أعتق من النار الليلة بشفاعتك ثلث أمتك فزاد عليه السلام فى الدعاء فنزل جبريل فقال ان الله يقرئك السلام ويقول أعتقت نصف أمتك من النار فزاد عليه السلام فى الدعاء فنزل جبريل وقال ان الله أعتق جميع أمتك من النار بشفاعتك الا من كان له خصم حتى يرضى خصمه فزاد عليه السلام فى الدعاء فنزل جبريل عند الصبح وقال ان الله قد ضمن لخصماء أمتك ان يرضيهم بفضله ورحمته فرضى النبي عليه السلام والسادسة ان من عادة الله فى هذه الليلة ان يزيد ماء زمزم زيادة ظاهرة وفيه اشارة الى حصول مزيد العلوم الالهية لقلوب اهل الحقائق إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ استئناف مبين لما يقتضى الانزال كأنه قيل انا أنزلناه لان من شأننا الانذار والتخويف من العقاب فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ اى يكتب ويفصل كل امر محكم ومتقن من أرزاق العباد وآجالهم وجميع أمورهم الا السعادة والشقاوة من هذه الليلة الى الاخرى من السنة القابلة وقيل يبدأ فى انتساخ ذلك من اللوح فى ليلة البراءة ويقع الفراغ فى ليلة القدر فتدفع نسخة الأرزاق الى ميكائيل ونسخة الحروب والزلال والصواعق والخسف الى جبرائيل ونسخة الأعمال الى اسمعيل صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم ونسخة المصائب الى ملك الموت حتى ان الرجل ليمشى فى الأسواق وان الرجل لينكح ويولد له ولقد أدرج اسمه فى الموتى كفته اند در ميان فرشتكان فرشته حليم تر ورحيم تر ومهربان تر از ميكائيل نيست وفرشته مهيب تر وبا سياست تر از جبرائيل نيست در خبر است كه روزى هر دو مناظره كردند جبرائيل كفت مرا عجب مى آيد كه با اين همه بى حرمتى وجفاكارى بخلق رب العزة بهشت از بهر چهـ مى آفريد ميكائيل كفت مرا عجب مى آيد كه با آن همه فضل وكرم ورحمت كه الله را بر بندگانست دوزخ را از بهر چهـ مى آفريد از حضرت عزت وجناب جبروت ندا آمد كه أحبكما الى احسنكما ظنا بي از شما هر دو آنرا دوستتر دارم كه بمن ظن نيكوتر مى برد يعنى ميكائيل كه رحمت بر غضب فضل مى نهد وقد قال الله تعالى ان رحمتى سبقت غضبى وكما ان فى هذه الليلة يفصل كل امر صادر بالحكمة من السماء فى السنة من اقسام الحوادث فى الخير والشر والمحن والمنن والمنصرة والهزيمة والخصب والقحط فكذا الحجب والجذب والوصل والفصل والوفاق والخلاف والتوفيق والخذلان والقبض والبسط والستر والتجلي فكم بين عبد نزل له الحكم والقضاء بالشقاء والبعد وآخر ينزل حكمه بالوفاء والرفد أَمْراً مِنْ عِنْدِنا نصب على الاختصاص اى اعنى بهذا الأمر امرا حاصلا من عندنا على مقتضى حكمتنا(8/404)
رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7) لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (8) بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9) فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)
وهو بيان لفخامته الاضافية بعد بيان فخامته الذاتية إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ بدل من انا كنا بدل الكل رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ مفعول له للارسال اى انا أنزلنا القرآن لان عادتنا إرسال الرسل بالكتب الى العباد لاجل افاضة رحمننا عليهم فيكون قوله رحمة غاية للارسال متأخرة عنه على ان المراد منها الرحمة الواصلة الى العباد او لاقتضاء رحمتنا السابقة ارسالهم فيكون باعثا متقدما للارسال على ان المراد مبدأها ووضع الرب موضع الضمير للايذان بان ذلك من احكام الربوبية ومقتضياتها وإضافته الى ضميره عليه السلام للتشريف در دو عالم بخشش بخشايش است خلق را از بخشش آسايش است خواجه چون در مديح خويش سفت انما انا رحمة مهداة كفت كما قال فى التأويلات النجمية انا كنا مرسلين محمدا عليه السلام رحمة مهداة من ربك ليخرج المشتاقين من ظلمات المفارقة الى نور المواصلة وايضا انا كنا مرسلين رحمة لنفوس أوليائنا بالتوفيق ولقلوبهم بالتحقيق إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ يسمع كل شىء من شأنه ان يسمع خصوصا انين المشتاقين ويعلم كل شىء من شانه ان يعلم خصوصا حنين المحبين فلا يخفى عليه شىء من اقوال العباد وأفعالهم وأحوالهم وهو تحقيق لربوبيته تعالى وانها لا تحق الا لمن هذه نعوته الجليلة رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما بدل من ربك يقول الفقير ألهمت بين النوم واليقظة ان معنى هذه الآية اى اشارة لا عبارة ان مربى ومبلغى الى كمالى هو رب السموات والأرض وما بينهما يعنى جميع الموجودات العلوية والسفلية وذلك لانها مظاهر الأسماء والصفات الالهية ففى كل ذرة من ذرات العالم حقيقة مشهودة هى غذآء الروح العارف فيتربى بذلك الغذاء الشهودى بالغا الى أقصى استعداده كما يتربى البدن بالغذاء الحسى بالغا الى غاية نمائه ووقوفه والى هذا المعنى أشار صاحب المثنوى بقوله
آن خيالاتى كه دام اولياست ... عكس مهرويان مستان خداست
فافهم جدا وقل لا اعبد الا الله ولا اقصد سواه إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ بشىء فهذا اولى ما توقنون به لفرط ظهوره او ان كنتم مريدين لليقين فاعلموا ذلك وبالفارسية اگر هستيد شما بى گمانان يعنى طلب كنندكان يقين لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إذ لا خالق سواه جملة مستأنفة مقررة لما قبلها يُحْيِي وَيُمِيتُ يوجد الحياة فى الجماد ويوجد الموت فى الحيوان بقدرته كما يشاهد ذلك اى يعلم علما جليا يشبه المشاهدة والظاهر ان المشاهدة تتعلق بالأثر فان المعلوم هو الاحياء والامانة والمشهود هو أثر الحياة فى الحي وأثر الممات فى الميت وفى التأويلات النجمية يحيى قلوب أوليائه بنور محبته وتجلى صفات جماله ويميت نفوسهم بتجلى صفات جلاله رَبُّكُمْ اى هو ربكم وخالقكم ورازقكم وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ وفى التأويلات رب آدم وأولاده ورب الآباء العلوية وقال محمد بن على الباقر قد انقضى قبل آدم الذي هو أبونا ألف آدم واكثر وذكر الشيخ ابن العربي قدس سره فى الفتوحات المكية فى باب حدوث الدنيا حديثا ضعيفا انه انقضى قبل آدم مائة ألف آدم وجرى له كشف وشهود فى طواف الكعبة انه شاهد رجالا تمثلوا له من الأرواح فسألهم من أنتم فأجابوه انهم من أجداده الاول قبل آدم بأربعين ألف سنة قال الشيخ فسألت عن ذلك إدريس النبي عليه السلام فصدقنى فى الكشف والخبر وقال نحن معاشر الأنبياء نؤمن(8/405)
بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9) فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10)
بحدوث العالم كله ولم نعلم اوله والحق تعالى متفرد بأوائل الكائنات بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ بلكه ايشان در شك اند اى مما ذكر من شؤونه تعالى غير موقنين فى إقرارهم بأنه تعالى رب السموات والأرض وما بينهما يَلْعَبُونَ لا يقولون ما يقولون عن جد وإذعان بل مخلوطا بهزؤ ولعب وهو خبر آخر وفى كشف الاسرار در كمان خويش بازي ميكنند فالظرف متلق بالفعل او بل هم حال كونهم فى شك مستقر فى قلوبهم يلعبون كما فى قوله فهم فى ريبهم يترددون وفيه أشار الى ان من استولت عليه الغفلة اداه ذلك الى الشك ومن لزم الشك كان بعيدا من عين الصواب قال بعضهم وصف اهل الشك والنفاق باللعب وذلك لترددهم وتحيرهم فى امر الدين واشتغالهم بالدنيا واغترارهم بزينتها قال اويس القرني رضى الله عنه أف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة وعن الشيخ فتح الموصلي قدس سره قال رأيت فى البادية غلاما لم يبلغ الحنث يمشى ويحرك شفتيه فسلمت عليه فرد الجواب فقلت له الى اين يا غلام فقال الى بيت الله الحرام قلت فيما ذا تحرك شفتيك قال بالقرءان قلت فانه لم يجر عليك قلم التكليف قال رأيت الموت يأخذ من هو أصغر منى سنا فقلت خطوك قصير وطريقك بعيد فقال انما على نقل الخطى وعلى الله الإبلاغ فقلت فأين الزاد والراحلة فقال زادى يقينى وراحلتى رجلاى
سدره توفيق بود كرد علايق ... خواهى كه بمنزل برسى راحله بگذار
قلت اسألك عن الخبز والماء قال يا عماه أرأيت لو أن مخلوقا دعاك الى منزله أكان يجمل بك ان يحمل معك زادك فقلت لا قال ان سيدى دعا عباده الى بيته وأذن لهم فى زيارته فحملهم ضعف يقينهم على حمل زادهم وانى استقبحت ذلك فحفظت الأدب معه أفتراه يضيعنى فقلت كلا وحاشى ثم غاب عن عينى فلم أره الا بمكة فلما رآنى قال يا شيخ أنت بعد على ذلك الضعف فى اليقين
سيراب كن ز بحر يقين جان تشنه را ... زين بيش خشك لب منشين بر سراب ريب
فَارْتَقِبْ الارتقاب چشم داشتن يعنى منتظر شدن والمعنى فانتظر يا محمد لكفار مكة على ان اللام للتعليل وبالفارسية پس تو منتظر باش براى ايشان يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ ظاهر لا شك فيه ويوم مفعول ارتقب والباء للتعدية يعنى آن روز كه آسمان دودى آرد آشكارا ويجوز أن يكون ظرفاله والمفعول محذوف اى ارتقب وعد الله فى ذلك اليوم أطلق الدخان على شدة القحط وغلبة الجوع على سبيل الكناية او المجاز المرسل والمعنى فانتظر لهم يوم شدة ومجاعة فان الجائع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان اما لضعف بصره او لأن فى عام القحط يظلم الهولء لقلة الأمطار وكثرة الغبار ولذا يقال لسنة القحط السنة الغبراه كما قالوا عام الرمادة والظاهر ان السنة الغبراء ما لا تنبت الأرض فيها شيأ وكانت الريح إذا هبت ألقت ترابا كالرماد او لان العرب تسمى الشر الغالب دخانا واسناد الإتيان الى السماء لان ذلك يكفها عن الأمطار فهو من قبيل اسناد الشيء الى سببه وذلك ان قريشا لما بالغوا فى الاذية له عليه السلام دعا عليهم فقال اللهم اشدد وطأتك على مضر أي عقابك الشديد يعنى خذهم أخذا شديدا واجعلها عليهم سنينا كسنى يوسف وهى السبع الشداد فاستجاب الله دعاءه فاصابتهم سنة اى قحط حتى أكلوا الجيف والجلود والعظام(8/406)
يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)
والعلهز وهو الوبر والدم اى يخلط الدم بأوبار الإبل ويشوى على النار كان الرجل يرى بين السماء والأرض الدخان من الجوع وكان يحدث الرجل ويسمع كلامه ولا يراه من الدخان وذلك قوله تعالى يَغْشَى النَّاسَ اى يحيط ذلك الدخان بهم ويشملهم من جميع جوانبهم صفة للدخان هذا عَذابٌ أَلِيمٌ اى قائلين هذا الجوع او الدخان عذاب أليم فمشى اليه عليه السلام ابو سفيان ونفر معه وناشدوه الله والرحم اى قالوا نسألك يا محمد بحق الله وبحرمة الرحم ان تستسقى لنا ووعدوه ان دعا لهم وكشف عنهم ان يؤمنوا وذلك قوله تعالى رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ اى الجوع او عذاب الدخان وما لهما واحد فان الدخان انما ينشأ من الجوع إِنَّا مُؤْمِنُونَ بعد رفعه أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى رد لكلامهم واستدعائهم الكشف وتكذيب لهم فى الوعد بالايمان المنبئ عن التذكر والاتعاظ بما اعتراهم من الداهية والمراد بالاستفهام الاستبعاد لا حقيقته وهو ظاهر اى كيف يتذكرون او من أين يتذكرون ويقولون بما وعدوه من الايمان عند كشف العذاب عنهم وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ اى والحال انهم شاهدوا من دواعى التذكر وموجبات الاتعاظ ما هو أعظم منه فى ايجابهما حيث جاءهم رسول عظيم الشان وبين لهم مناهج الحق بإظهار آيات ظاهرة ومعجزات قاهرة تحرك صم الجبال ثُمَّ كلمة ثم هنا للاستبعاد تَوَلَّوْا أعرضوا عَنْهُ اى عن ذلك الرسول فيما شاهدوا منه من العظائم الموجبة للاقبال اليه ولم يقتنعوا بالتولى وَقالُوا فى حقه مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ اى قالوا تارة يعلمه غلام أعجمي لبعض ثقيف واسمه عداس او ابو فكهة او جبر او يسار واخرى مجنون او يقول بعضهم كذا وآخرون كذا فهل يتوقع من قوم هذه صفاتهم ان يتأثروا منه بالعظة والتذكير وما مثلهم الا كمثل الكلب إذا جاع ضغا وإذا شبع طغا إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ جواب من جهته تعالى عن قولهم ربنا اكشف إلخ اى انا نكشف العذاب المعهود عنكم بدعاء النبي عليه السلام وإنزال المطر كشفا قَلِيلًا وهو دليل على كمال خبث سريرتهم فانهم إذا عادوا الى الكفر بكشف العذاب كشفا قليلا فهم بالكشف رأسا أعود أو زمانا قليلا وهو ما بقي من أعمارهم إِنَّكُمْ عائِدُونَ تعودون اثر ذلك الى ما كنتم عليه من العتو والإصرار على الكفر وتنسون هذه الحالة وصيغة الفاعل فى الفعلين للدلالة على تحققها لا محالة ولقد وقع كلاهما حيث كشفه الله بدعاء النبي عليه السلام فما لبثوا ان عادوا الى ما كانوا فيه من العتو والعناد لان من مقتضى فساد طينتهم واعوجاج طبيعتهم المبادرة الى خلف الوعد ونقض العهد والعود الى الإشراك إذا زال المانع على ما بينه الله تعالى فيمن ركب الفلك إذ أنجاه الى البر (وفى المثنوى)
آن ندامت از نتيجه رنج بود ... نى ز عقل روشن چون كنج بود
چونكه شد رنج آن ندامت شد عدم ... مى نيرزد خاك آن توبه ندم
ميكند او توبه و پير خرد ... بانك لوردوا لعادوا ميزند
يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى البطش تناول الشيء بعنف وصولة اى يوم القيامة ننتقم ونعاقب العقوبة العظمى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ فيوم ظرف لما دل عليه قوله انا منتقمون لا لمنتقمون لان انا مانعة عن ذلك (وقال الكاشفى) ياد كن روزى را كه بگيرم كافرانرا كرفتن سخت(8/407)
وبزرك يعنى روز قيامت وذلك لانه تعالى أخذهم بالجوع والدخان ثم أذاقهم القتل والاسر يوم بدر وكل ذلك من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر فاذا كان يوم القيامة يأخذهم أخذا شديدا لا يقاس على ما كان فى الدنيا نسأل الله العصمة من عذابه وجحيمه والتوفيق لما يوصل الى رضاه ونعيمه وقال بعض المفسرين المراد بالدخان ما هو من اشراط الساعة وهو دخان يأتى من السماء قبل يوم القيامة فيدخل فى اسماع الكفرة حق يكون رأس الواحد كالرأس الحنيذ اى المشوى ويعترى المؤمن منه كهيئة الزكام وتكون الأرض كلها كبيت او قد فيه ليس فيه خصاص اى فرجة يخرج منها الدخان وفى الحديث أول الآيات الدخان ونزول عيسى ابن مريم ونار تخرج من قعر عدن أبين وهو بفتح الهمزة على ما هو المشهور اسم رجل بنى هذه البلدة باليمن واقام بها تسوق الناس الى المحشر اى الى الشام والقدس قال حذيفة رضى الله عنه فما الدخان فتلا الآية فقال يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوما وليلة اما المؤمن فيصيبه كهيئة الزكمة واما الكافر فهو كالسكران يخرج من منخريه واذنيه ودبره وقال حذيفه بن أسيد الغفاري رضى الله عنه اطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال عليه السلام ما تذاكرون قالوا نذكر الساعة قال عليه السلام انها لن تقوم حتى تروا قبلها آيات اى علامات فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس الى محشرهم واوله بعض العلماء بفتنة الأتراك وأول خروج الدجال بظهور الشر والفساد ونزول عيسى باندفاع ذلك وظهور الخير والصلاح يقول الفقير ان كان هذا التأويل من طريق الاشارة فمسلم لانه لا تخلو الدنيا عن المظاهر الجلالية والجمالية الى خروج الدجال ونزول عيسى واما ان كان من طريق الحقيقة فلا صحة له إذ لا بد من ظهور تلك الآيات على حقيقتها على ما اخبر به النبي عليه السلام فعلى هذا القول وهو تفسير الدخان بما هو من اشراط الساعة معنى قوله ربنا اكشف عنا إلخ وقوله انا كاشفوا العذاب إلخ انه إذا جاء الدخان تضور المعذبون به من الكفار والمنافقين وغوثوا وقالوا ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون فيكشف الله عنهم بعد أربعين يوما فريثما يكشف عنهم يرتدون ولا يتمهلون وظهور علامات القيامة لا يوجب انقطاع التكليف ولا يقدح فى صحة الايمان ولا يجب ايضا لزومها وعدم انكشافها وقال بعض اهل التفسير المراد بالدخان ما يكون فى القيامة إذا خرجو فى قبورهم فيحتمل ان يراد به معناه الحقيقي وما يستلزمه فانه لشدة اهوال يوم القيمة تظلم العين بحيث لا يرى الإنسان فيه أينما توجه الا والظلمة مستولية عليه كانه مملوء دخانا فعلى هذا يبنى الكلام على الفرض والتقدير ومعناه انهم يقولون ربنا اكشف عنا العذاب اى ارددنا الى الدنيا نعمل صالحا فيقول الله انا كاشفوا العذاب يعنى ان كشفنا ورددناكم إليها تعودوا الى ما كنتم عليه من الكفر والتكذيب كما قال تعالى ولوردوا لعادوا لما نهوا عنه والتفسير الاول من هذه التفاسير الثلاثة هو الذي يستدعيه مساق النظم الكريم قطعا وفى عرائس البقلى رحمه الله ظاهر الآية دخان الكفرة من الجوع فى الظاهر(8/408)
وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)
ودخان بواطنهم دخان النفس الامارة والأهواء المختلفة التي تغير سماء قلوبهم بغبار الشهوات وظلمة الغفلات وقال سهل قدس سره الدخان فى الدنيا قسوة القلب والغفلة عن الذكر وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى مراقبة سماء القلب عن تصاعد دخان أوصاف البشرية يغشى الناس عن شواهد الحق هذا عذاب أليم لارباب المشاهدة كما قال السرى قدس سره اللهم مهما عذبتنى فلا تعذبنى بذل الحجاب ربنا اكشف عنا عذاب الحجاب انا مؤمنون بانك قادر على رفع الحجاب وارخائه فاذا أخذوا فى الاستغاثة يقال لهم أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين بالهام تقواهم وفجورهم ثم خالفوه وقالوا خاطر شيطانى انا كاشفوا العذاب عن صورتهم فى الدنيا قليلا لان جميع الدنيا عندنا قليل ولكن يوم نبطش البطشة الكبرى نورثهم خزنا طويلا ولا يجدون فى ضلال انتقامنا مقيلا يقول الفقير ظهر من هذه التقريرات انه لا خير فى الدخان فى الظاهر والباطن ألا ترى ان من رآه فى المنام يعبر بالهول العظيم والقتال الشديد وبالظلمات والحجب والكدورات فعلى العاقل ان يجتهد فى الخروج من الظلمات الى النور والدخول فى دائرة الصفاء والحضور فانه ان بقي مع دخان الوجود يظلم عليه وجه المقصود وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ پيش از كفار مكه قَوْمَ فِرْعَوْنَ اى القبط والمعنى امتحناهم اى فعلنا بهم فعل الممتحن بإرسال موسى عليه السلام إليهم ليؤمنوا ويظهر منهم ما كان مستورا فاختاروا الكفر على الايمان فالفعل حقيققة او اوقعناهم فى الفتنة بالامهال وتوسيع الرزق عليهم فهو مجاز عقلى من اسناد الفعل الى سببه لان المراد بالفتنة حينئذ ارتكاب المعاصي وهو تعالى كان سببا لارتكابها بالامهال والتوسيع المذكورين وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ على الله تعالى وهو موسى عليه السلام بمعنى انه استحق على ربه أنواعا كثيرة من الإكرام او كريم على المؤمنين او فى نفسه لان الله تعالى لم يبعث نبيا الا من كان أفضل نسبا وأشرف حسبا على ان الكريم بمعنى الخصلة المحمودة وقال بعضهم لمكالمته مع الله واستماع كلامه من غير واسطة وفى الآية اشارة الى انه تعالى جعل فرعون وقومه فيما فتنهم فدآء امة محمد عليه السلام لتعتبر هذه الامة بهم فلا يصرون على جحودهم كما أصروا ويرجعوا الى طريق الرشد ويقبلو دعوه نبيهم ويؤمنوا بما جاء به لئلا يصيبهم ما أصابهم بعد أن جاءهم رسول كريم أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ ان مصدرية اى بأن أدوا الى بنى إسرائيل وسلموهم وأرسلوهم معى لأذهب بهم الى موطن آبائهم الشام ولا تستعبدوهم ولا تعذبوهم اى جئتكم من الله لطلب تأدية عباد الله الى (قال فى كشف الاسرار) فرعون قبطى بود وقوم وى قبط بودند وبنى إسرائيل در زمين ايشان غريب بودند از زمين كنعان بايشان افتادند نژاد يعقوب عليه السلام بودند با پدر خويش يعقوب بمصر شدند بر يوسف وآن روز هشتاد ودو كس بودند وايشانرا در مصر توالد وتناسل بود بعد از غرق فرعون چون از مصر بيرون آمدند با موسى بقصد فلسطين هزار هزار وششصد هزار بودند فرعون ايشانرا در زمين خويش زبون كرفته بود وايشانرا معذب همى داشت وكارهاى صعب ودشوار همى فرمود تا رب العزة موسى را به پيغمبرى بايشان فرستاد بدو كار يكى آوردن ايمان(8/409)
وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)
بوحدانيت حق تعالى وعبادت وى كردند ديكر بنى إسرائيل را موسى دادن وايشانرا از عذاب رها كردن اينست كه رب العالمين فرمود أن أدوا الى عباد الله يقول الفقير فتكون التأدية بعد الايمان كما قالوا فى آية اخرى لنؤمنن لك ولنرسلن معك بنى إسرائيل ونظيره قول نوح عليه السلام لابنه يا بنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين اى آمن واركب فان الراكب انما هو المؤمنون والركوب متقرع على الايمان وقال بعضهم عباد الله منصوب بحرف النداء المحذوف اى بان أدوا الى يا عباد الله حقه من الايمان وقبول الدعوة إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ على وحيه ورسالته صادق فى دعواه بالمعجزات وهو علة للامر بالتأدية وفيه اشارة الى ان بنى إسرائيل كانوا امانة الله فى أيدي فرعون وقومه يلزم تأديتهم الى موسى لكونه أمينا فخانوا تلك الامانة حتى آخذهم الله على ذلك وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ اى وبان لا تتكبروا عليه تعالى بالاستهانة بوحيه وبرسوله واستخفاف عباده واهانتهم إِنِّي آتِيكُمْ اى من جهته تعالى يحتمل ان يكون اسم فاعل وان يكون فعلا مضارعا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ تعليل للنهى اى آتيكم بحجة واضحه لا سبيل الى إنكارها يعنى المعجزات وبالفارسية بدرستى كه من بشما آرنده ام حجتى روشن وبرهانى آشكارا بصدق مدعاى خود وفى إيراد الأداء مع الامين والسلطان مع العلاء من الجزالة ما لا يخفى وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ اى التجأت اليه وتوكلت عليه أَنْ تَرْجُمُونِ من ان ترجمونى فهو العاصم من شركم والرجم سنكسار كردن يعنى الرمي بالرجام بالكسر وهى الحجارة او تؤذوني ضربا او شتما بان تقولوا هو ساحر ونحوه او تقتلونى قيل لما قال وان لا تعلوا على الله توعدوه بالقتل وفى التأويلات النجمية وانى عذت بربي من شر نفسى وربكم من شر نفوسكم ان ترجمونى بشىء من الفتن وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ الايمان يتعدى باللام باعتبار معنى الإذعان والقبول والباء باعتبار معنى الاعتراف وحقيقة آمن به أمن المخبر من التكذيب والمخالفة وقال ابن الشيخ اللام للاجل بمعنى لاجل ما أتيت به من الحجة والمعنى وان كابرتم مقتضى العقل ولم تصدقونى فكونوا بمعزل منى لا على ولالى ولا نتعرضوا لى بشر ولا أذى لا باليد ولا باللسان فليس ذلك من جزاء من يدعوكم الى ما فيه فلا حكم فالاعتزال كناية عن الترك ولا يراد به الاعتزال بالأبدان قال القاضي عبد الجبار من متأخرى المعتزلة كل موضع جاء فيه لفظ الاعتزال فى القرآن فالمراد منه الاعتزال عن الباطل وبهذا صار اسم الاعتزال اسم مدح وهو منقوض بقوله تعالى فان لم تؤمنوا لى فاعتزلون فان المراد بالاعتزال هنا العزلة عن الايمان التي هى الكفر لا العزلة عن الكفر والباطل كذا فى بعض كتب الكلام اخبر الله بهذه الآية ان المفارقة من الاضداد واجبة قيل ان بعض اصحاب الجنيد قدس سره وقع له عليه انكار فى مسألة جرت له معه فكتب اليه ليعارضه فيها فلما دخل على الجنيد نظر اليه وقال يا فلان وان لم تؤمنوا لى فاعتزلون نقلست كه امام احمد حنبل رحمه الله شبى نزد بشر حافى قدس سره رفتى ودر حق او أرادت تمام داشت تا بحدى كه شاكردانش كفتند تو امام عالم باشى ودر فقه وأحاديث وجمله علوم واجتهاد نظير ندارى هر دم از پس شوريده با برهنه مى دوى(8/410)
فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28)
اين چهـ لايق بود احمد كفت آن همه علوم كه شمرديد چنانست من همه به از ان دانم اما او خدا را به از من داند فينبغى للمرء ان يعتزل عن الباطل أيا كان لا عن الحق وربما رأينا بعض اهل الإنكار فى الغالب يعتزل عن صحبة الرجال ثم لا يكتفى باعتزاله حتى يؤذبهم باللسان فيكون باهانة الأولياء عدو الله تعالى ومحروما من فوائد الصحبة وعوائد المجلس فلزم على أهل الحق أن يتعوذوا بالله من شرور الظلمة والجبابرة وأهل الإنكار والمكابرة كما تعوذ الأنبياء عليهم السلام
اى خدا كمترين كداى توام ... چشم بر خوان كبرياى توام
از بد ومنكران امانم ده ... هر چهـ آنم بهست آنم ده
چونكه تو كفتى فاستعذ بالله ... بتو بردم ز شر ديو پناه
با خصوص از بلاي ديو سفيد ... كه نباشد ازو كريز مفيد
فَدَعا موسى رَبَّهُ بعد ما كذبوه أَنَّ هؤُلاءِ اى بان هؤلاء القبط قَوْمٌ مُجْرِمُونَ مصرون على كفرهم ومتابعة هواهم وأنت اعلم بهم فافعل بهم ما يستحقونه فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا الفاء عاطفة بإضمار القول بعد الفاء لئلا يلزم عطف الإنشاء على الخبر والإسراء بشب رفتن يقال أسرى به ليلا إذا سار معه بالليل وكذا سرى والسرى وان كان لا يكون الا بالليل لكنه أتى بالليل للتأكيد والمعنى فاجاب الله دعاءه وقال له اسر يا موسى ببني إسرائيل من مصر ليلا على غفلة من العدو وبالفارسية پس ببر بشب بندگان مرا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ علة للامر بالسير اى يتبعكم فرعون وجنوده بعد أن علموا بخروجكم ليلا ليقتلكم چون بلب دريا رسيده باشيد تو عصا بر دريا زنى بشكافد ودر وراهها پديد آيد تا بنى إسرائيل بگذرند وَاتْرُكِ الْبَحْرَ اى بحر القلزم وهو الأظهر الأشهر أو النيل حال كونه رَهْواً مصدر سمى به البحر للمبالغة وهو بمعنى الفرجة الواسعة اى ذا رهو أو راهيا مفتوحا على حاله منفرجا ولا تخف ان يتبعك فرعون وقومه او ساكنا على هيئته بعد ما جاوزته ولا تضربه بعصاك لينطبق ولا تغيره عن حاله ليدخله القبط فاذا دخلوا فيه أطبقه الله عليهم يعنى ساكن وآراميده بر آن وجه كه راهها برو ظاهر بود فيكون معنى رهوا ساكنا غير مضطرب وذلك لان الماء وقف له كالطود العظيم حتى جاوز البحر إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ علة للامر بترك البحر رهوا والجند جمع معد للحرب والإغراق غرقه كردن والغرق الرسوب فى الماء والتسفل فيه يقول الفقير لما كان فرعون يفتخر بالماء وجريان الأنهار من تحت قصره وأشجار بساتينه جاء الجزاء من جنس العمل ولذا امر الله تعالى موسى عليه السلام بأن يسير الى جانب البحر دون البر والا فالله سبحانه قادر على إهلاك العدو فى البر ايضا بسبب من الأسباب كما فعل بأكثر الكفار ممن كانوا قبل القبط كَمْ تَرَكُوا اى كثيرا تركوا فى مصرفكم فى محل النصب على انه مفعول تركوا ومن فى قوله مِنْ جَنَّاتٍ بيان لابهامه اى بساتين كثيرة الأشجار وكانت متصلة من رشيد الى أسوان وقدر المسافة بينهما اكثر من عشرين يوما وفى الآية اختصار والمعنى فعل ما امر به بأن ترك البحر رهوا فدخله فرعون وقومه فاغرقوا وتركوا بساتين كثيرة وَعُيُونٍ نابعة بالماء وبالفارسية چشمهاى آب روان ولعل المراد الأنهار الجارية المتشعبة من النيل إذ ليس فى مصر آبار وعيون كما قال بعضهم فى ذمها هى بين بحر رطب عفن(8/411)
وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28)
كثير البخارات الرديئة التي تولد الأدواء وتفسد الغذاء وبين جبل وبريابس صلد ولشدة يبسه لا تنبت فيه خضراء ولا تنفجر فيه عين ماء انتهى وَزُرُوعٍ جمع زرع وهو ما استنبت بالبذر تسمية بالمصدر من زرع الله الحرث إذا أنبته وأنماه قال فى كشف الاسرار وفنون الأقوات وألوان الاطعمة اى كانوا اهل ريف وخصب خلاف حال العرب وَمَقامٍ كَرِيمٍ محافل مزينة ومنازل محسنة وَنَعْمَةٍ اى تنعم ونضارة عيش وبالفارسية واسباب تنعم وبرخوردارى يقال كم ذى نعمة لا نعمة له اى كم ذى مال لا تنعم له فالنعمة بالكسر ما أنعم به عليك والنعمة بالفتح التنعم وهو استعمال ما فيه النعومة واللين من المأكولات والملبوسات وبالفارسية بناز زيستن كانُوا فِيها فاكِهِينَ متنعمين متلذذين ومنه الفاكهة وهى ما يتفكه به اى يتنعم ويتلذذ بأكله كَذلِكَ الكاف فى حيز النصب وذلك اشارة الى مصدر فعل يدل عليه تركوا اى مثل ذلك السلب سلبناهم إياها وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ فهو معطوف على الفعل المقدر وايراثها تمليكها مخلفة عليهم او تمكينهم من التصرف فيها تمكين الوارث فيما يرثه اى جعلنا اموال القبط لقوم ليسوا منهم فى شىء من قرابة ولا دين ولا ولاء وهم بنوا إسرائيل كانوا مسخرين لهم مستعبدين فى أيديهم فأهلكهم الله وأورثهم ديارهم وملكهم وأموالهم وقيل غيرهم لانهم لم يعودوا الى مصر قال قتادة لم يرو فى مشهور التواريخ انهم رجعوا الى مصر ولا ملكوها قط ورد بأنه لا اعتبار بالتواريخ فالكذب فيها كثير والله تعالى أصدق قيلا وقد جاء فى الشعراء التنصيص بايراثها بنى إسرائيل كذا فى حواشى سعدى المفتى قال المفسرون عند قوله تعالى عسى ربكم ان يهلك عدوكم ويستخلفكم فى الأرض اى يجعلكم خلفاء فى ارض مصر أو فى الأرض المقدسة وقالوا فى قوله تعالى وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها اى ارض الشام ومشارقها ومغاربها جهاتها الشرقية والغربية ملكها بنوا إسرائيل بعد الفراعنة والعمالقة بعد انقضاء مدة التيه وتمكنوا فى نواحيها فاضطرب كلامهم فتارة حملوا الأرض على ارض مصر واخرى على ارض الشام والظاهر الثاني لان المتبادر استخلاف انفس المستضعفين لا أولادهم ومصر انما ورثها أولادهم لانها فتحت فى زمان داود عليه السلام ويمكن ان يحمل على ارض الشام ومصر جميعا والمراد بالمستضعفين هم وأولادهم فان الأبناء ينسب إليهم ما ينسب الى الآباء والله اعلم وفى الآية اشارة الى ترك بحر الفضل رهوا اى مشقوقا بعصا الذكر لان فرعون النفس وصفاتها فانون فى بحر الوحدة تاركون لجنات الشهوات وعيون المستلذات الحيوانية وزروع الآمال الفاسدة والمقامات الروحانية بعبورهم عليها وسائر تنعمات الدنيا والآخرة بالسير والاعراض عنها وبقوله كذلك وأورثنا الى إلخ يشير ان الصفات النفسانية وان فنيث بتجلى الصفات الربانية فمهما يكن القالب باقيا بالحياة يتولد منه الصفات النفسانية الى ان تفنى هذه الصفات بالتجلى ايضا ولو لم تكن هذه المتولدات ما كان للسائر الترقي فافهم جدا فانه بهذا الترقي يعبر السائر عن المقام الملكي لانه ليس للملك الترقي من مقامه كما قال تعالى وما منا إلا له مقام معلوم فالكمال الملكي دفعى ثم لا ترقى بعده والكمال البشرى تدريجى ولا ينقطع سيره ابدا لا فى الدنيا ولا فى الآخرة والله(8/412)
فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29) وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (31) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32) وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (33)
مفيض الجود فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ مجاز مرسل عن عدم الاكتراث بهلاكهم والاعتداد بوجودهم لان سبب البكاء على شىء هو المبالاة بوجوده يعنى انه استعارة تمثيلية بعد الاستعارة المكنية فى السماء والأرض بأن شبهتا بمن يصح منه الاكتراث على سبيل الكناية وأسند البكاء إليهما على سبيل التخييل كانت العرب إذا مات فيهم من له خطر وقدر عظيم يقولون بكت عليه السماء والأرض يعنى ان المصيبة بموته عمت الخلق فبكى له الكل حتى الأرض والسماء فاذا قالوا ما بكت عليه السماء والأرض يعنون به ما ظهر بعد ما يظهر بعده ذوى الاقدار والشرف ففيه تهكم بالكفار وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده فيقال له بكت عليه السماء والأرض وقال بعضهم هو على حقيقته ويؤيده ما روى انه عليه السلام قال ما من مؤمن الا وله فى السماء بابان باب يخرج منه رزقه وباب يدخل منه عمله وإذا مات فقدا وبكيا عليه وتلا فما بكت إلخ يعنى چون بنده وفات كند واين دو در از نزول رزق وخروج عمل محروم ماند برو بگريند وفى الحديث ان المؤمن يبكى عليه من الأرض مصلاه وموضع عبادته ومن السماء مصعد عمله (وروى) إذا مات كافر استراح منه السماء والأرض والبلاد والعباد فلا تبكى عليه أرض ولا سماء وفى الحديث تضرعوا وابكوا فان السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم يبكون من خشية الله در معالم آورده چون مؤمن بميرد جمله آسمان وزمين برو بگريند وكفته اند كه كريه آسمان وزمين همچون كريه آدميانست يعنى بكاؤهما كبكاء الإنسان والحيوان فانه ممكن قدرة كما فى الكواشي وقد ثبت ان كل شىء يسبح الله تعالى على الحقيقة كما هو عند محققى الصوفية فمن الجائز ان يبكى ويضحك بما يناسب لعالمه قال وهب بن منبه رضى الله عنه لما أراد الله ان يخلق آدم أوحى الى الأرض اى أفهمها وألهمها انى جاعل منك خليفة فمنهم من يطيعنى فأدخله الجنة ومنهم من يعصينى فأدخله النار فقالت الأرض أمنى تخلق خلقا يكون للنار قال نعم فبكت الأرض فانفجرت منها العيون الى يوم القيامة وعن انس رضى الله عنه رفعه لما عرج بي الى السماء بكت الأرض من بعدي فنبت اللصف من نباتها فلما ان رجعت قطر عرقى على الأرض فنبت ورد أحمر الا من أراد ان يشم رائحتى فليشم الورد الأحمر كما فى المقاصد الحسنة وبعضى برانند كه علامتى بريشان ظاهر شود كه دليل بود بر حزن وتأسف همچون كريه كه در أغلب دالست بر غم واندوه قال عطاء والسدى بكاء السماء حمرة أطرافها وعن زيد ابن ابى زياد لما قتل الحسين بن على رضى الله عنهما احمر له آفاق السماء أشهرا واحمرارها بكاؤها وعن ابن سيرين رحمه الله أخبرونا ان الحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين رضى الله عنه اى انها زادت زيادة ظاهرة والا فانها قد كانت قبل قتله اين
سرخى شفق كه برين چرخ بيوفاست ... هر شام عكس خون شهيدان كربلاست كر
چرخ خون ببارد ازين غصه در خورست ... ور خاك خون بگريد ازين ماجرا رواست
والشفق الحمرة وقال بعضهم الشفق شفقان الحمرة والبياض فاذا غابت الحمرة حلت الصلاة وفى الحديث إذا غاب القمر فى الحمرة فهو الليلة وإذا غاب فى البياض فهو لليلتين وكانت العرب يجعلون الخسوف والحمرة التي تحدث فى السماء بكاء على الميت ولما كسفت الشمس يوم موت(8/413)
وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (31)
ابنه عليه السلام ابراهيم قال الناس كسفت لموت ابراهيم فخطبهم فقال ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فاذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى تنجلى وهذا لا ينافى ما سبق فان مراده عليه السلام رفع اعتقاد اهل الجاهلية ولا شك ان كل حادث فهو دال على امر من الأمور ولذا امر بالدعاء والصلاة وسر الدعاء ان النفوس عند مشاهدة ما هو خارق العادة تكون معرضة عن الدنيا ومتوجهة الى الحضرة العليا فيكون اقرب الى الاجابة هذا هو السر فى استجابة الدعوات فى الأماكن الشريفة والمزارات قال بعضهم لا تبكى السموات والأرض على العصاة واهل الدعوى والانانية فكيف تبكى السماء على من لم يصعد إليها منه طاعة وكيف تبكى الأرض على من عصى الله عليها بل يبكيان على المطيعين خصوصا على العارفين إذا فارقوا الدنيا حين لا يصعد الى السماء أنوار أنفاسهم ولا يجرى على الأرض بركات آثارهم وفى الحديث ان السماء والأرض تبكيان لموت العلماء وفى الحديث مامات مؤمن فى غربة غابت عنه بواكيه الا بكت عليه السماء والأرض ثم قرأ الآية وقال انهما لا تبكيان على كافر وقال بعض المفسرين معنى الآية فما بكت عليهم اهل السماء والأرض فاقام السماء والأرض مقام أهلهما كما قال واسأل القرية وينصره قوله عليه السلام إذا ولد مولود من أمتي تباشرت الملائكة بعضهم ببعض من الفرح وإذا مات من أمتي صغير او كبير بكت عليه الملائكة وكذا ورد فى الخبر ان الملائكة يبكون إذا خرج شهر رمضان وكذا يستبشرون إذا ذهب الشتاء رجمة للمساكين وَما كانُوا لما جاء وقت هلاكهم مُنْظَرِينَ ممهلين الى وقت آخرين او الى الآخرة بل عجل لهم فى الدنيا اما الاول فلأن العمر الإنساني عبارة عن الأنفاس فاذا نفدت لم يبق للتأخير مجال واما الثاني فانهم مستحقون لنكال الدنيا والآخرة اما نكال الدنيا فلاشتغالهم بظواهرهم باذية الداعي مستعجلين فيها واما نكال الآخرة فلمحاربتهم مع الله ببواطنهم بالتكذيب والإنكار والدنيا من عالم الظاهر كما ان الآخرة من عالم الباطن فجوزوا فى الظاهر والباطن بما يجرى على ظواهرهم وبواطنهم وهذا بخلاف حال عصاة المؤمنين فانهم إذا فعلوا ذنبا من الذنوب ينظرون الى سبع ساعات ليتوبوا فلا يكتب فى صحائف أعمالهم ولا يؤاخذون به عاجلا لان الله يعفو عن كثير ويجعل بعض المصائب كفارة الذنوب فلا يؤاخذ آجلا ايضا فلهم الرحمة الواسعة والحمد لله تعالى ولكن ينبغى للمؤمن ان يعتبر بأحوال الأمم فيطيع الله تعالى فى جميع الأحوال ويجتهد فى احياء الدين لا فى إصلاح الطين ونعم ما قال بعضهم
خاك در دستش بود چون باد هنكام رحيل ... هر كه اوقات كرامى صرف آب وكل كند
ومن الله العون وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ التنجية نجات دادن وبرهانيدن اى خلصنا أولاد يعقوب بإغراق القبط فى اليم مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ از عذابى خوار كننده يعنى استعباد فرعون إياهم وقتل أبنائهم واستخدام نسائهم وبناتهم وتكليفه إياهم الأعمال الشاقة فالهو ان يكون من جهة مسلط مستخف به وهو مذموم مِنْ فِرْعَوْنَ بدل من العذاب اما على جعله نفس العذاب لافراطه فى التعذيب واما على حذف المضاف اى من عذاب فرعون او حال من المهين بمعنى واقعا من جهته واصلا من جانبه إِنَّهُ كانَ عالِياً متكبرا مِنَ الْمُسْرِفِينَ(8/414)
وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32) وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (33)
خبر ثان لكان اى من الذين أسرفوا على أنفسهم بالظلم والعدوان وتجاوزوا الحد فى الكفر والعصيان (وقال الكاشفى) از كافرانكه متجاوزاند از حدود ايمان ومن إسرافه انه على حقارته وخسة شأنه ادعى الالهية فكان أكفر الكفار واطغاهم وهو أبلغ من ان يقال مسرفا لدلالته على انه معدود فى زمرتهم مشهور بانه فى جملتهم وفيه ذم لفرعون ولمن كان مثله فى العلو والإسراف كنمرود وغيره وبيان ان من أهان المؤمن أهلكه الله واذله ومن يهن الله فما له مكرم وان النجاة من أيدي الأعداء من نعم الله الجليلة على الأحباب فان من نكد الدنيا ومصائبها على الحر ان يكون مغلوبا للاعداء وان يرى عدوا له ما من صداقته بد وان الله إذا أراد للمرء ترقيا فى دينه ودنياه يقدم له البلايا ثم ينجيه
تا مرا كعبه مقصود ببالين آمد ... سالها بستر خود خار مغيلان كردم
وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ اى فضلنا بنى إسرائيل عَلى عِلْمٍ فى محل النصب على الحال اى عالمين بأنهم أحقاء بالاختيار وبالفارسية بر دانشى بى غلط يعنى نه بغلط بركزيديم بلكه بعلم پاك كزيديم وبدانش تمام دانستيم كه از همه آفريد كان سزاى كزيدن ايشانند از ان كزيديم اختيار ما بعلم وارادت ماست بى علت ونواخت ما بفضل وكرم بى سبب او عالمين بانهم يريغون فى بعض الأوقات وتكثر منهم الفرطات كما قال الواسطي رحمه الله اخترناهم على علم منا بجناياتهم وما يقترفون من انواع المخالفات فلم يؤثر ذلك فى سوابق علمنا بهم ليعلمو أن الجنايات لا تؤثر فى الرعايات ومن هذا القبيل أولاد يعقوب عليه السلام فانهم مع ما فعلوا بيوسف من القائه فى الجب ونحوه اختارهم الله للنبوة على قول
كرد عصيال رحمت حق را نمى آرد بشور ... مشرب دريا نكردد تيره از سيلابها
ويجوز ان يكون المعنى لعلمهم وفضلهم على ان كلمة على للتعليل عَلَى الْعالَمِينَ على عالمى زمانهم يعنى بر جهانيان روزكار ايشان او على العالمين جميعا فى زمانهم وبعدهم فى كل عصر لكثرة الأنبياء فيهم حيث بعث فيهم يوما ألف نبى ولم يكن هذا فى غيرهم ولا ينافيه قوله تعالى فى حق امة محمد عليه السلام كنتم خير امة أخرجت للناس الآية لتغاير جهة الخيرية يقول الفقير والحق ان هذه الامة المرحومة خير من جميع الأمم من كل وجه فان خيرية الأمم ان كانت باعتبار معجزات أنبيائهم فالله تعالى قد اعطى لنبينا عليه السلام جميع ما أعطاه للاولين وان كانت باعتبار كثرة الأنبياء فى وقت واحد فعلماؤنا الذين كأنبياء بنى إسرائيل اكثر وأزيد وذلك لانه لا تخلو الدنيا كل يوم من ايام هذه الامة الى قيام الساعة من مائة ألف ولى واربعة وعشرين ألف ولى فانظركم بينهم من الفرق هدانا الله وإياكم أجمعين قال فى المفردات الاختيار طلب ما هو خير فعله وقوله تعالى ولقد اخترناهم الآية يصح ان يكون اشارة الى إيجاده تعالى إياهم خيرا وان يكون اشارة الى تقديمهم على غيرهم وفى بحر العلوم هذا الاختيار خاص بمن اختاره الله بالنبوة منهم او عام لهم ولمن كانوا مع موسى اختارهم بما خصصهم به (كما قال الكاشفى) ولقد اخترناهم وبدرستى كه بركزيديم موسى ومؤمنان بنى إسرائيل را فجعلنا فيهم الكتاب والنبوة والملك وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ نشانهاى قدرت كفلق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وغيرها من عظائم الآيات التي لم يعهد مثلها(8/415)
إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (34) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (35) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (36) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (39)
فى غيرهم ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ نعمة جليلة او اختيار ظاهر لينظر كيف يعملون وفى كشف الاسرار ابتلاهم بالرخاء والبلاء فطالبهم بالشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء آدمي كهى خستة به تير بلاست كهى غرقه لطف وعطا وحق تعالى تقاضاى شكر مى كند بوقت راحت ونعمت وتقاضاى صبر مى كند در حال بلا وشدت مصطفى عليه السلام قومى را ديد از أنصار كفت شما مؤمنان آيد كفتند آرى كفت نشان ايمان چيست كفتند بر نعمت شكر كنيم ودر محنث صبر كنيم وبقضاء الله راضى كفت أنتم مؤمنون ورب الكعبة قال ابن الشيخ هو حقيقة فى الاختيار وقد يطلق على النعمة وعلى المحنة مجازا من حيث ان كل واحد منهما يكون سببا وطريقا للاختيار فان قلت إذا كانت الآيات المذكورة نعمة فى أنفسها فما معنى قوله ما فيه بلاء اى نعمة قلت كلمة فى تجريدية فقد يكون نعمة فى نعمة كما يكون نعمة فوق نعمة ومحنة فوق محنة كفته اند دو برادر توأمان بودند بيك شكم آمده بودند و پشت ايشان يكديكر چسبيده بود چون بزرك شدند دائم زبان بشكر الهى داشتند يكى از ايشان پرسيد كه با وجود چنين بلاي كه شما را واقعست چهـ جاى شكركزاريست ايشان كفتند ما ميدانيم كه حق تعالى را بلاها ازين صعبتر بسيارست برين بلا شكر ميكوييم مبادا كه بلايى ازين عظيمتر مبتلا شويم ناكاه يكى از ايشان بمرد آن دكر گفت اينك بلاي صعبتر پيدا شد اكنون اگر اين مرده را از من قطع ميكنند من نيز مى ميرم واگر قطع نمى كنند مرا مرده كشى بايد كرد تا وقتى كه بدن وى فرسوده شود وبريزد وكفته اند خلاصه درويشى آنست كه از همه كس بار كشد وبر هيچكس بار ننهد نه بحسب صورت ونه بحسب معنى فلا بد من الصبر على البلاء والتحمل على الشدة
اگر ز كوه فرو غلطد آسيا سنكى ... نه عارفست كه از راه سنك برخيزد
والله الموفق لما يحب ويرضى من الأعمال إِنَّ هؤُلاءِ اى كفار قريش لان الكلام فيهم وقصة فرعون وقومه للدلالة على تماثيلهم فى الإصرار على الضلالة والتحذير عن حلول ما حل بهم من العذاب لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى لما أخبروا بأن عاقبة حياتهم ونهايتها أمران الموت ثم البعث أنكروا ذلك بحصر نهاية الأمر فى الموتة الاولى اى ما العاقبة ونهاية الأمر الا الموتة الاولى المزيلة للحياة الدنيوية ولا بعث بعدها وتوصيفها بالأولى لا يستدعى ان يثبت الخصم موتة ثانية فيقصد وبذلك إنكارها لان كون الشيء اولا لا يستلزم وجود ما كان آخرا بالنسبة اليه كما لو قال أول عبدا ملكه حر فملك عبدا عتق سواء كان مالكا بعده عبدا آخر اولا قال سعدى المفتى وفيه بحث فان الاول مضايف الآخر او الثاني فيقضى المضايف الآخر بلا شبهة إذ المتضايفان متكافئان وجودا وعدما ثم قال ويجوز أن يقال مقصود المصنف الاشارة الى ان المراد بالاولية عدم المسبوقية بأخرى مثلها على المجاز وقال فى الكشاف لما قيل لهم انكم تموتون موتة تعقبها حياة كما تقدمتكم موتة كذلك قالوا ما هى الا موتتنا الاولى اى ما الموتة التي تعقبها حياة الا الموتة الاولى فالحصر بهذا المعنى راجع الى معنى ان يقال ما هى الا حياتنا الاولى ولا تكلف فى اطلاق الموت على ما كان قبل الحياة الدنيا كما فى قوله تعالى وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم وقال بعضهم لمعنى ليست الموتة لا هذه(8/416)
فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (36)
الموتة دون الموتة التي تعقبها حياة القبر كما تزعمون يكون بعدها البعث والنشور ولا يبعد أن يحمل على حذف المضاف على ان يكون التقدير ان الحياة إلا حياة موتتنا الاولى فالاولى صفة للمضاف والقرينة عليه قوله وما نحن بمنشرين فالآية مثل قوله ان هى الا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين كما فى حواشى سعدى المفتى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ بمبعوثين بعد الموت يعنى زنده شد كان وبرانگيختگان بعد از مرك من انشر الله الموتى إذا بعثهم وغرضهم من هذا القول المبالغة فى انكار حشر الموتى ونشرهم من القبور فَأْتُوا بِآبائِنا الخطاب لمن وعدهم بالنشور من الرسول والمؤمنين والمعنى بالفارسية پس بياريد پدران ما را از كور وزنده كنيد إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فيما تعدونه من قيام الساعة وبعث الموتى يعنى ان كان البعث والنشور ممكنا معقولا فعجلوا لنا احياء من مات من آبائنا ليظهر صدق وعدكم وقيل كانوا يطلبون إليهم ان يدعوا الله فينشر لهم قصىء بن كلاب ليشاوروه ويسألوا منه عن احوال الموت وكان كبيرهم ومفزعهم فى المهمات والملمات (قال الكاشفى) اين سخن از ايشان جهل بود زيرا هر كه جائز بود وقوع آن از خداى تعالى بوقتى خاص لازم بود وجود وظهور آن نه بهر وقت كه ديكرى خواهد پس چون وعده بعث در آخرت اگر در دنيا واقع نشود كسى را برو تحكم نرسد وقال فى كشف الاسرار وانما لم يجبهم لان البعث الموعود انما هو فى دار الجزاء يوم القيامة والذي كانوا يطلبونه البعث فى الدنيا فى حالة التكليف وبينهما تغاير يقول الفقير قد صح ان عيسى عليه السلام أحيى الموتى لا سيما سام بن نوح عليه السلام وكان بينه وبين موته اكثر من اربعة آلاف سنة ونبينا عليه السلام كان أولى بالاحياء لانه أفضل لكنهم لما طلبوه بالاقتراح لم يأذن الله له فيه لكون غايته الاستئصال على تقدير الإصرار وقد ثبت عند العلماء الأخيار ان نبينا عليه السلام احيى أبويه وعمه أبا طالب فآمنوا به كما سبق تفصيله فى محله وفى الآية اشارة الى ان من غلب عليه الحس ولم تكن له عين القلب مفتوحة ليطلع ببصره وبصيرته عالم الغيب وهو الآخرة لا يؤمن الا بمايريه بصر الحس ولهذا أنكروا البعث والنشور إذ لم يكن يشاهده نظر حسهم وقالوا فائتوا بآبائنا اى احيوهم حتى نراهم بنظر الحس ونستخبر منهم أحوالهم بعد الموت ان كنتم صادقين فيما تدعون من البعث (حكى) عن الشيخ ابى على الرودبارى قدس سره انه ورد عليه جماعة من الفقراء فاعتل واحد منهم وبقي فى علته أياما فمل أصحابه من خدمته وشكوا ذلك الى الشيخ ابى على ذات يوم فخالف الشيخ على نفسه وحلف ان يتولى خدمته بنفسه أياما ثم مات الفقير فغسله وكفنه وصلى عليه ودفنه فلما أراد ان يفتح رأس كفنه عند أصحابه فى القبر رآه وعيناه مفتوحتان اليه وقال له يا أبا على لانصرنك بجاهى يوم القيامة كما نصرتنى فى مخالفتك نفسك وقال ابو يعقوب السوسي قدس سره جاءنى مريد بمكة وقال يا أستاذ انا غدا أموت وقت الظهر فخذ هذا الدينار فأحضر لى بنصفه حنوطا وكفنى بنصفه فلما كان الغد وقت الظهر جاء فطاف ثم تباعد ومات فغسلته وكفنته ووضعته فى المحد ففتح عينيه فقلت له أحياة بعد الموت فقال انا حى فكل محب لله حى يقول الفقير(8/417)
أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37)
ففى هاتين الحكايتين إشارات الاولى ان للفقراء الصابرين جاها عند الله يوم القيامة فكل من أطعمهم او كساهم او فعل بهم ما يسرهم فهم له شفعاء عند الله مشفعون فيدخلونه الجنة بإذن الله والثانية ان حياة الأنبياء والأولياء حياة دائمة فى الحقيقة ولا يقطعها الموت الصوري فانه انما يطرأ على الأجساد بمفارقة الأرواح مع ان أجسادهم لا تأكلها الأرض فهم بمنزلة الاحياء من حيث الأجساد ايضا والثالثة ان الاحياء أسهل شىء بالنسبة الى الله تعالى فمن تأمل فى تعلق الروح بالبدن اولا لم بتوقف فى تعلقه به ثانيا وثالثا والرابعة اثر الحياة مرئى ومشهود فى الميت بالنسبة الى أرباب البصائر فانهم ربما رأوا فى بعض الأموات اثر الحياة وتكلموا معه فمن حرم من البصيرة وقصر نظره على الحس وقع فى الإنكار وعلى تقدير رؤيته حمله على امر آخر من السحر والتخييل ونحو ذلك كما وقع لبعض الكفار فى زمان عيسى عليه السلام وغيره ونعم ما قيل
در چشم اين سياه دلان صبح كاذبست ... در روشنى اگر يد بيضا شود كسى
نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل الحياة الحقانية والنشأة العرفانية أَهُمْ خَيْرٌ رد لقولهم وتهديد لهم اى كفار قريش خير فى القوة والشوكة اللتين يدفع بهما اسباب الهلاك لا فى الدين حتى يرد انه لا خيرية فى واحد من الفريقين أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ المراد بتبع هنا واحد من ملوك اليمن معروف عند قريش وخصه بالذكر لقرب الدار وسيأتى بقية الكلام فيه وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى قبل قوم تبع عطف على قوم تبع والمراد بهم عاد وثمود واضرابهم من كل جبار عنيد اولى بأس شديد والاستفهام لتقرير أن أولئك أقوى من هؤلاء أَهْلَكْناهُمْ نيست كرديم ايشانرا استئناف لبيان عاقبة أمرهم اى قوم تيع والذين من قبلهم إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ كاملين فى الاجرام والآثام مستحقين للهلاك وهو تعليل لاهلاكهم ليعلم ان أولئك حيث اهلكوا بسبب اجرامهم مع ما كانوا فى غاية القوة والشدة فلأن يهلك هؤلاء وهم شركاء لهم فى الاجرام وأضعف منهم فى الشدة والقوة اولى بعض كبار فرمود كه حق تعالى را نسبت بأولياى خود قهرى ظاهر است ولطفى در ان مخفى لطف مخفى آنست كه ميخواهد كه بآن قهر ظاهر حقيقت انسان را از قيود لوازم بشرى پاك ومطهر كرداند وباز حق تعالى را نسبت باعداى خود لطفى ظاهر است وقهرى در ان مخفى قهر مخفى آنست كه ميخواهد كه بآن لطف ظاهر علاقه باطن ايشانرا بعالم أجسام استحكام دهد تا واسطه كرفتارى بقيود اين عالم از شهود عالم اطلاق ولذات روحانى ومعنوى محروم بمانند و چون قهر ومكر در زير لطف ظاهرى پوشيده است عاقل ببايد كه بر حذر باشد وبمال وجاه مغرور نباشد تا كه از هلاك صورى ومعنوى خلاص يابد (قال الحافظ)
كمين كهست وتو خوش تيز ميروى هش دار ... مكن كه كرد برآيد ز شهره عدمت
اعلم اولا ان تبعا كسكر واحد التبابعة ملوك اليمن ولا يسمى به الا إذا كانت له حمير وحضرموت وحمير كدرهم موضع غربى صنعا اليمن والحميرية لغة من اللغات الاثنتى عشرة وواحد من الأقلام الاثني عشر وهو فى الأصل ابو قبيلة من اليمن وهو حمير بن سبأ ابن يشجب بن يعرب بن قحطان وحضرموت وهو بضم الميم بلد وقبيلة كما فى القاموس وتبع فى الجاهلية بمنزلة الخليفة(8/418)
فى الإسلام كما قال فى كشف الاسرار تبع پادشاهى بود از پادشاهان از قبيله قحطان چنانكه دار اسلام ملوك را خليفه كويند ودر روم قيصر ودر فرس كسرى ايشانرا تبع كويند فهم الأعاظم من ملوك العرب والقيل بالفتح والتخفيف ملك من ملوك حمير دون الملك الأعظم وأصله قيل بالتشديد كفيعل فخفف كميت وميت قال فى المفردات القيل الملك من ملوك حمير سموه بذلك لكونه معتمدا على قوله ومقتدى به ولكونه متقيلا لابيه يقال تقيل فلان أباه إذا تبعه وعلى هذا النحو سموا الملك بعد الملك تبعا فتبع كانوا رؤساء سموا بذلك لاتباع بعضهم بعضا فى الرياسة والسياسة وفى انسان العيون تبع بلغة اليمن الملك المتبوع وأصل القيل من الواو لقولهم فى جمعه أقوال نحو ميت وأموات وإذا قيل أقيال فذلك نحو أعياد فى جمع عيد أصله عود وقال بعضهم قيل الملوك اليمن التبابعة
لانهم يتبعون اى يتبعهم اهل الدنيا كما يقال لهم الأقيال لانهم يتقيلون والتقيل بالفارسية اقتدا كردن او لان لهم قولا نافذا بين الناس يقول الفقير والظاهر ان تبع الاول سمى به لكثرة قومه وتبعه ثم صار لقبا لمن بعده من الملوك سوآء كانت لهم تلك الكثرة والاتباع أم لا فمن التبايعة الحارث الرائش وهو ابن همال ذى سدد وهو أول من غزا من ملوك حمير وأصاب الغنائم وأدخلها فراش الناس بالأموال والسبي والريش بالكسر الخصب والمعاش فلذلك سمى الرائش وبينه وبين حمير خمسة عشر أبا ودام ملك الحارث الرائش مائة وخمسا وعشرين سنة وله شعر يذكر فيه من يملك بعده ويبشر بنبينا صلى الله عليه وسلم فمنه
ويملك بعدهم رجل عظيم ... نبى لا يرخص فى الحرام
يسمى احمدا يا ليت انى ... اعمر بعد مخرجه بعام
ومنهم أبرهة ذو المنار وهو ابن الحارث المذكور وسمى ذا المنار لانه أول من ضرب المنار على طريقه فى مغازيه ليهتدى إذا رجع وكان ملكله مائة وثلاثا وثمانين سنة ومنهم عمرو ذو الاذعار وهو ابن أبرهة لم يملك بعد أبيه وانما ملك بعد أخيه افريقس وسمى ذا الاذعار لانه قتل مقتلة عظيمة حتى ذعر الناس منه وكان ملكه خمسا وعشرين سنة ومنهم شمر بن مالك الذي تنسب اليد سمرقند وحكى القتيبي انه شمر بن افريقس بن أبرهة بن الرائش وسمى بمرعش لارتعاش كان به ونسبت اليه سمرقند لانها كانت مدينة للصغد فهدمها فنسبت اليه وقيل شمر كند أي شمر خربها لان كند بلسانهم خرب ثم عرب فقيل سمرقند وقال ابن خلكان فى تاريخه ان سمر اسم لجارية إسكندر مرضت فوصف لها الأطباء أرضا ذاث هواء طيب وأشار واله بظاهر صفتها وأسكنها إياها فلما طابت بنى لها مدينة وكند بالتركى هو المدينة فكأنه يقول بلد سمر انتهى ويؤيده تسميتهم القرية الجديدة فى تركستان بقولهم يكى كنت فان التاء والدال متقاربان وبه يعرف بطلان قول من قال ان تبعا الحميرى بناها الا ان يحمل على بناء ثان وفيه بعد وقال ابن السپاهى فى أوضح المسالك سمرقند بالتركية شمر كند أي بلد الشمس ومنهم افريقس بن أبرهة الذي ساق البربر الى افريقية من ارض كنعان وبه سميت افريقية وكان(8/419)
قد غزا حتى انتهى الى ارض طنجة وملك مائة ونيفا وستين ومنهم تبع بن الأقرن ويقال فيه تبع الأكبر ومنهم ابو كرب اسعد بن كليكر ابن تبع بن الأقرن واختلفوا فى المراد من الآية فقال بعضهم هو تبع الحميرى الذي سار بالجيوش وبنى الحيرة بالكسر مدينة بالكوفة (قال فى كشف الاسرار) معروف از ايشان سه بودند يكى مهينه أول بوده يكى مياز يكى كهينه آخر بود واو كه نام او در قرآن است تبع آخر بود نام وى اسعد الحميرى مردى مؤمن صالح بوده وبعيسى عليه السلام ايمان آورده و چون حديث ونعت وصفت رسول ما عليه السلام شنيد از اهل كتاب برسالت وى ايمان آورد وكفت شهدت على أحمد أنه رسول من الله بارى النسم (فلو مد عمرى الى غمره لكنت وزير اله وابن عم وفى أوائل السيوطي أول من كسا الكعبة أسعد الحميرى وهو تبع الأكبر وذلك قبل الإسلام بتسعمائة سنة كساها الثياب الحبرة وهى مثل عنبة ضرب من برود اليمن وفى رواية كساها الوصائل وهى برود حمر فيها خطوط خضر تعمل باليمن وعن بعضهم أول من كسا الكعبة كسوة كاملة تبع كساها العصب وهى ضرب من البرود وجعل لها بابا بغلق وقال فى ذلك
وكسونا البيت الذي ... حرم الله ملاء معصبا وبرودا
وأقمنا به من الشهر عشرا ... وجعلنا لبابه إقليدا
وخرجنا منه نؤم سهيلا ... قد رفعنا لواءنا معقودا
وكان تبع مؤمنا بالاتفاق وقومه كافرين ولذلك ذمهم الله دونه واختلف فى نبوته وقال بعضهم كان تبع يعبد النار فأسلم ودعا قومه الى الإسلام وهم حمير وكذبوه وكان قومه كهانا واهل كتاب فامر الفريقين ان يقرب كل منهعا قربانا ففعلوا فتقبل قربان اهل الكتاب فأسلم وذكر ابن اسحق فى كتاب المبدأ وقصص الأنبياء عليهم السلام ان تبع بن حسان الحميرى وهو تبع الاول اى الذي ملك الأرض كلها شرقها وغربها ويقال لة الرائش لانه راش الناس بما أوسعهم من العطاء وقسم فيهم من الغنائم وكان أول من غنم ولما عمد البيت يريد تخريبه رمى بداء تمخض منه رأسه قيحا وصديدا وأنتن حتى لا يستطيع أحد ان يدنو منه قدر رمح يعنى چون تبع بمكة رسيد واهل مكه او را طاعت نداشتند وخدمت نكردند تبع كفت وزير خود را كه اين چهـ شهر است و چهـ قوم اند كه در خدمت وطاعت ما تقصير كردند بعد از انكه جهانيان سر بر خط طاعت ما نهاده اند وزير كفت ايشانرا خانه هست كه آنرا كعبه كويند مكر بآن خانه معجب شده اند تبع در دل خويش نيت كرد كه آن خانه را خراب كند ومردان شهر را بكشد وزنان را أسير كند هنوز هنوز اين انديشه تمام نكرده بود كه رب العزه بدرد سر مبتلا كرد چنانكه او را طاقت نماند وآب كنديده از چشم وكوش وبينى وى كشاده كشت كه هيچ كس را بنزديك وى قرار نبود واطبا همه از معالجه وى عاجز گشتند كفتند اين بيمارى از چهار طبع بيرون افتاده كار اسما نيست وما معالجه آن راه نمى بريم پس دانشمندى فرا پيش آمد وكفت ايها الملك اگر سر خود با من بگويى من اين درد را(8/420)
درمان سازم ملك كفت من در كار اين شهر واين خانه كعبه چنين انديشه كرده ام دانشمند كفت زينهار اى ملك اين انديشه مكن وازين نيت باز كرد كه اين خانه را خداوندى است قادر كه آنرا بحفظ خويش ميدارد وهر كه قصد اين خانه كند دمار از وى برآرد تبع از ان انديشه توبه كرد وتعظيم خانه واهل كعبه ايمان آورد ودر دين ابراهيم عليه السلام شد بس كعبه را جامه پوشانيد وقوم خود را فرمود تا آنرا بزرك دارند وبا اهل وى نيكويى كنند پس از مكه بزمين يثرب شد آنجا كه مدينه مصطفاست صلى الله عليه وسلم ودر ان وقت شهر وبنا نبود چشمه آب بود تبع لشكر بسر آن چشمه فرو آورد ودانشمندانكه با وى بودند قريب دو هزار مرد عالم در كتاب خوانده بودند كه آن زمين يثرب مهاجر رسول آخر الزمانست ومهبط وحي قرآن چهار صد مرد از ايشانكه عالمتر وفاضلتر بودند با يكديكر بيعت كردند كه از ان بقعه مفارقت نكند وبر اميد ديدار رسول آنجا مقام كنند اگر او را خود دريابند والا فرزندان ونسل ايشان ناچار او را دريابند وبركات ديدار او بأعقاب وأرواح ايشان برسد اين قصه با تبع كفتند وتبع را همين رغبت افتاده يكسال آنجا مقام كرد وبفرمود تا چهار صد قصر بنا كردند آن جايگه هر عالمى را قصرى وهر يكى را كنيزكى بخريد وآزاد كرد وبزنى بوى داد با جهاز تمام وايشانرا وصيت كرد كه شما اينجا باشيد تا پيغمبر آخر زمان را دريابيد وخود نامه نبشت ومهر زرين بر ان نهاد وعالمى را سپرد وكفت اگر محمد را دريابى اين نامه بدو رسان واگر نيابى بفرزندان وصيت كن تا بدو رسانند ومضمون آن نامه اين بود كه اى پيغمبر آخر الزمان اى كزيده خداوند جهان اى بروز شمار شفيع بندگان من كه تبعم بنو ايمان آوردم بآن خداوند كه تو بنده و پيغمبر اويى كواه باش كه بر ملت توأم وبر ملت پدر تو ابراهيم خليل عليه السلام اگر ترا بينم واگر نه بينم تا مرا فراموش نكنى وروز قيامت مرا شفيع باشى آنكه نامه را مهر بر نهاد وبران مهر نوشته بود لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله وعنوان نامه نوشته الى محمد بن عبد الله خاتم النبيين
ورسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم من تبع امانة الله فى يد من وقع الى ان يوصل الى صاحبه كفته اند مردمان مدينه ايشان كه أنصار رسول خدااند از نژاد آن چهار صد مرد عالم بودند وابو أيوب الأنصاري كه رسول خدا بخانه او فرود آمد از فرزندان آن عالم بود كه تبع را نصيحت كرده بود تا از ان علت شفا يافت وخانه ابو أيوب الأنصاري كه رسول خدا آنجا فرو آمد از جمله بناها بود كه تبع كرده بود چون رسول خدا هجرت كرد بمدينه نامه تبع بوى رسانيدند رسول خدا نامه بعلى داد تا بر خواند رسول سخنان تبع بشنيد واو را دعا كرد وآنكس كه نامه رسانيد نام او ابو ليلى بود او را بنواخت وإكرامي كرد وبروايتى تبع مردمى آتش پرست بود بر مذهب مجوس از نواحى مشرق درآمد با لشكر عظيم ومدينه مصطفى عليه السلام بگذشت و پسرى از ان خويش آنجا رها كرد اهل مدينه آن پسر را بفريب وحيله بكشتند تبع بازگشت بر عزم آنكه مدينه خراب كند واهل آنرا استئصال كند جماعتى كه أنصار رسول الله از نژاد ايشانند همه مجتمع شد وبفتال وى بيرون آمدند بروز(8/421)
با وى جنك ميكردند وبشب او را مهمان دارى ميكردند تبع را سيرت ايشان عجب آمد كفت ان هؤلاء كرام إينان قومى اند كريمان وجوانمردان پس دو حبر از أحبار بنى قريظه نام ايشان كعبه واسد هر دو ابن عم يكديكر بودند برخواستند و پيش تبع شدند واو را نصيحت كردند كفتند اين مدينه هجرت كاه پيغمبر آخر زمانست وما در كتاب خداى نعت وى خوانده ايم وبر اميد ديدار وى اينجا نشسته ايم ودانيم كه ترا اهل اين شهر دستى نباشد ونصرتى نبود خويشتن را در معرض بلا وعقوبت مكن نصيحت تا بشنو ونيت خود بگردان پس آن وعظ بر تبع اثرى عظيم كرد واز ايشان عذر خواست ايشان چوأثر قبول در وى ديدند او را بر دين خويش دعوت كردند تبع قبول كرد وبدين ايشان بازگشت وايشانرا إكرام كرد واز مدينه بسوى يمن بازگشت وآن دو حبر ونفرى ديكر از يهود بنى قريظه با وى رفتند جمعى از بنى هذيل پيش تبع آمدند كفتند ايها الملك انا ادلك على بيت فيه كنز من لؤلؤ وزبرجد اگر خواهى بردارى بر دست تو آسان بود كفت آن كدام خانه است كفتند خانه ايست در مكه ومقصود هذيل هلاك تبع بود كه از نقمت وى مى ترسيدند دانستند كه هر كه قصد خانه كعبه كند هلاك شود تبع با أحبار يهود مشورت كرد وآن سخن كه هذيل كفته بودند بايشان كفت اخبار كفتند زينهار كه انديشه بد نكنى در كار آن خانه كه در روى زمين خانه از ان عظيم تر نيست آنرا بيت الله كويند آن قوم ترا اين دلالت كردن جز هلاك تو نخواستند چون آنجا رسى تعظيم كن تا ترا سعادت ابد حاصل شود تبع چون اين سخن بشنيد آن جمع هذيل بگرفت وسياست كرد چون بكعبه رسيد طواف كرد وكعبه را در نبود آنرا در برنهاد وقفل برزد وآنرا جامه پوشيد وشش روز آنجا مقيم شد هر روز در منحر هزار شتر قربان كرد واز مكه سوى يمن شد قوم وى حمير بودند كاهنان وبت پرستان تبع ايشانرا بر دين خويش وبر حكم تورات دعوت كرد ايشان نپذيرفتند تا آنكه حكم خويش بر آتش بردند وآن آتشى بود كه فرا ديد آمدى در دامن كوه وهركرا خصمى بودى وحكمى كه در ان مختلف بودى هر دو خصم بنزديك آتش آمدندى آنكس كه بر حق بودى او را از آتش كزند نرسيدى واو كه نه بر حق بودى بسوختى جماعتى از حمير بتان خود را برداشتند وبدامن آن كوه آمدند وهمچنين اين دو حبر كه با تبع بودند دفتر تورات برداشته وبدامن آن كوه آمدند ودر راه آتش نشستند آتش از مخرج خود برآمد وآن قوم حمير را وآن بتان را همه نيست كرد وبسوخت وآن دو حبر كه تورات داشتند وميخواندند از آتش ايشانرا هيچ رنج وكزند نرسيد مكر از پستانى ايشان عرقى روان كشت وآتش از ايشان دركذشت وبمخرج خويش باز شد آنكه باقى حمير كه بودند همه بدين اخبار بازگشتند فمن
هناك أصل اليهودية باليمن كذا فى كشف الاسرار وقيل حفر بئر بناحية حمير فى الإسلام فوجد فيه امر أتان صحيحتان وعند رؤسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب حبا وتليس او حبا وتماضرا وهذا قبر تماضر وقبر حبا بنتي تبع على اختلاف الروايات وهما تشهدان ان لا اله الا الله ولا تشركان به شيأ وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما(8/422)
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (39)
از همه در صفات وذات خدا ليس شىء كمثله ابدا ... كر خدا بودى از يكى افزون
كى بماندى جهان بدين قانون ... داند آنكس ز عقل باشد بهر
كه دوشه را چوجا شود در شهر ... سلك جمعيت از نظام افتد
رخنه در كار خاص وعام افتد
جل من لا اله الا هو حسبنا الله لا اله سواه وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما اى ما بين الجنسين وقرىء ما بينهن نظرا الى مجموع السموات والأرض لاعِبِينَ من غير ان يكون فى خلقهما غرض صحيح وغاية حميدة يقال لعب فلان إذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا وفى التعريفات اللعب فعل الصبيان يعقبه التعب من غير فائده ما خَلَقْناهُما وما بينهما ملتبسا بشىء من الأشياء إِلَّا مللتبسا بِالْحَقِّ فهو استثناء مفرغ من أعم الأحوال او ما خلقناهما بسبب من الأسباب الا بسبب الحق الذي هو الايمان والطاعة والبعث والجزاء فهو استثناء من أعم الأسباب وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ اى كفار مكة بسبب الغفلة وعدم الفكرة لا يَعْلَمُونَ ان الأمر كذلك فينكرون البعث والجزاء والآية دليل على ثبوت الحشر فانه لو لم يحصل البعث والجزاء لكان هذا الخلق عبثا لانه تعالى خلقهم وما ينتظم به اسباب معايشهم ثم كلفهم بالايمان والطاعة ليتميز المطيع من العاصي بأن يكون الاول متعلق فضله وإحسانه والثاني متعلق عدله وعقابه وذلك لا يكون فى الدنيا لقصر زمانها وعدم الاعتداد بمنافعها لكونها مشوبة بانواع المضار والمحن فلا بد من البعث والجزاء لتوفى كل نفس ما عملت فالجزآء هو الذي سبقت اليه الحكمة فى خلق العالم من رأسها إذ لو لم يكن الجزاء كما يقول الكافرون لاستوت عند الله احوال المؤمن والكافر وهو محال اعلم ان لتجليات الوجودية انما هى للتجليات الشهودية فكل من السموات والأرض الصورية وما بينهما من الموجودات مظاهر صفات الحق فهى كالاصداف والصفات كالدرر والمقصود بالذات انما هو الدرر لا الاصداف كما ان المقصود من المرآة انما هو الصورة المرئية فيها فكان كل موجود كاللباس على سر من الاسرار الالهية وكذا كل وضع من أوضاع الشريعة رمز الى حقيقة من الحقائق فلا بد من إقامته لتحصل حقيقته وهذا بالنسبة الى الآفاق واما بالنسبة الى الأنفس فالارواح كالسموات والأشباح كالارض والقلوب والاسرار والنفوس كما بينهما وكلها مظاهر حق لا سيما القلوب أصداف درر المعارف الالهية التي لم يخلق الانس والجن الا لتحصيلها ولكن مرآة قلب أكثرهم مكدرة بصدأ صفات البشرية وهم لا يعلمون انهم مرءاة لظهور صفات الحق ولهذا قال صلى الله عليه وسلم من عرف نفسه يعنى بالمرء آتية عند صفائها فقد عرف ربه اى بتجلى صفاته فيها فقد عرفت انه ما فى الوجود الا الحق واما الباطل فاضافى لا يقدح فى ذلك الا ترى الى الشيطان فانه باطل من حيث وجوده الظلي ومن حيث دعوة الخلق الى الباطل والضلال لكنه حق فى نفسه لانه موجود وكل موجود فهو من التجليات الالهية (حكى) ان رجلا راى خنفساء فقال ماذا يريد الله من خلق هذه أحسن شكلها أم طيب ريحها قابتلاه الله بقرحة عجز عنها الأطباء حتى ترك علاجها فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين ينادى فى الدرب فقال هاتوه حتى ينظر فى امرى فقالوا ما تصنع بطرقي وقد عجز عنك حذاق الأطباء فقال لا بد لى منه فلما احضروه ورأى القرحة استدعى بخنفساء فضحك(8/423)
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (41) إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (42) إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44)
الحاضرون فتذكر العليل القول الذي سبق منه فقال احضروا ما طلب فان الرجل على بصيرة فأحرقها ووضع رمادها على قرحته فبرئت بإذن الله تعالى فقال للحاضرين ان الله تعالى أراد ان يعرفنى ان أخس المخلوقات أعز الادوية يكى از خواجكان نقشبنديه ميفرمود كه شبى در زمان جوانى بداعيه فسادى از خانه بيرون آمدم ودر ده ما عسسى بغايت شرير وبد نفس كه بشرارت نفس او كسى نمى دانستم وهمه اهل ده ازو مى ترسيدند در آن دل شب ديدم چاى در كمين استاده چون او را بديدم ازو بغايت ترسيدم وترك فساد كردم واز ان محل دانستم كه بد نيز درين كارخانه در كار بوده است چون بعض ظهورات حق آمد باطل پس منكر باطل نشود
جز جاهل در كل وجود هر كه جز حق نبيند ... باشد ز حقيقة الحقائق غافل
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ اى يوم القيامة الذي يفصل فيه الحق عن الباطل ويميز المحق من المبطل ويقضى بين الخلائق بين الأب والابن والزوج والزوجة ونحو ذلك قال بعضهم يوم الفصل يوم يفصل فيه بين كل عامل وعمله ويطلب بإخلاص ذلك وبصحته فمن صح له مقامه واعماله قبل منه وجزى عليه ومن لم تصح له اعماله كانت اعماله عليه حسرة (وفى المثنوى)
اى دريغا بود ما را پير وباد ... تا ابد يا حسرة شد للعباد
بر كذشته حسرت آوردن خطاست ... باز نايد رفته ياد آن هباست
مِيقاتُهُمْ اى وقت موعد الخلائق أَجْمَعِينَ يعنى هنكام جمع شدن همه أولين وآخرين فيوم الفصل اسم ان وميقاتهم خبرها وأجمعين تأكيد للضمير المجرور فى ميقاتهم والميقات اسم للوقت المضروب للفعل فيوم القيامة وقت لما وعدوا به من الاجتماع للحساب والجزاء قال فى بحر العلوم ميقاتهم اى حدهم الذي يوقتون به ولا ينتهون اليه ومنه مواقيت الإحرام على الحدود التي لا يتجاوزها من يريد دخول مكه الا محرما فان الميقات ما وقت به الشيء اى حد قال ابن الشيخ الفرق بين الوقت والميقات ان الميقات وقت يقدر لان يقع فيه عمل من الأعمال وان الوقت ما يقع فيه شىء سواء قدره مقدر لان يقع فيه ذلك الشيء أم لا يَوْمَ لا يُغْنِي بدل من يوم الفصل مَوْلًى ولى من قرابة وغيرها وبالفارسية دوستى وخويشاوندى عَنْ مَوْلًى اى مولى كان وبالفارسيه از دوست وخويش خود شَيْئاً اى شيأ من الإغناء والاجزاء على ان شيأ واقع موقع المصدر وتنكيره للتقليل ويجوز أن يكون منصوبا على المفعول به على ان يكون لا يغنى بمعنى لا يدفع بعضهم عن بعض شيأ من عذاب الله ولا يبعده فان الإغناء بمعنى الدفع وابعاد المكروه وبالفارسية چيزى را از عذاب ما يا سود نرسد كس كسى را هيچ چيز وتنكير مولى فى الموضعين للابهام فان المولى مشترك بين معان كثيرة يطلق على المالك والعبد والمعتق والصاحب والقريب كابن العم ونحوه والجار والحليف والابن والعم والنزيل والشريك وابن الاخت والولي والرب والناصر والمنعم والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر كما فى القاموس وكل من ولى امر واحد فهو وليه ومولاه فواحد من هؤلاء اى واحد كان لا يغنى عن مولاه اى مولى كان شيأ من الإغناء اى إغناء قليلا وإذا لم ينفع بعض الموالي بعضا ولم يغن عنه شيأ من العذاب بشفاعته كان عدم حصول ذلك ممن سواهم اولى وهذا فى حق الكفار يقال اغنى عنه كذا إذا كفاه والإغناء بالفارسية بى نياز كردانيدن ووا داشتن(8/424)
إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (42)
كسى را از كسى وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ الضمير لمولى الاول باعتبار المعنى لانه عام لوقوعه نكرة فى سياق النفي فكأنه جمع اى لا يمنعون مما نزل بهم من العذاب ولا يملكون ان يشفع لهم غيرهم إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ بالعفو عنه وقبول الشفاعة فى حقه وهم المؤمنون ومحله الرفع على البدل من الواو كما هو لمختار او النصب على الاستثناء إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الذي لا ينصر من أراد تعذيبه كالكفار الرَّحِيمُ لمن أراد أن يرحمه كالمؤمنين قال سهل من رحم الله عليه فى السوابق فأدركته فى العاقبة بركة تلك الرحمة حيث جعل المؤمنين بعضهم فى بعض شفيعا وفى الآية اشارة الى ان يوم القيامة يفصل بين أرباب الصفاء واصحاب الصدأ ولا يغنى مولى عن مولى ولا ناصر عن ناصر ولا حميم عن حميم ولا نسيب عن نسيب ولا شيخ عن مريد شيأ من الصفاء إذ لم يحصلوا هاهنا فى دار العمل ولا ينصرون فى تحصيل الصفاء ودفع الصدأ الا من رحمم الله عليه بتوفيق تصفية القلب فى الدنيا كما قال تعالى الا من أتى الله بقلب سليم انه هو العزير يعز من يشاء بصفاء القلب الرحيم يرحم من يشاء بالتجلى لمرءاة قلبه (حكى) انه كان اخوان فمات أحدهما فرأه الآخر فى المنام وسأله عن حاله فقال يا أخى من كان فى الدنيا أعمى فهو فى الآخرة أعمى فكان هذا سبب توبته وانابته حتى كان من الصلحاء الكاملين واعلم ان المقصود من العلم والعمل تزكية النفس فاذا حصلت هذه التزكية كان ثواب العمل الصالح كاللباس الفاخر على البدن الحسن الناضر وإذا لم تحصل كان كالزينة على الجسم القبيح فمن حسن ذاته فى الدنيا بازالة قبح نفسه جاء فى القيامة حسنا بالحسن الذاتي والعارضى والا فبالحسن العارضى فقط وهو ثواب العمل فاعرف هذا فلا بد من الاجتهاد والوقت باق رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا هريره را رضى الله عنه فرمود كه بر طريق آنها باش كه چون مردم بترسند ايشانرا هيچ ترسى نباشد و چون مردم از آتش أمان خواهند ايشان خود آمن باشند أبو هريره كفت يا رسول الله آنها كدام اند صفت وحليت ايشان با من بيان فرماى تا ايشانرا بشناسم فرمود كه قومى از امت من در آخر الزمان ايشانرا روز قيامت در محشر انبيا حشر كنند چون مردم بديشان نظر كنند ايشانرا پيغمبران پندارند از غايت علو مرتبت ومنزلت ايشان ناكاه من ايشانرا بشناسم وكويم امت من امت من وخلايق بدانند كه ايشان پيغمبران نيستند پس مانند برق وباد بگذرند و چشمهاى مردم از أنوار ايشان خيره شود ابو هريره كفت يا رسول الله مرا بعمل ايشان فرماى باشد كه بديشان ملحق شوم كفت صلى الله عليه وسلم اى أبا هريره اين قوم طريق دشوار اختيار كردند تا بدرجه انبيا رسيدند حق تعالى ايشانرا بطعام وشراب سير كردانيد وايشان كرسنكى وتشنكى اختيار كردند ولباس براى پوشيدن داد ايشان برهنكى كزيدند همه باميد رحمت ترك حلال كردند از خوف حساب با بدن خود در دنيا بودند ولكن بوى مشغول انكشتند ملائكه از اطاعت ايشان تعجب نمودند فطوبى لهم فطوبى لهم دوست ميدارم كه حق تعالى ميان من وايشان جمع كند از ان رسول الله عليه السلام كريه كرد در شوق ايشان وفرمود كه چون حق تعالى خواهد كه باهل زمين عقوبتى فرستد بديشان نظر كند عذاب را از اهل زمين باز كرداند(8/425)
إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44)
اى أبا هريره بر تو باد كه طريقه ايشانرا رعايت كنى هر كه طريقه ايشان را مخالفت كند در شدت حساب زحمت بيند
روشن دلى كه لذت تجريد بافتست ... بيرون رود ز خويش چو پيدا شود
كسى مى بايدش بخون جكر خورد غولها ... تا از غبار چشم مصفا شود كسى
إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ بدرستى كه درخت زقوم يعنى ميوه آن قال فى القاموس هى شجرة بجهنم وطعام اهل النار وفى عين المعاني شجرة فى أسفل النار مرتفعة الى أعلاها وما من دركة الا وفيها غصن منها انتهى فتكون هى فى الأسفل نظير طوبى فى الأعلى وفى كشف الاسرار شجرة الزقوم على صورة شجر الدنيا لكنها من النار والزقوم ثمرها وهو ما أكل بكره شديد وقيل طعام ثقيل فهو زقوم وفى المفردات شجرة الزقوم عبارة عن أطعمة كريهة فى النار ومنه استعير زقم فلان وتزقم إذا ابتلع شيأ كريها يقول الفقير وعلى تقدير ان يكون الزقوم بلسان البرير وهم جيل بالغرب وامة اخرى بين الحبش والزنج بمعنى الزبد والتمر فلعله وارد على سبيل التهكم كالتبشير فى قوله فبشرهم بعذاب أليم لانه تعالى وصف شجرة الزقوم بأنها تخرج فى اصل الجحيم كما مر فى الصافات فكيف يكون زبدا وفى انسان العيون لا تسلط لجهنم على شجرة الزقوم فان من قدر على خلق من يعيش فى النار ويلتذ بها كالسمندل فهو اقدر على خلق الشجر فى النار وحفظه من الإحراق بها وقد قال ابن سلام رضى الله عنه انها تحيى باللهب كما تحيى شجرة الدنيا بالمطر وثمر تلك الشجرة مر له زفرة انتهى يقول الفقير لا حاجة الى هذا البيان فانه كما يشابه ثمر الجنه وشجرها ثمر الدنيا وشجرها وان وقع الاشتراك فى الاسم وكذا ثمر النار وشجرها فالشجرية لا تنافى النارية فكيف تحترق فما أصله النار فهو نارى والناري لا يحترق بالنار ولذا قيل فى إبليس انه يعذب بالزمهرير وان أمكن الاحتراق بحسب التركيب وقد رأيت فى جزيرة قبرس حجرا يقال له حجر القطن يدق ويطرق فينعم حتى يكون كالقطن فيتخذ منه المنديل فحجريته لا تنافى القطنية وقد مر فى يس ان الله أخرج من الشجر الأخضر نارا طَعامُ الْأَثِيمِ اى الكثير الإثم والمراد به الكافر لدلالة ما قبله وما بعده عليه يعنى انهم اجمعوا على ان المراد بقوله لا يغنى مولى عن مولى شيأ هم الكفار وبقوله الا من رحم الله المؤمنون وكذا دل عليه قوله فيما سيأتى ان هذا ما كنتم به تمترون وكان ابو الدرداء رضى الله عنه لا ينطلق لسانه فيقول طعام اليتيم فقال عليه السلام قل طعام الفاجر كما فى عين المعاني وقال فى الكواشي عن ابى الدرداء انه اقرأ إنسانا طعام الأثيم فقال طعام اليتيم مرارا فقال له قل طعام الفاجر يا هذا وفى هذا دليل لمن يجوز ابدال كلمة بكلمة إذا أدت معناها ولابى حنيفة فى تجويز القراءة بالفارسية إذا أدت المعنى بكماله قالوا وهذه اجازة كلا اجازة لان فى كلام العرب خصوصا فى القرآن المعجز بفصاحته وغرابة نظمه واساليبه من لطائف المعنى ما لا يستقل بأدائه لغة ما قال الزمخشري ابو حنيفة ما كان يحسن الفارسية فلم يكن ذلك منه عن تحقق وتبصر وعن ابى الجعد عن ابى يوسف عن ابى حنيفة مثل قول صاحبيه فى عدم جواز القراءة بالفارسية الى هنا كلام الكواشي وقال فى فتح الرحمن يجوز عند ابى حنيفة ان يقرأ بالفارسية إذا أدت المعاني بكما الها من غير ان يخرم منها شيئا وعنه لا تجوز القراءة بالفارسية(8/426)
كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51)
الا لعاجز عن العربية وهو قول صاحبيه وعليه الاعتماد وعند الثلاثة لا يجوز بغير العربية انتهى ويروى رجوعه الى قولهما فى الأصح كما فى الفقه والفتوى على قولهما كما فى عيون الحقائق وجاء من أحسن ان يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسيه فانه يورث الفاق كما فى انسان العيون يقول الفقير بطلان القراءة بالفارسية ظاهر على تقدير ان يكون كل من النظم والمعنى ركنا للقرءآن كما عليه الجمهور ولعل الامام لم يجعل النظم ركنا لازما فى الصلاة عند العجز فأقام العبارة الفارسية مقام النظم كما أن بعضهم لم يجعل الإقرار باللسان ركنا من الايمان بل شرطا لازما لاجراء احكام المسلمين عليه وان اعترض بان تحت كل حرف من القرآن ما لا تفى به العبارة من الإشارات فلا تقوم لغة مقامه فيرد بأن علماء اصول الحديث جوزوا اختصار الحديث للعالم لا للجاهل مع انه عليه السلام اوتى جوامع الكلم وفى كل كلمة من كلامه اسرار ورموز فاعرف هذا كَالْمُهْلِ خبر بعد خبرأ وخبر مبتدأ محذوف اى هو كالمهل عن النبي عليه السلام فى تفسير المهل كعكر الزيت وهو درديه فاذا قرب الى وجهه سقطت فروة وجهه فيه وشبه بالمهل فى كونه غليظا اسود وقال بعضهم المهل ما يمهل فى النار حتى يذوب كالحديد والرصاص والصفر ونحوها وشبه الطعام بالنحاس او الصفر المذاب فى الذوب ونهاية الحرارة لا فى الغليان وانما يغلى ما شبه به يَغْلِي فِي الْبُطُونِ اى حال كون ذلك الطعام يغلى فى بطون الكفار كَغَلْيِ الْحَمِيمِ غليانا كغليان الماء الحار الذي انتهى حره وغليانه لشدة حرارته وكراهية المعدة إياه قال بعضهم پاره پاره كند رودهاى ايشان وبگذارد امعا واحشا را وفى الحديث ايها الناس اتقوا الله حق تقاته فلو أن قطرة من الزقوم قطرت على الأرض لامرت على اهل الدنيا معيشتهم فكيف بمن هو طعامه وليس له طعام غيره والغلى والغليان التحرك والارتفاع وبالفارسية جوشيدن قال فى المفردات الغلى والغليان يقال فى القدر إذا طفحت اى امتلأت وارتفعت ومنه استعير ما فى الآية وبه شبه غليان الغضب والحرب وفى الآية اشارة الى ان الأثيم وهو الذي عبد صنم الهوى وغرس شجرة الحرص فأثمرت الشهوات النفسانية اللذيذة على مذاق النفس فى الدنيا يكون طعامه فى الآخرة الزقوم الذي مر وصفه
نفس را بدخو بناز ونعمت دنيا مكن ... آب ونان سير كاهل ميكند مذدور را
خُذُوهُ على ارادة القول والخطاب للزبانية اى يقال للزبانية يوم القيامة خذوا الأثيم فلا يأخذونه الا بالنواصي والاقدام فَاعْتِلُوهُ اى جروه بالعنف والقهر فان العتل الاخذ بمجامع الثوب ونحوه وجره بقهر وعنف قال فى تاج المصادر العتل كشيدن بعنف وفى القاموس عتله يعتله ويعتله فانعتل جره عنيفا فحمله وهو معتل كمنبر قوى على ذلك إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ اى وسطها ومعظمها الذي تستوى المسافة اليه من جميع جوانبه وبالفارسية وبميانه دوزخ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ صب الماء اراقته من أعلى والعذاب ليس بمصبوب لانه ليس من الأجسام المائعة فكان الأصل يصب من فوق رؤوسهم الحميم فقيل يصب من فوق رؤوسهم العذاب وهو الحميم للمبالغة ثم أضيف العذاب الى الحميم للتخفيف وزيد من للدلالة على ان المصبوب بعض هذا النوع وبالفارسية آنگاه بريزيد بر زبر سر او از عذاب آب كرم تا تمام بيرون بدن(8/427)
ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51)
او بريختن آب معذب شود چنانچهـ درون آواز ز قوم معذبست يروى ان الكافر إذا دخل النار يطعم الزقوم ثم ان خازن النار يضربه على رأسه بمقمعة يسيل منها دماغه على جسده ثم يصب الحميم فوق رأسه فينفذ الى جوفه فيقطع الأمعاء والاحشاء ويمرق من قدميه وفى الآية اشارة الى عذاب الحسرة والحرمان وحرقة الهجران فى قعر النيران ذُقْ هذا العذاب المذل المهين إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ فى نظرك الْكَرِيمُ عند قومك اى وقولوا له ذلك استهزاء به وتقريعا له على ما كان يزعمه من انه عزيز كريم فمعناه الذليل المهان (روى) ان أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين جبلى مكة أعز وأكرم منى فو الله ما تستطيع أنت ولا ربك ان تفعل بي شيأ فوردت الآية وعيدا له ولأمثاله عجبا كيف اقسم بالله تعظيما له ثم نفى الاستطاعة عنه مع ان الرسول عليه السلام كان لا يدعو ربا سواه فالكلام المذكور من حيرة الكفر وحكم الجهل وتعصب النفس كما قالوا أمطر علينا حجارة من السماء وفى لفظ الذوق اشارة الى انه كان معذبا فى الدنيا ولكن لما كان فى نوم الغفلة وكثافة الحجاب لم يكن ليذوق ألم العذاب فلما مات انتبه وذاق ألم ما ظلم به نفسه إِنَّ هذا العذاب ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ تشكون فى الدنيا او تمارون فيه اى تجادلون بالباطل وبالفارسية شك مى آورديد تا اكنون معاينه بديديد والجمع باعتبار المعنى لان المراد جنس الأثيم ثم هذا الامتراء انما كان بوساوس الشيطان وهواجس النفس فلا بد من دفعهما والاتصاف بصفة القلب وهو اليقين ولذا قال عليه السلام ويل للشاكين فى الله وهم الذين لم يؤمنوا به تعالى يقينا ومن ذلك انكار بعض أحكامه وأوامره وكذا الإصرار على المعاصي بحيث لا يبالى بها فلو ترك الصلاة متعمدا ولم ينو القضاء ولم يخف عقاب الله فانه يكفر لان الا من كفر (وفى المثنوى)
بود كبرى در زمان با يزيد ... كفت او را يك مسلمان سعيد
كه چهـ باشد كر تو اسلام آورى ... تا بيابى صد نجات وسرورى
كفت اين ايمان اگر هست اى مريد ... آنكه دارد شيخ عالم بايزيد
من ندارم طاقت آن تاب آن ... كان فزون آمد ز كوششهاى جان
كرچهـ در ايمان ودين ناموقنم ... ليك در ايمان او بس مؤمنم
مؤمن ايمان اويم در نهان ... كرچهـ مهرم هست محكم در دهان
باز ايمان كر خود ايمان شماست ... نى بدان ميلستم ونى مشتهاست
آنكه صد ميلش سوى ايمان بود ... چون شما را ديد زان فاتر شو
زانكه نامى بيند ومعنيش نى ... چون بيابانرا مفازه كفتنى
وفيه اشارة الى ان المريد إذا كان قوى الايمان والعلم والمعرفة كان عمله واجتهاده فى الظاهر بقدر ذلك وقس عليه حال الضعيف والشاك والمتردد نسأل الله سبحانه ان يسقينا من كأس قوة اليقين انه هو المفيض المعين إِنَّ الْمُتَّقِينَ اى عن الكفر والمعاصي وهم المؤمنون المطيعون فِي مَقامٍ فى موضع قيام والمراد المكان على الإطلاق فانه من الخاص الذي شاع استعماله فى معنى العموم يعنى انه عام ومستعمل فى جميع الامكنة حتى قيل لموضع القعود مقام وان لم يقم فيه أصلا أَمِينٍ يأمن صاحبه الآفات والانتقال عنه على ان وصف المقام بالأمن من المجاز فى الاسناد كما فى قولهم جرى النهر فالامن ضد الخوف والامين بمعنى ذى الامن وأشار الزمخشري الى وجه آخر وهو ان الامين من(8/428)
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (56) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)
الامانة التي هى ضد الخيانة وهى فى الحقيقة صفة صاحب المكان لكن وصف به المكان بطريق الاستعارة التخييلية كأن المكان المخيف يحزن صاحبه وناز له بما يلقى فيه من المكاره او كناية لان الوصف إذا أثبت فى مكان الرجل فقد أثبت له لقولهم المجد بين ثوبيه والكرم بين برديه كما فى بحر العلوم وفى الآية اشارة الى ان من اتقى بالله عما سواه يكون مقامه مقام الوحدة آمنا من خوف الاثنينية والى ان من كان فى الدنيا على خوف العذاب ووجل الفراق كان فى الآخرة على أمن وأمان وقال بعضهم المقام الامين مجالسة الأنبياء والأولياء والصديقين والشهداء يقول الفقير اما مجالستهم يوم الحشر فظاهرة لان فيها الامن من الوقوع فى العذاب إذ هم شفعاء عند الله واما مجالستهم فى الدنيا فلان فيها الامن من الشقاوة إذ لا يشقى بهم جليسهم وفى الآية اشارة اخرى لائحة للبال وهى ان المقام الامين هو مقام القلب وهى جنة الوصلة ومن دخله كان آمنا من شر الوسواس الخناس لانه لا يدخل الكعبة التي هى اشارة الى مقام الذات كما لا يقدر على الوسوسة حال السجدة التي هى اشارة الى الفناء فى الذات الاحدية قال أهل السنة كل من اتقى الشرك صدق عليه انه متق فيدخل الفساق فى هذا الوعد يقول الفقير الظاهر ان المطلق مصروف على الكامل بقرينة ان المقام مقام الامتنان والكامل هو المؤمن المطيع كما أشرنا اليه فى عنوان الآية نعم يدخل العصاة فيه انتهاء وتبعية لا ابتداء وأصالة كما يدل عليه الوعيد الوارد فى حقهم والا لاستوى المطيع والعاصي وقد قال تعالى أم نجعل المتقين كالفجار عفا الله عنا وعنكم أجمعين (قال الشيخ السعدي)
كسى را كه با خواجه تست جنك ... بدستش چرا مى دهى چوب وسنك
مع آخر كه باشد كه خوانش نهند ... بفرماى تا استخوانش نهند
ي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
بدل من مقام جيىء به دلالة على نزاهته واشتماله على طيبات المآكل والمشارب والمراد بالعيون الأنهار الجارية والتنكير فيهما للتعظيم يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ خبر ثان وإستبرق بقطع الهمزة وقرأ الخليل بوصلها قال فى كشف الاسرار السندس مارق من الحرير يجرى مجرى الشعار لهم وهو اللين من الدثار فى المعتاد والإستبرق ما غلظ منه وصفق نسجه يجرى مجرى الدثار وهو ارفع نوع من انواع الحرير والحرير نوعان نوع كلما كان ارق كان انفس ونوع كلما كان أرزن بكثرة الإبريسم كان أنفس يقول الفقير يحتمل عندى ان يكون السندس لباس المقربين والإستبرق لباس الأبرار يدل عليه ان شراب المقربين هو التسنيم الخالص وشراب الأبرار هو الرحيق الممزوج به وذلك ان المقربين اهل الذات والأبرار أهل الصفات فكما أن الذات ارق من الصفات فكذا لباس اهل الذات وشرابهم أرق وأصفى من لباس اهل الصفات وشرابهم ثم ان الإستبرق من كلام العجم عرب بالقاف قال فى القاموس الإستبرق الديباج الغليظ معرب استروه وتصغيره أبيرق وستبر بالتاء والطاء بمعنى الغليظ بالفارسية قال الجواليقي فى المعربات نقل الإستبرق من العجمية الى العربية فلو حقر او كسر لكان فى التحقير أبيرق وبالتكسير أباريق بحذف السين والتاء جميعا انتهى والتعريب جعل العجمي بحيث يوافق اللفظ العربي بتغييره عن منهاجه واجرائه على أوجه الاعراب وجاز وقوع اللفظ العجمي فى القرآن العربي لانه إذا عرب خرج من ان يكون عجميا إذا(8/429)
كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54)
كان متصرفا تصرف اللفظ العربي من غير فرق فمن قال القرآن أعجمى يكفر لانه معارضة لقوله تعالى قرءانا عربيا وإذا قال فيه كلمة أعجمية ففى أمره نظر لانه ان أراد وقوع الأعجمي فيه بتعريب فصحيح وان بلا تعريب فغلط مُتَقابِلِينَ اى حال كونهم متقابلين فى لمجالس ليستأنس بعضهم ببعض ومعنى متقابلين متواجهين لا ينظر بعضهم الى قفا بعض لدور ان الاسرة بهم فهم أتم للانس ودر تفسير سورآباديّ آورده كه اين مقابله روز مهمانى باشد در دار الجلال كه حق تعالى همه مؤمنانرا بر سر يك خوان بنشاند وهمه رويهاى يكديكر بينند وقال بعضهم متقابلين بالمحبة غير متدابرين بالبغض والحسد لان الله ينزع من صدورهم الغل وقت دخولهم الجنة وهذا التقابل من أوصاف اهل الله فى الدارين فطوبى لهم حيث انهم فى الجنة وهم فى الدنيا كَذلِكَ اى الأمر كذلك او أثبناهم اثابة مثل ذلك وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ اى قرناهم بهن وبالفارسية وقرين مى سازيم متقيانرا بزنان سفيد روى كشاده چشم فيتمتعون تارة بمؤانسة الاخوان ومقابلتهم وتارة بملاعبة النسوان من الحور العين ومزاوجتهن فليس المعنى حصول عقد التزويج بينهم وبين الحور فان التزويج بمعنى العقد لا يتعدى بالباء كما جاء فى التنزيل فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها وإذا لم يكن المراد عقد التزويج يقال زوجناك بها بمعنى كنت فردا فقرناك بها اى جعلناك شفعا بها والله تعالى جعلهم اثنين ذكرا وأنثى وقال فى المفردات لم يجىء فى القرآن زوجناهم حورا كما يقال زوجته بامرأة نبيها على ان ذلك لم يكن على حسب التعارف فيما بيننا من المناكح قال سعدى المفتى ثم لا يكون العقد فى الجنة لان فائدته الحل والجنة ليست بدار كلفة من تحريم او تحليل انتهى يقول الفقير يرد عليه ان الله تعالى جعل مهر حواء فى الجنة عشر صلوات على نبينا عليه السلام وهو لا يتعين بدون العقد الا ان يقال ذلك العقد ان صح ليس كالعقد المعهود وانما المقصود منه تعظيم نبينا عليه السلام وتعريفه لا التحليل وجعل عنوان الأمر ما هو فى صورة المهر ليسرى فى أنكحة أولادهما والظاهر أن المعاملة فيما بين آدم وحواء عليهما السلام فى الجنة كانت من قبيل المؤانسة ولم يكن بينهما مجامعة كما فى الدنيا وان ذهب البعض الى القربان فى الجنة مستدلا بقول قابيل انا من أولاد الجنة وذلك مطعون قال الشيخ الشهير بافتاده البرسوى الشريعة لا ترتفع ابدا حتى ان بعض الاحكام يجرى فى الآخرة ايضا مع انها ليست دار التكليف الا ترى أن كل واحد من اهل الجنة لا يتصرف الا فيما عين له من قبل لله ولذلك قال الله تعالى حور مقصورات فى الخيام ولاهل الجنة بيوت الضيافة يعملون فيها للضيافة للاحباب ويتنعمون ولكن أهليهم لا يظهرون لغير المحارم كما فى واقعات الهدائى قدس سره ثم الحور جمع الحوراء وهى البيضاء والعين جمع العيناء وهى العظيمة العينين فالحور هى النساء النقيات البياض يحارفيهن الطرف لبياضهن وصفاء لونهن واسعة الأعين حسانها او الشديدات بياض الأعين الشديدات سوادها قال فى القاموس الحور بالتحريك ان يشتد بياض بياض العين وسواد سوادها وتستدير حدقها وترق جفونها ويبيض ما حواليها او شدة بياضها وسوادها فى شدة بياض الجسد أو اسوداد العين كلها مثل الظباء ولا يكون فى بنى آدم بل يستعار لهم انتهى وفى المفردات قليل ظهور(8/430)
يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (56)
قليل من البياض فى العين من بين السواد وذلك نهاية الحسن من البين واختلف فى انهن نساء الدنيا او غيرهن فقال الحسن انهن من نساء الدنيا ينشئهن الله خلقا آخر وقال ابو هريرة رضى الله عنه انهن لسن من نساء الدنيا يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ اى يطلبون ويأمرون بإحضار ما يشتهونه من الفواكه لا يتخصص شىء منها بمكان ولا زمان وذلك لا يجتمع فى الدنيا يعنى ان فواكه الدنيا لا توجد فى كل مكان ولها ازمنة مخصوصة لا تستقدمها ولا تستأخرها آمِنِينَ اى حال كونهم آمنين من كل ما يسوؤهم أيا كان خصوصا الزوال والانقطاع وتولد الضرر من الإكثار وحجاب القلب كما يكون فى الدنيا فيكونون فى الصورة مشغولين بالحور العين وبما يشتهون من النعيم وبالقلوب متوجهين الى الحضرة مشاهدين لها لا يَذُوقُونَ فِيهَا اى فى الجنات الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى الموت والموتة مصدر ان من فعل واحد كالنفخ والنفخة الا ان الموتة أخص من الموت لان الموتة للوحدة والموت للجنس فيكون بعضا من جنس الموت وهو فرد واحد ونفى الوحدة أبلغ من نفى الجنس فكانت أقوى وانفى فى نفى الموت عن أنفسهم كأنه قال لا يذوقون فيها شيأ من الموت يعنى اقل ما ينطلق عليه اسم الموت كما بحر العلوم والاستثناء منقطع اى لا يذوقون الموت فى الجنة لكن الموتة الاولى قد ذاقوها قبل دخول الجنة يعنى مرك أول كه در دنيا چشيدند مؤمنانرا مرك آنست ثم إذا بعثوا ودخلوا الجنة يستمرون على الحياة چون معهود نزديك مردمان آنست كه هر زندكى را مرك در پى است حق تعالى خبرا داد كه حيات بهشت را مرك نيست بلكه حيات او جاودانست فعيشتهم المرضية مقارنة للحياة الابدية بخلاف اهل النار فانه لا عيشة لهم وكذا لا يموتون فيها ولا يحيون ويقال ليس فى الجنة عشرة أشياء ليس فيها هرم ولا نوم ولا موت ولا خوف ولا ليل ولا نهار ولا ظلمة ولا حر ولا برد ولا خروج ويجوز أن يكون الاستثناء متصلا على ان المراد بيان استحالة ذوق الموت فيها على الإطلاق كأنه قيل لا يذوقون فيها الموتة الا إذا أمكن ذوق الموتة الاولى فى المستقبل وذوق الماضي غير ممكن فى المستقبل لا سيما فى الجنة التي هى دار الحياة فهذا من باب التعليق بالمحال كقوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء الا ما قد سلف والمقصود انهم لا يذوقون فيها الموت البتة وكذا لا ينكحون منكوحات آبائهم قطعا وقيل الا بمعنى بعد او بمعنى سوى فان قلت هذا دليل على نفى الحياة والموت فى القبر قلت أراد به جنس الموت المتعارف المعهود فيما بين الخلق فان الموت المعهود لا يعرى عن الغصص والموت بعد الاحياء فى القبر يكون أخف من الموت المعهود كما فى الاسئلة المقحمة يقول الفقير دلت الآية على ان الموت وجودى لانه تعلق به الذوق وهو الاحساس به احساس الذائق المطعوم والأكثرون على انه عدمى اى معدوم فى الخارج غير قائم بالميت لان المعدوم لا يحتاج الى المحل وسيجيئ تحقيقه فى محله ان شاء الله تعالى وفى الآية اشارة الى انهم لا يذوقون فيها موت النفس بسيف المجاهدة وقمع الهوى وترك الشهوات الا الموتة الاولى فى الدنيا بقتل النفس بسيف الصدق فى الجهاد الأكبر وكما ان السيف لا يجرى على المعدوم فكذا على النفس الفانية إذ لا يموت الإنسان مرتين وايضا ان الموتة الاولى هى العدم قبل الوجود فبعد الوجود لا بذوق أحد الموت والعدم المحض(8/431)
فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58)
لان الله تعالى قد وهب له الوجود فلا يرجع عن هبته فانه غنى وما ورد من ان الحيوانات العجم تصير ترابا يوم القيمة حتى يتمنى الكافر ان يكون مثلها فذلك ليس باعدام محض بل الحاق بتراب ارض الآخرة ويجوز أن يقال ان وجودات الأشياء الخسيسة لا اعتبار لها والله سبحانه وتعالى أعلم وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ الوقاية حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره اى حفظهم من النار وصرفها عنهم وبالفارسية ونكاه ميدارد حق تعالى بهشتيانرا واز ايشان دفع ميكند عذاب دوزخ وفيه اشارة الى عذاب البعد وجحيم الهجران فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ منصوب بمقدر على المصدرية او الحالية اى اعطى المتقون ما ذكر من نعيم الجنة والنجاة من عذاب الجحيم عطاء وتفضلا منه تعالى لاجزاء للاعمال المعلولة واحتج اهل السنة بهذه الآية على ان كل ما وصل اليه العبد من الخلاص من النار والفوز بالجنة ونعيمها فانما يحصل بفضل الله وإحسانه وانه لا يجب عليه شىء من ذلك ففى اثبات الفضل نفى الاستحقاق فجميع الكرامات فضل منه على المتقين حيث اختارهم بها فى الاول وأخرجها من علل الاكتساب فان الاكتساب ايضا فضل إذ لو لم يخلق القدرة على كسب الكمالات وتحصيل الكرامات لما وجد العبد اليه سبيلا وفى الحديث لا يدخل أحدا منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار ولا أنا الا برحمة لله اى ولا انا أدخل الجنة بعمل الا برحمة الله وليس المراد به توهين امر العمل بل نفى الاغترار به وبيان انه انما يتم بفضل الله قال ابن الملك فى الحديث دلالة على مذهب اهل السنة وحجة على المعتزلة حيث اعتقدوا ان دخولها انما يحصل بالعمل واما قوله تعالى ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ونظائره فلا ينا فى الحديث لان الآية تدل على سببية العمل والمنفي فى الحديث عليته وإيجابه انتهى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى مواقع النجوم الدخول برحمة لله وقسمة الدرجات بالأعمال والخلود بالنيات فهذه ثلاثة مقامات وكذلك فى دار الشقاوة دخول أهلها فيها بعدل الله وطبقات عذابها بالأعمال وخلودهم بالنيات وأصل ما استوجبوا به هذا العذاب المؤبد المخالفة كما كانت فى لسعادة الموافقة وكذلك من دخل من العاصين النار لولا المخالفة لما عذبهم الله شرعا نسئل الله لنا وللمسلمين ان يستعملنا بصالح الأعمال ويرزقنا الحياء منه تعالى ذلِكَ آن صرف عذاب وحيات أبدى در بهشت هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا فوز وراءه إذ هو خالص من جميع المكاره ونيل لكل المطالب والفوز الظفر مع حصول السلامة كما فى المفردات يقول الفقير لما كان الموت وسيلة لهذ الفوز وبابا له ورد الموت تحفة المؤمن والموت وان كان من وجه هلكا فمن وجه فوز ولذلك قيل ما أحد الا والموت خير له اما المؤمن فانما كان الموت خيرا له لانه يتخلص به من السجن ويصل لى النعيم لمقيم فى روضات الجنات واما العاصي فلان الامهال فى الدنيا سبب لازدياد المعاصي والإثم كما قال تعالى انما نملى لهم ليزدادوا اثما وهو سبب لازياد العذاب (قال الشيخ سعدى)
نكو كفت لقمان كه نازيستن ... به از سالها بر خطا زيستن
هم از بامدادان در كلبه بست ... به از سود وسرمايه دادن ز دست
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ فذلكة للسورة الكريمة ونتيجة لها وللسان آلة لتكلم فى الأصل واستعير هنا لمعنى اللغة كما فى قوله عليه السلام لسان أهل الجنة(8/432)
فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)
العربية والمعنى انما سهلنا الكتاب المبين حيث أنزلناه بلغتك لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ كى يفهمه قومك ويتذكروا ويعملوا بموجبه وإذا لم يفعلوا ذلك فَارْتَقِبْ فانتظر لما يحل بهم من المقادير فان فى رؤيتها عبرة للعارفين وموعظة للمتقين إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ منتظرون لما يحل بك من الدوائر ولم يضرك ذلك فعن قريب يتحقق املك وتخيب آمالهم يعنى از ان تو نصرت الهى خواهد بود واز ان ايشان عذاب نامتناهى دوستان را هر دم فتحى تازه وخصمان را هر زمان رنجى آبى اندازه تابعان را وعده حسن المآب منكرانرا هيبت ذوقوا العذاب وفى عين المعاني او فارتقب الثواب فانهم كالمرتقبين العقاب لان المسيء ينتظر عاقبة الاساءة وعلى كلا التقديرين فمفعول الارتقاب محذوف فى الموضعين وفى الآية فوائد منها انه تعالى بين تيسير القرآن والتيسير ضد التعسير وقد قال فى آية اخرى انا سنلقى عليك قولا ثقيلا فبينهما تعارض والجواب هو ميسر باللسان وثقيل من حيث اشتماله على التكاليف الشاقة على المكلفين ولا شك ان التلاوة باللسان أخف من العمل ولهذا جاء فى بعض اللطائف انه مرض ابن لبعض العلماء فقيل له اذبح قربانا لعل الله يشفى ولدك فقال بل اقرأ قرءانا فقال بعض العرفاء انما اختار القرآن لانه فى لسانه وأغرض عن القربان لكونه فى جنانه لان حب المال مركوز فى القلب ففى إخراجه منه صعوبة ومنها انه تعالى قال بلسانك فأشار الى انه لو أسمعهم كلامه بغير الواسطة لماتوا جميعا لعدم تحملهم قال جعفر الصادق رضى الله عنه لولا تيسيره لما قدر أحد من خلقه أن يتلفظ بحرف من القرآن وأنى لهم ذلك وهو كلام من لم يزل ولا يزال وقال ابن عطاء يسر ذكره على لسان من شاء من عباده فلا يفتر عن ذكره بحال واغلق باب الذكر على من شاء من عباده فلا يستطيع بحال ان يذكره ومنها ان بعض المعتزلة استدل بقوله لعلهم يتذكرون على انه أراد من الكل الايمان ولم يرد من أحد الكفر وأجيب بأن الضمير فى لعلهم الى أقوام مخصوصين وهم المؤمنون فى علم الله تعالى يقول الفقير فى هذا الجواب نظر لان ما بعد الآية يخالفه فانهم لو كانوا مؤمنين فى علم الله لآمنوا ولما امر عليه السلام بانتظار الهلاك فى حقهم فالوجه ان يكون لعلهم يتذكرون علة بمعنى طلب ان يفهمه قومك فيتذكروا به او لكى يتذكروا ويتعظوا به فيفوا بما وعدوه من الايمان عند كشف العذاب عنهم وتفسيره بالارادة كما فعله اهل الاعتزال خطأ لان الارادة تستلزم المراد لا محالة ومنها ان انتظار الفرج عبادة على ما جاء فى الحديث لانه من الايمان وجاء فى فضيلة السورة الكريمة آثار صحيحة قال عليه السلام من قرأ حم الدخان ليله الجمعة أصبح مغفورا له اى دخل فى الصباح حال كونه مغفورا له فاصبح فعل تام بمعنى دخل فى الصباح لانه لو جعل ناقصا يكون المعنى حصل غفرانه وقت الصباح وليس المراد ذلك نعم لا يظهر المنع عن جعله بمعنى صار وعنه عليه السلام من قرأ الدخان فى ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك وهذا الحديثان رواهما ابو هريرة رضى الله عنه والاول أخرجه الترمذي وقال ابو امامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة او يوم الجمعة بنى الله له بيتا فى الجنة كما فى كشف الاسرار وبحر العلوم واسناد البناء الى الله مجاز اى يأمر الملائكة بان يبنوا له فى الجنة بثواب القراءة بيتا عظيما(8/433)
حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)
عاليا من در وياقوت مما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر يقول الفقير لما كان اصل البيت مأوى الإنسان بالليل وكان احياء الليل الذي فيه ترك البيتوتة غالبا بمثل التلاوة جعل بناء البيت جزاء للقراءة الواقعة فى الليلة المبنية على ترك البيتوتة ليكون الجزاء من جنس العمل وحمل النهار عليه فافهم جدا والله الموفق لمرضاته وتلاوة آياته وللعمل بحقائق بيناته وهو المعين لاهل عناياته تمت سورة الدخان بعون الملك المنان فى خامس شعبان من الشهور المنتظمة فى سلك سنة ثلث عشرة ومائة وألف سورة الجاثية سبع اوست وثلاثون آية مكية والاختلاف فى حم
سورة الجاثية
بسم الله الرحمن الرحيم
حم اى هذه السورة مسماة بحم وفى التأويلات النجمية يشير بالحاء الى حياته وبالميم الى مودته كائن قال بحياتي ومودتى لاوليائى لا شىء الى أحب من لقاء أحبابي ولا أعز ولا أحب على أحبابي من لقائى وفى عرائس البقلى الحاء يدل على ان فى بحر خياته حارت الأرواح والميم تدل على ان فى ميادين محبته هامت الاسرار يقول الفقير الحاء اشارة الى الحب الأزلي المتقدم ولذا قدمه والميم اشارة الى المعرفة الابدية المتأخرة ولذا أخره كما دل عليه قوله تعالى لداود عليه السلام كنت كنزا مخفيا فاحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف فان المحبة فى هذا الحديث القدسي متقدمة على المعرفة وذلك نزولا وبالعكس عروجا كما لا يخفى على اهل الذوق تَنْزِيلُ الْكِتابِ اى القرآن المشتمل على السور مطلقا خصوصا هذه السورة الجليلة وهو مبتدأ خبره قوله مِنَ اللَّهِ فدل على انه اى القرآن حق وصدق الْعَزِيزِ فدل على انه معجز غالب غير مغلوب الْحَكِيمِ فدل على انه مشتمل على حكم بالغة وعلى انه يحكم فى نفسه بنسخ ولا ينسخ فليس كما يزعم المبطلون من انه شعر أو كهانة او تقول من عنده ممكن معارضته وانه كاساطير الأولين مثل حديث رستم وإسفنديار وغيرهما فيجب ان يعرف قدره وان يكون الإنسان مملوأ به صدره ابو بكر شبلى قدس سره ببازار بغداد بركذشت پاره كاغذ ديد كه نام دوست بروى رقم بود ودر زير أقدام خلق افتاده شبلى چون آنرا ديد اضطرابى بر دل واعضاى وى افتاد آن رقعه برداشت وبپوشيد وآنرا معطر ومعنبر كرد وبا خود داشت كاه بر سينه نهادى ظلمت غفلت بزدودى وكاه بر ديده نهادى نور چشم بيفزودى تا آن روز كه بقصد بيت الله الحرام از بغداد بيرون آمد روى بباديه نهاد آن رقعه در دست كرفته وآنرا بدرقه روزكار خود ساخته در باديه جوانى را ديد فريد وغريب بى زاد وراحله از خاك بستر كرده واز سنك بالين ساخته سرشك از چشم او روان شده وديده در هوا نهاده شبلى بر بالين وى نشست وآن كاغذ پيش ديده او داشت كفت اى جوان برين عهد هستى جوان روى بگردانيد شبلى كفت انا لله مكر اندرين سكرات وغمرات حال اين جوانرا تبديل خواهد شد جوان باز نكريست وكفت اى شبلى دائما در غلطى آنچهـ تو در كاغذ مى بينى وميخوانى ما در صحيفه دل مى بينيم(8/434)
إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4)
ومى خوانيم يقول الفقير
سر عشق يار من مخفى بود در جان من ... كس نداند سر جانم را بجز جانان من
إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى فى خلقهما وخلق ما فيهما من آثار القدرة كالكواكب والجبال والبحار ونحوها لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ لشواهد الربوبية لاهل التصديق وادلة الإلهية لاهل التوفيق خص المؤمنين بالذكر لانتفاعهم بتلك الآيات والدلالات فانهم يستدلون بالمخلوق على الخالق وبالمصنوع على الصانع فيوحدونه وهو أول الباب ولذا قدم الايمان على الإيقان ولعل الوجه فى طى ذكر المضاف هنا وهو الخلق وإثباته فى الآية الآتية ان خلق السموات والأرض ليس بمشهود للخلق وان كانتا مخلوقتين كما قال تعالى ما أشهدتهم خلق السموات والأرض بخلاف خلق الإنسان وما يلحق به من خلق سائر الدواب فانه كما أنه يستدل بخلقه على خالقه فكذا يشاهد خلقه وتوالده فتكون المخلوقية فيه أظهر من الاول هكذا لاح بالبال والله اعلم بحقيقة الحال وهنا كلام آخر سيأتى وَفِي خَلْقِكُمْ اى من نطفة ثم من علقة منقلبة فى أطوار مختلفة الى تمام الخلق وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ عطف على المضاف دون المضاف اليه والا يكون عطفا على بعض الكلمة إذ المضاف والمضاف اليه كشىء واحد كالجار والمجرور قال سعدى المفتى رحمه الله العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار منعه سيبويه وجمهور البصريين وأجازه الكوفيون ويونس والأخفش قال ابو حيان واختاره الشلوبين وهو الصحيح وفصل بعض النحويين فأجاز العطف على المجرور بالاضافة دون الحرف انتهى والمعنى وفى خلق ما ينشره الله تعالى ويفرقه من دابة وهى كل ما يدب على وجه الأرض من الحيوان مع اختلاف صورها وأشكالها وكثرة أنواعها وأضمر ذكر الله لقرب العهد منه بخلافه فى وما انزل الله كما سيأتى آياتٌ بالرفع على انه مبتدأ خبره الظرف المقدم والجملة معطوفة على ما قبلها من الجملة المصدرة بان لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ اى من شأنهم ان يوقنوا بالأشياء على ما هى عليه واليقين علم فوق المعرفة والدراية ونحوهما وبينه وبين الايمان فروق كثيرة وحقيقة الايمان هو اليقين حين باشر الاسرار بظهور الأنوار الا ترى كيف سأل عليه السلام بقوله اللهم انى اسألك ايمانا يباشر قلبى ويقينا ليس بعده كفره يقول الفقير لم يقل للموقنين كمال قال للمؤمنين اشارة الى قلة هذا الفريق بالنسبة الى الاول وخص الإيقان بخلق الأنفس لان ما قبله من الايمان بالآفاق وهو ما خرج عنك وهذا من الايمان بالأنفس وهو ما دخل فيك وهذا أخص درجات الايمان فانه إذا أكمل الايمان فى مرتبة الآفاق يترقى العبد الى المشاهدة فى مرتبة الأنفس فكمال اليقين انما هو فى هذه المرتبة لا فى تلك المرتبة لان العلم بما دخل فيك أقوى منه بما خرج عنك إذ لا يكذبه شىء ولذا جاء العلم الضروري أشد من العلم الاستدلالي وضم خلق الدواب الى خلق الإنسان لاشتراك الكل فى معنى الجنس فافهم جدا واقنع وفى التأويلات النجمية ان العبد إذا أمعن نظره فى حسن استعداده ظاهرا وباطنا وانه خلق فى احسن تقويم ورأى استواء قده وقامته وحسن صورته وسيرته واستكمال عقله وتمام تمييزه وما هو مخصوص به فى جوارحه وجوانحه ثم نفكر فيما عداه من الدواب واجزائها واعضائها وأوصافها وطباعها وقف على اختصاص وامتياز بنى آدم بين البرية من الجن فى الفهم والعقل والتمييز ثم(8/435)
وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)
فى الايمان ومن الملائكة فى حمل الامانة وتعلم علم الأسماء ووجوه خصائص اهل الصفوة من المكاشفات والمشاهدات والمعاينات وانواع التجليات وما صار به الإنسان خليفة ومسجود الملائكة المقربين وعرف تخصيصهم بمناقبهم وانفرادهم بفضائلهم فاستيقن ان الله كرمهم وعلى كثير من المخلوقات فضلهم وانهم محمولوا العناية فى بر الملك وبحر الملكوت (قال الصائب)
اى رازنه فلك ز وجودت عيان همه ... در دامن تو حاصل دريا وكان همه
اسرار چار دفتر ومضمون نه كتاب ... در نقطه تو ساخته ايزد نهان همه
قدوسيان بحكم خداوند امر ونهى ... پيش تو سر كذاشته بر آستان همه
روحانيان براى تماشاى جلوه ات ... چون كودكان برآمده بر آسمان همه
وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ اى وفى اختلافهما بتعاقبهما او بتفاوتهما طولا وقصرا او بسواد الليل وبياض النهار وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ عطف على اختلاف مِنْ رِزْقٍ اى مطر وهو سبب الرزق عبر عنه بذلك تنبيها على كونه آية من جهتى القدرة والرحمة فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بأن أخرج منها اصناف الزروع والثمرات والنباتات بَعْدَ مَوْتِها يبنها وعرائها عن آثار الحياة وانتفاء قوة التنمية عنها وخلو أشجارها عن الثمار ففيه تشبيه للرطوبة الارضية بالروح الحيواني فى كونها مبدأ التوليد والتنمية وتشبيه زوالها بزوال الروح وموت الجسد وفيه اشارة الى أرض القلوب فانها عند استيلاء أوصاف البشرية عليها فى أوان الولادة الى حد البلوغ محرومة من غذاء تعيش به وهو او امر الشريعة ونواهيها المودعة فيها نور الايمان الذي هو حياة القلوب فعند البلوغ ينزل غيث الرحمة رزقا لها فيحصل لها الحياة المعنوية وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ تحويلها من جهة الى اخرى وتبديلها من حال الى حال إذ منها مشرقية ومغربية وجنوبية وشمالية وحارة وباردة ونافعة وضارة وتأخيره عن إنزال المطر مع تقدمه عليه فى الوجود اما للايذان بأنه آية مستقلة حيث لو روعى الترتيب الوجودي لربماتوهم ان مجموع تصريف الرياح وإنزال المطر آية واحدة واما لان كون التصريف آية ليس بمجرد كونه مبدأ لانشاء المطر بل له ولسائر المنافع التي من جملتها سوق السفن فى البحار آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ بالرفع على انه مبتدأ خبره ما تقدم من الجار والمجرور والجملة معطوفة على ما قبلها وتنكير آيات فى المواضع الثلاثة للتفخيم كما وكيفا والعقل يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم ويقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك القوة عقل ولهذا قال امير المؤمنين على كرم الله وجهه فان العقل عقلان فمطبوع ومسموع ولا ينفع مطبوع إذا لم يك مسموع كما لا ينفع الشمس وضوء العين ممنوع والى الاول أشار النبي عليه السلام بقوله ما خلق الله خلقا أكرم عليه من العقل والى الثاني أشار بقوله ما كسب أحد شيأ أفضل من عقل يهديه الى هدى او يرده عن ردى وهذا العقل هو المعنى بقوله تعالى وما يعقلها الا العالمون وكل موضع ذم الكفار بعدم العقل فاشارة الى الثاني دون الاول وكل موضع رفع التكليف عن العبد لعدم العقل فاشارة الى الاول كما فى المفردات والمعنى لقوم ينظرون بعيون عقولهم ويعتبرون لانها دلائل واضحة على وجود صانعها وعظيم قدرته وبالغ حكمته وخص العقلاء بالذكر لانه بالعقل يمكن الوقوف على الدلائل يقول الفقير لعل سر تخصيص العقل بهذا المقام وتأخيره عن الايمان والإيقان(8/436)
تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9)
ان هذه الآية دائرة بين علوى وسفلى وما بينهما وللعقل مدخل تعقل كل ذلك واشتراك بين الايمان والإيقان فافهم جدا وفيه اشارة الى ان الله تعالى جعل العلوم الدينية كسبية مصححة بالدلائلى وموهبية محققة بالشواهد فمن لم يستبصر بهما زلت قدمه عن الصراط المستقيم ووقع فى عذاب الجحيم فاليوم فى الحيرة والتقليد وفى الآخرة فى الوعيد بالتخليد جعلنا الله وإياكم من أهل الدلائل والشواهد وعصمنا من عمى كل منكر جاحد انه هو الفرد الواحد تِلْكَ الآيات القرءانية من أول السورة وهو مبتدأ خبره قوله آياتُ اللَّهِ المنبهة على الآيات التكوينية نَتْلُوها عَلَيْكَ بواسطة جبرائيل حال كوننا بِالْحَقِّ اى محقين او حال كون الآيات ملتبسة بالحق والصدق بعيدة من الباطل والكذب وقال فى بحر العلوم نتلوها عليك حال عاملها معنى الاشارة كأنه قيل نشير إليها متلوة عليك تلاوة متلبسة بالحق مقترنة به بعيدة من الباطل واللعب والهزل كما قال وما هو بالهزل انتهى ويجوز ان تكون تلك اشارة الى الدلائل المذكورة اى تلك دلائله الواضحة على وجوده ووحدته وقدرته وعلمه وحكمته نتلوها عليك اى بتلاوة النظم الدال عليها فَبِأَيِّ حَدِيثٍ من الأحاديث وخبر من الاخبار بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ اى بعد آيات الله وتقديم الاسم الجليل لتعظيمه كما فى قولهم أعجبني زيد وكرمه يريدون أعجبني كرم زيد ونظيره قوله تعالى واعلموا انما غنمتم من شىء فان لله خمسه فان اسم الله هنا ايضا مذكور بطريق التعظيم كما سبق فقول ابى حيان فيه اقحام الأسماء من غير ضرورة غير مفيد او بعد حديث الله الذي هو القرآن حسبما نطق به قول تعالى الله نزل احسن الحديث وهو المراد بآياته ايضا ومناط العطف التغاير العنواني يُؤْمِنُونَ يعنى ان القرآن من بين الكتب السماوية معجزة باهرة فحيث لم يؤمنوا به فبأى كتاب بعده يؤمنون اى لا يؤمنون بكتاب سواه وقيل معناه القرآن آخر كتب الله ومحمد آخر رسله فان لم يؤمنوا به فبأى كتاب يؤمنون ولا كتاب بعده ولا نبى وفى الآية اشارة الى ان الايمان لا يمكن حصوله فى القلب الا بالله وكتابته فى القلوب وبإراءته المؤمنين آياته والا فلا يحصل بالدلائل المنطقية ولا بالبراهين العقلية قال الامام الرازي لحضرة الشيخ نجم الدين قدس سره بم عرفت ربك قال بواردات ترد على القلوب فتعجز النفوس عن تكذيبها وروى ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه السلام قال من أعجب الخلق ايمانا قالوا الملائكة قال عليه السلام وكيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينون الأمر قالوا فالنبيون قال عليه السلام وكيف لا يؤمن النبيون والروح ينزل عليهم بالأمر من السماء قالوا فأصحابك قال عليه السلام وكيف لا يؤمن أصحابي وهم يرون ما يرون ولكن اعجب الناس ايمانا قوم يجيئون بعدي يؤمنون بي ولم يرونى ويصدقوننى ولم يرونى فاولئك إخواني وفى الحديث اشارة الى ان الايمان المبنى على الشواهد القلبية أعلى من الايمان المبنى على الدلائل الخارجية وفى الكل فضل بحسب مقامه فأهل الايمان والتوحيد مطلقا مغفور لهم وعن ابى ذر رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال يا أبا ذر جدد إيمانك بكرة وعشيا فان سريعا يندرس الإسلام حتى لا يدرى أحد ما الصلاة وما الصيام وان واحدا منهم يقول ان من كان قبلنا يقولون لا اله الا الله ويدخلون هذه البيوت اى المساجد قيل(8/437)
وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9)
يا رسول الله إذا لم يصلوا ولم يصوموا فما يغنى عنهم قولهم لا اله الا الله قال عليه السلام بهذه الكلمة ينجون من نار جهنم وعن حذيقة رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مات رجل من بنى إسرائيل من قوم موسى عليه السلام فاذا كان يوم القيامة يقول الله لملائكته انظروا هل تجدون لعبدى من حسنة يفوز بها اليوم فيقولون انا لا نجد سوى ان نقش خاتمه لا اله الا الله فيقول الله تعالى ادخلوا عبدى الجنة فقد غفرت له وَيْلٌ كلمة عذاب بالفارسية سختىء عذاب لِكُلِّ أَفَّاكٍ كذاب والإفك كل مصروف عن وجهه الذي يحق ان يكون عليه أَثِيمٍ صيغة مبالغة بمعنى كثير الإثم كعليم بمعنى كثير العلم يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ صقة اخرى لأفاك والمراد آيات القرآن لان السماع انما يتعلق بها وكذا التلاوة فى قوله تُتْلى عَلَيْهِ حال من آيات الله ثُمَّ يُصِرُّ اى يقيم على كفره ويدوم عازما عليه عاقدا قال فى المفردات الإصرار التعقد فى الذنب والتشدد فيه والامتناع من الإقلاع عنه وأصله من الصراى الشد والصرة ما يعقد فيها الدراهم مُسْتَكْبِراً عن الايمان بما سمعه من آيات الله والإذعان بما نطق به من الحق مزدريا لها معجبا بما عنده من الأباطيل وكان النضر بن الحارث بن عبد الدار وقد قتل صبرا يشترى من أحاديث العجم مثل حديث رستم وإسفنديار ويشغل بها الناس عن استماع القرآن فوردت الآية ناعية عليه وعلى كل من يسير سيرته ما هم فيه من الشر والفساد وذلك التعميم لكلمة الإحاطة والشمول وكلمة ثم لاستبعاد الإصرار والاستكبار بعد سماع الآيات التي حقها ان تذعن لها القلوب وتخضع لها الرقاب فهى محمولة على المعنى المجازى لانه الأليق بمرام المقام وان كان يمكن الحمل على الحقيقة ايضا باعتبار منتهى الإصرار كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها اى يصير كأنه لم يسمعها اى مشابها حاله حال من لم يسمعها فخفف وحذف ضمير الشان والجملة من يصير تشبيها بغير السامع فى عدم القبول والانتفاع فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ اى أنذره على إصراره واستكباره بعذاب أليم فان ذكر العذاب قرينة على الاستعارة استعيرت البشارة التي هى الاخبار بما يظهر سرور فى المخبر به للانذار الذي هو صده بإدخال الانذار فى جنس البشارة على سبيل التهكم والاستهزاء هذا إذا أريد المعنى المتعارف للبشارة وهو الخبر السار ويجوز أن يكون على الأصل فانها بحسب اصل اللغة عبارة عن الخبر الذي يؤثر فى بشرة الوجه بالتغيير وهو يعم خبر السرور والحزن ولذا قال فى كشف الاسرار أي أخبره خبرا يظهره اثر على بشرته من الترح وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اى إذا بلغه من آياتنا شىء وعلم انه من آياتنا لا انه علمه كما هو عليه فانه بمعزل من ذلك الكلام اتَّخَذَها اى الآيات كلها هُزُواً اى مهزوا بها لا ما سمعه فقط او الضمير للشىء والتأنيث باعتبار الآية يعنى بآن أفسوس كند وبصورتى باز نمايد كه از حق وصواب دور باشد كالنضر استهزأ بها وعارضها بحديث الفرس يرى العوام انه لا حقيقة لذلك وكأبى جهل حيث أطعمهم الزبد والتمر وقال تزقموا أفهذا ما يتوعدكم به محمد فحمل الزقوم على الزبد والتمر أُولئِكَ اشارة الى كل أفاك من حيث الانصاف بما ذكر من القبائح والجمع باعتبار شمول كل كما ان الافراد فى الضمائر السابقة باعتبار كل واحد(8/438)
مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10) هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11) اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)
واحد لَهُمْ بسبب جناياتهم المذكورة عَذابٌ مُهِينٌ يذلهم ويذهب بعزهم وصف العذاب بالاهانة توفية لحق استكبارهم واستهزائهم بآيات الله مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ اى جهنم كائنة من قدامهم لانهم متوجهون الى ما أعد لهم او من خلفهم لانهم معرضون عن ذلك مقبلون على الدنيا فان الوراء اسم للجهة التي يوار بها الشخص من خلف او قدام اى يسترها وقال بعضهم وراء فى الأصل مصدر جعل ظرفا ويضاف الى الفاعل فيراد به ما يتوارى به وهو خلفه والى المفعول فيردابه ما يواريه وهو قدامه ولذلك عد من الاضداد وفى القاموس الوراء يكون خلف وقدام ضد اولا لانه بمعنى وهو ما توارى عنك وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ولا يدفع ما كَسَبُوا من الأولاد والأموال شَيْئاً من عذاب فيكون مفعولا به أو لا يغنى عنهم فى دفع ذلك شيأ من الإغناء اى إغناء قليلا فيكون مصدرا يقال أغنى عنه إذا كفاه وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ اى ولا ينفعهم ايضا ما عبدوه من دون الله من الأصنام وتوسيط حرف النفي بين المعطوفين مع ان عدم إغناء الأصنام اظهر وأجلى من عدم إغناء الأموال والأولاد قطعا مبنى على زعمهم الفاسد حيث كانوا يطمعون فى شفاعتهم وفيه تهكم وَلَهُمْ فيما وراءهم من جهنم عَذابٌ عَظِيمٌ لا يعرف كنهه يعنى شدت آن از حد متجاوز است هذا اى القرآن هُدىً اى فى غاية الكمال من الهداية كأنه نفسها كقولك زيد عدل وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ القرآنية لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ اى من شدة العذاب أَلِيمٌ بالرفع صفة عذاب وبالفارسية از سخت ترين عذابى ألم رسانيده وفى الآيات إشارات منها ان بعض الناس يسمع آيات الله فى الظاهر إذ تتلى عليه ولا يسمعها بسمع الباطن ويتصامم بحكم الخذلان والغفلة فله عذاب أليم لاستكباره عن قبول الحق وعدم العمل بموجب الآيات وكذا إذا سمعها وتلاها بغير حضور القلب
تعتيست اين كه بر لهجه وصوت ... شود از تو حضور خاطر فوت
فكر حسن غنا برد هوشت ... متكلم شود فراموشت
نشود بر دل تو تابنده ... كين كلام خداست يابنده
ومن استمع بسمع الحق والفهم واستبصر بنور التوحيد فاز بذخر الدارين وتصدى لعز المنزلين ومنها ان العالم الرباني إذا أفاد شيأ من العلم ينبغى ان يكون فى حيز القبول ولا يقابل بالعناد والتأول على المراد من غير أن يكون هناك تصحيح بإسناد وذلك فان العبد يكاشف أمورا بتعريفات الغيب لا يتداخله فيها ريب ولا يتخالجه منها شك فمن استهان بها وقع فى ذل الحجاب وجهنم البعد كما عليه أهل الإنكار فى كل الاعصار حيث لا يقبلون اكثر ما ذكره مثل الامام الغزالي والامام المكي فيكونون كمن يؤمن ببعض ويكفر ببعض بموافقة الأهواء والأغراض ومنها ان القرآن هداية لكن للمقرين لا للنكرين فمن أقر بعباراته وإشاراته نجا من الخذلان والوقوع فى النيران ومن أنكرها وقع فى عذاب عظيم يذل فيه ويهان اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ بأن جعله أملس السطح يعلو عليه ما شأنه الغوص كالاخشاب ولا يمنع الغوص والحزق لميعانه فانه لو جعل خشن السطح بان كان ذا ارتفاع وانخفاض لم يتيسر جرى الفلك عليه وكذا لو جعله بحيث لا تطفو عليه الأخشاب ونحوها(8/439)
وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)
بل تسفلت وغرقت فيه لم يتيسر ذلك ايضا ولو جعله صلبا مصمتا يمنع الغوص فيه لم يمكن تحصيل المنافع المترتبة على الغوص لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ اى باذنه وتيسيره وأنتم راكبوها وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ بالتجارة والغوص على اللؤلؤ والمرجان ونحوها من منافع البحر وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ولكى تشكروا النعم المترتبة على ذلك بالإقرار بوحدانية المنعم بها وفى الاية اشارة الى انه تعالى سخر بحر العدم لتجرى فيه فلك الوجود بامره وهو امر كن والحكمة فى هذا التسخير مختصة بالإنسان لا بالفلك سخر البحر والفلك له وسخره لنفسه ليكون خليفته ومظهرا لذاته وصفاته نعمة منه وفضلا لاظهار الكنز المخفي فبحسب كل مسخر من الجزئيات والكليات يجب على العبد شكره وشكره ان يستعمله فى طلب الله بامره ولا يستعمله فى هوى نفسه وله ان يعتبر من البحر الصوري والذين يركبون البحر فربما تسلم سفينتهم وربما تغرق كذلك العبد فى فلك الاعتصام فى بحار التقدير يمشى به فى رياح المشيئة مرفوع له شراع التوكل مرسى فى بحر اليقين فان هبت رياح العناية نجت السفينة الى ساحل السعادة وان هبت نكباه الفتنة لم يبق بيد الملاح شىء وغرقت فى لجة الشقاوة فعلى العبد ان يبتغى فضل الله ويسعى فى الطلب بأداء شكر النعم كما فى التأويلات النجمية وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ من الموجودات بان جعلها مدارا لمنافعكم ودلت الآية على ان نسبة الحوادث الارضية الى الاتصالات الفلكية جائزة جَمِيعاً اما حال من ما فى السموات وما فى الأرض او تأكيد له مِنْهُ صفة لجميعا اى كائنا منه تعالى او حال من ما اى سخر لكم هذه الأشياء كائنة منه مخلوقة له وخبر لمحذوف اى هى جميعا منه تعالى وفى فتح الرحمن جميعا منه اى كل انعام فهو من فضله لانه لا يستحق عليه أحد شيأ بل هو يوجب على نفسه تكرما إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من الأمور العظام لَآياتٍ عظيمة الشأن كبيرة القدر دالة على وجود الصانع وصفاته لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فى بدائع صنع الله فانهم يقفون بذلك على جلائل نعمه تعالى ودقائقها ويوفقون
لشكرها در جمله جهان ز مغز تا پوست ... هر ذره كواه قدرت اوست
روى انه عليه السلام مر على قوم يتفكرون فقال تفكروا فى الخلق ولا تتفكروا فى الخالق وفى الحديث ان الشيطان يأتى أحدكم فيقول من خلق السموات فيقول الله ويقول من خلق الأرض فيقول الله ويقول من خلق الله فاذا افتتن أحدكم بذلك فليقل آمنت بالله ورسوله واعلم ان التفكر على العبادات وأفضلها لان عمل القلب أعلى وأجل من عمل النفس ولذلك قال عليه السلام تفكر ساعة خير من عبادة سنة وفى رواية ستين سنة وفى رواية سبعين سنة وروى ان المقداد بن الأسود رضى الله عنه دخلت على ابى هريرة رضى الله عنه فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفكر ساعة خير من عبادة سنة ثم دخلت على ابن عباس رضى الله عنهما فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفكر ساعة خير من عبادة سبع سنين ثم دخلت على ابى بكر رضى الله عنه فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة فقال المقداد فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبرته بما قالو فقال صدقو ثم قال ادعهم الى فدعوتهم فقال لابى هريرة كيف تفكرك وفيما ذا قال(8/440)
قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)
فى قول الله تعالى ويتفكرون فى خلق السموات والأرض الآية قال تفكرك خير من عبادة سنة ثم سأل ابن عباس رضى الله عنهما عن تفكره فقال تفكرى فى الموت وهول المطلع قال تفكرك خير من عبادة سبع سنين ثم قال لابى بكر كيف تفكرك قال تفكرى فى النار وفى أهوالها وأقول يا رب اجعلنى يوم القيامة من العظم بحال يملأ النار منى حتى تصدق وعدك ولا تعذب امة محمد فى النار فقال عليه السلام تفكرك خير من عبادة سبعين سنة ثم قال أرأف أمتي بامتى ابو بكر فالفضل راجع الى مراتب النيات يقول الفقير وجه التخصيص فى الاول ان اختلاف الليل والنهار المذكور فى آية التفكر يدور على السنة فبمقدار بعد التفكر جاء الثواب وفى الثاني ان خوف الموت وما بعده ينتهى الى الجنة او الى النار والجنة فوق سبع سموات كما ان النار تحت سبع ارضين وفى الثالث ان بعد قعر جهنم سبعون سنة على ما ورد فى الحديث فلما كان الصديق رضى الله عنه بعيد التفكر بالنسبة الى الأولين أثيب بما ذكر وجاء اجره مناسبا لتفكره وفى الآية اشارة الى ان السموات والأرض وما فيهن خلقت للانسان فان وجودها تبع لوجوده وناهيك من هذا المعنى ان لله تعالى أسجد ملائكته لآدم عليه السلام وهذا غاية التسخير وهم أكرم مما فى السموات والأرض ومثال هذا ان الله تعالى لما أراد ان يخلق ثمرة خلق شجرة وسخرها للثمرة لتحملها فالعالم بما فيه شجرة وثمرتها الإنسان ولعظم هذ المعنى قال ان فى ذلك لآيات لقوم يتكفرون اى فى هذا المعنى دلالات على شرف الإنسان وكماليته لقوم لهم قلوب منورة بنور الايمان والعرفان إذ يتفكرون بفكر سليم كما فى التأويلات النجمية قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا اغفروا يعنى در كذرانيد وعفو كنيد وهو مقول القول حذف لدلالة الجواب عليه وهو قوله يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ كما فى قوله تعالى قل لعبادى الذين آمنوا يقيموا الصلاة اى قل لهم اقيموا الصلاة يقيموا الصلاة قال صاحب الكشاف وجوزوا ان يكون يقيموا بمعنى ليقيموا ويكون هذا هو المقول قالوا وانما جاز حذف اللام لان الأمر الذي هو قل عوض عنه ولو قيل يقيموا ابتداء بحذف اللام لم يجز وحقيقة الرجاء تكون فى المحبوب فهو هنا محمول على المجاز وهو التوقع والخوف والمعنى يعفوا ويصفحوا عن الذين لا يتوقعون ولا يخافون وقائعه تعالى بأعدائه فى الأمم الماضية لقولهم ايام العرب لوقائعها كيوم بعاث وهو كغراب موضع بقرب المدينة ويومه معروف كما فى القاموس وقيل لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز فيها واضافتها الى الله كبيت الله وهذه الآية نزلت قبل آية القتال ثم نسخت بها وذلك لان السورة مكية بالاتفاق الا ان الماوردي استثنى هذه الاية وقال انها مدنية نزلت فى عمر بن الخطاب رضى الله عنه وعزاه الى ابن عباس رضى الله عنهما وفتادة وذلك ان عمر رضى الله عنه شتمه غفارى فهم ان يبطش به فنزلت فى حقه قال فى القاموس وبنوا غفار ككتاب رهط ابى ذر الغفاري وقيل نزلت حين قال رئيس المنافقين عبد الله بن ابى ما قال وذلك انهم نزلوا فى غزوة بنى المصطلق على بئر يقال لها مريسيع مصغر مرسوع فارسل ابن ابى غلامه يستقى فابطأ عليه فلما أتاه قال له ما حبسك قال غلام عمر قعد على طرف البئر فما ترك أحدا يستقى حتى ملأ قرب النبي عليه السلام وقرب ابى بكر وعمر فقال ابن ابى ما مثلنا ومثل(8/441)
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)
هؤلاء الا كما قيل سمن كلبك يأكلك فبلغ ذلك عمر فاشتمل سيفه يريد التوجه اليه فأنزلها الله ودر تفسير امام ثعلبى مذكور است كه بعد از نزول آيت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فنحاص عاذور اليهودي بر سبيل طنز كفت خداى تعالى مكر محتاج است كه قرض ميطلبد اين خبر بفاروق رضى الله عنه رسيده برجست وشمشير كشيد ورى بجست وجوى او نهاد تا هر جا بيند بقتلش رساند حضرت عليه السلام بطلب عمر فرستاد چون حاضر شد كفت اى عمر شمشير إ كه حق سبحانه وتعالى بعفو فرموده وآيت بر وى خواند عمر كفت يا رسول الله بدان خداى كه ترا بحق بخلق فرستاد كه ديكر اثر غضب در روى من نه بيند ودر مقابله كناه جز صفت عفو از من مشاهده نكند
چوبدبينى ز خلق ودر كذارى ... ترا زيبد طريق بردبارى
اگر چهـ دامنت را مى درد خار ... توكل باش ودهان پرخنده ميدار
لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ تعليل للامر بالمغفرة والمراد بالقوم المؤمنون والتنكير لمدحهم والثناء عليهم اى أمروا بذلك ليجزى الله يومه القيامة قوما اى قوم لا قوما مخصوصين بما كسبوا فى الدنيا من الأعمال الحسنة التي من جملتها الصبر على اذية الكفار والمنافقين والإغضاء عنهم بكظم الغيظ واحتمال المكروه وما يقصر عنه البيان من الثواب العظيم وقد جوز أن يراد بالقوم الكفرة وبما كانوا يكسبون سيئاتهم التي من جملتها ما حكى من الكلمة الخبيثة والتنكير للتحقير فان قلت مطلق الجزاء لا يصلح تعليلا للامر بالمغفرة لتحققه على تقديرى المغفرة وعدمها قلت لعل المعنى قل للمؤمنين يتجاوزوا عن اساءة المشركين والمنافقين ولا يباشروا بأنفسهم لمجازاتهم ليجزيهم الله يوم القيامة جزاء كاملا يكافى سيئاتهم ويدل على هذا المعنى الآية الآتية وايضا ان الكسب فى اكثر ما ورد فى القرآن كسب الكفار ويجوز أن يكون المعنى ليجزيهم الله وقت الجزاء كيوم بدر ونحوه وفى الاية اشارة الى ان المؤمن إذا غفر لاهل الجرائم وان لم يكونوا اهل المغفرة لاصرارهم على الكفر والأذى يصير متخلقا بأخلاق الحق ثم الله تعالى يجزى كل قوم جزاء عملهم من الخير والشر اما فى الدنيا والآخرة او فى الاخرة مَنْ هر كه عَمِلَ صالِحاً وهو ما طلب به رضى الله عنه تعالى فَلِنَفْسِهِ اى فنفع ذلك العمل الصالح وثوابه لنفسه عائد إليها وَمَنْ أَساءَ وهر كه كارى بد كند فَعَلَيْها اى فضر راساءته وعقابها على نفسه لا يكاد يسرى عمل الى غير عامله ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مالك أموركم لا الى غيره تُرْجَعُونَ تردون بالموت فيجازيكم على أعمالكم خيرا كان او شرا فاستعدوا للقائه ففيه ترغيب على اكتساب العمل الصالح وترهيب عن ارتكاب العمل السيء فمن الاول العفو والمغفرة للمجرم وصاحبه متصف بصفات الله تعالى ومن الثاني المعصية والظلم وصاحبه متصف بصفات الشيطان فمن كان من الأبرار فان الأبرار لفى نعيم ومن كان من الفجار فان الفجار لفى جحيم والفجور نوعان فجور صورى وهو ظاهر وفجور معنوى وهو انكار أهل الله والتعرض لهم بسوء بوجه من التأول ونحو ذلك مما ظاهره صلاح وباطنه فساد فرحم الله أهل التسليم والرضى والقبول ومن ترك الحرام والشبهة والفضول وعن بعضهم انه كان يمشى فى البرية فاذا هو بفقير يمشى حافى القدمين حاسر الرأس عليه خرقتان متزر بإحداهما مرتدىء بالأخرى ليس معه(8/442)
وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16) وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20)
زاد ولا ركوة قال فقلت فى نفسى لو كان مع هذا ركوة وحبل إذا أراد الماء توضأ وصلى كان خيرا له ثم لحقت به وقدا شتدت الهاجرة فقلت له يافتى لو جعلت هذه الحرقة التي على كتفك على رأسك تتقى بها الشمس كان خيرا لك فسكت ومشى ولما كان بعد ساعة قلت له أنت حاف اى شىء ترى فى نعل تلبسها ساعة وانا ساعة فقال أراك كثير لفضول ألم تكتب الحديث فقلت بلى قال فلم تكتب عن النبي عليه السلام من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعينه فسكت ومشينا فعطشت ونحن على ساحل فالنفت الى وقال أنت عطشان فقلت لا فمشينا ساعة وقد كظنى العطش اى جهدنى وأوقعني فى الشدة ثم التفت وقال أنت عطشان فقلت نعم وما تقدر تعمل معى فى مثل هذا الموضع فاخذ الركوة منى ودخل البحر وغرف من البحر وجاءنى به وقال اشرب فشربت ماء أعذب من النيل وأصفى لونا وفيه حشيش فقلت فى نفسى هذا ولى الله ولكنى أدعه حتى إذا وافينا المنزل سألته الصحبة فوقف وقال أيما أحب إليك ان تمشى او امشنى فقلت فى نفسى ان تقدم فاتنى ولكن أتقدم أبا واجلس فى بعض المواضع فاذا جاء سالته الصحبة فقال يا أبا بكر ان شئت تقدم واجلس وان شئت تأخر فانك لا تصحبنى ومضى وتركنى فدخلت المنزل وكان به صديق لى وعندهم عليل فقلت لهم رشوا عليه من هذا الماء فرشوا عليه فبرىء وسألتهم عن الشخص فقالوا ما رأيناه ففى هذه الحكاية فوائد فتفطن لها واعلم انك لا تصل الى مثل هذه المرتبة الا بالايمان الكامل والعلم النافع والعمل الصالح فمن فقد شيأ منها حرم نعوذ بالله (قال الشيخ سعدى)
پى نيك مردان ببايد شتافت ... كه هر كس كرفت اين سعادت بيافت
ولكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم پى صالحان كى رسى
پيمبر كسى را شفاعت كرست ... كه بر جاده شرع پيغمبرست
وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ اى التوراة قال سعدى المفتى ولعل الاولى ان يحمل الكتاب على الجنس حتى يشمل الزبور والإنجيل ايضا انتهى وذلك لان موسى وداود وعيسى عليهم السلام كانوا فى بنى إسرائيل وَالْحُكْمَ اى الحكمة النظرية والعملية والفقه فى الدين او فصل الخصومات بين الناس إذ كان الملك فيهم وَالنُّبُوَّةَ حيث كثر فيهم الأنبياء ما لم تكثر فى غيرهم فان ابراهيم عليه السلام كان شجرة الأنبياء عليهم السلام وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ من اللذائذ كالمن والسلوى وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ حيث آتيناهم ما لم نؤت من عداهم من فلق البحر وتظليل الغمام ونظائرهما ولا يلزم منه تفضيلهم على غيرهم بحسب الدين والثواب او على عالمى زمانهم فانه لم يكن أحد من العالمين فى زمانهم أكرم على الله ولا أحب اليه منهم وقد سبق تحقيق المقام فى السورة السابقة وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ دلائل ظاهرة فى امر الدين ومعجزات قاهرة فمن بمعنى فى كما فى قوله تعالى إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة وقال ابن عباس رضى الله عنهما هو العلم بمبعث النبي عليه السلام وما بين لهم من امره وانه يهاجر من تهامة الى يثرب ويكون أنصاره أهل يثرب فَمَا اخْتَلَفُوا فما وقع بينهم الخلاف فى ذلك الأمر إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بحقيقته وحقيته فجعلوا ما يوجب زوال الخلاف موجبا لرسوخه بَغْياً بَيْنَهُمْ تعليل اى عداوة وحسدا حدث بينهم لا شكافيه إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ بالمؤاخذة والجزاء فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ من امر الدين ثُمَّ جَعَلْناكَ پس بعد از بنى(8/443)
إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20)
إسرائيل ساختيم ترا يعنى مقرر كرديم سلوك تو عَلى شَرِيعَةٍ اى سنة وطريقة عظيمة الشأن مِنَ الْأَمْرِ اى امر الدين فَاتَّبِعْها بإجراء أحكامها فى نفسك وفى غيرك من غير إخلال بشىء منها وفى التأويلات النجمية انا أفردناك من جملة الأنبياء بلطائف فاعرفها وخصصناك بحقائق فأدركها وسننا لك طرائق فاسلكها وأثبتنا لك الشرائع فاتبعها ولا تتجاوز عنها ولا تحتج الى متابعة غيرك ولو كان موسى وعيسى حيا لما وسعهما الا اتباعك قال جعفر الصادق رضى الله عنه الشريعة فى الأمور محافظة الحدود فيها ومن الله الاعانة وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ اى آراء الجهلة واعتقاداتهم الزائغة التابعة للشهوات وهم رؤساء قريش كانوا يقولون له عليه السلام ارجع الى دين ابائك فانهم كانوا أفضل منك إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا لن يدفعوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً مما أراد بك من العذاب ان اتبعتهم قال بعضهم يعنى ان أراد الله بك نعمة فلا يقدر أحد على منعها وان أراد بك فتنة فلا يقدر أحد ان يصرفها عنك فلا تعلق بمخلوق فكرك ولا تتوجه بضميرك الى غير ناوثق بنا وتوكل علينا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ لا يواليهم ولا يتبع أهواءهم الا من كان ظالما مثلهم لان الجنسية علة الانضمام وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ الذين أنت قدوتهم فدم على ما أنت عليه من تولية خاصة بالتقوى والشريعة والاعراض عما سواه بالكلية وفى التأويلات النجمية سماهم الظالمين لانهم وضعوا الشيء فى غير موضعه وسمى المؤمنين المتقين لانهم اتقوا عن هذا المعنى واتخذوا الله الولي فى الأمور كلها هذا القرآن بَصائِرُ لِلنَّاسِ فان ما فيه من معالم الدين والشرائع بمنزلة البصائر فى القلوب كأنه بمنزلة الروح والحياة فمن عرى من القرآن فقد عدم بصره وبصيرته وصار كالميت والجماد الذي لا حس له ولا حياة فحمل البصائر على القرآن باعتبار اجزائه ونظيره قوله تعالى فقد جاءكم بصائر من ربكم اى القرآن وآياته وقوله تعالى فى حق الآيات التسع لموسى عليه السلام قال لقد علمت ما انزل هؤلاء الا رب السموات والأرض بصائر والبصائر جمع بصيرة وهو النور الذي به تبصر النفس المعقولات كما ان البصر نور به تبصر العين المحسوسات ويجوز أن يكون هذا اشارة الى اتباع الشريعة فحمل البصائر عليه لان المصدر المضاف من صيغ العموم فكأنه قيل جميع اتباعاتها وَهُدىً من ورطة الضلالة وَرَحْمَةٌ عظيمة ونعمة كاملة من الله فان الفوز بجميع السعادات الدنيوية والاخروية انما يحصل به لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ من شأنهم الإيقان بالأمور وبالفارسية مر كروهى را كه بى گمان شوند يعنى از باديه كمان كذشته طالب سر منزل يقين باشند وفى التأويلات النجمية المستعدين للوصول الى مقام اليقين بأنوار البصيرة فاذا تلألأت انكشف بها الحق والباطل فنظر الناس على مراتب من ناظر بنور العقل ومن ناظر بنور الفراسة ومن ناظر بنور الايمان ومن ناظر بنور الإيقان ومن ناظر بنور الإحسان ومن ناظر بنور العرفان ومن ناظر بنور العيان ومن ناظر بنور العين فهو على بصيرة شمسها طالعة وسماؤها عن السحاب مصحية انتهى وعن النبي عليه السلام القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم اما داؤكم فالذنوب واما دواؤكم فالاستغفار وأعظم الذنوب الشرك وعلاجه التوحيد وهو على مراتب بحسب الافعال والصفات والذات وللاشارة الى المرتبة الاولى قال تعالى(8/444)
