الله تعالى فالخليفة عبارة عن الملك النافذ الحكم وهو من كان طريقته وحكومته على طريقة النبي وحكومته والسلطان أعم والخلافة فى خصوص مرتبة الامامة ايضا أعم. والمعنى استخلفناك على الملك فى الأرض والحكم فيما بين أهلها اى جعلناك اهل تصرف نافذ الحكم فى الأرض كمن يستخلفه بعض السلاطين على بعض البلاد ويملكه عليها وكان النبوة قبل داود فى سبطه والملك فى سبط آخر فاعطاهما تعالى داود عليه السلام فكان يدبر امر العباد بامره تعالى وفيه دليل بين على ان حاله عليه السلام بعد التوبة كما كان قبلها لم يتغير قط بل زادت اصطفائيته كما قال فى حق آدم عليه السلام (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) قال بعض كبراء المكاشفين ثم المكانة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته ولم يفعل ذلك مع
أحد من أبناء جنسه وهم الأنبياء وان كان فيهم خلفاء فان قلت آدم عليه السلام قد نص الله على خلافته فليس داود مخصوصا بالتنصيص على خلافته قلنا ما نص على خلافة آدم مثل التنصيص على خلافة داود وانما قال للملائكة انى جاعل فى الأرض خليفة فيحتمل ان يكون الخليفة الذي اراده الله غير آدم بان يكون بعض أولاده ولو قال ايضا انى جاعل آدم لم يكن مثل قوله انا جعلناك خليفة بضمير الخطاب فى حق داود فان هذا محقق ليس فيه احتمال غير المقصود قال بعضهم تجبرت الملائكة على آدم فجعله الله خليفة وتجبر طالوت على داود فجعله خليفة وتجبرت الأنصار على ابى بكر رضى الله عنه فجعله خليفة فلذا جعل الله الخلفاء ثلاثة آدم وداود وأبا بكر. وكان مدة ملك داود أربعين سنة مما وهبه الخليفة الاول من عمره فان آدم وهب لداود من عمره ستين سنة فلذا كان خليفة فى الأرض كما كان آدم خليفة فيها وفى الآية اشارة الى معان مختلفة منها ان الخلافة الحقيقية ليست بمكتسبة للانسان وانما هى عطاء وفضل من الله يؤتيه من يشاء كما قال تعالى (إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً) اى أعطيناك الخلافة ومنها ان استعداد الخلافة مخصوص بالإنسان كما قال تعالى (جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) ومنها ان الإنسان وان خلق مستعدا للخلافة ولكن بالقوة فلا يبلغ درجاتها بالفعل الا الشواذ منهم ومنها ان الجعلية تتعلق بعالم المعنى كما ان الخلقية تتعلق بعالم الصورة ولهذا لما اخبر الله تعالى عن صورة آدم عليه السلام قال (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) ولما اخبر عن معناه قال (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ومنها ان الروح الإنساني هو الفيض الاول وهو أول شىء تعلق به امر كن ولهذا نسبه الى امره فقال تعالى (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) فلما كان الروح هو الفيض الاول كان خليفة الله ومنها ان الروح الإنساني خليقة الله بذاته وصفاته اما بذاته فلانه كان له وجود من جود وجوده بلا واسطة فوجوده كان خليفة وجود الله واما بصفاته فلانه كان له صفات من جود صفات الله بلا واسطة فكل وجود وصفات تكون بعد وجود الخليفة يكون خليفة خليفة الله بالذات والصفات وهلم جرا الى ان يكون القالب الإنساني هو أسفل سافلين الموجودات وآخر شىء لقبول الفيض الإلهي واقل حظ من الخلافة فلما أراد الله ان يجعل الإنسان خليفة خليفته فى الأرض خلق لخليفة روحه منزلا صالحا لنزول الخليفة فيه وهو قالبه واعدّ له عرشا فيه ليكون محل استوائه عليه وهو القلب ونصب له خادما وهو النفس فلو بقي الإنسان على(8/21)
فطرة الله التي فطر الناس عليها يكون روحه مستفيضا من الحق تعالى فائضا بخلافة الحق تعالى على عرش القلب والقلب فائض بخلافة الروح على خادم النفس والنفس فائضة بخلافة القلب على القالب والقالب فائض بخلافة النفس على الدنيا وهى ارض الله فيكون الروح بهذه الأسباب والآلات خليفة الله فى ارضه بحكمه وامره بتواقيع الشرائع ومنها ان من خصوصية الخلافة الحكم بين الناس بالحق والاعراض عن الهوى بترك متابعته كما ان من خصوصية أكل الحلال العمل الصالح قال تعالى (كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً) ومنها ان الله تعالى جعل داود الروح خليفة فى ارض الانسانية وجعل القلب والسر والنفس والقالب والحواس والقوى والأخلاق والجوارح والأعضاء كلها رعية له ثم على قضية كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته امر بان يحكم بين رعيته بالحق اى بامر الحق لا بامر الهوى كما قال تعالى فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ اى بحكم الله تعالى فان الخلافة مقتضية له حتما وحكم الله بين خلقه هو العدل المحض وبه يكون الحاكم عادلا لا جائرا. والحكم لغة الفصل وشرعا امر ونهى يتضمنه إلزاما وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى اى ما تهواه النفس وتشتهيه فى الحكومات وغيرها من امور الدين والدنيا: وبالفارسية [و پيروى مكن هواى نفس را وآرزوهاى او را] قال بعضهم وهو يؤيد ما قيل ان ذنب داود الهم الذي هم به حين نظر الى امرأة أوريا وهو ان يجعلها تحت نكاحه او ما قيل ان ذنبه المبادرة الى تصديق المدعى وتظليم الآخر قبل مسألته فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بالنصب على انه جواب النهى اى فيكون الهوى او اتباعه سببا لضلالك عن دلائله
التي نصبها على الحق تكوينا وتشريعا قال بعض الكبار (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى) اى ما يخطر لك فى حكمك من غير وحي منى (فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) اى عن الطريق الذي اوحى بها الى رسلى انتهى فان قلت كيف يكون متابعة الهوى سببا للضلال قلت لان الهوى يدعو الى الاستغراق فى اللذات الجسمانية فيشغل عن طلب السعادات الروحانية التي هى الباقيات الصالحات فمن ضل عن سبيل الله الذي هو اتباع الدلائل المنصوبة على الحق او اتباع الحق فى الأمور وقع فى سبيل الشيطان بل فى حفرة النيران والحرمان إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ تعليل لما قبله ببيان غائلته واظهار فى سبيل الله فى موضع الإضمار للايذان بكمال شناعة الضلال عنه لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا اى بسبب نسيانهم يَوْمَ الْحِسابِ مفعول لنسوا. ولما كان الضلال عن سبيل الله مستلزما لنسيان يوم الحساب كان كل منهما سببا وعلة لثبوت العذاب الشديد تأدب سبحانه وتعالى مع داود حيث لم يسند الضلال اليه بان يقول فلئن ضللت عن سبيلى فلك عذاب شديد لما هو مقتضى الظاهر بل أسنده الى الجماعة الغائبين الذين داود عليه السلام واحد منهم واعلم ان الله تعالى خلق الهوى الباطل على صفة الضلالة مخالفا للحق تعالى فان من صفته الهداية والحكمة فى خليفته يكون هاديا الى الحضرة بضدية طبعه ومخالفة امره كما ان الحق تعالى كان هاديا الى حضرته بنور ذاته وموافقة امره ليسير السائر الى الله على قدمى موافقته امر الله ومخالفته هواه ولهذا قال المشايخ لولا الهوى ما سلك أحد طريقا الى الله وأعظم جنايات العبد وأقبح(8/22)
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27)
خطاياه متابعة الهوى كما قال عليه السلام (ما عبد اله فى الأرض ابغض على الله من الهوى) وفى الحديث (ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه) وللهوى كمالية فى الإضلال لا توجد فى غيره وذلك لانه يحتمل ان يتصرف فى الأنبياء عليهم السلام باضلالهم عن سبيل الله كما قال لداود عليه السلام (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) وبقوله (إِنَّ الَّذِينَ) إلخ يشير الى ان الضلال الكبير هو الانقطاع عن طلب الحق ومن ضل عن طريق الحق أخذ بعذاب شديد القطيعة والحرمان من القرب وجوار الحق وذلك بما نسوا يوم الحساب وهو يوم يجازى فيه كل محق بقدر هدايته وكل مبطل بحسب ضلالته كما فى التأويلات النجمية وفى الآية دليل بين على وجوب الحكم بالحق وان لا يميل الحاكم الى أحد الخصمين بشئ من الأشياء وفى الحديث انه عليه السلام قال لعلى (يا على احكم بالحق فان لكل حكم جائر سبعين درعا من النار لوان درعا واحدا وضع على رأس جبل شاهق لا صبح الجبل رمادا) [در فوائد السلوك آورده كه بنكر كه پادشاهى چهـ صعب كاريست كه حضرت داود عليه السلام با كمال درجه نبوت وجلال مرتبه رسالت بحمل اعباى چنين امرى مأمور وبخطب أثقال چنين خطابى مخاطب مى شود كه (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ) ميان مردمان حكم بطريق معدلت ونصفت كن وداورى بر منهج عدل وانصاف نماى و پاى بر جاى حق نه بر طريق باطل ومتابعت هواى نفس بر متابعت مراد حق اختيار مكن كه ترا از مسالك مراضئ ما كمراه كردند: ودر سلسلة الذهب ميفرمايد
نص قرآن شنو كه حق فرمود ... در مقام خطاب يا دود
كه ترازان خليفكى داديم ... سوى خلقان از آن فرستاديم
تا دهى ملك را ز عدل أساس ... حكم رانى بعدل بين الناس
هر كرا نه ز عدل دستورست ... از مقام خليفكى دورست
آنكه كيرد ستم ز ديو سبق ... عدل چون خواندش خليفه حق
پيشه كرده خلاف فرمان را ... كشته نائب مناب شيطان را
حق ز شاهان بغير عدل نخواست ... آسمان وزمين بعدل بپاست
شاه باشد شبان خلق همه ... رمه وكرك آن رمه ظلمه
بهر آنست هاى هوى شبان ... تا بيابد رمه زكرك أمان
چون شبان سازكار كرك بود ... رمه را آفت بزرك بود
هر كرا دل بعدل شد مائل ... طمع از مال خلق كوبكسل
طمع وعدل آتش وآبند ... هر دو يكجا قرار كى يابند
هر كرا از خليفكئ خداى ... نشود سير نفس بد فرماى
سير مشكل شود از آن زر وسيم ... كه كشد كه زبيوه كه زيتيم
ومن الله التوفيق للعدل فى الأنفس والآفاق واجراء احكام الشريعة وآداب الطريقة على الإطلاق انه المحسن الخلاق وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما من المخلوقات باطِلًا(8/23)
أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)
اى خلقا باطلا لا حكمة فيه بل ليكون مدارا للعلم والعمل ومذكرا للآخرة وما فيها من الحساب والجزاء فان الدنيا لا تخلو عن الصفو والكدر وكل منهما يفصح عما فى الآخرة من الراحة والخطر وايضا ليكون مرآة يشاهد فيها المؤمنون الذين ينظرون بنور الله شواهد صفات الجمال والجلال
جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات
ذلِكَ اى كونه خلقا باطلا خاليا عن الغاية الجليلة والحكمة الباهرة ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا اى مظنون كفار مكة فانهم وان كانوا مقرين بان الله هو الخالق لكن لما اعتقدوا بان الجزاء الذي هو علة خلق العالم باطل لزمهم ان يظنوا ان المعلول باطل ويعتقدوا ذلك فَوَيْلٌ اى فاذا كان مظنونهم هذا فالهلاك كل الهلاك اى فشدة هلاك حاصل: وبالفارسية [پس واى] لِلَّذِينَ كَفَرُوا خبر لويل مِنَ النَّارِ من تعليلية مفيدة لعلية النار لثبوت الويل لهم صريحا بعد الاشعار بعلية ما يؤدى إليها من ظنهم وكفرهم اى فويل لهم بسبب النار المرتبة على ظنهم وكفرهم فلا بد من رؤية الحق حقا والباطل باطلا وتدارك زاد اليوم اى يوم الجزاء ظاهرا وباطنا ليحصل الخلاص والنجاة والنعيم واللذات فى أعلى الدرجات أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أم منقطعة بمعنى بل والهمزة الانكارية اى بل أنجعل المؤمنين المصلحين فى الأرض كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ بالكفر والمعاصي اى لا نجعلهم سواء فلو بطل البعث والجزاء كما يظن الكفار لا ستوت عند الله حال من أصلح ومن أفسد ومن سوى بينهما كان سفيها والله تعالى منزه عن السفه فانما بالايمان والعمل الصالح يرفع المؤمنين الى أعلى عليين ويرد الكافرين الى أسفل سافلين أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ اى كما لا نجعل اهل الايمان والعمل الصالح الذين هم مظاهر صفات لطفنا وجمالنا كالمفسدين الذين هم مظاهر صفات قهرنا وجلالنا كذلك لا نجعل اهل التقوى كالفجار والفجر شق الشيء شقا واسعا والفجور شق سر الديانة. أنكر التسوية اولا بين اهل الايمان والشرك ثم بين اهل التقوى والهوى يعنى من المؤمنين وهو المناسب لمقام التهديد والوعيد كى يخاف من الله تعالى كل صنف بحسب مرتبته ويجوز ان يكون تكرير الإنكار الاول باعتبار وصفين آخرين يمنعان التسوية من الحكيم الرحيم- وروى- ان كفار قريش قالوا للمؤمنين انا نعطى فى الآخرة من الخير ما تعطون بل اكثر فقال تعالى (أَمْ نَجْعَلُ) إلخ وانما قالوا ذلك على تقدير وقوع الآخرة كما سبق من قوله تعالى (وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) وسيجئ فى قوله تعالى (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) اى فى ثواب الآخرة واعلم ان الله تعالى سوى بين الفريقين فى التمتع بالحياة الدنيا بل الكفار أوفر حظا من المؤمنين لان الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة لكن الله جعل الدار الآخرة للذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا وهم المؤمنون المخلصون المنقادون لله ولامره وانما لم يجازهم فى هذه الدار لسعة رحمته وضيق هذه الدار فلذا اخر الجزاء الى الدار الآخرة فاذا ترقى الإنسان من الهوى الى الهدى ومن الفجور الى التقوى أخذ الاجر بالكيل الاوفى ثم لما كان القرآن منبع جميع السعادات والخيرات وصفه(8/24)
كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)
اولا ثم بين المصلحة فيه فقال كِتابٌ خبر مبتدأ محذوف وهو عبارة عن القرآن اى هذا كتاب أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ صفته مُبارَكٌ خبر ثان للمبتدأ اى كثير المنفعة دنيا ودينا لمن آمن به وعمل باحكامه وحقائقه وإشاراته فان البركة ثبوت الخير الإلهي فى الشيء والمبارك ما فيه ذلك الخير لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ متعلق بانزلنا وأصله يتدبروا فادغمت التاء فى الدال اى أنزلناه ليتفكروا فى آياته بالفكر السليم فيعرفوا ما يتبع ظاهرها من المعاني الفائقة والتأويلات اللائقة اى ليتفكروا فى معانيها فان التدبر عبارة عن النظر فى عواقب الأمور والتفكر تصرف القلب فى معانى الأشياء لدرك المطلوب وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ اى وليتعظ به اصحاب العقول الخالصة عن شوب الوهم عمم التدبر لعموم العلماء وخص التذكر بخصوص العقلاء لان التدبر للفهم والتذكر لوقوع الإجلال والخشية الخاص باكابر اهل العلم قال بعضهم التفكر عند فقدان المطلوب لاحتجاب القلب بالصفات النفسانية واما التذكر فهو عند رفع الحجاب والرجوع الى الفطرة الاولى فيتذكر ما انطبع فى النفس فى الأزل من التوحيد والمعارف انتهى فعلم ان المقصود من كلام الحق التفكر والتذكر والاتعاظ به لا حفظ الألفاظ فقط قال الشبلي قدس سره قرأت اربعة آلاف حديث ثم اخترت منها حديثا واحدا وكان علم الأولين والآخرين مندرجا فيه وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبعض أصحابه (اعمل لدنياك بقدر مقامك فيها واعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها واعمل لله بقدر حاجتك اليه واعمل للنار بقدر صبرك عليها) وكان الصحابة يكتفون ببعض السور القرآنية ويشتغلون بالعمل بها فان المقصود من القرآن العمل به- روى- ان رجلا جاء الى النبي عليه السلام وقال علمنى مما علمك الله فدفعه الى رجل يعلمه القرآن فعلمه إذا زلزلت الأرض حتى إذا بلغ فمن يعمل إلخ قال حسبى فاخبر النبي عليه السلام بذلك فقال (دعوه فقد فقه الرجل) وقال ابراهيم بن أدهم رحمه الله مررت بحجر مكتوب عليه قلبنى ينفعك فقلبته فاذا مكتوب عليه أنت بما تعلم لا تعمل فكيف تطلب ما لم تعلم وعن البصري رحمه الله قد قرأ هذا القرآن عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله حفظوا حروفه وضيعوا حدوده حتى ان أحدهم ليقول والله لقد قرأت القرآن فما أسقطت منه حرفا والله وقد أسقط كله ما يرى عليه للقرآن اثر فى خلق ولا عمل والله ما هو بحفظ حروفه واضاعة حدوده والله ما هؤلاء بالحكماء ولا الوزعة لا اكثر الله فى الناس مثل هؤلاء فمن اقتفى بظاهر المتلوّ كان مثله كمثل من له لقحة درور لا يحلبها ومهرة نتوج لا يستولدها قال انس رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تعوذوا بالله من فخر القراء فانهم أشد فخرا من الجبابرة) ولا أحد ابغض الى رسول الله من قارئ متكبر وعن على رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (تعوذوا بالله من دار الحزن فانها إذا فتحت استجارت منها جهنم سبعين مرة أعدها الله للقراء المرائين بأعمالهم وان شر القراء لمن يزور الأمراء) : وفى سلسلة الذهب للمولى الجامى قدس سره رب تال يفوه بالقران وهو يفضى به الى الخذلان(8/25)
وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34)
خواجه را نيست جز تلاوت كار ... ليكن آن طرد ولعنت آرد بار
لعنتست اين كه بهر لهجه وصوت ... شود از تو حضور خاطر فوت
نشود بر دل تو تا بنده ... كين كلام خداست يابنده
لعنتست اين كه سازدت بى سيم ... روز شب با امير وخواجه نديم
خانه شان مزبله است وقرآن نور ... دار اين نور را ز مزبله دور
معنئ لعن چيست مردودى ... بمقامات بعد خشنودى
هر كه ماند از خدا بيك سر مو ... آمد اندر مقام بعد فرو
كرچهـ ملعون نشد ز حق مطلق ... هست ملعون بقدر بعد از حق
وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ [وبخشيديم داود را فرزندى كه آن سليمانست] عليهما السلام. والهبة عطاء الواهب بطريق الانعام لا بطريق العوض والجزاء الموافق لاعمال الموهوب له فسليمان النعمة التامة على داود لان الخلافة الظاهرة الالهية قد كملت لداود وظهرت أكمليتها فى سليمان وكذا على العالمين لما وصل منه إليهم من آثار اللطف والرحمة وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال أولادنا من مواهب الله ثم قرأ (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) - روى- ان داود عليه السلام عاش مائة سنة ومات يوم السبت فجأة ويوم السبت لهم كيوم الجمعة لنا أتاه ملك الموت وهو يصعد فى محرابه اى الغرفة وينزل وقال جئت لا قبض روحك فقال دعنى حتى انزل وارتقى فقال مالى الى ذلك سبيل نفدت الأيام والشهور والسنون والآثار والأرزاق فما أنت بمؤثر بعدها فسجد داود على مرقاة من الدرج فقبض نفسه على تلك الحال. وموت الفجأة رحمة للصالحين وتخفيف ورفق بهم إذ هم المنقطعون المستعدون فلا يحتاجون الى الإيصاء وتجديد التوبة ورد المظالم بخلاف غيرهم ولذا كان من آثار غضب الله على الفاسقين واوصى داود لابنه سليمان بالخلافة نِعْمَ الْعَبْدُ سليمان لصلاحية استعداده للكمال النوعي الإنساني وهو مقام النبوة والخلافة قال بعضهم العبودية هى الذبول عن موارد الربوبية والخمول تحت صفات الالوهية إِنَّهُ أَوَّابٌ رجاع الى الحضرة بإخلاص العبودية بلا علة دنيوية ولا اخروية او رجاع الى الله فى جميع الأحوال فى النعمة بالشكر وفى المحنة بالصبر [بظاهر ملك ومملكت ميراند وبباطن فقر وفاقت همى پرورد سليمان روزى تمنى كرد كفت بار خدايا جن وانس وطيور ووحوش بفرمان من كردى چهـ بود كه إبليس را نيز بفرمان من كنى تا او را بند كنم كفت اى سليمان اين تمنى مكن كه در ان مصلحت نيست كفت بار خدايا كر هم دو روز باشد اين مراد من بده كفت دادم سليمان إبليس را در بند كرد ومعاش سليمان با آن همه ملك ومملكت از دست رنج خويش بود هر روز زنبيلى ببافتى وبدو قرص بدادى ودر مسجد با درويشى بهم بخوردى وكفتى] مسكين وجالس مسكينا
يك كدا بود سليمان بعصا وزنبيل ... يافت از لطف تو آن حشمت وملك آرايى
آن روز كه إبليس را در بند كرد زنبيل ببازار فرستاد وكس نخريد كه در بازار آن(8/26)
إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31)
روز هيچ معاملت وتجارت نبود ومردم همه بعبادت مشغول بودند آن روز سليمان هيچ طعام نخورد ديكر روز همچنان بر عادت زنبيل بافت وكس نخريد سليمان كرسنه شد بالله ناليد كفت بار خدايا كرسنه ام وكس زنبيلى نمى خرد فرمان آمد كه اى سليمان نمى دانى كه چون تو مهتر بازاريان در بند كنى در معاملات بر خلق فرو بسته شود ومصلحت خلق نباشد او معمار دنياست ومشارك خلق در اموال وأولاد] يقول الله تعالى (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) فظهر من هذه الحكاية حال سليمان مع الله تعالى وكونه متخليا عن المال فارغا عن الملك فى الحقيقة
چوهر ساعت از تو بجايى رود دل ... بتنهايى اندر صفايى نبينى
ورت مال وجاهست وزرع وتجارت ... چودل با خدايست خلوت نشينى
إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ اى اذكر ما صدر عنه إذ عرض عليه يقال عرض له امر كذا اى ظهر وعرضته له اى اظهرته وعرض الجند إذا أمرهم عليه ونظر ما حالهم بِالْعَشِيِّ هو من الظهر الى آخر النهار الصَّافِناتُ مرفوع بعرض جمع صافن لا صافنة لانه لذكور الخيل وصفة المذكر الذي لا يعقل يجمع هذا الجمع مطردا كما عرف فى النحو. والصفن الجمع بين الشيئين ضاما بعضهما الى بعض يقال صفن الفرس قوائمه إذا قام على ثلاث وثنى الرابغة اى قلب أحد حوافره وقام على طرف سنبك يد او رجل والسنبك طرف مقدم الحافر وهو من الصفات المحمودة فى الخيل لا يكاد يتفق الا فى العربي الخالص: والمعنى بالفارسية [اسبان ايستاده به سه پاى وبر كناره سم از قائم چهارم] الْجِيادُ جمع جواد وجود وهو الذي يسرع فى جريه تشبيها له بالمطر الجود: والمعنى بالفارسية [اسبهاى تازى نيورنك نيكو قد تيزرو] كذا قاله صاحب كشف الاسرار وكأنه جمع بين معنى الجيد والجواد قال فى القاموس الجواد السخي والسخية والجمع الأجواد والجيد ضد الرديء والجمع الجياد وقيل الجواد هو الفرس الذي يجود عند الركض اى العدو وعن ابن عباس رضى الله عنهما الجياد الخيل السوابق وإذا جرت كانت سراعا خفافا فى جريها- روى- ان سليمان عليه السلام غزا اهل دمشق ونصيبين وهى قاعدة ديار ربيعة فاصاب الف فرس عربى او أصابها أبوه من العمالقة فورثها منه وهذا على تقدير عدم بقاء قوله عليه السلام (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة) على عمومه او يحمل على الاستعارة بعلاقة المشابهة فى ثبوت ولاية التصرف فان لسليمان حق التصرف فيما تركه أبوه فى بيت المال كالدروع ونحوها كما كان للخلفاء حق التصرف فيما تركه نبينا عليه السلام ولذا منع أبو بكر رضى الله عنه فاطمة رضى الله عنها عن الميراث حين طلبته وذلك ان ما تركه عليه السلام من صفايا اموال النفير وفدك كان مصروفا الى نفقة نسائه كما فى حياته لكونهن محبوسات عليه الى وفاتهن وايضا الى نفقة خليفته لكونه خادما له قائما مقامه وما فضل من ذلك كان يصرف الى مصالح المسلمين فلم يبق له بعد وفاته ما يكون ميراثا لاهل بيته [وكفته اند اسبان دريايى بودند و پر داشتند وديوان براى سليمان از بحر برآوردند] وسيجئ ما يؤيده(8/27)
فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32)
وعلى كل تقدير قعد سليمان يوما بعد ما صلى الظهر على كرسيه وكان يريد جهادا فاستعرض تلك الافراس اى طلب عرضها عليه فلم تزل تعرض عليه وهو ينظر إليها ويتعجب من حسنها حتى غربت الشمس وغفل عن العصر وكانت فرضا عليه كما فى كشف الاسرار وعن ورد كان له من الذكر وقتئذ وتهيبه قومه فلم يعلموه فاغتم لما فاته بسبب السهو والنسيان فاستردها فعقرها تقربا الى الله وطلبا لمرضاته على ان يكون العقر قربة فى تلك الشريعة ولذا لم ينكر عليه فعله او مباحا فى ذلك اليوم وانما أراد بذلك الاستهانة بمال الدنيا لمكان فريضة الله كما قاله ابو الليث فلم يكن من قبيل تعذيب الحيوان يقول الفقير سر العقر هاهنا هو ان تلك الخيل لما شغلته عن القيام الى الصلاة كان العقد كفارة موافقة له وقال بعضهم المراد من العقر الذبح فيكون تقديم السوق كما يأتى لرعاية الفاصلة فذبحها وتصدق بلحومها وكان لحم الخيل حلالا فى ذلك الوقت وانما لم يتصدق بها لانه يحتاج الى زمان ووجدان محل صالح له. والحاصل انه ذبح تسعمائة وبقي مائة وهو ما لم يعرض عليه بعد فما فى أيدي الناس من الجياد فمن نسل تلك المائة الباقية كذا قالوا وفيه ان هذا يؤيد كون تلك الخيل قد أخرجت من البحر إذ لو كانت من غنائم الغزو لم يلزم ان يكون نسل الجياد من تلك المائة لوجود غيرها فى الدنيا وايضا على تقدير كونها ميراثا من أبيه بالمعنى الثاني كما سبق تكون امانة فى يده والامانة لا تعقر ولا تذبح كما لا يخفى فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي قاله عليه السلام عند غروب الشمس اعترافا بما صدر عنه من الاشتغال بها عن الصلاة وندما عليه وتمهيدا لما يعقبه من الأمر بردها وعقرها والتعقيب بالفاء باعتبار اواخر العرض المستمر دون ابتدائه والتأكيد للدلالة على ان اعترافه وندمه عن صميم القلب لا لتحقيق مضمون الخبر واصل أحببت ان يعدى بعلى لانه بمعنى آثرت كما فى قوله تعالى (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) وكل من أحب شيأ فقد آثره لكن لما أنيب مناب أنبت وضمن معناه عدى تعديته بعن وحب الخير مفعوله اى مفعول به لانبت المضمن والذي أنيب مناب الذكر هو الاطلاع على احوال الخيل لا حب الخيل الا انه عدى الفعل الى حب الخيل للدلالة على غاية محبته لها فان الإنسان قد يحب شيأ ولكنه يحب ان لا يحبه كالمريض الذي يشتهى ما يضره ولذا لما قيل لمريض ما تشتهى قال اشتهى ان لا اشتهى واما من أحب شيأ وأحب ان يحبه فذلك غاية المحبة. والخير المال الكثير والمراد به الخيل التي شغلته عليه السلام لانها مال ويحتمل انه سماها خيرا كأنها نفس الخير لتعلق الخير بها قال عليه السلام (الخير) اى الاجر والمغنم (معقود بنواصي الخيل الى يوم القيامة) والمراد بالذكر صلاة العصر بدليل قوله بالعشي وسميت الصلاة ذكرا لانها مشحونة بالذكر كما فى كشف الاسرار او الورد المعين وقتئذ. ومعنى الآية أنبت حب الخيل اى جعلته نائبا عن ذكر ربى ووضعته موضعه وكان يحب لمثلى ان يشتغل بذكر ربه وطاعته حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ التواري الاستتار والضمير للشمس واضمارها من غير ذكر لدلالة العشى عليها إذ لا شىء يتوارى حينئذ غيرها فالحجاب مغيب الشمس ومغربها كما فى المفردات وحتى متعلق بقوله أحببت(8/28)
رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33)
وغاية له باعتبار استمرار المحبة ودوامها حسب استمرار العرض. والمعنى أنبت حب الخير عن ذكر ربى واستمر ذلك حتى توارت اى غربت الشمس تشبيها لغروبها فى مغربها بتوارى الجارية المخبأة بحجابها اى المستترة بخبائها وخدرها وقيل الضمير فى توارت للصافنات اى حتى توارت بحجاب الليل اى بظلامه لان ظلام الليل يستر كل شىء رُدُّوها عَلَيَّ من تمام مقالة سليمان ومرمى غرضه من تقديم ما قدمه والخطاب لاهل العرض من قومه اى أعيدوا تلك الخيل على فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ الفاء فصيحة مفصحة عن جملة قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وإيذانا بغاية سرعة الامتثال بالأمر وطفق من افعال المقاربة الدالة على شروع فاعلها فى مضمون الخبر فهو بمعنى أخذ وشرع وخبر هذه الافعال يكون فعلا مضارعا فى الأغلب ومسحا نصب على المصدرية بفعل مقدر هو خبر طفق والمسح إمرار اليد على الشيء والجمهور على ان المراد به هنا القطع من قولهم مسح علاوته اى ضرب عنقه وقطع رأسه والعلاوة بالكسر أعلى الرأس او العنق قال فى المفردات مسحته بالسيف كناية عن الضرب والسوق جمع ساق كدور ودار والساق ما بين الكعبين كعب الركبة وكعب الرجل. والأعناق جمع عنق بالفارسية [كردن] والباء مزيدة كما فى قوله تعالى (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فان مسحت رأسه ومسحت برأسه بمعنى واحد. والمعنى فردوها عليه فاخذ يمسح بالسيف مسحا سوقها وأعناقها اى يقطع أعناقها ويعرقب ارجلها اى هو وأصحابه او يذبح بعضها ويعرقب بعضها ازالة للعلاقات ورفعا للحجاب الحائل بينه وبين الحق واستغفارا وانابة اليه بالترك والتجريد وفى الآية اشارة الى ان حب غير الله شاغل عن الله وموجب للحجاب وان كل محبوب سوى الله إذا حجبك عن الله لحظة يلزمك ان تعالجه بسيف نفى لا اله الا الله
«لا» نهنكيست كائنات آشام ... عرش تا فرش در كشيده بكام
هر كجا كرده آن نهنك آهنك ... از من وما نه بوى ماند ونه رنك
وقال الامام فى تفسيره الصواب ان يقال ان رباط الخيل كان مندوبا اليه فى دينهم كما هو مندوب اليه فى شرعنا ثم ان سليمان عليه السلام احتاج الى الغزو فجلس على كرسيه وامر بإحضار الخيل وامر باجرائها وذكر انى لا أجريها لاجل الدنيا وحظ النفس وانما أجريها وأحبها لامر الله تعالى وتقوية دينه وهو المراد من قوله عن ذكر ربى ثم انه امر باجرائها وتسييرها حتى تورات بالحجاب اى غابت عن بصره فانه كان له ميدان واسع مستدير يسابق فيه بين الخيل حتى تتوارى عنه وتغيب عن عينه ثم انه امر الرائضين بان يردوها فردوا تلك الخيل اليه فلما عادت اليه طفق يمسح سوقها وأعناقها اى بيده حبالها وتشريفا وابانة لعزتها لكونها من أعظم الأعوان فى قهر الأعداء وإعلاء الدين وهو قول الزهري وابن كيسان وليس فيه نسبة شىء من المنكرات الى سليمان عليه السلام فهو أحق بالقبول عند اولى الافهام وفى الفتوحات المكية معنى الآية أحببت الخير عن ذكر ربى الخير بالخيرية فاحببته لذلك والخير هى الصافنات الجياد من الخيل واما قوله فطفق مسحا اى يمسح بيده(8/29)
على أعناقها وسوقها فرحا وإعجابا بخير ربه لا فرحا بالدنيا لان الأنبياء منزهون عن ذلك وهذه تشبه ما وقع لايوب عليه السلام حين أرسل الله له جرادا من ذهب فصار يحثو فى ثوبه منه ويقول لا غنى لى عن بركتك يا رب فما أحب سليمان الخير الا لكونه تعالى أحب حب الخير ولذلك اشتاق إليها لما تورات بالحجاب يعنى الصافنات الجياد لكونه فقد المحل الذي أوجب له حب الخير عن ذكر ربه فقال ردوها علىّ. وليس للمفسرين الذين جعلوا التواري للشمس دليل فان الشمس ليس لها هنا ذكر ولا الصلاة التي يزعمون ومساق الآية لا يدل على ما قالوه بوجه ظاهر البتة انتهى كلام الفتوحات وعن على رضى الله عنه اشتغل سليمان عليه السلام بعرض الافراس للجهاد حتى تورات بالحجاب اى غربت الشمس فقال بامر الله للملائكة الموكلين بالشمس ردوها يعنى الشمس فردوها الى موضع وقت العصر حتى صلى العصر فى وقتها فذلك من معجزات سليمان عليه السلام قال فى كشف الاسرار [سليمان عليه السلام در راه خدا آن همه اسبان فدا كرد ودل از ان زينت وآرايش دنيا برداشت وبا عبادت الله پرداخت لاجرم رب العزة او را به از ان عوض داد بجاى اسبان باد را مركب او ساخت وبسبب آن اندوه كه بوى رسيد بر فوت عبادت فرشته قرص آفتاب از مغرب باز كردانيد از بهر وى تا نماز ديكر بوقت خويش بگزارد وآن ويرا معجزه كشت و چنانكه اين معجزه از بهر سليمان پيغمبر پيدا كشت درين امت از بهر امير المؤمنين على رضى الله عنه از روى كرامت پيدا كشت در خبرست مصطفى عليه السلام سر بر كنار على نهاد وبخفت على نماز ديكر نكرده بود نخواست كه خواب بر رسول قطع كند مرد عالم بود كفت نماز طاعت حق وخدمت راست رسول طاعت حق همچنان مى بود تا قرص آفتاب بمغرب فروشد مصطفى عليه السلام از خواب درآمد على كفت يا رسول الله وقت نماز ديكر فوت شد ومن نماز نكردم رسول كفت اى على چرا نماز نكردى كفت نخواستم كه لذت خواب بر تو قطع كنم جبريل آمد كه يا محمد حق تعالى مرا فرمود تا قرص آفتاب را از مغرب باز آرم تا على نماز ديكر بوقت بگزارد بعض ياران كفتند قرص آفتاب را چندان باز آورد كه شعاع آفتاب ديديم كه بر ديوارهاى مدينه مى تافت قال الكاشفى وانكه آفتاب بدعاى حضرت پيغمبر عليه السلام در صهباى خيبر بعد از غروب بازگشت وبجاى عصر آمد تا حضرت على رضى الله عنه نماز كزارد ونزد محدثان مشهورست وامام طحاوى در شرح آثار خويش فرمود كه روات اين ثقات اند واز احمد ابن صالح رحمه الله نقل كرده كه اهل علم را سزاوار نيست كه تغافل كنند از حفظ اين حديث كه از علامات نبوتست] ولا عبرة بقول بعضهم بوضعه
كه دعوتش كرفته كريبان آفتاب ... بالا كشيده از چهـ مغرب بر آسمان
كه قرص بدر را بسر كرد خوان چرخ ... دستش دو نيم كرده بيك ضربت بنان
واعلم ان حبس الشمس وردها وقع مرارا ومعنى حبسها وقوفها عن السير والحركة بالكلية او بطؤ حركتها او ردها الى ورائها ومعنى ردها إعادتها بعد غروبها ومغيبها فقد(8/30)
وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34)
حبست لداود عليه السلام وذلك فى رواية ضعيفة وردت لسليمان على ما قرر. وحبست ايضا لخليفة موسى عليه السلام وهو يوشع بن نون فانه سار مع بنى إسرائيل لقتال الجبارين وكان يوم الجمعة ولما كاد يفتحها كادت الشمس تغرب فقال للشمس أيتها الشمس انك مأمورة وانا مأمور بحرمتي عليك ألا ركدت اى مكثت ساعة من النهار وفى رواية اللهم احبسها علىّ فحبسها الله حتى افتتح المدينة وانما دعا بحبسها خوفا من دخول البيت المحرم عليهم فيه المقاتلة. وردت ايضا لعلى رضى الله عنه بدعاء نبينا عليه السلام على ما سبق. وحبست ايضا عن الغروب لنبينا عليه السلام وذلك انه اخبر فى قصة المعراج ان عير قريش تقدم يوم كذا فلما كان ذلك اليوم أشرفت قريش ينتظرون ذلك وقد ولى النهار حتى كادت الشمس تغرب فدعا الله تعالى فحبس الشمس عن الغروب حتى قدمت العير وفى بعض الروايات حبست له عن الطلوع لانه عليه السلام قال (وتطلع العير عليكم من الثنية عند طلوع الشمس) فحبس الله الشمس عن الطلوع حتى قدمت العير. وحبست ايضا له عليه السلام فى بعض ايام الخندق الى الاحمرار والاصفرار وصلى حينئذ وفى بعضها لم تحبس بل صلى بعد الغروب واليه الاشارة بقوله عليه السلام (شغلونا عن الصلاة الوسطى) اى عن صلاة العصر وفى كلام سبط ابن الجوزي ان قيل حبسها ورجوعها مشكل لانها لو تخلفت او ردّت لاختلت الافلاك وفسد النظام قلنا حبسها وردها من باب المعجزات ولا مجال للقياس فى خرق العادات. وذكر انه وقع لبعض الوعاظ ببغداد انه قعد يعظ بعد العصر ثم أخذ فى ذكر فضائل آل البيت فجاءت سحابة غطت الشمس وظن الناس الحاضرون عنده ان الشمس غابت فارادوا الانصراف فاشار إليهم ان لا يتحركوا ثم أدار وجهه الى ناحية المغرب وقال
لا تغربى يا شمس حتى ينتهى ... مدحى لآل المصطفى ولنجله
ان كان للمولى وقوفك فليكن ... هذا الوقوف لولده ولنسله
فطلعت الشمس فلا يحصى مارمى عليه من الحلىّ والثياب هذا كلامه رحمه الله سبحانه وتعالى وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ الفتنة الاختبار والابتلاء وَأَلْقَيْنا الإلقاء الطرح عَلى كُرْسِيِّهِ الكرسي اسم لما يقعد عليه والمراد سريره المشهور وقد سبق فى سورة سبأ جَسَداً قال فى المفردات الجسد الجسم لكنه أخص قال الخليل لا يقال الجسد لغير الإنسان من خلق الأرض ونحوه وايضا فان الجسد يقال لما له لون والجسم يقال لما لا يبين له لون كالماء والهواء وقال فى أنوار المشارق الفرق بين الجسد والبدن ان الاول يعم لذى الروح وغيره ويتناول الرأس والشوى والثاني مخصوص بذي الروح ولا يتناولهما ومن هذا قد اشتهر فيما بينهم حشر الأجساد باضافة الحشر الخاص بذي الروح الى الأجساد العامة له ولغيره دون الأبدان المخصوصة وذلك لان فى إضافته الى البدن باعتبار انه لا يتناول الرأس والشوى على ما نص عليه الزمخشري فى الفائق والخليل فى كتاب العين قصورا مخلا بحكم الاعادة بعينه واما ما فى الجسد من العموم الزائد على قدر الحاجة فمندفع بقرينة اضافة الحشر انتهى كلام الأنوار والمراد به فى الآية القالب بلا روح كما سيأتى ثُمَّ أَنابَ اى سليمان(8/31)
عليه السلام. والانابة الرجوع الى الله تعالى- روى- ان سليمان كان له ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سرية وكان فى ظهره ماء مائة رجل اى قوتهم وهكذا أنبياء الله اعطى كل منهم من القوة الجماعية ما لم يعط أحد من افراد أمته وكذا الولي الأكمل فان له قوة زائدة على سائر الآحاد وان لم تبلغ مرتبة قوة النبي فقال سليمان عليه السلام يوما لا طوفن الليلة على سبعين امرأة اى اجامعهن او تسعين او تسع وتسعين او مائة تأتى كل واحدة بفارس يجاهد فى سبيل الله ولم يقل ان شاء الله فقال له صاحبه اى وزيره آصف قل ان شاء الله فلم يقل فطاف عليهن تلك الليلة فلم تحمل الا امرأة واحدة جاءت بشق ولد له عين واحدة ويد واحدة ورجل واحدة فالقته القابلة على كرسيه وهو الجسد المذكور قال نبينا عليه السلام (لو قال ان شاء الله لجاهدوا فى سبيل الله فرسانا أجمعون) قال القاضي عياض رحمه الله وان سئل لم لم يقل سليمان فى تلك القصة المذكورة ان شاء الله فعنه اجوبة. اسدّها ما روى فى الحديث الصحيح انه نسى ان يقولها اى كلمة ان شاء الله وذلك لينفذ مراد الله. والثاني انه لم يسمع صاحبه وشغل عنه انتهى فمعنى ابتلائه قوله لا طوفن إلخ وتركه الاستثناء ومعنى إلقاء الجسد على كرسيه إلقاء الشق المذكور عليه ومعنى انابته رجوعه الى الله تعالى عن زلته وهو تركه الاستثناء فى مثل ذلك الأمر الخطير لان ترك الاولى زلة للانبياء إذ حسنات الأبرار سيآت المقربين ألا ترى ان نبينا عليه السلام لما سئل عن الروح وعن اصحاب الكهف وذى القرنين قال (ائتوني غدا أخبركم) ولم يستثن فحبس عنه الوحى أياما ثم نزل قوله تعالى (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ- وروى- ان سليمان عليه السلام ولد له ابن فاجتمعت الشياطين على قتله وذلك انهم كانوا يقدرون فى أنفسهم انهم سيستريحون مماهم فيه من تسخير سليمان إياهم على التكاليف الشاقة والأعمال المستمرة الدائمة بموته فلما ولد له ابن قال بعضهم لبعض ان عاش له ولده لم ننفك عما نحن فيه من البلاء فسبيلنا ان نقتل ولده او نخبله والتخبيل إفساد العقل والعضو فعلم سليمان بذلك فامر السحاب فحمله وكانت الريح تعطيه غذاءه وربى فيه خوفا من مضرة الشياطين فابتلاه الله لاجل خوفه هذا وعدم توكله فى امر ابنه على ربه العزيز بموت ابنه حيث مات فى السحاب والقى ميتا على كرسيه فهو المراد من الجسد الملقى على كرسيه قال فى شرح المقاصد فتنبه لخطأه فى ترك التوكل فاستغفر وتاب فهذا مما لا بأس به وغايته ترك الاولى إذ ليس فى التحفظ ومباشرة الأسباب ترك الامتثال لامر التوكل على ما قال عليه السلام (اعقلها وتوكل) انتهى فان قلت كان الشياطين يصعدون الى السماء وقتئذ فما فائدة رفعه فى السحاب فى المنع عنهم قلت فائدته ان الشياطين التي خاف سليمان على ابنه منهم كانوا فى خدمته الدائمة فى الأرض فكان فى الرفع الى
السحاب رفعه عن أبصارهم وتغييبه عن عملهم وتسليمه الى محافظة الملائكة ولما القى ابنه الميت على كرسيه جزع سليمان عليه إذ لم يكن له الا ابن واحد فدخل عليه ملكان فقال أحدهما ان هذا مشى فى زرعى فافسده فقال له سليمان لم مشيت فى زرعه قال لان هذا الرجل زرع فى طريق الناس فلم أجد مسلكا غير ذلك فقال سليمان للآخر لم زرعت على طريق الناس أما علمت ان الناس لا بدلهم من طريق يمشون(8/32)
فيه فقال لسليمان صدقت لم ولدت على طريق الموت أما علمت ان ممر الخلق على الموت ثم غابا عنه فاستغفر سليمان وأناب الى الله تعالى: قال الشيخ سعدى قدس سره
مكن خانه در راه سيل اى غلام ... كه كس را نكشت اين عمارت تمام
نه از معرفت باشد وعقل ورأى ... كه در ره كند كاروانى سراى
ز هجران طفلى كه در خاك رفت ... چهـ نالى كه پاك آمد و پاك رفت
تو پاك آمدى بر حذر باش وباك ... كه ننكست ناپاك رفتن بخاك
مكن عمر ضايع بافسوس وحيف ... كه فرصت عزيزست والوقت سيف
قال الكاشفى [ومشهور آنست كه بواسطه ترك ازلى انكشتر مملكت سليمان بدست صخرجن افتاد و چهل روز بر تخت سليمان نشست وباز آن خاتم بدست سليمان آمد بمملكت بازگشت] فيكون المعنى ولقد ابتليناه بسبب ملكه وألقينا على كرسيه جسدا يعنى العفريت الذي أخذ خاتمه وجلس على كرسيه وهو صخر صاحب البحر على أشهر الأقاويل وسمى جسدا لانه تمثل بصورة سليمان ولم يكن هو فكان جسدا محضا وصورة بلا معنى ثم أناب اى رجع الى ملكه بعد أربعين يوما يقول الفقير أرشده الله القدير هذا وان كان مشهورا محررا خصوصا فى نظم بعض العرب والعجم لكنه مما ينكر جدا ولا يكاد يصح قطعا وذلك لوجوه. أحدها انه ليس فى جلوس الجن على الكرسي معنى الإلقاء الا ان يتكلف. والثاني ان جميع الأنبياء معصومون من ان يظهر شيطان بصورهم فى النوم واليقظة لئلا يشتبه الحق بالباطل ولان الأنبياء عليهم السلام صور الاسم الهادي ومظاهر صفة الهداية والشيطان مظهر الاسم المضل والظاهر بصفة الضلالة فهما ضدان فلا يجتمعان ولا يظهر أحدهما بصورة الآخر وقس على الأنبياء احوال الكمل من الأولياء فانهم ورثتهم ومتحققون بمعارفهم وحقائقهم فان قيل عظمة الحق سبحانه أتم من عظمة كل عظيم فكيف امتنع على إبليس ان يظهر بصورة الأنبياء مع ان اللعين قد ترا أي لكثيرين وخاطبهم بانه الحق طلبا لاضلالهم وقد أضل جماعة بمثل هذا حتى ظنوا انهم رأوا الحق وسمعوا خطابه قلنا ان كل عاقل يعلم ان الحق ليست له صورة معينة معلومة توجب الاشتباه ولذا جوز بعض العلماء رؤية الله فى المنام فى أي صورة كانت لان ذلك المرئي غير ذات الله إذ ليس لها صورة واما الأنبياء فانهم ذووا صور معينة معلومة مشهودة توجب الاشتباه. والثالث انه كيف يصح من الحكيم ان يجلس شيطانا من الشياطين على كرسى نبى من الأنبياء ويسلطه على المسلمين ويحكمه عليهم مع انه لم يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا ابدا
كس نيايد بزير سايه بوم ... ور هماى از جهان شود معدوم
والرابع ان الخاتم كان نورانيا فكيف صح ان يستقر فى يد الشيطان الظلماني بطريق تقلد الحكومة وقد ثبت ان الشيطان يحرقه النور مطلقا ولذا جعل الشهاب رجما للشياطين. والخامس انه كان ملك سليمان فى الخاتم فكيف يصح ان يجلس الجنى على كرسيه على تقدير قذف الخاتم فى البحر على ما قالوا قال فى كشف الاسرار [ملك سليمان در خاتم وى بود(8/33)
قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39)
ونكين آن خاتم كبريت احمر بود] انتهى وفى عقد الدرر انه كان خاتم آدم عليه السلام قبل خروجه من الجنة البسه الحق إياه ثم أودع فى ركن من اركان العرش وكان مكتوب عليه فى السطر الاول «بسم الله الرحمن الرحيم» وفى الثاني «لا اله الا الله» وفى الثالث «محمد رسول الله» فلما أنزله جبريل الى سليمان اضطرب العالم من مهابته ولما وضعه فى إصبعه غاب عن أعين الناس فقالوا يا نبى الله تريد ان نتشرف بمشاهدة جمالك فقال اذكروا الله فلما ذكروه رأوه فالتأثير من الله وبسليمان المظهرية والخاتم واسطة فى الحقيقة. وانما وضع ملكه فى فص خاتم لانه تعالى أراه فى ذلك ان ما أعطيت فى جنب ما لم تعط قدر هذا الحجر من بين سائر الأحجار إذ كان ملك الدنيا عند الله تعالى كقدر حجر من الأحجار والله يعز من يشاء بما يشاء قالَ سليمان وهو بدل من أناب وتفسير له رَبِّ [اى پروردگار من] اغْفِرْ لِي ما صدر منى من الزلة التي لا تليق بشأنى وتقديم الاستغفار على الاستيهاب الآتي لمزيد اهتمامه بامر الدين جريا على سنن الأنبياء والصالحين وكون ذلك ادخل فى الاجابة وَهَبْ لِي [وببخش مرا] مُلْكاً [پادشاهى وتصرفى كه] لا يَنْبَغِي [نسزد ونشايد] لِأَحَدٍ من الخلق مِنْ بَعْدِي الى يوم القيامة بان يكون الظهور به بالفعل فى عالم الشهادة فى الأمور العامة والخاصة مختصابى وهو الغاية التي يمكنه بلوغها دل على هذا المعنى قول نبينا عليه السلام (ان عفريتا من الجن) وهو الخبيث المنكر (تفلت علىّ البارحة) اى تعرض فى صورة هر كما فى حياة الحيوان قال فى تاج المصادر [التفلت بجستن] وفى الحديث (ان عفريتا من الجن تفلت علىّ البارحة) اى تعرض له فلتة اى فجأة (ليقطع على صلاتى فامكننى الله منه) الإمكان القدرة على الشيء مع ارتفاع الموانع اى أعطاني الله مكنة من اخذه وقدرة عليه (فاخذته فاردت ان اربطه) بكسر الباء وضمها اى أشده (على سارية من سوارى المسجد) اى اسطوانة من أساطينه (حتى تنظروا اليه كلكم ويلعب به ولدان اهل المدينة فذكرت دعوة أخي سليمان رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدي فرددته خاسئا) اى ذليلا مطرودا لم يظفر بي ولم يغلب على صلاتى فدل على ان الملك الذي آتاه الله سليمان ولم يؤته أحدا غيره من بعده هو الظهور بعموم التصرف فى عالم الشهادة لا التمكن منه فان ذلك مما آتاه الله غيره من الكمل نبيا كان او وليا ألا ترى ان نبينا عليه السلام قال (فامكننى الله منه) اى من العفريت فعلمنا ان الله تعالى قد وهب التصرف فيه بما شاء من الربط وغيره ثم ان الله تعالى ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه كمال التأدب حيث لم يظهر بالتصرف فى الخصوص فكيف فى العموم فرد الله ذلك العفريت ببركة هذا التأدب خاسئا عن الظفر به. وكان فى وجود سليمان عليه السلام قابلية السلطنة العامة ولهذا ألهمه الله تعالى ان يسأل الملك المخصوص به فلم يكن سؤاله للبخل والحسد والحرص على الاستبداد بالنعمة والرغبة فيها كما توهمه الجهلة. واما سلطان الأنبياء صلى الله عليه وسلم فقدا فنى جميع ما فى ملك وجوده من جهة الافعال والصفات فلم يبق شىء فظهر مكانه شىء لا يوصف حيث وقع تجلى الذات فى مرتبة لم ينلها أحد من افراد الخلق سابقا ولا لا حقا وستظهر سلطنته الصورية ايضا بحيث يكون آدم ومن دونه تحت لوائه(8/34)
در بزم احتشام تو سياره هفت جام ... وز مطبخ نوال تو أفلاك نه طبق
هر خطبه كمال بنام تو شد ازل ... كس تا ابد ز لوح نمى خوانده اين سبق
إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ لجميع استعدادات كل ما سألت من الكمالات كما قال تعالى (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) وفى التأويلات النجمية بقوله (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي) الآية يشير الى معان مختلفة. منها انه لما أراد طلب الملك الذي هو رفعة الدرجة بنى الأمر فى ذلك على التواضع الموجب للرفعة وهو قوله (رَبِّ اغْفِرْ لِي) ومنها انه قدم طلب المغفرة على طلب الملك لانه لو كان طلب الملك زلة فى حق الأنبياء كانت مسبوقة بالمغفرة لا يطالب بها. ومنها ان الملك مهما يكن فى يد مغفور له منظور بنظر العناية ما يصدر منه تصرف فى الملك الا مقرونا بالعدل والنصفة وهو محفوظ من آفات الملك وتبعاته. ومنها قوله (وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) اى يكون ذلك موهوبا له بحيث لا ينزعه منه ويؤتيه من يشاء كما هى السنة الالهية جارية فيه ومنها قوله (لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) اى لا يطلبه أحد غيرى لئلا يقع فى فتنة الملك على مقتضى قوله تعالى (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) فان الملك جالب للفتنة كما كان جالبا لها الى سليمان بقوله (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) . ومنها قوله (لا ينبغى لاحد غيرى اى لا يكون هذا الملك ملتمس أحد منك غيرى للتمتع والانتفاع به وهو بمعزل عن قصدى ونيتى فى طلب هذا فان لى فى طلب هذا الملك نية لنفسى ونية لقلبى ونية لروحى ونية للممالك بأسرها ونية للرعايا فاما نيتى لنفسى فتزكيتها عن صفاتها الذميمة وأخلاقها اللئيمة وذلك فى منعها عن استيفاء شهواتها وترك مستلذاتها النفسانية بالاختيار دون الاضطرار وانما يتيسر ذلك بعد القدرة الكاملة عليه بالمالكية والملكية بلا مانع ولا منازع وكماليته فى المملكة بحيث لا يكون فيها ما يحرك داعية من دواعى البشرية المركوزة فى جبلة الإنسان ليكون كل واحدة من المشتهيات والمستلذات النفسانية محركة لداعية تناسبها عند تملكها والقدرة عليها عند توقان النفس إليها وغلبات هواها فيحرم على النفس مراضعها ويحرمها من مشاربها وينهاها عن هواها خالصا لله وطلبا لمرضاته فتموت النفس عن صفاتها كما يموت البدن عند إعواز فقدان ما هو غذاء يعيش به فاذا ماتت عن صفاتها الذميمة يحييها الله بالصفات الحميدة كما قال (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) وقال (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) فلا يبقى لها نظر الى الدنيا وسائر نعمها كما كان حال سليمان لم يكن له نظر الى الدنيا ونعيمها وانما كان مع تلك الوسعة فى المملكة يأكل كسرة من كسب يده مع جليس مسكين ويقول مسكين جالس مسكينا وامانيته لقلبه فتصفيته عن محبة الدنيا وزينتها وشهواتها وتوجيهه الى الآخرة بالاعراض عنها عند القدرة عليها والتمكن فيها ثم صرفها فى سبيل الله وقلع أصلها من ارض القلب ليبقى القلب صافيا من الدنس قابلا للفيض الإلهي فانه خلق مرآة لجميع الصفات الالهية وامانيته لروحه فلتحليته بالأخلاق الحميدة الربانية ولا سبيل إليها الا بعلو الهمة وخلوص النية فان المرء يطير بهمته كالطائر يطير بجناحيه وتربية الهمة بحسب نيل المقاصد الدنيوية الدينية وصرفها فى نيل المراتب الدينية الاخروية الباقية وان ترك المقاصد الدنيوية الدينية وان كان اثر التربية الهمة ولكن لا يبلغ حد اثر صرف ما يملك(8/35)
فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36)
من المقاصد الدنيوية لنيل الدرجات العلية فلما كان من اخلاق الله ان يحب معالى الأمور ويبغض سفسافها التمس سليمان أقصى مراتب الدنيا ونهاية مقاصدها لئلا يلنفت ويستعملها فى تربية الهمة لتتخلى روحه بان يحسن إليهم ويؤلف قلوبهم ببذل المال والجاه فان القلوب جبلت على حب من احسن إليها فانهم إذا أحبوا نبى الله لزمهم حب الله فيكون حب الله وحب نبيه فى قلوبهم محض الايمان ومن لم يمكن ان يؤمن بالإحسان فيدخلهم فى الايمان بالقهر والغلبة بان يأتيهم بجنود لم يروها كما ادخل بلقيس وقومها فى الايمان وامانيته للممالك فبان يجعل الممالك الدنيوية الفانية اخروية باقية بان يتوسل بها الى الحضرة بصرفها بإظهار الدين واقامة الحق وإعلاء كلمة الإسلام فان قيل قوله (لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) هل يتناول النبي عليه السلام اولا قلنا اما بالصورة فيتناول ولكن لعلو همته وكمال قدره لا لعدم استحقاقه لانه عرض عليه صلى الله عليه وسلم ملك أعظم من ملكه فلم يقبله (وقال الفقر فخرى) واما بالمعنى فلم يتناول النبي صلى الله عليه وسلم لانه قال (فضلت على الأنبياء بست) يعنى على جميع الأنبياء ولا خفاء فى ان سليمان عليه السلام ما بلغ درجة واحد من اولى العزم من الرسل مع اختصاصه بصورة الملك منهم وهم معه مفضولون بست فضائل من النبي عليه السلام فمعنى الملك الحقيقي الذي كان ملك سليمان صورته بلا ريب يكون داخلا فى الفضائل التي اختصه الله بها واخبر عنها بقوله (وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً)
بل أعطاه الله ما كان مطلوب سليمان من صورة الملك ومعناه أوفر ما اعطى سليمان وفتنه به من غير زحمة مباشرة صورة الملك والافتتان به عزة ودلالا انتهى كلام التأويلات على مكاشفه أعلى التجليات فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ قال ابو عمرو انه ريح الصبا اى فذللناها لطاعة سليمان اى جعلناها مطيعة لا تخالفه اجابة لدعوته فعاد امره عليه السلام على ما كان عليه قبل الفتنة فيكون ذلك مسببا عن انابته: وبالفارسية [پس رام كردانيدم مر سليمان را باد تا فرمان وى برد] وفيه اشارة الى ان سليمان لما فعل بالصافنات الجياد ما فعل فى سبيل الله عوضه الله مركبا مثل الريح كان غدوها شهرا ورواحها شهرا كما فى التأويلات النجمية وقد سبق ايضا من كشف الاسرار قال البقلى رحمه الله كان سليمان عليه السلام من فرط حبه جمال الحق يحب ان ينظر الى صنائعه وممالكه ساعة فساعة من الشرق الى الغرب حتى يدرك عجائب ملكه وملكوته فسخر الله له الريح وأجراها بمراده وهذا جزاء صبره فى ترك حظوظ نفسه تَجْرِي بِأَمْرِهِ بيان لتسخيرها له رُخاءً حال من ضمير تجرى. والرخاء الريح اللينة من قولهم شىء رخو كما فى المفردات: وبالفارسية [نرم وخوش] وفى الفتوحات المكية ان الهواء لا يسمى ريحا الا إذا تحرك وتموج فان اشتدت حركته كان زعزعا وان لم تشتد كان رخاء وهو ذو روح يعقل كسائر اجزاء العالم وهبوبه تسبيحه تجرى به الجواري ويطفأ به السراج وتشتعل به النار وتتحرك المياه والأشجار ويموج البحر وتزلزل الأرض ويزجى السحاب انتهى. والمعنى حال كون تلك الريح لينة طيبة لا تزعزع ولا تنافى بين كونها لينة الهبوب وبين قوله تعالى (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً) لان المراد ان تلك الريح ايضا فى قوة الرياح العاصفة الا انها لما جرت بامره عليه السلام كانت لينة رخاء او تسخر له كلا نسيميها(8/36)
وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38)
حَيْثُ أَصابَ ظرف لتجرى او لسخرنا. وأصاب بمعنى أراد لغة حميرا وهجر وفى القاموس الاصابة القصد اى حيث قصد وأراد من النواحي والأطراف واعلم ان المراد بقوله بامره جريان الريح بمجرد امره من غير جمعية خاطر ولا همة قلب فهو الذي جعل الله من الملك الذي لا ينبغى لاحد من بعده لا مجرد التسخير فان الله تعالى سخر لنا ايضا ما فى السموات وما فى الأرض وما بينهما لكن انما تفعل اجرام العالم لهمم النفوس إذا أقيمت فى مقام الجمعية فهذا التسخير عن امر الله لا عن أمرنا كحال سليمان عليه السلام وَالشَّياطِينَ عطف على الريح كُلَّ بَنَّاءٍ بدل من الشياطين وهو مبالغة بان اسم الفاعل من بنى وكانوا يعملون له عليه السلام ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات لما سبق فى سورة سبأ ويبنون له الابنية الرفيعة بدمشق واليمن ومن بنائهم بيت المقدس وإصطخر وهى من بلاد فارس تنسب الى صخر الجنى المراد بقوله تعالى (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ) وَغَوَّاصٍ مبالغة غائص من غاص يغوص غوصا وهو الدخول تحت الماء وإخراج شىء منه قال فى المفردات قوله تعالى (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) اى يستخرجون له الأعمال الغريبة والافعال البديعة وليس استنباط الدر فقط انتهى وكانوا يستخرجون الدرر والجواهر والحلىّ من البحر وهو أول من استخرج اللؤلؤ من البحر وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ عطف على كل بناء داخل فى حكم البدل يقال قرنت البعيرين إذا جمعت بينهما وقرنت على التكثير كما فى الآية قال الراغب والتقرين بالفارسية [برهم كردن] قال ابن الشيخ مقرنين صفة لآخرين وهو اسم مفعول من باب التفعيل منقول من قرنت الشيء بالشيء اى وصلته به وشدد العين للمبالغة والكثرة. والأصفاد جمع صفد محركة وهو القيد وسمى به العطاء لانه يرتبط بالمنعم عليه وفرقوا بين فعليهما فقالوا صفده قيده واصفده أعطاه على عكس وعد وأوعد فان الثلاثي فيه للخير والمنفعة والرباعي للشر والمضرة ولكن فى كون اصفد بمعنى اعطى نكتة وهى ان الهمزة للسلب. والمعنى أزلت ما به من الاحتياج بان أعطيته ما تندفع به حاجته بخلاف أوعد فانه لغة اصلية موضوعة للتهديد. ومعنى الآية وسخرنا له شياطين آخرين لا يبنون ولا يغوصون كأنه عليه السلام فصل الشياطين الى عملة استعملهم فى اعمال الشاقة من البناء والغوص ونحو ذلك والى مردة قرن بعضهم مع بعض فى السلاسل وأوثقهم بالحديد لكفهم على الشر والفساد فان قيل ان هذه الآية تدل على ان الشياطين لها قوة عظيمة قدروا بها على تلك الابنية العظيمة التي لا يقدر عليها البشر وقدروا على الغوص فى البحار واستخراج جواهرها وانى يمكن تقييدهم بالاغلال والأصفاد وفيه إشكال وهو ان هذه الشياطين اما ان تكون أجسادهم كثيفة او لطيفة فان كانت كثيفة وجب ان يراهم من كان صحيح الحاسة إذ لو جاز ان لا يراهم مع كثافة أجسادهم لجاز ان يكون بحضرتنا جبال عالية وأصوات هائلة لا نراها ولا نسمعها وذا سفسطة وان كانت أجسادهم لطيفة واللطافة تنافى الصلابة فمثل هذا يمتنع ان يكون موصوفا بالقوة الشديدة بحيث يقدر بها على ما لا يقدر عليه البشر لان الجسم اللطيف يكون ضعيف القوام تتمزق اجزاؤه بأدنى المدافعة فلا يطيق(8/37)
هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39)
تحمل الأشياء الثقيلة ومزاولة الأعمال الشاقة وايضا لا يمكن تقييده بالأصفاد والاغلال قلنا ان أجسادهم لطيفة ولكن شفافة ولطافتها لا تنافى صلابتها بمعنى الامتناع من التفرق فلكونها لطيفة لا ترى ولكونها صلبة يمكن تقيدها وتحملها الأشياء الثقيلة ومزاولتها الأعمال الشاقة ولو سلم ان اللطافة تنافى الصلابة الا انا لا نسلم ان اللطيف الذي لا صلابة له يمتنع ان يتحمل الأشياء الثقيلة ويقدر على الأعمال الشاقة ألا ترى ان الرياح العاصفة تفعل افعالا عجيبة لا تقدر عليها جماعة من الناس وقال فى بحر العلوم والأقرب ان المراد تمثيل كفهم عن الشرور بالتقرين فى الصفد يعنى ان قولهم لا يمكن تقييده بالأصفاد والاغلال حقيقة مسلم ولكن ليس الكلام محمولا على حقيقته لانهم لما كانوا مسخرين مذللين لطاعته عليه السلام بتسخير الله إياهم له كان قادرا على كفهم عن الإضرار بالخلق فشبه كفهم عن ذلك بالتقرين فى الأصفاد فاطلق على الكف المذكور لفظ التقرين استعارة اصلية ثم اشتق من التقرين يعنى المعنى المجازى لفظ مقرنين فهو استعارة تبعية بمعنى ممنوعين عن الشرور وفى الاسئلة المقحمة الجن أجسام مؤلفة واشخاص ممثلة ولا دليل يقضى بان تلك الأجسام لطيفة او كثيفة بل يجوز ان تكون لطيفة وان تكون كثيفة وانما لا نراهم لا للطافتهم كما يزعمه المعتزلة ولكن لان الله تعالى لا يخلق فينا إدراكا لهم انتهى قال القاضي ابو بكر الأصل الذي خلقوا منه هى النار ولسنا ننكر مع ذلك ان يكثفهم الله تعالى ويغلظ أجسامهم ويخلق لهم إعراضا زائدة على ما فى النار فيخرجون عن كونهم نارا ويخلق لهم صورا وأشكالا مختلفة فيجوز ان نراهم إذا قوى الله أبصارنا كما يجوز ان نراهم لو كثف الله أجسامهم قال القاضي عبد الجبار ان الله تعالى كثفهم لسليمان حتى كان الناس يرونهم وقواهم حتى كانوا يعملون له الأعمال الشاقة والمقرّن فى الأصفاد لا يكون الا جسما كثيفا واما أقداره عليهم وتكثيفهم فى غير ازمان الأنبياء فانه غير جائز لانه يؤدى الى ان يكون نقضا للعادة كما فى آكام المرجان فى احكام الجان وقال بعضهم ان الشياطين كانوا يشاهدون فى زمن سليمان ثم انه لما توفى أمات الله أولئك الشياطين وخلق نوعا آخر فى غاية الرقة واللطافة وفيه ان الشياطين منظرون فكيف يموتون الى ان يختص الانظار بإبليس او الا ان يحمل الشياطين على كفار الجن فانهم ماردون ايضا- روى- ان الله تعالى أجاب دعاء سليمان بان سخر له ما لم يسخره لاحد من الملوك وهو الرياح والشياطين والطير وسخر له من الملوك ما لم يتيسر لغيره مثل ذلك فانه روى انه ورث ملك أبيه داود فى عصر كيخسرو بن سياوش وسار من الشام الى العراق فبلغ خبره الى كيخسرو فهرب الى خراسان فلم يلبث قليلا حتى هلك ثم سار الى مرو ثم سار الى بلاد الترك فوغل فيها ثم جاز بلاد الصين ثم عطف الى ان وافى بلاد فارس فنزلها أياما ثم عاد الى الشام ثم امر ببناء بيت المقدس فلما فرغ منه سار الى تهامة ثم الى صنعاء وكان من حديثه مع صاحبة صنعاء وهى بلقيس ما ذكره الله تعالى فى كتابه الكريم وغزا بلاد المغرب الأندلس وطنجة وافرنجة ونواحيها هذا اى فسخرنا وقلنا له هذا الذي أعطيناك من الملك العظيم والبسطة والتسلط على ما لم يسلط(8/38)
وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (40) وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)
عليه غيرك عَطاؤُنا الخاص بك الذي لا يقدر عليه غيرنا فَامْنُنْ من قوله منّ عليه منا اى أنعم اى فاعط منه من شئت أَوْ أَمْسِكْ وامنع منه من شئت واو للاباحة بِغَيْرِ حِسابٍ حال من المستكن فى الأمر اى غير محاسب على منّه وإحسانه ومنعه وإمساكه لا حرج عليك فيما أعطيت وفيما أمسكت لتفويض التصرف فيه إليك على الإطلاق وفى المفردات قيل تصرف فيه تصرف من لا يحاسب اى تناول كما تحب فى وقت ما تحب وعلى ما تحب وأنفقه كذلك انتهى قال الحسن ما أنعم الله على أحد نعمة الا كان عليه تبعة الا سليمان فان اعطى اجر عليه وان لم يعط لم يكن عليه تبعة واثم وهذا مما خص به والتبعة ما يترتب على الشيء من المضرة وكل حق يجب للمظلوم على الظالم بمقابلة ظلمه عليه قال بعض الكبار المحققين كان سؤال سليمان ذلك عن امر ربه والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان امتثال امر وعبادة فللطالب الاجر التام على طلبه من غير تبعة حساب ولا عقاب فهذا الملك والعطاء لا ينقصه من ملك آخرته شيأ ولا يحاسب عليه أصلا كما يقع لغيره. واما ما روى ان سليمان آخر الأنبياء دخولا الجنة لمكان ملكه فعلى تقدير صحته لا ينافى الاستواء بهم فى درجات الجنة ومطلق التأخر فى الدخول لا يستلزم الحساب وقد روى (ان الأغنياء يدخلون الجنة بعد الفقراء بخمسمائة سنة) ويجوز ان يكون بغير حساب حالا من العطاء اى هذا عطاؤنا ملتبسا بغير حساب لغاية كثرته كما يقال للشئ الكثير هذا لا يحيط به حساب او صلة له وما بينها اعتراض على التقديرين وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى اى لقربة فى الآخرة مع ما له من الملك العظيم فى الدنيا وَحُسْنَ مَآبٍ وهو الجنة وفى الحديث (أرأيتم ما اعطى سليمان بن داود من ملكه فان ذلك لم يزده الا تخشعا ما كان يرفع بصره الى السماء تخشعا لربه) انتهى اى ولذا وجد الزلفى وحسن المرجع فطوبى له حيث كان فقيرا فى صورة الغنى وفى الآية اشارة الى ان الإنسان إذا كمل فى انسانيته يصير قابلا للفيض الإلهي بلا واسطة فيعطيه الله تعالى من آثار الفيض تسخير ما فى السموات من الملائكة كما سخر لآدم بقوله اسجدوا لآدم وما فى الأرض كما سخر لسليمان الجن والانس والشياطين والوحوش والطيور وذلك لان كل ما فى السموات وما فى الأرض اجزاء وجود الإنسان الكامل فاذا أنعم الله عليه بفيضه سخر له اجزاء وجوده فى المعنى اما فى الصورة فيظهر على بعض الأنبياء تسخر بعضها اعجازا له كما ظهر على نبينا عليه السلام تسخر القمر عند انشقاقه باشارة إصبع ولذا قال هذا عطاؤنا إلخ يشير الى ان للانبياء بتأييد الفيض الإلهي ولاية افاضة الفيض على من هو اهله عند استفاضته ولهم إمساك الفيض عند عدم الاستفاضة من غير اهله ولا حرج عليهم فى الحالتين وان له عندنا لزلفى فى الافاضة والإمساك وحسن مآب لانه كان متقربا إلينا بالعطاء والمنع كما فى التأويلات النجمية- روى- ان سليمان عليه السلام فتن بعد ما ملك عشرين سنة وملك بعد الفتنة عشرين سنة ثم انتقل الى حسن مآب: قال الشيخ سعدى
جهان اى پسر ملك جاويد نيست ... ز دنيا وفادارى اميد نيست
كه بر باد رفتى سحركاه وشام ... سرير سليمان عليه السلام
بآخر نديدى كه بر باد رفت ... خنك آنكه با دانش وداد رفت(8/39)
وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41)
أيقظنا الله تعالى وإياكم وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ ابن آموص بن رازح بن روم بن عيص بن اسحق ابن ابراهيم عليه السلام وامه من أولاد لوط بن هاران وزوجته رحمة بنت افرائيم بن يوسف عليه السلام أوليا بنت يعقوب عليه السلام ولذا قال فى كشف الاسرار كان أيوب فى زمان يعقوب او ما خير بنت ميشا بن يوسف والاول أشهر الأقاويل قال القرطبي لم يؤمن بايوب إلا ثلاثة نفر وعمره ثلاث وتسعون وقوله أيوب عطف بيان للعبد إِذْ نادى رَبَّهُ بدل من عبدنا اى دعا وتضرع بلسان الاضطرار والافتقار أَنِّي اى بانى مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ أصابني وبالفارسية [ديو بمن رسيد] فتكون الباء فى قوله بِنُصْبٍ للتعدية اى تعب ومشقة وكذا النصب بفتحتين وَعَذابٍ العذاب الايجاع الشديد اى ألم ووصب يريد مرضه وما كان يقاسيه من فنون الشدائد وهو المراد بالضر فى قوله فى سورة الأنبياء (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) وهو حكاية لكلامه الذي ناداه به بعبارته والا لقيل انه مسه إلخ وليس هذا تمام دعائه عليه السلام بل من جملته قوله (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فاكتفى هاهنا عن ذكره بما فى سورة الأنبياء كما ترك هناك ذكر الشيطان ثقة بما ذكر هاهنا فان قلت لا قدرة للشيطان البتة على إيقاع الناس فى الأمراض والأسقام لانه لو قدر على ذلك لسعى فى قتل الأنبياء والأولياء والعلماء والصالحين فهو لا يقدر ان يضر أحدا الا بطريق إلقاء الوساوس والخواطر الفاسدة فما معنى اسناد المس اليه قلت ان الذي أصابه لم يصبه الا من الله تعالى الا انه أسنده الى الشيطان لسؤال الشيطان منه تعالى ان يمسه الله تعالى بذلك الضر امتحانا لصبره ففى اسناده اليه دون الله تعالى مراعاة للادب- روى- ان أيوب عليه السلام كان له اموال كثيرة من صنوف مختلفة وهو مع ذلك كان مواظبا على طاعة الله محسنا للفقراء واليتامى وارباب الحاجات فحسده إبليس لذلك وقال انه يذهب بالدنيا والآخرة فقال الهى عبدك أيوب قد أنعمت عليه فشكرك وعافيته فحمدك ولو ابتليته بنزع النعمة والعافية لتغير عن حاله فقال تعالى انى اعلم منه ان يعبدنى ويحمدنى على كل حال فقال إبليس يا رب سلطنى عليه وعلى أولاده وأمواله فسلطه على ذلك فاحرق زرعه وأسقط الابنية على أولاده فلم يزدد أيوب إلا حمدا لربه ثم نفخ فى جسده نفخة خرجت بها فيه النفاخات ثم تقطرت بالدم الأسود وأكله الدود سبع سنين وهو على حاله فى مقام الصبر والرضى والتسليم فكان بلاؤه امتحانا من غير ان يكون منه ذنب يعاقب عليه ليبرز الله ما فى ضميره فيظهر لخلقه درجته اين هو من ربه كما ذكره الحكيم الترمذي فى نوادر الأصول. وعلى هذا القول اعتماد الفحول فدع ما عداه فانه غير مقبول وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (وَاذْكُرْ) إلخ الى معانى مختلفة منها ان من شرط عبودية خواص عباده من الأنبياء والأولياء الصبر عند نزول البلاء والرضى بجريان احكام القضاء ومنها ليعلم ان الله تعالى لو سلط الشيطان على بعض من أوليائه وأنبيائه لا يكون لاهانتهم بل يكون لعزتهم واعانتهم على البلوغ الى رتبة نعم العبدية ودرجة الصابرين المحبوبين ومنها ان العباد من الأنبياء والأولياء لو لم يكونوا فى كنف عصمة الله وحفظه لمستهم الشياطين بنصب وعذاب ومنها ان من آداب العبودية إجلال الربوبية وإعظامها عن احالة الضر والبلاء والمحن عليها لا على الشيطان كما قال يوسف عليه السلام (وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي)(8/40)
ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42)
وقال يوشع عليه السلام (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ) وقال موسى عليه السلام (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) ومنها ليعلم انه ما بلغ مقام الرجال البالغين الا بالصبر على البلوى وتفويض الأمور الى المولى ولرضى بما يجرى عليه من القضاء انتهى ارْكُضْ بِرِجْلِكَ الركض الضرب والدفع القوى بالرجل فمتى نسب الى الراكب فهو إغراء مركوبه وحثه للعدو نحو ركضت الفرس ومتى نسب الى الماشي فوطئ الأرض كما فى الآية كذا قاله الراغب. والرجل القدم او من اصل الفخذ الى رؤس الأصابع. والمعنى إذ نادى فقلنا له على لسان جبريل عليه السلام حين انقضاء مدة بلائه اركض برجلك اى اضرب بها الأرض: وبالفارسية [بزن پاى خود را بزمين] وهى ارض الجابية بلد فى الشام من أقطاع ابى تمام فضربها فنبعت عين فقلنا له هذا [اين چشمه] مُغْتَسَلٌ بارِدٌ تغتسل به وقال الكاشفى [جاى غسل كردنست يا آبيست كه بدان غسل كنند] أشار الى ان المغتسل هو الموضع الذي يغتسل فيه والماء الذي يغتسل به والاغتسال غسل البدن وغسلت الشيء غسلا أسلت عليه الماء فازلت درنه وَشَرابٌ تشرب منه فيبرأ باطنك. والشراب هو ما يشرب ويتناول من كل مائع ماء كان او غيره والواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف وقال بعض الكبار هذا مغتسل به اى ماء يغتسل به وموضعه وزمانه بارد يبرد حرارة الظاهر وشراب يبرد حرارة الباطن يعنى انما كان الماء باردا لما كان عليه من افراط حرارة الألم فسكن الله افراطها الزائد المهلك ببرد الماء وأبقى الحرارة النافعة للانسان وفى كلام الشيخ الشهير بافتاده البرسوى قدس سره ان المراد بالماء فى هذه الآية صورة احياء الله تعالى وهو المراد بماء المطر ايضا فيما روى انه إذا كان يوم القيامة ينزل المطر على الأموات أربعين سنة فيظهرون من الأرض كالنبات انتهى فاغتسل أيوب عليه السلام من ذلك الماء وشرب فذهب ما به من الداء من ظاهره وباطنه فان الله تعالى إذا نظر الى العبد بنظر الرضى يبدل مرضه بالشفاء وشدته بالرخاء وجفاءه بالوفاء فقام صحيحا وكسى حلة وعاد اليه جماله وشبابه احسن ما كان قال ابن عباس رضى الله عنهما مكث فى البلاء سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة ايام وسبع ساعات لم يغمض فيهن ولم ينقلب من جنب الى جنب كما فى زهرة الرياض قال حضرة الشيخ بالى الصوفي فى شرح الفصوص الاشارة فيه ان الله تعالى امر نبيه بضرب الرجل على الأرض ليخرج منها الماء لازالة ألم البدن فهو امر لنا بالسلوك والمجاهدة ليخرج ماء الحياة وهو العلم بالله من ارض وجودنا لازالة امراض أرواحنا وهى الحجب المبعدة عن الحق ثم قال وفى هذه الآية سر لطيف وهو ان السالكين مسلك التقوى بالمجاهدة والرياضات إذا اجتمعوا فى منزل وذكروا الله كثيرا با على صوت وضربوا أرجلهم على الأرض مع الحركة أية حركة كانت وكانت نيتهم بذلك ازالة الألم الروحاني جاز منهم ذلك إذا ضرب الرجل الصورية على الأرض الصورية مع الذكر الصوري بنية خالصة يوصل الى الحقيقة إذ ما من حكم شرعى إلا وله حقيقة توصل عامله الى حقيقته انتهى كلامه قال بعض العلماء بالله ارتفاع الأصوات فى بيوت العبادات بحسن النيات وصفاء الطويات يحل ما عقدته الافلاك الدائرات حتى قال(8/41)
وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43)
اهل البصائر ان الأنفاس البشرية هى التي تدير الافلاك العلوية انتهى. فقد شرطوا فى ضرب الرجل وكذا فى رفع الصوت حسن النية وصفوة الباطن من كل غرض ومرض فاذا كان المرء حسن النية يراعى الأدب الظاهري والباطني من كل الوجوه فيعرج بمعراج الخلوص على ذروة مراتب اهل الخصوص ويسلم من الجرح والقدح لكون حركته على ما أشار اليه النصوص قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية لا يجوز لاحد التواجد الا باشارة شيخ مرشد عارف بامراض الباطن. وفى محل آخر من شرط اهل الله فى السماع ان يكونوا على قلب رجل واحد وان لا يكون فيهم من ليس من جنسهم او غير مؤمن بطريقهم فان حضور مثل هؤلاء يشوش. وفى آخر لا ينبغى للاشياخ ان يسلموا للمريد حركة الوجد الذي تبقى معه الاحساس بمن فى المجلس ولا يسلم له حركته الا ان غاب ومهما احسن بمن كان فى المجلس تعين عليه ان يجلس الا ان يعرف الحاضرون انه متواجد لا صاحب وجد فيسلم له ذلك لان هذه الحالة غير محمودة بالنظر الى ما فوقها. وفى آخر إذا كانت حركة المتواجد نفسية فليست بقدسية وعلامتها الاشارة بالأكمام والمثنى الى خلف والى قدام والتمايل من جانب الى جانب والتفريق بين راجع وذاهب فقد اجمع الشيوخ على ان مثل هذا محروم مطرود انتهى. فقد شرط الشيخ رضى الله عنه فى هذه الكلمات لمن أراد الوجد والسماع حضور القلب والعشق والمحبة والصدق وغلبة الحال. فقول القرطبي استدل بعض الجهال المتزهدة وطغاة المتصوفة بقوله تعالى لا يوب عليه السلام (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) على جواز الرقص وهذا احتجاج بارد لانه تعالى انما امر بضرب الرجل لنبع الماء لا لغيره وانما هو لاهل التكلف كما دل عليه صيغة التزهد والتصوف فان أتقياء الامة برآء من التكلف فهو زجر لفسقة الزمان عما هم عليه من الاجتماع المنافى لنص القرآن فانهم لو كانوا صلحاء مستأهلين لأباحت لهم اشارة القرآن ذلك لكنهم بمعزل عن الركض بشرائط فهم ممنوعون جدا قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ليس فى طريق الشيخ الحاجي بيرام قدس سره الرقص حال التوحيد وليس فى طريقنا ايضا بل نذكر الله قياما وقعودا ولا نرقص على وفق قوله تعالى (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) وقال ايضا ليس فى طريقتنا رقص فان الرقص والأصوات كلها انما وضع لدفع الخواطر ولا شىء فى دفعها أشد تأثيرا من التوحيد فطريقنا طريق الأنبياء عليهم السلام فنبينا عليه السلام لم يلقن الا التوحيد وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ معطوف على مقدر اى فاغتسل وشرب فكشفنا بذلك مابه من ضر كما فى سورة الأنبياء ووهبنا له اهله: يعنى [فرزندان ويرا زنده كرديم] وكانوا ثلاثة عشر روى الحسن ان الله تعالى أحياهم بعد هلاكهم اى بما ذكر من ان إبليس هدم عليهم البناء فماتوا تحته وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ عطف على اهله فكان له من الأولاد ضعف ما كان له قبل اى زاده على ما كان له قبل البلاء: قال الصائب
ز فوت مطلب جزؤى مشو غمين كه فلك ... ستاره ميبرد وآفتاب مى آرد
رَحْمَةً مِنَّا اى لرحمة عظيمة عليه من عندنا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ ولتذكيرهم(8/42)
وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)
بذلك ليصبروا على الشدائد كما صبر ويلجأوا الى الله فيما ينزل بهم كما لجأ ليفعل بهم ما فعل به من حسن العاقبة: قال الكاشفى رحمت الهى فرج را بصبر ناريست] اصبر فان الصبر مفتاح الفرج
كليد صبر كسى را كه باشد اندر دست ... هر آينه در كنج مراد بگشايد
بشام تيره محنت بساز وصبر نماى ... كه دمبدم سحر از پرده روى بنمايد
[آورده اند كه در زمان مرض أيوب عليه السلام زوجه او رحمه بهمى رفته بود ودير مى آمد أيوب سوكند خورد كه او را صد چوب بزند چون تباشير صبح صحت از أفق رحمت روى نمود وأيوب بحالت تن درستى وجوانى بازآمد خواست تا سوكند خود را راست كند خطاب از حضرت عزت رسيد كه] وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً قال فى الإرشاد معطوف على اركض او على وهبنا بتقدير وقلنا خذ بيدك إلخ والاول اقرب لفظا وهذا انسب معنى فان الحاجة الى هذا الأمر لا تمس الا بعد الصحة. والضغث الحزمة الصغيرة من الحشيش ونحوه فى المفردات الضغث قبضة ريحان او حشيش وبه شبه الأحلام المختلطة التي لا يتبين حقائقها انتهى وقال الكاشفى [وبكير بدست خود دسته از چوب از خرما يا از حشائش خشك شده كه بعدد صد باشد وفى كشف الاسرار مفسران كفتند إبليس بر صورت طبيبى بر سر راه نشست وبيماران را مداوات مى كرد زن أيوب آمد وكفت بيمارى كه فلان علت دارد او را مداوات كنى إبليس كفت او را مداوات كنم وشفا دهم بشرط آنكه چون او را شفا دهم او مرا كويد «أنت شفيتنى» يعنى تو مرا شفا دادى از شما جز اين نخواهم زن بيامد وآنچهـ از وى شنيد بايوب كفت أيوب بدانست كه آن شيطانست واو را از راه مى برد وكفت «والله لئن برئت لا ضربنك مائة» پس چون به شد جبريل آمد و پيام آورد از حق تعالى كه آن زن ترا در ايام بلا خدمت نيكو كرد اكنون تخفيف ويرا وتصديق سوكند خود را دسته كياه وريحان كه بعدد صد شاخ باشد با قبضه كه ازين درخت كندم كه خوشه بر سر دارد آنرا بدست خويش كير] فانه قال فى التكملة وقد روى انه أخذ مائة سنبلة فى كف واحد فضربها بها وقيل باعث ذؤابتيها برغيفين وكانتا متعلق أيوب إذا قام فحلف بذلك قال فى فتح الرحمن روى ان أيوب عليه السلام كانت زوجته مدة مرضه تختلف اليه فيتلقاها الشيطان مرة فى صورة طبيب ومرة فى هيئة ناصح فيقول لها لو سجد هذا المريض للصنم الفلاني لبرئ ولو ذبح عناقا للصنم الفلاني لبرئ ويعرض لها وجوها من الكفر فكانت هى ربما عرضت ذلك على أيوب فيقول لقيت عدو الله فى طريقك فلما أغضبته حلف ان عوفى ليجلدنها مائة جلدة انتهى يقول الفقير هذه الوجوه ذكرت ايضا فى غيره من التفاسير لكنها ضعيفة فان امرأة أيوب وهى رحمة وكانت بنت ابن يوسف الصديق عليه السلام على ما هو الأرجح ولا يتصور من مثل هذه المرأة المتدينة ان تحمل أيوب على ما هو كفر فى دينه وفى سائر الأديان وبمجرد نقل كلام العدو لا يلزم الغضب والحلف فالوجه الاول أليق بالمقام فَاضْرِبْ بِهِ اى بذلك الضغث زوجك وَلا تَحْنَثْ فى يمينك فان البر يتحقق به فاخذ(8/43)
ضغثا فضربها ضربة واحدة يقال حنث فى يمينه إذا لم يف بها وقال بعضهم الحنث الإثم ويطلق على فعل ما حلف على تركه وترك ما حلف على فعله من حيث ان كل واحد منهما سبب له وفى تاج المصادر [الحنث: دروغ شدن سوكند] ويعدى بفي [وبزه مند شدن] فان قيل لم قال الله تعالى لايوب عليه السلام (لا تَحْنَثْ) وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) قلنا لان كفارة اليمين لم تكن لاحد قبلنا بل هى لنا مما أكرم الله به هذه الامة بدليل قوله تعالى لكم كذا فى اسئلة الحكم وفى كلام بعض المفسرين لعل التكفير لم يجز فى شرعهم او ان الأفضل الوفاء به انتهى قال الشيخ نجم الدين رحمه الله أراد الله ان يعصم نبيه أيوب عليه السلام من الذنبين اللازمين. أحدهما اما الظلم واما الحنث وان لا يضيع اجر احسان المرأة مع زوجها وان لا يكافئها بالخير شرا وتبقى ببركتها هذه الرخصة فى الأمم الى يوم القيامة انتهى. فقد شرع الله هذه الرحمة رحمة عليه وعليها لحسن خدمتها إياه ورضاه عنها وهى رخصة باقية فى الحدود يجب ان يصيب المضروب كل واحد من المائة اما بأطرافها قائمة او باعراضها مبسوطة على هيئة الضرب اى بشرط ان توجد صورة الضرب ويعمل بالحيل الشرعية بالاتفاق- روى- ان الليث
بن سعد حلف ان يضرب أبا حنيفة بالسيف ثم ندم من هذه المقالة وطلب المخرج من يمينه فقال ابو حنيفة رحمه الله خذ السيف واضربنى بعرضه فتخرج عن يمينك كما فى مناقب الامام رضى الله عنه قال فى فتح الرحمن مذهب الشافعي إذا وجب الحد على مريض وكان جلدا اخر للمرض فان لم يرج برؤه جلد بعثكال عليه مائة غصن فان كان خمسين ضرب به مرتين وتمسه الاغصان او ينكبس بعضها على بعض ليناله بعض الألم فان برئ اجزأه ومذهب ابى حنيفة رحمه الله يؤخر فلا يجلد حتى يبرأ كمذهب الشافعي فان كان ضعيف الخلقة يخاف عليه الهلاك لو ضرب شديدا يضرب مقدار ما يتحمله من الضرب ومذهب مالك لا يضرب الا بالسوط ويفرق الضرب وعدد الضربات مستحق لا يجوز تركه فان كان مريضا آخر الى ان يبرأ كمذهب الشافعي وابى حنيفة ومذهب احمد يقام الحد فى الحال ولا يؤخر للمرض ولو رجى زواله ويضرب بسوط يؤمن معه التلف كالقضيب الصغير فان خشى عليه من السوط أقيم باطراف الثياب وعثكول النخل فان خيف عليه من ذلك جمع ضغث فيه مائة شمراخ فضرب به ضربة واحدة كقول الشافعي واما إذا كان الحد رجما فلا يؤخر بالاتفاق ولا يقام الحد على حامل حتى تضع بغير خلاف فابو حنيفة ان كان حدها الجلد فحتى تتعالّ ااى تخرج من نفاسها وان كان الرجم فعقيب الولادة وان لم يكن للصغير من يربيه فحتى يستغنى عنها والشافعي حتى ترضعه اللبان ويستغنى بغيرها او فطام لحولين ومالك واحمد بمجرد الوضع إِنَّا وَجَدْناهُ علمناه صابِراً فيما أصابه فى النفس والأهل والمال وفى التأويلات النجمية يشير الى ان أيوب عليه السلام لم يكن ليجد نفسه صابرا لولا انا وجدناه صابرا اى جعلناه يدل على هذا المعنى قوله تعالى لنبيه عليه السلام (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ) اى هو الذي صبرك وان لم تكن تصبر انتهى- روى- انه بلغ امر أيوب عليه السلام الى ان لم يبق منه الا القلب واللسان فجاءت دودة الى القلب فعضته واخرى الى اللسان(8/44)
فعضته فعند ذلك دعا أيوب فوقعت دودة فى الماء فصار علقا واخرى فى البر فصار نحلا يخرج منه العسل وفى زهرة الرياض انه بقي على بدنه اربعة من الديدان واحد طار ووقع على شجرة الفرصاد فصار دود القز وواحد وقع فى الماء فصار علقا وواحد وقع فى الحبوب فصار سوسا والرابع طار ووقع فى الجبال والأشجار فصار نحلا وهذا بعد ما كشف الله عنه واعلم ان العلماء قالوا ان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون من الأمراض المنفرة ويناقش فيه بحديث أيوب عليه السلام إذ روى انه تفرق عنه الناس حتى ارتد بعض من آمن به الا ان يستثنى أيوب عليه السلام فان ابتلاءه كان خارقا للعادة وابتلاء الناس به أي ابتلاء ثم اعلم انه ليس فى شكواه الى الله تعالى إخلال بصبره فان الصبر حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا الى الله تعالى وفى حبس النفس عن الشكوى الى الله فى رفع الضر مقاومة القهر الإلهي وهو ليس من آداب العبودية فلا بد من الشكاية ليصح الافتقار الذي هو حقيقتك المميزة نسبة العبودية من الربوبية ولذا قال ابو يزيد البسطامي قدس سره
چار چيز آورده ام شاها كه در كنج تو نيست ... نيستى وحاجت وعجز ونياز آورده ام
وجاع بعض العارفين فبكى فعاتبه فى ذلك بعض من لا ذوق له فقال انما جوّعنى لا بكى واسأل نِعْمَ الْعَبْدُ اى أيوب إِنَّهُ أَوَّابٌ تعليل لمدحه اى انما كان نعم العبد لانه رجاع الى الله تعالى لا الى الأسباب مقبل بجملة وجوده الى طاعته او رجاع الى الحضرة فى طلب الصبر على البلاء والرضى بالقضاء ولقد سوى الله تعالى بين عبديه اللذين أحدهما أنعم عليه فشكر والآخر ابتلى فصبر حيث اثنى عليهما ثناء واحدا فقال فى وصف سليمان (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) وفى وصف أيوب كذلك ولم يلزم من الاوابية الذنب لان بلاء أيوب كان من قبيل الامتحان على ما سبق واعلم ان العيش فى البلاء مع الله عيش الخواص وعيش العافية مع الله عيش العوام وذلك لان الخواص يشاهدون المبلى فى البلاء وتطيب عيشتهم بخلاف العوام فانهم بمعزل من الشهود فيكون البلاء لهم عين المحنة ولذا لا صبر لهم قال
ابن مسعود رضى الله عنه أيوب عليه السلام رأس الصابرين الى يوم القيامة قال بعضهم [بلا ذخيره أوليا واختيار اصفيا است هر يكى بنوعى ممتحن بودند. نوح بدست قوم خويش كرفتار. ابراهيم بآتش نمرود. إسماعيل بفتنه ذبح. يعقوب بفراق فرزند. زكريا ويحيى بمحنت قتل. موسى بدست فرعون وقبطيان وعلى هذا أوليا واصفيا. يكى را محنت غربت بود ومذلت. يكى را كرسنكى وفاقت. يكى را بيمارى وعلت. يكى را قتل وشهادت. مصطفى عليه السلام كفت (ان الله ادخر البلاء لاوليائه كما ادخر الشهادة لاحبابه) چون رب عزت آن بلاها از أيوب كشف كرد روزى بخاطر وى بگذشت كه نيك صبر كردم در ان بلا ندا آمد كه «أأنت صبرت أم نحن صبرناك يا أيوب لولا انا وضعنا تحت كل شعرة من البلاء جبلا من الصبر لم تصبر» جنيد قدس سره كفت] من شهد البلاء بالبلاء ضج من البلاء ومن شهد البلاء من المبلى حنّ الى البلاء قال ابن عطاء ليخفف ألم البلاء عنك علمك بان الله هو المبلى واعلم ان لكل بلاء خلفا اما فى الدنيا واما فى الآخر واما فى كليهما: قال الصائب(8/45)
وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47) وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (48) هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50)
هر محنتى مقدمه راحتى بود ... شد همزبان حق چوزبان كليم سوخت
- يروى- ان الله تعالى لما اذهب عن أيوب ما كان فيه من الأذى انزل عليه ثوبين أبيضين من السماء فاتزر بأحدهما وارتدى بالآخر ثم مشى الى منزله فاقبلت سحابة فسحت فى اندر قمحه ذهبا حتى امتلأ وأقبلت سحابة اخرى الى اندر شعيره فسحت فيه ورقا حتى امتلأ وشكر الله خدمة زوجته فردها الى شبابها وجمالها وَاذْكُرْ عِبادَنا المخصوصين من اهل العناية إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ ابن ابراهيم وَيَعْقُوبَ ابن اسحق ثم اومأ الى وجه اختصاصهم بجنابه تعالى فقال أُولِي الْأَيْدِي ذوى الأيدي وهى جمع يد بمعنى الجارحة فى الأصل أريد بها القوة مجازا بمعونة المقام وذلك لكونها سبب التقوى على اكثر الأعمال وبها يحصل البطش والقهر ولم تجمع القوة لكونها مصدرا يتناول الكثير وَالْأَبْصارِ جمع بصر حمل على بصر القلب ويسمى البصيرة وهى القوة التي يتمكن بها الإنسان من ادراك المعقولات قال فى المفردات البصر يقال للجارحة الناظرة وللقوة التي فيها ويقال لقوة القلب المدركة بصيرة وبصر ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة. وجمع البصر أبصار وجمع البصيرة بصائر. والمعنى ذوى القوة فى الطاعة والبصيرة فى امور الدين ويجوز ان يراد بالأيدي الأعمال الجليلة لان اكثر الأعمال تباشر بها فغلب الأعمال بالأيدي على سائر الأعمال التي تباشر بغيرها وان يراد بالأبصار المعارف والعلوم الشريفة لان البصر والنظر أقوى مباديها وهم ارباب الكمالات العملية والنظرية والذين لا يفكرون فكر ذوى الديانات فى حكم من لا استبصار لهم وفيه تعريض بالجهلة البطالين وانهم كالزمنى والعميان حيث لا يعملون عمل الآخرة ولا يستبصرون فى دين الله وتوبيخ على تركهم المجاهدة والتأمل مع تمكنهم منهما: وفى المثنوى
اندرين ره مى تراش ومى خراش ... تا دم آخر دمى فارغ مباش
إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ تعليل لما وصفوا به من شرف العبودية وعلو الرتبة. والتنكير للتفخيم اى انا جعلناهم خالصين لنا بخصلة خالصة عظيمة الشأن لا شوب فيها ذِكْرَى الدَّارِ مصدر بمعنى التذكر مضاف الى مفعوله وهو خبر مبتدأ محذوف والجملة صفة خالصة. والتقدير هى تذكرهم للدار الآخرة دائما ولا همّ لهم غيرها واطلاق الدار يعنى مرادا بها الدار الآخرة للاشغار بانها الدار فى الحقيقة وانما الدنيا معبر فان قيل كيف يكونون خالصين لله تعالى وهم مستغرقون فى الطاعة وفيما هو سبب لها وهو تذكر الآخرة قلت ان استغراقهم فى الطاعة انما هو لاستغراقهم فى الشوق الى لقاء الله ولما لم يكن ذلك الا فى الآخرة استغرقوا فى تذكرها وفى الآخرة [آن ياد كردن سراى آخرتست چهـ مطمح نظر انبيا جزفوز بلقاى حضرت كبريا نيست وآن در آخرت ميسر شود] وفى التأويلات انا صفيناهم عن شوب صفات النفوس وكدورة الانانية وجعلناهم لنا خالصين بالمحبة الحقيقية ليس لغيرنا فيهم نصيب ولا يميلون الى الغير بالمحبة العارضة لا الى أنفسهم ولا الى غيرهم بسبب خصلة خالصة غير مشوبة بهمّ آخر هى ذكرى الدار الباقية والمقر الأصلي اى استخلصناهم لوجهنا بسبب تذكرهم لعالم القدس واعراضهم عن معدن الرجس مستشرفين لانواره لا التفات لهم الى الدنيا وظلماتها أصلا(8/46)
وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47) وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (48)
انتهى يقول الفقير أراد ان الدنيا ظلمة لانها مظهر جلاله تعالى والآخرة نور لانها مجلى جماله تعالى والتاء للتخصيص والأصل الآخر الذي هو الله تعالى ولذا يرجع العباد اليه بالآخرة وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ قوله عند ظرف لمحذوف دل عليه المصطفين ولا يجوز ان يكون معمولا لقوله من المصطفين لان الالف واللام فيه بمعنى الذي وما فى حيز الصلة لا يتقدم على الموصول. والمصطفين بفتح الفاء والنون جمع مصطفى أصله مصطفيين بالياءين وبكسر الاولى. والمعنى لمن المختارين من أمثالهم الْأَخْيارِ المصطفين عليهم فى الخير وفى التأويلات وانهم فى الحضرة الواحدية لمن الذين اصطفيناهم لقربنا من بنى نوعهم الأخيار المنزهين عن شوائب الشر والإمكان والعدم والحدثان انتهى وذكر العندية وقرن بها الاصطفائية اشارة الى ان الاصطفائية فى العبودية ازلية قبل وجود الكون فشرفهم خاص وموهبة خالصة بلا علل. والأخيار جمع خير كشر واشرار على انه اسم تفضيل او خير بالتشديد او خير بالتخفيف كاموات جمع ميت وميت وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ ابن ابراهيم عليهما السلام وليس هو باشموئيل بن هلقاثان على ما قال قتادة وانما فصل ذكره عن ذكر أبيه وأخيه للاشعار بعراقته فى الصبر الذي هو المقصود بالتذكر وذلك لانه اسلم نفسه للذبح فى سبيل الله او ليكون اكثر تعظيما فانه جد أفضل الأنبياء والمرسلين وَالْيَسَعَ هو ابن أخطوب من العجوز استخلفه الياس عليه السلام على بنى إسرائيل ثم استنبىء ودخل اللام على العلم لكونه منكرا بسبب طرو الاشتراك عليه فعرف باللام العهدية على ارادة اليسع الفلاني مثل قول الشاعر رأيت الوليد بن اليزيد مباركا وَذَا الْكِفْلِ هو ابن عم يسع او يشير بن أيوب عليه السلام بعث بعد أبيه الى قوم فى الشام واختلف فى نبوته والأكثرون على انه نبى لذكره فى سلك الأنبياء واختلف ايضا انه الياس او يوشع او زكريا او غيرهم وانما لقب بذي الكفل لانه فرّ اليه مائة نبى من بنى إسرائيل من القتل فآواهم وكفلهم بمعنى أطعمهم وكساهم وكتمهم من الأعداء وفى التأويلات النجمية قيل ان اليسع وذا الكفل كانا أخوين وذو الكفل تكفل بعمل رجل صالح مات فى وقته كان يصلى لله كل يوم مائة صلاة فاحسن الله اليه الثناء وَكُلٌّ اى وكلهم على ان يكونوا بدلا منهم مِنَ الْأَخْيارِ المشهورين بالخيرية والآيات تعزية وتسلية للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم فان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذا اجتهدوا فى الطاعات وقاسوا الشدائد والآفات وصبروا على البلايا والأذيات من أعدائهم مع انهم مفضولون فالنبى عليه السلام اولى بذلك لكونه أفضل منهم والأفضل يقاسى ما لا يقاسى المفضول إذ به تتم رتبته وتظهر رفعته قال فى كشف الاسرار [اسما دختر صديق رضى الله عنها روايت كند كه مصطفى عليه السلام روزى در انجمن قريش بگذشت يكى از ايشان برخاست كفت تويى كه خدايان ما را بد ميكويى ودشنام مى دهى رسول خدا كفت من ميكويم كه معبود عالميان يكيست بى شريك وبى نظير شما در پرستش(8/47)
هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50)
أصنام بر باطليد ايشان همه بيكبار هجوم كردند ودر رسول آويختندن واو را ميزدند اسما كفت اين ساعت يكى آمد بدر سراى أبو بكر وكفت «أدرك صاحبك» صاحب خويش را درياب كه در زخم دشمنانى كرفتارست أبو بكر بشتاب رفت وبا ايشان كفت «ويلكم أتقتلون رجلا ان يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم» ايشان رسول را بگذاشتند وابو بكر را بيمحابا زدند وابو بكر كيسوان داشت چون بخانه باز آمد دست بگيسوان فرو مى آورد وموى بدست وى باز مى آمد وميكفت «تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام» رب العالمين اين همه رنج وبلا بر دوستان نهد كه از ايشان دو چيز دوست دارد چشمى كريان ودلى بريان ودوست دارد كه بنده مى كريد واو را دران كريه مى ستايد كه «ترى أعينهم تفيض من الدمع» ودوست دارد كه بنده مى نالد وبر دركاه او مى زارد واو راد آن مى ستايد كه] وجلت قلوبهم وفى المثنوى
با سياستهاى جاهل صبر كن ... خوش مدارا كن بعقل من لدن «1»
صبر برنا اهل اهلانرا جليست ... صبر صافى ميكند هر جا دليست
آتش نمرود ابراهيم را ... صفوت آينه آمد در جلا
جور كفر نوحيان وصبر نوح ... نوح را شد صيقل مرآت نوح
انبيا رنج خسان بس ديده اند ... از چنين ماران بسى پيچيده اند «2»
رو بكش خندان وخوش بار حرج ... از پى الصبر مفتاح الفرج
اللهم أعنا على الصبر هذا المذكور من الآيات الناطقة بمجالس الأنبياء ذِكْرٌ اى شرف لهم وذكر جميل يذكرون به ابدا كما يقال يموت الرجل ويبقى اسمه وذكره ويموت الفرس ويبقى ميدانه
يادگارست چون حديث بشر ... ياد كارت بخير به كه بشر
وفى التفسير الفارسي [اين خبر انبيا سبب ياد كردست ترا اى محمد وقوم ترا] كما فى قوله تعالى (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) وعن ابن عباس رضى الله عنهما هذا ذكر من مضى من الأنبياء وفى التأويلات النجمية هذا اى القرآن فيه ذكر ما كان وذكر الأنبياء وقصصهم لتعتبر بهم وتقتدى بسيرهم وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ الذين يتقون الله لا ما سواه وهذا لان جنات عدن مقام اهل الخصوص لَحُسْنَ مَآبٍ مرجع فى الآخرة مع مالهم فى الدنيا من الثناء الجميل وهو من اضافة الصفة الى الموصوف اى مآبا حسنا جَنَّاتِ عَدْنٍ عطف بيان لحسن مآب. واصل العدن فى اللغة الاقامة ثم صار علما بالغلبة- روى- ابو سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (ان الله تعالى بنى جنة عدن بيده وبناها بلبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل ملاطها المسك وترابها الزعفران وحصباءها الياقوت ثم قال لها تكلمى فقالت قد أفلح المؤمنون قالت الملائكة طوبى لك منزل الملوك) يقول الفقير دل الحديث على ان جنة عدن مقر الخواص والمقربين الذين هم بمنزلة الملوك من الرعايا ودل عليه الإطلاق فى قوله ايضا قد أفلح المؤمنون لان الله تعالى عقب فى القرآن
__________
(1) در اواسط دفتر ششم در بيان تسليم كردن كنج نامه باز فقير إلخ
(2) لم أجد فى المثنوى فليراجع(8/48)
مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54) هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55)