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (22) أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23) وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24)
وعلى الله فليتوكل المؤمنون فان التوكل نتيجة توحيد الافعال والتوكل كلمة الأمر كله الى مالكه والتعويل على وكالته وللاشارة الى المرتبة الثانية قال تعالى يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فان الرضى لارادته الازلية وترك الاعتراض وسرور القلب بمر القضاء ثمرة توحيد الصفات ومن هذا المقام قال ابو على الدقاق رحمه الله التوحيد هو أن يقرضك بمقاريض القدرة فى إمضاء الاحكام قطعة قطعة وأنت ساكت حامد وللاشارة الى المرتبة الثالثة قال تعالى كل شىء هالك الا وجهه (حكى) ان واحدا من اصحاب ابى تراب النخشبى توجه الى الحج فزار أبا يزيد البسطامي قدس سره فسأله عن شيخه فقال انه يقول لو صارت السماء والأرض حديدا ما شككت فى رزقى فاستقبحه ابو يزيد لان فيه فناء الافعال دون الصفات والذات وقال كيف تقوم الأرض التي هو عليها فرجع فأخبر القصة لابى تراب فقال قل له كيف أنت فجاء وسال فكتب بسم الله الرحمن الرحيم با يزيد نيست فلما رآه ابو تراب وكان فى الاحتضار قال آمنت بالله ثم توفى قال مولانا قدس سره
هيج بغضي نيست در جانم ز تو ... زانكه اين را من نمى دانم ز تو
آلت حقى تو فاعل دست حق ... چون زنم بر آلت حق طعن ودق
(وقال ايضا)
آدمي را كى رسد اثبات تو ... اى بخود معروف وعارف ذات تو
فعليك بتدبر الآيات القرآنية والانتفاع بالبصائر النورانية لتكون من العلماء الربانية قال بعض الكبار العلماء اربعة عالم حظه من الله الله وهو مقام السر والحقيقة قال الله تعالى شهد الله انه لا اله الا هو وعالم حظه من الله العلم والمعرفة بالله وهو مقام الروح والمعرفة وعالم حظه علم السير الى الله وهو مقام النفس والطريقة وعالم حظه علم السير الى الآخرة وهو مقام الطبيعة والشريعة لانه بالأعمال الصالحة يحصل السير الأخروي وأعلى الكل هو الاول قال بعض الكبار رأيت أبا يزيد قعد فى مسجد بعد العشاء الى الصبح فقلت أخبرني عما رأيت فقال أراني الله ما فى السموات والأرض ثم قال ما أعجبك فقلت ما أعجبني غيرك فبعضهم طلب منك المشي على الماء وبعضهم كرامة اخرى وانا لا أريد غيرك قال فقلت له لم لم تطلب منه معرفته فقال مه لا أريد أن يعرفه غيره قال بعضهم مقام التوحيد فوق مقام المعرفة (حكى) ان اثنين من الفقراء التقيا فتكلما على المعارف الإلهية كثيرا ثم قال أحدهما للآخر رضى الله عنك إذ حصل لى ذوق عظيم من من صحبتك من المعارف وقال الآخر ولا رضى عنك إذا استقطعتنى بصحبتك من مقام التوحيد الى مقام المعرفة فاذا كملت المعرفة حصل الشهود والفناء والسكون (قال الشيخ سعدى)
اى مرغ سحر عشق ز پروانه بياموز ... كان سوخته را جان شد وآواز نيامد
اين مدعيان در طلبش بى خبرانند ... كانرا كه خبر شد خبرى باز نيامد
(وقال)
كر كسى وصف او زمن پرسد ... بى دل از بى نشان چهـ كويد باز
عاشقان كشتكان معشوقند ... برنيايد ز كشتكان آواز
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الجامعين للمراتب والواصلين الى أعلى المطالب فان له ملك الوجود ومنه الكرم والفيض والوجود والإرشاد الى حقيقة الفناء والسجود أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ
أم منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من البيان الاول الى الثاني والهمزة لانكار الحسبان بطريق انكار الواقع واستقباحه والتوبيخ عليه لا بطريق انكار الوقوع ونفيه والاجتراح الاكتساب(8/445)
ومنه لجوارح للاعضاء الكاسبة قال فى المفردات سمى الصاند من الكلاب والفهود والطير جارحة وجمعها جوارح اما لانها نجرح واما لانها تكسب وسميت الأعضاء الكاسبة جوارح تشبيها بها لاحد هذين انتهى والمراد بالسيئات الكفر والمعاصي أَنْ نَجْعَلَهُمْ
ان نصيرهم فى الحكم والاعتبار مع مالهم من مساوى الأحوال وهو مع ما عمل فيه ساد مسد مفعولى الحسبان كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
مع ما لهم من محاسن الأعمال ونعاملهم معاملهم فى الكرامة ورفع الدرجة والكاف مفعول ثان للجعل سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ
اى محيى الفريقين جميعا ومماتهم حال من الضمير فى الظرف والموصول معا لاشتماله على ضميريهما على ان السواء بمعنى المستوي ومحياهم وممانهم مرتفان به على الفاعلية والمعنى أم حسبوا ان نجعلهم كائنين مثلهم حال كون الكل مستويا محياهم ومماتهم كلا لا يستوون فى شىء منهما فان هؤلاء فى عز الايمان والطاعة وشرفهما فى المحيي وفى رحمة لله ورضوانه فى الممات ولذا قال عليه السلام لما رأى اصحاب الصفة فى المسجد المحيي محياكم والممات مماتكم وأولئك فى ذل الكفر والمعاصي وهو انهما فى المحيي وفى لعنة الله والعذاب الخالد فى الممات (ع) كل وخار وكل وكوهر نه برابر باشد وكان كفار قريش يقولون نحن احسن حالا من المؤمنين فى الآخرة اى على تقدير وقوع الساعة كما قالوا نحن اكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين اى فان العزيز فى الدنيا عزيز فى الآخرة وقد قيل المراد انكار ان يستووا فى الممات كما استووا فى الحياة لان المسيئين والمحسنين مستو محياهم فى الرزق والصحة وانما يفترقون فى الممات ساءَ ما يَحْكُمُونَ
اى ساء حكمهم هذا على ان ما مصدرية والفعل للاخبار عن قبح حكمهم او بئس شيئا حكمو به ذلك على ان ساء بمعنى بئس وما نكرة موصوفة بمعنى شىء والفعل لانشاء الذم وبالفارسية بد حكميست كه ايشان ميكنند ونتيجه شرك وتوحيد را برابر ميدارند (ع) نيست يكسان لاى زهرآميز با آب حيات وعن تميم الداري رضى الله عنه انه كان يصلى ذات ليلة عند المقام فبلغ هذه الآية فجعل يبكى ويردد الى الصباح وعن الفضيل رحمه الله انه بلعها فجعل يرددها ويبكى ويقول يا فضيل ليت شعرى من اى الفريقين أنت فلا يطمعن البطال فى ثواب العمال ولا الجباء فى مقام الابطال ولا الجاهل فى ثواب العالم ولا النائم فى ثواب القائم فعلى قدر اجتهاد المرء يزيد اجره وبقدر تقصيره ينحط قدره وفى بعض الكتب السابقة ان لله مناديا ينادى كل يوم أبناء الخمسين زرع دنا حصاده أبناء الستين هلموا الى الحساب أبناء السبعين ماذا قدمتم وماذا أخرتم أبناء الثمنين لا عذر لكم ليت الخلق لم يخلقوا وليتهم إذا خلقوا علموا لماذا خلقوا وتجالسوا بينهم فتذكروا ما عملوا الا أتتكم الساعة اتخذوا حذركم وفى الخبر إذا أراد الله بعبد خيرا بعث اليه ملكا من عامه الذي يموت فيه فيسدده وبيسره فاذا كان عند موته أتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فقال يا أيتها النفس المطمئنة اخرجى الى مغفرة من الله ورضوان فذلك حين يحب لقاء الله ويحب الله لقاءه وإذا أراد بعبد شرا بعث اليه شيطانا من عامه الذي يموت فيه فأغواه فاذا كان عند موته أتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فيقول يا أيتها النفس الخبيثة اخرجى الى سخط من الله وغضب فتفرق فى حسده فذلك حين يبغض لقاء الله ويبغض الله(8/446)
وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (22)
لقاءه ويقال إذا أراد الله ان ينقل العبد من ذل المعصية الى عز الطاعة آنسه بالوحدة وأغناه بالقناعة وبصره بعيوب نفسه فمن اعطى ذلك فقد أعطى خير الدنيا والآخرة كما انه فرق بين مطيع وفاسق فكذا فرق بين مطيع ومطيع وللتفاضل فى الاطاعة والنيات تتفاضل المقامات والدرجات ولذا يرى بعض اهل الجنة البعض كما يرى فى الدنيا الكوكب الدري وعن عبيد بن خالد رضى الله عنه ان النبي آخى بين رجلين فقتل أحدهما فى سبيل الله ثم مات الآخر بعده بجمعة او نحوها فصلوا عليه فقال عليه السلام ما قلتم قالوا دعونا الله ان يعفر له ويرحمه ويلحقه بصاحبه فقال النبي عليه السلام فأين صلاته بعد صلاته وعمله بعد عمله او قال صيامه بعد صيامه لما ان بينهما أبعد مما بين السماء والأرض وقد ورد فى بعض الاخبار ان الموتى يتأسفون على انقطاع الأعمال عنهم حتى يتحسرون على رد السلام وثوابه فليحذر العاقل من حسرة السباق وفجيعة الفراق اما حسرة السباق فانهم إذا قاموا من قبورهم وركب الأبرار نجائب الأنوار وقدمت بين أيديهم نجائب المقربين بقي المسبوق فى جملة المحرومين واما فجيعة الفراق فانه إذا جمع الله الخلق فى مقام واحد امر ملكا ينادى ايها الناس امتازوا فان المتقين قد فازوا كما قال وامتازوا اليوم ايها المجرمون فيمتاز الولد من والديه والزوج من زوجته والحبيب من حبيبه فهذا يحمل مبجلا الى رياض النعيم وهذا يساق مسلسلا الى عذاب الجحيم قال بعض الأخيار رأيت الشيخ أبا اسحق ابراهيم بن على بن يوسف الشيرازي قدس سره فى النوم بعد وفاته وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج فقلت له ما هذا البياض فقال شرف الطاعة قلت والناج قال عز العلم وعن ابى بكر الوراق قدس سره طلبنا أربعة فوجدناها فى اربعة وجدنا رضى الله فى طاعة الله تعالى وسعة المعاش فى صلاة الضحى وسلامة الدين فى حفظ اللسان ونور القلب فى صلاة الليل فعليك بالتدارك قبل فوت الوقت فان الوقت سيف قاطع (قال الشيخ سعدى)
سر از جيب غفلت برآور كنون ... كه فردا نمانى بخجلت نكون
قيامت كه نيكان بأعلى رسند ... ز قعر ثرى بر ثريا رسند
ترا خود بماند سر از ننك پيش ... كه كردت برآيد عملهاى خويش
برادر ز كار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار
وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ اى بسبب الحق ولاجل ظهوره وحقيقته بالأمر الايجادى والتجلي الحيي الاحدى فما من ذرة من ذرات العالم الا والله سبحانه متجل فيها بأسمائه وصفاته لكنه لا يشاهده الا أهل الشهود وبظهور هذا الحق والوجود زهق الباطل والعدم وعليه يدور سر قوله تعالى ثم استوى على العرش فان الله متعال عن الاستواء بنفسه كما يقول الظالمون وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ من خير وشر عطف على بالحق لان فيه معنى التعليل لان الباء للسببيه وبيانه ان الحكمة فى خلق العالم هو الجزاء إذ لو لم يكن الجزاء كما يقول الكافرون لاستوى المطيع والعاصي فالجزاء مترتب على الطاعة والعصيان وهما موقوفان على وجود العالم إذ التكليف لا يحصل الا فى هذه الدار وقد سبق فى سورة الدخان عند قوله تعالى وما خلقنا السموات الآية وَهُمْ اى النفوس المدلول عليها بكل نفس لا يُظْلَمُونَ بنقص ثواب المحسن وزيادة عقاب(8/447)
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)
المسيء بلكه هر كس را فراخور عمل او جزا دهد وتسمية ذلك ظلما مع انه ليس كذلك على ما عرف من قاعدة اهل السنة لبيان غاية تنزه ساحة لطفه تعالى عما ذكر بتنزيله منزلة الظلم الذي يستحيل صدوره عنه تعالى فهذه الآية أحبار بأن التسوية فى الجزاء سفه والله تعالى خلق العالم بالحق ليتميز المطيع من العاصي لا بالسفه فلا بد من المجازاة على وفق الأعمال بين شدل وفضل بلا ظلم وجهل فعليك بالمسارعة الى الأعمال الصالحة لا سيما التوحيد وذكر الله تعالى إذ به تحصل المعرفة المقصودة من خلق الثقلين ولفضل المعرفة قال عليه السلام فى جواب من قال اى الأعمال أفضل العلم بالله وبين معرفة ومعرفة فرق عظم لذلك قال حافظ قبر ابى يزيد البسطامي قدس سره للسلطان محمود الغزنوي ان أبا جهل لم يبصر النبي عليه السلام الا بانه يتيم عبد المطلب وابى طالب ولو نظر بأنه رسول الله وحبيب رب العالمين وعرف ذلك لآمن به ولا بد فى العبادة من الإخلاص فمن عبد الله حبا أعلى رتبة ممن عبده خوف العقوبة يحكى ان محمد يا عبد الله أربعين سنة يجزى بأكثر من اسرائيلى عبد الله تعالى اربعمائة سنة فيقول الاسرائيلى يا رب أنت العادل فيقول الله تعالى أنتم تخافون العقوبة العاجلة وتعبدوننى وامة محمد يعبدوننى مع الأمن (قال المولى الجامى)
چيست اخلاص آنكه كسب وعمل ... پاك سازى ز شوب نفس ودغل
نه در آن صاحب غرض باشى ... نه از ان طالب عوض باشى
كيسه خود ازو بپردازى ... سايه خود برو نيندازى
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وهو ما نهواه نفسه الخبيثة وقال الشعبي انما سمى الهوى لانه يهوى بصاحبه فى النار وهو تعجيب لحال من ترك متابعة الهدى الى مطاوعة الهوا فكأنه عبده ففيه استعارة تمثيلية او حذف اداة التشبيه وكان الأصل كالهه اى أنظرت فرأيته فان ذلك مما يقتضى التعجب وسبق تحقيق الآية فى سورة الفرقان وفيه اشارة الى ان من وقف بنفسه فى مرتبة من المراتب دون المشاهدة فقد صار من أهل الهوا وعبد ما سوى المولى وفى الحديث ما عبد تحت ظل السماء أبغض الى الله من هوى قال بعضهم
نون الهوان من الهوى مسروقة ... فأسير كل هوى أسير هوان
وقال بعضهم فاعص هوى النفس ولا ترضها ... انك ان اسخطتها زانكا
حتى متى تطلب مرضاتها ... وانما تطلب عدوا نكا
(قال الشيخ سعدى)
مراد هر كه براري مطيع امر تو شد ... خلاف نفس كه كردن كشد چويافت مراد
(وقال المولى الجامى)
هيچ اذاى براه خلق ... نيست بدتر ز نفس بد فرما
وَأَضَلَّهُ اللَّهُ وخذله عدلا منه يعنى كمراه ساخت وفرو كذاشت عَلى عِلْمٍ حال من الفاعل اى حال كونه تعالى عالما بضلاله وتبديله للفطرة الاصلية ويمكن ان يجعل حالا من المفعول اى علم من الضال بطريق الهداية بأن ضل عنادا نحو فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ونحو فما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ بحيث لا بتأثر من المواعظ ولا يسمع الحق وَقَلْبِهِ بحيث لا بتفكر فى الآيات والنذر ولا يفهم الحق(8/448)
وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24)
وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً مانعة عن الاستبصار والاعتبار وهو ما يغشى العين ويغطيها عن الابصار والإدراك وتنكيرها للتنويع او للتعظيم قال بعض الكبار ختم الله على سمعه فحرم من سماع خطابه وعلى قلبه فحرم من فهم خطابه وعلى عينيه فحرم من مشاهدة آثار القدرة فى صنعه فلم ير الحق فَمَنْ يَهْدِيهِ پس كيست كه راه نمايد اين كس را مِنْ بَعْدِ اللَّهِ اى من بعد إضلاله إياه بموجب تعاميه عن الهدى وتماديه فى الغى اى لا يقدر أحد ان يهديه أَفَلا تَذَكَّرُونَ ألا تلاحظون ايها الناس فلا تتذكرون ولا تتفكرون فتعلموا ان الهداية لا يملكها أحد سواه او فلا تتعظون آيا پند نمى كريد يعنى پند كيريد ومتنبه شويد وفى الآية اشارة الى الفلاسفة والدهرية والطبائعية ومن لم يسلك سبيل الاتباع ولم يستوف احكام الرياضة بتأديب أرباب الطريقة على قانون الشريعة ولم ينسلخ عن هواه بالكلية ولم يؤد به ويسلكه امام مقتدى فى هذا الشان من أرباب الوصال والوصول بل اقتدى بأئمة الكفر والضلالة واقتفى آثارهم بالشبهات العقلية وحسبان البراهين القطعية فوقع فى شبكة الشيطان فأخذه بزمام هواه وأضله فى تيه مهواه وربما دعاه الى الرياضة وترك الشهوات لتصفية العقل وسلامة الفكر فيمنيه ادراك الحقائق حتى يوبقه فى وهدات الشبهات فيهيم فى كل ضلالة ويضل فى كل فج عميق وأصبح خسرانه اكثر من ربحه ونقصانه أوفر من رجحانه فهم فى ضلال بعيد يعملون القرب على ما يقع لهم من نشاط نفوسهم زمامهم بيد هواهم أولئك اهل المكر استدرجوا من حيث لا يشعرون (وفى المثنوى)
چيست حبل الله رها كردن هوا ... كين هوا شد صرصرى مر عاد را
خلق در زندان نشسته از هواست ... روح را در غيب خود اشكنجهاست
ليك تا نجهى شكنجه در خفاست ... چون رهيدى بينى اشكنج ودمار
زانكه ضد از ضد كردد آشكار ... چون رها كردى هوى از بيم حق
در رسد سغراق از تسنيم حق
وَقالُوا يعنى منكرى العبث من غاية غيهم وضلالهم وهم كفار قريش ومشركوا العرب وفى كشف الاسرار هذا من قول الزنادقة الذين قالوا الناس كالحشيش ما هِيَ اى ما الحياة إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا التي نحن فيها نَمُوتُ وَنَحْيا اى يصيبنا الموت والحياة فيها وليس وراء ذلك حياة وتأخير نحيالان فيها شبه مراعاة الفاصلة ولان الواو لمطلق الجمع وقد جوز أن بريدوا به التناسخ فانه عقيدة اكثر عبدة الأوثان يعنى احتمال دارد كه قائلان اين مذهب تناسخ داشته باشند ونزد ايشان آنست كه هر كه مى ميرد روح او بجسد ديكر تعلق ميكيرد وهم در دنيا ظهور ميكند تا ديكر بار بميرد وديكر باز آيد واز شاكمونى كه بزعم ايشان پيغمبرست نقل كرده اند كه كفت من خود را هزار وهفتصد قالب ديده ام قال الراغب القائلون بالتناسخ قوم ينكرون البعث على ما أثبتته الشريعة ويزعمون ان الأرواح تنتقل من الأجساد على التأييد أي الى أجساد أخر وفى التعريفات التناسخ عبارة عن تعلق الروح بالبدن بعد المفارقة من بدن آخر من غير تخلل زمان بين التعلقين للتعشق الذاتي بين الروح والجسد وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ اى مرور الزمان وهو مدة بقاء العالم من مبدأ وجوده الى انقضائه ثم يعبر به عن كل مدة كبيرة وهو خلاف الزمان فان الزمان يقع على المدة القليلة(8/449)
والكثيرة قال فى القاموس الدهر الزمان الطويل والابد الممدود وألف سنة والدهر عند الصوفية هو الآن الدائم الذي هو امتداد الحضرة الالهية وهو باطن الزمان وبه يتجدد الأزل والابد وكانوا يزعمون ان المؤثر فى هلاك الأنفس هو مرور الأيام والليالى وينكرون ملك الموت وقبضه للارواح بأمر الله ويضيفون الحوادث الى الدهر والزمان ويسبونه ويذمونه ويشتكون منه كما نطقت بذلك أشعارهم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله لا تسبو الدهر فان الله هو الدهر اى فان الله هو الآنى بالحوادث لا الدهر (قال الكاشفى) مقلب دهور ومصرف آن حضرت عزت است جل شانه ودهور را در هيچ كار اختياري نيست
دهر ترا دهر پناهى ترا ... حكم ترا زيبد وشاهى ترا
دور زان كار نسازد بخود ... چرخ فلك بر نفرازد بخود
اين همه فرمان ترا بنده اند ... در ره امر تو شتابنده اند
(قال بعضهم) يا عالما يعجب من دهره لا تلم الدهر على غدره فانه مأموله آمر قد ينتهى الدهر الى امره كم كافر أمواله جمة يزداد أضعافا على كفره ومؤمن ليس له درهم يزداد ايمانا على فقره قال فى المفردات قوله عليه السلام لا نسبوا الدهر فان الله هو الدهر قد قيل معناه ان الله فاعل ما يضاف الى الدهر من الخير والشر والمسرة والمساءة فاذا سببتم الذي تعتقدون انه فاعل ذلك فقد سببتموه تعالى وقال بعضهم الدهر الثاني فى الخبر غير الاول وانما هو مصدر بمعنى الفاعل ومعناه ان الله تعالى هو الدهر أي المصرف المدبر لكل ما يحدث والاول أظهر وفى الحديث قال الله لا يقل ابن آدم يا خيبة الدهر فانى انا الدهر أرسل الليل والنهار فاذا شئت قبضتهما وهذا والحديث الاول سهل على تفسير الصوفية كما سبق فاعرف تفز وَما لَهُمْ بِذلِكَ اى بما ذكر من اقتصار الحياة على ما فى الدنيا واسناد الحياة والموت الى الدهر مِنْ عِلْمٍ فأسند الى عقل او نقل ومن مزيدة لتأكيد النفي إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ اى ما هم الا قوم قصارى أمرهم الظن والتقليد من غير ان يكون لهم شىء يصح ان يتمسك به فى الجملة هذا معتقدهم الفاسد فى أنفسهم واما المؤمنون فقد أخذوا بالنصوص وسلكوا طريق اليقين وتجاوزوا عن برازخ الظن والتخمين واثبتوا الحشر الصوري والمعنوي اى الحشر المحسوس والصراط المحسوس والجنة والنار المحسوستين وكذا جمع النفوس الجزئية الى النفس الكلية والجمع بين المعقول والمحسوس أعظم فى القدرة من نعيم وعذاب محسوسين بأكل وشرب ونكاح ولباس محسوسات وأنتم فى الكمال الإلهي ليستمر له سبحانه فى كل صنف من الممكنات حكم عالم الغيب والشهادة ويثبت حكم الاسم الظاهر والباطن فى كل صنف وهذا معتقد الأنبياء والرسل ومؤمنيهم فمن اعتقد كاعتقادهم نجا والا هلك ومن لوازم هذا الاعتقاد والتوحيد اسناد كل حادثة الى الله العزيز الحميد فانه المؤتر فى الكل ولذا نهى عن سب الريح إذ هى بيد ملك وهو بيد الله تعالى فجميع التصرفات راجع اليه (حكى ان الحجاج) أرسل عبد الله الثقفي الى انس بن مالك رضى الله عنه يطليه فقال أجب امير المؤمنين فقال له اذله الله فان العزيز من اعتز بطاعة الله والذليل من ذل بمعصيته ثم قام معه فلما حضر قال أنت الذي تدعو علينا قال نعم قال ومم ذلك قال لانك عاص لربك تخالف سنة نبيك تعز أعداء الله وتذل أولياءه فقال أقتلك(8/450)
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (26) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (27) وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)
شر قتلة فقال انس لو علمت ان ذلك بيدك لعبدتك قال ولم ذلك قال لان رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنى دعاء وقال من دعابه كل صباح لم يكن لاحد عليه سبيل اى لم يضرّ به سم ولا سحر ولا سلطان ظالم وقد دعوت به فى صباحى فقال الحجاج علمنيه فقال معاذ الله ان أعلمه ما دمت حيا وأنت حى فقال الحجاج خلوا سبيله فقيل له فى ذلك فقال رأيت على عاتقيه أسدين عظيمين قد فتحا افواههما فدل هذا على ان التأثير بيد الله القدير لا فى يد السلطان والوزير وانما هو وهم المحجوب الناظر الى جانب الأسباب والوسائل ثم ان أنسا رضى الله عنه لما حضره الموت قال لخادمه ان لك على حقا حق الخدمة فعلمه الدعاء وقال له قل بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله خير الأسماء بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شىء فى الأرض ولا فى السماء وانس رضى الله عنه من خدام رسول الله صلى الله عليه وسلم خدمه عشر سنين وانتقل الى البصرة فى خلافة عمر رضى الله عنه وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة سنة احدى وتسعين وله مائة وثلاث سنين وهو أحد الستة المشهورين برواية الحديث وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ اى على منكرى البعث آياتُنا الناطقة بالحق الذي من جملته البعث بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على ما نطقت او مبينات له نحو قوله تعالى فل يحييها الذي انشأها أول مرة وقوله ان الذي أحياها لمحبى الموتى وغير ذلك ما كانَ حُجَّتَهُمْ جواب إذا وبه استدل ابو حيان على ان العامل فى إذا ليس جوابها لان ما النافية لها صدر الكلام واعتذر عن عدم دخول الفاء فى الجواب بانها خالفت أدوات الشرط فى ذلك وحجتهم بالنصب على انه خبر كان اى ما كان متمسكاتهم بشىء من الأشياء يعارضونها به وبالفارسية نباشد حجت ايشان إِلَّا أَنْ قالُوا عنادا واقتراحا ائْتُوا بِآبائِنا بياريد پدران ما يعنى احيوهم وابعثوهم من قبورهم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى انا نبعث بعد الموت وقد سبق فى سورة الدخان اى الا هذا القول الباطل الذي يستحيل ان يكون من قبيل الحجة لانها انما تطلق على الدليل القطعي وتسميته حجة اما لسوقهم إياه مساق الحجة على سبيل التهكم بهم او لتنزيل التقابل منزلة لتناسب للمبالغة فاطلق اسم الحجة على ما ليس بحجة من قبيل (تحية بينهم ضرب وجميع) اى سماء حجة لبيان انهم لا حجة لهم البتة لان من كانت حجته هذا لا يكون له حجة البتة كما ان من ابتدأ بالضرب الوجيع فى أول التلاقي لا يكون بينهم تحية البتة ولا يقصد بهذا الأسلوب الا هذا المعنى كأنه قيل ما كان حجتهم الا ما ليس بحجة قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ابتداء ثُمَّ يُمِيتُكُمْ عند انقضاء آجالكم لا كما تزعمون من انكم تحيون وتموتون بحكم الدهر ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ
بعد البعث منتهين إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ للجزاء لا رَيْبَ فِيهِ اى فى جمعكم فان من قدر على البدء قدر على الاعادة والحكمة اقتضت الجمع للجزاء لا محالة والوعد المصدق بالمعجزات دل على وقوعها حتما والإتيان بآبائهم حيث كان مزاحما للحكمة التشريعية امتنع إيقاعه (قال الكاشفى) احياء موتى موقتست بوقتى خاص بروجهى كه مقتضاى حكمت است پس اگر وقت اقتراح وجود نكيرد حمل بر عجز نبايد كرد وقد سبق منا تعليله بغير هذا الوجه فى سورة الدخان فارجع وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ذلك استدراك من قوله تعالى لا ريب فيه بان فيه شائبة ريب ما وفيه اشارة الى ان الله يحييكم بالحياة الانسانية ثم يميتكم(8/451)
عن صفة الانسانية الحيوانية ثم يجمعكم بالحياة الربانية الى يوم القيامة وهى النشأة الاخرى لا ريب فى هذا عند اهل النظر ولكن اكثر الناس لا يعلمون لانهم اهل النسيان والغفلة
وفى الجهل قبل الموت موت لاهله ... وأجسامهم قبل القبور قبور
وان امرأ لم يحيى بالعلم ميت ... وليس له حين النشور نشور
وفى الحديث أنتم على بينة من ربكم ما لم تظهر منكم سكرتان سكرة الجهل وسكرة حب الدنيا فعلى العاقل ان يتنبه ويكون على يقين من ربه ويصدق الكتاب فيما نطق به ولصعوبة الايمان بالغيب وقع اكثر الناس فى ورطة التكذيب ولانغلاق أبواب البرزخ والمعاد كتر الرد والإنكار (حكى) ان الشيخ الامام مفتى الأنام عز الدين بن عبد السلام سئل بعد موته فى منام رآه السائل ما تقول فيما كنت تنكر من وصول ما يهدى من قراءة القرآن للموتى فقال هيهات وجدت الأمر بخلاف ما كنت أظن فالله تعالى قادر على كل شىء نقلست كه پير خراسان احمد حربى قدس سره همسايه كبر داشت بهرام نام مكرش يكى بتجارت فرستاده بود در راه آن مال برده بودند مال بسيار بود آن خبر بشيخ احمد رسانيدند ياران را كفت اين همسايه ما را چنين كار افتاده است برخيزيد تا برويم واو را غم خواركى كنيم اگر چهـ كبر است همسايه است چون بدر سراى او رسيدند واو را ديدند آتشى مى سوخته ومتوجه كشته بهرام برخاست واستقبال كرد وبوسه بر آستين شيخ داد وإعزاز وإكرام نمود ودر بند آن شد كه سفره بنهد پنداشت كه مكر از بهر چيزى خوردن آمده اند كه قحط بود شيخ احمد كفت خاطر فارغ دار كه ما بغم خواركىء تو آمده ايم كه شنيده ايم دزدان مال تو برده اند بهرام كفت مرا سه شكر واجب است يكى آنكه ديكران از من بردند ومن از ديكران نبردم دوم آنكه يك نيمه برده اند ونيمه ديكر با منست سوم آنكه دين با منست دنيا خود آيد ورود
هنر بايد وفضل ودين وكمال ... كه كاه آيد وكه رود جاه ومال
احمد كفت ازين سخن تو بوى آشنايى مى آيد پس شيخ كفت اى بهرام چرا آتش را مى پرستى كفت تا فردا ما را نسوزد وبا من بى وفايى نكند كه چندين هيزم در خورد او داده ام تا مرا بخداى رساند شيخ كفت غلط كرده كه آتش ضعيف است وجاهل وبى وفاست هر حسابى كه ازو بركرفته باطلست اگر طفلى پاره آب برو ريزد يا مشتى خاك برو افكند او از خود دفع نكند وبميرد از ضعف كسى كه چنين ضعيف بود ترا بچنان قوى چكونه تواند رسانيد كسى قوت ندارد كه پاره خاك را دفع كند ترا واسطه چون بود حق تعالى را ديكر نادانست اگر مشك واگر نجاست درو اندازى هر دو را بسوزد ونداند كه يكى بهترست واز هيزم تا عود فرق نكند وبى وفاست اينك هفتاد سالست تو آتش مى پرستى ومن هركز نپرستيده أم بيا تا هر دو دست در آتش كنيم تا تو مشاهده كنى كه هر دو را بسوزد ووفا نكند كبر را سخن او خوش آمد وكفت ترا چهار مسأله پرسم اگر جواب دهى ايمان آورم احمد كفت بگو كفت خداى تعالى خلق را چرا آفريد و چون آفريد چرا رزق داد و چون رزق داد(8/452)
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (27) وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28)
چرا ميرانيد و چون ميرانيد چرا برانگيزد احمد كفت آفريد تا او را شناسند ورزق داد تا او را برازقى بداند وميرانيد تا او را بقهارى شناسند وزنده كردانيد تا او را بقادرى بدانند بهرام كبر چون اين سخن را شنود بى خود انكشت بر آورد وشهادت بر زبان راند چون شيخ ديد نعره زد وبيهوش شد چون بهوش آمد بهرام كفت يا شيخ سبب نعره زدن وبيهوش شدن چهـ بود كفت درين ساعت كه تو انكشت برداشتى بدرونم خطاب كردند كه هان اى احمد بهرام كبر را كه هفتاد سال در كبرى كذشت ايمان آورد تا ترا كه هفتاد سال در مسلمانى كذشت عاقبت چهـ خواهد آورد ومن الله العصمة والتوفيق لمرضاته والاستبصار بآياته وبيناته وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى الملك المطلق والتصرف الكلى فيهما وفيما بينهما مخصوص بالله تعالى وهو تعميم للقدرة بعد تخصيصها وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ العامل فى يوم يخسر ويومئذ بدل منه قال العلامة التفتازانيّ مثل هذا أشبه وأنى يتأنى ان هذا مقصود بالنسبة دون الاول قلت اليوم فى البدل بمعنى الوقت والمعنى وقت إذ تقوم الساعة ويحشر الموتى فيه وهو جزء من يوم تقوم الساعة فانه يوم متسع مبدأه من النخفة الاولى فهو بدل البعض والعائد مقدر ولما كان ظهور خسرهم وقت حشرهم يكون هو المقصود بالنسبة كذا فى حواشى سعدى المفتى يقال أبطل جاء بالباطل وقال شيأ لا حقيقة له والمراد الذين يبطلون الحق ويكذبون بالبعث ومعنى يخسر المبطلون يظهر خسرانهم ثمة وبالفارسية زيان كنند تباه كاران وزيان ايشان آن بود كه بدوزخ باز كردند قال فى الكبير ان الحياة والعقل والصحة كأنها رأس المال والتصرف فيها لطلب سعادة الآخرة يجرى مجرى تصرف التاجر فى رأس المال لطلب الربح والكفار قد أتعبوا أنفسهم فى طلب الدنيا فخسروا ربح الآخرة وفيه اشارة الى ابطال الاستعداد الفطري (ع) على نفسه فليبك من ضاع عمره وَتَرى رؤية عين كُلَّ أُمَّةٍ من الأمم المجموعة ومؤمنيهم وكافريهم حال كونها جاثِيَةً باركة على الركب من هول ذلك اليوم غير مطمئنة لانها خائفة فلا تطمئن فى جلستها عند السؤال والحساب يقال جثا يجثو ويجثى جثوا وجثيا بضمهما جلس على ركبتيه او قام على أطراف أصابعه وعن ابن عباس رضى الله عنه جاثية اى مجتمعة بمعنى ان كل امة لا تختلط بأمة اخرى يقال جثوت الإبل وجثيتها جمعتها والجثوة بالضم الشيء المجتمع فان قيل الجثو على الركب انما يليق بالكافرين فان المؤمنين لا خوف عليهم يوم القيامة فالجواب ان الآمن قد يشارك المبطل فى مثل هذا الى ان يظهر كونه محقا مستحقا للامن قال كعب لعمر امير المؤمنين رضى الله عنه ان جهنم تزفر زفرة يوم القيامة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبى مرسل إلا جثا على ركبتيه حتى يقول خليل الرحمن عليه السلام يا رب لا اسألك اليوم الا نفسى (قال الشيخ سعدى)
در ان روز كز فعل پرسند وقول ... اولو العزم را تن بلرزد ز هول
بجايى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا
كُلَّ أُمَّةٍ كرر كل امة لانه موضع الاغلاظ والوعيد (تدعى الى كتابها اى الى صحيفة أعمالها فالاضافة مجازية للملابسة لان أعمالهم مثبتة فيه وفيه اشارة الى عجز العباد وان لا حول ولا قوة لهم فيما كتب الله لهم فى الأزل وانهم(8/453)
هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)
لا يصيبهم فى الدنيا والآخرة الا ما كتب الله لهم على مقتضى أعيانهم الثابتة فلا يجرون فى الافعال الا على القضاء (قال الحافظ)
درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى ... چنانكه
پرورشم ميدهند ميرويم
الْيَوْمَ معمول لقوله تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى يقال لهم ذلك فمن كان عمله الايمان جزاه الله بالجنة ومن كان عمله الشرك والكفر جزاه بالنار كما قال النبي عليه السلام إذا كان يوم القيامة جاء الايمان والشرك فيجثيان بين يدى الرب تعالى فيقول الله للايمان انطلق أنت وأهلك الى الجنة ويقول للشرك انطلق أنت وأهلك الى النار هذا كِتابُنا إلخ من تمام ما يقال حينئذ وحيث كان كتاب كل امة مكتوبا بأمر الله أضيف الى نون العظمة تفخيما لشأنه وتهويلا لامره والا فالظاهر ان يضاف الى الامة بان يقال كتابها كما فيما قبلها يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ اى يشهد عليكم بِالْحَقِّ اى من غير زيادة ولا نقص والجملة خبر آخر لهذا وبالحق حال من فاعل ينطق إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ إلخ تعليل لنطقه عليهم بأعمالهم من غير إخلال بشىء منها اى كنا فيما قبل نستكتب الملائكة ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا من الأعمال حسنة كانت او سيئة صغيرة او كبيرة اى نأمر الملائكة بكتب أعمالكم وإثباتها عليكم لان السين للطلب والنسخ فى الأصل هو النقل من اصل كما ينسخ كتاب من كتاب لكن قد يستعمل للكتبة ابتداء وقال بعضهم ما من صباح ولامساء الا وينزل فيه ملك من عند اسرافيل الى كاتب اعمال كل انسان ينسخ عمله الذي يعمله فى يومه وليلته وما هو لاق فيها كما قال عليه السلام أول ما خلق الله القلم وكتب ما يكون فى الدنيا من عمل معمول بر أو فجور وأحصاه فى الذكر واقرأوا انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون فهل يكون النسخ الا من شىء قد فرغ منه قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الله وكل ملائكة يستنسخون من ذلك الكتاب المكتوب عنده كل عام فى شهر رمضان ما يكون فى الأرض من حدث الى مثلها من السنة المقبلة فيعارضون به حفظة الله على عباده كل عشية خميس فيجدون ما رفع الحفظة موافقا لما فى كتابهم ذلك ليس فيه زيادة ولا نقصان فاذا أفنى الورق مما قدر وانقطع الأمر وانقضى الاجل أتت الحفظة الخزنة فيطلبون عمل ذلك اليوم فتقول لهم الخزنة ما نجد لصاحبكم عندنا شيأ فترجع الحفظة فيجدونه قد مات ثم قال ابن عباس رضى الله عنهما ألستم قوما عربا هل يكون الاستنساخ الا من اصل وهو اللوح المحفوظ من التغير والتبدل والزيادة والنقصان على ما عليه كان مما كتبه القلم الا على وفيه دليل على ان الحفظة يعلمون ما يقع فى ذلك اليوم من العبد ويفعله قبل ان يفعله قان قلت إذا علمت الحفظة اعمال العبد من اللوح المحفوظ فما فائدة ملازمتهم العبيد وكتابتهم أعمالهم قلت الزام الحجة لا يحصل الا بشهودهم فعل العبد فى وقته المخصوص وكتابتهم على ما وقع قال بعضهم ان الحفظة يكتبون جميع ما يكون من العبد يقابلونه بما فى أم الكتاب فما فيه ثواب وعقاب اثبت وما لم يكن فيه ثواب ولا عقاب محى وذلك قوله تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت فعلى العبد أن يتدارك الحال قبل حلول الآجال فانه سوف ينفد العمر وينقلب الأمر (قال الشيخ سعدى)
دريغست فرموده ديو زشت ... كه دست ملك بر تو خواهد نوشت
روا دارى از جهل(8/454)
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ (31) وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (34) ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35) فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)
وناپاكيت ... كه پاكان نويسند ناپاكيت
طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى بر انگيز وعذرى بكوى
كه يك لحظه صورت نه بندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان
جعلنا الله وإياكم من المسارعين الى اسباب رضاه والمسابقين الى قبول امره وهداه فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ من الأمم لانه تفصيل لما قبله فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ اى فى جنته لان الدخول حقيقة فى الجنة دون غيرها من اقسام الرحمة فهو من تسمية الشيء باسم حاله يعنى لما كانت الجنة محل الرحمة اطلق عليها الرحمة بطريق المجاز المرسل ذلِكَ الذي ذكر من الإدخال فى رحمته تعالى هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ الظاهر كونه فوز الا فوز وراءه يقول الفقير واما الفوز العظيم فهو دخول جنة القلب ولقاؤه تعالى فى الدنيا والآخرة ولكن لما كان هذا الفوز غير ظاهر بالنسبة الى العامة وكان الظاهر عندهم الفوز بالجنة قيل هو الفوز المبين وان اشتمل الفوز المبين على الفوز العظيم لان الجنة محل انواع الرحمة وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ اى فيقال لهم بطريق التوبيخ والتقريع الم تكن تأتيكم رسلى فلم تكن آياتي تتلى عليكم فحذف المعطوف عليه ثقة بدلالة القرينة عليه فَاسْتَكْبَرْتُمْ عن الايمان بها وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ اى قوما عادتهم الاجرام قال الشيخ السمرقندي فى بحر العلوم فان قلت أهذه الآية تشمل الذين فى اقاص الروم والترك والهند من الذين لم تبلغهم الدعوة ولم يتل عليهم شىء من آيات الله وهم اكثر عددا من رمال الدهناء وما قولك فيهم قلت لابل الظاهر عندى بحكم الآية ان هؤلاء معذورون مغفورون شملتهم رحمة الله الواسعة بل أقول تشمل كل من مات فى الفترة وكل أحمق وهرم وكل أصم ابكم قال ابو هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اربعة كلهم نزل على الله بحجة وعذر رجل مات فى الفترة ورجل أدرك الإسلام هرما ورجل أصم ابكم معتوه ورجل أحمق فاستوسع ايها السائل رحمة الله فان صاحب الشرع هو لذى استوسع رحمة الله تعالى قبلنا ولم يضيق على عباده ولا تشغل بالتكفير والتضليل لسانك وقلبك كطائفة بضاعتهم مجرد الفقه يخوضون فى تكفير الناس وتضليلهم وطائفة من المتكلمين كفروا عوام المسلمين وزعموا وقد كذبوا وفى غمرتهم عمهوا ان من لم يعرف العقائد الشرعية بأدلتنا المحررة فى كتبنا فهو كافر فاولئك عليهم العويل والنباحة ايام حياتهم ومماتهم حيث ضيقوا رحمة الله الواسعة على عباده وجعلوا الجنة حصرا ووقفا على طائفة الفقهاء وشر ذمة المتكلمين وكفروا وضللو الذين هم برآء من الكفر والضلالة وقد ذهلوا او جهلو بقول النبي عليه السلام أمتي كلها فى الجنة الا الزنادقة وقد روى ايضا الهالك منها واحدة ويقول عبد الله بن مسعود وابو هريرة وعبد الله ابن عمر رضى الله عنهم ليأتين على جهنم زمان ليس فيها أحد بعد ما يلبثون فيها أحقابا وبما قال انس رضى الله عنه قال النبي عليه السلام إذا كان يوم القيامة يغفر الله لاهل الا هواء أهواءهم وحوسب الناس بأعمالهم الا الزنادقة انتهى كلام السمرقندي فى تفسيره والزنديق هو من يقول ببقاء الدهر اى لا يؤمن بالآخرة ولا الخالق اى لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شىء من الأشياء ويعتقد أن الأموال والحرم مشتركة وفى قبول توبته روايتان والذي ترجح عدم(8/455)
قبول توبته كما فى فتاوى قارئ الهداية وفى الأصول من لم تبلغه الدعوة فهو غير مكلف بمجرد العقل فاذا لم يعتقد ايمانا ولا كفرا كان معذورا إذا لم يصادف مدة يتمكن فيها من التأمل والاستدلال بان بلغ فى شاهق الجبل ومات فى ساعته وإذا أعانه الله بالتجربة وأمهله لدرك العواقب لم يكن معذورا وان لم تبلغه الدعوة لان الامهال وادراك مدة التأمل بمنزلة دعوة الرسل فى حق تنبيه القلب من نوم الغفلة فاذا قصر فى النظر لم يكن معذورا وليس على حد الامهال دليل يعتمد عليه وما قيل انه مقدر بثلاثة ايام اعتبارا بالمرتد فانه يمهل ثلاثة ايام ليس بقوى لان هذه التجربة تختلف باختلاف الاشخاص لان العقول متفاوتة فرب عاقل يهتدى فى زمان قليل الى ما لا يهتدى اليه غيره فى زمان طويل فيفوض تقديره الى الله إذ هو العالم بمقدارها فى حق كل شخص فيعفو عنه قبل إدراكها او يعاقبه بعد استيفائها وعند الاشعرية ان غفل عن الاعتقاد حتى هلك او
اعتقد الشرك فلم تبلغه الدعوة كان معذورا لان المعتبر عندهم هو السمع دون العقل ومن قتل من لم تبلغه الدعوة ضمنه لان كفرهم معفو عندهم فصاروا كالمسلين فى الضمان وعندنا لم يضمن وان كان قتله حراما قبل الدعوة ضمنه لان غفلتهم عن الايمان بعد ادراك مدة التأمل لا يكون عفوا وكان قتلهم مثل قتل نساء اهل الحرب فلا يضمن ثم الجهل فى دار الحرب من مسلم لم يهاجر إلينا يكون عذرا حتى لو لم يصل ولم يصم مدة ولم تبلغ اليه الدعوة لا يجب عليه قضاؤهما لان دار الحرب ليس بمحل لشهرة أحكام الإسلام بخلاف الذمي إذا أسلم فى دار الإسلام يجب عليه قضاء الصلاة وان لم يعلم بوجوبها لانه متمكن من السؤال عن احكام الإسلام وترك السؤال تقصير منه فلا يكون عذرا يقول الفقير والذي تحرر من هذه التقريرات ان من لم تبلغه الدعوة فهو على وجهين اما ان يمهل له قدر ما يتأمل فى الشواهد ويعرف التوحيد اولا فالثانى معذور دون الاول وتكفى المعرفة المجردة وان لم يكن هناك ايمان شرعى ولذا ورد فى الخبر من مات وهو يعرف ولم يقل وهو يؤمن فدل على ان من عرف الله تعالى معرفة خالصة ليس فيها شرك نجا من من النار ومعنى الايمان الشرعي هو المتابعة النبي من الأنبياء عليهم السلام وقس على هذا احوال اهل الفترة فانهم ان لم يخلوا بالتوحيد وبالأصول كانو معذورين فقول من قال ليأتين على جهنم زمان إلخ حق فان الطبقة العالية من جهنم التي هى مقر عصاة المؤمنين تبقى خالية بعد مرور الاحقاب يعنى من كان فى قلبه مثقال حبة من الايمان اى معرفة الله تعالى سواء سمى ذلك ايمانا شرعيا أم لا يخرج من النار فاذا لم يكفر اهل المعرفة المجردة فكيف اهل القبلة من المؤمنين بالايمان الشرعي ما لم يدل دليل ظاهر او خفى على كفره (قال المولى الجامى فى سلسلة الذهب)
هر كه شد ز اهل قبله بر تو پديد ... كه به آورده نبى كرويد
كر چهـ صد بدعت وخطا وخلل ... بينى او را ز روى علم عمل
مكن او را ز سرزنش تكفير ... مشمارش ز اهل نار سعير
ور ببينى كسى ز اهل إصلاح ... كه رود راه دين صباح ورواح
بيفين ز اهل جنتش مشمار ... ايمن از روز آخرش مكذار
مكر آنكس كه از رسول خدا ... شد مبشر بجنة المأوى
قال الشيخ علاء الدولة فى كتاب العروة جميع الفرق الاسلامية اهل النجاة والمراد(8/456)
وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32)
من الناجية فى حديث ستفترق أمتى إلخ الناجية بلا شفاعة وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ ان ما وعده من الأمور الآتية فهو بمعنى الموعود حَقٌّ واقع لا محالة وَالسَّاعَةُ اى القيامة التي هى أشهر ما وعده لا رَيْبَ فِيها اى فى وقوعها لكونها مما اخبر به الصادق ولقيام الشواهد على وجودها قُلْتُمْ من غاية عتوكم يا منكرى البعث من الكفار والزنادقة ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ اى اى شىء هى استغرابا لها إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا اى ما نفعل فعلا الا ظنا فان ظاهره استثناء الشيء من نفسه وفى فتح الرحمن اى لا اعتقاد لنا الا الشك والظن أحد طرفى الشك بصفة الرجحان ويجيىء بمعنى اليقين انتهى ومقابل الظن المطلق هو الاستيقان ولذا قال وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ اى لامكان الساعة يعنى ما را يقينى نيست در قيام قيامت ولعل هؤلاء غير القائلين ما هى الا حياتنا الدنيا فمنهم من يقطع بنفي البعث والقيامة وهم المذكورون فى الآية الاولى ومنهم من يشك لكثرة ما سمعوه من الرسول عليه السلام من دلائل صحة وقوعه وهم المذكورون فى هذه الآية قال فى التعريفات الظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض ويستعمل فى اليقين والشك انتهى واليقين إتقان العلم ينفى الشك والشبهة عنه نظرا واستدلالا ولذلك لا يوصف به علم القديم ولا العلوم الضرورية إذ لا يقال تيقنت ان السماء فوقى فعلى العاقل ان يرفع الشك عن الأمور التي اخبر الله بها ويكون على يقين تام منها (وفى المثنوى)
وعدها باشد حقيق دلپذير ... وعدها باشد مجازى تا سه كير
وعده اهل كرم كنج روان ... وعده نااهل شد رنج روان
ولا شك ان ليس من الله اصدق قيلا فوعده للمؤمنين الموقنين يورث الفرح والسرور فانهم وان كانوا يخافون القيامة وأهوالها لكنهم يرجون رحمة الله الواسعة ولا يصلون الى كمال تلك الرحمة الا بوقوع القيامة فانه هو الذي توقف عليه دخول الجنة ودرجاتها ونعيمها ولليقين مراتب الاولى علم اليقين وهو العلم الحاصل بالإدراك الباطني بالفكر الصائب والاستدلال وهذا للعلماء الذين يوقنون بالغيب ولا نزيد هذه المرتبة العلمية الا بمناسبة الأرواح القدسية فاذا يكون العلم عينا وهى المرتبة الثانية التي يقال لها عين اليقين ولا مرتبة للعين الا اليقين الحاصل من مشاهدة المعلوم ولا تزيد هذه المرتبة الا يزوال حجاب الاثنينية فاذا تكون العين حقا وهى المرتبة الثالثة التي يقال لها حق اليقين وزيادة هذه المرتبة عدم ورود الحجاب بعده وعينه للاولياء حقه للانبياء واما باطن حق اليقين وهو حقيقة اليقين فهو لنبينا عليه السلام وهذه المراتب لا تحصل الا بالمجاهدة مثل دوام الوضوء وقلة الاكل وكثرة الذكر والسكوت بالفكر فى ملكوت السموات والأرض وبأداء السنن والفرائض وترك ما سوى الحق والفرض وتفليل المنام والعرض وأكل الحلال وصدق المقال والمراقبة بقلبه الى الله فهذه مفاتيح المعاينة والمشاهدة وكلها من الشريعة النبوية فلا بد من المتابعة له فى قوله وفعله با يزيد بسطامى قدس سره كفت روح من بهمه ملكوت بر كذشت وبهشت ودوزخ بد ونمود وبچيزى التفات نكرد وبجان هيچ پيغمبر نرسيد الإسلام كرد چون بروح پاك مصطفى عليه السلام رسيدم آنجا صد هزاران درياى آتشين ديدم بى نهايت وهزاران حجاب از نور ديدم اگر باول دريا قدم نهادمى بسوختمى لا جرم زان هيبت چنان مدهوش(8/457)
وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (34)
شدم كه هيچ نماندم با آنكه بحق رسيدم زهره نداشتم بمحمد عليه السلام رسيدن يعنى هر كس بقدر خويش بخدا تواند رسيد كه حق با همه است اما محمد عليه السلام در پيش شان در صدر خاص است تا لا جرم وادي لا اله الا الله قطع نكنى بوادي محمد رسول الله نتوانى رسيد وبحقيقت هر دو وادي يك اند پس با يزيد كفت الهى هر چهـ ديدم همه من بوسم با من بتوراة نيست واز خودىء خود مرا در مكذارى مرا چهـ بايد كرد فرمان آمد كه يا أبا يزيد خلاصى تو از ثوبى نواتدر متابعت دوست ما محمد عليه السلام بسته است ديده را بخاك قدم او اكتحال كن وبر متابعت او مداومت نماى فظهر انه كلما كان التصديق أقوى والمتابعة أوفر كان القرب اكثر ومن هذا عرف حال الكفار وأهل الإنكار فى البعد والفراق نعوذ بالله الخلاق تم الجزء الخامس والعشرون ويليه الجزء السادس والعشرون وَبَدا لَهُمْ اى ظهر للكفار فى الآخرة سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا من اضافة الصفة الى موصوفها اى أعمالهم السيئة على ما هى عليه من الصورة المنكرة الهائلة وعاينوا وخامة عاقبتها والمراد الشرك والمعاصي التي كانت تميل إليها الطبائع والنفوس وتشتهيها وتستحسنها تم تظهر يوم القيامة فى الصور القبيحة فالحرام فى صورة الخنزير والحرص فى صورة الفارة والنملة والشهوة فى صورة الحمار والعصفور والغضب فى صورة الفهد والأسد والكبر فى صورة النمر والبخل فى صورة الكلب والحقد فى صورة الجمل والاذية بلسانه فى صورة الحية وشره الطعام والشراب والمنام فى صورة الجاموس والبقر والعجب فى صورة الدب واللواطة فى صورة الفيل والحيلة فى صورة الثعلب وسرقة الليل فى صورة الدلق وابن عرس والرباء والدعوى فى صورة الغراب والعقعق والبومة واللهو بالملاهي فى صورة الديك والفكر بلا فاعدة فى صورة القمل والبرغوث والنوح فى صورة ما يقال بالفارسية شغال والعلم بلا عمل كالشجرة اليابسة والرجوع من الطريقة الحقة فى صورة تحول الوجه الى القفا الى غير ذلك من الصور المتنوعة بحسب الأعمال المختلفة فكل ما اثمر لهم فى الآخرة انما هو فى زرع زرعوه فى مزرعة الدنيا بأعمالهم السيئة ويجوز ان يراد بسيئات ما عملوا جزاؤها فان جزاء السيئة سيئة فسميت باسم سببها وَحاقَ بِهِمْ أحاط ونزل قال ابو حيان لا يستعمل الا فى المكروه يقال حاق به يحيق حيقا وحيوقا وحيقانا أحاط به كأحاق والحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ من الجزاء والعقاب وَقِيلَ من جانب الحق الْيَوْمَ وهو يوم القيامة نَنْساكُمْ نترككم فى العذاب ترك المنسى ففى ضمير الخطاب استعارة بالكناية بتشبيههم بالأمر المنسى فى تركهم فى العذاب وعدم المبالاة بهم وقرينتها النسيان كَما نَسِيتُمْ فى الدنيا لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا اى كما تركتم عدته ولم تبالوا بها وهى الايمان والعمل الصالح واضافة اللقاء الى اليوم اضافة المصدر الى ظرفه اى نسيتم لقاء الله وجزاءه فى يومكم هذا فأجرى اليوم مجرى المفعول به وجعل ملقيا وفيه اشارة الى انهم زرعوا فى مزرعة الدنيا بذر النسيان فاثمرهم فى الآخرة ثمرة النسيان
اگر بد كنى چشم نيكى مدار ... كه هركز نيارد كز انگور بار
درخت زقوم ار بجان پرورى ... مپندار هركز كزو برخورى(8/458)
ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35) فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)
رطب ناورد چوب خرزهره بار ... چهـ تخم افكنى بر همان چشم دار
وَمَأْواكُمُ النَّارُ ومرجعكم ومكانكم جهنم وبالفارسية وجايكاه شما آتش است لانها مأوى من نسينا كما ان الجنة مأوى من ذكرنا وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ اى ما لاحد منكم ناصر واحد يخلصكم منها ذلِكُمْ لعذاب بِأَنَّكُمُ اى بسبب انكم اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً اى مهزوا بها ولم ترفعوا لها رأسا بالتفكر والقبول وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فحسبتم ان لا حياة سواها نوشته اند بر ايوان جنة المأوى كه هر كه عشوه دنيا خريد واى بوى فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها اى من النار والتفات الى الغيبة للايذان باسقاطهم عن رتبة الخطاب استهانة بهم او بنقلهم من مقام الخطاب الى غيابة لنار وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ اى يطلب منهم ان يعتبوا ربهم اى يرضوه بالطاعة لفوات او انه وفيه اشارة الى ان الله تعالى أظهر على مخلصى عباده بعض آياته فلما رآها أهل الإنكار اتخذوها هزوا على ما هو عادتهم فى كل زمان وغرتهم الحياة الدنيا إذ ما قبلوا وصية الله إذ قال فلا تغرنكم الحياة لدنيا فاليوم لا يخرجون من نار القهر الإلهي لانهم دخلوا فيها على قدمى الحرص والشهوات ولا هم يستعتبون فى الرجوع الى الجنة على قدمى الايمان والعمل الصالح فَلِلَّهِ الْحَمْدُ خاصة رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ كلها من لارواح والأجسام والذوات والصفات فلا يستحق الحمد أحد سواه وتكرير الرب للتأكيد والإيذان بان ربيته تعالى لكل منها بطريق الاصالة وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى العظمة والقدرة والسلطان والعز لظهور آثارها وأحكامها فيهما وإظهارهما فى موقع الإضمار لتفخيم شأن الكبرياء وَهُوَ الْعَزِيزُ الذي لا يغلب الْحَكِيمُ فى كل ما قضى وقدر فاحمدوه اى لان له الحمد وكبروه اى لان له الكبرياء وأطيعوه اى لانه غالب على كل شىء وفى كل صنعه حكمة جليلة وفى الحديث ان لله ثلاثة أثواب اتزر بالعزة وارتدى بالكبرياء وتسربل بالرحمة فمن تعزز بغير الله اذله الله فذلك الذي يقول الله تعالى ذق انك أنت العزيز الكريم ومن تكبر فقد نازع الله ان الله تعالى يقول لا ينبغى لمن نازعنى ان ادخله الجنة ومن يرحم الناس يرحمد الله فذلك الذي سربله الله سرباله الذي ينبغى له وفى الحديث القدسي يقول الله الكبرياء ردآئى والعظمة إزاري فمن نازعنى واحدا منهما ألقيته فى جهنم فللعبد أن يتخلق بأخلاق الحق تعالى ولكنه محال ان يتخلق بهذين الخلقين لانهما أزليان أبديان لا يتطرق إليهما التغير وفى خلق العبد تغيير وله بداية ونهاية وله مبدىء ومعيد قال بعض الكبار وصف الحق سبحانه وتعالى نفسه بالإزار والرداء دون القميص والسراويل لان الأولين غير مخطيين وان كانا منسوجين فهما الى البساطة أقرب والثانيين مخيطان ففيهما تركيب ولهذا السر حرم المخيط على الرجل فى الإحرام دون المرأة لان الرجل وان كان خلق من مركب فهو الى البساطة أقرب واما المرأة فقد خلقت من مركب محقق هو للرجل فبعدت عن البسائط والمخيط تركيب فقيل للمرأة أبقى على أصلك لا تلحقى الرجل وقيل للرجل ارتفع عن تركيبك وفى تقديم الحمد على الكبرياء اشارة الى ان الحامدين إذا حمدوه وجب ان يعرفوا انه أعلى واكبر من ان يكون الحمد الذي ذكروه لائقا بانعامه بل هو أكبر من حمد الحامدين وأياديه(8/459)
أجل من شكر الشاكرين قال بعض العارفين اعلم ان التكبير تنزيه ربك عن قيد الجهات والتحولات المختلفة وعن قيد التعينات العلمية والاعتقادية المتنوعة يحسب المراتب وعن سائر احكام الحصر ما ظهر من ذلك المذكور وما بطن مما لا يتحقق بمعرفته الا من عرف سر العبادات المشروعة وسر التوجهات الكونية الى الحضرة الربانية فمعنى كل تكبير صلاتى الله اكبر من ان يتفيد بهذه التحولات العبادية والمراتب والتعينات الكونية وقال شيخ الإسلام خواهر زاده معنى الله اكبر أي من يؤدى حقه بهذا القدر من الطاعة بل حقه الأعلى كما قالت الملائكة ما عبدناك حق عبادتك وفى جامع المضمرات ليس المعنى على انه اكبر من غيره حتى يقال اكبر منه بل كل ما سواه فهو نور من أنوار قدرته كما حكى انه عطس رجل عند الجنيد فقال الحمد لله فقال الجنيد قل الحمد لله رب العالمين موافقا للقرءآن فقال الرجل وهل للعالم وجود حتى يذكر مع الله فمعنى
الله اكبر أي اكبر من ان يناله الحواس ويدرك جلاله بالعقل والقياس بل اكبر من ان يدرك كنه جلاله غيره بل اكبر من ان يعرفه غيره فانه لا يعرف الله الا الله قال بعض الفضلاء الصحيح ما عليه المحققون من ان اسم التفصيل إذ اطلق على الله تعالى فهو بمنزلة المعرف باللام فى المعنى فهو بمعنى الله هو الأكبر ولا يسوغ فيه تقدير من فانه حينئذ يقتضى ان يشاركه غيره فى اصل الكبرياء وهو سبحانه منزه عن ان يشاركه غيره فى شىء من صفاته كيف يتصور ذلك ولا كبرياء فى غيره تعالى بل شعار ما سواه كمال الصغار والاحتياج الى جنابه تعالى فضلا عن الاتصاف بالكبرياء والعظمة والكبر فى حق ما سواه من أسوأ الأخلاق الذميمة وتعالى الله ان يشاركه غيره فى صفة هى كمال لخلقه تعالى فضلا عن صفة هى ذميمة لهم بل اسم التفضيل فى حقه تعالى دال على زيادة المبالغة والكمال المطلق الذي لا يتصور أن يشاركه فيه أحد مما سواه انتهى وكان عليه السلام يزيد فى تكبيرات صلاة العيدين فتارة يجعل الزوائد ستا واخرى اكثر وسره ان العرب يجتمعون فى الأعياد من القبائل ويزاحمون على مطالعة جماله ويعظمونه أشد التعظيم فكان ينفى الكبرياء عن نفسه قيثبتها لله تعالى بما يحصل له كمال الاطمئنان من الاعداد (قال فى كشف الاسرار) بسمع عمر بن عبد العزيز رسانيدند كه پسر تو انكشترى ساخته است ونكينى بهزار درم خريد وبروى نشانده نامه نوشته بوى كه اى پسر شنيدم كه انكشترى ساخته ونكينى بهزار درم خريده ودر وى نشانده اگر رضاى من ميخواهى آن نكين بفروش واز بهاى آن هزار كرسنه را طعام ده واز پاره سيم خود را انكشترى ساز وبر آن نقش كن كه رحم الله امرأ عرف قدر نفسه زيرا كبر با صفت خداوند ذى الجلالست
مرو را سزد كبريا ومنى ... كه ملكش قديمست وذاتش غنى
يكى را بسر بر نهد تاج بخت ... يكى را بخاك اندر آرد ز تخت
بتهديد اگر بر كشد تيغ حكم ... بمانند كر وبيان صم وبكم
بدرگاه لطف وبز ركيش بر ... بزركان نهاده بزركى ز سر
بدرد يقين بردهاى خيال ... نماند سرا پرده الإجلال
اى لا يبقى من الحجب إلا حجاب العظمة ورداء الكبرياء فانه لا يرتفع ابدا والا لتلاشى وجود الإنسان والتحق بالعدم فى ذلك الآن فاعرف هذا بالذوق والوجدان(8/460)
حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3) قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5)
تمت سورة الجاثية فى الرابع عشر من شهر رمضان المنتظم فى سلك شهور سنة ثلاث عشرة ومائة والف سورة الأحقاف اربع او خمس وثلاثون آية مكية
سورة الأحقاف
بسم الله الرحمن الرحيم
(حم) اى هذه السورة مسماة بحم وقال بعضهم الحاء اشارة الى حماية اهل التوحيد والميم الى مرضاته منهم مع المزيد وهو النظر الى وجهه الكريم وقال بعضهم معناه حميت قلوب اهل عنايتى فصنتها عن الخواطر والهواجس فلاح فيها شواهد الدين وأشرقت بنور اليقين يقول الفقير فيه اشارة الى ان القرآن حياة الموتى كما قال او كلم به الموتى وكذا حياة الموتى من القلوب فان العلوم ولمعارف والحكم حياة القلوب والأرواح والاسرار وايضا الى الأسماء الحسنى فان حاء وميم من حساب اليسط تسعة وتسعون وايضا الى الصفات السبع التي خلق الله آدم عليها وهى الحياة والعلم والقدرة والارادة والسمع والبصر والكلام فالحاء حاء الحياة والميم ميم الكلام فاشير بالأول والآخر الى المجموع يعنى ان الله تعالى انزل القرآن لتحصى أسماؤه الحسنى وتعرف صفاته العليا ويتخلق بأخلاقه العظمى تَنْزِيلُ الْكِتابِ اى القرآن المشتمل على هذه السورة وعلى سائر السور الجليلة وبالفارسية فرستادن كتاب بعضى از پى بعض وهو مبتدأ خبره قوله مِنَ اللَّهِ وما كان من الله فهو حق وصدق فانه قال ومن أصدق من الله قيلا الْعَزِيزِ وما كان من العزيز فهو عزيز غالب على جميع الكتب بنظمه ومعانيه ودليل ظاهر لأباب الظواهر والباطن الْحَكِيمِ وما كان من الحكيم ففيه حكمة بالغة لان الله تعالى لا يفعل الا ما فيه مصلحة كما قال ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بما فيهما من حيث الجزئية منهما ومن حيث الاستقرار فيهما وَما بَيْنَهُما من المخلوقات كالنار والهواء والسحاب والأمطار والطيور المختلفة ونحوها إِلَّا خلقا ملتبسا بِالْحَقِّ اى بالغرض الصحيح والحكمة البالغة وان جعلها مقارا للمكلفين ليعملوا فيجازيهم يوم القيامة لا بالعبث والباطل فانه ما رجد شىء الا لحكمة والوجود كله كلمات الله ولكل كلمة ظهر هو الصورة وبطن هو المعنى الى سبعة أبطن كما ورد فى الخبر ان لكل حق حقيقة فالوجود كله حق حتى ان النطق بكلمات لا معانى لها حق فانها قد وجدت والباطل هو المعنى الذي تحتها كقول من يقول مات زيد ولم يمت فان حروف الكلمة حق فانها قد وجدت والباطل هو ان زيد أمات وهو المعنى الذي تحتها فالدنيا حق وحقيقتها الآخرة والبرزخ وصل بينهما وربط ومن هاهنا يعرف قول على رضى الله عنه الناس نيام وإذا ماتوا تيقظوا فالرؤيا حق وكذا ما فى الخارج من تعبيرها لكن كلا منهما خيال بالنسبة الى الآخرة لكونه من الدنيا وكونه خيالا ومن الدنيا لا ينافى كونه حقا وانما ينافى كونه حقيقة ولذا قال يوسف الصديق عليه السلام يا أبت هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا وقال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر انما الكون خيال وهو حق فى الحقيقة وفى الآية اشارة الى ان المخلوقات كلها ما خلقت الا لمعرفة الحق تعالى كما قال فخلقت الخلق لا عرف وفى الحديث لو عرفتم الله حق(8/461)
معرفته لمشيتم على البحور ولزالت بدعائكم الجبال ولهذه المعرفة خلقت سموات الأرواح وأراضي النفوس وما بينهما من العقول والقلوب والقوى وَأَجَلٍ مُسَمًّى عطف على الحق بتقدير المضاف اى وبتقدير أجل معين ينتهى اليه امور الكل وهو يوم القيامة وذلك لان اقتران الخلق ليس الا به لا بالأجل نفسه وفيه إيذان بفناء العالم وموعظة وزجر اى فانتبهوا ايها الناس وانظروا ما يراد بكم ولم خلقتم واشارة بان لكل عارف أجل مسمى لمعرفته وأكثره فى هذه الامة أربعون سنة فانها منتهى السلوك فلا يغتر العبد بعلمه وعرفانه فانه فوق كل ذى علم عليم ولكل حد نهاية والأمور مرهونة بأوقاتها وأزمانها وهذا بالنسبة الى من سلك على الفطرة الاصلية وعصم من غلبة احكام الإمكان والا فمن الناس من يجتهد سبعين سنة ثم لا يقف دون الغاية ثم انه فرق بين أوائل المعرفة وأواخرها فان حصول أواخرها يحتاج الى مدة طويلة بخلاف اوائلها إذ قد تحصل للبعض فى أدنى مدة بل فى لحظة كما حصلت لسحرة فرعون فانهم حيث رأوا بمعجزة موسى عليه السلام قالوا آمنا برب العالمين (وحكى) ان ابراهيم بن أدهم قدس سره لما قصد هذا الطريق لم يك الا مقدار سيره من
بلخ الى مرو الروذ حتى صار بحيث أشار الى رجل سقط من الفنطرة فى الماء الكثير هنالك فوقف الرجل مكانه فى الهولء فتخلص وان رابعة البصرية كانت امة كبيرة يطاف بها فى سوق البصرة ولا يرغب فيها أحد لكبر سنها فرحمها بعض التجار فاشتراها بنحو مائة درهم وأعتقها فاختارت هذا الطريق وأقبلت على العبادة فما تمت لها سنة حتى زارها زهاد البصرة وقراؤها وعلماؤها لعظم منزلتها فهذ من العناية القديمة والارادة الازلية الغير المعللة بشىء من العلل فيض روح القدس ار باز مدد فرمايد ديكران هم بكنند آنچهـ مسيحا ميكرد قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر لم يكن يتخلص عندى أحد الجنبين فى مسألة خلق الأعمال وتعسر عندى الفصل بين الكسب الذي يقول به قوم وبين الخلق الذي يقول به قوم فأوقفنى الله تعالى بكشف بصرى على خلقة المخلوق الاول الذي لم يتقدمه مخلوق وقال هل هنا امر يورث اللبس والحيرة قلت لا يا رب فقال لى هكذا جميع ما نراه من المحدثات ما لأحد فيه اثر ولا شىء من المخلوق فانا الذي اخلق الأشياء عند الأسباب لا بالأسباب فتكور على امرى خلقت النفخ فى عيسى وخلقت التكون فى الطائر وَالَّذِينَ كَفَرُوا اى مشركو أهل مكة عَمَّا أُنْذِرُوا به وخوفوا من يوم القيامة وما فيه من الأهوال مُعْرِضُونَ بترك الاستعداد له بالايمان والعمل وفيه اشارة الى ان الاعراض عما انذروا به كفر قال الفقهاء إذا وصف الله أحد بما لا يليق به كالامكان والحدوث والجسمية والجهات والظلم النوم والنسيان والتأذى ونحو ذلك او استهزا باسم من أسمائه أو أمر من أوامره او أنكر شيأ من وعده ووعيده وما ثبت بدليل قطعى يكفر ولوزنى رجل او عمل عمل قوم لوط فقال له الآخر مكن فقال كنم ونيك ارم فهذا كفر ولو قيل لرجل لا تعصى لله فان الله يدخلك النار فقال من از دوزخ نه انديشم يكفر ولو قيل الرجل بسيار مخور وبسيار مخسب او بسيار مخد فقال چندان خورم وخسم وخندم كه خودخواهم يكفر لكون كل من الاكل والنوم والضحك الكثير منها عنه مميتا(8/462)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4)
للقلب فرد القول فيه رد للنص حقيقة وفى آخر فتاوى الظهيرية سئل الشيخ الامام ابو بكر محمد بن الفضل عمن يقول انا لا أخاف النار ولا أرجو الجنة وانما أخاف الله وأرجوه فقال قوله لا أخاف النار ولا أرجو الجنة غلط فان الله تعالى خوف عباده بالنار بقوله تعالى فاتقوا النار التي أعدت للكافرين ومن قبل له خف مما خوفك الله فقال لا أخاف ردا لذلك كفر انتهى يقول الفقير صرح العلماء بان الايمان من أجل خوف النار ورجاء الجنة لا يصح لانه ايمان غير خالص لله فلو كان مراده من نفى الخوف والرجاء ان إيماني ليس بمبنى عليهما لم يكفر بل أصاب حقيقة الايمان على ان المراد من اتقاء النار فى الحقيقة اتقاء الله تعالى فان الله هو الذي يدخله النار بمقتضى وعيده على تقدير عصيانه فيؤول المعنى فى الآية الى قولنا فاتقوا الله ولا تعصوه حتى لا يدخلكم النار نعم رد ظاهر النص كفر إذا لم يقدر على الخروج عن عهدته بتأويل مطابق للشرع ومن اكبر الذنوب ان يقول الرجل لاخيه اتق الله فيقول فى جوابه عليك نفسك اى الزم نفسك وأنت تأمرنى بهذا (روى) ان يهوديا قال لهرون الرشيد فى سيره مع عسكره اتق الله فلما سمع هرون قول اليهودي نزل من فرسه وكذا العسكر نزلوا تعظيما لاسم الله العظيم وجاء فى كتب الأصول إذا حلف على مس السماء انعقد اليمين لتوهم البر لان السماء ممسوسة كما قال تعالى حكاية عن الجن وانا لمسنا السماء ثم يحنث ويلزمه موجب الخنث وهو الكفارة فيكون آثما لان المقصود باليمين تعظيم المقسم به وهاهنا هتك حرمة الاسم انتهى فعلى العاقل ان يقبل قول الناصح ويخاف من الله ويعظم اسمه حتى يكون مظهر صفات لطفه ويعرف انه تعالى لطيف فاذا كفروأ عرض يكون مظهر صفات قهره فيعرف ان الله تعالى قهار نسأل الله عفوه وعطاه ولطفه الواسع ورضاه قُلْ للكافرين توبيخا وتبكيتا أَرَأَيْتُمْ أخبروني وبالفارسية خبر ميدهيد مرا ما تَدْعُونَ اى ما تعبدون مِنْ دُونِ اللَّهِ من الأصنام والكواكب وغيرها أَرُونِي بنماييد بمن وهو تأكيد لأرايتم ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ اى كانوا آلهة وهو بيان الإبهام فى ماذا اى اى جزء من اجزاء الأرض تفردوا بخلقه دون الله فالمفعول الاول لأرأيتم قوله ما تدعون والثاني ماذا خلقوا ومآله أخبرونى عن حال آلهتكم أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ اى شركة مع الله تعالى فِي السَّماواتِ اى فى خلقها او ملكها وتدبيرها حتى يتوهم ان يكون لهم شائبة استحقاق للعبودية فان ما لا مدخل له فى وجود شىء من الأشياء بوجه من الوجوه فهو بمعزل من ذلك الاستحقاق بالكلية وان كانوا من الاحياء العقلاء فما ظنكم بالجماد و چون ظاهرست كه معبودان شما عاجزاند وايشان را در زمين وآسمان تصرفى نيست پس چرا در پرستش با من شريك مى سازيد فان قلت فما تقول فى عيسى عليه السلام فانه كان يحيى الموتى ويخلق الطير ويفعل ما لا يقدر عليه غيره قلت هو باقدار الله تعالى واذنه وذلك لا ينافى عجزه فى نفسه وذكر الشرك فى الجهات العلوية دون السفلية اى دون ان يعم بالأرض ايضا لان الآثار العلوية اظهر دلالة على اختصاص الله تعالى بخلقها لعلوها وكونها مرفوعة بلا عمد وأوتاد أو للاحتراز عما يتوهم ان للوسائط شركة فى إيجاد الحوادث السفلية يعنى لو قال أم لهم شرك فى الأرض لتوهم ان للسموات دخلا وشركة فى إيجاد الحوادث السفلية هذا على(8/463)
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5)
تقدير ان تكون أم منطقة والأظهر ان تجعل الآية من حذف معادل أم المتصلة لوجود دليله والتقدير الهم شرك فى الأرض أم لهم شرك فى السموات كما فى حواشى سعدى المفتى ائْتُونِي بِكِتابٍ إلخ تبكيت لهم بتعجيزهم عن الإتيان بسند نقلى بعد تبكيتهم بالتعجيز عن الإتيان بسند عقلى والباء للتعدية اى ائتوني بكتاب الهى كائن مِنْ قَبْلِ هذا اى الكتاب اى القرآن الناطق بالتوحيد وابطال الشرك دال على صحة دينكم يعنى ان جميع الكتب السماوية ناطقة بمثل ما نطق به القرآن أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ اى بقية كائنة من علم بقيت عليكم من علوم الأولين شاهدة باستحقاقهم للعبادة من قولهم سمنت الناقة على اثارة من لحم وشحم اى على بقية لحم وشحم كانت بها من لحم وشحم ذاهب ذائب إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى دعواكم فانها لا تكاد تصح ما لم يقم عليها برهان عقلى او نقلى وحيث لم يقم عليها شىء منهما وقد قامت على خلافها ادلة العقل والنقل تبين بطلانها
واحد اندر ملك او را يار نى ... بندگانش را جز او سالار نى
نيست خلقش را دگر كس مالكى ... شركتش دعوى كند جز هالكى
وفيه اشارة الى ان كل ما يعبد من دون الله من الهوى والشيطان وغيرهما لا يقدر على شىء فى ارض النفوس وسموات الأرواح فان الله هو الخالق ومنه التأثير وبيده القلوب يقلبها كيف يشاء فان شاء أقامها للحق وان شاء ازاغها للباطل وليس لعبادة غير الله دليل من المعقول والمنقول ولم يجوزها أحد من اولى النهى والمكاشفة ومن ثمة اتفق العلماء من اهل الظاهر والباطن على وجوب الإخلاص حتى قالوا الرغبة فى الايمان والطاعة لطلب الثواب وللخوف من العقاب غير مقيدة فان فيها ملاحظة غير الله فالعبادة انما هى لله لا للجنة ولا للنار وَمَنْ استفهام خبره قوله أَضَلُّ كمراه ترست مِمَّنْ يَدْعُوا وبعبد مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونه متجاوزا دعاء الله وعبادته مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ الجملة مفعول يدعو اى هم أضل من كل ضلل حيت تركو عبادة خالقهم السميع القادر المجيب الخبير الى عبادة مصنوعهم العاري عن السمع والقدرة والاستجابة يعنى اگر مشرك معبود باطل خود را بخواند اثر استجابت ازو ظاهر نخواهد شد إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ غاية لنفى الاستجابة اى ما دامت الدنيا فان قيل يلزم منه ان منتهى عدم الاستجابة يوم القيامة للاجماع على اعتبار مفهوم الغاية قلنا لو سلم فلا يعارض المنطوق وقد دل قوله وإذا حشر الناس الآية على معاداتهم إياهم قانى الاستجابة وقد يجاب بان انقطاع عدم الاستجابة حينئذ لاقتضائه سابقة الدعا ولا دعاء ويرده قوله تعالى فدعوهم فلم يستجيبوا لهم الا ان يخص الدعاء بما يكون عن رغبة كما فى حواشى سعدى المفتى وقال ابن الشيخ وانما جعل ذلك غاية مع ان عدم استجابتهم امر مستمر فى الدنيا والآخرة اشعارا بان معاملتهم مع العابدين بعد قيام الساعة أشد وأفظع مما وقعت فى الدنيا إذ يحدث هناك العداوة والتبري ونحوه وان عليك لعنتى الى يوم الدين فان اللعنة على الشيطان وان كانت ابدية لكن يظهر يوم الدين امر أفظع منها تنسى عنده كأنها تنقطع وَهُمْ اى الأصنام عَنْ دُعائِهِمْ اى عن دعاء الداعين المشركين وعبادتهم فالضمير الاول لمفعول يدعو والثاني لفاعله والجمع فيهما باعتبار معنى من كما ان الافراد فيما سبق(8/464)
وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8) قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)
باعتبار لفظها غافِلُونَ لكونهم جمادات لا يعقلون فكيف يستجيبون وعلى تقدير كون معبوديهم احياء كالملائكة ونحوهم فهم عباد مسخرون مشغولون بأحوالهم وضمائر العقلاء لاجرائهم الأصنام مجرى العقلاء ووصفها بما ذكر من ترك الاستجابة والغفلة مع ظهور حالها للنهكم بها وبعبدتها
بى بهره كسى كه چشمه آب حيات ... بگذارد ورو نهد بسوى ظلمات
وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ عند قيام القيامة والحشر الجمع كما فى القاموس قال الراغب الحشر إخراج الجماعة عن مقرهم وازعاجهم عنه الى الحرب وغيرها ولا يقال الا فى الجماعة وسمى القيامة يوم الحشر كما سمى يوم البعث ويوم النشر كانُوا اى الأصنام لَهُمْ اى لعابديهم أَعْداءً يضرونهم ولا ينفعونهم خلاف آنچهـ كمان مى بردند بديشان از شفاعت ومددكارى وَكانُوا اى الأصنام بِعِبادَتِهِمْ اى بعبادة عابديهم كافِرِينَ اى مكذبين بلسان الحال او المقال على ما يروى انه تعالى يحيى الأصنام فتتبرأ من عبادتهم وتقول انهم انما عبدوا فى الحقيقة أهواءهم لانها الامرة بالاشراك فالآية نظير ما تقدم فى يونس وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون وفى الآية اشارة الى النشور عن نوم الغفلة فانه عنده يظهر ان جميع ما سوى الله أعداء كما قال ابراهيم الخليل عليه السلام فانهم عدو لي إلا رب العالمين وقال انى بريئ مما تشركون نقلست كه ابو يزيد بسطامى قدس سره در راه حج شترى داشت زاد وذخيره خود را واز ان عديلان خود را بر آنجا نهاده بود كسى كفت بيچاره آن اشترك را بار بسيارست واين ظلمى تمامست با يزيد چون اين سخن ازو بشنود كفت اى جوانمرد بردارنده بار اشتر نيست فرو نكر تا بار هيچ بر پشت اشتر هست فرو نكريست بار بيك كذار پشت اشتر بر ترديد واو را از كرانى هيچ خبر نبود مرد كفت سبحان الله چهـ عجب كارست با يزيد كفت اگر حقيقت حال خود از شما پنهان دارم زبان ملامت دراز كنيد واگر شما را مكشوف كردانيم طاقت نداريد با شما چهـ بايد كرد پس چون برفت وبمدينه زيارت كرد امرش آمد كه بخدمت مادر بازگشتن بايد با جماعتى روى به بسطام نهاد خبر در شهر افتاد همه أهل بسطام تا بد ووجايى استقبال او شدند چون نزديك او رسيدند شيخ قرصى را از آستين بگرفت وشهر رمضان بود بخوردن يستاد جمله آن بديدند از وى بركشتند شيخ اصحاب را كفت نديديد كه بمسئله از شريعت كار بستم همه خلق مرا رد كردند يقول الفقير كان مراد ابى يزيد تنقير الناس حتى لا يشغلوه عن الله تعالى إذ كل ما يشغل السالك عن الله فهو عدوله ولا بد من اجتناب العدو بأى وجه كان من وجوه الحيل فجعل الإفطار فى نهار رمضان وسيلة لهذا المقصد فان قلت كيف جاز له هتك حرمة الشهر بما وقع له من لافطار فى نهاره قلت له وجهان الاول انه لم يجد عند ملاقاتهم ما يدفعهم عنه سوى هذه الحيلة فافطر وكفر تحصيلا للامر العظيم الذي هو القبول عند الله والانس معه على الدوام على انه ان كان مسافرا لا كفارة عليه إذ هو مرخص فى لافطار وبعضهم فى مثل هذا المقام ارتكب امرا بشيعا عند العادة وهو الأوجب عند الإمكان لانه يجب ان يكون ظاهر الشرع محفوظا والوجه الثاني انه أفطر صورة لا حقيقة إذ كان قادرا على الاعزام والافناء كما هو حال الملامية ونظيره شرب(8/465)
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8)
الخمر فانها تنقلب عسلا عند الوصول الى الحلقوم اى بالنسبة الا من كان قادرا على الاستحالة باقدار الله تعالى لكن يعد أمثال هذا من احوال الضعفاء دون الأقوياء من الكمل فانهم لا يفعلون ما يخالف ظواهر الشرع جدا نسال الله العصمة وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ اى على الكفار آياتُنا حال كونها بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على مدلولاتها من حلال وحرام وحشر ونشر وغيرها (وقال الكاشفى) در حالتى كه ظاهر باشد دلائل اعجاز آن قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ اى لاجله وشأنه ويجوز ان يكون المعنى كفروا به والتعدية باللام من حمل النقيض على النقيض فان الايمان يتعدى بها كما فى قوله آمنتم له وغيره وهو عبارة عن الآيات المتلوة وضع موضع ضميرها تنصيصا على حقيتها ووجوب الايمان بها كما وضع الموصول موضع ضمير المتلو عليهم تسجيلا بكمال الكفر والضلالة لَمَّا جاءَهُمْ اى فى أول ما جاءهم من غير تدبر وتأمل هذا سِحْرٌ مُبِينٌ اى ظاهر كونه سحرا وباطلا لا حقيقة له وإذا جعلوه سحرا فقد أنكروا ما نطق به من البعث والحساب والجزاء وصاروا اكفر من الحمير اى أجهل لان الكفر من الجهل والعياذ بالله أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بل أيقولون افترى محمد القرآن اى اختلقه وأضافه الى الله كذبا فقولهم هذا منكر ومحل تعجب فان القرآن كلام معجز خارج عن حيز قدرة البشر فكيف يقوله عليه السلام ويفتريه واعلم ان كلا من السحر والافتراء كفر لكن الافتراء على الله أشنع من السحر قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ على الفرض والتقدير فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً اى فلا تقدرون ان تدفعوا عنى من عذاب الله شيأ إذ لا ريب فى ان الله تعالى يعاقبنى حينئذ فكيف أفترى على الله كذبا واعرض نفسى للعقوبة التي لاخلاص منها هُوَ تعالى أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ يقال أفاضوا فى الحديث إذا خاضوا فيه وشرعوا اى تخوضون فى قدح القرآن وطعن آياته وتسميته سحرا تارة وفرية اخرى كَفى بِهِ اى الله والباء صلة شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ حيث يشهد لى بالصدق والبلاغ وعليكم بالكذب والجحود وهو وعيد بجزاء إفاضتهم وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وعد بالغفران والرحمة لمن تاب وآمن واشعار بحلم الله عليهم مع عظم جراءتهم وفيه اشارة الى ان الذين عموا عن رؤية الحق وصموا عن سماع الحق رموا ورثة الرسل بالسحر وكلامهم بالافتراء وخاضوا فيهم ولما كان شاهد الحال الكل جازى الصادق فى الدنيا والآخرة بالمزيد والكاذب بالخذلان والعذاب الشديد ابو يزيد بسطامى را قدس سره پرسيدند كه قومى كويند كه كليد بهشت كلمه لا اله الا الله است كفت بلى وليكن كليد بى دندان در باز نكشايد ودندان او چهار چيزست زبان از دروغ وبهتان وغيبت دور ودل از مكر وخيانت صافى وشكم از حرام وشبهت خالى وعمل از هوا وبدعت پاك فظهر انه لا بد من تطهير الظاهر والباطن من الأنجاس والارجاس بمتابعة ما جاء به خير الناس فانما يفترق السحر والكرامة بهذه المتابعة كما قالوا ان السحر يظهر على أيدي الفساق والزنادقة والكفار الذين هم على غير الالتزام بالاحكام الشرعية ومتابعة السنة فاما الأولياء فهم الذين بلغوا فى متابعة السنة واحكام الشريعة وآدابها الدرجة العليا قال الشيوخ قدس الله أسرارهم اقل عقوبة المنكر على الصالحين ان يحرم بركتهم وقالوا ويخشى عليه سوء الخاتمة نعوذ بالله(8/466)
قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)
من سوء القضاء قال الأستاذ ابو القاسم الجنيد قدس سره التصديق بعلمنا هذا ولاية يعنى الولاية الصغرى دون الكبرى والعجب من الكفار كفروا بآيات الله مع وضوح برهانها فكيف يؤمنون بغيرها من آثار الأولياء نعم إذا كان من الله تعالى توفيق خاص يحصل المرام (حكى) عن ابى سليمان الداراني قدس سره انه قال اختلفت الى مجلس بعض القصاص فأثر كلامه فى قلبى فلا قمت لم يبق فى قلبى منه شىء فعدت ثانيا فسمعت كلامه فبقى فى قلبى اثر كلامه فى الطريق ثم ذهب ثم عدت ثالثا فبقى اثر كلامه فى قلبى حتى رجعت الى منزلى فكسرت آلات المخالفة ولزمت الطريق ولما حكى هذه الحكاية للشيخ العارف الواعظ يحيى بن معاذ الرازي قدس سره قال عصفور اصطاد كركيا يعنى بالعصفور القاص وبالكركي أبا سليمان الداراني فباب الموعظة مفتوح لكل أحد لكن لا يدخل بالقبول الا من رحمه الله تعالى وأعظم المواعظ مواعظ القرآن (قال المولى الجامى)
حق از ان حبل خواند قرآنرا ... تا بگيرى بسان حبل آنرا
بدر آيى ز جاه نفس وهوى ... كنى آهنك عالم بالا
قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ البدع بالكسر بمعنى البديع وهو من الأشياء ما لم ير مثله كانوا يقترحون عليه صلى الله عليه وسلم آيات عجيبة ويسألونه عن المغيبات عنادا ومكابرة فامر عليه السلام بان يقول لهم ما كنت بدعا من الرسل اى لست باول مرسل أرسل الى البشر فانه تعالى قد بعث قبلى كثيرا من الرسل وكلهم قد اتفقوا على دعوة عباد الله الى توحيده وطاعته ولست داعيا الى غير ما يدعون اليه بل ادعو الى الله بالإخلاص فى التوحيد والصدق فى العبودية وبعثت لاتمم مكارم الأخلاق ولست قادرا على ما لم يقدروا عليه حتى آتيكم بكل ما تقترحونه وأخبركم بكل ما تسألون عنه من الغيوب فان من قبلى من الرسل ما كانوا يأتون الا بما آتاهم الله من الآيات ولا يخبرون قومهم الا بما اوحى إليهم فكيف تنكرون منى ان دعوتكم الى ما دعا اليه من قبلى من الأنبياء وكيف تقترحون على ما لم يؤته الله إياي وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ما الاولى نافية ولا تأكيد لها والثانية استفهامية مرفوعة بالابتداء خبرها يفعل وجوز ان تكون الثانية موصولة منصوبة بأدرى والاستفهامية أقضي لحق مقام التبري من الدراية والمعنى وما أعلم اى شىء يصيبنا فيما يستقبل من الزمان وإلى م يصير أمرى وأمركم فى الدنيا فانه قد كان فى الأنبياء من يسلم من المحن ومنهم من يمتحن بالهجرة من الوطن ومنهم من يبتلى بأنواع الفتن وكذلك الأمم منهم من أهلك بالخسف ومنهم من كان هلاكه بالقذف وكذا بالمسخ وبالريح وبالصيحة وبالغرق وبغير ذلك فنفى عليه السلام علم ما يفعل به وبهم من هذه الوجوه وعلم من هو الغالب المنصور منه ومنهم ثم عرفه الله بوحيه اليه عاقبة امره وأمرهم فأمره بالهجرة ووعده العصمة من الناس وأمره بالجهاد واخبر أنه يظهر دينه على الأديان كلها ويسلط على أعدائه ويستأصلهم وقيل يجوز أن يكون المنفي هى الدراية المفصلة اى وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم فى الدارين على التفصيل إذ لا علم لى بالغيب كان الإجمال معلوما فان جند الله هم الغالبون وان مصير الأبرار الى النعيم ومصير الكفار الى الجحيم وقال المولى ابو السعود رحمه الله والأظهر الأوفق لما ذكر من سبب النزول ان ما عبارة عما ليس فى علمه من وظائف النبوة من الحوادث والواقعات الدنيوية دون(8/467)
ما سيقع فى الآخرة فان العلم بذلك من وظائف النبوة وقد ورد به الوحى الناطق بتفاصيل ما يفعل بالجانبين هذا وقد روى عن الكلبي ان النبي عليه السلام رأى فى المنام انه يهاجر الى ارض ذات نخل وشجر فأخبر أصحابه فحسبوا انه وحي اوحى اليه فاستبشروا
سعديا حب وطن كر چهـ حديث است صحيح ... نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم
ومكثوا بذلك ما شاء الله فلم يروا شيأ مما قال لهم فقالوا له عليه السلام وقد ضجروا من اذية المشركين حتى متى نكون على هذا فقال عليه السلام انها رؤيا رايتها كما يرى البشر ولم يأتنى وحي من الله فنزل قوله وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم اى أأترك بمكة أم أومر بالخروج الى ما رأيتها فى المنام يقول الفقير وعلى هذا يلزم ان يكون الخطاب فى بكم للمؤمنين وهو بعيد لما دل عليه ما قبل الآية وما بعدها من انه للكفار وفى الآية اشارة الى فساد أهل القدر والبدع حيث قالوا إيلام البرايا قبيح فى العقل فلا يجوز لانه لو لم يجز ذلك لكان يقول أعظم البرايا أعلم قطعا انى رسول الله معصوم فلا محالة يغفر لى ولكنه قال وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم ليعلم ان الأمر امره والحكم حكمه له ان يفعل بعباده ما يريد ولا يسأل عما يفعل وفى عين المعاني وحقيقة الآية البراءة من علم الغيب (قال المولى الجامى)
اى دل تا كى فضولى وبو العجبى ... از من چهـ نشان عافيت مى طلبى
سر كوشته بود خواه ولى خواه نبى ... در وادئ ما أدرى ما يفعل بي
إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ اى ما أفعل الا اتباع ما يوحى الى على معنى قصر أفعاله عليه السلام على اتباع الوحى لا قصر اتباعه على الوحى كما هو المتسارع الى الافهام وهو جواب عن اقتراحهم الاخبار عما لم يوح اليه من الغيوب وقيل عن استعجال المسلمين ان يتخلصوا من أذية المشركين والاول هو الأوفق لقوله تعالى وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ أنذركم عقاب الله حسبما يوحى الى مُبِينٌ بين الانذار لكم بالمعجزات الباهرة ففيه انه عليه السلام أرسل مبلغا وليس اليه من الهداية شىء ولكن الله يهدى من يشاء وان علم الغيوب بالذات مختص بالله تعالى واما اخبار الأنبياء والأولياء عليهم السلام فبواسطة الوحى والإلهام وتعليم الله سبحانه ومن هذا القبيل اخباره عليه السلام عن اشراط الساعة وما يظهر فى آخر الزمان من غلبة البدع والهوى واخباره عن حال بعض الناس كما قال عليه السلام ان أول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة فدخل عبد الله بن سلام فقام اليه ناس من اصحاب رسول الله فأخبروه بذلك وقالوا لو اخبرتنا بأوثق عملك الذي ترجو به فقال انى ضعيف وان أوثق ما أرجو به سلامة الصدر وترك ما لا يعنينى وعن سيد الطائفة الجنيد البغدادي قدس سره قال لى خالى السرى السقطي تكلم على الناس اى عظهم وكنت اتهم نفسى فى استحقاق ذلك فرأيت النبي عليه السلام فى المنام وكان ليلة الجمعة فقال تكلم على الناس فانتبهت وأتيت باب خالى فقال لم تصدقنا حتى قيل لك اى من جانب الرسول عليه السلام فقعدت من غد للناس فقعد على غلام نصرانى متنكرا اى فى صورة مجهولة وقال ايها الشيخ ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله قال فأطرقت رأسى ورفعت فقلت اسلم فقد حان وقت إسلامك فاسلم الغلام فهذا انما وقع بتعريف الله تعالى اى للشبلى والجنيد(8/468)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ أخبروني ايها القوم إِنْ كانَ ما يوحى الى من القرآن فى الحقيقة مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لا سحرا ولا مفترى كما تزعمون وفى كشف الاسرار ان هنا ليس بشك كقول شعيب ولو كنا كارهين لو هناك ليس بشك بل هما من صلات الكلام وَكَفَرْتُمْ بِهِ اى والحال انكم قد كفرتم به فهو حال بإضمار قد من الضمير فى الخبر وسط بين اجزاء الشرط مسارعة الى التسجيل عليهم بالكفر ويجوز أن يكون عطفا على كان كما فى قوله تعالى قل أرأيتم ان كان من عند الله ثم كفرتم به لكن لا على ان نظمه فى سلك الشرط المتردد بين الوقوع وعدمه عندهم باعتبار حاله فى نفسه بل باعتبار حال المعطوف عليه عندهم فان كفرهم به متحقق عندهم ايضا وانما ترددهم فى ان ذلك كفر بما عند لله أم لا وكذا الحال فى قوله تعالى وشهد شاهد من بنى إسرائيل وما بعده من الفعلين فان الكل امور متحققة عندهم وانما ترددهم فى انها شهادة وايمان بما عند الله واستكبار منهم أم لا وَشَهِدَ شاهِدٌ عظيم الشان مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ الواقفين على شؤون الله واسرار الوحى بما أوتوا من التوراة عَلى مِثْلِهِ اى مثل القرآن من المعاني المنطوية فى التوراة المطابقة لما فى القرآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك فانها عين ما فيه فى الحقيقة كما يعرب عنه قوله تعالى وانه لفى زبر الأولين وقيل المثل صلة يعنى عليه اى وشهد شاهد على انه من عند الله فَآمَنَ الفاء للدلالة على انه سارع فى الايمان بالقرءان لما علم انه من جنس الوحى الناطق بالحق وليس من كلام البشر وَاسْتَكْبَرْتُمْ عطف على شهد شاهد وجواب الشرط محذوف والمعنى أخبروني ان كان من عند الله وشهد على ذلك أعلم بنى إسرائيل فآمن به من غير تلعثم واستكبرتم عن الايمان به بعد هذه المرتبة من أضل منكم بقرينة قوله تعالى قل أرأيتم ان كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو فى شقاق بعيد إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الذين يضعون الجحد والإنكار موضع الإقرار والتسليم وصفهم بالظلم للاشعار بعلية الحكم فان تركه تعالى لهدايتهم لظلمهم وعنادهم بعد وضوح البرهان وفيه اشارة الى انه لا عذر لهم بحال إذ عند وجود الشاهد على حقية الدعوى تبطل الخصومة وذلك الشاهد فى الآية عبد الله ابن سلام بن الحارث حبر أهل التوراة وكان اسمه الخصين فسماه رسول الله عبد الله رضى الله عنه لما سمع بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه فنظر الى وجهه الكريم فعلم انه ليس بوجه كذاب وتأمله فتحقق انه النبي المنتظر فقال له انى اسألك عن ثلاث لا يعلمهن الا نبى ما أول اشراط الساعة وما أول طعام يأكله اهل الجنة والولد ينزع الى أبيه او الى امه فقال عليه السلام أما أول اشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق الى المغرب واما أول طعام أهل الجنة فزياده كبد الحوت وأما الولد فان سبق ماء الرجل نزعه وان سبق ماء المرأة نزعته فقال اشهد أنك رسول الله حقا فقام ثم قال يا رسول الله ان اليهود قوم بهت فان علموا بإسلامي قبل ان تسألهم عنى بهتوني عندك فجاء اليهود وهم خمسون فقال لهم النبي عليه السلام اى رجل عبد الله فيكم قالوا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا قال أرأيتم ان أسلم عبد الله قالوا أعاذه الله من ذلك فخرج إليهم عبد الله فقال اشهد أن لا اله الا الله واشهد أن محمدا(8/469)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)
رسول الله فقالوا شرنا وابن شرنا وانتقصوه قال هذا ما كنت أخاف يا رسول الله وأحذر قال سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه ما سمعت رسول الله عليه السلام يقول لأحد يمشى على الأرض انه من اهل الجنة الا لعبد الله بن سلام وفيه نزل وشهد شاهد إلخ وقال مسروق رضى الله عنه والله ما نزلت فى عبد الله بن سلام فان آل حم نزلت بمكة وانما أسلم عبد الله بالمدينة وأجاب الكلبي بأن الآية مدينة وان كانت السورة مكية فوضعت فى السورة المكية على ما امر رسول الله عليه السلام وفى الآية اشارة الى التوفيق العام وهو التوفيق الى الايمان بالله وبرسوله وما جاء به واما التوفيق الحاص فهو التوفيق الى العمل بالعلم المشروع الذي ندبك الشارع الى الاشتغال بتحصيله سواء كان العمل فرضا أم تطوعا وغاية العمل والمجاهدات والريات تصفية القلب والتخلق بالأخلاق الالهية والوصول الى العلوم الذوقية فالايمان بالله وبالأنبياء والأولياء أصل الأصول كما ان الإنكار والاستكبار سبب الحرمان والخذلان فان أقل عقوبة المنكر على الصالحين ان يحرم بركتهم قال ابو تراب النخشبى قدس سره إذا ألف القلب الاعراض عن الله صحبته الوقيعة
چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد
وقال الشيخ العارف شاه شجاع الكرماني قدس سره ما تعبد متعبد بأكبر من التحبب الى أولياء الله تعالى لان محبة اولياء الله دليل على محبة الله والله يهدى من يشاء الى مقام المحبة والرضى ولا يهدى الظالمين المعاندين لانهم من اهل سوء القضاء وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى كفار مكة من كمال استكبارهم لِلَّذِينَ آمَنُوا اى لاجلهم فليس الكلام على المواجهة والخطاب حتى يقال ما سبقونا لَوْ كانَ اى ما جاء به محمد عليه السلام من القرآن والدين خَيْراً حقا ما سَبَقُونا إِلَيْهِ فان معالى الأمور لا ينالها أيدي الأرذال وهم سقاط عامتهم فقراء وموالى ورعاة وبالفارسية پيشى نكرفتندى بر ما ومسارعت نكردندى بسوى آن دين أداني قبائل وفقراء ناس بلكه مادران سابق بودمى چهـ رتبه ما از ان بزركتر وبزركى وشهرت ما بيشتر قالوه زعما منهم ان الرياسة الدينية مما ينال بأسباب دنيوية وزل عنهم انها منوطة بكمالات نفسانية وملكات روحانية مبناها الاعراض عن زخارف الدنيا الدنية والإقبال على الآخرة بالكلية وان من فاز بها فقد حازها بحذافيرها ومن حرمها فما له منها من خلاق يقول الفقير الاولى فى مثل هذا المقام ان يقال ان الرياسة الدينية فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء بغير علل واسباب فان القابلية ايضا إعطاء من الله تعالى وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ ظرف لمحذوف يدل عليه ما قبله ويترتب عليه ما بعده لا لقوله فسيقولون فانه للاستقبال وإذ للمضى اى وإذ لم يهتدوا بالقرءان كما اهتدى به أهل الايمان قالوا ما قالوا فَسَيَقُولُونَ غير مكتفين بنفي خيريته هذا القرآن إِفْكٌ قَدِيمٌ كما قالوا أساطير الأولين وبالفارسية اين دروغ كهنه است يعنى پيشينيان نيز مثل اين كفته اند فقد جهلوا بلب القرآن وعادوه لان الناس اعداء ما جهلوا
تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نبيند جز كه طين
ظاهر قرآن چوشخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست
ومن كان مريضا مر الفم يجد الماء الزلال مرا فلا ينبغى لاحد ان يستهين بشىء من الحق إذا لم يهتد عقله به ولم يدركه(8/470)
وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12)
فهمه فان ذلك من محض الضلالة والجهالة بل ينبغى ان يطلب الاهتداء من الهادي وبجد فيه قال بعض الكبار قولهم لو كان خيرا ما سبقونا اليه نوع من أنواع مكر النفس ليتوهم براءة ذمتها من انكار الحق والتمادي فى الباطل وإذا لم يهتدوا بما ليس من مشاربهم وما هم من أهل ذوق الايمان بالقرءان وبالمواهب الربانية فسيقولون هذا افك قديم وعن بعض الفقهاء انه قال لو عاينت خارق عادة على يدى أحد لقلت انه طرأ فساد فى دماغى فانظر ما أكثف حجاب هذا وما أشد إنكاره وجهله (قال المولى الجامى)
كلى كه بهر كليم از درخت طور شكفت ... توقع از خس وخاشاك ميكنى حاشاك
وقال
مسكين فقيه ميكند انكار حسن دوست ... با او بگو كه ديده جانرا جلى كند
وَمِنْ قَبْلِهِ اى من قبل القرآن وهو خبر لقوله تعالى كِتابُ مُوسى رد لقولهم هذا افك قديم وابطال له فان كونه مصدقا لكتاب موسى مقرر لحقيته قطعا يعنى كيف يصح هذ القول منهم وقد سلموا لأهل كتاب موسى انهم من أهل العلم وجعلوهم حكما يرجعون لقولهم فى هذا النبي وهذا القرآن مصدق له اوله ولسائر الكتب الالهية إِماماً حال من كتاب موسى اى اماما يقتدى به فى دين الله وَرَحْمَةً لمن آمن به وعمل بموجبه وَهذا الذي يقولون فى حقه ما يقولون كِتابُ عظيم الشان مُصَدِّقٌ اى لكتاب موسى الذي هو امام ورحمة او لما بين يديه من جميع الكتب الالهية لِساناً عَرَبِيًّا حال من ضمير كتاب فى مصدق اى ملفوظا به على لسان العرب لكون القوم عربا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا متعلق بمصدق وفيه ضمير الكتاب او الله او الرسول وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ فى حيز النصب عطفا على محل لينذر لانه مفعول له اى للانذار والتبشير ومن الظالمين اليهود والنصارى فانهم قالوا عزير ابن الله والمسيح ابن الله وغيروا ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ونعمته فى التوراة والإنجيل وحرفوا الكلم عن مواضعه فكان عليه السلام نذيرا لهم وبشيرا للذين آمنوا بجميع الأنبياء والكتب المنزلة وهدوا الى الصراط المستقيم وثبتوا على الدين القويم اما الانذار فبالنار وبالفراق الابدى واما التبشير فبالجنة وبالوصل السرمدي ولذا قال للمحسنين فان الإحسان عبادة الله بطريق المشاهدة وإذا حصل الشهود حصل الوصل وبالعكس نسأل الله من فضله يكى را از صالحان برادرى وفات كرده بود او را در خواب ديد و پرسيد كه حق تعالى با تو چهـ كرد كفت مرا در بهشت آورده است ميخورم ومى آشامم ونكاح ميكنم كفت ازين معنى نمى پرسم ديدار پروردگار ديدى يا نه كفت نى كسى كه آنجا او را نشناخته است اينجا او را نمى بيند آن عزيز چون بيدار شد بر بهيمه خود سوار شد و پيش شيخ اكبر قدس سره الأطهر آمد در اشبيليه واين خواب را باز كفت وملازمت خدمت او كرد تا آن مقدار كه ممكن بود از طريق كشف وشهود نه از طريق دليل أهل نظر حق تعالى را شناخت وبعد از ان بمقام خود بازگشت سيد شريف جرجانى ميكفته كه تا من بصحبت شيخ زين الدين كلاله كه از مشايخ شيراز است نرسيدم از رفض نرستم وتا بصحبت خواجه علاء الدين عطار نپيوستم خدايرا نشناختم فعلى العاقل ان يجتهد فى طريق الحق حتى يستعد بسعادة الشهود(8/471)
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14)
ويكون من أهل البشرى وعلى هذا جرى العلماء المخلصون وعباد الله الصالحون إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا اى جمعوا بين التوحيد الذي هو خلاصة العلم والاستقامة فى امور الدين التي هى منتهى العمل وثم للدلالة على تراخى رتبة العمل وتوقف الاهتداء به على التوحيد قال ابن طاهر استقاموا على ما سبق منهم من الإقرار بالتوحيد فلم يروا سواه منعما ولم يشكروا سواه فى حال ولم يرجعوا الى غيره وثبتوا معه على منهاج الاستقامة فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من لحوق مكروه وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ من فوات محبوب والمراد بيان دوام نفى الحزن أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الوصفين الجليلين أَصْحابُ الْجَنَّةِ ملازموها خالِدِينَ فِيها حال من المستكن فى اصحاب جَزاءً منصوب اما بعامل مقدر اى يجزون جزاء او بمعنى ما تقدم فان قوله تعالى أولئك اصحاب الجنة فى معنى جازيناهم بِما كانُوا يَعْمَلُونَ من الحسنات العلمية والعملية وفى التأويلات النجمية يشير الى انهم قالوا ربنا الله من بعد استقامة الايمان فى قلوبهم ثم استقاموا بجوارحهم على اركان الشريعة وبأخلاق نفوسهم على آداب الطريقة بالتزكية وباوصاف القلوب على التصفية وبتوجه الأرواح على التحلية بالتخلق بأخلاق الحق فقالو ربنا الله باستقامة الايمان ثم استقاموا بالنفوس على أداء الأركان وبالقلوب على الإيقان وبالاسرار على العرفان وبالأرواح على الإحسان وبالإخفاء على العيان وبالحق تعالى على الفناء من أنانيتهم والبقاء بهويته فلا خوف عليهم بالانقطاع ولا هم يحزنون على ما فات لهم من حظ الدارين أولئك اصحاب جنة الوحدة باقين فيها آمنين من الاثنينية جزاء بما كانو يعملون فى استقامة الأعمال مع الأقوال (قال الشيخ سعدى) كر همه علم عالمت باشد بى عمل مدعى وكذابى وقال بعضهم (ع) كرامت نيابى مكر ز استقامت قال بعض الكبار كلما قرب العبد من الكمال اشتد عليه التكليف وعادت عليه البركات بالتعريف حتى يستغفر له الاملاك والافلاك والسموات والأرضون والحيتان فى بحارها والوحش فى قفارها والأوراق فى أشجارها ولذلك قيل ويل للجاهل ان لم يتعلم مرة وويل للعالم ان لم يعمل الفا قال عليه السلام فرض على قيام الليل ولم يفرض عليكم ففيه تشديد الطاعة عليه من حيث أكمليته فلابد من العبودية والاستقامة عليها پير ابو على سيادة قدس سره كفت اگر ترا كويند بهشت خواهى يا دو ركعت نماز نكر تا بهشت اختيار نكنى دو ركعت نماز اختيار كن زيرا كه بهشت نصيب تو است ونماز حق او جل جلاله وهر كجا نصيب تو در ميان آمد اگر چهـ كرامت بود روا باشد كه كمين كاه مكر كردد وكزارد حق او بى غائله ومكر است موسى عليه السلام چون بنزديك حضر عليه السلام آمد دو بار بر وى اعتراض كرد يكى در حق آن غلام ديكر از جهت شكستن كشتى چون نصيب خود در ميان نبود خضر صبر ميكرد اما در سوم حالت چون نصيب خود پيدا آمد كه لو شئت لاتخذت عليه اجرا خضر كفت ما را با تو روى صحبت نماند هذا فراق بينى وبينك پس حذر كن كه چيزى از اغراض نفسانى وزينت دنيا با عبادت آميخته كنى جمعى از ابدال در هوا مى رفتند ممر ايشان بر مرغزارى سبزه وخرم افتاد و چشمه آب صافى يكى ازيشان را بخاطر كذشت وتمناى آن كرد كه از ان چشمه وضو سازد ودر ان(8/472)
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)
روضه نماز كزارد فى الحال از ميان آن جماعت بزمين افتاد وديكران او را رها كردند ورفتند واو از مرتبه خود باز ماند باين مقدار وبدانكه اين سرى بغايت عجيب است ومعنى دقيق وحق تعالى ترا باين حكايت پند داد اگر فهم كنى فالعبودية ترك التدبير وشهود التقدير وباقى ما يتعلق بالآية سبق فى نظيرها فى حم السجدة نسأل لله سبحانه ان يجعلنا من ارباب الاستقامة ومن اصحاب دار المقامة انه ذو الفضل والعطاء فى الاولى والآخرة وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ عهدنا اليه وأمرناه بأن يحسن بِوالِدَيْهِ إِحْساناً فحذف الفعل واقتصر على المصدر دالا عليه حَمَلَتْهُ أُمُّهُ الام بإزاء الأب وهى الوالدة القربية التي ولدته والوالدة البعيدة التي ولدت من ولدته ولهذا قيل لحوآء عليها السلام هى أمنا وان كان بيننا وبينها وسائط ويقال لكل ما كان أصلا لوجود الشيء او تربيته او إصلاحه او مبدأه أم كُرْهاً حال من فاعل حملته اى حال كونها ذات كره وهو المشقة والصعوبة بريد حالة ثقل الحمل فى بطنها لافى ابتدائها فان ذلك لا يكون فيه مشقه او حملته حملا ذاكره وكذا قوله وَوَضَعَتْهُ اى ولدته كُرْهاً وهى شدة الطلق وفى الحديث اشتدى ازمة تنفرجى قال عليه السلام لامرأة مسماة بازمة حين أخذها الطلق اى تصبرى يا ازمة حتى تتفرجى عن قريب بالوضع كذا فى المقاصد الحسنة وَحَمْلُهُ اى مدة حمله فى البطن وَفِصالُهُ وهو الفطام اى قطع الولد عن اللبن والمراد به الرضاع التام المنتهى به فيكون مجازا مرسلا عن الرضاع التام بعلاقة ان أحدهما بغاية الآخر ومنتهاه كما أراد بالامد المدة من قال كل حى مستكمل مدة العمر ومردى إذا انتهى امده اى هالك إذا انتهت مدة عمره ونظيره التعبير عن المسافة بالغاية فى قولهم من لابتداء الغاية والى لانتهاء الغاية ثَلاثُونَ شَهْراً تمضى عليها بمقاساة الشدائد لاجله والشهر مدة معروفة مشهورة باهلال الهلال او باعتبار جزء من اثنى عشر جزأ من دوران الشمس من نقطة الى تلك النقطة سمى به لشهرنه وهذا دليل على ان أقل مدة الحمل ستة أشهر لما انه إذا حظ منها للفصال حولان لقوله تعالى حولين كاملين لمن أراد ان يتم الرضاعة يبقى للحمل ذلك وبه قال الأطباء وفى الفقه مدة الرضاع ثلاثون شهرا عند ابى حنيفة وسنتان عند الإمامين وهذا الخلاف فى حرمة الرضاع اما استحقاق اجر الرضاع فمقدر بحولين لهما قوله تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين وله قوله تعالى وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ذكر شيئين وهما الحمل والفصال وضرب لهما مدة ثلثين شهرا وكان لكل واحد منهما بكمالها كلاجل المضروب لدينين لكن مدة الحمل انتقصت بالدليل وهو قول عائشة رضى الله عنها الولد لا يبقى فى بطن امه اكثر من سنتين ولو بقدر ظل مغزل والظاهر انها قالته سماعا لان المقادير لا يهتدى إليها بالرأى فبقى مدة الفصال على ظاهرها ويحمل قوله تعالى يرضعن أولادهن حولين على مدة استحقاق اجرة الرضاع حتى لا يجب نفقة الإرضاع على الأب بعد الحولين والمراد السنة القمرية على ما افادته الآية كما قال شهرا لا الشمسية وقال فى عين المعاني أقل مدة الحمل ستة(8/473)
أشهر فبقى سنتان للرضاع وبه قال ابو يوسف ومحمد وقال ابو حنيفة المراد منه الحمل على اليد لو حمل على حمل البطن كان بيان الأقل مع الأكثر انتهى قبل ولعل تعيين أقل مدة الحمل واكثر مدة الرضاع اى فى الآية لانضباطهما وتحقق ارتباط النسب والرضاع بهما فان من ولدت لستة أشهر من وقت التزوج بثبت نسب ولدها كما وقع فى زمان على كرم الله وجهه فحكم بالولد على أبيه فلو جاءت بولد لأقل من ستة لم يلزم الولد للزوج ويفرق بينهما ومن مص ثدى امرأة فى أثناء حولين من مدة ولادته تكون المرضعة أما له ويكون زوجها الذي لبنها منه أبا له قال فى الحقائق الفتوى فى مدة الرضاع على قولهما وفى فتح الرحمن اتفق الأئمة على ان مدة الحمل ستة أشهر واختلفوا فى اكثر مدته فقال ابو حنيفة سنتان والمشهور عن مالك خمس سنين وروى عنه اربع وسبع وعند الشافعي واحمد اربع سنين وغالبها تسعة أشهر انتهى وفى انسان العيون ذكر ان مالكا رضى الله عنه مكث فى بطن امه صنتين
وكذا الضحاك بن مزاحم التابعي وفى محاضرات السيوطي ان مالكا مكث فى بطن امه ثلاث سنين واخبر سيدنا مالك ان جارة له ولدت ثلاثة أولاد فى اثنتي عشرة سنة تحمل اربع سنين حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ غاية لمحذوف اى أخذ ما وصيناه به حتى إذا بلغ وقت أشده بحذف المضاف وبلوغ الأشد ان يكتهل ويستوفى السن الذي تستحكم فيه قوته وعقله وتمييزه وسن الكهولة ما بين سن الشباب وسن الشيخوخة فى قال فتح الرحمن أشده كمال قوته وعقله ورأيه وأقله ثلاث وثلاثون وأكثره أربعون وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً اى تمام أربعين بحذف المضاف قيل لم يبعث نبى قبل أربعين وهو ضعيف جدا يدل على ضعفه ان عيسى ويحيى عليهما السلام بعثا قبل الأربعين كما فى بحر العلوم وجوابه انه من إقامة الأكثر الأغلب مقام الكل كما فى حواشى سعد المفتى قال ابن الجوزي قوله ما من نبى نبىء الا بعد الأربعين موضوع لان عيسى نبىء ورفع الى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فاشتراط الأربعين فى حق الأنبياء ليس بشىء انتهى وكذا نبىء يوسف عليه السلام وهو ابن ثمانى عشرة سنة كما فى التفاسير وقس على النبوة الولاية وقوة الايمان والإسلام قالَ رَبِّ كفت پروردگار من أَوْزِعْنِي اى الهمنى وبالفارسية الهام ده مرا وتوفيق بخش وأصله الإغراء بالشيء من قولهم فلان موزع بكذا اى مغرى به وقال الراغب وتحقيقه أولعني بذلك والايلاع سخت حريص شدن او اجعلنى بحيث أزع نفسى عن الكفران اى اكفها أَنْ أَشْكُرَ تا شكر كنم نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ اى نعمة الدين والإسلام فانها النعمة الكاملة او ما يعمها وغيرها وجمع بين شكرى النعمة عليه وعلى والديه لان النعمة عليهما نعمة عليه وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ اى تقبله وهى الفرائض الخمس وغيرها من الطاعات والتنوين للتفخيم والتنكير وقال بعضهم العمل الصالح المقرون بالرضى بذل الناس لله والخروج مما سوى الله الى مشاهدة الله وفيه اشارة الى انه لا يمكن للعبدان يعمل عملا يرضى به ربه الا بتوفيقه وإرشاده وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ذرأ الشيء كثر ومنه الذرية لنسل الثقلين كلما فى القاموس اى واجعل الصلاح ساريا فى ذريتى راسخا فيهم ولذا استعمل بفي والا فهو يتعدى بنفسه كما فى قوله وأصلحنا له زوجه(8/474)
أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20)
قال سهل اجعلهم لى خلف صدق ولك عبيدا حقا وقال محمد ابن على لا تجعل للشيطان والنفس والهوى عليهم سبيلا وفيه اشارة الى ان صلاحية الآباء تورث صلاحية الأبناء (قال الكاشفى) اكثر مفسران برانند كه اين آيت خاص است بابى بكر الصديق رضى الله عنه كه شش ماه در شكم مادر بوده ودو سال تمام شير خورده وهجده سال بملازمت حضرت پيغمبر عليه السلام رسيد وآن حضرت بيست ساله بود ودر سفر وحضر رقيق وقرين وى بود و چون سال مبارك آن حضرت رسالتپناه بچهل رسيد مبعوث كشت وصديق سى وهشت ساله بود بوى ايمان آورد چون چهل ساله شد كفت رب أوزعنى إلخ فأجاب الله تعالى عاءه فأعتق تسعة من المؤمنين يعذبون فى الله منهم بلال الحبشي بن رباح غلامى بود در بنى مذحج مولد ايشان وعامر بن فهيره از قبيله أزد بود مولد ايشان لو لم يرد شيأ من الخير الا أعانه الله عليه ولم يكن له ولد الا آمنوا جميعا ودخترش عائشه رضى الله عنها بشرف فراش حضرت أشرف رسل مشرف شد و پسرش عبد الرحمن مسلمان كشت و پسر عبد الرحمن ابو عتيق محمد نيز مسلمان كشت وبدولت خدمت حضرت پيغمبر سرافرازى يافت وأدرك أبوه ابو قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم وامه أم الخير سلمى بنت صخر بن عمرو بن كعب بن سعد رسول الله عليه السلام وآمنا به ولم يكن ذلك لاحد من الصحابة رضى الله عنهم وسى قبائل نيز از أولاد صديق در عالم هستند اغلب ايشان بشرف علم وصلاح آراسته إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ عمالا ترضاه او عما يشغلنى عن ذكرك وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ الذين أخلصوا لك أنفسهم أُولئِكَ اشارة الى الإنسان والجمع لان المراد به الجنس المتصف بالوصف المحكي عنه اى أولئك المنعوتون يما ذكر من النعوت الجليلة الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا من الطاعات واجبة او مندربة فان المباحات حسن لا يثاب عليها وفى ترجمة الفتوحات وهر حركت كه كنى بايد كه بنيت قربت بحق تعالى باشد واگر چهـ اين حركت در امرى مباح باشد نيت قربت كن بحق تعالى ازين جهت كه تو اعتقاد دارى كه آن مباحست واگر مباح نمى بود بدان مشغول نمى شدى بدين نيت در ان امر مباح مستحق ثواب شوى يقول الفقير عندى وجه آخر فى الآية وهو أن اضافة احسن من اضافة الصفة الى موصوفها كما فى قوله سيئات ما عملوا والتقدير أعمالهم الحسنى ولا يلزم منه ان لا يتقبل منهم الأعمال الحسنة بل يكون فيه اشارة الى ان كل أعمالهم احسن عند الله تعالى بموجب فضله وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ اى ما فعلوا قبل التوبة ولا يعاقبون عليها قال الحسن من يعمل سوأ يجزبه انما ذلك من أراد الله هو انه واما من أراد كرامته فانه يتجاوز عن سيئاته فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ اى حال كونهم كائنين فى عداد اصحاب الجنة منتظمين فى سلكهم وَعْدَ الصِّدْقِ مصدر مؤكد لما ان قوله تعالى نتقبل ونتجاوز وعد من الله لهم بالتفضل والتجاوز الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ فى الدنيا على السنة الرسل قال الشيخ نجم الدين قدس سره فى تأويلاته فى الآية اشارة الى رعاية حق الوالدين على جهة الاحترام لما عليه لهما من حق التربية والانعام ليعلم ان رعاية حق الحق تعالى على جهته التعظيم لما عليه له من حق الربوبية وانعام الوجود أحق وأولى وقال بعضهم دلت الآية على ان حق(8/475)
الام أعظم لانه تعالى ذكر الأبوين معاثم خص الام بالذكر وبين كثرة مشقتها بسبب الولد زمان حملها ووضعها وارضاعها مع جميع ما نكابده فى أثناء ذلك قال فى فتح الرحمن عدد تعالى على الأبناء منن الأمهات وذكر الأم فى هذه الآيات فى اربع مراتب والأب فى واحدة جمعهما الذكر فى قوله بوالديه ثم ذكر الحمل للام ثم الوضع لها ثم الرضاع الذي عبر عنه بالفصال فهذ يناسب ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جعل للأم ثلاثة أرباع البر والربع للأب وذلك إذ قال له رجل يا رسول الله من ابر قال أمك ثم قال ثم من قال ثم أمك ثم قال ثم من قال ثم أمك ثم قال ثم من قال ثم أباك قال بعض الأولياء وهو ابراهيم الخواص قدس سره كنت فى تيه بنى إسرائيل فاذا رجل
يماشينى فتعجبت منه وألهمت انه الخضر عليه السلام فقلت له بحق الحق من أنت قال أخوك الخضر فقلت له أريد أن أسألك قال سل قلت ما تقول فى الشافعي قال هو من الأوتاد اى من الأوتاد الاربعة المحفوظ بهم الجهات الأربع من الجنوب والشمال والشرق والغرب قلت فما تقول فى احمد بن حنبل امام السنة قال هو رجل صديق قلت فما تقول فى بشر ابن الحارث قال رجل لم يخلف بعده مثله يعنى از پس او مثل او نبود قتلت فبأى وسيلة رأيتك قال ببرك أمك قال الامام اليافعي (حكى) ان الله سبحانه أوحى الى سليمان بن داود عليهما السلام ان اخرج الى ساحل البحر تبصر عجبا فخرج سليمان ومن معه من الجن والانس فلما وصل الى الساحل التفت يمينا وشمالا فلم ير شيأ فقال لعفريت غص فى هذا البحر ثم ائتنى بعلم ما تجد فيه فغاص فيه ثم رجع بعد ساعة وقال يا نبى الله انى ذهبت فى هذا البحر مسيرة كذا وكذا فلم اصل الى قعره ولا أبصرت فيه شيأ فقال لعفريت آخر غص فى هذا البحر وائتنى بعلم ما تجد فيه فغاص ثم رجع بعد ساعة وقال مثل قول الاول الا انه غاص مثل الاول مرتين فقال لآصف ابن برخيا وهو وزيره الذي ذكره الله تعالى فى القرآن بقوله حكاية عنه قال الذي عنده علم من الكتاب ائتنى بعلم ما فى هذا البحر فجاءه بقية من الكافور الأبيض لها اربعة أبواب باب من در وباب من جوهر وباب من زبرجد أخضر وباب من ياقوت احمر والأبواب كلها مفتحة ولا يقطر فيها قطرة من الماء وهى فى داخل البحر فى مكان عميق مثل مسيرة ما غاص فيه العفريت الاول ثلاث مرات فوضعها بين يدى سليمان عليه السلام وإذا فى وسطها شاب حسن الشباب نقى الثياب وهو قائم يصلى فدخل سليمان القبة وسلم على ذلك الشاب وقال له ما أنزلك فى قعر هذا البجر فقال يا نبى الله انه كان ابى رجلا مقعدا وكانت أمي عمياء فأقت فى خدمتهما سبعين سنة فلما حضرت وفاة أمي قالت اللهم اطل حياة ابني فى طاعتك فلما حضرت وفاة ابى قال اللهم استخدم ولدي فى مكان لا يكون للشيطان عليه سبيل فخرجت الى هذا الساحل بعد ما دفنتهما فنظرت هذه القبة موضوعة فدخلتها لانظر حسنها فجاء ملك من الملائكة فاحتمل القبة وانا فيها وأنزلني فى قعر هذا البحر قال سليمان ففى اى زمان كنت أتيت هذا الساحل قال فى زمن ابراهيم الخليل عليه السلام فنظر سليمان فى التاريخ فاذا له ألفا سنة واربعمائة سنة وهو شاب لا شيبة فيه قال فما كان طعامك رشرابك فى داخل هذا البحر قال يا نبى الله يأتينى كل يوم طير اخضر فى منقاره شىء اصفر مثل رأس(8/476)
وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19)
الإنسان فآكله فأجد فيه طعم كل نعيم فى دار الدنيا فيذهب عنى الجوع والعطش والحر والبرد والنوم والنعاس والفترة والوحشة فقال سليمان أتقف معنا أم نردك الى موضعك فقال ردنى يا نبى الله فقال رده يا آصف فرده ثم التقت فقال انظروا كيف استجاب الله دعاء الوالدين فأحذركم عقوق الوالدين رحمكم الله قال الامام السخاوي عن ابن عمر رضى الله عنه رفعه انى سألت الله ان لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه ولكن قد صح ان دعاء الوالد على ولده لا يرد فيجمع بينهما وجاء رجل الى النبي عليه السلام ليستشيره فى الغزو فقال ألك والدة قال نعم قال فالزمها فان الجنة تحت قدميها
جنت كه سراى مادرانست ... زير قدمات مادرانست
روزى بكن اى خداى ما را ... چيزى كه رضاى مادرانست
ومنه الاعانة والتوفيق للخدمة المرضية بالنفوس الطبية الراضية وَالَّذِي مبتدأ خبره قوله أولئك لان المراد به اى بالموصول الجنس قالَ لِوالِدَيْهِ عند دعوتهما له الى الايمان ويدخل فيه كل عبد سوء عاق لوالديه فاجر لربه أُفٍّ لَكُما كراهيت وننك مر شما را وهو صوت يصدر عن المرء عند تضجره وكراهيته واللام لبيان المؤفف له كما فى هيث لك اى هذا التأفيف لكما خاصة وقال الراغب اصل الأف كل مستقذر من وسخ وقلامة ظفر وما يجرى مجراهما ويقال ذلك لكل مستخف به استقذارا له أَتَعِدانِنِي آيا وعد مى دهيد مرا أَنْ أُخْرَجَ ابعث من القبر بعد الموت وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي اى وقد خلت امة بعد امة من قبلى ولم يبعث منهم أحد ولم يرجع والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد والخلو المضي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ ويسألانه ان يغيثه ويوفقه للايمان وَيْلَكَ اى قائلين له ويلك ومعناه بالفارسية واى بر تو وهو فى الأصل دعاء عليه بالهلاك أريد به الحث والتحريض على الايمان لا حقيقة الهلاك وانتصابه على المصدر بفعل مقدر بمعناه لامن لفظه وهو من المصادر التي لم تستعمل افعالها وقيل هو مفعول به اى ألزمك الله ويلك آمِنْ اى صدق بالبعث والإخراج من الأرض إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ اى موعوده وهو البعث اضافه اليه تحقيقا للحق وتنبيها على خطاه فى اسناد الوعد إليهما حَقٌّ كائن لا محالة لان الخلف فى الوعد نقص يجب تنزيه الله عنه فَيَقُولُ مكذبا لهما ما هذا الذي تسميانه وعد الله إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أباطيلهم التي يسطرونها فى الكبب من غير ان يكون لها حقيقة كأحاديث رستم وبهرام وإسفنديار أُولئِكَ القائلون هذه المقالات الباطلة الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ وهو قوله تعالى لابليس لاملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين كما ينبىء عنه قوله تعالى فِي أُمَمٍ حال من اغجرور فى عداد أمم قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ بيان للامم إِنَّهُمْ جميعا اى هم والأمم كانُوا خاسِرِينَ قد ضيعوا فطرتهم الاصلية الجارية مجرى رؤس أموالهم باتباع الشيطان والجملة تعليل للحكم بطريق الاستئناف التحقيقى وَلِكُلٍّ من الفريقين المذكورين دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا مراتب من اجزية ما عملوا من الخير والشر فمن نعت للدرجات ويجوز ان تكون بيانية وما موصولة او من أجل أعمالهم فما مصدرية ومن متعلق بقوله لكل والدرجات عالية فى مراتب المثوبة وإيرادها هنا بطريق التغليب وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وليعطيهم اجزية أعمالهم وافية تامة من وفاه حقه إذا أعطاه إياه وافيا تاما وَهُمْ(8/477)
لا يُظْلَمُونَ
بنقص ثواب الأولين وزيادة عقاب الآخرين واللام متعلقة بمحذوف مؤخر كأنه قيل وليوفيهم أعمالهم ولا يظلمهم حقوقهم فعل ما فعل من نقدبر الاجزية على مقادير أعمالهم فجعل الثواب درجات والعقاب دركات وفى الآية ذم لمن اتصف فى حق الوالدين فى التأفيف وفى ذلك تنبيه على ما وراءه من التعنيف فحكم ان صاحبه من أهل الخسران والخسران نقصان فى الايمان فكيف بمن خالف مولاه وبالعصيان آذاه وفى الحديث ان الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم وقيل لما دخل يعقوب على يوسف عليهما السلام لم بقم له فأوحى الله اليه أتتعاظم ان تقوم لابيك وعزتى لا أخرجت من صلبك نبيا كما فى الاحياء قيل إذا تعذر مراعاة حق الوالدين جميعا بان يتأذى أحدهما بمراعاة الآخر يرجح حق الأب فيما يرجع الى التعظيم والاحترام لان النسب منه ويرجح حق الام فيما يرجع الى الخدمة والانعام حتى لو دخلا عليه يقوم للاب ولو سألا منه شيأ يبدأ فى الإعطاء بالأم كما فى منبع الآداب قال الامام الغزالي اكثر العلماء على ان طاعة الأبوين واجبة فى لشبهات ولم نجب فى الحرام المحض حتى إذا كانا ينتقصان بانفرادك عنهما بالطعام فعليك ان تأكل معهما لان ترك الشبهة ورع ورضى الوالدين حتم وكذلك ليس لك ان تسافر فى مباح او نافلة الا بإذنهما والمبادرة الى الحج الذي هو فرض الإسلام نقل لانه على التأخير والخروج لطلب العلم نفل الا إذا كان خروجك لطلب علم الفرض من الصلاة والصوم ولم يكن فى بلدك من يعلمك وذلك كمن يسلم ابتداء فى بلد ليس فيه من يعلمه شرع
الإسلام فعليه الهجرة ولا يتقيد بحق الوالدين ويثبت بولاية الحسبة للولد على الوالد والعبد على السيد والزوجة على الزوج والتلميذ على الأستاذ والرعية على الوالي لكن بالتعريف ثم الوعظ والنصح باللطف لا بالسب والتعنيف والتهديد ولا بمباشرة الضرب ويجب على الأبوين ان لا يحملا الولد على العقوق بسوء المعاملة والجفاء ويعيناه على البر قال عليه السلام رحم الله والدا أعان ولده على البر أي لم يحمله على العقوق بسوء عمله قال الحسن البصري من عقل الرجل ان لا يتزوج وأبواه فى الحياة انتهى فانه ربما لا يرضى أحدهما عنه بسبب زوجته فيقع فى الإثم (قال الحافظ)
هيچ رحمى نه برادر به برادر دارد ... هيچ شوقى نه پدر را به پسر مى بينم
دخترانرا همه جنكست وجدل با مادر ... پسران را همه بدخواه پدر مى بينم
وفى الحديث حق كبير الاخوة على صغيرهم كحق الوالدين على ولدهما ومن مات والداه وهو لهما غير بار فليستغفر لهما ويتصدق لهما حتى يكتب بارا لوالديه ومن دعا لابويه فى كل يوم خمس مرات فقد ادى حقهما ومن زار قبر أبويه او أحدهما فى كل جمعة كتب بارا كما فى الحديث ودعاء الاحياء للاموات واستغفارهم هدايا لهم والموتى يعلمون بزوارهم عشية الجمعة ويوم الجمعة وليلة السبت الى طلوع الشمس لفضل يوم الجمعة وينوى بما يتصدق من ماله عن والديه إذا كانا مسلمين فانه لا ينقص من اجره شىء ويكون لهما مثل اجره وقال بعض الكبراء يرمى الحجر فى الطريق عن يمينه مرة وينوى عن أبيه وبآخر عن يساره وينوى عن امه وكان يكظم غيظه يريد برهما ففيه دليل على ان جميع حسنات العبد يمكن ان تجعل من بر والديه إذا وجدت النية فعلى الولد أن يبرهما حيين وميتين(8/478)
وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20)
ولكن لا يطيعهما فى الشرك والمعاصي چون نبود خويش را ديانت وتقوى قطع رحم بهتر از مودت قربى كما قال تعالى وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما
هزار خويش كه بيكانه از خدا باشد ... فداى يك تن بيكانه كاشنا باشد
وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ اى يعذبون بها فالعرض محمول على التعذيب مجازا من قولهم عرض الأسارى على السيف اى قتلوا والا فالمعروض عليه يجب ان يكون من أهل الشعور والاطلاع والنار ليست منه وقيل تعرض النار عليهم بأن يوقفوا بحيث تبدو لهم النار ومواقعهم فيها وذلك قبل ان يلقوا فيها فيكون من باب القلب مبالغة بادعاء كون النار مميز إذا قهر وغلبة يقول الفقير لا حاجة عندى الى هذين التأويلين فان نار الآخرة لها شعور وادراك بدليل انها تقول هل من مزيد وتقول للمؤمنين جزيا مؤمن فان نورك أطفأ نارى وأمثال ذلك وايضا لا بعد فى ان يكون عرضهم على النار باعتبار ملائكة العذاب فانهم حاضرون عندها بأسباب العذاب وأهل النار ينظرون إليهم والى ما يعذبونهم به عيانا والله اعلم أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ اى يقال لهم ذلك على التوبيخ وهو الناصب للظرف اى اليوم والمعنى أصبتم وأخذتم ما كتب لكم من حظوظ الدنيا ولذآئذها وبالفارسية ببرديد وبخورديد چيزهاى لذيذ خود را فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا در زندكانىء آن جهان خويش وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فلم يبق لكم بعد ذلك شىء منها لان اضافة الطيبات تفيد العموم وبالفارسية وبرخوردارى يافتيد بآن لذائذ يعنى استيفاى لذات كرديد وهيچ براى آخرت نكذاشتيد قال سعيد المفتى قوله واستمتعتم بها كأنه عطف تفسيرى لاذهبتم فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ اى الهوان والحقارة اى العذاب الذي فيه ذل وخزى بِما كُنْتُمْ فى الدنيا تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ بغير استحقاق لذلك وفيه اشارة الى ان الاستكبار إذا كان بحق كالاستكبار على الظلمة لا ينكر وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ اى تخرجون من طاعة الله اى بسبب استكباركم وفسقكم المستمرين علل سبحانه ذلك العذاب بأمرين أحدهما الاستكبار عن قبول الدين الحق والايمان بمحمد عليه السلام وهو ذنب القلب والثاني الفسق والمعصية بترك المأمورات وفعل المنهيات وهو ذنب الجوارح وقدم الاول على الثاني لان ذنب القلب أعظم تأثيرا من ذنب الجوارح (قال الكاشفى) تنبيه است مر طالبان تجات را كه قدم از اندازه شرع بيرون ننهند
پاى از حدود شرع برون مى نهى منه ... خود را أسير نفس وهوا ميكنى مكن
وفى الآية اشارة الى ان للنفس طيبات من الدنيا الفانية وللروح طيبات من الآخرة الباقية فمن اشتغل باستيفاء طيبات نفسه فى الدنيا يحرم فى الآخرة من استيفاء طيبات روحه لان فى طلب استيفاء طيبات النفس فى الدنيا ابطال استعداد الروح فى استيفاء طيبات فى الآخرة موعودة وفى ترك استيفاء طيبات النفس فى الدنيا كمالية استعداد الروح فى استيفاء طيبات فى الآخرة موعودة فلهذا يقال لارباب النفوس فاليوم تجزون عذاب الهون بأنكم استكبرتم فى قبول دعوة الأنبياء فى ترك شهوات النفس واستيفاء طيباتها لئلا تضيع طيبات أرواحكم وبما كنتم تخرجون من أوامر الحق ونواهيه ويقال للروح وارباب القلوب كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية وبما كانت نفوسهم تاركة لشهواتها بتبعية الروح يقال لهم ولكم فيها(8/479)
وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)
ما تشهيه الأنفس اى من نعيم الجنة فانها من طيباتها وتلذ لاعين وهو مشاهدة الجمال والجلال وهى طيبات الروح كذا فى التأويلات النجمية والآية منادية بأن استيفاء الحظ من الدنيا ولذاتها صفة من صفات أهل النار فعلى كل مؤمن ذى عقل وتمييز أن يجتنب ذلك اقتداء بسيد الأنبياء وأصحابه الصالحين حيث آثروا اجتناب اللذة فى الدنيا رجاء ثواب الآخرة (قال الصائب)
افتد هماى دولت اگر در كمند ما ... از همت بلند رها ميكنيم ما
قال الواسطي من سره شىء من الألوان الفانية دق أوجل دخل تحت هذه الآية (روى) عن عمر رضى الله عنه انه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على سرير وقد اثر بجنبيه الشريط فبكى عمر فقال ما يبكيك يا عمر فقال ذكرت كسرى وقيصر وما كانا فيه من الدنيا وأنت رسول رب العالمين قد أثر بجنبيك الشريط فقال عليه السلام أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى حياتهم الدنيا ونحن قوم أخرت لنا طيباتنا فى لآخرة قالت عائشة رضى لله عنها ما شبع ل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول بدعة حدثت بعده الشبع وقالت ايضا وقد كان يأتى علينا الشهر ما وقد فيه نارا وما هو الا الماء والتمر غير انه جزى الله عنا نساء الا نصير خيرا كن ربما اهدين لنا شيأ من اللبن (قال فى كشف الاسرار) ملك زمين برسول الله عرض كردند واو بندگى اختيار كرد واز ملكى اعراض كرد وكفت أجوع يوما وأشبع يوما قال جابر بن عبد الله رضى الله عنه رأى عمر بن الخطاب رضى الله عنه لحما معلقا فى يدى فقال ما هذا يا جابر قلت اشتهيت لحما فاشتريته فقال عمر أو كل ما اشتهيت يا جابر اشتريت اما تخاف هذه الآية أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا
نفس را بدخو بناز ونعمت دنيا مكن ... آب ونان سير كاهل ميكند مزدور را
قال ابو هريرة رضى الله عنه لقد رأيت سبعين نفسا من اصحاب الصفة رضى الله عنهم ما منهم رجل عليه ردآء اما إزار او كساء قد ربطوه فى أعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية ان ترى عورته وفى الحديث من قضى نهمته فى الدنيا حيل بينه وبين شهوته فى لآخرة ومن مدعينه الى زينة المترفين كان مهينا فى ملكوت السموات ومن صبر على لفوت الشديد اسكنه الله الفردوس حيث شاء (قال الشيخ سعدى)
مپرور تن ار مرد راى وهشى ... كه او را چومى پرورى مى كشى
خور وخواب تنها طريق ددست ... برين بودن آيين ما بخردست
قناعت توانكر كند مرد را ... خبر كن حريص جهان كرد را
غدا كر لطيفست وكز سرسرى ... چوديرت بدست اوفتد خوش خورى
كر آزاده بر زمين خسب وبس ... مكن بهر قالى زمين بوس كس
مكن خانه بر راه سيل اى غلام ... كه كس را نكشت اين همارت تمام
ومن لله لعون فى طريقه والوصول اليه بإرشاد وتوفيقه وَاذْكُرْ أَخا عادٍ اى واذكر يا محمد لكفار مكة هودا عليه السلام ليعتبروا من حال قومه وبالفارسية وياد كن برادر عاد يعنى پيغمبرى كه از قبيله عاد بود قمعنا أخا عاد واحدا منهم فى النسب لا فى الدين كما قولهم يا أخا العرب وعادهم ولد عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح وهود هو ابن عبد الله ابن رباح بن الخلود بن عاد إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بدل اشتمال منه اى وقت إنذاره إياه بِالْأَحْقافِ بموضع يقال له الأحقاف وآن ريكستانى بود نزديك حضر موت(8/480)
قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23)
بولايت يمن جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء من احقوقف الشيء إذا اعوج وانما أخذ الحقف من احقوقف مع ان الأمر ينبغى ان يكون بالعكس لان احقوقف اجلى معنى واكثر استعمالا فكانت له من هذه الجهة أصالة فادخلت عليه كلمة الابتداء للتنبيه على هذا كما فى حواشى سعدى المفتى وعن بعضهم كانت عاد اصحاب عمد سيارة فى الربيع فاذا هاج العود رجعوا الى منازلهم وكانوا من قبيله ارم يسكنون بين رمال مشرفة على البحر بأرض يقال لها الشحر من بلاد اليمن وهو بكسر الشين وسكون الحاء وقيل بفتح الشين ساحل البحر بين عمان وعدن وقيل يسكنون بين عمان ومهرة وعمان بالضم والتخفيف بلد باليمن واما الذي بالشام فهو عمان بالفتح والتشديد ومهرة موضع ينسب اليه الا بل المهرية قال فى فتح الرحمن الصحيح من الأقوال ان بلاد عاد كانت فى اليمن ولهم كانت ارم ذات العماد والأحقاف جمع حقف وهو الجبل المستطيل المعوج من الرمل وكثيرا ما تحدث هذه الأحقاف فى بلاد الرمل فى الصخارى لان الريح تصنع ذلك انتهى وعن على رضى الله عنه شر واد بين الناس وادي الأحقاف وواد بحضرموت يدعى برهوت تلقى فيه أرواح الكفار وخير واد وادي مكة وواد نزل به آدم بأرض الهند وقال خير بئر فى الناس بئر زمزم وشر بئر فى الناس بئر يرهوت كذا فى كشف الاسرار وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ اى الرسل جمع نذير بمعنى المنذر مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ اى من قبله وَمِنْ خَلْفِهِ اى من بعده والجملة اعتراض بين المفسر والمفسر او المتعلق والمتعلق مقرر لما قبله مؤكد لوجوب العمل بموجب الانذار وسط بين إنذار قومه وبين قوله أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ مسارعة الى ما ذكر من التقرير والتأكيد وإيذانا باشتراكهم فى العبادة المحكية والمعنى واذكر لقومك إنذار هود قومه عاقبة الشرك والعذاب العظيم وقد انذر من تقدمه من الرسل ومن تأخر عنه قومهم مثل ذلك فاذكرهم قال فى بحر العلوم ان مخففة من الثقيلة اى انه يعنى ان الشان والقصة لا تعبدوا الا الله او مفسرة بمعنى اى لا تعبدوا الا الله او مصدرية بحذف الباء تقديره بأن لا تعبدوا الا الله والنهى عن الشيء إنذار عن مضرته انتهى إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ اى هائل بسبب شرككم واعراضكم عن التوحيد واليوم العظيم يوم نزول العذاب عليهم فعظيم مجاز عن هائل لانه يلزم العظم ويجوز ان يكون من قبيل الاسناد الى الزمان مجازا وان يكون الجر على الجوار قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا اى تصرفنا من الافك بالفتح مصدر افكه يأفكه إفكا قلبه وصرفه عن الشيء عَنْ آلِهَتِنا عن عبادتها الى دينك وهذا مما لا يكون فَأْتِنا بِما تَعِدُنا من العذاب العظيم والباء للتعدية إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فى وعدك بنزوله بنا قالَ اى هود إِنَّمَا الْعِلْمُ اى بوقت نزوله او العلم بجميع الأشياء التي من جملتها ذلك عِنْدَ اللَّهِ وحده لا علم لى بوقت نزوله ولا مدخل لى فى إتيانه وحلوله وانما علمه عند الله تعالى فيأتيكم به فى وقته المقدر له وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ من مواجب الرسالة التي من جملتها بيان نزول العذاب ان لم تنتهوا عن الشرك من غير وقوف على وقت نزوله وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ حيث يقترحون على ما ليس من وظائف الرسل من الإتيان بالعذاب وتعيين وقته وفى التأويلات(8/481)
فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)
النجمية تجهلون الصواب من الخطأ والصلاح من الفساد حين أدلكم على الرشاد وفى الاية اشارة الى ان الأصنام ظاهرة وباطنة فالاصنام الظاهرة ظاهرة واما الأصنام الباطنة فهى النفس وهواها وشهواتها الدنيوية الفانية والنهى عنها مطلقا من وظائف الأنبياء عليهم السلام لانهم بعثوا لاصلاح النفوس وتهييج الأرواح الى الملك القدوس ويليهم ورثتهم وهم الأولياء الكرام قدس الله أسرارهم فهم بينوا ان عبادة الهوى تورث العذاب العظيم وعبادة الله تعالى تورث الثواب العظيم بل رؤية الوجه الكريم ولكن القوم من كمال شقاوتهم قابلونا بالرد والعناد وزادوا فى الضلال والفساد فحرموا من الثواب مع ما لحقهم من العذاب وهذا من كمال الجهالة إذ لو كان للمرء عقل تام ومعرفة كاملة لما تبع الهوى وعبد المولى قال بعضهم يجب عليك اولا ان تعرف المعبود ثم تعبده وكيف تعبد من لا تعرفه بأسمائه وصفات ذاته وما يجب له وما يستحيل فى نعته فربما تعتقد شيأ فى صفاته يخالف الحق فتكون عبادتك هباء منثورا الا ترى ان بعضهم رأى الشيطان بين السماء والأرض فظنه الحق واستمر عليه مقدار عشرين سنة ثم لما تبين له حطأه فى ذلك قضى صلواة تلك المدة وكذلك يجب عليك علم الواجبات الشرعية لتؤديها كما أمرت بها وكذا علم المناهي لتتركها شخصى بود صالح اما قليل العلم در خانه خود منقطع بود ناكاه بهيمه خريد واو را بدان حاجتى ظاهر نه بعد از چند سال كسى از وى پرسيد تو اين را چهـ ميكنى وترا بوى شغلى وحاجتى نيست كفت دين خود را باين محافظت مى كنم او خود با اين بهيمه جمع مى آمده است تا از زنا معصوم ماند او را اعلام كردند كه آن حرام است وصاحب شرع نهى فرموده است بسيار كريست وتوبه كرد وكفت ندانستم پس بر تو فرض عين است كه از دين خود باز جويى وحلال وحرام را تمييز كنى تا تصرفات تو بر طريق استقامت باشد ويجب عليك ايضا معرفة الأحوال والأخلاق القلبية والتحرز عن مذموماتها كالحسد والرياء والعجب والكبر وحب المال والجاء ونحو ذلك وتتخلق بممدوحاتها من التوكل والقناعة والرضى والتسليم واليقين ونحو ذلك ولا بد فى هذا الباب من المعلم والمرشد خصوصا فى إصلاح الباطن
درا بحلقه روشندلان عالم خاك ... كه تا زجاجه دلرا كنى ز حادثه پاك
فَلَمَّا رَأَوْهُ الفاء فصيحة اى فأتاهم العذاب الموعود به فلما رأوه حال كونه عارِضاً اى سحابا يعرض فى أفق السماء او يبدو فى عرض السماء مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ اى متوجها تلقاء أوديتهم والاضافة فيه لفظية ولذا وقع صفة للنكرة قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا اى يأتينا بالمطر والاضافة فيه ايضا لفظية روى انه خرجت عليهم سحابة سوداء من واد لهم يقال له المغيث وكانوا قد حبس عنهم المطر فلما شاهدوها قالوا ذلك مستبشرين بها مسرورين بَلْ هُوَ اى قال هود ليس الأمر كذلك بل هو مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ من العذاب وبالفارسية اين نه ابر باران دهنده است بلكه او آن چيزيست كه تعجيل مر كرديد بدان رِيحٌ خبر لمبتدأ محذوف اى حوريح فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ صفة لريح وكذ قوله تُدَمِّرُ اى تهلك كُلَّ شَيْءٍ مرت به من نفوسهم وأموالهم فالاستغراق عرفى والمراد المشركون منهم بِأَمْرِ رَبِّها إذ لا حركة ولا سكون الا بمشيئته(8/482)
وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28) وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)
تعالى وأضاف الرب الى الريح مع انه تعالى رب كل شىء لتعظيم شأن المضاف اليه وللاشارة الى انها فى حركتها مأمورة وانها من أكابر جنود الله يعنى ليس ذلك من باب تأثيرات الكواكب والقرانات بل هو امر حدت ابتداء بقدرة لله تعالى لاجل التعذيب فَأَصْبَحُوا اى صاروا من العذاب بحال لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ الفاء فصيحة اى فجأتهم الريح فدمرتهم فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم يعنى پس كشتند بحالي كه اگر كسى بديار ايشان رسيدى ديده نشدى مكر چايكاههاى ايشان يعنى همه هلاك شدند وجايكا ايشان خالى بماند كَذلِكَ الكاف منصوبة على معنى مثل ذلك الجزاء الفظيع يعنى الهلاك بعذاب الاستئصال نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ قيل اوحى الله تعالى الى خزان الريح ان أرسلوا مقدار منخر البقر فقالو يا رب إذا ننسف الأرض ومن عليها فقال تعالى مثل حلقة الخاتم ففعلوا فجاءت ريح باردة من قبل المغرب وأول ما عرفوا به انه عذاب ان رأوا ما كان فى الصحراء من رحالهم ومواشيهم تطهير بها الريح بين السماء والأرض وترفع الظعينة فى الجو حتى ترى كأنها جرادة فتدمغها بالحجارة فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فقلعث الريح الأبواب وسرعتهم فأمال الله الأحقاف عليهم فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية ايام لهم انين ثم كشفت الريح عنهم الأحقاف فاحتملتهم فطرحتهم فى البحر وقد قالوا من أشد مناقوة فلا تستطيع الريح ان تزيل أقدامنا فغلبت عليهم الريح بقوتها فما اغنت عنهم قوتهم (وفى المثنوى)
جمله ذرات زمين وآسمان ... لشكر حقند كاه امتحان
باد را ديدى كه با عادان چهـ كرد ... آب را ديدى كه با طوفان چهـ كرد
روى ان هودا عليه السلام لما أحس بالريح خط على نفسة وعلى المؤمنين خطا الى جنب عين تثبع ماء لا يصيبهم من الريح الا ما يلين على الجلود وتلذ الأنفس وعمر هود بعدهم مائة وخمسين سنة وفد مر تفصيل القصة فى سورة الأعراف فارجع والآية وعيد لاهل مكة على اجرامهم بالتكذيب فان الله تعالى قادر على ان يرسل عليهم ريحا مثل ريح عاد أو تحوها فلا بد من الحذر وعن عايشة رضى الله عنها كان النبي عليه السلام إذا رأى ريحا مختلفة تلون وجهه وتغير ودخل وخرج واقبل وأدبر فذكرت ذلك له فقال وما تدرون لعله كما قال الله تعالى فلما راوه عارضا إلخ فاذا أمطرت سرى عنه ويقول وهو الذي برسل شباح بشر بين يدى رحمته وفى الآية اشارة الى انه يعرض فى سماء القلوب تارة عارض فيمطر مطر الرحمة بحبي به الله ارض البشرية قينبت منها الأخلاق الحسنة والأعمال لصالحة وتارة يعرض عارض ضده بسوء الأخلاق وفساد الأعمال فتكون أشخاصهم خالية عن الخير كالاخلاق والآداب والأعمال الصالحة وقلوبهم فارغة من الصدق والإخلاص والرضى والتسليم وهو جزاء القوم المعرضين عن الحق المقبلين على الباطل يقول الفقير وفيه اشارة ايضا الى قوم ممكورين مقهورين يحسبون انهم من اهل اللطف والكرم فيأمرون برفع القباب على قبورهم بعد موتهم او يفعل بهم ذلك من جهة الجهلة فصاروا بحيث لا يرى الا القبور والقباب وليس فيها أحد من الأحباب بلى من اهل العذاب ونعم ما قالوا لا تهيىء لنفسك قبر او هيىء نفسك للقبر نسأل الله سبحانه ان يوفقنا لما يحبه ويرضاه ويحفظنا مما يوجب أذاه ويخالف رضاء وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ لتمكين دست دادن وجاى دادن والمعنى اقدرنا عادا وملكناهم(8/483)
والفارسية ايشان را قدرت وقوت داديم فِيما اى فى الذي إِنْ نافية اى ما مَكَّنَّاكُمْ اى يا أهل مكة فِيهِ من السعة والبسطة وطول الأعمار وسائر مبادى التصرفات ومما يحسن موقع ان دون ما هاهنا التفصى عن تكر لفظة ما وهو الداعي الى قلب الفها ها فى مهما وجعلها زائدة او شرطية على ان يكون الجواب كان بغيكم اكثر مما لا يليق بالمقام وجعلنا لهم سمعا وابصارا وافئدة ليستعملوها فيما خلقت له ويعرفوا بكل منها ما نيطت به معرفته من فنون النعم ويستدلوا بها على شؤون منعمها عز وجل ويدوموا على شكرها ولعل توحيد السمع لانه لا يدرك به الا الصوت وما يتبعه بخلاف البصر حيث يدرك به أشياء كثيرة بعضها بالذات وبعضها بالواسطة والفؤاد يعم ادراك كل شىء والفؤاد من القلب كالقلب من الصدر سمى يه لتفؤده اى لتوقده تحرقه فَما نافية أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ حيث لم يستعملوه فى استماع الوحى ومواعظ الرسل يقال اغنى عنه كذا إذا كفاه قال فى تاج المصادر الإغناء بى نياز كردانيدن وواداشتن كسى را از كسى وَلا أَبْصارُهُمْ حيث لم يجتلوا بها الآيات التكوينية المنصوية فى صحائف العالم وَلا أَفْئِدَتُهُمْ حيث لم يستعملوها فى معرفة الله سبحانه مِنْ شَيْءٍ اى شيأ من الإغناء ومن مزيدة للتأكيد (قال الكاشفى) همين كه عذاب فرود آيد پس دفع نكرد از ايشان كوش وديدها ودلهاى ايشان چيزيرا از عذاب خداى إِذْ كانُوا از روى تقليد وتعصب يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ قوله إذ متعلق بما اغنى وهو ظرف جرى مجرى التعليل من حيث ان الحكم مرتب على ما أضيف اليه فان قولك أكرمته إذا كرمنى فى قوة قولك أكرمته لاكرامه لانك إذا أكرمته وقت إكرامه فانما أكرمته فيه لوجودا كرامه فيه وكذا الخال فى حيث وَحاقَ بِهِمْ نزل وأحاط ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ من العذاب الذي كانوا يستعجلونه بطريق الاستهزاء فيقولون فائتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين وفى الآية تخويف لاهل مكة ليعتبروا (وفى المثنوى)
پس سپاس او را كه ما را در جهان ... كرد پيدا از پس پيشينيان
تا شنيديم از سياستهاى حق ... بر قرون ماضيه اندر سبق
استخوان و پشم آن كركان عيان ... بنگريد و پند كيريد اى مهان
عاقل از سر بنهد اين هستى وباد ... چون شنيد انجام فرعونان وعاد
ور نه بنهد ديكران از حال او ... عبرتى كيرند از إضلال او
وفى الآية اشارة الى ان هذه الآلات التي هى السمع والبصر والفؤاد أسباب تحصيل التوحيد وبدأ بالسمع لان جميع التكليف الوارد على القلب انما يوجد من قبل السمع وثنى بالبصر لانه أعظم شاهد بتصديق المسموع منه وبه حصول ما به التفكر والاعتبار غالبا تنبيها على عظمة ذلك وان كان المبصر هو القلب ثم رجع الى الفؤاد الذي هو العمدة فى ذلك فتقديمهما على جهة التعظيم له كما يقال الجناب والمجلس وهما المبلغان اليه وعنه وانما شاركه هذان فى الذكر تنبيها على عظم مشاركتهما إياه فى الوزارة ولولاهما لما أمكن ان يبلغ قلب فى القالب قلبا فى هذا العالم ما يريد إبلاغه اليه فالسمع والبصر مع الفؤاد فى عالم التكليف كالجسد والنفس مع الروح فى عالم الخلافة ولا يتم لاحدهما ذلك الا بالآخرين والأنقص بقدره والمراد فى جميع التكليف سلامة القلب والخطاب اليه من جهة كل عضو فعلى العاقل سماع الحق والتخلق بما يسمع والمبادرة الى الانقياد للتكليفات فى جميع الأعضاء وفعل ما قدر عليه من المندوبات(8/484)
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28)