قوله (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) بصفات جليلة لا تتيسر الا للخواص فاين السياس من منازل السلاطين مُفَتَّحَةً اى حال كون تلك الجنات مفتحة لَهُمُ الْأَبْوابُ منها والأبواب مفعول مفتحة اى إذا وصلوا إليها وجدوها مفتوحة الأبواب لا يحتاجون الى فتح بمعاناة ولا يلحقهم ذل الحجاب ولا كلفة الاستئذان تستقبلهم الملائكة بالتبجيل والترحيب والإكرام يقولون سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار وقيل هذا مثل كما تقول متى جئتنى وجدت بابى مفتوحا لا تمنع من الدخول فان قيل ما فائدة العدول عن الفتح الى التفتيح قلنا المبالغة وليست لكثرة الأبواب بل لعظمها كما ورد من المبالغة فى وسعها وكثرة الداخلين ويحتمل ان يكون للاشارة الى ان اسباب فتحها عظيمة شديدة لان الجنة قد حفت بالمكاره على وجه لما رآها جبرائيل عليه السلام مع عظمة نعيمها قال يا رب أنى هذه لا يدخلها أحد مُتَّكِئِينَ فِيها حال من لهم اى حال كونهم جالسين فيها جلسة المتنعمين للراحة ولا شك ان الاتكاء على الأرائك دليل التنعم ثم استأنف لبيان حالهم فى الجنات فقال يَدْعُونَ فِيها [مى خوانند دران بهشتها] بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ اى بألوان الفاكهة وهى ما يؤكل للذة لا للغذاء. والاقتصار على دعاء الفاكهة للايذان بان مطاعمهم لمحض التفكه والتلذذ دون التغذي فانه لتحصيل بدل المتحلل ولا تحلل فيها وَشَرابٍ اى ويدعون فيها ايضا بشراب وقيل تقديره وشراب كثير فحذف اكتفاء بالأول اى يدعون بشراب كثير بمعنى ألوانه يقال نطق القرآن بعشرة اشربة فى الجنة منها الخمر الجارية من العيون وفى الأنهار ومنها العسل واللبن وغيرهما ولا شك ان الأذواق المعنوية فى الدنيا متنوعة ومقتضاه تنوع التجليات الواقعة فى الجنة سواء كانت تجليات شرابية او غيرها وَعِنْدَهُمْ اى عند المتقين قاصِراتُ الطَّرْفِ اى زوجات قصرن طرفهن اى نظرهن على أزواجهن لا ينظرن الى غيرهم: يعنى [زنانى كه از غير شوهر چشم باز كيرند] قال فى كشف الاسرار هذا كقولهم فلانة عند فلان اى زوجته أَتْرابٌ جمع ترب بالكسرة وهى اللدة اى من ولد معك والهاء فى اللدة عوض عن الواو الذاهبة من اوله لانه من الولادة. والمعنى لدات اقران ينشأن معا تشبيها فى التساوي والتماثل بالترائب التي هى ضلوع الصدر ولوقوعهن على الأرض معا اى يمسهن التراب فى وقت واحد قال فى كشف الاسرار لدات مستويات فى السن لا عجوز فيهن ولا صبية وقال بعضهم لدات لازواجهن اى هن فى سن أزواجهن: يعنى [تمام زنان بهشت در سن متساوى ازواج باشند مجموع سى وسه سال] لا أصغر ولا اكبر. وفيه ان رغبة الرجل فيمن هى دونه فى السن أتم وانه كان التحاب بين الاقران ارسخ فلا يكون كونهن لدات لازواجهن صفة مدح فى حقهن [وبعضى برانند كه مراد از اتراب آنست كه همه زنان متساوى باشند در حسن يعنى هيچ يك را بر ديكرى فضلى نبود دران تا طبع بفاضله كشد واز مفضوله منصرف كردد] وفى الخبر الصحيح (يدخل اهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين سنة لكل رجل منهم زوجتان على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من ورائها) هذا اى تقول لهم الملائكة هذا المعد من الثواب والنعيم ما تُوعَدُونَ(8/49)
إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54) هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55)
ايها المتقون على لسان النبي عليه السلام لِيَوْمِ الْحِسابِ اى لاجله فان الحساب علة للوصول الى الجزاء يقول الفقير ويحتمل ان يكون التقدير ما توعدون بوقوعه فى يوم الحساب والجزاء إِنَّ هذا اى ما ذكر من ألوان النعم والكرامات لَرِزْقُنا عطاؤنا أعطيناكموه ما لَهُ مِنْ نَفادٍ اى ليس له انقطاع ابدا وفناء وزوال قال فى المفردات النفاد الفناء قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ليس لشئ نفاد ما أكل من ثمارها خلف مكانه مثله وما أكل من حيوانها وطيرها عاد مكانه حيا وفى التأويلات النجمية وبقوله (جَنَّاتِ عَدْنٍ) الى قوله (لِيَوْمِ الْحِسابِ) يشير الى ان هذه الجنات بهذه الصفات مفتوحة لهم الأبواب وأبواب الجنة بعضها مفتوحة الى الخلق وبعضها مفتوحة الى الخالق لا يغلق عليهم واحد منها فيدخلون من باب الخلق وينتفعون بما أعد لهم فيها ثم يخرجون من باب الخالق وينزلون فى فى مقعد صدق عند مليك مقتدر لا يقيدهم نعيم الجنة ليكونوا من اهل الجنة كما لم يقيدهم نعيم الدنيا ليكونوا من اهل النار بل أخلصهم من حبس الدارين ومتعهم بنزل المنزلين وجعلهم من اهل الله وخاصته (إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ) اى هذا ما رزقناهم فى الأزل فلا نفاد له الى الابد انتهى فعلى العاقل الاعراض عن اللذات الفانية والإقبال على الأذواق الباقية فالفناء يوصل الى البقاء كما ان الفقر يوصل الى الغنى ولكل احتياج استغناء [حكايت- كنند مردى مال بسيار داشت در دلش افتاد كه بازركانى كند در ان كشتى كه نشسته بود بشكست ومال او جمله غرق شد واو بر لوحى بماند بجزيره افتاد حالى بي مونسى ورفيقى سالها بر وى آمد دلتنك كشت وغمكين شد شبى بر لب دريا نشسته بود وموى پاليده وجامها از وى فرو شد اين بيت ميكفت]
إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وهيهات الغراب متى يشيب
[آوازى از دريا شنيد كه كسى ميكفت]
عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب
[ديكر روز آن مرد را چشم بر دريا افتاد و چيزى عظيم ديد چون نزديك آمد كشتى چوعروسى بود چون اين مرد را بديدند كفتند حال تو چيست قصه اش بكفت واز شهرش خبر داد كفتند ترا هيچ بسر بود كفت نعم وصفتش بيان كرد ايشان همه بر وى افتادند وبوسه بر وى دادند وكفتند اين پسر تو است واين كشتى از ان اوست وما بندگان اوييم وهر چهـ از ان اوست از ان تو بود واو را موى فرو كرند وجامهاى فاخر پوشيدند وبراحت با جايكاه خويش آوردند] فظهر ان ذلك الرجل ظن ان نفسه هلك ورزقه نفد فوجد الله تعالى قد أعطاه حالا احسن من حاله الاولى فان رزقه ليس له نفاد وعطاءه غير مجذوذ هذا اى الأمر فى حق المتقين هذا الذي ذكرناه وقال بعضهم هذا من قبيل ما إذا فرغ الكاتب من فصل وأراد الشروع فى فصل آخر منفصل عما قبله قال هذا اى احفظ ما كان كيت وكيت وانتظر الى ما يجيئ وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ اى للذين طغوا على الله وكذبوا الرسل يعنى للكافرين قال الراغب الطغيان تجاوز الحد فى العصيان لَشَرَّ مَآبٍ مرجع فى الآخرة(8/50)
جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ (59) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61)
جَهَنَّمَ عطف بيان لشر مآب يَصْلَوْنَها حال من المنوي فى للطاغين اى حال كونهم يدخلونها ويجدون حرها يوم القيامة ولكن اليوم مهدوا لانفسهم فَبِئْسَ الْمِهادُ اى جهنم: وبالفارسية [پس بد آرامگاهيست دوزخ] وهو المهد والفرش مستعار من فراش النائم إذ لا مهاد فى جهنم ولا استراحة وانما مهادها نار وغواشيها نار كما قال تعالى (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ) اى فراش من تحتهم ومن تجريدية (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) اى اغطية: يعنى [زير وزبر ايشان آتش باشد] هذا فَلْيَذُوقُوهُ اى ليذوقوا هذا العذاب فليذوقوه والذوق وجود الطعم بالفم وأصله فى القليل لكنه يصلح للكثير الذي يقال له الاكل وكثر استعماله فى العذاب تهكما حَمِيمٌ اى هو حميم وهو الماء الذي انتهى حره: يعنى [آن آب كرم است در نهايت حرارت چون پيش لب رسد ويرا بسوزد و چون بخورند دو پاره شود] وَغَسَّاقٌ ما يغسق من صديد اهل النار اى يسيل من غسقت العين سال دمعها قال الكاشفى [مراد ريم است كه از كوشت و پوست دوزخيان واز فروج زانيان سيلان ميكند آنرا جمع كرده بديشان مى خورانند] وقال ابن عباس رضى الله عنهما هو الزمهرير يحرقهم برده كما تحرقهم النار بحرّها وفى القاموس الغساق كسحاب وشداد البارد المنتن فلو قطرت منه قطرة فى المشرق لنتنت اهل المغرب ولو قطرت قطرة فى المغرب لنتنت اهل المشرق وعن الحسن هو عذاب لا يعلمه الا الله ان ناسا اخفوا لله طاعة فاخفى لهم ثوابا فى قوله (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ) واخفوا معصية فاخفى لهم عقوبة وقيل هو مستنقع فى جهنم يسيل اليه سم كل ذى سم من عقرب وحية يغمس فيه الآدمي فيسقط جلده ولحمه عن العظام وفى التأويلات النجمية (هذا) الذي مهدوا اليوم (فَلْيَذُوقُوهُ) يوم القيامة يعنى قد حصلوا اليوم معنى صورته (حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) يوم القيامة ولكن مذاقهم بحيث لا يجدون ألم عذاب ما حصلوه بسوء أعمالهم فليذوقوه يوم القيامة
هر كه او نيك ميكند يابد ... نيك وبد هر كه ميكند يابد
فاذا تنعم المؤمنون بالفاكهة والشراب تعذب الكافرون بالحميم والغساق وَآخَرُ ومذوق آخر او عذاب آخر مِنْ شَكْلِهِ اى من مثل هذا المذوق او العذاب فى الشدة والفظاعة أَزْواجٌ قوله آخر مبتدأ وازواج مبتدأ ثان ومن شكله خبر لازواج والجملة خبر المبتدأ الاول وازواج اى أجناس لانه يجوز ان يكون ضروبا: يعنى [اين عذاب كونا كونست اما همه متشابه يكديكرند در تعذيب وإيلام] وفى التأويلات النجمية اى فنون اخر مثل ذلك العذاب يشير به الى ان لكل نوع من المعاصي نوعا آخر من العذاب كما ان كل بذر يزرعونه يكون له ثمرة تناسب البذر
همينت بسندست اگر بشنوى ... كه كر خار كارى سمن ندروى
هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ الفوج الجماعة والقطيع من الناس وأفاج اسرع وعدا وندّ قال الراغب الفوج الجماعة المارة المسرعة وهو مفرد اللفظ ولذا قيل مقتحم لا مقتحمون والاقتحام الدخول فى الشيء بشدة والقحمة الشدة قال فى القاموس قحم فى الأمر كنصر قحوما رمى(8/51)
قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61)
بنفسه فيه فجأة بلا رؤية. والمعنى يقول الخزنة لرؤساء الطاغين إذا دخلوا النار مشيرين الى الاتباع الذين أضلوهم هذا اى الاتباع فوج تبعكم فى دخول النار بالاضطرار كما كانوا قد تبعوكم فى الكفر والضلالة بالاختيار فانظروا الى اتباعكم لم يحصل بينكم وبينهم تناصر وانقطعت مودتكم وصارت عداوة قيل يضرب الزبانية المتبوعين والاتباع معا بالمقامع فيسقطون فى النار خوفا من تلك المقامع فذلك هو الاقتحام: وبالفارسية [اين كرد هست كه درآمدكانند در دوزخ برنج وسختى با شما هر كه از روى حرص وشهوت جايى نشيند كه خواهد بجاى كشندش كه نخواهد] لا مَرْحَباً بِهِمْ مصدر بمعنى الرحب وهو السعة وبهم بيان للمدعو وانتصابه على انه مفعول به لفعل مقدر اى لا يصادفون رحبا وسعة او لا يأتون رحب عيش ولا وسعة مسكن ولا غيره وحاصله لا كرامة لهم او على المصدر اى لا رحبهم عيشهم ومنزلهم رحبا بل ضاق عليهم: وبالفارسية [هيچ مرحبا مباد ايشانرا] يقول الرجل لمن يدعوه مرحبا اى أتيت رحبا من البلاء وأتيت واسعا وخيرا كثيرا قال الكاشفى [مرحبا كلمه ايست براى إكرام مهمان ميكويند] وقال غيره يقصد به إكرام الداخل واظهار المسرة بدخوله ثم يدخل عليه كلمة لا فى دعاء السوء وفى بعض شروح الحديث التكلم بكلمة مرحبا سنة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال (مرحبا يا أم هانى) حين ذهبت الى رسول الله عام الفتح وهى بنت ابى طالب أسلمت يوم الفتح ومن أبواب الكعبة باب أم هانى لكون بيتها فى جانب ذلك الباب وقد صح انه عليه السلام عرج به من بيتها كما قال المولى الجامى
چودولت شد ز بد خواهان نهانى ... سوى دولت سراى أم هانى
إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ تعليل من جهة الخزنة لاستحقاقهم الدعاء عليهم اى داخلون النار بأعمالهم السيئة وباستحقاقهم قالُوا اى الاتباع عند سماع ما قيل فى حقهم بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ [بلكه شما مرحبا مباد شما را بدين نفرين سزاوار تريد] خاطبوا الرؤساء مع ان الظاهر ان يقولوا بطريق الاعتذار الى الخزنة بل هم لا مرحبا بهم قصدا منهم الى اظهار صدقهم بالمخاصمة مع الرؤساء والتحاكم الى الخزنة طمعا فى قضائهم بتخفيف عذابهم او تضعيف عذاب خصمائهم اى بل أنتم ايها الرؤساء أحق بما قيل لنا من جهة الخزنة لاغوائكم إيانا مع ضلالكم فى أنفسكم أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا تعليل لأحقيتهم بذلك اى أنتم قدمتم العذاب او الصلىّ لنا واوقعتمونا فيه بتقديم ما يؤدى اليه من العقائد الزائغة والأعمال السيئة وتزيينها فى أعيننا وإغرائنا عليها لا انا باشرنا من تلقاء أنفسنا وذلك ان سبب عذاب الاتباع هو تلك العقائد والأعمال والرؤساء لم يقدموها بل الذين قدموها هم الاتباع باختيارهم إياها واتصافهم بها والذي قدمه الرؤساء لهم ما يحملهم عليها من الإغواء والإغراء عليها وهذا القدر من السببية كاف فى اسناد تقديم العذاب او الصلي الى الرؤساء فَبِئْسَ الْقَرارُ اى فبئس المقر جهنم قصدوا بذمها جناية الرؤساء عليهم قالُوا اى الاتباع معرضين عن خصومتهم متضرعين الى الله رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا العذاب او الصلى وفى التفسير(8/52)
وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64) قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66)
الفارسي [هر كه فرا پيش داشت براى ما اين كفر وضلال وما را از راه حق بلغزانيد] فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ [پس زياده كن او را عذابى دوباره در آتش يعنى آن مقدار عذاب كه دارد آنرا دو چندان كن] ومن يجوز ان تكون شرطية وفزده جوابها وان تكون موصولة بمعنى الذي مرفوعة المحل على الابتداء والخبر فزده والفاء زائدة لتضمن المبتدأ معنى الشرط وضعفا صفة لعذابا بمعنى مضاعفا وفى النار ظرف لزده او نعت لعذابا قال الراغب الضعف من الأسماء المتضايفة التي يقتضى وجود أحدها وجود الآخر كالضعف والزوج وهو تركب قدرين مساويين ويختص بالعدد فاذا قيل ضعفت الشيء وضاعفته اى ضممت اليه مثله فصاعدا فمعنى عذابا ضعفا اى عذابا مضاعفا اى ذا ضعف بان يزيد عليه مثله ويكون ضعفين اى مثلين فان ضعف الشيء وضعفيه مثلاه كقولهم ربنا وآتهم ضعفين من العذاب فان قلت كل مقدار يعرض من العذاب ان كان بقدر الاستحقاق لم يكن مضاعفا وان كان زائدا عليه كان ظلما فكيف يجوز سؤاله من الله تعالى يوم القيامة قلت ان المسئول من التضعيف ما يكون بقدر الاستحقاق بان يكون أحد الضعفين بمقابلة الضلال والآخر بمقابلة الإضلال قال عليه السلام (من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة) ونظيره ان الكافرين إذا قتل أحدهما وزنى دون الآخر فهما متساويان فى وزر الكفر واما القاتل والزاني فعذابه مضاعف لمضاعفة عمله السيئ وقال ابن مسعود رضى الله عنه العذاب الضعف هو الحيات والأفاعي وذلك المضل آذى روح من أضله فى الدنيا فسلط الله عليه المؤذى فى الآخرة لان الجزاء من جنس العمل فعلى العاقل إصلاح الباطن وتزكيته من الأخلاق الذميمة والأوصاف القبيحة وإصلاح الظاهر وتحليته عن الأقوال الشنيعة والأعمال الفظيعة ولا يغتر بالقرناء السوء فانهم منقطعون غدا عن كل خلة ومودة ولا ينفع لاحد الا القلب السليم والعلم النافع والعمل الصالح
بضاعت بچندان كه آرى برى ... وكر مفلسى شرمسارى برى
اللهم اجعلنا من اهل الرحمة لا من اهل الغضب وَقالُوا اى الطاغون مثل ابى جهل واضرابه: وبالفارسية [وكويند صناديد قريش در دوزخ] ما لَنا [چيست ما را امروز] وما استفهامية مبتدأ ولنا خبره وهو مثل قوله ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ فى ان الاستفهام محمول على التعجب لا على حقيقته إذ لا معنى لاستفهام العاقل عن نفسهه لا نَرى رِجالًا الفعل المنفي حال من معنى الفعل فى مالنا كما تقول مالك قائما بمعنى ما تصنع قائما اى ما نصنع حال كوننا غير رائين رجالا. والمعنى أي حال لنا لا نرى فى النار رجالا كُنَّا فى الدنيا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ يعنى [از بدان ومردودان] جمع شر وهو الذي يرغب عنه الكل كما ان الخير هو الذي يرغب فيه الكل يعنون فقراء المسلمين كانوا يسترذلونهم ويسخرون منهم مثل صهيب الرومي وبلال الحبشي وسلمان الفارسي وحباب وعمار وغيرهم من صعاليك المهاجرين الذين كانوا يقولون لهم هؤلاء منّ الله عليهم من بيننا سموهم اشرارا اما بمعنى الأراذل والسفلة الذين لا خير فيهم ولا جدوى كما قال هذا من شر المتاع أو لأنهم(8/53)
أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64) قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65)
كانوا على خلاف دينهم فكانوا عندهم اشرارا أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا بقطع الهمزة على انها استفهام والأصل أاتخذناهم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بهمزة الاستفهام. وسخريا بضم السين وكسرها مصدر سخر قال فى القاموس سخر اى هزئ كاستسخر والاسم السخرية والسخرى ويكسر انتهى زيد فيه ياء النسبة للمبالغة لان فى ياء النسبة زيادة قوة فى الفعل كما قيل الخصوصية فى الخصوص قالوه إنكارا على أنفسهم ولو مالها فى الاستخبار منهم فمعنى الاستفهام الإنكار والتوبيخ والتعنيف واللوم: وبالفارسية [ما ايشانرا كرفتيم مهزوء بهم] أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ يقال زاغ اى مال عن الاستقامة وزاغ البصر كل وأم متصلة معادلة لاتخذناهم والمعنى أي الامرين فعلنا بهم الاستسخار منهم أم الازدراء بهم وتحقيرهم فان زيغ البصر وعدم الالتفات الى الشيء من لوازم تحقيره فكنى به عنه قال الحسن كل ذلك قد فعلوا اتخذوهم سخريا وزاغت عنهم أبصارهم محقرة لهم. والمعنى انكار كل واحد من الفعلين على أنفسهم توبيخا لها ويجوز ان تكون أم منقطعة والمعنى اتخذناهم سخريا بل زاغت عنهم أبصارنا فى الدنيا تحقيرا لهم وكانوا خيرا منا ونحن لا نعلم على معنى توبيخ أنفسهم على الاستسخار ثم الاضراب والانتقال منه الى التوبيخ على الازدراء والتحقير [در آثار آمده كه حق سبحانه وتعالى آن كروه فقرا را بر غرفات بهشت جلوه دهد تا كفار ايشانرا بينند وحسرت ايشان زياده شود] إِنَّ ذلِكَ الذي حكى من أحوالهم لَحَقٌّ لا بد من وقوعه البتة تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ خبر مبتدأ محذوف والجملة بيان لذلك اى هو تخاصم إلخ يعنى تخاصم القادة والاتباع: وبالفارسية [جنك وجدل كردن اهل دوزخ وماجراى ايشان] وهذا اخبار عما سيكون وسمى ذلك تخاصما على تشبيه تقاولهم وما يجرى بينهم من السؤال والجواب بما يجرى بين المتخاصمين من نحو ذلك وفى التأويلات النجمية وبقوله (وَقالُوا ما لَنا) إلخ يشير الى تخاصم اهل النار مع أنفسهم يسخرون بانفسهم كما كانوا يسخرون بالمؤمنين فيقولون (ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا) وما كانوا من الأشرار (أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) فلا نراهم معنا وهم هاهنا (إِنَّ ذلِكَ) التخاصم (لَحَقٌّ) مع أنفسهم (تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) من الندامة حين لا ينفعهم التخاصم ولا الندامة انتهى وفى الآية ذم وفى الحديث (اتخذوا الأيادي عند الفقراء قبل ان تجييء دولتهم فاذا كان يوم القيامة يجمع الله الفقراء والمساكين فيقال تصفحوا الوجوه فكل من أطعمكم لقمة او سقاكم شربة او كساكم خرقة او دفع عنكم غيبة فخذوا بيده وأدخلوه الجنة) : قال الحافظ
از كران تا بكران لشكر ظلمست ولى ... از ازل تا بابد فرصت درويشانست
وفى الحديث (ملوك الجنة كل اشعث اغبر إذا استأذنوا فى الدنيا لم يؤذن لهم وان خطبوا النساء لم ينكحوا وإذا قالوا لم ينصت لقولهم ولو قسم نور أحدهم بين اهل الأرض لوسعهم) كذا فى أنيس المنقطعين: قال الحافظ
نظر كردن بدرويشان منافى بزركى نيست ... سليمان با چنان حشمت نظرها بود با مورش
اللهم اجعل حليتنا حب الفقراء واحشرنا فى الدنيا والآخرة مع الفقراء قُلْ يا محمد لمشركى(8/54)
رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66)
مكة إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ رسول منذر من جهته تعالى أنذركم وأحذركم عذابه على كفركم ومعاصيكم وقل ايضا وَما مِنْ إِلهٍ فى الوجود إِلَّا اللَّهُ الْواحِدُ الذي لا يقبل الشركة والكثرة أصلا اى لا فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله فلا ملجأ ولا مفرّ الا اليه يعنى من عرف انه الواحد أفرد قلبه له فكان واحدا به وقد فسر قوله عليه السلام (ان الله وتر يحب الوتر) يعنى القلب المنفرد له
إذا كان ما تهواه فى الحسن واحدا ... فكن واحدا فى الحب ان كنت تهواه
ومن خاصية هذا الاسم ان من قرأه الف مرة خرج الخلائق من قلبه الْقَهَّارُ لكل شىء سواه ومن الأشياء آلهتهم فهو يغلبهم فكيف تكون له شركاء وايضا يقهر العباد بذنوبهم ومعاصيهم قال الكاشفى [قهر كننده كه بناى آمال را بقواصف آجال درهم شكند با شركت متوهم وكثرت بى اعتبار را فى نفس الأمر وجود ندارد در نظر عارف مضمحل ومتلاشى سازد]
غيرتش غير در جهان نكذاشت ... وحدتش اسم اين وآن برداشت
كم شود جمله ظلمت پندار ... نزد أنوار واحد قهار
يقول الفقير سمعت من فى حضرة شيخى وسندى قدس سره يقول فى هذه الآية ترتيب أنيق فان الذات الاحدية تدفع بوحدتها الكثرة وبقهرها الآثار فيضمحل الكل فلا يبقى سواه تعالى قال بعضهم القهار الذي له الغلبة التامة على ظاهر كل امر وباطنه ومن عرف قهره لعباده نسى مراد نفسه لمراده فكان له وبه لا لأحد سواه ولا شىء دونه وخاصية هذا الاسم اذهاب حب الدنيا وعظمة ما سوى الله تعالى عن القلب ومن اكثر ذكره ظهرت له آثار القهر على عدوه ويذكر عند طلوع الشمس وجوف الليل لاهلاك الظالم بهذه الصفة يا جبار يا قهار يا ذا البطش الشديد مرة ثم تقول خذ حقى ممن ظلمنى وعدا علىّ وفى الأربعين الادريسية يا قاهر ذا البطش الشديد الذي لا يطاق انتقامه يكتب على جام صينى لحل المعقود وعلى ثوب الحرب فى وقته لقهر الأعداء وغلبة الخصوم رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا من المخلوقات اى مالك جميع العوالم فكيف يتوهم ان يكون له شريك الْعَزِيزُ الذي لا يغلب فى امر من أموره. وايضا العزيز بالانتقام من المجرمين فالعزة لله تعالى وبه التعزز ايضا كما قيل ليكن بربك عزك تستقر وتثبت فان أعززت بمن يموت فان عزك يموت قال الشيخ ابو العباس المرسى رحمه الله والله ما رأيت العز الا فى رفع الهمة عن المخلوقين وخاصية هذا الاسم ان من ذكره أربعين يوما فى كل يوم أربعين مرة أعانه الله وأعزه فلم يحوجه لاحد من خلقه وفى الأربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب على امره فلا شىء يعادله قال السهروردي من قرأه سبعة ايام متواليات كل يوم الفا أهلك الله خصمه وان ذكره فى وجه العسكر سبعين مرة ويشير إليهم بيده فانهم ينهزمون الْغَفَّارُ المبالغ فى المغفرة والستر والمحو لمن تاب وآمن وعمل صالحا قال بعضهم الغفار كثير المغفرة لعباده والمغفرة الستر على الذنوب وعدم المؤاخذة بها وما جاء على فعال فاشعار بترداد الفعل وفى الحديث (إذا قال العبد يا رب اغفر لى قال الله أذنب(8/55)
قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)