واجتناب ما سمع من المنهي عنه من المحرمات والتعفف عن المكروهات وترك فضلات المباحات فان الاشتغال بفضول المباحات يحرم العبد من لذة المناجاة وفكر القلب فى المباحات يحدث له ظلمة فكيف تدبير الحرام إذا غير المسك الماء منع الوضوء منه فكيف ولوغ الكلب وكل عضو يسأل عنه يوم القيامة فليحاسب العبد نفسه قبل وقت المحاسبة وروى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الى القصاص من نفسه فى خدش خدشه أعرابيا لم يتعمده فاتى جبرائيل فعال يا محمد ان الله لم يبعثك جبارا ولا متكبرا فدعا النبي عليه السلام الاعرابى فقال اقتص منى فقال الاعرابى قد احللتك بابى أنت وأمي وما كنت لأفعل ذلك ابدا ولو أتيت على نفسى فدعا له بخير فكما يجب ترك الظلم باليد ونحوها فكذا ترك معاونة الظلمة وطلب بعض الأمراء من بعض العلماء المحبوسين عنده ان يناوله طينا ليختم به الكتاب فقال ناولنى الكتاب اولا حتى انظر ما فيه فهكذا كانو يحترزون عن معاونة الظلمة فمن أقر بآيات الله الناطقة بالحلال والحرام كيف يجترىء على ترك العمل فيكون من المستهزئين بها فالتوحيد والإقرار اصل الأصول ولكن قال تعالى اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ولا كلام فى شرف العلم والعمل خصوصا الذكر قال موسى عليه السلام يا رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فاناديك فقال انا جليس من ذكرنى قال فانا نكون على حال نجلك ان نذكرك عليها كالجناية والغائط فقال اذكرني على اى حال قال الحسن البصري إذا عطس على قضاء الحاجة يحمد الله فى نفسه كما فى احياء العلوم وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ يا أهل مكة وبالفارسية بدرستى كه نيست كرديم آنچهـ كردا كرد شما بود وحول الشيء جانبه الذي يمكنه ان يحول اليه مِنَ الْقُرى كحجر ثمود وهى منازلها والمؤتفكات وهى قرى قوم لوط والظاهر من أهل القرى فيدخل فيهم عاد فانهم اهلكوا وبقيت مساكنهم كما سبق وَصَرَّفْنَا الْآياتِ التي يعتبر بها اى كررنا عليهم الحجج وانواع العبر وفى كشف الاسرار وصرفنا الآيات بتكرير ذكرها وإعادة أقاصيص الأمم الخالية بتكذيبها وشركها لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ لكى يرجعوا عما هم فيه من الكفر والمعاصي لانها اسباب الرجوع الى التوحيد والطاعة ولم يرجع أحد منهم ليعلم ان الهداية بيد الله يؤتيها من يشاء قالوا لعل هذا تطميع لهم وتأميل للمؤمنين والا فهو تعالى يعلم انهم لا يرجعون يقول الفقير هذا من اسرار القدر فلا يبحث عنه فان الله تعالى خلق الجن والانس ليعبدوه فما عبده منهم الا أقل من القليل ولما كان تصريف الآيات والدعوة بالمعجزات من مقتضيات أعيانهم فعله الله تعالى والأنبياء عليهم السلام والفرق بين الأمر التكليفي والأمر الإرادي ان الاول لا يقتضى حصول المأمور به بخلاف الثاني والا لوقع التخلف بين الارادة والمراد وهو محال فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً القربان ما يتقرب به الى الله تعالى وأحده مفعولى اتخذوا ضمير المفعول المحذوف والثاني آلهة وقربانا حال والتقدير فهلا نصرهم وخلصهم من العذاب الذين اتخذوهم آلهة حال كونها متقربا بها الى الله تعالى حيث كانوا يقولون ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى وهؤلاء شفعاؤنا عند الله وفيه تهكم بهم بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ اى غابوا عنهم وفيه تهكم آخر بهم كأن(8/485)
وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)
عدم نصرتهم لغيبتهم أو ضاعوا عنهم اى ظهر ضياعهم عنهم بالكلية وَذلِكَ اى ضياع آلهتهم عنهم وامتناع نصرتهم إِفْكُهُمْ اى اثر إفكهم الذي هو اتخاذهم إياها آلهة ونتيجة شركهم وَما كانُوا يَفْتَرُونَ عطف على إفكهم اى واثر افترائهم على الله او اثر ما كانوا يفترونه عليه تعالى روى از تو هر كه تافت دكر آب رو نيافت وفى لآية اشارة الى ان الأسباب والوسائل نوعان أحدهما ما اذن الله تعالى فى ان يتوسل العبد به اليه كالانبياء والأولياء وما جاؤ به من الوحى والإلهام فهذه اسباب الهدى كما قال تعالى وابتغوا اليه الوسيلة وكونوا مع الصادقين والثاني ما لم يأذن فيه الله كعبادة الأصنام ونحوها فهذه اسباب الهوى كما نطقت بها الآيات ثم ان الله تعالى انما يفعل عند لاسباب لا بالأسباب ليعلم العبد ان التأثير من الله تعالى فيستأنس بالله لا بالأسباب حق تعالى موسى را فرمود كاى موسى چون مرغ باش كه از سر درختان مى خورد وآب صافى بكار مى بدد و چون شب در آمد در شكافى مأوى مى سازد وبا من انس ميكيرد واز خلق مستوحش ميكرد واى موسى هر كه بغير من اميد دارد هر آينه اميد او قطع كنم وهر كه با غير من تكيه كند پشت او را شكسته كنم وهر كه با غير من انس كيرد وحشت او دراز كردانم وهر كه غير مرا دوست دارد هر آينه از وى اعراض نمايم وفى الآية ايضا تهديد وتخويف حتى لا يغفل المرء عن الله ولا يتكل على غيره بل يتأمل العاقبة ويقتل اله عوة حق تعالى به بنى إسرائيل خطاب فرمود كه شما را بآخرت ترغيب كرديم رغبت نكرديد ودر دنيا بزهد فرموديم زاهد نشديد وبا آتش ترسانيديم ترس در دل نكرفتيد وبه بهشت تشويق كرديم آرزومند نشديد بر شما نوحه كردن داديم نكرستيد بشارت باد كشتكانرا كه حق تعالى شمشير بست كه در نيام نيامد وان دار جهنم است وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ
املناهم إليك وأقبلنا بهم نحوك والنفر دون العشرة وجمعه انفار قال الراغب النفر عدة رجال يمكنهم النفر اى الى الحرب ونحوها والجن بعض الروحانيين وذلك ان الروحانيين ثلاثة أخيار وهم الملائكة واشرار وهم الشياطين واوساط فيهم أخيار واشرار وهم الجن قال سعيد بن المسيب الملائكة ليسوا بذكور ولا إناث ولا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون والشياطين ذكور وإناث يتوالدون ولا يموتون بل يخلدون فى الدنيا كما خلد إبليس والجن يتوالدون وفيهم ذكور وإناث ويموتون يقول الفقير يؤيده ما ثبت ان فى الجن مذاهب مختلفة كالانس حتى الرافضي ونحوه وان بينهم حروبا وقتالا ولكن يشكل قولهم إبليس هو ابو الجن فانه يقتضى ان لا يكون بينهم وبين الشياطين فرق الا بالايمان والكفر فاعرف يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ حال مقدرة من ثفرا لتخصيصه بالصفة او صفة اخرى له اى واذكر لقومك وقت صرفنا إليك نفرا كائنا من الجن مقدرا استماعهم القرآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ اى القرآن عند تلاوته قالُوا اى قال بعضهم لبعض أَنْصِتُوا الإنصات هو الاستماع الى الصوت مع ترك الكلام اى اسكتوا لسمعه وفيه اشارة الى ان من شأنهم فضول الكلام واللغط كالانس ورمز الى الحرص المقبول قال بعض العارفين هيبة الخطاب وحشمة المشاهدة حبست ألسنتهم فانه ليس(8/486)
فى مقام الحضرة الا الخمول والذبول فَلَمَّا قُضِيَ أتم وفرغ من تلاوته وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ انصرفوا الى قومهم مقدرين إنذارهم عند رجوعهم اليه يعنى آمنوا به وأجابوا الى ما سمعوا ورجعوا الى قومهم منذرين ولا يلزم من رجوعهم بهذه الصفة ان يكونوا رسل رسول الله عليه السلام إذ يجوز ان يكون الرجل نذيرا ولا يكون نبيا او رسولا من جانب أحد فالنذارة فى الجن من غير نبوة وقد سبق بقية الكلام فى سورة الانعام عند قوله تعالى يا معشر الجن والانس الآية روى ان الجن كانت تسترق السمع فلما حرست السماء ورجموا بالشهب قالوا ما هذا إلا لنبأ حدث فنهض سبعة نفر او ستة نفر من اشراف جن نصيبين ورؤسائهم ونصيبين بلد قاعدة ديار ربيعة كما فى القاموس وقال فى انسان العيون هى مدينة بالشام وقيل باليمن اثنى عليها رسول الله عليه السلام بقوله رفعت
الى نصيبين حتى رأيتها فدعوت الله ان يعذب نهزها وينضر شجرها ويكثر مطرها وقيل كانوا من ملوك جن نينوى بالموصل واسماؤهم على ما فى عين المعاني شاصر ناصر دس مس از دادنان احقم وكفته اند نه عدد بود وهشتم عمرو ونهم سرق وزوبعة بفتح الزاى المعجمة والباء الموحدة از ايشان بوده واو پسر إبليس است وقال فى القاموس الزوبعة اسم شيطان او رئيس الجن فتكون الأسماء عشرة لكن الاحقم بالميم او الاحقب بالباء وصف لواحد منهم لا علم وقال ابن عباس رضى الله عنهما تسعة سليط شاصر ماصر حاصر حسا مسا عليم أرقم ادرس فضربوا فى الأرض حتى بلغوا تهامة وهى بالكسر مكة شرفها الله تعالى وارض معروفة لا بلد كما فى القاموس ثم اندفعوا الى وادي نخلة عند سوق عكاظ ونخلة محلة بين مكة والطائف ونخلة الشامية واليمانية واديان على ليلة من مكة وعكاظ كغراب سوق بصحراء بين نخلة والطائف كانت تقوم هلال ذى القعدة وتستمر عشرين يوما تجتمع قبائل العرب قيتعا كظون اى يتفاخرون وبتناشدون ومنه الأديم العكاظي فوافوا اى نفر الجن رسول الله صلى الله عليه وسلم اى صادفوه ووجدوه وهو قائم فى جوف الليل يصلى اى فى وسطه وكان وحده او معه مولاه زيد بن حارثة رضى الله عنه وفى رواية يصلى صلاة الفجر إذ كان إذ ذاك مأمورا بركعتين بالغداة وبركعتين بالعشي فهى غير صلاة الفجر التي هى احدى الخمس المفترضة ليلة الإسراء إذ الحيلولة بين الجن وبين خبر السماء بالشهب كانت فى أوائل الوحى وليلة الإسراء كانت بعد ذلك بسنين عديدة فاستمعوا لقراءته عليه السلام وكان يقراطه وذلك عند منصرفه من الطائف حين خرج إليهم يستنصرهم على الإسلام والفيام على من خالفه من قومه فلم يجيبوه الى مطلوبه واغروا به سفهاء هم فآذوه عليه السلام أذى شديدا ودقوا رجليه بالحجارة حتى ادموها كما سبق نبذة منه فى آخر التوبة وكان اقام بالطائف يدعوهم عشرة ايام وشهرا واقام بنخلة أياما فلما أراد الدخول الى مكة قال له زيد كيف تدخل عليهم يعنى قريشا وهم قد أخرجوك اى كانوا سببا لخروجك وخرجت لتستنصرهم فلم تنصر فقال يا زيد ان الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا وان الله ناصر دينه ومظهر نبيه فسار عليه السلام الى جبل حرآء وبعث الى مطعم بن عدى وقد مات كافرا قبل بدر بنحو سبعة أشهر يقول له انى داخل مكة فى جوارك فأجابه الى ذلك فدخل عليه السلام مكة ثم تسلح(8/487)
مطعم وبنوه وهم ستة او سبعة وخرجوا حتى أتوا المسجد الحرام فقام مطعم على راحلته فنادى يا معشر قريش انى قد اجرت محمدا فلا يؤذيه أحد منكم ثم بعث الى رسول الله عليه السلام ان ادخل فدخل وطاف بالبيت وصلى عنده ثم انصرف الى منزله ومطعم وولده مطيفون به وكان من عادة العرب حفظ الجوار ولذا قال ابو سفيان لمطعم أجرنا من اجرت ثم ان مرور الجن به عليه السلام فى هذه القصة ووقوفهم مستمعين لم يشعر به عليه السلام ولكن انبأه الله باستماعهم وذكر اجتماعهم به عليه السلام فى مكة مرارا فمن ذلك ما روى ان النفر السبعة من الجن لما انصرفوا من بطن نخلة جاؤا الى قومهم منذرين ثم جاؤا مع قومهم وافدين الى رسول الله عليه السلام وهو بمكة وهم ثلاثمائة او اثنا عشر ألفا فانتهوا الى الحجون وهو موضع فيه مقابر مكة فجاء واحد من أولئك النفر الى رسول الله فعال ان قومنا قد حضروا بالحجون يلقونك فوعده عليه السلام ساعة من الليل ثم قال لاصحابه انى أمرت ان أقرأ على الجن الليلة وانذرهم فمن يتبعنى قالها ثلاثا فأطرقوا الا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه فقام معه قال فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة فى شعب الحجون خطلى خطا برجله وقال لى لا نخرج منه حبى أعود إليك فانك ان خرجت لن ترانى الى يوم القيامة وفى رواية لم آمن عليك ان يخطفك بعضهم ثم جلس وقرأ عليهم اقرأ باسم ربك او سورة الرحمن وسمعت لغطا شديدا حتى خفت على رسول الله واللغط بالغين المعجمة والطاء المهملة اختلاط أصوات الكلام حتى لا يفهم وغشيته عليه السلام ثم انقطعوا كقطع السحاب فقال لى عليه السلام هل رأيت
شيأ قلت نعم رجالا سودا كأنهم رجال الزط وهم طائفة من السودان الواحد منهم ز طى فقال أولئك جن نصيبين قلت سمعت منهم لغطا شديدا حتى خفت عليك الى ان سمعتك تفرعهم بعصاك وتقول اجلسوا اى فما سببه فقال ان الجن تداعت فى قتيل قتل بينهم فتحاكموا الى فحكمت بينهم بالحق وقال ابو الليث فلما رجع اليه قال يا نبى الله سمعت هدتين اى صوتين قال عليه السلام اما إحداهما فانى سلمت عليهم وردوا على السلام واما الثانية فانهم سألوا الرزق فأعطيتهم عظما واعطيتهم روثا رزقا لدوابهم اى ان المؤمنين منهم لا يجدون عظما ذكر اسم الله عليه الا وجدوا عليه لحمه يوم أكل ولا ورثة الا وجد فيها حبها يوم أكلت او يعود البعر خضرا لدوابهم ولهذا نهى عليه السلام عن الاستنجاء بالعظم والروث واما الكافرون منهم فيجدون اللحم على العظم الذي لم يذكر اسم الله عليه وعن قتادة لما اهبط إبليس قال اى رب قد لعننه فما علمه قال السحر قال فما قراءته قال الشعر
در قيامت نرسد شعر بفرياد كسى ... كر سراسر سخنش حكمت يونان كردد
قال فما كتابته قال الوشم وهو غرز الابر فى البدن وذر النيلج عليه قال فما طعامه قال كل ميتة وما لم يذكر اسم الله عليه اى من طعام الانس يأخذه سرقة قال فما شرابه قال كل مسكر قال فاين مسكنه قال الحمام قال فاين محله قال فى الأسواق قال فما صوته قال المزمار قال فما مصايده قال النساء فالحمام اكثر محل إقامته والسوق محل تردده فى بعض الأوقات والظاهر ان كل من لم يؤمن من الجن مثل إبليس فيما ذكر قال فى انسان العيون فى أكل الجان ثلاثة اقوال يأكلون بالمضغ والبلع ويشربون بالازدراد اى الابتلاع والثاني لا يأكلون ولا(8/488)
قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)
يشربون بل يتغذون بالشم والثالث انهم صنفان صنف يأكل ويشرب وصنف لا يأكل ولا يشرب وانما يتغذون بالشم وهو خلاصتهم وفى اكام المرجان ان العمومات تقتضى ان الكل يأكلون ويشربون وكون الرقيق رقيقا واللطيف لطيفا لا يمنع عن الاكل والشرب واما الملائكة فهم أجسام لطيفة لكنهم لا يأكلون ولا يشربون لاجماع أهل الصلاة على ذلك وللاخبار المروية فى ذلك قال العلماء انه عليه السلام بعث الى الجن قطعا وهم مكلفون وفيهم العصاة والطائعون وقد أعلمنا لله ان نفرا من الجن رأوه عليه السلام وآمنوا به وسمعوا القرآن فهم صحابة فضلاء من حيث رؤيتهم وصحبتهم وحينئذ ينعين ذكر من عرف منهم فى الصحابة رضى الله عنهم كذا فى شرح النخبة لعلى القاري قالُوا اى عند رجوعهم الى قومهم يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً فيه اطلاق الكتاب على بعض اجزائه إذ لم يكن القرآن كله منزلا حينئذ أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ كتاب مُوسى قيل قالوه لانهم كانوا على اليهودية واسلموا وقال سعدى المفتى فى حواشيه قلت الظاهر انه مثل قول ورقة بن توفل هذا الناموس الذي نزل الله على موسى فقد قالوا فى وجهه انه ذكر موسى مع انه كان نصرانيا تحقيقا للرسالة لان نزوله على موسى متفق عليه بين اليهود والنصارى بخلاف عيسى فان اليهود ينكرون نبوته او لأن النصارى يتبعون احكام التوراة ويرجعون إليها وهذان الوجهان متاتيان هنا ايضا وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الجن لم تكن سمعت بأمر عيسى عليه السلام فلذا قالوا من بعد موسى قال سعدى المفتى لعله لا يصح عن ابن عباس فانه فى غاية البعد إذ النصارى امة عظيمة منتشرة فى مشارق الأرض ومغاربها فكيف يجوز ان لا يسمعوا بأمر عيسى وقال فى انسان العيون قولهم من بعد موسى بناء على ان شريعة عيسى مقررة لشريعة موسى لا ناسخة انتهى يقول الفقير قد صح ان التوراة أول كتاب اشتمل على الاحكام والشرائع بخلاف ما قبله من الكتب فانها لم تشتمل على ذلك انما كانت مشتملة على الايمان بالله وتوحيده ومن ثمة قيل لها صحف واطلاق الكتب عليها مجاز كما صرح به فى السيرة الحلبية فلما كان القرآن مشتملا على الاحكام والشرائع ايضا صارت الكتب الإلهية كلها فى حكم كتابين التوراة والقرآن فلذا خصصوا موسى بالذكر وفيه بيان لشرف الكتابين وجلالتهما مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ اى موافقا لما قبله من التوراة والكتب الإلهية فى الدعوة الى التوحيد والتصديق وحقية امر النبوة والمعاد وتطهير الأخلاق ونحو ذلك يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ من العقائد الصحيحة وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ موصل اليه لا عوج فيه وهو الشرائع والأعمال الصالحة قال ابن عطاء يهدى الى الحق فى الباطن والى طريق مستقيم فى الظاهر يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم او أرادوا ما سمعوه من الكتاب فانه كما انه هاد كذلك هو داع الى الله تعالى وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ اى الله تعالى مِنْ ذُنُوبِكُمْ اى بعض ذنوبكم وهو ما كان فى خالص حق الله فان حقوق العباد لا تغفر بالايمان بل برضى أربابها يعنى إذا أسلم الذمي لا يغفر عنه حقوق العباد بأسلامه وكذا لا تغفر عن الحربي إذا كان الحق ماليا قالوا ظلامة الكافر وخصومة الدابة أشد لان المسلم اما ان يحمل عليه ذنب خصمه بقدر حقه او يأخذ من حسناته(8/489)
وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (32) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34) فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)
والكافر لا يأخذ من الحسنات ولا ذنب للدابة ولا يؤهل لاخذ الحسنات فتعين العقاب وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ معد للكفرة وهو عذاب النار وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ اى فليس بمعجز له تعالى بالهرب وان هرب كل مهرب من أقطارها او دخل فى أعماقها وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ بيان لاستحالة نجاته بواسطة الغير اثر بيان استحالة نجاته بنفسه وجمع الأولياء باعتبار معنى من فيكون من باب مقابلة الجمع بالجمع لانقسام الآحاد الى الآحاد أُولئِكَ الموصوفون بعدم اجابة الداعي فِي ضَلالٍ مُبِينٍ اى ظاهر كونه ضلالا بحيث لا يخفى على أحد حيث اعرضوا عن اجابة من هذا شأنه وفى الحديث الا أخبركم عنى وعن ملائكة ربى البارحة حفوابى عند راسى وعند رجلى وعن يمينى وعن يسارى فقالوا يا محمد تنام عينك ولا ينام قلبك فلتعقل ما نقول فقال بعضهم لبعض اضربوا لمحمد مثلا قال قائل مثله كمثل رجل بنى دارا وبعث داعيا يدعو فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل مما فيها ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل مما فيها وسخط السيد عليه ومحمد الداعي فمن أجاب محمدا دخل الجنة ومن لم يجب محمدا لم يدخل الجنة ولم يأكل مما فيها ويسخط السيد عليه وفى الآية دليل بين على انه عليه السلام مبعوث الى الجن والانس جميعا ولم يبعث قبله نبى إليهما واما سليمان عليه السلام فلم يبعث الى الجن بل سخروا له وفى فتح الرحمن ولم يرسل عليه السلام الى الملائكة صرح به البيهقي فى الباب الرابع من شعب الايمان وصرح فى الباب الخامس عشر بانفكاكهم من شرعه وفى تفسير الامام الرازي والبرهان النسفي حكاية الإجماع قال ابن حامد من اصحاب احمد ومذهب العلماء إخراج الملائكة عن التكليف والوعد والوعيد وهم معصومون كالانبياء بالاتفاق الا من استثنى كابليس وهاروت وماروت على القول بأنهم من الملائكة انتهى وفى الحديث أرسلت الى الخلق كافة والخلق يشمل الانس والجن والملك والحيوانات والنبات والحجر قال الجلال السيوطي وهذا القول اى إرساله للملائكة رجحته فى كتاب الخصائص وقد رجحه قبلى الشيخ تقى الدين السبكى وزاد انه مرسل لجميع الأنبياء والأمم السابقة من لدن آدم الى قيام الساعة ورجحه ايضا البارزى وزاد انه مرسل الى جميع الحيوانات والجمادات وأزيد على ذلك انه مرسل لنفسه يقول الفقير اختلف أهل الحديث فى شأن الملائكة هل هم من الصحابة أو لا فقال البلقينى ليسوا داخلين فى الصحابة وظاهر كلامهم كالامام الرازي انهم داخلون ففيه ان الامام كيف يعد الملائكة من الصحابة وقد حكى الإجماع على عدم الإرسال وبعيد أن يكونوا من صحابته وأمته عليه السلام من غير ان يرسل إليهم واختلف فى حكم مؤمنى الجن فقيل لا ثواب لهم الا النجاة من النار لقوله تعالى يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب اليم حيث صرح باقتصارهم على المغفرة والاجارة وبه قال الحسن البصري رحمه الله حيث قال ثوابهم ان يجاروا من النار ثم يقال لهم كونوا ترابا مثل البهائم قال الامام النسفي فى التيسر توقف ابو حنيفة فى ثواب الجن ونعيمهم وقال لا استحقاق للعبد على الله وانما ينال بالوعد ولا وعد فى حق الجن الا المغفرة والاجارة فهذا يقطع القول به واما نعيم الجنة فموقوف على قيام الدليل انتهى قال سعدى الفتى وبهذا تبين(8/490)
ان أبا حنيفة متوقف لا جازم بأنه لا ثواب لهم كما زعم البيضاوي يعنى ان المروي عن ابى حنيفة انه توقف فى كيفة ثوابهم لا انه قال لا ثواب لهم وذلك ان فى الجن مسلمين ويهودا ونصارى ومجوسا وعبدة أوثان فلمسلميهم ثواب لا محالة وان لم نعلم كيفيته كما ان الملائكة لا يجازون بالجنة بل بنعيم يناسبهم على أصح قول العلماء واما رؤية الله تعالى فلا يراه الملائكة والجن فى رواية كما فى انسان العيون والظاهر ان رؤيتهم من واد ورؤية لبشر من واد فمن نفى الرؤية عنهم نفاها بهذا المعنى والا فالملائكة اهل حضور وشهود فكيف لا يرونه وكذا مؤمنوا الجن وان كانت معرفتهم دون معرفة الكمل من البشر على ما صرح به بعض العلماء وفى البزازية ذكر فى التفاسير توقف الامام
الأعظم فى ثواب الجن لانه جاء فى القرآن فيهم يغفر لكم من ذنوبكم والمغفرة لا تستلزم الاثابة قالت المعتزلة أوعد لظالمهم فيستحق الثواب صالحوهم قال الله تعالى واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا قلنا الثواب فضل من الله تعالى لا بالاستحقاق فان قيل قوله تعالى فبأى آلاء ربكما تكذبان بعد عد نعم الجنة خطاب للثقلين فيرد ما ذكرتم قلنا ذكر ان المرداد منه التوقف فى المآكل والمشارب والملاذ والدخول فيه كدخول الملائكة للسلام والزيارة والخدمة والملائكة يدخلون عليهم من كل باب الآية انتهى والصحيح كما فى بحر العلوم والأظهر كما فى الإرشاد ان الجن فى حكم بنى آدم ثوابا وعقابا لانهم مكلفون مثلهم ويدل عليه قوله تعالى فى هذه السورة ولكل درجات مما عملوا والاقتصار لان مقصودهم الانذار ففيه تذكير بذنوبهم واز حمزة بن حبيب رحمه الله پرسيدند كه مؤمنان جن را ثواب هست فرمود كه آرى وآيت لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان بخواند وكفت الانسيات للانس والجنيات للجن فدل على تأنى الطمث من الجن لان طمث الحور العين انما يكون فى الجنة وفى آكام المرجان فى احكام الجان اختلف العلماء فى مؤمنى الجن هل يدخلون الجنة على اقوال أحدها انهم يدخلونها وهو قول جمهور العلماء ثم اختلف القائلون بهذا القول إذا دخلوا الجنة هل يأكلون فيها ويشربون فعن الضحاك يأكلون ويشربون وعن مجاهد انه سئل عن الجن المؤمنين أيدخلون الجنة قال يدخلونها ولكن لا يأكلون ولا يشربون بل يلهمون التسبيح والتقديس فيجدون فيه ما يجده اهل الجنة من لذة لطعام والشراب وذهب الحرث المحاسبى الى ان الجن الذين يدخلون الجنة يكونون يوم القيامة بحيث زاهم ولا يروننا عكس ما كانوا عليه فى الدنيا والقول الثاني إنهم لا يدخلونها بل يكونون فى ربضها اى ناحيتها وجانبها يراهم الانس من حيث لا يرونهم والقول الثالث انهم على الأعراف كما جاء فى الحديث ان مؤمنى الجن لهم ثواب وعليهم عقاب وليسوا من أهل الجنة مع امة محمد هم على الأعراف حائط الجنة تجرى فيه الأنهار وتنبت فيه الأشجار والثمار ذكره صاحب الفردوس الكبير وقال الجاحظ الذهبي هذا حديث منكر جدا وفى الحديث خلق الله الجن ثلاثة اصناف صنفا حيات وعقارب وخشاش الأرض وصنفا كالريح فى الهولء وصنفا عليه الثواب والعقاب وخلق الله الانس ثلاثة اصناف صنفا كالبهائم كما قال تعالى لهم قلوب لا يفقهون بها الى قوله أولئك كالانعام الآية وصنفا أجسادهم كأجساد بنى آدم وأرواحهم كأرواح الشياطين وصنفا فى ظل الله يوم لا ظل الا ظله رواه ابو الدرداء رضى الله عنه والقول الرابع الوقف(8/491)
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33)
واحتج أهل القول الاول بوجوه الاول العمومات كقوله تعالى وأزلفت الجنة للمتقين وقوله عليه السلام من شهد ان لا اله الا الله خالصا دخل الجنة فكما انهم يخاطبون بعمومات الوعيد بالإجماع فكذلك يخاطبون بعمومات الوعد بالطريق الاولى ومن أظهر حجة فى ذلك قوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى الى آخر السورة والخطاب للجن والانس فامتن عليهم بجزاء الجنة ووصفها لهم وشوقهم إليها فدل ذلك على انهم ينالون ما امتن عليهم به إذا آمنوا وقد جاء فى حديث ان رسول الله عليه السلام قال لاصحابه لما تلا عليهم هذه السورة الجن كانوا احسن ردا منكم ما تلوت عليهم من آية الا قالوا ولا بشىء من آلائك ربنا نكذب والثاني ما استدل به ابن حزم من قوله تعالى ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم الى آخر السورة قال وهذه صفة تعم الجن والانس عموما لا يجوز البتة ان يخص منها أحد النوعين ومن المحال ان يكون الله يخبرنا بخبر عام وهو لا يريد الا بعض ما أخبرنا به ثم لايبين لنا ذلك هذا هو ضد البيان الذي ضمنه الله لنا فكيف وقد نص على انهم من جملة المؤمنين الذين يدخلون الجنة والثالث ما سبق من خبر الطمث والرابع ما قال ابن عباس رضى الله عنهما الخلق اربعة فخلق فى الجنة كلهم وخلق فى النار كلهم وخلقان فى الجنة والنار فاما الذين فى الجنة كلهم فالملائكة واما الذين فى النار كلهم فالشياطين واما الذين فى الجنة والنار فالانس والجن لهم الثواب وعليهم العقاب والخامس ان العقل يقوى ذلك وان لم يوجبه وذلك ان الله سبحانه قد أوعد من كفر منهم وعصى بالنار فكيف لا يدخل من أطاع منهم الجنة وهو سبحانه الحكم العدل فان قيل قد أوعد الله من قال من الملائكة انى اله من دونه بالنار ومع هذا ليسوا فى الجنة فى الجواب ان المراد بذلك إبليس دعا الى عبادة نفسه فنزلت الآية فيه وهى ومن يقل منهم انى اله من دونه فذلك نجزيه جهنم وايضا ان ذلك وان سلمنا ارادة العموم منه فهذا لا يقع من الملائكة بل هو شرط والشرط لا يلزم وقوعه وهو نظير قوله لئن أشركت ليحبطن عملك والجن يوجد منهم الكافر فيدخل النار واحتج اهل القول الثاني بقوله تعالى يغفر لكم إلخ حيث لم يذكر دخول الجنة فدل على انهم لا يدخلونها والجواب انه لا يلزم من سكوتهم او عدم علمهم بدخول الجنة نفيه وايضا ان الله اخبر أنهم ولوا الى قومهم منذرين فالمقام مقام الانذار لا مقام بشارة وايضا ان هذه العبارة لا تقتضى نفى دخول الجنة لان الرسل المتقدمين كانوا ينذرون قومهم بالعذاب ولا يذكرون دخول الجنة لان التخويف بالعذاب أشد تأثيرا من الوعد بالجنة كما اخبر عن نوح فى قوله انى أخاف عليكم عذاب يوم أليم وعن هود عذاب يوم عظيم وعن شعيب عذاب يوم محيط وكذلك غيرهم وايضا ان ذلك يستلزم دخول الجنة لان من غفر ذنوبه وأجير من العذاب وهو مكلف بشرائع الرسل فانه يدخل الجنة وقد سبق دليل القول الثالث والرابع والعلم عند الله الملك المتعال واليه المرجع والمآل أَوَلَمْ يَرَوْا الهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر يستدعيه المقام والرؤية قلبية اى ألم يتفكروا ولم يعلموا علما جازما فى حكم المشاهدة والعيان أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ابتداء من غير مثال وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ اى لم يتعب ولم ينصب بذلك أصلا أو لم يعجز عنه يقال عييت بالأمر(8/492)
وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34)
إذا لم تعرف وجهه وأعييت تعبت وفى القاموس أعيى الماشي كل وفى تاج المصادر العي بكسر العين اندر ماندن والماضي عيى وعى والنعت عيى على فعيل وعى على فعل بالفتح والاعياء در ماندن ومانده شدن ودر رفتن ومانده كردن وأعيى عليه الأمر انتهى وحكى فى سبب تعلم الكسائي النحو على كبره انه مشى يوما حتى أعيى ثم جلس الى قوم ليستريح فقال قد عييت بالتشديد بغير همزة فقالوا له لا تجالسنا وأنت تلحن قال الكسائي وكيف قالوا ان أردت من التعب فقل أعييت وان أردت من انقطاع الحيلة والتعجيز فى الأمر فقل عييت مخففا فقام من فوره وسأل عمن يعلم النحو فأرشدوه الى معاذ فلزمه حتى نفد ما عنده ثم خرج الى البصرة الى الخليل ابن احمد يقول الفقير الظاهر ان المراد بالعي هنا اللغوب الواقع فى قوله ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما فى ستة ايام وما مسنا من لغوب والقرآن يفسر بعضه بعضا فالاعياء مرفوع محال لانه لو كان لاقتضى ضعفا واقتضى فسادا بِقادِرٍ خبر أن ووجه دخول الباء اشتمال النفي الوارد فى صدر الآية على ان وما فى حيزها كأنه قيل او ليس الله بقادر عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ولذا أجيب عنه بقوله بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تقريرا للقدرة على وجه عام يكون كالبرهان على المقصود يعنى ان الله تعالى إذا كان قادرا على كل شىء كان قادرا على احياء الموتى لانه من جملة الأشياء وقدرته تعالى لا تختص بمقدور دون مقدور فبلى يختض بالنفي ويفيد ابطاله على ما هو المشهور وان حكى الرضى عن بعضهم انه جازا استعمالها فى الإيجاب وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ اى يعذبون بها كما سبق فى هذه السورة ويوم ظرف عامله قول مضمر اى يقال لهم يومئذ أَلَيْسَ هذا العذاب الذي ترونه بِالْحَقِّ اى حقا وكنتم تكذبون به وفيه تهكم بهم وتوبيخ لهم على استهزائهم بوعد الله ووعيده وقولهم وما نحن بمعذبين قالُوا بَلى اى انه الحق وَرَبِّنا وهو الله تعالى أكدوا جوابهم بالقسم لانهم يطمعون فى الخلاص بالاعتراف بحقيته كما فى الدنيا وأنى لهم ذلك قالَ الله تعالى او خازن النار فَذُوقُوا الْعَذابَ اى أحسوا به احساس الذائق المطعوم بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ به فى الدنيا والباء للسببية ومعنى الأمر الاهانة بهم والتوبيخ لهم على ما كان فى الدنيا من الكفر والإنكار لوعد الله ووعيده قال ابن الشيخ الظاهران صيغة الأمر لا مدخل لها فى التوبيخ وانما هو مستفاد من قوله بما كنتم تكفرون وفى الآية اشارة الى انهم كانوا فى الدنيا معذبين بعذاب البعد والقطيعة وإفساد الاستعداد الأصلي لقبول الكمالات وبلوغ القربات ولكن ما كانوا يذوقون مرارة ذلك العذاب وحرقته لغلبة الحواس الظاهرة وكلالة الحواس الباطنة كما ان النائم لا يحس قرص النملة وعض البرغوث وهنا ورد الناس نيام فاذا ماتوا تيقظوا واعلم كما ان الموت حق واقع لا يستريبه أحد فكذا الحياة بعد الموت ولا عبرة بانكار المنكر فانه من الجهل والا فقد ضرب الله له مثلا بالتيقظ بعد النوم ولذا ورد النوم أخو الموت ثم ان الحياة على انواع حياة فى الأرحام ينفخ الله الروح وحياة فى القبور بنفخ اسرافيل فى الصور وحياة للقلوب بالفيض الروحاني وحياة للارواح بالسر الرباني ولن يتخلص أحد من العذاب الروحاني والجسماني الا بدخول جنة الوصل الإلهي الرباني وهو انما يحصل(8/493)
فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)
بمقاساة الرياضات والمجاهدات فان الجنة حفت بالمكاره نقلست كه يكروز حسن بصرى ومالك بن دينار وشقيق بلخى نزد رابعه عدويه شدند واو رنجور بود حسن كفت ليس بصادق فى دعواه من لم يصبر على ضرب مولاه شقيق كفت ليس بصادق فى دعواه من لم يشكر على ضرب مولاه مالك كفت ليس بصادق فى دعواه من لم بتلذذ بضرب مولاه رابعه را كفتند تو بگو كفت ليس بصادق فى دعواه من لم ينس الضرب فى مشاهدة مولاه وابن عجب نبود كه زنان مصر در مشاهده مخلوق درد زخم نيافتند اگر كسى در مشاهده خالق بدين صفت بود عجب نبود فعلم من هذا ان المرء إذا كان صادقا فى دعوى طلب الحق فانه لا يتأذى من شىء مما يجرى على رأسه ولا يريد من الله الا ما يريد الله منه
عاشقانرا كر در آتش مى نشاند قهر دوست ... تنك چشمم كر نظر در چشمه كوثر كنم
وان الصادق لا يخلو من تعذيب النفس فى الدنيا بنار المجاهدة ثم من إحراقها بالكلية بالنار الكبرى التي هى العشق والمحبة فاذا لم يبق فى الوجود ما يتعلق بالإحراق كيف يعرض على النار يوم القيامة لتخليص الجوهر ونفسه مؤمنة مطمئنة ومن الله العون والامداد فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ الفاء جواب شرط محذوف والعزم فى اللغة الجد والقصد مع القطع اى إذا كان عاقبة امر الكفرة ما ذكر فاصبر على ما يصيبك من جهتهم كما صبر أولوا الثبات والحزم من الرسل فانك من جملتهم بل من علمهم ومن للتبيين فيكون الرسل كلهم اولى عزم وجد فى امر الله قال فى التكملة وهذا لا يصح لابطال معنى تخصص الآية وقيل من للتبعيض على انهم صنفان أولوا عزم وغير اولى عزم والمراد باولى العزم اصحاب الشرائع الذين اجتهدوا فى تأسيسها وتقريرها وصبروا على تحمل مشافها ومعاداة الطاعنين فيها ومشاهيرهم نوح وابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام وقد نظمهم بعضهم بقوله
أولوا العزم نوح والخليل بن آزر ... وموسى وعيسى والحبيب محمد
قال فى الاسئلة المقحمة هذا القول هو الصحيح وقيل هم الصابرون على بلاء الله كنوح صبر على ذية قومه كانوا يضربونه حتى يغشى عليه وابراهيم صبر على النار وعلى ذبح ولده والذبيح على لذبح ويعقوب على فقد الولد ويوسف على الجب والسجن وأيوب على الضر وموسى قال قومه انا لمدركون قال كلا إن معى ربى سيهدين ويونس على بطن الحوت وداود بكى على خطيئته أربعين سنة وعيسى لم يضع لبنة على لبة وقال انها معبرة فاعبروها ولا تعمروها صلوات الله عليهم أجمعين وقال قوم الأنبياء كلهم اولو العزم الا يونس لعجلة كانت منه الا يرى انه قيل للنبى عليه السلام ولا تكن كصاحب الحوت ولا آدم لقوله تعالى ولقد عهدنا الى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما قال فى حواشى ابن الشيخ ليس بصحيح لان معنى قوله ولم نجد له عزما قصدا الى الخلاف ويونس لم يكن خروجه بترك الصبر لكن توقيا عن نزول العذاب انتهى وفيه ما فيه كما لا يخفى على الفقيه قال بعضهم أولوا العزم اثنا عشر نبيا أرسلوا الى بنى إسرائيل بالشام فعصوهم فاوحى الله الى الأنبياء انى مرسل عذابى على عصاة بنى إسرائيل فشق ذلك(8/494)
على الأنبياء فاوحى الله إليهم اختاروا لانفسكم ان شئتم أنزلت بكم العذاب وأنجيت بنى إسرائيل وان شئتم انجيتكم وأنزلت العذاب ببني إسرائيل فتشاوروا بينهم فاجتمع رأيهم على ان ينزل بهم العذاب وينجى بنى إسرائيل فسلط الله عليهم ملوك الأرض فمنهم من نشر بالمنشار ومنهم من سلخ جلدة رأسه ووجهه ومنهم من صلب على الخشب حتى مات ومنهم من احرق بالنار وقيل غير ذلك والله تعالى اعلم واحكم يقول الفقير لا شك ان الله تعالى فضل أهل الوحى بعضهم على بعض ببعض الخصائص وان كانوا متساوين فى اصل الوحى والنبوة كما قال تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض وكذا باين بينهم فى مراتب الابتلاء وان كان كل منهم لا يخلو عن الابتلاء من حيث ان امر الدعوة مبنى عليه فأولوا العزم منهم فوق غيرهم من الرسل وكذا الرسل فوق الأنبياء واما نبينا عليه السلام فأعلى اولى العزم دل عليه قوله تعالى وانك لعلى خلق عظيم
فان كونه على خلق عظيم يستدعى شدة البلاء وقد قال ما أوذي نبى مثل ما أوذيت ففرق بين عزم وعزم وقوله تعالى ولا تكن كصاحب الحوت مع قوله إذ ذهب مغاضبا دل على ان يونس عليه السلام قد صدر منه الضجرة وقول يوسف عليه السلام فاسله ما بال النسوة دل على انه صدر منه التزكية وقول لوط عليه السلام لو أن لى بكم قوة او آوى الى ركن شديد دل على انه ذهل عن ان الله تعالى كان ركنه الشديد وقس على هذا المذكور قول عزيز أنى يحيى هذه الله بعد موتها ونحو ذلك فظهر أن الأنبياء عليهم السلام متفاوتون فى درجات المعارف ومراتب الابتلاء وطبقات العزم قال بعضهم أولوا العزم من لا يكون فى عزمه فسخ ولا فى طلبه نسخ كما قيل لبعضهم بم وجدت ما وجدت قال بعزيمة كعزيمة الرجال اى الرجال البالغين مرتبة الكمال وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ اى لكفار مكة بالعذاب فانه على شرف النزول بهم ومهلهم ليستعدوا بالتمتعات الحيوانية للعذاب العظيم فانى امهلهم رويدا كأنه ضجر بعض الضجر فأحب ان ينزل العذاب بمن أبى منهم فأمر بالصبر وترك الاستعجال كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ من العذاب لَمْ يَلْبَثُوا اى لم يمكثوا فى الدنيا والتمتع بنعيمها إِلَّا ساعَةً يسيرة وزمانا قليلا مِنْ نَهارٍ لما يشاهدون من شدة العذاب وطول مدته يعنى ان هول ما ينزل بهم ينسيهم مدة اللبث وايضا ان ما مضى وان كان دهرا طويلا لكنه يظن زمانا قليلا بل يكون كأن لم يكن فغاية التنعم الجسماني هو العذاب الروحاني كما فى البرزخ والعذاب الجسماني ايضا كما فى يوم القيامة
غبار قافله عمر چون نمايان نيست ... دو اسبه رفتن ليل ونهار را درياب
بَلاغٌ خبر مبتدأ محذوف اى هذا الذي وعظتم به كفاية فى الموعظة او تبليغ من الرسول فالعبد يضرب بالعصا والحر يكفيه الاشارة فَهَلْ يُهْلَكُ اى ما يهلك وبالفارسية پس آيا هلاك كرده خواهند شد بعذاب واقع كه نازل شود يعنى نخواهند شد إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ اى الخارجون عن الاتعاظ به او عن الطاعة وقال بعض اهل التأويل اى الخارجون من عزم طلبه الى طلب ما سواه وفى هذه الألفاظ وعيد محض وإنذار بين وفى الفردوس قال ابن عباس رضى الله عنهما قال النبي عليه السلام إذا عسر على المرأة ولادتها أخذ اناء نظيف وكتب عليه كأنهم يوم يرون ما يوعدون إلخ وكأنهم يوم يرونها إلخ ولقد(8/495)
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)
كان فى قصصهم عبرة لاولى الباب إلخ ثم يغسل وتسقى منه المرأة وينضح على بطنها وفرجها كما فى بحر العلوم وقال فى عين المعاني قال ابن عباس رضى الله عنهما إذا عسر على المرأة الولادة فليكتب هاتان الآيتان فى صحيفة ثم تسقى وهى هذه بسم الله الرحمن الرحيم لا اله الا الله الحكيم الكريم لا اله الا الله العلى العظيم سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك الا القوم الفاسقون كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الاعشية او ضحاها وفى شرعة الإسلام المرأة التي عسرت عليها الولادة يكتب لها فى جام وهو طبق ابيض من زجاج او فضة ويغسل ويسقى ماؤه بسم الله الذي لا اله الا هو العليم الحكيم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين كأنهم يوم يرون إلخ ومر عيسى بن مريم ببقرة اعترض ولدها فى بطنها فقالت يا كلمة الله ادعو الله ان يخلصى فقال عيسى يا خالق النفس من النفس خلصها فألفت ما فى بطنها فاذا عسرت على المرأة الولادة فليكتب لها هذا وكذا إذا عسرت على الفرس والبقر وغيرهما قال فى آكام المرجان يجوز ان يكتب للمصاب وغيره من المرضى شىء من كتاب الله وذكره بالمداد المباح ويغسل ويسقى كما نص على ذلك الامام احمد وغيره انتهى واحترز بكتاب الله وذكره عما لا يعرف معناه من لغات الملل المختلفة فانه يحتمل ان يكون فيه كفر واحترز بالمداد المباح عن الدم ونحوه من النجاساة فانه حرام بل كفر وكذا تقليب حروف القرآن وتعكيسها نعوذ بالله ثم من لطائف القرآن الجليل ختم السورة الشريفة بالعذاب القاطع لدابر الكافرين والحمد لله حمدا كثيرا الى يوم الدين والى ابد الآبدين تمت سورة الأحقاف بعون ذى الألطاف فى عاشر شوال المنتظم
فى سلك شهور سنة ثلاث عشرة بعد المائة ويليها سورة محمد صلى الله عليه وتسمى سورة لقتال ايضا مدنية وقيل مكية وآيها تسع او ثمان وثلاثون
سورة محمد صلى الله عليه
بسم الله الرحمن الرحيم
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى اعرضوا عن الإسلام وسلوك طريقه من صد صدودا فيكون كالتأكيد والتفسير لما قبله او منعوا الناس عن ذلك من صده صدا كالمطعمين يوم بدر فان مترفهم أطعموا الجنود يستظهرون على عداوة النبي عليه السلام والمؤمنين فيكون مخصصا لعموم قوله الذين كفروا والظاهر انه عام فى كل من كفر وصد أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ اى أبطلها وأحبطها وجعلها صائعة لا اثر لها أصلا لا بمعنى انه بطلها وأحبطها بعد أن لم تكن كذلك بل بمعنى انه حكم ببطلانها وضياعها فان ما كانوا يعملونه من اعمال البر كصلة لارحام وقرى لاضياف وفك الأسارى وغيرها من المكارم ليس لها اثر من أصلها لعدم مقارنتها للايمان وأبطل ما عملوه من الكيد لرسول الله عليه السلام والصد عن سبيله بنصر رسوله واظهار دينه على الدين كله وهو الأوفق بقوله فتعسالهم وأضل أعمالهم وقوله تعالى فاذا لقيتم إلخ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعم كل من آمن وعمل صالحا من المهاجرين وأهل الكتاب وغيرهم وكذا يعم لايمان بجميع الكتب الالهة وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ حص(8/496)
ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3)
بالذكر الايمان بذلك مع اندراجه فيما قبله تنويها بشأن المنزل عليه كما فى عطف جبرائيل على الملائكة وتنبيها على سمو مكانه من بين سائر ما يجب الايمان به وانه الأصل فى الكل ولذلك أكد بقوله تعالى وَهُوَ اى ما نزل على محمد الْحَقُّ حال كونه مِنْ رَبِّهِمْ بطريق حصر الحقية فيه والحق مقابل الباطل كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ اى سترها بالايمان والعمل الصالح وَأَصْلَحَ بالَهُمْ اى حالهم فى الدين والدنيا بالتأييد والتوفيق قال الراغب فى المفردات البال التي يكترث لها ولذلك يقال ما باليت بكذا اى ما اكترثت ويعبر عن البال بالحال الذي ينطوى عليه الإنسان فيقال ما خطر كذا ببالي وفى القاموس البال الحال ذلِكَ اشارة الى ما مر من إضلال الأعمال وتكفير السيئات وإصلاح البال وهو مبتدأ خبره قوله بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اى كائن بسبب ان الكافرين اتَّبَعُوا الْباطِلَ اى الشيطان ففعلوا ما فعلوا من الكفر والصد فبيان سببية اتباعه للاضلال المذكور متضمن لبيان مسببيتهما لكونه أصلا مستتبعا لهما قطعا وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اى وبسبب ان المؤمنين اتَّبَعُوا الْحَقَّ الذي لا محيد عنه كائنا مِنْ رَبِّهِمْ ففعلوا ما فعلوا من الايمان به وبكتابه ومن الأعمال الصالحة فبيان سببية اتباعه لما ذكر من التكفير والإصلاح بعد الاشعار بسببية الايمان والعمل الصالح له متضمن لبيان مسببيتهما له لكونه مبدأ ومنشأ لهما حتما فلا تدافع بين الاشعار والتصريح فى شىء من الموضعين كَذلِكَ اى مثل ذلك الضرب البديع يَضْرِبُ اللَّهُ اى يبين قال الراغب قيل ضرب الدراهم اعتبارا بضربها بالمطرقة ومنه ضرب المثل وهو ذكر شىء اثره يظهر فى غيره لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ اى احوال الفريقين واوصافهما الجارية فى الغرابة مجرى الأمثال وهى اتباع الأولين الباطل وخيبتهم وخسرانهم واتباع الآخرين الحق وفوزهم وفلاحهم وفى الخبر اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه والحق يقال على أوجه الاول يقال لموجد الشيء بحسب ما نقضيه الحكمة ولذا قيل فى الله تعالى هو الحق والثاني يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة ولذلك قيل فعل الله تعالى كله حق نحو قولنا الموت حق والبعث حق ويدخل فيه جميع الموجودات فانه لا عبث فى فعل الحكيم تعالى وبطلان بعض الأشياء إضافي لا حقيقى حتى الشيطان ونحوه والثالث يقال للاعتقاد فى الشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء فى نفسه كقولنا اعتقاد فلان فى البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق والرابع يقال للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب وقدر ما يجب فى الوقت الذي يجب كقولنا فعلك حق وقولك حق والباطل نقيض الحق فى هذه المعاني فالايمان حق لانه مما امر الله به ولكفر باطل لانه مما نهى الله عنه وقس عليه الأعمال الصالحة والمعاصي والايمان عبارة عن قطع الإشراك بالله مطلقا والعمل الصالح ما كان لله تعالى خالصا وكان الكبار يبذلون مقدورهم فيه لان ما كان لرضى الله تعالى مفتاح السعادة فى الدارين قال موسى عليه السلام يا رب فأى عبادك أعجز قال الذي يطلب الجنة بلا عمل والرزق بلا دعاء قال واى عبادك ابخل قال الذي يسأله سائل وهو بقدر على إطعامه ولم يطعمه والذي ينحل بالسلام على أخيه(8/497)
فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)
كويند بازگشت بخيلان بود بخاك ... حاشا كه هيچ خاك پذيرد بخيل را
يقول الفقير مجرد الانفاق والإطعام لا يعتبر الا إذا كان مقارنا بالخلوص وطلب الرضى الا ترى ان قريشا أطعموا الكفار فى وقعة بدر فعاد انفاقهم خيبة وخسارا لانه كان فى طريق الشيطان لافى طريق الله تعالى فأحبط أعمالهم وكذا مجرد الإمساك لا يعد بخلا الا إذا كان ذلك امساكا عن المستحق الا ترى كيف قال الله تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما فحذرهم فى غير محل الإسراف ولا سرف فى الخير ثم ان أعمال المبتدعة باطلة ايضا لانها على زيغ وانحراف عن سننها وان كانوا يحسبون انهم يحسنون صنعا فالكفر والبدعة والمعاصي أقبح الأشياء كما ان الايمان والسنة والطاعة احسن الأشياء بشر حافى قدس سره كفت رسول الله را عليه السلام بخواب ديدم مرا كفت اى بشر هيچ دانى كه چرا خداى تعالى ترا بر كزيد از ميان اقران وبلند كردانيد كفتم نه يا رسول الله كفت بسبب آنكه متابعت سنت من كردى وصالحانرا حرمت نكاه داشتى وبرادرانرا نصيحت كردى واصحاب وأهل بيت مرا دوست داشتى حق تعالى ترا بدين سبب بمقام ابرار رسانيد ثم ان طريق اتباع الحق انما يتيسر باتباع أهل الحق فانهم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم فى التحقق بالحق والإرشاد اليه فمن اتبع أهل الحق اهتدى ومن اتبع أهل الباطل ضل فالاول أهل جمال الله تعالى والملك خادمه والثاني أهل جلال الله تعالى والشيطان سادنه فعلى العاقل الرجوع الى الحق وصحبة اهله كما قال تعالى وكونوا مع الصادقين نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الذين يخدمون الحق بالحق ويعصمنا من البطالة والبطلان والزيغ المطلق انه هو الحق الباقي واليه التلاقي فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا اللقاء ديدن وكارزار كردن ورسيدن قال الراغب اللقاء يقال فى الإدراك بالحس بالبصر وبالبصيرة اى فاذا كان الأمر كما ذكر من ضلال اعمال الكفرة وخيبتهم وصلاح احوال المؤمنين وفلاحهم فاذا لقيتموهم فى المحاربة يا معشر المسلمين فَضَرْبَ الرِّقابِ أصله فاضربوا الرقاب ضربا فحذف الفعل وقدم المصدر وأنيب منابه مضافا الى المفعول والالف واللام بدل من الاضافة اى فاضربوا رقابهم بالسيف والمراد فاقتلوهم وانما عبر عن القتل بضرب الرقاب تصويرا له بأشنع صورة وهو جز الرقبة وإطارة العضو الذي هو رأس البدن وعلوه وأوجه أعضائه وإرشادا للغزاة الى أيسر ما يكون منه وفى الحديث انا لم ابعث لاعذب بعذاب الله وانما بعثت بضرب الرقاب وشد الوثاق حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ قال فى الكشاف الإثخان كثرة القتل والمبالغة فيه من قولهم أثخنته الجراحات إذا اثبتنه حتى تثقل عليه الحركة وأثخنه المرض إذا أثقله من الثخانة التي هى الغلظ والكثافة وفى المفردات يقال ثخن الشيء فهو ثخين إذا غلظ ولم يستمر فى ذهابه ومنه استعير قولهم أثخنته ضربا واستخفافا والمعنى حتى إذا أكثرتم قتلهم واغلظتموه على حذف المضاف او اثقلتموهم بالقتل والجراح حتى أذهبتم عنهم النهوض فَشُدُّوا الْوَثاقَ الوثاق بالفتح والكسر اسم ما يوثق به ويشد من القيد قال فى الوسيط الوثاق اسم من الايثاق يقال أوثقه ايثاقا ووثاقا إذا شد أسره كيلا يفلت فالمعنى فأسروهم واحفظوهم وبالفارسية پس استوار كنيد بند را يعنى(8/498)
بگيريد ايشانرا باسيرى وبند كنيد محكم تا بگريزند وقال ابو الليث يعنى إذا قهرتموهم واسرتموهم فاستوثقوا أيديهم من خلفهم كيلا يفلتوا والاسر يكون بعد المبالغة فى القتل فَإِمَّا مَنًّا اى تمنون منا وهو أن يترك الأمير الأسير الكافر من غير ان يأخذ منه شيأ بَعْدُ اى بعد شد الوثاق وَإِمَّا فِداءً اى تفدون فدآء هو ان يترك الأمير الأسير الكافر ويأخذ مالا او أسيرا مسلما فى مقابلته يقال فداه يفديه فدى وفدآء وفداه وافتداه وفاداه اعطى شيأ فأنقذه والفداء ذلك المعطى ويقصر كما فى القاموس وقال الراغب الفدى والفداء حفظ الإنسان عن النائبة بما يبذله عنه كما يقال فديته بمالى وفديته بنفسي وفاديته بكذا انتهى قال الشيخ الرضى المطلوب من شد الوثاق اما قتل او استرقاق او من أو فدآء فالامام يتخير فى الأسارى البالغين من الكفار بين هذه الخصال الأربع وهذا التخيير ثابت عند الشافعي ومنسوخ عندنا بقوله تعالى
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم قالوا نزل ذلك يوم بدر ثم نسخ والحكم اما القتل او الاسترقاق قال فى الدرر وحرم منهم فداؤهم وردهم الى دارهم لان رد الأسير الى دار الحرب تقوية لهم على المسلمين فى الحرب فيكره كما يكره بيع السلاح لهم وفى المن خلاف الشافعي واما الفداء فقبل الفراغ من الحرب جاز بالمال لا بالأسير المسلم وبعده لا يجوز بالمال عند علمائنا وبالنفس عند ابى حنيفة ويجوز عند محمد وعن ابى يوسف روايتان وعن مجاهد ليس اليوم من ولا فدآء انما الإسلام او ضرب العنق وعن الصديق رضى الله عنه لا افادى وان طلبوا بمدين من ذهب وكتب اليه فى أسير التمسوا منه الفداء فقال اقتلوه لأن اقتل رجلا من المشركين أحب الى من كذا وكذا وقد قتل عليه السلام يوم فتح مكة ابن الأخطل وهو متعلق بأستار الكعبة بعد ما وقع فى منعة المسلمين فهو كالاسير حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها أوزار الحرب آلانها واثقالها التي لا تقوم الا بها من السلاح والكراع يعنى الخيل أسند وضعها إليها وهو لاهلها اسنادا مجازيا وأصل الوزر بالكسر الثقل وما يحمله الإنسان فسمى الاسلحة أوزارا لانها تحمل فيكون جعل مثل الكراع من الأوزار من التغليب وحتى غاية عند الشافعي لاحد الأمور الاربعة او للمجموع والمعنى انهم لا يتركون على ذلك ابدا الى ان لا يكون مع المشرين حرب بان لا يبقى لهم شوكة واما عند ابى حنيفة فانه حمل لحرب على حرب بدر فهى غاية للمن والفداء والمعنى يمن عليهم ويفادون حتى تضع حرب بدر أوزارها وتنقضى وان حملت على الجنس فهى غاية للضرب والشد والمعنى انهم يقتلون ويؤسرون حتى يضع جنس الحرب أوزارها بان لا يبقى للمشركين شوكة (وقال الكاشفى) تا بنهد اهل حرب سلاح حرب را يعنى دين اسلام بهمه جا رسد وحكم قتال نماند وآن نزديك نزول عيسى عليه السلام خواهد بود چهـ در خبر آمده كه آخر قتال امت من با دجال است فمادام الكفر فالحرب قائمة ابدا ذلِكَ اى الأمر ذلك او افعلوا ذلك وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لو للمضى وان دخل على المستقبل لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ لانتقم منهم بغير قتال بان يكون ببعض اسباب الهلكة والاستئصال من خسف او رجفة او حاصب او غرق او موت ذريع ونحو ذلك ويجوز أن يكون الانتقام بالملائكة بصيحتهم او بصرعهم او بقتالهم من حيث لا يراهم الكفار كما وقع(8/499)
سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)
فى بدر وَلكِنْ لم يشأ ذلك لِيَبْلُوَا تا بيازمايد بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ فامركم بالقتال وبلاكم بالكافرين لتجاهدوهم فتستوجبوا الثواب العظيم بموجب الوعد والكافرين بكم ليعاجلهم على ايديكم ببعض عذابهم كى يرتدع بعضهم عن الكفر وفى الآية اشارة الى كافر النفس حيثما وجدتموه وهو يمد رأسه الى مشرب من مشارب الدنيا ونعيمها فاضربوا عنق ذلك الرأس وادفعوه عن ذلك المشرب حتى إذا غلبتموهم اى النفوس وسخرتموهم فشدوهم بوثاق اركان الشريعة وآداب الطريقة فانه بهذين الجناحين يطير صاحب الهمم العلية الى عالم الحقيقة فاما منا على النفوس بعد الوصول بترك المجاهدة واما فداء بكثرة العبادة عوضا عن ترك المجاهدة بعد الظفر بالنفوس واما قتل النفوس بسيف المخالفة فانه فى مذهب ارباب الطلب يجوز كل ذلك بحسب نظر كل مجتهد فان كل مجتهد منهم مصيب وذلك الى ان يجد الطالب المطلوب ويصل العاشق الى المعشوق بأن جرى على النفس بعد الظفر بها مسامحة فى إغفاء ساعة وإفطار يوم ترويحا للنفس من الكد واجماعا للحواس قوة لها على الباطل فيما يستقبل من الأمر فذلك على ما يحصل به استصواب من شيخ المريد او فتوى لسان القوم او فراسة صاحب الوقت ولو شاء الله لقهر النفوس بتجلى صفات الجلال بغير سعى المجاهد فى القتال ولكن إلخ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى استشهدوا يوم بدر ويوم أحد وسائر الحروب فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ اى فلن يضيعها بل يثيب عليها سَيَهْدِيهِمْ فى الدنيا الى ارشد الأمور وفى الآخرة الى الثواب وعن الحسن بن زياد يهديهم الى طريق الثواب فى جواب منكر ونكير وفيه أن أهل الشهادة لا يسألون وَيُصْلِحُ بالَهُمْ اى شأنهم وحالهم بالعصمة والتوفيق والظاهر ان السين للتأكيد والمعنى يهديهم الله البتة الى مقاصدهم الاخروية ويصلح شانهم بإرضاء خصائهم لكرامتهم على الله بالجهاد والشهادة وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ الجملة مستأنفة اى عرفها لهم فى الدنيا بذكر أوصافها بحيث اشتاقوا إليها او بينها لهم بحيث يعلم كل أحد منزله ويهتدى اليه كأنه كان ساكنه منذ خلق وفى الحديث لأحدكم بمنزله فى الجنة أعرف منه بمنزله فى الدنيا وفى المفردات عرفه جعل له عرفا اى رائحة طيبة فالمعنى زينها لهم وطيبها وقال بعضهم حددها لهم وافرزها من عرف الدار فجنة كل منهم محددة مفرزة ومن فضائل الشهداء انه ليس أحد يدخل الجنة ويحب ان يخرج منها ولو اعطى ما فى الدنيا جميعا الا الشهيد فانه يتمنى ان يرده الله الى الدنيا مرارا فيقتل فى سبيل الله كما قتل اولا لما يرى من عظيم كرامة الشهداء على الله تعالى ومن فضائلهم ان الشهادة فى سبيل الله تكفر ما على العبد من الذنوب التي بينه وبين الله تعالى وفى الحديث يغفر للشهيد كل شىء الا الدين والمراد بالدين كل ما كان من حقوق الآدميين كالغصب وأخذ المال بالباطل وقتل العمد والجراحة وغير ذلك من التبعات وكذلك الغيبة والنميمة والسخرية وما أشبه ذلك فان هذه الحقوق كلها لا بد من استيفائها لمستحقها وقال القرطبي الدين الذي يحبس صاحبه عن الجنة هو الذي قد ترك له وفاء ولم يوص به او قدر على الأداء فلم يؤده او ادانه على سفه او سرف ومات ولم يوفه واما من ادان فى حق واجب كفاقة وعسر ومات ولم يترك وفاء فان الله(8/500)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)
لا يحبسه عن الجنة شهيدا كان او غيره ويقضى عنه ويرضى خصمه كما قال عليه السلام من أخذ اموال الناس يريد أداءها ادى الله عنه ومن أخذها يريد اتلافها اتلفه الله وفى الآية حث على الجهادين الأصغر والأكبر ومن قتله العدو الظاهر صار شهيدا ومن قتله العدو الباطن وهو النفس صار طريدا كما قيل
وآنكه كشت كافران باشد شهيد ... كشته نفس است نزد حق طريد
نسأل الله العون على محاربة النفس الامارة والشيطان يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ اى دينه ورسوله يَنْصُرْكُمْ على أعدائكم ويفتح لكم وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ فى مواطن الحرب ومواقفها او على حجة الإسلام واعلم ان النصرة على وجهين الاول نصرة العبد وذلك بايضاح دلائل الدين وازالة شبهة القاصرين وشرح أحكامه وفرائضه وسننه وحلاله وحرامه والعمل بها ثم بالغزو والجهاد لاعلاء كلمة الله وقمع أعداء الدين اما حقيقة كمباشرة المحاربة بنفسه واما حكما بتكثير سواد المجاهدين بالوقوف تحت لوائهم او بالدعاء لنصرة المسلمين وخذلان الكافرين بان يقول اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل المسلمين ثم بالجهاد الأكبر بان يكون عونا لله على النفس حتى يصرعها ويقتلها فلا يبقى من هواها اثر والثاني نصرة الله تعالى وذلك بإرسال الرسل وإنزال الكتب واظهار الآيات والمعجزات وتبيين السبل الى النعيم والجحيم وحضرة الكريم والأمر بالجهاد الأصغر والأكبر والتوفيق للسعى فيهما طلبا لرضاه لانبعا لهواه وبإظهاره على أعداء الدين وقهرهم فى إعلاء كلمة الله العليا وإيتاء رشده فى إفناء وجوده الفاني فى الوجود الباقي بتجلى صفات جماله وجلاله قال بعض الكبار زلل الاقدام بثلاثة أشياء بشرك الشرك لمواهب الله والخوف من غير الله والأمل فى غير، وثبات الاقدام بثلاثة أشياء بدوام رؤيت المفضل والشكر على النعم ورؤية التقصير فى جميع الأحوال والخوف منه والسكون الى ضمان الله فيما ضمن من غير انزعاج ولا احتياج فعلى العاقل نصرة الدين على مقتضى العهد المتين (قال الحافظ) پيمان شكن هر آينه كردد شكسته حال ان العهود لدى أهل النهى ذمم وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ خوارى ورسوايى وهلاك ونااميدى مر ايشان راست قال فى كشف الاسرار أتعسهم الله فتعصوا تعسا والاتعاس هلاك كردن وبر روى افكند وفى الإرشاد وانتصابه بفعل واجب حذفه سماعا اى فقال تعسا لهم والتعس الهلاك والعثار والسقوط والشر والبعد والانحطاط ورجل تاعس وتعس والفعل كمنع وسمع وتعسه الله وأتعسه وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ عطف عليه داخل معه فى حيز الخبرية للموصول يعنى كم ونابود وباطل كرد الله تعالى عملهاى ايشانرا ذلِكَ اى ما ذكر من التعس وإضلال الأعمال بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ من القرآن لما فيه من التوحيد وسائر الاحكام المخالفة لما ألفوه واشتهته أنفسهم الامارة بالسوء فَأَحْبَطَ الله أَعْمالَهُمْ لاجل ذلك اى أبطلها كرره اشعارا بانه يلزم الكفر بالقرءان ولا ينفك عنه بحال والمراد بالأعمال طواف البيت وعمارة المسجد الحرام وإكرام الضيف واغاثة الملهوفين واعانة المظلومين ومواساة اليتامى والمساكين ونحو ذلك مما هو فى صورة البر وذلك بالنسبة الى كفار قريش وقس عليهم اعمال سائر(8/501)
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13) أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14)
الكفرة الى يوم الدين أَفَلَمْ يَسِيرُوا كفار العرب فِي الْأَرْضِ اى أقعدوا فى أماكنهم ولم يسيروا فيها الى جانب الشام واليمن والعراق فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم المكذبة كعاد وثمود وأهل سبأ فان آثار ديارهم تنبىء عن اخبارهم دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ استئناف مبنى على سؤال نشأ من الكلام كأنه قيل كيف كان عاقبتهم فقيل استأصل الله عليهم ما اختص بهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم يقال دمره أهلكه ودمر عليه أهلك عليه ما يختص به قال الطيبي كأن فى دمر عليهم تضمين معنى أطبق فعدى بعلى فاذا أطبق عليهم دمارا لم يخلص مما يختص بهم أحد وفى حواشى سعدى المفتى دمر الله عليهم اى أوقع التدمير عليهم وَلِلْكافِرِينَ اى ولهؤلاء الكافرين السائرين بسيرتهم أَمْثالُها اى أمثال عواقبهم او عقوباتهم لكن لا على ان لهؤلاء أمثال ما لاولئك وأضعافه بل مثله وانما جميع باعتبار مماثلته لعواقب متعددة حسب تعدد الأمم المعذبة وفى الآية اشارة الى ان النفوس السائرة لتلحق نعيم صفاتها الذميمة كرهوا ما انزل الله من موجبات مخالفات النفس والهوى وموافقات الشرع ومتعابعة الأنبياء فأحبط أعمالهم لشوبها بالشرك والرياء والتصنع والهوى او لم يسلكوا فى ارض البشرية فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم من القلوب والأرواح لما تابعوا الهوى وتلوثوا بحب الدنيا أهلكهم الله فى اودية الرياء وبوادي البدعة والضلال وللكافرين من النفوس اللئام فى طلب المرام أمثالها من الضلال والهلاك ذلِكَ اشارة الى ثبوت أمثال عقوبة الأمم السابقة لهؤلاء وقال بعضهم ذلك المذكور من كون المؤمنين منصورين مظفرين ومن كون الكافرين مقهورين مدمرين بِأَنَّ اللَّهَ اى بسبب انه تعالى مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا اى ناصر لهم على أعدائهم فى الظاهر والباطن بسبب ايمانهم وَأَنَّ الْكافِرِينَ اى بسبب انهم لا مَوْلى لَهُمْ اى لا ناصر لهم فيدفع عنهم العذاب الحال بسبب كفرهم فالمراد ولاية النصرة لا ولاية العبودية فان الخلق كلهم عباده تعالى كما قال ثم ردوا الى الله مولاهم الحق اى مالكهم الحق وخالقهم او المعنى لا مولى لهم فى اعتقادهم حيث يعبدون الأصنام وان كان مولاهم الحق تعالى فى نفس الأمر ويقال أرجى آية فى القرآن هذه الآية لان الله تعالى قال مولى الذين آمنوا ولم يقل مولى الزهاد والعباد واصحاب الأوراد والاجتهاد والمؤمن وان كان عاصيا فهو من جملة الذين آمنوا ذكره القشيري قدس سره واعلم ان الجند جندان جند الدعاء وجند الوغى فكما ان جند الوغى منصورون بسبب أقويائهم فى باب الديانة والتقوى ولا يكونون محرومين من الطاف الله تعالى كذلك جند الدعاء مستجابون بسبب ضعفائهم فى باب الدنيا وظاهر الحال ولا يكونون مطرودين عن باب الله كما قال عليه السلام انكم تنصرون بضعفائكم (قال الشيخ السعدي) دعاء ضعيفان اميدوار ز بازوى مردى به آيد بكار ثم اعلم ان الله تعالى هو الموجود الحقيقي وماسواه معدوم بالنسبة الى وجوده الواجب فالكفار لا يعبدون الا المعدوم كالاصنام والطاغوت فلذا لا ينصرون والمؤمنون يعبدون الموجود الحقيقي وهو الله تعالى فلذا ينصرهم فى الشدائد وايضا ان الكفار يستندون الى الحصون والسلاح والمؤمنون يتوكلون على القادر القوى الفتاح فالله معينهم على كل(8/502)
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12)
حال (روى) ان النبي عليه السلام كان بعد غزوة تحت شجرة وحيدا فحمل عليه مشرك بسيف وقال من يخلصك منى فقال النبي عليه السلام الله فسقط المشرك والسيف فاخذه النبي عليه السلام فقال من يخلصك منى فقال لا أحد ثم اسلم (وروى) ان زيد بن ثابت رضى الله عنه خرج مع رجل من مكة الى الطائف ولم يعلم انه منافق فدخلا خربة وناما فاوثق المنافق يد زيد وأراد قتله فقال زيد يا رحمن اعنى فسمع المنافق قائلا يقول ويحك لا تقتله فخرج المنافق ولم ير أحدا ثم وثم ففى الثالثة قتله فارس ثم حل وثاقه وقال انا جبريل كنت فى السماء السابعة حين دعوت الله فقال الله تعالى أدرك عبدى فالله ولى الذين آمنوا قال الله تعالى فى التوراة فى حق هذه الامة لا يحضرون قتالا الا وجبريل معهم وهو يدل على ان جبريل يحضر كل قتال صدر من الصحابة للكفار بل ظاهره كل قتال صدر من جميع الامة يعنى إذا كانوا على الحق والعدل ثم ان المجلس الذي تحضره الملائكة وكذا المعركة يقشعر فيه الجلد وتذرف فيه العينان ويحصل التوجه الى الحضرة العليا فيكون ذلك سببا لاستجابة الدعاء وحصول المقصود من النصرة وغيرها نسأل الله المعين ان يجعلنا من المنصورين آمين إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ بيان لحكم ولايته تعالى للمؤمنين وثمرتها الاخروية وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ اى ينتفعون فى الدنيا بمتاعها أياما قلائل ويعيشون وَيَأْكُلُونَ حريصين غافلين عن عواقبهم كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ فى مسارحها ومعالفها غافلة عما هى بصدده من النحر والذبح والانعام جمع نعم بفتحتين وهى الإبل والبقر والضأن والمعز وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ اى منزل ثواء واقامة والجملة اما حال مقدرة من واو يأكلون او استئناف فان قلت كيف التقابل بينه وبين قوله ان الله يدخل إلخ قلت الآية والله أعلم من قبيل الاحتباك ذكر الأعمال الصالحة ودخول الجنة اولا دليلا على حذف الفاسدة ودخول النار ثانيا والتمتع والمثوى ثانيا دليلا على حذف التمتع والمأوى اولا قال القشيري الانعام تأكل بلا تمييز من اى موضع وجد كذلك الكافر لا تمييز له أمن الحلال وجد أم من الحرام وكذلك الانعام ليس لها وقت بل فى كل وقت تقتات وتأكل كذلك الكافر أكول كما قال عليه السلام الكافر يأكل فى سبعة أمعاء والمؤمن يأكل فى معى واحد والانعام تأكل على الغفلة فمن كان فى حالة أكله ناسيا لربه فأكله كأكل الانعام قال الحدادي الفرق بين أكل المؤمن والكافر ان المؤمن لا يخلو أكله عن ثلاث الورع عند الطلب واستعمال الأدب والاكل للسبب والكافر يطلب للنهمة ويأكل لشهوة وعيشه فى غفلة وقيل المؤمن يتزود والمنافق يتزين ويتريد والكافر يتمتع ويتمنع وقيل من كانت همته ما يأكل فقيمته ما يخرج منه (قال الكاشفى) فى الآية يعنى همت ايشان مصرو فست بخوردن وعاقل بايد كه خوردن او براى زيستن باشد يعنى بجهت قوام بدن وتقويت قواى نفسانى طعام خورد ونظر او بر انكه بدن تحمل طاعت داشته باشد وقوتهاى نفسانى در استدلال بقدرت ربانى ممد ومعان بود نه آنكه عمر خود طفيل خوردن شناسد ودر مرعاى ذرهم يأكلوا ويتمثعوا مانند چهار پايان جز خوردن وخواب مطمح نظرش نباشد ونعم ما قيل خوردن براى زيستن وذكر(8/503)
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13)
دنست تو معتقد كه زيستن از بهر خوردنست والحاصل ليس للذين كفروا هم الا بطونهم وفروجهم ولا يلتفتون الى جانب الآخرة فهم قد أضاعوا ايامهم بالكفر والآثام وأكلوا وشربوا فى الدنيا كالانعام واما المؤمنون فقد جاهدوا فى الله بالطاعات واشتغلوا بالرياضات والمجاهدات فلا جرم احسن الله إليهم بالجنات العاليات ومن هنا يظهر سر قوله عليه السلام الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فلما عرف المؤمن ان الدنيا سجن ونعيمها زائل حبس نفسه على طاعة الله فكان عاقبته ألجأت والنعيم الباقي ولما كان الكافر منكر الآخرة اشتغل فى الدنيا باللذات فلم يبق له فى الآخرة الا الحبس فى الجحيم وأكل الزقوم وكان الكبار يقنعون بيسير من الغذاء كما حكى ان اويسا القرني رضى الله عنه كان يقنات ويكتسى مما وجد فى المزابل فرأى يوما كلبا يهتر فقال كل ما يليك وانا أكل ما يلينى فان دخلت الجنة فانا خير منك وان دخلت النار فأنت خير منى قال عليه السلام جاهدوا أنفسكم بالجوع والعطش فان الاجر فى ذلك كأجر المجاهدة فى سبيل الله وانه ليس من عمل أحب الى الله تعالى من جوع وعطش كما فى مختصر الاحياء (وفى المثنوى)
زين خورشها اندك اندك با زبر ... زين غذاى خر بود نى آن حر
تا غذاى اصل را قابل شوى ... لقمهاى نور را آكل شوى
(وقال الجامى)
جوع باشد غذاى اهل صفا ... محنت وابتلاى اهل هوا
جوع تنوير خانه دل تست ... أكل تعمير خانه كل تست
خانه دل كذاشتى بى نور ... خانه كل چهـ ميكنى معمور
(وقال الشيخ سعدى)
باندازه خور زاد اگر مردمى ... چنين پر شكم آدمي يا خمى
درون جاى قوتست وذكر ونفس ... تو پندارى از بهر نانست وبس
ندارند تن پروران آگهى ... كه پر معده باشد ز حكمت تهى
ومن أوصاف المريدين المجاهدة وهو حمل النفس على المكاره البدنية من الجوع والعطش والعرى ولا بد من مقاساة الموتات الأربع الموت الأبيض وهو الجوع والموت الأحمر وهو مخالفة الهوى والموت الأسود وهو تحمل الأذى والموت الأخضر وهو طرح الرقاء بعضها على بعض اى لبس الخرقة المرقعة هضما للنفس ما لم تكن لباس شهرة فان النبي عليه السلام نهى عن الشهرتين فى اللباس اللين الأرفع والغليظ الأقوى لانه اشتهار بذلك وامتياز عن المسلمين له قد وقال عليه السلام كن فى الناس كواحد من الناس قال ابراهيم بن أدهم قدس سره للقمة تتركها من عشائك مجاهدة لنفسك خير لك من قيام ليلة هذا إذا كان حلالا واما إذا كان حراما فلا خير فيه البتة فما ملئ وعاء شر من بطن ملئ بالحلال وبالجوع يحصل الصمت وقلة الكلام والذلة والانكسار من جميع الشهوات ويذهب الوساوس وكل آفة تطرا عليك من نتائج الشبع وأنت لا تدرى قديما كان او حديثا فان المعدة حوض البدن يسقى منه هذه الأعضاء التي هى مجموعة فالغذاء الجسماني هو ماء حياة الجسم على التمام ولذلك قال سهل قدس سره ان سر الخلوة فى الماء وأنت لا تشك ان صاحب الزراعة لو سقاها فوق حاجتها واطلق الماء عليها جملة واحدة هلكت ولو منعها الماء فوق الحاجة ايضا هلكت سوآء كان من الأرض او من السماء وقس عليه الامتلاء من الطعام ولو كان حلالا نسأل الله الحماية والرعاية وَكَأَيِّنْ كلمة مركبة من(8/504)
أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14)
الكاف واى بمعنى كم الخبرية (قال المولى الجامى) فى شرح الكافية انما بنى كأين لان كاف التشبيه دخلت على أي واى فى الأصل كان معربا لكنه انمحى عن الجزءين معناهما الافرادى فصار المجموع كاسم مفرد بمعنى كم الخبرية فصار كأنه اسم مبنى على السكون آخره نون ساكنة كما فى من لا تنوين تمكن ولهذا يكتب بعد الياء نون مع ان التنوين لا صورة له فى الخط انتهى ومحلها الرفع بالابتداء مِنْ قَرْيَةٍ تميز لها هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ صفة لقرية الَّتِي أَخْرَجَتْكَ صفة لقريتك وهى مكة وقد حذف منهما المضاف واجرى أحكامه عليهما كما يفصح عنه الخبر الذي هو قوله تعالى أَهْلَكْناهُمْ اى وكم من أهل قرية هم أشد قوة من اهل قربتك الذين كانوا سببا لخروجك من بينهم ووصف القرية الاولى بشدة القوة للايذان باولوية الثانية منها بالإهلاك لضعف قوتها كما ان وصف الثانية بإخراجه عليه السلام للايذان باولويتها به لقوة جنايتها فَلا ناصِرَ لَهُمْ بيان لعدم خلاصهم من العذاب بواسطة الأعوان والأنصار اثر بيان عدم خلاصهم منه بأنفسهم والفاء لترتيب ذكر ما بالغير على ذكر ما بالذات وهو حكاية حال ماضية وقال ابن عباس وقتادة رضى الله عنهم لما خرج رسول الله عليه السلام من مكة الى الغار الفت الى مكة وقال أنت أحب البلاد الى الله ولى ولولا ان المشركين أخرجوني ما خرجت منك فانزل لله هذه الآية فتكون الآية مكية وضعت بين الآيات المدينة وفى الاية اشارة الى الروح وقريته وهى الجسد فكم من قالب هو أقوى وأعظم من قالب قد أهلكه الله بالموت فلا ناصر لهم فى دفع الموت فاذا كان الروح خارجا من القالب القوى بالموت فارلى ان يخرج من القالب الضعيف كما قال تعالى أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة اى فى أجسام ضخمة ممتلئة
سيل بي زنهار را در زيل پل آرام نيست ... ما بغفلت زير طاق آسمان آسوده ايم
فَمَنْ كانَ آيا هر كه باشد عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ الفاء للعطف على مقدر يقضيه المقام ومن عبارة عن المؤمنين المتمسكين بادلة الدين اى أليس الأمر كما ذكر فمن كان مستقرا على حجة ظاهرة وبرهان نير من مالك امره ومربيه وهو القرآن وسائر المعجزات والحجج العقلية كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ من الشر وسائر المعاصي مع كونه فى نفسه أقبح القبائح يعنى شيطان ونفس او را آرايش كرده است والمعنى لا مساواة بين المهتدى والضال وَاتَّبَعُوا بسبب ذلك التزيين أَهْواءَهُمْ الزائغة وانهمكوا فى فنون الضلالات من غير ان يكون لهم شبهة توهم صحة ما هم عليه فضلا عن حجة تدل عليها وجمع الضمير باعتبار معنى من كما ان افراد الأولين باعتبار لفظها وفى الآية اشارة الى اهل القلب وأهل النفس فان أهل القلب بسبب تصفية قلوبهم عن صدأ الأخلاق لذميمة رأوا شواهد الحق فكانوا على بصيرة من الأمر واما أهل النفس فزين لهم البدع ومخالفات الشرع واتبعوا أهواءهم فى العقائد القلبية والأعمال القالبية فصاروا أضل من الحمير حيث لم يهتدوا لا الى لله تعالى ولا الى الجنة وقال ابو عثمان البينة هى النور الذي يفرق بين المرء بين الإلهام والوسوسة ولا يكون الا لاهل الحقائق فى الايمان وأصل البينة للنبى عليه السلام كما قال تعالى لقد رأى من آيات ربه الكبرى وقال تعالى ما كذب الفؤاد ما رأى قال بعض الكبار(8/505)
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)
انما لم يجمع لنبى من الأنبياء عليهم السلام ما جمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم من العلوم لان مظهره عليه السلام رحمانى والرحمن أول اسم صدر بعد الاسم العليم فالمعلومات كلها يحتوى عليها الاسم الرحمن ومن هنا تحريم زينة الدنيا عليه صلى الله عليه وسلم لكونها زائلة فمنع من التلبس بها لان مظهره الرحمانى ينافى الانقضاء ويلائم الابد از ما مجوى زينت ظاهر كه چون صدف ما اندرون خانه بگوهر كرفته ايم مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ عبر عن المؤمنين بالمتقين إيذانا بان الايمان والعمل الصالح من باب التقوى الذي هو عبارة عن فعل الواجبات بأسرها وترك السيئات عن آخرها ومثلها وصفها العجيب الشان وهو مبتدأ محذوف الخبر اى متل الجنة الموعودة للمؤمنين وصفتها العجيبة الشان ما تسمعون فيما يتلى عليكم وقوله فِيها اى فى الجنة الموعودة الى آخره مفسر له أَنْهارٌ جمع نهر بالسكون ويحرك مجرى الماء الفائض مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ من أسن الماء بالفتح من باب ضرب او نصر أو بالكسر إذا تغير طعمه وريحه تغيرا منكرا وفى عين المعاني من أسن غشى عليه من رائحة البئر وفى القاموس الآسن من الماء الا جن اى المتغير الطعم واللون والمعنى من ماء غير متغير الطعم والرائحة واللون وان طالت إقامته بخلاف ماء الدنيا فانه يتغير بطول المكث فى مناقعه وفى اوانيه مع انه مختلف الطعوم مع اتحاد الأرض ببساطتها وشدة اتصالها وقد يكون متغيرا بريح منتنة من أصل خلقته او من عارض عرض له من منبعه او مجراه كذا فى المناسبات يقول الفقير قد صح ان المياه كلها تجرى من تحت الصخرة فى المسجد الأقصى فهى ماء واحد فى الأصل عذب فرات سائغ للشاربين وانما يحصل التغير من المجاري فان طباعها ليست متساوية دل عليها قوله تعالى وفى الأرض قطع متجاورات وتجاورا جزائها لا يستلزم اتحادها فى نفس الأمر بل هى متجاورة مختلفة ومثلها العلوم فانها إذا مرت بطبع غير مستقيم تتغير عن أصلها فتكون فى حكم الجهل ومن هذا القبيل علوم جميع أهل الهوى والبدع والضلال وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ بأن كان قارصا وهو الذي يقرص اللسان ويقبضه او حازرا بتقديم الزاى وهو الخامض او غير ذلك كألبان الدنيا والمعنى لم يتغير طعمه بنفسه عن أصل خلقته ولو أنهم أرادوا تغييره بشهوة اشتهوها تغير وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ وهو ما أسكر من عصير العنب او عام اى لكل مسكر كما فى القاموس لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ اما تأنيث لذ بمعنى لذيذ كطب وطبيب او مصدر نعت به اى لذيذة ليس فيها كراهة طعم وريح ولا غائلة سكر وخمار كما فى خمر الدنيا وانما هى تلذذ محض (قال الحافظ)
مادر پياله عكس رخ يار ديده ايم ... اى بى خبر ز لذت شرب مدام ما
(يقول الفقير)
باده جنت مثال كوثرست اى هوشيار ... نيست اندر طبع كوثر آفت سكر وخمار
وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ هو لعاب النحل وقيئه كما قال ظهير الفارابي
بدان غرض كه دهن خوش كنى ز غايت حرص ... نشسته مترصد كه قى كند زنبور
وعن على رضى الله عنه انه قال فى تحقير الدنيا أشرف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة واشرف شرابه رجيع نحلة وظاهر هذا انه من غير الفم قال فى حياة الحيوان وبالجملة انه يخرج من بطون النحل ولا ندرى أمن فمها أم من غيره(8/506)
وقد سبق جملة النقل فى سورة النحل مُصَفًّى لا يخالطه الشمع وفضلات النحل وغيرها خلقه الله مصفى لا انه كان مختلطا فصفى قال بعضهم فى الفرق بين الخالص والصافي ان الخالص ما زال عنه شوبه بعد ان كان فيه والصافي قد يقال لما لا شوب فيه فقد حصل بهذا غاية التشويق الى الجنة بالتمثيل بما يستلذ من اشربة الدنيا لانه غلية ما نعلم من ذلك مجردا عما ينقصها او ينغصها مع الوصف بالغزارة والاستمرار وبدأ بأنهار الماء لغرابتها فى بلاد العرب وشدة حاجتهم إليها ولما كان خلوها عن تغير أغرب نف؟؟ بقوله غير آسن ولما كان اللبن اقل فكان جريه أنهارا اغرب ثنى به ولما كان الخمر أعز ثلث به ولما كان العسل أشرفها وأقلها ختم به قال كعب الأحبار نهر دجلة نهر ماء أهل الجنة ونهر الفرات نهر لبنهم ونهر مصر نهر خمرهم ونهر
سيحان نهر عسلهم وهذه الأنهار الاربعة تخرج من نهر الكوثر قال ابن عباس رضى الله عنهما ليس هنا مما فى الجنة سوى الأسامي قال كعب قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف انهار الجنة فقال على حافانها كراسى وقباب مضروبة وماؤها أصفى من الدمع واحلى من الشهد وألين من الزبد وألذ من كل شىء فيه حلاوة عرض كل بهر مسيرة خمسمائة عام تدور تحت القصور والحجال لا يرطب ثيابهم ولا يوجع بطونهم واكبر أنهارها نهر الكوثر طينه المسك الأذفر وحافتاه الدر والياقوت (قال الكاشفى) ارباب إشارات كفته اند كه چنانچهـ أنهار اربعه در زمين بهشت بزير شجره طوبى روانست چهار جوى نيز در زمين دل عارف در زير شجره طيبه أصلها ثابت وفرعها فى السماء جاريست از منبع قلب آب انابت واز ينبوع صدر لبن صفوت واز خمخانه سر خمر محبت وإذ حجر روح عسل مودت (وفى المثنوى)
آب صبرت جوى آب خلد شد ... جوى شير خلد مهر تست وود
ذوق طاعت كشت جوى انكبين ... مستى وشوق تو جوى خمر بين
اين سببها چون بفرمان تو بود ... چار جوهم مر ترا فرمان نمود
ودر بحر الحقائق فرموده كه آب اشارت بحيات دل است ولبن بفطرت اصليه كه بحموضت هوى وتفاهت بدعت متغير نكشته وخمر جوشش محبت الهى وعسل مصفى حلاوت قرب يقول الفقير يفهم من هذا وجه آخر لترتيب الأنهار وهو أن تحصل حياة القلب بالعلم اولا ثم تظهر صفوة الفطرة الاصلية ثم يترقى السالك من محبة الأكوان الى محبة الرحمن ثم يصل الى مقام القرب والجوار الإلهي وقيل التجلي العلمي لا يقع الا فى اربع صور الماء واللبن والخمر والعسل فمن شرب الماء يعطى العلم اللدني ومن شرب اللبن يعطى العلم بأمور الشريعة ومن شرب الخمر يعطى العلم بالكمال ومن شرب العسل يعطى العلم بطريق الوحى والعلم إذا حصل بقدر استعداد القابل أعطاه الله استعداد العلم الآخر فيحصل له عطش آخر ومن هذا قيل طالب العلم كشارب ماء البحر كلما ازداد شربا ازداد عطشا ومن هذا الباب ما نقل عن سيد العارفين ابى يزيد البسطامي قدس سره من انه قال
شربت الحب كأسا بعد كأس ... فما نفد الشراب ولا رويت
واليه الاشارة بقوله تعالى وقل رب زدنى علما واما الري فى العلم فأضافى لا حقيقى قال بعض(8/507)
العارفين من شرب بكأس الوفاء لم ينظر فى غيبته الى غيره ومن شرب بكأس الصفاء خلص من شوبه وكدروته ومن شرب بكأس الفناء عدم فيه القرار ومن شرب فى حال اللقاء انس على الدوام ببقائه فلم يطلب مع لقائه شيأ آخر لا من عطائه ولا من لقائه لاستهلاكه فى علائه عند سطوات جلاله وكبريائه ولما ذكر ما للشرب ذكر ما للاكل فقال وَلَهُمْ اى للمتقين فِيها اى فى الجنة الموعودة مع ما فيها من فنون الأنهار مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ اى صنف من كل الثمرات على وجه لا حاجة معه من قلة ولا انقطاع وقيل زوجان انتزاعا من قوله تعالى فيهما من كل فاكهة زوجان وهى جمع ثمرة وهى اسم لكل ما يطعم من أحمال الشجر ويقال لكل نفع يصدر عن شيىء ثمرة كقولك ثمرة العلم العمل الصالح وثمرة العمل الصالح الجنة وَمَغْفِرَةٌ عظيمة كائنة مِنْ رَبِّهِمْ اى المحسن إليهم بمحو ذنوبهم السالفة أعيانها وآثارها بحيث لا يخشون لهما عاقبة بعقاب ولا عتاب والا لتنغص العيش عليهم يعنى ببوشد ذنوب ايشانرا نه بران معاقبه كند ونه معاتبه نمايد وفيه تأكيد لما أفاده التنكير من الفخامة الذاتية بالفخامة الاضافية قال فى فتح الرحمن قوله ومغفرة عطف على الصنف المحذوف اى ونعيم أعطته المغفرة وسببته والا فالمغفرة انما هى قبل الجنة وفى الكواشي عطف على اصناف المقدرة للايذان بانه تعالى راض عنهم مع ما أعطاهم فان السيد قد يعطى مولاه مع ما سخطه عليه قال بعض العارفين الثمرات عبارة عن المكاشفات والمغفرة عن غفران ذنب الوجود كما قيل وجودك ذنب لا يقاس به ذنب
پندار وجود ما كناهيست عظيم ... لطفى كن واين كنه ز ما در كذران
كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ خبر لمبتدأ محذوف تقديره أمن هو خالد فى هذه الجنة حسبما جرى به الوعد الكريم كمن هو خالد فى النار التي لا يطفأ لهيبها ولا يفك أسيرها ولا يؤنس غريبها كما نطق به قوله تعالى والنار مثوى لهم وبالفارسيه آيا هر كه در چنين نعمتى باشد مانند كسى است كه او جاودانست در آتش دوزخ وَسُقُوا الجمع باعتبار معنى من اى سقوا بدل ما ذكر من اشربة أهل الجنة ماءً حَمِيماً حارا غاية الحرارة فَقَطَّعَ پس پاره پاره ميكند آب از فرط حرارت أَمْعاءَهُمْ رودهاى ايشانرا جمع معى بالكسر والقصر وهو من أعفاج البطن اى ما ينتقل الطعام اليه بعد المعدة قبل إذا دنا منهم شوى وجوههم وانمازت فروة رؤسهم اى انعزلت وانفرزت فاذا شربوه قطع أمعاءهم فخرجت من ادبارهم فانظر بالاعتبار ايها الغافل عن القهار هل يستوى الشراب العذب البارد والماء الحميم المر وانما ابتلاهم الله بذلك لان قلوبهم كانت خالية عن العلوم والمعارف الالهية ممتلئة بالجهل والغفلة ولا شك ان اللذة الصورية الاخروية انما تنشأ من اللذة المعنوية الدنيوية كما أشار اليه مالك بن دينار قدس سره بقوله خرج الناس من الدنيا ولم يذوقوا أطيب الأشياء قيل وما هو قال معرفة الله تعالى فبقدر هذا الذوق فى الدنيا
يحصل الذوق فى الآخرة فمن كمل له الذوق كمل له النعيم قال ابو يزيد البسطامي قدس سره حلاوة المعرفة الإلهية خير من جنتة الفردوس وأعلى عليين واعلم ان الإنسان لو حبس فى بيت حمام حار لا يتحمله بل يؤدى الى موته فكيف حاله إذا حبس فى دار جهنم التي حرارتها فوق كل حرارة لانها سجرت بغضب القهار وكيف حاله إذا سقى(8/508)
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18)
مثل ذلك الماء الحميم وقد كان فى الدنيا بحيث لا يدفع عطشه كل بارد فلا ينبغى الاغترار بنعيم الدنيا إذا كان عاقبته الجحيم والحميم وفى الخبران مؤمنا وكافرا فى الزمان الاول انطلقا يصيدان السمك فجعل الكافر يذكر آلهته ويأخذ السمك حتى أخذ سمكا كثيرا وجعل المؤمن يذكر الله كثيرا فلا يجيىء شىء ثم أصاب سمكة عند الغروب فاضطربت ووقعت فى الماء فرجع المؤمن وليس معه شىء ورجع الكافر وقد امتلأت شبكته فأسف ملك المؤمن الموكل عليه فلما صعد الى السماء أراه الله مسكن المؤمن فى الجنة فقال والله ما يضره ما أصابه بعد أن يصير الى هذا وأراه مسكن الكافر فى جهنم فقال والله ما يغنى عنه ما أصابه من الدنيا بعد ان بصير الى هذا
نعيم هر دو جهان پيش عاشقان بدو جو ... كه آن متاع قليلست واين بهاى كثير
ومنهم من يستمع إليك يقال استمع له واليه اى أصغى وهم المنافقون كانوا يحضرون مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسمعون كلامه ولا يعونه ولا يراعونه حق رعايته تهاونا منهم حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ جمع الضمير باعتبار معنى من كمان ان افراده فيما قبله باعتبار لفظه قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ يعنى علماء الصحابة كعبد الله بن مسعود رضى الله عنه وابن عباس وابى الدرداء رضى الله عنهم ماذا قالَ آنِفاً اى ما الذي قال الساعة على طريق الاستهزاء وان كان بصورة الاستعلام وبالفارسية چهـ كفت پيغمبر اكنون يعنى ما فهم نكرديم سخن او را واين بر وجه سخريت ميكفتند وآنفا من قولهم انف الشيء لما تقدم منه مستعار من الجارحة قال الراغب استأنفت الشيء أخذت انفه اى مبدأه ومنه ماذا قال آنفا اى مبتدأ لنتهى قال بعضهم تفسير الآنف بالساعة يدل على انه ظرف حالى لكنه اسم للساعة التي قبل ساعتك التي أنت فيها كما قاله صاحب الكشاف وفى القاموس قال آنفا كصاحب وكتف وقرىء بهما اى مذ ساعة اى فى أول وقت يقرب منا انتهى وبه يندفع اعتراض البعض فان الساعة ليست محمولة على الوقت الحاضر فى مثل هذا المقام وانما يراد بها ما فى تفسير صاحب القاموس ومن هنا قال بعضهم يقال مر آنفا اى قريبا او هذه الساعة اى ان شئت قل هذه الساعة فانه بمعنى الاول فاعرف أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ختم عليها لعدم توجهها نحو الخير أصلا ومنه الطابع للخاتم قال الراغب الطبع ان يصور الشيء بصورة ما كطبع السكة وطبع الدراهم وهو أعم من الختم وأخص من النقش والطابع والخاتم ما يطبع به ويختم والطابع فاعل ذلك وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ الباطلة فلذلك فعلوا ما فعلوا مما لا خير فيه وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا الى طريق الحق وهم المؤمنون زادَهُمْ اى الله تعالى هُدىً بالتوفيق والإلهام وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ اى خلق التقوى فيهم او بين لهم ما يتقون منه قال ابن عطاء قدس سره الذين تحققوا فى طلب الهداية اوصلناهم الى مقام الهداية وزدناهم هدى بالوصول الى الهادي فَهَلْ يَنْظُرُونَ اى المنافقون والكافرون إِلَّا السَّاعَةَ اى ما ينتظرون الا القيامة أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وهى المفاجأة بدل اشتمال من الساعة اى تباغتهم بغتة والمعنى انهم لا يتذكرون بذكر احوال الأمم الخالية ولا بالأخبار بإتيان الساعة وما فيها من عظائم الأمور وما ينتظرون للتذكر الا إتيان(8/509)
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)
نفس الساعة بغتة فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها تعليل لمفاجأتها لا لاتيانها مطلقا على معنى انه لم يبق من الأمور الموجبة للتذكر امر مترقب ينتظرونه سوى إتيان نفس الساعة إذا جاء أشراطها فلم يرفعوا لها رأسا ولم يعدوها من مبادى إتيانها فيكون إتيانها بطريق المفاجأة لا محالة والاشراط جمع شرط بالتحريك وهو العلامة والمراد بها مبعثه عليه السلام وأمته آخر الأمم فمبعثه يدل على قرب انتهاء الزمان فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ حكم بخطاهم وفساد رأيهم فى تأخير التذكر الى إتيانها ببيان استحالة نفع التذكر حينئذ كقوله يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له لذكرى اى وكيف لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة على ان انى خبر مقدم وذكراهم مبتدأ وإذا جاءتهم اعتراض وسط بينهما رمزا الى غاية سرعة مجيئها واطلاق المجيء عن قيد البغتة لما ان مدار استحالة نفع التذكر كونه عند مجيئه مطلقا لا مقيدا بقوله البغتة وروى عن مكحول عن حذيفة قال سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل ولكن لها اشراط تقارب الأسواق يعنى كسادها ومطر لا نبات يعنى مطر فى غير حينه وتفشو الفتنة وتظهر أولاد البغية ويعظم رب المال وتعلو أصوات الفسقة فى المساجد ويظهر أهل المنكر على أهل الحق وفى الحديث إذا ضيعت الامانة فانتظر الساعة فقيل كيف اضاعتها فقال إذا وسد الأمر الى غير اهله فانتظر الساعة
بقومي كه نيكى پسندد خداى ... دهد خسرو عادل نيك راى
چوخواهد كه ويران كند عالمى ... كند ملك در پنجه ظالمى
وقال الكلبي اشراط الساعة كثرة المال والتجارة وشهادة الزور وقطع الأرحام وقلة الكرام وكثرة اللئام وفى الحديث ما ينتظر أحدكم إلا غنى مطغيا او فقرا منسيا او مرضا مفسدا او هرما مفدا او موتا مجهزا والدجال شر غائب ينتظر والساعة أدهى وامر انتهى وقيامة كل أحد موته فعليه ان يستعد لما بعد الموت قبل الموت بل يقوم بالقيامة الكبرى التي هى قيامة العشق والمحبة التي يهلك عندها جميع ما سوى الله ويزول تعيين الوجود المجاري ويظهر سر الوجود الحقيقي نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من المسارعين الى مرضاته والأعضاء والقوى تساعه لا من المسومين فى امره والأوقات تمرو تباعد فَاعْلَمْ أَنَّهُ اى الشان الأعظم لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ اى انتفى انتفاء عظيما ان يكون معبودا بحق غير الملك الا عظم اى إذا علمت ان مدار السعادة هو التوحيد والطاعة ومناط الشقاوة هو لا شراك والعصيان فأثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية والعمل بموجبه كقوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم اى ثبتنا على الصراط لمستقيم وقدم العلم على العمل منبها على فضله واستبداده بالمرية عليه لا سيما العلم بوحدانية لله تعالى فانه أول ما يجب على كل أحد والعلم ارفع من المعرفة ولذا قال فاعلم دون فاعرف لان الإنسان قد يعرف الشيء ولا يحيط به علما فاذا علمه وأحاط به علما فقد عرفه والعلم بالالوهية من قبيل العلم بالصفات لان الالوهية صفة من الصفات فلا يلزم ان يحيط بكنهه تعالى أحد فانه محال إذ لا يعرف الله الا الله قال بعض الكبار لما كان ما تنتهى اليه معرفة كل عارف مرتبة الالوهية ومرتبة إحداها المعبر عنها بتعين الاول لا كنه ذاته وغيب هويته ولا احاطة صفاته امر فى كتابه العزيز نبيه لذ هو أكمل(8/510)
الخلق قدر او منزلة وقابلية فقال فاعلم انه لا اله الا الله تنبيها له ولمن يتبعه من أمته على قدر ما يمكن معرفته من جناب قدسه ويمكن الظفر به وهو مرتبة الالوهية وما وراءها من حضرة الغيب المطلق وغيب الهوية خارج عن طوق الكون إذ ليس وراءها اسم ولا رسم ولا نعت ولا وصف ولا حكم وليس فى قوة الكون المقيد أن يعطى غير ما يقتضيه تقييده فكيف يمكن له ان يدرك حضرة الغيب المطلق وغيب الهوية ولما كان حصول التوحيد الذي هو كمال النفس موجبا للاجابة قال تعالى معلما انه يجب على الإنسان بعد تكميل نفسه السعى فى تكميل غيره ليحصل التعاون على ما خلق العباد له من العبادة وَاسْتَغْفِرْ اى اطلب الغفران من الله لِذَنْبِكَ وهو كل مقام عال ارتفع عليه السلام عنه الى أعلى وما صدر عنه عليه السلام من ترك الاولى وعبر عنه بالذنب نظرا الى منصبه الجليل كيف لاو حسنات الأبرار سيئات المقربين وإرشادا له عليه السلام الى التواضع وهضم النفس واستقصاء العمل وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ اى لذنوب أمتك بالدعاء لهم وترغيبهم فيما يستدعى غفرانهم لانهم أحق الناس بذلك منك لان ما عملوا من خير كان لك مثل اجره إذ لمكمل الغير مثل اجر ذلك الغير وفى إعادة صلة الاستغفار على اختلاف متعلقيه جنسا وفى حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه اشعار بعراقتهم فى الذنب وفرط افتقارهم الى الاستغفار وهو سؤال المغفرة وطلب الستر اما من إصابة الذنب فيكون حاصله العصمة والحفظ واما من إصابة عقوبة الذنب فيكون حاصله العفو والمحو قال بعضهم للنبى عليه السلام احوال ثلاثة الاول مع الله فلذا قيل وحده والثاني مع نفسه ولذا امر بالاستغفار لذنبه والثالث مع المؤمنين ولذا امر بالاستغفار لهم وهذه أرجى آية فى القرآن فانه لا شك انه عليه السلام ائتمر بهذا الأمر وانه لا شك ان الله تعالى اجابه فيه فانه لو لم يرد اجابته فيه لما امره بذلك
هركرا چون تو پيشوا باشد ... نااميد از خدا چرا باشد
چون نشان شفاعت كبرى ... يافت بر نام ناميت طغرا
امتان با كناهكاريها ... بتو دارند اميدواريها
وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ اى مكانكم الذي تتقلبون عليه فى معاشكم ومتاجركم فى الدنيا فانها مراحل لا بد من قطعها وبالفارسية وخداى ميداند جاى رفتن وكرديدن شما در دنيا كه چون ميكرديد از حال بحال وَمَثْواكُمْ فى العقبى فانها موطن اقامتكم وبالفارسية وآرامگاه شما در عقبى بهشت است يا دوزخ فلا يأمركم الا بما هو خير لكم فى الدنيا والآخرة فبادروا الى الامتثال بما أمركم به فانه المهم لكم فى المقامين قال فى بحر العلوم الخطاب فى قوله فاعلم واستغفر للنبى عليه السلام وهو الظاهر او لكل من يتأنى منه العلم والاستغفار من أهل الايمان وينصره الخطاب بلفظ الجمع فى قوله والله يعلم متقلبكم ومثواكم انتهى (وفى كشف الاسرار) يعنى يا محمد آنچهـ بنظر واستدلال دانسته از توحيد ما بخير نيز بدان ويقين باش كه الله تعالى يكانه ويكتاست در ذات وصفات ودر حقايق سلمى آورده كه چون عالمى را كويند اعلم مراد بان ذكر باشد يعنى ياد كن آنچهـ دانسته وقال ابو الحسين النوري قدس سره والعلم الذي دعى اليه المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم هو علم الحروف وعلم الحروف فى لام ألف وعلم لام ألف فى الألف وعلم الألف(8/511)
فى النقطة وعلم النقطة فى المعرفة الاصلية وعلم المعرفة الاصلية فى علم الاول وعلم الاول فى المشيئة وعلم المشيئة فى غيب الهوية وهو الذي دعاء اليه فقال فاعلم فالهاء راجع الى غيب الهوية انتهى اگر كسى كويد ابراهيم خليل را عليه السلام كفتند اسلم جواب داد كه أسلمت مصطفى حبيب را كفتند فاعلم نكفت علمت جواب آنست كه خليل رونده بود در راه كه انى ذاهب الى ربى در وادي تفرقت مانده لاجرم جوابش خود بايست داد وحبيب ربوده حق بود در نقطه جمع نواخته اسرى بعبده حق او را بخود باز نكذاشت از بهر او جواب داد كه آمن الرسول والإيمان هو العلم واخبار الحق تعالى عنه انه آمن وعلم أتم من اخباره بنفسه علمت قوله واستغفر لذنبك اى إذا علمت انك علمت فاستغفر لذنبك هذا فان الحق على جلال قدره لا يعلمه غيره
ترا كه داند كه ترا تو دانى تو ... ترا نداند كس ترا تو دانى كس
وفى التأويلات النجمية فاعلم بعلم اليقين انه لا اله بعلم اليقين الا لله بحق اليقين فاذا تجلى الله بصفة علمه الذاتي للجهولية الذاتية للعبد تفنى ظلمة جهوليته بنور علمه فيعلم بعلم الله ان لا موجود الا الله فهذه مظنة حسبان العبد ان العالم يعلم انه لا اله الا لله فقيل له واستغفر لذنبك بانك علمت وللمؤمنين والمؤمنات بانهم يحسبون ان يحسنوا علم لا اله الا الله فان من وصفه وما قدرو الله حق قدره والله يعلم متقلب كل روح من العدم بوصف خاص الى عالم الأرواح فى مقام مخصوص به ومثوى كل روح الى أسفل سافلين قالب خاص بوصف خاص ثم متقلبه من أسفل سافلين القالب بالايمان ولعمل الصالح او بالكفر والعمل الطالح الى الدرجات الروحانية او الدركات النفسانية ثم مثواه الى عليين القرب المخصوص به او الى سجين البعد المخصوص به مثاله كما ان لكل حجر ومدر وخشب يبنى به دار متقلبا مخصوصا به وموضعا من الدار مخصوصا به ليوضع فيه لا يشاركه فيه شىء آخر كذلك لكل روح منقلب مخصوص به لا يشاركه فيه أحد انتهى وقال البقلى واستغفر من وجودك فى مطالعتى ووجود وصالى فان بقاء الوجود الحدثانى فى بقاء الحق أعظم الذنوب وفى الاسئلة المقحمة المراد الصغائر والعثرات التي هى من صفات البشرية وهذا على قول من جوز الصغائر على الأنبياء عليهم السلام ودر معالم آورده كه آن حضرت مأمور شد باستغفار با آنكه مغفورست تا امت درين سنت بوى اقتدا كنند يعنى واستغفر لذنبك ليستن بك غيرك ودر تبيان آورد كه مراد آنست كه طلب عصمت كن از خداى تا ترا از كناهان نكاه دارد وقيل من التقصير فى حقيقة لعبودية التي لا يدركها أحد وقال بعض الكبار لذنب لمضاف الى الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم هو ما أشير اليه فى قوله فاعلم ولا يفهمه الا اهل الاشارة بقول الفقير لعله ذنب نسبة العلم اليه فى مرتبة الفرق ذهو الحكم فى مرتبة الجمع لذ قيل لى
فى الروضة المنيفة عند رأسه الشريف عليه السلام لا تجوز السجدة لمخلوق الا لباطن رسول الله فانه الحق ولذنب المضاف الى المؤمنين والمؤمنات هو قصورهم فى علم التوحيد بالنسبة الى النبي المحترم صلى الله عليه وسلم ثم هذه الكلمة كلمة التوحيد فالتوحيد لا يمثله ولا يعاد له شىء والا لما كان واحدا بل كان اثنين فصاعدا وإذا أريد بهذه الكلمة التوحيد الحقيقي لم تدخل فى الميزان لانه ليس له مماثل ومعادل فكيف(8/512)
تدخل فيه واليه أشار الخبر الصحيح عن الله تعالى قال الله تعالى لو أن السموات السبع وعامرهن غيرى والأرضين السبع وعامرهن غيرى فى كفة ولا اله الا الله فى كفة لمالت بهن لا اله الا الله فعلم من هذه الاشارة ان المانع من دخولها فى ميزان الحقيقة هو عدم المماثل والمعادل كما قال تعالى ليس كمثله شىء وإذا أريد بها التوحيد الرسمى تدخل فى الميزان لانه يوجد لها ضد بل أضداد كما أشير اليه بحديث صاحب السجلات التسعة والتسعين فما مالت الكفة الا بالبطاقة التي كتبها الملك فيها فهى الكلمة المكتوبة المنطوقة المخلوقة فعلم من هذه الاشارة ان السبب لدخولها فى ميزان الشريعة هو وجود الضد والمخالف وهو السيئات المكتوبة فى السجلات وانما وضعها فى الميزان ليرى اهل الموقف فى صاحب السجلات فضلها لكن انما يكون ذلك بعد دخول من شاء الله من الموحدين النار ولم يبق فى الموقف الا من يدخل الجنة لانها لا توضع فى الميزان لمن قضى الله ان يدخل النار ثم يخرج بالشفاعة او بالعناية الالهية فانها لو وضعت لهم ايضا لما دخلوا النار ايضا ولزم الخلاف للقضاء وهو محال ووضعها فيه لصاحب السجلات اختصاص الهى يختص برحمته من يشاء واعلم ان الله تعالى ما وضع فى العموم الا أفضل الأشياء وأعمها نفعا لانه يقابل به أضداد كثيرة فلا بد فى ذلك الموضع من قوة ما يقابل به كل ضد وهو كلمة لا اله الا الله ولهذا كانت أفضل الاذكار فالذكر بها أفضل من الذكر بكلمة الله الله وهو هو عند العلماء بالله لانها جامعة بين النفي والإثبات وحاوية على زيادة العلم والمعرفة فعليك بهذا الذكر الثابت فى العموم فانه الذكر الأقوى وله النور الاضوى والمكانة الزلفى وبه النجاة فى الدنيا والعقبى والكل يطلب النجاة وان جهل البعض طريقها فمن نفى بلا اله عين الخلق حكما لا علما فقد اثبت كون الحق حكما وعلما والإله من جميع الأسماء ما هو الأعين واحد هى مسمى الله الذي بيده ميزان الرفع والخفض ثم اعلم ان التوحيد لا ينفع بدون الشهادة له صلى الله عليه وسلم بالرسالة وبين الكلمتين مزيد اتفاق يدل على تمام الاتحاد والاعتناق وذلك ان أحرف كل منهما ان نظرنا إليها خطا كانت اثنى عشر حرفا على عدد أشهر السنة يكفر كل حرف منها شهرا وان نظرنا إليها نطقا كانت اربعة عشر تملأ الخافقين نورا وان نظرنا إليها بالنظرين معا كانت خمسة عشر لا يوقفها عن ذى العرش موفق وهو سر غريب دال على الحكم الشرعي الذي هو عدم انفكاك إحداهما عن الآخر أفمن لم يجمعهما اعتقاده لم يقبل إيمانه واسلام اليهود والنصارى مشروط بالتبري من اليهودية والنصرانية بعد الإتيان بكلمتي الشهادة وبدون التبري لا يكونان مسلمين ولو أتيا بالشهادتين مرارا لانهما فسرا بقولهما بانه رسول الله إليكم لكن هذا فى الذين اليوم بين ظهرانى اهل الإسلام اما إذا كان فى دار الحرب وحمل عليه رجل من المسلمين فأتى بالشهادتين او قال دخلت فى دين الإسلام او فى دين محمد عليه السلام فهذا دليل توبته ولهذه الكلمة من الاسرار ما يملأ الأقطار منها انها بكلماتها الأربع مركبة من ثلاثة أحرف اشارة الى الوتر الذي هو الله تعالى والشفع الذي هو الخلق انشأه الله تعالى أزواجا ومنها ان احرفها اللفظية اربعة عشر حرفا على عدد السموات والأرض الدالة على الذات الأقدس الذي هو غيب محض والمقصود منها مسمى الجلالة الذي هو الا له(8/513)
الحق والجلالة الدالة عليه خمسة أحرف على عدد دعائم الإسلام الخمس ووتريته ثلاثة أحرف دلالة على التوحيد ومنها انه ان لم يفعل فيها شيأ شفهيا ليمكن ملازمتها لكونها أعظم مقرب الى الله واقرب موصل اليه مع الإخلاص فان الذاكر بها يقدر على المواظبة عليها ولا يعلم جليسه بذلك أصلا
لان غيرك لا يعلم ما فى ورلء شفتيك الا باعلامك ومنها ان هذه الكلمة مع قرينتها الشاهدة بالرسالة سبع كلمات فجعلت كل كلمة منها مانعة من باب من أبواب جهنم السبعة ومنها ان عدد حروفها مع قرينتها اربعة وعشرون وساعات اليوم والليلة كذلك فمن قالها فقد اتى بخير ينجيه من المكاره فى تلك الآنات (قال المولى الجامى) نقطه بصورت مكس است وكلمه شهادت از نقطه معراست يعنى اين شهد از آلايش مكس طبعان معراست وقال بعض العارفين لا يجوز لشخص ان يتصدر فى مرتبة الشيخوخة الا ان كان عالما بالكتاب والسنة عارفا بامراض الطريق عارفا بمقامات التوحيد الخمسة والثمانين نوعا عارفا باختلاف السالكين وأوديتهم حال كونهم مبتدئين وحال كونهم متوسطين وحال كونهم كاملين ويجمع كل ذلك قولهم ما اتخذ الله وليا جاهلا قط ولو اتخذه لعلمه قال الشيخ الشهير بافناده قدس سره ليس فى طريق الشيخ الحاجي بيرام الرقص حال التوحيد وليس فى طريقنا ايضا بل نذكر الله قياما وقعودا ولا نرقص وفق قوله تعالى الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم وقال الرقص والأصوات كلها انما وضعت لدفع الخواطر ولا شىء فى دفعها أشد تأثيرا من التوحيد فطريقنا طريق الأنبياء عليهم السلام فنبينا عليه السلام لم يلقن الا التوحيد وقال فى احياء العلوم الكامل هو الذي لا يحتاج ان يروح نفسه بغير الحق ولكن حسنات الأبرار سيئات المقربين ومن أحاط بعلم علاج القلوب ووجوه التلطف بها للسياقة الى الحق علم قطعا ان ترويحها بامثال هذه الأمور دواء نافع لاغنى عنه انتهى وأراد بامثال هذه الأمور السماع والغناء واللهوا لمباح ونحو ذلك وقال حضرة الشيخ افتاده قدس سره إذا غلبت الخواطر واحتجت الى نفيها فاجهر بذكر النفي وخافت الإثبات اما إذا حصلت الطمأنينة وغلب الإثبات على النفي فاجهر بالاثبات فانه المقصود الأصلي وخافت النفي يقول الفقير قال حضرة شيخى وسندى روح الله روحه ينبغى ان يبدأ النفي من جانب اليسار ويحول الوجه الى اليمين ثم يوقع الإثبات على اليسار ايضا وذلك لان الظلمة فى اليسار فبابتدآء النفي منه تطرح تلك الظلمة الى طرف اليمين وهو التخلية التي هى سر الخلوتية والنور فى اليمين فبتحويل الوجه الى جانبها ثم الميل فى الإثبات الى اليسار يطرح ذلك النور الى جانب اليسار الذي هو موضع الايمان لانه فى يسار الصدر وهى التجلية التي هى سر الجلوتية وهذا لا ينافى قولهم النفي فى طرف اليمين والإثبات الى طرف اليسار لان النفي من طرف اليمين حقيقة وانما الابتداء من اليسار وهذا الابتداء لا ينافى كون النفي من طرفها فاعرف ومن آداب الذكرا ان يكون الذاكر فى بيت مظلم وان ينظر بعين قلبه الى ما بين حاجبيه وفى ذلك سر ينكشف لمن ذاقه قال بعض الأكابر من قال فى الثلث الأخير من ليلة الثلاثاء لا اله الا الله ألف مرة بجمع همة وحضور قلب وأرسلها الى ظالم عجل الله دماره وخرب دياره وسلط عليه الآفات وأهلك بالعاهات ومن قال ألف مرة لا اله الا الله وهو على طهارة فى كل صبيحة يسر الله(8/514)
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25)
عليه اسباب الرزق وكذا من قالها عند منامه العدد المذكور باتت روحه تحت العرش تتغذى من ذلك العالم حسب قواها وكذلك من قالها عند وقوف الشمس ضعف منه شيطان الباطن وفى الحديث لو يعلم الأمير ما له فى ذكر الله لترك امارته ولو يعلم التاجر ما له فى ذكر الله لنرك تجارته ولو أن ثواب تسبيحه قسم على أهل الأرض لأصاب كل واحد منهم عشرة أضعاف الدنيا وفى حديث آخر للمؤمنين حصون ثلاثة ذكر الله وقراءة القرءان والمسجد والمراد بالمسجد مصلاه سواء كان فى بيته او فى الخارج كذا اوله بعض الكبار قال الحسن البصري حادثوا هذه القلوب بذكر الله فانها سريعة الدثور والمحادثة بالفارسية بزدودن والدثور ژنك افكندن كارد وشمشير (وقال الجامى)
ياد كن آنكه در شب ... اسرى با حبيب خدا خليل خدا
كفت كوى از من اى رسول كرام ... امت خويش راز بعد سلام
كه بود پاك وخوش زمين بهشت ... ليك آنجا كسى درخت نكشت
خاك او پاك وطيب افتاده ... ليك هست از درختها ساده
غرس أشجار آن بسعى جميل ... بسمله حمدله است پس تهليل
هست تكبير نيز از ان أشجار ... خوش كسى كش جز اين نباشد كار
باغ جنات تحتها الأنهار ... سبز وخرم شود از ان أشجار
وفى الحديث استكثروا من قوله لا اله الا الله والاستغفار فان الشيطان قال قد أهلكت الناس بالذنوب واهلكونى بلا اله الا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء حتى يحسبون انهم مهتدون فلا يستغفرون وفى الحديث جددوا ايمانكم قالوا يا رسول الله كيف نجدد أيماننا قال أكثروا من قول لا اله الا الله ولما بعث عليه السلام معاذ بن جبل رضى الله عنه الى اليمن أوصاه وقال انكم ستقدمون على اهل كتاب فان سألوكم عن مفتاح الجنة فقولوا لا اله الا الله وفى الحديث إذا قال العبد المسلم لا اله الا الله خرقت السموات حتى تقف بين يدى الله فيقول الله اسكني اسكني فتقول كيف اسكن ولم تغفر لقائلها فيقول ما اجريتك على لسانه الا وقد غفرت له وفى طلب المغفرة للمؤمنين والمؤمنات تحصيل لزيادة الحسنة لقوله عليه السلام من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة وفى الخبر من لم يكن عنده ما يتصدق به فليستغفر للمؤمنين والمؤمنات فانه صدقة وكان عليه السلام يستغفر الله فى كل يوم سبعين مرة وفى رواية مائة مرة ويستغفر للمؤمنين خصوصا للشهداء ويزور القبور ويستغفر للموتى ويعرف من الآية انه يلزم الابتداء بنفسه ثم بغيره قال فى ترجمة الفتوحات بعد از رسل هيچكس را آن حق نيست كه مادر و پدر را ومع هذا نوح عليه السلام در دعاى نفس خود را مقدم داشت قال رب اغفر لى ولوالدى وابراهيم عليه السلام فرمود واجنبى وبنى ان نعبد الأصنام رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى ابتدا بنفس خود كرد والداعي للغير لا ينبغى ان يراه أحوج الى الدعاء من نفسه والا لداخله العجب فلذا امر الداعي بالدعاء لنفسه اولا ثم للغيره اللهم اجعلنا من المغفورين وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا اشتياقا منهم الى الوحى وحرصا على الجهاد لان فيه احدى الحسنيين اما الجنة والشهادة واما الظفر والغنيمة لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ اى هلا نزلت تؤمر فيها بالجهاد وبالفارسية چرا فرو فرستاده نمى شود سوره در باب قتال با كفار فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ بطريق الأمر به اى سورة مبينة لا تشابه(8/515)
طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21)
ولا احتمال فيها بوجه آخر سوى وجوب القتال عن قتادة كل سورة فيها ذكر القتال فهى محكمة لم تنسخ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ اى ضعف فى الدنيا او نفاق وهو الأظهر فيكون المراد الايمان الظاهري الزعمي والكلام من اقامة المظهر مقام المضمر يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ اى تشخص أبصارهم جبنا وهلعا كدأب من أصابته غشية الموت اى حيرته وسكرته إذا نزل به وعاين الملائكة والغشي تعطل القوى المتحركة والحساسة لضعف القلب واجتماع الروح اليه بسبب يحققه فى داخل فلا يجد منقذا ومن اسباب ذلك امتلاء خانق او مؤذ بارد أو جوع شديد أو وجع شديد أو آفة فى عضو مشارك كالقلب والمعدة كذا فى المغرب وفى الآية اشارة الى ان من امارات الايمان تمنى الجهاد والموت شوقا الى لقاء الله ومن امارات الكفر والنفاق كراهة الجهاد كراهية الموت فَأَوْلى لَهُمْ اى فويل لهم وبالفارسية پس واى بر ايشان باد ودوزخ مريشانراست وهو افعل من الولي وهو القرب فمعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه وقيل فعلى من آل فمعناه الدعاء عليهم بأن يؤول الى المكروه أمرهم قال الراغب اولى كلمة نهدد وتخوف يخاطب به من اشرف على الهلاك فيحث به على عدم التعرض او يخاطب به من نجامنه فينهى عن مثله ثانيا واكثر ما يستعمل مكررا وكأنه حث على تأمل ما يؤول اليه امره ليتنبه المتحر زمنه طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ كلام مستأنف اى أمرهم طاعة لله ولرسوله وقول معروف بالاجابة لما أمروا به من الجهاد أو طاعة وقول معروف خير لهم او حكاية لقولهم ويؤيده قراءة ابى يقولون طاعة وقول معروف اى أمرنا ذلك كما قال فى النساء ويقولون طاعة فاذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ العزم والعزيمة الجد وعقد القلب الى إمضاء الأمر والعزيمة تعويذ كانه تصور انك قد عقدت على الشيطان ان يمضى إرادته منك والمعنى فاذا جدوا فى امر الجهاد وافترض القتال وأسند العزم الى الأمر وهو لاصحابه مجازا كما فى قوله تعالى ان ذلك من عزم الأمور وعامل الظرف محذوف اى خالفوا وتخلفوا وبالفارسية پس چون لازم شد امر قتال وعزم كردن اصحاب جهاد ايشان خلاف ورزيده يا زنان در خانها نشستند فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ اى فيما قالوا من الكلام المنبئ عن الحرص على الجهاد بالجري على موجبه وبالفارسية پس اگر راست كفتندى با خداى در اظهار حرص بر جهاد لَكانَ اى الصدق خَيْراً لَهُمْ من الكذب والنفاق والقعود عن الجهاد وفيه دلالة على اشتراك الكل فيما حكى عنهم من قوله تعالى لولا نزلت سورة فالمراد بهم الذين فى قلوبهم مرض واعلم انه كما يلزم الصدق والاجابة فى الجهاد الأصغر إذا كان متعينا عليه كذلك يلزم ذلك فى الجهاد الأكبر إذا اضطر اليه وذلك بالرياضات والمجاهدات على وفق اشارة المرشد او العقل السليم والا فالقعود فى بيت الطبيعة والنفس سبب الحرمان من غنائم القلب والروح وفى بذل الوجود حصول ما هو خير منه وهو الشهود والأصل الايمان واليقين نقلست كه روزى حسن بصرى نزد حبيب عجمى آمد بزيارت حبيب دو قرص جوين با پاره نمك پيش حسن نهاد حسن خوردن كرفت سائل بدر آمد حبيب آن دو قرص بدان نمك بدان سائل داد حسن همچنان بماند كفت اى(8/516)
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)
حبيب تو مرد شايسته اگر پاره علم داشتى مى بودى كه نان از پيش مهمان بر كرفتى وهمه را بسائل دادى پاره شايد داد بان و پاره بمهمان حبيب هيچ نگفت ساعتى بود غلامى بيامد وخوانى بر سر نهاد وترى وحلوى ونان پاكيزه و پانصد درم نقد در پيش حبيب نهاد حبيب درم بدرويشان داد وخوان پيش حسن نهاد وحسن پاره نان خورد حبيب كفت اى استاد تو نيك مردى اگر پاره يقين داشتى به بودى بأعلم بهم يقين بايد يعنى ان من كان له يقين تام عوضه الله تعالى خيرا من مفقوده وتداركه بفضله وجوده فلابد من بذل المال والوجود فى الجهاد الأصغر والأكبر (قال الحافظ) فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ كه كار عشق ز ما اين قدر نمى آيد فَهَلْ عَسَيْتُمْ اى يتوقع منكم يا من فى قلوبهم مرض وبالفارسية پس آيا شايد وتوقع هست از شما اى منافقان إِنْ تَوَلَّيْتُمْ امور الناس وتأمرتم عليهم اى ان صرتم متولين لامور الناس وولاة وحكاما عليهم متسلطين فتوليتم من الولاية أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ تحارصا على الملك وتهالكا على الدنيا فان من شاهد أحوالكم الدالة على الضعف فى الدين والحرص على الدنيا حين أمرتم بالجهاد الذي هو عبارة عن إحراز كل خير وصلاح ودفع كل شر وفساد وأتم مأمورون شأنكم الطاعة والقول المعروف يتوقع منكم إذا أطلقت اعنتكم وصرتم آمرين ما ذكر من الإفساد وقطع الأرحام والرحم رحم المرأة وهو منبت الولد ووعاؤه فى البطن ثم سميت القرابة والوصلة من جهة الولاد رحما بطريق الاستعارة لكونهم خارجين من رحم واحد وقرأ على رضى الله عنه ان توليتم بضم تاء وواو وكسر لام اى ولى عليكم الظلمة ملتم معهم وعاونتموهم فى الفتنة كما هو المشاهد فى هذا الاعصار وقال ابو حيان الأظهر ان المعنى ان أعرضتم ايها المنافقون عن امتثال امر الله فى القتال ان تفسدوا فى الأرض بعدم معونة اهل الإسلام على أعدائهم وتقطعوا أرحامكم لان من أرحامكم كثيرا من المسلمين فاذا لم تعينوهم قطعتم أرحامكم أُولئِكَ اشارة الى المخاطبين بطريق الالتفات إيذانا بان ذكر اهانتهم أوجب إسقاطهم عن رتبة الخطاب وحكاية أحوالهم الفظيعة لغيرهم وهو مبتدأ خبره قوله تعالى الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ
اى ابعدهم من رحمته فَأَصَمَّهُمْ عن استماع الحق لتصامهم عنه بسوء اختيارهم والاصمام كر كردن وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ لتعاميهم عما يشاهدونه من الآيات المنصوبة فى الأنفس والآفاق والاعماء كور كردن قيل لم يقل أصم آذانهم لانه لا يلزم من ذهاب الآذان ذهاب السماع فلم يتعرض لها ولم يقل أعماهم لانه لا يلزم من ذهاب الابصار وهى الأعين ذهاب الابصار قال سعدى المفتى اصمام الآذان غير إذهابها ولا يلزم من أحدهما الاخر والصمم والعمى يوصف بكل منهما الجارحة وكذلك مقابلهما من السماع والابصار ويوصف به صاحبها فى العرف المستمر وقد ورد النزيل على الاستعمالين اختصر فى الاصمام واطنب فى الاعماء مع مراعاة الفواصل وفى الآية اشارة الى اهل الطلب واصحاب المجاهدة ان أعرضتم عن طلب الحق ان تفسدوا فى ارض قلوبكم بإفساد استعدادها لقبول الفيض الإلهي وتقطعوا أرحامكم مع اهل الحب فى الله فتكونوا فى سلك أولئك الذين إلخ وهذا كما قال الجنيد قدس سره لو اقبل صديق على الله الف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته(8/517)
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25)
اكثر مما ناله يقول الفقير وقع لى فى الحرم النبوي على صاحبه السلام انى قعدت يوما عند الرأس المبارك على ما هو عادتى مدة مجاورتى فرأيت بعض الناس يسيئون الأدب فى تلك الحضرة الجليلة وذلك من وجوه كثيرة فغلبنى البكاء الشديد فاذا هذه الآية نقرأ على اذنى أولئك الذين لعنهم الله يعنى ان المسيئين للادب فى مثل هذا المقام محرومون من درجات اهل الآداب الكرام (وفى المثنوى)
از خدا جوييم توفيق ادب ... بى ادب محروم كشت از لطف رب
بى ادب تنها نه خود را داشت بد ... بلكه آتش در همه آفاق زد
هر كه بى باكى كند در راه دوست ... رهزن مردان شده نامرد اوست
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ التدبر النظر فى دبر الأمور وعواقبها اى ألا يلاحظون القرآن فلا يتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر حتى لا يقعوا فى المعاصي الموبقة أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها فلا يكاد يصل إليها ذكر أصلا وبالفارسية بلكه بر دلهاى ايشان است قفلهاى آن يعنى چيزى كه دلها را بمنزله قفلها باشد وآن ختم وطبع الهيست بران
در كه خدا بست بروى عباد ... هيچ كليدش نتواند كشاد
قفل كه او بر در دلها زند ... كيست كه بر دارد ودر وا كند
والأقفال جمع قفل بالضم وهو الحديد الذي يغلق به الباب كما فى القاموس قال فى الإرشاد أم منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من التوبيخ بعدم التدبر الى التوبيخ بكون قلوبهم مقفلة لا تقبل التدبر والتفكر والهمزة للتقرير وتنكير القلوب اما لتهويل حالهما وتفظيع شأنها بإبهام أمرها فى الفساد والجهالة كأنه قيل على قلوب منكرة لا يعرف حالها ولا يقادر قدرها فى القسوة واما لان المراد قلوب بعض منهم وهم المنافقون واضافة الأقفال إليها للدلالة على انها أقفال مخصوصة بها مناسبة لها غير مجانسة لسائر الأقفال المعهودة التي من الحديد إذ هى أقفال الكفر التي استغلقت فلا تنفتح وفى التأويلات النجمية أفلا يتدبرون القرآن فان فيه شفاء من كل داء ليفضى بهم الى حسن العرفان ويخلصهم من سجن الهجران أم على قلوب أقفالها أم قفل الحق على قلوب اهل الهوى فلا يدخلها زواجر التنبيه ولا ينبسط عليها شعاع العلم ولا يحصل لهم فهم الخطاب وإذا كان الباب متقفلا فلا الشك والإنكار الذي فيها يخرج ولا الصدق واليقين الذي هم يدعون اليه يدخل فى قلوبهم انتهى نقلست كه بشر حافى قدس سره بخانه خواهر او بيامد كفت اى خواهر بر بام ميشوم وقدم بنهاد و پاى چند بر آمد وبايستاد وتا روز همچنان ايستاده بود چون روز شد فرود آمد وبنماز جماعت رفت بامداد باز آمد خواهرش پرسيد كه ايستادن ترا سبب چهـ بود كفت در خاطرم آمد در بغداد چندين كس اند كه نام ايشان بشرست يكى جهود ويكى ترسا ويكى مغ ومرا نام بشر است وبچنين دولتى رسيده واسلام يافته درين حيرت مانده بودم كه ايشان چهـ كرده اند ازين دولت محروم ماندند ومن چهـ كرده ام كه بدين دولت رسيدم يعنى ان انفتاح أقفال القلوب من فضل علام الغيوب ولا يتيسر لكل أحد مقام القرب والقبول ورتبة الشهود والوصول وعدم تدبر القرآن انما هو من آثار الخذلان ومقتضيات الأعيان والأفكل طلب ينتهى الى حصول ارب (قال للصائب)
تو از فشاندن تخم اميد دست مدار ... كه در كرم نكند ابر نو بهار إمساك
إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ الارتداد(8/518)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)
والردة الرجوع فى الطريق الذي جاء منه لكن الردة تختص بالكفر والارتداد يستعمل فيه وفى غيره والأدبار جمع دبر ودبر الشيء خلاف القبل وكنى بهما عن العضوين المخصوصين والمعنى ان الذين رجعوا الى ما كانو عليه من الكفر وهم المنافقون الموصوفون بمرض القلوب وغيره من قبائح الافعال والأحوال فانهم قد كفروا به عليه السلام مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى بالدلائل الظاهرة والمعجزات القاهرة الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ جملة من مبتدأ وخبر وقعت خبرا لان اى سهل لهم ركوب العظائم من السول وهو الاسترخاء وقال الراغب السول الحاجة التي تحرص عليها النفس والتسويل تزيين النفس لما تحرص عليه وتصوير القبيح منه بصورة الحسن وَأَمْلى لَهُمْ وأمد لهم فى الأماني والآمال وقيل امهلهم الله ولم يعاجلهم بالعقوبة قال الراغب الاملاء الامداد ومنه قيل للمدة الطويلة ملاوة من الدهر وملوة من الدهر ذلِكَ الارتداد كائن بِأَنَّهُمْ اى بسبب ان المنافقين المذكورين قالُوا سرا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ اى لليهود الكارهين لنزول القرآن على رسول الله عليه السلام مع علمهم بانه من عند الله حسدا وطمعا فى نزوله عليهم سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وهو ما أفاده قوله تعالى الم تر الى الذين نافقوا يقولون لاخوانهم الذين كفروا من اهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا ابدا وان قوتلتم لننصرنكم وهم بنوا قريظة والنضير الذين كانوا يوالونهم ويودونهم وأرادوا بالبعض الذي اشاروا الى عدم اطاعتهم فيه اظهار كفرهم وإعلان أمرهم بالفعل قبل قتالهم وإخراجهم من ديارهم فانهم كانوا يأبون ذلك قبل مساس الحاجة الضرورية الداعية اليه لما كان لهم فى اظهار الايمان من المنافع الدنيوية وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ اى اخفاءهم لما يقولون لليهود فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ اى يفعلون فى حياتهم ما يفعلون من الحيلة فكيف يفعلون إذا قبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ بمقامع الحديد وادبارهم ظهورهم وخلفهم (قال الكاشفى) مى زنند رويهاى ايشان كه از حق بگردانيده اند و پشتهاى ايشان كه بر اهل حق كرده اند والجملة حال من فاعل توفتهم وهو تصوير لتوفيهم على اهول الوجوه وأفظعها وعن ابن عباس رضى الله عنهما لا يتوفى أحد على معصية الا تضرب الملائكة وجهه ودبره ذلِكَ التوفى الهائل وبالفارسية اين قبض أرواح ايشان بدين وصف بِأَنَّهُمُ اى بسبب انهم اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ من الكفر والمعاصي يعنى متابعت كردند آن چيزى را كه بخشم آورد خداى تعالى را يعنى موجب غضب وى كردد وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ اى ما يرضاه من الايمان والطاعة حيث كفروا بعد الايمان وخرجوا عن الطاعة بما صنعو من المعاملة مع اليهود فَأَحْبَطَ لاجل ذلك أَعْمالَهُمْ التي عملوها حال ايمانهم من الطاعات او بعد ذلك من اعمال البر التي لو عملوها حال الايمان لانتفعوا بها فالكفر والمعاصي سبب لاحباط الأعمال وباعث على العذاب والنكال قال الامام الغزالي رحمه الله الفاجر تنسل روحه كالسفود من الصوف المبلول والميت الفاجر يظن ان بطنه قد ملئت شوكا وكان نفسه يخرج من ثقب ابرة وكأنما السماع انطبقت على الأرض وهو بينهما ولهذا سئل كعب الاخبار عن الموت فقال كغصن شجر ذى شوك(8/519)
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)
ادخل فى جوف رجل فجذبه انسان شديد البطش ذو قوة فقطع ما قطع وأبقى ما أبقى وقال النبي عليه السلام لسكرة من سكرات الموت امر من ثلاثمائة ضربة بالسيف وعند وقت الهلاك يطعنه الملائكة بحربة مسمومة قد سقيت سما من نار جهنم فتفر النفس وتنقبض خارجة فيأ خذها الملك فى يده وهى ترعد أشبه شىء بالزئبق على قدر النحلة شخصا انسانيا يناولها الملائكة الزبانية وهى ملائكة العذاب هذا حال الكافر والفاجر واما المؤمن المطيع فعلى خلاف هذا لانه اهل الرضى قال ميمون بن مهران شهدت جنازة ابن عباس رضى الله عنهما بالطائف فلما وضع على المصلى ليصلى عليه جاء طائر ابيض حتى وقع على أكفانه ثم دخل فيها فالتمس ولم يوجد فلما سوى عليه سمعنا صوتا وما رأيتا شخصا يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى فعلى العاقل ان يتهيا للموت ولا يضيع الوقت (قال الصائب)
ترا فكر حاصلى هست از حيات خود غنيمت دان ... كه من از حاصل دوران غم بى حاصلى دارم
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ اى المنافقون فان النفاق مرض قلبى كالشك ونحوه أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ فأم منقطعة وان مخففة من أن والاضغان جمع ضغن بالكسر وهو الحقد وهو إمساك العداوة فى القلب والتربص لفرصتها وبه شبه الناقة فقالوا ذات ضغن والمعنى بل احسب الذين فى قلوبهم حقد وعداوة للمؤمنين ان لن يخرج الله أحقادهم ولن ببرزها لرسول الله وللمؤمنين فتبقى أمورهم مستورة اى ان ذلك مما يكاد يدخل تحت الاحتمال وفى بعض الآثار لا يموت ذو زيغ فى الدين حتى يفتضح وذلك لانه كحامل الثوم فلابد من أن تظهر رائحته كما ان الثابت فى طريق السنة كحامل المسك إذ لا يقدر على إمساك رائحته
اگر مسك خالص ندارى مكوى ... وكر هست خود فاش كردد ببوى
وَلَوْ نَشاءُ إراءتهم وبالفارسية واگر ما خواهيم لَأَرَيْناكَهُمْ لعرفناكم بدلائل تعرفهم بأعيانهم معرفة متأخمة للرؤية فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ بعلامتهم التي نسمهم بها قال فى القاموس السومة بالضم والسمية والسيما والسيميا بكسرهن العلامة وذكر فى السوم وعن انس رضى الله عنه ما خفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شىء من المنافقين كان يعرفهم بسيماهم ولقد كنا فى بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين يشكون فيهم الناس فناموا ذات ليلة وأصبحوا وعلى وجه كل منهم مكتوب هذا منافق وفى عين المعاني وعلى جبهة كل واحد مكتوب كيئة الوشم هذا منافق واللام لام الجواب كررت فى المعطوف للتأكيد والفاء لترتيب المعرفة على الاراءة وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ اللام جواب قسم محذوف ولحن القول فحواه ومعناه وأسلوبه او امالته الى جهة تعريض وتورية يعنى بشناسى تو ايشانرا در كردانيدن سخن از صوب صواب بجهت تعريض وتوريت ومنه قيل للمخطىء لاحن لعدله بالكلام عن سمت الصواب وفى الحديث لعل بعضكم الحن بحجته من بعض اى اذهب بها فى الجهات قال فى المفردات اللحن صرف الكلام عن سننه الجاري عليه اما بازالة الاعراب او التصحيف وهو المذموم وذلك اكثر استعمالا واما بإزالته عن التصريح وصرفه بمعناه الى تعريض وفحوى وهو محمود من حيث البلاغة عند اكثر الأدباء واليه قصد بقول الشاعر فخير الأحاديث ما كان(8/520)
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)
لحا وإياه قصد بقوله ولتعرفنهم فى لحن القول ومنه قيل للفطنة لما يقتضى فحوى الكلام لحن انتهى وفى المختار اللحن الخطأ فى الاعراب وبابه قطع واللحن بفتح الحاء الفطنة وقد لحن من باب طرب وفى الحديث لعل أحدكم الحن بحجته اى أفطن بها انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما هو قولهم ما لنا ان اطعنا من الثواب ولا يقولون ما علينا ان عصينا من العقاب قال بعض الكبار الأكابر والسادات يعرفون صدق المريد من كذبه بسؤاله وكلامه لان الله يقول ولتعرفنهم فى لحن القول وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ فيجازيكم بحسب قصدكم وهذا وعد للمؤمنين وإيذان بان حالهم بخلاف حال المنافقين وفى الآية اشارة الى ان من مرض القلوب الحسبان الفاسد والظن الكاذب فظنوا ان الله لا يطلع على خبث عقائدهم ولا يظهره على رسوله وليس الأمر كما نوهموه بل الله فضحهم وكشف تلبيسهم بالأخبار والتعريف مع ان المؤمن ينظر بنور الفراسة والعارف ينظر بنور التحقيق والنبي عليه السلام ينظر بالله فلا يستتر عليه شىء فالاعمال التي تصدر بخباثة النيات لها شواهد عليها كما سئل سفيان بن عيينة رحمه الله هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبان ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه إذا هم العبد بحسنة فاح من فيه رائحة المسك فيعلمون ذلك فيكتبونها حسنة فاذا هم بسيئة استقر عليها قلبه فاح منه ريح النتن ففى كل شى شواهد الا ترى ان الحارث بن اسد المحاسبى رحمه الله كان إذا قدم له طعام فيه شبهة ضرب عرقه على إصبعه وكأم ابى يزيد البسطامي رحمهما الله ما دامت حاملا بأبى يزيد لا تمتد يدها الى طعام حرام وآخر ينادى ويقال له تورع وآخر يأخذه الغثيان وآخر بصير الطعام امامه دما وآخر يرى عليه سوادا وآخر يراه خنزيرا الى أمثال هذه المعاملات التي خص الله بها أولياءه وأصفياءه فعليك بالمراقبة مع الله والورع فى المنطق فانه من الحكمة وهل يكب الناس على مناخرهم فى النار الا حصائد ألسنتهم قال مالك بن انس رضى الله عنه من عد كلامه من عمله قل كلامه والتزم اربعة الدعاء للمسلمين بظهر الغيب وسلامة الصدر وخدمة الفقراء وكان مع كل أحد على نفسه قال بعض الكبار انصت لحديث الجليس ما لم يكن هجرا فان كان هجرا فانصحه فى الله ان علمت منه القبول بألطف النصح والا فاعتذر فى الانفصال فان كان ما جاء به حسنا فحسن الاستماع ولا تقطع عليه حديثه
سخن را سرست اى خردمند وبن ... مياور سخن در ميان سخن
خداوند تدبير وفرهنك وهوش ... نكويت سخن تا نبيند خموش
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بالأمر بالقتال ونحوه من التكاليف الشاقة اعلاما لا استعلاما او نعاملكم معاملة المختبر ليكون ابلغ فى اظهار العذاب حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ على مشاق الجهاد علما فعليا يتعلق به الجزاء وقد سبق تحقيق المقام بما لا مزيد عليه من الكلام وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ الاخبار بمعنى المخبر بها اى ما يخبر به عن أعمالكم فيظهر حسنها وقبحها لان الخبر على حسب المخبر عنه ان حسنا فحسن وان قبيحا فقبيح ففيه اشارة الى ان بلاء الاخبار كناية عن بلاء الأعمال (قال الكاشفى) تا مى از ماييم خبرها شما را كه ميكوييد در ايمان يعنى تا صدق وكذب آن همه را آشكارا شود وكان الفضيل رحمه الله إذا قرأ هذه الآية بكى وقال اللهم لا تبلنا(8/521)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35) إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)
فانك ان بلوتنا هتكت استارنا وفضحتنا وفيه اشارة الى انه بنار البلاء يخلص إبريز الولاء قيل البلاء للولاء كاللهب للذهب فان بالابتلاء والامتحان تتبين جواهر الرجال فيظهر المخلص ويفتضح المنافق وعند الامتحان يكرم الرجل او يهان والله تعالى عالم بخصائص جواهر الإنسان من الأزل الى الابد لانه خلقها على أوصافها من السعادة والشقاوة الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير وبتغير أحوال الجواهر فى الأزمان المختلفة لا يتغير علم الله فانه تعالى يراهم فى حالة واحدة وتغيرات الأحوال كلها كما هى بحيث لا يشغله حالة عن حالة وانما يبلو للاعلام والكشف عن حقيقة الحال قال بعض الكبار العارفون يعرفون بالأبصار ما تعرفه الناس بالبصائر ويعرفون بالبصائر ما لم يدرك أحد فى النادر ومع ذلك فلا يأمنون على نفوسهم من نفوسهم فكيف يأمنون على نفوسهم من مقدورات ربهم مما يقطع الظهور وكان الشيخ عبد القادر الجليلى قدس سره يقول أعطاني الله تعالى ثلاثين عهدا وميثاقا ان لا يمكر بي فقيل له فهل امنت مكره بعد ذلك فقال حالى بعد ذلك كحالى قبل العهد والله عزيز حكيم فاذا كان حال العارف الواقف هكذا فما حال الجاهل الغافل فلابد من اليقظة بر غفلت سياه دلان خنده مى زند غافل مشو ز خنده دندان نماى صبح إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا اى منعوا الناس عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى عن دين الإسلام الموصل الى رضى الله تعالى وَشَاقُّوا الرَّسُولَ وعادوه وخالفوه وصارو فى شق غير شقه والمخالفة اصل كل شر الى يوم القيامة مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى بما شاهدوا نعته عليه السلام فى التوراة وبما ظهر على يديه من المعجزات ونزل عليه من الآيات وهم قريضة والنضير أو المطعمون يوم بدر وهم رؤساء قريش لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ بكفرهم وصدهم شَيْئاً من الأشياء يعنى زيانى نتواند رسانيد خدايرا چيزى يعنى از كفر ايشان اثر ضررى بدين خداى و پيغمبر او نرسد بلكه شرر آن شر بديشان عائد كردد او شيأ من الضرر او لن يضروا رسول الله بمشاقته شيأ وقد حذف المضاف لتعظيمه وتفظيع مشاقته وَسَيُحْبِطُ السين لمجرد التأكيد أَعْمالَهُمْ اى مكايدهم التي نصبوها فى ابطال دينه تعالى ومشاقة رسوله فلا يصلون بها الى ما كانوا يبغون من الغوائل ولا يتم لهم الا القتل كما لقريظة واكثر المطعمين ببدر والجلاء عن أوطانهم كما للنضير يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فى العقائد والشرائع كلها فلا تشاقوا الله ورسوله فى شىء منها وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ اى بمثل ما أبطل به هؤلاء أعمالهم من الكفر والنفاق والرياء والمن والأذى والعجب وغيرها وفى الحديث ان العجب يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب
در هر عملى كه عجب ره يافت ... رويش زره قبول بر تافت
اى كشته بكار خويش مغرور ... وز دركه قرب كشته مهجور
تا چند ز عجب وخود نمايى ... وز دبدبه منى ومايى
معجب مشو از طريق تلبيس ... كز عجب بچهـ فتاد إبليس
وليس فيه دليل على احباط الطاعات بالكبائر على ما زعمت المعتزلة والخوارج فان جمهورهم على ان بكبيرة واحدة تحبط جميع الطاعات حتى ان من عبد الله طول عمره ثم شرب جرعة من خمر فهو كمن لم يعبده قط وفى الآية اشارة الى ان كل عمل وطاعة لم يكن بامر الله وسنة(8/522)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)
رسوله فهو باطل لم يكن له ثمرة لانه صدر عن الطبع والطبع ظلمانى وانما جاء لشرع وهو نورانى لبزيل ظلمة الطبع بنور الشرع فيكون مثمرا وثمرته ان يخرجكم من الظلمات الى النور أي من ظلمات الطبع الى نور الحق فعليك بالاطاعة واستعمال الشريعة وإياك والمخالفة والإهمال نقلست كه احمد حنبل وشافعى رضى الله عنهما نشسته بودند حبيب عجمى از كوشه در آمد احمد كفت من او را سؤالى كنم شافعى كفت ايشانرا سؤال نشايد كرد كه ايشان قومى عجب باشند احمد كفت چاره نيست چون حبيب فرا رسيد احمد كفت چهـ كويى در حق كسى كه ازين پنج نماز يكى ازو فوت شده است ونمى داند كه كدامست حبيب كفت هذا قلب غفل عن الله فليؤدب يعنى اين دل كسى بود كه از خداوند غافل بود او را ادب بايد كرد در جواب او متحير شد شافعى كفت نكفتم كه ايشانرا سؤال نشايد كرد والجواب فى الشريعة ان يقضى صلاة ذلك اليوم فالتى توافقها تكون قضاء لها والبواقي من النوافل نسأل الله الاطاعة والانقياد فى كل حال على الاطراد إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بالله تعالى ورسوله وَصَدُّوا الناس عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الموصل الى رضاه ثُمَّ ماتُوا وفارقوا الدنيا وَهُمْ كُفَّارٌ الواو للحال فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ فى الآخرة لانهم ماتوا على الكفر فيحشرون على ما ماتوا عليه كما ورد تموتون كما تعيشون وتحشرون كما تموتون وهو حكم يعم كل من مات على الكفر وان صح نزوله فى اصحاب القليب وهو كأمير البئر او لعادية القديمة منها كما فى القاموس والمراد البئر التي طرح فيها جيف الكفار المقتولين يوم بدر واما البئر التي سقى منه المشركون ذلك اليوم وهى بئر لماء فهى منتنة الآن سمعته من بعض اهل بدر حين مرورى بها فَلا تَهِنُوا من الوهن وهو الضعف والفاء فصيحة اى إذا تبين لكم بما يتلى عليكم ان الله عدوهم يبطل أعمالهم فلا يغفر لهم فلا تهنوا اى لا تضعفو فان من كان الله عليه لا يفلح وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ مجزوم بالعطف على تهنوا والسلم بفتح السين وكسرها لغتان بمنى الصلح اى ولا تدعوا الكفار الى الصلح فورا فان ذلك فيه ذلة يعنى طلب صلح مكنيد از ايشان كه نشانه ضعف وتذلل شما بود وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ جمع الأعلى بمعنى الأغلب أصله اعليون فكرهوا الجمع بين اخت الكسرة والضمة اى الأغلبون وقال الكلبي آخر الأمر لكم وان غلبوكم فى بعض الأوقات وهى جملة حالية مقررة لمعنى النهى مؤكدة لوجوب الانتهاء وكذا قوله تعالى وَاللَّهُ مَعَكُمْ فان كونهم الاغلبين وكونه تعالى معهم اى ناصرهم فى الدارين من أقوى موجبات الاجتناب عما يوهم الذل والضراعة وكذا توفيته تعالى لأجور الأعمال حسبما يعرب عنه قوله تعالى وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ الوتر كم وضائع كردن اى ولن يضيعها من وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا من ولد او أخ او حميم فافردته منه من الوتر الذي هو الفرد وفى القاموس وتر الرجل افزعه وأدركه بمكروه ووتره ماله نقصه إياه انتهى وعبر عن ترك الاثابة فى مقابلة الأعمال بالوتر الذي هو اضاعة شىء معتد به من الأنفس والأموال مع ان الأعمال غير موجبة للثواب على قاعدة اهل السنة إبراز الغاية اللطف بتصوير الصواب بصورة الحق المستحق وتنزيل ترك الاثابة بمنزلة اضاعة(8/523)
إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37)
أعظم الحقوق واتلافها وفى الحديث القدسي انما هى أعمالكم ثم اؤديكم إياها وهى ضمير القصة يعنى ما جزاء أعمالكم الا محفوظ عندى لاجلكم ثم أؤديها إليكم وافية كاملة وعن ابى ذر رضى الله عنه رفعه يقول الله تعالى انى حرمت الظلم على نفسى وحرمته على عبادى فلا تظالموا فاذا كان الله منزها عن الظلم ونقص جزاء الأعمال فليطلب العبد نفسا بل لا ينبغى له ان يطلب الاجر لان الله تعالى أكرم الأكرمين فيعطيه فوق مطلوبه
تو بندگى چوكدايان بشرط مزد مكن ... كه دوست خود روش بنده پرورى داند
(وفى المثنوى)
عاشقانرا شادمانى وغم اوست ... دست مزد واجرت خدمت هم اوست
غير معشوق از تماشايى بود ... عشق نبود هرزه سودايى بود
عشق آن شعله است كو چون برفروخت ... هر چهـ جز معشوق باقى جمله سوخت
قال ابو الليث رحمه الله فى تفسيره وفى الآية دليل على ان أيدي المسلمين إذا كانت عالية على المشركين لا ينبغى ان يجيبوهم الى الصلح لان فيه ترك الجهاد وان لم تكن يدهم عالية فلا بأس بالصلح لقوله تعالى وان جنحوا للسلم فاجنح لها اى ان مالوا الى الصلح فمل اليه وكذا قال غيره هذا نهى للمسلمين عن طلب صلح الكافرين قالوا وهو دليل على انه عليه السلام لم يدخل مكة صلحا لانه نهى عن الصلح وكذا قال الحدادي فى تفسيره فى سورة النساء لا يجوز مهادنة الكفار وترك أحد منهم على الكفر من غير جزية إذا كان بالمسلمين قوة على القتال واما إذا عجزوا عن مقاومتهم وخافوا على أنفسهم وذراريهم جاز لهم مهادنة العدو من غير جزية يؤدونها إليهم لان حظر الموادعة كان بسبب القوة فاذا زال السبب زال الحظر انتهى والجمهور على ان مكة فتحت عنوة اى قهرا لا صلحا لوقوع القتال بها ولو كان صلحا لما قال عليه السلام من دخل دار أبى سفيان فهو آمن الى آخر الحديث إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا عند اهل البصيرة لَعِبٌ وَلَهْوٌ باطل وغرور لا اعتبار بها ولا ثبات لها الا أياما قلائل وبالفارسية جز اين نيست كه زندكانىء دنيا بازيست ناپايدار ومشغولى بى اعتبار يقال لعب فلان إذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا واللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه وفى الخبر ان الله تعالى خلق ملكا وهو يمد لا اله من أول الدنيا فاذا قال الا الله قامت القيامة وفيه اشارة الى ان الدنيا وما فيها من أولها الى آخرها لا وجود لها فى الحقيقة وانما هى امر عارض زائل والله هو الأزلي الابدى وَإِنْ تُؤْمِنُوا ايها الناس بما يجب به الايمان وَتَتَّقُوا عن الكفر والمعاصي يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ اى ثواب ايمانكم وتقواكم من الباقيات الصالحات التي يتنافس فيها المتنافسون وفى الآية حث على طلب الآخرة العلية الباقية وتنفير عن طلب الدنيا الدنية الفانية
مكن تكيه بر ملك وجاه وحشم ... كه پيش از تو بودست وبعد از تو هم
بدنيا توانى كه عقبى خرى ... بخر جان من ور نه حسرت خورى
وَلا يَسْئَلْكُمْ اى الله تعالى أَمْوالَكُمْ الجمع المضاف من صيغ العموم فالمراد جميع أموالكم بحيث يخل أداؤها بمعاشكم وانما اقتصر على شىء قليل منها وهو ربع العشر او العشر تؤدونها الى فقرائكم فطيبوا بها نفسا إِنْ يَسْئَلْكُمُوها اى أموالكم فَيُحْفِكُمْ اى يجهدكم بطلب الكل وبالفارسية پس مبالغه كند در خواستن يعنى كويد همه را نفقه كنيد وذلك(8/524)
هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)
فان الإحفاء والالحاف المبالغة وبلوغ الغاية يقال احفى شاربه اى استأصله اى قطعه من أصله تَبْخَلُوا بها فلا تعطوا وَيُخْرِجْ اى الله تعالى ويعضده القراءة بنون العظمة أو البخل لانه سبب الاضغان أَضْغانَكُمْ اى احقادكم وقد سبق تفسيره فى هذه السورة قال فى عين المعاني اى يظهر أضغانكم عند الامتناع وقال قتادة علم الله ان ابن آدم ينقم ممن يريد ماله ويقال ويخرج ما فى قلوبكم من حب المال وهذه المرتبة لمن يوقى شح نفسه فاما الأحرار عن رق الكونين ومن علت رتبتهم فى طلب الحق فلا يسامحون فى استبقاء ذرة ويطالبون ببذل الروح والتزام الغرامات فان المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ها أَنْتُمْ ها تنبيه بمعنى آگاه باشيد وكوش داريد وأنتم كلمة على حدة وهو مبتدأ خبره قوله هؤُلاءِ اى أنتم ايها المخاطبون هؤلاء الموصوفون يعنى فى قوله تعالى ان يسألكموها الآية تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ استئناف مقرر لذلك حيث دل على انهم يدعون لا نفاق بعض أموالهم فى سبيل الله فيبخل ناس منهم او صلة لهؤلاء على أنه بمعنى الذين اى ها أنتم الذين تدعون ففيه توبيخ عظيم وتحقير من شأنهم والانفاق فى سبيل الله يعم نفقة الغزو والزكاة وغيرهما فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ بالرفع لان من هذه ليست بشرط اى ناس يبخلون وهو فى حيز الدليل على الشرطية الثانية كأنه قيل الدليل عليه انكم تدعون الى أداء ربع العشر فمنكم ناس يبخلون به وَمَنْ يَبْخَلْ بالجزم لان من شرط فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ فان كلا من نفع الانفاق وضرر البخل عائد اليه والبخل يستعمل بعن وعلى لتضمنه معنى الإمساك والتعدي اى فانما يمسك الخير عن نفسه بالبخل وَاللَّهُ الْغَنِيُّ عنكم وعن صدقاتكم دون من عداه وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ اليه والى ما عنده من الخير فما يأمركم به فهو لاحتياجكم الى ما فيه من المنافع فان امتثلتم فلكم وان توليتم فعليكم قال الجنيد قدس سره الفقر يليق بالعبودية والغنى يليق بالربوبية ويلزم الفقر من الفقر ايضا وهو الغنى التام ولذلك قال ابن مشيش للشيخ ابى الحسن الشاذلى قدس الله سرهما لئن لقيته بفقرك لتلقينه بالصنم الأعظم وبتمام الفقر يصح الغنى عن الغير فيكون متخلقا بالغنى وفى التأويلات النجمية والله الغنى لذاته بذاته ومن غناه تمكنه من تنفيذ مراده واستغناؤه عما سواه وأنتم الفقراء الى الله فى الابتداء ليخلقكم وفى الوسط ليربيكم وفى الانتهاء ليغنيكم عن انانيتكم ويبقيكم بهويته فالله غنى عنكم من الأزل الى الابد وأنتم الفقراء محتاجون اليه من الأزل الى الابد
مر او را رسد كبريا ومنى ... كه ملكش قديمست وذاتش غنى
ولما كان الله غنيا جوادا أحب ان يتخلق عباده بأخلاقه فأمرهم بالبذل والانفاق فان السخاء سائق الى الجنة والرضى والقربة در خبرست كه خالد بن وليد از سفرى باز آمد از جانب روم وجماعتى از ايشان أسير آورده رسول عليه السلام بر ايشان اسلام عرضه كرد قبول نكردند بفرمود تا چند كس را از ايشان بكشتند بآخر جوانى را بياوردند كه او را بكشند خالد ميكويد تيغ بر كشيدم تا بزنم رسول عليه السلام كفت آن يكى را مزان يا خالد كفتم يا رسول الله در ميان اين قوم هيچ كس در كفر قوى تر ازين جوان نبوده است رسول(8/525)