عبدى ذنبا فعلم ان له ربا يغفر الذنب ويأخذ به أشهدكم انى قد غفرت له) وخاصية هذا الاسم وجود المغفرة فمن ذكره اثر صلاة الجمعة مائة مرة ظهرت له آثار المغفرة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) وعن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تضوّر من الليل قال (لا اله الا الله الواحد القهار رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار) ومعنى تضوّر تلوّى إذا قام من النوم وفى تاج المصادر [التضور: بر خويشتن پيچيدن از كرسنكى يا از زخم] وفى هذه الأوصاف الجارية على اسم الله تعالى تقرير للتوحيد فان اجراء الواحد عليه يقرر وحدانيته واجراء القهار العزيز عليه وعيد للمشركين واجراء الغفار عليه وعد للموحدين وتنبيه ما يشعر بالوعيد من وصفي القهر والعز وتقديم وصف القهارية على وصف الغفارية لتوفية مقام الانذار حقه قُلْ هُوَ اى القرآن وما انبأكم به من امر التوحيد والنبوة واخبار القيامة والحشر والجنة والنار وغيرها نَبَأٌ عَظِيمٌ وشأن جسيم لانه كلام الرب القديم وارد من جانبه الكريم يستدل به على صدقى فى دعوى النبوة. والنبأ ما اخبر النبي عليه السلام عن الله تعالى ولا يستعمل الا فى خبر ذى فائدة عظيمة أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ لا تتفكرون فيه وتعدونه كذبا لغاية ضلالتكم وغاية جهالتكم فلذا لا تؤمنون به مع عظمته وكونه موجبا للاقبال الكلى عليه وتلقيه بحسن القبول فالتصديق فيه نجاة والكذب فيه هلكة ما كانَ لِي قرأ حفص عن عاصم بفتح الياء والباقون بإسكانها اى ما كان لى فيما سبق مِنْ عِلْمٍ اى علم ما بوجه من الوجوه على ما يفيده حرف الاستغراق بِالْمَلَإِ الْأَعْلى اى بحال الملأ الأعلى وهم الملائكة وآدم عليهم السلام وإبليس عليه اللعنة سموا بالملأ الأعلى لانهم كانوا فى السماء وقت التقاول قال الراغب الملأ الجماعة يجتمعون على رأى فيملأون العيون رواء والنفوس جلالة وبهاء إِذْ يَخْتَصِمُونَ اى بحالهم وقت اختصامهم ورجوع بعضهم الى بعض فى الكلام فى شأن آدم فان اخباره عن تقاول الملائكة وما جرى بينهم من قولهم (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها حين قال الله لهم إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً على ما ورد فى الكتب المتقدمة من غير سماع ومطالعة كتاب لا يتصور الا بالوحى اى فلو لم يكن لى نبوة ما أخبرتكم عن اختصامهم وإذ متعلق بالحال المحذوف الذي يقتضيه المقام إذ المراد نفى علمه بحالهم لا بذواتهم والحال يشمل الأقوال الجارية فيما بينهم والافعال ايضا من سجود الملائكة واستكبار إبليس وكفره إِنْ اى ما يُوحى إِلَيَّ اى من حال الملأ الأعلى وغيره من الأمور المغيبة إِلَّا أَنَّما بفتح الهمزة على تقدير لانما بإسقاط اللام أَنَا نَذِيرٌ نبى من جهته تعالى مُبِينٌ ظاهر النظارة والنبوة بالدلائل الواضحة عبر عن النبي بالنذير لانه صفته وخصص النذير مع انه بشير ايضا لان المقام يقتضى ذلك قال فى كشف الاسرار [وكفته اند اين نبأ عظيم سه خبرست هول مرك وحساب قيامت وآتش دوزخ يحيى بن معاذ رحمه الله كفت «لو ضربت السموات والأرض بهذه السياط الثلاثة لانقادت خاشعة فكيف وقد ضرب بها ابن آدم(8/56)
إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)
الموت والحساب والنار» مسكين فرزند آدم او را عقبهاى عظيم در پيش است وآنچهـ در كمانها مى افتد پيش اما در درياى عشق دنيا بموج غفلت چنان غرق كشته كه نه از سابقه خويش مى انديشه نه از خاتمه كار مى ترسد هر روز بامداد فرشته ندا ميكند كه «خلقتم لامر عظيم وأنتم عنه غافلون» در كار روزكار خود چون انديشه كند كسى زبانرا بدروغ ملوث كرده ودلرا بخلف آلوده وسر از خيانت شوريده كردانيده سرى كه موضع امانت است بخيانت سپرده دلى كه معدن تقوى است زنكار خلف كرفته زبانى كه آلت تصديق است. بر دروغ وقف كرده لاجرم سخن جز خداع نيست ودين جز نفاق نيست
إذا ما الناس جرّ بهم لبيب ... فانى قد أكلتهمو وذاقا
فلم ار ودّهم إلا خداعا ... ولم ار دينهم إلا نفاقا
اكنون اگر ميخواهى كه درد غفلت را مداوات كنى راه تو آنست كه تخته نفاق را بآب چشم كه از حسرت خيزد بشويى وبر راه كذر بادى كه از مهب ندامت برآمد بنهي وبدبيرستان شرع شوى وسوره اخلاص بنويسى كه خداوند عالم از بندگان اخلاص درخواهد ميكويد (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ) ومصطفى عليه السلام كفت] (أخلص العمل يجزك منه القليل) والله الموفق إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ بدل من إذ يختصمون فان قيل كيف يجوز ان يقال ان الملائكة اختصموا بهذا القول والمخاصمة مع الله تعالى كفر قلت لا شك انه جرى هناك سؤال وجواب وذلك يشبه المخاصمة والمناظرة والمشابهة تجوّز اطلاق اسم المشبه به على المشبه فحسن اطلاق المخاصمة على المقاولة الواقعة هناك فان قلت ان الاختصام المذكور سابقا مسند الى الملأ الأعلى وواقع فيما بينهم وما وقع فى جملة البدل هو التقاول الواقع بين الله تعالى وبينهم لانه تعالى هو الذي قال لهم وقالوا له فكيف تجعل هذه الجملة بدلا من قوله إذ يختصمون مبينا ومشتملا له قلت حيث كان تكليمه تعالى إياهم بواسطة الملك صح اسناد الاختصام الى الله تعالى لكونه سببا آمرا وقد سبق المراد بالملائكة فى سورة الحجر فارجع إِنِّي خالِقٌ اى فيما سيأتى بَشَراً قال الراغب عبر عن الإنسان بالبشر اعتبارا بظهور جلده من الشعر فان البشرة هى ظاهر الجلد بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف او الشعر او الوبر وقال بعضهم اى ارباب الحقائق سمى آدم بشرا لانه باشره الحق سبحانه بيديه عند خلقه مباشرة لائقة بذلك الجناب مقدسة عن توهم التشبه فان المباشرة حقيقة هى الإفضاء بالبشرتين ولذا كنى بها عن الجماع مِنْ طِينٍ اى من تراب مبلول قال بعض الكبار من عجز وضعف كما قال الله تعالى (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) قالوا مقام التراب مقام التواضع والمسكنة ومقام التواضع الرفعة والثبات ولذا ورد (من تواضع لله رفعه) وكان من دعائه عليه السلام (اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا) فَإِذا سَوَّيْتُهُ اى صورته بالصورة الانسانية والخلقة البشرية او سويت اجزاء بدنه بتعديل طبائعه كما فى الجنين الذي اتى عليه اربعة أشهر فلا بد لنفخ الروح من هذه التسوية البتة(8/57)
كما لا بد لنفخ روح الحقيقة من تسوية الشريعة والطريقة فليحافظ ولذا قال النجم فى تأويلاته (فَإِذا سَوَّيْتُهُ) تسوية تصلح لنفخ الروح المضاف الى الحضرة وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي النفخ اجراء الريح الى تجويف جسم صلح لا مساكها والامتلاء بها وليس ثمة نفخ ولا منفوخ وانما هو تمثيل لاضافة ما به الحياة بالفعل على المادة القابلة لها اى فاذا أكملت استعداده وافضت عليه ما يحيى به من الروح التي هى من امرى وإضافته الى نفسه لشرفه وطهارته او على سبيل التعظيم لان المضاف الى العظيم عظيم كما فى بيت الله وناقة الله وبهذا ظهر فساد ما ذهب اليه الحلولية من ان من تبعيضية فيكون الروح جزأ من الله تعالى وذلك انه ليس لله تعالى روح هذا الروح من اجزائه وانما روحه نفسه الرحمانى. وايضا ان كل ماله جزء فهو ممكن ومحدث والله تعالى منزه عنهما قال القاضي عياض رحمه الله فى الشفاء من ادعى حلول الباري تعالى فى أحد الاشخاص كان كافرا بإجماع المسلمين قال الراغب الروح اسم للنفس وذلك لكون النفس بعض الروح فهو كتسمية النوع باسم الجنس كتسمية الإنسان بالحيوان وجعل اسما للجزء الذي به تحصل الحياة والتحرك واستجلاب المنافع واستدفاع المضار وهو المذكور فى قوله (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) وقوله (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) وإضافته تعالى الى نفسه اضافة ملك وتخصيصه بالاضافة تشريف له وتعظيم كقوله (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) انتهى قال الامام الغزالي رحمه الله ان الروح روحان. حيوانى وهى التي تسميها الأطباء المزاج وهى جسم لطيف بخارى معتدل سار فى البدن الحامل لقواه من الحواس الظاهرة والقوى الجسمانية وهذه الروح تفنى بفناء البدن وتنعدم بالموت. وروح روحانى وهى التي يقال لها النفس الناطقة ويقال لها اللطيفة الربانية والعقل والقلب من الألفاظ الدالة على معنى واحد لها تعلق بقوى النفس الحيوانية وهذه الروح لا تفنى بفناء البدن وتبقى بعد الموت يقول الفقير قال شيخى وسندى روح الله روحه فى بعض تحريراته
اعلم ان الروح من حيث جوهره وتجرده وكونه من عالم الأرواح المجردة مغاير للبدن متعلق به تعلق التدبير والتصرف قائم بذاته غير محتاج اليه فى بقائه ودوامه ومن حيث ان البدن صورته ومظهر كمالاته وقواه فى عالم الشهادة محتاج اليه غير منفك عنه بل سار فيه لا كسريان الحلول المشهور عند اهله بل كسريان الوجود المطلق الحق فى جميع الموجودات فليس بينهما مغايرة من كل الوجوه بهذا الاعتبار ومن علم كيفية ظهور الحق فى الأشياء وان الأشياء من أي وجه عينه ومن أي وجه عينه ومن أي وجه غيره يعلم كيفية ظهور الروح فى البدن ومن أي وجه عينه ومن اى وجه غيره لان الروح رب بدنه فمن تحقق له حال الرب مع المربوب تحقق له ما ذكرنا وهو الهادي الى العلم والفهم هذا كلامه قدس سره فاحفظه ودع عنك القيل والقال قال السمرقندي فى بحر العلوم الظاهر ان هذا النفخ بغير وسط وسبب من ملك ويجوز ان يكون بوسط ملك نفخ فيه الروح باذنه كما صرح به النبي عليه السلام فى خلق بنى آدم بقوله ثم (يرسل الله اليه ملكا فينفخ فيه الروح) الحديث وفيه كلام انتهى يقول الفقير لا يجوز ذلك لان مقام التشريف يأبى عنه لا سيما وقد قال (وَنَفَخْتُ فِيهِ)(8/58)
فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76)
وقال (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) فانه لا معنى لارتكاب التجوز فى مثله. واما أولاده فيجوز ذلك فيهم لظهورهم بالوسائط ومنهم عيسى عليه السلام لظهوره بوساطة امه فيجوز ان النافخ فى حقه هو جبريل عليه السلام وان كان الله قد اضافه الى نفسه فى قوله (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) ثم يقول الفقير نفخ الروح عندى عبارة عن إظهارها فى محلها وعبر عنه بالنفخ لان البدن بعد ظهور الروح فيه يكون كالمنفوخ المرتفع الممتلئ ألا ترى الى ان الميت يبقى بعد مفارقة الروح كالخشب اليابس ففيه رمز آخر فى سورة الحجر. ثم فى اضافة الروح اشارة الى تقديم روح آدم على أرواح الملائكة وغيرها لان المضاف الى القديم قديم وان كان جسد بعض الأشياء متقدما على جسده فَقَعُوا لَهُ امر من وقع يقع اى اسقطوا له: وبالفارسية [پس بر وى درافتيد] وفيه دليل على ان المأمور به ليس مجرد انحناء كما قيل وكذا فى قوله ساجِدِينَ فان حقيقة السجود وضع الوجه على الأرض اى حال كونكم ساجدين لاستحقاقه للخلافة وهذه السجود من باب التحية والتكريم فانه لا يجوز السجود لغير الله على وجه العبادة لا فى هذه الامة ولا فى الأمم السابقة وانما شاع بطريق التحية للمتقدمين ثم أبطله الإسلام فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ اى فخلقه فسواه فنفخ فيه الروح فسجد له الملائكة خلافة عن الحق تعالى إذ كان متجليا فيه فوقعت هيبته على الملائكة فسجدوا له وأول من سجد له اسرافيل ولذلك جوزى بولاية اللوح المحفوظ قاله السهيلي نقلا عن النقاش كُلُّهُمْ بحيث لم يبق منهم أحد إلا سجد أَجْمَعُونَ بطريق المعية بحيث لم يتأخر فى ذلك أحد منهم عن أحد ولا اختصاص لافادة هذا المعنى بالحالية بل يفيده التأكيد ايضا
چون ملك أنوار حق در وى بيافت ... در سجود افتاد ودر خدمت شتافت
إِلَّا إِبْلِيسَ فانه لم يسجد والاستثناء متصل لانه كان من الملائكة فعلا ومن الجن نوعا ولذلك تناوله أمرهم. وكان اسم إبليس قبل ان يبلس من رحمة الله عزازيل والحارث وكنيته ابو كردوس وابو مرة كأنه سئل كيف ترك السجود هل كان ذلك للتأمل والتروي او غير ذلك فقيل اسْتَكْبَرَ [الاستكبار: كردن كشى كردن] اى تعظم: وبالفارسية [بزرك داشت خود را وفرمان نبرد] وسببه انه كان اعور فما رأى آثار أنوار التجلي على آدم عليه السلام
در محفلى كه خورشيد اندر شمار ذره است ... خود را بزرك ديدن شرط ادب نباشد
وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ فى علم الله ازلا بالذات وفى الخارج ابدا باستقباح امر الله ولذا كانت شقاوته ذاتية لا عارضية وسعادته فى البين عارضية لا ذاتيه: قال الحافظ
من آن نكين سليمان بهيچ نستانم ... كه كاه كاه برو دست أهرمن باشد
فالعبرة لما هو بالذات وذلك لا يزول لا لما هو بالعرض إذ ذاك يزول ومن هذا القبيل حال برصيصا وبلعام ونحوهما ممن هو مرزوق البداية ومحروم النهاية فالعصاة كلهم فى خطر المشيئة بل الطائعون لا يدرون بما ذايختم لهم قالوا ان الإصرار على المعاصي يجر كثيرا من العصاة الى الموت على الكفر والعياذ بالله تعالى كما جاء فى تفسير قوله تعالى (كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ)(8/59)
قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75)
والاستهزاء بها وذلك هو الكفر أعاذنا الله وإياكم منه ومن أسبابه المؤدية اليه وأماتنا على ملة الإسلام وجعلنا من المقبولين لديه انه السميع للدعاء فى كل الحضرات والمجيب للرجاء فى كل الحالات قالَ الله تعالى لابليس مشافهة حين امتنع من السجود يا إِبْلِيسُ وهذه مشافهة لا تدل على إكرام إبليس إذ يخاطب السيد عبده بطريق الغضب وتمامه فى سورة الحجر ما أي شىء مَنَعَكَ من أَنْ تَسْجُدَ اى دعاك الى ترك السجود لِما اى لمن خَلَقْتُ بِيَدَيَّ خصصته بخلقي إياه بيدي كرامة له اى خلقته بالذات من غير توسط اب وأم فذكر اليد لنفى توهم التحوز اى لتحقيق اضافة خلقه اليه تعالى واسناد اليد الى اب بعد قيام البرهان على تنزهه عن الأعضاء مجاز عن التفرد فى الخلق والإيجاد تشبيها لتفرده بالإيجاد باختصاص ما عمل الإنسان بها والتثنية فى اليد لما فى خلقه من مزيد القدرة واختلاف الفعل فان طينته خمرت أربعين صباحا وكان خلقه مخالفا لسائر أبناء جنسه المتكونة من نطفة الأبوين او من نطفة الام مميزا عنه ببديع صنعه تعالى ولقد نظم الحكيم السنائي بعض التأويلات بالفارسية
يد او قدرتست ووجه بقاش ... آمدن حكمش ونزول عطاش
اصبعينش نفاذ حكم قدر ... قدمينش جلال وقهر وخطر
[ودر بعضى تفسير آمده كه مراد يد قدرت ويد نعمتست ودر فتوحات فرموده كه قدرت ونعمت شاملست همه موجودات را «لانه خلق إبليس بالقدرة التي خلق بها آدم» پس بدين منوال تأويل آدم را هيچ شرفى ثابت نشود پس لا بد است از آنكه بيدي معنى باشد كه دلالت كند بر تشريف آدم عليه السلام بر حمل نسبتين تنزيه وتشبيه كه آدم جامع هر دو صفتست مناسب مى نمايد] وفى بحر الحقائق يشير بيدي الى صفتى اللطف والقهر وهما تشتملان على جميع الصفات وما من صفة الا وهى اما من قبيل اللطف واما من قبيل القهر وما من مخلوق من جميع المخلوقات الا وهو اما مظهر صفة اللطف او مظهر صفة القهر كما ان الملك مظهر صفة لطف الحق والشيطان مظهر صفة قهر الحق الا الآدمي فانه خلق مظهر كلتى صفتى اللطف والقهر والعالم بما فيه بعضه مرآة صفة لطفه تعالى وبعضه مرآة صفة قهره تعالى والآدمي مرآة ذاته وصفاته تعالى كما قال (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) وبهذه الجامعية كان مستحقا لمسجودية الملائكة [ودرين معنى كفته اند]
آمد آيينه جميله ولى ... همچوآيينه نكرده جلى
كشت آدم جلاء اين مرآت ... شد عيان ذات او بجمله صفات
مظهرى كشت كلى وجامع ... سر ذات وصفات از ولامع
والحاصل ان الله تعالى أوجد العالم ذا خوف ورجاء فنخاف غضبه ونرجو رضاه فهذا الخوف والرجاء اثر صفتى الغضب والرضى ووصف تعالى نفسه بانه جميل وذو جلال اى متصف بالصفات الجمالية وهى ما يتعلق باللطف والرحمة ومتصف بالصفات الجلالية وهى(8/60)
قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76)
ما يتعلق بالقهر والغلبة فاوجدنا على انس وهيبة فالانس من كونه جميلا والهيبة من كونه جليلا وهكذا جميع ما ينسب اليه تعالى ويسمى به من الأسماء المتقابلة كالهداية والإضلال والإعزاز والاذلال وغيرها فانه سبحانه أوجدنا بحيث نتصف بها تارة ويظهر فينا آثارها تارة فعبر عن هذين النوعين المتقابلين من الصفات باليدين لتقابلهما وتصرف الحق بهما فى الأشياء وهاتان اليدان هما اللتان توجهتا من الحق سبحانه على خلق الإنسان الكامل لكونه الجامع لحقائق العالم ومفرداته التي هى مظاهر لجميع الأسماء فلهذا السر ثنى الله اليدين. واما الجمع فى قوله (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا) فوارد على طريق التعظيم كما هو عادة الملوك وايضا ان العرب تسمى الاثنين جمعا كما فى قوله تعالى فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما واما الواحد فى قوله تعالى (يَدُ اللَّهِ) فباعتبار المبدأ والمآل والله الملك المتعال أَسْتَكْبَرْتَ بقطع الالف أصله أاستكبرت ادخلت همزة الاستفهام للتوبيخ والإنكار على همزة الوصل فحذفت همزة الوصل استغناء عنها بهمزة الاستفهام وبقيت همزة الاستفهام مفتوحة. والمعنى أتكبرت من غير استحقاق أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ المستحقين للتفوق والعلو ويحتمل ان يكون المراد بالعالين الملائكة المهيمين الذين ما أمروا بالسجود لآدم لاستغراقهم فى شهود الحق وهم الأرواح المجردة كما سبق بيانهم فى سورة الحجر قالَ إبليس إبداء للمانع قال الكاشفى [إبليس شق ثانى اختيار كرده كفت] أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ اى أفضل من آدم: وفى المثنوى
علتى بدتر ز پندار كمال ... نيست اندر جان تو اى ذو دلال
علت إبليس انا خيرى بدست ... وين مرض در نفس هر مخلوق هست
كرچهـ خود را بس شكسته بيند او ... آب صافى دان وسركين زير جو
چون بشوراند ترا در امتحان ... آب سركين رنك كرد در زمان
ثم بين وجه الخيرية بقوله خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ [بيافريدى مرا از آتش واو را لطافت ونورانيت است] نسب خلقه الى النار باعتبار الجزء الغالب إذ الشيطان مخلوق من نار وهواء مع انا نقول ان الله تعالى قادر على ان يخلقه من نار فقط من غير اختلاط شىء آخر معها من سائر العناصر ولا يستحيله الا فلسفى او متفلسف وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [وبيافريدى از كل كه در كثافت وظلمانيت است] نسب خلقه الى الطين باعتبار الجزء الغالب ايضا إذ آدم مخلوق من العناصر الاربعة. والمعنى لو كان آدم مخلوقا من نار لما سجدت له لانه مثلى فكيف اسجد لمن هو دونى لانه من طين والنار تغلب الطين وتأكله فلا يحسن ان يسجد الفاضل للمفضول فكيف يحسن ان يؤمر ظن ان ذلك شرف له ولم يعلم ان الشرف يكتسب بطاعة الله تعالى ولقد اخطأ اللعين حيث خص الفضل بما من جهة المادة والعنصر وزل عما من جهة الفاعل كما انبأ عنه قوله تعالى (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) وما من جهة الصورة كما نبه عليه قوله تعالى (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) واما من جهة الغاية وهو ملاك الأمر كما قال تعالى (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ) ولذلك امر الملائكة بسجوده حين ظهر لهم انه اعلم منهم بما يدور عليه امر الخلافة فى الأرض وان له خواص ليست لغيره وفى تفسير سورة ص يعنى ان النار اقرب الى الأشرف الذي(8/61)
هو الفلك وهى خليفة الشمس والقمر فى الاضاءة والحرارة وهى ألطف من الأرض وهى مشرقة وهى شبيه الروح واشرف الأعضاء القلب والروح وهما على طبيعة النار وكل جسم أشبه النار كالذهب والياقوت فهو اشرف والشمس اشرف الأجسام وهى تشبه النار فى الطبع والصورة وايضا لم يتم المزاج الا بالحرارة ومآل كل هذه الى ان أصله خير فهو خير وهذا ممنوع ولذا قال من قال
أتفخر باتصالك من علىّ ... واصل البولة الماء القراع
وليس بنافع نسب زكى ... تدنسه صنائعك القباح
فيجوز ان يكون اصل أحد الشيئين أفضل وينضم اليه ما يقتضى مرجوحيته كما فى إبليس فانه قد انضم الى أصله عوارض رديئة كالكبر والحسد والعجب والعصيان فاقتضت اللعنة عليه. وامر آدم عليه السلام بالعكس وقال فى آكام المرجان اعلم ان هذه الشبهة التي ذكرها إبليس انما ذكرها على سبيل التعنت والا فامتناعه عن السجود لآدم انما كان عن كبر وكفر ومجرد اباء وحسد ومع ذلك فما أبداه من الشبهة فهو داحض اى باطل لانه رتب على ذلك انه خير من آدم لكونه خلق من نار وآدم خلق من طين ورتب على هذا انه لا يحسن منه الخضوع لمن هو دونه وهذا باطل من وجوه الاول ان النار طبعها الفساد وإتلاف ما تعلقت به بخلاف التراب فانه إذا وضع القوت فيه أخرجه أضعاف ما وضع فيه بخلاف النار فانها آكلة لا تبقى ولا تذر والثاني ان النار طبعها الخفة والطيش والحدة والتراب طبعه الرزانة والسكون والثبات والثالث ان التراب يتكون فيه ومنه أرزاق الحيوانات وأقواتهم ولباس العباد وزينهم وآلات معايشهم ومساكنهم والنار لا يتكون فيها شىء من ذلك والرابع ان التراب ضرورى للحيوان لا يستغنى عنه البتة ولا عما يتكون فيه ومنه والنار يستغنى عنها الحيوان مطلقا وقد يستغنى عنها الإنسان أياما وشهورا فلا تدعوه إليها ضرورة والخامس ان النار لا تقوم بنفسها بل هى مفتقرة الى محل تقوم به يكون حاملا لها والتراب لا يفتقر الى حامل فالتراب أكمل منها لغناه وافتقارها والسادس ان النار مفتقرة الى التراب وليس بالتراب فقر إليها فان المحل الذي تقوم به النار لا يكون الا متكونا من التراب او فيه فهى المفتقرة الى التراب وهو الغنى عنها والسابع ان المادة الإبليسية هى المارج من النار وهو ضعيف تتلاعب به الاهوية فيميل معها كيفما مالت ولهذا غلب الهوى على المخلوق منه فاسره وقهره ولما كانت المادة الآدمية هى التراب وهو قوى لا يذهب مع الهواء أينما ذهب فهو قهر هواه واسره ورجع الى ربه فاجتباه فكان الهواء الذي مع المادة الآدمية عارضا سريع الزوال فزال فكان الثبات والرزانة أصلا له فعاد اليه وكان إبليس بالعكس من ذلك فعاد كل منهما الى أصله وعنصره آدم الى أصله الطيب الشريف واللعين الى أصله الرديء الخبيث والثامن ان النار وان حصل بها بعض المنفعة من الطبخ والتسخين والاستضاءة بها فالشر كامن فيها لا يصدها عنه إلا قسرها وحبسها ولولا القاسر والحابس لها لا فسدت الحرث والنسل واما التراب فالخير والبركة كامن فيه(8/62)