فرمود جبريل امده وميكويد كه اين يكى را مكش كه او در ميان قوم خويش جوانمرد بوده است وجوانمرد را كشتن روا نيست آن جوان كفت چهـ بوده است كه مرا بياران خود نرسانيديد كفتند در حق تو وحي آمده است اى بشير ترا درين سراى با كافر جوانمرد عتاب نيست وما را دران سراى با مؤمن جوانمرد حساب نيست آن جوان كفت اكنون بدانستم كه دين شما حقست وراست ايمان بر من عرضه كنيد كه از جوانمردى من جز قوم من خبر نداشتند اكنون يقين همى دانم كه اين سيد راست كويست اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله پس رسول خدا فرمود كه آن جوانمرد خلعت ايمان ببركت جوانمردى يافت
جوانمرد اگر راست خواعى وليست ... كرم پيشه شاه مردان عليست
وَإِنْ تَتَوَلَّوْا عطف على ان تؤمنوا اى وان تعرضوا عن الايمان والتقوى وعما دعاكم اليه ورغبكم فيه من الانفاق فى سبيله يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ اى يذهبكم
ويخلق مكانكم قوما آخرين ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ فى التولي عن الايمان والتقوى والانفاق بل يكونوا راغبين فيها وكلمة ثم للدلالة على ان مدخولها مما يستبعده المخاطب لتقارب الناس فى الأحوال واشتراك الجل فى الميل الى المال والخطاب فى تتولوا لقريش والبدل الأنصار وهذا كقوله تعالى قان يكفر بها هؤلاء فقد وكلتا بها قوما ليسوا بها بكافرين او للعرب والبدل العجم وأهل فارس كما روى انه عليه السلام سئل عن القوم وكان سلمان الى جنبه فضرب على فخذه فقال هذا وقومه والذي نفسى بيده لو كان الايمان منوطا بالثريا اى معلقا بالنجم المعروف لتناوله رجال من فارس فدل على انهم الفرس الذين اسلموا وفيه فضيلة لهذه القبيلة وفى الحديث خيرتان من خلقه فى ارضه قريش خيرة الله من العرب وفارس خيرة الله من العجم كما فى كشف الاسرار ودر لباب آورده كه ابو الدرداء رضى الله عنه بعد از قرائت اين آيت مى كفت ابشروا يا بنى فروخ ومراد پارسيانند قال فى القاموس فروخ كتنور أخو إسماعيل واسحق ابو العجم الذين فى وسط البلاد انتهى وفيه اشارة الى منقبة قوم يعرفون بخواجگان ونحوهم من كبار اهل الفرس وعظماء اهل الله منهم وهم كثيرون ومنهم الشيخ سعدى الشيرازي وقد تقطب من الفجر لى الظهر ثم تركه باختياره على ما فى الواقعات المحمودية ثم هذا يدل على ان الله تعالى قد استبدل باولئك الكفار غيرهم من المؤمنين وقيل معناه وان تتولوا كلكم عن الايمان فحينئذ يستبدل غيركم قال تعالى ولولا ان يكون الناس امة واحدة الآية قال بعضهم لا يستقر على حقيقة بساط العبودية الا أهل السعادة ألا تراه يقول وان تتولا الاية وفى الآية اشارة الى ان الإنسان خلق ملولا غير ثابت فى صلب الحق تعالى وان من خواصهم من يرغب فى طلب الحق بالجد والاجتهاد من حسن استعداده الروحاني ثم فى أثناء السلوك بمجاهدة النفس ومخالفة هواها بظمأ النهار وسهر الليل تمل النفس من مكايدة الشيطان وطلب الرحمة فيتولى عن الطلب بالخذلان ويبتلى بالكفران ان لم يكن معانا بجذبة العناية وحسن الرعاية فالله تعالى قادر على ان يستبدل به قوما آخرين فى الطلب صادقين وعلى قدم العبودية ثابتين وقد داركتهم جذبات العناية موفقين للهداية وهم أشد رغبة وأعز رهبة منكم ثم لا يكونوا أمثالكم فى الاعراض(8/526)
بعد الإقبال والإنكار بعد الإقرار وترك الشكر والثناء بل يكونوا خيرا منكم فى جميع الأحوال إظهارا للقدرة على ما يشاء والحكمة فيما يشاء كذا فى التأويلات النجمية تمت سورة القتال بعون الملك المتعال وقت الضحوة الكبرى من يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من ذى الحجة الشريف من السنة الثالثة عشرة بعد مائة وألف من هجرة من له العز والشرف(8/527)
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)
الجزء التاسع
من تفسير روح البيان
تفسير سورة الفتح
(بسم الله الرحمن الرحيم)
سورة الفتح سبع وعشرون آية مدنية بلا خلاف نزلت في رجع رسول الله عن مكة عام الحديبية وقال الزهري نزلت سورة الفتح من أولها الى آخرها بين مكة والمدينة فى شان الحديبية قال البقاعي نزلت بضجنان بفتح الضاد المعجمة والجيم والنونين فى القاموس ضبجنان كسكران جبل قرب مكة وفى انسان العيون نزلت بكراع الغميم وهو موضع على ثلاثة أميال من عسفان وهو كعثمان موضع على مرجلتين من مكة فان قلت إذا لم تتزل بالمدينة كيف تكون مدنية قلت المدني فى الاصطلاح ما نزل بعد الهجرة نزل بالمدينة او غيرها كما ان المكي ما نزل قبلها كما فى حواشى سعدى المفتى إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فتح البلد عبارة عن الظفر به عنوة او صلحا بحرب او بدونه فانه ما لم يظفر منغلق مأخوذ من فتح باب الدار قال فى عين المعاني الفتح هو الفرج المزيل للهم لان المطلوب كالمنغلق فاذا نيل انفتح وفى المفردات الفتح ازالة الاغلاق والاشكال وذلك ضربان أحدهما يدرك بالبصر نحو فتح الباب والغلق والغفل والمتاع نحو قوله ولما فتحوا متاعهم والثاني ما يدرك بالبصيرة كفتح الهم وهو ازالة الغم وذلك ضربان أحدهما في الأمور الدنيوية كغم يفرج وفقر يزال بإعطاء المال ونحوه والثاني فتح المستغلق من العلوم نحو قولك فلان فتح من العلم بابا مغلقا انتهى واسناده الى نون العظمة لاستناد افعال العباد اليه تعالى خلقا وإيجادا والمراد فتح مكة وهو المروي عن انس رضى الله عنه بشربه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انصرافه من الحديبية والتعبير عنه بصيغة الماضي على سنن سائر الاخبار الربانية للايذان تحققه لا محاله تأكيدا للتبشير كما ان تصدير الكلام بحرف التحقيق كذلك وفيه من الفخامة(9/2)
المنبئة عن عظمة شأن المخبر جل جلاله وعز سلطانه ما لا يخفى وحذف المفعول للقصد الى نفس الفعل والإيذان بان مناط التبشير نفس الفتح الصادر عنه سبحانه لا خصوصية المفتوح قال الامام الراغب انّا فتحنا لك يقال عنى فتح مكة ويقال بل عنى ما فتح على النبي عليه السلام من العلوم والهدايات التي هى ذريعة الى الثواب والمقام المحمود التي صارت سببا لغفران ذنوبه انتهى وسيجيء غير هذا فَتْحاً مُبِيناً اى بينا ظاهر الأمر مكشوف الحال او فارقا بين الحق والباطل وقال بعضهم المراد بالفتح المبين هو الصلح مع قريش فى غزوة الحديبية وهى كدوهية وقد تشدد بئر قرب مكة حرسها الله تعالى او شجرة حدباء كانت هنالك كما فى القاموس سمى المكان باسمها وسبيها انه صلّى الله تعالى عليه وسلّم رأى فى المنام انه دخل مكة هو وأصحابه آمنين محلقين رؤسهم ومقصرين اى بعضهم محلق وبعضهم مقصر وانه دخل البيت وأخذ مفتاحه وطاف هو وأصحابه واعتمر واخبر بذلك أصحابه ففر حواثم اخبر أصحابه انه يريد الخروج للعمرة فتجهزوا للسفر وخرج عليه السلام بعد ان اغتسل ببيته ولبس ثوبين وركب راحلته القصوى من عند بابه ومعه ألف وأربعمائة من المسلمين على الصحيح وابطأ عليه كثير من اهل البوادي خشية قريش وساق عليه السلام معه الهدى سبعين بدنة وكان خروجه يوم الاثنين غرة ذى القعدة من السنة السادسة من الهجرة فلما وصل الى ذى الحليفة وهو ميقات المدنيين صلى بالمسجد الذي ركعتين واحرم بالعمرة واحرم معه غالب أصحابه ومنهم من لم يحرم الامن الجحفة وهو ميقات اهل الشام وانما خرج معتمرا ليأمن اهل مكة ومن حولها من حربه وليعلموا انه عليه السلام انما خرج زائر للبيت فلما كان الاصحاب فى بعض المحال اقبلوا نحوه عليه السلام وكان بين يديه ركوة يتوضأ منها فقال ما لكم فقالوا يا رسول الله ليس عندنا ماء نشرب ولا ماء نتوضأ منه الا فى ركوتك فوضع رسول الله يده فى الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه الشريفة أمثال العيون فشربوا وتوضأوا حتى قال جابر رضى الله عنه لو كنا مائة الف لكفانا وهو اعجب من نبع الماء لموسى عليه السلام من الحجر فان نبعه من الحجر متعارف معهود واما من بين اللحم والدم فلم يعهد وانما لم يخرجه عليه السلام بغير ملامسة ماءتأدبا مع الله لانه المنفرد بإبداع المعدومات من غير اصل وأرسل عليه السلام بشر بن سفيان الى مكة عينا له فلما كانوا بعسفان جاء
وقال يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بخروجك فلبسوا جلود النمر أي أظهروا العداوة والحقد واستنفروا من أطاعهم من الأحابيش وهى قبيلة عظيمة من العرب ومعهم زادهم ونساؤهم وأولادهم ليكون ادعى لعدم الفرار وقد نزلوا بذي طوى وهو موضع بمكة مثلث الطاء ويصرف كما فى القاموس يعاهدون الله ان لا ندخلها عليهم عنوة ابدا فقال عليه السلام أشيروا على ايها الناس أتريدون ان نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه وقال المقداد يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون فقال عليه السلام فامضوا على اسم الله فساروا ثم قال هل من رجل يخرجنا عن طريق الى غير طريقهم التي هم بها فقال رجل من اسلم وهو ناجية بن جندب(9/3)
انا يا رسول الله فسلك بهم طريقا وعراثم افضوا الى ارض سهلة ثم امر رسول الله أن يسلكوا طريقا يخرجهم على مهبط الحديبية من أسفل مكة فسلكوا ذلك الطريق فلما نزلوا بالحديبية نزح ماؤها حتى لم يبق فيها قطرة ماء فاشتكى الناس الى رسول الله العطش وكان الحر شديدا فاخرج عليه السلام سهما من كنانته ودفعه الى البرآء ابن عازب وامره ان يغرزه فى جوف البئر او تمضمض رسول الله ثم مجه فى البئر فجاش الماء ثم امتلأت البئر فشربوا جميعا ورويت إبلهم وفى التفاسير ولم ينفد ماؤها بعد وفى انسان العيون فلما ارتحلوا من الحديبية أخذ البراء السهم فجف الماء كان لم يكن هناك شىء فلما اطمأن رسول الله بالحديبية أتاه بديل بن ورقاء وكان سيد قومه فسأله ما الذي جاء به فاخبره انه لم يأت يريد حربا انما جاء زائرا للبيت فلما رجع الى قريش لم يستمعوا وأرسلوا الحليس بن علقمة وكان سيدا لا حابيش فلم يعتمدوا عليه ايضا وأرسلوا عروة بن مسعود الثقفي عظيم الطائف ومتمول العرب ولما قام عروة بالخبر من عنده عليه السلام وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يغسل يديه الا ابتدروا وضوءه اى كادوا يقتتلون عليه ولا يبصق بصاقا الا ابتدروه اى يدلك به من وقع فى يده وجهه وجلده ولا يسقط من شعره شىء الا أخذوه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ولا يحدون النظر اليه تعظيما له فقال يا معشر قريش انى جئت كسرى فى ملكه وقيصر فى ملكه والنجاشي فى ملكه والله ما رأيت ملكا فى قوم قط مثل محمد فى أصحابه أخاف ان لا تنصروا عليه فقالت له قريش لا تتكلم بهذا يا أبا يعفور ولكن نرده عامنا هذا ويرجع من قابل فقال ما أراكم الا ستصيبكم قارعة ثم انصرف هو ومن معه الى الطائف واسلم بعد ذلك ودعا عليه السلام خراش بن امية الخزاعي فبعثه الى قريش وحمله عليه السلام على بعير له يقال له الثعلب ليبلغ اشرافهم عنه ما جاء له فعقر وأجمل رسول الله وأرادوا قتل خراش فمنعه الأحابيش فخلوا سبيله حتى اتى رسول الله وأخبره بما لقى ثم دعا رسول الله عمر بن الخطاب رضى الله عنه ليبلغ عنه اشراف قريش ما جاء له فقال يا رسول الله انى أخاف قريشا على نفسى وما بمكة من بنى عدى ابن كعب أحد يمنعنى وقد عرفت قريش عداوتى إياها وغلظتى عليها ولكن ادلك على رجل أعز بها منى عثمان بن غفان رضى الله عنه فان بنى عمه يمنعونه فدعا عليه السلام عثمان فبعثه الى اشراف قريش يخبرهم بالخبر وامر عليه السلام عثمان ان يأتى رجالا مسلمين بمكة ونساء مسلمات ويدخل عليهم ويخبرهم ان الله قرب ان يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالايمان فخرج عثمان رضى الله عنه الى مكة ومعه عشرة رجال من الصحابة بإذن رسول الله ليزوروا أهاليهم هناك فلقى عثمان قبل أن يدخل مكة ابان ابن سعيد فاجازه حتى يبلغ رسالة رسول الله وجعله بين يديه فاتى عظماء قريش فبلغهم الرسالة وهم يرددون عليه ان محمدا لا يدخل علينا ابدا فلما فرغ عثمان من تبليغ الرسالة قالوا له ان شئت فطف بالبيت فقال ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول الله وكانت قريش قد احتبست عثمان عندها ثلاثة ايام فبلغ رسول الله ان عثمان قد قتل وكذا من معه من العشرة فقال عليه
السلام لا نبرح حتى نناجز القوم اى نقاتلهم فامره الله بالبيعة فنادى مناديه ايها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس(9/4)
فاخرجوا على اسم الله فثاروا الى رسول الله وهو تحت شجرة من أشجار السمر بضم الميم شجر معروف فبايعوه على عدم الفرار وانه اما الفتح واما الشهادة وبايع عليه السلام عن عثمان اى على تقدير عدم صحة القول بقتله فوضع يده اليمنى على يده اليسرى وقال اللهم ان هذه عن عثمان فانه فى حاجتك وحاجة رسولك وسيجيء معنى المبايعة وقيل لهابيعة الرضوان لان الله تعالى رضى عنهم وقال عليه السلام لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة وقال ايضا لا يدخل النار من شهد بدر او الحديبية وأول من بايع سنان بن ابى سنان الأسدي فقال للنبى عليه السلام أبايعك على ما فى نفسك قال وما فى نفسى قال اضرب بسيفى بين يديك حتى يظهرك الله او اقتل وصار الناس يقولون نبايعك على ما بايعك عليه سنان (روى) ان عثمان رضى الله عنه رجع بعد ثلاثة ايام فبايع هو ايضا وكان محمد بن مسلمة على حرس رسول الله فبعث قريش أربعين رجلا عليهم مكرز بن حفص ليطوفوا بعسكر رسول الله ليلا رجاء أن يصيبوا منهم أحدا ويجدوا منهم غرة اى غفلة فاخذهم محمد بن مسلمة الا مكرزا فانه أفلت واتى بهم الى رسول الله فحبسوا وبلغ قريشا حبس أصحابهم فجاء جمع منهم حتى رموا المسلمين بالنبل والحجارة وقتل من المسلمين ابن رسم رمى بسهم فاسر المسلمون منهم اثنى عشر رجلا وعند ذلك بعثث قريش الى رسول الله جمعا فيهم سهيل بن عمرو فلما رآه عليه السلام قال لاصحابه سهل أمركم وكان يحب الفأل بمثل هذا فقال سهيل يا محمد ان ما كان من حبس أصحابك اى عثمان والعشرة وما كان من قتال من قاتلك لم يكن من رأى ذوى رأينا بل كنا كارهين له حين بلغنا ولم نعلم وكان من سفهائنا فابعث إلينا من أصحابنا الذين أسروا اولا وثانيا فقال عليه السلام انى غير مرسلهم حتى ترسلوا أصحابي فقالوا نفعل فبعث سهيل ومن معه الى قريش بذلك فبعثوا من كان عندهم وهو عثمان والعشرة فارسل رسول الله أصحابهم ولما علمت قريش بهذه البيعة كبرت عليهم وخافوا أن يحاربوا وأشار اهل الرأى بالصلح على أن يرجع ويعود من قابل فيقيم ثلاثا فبعثوا سهيل بن عمر وثانيا ومعه مكرز بن حفص وحويط بن عبد العزى الى رسول الله ليصالحه على ان يرجع من عامه هذا لئلا يتحدث العرب بأنه دخل عنوة ويعود من قابل فلما رآه عليه السلام مقبلا قال أراد القوم الصلح حيث بعثوا هذا الرجل اى ثانيا فالتأم الأمر بينهم على الصلح وان كان بعض الاصحاب لم يرضوا به فى أول الأمر حتى قالوا علام نعطى الدنية بفتح الدال وكسر النون وتشديد الياء النقيصة والخصلة المذمومة فى ديننا وهم مشركون ونحن مسلمون فأشار عليه السلام بالرضى ومتابعة الرسول ثم دعا عليه السلام عليا فقال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل لا اعرف هذا اى الرحمن الرحيم ولكن اكتب باسمك اللهم فكتبها لان قريشا كانت تقولها ثم قال رسول الله اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمر وفقال سهيل لو شهدت انك رسول الله لم أقاتلك ولم اصدك عن البيت ولكن اكتب اسمك واسم أبيك فقال عليه السلام لعلى رضى الله عنه امح رسول الله فقال والله ما أمحوك ابدا فقال أرنيه فأراه إياه فمحاه رسول الله بيده الشريفة وقال اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو فقال انا والله رسول الله وان كذبتمونى وانا محمد بن عبد الله وكان الصلح على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيه الناس ويكف(9/5)
بعضهم عن بعض ومن أتى محمدا من قريش ممن هو على دين محمد بغير اذن وليه رده اليه ذكرا كان او أنثى ومن اتى قريشا ممن كان مع محمد اى مرتدا ذكرا كان او أنثى لم ترده اليه وسبب الاول ان فى رد المسلم الى مكة عمارة للبيت وزيادة خير له فى الصلاة بالمسجد الحرام والطواف بالبيت فكان هذا من تعظيم حرمات الله وسبب الثاني انه ليس من المسلمين فلا حاجة الى رده وشرطوا انه من
أحب أن يدخل فى عقد محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل فى عقد قريش وعهد هم دخل فيه وان بيننا وبينكم عيبة مكفوفة اى صدورا منطوية على ما فيها لا تبدى عداوة بل منطوية على الوفاء بالصلح وانه لا إسلال ولا أغلال اى لا سرقة ولا خيانة قال سهيل وانك ترجع عامك هذا فلا تدخل مكة وانه إذا كان عام قابل خرج منها قريش فد خلتها باصحابك فأقمت بها ثلاثة ايام معك سلاح الراكب السيوف فى القرب والقوس لا تدخلها بغير هما وكان المسلمون لا يشكون فى دخولهم مكة وطوافهم بالبيت ذلك العام للرؤيا التي رآها رسول الله فلما رأوا الصلح وما تحمله رسول الله فى نفسه دخلهم من ذلك امر عظيم حتى كادوا يهلكون خصوصا من اشتراط ان يرد الى المشركين من جاء مسلما منهم وكانت بيعة الرضوان قبل الصلح وانها السبب الباعث لقريش عليه ولما فرغ رسول الله من الصلح واشهد عليه رجالا من المسلمين قام الى هديه فنحره وفرق لحم الهدى على الفقراء الذين حضروا الحديبية وفى رواية بعث الى مكة عشرين بدنة مع ناجية رضى الله عنه حتى نحرت بالمروة وقسم لحمها على فقراء مكة ثم جلس رسول الله فى قبة من أديم احمر فحلق رأسه خداش الذي بعث الى قريش كما تقدم ورمى شعره على شجرة فاخذه الناس تبركا وأخذت أم عمارة رضى الله عنها طاقات منه فكانت تغسلها للمريض وتسقيه فيبرأ بإذن الله تعالى فلما رأوا رسول الله قد نحر رافعا صوته باسم الله والله اكبر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون وقصر بعضهم كعثمان وابى قتاده رضى الله عنهما وقال عليه السلام اللهم ارحم المحلقين دون المقصرين قال لانهم لم يرجوا أن يطوفوا بالبيت بخلاف المقصرين اى لان الظاهر من حالهم انهم أخروا بقية شعورهم رجاء أن يحلقوا بعد طوافهم وأرسل الله ريحا عاصفة احتملت شعورهم فألقتها فى قرب الحرم وان كان اكثر الحديبية فى الحرم فاستبشروا بقبول عمرتهم واقام عليه السلام بالحديبية تسعة عشر او عشرين يوما ثم انصرف قافلا الى المدينة فلما كان بين الحرمين وأتى بكراع الغميم على ما فى انسان العيون وغيره أنزلت عليه سورة الفتح وحصل للناس مجاعة هموا أن يتحروا ظهورهم فقال عليه السلام ابسطوا انطاعكم وعباءكم ففعلوا ثم قال من كان عنده بقية من زاد او طعام فلينشره ودعا لهم ثم قال قربوا اوعيتكم فأخذوا ما شاء الله وحشوا أوعيتهم وأكلوا حتى شبعوا وبقي مثله وقال عليه السلام لرجل من أصحابه هل من وضوء بفتح الواو وهو ما يتوضأ به فجاء بأداوة وهى الركوة فيها ماء قليل فأفرغها فى قدح ووضع راحته الشريفة فى ذلك الماء قال الراوي فتوضأنا كلنا اى الالف والاربعمائة نصبه صبا شديدا ولما أنزلت سورة الفتح قال عليه السلام لاصحابه أنزلت على سورة هى أحب الى مما طلعت عليه الشمس وفى رواية لقد أنزلت على(9/6)
سورة ما يسرنى بها حمر النعم والحمر بسكون الميم جمع أحمر والنعم بفتحتين تطلق على جماعة الإبل لا واحد لها من لفظها والمراد بحمر النعم الإبل الحمر وهى من أنفس اموال العرب يضربون بها المثل فى نفاسة الشيء وانه ليس هناك أعظم منها ثم قرأ السورة عليهم وهنأهم وهنأوه يعنى ايشانرا تهنيه كفت واصحاب نيز ويرا مبارك باد گفتند وتكلم بعض الصحابة وقال هذا ما هو بفتح لقد صدونا عن البيت وصد هدينا فقال عليه السلام لما بلغه بئس الكلام بل هو أعظم الفتح لقد رضى المشركون أن يدفعوكم بالبراح عن بلادهم وسألوكم القضية اى الصلح والتجئوا إليكم فى الامان وقد رأوا منكم ما كرهوا وظفر كم الله عليهم وردكم سالمين مأجورين فهو أعظم الفتوح أنسيتم يوم أحد وأنا أدعوكم فى اخراكم أنسيتم يوم الأحزاب إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا فقال المسلمون صدق الله ورسوله هو أعظم الفتوح والله يا نبى الله ما فكرنا فيما فكرت فيه ولأنت اعلم بالله وبأمره منا وقال له عمر رضى الله عنه ألم تقل انك تدخل مكة آمنا قال بلى أفقلت لكم من عامى هذا قالوا لا قال فهو كما قال جبريل فانكم تأتونه وتطوفون
به اى لانه جاءه الوحى بمثل ما رأى وذكر بعضهم انه عليه السلام لما دخل مكة فى العام القابل وحلق رأسه قال هذا الذي وعدتكم فلما كان يوم الفتح وأخذ المفتاح قال هذا الذي قلت لكم يقول الفقير لا شك ان الاصحاب رضى الله عنهم لم يشكوا فى امر النبي عليه السلام ولم يكن كلامهم معه من قبيل الاعتراض عليه وانما سألوه استعلاما لما داخلهم شيء مما لا يخلو عنه البشر فان الأمر عميق والا فأدنى مراتب الارادة فى باب الولاية ترك الاعتراض فكيف فى باب النبوة ولله تعالى حكم ومصالح فى إيراد انا فتحنا بصيغة الماضي فانه بظاهره ناطق بفتح الصلح وبحقيقته مشير الى فتح مكة فى الزمان الآتي وكل منهما فتح اى فتح وحاصل ما قال العلماء انه سمى الصلح فتحامع انه ليس بفتح لا عرفا لانه ليس بظفر على البلد ولا لغة لانه ليس بظفر للمنغلق كيف وقد أحصروا ومنعوا من البيت فنحروا وحلقو بالحديبية واى ظفر فى ذلك فالجواب ان الصلح مع المشركين فتح بالمعنى اللغوي لانه كان منغلقا ومتعذرا وقت نزولهم بالحديبية الا انه لما آل الأمر الى بيعة الرضوان وظهر عند المشركين اتفاق كلمة المؤمنين وصدق عزيمتهم على الجهاد والقتال ضعفوا وخافوا حتى اضطروا الى طلب الصلح وتحقق بذلك غلبة المسلمين عليهم مع ان ذلك الصلح قد كان سببا لامور أخر كانت منغلقة قبل ذلك منها ان المشركين اختلطوا بالمسلمين بسببه فسمعوا كلامهم وتمكن الإسلام فى قلوبهم واسلم فى مدة قليلة خلق كثير كثر بهم سواد اهل الإسلام حتى قالوا دخل فى تلك السنة فى الإسلام مثل من دخل فيه قبل ذلك واكثر وفرغ عليه السلام بهذا الصلح لسائر العرب فغزاهم وفتح مواضع خصوصا خيبر واغتنم المسلمون واتفقت فى تلك السنة ملحمة عظيمة بين الروم وفارس غلبت فيها الروم على فارس وكانت غلبتهم عليهم من دلائل النبوة حيث كان عليه السلام وعد بوقوع تلك الغلبة فى بضع سنين وهو ما بين الثلاث الى التسع فكانت كما وعد بها فظهر بها صدقه عليه السلام فكانت من جملة الفتح وسر به عليه السلام والمؤمنون لظهور اهل الكتاب على المجوس الى غير ذلك من(9/7)
لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)
فتوحات الله الجليلة ونعمه العظيمة لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ غاية للفتح من حيث انه مترتب على سعيه عليه السلام فى إعلاء كلمة الله بمكابدة مشاق الحروب واقتحام موارد الخطوب قال بعضهم لما لم يظهر وجه تعليل الفتح بالمغفرة جعل الفتح مجازا مرسلا عن اسباب الفتح ليغفر لك فالفتح معلول مترتب على الافعال المؤدية الى المغفرة وان المغفرة علة حاملة على تلك الافعال فصح جعلها علة لما ترتب على تلك الافعال وهو الفتح وجعل الزمخشري فتح مكة علة للمغفرة وهو أوفق للمذهب الحق لان افعال الله تعالى لا تعلل بالأغراض على مذهبهم فليست اللام على حقيقتها بل هى اما للصيرورة والعاقبة او لتشبيه مدخولها بالعلة الغائية فى ترتبها على متعلقها وايضا ان العلة الغائية لها جهتا علية ومعلولية على ما تقرر فلا لوم على من نظر الى جهة المعلولية كالزمحشرى لظهور صحته كما فى حواشى سعدى المفتى والالتفات الى اسم الذات المستتبع لجميع الصفات للاشعار بأن كل واحد مما انتظم فى سلك الغاية من أفعاله تعالى صادر عنه تعالى من حيثية غير حيثية الآخر مترتبه على صفة من صفاته تعالى قال ابن الشيخ فى اظهار فاعل قوله ليغفر لك وينصرك اشعار بأن كل واحد من المغفرة والنصرة متفرع على الالوهية وكونه معبودا بالحق والمغفرة ستر الذنوب ومحوها قال بعض الكبار المغفرة أشد عند العارفين من العقوبة لان العقوبة جزاء فتكون الراحة عقيب الاستيفاء فهو بمنزلة من استوفى حقه والغفران ليس كذلك فانك تعرف ان الحق عليك متوجه وانه أنعم عليك بترك المطالبة فلا تزال خجلا ذا حياء ولهذا إذا غفر الله تعالى للعبد ذنبه أحال بينه وبين تذكره وأنساه إياه وانه لو تذكره لا ستحيى ولا عذاب على النفوس أعظم من الحياء حتى يود صاحب الحياء انه لم يكن شيأ كما قالت مريم الكاملة يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا هذا حياء من المخلوقين فكيف بالحياء من الله تعالى فيما فعل العبد من المخالفات ومن هذا الباب ما حكى ان الفضيل قدس سره وقف فى بعض حجاته ولم ينطق بشيء فلما غربت الشمس قال وا سوأتاه وان عفوت (قال الصائب) هرگز نداد شرم مرا رخصت نكاه. در هجر ووصل روى بديوار داشتم ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ اى جميع ما فرط منك من ترك الاولى وتسميته ذنبا بالنظر الى منصبه الجليل لان حسنات الأبرار سيئات المقربين على ما قاله ابو سعيد الخراز قدس سره (وفى المثنوى) آنكه عين لطف باشد بر عوام قهر شد بر عشق كيشان كرام قال بعضهم اى جميع ما صدر منك قبل النبوة وبعدها مما يطلق عليه الذنب قال فى شرح المواقف حمله على ما تقدم على النبوة وما تأخر عنها لا دلالة للفظ عليه إذ يجوز ان أن يصدر عنه قبل النبوة صغيرتان إحداهما متقدمة على الاخرى انتهى وفيه انه يصح أن يطلق على كل من الصغيرتين انهما قبل النبوة قان التقدم والتأخر إضافي وهو اللائح قال اهل الكلام ان الأنبياء معصومون من الكفر قبل الوحى وبعده بإجماع العلماء ومن سائر الكبائر عمدا بعد الوحى واما سهوا فجوزه الأكثرون واما الصغائر فتجوز عمدا عند الجمهور وسهوا بالاتفاق واما قبل الوحى فلا دليل بحسب السمع او العقل على امتناع صدور الكبيرة وقال عطاء الخراسانى ما تقدم من ذنبك اى ذنب أبويك آدم وحواء ببركتك روى ان آدم لما اعترف(9/8)
بالخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد أن تغفر لى فقال الله يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال لانك لما خلقتنى بيدك ونفخت فى من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعرفت انك لم تضف إلى اسمك الا اسم أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم انه لأحب الخلق الى فغفرت لك ولولا محمد لما خلقتك رواه البيهقي فى دلائله وما تأخر من ذنوب أمتك بدعوتك وشفاعتك سلمى قدس سره فرمود كه ذنب آدم را بوى اضافت كرد چهـ در وقت زلت در صلب وى بوده وكناه امت را بوى اسناد فرمود چهـ او پيش رودكار ساز ايشانست وقال ابن عطاء قدس سره لما بلغ عليه السلام سدرة المنتهى ليلة المعراج قدم هو وأخر جبريل فقال لجبريل تتركنى فى هذا الموضع وحدى فعاتبه الله حين سكن الى جبريل فقال ليغفرلك الله
ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيكون كل من الذنبين بعد النبوة وقال سفيان الثوري رحمه الله ما تقدم ما عملت فى الجاهلية وما تأخر ما لم تعمله قال فى كشف الاسرار ويذكر مثل ذلك على طريق التأكيد كما يقال أعطى من رآه ومن لم يره وضرب من لقيه ومن لم يلقه انتهى لكن فيه انه خارج من ادب العبارة فالواجب أن يقال ما تقدم اى ما عملت قبل الوحى وقيل ما تقدم من ذنب يوم بدر وما تأخر من ذنب يوم حنين حيث قال يوم بدر اللهم أن تهلك هذه العصابة لا تعبد فى الأرض ابدا وكرره مرارا فأوحى الله اليه من اين تعلم انى لوا هلكتها لا اعبد ابدا فكان هذا الذنب المتقدم وقال يوم حنين بعد أن هزم الناس ورجعوا اليه لو لم ارمهم اى الكفار بكف الحصى لم يهزموا فأنزل الله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وهو الذنب المتأخر لكن فيه ان المتأخر متأخر عن الوقعة فيكون وعدا بغفران ما سيقع منه قال فى بحر العلوم وأبعد من هذا قول ابى على الرود بادى رحمه الله لو كان لك ذنب قديم او حديث لغفرناه لك انتهى يقول الفقير ابو على قدس سره من كبار العارفين فكيف يصدر عنه ما هو ابعد عند العقول بل كلامه من قبيل قوله من عرف الله عرف كل شيء يعنى لو تصورت معرفة الله لاحد وهى لا تتصور حقيقة وكذا لو تصور منه عليه السلام ذنب لغفر له لكنه لا يتصور لانه فى جميع أحواله اما مشتغل بواجب او بمندوب لا غير فهو كالملائكة فى انه لا يصدر منه المخالفة ولى معنى آخر فى هذا المقام وهو ان المراد بالمغفرة الحفظ والعصمة ازلا وابدا فيكون المعنى ليحفظك الله ويعصمك من الذنب المتقدم والمتأخر فهو تعالى انما جاء بما تقدم اشارة الى انه عليه السلام محفوظ معصوم فى اللاحق كما فى السابق فاعرفه وفى الفتوحات المكية استغفار الأنبياء لا يكون عن ذنب حقيقة كذنوبنا وانما هو عن امر يدق عن عقولنا لانه لا ذوق لنا فى مقامهم فلا يجوز حمل ذنوبهم على ما نتعقله نحن من الذنب انتهى ومؤاخذة الله عباده فى الدنيا والآخرة تطهير لهم ورحمة وفى حق الأنبياء من جهة العصمة والحفظ والعقات لا يكون الا فى مذنب والعقوبة تقتضى التأخر عن المتقدم لانها تأتى عقبه فقد تجد العقوبة الذنب فى المحل وقد لا تجده اما بأن يقلع عنه واما ان يكون الاسم العفو والغفور استوليا عليه بالاسم الرحيم فزال فترجع العقوبة حاسرة ويزول عن المذنب اسم الذنب لانه لا يسمى مذنبا الا(9/9)
فى حال قيام الذنب به كما فى كتاب الجواهر والدرر للشعرانى وقال الشعراني فى الكبريت الأحمر قلت ويجوز حمل نحو قوله ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر على نسبة الذنب اليه من حيث ان شريعته هى التي حكمت بأنه ذنب فلولا اوحى به اليه ما كان ذنبا فجميع ذنوب أمته يضاف اليه والى شريعته بهذا التقدير وكذلك ذنب كل نبى ذكره الله وقد قالوا لم يعص آدم وانما عصى بنوه الذين كانوا فى ظهره فما كان قوله ليغفر لك إلخ الا تطمينا له عليه السلام ان الله قد غفر جميع ذنوب أمته التي جاءت بها شريعته ولو بعد عقوبة باقامة الحدود عليهم فى دار الدنيا كما وقع لما عز ومن الواجب على كل مؤمن انتحال الاجوبة للاكابر جهده وذلك مما يحبه الله ويحبه من أحبنا عنه فافهم هذا اعتقادنا الذي نلقى الله عليه ان شاء الله تعالى انتهى وفى التأويلات النجمية انا فتحنا لك فتحا مبينا يشير الى فتح باب قلبه عليه السلام الى حضرة ربوبيته بتجلى صفات جماله وجلاله وفتح ما انغلق على جميع القلوب ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك اى ليستر لك بانوار جلاله ما تقدم من ذنب وجودك من بدأ خلق روحك وهو أول شيء تعلقت به القدرة كما قال أول ما خلق الله روحى وفى رواية نورى وما تأخر اى من ذنب وجودك الى الابد وذنب الوجود هو الشركة فى الوجود وغفره ستره بنور الوحدة لمحو آثار الاثنينية انتهى وقال بعض الأكابر اعلم ان فتوح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أولها الفتح القريب
وهو فتح باب القلب بالترقي عن مقام النفس وذلك بالمكاشفات الغيبية والأنوار اليقينية وقد شاركه فى ذلك اكثر المؤمنين وثانيها الفتح المبين بظهور أنوار الروح وترقى القلب الى مقامه وحينئذ تترقى النفس الى مقام القلب فتستتر صفاتها المظلمة بالأنوار القلبية وتنتفى بالكلية وذلك معنى قوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فالسابقة الهيئات المظلمة على فتح باب القلب والمتأخرة الهيئات النورانية المكتسبة بالأنوار القلبية التي تظهر فى التلوينات فيخفى حالها ولا تنتفى هذه بالفتح القريب وان انتفت الاولى لأن مقام القلب لا يكمل الا بعد الترقي الى مقام الروح واستيلاء أنواره على القلب فيظهر تلوين القلب وينتفى تلوين النفس بالكلية ويحصل فى هذا الفتح مغانم المشاهدات الروحية والمسامرات السرية وثالثها الفتح المطلق المشار أليه بقوله إذا جاء نصر الله والفتح وهو فتح باب الوحدة بالفناء المطلق والاستغراق فى عين الجمع بالشهود الذاتي. وظهور النور الاحدى فمن صحت له متابعة النبي عليه السلام أثابه الله مغاتم كثيرة وفتوحات فان حسن المتابعة سبب لفيضان الأنوار الالهية بواسطة روحانية النبي عليه السلام (قال الشيخ سعدى قدس سره) خلاف پيمبر كسى ره كزيد كه هرگز بمنزل نخواهد رسيد مپندار سعدى كه راه صفا توان رفت جز بر پى مصطفى وذلك ان الفلاسفة والبراهمة والرهابنة ادعوا معرفة الله والوصول إليه بطريق العقل والرياضة والمجاهدة من غير متابعة الأنبياء وارشاد الله تعالى فانقطعوا دون الوصول اليه (ويتم نعمته عليك) بإعلاء الدين وضم الملك الى النبوة وغيرهما مما إفاضه عليه من النعم الدينية والدنيوية وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً فى تبليغ الرسالة واقامة مراسم الرياسة واصل الاستقامة وان كمانت حاصلة قبل الفتح لكن حصل بعد ذلك من اتضاح سبل الحق واستقامة مناهجه ما لم يكن حاصلا قبل(9/10)
وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)
وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ اظهار الاسم الجليل لكونه خاتمة الغايات ولاظهار كمال العناية بشأن النصر كما يعرب عنه تأكيده بقوله تعالى نَصْراً عَزِيزاً اى نصرا فيه عزة ومنعة فعزيزا للنسبة اى ذاعز قال فى فتح الرحمن النصر العزيز هو الذي معه غلبة العدو والظهور عليه والنصر غير العزيز هو الذي معه الحماية ودفع العدو فقط انتهى او نصرا قويا منيعا على وصف المصدر بوصف صاحبه اى المنصور مجازا للمبالغة ولم يجعل وصفا بوصف الناصر لقلة الفائدة فيه لان القصد بيان حال المخاطب لا المتكلم او نصرا عزيزا صاحبه ثم الظاهران المراد من ذلك النصر هو ما ترتب على فتح مكة من النصر على الأعداء كهوازن وغيرهم ونصر أمته على الا كاسرة والقياصرة وكانت الحكمة فى قتال بعض الرسل لمن خالفهم انما هى لمخالفة ما فطروا عليه من التوحيد الموجبة تلك المخالفة لفساد ذلك الفطر الذي هم فيه بأعمالهم وأحوالهم الفاسدة التي لا يحصل منها إلا حل نظام الأسباب وتبديد ما ذلك الشخص مأمور بحفظه عن ذلك كله فالنبى رحمة للخلق ولو بعث بالسيف وقس عليه سائر من تصدى للامر بالمعروف والنهى عن المنكر قال ابن عطاء قدس سره جمع الله لنبيه فى هذه السورة نعما مختلفة من الفتح المبين وهو من اعلام الاجابة والمغفرة وهى من اعلام المحبة وإتمام النعمة وهى من اعلام الاختصاص والهداية وهى من اعلام التحقق بالحق والنصر وهو من اعلام الولاية فالمغفرة تبرئة من العيوب وإتمام النعمة إبلاغ الدرجة الكاملة والهداية هى الدعوة الى المشاهدة والنصرة هى رؤية الكل من الحق من غير أن يرجع الى ما سواه نسأل الله أن ينصرنا ببذل الوجود المجازى فى وجوده الحقيقي هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ بيان لما أفاض عليهم من مبادى الفتح من الثبات والطمأنينة يعنى أنزلها فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ بسبب الصلح والامن بعد الخوف لانهم كانوا قليلى العدة بسبب انهم معتمرون وكان العدو مستعدين لقتالهم مع ما لهم من القوة والشوكة وشدة البأس فثبتوا وبايعوا على الموت بفضل الله تعالى (وقال الكاشفى ونحوه) چون در صلح حديبيه صحابه خالى از دغدغه وترددى نبودند حق سبحانه وتعالى فرمود هو الذي إلخ فالمراد ثبتوا واطمأنوا بعد ان ماجوا وزلزلوا حتى عمر الفاروق رضى الله عنه على ما عرف فى القصة وذلك القلق والاضطراب انما هو لما دهمهم من صد الكفار ورجوعهم دون بلوغ مقصودهم وكانوا يتوقعون دخول مكة فى ذلك العام آمنين للرؤيا التي رآها عليه السلام على ما سبق لِيَزْدادُوا تا زيادت كند إِيماناً مفعول يزدادوا كما فى قوله تعالى وازداد واتسعا مَعَ إِيمانِهِمْ اى يقينا منضما الى يقينهم الذي هم غليه بر سوخ العقيدة واطمئنان النفس عليها ومن ثمة قال عليه السلام لو وزن ايمان ابى بكر مع الثقلين لرحج وكلمة مع فى ايمانهم ليست على حقيقتها لان الواقع فى الحقيقة ليس انضمام يقين الى يقين لامتناع اجتماع المثلين بل حصول نوع يقين أقوى من الاول فان له مراتب لا تحصى من اجلى البديهيات الى أخفى النظريات ثم لا ينفى الاول ما قلنا وذلك كما فى مراتب البياض ما حقق فى مقامه ففيها استعارة او المعنى أنزل فيها السكون الى ما جاء به النبي عليه السلام من الشرائع ليزدادوا ايمانا بها مقرونا مع ايمانهم بالوحدانية واليوم الآخر فكلمة القرآن حينئذ على حقيقتها والقرآن فى الحقيقة(9/11)
لتعلق الايمان بزيادة متعلقه فلا يلزم اجتماع المثلين وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان أول ما أتاهم به النبي عليه السلام التوحيد ثم الصلاة والزكاة ثم الحج والجهاد حتى أكمل لهم دينهم كما قال اليوم أكملت لكم دينكم فازدادوا ايمانا مع ايمانهم فكان الايمان يزيد فى ذلك الزمان بزيادة الشرائع والاحكام واما الآن فلا يزيد ولا ينقص بل يزيد نورء ويقوى بكثرة الأعمال وقوة الأحوال فهو كالجوهر الفرد فكما لا يتصور الزيادة والنقصان فى الجوهر الفرد من حيث هو فكذا فى الايمان واما قوله تعالى ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فالكفر بالطاغوت هو عين الايمان بالله فى الحقيقة فلا يلزم ان يكون الايمان جزءا قال بعض الكبار الايمان الحقيقي هو ايمان الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لها ويتحقق بالخاتمة وما بينهما يزيد الايمان فيه وينقص والحكم للخاتمة لانها عين السابقة فيحمل قول
من قال ان الايمان لا يزيد ولا ينقض على ايمان الفطرة الذي حقيقته مامات عليه ويحمل قول من قال ان الايمان يزيد وينقص على الحالة التي بين السابقة والخاتمة من حين يتعقل التكاليف فتأمل ذلك فانه نفيس انتهى وقال حضرة الهدائى قدس سره فى مجالسة المنيفة ليزداد ايمانا وجدانيا ذوقيا عينيا مع ايمانهم العلمي الغيبى فان السكينة نور فى القلب يسكن به الى ما شاهده ويطمئن وهو من مبادى عين اليقين بعد علم اليقين كأنه وجدان يقينى معه لذة وسرور وفى المفردات قيل ان السكينة ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه كما ورد ان السكينة لتنطق على لسان عمر وقال بعض الكبار السكينة تطلق على ثلاثة أشياء بالاشتراك اللفظي أولها ما اعطى بنو إسرائيل فى التابوت كما قال تعالى ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم قال المسرون هى ريح ساكنة طبيعة تخلع قلب العدو بصوتها رعبا إذا التقى الصفان وهى معجزة لانبيائهم وكرامة لملوكهم والثاني شىء من لطائف صنع الحق يلقى على لسان المحدث الحكمة كما يلقى الملك الوحى على قلوب الأنبياء مع ترويح الاسرار وكشف السر والثالث هى التي أنزلت على قلب النبي عليه السلام وقلوب المؤمنين وهى شيء يجمع نورا وقوة وروحا يسكن اليه الخائف ويتسلى به الحزين كما قال تعالى فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين انتهى وقال بعض الكبار ان الأنبياء والأولياء مشتركون فى تنزل الملائكة عليهم ومختلفون فيما نزلت به فأن ملك الإلهام لا ينزل على الأولياء بشرع مستقل ابدا وانما بنزل عليهم بالانباع وبافهام ما جاء به نبهم مما لم يتحقق الأولياء بالعلم به فكل فيض ونور وسكينه انما ينزل من الله تعالى بواسطة الملك او بلا واسطته وان كان فرق عظيم بين حال النبي والولي فأنه كما ان النبي أفضل واولى فكذا وأرده أقوى واولى نسأل الله فضله وسكينته هر آنكه يافت ز فضل خدا سكينت دل نماند در حرم سينه اش تردد وغل وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الجنود جمع جند بالضم وهو جمع معد للحرب اى مختص به تعالى جنود العالم يدبر أمرها كيفما يشاء يسلط بعضها على بعض تارة ويوقع فيما بينها السلم اخرى حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح (وقال الكاشفى) ومر خدا يراست لشكرهاى آسمانها از ملائكة وجنود زمين از مؤمنان مجاهد پس اى اهل ايمان جهاد كنيد وبنصرت الهى واثق باشيد كه(9/12)
هر كه لشكر آسمان وزمين در حكم وى بود بلكه ذرات كون سپاه وى بوده باشند اولياى خود را در وقت غزا با عداى خود فرو نكذارد نصرت از وطلب كه بميدان قدرتش هر ذره پهلوانى وهر پشه صفدريست قال بعضهم كل ما فى السموات والأرض بمنزلة الجند له لو شاء لا تنصر به كما ينتصر بالجند وتأويل الآية لم يكن صد المشركين رسول الله عن قلة جنود الله ولا عن وهن نصره لكن عن علم الله واختياره انتهى وفى فتح الرحمن ولله جنود السموات والأرض فلو أراد نصر دينه بغيركم لفعل وقال بعضهم همم سموات أرواح العارفين وقصور ارض قلوب المحبين وأنفاسهم جنوده ينتقم بنفس منهم من جميع أعدائه فيقهرهم دعا نوع عليه السلام على قومه فقال لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا فهلك به اهل الأرض جميعا الا من آمن ودعا موسى عليه السلام على القبط فقال ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فصارت حجارة ولم يؤمنوا حتى رأوا العذاب الأليم وقال سيد البريات عليه أفضل التحيات حين رمى الحصى على وجوه الأعداء شاهت الوجوه فانهزموا بإذن الله تعالى وكذا حال كل ولى وارث قاهر من اهل الأنفاس بل كل ذرة من العرش الى الثرى جند من جنوده تعالى حتى لو سلط نملة على حية عظيمة لهلكت وقد قيل الدبة إذا ولدت ولدها رفعته فى الهولء يومين خوفا من النمل لانه تضعه لحمة كبيرة غير متميزة الجوارح ثم تميز اولا فأولا وإذا جمع بين العقرب والفارة فى اناء زجاج قرضت الفأرة ابرة العقرب فتسلم منها ويكفى قصة البعوض مع نمرود (وفى المثنوى) جمله ذرات زمين وآسمان لشكر حفند كاه امتحان بادرا ديديكه با عادان چهـ كرد. آب را ديديكه با طوفان چهـ كرد آنچهـ بر فرعون زد آن
بحر كين وآنچهـ با قارون نمود است اين زمين آنچهـ با آن پيلبانان پيل كرد وآنچهـ پشه كله نمرود خورد وآنكه سنك انداخت داودى بدست كشت ششصد پاره ولشكر شكست سنك مى باريد با اعداى لوط تا كه در آب سيه خوردند غوط دست بر كافر كواهى مى دهد لشكر حق مى شود سر مى نهد كر بگويد چشم را كور افشاره درد چشم از تو بر آرد صد دمار كر بدندان كويد او بنما وبال پس به بينى تو زندان كو شمال فلابد من التوكل على الله فانه عون كل ضعيف وحسب كل عاجز قال بعضهم ما سلط الله عليك فهو من جنوده ان سلط عليك نفسك أهلك بنفسك وان سلط عليك جوارحك أهلك جوارحك بجوارحك وان سلط نفسك على قلبك قادتك فى متابعة الهوى وطاعة الشيطان وان سلط قلبك على نفسك وجوارحك زمها بالأدب فألزمها العبادة وزينها بالإخلاص فى العبودية وَكانَ اللَّهُ از لا وابدا عَلِيماً مبالغا فى العلم بجميع الأمور حَكِيماً فى تقديره وتدبيره فكان بمعنى كان ويكون اى دالة على الاستمرار والوجود بهذه الصفة لا معينة وقتا ما ضيا وقال بعض الكبار ولله جنود السموات من الأنوار القدسية والامدادات الروحانية وجنود الأرض من الصفات النفسانية والقوى الطبيعية فيغلب بعضها على بعض فاذا غلب الاولى على الاخرى حصلت السكينة وكمال اليقين وإذا عكس وقع الشك والريب وكان الله عليما بسرائر هم ومقتضيات استعداداتهم وصفاء فطرة الفريق الاول وكدورة نفوس الفريق(9/13)
لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)
الثاني حكيما فيما فعله وفي التأويلات النجمية ولله جنود السموات والأرض اى كلها دالة على وحدانيته تعالى وهى جنود الله بالنصرة لعبادة في الظفر بمعرفته وكان الله عليما بمن هو اهل النصرة للمعرفة حكيما فيما حكم في الأزل لهم لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها متعلق بما يدل عليه ما ذكر من كون جنود السموات والأرض له تعالى من معنى التصرف والتدبير اى دبر ما دبر من تسليط المؤمنين ليعرفوا نعمة الله في ذلك ويشكروها فيدخلهم الجنة وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ هذا بإزاء قوله ليغفر لك الله اى يغطيها ولا يظهرها قبل أن يدخلهم الجنة ليدخلوها مطهرين من الآثام وتقديم الإدخال على التكفير مع ان الترتيب في الوجود على العكس من حيث ان النخلية قبل التحلية للمسارعة الى بيان ما هو المطلب الأعلى وَكانَ ذلِكَ اى ما ذكر من الإدخال والتكفير عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً لا يقادر قدره لانه منتهى ما يمتد اليه أعناق الهمم من جلب نفع ودفع ضر والفوز الظفر مع حصول السلامة وعند الله حال من فوزا لانه صفته في الأصل فلما قدم عليه صار حالا اى كائنا عند الله تعالى اى في علمه وقضائه وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ من اهل المدينة وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ من اهل مكة عطف على يدخل والتعذيب هو ما حصل لهم من الغيظ بنصر المؤمنين وفي تقديم المنافقين على المشركين ما لا يخفى من الدلالة على انهم أحق منهم بالعذاب وقد تثاقل كثير منهم فلم يخرجوا معه عليه السلام ثم اعتذروا فقالوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ولو صدقوا عند الناس فما صدقوا عند الله وقد قال تعالى يوم ينفع الصادقين صدقهم اى صدقهم عند الله لا عند الخلق ولذلك قال عليه السلام جاهدوا المشركين باموالكم وأنفسكم وألسنتكم اشارة الى مقام التحقيق والتصديق فان الدعوى بغير برهان كذب برهان ببايد صدق را ور نه ز دعواها چهـ سود الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ صفة لطائفتى اهل النفاق واهل الشرك وظن السوء منصوب على المصدر والاضافة فيه كالاضافة في سيف شجاع من حيث ان المضاف اليه في الحقيقة هو موصوف هذا المجرور والتقدير سيف رجل شجاع فكذا التقدير هنا ظن الأمر السوء وهو ان الله لا ينصر رسوله ولا يرجعهم الى مكة فاتحين والى المدينة سالمين كما قال بل ظننتم ان لن ينقلب الرسل والمؤمنون الى أهليهم ابدا وبالفارسية كمان بردند بخدا كمان بد وقال في كشف الكشاف ان ظن السوء مثل رجل صدق اى الظن السيء الفاسد المذموم انتهى وعند البصر بين لا يجوز اضافة الموصوف الى صفته ولا عكسها لان الصفة والموصوف عبارتان عن شيء واحد فاضافة أحدهما الى الآخر اضافة الشيء الى نفسه وفي التأويلات النجمية الظانين بالله ظن السوء في ذاته وصفاته بالأهواء والبدع وفي أفعاله وأحكامه بالظلم والعبث قال بعض العارفين مثال من احسن في الله ظنه مثال من سلط الله عليه الشيطان ليفتنه ويمتحنه فلما چاءه الشيطان أخبره بأنه رسول من عند الله وانه رسول رحمة وقال جئتك لأشد عضدك في الخير وألهمك رشدك لتكون عند ربك فى درجة العرش فحسن بربه ظنه وخر ساجدا فصبر الله له الشيطان ملكا كما ظن كما روى ان الجن صنعت لسليمان عليه السلام أرضا وصفحتها بالزمرد الأخضر وخصبتها باللؤلؤ والجواهر(9/14)
لتفتنه بها وهو لا يعلم فرأى ان ذلك من مواهب ربه له في دار الدنيا فخر ساجد الله فأثبتها الله له أرضا مقدسة كما ظن الى أن مات على حسن ظنه بربه ومثال من أساء بربه ظنه مثال من أرسل الله اليه ملك رحمة ليرشده للخير فقال انما أنت شيطان حيث تغوينى فصير الله له الملك شيطانا كما ظن وفي الحديث أنا عند ظن عبدى بي وقال عليه السلام قبل موته بثلاثة ايام لا يموتن أحد الا وهو يحسن الظن بالله وهو من امارات اليقين در روايت آمده است از بعض صحابه رسول عليه السلام كه رسول او را خبر داده بود كه تو والى شوى در مصر حكم كنى وقتى قلعه را حصار كرده بودند وآن صحابى نيز در ميان بود سائر أصحاب را كفت مردار كفه منجنيق نهيد وبسوى كفار در قلعه اندازيد چون من آنجا رسم قتال كنم ودر حصار
بگشايم چون از سبب اين جرأت پرسيدند كفت رسول صلّى الله عليه وسلّم مرا خبر داده است كه من والى مصر شوم وهنوز نشدم يقين ميدانم كه نميرم تا والى نشوم فهم كن كه قوت ايمان اينست والا از روى عرف معلوم است كه چون كسى را در كفه منجنيق نهند وبيندازند حال او چهـ باشد ظاهر وباطن ما آينه يكديكرند سينه صاف ترا ز آب روانم دادند عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ اى ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودائر عليهم لا يتجاوزهم الى غيرهم فقد أكذب الله ظنهم وقلب ما يظنونه بالمؤمنين عليهم بحيث لا يتخطاهم ولا يظفرون بالنصرة ابدا وهذا كقوله تعالى ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء وبالفارسية وبرين كمان برند كانست كردش بد يعنى ايشان منكوب ومغلوب خواهند شد قال المولى ابو السعود فى التوبة قوله عليهم دائرة السوء دعاء عليهم بنحو ما ار أدوا بالمؤمنين على نهج الاعتراض كقوله تعالى غلت أيديهم بعد قول اليهود ما قالوا انتهى فان قلت كيف يحمل على الدعاء وهو للعاجز عرفا والله منزه عن العجز قلت هذا تعليم من الله لعباده انه يجوز الدعاء عليهم كقوله قاتلهم الله ونحوه قال ابن الشيخ السوء بالفتح صفة مشبهة من ساء يسوء بضم العين فيها سوأ فهو سوء ويقابله من حيث المعنى قولك حسن يحسن حسنا فهو حسن وهو فعل لازم بمعنى قبح وصار فاسدا رديئا بخلاف ساءه يسوءه سوأ ومساءة اى أحزنه نقيض سره فانه متعدو وزنه في الماضي فعل بفتح العين ووزن ما كان لازما فعل بضم العين وفعل يأتى فاعله على فعل كصعب صعوبة فهو صعب والسوء بضم السين مصدر لهذا اللازم والسوء بالفتح مشترك بين اسم الفاعل من اللازم وبين مصدر المتعدى وقيل السوء بالفتح والضم لغتان من ساء بمعنى كالكره والكره والضعف والضعف خلا ان المفتوح غلب في أن يضاف اليه ما يراد ذمه من كل شيء واما المضموم فجار مجرى الشر المناقض للخير ومن ثمة أضيف الظن الى المفتوح لكونه مذموما وكانت الدائرة محمودة فكان حقها أن لا تضاف اليه الأعلى التأويل المذكور واما دائرة السوء بالضم فلأن الذي أصابهم مكروه وشدة يصح أن يقع عليه اسم السوء كقوله تعالى ان أراد بكم سوأ أو أراد بكم رحمة كما في بعض التفاسير والدائرة عبارة عن الخط المحيط بالمركز ثم استعملت في الحادثة والمصيبة المحيطة لمن وقعت هى عليه فمعنى الآية يحيط بهم السوء احاطة الدائرة بالشيء او بمن فيها بحيث لا سبيل الى الانفكاك عنها بوجه الا ان اكثر استعمالها(9/15)
وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7)
اى الدائرة في المكروه كما ان اكثر استعمال الدولة في المحبوب الذي يتداول ويكون مرة لهذا ومرة لذاك والاضافة في دائرة السوء من اضافة العام الى الخاص للبيان كما في خاتم فضة اى دائرة من شر لا من خير وقال ابو السعود في التوبة السوء مصدر ثم اطلق على كل ضرر وشر وأضيفت اليه الدائرة ذما كما يقال رجل سوء لان من درات عليه يذمها وهى من اضافة الموصوف الى صفته فوصفت في الأصل بالمصدر مبالغة ثم أضيفت الى صفتها كقوله تعالى ما كان أبوك امرأ سوء وقيل معنى الدائرة يقتضى معنى السوء لان دائرة الدهر لا تستعمل الا فى المكروه قائما هو اضافة بيان وتأكيد كما قالوا شمس النهار ولحيا رأسه وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عطف لما استحقوه في الآخرة على ما استوجبوه في الدنيا قال بعضهم غضبه تعالى ارادة العقوبة لهم في الآخرة وكونهم على الشرك والنفاق في الدنيا وحقيقته ان للغضب صورة ونتيجة اما صورة فتغير في الغضبان يتأذى به ويتألم واما نتيجة فاهلاك المغضوب عليه وإيلامه فعبر عن نتيجة الغضب بالغضب على الكناية بالسبب عن المسبب وَلَعَنَهُمْ طردهم من رحمته وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وآماده كرديم براى ايشان دوزخ را والواو في الفعلين الأخيرين مع ان حقهما الفاء المفيدة لسببية ما قبلها لما بعدها إذ اللعن سبب الاعداد والغضب سبب اللعن للايذان باستقلال كل منهما في الوعيد واصالته من غير استتباع بعضهما لبعض وَساءَتْ مَصِيراً اى جهنم والمصير المرجع وبالفارسية ويد باز كشتيست دوزخ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً اى بليغ العزة والقدرة على كل شيء حَكِيماً بليغ الحكمة فيه فلا يفعل ما يفعل الأعلى مقتضى الحكمة والصواب وهذه الآية إعادة لما سبق قالوا فائدتها التنبيه على ان لله تعالى جنودا للرحمة يتزلهم ليدخل بهم المؤمنين الجنة معظما مكرما وان له تعالى جنودا للعذاب يسلطهم على الكفار يعذبهم بهم في جهنم والمراد هاهنا جنود العذاب كما ينبئ عنه التعرض لوصف العزة فان عادته تعالى أن يصف نفسه بالعزة في مقام ذكر العذاب والانتقام قال في برهان القرآن الاول متصل بانزال السكينة وازدياد ايمان المؤمنين فكان الموضع موضع علم وحكمة وقد تقدم ما اقتضاه الفتح عند قوله وينصرك الله نصرا عزيزا واما الثاني والثالث الذي بعده فمتصلان بالعذاب والغضب وسلب الأموال والغنائم فكان الموضع موضع عز وغلبة وحكمة وفي كشف الاسرار يدفع كيد من عادى نبيه والمؤمنين بما شاء من الجنود هو الذي جند البعوض على نمرود والهدهد على بلقيس وروى ان رئيس المنافقين عبد الله بن ابى بن سلول قال هب ان محمدا هزم اليهود وغلب عليهم فكيف استطاعته بفارس والروم فقال الله تعالى ولله جنود السموات والأرض اكثر عددا من فارس والروم (وقال الكاشفى) ومر خدايراست لشكرهاى آسمان وزمين يعنى هر كه در آسمانها وزمينهاست همه مملوك ومسخر ويند چنانچهـ لشكريان مر سردار خود را تكرار اين سخن جهت وعده مؤمنانست تا بنصرت الهى مستظهر باشند وبراى وعيد مشركان ومنافقان تا از تكذيب ربانى خائف كردند وفي الآية اشارة الى ما اعبد الله من عظائم فضله وعجائب صنعه في سموات القلوب وارض النفوس يمد بها أولياءه وينصرهم بها على أنفسهم ليفوزوا بكمال قربه ويخذل بها أعداءه ويهلكهم في اودية(9/16)
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)
الاهوية ليصيروا الى كما بعده وكان الله عزيز أذل أعداءه حكيما فيما يعز أولياءه كما في التأويلات النجمية واعلم ان الله تعالى قد جعل في النار مائة دركة في مقابلة درج الجنة ولكل دركة قوم مخصوصون لهم من الغضب الإلهي الحال بهم آلام مخصوصة تصل إليهم من أيدي الملائكة الموكلين بهم نعوذ بالله من سخطه وعذابه ونسأله الاولى من نعيمه وثوابه وللغضب درجات منها وقطع الامداد العلمي المستلزم لتسليط الجهل والهوى والنفس والشيطان والأحوال الذميمة لانه موقت الى النفس الذي قبل آخر الأنفاس في حق من يختم له بالسعادة ومنها ما يتصل الى حين دخولهم جهنم وفتح باب الشفاعة ومنها ما يقتضى الخلود في النار (قال الحافظ) دارم از لطف ازل جنت فردوس طمع كر چهـ دربانئ ميخانه فراوان كردم والله غفور رحيم لمن تاب ورجع الى الصراط المستقيم إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً اى على أمتك لقوله تعالى ويكون الرسول عليكم شهيدا يعنى على تصديق من صدقه وتكذيب من صدقه وتكذيب من كذبه اى مقبولا قوله في حقهم يوم القيامة عند الله تعالى سوآء شهد لهم او عليهم كلما يقبل قول الشاهد العدل عند الحاكم وهو حال مقدرة فانه عليه السلام انما يكون شاهدا وقت التحمل والأداء وذلك متأخر عن زمان الإرسال بخلاف غيره مما عطف عليه فانه ليس من الأحوال المقدرة وَمُبَشِّراً على الطاعة بالجنة والثواب وعلى اهل الطلب بالوصول نَذِيراً على المعصية بالنار والعذاب وعلى اهل الاعراض بالقطية وفي التوراة يا أيها النبي انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرز اللاميين أنت عبدى ورسولى سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب فى الأسواق ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا اله الله فيفتح لها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلنا سرخيل انبيا وسپهدار اتقيا سلطان باركاه دنى قائد امم لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ الخطاب للنبى عليه السلام ولأمته فيكون تعميما للخطاب بعد التخصيص لان خطاب أرسلناك للنبى خاصة ومثله قوله تعالى يا ايها النبي إذا طلقتم النساء خصه عليه السلام بالنداء ثم عمم الخطاب على طريق تغليب المخاطب على الغائبين وهم المؤمنون فدلت الآية على انه عليه السلام يجب أن يؤمن برسالة نفسه كما ورد في الحديث انه عليه السلام أشهد أني عبد الله ورسوله قال السبكي في الأمالي انما عرف نبوة نفسه بعد معرفته بجبريل وإيمانه به اى بالعلم الضروري فإذا عرف نبوة نفسه وآمن بها وجب عليه أن يؤمن بما أنزل اليه من ربه كما قال تعالى آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه ويجوز ان يكون الخطاب للامة فقط فان قلت كيف يجوز تخصيصهم الخطاب الثاني بالامة في مقام توجيه الخطاب الاول اليه عليه السلام بخصوصه قلت ان خطاب رئيس القوم بمنزلة خطاب من معه من اتباعه فجاز أن يخاطب الاتباع فى مقام تخصيص الرسل بالخطاب لان المقصود سماعهم وَتُعَزِّرُوهُ وتقووه تعالى بتقوية دينه ورسوله قال في المفردات التعزير النصرة من التعظيم قال تعالى وتعزروه والتعزير دون الحد وذلك يرجع الاول فان ذلك تأديب والتأديب نصرة بقهر عدوه فان افعال الشر عدو الإنسان فمتى قمعته عنها فقد نصرته وعلى هذا الوجه قال النبي عليه السلام انصر أخاك ظالما او مظلوما فقال أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما قال تكفه عن الظلم انتهى وفي القاموس(9/17)
التعزير ضرب دون الحد او هو أشد الضرب والتفخيم والتعظيم ضد والاعانة كالعزر والتقوية والنصر انتهى وقال بعضهم أصله المنع ومنه التعزير فانه منع من معاودة القبيح يعنى وتمنعوه تعالى اى دينه ورسوله حتى لا يقوى عليه عدو وَتُوَقِّرُوهُ وتعظموه باعتقاد أنه متصف بجميع صفات الكمال منزه عن جميع وجوه النقصان قال في القاموس التوقير التبجيل والوقار كسحاب الرزانة انتهى يعنى السكون والحلم فأصله من الوقر الذي هو الثقل في الاذن وَتُسَبِّحُوهُ وتنزهوه تعالى عما لا يليق به ولا يجوز إطلاقه عليه من الشريك والولد وسائر صفات المخلوقين او تصلوا له من السبحة وهى الدعاء وصلاة التطوع قال في القاموس التسبيح الصلاة ومنه فلولا انه كان من المسبحين اى من المصلين بُكْرَةً وَأَصِيلًا اى غدوة وعشيا فالبكرة أول النهار
والأصيل آخره او دائما فانه يراد بهما الدوام وعن ابن عباس رضى الله عنهما صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر وفي عين المعاني البكرة صلاة الفجر والأصيل الصلوات الأربع فتكون الآية مشتملة على جميع الصلوات المفروضة وجوز بعض اهل التفسيران يكون ضمير وتعزروه وتوقروه للرسول عليه السلام ولا وجه له لانه تفكيك إذ ضمير رسوله وتسبحوه لله تعالى قطعا وعلى تقدير أن يكون له وجه فمعنى تعظيم رسول الله وتوقيره حقيقة اتباع سنته في الظاهر والباطن والعلم بانه زبدة الموجودات وخلاصتها وهو المحبوب الأزلي وما سواه تبع له ولذا أرسله تعالى شاهدا فانه لما كان أول مخلوق خلقه الله كان شاهدا بوحدانية الحق وربوبيته وشاهدا بما اخرج من العدم الى الوجود من الأرواح والنفوس والاجرام والأركان والأجسام والأجساد والمعادن والنبات والحيوان والملك والجن والشيطان والإنسان وغير ذلك لئلا يشذ عنه ما يمكن للمخلوق دركه من اسرار أفعاله وعجائب صنعه وغرائب قدرته بحيث لا يشاركه فيه غيره ولهذا قال عليه السلام علمت ما كان وما سيكون لانه شاهد الكل وما غاب لحضة وشاهد خلق آدم عليه السلام ولاجله قال كنت نبيا وآدم بين الماء والطين اى كنت مخلوقا وعالما بأنى نبى وحكم لى بالنبوة وآدم بين أن يخلق له جسد وروح ولم يخلق بعد واحد منهما فشاهد خلقه وما جرى عليه من الإكرام والإخراج من الجنة بسبب المخالفة وما تاب الله عليه الى آخر ما جرى عليه وشاهد خلق إبليس وما جرى عليه من امتناع السجود لآدم والطرد واللعن بعد طول عبادته ووفور علمه بمخالفة امر واحد فحصل له بكل حادث جرى على الأنبياء والرسل والأمم فهوم وعلوم ثم انزل روحه في قالبه ليزداد له نور على نور فوجود كل موجود من وجوده وعلوم كل نبى وولى من علومه حتى صحف آدم وابراهيم وموسى وغيرهم من اهل الكتب الالهية وقال بعض الكبار ان مع كل سعيد رقيفة من روح النبي صلى الله عليه وسلّم هى الرقيب العتيد عليه فاعراضه عنها بعدم إقباله عليها سبب لانتهاكه ولما قبض الروح المحمدي عن آدم الذي كان به دائما لا يضل ولا ينسى جرى عليه ما جرى من النسيان وما يتبعه واليه الاشارة بقوله صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره سلب ذوى العقول عقولهم واليه ينظر قوله عليه السلام لا يزنى الزاني حين يزنى وهو مؤمن اى ينزع منه الايمان ثم يزنى واعلم ان كل نبى له الولاية والنبوة فان كان رسولا فله الولاية(9/18)
إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10) سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (13) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (14)
والنبوة والرسالة فعالم رسالته هو كونه واسطة بين الله وخلقه وكذلك ان كان رسولا الى نفسه او اهله او قومه او الى الكافة فليس مع الرسول من عالم الرسالة الا قدر ما يحتاج اليه المرسل إليهم وما عدا ذلك فهو عالم ولايته فيما بينه وبين الله ولما تفاضلت الأمم تفاضلت الرسل ويأتى النبي يوم القيامة ومعه أمته وآخر معه قومه وآخر معه رهطه وهو مادون العشرة وآخر معه ابنه وآخر معه رجل وآخر استتبع فلم يتبع ودعا فلم يجب لاتيانه في الوقت الشديد الظلمة ولما جاء نبينا عليه السلام نورا من الله نور العالم ظواهرها وبواطنها فكانت أمته اسعد الأمم وأكثرها ولذا تجيء في ثمانين صفا وباقى الأمم من لدن آدم عليه السلام في أربعين صفا وقد قال تعالى في حقه مبشرا فانه لما أرسله الى الأحمر والأسود بشرهم بان لهم في متابعته الرتبة المحبوبية التي هى مخصوصة به من بين سائر الأنبياء والمرسلين فقد قال تعالى ونذيرا لئلا ينقطعوا عنه تعالى بشيء من الدارين كما انقطع اكثر الأمم ولم يكونوا على شيء (قال الكمال الخجندي) مرد تا روى نيارد زد وعالم بخداى مصطفى وار كزين همه عالم نشود نسأل الله ان يجعلنا على حظ وافر من الإقبال اليه والوقوف لديه إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ المبايعة با كسى بيع ويا بيعت وعهد كردن اى يعاهدونك على قتال قريش تحت الشجرة وبالفارسية بدرستى كه آنانكه بيعت ميكنند با تو در حديبيه سميت المعاهدة مبايعة تشبيها بالمعاوضة المالية اى مبادلة المال بالمال في اشتمال كل واحد منهما على معنى المبادلة فهم التزموا طاعة النبي عليه السلام والثبات على محاربة المشركين والنبي عليه السلام وعدلهم بالثواب ورضى الله تعالى قال بعض الأنصار عند بيعة العقبة تكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت فقال عليه السلام أشترط لربى ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ولنفسى أن تمنعونى ومما تمنعون منه أنفسكم وابناءكم ونساءكم فقال ابن رواحة رضى الله عنه فاذا فعلنا فما لنا فقال لكم الجنة قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يعنى ان من بايعك بمنزلة من بايع الله كأنهم باعوا أنفسهم من الله بالجنة كما قال تعالى ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة وذلك لان المقصود ببيعة رسوله هو وجه الله وتوثيق العهد بمراعاة أوامره ونواهيه قال ابن الشيخ لما كان الثواب انما يصل إليهم من قبله تعالى كان المقصود بالمبايعة منه عليه السلام المبايعة مع الله وانه عليه السلام انما هو سفير ومعبر عنه تعالى وبهذا الاعتبار صاروا كأنهم يبايعون الله وبالفارسية جزين نيست كه بيعت ميكنند با خداى چهـ مقصود بيعت اوست وبراى طلب رضاى اوست قال سعدى المفتى الظاهر والله اعلم ان المعنى على التشبيه اى كأنهم يبايعون الله وكذا الحال في قوله يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ اى كأن يد الله حين المبايعة فوق أيديهم حذف اداة التشبيه للمبالغة في التأكيد وذكر اليد لاخذهم بيد رسول الله حين البيعة على ما هو عادة العرب عند المعاهدة والمعاقدة وفيه تشريف عظيم ليد رسول الله التي تعلو أيدى المؤمنين المبايعين حيث عبر عنها بيد الله كما ان وضعه عليه السلام يده اليمنى على يده اليسرى لبيعة عثمان رضى الله عنه تفخيم لشأن عثمان حيث وضعت يد رسول الله موضع يده ولم ينل تلك الدولة العظمى أحد من الاصحاب فكانت غيبته رضى الله عنه في تلك الوقعة خيرا له من الحضور وقال بعضهم فيه استعارة تخييلية لتنزهه تعالى(9/19)
عن الجارحة وعن سائر صفات الأجسام فلفظ الله في يد الله استعارة بالكناية عن مبايع من الذين يبايعون بالأيدي ولفظ اليد استعارة تخييلية أريد به الصورة المنتزعة الشبيهة باليد مع ان ذكر اليد في حقه تعالى لاجتماعه مع ذكر الأيدي في حق الناس مشاكلة ازداد بها حسن التخييلية ثم ان قوله يد الله فوق أيديهم على كل من القولين تأكيد لما قبله والمقصود تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما وحقيقته ان الله تعالى لو كان من من شأنه التمثيل فتمثل للناس لفعل معه عين ما فعل مع نبيه من غير فرق فكان العقد مع النبي صورة العقد مع الله بل حقيقته كما ستجيء الاشارة اليه وقال
الراغب في المفردات يقال فلان يد فلان اى وليه وناصره ويقال لاولياء الله هم أيدي الله وعلى هذا الوجه قال الله تعالى ان الذين يبايعونك الآية ويؤيد ذلك ما روى لا يزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ويده التي يبطش بها انتهى فيكون المعنى قوة الله ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم كأنه قيل ثق يا محمد بنصرة الله لك لا بنصرة أصحابك ومبايعتهم على النصرة والثبات وقال بعضهم اليد في الموضعين بمعنى الإحسان والصنيعة فالمعنى نعمة الله عليهم في الهداية الى الايمان والى بيعة الرضوان فوق ما صنعوا من البيعة كقوله تعالى بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان وقال السدى يأخذون بيد رسول الله ويبايعونه ويد الله اى حفظ تلك المبايعة عن الانتقاض والبطلان فوق أيديهم كما ان أحد المتبايعين إذا مد يده الى الآخر لعقد البيع يتوسط بينهما ثالث فيضع يده على يديهما ويحفظ يديهما الى أن يتم العقد لا يترك واحدا منهما ان يقبض يده الى نفسه ويتفرق عن صاحبه قبل انعقاد البيع فيكون وضع الثالث يده على يديهما سببا لحفظ البيعة فلذلك قال تعالى يد الله فوق أيديهم يحفظهم ويمنعهم عن ترك البيعة كما يحفظ المتوسط أيدي المتبايعين وقال اهل الحقيقة هذه الآية كقوله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله فالنبى عليه السلام قد فنى عن وجوده بالكلية وتحقق بالله في ذاته وصفاته وأفعاله فكل ما صدر عنه صدر عن الله فمبايعته مبايعة الله كما ان اطاعته إطاعة الله سلمى قدس سره فرموده كه اين سخن در مقام جمعست وحق سبحانه مرتبه جمع را براى هيچ كس تصريح نكرده الا براى آنكه أخص واشرف موجوداتست ولهذا السر يقول عليه السلام يوم القيامة أمتي أمتي دون نفسى نفسى لانه لم يبق فيه بقية الوجود أصلا وفيه أسوة حسنة للكمل من افراد أمته فاعرف جدا فمعنى يد الله فوق أيديهم اى قدرته الظاهرة فى صورة قدرة النبي عليه السلام فوق قدرتهم الظاهرة في صور أيديهم لانه مظهر الاسم الأعظم المحيط الجامع وكل الأسماء تحت حيطة هذا الاسم الجليل فيد النبي عليه السلام مع غيره كيد السلطان مع ما سواه وهو أي قوله يد الله فوق أيديهم زيادة التصريح في مقام عين الجمع لحصول هذا المعنى الاطلاقى مما قبله والحاصل ان الله تعالى جعل نبيه صلّى الله عليه وسلّم مظهرا لكمالاته ومرءاة لتجلياته ولذا قال عليه السلام من رآنى فقدر أي الحق ولما فنى عليه السلام عن ذاته وصفاته وأفعاله كان نائبا عن الحق في ذاته وصفاته وأفعاله كما قيل (ع) نائبست ودست او دست خداى وفي هذا المقام قال الحلاج انا الحق وابو بزيد سبحانى سبحانى ما أعظم شانى وابو(9/20)
سعيد الخراز ليس في الجبة غير الله قال الواسطي اخبر الله بهذه الآية ان البشرية في نبيه عارية واضافة لا حقيقة يعنى فظاهره مخلوق وباطنه حق ولذا يجوز السجدة لباطنه دون ظاهره إذا ظاهره من عالم التقييد وباطنه من عالم الإطلاق وإذا كانت الصلاة جائزة على الموتى فما ظنك بالاحياء فاعرف جدا فانه انما جازت الصلاة على الموتى لاشتمالهم على حصة من الحقيقة المحمدية الجامعة الكلية فَمَنْ نَكَثَ النكث نقض نحو الحبل والغزل استعير لنقض العهد اى فمن نقض عهده وبيعته وأزال ابرامه وأحكامه فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ فانما يعود ضرر نكثه على نفسه لان الناكث هو لا غير وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ بضم الهاء فانه أبقى بعد حذف الواو إذا صله هو توسلا بذلك الى تفخيم لام الجلالة اى ومن اوفى بعهده وثبت عليه وأتمه فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً هى الجنة وما فيها من رضوان الله العظيم والنظر الى جماله الكريم ويحتمل ان يراد بنكث العهد ما يتناول عدم مباشرته ابتداء ونقضه بعد انعقاده لما روى عن جابر رضى الله عنه انه قال بايعنا رسول الله بيعة الرضوان تحت الشجرة على الموت وعلى ان لا نفر فما نكث أحد منا البيعة إلا جد بن قيس وكان منافقا احتبأ تحت إبط بعيره ولم يسر مع الفوم اى الى المبايعة حين دعوا إليها در موضح آورده كه سه چيز راجع باهل آن ميشود يكى مكر كه ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله دوم ستم كه انما بغيكم على
أنفسكم سيوم نقض عهد كه فمن نكث على نفسه ودر عهد و پيمان كفته اند پيمان مشكن كه هر كه پيمان بشكست از پاى در افتاد وبرون رفت زدست آنرا كه بدر دست بود پيمان الست نشكسته بهيچ حال هر عهد كه بست (كما قال الحافظ) از دم صبح ازل تا آخر شام ابد دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود (وقال) پيمان شكن هر آينه كردد شكسته حال ان العهود لدى اهل النهى ذمم قال بعض الكبار هذه البيعة نتيجة العهد السابق المأخوذ على العباد في بدء الفطرة فيضرهم النكث وينفعهم الوفاء قال الشيخ اسمعيل بن سود كين في شرح التجليات الاكبرية قدس الله سر هما المبايعون ثلاثة الرسل والشيوخ الورثة والسلاطين والمبايع في هؤلاء الثلاثة على الحقيقة واحد وهو الله تعالى وهؤلاء الثلاثة شهود الله تعالى على بيعة هؤلاء الاتباع وعلى هؤلاء الثلاثة شروط يجمعها القيام بأمر الله وعلى الاتباع الذين بايعوهم شروط يجمعها المتابعة فيما أمروا به فاما الرسل والشيوخ فلا يأمرون بمعصية أصلا فان الرسل معصومون من هذا والشيوخ محفوظون واما السلاطين فمن لحق منهم بالشيوخ كان محفوظا والا كان مخذولا وما هذا فلا يطاع في معصية والبيعة لازمة حتى يلقوا الله تعالى ومن نكث الاتباع من هؤلاء فحسبه جهنم خالدا فيها لا يكلمه الله ولا ينظر اليه وله عذاب أليم هذا كما قال ابو سليمان الداراني قدس سره هذا حظه في الآخرة واما في الدنيا فقد قال ابو يزيد البسطامي قدس سره في حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك مع المخنثين وسرق فقطعت يده هذا لما نكث اين هو ممن وفي بيعته مثل تلميذ الداراني قيل له ألق نفسك في التنور فألقى نفسه فيه فعاد عليه بردا وسلاما هذه نتيجة الوفاء انتهى يقول الفقير ثبت بهذه الآية سنة المبايعة وأخذ التلقين من المشايخ الكبار وهم الذين جعلهم الله قطب ارشاد بأن أوصلهم الى التجلي(9/21)
العيني بعد التجلي العلمي إذ لا فائدة في مبايعة الناقصين المحجبين لعدم اقتدارهم على الإرشاد والتسليك وعن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت رضى الله عنهما قالا كنا عند رسول الله عليه السلام فقال هل فيكم غريب يعنى اهل كتاب قلنا لا يا رسول الله فأمر بغلق الباب فقال ارفعوا ايديكم فقولوا لا اله الا الله فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع رسول الله يده ثم قال الحمد لله اللهم انك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة انك لا تخلف الميعاد ثم قال أبشروا فان الله قد غفر لكم كما في ترويح القلوب لعبد الرحمن البسطامي قدس سره وعن عبد الرحمن بن عوف بن مالك الأشجعي رضى الله عنه قال كنا عند رسول الله تسعة او ثمانية او سبعة فقال الا تبايعون رسول الله وكنا حديثى عهد ببيعته فقلنا قد بايعناك يا رسول الله قال الا تبايعون رسول الله فبسطنا أيدينا وقلنا على مم نبايعك قال أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيأ وتقيموا الصلوات الخمس وتطيعوا وأسروا كلمة خفية ولا تسألوا الناس ولقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فلا يسأل أحدا يناوله إياه رواه مسلم والترمذي والنسائي كما في الترغيب والترهيب للامام المنذرى رحمه الله وعن عبادة بن الصامت قال أخبرني ابى عن أبيه قال بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وان لا ننازع الأمر اهله وان نقول بالحق حيث كنا ولا نخاف في الله لومة لائم كما في عوارف المعارف للسهروردى قدس سره وقوله وان لا ننازع الأمر اهله اى إذا فوض امر من الأمور الى من هو اهل لذلك الأمر لا ننازع فيه ونسلم ذلك الأمر له وقوله حيث كنا اى عند الصديق والعدو والأقارب والا باعد كما في حواشى زين الدين الحافى رحمه الله وأخذ من التقرير المذكور أخذ اليد في المبايعة وذلك بالنسبة الى الرجال دون النساء لما روى ان النساء اجتمعن عند النبي عليه السلام وطلبن ان يعاهدهن باليد فقال لا تمس يدى يد المرأة ولكن قولى لامرأة واحدة كقولى لمائة امرأة فبايعهن بالكلام ثم طلبن منه البركة فوضع يده الشريفة في الماء ودفعه إليهن فوضعن أيديهن فيه كذا ذكره الشيخ عبد العزيز
الديرينى الروضة الانيفة وكذا فى ترجمة الفتوحات حيث قال ورسول عليه السلام وفات كرد ودست او بهيچ زن نامحرم نرسيد وبا زنان مبايعه بسخن مى كرد وقول او با يك زن چنان بود كه با همه انتهى وقال في انسان العيون بايعه عليه السلام ليلة العقبة الثانية السبعون رجلا وبايعه المرأتان من غير مصافحة لانه صلى الله عليه وسلّم كان لا يصافح النساء انما كان يأخذ عليهن فاذا احرزن قال اذهبن فقد بايعتكن انتهى وفي الاحياء ويجب منع النساء من حضور المساجد للصلاة ولمجالس الذكر إذا خيفت الفتنة إذ منعتهن عائشة رضى الله عنها فقيل لها ان رسول الله ما منعهن من الجماعات فقالت لو علم رسول الله ما أحدثن بعده لمنعتهن انتهى فحضور هن مجالس الوعظ والذكر من غير حائل يمنع من النظر إذا كان محظورا منكرا فكيف مس أيديهن كما في مشيخة هذا الزمان ومبتدعته وربما يمسون المسك لاجل النساء اللاتي يحضرن مجالسهم ويبايعنهم كما سمعناه من الثقات والعياذ بالله تعالى ولنعد الى تحرير المقام قال ابو يزيد البسطامي قدس سره من لم يكن له أستاذ فامامه الشيطان وحكى الأستاذ ابو القاسم القشيري عن شيخه ابى على الدقاق قدس(9/22)
سرهما انه قال الشجرة إذا نبتت بنفسها من غير غارس فانها تتورق ولا تثمر وهو كما قال ويجوز أنها تثمر كالاشجار التي في الاودية والجبال ولكن لا يكون لفا كهتها طعم فاكهة البساتين والغرس إذا نقل من موضع الى موضع آخر يكون احسن واكثر ثمرة لدخول التصرف فيه وقد اعتبر الشرع وجود التعليم في الكلب المعلم وأحل ما يقتله بخلاف غير المعلم وسمعت كثيرا من المشايخ يقولون من لم ير مفلحا لا يفلح ولنا في رسول الله أسوة حسنة فأصحاب رسول الله تلقوا العلوم والآداب من رسول الله كما روى عن بعض الصحابة علمنا رسول الله كل شيء حتى الخراءة بكسر الخاء المعجمة يعنى قضاء الحاجة فلا بد لطالب الحق من اديب كامل وأستاذ حاذق يبصره بآفات النفوس وفساد الأعمال ومداخل العدو فاذا وجد مثل هذا فليلا زمه وليصحبه وليتأدب بآدابه ليسرى من باطنه الى باطنه حال قوى كسراج يقتبس من سراج ولينسلخ من ارادة نفسه بالكلية فان التسليم له تسليم لله ولرسوله لان سلسلة التسليم تنتهى الى رسول الله والى الله (فى المثنوى) كفت طوبى من رآنى مصطفى والذي يبصر لمن وجهى رأى چون چراغى نور شمعى را كشيد هر كه ديدانرا يقين آن شمع ديد همچنين تا صد چراغ ار نقل شد ديدن آخر لقاى اصل شد خواه نور از واپسين بستان بجان هيچ فرقى نيست خواه از شمعدان وفي الحديث الحجر الأسود يمين الله في ارضه فمن لم يدرك بيعة رسول الله فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله وفي رواية الركن يمين الله في الأرض يصافح بها عباده كما يصافح أحدكم أخاه قال السخاوي معنى الحديث ان كل ملك إذا قدم عليه قبلت يمينه ولما كان الحاج والمعتمر يتعين لهما تقبيله نزل منزلة يمين الملك ويده ولله المثل الأعلى وكذلك من صافحه كان له عند الله عهد كما ان الملك يعطى الهدية والعهد بالمصافحة انتهى يقول الفقير لا شك ان الكعبة عند اهل الحقيقة اشارة الى مرتبة الذات الاحدية والذات الاحدية قد تجلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم بجميع أسمائها وصفاتها فكانت الكعبة صورة رسول الله والحجر الأسود صورة يده الكريمة واما حقيقة سر الكعبة والحجر فذاته الشريفة ويمينه المباركة ومن هنا نعرف ان الإنسان الكامل أفضل من الكعبة وكذا يده اولى من الحجر ولما انتقل النبي عليه السلام خلفه ورثته بعده فهم مظاهر هذين السرين فلا بد من تقبيل الحجر في الشريعة ومن تقبيل يد الإنسان الكامل في الحقيقة فانه المبايعة الحقيقة فانها عين المبايعة مع الله ورسوله ثم إذا وقعت المبايعة للمبايع في ذلك او ان ارتضاع وزمان انفطام فلا يفارق من بايعه الا بعد حصول المقصود بأن ينفتح له باب الفهم من الله ومتى فارق قبل او ان انفطام يناله من الاعلال في الطريق بالرجوع الى الدنيا ومتابعة الهوى ما ينال المفطوم لغير أوانه في الولادة الطبيعية وكذا الحال في العلم الظاهر فانه لا بد فيه من التكميل ثم الاذن من الأستاذ للتدريس قال في الأشباه لما جلس ابو
يوسف للتدريس من غير اعلام ابى حنيفة أرسل اليه ابو حنيفة رجلا فسأله عن مسائل خمس الا ولى قصار جحد الثوب ثم جاءبه مقصورا هل يستحق الاجر او لا فأجاب ابو يوسف يستحق الاجر فقال له الرجل اخطأت فقال لا يستحق فقال اخطأت ثم قال له الرجل ان كانت القصارة قبل الجحود استحق والا لا(9/23)
الثانية هل الدخول في الصلاة بالفرض او بالسنة فقال بالفرض فقال اخطأت فقال بالسنة فقال اخطأت فتحير ابو يوسف فقال الرجل بهما لان التكبير فرض ورفع اليدين سنة الثالثة طير سقط في قدر على النار فيه لحم ومرق هل يؤكلان او لا فقال يؤكلان فخطأه فقال لا يؤكلان فخطأه ثم قال ان كان اللحم مطبوخا قبل سقوط الطير يغسل ثلاثا ويؤكل وترمى المرقة والا يرمى الكل الرابعة مسلم له زوجة ذمية ماتت وهى حامل منه تدفن في اى المقابر فقال ابو يوسف في مقابر المسلمين فخطأه فقال في مقابر اهل الذمة فخطأه فتحير فقال تدفن في مقابر اليهود ولكن يحول وجهها عن القبلة حتى يكون وجه الولد الى القبلة لان الولد في البطن يكون وجهه الى ظهر أمه الخامسة أم ولد لرجل تزوجت بغير اذن مولاها فمات المولى هل تجب العدة من المولى فقال تجب فخطأه فقال لا تجب فخطأه ثم قال الرجل ان كان الزوج دخل بها لا تجب والا وجبت فعلم ابو يوسف تقصيره فعاد الى ابى حنيفة فقال تزببت قبل ان تحصرم (قال الشيخ سعدى) يكى در صنعت كشتى كيرى بسر آمده بود وسيصد وشصت بند فاخر درين علم بدانستى وهر روز بنوعى كشتى كرفتى مكر كوشه خاطرش باجمال يكى از شاكردان ميل داشت سيصد و پنجاه ونه بند او را آموخت مكر يك بند كه در تعليم آن دفع انداختى وتهاون كردى في الجملة پسر در قوت وصنعت بسر آمد وكسى را با او مجال مقاومت نماند تا بحدى كه پيش ملك كفت استاد را فضيلتى كه بر منست از روى بزركيست وحق تر بيت وكر نه بقوت ازو كمتر نيستم وبصنعت با او برابر ملك را اين سخن پسنديده نيامد بفرمود تا مصارعه كنند مقامى متسع ترتيب كردند واركان دولت واعيان حضرت وزور آوران آن إقليم حاضر شدند پسر چون پيل مست در آمد بصد متى كه اگر كوه آهنين بودى از جاى بر كندى استاد دانست كه جوان ازو بقوت بر ترست بدان بند غريب كه ازو نهان داشته بود بر او در آويخت وبدو دست بر كرفت از زمين بر بالاى سر برد وبر زمين زد غريو از خلق برخاست ملك فرمود تا استاد را خلعت ونعمت بي قياس دادند و پسر را زجر وملامت كرد كه با پرورنده خويش دعوى مقاومت كردى وبسر نبردى كفت اى خداوند مرا بزور دست ظفر نيافت بلكه از علم كشتى دقيقه مانده بود كه زمن دريغ همى داشت امروز بدان دقيقه بر من دست يافت استاد كفت از بهر چنين روز نهان داشتم فعلم ان التلميذ لا يبلغ درجة استاذه فى زمانه فللاستاذ العلو من كل وجه مريدان بقوت ز طفلان كمند مشايخ چوديوار مستحكمند قال في كشف النور عن اصحاب القبور واما هذا الزي المخصوص الذي اتخذه كل فريق من الصوفية كلبس المرقعات ومئازر الصوف والميلويات فهو امر قصدوا به التبرك بمشايخهم الماضية فلا ينهون عنه ولا يؤمرون به فان غالب ملابس هذا الزمان من هذا القيل كالعمائم التي اتخذها الفقهاء والمحدثون والعمائم التي اتخذها العساكر والجنود والملابس التي يتخذها عوام الناس وخواصهم فانها جميعها مباحة وليس فيها شيء يوافق السنة الا القليل ولا نقول انها بدعة ايضا لان البدعة هى الفعلة المخترعة في الدين على خلاف ما كان عليه النبي عليه السلام وكانت عليه الصحابة والتابعون رضى الله عنهم وهذه الهيئات والملابس والعمائم(9/24)
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11)
ليست مبتدعة في الدين بل هى مبتدعة في العادة ولا هى مخالفة للسنة ايضا على حسب ما عرف الفقهاء السنة بانها كل فعلة فعلها النبي عليه السلام على وجه العبادة لا العبادة ولم يكن النبي عليه السلام يلبس العمامة على سبيل العبادة ولا يلبس الثياب المخصوصة على طريق العادة وانما القصد بذلك ستر العورة ودفع اذية الحر والبرد ولهذا ورد عنه لبس الصوف والقطن وغير ذلك من الثياب العالية والسافلة فليس مخالفته في ذلك لمخالفة سنة وان كان الاتباع في جميع ذلك أفضل لانه مستحب انتهى قال في العوارف لبس الخرقة اى من يد الشيخ علامة التفويض والتسليم ودخوله في حكم الشيخ دخوله في حكم الله تعالى وحكم رسوله عليه السلام واحياء سنة المبايعة مع رسول الله قالت أم خالد أتى النبي عليه السلام بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة وهى كساء اسود مربع له علمان فان لم يكن معلما فليس بخميصة فقال عليه السلام من ترون أكسو هذه فكست القوم فقال عليه السلام ائتوني بام خالد قالت فأتى بي فألبسنيها بيده فقال ابلى واخلقى يقولها مرتين وجعل ينظر الى علم في الخميصة اصفر واحمر ويقول يا أم خالد هذا سناء والسناء هو الحسن بلسان الحبشة ولا خفاء بأن لبس الخرقة على الهبئه التي يعمدها الشيوخ في هذا الزمان لم يكن في زمن رسول الله وهذه الهيئة والاجتماع لها والاعتداد بها من استحسان الشيوخ وقد كان طبقة من السلف الصالحين لا يعرفون الخرقة ولا يلبسونها المريدين قمن يلبسها فله مقصد صحيح واصل من السنة وشاهد من الشرع ومن لا يلبسها فله رأى وله فى ذلك مقصد صحيح وكل تصاريف المشايخ محمولة على السداد والصواب ولا تخلو عن نية خالصة فيها انتهى كلام العوارف باختصار وقال الشيخ زين الدين الحافى في حواشيه قد صح واشتهر بنقل الأولياء كابرا عن كابر على ما هو مسطور في إجازات المشايخ ان رسول الله ألبس عليا الخرقة الشريفة وهو ألبس الحسن البصري وكميل بن زياد رضى الله عنهما وفي المقاصد الحسنة ان أئمة الحديث لم يثبتوا للحسن من على سماعا فضلا عن أن يلبسه الخرقة قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الضروري من اللباس الظاهر ما يستر السوآت والرياش ما يزيد على ذلك مما تقع به الزينة والضروري من اللباس الباطن وهو تقوى المحارم مطلقا ما يوارى سوأة الباطن والريش لباس مكارم الأخلاق مثل نوافل العبادات كالصفح والإصلاح فأراد اهل الله أن يجمعوا بين اللبستين ويتزينوا بالزينتين ليجمعوا بين الحسنيين فيثابوا من الطرفين فلبسوا الخرقة وألبسوها ليكون تنبيها على ما يريدونه من لباس بواطنهم وجعلوا ذلك أصلا واصل هذا اللباس عندى ما القى في سرى ان الحق لبس قلب عبده فانه قال ما وسعني ارضى ولا سمائى ووسعني قلب عبدى فان الثوب وسع لابسه وظهر هذا الجمع بين اللبستين في زمان الشبلي وابن حفيف الى هلم جرا فجرينا على مذهبهم في ذلك فلبسناها من أيدي مشايخ جمة سادات بعد ان صحبناهم وتأدبنا بآدابهم ليصح اللباس ظاهرا وباطنا انتهى باختصار نسأل الله سبحانه أن يجعل لباس التقوى لباسا خيرا لنا وأن يصح نياتنا وعقائدنا واعمالنا وأحوالنا انه هو المعين لاهل الدين الى أن يأتى اليقين سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ السين للاستقبال يقال خلفتة بالتشديد تركته خلفى وخلفوا اثقالهم تخليفا خلوها ورلء ظهورهم والتخليف بالفارسية(9/25)
واپس كذشتن ودر اينجا مراد از مخلفون باز پس كردكان خداى يعنى ايشان كه باز پس كرده اند از صحبت رسول عليه السلام از باديه نشينان خلفهم الله عن رسول الله كما قال كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع الخالفين قال في المفردات العرب أولاد اسمعيل عليه السلام والاعراب جمعه في الأصل وصار ذلك اسما لسكان البادية وقيل في جمع الاعراب أعاريب والاعرابى صار اسما في التعارف للمنسوبين الى سكان البادية انتهى وفي القاموس العرب بالضم وبالتحريك خلاف العجم مؤنث وهم سكان الأمصار والاعراب منهم سكان البادية ويجمع على أعاريب انتهى وفي مختار الصحاح العرب جيل من الناس والنسبة إليهم عربى وهم اهل الأمصار والاعراب منهم سكان البادية خاصة والنسبة إليهم أعرابي وليس الاعراب جمعا لعرب بل هو اسم جنس انتهى وقال ابن الشيخ
في سورة التوبة العرب هو الصنف الخاص من بنى آدم سوآء سكن البوادي أم الفري واما الاعراب فانه لا يطلق الأعلى من يسكن البوادي فالاعراب جمع أعرابي كما ان العرب جمع عربى والمجوس جمع مجوسى واليهود جمع يهودى بحذف ياء النسبة في الجمع ويدل على الفرق بين العرب والاعراب قوله عليه السلام حب العرب من الايمان وقوله تعالى الاعراب أشد كفرا ونفاقا حيث مدح العرب وذم الاعراب الذين هم سكان البادية فعلى هذا يكون العرب أعم من الاعراب وقيل العرب هم الذين استوطنوا المدن والقرى والاعراب اهل البدو فعلى هذا القول يكونان متباينين انتهى والمراد هناهم اعراب غفار ومزينة وجهينة وأشجع واسلم والدئل بالكسر تخلفوا عن رسول الله عليه السلام حين استنفر من حول المدينة من الاعراب واهل البوادي ليخرجوا معه عند إرادته المسير الى مكة عام الحديبية معتمرا حذرا من قريش أن يتعرضوا له بحرب ويصدوه عن البيت واحرم عليه السلام وساق معه الهدى ليعلم انه لا يريد الحرب وتثاقلوا عن الخروج وقالوا أنذهب الى قوم قد غزوه في عقر داره بالمدينة وقتلوا أصحابه فنقاتلهم فأوحى الله اليه عليه السلام بأنهم سبعتلون اى عند وصولك الى المدينة ويقولون شَغَلَتْنا مشغول كرد ما را والشغل العارض الذي يذهل الإنسان وقد شغل فهو مشغول أَمْوالُنا وَأَهْلُونا ولم يكن لنا من يخلفنا فيهم ويقوم بمصالحهم ويحميهم من الضياع والأموال جمع مال وهو كل ما يتملكه الناس من دراهم او دنانير او ذهب او فضة او حنطة او خبز او حيوان او ثياب او سلاح او غير ذلك والمال العين هو المضروب وسمى المال مالا لكونه بالذات تميل القلوب اليه وفي التلويح المال ما يميل اليه الطبع ويدخر لوقت الحاجة او ما خلق لمصالح الآدمي ويجرى فيه الشح والضنة انتهى والأهلون جمع اهل واهل الرجل عشيرته وذووا قرباه وقد يجمع الأهل على أهال وآهال واهلات ويحرك كأرضات على تقدير تاء التأنيث اى على ان أصله أهلة كما في ارض فحكمه حكم تمرة حيث يجوز في تمرات تحريك الميم فَاسْتَغْفِرْ لَنا الله تعالى ليغفر لنا تخلفنا عنك حيث لم يكن ذلك باختيار بل عن اضطرار يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ تكذيب لهم في الاعتذار وسؤال الاستغفار يعنى انه تكذيب لهم فيما يتضمنه من الحكم من انا مؤمنون حقا معترفون بذنوبنا فالشك والنفاق هو الذي خلفهم لا غير وفي الآية اشارة الى ان القلوب(9/26)
بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12)
الغافلة عن الله يقولون اى أهلها بألسنتهم ما ليس له حقيقة ولا شعور لقلوبهم على حقيقة ما يقولون فانهم يقولون ويريدون به معنى آخر كقولهم شغلتنا أموالنا وأهلونا مجازا يريدون به اعتذارا لتخلفهم ولقولهم شغلتنا حقيقة وذلك ان أموالهم وأهليهم شغلتهم عن ذكر الله والائتمار بأوامره وعن متابعة النبي عليه السلام وهم مأمورون بها (قال المولى الجامى) مكن تعلق خاطر بنقش صفحه دهر جريده وار همى زى وساده وش مى باش قُلْ ردالهم عند اعتذارهم إليك بأباطيلهم فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً اى فمن يقدر لا جلكم من مشيئة الله وقضائه على شيء من النفع إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا اى ما يضركم من هلاك الأهل والمال وضياعهما حتى تتخلفوا عن الخروج لحفظهما ودفع الضرر عنهما أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً اى ومن يقدر على شيء من الضرر إن أراد بكم ما ينفعكم من حفظ أموالكم وأهليكم فأى حاجة الى التخلف لاجل القيام بحفظهما بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً اى ليس الأمر كما تقولون بل كان الله خبيرا بجميع ما تعملون من الأعمال التي من جملتها تخلفكم وما هو من مباديه فمن ترك امر الله ومتابعة رسوله وقعد طلبا للسلامة دخل في الآية ثم لم يجد خلاصا من الضرر والبلاء فان الله تعالى قادر صلّى إيصال المكروه ولو بغير صورة القتال فلا بد من الصدق والعمل بالإخلاص والتوكل على الله تعالى فان فيه الخلاص نقلست كه يكروز كسان حجاج ظالم حسن بصرى را رضى الله عنه طلب كردند حسن در صومعه حبيب عجمى قدس سره پنهان شد حبيب را كفتند امروز حسن را ديدى كفت ديدم كفتند كجاست كفت درين صومعه شد در صومعه رفتند چندانكه طلب كردند حسن را نيافتند چنانكه حسن كفت هفت بار دست بر من نهادند ومرا نديدند وبيرون آمدند وكفتند اى حبيب آنچهـ حجاج با شما كند سزاى شماست تا چرا دروغ ميكوييد حبيب كفت او در پيش من درين جا شد اگر شما نمى دانيد ونمى بينيد مرا چهـ جرم عوانان ديكر باره طلب كردند نيافتند حسن از صومعه بيرون آمد كفت اى حبيب حق أستاذي نكاه داشتى ومرا بعوانان غمز ميكردى كفت اى أستاذ برو كه براست كفتن خلاص يافتى كه اگر دروغ ميكفتمى هر دو كرفتار خواستيم شدن (قال الحافظ) بصدق كوش كه خورشيد زايد از نفست كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست حسن كفت چهـ كردى كه مرا نديدند كفت نه بار آية الكرسي ونه بار آمن الرسول ونه بار قل هو الله أحد بخواندم وباز كفتم كه خدايا حسن را بتو سپردم كه نكاهش دارى وهكذا يحفظ الله أولياءه الصادقين وينصرهم ويترك أعداءه الكافرين ويخذلهم بَلْ ظَنَنْتُمْ إلخ بدل من كان الله إلخ مفسر لما فيه من الإبهام اى بل ظننتم ايها المخلفون أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ لن برجع وبالفارسية بلكه كمان ميبرديد آنكه باز نكردد الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلّم وَالْمُؤْمِنُونَ الذين معه وهم ألف واربعمائة إِلى أَهْلِيهِمْ بسوى اهالى خود بمدينه أَبَداً هرگز اى بأن يستأصلهم المشركون بالكلية فخشيتم ان كنتم معهم أن يصيبكم ما أصابهم فلاجل ذلك تخلفكم لا لما ذكرتم من المعاذير الباطلة وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وآراسته شد اين كمان در دلهاى شما يعنى شيطان بياراست وقبلتموه واشتغلتم بشأن أنفسكم(9/27)
وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (13) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (14)
غير مبالين بهم وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وكمان بر ديد كمان بد المراد به اما الظن الاول والتكرير لتشديد التوبيخ والتسجيل عليه بالسوء والا فهو من عطف الشيء على نفسه او ما يعمه وغيره من الظنون الفاسدة التي من جملتها الظن بعدم الصحة رسالته عليه السلام فان الجازم بصحتها لا يحوم حول فكره ما ذكر من الاستئصال فبهذا التعميم لا يلزم التكرار وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً اى هالكين عند الله مستوجبين سخطه وعقابه على انه جمع بائر من بار بمعنى هلك كعائذ وعوذ وهى من الإبل والخيل الحديثة النتاج او فاسدين في أنفسكم وقلوبكم ونياتكم لا خير فيكم فان البور الفاسد في بعض اللغات وقيل البور مصدر من بار كالهلك من هلك بناء ومعنى ولذا وصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث فيقال رجل بورو قوم بورو في المفردات البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك وكانوا قوما بورا اى هلكى انتهى وفيه اشارة الى ان كل من ظن انه يصيبه في الغز وقتل او جراحة او ما يكره من المصائب ثم يتخلف عن الغزو فانه من الهالكين وقد استولى الشيطان على قلبه فزين في قلبه الحياة الدنيا ليؤثرها على الحياة الاخروية التي أعدت للشهداء والدرجات العلى في الجنة والقربات في جوار الحق تعالى مكن ز غصه شكايت كه در طريق طلب براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيد وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ كلام مبتدأ من جهته تعالى ومن شرطية او موصولة اى ومن لم يؤمن بهما كدأب هؤلاء المخلفين فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً اى لهم وانما وضع موضع الضمير العائد الى من الكافرون إيذانا بأن من لم يجمع بين الايمان بالله ورسوله وهو كافر فانه مستوجب السعير اى النار الملتهبة وتنكيره للتهويل للدلالة على انه سعير لا يكتنه كنهها او لأنها نار مخصوصة كما قال نارا تلظى فالتنكير للتنويع وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وما فيهما يتصرف في الكل كيف يشاء وبالفارسية مر خدايراست پادشاهئ آسمانها وزمينها زمام امور ممالك علوى وسفلى در قبضه قدرت اوست يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ أن يغفر له وهو فضل منه وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ أن يعذبه وهو عدل منه من غير دخل لأحد في شيء منهما وجودا وعدما وفيه حسم لا طماعهم الفارغة في استغفاره عليه السلام لهم وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً مبالغا في المغفرة والرحمة لمن يشاء ولا يشاء الا لمن تقتضى الحكمة مغفرته ممن يؤمن به وبرسوله واما من عداه من الكافرين فهم بمعزل من ذلك قطعا فالآية نظير قوله تعالى في الأحزاب ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين ان شاء او يتوب غليهم ان الله كان غفورا رحيما اى يعذب المنافقين ان شاء تعذيبهم اى ان لم يتوبوا فان الشرك لا يغفر البتة او يتوب عليهم اى يقبل توبتهم ان تابوا فالله تعالى يمحو بتوبة واحدة ذنوب العمر كله ويعطى بدل كل واحدة منها حسنة وثوابا قال ابو هريرة رضى الله تعالى عنه قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ان الله افرح بتوبة عبده المؤمن من الضال الواجد ومن الظمآن الوارد ومن العقيم الوالد ومن تاب الى الله توبة نصوحا أنسى الله حافظيه وبقاع ارضه خطاياه وذنوبه كر آيينه از آه كردد تباه شود روشن آيينه دل بآه تو پيش از عقوبت در عفو كوب كه سودى(9/28)
سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17) لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20)
ندارد فغان زير چوب وفي هذا المعنى قال الكمال الخجندي ترا چهـ سود بروز جزا وقايه وحرز كه از وقاية عفوش حمايتى نرسيد وفي الآية اشارة الى أن من اطفأ سعير نفسه وشعلة صفاتها بماء الذكر وترك الشهوات يؤمن قلبه وينجو من سعير النفس وهو حال من آمن بالله ورسوله والا فيكون سعير نفسه وشعلة صفاتها مستولية على القلب فتحرقه وما تبقى من آثاره شيأ وهو حال من لم يؤمن بالله ورسوله ولله ملك سموات القلوب وارض النفوس يغفر لنفس من يشاء ويزكيها عن الصفات الذميمة ويجعلها مطمئنة قابلة لجذبة ارجعي ويعذب قلب من يشاء باستيلاء صفات النفس عليه ويقلبه كما لم يؤمن به وكان الله غفورا لقلب من يشاء رحيما لنفس من يشاء يؤتى ملك نفس من يشاء لقلبه وينزع ملك قلب من يشاء ويؤتيه لنفسه سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ المذكورون إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ظرف لما قبله لا شرط لما بعده وانطلقتم اى ذهبتم يقال انطلق فلان إذا مر متخلفا واصل الطلاق التخلية من وثاق كما يقال حبس طلقا ويضم اى بلا قيد ولا وثاق والمغانم جمع مغنم بمعنى الغنيمة اى الفيء اى سيقولون عند انطلاقكم الى مغانم خيبر لنحوزوها حسبما وعدكم إياها وخصكم بها عوضا عما فاتكم من غنائم مكة إذا نصرفوا منها على صلح ولم يصيبوا منها شيأ فالسين يدل على القرب وخيبرا قرب مغانم انطلقوا إليها فهى هى فان قيل كيف يصح هذا الكلام وقد ثبت انه عليه السلام أعطى من قدم مع جعفر رضى الله عنه من مهاجرى الحبشة وكذا الدوسيين والأشعريين ولم يكونوا ممن حضر الحديبية قلنا كان ذلك باستنزال اهل الحديبية عن شيء من حقهم ولولا ان بعض خيبر كانت صلحا لما قال موسى بن عقبة ومن تبعه ما قالوا وكان ما أعطاهم من ذلك كما في حواشى سعدى المفتى ذَرُونا بگذاريد ما را امر من يذر الشيء اى يتركه ويقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه نَتَّبِعْكُمْ الى خيبر ونشهد معكم قتال أهلها يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ بأن يشاركوا في المغانم التي خصها بأهل الحديبية فانه عليه السلام رجع من الحديبية في ذى الحجة من سنة ست واقام بالمدينة بقيتها وأوائل المحرم من سنة سبع ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم أموالا كثيرة فخصها بهم حسبما امره الله تعالى فالمراد بكلام الله ما ذكر من وعده تعالى غنائم خيبر لاهل الحديبية خاصة لا قوله تعالى لن تخرجوا معى ابدا فان ذلك في غزوة تبوك قُلْ إقناطا لهم لَنْ تَتَّبِعُونا اى لا تتبعونا فانه نفى في معنى النهى للمبالغة وقال سعدى المفتى لن ليس للتأبيد سيما إذا أريد النهى والمراد لن تتبعونا في خيبر أو ديمومتهم على مرض القلوب وقال ابو الليث لن تتبعونا في المسير الى خيبر الا متطوعين من غير ان يكون لكم شركة فى الغنيمة كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ همچنين كفته است خداى تعالى مِنْ قَبْلُ اى عند الانصراف من الحديبية فَسَيَقُولُونَ للمؤمنين عند سماع هذا النهى بَلْ تَحْسُدُونَنا اى ليس ذلك النهي حكم الله بل تحسدوننا أن نشارككم في الغنائم الحسد تمنى زوال النعمة عمن يستحق لها وربما يكون من ذلك سعى في إزالتها وروى المؤمن يغبط والمنافق يحسد وقال بعض الكبار لا يكون الحسد على المرتبة الا بين الجنس الواحد لا بين الجنسين ولذلك كان أول ابتلاء ابتلى الله به(9/29)
قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16)
عباده بعثة الرسل إليهم منهم لا من غيرهم لتقوم الحجة على من جحد قال تعالى ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا يعنى لو كان الرسول الى البشر ملكا لنزل في صورة رجل حتى لا يعرفوا انه ملك لانهم لو رأوه ملكا لم يقم بهم حسد بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ اى لا يفهمون قال الراغب الفقه هو التوصل الى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم والفقه العلم باحكام الشريعة وفقه أي فهم فقها إِلَّا قَلِيلًا اى الا فهما قليلا وهم فطنتهم لامور الدنيا وهو وصف لهم بالجهل المفرط وسوء الفهم في امور الدين وعن على رضى الله عنه اقل الناس قيمة أقلهم علما واعلم ان العلم انما يزداد بصحبة اهله ولما تخلف المنافقون عن صحبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصفهم الله بعدم الفقه فلا بد من مجالسة العلماء العاملين حتى تكون الدنيا ورلء الظهر ويجعل الرغبة في الآخرة وقد قال عليه السلام اطلبوا العلم ولو بالصين فكلما بعد المنزلة كثرا الخطى وعن بعضهم قال رأيت في الطواف كهلا قدأ جهدته العبادة وبيده عصا وهو يطوف معتمدا عليها فسألته عن بلده فقال خراسان تم قال لى في كم تقطعون هذا الطريق قلت في شهرين او ثلاثة فقال أفلا تحجون كل عام فقلت له وكم بينكم وبين هذا البيت قال مسيرة خمس سنين قلت هذا والله هو الفضل المبين والمحبة الصادقة فضحك وانشأ يقول
زر من هويت وان شطت بك الدار ... وخال من دونه حجب وأستار
لا يمنعنك بعد عن زيارته ... ان المحب لمن يهواه زوار
وفي الآية اشارة الى ان الدنيا من مظان الحسد وهو من رذائل النفس وفي الحديث (ولا تحاسدوا) اى على نعم الله تعالى مالا او علما او غير ذلك الا أن يقع الغبطة على المال المبذول فى سبيل الله والعلم المعمول به المنشور (ولا تناجشوا) النجش هو أن تزيد في ثمن سلعة ولا رغبة لك في شرائها وقيل هو تحريض الغير على شر (ولا تباغضوا) الا ان يكون البغض فى الله قال الشيخ الكلاباذى معنى لا تباغضوا لا تختلفوا في الأهواء والمذاهب لان البدعة فى الدين والضلال عن الطريق يوجب البغض عليه (ولا تدابروا) اى لا تقاطعوا فان التدابر التقاطع وان يولى الرجل صاحبه دبره فيعرض عنه كما في الفائق او لا تغتا بواو صفة الاخوة التقابل كما قال تعالى إخوانا على سرر متقابلين وكما قال عليه السلام (وكونوا عباد الله إخوانا) قال الحافظ هيچ رحمى نه برادر ببرادر دارد هيچ شوقى نه پدر را به پسر مى بينم دخترانرا همه جنكست وجدل با مادر پسران را همه بدخواه پدر مى بينم ثسأل الله السلامة والعافية قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ كرر ذكرهم بهذا العنوان لذمهم مرة بعد اخرى فان التخلف عن صحبة الرسول عليه السلام شفاعة اى شناعة سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ بحرب كروهى أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ اى اولى قوة في الحرب وبالفارسية كروهى با زور سخت وهم بنوا حنيفة كسفينة أبو حي كما في القاموس والمراد اهل اليمامة قوم مسيلمة الكذاب او هم غيرهم ممن ارتدوا بعد رسول الله او المشركون لقوله تعالى تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ استئناف كأنه قيل لماذا فأجيب ليكون أحد الامرين اما المقاتلة ابدا او الإسلام لا غير واما من عدا المرتدين(9/30)
والمشركين من العرب فينتهى قتالهم بالجزية كما ينتهى بالإسلام يعنى ان المراد بقوم اولى بأس شديد هم المرتدون والمشركون مطلقا سوآء كانوا مشركى العرب او العجم بناء على ان من عدا الطائفتين المذكورتين وهم اهل الكتاب والمجوس ليس الحكم فيهم أن يقتلوا الى أن يسلموا بل تقبل منهم الجزية بخلاف المرتدين ومشركى العرب والعجم فانه لا تقبل منهم الجزية بل يقاتلون حتى يسلموا وهذا عند الشافعي واما عند ابى حنيفة رحمه الله فمشركوا العجم تقبل منهم الجزية كما تقبل من اهل الكتاب والمجوس والذين لا يقبل منهم الا الإسلام او السيف انما هم مشركوا العرب والمرتدون فقط عنده وفي الآية دليل على امامة ابى بكر رضى الله عنه إذ لم يتفق دعوة المخلفين الى قتال اولى البأس الشديد لغيره من الخلفاء وقد وعدهم الثواب على طاعته وأوعدهم على مخالفته بقوله فان تطيعوا إلخ ومن أوجب الله طاعته يكون اما ما حقا فيكون ابو بكر اماما حقا الا إذا ثبت ان المراد بأولى البأس اهل حنين وهم ثقيف وهوازن فلا دلالة للآية حينئذ على امامة ابى بكر لان الدعوة الى قتالهم كانت في حياته عليه السلام لانه غزاهم عقيب فتح مكة فيكون المخلفون ممنوعين من خيبر مدعوين الى قتال اهل حنين اى فيخص دوام نفى الاتباع بما فيه عزوة خيبر كما قال محيى السنة وقيل هم فارس والروم ومعنى يسلمون ينقادن فان الروم نصارى وفارس مجوس تقبل منهم الجزية فتكون الاية دليلا على امامة عمر رضى الله عنه لانه هو الذي قاتلهم ودعا الناس الى قتالهم فَإِنْ تُطِيعُوا پس اگر فرمان بريد كسى را كه خواننده شماست بقتال آن كروه يُؤْتِكُمُ اللَّهُ بدهد شما را خداى أَجْراً حَسَناً هو الغنيمة في الدنيا والجنة في الآخرة وَإِنْ تَتَوَلَّوْا اى تعرضوا عن الدعوة وبالفارسية واگر روى بگردانيد و پشت بر داعى كنيد كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ فى الحديبية يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً لتضاعف جرمكم وبيان المقام انه عليه السلام لما قال لهم لن تتبعونا دعت الحاجة الى بيان قبول توبة من رجع منهم عن النفاق فجعل تعالى لهذا القبول علامة وهو انهم يدعون بعد وفاته عليه السلام الى محاربة قوم اولى قوة في الحرب فمن أجاب منهم دعوة امام ذلك الزمان وحاربهم فانه يقبل توبته ويعطى الاجر الحسن فلولا هذا الامتحان لاستمر حالهم على النفاق كما استمرت حالة ثعلبة عليه فانه قد امتنع من أداء الزكاة ثم اتى بها ولم يقبل منه النبي عليه السلام واستمر عليه الحال ولم يقبل منه أحد من الصحابة فلعله تعالى
علم من ثعلبة ان حاله لا نتغير فلم يبين لتوبته علامة وعلم من احوال الاعراب انها تتغير فبين لتغيرها علامة وقال بعصهم ان عثمان رضى الله عنه قد قبل من ثعلبه وهو مجتهد معذور فى ذلك ولعله وقف على إخلاصه والعلم عند الله تعالى ولما حكم داود وسليمان عليهما السلام في الحرث الذي نفشت فيه غنم القوم والنفش الرعي بالليل فحكم داود بشيء وحكم سليمان بامر آخر وقال الله تعالى ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما فاخذنا من هنا وأمثاله ان كل مجتهد مصبب وان لم يكن نصافى الباب قال بعضهم لا تنكروا على أحد حاله ولا لباسه ولا طعامه ولا غير ذلك الا بإجازة الشرع وسلموا لكل أحد حاله وما هو فيه ففيهم سائحون وتائبون وعابدون وحامدون وساجدون ومسبحون ومستغفرون ومحققون فقد يكون الإنكار سبب الايحاش(9/31)
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17)
والوحشة سبب انقطاعهم عن باب الخالق ويرحم البعض بالبعض (فال الحافظ)
عيب رندان مكن اى زاهد پاكيزه سرشت ... كه كناه دكران بر تو نخواهند نوشت
من اگر نيكم واگر بد تو برو خود را باش ... هر كسى آن درود عاقبت كار كه كشت
نا اميدم مكن از سابقه لطف ازل ... تو چهـ دانى كه پس پرده كه خوبست كه زشت
بر عمل تكيه مكن زانكه دران روز ازل ... تو چهـ دانى قلم صنع بنامت چهـ نوشت
وفي الآية اشارة إلى ان النفوس المتخلفة عن الطاعات والعبادات من الفرائض والنوافل لو دعيت الى الجهاد في سبيل الله او الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس والشيطان والدنيا تقاتلونهم بنهي النفس عن الهوى وترك الدنيا وزينتها فان أجابوا وأطاعوا فقد استوجبوا الاجر الحسن وان اعرضوا عن الطاعات والعبادات يعذبهم الله بعذاب أليم يتألمون به في الدنيا والآخرة لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى لما وعد على التخلف نفى الحرج عن الضعفاء والمعذورين فقال ليس على الأعمى وهو فاقد البصر حَرَجٌ اثم في التخلف عن الغزو لانه كالطائر المقصوص الجناح لا يمتنع على من قصده والتكليف يدور على الاستطاعة واصل الحرج والحراج مجتمع الشيء كالشجر وتصور منه ضيق ما بينهما فقيل للضيق حرج وللاثم حرج وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ لما به من العلة اللازمة احدى الرجلين او كليتهما وقد سقط عمن ليس له رجلان غسلهما في الوضوء فكيف بالجهاد والأعرج بالفارسية لنك من العروج لان الأعرج ذاهب في صعود بعد هبوط وعرج كفرح إذا صار ذلك خلقة له وقيل للضبع عرجاء لكونها في خلقتها ذاث عرج وعرج كدخل ارتقى وأصابه شيء في رجليه فمشى مشى العارج اى الذاهب في صعود وليس ذلك بخلقة او يثلث في غير الخلقة كما في القاموس وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ لانه لا قوة به وفي نفى الحرج عن كل من الطوائف المعدودة مزيد اعتناء بامرهم وتوسيع لدآئزة الرخصة وَمَنْ وهر كه يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى فيما ذكر من الأوامر والنواهي في السر والعلانية يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ قال بعض الكبار انما سميت الجنة جنة لانها ستر بينك وبين الحق تعالى وحجاب فانها محل شهوات الأنفس وإذا أراد أن يريك ذاتك حجبك عن شهوتك ورفع عن عينيك سترها فغبت عن جنتك وأنت فيها ورأيت ربك والحجاب عليك منك فانت الغمامة على شمسك فاعرف حقيقة نفسك وَمَنْ يَتَوَلَّ عن الطاعة وبالفارسية وهر كه اعراض كند از فرمان خدا ورسول يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً لا يقادر قدره وبالفارسية عذابى دردناك كه درد ان منقطع نكردد والم آن منقضى نشود وآن عذاب حرمانست چهـ بمخالفت امر خدا از دولت لقا مهجور وبنافرمانى رسول از سعادت شفاعت محروم خواهد ماند
مسوز آتش محروميم كه هيچ عذاب ... ز روى سوز والم چون عذاب حرمان نيست
وفي الآية اشارة الى اصحاب الاعذار من ارباب الطلب فمن عرض له مانع يعجزه عن السير بلا عزيمة منه وهمته في الطلب ورغبته في السير وتوجهه الى الحق باق فلا حرج عليه فيما يعتريه فيكون اجره على الله وذلك قوله تعالى ومن يطع الله ورسوله يعنى بقدر الاستطاعة يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار ومن يتول يعنى يعرض عن الله وينقض عهد الطلب(9/32)
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)
يعذبه عذابا أليما كما قال أوحد المشايخ في وقته ابو عبد الله الشيرازي قدس سره رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المنام وهو يقول من عرفه طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين وقد قالوا مرتد الطريقة أعظم ذنبا من مرتد الشريعة وقال الجنيد لو اقبل صديق على الله ألف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله وقال بعضهم في الآية اشارة الى الأعمى الحقيقي وهو من لا يرى غير الله لا الآخرة التي أشير إليها بالعين اليمنى ولا الدنيا التي أشير إليها بالعين اليسرى وهو معذور با استعمال الرخص والدخول في الرفاهية كما قال بعض الكبار ان المحقق لا يجوع نفسه الا اضطرارا سيما إذا كان في مقام الهيبة وكسر الصفات فانه يكثرا كله لشدة سطوات نيران الحقائق في قلبه بالعظمة وشهودها وهى حالة المقربين ولكن قد يقلل عمدا على قصد المحاق بأهله الانس بالله فهو بذلك يجتمع بالسالك انتهى والى الأعرج الحقيقي وهو من وصل الى منزل المشاهدة فضرب بسيوف الوحدة والإطلاق على رجل الاثنينية والتقيد فتعطل آلاته بالفناء فتقاعد هناك وهم الافراد المشاهدون فلا حرج لهم أن لا ينزلوا الى مقام المجاهدين ايضا ومن هنا يعرف سر قولهم الصوفي من لا مذهب له فان من لا مذهب له لا سير له ومن لا سير له لا يلزم له آلة والى المريض الحقيقي وهو الذي اسقمه العشق والمحبة وهو معذور إذا باشر الروحانيات مثل السماع واستعمال الطيب والنظر الى المستحسنات فان مداواته ايضا تكون من قبيل العشق والمحبة لان العشق أمرضه فيداوى بالعشق ايضا كما قيل
تداويت من ليلى بليلى من الهوا ... كما يتداوى شارب الخمر بالخمر
وقال بعضهم من كان له عذر في المجاهدة فان الله يحب ان تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه فاعرف ذلك لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ رضى العبد عن الله ان لا يكره ما يجرى به قضاؤه ورضى الله عن العبد هو أن يراه مؤتمرا لأمره منتهيا عن نهيه وهم الذين ذكر شأن مبايعتهم وكانوا ألفا وأربعمائة على الصحيح وقيل ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين وبهذه الآية سميت بيعة الرضوان وقال بعض الكبار سميت بيعة الرضوان لان الرضى فناء الارادة في إرادته تعالى وهو كمال فناء الصفات وذلك ان الذات العلية محتجبة بالصفات والصفات بالافعال والافعال بالاكوان والآثار فمن تجلت عليه الافعال بارتفاع حجب الأكوان توكل ومن تجلت عليه الصفات بارتفاع حجب الافعال رضى وسلّم ومن تجلت عليه الذات بانكشاف حجب الصفات فنى في الواحدة فصار موحدا مطلقا فاعلا ما فعل وقارئا ما فرأ ما دام هذا شهوده فتوحيد الافعال مقدم على توحيد الصفات وتوحيد الصفات مقدم على توحيد الذات والى هذه المراتب الثلاث أشار صلّى الله عليه وسلّم بقوله في سجوده وأعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك فاعلم ذلك فانه من لباب المعرفة إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ منصوب برضى وصيغة المضارع لاستحضار صورتها وتحت الشجرة متعلق به والشجر من النبت ماله ساق والمراد بالشجرة هنا سمرة اى أم غيلان وهى كثيرة في بوادي الحجاز وقيل سدرة وكان مبايعتهم على أن يقاتلوا قريشا ولا يفروا(9/33)
وروى على الموت دونه قال ابو عيسى معنى الحديثين صحيح فبايعه جماعة على الموت اى لا نزال نقاتلهم بين يديك ما لم تقتل وبايعه آخرون وقالوا لا نفر يقول الفقير عدم الفرار لا يستلزم الموت فلا تعارض وآن اصحاب را اصحاب الشجرة كويند وكان علامة اصحاب رسول الله معه في الغزاة ان يقول يا اصحاب الشجرة يا اصحاب سورة البقرة وآن ساعت كه دست عهد بيعت كرفتند با رسول فرمان آمد از حق تعالى تا درهاى آسمان بگشادند وفرشتگان از ذروه فلك نظاه كردند واز حق فرمان آمد بطريق مباهات كه اى مقربان أفلاك نظر كنيد بآن كروه كه از بهر إعزاز دين اسلام واعلاى كلمه حق ميكوشند جان بذل كرده وتن سبيل ودل فدا ودر وقت قتال روى نشانه نيزه كرده وسينه سپر ساخته
شراب از خون وجام از كاسه سر ... بجاى بانك رود آواز اسبان
بجاى دسته گل دشنه وتيغ ... بجاى قرطه بر تن درع وخفتان
كواه باشيد اى مقربان كه من از ايشان خشنودم ودر قيامت هر يكى را از ايشان در امت محمد چندان شفاعت دهم كه از من خشنود كردند وازين عهد تا آخر دور هر مؤمنى كه آن بيعت بشنود وبدل بامر ايشان در قبول آن بيعت موافق بود من آن مؤمن را همان خلعت دهم كه اين مؤمنانرا دادم وعند تلك المبايعة قال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنتم اليوم خير اهل الأرض واستدل بهذا الحديث على عدم حياة الخضر عليه السلام حينئذ لانه يلزم ان يكون غير النبي أفضل منه وقد قامت الادلة الواضحة على ثبوت نبوته كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله يقول الفقير نبوة الخضر منقضية كنبوة عيسى عليهما السلام فعلى تقدير حياته يكون من اتباعه عليه السلام وأمته كما قال عليه السلام لو كان أخي موسى حيا لما وسعه الا اتباعى وثبت ان عيسى من أصحابه عليه السلام وعند نزوله في آخر الزمان يكون من أمته فان قلت بحضور الخضر بين الاصحاب في تلك المبايعة وان لم يعرفه أحد فالامر ظاهر وان قلت بعدم الحضور فلا يلزم رجحان الاصحاب عليه من كل وجه إذ بعض من هو فاضل مفضول من وجه قال في انسان العيون صارت تلك الشجرة التي وقعت عندها البيعة يقال لها شجرة الرضوان وبلغ عمر بن الخطاب رضى الله عنه في زمان خلافته ان ناسا يصلون عندها فتوعدهم وامر بها فقطعت خوف ظهور البدعة انتهى وروى الامام النسفي رحمه الله في التيسير انها عميت عليهم من قابل فلم يدروا اين ذهبت يقول الفقير يمكن التوفيق بين الروايتين بانهم لما عميت عليهم ذهبوا يصلون تحت شجرة على ظن انها هى شجرة البيعة فامر عمر رضى الله عنه بقطعها وفي كشف النور لابن النابلسى اما قول بعض المغرورين باننا نخاف على العوام إذا اعتقدوا وليا من الأولياء وعظموا قبره ولتمسوا البركة والمعونة منه ان يدركهم اعتقاد أن الأولياء تؤثر في الوجود مع الله فيكفرون ويشركون بالله تعالى فتنهاهم عن ذلك ونهدم قبور الأولياء ونرفع البنايات الموضوعة عليها ونزيل الستور عنها ونجعل الاهانة للاولياء ظاهرا حتى تعلم العوام الجاهلون ان هؤلاء الأولياء لو كانوا مؤثرين فى الوجود مع الله تعالى لدفعوا عن أنفسهم هذه الاهانة التي نفعلها معهم فاعلم ان هذا الصنيع(9/34)
وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20)
كفر صراح مأخوذ من قول فرعون على ما حكاه الله تعالى لنا في كتابه القديم وقال فرعون ذوونى اقتل موسى وليدع ربه انى أخاف ان يبدل دينكم او ان يظهر في الأرض الفساد وكيف يجوز هذا الصنيع من أجل الأمر الموهوم وهو خوف الضلال على العامة انتهى يقول الفقير والتوفيق بين هذا وبين ما فعله عمر رضى الله عنه ان الذي يصح هو اتباع الظن لا الوهم فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ عطف على يبايعونك لما عرفت من انه بمعنى بايعوك لا على رضى فان رضاه تعالى عنهم مترتب على علمه تعالى بما في قلوبهم من الصدق والإخلاص عند مبايعتهم له عليه السلام قال بعضهم ان من الفرق بين علم الحق وعلم عبيده ان علمهم لم يكن لهم الا بعد ظهورهم وحصول صورتهم واما علم الحق تعالى فكان قبل وجود الخلق وبعدهم فليس علمه تعالى بعناية من غيره بخلاف العبد فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ عطف على رضى اى فأنزل عليهم الطمأنينة وسكون النفس بالربط على قلوبهم وقيل بالصلح قال البقلى في عرائسه رضى الله عنهم في الأزل وسابق علم القدم ويبقى رضاه الى الابد لان رضاه صفته الازلية الباقية الابدية لا تتغير بتغير الحدثان ولا بالوقت والزمان ولا بالطاعة والعصيان فاذاهم في اصطفائيته باقون الى الابد لا يسقطون من درجاتهم بالزلات ولا بالشرية والشهوات لان اهل الرضى محروسون برعايته لا يجرى عليهم نعوت اهل البعد وصاروا متصفين بوصف رضاه فرضوا عنه كما رضى عنهم وهذا بعد قذف أنوار الانس في قلوبهم بقوله فأنزل السكينة عليهم قال ابن عطاء رضى الله عنهم فارضاهم وأوصلهم الى مقام الرضى واليقين والاطمئنان فأنزل سكينته عليهم لتسكن قلوبهم اليه وَأَثابَهُمْ و پاداش داد ايشانرا فان الاثابة بالفارسية پاداش دادن والثواب ما يرجع الى الإنسان من جزاء عمل يستعمل في الخير والشر لكن الأكثر المتعارف في الخير والاثابة تستعمل في المحبوب وقد قيل ذلك في المكروه نحو فأثابكم غما بغم على الاستعارة فَتْحاً قَرِيباً وهو فتح خيبر غب انصرافهم من الحديبية وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها اى وأثابهم مغانم خيبر وكانت ذات عقار وأشجار أخذوها من اليهود مع فتح بلدتهم فقسمت عليهم وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً غالبا حَكِيماً مراعيا لمقتضى الحكمة في أحكامه وقضاياه وقال ابن الشيخ حكيما في امره حكم لهم بالظفر والغنيمة ولاهل خيبر بالسبي والهزيمة وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً هى ما يفيئه على المؤمنين الى يوم القيامة والافاءة مال كسى غنيمت كردن تَأْخُذُونَها فى أوقاتها المقدرة لكل واحد منها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ اى غنائم خيبر وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ اى أيدي اهل خيبر وهم سبعون ألفا وحلفاؤهم من بنى اسد وغطفان حيث جاؤا لنصرتهم فقذف الله في قلوبهم الرعب فنكصوا والحلفاء بالحاء المهملة جمع حليف وهو المعاهد للنصر فان الحلف العهد بين القوم وقيل أيدي اهل مكة بالصلح وبالفارسية ودست مردمانرا از شما كوتاه كرد وقال في المفردات الكف كف الناس وهى ما بها يقبض ويبسط وكففته دفعته بالكف وتعورف الكف بالدفع على اى وجه كان بالكف وبغيرها حتى قيل رجل مكفوف لمن قبض بصره قال سعدى المفتى ان كان نزولها بعد فتح خيبر كما هو الظاهر(9/35)
لا تكون السورة بتمامها نازلة في مرجعه عليه السلام من الحديبية وان كان قبله على انها من الاخبار عن الغيب فالاشارة بهذه تنزيل المغانم منزلة الحاضرة المشاهدة والتعبير بالمضي للتحق وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ عطف على علة اخرى محذوفة من أحد الفعلين اى فعجل لكم هذه أو كف أيدي الناس عنكم لتغتنموها ولتكون ان رة للمؤمنين يعرفون بها صدق الرسول في وعده إياهم عند رجوعه من الحديبية ما ذكر من الغنائم وفتح مكة ودخول المسجد الحرام ويجوز ان تكون الواو واعتراضية على أن تكون اللام متعلقة بمحذوف مؤخر اى ولتكون آية لهم فعل ما فعل من التعجيل والكف وَيَهْدِيَكُمْ بتلك الآية صِراطاً مُسْتَقِيماً هو الثقة بفضل الله تعالى والتوكل عليه في كل ما تأتون وما تذرون وفي الآية اشارة الى ما وعد الله عباده من المغانم الكثيرة بقوله ادعوني استجب لكم فكل واحد يأخذها بحسب مطمح نظره وعلو همته فمن كانت همته الدنيا فهى له معجلة وماله في الآخرة من خلاق ومن كانت همته الآخرة فله نصيب
من حظ الدارين وربما يكف الله أيدي دواعى شهوات النفس عن المؤمنين ليكونوا من اهل الجنة كما قال تعالى ونهى النفس عن الهوا فان الجنة هى المأوى ولو وكلهم الى أنفسهم لا تبعوا الشهوات وهى دركات الجحيم إذ حفت النار بالشهوات وفي ترك الدنيا وشهوات النفس آية للمؤمنين حيث يهتدى بعضهم بهدى بعض ويصلون على هذا الصراط المستقيم الى حضرة ربوبية (قال الشيخ سعدى)
پى نيك مردان ببايد شتافت ... هر آن كين سعادت طلب كرد يافت
وليكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى
پيمبر كسى را شفاعت كرست ... كه بر جاده شرع پيغمبرست
ثم ان خيبر حصن معروف قرب المدينة على ما في القاموس وقال في انسان العيون هو على وزن جعفر سميت باسم رجل من العماليق نزلها يقال له خيبر وهو أخو يثرب الذي سميت باسمه المدينة وفي كلام بعض خيبر بلسان اليهود الحصن ومن ثم قيل لها خيابر لاشتمالها على الحصون وهى مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع ونخل كثير بينها وبين المدينة الشريفة ثمانية برد والبريد اربعة فراسخ وكل فرسخ ثلاثة أميال «يقول الفقير وكل ميلين ساعة واحدة بالساعات النجومية لانه عدمن المدينة الى قباميلان وهى ساعة واحدة فتكون الثمانية البرد ثمانى وأربعين ساعة بتلك الساعات وفي القاموس البريد فرسخان واثنا عشر ميلا انتهى ولما رجع عليه السلام من الحديبية اقام شهرا اى بقية ذى الحجة وبعض المحرم من سنة سبع ثم خرج الى خيبر وقد استنفر من حوله ممن شهد الحديبية يغزون معه وجاء المخلفون عنه في غزوة الحديبية ليخرجوا معه رجاء الغنيمة فقال عليه السلام لا تخرجوا معى الا راغبين في الجهاد اما الغنيمة فلا اى لا تعطون منها شيأ ثم امر مناديا ينادى بذلك فنادى به وامر ايضا انه لا يخرج الضعيف ولا من له مركب صعب حتى ان بعضهم خالف هذا الأمر فنفر مركوبه فصرعه فاندقت فخذه فمات فأمر عليه السلام بلالا رضى الله عنه أن ينادى في الناس الجنة لا تحل العاص ثلاثا وخرج معه(9/36)
عليه السلام من نسائه أم سلمة رضى الله عنها ولما اشرف على خيبر وكان وقت الصبح رأى عمالها وقد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم وهى القفف الكبيرة قالوا محمد والخميس اى الجيش العظيم معه قيل له الخميس لانه خمسة اقسام المقدمة والساقة والميمنة والميسرة وهما الجناحان والقلب وأدبروا اى العمال هربا الى حصونهم وكانوا لا يظنون ان رسول الله يغزوهم وكان بها عشرة آلاف مقاتل فقال عليه السلام الله اكبر خربت خيبر انا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين وانما قاله بالوحى كما نطق به قوله تعالى فعجل لكم هذه وابتدأ من حصونهم بحصون النطاة وامر بقطع نخلها فقطعوا اربعمائة نخلة ثم نهاهم عن القطع ومكث عليه السلام سبعة ايام يقاتل اهل حصون النطاة فلم يرجع من أعطى له الراية بفتح ثم قال لأعطين الراية عدا الى رجل يحب الله ورسوله ويحبانه يفتح الله على يديه فتطاولها ابو بكر وعمر وبعض الصحابة من قريش فدعا عليه السلام عليا رضى الله عنه وبه رمد فتفل في عينيه ثم أعطاه الراية وكانت بيضاء مكتوب فيها لا اله الا الله محمد رسول الله بالسواد فقال على علام أقاتلهم يا رسول الله قال أن يشهدوا ان لا اله الا الله وانى رسول الله فاذا فعلوا ذلك فقد حقنوا دماءهم وأموالهم وألبسه عليه السلام درعه الحديد وشد سيفه ذا الفقار في وسطه ووجهه الى الحصن وقال لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم اى من الإبل النفيسة التي تصدق بها في سبيل الله فخرج على رضى الله عنه بالراية يهرول حتى ركزها تحت الحصن الحارث أخو مرجب وكان معروفا بالشجاعة فتضاربا فقتله على وانهزم اليهود الى الحصن
صعوه كريا عقاب سازد جنگ ... دهد از خون خود پرش را رنك
ثم خرج اليه مرحب سيد اليهود وهو يرتجز ويقول
قد علمت خيبر انى مرحب ... شاكى السلاح البطل المجرب
اى تام السلاح معروف بالشجاعة وقهر الفرسان وارتجز على رضى الله عنه وقال
انا الذي سمتنى أمي حيدره ... ضرغام آجام وليث قسوره
وضرب عليا فطرح ترسه من يده فتناول على بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل فى يده يقاتل حتى قتل مرحبا وفتح الله عليه الحصن وهو حصن ناعم من حصون النطاة والقى الباب من يده ورلء ظهره تمانين شبرا وذلك بالقوة القدسية وفيه بيان شجاعة على حيث قتل شجيعا بعد شجيع ونعم ما قيل
كر چهـ شاطر بود خروس بجنگ ... چهـ زند پيش باز رويين چنك
گربه شيرست در گرفتن موش ... ليك موشست در مصاف پلنگ
ثم انتقل عليه السلام من حصن ناعم الى حصن العصب من حصون النطاة فأقاموا على محاصرته يومين حتى فتحه الله وما بخيبر حصن اكثر طعاما منه كالشعير السمن والتمر والزيت والشحم والماشية والمتاع ثم انتقلوا الى حصن قلة وهو حصن بقلة وهو آخر حصون النطاة فقطعوا عنهم ماءهم ففتحه الله ثم سار المسلمون الى حصار الشق بفتح الشين المعجمة وهو اعرف عند اهل اللغة من الكسر ففتحو الحصن الاول من حصونه ثم حاصروا حصن البرآء وهو(9/37)
الحصن الثاني من حصنى الشق فقاتلوا قتالا شديدا حتى فتحه الله ثم حاصروا حصون الكثيبة وهى ثلاثة حصون القموص كصبور والوطيح وسلالم بضم السين المهملة وكان أعظم حصون خيبر القموص وكان منيعا حاصره المسلمون عشرين ليلة ثم فتحه الله على يد على رضى الله عنه ومنه سبيت صفية رضى الله عنها وانتهت المسلمون الى حصار الوطيح بالحاء المهملة سمى باسم الوطيح بن مارن رجل من اليهود وسلالم آخر حصون خبر ومكثوا على حصار هما اربعة عشر يوما وهذان الحصنان فتحا صلحا لان أهلهما لما أيقنوا بالهلاك سألوا رسول الله عليه السلام الصلح على حقن دماء المقاتلة وترك الذرية لهم ويخرجون من خيبر وارضها بذراريهم وان لا يصحب أحدا منهم إلا ثوب واحد على ظهره فصالحهم عليه ووجدوا فى الحصنين المذكورين مائة درع واربعمائة سيف والف رمح وخمسمائة قوس عربية بجعابها وأشياء آخر غالية القيمة وهى ما في الخزانة ابى الحقيق مصغرا وأرسل عليه السلام الى اهل فدك وهى محركة قرية بخيبر يدعوهم الى الإسلام ويخوفهم فتصالحوا معه عليه السلام على أن يحقن دماءهم ويخليهم ويخلون بينه وبين الأموال ففعل ذلك رسول الله وقيل تصالحوا معه على ان يكون لهم النصف في الأرض ولرسول الله النصف الآخر وكان فدك الاول لرسول الله وعلى الثاني كان له نصفها لانه لم تؤخذ بمقاتله وكان عليه السلام ينفق منها ويعود منها على صغير بنى هاشم ويزوج منها ايمهم ولما مات عليه السلام وولى ابو بكر رضى الله عنه الخلافة سألته فاطمة رضى الله عنها ان يجعل فدك او نصفها لها قأبى وروى لها انه عليه السلام قال انا معاشر الأنبياء لا نورث اى لا نكون مورثين ما تركناه صدقة اى على المسلمين ثم ان النبي عليه السلام امر بالغنائم التي غنمت قبل الصلح فجمعت وأصاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سبايا منها صفية بنت ملكهم حيى بن اخطب من سبط هرون بن عمران أخي موسى عليهما السلام فهدا ها الله فأسلمت ثم أعتقها رسول الله وتزوجها وكانت رأت ان القمر وقع فى حجرها فكان ذلك رسول الله وجعل وليمتها حيسا في نطع الحيس تمر وإقط وسمن ودخل بها رسول الله في منزل الصهباء في العود والصهباء موضع قرب خيبر كما في القاموس وبات تلك الليلة ابو أيوب الأنصاري رضى الله عنه متوشحا سيفه يحرسه ويطوف حول قبته حتى أصبح رسول الله فرأى مكان ابى أيوب فقال مالك يا ابى أيوب قال يا رسول الله خفت عليك من هذه المرأة قتلت أباها وزوجها وقومها وهى حديثة عهد بجاهلية فبت أحفظك فقال عليه السلام اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظنى قال السهيلي رحمه الله فحرس الله تعالى أبا أيوب بهذه الدعوة حتى ان الروم لتحرس قبره ويستسقون به فيسقون فانه غزا مع يزيد بن معاوية سنة خمسين فلما بلغوا القسطنطينية مات ابو أيوب هناك فأوصى يزيد ان يدفنه في اقرب موضع من مدينة الروم فركب المسلمون ومشوابه حتى إذا لم يجدوا مساغا دفنوه فسألتهم الروم عن شأنهم فأخبروهم انه كبير من أكابر المسلمين الصحابة فقالت ليزيد ما أحمقك وأحمق من أرسلك امنت ان ننبشه بعدك فخرق عظامه فخلف لهم يزيد لئن فعلوا ذلك ليهد من كل كنيسة بأرض العرب وينبش قبورهم فحينئذ حلفوا له بنبيهم ليكر من قبره وليحر سنه ما استطاعوا وقال صاحب روضة الاخبار مات(9/38)
ابو أيوب خالد بن زيد الأنصاري رضى الله عنه بالقسطنطينية سنة احدى وخمسين مرابطا مع يزيد بن معاوية مرض فلما ثقل مرضه قال لاصحابه إذا أنا مت فاحملونى فاذا صاففتم العدو فادفنونى تحت أقدامكم ففعلوا وقبره قريب من سورها معروف معظم وكان
الروم يتعاهدون قبره ويستشفون به انتهى يقول الفقير ثبت ان قبر ابى أيوب انما تعين بأشارة الشيخ الشهير بآق شمس الدين قدس سره وقد كان مع الفاتح السلطان محمد العثماني في زمان الفتح وهذا يقتضى ان يكون محل قبره المنيف مندر سابمرور الأيام ولنعد الى تمام القصة ونهى النبي عليه السلام عن إتيان الحبالى حتى تضع وعن غير الحبالى حتى تستبرأ بحيضة ونهى عن إتيان المسجد لمن أكل الثوم والبصل وعن بعضهم ما أكل نبى قط ثؤما ولا بصلا يقول الفقير يدخل فيه الدخان الشائع شربه في هذا الزمان بل رائحته اكره من رائحة الثوم والبصل فاذا كان دخول المسجد ممنوعا مع رائحتهما دفعا لاذى الناس والملائكة فمع رائحة الدخان اولى وظاهر ان الثوم والبصل من جنس الاغذية ولا كذلك الدخان ومحافظة المزاج بشربه انما عرفت بعد الإدمان المولد للامراض الهائلة فليس لشاربه دليل في ذلك أصلا فكما ان شرب الخمر ممنوع اولا وآخرا حتى لو تاب منها ومرض لا يجوز ان يشربها ولو مات من ذلك المرض يؤجر ولا يأثم فكذا شرب الدخان وليس استطابته الا من خباثة الطبع فان الطباع السليمة تستقذره لا محالة فتب الى الله وعد حتى لا يراك حيث نهاك ووقت عليه السلام قص الشارب وتقليم الأظفار واستعمال النورة بان لا يترك ذلك أربعين يوما وقدم عليه صلّى الله عليه وسلّم بعد فتح خيبر ابن عمه جعفر بن ابى طالب من ارض الحبشة وقد كان هاجر إليها ومعه الأشعريون فقام عليه السلام الى جعفر وقبله بين عينيه واعتنقه وقال والله ما أدرى بأيهما افرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر وليس حديث القيام معارضا لحديث من سره أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار لان هذا الوعيد انما توجه للمتكبرين ولمن يغضب ان لا يقام له وكان من جملة من قدم معهم من الحبشة أم حبيبة بنت ابى سفيان زوج النبي عليه السلام وذلك ان أم حبيبة كانت ممن هاجر الى الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش فارتد عن الإسلام هناك وتنصر ومات على ذلك وبقيت هى على إسلامها ورأت فى المنام كان قائلا يقول لها يا أم المؤمنين فعلمت بأن رسول الله يتزوجها فارسل عليه السلام فى المحرم افتتاح سنة سبع الى النجاشي بالتخفيف ملك الحبشة وكان مؤمنا ليزوجها منه عليه السلام فزوجها وأصدقها اربعمائة دينار ولما قدم رسول الله خيبر كان الثمر اخضر فأكثر الصحابة من أكله فأصابتهم الحي فشكوا ذلك الى رسول الله فقال بردوا لها الماء فى الشنان اى في القرب ثم صبوا منه عليكم بين آذاني الفجر واذكروا اسم الله عليه ففعلوا فذهبت عنهم وفي هذه الغزوة أراد عليه السلام ان يتبرز فأمر الى شجرتين متباعدتين حتى اجتمعتا فاستتر بهما ثم قام فانطلقت كل واحدة الى مكانها وفي خيبر كان أكله من الشاة المسمومة وذلك ان زينت ابنة الحارث أخي مرحب سمتها وأكثرت في الذراعين والكتف لما عرفت انه عليه السلام كان يحب الذراع والكتف لكونهما ابعد من الأذى وأهدتها له(9/39)
وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)
عليه السلام وكان قد صلّى المغرب بالناس فلما انتهش من الذراع واز درد لقمة از درد بشر ما في فيه ومات من أكل معه وهو بشر بن البرآء واحتجم رسول الله بين الكفتين فى ثلاثة مواضع وقال الحجامة في الرأس هى المعينة أمرني بها جبرائيل حين أكلت طعام اليهودية وقد احتجم في غير هذه الواقعة مرارا واحتجم وسط رأسه وكان يسميها منقذا وذلك انه لما سحره اليهودي ووصل المرض الى الذات المقدسة امر بالحجامة على قبة رأسه المباركة واستعمال الحجامة في كل متضرر بالسحر غاية الحكمة ونهاية حسن المعالجة وفي الحديث الحجامة في الرأس شفاء من سبع من الجنون والصداع والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة يجدها في عينيه والحجامة في البلاد الحارة انفع من الفصد والاولى ان تكون في الربع الثالث من الشهر لانه وقت هيجان الدم وعن ابى هريرة مرفوعا من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة واحدى وعشرين كانت شفاء من كل داء والحجامة على الريق دوآء وعلى الشبع داء ويكره في الأربعاء والسبت ثم أرسل رسول الله الى تلك اليهودية فقال أسممت هذه الشاة فقالت من أخبرك قال أخبرتني هذه التي في يدى اى الذراع قالت نعم قال ما حملك على ما صنعت قالت قتلت ابى وعمى وزوجى ونلت من قومى ما نلت فقلت ان كان ملكا استرحنا منه وان كان نبيا فسيخبر فعفا عنها
ز خوان معجزا وكرنواله طلبى ... حديث بره برياشنو كه ما حضرست
فلما مات بشر امر بها فقتلت وصلبت وفي الاحياء اطعم عليه السلام السم فمات الذي أكل معه وعاش هو عليه السلام بعده اربع سنين انتهى قال الشيخ الشهير بأفتاده قدس سره انما لم يؤثر السم في عمر حين جاء من قيصر لانه رضى الله عنه انما شرب بحقيقته لا ببشريته وانما اثر في النبي عليه السلام بعد تنزله الى حالة بشريته وذلك إرشاده عليه السلام وان كان فى عالم التنزل غير ان تنزله كان في مرتبة الروح وهى اعدل المراتب فلم يؤثر فيه حتى مضى عليه اثنتا عشرة سنة فلما احتضر عليه السلام تنزل الى ادنى المراتب لان الموت انما يجرى على البشرية فلما تنزل الى تلك المرتبة اثر فيه انتهى فانتقل عليه السلام من الدنيا بالشهادة فأحرز جميع المراتب من النبوة والرسالة والصديقية والشهادة يقول الفقير قوله اثنتا عشرة سنة وهكذا قال صاحب المحمدية وهو مخالف لما سبق عن الاحياء والحق ما في الاحياء لان قصة السم كانت في خيبر وقصة خيبر في السنة السابعة من الهجرة فغير هذا وجهه غير ظاهر كما لا يخفى ولما كان زمان خلافة عمر رضى الله عنه ظهر خيانة اهل خيبر فأجلى يهود فدك ونصارى نجران لانه عليه السلام قال لا يبقى دينان في جزيرة العرب وجزيرة العرب ما أحاط به بحر الهند وبحر الشام ثم دجلة والفرات او ما بين عدن أبين الى أطراف الشام طولا ومن جدة الى ريف العراق عرضا كما في القاموس وَأُخْرى عطف على هذه اى فعجل لكم هذه المغانم ومغانم اخرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها وهى مغانم هو ازن فى غزوة حنين فانهم لم يقدروا عليها الى عام الحديبية وانما قدروا عليها عقيب فتح مكة ووصفها بعدم القدرة عليها لما كان فيها من الجولة اى من تكرار الهزيمة والرجوع الى(9/40)
القتال قبل ذلك لزيادة ترغيبهم فيها يقال جال القوم جولة انكشفوا ثم كروا قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها صفة اخرى لا خرى مفيدة لسهولة تأتيها بالنسبة الى قدرته تعالى بعد بيان صعوبة مثالها بالنظر الى قدرتهم اى قد قدر الله عليها واستولى وأظهركم عليها وقيل حفظها عليكم لفتحكم ومنعها من غيركم يعنى جميع فتوح المسلمين قال ابن عباس رضى الله عنهما ومنه فتح قسطنطينية ورومية وعمورية ومدائن فارس والروم والشام اما قسطنطينية فمشهورة وهى الآن دار السلطنة للسلاطين العثمانية واما رومية ويقال لها رومية الكبرى فمدينة عظيمة من مدن الروم مثل قسطنطينية واما عمورية بفتح العين المهملة وضم الميم المشددة وبالراء فقد قال الامام اليافعي في المرآة هى التي يسميها اهل الروم انكورية وهى مدنية كبيرة كانت مقر ملوكهم فتحها المعتصم بالله قال الراغب الإحاطة على وجهين أحدهما فى الأجسام نحو أحطت
بمكان كذا وتستعمل في الحفظ نحو كان الله بكل شيء محيطا اى حافظا له في جميع جهاته وتستعمل في المنع نحو الا ان يحاط بكم اى الا ان تمنعوا والثاني فى العلم نحو أحاط بكل شيء علما فالاحاطة بالشيء علما هو ان يعلم وجوده وجنسه وقدره وكيفيته وغرضه المقصود به وبإيجاده وما يكون به ومنه وذلك ليس يكون الا لله وقال بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه فنفى عنهم ذلك وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً لان قدرته تعالى ذاتية لا تختص بشيء دون شيء اى منتهية عنده غير متجاوزة عنه لان علتها لا تنتهى فتأمل اعلم ان المغازي غزوة حنين وهو اسم موضع قريب من الطائف ويقال لها لغزوة حنين غزوة هوازن ويقال لها غزوة أوطاس باسم الموضع الذي كانت به الواقعة في آخر الأمر وسببها انه لما فتح الله على رسوله مكة اطاعت له قبائل العرب الا هوازن وثقيفا فان أهلهما كانوا طغاة مردة فاجتمعوا الى حنين فلما وصل خبرهم الى رسول الله عليه السلام تبسم وقال تلك غنيمة المسلمين غدا ان شاء الله تعالى فأجمع على السير الى هوازن وخرج في اثنى عشر الفا فلما قربوا من محل العدو صفهم واعطى لواء المهاجرين عليا رضى الله عنه ولواء الخزرج الحباب بن المنذر رضى الله عنه ولواء الأوس أسيد بن حضير رضى الله عنه وركب عليه السلام بغلته الشهباء التي يقال لها فضة قد أهداها له صاحب البلقاء وقيل هى دلدل التي أهداها له المقوقس ولبس درعين والمغفر والدرعان هما ذات الفضول والسغدية بالسين المهملة والغين المعجمة وهى درع داود عليه السلام التي لبسها حين قتل جالوت فلما كان بحنين وذلك عند غبش الصبح اى ظلمته وانحدروا في الوادي خرج عليهم القوم وكانوا كمنوا لهم في شعاب الوادي ومضايقه فحملوا عليهم حملة رجل واحد ورموهم بالنبل وكانوا رماة لا يسقط لهم سهم فأخذ المسلمون راجعين منهزمين لا يلوى أحد على أحد وانحاز رسول الله ذات اليمين ومعه نفر قليل منهم ابو بكر وعمر وعلى والعباس وابنه الفضل فقال عليه السلام يا عباس اصرخ يا معشر الأنصار يا اصحاب السمرة يعنى الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان وكان صيحا يسمع صوته من ثمانية أميال فأجابوا لبيك لبيك حتى انتهى اليه جمع فاقتتلوا ثم قبض عليه السلام قبضة من تراب واستقبل بها وجوههم فقال شاهت الوجوه حم لا ينصرون انهزموا ورب محمد ورماهم(9/41)
وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)
بالتراب فملئت أعينهم من التراب فولوا مدبرين فتبعهم المسلمون يقتلونهم ويأسرونهم ولما انهزم القوم عسكر بعضهم بأوطاس فبعث النبي عليه السلام في آثارهم أبا عامر الأشعري رضى الله عنه ورجع رسول الله الى معسكره يمشى في المسلمين ويقول من يدلنى على رجل خالد بن الوليد حتى دل عليه فوجده قد أسند الى مؤخرة رحله لانه أثقل بالجراحة فتفل عليه السلام في جرحه فبرئ وامر عليه السلام بالسبي والغنائم ان تجمع فجمع ذلك كله وأخذوه الى الجعرانة بالكسر والعين المهملة موضع بين مكة والطائف سمى بريطة بنت سعد وكانت تلقب بالجعرانة وهى المرادة في قوله تعالى ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها وكان بها الى ان انصرف رسول الله من غزوة الطائف ثم لما أتاها قسم تلك الغنائم وكان السبي ستة آلاف رأس والإبل اربعة وعشرين الفا والغنم اكثر من أربعين الفا والفضة اربعة آلاف اوقية واحرم من الجعرانة بعمرة بعد ان اقام بها ثلث عشرة ليلة وقال اعتمر منها سبعون نبيا وقد اعتمر عليه السلام بعد الحجرة اربع عمر أولاها عمرة الحديبية والثانية عمرة القضاء من العام المقبل والثالثة عمرة الجعرانة والرابعة عمرته عليه السلام مع حجة الوداع وباقى البيان في غزوة حنين وما يتصل بها قد سبق في أوائل التوبة عند قوله لقد نصركم الله إلخ وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى اهل مكة ولم يصالحوكم وقيل حلفاء خيبر من بنى اسد وغطفان لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ اى لا نهزموا ولم يكن قتال وبالفارسية هر آينه بر كردانيدندى پشتها را بگريز يعنى هزيمت كردندى فان تولية الأدبار كناية عن الانهزام وكذا في الفارسية كما قال آن نه من باشم كه روز جنك بينى پشت من ودبر الشيء خلاف القبل كالظهر والخلف ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا يحرسهم وَلا نَصِيراً ينصرهم سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ اى سن الله غلبة أنبيائه سنة قديمة فيمن خلا ومضى من الأمم وهو قوله لأغلبن انا ورسلى فسنة الله مصدر مؤكد لفعله المحذوف وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا اى تغييرا بنقل الغلبة من الأنبياء الى غيرهم
محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن كذارد ترا
هر چهـ در ازل مقرر شده لا محاله كائن خواهد شد ودست تصرف هيچكس رقم تغيير وتبديل بر صفحات آن نخواهد كشيد.
تغيير بحكم ازلى راه نيابد ... تبديل بفرمان قضا كار ندارد
در دائره أمركم وبيش نكنجد ... باسر قدر جون و چرا كار ندارد
وفي الآية اشارة الى مقاتلة النفوس المتمردة فالله تعالى ناصر السالكين على قتال النفوس وقد قدر النصرة في الأزل فلا تبديل لها الى الابد فالمنصور من نصره الله والمقهور من قهره الله ونصرة الله على انواع فمنها نصرة في الظالم فعن بعضهم كنا في المدينة نتكلم فى بعض الأوقات في آيات الله تعالى المنعم بها على أوليائه وكان رجل ضرير بالقرب منا يسمع ما نقول فتقدم إلينا وقال أنست بكلامكم اعلموا انه كان لى عيال وأطفال فخرجت الى البقيع احتطب فرأيت شابا عليه قميص كتان ونعله في إصبعه فتوهمت انه تائه فقصدت ان(9/42)
وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)
اسلبه ثوبه فقلت له انزع ما عليك فقال لى مر في حفظ فقلت له الثانية والثالثة فقال ولا بد قلت ولا بد فأشار بأصبعيه الى عينى فسقطتا فقلت بالله عليك من أنت فقال انا ابراهيم الخواص وانما دعا إبراهيم الخواص على اللص بالعمى ودعا ابراهيم بن أدهم للذى ضربه بالجنة لان الخواص شهد من اللص انه لا يتوب الا بعد العقوبة فرأى العقوبة أصلح له وابن أدهم لم يشهد توبة الضارب في عقوبته فتفضل عليه بالدعاء له فتوة منه وكرما فحصلت البركة والخير بدعائه للضارب فجاءه مستغفرا معتذرا فقال له ابراهيم الرأس الذي يحتاج الى الاعتذار تركته ببلخ يعنى ان نخوة الشرف وكبر الرياسة الواقعة في رأسى حين كنت ببلخ قد استبدلت بها تواضع المسكنة والانكسار ومنها نصرة في الباطن فعن احمد بن ابى الحوارى رحمه الله قال كنت مع ابى سليمان الداراني قدس سره في طريق مكة فسقطت منى السطيحة اى المزادة فاخبرت أبا سليمان بذلك فقال يا راد الضالة فلم البث حتى اتى رجل يقول من سقطت منه سطيحة فاذا هى سطيحتى فأخذتها فقال ابو سليمان حسبت ان يتركنا بلا ماء يا احمد فمشينا قليلا وكان برد شديد وعلينا الفراء فرأينا رجلا عليه طمران رثان وهو يترشح فقال له ابو سليمان نواسيك ببعض ما علينا فقال الحر والبرد خلقان من خلق الله تعالى ان أمرهما غشيانى وان أمرهما تركانى وانا أسير في هذه البادية منذ ثلاثين سنة ما ارتعدت ولا انتفضت يلبسنى فيحا من محبته في الشتاء ويلبسنى في الصيف مذاق برد محبته جمعى كه پشت كرم
بعشق نيند ناز سمور ومنت سنجاب مى كشند ... يا دارانى تشير الى ثوب وتدع الزهد
تجد البرد يا دارانى تبكى وتصحيح وتستريح الى الترويح فمضى ابو سليمان وقال لم يعرفنى غيره قيل في هذه الحكاية ما معناه انه لما حقق الله يقين ابى سليمان في رد السطيحة صانه من العجب بما رأه من حال هذا الرجل حتى صغر في عينيه حال نفسه وتلك سنة الله فى أوليائه يصونهم من ملاحظة الأعمال ويصغر في أعينهم ما يصفولهم من الأحوال وينصرهم فى تذكية نفوسهم عن سفساف الأخلاق رضى الله عنهم ونفعنا بهم وسلك بنا مسالك طريقتهم انه هو الكريم المحسان وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ اى أيدي كفار مكة عَنْكُمْ اى بان حملهم على الفرار منكم مع كثرة عددهم وكونهم في بلادهم بصدد الذنب عن أهليهم وأولادهم وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بان حملكم على الرجوع عنهم وتركهم بِبَطْنِ مَكَّةَ اى في داخلها مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ اى جعلكم ظافرين غالبين عَلَيْهِمْ وبالفارسية پس از انكه ظفر داد شمار او غالب ساخت مع ان العادة المستمرة فيمن ظفر بعدوه ان لا يتركه بل يستأصله والظفر الفوز وأصله من ظفر اى نشب ظفره وذلك ان عكرمة بن ابى جهل خرج في خمسمائة الى الحديبية فبعث رسول الله عليه السلام خالد بن الوليد على جند وسماه يومئذ سيف الله فهزمهم حتى أدخلهم حيطان مكة ثم عاد ذكره الطبراني وابن ابى حاتم في تفسيريهما قال سعدى المفتى لم يصح هذا والمذكور في كتب السير وغيرها من الصحاح ان خالد بن الوليد كان يوم الحديبية طليعة للمشركين أرسلوه في مائتى فارس فدنا في خيله حتى نظر الى اصحاب رسول الله فأمر رسول الله عباد بن بشر رضى الله عنه(9/43)
فتقدم في خيله فقام بإزائه وصف أصحابه وحانت العصر فصلى رسول الله بأصحابه صلاة الخوف فكيف يصح ما ذكره وقد صح ان اسلام خالد بن الوليد كان بعد الحديبية في السنة الثامنة او قبلها انتهى وكذا قال في انسان العيون خالد بن الوليد اسلم بعد وقعة الحديبية وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الله تعالى اظهر المسلمين عليهم بالحجارة حتى أدخلوهم البيوت يعنى ان جماعة من أهل مكة خرجوا يوم الحديبية يرمون المسلمين فرماهم المسلمون بالحجارة حتى أدخلوهم بيوت مكة فلما كان الكف على الوجه المذكور في غاية البعد قال تعالى وهو الذي إلخ على طريق الحصر استشهادا به على ما تقدم من قوله ولو قاتلكم إلخ او هم ثمانون رجلا طلعوا على رسول الله من قبل التنعيم عند صلاة الصبح ليأخذوه بغتة ويقتلوا الاصحاب فأخذهم رسول الله فخلى سبيلهم فيكون المراد ببطن مكة وادي الحديبية لان بعضها من الحرم وفي المفردات اصل البطن الجارحة ويقال للجهة السفلى بطن وللجهة
العليا ظهر وبه شبه بطن الأمر وبطن الوادي والبطن من العرب اعتبارا بانهم كشخص واحد فان كل قبلة منهم كعضو بطن وفخذ وكاهل انتهى يقول الفقير لا شك ان وادي الحديبية واقع في الجهة السفلى من مكة لانه في جانب جدة المحروسة فيكون المراد بالبطن تلك الجهة لا داخل مكة والمعنى والله تعالى اعلم ان الله هو الذي كف أيديهم عنكم وايديكم عنهم من الحديبية التي هى الجهة السفلى من مكة من بعد ان أقدركم عليهم بحيث لو قاتلتموهم غلبتهم عليهم بأذنه تعالى على ما كان في علمه كما قال ولو قاتلكم إلخ وسيأتى سر الكف في الآية التي تلى هذه وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ من مقاتلتكم وهزمكم إياهم اولا طاعة لرسوله وكفكم عنهم ثانيا لتعظيم بيته الحرام وصيانة اهل الإسلام بَصِيراً عالما لا يخفى عليه شيء فيجازيكم بذلك وقال بعض العلماء من بعد ان أظفركم عليهم يوم الفتح وبه استشهد ابو حنيفة رحمه الله على ان مكة فتحت عنوة لا صلحا واما ان السورة نزلت قبله فلا يخالف لانه من الاخبار عن الغيب كقوله انا فتحنالك نعيم يرد عليه منع دلالته على العنوة فقد يكون الظفر على البلد بالصلح وكذلك قال الزمخشري في أول السورة الفتح الظفر بالبلد عنوة او صلحا بحرب او بغير حرب كما في حواشى سعدى المفتى وقال في بحر العلوم ويدل على انها فتحت عنوة قوله تعالى انا فتحنا لك فتحا مبينا لان لفظ الفتح إذا ورد مطلقا لا يقع الا على ما فتح عنوة انتهى يقول الفقير هذا ليس من قبيل الفتح المطلق ولو سلم فالفتح المطلق لا يدل عليه ولذا فارنه تعالى بالنصرة في سورة النصر فان النصر يقتضى القهارية لا الفتح وقال في عين المعاني وقد فتحت صلحا عند الشافعي قلنا بل عنوة لقوله عليه السلام لاصحابه احصدوهم بالسيف حصدا الا انه لم يضع الجزية على أهلها ولا الخراج على اراضيها كما هو مذهبنا فيما يفتح عنوة لان مشركى العرب لا يقبل منهم الا الإسلام او السيف عندنا واما سواد الكوفة ارض العجم انتهى وقصة فتح مكة على الإجمال ان الفتح كان في شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة وكان السبب في ذلك نقض عهد وقع من جانب قريش وذلك ان شخصا من بنى بكر هجا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصار(9/44)
يتغنى به فسمعه غلام من خزاعة وكانوا مسلمين فضربه فشبحه فثار الشربين الحيين وأمد قريش لبنى بكر على خزاعة فبيتوا خزاعة اى أتوهم ليلا على غفلة فقتلوا منهم عشرين ولم يكن ذلك برأى ابى سفيان رئيس قريش وعند ما بلغه الخبر قال حدثتنى زوجتى هند انها رأت رؤيا كرهتها رأت دما اقبل من الحجون يسيل حتى وقف بالخندمة بالخاء العجمة جبل بمكة والحجون بالحاء المهلة جبل بمعلاة مكة وقال والله ليغزونا محمد فكره القوم ذلك وخرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم المدينة وقص على رسول الله القصة فقال عليه السلام نصرت يا عمرو بن سالم ودمعت عينا رسول الله وكان يقول خزاعة منى وانا منهم قالت عائشة رضى الله عنها أترى قريشا تجترئ على نقض العهد الذي بينك وبينهم فقال عليه السلام ينقضون العهد الأمر يريده الله فقلت خير قال خير ولما ندمت قريش على نقض العهد أرسلوا أبا سفيان ليشدّ العقد ويزيد في المدة فقال عليه السلام نحن على مدتنا وصلحنا ولم يقبل ذلك من ابى سفيان ولا أحد من أصحابه فرجع الى مكة واخبر القصة وقال والله قد ابى على وقد تتبعت أصحابه فما رأيت قوما لملك عليهم أطوع منهم له ثم ان رسول الله تشاور مع ابى بكر وعمر رضى الله عنهما في السير الى مكة وأخفى الأمر عن غيرهما فقال ابو بكر هم قومك يا رسول الله فأشار الى عدم السير وخضه عمر حيث قال هم رأس الكفرة زعموا انك ساحر وانك كذاب وذكر له كل سوء كانوا يقولونه وايم الله لا تذل العرب حتى تذل اهل مكة فعند ذلك ذكر عليه السلام ان أبا بكر كابراهيم وكان في الله ألين من اللبن وان عمر كنوح وكان في الله أشد من الحجر وان الأمر أمر عمرو أشار عليه السلام بطى السر وامر أصحابه بالجهاز وأرسل الى اهل البادية
ومن حوله من المسلمين في كل ناحية يقول لهم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة ولما قدموا قال عليه السلام اللهم خذ العيون والاخبار من قريش حتى نبغتها في بلادها ثم مضى لسفره لعشر خلون من رمضان او غير ذلك وكان العسكر عشرة آلاف فيهم المهاجرون والأنصار جميعا وأفطر عليه السلام فى هذا السفر بالكديد وهو كأمير محل بين عسفان وقديد كزبير مصغرا وامر بالإفطار وعد مخالفته في ذلك عصيانا لحرارة الهولء ولما فيه من القوة على مقاتلة العدو وفي قديد عقد عليه السلام الألوية والرايات ودفعها للقبائل ثم سار حتى مر بمر الظهران وهو موضع على مرحلة من مكة وقد أعمى الله الاخبار عن قريش اجابة لدعائه فلم يعلموا بوصوله وكان ذلك منه عليه السلام شفقة على قريش حتى لا يضنوا بالمقاتلة وامر عليه السلام أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار وجعل على الحرس عمر بن الخطاب رضى الله عنه وكان العباس عم النبي عليه السلام قد خرج قبل ذلك بعياله مسلما اى مظهر اللاسلام مهاجرا فلقى رسول الله بالجحفة وهو بتقديم الجيم ميقات اهل الشام فرجع معه الى مكة وأرسل اهله وثقله الى المدينة وقال له عليه السلام هجرتك يا عم آخر هجرة كما ان نبوتى آخر نبوة وبعث قريش أبا سفيان يتجسس الاخبار وقالوا ان لقيت محمدا فخذ لنا منه أمانا فلما وصل الى مر الظهران ليلا قال ما رأيت كالليلة نيراناقط ولا عسكراهذ كنيران عرفة وكان بينه وبين العباس مصادقة فلما لقيه أخذ بيده وذهب به الى رسول الله ليأخذ منه أمانا له فلما أتاه قال عليه السلام اذهب يه يا عباس(9/45)
الى رحلك فاذا أصبحت فأتنى به فلما اتى به عرض النبي عليه السلام عليه الإسلام فتوقف فقال العباس له ويحك اسلم واشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله قبل ان يضرب عنقك فهداه الله فشهد شهادة الحق فأسلم ثم قال يا رسول الله أرأيت ان اعتزلت قريش فكفت أيديها آمنون هم قال عليه السلام نعم من كف يده وأغلق داره فهو آمن فقال العباس يا رسول الله ان أبا سفيان يحب الفخر فاجعل له شيئا قال نعم من دخل دارابى سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن اغلق بابه فهو آمن ومن القى سلاحه فهو آمن ومن دخل دار حكيم بن حزام وهو من اشراف قريش في الجاهلية والإسلام فهو آمن وعقد عليه السلام لأبى رويحة الذي آخى بينه وبين بلال رضى الله عنه لواء وامره ان ينادى من دخل تحت لواء ابى رويحة فهو آمن وذلك توسعة للامان لضيق المسجد ودار ابى سفيان واستثنى عليه السلام جماعة من النساء والرجال امر بقتلهم وان وجدوا متعلقين بأستار الكعبة منهم ابن خطل ونجوه لان الكعبة لا تعيذ عاصيا ولا تمنع من اقامة حد واجب وكانوا طغاة مردة مؤذين لرسول الله عليه السلام أشد الأذى فعفا عمن آمن وقتل من أصر وقال عليه السلام للعباس احبس أبا سفيان في مضيق الوادي حتى تمر به جنود الله فيراها فأول من مر خالد بن الوليد في بنى سليم مصغرا ثم قبيلة بعد قبيلة براياتهم حتى مر رسول الله ومعه المهاجرون والأنصار وعمر رضى الله عنه يقول رويدا حتى يلحق أولكم آخركم قال ابو سفيان سبحان الله يا عباس من هؤلاء فقال هذا رسول الله في الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية ثم نزعت منه وأعطيت لابنه قيس وكان من دهاة العرب واهل الرأى والمكيدة في الحرب مع النجدة والبالة وكان المهاجرون سبعمائة ومعهم ثلاثمائة فرس وكانت الأنصار اربعة آلاف ومعهم خمسمائة فرس فقال ابو سفيان ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة وقال يا عباس لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما فقال العباس انها النبوة وامر عليه السلام خالد بن الوليدان يدخل مع جملة من قبائل العرب من أسفل مكة وقال لا تقاتلوا الا من قاتلكم وجمع قريش ناسابا لخدمة ليقاتلوا ولما لقيهم خالد منعوه الدخول ورموه بالنبل فصاح خالد فى أصحابه فقتل من قتل وانهزم من لم يقتل حتى وصل خالد الى باب المسجد وقال عليه السلام في ذلك اليوم احصدوهم حصدا حتى توافونى
بالصفا ودخل عليه السلام مكة وهو راكب على ناقته القصواء مردفا اسامة بن زيد بكرة يوم الجمعة وعن بعضهم يوم الاثنين معتما بعمامة سوداء وقيل غير ذلك والاول انسب بمقام المعرفة والفناء واضعا رأسه الشريف على رحله تواضعا الله تعالى حين رأى ما راى من فتح الله مكة وكثرة المسلمين ثم قال اللهم ان العيش عيش الآخرة وعن عائشة رضى الله عنها دخل رسول الله يوم الفتح من كدآء وهو كسماء جبل بأعلى مكة واغتسل لدخول مكة وسار وهو يقرأ سورة الفتح حتى جاء البيت وطاف به سبعا على راحلته ومحمد بن مسلمة آخذ بزمامها واستلم الحجر بمحجن في يده وهو العصا المعوجة ولم يطف ماشيا لتعليم الناس كيفية الطواف وصلّى عليه السلام بالمقام ركعتين وهو يومئذ لاصق بالكعبة في جانب الباب ثم آخره الى المحل المعروف الآن بمقام ابراهيم والظاهران مقام ابراهيم وهو الحجر الذي انغمس فيه قدم ابراهيم عليه السلام عند ما بنى البيت قد محى اثره بكثرة مسح الأيدي ثم فقد ومقام ابراهيم الآن محل ذلك الحجر(9/46)
هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)
واما الحجر الموضوع هناك فموضوع وكان في داخل الكعبة وخارجها وفوقها يومئذ ثلاثمائة وستون صنما لكل حى من احياء العرب صنم وكان هبل أعظم الأصنام وكان من عقيق الى جنب البيت من جهة بابه وهو الآن مطروح تحت باب السلام القديم يطأه الناس الى يوم القيامة لقول ابى سفيان يوم أحد مفتخرا بذلك اعل هبل اعل هبل وذلك لان من أعزه الناس اذله الله فجاء عليه السلام ومعه قضيب فجعل يهوى به الى كل صنم منهم فيخر لوجهه وكان يقول جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا وامر عليا رضى الله عنه فصعد الكعبة وكسر ما فوقها ودخل عليه السلام الكعبة بعد ان أرسل بلالا الى عثمان بن ابى طلحة يأتى بمفتاح الكعبة فدخلها عليه السلام وصلّى ركعتين ودعا في نواحيها كلها وكان في الكعبة صور كثيره حتى صورة ابراهيم واسمعيل ومريم وصور الملائكة فأمر عليه السلام عمر رضى الله عنه فمحاها كلها وكانت الكعبة بيت الأصنام الف سنة ثم صارت مسجد اهل الإسلام الف سنة اخرى وكانت تشكو الى الله تعالى مما فعله الناس من الشرك حتى أنجز الله وعده لها وفيه اشارة الى كعبة القلب فانها كانت بيت الا صنام قبل الفتح والامداد الملكوتي وأعظم الأصنام الوجود (قال الشيخ المغربي)
بود وجود مغربى لات ومنات او بود ... نيست بتى چوبود او در همه سو منات تو
(وقال الخجندي)
بشكن بت غرور كه در دين عاشقان ... يك بت گر بشكنند به از صد عبادتست
(وقال)
مدعى نيست محرم دريار ... خادم كعبه بو لهب نبود
وجلس رسول الله يوم الفتح على الصفا يبايع الناس فجاء الكبار والصغار والرجال والنساء فبايعهم على الإسلام اى على شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وعلى سائر الاحكام ودخل الناس في دين الله أفواجا وعفا عليه السلام عمن كان مؤذياله منذ عشرين سنة ودعاله بالمغفرة وقال عليه السلام يا ايها الناس ان الله حرم مكة يوم حلق السموات والأرض ويوم خلق الشمس والقمر ووضع هذين الجبلين فهى حرام الى يوم القيامة فلا يحل لامرئ يومن بالله واليوم الآخر ان يسفك فيها دما ولا يعضد فيها شجرة لم تحل لاحد قلبى ولن تحل لاحد يكون بعدي ولا تحل لى الا هذه الساعة اى من صبيحة يوم الفتح الى العصر غضبا على أهلها ألا قد رجعت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد منكم الغائب واقام بمكة بعد فتحها تسعة عشر او ثمانية عشر يوما يقصر الصلاة في مدة اقامة ثم خرج الا هوازن وثقيف كما مر وولى امر مكة عتاب بن أسيد رضى الله عنه وعمره احدى وعشرون سنة وامره ان يصلى بالناس وهو أول امير صلّى بمكة بعد الفتح جماعة وترك معاذ بن جبل رضى الله عنه معه معلما للناس السنن والفقه وبه ثبت الاستخلاف وعليه العمل الى يومنا هذا فان النبي انما يبعث لرفع الجهل وقس عليه اولى جعلنا الله وإياكم من الوراثين هُمُ اى قريش الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ اى معنوكم عن ان تطوفوا به وَالْهَدْيَ اى وصدوا الهدى وهو بالنصب عطف على الضمير المنصوب في صدوكم والهدى بسكون الدال جمع هدية كتمر وتمرة(9/47)
وجدى وجدية وهو مختص بما يهدى الى البيت تقربا الى الله تعالى من النعم أيسره شاة وأوسطه بقرة وأعلاه بدنة يقال أهديت له وأهديت اليه ويجوز تشديد الباء فيكون جمع هدية مَعْكُوفاً حال من الهدى اى محبوسا يقال عكفته عن كذا إذا حبسته ومنه العاكف في المسجد لانه حبس نفسه أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ بدل اشتمال من الهدى او منصوب بنزع الخافض اى محبوسا من ان يبلغ مكانه الذي يحل فيه نحره اى يجب فالمحل اسم للمكان الذي ينحر فيه الهدى فهو من الحلول لا من الحل الذي هو ضد الحرمة قال في المفردات حل الدين حلولا وجب أداؤه وحللت نزلت من حل الأحمال عند النزول ثم جرد استعماله للنزول والمحلة مكان النزول انتهى وبه استدل ابو حنيفة على ان المحصر محل هديه الحرم فان بعض الحديبية كان من الحرم قال في بحر العلوم م الحديبية طرف الحرم على تسعة أميال من مكة وروى
ان خيامه عليه السلام كانت في الحل ومصلاه في الحرم وهناك نحرت هداياه عليه السلام وهى سبعون بدنة والمراد صدها عن محلها المعهود الذي هو منى للحاج وعند الصفا للمعتمر وعند الشافعي لا يختص دم الإحصار بالحرم فيجوز أن يذبح في الموضع الذي أحصر فيه بين تعالى استحقاق كفار مكة للعقوبة بثلاثة أشياء كفرهم في أنفسهم وصد المؤمنين عن إتمام عمرتهم وصد هديهم عن بلوغ المحل فهم مع هذه الافعال القبيحة كانوا يستحقون أن يقاتلوا او يقتلوا الا انه تعالى كف أيدي كل فريق عن صاحبه محافظة على ما في مكة من المؤمنين المستضعفين ليخرجوا منها او يدخلوها على وجه لا يكون فيه إيذاء من فيها من المؤمنين والمؤمنات كما قال تعالى وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ لم تعرفوهم بأعيانهم لاختلاطهم وهو صفة الرجال ونساء جميعا وكانوا بمكة وهم اثنان وسبعون نفسا يكتمون ايمانهم أَنْ تَطَؤُهُمْ بدل اشتمال منهم او من الضمير المنصوب في تعلموهم اى توقعوا بهم وتهلكوهم فان الوطأ عبارة عن الإيقاع والإهلاك والابادة على طريق ذكر الملزوم وارادة اللازم لان الوطأ تحت الاقدام مستلزم للاهلاك ومنه قوله عليه السلام اللهم اشدد وطأتك على مضر اى خذهم أخذا شديدا وفي المفردات اى ذللهم ووطئ امرأته كناية عن المجامعة صار كالتصريح للعرف فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ اى من جهتهم معطوف على قوله ان تطأوهم مَعَرَّةٌ مفعلة من عره إذا عراه ودهاه بما يكرهه ويشق عليه وفي المفردات العر الجرب الذي يعر البدن اى يعترضه ومنه قيل للمضرة معرة تشبيها بالعر الذي هو الجرب والمعنى مشقة ومكروه كوجوب الدية او الكفارة بقتلهم والتأسف عليهم وتعيير الكفار وسوء حالتهم والإثم بالتقصير في البحث عنهم قال سعدى المفتى قلت في المذهب الحنفي لا يلزم بقتل مثله شيء من الدية والكفارة وما ذكره الزمخشري لا يوافق مذهبه انتهى وقال بعضهم أوجب الله على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يعلم إيمانه الكفارة فقال تعالى فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة بِغَيْرِ عِلْمٍ متعلق بأن تطأوهم اى غير عالمين بهم فيصيبكم بذلك مكروه لما كف ايديكم عنهم وفي هذا الحذف دليل على شدة غضب الله تعالى على كفار مكة كأنه قيل لولا حق المؤمنين موجود لفعل بهم ما لا يدخل تحت الوصف والقياس بناء على ان(9/48)
إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)
الحذف للتعميم والمبالغة لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ متعلق بما يدل عليه الجواب المحذوف كأنه قيل عقيبه لكن كفها عنهم ليدخل بذلك الكف المؤدى الى الفتح بلا محذور في رحمته الواسعة بقسميها مَنْ يَشاءُ وهم المؤمنون فانهم كانوا خارجين من الرحمة الدنيوية التي من جملتها الأمن مستضعفين تحت أيدي الكفرة واما الرحمة الاخروية فهم وان كانوا غير محرومين منها بالكلية لكنهم كانوا قاصرين في اقامة مراسم العبادة كما ينبغى فتوفيقهم لاقامتها على الوجه الأتم إدخال لهم في الرحمة الاخروية لَوْ تَزَيَّلُوا الضمير للفريقين اى لو تفرقوا وتميز بعضهم من بعض من زاله يزيله فرقه وزيلته فتزيل اى فرقته فتفرق لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً بقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها وفي الآية إشارتان إحداهما ان من خاصية النفس أن تصد وجه الطالب عن الله تعالى وتشوب الخيرات والصدقات التي يتقرب بها الى الله بالرياء والسمعة والعجب لئلا تبلغ محل الصدق والإخلاص والقبول والثانية ان استبقاء النفوس لاستخلاص الأرواح وقواها مع ان بعض صفات النفس قابلة للفيض الإلهي فيلزم الحذر من إفساد استعدادها لقبول الفيض وعند التزكية فصفة لا يصلح الا قلعها كالكبر والشره والحسد والحقد وصفة تصلح للتبديل كالبخل بالسخاوة والحرص بالقناعة والغضب بالحلم والجبانة بالشجاعة والشهوة بالمحبة قال البقلى انظر كيف شفقة الله على المؤمنين الذين يراقبون الله في السرآء والضراء ويرضون ببلائه كيف حرسهم من الخطرات وكيف أخفاهم بسره عن صدمات قهره وكيف جعلهم في كنفه حتى لا يطلع عليهم أحد وكيف يدفع ببركتهم البلاء عن غيرهم فعلى المؤمن مراعاتهم في جميع الزمان والتوسل بهم الى الله المنان فانهم وسائل الله الخفية
بخود سر فرود برده همچون صدف ... نه مانند دريا بر آورده كف
إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا منصوب با ذكر على المفعولية اى اذكر وقت جعل الكافرين يعنى اهل مكة فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ اى الانفة والتكبر فعيلة من حمى من كذا حمية إذا انف منه وفي المفردات عبر عن القوة الغضبية إذا ثارت وكثرت بالحمية يقال حميت على فلان اى غضبت عليه انتهى وذلك لان في الغضب ثوران دم القلب وحرارته وغليانه والجار والمجرور اما متعلق بالجعل على انه بمعنى الإلقاء او بمحذوف وهو مفعول ثان على انه بمعنى التصيير اى جعلوها ثابته راسخة في قلوبهم حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ بدل من الحمية اى حمية الملة الجاهلية وهى ما كانت قبل البعثة او الحمية الناشئة من الجاهلية التي تمنع إذعان الحق قال الزهري حميتهم انفتهم من الإقرار للنبى بالرسالة والاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم او منعهم من دخول مكة وقال مقاتل قال اهل مكة قد قتلو أبناءنا وإخواننا ثم يدخلون علينا فتتحدث العرب انهم دخلوا علينا على رغم انفنا واللات والعزى لا يدخلون علينا فهذه حمية الجاهلية التي دخلت في قلوبهم فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ عطف على جعل والمراد تذكير حسن صنيع الرسول والمؤمنين بتوفيق الله تعالى وسوء صنيع الكفرة اى فأنزل الله عليهم الثبات والوقار فلم يلحق بهم ما لحق الكفار فصالحوهم ورضوا أن يكتب الكتاب على ما أرادوا(9/49)
يروى انه لما ابى سهيل ومن معه أن يكتب في عنوان كتاب الصلح البسملة وهذا ما صالح عليه رسول اهل مكة بل قالوا اكتب باسمك اللهم وهذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله اهل مكة قال عليه السلام لعلى رضى الله عنه اكتب ما يريدون فهم المؤمنون أن يأبوا ذلك ويبطشوا بهم فأنزل الله السكينة عليهم فتوقروا وحلموا مع ان اصل الصلح لم يكن عندهم بمحل من القبول في أول الأمر على ما سبق في أول السورة مفصلا وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى اى كلمة الشهادة حتى قالوها وهذا الزام الكرم واللطف لا الزام الإكراه والعنف وأضيفت الى التقوى لانها سببها إذ بها يتوقى من الشرك ومن النار فان اصل التقوى الاتقاء عنها وقد وصف الله هذه الامة بالمتقين في مواضع من القرآن العظيم باعتبار هذه الكلمة وبسم الله الرحمن الرحيم ومحمد رسول الله من شعار هذه الامة وخواصها اختارها لهم وصار المشركون محرومين منها حيث لم يرضوا بان يكتب في كتاب الصلح ذلك وعن الحسن كلمة التقوى هى الوفاء بالعهد فان المؤمنين وفوا حيث نقضوا العهد وعاونوا من حارب حليف المؤمنين
والمعنى على هذا وألزمهم كلمة اهل التقوى وهى العهد الواقع في ضمن الصلح ومعنى إلزامها إياهم تثبيتهم عليها وعلى الوفاء بها قال اهل العربية الكلمة قد تستعمل في اللفظة الواحدة ويراد بها الكلام الكثير الذي ارتبط بعضه ببعض فصار ككلمة واحدة كتسميتهم القصيدة بأسرها كلمة ومنه يقال كلمة الشهادة قال الرضى وقد تطلق الكلمة مجازا على القصيدة والجملة يقال كلمة شاعر وقال تعالى وتمت كلمة ربك والكلمة عند اهل العربية مشتقة من الكلم بمعنى الجرح وذلك لتأثيرها في النفوس وعند المحققين عبارة عن الأرواح والذوات المجردة عن المواد والزمان والمكان لكون وجودها بكلمة كن في عالم الأمر إطلاقا لاسم السبب على المسبب والدليل على ذلك قوله تعالى انما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته القاها الى مريم والمراد بكلمة التقوى هاهنا حقيقة التقوى وماهيتها فان الحقيقة من حيث هى مجردة عن اللوا حق المادية والتشخصات فالله تعالى الزم المؤمنين حقيقة التقوى لينالوا بها قوة اليقين والتجرد التام وصفاء الفطرة الاصلية وَكانُوا أَحَقَّ بِها متصفين بمزيد استحقاق لها في سابق حكمه وقدم علمه على ان صيغة التفضيل للزيادة مطلقا وقيل أحق بها من الكفار وَأَهْلَها عطف تفسير اى المستأهل لها عند الله والمختص بها من اهل الرجل وهو الذي يختص به وينسب اليه قيل ان الذين كانوا قبلنا لا يمكن لاحد منهم ان يقول لا اله الا الله في اليوم والليلة إلا مرة واحدة لا يستطيع ان يقولها اكثر من ذلك وكان قائلها يمد بها صوته حتى ينقطع النفس التماس بركتها وفضلها وجعل الله لهذه الامة أن يقولوها متى شاؤا وهو قوله وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها من الأمم السالفة وقال مجاهد ثلاث لا يحجبن عن الرب لا اله الا الله من قلب مؤمن ودعوة الوالدين ودعوة المظلوم كما في كشف الاسرار (وفي المثنوى)
بحر وحدانست جفت وزوج نيست ... كوهر وماهيس غير موج نيست
اى محال واى محال اشراك او ... دور از ان دريا وموج پاك او
وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً بليغ العلم بكل شيء من شأنه أن يتعلق به العلم فيعلم حق كل شيء(9/50)
فيسوقه الى مستحقه ومن معلوماته انهم أحق بها اى من جميع الأمم لان النبي عليه السلام كان خلاصة الموجودات وأصلها وهو الحبيب الذي خلقت الموجودات بتبعيته والكلمة هى صورة الجذبة التي توصل الحبيب بالحبيب والمحب بالمحبوب فهى بالنبوة أحق لانه هو الحبيب لتوصله الى حبيبه وأمته أحق بها من الأمم لانهم المحبون لتوصل المحب بالمحبوب وهم أهلها لان اهل هذه الكلمة من يفنى بذاته وصفاته ويبقى بإثباتها معها بلا انانيته وما بلغ هذا المبلغ بالكمال الا النبي صلّى الله عليه وسلّم فيقول اما انا فلا أقول انا وأمته لقوله تعالى كنتم خير امة أخرجت للناس وكان الله بكل شيء عليما في الأزل فبنى وجود كل انسان على ما هوا هله فمنهم اهل الدنيا ومنهم اهل الآخرة ومنهم اهل الله وخاصته كذا في التأويلات النجمية قال ابو عثمان كلمة التقوى كلمة المتقين وهى شهادة ان لا اله الا الله الزمها الله السعداء من اولياء المؤمنين وكانوا أحق بها وأهلها في علم الله إذ خاقهم لها خلق الجنة لاهلها وقال الواسطي كلمة التقوى صيانة النفس عن المطامع ظاهرا وباطنا وقال الجنيد من أدركته عناية السبق في الأزل جرى عليه عيون المواصلة وهو أحق بها لما سبق اليه من كرامة الأزل وقال بعض العارفين اعلم ان الله تعالى أسند الفعل في جانب الكفار إليهم فقال إذ جعل الذين كفروا وفي جانت المؤمنين أسنده الى نفسه فقال فأنزل الله سكينته اشارة الى ان الله مولى الذين آمنوا وان الكافرين لا مولا لهم فليس لهم من يدبر أمرهم واما المؤمنون فالله تعالى وليهم ومدبر أمرهم وايضا فالحمية الجاهلية ليست الا من النفس لان النفس مقر الأخلاق الذميمة واما السكينة والوقار والثبات والطمأنينة فمن الله ثم ان الله تعالى قال فأنزل الله بالفاء لا بالواو اشارة الى ان انزل السكينة بمقابلة جعل الحمية كما تقول أكرمني فأكرمته اشارة الى ان إكرامك بمقابلة إكرامه ومجازاته وفي ذلك تنبيه على ان قوما إذا طغوا وظلموا فالله تعالى يحسن الى المظلومين وينصرهم فيعطيهم السكينة والوقار وكمال اليقين وذلك عين النعيم في مقابلة انزعاج الظالمين وحقدهم واضطرابهم وذلك هو العذاب الأليم فهم اختاروا ذلك العذاب لانفسهم فالله تعالى اختار للمؤمنين النعيم الدائم والمراد بكلمة التقوى كل كلمة تقى النفس عما يضرها من الاذكار كالتوحيد والأسماء الالهية ولذلك ورد في الحديث من أحصاها دخل الجنة وأفضلها لا اله الا الله كما قال عليه السلام أفضل ما قلته انا والنبيون من قبلى شهادة ان لا اله الا الله ثم ان قوله تعالى وكانوا أحق بها وأهلها اشارة الى ان الأسماء الالهية ينبغى ان لا تعلم ولا تلقن الا أهلها ممن استعد لها واستحقها بالامانة والديانة والصلاح روى ان الحجاج احضر أنسا رضى الله عنه فقال أنت الذي تسبنى قال نعم لانك ظالم وقد خالفت سنة رسول الله عليه السلام فقال كيف لو قتلتك أسوأ قتلة قال لو علمت ان ذلك بيدك لعبدتك ولكنك لا تقدر فان رسول الله علمنى دعاء من قرأه كان في حفظ الله وقد قرأته فقال الحجاج الا تعلمنى إياه فقال لا أعلمك ولا اعلمه أحدا في حياتك حتى لا يصل إليك ثم خرج فقالوا لم لم تقتله فقال رأيت وراءه أسدين عظيمين فخفت منهما وروى ان عالما طلب من بعض المشايخ ان يعلمه الاسم الأعظم فأعطاه شيأ مغطى وقال او صله الى مريدى فلان فأخذه ثم انه فتحه في الطريق لينظر ما فيه(9/51)
لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)
فخرج منه فأرة فرجع بكمال الغيظ فلما رآه الشيخ تبسم وقال يا خائن الآن لم تكن أمينا لفأرة فكيف تكون أمينا للاسم الأعظم فالكبار يحفظون الأسماء والادعية من غير أهلها لئلا يجعلوها ذريعة الى الأغراض الفاسدة النفسانية (قال سعدى)
كسى را با خواجه تست جنك ... بدستش جرامى دهى چوب وسنك
سنك آخر كه باشد كه خواش نهند ... بفرماى تا استخوانش نهند
(وفي المثنوى)
چند دزدى حرف مردان خدا ... تا فروشى وستانى مرحبا
چون رخت را نيست در خوبى اميد ... خواه كلكونه نه وخواهى مديد
لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا صدق يتعدى الى مفعولين الى الاول بنفسه والى الثاني بحرف الجر يقال صدقك في كذا اى ما كذبك فيه وقد يحذف الجار ويوصل الفعل كما في هذه الآية اى صدقه عليه السلام في رؤياه وتحقيقه أراه الرؤيا الصادقة وهى ما سبق في أول السورة من انه عليه السلام رأى قبل خروجه الى الحديبية كأنه وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين وقد خلقوا رؤسهم وقصروا فقص الرؤيا على أصحابه ففرحوا واستبشروا وحسبوا انهم داخلوها في عامهم هذا فلما تأخر ذلك قال بعض المنافقين والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام فنزلت وهو دليل قاطع على ان الرؤيا حق وليس بباطل كما زعم جمهور المتكلمين والمعتزلة فتبالهم كما في بحر العلوم قالوا ان خلت الرؤيا عن حديث النفس وكان هيئة الدماغ صحيحة والمزاج مستقيما كانت رؤيا من الله مثل رؤيا الأنبياء والأولياء والصلحاء وفي الحديث الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزأ من النبوة بِالْحَقِّ اى صدقا ملتبسا بالغرض الصحيح والحكمة البالغة التي هى التمييز بين الراسخ في الايمان والمتزلزل فيه او حال كون تلك الرؤيا ملتبسة بالحق ليست من قبيل أضغاث الأحلام لان ما رآه كائن لا محالة في وقته المقدر له وهو العام القابل وقد جوز ان يكون قسما بالحق الذي هو من اسماء الله او بنقيض الباطل وقوله لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ جواب وهو على الأولين جواب قسم محذوف اى والله لتدخلنه في العام الثاني إِنْ شاءَ اللَّهُ تعليق للعدة بالمشيئة لتعليم العباد لكى يقولوا في عداتهم مثل ذلك لا لكونه تعالى شاكا فى وقوع الموعود فانه منزه عن ذلك وهذا معنى ما قال ثعلب استثنى الله فيما يعلم ليستثنى الخلق فيما لا يعلمون وفيه ايضا تعريض بأن دخولهم مبنى على مشيئته تعالى ذلك لا على جلادتهم وقوتهم كما قال فى الكواشي استثنى اعلاما انه لافعال الا الله انتهى او للاشعار بأن بعضهم لا يدخلونه لموت او غيبة او غير ذلك فكلمة ان للتشكيك لا للشك وقال الحدادي الاستثناء قد يذكر للتحقيق تبركا كقولهم قد غفر الله لك ان شاء الله ولا تعلق لمن يصحح الايمان بالاستثناء لانه خبر عن الحال فالاستثناء فيه محال كما في عين المعاني وروى ان النبي عليه السلام كان إذا دخل المقابر يقول السلام عليكم اهل القبور وانا إنشاء الله بكم لا حقوق فيستثنى على وجه التبرك وان كان اللحوق مقطوعا به وقيل معناه لا حقون بكم في الوفاة على الايمان فان شرطية(9/52)
ويمكن ان يقال تعليق اللحوق بالمشيئة بناء على ان اللحوق بخصوص المخاطبين ويتحصل من هذا ان الاستثناء من الامن لا من الدخول لان الدخول مقطوع لا الا من حال الدخول وقال بعضهم ان هنا بمعنى إذ كما في قوله ان أردن تحصنا وقال ابن عطية وهذا احسن في معناه لكن كون ان بمعنى إذ غير موجود في لسان العرب وفيه وجه آخر وهو انه حكاية لما قاله ملك الرؤيا لرسول الله فقوله لتدخلن الآية تفسير للرؤيا كأنه قيل هو قول الملك له عليه السلام في منامه لتدخلن وإذا كان التعليق من كلام الملك لتبرك فلا إشكال او حكاية لما قاله عليه السلام لاصحابه كانه قيل قال النبي بناء على تلك الرؤيا التي هى وحي لتدخلن إلخ يعنى لما قص رؤياء على أصحابه استأنف بأن قال لتدخلن إلخ آمِنِينَ من الأعادي حال من فاعل لتدخلن والشرط معترض وكذا قوله مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ اى جميع شعورها والتحليق والتحلاق بسيار ستردن سركما في تاج المصادر والحلق العضو المخصوص وحلقه قطع حلقه ثم جعل الحلق لقطع الشعر وجزه فقيل حلق شعره وحلق رأسه اى أزال شعره وَمُقَصِّرِينَ بعض شعورها والقصر خلاف الطول وقص شعره حز بعضه اى محلقا بعضكم ومقصرا آخرون والا فلا يجتمع الحلق والتقصير في كل واحد منهم فالنظم من نسبة حال البعض الى الكل يعنى ان الواو ليست لاجتماع الامرين في كل واحد منهم بل لاجتماعهما في مجموع القوم ثم ان قوله محلقين ومقصرين من الأحوال المقدرة فلا يردان حال الدخول هو حال الإحرام وهو لا يجامع الحلق والتقصير وقدم الحلق على التقصير وهو قطع أطراف الشعر لان الحلق أفضل
من التقصير وقد حلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأسه بمنى واعطى شعر شق رأسه أبا طلحة الأنصاري وهو زوج أم سليم وهى والدة انس بن مالك فكان آل انس يتهادون به بينهم وروى انه عليه السلام حلق رأسه اربع مرات والعادة في هذا الزمان في اكثر البلاد حلق الرأس للرجل عملا بقوله عليه السلام تحت كل شعرة نجاسة فخللوا الشعر وأنفقوا البشرة وانما قلنا للرجل لان حلق شعر المرأة مثلة وهى حرام كما ان حلق لحية الرجل كذلك لا تَخافُونَ حال مؤكدة من فاعل لتدخلن او استئناف جوابا عن سؤال انه كيف يكون الحال بعد الدخول اى لا تخافون بعد ذلك من أحد فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا عطف على صدق والفاء للترتيب الذكرى فالتعرض لحكم الشيء انما يكون بعد جرى ذكره والمراد بعلمه تعالى العلم الفعلى المتعلق بامر حادث بعد المعطوف عليه اى فعلم عقيب ما أراه الرؤيا الصادقة ما لم تعلموا من الحكمة الداعية الى تقديم ما يشهد بالصدق علما فعليا فَجَعَلَ لاجله مِنْ دُونِ ذلِكَ اى من دون تحقق مصداق ما أراه من دخول المسجد الحرام إلخ وبالفارسية پس ساخت براى شما يعنى مقرر كرد پيش ازين يعنى قبل از دخول در مسجد حرام بجهت عمره قضا فَتْحاً قَرِيباً هو فتح خيبر مضى عليه السلام بعد خمس عشرة ليلة كما في عين المعاني والمراد بجعله وعده وإنجازه من غير تسويف ليستدل به على صدق الرؤيا حسبما قال ولتكون آية للمؤمنين واما جعل ما في قوله ما لم تعلموا عبارة عن الحكمة في تأخير فتح مكة الى العام القابل(9/53)
كما جنح اليه الجمهور فتأباه الفاء فإن علمه تعالى بذلك متقدم على إراءة الرؤيا قطعا كما في الإرشاد وفي الآية اشارة الى ان الله تعالى امتحن المؤمن والمنافق بهذه الرؤيا إذ لم يتعين وقت دخولهم فيه فأخر الدخول تلك السنة فهلك المنافقون بتكذيب النبي عليه السلام فيما وعدهم بدخول المسجد الحرام وازداد كفرهم ونفاقهم وازداد ايمان المؤمنين بتصديق النبي عليه السلام مع ايمانهم وانتظروا صدق رؤياه فصدق الله رسوله الرؤيا بالحق فهلك من هلك عن بينة وحى من حى عن بينة ولذلك قال تعالى فعلم ما لم تعلموا يعنى من تربية نفاق اهل النفاق وتقوية ايمان اهل الايمان فجعل من دون ذلك فتحا قريبا من فتوح الظاهر والباطن فلا بد من الصبر فان الأمور مرهونة باوقاتها
صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همچوصبر آدم نديد
نيست هر مطلوب از طالب دريغ ... جفت تابش شمس وجفت آب ميغ
وقد صبر عليه السلام على أذى قومه وهكذا حال كل وارث قال معروف الكرخي قدس سره رأيت في المنام كأنى دخلت الجنة ورأيت قصرا فرشت مجالسه وأرخيت ستوره وقام ولدانه فقلت لمن هذا فقيل لابى يوسف فقلت ثم استحق هذا فقالوا بتعليمه الناس العلم وصبره على اذاهم ثم ان الصدق صفة الله تعالى وصفة خواص عباده وانه من اسباب الهداية (حكى) عن ابراهيم الخواص قدس سره انه كان إذا أراد سفرا لم يعلم أحدا ولم يذكره وانما يأخذ ركوته ويمشى قال حامد الأسود فبينا نحن معه في مسجد تناول ركوته ومشى فاتبعته فلما وافينا القادسية قال لى يا حامد الى اين قلت يا سيدى خرجت لخروجك قال انا أريد مكة ان شاء الله قلت وانا أريد ان شاء الله مكة فلما كان بعد ايام إذا بشاب قد انضم إلينا فمشى معنا يوما وليلة لا يسجد لله سجدة فعرفت ابراهيم وقلت ان هذا الغلام لا يصلى فجلس وقال يا غلام مالك لا تصلى والصلاة أوجب عليك من الحج فقال يا شيخ ما على صلاة قلت ألست بمسلم قال لا قلت فاى شيء أنت قال نصرانى ولكن اشارتى في النصرانية الى التوكل وادعت نفسى انها قد أحكمت حال التوكل فلم أصدقها فيما ادعت حتى أخرجتها الى هذه الفلاة التي ليس فيها موجود غير المعبود اثير ساكنى وامتحن خاطرى فقام ابراهيم ومشى وقال دعه معك فلم يزل يسايرنا حتى وافينا بطن مرو فقام ابراهيم ونزع خلقانه فطهرها بالماء ثم جلس وقال له ما اسمك قال عبد المسيح فقال يا عبد المسيح هذا دهليز مكة يعنى الحرم وقد حرم الله على امثالك الدخول فيه قال تعالى انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا والذي أردت ان تستكشفه من نفسك قد بان لك فاحذر ان تدخل مكة فان رأيناك بمكة أنكرنا عليك قال حامد فتركناه ودخلنا مكة وخرجنا الى الموقف فبينما نحن جلوس بعرفات إذ به قد اقبل عليه ثوبان وهو محرم يتصفح الوجوه حتى وقف علينا فأكب على ابراهيم يقبل رأسه فقال له ما وراءك يا عبد المسيح فقال له هيهات انا اليوم عبد من المسيح عبده فقال له ابراهيم حدثنى حديثك قال جلست مكانى حتى أقبلت قافلة الحاج وتنكرت في زى المسلمين كأنى محرم فساعة وقعت عينى على(9/54)
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)
الكعبة اضمحل عندى كل دين سوى دين الإسلام فأسلمت واغتسلت وأحرمت وها انا أطلبك يومى فالتفت الى ابراهيم وقال يا حامد انظر الى بركة الصدق في النصرانية كيف هداه الى الإسلام ثم صحبنا حتى مات بين الفقراء ومن الله الهداية والتوفيق هُوَ اى الله تعالى وحده الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ يعنى ان الله تعالى بجلال ذاته وعلو شانه اختص بإرسال رسوله الذي لا رسول أحق منه بإضافته اليه بِالْهُدى اى كونه ملتبسا بالتوحيد وهو شهادة ان لا اله الا الله فيكون الجار متعلقا بمحذوف او بسببه ولا جله فيكون متعلقا بأرسل وَدِينِ الْحَقِّ اى وبدين الإسلام وهو من قبيل اضافة الموصوف الى صفته مثل عذاب الحريق والأصل الدين الحق والعذاب المحرق ومعنى الحق الثابت الذي هو ناسخ الأديان ومبطلها لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ اللام في الدين للجنس اى ليعلى الدين الحق ويغلبه على جنس الدين بجميع افراده التي هى الأديان المختلفة بنسخ ما كان حقا من بعض الاحكام المتبدلة بتبدل الاعصار واظهار بطلان ما كان باطلا او بتسليط المسلمين على اهل سائر الأديان ولقد أنجز الله وعده حيث جعله بحيث لم يبق دين من الأديان الا وهو مغلوب مقهور بدين الإسلام ولا يبقى الا مسلم او ذمة للمسلمين وكم ترى من فتوح اكثر البلاد وقهر الملوك الشداد ما تعرف به قدرة الله تعالى وفي الآية فضل تأكيد لما وعد من الفتح وتوطين لنفوس المؤمنين على انه سيفتح لهم من البلاد ويعطيهم من الغلبة على الا قاليم ما يستقلون اليه فتح مكة وقد أنجز كما أشير اليه آنفا واعلم ان قوله ليظهر اثبات السبب الموجب للارسال فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا لان افعال الله تعالى ليست بمعللة بالأغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليلة فنزل ترتب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الغرض على ما هو غرض له وَكَفى بِاللَّهِ اى الذين له الإحاطة بجميع صفات الكمال شَهِيداً على ان ما وعده كائن لا محالة او على نبوته عليه السلام بإظهار المعجزات وان لم يشهد الكفار وعن ابن عباس رضى الله عنهما شهد له بالرسالة وهو قوله مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فمحمد مبتدأ ورسول الله خبره وهو وقف تام والجملة مبينة للمشهود به وقيل محمد خبر مبتدأ محذوف وقوله رسول الله بدل او بيان او نعت اى ذلك الرسول المرسل بالهدى ودين الحق محمد رسول الله قال في تلقيح الأذهان اعلم الله سبحانه محمدا عليه السلام أنه خلق الموجودات كلها من أجل أي من أجل ظهوره أي من أجل تجليه به حتى قال ليس شيء بين السماء والأرض الا يعلم إني رسول الله غير يا بني الإنس والجن وقال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره لما تجلى الله وحد جميع الأرواح فوجد أولا روح نبينا صلّى الله عليه وسلّم ثم سائر الأرواح فلفن التوحيد فقال لا إله إلا الله فكرمه الله بقوله محمد رسول الله فأعطى الرسالة في ذلك الوقت ولدا قال عليه السلام كنت نبيا وآدم بين داء الطين انتهى ومعنى الحديث انه كان نبيا بالفعل عالما بنبوة وغيره من الأنبياء ما كان نبيا به الفعل ولا عالما بنبوته الا حين بعث بعد وجوده ببدنه العنصري واستكمال شرائط النبوة فكل من بدا بعد وجود المصطفى عليه السلام فهم نوابه وخلفاؤه مقدمين(9/55)
كالانبياء والرسل او مؤخرين كاولياء الله الكمل قال عليه السلام انا من نور الله والمؤمنون من فيض نورى فهو الجنس العالي والمقدم وما عداه التالي والمؤخر كما قال كنت أولهم خلقا وآخرهم بعثا فرسول الله هو الذي لا يساويه رسول لانه رسول الى جميع الخلق من أدرك زمانه بالفعل في الدنيا ومن تقدمه بالقوة فيها وبالفعل بالآخرة يوم يكون الكل تحت لوائه وقد أخذ على الأنبياء كلهم المثاق بأن يؤمنوا به ان أدركوه واخذه الأنبياء على أممهم وفي الحديث انا محمد واحمد ومعنى محمد كثير الحمد فان اهل السماء والأرض حمدوه ومعنى احمد أعظم حمدا من غيره لانه حمد الله بمحامد لم يحمد بها غيره كما في شرح المشارق لابن الملك (قال الجامى)
محمدت چون بلا نهايه ز حق ... يافت شد نام آواز ان مشتق
واسمه في العرش ابو القاسم وفي السموات احمد وفي الأرض محمد قال على
رضى الله عنه ما اجتمع قوم فى مشورة فلم يدخلوا فيها من اسمه محمد الا لم يبارك لهم فيها وأشار الف احمد الى كونه فاتحا ومقدما لان مخرجه مبدأ المخارج وأشار ميم محمد الى كونه خاتما ومؤخر الان مخرجها ختام المخارج كما قال نحن الآخرون السابقون وأشار الميم ايضا الى بعثته عند الأربعين قال بعضهم أكرم الله من الصبيان اربعة بأربعة أشياء يوسف عليه السلام بالوحى في الجب ويحيى عليه السلام بالحكمة في الصباوة وعيسى عليه السلام بالنطق في المهد وسليمان عليه السلام بالفهم واما نبينا عليه السلام فله الفضيلة العظمى والآية الكبرى حيث ان الله أكرمه بالسجدة عند الولادة والشهادة بأنه رسول الله وكل قول يقبل الاختلاف بين المسلمين الا قول لا اله الا الله محمد رسول الله فانه غير قابل للاختلاف فمعناه متحقق وان لم يتكلم به أحد وكذا أكرمه بشرح الصدر وختم النبوة وخدمة الملائكة والحور عند ولادته وأكرمه بالنبوة في عالم الأرواح قبل الولادة وكفاه بذلك اختصاصا وتفصيلا فلا بد للمؤمن من تعظيم شرعه واحياء سنته والتقرب اليه بالصلوات وسائر القربات لينال عند الله الدرجات وكانت رابعة العدوية رحمها الله تصلى في اليوم والليلة الف ركعة وتقول ما أريد بها ثوابا ولكن ليسر بها رسول الله عليه السلام ويقول للانبياء انظروا الى امرأة من أمتي هذا عملها في اليوم والليلة ومن تعظيمه عمل المولد إذا لم يكن فيه منكر قال الامام السيوطي قدس سره يستحب لنا اظهار الشكر لمولده عليه السلام انتهى. وقد اجتمع عند الامام تقى الدين السبكى رحمه الله جمع كثير من علماء عصره فأنشد منشد قول الصر صرى رحمه الله فى مدحه عليه السلام
قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب ... على ورق من خط احسن من كتب
وان تنهض الاشراف عند سماعه ... قياما صفوفا أو جثيا على الركب
فعند ذلك قام الامام السبكى وجميع من بالمجلس فحصل انس عظيم بذلك المجلس ويكفى ذلك في الاقتداء وقد قال ابن حجر الهيثمي ان البدعة الحسنة متفق على ندبها وعمل المولد واجتماع الناس له كذلك اى بدعة حسنة قال السخاوي لم يفعله أحد من القرون الثلاثة(9/56)
وانما حدث بعد ثم لا زال اهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بانواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر من بركاته عليهم كل فضل عظيم قال ابن الجوزي من خواصه انه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام وأول من أحدثه من الملوك صاحب اربل وصنف له ابن دخية رحمه الله كتابا في المولد سماه التنوير بمولد البشير النذير فأجازه بألف دينار وقد استخرج له الحافظ ابن حجر أصلا من السنة وكذا الحافظ السيوطي وردا على الفاكهاني المالكي في قوله ان عمل المولد بدعة مذمومة كما في انسان العيون وَالَّذِينَ مَعَهُ اى مع رسول الله عليه السلام وهو مبتدأ خبره قوله أَشِدَّاءُ غلاظ وهو جمع شديد عَلَى الْكُفَّارِ كالأسبد على فريسته رُحَماءُ اى متعاطفون وهو جمع رحيم بَيْنَهُمْ كالوالد مع ولده يعنى انهم يظهرون لمن خالف دينهم الشدة والصلابة ولمن وافقهم في الدين الرحمة والرأفة كقوله تعالى اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين فلوا كتفى بقوله أشداء على الكفار لربما او هم الفظاظة والغلظة فكمل بقوله رحماء بينهم فيكون من اسلوب التكميل وعن الحسن بلغ من تشددهم على الكفار أنهم كانوا يتحرزون من ثيابهم ان تلزق بثيابهم ومن أبدانهم ان تمس أبدانهم وبلغ من ترحمهم فيما بينهم انه كان لا يرى مؤمن مؤمنا الا صافحه وعانقه وذكر في التوراة في صفة عمر رضى الله عنه قرن من حديد أمين شديد وكذا ابو بكر رضى الله عنه فانه خرج لقتال اهل الردة شاهرا سيفه راكبا راحلته فهو من شدته وصلابته على الكفار (قال الشيخ سعدى)
نه چندان درشتى كن كه از تو سير كردند ... ونه چندان نرمى كن كه بر تو دلير شوند
درشتى ونرمى بهم در بهست ... چور كزن كه جراح ومرهم نهست
(وقال بعضهم) هست نرمى آفت جان سمور وز درشتى ميبرد جان خار پشت وفي الحديث المؤمنون هينون لينون مدح النبي بالسهولة واللين لانهما من الأخلاق الحسنة فان قلت من أمثال العرب لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر وعلى وفق ذلك ورد قوله عليه السلام لا تكن مرافتعقى ولا حلوا فتسترط يقال اعقيت الشيء إذا أزلته من فيك لمرارته واسترطه اى ابتلعه وفي هذا نهى عن اللين فما وجه كونه جهة مدح قلت لا شبهة فى ان خير الأمور أوسطها وكل طرفى الأمور ذميم اى المذموم هو الافراط والتفريط لا الاعتدال والاقتصاد نسأل الله العمل بذلك تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً جمع راكع وساجد اى تشاهدهم حال كونهم راكعين ساجدين لمواظبتهم على الصلوات فهما حالان لان الرؤية بصرية وأريد بالفعل الاستمرار والجملة خبر آخر او استئناف يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً اما خبر آخر او استئناف مبنى على سؤال نشأ عن بيان مواظبتهم على الركوع والسجود كأنه قيل ماذا يريدون بذلك فقيل يبتغون فضلا من الله ورضوانا اى ثوابا ورضى وقال بعض الكبار قصدهم في الطاعة والعبادة الوصول والوصال وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء قال الراغب الرضوان الرضى الكثير سِيماهُمْ فعلى من سامه إذا اعلمه اى جعله ذا علامة والمعنى علامتهم وسمتهم وقرئ سيمياؤهم(9/57)
بالياء بعد الميم والمد وهما لغتان وفيها لغة ثالثة هى السيماء بالمد وهو مبتدأ خبر قوله فِي وُجُوهِهِمْ اى ثابتة في وجوههم مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ حال من المستكن في الجار واثر الشيء حصول ما يدل على وجوده كما في المفردات اى من التأثير الذي تؤثره كثرة السجود وما روى عن النبي عليه السلام من قوله لا تعلموا صوركم اى لا تسموها انما هو فيما إذا اعتمد بجهته على الأرض ليحدث فيها تلك السمة وذلك محض رياء ونفاق والكلام فيما حدث في جبهة السجاد الذين لا يسجدون الا خالصا لوجه الله وكان الامام زين العابدين رضى الله عنه وهو على ابن الحسين بن على رضى الله عنهم وكذا على بن عبد الله بن العباس يقال لهما ذوا الثفنات لما أحدثت كثرة سجودهما فى مواضعة منهما أشباه ثفنات البعير والثفنة بكسر الفاء من البعير الركبة وما مس الأرض من أعضائه عند الاناخة وثفنت يده ثفنا إذا غلظت عن العمل وكانت له خمسمائة اصل زيتون يصلى عند كل اصل ركعتين كل يوم قال قائلهم
ديار على والحسين وجعفر ... وحمزة والسجاد ذى الثفنات
قال عطاء دخل في الآية من حافظ على الصلوات الخمس وقال بعض الكبار سيما المحبين من اثر السجود فانهم لا يسجدون لشيء من الدنيا والعقبى الا لله مخلصين له الدين وقيل صفرة الوجوه من خشية الله وقيل ندى الطهور وتراب الأرض فانهم كانوا يسجدون على التراب لا على الأثواب وقيل استنارة وجوههم من طول ما صلوا بالليل قال عليه السلام من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار الا ترى ان من سهر بالليل وهو مشغول بالشراب واللعب لا يكون وجهه في النهار كوجه من سهر وهو مشغول بالطاعة وجاء في باب الامامة انه يقدم الأعلم ثم الأقرأ ثم الأورع ثم الأسن ثم الأصبح وجها اى أكثرهم صلاة بالليل لما روى من الحديث قيل لبعضهم ما بال المتهجدين احسن الناس وجوها فقال لانهم خلوا بالرحمن فأصابهم من نوره كما يصيب القمر نور الشمس فينور به در نفحات مذكور است كه چون أرواح ببركت قرب الهى صافى شد أنوار موافقت بر اشباح ظاهر گردد
درويش را كواه چهـ حاجت كه عاشقست ... رنك رخش ز دور به بين وبدان كه هست
وقال سهل المؤمن من توجه لله مقبلا عليه غير معرض عنه وذلك سيما المؤمنون وقال عامر بن عبد القيس كادوجه المؤمن يخبر عن مكنون عمله وكذلك وجه الكافر وذلك قوله سيماهم في وجوههم وقال بعضهم ترى على وجوههم هيبة لقرب عهدهم بمناجاة سيدهم وقال ابن عطاء ترى عليهم خلع الأنوار لائحة وقال عبد العزيز المكي ليست هى النحولة والصفرة لكنها نور يظهر على وجوه العابدين يبدو من باطنهم على ظاهرهم يتبين ذلك للمؤمنين ولو كان ذلك في زنجى او حبشى انتهى ولا شك ان هذه الامة يقومون يوم القيامة
غرا محجلين من آثار الوضوء وبعضهم يكون وجوههم من اثر السجود كالقمر ليلة البدر وكل ذلك من تأثير نور القلب وانعكاسه ولذا قال
آن سياهى كز پى ناموس حق ناقوس زد ... در عرب بو الليل بود اندر قيامت بو النهار
ذلِكَ اشارة الى ما ذكر من نعوتهم الجليلة مَثَلُهُمْ اى وصفهم العجيب الشان الجاري فى الغرابة مجرى الأمثال فِي التَّوْراةِ حال من مثلهم والعامل معنى الاشارة والتوراة اسم(9/58)
كتاب موسى عليه السلام قال من جوز ان تكون التوراة عربية انها تشتق من ورى الزند فوعلة منه على ان التاء مبدلة من الواو سمى التوراة لانه يظهر منه النور والضياء لبنى إسرائيل وفي القاموس وورية النار وريتها ما تورى به من خرقة او حطبة والتوراة تفعلة منه انتهى وقال بعضهم فوعلة منه لا تفعلة لقلة وجود ذلك وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ عطف على مثلهم الاول كأنه قيل ذلك مثلهم في التوراة والإنجيل وتكرير مثلهم لتأكيد غرابته وزيادة تقريرها والإنجيل كتاب عيسى عليه السلام يعنى بهمين نعمت در كتاب موسى وعيسى مسطورند تا كه معلوم امم كردند وبايشان مژده ور شوند والإنجيل من نجل الشيء أظهره سمى الإنجيل انجيلا لانه اظهر الدين بعد ما درس اى عفا رسمه كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ يقال زرع كمنع طرح البذر وزرع الله أنبت والزرع الولد والمزروع والجمع زروع وموضعه المزرعة مثلثة الراء وهو إلخ تمثيل مستأنف اى هم كزرع اخرج أفراخه اى فروعه وأغصانه وذلك ان أول ما نبت من الزرع بمنزلة الام وما تفرع وتشعب منه بمنزلة أولاده وأفراخه وفي المفردات شطأه فروع الزرع وهو ما خرج منه وتفرع في شاطئيه اى جانبيه وجمعه اشطاء وقوله اخرج شطأه أي أفراخه انتهى وقيل هواى الزرع إلخ تفسير لقوله ذلك على انه اشارة مبهمة وقيل خبر لقوله تعالى ومثلهم في الإنجيل على ان الكلام قدتم عند قوله تعالى مثلهم في التوراة فَآزَرَهُ المنوي في آزره ضمير الزرع اى فقوى الزرع ذلك الشطأ وبالفارسية پس قوى كرد كشت آن يك شاخ را الا ان الامام النسفي رحمه الله جعل المنوي في آزر ضمير الشطأ قال فآزره اى فقوى الشطأ اصل الزرع بالتفافه عليه وتكاثفه وهو صريح في ان الضمير المرفوع للشطأ والمنصوب للزرع وهو من الموازرة بمعنى المعاونة فيكون وزن آزر فاعل من الأزر وهو القوة او من الايزار وهى الاعانة فيكون وزنه افعل وهو الظاهر لانه لم يسمع في مضارعه يوازر بل يوزر فَاسْتَغْلَظَ فصار غليظا بعد ما كان دقيقا فهو من باب استحجر الطين يعنى ان السين للتحول فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ فاستقام على قصبته جمع ساق وهو أصوله يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ حال اى حال كونه يعجب زراعه الذين زرعوه اى يسرهم بقوته وكثافته وغلظه وحسن منظره وطول قامته وبالفارسية بشكفت آرد مزارعانرا وهنا تم المثل وهو مثل ضربه الله لاصحاب رسول الله قلوا في بدء الإسلام ثم كثروا واستحكموا فترقى أمرهم يوما فيوما بحيث اعجب الناس وقيل مكتوب فى التوراة سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وفي الاسئلة المقحمة كيف ضرب الله المثل لاصحاب النبي عليه السلام بالزرع الذي اخرج شطأه ولما ذالم يشبههم بالخيل والأشجار الكبار المثمرة والجواب لان اصحاب النبي كانوا في بدء الأمر قليلين ثم صاروا يزدادون ويكثرون كالزرع الذي يبدو ضعيفا ثم ينمو ويخرج شطأ ويكثر لان الزرع يحصد ويزرع كذلك المسلمون منهم من يموت ثم يقوم مقامه غيره بخلاف الأشجار الكبار فانها تبقى بحالها سنين ولانه تنبت من الحبة الواحدة سنابل وليس ذلك في غير الزرع انتهى فكما ان أعمالهم نامية فكذا أجسادهم الا ترى انه قتل مع الامام الحسين رضى الله عنه عامة اهل بيته لم ينج الا ابنه زين العابدين على رضى الله عنه لصغره فأخرج الله من صلبه الكثير(9/59)
الطيب وقيل يزيد بن المهلب وإخوتهم وذراريهم ثم مكث من بقي منهم نيفا وعشرين سنة لا يولد فيهم أنثى ولا يموت منهم غلام وعن عكرمة اخرج شطأه بأبى بكر فآزره بعمر فاستغلظ بعثمان فاستوى على سوقه بعلى رضى الله عنهم لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ الغيظ أشد غضب وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه غاظه يغيظه فاغتاظ وغيظه فتغيظ واغاظه
وغايظه كما في القاموس وهو علة لما يعرب عنه الكلام من تشبيههم بالزرع في زكائه واستحكامه أي جعلهم الله كالزرع في النماء والقوة ليغيظ بهم مشركى مكة وكفار العرب والعجم وبالفارسية تا الله رسول خويش وياران او كافرانرا بدرد آرد ومن غيظ الكفار قول عمر رضى الله عنه لاهل مكة بعد ما اسلم لا نعبد الله سرا بعد اليوم وفي الحديث ارحم أمتي بأمتى ابو بكر وأقواهم في دين الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم على وأقرأهم ابى بن كعب وافرضهم زيد بن ثابت وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذى لهجة اصدق من ابى ذر ولكل امة أمين وأمين هذه الامة ابو عبيدة ابن الجراح وقيل قوله ليغيظ بهم الكفار علة لما بعده من قوله تعالى وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً فان الكفار إذا سمعوا بما أعد للمؤمنين في الآخرة مع مالهم في الدنيا من العزة غاظهم ذلك أشد غيظ يقول الفقير نظر الكفار مقصور على ما في الدنيا مما يتنافس فيه ويتحاسد وكيف لا يغيظهم ما أعد للمؤمنين في الآخرة وليسوا بمؤمنين باليوم الآخر ومنهم للبيان كما في قوله فاجتنبوا الرجس من الأوثان يعنى همه ايشانرا وعد فرمود آمرزش كناه ومزدى بزرك وهو الجنة ودرجاتها فلا حجة فيه للطاعنين في الاصحاب فان كلهم مؤمنون ولما كانوا يبتغون من الله فضلا ورضوانا وعدهم الله بالنجاة من المكروه والفوز بالمحبوب وعن الحسن محمد رسول الله والذين معه ابو بكر الصديق رضى الله عنه لانه كان معه في الغار ومن أنكر صحبته كفر أشداء على الكفار عمر بن الخطاب رضى الله عنه لانه كان شديدا غليظا على اهل مكة رحماء بينهم عثمان بن عفان رضى الله عنه لانه كان رؤفا رحيما ذا حياء عظيم تراهم ركعا سجدا على بن ابى طالب رضى الله عنه تا حدى كه هر شب آواز هزار تكبير إحرام از خلوت وى باسماع خادمان عتبه عليه اش ميرسيد يبتغون فضلا من الله ورضوانا بقية العشرة المبشرة بالجنة وفي الحديث يا على أنت قى الجنة وشيعتك في الجنة وسيجيئ بعدي قوم يدعون ولايتك لهم لقب يقال لهم الرافضة فاذا أدركتهم فاقتلهم فانهم مشركون قال يا رسول الله ما علامتهم قال يا على انه ليست لهم جمعة ولا جماعة يسبون أبا بكر وعمر قال مالك بن انس رضى الله عنه من أصبح وفي قلبه غيظ على اصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقد أصابته هذه الآية قال ابو العالية العمل الصالح في هذه الآية حب الصحابة وفي الحديث يا على ان الله أمرني ان اتخذ أبا بكر والدا وعمر مشيرا وعثمان سندا وأنت يا على ظهرا فأنتم اربعة قد أخذ ميثاقكم في الكتاب لا يحبكم الا مؤمن ولا يبغضكم الا فاجر أنتم خلائف نبوتى وعقدة ذمتى لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تغامزوا كما في كشف الاسرار وفي الحديث لا تسبوا أصحابي فلوان أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مداحدهم ولا نصيفه المد ربع الصاع والنصيف نصف الشيء والضمير في نصيفه راجع الى أحدهم لا الى المد والمعنى ان أحدكم لا يدرك بانفاق(9/60)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)
مثل أحد ذهبا من الفضيلة ما أدرك أحدهم بانفاق مد من الطعام او نصيف له وفي حديث آخر الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا من بعدي فمن أحبهم فبحبى أحبهم ومن ابغضهم فببغضى ابغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك ان يأخذه اى يأخذه الله للتعذيب والعقاب وفي الصواعق لابن حجر وكان للنبى عليه السلام مائة الف واربعة عشر ألف صحابى عند موته انتهى وفي حديث الاخوة قال أصحابه نحن اخوانك يا رسول الله قال لا أنتم أصحابي وإخواني الذين يأتون بعدي آمنوا بي ولم يرونى وقال للعامل منهم اجر خمسين منكم قالوا بل منهم يا رسول الله قال بل منكم رددوها ثلاثا ثم قال لانكم تجدون على الخير أعوانا كما في تلقيح الأذهان يقول الفقير يلزم من هذا الخبران يكون الاخوان أفضل من الاصحاب وهو خلاف ما عليه الجمهور قلت الذي في الخبر من زيادة الاجر للعامل من الاخوان عند فقد ان الأعوان
لا مطلقا فلا يلزم من ذلك ان يكونوا أفضل من كل وجه في كل زمان قال في فتح الرحمن وقد اجتمع حروف المعجم التسعة والعشرون فى هذه الآية وهى محمد رسول الله الى آخر السورة أول حرف المعجم فيها ميم من محمد وآخرها صاد من الصالحات وتقدم نظير ذلك في سورة آل عمران في قوله ثم انزل عليكم من بعد الغم امنة نعاسا الآية وليس في القرءان آيتان في كل آية حروف المعجم غيرهما من دعا الله بهما استجيب له وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم من قرأ سورة الفتح فكأنما كان ممن شهد مع محمد رسول الله فتح مكة وقال ابن مسعود رضى الله عنه بلغني انه من قرأ سورة الفتح في أول ليلة من رمضان في صلاة التطوع حفظه الله تعالى ذلك العام ومن الله العون تمت سورة الفتح المبين بعون رب العالمين في منتصف صفر الخير من شهور سنة الف ومائة واربع عشرة التفسير سورة الحجرات ثمانى عشرة آية مدينة بإجماع من اهل التأويل
تفسير سورة الحجرات
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تصدير الخطاب بالنداء لتنبيه المخاطبين على ان ما في حيزه امر خطير يستدعى مزيد اعتنائهم بشأنه وفرط اهتمامهم بتلقيه ومراعاته ووصفهم بالايمان لتنشيطهم والإيذان بأنه داع الى المحافظة ورادع عن الإخلال به لا تُقَدِّمُوا امرا من الأمور بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ولا تقطعوه الا بعد ان يحكما به ويأذنا فيه فتكونوا اما عاملين بالوحى المنزل وما مقتدين بالنبي المرسل ولفظ اليدين بمعنى الجهتين الكائنتين في سمت يدى الإنسان وبين اليدين بمعنى بين الجهتين والجهة التي بينهما هى جهة الامام والقدام فقولك جلست بين يديه بمعنى جلست امامه وبمكان يحاذى يديه قريبا منه وإذا قيل بين يدى الله امتنع ان يراد الجهة والمكان فيكون استعارة تمثيلية شبه ما وقع من بعض الصحابة من القطع في امر من الأمور الدينية قبل ان يحكم به الله ورسوله بحال من يتقدم في المشي في الطريق مثلا لو قاحته على من يجب ان يتأخر عنه ويقفو اثره تعظيما له فعبر عن الحالة المشبهة بما يعبربه عن المشبه بها وَاتَّقُوا اللَّهَ فى كل ما تأتون وما تذررن من الأقوال والافعال إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ(9/61)
لاقوالكم عَلِيمٌ بأفعالكم فمن حقه ان يتقى ويراقب ويجوز ان يكون معنى لا تقدموا لا تفعلوا التقديم بالكلية على ان الفعل لم يقصد تعلقه بمفعوله وان كان متعديا قال المولى ابو السعود وهو اوفى بحق المقام لافادة النهى عن التلبس بنفس الفعل الموجب لانتفائه بالكلية المستلزم لانتفاء تعلقه بمفعوله بالطريق البرهاني وقد جوز ان يكون التقديم لازما بمعنى التقدم ومنه مقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منهم ومنه وجه بمعنى توجه وبين بمعنى تبين نهى عن التقدم لان التقدم بين يدى المرء خروج عن صفة المتابعة واستقلال في لامر فيكون التقدم بين يدى الله ورسوله منافيا للايمان وقال مجاهد والحسن نزلت الآية في النهى عن الذبح يوم الأضحى قبل الصلاة كأنه قيل لا تذبحوا قبل ان يذبح النبي عليه السلام وذلك ان ناساذبحوا قبل صلاة النبي عليه السلام فأمرهم ان يعيدوا الذبح وهو مذهبنا الا ان تزول الشمس وعند الشافعي يجوز إذا مضى من الوقت ما يسع الصلاة وعن البرآء رضى الله عنه خطبنا النبي عليه السلام يوم النحر فقال ان أول ما نبدأ به في يومنا هذا ان نصلى ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ومن ذبح قبل ان نصلى فانما هو لحم عجله لاهله ليس من النسك في شيء وعن عائشة رضى الله عنها انها نزلت في النهى عن صوم يوم الشك اى لا تصوموا قبل ان يصوم نبيكم قال مسروق كنا عند عائشة يوم الشك فأتى بلبن فنادتنى وفي بحر العلوم قالت للجارية اسقيه عسلا فقلت انى صائم فقالت قد نهى الله عن صوم هذا اليوم وتلت هذه الآية وقالت هذه في الصوم وغيره وقال قتادة ان ناسا كانوا يقولون لو انزل في كذا او صنع في كذا ولو نزل كذا وكذا في معنى كذا ولو فعل الله كذا وينبغى ان يكون كذا فكره الله ذلك فنزلت وعن الحسن لما استقر رسول الله بالمدينة أتته الوفود من الآفاق فاكثروا عليه بالمسائل فنهوا ان يبتدئوا بالمسألة حتى يكون هو المبتدئ ولظاهر أن الآية عامة في كل قول وفعل ولذا حذف مفعول لا تقدموا ليذهب ذهن السامع كل مذهب مما يمكن تقديمه من قول او فعل مثلا إذا جرت مسألة في مجلسه عليه السلام لا تسبقوه بالجواب وإذا حضر الطعام لا تبدئوا بالأكل قبلة وإذا ذهبتم الى موضع لا تمشوا امامه الا لمصلحة دعت اليه ونحو ذلك مما يمكن فيه التقديم قيل لا يجوز تقدم الأصاغر على الأكابر الا في ثلاثة مواضع إذا ساروا ليلا أو رأوا خيلا اى جيشا او دخلوا سيلا اى ماء سائلا وكان في الزمان الاول إذا مشى الشاب امام الشيخ يخسف الله به الأرض ويدخل في النهى المشي بين يدى العلماء فانهم ورثة الأنبياء دليله ما روى عن ابى الدرداء رضى الله عنه قال رآنى رسول الله عليه السلام امشى امام ابى بكر رضى الله عنه فقال تمشى امام من هو خير منك في الدنيا والآخرة ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين خيرا وأفضل من ابى بكر رضى الله عنه كما في كشف الاسرار واكثر هذه
الروايات يشعر بأن المراد بين يدى رسول الله وذكر الله لتعظيمه والإيذان بجلالة محله عنده حيث ذكر اسمه تعالى توطئة وتمهيدا لذكر اسمه عليه السلام ليدل على قوة اختصاصه عليه السلام برب العزة وقرب منزلته من حضرته تعالى فان إيقاع ذكره تعالى موقع ذكره عليه السلام بطريق العطف تفسير للمراد يدل عليها لا محالة كما يقال أعجبني زيد وكرمه(9/62)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)
فى موضع أن يقال أعجبني كرم زيد للدلالة على قوة اختصاص الكرم به وقال ابن عباس رضى الله عنهما معنى الآية لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة يقول الفقير لعله من باب الاكتفاء والمقصود ولا تفعلوا خلافهما ايضا فان كلا منهما من قبيل التقدم لحدود الله وحدود رسوله وبهذا المعنى في هذه الآية ألهمت بين النوم واليقظة والله اعلم وفي الآية بيان رأفة الله على عباده حيث سماهم المؤمنين مع معصينهم فقال يا أيها الذين آمنوا ولم يقل يا أيها الذين عصوا وهذا نداء مدح كما في تفسير ابى الليث وايضا فيها وعيد لمن حكم بخاطره بغير علم بالفرق بين الإلهام والوسواس ويقول انه الحق فالزموه ومقصوده الرياء والسمعة ومن شرط المؤمن ان لا يرى رأيه وعقله واختياره فوق رأى النبي والشيخ ويكون مستسلما لما يرى فيه مصلحة ويحفظ الأدب في خدمته وصحبته ومن ادب المريدان لا يتكلم بين يدى الشيخ فانه سبب سقوطه من أعين الأكابر قال سهل لا تقولوا قبل ان يقول وإذا قال فاقبلوا منه منصتين له مستمعين اليه واتقوا الله في إهمال حقه وتضييع حرمته ان الله سميع لما تقولون عليم بما تعملون وقال بعضهم لا تطلبوا ورلء منزلته منزلة فانه لا يوازيه أحد بل لا يدانيه چشم او از حيا كوش او از حكمت زبان او از ثنا وتسبيح ودل او از رحمت دست او از سخا موى او از مشك بويا قيمت عطار ومشك اندر جهان كاسد شود چون بر افشاند صبا زلفين عنبر ساى تو يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ شروع في النهى عن التجاوز فى كيفية القول عند النبي عليه السلام بعد النهى عن التجاوز في نفس القول والفعل والصوت هو الهولء المنضغط عن قرع جسمين فان الهولء الخارج من داخل الإنسان ان خرج بدفع الطبع يسمى نفسا بفتح الفاء وان خرج بالارادة وعرض له تموج بتصادم جسمين يسمى صوتا والصوت الاختياري الذي يكون للانسان ضربان ضرب باليد كصوت العود وما يجرى مجراه وضرب بالفم فالذى بالفم ضربان نطق وغيره فغيره النطق كصوت الناى والنطق اما مفرد من الكلام واما مركب كاحد الأنواع من الكلام والمعنى لا تبلغوا بأصواتكم ورلء حد يبلغه عليه السلام بصوته والباء للتعدية وقال في المفردات تخصيص الصوت بالنهى لكونه أعم من النطق والكلام ويجوز انه خصه لان المكروه رفع الصوت لا رفع الكلام وعن عبد الله بن الزبير رضى الله عنه أن الأقرع بن حابس من بنى تميم قدم على النبي عليه السلام فقال ابو بكر رضى الله عنه يا رسول الله استعمله على قومه اى بتقديمه عليهم بالرياسة فقال عمر رضى الله عنه لا تستعمله يا رسول الله بل القعقاع بن معبد فتكلما عند النبي عليه السلام حتى ارتفعت أصواتهما فقال ابو بكر لعمر ما أردت إلا خلافي فقال ما أردت خلافك فنزلت هذه الآية فكان عمر بعد ذلك إذا تكلم عند النبي لم يسمع كلامه حتى يستفهمه وقال ابو بكر آليت على نفسى ان لا أكلم النبي ابدا الا كأخى السرار يعنى سوكند ياد كردم كه بعد ازين هركز با رسول خدا سخن بلند نكويم مكر چنانكه باهمرازى پنهان سخن كويند وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ إذا كلمتموه وتكلم هو ايضا(9/63)
والجهر يقال لظهور الشيء بافراط لحاسة البصر نحو رأيته جهارا او حاسة السمع نحو سوآء منكم من اسر القول ومن جهر به كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ اى جهرا كائنا كالجهر الجاري فيما بينكم بل اجعلوا صوتكم اخفض من صوته وتعهدوا في مخاطبته اللين القريب من الهمس كما هو الدأب عند مخاطبة المهيب المعظم وحافظوا على مراعاة جله لة النبوة فنهوا عن جهر مخصوص مقيد وهو الجهر المماثل لجهر اعتادوه فيما بينهم لا عن الجهر مطلقا حتى لا يسوغ لهم الا ان يتكلموا بالهمس والمخافتة فالنهى الثاني ايضا مقيد بما إذا نطق ونطقوا والفرق ال مدلول النهى الاول حرمة رفع الصوت فوق صوته عليه السلام ومدلول الثاني حرمة ان يكون كلامهم معه عليه السلام في صفة الجهر كالكلام الجاري بينهم ووجوب كون أصواتهم اخفض من صوته عليه السلام بعد كونها ليست بأرفع من صوته وهذا المعنى لا يستفاد من النهى الاول فلا تكرار والمفهوم من الكشاف في الفرق بينهما ان معنى
النهى الاول انه عليه السلام إذا نطق ر نطقتم فعليكم ان لا تبلغوا بأصواتكم فوق الحد الذي يبلغ اليه صوته عليه السلام وان تغضوا من أصواتكم بحيث بكون صوته عاليا على أصواتكم ومعنى الثاني انكم إذ كلتموه وهو عليه السلام ساكت فلا تبلغوا بالجهر في القول الجهر الدائر بينكم بل لينوا القول لينا يقارب الهمس الذي يضاد الجهر أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ تا باطل نشود عملهاى شما بسبب اين جرأت وهو علة اما للنهى على طريق التنازع فان كل واحد من قوله لا ترفعوا ولا تجهروا يطلبه من حيث المعنى فيكون علة للثانى عند البصريين وللاول عند الكوفيين كأنه قيل انتهوا عما نهيتم عنه لخشية حبوط أعمالكم او كراهته كما في قوله تعالى يبين الله لكم ان تضلوا فحذف المضاف ولام التعليل واما علة للفعل المنهي كأنه قيل انتهوا عن الفعل الذي تفعلونه لاجل حبوط أعمالكم فاللام فيه لام العاقبة فانهم لم يقصدوا بما فعلوه من رفع الصوت والجهر حبوط أعمالهم الا انه لما كان بحيث قد يؤدى الى الكفر المحبط جعل كأنه فعل لاجله فادخل عليه لام العلة تشبيها لمؤدى الفعل بالعلة الغائية وليس المراد بما نهى عنه من الرفع والجهر ما يقارنه الاستخفاف والاستهانة فان ذلك كفر بل ما يتوهم ان يؤدى اليه مما يجرى بينهم في أثناء المحاورة من الرفع والجهر خلا ان رفع الصوت فوق صوته عليه السلام لما كان منكرا محضا لم يقيد بشيء يعنى ان الاستخفاف به عليه السلام كفر لا الاستخفاف بأمر الرفع والجهر بل هو المؤدى الى المنكر لانهم إذا اعتادوا الرفع والجهر مستخفين بأمرهما ربما انضم الى هذا الاستخفاف قصد الاهانة به عليه السلام وعدم المبالاة وكذا ليس المراد ما يقع الرفع والجهر في حرب او مجادلة معاند او إرهاب عدو أو نحو ذلك فانه مما لا بأس به إذ لا يتأذى به النبي عليه السلام فلا يتناوله النهى ففى الحديث انه قال عليه السلام للعباس بن عبد المطلب لما انهزم الناس يوم حنين اصرخ بالناس وكان العباس اجهر الناس صوتا (يروى) ان غارة أتتهم يوما اى في المدينة فصاح العباس يا صباحاه فاسقط الحوامل لشدة صوته وكان يسمع صوته من ثمانية أميال كما مر في الفتح وعن ابن العباس رضى الله عنهما(9/64)
نزلت في ثابت بن قيس ابن شماس وكان في اذنه وقر وكان جهورى الصوت اى جهيره ورفيعه وربما كان يكلم رسول الله فيتأذى بصوته وعن انس لما نزلت الآية فقد ثابت وتفقده عليه السلام فأخبر بشأنه فدعاه عليه السلام فسأله فقال يا رسول الله لقد أنزلت إليك هذه الآية وانه رجل جهير الصوت فأخاف ان يكون عملى قد حبط فقال عليه السلام لست هناك انك تعيش بخير وتموت بخير وانك من اهل الجنة وصدق رسول الله فان ثابتا مات بخير حيث قتل شهيدا يوم مسيلمة الكذاب وعليه درع فرآه رجل من الصحابة بعد موته في المنام فقال له اعلم ان فلانا لرجل من المسلمين نزع درعى فذهب بها وهو في ناحية من العسكر وعنده فرس مشدود يرعى وقد وضع على درعى برمة فائت خالد بن الوليد فأخبره حتى يسترد درعى وائت أبا بكر رضى الله عنه خليفة رسول الله وقل له ان على دينا لفلان حتى يقضى دينى وفلان من عبيدى حر فأخبر الرجل خالدا فوجد درعه والفرس على ما وصفه فاسترد الدرع واخبر خالد أبا بكر بتلك الرؤيا فأجاز ابو بكر وصيته قال مالك بن انس رضى الله عنه لا اعلم وصية اجيزت بعد موت صاحبها الا هذه الوصية وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ حال من فاعل تحبط اى والحال انكم لا تشعرون بحبوطها والشعور العلم والفطنة والعشر العلم الدقيق ودانستن از طريق حس وفيه مزيد تحذير لما نهوا عنه استدل الزمخشري بالآية على ان الكبيرة تحبط الأعمال الصالحة إذ لا قائل بالفصل والجواب انه من باب التغليظ والمراد انهم لا يشعرون ان ذلك بمنزلة الكفر المحبط وليس كسائر المعاصي وايضا انه من باب ولا تكونن ظهيرا للكافرين يعنى ان المراد وهو الجهر والرفع المقرونان بالاستهانة والقصد الى التعريض بالمنافقين قال الراغب حبط العمل على اضرب أحدها ان تكون الأعمال دنيوية فلا تغنى في القيامة غناء كما أشار اليه تعالى بقوله وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا والثاني ان تكون
أعمالا اخروية لكن لم يقصد صاحبها بها وجه الله كما روى يؤتى برجل يوم القيامة فيقال له بم كان اشتغالك قال بقراءة القرآن فيقال له كنت تقرأ ليقال فلان قارئ وقد قيل ذلك فيؤمر به الى النار والثالث ان تكون أعمالا صالحة لكن بإزائها سيئات توفى عليها وذلك هو المشار اليه بخفة الميزان انتهى وحبط عمله كسمع وضرب حبطا وحبوطا بطل واحبطه الله أبطله كما في القاموس وقال الراغب اصل الحبط من الحبط وهو ان تكثر الدابة من الكلأ حتى تنتفخ بطنها فلا يخرج منها شيء قال البقلى في العرائس أعلمنا الله بهذا التأديب ان خاطر حبيبه من كمال لطافته ومراقبة جمال ملكوته كان يتغير من الأصوات الجهرية وذلك من غاية شغله بالله وجمع همومه بين يدى الله فكان إذا جهر أحد عنده يتأذى قلبه ويضيق صدره من ذلك كأنه يتقاعد سره لحظة عن السير في ميادين الأزل فخوفهم الله من ذلك فان تشويش خاطره عليه السلام سبب بطلان الأعمال ومن العرش الى الثرى لا يزن عند خاطره ذرة واجتماع خاطر الأنبياء والأولياء في المحبة أحب الى الله من اعمال الثقلين وفيه حفظ الحرمة لرسول الله وتأديب المريدين بين يدى اولياء الله يقول الفقير ولكمال لطافته عليه السلام كان الموت عليه(9/65)
إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)
أشد إذا للطيف يتأثر مما لا يتأثر الكثيف كما قال بعضهم قد شاهدنا أقواما من عرب البوادي يسلخ الحكام جميع جلد أحدهم ولا يظهر ضجرا ولو سلخ اكبر الأولياء لصاح الا ان يؤخذ عقله بمشاهدة تمنع إحساسه انتهى ومن هنا عرف ان لكل من الجهر والخفاء محلا فشديد النفس له الجهر ولينه له الإخفاء كما في حال النكر وليس كل أحد صاحب مشاهد وقال سهل لا نخاطبوه الا مستفهمين ثم ان الاصحاب رضى الله عنهم كانوا بعد هذه الآية لا يكلمونه عليه السلام إلا جهرا يقرب من السر والهمس وقد كره بعض العلماء رفع الصوت عند قبره عليه السلام لانه حى في قبره وكذا القرب منه عليه السلام في المواجهة عند السلام بحيث كان بينه وبينه عليه السلام اقل من اربعة اذرع وكره بعضهم رفع الصوت في مجالس الفقهاء تشريفا لهم إذ هم ورثة الأنبياء قال سليمان بن حرب ضحك انسان عند حماد بن زيد وهو يحدث بحديث عن رسول الله فغضب حماد وقال انى ارى رفع الصوت عند حديث رسول الله وهو ميت كرفع الصوت عنده وهو حى وقام وامتنع من الحديث ذلك اليوم وحاصله ان فيه كراهة الرفع عند الحديث وعند المحدث مع ان الضحك لا يخلو من السخرية والهزل ومجلس الجد لا يحتمل مثل ذلك ولو دخل السلف مجالس هذا الزمان من مجلس الوعظ والدرس واجتماع المولد ونحو ذلك خرجوا من ساعتهم لما رأوا من كثرة المنكرات وسوء الأدب بزركان كفته اند من ترك الآداب رد عن الباب نهصد هزار ساله طاعت إبليس بيك بي ادبى ضايع شد
نكاه دار ادب در طريق عشق ونياز ... كه گفته اند طريقت تمام آدابست
نسأل الله الكريم ان يجعلنا متحلين بحلية الأدب العظيم إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ إلخ ترغيب في الانتهاء عما نهوا عنه بعد الترهيب من الإخلال به والغض النقصان من الطرف والصوت وما في الإناء يقال غض طرفه خفضه وغض السقاء نقص مما فيه والمعنى ان الذين يخفضون أصواتهم عند رسول الله مراعاة للادب وخشية من مخالفة النهى أُولئِكَ مبتدأ خبره قوله الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى أخلصها للتقوى من امتحن الذهب إذا أذابه وميزا بريزه من خبثه فهو من اطلاق المقيد وهو اخلاص الذهب وارادة المطلق
در بوته امتحان گرم بگدازى ... منت دارم كه بي غشم ميسازى
وقال في الأساس محن الأديم مدده حتى وسعه وبه فسر قوله تعالى امتحن الله قلوبهم اى شرحها ووسعها وعن عمر رضى الله عنه اذهب عنها الشهوات اى نزع عنها محبة الشهوات وصفاها عن دنس سوء الأخلاق وحلاها بمكارمها حتى انسلخوا عن عادات البشرية لَهُمْ فى الآخرة مَغْفِرَةٌ عظيمة لذنوبهم وَأَجْرٌ عَظِيمٌ التنكير للتعظيم اى ثابت لهم غفران واجر عظيم لا يقادر قدره لغضهم وسائر طاعاتهم فهو استئناف لبيان جزاء الغاضين مدحا لحالهم وتعريضا بسوء حال من ليس مثلهم وفي الآية اشارة الى غض الصوت عند الشيخ المرشد ايضا لأنه الوارث وله الخلافة ولا يقع الغض الا من اهل السكينة والوقار وقال الحسين قدس سره من امتحن الله قلبه بالتقوى كان شعاره القرآن ودثاره الايمان وسراجه التفكر(9/66)
إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)
وطيبه التقوى وطهارته التوبة ونظافته الحلال وزينته الورع وعلمه الآخرة وشغله بالله ومقامه مع الله وصومه الى الممات وإفطاره من الجنة وجمعه الحسنات وكنزه الإخلاص وصمته المراقبات ونظره المشاهدات قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر التقوى كل عمل يقيك من النار وإذا وقاك من النار وقاك من الحجاب وإذا وقاك من الحجاب شاهدت العزيز الوهاب روى ابو هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لن يزال قلب ابن آدم ممتلئا حرصا الا الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى قال الراوي فلقد رأيت رجلا من اصحاب رسول الله لا يركب الى زراعة له وانها منه على فراسخ وقد اتى عليه سبعون سنة وروى انه عليه السلام قال لا يزال قلب ابن آدم جديدا في حب الشيء وان التفت ترقوتاه من الكبر الا الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى وهم قليل يعنى هميشه دل آدم نومى باشد در حب چيزى واگر جه نكرسته باشد هر دو چنبر كردنش از پيرى وبزركى مگر آنانكه امتحان كرد است خدا قلوب ايشان از براى تقوى واندكند ايشان
وجود تو شهريست پر نيك وبد ... تو سلطان ودستور دانا خرد
همانا كه دونان كردن فراز ... درين شهر كبرست وسودا وآز
چوسلطان عنايت كند با بدان ... كجا ماند آسايش بخردان
إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ المناداة والنداء خواندن مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ اى من خارجها من خلفها او قدامها لان ورلء الحجرة عبارة عن الجهة التي يواريها شخص الحجرة بجهتها اى من اى ناحية كانت من نواحيها ولا بد ان تكون تلك الجهة خارج الحجرة لان ما في داخلها لا يتوارى عمن فيها بجهة الحجرة اشتراك الوراء في تينك الجهتين معنوى لا لفظى لكن جعله الجوهري وغيره من الاضداد فيكون اشتراكه لفظيا ومن ابتدائية دالة على ان المناداة نشأت من جهة الوراء وان المنادى داخل الحجرة لوجوب اختلاف المبدأ والمنتهى بحسب الجهة وإذا جرد الكلام عن حرف الابتداء جاز أن يكون المنادى ايضا في الخارج لانتفاء مقتضى اختلافهما بالجهة والمراد حجرات أمهات المؤمنين وكانت لكل واحدة منهما حجرة فتكون تسعا عدد هن جمع حجرة بمعنى محجورة كقبضة بمعنى مقبوضة وهى الموضع الذي يحجره الإنسان لنفسه بحائط ونحوه ويمنع عبره من ان يشاركه فيه من الحجر وهو المنع وقيل للعقل حجر لكون الإنسان في منع منه مما تدعو اليه نفسه ومناداتهم من ورائها اما بأنهم أتوها حجرة حجرة فنادوه عليه السلام من ورائها او بأنهم تفرقوا على الحجرات متطلبين له عليه السلام لانهم لم يتحققوا إمكانه فناداه بعض من ورلء هذه وبعض من ورلء تلك فاسند فعل الأبعاض الى الكل وقيل الذي ناداه عينة بن حصين الفزاري وهو الأحمق المطاع وكان من الجرارين يجر عشرة آلاف قناةاى تتبعه والأقرع بن حابس وهو شاعر بنى تميم وفدا على رسول الله في سبعين رجلا من بنى تميم وقت الظهيرة وهو راقد فقالا يا محمد اخرج إلينا فنحن الذين مدحنا زين وذمناشين فاستيقظ فخرج وقال نهم وبحكم ذلكم اى الله الذي مدحه زين وذمه شين وانما أسند النداء الى الكل لانهم رضوا بذلك أو أمروا به او لانه وجد فيما بينهم وقال سعدى المفتى انما يحتاج الى التأويل إذا أريد باستغراق الجمع(9/67)
وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8) وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)
الاستغراق الافرادى واما لو أريد الاستغراق المجموعى فلا ولذلك قالوا مقابلة الجمع بالجمع تفيد انقسام الآحاد بالآحاد وسئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنهم فقال هم جفاة بنى تميم لولا انهم من أشد الناس قتالا للاعور الدجال لدعوت الله ان يهلكهم فنزلت الآية ذمالهم وبقي هذا الذم الى الابد وصدق رسول الله في قوله ذلكم الله أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ قال في بحر العلوم فى قوله اكثر دلالة على انه كان فيهم من قصد بالمحاشاة وهو بالفارسية استثنا كردن وعلى قلة العقلاء فيهم قصدا الى نفى ان يكون فيهم من يعقل إذا القلة تجرى مجرى النفي في كلامهم ويؤيده الحديث السابق فيكون المعنى كلهم لا يعقلون إذ لو كان لهم عقل لما تجاسروا على هذه المرتبة من سوء الأدب بل تأدبوا معه بأن يجلسوا على بابه حتى يخرج إليهم كما قال تعالى الفا وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا الصبر حبس النفس عن ان تنازع الى هواها حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لو مختص بالفعل على ما ذهب اليه المبرد والزجاج والكوفيون فما بعد لو مرفوع على فاعلية لا على الابتداء على ما قاله سيبويه والمعنى ولو تحقق صبرهم وانتظارهم حتى تخرج إليهم وحتى تفيد أن الصبر ينبغى أن يكون مغيا بخروجه عليه السلام فانها مختصة بما هو غاية للشيء في نفسه ولذلك تقول أكلت السمكة حتى رأسها ولا تقول حتى نصفها وثلثها بخلاف الى فانها عامة وفي إليهم اشعار بأنه لو خرج لا لاجلهم ينبغى ان يصبروا حتى يفاتحهم بالكلام او يتوجه إليهم لَكانَ اى الصبر المذكور خَيْراً لَهُمْ من الاستعجال لما فيه من رعاية حسن الأدب وتعظيم الرسول الموجبين للثواب والثناء والاسعاف بالمسئول إذ روى انهم وفدوا شافعين في أسارى بنى العنبر قال في القاموس العنبر ابو حى من تميم قال ابن عباس رضى الله عنهما بعث رسول الله عليه السلام سرية الى حى بنى العنبر وأمر عليهم عينية بن حصين فلما علموا انه توجه نحوهم هربوا وتركوا عيالهم فسباهم عيينة وقدم بهم على رسول الله فجاء بعد ذلك رجالهم يفدون الذراري فقدموا وقت الظهيرة ووافقوا رسول الله فئلا فى اهله فلما رأتهم الذراري اجهشوا الى آبائهم يبكون والإجهاش كريستن را ساختن يقال اجهش اليه إذا فزع اليه وهو يريد البكاء كالصبى يفزع الى امه وكان لكل امرأة من نساء رسول الله بيت وحجرة فجعلوا ينادون يا محمد اخرج إلينا حتى أيقظوه من نومه فخرج إليهم فقالوا يا محمد فادنا عيالنا فنزل جبرائيل فقال ان الله يأمرك ان تجعل بينك وبينهم رجلا فقال عليه السلام لهم أترضون ان يكون بينى وبينكم سبرة بن عمرو وهو على دينكم قالوا أنعم قال سبرة انا لا احكم بينهم وعمى شاهد وهو أعور بن بشامة بن ضرار فرضوا به فقال الأعور فأنا أرى ان تفادى نصفهم وتعتق نصفهم فقال عليه السلام قد رضيت ففادى نصفهم وأعتق نصفهم وقال مقاتل لكان خيرا لهم لانك كنت تعتقهم جميعا وتطلقهم بلا فدآء وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ بليغ المغفرة والرحمة واسعهما فلن تضيق ساحتهم عن هؤلاء المسيئين للادب ان تابوا وأصلحوا قال الكاشفى والله غفور وخداى تعالى آمرزنده است كسى را كه توبه كند از بي ادبى رحيم مهربانست باهل ادب كه تعظيم سيد أولوا الألباب ميكنند چهـ ادب جاذب رحمتست وحرمت جالب نعمت
سرمايه ادب بكف آور كه اين متاع ... آنرا كه هست سوء ادب نايدش بكف(9/68)
وفي هذا المقام امور الاول ان في هذه الآية تنبيها على قدره قدره عليه السلام والتأدت معه بكل حال فهم انما نادوه لعدم عقل يعرفون به قدره ولو عرفوا قدره لكانوا كما في الخبر يقرعون بابه بالأظافير وفي المناداة اشارة الى انهم رأوه من ورلء الحجاب ولو كانوا من اهل الحضور والشهود لما نادوه كما قال بعضهم
كار نادان كوته انديش است ... ياد كردن كسى كه در پيش است
قال ابو عثمان المغربي قدس سره الأدب عند الأكابر وفي مجلس السادات من الأولياء يبلغ بصاحبه الى الدرجات العلى والخير في الاولى والعقبى فكما لا بد من التأدب معه عليه السلام فكذا مع من استن بسنته كالعلما العالمين وكان جماعة من العلماء يجلسون على باب غيرهم ولا يدقون عليه بابه حتى يخرج لقصاء حاجته احتراما قال ابو عبيدة القاسم بن سلام مادققت الباب على عالم قط
كنت اصبر حتى يخرج الى لقوله تعالى ولو انهم إلخ وفي الحديث أدبني ربى فأحسن تأديبى اى أدبني احسن تأديب فالفاء تفسير لما قبله قال بعض الكبار من الحكمة توقير الكبير ورحمة الصغير ومخاطبة الناس باللين وقال ان كان خليلك فوقك فاصحبه بالحرمة وان كان كفؤك ونظيرك فاصحبه بالوفاء وان كان دونك فاصحبه بالمرحمة وان كان عالما فاصحبه بالخدمة والتعظيم وان كان جاهلا فاصحبه بالسياسة وان كان غنيا فاصحبه بالزهد وان كان فقيرا فاصحبه بالجود وان صحبت صوفيا بالتسليم قال بعض الحكماء عاشروا الناس معاشرة ان متم بكوا عليكم وان غبتم حنوا إليكم والثاني ذم الجهل ومدح العقل والعلم فان شرف العقل مدرك بضرورة العقل والعلم والحسن حتى ان اكبر الحيوانات شخصا وأقواها ابد إذا رأى الإنسان احتشمه وخاف منه لاحساسه بأنه مستول عليه بحيلته واقرب الناس الى باارجة بهائم أجلاف العرب والترك تراهم بالطبع يبالغون في توقير شيوخهم لان التجربة دميزتهم عنهم بمزيد علم ولذلك روى في الأثر الشيخ في قومه كالنبى في أمته نظرا الى قوة علمه وعقله لا بقوة شخصه وجماله وشوكته وثروته (وفي المثنوى)
كشتى بي لنكر آمد مرد شر ... كه ز باد كژ نيابد او حذر
لنكر عقلست عاقل را أمان ... لنكرى دريوزه كن از عاقلان
قال بعض الكبار العاقل كلامه ورلء قلبه فاذا أراد ان يتكلم به امره على قلبه فينظر فيه فان كان له اى لنفعه أمضاه وان كان عليه اى لضره امسكه والأحمق كلامه على طرف لسانه وعقله في حجره إذا قام سقط قال امير المؤمنين على رضى الله عنه لسان العاقل في قلبه وقلب الأحمق في فمه والأدب صورة العقل ولا شرف مع سوء الأدب ولا داء اعى من الجهل وإذا تم العقل نقص الكلام
هر كرا اندكست مايه عقل ... بيهده كفتنش بود بسيار
مرد را عقل چون بيفزايد ... در مجامع بكاهدش كفتار
وفي الحديث كل كلام ابن آدم عليه لا له الا امرا بمعروف او نهيا عن منكر وفي حديث آخر وهل يكب الناس على مناخرهم في النار الا حصائد ألسنتهم والثالث ما قال بعض الكار(9/69)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)
تدبر سر قوله تعالى ولو أنهم صبروا الآية ولا تنظر الى سبب النزول وانتظر خروجه مرة ثانية لقيام الساعة وفتح باب الشفاعة في هذه الدار نوما او يقظة في الآخرة وهو الشافع فيهما وفي الحافرة وقد ثبت ان الناس يلتجئون يوم القيامة الى الأنبياء ثم وثم الى ان يصلوا اليه فلا يصلون الى المراد الا عنده وفي الحديث انا أول ولد آدم خروجا إذا بعثوا وانا قائدهم إذا وفدوا وخطيبهم إذا أنصتوا وانا مبشرهم إذا ابلسوا وانا شفيعهم إذا حشروا ولواء الكرم بيدي وانا أكرم ولد آدم على ربى ولا فخر يطوف على ألف خادم كأنهم لؤلؤ مكنون
سر خيل أنبياء وسپهدار اتقيا ... سلطان باركاه دنى قائد الأمم
وانما كان خدامه ألفا لتحققه بألف اسم من اسماء الله سبحانه وتعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ اى فاسق كان بِنَبَإٍ اى نبأ كان والنبأ الخبر يعنى خبرى بيارد كه موحش بود وموجب تألم خاطر فالتنكير للتعميم وفيه إيذان بالاحتراز عن كل فاسق وانما قال ان جاءكم بحرف الشك دون إذا ليدل على ان المؤمنين ينبغى ان يكونوا على هذه الصفة لئلا يطمع فاسق في مكالمتهم بكذب ما وقال ابن الشيخ إخراج الكلام بلفظ الشرط المحتمل الوقوع لندرة مثله فيما بين أصحابه عليه السلام فَتَبَيَّنُوا اى ان جاءكم فاسق بخبر يعظم وقعه في القلوب فتعرفوا وتفحصوا حتى يتبين لكم ما جاء به أصدق هو أم كذب ولا تعتمدوا على قوله المجرد لان من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الذي هو نوع منه روى ان الوليد بن عقبة بن ابى معيط أخا عثمان لامه وهو الذي ولاه عثمان الكوفة بعد سعد بن ابى وقاص فصلى بالناس وهو سكران صلاة الفجر أربعا ثم قال هل أريدكم فعزله عثمان عنهم بعثه عليه السلام مصدقا الى بنى المصطلق اى آخذا وقابضا لصدقاتهم وزكاتهم وكان بينه وبينهم احنة اى حقد وبغض كامن في الجاهلية بسبب دم فلما سمعوا بقدومه استقبلوه ركبابا فحسب انهم مقاتلوه فرجع هاربا وقال لرسول الله عليه السلام قد ارتدوا ومنعوا الزكاة وهموا بقتلى فهم عليه السلام بقتالهم فنزلت وقيل بعث إليهم خالد بن الوليد بعد رجوع الوليد بن عقبة عنهم في عسكر وقال له أخف عنهم قدومك إليهم بالعسكر وادخل عليهم ليلا متجسسا هل ترى شعائر الإسلام وآدابه فان رأيت منهم ذلك فخذ منهم زكاة أموالهم وان لم تر ذلك فاستعمل فبهم ما يفعل بالكفار ففعل ذلك خالد وجاءهم وقت المغرب فسمع منهم أذان صلاتى المغرب والعشاء ووجدهم مجتهدين باذلين وسعهم ومجهودهم في امتثال امر الله فأخذ منهم صدقاتهم وانصرف الى رسول الله وأخبره الخبر فنزلت أَنْ تُصِيبُوا حذار أن تصيبوا قَوْماً بِجَهالَةٍ حال من ضمير تصيبوا اى ملتبسين بجهالة بحالهم وكنه قصتهم فَتُصْبِحُوا أي فتصيروا بعد ظهور براءتهم مما أسند إليهم عَلى ما فَعَلْتُمْ فى حقهم نادِمِينَ مغتمين غما لازما متمنين انه لم يقع فان تركيب هذه الاحرف الثلاثة يدور مع الدوام مثل أدمن الأمر إذا ادامه ومدن المكان إذا اقام به ومنه المدينة يعنى ان الندم غم يصحب الإنسان صحبة لها دوام على ما وقع مع تمنى(9/70)
وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7)
انه لم يقع ولزومه قد يكون لقوته من أول الأمر وقد يكون لعدم غيبة موجبه وسببه عن الخاطر وقد يكون لكثرة تذكره ولغير ذلك من الأسباب وفي الآية دلالة على ان الجاهل لا بد ان يصير نادما على ما فعله بعد زمان وفي ترتيب الأمر بالتبين على فسق المخبر اشارة الى قبول خبر الواحد العدل في بعض المواد ورد عليه السلام شهادة رجل في كذبة واحدة وقال ان شاهد الزور مع العشار في النار وقال عليه السلام من شهد شهادة زور فعليه لعنة الله ومن حكم بين اثنين فلم يعدل بينهما فعليه لعنة الله وما شهد رجل على رجل بالكفر إلا باء به أحدهما ان كافرا فهو كما قال وان لم يكن كافرا فقد كفر بتكفيره إياه كما في كشف الاسرار وفي الآية ايضا اشارة الى ترك الاستماع الى كلام الساعي والنمام والمغتاب للناس
كسى پيش من در جهان عاقلست ... كه مشغول خود وز جهان غافلست
كسى را كه نام آمد اندر ميان ... به نيكوترين نام ونعتش بخوان
از ان همنشين تا توانى گريز ... كه مر فتنه خفته را كفت خيز
ميان دو كس جنك چون آتش است ... سخن چين بدبخت هيزم كش است
ميان دو تن آتش افروختن ... نه عقلست خود در ميان سوختن
فلا بدّ من التبين والتفحص ليظهر حقيقة الحال ويسلم المرء من الوبال ويفتضح الكذاب الدجال وفى الحديث التبين من الله والعجلة من الشيطان وفيها ايضا اشارة الى تسويلات النفس الفاسقة الامارة بالسوء ومجبئها كل ساعة نيأ شهوة من شهوات الدنيا فتبينوا ربحها وخسرانها من قبل ان تصيبوا قوما من القلوب وصفاتها بجهالة ما فيها من شفاء النفوس وحياتها ومرض القلوب ومماتها فتصبحوا صباح القيامة وأنتم على ما فعلتم نادمون وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ وبدانيد كه در ميان شماست رسول الله وفائدة الأمر الدلالة على انهم نزلوا منزلة الجاهلين لمكانه لتفريطهم فيما يجب من تعظيم شأنه فيكون قوله تعالى لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ استئنافا وقال بعضهم ان بما في حيزها ساد مسد مفعولى اعلموا باعتبار ما بعده من قوله تعالى لو يطيعكم إلخ فانه حال من أحد الضميرين في فيكم الاول المرفوع المستتر فيه العائد الى رسول الله المنتقل اليه من عامله المحذوف لان التقدير كائن فيكم او مستقر والثاني المجرور البارز والمعنى اى على الحال ان فيكم رسول الله كائنا على حالة يجب عليكم تغييرها او كائنين على حالة إلخ وهى انكم تريدون ان يتبع عليه السلام رأيكم في كثير من الحوادث ولو فعل ذلك لوقعتم في الجهد والهلاك فعلى هذا يكون قوله لو يطيعكم إلخ دليل وجوب تغيير تلك الحال أقيم مقام الحال وفيه إيذان بأن بعضهم زينوا لرسول الله الإيقاع ببني المصطلق تصديقا لقول الوليد وانه عليه السلام لم يطع رأيهم والعنت محركة الفساد والإثم والهلاك ودخول المشقة على الإنسان كما في القاموس يقال عنت فلان إذا وقع في امر يخاف منه التلف كما في المفردات فهو من الباب الرابع مثل طرب يطرب طربا وقال الزمخشري هو الكسر بعد الجبر كما في تاج المصادر العنت بزه مند شدن ودر كارى افتيدن كه از ان بيرون نتواند آمد وشكسته شدن استخوان پس از چبر وقوله لمن خشى(9/71)
فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)
العنت منكم يعنى الفجور والزنى ومنه الأسير من المسلمين في دار الحرب إذا خشى العنت على نفسه والفجور لا بأس بأن يتزوج امرأة منهم والتركيب يدل على مشقة وصيغة المضارع فى لو يطيكم للدلالة على ان امتناع عنتهم لامتناع استمرار طاعته عليه السلام لان عنتهم انما يلزم من استمرار الطاعة فيما بعن لهم من الأمور إذ فيه اختلال امر الايالة وانقلاب الرئيس مرؤسا لا من اطاعته في بعض ما يرونه نادرا بل فيها استمالتهم بلا معرة قال في علم البلاغة لو للشرط في الماضي اى لتعليق حصول مضمون الجزاء بحصول مضمون الشرط فرضا مع القطع بانتفاء الشرط فيلزم انتفاء الجزاء فيلزم عدم الثبوت والمضي في جملتها إذا الثبوت ينافى التعليق والاستقبال ينافى الماضي فلا يعدل في جملتيها عن الفعلية لما ضوية الا لنكتة فدخولها على المضارع نحو لو يطيعكم إلخ لقصد استمرار الفعل فيما مضى وقتا فوقتا والفعل هو الاطاعة يعنى ان امتناع عنتكم بسبب امتناع استمراره على إطاعتكم فان المضارع يفيد الاستمرار ودخول لو عليه امتناع الاستمرار وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ إلخ تجريد للخطاب وتوجيه له الى بعضهم بطريق الاستدراك بيانا لبرآءتهم من أوصاف الأولين واحمادا لافعالهم وهم الكاملون الذين لا يعتمدون على كل ما سمعوه من الاخبار والتحبيب دوست كردانيدن اى ولكنه تعالى جعل الايمان محبوبا لديكم وَزَيَّنَهُ وحسنه فِي قُلُوبِكُمْ حتى رسخ حبه فيها ولذلك أتيتم بما يليق به من الأقوال والافعال وفي عين المعاني في قلوبكم دون السنتكم مجردة ردا على الكرامية وقيل دون جوارحكم ردا على الشفعوية وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ولذلك اجتنبتم مالا يليق بها مما لاخير فيه من آثارها وأحكامها والتكريه هنا بمعنى التبغيض والبغض ضد الحب فالبغض نفار النفس عن الشيء الذي ترغب عنه والحب انجذاب النفس الى شيء الذي ترغب فيه ولما كان فى التحبيب والتكريه معنى إنهاء المحبة والكراهة وايصالهما إليهم استعملا بكلمة الى قال في فتح الرحمن معنى تحبيب الله وتكريهه اللطف والامداد بالتوفيق والكفر تغطية نعم الله بالجحود والفسوق الخروج عن القصد اى العدل بظلم نفسه والعصيان الامتناع من الانقياد وهو شامل لجميع الذنوب والفسوق مختص بالكبائر أُولئِكَ المستثنون بقوله ولكن الله إلخ هُمُ الرَّاشِدُونَ اى السالكون الى الطريق السوي الموصل الى الحق وفي الآية عدول وتلوين حيث ذكر أولها على وجه المخاطبة وآخرها على المغايبة حيث قيل أولئك هم الراشدون ليعلم ان جميع من كان حاله هكذا فقد دخل في هذا المدح كما قال ابو الليث فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً اى وانعاما تعليل لحبب وكره وما بينهما اعتراض لا للراشدين فان الفضل فعل الله والرشد وان كان مسببا عن فعله وهو التحبيب والتكريه مسند الى ضميرهم يعنى ان المراد بالفاعل من قام به الفعل وأسند هو اليه لا من أوجده ومن المعلوم ان الرشد قائم بالقوم والفضل والانعام قائمان به تعالى فلا اتحاد وَاللَّهُ عَلِيمٌ مبالغ في العلم فيعلم احوال المؤمنين وما بينهم من التفاضل والتمايز حَكِيمٌ يفعل كل ما يفعل بموجب الحكمة (وقال الكاشفى) والله عليم وخداى تعالى داناست بصدق وكذب حكيم محكم كارست در امور بندگان واز حكمتهاى(9/72)
وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)
اوست كه بتحقيق اخبار ميفرمايد كه از خبرهاى نار است انواع فتنها مى زايد
هرگز سخنان فتنه انگيز مكو ... وآن راست كه هست فتنه ان نيز مكو
خامش كن وكر چاره ندارى ز سخن ... شوخى مكن وتند مشو تيز مكو
وفي الآية دليل على ان من كان مؤمنا لا يحب الفسق والمعصية وإذا ابتلى بالمعصية فان شهوته وغفلته تحمله على ذلك لا لحبه للمعصية بل ربما يعصى حال الحضور لان فيه نفاذ قضائه تعالى شيخ اكبر قدس سره الأطهر مى فرمايد كه بعضى از صالحان مرا خبر داد كه بفلان عالم در آمدم واو عظيم بر نفس خود مسرف بود شيخ فرمود كه من آن عالم مسرف را نيز مى دانم وبا وى اجتماع اتفاق افتاده بود آن عزيز صالح ميكويد كه چون بدر خانه او رسيدم أبا كرد از ان سبب كه بر صورتى نامشروع نشسته بود كفتم چاره نيست از ديدن او كفت بگوييد كه من بر چهـ حالم كفتم لا بد است دستورى داد در آمدم وآن خمر ايشان تمام شده بود بعضى از حاضران كفت بفلانى رقعه بنويس كه قدرى بفرستد آن عالم كفت نكنم ونمى خواهم بر معصيت حق تعالى مصر باشم والله والله كه هيچ كاسه نمى خورم الا كه در عقب آن توبه ميكنم ومنتظر كاس ديكر نباشم وبا نفس خود در ان باب سخن نمى كويم چوق بار ديكر دور مى رسد وساقى مى آيد در نفس خود نكاه ميكنم اگر راى من بر ان قرار ميكيرد كه بگيرم مى ستانم و چون فارغ شدم باز بحق رجوع ميكنم وتوبه مى آرم در مرور اوقات در خاطر من نيست كه عصيان كنم آن عزيز مى گويد كه با وجود عصيان وإسراف او تعجب نمودم كه چكونه از مثل اين حضور غافل نشد پس حذر كنى از اصرار كردن بر كناه بلكه در هر حالت توبه كنى وبحق تعالى باز كرد وبر اثر هر عصيانى عذرى بخواه
طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى بر انگيز وعذرى بكوى
كه يكلحظه صورت نبندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان
وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا اى تقاتلوا والجمع حيث لم يقل اقتتلتا على التثنية والتأنيث باعتبار المعنى فان كل طائفة جمع والطائفة من الناس جماعة منهم لكنها دون الفرقة كما دل عليه قوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة وطائفتان فاعل فعل محذوف وجوبا لا مبتدأ لأن حرف الشرط لا يدخل الا على الفعل لفظا او تقديرا والتقدير وان اقتتل طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فحذف الاول لثلا يلزم اجتماع المفسر والمفسر واصل القتل ازالة الروح عن الجسد فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما تنى الضمير باعتبار اللفظ والصلاح الحصول على الحالة المستقيمة النافعة والإصلاح جعل الشيء على تلك الحالة وبالفارسية بإصلاح آوردن اى فاصلحوا بين تينك الطائفتين بالنصح والدعاء الى حكم الله قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله من وصل أخاه بنصيحة في دينه ونظر له في صلاح دنياه فقد احسن صلته وقال مطرف وجدنا انصح العباد لله الملائكة ووجدنا اغش العباد لله الشياطين يقال من كتم السلطان نصحه والأطباء مرضه والاخوان بثه فقد خان نفسه والإصلاح بين الناس إذا تفاسدوا من أعظم الطاعات وأتم القربات وكذا نصرة المظلوم وفي الحديث الا أخبركم بأفضل من درجة الصيام(9/73)
والصلاة والصدقة قالوا بلى يا رسول الله قال إصلاح ذات البين وقال لقمان يا بنى كذب من يقول ان الشر يطفى الشر فان كان صادقا فليوقد نارين ثم لينظر هل تطفئ أحدا هما الاخرى وانما يطفئ الماء النار وفي الحديث المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يعيبه ولا يتطاول عليه في البنيان فيستر عنه الريح الا بأذنه ولا يؤذيه بقتار قدره الا ان يغرف له منها ولا يشترى لبنيه الفاكهة فيخرجون بها الى صبيان جاره ولا يطعمونهم منها وقال بعض العارفين سعى الإنسان في مصالح غيره من أعظم القربات الى الله تعالى وتأمل في موسى عليه السلام لما خرج يمشى في الظلمة في حق اهله ليطلب لهم نارا يصطلون بها وبقضون بها الاامر الذي لا يقضى الا بها في العادة كيف انتج له ذلك الطلب سماع كلام ربه من غير واسطة ملك فكلمه الله في عين حاجته وهى النار ولم يكن يخطر له هذا المقام بخاطر فلم يحصل له الا في وقت السعى في مصالح العيال وذلك ليعلمه الله بما في قضاء حوائج العائلة من الفضل فيزيد حرصا في سعيه في حقهم لانهم عبيده على كل حال وكذلك لما وقع لموسى الفرار من الأعداء الذين طلبوا قتله انتج له ذلك الفرار الحكم والرسالة كما قال ففرت منكم لما خفتكم فوهب لى ربى حكما وجعلنى من المرسلين وذلك لان فراره كان سعيا في حق الغير الذي هو النفس الناطقة المالكة تدبير هذا البدن فان فرار الأكابر دائما انما يكون في حق الغير لا في حق أنفسهم فكان الفار من موسى النفس الحيوانية وكذلك لما خرج الخضر عليه السلام يرتاد الماء للجيش الذي كان معه حين فقدوا الماء فوقع بعين الحياة فشرب منها عاش الى زمننا هذا والحال انه كان لا يعرف ما خص الله به شارب ذلك الماء من الحياة فلما عاد وأخبر أصحابه بالماء سارعوا الى ذلك الموضع ليستقوا منه فأخذ الله بأبصارهم عنه فلم يهتدوا الى موضعه (كما قال الحافظ)
سكندر را نمى بخشند آبى ... بزور وزر ميسر نيست اين كار
فانظر ما انتج له سعيه في حق الغير واعمل عليه والآية نزلت في قتال أحدث بين الأوس والخزرج فى عهده عليه السلام بالسعف وهى أغصان النخل إذا يبست والنعال فقال ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه السلام مر يوما على ملإ من الأنصار فيهم عبد الله بن ابى المنافق ورسول الله عليه السلام على حماره فوقف عليهم يعظهم فبال حماره أوراث فأمسك عبد الله بن ابى انفه وقال نح عنا نتن حمارك فقد آذيتنا بنتنه فمن جاءك منا فعظه فسمع ذلك عبد الله بن رواحة رضى الله عنه فقال ألحمار رسول الله تقول هذا والله ان بول حمار رسول الله أطيب رائحة منك فمر عليه السلام رطال الكلام بين عبد الله بن ابى المنافق الخزرجي وعبد الله ابن رواحة الأوسي حتى استبا وتجالدا وجاء قوم كل واحد منهما من الأوس والخزرج وتجالدوا بالعصى او بالنعال
والأيدي او بالسيف ايضا فنزلت الآية فرجع إليهم رسول الله فقرأها عليهم وأصلح بينهم فان قيل عبد الله بن ابى كان منافقا والآية في طائفتين من المؤمنين قلنا احدى الطائفتين هى عبد الله بن ابى وعشيرته ولم يكن كلهم منافقين فالآية تتناول المؤمنين منهم او المراد بالمؤمنين من اظهر الايمان سوآء كان مؤمنا حقيقة او ادعاء وقيل في سبب(9/74)
النزول غير هذا ويحتمل ان تكون الروايات كلها صحيحة ويكون نزول الآية عقيب جميعها وقال ابن بحر القتال لا يكون بالنعال والا يدى وانما هذا في المنتظر من الزمان انتهى.
يقول الفقير فسروا القتل بفعل يحصل به زهوق الروح كالضرب بآلة الحرب والمحدد ولو من خشب ونحو ذلك مما يفرق الا جزاء ولا شك ان السعف من قبل الخشب المحدد واما النعال فان بعضها يعمل عمل الخشب المحدد كما شاهدنا في نعال بعض الاعراب على ان القتال قد يستعمل مجازا في المحاربة والمضاربة فقد وقع القتال مطلقا في زمن النبي عليه السلام واما حرف الشرط فاشارة الى انه لا ينبغى ان يصدر القتال من المؤمنين الا فرضا مع ان خصوص السبب لا ينافى عموم الحكم فالآية عامة في جميع المسلمين الى يوم القيامة على تقدير القتال فاعرف فَإِنْ بَغَتْ اى تعدت يقال بغى عليه بغيا علا وظلم وعدل عن الحق واستطال كما في القاموس واصل البغي طلب ما ليس بمستحق فان البغي الطلب إِحْداهُما وكانت مبطلة عَلَى الْأُخْرى وكانت محقة ولم تتأثر اى الباغية بالنصيحة فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي اى قاتلوا الطائفة الباغية حَتَّى تَفِيءَ اى ترجع فان الفيء الرجوع الى حالة محمودة إِلى أَمْرِ اللَّهِ اى الى حكمه الذي حكم به في كتابه العزيز وهو المصالحة ورفع العداوة او الى ما امر به وهو الاطاعة المدلول عليها بقوله أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولى الاامر منكم فأمر الله على الاول واحد الأمور وعلى الثاني واحد الأوامر وانما اطلق الفيء على الظل لرجوعه بعد نسخ الشمس اى إزالتها إياه فان الشمس كلما ازدادت ارتفاعا ازداد الظل انتساخا وزوالا وذلك الى ان توازى الشمس خط نصف النهار فاذا زالت عنه وأخذت فى الانحطاط أخذ الظل في الرجوع والظهور فلما كان الزوال سببا لرجوع ما انتسخ من الظل أضيف الظل الى الزوال فقيل فئ الزوال وأطاق ايضا على الغنيمة لرجوعها من الكفار الى المسلمين وتلك الأموال ولم تكن اولا للمسلمين لكنها لما كانت حقهم ليتوسلونها الى طاعته تعالى كانت كأنها لهم اولا ثم رجعت. ومر الأصمعي بحي من احياء العرب فوجد صببا يلعب مع الصبيان في الصحراء ويتكلم بالفصاحة فقال الأصمعي اين أباك يا صبي فنظر اليه الصبى ولم يجب ثم قال اين أبيك فنظر اليه ولم يجب كالاول ثم قال اين أبوك فقال فاء الى الفيفاء لطلب الفيء فاذا فاء الفيء فاء اى رجع فَإِنْ فاءَتْ اليه وأقلعت عن القتال حذارا من قتالكم فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ والانصاف بفصل ما بينهما على حكم الله ولا تكتفوا بمجرد متاركتهما عسى ان يكون بينهما قتال في وقت آخر (قال الحافظ)
جويبار ملك را آب سر شمشير تست ... خوش درخت عدل بنشان بيخ بدخواهان بكن
وقال كيخسرو أعظم الخطايا محاربة من يطلب الصلح وتقييد الإصلاح بالعدل هاهنا دون الاول لانه مظنة الحيف لوقوعه بعد المقاتلة وهى تورث الاحن في الغالب وقد أكد ذلك حيث قيل وَأَقْسِطُوا اى واعدلوا في كل ما تأتون وما تذرون من اقسط إذا أزال القسط بالفتح اى الجور يقال إذا جاء القسط بالكسر اى العدل زال القسط بالفتح اى الجور وقال بعضهم الاقساط ان يعطى قسط غيره اى نصيبه وذلك انصاف إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(9/75)
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)
اى العادلين الذين يؤدون لكل ذى حق حقه فيجازيهم بأحسن الجزاء (قال الكاشفى)
عدل را شكر هست جان افزاى ... عدل مشاطه ايست ملك آراى
عدل كن زانكه در ولايت دل ... در پيغمبرى زند عادل
(وقال الحافظ)
شاه را به بود از طاعت صد ساله وزهد ... قدر يكساعته عمرى كه درو داد كند
قال بعض الكبار كل من كان فيه صفة العدل فهو ملك وان كان الحق ماستخلفه بالخطاب الإلهي فان من الخلفاء من أخذ المرتبة بنفسه من غير عهد الهى اليه بها وقام بالعدل فى الرعايا استنادا الى الحق كما قال عليه السلام ولدت في زمان الملك العادل يعنى كسرى فسماه ملكا ووصفه بالعدل ومعلوم ان كسرى في ذلك العدل على غير شرع منزل لكنه نائب للحق من ورلء الحجاب وخرج بقولنا وقام بالعد في الرعايا من لم يقم بالعدل كفرعون وأمثاله من المنازعين لحدود الله والمغالبين لجنابه بمغالبة رسله فان هؤلاء ليسوا بخلفاء الله تعالى كالرسل ولا نوابا له كالملوك العادلة بلهم اخوان الشياطين قال بعضهم
شه كسرى از ظلم از آن ساده است ... كه در عهد او مصطفى زاده است
اى كان عدله من انعكاس نور انيته صلّى الله عليه وسلّم فاعرف جدا وفي الآية دلالة على ان الباغي لا يخرج بالبغي عن الايمان لان احدى الطائفتين فاسقة لا محالة إذ اقتتلتا وقد سماهما مؤمنين وبه يظهر بطلان ما ذهب اليه المعتزلة والخوارج من خروج مرتكب الكبيرة عن الايمان ويدل عليه ما روى عن على رضى الله عنه انه سئل وهو القدوة في قتال اهل البغي أعلمنا اهل الجمل وصفين أمشركون هم فقال لا من الشرك فروا فقيل أمنافقون هم فقال لا ان المنافقين لا يذكرون الله الا قليلا قيل فما حالهم قال إخواننا بغوا علينا وايضا فيها دلالة على ان الباغي إذا امسك عن الحرب ترك لانه فاء الى امر الله وانه يجب معاونة من بغى عليهم بعد تقديم النصح والسعى في المصالحة بدلالة قوله فأصلحوا بينهما فان النصح والدعاء الى حكم الله إذا وجب عند وجود البغي من الطائفتين فلأن يجب عند وجوده من إحداهما اولى لان ظهور اثره فيها ارحى واعلم ان الباغي في الشرع هو الخارج على الامام العادل وبيانه في الفقه في باب البغاة قال سهل رحمه الله في هذه الآية الطائفتان هما الروح والقلب والعقل والطبع والهوى والشهوة فان بغى الطبع والهوى والشهوة على العقل والقلب والروح فيقاتل العبد بسيوف المراقبة وسهام المطالعة وأنوار الموافقة ليكون الروح والعقل غالبا والهوى والشهوة مغلوبا وقال بعضهم النفس إذا ظلمت على القلب باستيلاء شهواتها واستعلائها في فسادها يجب ان تقاتل حتى تثخن بالجراحة بسيوف المجاهدة فان استجابت بالطاعة فيعفى عنها لانها هى المطية الى باب الله ولا بد من العدل بين القلب والنفس لئلا يظلم القلب على النفس كمالا يظلم النفس على القلب لان لنفسك عليك حقا نسأل الله إصلاح البال واعتدال الحال إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ جمع الأخ وأصله المشارك لآخر في الولادة من الطرفين او من أحدهما او من الرضاع ويستعار في كل مشارك لغيره(9/76)
فى القبيلة او في الدين او في صنعة او في معاملة أو في مودة او في غير ذلك من المناسبات والفرق بين الخلة والاخوة ان الصداقة إذا قويت صارت اخوة فان ازدادت صارت خلة كما في احياء العلوم وسئل الجنيد قدس سره عن الأخ فقال هو أنت في الحقيقة الا انه غيرك فى الشخص قال بعض اهل اللغة الاخوة جمع الأخ من النسب والاخوان جمع الأخ من الصداقة ويقع أحدهما موقع الآخر وفي الحديث وكونوا عباد الله إخوانا والمعنى انما المؤمنون منتسبون الى اصل واحد هو الايمان الموجب للحياة الابدية كما ان الاخوة من النسب منتسبون الى اصل واحد هو الأب الموجب للحياة الفانية فالآية من قبيل التشبيه البليغ المبتنى على تشبيه الايمان بالأب في كونه سبب الحياة كالاب فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ الفاء للايذان بأن الاخوة الدينية موجبة للاصلاح ووضع المظهر مقام المضمر مضافا الى المأمورين للمبالغة في تأكيد وجوب الإصلاح والتحضيض عليه وتخصيص الاثنين بالذكر لاثبات وجوب الإصلاح فيما فوق ذلك بطريق الاولوية لتضاعف الفتنة والفساد فيه وَاتَّقُوا اللَّهَ فى كل ما تأتون وما تذرون من الأمور التي من جملتها ما أمرتم به من الإصلاح وفي التأويلات النجمية واتقوا الله في إخوتكم في الدين بحفظ عهودهم ورعاية حقوقهم في المشهد والمغيب والحياة والممات لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ راجين
ان ترحموا على تقواكم كما ترحمون واعلم ان اخوة الإسلام أقوى من اخوة النسب بحيث لا تعتبر اخوة النسب إذا خلت عن اخوة الإسلام الا ترى انه إذا مات المسلم وله أخ كافر يكون ماله للمسلمين لا لاخيه الكافر وكذا إذا مات أخ الكافر وذلك لان الجامع الفاسد لا يفيد الاخوة وان المعتبر الأصلي الشرعي الا يرى ان ولدي الزنى من رجل واحد لا يتوارثان وهذا المعنى يستفاد من الآية ايضا لان انما للحصر فكأنه قيل لا اخوة الا بين المؤمنين فلا اخوة بين المؤمن والكافر وكسب المرتد حال إسلامه لوارثه المسلم لاستناده الى ما قبل الردة فيكون توريث المسلم من المسلم واما كسبه حال ردته فهو فيء يوضع في بيت المال لانه وجد بعد الردة فلا يتصور اسناده الى ما قبلها وفي الحديث كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة الا سببى ونسبى مراد باين نسب دين وتقواست نه نسب آب وكل والا ابو لهب را در ان نصيب بودى كما في كشف الاسرار قال بعض الكبار القرابة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ثلاثة اقسام لانها اما قرابة في الصورة فقط اوفى المعنى فقط اوفى الصورة والمعنى فاما القرابة في الصورة فلا يخلو اما ان تكون بحسب طينته كالسادات الشرفاء او بحسب دينه وعلمه كالعلماء والصالحين والعباد وسائر المؤمنين وكل منهما نسبة صورية واما قرابته عليه السلام في المعنى فهم الأولياء لان الولي هو ولده الروحي القائم بما تهيأ لقبوله من معناه ولذلك قال صلّى الله عليه وسلّم سلمان منا اهل البيت اشارة الى القرابة المعنوية واما القرابة في الصورة والمعنى معافهم الخلفاء والائمة القائمون مقامه سواء كان قبله كأكابر الأنبياء الماضين او بعده كالاولياء الكاملين وهذه أعلى مراتب القرابة وتليها القرابة الروحية ثم القرابة الصورية الدينية ثم قرابة الطينية فان جمعت ما قبلها فهى الغاية وقال بعضهم ان الله خلق الأرواح من عالم الملكوت والأشباح من عالم الملك(9/77)
ونفخ فيها تلك الأرواح وجعل بينها النفوس الامارة التي ليست من قبيل الأرواح ولا من قبيل الأشباح وجعلها مخالفة للارواح ومساكنها اى الأشباح فأرسل عليها جند العقول ليدفع بها شرها وهى العقول المجردة والاخروية والا فالعقول الغريزية والدنيوية لا تقدر على الدفع بل هى معينة للنفس فاذا امتحن الله عباده المؤمنين هيچ نفوسهم الامارة ليظهره حقائق درجاتهم من الايمان والاخوة وأمرهم ان يعينوا العقل والروح والقلب على النفس حتى تنهزم لان المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا فهم كنفس واحدة لان مصادرهم مصدر واحد وهو آدم عليه السلام ومصدر روح آدم نور الملكوت ومصدر جسمه تربة الجنة فى بعض لاقوال ولذلك يصعد الروح الى الملكوت الجسم الى الجنة كما قال عليه السلام كل شيء يرجع الا أصله وفي التأويلات النجمية اعلم ان اخوة النسب انما تثبت إذا كان منشأ النطف صلبا واحدا فكذلك اخوة الدين منشأ نطفها صلب النبوة وحقيقة نطفها نور الله فاصلاح ذات بينهم برفع حجب أستار البشرية عن وجوه القلب ليتصل النور بالنور من روزنة القلب ليصيروا كنفس واحدة كما قال عليه السلام المؤمنون كنفس واحدة ان اشتكى عضو واحد تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر.