كلما اثير وقلب ظهر خيره وبركته وثمرته فاين أحدهما من الآخر والتاسع ان الله تعالى اكثر ذكر الأرض فى كتابه واخبر عن منافعها وانه جعلها مهادا وفراشا وبساطا وقرارا وكفاتا للاحياء والأموات ودعا عباده الى التفكر فيها والنظر فى آياتها وعجائبها وما أودع فيها ولم يذكر النار الا فى معرض العقوبة والتخويف والعذاب الا موضعا او موضعين ذكرها فيه بانها تذكرة ومتاع للمقوين تذكرة بنار الآخرة ومتاع لبعض افراد الناس وهم المقوون النازلون بالقواء وهى الأرض الخالية إذا نزلها المسافر تمتع بالنار فى منزله فاين هذا من أوصاف الأرض فى القرآن والعاشر ان الله تعالى وصف الأرض بالبركة فى غير موضع من كتابه وذلك عموما كما فى قوله تعالى (وَبارَكَ فِيها) وخصوصا كما فى قوله (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) الآية ونحوها واما النار فلم يخبر انه جعل فيها بركة بل المشهور انها مذهبة للبركات فاين المبارك فى نفسه من المزيل لها والحادي عشر ان الله تعالى جعل الأرض محل بيوته التي يذكر فيها اسمه ويسبح له فيها بالغدو والآصال عموما وبيته الحرام الذي جعله قياما للناس مباركا وهدى للعالمين خصوصا فلو لم يكن فى الأرض الا بيته الحرام لكفاها ذلك شرفا وفخرا على النار والثاني عشر ان الله تعالى أودع فى الأرض من المعادن والأنهار والعيون والثمرات والحبوب والأقوات واصناف الحيوانات وأمتعتها والجبال والرياض
والمراكب البهية والصور البهيجة ما لم يودع فى النار شيأ من ذلك فأى روضة وجدت فى النار او جنة او معدن او صورة او عين فوّارة او نهر او ثمرة لذيذة والثالث عشر ان غاية النار انها وضعت خادمة فى الأرض فالنار انما محلها محل الخادم لهذه الأشياء فهى تابعة لها خادمة فقط إذا استغنت عنها طردتها وابعدتها عن قربها وإذا احتاجت إليها استدعتها استدعاء المخدوم لخادمه والرابع عشر ان اللعين لقصور نظره وضعف بصره رأى صورة الطين ترابا ممتزجا بماء فاحتقره ولم يعلم انه مركب من اصلين الماء الذي جعل الله منه كل شىء حى والتراب الذي جعله خزانة المنافع والنعم هذا ولم يتجاوز من الطين الى المنافع وانواع الامتعة فلو تجاوز نظره صورة الطين الى مادته ونهايته لرأى انه خير من النار وأفضل ثم لو سلم بطريق الفرض الباطل ان النار خير من الطين لم يلزم من ذلك ان يكون المخلوق منها خيرا من المخلوق من الطين فان القادر على كل شىء يخلق من المادة المفضولة من هو خير من المادة الفاضلة فان الاعتبار بكمال النهاية لا بنقصان المادة فاللعين لم يتجاوز نظره محل المادة ولم يعبر منها الى كمال الصورة ونهاية الخلقة [ودر كشف الاسرار فرموده كه آتش سبب فرقتست وخاك وسيله وصلت واز آتش كسستن آيد واز خاك پيوستن آدم كه از خاك بود بپيوست تا خلقه (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ) يافت إبليس كه از آتش بود بگسست تا فرمان (فَاهْبِطْ مِنْها) مردود كشت روزى شوريده با سلطان العارفين ابو يزيد كفت چهـ بودى اگر اين خاك بي باك نبودى ابو يزيد بانك برو زد كه اگر اين خاك نبودى آتش عشق افروخته نشدى وسوز سينها وآب ديدها ظاهر نكشتى كه اگر خاك نبودى بوى مهر ازل كه شنودى وآشناى قرب لم يزل كه بودى](8/63)
قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82)
اى خاك چهـ خوش طينت قابل دارى ... كلهاى لطيفست كه در كل دارى
در مخزن كنت كنز هر كنج كه بودى ... تسليم تو كردند كه در دل دارى
ثم فى الآية اشارة الى ان اهل الدعوى والإنكار لا يدركون فضائل الأنبياء والأولياء الى ابد الآباد ولا يرون أنوار الجمال والجلال عليهم فلا يذوقون حلاوة برد الوصال بل يخاطبون من جانب رب العزة بالطرد والابعاد الى يوم المعاد
مدعى خواست كه آيد بتماشا كه راز ... دست غيب آمد وبر سينه نامحرم زد
قالَ الله تعالى بقهره وعزته فَاخْرُجْ مِنْها الفاء لترتيب الأمر على مخالفته وتعليلها بالباطل اى فاخرج يا إبليس من الجنة او من زمرة الملائكة وهو المراد بالأمر بالهبوط لا الهبوط من السماء كما قال البيضاوي فان وسوسته لآدم كانت بعد هذا الطرد يقول الفقير عظم جناية إبليس يقتضى هبوطه من السماء الى الأرض لا التوقف فيها الى زمان الوسوسة واما امر الوسوسة فيجوز ان يكون بطريق الصعود الى السماء ابتلاء من الله تعالى ودخوله الجنة وهو فى السماء ليس باهون من دخوله وهو فى الأرض إذ هو ممنوع من الدخول مطلقا سواء كان فى الأرض او فى السماء الا بطريق الامتحان ثم ان الحكمة الالهية اقتضت ان يخرج إبليس من الخلقة التي كان عليها وينسلخ منها فانه كان يفتخر بخلقته فغير الله خلقته فاسود بعد ما كان ابيض وقبح بعد ما كان حسنا واظلم بعد ما كان نورانيا وكذا حال العصاة مطلقا فانه كما تتغير بواطنهم بسبب العصيان تتغير ظواهرهم ايضا بشؤمه فاذا رأيت أحدا منهم بنظر الفراسة والحقيقة وجدت عليه اثر الاسوداد وذلك ان المعصية ظلمة وصاحبها ظلمانى والطاعة نور وأهلها نورانى فكل يكتسى بكسوة حال نفسه فَإِنَّكَ رَجِيمٌ تعليل للامر بالخروج اى مطرود عن كل خير وكرامة فان من يطرد يرجم بالحجارة اهانه له او شيطان يرجم بالشهب السماوية او الاثيرية والى الثاني ذهب بعض اهل الحقائق وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي اى ابعادى عن الرحمة فان اللعن طرد او ابعاد على سبيل السخط وذلك من الله تعالى فى الآخر عقوبة وفى الدنيا انقطاع عن قبول فيضه وتوفيقه ومن الإنسان دعاء على غيره وتقييدها بالاضافة مع إطلاقها فى قوله تعالى (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ) لما ان لعنة اللاعنين من الملائكة والثقلين ايضا من جهته تعالى وانهم يدعون عليه بلعنة الله وابعاده من الرحمة يقول الفقير اللعنة المطلقة هى لعنة الله تعالى فمآل الآيتين واحد ويجوز ان يكون المعنى وان عليك لعنتى على ألسنة عبادى يلعنونك إِلى يَوْمِ الدِّينِ اى يوم الجزاء والعقوبة يعنى ان عليك اللعنة فى الدنيا ولا يلزم من هذا التوقيت انقطاع اللعنة عنه فى الآخرة إذ من كان ملعونا مدة الدنيا ولم يشم رائحة الرحمة فى وقتها كان ملعونا ابديا فى الآخرة ولم يجد اثر الرحمة فيها لكونها ليست وقت الرحمة للكافر وقد علم خلوده فى النار بالنص وكذا لعنه كما قال (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) مع ما ينضم اليه من عذاب آخر ينسى عنده اللعنة والعياذ بالله تعالى قال بعضهم اما طرد إبليس فلعجبه ونظره الى نفسه ليعتبر كل مخلوق بعده قال انا خير منه ويقال طرده وخذله ترهيبا للملائكة ولبنى آدم كى يحذروا مما لا يرضى الله عنه ويحصل لهم العبرة(8/64)
قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82)
اين خوديرا خرج كن اندر خدا ... تا نمانى همچوآن إبليس جدا
كن حذر از سطوت قهاريش ... رو بسوى حضرت غفاريش
عبرت پيشينيان كير اى خلف ... تا خلاصى يابى از قهر وتلف
ومن الله العصمة والتوفيق قالَ إبليس رَبِّ [اى پروردگار من] فَأَنْظِرْنِي الانظار الامهال والتأخير والفاء فصيحة اى إذا جعلتنى رجيما فامهلنى ولا تمتنى إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ من قبورهم للجزاء وهو يوم القيامة والمراد آدم وذريته [والبعث: مرده را زنده كردن] وأراد بدعائه ان يجد فسحة لاغوائهم ويأخذ منهم ثاره وينجو من الموت بالكلية إذ لا موت بعد يوم البعث فلم يجب ولم يوصل الى مراده قالَ الله تعالى فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ اى من جملة الذين أخرت آجالهم ازلا بحسب الحكمة كالملائكة ونحوهم إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ الذين قدره الله وعينه لفناء الخلائق وهو وقت النفخة الاولى لا الى وقت البعث الذي هو المسئول قال فى اكام المرجان ظاهر القرآن يدل على ان إبليس غير مخصوص بالانظار واما ولده وقبيله فلم يقم دليل على انهم منظرون معه وقال بعضهم الشياطين يتوالدون ولا يموتون الى وقت النفخة الاولى بخلاف الجن فانهم يتوالدون ويموتون ويحتمل ان بعض الجن ايضا منظرون كما ان بعض الانس كالخضر عليه السلام كذلك وفيه ان الظاهر ان يموت الخضر وأمثاله حين يموت المؤمنون ولا يبقى منهم أحد وذلك قبل الساعة بكثير من الزمان ثم ان قوله تعالى (فَإِنَّكَ) إلخ اخبار من الله تعالى بالانظار المقدر ازلا لا إنشاء لانظار خاص به قد وقع اجابة لدعائه وكان استنظاره طلبا لتأخير الموت لا لتأخير العقوبة هكذا فى الإرشاد يقول الفقير لا شك ان الله تعالى استجاب دعاء إبليس ليكون طول بقائه فى الدنيا اجرا له فى مقابلة طول عبادته قبل لعنه ودعاء الكافر مستجاب فى امور الدنيا فلا مانع ان يكون انظاره بطريق الإنشاء يدل عليه ترتيبه على دعاءه الحادث وذلك لا يمنع كونه من المنظرين ازلا لان كل امر حادث فى جانب الابد فهو مبنى على امر قديم فى الأزل ألا ترى ان كفره بانشاء استقباح امر الله تعالى مبنى على كفره الأزلي فى علم الله تعالى ثم لا مانع ان يكون الاستنظار لطلب تأخير الموت وتأخير العقوبة جميعا لان اللعن من موجبات العقوبة فطلب الانظار خوفا من العذاب المعجل ولما حصل مراده صرح بالإغواء لاجل الانتقام لان آدم هو الذي كان سبب لعنه وفى الآية اشارة الى ان من أبعده الحق وطرده قلب عليه أحواله حتى يجر الى نفسه اسباب الشقاوة كما دعا إبليس ربه وسأله الانظار من كمال شقاوته ليزداد الى يوم القيامة إثمه الذي هو سبب عقوبته واغتر بالمدة الطويلة ولم يعلم ان ما هو آت قريب [عمر اگر چهـ دراز بود چون مرك رو نمود از ان درازى چهـ سود نوح عليه السلام هزار سال در جهان بسر برده است امروز چند هزار سالست كه مرده است
دريغا كه بگذشت عمر عزيز ... بخواهد كذشت اين دم چند نيز
فانظره الله تعالى واجابه إذ سأله بربوبيته ليعلم ان كل من سأله باسم الرب فانه يجيبه كما أجاب إبليس وكما أجاب آدم عليه السلام إذ قال (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) فاجابه (فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى)
قالَ(8/65)
إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)
إبليس عليه ما يستحق فَبِعِزَّتِكَ الباء للقسم اى فاقسم بعزتك اى بقهرك وسلطانك وبالفارسية بغالبيت وقهر تو سوكند ولا ينافيه قوله تعالى حكاية فيما أغويتني لان إغواء إياه اثر من آثار قدرته وعزته وحكم من احكام قهره وسلطنته ولهذه النكتة الخفية ورد الحلف بالعزة مع أن الصفات اللائقة للحلف كثير وفى التأويلات النجمية ثم إبليس لتمام شقاوت قال فبعزتك إلخ ولو عرف عرته لما اقسم بها على مخالفته لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ لأحملنهم على الغى وهو ضد الرشد ولأكونن سببا لغوايتهم اى ذرية آدم بتزيين المعاصي لهم وإدخال الشكوك والشبهات فيهم والإغواء بالفارسية كمراه كردن ثم صدق حيث استثنى فقال إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ اى عبادك المخلصين من ذرية آدم وهم الذين أخلصهم الله تعالى لطاعته وعصمهم من الغواية وقرئ بالكسر على صيغة الفاعل اى الذين أخلصوا قلوبهم وأعمالهم لله تعالى من غير شائبة الرياء وفى التأويلات النجمية ثم لعجزه وعزة عباد الله قال الا عبادك منهم المخلصون فى عبوديتك انتهى قال بعضهم العبد المخلص هو الذي يكون سره بينه وبين ربه بحيث لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده ولا هوى فيميله ثم لا شك أن من العباد عبادا إذا رأى الشيطان اثر سلطنة ولايتهم وعزة أحوالهم يذوب كما يذوب الملح فى الإناء ولا يبقى له حيل ولا يطيق ان يمكر بهم بل ينسى فى رؤيتهم جميع مكر يأته ولا يطيق ان يرمى إليهم من أسهم وسوسته بل مكره محيط به لا باهل الحق وهكذا حال ورثة الشيطان من المنكرين المفسدين مع اهل الله تعالى فانهم محفوظون عما سوى الله تعالى مطلقا قالَ الله تعالى فَالْحَقُّ بالرفع على انه مبتدأ محذوف الخبر أي فالحق قسمى على ان الحق اما اسمه تعالى كما فى قوله تعالى ان الله هو الحق المبين او نقيض الباطل عظمه الله تعالى باقسامه به ويحتمل ان يكون التقدير فالحق منى كما قال الحق من ربك وَالْحَقَّ أَقُولُ بالنصب على انه مفعول لأن قوله قدم عليه للقصر اى لا أقول الا الحق لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ اى من جنسك من الشيطان وَمِمَّنْ تَبِعَكَ فى الغواية والضلال بسوء اختياره مِنْهُمْ اى من ذرية آدم أَجْمَعِينَ تأكيد للكاف وما عطف عليه اى لأملأنها من المتبوعين والاتباع أجمعين لا اترك أحدا منهم وفى التأويلات النجمية ولما كان تجاسره فى مخاطبته الحق حيث أصر على الخلاف واقسم عليه أقبح واولى فى استحقاق اللعنة من امتناعه للسجود لآدم قال فالحق إلخ انتهى فعلى العاقل ان يتأدب بالآداب الحسنة قولا وفعلا ولا يتجاسر على الله تعالى أصلا ولا يتبع خطوات الشيطان حتى لا يرد معه النار وعن ابى موسى الأشعري قال إذا أصبح إبليس بث جنوده فيقول من أضل مسلما ألبسته التاج قال فيقول له القائل لم أزل بفلان حتى طلق امرأته قال يوشك أن يتزوج ويقول الاخر لم ازل بفلان حتى عق اى عصى والديه او أحدهما قال يوشك ان يبر قال فيقول القائل لم ازل بفلان حتى شرب قال أنت اى أنت فعلت شيأ عظيما ارضى عنه قال ويقول الآخر لم ازل بفلان حتى زنى فيقول أنت قال ويقول الآخر لم ازل بفلان حتى قتل فيقول أنت أنت اى أنت صنعت شيأ أعظم وحصلت غاية أمنيتي وكمال رضاى وذلك لان وعيد القتل أشد وأعظم كما قال(8/66)
قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)
تعالى ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له إلخ فلذلك كرر أنت اشارت الى كمال رضاه عنه وعن بعض الأشياخ انه قال الشيطان أشد بكاء على المؤمن إذا مات لما فاته من افتنانه إياه فى الدنيا ويقال لما انظر الله إبليس واهبطه الى الأرض أعطاه منشور الدنيا فاول نظرة منه وقعت على الجبال فمن شؤمه من ذلك الوقت لا تحتمل الماء للاحجار بل يرسلها الى أسفله ومن كان على دينه لا يبقى على الصراط ما لم ينته الى أسفل السافلين فيا خسارة من كان إنسانا دخل النار معه قُلْ يا محمد للمشركين ما أَسْئَلُكُمْ نميخواهيم از شما عَلَيْهِ اى على لقرءآن الذي اتيتكم به او على تبليغ الوحى وأداء الرسالة مِنْ أَجْرٍ من مال دنيوى ولكن أعلمكم بغير اجر وذلك لان من شرط العبودية الخالصة ان لا يراد عليها الجزاء ولا الشكور فمن قطع رأس كافر فى دار الحرب او اسره وأحضره عند رئيس العسكر ليعطى له مالا فقد فعله للأجر لالله تعالى وعلى هذه جميع ما يتعلق به الأغراض الفاسدة
فرادا كه پيشگاه حقيقت شود پديد ... شرمنده رهروى كه عمل بر مجاز كرد
وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ اى المتصنعين بما ليسوا من اهله على ما عرفتم من حالى حتى انتحل النبوة اى ادعيها لنفسى كاذبا واتقول القرآن من تلقاء نفسى وبالفارسية ومن نيستم از جماعتى كه بتصنع از خود چيزى ظاهر كنند وبرسازند كه ندارند وحاصله ما جئتكم باختياري دون ان أرسلت إليكم فكن من قال شيأ من تلقاء نفسه فقد تكلف له والتكلف فى الأصل التعسف فى طلب الشيء الذي لا يقتضيه الا لعقل وفى تاج المصادر التكلف رنج چيزى بكشيدن واز خويشتن چيزى نمودن كه آن نباشد والمتكلف المتعرض لما لا يعينه انتهى وفى المفردات تكلف الشيء ما يفعله الإنسان بإظهار كلفة مع مشقة تناله فى تعاطيه وصارت الكلفة فى التعاريف اسما للمشقة والتكلف اسم لما يفعل بمشقة او بتصنع او تشبع ولذلك صار التكليف ضربين محمودا وهو ما يتحراه الإنسان ليتوصل به الى أن يصير الفعل الذي يتعاطاه سهلا عليه ويصير كلف به ومحبا له وبهذا النظر استعمل التكليف فى تكليف العبادات والثاني ما يكون مذموما وإياه عنى بقوله وما انا من المتكلفين وصح فى الحديث النهى عن التكلف كما قال عليه السلام انا بريئى من المتكلف وصالحوا أمتي وفى حديث آخر أنا والأتقياء من أمتي برءاء من التكلف وكذ صح عن رسول الله عليه السلام النهى عن السجع فى الدعاء لانه من باب التكلف والتصنع ومن هذا قال اهل الحقائق لايعين للصلاة شيأ من القرآن بل يقرأ أول ما يقرع خاطره فى أول الركعة فانه المسلك الذي اختار الله تعالى له وعنه عليه السلام للمتكلف ثلاث علامات ينازع من فوقه يعنى يكى آنكه نزاع كند با كسى كه برتر از وست ويتعاطى ما لا ينال يعنى دوم آنكه ميخواهد كه فرا كيرد آنچهـ يافتن آن نه مقدور اوست ويقول ما لم يعلم يعنى سوم آنكه كويد چيزى كه نداند قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه يا ايها الناس من علم شيأ فليقل ومن لم يعلم فليقل الله اعلم فان من(8/67)
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5)
العلم ان تقول لما لا تعلم الله اعلم فانه تعالى قال لنبيه عليه السلام (وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) وفى الحديث (من افتى بغير علم لعنته ملائكة السموات والأرض) إِنْ هُوَ اى ما هو: يعنى [نيست اين كه من آوردم از خدا] يعنى القرآن والرسالة إِلَّا ذِكْرٌ اى عظة من الله تعالى وايضا شرف وذكر باق لِلْعالَمِينَ للثقلين كافة وَلَتَعْلَمُنَّ ايها المشركون نَبَأَهُ اى ما انبأ القرآن به من الوعد والوعيد وغيرهما أو صحة خبره وانه الحق والصدق بَعْدَ حِينٍ بعد الموت او يوم القيامة حين لا ينفع العلم وفيه تهديد قال فى المفردات الحين وقت بلوغ الشيء وحصوله وهو مبهم المعنى ويتخصص بالمضاف اليه نحو (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) ومن قال حين على أوجه للاجل نحو (وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) وللسنة نحو (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) وللساعة نحو (حِينَ تُمْسُونَ) وللزمان المطلق نحو (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) فانما فسر ذلك بحسب ما وجده وقد علق به انتهى قال الحسن ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين فينبغى للمؤمن ان يكون بحيث لو كشف الغطاء ما ازداد يقينا ومن كلام سيدنا على رضى الله عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا
حال وخلد وجحيم دانستم ... بيقين آنچنانكه مى بايد
كر حجاب از ميانه بر كيرند ... آن يقين ذره نيفزايد
[معنى اين كلمه آنست كه دار دنيا سراى حجابست واحوال آخرت مرا يقين كشته است از حشر ونشر وثواب وعقاب ونعيم وجحيم وغير آن پس اگر حجاب بردارند تا آن جمله را مشاهده كنم يك ذره در يقين من زيادت نشود كه علم اليقين من امروز چون عين اليقين منست در فردا] واخبر القرآن ان الكفار يؤمنون بعد الموت بالقرآن وبما اخبر به ولكن لا يقبل ايمانهم وسئل ابو القاسم الحكيم فقيل له العاصي يتوب من عصيانه أم كافر يرجع من الكفر الى الايمان فقال بل عاص يتوب من عصيانه لان الكافر فى حال كفره اجنبى والعاصي فى حال عصيانه عارف بربه والكافر إذا اسلم ينتقل من درجة الأجانب الى درجة المعارف والعاصي إذا تاب ينتقل من درجة المعارف الى درجة الأحباء فلا بد من التوبة والتوبة الى الله تعالى قبل الموت حتى يزول التهديد والوعيد ويظهر الوعيد والتأييد ويحصل الانبساط فى جميع المواطن وينصب الفيض فى الظاهر والباطن بلطفه تعالى وكرمه تمت سورة ص بعون من هو بالمرصاد فى ثالث جمادى الآخرة من سنة اثنتي عشرة ومائة والف
تفسير سورة الزمر
خمس وسبعون او اثنتان وسبعون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
تَنْزِيلُ الْكِتابِ اى القرآن وخصوصا منه هذه السورة الشريفة وهو مبتدأ خبره قوله مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لا من غيره كما يقول المشركون ان محمدا تقوّله من تلقاء نفسه وقيل معناه تنزيل الكتاب من الله فاستمعوا له واعملوا به فهو كتاب عزيز نزل من رب عزيز على عبد عزيز بلسان ملك عزيز فى شأن امة عزيزة والتعرض لوصفى العزة(8/68)
إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2)
والحكمة للايذان بظهور اثريهما فى الكتاب بجريان أحكامه ونفاذ أوامره ونواهيه من غير مدافع ولا ممانع وبابتناء جميع ما فيه على أساس الحكم الباهرة وقال الكاشفى (الْعَزِيزِ) [خداوند غالب در تقدير (الْحَكِيمِ) دانا است در تدبير] وفى فتح الرحمن العزيز فى قدرته الحكيم فى ابداعه إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ شروع فى بيان شأن المنزل اليه وما يجب عليه اثر بيان شأن المنزل وكونه من عند الله فلا تكرار فى اظهار الكتاب فى موضع الإضمار لتعظيمه ومزيد الاعتناء بشأنه. والباء اما متعلقة بالانزال اى بسبب الحق وإثباته وإظهاره واما بمحذوف هو حال من نون العظمة اى أنزلناه إليك حال كوننا محقين فى ذلك او حال من الكتاب اى أنزلناه حال كونه ملتبسا بالحق والصواب اى كل ما فيه حق لا ريب فيه موجب للعمل حتما وفى التأويلات النجمية اى من الحق نزل وبالحق نزل وعلى الحق نزل قال فى برهان القرآن كل موضع خاطب الله النبي عليه السلام بقوله (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) ففيه تكليف وإذا خاطبه بقوله (أَنْزَلْنا عَلَيْكَ) ففيه تخفيف ألا ترى الى ما فى أول السورة إليك فكلفه الإخلاص فى العبودية والى ما فى آخرها عليك فختم الآية بقوله (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) اى لست بمسئول عنهم فخفف عنه ذلك فَاعْبُدِ اللَّهَ حال كونك مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ الإخلاص ان يقصد العبد بنيته وعمله الى خالقه لا يجعل ذلك لغرض من الأغراض اى ممحضا له الطاعة من شوائب الشرك والرياء فان الدين الطاعة كما فى الجلالين وغيره قال فى عرائس البيان امر حبيبه عليه السلام بان يعبده بنعت ان لا يرى نفسه فى عبوديته ولا الكون واهله ولا يتجاوز عن حد العبودية فى مشاهدة الربوبية فاذا سقط عن العبد حظوظه من العرش الى الثرى فقد سلك مسلك العبودية الخالصة كر نباشد نيت خالص چهـ حاصل از عمل قال بعض الكبار العبادة الخالصة معانقة الأمر على غاية الخضوع. وتكون بالنفس فاخلاصها فيها التباعد عن الانتقاص. وبالقلب فاخلاصه فيها العمى عن رؤية الاشخاص. وبالروح فاخلاصه فيها التنقى عن طلب الاختصاص واهل هذه العبادة موجود فى كل عصر لما قال عليه السلام (لا يزال الله يغرس فى هذا الدين غرسا يستعملهم فى طاعته) قال الكاشفى [مخاطب حضرتست ومراد امت است كه مأمورند بآنكه طاعت خود را از شرك وريا خالص سازند] وفى كشف الاسرار [فرموده رسول خدا عليه السلام باين خطاب چنان ادب كرفت كه جبريل آمد وكفت «يا محمد أتختار ان تكون ملكا نبيا او عبدا نبيا» كفت خداوندا بندگى خواهم وملكى نخواهم ملكى ترا مسلم است وبندگى ما را مسلم اگر ملك اختيار كنم با ملك بمانم وآنكه افتخار من بملك باشد ليكن بندگى اختيار كنم تا مملوك تو باشم وافتخار من بملك تو باشد ازينجا كفت (انا سيد ولد آدم ولا فخر) يعنى ما را بهيچ چيز فخر نيست فخر ما بخالقست زيرا كه بر ما كس نيست جز او اگر بغير او فخر كنم بغير او نكرسته باشم وفرمان (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً) بگذاشته باشم وبگذاشته فرمان نيست وبغير او نكرستن شرط نيست لاجرم بغير او فخر نيست] قال الحافظ(8/69)
أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)
كدايىء در جانا بسلطنت مفروش ... كسى ز سايه اين در بآفتاب رود