بنى آدم اعضاى يكديكرند ... كه در آفرينش ز يك جوهرند
چوعضوى بدرد آورد روزكار ... دكر عضوها را نماند قرار
ومن حق الاخوة في الدين ان تحب لا خيك ما تحب لنفسك ويسرك ما سره ويسوءك ما ساءه وان لا تحوجه الى الاستعانة بك وان استعان تعنه وتنصره ظالما او مظلوما فمنعك إياه عن الظلم فذلك نصرك إياه وفي الحديث المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه من كان فى حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ومن حقه ان لا نقصر في تفقد أحواله بحيث يشكل عليك موضع حاجته فيحتاج الى مسألتك وان لا تلجئه الى الاعتذار بل تبسط عذره فان أشكل عليك وجهه عدت باللائمة على نفسك في خفاء عذره وتتوب عنهه إذا أذنب وتعوده إذا مرض وإذا أشار إليك بشيء فلا تطالبه بالدليل وإيراد الحجة كما قالوا
لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... فى النائبات على ما قال برهانا
إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهمو ... لأية حرب أم باى مكان
والاستنجاد يارى خواستن. قبل لفيلسوف ما الصديق فقال اسم بلا مسمى وقال فضيل لسفيان دلنى على من اركن اليه فقال ضالة لا توجد وقال ابو اسحق الشيرازي
سألت الناس عن خل وفي ... فقالوا ما الى هذا سبيل
تمسك ان ظفرت بود حر ... فان الحر في الدنيا قليل
قيل ابعد الناس سفرا من كان سفره في طلب أخ صالح قال أعرابي اللهم احفظني من الصديق فقيل له في ذلك قال الحذر منه اكثر من الحذر من العدو قال على رضى الله عنه اخوان هذا الزمان(9/78)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)
جواسيس العيوب وقد احسن من قال الأخ الصالح خير لك من نفسك لان النفس امارة بالسوء والأخ لا يأمرك الا بخير وقيل الدنيا بأسرها لا تسع منباغضين وشبر بشبر يسع المتحابين كما قال الحكماء ده درويش در كليمى بخسبند ودو پادشاه در اقليمى نكنجند واعلم ان المواخاة امر مسنون من لدن النبي عليه السلام فانه آخى بين المهاجرين والأنصار يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ السخرية ان يحقر الإنسان أخاه ويستخفه ويسقطه عن درجته ويعده ممن لا يلتفت اليه اى لا يستهزئ قَوْمٌ اى منكم وهو اسم جمع لرجل مِنْ قَوْمٍ آخرين ايضا منكم والتنكير اما للتعميم او للتبعيض والقصد الى نهى بعضهم عن سخرية بعض لما انها مما يجرى بين بعض وبعض فان قلت المنهي عنه هو ان يسخر جماعة من جماعة فيلزم ان لا يحرم سخرية واحد من واحد قلت اختيار الجمع ليس للاحتراز عن سخرية الواحد من الواحد بل هو لبيان الواقع لان السخرية وان كانت بين اثنين الا ان الغالب أن تقع بمحضر جماعة يرضون بها ويضحكون بسببها بدل ما وجب عليهم من النهى شركاء الساخر في تحمل الوزر ويكونون والإنكار ويكونون بمنزلة الساخرين حكما فنهوا عن ذلك يعنى انه من نسبة فعل البعض الى الجميع لرضاهم به في الأغلب او لوجوده فيما بينهم والقوم مختص بالرجال لانهم قوامون على النساء ولهذا عبر عن الإناث بما هو مشتق من النسوة نفتح النون وهو ترك العمل ويؤيده قول زهير
وما أدرى ولست إخال أدرى ... أقوم آل حصن أم نساء
عَسى شايد أَنْ يَكُونُوا باشند خَيْراً مِنْهُمْ تعليل للنهى اى عسى ان يكون المسخور منهم خيرا عند الله من الساخرين ولا خبر لعسى لاغناء الاسم عنه وَلا نِساءٌ اى ولا تسخر نساء من المؤمنات وهو اسم جمع لامرأة مِنْ نِساءٍ منهن وانما لم يقل امرأة من رجل ولا بالعكس للاشعار بان مجالسة الرجل المرأة مستقبح شرعا حتى منعوها عن حضور الجماعة ومجلس الذكر لان الإنسان انما يسخر ممن يلابسه غالبا عَسى أَنْ يَكُنَّ اى المسخور منهن خَيْراً مِنْهُنَّ اى من الساخرات فان مناط الخميرية في الفريقين ليس ما يظهر للناس من الصور والاشكال ولا الأوضاع والأطوار التي عليها يدور امر السخرية غالبا بل انما هو الأمور الكامنة في القلوب فلا يجترئ أحد على استحقار أحد فعله اجمع منه لما نيط به من الخيرية عند الله فيظلم نفسه بتحقير من وقره الله واستهانة من عظمه الله وفي التأويلات النجمية يشير الى انه لا عبرة بظاهر الخلق فلا تنظر الى أحد بنظر الا زرآء والاستهانة والاستخفاف والاستحقار لان في استحقار أخيك عجب نفسك مودع كما نظر إبليس بنظر الحقارة الى آدم عليه السلام فأعجبه نفسه فقال اما خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين فلعن الى الابد لهذا المعنى فمن حقر أخاه المسلم وظن انه خير منه يكون إبليس وقته واخوه آدم وقته ولهذا قال تعالى عسى ان يكونوا خيرا منهم فبالقوم يشير الى اهل المحبة وارباب السلوك فانهم مخصوصون بهذا الاسم كما قال تعالى فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه يعنى لا ينظر المنتهى من ارباب الطلب بنظر الحقارة الى المبتدئ والمتوسط عسى(9/79)
ان يكونوا خيرا منهم فان الأمور بخواتيمها ولهذا قال أوليائي تحت قبابى لا يعرفهم غيرى وقال عليه السلام رب أشعث اغبر ذى طمرين لا يؤبه به لو أقسم على الله لأبره قال معروف الكرخي يوما لتلميذه السرى السقطي قدس الله سرهما إذا كانت لك الى الله حاجة فأقسم عليه بي ومن هنا أخذوا قولهم على ظهر المكاتيب بحرمة معروف الكرخي والله اعلم يقول البغداديون قبر معروف ترياق مجرب وبالنساء يشير الى عوام المسلمين لانه تعالى عبر عن الخواص بالرجال في قوله رجال لا تلهيهم تجارة وقوله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه يعنى لا ينبغى لمسلم ما أن ينظر الى مسلم ما بنظر الحقارة عسى ان يكن خيرا منهن الى هذا المعنى يشير ثم نقول ان للملائكة شركة مع إبليس في قولهم لآدم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك كان في نظرهم اليه بالحقارة إعجاب أنفسهم مودعا ولكن الملائكة لم يصروا على ذلك الاعجاب وتابوا الى الله ورجعوا مما قالوا فعالجهم الله تعالى باسجادهم لآدم لان في السجود
غاية الهوان والذلة للساجد وغاية العظمة والعزة للمسجود فلما كان في تحقير آدم هو انه وذلته وعزة الملائكة وعظمتهم أمرهم بالسجود لان علاج العلل بأضدادها فزال عنهم علة العجب وقد أصر إبليس على قوله وفعله ولم يتب فأهلكه الله بالطرد واللعن فكذلك حال من ينظر الى أخيه المسلم بنظر الحقارة (قال الحافظ)
مكن بچشم حقارت نكاه بر من مست ... كه نيست معصيت وزهد بي مشيت او
قال ابن عباس رضى الله عنه نزلت الآية في ثابت بن قيس بن شماس رضى الله عنه كان في اذنه وقر فكان إذا اتى مجلس رسول الله عليه السلام وقد سبقوه بالمجلس وسعوا له حتى يجلس الى جنبه عليه السلام يسمع ما يقول فاقبل ذات يوم وقد فاتته ركعة من صلاة الفجر فلما انصرف النبي عليه السلام من الصلاة أخذ أصحابه مجالسهم فضن كل رجل بمجلسه فلا يكاد يوسع أحد لاحد فكان الرجل إذا جاء لا يجد مجلسا فيقوم على رجليه فلما فرغ ثابت من الصلاة اقبل نحو رسول الله يتخطى رقاب الناس وهو يقول تفسحوا تفسحوا فجعلوا يتفسحون حتى انتهى الى رسول الله بينه وبينه رجل فقال له تفسخ فلم يفعل فقال من هذا فقال له الرجل انا فلان فقال بل أنت ابن فلانة يريد أما له كان يعير بها في الجاهلية فخجل الرجل ونكس رأسه فأنزل الله هذه الآية (وروى) ان قوله تعالى ولا نساء من نساء نزل فى نساء النبي عليه السلام عيرن أم سلمة بالقصر او أن عائشة رضى الله عنها قالت ان أم سلمة جميلة لولا انها قصيرة وقيل ان الآية نزلت في عكرمة بن ابى جهل حين قدم المدينة مسلما بعد فتح مكة فكان المسلمون إذا رأوه قالوا هذا ابن فرعون هذه الامة فشكا ذلك للنبى عليه السلام فقال عليه السلام لا تؤذوا الاحياء بسبب الأموات ونزلت الآية
هميشه در صدد عيب جويى خويشم ... نبوده ايم پى عيب ديكران هركز
قال ابو الليث ثم صارت الآية عامة في الرجال والنساء فلا يجوز لاحدان يسخر من صاحبه او من أحد من خلق الله وعن ابن مسعود البلاء موكل بالقول وانى لأخشى لو سخرت(9/80)
من كلب ان أحول كلبا وذلك لان المؤمن ينبغى أن ينظر الى الخالق فانه صنعه لا ألى المخلوق فانه ليس بيده شيء في الحسن والقبح ونحوهما قيل للقمان ما أقبح وجهك فقال تعيب بهذا على النقش أو على النقاش نسأل الله الوقوف عند امره ونعوذ به من قهره (قال الحافظ)
نظر كردن بدرويشان منافئ بزركى نيست ... سليمان با چنان حشمت نظرها كرد بامورش
يشير الى التواضع والنظر الى الأدانى بنظر الحكمة وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ اللمز الطعن باللسان وفي تاج المصادر عيب كردن والاشارة بالعين ونحوه والغابر يفعل ويفعل ولم يخص السخرية بما يكون باللسان فالنهى الثاني من عطف الخاص على العام بجعل الخاص كأنه جنس آخر للمبالغة ولهذا قيل
جراحات السنان لها التئام ... ولا يلتام ما جرح اللسان
والمعنى اولا يعب بعضكم بعضا فان المؤمنين كنفس واحدة والافراد المنتشرة بمنزلة أعضاء تلك النفس فيكون ما يصيب واحدا منهم كأنه يصيب الجميع إذا اشتكى عضو واحد من شخص تداعى سائر الأعضاء الى الحمى والسهر فمتى عاب مؤمنا فكأنما عاب نفسه كقوله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم (ع) عيب هر كس كه كنى هم بتو مى كردد باز وفي التأويلات النجمية انما قال أنفسكم لان المؤمنين كنفس واحدة ان عملوا أشرا الى أحد فقد عملوا الى أنفسهم وان عملوا خيرا الى أحد فقد عملوا الى أنفسهم كما قال تعالى ان أحسنتم أحسنتم لانفسكم وان اسأتم فلها (قال الحافظ)
عيب رندان مكن اى زاهد پاكيزه سرشت ... كه كناه دكران بر تو نخواهند نوشت
ويجوز ان يكون معنى الآية ولا تفعلوا ما تلمزون به فان من فعل ما يستحق به اللمز فقد لمز نفسه اى تسبب للمز نفسه والا فلا طعن باللسان لنفسه منه فهو من اطلاق المسبب وارادة السبب وقال سعدى المفتى ولا يبعد ان يكون المعنى لا تلمزوا غيركم فان ذلك يكون سببا لان يبحث الملموز عن عيوبكم فيلمزكم فتكونوا لامزين أنفسكم فالنظم حينئذ نظير ما ثبت فى الصحيحين من قوله عليه السلام من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه قال نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب امه فيسب امه
انتهى يقول الفقير هو مسبوق في هذا المعنى فان الامام الراغب قال في المفردات اللمز الاغتياب وتتبع المعايب اى لا تلمزوا الناس فيلمزوكم فتكونوا في حكم من لمز نفسه انتهى ولا يدخل في الآية ذكر الفاسق لقوله عليه السلام اذكروا الفاجر بما فيه كى يحذره الناس يقول الفقير أشار التعليل في الحديث الى أن ذكر الفاجر بما فيه من العيوب انما يصلح بهذا الغرض الصحيح وهو ان يحذر الناس منه ومن عمله والا فالامساك مع ان في ذكره تلويث اللسان الطاهر ولذا نقل عن بعض المشايخ انه لم يلعن الشيطان إذ ليس فيه فائدة سوى اشتغال اللسان بما لا ينبغى فان العداوة له انما هى بمخالفته لا بلعنته فقط وفي الحديث طوبى لمن يشغله عيبه عن عيوب الناس وفي الآية اشارة الى ان الإنسان لا يخلو عن العيب قيل لسقراط هل من انسان لا عيب فيه قال لو كان انسان لا عيب فيه لكان لا يموت ولذا قال الشاعر(9/81)
ولست بمستبق اخالا تلمه ... على شعث اى الرجال المهذب
اى لا مهذب في الرجال يخلو من التفرق والعيوب فمن أراد أخا مهذبا وطلت صديقا منقحا لا يجده فلابد من الستر (قال الصائب)
ز ديدن كرده ام معزول چشم عيب بينى را ... اگر بر خار مى پيچم كل بيخار مى بينم
(وقال)
بعيب خويش اگر راه بردمى صائب ... بعيب جويى مردم چهـ كار داشتمى
وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ النبز بسكون الباء مصدر نبزه بمعنى لقبه وبالفارسية لقب نهادن وتنابزوا بالألقاب لقب بعضهم بعضا فان التنابز بالفارسية يكديگر را بقلب خواندن وبفتحها القلب مطلقا اى حسنا كان او قبيحا ومنه قيل في الحديث قوم نبزهم الرافضة اى لقبهم ثم خص في العرف باللقب القبيح وهو ما يكره المدعو أن يدعى به والقلب ما سمى به الإنسان بعد اسمه العلم من لفظ يدل على المدح او الذم لمعنى فيه والمعنى ولا يدع بعضكم بعضا بلقب السوء قالوا وليس من هذا قول المحدثين لسليمان الأعمش وواصل الأحدب ونحوه مما تدعو الضرورة اليه وليس فيه قصد استخفاف ولا أذى وفيه اشارة الى ان اللقب الحسن لا ينهى عنه مثل محيى الدين وشمس الدين وبهاء الدين وفي الحديث من حق المؤمن على أخيه ان يسميه بأحب أسمائه اليه بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ الاسم هنا ليس ما يقابل اللقب والكنية ولا يقابل الفعل والحرف بل بمعنى الذكر المرتفع لانه من السمو يقال طار اسمه في الناس بالكرم او باللؤم اى ذكره والفسوق هو المخصوص بالذم وفي الكلام مضاف مقدر وهو اسم الفسوق اى ذكره والمعنى بئس الذكر المرتفع للمؤمنين ان يذكروا بالفسوق بعد دخولهم الايمان واشتهارهم به وفي التأويلات النجمية بئس الاسم اسم يخرجهم من الايمان والمراد به اما تهجين نسبة الكفر والفسوق الى المؤمنين خصوصا إذ روي ان الآية نزلت في صفية بنت حيى رضى الله عنها أتت رسول الله باكية فقالت ان النساء يقلن لى وفي عين المعاني قالت لى عائشة رضى الله عنها يا يهودية بنت يهوديين فقال عليه السلام هلا قلت ان أبى هرون وعمى موسى وزوجى محمد عليهم السلام او الدلالة على ان التنابز مطلقا لا بالكفر والفسوق خصوصا فسق الجمع بينه وبين الايمان قبيح فدخل فيه زيد اليهودي وعمرو النصراني وبكر الكافر وخالد الفاسق ونحو ذلك والعجب من العرب يقولون للمؤمنين من اهل الروم نصارى فهم داخلون في الذم ولا ينفعهم الافتخار بالأنساب فان التفاضل بالتقوى كما سيجيئ ونعم ما قيل
وما ينفع الأصل من هاشم ... إذا كانت النفس من باهله
وما قيل
چهـ غم ز منقصت صورت اهل معنى را ... چوجان ز روم بود كوتن از حبش مى باش
وفي الحديث من عير مؤمنا بذنب تاب منه كان حقا على الله أن يبتليه به ويفضحه فيه في الدنيا والآخرة وفي الفقه لو قال رجل لصالح يا فاسق ويا ابن الفاسق ويا فاجر ويا خبيث ويا مخنث ويا مجرم ويا مباحى ويا جيفة ويا بليد ويا ابن الخبيثة ويا ابن الفاجرة ويا سارق ويا لص ويا(9/82)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)
كافر ويا زنديق ويا ابن القحبة ويا ابن قرطبان ويا لوطى ويا ملاعب الصبيان ويا آكل الربا ويا شارب الخمر وهو بريئ منه ويا ديوث ويا بى نماز ويا منافق ويا خائن ويا مأوى الزواني ويا مأوى اللصوص ويا حرام زاده يعزر في هذا كله في الفتاوى الزينية سئل عن رجل قال لآخر يا فاسق وأراد أن يثبت فسقه بالبينة ليدفع التعزير عن نفسه هل تسمع بينته بذلك انتهى وهو ينافى ظاهر ما قالوا من ان المقول له لو لم يكن رجلا صالحا وكان فيه ما قيل فيه من الأوصاف لا يلزم التعزير وَمَنْ لَمْ يَتُبْ عما نهى عنه فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ بوضع العصيان موضع الطاعة وتعريض النفس للعذاب والظالم أعم من الفاسق والفاسق أعم من الكافر وفي التأويلات النجمية ومن لم يتب يعنى من مقالة إبليس وفعاله بأن ينظر الى نفسه بالعجب والى غيره بالحقارة فأولئك هم الظالمون فيكونون منخرطين في سلك اللعنة والطرد مع إبليس كما قال تعالى الا لعنة الله على الظالمين انتهى وفيه دلالة بينة على ان الرجل بترك التوبة يدخل مدخل الظلمة فلا بد من توبة نصوح من جميع القبائح والمعاصي لا سيما ما ذكر في هذا المقام (قال الصائب)
سرمايه نجات بود توبه درست ... با كشتى شكسته بدريا چهـ ميروى
ومن أصر أخذ سريعا لان اقرب الأشياء صرعة الظلوم وانفذ السهام دعوة المظلوم وتختلف التوبة على حسب اختلاف الذنب فبعض الذنوب يحتاج الى الاستغفار وهو ما دون الكفر وبعضها يحتاج معه الى تجديد الإسلام والنكاح ان كانت له امرأة وكان بعض الزهاد يجدد عند كل ذنب ايمانا بالله وتبرئا من الكفر احتياطا كما في زهرة الرياض يقول الفقير يشير اليه القول المروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اللهم انى أعوذ بك من أن أشرك بك شيئا وانا اعلم واستغفرك لما لا أعلم ولا شك ان الأنبياء معصومون من الكفر قبل الوحى وبعده بإجماع العلماء ومن سائر الكبائر عمدا بعد الوحى فاستغفارهم لا يكون الا عما لا يليق بشانهم من ترك الاولى ونحوه على ما فصل في أول سورة الفتح فدل قوله واستغفرك لما لا أعلم على انه قد يصدر من الإنسان الذنب وهو لا يشعر وذلك بالنسبة الى الامة قد يكون كفرا وقد يكون غيره فكما لا بد من الاستغفار بالنسبة الى عامة الذنوب فكذا لا بد من تجديد الإسلام بالنسبة الى الكفر وان كان ذلك احتياطا إذ باب الاحتياط مفتوح في كل شأن الا نادرا وقد صح ان إتيان كلمة الشهادة على وجه العادة لا يرفع الكفر فلابد من الرجوع قصدا عن قول وفعل ليس فيهما رضى الله وهو باستحضار الذنب ان علم صدوره منه او بالاستغفار مطلقا ان صدر عنه ولو كان ذلك كفرا على انا نقول ان إمكان صدور الكفر عام للعوام والخواص ما داموا لم يصلوا الى غاية الغايات وهى مرتبة الذات الاحدية واليه يشير قول سهل التستري قدس سره ولوصلوا ما رجعوا الا ترى ان إبليس كفر بالله مع تمكن يده في الطاعات خصوصا في العرفان فانه أفحم كثيرا من اهل المعرفة لكنه كان من شأنه الكفر والرجوع الى المعصية لانه لم يدخل عالم الذات ولو دخل لم يتصور ذلك منه إذ لا كفر بعد الايمان العيانى ولهذا قال عليه السلام اللهم انى اسألك ايمانا يباشر قلبى ويقينا ليس بعده كفر فاعرف يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ(9/83)
اى كونوا على جانب منه وابعدوا عنه فان الاجتناب بالفارسية با يك سو شدن والظن اسم لما يحصل من امارة ومتى قويت أدت الى العلم ومتى ضعفت جدا لم تتجاوز حد التوهم وإبهام الكثير لا يجاب الاحتياط والتأمل في كل ظن ظن حتى يعلم انه من اى قبيل وتوضيح المقام ان كثيرا لما بين بقوله من الظن كان عبارة عن الظن فكان المأمور باجتنابه بعض الظن الا انه علق الاجتناب بقوله كثيرا لبيان انه كثير في نفسه ولا بد لنا من الفرق بين تعريف الظن الكثير وتنكيره فلو عرف وقيل اجتنبوا الظن الكثير يكون التعريف للاشارة الى ما يعرفه المخاطب بأنه ظن كثير غير قليل ولو نكر يكون تنكيره للافراد والبعضية ويكون المأمور باجتنابه
بعض افراد الظن الموصوف بالكثرة من غير تعيينه اى بعض هو وفي التكليف على هذا الوجه فائدة جليلة وهى ان يحتاط المكلف ولا يجترئ على ظن ما حتى يتبين عنده انه مما يصح اتباعه ولا يجب الاجتناب عنه ولو عرف لكان المعنى اجتنبوا حقيقة الظن الموصوف بالكثرة او جميع افراده لا ما قل منه وتحريم الظن المعرف تعريف الجنس والاستغراق لا يؤدى الى احتياط المكلف لكون المحرم معينا فيجتنب عنه ولا يجتنب عن غيره وهو الظن القليل سوآء كان ظن سوء وظن صدق ومن المعلوم ان هذا المعنى غير مراد بخلاف ما لو نكر الظن الموصوف بالكثرة فان المحرم حينئذ اتباع الفرد المبهم من افراد تلك الحقيقة وتحريمه يؤدى الى احتياط المكلف الى ان يتبين عنده ان ما يخطر بباله من الظن من اى نوع من انواع الظن فان من الظن ما يجب اتباعه كحسن الظن بالله تعالى وفي الحديث ان حسن الظن من الايمان والظن فيما لا قاطع فيه من العمليات كالوتر فانه لما ثبت بخبر الواحد لم يكن مقطوعا به فقلنا بالوجوب فلا يكفر جاحده بل يكون ضالا ومبتدعا لرده خبر الواحد ويقتص لكونه فرضا عمليا وفي الأشباه ويكفر بانكار اصل الوتر والأضحية انتهى ومن الظن ما يحرم كالظن في الإلهيات اى بوجود الإله وذاته وصفاته وما يليق به من الكمال وفي النبوات فمن قال آمنت بجميع الأنبياء ولا اعلمء آدم نبى أم لا يكفر وكذا من آمن بأن نبينا عليه السلام رسول ولم يؤمن بأنه خاتم الرسل لا نسخ لدينه إلى يوم القيامة لا يكون مؤمنا وكالظن حيث يخالفه قاطع مثل الظن بنبوة الحسنين او غيرهما من خلفاء هذه الامة وأوليائها مع وجود قوله تعالى وخاتم النبيين وقوله عليه السلام لا نبى بعدي اى لا مشرعا ولا متابعا فان مثل هذا الظن حرام ولو قطع كان كفرا وكظن السوء بالمؤمنين خصوصا بالرسول عليه السلام وبورثته الكمل وهم العلماء بالله تعالى قال تعالى وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا وقال عليه السلام ان الله حرم من المسلم عرضه ودمه وان يظن به ظن السوء والمراد بعرضه جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ويتحامى ان ينتقص (قال الصائب)
بد كمانى لازم بد باطنان افتاده است ... كوشه از خلق جا كردم كمين پنداشتند
ومن الظن ما يباح كالظن في الأمور المعاشية يعنى ظن در امور دنيا ومهمات معاش ودرين صورت بد كمانى موجب سلامت وانتظام مهام است واز قبيل حزم شمرده اند كما قيل
بد نفس مباش وبد كمان باش ... وز فتنه ومكر در أمان باش(9/84)
وفي كشف الاسرار المباح كالظن في الصلاة والصوم والقبلة امر صاحبه بالتحرى فيها والبناء على غلبة الظن وفي تفسير الكاشفى تحردرى امر قبله وبنا نهادن بر غلبه ظن در امور اجتهاديه مندوبست ومعنى التحري لغة الطلب وشرعا طلب شيء من العبادات بغالب الرأى عند تعذر الوقوف على حقيقته إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ يستحق العقاب عليه وذلك البعض كثير وهو تعليل للامر بالاجتناب بطريق الاستئناف التحقيقى والإثم الذنب يستحق العقوبة عليه وهمزته منقلبة من الواو كأنه يثم الأعمال اى يكثرها فان قلت أليس هذا ميلا الى مذهب الاعتزال قلت بلى لولا التشبيه اى في كأنه قاله سعدى المفتى وقال ايضا تبع المصنف في ذلك الزمخشري واعترض عليه بأن تصريف هذه الكلمة لا تنفك عنه الهمزة بخلاف الواوي وانها من باب علم والواوي من باب ضرب قلت والزمخشري نفسه ذكرها في الأساس في باب الهمزة انتهى ودلت الآية على ان اكثر الظنون من قبيل الإثم لان الشيطان يلقى الظنون في النفس فتظن النفس الظن الفاسد وعلى ان بعض الظن ليس بأثم بل هو حقيقته وهو ما لم يكن من قبيل النفس بل كان بالفراسة الصحيحة بان يرى القلب بنور اليقين ما جرى في الغيب وفي الحديث ان في كل امة محدثين او مروعين على الشك من الراوي فان يكن في هذه الامة فان عمر منهم والمحدث المصيب في رأيه كأنما حدث بالأمر والمروع الذي يلقى الأمر في روعه اى قلبه وفي فتح الرحمن ولا يقدم على الظن إلا بعد النظر في حال الشخص فان كان موسوما بالصلاح فلا
يظن به السوء بأدنى توهم بل يحتاط في ذلك ولا تظنن السوء الا بعد أن لا تجد الى الخير سبيلا (قال الصائب)
سيلاب صاف شد زهم آغوشي محيط ... با سينه كشاده كدورت چهـ ميكند
واما الفساق فلنا ان نظن بهم مثل الذي ظهر منهم وفي منهاج العابدين للامام الغزالي قدس سره إذا كان ظاهر الإنسان الصلاح والستر فلا حرج عليك في قبول صلاته وصدقته ولا يلزمك البحث بأن تقول قد فسد الزمان فان هذا سوء ظن بذلك الرجل المسلم بل حسن الظن بالمؤمنين مأمور به انتهى وفي الحديث من أتاه رزق من غير مسألة فرده فانما يرده على الله قال الحسن لا يرد جوائز الأمراء إلا مرائي او أحمق وكان بعض السلف يستقرض لجميع حوائجه ويأخذ الجوائز ويقضى بها دينه والحيلة فيه أن يشترى بمال مطلق ثم ينقد ثمنه من اى مال شاء وعن الامام الأعظم ان المبتلى بطعام السلطان والظلمة يتحرى ان وقع في قلبه حله قبل وأكل والا لا لقوله عليه السلام استفت قلبك قال الشيخ ابو العباس قدس سره من كان من فقراء هذا الزمان أكالا لا موال الظلمة مؤثرا للسماع ففيه نزغة يهودية قال تعالى سماعون للكذب اكالون للسحت قال سفيان الثوري رضى الله عنه الظن ظنان أحدهما اثم وهو أن تظن وتتكلم به والآخر ليس بأثم وهو ان تظن ولا تتكلم به والمراد بأن بعض الظن اثم ما اعلنته وتكلمت به من الظن وعن الحسن كنا في زمان الظن بالناس حرام فيه وأنت اليوم في زمان اعمل واسكت وظن بالناس ما شئت اى لانهم اهل لذلك والمظنون موجود فيهم وعنه ايضا ان صحبة الأشرار تورث حسن الظن بالأخيار وطلب المتوكل جارية(9/85)
الدقاق بالمدينة وكان من اقران الجنيد ومن أكابر مصر فكاد يزول عقله لفرط حبها فقالت لمولاها احسن الظن بالله وبي فانى كفيلة لك بما تحب فحملت اليه فقال لها المتوكل اقرئى فقرأت ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ففهم المتوكل ما أرادت فردها (وروى) عن انس رضى الله عنه ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كلم احدى نسائه فمر به رجل فدعاه رسول الله فقال يا فلان هذه زوجتى صفية وكانت قد زارته في العشر الاول من رمضان فقال يا رسول الله ان كنت أظن بغيرك فانى لم أكن أظن بك فقال عليه السلام ان الشيطان ليجرى من ابن آدم مجرى الدم كما في الاحياء وفيه اشارة الى لحذر من مواضع التهم صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن ولألسنتهم من الغيبة والى الاتقاء عن تزكية النفس فان النفس والشيطان لهما شأن عجيب في باب المكر والإغواء وإلقاء الفتنة والفساد نسأل الله المنان أن يجعلنا في أمان وَلا تَجَسَّسُوا أصله لا تتجسسوا حذف منه احدى التاءين اى ولا تبحثوا عن عورات المسلمين وعيوبهم تفعل من الجس لما فيه من معنى الطلب فان جس الخبر طلبه والتفحص عنه فاذا نقل الى باب التفعل يحدث معنى التكلف منضما الى ما فيه من معنى الطلب يقال جسست الاخبار اى تفحصت عنها وإذا قيل تجسستها يراد معنى التكليف كالتلمس فانه تفعل من اللمس وهو المس باليد لتعرف حال الشيء فاذا قيل تلمس يحدث معنى التكلف والطلب مرة بعد اخرى وقد جاء بمعنى الطلب في قوله وانا لمسنا السماء وقرئ بالحاء من الحس الذي هو أثر الجس وغايته ولتقاربهما يقال للمشاعر الحواس بالحاء والجيم وفي المفردات اصل الجس مس العرق وتعرف نبضه للحكم به على الصحة والسقم ومن لفظ الجس اشتق الجاسوس وهو أخص من الحس لانه تعرف ما يدرك الحس والجس تعرف حال ما من ذلك وفي الاحياء التجسس بالجيم في تطلع الاخبار وبالحاء المهملة في المراقبة بالعين وفي انسان العيون التحسس للاخبار بالحاء المهملة ان يفحص الشخص عن الاخبار بنفسه وبالجيم أن يفحص عنها بغيره وجاء تحسسوا ولا تجسسوا انتهى وفي تاج المصادر التجسس والتحسس خبر جستن وفي القاموس الجس تفحص الاخبار كالتجسس ومنه الجاسوس والجسيس لصاحب سر الشر ولا تجسسوا اى خذوا ما ظاهر ودعوا ما ستر الله تعالى اولا تفحصوا عن بواطن الأمور اولا تبحثوا عن العورات والحاسوس الجاسوس او هو في الخير
وبالجيم في الشر انتهى وفي الحديث لا تتبعوا عورات المسلمين فان من تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته (قال الصائب)
خيانتهاى پنهان ميكشد آخر برسوايى ... كه دزد خانكى را شحنه در بازار ميكيرد
وعن جبرائيل قال يا محمد لو كانت عبادتنا على وجه الأرض لعملنا ثلاث خصال سقى الماء للمسلمين واعانة اصحاب العيال وستر الذنوب على المسلمين وعن زيد بن وهب قلنا لابن مسعود رضى الله عنه هل لك في الوليد بن عقبة بن ابى معيط يعنى چهـ ميكويى در حق او تقطر لحيته خمرا فقال ابن مسعود رضى الله عنه انا قد نهينا عن التجسس فان يظهر لنا شيء نأخذه به وفي الحديث اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا والعورات بالتسكين جمع عورة(9/86)
وهى عورة الإنسان وما يستحيى منه من العثرات والعيوب وفي الحديث اللهم لا تؤمنا مكرك ولا تنسنا ذكرك ولا تهتك عنا سترك ولا تجعنا من الغافلين وعنه عليه السلام من قال عند منامه هذا الدعاء بعث الله اليه ملكا في أحب الساعات اليه فيوقظه كما في المقاصد الحسنة قال فى نصاب الاحتساب ويجوز للمحتسب أن يتفحص عن احوال السوقية من غير أن يخبره أحد بخيانتهم فان قيل ينبغى ان لا يجوز لانه تجسس منهى فنقول التجسس طلب الخير للشر والأذى وطلب الخبر للامر بالمعروف والنهى عن المنكر ليس كذلك فلا يدخل تحت النهى يقول الفقير وهو مخالف لما سبق عن ابن مسعود رضى الله عنه فان قلت ذلك لكونه غير آمر ومأمور قلت دل قوله نأخذوه به على ولايته من اى وجه كان إذ لا يأخذه الا الوالي او وكيله ويجوز أن يقال لو طلب ابن مسعود خبر الوليد بنفسه للنهى عن المنكر لكان له وجه فلما جاء خبره في صورة السعاية والهتك اعرض عنه او رأى الستر في حق الوليد اولى فلم يستمع الى القائل وكان عمر رضى الله عنه يعس ذات ليلة فنظر الى مصباح من خلل باب فاطلع فاذا قوم على شراب لهم فلم يدر كيف بصنع فدخل المسجد فأخرج عبد الرحمن ابن عوف رضى الله عنه فجاء به الى الباب فنظر وقال له كيف ترى أن نعمل فقال ارى والله انا قد أتينا ما نهانا الله عنه لانا تجسسنا واطلعنا على عورة قوم ستروا دوننا وما كان لنا أن نكشف ستر الله فقال ما أراك الا قد صدقت فانصرفا فالمحتسب لا يتجسس ولا يتسور ولا يدخل بيتا بلا اذن فان قيل ذكر في باب من يظهر البدع في البيوت انه يجوز للمحتسب الدخول بلا اذن فنقول ذلك فيما ظهر واما إذا خفى فلا يدخل فان ما ستره الله لا بد وأن يستره العبد هذا في عيوب الغير واما عيوب النفس فالفحص عنها لازم للاصلاح والتزكية وقد عدوا انكشاف عيوب النفس اولى من الكرامات وخوارق العادات فانه مادام لم تحصل التزكية للنفس لا تفيد الكرامة شيئا بل ربما يوقعها في الكبر والعجب والتطاول فنعوذ بالله تعالى من شرورها وفجورها وغرورها وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً الاغتياب غيبت كردن والغيبة بالكسر اسم من الاغتياب وفتح الغين غلط إذ هو بفتحها مصدر بمعنى الغيبوبة والمعنى ولا يذكر بعضكم بعضا بالسوء في غيبته وخلفه وسئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنها فقال أن تذكر أخاك بما يكره فان كان فيه فقد اغتبته وان لم يكن فيه فقد بهته اى قلت عليه ما لم يفعله والحاصل ان الغيبة والاغتياب هو أن يتكلم انسان خلف انسان مستور بما فيه من عيب اى بكلام صادق من غير ضرورة قوية الى ذكره ولو سمعه لغمه وان كان ذلك الكلام كذا يسما بهتانا وهو الذي يتر الديار بلاقع اى خرابا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً انتصاب ميتا على الحالية من اللحم واللحم المنفصل عن الحي يوصف بانه ميت لقوله عليه السلام ما أبين من حى فهو ميت وقيل من الأخ على مذهب من يجوز الحال من المضاف اليه مطلقا وشدده نافع اى قرأ ميتا بالتشديد والكلام تمثيل وتصوير لما يصدر عن المغتاب من حيث صدوره عنه ومن حيث تعلقه بصاحبه على افحش وجه واشنعه طبعا وعقلا وشرعا يعنى شبه الاغتياب من حيث اشتماله على تناول عرض المغتاب بأكل
لحم(9/87)
الإنسان ميتا تشبيها تمثيليا وعبر بالهيئة المشبه بها عن الهيئة المشبهة ولا شك ان الهيئة المشبه بها افحش جنس التناول واقبحه فيكون التمثيل المذكور تصويرا للاغتياب بأقبح الصور وذلك ان الإنسان يتألم قلبه من قرض عرضه كما يتألم جسمه من قطع لحمه بل عرضه اشرف من لحمه ودمه فاذا لم يحسن للعاقل أكل لحوم الناس لم يحسن له قرض عرضهم بالطريق الاولى خصوصا ان أكل الميتة هو المتناهي في كراهة النفوس ونفور الطباع ففيه اشارة الى ان الغيبة عظيمة عند الله وفي قوله ميتا اشارة الى دفع وهم وهو أن يقال الشتم في الوجه يؤلم فيحرم واما الاغتياب فلا اطلاع عليه للمغتاب فلا يؤلمه فكيف يحرم فدفعه بأن أكل لحم الأخ وهو ميت ايضا لا يؤلمه ومع هذا هو في غاية القبح لكونه بمراحل عن رعاية حق الاخوة كذا في حواشى ابن الشيخ يقول الفقير يمكن أن يقال ان الاغتياب وان لم يكن مؤلما للمغتاب من حيث عدم اطلاعه عليه لكنه في حكم الإيلام إذ لو سمعه لغمه على انا نقول ان الميت متألم وان لم يكن فيه روح كما ان السن وهو الضرس متألم إذا كان وجعا وان لم يكن فيه حياة فاعرف فَكَرِهْتُمُوهُ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من التمثيل كأنه قيل وحيث كان الأمر كما ذكر فقد كرهتموه فأصمر كلمة قد لتصحيح دخول الفاء في الجزاء فالمقصود من تحقيق استكراههم وتقذرهم من المشبه به الترغيب والحث على استكراه ما شبه به وهو الغيبة كأنه قيل إذا تحققت كراهتكم له فليتحقق عندكم كراهة نظيره الذي هو الاغتياب وَاتَّقُوا اللَّهَ بترك ما أمرتم باجتنابه والندم على ما صدر عنكم من قبل وهو عطف على ما تقد من الأوامر والنواهي إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ مبالغ في قبول التوبة وافاضة الرحمة حيث يجعل التائب كمن لم يذنب ولا يخص ذلك بتائب دون تائب بل يعم الجميع وان كثرت ذنوبهم فصيغة المبالغة باعتبار المتعلقات (روى) ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا غزا أو سافر ضم الرجل المحتاج الى رجلين موسرين يخد مهما ويتقدم لهما الى المنزل فيهيئ لهما طعامهما وشرابهما فضم سلمان الفارسي الى رجلين في بعض أسفاره فتقدم سلمان الى المنزل فغلبته عيناه فلم يهيئ لهما شيأ فلما قدما قالا له ما صنعت شيأ فقال لا غلبتنى عيناى قالا له انطلق الى رسول الله فاطلب لنا منه طعاما فجاء سلمان الى رسول الله وسأله طعاما فقال عليه السلام انطلق الى اسامة بن زيد وقل له ان كان عنده فضل من طعام فليعطك وكان اسامة خازن رسول الله على رحله وطعامه فأتاه فقال ما عندى شيء فرجع سلمان إليهما فاخبرهما فقالا كان عند اسامة شيء ولكن بخل به فبعثا سلمان الى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيئا فلما رجع قالوا لو بعثناه الى بئر سميحة لغار ماؤها وسميحة كجهينة بالحاء المهملة بئر بالمدينة غزيرة الماء على ما في القاموس ثم انطلقا يتجسسان هل عند اسامة ما أمر لهما به رسول الله من الطعام فلما جاءا الى رسول الله قال لهما ما لى أرى خضرة اللحم في أفواهكما والعرب تسمى الأسود أخضر والأخضر أسود وخضرة اللحم من قبيل الاول كأنه عليه السلام أراد باللحم لحم الميت وقد اسود بطول المكث تصويرا لاغتيابهما بأقبح الصور ويحتمل انه عليه السلام أراد بالخضرة النضارة اى نضارة اللحم او نضارة تناوله وفي الحديث الدنيا حلوة(9/88)
خضرة نضرة اى غضة طرية ناعمة قالا والله يا رسول ما تناولنا يومنا هذا لحما قال عليه السلام ظللتما تأكلان لحم اسامة وسلمان اى انكما قد اغتبتماهما فانزل الله الآية
آنكس كه لواء غيبت افراخته است ... از كوشت مردكان غذا ساخته است
وآنكس كه بعيب خلق پرداخته است ... زانست كه عيب خويش نشناخته است
وفي الحديث الغيبة أشد من الزنى قالوا وكيف قال ان الرجل يزنى ثم يتوب فيتوب الله عليه وان صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه كما في كشف الاسرار وعن ابن عباس رضى الله عنهما الغيبة ادام كلاب الناس وكان ابو الطيب الطاهري يهجو بنى سامان فقال له نضر بن احمد الى متى تأكل خبزك بلحوم الناس فخجل ولم يعد (قال الصائب)
كسى كه پاك نسازد دهن ز غيبت خلق ... همان كليد در دوزخست مسواكش
(قال الشيخ سعدى) فى كتاب الكلستان ياد دارم كه در عهد طفوليت متعبد بودم وشب خيز ومولع زهد و پرهيز تا شبى در خدمت پدر نشسته بودم وهمه شب ديده بهم نبسته ومصحف عزيز در كنار كرفته وطائفه كردما خفته پدر را كفتم كه از إينان يكى سر بر نمى آرد كه دو ركعت نماز بگزارد ودر خواب غفلت چنان رفته اند كه كويى نخفته اند بلكه مرده كفت اى جان پدر اگر تو نيز بخفتى به كه در پوستين خلق افتى
نبيند مدعى جز خويشتن را ... كه دارد پرده پندار در پيش
اگر چشم دلت را بر كشايى ... نه بينى هيچ كس عاجزتر از خويش
وعن انس رضى الله عنه قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما عرج بي مررت بقوم لهم اظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبرائيل فقال هم الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في اعراضهم وفي الحديث خمس يفطرون الصائم الكذب والغيبة والنميمة واليمين الكاذبة والنظر بشهوة رواه انس وأول من اغتاب إبليس اغتاب آدم وكان ابن سيرين رحمه الله قد جعل على نفسه إذا اغتاب أن يتصدق بنار ومما يجب التنبيه له ان مستمع الغيبة كقائلها فوجب على من سمعها أن يردها كيف وقد قال النبي عليه السلام من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجه النار يوم القيامة وقال عليه السلام المغتاب والمستمع شريكان فى الإثم وعن ميمون انه أتى بجيفة زنجى في النوم فقيل له كل منها فقال لم قيل لانك اغتبت عبد فلان فقال ما قلت فيه شيئا قيل لكنك استمعت ورضيت فكان ميمون لا يغتاب أحدا ولا يدع أحدا أن يغتاب عنده أحدا وعن بعض المتكلمين ذكره بما يستخف به انما يكون غيبة إذا قصد الإضرار والشماتة به اما إذا ذكره تأسفا لا يكون غيبة وقال بعضهم رجل ذكر مساوى أخيه المسلم على وجه الاهتمام ومثله في الواقعات وعلل بأنه انما يكون غيبة أن لو أراد به السب والنقص قال السمرقندي في تفسيره قلت فيما قالوه خطر عظيم لانه مظنة أن يجر الى ما هو محض غيبة فلا يؤمن فتركها رأسا أقرب الى التقوى وأحوط انتهى وفي هدية المهديين رجل لو اغتاب فريقا لا يأثم حتى يغتاب قوما معروفين ورجل يصلى ويؤذى الناس باليد او اللسان لا غيبة له ان ذكر بما فيه وان أعلم به السلطان حتى يزجره لا يأثم انتهى وفي(9/89)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)
المقاصد الحسنة ثلاثة ليست لهم غيبة الامام الجائر والفاسق المعلن بفسقه والمبتدع الذي يدعو الناس الى بدعته انتهى وعن الحسن لا حرمة لفاجر (وروى) من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له واذكر الفاجر بما فيه ليحذره الناس كما في الكواشي وإذا جاز نقص عرض الفاسق بغيبته فأولى أن يجوز نقص عرض الكافر كما في شرح المشارق لابن الملك وسلك بعضهم طريق الاحتياط فطرح عن لسانه ذكر الخلق بالمساوي مطلقا كما حكى انه قيل لابن سيرين مالك لا تقول في الحجاج شيئا فقال أقول فيه حتى ينجيه الله بتوحيده ويعذبنى باغتيابه ومن هنا أمسك بعضهم عن لعن يزيد وكان فضيل يقول ما لعنت إبليس قط اى وان كان ملعونا في نفس الأمر كما نطق به القرءان فكيف يلعن من اشتبه حاله وحال خاتمته وعاقبته يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى اى من آدم وحواء عليهما السلام او خلقنا كل واحد منكم من اب وأم فالكل سوآء في الانتساب الى ذكر وأنثى أيا كانا فلا وجه للتفاخر بالنسب
الناس من جهة التمثال أكفاه ... ابو همو آدم والام حواء
فان يكن لهمو من أصلهم نسب ... يفاخرون به فالطين والماء
از نسب آدميانى كه تفاخر ورزند ... از ره دانش وانصاف چهـ دور افتادند
نرسد فخر كسى را بنسب برد كرى ... چونكه در اصل ز يك آدم وحوا زادند
نزلت حين أمر النبي عليه السلام بلالا رضى الله عنه ليؤذن بعد فتح مكة فعلا ظهر الكعبة فأذن فقال عتاب بن أسيد وكان من الطلقاء الحمد لله الذي قبض ابى حتى لم ير هذا اليوم وقال الحارث بن هشام اما وجد رسول الله سوى هذا الغراب يعنى بلا لا وخرج ابو بكر بن ابى داود في تفسير القرآن ان الآية نزلت في ابى هند حين أمر رسول الله بنى بياضة أن يزوجوه امرأة منهم فقالوا يا رسول الله تتزوج بناتنا مواليها فنزلت وفيه اشارة الى ان الكفاءة في الحقيقة انما هى بالديانة اى الصلاح والحسب والتقوى والعدالة ولو كان مبتدعا والمرأة سنية لم يكن كفؤا لها كما في النتف وسئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا يجوز كما في مجمع الفتاوى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ وشما را شاخ شاخ كرديم وخاندان خاندان والشعب بفتح الشين الجمع العظيم المنتسبون الى اصل واحد وهو يجمع القبائل والقبيلة تجمع العمائر والعمارة بكسر العين تجمع البطون والبطون تجمع الأفخاذ والفخذ تجمع الفضائل والفضيلة تجمع العشائر وليس بعد العشيرة حى يوصف به كما في كشف الاسرار فخزيمة شعب وكنانة وقبيلة وقريش عمارة وقصى بطن وهاشم فخذوا العباس فضيلة وسميت الشعوب لان القبائل تتشعب منها كتشعب أغصان الشجرة وسميت القبائل لانها يقبل بعضها على بعض من حيث كونها من اب واحد وقيل الشعوب بطون العجم والقبائل بطون العرب والأسباط من بنى إسرائيل والشعوب من قحطان والقبائل من عدنان لِتَعارَفُوا أصله لتتعارفوا حذفت احدى التاءين اى ليعرف بعضكم بعضا بحسب الأنساب فلا يعتزى أحد الى غير آبائه لا لتتفاخروا بالآباء والقبائل وتدعوا التفاوت(9/90)
والتفاضل في الأنساب (وقال الكاشفى) يعنى دو كس كه بنام متحد باشند بقبيله متميز ميشوند چنانچهـ زيد تميمى از زيد قرشى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ تعليل للنهى عن التفاخر بالأنساب المستفاد من الكلام بطريق الاستئناف التحقيقى كأن قيل ان الأكرم عنده تعالى هو الأتقى وان كان عبدا حبشيا اسود مثل بلال فان فاخرتم ففاخروا بالتقوى وبفضل الله ورحمته بل بالله تعالى ألا ترى الى قوله عليه السلام انا سيد ولد آدم ولا فخر اى ليس الفخر لى بالسيادة والرسالة بل العبودية فانها شرف اى شرف وكفى شرفا تقديم العبد على الرسول في قوله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (وروى) ان رسول الله عليه السلام مر فى سوق المدينة فرآى غلاما اسود يقول من اشترانى فعلى شرط ان لا يمنعنى عن الصلوات الخمس خلف رسول الله فاشتراه رجل فكان رسول الله يراه عند كل صلاة قفقده فسأل عنه صاحبه فقال محموم فعاده ثم سأل عنه بعد ايام فقيل هو كابه اى متهيئ للموت الذي هو لاحق به فجاءه وهو في بقية حركته وروحه فتولى غسله ودفنه فدخل على المهاجرين والأنصار امر عظيم فنزلت الآية إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بكم وبأعمالكم خَبِيرٌ ببواطن أحوالكم قال ابن الشيخ في حواشيه والنسب وان كان معتبرا عرفا وشرعا حتى لا تتزوج الشريفة بالنبطي قال في القاموس النبط محركة جيل ينزلون بالبطائح بين العراقين وهو نبطى محركة انتهى الا انه لا عبرة به عند ظهور ما هو أعظم قدرا منه وأعز وهو الايمان والتقوا كما لا تظهر الكواكب عند طلوع الشمس فالفاسق وان كان قرشى النسب وقارون النشب لا قدر له عند المؤمن التقى وان كان عبدا حبشيا والأمور التي يفتخر بها في الدنيا وان كانت كثيرة لكن النسب أعلاها من حيث انه ثابت مستمر غير مقدور التحصيل لمن ليس له ذلك بخلاف غيره كالمال مثلا فانه قد يحصل للفقير مال فيبطل افتخار المفتخر به عليه وكذا الأولاد والبساتين ونحوها فلذلك خص الله النسب بالذكر وأبطل اعتباره بالنسبة الى التقوى ليعلم منه بطلان اعتبار غيره بطريق الاولى انتهى وفي الحديث ان ربكم واحد وأبوكم واحد لافضل لعربى على عجمى ولا لعجمى على عربى ولا لأحمر على اسود ولا لأسود على احمر الا بالتقوى وعلى هذا اجماع العلماء كما في بحر العلوم هر كرا تقوى بيشتر قدم او در مرتبه فضل پيشتر الشرف بالفضل والأدب
لا بالأصل والنسب
با ادب باش تا بزرك شوى ... كه بزرگى نتيجه ادبست
قال بعض الكبار المفاضلة بين الخلق عند الله لنسبهم لا لنسبتهم فهم من حيث النسبة واحد ومن حيث النسب متفاضلون ان أكرمكم عند الله أتقاكم ولا يصح التفاضل بالأعمال فقد يسبق التابع المتبوع ولو كان الشرف للاشياء من حيث شأنها او مواطنها لكان الشرف لأبليس على آدم في قوله خلقتنى من نار وخلقته من طين ولكن لما كان الشرف اختصاصا الهيا لا يعرف الا من جانب الحق تعالى جهل إبليس في مقالته تلك وصح الشرف لآدم عليه السلام عليه والخيرية وسئل عيسى عليه السلام اى الناس اشرف فقبض قبضتين من تراب ثم قال اى هذين اشرف ثم جمعهما وطرحهما وقال الناس كلهم من تراب وأكرمهم عند الله أتقاهم قال سلمان الفارسي رضى الله عنه(9/91)
قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)
ابى الإسلام لا اب لى سواه ... إذا افتخروا بقيس او تميم
وفي الحديث ان الله لا ينظر الى صوركم وأعمالكم ولكن ينظر الى قلوبكم ونياتكم
ره راست بايد نه بالاى راست ... كه كافر هم از روى صورت چوماست
وقال عليه السلام يا أيها الناس انما الناس رجل مؤمن تقى كريم على الله وفاجر شقى هين على الله وعن ابن عباس رضى الله عنهما كرم الدنيا الغنى وكرم الآخرة التقوى (وروى) عن ابى هريرة رضى الله عنه ان الناس يحشرون يوم القيامة ثم يوقفون ثم يقول الله لهم طالما كنتم تكلمون وانا ساكت فاسكتوا اليوم حتى أتكلم انى رفعت نسبى وأبيتم الا انسابكم قلت ان أكرمكم عندى أتقاكم وأبيتم أنتم فقلتم لابل فلان ابن فلان وفلان ابن فلان فرفعتم انسابكم ووضعتم نسبى فاليوم أرفع نسبى واضع انسابكم سيعا هل الجمع اليوم من اصحاب الكرم اين المتقون كما في كشف الاسرار قال الشافعي اربعة لا يعبأ الله بهم يوم القيامة زهد خصى ونقوى جندى وامانة امرأة وعبادة صبى وهو محمول على الغالب كما فى المقاصد الحسنة قال في التأويلات النجمية يشير بقوله تعالى يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى الى خلق القلوب انها خلقت من ذكر وهو الروح وأنثى وهى النفس وجعلناكم شعوبا وقبائل اى جعلناها صنفين صنف منها شعوب وهى التي تميل الى أمها وهى النفس والغالب عليها صفات النفس وصنف منها قبائل وهى التي تميل الى أبيها وهو الروح والغالب عليها صفات الروح لتعارفوا اى لتتعارفوا اصحاب القلوب وارباب النفوس لا لتتكاثروا وتتنافسوا وتباهوا بالعقول والأخلاق الروحانية الطبيعية فانها ظلمانية لا يصلح شيء منها للتفاخر به ما لم يقرن به الايمان والتقوى فان تنورت الافعال والأخلاق والأحوال بنور الايمان والتقوى فلم تكن الافعال مشوبة بالرياء ولا الأخلاق مصحوبة بالأهواء ولا الأحوال منسوبة الى الاعجاب فعند ذلك تصلح للتفاخر والمباهاة بها كما قال تعالى ان أكرمكم عند الله أتقاكم وقال عليه السلام الكرم التقوى فأتقاهم من يكون ابعدهم من الأخلاق الانسانية وأقربهم الى الأخلاق الربانية والتقوى هو التحرز والمتقى من يتحرز عن نفسه بربه وهو أكرم على الله من غيره انتهى قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا الاعراب اهل البادية وقد سبق تفصيله في سورة الفتح والحاق التاء بالفعل المسند إليهم مع خلوه عنها في قوله وقال نسوة في المدينة للدلالة على نقصان عقلهم بخلافهن حيث لمن امرأة العزيز في مراودتها فتاها وذلك يليق بالعقلاء نزلت في نفر من بنى اسد قدموا المدينة في سنة جدب فأظهروا الشهادتين فكانوا يقولون لرسول الله عليه السلام اتتك العرب بأنفسها على ظهور رواحلها واتيناك بالأثقال والعيال والذراري ولم نقاتلك كما قاتلك بنوا فلان يرون الصدق ويمنون عليه عليه السلام ما فعلوا قُلْ ردا لهم لَمْ تُؤْمِنُوا إذا لايمان هو التصديق بالله وبرسوله المقارن للثقة بحقيقة المصدق وطمأنينة القلب ولم يحصل لكم ذلك والا لما مننتم على ما ذكرتم من الإسلام وترك المقاتلة كما ينبئ عنه آخر السورة يعنى ان التصديق الموصوف مسبوق بالعلم بقبح الكفر وشناعة المقاتلة وذلك يأبى المن وترك المقاتلة فان العاقل لا يمن(9/92)
بترك ما يعلم قبحه وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا اسلم بمعنى دخل في السلم كأصبح وامسى وأشتى اى قولوا دخلنا في السلم والصلح والانقياد مخافة أنفسنا فان الإسلام انقياد ودخول فى السلم واظهار الشهادة وترك المحاربة مشعر به اى بالانقياد والدخول المذكور وإيثار ما عليه النظم الكريم على أن يقال لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا اولم تؤمنوا ولكن أسلمتم ليتقابل جملتا الاستدراك للاحتراز عن النهى عن التلفظ بالايمان فأن ظاهره مستقبح سيما ممن بعث للدعوة الى القول به وللتفادى عن إخراج قولهم مخرج التسليم والاعتداد به مع كونه تقولا محضا قال سعدى المفتى والظاهر ان النظم من الاحتباك حذف من الاول ما يقابل الثاني ومن الثاني ما يقابل الاول والأصل قل لم تؤمنوا فلا تقولوا آمنا ولكن أسلمتم فقولوا أسلمنا وهذا من اختصارات القرآن وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ حال من ضمير قولوا اى ولكن قولوا أسلمنا حل عدم موطأة قلوبكم لألسنتكم وما في لما من معنى التوقع مشعر بأن هؤلاء
قد آمنوا فيما بعد وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ بالإخلاص وترك النفاق لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً اى لا ينقصكم شيأ من أجورها من لات يليت ليتا إذا نقص قال الامام معنى قوله لا يلتكم انكم ان أتيتم بما يليق بضعفكم من الحسنة المقرونة بالإخلاص وترك النفاق فهو تعالى يأتكم بما يليق بفضله من الجزاء لا ينقص منه نظرا الى ما في حسناتكم من النقصان والتقصير وهذا لان من حمل الى ملك فاكهة طيبة يكون ثمنها في السوق درهما مثلا وأعطاه الملك درهما او دينارا انتسب الملك الى قلة العطاء بل الى البخل فليس معنى الآية أن يعطى من الجزاء مثل عملكم من غير نقص بل المعنى يعطى ما تتوقعون بأعمالكم من غير نقص ويؤيد ما قاله قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لما فرط من المطيعين رَحِيمٌ بالتفضل عليهم قال في بحر العلوم في الآية إيذان بأن حقيقة الايمان التصديق بالقلب وان الإقرار باللسان واظهار شرائعه بالايذان ليس بأيمان وفي التأويلات النجمية يشير الى ان حقيقة الايمان ليست مما يتناول باللسان بل هو نور يدخل القلوب إذا شرح الله صدر العبد للاسلام كما قال تعالى فهو على نور من ربه وقال عليه السلام في صفة ذلك النور إذا وقع فى القلب انفسح له واتسع قيل يا رسول الله هل لذلك النور علامة يعرف بها قال بلى التجافي عن دار الغرور والا نابة الى دار الخلود واستعداد الموت قبل نزوله ولهذا قال تعالى ولما يدخل الايمان في قلوبكم فهذا دليل على ان محل الايمان القلب انتهى وفي علم الكلام ذهب جمهور المحققين الى ان الايمان التصديق القلب وانما الإقرار شرط لا جزؤه لاجراء الاحكام فى الدنيا كالصلاة عليه في وقت موته لما ان تصديق القلب امر باطن لا يطلع عليه أحد لا بد له من علامة فمن صدق بقلبه ولم يقر بلسانه فهو مؤمن عند الله لوجود التصديق القلبي وان لم يكن مؤمنا في احكام الدنيا لانتفاء شرطه واما من جعل الإقرار ركنا من الايمان فعنده لا يكون تارك الإقرار مؤمنا عند الله ولا يستحق النجاة من خلود النار ومن أقر بلسانه ولم يصدق بقلبه كالمنافق هو مؤمن في احكام الدنيا وان لم يكن مؤمنا عند الله وهذا المذكور من ان الايمان هو التصديق القلبي والإقرار باللسان لاجراء الاحكام هو اختيار الشيخ ابى(9/93)
منصور رحمه الله والنصوص معاضدة لذلك قال الله تعالى أولئك كتب في قلوبهم الايمان وقال الله تعالى وقلبه مطمئن بالايمان وقال الله تعالى ولما يدخل الايمان في قلوبكم وقال عليه السلام اللهم ثبت قلبى على دينك اى على تصديقك وقال عليه السلام لعلى رضى الله عنه حين قتل من قال لا اله الا الله هل شققت قلبه وفي فتح الرحمن حقيقة الايمان لغة التصديق بما غاب وشرعا عند ابى حنيفة رحمه الله تصديق بالقلب وعمل باللسان وعند الثلاثة عقد بالجنان ونطق باللسان وعمل بالأركان فدخل كل الطاعات انتهى قال ابن الملك في شرح المشارق ثم الإقرار باللسان ليس جزأ من الايمان ولا شرطا له عند بعض علمائنا بل هو شرط لاجراء احكام المسلمين على المصدق لان الايمان عمل القلب وهو لا يحتاج الى الإقرار وقال بعضهم انه جزء منه لدلالة ظواهر النصوص عليه الا ان الإقرار لما كان جزأ له شائبة العرضية والتبعية اعتبروا في حالة الاختيار جهة الجزئية حتى لا يكون تاركه مع تمكنه منه مؤمنا عند الله وان فرض انه مصدق وفي حالة الاضطرار جهة العرضية فيسقط وهذا معنى قولهم الإقرار ركن زائد إذ لا معنى لزيادته الا ان يحتملى السقوط عند الإكراه على كلمة الكفر فان قيل ما الحكمة في جعل عمل جارحة جزأ من الايمان ولم عين به عمل اللسان دون اعمال سائر الأركان قلنا لما اتصف الإنسان بالايمان وكان التصديق عملا لباطنه جعل عمل ظاهره داخلا فيه تحقيقا لكمال اتصافه به وتعين له فعل اللسان لانه مجبول للبيان او لكونه أخف وأبين من عمل سائر الجسد نعم يحكم بإسلام كافر لصلاته بجماعة وان لم يشاهد إقراره لان الصلاة المسنونة لا تخلو عنه وقال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام المقدسي النطق بكلمتي الشهادة واجب فمن علم وجوبهما وتمكن من النطق بهما فلم ينطق فيحتمل ان يجعل امتناعه من النطق بهما كامتناعه من الصلاة فيكون مؤمنا غير مخلد في النار
لان الايمان هو التصديق المحض بالقلب واللسان ترجمانه وهذا هو الأظهر إذ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الايمان ولا يعدم الايمان من القلب بالسكوت عن النطق الواجب كما لا يعدم بترك الفعل الواجب انتهى وقال سهل رضى الله عنه ليس في الايمان اسباب انما الأسباب في الإسلام والمسلم محبوب للخلق والمؤمن غنى عن الخلق وقال بعض الكبار المسلم في عموم الشريعة من سلم الناس من لسانه ويده وفي خصوصها من سلم كل شيء من لسانه بما يعبر عنه ويده فيما له فيه نفوذ الاقتدار والمؤمن منور الباطن وان عصى والكافر مظلم الباطن وان أتى بمكارم الأخلاق ومن قال انا مؤمن ان شاء الله فما عرف الله كما ينبغى وقال بعض الكبار كل من آمن عن دليل فلا وثوق بإيمانه لانه نظرى لا ضرورى فهو معرض للشبه القادحة فيه بخلاف الايمان الضروري الذي يجده المؤمن في قلبه ولا يقدر على دفعه وكذا القول في كل علم حصل عن نظر وفكر فانه مدخول لا يسلم من دخول الشبه عليه ولا من الحيرة فيه ولا من القدح في الأمر الموصل اليه ولا بد لكل محجوب من التقليد فمن أراد العلم الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فليكثر من الطاعات والنوافل حتى يحبه الحق فيعرف الله بالله ويعرف جميع احكام الشريعة بالله لا بعقله ومن لم يكثر مما ذكر(9/94)
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)
فليقلد ربه فيما اخبر ولا يؤول فانه اولى من تقليد العقل إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا اى آمنوا ثم لم يقع في نفوسهم شك فيما آمنوا به ولا اتهام لمن صدقوه واعترفوا بأن الحق معه من ارتاب مطاوع را به إذا أوقعه في الشك في الخبر مع التهمة للمخبر فظهر الفرق بين الريب والشك فان الشك تردد بين نقبضين لا تهمة فيه وفيه اشارة الى أن فيهم ما يوجب نفى الايمان عنهم وهو الارتياب وثم للاشعار بأن اشتراط عدم الارتياب فى اعتبار الايمان ليس في حال إنشائه فقط بل وفيما يستقبل فهى كما في قوله تعالى ثم استقاموا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فى طاعته على تكثير فنونها من العبادات البدنية المحضة والمالية الصرفة والمشتملة عليهما معا كالحج والجهاد أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الأوصاف الجميلة هُمُ الصَّادِقُونَ اى الذين صدقوا في دعوى الايمان لا غيرهم فهو قصر افراد وتكذيب لأعراب بنى اسد حيث اعتقدوا الشركة وزعموا أنهم صادقون ايضا في دعوى الايمان واعلم ان الآية الكريمة شاملة لمجامع القوى التي وجب على كل أحد تهذيبها وإصلاحها تطهيرا لنفسه الحاصل به الفوز بالفلاح والسعادة كلها كما قال تعالى قد أفلح من زكاها وهى قوة التفكر وقوة الشهوة وقوة الغضب اللاتي إذا أصلحت ثلاثتهما وضبطت حصل العدل الذي قامت به السموات والأرض فانها جميع مكارم الشريعة وتزكية النفس وحسن الخلق المحمود ولاصالة الاولى وجلالتها قدمت على الأخيرتين فدل بالايمان بالله ورسوله مع نفى الارتياب على العلم اليقيني والحكمة الحقيقية التي لا يتصور حصولها الا بإصلاح قوة التفكر ودل بالمجاهدة بالأموال على العفة والجود التابعين بالضرورة لاصلاح قوة الشهوة وبالمجاهدة بالأنفس على الشجاعة والحلم التابعين لاصلاح قوة الحمية الغضبية وقهرها وإسلامها للدين وعليه دل قوله تعالى خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين فان العفو عمن ظلم هو كمال الحلم والشجاعة وإعطاء من حرم كمال العفة والجود ووصل من قطع كمال الفضل والإحسان واعلم ايضا ان جميع كمالات النفس الانسانية محصورة في القوى الثلاث وفضائلها الأربع إذ العقل كماله العلم والعفة كمالها الورع والشجاعة كمالها المجاهدة والعدل كماله الانصاف وهى اصول الدين على التحقيق وفي الآية رد للدعوى وحث على الاتصاف بالصدق قال بعضهم لولا الدعاوى ما خلقت المهاوى فمن ادعى فقد هوى فيها وان كان صادقا ألا تراه يطالب بالبرهان ولو لم يدع ما طولب بدليل (قال الحافظ)
حديث مدعيان وخيال همكاران ... همان حكايت زرد وزو بوريا بافست
وفي الحديث يا أبا بكر عليك بصدق الحديث والوفاء بالعهد وحفظ الامانة فانها وصية الأنبياء (قال الحافظ)
طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب آزادگى چوسرو چمن
وأتى رسول الله التجار فقال يا معشر التجار إن الله باعثكم يوم القيامة فجارا الا من صدق ووصل وأدى الامانة وفي الحديث التجار هم الفجار قيل ولم يا رسول الله وقد أحل الله البيع فقال لانهم يحلفون فيأثمون ويتحدثون فيكذبون (قال الصائب)(9/95)
قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)
كعبه در كام نخستين كند استقبالت ... از سر صدق اگر همنفس دل باشى
فاذا صدق الباطن صدق الظاهر إذ كل اناء يترشح بما فيه وكل أحد يظهر ما فيه بفيه قُلْ روى انه لما نزلت الآية السابقة جاء الاعراب وحلفوا أنهم مؤمنون صادقون فنزل لتكذيبهم قوله تعالى قل يا محمد لهم أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ دخلت الباء لان هذا التعليم بمعنى الاعلام والاخبار أي أتخبرون الله بدينكم الذي أنتم عليه بقولكم آمنا والتعبير عنه بالتعليم لغاية تشنيعهم والاستفهام فيه للتوبيخ والإنكار أي لا تعرفوا الله بدينكم فانه عالم به لا يخفى عليه شيء وفيه اشارة الى ان التوقيف في الأمور الدينية معتبر واجب وحقيقتها موكولة الى الله فالاسامى منه تؤخذ والكلام منه يطلب وأمره يتبع وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ حال من فاعل تعلمون مؤكدة لتشنيعهم وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لا يحتاج الى اخباركم تذييل مقرر لما قبله اى مبالغ في العلم بجميع الأشياء التي من جملتها ما اخفوه من الكفر عند اظهارهم الايمان وفيه مزيد تجهيل وتوبيخ لهم حيث كانوا يحتهدون في ستر أحوالهم واخفائها وفي التأويلات النجمية والله يعلم ما في سموات القلوب من استعدادها في العبودية وما في ارض النفوس من تمردها عن العبودية والله بكل شيء جبلت القلوب والنفوس عليه عليم لانه تعالى أودعه فيها عند تخمير طينة آدم بيده انتهى قال بعض الكبار لا تضف الى نفسك حالا ولا مقاما ولا تخبر أحدا بذلك فان الله تعالى كل يوم هو في شان في تغيير وتبديل يحول بين المرء وقلبه فربما أزالك عما أخبرت به وعزلك عما تخليت ثباته فتحجل عند من أخبرته بذلك بل احفظ ذلك ولا تعلمه الى غيرك فان كان الثبات والبقاء علمت انه موهبة فلتشكر الله ولتسأله التوفيق للشكر وان كان غير ذلك كان فيه زيادة علم ومعرفة ونور وتيقظ وتأديب انتهى فظهر من هذا ان الإنسان يخبر غالبا بما ليس فيه او بما سيزول عنه والعياذ بالله من سوء الحال ودعوى الكمال قال بعضهم إياكم ثم إياكم والدعوات الصادقة والكاذبة فان الكاذبة تسود الوجه والصادقة تطفئ نور الايمان او تضعفه وإياكم والقول بالمشاهدات والنظر الى الصور المستحسنات قان هذا كله نفوس وشهوات ومن أحدث في طريق القوم ما ليس فيها فليس هو منا ولا فينا فاتبعوا ولا تبتدعوا وأطيعوا ولا تمرقوا ووحدوا ولا تشركوا وصدقوا الحق ولا تشكوا واصبروا ولا تجزعوا واثبتوا ولا تتفرقوا واسألوا ولا تسأموا وانتظروا ولا تيأسوا وتواخوا ولا تعادوا واجتمعوا على الطاعة ولا تفرقوا وتطهروا من الذنوب ولا تلطخوا وليكن أحدكم بواب قلبه فلا يدخل فيه الا ما امره الله به وليحذر أحدكم ولا يركن وليخف ولا يأمن وليفتش ولا يغفل يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا اى يعدون إسلامهم منة عليك وهى النعمة التي لا يطلب موليها ثوابا ممن أنعم بها عليه من المن بمعنى القطع لان المقصود به قطع حاجته مع قطع النظران يعوضه المحتاج بشيء وقيل النعمة الثقيلة من المن الذي يوزن به وهو رطلان يقال من عليه منة اى أثقله بالنعمة قال الراغب المنة النعمة الثقيلة ويقال ذلك على وجهين أحدهما أن يكون ذلك بالفعل فيقال من فلان على فلان إذا أثقله بالنعمة وعلى ذلك قوله(9/96)
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)
تعالى لقد من الله على المؤمنين وذلك في الحقيقة لا يكون الا لله تعالى والثاني أن يكون ذلك بالقول وذلك مستقبح فيما بين الناس الا عند كفران النعمة ولقبح ذلك قيل المنة تهدم الصنيعة ولحسن ذكرها عند الكفران قيل إذا كفرت النعمة حسنت المنة وقوله تعالى يمنون عليك إلخ فالمنة منهم بالقول ومنة الله عليهم بالفعل وهو هدايته إياهم قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ اى لا تعدوا إسلامكم منة على اولا تمنوا على بإسلامكم فنصبه بنزع الخافض بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ على ما زعمتم من انكم ارشدتم اليه وبالفارسية بلكه خداى تعالى منت مينهد بر شما كه راه نموده است شما را بايمان إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى ادعاء الايمان وجوابه محذوف يدل عليه ما قبله اى فلله المنة عليكم وفي سياق النظم الكريم من اللطف مالا يخفى فانهم لما سمعوا ما صدر عنهم ايمانا ومنوا به نفى كونه ايمانا وسماه إسلاما فقال يمنون عليك بما هو في الحقيقة اسلام اى دخول في السلم وليس بجدير بالمن لانه ليس له اعتداد شرعا ولا يعد مثله نعمة بل لو صح ادعاؤهم للايمان فلله المنة عليهم بالهداية اليه لالهم وسئل بعض الكبار عن قوله تعالى بل الله يمن عليكم مع انه تعالى جعل المن إذا وقع منا على بعضنا من سفساف الأخلاق فقال في جوابه هذا من علم التطابق ولم يقصد الحق به المن حقيقة إذ هو الكريم الجواد على الدوام على من أطاع وعلى من عصى وفي الحديث ما كان الله ليدلكم على مكارم الأخلاق ويفعل معكم خلاف ذلك وفي الحديث ايضا ما كان الله لينهاكم عن الرياء ويأخذه منكم قال ذلك لمن قال له يا رسول الله انى صليت بالتميم ثم وجدت الماء أفأصلى ثانيا فمعنى الآية إذا دخلتم في حضرة المن على رسولكم بإسلامكم فالمن لله لا لكم وان وقع منكم شيء من سفساف الأخلاق رد الحق أعمالكم عليكم لا غير وفي التأويلات النجمية يمنون عليك ان استسلموا لك ظاهرهم قل لا تمنوا على إسلامكم اى تسليم ظاهركم لى لانه ليس هذا من طبيعة نفوسكم المتمردة بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان إذ كتب فى قلوبكم الايمان فانعكس نور الايمان من مصباح قلوبكم الى مشكاة نفوسكم فتنورت واستضاءت بنور الإسلام فاسلامكم في الظاهر من فرع الايمان الذي أودعته في باطنكم ان كنتم صادقين اى ان كنتم صادقين في دعوى الايمان انتهى قال الجنيد رحمه الله المن من العباد تقريع وليس من الله تقريعا وانما هو من الله تذكير النعم وحث على شكر المنعم (قال الشيخ سعدى)
شكر خداى كن كه موفق شدى بخير ... ز انعام وفضل او نه معطل كذاشتت
منت منه كه خدمت سلطان همى كنى ... منت شناس ازو كه بخدمت بداشتت
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى ما غاب فيهما عن العباد وخفى عليهم علمه وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ فى سركم وعلانيتكم فكيف يخفى عليه ما في ضمائركم وقال بعض الكبار والله بصير بما تعملون في الظاهر انه من نتائج ما أودعه في باطنكم
در زمين كرنى شكر ور خودنى است ... ترجمان هر زمين نبت وى است
فمن لا حظ شيأ من اعماله وأحواله فان رآها من نفسه كان شركا وان رآها لنفسه كان مكرا وان رآها من ربه بربه لربه كان توحيدا وفقنا الله لذلك بمنه وجوده قال البقلى ليس لله(9/97)
غيب إذ الغيب شيء مستور وجميع الغيوب عيان له تعالى وكيف يغيب عنه وهو موجده يبصره ببصره القديم والعلم والبصر هناك واحد قال في كشف الاسرار از سورة الحجرات تا آخر قرآن مفصل كويند وبه قال النبي صلّى الله عليه وسلّم ان الله أعطاني السبع الطول مكان التوراة والسبع الطول كصرد من البقرة الى الأعراف والسابعة سورة يونس او الأنفال وبراءة جميعا لانهما سورة واحدة عنده كما في القاموس وأعطانى الما بين مكان الإنجيل وأعطاني مكان الزبور المثاني وفضلنى ربى بالمفصل وفي رواية اخرى قال عليه السلام انى أعطيت سورة البقرة من الذكر الاول وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى عليه السلام وأعطيت فواتح الكتاب وخواتيم البقرة من تحت العرش والمفصل ناقلة اى عطية وفي فتح الرحمن سورة الحجرات أول المفصل على الراجح من مذهب الشافعي وأحد الأقوال المعتمدة عن ابى حنيفة وعنه قول آخر معتمدان اوله قوله ق قاله عليه السلام فضلنى ربى بالمفصل والمفصل من القرآن ما هو بعد الحواميم من قصار السور الى آخر القرآن وسميت مفصلا لكثرة المفصولات فيها بسطر بسم الله الرحمن الرحيم لانها سور قصار يقرب تفصيل كل سورة من الاخرى فكثر التفصيل فيها انتهى وقال بعضهم المفصل السبع السابع سمى به لكثرة فصوله وهو من سورة محمد او الفتح أو ق الى آخر القرآن وطوال المفصل الى البروج والاوساط منها الى لم يكن والقصار منها الى الآخر وقيل
طوال از لا تقدم تا عبس دان ... پس اوسط از عبس تا لم يكن خوان
قصار از لم يكن تا آخر آيد ... بخوان اين نظم را تا گردد آسان
والذي عليه الجمهور أن طوال المفصل من سورة الحجرات الى سورة البروج والاوساط من سورة البروج الى سورة لم يكن والقصار من سورة لم يكن الى آخر القرآن (روى) ان القراء لما قسموا القرءان في زمن الحجاج الى ثلاثين جزأ قسموه ايضا الى سبعة اقسام وعن السلف الصالحين من ختم على هذا الترتيب الذي نذكره ثم دعا تقبل حاجته وهو الترتيب الذي كان يفعله عثمان رضى الله عنه يقرأ يوم الجمعة من اوله الى سورة الانعام ويوم السبت من سورة الانعام الى سورة يونس ويوم الأحد من سورة يونس الى سورة طه ويوم الاثنين من سورة طه الى سورة العنكبوت ويوم الثلاثاء من سورة العنكبوت الى سورة الزمر ويوم الأربعاء من سورة الزمر الى سورة الواقعة ويوم الخميس من سورة الواقعة الى آخره وقيل احزاب القرآن سبعة الحزب الاول ثلاث سور والثاني خمس سور والثالث سبع سور والرابع تسع سور والخامس احدى عشرة سورة والسادس ثلاث عشرة سورة والسابع المفصل من ق وفي فتح الرحمن واحزاب القرآن ستون قيل ان الحجاج لماجد في نقط المصحف زاد تحزيبه وأمر الحسن ويحيى بن يعمر بذلك واما وضع الأعشار فيه فحكى ان المأمون العباسي أمر بذلك وقيل ان الحجاج فعل ذلك وكانت المصاحف العثمانية مجردة من النقط والشكل فلم يكن فيها اعراب وسبب ترك الاعراب فيها والله اعلم استغناؤهم عنه فان القوم كانوا عربا لا يعرفون اللحن ولم يكن في زمنهم نحو وأول من وضع النحو وجعل الاعراب في المصاحف ابو الأسود الدؤلي التابعي البصري (حكى) انه سمع قارئا يقرأ ان الله بريئ من المشركين ورسوله بكسر(9/98)
ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4)
اللام فاعظمه ذلك وقال عز وجه الله أن يبرأ من رسوله ثم جعل الاعراب في المصاحف وكان علاماته نقطا بالحمرة غير لون المداد فكانت علامة الفتحة نقطة فوق الحرف وعلامة الضمة نقطة في نفس الحرف وعلامة الكسرة نقطة تحت الحرف وعلامة الغنة نقطتين ثم أحدث الخليل بن احمد الفراهيدى بعد هذا هذه الصور الشدة والمدة والهمزة وعلامة السكون وعلامة الوصل ونقل الاعراب من صورة النقط الى ما هو عليه الآن واما النقط فاول من وضعها بالمصحف نصر بن عاصم الليثي بامر الحجاج بن يوسف امير العراق وخراسان وسببه ان الناس كانوا يقرأون فى مصحف عثمان نيفا وأربعين سنة الى يوم عبد الملك بن مروان ثم كثرا التصحيف وانتشر بالعراق فأمر الحجاج أن يضعوا لهذه الاحرف المشتبهة علامات فقام بذلك نصر المذكور فوضع النقط افرادا وأزواجا وخالف بين اما كنها وكان يقال له نصر الحروف وأول ما أحدثوا النقط على الباء والتاء وقالوا لا بأس به هو نور له ثم أحدثوا نقطا عند منتهى الآي ثم أحدثوا الفواتح والخواتم فأبو الأسود هو السابق الى إعرابه والمبتدئ به ثم نصر بن عاصم وضع النقط بعده ثم الخليل بن احمد نقل الاعراب الى هذه الصورة وكان مع استعمال النقط والشكل يقع التصحيف فالتمسوا حيلة فلم يقدروا فيها الأعلى الاخذ من أفواه الرجال بالتلقين فانتدب جهابذة علماء الامة وصناديد الائمة وبالغوا في الإجهاد وجمعوا الحروف والقراآت حتى بينوا الصواب وأزالوا الاشكال رضى الله عنهم أجمعين وأول من خط بالعربية يعرب بن قحطان وكان يتكلم بالعربية والسريانية وأول من استخرج الخط المعروف بالنسخ ابن مقلة وزير المقتدر بالله ثم القاهر بالله فانه أول من نقل الخط الكوفي الى طريقة العربية ثم جاء ابن البواب وزاد في تعريب الخط وهذب طريقة ابن مقله وكساها بهجة وحسنا ثم ياقوت المستعصمى الخطاط وختم فن الخط والكلمة ثم جاء الشيخ حمد الله الا ما سيوى فأجاد الخط بحيث لا مزيد عليه الى الآن ولله در القائل
خط حسن جمال مرأى ... ان كان لعالم فأحسن
الدر من النبات احلى ... والدر مع البنات ازين
ومن الله التوفيق للكمالات والحتم بانواع السعادات تمت سورة الحجرات بعون ذى الفضل والبركات في أوائل شهر ربيع الآخر من شهور عام ألف ومائة واربعة عشر تفسير سورة ق خمس وأربعون آية مكية
تفسير سورة ق
بسم الله الرحمن الرحيم
ق اى هذه سورة ق اى مسماة بق وقال ابن عباس رضى الله عنهما هو قسم وهو اسم من اسماء الله تعالى وقال محمد بن كعب هو مفتاح اسماء الله تعالى مثل القادر والقدير والقديم والقاهر والقهار والقريب والقابض والقاضي والقدوس والقيوم اى انا القادر إلخ وقيل اسم من اسماء القرآن وقيل قسم أقسم الله به اى بحق القائم بالقسط وقيل معناه قل يا محمد والقرآن(9/99)
المجيد وقيل قف يا محمد على أداء الرسالة وعند أمرنا ونهينا ولا تتعدهما والعرب تقتصر من كلمة على حرف قال الشاعر قلت لها قفى فقالت ق اى وقفت وقيل هو أمر من مفاعلة قفا اثره اى تبعه والمعنى اعمل بالقرآن واتبعه وقيل معناه قضى الأمر وما هو كائن كما قالوا فى حم وقبل المراد بحق القلم الذي يرقم القرآن في اللوح المحفوظ وفي الصحائف (وقال الكاشفى) حروف مقطعه جهت فرق است ميان كلام منظوم ومنثور امام علم الهدى فرموده كه سامع بمجرد استماع اين حروف استدلال ميكند بر آنكه كلامى كه بعد ازو مى آيد منثورست نه منظوم پس در إيراد اين حروف رد جماعتيست كه قرآنرا شعر كفتند وقال الانطاكى ق عبارة عن قربه لقوله ونحن أقرب اليه يعنى قسم است بقرب الهى كه سر ونحن اقرب اليه بدين سوره از ان خبر ميدهد وقال ابن عطاء اقسم بقوة قلب حبيبه حيث تحمل الخطاب والمشاهدة ولم يؤثر ذلك فيه لعلو حاله اى بخلاف موسى عليه السلام فانه خر صعقا في الطور من سطوة تجلى النور وفي التأويلات النجمية يشير الى ان لكل سالك من السائرين الى الله تعالى مقاما فى القرب إذا بلغ الى مقامه المقدر له يشار اليه بقوله ق اى قف مكانك ولا تجاوز حدك والقسم قوله والقرآن المجيد اى قف فان هذا مكانك والقرآن المجيد فلا تجاوز عنه وقال بعض الكبار ق اشارة الى قول هو الله أحد إي الى مرتبه الاحدية التي هى التعين الاول وص اشارة الى الصمد أي الى مرتبة الصمدية التي هى التعين الثاني والصافات اشارة الى التعينات الباقية التابعة للتعين الثاني يقول الفقير أشار بقوله ق الى قيامه عليه السلام بين يدى الله تعالى في الصف الاول قبل كل شيء مفارقا لكل تركيب منفردا عن كل كون منقطعا عن كل وصف ثم الى قدومه من ذلك العالم الغيبى الروحاني الى هذا المقام الشهادى الجسماني كما أشار اليه المجيء الآتي وقد جاء فى حديث جابر رضى الله عنه وحين خلقه اى نور نبيك يا جابر أقامه قدامه في مقام القرب اثنى عشر ألف سنة وهو تفصيل عدد حروف لا اله الا الله وحروف محمد رسول الله فان عدد حروف كل منهما اثنا عشر وكذا أفاد انه أقامه في مقام الحب اثنى عشر ألف سنة وفي مقام الخوف والرجاء والحياء كذلك ثم خلق الله اثنى عشر ألف حجاب فأقام نوره في كل حجاب ألف سنة وهى مقامات العبودية وهى حجاب الكرامة والسعادة والهيبة والرحمة والرأفة والعلم والحلم والوقار والسكينة والصبر والصدق واليقين فعبد ذلك النور في كل حجاب ألف سنة فكل هذا العدد من طريق الإجمال اثنان وسبعون وإذا انضم اليه المنازل الثماني والعشرون على ما أشير اليه في الجلد الاول يصير المجموع مائة واليه الاشارة بالقاف فهو مائة رحمة ومائة درجة في الجنة اختص بها الحبيب عليه السلام في الحقيقة إذ كل من عداه فهو تبع له فكما انهم تابعون له عليه السلام في مقاماته الصورية الدورية المائة لانه أول من خلقه الله ثم خلق المؤمنين من فيض نوره فكذلك هم تابعون له في الدرجات العلوية المبنية على المراتب السلوكية السيرية وفي كل هذه المنازل دار بالقرءان لان الكلام النفسي تنزل اليه مرتبة بعد مرتبة الى ان أنزله روح القدس على قلبه في هذا العالم الشهادى تشريفا له من الوجه العام والخاص والى كل هذه المقامات رقى بالقرءان كما يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا وان منزلك(9/100)
عند آخر آية تقرأها ولا شك انه كان خلقه القرآن فلذا مجد وشرف بمجد القرآن وشرفه فاعرف هذا فانه من مواهب الله تعالى ويجوز ان
يكون معنى ق من طريق الاشارة احذروا قاف العقل والزموا شين العشق كما قال بعضهم
قفل در نشاط وسرورست قاف عقل ... دندانه كليد بهشت است شين عشق
وقال جماعة من العلماء قاف جبل محيط بالأرض كأحاطة العين بسوادها وهو أعظم جبال الدنيا خلقه الله من زمرد أخضر او زبرجد أخضر منه خضرة السماء والسماء ملتزقة به فليست مدينة من المدائن وقرية من القرى الا وفيها عرق من عروقه وملك موكل به واضع يديه على تلك العروق فاذا أراد الله بقوم هلاكا اوحى الى ذلك الملك فحرك عرقا فخسف بأهلها والشياطين ينطلقون الى ذلك الزبرجد فيأخذون منه فيبثونه في الناس فمن ثم هو قليل (وفي المثنوى)
رفت ذو القرنين سوى كوه قاف ... ديد او را كز زمرد بود صاف
كرد عالم حلقه كشته او محيط ... ماند حيران اندر آن خلق بسيط
كفت تو كوهى دكرها چيستند ... كه به پيش عظم تو بازيستند
كفت ركهاى من اند آن كوهها ... مثل من نبوند در حسن وبها
من بهر شهرى ركى درام نهان ... بر عروقم بسته أطراف جهان
حق چوخواهد زلزل شهر مرا ... كويد او من بر جهانم عرق را
پس بجنبانم من آن رك را بقهر ... كه بدان رك متصل كشتست شهر
چون بگويد بس شود ساكن ركم ... ساكنم وز روى قفل اندر تكم
همچومرهم ساكن بس كار كن ... چون خرد ساكن وزوجنبان سخن
نزد آنكس كه نداند عقلش اين ... زلزله هست از بخارات زمين
قال ابى بن كعب الزلزلة لا تخرج الا من ثلاثة اما لنظر الله بالهيبة الى الأرض واما لكثرة ذنوب بنى آدم واما لتحريك الحوت الذي عليه الأرضون السبع تأديبا للخلق وتنبيها قال ذو القرنين يا قاف أخبرني بشيء من عظمة الله تعالى فقال أن شان ربنا لعظيم وان من ورائي مسيرة خمسمائة عام من جبال ثلج يحطم بعضها بعضا لولا ذلك لا حترقت من نار جهنم والعياذ بالله تعالى منها يعنى إسكندر كفت يا قاف از عظمة الله با ما چيزى بگوى گفت يا ذا القرنين كار خداوند ما عظيم است واز اندازه وهم وفهم بيرونست بعظمت او خبر كجا رسد وكدام عبارت بوصف او رسد كفت آخر آنچهـ كمتر است ودر تحت وصف آيد چيزى بكوى كعفت وراى من زمينى است آفريده پانصد ساله راه طول آن و پانصد ساله راه عرض آن همه كوهها اندر بران برف واگر نه آن برف بودى من از حرارت دوزخ چون ار زيز بگداختمى ذو القرنين كفت ردنى يا قاف نكته ديكر بكوى از عظمت وجلال او كفت جبريل أمين كمر بسته در حجب هيبت ايستاده هر ساعتى از عظمت وسياست دركاه جبروت بر خود بلرز در عده بروى افتد رب العالمين از آن رعده وى صد هزار ملك بيافريند(9/101)
صفها بر كشيده در حضرت بنعت هيبت سر در پيش افكنده وكوش بر فرمان نهاده تا يكبار از حضرت عزت ندا آيد كه سخن كوبيد همه كويند لا اله الا الله وبيش از اين نكويند اينست كه رب العالمين كفت يوم يقوم الروح والملائكة صفا الى قوله وقال صوابا يعنى لا اله الا الله وقيل خضرة السماء من الصخرة التي تحت الأرض السفلى تحت الثور وهو المشار اليه بقوله تعالى انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة الآية وجعل الله السماء خضرآء لتكون أوفق للابصار لان النظر الى الخضرة يقوى البصر في الحكمة وكل صنع الله لحكمة فائدة لاهل العالم وفي الحديث ثلاث يجلون البصر النظر الى الخضرة والى الماء الجاري والى الوجه الحسن قال ابن عباس رضى الله عنهما والإثمد عند النوم وبالجملة ان الألوان سوى البياض مما يعين البصر على النظر وعن خالد بن عبد الله ان ذا القرنين لما بنى الاسكندرية رخمها بالرخام الأبيض جدرها وارضها فكان لباسهم فيها السواد من نصوع بياض الرخام فمن ذلك لبس الرهبان السواد كما في أوضح المسالك لابن سپاهى قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر لما خلق الله الأرض على الماء تحركت ومالت فخلق الله تعالى من الابخرة الغليظة الكثيفة الصاعدة من الأرض بسبب هيجانها الجبال فسكن ميل الأرض وذهبت تلك الحركة التي لا يكون معها استقرار فطوق الأرض بجبل محيط بها وهو من صخرة خضراء وطوق الجبل بحية عظيمة رأسها بذنبها رأيت من الابدال من صعد جبل قاف فسألته عن طوله علوا فقال صليت الضحى في أسفله والعصر في أعلاه يعنى بخطوة الابدال فالخطوة عند الابدال من المشرق الى المغرب يقول الفقير لعل هذا من قبيل البسط فى السير وإلا فقد ثبت ان السماء الدنيا متصلة به وما بين السماء والأرض كما بين المشرق والمغرب وهى مسيرة خمسمائة عام فكيف تسع هذه المسيرة تلك الخطوات المتضاعفة وفي الخبران لقاف فى السماء سبع شعب لكل سماء شعبة منها فالسموات السبع مقيبة على شعبة وخلق الله ستة جبال من ورلء قاف وقاف سابعها وهى موتودة بأطراف الأرض على الصخرة وقاف وراءها على الهولء وقيل خلق الله جبل قاف كالحصن المشرف على الملك ليحفظ اهل الأرض من فيح جهنم التي تحت الأرض السابعة يقول الفقير فيه اشارة الى حال قطب الاقطاب رضى الله عنه فأنه مشرف على جميع الرجال من حيث جمعية اسمه وعلو رتبته وبه يحفظ الله العالم من الآفات الصورية والمعنوية كما ان جبل قاف مشرف على سائر الجبال وبه يحفظ الله اهل الأرض بالغدو والآصال ومن خلف ذلك الجبل بحر محيط بجبل قاف وحوله جبل قاف آخر والسماء الثانية مقببة عليه وكذلك من وراء ذلك بحار محدقات بجبل قاف على عدد السموات وان كل سماء منها مقببة عليه وان في هذه البحار وفي سواحلها ويبسها المحدقة بها ملائكة لا
يحصى عددهم الا الله ويعبدون الله حق عبادته ومن جبل قاف ينفجر جميع عيون الأرض فيشرب منه كل بر وفاجر فيجده العبد حيث توجه وفي البعض مثل ذلك وما راء جبل قاف فهو من حكم الآخرة لا من حكم الدنيا وقال بعض المفسرين ان لله سبحانه من ورلء جبل قاف أرضا بيضاء كالفضة المجلاة طولها مسيرة أربعين يوما للشمس(9/102)
بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)
وبها ملائكة شاخصون الى العرش لا يعرف الملك منهم من الى جانبه من هيبة الله تعالى ولا يعرفون ما آدم وما إبليس هكذا الى يوم القيامة وقيل ان يوم القيامة تبدل ارضنا هذه بتلك الأرض (وروى) ان الله تعالى خلق ثمانية آلاف عالم الدنيا منها عالم واحد وان الله تعالى خلق في الأرض ألف امة سوى الجن والانس ستمائة في البحر واربعمائة في البر وكل مستفيض منه تعالى
چنان پهن خوان كرم كسترد ... كه سيمرغ در قاف قسمت خورد
وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ اى ذى المجد والشرف على سائر الكتب على أن يكون للنسب كلابن وتامر أو لانه كلام المجيد يعنى ان وصف القرآن بالمجد وهو حال المتكلم به مجاز فى الاسناد أو لأن من علم معانيه وعمل بما فيه مجد عند الله وعند الناس وشرف على أن يكون مثل بنى الأمير المدينة في الاسناد الى السبب قال الامام الغزالي رحمه الله المجيد هو الشريف ذاته الجميل أفعاله الجزيل عطاؤه ونواله فكان شرف الذات إذا قارنه حسن الفعال سمى مجيدا وهو الماجد ايضا ولكن أحدهما ادل على المبالغة وجواب القسم محذوف اى انك يا محمد لنبى منذر أي مخوف من عذاب الله تعالى بَلْ عَجِبُوا اى فراعنة قريش ومتعنتوهم أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ اى لان جاءهم منذر من جنسهم لا من جنس الملك وهو إضراب عما ينبئ عنه الجواب اى انهم شكوا فيه ولم يكتفوا بالشك والتردد بل جزموا بالخلاف حتى جعلوا ذلك من الأمور العجيبة وقال بعضهم جواب القسم محذوف ودليل ذلك قوله بل لانه لنفى ما قبله فدل على نفى مضمر وتقديره أقسم بجبل قاف الذي به بقاء دنياكم وبالقرءان الذي به بقاء دينكم ما كذبوك ببرهان وبمعرفة بكذبك بل عجبوا إلخ والعجب نظر النفس لامر خارج عن العادة فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ تفسير لتعجبهم وبيان لكونه مقارنا لغاية الإنكار وهذا اشارة الى كونه عليه السلام منذرا بالقرءان وحاصله كون النذير منا خصص بالرسالة من دوننا وكون ما انذر به هو البعث بعد موت كل شيء بليغ في الخروج عن عادة اشكاله وهو من فرط جهلهم لانهم عجبوا أن يكون الرسول بشرا وأوجبوا أن يكون الإله حجرا وأنكروا البعث مع ان اكثر ما في الكون مثل ذلك من إعادة كل من الملوين بعد ذهابه واحياء الأرض بعد موتها وإخراج النبات والأشجار والثمار وغير ذلك ثم ان إضمار الكافرين اولا للاشعار بتعينهم بما أسند إليهم من المقال وانه إذا ذكر شيء خارج عن سنن الاستقامة انصرف إليهم إذ لا يصدر الا عنهم فلا حاجه الى اظهار ذكرهم واظهارهم ثانيا للتسجيل عليهم بالكفر بموجبه أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً اى أحين نموت فتفارق أرواحنا أشباحنا ونصير ترابا لا فرق بيننا وبين تراب الأرض نرجع ونبعث كما ينطق به النذير والمنذر به مع كمال التباين بيننا وبين الحياة حينئذ والهمزة للانكار اى لا نرجع ولا نبعث ذلِكَ اشارة الى محل النزاع اى مضمون الخبر برجوعها رَجْعٌ الرجع متعد بمعنى الرد بخلاف الرجوع اى رد الى الحياة والى ما كنا عليه بَعِيدٌ جدا عن الأوهام او العادة او الإمكان او عن الصدق غير كائن لانه لا يمكن تمييز(9/103)
قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4)
ترابنا من بقية التراب قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ رد لاستبعادهم وازاحة له اى نحن على ذلك في غاية القدرة فان من عم علمه ولطفه حتى انتهى الى حيث علم ما تنقص الأرض من أجساد الموتى وتأكل من لحومهم وعظامهم كيف يستبعد رجعه إياهم احياء كما كانوا عبر بمن لان الأرض لا تأكل عجب الذنب فانه كالبذر لاجسام بنى آدم وفي الحديث كل ابن آدم يبلى الأعجب الذنب فمنه خلق وفيه يركب والعجب بفتح العين وسكون الجيم اصل الذنب ومؤخر كل شيء وهو هاهنا عظم لا جوف له قدر ذرة أو خردلة يبقى من البدن ولا يبلى فاذا أراد الله الاعادة ركب على ذلك العظم سائر البدن واحياء اى غير أبدان الأنبياء والصديقين والشهداء فانها لا تبلى ولا تتفسخ الى يوم القيامة على ما نص به الاخبار الصحيحة قال ابن عطية وحفظ ما تنقص الأرض انما هو ليعود بعينه يوم القيامة وهذا هو الحق وذهب بعض الأصوليين الى ان الأجساد المبعوثة يجوز أن تكون غير هذه قال ابن عطية وهذا عندى خلاف لظاهر كتاب الله ولو كانت غيرها فكيف كانت تشهد الجلود والأيدي والأرجل على الكفرة الى غير ذلك مما يقتضى ان أجساد الدنيا هى التي تعود وسئل شيخ الإسلام ابن حجر هل الأجساد إذا بليت وفنيت وأراد الله تعالى إعادتها كما كانت اولا هل تعود الأجسام الاول أم يخلق الله للناس أجسادا غير الأجساد الاول فأجاب ان الأجساد التي يعيدها الله هى الأجساد الاول لا غيرها قال وهذا هو الصحيح بل الصواب ومن قال غيره عندى فقد اخطأ فيه لمخالفته ظاهر القرآن والحديث قال اهل الكلام ان الله تعالى يجمع الاجزاء الاصلية التي صار الإنسان معها حال التولد وهى العناصر الاربعة ويعيد روحه اليه سوآء سمى ذلك الجمع إعادة المعدوم بعينه أو لم يسم فان قيل البدن الثاني ليس هو الاول لما ورد في الحديث من ان اهل الجنة جرد مرد وان الجهنمى ضرسه مثل أحد فيلزم التناسخ وهو تعلق روح الإنسان ببدن انسان آخر وهو باطل قلنا انما يلزم التناسخ ان لو لم يكن البدن الثاني مخلوقا من الاجزاء الاصلية للبدن الاول يقول الفقير البدن معاد على الاجزاء لا صلية وعلى بعض الفضلة ايضا وهو العجب المذكور فكانه البدن الاول فلا يلزم التناسخ جدا والتغاير في الوصف لا يوجب التغاير في الذات فقد ثبت ان الخضر عليه السلام يصير شابا على كل مائة سنة وعشرين سنة مع ان البدن هو البدن الاول وكذا قال ابن عباس رضى الله عنهما ان إبليس إذا مرت عليه الدهور وحصل له الهرم عاد ابن ثلاثين سنة واختلف القائلون بحشر الأجسام فمنهم من ذهب الى ان الاعادة تكون في الناس مثل ما بداهم بنكاح وتناسل وابتداء بخلق من طين ونفخ كما جرى من خلق آدم وحواء وخلق البنين من نسل ونكاح الى آخر مولود في العالم البشرى كل ذلك في مدة قصيرة على حسب ما يقدره الحق تعالى واليه ذهب الشيخ ابو القاسم بن قسى في كتاب خلع النعلين له في قوله تعالى كما بدأكم تعودون ومنهم من قال وهو القول الأصح بالخبر المروي ان السماء تمطر مطرا شبه المنى فينشأ منه النشأة الآخرة كما ان النشأة الدنيا من نقطة تنزل من بحر الحياة الى أصلاب الآباء ومنها الى أرحام الأمهات فيتكون من قطر بحر الحياة تلك النقطة جسد في الرحم(9/104)
بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8)
وقد علمنا ان النشأة الاول أوجدها الله تعالى على غير مثال سبق وركبها في اى صورة شاء وهكذا النشأة الآخرة يوجدها الحق على غير مثال سبق مع كونها محسوسة بلا شك فينشيء الله النشأة الآخرة على عجب ألذنب الذي يبقى من هذه النشأة الدنيا وهو أصلها فعليه تتركب النشأة الآخرة فقوله تعالى كما بدأكم تعودون راجع الى عدم مثال سابق كما في النشأة الاولى مع كونها محسوسة بلا شك إذ ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من صفة نشأة اهل الجنة والنار ما يخالف هذه النشأة الدنيا وقوله وهو أهون عليه لا يقدح فيما قلنا لان البدء ان كان عن اختراع فكر وتدبير كانت إعادته الى أن يخلق خلقا آخر مما يقارب ذلك ويزيد عليه اقرب الى الاختراع في حق من يستفيد الأمور بفكرة والله متعال عن ذلك علوا كبيرا فهو الذي يفيد العالم ولا يستفيد ولا يتجدد له علم بشيء بل هو عالم بتفاصيل مالا يتناهى بعلم كلى فعلم التفصيل في عين الإجمال وهكذا ينبغى لجلاله ان يكون قال ابو حامد الغزالي رحمه الله ان العجب المذكور في الخبر هو النفس وعليها ينشأ النشأة الآخرة اى كما يتكون شجر كثير الأصول والاغصان من الحبة الصغيرة في الطين كذلك جسد الإنسان من حبة العجب الذي لا يقبل البلى فعبر عنه الامام بالنفس لانه مادتها وعنصرها هكذا اوله البعض وقال غيره مثل ابى يزيد الرقراقى المراد من العجب جوهر فرد وجزء واحد لا يقبل القسمة والبلى فيه قوة القابلية الهيولانية بل هو صورة هيولى النفس الحيوانية الحاملة لاجزاء العناصر التي في الهيكل المحسوس فيبقيه الخالق ويعصمه من التغير والبلى فى عالم الكون والفساد بل خلقه من أول خلق النشأة الدنيوية الى الأبدان الجنانية وعليه مدار الهيكل يبقى من هذه النشأة الدنيا لا يتغير وعليه ينشا النشأة الآخرة وكل ذلك محتمل لا يقدح في شيء من الأصول الشرعية في الاحكام الاخروية وتوجيهات معقولة يحتمل أن يكون كل منها مقصود الشارع بقوله عجب الذنب وقال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر والذي وقع لى به الكشف الذي لا أشك فيه ان المراد بعجب الذنب هو ما يقوم عليه النشأة وهو لا يبلى اى لا يقبل البلى والفناء فان الجواهر والذوات الخارجة الى الوجود من العدم لا تنعدم أعيانها ولكن تختلف عليها الصور الشهادية والبرزخية بالامتزاجات التي هى اعراض تعرض لها بتقدير العزيز العليم فاذا تهيأت هذه الصور بالاستعداد لقبول الأرواح كاستعداد الحشيش بالنارية التي هى فيه لقبول الاشتعال والصور البرزخية كالسرج مشتعلة بالأرواح التي فيها فينفخ اسرافيل نفخة واحدة فتمر تلك النفخة على تلك الصور البرزخية فتطفئها وتمر النفخة التي تليها وهى الاخرى الى الصور المستعدة للاشتعال وهى النشأة الاخرى فتشعل بأرواحها فاذاهم قيام ينظرون نسأل الله تعالى أن يبعثنا امنين بجاه النبي الامين وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ بالغ في الحفظ لتفاصيل الأشياء كلها او محفوظ من التغير والمراد اما تمثيل علمه تعالى بكليات الأشياء وجزئياتها يعلم من عنده كتاب محيط يتلقى منه كل شيء او تأكيد لعلمه بها بثبوتها في اللوح المحفوظ عنده بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ إضراب وانتقال من بيان شناعتهم السابقة الى بيان ما هو اشنع منه وأفظع وهو تكذيبهم للنوة الثابتة(9/105)
أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6)
بالمعجزات الباهرة فالا فظعية لكون الثاني تكذيبا للامر الثابت من غير تدبر بخلاف الاول فانه تعجب لَمَّا جاءَهُمْ من غير تأمل وتفكر تقليدا للآباء وبعد التأمل تمردا وعنادا وجاء بكلمة التوقع اشعارا بأنهم علموا بعد علو شانه واعجازه الشاهد على حقيته فكذبوا به بغيا وحسدا فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ من مرج الخاتم في إصبعه إذا جرج بالجيمين كفرح اى قلق وجال واضطرب من سعته بسبب الهزال اى في امر مضطرب لا قرار له من غلبات آفات الحسن والوهم والخيال على عقولهم فلا يهتدون الى الحق ولذا يقولون تارة انه شاعر وتارة ساحر واخرى كاهن ومرة مفتر لا يثبتون على شيء واحد وهذا اضطرابهم في شأن النبي عليه السلام صريحا ويتضمن اضطرابهم في شأن القرآن ايضا فان نسبتهم إياه الى الشعر ونحوه انما هى بسببه واعلم ان الاضطراب موجب للاختلاف وذلك أدل دليل على البطلان كما ان الثبات والخلوص موجب للاتفاق وذلك أدل دليل على الحقيقة قال الحسن ما ترك قوم الحق إلا مرج أمرهم وكذا قال قتادة وزاد والتبس عليهم دينهم وعن على رضى الله عنه قال له يهودى ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فقال انما اختلفنا عنه لا فيه ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم اجعل لنا الها كما لهم آلهة وسئل بزرجمهر الحكيم كيف اضطربت امور آل ساسان وفيهم مثلك قال استعانوا بأصاغر العمال على أكابر الأعمال فآل أمرهم الى ما آل (كما قال الشيخ سعدى)
پندم اگر بشنوى اى پادشاه ... در همه دفتر به ازين پند نيست
جز بخردمند مفرما عمل ... كر چهـ عمل كار خردمند نيست
واضطربوا في حق الحلاج رضى الله عنه وكذبوا بالحق فافتوا بالقتل فمرج أمرهم حيث أحرقت دار الوزير وقتل ثم دار الأمر على الخليفة ففعل به ما فعل واضطربوا في شأن سلطان العلماء والدا لمولى جلال الدين الرومي فنفوه من بلخ ثم نفاهم الله من الأرض وأوقعهم فى ويل طويل من تسلط عدو مستأصل وكان فيهم صاحب التفسير الكبير فاختفى لكنه ظهر أمر الله عليه ايضا وما نفع الاختفاء وفيه يقول المولى جلال الدين قدس سره
در چنان ننكى وانكه اين عجب ... فخر دين خواهد كه كويندش لقب
واضطربوا في شأن الرسول عليه السلام حتى قتلهم الله تعالى وجعل مكة خالصة للمؤمنين أَفَلَمْ يَنْظُرُوا اى أغفلوا فلم ينظروا حين كفروا بالبعث إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ بحيث يشاهدونها كل وقت اى الى آثار قدرة الله في خلق العالم وإيجاده من العدم الى الوجود وفوقهم ظرف لينظروا او حال من السماء كَيْفَ بَنَيْناها اى رفعناها بغير عمد وَزَيَّنَّاها بما فيها من الكواكب المرتبة على نظام بديع وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ من فتوق لملاستها وسلامتها من كل عيب وخلل كما قال هل ترى من فطور وهذا لا ينفى وجود الأبواب والمصاعد فانها ليست من قبيل العيب والخلل ولعل تأخير هذا لمراعاة الفواصل والفروج جمع فرج وهو الشق بين الشيئين كفرجه الحائط والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوئة وكثر حتى صار كالصريح فيه واستعير الفرج للثغر وكل مخافة وسمى القباء المشقوق(9/106)
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8)
فروجا ولبس رسول الله عليه السلام فروجا من حرير ثم نزعه وَالْأَرْضَ مَدَدْناها اى بسطناها وفرشناها على وجه الماء مسيرة خمسمائة عام من تحت الكعبة وهذا دليل على ان الأرض مبسوطة وليست على شكل الكرة كما في كشف الاسرار وفيه انه لا منافاة بين بساطتها وكريتها لسعتها كما عرف في محله وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ جبالا ثوابت أرسيت بها الأرض إذ لو لم تكن لكانت مضطربة مائلة الى الجهات المختلفة كما كانت قبل إذ روى ان الله لما خلق الأرض جعلت تمور فقالت الملائكة ما هى بمقر أحد على ظهرها فاصبحت وقد أرسيت بالجبال لم تدر الملائكة مم خلقت من رسا الشيء اى ثبت والتعبير عنها بهذا الوصف للايذان بأن القاءها لارساء الأرض بها وفيه اشارة الى رجال الله فانهم أوتاد الأرض والعمد المعنوية للسماء فاذا انقرضوا ولم يوجد في الأرض من يقول الله الله فسدت السموات والأرض وَأَنْبَتْنا وأخرجنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ صنف وقوله أزواجا من نبات شتى اى أنواعا متشابهة بَهِيجٍ حسن طيب من الثمار والنباتات والأشجار كما قال في موضع آخر ذات بهجة اى يبتهج به لحسنة اى يسر والبهجة حسن اللون وظهور السرور فيه وابتهج بكذا اى سر به سرورا بان أثره على وجهه كما في المفردات تَبْصِرَةً وَذِكْرى علتان للافعال المذكورة معنى على التنازع وان انتصبتا عن الفعل الأخير او بفعل مقدر بطريق الاستئناف اى فعلنا ما فعلنا تبصير او تذكيرا يعنى از براى بينايى يعنى بنظر اعتبار واستدلال نكرستن واز براى ياد كردن و پند كرفتن ويجوز أن يكونا نصبا على المصدرية من فعلهما المقدر اى نبصرهم ونذكرهم لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ اى راجع الى ربه متفكر في بدائع صنائعه وفيه اشارة الى ان الوصول الى مقام التبصرة والذكرى انما هو بالعبودية والانابة التي هى مبنى الطريقة وأساسها قال بعضهم التبصرة معرفة منن الله عليه والذكرى عدها على نفسه فى كل حال ليشتغل بالشكر فيما عومل به عن النظر الى شيء من معاملته كفته اند تبصرة وذكرى دو نام اند شريعت وحقيقت را تبصره حقيقت است وذكرى شريعت بواسطه وحقيقت بمكاشفه شريعت خدمت است بر شريطه وحقيقت غربت است بر مشاهده شريعت بى يدى است وحقيقت بى خورى اهل شريعت فريضه كزاران ومعصيت كدازان اهل حقيقت از خويشتن كريزان وبيكى تازان قبله اهل شريعت كعبه است قبله اهل حقيقت فوق العرش ميدان حساب اهل شريعت موقف است وميدان حساب اهل حقيقت حضرة سلطان ثمره اهل شريعت بهشت ثمره اهل حقيقت لقا ورضاى رحمن فعلى العاقل أن يتبصر بالذكر الحكيم ويتفكر في صنعه العظيم ويوحده توحيدا يليق بجنابه الكريم وينيب اليه انابة لا رجوع بعدها الى يوم مقيم نقلست كه پيرى پيش شقيق بلخى رحمه الله آمد وكفت كناه بسيار دارم وميخواهم كه توبه بكنم وى كفت دير آمدى پير كفت زود آمدم كفتا چرا كفت از بهر آنكه هر كه پيش از مرك بيايد بتوبة زود امده باشد شقيق كفت نيك آمدى ونيك كفتى
بارها خويش را چيزى سبك كردان كه نيست ... تنكناى مرك را كنجايئ اين بارها(9/107)
وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14)
(وقال الشيخ سعدى)
بيا تا بر آريم دستى ز دل ... كه نتوان بر آورد فردا ز كل
أيقظنا الله تعالى وإياكم من نوم الغفلة وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً اى كثير المنافع حياة الأناسي والدواب والأرض الميتة وفي كشف الاسرار مطرا يثبت في اجزاء الأرض فينبع طول السنة فَأَنْبَتْنا بِهِ اى بذلك الماء جَنَّاتٍ كثيرة اى أشجارا ذوات ثمار فذكر لمحل وأراد الحال كما قال فأخرجنا به ثمرات وبالفارسية بوستانها مشتمل بر اشجار واثمار وَحَبَّ الْحَصِيدِ من حذف الموصوف للعلم به على ما هو اختيار البصريين في باب مسجد الجامع لئلا يلزم اضافة الشيء الى نفسه واصل الحصيد قطع الزرع والحصيد بمعنى المحصود وهو هنا مجاز باعتبار الأول والمعنى وحب الزرع الذي شأنه أن يحصد من البر والشعير وأمثالهما مما يقتات به وتخصيص إنبات حبه بالذكر لانه المقصود بالذات وَالنَّخْلَ عطف على جنات وتخصيصها بالذكر مع اندراجها في الجنات لبيان فضلها على سائر الأشجار وقد سبق بعض أوصافها في السورة يس وتوسيط الحب بينهما لتأكيد استقلالها وامتيازها عن البقية مع ما فيه من مراعاة الفواصل باسِقاتٍ طوالا في السماء عجيبة الخلق وهو حال مقدرة فانها وقت الإنبات لم تكن طوالا يقال بسقت الشجرة بسوقا إذا طالت وفي المفردات الباسق هو الذاهب طولا من جهة الانقطاع ومنه بسق فلان على أصحابه علاهم ويجوز أن يكون معنى باسقات حوامل من أبسقت الشاة إذا حملت فيكون من باب أفعل فهو فاعل لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ اى منضود بعضه فوق بعض والمراد تراكم الطلع او كثرة ما فيه من الثمر والجملة حال من النخل يقال نضدت المتاع بعضه على بعض ألقيته فهو منضود ومنضد والمنضد السرير الذي ينضد عليه المتاع ومنه استعير طلع نضيد كما في المفردات والنضد والنضيد وبالفارسية برهم نهادن والطلع شيء يخرج كأنه نعلان مطبقان والحمل بينهما منضود والطرف محدد أو ما يبدو من ثمرته في أول ظهورها وقشره يسمى الكفرى بضم الكاف والفاء معا وتشديد الراء وما في داخله الإغريض لبياضه كما في القاموس قال في بحر العلوم الطلع ما يطلع من النخلة وهو الكم قبل أن يشق ويقال لما يظهر من الكم طلع ايضا وهو شيء ابيض يشبه بلونه الأسنان وبرائحته المنى رِزْقاً لِلْعِبادِ اى لرزقهم علة لقوله تعالى فأنبتنا وفي تعليله بذلك بعد تعليل أنبتنا الاول بالتبصرة والتذكرة تنبيه على ان الواجب على العبد أن يكون انتفاعه بذلك من حيث التذكر والاستبصار أهم وأقدم من تمتعه به من حيث الرزق
خوردن براى زيستن وذكر كردنست ... تو معتقد كه زيستن از بهر خوردنست
يقول الفقير المقصود من الآية الاولى هو الاستدلال على القدرة بأعظم الاجرام كما دل عليه النظر وذكر الإنبات فيها بطريق التبع فناسب التعليل بالتبصرة والتذكير ومن الثانية بيان الانتفاع بمنافع تلك الاجرام فناسب التعليل بالرزق ولذا أخرت عن اولى لان منافع الشيء مترتبة على خلقه قال ابو عبيدة نخل الجنة نضيد ما بين أصلها الى فرعها بخلاف نخل الدنيا فان ثمارها رؤسها كلما نزعت رطبة عادت ألين من الزبد وأحلى من العسل فنخل الدنيا تذكير لنخل(9/108)
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12)
الجنة وفي كل منهما رزق للعباد كما قال تعالى ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا وَأَحْيَيْنا بِهِ اى بذلك الماء بَلْدَةً مَيْتاً تذكير ميتا باعتبار البلد والمكان اى أرضا جدبة لانماء فيها أصلا بأن جعلناها بحيث ربت وأنبتت أنواع النبات والأزهار فصارت تهتز بها بعد ما كانت جامدة هامدة (روى) ابو هريرة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا جاءهم المطر فسالت الميازيب قال لا محل عليكم العام اى لا جدب يعنى تنكى نيست بر شما امسال كَذلِكَ الْخُرُوجُ جملة قدم فيها الخبر للقصد الى القصر وذلك اشارة الى الحياة المستفادة من الاحياء اى مثل تلك الحياة البديعة حياتكم بالبعث من القبور لا شى مخالف لها وقد روى ان الله يمطر السماء أربعين ليلة كمنى الرجال يدخل في الأرض فينبت لحومهم وعروقهم وعظا مهم ثم يحييهم ويخرجهم من تحت الأرض وفي التعبير عن إخراج النبات من الأرض بالاحياء وعن حياة الموتى بالخروج تفخيم لشأن الإنبات وتهوين لامر البعث وتحقيق للمماثلة بين إخراج النبات واحياء الموتى لتوضيح منهاج القياس وتقريبه الى إفهام الناس (قال الكاشفى) واگر كسى تأمل كند در احياى دانه مانند مرده در خاك مدفونست وظهور او بعد از خفا دور نيست كه بشمه از حيات أموات پى تواند برد
كدام دانه فروشد كه بر نيامد باز ... چرا بدانه انسانيت كمان باشد
فروشدن چوبديدى بر آمدن بنگر ... غروب شمس وقمر را چرا زيان باشد
وفي الآية اشارة الى تنزيل ماء الفيض الإلهي من سماء الأرواح فان الله ينبت به حبات القلوب وحب المحبة المحصود به محبة ما سوى الله من القلوب وشجرة التوحيد لها طلع نضيد من انواع المعارف رزقا للعباد الذين يبيتون عند ربهم يطعمهم ويسقيهم ويحيى بذلك الفيض بلدة القلب الميت من نور الله كما قال او من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا الآية كذلك الخروج من ظلمات الوجود الى نور واجب الوجود فافهم جدا كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ اى قبل اهل مكة قَوْمُ نُوحٍ قوم نوح كه بنى شيت وبنى قابيل بودند تكذيب كردند مر نوح را وَأَصْحابُ الرَّسِّ قبل كانت الرس بئرا بعدن لامة من بقايا ثمود وكان لهم ملك عدل حسن السيرة يقال له العليس كزبير وكانت البئر تسقى المدينة كلها وباديتها وجميع ما فيها من الدواب والغنم والبقر وغير ذلك لانها كانت بكرات كثيرة منصوبة عليها جمع بكرة بالفتح وهى خشبة مستديرة في وسطها محزيستقى عليها ورجال كثيرون موكلون بها وأبازن بالزاي والنون من رخام وهى تشبه الحياص كثيرة تملأ للناس قال في القاموس الابزن مثلثة الاول حوض يغتسل فيه وقد يتخذ من نحاس معرب آب زن انتهى وآخر للدواب وآخر للبقر والغنم والهوام يستقون عليها بالليل والنهار يتداولون ولم يكن لهم ماء غيره فطال عمر الملك فلما جاءه الموت طلى بدهن لتبقى صورته ولا تتغير وكذلك كانوا يفعلون إذا مات منهم الميت وكان ممن يكرم عليهم فلما مات شق ذلك عليهم ورأوا ان أمرهم قد فسد وضبحوا جميعا بالبكاء واغتنمها الشيطان منهم فدخل في جثة الملك بعد موته بايام كثيرة فكلمهم وقال انى لم امت ولكنى قد تغيبت عنكم حتى أرى صنيعكم بعدي ففرحوا أشد الفرح وأمر لخاصته أن يضربوا حجابا بينه وبينهم ويكلمهم من ورائه كيلا يعرف الموت في صورته فنصبوه صنما(9/109)
وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14)
من ورلء حجاب لا يأكل ولا يشرب وأخبرهم انه لا يموت ابدا وانه اله لهم وذلك كله ويتكلم به الشيطان على لسانه فصدق كثير منهم وارتاب بعضهم وكان المؤمن المكذب منهم اقل من المصدق فكلما تكلم ناصح منهم زجر وقهر فاتفقوا على عبادته فبعث الله لهم نبيا كان الوحى ينزل عليه في النوم دون اليقظة وكان اسمه حنظلة ابن صفوان فأعلمهم ان الصورة صنم لا روح له وان الشيطان فيه وقد أضلهم الله وان الله تعالى لا يتمثل بالخلق وان الملك لا يجوز أن يكون شريكا لله وأوعدهم ونصخهم وحذرهم سطوة ربهم ونقمته فآذوه وعادوه وهو يتعدهم بالموعظة والنصيحة حتى قتلوه وطرحوه في بئر وعند ذلك حلت عليهم النقمة فباتو اشباعى رواء من الماء وأصبحوا والبئر قد غار ماؤها وتعطل رشاؤها وهو بالكسر الحبل فصاحوا بأجمعهم وضبح النساء والولدان وضبحت البهائم عطشا حتى عمهم الموت وشملهم الهلاك وخلفهم فى أرضهم السباع وفي منازلهم الثعالب والضباع وتبدلت لهم جناتهم وأموالهم بالسدر والشوك شوك العضاة والقتاد الاول بالكسر أم غيلان او نحوه والثاني كسحاب شجر صلب شوكه كالابر فلا تسمع فيها إلا عزيف الجن اى صوتهم وهو جرس يسمع في المفاوز بالليل وإلا زئير الأسد اى صوته من الصدر نعوذ بالله من سطواته ومن الإصرار على ما يوجب نقماته كذا فى التكملة نقلا عن تفسير المقري وقيل الرس بئر قرب اليمامة او بئر بأذربيجان او واد كما قال الشاعر فهن لوادى الرس كاليد للفهم وقد سبق بعض الكلام عليه في سورة الفرقان فارجع وَثَمُودُ وقوم ثمود صالح را وهو ثمود بن عاد وهو عاد الآخرة وعاد هو عاد ارم وهو عاد الاولى وَعادٌ وقوم عاد هود را وَفِرْعَوْنُ وفرعون موسى را وهرون را والمراد هو وقومه ليلائم ما قبله وما بعده من الجماعة وَإِخْوانُ لُوطٍ يعنى اصهار او مر او را والصهر زوج بنت الرجل وزوج أخته وقيل إخوانه قومه لاشتراكهم في النسب لا في الدين قال عطاء ما من أحد من الأنبياء الا ويقوم معه قومه الا لوطا عليه السلام يقوم وحده وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ هم من بعث إليهم شعيب عليه السلام غير اهل مدين وكانوا يسكنون أيكة اى غيضة تنبت السدر والأراك وقد مر في سورة الحجر وَقَوْمُ تُبَّعٍ الحميرى ملك اليمن وقد سبق شرح حالهم في سورة الدخان كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ اى فيما أرسلوا به من الشرائع التي من جملتها البعث الذي أجمعوا عليه قاطبة اى كل قوم من الأقوام المذكورين كذبوا رسلهم وكذب جميعهم جميع الرسل بالمعنى المذكور وافراد الضمير باعتبار لفظ الكل او كل واحد منهم كذب جميع الرسل لاتفاقهم على التوحيد والانذار بالبعث والحشر فتكذيب واحد منهم تكذيب للكل وهذا على تقدير رسالة تبع ظاهر واما على تقدير عدمها وهو الأظهر فمعنى تكذيب قومه الرسل تكذيبهم لمن قبلهم من الرسل المجمعين على التوحيد والبعث والى ذلك كان يدعوهم تبع فَحَقَّ وَعِيدِ اى فوجب وحل عليهم وعيدي وهى كلمة العذاب والوعيد يستعمل فى الشر خاصة بخلاف الوعد فانه يكون في الخير والشر وفي الآية تسلية لرسول الله صلّى الله عليه وسلم يعنى لا تحزن بتكذيب الكفار إياك لانك لست باول نبى كذب وكل امة كذبت رسولها واصبر على أذاهم كما صبروا تظفر بالمراد كما ظفروا وتهديد لاهل مكة يعنى احذروا(9/110)
أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19)
يا أهل مكة من مثل عذاب الأمم الخالبة فلا تكذبوا رسول الله فان الاشتراك في العمل يوجب الاشتراك في الجزاء واعلم ان عموم أهل كل زمان الغالب عليهم الهوى والطبيعة الحيوانية فهم أهل الحس لا أهل العقل ونفوسهم متمردة بعيدة عن الحق قريبة الى الباطل كلما جاء إليهم رسول كذبوه وعلى ما جاء به قاتلوه فحق عليهم عذاب ربهم بما كفروا بأنعم الله فما أعياه إهلاكهم وفيه تسلية للأولياء ايضا من طريق الاشارة وتهديد لاهل الإنكار ولعمرى انهم في أيديهم كالانبياء في أيدي الكفار ولكن الصبر مفتاح الفرج فكما ان الكفار مسخوا وخسفوا وأخذوا بأنواع النكال فكذا أهل الإنكار مسخ الله بواطنهم وخسف بهم الأرض يعنى ارض البشرية الكثيفة الظلمانية وأخذوا بأصناف الخذلان وهم لا يدرون انهم كذلك بل يحسبون انهم ناجون من كل المهالك لزيادة عماهم وحيرتهم نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المصدقين ويثبتنا على طريق أهل اليقين ويفيض علينا من بركاتهم ويشرفنا بآثار حركاتهم أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ العي بالأمر العجز عنه يقال عى بالأمر وعيى به إذا لم يهتد لوجه عمله وقد مر في قوله ولم يعى بخلقهن والهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر ينبئ عنه العي من القصد والمباشرة كأنه قيل اقصدنا الخلق الاول وهو الإبداء فعجزنا عنه حتى يتوهم عجزنا عن الخلق الثاني وهو الاعادة وبالفارسية آيا ما عاجز شده ايم ورنج يافته بآفرينش أول خلق تا فرو مانيم از آفرينش ثانى وفي عين المعاني الخلق الاول آدم عليه السلام وهم يقرون به وفي التأويلات النجمية أفا عتاص علينا فعل شيء حتى نعيى بالبعث أو يشق علينا البعث اى ليس كذلك بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ يقال جددت الثوب إذا قطعته على وجه الإصلاح وثوب جديد أصله المقطوع ثم جعل لكل ما أحدث انشاؤه وخلق جديد اشارة الى النشأة الثانية وقوبل الجديد بالخلق لما كان المقصود بالجديد القريب العهد بالقطع من الثواب ومنه قيل لليل والنهار الجديد ان والأجدان كما في المفردات والجملة عطف على مقدر يدل عليه ما قبله كأنه قيل هم غير منكرين لقدرتنا على الخلق الاول بل هم في خلط وشبهة فى خلق مستأنف لما فيه من مخالفة العادة إذ لم تجر العادة بالاعادة في هذه الدار وهذا قياس فاسد كما لا يخفى (وقال الكاشفى) مشركان مكه معترف بودند بانكه حق تعالى مبدع خلق است در أول پس ميفرمايد كه كسى كه قادر بود بر آفرينش جمعى بي ماده ومددى چرا توانا توانا نبود بر اعاده ايشان بجمع مواد ورد حيات بآن وبي شبهه ما بر ان قوت داريم بلكه كافران در شك وشبه اند بسبب وساوس شيطانى از آفريدن نو يعنى بعث وحشر چهـ آنرا مخالف عادت مى بينند وتنكير خلق لتفخيم شأنه والاشعار بخروجه عن حدود العادات او الإيذان بأنه حقيق بأن يبحث عنه ويهتم بمعرفته ولا يقعد على لبس واعلم ان هذا الخلق الجديد حاصل في الدنيا ايضا سوآء كان في الاعراض او في الأجسام وهو مذهب الصوفية ومذهب المتكلمين فانهم جوزوا انتفاء الأجسام في كل آن ومشاهدة بقائها بتجدد الأمثال اى الأجسام الاخر كما جوزوا انتفاء الاعراض في كل آن ومشاهدة بقائها بتجدد الأمثال اى الاعراض الاخر أي كما انه جائز في الاعراض التي هى غير قائمة بذواتها كذلك جائز في الجواهر(9/111)
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)
التي هى قائمة بذواتها وفي هذا المعنى (قال في المثنوى)
صورت از معنى چوشير از بيشه دان ... يا چوآواز وسخن ز انديشه دان
اين سخن وآواز او انديشه خواست ... تو ندانى بحر انديشه كجاست
ليك چون موج سخن ديدى لطيف ... بحر آن دانى كه باشد هم شريف
چون ز دانش موج انديشه بتاخت ... از سخن وآواز او صورت بساحت
از سخن صورت بزاد وباز مرد ... موج خود را باز اندر بحر برد
صورت از بي صورتى آمد برون ... باز شد كه انا اليه راجعون
پس ترا هر لحظه مرك ورجتيست ... مصطفى فرمود دنيا ساعتيست
فكر ما تيريست از هو در هوا ... در هوا كى پايه آيد تا خدا
هر نفس نو مى شود دنيا وما ... بي خبر از نوشدن اندر بقا
عمر همچون جوى نو نو ميرسد ... مستمرى مى نمايد در جسد
آن ز تيزى مستمر شكل آمدست ... چون شرركش تيز جنبانى بدست
شاخ آتش را بجنبانى بساز ... در نظر آتش نمايد پس دراز
اين درازى مدت از تيزئ صنع ... مى نمايد سرعت انگيزى صنع
قال الامام الشعراني رضى الله عنه في كتاب الجواهر تقليب العالم واقع في كل نفس من حال الى حال فلا يثبت على حالة واحدة زمانا فردا لكن التغيير انما يقع في الصفات لا في الأعيان فلم يزل الحق تعالى خلاقا على الدوام انتهى ومنه يعرف طواف الكعبة ببعض الرجال واستقبالها لهم كما وقع ذلك لرابعة العدوية رضى الله عنها وغيرها وحقيقة هذا المقام لا تتضح الا بالكشف التام ومن الله الملك العلام الفيض والإلهام وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ اى ما تحدث به نفسه وهو ما يخطر بالبال والوسوسة الصوت الخفي والخطرة الرديئة ومنه وساوس الحلي وبالفارسية وميدانيم آن چيزى را كه وسوسه ميكند مر او را بدان نفس او از انديشهاى بد والضمير لما أن جعلت موصولة والباء كما في صوت بكذا وهمس به يعنى انها صلة او للانسان ان جعلت مصدرية والباء للتعدية اى ما تجعله موسوسا فان النفس تجعل الإنسان قائما به الوسوسة قال في الكشاف ما مصدرية لانهم يقولون حدث نفسه بكذا كما يقولون حدثته به نفسه وفيه اشارة الى ان الله تعالى كما يعلم حال الإنسان قبل خلقه علما تبوتيا كذلك يعلمه بعد خلقه علما فعليا ودخل فيه ما توسوس به نفسه فانه مخلوق الله ايضا لا يخفى عليه مخلوقه مطلقا ودخل فيما توسوس به نفسه شهواته المطلوب الاستيفاؤها وسوء خلقه واعتقاده الفاسد وغير ذلك من أوصاف النفس توسوس بذلك لتشوش عليه قلبه ووقته وفيه دخل آدم عليه السلام فان الله تعالى خلقه وعلم ما وسوست به نفسه في أكل الشجرة وذلك بإلقاء الشيطان قال بعض الكبار ليس للشيطان على باطن الأنبياء من سبيل فخواطرهم لا حظ للشيطان فيها فهو يأتيهم في ظاهر الحس فقط ولا يعملون بما يقول لهم ثم ان من الأولياء من يحفظ من الشيطان في علم الله تعالى فيكون بهذه المثابة في العصمة مما يلقى لا في العصمة من وصول ذلك الى قلبه لان الأولياء ليسوا بمشرعين بخلاف الأنبياء عصمت بواطنهم لكونهم(9/112)
اصحاب الشرائع قال بعض الكبار ما من شخص من بنى آدمه الا ويخطر له كل يوم وليلة سبعون ألف خاطر لا تزيد ولا تنقص عدد الملائكة الذين يدخلون البيت المعمور كل يوم فما من شخص الا ويخلق من خواطره كل يوم سبعون ألف ملك ثم يرتفعون الى جهة البيت المعمور فاذا خرج السبعون ألفا من البيت المعمور كل يوم يجتمعون بالملائكة المخلوقين من لخواطر فيكون ذكرهم استغفارا لأصحابهم الى يوم القيامة ولكن من كل قلبه معمورا بذكر الله دائما فالملائكة المخلوقون من خواطره يمتازون عن الملائكة الذي خلقوا من خواطر قلب ليس له هذا المقام وسوآء كان الخاطر فيما ينبغى او فيما لا ينبغى فالقلوب كلها من هذا البيت المعمور خلقت فلا تزال معمورة دائما وكل ملك يتكون من الخاطر يكون صورة صالحة في علم الله لما نظر وان كان هو في نفسه ملكا سبح وقد لا يعلم ما خطر وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ اى الى الإنسان مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ از رك جان وى بوى اى اعلم بحاله ممن كان اقرب اليه من حبل الوريد وعبر عن قرب العلم بقرب الذات تجوزا لأنه موجب له فاطلق الملزوم على اللازم وحل الوريد مثل في فرط القرب كقولهم هو منى بمعقد الإزار والحبل العرق شه بواحد من الحبال من حيث الهيئة وإضافته بيانية وجوز الزمخشري كونها بمعنى اللام ويجوز أن تكون كأضافة لجين الماء على ان يكون الحبل على حقيقته والوريدان عرقان مكتنفان لصفحتى العنق في مقدمها متصلان بالوتين وهو عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه يردان من الرأس اليه فالوريد بمعنى الوارد وقيل سمى وريد الان الروح الحيواني يرده فالوريد حينئذ بمعنى المورود وفي المفردات الوريد عرق متصل بالكبد والقلب وفيه مجارى الروح وقوله ونحن أقرب اليه من حبل الوريد أي من روحه انتهى ما وردى فرموده كه حبل الوريد ركيست متصل بدل وعلم خداى تعالى ببنده نزديكتر نيست از علم دل وى وفي التأويلات النجمية حبل الوريد أقرب اجزاء نفسه الى نفسه يشير به الى انه تعالى اقرب الى العبد من نفس العبد الى العبد فكما انه كل وقت يطلب نفسه يجدها لانها قريب منه فكذلك كل وقت يطلب ربه يجده
لانه قريب منه كما قال تعالى وإذا سألك عبادى عنى فانى قريب وفي الزبور ألا من طلبنى وجدنى
نحن أقرب كفت من حبل الوريد ... تو بكندى بئر فكرت را بعيد
اى كمان تيرها پر ساخته ... صيد نزديك وتو دور انداخته
و (قال الشيخ سعدى)
دوست نزديكتر از من بمنست ... وين عجبتر كه من از وى دورم
چكنم با كه توان كفت كه او ... در كنار من ومن مهجورم
قال بعض الكبار شدة القرب حجاب كما ان غاية البعد حجاب وإذا كان الحق أقرب إلينا من حبل الوريد فأين السبعون ألف حجاب التي بيننا وبينه فتأمل وقال البقلى ولو يرى الإنسان نفسه لرأى هوان نفسه ألا ترى كيف أخبر عن كمال قربه بنعت الاتحاد بقوله ونحن أقرب اليه من حبل الوريد ولذلك قال عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه إذ لا نفس إلا هوان فهمت ما قلت والا فاعلم ان الفعل قائم بالصفة والصفة قائمة بالذات فمن(9/113)
حيث عين الجمع ما هو الا هو ولا تظن الحلول فانه بذاته وصفاته منزه عن أن يكون له محل فى الحوادث هذا رمز العاشقين ألا ترى الى قول المجنون.
انا من أهوى ومن أهوى انا ... نحن روحان حللنا بدنا
فاذا أبصرتنى أبصرته ... وإذا أبصرته أبصرتنا
وقال الواسطي اى نحن اولى به وأحق أنا جمعناه بعد الافتراق وانشأ ماه بعد العدم ونفخنا فيه الروح فالاقرب اليه من هو أعلم به منه بنفسه وقال ايضا بي عرفت روحك بي عرفت نفسك كل ذلك لاظهار النعوت على قدر طاقة الخلق فاما الحقيقة فلا يتحملها العبد سماعا (وقال الكاشفى) وببايد دانست كه قرب حق تعالى بي چون و چكونه باشد اى عزيز كيفيت قرب جانرا كه پيوسته است بتن در نمى توان يافت قرب حق را كه پيوسته از كيفيت مقدس ومنزه است چكونه ادراك توان كرد وهمين در مثنوى معنوى مذكور است
قرب بيچونست جانترا بتو ... قرب حق را چون بدانى اى عمو
قرب نى بالا و پستى رفتن است ... قرب حق از حبس هستى رستن است
در كشف الاسرار آورده كه قرب حق بحق آنست كه فرمود واسجد واقترب ودر أحاديث قدسية واردست كه لا يزال العبد يتقرب الى بالنوافل واين قرب أول بايمانست وتصديق وآخر باحسانست وتحقيق يعنى مقام مشاهده كه أن تعبد الله كأنك تراه وقرب حق تعالى مر بنده را دو قسمست يكى كافه خلق را بعلم وقدرت كقوله وهو معكم أينما كنتم ديكر خواص دو كاه را بخصائص برو شواهد لطف كه ونحن أقرب اليه أول او را قربتى دهد غيبى تا از جهانش برهاند پس قرب بحد حقيقى تا از آب وكلش باز برد از هستى موهوم بنده مى كاهد واز نيستى أصلي زياده ظهور ميكند تا چنانچهـ در أول خود بود در آخر خود باشد آنجا علايق مرتفع كردد واسباب منقطع ورسوم باطل وحدود متلاشى وإشارات متناهى وعبارات منتفى وخبر منمحق وحق يكتا بخود باقى والله خير وأبقى
رأيت حبى بعين قلبى ... فقال من أنت قلت أنتا
انا الذي جزت كل حد ... بمحو أينى فأين انتا
موج بحر لمن الملك برايد ناكاه ... غرقه كردند در ان بحر چهـ درويش و چهـ شاه
خرمن هستى موهوم چنان سوزاند ... آتش عشق كه نه دانه بماند نه كاه
قال ابو يزيد البسطامي قدس سره انسلخت من نفسى كما تنسلخ الحية من جلدها فنظرت فاذا انا هو اى ان من انسلخ من شهوات نفسه وهواها وهمها فلا يبقى فيه متسع لغير الله ولا يكون له هم سوى الله تعالى وإذا لم يحل في القلب الا جلال الله وجماله حتى صار مستغرقا يصير كأنه هو لا انه هو تحقيقا وفرق بين قولنا كأنه هو وبين قولنا هو هو لكن قد يعبر بهو هو عن قولنا كأنه هو كما يقال زيد أسد في مقام التشبيه مبالغة في الشجاعة فان قلت ما معنى السلوك وما معنى الوصول قلت معنى السلوك هو تهذيب الأخلاق والأعمال والمعارف وذلك اشتغال بعمارة الظاهر والباطن والعبد في جميع ذلك مشغول بنفسه عن ربه الا انه مشتغل(9/114)
إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)
بتصفية باطنه ليستعد للوصول وانما الوصول هو ان ينكشف له جلية الحق ويصير مستغرقا به فان نظر الى معرفته فلا يعرف الا الله وان نظر الى همه فلاهم له سواه فيكون كله مشغولا بكله مشاهدة وهما لا يلتفت في ذلك الى نفسه ليعمر ظاهره بالعبادة وباطنه بتهذيب الأخلاق وكل ذلك طهارة وهى البداءة وانما النهاية أن ينسلخ عن نفسه بالكلية ويتجرد له فيكون كأنه هو وذلك هو الوصول كما في شرح الأسماء الحسنى للامام الغزالي رحمه الله إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ منصوب با ذكر وهو اولى لبقاء قوله ونحن إلخ على إطلاقه او بما في أقرب من معنى الفعل والتلقي الاخذ والتلقن بالحفظ والكتابة والمعنى انه لطيف يتوصل علمه الى ما لا شيء أخفى منه وهو أقرب الى الإنسان من كل قريب حين يتلقى ويتلقن ويأخذ الحفيظان اى الملكان الموكلان بالإنسان ما يتلفظ به وفيه اى على الوجه الثاني إيذان بأنه تعالى غنى عن استحفاظهما لاحاطة علمه بما يخفى عليهما وانما ذلك لما في كتبهما وحفظهما لاعمال العبد وعرض صحائفهما يوم يقوم الاشهاد وعلم العبد بذلك مع علمه بأحاطته تعالى بتفاصيل أحواله خبرا من زيادة اللطف له في الكف عن السيئات والرغبة في الحسنات وعنه عليه السلام ان مقعد ملكيك على ثنيتيك ولسانك قلمهما وريقك مدادهما وأنت تجرى فيما لا يعينك لا تستحيى من الله ولا منهما وقد جوز أن يكون تلقى الملكين بيانا للقرب على معنى انا أقرب اليه مطلعون على اعماله لان حفظتنا وكتبتنا موكلون به عَنِ الْيَمِينِ هو أشرف الجوارح وفيه القوة التامة وَعَنِ الشِّمالِ هو مقابل اليمين قَعِيدٌ اى عن جانب اليمين قعيد أي مقاعد كالجليس بمعنى المجالس لفظا ومعنى فحذف الاول لدلالة لا الثاني عليه وقيل يطلق الفعيل على الواحد والمعتدد كما في قوله والملائكة بعد ذلك ظهير ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ ما يرمى به من فيه من خير او شر والقول أعم من الكلمة والكلام إِلَّا لَدَيْهِ مكر نزديك او رَقِيبٌ ملك يرقب قوله ذلك ويكتبه فان كان خيرا فهو صاحب اليمين بعينه والا فهو صاحب الشمال عَتِيدٌ اى معد مهيأ لكتابة ما أمر به من الخير او الشر فهو حاضر أينما كان وبالفارسية رقيب نكهبانى وديده بانى بود عتيد آماده في الحال نويسد والافراد حيث لم يقل رقيبان عتيدان مع وقوفهما معا على ما صدر عنه لما ان كلا منهما رقيب لما فوض اليه لا لما فوض الى صاحبه كما ينبئ عنه قوله تعالى عتيد وتخصيص القول بالذكر لاثبات الحكم في الفعل بدلالة النص واختلف فيما يكتبانه فقيل يكتبان كل شيء حتى أنينه فى مرضه وقيل انما يكتبان ما فيه اجر ووزر وهو الأظهر كما ينبئ عنه قوله عليه السلام كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يسار الرجل وكاتب الحسنات امير أمين على كاتب السيئات فاذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشرا وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح او يستغفر قيل ان الملائكة يجتنبون الإنسان عند غائطه وعند جماعه ولذاكره الكلام في الخلاء وعند قضاء الحاجة أشد كراهة لان الحفظة تتأذى بالحضور في ذلك الموضع الكريه لاجل كتابة الكلام فان سلم عليه في هذه الحالة قال الامام ابو حنيفة رحمه الله يرد السلام بقلبه لا بلسانه لئلا يلزم كتابة الملائكة(9/115)
فانهم لا يكتبون الأمور القلبية وكذا يحمد الله بقلبه عند العطاس في بيت الخلاء وكذا يكره الكلام عند الجماع وكذا الضحك في هذه الحالة فلا بد من حفظ اللسان وفي الحديث من حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه
ابلهى از صرفه زر ميكنى ... صرفه كفتار كن ار ميكنى
مصلحت تست زبان زير كام ... تيغ پسنديده بود در نيام
وفي الحديث ان ملائكة الليل وملائكة النهار يصلون معكم العصر فتصعد ملائكة النهار وتمكث ملائكة الليل فاذا كان الفجر نزل ملائكة النهار ويصلون الصبح فتصعد ملائكة الليل وتمكث ملائكة النهار وما من حافظين يرفعان الى الله ما حفظا فيرى الله في أول الصحيفة خيرا وفي آخرها خيرا الا قال لملائكة اشهدوا انى قد غفرت لعبدى ما بين طرفى الصحيفة كما في كشف الاسرار وفي الحديث نظفوا لثاتكم جمع لثة بالكسر وفتح الثاء المخففة وهى اللحمة التي فوق الأسنان ودون الأسنان وهى منابتها والعمور اللحمة القليلة بين السنين واحدها عمر بفتح العين فأمر بتنظيفها لئلا يبقى فيها وضر الطعام فتتغير منه النكهة وتتنكر الرائحة ويتأذى المكان لانه طريق القرآن ومقعد الملكين عندنا بيه (وروى) فى الخبر فى قوله ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد قال عندنا بيه كما في تفسير القرطبي في سورة البقرة وفي الحديث نقوا براجمكم وهى مفاصل الأصابع والعقد التي على ظهرها يجتمع فيها من الوسخ واحدها برجمة بضمتى الباء والجيم وسكون الراء بينهما وهو ظهر عقدة كل مفصل فظهر العقدة يسمى برجمة وما بين العقدتين يسمى راجبة وجمعها رواجب وذلك مما يلى ظهرها وهو قصبة الأصابع فلكل إصبع برجمتان وثلاث راجب الا الإبهام فان له برجمة وراجبتين فأمر بتنقيته لئلا يدرن فيبقى فيه الجنابة ويحول الدرن بين الماء والبشرة والجنب لا تقربه ملائكة الرحمن الى أن يتطهر وعن مجاهد قال ابطأ جبريل عليه السلام على النبي عليه السلام ثم أتاه فقال له عليه السلام ما حبسك يا جبريل قال وكيف آتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ولا تأخذون من شواربكم ولا تنقون براجمكم ولا تستاكون ثم قرأ وما نتنزل الا بأمر ربك كما في سفينة الأبرار وفي الخبر النبوي قال عليه السلام نقوا أفواهكم بالخلال فانها مجلس الملكين الكريمين الحافظين وان مدادهما الريق وقلمهما اللسان وليس عليهما شيء امر من بقايا الطعام بين الأسنان كما في اسئلة الحكم قال الامام حجة الإسلام أليس الله منع الجنب والمحدث عن الدخول الى بيته ومس كتابه فقال عز من قائل ولا جنبا الا عابرى سبيل وقال تعالى لا يمسه الا المطهرون مع انهما اثر مباح فكيف بمن هو منغمس في قذر الحرام ونجاسة السحت والشبهة مع من يدعى الى خدمة الله العزيز وذكره الشريف وصحبته الطاهرة سبحانه كلا لا يكون ذلك ابدا كما في الاسرار المحمدية إخواني فكر القلب في المباحات يحدث له ظلمة فكيف تدابير الحرام إذا غير المسك الماء منع الوضوء به فكيف ولوغ الكلب كما في درياق الذنوب لابى الفرج ابن الجوزي وفي الحديث ان الله ملكا على بيت المقدس ينادى كل ليلة الأكل من أكل حراما لم يقبل منه صرف ولا عدل فالصرف النافلة والعدل(9/116)
الفريضة كما في الاحياء واطلاق الآية يدل على ان للكفار كتابا وحفظة فان قيل فالذى يكتب عن يمينه إذا اى شيء يكتب ولم يكن لهم حسنات يقال له الذي عن شماله يكتب بإذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وان لم يكتب كما في بستان العارفين وفائدة حضور صاحب اليمين احتمال الايمان وهو اللائح بالبال وفي الحديث ان الله تبارك وتعالى وكل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله فاذا مات قال الملكان اللذان وكلا به يكتبان عمله قدمات فلان فتأذن لنا فنصعد الى السماء فيقول الله تعالى سمائى مملوءة من ملائكتى يسبحون فيقولان فأين فيقول قوما على قبر عبدى فكبرانى وهللانى واكتبا ذلك لعبدى الى يوم القيامة قال بعض الكبار من اهل البرزخ من يخلق الله تعالى من همتهم من يعمل في قبورهم بغالب أعمالهم في الدنيا ويكتب الله تعالى لعبده ثواب ذلك العمل الى آخر البرزخ كما وقع لثبات المنائى قدس سره فانهم وجدوا في قبره شخصا على صورته يصلى فظنوا انه هو وانما هو مخلوق من همته وكذلك المثالات المتخيلة في صور أهل البرازخ لاهل الدنيا في النوم واليقظة فاذا رؤى مثال أحدهم فهو اما ملك خلقه الله تعالى من همة ذلك الولي واما مثال اقامه الله تعالى على صورته لتنفيذ ما شاء الله من حوائج الناس وغيرها فأرواح الأولياء في البرزخ مالها خروج منه ابدا
واما أرواح الأنبياء عليهم السلام فانها مشرفة على وجود الدنيا والآخرة كما في كتاب الجواهر للشعرانى ومن ذلك ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه ضرب بعض الصحابة خبائه على قبر وهو لا يشعر أنه قبر فاذا فيه انسان يقرأ سورة الملك فأتى النبي عليه السلام فأخبره فقال عليه السلام هى المانعة هى المنجية تنجيه من عذاب القبر كما في حل الرموز يقول الفقير بعض الآثار يدل على ان بعض الأرواح يطوف في الأرض كالصديق والفاروق رضى الله عنهما كما أشار اليه قوله عليه السلام ان لى وزيرين في الأرض أبا بكر وعمر وايضا ان المهدى رضى الله عنه إذا خرج يستصحب اصحاب الكهف وروحانية شخصين من كمل هذه الامة وايضا قد اشتهر في الروايات خروج بعض الأرواح من القبور في بعض الأيام والليالى والشهور بأذن الملك الغفور الا أن يأول كل ذلك والعلم عند الله تعالى وفي التأويلات النجمية يشير ان من لم يعرف قدر قربى اليه ويكون بعيدا منى بخصاله الذميمة وفعاله الرديئة ولم ارض بأن أكون رقيبه او كل عليه رقيبين ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد يكتب بقلم حركاته ومدادنيته على صحيفة قلبه فان كانت حركاته شرعية ونيته صافية تجيئ كتابته نورانية وان كانت حركاته طبيعية حيوانية ونيته هوائية شهوانية تجيئ كتابته ظلمانية نفسانية فمن هنا تبيض وجوه وتسود وجوه وفيه ايضا اشارة الى كمال عنايته في حق عباده إذ جعل على كل واحد رقيبين من الملائكة المقربين ليحفظوه بالليل والنهار إذا كان قاعدا فواحد عن يمينه وواحد عن شماله وإذا نام فواحد عن رأسه وواحد عن قدمه وإذا كان ماشيا فواحد بين يديه واخر خلفه ويقال هما اثنان بالليل لكل واحد واثنان بالنهار ويقال بل الذي يكتب الخيرات كل يوم آخران والذي يكتب الشر والزلة كل يوم هو الذي كان بالأمس ليكثر شهود الطاعة غدا وتقل شهود المعصية ويقال بل الذي يكتب المعصية كل يوم اثنان آخران لئلا يعلم(9/117)
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19)
من مساويك الا القليل منهم فيكون علم المعاصي متفرقا فيهم انتهى وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ السكرة استعارة لشدة الموت وغمرته الذاهبة بالعقل انما لم يجعل الموت استعارة بالكناية ثم اثبات السكرة له تخييلا لان المقام أدعى للاستعارة التحقيقية وعبر عن وقوعها بالماضي إيذانا تحققها وغاية اقترابها حتى كأنها قدأتت وحضرت كما قيل قد أتاكم الجيش اى قرب إتيانه والباء اما للتعدية كما في قولك جاء الرسول بالخبر والمعنى حضرت سكرة الموت اى شدته التي تجعل الإنسان كالسكران بحيث تغشاه وتغلب على عقله حقيقة الأمر الذي نطق به كتاب الله ورسله او حقيقة الأمر وجلية الحال من سعادة الميت وشقاوته واما للملابسة كالتى في قوله تعالى تنبت بالدهن اى ملتبسة بالحق اى بحقية الأمر أو بالحكمة والغاية الجميلة وقال بعضهم أتت وحضرت بأمر الله الذي هو حق (وحكى) ان رجلا أتى عمر رضى الله عنه فقال انى أحب الفتنة واكره الحق وأشهد بما لم أره فحبسه عمر رضى الله عنه فبلغت قصته عليا رضى الله عنه فقال يا عمر حبسته ظلما فقال كيف ذلك قال لانه يحب المال والولد قال تعالى انما أموالكم وأولادكم فتنة ويكره الموت وهو الحق قال تعالى وجاءت سكرة الموت بالحق ويشهد بأن الله واحد لم يره فقال عمر لولا على لهلك عمر ذلِكَ اى يقال للميت بلسان الحال وان لم يكن بلسان القال او تقول ملائكة ذلك الموت يا انسان ما موصولة اى الأمر الذي كُنْتَ فى الدنيا مِنْهُ متعلق بقوله تَحِيدُ من حاد عنه يحيد حيدا إذا مال عنه اى تميل وتهرب منه وبالفارسية مى كريختى ومى ترسيدى واو را مكروه ميداشتى بل تحسب انه لا ينزل عليك بسبب محبتك الحياة الدنيا كما في قوله او لم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال اى أقسمتم بألسنتكم بطرا وأشرا وجهلا وسفها او بألسنة الحال حيث بنيتم مشيدا واملتم بعيدا ولم تحدثوا أنفسكم بالانتقال منها الى هذه الحالة فكأنكم ظننتم انكم مالكم من زوال مما أنتم عليه من التمتع بالحظوظ الدنيوية فالخطاب فى الآية للانسان المتقدم على طريق الالتفات فان النفرة عن الموت شاملة لكل فرد من افراده طبعا ويعضده ما روى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت أخذت أبا بكر غشية من الموت فبكيت عليه فقلت
من لا يزال دمعه مقنعا ... لا بد يوما انه مهراق
فأفاق ابو بكر رضى الله عنه فقال بل جاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد وما روى انها قالت ان من نعم الله على أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم توفى في بيتي وبين سحرى ونحرى وان الله جمع بين ريقى وريقه عند موته ودخل عبد الرحمن بن ابى بكر رضى الله عنه على وبيده سواك وانا مسندة رسول الله فرأيته ينظر اليه وعرفت انه بحب السواك فقلت آخذه لك فأشار برأسه أن نعم فتناوله فاشتد عليه فقلت ألينه لك فأشار برأسه أن نعم فلينته فأمره وبين يديه ركوة فيها ماء فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ويقول لا اله الا الله ان للموت سكرات ثم نصب يده فجعل يقول في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده وجوز في الكشاف ان تكون الاشارة الى الحق والخطاب للفاجر وهذا هو الظاهر لان الكلام(9/118)
فى الفجار قاله سعدى المفتى وفي الحديث القدسي (وما رددت في شيء انا فاعله) بتشديد الدال يعنى ما رددت ملائكتى الذين يقبضون الأرواح (ما رددت في قبض نفس عبدى المؤمن) اى مثل ترديدى إياهم في قبض أرواح المؤمنين بأن أقول اقبضوا روح فلان ثم أقول لهم أخروه وفي بعض النسخ ما ترددت ولما كان التردد وهو التحير بين الشيئين لعدم العلم بأن الأصلح أيهما محالا في حق الله تعالى حمل على منتهاه وهو التوقف يعنى ما توقفت فيما أفعله مثل توقفى في قبض نفس المؤمن فانى أتوقف فيه وأريه ما أعددت له من النعم والكرامات حتى يميل قلبه الى الموت شوقا الى لقائى يكره الموت استئناف عمن قال ما سبب ترددك أراد به شدة الموت لان الموت نفسه يوصل المؤمن الى لقاء الله فكيف يكرهه المؤمن (وانا اكره مساءته) اى أذاه بما يلحقه من صعوبة الموت وكربه (ولا بد منه) اى للعبد من الموت لا انه مقدر لكل نفس
كذا في شرح المشارق لابن الملك قال في كشف الاسرار هر جند كه حالت مرك بظاهر صعب مى نمايد لكن دوستانرا اندر آن حال در باطن همه عز وناز باشد واز دوست هر لمحه راحتى ودر هر ساعتى خلعتى آيد مصطفى عليه السلام ازينجا كفته (تحفة المؤمن الموت) هيچ صاحب صدق از مرك نترسد حسين بن على رضى الله عنهما پدر را ديد كه پيراهن حرب ميكرد كفت ليس هذازى المحاربين على كفت ما يبالى أبوك أسقط على الموت أم سقط الموت عليه صدق زاد سفر مرك است ومرك راه بقاست وبقا سبب لقاست من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه عمار بن ياسر رضى الله عنه عمر وى به نود سال رسيد نيزه در دست كرفتى ودستش مى لرزيدى مصطفى عليه السلام او را كفته بود آخر قوت تو از طعام دنيا شربتى شير باشد در حرب صفين عمار حاضر بود نيزه در دست كرفته وتشنكى بر وى افتاده شربتى آب خواست قدحى شير بوى دادند يادش آمد حديث مصطفى كه امروز روز دولت عمارست آن شربت بكشيد و پيش رفت وميكفت اليوم نلقى الاحبه محمدا وحزبه (وفي المثنوى)
همچنين باد أجل با عارفان ... نرم وخوش همچون نسيم يوسفان
آتش ابراهيم را دندان نزد ... چون كزيده حق بود چونش كزد
پس رجال از نقل عالم شادمان ... وز بقايش شادمان اين كودكان
چونكه آب خوش نديد آن مرغ كور ... پيش او كوثر نمايد آب شور
وعن صاحب المثنوى انه لما حضره الموت ورأى ملك الموت عند الباب قال
پيش ترا پيش تر جان من ... پيك در حضرت سلطان من
قالوا ينزل عند الموت اربعة من الملائكة ملك يجذب النفس من قدمه اليمنى وملك يجذبها من قدمه اليسرى وملك يجذبها من يده اليمنى وملك يجذبها من يده اليسرى فيجذبونها من أطراف البنان ورؤس الأصابع ونفس المؤمن المطيع تنسل انسلال القطرة من السقاء واما الفاجر فينسل روحه كالسفود من الصوف المبلول وهو يظن ان بطنه قد ملئت شوكا وكأن نفسه تخرج من ثقب ابرة وكأن السماء انطبقت على الأرض وهو بينهما فان قلت مع وجود هذه السكرات لم لا يصيح المحتضر كما يصيح من به ألم من الضرب وغيره قلت انما يستغيث المضروب ويصيح(9/119)
لبقاء قوته في قلبه وفي لسانه وانما ينقطع صوت الميت وصياحه مع شدته لان الكرب قد بولغ فيه وتصاعد على قلبه وغلب على كل موضع منه اعنى البدن فهد كل قوة وأضعف كل جارحة فلم يترك له قوة الاستغاثة قال وهب بن منبه بلغنا انه ما من ميت يموت حتى يرى الملكين اللذين كانا يحفظان عمله في الدنيا فان صحبهما بخير قالا جزاك الله خيرا فرب مجلس خير قد أجلستنا وعمل صالح قد أحضرتنا وان كان رجل سوء قالا جزاك الله شرا فرب مجلس شر قد أجلستنا ورب كلام سوء قد اسمعتنا قال فذلك الذي يشخص بصر الميت ثم لا يرجع الى الدنيا ابدا (قال الشيخ سعدى)
دريغست فرموده ديو زشت ... كه دست ملك بر تو خواهد نوشت
روا دارى از جهل وناپاكيت ... كه پاكان نويسند ناپاكيت
وربما كشف للميت عن الأمر الملكوتي قبل أن يغر غرفعاين الملائكة على حقيقة عمله اى على صورهى حقائق اعماله فان كانت اعماله حسنة يراهم على صورة حسنة وان كانت سيئة فعلى صور قبيحة ثم مراتب الحسن والقبح متفاوتة بحسب حسن الأعمال وقبحها وبحسب أنواعها فالملائكة لا يراهم البشر على ما يتحيزون اليه من عالمهم الا ما كان من النبي عليه السلام من رؤية جبريل مرتين على صورته الاصلية وفي التأويلات النجمية إذا اشرف الناس على الخروج من الدنيا فأحوالهم تختلف فمنهم من يزداد في ذلك الوقت خوفه ولا يتبين حاله الا عند ذهاب الروح ومنهم من يكاشف قبل خروجه فيسكن روعه ويحفظ عليه قلبه ويتم له حضوره وتمييزه فيسلم الروح على مهل من غير استكراه وعبوس ومنهم ومنهم وفي معناه يقول بعضهم
أنا ان مت فالهوى حشو قلبى ... وابتداء الهوى بموت الكرام
قال بعض الكبار ان السيد عبد القادر الجيلي قدس سره لما حضرته الوفاة وضع خده على الأرض وقال هذا هو الحق الذي كنا عنه في حجاب فشهد على نفسه بأن مقام الا دلال الذي كان فيه نقص بالنسبة الى حاله الذي ظهر له عند الموت وتمم الله حاله عند الموت ومات على الكمال وعكس هذا ما حكى ان مولانا حميد الدين اخذه اضطراب عظيم في مرض موته فقيل له اين علومك ومعارفك فقال يطلبون منا القلب وأحوال القلب وذلك غير موجود عندنا فالاضطراب من تلك الجهة (وروى) لبعضهم كلمات عالية ثم رؤى حالة الرحلة في غاية التشوش وقد ذهب عنه التحقيقات وذلك لان الأمر الحاصل بالتكلف لا يستقر حال المرض والهرم فكيف حال مفارقة الروح فلذا انتقل البعض في مقام القبض والهيبة وقد روى ان بعضهم ضحك عند الموت وقال لمثل هذا فليعمل العاملون وبعضهم بكى وقال ما لهذا نسعى طول عمرنا وأراد تجلى الله تعالى عند ذلك فاذا كان حال ارباب الأحوال هكذا فما ظنك بأحوال غيرهم وقد قالوا ان سكرات الموت بحسب الأعمال ولاحوال وقد تظهر صفات حسنها وقبحها عند الموت فالمغتاب تقرض شفاهه بمقاريض من نار والسامع للغيبة يسلك فى اذنيه نار جهنم وآكل الحرام يقدم له الزقوم كذلك الى آخر اعمال العبد كل ذلك يظهر عند سكرات الموت فالميت يجوزها سكرة بعد سكرة فعند آخرها يقبض روحه وكان عليه(9/120)
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25)
السلام يقول اللهم هون على محمد سكرات الموت وانما لا يستعيذ اكثر الناس من الموت ومن أهواله وسكراته لما غلب عليهم من الجهل فان الأشياء قبل وقوعها انما تدرك بنور النبوة والولاية ولذلك عظم خوف الأنبياء والأولياء من الموت
يا من بدنياه اشتغل ... وغره طول الأمل
الموت يأتى بغتة ... والقبر صندوق العمل
(قال الحافظ)
سپهر بر شده پرويز نيست خون افشان ... كه ريزه اش سر كسرى وتاج پرويزست
بدان اى جوانمرد كه از عهد آدم تا فناى عالم كس از مرك نرست تو نيز نخواهى رست الموت كاس وكل الناس شاربه
خانه پر كندم ويك جو نفرستاده بكور ... غم مركت چوغم برك زمستانى نيست
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ هى النفخة الثانية وهى نفخة البعث والنشور والنافخ اسرافيل عليه السلام وقد سبق الكلام في الصور ذلِكَ اى وقت ذلك النفخ على حذف المضاف يَوْمُ الْوَعِيدِ اى يوم انجاز الوعيد الواقع في الدنيا وتحقيقه والوعيد التهديد او يوم وقوع الوعيد على انه عبارة عن العذاب الموعود وتخصيص الوعيد بالذكر مع انه يوم الوعد ايضا لتهويله ولذا بدئ ببيان حال الكفرة وَجاءَتْ ومى آيد دران روز بعرصه محشر كُلُّ نَفْسٍ من النفوس البرة والفاجرة مَعَها إلخ محله النصب على الحالية من كل لاضافته الى ما هو في حكم المعرفة كأنه قيل كل النفوس سائِقٌ وَشَهِيدٌ وان اختلف كيفية السوق والشهادة حسب اختلاف النفوس عملا اى معها ملكان أحدهما يسوق الى المحشر والآخر يشهد بعملها خيرا او شرا وفي كشف الاسرار يسوق الكافر سائقه الى النار ويشهد الشهيد عليه بمعصيته ويسوق السائق المؤمن الى الجنة ويشهد الشهيد له بطاعته انتهى وهل الملكان الكاتبان في الدنيا هما اللذان ذكرهما الله في قوله سائق وشهيد او غيرهما فيه خلاف كما في فتح الرحمن او معها ملك جامع بين الوصفين كانه قيل معها ملك يسوقها ويشهد لها او عليها وقال الواسطي سائقها الحق وشهيدها الحق اى بالنظر الى الحقيقة فى الدنيا والآخرة لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا الغفلة معنى يمنع الإنسان من الوقوف على حقيقة الأمور وفي المفردات سهو يعترى من قلة التحفظ والتيقظ والمعنى يقال له يوم القيامة او وقت النشور او وقت العرض لقد كنت أيها الشخص في الدنيا في غفلة من هذا اليوم وغوائله وفي فتح الرحمن من هذا النازل بك اليوم وقال ابن عباس رضى الله عنهما من عاقبة الكفر وفي عين المعاني اى من السائق والشهيد وخطاب الكل بذلك لما انه ما من أحد إلا وله غفلة ما من الآخرة وقيل الخطاب للكافر وقرئ كنت بكسر التاء على اعتبار تأنيث النفس وكذا الخطابات الآتية فَكَشَفْنا اى أزلنا ورفعنا عَنْكَ غِطاءَكَ الذي كان على بصرك ولغطاء الحجاب المغطى لامور المعاد وهو الغفلة والانهماك فى المحسوسات والالفة بها وقصر النظر عليها قال في المفردات الغطاء ما يجعل فوق الشيء(9/121)
وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23)
من لباس ونحوه كما ان الغشاء كذلك وقد استعير للجهالة قال تعالى فكشفنا الآية يعنى برداشتيم از ديده تو پوشش جهل وغفلت ترا تا هر چهـ شنوده بودى معاينه بينى وحقيقتش ادراك ميكنى وفي الكواشي او الغطاء القبر اى أخرجناك منه فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ اى نافذ وبالفارسية تيزست تبصر ما كنت تنكره وتستبعده في الدنيا لزوال المانع للابصار ولكن لا ينفعك وهذا كقوله أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا يقال حددت السكين رققت حدها ثم يقال لكل حاذق في نفسه من حيث الخلقة او من حيث المعنى كالبصر والبصيرة حديد فيقال هو حديد النظر وحديد الفهم ويقال لسان حديد نحو لسان صارم وماض وذلك إذا كان يؤثر تأثير الحديد وفي الآية اشارة الى ان الإنسان وان خلق من عالمى الغيب والشهادة فالغالب عليه في البداية الشهادة وهى العالم الحسى فيرى بالحواس الظاهرة العالم المحسوس مع اختلاف أجناسه وهو بمعزل عن ادراك عالم الغيب فمن الناس من يكشف الله غطائه عن بصر بصيرته فيجعل بصره حديدا يبصر رشده ويخذر شره وهم المؤمنون من أهل السعادة ومنهم من يكشف الله عن بصر بصيرته يوم القيامة يوم لا ينفع نفسا إيمانها وهم الكفار من أهل الشقاوة
كرت رفت از اندازه بيرون بدى ... چوكفتى كه بد رفت نيك آمدى
فراشو چوبينى در صلح باز ... كه ناكه در توبه كردد فراز
كنون با خرد بايد انباز كشت ... كه فردا نماند ره باز كشت
ومن كلمات امير المؤمنين على رضى الله عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا
حال خلد وجحيم دانستم ... بيقين آنچنانكه مى بايد
كر حجاب از ميانه بر كيرند ... آن يقين ذره نيفزايد
يعنى ان عين اليقين الحاصل لاهل الحجاب في الآخرة حاصل لاهل الكشف في الدنيا فانهم ترقوا من علم اليقين الى عين اليقين في هذه الدار فطابوا وقتا فكأنهم في الجنان في الحال وكل يوم لهم يوم المزيد وفيه اشارة الى سر عظيم وهو أن أهل النار يزول عن أبصارهم الحجب المانعة عن اليقين والعيان وذلك بعد احتراق ظواهرهم وبواطنهم أحقابا كثيرة فيرون إذ ذاك من أثر الجمال ما رآه العارفون في هذه الدار فحينئذ لا يبقى للعذاب خطر إذ الاحتراق على الشهود سهل ألا ترى الى النسوة اللاتي قطعن أيديهن كيف لم يكن لهن حسن بالقطع على شهود يوسف ولكن ليس لاهل النار نعيم كأكل وشرب ونكاح فاعرف وَقالَ قَرِينُهُ وكويد همنشين او يعنى الشيطان المقيض له مشيرا اليه هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ اى هذا ما عندى وفي ملكتى ومقدورى عتيد لجهنم قد هيأنه لها بإغوائي وإضلالي وقيل قال الملك الموكل به يعنى الرقيب الذي سبق ذكره مشيرا الى ما هو من كتاب عمله هذا مكتوب عندى عتيد مهيأ للعرض فان كان العبد من اهل الايمان والجنة أحضر كتاب حسناته لان سيئاته قد كفرت وان كان من أهل الكفر والنار أحضر كتاب سيئاته لان حسناته حبطت بكفره وما ان جعلت موصوفة فعتيد صفتها وان جعلت موصولة فهى بدل منها او خبر بعد خبر او خبر لمبتدأ محذوف فعلى العاقل أن لا يطع الشيطان ولا يلتفت الى اغوائه في كل زمان ومكان فانه يدعو الى النار(9/122)
أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25)
وقهر الجبار (روى) ان النبي عليه السلام سار ليلة المعراج فرأى عجوزا على جنب الطريق فقال ما هذه يا جبريل فقال سريا محمد فسار ما شاء الله فاذا بشيء يدعوه متنحيا عن الطريق يقول هلم يا محمد وأنه عليه السلام مر بجماعة فسلموا عليه وقالوا السلام عليك يا أول السلام عليك يا آخر فقال جبريل اردد عليهم السلام فرد ثم قال جبريل اما العجوز فالدنيا ولم يبق من الدنيا الا ما بقي من عمر تلك العجوز اما لو أجبتها لاختار أمتك الدنيا على الآخرة واما لذى دعاك فأبليس واما الذين سلموا عليك فابراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام قال بعض العارفين خلق الله إبليس ليميز به العدو من الحبيب والشقي من السعيد فخلق الله الأنبياء ليقتدى بهم السعداء وخلق إبليس ليقتدى به الأشقياء ويظهر الفرق بينهما فابليس دلال وسمسار على النار والخلاف وبضاعته الدنيا ولما عرضها على الكافرين قيل ما ثمنها قال ترك الدين فاشتروها بالدين وتركها الزاهدون وأعرضوا عنها والراغبون فيها لم يجدوا في قلوبهم ترك الدين ولا ترك الدنيا فقالوا له أعطنا مذاقة منها حتى ننظر ما هى فقال إبليس أعطوني رهنا فأعطوه سمعهم وأبصارهم ولذا يحب أرباب الدنيا استماع اخبارها ومشاهدة زينتها لان سمعهم وأبصارهم رهن عند إبليس فأعطاهم المذاقة بعد قبض الرهن فاستمعوا من الزهاد عيب الدنيا ولم يبصروا قبائحها بل استحسنوا زخارفها ومتاعها فلذلك قيل حبك الشيء يعمى ويصم وقال بعضهم خلق الله إبليس ليكون المؤمن في كنف رعاية المولى وحفظه لانه لولا الذئب لم يكن للغنم راع وخلق الله إبليس من ظلمة وخبث وطبعه على العداوة نسأل الله الحفظ والعصمة منه أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ خطاب من الله تعالى للسائق والشهيد أو لملكين من خزنة النار او لواحد وهو الملك الجامع للوصفين او خازن النار على تنزيل تثنية الفاعل تثنية الفعل وتكريره للتأكيد كأنه قيل ألق ألق حذف الفعل الثاني ثم اتى بفاعله وفاعل الفعل الاول على صورة ضمير الاثنين متصلا بالفعل الاول او على ان الالف بدل من نون التأكيد على اجزاء الوصل مجرى الوقف ويؤيده انه قرئ ألقين بالنون الخفيفة مثل لنسفعن فانه إذا وقف على النون تنقلب ألفا فتكتب بالألف على الوقف ووجه آخر هو أن العرب اكثر ما يرافق الرجل منهم اثنان يعنى أدنى الأعوان في السفر اثنان فكثر في ألسنتهم أن يقولوا خليلى وصاحبى وقفا وأسعدا حتى خاطبوا الواحد خطاب الاثنين كما قال امرؤ القيس
خليلى مرابى على أم جندب ... لتقضى حاجات الفؤاد المعذب
ألم ترأنى كلما جئت طارقا ... وجدت بها طيبا وان لم تطيب
فثنى في البيت الاول ووحد في البيت الثاني كُلَّ كَفَّارٍ كل مبالغ في الكفر بالمنعم والنعم جاحد بالتوحيد معرض عن الايمان وقيل كل كافر حامل غيره على الكفر عَنِيدٍ معاند للحق يعرف الحق فيجحده والعناد أقبح الكفر وقال قتادة منحرف عن الطاعة وقال السدى مشتق من العند وهو عظم يعترض في الحلق او معجب بما عنده كأنه من قولهم عندى كذا كما في عين المعاني وقال في المفردات العنيد المعجب بما عنده والمعاند المتباهى بما عنده والعنود الذي يعند عن القصد اى يميل عن الحق ويرده عارفا به مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ كثير المنع للمال(9/123)
الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)
عن حقوقه مفروصة زكاة او غيرها از طبع على الشر والإمساك كما ان الكافر طبع على الكفر والعنيد طبع على العباد او مناع لجنس الخير أن يصل لى أهله يحول بينه وبينهم والمنع صد العطية يقال رجل مانع ومناع اى بخيل وقد يقال في الحماية ومنه مكان منيع وقيل المراد بالخير الإسلام فان الآية نزلت في الوليد بن المغيرة لما منع بنى أخيه منه وكان يقول من دخل منكم فيه لم أنفعه بخير ما عشت مُعْتَدٍ الاعتداء مجاوزة الحق اى ظالم متخط للحق معاد لأهله مُرِيبٍ شاك في الله وفي دينه فهوه صيغة نسبة بمعنى ذى شك وريب اى موقع في الريبة وقبل متهم الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ مبتدأ متضمن معنى الشرط خبره قوله فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ او بدل من كل كفار وقوله فألقياه تكرير للتوكيد والفاء للاشعار بأن الإلقاء للصفات المذكورة وفي الحديث بينما الناس ينتظرون الحساب إذ بعث الله عنقا من النار يتكلم فيقول أمرت بثلاثة بمن دعا مع الله الها آخر وبمن قتل بغير حق وبجبار عنيد فيلقطهم من الناس كما يلقط الطير الحب ثم بصيرهم في نار جهنم وفي تفسير الفاتحة للفنارى يخرج عنق من النار اى قبل الحساب والناس وقوف قد ألجمهم العرق واشتد الخوف وتصدعت القلوب لهول المطلع فاذا اشرف على الخلائق له عينان ولسان فصيح يقول يا أهل الموقف انى وكلت منكم بثلاثة وذلك ثلاث مرات انى وكلت بكل جبار عنيد فيلقطهم من بين الصفوف كما يلقط الطائر حب السمسم فاذا لم يترك أحدا منهم في الموقف نادى نداء ثانيا يا أهل الموقف انى وكلت بمن أذى الله ورسوله فيلقطهم كما يلقط الطائر حب السمسم بين الخلائق فاذا لم يترك منهم أحدا نادى ثالثا يا أهل الموقف انى وكلت بمن ذهب يخلق كخلق الله فيلقط اهل التصاوير وهم الذين يصورون الكنائس لتعبد تلك الصور والذين يصورون الأصنام وهو قوله أتعبدون ما تنحتون وكانوا ينحتون لهم الأخشاب والأحجار ليعبدوها من دون الله فيلقطهم من بين الصفوف كما يلقط الطائر حب السمسم فاذا أخذهم الله عن آخرهم وبقي الناس وفيهم المصورون الذين لا يقصدون بتصويرهم عباداتها حتى يسألوا عنها لينفخوا فيها أرواحا تحيى بها وليسوا بنافخين كما ورد فى الخبر في المصورين فيقفون ما شاء الله ينتظرون ما يفعل الله بهم والعرق قد ألجمهم وفي الآية اشارة الى الهوى والدنيا فمن عبدهما وجعلهما الهين آخرين مع الله عذب بطلب الدنيا بالحرص والغفلة (قال العطار قدس سره)
چشم كرسنه سير ز نعمت نمى شود ... غربال را ز كثرت حاصل چهـ فائده
قالَ قَرِينُهُ بغير وواو لأن الاول خطاب للانسان من قرينه ومتصل بكلامه والثاني استئناف خاطب الله سبحانه من غير اتصال بالمخاطب وهو قوله ربنا ما أطغيته وكذلك الجواب بغير واو وهو قال لا تختصموا لدى وكذلك ما يبدل القول لدى فجاء الكل على نسق واحد كما في برهان القرآن اى قال الشيطان المقيض للكافر (قال الكاشفى) چون خواهند كه كافر را در دوزخ افكنند كويد مرا چهـ كناهست كه ديو بر من مسلط بود ومرا كمراه كردانيد ديو را حاضر سازند تكذيب ميكند ودل على هذا التقاول والسؤال المحذوف قوله لا تختصوا رَبَّنا اى پروردگار ما ما أَطْغَيْتُهُ اى ما جعلته طاغيا وما أوقعته في الطغيان(9/124)
قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29)
وهو تجاوز الحد في العصيان وَلكِنْ كانَ هو بالذات فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ من الحق طويل لا يرجع عنه فأعنته عليه بالإغواء والدعوة اليه من غير قسر والجاء كما في قوله تعالى وما كان لى عليكم من سلطان الا أن دعوتكم فاستجبتم لى وذلك فان إغواء الشيطان انما يوثر فيمن كان مختل الرأى مائلا الى الفجور ضالا عن طريق الحق واقعا دونه بمراحل وفي الحديث انما أنا رسول وليس الى من الهداية شيء ولو كانت الهداية الى لآمن كل من في الأرض وانما إبليس مزين وليس له من الضلالة شيء ولو كانت الضلالة اليه لا ضل كل من في الأرض ولكن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء قالَ كأنه قيل فماذا قال الله لابن آدم وشيطانه المقيض له في الدنيا فقيل قال تعالى لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ اى في موقف الحساب والجزاء إذ لا فائدة في ذلك قال بعضهم هذا الخطاب في لكفار واما قوله ثم انكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ففى المؤمنين في الظالم فيما بينهم لان الاختصام في الظالم مسموع وهذا في الموقف وأما قوله ان ذلك لحق تخاصم أهل النار ففي جهنم فظهر التوفيق بين الآيات وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ على الطغيان في دار الكسب والتكليف في كتبى وألسنة رسلى فما تركت لكم حجة على فلا تطمعوا في الخلاص منه بما أنتم فيه من التعلل بالمعاذير الباطلة والجملة حال فيها تعليل للنهى على معنى لا تختصموا وقد صح عندكم وعلمتم انى قدمت إليكم بالوعيد حيث قلت لا بليس لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين فاتبعتموه معرضين عن الحق فلا وجه للاختصام في هذا الوقت وانما قدر المعنى هكذا ليصح جعله حالا فان مقارنة الحال لذيها في الزمان واجبة ولا مقارنة بين تقديم الوعيد في الدنيا والاختصام في الآخرة والباء مزيدة او معدية على ان قدم بمعنى تقدم ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ اى لا يغير قولى في الوعد والوعيد فما يظهر في الوقت هو الذي قضيته في الأزل لا مبدل له والعفو عن بعض المذنبين لاسباب داعية إليه ليس بتبديل فان دلائل العفو تدل على تخصيص الوعيد يعنى ولا مخصص في حق الكفار فالوعيد على عمومه في حقهم قال الجلال الدواني فى شرح العضد ذهب بعض العلماء الى ان الخلف في الوعيد جائز على الله تعالى لا في الوعد وبهذا وردت السنة حيث قال عليه السلام من وعد لاحد على عمله ثوابا فهو منجز له ومن أوعده على عمله عقابا فهو بالخيار والعرب لا تعد عيبا ولا خلفا أن يعد شرا ثم لا يفعله بل ترى ذلك كرما وفضلا وانما الخلف أن يعد خيرا ثم لا يفعله كما قال
وانى إذا أوعدته او وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدى
واحسن يحيى بن معاذ رضى الله عنه في هذا المعنى حيث قال الوعد والوعيد حق فالوعد حق العباد على الله ضمن لهم إذا فعلوا ذلك أن يعطيهم كذا ومن اولى بالوفاء من الله والوعيد حقه على العباد قال لا تفعلوا كذا فأعذبكم ففعلوا فان شاء عفا وان شاء آخذ لانه حقه واولاهما العفو والكرم لانه غفور رحيم فالله تعالى لا يغفر أن يشرك به فينجز وعيده في حق المشركين ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فيجوز أن يخلف وعيده في حق المؤمنين ولاهل الحقائق كلام آخر مذكور في محله عافانا الله وإياكم من بلائه وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ اى وما(9/125)
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)
أنا بمعذب للعبيد بغير ذنب من قبلهم والتعبير عنه بالظلم مع ان تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم على ما تقرر من قاعدة أهل السنة فضلا عن كونه ظلما مفرطا لبيان كمال نزاهته تعالى عن ذلك بتصوير بصورة ما يستحيل صدوره عنه من الظلم وصيغة المبالغة لتأكيد هذا المعنى بأبراز ما ذكر من التعذيب بغير ذنب في معرض المبالغة في الظلم وقيل هى لرعاية جمعية العبيد من قولهم فلان ظالم لعبده وظالم لعبيده على انها مبالغة كما لا كيفا وقال بعضهم يفهم من ظاهر العبارة جواز الظلم المحال منه تعالى إذا النفي مسلط على القيد الذي هو الظلامية والجواب على ما اختاره كثير من المحققين ان المبالغة مسلطة على النفي لا على القيد كما في قوله ما انا يكذوب يعنى ان أصله ليس بظالم ثم نقل مع نفيه الى صيغة المبالغة فكانت المبالغة راجعة الى النفي على معنى ان الظلم منفى عنه نفيا مؤكدا مضاعفا ولو جعل النفي داخلا على صيغة المبالغة بأن ضعف ظالم بدون نفيه ثم أدخل عليه النفي لكان المعنى ان ضعف الظلم منفى عنه تعالى ولا يلزم منه نفى أصله والله تعالى منزه عن الظلم مطلقا يقول الله تعالى انى حرمت الظلم على نفسى وحرمته على عبادى فلا تظالموا ويقول الله تعالى اشتد غضبى على من ظلم من لا يجد ناصرا غيرى وعن بعض السلف دعوتان ارجوا إحداهما كما أخشى الاخرى دعوة مظلوم أعنته ودعوة ضعيف ظلمته وكان من ديدن السلطان بسمرقند الامتحان بنفسه مرات لطلبة مدرسته المرتبين أعالى وأواسط وأدانى بعد تعيين جماعة كثيرة من العدول غير المدرس للامتحان من الأفاضل حذرا من الحيف وكان يعد الحيف في الرتبة بين المستعدين من قبيل الكفر في الدين (قال الشيخ سعدى)
چوخواهى كه فردا برى مهترى ... مكن دشمن خويشتن كهترى
كه چون بگذرد بر تو اين سلطنت ... بگيرد بقهر آن كدا دامنت
وفي الآية اشارة الى ان الله تعالى قال هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي فلا يبدل قوله تعالى فلابد للجنة من أهلها وللنار من أهلها ولو عكس وجعل أهل الجنة فى النار وأهل النار في الجنة لكان مخالفا للحكمة لان الجنة دار الجمال فهى مقر للمؤمنين والنار دار الجلال فهى مقر للكافرين كما ان القلب مقر الأوصاف الحميدة والنفس مقر الأوصاف الذميمة ولذا لا يدخل أهل النفس جنة القلب لان النور والظلمة لا يجتمعان فاعرف يَوْمَ اى اذكر يا محمد لقومك ويشمل كل من شأنه الذكر يوم نَقُولُ بما لنا من العظمة لِجَهَنَّمَ دار العذاب وسبحن الله للعصاة هَلِ امْتَلَأْتِ بمن القى فيك وهل أوفيتك ما وعدتك وهو قوله لأملأن جهنم وقوله لكل واحدة منكما ملؤها فهذا السؤال من الله لتصديق خبره وتحقيق وعده والتقريع لاهل عذابه والتنبيه لجميع عباده وَتَقُولُ جهنم مجيبة بالاستفهام تأدبا وليكون الجواب وفق السؤال هَلْ مِنْ مَزِيدٍ اى من زيادة من الجن والانس فيكون مصدرا كالمحيد او من يزاد فيكون مفعولا كالمبيع ويجوز أن يكون يوم ظرفا لمقدر مؤخر اى يكون من الأحوال والأهوال ما يقصر عنه المقال واختلف الناس في ان الخطاب والجواب هل هما على الحقيقة اولا فقال بعضهم هما على الحقيقة فينطقها الله بذلك كما ينطق الجوارح وهو المختار فان الله على كل شيء قدير(9/126)
وامور الآخرة كلها او جلها على خلاف ما تعورف في الدنيا وقد دلت الأحاديث على تحقق الحقيقة فلا وجه للعدول الى المجاز كما روى من زفرتها وهجومها على الناس يوم الحشر وجرها الملائكة بالسلاسل وقولها جزيا مؤمن فان نورك اطفأ لهبى ونحو ذلك مما يدل على حياتها الحقيقية وإدراكها فان مطلق الجمادات لها تلك الحياة في الحقيقة فكيف بالدارين المشتملين على الشؤون العجيبة والافعال الغريبة وان الدار الآخرة لهى الحيوان وقال بعضهم سؤال وجواب جيء بهما على منهاج التمثيل والتخييل لتهويل أمرها يعنى ان المقصود تصوير المعنى فى القلب وتبيينه فهى بحيث لو قيل لها ذلك وهى ناطقة لقالت ذلك وايضا دلت بحالها على النطق كقولهم
امتلأ الحوض وقال قطنى ... مهلا رويدا قد ملأت بطني
يعنى انها مع اتساعها وتباعد أطرافها وأقطارها بطرح فيها الجنة والناس فوجا بعد فوج حتى تمتلئ بهم وتصير بحيث لا يسعها شيء ولا يزاد فيها فالاستفهام على معنى التقرير ونفى المزيد اى وهل عندى موضع يزاد فيه شيء اى قد امتلأت وحصل في موعودك وصرت بحيث لا أسع ابرة وبالفارسية لا مزيد پر شدم وزيادتى را كنجايش نيست فالمعنى الممثل هو الامتلاء وهو كقوله تعالى أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين فانه سؤال تقرير لا سؤال استفهام وكقوله عليه السلام يوم فتح مكة هل بقي لنا عقيل دارا اى ما بقي لنا دارا ويجوز أن يكون المعنى انها لغيظها على الكفار والعصاة كأنها تطلب زيادتهم وتستكثرهم ويجوز أن يكون السؤال استدعاء للزيادة في الحقيقة لان ما يلقى فيها كحلقة تلقى في اليم يعنى زيادتى كن وحق تعالى ديكر كافر بوى فرستاد تا پر شود ويجوز أن يكون المعنى انها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها بعد محل فارغ وموضع زيادة فان قلت هذا يخالف قوله تعالى لأملأن جهنم قلت ورد في الحديث لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى نضع الجبار فيها قدمه فيزوى بعضها الى بعض يعنى فيحصل الامتلاء وبه تندفع المخالفة
اين قدم حق را بود كورا كشد ... غير حق را كه كمان او كشد
وفي رواية حتى يضع فيها رب العزة او رب العرش قدمه فتقول قط قط اى حسبى حسبى وعزتك قوله ويزوى بالزاي المعجمة على بناء المجهول اى يضم ويجمع من غاية الامتلاء وآخر الحديث ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشيء الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة كما فى كشف الاسرار وفي رواية ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله عليه السلام تحاجت الجنة والنار فقالت النار او ثرت بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة فمالى لا يدخلنى إلا ضعفاء الناس وسقطهم فقال الله تعالى للجنة
انما أنت رحمتى أرحم بك من أشاء من عبادى وقال للنار انما أنت عذابى أعذب بك من أشاء من عبادى ولكل واحدة منكما ملؤها فاما النار فانهم يلقون فيها وتقول هل من مزيد فلا تمتلئ حتى يضع الله فبها رجله فتقول قط قط فهنا لك تمتلئ ويزوى بعضها الى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحدا واما الجنة فينشيء الله لها خلقا وفي القاموس(9/127)
حتى يضع رب العزة فيها قدمه اى الذين قدمهم من الأشرار فهم قدم الله للنار كما ان الأخيار قدمه الى الجنة او وضع القدم مثل للردع والقمع اى يأتيها امر يكفها عن طلب المزيد انتهى كما قال فى بحر العلوم وضع القدم على الشيء مثل للردع والكف وقال بعضهم يضربها من جبروته بسوط اهانة ويستمرون بين دولتى الحر والزمهرير وعامة عذاب إبليس بالزمهرير لانه يناقض ما هو الغالب عليه فى اصل خلقته وقال ابن ملك وضعها كناية عن دفعها وتسكين سورتها كما تقول وضعت رجلى على فلان إذا قهرته وفي الكواشي قدمه اى ما قدمه في قوله سبقت رحمتى على غضبى اى يضع رحمته انتهى او المراد من القدم قوم مسمى بهذا الاسم وايضا المراد بالرجل جماعة من الناس وهو وان كان موضوعا لجماعة كثيرة من الجراد لكن استعارته لجماعة من الناس غير بعيدة ومنهم من يقول المراد به قدم بعض مخلوقاته أضافها الى الله تعظيما كما قال فنفخنا فيه من روحنا وكان النافخ جبريل وفي عين المعاني القدم جمع قديم كأديم وأدم اى على كل ما تقدم او قوم قدمهم الى النار ويروى قدمه بكسر القاف اى قوما قدموا بنى آدم في الدنيا وروى رجلى وهو الجماعة من الناس وقيل قدمه أهل قدمه الذين لهم قدم صدق عند ربهم يعنى العاصين من أهل التوحيد انتهى ومنهم من قال القدم اسم لقوم يخلقهم الله لجهنم قال القاضي عياض هذا أظهر التأويلات لعل وجهه ان أماكن أهل الجنة تبقى خالية في جهنم ولم ينقل ان أهلها يرثون تلك الأماكن ويقال لهم ان الله يختص بنقمته من يشاء كما يرث أهل الجنة أماكن أهل النار فى الجنة غير جنة أعمالهم ويقال لهم ان الله يختص برحمته من يشاء وهذا من نتائج قوله تعالى سبقت رحمتى على غضبى فيخلق الله خلقا على مزاج لو دخلوا به الجنة لعذبوا فيضعهم فيها فان قلت إذا لائم مزاجهم النار فأنى يتصور التعذيب قلنا الموعود ملؤها لا تعذيب كل من فيها وقال بعض الأكابر ليس في النار دركات اختصاص الهى ولا عذاب اختصاص الهى من الله فان الله ما عرفنا قطانه اختص بنقمته من يشاء كما أخبرنا انه يختص برحمته من يشاء فأهل النار معذبون بأعمالهم لا غير وأهل الجنة ينعمون بأعمالهم وبغير أعمالهم في جنات الاختصاص فلأهل السعادة ثلاث جنات جنة الأعمال كما لأهل الشقاوة جحيم الأعمال ولهم خاصة جنات الاختصاص وجنات الميراث وهى التي كانت لأهل النار لو دخلوا الجنة كما قال تعالى تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا وذلك انه ما من شخص من الجن والانس إلا وله في الجنة موضع وفي النار موضع وذلك لامكانه الأصلي فانه قبل كونه يمكن أن يكون له البقاء في العدم او يوجد فمن هذه الحقيقة له قبول النعمة وقبول العذاب قال تعالى ولو شاء لهداكم أجمعين اى أنتم قابلون لذلك ولكن حقت الكلمة وسبق العلم ونفذت المشيئة فلا راد لأمره ولا معقب لحكمه ولم يقل في اهل النار انهم يرثون من النار أماكن أهل الجنة لو دخلوا النار وهذا من سبق الرحمة بعموم فضله سبحانه فما نزل من نزل في النار الا بأعمالهم ولهذا يبقى فيها أماكن خالية وهى الأماكن التي لو دخلها اهل الجنة عمروها فيخلق الله خلقا يعمرونها على مزاج لو دخلوا به الجنة لعذبوا وهو قوله عليه السلام فيضع الجبار فيها قدمه فتقول قط قط اى حسبى حسبى فانه تعالى يقول لها هل امتلأت وتقول هل من مزيد وقد قال للجنة والنار لكل واحدة منكما ملؤها فما اشترط(9/128)
لهما الا أن يملأهما خلقا وما اشترط عذاب من يملؤهما بهم ولا نعيمهم وان الجنة أوسع من النار بلا شك فان عرضها السموات والأرض فما ظنك نطولها فهى للنار كمحيط الدائرة والنار عرضها قدر الخط الذي
يميز قطرى دائرة فلك الكواكب الثابتة فاين هذا الضيق من تلك السعة وسبب هذا الاتساع جنات الاختصاص الإلهي فورد في الخبر أنه يبقى ايضا في الجنة أماكن ما فيها أحد فيخلق الله خلقا للنعيم يعمرها بهم وهو أن يضع الرحمن فيها قدمه اى آخر وجود يعطيه وليس ذلك الا في جنات الاختصاص فالحكم لله العلى الكبير فمن كرمه انه ما انزل أهل النار الأعلى أعمالهم خاصة واما قوله تعالى زدناهم عذابا فوق العذاب فذلك لطائفة مخصوصة هم الأئمة المضلون ثم لا بد لاهل النار من فضله ورحمته في نفس النار بعد انقضاء مدة موازنة ازمان العمل فيفقدون الاحساس بالآلام في نفس النار فتتخلد جوارحهم بأزالة الروح الحساس منها إذ ليسوا بخارجين منها فلا يموتون فيها ولا يحيون وثم طائفة يعطيهم الله بعد انقضاء موازنة المدد بين العذاب والعمل نعيما خياليا مثل ما يراه النائم ونضج جلودهم خدرها فزمان النضج والتبديل يفقدون الآلام لخمود النار في حقهم فيكونون في النار كالامة التي دخلتها وليست من أهلها فأماتهم الله فيها اماتة فلا يحسون بما تفعله النار في أبدانهم الحديث بكماله ذكره مسلم في صحيحه وهذا من فضل الله ورحمته يقول الفقير للانسان الكامل قدمان قدم الجلال وقدم الجمال وبالأولى تمتلئ جهنم وبالثانية تمتلئ الجنة وبيان ذلك ان جهنم مقام أهل الطبيعة والنفس يعنى انها مظهر قدم الجلال والجنة مقام أهل الروح والسر يعنى انها مظهر قدم الجمال والأعراف مقام اهل القلب لمناسبة بين الأعراف والقلب من حيث انه مقام بين الجنة والنار كما ان القلب برزخ بين الطبيعة والنفس وبين الروح والسر وللانسان الكامل نشأة جنانية روحانية ونشأة دنيوية جسمانية فهو لا يدخل الجنة الا بمرتبة الروح والسر فتبقى صورته الطبيعية والنفسية المتعلقة بنشأته العنصرية فيملأ الله سبحانه جهنم بهذه البقية يعنى يظهر مظاهر جلاليته من تلك البقية فيملأها بها حتى تقول قط قط فما دام لم يظهر هذا التجلي من الإنسان الكامل لا تزال جهنم تقول هل من مزيد وهو المراد بقدم الجبار كذا في الحديث واليه أشار الشيخ الكبير رضى الله عنه في الفكوك بقوله وأخبرت من جانب الحق ان القدم الموضوع في جهنم هو الباقي في هذا العالم من صور الكمل مما لا يصحبهم فى النشأة الجنانية وكنى عن ذلك الباقي بالقدم لمناسبة شريفة لطيفة فان القدم من الإنسان آخر أعضائه صورة فكذلك نفس صورته العنصرية آخر أعضاء مطلق الصورة الانسانية لان صور العالم بأجمعها كالاعضاء لمطلق صورة الحقيقة الانسانية وهذه النشأة آخر صورة ظهرت منها الحقيقة الانسانية وبها قامت الصور كلها التي قلت انها كالاعضاء انتهى وقال ايضا ان الجنة لا تسع إنسانا كاملا وانما منه في الجنة ما يناسب الجنة وفي كل عالم ما يناسب ذلك العالم وما يستدعيه ذلك العالم من الحق من حيث ما في ذلك العالم من الإنسان بل أقول ولو خلت جهنم منه لم تبق وبه امتلأت واليه الاشارة بقدم الجبار المذكور في الحديث انتهى ايضا وقال الشيخ روزبهان البقلى في عرائس البيان ان جهنم لتشتاق الى الله كما تشتاق اليه الجنة فاذا رأى(9/129)
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)
سبحانه حالها من الشوق اليه يضع أثقال سطوات قهر القدم عليها بنعت التجلي فتملأ من العظمة وتصير عند عظمة الله كلا شيء ورب طيب في قلوب الجهنميين في تلك الساعة من رؤية جلال عظمته ومن رؤية أنوار قدم القدم فتصير نيرانها وردا وريحانا من تأثير بركة ظهوره لها انتهى وفي الآية اشارة الى ان جهنم صورة النفس الانسانية فكما ان النفس لا يشبعها شيء وهى في طلب المزيد مطلقا فكذا صورتها دار العذاب تطلب المزيد فهما على نسق واحد كاللفظ والمعنى يعنى ان النفس الانسانية حريصة على الدنيا وشهواتها فكلما ألقى فيها نوع منها ويقال لهاهل امتلأت تقول هى هل من مزيد من أنواع الشهوات فلا يملأ جوف ابن آدم الا التراب
آن شنيدستى كه در صحراى غور ... بار سالارى در افتاد از ستور
كفت چشتم تنك دنيادار را ... يا قناعت پر كند يا خاك كور
وايضا ان الحرص الإنساني قشر محبة الله بل هو عين المحبة إذا كان متوجها الى الدنيا وشهواتها يسمى الحرص وإذا كان متوجها الى الله وقربانه يسمى محبة فاعلم ان ما زاد في الحرص نقص في المحبة وما نقص من الحرص زاد في المحبة وإذا اشتعلت نار المحبة فلا تسكن نائرتها بها يلقى فيها من محبوبات الدنيا والآخرة بل يكون حطبها وتزيد بعضها الى بعض وتقول قط قط كما في التأويلات النجمية وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ الازلاف نزديك كردانيدن اى قربت لِلْمُتَّقِينَ عن الكفر والمعاصي بحيث يشاهدونها من الموقف ويقفون على ما فيها من فنون المحاسن فيبتهجون بأنهم محشورون إليها فائزون بها غَيْرَ بَعِيدٍ تأكيد للازلاف اى مكانا غير بعيد بحيث ينظرون إليها قبل دخولها فيكون انتصابه على الظرفية او هو حال مؤكدة اى حال كونها غير بعيد أي شيأغير بعيد كقولك هو قريب غير بعيد وعزيز غير ذليل الى غير ذلك من أمثلة التوكيد فالازلاف تقريب الرؤية وغير بعيد تقريب الدخول فانهم يحاسبون حسابا يسيرا ومنهم من لا يحاسب أصلا ويجوز أن يكون التذكير لكونه على زنة المصدر الذي يستوى في الوصف به المذكر والمؤنث كالزئير والصليل او لتأويل الجنة بالبستان وفيه اشارة الى جنة قلوب خواص المتقين انها قربت لهم في الدنيا بالأجساد وهم في الآخرة بالقلوب (ع) جنت نقدست اينجا عشرت وعيش وحضور ويقال ان الجنة تقرب من المتقين كما ان النار تجر بالسلاسل الى المحشر للمجرمين ويقال بل تقرب الجنة بأن يسهل على المتقين مسيرهم إليها ويرادبهم الخواص من المتقين ويقال هم ثلاثة اصناف قوم يحشرون الى الجنة مشاة وهم الذين قال فيهم وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا وهم عوام المؤمنين وقوم يحشرون الى الجنة ركبانا على طاعاتهم المصورة لهم بصورة حيوان وهؤلاء هم الخواص واما خاص الخاص فهم الذين قال فيهم وأزلفت الجنة للمتقين فقرب الجنة منهم غير بعيد أي الجنة غير بعيد عنهم وهم البعداء عن الجنة في مقعد صدق عند مليك مقتدر هذا ما تُوعَدُونَ اى حال كون أولئك المتقين مقولالهم من قبل الله او على ألسنة الملائكة عند ما شاهدوا الجنة ونعيمها هذا المشاهد او هذا الثواب او الازلاف والتذكير لتذكير الخبر او اشارة(9/130)
مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33)
الى الجنة والتذكير لما ان المشار اليه هو المسمى من غير ان يخطر بالبال لفظ يدل عليه فضلا عن تذكيره وتأنيثه فانهما من احكام اللفظ العربي كما في قوله تعالى فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربى وقوله ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وفي التأويلات النجمية هذا اشارة الى مقعد صدق ولو كانت الاشارة الى الجنة لقال هذا لِكُلِّ أَوَّابٍ بدل من المتقين باعادة الجار أي رجاع الى الله فأولا يرجع من الشرك الى التوحيد وثانيا من المعصية الى الطاعة وثالثا من الخلق الى الحق قال ابن عمر رضى الله عنهما لا يجلس مجلسا فيقوم حتى يستغفر وفي المفردات الأواب كالتواب وهو الراجع الى الله بترك المعاصي وفعل الخيرات ومنه قيل للتوبة اوبة والفرق بين الأوب والرجوع ان الأوب ضرب من الرجوع وذلك انه لا يقال الا في الحيوان الذي له ارادة والرجوع يقال فيه وفي غيره آب اوبا وإيابا ومآبا والمأب مصدر منه واسم الزمان والمكان حَفِيظٍ حافظ لتوبته من النقض ولعهده من الرفض قال في التأويلات النجمية مقعد صدق هو في الحقيقة موعود للمتقين الموصوفين بقوله لكل أواب حفيظ وهو الراجع الى الله في جميع أحواله لا الى ما سواه حافظا لأنفاسه مع الله لا يصرفها الا في طلب الله يعنى در هر نفس از حق تعالى غافل نباشد
اگر تو پاس دارى پاس أنفاس ... بسلطانى رسانندت ازين پاس
ترا يك پند بس در هر دو عالم ... كه بر نايد ز جانت بي خدادم
وقال سهل رضى الله عنه هو الراجع الى الله تعالى بقلبه من الوسوسة الى السكون الى الله الحفيظ المحافظ على الطاعات والأوامر وقال المحاسبى الأواب الراجع بقلبه الى ربه والحفيظ الحافظ قلبه في رجوعه اليه ان لا يرجع منه الى أحد سواه وقال الوراق هو المحافظ لأوقاته وخطراته اى الخطرات القلبية والإلهامات وفي الحديث من حافظ على اربع ركعات في أول النهار كان اوابا حفيظا مَنْ هر كه وهو وما بعده بدل بعد بدل خَشِيَ الرَّحْمنَ الخشية خوف يشوبه تعظيم وفي عين المعاني انزعاج القلب عند ذكر السيئة وموجبها وقال الواسطي الخشية ارق من الخوف لان الخوف للعامة من العقوبة والخشية من نيران الله في الطبع فيها نظافة الباطن للعلماء ومن رزق الخشية لم يعدم الانابة ومن رزق الانابة لم يعدم التفويض والتسليم ومن رزق التفويض والتسليم لم يعدم الصبر على المكاره ومن رزق الصبر على المكاره لم يعدم الرضى وقال بعضهم او آئل العلم الخشية ثم الإجلال ثم التعظيم ثم الهيبة ثم الفناء وعن بعضهم الخشية من الرحمن خشية الفراق ومن الجبار والقهار خشية العقوبة بِالْغَيْبِ متعلق بمحذوف هو حال من فاعل خشى او من مفعوله او صفة لمصدره اى خشية ملتبسة بالغيب حيث خشى عقابه وهو غائب عنه او العقاب بعد غيب يعنى ناديده او را وعذاب او را او هو غائب عن الأعين لا يراه أحد يعنى نهان وآشكار اى او يكى باشد وقال بعض الكبار بالغيب اى بنور الغيب يشاهد شواهد الحق فيخشى منه والتعرض لعنوان الرحمانية للاشعار بأنهم مع خشيتهم عقابه راجعون رحمته او بأن علمهم بسعة رحمته لا يصدهم عن خشيته وانهم عاملون بموجب قوله نبئ عبادى انى أنا الغفور الرحيم وان عذاب هو العذاب الأليم وَجاءَ وبياورد(9/131)
ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)
بِقَلْبٍ مُنِيبٍ وصف القلب بالانابة مع انها وصف المكلف لما ان العبرة برجوعه الى الله تعالى اى لا عبرة للانابة والرجوع الا إذا كان من القلب والمراد بها الرجوع الى الله تعالى بما يحب ويرضى قال في المفردات النوب رجوع الشيء مرة بعد اخرى والانابة الى الله الرجوع اليه بالتوبة واخلاص العمل وفي التأويلات النجمية بقلب منيب الى ربه معرض عما سواه مقبل عليه بكلية ادْخُلُوها بتأويل يقال لهم ادخلوها والجمع باعتبار معنى من بِسَلامٍ متعلق بمحذوف هو حال من فاعل ادخلوها اى ملتبسين بسلامة من العذاب وزوال النعم وحلول النقم او بسلام من جهة الله وملائكته ذلِكَ اشارة الى الزمان الممتد الذي وقع في بعض منه ما ذكر من الأمور يَوْمُ الْخُلُودِ والبقاء في الجنة إذا انتهاء له ابدا قال الراغب الخلود هو تبرى الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها وكل ما يتباطأ عنه التغيير والفساد تصفه العرب بالخلود كقولهم الأيام خوالد وذلك لطول مكثها لالدوام بقائها والخلود في الجنة بقاء الأشياء على الحالة التي هى عليها من غير اعتراض الكون والفساد عليها وقال سعدى المفتى ولا يبعد والله اعلم أن تكون الاشارة الى زمان السلم فتحصل الدلالة على ان السلامة من العذاب وزوال النعم حاصلة لهم مؤيدا مخلدا لا انها مقتصرة على وقت الدخول لَهُمْ ما يَشاؤُنَ من فنون المطالب كائنا ما كان سوى ما تقتضى الحكمة حجره وهو ما كان خبيثا في الدنيا ابدا كاللواطة ونحوها فانهم لا يشاؤونها كما سبق من ان الله يعصم أهل الجنة من شهوة محال او منهى عنه فِيها متعلق بيشاؤون او حال من الموصول قال القشيري يقال لهم قد قلتم في الدنيا ما شاء الله كان فاليوم ما شئتم كان وهل جزاء الإحسان الا الإحسان وَلَدَيْنا وعندنا مَزِيدٌ اى زيادة في النعيم على ما يشاؤون وهو ما لا يخطر ببالهم ولا يندرج تحت مشيئتهم من انواع الكرامات التي لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فانهم يسألون الله حتى تنتهى مسألتهم فيعطيهم ما شاؤا ثم يزيدهم من عنده ما لم يسألوه ولم تبلغه أمانيهم وقيل ان السحاب تمر بأهل الجنة فتمطرهم الحور فتقول نحن المزيد الذي قال تعالى ولدينا مزيد وقال الراغب الزيادة أن ينضم الى ما عليه الشيء من نفسه شيء آخر وروى من طرق مختلفة ان هذه الزيادة النظر الى وجه الله اشارة الى انعام وأحوال لا يمكن تصورها في الدنيا انتهى وكذا قال غيره المختار أن المزيد هو النظر الى وجه الله الكريم فيجتمعون في كل يوم جمعة فلا يسألون شيئا الا أعطاهم وتجلى لهم ويقال ليوم الجمعة في الجنة يوم المزيد وفي الحديث ان في الجنة مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال بعض الكبار هى المشاهدة الذاتية وما ينتج من دخول الجنة في الدار الآخرة نتيجة الطاعات في هذه الدار لمن اختصه الله فنتيجتنا في هذه الدار طاعات ومجاهدات توصل الى تجليات ومشاهدات وفي التأويلات النجمية يشير الى أن من يريدنا ويعبر عن نعيم الجنة للوصول إلينا فيصل إلينا ولدينا يجد بالمزيد ما يشاء أهل الجنة منها وهذا كما قال من كان لى كنت له ومن كنت له يكون له ما كان لى وقال تعالى من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه فان قيل الزيادة في الدنيا تكون أقل من رأس المال قلت المراد(9/132)
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)
بالزيادة في الآية الكريمة هو الزيادة على موعود الجنة لامن درجات الجنة لان الزيادة هنا ليست من جنس المزيد عليه حتى يلزم ذلك بخلافه في قوله عليه السلام ان الله زادكم صلاة ألا وهى الوتر فان الزيادة هنا من جنس المزيد عليه وقضيته الفرضية الا انه لما ثبت بخبر الواحد لم يكن مقطوعا به فقيل بالوجوب فالزيادة من الله العزيز الأكبر اكبر وأعز كما ان الرضوان من الكريم الأجود أكبر وأجل والنظر الى وجهه الكريم كمال الرضى ومزيد فضل وعناية وقال الحسن البصري ان الله ليتجلى لاهل الجنة فاذا رأوه نسوا نعيم الجنة ثم يقول الله لملائكته ردوهم الى قصورهم إذ لا يهتدون بانفسهم لامرين لما طرأ عليهم من سكر الرؤية ولما زاد من الخير في طريقهم فلم يعرفوها فلولا ان الملائكة تدل بهم ما عرفوا منازلهم فاذا وصلوا الى منازلهم تلقاهم أهلهم من الحور والولدان فيرون جميع ملكهم قدا كتسب بهاء وجمالا ونورا من وجوههم أفاضوه افاضة ذاتية على ملكهم فيقولون لهم لقد زدتم نورا وبهاء وجمالا على ما تركناكم عليه فيقول لهم أهلهم وكذلك أنتم قد زدنم من البهاء والجمال ما لم يكن فيكم فافهم اسرار تسمية الرؤية بالزيادة لانها تورث زيادة الجمال والعلوم والكمال ويتفاوت الناس بالرؤية تفاوتا عظيما على قدر عملهم قال بعض الكبار إذا أخذ الناس منازلهم فى الجنة استدعاهم الحق تعالى الى رؤيته على مقام الكثيب وهو مسك ابيض في جنة عدن وجعل في هذا الكثيب منابر واسرة وكراسى ومراتب فيسارعون الى قدر هممهم ومراكبهم ومشيهم هنا في طاعة ربهم فمنهم السريع والبطيء والمتوسط فيجتمعون في الكثيب فكل شخص يعرف مرتبته علما ضروريا يهوى إليها ولا ينزل الى فيها كما يهوى الطفل الى الثدي والحديد الى المغناطيس لورام أن ينزل في غير مرتبته لما قدر ولو رام أن يتعشق بغير منزلته ما استطاع بل يرى في منزلته انه قد بلغ منتهى أمله وقصده فهو يتعشق بما فيه من النعيم تعشقا طبيعيا ذاتيا لا يقوم بنفسه بما هو عنده أحسن من حاله ولولا ذلك لكانت دار ألم وتنغيص ولم تكن جنة ولا نعيما فكل شخص مقصور عليه نعيمه
بعلم نظر كوش جامى كه نيست ... ز تحصيل علم دكر حاصلى
(وقال المغربي)
نخست ديده طلب كن پس آنگهى ديدار ... از انكه يار كند جلوه بر أولوا الابصار
(وقال الخجندي)
با روى تو چيست جنت وحور ... هر چيز نكو نمايد از دور
وَكَمْ أَهْلَكْنا كم للتكثير هنا وهى خبرية وقعت مفعول أهلكنا ومن قرن مميزها ومبين لابها مها قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ القرن القوم المقترنون اى وكثيرا من القرون الذين كذبوا رسلهم أهلكنا قبل قومك وهم كفار مكة وبالفارسية وبس كسان كه هلاك كرده ايم پيش از قوم تو از اهل قرن وكروه كروه جهانيان كه بحسب واقع هُمْ ايشان أَشَدُّ مِنْهُمْ سخت تر بودند از كفار مكه بَطْشاً از روى قوت وعظيم تر بودند از روى جسد چون عاد وثمود وفرعون ومحل الجملة النصب على انها صفة لكم وفيه اشارة(9/133)
الى إهلاك النفوس المتمردة في القرون الماضية إظهارا لكمال القدرة والحكمة البالغة لتتأدب به النفوس القابلة للخير وتتعظ به القلوب السليمة فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ قال في القاموس نقب في الأرض ذهب كأنقب ونقب وعن الاخبار بحث عنها او اخبر بها والنقب الطريق في الجبل وفي تاج المصادر التنقيب شب در راهها كرديدن وفي المصادر شدن اندر شهرها والمعنى خرقوا فيها اى أوقعوا الخرق فيها والجواب وقطع المفازة ودوخوا اى اذلوها وقهروا أهلها واستولوا عليهم وتصرفوا في أقطارها او جالوا في أكناف الأرض كل مجال حذار الموت فالفاء على الاول للتسبب والدلالة على ان شدة بطشهم ابطرتهم واقدرتهم على التنقيب وعلى الثاني لمجرد التعقيب واصل التنقيب والتنقيب التنقير عن الأمر والبحث والطلب ولذا قال في كشف الاسرار اى أبعدوا فيها السير وبحثوا عن الأمور والأسباب قال امرؤ القيس
لقد نقبت في الآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب
وبالفارسية پس دور شدند وفراوان رفتند در زمين وراه بريدند در شهرها يعنى رفتند تجارت وسفرها كردند ومال ومتاع بسيار بدست آوردند وفي فتح الرحمن اى طافوا فى نقوبها
اى طرقها هَلْ مِنْ مَحِيصٍ حال من واو نقبوا وأصله من قولهم وقع في حيص بيص اى في شدة وحاص عن الحق يحيص اى حاد عنه الى شدة ومكروه وفي القاموس المحيص المهرب اى فنقبوا في البلاد قائلين هل من محيص اى هل لهم من مفر ومخلص من أمر الله وعذابه او من الموت فمحيص مبتدأ خبره مضمر وهو لهم ومن زائدة وبالفارسية هيچ بود مر ايشانرا كريز كاهى از مرك يا پناهى از قضاى خداى تعالى كه حكم فنا نازل شد هيچ چيز دستگيرى ايشان نكرد ويجوز أن تكون الجملة كلاما مستأنفا وارد النفي أن يكون لهم محيص يعنى نكريد تا هيچ از مرك رستند يعنى نرستند واز عقوبت حق خلاص نشدند فان أصر أهل مكة فليحذروا من مثل ما حل بالأمم الماضية فان الغاية هو الهلاك والنهاية هو العذاب روزگارى كه آدم را وفا نداشت ترا كى وفا دارد عمرى كه بر نوح بپايان رسيد با تو كى بقا دارد اجلى كه بر خليل تاختن آورد ترا كى فرو كذارد مر كى كه بر سليمان كمين ساخته با تو كى مسامحت كند
نه بر باد رفتى سحر كاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام
بآخر نديدى كه بر باد رفت ... خنك آنكه با دانش وداد رفت
مؤكلى كه جان مصطفى را صلّى الله عليه وسلّم تقاضا كرد با تو كى مدارا كند اگر عمر نوح ومال قارون وملك سليمان بدست آرى بدرد مرك سود ندارد وبا تو محابا نكند هفت هزار سال كه كسرى كذشت تا آدميان اندرين سفرند از أصلاب بارحام مى آيند واز أرحام به پشت زمين واز پشت زمين بشكم زمين ميروند همه عالم كور ستانست زيرا وهمه حسرت زبر او همه در حيرت سر بر آورد از آسمان بپرس كه چند پادشاه ياد دارى چشم بر زمين افكن وباز پرس كه در شكم چند نازنين دارى(9/134)
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)
سل الطارم العالي الذرى عن قطينه ... نجاما نجا من بؤس عيش ولينه
فلما استوى في الملك واستعبد الورى ... رسول المنايا تله لجبينه
جهان اى پسر ملك جاويد نيست ... ز دنيا وفادارى اميد نيست
اى سخره امل اى غافل از أجل كارى كه لا محاله بود نيست از ان نه انديشى وراهى كه على الحقيقة رفتنيست زاد آن راه بر نكيرى شغل دنيا راست ميدارى وبرك مرك مى نسازى اى مسكين مركت در قفاست ازو ياد دار منزلت كورست آباد دار حطام دنيا جمع ميكنى واز مستحق منع ميكنى چهـ طمع دارى كه جاويد بان بمانى باش تا ملك الموت در آيد وجانت غارت كند ووارث در آيد مالت غارت كند وخصم در آيد طاعت غارت كند وكرم در آيد پوست وكوشت غارت كند وآه اگر باين غفلت دشمن در آيد وايمان غارت كنده نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المتيقظين ومن الثابتين على الدين واليقين ومن رفقاء النبيين والصديقين والشهداء والصالحين آمين إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من قصتهم او فيما ذكر فى هذه السورة من العبر والاخبار وإهلاك القرى لَذِكْرى لتذكرة وعظة وبالفارسيه پند لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ اى قلب سليم يدرك به كنه ما يشاهده من الأمور ويتفكر فيها كما ينبغى فان من كان له ذلك يعلم ان مدار دمارهم هو الكفر فيرتدع عند بمجرد مشاهدة الآثار من غير تذكير قال الراغب قلب الإنسان سمى به لكثرة تقلبه ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة وسائر ذلك وقوله لمن كان له قلب اى علم وفهم انتهى وفسره ابن عباس رضى الله عنهما بالعقل وذلك لان العقل قوة من قوى القلب وخادم من خدامه كما في كتاب الجواهر للشعرانى فمن له أدنى عقل فله ذكرى كما قال تعالى أفلا تعقلون اى أدنى تعقل وقال ابو الليث لمن كان له قلب اى عقل لانه يعقل بالقلب فكنى عنه انتهى وفي الاسئلة المقحمة كيف قال لمن كان له قلب ومعلوم ان لكل انسان قلبا قلت ان المراد هاهنا بالقلب عقل كنى بالقلب عن العقل لانه محله ومنبعه كما قال تعالى فانه نزله على قلبك وسمعت بعض الشيوخ يقول لمن كان له قلب مستقر على الايمان لا ينقلب بالسراء والضراء انتهى (وفي تفسير الكاشفى) آنكس را كه او را دلى زنده است وفي كشف الاسرار دلى متفكر در حقايق اخبار يا عقلى بيدار كننده از خواب غفلت شبلى قدس سره فرمود موعظه قرآنرا دلى بايد با خداى تعالى كه طرفة العيني غافل نباشد أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ اى الى ما يتلى عليه من الوحى الناطق بما جرى عليهم فان من فعله يقف على جلية الأمر فينزجر عما يؤدى اليه من الكفر فكلمة او لمنع الخلو دون الجمع فان إلقاء السمع لا يجدى بدون سلامة القلب كما يلوح به قوله وَهُوَ اى والحال ان ذلك الملقى فهو حال من الفاعل شَهِيدٌ من الشهود بمعنى الشاهد اى حاضر بذهنه ليفهم معانيه لان من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب او شاهد بصدقه فيتعظ بظواهره وينزجر بزواجره وقال سعدى المفتى او لتقسيم المتفكر الى التالي السامع اولى الفقيه والمتعلم وبعبارة اخرى الى العالم المجبول على الاستعداد الكامل فهو بحيث يحتاج الى التعليم فيتذكر بشرط أن(9/135)
يقبل بكليته ويزيل الموانع كلها وقال بعض الكبراء من العارفين ان في ذلك اى القرآن الناطق بإثبات امور متخالفة للحق سبحانه من التنزيه والتشبيه لذكرى اى تذكرا لما هو الحق عليه في نفسه من التقلب في الشؤون لمن كان له قلب سمى به لتقلبه في انواع الصور والصفات المتخالفة لاختلاف التجليات ولم يقل لمن كان له عقل فان العقل قيد لغة وحقيقة اما لغة فانه يقال عقل البعير بالعقال اى قيده وعقل الدواء البطن اى عقده واما حقيقة فلأن العقل يقيد العاقل بما يؤدى نظره وفكره اليه فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر فليس القرآن ذكرى لمن كان له عقل يقيده بما يؤديه الكفر اليه فانه ليس ممن يتذكر بما وقع في القرآن من الآيات الدالة على التنزيه والتشبيه جميعا بل يؤول ما وقع على خلاف ما يؤديه فكره اليه كالآيات الدالة على التشبيه مثلا وهم اى من كان له عقل هم اصحاب الاعتقادات الجزئية التقييدية الذين يكفر بعضهم الذي يؤديه فكره الى عقد مخصوص بعضا آخر يؤديه فكره الى خلاف ما ادى اليه فكر البعض الاول ويلعن بعضهم بعضا
والحق عند العارف الذي يتقلب قلبه في انواع الصور والصفات لانه يعرف أن لا غير في الوجود وصور الموجودات كلها صورته فلاختصاص معرفة الحق في جميع الصور فى الدنيا والآخرة بالعارف الناتج معرفته عن تقلب قلبه قال تعالى لمن كان له قلب فانه قد تقلب قلبه في الاشكال فعلم تقلب الحق في الصور وهذا النوع من المعرفة الذي لا يعقبه نكرة حظ من عرف الحق من التجلي والشهود أي من تجليه في الصور وشهوده فيها حال كونه مستقرا في عين مقام الجميع بحيث لا يشغله صور التفرقة عن شهوده واما أهل الايمان الاعتقادى الذين لم يعرفوا الحق من التجلي والشهود فهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق من غير طلب دليل عقلى لا من قلد اصحاب الافكار والمتأولين للاخبار الواردة الكاشفة عن الحق كشفا مبينا يحملها على أدلتهم العقلية وارتكاب احتمالاتها البعيدة فهؤلاء الذين قلدوا الرسل عليهم السلام حق التقليد هم المرادون بقوله او ألقى السمع لاستماع ما وردت به الاخبار الالهية على ألسنة الأنبياء وهو حاضر بما يسمعه مراقب له فى حضرة خياله يعنى ينبغى لملقى السمع أن يجهد في إحضار ما يسمعه في خياله لعله يفوز بالتجليات المثالية لا أن يكون صاحب تلك التجليات بالفعل وإلا بقي بعض ملقدة الأنبياء خارجا عن هذا الحكم فليس المراد بالشهود هاهنا الرؤية البصرية بل ما يشابهها كمال المشابهة وهو مشاهدة الصور المتمثلة في حضرة الخيال ليس الا ومن قلد صاحب نظر فكرى فليس هو الذي القى السمع وهو شهيد فالمقلدون لاصحاب الأفكار هم الذين قال الله فيهم إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا لان المتبوعين دعوا التابعين الى خلاف الواقع فتبعوهم ورجع نكال متابعتهم الى متبوعيهم فتبرأوا منهم والرسل لا يتبرأون من اتباعهم الذين اتبعوهم لانهم دعوهم الى الحق والصدق فتبعوهم فانعكست أنوار متابعيهم إليهم فلم يتبرأوا منهم فاعرف در لباب آورده كه صاحب قلب مؤمن عربست وشهيد مؤمن أهل كتاب كه كواهى دارد بر كفت حضرت پيغمبر عليه السلام شيخ ابو سعيد خراز قدس(9/136)
سره فرموده كه القاى سمع بوقت شنيدن قرآن چنان بايد كه كويا از حضرت پيغمبر مى شنود پس در فهم بالاتر رود و چنان داند كه از جبرائيل استماع ميكند پس فهم را بلند تر سازد و چنان داند كه از خداى تعالى مى شنود شيخ الإسلام قدس سره فرموده كه اين سخن تا مست وبرو در قرآن كواهى هست وآن لفظ شهيدست وشهيد از كوينده شنود نه از خبر دهنده چهـ غائب از مخبر مى شنود وحاضر با متكلم واز امام جعفر رضى الله عنه منقولست كه تكرار ميكردم قرآنرا تا وقتى كه از متكلم آن شنودم وفي التأويلات النجمية القلوب أربعة قلب يائس وهو قلب الكافر وقلب مقفول وهو قلب المنافق وقلب مطمئن وهو قلب المؤمن وقلب سليم من تعلقات الكونين وهو قلب المحبين المحبوبين الذي هو مرءاة صفات جمال الله وجلاله كما قال لا يسعنى ارضى ولا سمائى ولكن يسعنى قلب عبدى المؤمن وقوله او ألقى السمع وهو شهيد يعنى من لم يكن له قلب بهذه الصفة يكون له سمع يسمع بالله وهو حاضر مع الله فيعتبر مما يشير اليه الله في اظهار اللطف او القهر وقال ابن عطاء قلب لا حظ الحق بعين التعظيم فذاب له وانقطع عما سواه وإذا لا حظ القلب الحق بعين التعظيم لان وحسن وقال بعضهم القلب مضغة وهو محل الأنوار ومورد الزوائد من الجبار وبه يصح الاعتبار جعل الله القلب للجسد أميرا وقال ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ثم جعله لربه أسيرا فقال يحول بين المرء وقلبه وقال بعضهم للقلوب مراتب فقلوب فى قبضة الحق مأسورة وقلوب والهة وقلوب طائرة بالشوق اليه وقلوب الى ربها ناظرة وقلوب صاحبت الآمال في الله وقلوب تبكى من الفراق وشدة الاشتياق وقلوب ضاقت فى دار الفناء وقلوب خاطبها في سرها فزال عنها مرارة الأوجاع وقلب سارت اليه بهمتها وقلوب صعدت اليه بعزائم صدقها وقلوب تقدمت لخدمته في الحلوات وقلوب شربت بكأس الوداد فاستوحشت من جميع العباد الى غير ذلك ويدل على شرف القلب قوله عليه السلام تفكر ساعة خير من عبادة الثقلين چون بنده بدرگاه آيد ودل او كرفتار شغل دنيا
رقم خذلان بر ان طاعت كشند وبروى او باز زنند كه كفته اند من لم يحضر قلبه في الصلاة فلا تقبل صلاته ومن لم يحصل درجة الرؤية في الصلاة فما بلغ غايتها ولا كان له فيها قرة عين لانه لم ير من يناجيه فان لم يسمع ما يرد عليه من الحق في الصلاة من الواردات الغيبية فما هو ممن ألقى سمعه ومن لم يحضر فيها مع ربه مع كونه لم يسمع ولم ير فليس بمصل ولا هو ممن ألقى السمع وهو شهيد يعنى أدنى مرتبة الصلاة الحضور مع الرب فمن لا يرى ربه فيها ولا يشهده شهودا روحانيا او رؤية عيانية قلبية او مثالية خيالية او قريبا منها المعبر عنه بقوله عليه السلام ان تعبد الله كأنك تراه ولا يسمع كلامه المطلق بغير واسطة الروحانيات او بواسطة منهم ولا حصل له الحضور القلبي المعبر عنه بقوله فان لم تكن تراه فاعلم انه يراك فليس بمصل وصلاته أفادت له الخلاص من القتل لا غير وبقدر خوف المرء من ربه وقربه منه يكون حضوره
نزديكانرا بيش بود حيرانى ... كايشان دانند سياست سلطانى(9/137)
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)
آن وزير پيوسته از مراقبت سلطان هراسان بود وآن ستوردار را هراسى نه زيرا كه سينه وزير خزينه اسرار سلطانست ومهر خزينه شكستن خطرناك بود وكان عليه السلام يصلى ولصدره ازيز كأزيز المرجل من البكاء والا زيز الغليان وقيل صوته والمرجل قدر من النحاس
خوشا نماز ونياز كسى كه از سردرد ... بآب ديده وخون جكر طهارت كرد
حذيفه يمانى رضى الله عنه صاحب سر رسول الله عليه السلام بود كفتا روزى شيطانرا ديدم كه مى كريست كفتم اى لعين اين ناله وكريه تو چيست كفت از براى دو معنى يكى آنكه درگاه لعنت بر ما كشاده ديكر آنكه درگاه دل مؤمنان بر ما بسته بهر وقتى كه قصد دركاه دل مؤمن كنم بآتش هيبت سوخته كردم بداود عليه السلام وحي آمد كه يا داود زبانت دلالى است بر سر بازار دعوى او را در صدر دار الملك دين محلى نيست محلى كه هست دلراست كه ازو بوى اسرار أحديت وازليت آيد عزيز مصر با برادران كفت رخت برداريد وبوطن وقراركاه خود باز شويد كه از دلهاى شما بوى مهر يوسفى مى نيايد اينست سر آنچهـ رب العالمين فرمود ان في ذلك لذكرى الآية قال بعض الكبار حقيقة السمع الف هم عن الله فيما يتلوه عليك في الأنفس والآفاق فان الحق تارة يتلو عليك الكتاب من الكبير الخارج وتارة من نفسك فاسمع وتأهب لخطاب مولاك إليك في اى مقام كنت وتحفظ من الوقر والصمم فالصمم آفة تمنعك عن ادراك تلاوته عليك من الكتاب الكبير المعبر عنه بالفرقان والوقر آفة تمنعك من ادراك تلاوته عليك من نفسك المختصرة وهو الكتاب المعبر عنه بالقرءان إذ الإنسان محل الجمع لما تفرق في العالم الكبير وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما من اصناف المخلوقات فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ در شش روز آن يكشنبه تا شنبه الأرض في يومين ومنافعها في يومين والسموات في يومين ولو شاء لكان ذلك في اقل من لمح البصر ولكنه سن لنا التأنى بذلك فان العجلة من الشيطان الا في ستة مواضع أداء الصلاة إذا دخل الوقت ودفن الميت إذا حضر وتزويج البكر إذا أدركت وقضاء الدين إذا وجب وحل واطعام الضيف إذا نزل وتعجيل التوبة إذا أذنب قال بعض العارفين إذا فتح الله عليك بالتصريف فائت البيوت من ابوابها وإياك والفعل بالهمة من غير فمعز الدولة وانظر الى الحق سبحانه كيف خمر طينة آدم بيديه وسواه وعدله ثم نفخ فيه الروح وعلمه الأسماء فأوجد الأشياء على ترتيب ونظام وكان قادرا أن يكون آدم ابتداء من غير تخمير ولا شيء مما ذكر وفي التأيلات النجمية ولقد خلقنا سموات الأرواح وارض الأشباح وما بينهما من النفوس والقلوب والاسرار وسر الاسرار في ستة ايام اى في ستة انواع من المخلوقات وهى محصورة فيما ذكرناه من الأرواح والأشباح والنفوس والقلوب والاسرار وسر الاسرار فلا مخلوق الا وهو داخل في جملتها فافهم جدا وَما مَسَّنا بذلك مع كونه مما لا تفى به القوى والقدر وبالفارسية ونرسيد ما را از آفرينش آنها مِنْ لُغُوبٍ قال الراغب اللغوب التعب والنصب يقال أتانا ساعيا لاغبا خائفا تعبا وفي القاموس لغب لغبا ولغوبا كمنع وسمع وكرم(9/138)
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)
أعيى أشد الاعياء وفي تاج المصادر اللغوب مانده شدن. وفعل يفعل فعولا وفعلا ايضا لغة ضعيفة والمعنى من اعياء ولا تعب في الجملة وبالفارسية هيچ رنجى وماندكى فانه لو كان لاقتضى ضعفا فاقتضى فسادا فكان من ذلك شيء على غير ما أردناه فكان تصرفنا فيه غير تصرفنا في الباقي وأنتم تشاهدون الكل على حد سوآء من نفوذ الأمر وتمام التصرف وفي التأويلات النجمية وما مسنا من لغوب لانها خلقت بأشارة أمر كن كما قال تعالى وما أمرنا الا واحدة كلمح بالبصر فأنى يمسه اللغوب وانه صمد لا يحدث في ذاته حادث انتهى وهذا رد على جهلة اليهود في زعمهم ان الله بدأ خلق العالم يوم الأحد وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش سبحانه عما يقولون علوا كبيرا قال العلماء ان الذي وقع من التشبيه لهذه الامة انما وقع من اليهود ومنهم أخذ يقول الفقير هذه الآية نظير قوله تعالى اولم يروا ان الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعى بخلقهن بقادر على أن يحيى الموتى يدل عليه ما بعد الآية وهو قوله فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ اى ما يقوله المشركون فى شأن البعث من الأباطيل المبنية على الإنكار واستبعاد فان من فعل هذه الأفاعيل بلا فتور قادر على بعثهم والانتقام منهم او ما يقوله اليهود من مقالات الكفر والتشبيه وغيرهم وفي تفسير المناسبات لما دل سبحانه على شمول العلم واحاطة القدرة وكشف فيهما الأمر أتم كشف وكان علم الحبيب القادر بما يفعل العدو أعظم نذارة للعدو وبشارة للولى سبب عن ذلك قوله فاصبر على ما يقولون اى على جميع الذي يقوله الكفرة وغيرهم انتهى وفيه اشارة الى تربية النفوس بالصبر على ما يقول الجاهلون من كل نوع من المكروهات وتزكيتها من الصفات المذمومات ملازمة للذكر والتسبيحات والتحميدات كما قال وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ اى نزهه تعالى عن العجز عما يمكن وعن وقوع الخلف في اخباره التي من جملتها الاخبار بوقوع البعث وعن وصفه بما يوجب التشبيه حال كونك ملتبسا بحمده على ما أنعم عليك من إصابة الحق وغيرها قال سهل في الأمالي سر اقتران الحمد بالتسبيح ابدا كما في الآية وفي قوله وان من شيء الا يسبح بحمده ان معرفة الله تنقسم قسمين معرفة ذاته ومعرفة أسمائه وصفاته ولا سبيل الى اثبات أحد القسمين دون الآخر واثبات وجود الذات من مقتضى العقل واثبات الأسماء والصفات من مقتضى الشرع فبالعقل عرفت المسمى وبالشرع عرفت المسمى ولا يتصور في العقل اثبات الذات الا مع نفى سمات الحدوث عنها وذلك هو التسبيح ومقتضى العقل مقدم على مقتضى الشرع وانما جاء الشرع المنقول بعد حصول النظر والعقول فنبه العقول على النظر فعرفت ثم علمها ما لم تكن تعلم من الأسماء فانضاف لها الى التسبيح الحمد والثناء فما أمرنا الا بتسبيحه بحمده قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ هما وقتا الفجر والعصر وفضيلتهما مشهورة فالتسبيح فيهما بمكان وفي طه قبل طلوع الشمس وقبل غروبها راعى القياس لان الغروب للشمس كما ان الطلوع لها وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ اى وسبحه بعض الليل فقوله من الليل مفعول لفعل مضمر معطوف على سبح بحمد ربك يفسره فسبحه ومن للتبعيض ويجوز أن يعمل فيه المذكور ايضا(9/139)
ولا تمنع الفاء عن عمل ما بعدها فيما قبلها كما يجيئ في سورة قريش وقال بعض الكبار قبل طلوع الشمس يعنى من أول النهار وقبل الغروب يعنى الى آخر النهار ومن الليل فسبحه يعنى من جميع الليل بقدر الوسع والطاقة يقول الفقير ثبت ان بعض أهل الرياضة لم ينم سنين فيمكن له دوام الذكر والتسبيح كما قال تعالى والذين هم على صلاتهم دائمون ويمكن أن يقال ان ذلك حال القلب لا حال القالب فان اكثر أهل الله ينامون ويقومون على ما فعله النبي عليه السلام لكن قلوبهم يقظى وصلاتهم اى توجههم دائمة فهم في الذكر في جميع آناء الليل والنهار وَأَدْبارَ السُّجُودِ وأعقاب الصلوات وأواخرها جمع دبر من أدبرت الصلاة إذا انقضت والركوع والسجود يعبر بهما عن الصلاة لانهما أعظم أركانها كما يعبر بالوجه عن الذات لانه اشرف اعضائها وفي تفسير المناسبات وسبح ملتبسا بحمد ربك قبل طلوع الشمس
بصلاة الصبح وما يليق به من التسبيح وغيره وقبل الغروب بصلاة العصر والظهر كذلك فالعصر أصل في ذلك الوقت والظهر تبع لها ولما ذكر ما هو أدل على الحب في المعبود لانه وقت الانتشار الى الأمور الضرورية التي بها القوام والرجوع لقصد الراحة الجسدية بالأكل والشرب واللعب والاجتماع بعد الانتشار والانضمام مع ما في الوقتين من الدلالة الظاهرة على طى الخلق ونشرهم اتبعه ما يكون وقت السكون المراد به الراحة بلذيذ الاضطجاع والمنام فقال ومن الليل اى في بعض أوقاته فسبحه بصلاتى المغرب والعشاء وقيام الليل لان الليل وقت الخلوات وهى ألذ المناجاة ولما ذكر الفرائض التي لا مندوحة عنها على وجه يشمل النوافل من الصلاة وغيرها اتبعها النوافل المقيدة بها فقال وادبار السجود اى الذي هو الأكمل في بابه وهو صلاة الفرض بما يصلى بعده من الرواتب والتسبيح بالقول ايضا والمعنى والله اعلم ان الاشتغال استمطار من المحمود المسبح للنصر على المكذبين وان الصلاة أعظم ترياق للنصر وازالة النصب ولهذا كان النبي عليه السلام إذا حزبه امر فزع الى الصلاة انتهى يقال حزبه الأمر نابه واشتد عليه او ضغطه وفزع اليه لجأ وعن عمر وعلى رضى الله عنهما ادبار السجود الركعتان بعد صلاة المغرب وادبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر وعليه جمهور المفسرين وعن النبي عليه السلام من صلّى بعد المغرب ركعتين قبل أن يتكلم كتبت صلاته في عليين وعنه عليه السلام ركعتا الفجر اى سنة الصبح خير من الدنيا وما فيها وكان عليه السلام يقرأ في الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل صلاة الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد قاله ابن مسعود وعن مجاهد وادبار السجود هو التسبيح باللسان في ادبار الصلوات المكتوبة وفي الحديث من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين فذلك تسع وتسعون ثم قال تمام المائة لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر وفي رواية اخرى عن ابى هريرة رضى الله عنه قالوا يا رسول الله ذهب أهل الوفور بالدرجات والنعيم المقيم قال وكيف ذلك قالوا صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا وأنفقوا من فضول أموالهم وليست لنا اموال قال أفلا أخبركم بأمر تدركون به(9/140)
من كان قبلكم وتسبقون من جاء بعدكم ولا يأتى أحد بمثل ما جئتم به الا من جاء بمثله تسبحون فى دبر كل صلاة عشرا وتحمدون عشرا وتكبرون عشرا كما في كشف الاسرار يقول الفقير لعل سر التثليث في بيانه عليه السلام دائر على التثليث في بيانهم فانهم قالوا صلوا وجاهدوا وأنفقوا فقال عليه السلام تسبحون وتحمدون وتكبرون وفي تخصيص العشر في هذه الحديث رعاية لسر قوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فان كل عشر إذا ضوعف افرادها بعشرة الأمثال تبلغ الى المائة المشيرة الى الأسماء الحسنى التسعة والتسعين مع احديتها فاذا كان كل عشر مائة يكون المجموع ثلاثمائة لكنه عليه السلام أراد أن يبلغ الاعداد المضاعفة الى الالف لتكون اشارة الى ألف اسم من أسمائه تعالى فزاد في كل من التسبيح والتحميد والتكبير باعتبار أصوله حتى جعله ثلاثا وثلاثين وجعل تمام المائة القول المذكور في الحديث الاول فيكون اصول الاعداد مائة بمقابلة المائة المذكورة وفروعها وهى المضاعفات ألفا ليكون بمقابلة الألف المذكور فان قلت فأهل الوفور لا يخلو من أن يقولوا ذلك في أعقاب الصلوات فاذا لا فضل للفقرآء عليهم قلت جاء في حديث آخر إذا قال الفقير سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر مخلصا وقال الغنى مثل ذلك لم يلحق الغنى الفقير في فضله وتضاعف لثواب وان أنفق الغنى معها عشرة آلاف درهم وكذلك اعمال البر كلها فظهر فضلهم عليهم والحمد لله تعالى وفي الآية بيان فضيلة النوافل قال عليه السلام خطابا لأبى الدرداء رضى الله عنه يا عويمر اجتنب مساخط الله وأد فرآئض الله تكن عاقلا ثم تنفل بالصالحات من الأعمال تزدد من ربك قربا وعليه عزا وفي الحديث حسنوا نوافلكم فيها تكمل فرآئضكم وفي المرفوع النافلة هدية
المؤمن الى ربه فليحسن أحدكم هديته وليطبها وفي الحديث ازدلفوا الى الله بركعتين اى تقربوا وفي الحديث القدسي ما تقرب عبد الى بمثل أداء ما افترضت عليه وانه ليتقرب الى بعد ذلك بالنوافل حتى أحبه والمراد بالنوافل نوافل الصلوات وغيرها ومنها سلوك الصوفية فانه يتقرب به السالك الى الله بأزالة الحجب المانعة عن النظر الى وجه الله الكريم قال الراغب القرب الى الله قرب روحانى بازالة الا وساخ من الجهل والطيش والغضب والحاجات البدنية بقدر طاقة البشر والتخلق بالأخلاق الالهية من العلم والحكمة والرحمة وفي ترجمة الفتوحات المكية در اداى فرائض عبوديت اضطرارست ودر نوافل عبوديت اختبار ونقل در ركعت زائد را كويند وتو در اصل خود زائدى بر وجود حق تعالى چهـ او بود وتو نبودى وبوجود تو وجود حادث زياده شد پس عمل نفل اشارت بوجود تست كه زائدست واصل تست وعمل فرض اشارت بوجود حق است كه اصل كلى است پس در اداى فرائض بنده براى اوست ودر اداى نوافل براى خود وقتى كه در كار او باشى هر آينه دوسترازان دارد كه در كار خود باشى وثمره اين حب كه در كار خودى است كه كنت سمعه وبصره ثمره آن حب كه در كار او باشى اعنى اعمال فرائض قياس كن كه چهـ كونه باشد وبدان كه در نفس نفل فرائض ونوافل هست اگر در فرض نقصانى واقع شده باشد بدان فرائض كه در ضمن نفل است تمام كرده شود در خبر(9/141)
وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)
صحيح آمده است كه حق تعالى فرمايد كه در نماز بنده نكاه كنيد اگر تمام باشد تمام نويسند واگر ناقص باشد فرمايد كه بينيد كه اين بنده را هيچ تطوعى هست اگر باشد فرمايد كه فريضه بنده را بدان تطوعات تمام سازيد چون ركوع وسجود وسائر افعال كه نفل بي آن درست نيست كه سادمسد فرض شود حق تعالى اين فروض را در ميانه نوافل نهاد تا جبر فرض بفرض باشد انتهى قال بعض الكبار من أراد العلم الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فليكثر من الطاعات والنوافل حتى يحبه الحق فيعرف الله بالله ويعرف جميع الاحكام الشرعية بالله لا بعقله ومن لم يكثر مما ذكر فليقلد ربه فيما أخبر الا يأولا فانه اولى من تقليد العقل يقول الفقير دخل في ادبار السجود والنوافل مثل صلاة الرغائب وصلاة البراءة وصلاة القدر فان صلاة الرغائب تصلى بعد المغرب في ليلة الجمعة الاولى من شهر الله رجب والثانية بعد العشاء في ليلة النصف من شعبان والثالثة بعد العشاء ايضا في ليلة القدر وتلك الصلوات من مستحسنات المشايخ المحققين لانها نوافل اى زوآئد على الفرائض والسنن وهذا على تقدير أن لا يكون لها اصل صحيح في الشرع وقد تكلم المشايخ عليها والأكثر على انه عليه السلام صلاها فلها اصل صحيح لكن ظهورها حادث ولا يقدح هذا الحدوث في اصالتها على أن عمل المشايخ يكفى سندا فانهم ذووا الجناحين وقد أفردت لهذا الباب جزأ واحدا شافيا وَاسْتَمِعْ يا محمد لما يوحى إليك من أحوال القيامة وفي حذف مفعول استمع وإبهامه ثم تفسيره بقوله يوم إلخ تهويل وتفظيع للمخبر به كما يروى عن النبي عليه السلام انه قال سبعة ايام لمعاذ بن جبل رضى الله عنه يا معاذ اسمع ما أقول لك ثم حدثه بعد ذلك والسمع ادراك المسموع بالاصغاء والفرق بين المستمع والسامع ان المستمع من كان قاصدا للسماع مصغيا اليه والسامع من اتفق سماعه من غير قصد اليه فكل مستمع سامع من غير عكس يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ أصله ينادى المنادى قرأ ابو عمرو ونافع وابن كثير المنادى بالياء في الوصل وهو الأصل في اللغة والباقون بغير ياء لان الكسر يدل عليه واكتفى به والمنادى هو الملك النافخ في الصور وهو اسرافيل عليه السلام والنداء نفخة سمى نداء من حيث انه جعله علما للخروج وللحشر وانما يقع ذلك النداء كأذان المؤذن وعلامات الرحيل في العساكر وقيل هو النداء حقيقة فيقف على الصخرة ويضع إصبعه في أذنيه وينادى أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة ان الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء وقيل اسرافيل ينفخ وجبرائيل ينادى بالحشر مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ الى السماء وهو صخرة بيت المقدس فان بيت المقدس أقرب من جميع الأرض الى السماء بأثنى عشر ميلا او ثمانية عشر ميلا وهو وسط الأرض كما قاله على رضى الله عنه او من مكان قريب يصل نداؤه الى الكل على سوآء يعنى آواز او بهمه جا برسد واز هيچ موضعى دور نبود وفي كشف الاسرار سمى قريبا لان كل انسان يسمعه من طرف اذنه وقيل من تحت أقدامهم وقيل من منابت شعورهم يسمع من كل شعرة ولعل ذلك في الاعادة مثل كن في البدء يَوْمَ إلخ بدل من يوم ينادى إلخ(9/142)
يَسْمَعُونَ اى الأرواح وقيل الأجساد لانه يمدها أربعين سنة كما في عين المعاني الصَّيْحَةَ وهى صيحة البعث التي هى النفخة الثانية والصيحة والصياح الصوت بأقصى الطاقة بِالْحَقِّ متعلق بالصيحة على انه حال منها والعامل في الظرف ما يدل عليه قوله تعالى ذلِكَ اين روز يَوْمُ الْخُرُوجِ من القبور وهو من اسماء يوم القيامة وسمى يوم العيد يوم الخروج ايضا تشبيها به والمعنى يوم يسمعون الصيحة ملتبسة بالحق الذي هو البعث يخرجون من القبور الى المحاسبة ثم الى احدى الدارين اما الى الجنة واما الى النار قال فى كشف الاسرار چون اين ندا در عالم دهد در خلق اضطرار افتد آن كوشتهاى و پوستهاى پوسيده واستخوانها ريزيده وخاك كشته وذره ذره بهم بر آميخته بعضى بشرق بعضى بغرب بعضى به بر بعضى به بحر بعضى كركان خورده وبعضى مرغان پرده همه با هم مى آيد وذره ذره بجاى خود باز ميشود
هر چهـ در هفت إقليم خاكى جانور بوده از ابتداء دور عالم تا روز رستاخيز همه با هم آيد تنها راست كردد وصورتها پيدا شود اعضا واجزاى مرتب ومركب كردد ذره كم نه وذره پيش نه موى ازين بان نياميزد وذره از ان به اين نه پيوندد آه صعب روزى كه حشر ونشرست روز جزاء خير وشرست ترازوى راستى آويخته كرسئ قضا نهاده بساط هيبت باز كسترده همه خلق بزانو در آمده كه وترى كل امة جاثية دوزخ مى غرد كه تكاد تميز من الغيظ زبانيه در عاصى آويخته كه خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه هر كس بخود درمانده واز خويش و پيوند بگريخته لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه آورده اند كه پيش از آمدن خلق از خاك جبريل وميكائيل بزمين آيند براق مى آرند وحله وتاج از بهر مصطفى صلوات الله عليه واز هول آن روز ندانند كه روضه سيد كجاست از زمين مى پرسند وزمين ميكويد من از هول رستاخيز ندانم كه در بطن خود چهـ دارم جبريل بشرق وغرب همى نكرد از آنجا كه خوابكاه سيدست نورى بر آيد جبريل آنجا شتابد سيد عالم صلوات الله عليه از خاك بر آيد چنانكه در خبرست انا أول من تنشق عنه الأرض أول سخن اين كويد اى جبرائيل حال امتم چيست خبر چهـ دارى كويد اى سيد أول تو برخاسته ايشان در خاك اند اى سيد تو حله در پوش وتاج بر سر نه وبر براق نشين وبمقام شفاعت رو تا امت در رسند مصطفى عليه السلام همى رود تا بحضرت عزت سجده آرد وحق را جل جلاله بستايد وحمد كويد از حق تعالى خطاب آيد كه اى سيد امروز نه روز خدمت است كه روز عطا ونعمت است نه روز سجود است كه روز كرم وجودست سر بردار وشفاعت كن هر چهـ تو خواهى آن كنم تو در دنيا همه آن كردى كه ما فرموديم ما امروز ترا آن دهيم كه تو خواهى ولسوف يعطيك ربك فترضى قال المولى الجامى في سلسلة الذهب
سويم افكن ز مرحمت نظرى ... باز كن بر رخم ز فضل درى
لب بجنبان پى شفاعت من ... منكر در كناه وطاعت من
مانده ام زير بار عصيان پست ... افتم از پاى اگر نكيرى دست
رحم كن بر من وفقيرئ من ... دست ده بهر دستكيرئ من(9/143)
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ فى الدنيا من غير أن يشاركنا في ذلك أحد فتكرير الضمير بعد إيقاعه اسما للتأكيد والاختصاص والتفرد (قال الكاشفى) يعنى نطفه مرده را حيات مى دهيم وميرانيم ايشانرا در دنيا وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ للجزاء في الآخرة لا الى غيرنا لا استقلالا ولا اشتراكا فليستعدوا للقائنا وفيه اشارة الى مراقبة القلوب بعد انقضاء اوقات الذكر لاستماع بداء الهواتف الغيبية والإلهامات الربانية والإشارات الالهية من مكان قريب وهو القلب يوم يسمع النفوس الصيحة من جانب الحق بتجلى صفاته ذلك يوم الخروج من ظلمات البشرية الى نور الروحانية والربانية انا نحن نحيى القلوب الميتة ويميت النفوس الحية وإلينا المصير
لمن ماتت نفسه وحيي قلبه ... واعلم ان الحشر حشر عام وهو خروج الأجساد
من القبور الى المحشر يوم النشور وحشر خاص وهو خروج الأرواح الاخروية من قبور الأجسام الدنيوية بالسير والسلوك في حال حياتهم الى العالم الروحاني وذلك بالموت بالارادة عن الصفات الحيوانية النفسانية قبل الموت بالاضطرار عن الصورة الحيوانية وحشر أخص وهو الخروج من قبور الانانية الروحانية الى الهوية الربانية وكما ان الموت نوعان اضطراري واختياري فكذا الولادة الاضطرارية بخلق الله تعالى لا مدخل فيها الكسب العبد واختياره واما الاختيارية فانما تحصل بالكسب وهو الذي أشار اليه عيسى عليه السلام بقوله لن يلج ملكوت السموات من لم يولد مرتين يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ بحذف احدى التاءين من تتشقق اى تتصدع قال في تاج المصادر التشقق شكافته شدن والمعنى بالفارسية بياد آر روزى را كه بشكافد زمين ودور شود ز آدميان يعنى مردكان پس بيرون آيد از قبرها سِراعاً حال من المجرور وهو جمع سريع والسرعة ضد البطيء ويستعمل في الأجسام والافعال ويقال سرع فهو سريع واسرع فهو مسرع والمعنى حال كونهم مسرعين الى اجابة الداعي من غير التفات يمينا وشمالا هذا كقوله مهطعين الى الداع ذلِكَ اين احياى ايشان از قبور حَشْرٌ بعث وجمع وسوق عَلَيْنا يَسِيرٌ اى هين علينا نقول له كن فيكون وهو كلام معادل لقول الكفرة ذلك رجع بعيد وتقديم الجار والمجرور لتخصيص اليسر به تعالى فان ذلك لا يتيسر الأعلى العالم القادر لذاته الذي لا يشغله شأن من شأن كما قال ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ من نفى البعث وتكذيب الآيات الناطقة به وغير ذلك مما لا خير فيه وهو تسلية لرسول الله عليه السلام وتهديد لهم وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ بمسلط تقسرهم على الايمان او تفعل بهم ما تريد وانما أنت مذكر هذا كقوله انما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر اى لست بمتسلط عليهم بجبرهم مما تريد واصل الجبر إصلاح الشيء بضرب من القهر والجبار في اسم الله تعالى هو الذي جبر العباد على ما أراد فَذَكِّرْ پس پند كوى بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ اى عظم بمواعظه فانهم المنتفعون به كما قال فذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين واما من عداهم فنفعل بهم ما يوجبه أقوالهم وتستدعيه أعمالهم من ألوان العقاب وفنون العذاب كقوله انما تنذر من اتبع الذكر وخشى الرحمن بالغيب والوعيد التخويف بالعذاب ويستعمل(9/144)
وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4)
فى نفس العذاب كما مر قال بعض العارفين امر الله نبيه عليه السلام أن يذكر الخاشعين من عظمته والخائفين من كبريائه بالقرءان لأنهم اهله وأهل القرآن أهل الله وخاصته هم يعرفون حقائق الخطاب بنعت العبودية وهم بالقرءان يرتقون الى معادنه فيرون الحق بالحق بلا حجاب ويصعدون به الى الابد وقال احمد ابن همدان رحمه الله لا يتعظ بمواعظ القرآن الا الخائفون على ايمانهم وإسلامهم وعلى كل نفس من أنفاسهم وقال بعضهم انما يؤثر التخويف والانذار والتذكير في الخائفين فاما من لا يخاف فلا ينجح فيه ذلك وطير السماء على او كارها تقع وقال بعضهم وما أنت عليهم بجبار هذا خطاب مع القلب يعنى ما أنت على النفس وصفاتها بمتسلط بنفسك إلا بنا فذكر بالقرءان اى بدقائق معانيه وحقائق أسراره من يخاف وعيد يعنى بعض النفوس القابلة لتذكير القرآن ووعيده فانه ليس كل نفس قابلة له (قال الشيخ سعدى)
در خير بازست هركز وليك ... نه هر كس تواناست بر فعل نيك
كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هركز كه حق بشنود
ز علمش ملال آيد از وعظ ننك ... شقايق بباران نرويد ز سنك
بكوشش نرويد كل از شاخ بيد ... نه زنكى به كرمابه كردد سفيد
نيايد نكو كارى از بدرگان ... محالست دوزندكى از سكان
توان پاك كردن زژنك آينه ... وليكن نيايد ز سنك آينه
كان رسول الله عليه السلام يخطب بسورة ق في كثير من الأوقات لاشتمالها على ذكر الله تعالى والثناء عليه ثم على علمه بما توسوس به النفوس وما تكتبه الملائكة على الإنسان من طاعة وعصيان ثم تذكير الموت وسكرته ثم تذكير القيامة وأهوالها والشهادة على الخلائق بأعمالهم ثم تذكير الجنة والنار ثم تذكير الصيحة والنشور والخروج من القبور ثم بالمواظبة على الصلوات قال السيوطي في كتاب الوسائل أول من قرأ في آخر الخطبة ان لله يأمر بالعدل والإحسان الآية عمر بن عبد العزيز ولزمها الخطباء الى عصرنا هذا وكان النبي عليه السلام يقرأ ق وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقرأ إذا الشمس كورت الى قوله ما أحضرت وكان عثمان بن عفان رضى الله عنه يقرأ آخر سورة النساء يستفتونك الآية وكان على بن ابى طالب رضى الله عنه يقرأ الكافرون والإخلاص ذكر ذلك ابن الصلاح وفي الحديث من قرأ سورة ق هون الله عليه تارات الموت وسكراته قيل تارات الموت إفاقاته وغشياته كما في حواشى سعدى المفتى رحمه الله تمت سورة ق بعون ذى الألطاف في أوائل جمادى الاولى من سنة اربع عشرة ومائة والف تفسير سورة الذاريات ستون آية مكية
تفسير سورة الذاريات
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالذَّارِياتِ ذَرْواً الواو للقسم والذاريات وما بعدها صفات حذفت موصوفاتها وأقيمت(9/145)
هى مقامها والتقدير والرياح الذاريات وذروا مصدر عامله الذاريات يقال ذرت الريح الشيء ذروا وأذرته أطارته وأذهبته قال في تاج المصادر الذرى داميدن والمراد الرياح التي تذرو التراب وغيره ودانه را از كاه جدا كنند كما في تفسير الكاشفى روى عن كعب الأحبار قال لو حبس الله الريح عن الأرض ثلاثة ايام ما بقي على الأرض شيء إلا نتن وعن العوام بن حوشب قال تخرج الجنوب من الجنة فتمر على جهنم فغمها منها وبركاتها من الجنة وتخرج الشمال من جهنم فتمر على الجنة فروحها من الجنة وشرها من النار وقيل الشمال تمر بجنة عدن فتأخذ من عرف طيبها فتمر على أرواح الصديقين وعن عبد الله بن شداد قال ان الريح من روح الله فاذا رأيتموها فاسألوا الله خيرها وتعوذوا من شرها وعن جابر رضى الله عنه قال هاجت ريح كادت تدفن الراكب من شدتها فقال عليه السلام هذه ريح أرسلت لموت منافق فقدمنا المدينة فاذا رأس من رؤس المنافقين قدمات (وروى) عن على رضى الله عنه ان مساكين الريح تحت اجنحة الكروبيين حملة الكرسي فتهيج من ثمة فتقع بعجلة الشمس ثم تهيج من عجلة الشمس فتقع برؤوس الجبال فتقع في البر فتأخذ الشمال وحدها من كرسى بنات النعش الى مغرب الشمس والنعش اربعة كواكب على شكل مربع مستطيل وخلفها ثلاثة كواكب تسمى البنات وتأتى الدبور وحدها من مغرب الشمس الى مطلع سهيل وتأتى الجنوب وحدها من مطلع سهيل الى مطلع الشمس وتأتى الصبا وحدها من مطلع الشمس الى كرسى بنات النعش فلا تدخل هذه في حد هذه ولا هذه في حد هذه قال ابن عمر الرياح ثمان اربع منها عذاب واربع منها رحمة اما الرحمة فالناشرات والمبشرات والذاريات والمرسلات واما العذاب فالعاصفات والقاصف والصرصر والعقيم وأراد ابن عمر ما في القرآن من ألفاظ الرياح وعن ابى امامة رضى الله عنه قال قال رسول الله عليه السلام ليبيتن قوم من أمتي على أكل وشرب ولهو ولعب ثم ليمسخن قردة وخنازير وليصبين أقواما من أمتي خسف وقذف باتخاذهم القيان وشربهم الخمور وضربهم بالدف ولبسهم الحرير ولتنسفن احياء من أمتي الريح كما نسفت عاداكما في كتاب الامتاع في احكام السماع والنسف بركندن بنا وگياه وداميدن چيزى وفي الآية اشارة الى الرياح الصبحية بحمل انين المشتاقين المتعرضين لنفحات الألطاف الى ساحات العزة ثم تأتى بتنسم نفحات الحق الى مشام اسرار المحبة فيجدون راحة من غلبات اللوعة وفي معناه انشدوا
وانى لأستهدى الرياح نسيمكم ... إذا أقبلت من أرضكم بهبوب
واسألها حمل السلام اليكمو ... فان هى يوما بلغت فأجيبى
(قال المولى الجامى)
نسيم الصبح زرمنى ربى نجدو قبلها ... كه بوى دوست مى آيد از ان پاكيزه منزلها
(وقال الكمال الخجندي)
صبا ز دوست پيامى بسوى ما أورد ... بهمدمان كهن دوستى بجا آورد
براى چشم ضعيف رمد كرفته ما ... ز خاك مقدم محبوب توتيا آورد(9/146)
فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4)
وقال بعضهم المراد بالذاريات النساء الولود فانهن يذرين وهو بضم الياء بمعنى يذرون يقول الفقير من لطف هذا المعنى مجاورته للفظ الحاملات والجاريات على ان من وجوه الحاملات النساء الحوامل وفيه بيان لفضل الولود على العقيم كما قال عليه السلام سوداء ولود خير من حسناء عقيم ودل لفظ السوداء على سيادة الولود كسواد الحجر الأسود فانه من السيادة وذلك أن الولود مظهر الآثار ومطلع الأنوار وكذلك ولود الإنسان وهو الإنسان الكامل وهو كالمصدر للافعال والجامد وهو الإنسان الناقص لا يصلح الا لان يكون آية يستدل بها كسائر الآيات التكوينية ومثاله لفظ انما فانه للتأكيد والحصر لا غير وذلك باعتبار الكف عن العمل فافهم الاشارة فَالْحامِلاتِ وِقْراً الوقر بالكسر اسم لما توقرأى تحمل والمراد هنا المطر ووقرا مفعول الحاملات والمعنى فالسحب الحاملة للمطر وبالفارسية پس بردارندكان بار كران يعنى ابرها كه ببارند (روى) عن خالد بن معدان قال ان في الجنة شجرة تثمر السحاب فالسودآء التي نضجت تحمل المطر والبيضاء التي لا تحمل المطر وقال كعب السحاب غربال المطر ولولا السحاب لأفسد المطر ما أصاب من الأرض وعن الحسن انه كان إذا نظر الى السحاب قال لاصحابه فيه والله رزقكم ولكن تحرمونه بخطاياكم وأعمالكم وعن عكرمة قال ما أنزل الله من السماء قطرة الا أنبت بها في الأرض عشبة او في البحر لؤلؤة وفي المطر حياة الأرض فكأنه روحها وكذا في الفيض الإلهي حياة القلب والروح وفيه اشارة الى ان سحاب الطاف الربوبية تحمل امطار مراحم الالوهية فتمطر على قلوب الصادقين فَالْجارِياتِ يُسْراً يسرا صفة لمصدر محذوف اى فلسفن الجارية فى البحر جريا يسيرا اى ذا يسر وسهولة وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال البحر زق بيد ملك لم يغفل عنه ولو غفل عنه الملك لطم على الأرض يعنى دريا خيكى است بدست فرشته غافل نمنى شود از وى فرشته واگر غافل شود بر مى كند زمين را وفرو مى كيرد وفي الحديث لا يركبن رجل البحر الاغازيا او حاجا او معتمر فان تحت البحر نارا وان تحت النار بحرا وان تحت البحر نارا وقال كعب ما من ليلة الا والبحار تشرف على الخلائق فتقول يا رب ائذن لنا حتى تغرق الخطائين فيأمرها تعالى بالسكون فتسكن وسأل سليمان بن داود عليهما السلام عن ملك البحر فخرجت اليه دابة من البحر فجعلت تنسل من حيث طلعت الشمس حتى انتصف النهار تقول هذا ولما يخرج نصفى بعد فتعوذ بالله من البحر ومن ملكه يعنى برسيد سليمان بن داود از فرشته بحر پس بيرون آمد بسوى وى جانورى از بحر بشتاب از ان زمان كه آفتاب بر آمد تا نيم روز كفت هنوز نيم من بيرون نيامده است پس پناه كرفت سليمان بخدا از بحر از ملك وى وفيه اشارة الى سفن وجود المحبين المحبوبين شراعها مرفوعة الى مهب رياح العناية فتجرى بها في بحر التوحيد على أيسر حال فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً الأمر واحد الأمور أريد به معنى الجمع وهو منصوب على المفعولية والمراد بالمقسمات الملائكة وإيراد جمع المؤنث السالم فيهم بتأويل الجماعات اى فالملائكة التي تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها وفي كشف الاسرار هذا كقوله فالمدبرات امرا قال عبد الرحمن بن سابط(9/147)
يدبر أمر الأرض اربعة من الملائكة جبريل وميكائيل واسرافيل وملك الموت عليهم السلام فجبريل على الجنود والرياح وميكائيل على القطر والنبات وملك الموت على قبض الأرواح واسرافيل يبلغهم ما يؤمرون به وأضاف هذه الافعال الى هذه الأشياء لانها اسباب لظهورها كقوله تعالى خبرا عن جبريل لاهب لك غلاما زكيا وانما الله هو الواهب الغلام لكن لما كان جبريل سبب ظهوره أضاف الهبة اليه والفاء لترتيب الاقسام بها باعتبار ما بينها من التفاوت فى الدلالة على كمال القدرة يعنى ان المقصود من الاقسام بها ظاهرا هو تأكيد المحلوف عليه وهو البعث وكونه محقق الوقوع والمقصود الأصلي تعظيم هذه الأشياء لما فيها من الدلالة على كمال قدرته فيكون في المعنى استدلالا على المحلوف عليه فكأنه قيل فمن قدر على إنشاء هذه الأشياء الا يقدر على إعادة ما انشأه اولا كقول القائل لمن أنعم عليه وحق نعمك الكثيرة انى لا أزال أشكرك اتى بصورة القسم الدال على تعظيم النعم استدلالا به على انه مواظب لشكرها فاذا كان
كذلك فالمناسب أن يقدم ما هو أدل على كمال القدرة والرياح أدل عليه بالنسبة الى السحب لكون الرياح أسبابا لها والسحب لغرابة ماهيتها وكثرة منافعها ورقة حاملها الذي هو الريح أدل عليه من السفن وهذه الثلاث لكونها من قبيل المحسوسات أدل عليه من الملائكة الغائبين عن الحسن لانه كلام من المنكر فربما ينكر وجود من هو غائب عن الحسن فلا يتم الاستدلال وقال سعدى المفتى في بيان التفاوت المذكور فاما على التنزل كما في قوله عليه السلام رحم الله المحلقين والمقصرين بأن يقال الرياح أظهر في الدلالة على كمال القدرة من السحب وهى من السفن والثلاث من الملائكة المقسمة لانه كلام مع الجاحد ويمكن أن ينكرها فكيف بجعلها أظهر مما هو محسوس على ما اختاره صاحب الكشف واما على الترقي والقول بأن كلا منها آخره أدل على كمال القدرة مما قبله ولا اعتبار بإنكار من لا عبرة به فالمقسمات يدل على أقدار الروحانيات مع لطافتها على التصرف في الجسمانيات مع كثافتها ثم الجاريات المتألفة من جميع العناصر على ما فيها من الصنعة البديعة والأمور العجيبة من حمل الأثقال مع خفة الحامل ورقة المحمل وقطع المسافة الشاسعة في زمان يسير بهبوب الرياح العاصفة ثم الحاملات تتألف من الاجزاء المائية والهوائية وقليل من الاجزاء النارية والارضية وفيها غرائب من الآثار العلوية ولا تتم الا بواسطة الرياح وعليك بالتأمل انتهى يقول الفقير سر الترتيب هو ان الرياح فوق السحاب الحاملة للمطر وهى فوق الماء الحامل للسفن وهو فوق الأرض الظاهر اثر تدبير الملائكة فيها فأشار تعالى الى ان كل امر انما ينزل من السماء وكل تأثير في الأرض انما يظهر من جانب العلو ومن ذلك وقوع البعث من القبور فمن قدر على أطهار الآثار في الأرض بالتأثيرات العلوية كان قادرا على البعث لانه من الآثار الارضية ايضا والله اعلم وفيه اشارة الى من ينزل من الملائكة المقربين لتفقد أهل الوصلة والقيام بأنواع من الأمور لاهل هذه القصة فهؤلاء القوم يسألونهم عن أحوالهم هل عندهم خبر من فراقهم ووصالهم ويقولون
بربكما يا صاحى قفاليا ... اسائلكما عن حالكم فاسألانيا(9/148)
إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (9) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10)
إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ جواب للقسم وما موصولة والعائد محذوف اى ان الذي توعدونه من البعث والحساب او من الثواب والعقاب لصادق يعنى هر آينه راست ودرست است ودر ان هيچ خلافى نيست قال في الإرشاد ووصف الوعد بالصدق كوصف العيشة بالرضى في ان اسم الفاعل مسند الى المفعول به إذا الوعد مصدوق والعيشة مرضية وقال ابن الشيخ اى لذو صدق على ان البناء للنسب كتامر لان الموعود لا يكون صادقا بل الصادق هو الوعد ويجوز أن تكون ما مصدرية اى وعدكم او وعيدكم إذ يحتمل توعدون أن يكون مضارع وعد وأوعد والثاني هو المناسب للمقام فالكلام مع المنكرين وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ اى وان الجزاء على الأعمال لحاصل وكائن لا محالة فان من قدر على هذه الأمور البديعة المخالفة لمقتضى الطبيعة فهو قادر على البعث الموعود قال بعضهم قد وعد الله المطيعين بالجنة والتائبين بالمحبة والأولياء بالقربة والعارفين بالوصلة والطالبين بالوجدان كما قال ألا من طلبنى وجدنى ووعد الله واقع البتة ومن اوفى بعده من الله وأوعد الفاسقين بالنار والمصرين بالبغضاء والأعداء بالبعد والجاهلين الغافلين بالفراق والباطلين بالفقدان قال بعضهم ما الحكمة في معنى القسم من الله تعالى فانه ان كان لاجل المؤمن فالمؤمن يصدق بمجرد الاخبار من غير قسم وان كان لاجل الكافر فلا يفيده والجواب ان القرآن نزل بلغة العرب ومن عادتها القسم إذا أرادت أن تؤكد أمرا والحكم يفصل باثنين اما بالشهادة واما بالقسم فذكر الله في كتابه النوعين حتى لا يبقى لهم حجة فقال شهد الله الآية ولا يكون القسم الا باسم معظم وقد أقسم الله بنفسه في القرآن في سبعة مواضع والباقي من القسم القرآني قسم بمخلوقاته كما في عنوان هذه السورة ونحوه والتين والزيتون والصافات والشمس والليل والضحى وغير ذلك فان قلت ما الحكمة في ان الله تعالى قد أقسم بالخلق وقد ورد النهى عن القسم بغير الله تعالى قال في ترجمة الفتوحات حذر كن كه بغير دين اسلام بديني ديكر سوكند ياد كنى يا كويى اگر چنين باشد از دين اسلام بيزارم ودرين صورت از بهر احتياط تجديد ايمان كن ونهى آمده است از انكه كسى بغير الله سوكند ياد كند انتهى قلت فيه وجوه الاول انه على حذف المضاف اى ورب الذاريات ورب التين ورب الشمس والثاني ان العرب كانت تعظم هذه الأشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفون والثالث ان الاقسام انما يكون بما يعظمه المقسم او يجله وهو فوقه والله تعالى ليس شيء فوقه فاقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته لانها تدل على بارئ وصانع حكيم وقال بعضهم القسم بالمصنوعات يستلزم بالصانع لان ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل وقال بعضهم ان الله تعالى يقسم بما شاء من خلقه وليس لاحد أن يقسم الا بالله وقال بعضهم القسم اما لفضيلة او منفعة ولا تخلو المصنوعات عنهما وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ جمع حباك او حبيكة كمثال ومثل وطريقة وطرق والمراد بالحبك الطرائق اى الطرائق المحسوسة التي هى مساير الكواكب او المعقولة التي يسلكها النظار ويتوصل بها الى المعارف كما قال الراغب الحبك هى الصرائق فمن الناس من تصور منها الطرائق المحسوسة بالنجوم والمجرة وهى بالفارسية كهكشان وعن على رضى الله عنه ان السماء تنشق من المجرة(9/149)
إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (9) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10)
يوم القيامة ومنهم من اعتبر ذلك بما فيه من الطرائق المعقولة المدركة بالبصيرة والى هذا أشار بقوله ان في خلق السموات والأرض الى قوله ربنا ما خلقت هذا باطلا وعن ابن عباس رضى الله عنهما ذات الخلق الحسن المستوي در تبيان از ابن عمر رضى الله عنهما نقل ميكند كه مراد آسمان هفتم است وحق تعالى بد وسوكند ياد كند إِنَّكُمْ
يا أهل مكة لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ فى القرآن اى متخالف متناقض وهو قولهم انه شعر وسحر وافتراء وأساطير الأولين وفي الرسول شاعر وساحر ومفتر ومجنون وفي القيامة فان من الناس من يقطع القول بأقرار ومنهم من يقطع القول بإنكار ومنهم من يقول أن نظن الا ظنا وهذا من التحير والجهل الغليظ فيكم وفي هذا الجواب تأييد لكون الحبك عبارة عن الاستواء كما يلوح به ما نقل عن الضحاك ان قول الكفرة لا يكون مستويا انما هو مناقض مختلف يقول الفقير لعل الوجه في هذا القسم ان القرآن نازل من السماء وان النبوة امر سماوى فهم اختلفوا في هذا الأمر السماوي وظنوا انه امر أرضى مختلف وليس كذلك وفي الآية اشارة الى سماء القلب ذات الطريق الى الله انكم أيها الطالبون الصادقون لفى قول مختلف فى الطلب فمنكم من يطلب منا ما عندنا من كمالات القربات ومنكم من يطلب منا مالدينا من العلوم والمعارف ومنكم من يطلبنا بجميع صفاتنا فلو استقمتم على الطريقة وثبتم ملازمين فى طلبه لبلغ كل قاصد مقصده يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ يقال أفكه عنه يأفكه إفكا صرفه وقلبه او قلب رأيه كما في القاموس ورجل مأفوك مصروف عن الحق الى الباطل كما في المفردات اى يصرف عن القرآن او الرسول من صرف إذ لا صرف أفظع منه وأشد فكأنه لا صرف بالنسبة اليه يعنى ان تعريف مصدر أفك للحقيقة وكلمة من للعموم فالمعنى كل من اتصف بحقيقة المصروفية يصرف عنه ويلزمه بعكس النقيض كل من لم يصرف عنه لم يتصف بتلك الحقيقة فكان كل صرف يغايره لا صرف بالقياس اليه لكماله وشدته وقال بعضهم يصرف عنه من صرف في علم الله وقضائه يعنى هر كه در علم خداى محروم باشد از ايمان بكتاب و پيغمبر هر آينه محرومست
دلها همه محزون وحكرها خونست ... تا حكم ازل در حق هر كس چونست
وفيه اشارة الى ان في قطاع الطريق على ارباب الطلب لكثرة فمن يصرفه عن طلبه قاطع من القطاع من النفس والهوى والدنيا وزينتها وشهواتها وجاهها ونعيما فصرف فقد حرم من متمناه وأهلكه هوه كما قيل نعوذ بالله من الحور بعد الكور وينادى عليه منادى العزة وكم مثلها فارقتها وهى تصفر قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ دعاء عليهم كقوله قتل الإنسان ما اكفره وأصله الدعاء بالقتل والهلاك ثم جرى مجرى لعن وقبح والخرص تقدير القول بلا حقيقة ومنه خرص الثمار اى تقديرها مثلا تقدير ما على النخل من الرطب تمرا وكل قول مقول عن ظن وتخمين يقال له خرص سواء كان ذلك مطابقا للشيء او مخالفاله من حيث ان صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولا سماع بل اعتمد فيه على الظن والتخمين كفعل الخارص فى خرصه وكل من قال قولا على هذا النحو يسمى كاذبا وان كان قوله مطابقا للقول المخبر به(9/150)
الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14)
كما قال تعالى في شهادة المنافقين لكاذبون فالخراصون الكذابون المقدرون مالا صحة له وهم اصحاب القول المختلف كأنه قيل قتل هؤلاء الخراصون فاللام للعهد اشارة إليهم وعن مجاهدهم الكهنة الَّذِينَ هُمْ لفظ هم مبتدأ وخبره قوله فِي غَمْرَةٍ من الجهل والضلال تغمرهم وتغشاهم عن امر الآخرة قال الراغب أصل الغمر ازالة اثر الشيء ومنه قيل للماء الكثير الذي يزيل اثر مسيله غمر وغامر وبه شبه الرجل السخي والفرس الشديد العد وفقيل لهما غمر كما شبها بالبحر والغمرة معظم الماء الساترة لمقرها وجعلت مثلا للجهالة التي تغمر صاحبها والى نحو أشار بقوله فأغشيناهم وقيل للشدآئد غمرات قال تعالى في غمرات الموت وقال الشاعر
قال العواذل اننى في غمرة ... صدقوا ولكن غمرتى لا تنجلى
ساهُونَ خبر بعد خبر اى غافلون عما أمروا به قال بعصهم الغمرة فوق الغفلة والسهو دون الغفلة قال الراغب السهو خطأ عن غفلة وذلك ضربان أحدهما ان لا يكون من الإنسان جوالبه ومولداته كمجنون سب إنسانا والثاني أن يكون مولداته كمن شرب خمرا ثم ظهر منه منكر لا عن قصد الى فعله فالاول معفو عنه والثاني مأخوذ به وعلى الثاني ذم الله تعالى فقال الذين هم في غمرة ساهون وفي كشف الاسرار الخراصون هم المقتسمون الذين اقتسموا عقاب مكة واقتسموا القول في النبي عليه السلام ليصرفوا الناس عن دين الإسلام يعنى ان أهل مكة أقاموا رجالا على عقاب مكة يصرفون الناس يعنى بوقت ورود قوافل بر عقاب مكة نشستندى وهر يك در حق مصطفى عليه السلام بآينده ورونده دروغ كفتندى ومرد مانرا از صحبت شريف وى باز داشتندى حق تعالى ايشانرا لعنت كرد قال ابو الليث فمنهم من يأخذ بقولهم ويرجع ومنهم من لا يرجع وفي الآية اشارة الى أهل الدعوى الذين هم في غمرة الحسبان والغرور وهم ملعونون اى مطرودون عن مقامات أهل الطلب فانه ليس لهم طلب ولو طلبوا لوجدوا ما وجد أهل الطلب قال سهل رضى الله عنه توضأت في يوم جمعة فمضيت الى الجامع في ايام البداية فوجدته قد امتلأ بالناس وهم الخطيب أن يرقى المنبر فأسأت الأدب ولم ازل أتخطى رقاب الناس حتى وصلت الى الصف الاول فجلست فاذا هو عن يمينى شاب حسن المنظر طيب الرائحة عليه اطمار صوف فلما نظر الى قال كيف نجدك يا سهل قلت بخير أصلحك الله وبقيت متفكرا في معرفته لى وانا لم أعرفه فبينما أنا كذلك إذ أخذنى حرقان بول فأكرسى فبقيت على وجل خوفا ان أتخطى رقاب الناس وان جلست لم تكن لى صلاة فالتفت الى وقال يا سهل أخذك حرقان بول قلت أجل فنزع إحرامه عن منكبه فغشانى به تم قال اقض حاجتك واسرع فالحق الصلاة قال فغمى على وفتحت عينى وإذا بباب مفتوح وسمعت قائلا يقول لج الباب يرحمك الله فولجت وإذا بقصر مشيد عالى البناء شامخ الأركان وإذا بنخلة قائمة والى جنها مطهرة مملوءة ماء أحلى من الشهد ومنزل اراقة الماء ومنشفة معلقة وسواك فحللت لباسى وارقت الماء ثم اغتسلت وتنشفت بالمنشفة فسمعت ينادينى فيقول ان كنت قضيت اربك فقل نعم فقلت نعم فنزع الإحرام(9/151)
يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14)
عنى فاذا انا جالس في مكانى ولم يشعر بي أحد فبقيت متفكرا في نفسى وانا مكذب نفسى فيما جرى فقامت الصلاة وصلّى الناس فصليت معهم ولم يكن لى شغل الا الفتى لأعرفه فلما فرغ تبعت أثره فاذا به قد دخل على درب فالتفت الى وقال يا سهل كأنك ما أيقنت بما رأيت قلت كلالج الباب يرحمك الله فنظرت الباب بعينه فولجت القصر فنظرت النخلة والمطهرة والحال بعينه والمنشفه مبلولة فقلت آمنت بالله فقال يا سهل من أطاع الله أطاعه كل شيء يا سهل اطلبه تجده فتغر غرت عيناى بالدموع فمسحتهما وفتحتهما فلم أر الفتى ولا القصر فبقيت متحسرا على ما فاتنى منه ثم أخذت في العبادة يَسْئَلُونَ اى الكفار فيقولون أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ بحذف المضاف من اليوم واقامة المضاف اليه مقامه فلا يرد ان ظرف الزمان لا يقع خبرا الا عن الحدث وفي النظم أخبر به عن الزمان اى متى وقوع يوم الجزاء لكن لا بطريق الاستعلام حقيقة بل بطريق الاستعجال استهزاء يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ جواب للسؤال وانتصب يوم يفعل مضمر دل عليه السؤال اى يقع يوم هم على النار يحرقون ويعذبون بها كما يفتن الذهب بالنار يقال فتنت الشيء اى أحرقت خبثه لتظهر خلاصته فالكافر كله خبث فيحرق كله ويجوز أن يكون خبر المبتدأ محذوف اى هو يوم هم والفتح لاضافته الى غير متمكن ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ اى مقولالهم هذا القول إذا عذبوا والقائل خزنة النار أو ذوقوا جزاء تكذيبكم كما في قوله تعالى ثم لم تكن فتنتهم اى كفرهم مرادا به عاقبته قال الراغب اصل الفتن إدخال الذهب النار ليظهر جودته من ردآءنه ويستعمل في إدخال الإنسان النار وقوله تعالى ذوقوا فتنتكم اى عذابكم وتارة يسمون ما يحصل منه العذاب فيستعمل فيه نحو قوله تعالى ألا في الفتنة سقطوا وتارة في الاختيار نحو قوله وفتناك فتونا هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ جملة من مبتدأ وخبر داخلة تحت القول المضمر وهذا اشارة الى ما في الفتنة من معنى العذاب اى هذا العذاب ما كنتم تستعجلون به في حياتكم الدنيا وتقولون متى هذا الوعد بطريق الاستهزاء ويجوز ان يكون هذا بدلا من فتنتكم بتأويل العذاب والذي صفته وفيه اشارة الى أهل المكر والدعوى الذين استبطأوا حصول المرام فيسألون أيان يوم الدين وهم في ظلمة ليل الدنيا مستعجلين في استصباح نهار الدين فأجابتهم عزة الجبروت عن الكبرياء والعظموت يوم هم على نار الشهوات يفتنون بعذاب البعد والقطيعة يعذبون ذوقوا عذاب فتنتكم التي قطعت عليكم طريق الطلب هذا الذي كنتم به تملون من الطلب وتستعجلون الظفر بالمقصود. قال الشيخ ابو الحسن الشاذلى كنت انا صاحب لى قد أوينا الى مغارة نطلب الدخول الى الله وأقمنا فيها ونقول يفتح لنا غدا او بعد غد فدخل علينا يوما رجل ذوهيبة علمنا انه من اولياء الله فقلنا له كيف حالك فقال كيف يكون حال من يقول يفتح لنا غدا او بعد غد يا نفس لم لا تعبدين الله لله فتيقظنا وتبنا الى الله فبعد ذلك فتح علينا ففيه اشارة الى ترك الاستعجال في طريق الطلب والى الاخذ بالإخلاص والى العمل وفق اشارة المرشد ودلالة الأنبياء حتى يتخلص الطالب من عذاب الوجود ويرتفع الحجاب ويحصل الشهود بكمال الفيض والجود واما العمل بالنفس فيزيد في وجودها(9/152)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)
واقف نمى شوند كه كمكرده اند راه ... تا رهروان براهنمايى نمى رسند
فالمرشد إذا لا بد منه فان المريد ضعيف والشيخ كالحائط المستحكم (كما قال الشيخ سعدى)
مريدان ز طفلان بقوت كمند ... مشايخ چوديوار مستحكمند
(وقال الصائب)
بر هدف دستى ندارد تيربى زور كمان ... همت پيران جوانانرا بمنزل ميبرد
نسأل الله سبحانه أن يدلنا على سلوك طريقه ويوصلنا الى جنابه بتوفيقه انه هو الكريم الرحيم إِنَّ الْمُتَّقِينَ عن الكفر والمعصية والجهل والميل الى ما سوى المولى والمتصفين بالايمان والطاعة والمعرفة والتوجه الى الحضرة العليا فِي جَنَّاتٍ اى بساتين لا يعرف كنهها فالتنكير للتعظيم ويجوز أن يكون للتكثير كما في قوله ان له لا بلا وان له لغنما والعرب تسمى النخيل جنة وَعُيُونٍ اى انهار جارية اى تكون الأنهار بحيث يرونها وتقع عليها أبصارهم لا انهم فيها وعن سهل رضى الله عنه التقى في الدنيا في جنات الرضى يتقلب وفي عيون الناس يسبح وقال بعضهم في جنات قلوبهم وعيون الحكمة في عاجلهم وفي جنات الفضل وعيون الكرم فغدا تجلى ودرجات واليوم مناجاة وقربات آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ حال من الضمير في الجار اى قابلين لكل ما أعطاهم من الثواب راضين به على معنى ان كل ما أعطاهم حسن مرضى متلقى بالقبول ليس فيه ما يرد لانه في غاية الجودة ومنه قوله ويأخذ الصدقات اى يقبلها ويرضاها قال بعضهم آخذين ما آتاهم وربهم اليوم بقلوب فارغة الى الله من اصناف الطافه وغدا يأخذون وما يعطيهم ربهم في الجنة من فنون العطاء والرفد ثم علل استحقاقهم ذلك بقوله إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ قبل دخول الجنة اى في الدنيا مُحْسِنِينَ كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ الهجوع النوم بالليل دون النهار وما مزيدة لتأكيد معنى التقليل فانها تكون لافادة التقليل كما في قولك أكلت أكلا ما وقليلا ظرف ويهجعون خبر كانوا اى كانوا يهجعون فى طائفة قليلة من الليل أو صفة مصدر محذوف اى كانوا يهجعون هجوعا قليلا من اوقات الليل يعنى يذكرون ويصلون اكثر الليل وينامون اقله ولا يكونون مثل البطالين الغافلين النائمين الى الصباح وقال بعض أهل الاشارة فيه اشارة الى ان أهل الإحسان وهم أهل المحبة والمشاهدة لا ينامون بالليل لان القلة عبارة عن العدم ومعنى عدم نومهم ما أشار اليه صلّى الله عليه وسلّم بقوله نوم العالم عبادة فمن يكون في العبادة لا يكون نائما قيل نزلت الآية في شأن الأنصار رضى الله عنهم حيث كانوا يصلون في مسجد النبي عليه السلام ثم يمضون الى قبا وبينهما ميلان وهما ساعة واحدة بالساعة النجومية (وقال الكاشفى) أشهر آنست كه خواب نكردندى تا نماز خفتن ادا نفر مودندى ووقت آنرا دراز كشيدندى وعن جعفر بن محمد انه قال من لم يهجع ما بين المغرب والعشاء حتى يشهد العشاء فهو منهم وعن ابى الدرداء رضى الله عنه قال سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اى صلاة الليل أفضل قال فى نصف الليل وقليل فاعله (قال بعضهم)
نركس اندر خواب غفلت يافت بلبل صد وصال ... خفته نابينا بود دولت به بيداران رسد(9/153)
وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)
(وفي المثنوى)
درد پشتم داد حق تا من ز خواب ... برجهم در نيم شب با سوز وتاب
درد دها بخشيد حق از لطف خوبش ... تا نخسبم جمله شب چون گاوميش
قال داود بن رشيد من اصحاب محمد بن الحسن قمت ليلة فأخذنى البرد فبكيت من العرى فنمت فرأيت قائلا يقول يا داود أنمناهم وأقمناك فتبكى علينا فما نام داود بعد تلك الليلة روزى شاكردى از شاكردان ابو حنيفة رحمه الله او را كفت مردمان مى كويند كه ابو حنيفه هيچ بشب نمى خسبد كفت نيت كردم كه هركز ديكر نخسبم لما قال تعالى ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا ومن نخواهم كه از ان قوم باشم كه ايشانرا بچيزى كه نكرده باشند ياد كنند بعد از ان سى سال نماز بامداد بطهارت نماز خفتن گزارد قال الشيخ ابو عمرو في سبب توبته سمعت ليلة حمامة تقول يا أهل الغفلة قوموا الى ربكم رب كريم يعطى الجزيل ويغفر الذنب العظيم فلما سمت ذلك ذهبت عنى ثم لما جئت الى وجدت قلبى خاليا عن حب الدنيا فلما أصبحت لقيت الخضر عليه السلام فدلنى على مجلس الشيخ عبد القادر الكيلاني رضى الله عنه فدخلت عليه وسلمت نفسى اليه ولازمت بابه حتى جمع الله لى كثيرا من الخير وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ السحر السدس الأخير من الليل لاشتباهه بالضياء كالسحر يشبه الحق وهو باطل اى هم مع قلة هجوعهم وكثرة تهجدهم يداومون على الاستغفار في الاسحار كأنهم اسلفوا في ليلهم الجرائم واين دليل آنست كه بعمل خود معجب نبوده اند واز ان حساب نداشته
طاعت ناقص ما موجب غفران نشود ... راضيم كر مدد علت عصيان نشود
وفي بناء الفعل على الضمير المفيد للتخصيص اشعار بانهم الاحقاء يوصفوا بالاستغفار كأنهم المختصون به لاستدامتهم له واطنابهم فيه وفي بحر العلوم تقديم الظرف للاهتمام ورعاية الفاصلة وعن الحسن كانوا لا ينامون من الليل الااقله وربما نشطوا فمدوا الى السحر ثم أخذوا بالأسحار في الاستغفار وفي التأويلات النجمية يستغفرون من رؤية عبادات يعملونها في سهرهم الى الاسحار بمنزلة العاصين يستغفرون استصغارا لقدرهم واستحقارا لفعلهم
عذر تقصير خدمت آوردم ... كه ندارم بطاعت استظهار
عاصيان از كناه توبه كنند ... عارفان از عبادت استغفار
اى من التقصير في العبادة او من رؤيتها قيل يا رسول الله كيف الاستغفار قال قولوا اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا انك أنت التواب الرحيم وقال عليه السلام توبوا فانى أتوب الى الله فى كل يوم مائة مرة وفي الحديث ان الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح فيقول يا رب أنى لى هذه فيقول بالاستغفار ولدك لك اى بأن قال رب اغفر لي ولوالدى وفي بعض الإخبار أن أحب احبائى الى الذين يستغفرون بالأسحار أولئك الذين إذا أردت بأهل الأرض شيأ ذكرتهم فصرفت بهم عنهم (قال الحافظ)
هر كنج سعادت كه خداداد بحافظ ... از يمن دعاى شب وورد سحرى بود(9/154)
(وقال)
در كوى عشق شوكت شاهى نمى خرند ... اقرار بندگى كن ودعوى چاكرى
(وفي المثنوى)
كفت آنكه هست خورشيد راه او ... حرف طوبى هر كه زلت نفسه
ظل ذلت نفسه خوش مضجعست ... مستعدان صفارا مهجعست
كر ازين سايه روى سوى منى ... زود طاغى كردى وره كم كنى
وقال الكلبي ومجاهد وبالاسحار هم يصلون وذلك ان صلاتهم بالأسحار لطلب المغفرت وفي الحديث (من تعار من الليل) هذا من جوامع الكلم لانه يقال تعار من الليل إذا استيقظ من نومه مع صوت كذا في الصحاح وهذه اليقظة تكون مع كلام غالبا فأحب النبي عليه السلام أن يكون ذلك الكلام تسبيحا وتهليلا ولا يوجد ذلك إلا ممن استأنس بالذكر (فقال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الحمد لله وسبحان الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله ثم قال اللهم اغفر لى او دعا) اى بدعا آخر غير قوله اللهم اغفر لى (استجيب له) هذا الجزاء مترتب على الشروط المذكورة والمراد بها الاستجابة اليقينية لان الاحتمالية ثابتة في غير هذا الدعاء ولو لم يدع المتعار بعد هذا الذكر كان له تواب لكنه عليه السلام لم يتعرض له (قال توضأ وصلّى قبلت صلاته) فريضة كانت او نافلة وهذه المقبولية اليقينية مترتبة على الصلاة المتعقبة لما قبلها وفي الخبر الصحيح ينزل الله السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل فيقول انا الملك من الذي يدعونى فأستجيب له من الذي يسألنى فأعطيه من الذي يستغفرنى فأغفر له وكان النبي عليه السلام إذا قام من الليل يتهجد قال اللهم لك الحمد أنت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لى ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما اعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا اله الا أنت ولا حول ولا قوة الا بك قال داود عليه السلام يا جبرائيل اى الليل أفضل قال لا أدرى الا ان العرش يهتز وقت السحر ولا يهتز العرش الا لكثرة تجليات الله اما تلقيا وفرحا لأهل السهر واما طربا لأنين المذنبين والمستغفرين في ذلك الوقت واما تعجبا لكثرة عفو الله ومغفرته واجابته للادعية في ذلك الوقت واما تعجبا من حسن لطف الله في تحننه على عباده الآبقين الهاربين منه مع غناه عنهم وكثرة احتياجهم اليه تعالى ثم مع ذلك هم غافلون في نومهم وهو يتوجه إليهم ويدعوهم بقوله هل من سائل هل من مستغفر هل من ثائب هل من نادم وقوله من يقرض غير عدوم ولا ظلوم واما تعجبا من غفلات اهل الغفلة بنومهم في مثل ذلك الوقت وحرمانهم من البركة واما لانواع قضاء الله وقدره في ذلك الوقت من الخيرات والشرور والليل اما للاحباب في انس المناجاة واما للعصاة في طلب النجاة والسهر لهم في لياليهم دائم او لفرط أسف ولشدة لهف واما للاشتياق او للفراق كما قالوا(9/155)
وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)
كم ليلة فيك لا صباح لها ... أفنيتها قابضا على كبدى
قد غصت العين بالدموع وقد ... وضعت خدى على بنان يدى
واما لكمال انس وطيب روح كما قالوا
سقى الله عيشا نضيرا مضى ... زمان الهوى في الصبى والمجنون
لياليه تحكى انسداد اللحا ... ظ للعين عند ارتداد الجفون
واعلم ان الله سبحانه امر نبيه صلّى الله عليه وسلّم بأحياء الليل لان هذه الطريقة اقرب طريق الى الله للمقبل الصادق وما يطيقها الا المتمكن الصابر العابر من كل عائق وفي الحديث فرض على قيام الليل ولم يفرض عليكم وذلك لا انه روح العالم ومداره فكيف يكون الله ولى بخيل بنفسه على الله متكاسل وبتكاسله يخرب العالم ويشتد جهل اهله كما ان الروح إذا ضعف اختل الجسد وقواه ومن هنا عرفت شدة توعل الأتقياء في العبادات وكلما قرب الإنسان من الكمال اشتد تكليفه فاعرف هذا (ويروى) ان الياس النبي عليه السلام أتى اليه ملك الموت ليقبضه فبكى فقال له أتبكي وأنت راجع الى ربك فقال بل ابكى على ليالى الشتاء ونهار الصيف الأحباب يقومون ويصومون ويخدمون ويتلذذون بمناجاة محبوبهم وانا رهين التراب فأوحى الله اليه قد اجلناك الى يوم القيامة لحبك خدمتنا فتمتع (قال الحافظ) دع التكاسل تغنم فقد جرى مثل كه زاد را هروان جستيست و چالاكى وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ اى نصيب وافر يستوجبونه على أنفسهم اى يعدونه واجبا عليهم ويلزمونه تقربا الى الله وإشفاقا على الناس فليس المراد بالحق ما أوجبه الله عليهم في أموالهم فاندفع به ما عسى يقال كيف يمدح المرء بابه يثبت في ماله حق للفقرآء فمن يمنع الزكاة من الأغنياء يوجد فيهم هذا المعنى ولا يستحقون المدح لِلسَّائِلِ لحاجة المستجدى اى طالب الجدوى والنفع وَالْمَحْرُومِ اى المتعفف الذي يحسبه الناس غنيا فيحرم الصدقة وفي القاموس المحروم الممنوع من الخير ومن لا ينمى له مال وفي المفردات اى الذي لم يوسع عليه في الرزق كما وسع على غيره بل منع من جهة الخير وفي بحر العلوم وانما خصصه بالسائل والمحروم ولم يذكر سائر المستحقين لان ذلك حق سوى الصدقة المفروضة بدليل قوله عليه السلام ان في المال حقا سوى الزكاة انتهى يعنى في المال حق واجب سوى الزكاة وهو الحقوق التي تلزم عند ما يعرض من الأحوال من النفقة على الوالدين إذا كانا فقيرين وعلى ذى الرحم المحرم وما يجب من طعام المضطر وحمل المنقطع ونحو ذلك وفي الحديث ويل للاغنياء من الفقراء يوم القيامة يقولون ربنا ظلمونا حقوقنا فيقول الله لأقربنكم اليوم ولأبعدنهم وتلا الآية فلا بد من الانفاق وهو من احسن الأخلاق (قال الحافظ)
چهـ دوزخى چهـ بهشتى چهـ آدمي چهـ ملك ... بمذهب همه كفر طريقتست إمساك
(وقال الشيخ سعدى)
از زر وسيم راحتى برسان ... خويشتن هم تمتعى بر كير
چونكه اين خانه از تو خواهد ماند ... خشتى از سيم وخشتى از زر كير(9/156)
وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24)
وفي الحديث ان الله ثلاثمائة وستين خلقا من لقيه بخلق منها مع التوحيد دخل الجنة قال ابو بكر رضى الله عنه هل في منها يا رسول الله قال كلها فيك يا أبا بكر وأحبها الى الله السخاء (حكى) ان الشيخ الشبلي قدس سره أشار الى أصحابه بالتوكل فلم يفتح عليهم بشيء ثلاثة ايام ثم قال لهم ان الله تعالى قد أباح الكسب بقوله هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه فخرج واحد منهم فأعياه الجوع وجلس عند حانوت طبيب نصرانى فعرف الطبيب جوعه من نبضه فأمر غلامه بالطعام فقال الفقير قد ابتلى بهذه العلة أربعون رجلا فأمر غلامه بحمل الطعام إليهم ومشى خلفه فلما وصل الطعام إليهم قال الشبلي لا ينبغى أن تأكلوا قبل المكافأة بالدعاء فدعوا له فلما سمع الطبيب دعاءهم دخل وأسلم فظهر معنى قوله هل جزاء الإحسان الا الإحسان فجزآء احسان الطبيب النصراني بالطعام الإحسان من عباد الله بالدعاء ومن الله بتوفيق الإسلام وفي الآية اشارة الى ما آتاهم الله من فضله من المقامات والكمالات انه فيها حق للطالبين الصادقين إذا قصدوهم من أطراف العالم في طلبها إذا عرفوا قدرها والمحروم من لم يعرف قدر تلك المقامات والكمالات فما قصدوهم في طلبها فلهم في ذمة كرم هؤلاء الكرام حق التفقد والنصح فان الدين النصيحة فانهم بمنزلة الطبيب والمحروم بمنزلة المريض فعلى الطبيب أن يأتى الى المريض ويرى نبضه ويعرف علته ويعرفه خطره ويأمره بالاحتماء من كل ما يضره ويعالجه بأدوية تنفعه الى أن يزيل مرضه وتظهر صحته كذا في التأويلات النجمية وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ الإيقان بي كمان شدن اى دلائل واضحة على وجود الصانع وعلمه وقدرته وإرادته ووحدته وفرط رحمته من حيث انها مدحوة كالبساط الممهد وفيها مسالك وفجاج للمتقلبين في أقطارها والسالكين في مناكبها وفيها سهل وجبل وبر وبحر وقطع متجاورات وعيون متفجرة ومعادن متفننة وانها تلقح بألوان النبات وانواع الأشجار وأصناف الثمار المختلفة الألوان والطعوم والروائح وفيها دواب منبثة قد رتب كلها ودبر لمنافع ساكنيها ومصالحهم في صحتهم واعتلالهم وقال الكلبي عظات من آثار من تقدم وفي التأويلات النجمية منها اى من تلك الآيات انها تحمل كل شيء فكذا الموقن العارف يحمل كل حمل من كل أحد ومن استثقل حملا او تبرم برؤية أحد ساقه الله اليه فلغيبته عن الحقيقة ومطالعته الحق بعين التفرقة واهل الحقائق لا يتصفون بهذه الصفة ومنها انها يلقى عليها قذارة وقمامة فتنبت كل زهر ونور وورد وكذلك العارف يتشرب ما يسقى من الجفاء ولا يترشح إلا بكل خلق على وشيمة زكية ومنها ان ما كان منها سبخا يترك ولا يعمر لانه لا يحتمل العمارة كذلك من الايمان له بهذه الطريقة يهمل فان مقابلته بهذه القصة كألقاء البذر في الأرض السبخة انتهى قال حضرت الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر ولا تبذر السمراء في الأرض عميان يعنى بيان الحقائق الذي هو غذآء القلب والروح كالسمرآء يعنى الحنطة للجسم وقوله في الأرض عميان يعنى في ارض استعداد هذه الطوائف الذين لا يبصرون الحق ولا يشاهدونه في جميع الأشياء وفي حقائق البقلى آيات الأرض ظهور تجلى ذاته وصفاته في مرءاة الأكوان كما ظهر من الطور لموسى عليه السلام(9/157)
وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)
وما ظهر من المصيصة لعيسى عليه السلام وهى بكسر الميم مدينة على ساحل البحر الرومي بجوار طرسوس والسيس وما ظهر لمحمد صلّى الله عليه وسلّم من جبال مكة ألا ترى الى قوله عليه السلام جاء الله من سينا واستعين بساعة وأشرق من جبال فاران اى جبال مكة وفي القاموس فاران جبال مذكورة في التوراة منها بكر ابن القاسم (وفي أنفسكم) اى في أنفسكم آيات إذ ليس في العالم شيء الا وفى الأنفس له نظير يدل دلالته على ما سبق تطبيق العالم الصغير بالكبير في اواخر حم السجدة عند قوله سنريهم آياتنا إلخ مع ما انفرد به من الهيئات النافعة والمناظر البهية والتركيبات العجيبة والتمكن من الافعال البديعة واستنباط الصنائع المختلفة واستجماع الكمالات المتنوعة وفي بحر العلوم وفي الأرض دلائل من انواع الحيوان والأشجار والجبال والأنهار وفي أنفسكم آيات لهم من عجائب الصنع الدالة على كمال الحكمة والقدرة والتدبير والارادة فيكون تخصيصا بعد تعميم لان أنفس الناس مما في الأرض كأنه قيل في الأرض آيات للموحدين العاقلين وفي أنفسكم خصوصا آيات لهم لان أقرب المنظور فيه من كل عاقل نفسه ومن ولد منها وما في بواطنها وظواهرها من الدلائل الواضحة على الصانع وفي نقلها من هيئة وحال الى حال من وقت الميلاد الى وقت الوفاة قال بعضهم
ففى كل شىّ له آية ... تدل على انه واحد
وذلك لان كل شيء بجسمه واحد وكذا بروحه ولا عبرة بكثرة الاجزاء والأعضاء وما من عدد الا ويصح وصفه بالوحدة فيقال عشرة واحدة ومائة واحدة على ان كل جسم فهو منتهى الى الجزء الذي لا يتجزى وهو النقطة وكل الف فهو اما مركب من نقاط ثلاث او خمس او سبع وقس عليه سائر التركيبات الحروفية والفعلية وفي التأويلات النجمية يشير الى ان نفس الإنسان مرءاة جميع صفات الحق ولهذا قال عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه فلا يعرف أحد نفسه الا بعد كمالها وكمالها في أن تصير مرءاة تامة مصقولة قابلة لتجلى صفات الحق لها فيعرف نفسه بالمرءاتية ويعرف ربه بالمتجلى فيها كما قال تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق
جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه في كل ذرات
أَفَلا تُبْصِرُونَ اى ألا تنظرون فلا تبصرون بعين البصيرة حتى تعتبروا وتستدلوا الصنعة على الصانع وبالنقش على النقاش وكذا على صفاته (قال الكاشفى) استفهام بمعنى امرست يعنى بنظر عبرت در نكريد وعلامات كمال صنع در ذات خود مشاهده كنيد در حقايق سلمى مذكور است كه هر كه اين آيتها در نفس خود بيند ودر صفحه وجود آثار قدرت مطالعه ننمايد حظ خود را ضايع كرده باشد واز زندكانى هيچ بهره نيابد
نظرى بسوى خود كن كه تو جان دلربايى ... مفكن بخاك خود را كه تو از بلند جايى
تو ز چشم خود نهانى تو كمال خود چهـ دانى ... چودر از صدف برون آكه تو بس گران بهايى
قال الواسطي تعرف الى قوم بصفاته وأفعاله وهو قوله وفي أنفسكم أفلا تبصرون وتعرف(9/158)
وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)
الى الخواص بذاته فقال الم تر الى ربك (روى) ان عليا رضى الله عنه صعد المنبر يوما فقال سلونى عمادون العرش فان ما بين الجوانح علم جم هذا لعاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى فمى هذا ما رزقنى الله من رسول الله رزقا فو الذي نفسى بيده لو اذن للتوراة والإنجيل ان يتكلما فأخبرت بما فيهما لصدقانى على ذلك وكان في المجلس رجل يمانى فقال ادعى هذا الرجل دعوى عريضة لافضحنه فقام وقال يا على اسأل قال سل نفقها ولا تسأل تعنتا فقال أنت حملتنى على ذلك هل رأيت ربك يا على قال ما كنت اعبد ربا لم أره فقال كيف رأيت قال لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأت القلوب بحقيقة الايمان ربى واحد لا شريك له أحد لا ثانى له فرد لا مثل له لا يحويه مكان ولا يداوله زمان لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالقياس فسقط اليماني مغشيا عليه فلما أفاق قال عاهدت الله ان لا أسأل تعنتا (وحكى) عن بعض الصالحين انه رأى في المنام معروفا الكرخي شاخصا بصره نحو العرش قد اشتغل عن حور الجنة وقصورها فسألت رضوان من هذا قال معروف الكرخي مات مشتاقا الى الله فأباح له أن ينظر اليه وهذا النظر هناك من نتائج النظر بالقلب في الدنيا لقوله تعالى ومن كان في هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى واما النظر بالبصر في الدنيا فلما لم يحصل لموسى عليه السلام لم يحصل لغيره إذ ليس غيره أكمل قابلية منه الا ما حصل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد كان في خارج حد الدنيا إذ كان فوق العرش والعرش من العالم الطبيعي وملاق لعالم الأرواح واعلم ان رؤية العوام في مرتبة العلم ورؤية الخواص في مرتبة العين ولهم مراتب في التوحيد كالافعال والصفات والذات فليجتهد العاقل في الترقي من مرتبة العلم الى مرتبة العين ومن الاستدلال الى الشهود والحضور وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ اى اسباب رزقكم على حذف المضاف يعنى به الشمس والقمر وسائر الكواكب واختلاف المطالع والمغارب التي يترتب عليه اختلاف الفصول التي هى مبادى حصول الأرزاق (كما قال الشيخ سعدى)
ابر وباد ومه وخورشيد وفلك در كارند ... تا تو نانى بكف آرى وبغفلت نخورى
همه از بهر تو سر كشته وفرمان برادر ... شرط انصاف نباشد كه تو فرمان نبرى
او في السماء تقدير رزقكم وقال ابن كيسان يعنى على رب السماء رزقكم كقوله تعالى ولاصلبنكم وفي جذوع النخل وَما تُوعَدُونَ من الثواب لان الجنة على ظهر السماء السابعة تحت العرش قرب سدرة المنتهى او أراد أن كل ما توعدون من الخير والشر والثواب والعقاب والشدة والرخاء وغيرها مكتوب مقتدر في السماء ودر تبيان كفته مكتوبست در لوحى كه در آسمان چهارم است يقول الفقير امر العقاب ينزل من السماء ونفسه ايضا كالصيحة والقذف والنار والطوفان على ما وقع في الأمم السالفة فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ اقسم الله بنفسه وذكر الرب لانه في بيان التربية بالرزق إِنَّهُ اى ما توعدون او ما ذكر من امر الآيات والرزق على انه مستعار لاسم الاشارة لَحَقٌّ هر آينه راستست وفي الحديث ابى ابن آدم ان يصدق ربه حتى اقسم له فقال فو رب إلخ وقال الحسن في هذه الآية بلغني ان رسول الله عليه السلام قال قاتل الله أقواما اقسم الله لهم بنفسه فلم يصدقوه انتهى ولو وعد(9/159)
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24)
يهودى لانسان رزقه واقسم عليه لاعتمد بوعده وقسمه فقاتله الله كيف لا يعتمد على الرزق قال هرم بن سنان لأويس القرني رضى الله عنه اين تأمرنى ان أكون فأومأ الى الشام فقال هرم كيف المعيشة بها قال اويس أف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ اى كما انه لا شك لكم في انكم تنطقون ينبغى ان لا تشكوا في حقيقته وبالفارسية همچنانكه شك نيست شما را در سخن خود شك نيست در روزى دادن من وغير او ونصبه على الحالية من المستكن في الحق او على انه وصف لمصدر محذوف اى انه لحق حقا مثل نطقكم فانه لتوغله في الإبهام لا يتعرف بإضافته الى المعرفة وما زائدة او عبارة عن شيء على ان يكون ما بعدها صفة لها بتقدير المبتدأ اى هو انكم تنقطون وفي التأويلات النجمية كما نطقكم الله قتنطقون بقدرته بلا شك كذلك حق على الله ان يرزقكم ما وعدكم وانما اختص التمثيل بالنطق لانه مخصوص بالإنسان وهو أخص صفاته انتهى وفي الآية دليل للتوكل على الله وحث على طلب الحوائج منه وأحالهم على رؤية الوسائط ولو كانوا على محل التحقيق لما أحالهم على السماء ولا على الأرض فانه لو كانه السماء من حديد والأرض من نحاس فلم تمطر ولم تنبت وكان رزق جميع العباد على رقبة ولى من اولياء الله الكمل ما يبالى لانه خرج من عالم الوسائط ووصل الى صاحب الوسائط والله تعالى انما يفعل عند الأسباب لا بالأسباب ولو رفع الأسباب لكان قادرا على إيصال الرزق فانه انما يفعل بأمركن وبيده الملكوت وهذا مقام عظيم فلما سلمت النفوس فيه من الاضطراب والقلق لعل الفتاح أدخلنا في دائرة الفتوح آمين وعن الأصمعي أقبلت في البصرة من الجامع بعد الجمعة فطلع أعرابي على قعود وهو بالفتح من الإبل ما يقتعده الراعي في كل حاجة فقال من الرجل قلت من بنى اصمع قال من اين أقبلت قلت من موضع يتلى فيه كلام الرحمن اى من بيت الله الحرام قال اتل على فتلوت والذاريات فلما بلغت قوله وفي السماء رزقكم قال حسبك فقام الى ناقته فنحرها ووزعها على من اقبل واد بر وعمد الى سيفه وقوسه فكسرهما وولى فلما حججت مع الرشيد طفقت أطوف فاذا انا بمن يهتف بي بصوت دقيق فالتفت فاذا انا بالأعرابي قد نحل واصفر فسلم فاستقرأ السورة فلما بلغت الآية صاح فقال قد وجدنا ما وعد ربنا حقاثم قال وهل غير هذا فقرأت فو رب السماء والأرض انه لحق فصاح وقال يا سبحان الله من ذا الذي اغضب الجليل حتى حلف لم يصدقوه بالقول حتى إلجاؤه اليمين قالها ثلاثا وخرجت معه نفسه نسأل الله التوكل والاعتماد هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ تفخيم لشأن الحديث لانه استفهام معناه التعجب والتشويق الى استماعه ومثله لا يكون الا فيما فيه فخامة وعظيم شأن وتنبيه على انه ليس مما علمه رسول الله عليه السلام بغير طريق الوحى إذ هو أمي لم يمارس الخط وقراءته ولم يصاحب اصحاب التواريخ ففيه اثبات نبوته قال ابن الشيخ الاستفهام للتقرير اى قد أتاك وقيل ان لم يأتك نحن نخبرك والضيف في الأصل مصدر ضافه إذا نزل به ضيفا ولذلك يطلق على الواحد والجماعة كالزور والصوم وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف وضيفان قال الراغب اصل الضيف الميل يقال ضفت الى كذا وأضفت كذا الى كذا والضيف من مال إليك نزولا بك وصارت الضيافة متعارفة في القرى كانوا اثنى عشر ملكا منهم جبرائيل وميكائيل وزقائيل(9/160)
إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30)
وتسميتهم ضعيفا لانهم كانوا في صورة الضيف حيث أضافهم ابراهيم او لانهم كانوا في حسبانه كذلك الْمُكْرَمِينَ صفة للضيف اى المكرمين عند الله بالعصمة والتأييد والاصطفاء والقربة والسفارة بين الأنبياء كما قال بل عباد مكرمون او عند ابراهيم بالخدمة حيث خدمهم بنفسه وبزوجته وايضا بطلاقة الوجه وتعجيل الطعام وبأنهم ضيف كريم لان ابراهيم أكرم الخليقة وضيف الكريم لا يكون الا كريما وفي الحديث من آمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه قيل إكرامه تلقيه بطلاقة الوجه وتعجيل قراه والقيام بنفسه في خدمته وقد جاء في الرواية ان الله تعالى اوحى الى ابراهيم عليه السلام أكرم اضيافك فأعد لكل منهم شاة مشوية فأوحى اليه أكرم فجعله ثورا فأوحى اليه أكرم فجعله جملا فأوحى اليه أكرم فتحير فيه فعلم ان إكرام الضيف ليس في كثرة الطعام فخدمهم بنفسه فأوحى اليه الآن أكرمت الضيف وقال بعض الحكماء لاعار للرجل ولو كان سلطانا ان يخدم ضيفه وأباه ومعلمه ولا تعتبر الخدمة بالاطعام (قال الشيخ سعدى)
شنيدم كه مرديست پاكيزه بوم ... شناسا ورهرو در اقصاى روم
من و چند سالوك صحرا نورد ... برفتيم قاصد بديدار مرد
سر و چشم هر يك ببوسيد ودست ... بتمكين وعزت نشاند ونشست
زرش ديدم وزرع وشاكرد ورخت ... ولى بى مروت چوبى بر درخت
بخلق ولطف كرم رو مرد بود ... ولى ديكدانش قوى سرد بود
همه شب نبودش قرار وهجوع ... ز تسبيح وتهليل ومار از جوع
سحر كه ميان بست ودر باز كرد ... همان لطف دوشينه آغاز كرد
يكى بد كه شيرين وخوش طبع بود ... كه با ما مسافر دران ربع بود
مرا بوسه كفته بتصحيف ده ... كه درويش را توشه از بوسه به
بخدمت منه دست بر كفش من ... مرا نان ده وكفش بر سر بزن
إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ ظرف للحديث فالمعنى هل أتاك حديثهم الواقع في وقت دخولهم عليه فَقالُوا سَلاماً اى نسلم عليك سلاما والفاء هناك اشارة الى انهم لم يخلوا بأدب الدخول بل جعلوا السلام عقيب الدخول قالَ ابراهيم سَلامٌ اى عليكم سلام يعنى سلام بر شما باد فهو مبتدأ خبره محذوف وترك العطف قصدا الى الاستئناف فكأن قائلا قال ماذا قال ابراهيم في جواب سلامهم فقيل قال سلام اى حياهم بتحية أحسن من تحيتهم لان تحيتهم كانت بالجملة الفعلية الدالة على الحدوث حيث نصبوا سلاما وتحيته بالاسمية الدالة على دوام السلام وثباته لهم حيث عدل به الى الرفع بالابتداء قَوْمٌ مُنْكَرُونَ يقال نكرت الرجل بكسر الكاف نكرا وأنكرته واستنكرته إذا لم تعرفه فالكل بمعنى وأصله ان يرد على القلب مالا يتصوره وذلك ضرب من الجهل قال تعالى فعرفهم وهم له منكرون كما فى المفردات اى قال ابراهيم في نفسه من غير أن يشعرهم بذلك هؤلاء قوم لا نعرفهم فهم منكرون عند كل أحد وقوله فنكرهم اى بنفسه فقط فأحدهما غير الآخر وكانوا على(9/161)
فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29)
أوضاع وإشكال خلاف ما عليه الناس وقال ابو العالية أنكر سلامهم في ذلك الزمان وفي تلك الأرض لان السلام لم يكن تحيتهم لانه كان بين أظهر قوم كافرين لا يحيى بعضهم بعضا بالسلام الذي هو تحية المسلمين (وقال الكاشفى) يعنى هركز چون شما قومى نديدم در صورت وقامت مرا بگوييد چهـ كسانيد ايشان كفته اند مهما نانيم فَراغَ إِلى أَهْلِهِ يقال راغ الى كذا اى مالى اليه سرا فالاختفاء معتبر في مفهوم الروغ اى ذهب إليهم على خفية من ضيفه فان من أدب المضيف أن يبادر بالقرى من غير ان يشعر به الضيف حذرا من أن يكفه الضيف ويعذره او يصير منتظرا (وحكى) انه نزل ببعض المشايخ ضيف فأشار الى مريد له بإحضار الطعام فاستبطأ فلما جاء سأله عن وجهه فقال المريد وجدت على السفرة نملا فتوقفت الى ان خرجت منها فقال الشيخ أصبت الفتوة ولما اطلع على هذه الحال بعض من هوا على حالا من ذلك الشيخ قال لم يصب الفتوة فان الأدب تعجيل القرى وحق الضيف أحق من حق النمل فكان الواجب على المريد أن يلقيها على الأرض ويجيئ بالسفرة مستعجلا فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ الفاء فصيحة مفصحة عن جمل محذوفة والباء للتعدية والعجل ولد البقرة لتصور عجلته التي تعدم منه إذا صار ثورا او بقرة والسمن لكونه من جنس السمن وتولده عنه والمعنى فذبح عجلا سمينا لانه كان عامة ماله البقر واختار السمين زيادة في إكرامهم فحنذه اى شواه فجاء به يعنى پس بياورد كوساله فربه بريان كرده فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ بأن وضعه لديهم حسبما هو المعتاد ليأكلوا فلم يأكلوا ولما رأى منهم ترك الاكل قالَ أَلا تَأْكُلُونَ منه إنكارا لعدم تعرضهم للاكل وحثا عليه (وروى) انهم قالوا نحن لا نأكل بغير ثمن قال ابراهيم كلوا واعطوا ثمنه قالوا وما ثمنه قال إذا أكلتم فقولوا بسم الله وإذا فرغتم فقولوا الحمد لله فتجب الملائكة من قوله فلما رآهم لا يأكلون فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ الوجس الصوت الخفي كالايجاس وذلك في النفس اى أضمر في نفسه خِيفَةً اى خوفا فتوهم انهم أعداء جاؤا بالشر فان عادة من يحبي بالشر والضرر أن لا يتناول من طعام من يريد اضراره قال في عين المعاني من لم يأكل طعامك لم يحفظ ذمامك يقول الفقير يخالفه سلامهم فان المسلم لا بد وأن يكون من أهل السلم وقيل وقع في نفسه انهم ملائكة أرسلوا لعذاب قالُوا حين أحسوا بخوفه لا تَخَفْ انا رسل الله وقيل مسح جبريل العجل بجناحه فقام يمشى حتى لحق بأمه فعرفهم وأمن منهم وَبَشَّرُوهُ وبشارت ومژده دادند مر او را وفي سورة الصافات وبشرناه اى بواسطتهم بِغُلامٍ هو اسحق والغلام الطار الشارب والكهل ضده او من حين يولد الى أن يشب كما في القاموس عَلِيمٍ عند بلوغه واستوائه ولم تلد له سارة غيره فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ سارة لما سمعت بشارتهم الى بيتها وكانت في زاوية تنظر إليهم قال ابن الشيخ فأقبلت الى أهلها وكانت مع زوجها في خدمتهم فلما تكلموا بولادتها استحيت وأعرضت عنهم فذكر الله ذلك بلفظ الإقبال على الأهل ولم يذكره بلفظ الأدبار عن الملائكة قال سعدى المفتى كذا في التفسير الكبير ولا يناسبه قوله كذلك قال ربك فانه يقتضى كونها عندهم فالاقبال إليهم فِي صَرَّةٍ(9/162)
قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30)
حال من فاعل أقبلت والصرة الصيحة الشديدة يقال صر يصر صريرا إذا صوت ومنه صرير الباب وصرير القلم اى حال كونها في صيحة وهو صوت شديد وقيل صرتها قولها اوه اويا ويلتى اورنتها (وقال الكاشفى) در فرياد وميكفت الليلاء الليلاء اين كلمه بود در كفت ايشان كه وقت تعاظم امور بر زبان راندندى والصرة ايضا الجماعة المنضم بعضها الى بعض كأنهم صروا اى جمعوا في اناء وبها فسرها بعضهم اى أقبلت في جماعة من النساء كن عندها وهى واقفة متهيئة للخدمة فَصَكَّتْ وَجْهَها الصك ضرب الشيء بالشيء العريض يقال صكه اى ضربه شديدا بعريض او عام كما في القاموس اى لطمته من الحياء لما انها وجدت حرارة دم الحيض وقيل ضربت بأطراف أصابعها جبينها كما يفعله المتعجب وهى عادة النساء إذا أنكرن شيئا (وقال الكاشفى) پس طبانچهـ زد روى خود را چنانچهـ زنان در وقت تعجب كنند وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ اى انا عجوز عاقر لم ألد قط في شبابى فكيف ألد الآن ولى تسع وتسعون سنة سميت العجوز عجوزا لعجزها عن كثير من الأمور واصل العقم اليبس المانع من قبول الأثر والعقيم من النساء التي لا تقبل ماء الفحل قال في القاموس العقم بالضم هزمة تقع في الرحم فلا تقبل الولد وفي عين المعاني العقيم من سد رحمها ومنه الداء العقام الذي لا يرجى برؤه وبمعناه العاقر وهى المرأة التي لا تحبل ورجل عاقر ايضا لمن لا يولد له وكانت سارة عقيما لم تلد قط فلما لم تلد في صغرها وعنفوان شبابها ثم كبر سنها وبلغت سن الإياس استبعدت ذلك وتعجبت فهو استبعاد بحكم العادة لا تشكك في قدرة الله سبحانه وتعالى قالُوا كَذلِكَ اى مثل ذلك الذي بشرناه قالَ رَبُّكِ وانما نحن معبرون نخبرك به عنه تعالى لا انا نقول من تلقاء أنفسنا فالكاف في كذلك منصوب المحل على انه صفة لمصدر قال الثانية اى لا تستبعدى ما بشرناه به ولا تتعجبى منه فانه تعالى قال مثل ما أخبرناك به إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ فيكون قوله حقا وفعله محكما لا محالة
كسى كوبكار تو دانا بود ... بر إتمام او هم توانا بود
بجز دركهش رومكن سوى كس ... مراد دل خويش ازو جوى وبس
روى ان جبريل عليه السلام قال لها انظري الى سقف بيتك فنظرت فاذا جذوعه مورقة مثمرة فأيقنت ولم تكن هذه المفاوضة مع سارة فقط بل مع ابراهيم ايضا حسبما شرح فى سورة الحجر وانما لم يذكر هنا اكتفاء بما ذكر هناك كما انه لم يذكر هناك سارة اكتفاء بما ذكر هاهنا وفي سورة هود وفي الآية اشارة الى انه لا يجوز اليأس من فضل الله تعالى فان المقدور كائن ولو بعد حين وقد أورقت وأثمرت شجرة مريم عليها السلام ايضا وكانت يابسة كما مر في سورة مريم وقد اشتغل افراد في كبرهم ففاقوا على اقرانهم في العلم فبعض محرومى البداية مرزوقون في النهاية فمنهم ابراهيم بن أدهم وفضيل بن عياض ومالك بن دينار قدس الله أسرارهم فانهم وان بعدوا عن الفطرة الاصلية بسبب الأحوال العارضة لكنهم لما سبقت العناية في حقهم انجذبوا الى الله فتقربوا لديه وأزالوا عن الفطرة الغواشي فمن استعجز قدرة الله تعالى فقد كفر واما قولهم الصوفي بعد الأربعين بارد فهو يحسب(9/163)
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36)
الغالب لان المزاج بعد الأربعين في الانحطاط لغلبة اليبوسة والبرودة لكن الله يحيى ويميت فيحيى في الكبر ما أماته في الصغر اى في حال الشباب ويميت في الكبر ما أحياء في الصغر بأن يميت النفس في الكبر بعد ما كانت حية في الشباب ويحيى القلب في الكبر بعد ما كان ميتا في الشباب ومن الله نرجو جزيل الفيض والعطاء الجزء السابع والعشرون من الاجزاء الثلاثين قالَ ابراهيم عليه السلام لما علم انهم ملائكة أرسلوا لأمر فَما خَطْبُكُمْ اى شأنكم الخطير الذي لاجله أرسلتم سوى البشارة فان الخطب يستعمل في الأمر العظيم الذي يكثر في التخاطب وقلما يعبر به عن الشدائد والمكاره حتى قالوا خطوب الزمان ونحو هذا والفاء فيه للتعقيب المتفرع على العلم بكونهم ملائكة أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ اى فرستاده شدكان قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ متمادين في اجرامهم وآثامهم مصرين عليها وفي فتح الرحمن المجرم قاعل الجرائم وهى صعاب المعاصي والمراد بهم قوم لوط لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ اى بعد ما قلبنا قراهم وجعلنا عاليها سافلها حسبما فصل في سائر السور الكريمة حِجارَةً مِنْ طِينٍ اى طين متحجر وهو ما طبخ فصار في صلابة الحجارة وهو السجيل يعنى ان السجيل حجارة من طين طبخت بنار جهنم مكتوب عليها اسماء القوم ولو لم يقل من طين لتوهم ان المراد من الحجارة البرد بقرينة إرسالها من السماء فلما قيل من طين اندفع ذلك الوهم مُسَوَّمَةً مرسلة من سومت الماشية اى أرسلتها لترعى لعدم الاحتياج إليها قال سعدى المفتى فيه ان الظاهر حينئذ من عند ربك بإثبات من الجارة انتهى او معلمة للعذاب من السومة وهى العلامة او معلمة ببياض وحمرة او بسيما تتميز بها عن حجارة الأرض او باسم من يرمى بها ويهلك عِنْدَ رَبِّكَ فى خزآئنه التي لا يتصرف فيها غيره تعالى لِلْمُسْرِفِينَ اى المجاوزين الحد في الفجور إذ لم يقنعوا بما أبيح لهم من النسوان للحرث بل أتوا الذكران وعن ابن عباس اى للمشركين فان الشرك أسرف الذنوب وأعظمها فَأَخْرَجْنا الفاء فصيحة مفصحة عن محذوف كأنه قيل فباشروا ما أمروا به فأخرجنا بقولنا فأسر بأهلك إلخ فهو اخبار من الله وليس بقول جبريل (قال الكاشفى) چون ابراهيم معلوم فرمود كه بمؤتفكه مى روند بهلاك كردن قوم لوط دل مباركش بجهت برادر زاده متألم شد كه آيا حال او دران بلا چگونه كذرد ملائكه كفتند غم مخور كه لوط عليه السلام ودختران او نجات خواهند يافت وذلك قوله تعالى فأخرجنا مَنْ كانَ فِيها اى في قرى قوم لوط وهى خمس على ما في تفسير الكاشفى واضمارها بغير ذكرها لشهرتها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ من آمن بلوط فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ اى غير اهل بيت مِنَ الْمُسْلِمِينَ قيل هم لوط وابنتاه واما امرأته فكانت كافرة واليه الاشارة (بقول الشيخ سعدى)(9/164)
وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37) وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41)
با بدان يار كشت همسر لوط ... خاندان نبوتش كم شد
سك اصحاب كهف روزى چند ... پى نيكان كرفت ومردم شد
وقيل كان لوط واهل بيته الذين نجوا ثلاثة عشر وگفته اند يك كس از ان قوم بلوط ايمان آورده بود در مدت بيست سال قال العلماء يأتى النبي يوم القيامة ومعه أمته وآخر معه قومه وآخر معه رهطه وآخر معه ابنه وآخر معه رجل وآخر استتبع ولم يتبع ودعا فلم يجب وذلك لاتيانه في الوقت الشديد الظلمة وفي الآية اشارة الى ان المسلم والمؤمن متحدان صدقا وذاتا لا مفهوما والمسلم أعم من المؤمن فانه ما من مؤمن الا وهو مسلم من غير عكس والعام والخاص قد يتصادقان في مادة واحدة وقال بعضهم الايمان هو التصديق بالقلب اى إذعان الحكم المخبر وقبوله وجعله صادقا والإسلام هو الخضوع والانقياد بمعنى قبول الاحكام والإذعان وهذا حقيقة التصديق كما لا يخفى على من له ادنى عقل وتأمل وانكار ذلك مكابرة وَتَرَكْنا فِيها اى في تلك القرى آيَةً علامة دالة على ما أصابهم من العذاب هى تلك الحجارة او ماء أسود منتن خرج من ارضهم لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ اى من شأنهم أن يخافوه لسلامة فطرتهم ورقة قلوبهم دون من عداهم من ذوى القلوب القاسية فانهم لا يعتدون بها ولا يعدونها آية كما شاهدنا اكثر الحجاج حين المرور بمدائن صالح عليه السلام وكان عليه السلام يبكى حين المرور بمثل هذه المواضع وينكس رأسه ويأمر بالبكاء والتباكي ودلت الآية على كمال قدرته تعالى على إنجاء من يؤيد دينه والانتقام من أعدائه ولو بعد حين وعلى ان المعتبر في باب النجاة والحشر مع اهل الفلاح والرشاد هو حبهم وحسن اتباعهم وهو الاتصال المعنوي لا الاختلاط الصوري والا لجنت امرأة نوح ولوط وقد قال تعالى في حقهما ادخلا النار مع الداخلين فعلى العاقل باتباع الكامل والاحتراز عن اهل الفساد والقصور سيما الناقصات في العقل والدين والشهادة والميراث والنفسانية والشيطانية غالبة فيهن فاذا اقترن بمضل آخر فسدن وفي الآية اشارة الى ان القوم المجرمين المسرفين هم النفس وصفاتها الذميمة والاذكار والأوراد والمجاهدات والرياضات مهلكة للنفس وأوصافها وليس في مدينة الشخص الإنساني من المسلمين الا القلب السليم وأوصافه الحميدة فهى سالمة من الهلاك وإذا أهلكت النفس وأوصافها بما ذكر يكون تزكيتها وتهذيب أخلاقها آية وعبرة للذين يخافون العذاب الأليم بوعيد قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ثم هذه التزكية وان كان حصولها في الخارج بالأسباب والوسائط لكنها فى الحقيقة فضل من الله سبحانه والا لنالها كل من تشبث بالأسباب نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من اهل النفوس المطمئنة الراضية المرضية الصافية وَفِي مُوسى عطف على قوله وفي الأرض آيات للموقنين فقصة ابراهيم ولوط عليهما السلام معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه تسلية لرسول الله عليه السلام من تكذيبهم ووعدا له باهلاك أعدائه الأفاكين كما أهلك قوم لوط او على قوله وتركنا فيها آية على معنى وجعلنا في إرسال موسى الى فرعون وانجائه مما لحق فرعون وقومه من الغرق آية كقول من قال علفتها تبنا وماء باردا اى وسقيتها ماء(9/165)
فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40)
باردا والا فقوله في موسى لا يصح كونه معمولا لتركنا إذ لا يستقيم أن يقال تركنا في موسى آية كما يصح أن يقال تركنا في تلك القرية آية لان الترك ينبئ عن الإبقاء فاذا لم يبق موسى كيف يبقى ما جعل فيه إِذْ أَرْسَلْناهُ منصوب بآية محذوفة اى كائنة وقت أرسلنا وعلى الثاني ظرف لجعلنا المقدر إِلى فِرْعَوْنَ صاحب مصر بِسُلْطانٍ مُبِينٍ هو ما ظهر على يديه من المعجزات الباهرة كالعصا واليد البيضاء وغيرهما والسلطان مصدر يطلق على المتعدد فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ اى ثنى عطفه وهو كناية عن الاعراض اى فأعرض عن الايمان به وازور فالتولى بمعنى الاعراض والباء في بركنه للتعدية كما في قوله ونأى بجانبه فانها معدية لنأى بمعنى بعد فيكون الركن بمعنى الطرف والجانب والمراد بهما نفسه فانه كثيرا ما يعبر بطرف الشيء وجانبه عن نفسه وفي الصحاح ركن الشيء جانبه الا قوى كالمنكب بالنسبة الى الإنسان وقيل فتولى بما يتقوى به من ملكه وعساكره فان الركن اسم لما يركن اليه الإنسان وليكن من مال وجند وقوة فالركن مستعار لجنوده تشبيها لهم بالركن الذي يتقوى به البنيان وعلى هذه الباء للسببية او للملابسة والمصاحبة وَقالَ هواى موسى ساحِرٌ جادوست بچشم بندى خوارق عادات مينمايد أَوْ مَجْنُونٌ او ديوانه است عاقبت كار خود نمى انديشد والمجنون ذو الجنون وهو زوال العقل وفساده كأنه نسب ما ظهر على يديه من الخوارق العجيبة الى الجن وتردد في انه حصل باختياره وسعيه او بغيرهما وقال ابو عبيدة او بمعنى الواو إذ نسبوه إليهما جميعا كقوله الى مائة الف او يزيدون محققان كفته اند طعن وى بر موسى دليل كما جهل اوست چهـ او را بد و چيز متضاد طعن زد ومقررست كه سحر را عقلى تمام وذهنى دراك وحذاقتى وافر بايد وديوانكى دليل زوال عقلست وكمال عقل وزوال ان ضدانندأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ
النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به اى فطرحناهم في بحر القلزم مع كثرتهم كما يطرح أحدكم فيه حصيات أخذهن فى كفه لا يبالى بها وبزوالها عنه هُوَ مُلِيمٌ
اى أخذناه والحال انه آت بما يلام عليه صغيره او كبيرة إذ كل صاحب ذنب ملوم على مقدار ذنبه (قال الكاشفى) مليم مستحق ملامت بود يا ملامت كنند خود را كه چرا اعراض كردم از موسى وبر وطعنه زدم وبدين سبب كفت آمنت انه إلخ
بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند ... وكر هيچ كس را نيايد پسند
كه فردا پشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش
وفي الآية اشارة الى موسى القلب إذ أرسله الله الى فرعون النفس بسلطان وهو عصا لا اله الا الله مبين اعجازها بأن تلقف ما يأفكون من سحر تمويهات سحرة صفات فرعون النفس فاعرض عن رؤية الاعجاز والايمان بجميع صفاته فأهلكه الله في يم الدنيا والقهر والجلال ونعوذ بالله من غضب الملك المتعال وقد كان ينسب موسى القلب الى السحر او الجنون فان من خالف أحدا فهو عنده مجنون وليس موسى القلب مجنونا بل مجذوبا والفرق بينهما ان المجنون ذهب عقله باستعمال مطعوم كونى او غير ذلك والمجذوب ذهل عقله لما شاهد(9/166)
وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41)
من عظم قدرة الله تعالى فعقله مخبوء عند الحق منعم بشهوده عاكف بحضرته متنزه في جماله فهم اصحاب عقول بلا عقول وهم في ذلك على ثلاث مراتب منهم من يكون واراده أعظم من القوة التي يكون في نفسه عليها فيحكم الوارد عليه فيغلب عليه الحال فيكون تحت تصرف الحال ولا تدبير له في نفسه مادام في ذلك الحال ومنهم من يمسك عقله هناك ويبقى عليه عقل حيوانيته فيأكل ويشرب ويتصرف من غير تدبير ولا روية ويسمى هذا من عقلاء المجانين لتناوله العيش الطبيعي كسائر الحيوانات ومنهم من لا يدوم له حكم الوارد فيزول عنه الحال فيرجع الى الناس بعقله فيدبر أمره ويعقل ما يقول ويقال له ويتصرف عن تدبير وروية مثل كل الإنسان وذلك هو صاحب القدم المحمدي فانه صلّى الله عليه وسلّم كان يؤخذ عن نفسه عند نزول الوحى ثم يسرى عنه فيلقى ما أوحى به اليه على الحاضرين واعلم ان المجاذيب لا يطالبون بالآداب الشرعية لذهاب عقولهم لما طرأ عليها من عظيم امر الله تعالى
هر كه كرد ار جام حق يكجرعه نوش ... نه ادب ماند درونه عقل وهوش
وحكمهم عند الله حكم من مات على حالة شهود ونعت استقامة وحالهم في الدنيا حكم الحيوان ينال جميع ما يطلب حكم طبيعته من أكل وشرب ونكاح من عير تقييد ولا مطالبة عليه عند الله مع وجود الكشف وبقائه عليهم كما تكشف البهائم وكل دابة حياة الميت على النعش وهو يحور ويقول قدمونى ان كان سعيدا ويقول اين تذهبون بي ان كان شقيا فذاهب العقل معدود في الأموات لذهاب عقله معدود في الاحياء بطبعه فهو من السعداء الذين رضى الله عنهم واكثر المجانين من غلبة المكاشفات والمشاهدات يعنى انهم يكاشفون الأمور الغيبية والأحوال الملكوتية ويشاهدون ما خفى عن أعين العامة وذلك من غير سبق المجاهدة منهم فبذلك يخرجون عن دائرة العقل إذ لا يتحملون الفتح الفجائى لعدم تهيئهم قبله ثم يتعسر ادخالهم في دائرة العقل الا ان أراد الله تعالى ذلك فالمقبول البقاء على العقل وأن يكون المرء غالبا على حاله لا أن يكون الحال غالبا والاول من احوال اهل النهاية والثاني من احوال اهل البدية والله الغالب على امره وَفِي عادٍ اى وفي قوم هود آيات ان كان معطوفا على وفي الأرض او وجعلنا فيهم آية على تقدير كونه معطوفا على قوله وتركنا فيها آية إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ اى على أنفسهم أصالة وعلى دورهم وأموالهم وأنعامهم تبعا الرِّيحَ الْعَقِيمَ العقم بالضم هزمة تقع في الرحم فلا تقبل الولد كما في القاموس وصفت بالعقم لانها أهلكتهم وقطعت دابرهم فالعقيم بمعنى المعقم او العاقم وفيه استعارة تبعية شبه إهلاكهم وقطع دابرهم باعقام النساء التي لا يلدن ولا يعقبن ثم اطلق المشبه به على المشبه واشتق منه العقيم او وصفت به لانها لم تتضمن خيرا ما من إنشاء مطر او القاح شجره يعنى شبه عدم تضمنها منفعة بعقم المرأة ثم اطلق عليه فالعقيم بمعنى الفاعل من اللازم وفي بحر العلوم ولعله سماها عقيما لانها كانت سبب قطع الأرحام من أولاده بإهلاكها إياهم وقطعها دابرهم وهى من رياح العذاب والهلاك وهى النكباء على قول على رضى الله عنه وهى التي انحرفت ووقعت بين ريحين او بين الصبا والشمال وهى الدبور على قول ابن عباس رضى الله عنهما ويؤيده(9/167)
مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46)
قوله عليه السلام نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور وهى ريح تقابل الصبا اى ريح تجيئ من جانب المغرب فان الصبا تجيئ من جانب المشرق وقال ابن المسيب الريح العقيم هى الجنوب مقابل الشمال وهى ريح تجيئ من شمال من يتوجه الى المشرق ما تَذَرُ اى ما تترك يقال ذره اى دعه يذره تركا ولا تقل وذرا وأصله وذره يذره نحو وسعه يسعه لكن ما نطقوا بماضيه ولا بمصدره ولا باسم الفاعل مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ اى جرت عليه من أنفسهم ودورهم وأموالهم وأنعامهم إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ كالشيء البالي المتفتت فهو كل مارم وبلى وتفتت من عظم او نبات او غير ذلك وبالفارسية مثل كياه خشك يا استخوان كهنه شده ريزيده وفي القاموس رم العظم يرم رمة بالكسر ورما ورميما وارم بلى فهو رميم وفي المفردات الرمة بالكسر تختص بالعظم والرمة بالضم بالحبل البالي والرم بالكسر بالفتات من الخشب والحشيش والتبن وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما أرسل على عاد من الريح الأمثل خاتمى هذا يعنى ان الريح العقيم تحت الأرض فأخرج منها مثل ما يخرج من الخاتم من الثقب فأهلكهم الله به وفيه اشارة الى شدة تلك الريح وأشير بكونها تحت الأرض الى ريح الهوى التي تحت ارض الوجود فهى ايضا شديدة جدا فانها حيث هبت تركت الديار بلاقع وايضا هى ريح جلال الله تعالى وقهره فانها إذا هبت تميت النفوس عن أوصافها فلا يبقى منها شيء فالعقيم فى بر الجسد والعاصف والقاصف في بحر الروح وكان عليه السلام يتعوذ بالله تعالى حين تهب الرياح الشديدة فليتعوذ العاقل من المهلكات فانه إذا هلكت النفس بالهلاك الصوري قبل الكمال خسرت التجارة وكذا إذا هلك القلب فان حياة المرء حينئذ لا فائدة فيها سؤال كردند از حسن بصرى رحمه الله كه يا شيخ دلهاى ما خفته است سخن تو در وى كار واثر نمى كند چهـ كنيم كفت كاشكى خفته بودى كه خفته را بجنبانى بيدار شود اما دلهاى شما مرده است كه هر چند مى جنبانى بيدار نمى گردد (قال المولى الجامى)
اى بمهد بدن چوطفل صغير ... مانده در دست خواب غفلت أسير
پيش از ان كت أجل كند بيدار ... كر نمردى ز خواب سر برادر
قال محمد بن حامد رحمه الله وكان جالسا عند احمد بن حضرويه وهو في النزع وقد اتى عليه خمس وتسعون سنة هو ذا يفتح لى الساعة لا أدرى أيفتح بالسعادة أم بالشقاوة وعن خلف بن سالم رحمه الله قال قلت لأبى على بن المعتوه اين مأواك قال دار يستوى فيها العزيز والذليل قلت واين هذه الدار قال المقابر قلت أما تستوحش في ظلمة الليل قال انى اذكر ظلمة اللحود ووحشتهن فتهون على ظلمة الليل قلت له فربما رأيت في المقابر شيئا تنكره قال ربما ولكن في هول الآخرة ما يشغل عن هول المقابر ووجد مكتوبا على بعض القبور
مقيم الى أن يبعث الله خلقه ... لقاؤك لا يرجى وأنت قريب
يزيد بلاء كل يوم وليلة ... ويبلى كما تبلى وأنت حبيب
وَفِي ثَمُودَ اى وفي قوم صالح آيات او وجعلنا فيهم آية إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا اى انتفعوا بالحياة الدنيا حَتَّى حِينٍ الى وقت نزول العذاب وهو آخر ثلاثة ايام الأربعاء(9/168)
فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46)
والخميس والجمعة فانهم عقروا الناقة يوم الأربعاء وهلكوا بالصيحة يوم السبت وقد فسر بقوله تمتعوا في داركم ثلاثة ايام قيل قال لهم صالح عليه السلام تصبح وجوهكم غدا مصفرة وبعد غد محمرة واليوم الثالث مسودة ثم يصبحكم العذاب فكان كذلك وانما تبدلت ألوانهم بما ذكر لانهم كانوا كل يوم في الترقي الى سوء الحال ولا شك ان الأبيض يصير اصفر ثم احمر ثم اسود والسواد من ألوان الجلال والقهر وايضا لون جهنم فانها سوداء مظلمة فعند الهلاك صاروا الى لون جهنم لانها مقرهم ونعوذ بالله منها فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ اى فاستكبروا عن الامتثال به وبالفارسية پس سر كشيدند از فرمان آفريدگار خود وبتدارك كار خود مشغول نكشتند يقال عتا عتوا وعتيا وعتيا استكبر وجاوزا لحد فهو عات وعتى وامر ربهم هو ما أمروا به على لسان صالح عليه السلام من قوله اعبدوا الله وقوله فذروها تأكل في ارض الله او شأن ربهم وهو دينه او صدر عتوهم عن امر ربهم وبسببه كان امر ربهم بعبادته وترك الناقة كان هو السبب في عتوهم كما في بحر العلوم والفاء ليست للعطف على قيل لهم فان العتو لم يكن بعد التمتع بل قبله وانما هو تفسير وتفصيل لما أجمله في قوله وفي ثمود إلخ فانه يدل اجمالا على انه تعالى جعل فيهم آية ثم بين وجه الآية وفصلها قال في شرح الرضى ان الفاء العاطفة للجمل قد تفيد كون المذكور بعدها كلاما مرتبا على ما قبلها فى الذكر لا ان مضمونها عقيب مضمون ما قبلها في الزمان فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ قيل لما رأوا العلامات التي بينها صالح من اصفرار وجوههم واحمرارها واسودادها عمدوا الى قتله عليه السلام فنجاه الله الى ارض فلسطين ولما كان ضحوة اليوم الرابع تحنطوا وتكفنوا بالانطاع فأتتهم صيحة جبريل عليه السلام كما صرح بها في قوله وأخذ الذين ظلموا الصيحة فهلكوا فالمراد بالصاعقة الصيحة لا حقيقتها وهى نار تنزل من السماء فتحرق ما أصابته وقيل أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شيء في الأرض فتقطعت قلوبهم فى صدورهم وقال بعضهم اهلكوا بالصاعقة حقيقة بأن جاءت نار من السماء فأهلكتهم جميعا وَهُمْ يَنْظُرُونَ إليها ويعاينونها لانها جاءتهم معاينة بالبهار فينظرون من النظر بالعين وفيه ترجيح لكون المراد بالصاعقة حقيقة النار لانها حين ظهرت رأوها بأعينهم والصيحة لا ينظر إليها وانما تسمع بالاذن والظاهر ان الصاعقة لا تنافى أن يكون معها صيحة جبريل وقيل هو من الانتظار اى ينتظرون ما وعدوا به من العذاب حيث شاهدوا علامات نزوله من تغير ألوانهم في تلك الأيام ويقال سمعوا الصيحة وهم ينظرون اى يتحيرون فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ كقوله تعالى فاصبحوا في دارهم جاتمين اى لاصقين بمكانهم من الأرض لا يقدرون على الحركة والقيام فضلا عن الهرب فالقيام ضد القعود وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ بغيرهم كما لم يمتنعوا بأنفسهم قال قى تاج المصادر الانتصار داد بستدن وَقَوْمَ نُوحٍ اى وأهلكنا قوم نوح فان ما قبله يدل عليه ويجوز أن يكون منصوبا باذكر المقدر مِنْ قَبْلُ اى من قبل هؤلاء المهلكين إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ خارجين عن الحدود فيما كانوا فيه من الكفر والمعاصي وهو علة لاهلاكهم واعلم ان الله تعالى قد أرسل الرسل وشرع الشرائع(9/169)
وحد الحدود فمتى تعديت الحد الذي حد لك الشارع صرت فاسقا وأطعت الشيطان وتنحى عنك عند العصيان الملك المؤيد للمؤمنين فاذا وكل العبد الى نفسه والى الشيطان فقد هلك وكل نار وعذاب وبلاء فانما يأتى من الداخل لا من الخارج إذ لا خارج من وجود الإنسان فالعذاب صورة أوصافه وأفعاله وأخلاقه عادت اليه حين عصى الله تعالى وكذا الثواب صورة ذلك عادت اليه حين أطاع الله تعالى فان قلت كل ذلك إذا كان من احوال العين الثابتة للعبد فكل عبد فانما يمر على طريقه في الهداية والضلالة فما معنى دعوة الأنبياء وارشاد الأولياء قلت تلك الدعوة ايضا من احوال اعيان المدعوين فخلاف المخالفين وان كان من التجلي لكن حقائق الأنبياء اقتضت التجلي بموافقة التجلي من وجه والرد عليه من آخر فكان أمرهم حيرة فلو كانوا يخدمون التجلي مطلقا لما ردوا على أحد فاذا ورد الأمر التكليفي فاما أن يوافقه الأمر الإرادي اولا فان وافقه فالمكلف منتقل
من دائرة الاسم المضل الى دائرة الاسم الهادي وذلك الانتقال من احوال عينه وان لم يوافقه فمعنى التكليف انه من احوال عينه ولا بد وايضا فيه تمييز الشقي من السعيد وبالعكس فاعرف هذه الجملة تسعد واجتهد حتى ينقلك الله من دائرة الحانب الى دائرة الأحباب ولا تغتر بكثرة الدنيا وطول العمر كما فعل الكفار والفساق حتى لا يحل بك ما حل بهم من الصاعقة والطوفان مع ان صاعقة الموت وطوفان الحوادث لا بد وان تحل بكل أحد بحيث لا يستطيع القيام من مكانه فيموت في مقامه قال الشيخ سعدى في البستان
كهن سالى آمد بنزد طبيب ... ز ناليدنش تا بمردن قريب
كه دستم برك برنه اى نيك راى ... كه پايم همى بر نيايد ز جاى
بدان ماند اين قامت جفته ام ... كه كويى بكل در فرو رفته ام
بدو كفت دست از جهان در كسل ... كه پايت قيامت برايد ز كل
نشاط جوانى ز پيران مجوى ... كه آب روان باز نايد بجوى
اگر در جوانى زدى دست و پاى ... در ايام پيرى بهش باش وراى
چودوران عمر از چهل در كذشت ... مزن دست و پاكابت از سرگذشت
نشاط از من آنكه رميدن كرفت ... كه شامم سپيده دميدن كرفت
ببايد هوس كردن از سر بدر ... كه روز هوسبازى آمد بسر
بسبزى كجا تازه كردد دلم ... كه سبزه بخواهد دميد از كلم
تفرج كنان در هوا وهوس ... گذشتيم بر خاك بسيار كس
كسانيكه ديكر بغيب اندراند ... بيايند وبر خاك ما بگذرند
دريغا كه فصل جوانى برفت ... بلهو ولعب زندگانى برفت
دريغا چنين روح پرور زمان ... كه بگذشت بر ما چوبرق يمان
ز سود اى آن پوشم واين خورم ... نپرداختم تا غم دين خورم
دريغا كه مشغول باطل شديم ... ز حق دور مانديم وغافل شديم(9/170)
وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51) كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)
چهـ خوش كفت با كودك آموزگار ... كه كارى نكرديم وشد روزكار
اى ضاع زماننا ومضى بلا فائدة وَالسَّماءَ بَنَيْناها نصب السماء على الاشتغال اى وبنينا السماء بنيناها حال كوننا ملتبسين بِأَيْدٍ اى بقوة فهو حال من الفاعل او ملتبسة بقوة فيكون حالا من المفعول ويجوز ان تكون الباء للسببية اى بسبب قدرتنا فتتعلق ببنيناها لا بالمحذوف والقوة هنا بمعنى القدرة فان القوة عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف والله تعالى منزه عن ذلك والقدرة هى الصفة التي بها يتمكن الحي من الفعل وتركه بالارادة (قال الكاشفى) بقوت الوهيت وكفته اند بقدرتي بر آفرينش داشتيم يقال آد يئيد أيدا اى اشتد وقوى قال في القاموس الآد الصلب والقوة كألايد وآيدته مؤايدة وأيدته تأييدا فهو مؤيد قويته انتهى قال الراغب ولما في اليد من القوة قيل انا يدك وأيدتك قويت يدك وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ لقادرون من الوسع بمعنى الطاقة والموسع القادر على الاتفاق قال في تاج المصادر الايساع توانكر شدن وتمام فراسيدن ويقال أوسع الله عليك اى أغناك انتهى فيكون قوله وانا لموسعون حالا مؤكدة او تذييلا اثباتا لسعة قدرته كل شيء فضلا عن السماء او لموسعون السماء اى جاعلوها واسعة او ما بينها وبين الأرض او الرزق على خلقنا لقوله تعالى وفي السماء رزقكم وفيه اشارة الى ان وسعة البيت والرزق من تجليات الاسم الواسع وَالْأَرْضَ اى وفرشنا الأرض فَرَشْناها مهدناها وبسطناها من تحت الكعبة مسيرة خمسمائة عام ليستقروا عليها ويتقلبوا كما يتقلب أحدهم على فراشه ومهاده فَنِعْمَ الْماهِدُونَ اى نحن وهو المخصوص بالمدح المحذوف اى هم نحن فحذف المبتدأ والخبر من غير أن يقوم شيء مقامهما وقد اختلف القدماء في هيئة الأرض وشكلها فذكر بعضهم انها مبسوطة مستوية السطح في اربع جهات المشرق والمغرب والجنوب والشمال وزعم آخرون انها كهيئة المائدة ومنهم من زعم انها كهيئة الطبل وذكر بعضهم انها تشبه نصف الكرة كهيئة القبة وان السماء مركبة على أطرافها وزعم قوم ان الأرض مقعرة وسطها كالجام والذي عليه الجمهور ان الأرض مستديرة كالكرة وان اسماء محيطة بها من كل جانب احاطة البيضة بالمح فالصغرة بمنزلة الأرض وبياضها بمنزلة السماء وجلدها بمنزلة السماء الاخرى غير ان خلقها ليس فيه استطالة كاستطالة البيضة بل هى مستديرة كاستدارة الكرة المستوية الخرط حتى قال مهندسوهم لو حفر في الوهم وجه الأرض لادى الى الوجه الآخر ولو ثقب مثلا ثقب بأرض الأندلس لنفذ الثقب بأرض الصين واختلف في كمية عدد الأرضين فروى في بعض الاخبار ان بعضها فوق بعض وغلظ كل ارض مسيرة خمسمائة عام حتى عد بعضهم لكل ارض أهلا على صفة وهيئة عجبة وسمى كل ارض باسم خاص كما سمى كل سماء باسم خاص وزعم بعضهم ان في الأرض الرابعة حيات اهل النار وفي الأرض السادسة حجارة اهل النار وعن عطاء بن يسار في قوله تعالى خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن قال في كل ارض آدم كآدمكم ونوح مثل نوحكم وابراهيم مثل ابراهيمكم وليس هذا القول بأعجب من قوله الفلاسفة ان الشموس شموس كثيرة والأقمار أقمار كثيرة ففى كل إقليم شمس وقمر ونجوم وقالت القدماء الأرض(9/171)
وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49)
سبع على المجاورة والملاصقة وافتراق الأقاليم لا على المطابقة والمكابسة واهل النظر من المسلمين يميلون الى هذا القول ومنهم من يقول سبع على الانخفاض والارتفاع كدرج المراقي ويزعم بعضهم ان الأرض مقسومة لخمس مناطق وهى المنطقة الشمالية والجنوبية والمستوية والمعتدلة والوسطى واختلفوا في مبلغ الأرض وكميتها فروى عن مكحول انه قال ما بين أقصى الدنيا الى أدناها مسيرة خمسمائة سنة مائتان من ذلك في البحر ومائتان ليس يسكنها أحد وثمانون فيها يأجوج ومأجوج وعشرون فيها سائر الخلق وعن قتادة قال الدنيا اربعة وعشرون الف فرسخ فملك السودان منها اثنا عشر الف فرسخ وملك الروم ثمانية آلاف فرسخ وملك العجم والترك ثلاثة آلاف فرسخ وملك العرب الف فرسخ وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ربع من لا يلبس الثياب من السودان اكثر من جميع الناس وقال بطليموس بسيط الأرض كلها مائة واثنان وثلاثون الف الف وستمائة الف ميل فتكون مائتى الف وثمانية وثمانين الف فرسخ فان كان حقا فهو وحي من الحق واو الهام وان كان قياسا واستدلالا فهو قريب من الحق ايضا واما قوله قتادة ومكحول فلا يوجب العلم اليقيني الذي يقطع على الغيب به كذا في خريدة العجائب وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ اى من أجناس الموجودات فالمراد بالشيء الجنس وقيل من الحيوان خَلَقْنا زَوْجَيْنِ صنفين ونوعين مختلفين كالذكر والأنثى والسماء والأرض والليل والنهار والشمس والقمر والصيف والشتاء والبر والبحر والسهل والجبل والانس والجن والنور والظلمة والأبيض والأسود والدنيا والآخرة والايمان والكفر والسعادة والشقاوة والحق والباطل والحلو والمر والموت والحياة والرطب واليابس والجامد والنامي والمدر والنبات والناطق والصامت والحلم والقهر والجود والبخل والعر والذلة والقدرة والعجز والقوة والضعف والعلم والجهل والصحة والسقم والغنى والفقر والضحك والبكاء والفرح والغم والفوق والتحت واليمين والشمال والقدام والخلف والحرارة والبرودة وهلم جرا قال الراغب يقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوان المتزاوج زوج ولكل قرينين فيها وفي غيرها زوج كالخف والنعل ولكل ما يقترن بالآخر مماثلا له او مضادا زوج وفي قوله ومن كل شيء خلقنا زوجين تنبيه على ان الأشياء كلها مركبة من جوهر وعرض ومادة وصورة وان لا شيء يتعرى منها إذا لاشياء كلها مركبة من تركيب يقتضى كونه مصنوعا وانه لا بد له من صانع تنبيها على انه تعالى هو الفرد فبين بقوله ومن كل شيء إلخ ان كل ما في العالم فانه زوج من حيث ان له ضدا ما او مثلا ما او تركيبا ما بل لا ينفك من وجه من تركب وانما ذكر هاهنا زوجين تنبيها على انه وان لم يكن له ضد ولا مثل فانه لا ينفك من تركب صورة ومادة وذلك زوجان قال الخراز قدس سره اظهر معنى الربوبية والوحدانية بأن خلق الأزواج ليخلص له الفردانية لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ اى فعلنا ذلك كله من البناء والفرش وخلق الأزواج كى تتذكروا فتعرفوا انه خالق الكل ورازقه وانه المستحق للعبادة وانه قادر على إعادة الجميع فتعملوا بمقتضاه وبالفارسة باشد كه شما پند پذير شويد ودانيد كه وحدانيت از خواص(9/172)
فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51)
ممكنات نيست ومن واجب بالذاتم وواجب قابل تعدد وانقسام نيست
ذاتش از قسمت وتعدد پاك ... وحدت او مقدس از اشراك
از عدد دم مزن كه او فردست ... كى عدد بهر فرد در خور دست
احدست وشمار از ومعزول ... صمدست وتبار از ومخذول
وفيه اشارة الى انه تعالى خلق لكل شيء من عالم الملك وهو عالم الأجسام زوجا من عالم الملكوت وهو عالم الأرواح ليكون ذلك الشيء الجسماني قائما بملكوته وملكوته قائما بيد القدرة الالهية لعلكم تذكرون انكم بهذا الطريق جئتم من الحضرة وبهذا الطريق ترجعون الى الله سبحانه فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ اى قول لقومك يا محمد إذا كان الأمر كذلك فاهربوا الى الله الذي هذه شؤونه بالايمان والطاعة كى تنجوا من عقابه وتفوزوا بثوابه يعنى ان في الأمر بالايمان وملازمة الطاعة بلفظ الفرار تنبيها على ان ورلء الناس عقابا يجب أن يفروا منه قال بعض الكبار يا أيها الذين فررتم من الله بتعلقات الكونين ففروا بنعت الشوق والمحبة والتجرد الى الله يقطع التعلقات عن الوجود وعما سواه تعالى مطلقا ومن صح فراره الى الله صح قراره مع الله وايضا ففروا منه اليه حتى تفنوا فيه قال فان الحادث لا يثبت عند رؤية القديم وقال سهل رضى الله عنه ففروا مما سوى الله الى الله ومن المعصية الى الطاعة ومن الجهل الى العلم ومن العذاب الى رحمة ومن سخطه الى رضوانه وقال محمد بن حامد رحمه الله حقيقة الفرار ما روى عن النبي عليه السلام انه قال والجأت ظهرى إليك وما روى عنه في حديث عائشة رضى الله عنها وأعوذ بك منك فهذه غاية الفرار منه اليه وقال الواسطي رحمه الله ففروا الى الله معناه لما سبق لهم من الله لا الى علمهم وحركاتهم وأنفسهم وسئل بعضهم عن قول النبي عليه السلام سافروا تصحوا قال سافروا إلينا تجدونا في أول قدم ثم قرأ ففروا الى الله
هيچكس در تو نياويخت كه از خود نكريخت ... هيچكس با تو نه پيوست كه از خود نبريد
وفي كشف الاسرار فرار مقامى است از مقامات روندكان ومنزلى از منازل دوستى كسى را كه اين مقام درست شود نشانش آنست كه همه نفس خود غرامت بيند همه سخن خود شكايت بيند همه كرده خود جنايت بيند اميد از كردار خود ببرد وبر اخلاص خود تهمت نهدوا كر دولتى آيد در راه وى از فضل حق بيند واز حكم ازل نه از جهد وكردار خود وهذا موت عن نفسه وهمه خلق زنده از مرده ميراث برد مكر اين طائفه كه مرده از زنده ميراث برد وفي الحديث من أراد أن ينظر الى ميت يمشى على وجه الأرض فلينظر الى ابى بكر إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ اى انى لكم من جهته تعالى منذر بين كونه منذرا منه تعالى بالمعجزات الباهرة او مظهر لما يجب إظهاره من العذاب المنذر به وفي امره للرسول عليه السلام بأن يأمرهم بالهرب اليه من عقابه وتعليله بانه عليه السلام ينذرهم من جهته تعالى لا من تلقاء نفسه وعد كريم بنجاتهم من المهروب وفوزهم بالمطلوب وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ نهى موجب للفرار من سبب العقاب بعد الأمر بالفرار نفسه كانه قيل وفروا من ان تجعلوا معه تعالى اعتقادا او تقولوا الها آخر إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ(9/173)
كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)
اى من الجعل المنهي عنه نَذِيرٌ مُبِينٌ وفيه تأكيد لما قبله من الفرار من العقاب اليه تعالى لكن لا بطريق التكرير بل بالنهى عن سببه وإيجاب الفرار منه قال في برهان القرآن الاول متعلق بترك الطاعة والثاني متعلق بالشرك بالله فلا تكرار وفي التأويلات النجمية ولا تجعلوا مع الله في المعرفة بوحدانيته الها آخر من النفوس والهوى والدنيا والآخرة فتعبدونها بالميل إليها والرغبة فيها فان التوحيد في الاعراض عنها وقطع تعلقاتها والفرار الى الله منها لان من صح فراره الى الله صح قراره مع الله وهذا كمال التوحيد انى لكم نذير مبين أخوفكم اليم عقوبة البعد وعذاب الاثنينية إذا أشركتم به في الوجود فانه لا يغفر ان يشرك به كَذلِكَ اى الأمر وهو امر الأمم السالفة بالنسبة الى رسلهم من ما ذكر من تكذيب قريش ومشركى العرب الرسول صلّى الله عليه وسلّم وتسميتهم له ساحرا او مجنونا ثم فسره بقوله ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ من رسول الله إِلَّا قالُوا فى حقه هو ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ يعنى اگر معجزه بديشان نمود عمل او را سحر خواندند واگر از بعث وحشر خبر داد قول او را بسخن اهل جنون تشبيه كردند اى فلا تأس على تكذيب قومك إياك أَتَواصَوْا بِهِ انكار وتعجيب من حالهم وإجماعهم على تفرق أزمانهم على تلك الكلمة الشنيعة التي لا تكاد تخطر ببال أحد من العقلاء فضلا عن التفوه بها في حق الأنبياء اى اوصى الأولون الآخرين بعضهم بعضا بهذا القول حتى اتفقوا عليه بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ إضراب عن كون مدار اتفاقهم على الشر تواصيهم بذلك لبعد الزمان وعدم تلاقيهم في وقت واحد واثبات لكونه امرا أقبح من التواصي واشنع منه وهو الطغيان الشامل للكل الدال على ان صدور تلك الكلمة الشنيعة عن كل واحد منهم بمتقضى جبلته الخبيثة لا بموجب وصية من قبلهم بذلك من غير أن يكون ذلك مقتضى طباعهم وفيه اشارة الى ان ارباب النفوس المتمردة من الأولين والآخرين مركوزة في جبلتهم طبيعة الشيطنة من التمرد والآباء والاستكبار فما أتاهم رسول من الأنبياء في الظاهر او من الإلهامات الربانية في الباطن الا أنكروا عليه وقالوا ساحر يريد أن يسحرنا او مجنون لا عبرة بقوله كأن بعضهم اوصى بعضهم بالتمرد والإنكار والجحود لانهم خلقوا على طبيعة واحدة بل هم قوم طاغون بأنهم وجدوا اسباب الطغيان من السعة والتنعم والبطر والغنى قال الشاعر
ان الشباب والفراغ والجده ... مفسدة للمراء اى مفسده
فعكسوا الأمر وكان ينبغى لهم ان يصرفوا العمر والشباب والغنى في تحصيل المطلوب الحقيقي (قال كما الحافظ)
عشق وشباب ورندى مجموعه مرادست ... چون جمع شد معانى كوى بيان توان زد
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فأعرض عن جدالهم فقد كررت عليهم الدعوة فأبوا الا الإباء والاستكبار وبالفارسية پس روى بگردان از مكافات ايشان تا وقتى كه مأمور شوى بقتال وفي فتح الرحمن فتول عن الحرص المفرط عليهم وذهاب النفس حسرات وقال الواسطي ردهم الى ما سبق عليهم في الأزل من السعادة والشقاوة فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ على التولي بعد ما(9/174)
وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)
بذلت المجهود وجاوزت في الإبلاغ كل حد معهود واللوم والملامة العذل وبالفارسية نكوهيدن وقال بعض الكبار فتول عنهم فانك لا تهدى من أحببت منهم فما أنت بملوم بالعجز عن هدايتهم لانك مبلغ وليس إليك من الهداية شيء وقال بعضهم فتول عنهم بسيرك إلينا فما أنت بملوم فى إبلاغ رسالتك واشتغالك في الظاهر بهم واعلامهم بأسباب نجاتهم فأنت مستقيم لا يحجبنك إبلاغ الرسالة عن شهود العين وَذَكِّرْ اى افعل التذكير والموعظة ولا تدعهما بالكلية او فذكرهم وقد حذف الضمير لظهور الأمر فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ اى الذين قدر الله ايمانهم او الذين آمنوا بالفعل فانها تزيدهم بصيرة وقوة في اليقين يعنى بعناد كافران وجحود ايشان دست از تربيت مسلمانان باز مدار وهمچنان بر تذكير خود ثابت باش كه وعظ را فوائد بسيارست ومنافع بي شمار فان النصيحة تلين القلوب القاسية وفي الحديث (ما من مؤمن إلا وله ذنب قد اعتاده الفينة بعد الفينة) اى الساعة بعد الساعة والحين بعد الحين (ان المؤمن خلق مفتونا ناسيا فاذا ذكر ذكر) وقال بعضهم ذكر المطيعين جزيل ثوابى وذكر العارفين ما صرفت عنهم من بلائي وقال بعضهم ذكر العاصين منهم عقوبتى ليرجعوا عن مخالفة امرى وذكر المطيعين جزيل ثوابى ليزداد وإطاعة وعبادة لى وذكر المحبين ما شاهدوا من أنوار جمالى وجلالى في الغيب وغيب الغيب ليزيد وافى بذل الوجود وطلب المفقود ودر فصول آورده كه كلام مذكور بايد كه بر ده خير مشتمل باشد تا سامعان را سودمند بود أول نعمت خداى تا ياد مردم دهد تا شكر كزارى نمايند دوم ثوابى محنت وبلا ذكر كند تا در ان شكيبايى ورزند سوم عقوبت كناهان بر شمرد تا از ان باز ايستند وتوبه كنند چهارم مكائد ووساوس شيطانى بيان فرمايد تا از ان حذر نمايند پنجم فنا وزوال وبى اعتبارى دنيا بر ايشان روشن كرداند تا دل درونه بندند ششم مركرا پيوسته ياد كند تا رفتن را آماده شوند هفتم قيامت را آماده وذكر آن بسيار كويد تا كار آن روز بسازند هشتم دركات دوزخ وانواع عقوبتهاى آن بيان كند تا از آن بترسند نهم درجات بهشت واقسام نعمتهاى آنرا بر شمارد تا بدان راغب كردند دهم بناى كلام بر خوف ورجانهد يعنى كاهى از عظمت وكبريا وهيبت الهى سخن راند تا از وى بترسند ووقتى از رحمت ومغفرت مهربانى او تقرير كند تا بوى اميدوار شوند پس هر موعظه كه مشتمل برين سخنانست منفعت مؤمنانست خصوصا إذا كان المذكر عاملا بما ذكرهم به غير ناس نفسه فان تأثيره أشد من تأثير تذكير الغافلين
عالم كه كامرانى وتن پرورى كند ... او خويشتن كم است وكرا رهبرى كند
وانما قلنا من تأثيره فانهم قالوا
مرد بايد كه كيرد اندر كوش ... ور نوشتست پند بر ديوار
فلا كلام الا فى الاستعداد والتهيؤ للاستماع ولذا قال تعالى ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او ألقى السمع وهو شهيد وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ قرأ يعقوب ليعبدونى وكذا يطعمونى ويستعجلونى كما سيأتى بإثبات ياء المتكلم فيهن وصلا ووقفا وحذفها الباقون في الحالين والعبادة ابلغ من العبودية لان العبودية اظهار التذلل والعبادة غاية(9/175)
التذلل ولا يستحقها الا من له غاية الإفضال قال بعض الكبار العبادة ذاتية للمخلوق لانها ذلة في اللغة العربية وانما وقع التكليف بالافعال المخصوصة التي هى العبادة الوصفية للتنبيه على تلك الذلة الذاتية حتى يتذللوا ويتخضعوا لربهم وخالقهم بالوجه المشروع ولعل تقديم خلق الجن في الذكر لتقدمه على خلق الانس في الوجود ومعنى خلقهم لعبادته تعالى خلقهم مستعدين لها أتم استعداد ومتمكنين منها أكمل تمكين مع كونها مطلوبة منهم بتنزيل ترتيب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الفرض على ما هو غرض له فان استتباع أفعاله تعالى لغايات جليلة مما لا نزاع فيه قطعا كيف لا وهى رحمة منه تعالى وتفضل على عباده وانما الذي لا يليق بجنابه تعالى تعليلها بالغرض بمعنى الباعث على الفعل بحيث لو لاه لم يفعل لافضائه الى استكماله بفعل وهو الكامل بالفعل من كل وجه واما بمعنى نهاية كمالية يفضى إليها فعل الفاعل الحق فغير منفى من أفعاله تعالى بل كلها جارية على ذلك المنهاج وعلى هذا
الاعتبار يدر وصفه تعالى بالحكمة ويكفى في تحقق معنى التعليل على ما يقوله الفقهاء ويتعارفه اهل اللغة هذا المقدار وبه يتحقق مدلول اللام واما ارادة الفاعل لها فليست من مقتضيات اللام حتى يلزم من عدم صدور العبادة عن البعض تخلف المراد عن الارادة فان تعوق البعض عن الوصول الى الغاية مع تعاضد المبادي وتأخر المقدمات الموصلة إليها لا يمنع كونها غاية كما في قوله تعالى كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور ونظائره كذا في الإرشاد قال سعدى المفتى فاللام حينئذ على حقيقتها فتأمل انتهى والحاصل ان قوله الا ليعبدون اثبات السبب الموجب للحق فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا قال المولى رمضان فى شرح العقائد واستكماله تعالى بفعل نفسه جائز بل واقع فانه تعالى حين أوجد العالم قد استكمل بكمال الموجدية والمعروفية على ما نطق به قوله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون اى ليعرفون وهو كمال إضافي يجوز الخلو عنه انتهى مقصود الهى از همه كمال جلا واستجلاست كه در انسان كامل جمعا وتفصيلا بظهور آمد ودر عالم تفصيلا فقط سؤال طلب ابن مقصود نه استكمالست كه مستدعى سبق نقصانست چنانكه اهل كلام ميكويند كه افعال الله معلل بأغراض نشايد بودن جواب آنچهـ محذورست استكمال بغير است واين استكمال بصفات خود است نه بغير كذا في تفسير الفاتحة للشيخ صدر الدين القنوى قدس سره وكذا قال في بعض شروح الفصوص ان للحق سبحانه كمالا ذاتيا وكمالا اسمائيا وامتناع استكماله بالغير انما هو في الكمال الذاتي لا الاسمائى فان ظهور آثار الأسماء ممتنع بدون المظاهر الكونية انتهى (قال المولى الجامى)
وجود قابل شرط كمال اسمائيست ... وگر نه ذات نباشد بغير مستكمل
(وقال ايضا)
اى ذات رفيع تو نه جوهر نه عرض ... فضل وكرمت نيست معلل بغرض
يعنى حق سبحانه وتعالى بحسب كمال ذاتى از وجود عالم وعالميان مستغنيست كما قال تعالى والله هو الغنى و چون ظهور كمال أسمائي موقوفست بر وجود اعيان ممكنات پس آنرا إيجاد كرد(9/176)
تا خود گردد بجمله أوصاف عيان ... واجب باشد كه ممكن آيد بميان
ور نه بكمال ذاتى از آدميان ... فردست وغنى چنانكه خود كرد بيان
والاشاعرة أنكروا صحة توجيه تعليل افعال الله تعالى معنى وان كان واقعا لفظا تمسكا بأن الله تعالى مستغن عن المنافع فلا يكون فعله لمنفعة راجعة اليه ولا الى غيره لانه تعالى قادر على إيصال تلك المنفعة من غير توسيط العمل فلا يصلح أن يكون غرضا فعندهم لام التعليل يكون استعارة تبعية تشبيها لعبادة العباد بما يفرض علة لخلقه في الترتب عليه واكثر الفقهاء والمعتزلة قالوا بصحته لمنفعة عائدة الى عباده تمسكا بأن الفعل الخالي عن الغرض عبث والعبث من الحكيم محال كما في شرح المشارق لابن الملك رحمه الله قال ابن الشيخ استدلت المعتزلة بقوله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون على ان افعال الله معللة بالأغراض وعلى ان مراد الله جائزان يختلف عن إرادته إذا كان المراد من الافعال الاختيارية للعباد وجه دلالته عليها هو ان وضع اللام لأن تدخل على ما هو غرض من الفعل فتكون العبادة غرضا من خلق الجن والانس والغرض يكون مرادا فينتج ان العبادة عرض من جميع الجن والانس وظاهر ان بعضا منهم لم يعبده فتخلف مراده عن إرادته وهو المطابق والجواب عن الاول انه لما دل الدليل القطعي على انه تعالى لا يفعل فعلا لغرض وجب أن يؤول اللام في مثل هذه المواضع بأن يقال ان الحكم والمصالح التي تترتب على فعله تعالى وتكون هى غاية له لما كانت بحيث لو صدر ذلك الفعل من غيره تعالى لكانت هى عرضا لفعله شبهت بالغرض الحقيقي فدخلت عليها اللام الدالة على الغرض لاجل ذلك التشبيه واطلق عليها اسم الغرض لذلك حتى قيل الغرض من خلق ما في الأرض انتفاع الناس به لقوله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا وهذا الحوأب انما يتأتى في اللام الداخلة على ما هو غاية مترتبة على الفعل ولا ينفع في قوله تعالى الا ليعبدون لان العبادة لم تكن غاية مترتبة على خلق كثير من الجن والانس حتى يقال انها شبهت بالغرض من حيث كون الفعل مؤديا إليها وكونها مترتبة عليها فاطلق عليها اسم الغرض ودخل عليها لام الغرض لذلك ولكنه لوتم لكان جوابا عن الاستدلال الثاني لانه مبنى على كون مدلول اللام غرضا في نفس الأمر وما كان غرضا على طريق التشبيه لا يكون مرادا فلا يلزم من عدم ترتبه على الفعل تخلف المراد عن الارادة فلا يتم الاستدلال وأشار المصنف الى جوابه بقوله لما خلقهم على صورة متوجهة الى العبادة مستعدة لها جعل خلقهم مغيا بها وتقريره ان العبادة ليست غاية مترتبة على خلقهما فضلا عن أن تكون غرضا ومرادا حتى يلزم من عدم ترتبها على خلقهما تخلف المراد عن الارادة وانما دخلت عليها اللام التي حقها ان تدخل على الغرض او على ما شبه به في كونه مترتبا على الفعل وحاملا عليه في الجملة تشبيها لها بالغاية المترتبة من حيث ان الجن والانس خلقوا على صورة متوجهة الى العبادة اى صالحة قابلة لها مغلبة اى قادرة عليها متمكنة منها وقد انضم الى خلقهم على تلك الصورة ان هدوا الى العبادة بالدلائل السمعية والعقلية فصاروا بذلك كأنهم خلقوا للعبادة وانها غاية مترتبة على خلقهم(9/177)
فلذلك اطلق عليها اسم الغاية ودخلت عليها لام الغاية مبالغة في خلقهما على تلك الصورة ولما وجه الآية بإخراج اللام عن ظاهر معناها بجعلها للمبالغة في خلقهم بحيث تتأتى منهم العبادة أشار الى وجه العدول عن الظاهر بقوله ولو حمل على ظاهره لتطرق اليه المنع والابطال وللزم تعارض الآيتين لان من خلق منهم لجهنم لا يكون مخلوقا للعبادة انتهى ما في حواشى ابن الشيخ وقال في بحر العلوم اى وما خلقت هذين الفريقين الا لاجل العبادة وهى قيام العبد بما تعبد به وكلف من امتثال الأوامر والنواهي أو إلا لأطلب العبادة منهم وقد طلب من الفريقين العبادة في كتبه المنزلة على أنبيائه وهذا التقدير صحيح لا تقدير الارادة لان الطلب لا يستلزم المطلوب بخلاف الارادة كما تقرر في موضعه فيكون حاصله ما قال بعضهم فى تصوير المعنى الا ليؤمروا بعبادتي كما في قوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الها واحدا وهذا مستمر على مذهب اهل السنة فلو انهم خلقوا للعبادة ما عصوا طرفة عين لكنهم خلقوا للامر التكليفي الطلبى دون الأمر الإرادي والا لم يتخلف المراد عن الارادة
ولما كان لعين العاصي الثابتة في الحضرة العلمية استعداد التكليف توجه إليها الأمر التكليفي ولما لم يكن لتلك العين استعداد الإتيان بالمأمور به لم يتحقق منها المأمور به ولهذا تقع المخالفة والمعصية فان قلت ما فائدة التكليف والأمر بما يعلم عدم وقوعه قلت فائدة تمييز من له استعداد القبول ممن ليس له استعداد ذلك لتظهر السعادة والشقاوة وأهلهما وقيل المراد سعداء الجنسين كما ان المراد بقوله تعالى ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس اشقياؤهما ويعضده قراءة من قرأ وما خلقت الجن والانس المؤمنين بدليل ان الصبيان والمجانين مستثنون من عموم الآية بدليل قوله تعالى ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس قال ابن الملك فان قلت كيف تكون العبادة علة للخلق ولم تحصل تلك في اكثر النفوس قلنا يجوز أن يراد من النفوس نفوس المؤمنين لقرآءة ابن عباس رضى الله عنهما وما خلقت الجن والانس من المؤمنين الا ليعبدون وأن يراد مطلقها بأن يكون المراد بالعبادة قابلية تكليفها كما قال عليه السلام ما من مولود يولد الا على الفطرة واما ان أريد منها المعرفة فلا إشكال لانها حاصلة للكفرة ايضا كما قال الله تعالى ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله انتهى وقال مجاهد واختاره البغوي معناه الا ليعرفون ومداره قوله عليه السلام فيما يحكيه عن رب العزة كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف ولعل السر في التعبير عن المعرفة بالعبادة على طريق اطلاق اسم السبب على المسبب التنبيه على ان المعتبر هى المعرفة الحاصلة بعبادته تعالى لا ما يحصل بغيرها كمعرفة الفلاسفة كما في الإرشاد وقال بعضهم لم أخلقهم الا لاجل العبادة باختيارهم لينالوا الشرف والكرامة عندى ولم اقسرهم عليها إذ لو قسرتهم عليها لوجدت منهم وأنا غنى عنهم وعن عبادتهم والحاصل انهم خلقوا للعبادة تكليفا واختيارا لا جبلة واجبارا فمن وفقه وسدده اقام العبادة التي خلق لها ومن خذله وطرده حرمها وعمل بما خلق له وفي الحديث اعملوا فكل ميسر لما خلق له كما في عين المعاني وقال الشيخ نجم الدين دايه في تأويلاته وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون لان درة معرفتى مودعة(9/178)
فى صدف عبوديتى وان معرفتى تنقسم قسمين معرفة صفة جمالى ومعرفة صفة جلالى ولكل واحد منهما مظهر والعبودية مشتملة على المظهرين بالانقياد لها والتمرد عنها فمن انقاد لها بالتسليم والرضى كما أمر به فهو مظهر صفات جمالى ولطفى ومن تمرد عليها بالاباء والاستكبار فهو مظهر صفات جلالى وقهرى فحقيقة معنى قوله وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون اى خلقت المقبولين منهم ليعبدو الله فيكونوا مظهر صفات لطفه وخلقت المردودين منهم ليعبدوا الهوى فيكونوا مظهر صفات قهره هذا المعنى الذي أردت من خلقهم انتهى والحكمة لا تقتضى اتفاق الكل على التوحيد والعبادة والإخلاص والإقبال الكلى على الله فان ذلك مما يخل بأمر المعاش ولذلك قيل لولا الحمقى لخربت الدنيا ولا بد من الغضب لتكميل مرتبة قبضة الشمال فانه وان كان كلتا يديه يمينا مباركة لكن حكم كل واحدة يخالف الاخرى فالارض جميعا قبضته والسموات مطويات بيمينه فاقتضت الحكمة الالهية ظهور ما أضيف اليه كل من اليدين فللواحدة المضاف إليها عموم السعداء الرحمة والجنان والاخرى القهر والغضب ولوازمهما وقد وجد كلا المقتضيين والمقصود الأصلي وجود الإنسان الكامل الذي هو مرآة جماله تعالى وكماله وقد وجد والسواد الأعظم هو الواحد على الحق وقال الواحدي مذهب أهل المعاني في الآية الا ليخضعوا لى ويتذللوا ومعنى العبادة في اللغة الذل والانقياد وكل مخلوق من الجن والانس خاضع لقضاء الله تعالى مذلل لمشيئته خلقه على ما أراد ورزقه كما قضى لا يملك أحد لنفسه خروجا عما خلق عليه وقال ابن عباس رضى الله عنهما الا ليقروا بالعبودية طوعا او كرها يعنى ان المؤمنين يقرون له طوعا والكافرون يقرون له بما جبلهم عليه من الخلقة الدالة على وحدانية الله وانفراده بالخلق واستحقاق العبادة دون غيره فالخلق كلهم بهذا له عابدون وعلى هذا قوله تعالى وله ما في السموات والأرض كل له قانتون على معنى ما يوجد منهم من دلائل الحدوث الموجبة لكونها مربوبة مخلوقة مسخرة كما فى التيسير فهذه
جملة الأقوال في هذا الباب وفي خلقهم للعبادة بطريق الحصر اشارة الى ان الربوبية الله تعالى ان العبودية للمخلوقين وهى أخص اوصافهم حتى قالوا انها أفضل من الرسالة ولذا قال تعالى اسرى بعبده لا برسوله وقدم العبد في أشهد أن محمدا عبده ورسوله فمن ادعى الربوبية من المخلوق فليخذر من تهديد الآية وجميع الكمالات لله تعالى وان ظهرت من العبد فالعبد مظهر فقط والظاهر هو الله وكماله والعبادات عشرة اقسام الصلاة والزكاة والصوم والحج وقرءآة قرآن وذكر الله في كل حال وطلب الحلال والقيام بحقوق المسلمين وحقوق الصحبة والتاسع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والعاشر اتباع السنة وهو مفتاح السعادة وامراة محبة الله كما قال تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله (قال المولى الجامى)
يا نبى الله السلام عليك ... انما الفوز والفلاح لديك
كر نرفتم طريق سنت تو ... هستم از عاصيان امت تو
مانده ام زير بار عصيان پست ... افتم از پاى اگر نكيرى دست
فينبغى للعبد أن يعبد ربه ويتذلل لخالقه بأى وجه كان من الفرائض والواجبات والسنن(9/179)
مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)
والمستحبات على الوجه الذي أمره ان يقوم فيه فاذا كملت فرآئضه وكمالها فرض عليه فيتفرغ فيما بين الفرضين لنوافل الخيرات كانت ما كانت ولا يحقر شيأ من عمله فان الله ما احتقره حين خلقه وأوجبه فان الله ما كلفك بأمر إلا وله بذلك الأمر اعتناء وعناية حتى كلفك به وإذا واظب على أداء الفرائض فانه يتقرب الى الله بأخب الأمور المقربة اليه وورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى ما تقرب الى عبد بشيء أحب الى مما افترضته وما يزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى أحببته فاذا أحببته كنت سمعه الذي به يسمع وبصره الذي به يبصر ويده التي بها يبطش ورجله بها يمشى ولئن سألنى لأعطينه ولئن استعاذنى لأعيذنه وما ترددت عن شيء انا فاعله ترددى عن قبض نفس عبدى المؤمن يكره الموت وانا اكره مساءته فالقرب الاول هو قرب الفرائض والقرب الثاني هو قرب النوافل فانظر الى ما تنتجه محبة الله من كون الحق تعالى قوى العبد من السمع والبصر واليد والرجل فواظب على أداء ما يصح به وجود هذه المحبة الالهية من الفرائض والنوافل ولا يصح نفل الا بعد تكملة الفرائض وفي النفل عينه فروض ونوافل فيما فيه من الفروض تكمل الفرائض ورد في الخير الصحيح انه تعالى يقول انظروا فى صلاة عبدى أتمها أم نقصها فان كانت تامة كتبت له تامة وان كان انتقص منها شيء قال انظروا هل لعبدى من تطوع فان كان له تطوع قال الله تعالى اكملوا لعبدي فريضته من تطوعه ثم يؤخذ الأعمال على ذاكم وليست النوافل إلا ما لها اصل في الفرائض ومالا اصل له في فرض فذلك إنشاء عبادة مستقلة يسميها علماء الظاهر بدعة قال الله تعالى ورهبانية ابتدعوها وسماها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سنة حسنة والذي سنها له أجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء ولما لم يكن في قوة النفل أن يسد مسد الفرض جعل في نفس النفل فروض ليجبر الفرائض بالفرائض كصلاة النفل بحسب حكم الأصل ثم انها تشتمل على فرآئض من ذكر وركوع وسجود مع كونها في الأصل نافلة وهذه الأقوال والافعال فرآئض فيها ثم اعلم ان أمرنا بالاقتداء بالنبي سنة حسنة فان لنا أجرها وأجر من عمل بها وإذا تركنا تسنينها اتباعا لكون رسول الله عليه السلام لم يسنها فان أجرك فى اتباعك له في ترك التسنين أعظم من أجرك في التسنين فان النبي عليه السلام كان يكره كثرة التكليف على أمته ومن سن فقد كلف وكان النبي عليه السلام اولى بذلك ولكن تركه تخفيفا فلهذا قلنا الاتباع في الترك اولى وأعظم اجرا من التسنين فاجعل حالك كما ذكرنا لك ولقد روى عن الامام احمد بن حنبل رحمه الله انه ما أكل البطيخ فقيله له في ذلك فقال ما بلغني كيف كان رسول الله عليه السلام يأكله فلما لم تبلغ اليه الكيفية في ذلك تركه وبمثل هذا يقدم علماء هذه الامة على علماء سائر الأمم فهذا الامام علم وتحقق قوله تعالى عن نبيه عليه السلام فاتبعونى يحببكم الله وقوله لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة والاشتغال بما سن من فعل وقول وحال اكثر من أن نحيطه به ونحصيه فكيف ان نتفرغ لنسن فلا تكلف الامة اكثر مما ورد ما أُرِيدُ مِنْهُمْ اى من الجن والانس في وقت من الأوقات مِنْ رِزْقٍ لى ولا لانفسهم ولا لغيرهم يحصلونه بكسبهم وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ(9/180)
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)
ولا أنفسهم ولا غيرهم وأصله أن يطعمونى بياء المتكلم وهو بيان لكون شأنه تعالى مع عباده متعاليا عن ان يكون كسائر السادة مع عبيدهم حيث يملكونهم ليستعينوا بهم في تحصيل معايشهم وتهيئة أرزاقهم فان منهم من يحتاج الى كسب عبده في نيل الرزق ومنهم من يكون له مال وافر يستغنى به عن حمل عبده على الاكتساب لكنه يطلب من العبد قضاء حوائجه من طبخ الطعام وإصلاحه واحضاره بين يديه وهو تعالى مستغن عن جميع ذلك ونفع العباد وغيره انما يعود عليهم والمعنى ما أريد ان اصرفهم في تحصيل رزقى ولا رزقهم ولا في تهيئة بل أتفضل عليهم برزقهم وبما يصلحهم ويعيشهم من عندى فليشتغلوا بما خلقوا له من عبادتى وفي الآية تعريض بأصنامهم فانهم كانوا يحضرون لها المآكل فربما اكلتها الكلاب ثم بالت على الأصنام ثم لا يصدهم ذلك وهذه الآية دليل على ان الرزق أعم من الاكل كما في تفسير المناسبات وقال بعضهم معنى ان يطعمون ان يطعموا أحدا من خلقى وانما أسند الإطعام الى نفسه لان الخلق عيال الله ومن اطعم عيال أحد فقد أطعمه كما جاء في الحديث يقول الله استطعمتك فلم تطعمنى اى لم تطعم عبدى وذلك ان الاستطعام وسؤال الرزق يستحيل في وصف الله إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ تعليل لعدم ارادة الرزق منهم وهو من قصر الصفة على الموصوف اى لا رزاق الا الله الذي يرزق كل ما يفتقر الى الرزق وفيه تلويح بأنه غنى عنه ذُو الْقُوَّةِ على جميع ما خلق تعليل لعدم إرادته منهم أن يعملوا ويسعوا في إطعامه لان من يستعين بغيره في أموره يكون عاجرا لا قوة له الْمَتِينُ الشديد القوة لان القوة تمام القدرة والمتانة شدتها وهو بالرفع على انه نعت للرزاق او لذو او خبر بعد خبر وفي التأويلات النجمية ان الله هو الرزاق لجميع الخلائق ذو القوة المتين في خلق الأرزاق والمرزوقين وفي المفردات القوة تستعمل تارة في معنى القدرة وتارة للتهئ الموجود في الشيء وتارة في البدن وفي القلب وفي المعاون من خارج وفي القدرة الالهية وقوله ذو القوة المتين عام فيما اختص الله به من القدرة وما جعله للخلق انتهى يقول الفقير قد سبق ان القوة في الأصل عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف والله تعالى منزه عن ذلك فهى في حقه تعالى بمعنى القدرة التامة ويجوز أن يعتبر قوى مظاهر أسمائه وصفاته أيا ما كانت والمتنان مكتنفا الصلب وبه شبه المتن من الأرض ومتنته ضربت متنه ومتن قوى متنه فصار متينا ومنه قيل حبل متين ودر ترجمه رشف در معنى قوى ومتين آورده كه قدرت قاهره اش دليل قوت بالغه كشسته وشدت قوتش حجت متانت قدرت شده نه در كار سازى متانتش را فتورى ونه در روزى وبنده نوازى قدرتش را قصورى
رساند رزق بر وجهى كه شايد ... بسازد كارها نوعى كه بايد
بروزى بي نوا يا نرا نوازد ... برحمت بي كسانرا كار سازد
قال بعضهم رزق الله بالتفاوت رزق بعضهم الايمان وبعضهم الإيقان وبعضهم العرفان وبعدهم وبعضهم البيان وبعضهم العيان فهؤلاء أهل اللطف والسعادة وبعضهم الخذلان وبعضهم الحرمان وبعضهم الطغيان وبعضهم الكفران فهؤلاء أهل القهر والشقاوة وقال بعضهم اعتبروا باللبيب الطالب الأرزاق وحرمانه وبالطفل العاجز وتواتر الأرزاق عليه(9/181)
لتعلموا ان الرزق طالب وليس بمطلوب قال الامام الغزالي رحمه الله في شرح الأسماء الرزاق هو الذي خلق الأرزاق والمرتزقة وأوصلها إليهم وخلق لهم اسباب التمنع بها والرزق رزقان ظاهر وهى الأقوات والاطعمة وذلك للظاهر وهى الأبدان وباطن وهى المعارف والمكاشفات وذلك للقلوب والاسرار وهذا أشرف الرزقين فان ثمرتها حياة الابد وثمرة الرزق الظاهر قوة الجسد الى مدة قريبة الأمد والله تعالى هو المتولى لخلق الرزقين والمتفضل بالايصال الى كلا الفريقين ولكنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وغاية حظ العبد من هذا الوصف أمران أحدهما أن يعرف حقيقة هذا الوصف وانه لا يستحقه الا الله تعالى فلا ينتظر الرزق الا منه ولا يتوكل فيه الا عليه كما روى عن حاتم الأصم انه قال له رجل من اين تأكل فقال من خزانته فقال الرجل يلقى عليك الخبز من السماء فقال لو لم تكن الأرض له لكان يلقيه من السماء فقال الرجل أنتم تقولون الكلام فقال لم ينزل من السماء الا الكلام فقال الرجل انا لا أقوى لمجادلتك فقال لان الباطل لا يقوم مع الحق والثاني أن يرزقه علما هاديا ولسانا مرشدا ويدا منفقة متصدقة ويكون سببا لوصول الأرزاق الشريفة الى القلوب بأقواله واعماله وإذا أحب الله تعالى عبدا اكثر حوائج الخلق اليه ومهما كان واسطة بين الله وبين العباد في وصول الأرزاق إليهم فقد نال حظا من هذه الصفة قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الخازن الامين الذي يعطى ما أمر به طيبة به نفسه أحد المتصدقين وأيدي العباد خزآئن الله فمن جعلت يده خزانة أرزاق الأبدان ولسانه خزانة أرزاق القلوب فقد أكرم بشوب من هذه الصفة انتهى كلام الغزالي فعبد الرزاق هو الذي وسع الله رزقه فيؤثر به على عباده ويبسط على من يشاء الله أن يبسط له لان الله جعل في قدمه السعة والبركة فلا يأتى الا حيث يبارك فيه ويفيض الخير وخاصية هذا الاسم لسعة الرزق أن يقرأ قبل صلاة الفجر في كل ناحية من نواحى البيت عشرا يبدأ باليمين من ناحية القبلة ويستقبلها في كل ناحية ان أمكن وفي الأربعين الادريسية سبحانك يا رب كل شيء ووراثه ورازقه قال السهر وردى المداوم عليه تقضى حاجته من الملوك وولاة الأمر فاذا أراد ذلك وقف مقابلة المطلوب وقرأ سبع عشرة مرة ومن تلاه عشرين يوما على الريق رزق ذهنا يفهم به الغوامض وقال الغزالي في شرح الاسمين القوى المتين القوة تدل على القدرة التامة والمتانة تدل على شدة القوة والله تعالى من حيث انه بالغ القدرة تامها قوى ومن حيث انه شديد القوة متين وذلك يرجع الى معنى القدرة انتهى وعبد القوى هو الذي يقوى بقوة الله على قهر الشيطان وجنوده التي هى قوى نفسه من الغضب والشهوة والهوى ثم على قهر أعدائه من شياطين الانس والجن فلا يقاويه شيء من خلق الله الا قهره ولا يناويه أحد الا غلبا وعبد المتين هو القوى في دينه الذي لم يتأثر ممن أراد إغواءه ولم يكن لم أزله عن الحق بشدته لكونه امتن كل متين فعبد القوى هو المؤثر في كل شيء وعبد المتين هو الذي لم يتأثر من شيء وقال ابو العباس الزروقى القوى هو الذي لا يلحقه ضعف في ذاته ولا صفاته ولا في أفعاله فلا يمسه نصب ولا تعب ولا يدركه قصور ولا عجز(9/182)
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)
فى نقض ولا إبرام وقال بعض المشايخ القوى من القوة وهى وسط ما بين حال باطن الحول وظاهر القدرة لان أول ما يوجد في الباطن من منة العمل يسمى خولا ثم يحس به في الأعضاء مثلا يسمى قوة وظهور العمل بصورة البطش والتناول يسمى قدرة ولذلك كان في كلمة لا حول ولا قوة الا بالله وهو تمثيل للتقريب الى الفهم والا فالله تعالى منزه عن صفات المخلوقين ومن عرف انه القوى رجع بحوله وقوته في كل شيء الى حوله وقوته والتقريب بهذا الاسم تعلقا من حيث إسقاط التدبير وترك منازعة المقادير ونفى الدعوى ورؤية المنة له تعالى ونفى خوف الخلق وهموم الدنيا وتخلقا أن يكون قويا في ذات الله حتى لا يخاف فيه لومة لاثم ولا يضعف عن أمره بحال وخاصية هذا الاسم ظهور القوة في الوجود فما تلاه ذوهمة ضعيفة إلا وجد القوة ولا ذو جسم ضعيف الا كان له ذلك ولو ذكره مظلوم بقصد إهلاك الظالم الف مرة كان له ذلك وكفى أمره والمتين هو الذي له كمال القوة بحيث لا يعارض ولا يشارك ولا يدانى ولا يقبل الضعف في قوته ولا يمانع في امره بل هو الغالب الذي لا يغالب ولا يغلب ولا يحتاج في قوته لمادة ولا سبب ومن عرف عظمة قوته ومتانتها لم يخف من شيء ولم يقف بهمته على شيء دونه استنادا اليه واعتمادا عليه وخاصية هذا الاسم ظهور القوة لذاكره مع اسمه القوى ولو ذكر على شابة فاجرة عشر مرات وكذلك الشاب لتابا فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا اى ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذات الخالد بتكذيب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم او وضعوا مكان التصديق تكذيبا وهم اهل مكة ذَنُوباً اى نصيبا وافرا من العذاب مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ مثل أنصباء نظرائهم من الأمم المحكية وهو مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء بالذنوب وهو الدلو العظيم المملوء قال لنا ذنوب ولكم ذنوب فان أبيتم فلنا القليب قال في المفردات الذنوب الدلو الذي ذنب واستعير للنصيب كما استعير السجل وهو الدلو العظيم وفي القاموس الذنوب الفرس الوافر الذنب ومن الأيام الطويل الشر والدلو او فيها ماء او الملأى او دون الملأى والحظ والنصيب والجمع اذنبة وذنائب وذناب انتهى فَلا يَسْتَعْجِلُونِ أصله يستعجلونى بياء المتكلم اى لا يطلبوا منى ان اعجل في المجيء به لان له أجلا معلوما فهو نازل بهم في وقته المحتوم يقال استعجله اى حثه على العجلة وامره بها ويقال استعجله اى طلب وقوعه بالعجلة ومنه قوله تعالى أتى امر الله فلا تستعجلوه وهو جواب لقولهم متى هذا الوعد ان كنتم صادقين وكان النضر بن الحارث يستعجل بالعذاب فأمهل الى بدر ثم قتل في ذلك اليوم وصار الى النار فعذب اولا بالقتل ثم بالنار فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا پس واى مر آنان را كه كافر شدند والويل أشد من العذاب والشقاء والهم ويقال واد في جهنم وضع الموصول موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بما في حيز الصلة من الكفر واشعارا بعلة الحكم والفاء لترتيب ثبوت الويل لهم على ان لهم عذابا عظيما كما ان الفاء الاولى لترتيب النهى عن الاستعجال على ذلك مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ من للتعليل اى يوعدونه من يوم بدر وقيل يوم القيامة وهو الأنسب لما فى صدر السورة الآتية والاول هو الأوفق لما قبله من حيث انهما من العذاب الدنيوي وأيا(9/183)
وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4)
ما كان فالعذاب آت وكل آت قريب كما قالوا كر چهـ قيامت دير آيد ولى مى آيد عمر اگر چهـ دراز بود چون مرك روى نمود از ان درازى چهـ سود نوح هزار سال در جهان يسر برده است امروز چند هزار سالست كه مرده است فعلى العاقل أن يتعجل في التوبة والانابة حتى لا يلقى الله عاصيا ولا يتعجل في الموت فانه آت البتة وفي الحديث لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه انه إذا مات أحدكم انقطع عمله وانه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا اى فانه ان كان محسنا فلعله ان يزداد خيرا وان كان مسيئا فلعل الله يرزقه الا نابة
اى كه پنجاه رفت ودر خوابى ... مكر اين پنج روز دريابى
وفي التأويلات النجمية فان للذين
ظلموا من اهل القلوب على قلوبهم بأن جعلوها ملوثة بحب الدنيا بعد ان كانت معدن محبة الله ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم من ارباب النفوس بجميع صفاتها يعنى ان فساد القلب بمحبة الدنيا يوازى فساد النفس بجميع صفاتها لان القلب إذا صلح صلح به سائر الجسد وإذا فسد فسد به سائر الجسد فلا تستعجلون في إفساد القلب فويل للذين كفروا بنعمة ربهم في إفساد القلب من يومهم الذي يوعدون بإفساد سائر صفات الجسد ومن الله العصمة والحفظ تمت سورة الذاريات بعون خالق البريات في او آخر جمادى الآخرة من سنة اربع عشرة ومائة والف
تفسير سورة الطور
مكية وآيها تسع وأربعون بسم الله الرحمن الرحيم
وَالطُّورِ الواو للقسم والطور بالسريانية الجبل وقال بعضهم هو عربى فصحيح ولذا لم يذكره الجواليقي في المعربات وقال ابن عباس رضى الله عنهما الطور كل جبل ينبت قال
لو مر بالطور بعض ناعقة ... ما أنبت الطور فوقه ورقه
كويند مراد اينجا مطلق كوهست كه أوتاد ارض اند وفيه منابع ومنافع وقيل بل هو جبل محيط بالأرض والأظهر الأشهر انه اسم جبل مخصوص هو طور سينين يعنى الجبل المبارك وهو جبل بمدين واسمه زبير سمع فيه موسى عليه السلام كلام الله تعالى ولذا اقسم الله تعالى به لانه محل قدم الأحباب وقت سماع الخطاب وورد على محل القدم كثير من الأولياء فظهر عليهم الحال تلك الساعة وقال في خريدة العجائب جبل طور سينا هو بين الشام ومدين قيل انه بالقرب من ايلة وهو المكلم عليه موسى عليه السلام كان إذا جاءه موسى للمناجاة ينزل عليه غمام فيدخل في الغمام ويكلم ذا الجلال والإكرام وهو الجبل الذي دك عند التجلي وهناك خر موسى صعقا وهذا الجبل إذا كسرت حجارته يخرج من وسطها شجرة العوسج على الدوام وتعظيم اليهود لشجرة العوسج لهذا المعنى ويقال لشجرة العوسج شجرة اليهود انتهى كلام الخريدة والعوسج جمع عوسجة وهى شوك كما فى القاموس وَكِتابٍ مَسْطُورٍ مكتوب على وجه الانتظام فان الشطر ترتيب الحروف(9/184)
فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4)
المكتوبة والمراد به القرآن او الواح موسى وهو الأنسب بالطور او ما يكتب في اللوح وآخر سطر في اللوح المحفوظ سبقت رحمتى على غضبى من أتانى بشهادة أن لا اله الا الله أدخلته الجنة او ما يكتبه الحفظة يخرج إليهم يوم القيامة منشورا فآخذ بيمينه وآخذ بشماله نظيره قوله تعالى ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ الرزق الجلد الذي يكتب فيه شبه كاغذ استعير لما يكتب فيه الكتابة من الصحيفة وسمى رقالانه مرقق وقد غلب الاستعمال على هذا الذي هو من جلود الحيوان كما في فتح الرحمن وقال في القاموس الرق ويكسر جلد رقيق يكتب فيه وضد الغليظ كالرقيق والصحيفة البيضاء انتهى والمنشور المبسوط وهو خلاف المطوى قال الراغب نشر الثوب والصحيفة والسحاب والنعمة والحديث بسطها وقيل منشور مفتوح لاختم عليه وتنكيرهما للتفخيم او الاشعار بانهما ليسا مما يتعارفه الناس والمعنى بالفارسية وسوكند بكتاب نوشته در صحيفه كه كشاده كردد بوقت خواندن وعلى تقدير أن يكون ما يكتب في اللوح يكون الرق المنشور مجازا لان اللوح خلقه الله من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور عرضه كما بين السماء والأرض ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق الله بكل نظرة يحيى ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ اى الكعبة وعمارتها بالحجاج والعمار والمجاورين او الضراح يعنى اسم البيت المعمور الضراح قال السهيلي رحمه الله وهو في السماء السابعة واسمها عروبا قال وهب بن منبه من قال سبحان الله وبحمده كان له نور يملأ ما بين عروبا وحريبا وحريبا هى الأرض السابعة انتهى وهو خيال الكعبة وعمرانه كثرة غاشيته من الملائكة يزوره كل يوم سبعون الف ملك بالطواف والصلاة ولا يعودون اليه ابدا وحرمته في السماء كحرمة الكعبة فى الأرض وهو عدد خواطر الإنسان في اليوم والليلة ومنه قيل ان القلب مخلوق من البيت المعمور وقيل باطن الإنسان كالبيت المعمور والأنفاس كالملائكة دخولا وخروجا وفي اخبار المعراج رأيت فى السماء السابعة البيت المعمور وإذا امامه بحر وإذا يؤمر الملائكة فيخوضون في البحر يخرجون فينفضون أجنحتهم فيخلق الله من كل قطرة ملكا يطوف فدخلته وصليت فيه وسمى بالضراح بضم الضاد المعجمة لانه ضرح اى رفع وابعد حيث كان في السماء السابعة والضرح هو الابعاد والتنحية يقال ضرحه اى نحاه ورماه في ناحية واضرحه عنك اى أبعده والضريح البعيد وقيل كان بيتا من ياقوتة أنزله الله موضع الكعبة فطاف به آدم وذريته الى زمان الطوفان فرفع الى السماء وكان طوله كما بين السماء والأرض وذهب بعضهم الى انه في السماء الرابعة ولا منافاة فقد ثبت ان في كل سماء بحيال الكعبة في الأرض بيتا يقول الفقير والذي يصح عندى من طريق الكشف ان البيت المعمور في نهاية السماء السابعة فانه اشارة الى مقام القلب فكما ان القلب بمنزلة الأعراف فانه برزخ بين الروح والجسد كما ان الأعراف برزخ بين الجنة والنار فكذا البيت المعمور فانه برزخ بين العالم الطبيعي الذي هو الكرسي والعرش وبين العالم العنصري الذي هو السموات السبع وما دونها وهذا لا ينافى أن يكون في كل سماء بيت على حدة هو على صورة البيت المعمور كما انه لا ينافى كون الكعبة في مكة أن يكون في كل بلدة من بلاد الإسلام مسجد على حدة على صورتها فكما ان الكعبة أم المساجد وجميع المساجد صورها وتفاصيلها فكذا البيت المعمور اصل البيوت التي في السموات(9/185)
وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9)
فهو الأصل في الطواف والزيارة ولذا رأى النبي عليه السلام ليلة المعراج ابراهيم عليه السلام مسند ظهره الى البيت المعمور الذي هو بإزاء الكعبة واليه تحج الملائكة وقال بعضهم المراد بالبيت المعمور قلب المؤمنين وعمارته بالمعرفة والإخلاص فان كل قلب ليس فيه ذالك فهو خراب ميت فكأنه لا قلب وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ يعنى السماء المرفوع عن الأرض مقدار خمسمائة عام قال تعالى وجعلنا السماء سقفا محفوظا (قال الكاشفى) يعنى آسمان كه مجمع أنوار حكمت ومخزن اسرار فطرتست ويا عرش عظيم وذلك لان العرش سقف الجنة وهو محيط بعالم الأجسام كما ان سقف البيت محيط بالجدران ولا يخفى حس موقع العنوان المذكور من حيث اجتماع السقف مع البيت ومن حيث ان العرش على التقدير الثاني والبيت المعمور متقاربان تقارب السقف بالبيت وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ اى المملوء وهو البحر المحيط الأعظم الذي منه مادة جميع البحار المتصلة والمنقطعة وهو بحر لا يعرف له ساحل ولا يعلم عمقه الا الله تعالى والبحار التي على وجه الأرض خلجان منه وفي هذا البحر عرش إبليس لعنه الله وفيه مدائن تطفو على وجه الماء وهى آهلة من الجن في مقابلة الربع الخراب من الأرض وفيه قصور تظهر على وجه الماء طافية ثم يغيب وتظهر فيه الصور العجيبة والاشكال الغربية ثم تغيب في الماء وفي هذا البحر ينبت شجر المرجان كسائر الأشجار في الأرض وفيه من الجزائر المسكونة والخالية ما لا يعلمه الا الله تعالى قال في القاموس سجر التنور أحماه والنهر ملأه والمسجور الموقد والساكن ضد والبحر الذي ماؤه اكثر منه انتهى وقال بعض المفسرين والبحر المسجور اى الموقد من قوله تعالى وإذا البحار سجرت والمراد به الجنس وعدد البحار العظيمة سبعة كما ان عدد الأنهار العظيمة كذلك وكل ماء كثير بحر (روى) ان الله تعالى يجعل البحار يوم القيامة نارا يسجر بها نار جهنم وفي الحديث (لا يركبن رجل بحرا الاغازيا او معتمرا او حاجا) فان تحت البحر نارا او تحت النار بحر او البحر نار في نار وهذا على أن يكون البحر بحر الدنيا وبحر الأرض وقال على وعكرمة رضى الله عنهما هو بحر تحت العرش عمقه كما بين سبع سموات الى سبع ارضين فيه ماء غليظ يقال له بحر الحيوان وهو بحر مكفوف اى عن السيلان يمطر منه على الموتى ماء كالمنى بعد الفخة الاولى أربعين صباحا فينبتون في قبورهم وحمله بعض المشايخ على صورة احياء الله تعالى يعنى كما انه ينبت النبات بماء المطر فيظهر من الأرض فكذا الموتى يخلقهم الله خلقا جديدا فيظهرون من الأرض كالنبات ولكن هذا لا ينافى أن يكون هناك ماء صورى فان الإنسان من المنى خلق وبصورة ماء كالمنى سينبت ولله في كل شيء حكمة بديعة وقيل هو بحر سماء الدنيا وهو الموج المكفوف لو لاه لأحرقت الشمس الدنيا ونزد ارباب تحقيق مراد طور نفس است كه موسى القلب بر ان با حق سبحانه مناجاة ميكند وكتاب مسطور ايمانست كه در رق منشور قلب بقلم رحمت ازلى نوشته شده كه كتب في قلوبهم الايمان وبيت سر عارفانست كه بنظرات تجليات سبحانى آبادانى يافته وسقف مرفوع روح رفيع القدر والدرجات الى الحضرة است كه سقف خانه دلست وبحر مسجور دلى است بآتش محبت تافته وقال عبد العزيز المكي قدس سره أقسم الله بالطور وهو الجبل وهو النبي صلّى الله عليه وسلّم كان في أمته كالجبال في الأرض استقرت به الامة على(9/186)
إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8)
دينهم الى يوم القيامة كما تستقر الأرض بالجبال وأقسم بالكتاب المسطور وهو الكتاب المنزل عليه المسطور في اللوح المحفوظ في رق منشور هو المصاحف وأقسم بالبيت المعمور وهو النبي عليه السلام كان الله بيتا بالكرامة معمورا وعند الله مسرورا مشكورا وأقسم بالسقف المرفوع وهو رأس النبي عليه السلام كان والله سقفا مرفوفوعا وفي الدارين مشهورا وعلى المنابر مذكورا وأقسم بالبحر المسجور وهو قلب محمد عليه السلام كان والله من حب الله مملوأ فأقسم بنفس محمد عموما وبرأسه خصوصا وبقلبه ضياء ونورا وبكتابه حجة وعلى المصاحف مسطورا فأقسم الحبيب بالحبيب فلا وراءه قسم وقال شيخى وسندى روح الله روحه في كتاب اللامحات البرقيات له والطور اى طور الهوية الذاتية الاحدية الفردية المجردة عن الكل والحقيقة الجمعية الصمدية المطلقة عن الجميع وكتاب اى كتاب الوجود مسطور فيه حروف الشؤون الذاتية الكمالية الوجودية والامكانية وكلمات الأعيان العلمية الجلالية والجمالية الوجوبية والامكانية وآيات الأرواح والعقول المجردة القهرية واللطيفة وسور الحقائق والصور المثالية الحية المقربة والمبعدة في رق اى رق النفس الرحمانى والأمر الرباني منشور على ماهيات الممكنات وحقائق الكائنات مبسوط على اعيان المجردات وصور الممثلات بالفيض الأقدس والتجلي الذاتي اولا الحاصل به كليات التعينات والظهورات وبالفيض المقدس والتجلي الصفاتى والافعالى ثانيا المتحقق به جزئيات التشخصات والتميزات والقرآن والفرقان اللفظي الرسمى بجميع حروفه وكلماته وآياته وسوره ان هو الا ذكر وقرآن مبين وهذا مكتوب بيد المخلوق ومسطور بخطه وذلك مكتوب بيد الخالق ومسطور بخطه فلذا كان واجب التعظيم ولازم التكريم بحيث لا يمسه الا المطهرون من الحدث مطلقا فيا شقاوة من عقل الكتاب الإلهي الرسمى واقبل عليه بالتعظيم والتوقير وغفل عن الكتاب الإلهي الحقيقي وأهمله عن التعظيم والتوقير بل اقدم عليه بالاهانة والتحقير ويا سعادة من عقلهما ولم يغفل عن واحد منهما ولم يهمل شأنهما بل اقبل على كل منهما بالتعظيم والتكريم انقيادا للشريعة في تكريم القرآن والفرقان اللفظي وإذعانا للحقيقة في تحريم القرآن والفرقان الوجودي أداء لحق كل مرتبة وقضاء لدين كل منزلة قائما في كل مقام بالعدل والانصاف مجانبا في كل حال عن الجور والاعتساف يقول الفقير في ذلك الكتاب تفصيل عريض آخر لكل من الكتابين الحقيقي والمجازى واقتصرت هنا على شيء يسير مما ذكره لمناسبة المقام والمسئول من الله الجامع الانتفاع بعلمه النافع (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) اى لنازل جتما وهو جواب للقسم قال في فتح الرحمن المراد عذاب الآخرة للكفار لا العذاب الدنيوي واليه الاشارة في الإرشاد في آخر السورة المتقدمة (ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) يدفعه وهو كقوله تعالى لا مرد له من الله وبالفارسية نيست مران عذاب را هيچ دفع كننده بلكه بهمه حال واقع خواهد بود وهو خبر ثان لان قال بعضهم الفرق بين الدفع والرفع ان الدفع بالدال يستعمل قبل الوقوع والرفع بالراء يستعمل بعد الوقوع وتخصيص هذه الأمور بالاقسام بها لما انها من امور عظام تنبئ عن عظم قدرة الله وكمال علمه وحكمته الدالة على احاطته بتفاصيل اعمال العباد وضبطها الشاهدة بصدق اخباره التي(9/187)
يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9)
من جملتها الجملة المقسم عليها وقال جبير بن مطعم قدمت المدينة لأكلم رسول الله عليه السلام فى أسارى بدر فلقيته في صلاة الفجر يقرأ سورة الطور وصوته يخرج من المسجد فلما بلغ الى قوله ان عذاب ربك لواقع فكأنما صاع قلبى حين سمعته فكان أول ما دخل في قلبى الإسلام فأسلمت خوفا من أن ينزل العذاب وما كنت أظن أن أقوم من مقامى حتى يقع بي العذاب ومثل هذا التأثير وقع لعمر رضى الله عنه حين بلغ دار الأرقم فسمع النبي عليه السلام يقرأ سورة طه فلان قلبه واسلم فالقلوب المتهيئة للقبول تتأثر بأدنى شيء خصوصا إذا كان الواعظ هو القرآن العظيم او التالي هو الرسول الكريم او وارثه المستقيم واما القلوب القاسية فلا ينجع فيها الوعظ كما لم ينجع في قلب ابى جهل ونحوه (قال الشيخ سعدى)
آهنى را كه موريانه بخورد ... نتوان برداز وبصيقل ژنك
با سيه دل چهـ سود كفتن وعظ ... نرود ميخ آهنين در سنك
وفي التأويلات النجمية العذاب لاهل العذاب واقع بالفقد لان أشد العذاب ذل الحجاب وكان من دعاء السرى السقطي قدس سره اللهم مهما عذبتنى بذل الحجاب والحجاب واقع فان أعظم الحجاب حجاب النفس ماله من دافع من قبل العبد بل دافع حجاب النفس هو رحمة الله تعالى كما قال تعالى الا ما رحم ربى عبد الله المغاورى مردى بود از نواحى اشبيليه در بلاد غرب در بعضى اوقات تشويش و پراكندگى بخلق راه يافته بود زنى نزد وى آمد وكفت البتة مرا با شبيليه رسان واز دست اين قوم خلاص كن او زن را بر كردن كرفت وبيرون آمد واو از شطار بود وقوتى عظيم داشت چون بجاى خلوت رسيد واين زن بغاية جميله بود شيطان او را بمجامعت با آن زن وسوسه داد ونفس تقاضا كرفت فكان حال المرأة حينئذ نظير الحكاية التي قال الشيخ سعدى فيها
شنيدم كوسفندى را بزركى ... رهانيد از دهان ودست كركى
شبانكه كارد بر حلقش بماليد ... روان كوسفند از وى بناليد
كه از چنكال گرگم در ربودى ... چوديدم عاقبت گرگم تو بودى
عبد الله با خود كفت اى نفس اين بدست من امانت است وخيانت كردن روا نمى دارم ونفس البته بر عصيان حرص مى نمود واو ترسيد كه نفس غالب شود وكارى ناشايست در وجود آيد آلت مردى خود را در ميان دو سنك بكوفت وگفت النار ولا العاري سبب رجوع او بطريق حق اين بود ودر همان وقت روى بحج نهاد ودر عهد خود يكانه روزگار بود فقد رحمه الله تعالى رحمة خاصة حيث نجاه من يد النفس الامارة ولو وكله الى نفسه لصدر عنه ذلك القبيح وكان سببا لوقوعه في العذاب في الدنيا والآخرة اما في الاخرة فظاهر واما في الدنيا فلان التلبس بسبب الشيء تلبس به وكل فعل قبيح ووصف ذميم فهو عذاب حكمى ونار معنوية والعذاب الصوري اثر ذلك فليس من خارج عن الإنسان يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً ظرف لواقع مبين لكيفية الوقوع منبئ عن كمال هوله وفظاعته لا لدافع لانه يوهم ان أحدا يدفع عذابه في غير ذلك اليوم والغرض ان عذاب الله لا يدفع في كل وقت والمور الاضطراب(9/188)
وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16)
والتردد في المجيء والذهاب والجريان السريع اى تضطرب وتجيئ وتذهب وبالفارسية در اضطراب آيد آنگاه بشكافد قيل تدور السماء كما تدور الرحى وتتكفأ بأهلها تكفأ السفينة وقيل يختلج اجزاؤها بعضها في بعض ويموج أهلها بعضهم في بعض ويختلطون وهم الملائكة وذلك من الخوف وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً اى تزول عن وجه الأرض فتصير هباء وقال بعضهم تسير الجبال كما تسير السحاب ثم تنشق أثناء السير حتى تصير آخره كالعهن المنفوش لهول ذلك اليوم ومثله وجود السالك عند تجلى الجلال بالفناء فانه لا يبقى منه اثر وتأكيد الفعلين بمصدريهما للايذان بغرابتهما وخروجهما عن الحدود المعهودة اى مورا عجيبا وسيرا بديعا لا يدرك كنههما فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الفاء فصيحة والجملة جواب شرط محذوف اى إذا وقع ذلك المور والسيرا وإذا كان الأمر كما ذكر فويل وشدة عذاب يوم إذ يقع لهم ذلك وهو لا ينافى تعذيب غير المكذبين من اهل الكبائر لان الويل الذي هو العذاب الشديد انما هو للمكذبين بالله ورسوله وبيوم الدين لا لعصاة المؤمنين الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ اى اندفاع عجيب في الأباطيل والأكاذيب وبالفارسية در شروع كردن بأقوال باطله كه استهزا بقرآنست وتكذيب نبى عليه السلام وانكار بعث قال في فتح الرحمن الخوض التخبط في الأباطيل شبه بخوض الماء وغوصه وفي حواشى الكشاف الخوض من المعاني الغالبة فانه يصلح في الخوض في كل شيء الا انه غلب في الخوض في الباطيل كالاحضار لانه عام في كل شيء ثم غلب استعماله في الإحضار للعذاب قال لكنت من المحضرين وقوله الذين هم في خوض ليس صفة قصد بها تخصيص المكذبين وتمييزهم وانما هو للذم كقولك الشيطان الرجيم يَلْعَبُونَ يلهون ويتشاغلون بكفرهم يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا الدع الدفع الشديد وأصله أن يقال للعاثر دع دع اى يدفعون إليها دفعا عنيفا شديدا بان تغل أيديهم الى أعناقهم وتجمع نواصيهم الى أقدامهم فيدفعون الى النار دفعا على وجوههم وفي أقفيتهم حتى يردوها ويوم اما بدل من يوم تمور او ظرف لقول مقدر قبل قوله تعالى هذِهِ النَّارُ اى يقال لهم من قبل خزنة النار هذه النار الَّتِي كُنْتُمْ فى الدنيا وقوله بِها متعلق بقوله تُكَذِّبُونَ اى تكذبون الوحى الناطق بها أَفَسِحْرٌ هذا توبيخ وتقريع لهم حيث كانوا يسمونه سحرا وتقديم الخبر لانه محط الإنكار ومدار توبيخ كأنه قيل كنتم تقولون للقرءآن الناطق بهذا سحر فهذا المصداق اى النار سحر ايضا وبالفارسية آيا سحرست اين كه مى بينيد فالفاء سببية لا عاطفة لئلا يلزم عطف الإنشاء على الاخبار فهذا الاستفهام لم يتسبب عن قولهم للوحى هذا سحر والمصداق ما يصدق الشيء واحوال الآخرة ومشاهدتها تصدق اقوال الأنبياء في الاخبار عنها يعنى ان الذي ترونه من عذاب النار حق أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ اى أم أنتم عمى عن المخبر عنه كما كنتم عميا عن الخبر او أم سدت أبصاركم كما سدت في الدنيا على زعمكم حيث كنتم تقولون انما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون اصْلَوْها اى ادخلوها وقاسوا حرها وشدائدها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا فافعلوا ما شئتم من الصبر وعدمه فانه لا خلاص لكم منها وهذا على جهة قطع رجائهم(9/189)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)
سَواءٌ عَلَيْكُمْ خبر مبتدأ محذوف دل عليه اصبروا أو لا تصبروا وسوآء وان كان بمعنى مستو لكنه في الأصل مصدر بمعنى الاستواء والمعنى سوآء عليكم الأمران أجزعتم أم صبرتم فى عدم النفع لا بدفع العذاب ولا بتخفيفه إذ لا بد أن يكون الصبر حين ينفع وذلك في الدنيا لا غير فمن صبر هنا على الطاعات لم يجزع هناك إذ الصبر وان كان مرا بصلا لكن آخره حلو عسل إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ تعليل للاستوآء فان الجزاء على كفرهم وأعمالهم القبيحة حيث كان واجب الوقوع حتما بحسب الوعيد لامتناع الكذب على الله كان الصبر وعدمه سوآء في عدم النفع وفي التأويلات النجمية انما تجزون ما كنتم تعملون في الدنيا من الخير والشر لا الذي تعملون في الآخرة من الصبر والخضوع والخشوع والتضرع والدعاء فانه لا ينفع شيء منها والحاصل أن يقال اخسأوا فيها ولا تكلمون انتهى ثم النار ناران النار الصورية لاهل الشرك الجلى ومن لحق بهم من العصاة والنار المعنوية لاهل الشرك الخفي ومن اتصل بهم من اهل الحجاب فويل لكل من الطائفتين يوم يظفر الطالب بالمطلوب ويصل المحب الى المحبوب من عذاب جهنم وعذاب العبد والقطيعة والحرمان من السعادة العظمى والرتبة العليا فليحذر العاقل من الخوض في الدنيا واللعب بها فان الغفلة عن خالق البريات توقد نيران الحسرات وفي الآية اشارة الى مرتبة الخوف كما ان الآية التي تليها اشارة الى مرتبة الرجاء فان الامن والقنوط كفر زيرا كه أمن از عاجزان بود واعتقاد عجز در الله كفرست وقنوط از لئيمان بود واعتقاد لؤم در الله كفرست چراغى كه درو روغن نباشد روشنايى ندهد و چون روغن باشد وآتش نباشد ضيا ندهد پس خوف بر مثال آتش است ورجاء بر مثال روغن وايمان بر مثال فتيله ودل بر شكل چراغ دان چون خوف ورجا مجتمع كشت چراغى حاصل آمد كه در وى هم روغن است كه مدد بقاست هم آتش است كه ماده ضياست آنكه ايمان از ميان هر دو مدد ميكيرد از يكى ببقا واز يكى بضيا ومؤمن ببدرقه ضيا راه ميرود وبمدد بقا قدم مى زند والله ولى التوفيق إِنَّ الْمُتَّقِينَ عن الكفر والمعاصي فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ النعيم الخفض والدعة والتنعم الترفه والاسم النعمة بالفتح قال الراغب النعيم النعمة الكثيرة وتنعم تناول ما فيه النعمة وطيب العيش ونعمه تنعيما جعله في نعمة اى لين عيش وفي البحر التنعم استعمال ما فيه النعومة واللين من المأكولات والملبوسات والمعنى في جنات ونعيم اى في اية جنات واى نعيم بمعنى الكامل في الصفة على ان التنوين للتفخيم او في جنات ونعيم مخصوصة بالمتقين على انه للتنويع والجنة مع كونها أشرف المواضع قد يتوهم ان من يدخلها انما يدخلها ليعمل فيها ويصلحها ويحفظها لصاحبها كما هو شأن ناطور الكرم اى مصلحه وحافظه كما قال في القاموس الناطور اى بالطاء المهملة حافظ الكرم والنخل أعجمي انتهى فلما قال ونعيم أفاد أنهم فيها متنعمون كما هو شأن المتفرج بالبستان لا كالناطور والعمال فاكِهِينَ ناعمين متلذذين وبالفارسية شادمان ولذات يابندكان وفي القاموس الفاكة صاحب الفاكهة وطيب النفس الضحوك والناعم الحسن العيش كما ان الناعمة والمنعمة الحسنة العيشة بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ از كرامتهاى جاودانى وفي فتح الرحمن من انعامه ورضاه عنهم وذلك ان المتنعم قد يستغرق في النعم الظاهرة وقلبه مشغول بأمر ما فلما قال(9/190)
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20)
فاكهين تبين ان حالهم محض سرور وصفاء وتلذذ ولا يتناولون شيأ من النعيم الا تلذذا لا لدفع الم جوع او عطش وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ الوقاية حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره والجحمة شدة تأجج النار ومنه الجحيم اى جهنم لانه من أسمائها وهو عطف على آتاهم على ان ما مصدرية اى متلذذين بسبب إيتاء ربهم ووقايتهم عذاب الجحيم فانها ان جعلت موصولة يكون التقدير بالذي وقاهم ربهم عذاب الجحيم فيبقى الموصول بلا عائد واظهار الرب في موقع الإضمار مضافا الى ضميرهم للتشريف والتعليل كُلُوا وَاشْرَبُوا اى يقال لهم من قبل خزنة الجنة دائما كلوا واشربوا أكلا وشربا هَنِيئاً فهنيئا صفة لمصدر محذوف او طعاما وشرابا هنيئا فهو صفة مفعول به محذوف فان ترك ذكر المأكول والمشروب دلالة على تنوعهما وكثرتهما والهنيء والمريء صفتان من هنؤ الطعام ومرؤ إذا كان سائغا يعنى كوارنده لا تكدير فيه اى كان بحيث لا يورث الكدر من التخم والسقم وسائر الآفات كما يكون في الدنيا قال ابن الكمال ومنه يهنى المشتهر في اللسان التركي باللحم المطبوخ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ بسببه او بمقابلته قال في فتح الرحمن معناه ان رتب الجنة ونعيمها هى بحسب الأعمال واما نفس دخولها فهو برحمة الله وتغمده والاكل والشرب والتهني ليس من الدخول في شيء واعمال العباد الصالحة لا توجب على الله التنعيم إيجابا لكنه قد جعلها امارة على من سبق في علمه تنعيمه وعلق الثواب والعقاب بالتكسب الذي في الأعمال امام زاهد رحمه الله فرمود كه هر چند وعده بكردار بنده است اما اصل فضل الهيست واگر نه پيداست كه فردا مزد كردار ما چهـ خواهد بود
ندارد فعل من از زور بازو ... كه با فضل تو كردد هم ترازو
بفضل خويش كن فضل مرا يار ... بعدل خود بكن با فعل من كار
قال سهل جزاء الأعمال الاكل والشرب ولا يساوى اعمال العباد اكثر من ذلك واما شراب الفضل فهو قوله وسقاهم ربهم شرابا طهورا وهو شراب على رؤية المكاشفة والمشاهدة مُتَّكِئِينَ حال من الضمير في كلوا واشربوا اى معتمدين ومستندين عَلى سُرُرٍ جمع سرير وهو الذي يجلس عليه وهو من السرور إذا كان ذلك لاولى النعمة وسرير الميت تشبيه به في الصورة وللتفاؤل بالسرور الذي يلحق الميت برجوعه الى الله وخلاصه من سجنه المشار اليه بقوله عليه السلام الدنيا سجن المؤمن مَصْفُوفَةٍ مصطفة قد صف بعضها الى جنب بعض او مرمولة اى مزينة بالذهب والفضة والجواهر وبالفارسية بر تختها بافته بزر والظاهر ان جمع السرر مبنى على أن يكون لكل واحد منهم سرر متعددة مصطفة معدة لزآئريهم فكل من اشتاق الى صديقه يزوره في منزله قال الكلبي صف بعضها الى بعض طولها مائة ذراع في السماء يتقابلون عليها في الزيارة وإذا أراد أحدهم القعود عليها تطامنت وتضعف فاذا قعد عليها ارتفعت الى اصل حالها وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ واحد الحور حوراء وواحد العين عيناء وانما سمين حور الان الطرف يحار في حسنهن وعينا لأنهن الواسعات الأعين مع جمالها والباء للتعدية مع ان التزويج مما يتعدى الى(9/191)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)
مفعولين بلا واسطة قال تعالى زوجنا كنا لما فيه من معنى الوصل والإلصاق او للسببية والمعنى صيرناهم أزواجا بسببهن فان الزوجية لا تتحقق بدون انضمامهن إليهم يعنى ان التزويج حينئذ ليس على اصل معناه وهو النكاح وعقد النكاح بل بمعنى تصييرهم أزواجا فلا يتعدى الى مفعولين وبالفارسية وجفت كردانيم ايشانرا بر نان سفيد روى كشاده چشم قال الراغب وقرناهم بهن ولم يجيئ في القرآن زوجناهم حورا كما يقال زوجته امرأة تنبيها على ان ذلك لم يكن على حسب التعارف فيما بيننا من المناكح انتهى قال في فتح الرحمن وقرناهم ولبس في الجنة تزويج كالدنيا انتهى يعنى ان الجنة ليست بدار تكليف فشأن تزوج اهل الجنة بالحور بقبول بعضهم بعضا لا بأن يعقد بينهم عقد النكاح قال في الواقعات المحمودية ان لاهل الجنة بيوت ضيافة يعملون فيها الضيافة للاحباب ويتنعمون ولكن أهليهم لا يظهرن لغير المحارم انتهى يقول الفقير الظاهر ان عدم ظهورهن ليس من حيث الحرمة بل من حيث الغيرة يعنى ان اهل الرجل اشارة الى سره المكتوم فاقتضت الغيرة الالهية ان لا تظهر لغير المحارم كما ان السر لا يفشى لغير الأهل والا فالحل والحرمة من توابع التكليف ولا تكليف هنا لك وانما كان ذلك ونحوه من باب التلذذ وَالَّذِينَ آمَنُوا مبتدأ خبره الحقنا بهم وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ عطف على آمنوا اى نسلهم بِإِيمانٍ متعلق بالاتباع والتنكير للتقليل اى بشيء من الايمان وتقليل الايمان ليس مبنيا على دخول الأعمال فيه بل المراد قلة ثمراته ودناءة قدره بذلك فالتقليل فيه بمعنى التحقير والمعنى واتبعتهم ذريتهم بايمان في الجملة قاصرين عن رتبة ايمان الآباء واعتبار هذا القيد للايذان بثبوت الحكم في الايمان الكامل أصالة لا الحاقا أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ اى أولادهم الصغار والكبار في الدرجة كما روى انه عليه السلام قال انه تعالى يرفع ذرية المؤمن في درجته وان كانوا دونه لتقربهم عينه اى يكمل سروره ثم تلا هذه الآية وفيها دلالة بينة على ان الولد الصغير يحكم بايمانه تبعا لاحد أبويه وتحقيقا للحوقه به فانه تعالى إذا جعلهم تابعين لآبائهم ولا حقين بهم في احكام الآخرة فينبغى أن يكونوا تابعين لهم ولاحقين بهم في احكام الدنيا ايضا قال في فتح الرحمن ان المؤمنين اتبعتهم أولادهم الكبار والصغار بسبب ايمانهم فكبارهم بايمانهم بأنفسهم وصغارهم بأن اتبعوا في الإسلام بآبائهم بسبب ايمانهم لان الولد يحكم بإسلامه تبعا لاحد أبويه إذا أسلم وهو مذهب ابى حنيفة والشافعي واحمد وقال مالك يحكم بإسلامه تبعا لاسلام أبيه دون امه واما إذا مات أحد أبويه في دار الإسلام فقال احمد يحكم بإسلامه وهو من مفردات مذهبه خلافا للثلاثة واختلفوا في اسلام الصبى المميز وردته فقال الثلاثة يصحان منه وقال الشافعي لا يصحان وفي هدية المهديين اسلام الصبى العاقل وهو من كان في البيع سالبا وفي الشراء جالبا صحيح استحسانا حتى لا يرث من أقاربه الكفار ويصلى عليه إذا مات وارتداده ارتداد استحسانا في قول ابى حنيفة ومحمد الا انه يجبر على احسن الوجوه ولا يقتل لانه ليس من اهل العقوبة وفي الأشباه ان قيل اى مرتد لا يقتل فقل من كان إسلامه تبعا او فيه شبهة واى رضيع يحكم بإسلامه بلا تبعية فقل لقيط في دار الإسلام وفي الهدية ايضا صبى(9/192)
وقع من الغنيمة في سهم رجل في دار الحرب او بيع به فمات يصلى عليه لانه يصير مسلما حكما تبعا لمولاه بخلاف ما قبل القسمة فانه حينئذ يكون على دين أبويه وفي الفتوحات المكية الطفل المسبى في دار الحرب إذا مات ولم يحصل منه تمييز ولا عقل يصلى عليه فانه على فطرة الإسلام وهذا اولى ممن قال لا يصلى عليه لان الطفل مأخوذ من الطفل وهو ما ينزل من السماء غدوة وعشية وهو أضعف من الرش والوبل فلما كان بهذا الضعف كان مرحوما والصلاة رحمة فالطفل يصلى عليه إذا مات بكل وجه انتهى وان دخل الصبى في دار الإسلام فان كان معه أبواه او أحدهما فهو على دينهما وان مات الأبوان بعد ذلك فهو على ما كان كما في الهدية وان لم يكن معه واحد منهما حين دخل الإسلام يصير مسلما تبعا للدار وللمولى ولو اسلم أحد الأبوين في دار الحرب يصير الصبى مسلما بإسلامه وكذا لو اسلم أحد الأبوين
فى دار الإسلام ثم سبى الصبى بعده من دار الحرب فصار في دار الإسلام كان مسلما بإسلامه وَما أَلَتْناهُمْ وما نقصنا الآباء بهذا الإلحاق والا لأبغضوهم في الدنيا شحاكما في عين المعاني من ألت يألت كضرب يضرب قال في القاموس ألته حقا يألته نقصه كآلته ايلاتا مِنْ عَمَلِهِمْ من ثواب عملهم مِنْ شَيْءٍ من الاولى متعلقة بألتناهم والثانية زائدة والمعنى ما نقصناهم من عملهم شيأ بأن أعطينا بعض مثوباتهم أبناءهم فتنتقص مثوبتهم وتنحط درجتهم وانما رفعناهم الى درجتهم ومنزلتهم بمحض التفضل والإحسان يعنى بلكه بفضل وكرم خود أولاد را رفعت درجه ارزانى فرمودم شيخ الإسلام حسين مروزى از استاد خود احمد بن ابى على سرخسى رحمهما الله نقل ميكند كه ايمان وعمل جز بفضل لم يزلى نيست
در فضل خدا بند دل خويش مدام ... تا فضل نباشد نبود كار تمام
وسألت خديجة رضى الله عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ولدين لها ماتا في الجاهلية فقال عليه السلام هما في النار فكرهت فقال عليه السلام لو رأيت مكانهما لابغضتهما قالت فالذى منك قال فى الجنة ان المؤمنين وأولادهم في الجنة وان المشركين وأولادهم في النار كما في عين المعاني وقال الامام محمد ان الامام الأعظم توقف في أطفال المشركين والمسلمين والمختار ان أطفال المسلمين فى الجنة واما ما روى انه توفى صبى من الأنصار فدعى النبي عليه السلام الى جنارته فقالت عائشة رضى الله عنها طوبى له عصفور من عصافير الجنة فقال عليه السلام او غير ذلك اتعتقدين ما قلت والحق غير الجزم به ان الله خلق الجنة وخلق النار فخلق لهذه أهلا فانما نهاها عن الحكم على معين بدخول الجنة كما في شرح المشارق لابن الملك وقال مولى رمضان فى شرح العقائد ولا يشهد بالجنة والنار لاحد بعينه بل يشهد بأن المؤمنين من اهل الجنة والكافرين من اهل النار وكذا أطفالهم تبعا لهم وقيل هم في الجنة إذ لا اثم لهم وقيل هم فى الأعراف ووجهه ان عدم التيقن لعدم العلم بخاتمته وإذا مات ولد المؤمن طفلا فخاتمته الايمان لا محالة تبعا لأبيه الا أن يكون تابعا الخاتمة أبيه وهى غير معلومة انتهى واختار البعض في أطفال المشركين كونهم خدام اهل الجنة كما في هدية المهديين والأكثرون على انهم في النار تبعا لآباثهم وقال آخرون انهم في الجنة لكونهم غير مكلفين وتوقف فيه(9/193)
طائفة وهو الظاهر كما في شرح المشارق لابن الملك وبقي قول آخر وهوان الصبيان والمجانين واهل الفترة يرسل إليهم يوم القيامة رسول من جنسهم ويدعون الى الايمان ويمتحن المؤمن بايقاع نفسه في نار هناك فمن قبل الدعوة ولم يمتنع عن الإيقاع المذكور خلص لانها ليست بنار حقيقة وإلا دخل النار اى جهنم وقال الشيخ روزبهان البقلى في عرائس البيان عند الآية هذا إذا وقعت فطرة الذرية من العدم سليمة طيبة طاهرة صالحة لقبول معرفة الله ولم تتغير من تأثير صحبة الاضداد لقوله عليه السلام كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهود انه وينصر انه ويمجسانه فاذا بقيت على النعت الاول ووصل إليها فيض مباشرة نور الحق ولم تتم عليها الأعمال يوصلها الله الى درجة آبائهم وأمهاتهم الكبار من المؤمنين إذ هناك تتم أرواحهم وعقولهم وقلوبهم ومعرفتهم بالله عند كشف مشاهدته وبروز أنوار جلاله ووصاله وكذلك حال المريدين عند العارفين يبلغون الى درجات كبرائهم وشيوخهم ما آمنوا بأحوالهم وقبلوا كلامهم كما قال رويم قدس سره من آمن بكلامنا هذا من ورلء سبعين حجابا فهو من أهلنا وقال عليه السلام من أحب قوما فهو منهم وقال تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ولا تعجب من ذلك فانه تعالى مبلغهم الى أعلى الدرجات فاذا كانوا في منازل الوحشة يصلون الى الدرجات العلية فكيف لا يصلون إليها في مقام الوصلة انتهى يقول الفقير يظهر من هذا ان لحوق الأبناء الصورية والمعنوية بالآباء في درجاتهم مشروط بالايمان الشرعي والتوحيد العقلي وليس لاطفال المشركين شيء من ذلك فكيف يلتحقون بأهل الجنة مطلقا فانما يلتحق المؤمن بالمؤمن لمجانستهما واما الايمان الفطري قلا يعتبر في دار التكليف وكذا في دار الجزاء والله اعلم بالاسرار ومنه نرجو الالتحاق
بالأخبار كُلُّ امْرِئٍ هر مردى بالغ عاقل مكلف بِما كَسَبَ بانچهـ كرده باشد از خير وشر رَهِينٌ در گروست روز قيامت يعنى وابست است بپاداش كردار خود وزان رهايى ندارد ويعمل ديكرى مؤاخذه نيست وزن مكلفه نيز همين حكم دارد كما في تفسير الكاشفى والرهن ما يوضع وثيقة للدين ولما كان الرهن يتصور منه حبسه استعير ذلك للمجتبس اى شيء كان وقال ابن الشيخ ما مصدرية والفعيل بمعنى المفعول والعمل الصالح بمنزلة الدين الثابت على المرء من حيث انه مطالب به ونفس العبد مرهونة به فكما ان المرتهن ما لم يصل اليه الدين لا ينفك منه الرهن كذلك العمل الصالح ما لم يصل الى الله لا تتخلص نفس العبد المرهونة فالمعنى كل امرئ مرهون عند الله بالعمل الصالح الذي هو دين عليه فان عمله واداه كما هو المطلوب منه فك رقبته من الرهن والا أهلكها وفي هذا المعنى قال عليه السلام لكعب ابن عجرة رضى الله عنه لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت النار اولى به يا كعب بن عجرة الناس صنفان فمبتاع نفسه فمعتقها وبائع نفسه فموبقها وفال مقانل كل امرئ كافر بما عمل من الشرك مرهون في النار والمؤمن لا يكون مرتهنا لقوله تعالى كل نفس بما كسبت رهينة الا اصحاب اليمين وفي الآية وجه آخر وهو أن يكون الرهين فعيلا بمعنى الفاعل فيكون المعنى كل امرئ بما كسب راهين اى(9/194)
وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)
دائم ثابت مقيم ان احسن ففى الجنة مؤيد او ان أساء ففى النار مخلدا لائن في الدنيا دوام الأعمال بدوام الأعيان فان العرض لا يبقى الا في جوهر ولا يوجد الا فيه وفي الآخرة دوام الأعيان بدوام الأعمال فان الله يبقى أعمالهم لكونها عند الله من الباقيات الصالحات وما عند الله باق والباقي من الأعيان يبقى ببقاء عمله قال في الإرشاد وهذا المعنى انسب بالمقام فان الدوام يقتضى عدم المفارقة بين المرء وعمله ومن ضرورته أن لا ينقص من ثواب الآباء شيء فالجملة تعليل لما قبلها انتهى وَأَمْدَدْناهُمْ اصل المد الجر واكثر ما جاء الامداد في المحبوب والمد في المكروه والامداد بالفارسية مدد كردن ومدد دادن وفي القاموس الامداد تأخير الاجل وان تنصر الأجناد بجماعة غيرك والإعطاء والاغاثة بِفاكِهَةٍ هى الثمار كلها وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ وان لم يصر حوا بطلبه والمعنى وزدناهم على ما كان من مبادى التنعم وقتا فوقتا مما يشتهون من فنون النعماء وضروب الآلاء وذلك انه تعالى لما قال وما ألتناهم ونفى النقصان يصدق بايصال المساوى دفع هذا الاحتمال بقوله وأمددناهم اى ليس عدم النقصان بالاقتصار على المساوى بل بالزيادة على ثواب أعمالهم والامداد وتنوين فاكهة للتكثير اى بفاكهة لا تنقطع كلما أكلوا ثمرة عاد مكانها مثلها وما في ما يشتهون للعموم لانواع اللحمان وفي الحبر انك لتشتهى الطير في الجنة فيخربين يديك مشويا وقيل يقع الطائر بين يدى الرجل فى الجنة فيأكل منه قديدا ومشويا ثم يطير الى النهر يَتَنازَعُونَ فِيها نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس من كبدها والتنازع والمنازعة المجاذبة ويعبر بها عن المخاصمة والمجادلة والمراد بالتنازع هنا التعاطي والتداول على طريق التجاذب يعنى تجاذب الملاعبة لفرط السرور والمحبة وفيه نوع لذة إذ لا يتصور في الجنة التنازع بمعنى التخاصم والمعنى يتعاطون فى الجنات ويتداولون هم وجلساؤهم بكمال رغبة واشتياق كما ينبئ عنه التعبير بالتنازع وبالفارسية با يكديكر داد وستد كنند در بهشت يعنى بهم دهند واز هم ستانند كَأْساً كاسه مملو از خمر بهشت والكأس قدح فيه شراب ولا يسمى كأسا ما لم يكن فيه شراب كما لا تسمى مائدة ما لم يكن عليها طعام والمعنى كأسا اى خمرا تسمية لها باسم محلها ولما كانت الكأس مؤنثة مهموزة انث الضمير في قوله لا لَغْوٌ فِيها اى في شربها حيث لا يتكلمون فى أثناء الشرب بلغوا الحديث وسقط الكلام قال ابن عطاء اى لغو يكون في مجلس محله جنة عدن والساقي فيها الملائكة وشربهم ذكر الله وريحانهم تحية من عند الله مباركة طيبة والقوم أضياف الله قال الراغب اللغو من الكلام مالا يعتد به وهو الذي يورد لاعن روية وفكر فيجرى مجرا اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور وَلا تَأْثِيمٌ ولا يفعلون ما يأثم به فاعله اى ينسب الى الإثم لو فعله في دار التكليف من الكذب والسب والفواحش كما هو ديدن المنادمين في الدنيا وانما يتكلمون بالحكم وأحاسن الكلام ويفعلون ما يفعله الكرام لان عقولهم ثابتة غير زائلة وذلك كسكارى المعرفة في الدنيا فانهم انما يتكلمون بالمعارف والحقائق قال البقلى وصفهم الله في شربهم لكاسات شراب وصله بالمنازعة والشوق الى مزيد القرب ثم وصف شرابهم انه يورثهم التمكين والاستقامة في السكر لا يؤول حالهم الى الشطح والعربدة وما(9/195)
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)
يتكلم به سكارى المعرفة في الدنيا عند الخلق ولا يشابه حال أهل الحضرة حال اهل الدنيا من جميع المعاني ثم انه قد يقع الاكل والشرب في المنام فيسرى حكمه الى الجسد لغلبة الروحانية كما قال بعض الكبار العيش مع الله هو القوت الذي من أكله لا يجوع واليه أشار عليه السلام بقوله انى لست كهيئتكم انى أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى والمراد بذلك الشبع والري الذي يعود من ثمرة الاكل والشرب يعنى يبيت جائعا فيرى في منامه انه يأكل فيصبح شبعانا وقد اتفق ذلك لبعضهم بحكم الإرث وبقي رائحة ذلك الطعام حين استيقظ نحو ثلاثة ايام والناس يشمونها منه واما غير النبي وغير الوارث فاذا رأى انه يأكل استيقظ وهو چيعان مثل ما نام فصح قوله صلّى الله عليه وسلّم ان المبشرات جزؤ من اجزاء النبوة انتهى يقول الفقير فرب شبعان في دعواه جيعان في نفس الأمر الا ترى حال من أكل في منامه حتى شبع ثم استيقظ وهو جائع وكذلك حال اهل التلوين فان من شرب شرابا من هذه المعرفة يقع فى الدعاوى العريضة كما شاهدناه في بعض المعاصرين ولا يدرى ان حاله بالنسبة الى حال اهل التمكين كحال النائم فمن سكر من رائحة الخمر ليس كمن سكر من شرب نفسها فأين أنت من الحقيقة فاعرف حدك ولا نتعد طورك فان التعدي من قبيل اللغو والتأثيم (قال الخجندي) از عشق دم مزن چونكشتى شهيد عشق دعواى اين مقام درست از شهادتست وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ الطواف المشي حول الشيء ومنه الطائف لمن يدور حول البيوت حافظا اى ويدور على اهل الجنة بالكأس وقيل بالخدمة غِلْمانٌ لَهُمْ جمع غلام وهو الطار الشارب اى مماليك مخصوصون بهم لم يضفهم بأن يقول غلمانهم لئلا يظن انهم الذين كانوا يخدمونهم في الدنيا فيشفق كل من خدمه أحدا في الدنيا أن يكون خادما له في الجنة فيحزن لكونه لا يزال تابعا وأفاد التنكير ان كل من دخل الجنة وجدله خدم لم يعرفهم كما فى حواشى سعدى المفتى كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ حال من غلمان لانهم قد وصفوا اى كأنهم في البياض والصفاء لؤلؤ مصون في الصدف لانه رطبا احسن وأصفى إذ لم تمسه الأيدي ولم يقع عليه غبار وبالفارسية كويا ايشان در صفا ولطافت مرواريد پوشيده اند در صدف كه دست كس بديشان نرسيده او محزون لانه لا يخزن الا الثمين الغالي القيمة قيل لقتادة هذا الخادم فكيف المخدوم فقال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والذي نفسى بيده ان فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وعنه عليه السلام ان أدنى اهل الجنة منزلة من ينادى الخادم من خدامه فيجيبه الف ببابه لبيك لبيك وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ وروى مى آرند بعضى از بهشتيان بر بعض ديكر يَتَساءَلُونَ اى يسأل كل بعض منهم بعضا آخر عن أحواله واعماله وما استحق به نيل ما عند الله من الكرامة وذلك تلذذا واعترافا بالنعمة العظيمة على حسب الوصول إليها على ما هو عادة اهل المجلس يشرعون في التحادث ليتم به استئناسهم فيكون كل بعض سائلا ومسؤلا لا انه يسأل بعض معين منهم بعضا آخر معينا قالُوا اى المسئولون وهم كل واحد منهم فى الحقيقة إِنَّا كُنَّا قَبْلُ اى قبل دخول الجنة فِي أَهْلِنا در ميان اهل خود يعنى(9/196)
فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)
بوديم در دنيا مُشْفِقِينَ ارقاء القلوب خائفين من عصيان الله تعالى معتنين بطاعته او وجلين من العاقبة قيد بقوله في أهلنا فان كونهم بين أهليهم مظنة الا من فاذا خافوا في تلك الحال فلأن يخافوا في سائر الأحوال والأوقات اولى وقال سعدى المفتى ولعل الاولى أن يجعل اشارة الى معنى الشفقة على خلق الله كما ان قوله انا كنا من قبل ندعوه اشارة الى التعظيم لا امر الله وترك العاطف لجعل الثاني بيانا للاول ادعاء للمبالغة في وجوب عدم انفكاك كل منهما عن الآخر انتهى يقول الفقير الظاهر ان هذا الكلام وارد على عرف الناس فانهم يقولون شأبنا بين قومنا وقبيلتنا كذا فهم كانوا في الدنيا بين قبائلهم وعشائرهم على صفة الإشفاق وفيه تعريض بأن بعض أهلهم لم يكونوا على صفتهم ولذا صاروا محرومين ويدل على هذا ان الأهل يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما في شرح المشارق لابن الملك فَمَنَّ اللَّهُ اى أنعم عَلَيْنا بالرحمة والتوفيق للحق يقول الفقير الظاهر ان المن والانعام انما هو بالجنة ونعيمها كما دل عليه قوله وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ
اى حفظنا من عذاب النار النافذة في المسام اى ثقب الجسد كالمنخر والفم والاذن نفوذ السموم وهى الريح الحارة التي تدخل المسام فأطلق على جهنم لنفوذ حرها في المسام كالسموم وفي المفردات السموم الريح الحارة التي تؤثر تأثير السم وقال البقلى هذا شكر من القوم في رؤية الحق سبحانه اى كنا مشفقين من الفراق فى الدنيا والبعد في يوم التلاق فمن الله علينا ووقانا من ذلك العذاب المحرق المفنى هذا في أوائل الرؤية اما إذا استقاموا في الوصال نسوا ما كان فيهم من ذكر الإشفاق وغيره والإشفاق وصف الأرواح والخوف صفة القلوب وقال الجنيد قدس سره الإشفاق ارق من الخوف والخوف أصلب وقال بعضهم الإشفاق للاولياء والحوف لعامة المؤمنين وقال الواسطي قدس سره لاحظوا دعاءهم وشفقتهم ولم يعلموا ان الوسائل قطعت المتوسلين عن حقيقة وحجبت من ادراك من لا وسيلة الا به إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ اى من قبل لقاء الله والمصير اليه يعنون في الدنيا نَدْعُوهُ اى نعبده او نسأله الوقاية إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ اى المحسن الرَّحِيمُ الكثير الرحمة الذي إذا عبد أثاب وإذا سئل أجاب قال الراغب البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشتق منه البر اى التوسع في فعلى الخير وينسب ذلك تارة الى الله تعالى نحو انه هو البر الرحيم والى العبد تارة فيقال بر العبد ربه اى توسع فى طاعته فمن الله الثواب ومن العبد الطاعة وذلك ضربان ضرب في الاعتقاد وضرب في الأعمال الفرائض والنوافل وبر الوالدين التوسع في الإحسان إليهما وضده العقوق قال في شرح الأسماء من عرف انه هو البر الرحيم رجع اليه بالرغبة في كل حقير وعظيم فكفاه ما أهمه ببره ورحمته وقد قال في حكم ابن عطاء متى أعطاك أشهدك بره وإحسانه وفضله ومتى منعك أشهدك قهره وجلاله وعظمته فهو في كل ذلك متعرف إليك تارة بجماله واخرى بجلاله ومقبل بوجود لطفه عليك إذ وجه لك ما يوجب توجهك اليه ولكن انما يؤلمك المنع لعدم فهمك عن الله فيه إذ لو فهمت عنه كنت تشكره على ما واجهك منه فقد قال ابو عثمان(9/197)
فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)
المغربي قدس سره الخلق كلهم مع الله في مقام الشكر وهم يظنون انهم في مقام الصبر وقال ابراهيم الخواص قدس سره لا يصح الفقر للفقير حتى يكون فيه خصلتان إحداهما الثقة بالله والثانية الشكر له فيما زوى عنه من الدنيا مما ابتلى به غيره ولا يكمل الفقير حتى يكون نظر الله له في المنع أفضل من نظره له في العطاء وعلامة صدقة في ذلك أن يجد للمنع من الحلاوة مالا يجد للعطاء والتقرب باسم البر تعلقا وجود محبته لاحسانه وترك التدبير معه لما توجه من إكرامه وكثرة الدعاء كما قال انا كنا من قبل ندعوه انه هو البر الرحيم وتخلقا بالنفع لعباد الله والشفقة عليهم فان البر هو الذي لا يؤذى الذر وفي التأويلات النجمية واقبل بعضهم يعنى القلب والروح على بعض يعنى النفس يتساءلون قالوا انا كنا قبل اى قبل السير والسلوك فى أهلنا اى في عالم الانسانية مشفقين اى خائفين من سموم الصفات البهيمية والسبعية والشيطانية والشهوات الدنيوية فانها مهب سموم قهر الحق فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم اى سموم قهره ولولا فضله ما تخلصنا منه بجهدنا وسعينا بل انا كنا من قبل ندعوه ونتضرع اليه بتوفيقه في طلب النجاة وتحصيل الدرجات انه هو البر بمن يدعوه الرحيم بمن ينيب اليه فَذَكِّرْ قال ابن الشيخ لما بين الله ان في الوجود قوما يخافون الله ويشفقون في أهلهم والنبي عليه السلام مأمور بتذكير من يخاف الله فرع عليه قوله فذكر بالفاء (وقال الكاشفى) آورده اند كه جماعتى مقتسمان بر عقبات مكه حضرت رسول را عليه السلام نزد قبائل عرب بكهانت وجنون وسحر وشعر منسوب ميساختند وآن حضرت اندوهناك ميشد آيت آمد كه فذكر اى فاثبت على ما أنت عليه من تذكير المشركين بما أنزل إليك من الآيات والذكر الحكيم ولا تكترث بما يقولون مما لا خير فيه من الأباطيل فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ نعمت رسمت بالتاء ووقف عليها بالهاء ابن كثير وابو عمرو والكسائي ويعقوب اى بسبب انعامه بصدق النبوة وزيادة العقل (وقال الكاشفى) بانعام پروردگار خود يعنى بحمد الله ونعمته او ما أنت بكاهن حال كونك منعما عليك به فهو حال لازمة من المنوي في كاهن لانه عليه السلام لم يفارق هذه الحال فتكون الباء للملابسة والعامل هو معنى النفي ويجوز أن يجعل الباء للقسم بِكاهِنٍ كما يقولون قاتلهم الله وهو من يبتدع القول ويخبر عما سيكون فى غد من غير وحي وفي المفردات الكاهن الذي يخبر بالأخبار الماضية الخفية بضرب من الظن كالعراف الذي يخبر بالأخبار المستقبلة على نحو ذلك ولكون هاتين الصناعتين مبنيتين على الظن الذي يخطئ ويصيب قال عليه السلام من أتى عرافا او كاهنا فصدقه بما قال فقد كفر بما أنزل الله على محمد ويقال كهن فلان كهانة إذا تعاطى ذلك وكهن إذا تخصص بذلك وتكهن تكلف ذلك وفي القاموس كهن له كجعل ونصر وكرم كهانة بالفتح وتكهن تكهنا وتكهبنا قضى له بالغيب فهو كاهن والجمع كهنة وكهان وحرفته الكهانة بالكسر انتهى قال ابن الملك في قوله عليه السلام من سأل عرافا لم تقبل صلاته أربعين ليلة العراف من يخبر بما أخفى من المسروق او الكاهن واما من سألهم لاستهزائهم او لتكذيبهم فلا يلحقه ما ذكر فى الحديث بقرينة حديث آخر من صدق كاهنا لم تقبل منه صلاة أربعين ليلة فان قلت هذا(9/198)
أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36)
مخالف لقوله عليه السلام من صدق كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد قلت اللائح لى فى التوفيق أن يقال مصدق الكاهن يكون كافرا إذا اعتقد انه عالم بالغيب واما إذا اعتقد انه ملهم من الله أوان الجن يلقون مما يسمعون من الملائكة فصدقه من هذا فلا يكون كافرا انتهى كلام ابن الملك وفي هدية المهديين من قال اعلم المسروقات يكفر ولو قال انا اخبر عن اخبار الجن يكفر ايضا لان الجن كالانس لا يعلم غيبا وَلا مَجْنُونٍ وهو من به جنون وهو زوال العقل او فساده وفي المفردات الجنون الحائل بين النفس والعقل وفي التعريفات الجنون هو اختلال العقل بحيث يمنع جريان الافعال والأقوال على نهج العقل الا نادرا وهو عند ابى يوسف ان كان حاصلا في اكثر السنة فمطبق وما دونه فغير مطبق وفي التأويلات النجمية يشير الى ان طبيعة الإنسان متنفرة من حقيقة الدين مجبولة على حب الدنيا وزينتها وشهواتها وزخارفها والجوهر الروحاني الذي جبل على فطرة الإسلام في الإنسان مودع بالقوة كالجوهر في المعدن فلا يستخرج الى الفعل الا يجهد جهيد وسعى تام على قانون الشريعة ومتابعة النبي عليه السلام وإرشاده وبعده بإرشاد ورثة علمه وهم العلماء الربانيون الراسخون في العلم من المشايخ المسلكين وفي زمان كل واحد منهم والخلق مع دعوى إسلامهم ينكرون على سيرهم في الأغلب ويستبعدون ترك الدنيا والعزلة والانقطاع عن الخلق والتبتل الى الله وطلب الحق الا من كتب الله في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه وهو الصدق في الطلب وحسن الارادة المنتجة من بذر يحبهم ويحبونهم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والا فمن خصوصية طبيعة الإنسان أن يمرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية وان كانوا يصلون ويصومون وبزعمون انهم مسلمون ولكن بالتقليد لا بالتحقيق اللهم الا من شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه انتهى يقول الفقير في الآية تشريف للنبى عليه السلام جدا حيث ان الله تعالى ناب عنه في الجواب ورد الكافرين بنفسه وهو ايضا تصريح بما علم التزاما فان الأمر بالتذكير الذي هو متعلق بالوحى وان كان مقتضاء كمال العقل والصدق فى القول يقتضى ان لا يكون عليه السلام كاهنا ولا مجنونا فهذا النفي بالنسبة الى ظاهر الحال فانه لا يخلو من دفع الوهم وتمكين التصديق ونظيره كلمة الشهادة فان قوله لا اله نفى للوجود المتوهم الذي يتوهمونه والا فلا شيء غير الإثبات فافهم والله المعين
سيدى كزو هم قدرش برترست ... خاك پايش چرخ را تاج سرست
أَمْ يَقُولُونَ بلكه مى كويند در حق تو أم المكررة في هذه الآيات منقطعة بمعنى بل والهمزة ومعنى الهمزة فيها الإنكار ونقل البغوي عن الخليل انه قال ما في سورة الطور من ذكر أم كله استفهام وليس بعطف يعنى ليست بمنقطعة وقال في برهان القرآن أعاد أم خمس عشرة مرة وكلها إلزامات وليس للمخاطبين بها عنها جواب وفي عين المعاني أم هاهنا خمسة عشر وكله استفهام اربعة للتحقيق على التوبيخ بمعنى بل أم يقولون شاعر أم يقولون تقوله وقد قالوهما وأم هم قوم طاغون وأم يريدون كيدا وقد فعلوهما وسائرها للانكار وفي فتح الرحمن جميع ما في هذه السورة من ذكر أم استفهام غير عاطفة واستفهم تعالى مع علمه بهم تقبيحا عليهم وتوبيخا لهم كقول الشخص لغيره أجاهل(9/199)
أنت مع علمه بجهله شاعِرٌ اى هو شاعر وقد سبق معنى الشعر والشاعر في اواخر سورة يس مفصلا قال الامام المرزوقي شارح الحماسة تأخر الشعراء عن البلغاء لتأخر المنظوم عند العرب لان ملوكهم قبل الإسلام وبعده تبجحون بالخطابة ويعدونها أكمل اسباب الرياسة ويعدون الشعر دناءة ولان الشعر كان مكسبة وتجارة وفيه وصف اللئيم عند الطمع بصفة الكريم والكريم عند تأخر صلته بوصف اللئيم ومما يدل على شرف النثر ان الاعجاز وقع في النثر دون النظم لان زمن النبي عليه السلام زمن الفصاحة كذا ذكره صاحب روضة الاخبار فان قلت فاذا كان الاعجاز واقعا في النثر فكيف قالوا في حق القرآن شعر وفي حقه عليه السلام شاعر قلت ظنوا انه عليه السلام كان يرجو الاجر على التبليغ ولذا قال تعالى قل ما اسألكم عليه من اجر فكان عليه السلام عندهم بمنزلة الشاعر حيث
ان الشاعر انما يستجلب بشعره في الأغلب المال وايضا لما كانوا يعدون الشعر دناءة حملوا القرآن عليه ومرادهم عدم الاعتداد به فان قلت كيف كانوا يعدون الشعر دناءة وقد اشتهر افتخارهم بالقصائد حتى كانوا يعلقونها على جدار الكعبة قلت كان ذلك من كمال عنادهم او جريا على مسلك اهل الخطابة من الأوائل فاعرف فان هذا زائد على ما فصل فى سورة يس وقد لاح بالبال في هذا المقام قال ابن الشيخ قوله أم يقولون إلخ من باب الترقي الى قولهم فيه انه شاعر لان الشاعر ادخل في الكذب من الكاهن والمجنون وقد قيل احسن الشعرا كذبه وكانوا يقولون لا نعارضة في الحال مخافة أن يغلبنا بقوة شعره وانا نصبر ونتربص موته وهلاكه كما هلك من قبله من الشعراء وحينئذ تتفرق أصحابه وان أباه مات شابا ونحن نرجو أن يكون موته كموت أبيه وذلك قوله سبحانه وتعالى نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ التربص الانتظار والريب ما يقلق النفوس اى يورث قلقا واضطرابا لها من حوادث الدهر وتقلبات الزمان فهو بمعنى الرائب من قولهم رابه الدهر وأرابه اى أقلقه وقيل سميت ريبا لانها لا تدوم على حال كالريب وهو الشك فانه لا يبقى بل هو متزلزل وفي المفردات ريب الدهر صروفه وانما قيل ريب لما يتوهم فيه من المنكر وفيه ايضا الريب ان تتوهم بالشيء امرا ما فينكشف عما توهمته ولهذا قال تعالى لا ريب فيه والارابة أن تتوهم فيه امرا فلا ينكشف عما تتوهمه وقوله نتربص به ريب المنون سماه ريبا لا من حيث انه مشكك في كونه بل من حيث انه يشكك في وقت حصوله فالانسان ابدا في ريب المنون من جهة وقته لا من جهة كونه وعلى هذا قال الشاعر
الناس قد علموا أن لا بقاء لهم ... لو انهم عملوا مقدار ما علموا
انتهى والمنون الدهر والموت والكثير لامتنان كالمنونة والتي تزوجت لما لها فهى تمن على زوجها كالمنانة انتهى وقيل في الآية المنون الموت وربيه او جاعه وهو في الأصل فعول من منه إذا قطعه لان الدهر يقطع القوى والموت يقطع الأماني والعمر وفي المفردات قيل المنون للمنية لانها تنقص العدد وتقطع المدد انتهى وريب منصوب على انه مفعول به والمعنى بل أيقولون ننتظر به نوآئب الدهر فيهلك كما هلك غيره من الشعراء زهير والنابغة وطرفة(9/200)
قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32)
وغيرهم او ننتظر او جاع الموت كما مات أبوه شابا وذلك كما تتمنى الصبيان في المكتب موت معلمهم ليتخلصوا من يده فويل لمن أراد هلاك معلمه في الدين وكان محروما من تحصيل اليقين قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ أتربص هلاككم كما تتربصون هلاكى والأمر بالتربص للتهديد قال الراغب التربص انتظار الشخص سلعة كان يقصد بها غلاء او رخصا أو أمرا ينتظر زواله او حصوله انتهى وفيه عدة كريمة باهلاكهم وجاء في التفسيران جميعهم ماتوا قبل رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم وقد وقع في زماننا ان بعض الوزراء أهان بعض الأولياء فأجلاه وكان ينتظر هلاكه فهلك قبله هلاكا هائلا حيث قتل وقتل معه ألوف وفي الآية اشارة الى التربص في الأمور ودعوة الخلق الى الله والتوكل على الله فيما يجرى على عباده والتسليم لاحكامه في المقبولين والمردودين إذ كل يجرى على ما قضاه الله أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ اى دع تفوههم بهذه الأقوال الزائغة المتناقضة وفيهم ما هو أقبح من ذلك وهو انهم سفهاء ليسوا من اهل التمييز والأحلام العقول قال الراغب وليس الحلم في الحقيقة هو العقل لكن فسروه بذلك لكونه من مسببات العقل والحلم ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب بِهذا اى بهذا التناقض في المقال فان الكاهن يكون ذا فطنة ودقة نظر في الأمور والمجنون مغطى عقله مختل فكره والشاعر ذو كلام موزون متسق مخيل فكيف يجتمع هؤلاء في واحد وامر الأحلام بذلك مجاز عن ادائها الى التناقض بعلاقة السببية كقوله أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا لا انه جعلت الأحلام آمرة على الاستعارة المكنية وفي الكواشي جعلت الحلوم آمرة مجازا ولضعفها جمعت جمع القلة قال في القاموس الحلم بالضم وبضمتين الرؤيا والجمع أحلام والحلم بالكسر الاناة والعقل والجمع أحلام وحلوم ومنه أم تأمرهم أحلامهم وهو حليم والجمع حلماء وأحلام انتهى وكان قريش يدعون اهل الأحلام والنهى فأزرى الله بعقولهم حين لم تثمرهم معرفة الحق من الباطل وقيل لعمر وبن العاص رضى الله عنه ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقول فقال تلك عقول كادها الله اى لم يصحبها التوفيق وفي الخبر ان الله لما خلق العقل قال له أدبر فأدبر ثم قال له اقبل فأقبل يعنى كفت بوى پشت بر كن پشت بر كرد پس كفت روى باز كن روى باز كرد فانى لم اخلق خلقا أكرم على منك بك اعبد وبك اعطى وبك آخذ قال ابو عبد الله المغربي لما قال له ذلك تداخله العجب فعوقب من ساعته فقيل له التفت فلما التفت نظر الى ما هو احسن منه فقال من أنت قال أنا الذي لا تقوم إلا بي قال ومن أنت قال التوفيق (وفي المثنوى)
جز عنايت كى كشايد چشم را ... جز محبت كى نشاند خشم را
جهد بي توفيق خود كس را مباد ... در جهان والله اعلم بالرشاد
روى ان صفوان بن امية فخر على رجل فقال أنا صفوان بن امية بن خلف ابن فلان فبلغ ذلك عمر رضى الله عنه فأرسل اليه وغضب فلما جاء قال ثكلتك أمك ما قلت فهاب عمر ان يتكلم فقال عمر ان كان لك تقوى فان لك كرما وان كان لك عقل فان لك(9/201)
أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36)
أصلا وان كان لك خلق حسن فان لك مروءة والا فأنت شر من الكلب أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ مجاوزون الحدود في المكابرة والعناد مع ظهور الحق لا يحومون حول الرشد والسداد ولذلك يقولون ما يقولون من الا كاذيب الخارجة عن دائرة العقول والظنون قال ابن الشيخ ثم قيل لابل ذلك من طغيانهم لانه ادخل في الذم من نقصان العقل وابلغ في التسلية لان من طغى على الله فقد باء بغضبه أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ هو ترق الى ما هو ابلغ في كونه منكرا وهو أن ينسبوا اليه عليه السلام انه يختلق القرآن من تلقاء نفسه ثم يقول انه من عند الله افتراء عليه والتقول تكلف القول ولا يستعمل الا في الكذب والمعنى اختلق القرآن من تلقاء نفسه وليس الأمر كما زعموا بَلْ لا يُؤْمِنُونَ البتة لان الله ختم على قلوبهم وفي الإرشاد فلكفرهم وعنادهم يرمونه بهذه الأباطيل التي لا يخفى على أحد بطلانها كيف لا وما رسول الله الا واحد من العرب أتى بما عجز عنه كافة الأمم من العرب والعجم وفي كون ذلك مبنيا على العناد اشارة الى انهم يعلمون بطلان قولهم وتناقضه فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ اى إذا كان الأمر كما زعموا من انه كاهن او مجنون او شاعر ادعى الرسالة وتقول القرآن من عند نفسه فليأتوا بكلام مثل القرآن في النعوت التي استقل بها من حيث النظم ومن حيث المعنى قال في التكملة المشهور في القرآن بحديث مثله بالتنوين فيكون الضمير راجعا الى القرآن (وروى) عن الجحدري انه قرأ بحديث مثله بالاضافة فيكون الضمير راجعا الى النبي عليه السلام إِنْ كانُوا صادِقِينَ فيما زعموا فان صدقهم في ذلك يستدعى قدرتهم على الإتيان بمثله بقضية مشاركتهم له عليه السلام في البشرية والعربية مع ما بهم من طول الممارسة للخطب والاشعار وكثرة المزاولة لأساليب النظم والنثر والمبالغة في حفظ الوقائع والأيام ولا ريب في ان القدرة على الشيء من موجبات الإتيان به ودواعى الأمر بذلك واعلم ان الاعجاز اما أن يتعلق بالنظم من حيث فصاحته وبلاغته او يتعلق بمعناه ولا يتعلق به من حيث مادته فان مادته ألفاظ العرب وألفاظه ألفاظهم قال تعالى قرءانا عربيا تنبيها على اتحاد العنصر وانه منظم من عين ما ينظمون به كلامهم والقرآن معجز من جميع الوجوه لفظا ومعنى ومتميز من خطبة البلغاء ببلوغه حد الكمال في اثنى عشر وجها إيجاز اللفظ والتشبيه الغريب والاستعارة البديعة وتلاؤم الحروف والكلمات وفواصل الآيات وتجانس الألفاظ وتعريف القصص والأحوال وتضمين الحكم والاسرار والمبالغة في الأسماء والافعال وحسن البيان في المقاصد والأغراض وتمهيد المصالح والأسباب والاخبار عما كان وما يكون أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ من لابتداء الغاية اى أم أحدثوا وقدروا هذا التقدير البديع والشكل العجيب من غير محدث ومقدر وقيل أم خلقوا من أجل لا شيء من عبادة وجزاء فمن للسببية (وقال الكاشفى) آيا آفريده شده اند ايشان بى چيزى يعنى بي پدر ومادر مراد آنست كه ايشان آدمي انداز آدميان زاده شده نه جمادند كه تعقل خود نكند أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ لأنفسهم فلذلك لا يعبدون الله تعالى أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ اى إذا سئلوا من خلقكم وخلق السموات والأرض(9/202)
أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44)
قالوا الله وهم غيره موقنين بما قالوا والا لما اعرضوا عن عبادته تعالى والإيقان بي كمان شدن أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ جمع خزانة بالكسر وهو مكان الخزن يقال خزن المال احرزه وجعله في الخزانة وهو على حذف المضاف اى خزآئن رزقه ورحمته حتى يرزقوا النبوة من شاؤا ويمسكوها عمن شاؤا اى أعندهم خزآئن علمه وحكمته حتى يختاروا لها من اقتضت الحكمة اختياره أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ اى الغالبون على الأمور يدبرونها كيفما شاؤا حتى يدبروا امر الربوبية وبينوا الأمور على إرادتهم ومشيئتهم وفي عين المعاني اى الأرباب المسلطون على الناس فيجبرونهم على ما شاؤا من السطر كأنه يخط للمسلط عليه خطا لا يجاوزه وفي كشف الاسرار المسيطر المسلط القاهر الذي لا يكون تحت امر أحد ونهيه ويفعل ما يشاء يقال تصيطر على فلان بالسين والصاد اى سلط انتهى قال في القاموس المسيطر الرقيب الحافظ والمتسلط والسطر الصف من الشيء الكتاب والشجر وغير والخط والكتابة ويحرك في الكل والصطر بالصاد ويحرك السطر وتصيطر تسيطر أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ منصوب الى السماء وبالفارسية آيا مر ايشانراست نردبانى كه بدان با آسمان بروند قال الراغب السلم ما يتوصل به الى الامكنة العالية فيرجى به السلامة ثم جعل اسما لما يتوصل به الى كل شيء رفيع كالسبب قال ابن الشيخ لما أبطل من الاحتمالات العقلية جميع ما يتوهم أن يبنوا عليه تكذيبهم وانكارهم لم يبق لهم الا المشاهدة والسماع منه تعالى وهو اظهر استحالة فتهكم بهم وقال بل ألهم سلم يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ضمن يستمعون معنى الصعود فاستعمل بفي وفيه متعلق بمحذوف هو حال من فاعل يستمعون اى يستمعون صاعدين فى ذلك السلم ومفعول يستمعون محذوف اى الى كلام الملائكة وما يوحى إليهم من علم الغيب حتى يعلموا ما هو كائن من الأمور التي يتقولون فيها رجما بالغيب ويعلقون بها اطماعهم الفارغة وفي كشف الاسرار فيه اى عليه كقوله في جذوع النخل اى عليها فَلْيَأْتِ پس ببايد كه بيارد فالباء الآتي للتعدية وهو امر تعجيز مُسْتَمِعُهُمْ شنونده ايشان كه بر آسمان برفتند و پيغام غيب شنيدند بِسُلْطانٍ مُبِينٍ بحجة واضحة تصدق استماعه وبالفارسية حجتى روشن كه كواه باشد بر صدق استماع وى أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ هذا انكار عليهم حيث جعلو الله ما يكرهون او تسفيه لهم وتركيك لعقولهم وإيذان بأن من هذا رأيه لا يكاد يعد من العقلاء فضلا عن الترقي بروحه الى عالم الملكوت والتطلع على الاسرار الغيبية وذلك ان من جعل خالقه أدون حالا منه بأن جعل له مالا يرضى لنفسه كما قال تعالى وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم فانه لم يستبعد منه أمثال تلك المقالات الحمقاء والالتفات الى الخطاب لتشديد ما في أم المنقطعة من الإنكار والتوبيخ أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً رجوع الى خطابه عليه السلام واعراض عنهم اى بل أتسألهم اجرا على تبليغ الرسالة تا تاوان زده شدند فَهُمْ لاجل ذلك مِنْ مَغْرَمٍ من التزام غرامة فادحة فالمغرم مصدر ميمى بمعنى الغرم والمضاف مقدر وفي الكشاف المغرم ان يلتزم الإنسان ما ليس عليه وفي الفتح الرحمن المغرم ما يلزم أداؤه وفي المفردات الغرم(9/203)
أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44)
ما ينوب الإنسان من ماله من ضرر بغير جناية منه وكذا المغرم والغريم يقال لمن له الدين ولمن عليه الدين انتهى مُثْقَلُونَ محملون الثقل وبالفارسية كران بار شوند فلذلك لا يتبعونك يعنى لا عذر لهم أصلا والدين لا يباع بالدنيا
زيان ميكند مرد تفسيردان ... كه علم وادب ميفروشد بنان
فالاجر على الله تعالى كما قال ان اجرى الا على الله وقد سبق تحقيقه في مواضع متعددة أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ اى اللوح المحفوظ المثبت فيه الغيوب فَهُمْ يَكْتُبُونَ ما فيه حتى يتكلموا في ذلك بنفي او اثبات (وقال الكاشفى) پس ايشان مى نويسند از ان كه خبر پيغمبر عليه السلام از امر قيامت وبعث باطلست يا كتابت كنند كه موت تو كى خواهد بود أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً اى لا يكتفون بهذه المقالات الفاسدة ويريدن مع ذلك أن يكيدوا بك كيدا واساءة وهو كيدهم برسول الله عليه السلام في دار الندوة ومكرهم بالقتل والحبس والإخراج فان الكيد هو الأمر الذي يسوء من نزل به سوآء كان في نفسه حسنا او قبيحا فالاستفهام في المعطوف للتقرير وفي المعطوف عليه للانكار وقال بعضهم الكيد ضرب من الاحتيال وفي التعريفات الكيد ارادة مضرة الغير خفية وهو من الخلق الحيلة السيئة ومن الله التدبير بالحق لمجازاة اعمال الخلق وقال سعدى المفتى الظاهر انه من الاخبار بالغيب فان السورة مكية وذلك الكيد كان وقوعه ليلة الهجرة فان قيل فليكن نزول الطور في تلك الليلة قلنا قد ثبت عن ابن عباس رضى الله عنهما انه نزل بعدها بمكة تبارك الملك وغيرها من السور فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ القصر إضافي اى هم الذين يحيق بهم كيدهم او يعود عليهم وباله لا من أرادوا أن يكيدوه فانه المظفر الغالب عليهم قولا وفعلا حجة وسيفا او هم المغلوبون في الكيد من كايدته فكدته والمراد ما أصابهم يوم بدر من القتل يعنى عند انتهاء سنين عدتها عدة كلمة أم وهى خمس عشرة فان غزوة بدر كانت في الثانية من الهجرة وهى الخامسة عشرة من النبوة أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ بعينهم ويحرسهم من عذابه سُبْحانَ اللَّهِ نزهه تعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ اى عن شراكهم فما مصدرية او عن شركة ما يشركونه فما موصول والمضاف مقدر وكذا العائد
بر ذيل عزتش ننشيند غبار شرك ... با وحدتش كسى دم شركت چهـ سان زند
هر گاه افكنند بوصفش خيال را ... دست كمالش آتش غيرت دران زند
وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً اى قطعة مِنَ السَّماءِ ساقِطاً عليهم لتعذيبهم وفي عين المعاني قطعة من العذاب او من السماء او جانبا منها من الكسف وهو التغطية كالكسوف وفي القاموس الكسفة بالكسر القطعة من الشيء والجمع كسف وكسف وفي المختار وقيل الكسف والكسفة واحد يَقُولُوا من فرط طغيانهم وعنادهم سَحابٌ مَرْكُومٌ غليظ او متراكب اى هم في طغيان بحيث لو اسقطناه عليهم حسبما قالوا او تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا لقالوا هذا سحاب تراكم اى القى بعضها على بعض يمطرنا ولم يصدقوا انه كسف ساقط للعذاب وفي التأويلات النجمية يعنى انهم وان يروا كل آية لا يؤمنوا بها كما قال تعالى ولو فتحنا عليهم بابا(9/204)
فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)
من السماء حتى شاهدوا بالعين لقالوا انما سكرت أبصارنا وليس هذا عيانا ومشاهدة فَذَرْهُمْ پس دست بدار از ايشان يعنى حرب مكن با ايشان كه هنوز بقتال مأمور نيستى ومكافات ايشان بگذار حَتَّى يُلاقُوا يعاينوا وبالفارسية تا وقتى كه بينند معاينه يَوْمَهُمُ مفعول به لا ظرف الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ اى يهلكون وبالفارسية هلاك كرده شوند وهو على البناء للمفعول من صعقته الصاعقة او من اصعقته اماتته وأهلكته قال فى المختار صعق الرجل بالكسر صعقة غشى عليه وقوله تعالى فصعق من في السموات ومن فى الأرض اى مات وهو يوم يصيبهم الصعقة بالقتل يوم بدر لا النفخة الاولى كما قيل إذ لا يصعق بها الا من كان حيا حينئذ قال ابن الشيخ المقصود من الجواب عن الاقتراح المذكور بيان انهم مغلوبون بالحجة مبهوتون وان طعنهم ذلك ليس الا للعناد والمكابرة حتى لو اجبناهم فى جميع مقترحاتهم لم يظهر منهم الا ما يبتنى على العناد والمكابرة فلذلك رتب عليه قوله فذرهم بالفاء يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً اى شيأ من الإغناء في رد العذاب وبالفارسية روزى كه نفع نكند وبار ندارد از ايشان مكر ايشان چيزى را از عذاب وهو بدل من يومهم وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ من جهة الغير في رفع العذاب عنهم وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا اى وان لهؤلاء الظلمة ابى جهل وأصحابه عَذاباً آخر دُونَ ذلِكَ غير مالا قوه من القتل اى قبله وهو القحط الذي أصابهم سبع سنين كما مر في سورة الدخان او وراءه وهو عذاب القبر وما بعده من فنون عذاب الآخرة وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ان الأمر كما ذكر لفرط جهلهم وغفلتهم أو لا يعلمون شيأ أصلا وفيه اشارة الى ان منهم من يعلم ذلك وانما يصر على الكفر عنادا فالعالم الغير العامل والجاهل سوآء فعلى العاقل أن يحصل علوم الآخرة ويعمل بها قال بعض الكبار العلم علمان علم تحتاج منه مثل ما تحتاج من القوت فينبغى الاقتصاد والاقتصار على قدر الحاجة منه وهو علم الاحكام الشريعة فلا ينبغى النظر فيه الا بقدر ما تمس الحاجة اليه في الوقت فان تعلق تلك العلوم انما هو بالأحوال الواقعة في الدنيا لا غير وعلم ليس له حد يوقف عنده وهو العلم المتعلق بالله ومواطن القيامة إذا لعلم بمواطنها يؤدى العالم بها الى الاستعداد لكل موطن بما يلق به لان الحق تعالى بنفسه هو المطالب في ذلك اليوم بارتفاع الوسائط وهو يوم الفصل فينبغى للانسان العاقل أن يكون على بصيرة من امره معدا للجواب عن نفسه وعن غيره في لمواطن التي يعلم انه يطلب منه الجواب فيها فلهذا ألحقنا علم مواطن القيامة بالعلم بالله انتهى وفي الآية اثبات عذاب القبر فان الله تعالى يحيى العبد المكلف في قبره ويرد الحياة اليه ويجعله من العقل في مثل الوصف الذي عاش عليه ليعقل ما يسأل عنه وما يجيب به ويفهم ما أتاه من ربه وما أعدله من كرامة وهو ان ولقد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما اخبر عليه السلام بفتنة الميت في قبره وسؤال منكر ونكير وهما الملكان يا رسول الله أيرجع الى عقلى قال نعم قال إذا أكفيكهما والله لئن سألانى لا سألنهما وأقول لهما انا ربى الله فمن ربكما أنتما وأنكرت الملحدة ومن نمذهب من الاسلاميين بمذهب الفلاسفة عذاب القبر وانه ليس له حقيقة وقد رؤى ابو جهل(9/205)
وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)
فى جانب مصرعه في بدر انه خرج من الأرض وفي عنقه سلسلة من نار يمسك أطرافها اسود وهو يطلب الماء حتى ادخله الأسود في الأرض بجذب شديد واختلاف احوال العصاة في عذاب القبر بحسب اختلاف معاصيهم واكثر عذاب القبر في البول فلا بد من التنزه عنه وسمع البهائم عذاب القبر وانما لم يسمع من يعقل من الجن والانس وكان عليه السلام يدعو ويقول اللهم انى أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال وينجى المؤمن من اهوال القبر وفتنته وعذابه خمسة أشياء الاول الرباط فى سبيل الله ولو يوما وليلة والثاني الشهادة بان يقتل في سبيل الله والثالث سورة الملك فان من قرأها كل ليلة لم يضره الفتان والرابع الموت مبطونا فانه لا يعذب في قبره والمراد بالمبطون صاحب الاسهال والاستطلاق والخامس الوقت ففى الحديث من مات يوم الجمعة او ليلة الجمعة وقى فتنة القبر نسأل الله سبحانه أن يعصمنا من الزلل ويحفظنا من الخلل ويجعلنا فى القبر والقيامة من الآمنين ويبشرنا عند الموت برحمة منه وفضل مبين بجاه النبي الامين والأنبياء المرسلين والملائكة المقربين وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ بامهالهم الى يومهم الموعود وابقائك فيما بينهم مع مقاساة الأحزان والشدائد ولا تكن في ضيق مما يمكرون يقول الفقير امر الله تعالى نبيه عليه السلام بالصبر لحكمه لا لأذى الكفار وجفائهم تسهيلا للامر عليه لان في الصبر لحكمه حلاوة ليست في الصبر للاذى والجفاء وان كان الصبر له صبرا للحكم فاعرف فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا اى في حفظنا وحمايتنا بحيث نراقبك ونكلأك وجمع العين لجمع الضمير والإيذان بغاية الاعتناء في الحفظ وبكثرة أسبابه إظهارا للتفاوت بين الحبيب والكليم حيث أفرد فيه العين والضمير كما قال ولتصنع على عينى وفي التأويلات النجمية اى لا حكم لك في الأزل فانه لا يتغير حكمنا الأزلي ان صبرت وان لم تصبر ولكن ان صبرت على قضائى فقد جزيت ثواب الصابرين بغير حساب فانك بأعيننا نعينك على الصبر لاحكامنا الازلية كما قال تعالى واصبر وما صبر الا بالله وفي عرائس البيان للبقلى ذكر قوله ربك بالغيبة لانه في مقام تفرقة العبودية والرسالة تقتضى حالة المشقة ولذلك امره بالصبر ولما ثقل عليه الحال نقله من الغيبة الى المشاهدة بقوله فانك بأعيننا اى نحفظك من الاعوجاج والتغير فى جريان أحكامنا عليك حتى تصير مستقيما بنا لنا فينا ونحن نراك بجميع عيون الصفات والذات بنعت المحبة والعشق ننظر بها إليك شوقا إليك وحراسة لك نحرسك بها حتى لا يغيرك غيرها من الحدثان عنا ونرفع بها عنك طوارق قهرنا فانك في مواضع عيون محبتنا وأنت في أكناف لطفنا انظر كيف ذكر الأعين وليس في الوجوه اشرف من العيون ومن احتصن بالله كان في حفظه ومن كان في حفظه كان في مشاهدته ومن كان في مشاهدته استقام معه ووصل اليه ومن وصل اليه انقطع عما سواه ومن انقطع عما سواه عاش معه عيش الربانيين قال بعضهم كنا مع ابراهيم بن أدهم قدس سره فأتاه الناس يا أبا اسحق ان الأسد وقف على طريقنا فأتى ابراهيم الى الأسد وقال له يا أبا الحارث ان كنت أمرت فينا بشيء فامض لما أمرت به وان لم تؤمر بشيء فتنح عن طريقنا فأدبر الأسد وهو يهمهم والهمهمة(9/206)
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)
ترديد الصوت في الصدر فقال ابراهيم وما على أحدكم إذا أصبح وأمسى ان يقول اللهم احرسنا بعينك التي لاننام واحفظنا بركنك الذي لا يرام وارحمنا بقدرتك علينا فلا نهلك وأنت ثقتنا ورجاؤنا وقال الخواص قدس سره كنت في طريق مكة فدخلت الى خربة بالليل وإذا فيها سبع عظيم فخفت فهتف بي هاتف اثبت فان حولك سبعين الف ملك يحفظونك يقول الفقير يحتمل ان يكون هذا الحفظ الخواصى بسبب بعض الادعية وكان يلازمه وقد روى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ان من قال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ثلاث مرات وقرأ ثلاث آيات آخر سورة الحشر هو الله الذي لا اله الا هو الى آخر السورة حين يصبح وكل الله به سبعين الف ملك يحرسونه وكذلك إذا قرأها حين يمسى وكل الله به سبعين الف ملك يحرسونه ويحتمل أن يكون ذلك بسبب ان الخواص من احباب الله والحبيب يحرس حبيبه كما روى انه ينزل على قبر النبي عليه السلام كل صباح سبعون الف ملك ويضربون أجنحتهم عليه ويحفظونه الى المساء ثم ينزل سبعون الفا غيرهم فيفعلون به الى الصباح كما يفعل الأولون وهكذا الى يوم القيامة وَسَبِّحْ اى نزهه تعالى عما لا يليق به حال كونك ملتبسا بِحَمْدِ رَبِّكَ على نعمائه الفائتة للحصر حِينَ تَقُومُ من اى مقام قمت قال سعيد ابن جبير وعطاء اى قل حين تقوم من مجلسك سبحانك اللهم وبحمدك اى سبح الله ملتبسا بحمده فان كان ذلك المجلس خيرا ازددت إحسانا وان كان غير ذلك كان كفارة له وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه وهو بالغين المعجمة والطاء المهملة الكلام الرديء القبيح واختلاط أصوات الكلام حتى لا يفهم فقال قبل ان يقوم سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا اله الا أنت استغفرك وأتوب إليك كان كفارة لما بينهما وفي فتح القريب فقد غفر له يعنى من الصغائر ما لم تتعلق بحق آدمي كالغيبة وقال الضحاك والربيع إذا قمت الى الصلاة فقل سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك وقال الكلبي هو ذكر الله باللسان حين يقوم من الفراش الى أن يدخل في الصلاة لما روى عن عاصم ابن حميد انه قال سألت عائشة رضى الله عنها بأى شيء يفتتح رسول الله عليه السلام قيام الليل فقالت كان إذا قام كبر عشرا وحمد الله عشرا وسبح وهلل عشرا واستغفر عشرا وقال اللهم اغفر لى واهدني وارزقني وعافنى ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ افراد بعض الليل بالتسبيح والصلاة لان العبادة فيه أشق على النفس وابعد عن الرياء كما يلوح به تقديمه على الفعل يقول الفقير ولان الليل زمان المعراج والصلاة هو المعراج المعنوي فمن أراد أن يلتحق برسول الله عليه السلام في معراجه فليصل بالليل والناس نيام اى فى جوفه حين غفلة الناس ولشرف ذلك الوقت كان معراجه عليه السلام فيه لاقرب الصباح لان في قربه قد يستيقظ بعض النفوس للحاجات وان كان السحر الا على مماله خواص كثيرة وَإِدْبارَ النُّجُومِ بكسر الهمزة مصدر أدبر والنجوم جمع نجم وهو الكوكب الطالع يقال نجم نجوما ونجما اى طلع والمعنى ووقت إدبارها من آخر الليل اى غيبتها بضوء الصباح(9/207)
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)
وقيل التسبيح من الليل صلاة العشاءين وادبار النجوم صلاة الفجر وفي الآية دليل على ان تأخير صلاة الفجر أفضل لانه امر بركعتى الفجر بعد ما أدبر النجوم وانما أدبر النجوم بعد ما يسفر قاله ابو الليت في تفسيره وقال اكثر المفسرين ادبار النجوم يعنى الركعتين قبل صلاة الفجر وذلك حين تدبر النجوم بضوء الصبح وفي الحديث ركعتا الفجر اى سنة الصبح خير من الدنيا وما فيها وفيه بيان عظم ثوابهما يقول الفقير في قولهم وذلك حين إلخ نظر لان السنة في سنة الفجر انه يأتى بها في أول الوقت لان الأحاديث ترجحة فالتأخير الى قرب الفرض مرجوح وأول وقتها هو وقت الشافعي وليس للنجوم ادبار إذ ذاك وانما ذلك عند الاسفار جدا وقال سهل قدس سره صل المكتوبة بالإخلاص لربك حين تقوم إليها ولا تغفل صباحا ولا مساء عن ذكر
من لا يغفل عن برك وحفظك في كل الأوقات وفي التأويلات النجمية قوله وسبح إلخ يشير الى مداومته على الذكر وملازمته له بالليل والنهار انتهى وقد سبق بيانه في آخر سورة ق قال بعض الكبار من سوء أدب المريد أن يقول لشيخه اجعلنى في بالك فان في ذلك استخداما للشيخ وتهمة له وانظر الى قوله صلّى الله عليه وسلّم لمن قال له اسألك مرافقتك في الجنة حيث قال للسائل اعنى على نفسك بكثرة السجود فحوله الى غير ما قصد من الراحة فعلم الرياضة واجب تقديمه على الفتح في طريق السالكين لا المجذوبين والله عليم حكيم انتهى وفي الحديث من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر اوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فان صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل يقول الفقير كان التهجد فرضا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وانما كان يؤخر الوتر الى آخر الليل اما لما ذكر من شهود الملائكة في ذلك الوقت واما لان الوتر صلاها عليه السلام اولا ليلة المعراج بعد المنام فناسب فصلها عن العشاء وتأخيرها وفي ختم هذه السورة بالنجوم وافتتاح السورة الآتية بالنجم ايضا من حسن الانتهاء والابتداء ومن الاسرار مالا يخفى على اهل التحقيق تمت سورة الطور بعون الله الغفور في اواخر رجب الفرد من سنة اربع عشرة ومائة والف
سورة النجم
مكية وآيها احدى أو ثنتان وستون بسم الله الرحمن الرحيم
وَالنَّجْمِ سورة النجم أول سورة أعلن بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجهر بقراءتها فى الحرم والمشركون يستمعون نزلت في شهر رمضان من السنة الخامسة من النبوة ولما بلغ عليه السلام السجدة سجد معه المؤمنون والمشركون والجن والانس غير ابى لهب في رواية فانه رفع حفنة من تراب الى جبهته وقال يكفينى هذا في رواية كان ذلك الوليد بن المغيرة فانه رفع ترابا الى جبهته فسجد عليه لانه كان شيخا كبيرا لا يقدر على السجود وفي رواية وصححت امية بن خلف وقد يقال لا مانع أن يكونوا فعلوا ذلك جميعا بعضهم فعل ذلك تكبرا وبعضهم فعل ذلك عجزا وممن فعل ذلك تكبرا ابو لهب ولا يخالف ذلك ما نقل عن(9/208)
ابن مسعود رضى الله عنه ولقد رأيت الرجل اى الفاعل لذلك قتل كافرا لانه يجوز أن يكون المراد بقتل مات وانما سجد المشركون لان النبي عليه السلام لما بلغ الى قوله أفرأيتم اللات والعزى ومنات الثالثة الاخرى الحق الشيطان به قوله تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى كما سبق في سورة الحج فسمعه المشركون وظنوا انه من القرآن فسجدوا لتعظيم آلهتهم ومن ثم عجب المسلمون من سجود المشركين من غير ايمان إذ هم لم يسمعوا ما القى الشيطان في آذان المشركين وأرادوا بالغرانيق العلى الأصنام شبهت الأصنام بالغرانيق التي هى طائر الماء جمع غرنوق بكسر الغين المعجمة واسكان الراء ثم النون المفتوحة او غرنوق بضم الغين والنون ايضا او غرنيين بضم الغين وفتح النون وهو طير طويل العنق وهو الكركي او ما يشبهه ووجه الشبه بين الأصنام وتلك الطيور ان تلك الطيور تعلو وترفع في السماء فالاصنام مشبهة بها في علو القدر وارتفاعه قال بعضهم والنجم أول سورة نزلت جملة كاملة فيها سجدة فلا ينافي ان اقرأ باسم ربك أول سورة نزلت فيها سجدة لان النازل منها او آئلها لا مجموعها دفعة والواو للقسم اصحاب معانى كفتند قسم در قرآن بر دو وجه است يكى قسم بذات وصفات خالق جل جلاله چنانكه فو ربك فبعزتك والقرآن المجيد وهمچنين حروف تهجى در أوائل سور هر حرفى اشارتست بصفتى از صفات حق وقسم بر ان ياد كرده وجه دوم قسمست بمخلوقات وآن بر چهار ضربست يكى اظهار قدرت را چنانكه والذاريات والمرسلات والنازعات هذا وأمثاله نبه العباد على معرفة القدرة فيها ديكر قسم برستاخيز اظهار هيبت را كقوله لا اقسم بيوم القيامة أقسم بها ليعلم هيبته فيها سوم قسم ياد ميكند اظهار نعمت را تا بندگان نعمت خود از الله بشناسند وشكر آن بگذارند كقوله والتين والزيتون چهارم قسم است ببعض مخلوقات بيان تشريف را تا خلق عز وشرف آن چيز بدانند كه قسم بوى ياد كرده كقوله لا أقسم بهذا البلد يعنى مكة وكذلك قوله وطور سينين وهذا البلد الامين ومن ذلك قوله للمصطفى عليه السلام لعمرك وهذا على عادة العرب فانها تقسم بكل ما تستعظمه وتريد اظهار تعظيمه وقيل كل موضع أقسم فيه بمخلوق فالرب فيه مضمر كقوله والنجم ورب النجم ورب الذاريات وأشباه ذلك والمراد بالنجم اما الثريا فانه اسم غالب عليها ومنه قوله عليه السلام ما طلع النجم قط وفي الأرض من العاهة شيء إلا رفع يريد بالنجم الثريا باتفاق العلماء وقال السهيلي رحمه الله وتعرف الثريا بالنجم ايضا وبألية الحمل لانها تطلع بعد بطن الحمل وهى سبعة كواكب ولا يكاد يرى السابع منها لخفائه وفي الحقيقة انها اثنا عشر كوكبا وان رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يراها كلها القوة جعلها الله في بصره وقال في عين المعاني وهى سبعة أنجم ظاهرة والسابع تمتحن به الابصار وكانت قريش تبجلها وتقول احسن النجم في السماء الثريا والثريا فى الأرض زين السماء وكانت رحلتاها عند طلوعها وسقوطها فاذا طلعت بالغداة عدوها من الصيف وإذا طلعت بالعشي عدوها من الشتاء قال الشاعر
طلع النجم غديه ... ابتغى الراعي شكيه(9/209)
مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)
واما جنس النجم وهويه كما قال تعالى إِذا هَوى غربه وطلوعه يقال هوى يهوى من الثاني هويا بوزن قبول إذا غرب فان الهوى سقوط من علو الى أسفل وهويا بوزن دخول إذا علا وصعد والعامل في إذا القسم اى اقسم فانه بمعنى مطلق الوقت منسلخ عن معنى الاستقبال كما في قولك آتيتك إذا احمر البسر فلا يلزم عمل فعل الحال في المستقبل يعنى ان فعل القسم إنشاء والإنشاء حال وإذا لما يستقبل من الزمان فيكون المعنى أقسم الآن بالنجم وقت هوى بعد هذا الزمان ثم ان الله تعالى أقسم بالنجم حين هوى اى وقت هويه لان شأنه أن يهتدى به الساري الى مسالك الدنيا كأنه قيل والنجم الذي يهتدى به السابلة فى البر والجارية في البحر الى سوآء السبيل والسمت ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ هو جواب القسم اى ما عدل عن طريق الحق الذي هو مسلك الآخرة وهذا دليل على ان قوله ووجدك ضالا ليس من ضلال الغى فانه عليه السلام قبل الوحى وبعده لم يزل يعبد ربه ويوحده ويتوقى مستقبحات الأمور وفيه بيان فضل النبي عليه السلام حيث ان الله تعالى قال في حق آدم عليه السلام وعصى آدم ربه فغوى وقال في حقه ما ضل صاحبكم وَما غَوى الغى هو الجهل المركب قال الراغب الغى جهل من اعتقاد فاسد وذلك ان الجهل قد يكون من كون الإنسان غير معتقد أصلا لا صالحا ولا فاسدا وقد يكون من اعتقاد شيء فاسد وهذا الثاني يقال له غى فعطفه على ما ضل من عطف الخاص على العام للاهتمام بشأن الاعتقاد بمعنى انه فرق بين الغى والضلال وليسا بمعنى واحد فان الغواية هى الخطأ في الاعتقاد خاصة والضلال أعم منها يتناول الخطأ في الوقوال والافعال والأخلاق والعقائد التي شرعها الله وبينها لعباده فالمعنى وما اعتقد باطلا قط اى هو في غاية الهدى والرشد وليس مماتتو همونه من الضلال والغواية في شيء أصلا وكانوا يقولون ضل محمد عن دين آبائه وخرج عن الطريق وتقول شيأ من تلقاء نفسه فرد الله عليهم بنفسه بتنزيل هذه السورة تعظيما له والخطاب لقريش وإيراده عليه السلام بعنوان صاحبيته لهم للايذان بوقوفهم على تفاصيل أحواله واحاطتهم خبرا ببراءته عليه السلام مما نفى عنه بالكلية وباتصافه بغاية الهدى والرشاد فان طول صحبتهم له ومشاهدتهم محاسن شؤونه العظيمة مقتضية لذلك حتما كما في الإرشاد (وقال الكاشفى) وتسميه صاحب بجهت آنست كه حضرت پيغمبر عليه السلام مأمور بود بصحبت كافران جهت دعوت ايشان ويؤيد ما في الإرشاد قول الراغب في المفردات لا يقال الصاحب فى العرف الا لمن كثرت ملازمته وقوله تعالى ثم تفكروا ما بصاحبكم من جنة سمى النبي عليه السلام صاحبهم تنبيها اى انكم صحبتموه وجربتموه وعرفتم ظاهره وباطنه ولم تجدوا به خبلا وجنة وتقييد القسم بوقت الهوى لان النجم لا يهتدى به الساري عند كونه في وسط السماء ولا يعلم المشرق من المغرب ولا الشمال من الجنوب وانما يهتدى به عند هبوطه او صعوده مع ما فيه من كمال المناسبة لما سيحكى من تدلى جبريل من الأفق الأعلى ودنوه منه عليهما السلام وقال سعدى المفتى ثم التقييد بوقت الهوى اى الغروب لكونه اظهر دلالة على وجود الصانع وعظيم قدرته كما قال الخليل عليه السلام لا أحب الآفلين قال ابن الشيخ(9/210)
فى حواشيه وفيه لطيفة وهى ان القسم بالنجم يقتضى تعظيمه وقد كان فيهم من يعبده فنبه يهويه على عدم صلاحيته للالهية بافوله وقيل خص الهوى دون الطلوع فان لفظة النجم دلت على طلوعه فان اصل النجم الكوكب الطالع وقال الامام جعفر الصادق رضى الله عنه أراد بالنجم محمدا عليه السلام إذا نزل ليلة المعراج والهوى النزول كفته اند آن روز كه اين آيت فرو آمد ورسول خدا بر قريش آشكارا كرد عتبة بن ابى لهب كفت كفرت برب النجم إذا هوى وبالذي دنافتدلى ودختر رسول عليه السلام زن او بود طلاق داد رسول خدا دعا كرد وكفت اللهم سلط عليه كلبا من كلابك بعد از ان عتبه بتجارت شام رفت با پدر خويش ابو لهب در منزلى از منازل راه فرو آمدند وآنجا ديرى بود راهبى از دير فرو آمد وكفت هذه ارض مسبعة درين منزل سباع فراوان
بود نكريد تا خويش را از سباع نكاه داريد ابو لهب اصحاب خويش را كفت اين پسر مرا نكاه داريد كه من مى ترسم كه دعاى محمد در وى رسد ايشان همه كرد وى در آمدند واو را در ميان كرفتند و پاس او مى داشتند در ميانه شب رب العالمين خواب بر ايشان افكند وشير بيامد وبايشان در كذشت ولطمه بر عتبه زد واو را هلاك كرد ولم يأكله لنجاسته ويحتمل من التأويل المصلى إذا سجد والغازي إذا قتل شهيدا والعالم إذا مات ووضع في قبره فان هؤلاء نجوم والاخبار ناطقة بها قال عليه السلام علماء أمتي كالنجوم بها يهتدى في البر والبحر وقال امام الغزالي رحمه الله هم الصحابة إذا ماتوا لقوله عليه السلام أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وعلماء الإسلام لقوله عليه السلام العلماء نجوم الأرض وقال بعضهم هو قسم بنور المعرفة إذا وقع فى القلب قال تعالى مثل نوره كمشكاة فيها مصباح (وقال الكاشفى) ونزد محققان سوكند ياد كرده بستاره دل حضرت محمد عليه السلام بر فلك توحيد منقطع شد از ما سوى الله تعالى وايضا أقسم الله بنجم الهام حين سقط من صحائف الغيوب الى معادن القلوب وفي التأويلات النجمية قال الأخفش النجم نبت لاساق له فيكون هويه سقوطه على الأرض كما قال والنجم والشجر يسجدان يشير الى ان الله تعالى ينبت حبة المحبة الدائمة المنزهة عن التغير المقدسة عن التبدل التي وقعت وسقطت من روض سماء ذاته المطلقة الكلية الجمعية الاحاطية في ارض قلب نبيه وحبيبه القابل لانبات نباتات الولاية والنبوة والرسالة الموجبات لظهور رياحين الحقائق القرآنية وشقائق التجليات الربانية وازهار التنزلات الحقانية وعرارا للطائف الاحسانية العرفانية كالمشاهدات والمكاشفات والمعاينات وأمثالها وجواب القسم ما ضل صاحبكم وما غوى وبه يشير الى ان وجود النبي عليه السلام لما كان أول نور وحداني بسيط علوى لطيف شعشعانى تجلى به الحق وتعلقت به القدرة القديمة الازلية من غير واسطة كما اخبر عنه بقوله أنا من الله والمؤمنون منى وليست فيه ظلمة الوسائط الامكانية الموجبة للضلالة المنتجة للغى بل هو على نوريته الاصلية البسيطة الشعشعانية المقتضية للهدى والتقوى المستدعية للرشد والنهى باق كما هو ما اثرت فيه مصاحبتكم الطبيعية ولا مخالطتكم الصورية العنصرية وما ضل بأمر الطبيعة وما غوى بحكم البشرية فانه صلّى الله عليه وسلّم(9/211)
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)
قائم بالحق خارج عن الطبع كما اخبر عن نفسه الشريفة القدسية بقوله لست كأحدكم أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى وهذا يدل على قيامه بالحق وخروجه عن الطبع وأحكامه انتهى يقول الفقير امده الله القدير لفظ النجم نون هى خمسون بحساب ابجد وجيم هى ثلاثة فالمجموع ثلاثة وخمسون وميم هى أربعون فأشار الى ان النبي عليه السلام بعث عند الأربعين وجعل خاتم الأنبياء والمرسلين ومكث في مكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة والمجموع ثلاثة وخمسون وقد سماه الله تعالى بالنجم في هذه الآية كما سماه سراجا منيرا في آية اخرى لانه يستضاء بنور وجهه وضياء علمه وهداه وهوى هذا النجم العالي غروبه من مكة بعد المدة المذكورة وهجرته الى المدينة ولذا اقسم الله على عدم ضلاله وغيه لانه في غروبه ذلك وحركته راشد مهدى حيث كان بأمر الله تعالى واذنه فلما غرب من مكة اظلمت الدنيا على قريش وصاروا في ظلمة شديدة ولما طلع على المدينة أشرقت الأرض على المؤمنين حتى انهم وقعوا في البدر التام في السنة الثانية من الهجرة حيث نورهم الله تحت لواء حبيبه بنور النصرة على الأعداء ببدر وصار حال الأعداء الى ظلمة العدم وبهذا يظهر سر قوله تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وسر قوله عليه السلام لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله اى ينقطع اهل الذكر المتصل وكان هو النبي عليه السلام في مكة وبخروجه عنها بمفارقته عن ارضها واصرار القوم على الشرك والعناد وقع عليهم الطامة الكبرى ببدر كما تقوم الساعة عند انقطاع اهل الذكر الدائم من الأرض ففيه الناس يعنى الناسين لا يعرفون قدر اهل الذكر والحضور فيما بينهم بل يعادونهم ويؤذونهم مع ان في ذلك هلاكهم لانهم ملكوتهم وبانقطاع الملكوت والأرواح عن الملك والأجسام يزول الملك وتخرب الأجسام لانقطاع سبب البقاء ومن هنا قالوا ان لله رجالا متصرفين في أقطار الدنيا ولو في دار الحرب قانه لا بد للوجود من فيض البقاء والامداد أمدنا الله وإياكم بمزيد فضله وجوده وشرفنا بوصاله وشهوده بحرمة النجم وهويه وسجوده أمين أمين وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى يقال نطق ينطق نطقا ومنطقا ونطوقا تكلم بصوت وحروف يعرف بها المعاني كما في القاموس فلا يستعمل في الله تعالى لان التكلم بالصوت والحروف من خواص المخلوق والهوى مصدر هويه من باب علم إذا أحبه واشتهاه ثم غلب على الميل الى الشهوات والمستلذات من غير داعية الشرع ومنه قيل صاحب الهوى للمبتدع لانه مائل الى ما يهواه في امر الدين فالهوى هو الميل المخصوص المذموم ولهذا نهى الله أنبياءه فقال لداود عليه السلام ولا تتبع الهوى ولنبينا عليه السلام ولا تتبع أهواءهم ولم يمل أحد من الأنبياء اليه بدليل قوله عليه السلام ما اطلى نبى قط يقال اطلى الرجل إذا مال الى هواه (حكى) عن بعض الكبار انه قال كنت في مجلس بعض الغافلين فتكلم الى أن قال لا مخلص لاحد من الهوى ولو كان فلانا عنى به النبي عليه السلام حيث قال حبب الى من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى في الصلاة فقلت له اما تستحيى من الله تعالى فانه ما قال أحببت بل قال حبب فكيف يلام العبد على ما كان(9/212)
إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)
من عند الله تعالى ثم حصل لى غم وهم افرأيت لنبى عليه السلام في المنام فقال لا تغتم فقد كفينا امره ثم سمعت انه خرج ضيعة له فقتل في الطريق نعوذ بالله من الاطالة على الأنبياء وورثتهم الأولياء وضمن ينطق معنى الصدور قتعدى بكلمة عن فالمعنى وما يصدر نطقه بالقرءان عن هواه ورأيه أصلا فان المراد استمرار نفى النطق عن الهوى لانفى استمرار النطق عنه وقد يقال عن هنا بمعنى الباء اى وما ينطق بالهوى كما يقال رميت عن القوس اى بالقوس وفي التنزيل وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك اى بقولك قال ابن الشيخ قال اولا ما ضل وما غوى بصيغة الماضي ثم قال وما ينطق عن الهوى بصيغة المستقبل بيانا لحاله قبل البعثة وبعدها اى ما ضل وما غوى حين اعتزلكم وما تعبدون قبل أن يبعث رسولا وما ينطق عن الهوى الآن حين يتلو عليكم آيات ربه انتهى يقول الفقير فيه بعد كما لا يخفى والظاهر ان صيغة الماضي باعتبار قولهم قد ضل وغوى اشارة الى تحقق ذلك في زعمهم واما صيغة المضارع فباعتبار تجدد النطق في كل حال والله اعلم بكل حال إِنْ هُوَ اى ما الذي ينطق به من القرآن إِلَّا وَحْيٌ من الله تعالى يُوحى اليه بواسطه جبريل عليهما السلام وهو صفة مؤكدة لوحى رافعة لاحتمال المجاز مفيدة للاستمرار التجددي يعنى ان فائدة الوصف التنبيه على انه وحي حقيقة لا انه يسمى به مجازا والوحى قد يكون اسما بمعنى الكتاب الإلهي وقد يكون مصدرا وله معان الإرسال والإلهام والكتابة والكلام والاشارة والافهام وفيه اشارة الى ان النبي عليه السلام قد فنى عن ذاته وصفاته وأفعاله في ذات الله وصفاته وأفعاله بحيث لم يبق منه لا اسم ولا رسم ولا اثر ولا عين فكان ناطقا بنطق الحق لا ينطق البشرية فلا يتوهم فيه ان يجرى عليه الخطرات الشيطانية والهواجس النفسانية ولذا قالوا ما يصدر عن الواصل شريعة إذ هو محفوظ كما ان النبي عليه السلام معصوم قال بعض الكبار من وضع من الفقراء وردا من غير الوارد في السنة فقد أساء الأدب مع الله ورسوله الا أن يكون ذلك بتعريف من الله تعالى فيعرفه خصائص كلمات يجمعها فيكون حينئذ ممتثلا لا مخترعا وذلك مثل حزب البحر للشاذلى قدس سره فانه سافر في بحر القلزم مع نصرانى يقصد الحج فتوقف عليهم الريح أياما فرأى النبي عليه السلام في مبشرة فلقنه إياه فقرأه وأمر النصراني بالسفر فقال واين الريح فقال افعل فانه الآن يأتيك فكان الأمر كما قال واسلم النصراني بعد ذلك وقس عليه الإلهام والتعريف في اليقظة وقد اخبر ابو يزيد البسطامي قدس سره انه يولد بعد وفاته بمدة طويلة نفس من أنفاس الله وهو الشيخ ابو الحسن الخرقاني قدس سره فكان كما قال (وكذا قال صاحب المثنوى)
لوح محفوظست او را پيشوا ... از چهـ محفوظست محفوظ از خطا
نى نجومست ونى رملست ونه خواب ... وحي حق والله اعلم بالصواب
از پى روپوش عامه در بيان ... وحي دل كويند او را صوفيان
وحي دل گيرش كه منظرگاه اوست ... چون خطا باشد چودل آگاه اوست
مؤمنا ينظر بنور الله شدى ... از خطا وسهو ايمن آمدى(9/213)