أَلا بدانيد كه لِلَّهِ اى من حقه وواجباته الدِّينُ الْخالِصُ من الشرك اى- الا هو الذي يجب أن يخص بإخلاص الطاعة له يعنى او سزاوار آنست كه طاعت او خالص باشد لتفرده بصفات الالوهية واطلاعه على الغيوب والاسرار وخلوص نعمته عن استجرار- النفع وفى الكواشي ألا لله الدين الخالص من الهوى والشك والشرك فيتقرب به اليه رحمة لا ان له حاجة الى اخلاص عبادته وفى التأويلات النجمية الدين الخالص ما يكون جملته لله وما للعبد فيه نصيب والمخلص من خلصه الله من حبس الوجود بجوده لا بجهده وعن الحسن الدين الخالص الإسلام لان غيره من الأديان ليس بخالص من الشرك فليس بدين الله الذي امر به فالله تعالى لا يقبل الا دين الإسلام وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله انى أتصدق بالشيء واضع الشيء أريد به وجه الله وثناء الناس فقال عليه السلام والذي نفس محمد بيده لا يقبل الله شيأ شورك فيه ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا لله الدين الخالص وقال عليه السلام قال الله سبحانه من عمل لى عملا أشرك فيه معى غيرى فهوه له كله وانا بريىء منه وانا اغنى الأغنياء عن الشرك وقال عليه السلام لا يقبل الله عملا فيه مقدار ذرة من رياء
ز عمرو اى پسر چشم اجرت مدار ... چودر خانه زيد باشى بكار
سزاى الله تعالى عبادت پاكست بى نفاق وطاعت خالصه بى ريا وكوهر اخلاص كه يابند در صدق دل يابند يا در درياى سينه واز اينجاست كه حذيقه كويد رضى الله عنه از ان مهتر كائنات عليه السلام پرسيدم كه اخلاص چيست كفت از جبريل پرسيدم كه اخلاص چيست كفت از رب العزة پرسيدم كه اخلاص چيست كفت سر من أسراري استودعته قلب من أحببت من عبادى كفت كوهرست كه از خزينه اسرار خويش بيرون آوردم ودر سو يداى دل دوستان خويش وديعت نهادم اين اخلاص نتيجه دوستى است واثر بندگى هر كه لباس محبت پوشيد وخلعت بندگى برافكند هر كار كه كند از ميان دل كند دوستى حق تعالى بآرزوهاى پراكنده در يك دل جمع نشود وفريضه تن نماز وروزه است وفريضه دل دوستى حق نشان دوستى آنست كه هر مكروه طبيعت ونهاد كه
از دوست بتو آيد بر ديده نهى ... ولو بيد الحبيب سقيت سما
لكان السم من يده يطيب ... زهرى كه بياد تو خورم نوش آيد
ديوانه ترا بيند وباهوش آيد ... آن دل كه تو سوختى ترا شكر كند
وآن خون كه تو ريختى بتو فخر كند وَالَّذِينَ عبارة عن المشركين اتَّخَذُوا يعنى عبدوا مِنْ دُونِهِ اى حال كونهم متجارزين الله وعبادته أَوْلِياءَ أربابا او ثانا كالملائكة وعيسى وعزير والأصنام لم يخلصوا العبادة لله تعالى بل شابوها بعبادة غيره حال كونهم قائلين ما نَعْبُدُهُمْ اى الأولياء لشىء من الأشياء إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى(8/70)
اى تقريبا فهو مصدر مؤكد على غير لفظ المصدر ملاق له فى المعنى وكانوا إذا سئلوا عمن خلق السموات والأرض قالوا الله فاذا قيل لهم لم تعبدون الأصنام قالوا انما نعبدهم ليقربونا الى الله (وفى تفسير الكاشفى) درخواست كنند تا بشفاعت ايشان منزلت يابيم وذكر- الشيخ عبد الوهاب الشعراني أن اصل وضع الأصنام انما كان من قوة التنزيه من العلماء الأقدمين فانهم نزهوا الله عن كل شىء وأمروا بذلك عامتهم فلما رأوا ان بعض عامتهم صرح بالتعطيل وضعوا لهم الأصنام وكسوها الديباج والحلي والجواهر وعظموها بالسجود وغيره ليتذكروا بها الحق الذي غاب عن عقولهم وغاب عن أولئك العلماء ان ذلك لا يجوز الا بإذن من لله تعالى إِنَّ اللَّهَ إلخ خبر للموصول يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ اى بين المتخذين بالكسر غير المخلصين وبين خصمائهم المخلصين للدين وقد حذف لدلالة الحال عليه فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ من الدين الذي اختلفوا فيه بالتوحيد والإشراك وادعى كل فريق صحة ما انتحله وحكمه تعالى فى ذلك إدخال الموحدين الجنة والمشركين النار فالضمير للفريقين إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي لا يوفق الى الاهتداء الى الحق الذي هو طريق النجاة من المكروه والفوز بالمطلوب مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ اى راسخ فى الكذب مبالغ فى الكفر كما يعرب عنه قراءة كذاب وكذوب فانهما فاقدان للبصيرة غير قابلين للاهتداء لتغييرهما الفطرة اصلية بالتمرن فى الضلالة والتمادي فى الغى قال فى الوسيط هذا فيمن سبق عليه القضاء بحرمان الهداية فلا يهتدى الى الصدق والايمان البتة (قال الحافظ)
كر جان بدهد سنك سيه لعل نكردده ... با طينت أصلي چهـ كند بد كهر افتاد
وكذبهم قولهم فى بعض أوليائهم بنات الله وولده وقولهم ان الآلهة تشفع لهم وتقربهم الى الله وكفرهم عبادتهم تلك الأولياء وكفرانهم النعمة بنسيان المنعم الحقيقي وفى التأويلات النجمية ان الإنسان مجبول على معرفة صانعه وصانع العالم ومقتضى طبعه عبادة صانعه والتقرب اليه من خصوصية فطرة الله التي فطر الناس عليها ولكن لا عبرة بالمعرفة الفطرية والعبادة الطبيعية لانها مشوبة بالشركة لغير الله ولانها تصدر من نشاط النفس واتباع هواها وانما تعتبر المعرفة الصادرة عن التوحيد الخالص ومن اماراتها قبول دعوة الأنبياء والايمان بهم وبما انزل عليهم من الكتب ومخالفة الهوى والعبادة على وفق الشرق لا على وفق الطبع والتقرب الى الله بأداء ما افترض الله عليهم ونافلة قد استن النبي صلى الله عليه وسلم بها او بمثلها فانه كان من طبع إبليس السجود لله ولما امر بالسود على خلاف طبعه ابى واستكبر وكان من الكافرين بعد اركان من الملائكة المقربين وكذلك حال الفلاسفة ممن لا يتابع الأنبياء منهم ويدعى معرفة الله ويتقرب الى الله بانواع العلوم واصناف الطاعات والعبادات بالطبع لا بالشرع ومتابعة الهوى لا بامر المولى فيكون حاصل امره ما قال تعالى وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا فاليوم كل مدع يدعى حقيقة ما عنده من لدين والمذهب على اختلاف طبقاتهم فالله تعالى يحكم بينهم فى الدنيا والآخرة اما فى الدنيا فيحق الحق باتساع صدور اهل الحق بنور الإسلام وبكتابة الايمان فى قلوبهم وتأييدهم بروح منه وكشف شواهد الحق عن أسرارهم وبتجلى صفات جماله وجلاله لارواحهم ويبطل الباطل(8/71)
لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5)
بتضييق صدور اهل الأهواء والبدع وقسوة قلوبهم وعمى أسرارهم وبصائرهم وغشاوة أرواحهم بالحجب. واما فى الآخرة فبتبييض وجوه اهل الحق وإعطاء كتابهم باليمين وتثقيل موازينهم وجوازهم على الصراط وسعى نورهم بين أيديهم وايمانهم ودخول الجنة ورفعتهم فى الدرجات وبتسويد وجوه اهل الباطل وإيتاء كتبهم بالشمال ومن وراء ظهورهم وتخفيف موازينهم وزلة أقدامهم عن الصراط ودخول النار ونزولهم فى الدركات وبقوله (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) يشير الى تهديد من يتعرض لغير مقامه ويدعى رتبة ليس بصادق فيها فالله لا يهديه قط الى ما فيه سداده ورشده وعقوبته ان يحرمه تلك الرتبة التي تصدى لها بدعواه قبل تحققه بوجودها: قال الحافظ
كر انكشت سليمانى نباشد ... چهـ خاصيت دهد نقش نكينى
خدا زان خرقه بيزارست صد بار ... كه صد بت ماندش در آستينى
ومن الله العصمة من الدعوى قبل التحقق بحقيقة الحال وهو المنعم المتعال لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً كما زعم المشركون بان الله تعالى اتخذ ولدا لَاصْطَفى لاتخذ واختار مِمَّا يَخْلُقُ اى من جنس مخلوقاته ما يَشاءُ ولم يخص مريم ولا عيسى ولا عزيرا بذلك ولخلق جنسا آخر أعز وأكرم مما خلق واتخذه ولدا لكنه لا يفعله لامتناعه والممتنع لا تتعلق به القدرة والارادة وانما امره اصطفاء من شاء من عباده وتقريبهم منه وقد فعل ذلك بالملائكة وبعض الناس كما قال الله تعالى (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ) ولذا وضع الاصطفاء مكان الاتخاذ وقال بعضهم معناه لو اتخذ من خلقه ولدا لم يتخذه باختيارهم بل يصطفى من خلقه من يشاء وقال الكاشفى [هر آينه اختيار كردى از آنچهـ مى آفريند آنچهـ خواستى از أعز اشيا واحسن آن وأكمل كه بنون اند نه از نقص كه بتانند اما مخلوق مماثل خالق نيست وميان والد ومولود مجانست شرط است پس او را فرزند نبود] سُبْحانَهُ مصدر من سبح إذا بعد اى تنزه تعالى بالذات عن ذلك الاتخاذ وعما نسبوا اليه من الأولاد والأولياء وعلم للتسبيح مقول على ألسنة العباد اى أسبحه تسبيحا لائقا به او سبحوه تسبيحا حقيقا بشانه هُوَ مبتدأ خبره قوله اللَّهُ المتصف بالالوهية الْواحِدُ الذي لا ثانى له والولد ثانى والده وجنسه وشبهه وفى بحر العلوم واحد اى موجود جل عن التركيب والمماثلة ذاتا وصفة فلا يكون له ولد لانه يماثل الوالد فى الذات والصفات الْقَهَّارُ الذي بقهاريته لا يقبل الجنس والشبه بنوع ما وفى الإرشاد قهار لكل الكائنات كيف يتصور ان يتخذ من الأشياء الفانية ما يقوم مقامه خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وما بينهما من الموجودات حال كونها ملتبسة بِالْحَقِّ والصواب مشتملة على الحكم والمصالح لا باطلا وعبثا قال الكاشفى [بيافريد آسمان وزمين را براستى نه بباطل وبازي بلكه در آفرينش هر يك از ان صد هزار آثار قدرت وأطوار حكمت است نعميه تا ديده وران از روى اعتبار ارقام معرفت آفريدگار بر صفحات آن دلائل مطالعه نمايند]
نوشته است بر أوراق آسمان وزمين ... خطى كه فاعتبروا منه يا اولى الابصار(8/72)
يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ قال فى تاج المصادر تكوير الليل على النهار تغشيته إياه ويقال زيادته من هذا فى ذاك كما قال الراغب فى المفردات تكوير الشيء ادارته وضم بعضه الى بعض ككور العمامة وقوله تعالى (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ) إلخ اشارة الى جريان الشمس فى مطالعها وانتقاص الليل والنهار وازديادهما انتهى. والمعنى يغشى كل واحد منهما الآخر كأنه يلفه عليه لف اللباس على اللابس: وبالفارسية [بر مى پيچد ودر مى آرد شب را بروز وبه پرده ظلمت آن نور اين مى پوشد ودر مى آرد روز را بر شب وشعله روشنىء آن تاريكى اين را مختفى مى سازد] وذلك ان النور والظلمة عسكران مهيبان عظيمان وفى كل يوم يغلب هذا ذاك كما فى الكبير او يغيب كل واحد منهما بالآخر كما يغيب الملفوف باللفافة عن مطامح الابصار او يجعله كارّا عليه كرورا متتابعا تتابع اكوار العمامة بعضها على بعض وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ جعلهما منقادين لامره تعالى كُلٌّ منهما يَجْرِي يسير فى بروجه لِأَجَلٍ مُسَمًّى لمدة معينة هى منتهى دورته فى كل يوم او شهر او منقطع حركته اى وقت انقطاع سيره وهو يوم القيامة وانما ذلك لمنافع بنى آدم وفى الحديث (وكل بالشمس سبعة املاك يرمونها بالثلج ولولا ذلك ما أصابت شيأ الا أحرقته) [وكفته اند ستاركان آسمان دو قسم اند قسمى بر آفتاب كذر كنند واز وى روشنايى كيرند وقسمى آفتاب بر ايشان كذر كند وايشانرا روشنايى دهد از روى اشارت ميكويد مؤمنان دو كروهند كروهى بدرگاه شوند بجد واجتهاد تا نور هدايت يابند] كما قال تعالى (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) [وكروهى آنند كه عنايت ازلى بر ايشان كذر كند وايشانرا نور معرفت دهد] كما قال تعالى (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) أَلا اعملوا هُوَ وحده الْعَزِيزُ الغالب القادر على كل شىء فيقدر على عقاب العصاة الْغَفَّارُ المبالغ فى المغفرة ولذلك لا يعاجل بالعقوبة
وسلب ما فى هذه الصنائع البديعة من آثار الرحمة وعموم المنفعة: وبالفارسية [سلب اين نعمتها نمى كند از آدميان با وجود وقوع شرك ومعصيت از ايشان] قال الامام الغزالي رحمه الله الغفار هو الذي اظهر الجميل وستر القبيح والذنوب من جملة القبائح التي سترها باسبال الستر عليها فى الدنيا والتجاوز عن عقوبتها فى الآخرة والغفر هو الستر وأول ستره على عبده ان جعل مقابح بدنه التي تستقبحها الأعين مستورة فى باطنه مغطاة بجمال ظاهره فكم بين باطن العبد وظاهره فى النظافة والقذارة وفى القبح والجمال فانظر ما الذي أظهره وما الذي ستره. وستره الثاني ان جعل مستقر خواطره المذمومة وإرادته القبيحة سر قلبه حتى لا يطلع أحد على سر قلبه ولو انكشف للخلق ما يخطر بباله فى مجارى وسواسه وما ينطوى عليه ضميره من الغش والخيانة وسوء الظن بالناس لمقتوه بل سعوا فى تلف روحه وإهلاكه فانظر كيف ستر عن غيره أسراره وعوارفه. والثالث مغفرة ذنوبه التي كان يستحق الافتضاح بها على ملأ من الخلق وقد وعد ان يبدل من سيآته حسنات ليستر مقابح ذنوبه بثواب حسناته إذا مات على الايمان وحظ العبد من هذا الاسم ان يستر(8/73)
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)
من غيره ما يحب ان يستر منه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من ستر على مؤمن عورته ستر الله عورته يوم القيامة والمغتاب والمتجسس والمكافئ على الاساءة بمعزل وعن هذا الوصف وانما المتصف به من لا يفشى من خلق الله الا احسن ما فيهم ولا ينفك مخلوق عن كمال ونقص وعن قبح وحسن فمن تغافل عن المقابح وذكر المحاسن فهو ذو نصيب من هذا الاسم والوصف كما روى عن عيسى عليه السلام أنه مر مع الحواريين بكلب ميت قد غلب نتنه فقالوا ما أنتن هذه الجيفة فقال عيسى عليه السلام ما احسن بياض اسنانها تنبيها على ان الذي ينبغى ان يذكر من كل شىء ما هو أحسنه (قال الشيخ سعدى)
مكن عيب خلق اى خردمند فاش ... بعيب خود از خلق مشغول باش
چوباطل سرايند مكمار كوش ... چوبى ستر بينى نظر را بپوش
خَلَقَكُمْ اى الله تعالى ايها الناس جميعا مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ هى نفس آدم عليه السلام ثُمَّ جَعَلَ مِنْها اى خلق من جنس تلك النفس واحدة او من قصيراها وهى الضلع التي تلى الخاصرة أو هي آخر الأضلاع وبالفارسية از استخوان پهلوى چب او زَوْجَها حواء عليها السلام وثم عطف على محذوف هو صفة لنفس اى من نفس واحدة خلقها ثم جعل منها زوجها فشفعها وذلك فان ظاهر الآية يفيدان خلق حواء بعد خلق ذرية آدم وليس كذلك وفيه اشارة الى أن الله تعالى خلق الإنسان من نفس واحدة هى الروح وخلق منها زوجها وهو القلب فانه خلق من الروح كما خلقت حواء من ضلع آدم عليه السلام فالله تعالى متفرد بهذا الخلق مطلقا فينبغى ان يعرف ويعبد بلا اشراك وَأَنْزَلَ لَكُمْ اى قضى وقسم لكم فان قضاياه تعالى وقسمه توصف بالنزول من السماء حيث تكتب فى اللوح المحفوظ او أحدث لكم وانشأ بأسباب نازلة من السماء كالامطار وأشعة الكواكب وهذا كقوله قد أنزلنا عليكم لباسا ولم ينزل اللباس نفسه ولكن انزل الماء الذي هو سبب القطن والصوف واللباس منهما مِنَ الْأَنْعامِ از چهار پايان ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ ذكرا وأنثى هى الإبل والبقر والضأن والمعز والانعام جمع نعم بفتحتين وهى جماعة الإبل فى الأصل لا واحد لها من لفظها قال ابن الشيخ فى أول المائدة الانعام مخصوص بالأنواع الاربعة وهى الإبل والبقر والضأن والمعز ويقال لها الأزواج الثمانية لان ذكر كل واحد من هذه الأنواع زوج بانثاه وانثاه زوج بذكره فيكون مجموع الأزواج ثمانية بهذا الاعتبار من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين والخيل والبغال والحمير خارجة من الانعام قال فى بحر العلوم الواحد إذا كان وحده فهو فرد وإذا كان معه غيره من جنسه سمى كل واحد منهما زوجا فهى زوجان بدليل قوله تعالى خلق الزوجين الذكر والأنثى وعند الحساب الزوج خلاف الفرد كالاربعة والثمانية فى خلاف الثلاثة والسبعة وخصصت هذه الأنواع الاربعة بالذكر لكثرة الانتفاع بها من اللحم والجلد والشعر والوبر وفن التأويلات النجمية وانزل لكم من الانعام ثمانية ازواج اى خلق فيكم من صفات الانعام ثمانى صفات وهى الاكل والشرب والتغوط والتبول والشهوة والحرص والشره(8/74)
والغضب واصل جميع هذه الصفات الصفتان الاثنتان الشهوة والغضب فانه لا بد لكل حيوان من هاتين الصفتين لبقاء وجوده بهما فبا الشهوة يجلب المنافع الى نفسه وبالغضب يدفع المضرات يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ اى فى أرحامهن جمع أم زيدت الهاء فيه كما زيدت فى اهراق من أراق خَلْقاً كائنا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ اى خلقا مدرجا حيوانا سويا من بعد عظام مكسوة لحما من بعد عظام عارية من بعد مضغ مخلقة من بعد مضغ غير مخلقة من بعد علقة من بعد نطفة ونظيره قوله تعالى وقد خلقكم أطوارا فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ متعلق بيخلقكم وهى ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة وهى بالفتح محل الولد اى الجلد الرقيق المشتمل على الجنين او ظلمة الصلب والبطن والرحم وفيه اشارة الى ظلمة الخلقية وظلمة وجود الروح وظلمة البشرية وان شئت قلت ظلمة الجسد وظلمة الطبيعة وظلمة النفس فكما أن الجنين يخرج فى الولادة الاولى من الظلمات المذكورة الى نور عالم الملك والشهادة فكذا السالك يخرج فى الولادة الثانية من الظلمات المسطورة الى نور عالم الملكوت والغيب فى مقام القلب والروح قال الحافظ
بال بگشا وصفير از شجر طوبى زن ... حيف باشد چوتو مرغى كه أسير قفسى
ذلِكُمُ اشارة اليه تعالى باعتبار أفعاله المذكورة ومحله الرفع على الابتداء اى ذلكم العظيم الشأن الذي عدت أفعاله اللَّهُ خبره وقوله تعالى رَبُّكُمْ خبر آخر له اى مربيكم فيما ذكر من الأطوار وفيما بعدها وما لككم المستحق لتخصيص العبادة به وفى التأويلات النجمية اى انا خلقتكم وانا صورتكم وانا الذي أسبغت عليكم انعامى وخصصتكم بجميع إكرامي وغرقتكم فى بحار افضالى وعرفتكم استحقاق شهود جمالى وجلالى وهديتكم الى توحيدى وأدعوكم الى وحدانيتي فما لكم لا تنطقون الى بالكلية وما لكم لا تطلبون منى ولا
تطلبوننى وقد بشرتكم بقولي ألا من طلبنى وجدنى ومن كان لى كنت له ومن كنت له يكون له ما كان لى لَهُ الْمُلْكُ على الإطلاق فى الدنيا والآخرة ليس لغيره شركة فى ذلك بوجه من الوجوه وبالفارسية مرورا پادشاهى مطلق كه زوال وفنا بدو راه نيابد وقال بعض الكبار له ملك القدرة على تبليغ العباد الى المقامات العليه والكرامات السنية فينبغى للعبدان لا يقنط فان الله تعالى قادر ليس بعاجز والجملة خبر آخر وكذا قوله تعالى لا إِلهَ إِلَّا هُوَ نيست معبودى بسزا مكرا وفكما أن لا معبود الا هو فكذا لا مقصود بل لا موجود الا هو فهوا الوجود المطلق والهوية المطلقة والواحدة الذاتية فَأَنَّى تُصْرَفُونَ اى فكيف ومن اى وجه تصرفون وتردون عن ملازمة بابه بالعبودية الى باب عاجز مثلكم من الخلق اى عن عبادته تعالى الى عبادة أوثان مع وفور موجباتها ودواعيها وانتفاء الصارف عنها بالكلية الى عبادة غيره من غير داع إليها مع كثرة الصوارف عنها قال على كرم الله وجه قيل للنبى عليه السلام هل عبدت وثنا قط قال لا قيل هل شربت خمرا قال لا وما زلت اعرف ان الذي هم اى الكفار عليه من عبادة الأوثان ونحوها كفر وما كنت أدرى ما الكتاب ولا الايمان فادلة العقل وحدها كافية فى الحكم ببطلان عبادة غير الله فكيف وقد انضم إليها ادلة الشرع فلا بد من الرجوع الى باب الله تعالى فانه المنعم الحقيقي والعبودية له لأنه(8/75)
إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)
الخالق قال ابو سعيد الخراز قدس سره العبودية ثلاثة الوفاء لله على الحقيقة ومتابعة الرسول فى الشريعة والنصيحة لجماعة الامة واعلم ان العبادة هى المقصود من خلق الأشياء كما قال الله تعالى (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) سواء فسرت العبادة بالمعرفة أم لا إذ لا تكون المعرفة الحقيقية الا من طريق العبادة وعن معاذ رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلنى الجنة ويباعدنى من النار قال (لقد سألت عن عظيم وانه يسير على من يسر الله تعالى تعبد الله لا تشرك به شيأ وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا ادلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفأ النار بالماء وصلاة الرجل فى جوف الليل) ثم تلا (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) الآية ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه الجهاد) ثم قال (ألا أخبرك بملاك ذلك كله) قلت بلى يا رسول الله فاخذ بلسانه وقال (كيف عليك هذا) قلت يا نبى الله وانا المؤاخذون بما نتكلم به فقال (ثكلتك أمك وهل يكب الناس فى النار على وجوههم او على منا خرهم الا حصائد ألسنتهم)
ترا ديده در سر نهادند وكوش ... دهن جاى كفتار ودل جاى هوش
مكر باز دانى نشيب از فراز ... نكويى كه اين كوته است آن دراز
إِنْ تَكْفُرُوا به تعالى بعد مشاهدة ما ذكر من فنون نعمائه ومعرفة شؤونه العظيمة الموجبة للايمان والشكر. والخطاب لاهل مكة كما فى الوسيط والظاهر التعميم لكل الناس كما فى قوله تعالى (إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وعن العالمين اى فاعلموا انه تعالى غنى عن ايمانكم وشكركم غير متأثر من انتفائهما والغنى هو الذي يستغنى عن كل شىء لا يحتاج اليه لا فى ذاته ولا فى صفاته لانه الواجب من جميع جهاته وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وان تعلقت به إرادته تعالى من بعضهم اى عدم رضاه بكفر عباده لاجل منفعتهم ودفع مضرتهم رحمة عليهم لا لتضرره به تعالى. وانما قيل لعباده لا لكم لتعميم الحكم للمؤمنين والكافرين وتعليله بكونهم عباده واعلم ان الرضى ترك السخط والله تعالى لا يترك السخط فى حق الكافر لانه لسخطه عليه اعدله جهنم ولا يلزم منه عدم الارادة إذ ليس فى الارادة ما فى الرضى من نوع استحسان فالله تعالى مريد الخير والشر ولكن لا يرضى بالكفر والفسوق فان الرضى انما يتعلق بالحسن من الافعال دون القبيح وعليه اهل السنة وكذا اهل الاعتزال وقال ابن عباس رضى الله عنهما والذي لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر وهم الذين ذكرهم فى قوله (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) فيكون عاما مخصوصا كقوله (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ) يريد بعض العباد وعليه بعض الماتريدية حيث قالوا ان الله يرضى بكفر الكافر ومعصية العاصي كما انه يريدهما صرح بذلك الخصاف فى احكام القرآن ونقل ان هشام بن عبد الملك انما قتل غيلان القدري باشارة علماء الشام بقوله ان الله لا يرضى لعباده الكفر قال هشام ان لم يكن الله قادرا على دفع الكفر عن الكافر يكون عاجزا فلا يكون الها وان قدر فلم يدفع يكون راضيا فافحم غيلان وفى الأسئلة المقحمة فان قيل هل يقولون بان كفر الكافر قد رضيه الله تعالى للكافر قلنا ان الله تعالى خلق كفر الكافر ورضيه له(8/76)
وخلق ايمان المؤمن ورضيه له وهو مالك الملك على الإطلاق وتكلف بعض اهل الأصول فقال ان الله تعالى لا يرضى بكون الكفر حسنا ودينا لانه تعالى يرضى وجوده وهو حسن ولا يخلقه وهو حسن وعلى هذا معنى قوله تعالى (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) والأليق باهل الزمان والا بعد عن التشنيع والأقرب ان لا يرضى من عباده الكفر مؤمنا كان او كافرا يقول الفقير ان رضى الله بكفر الكافر ومعصية العاصي اختياره وإرادته له فى الأزل فلذا لم يتغير حكمه فى الابد لا مدحه وثناؤه وترك السخط عليه فارتفع النزاع ومن تعمق فى اشارة قوله تعالى (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) انكشف له حقيقة الحال وَإِنْ تَشْكُرُوا تؤمنوا به تعالى وتوحدوه يدل عليه ذكره فى مقابلة الكفر يَرْضَهُ لَكُمْ أصله يرضاه على ان الضمير عائد الى الشكر حذف الالف علامة للجزم وهو باختلاس ضمة الهاء عند اهل المدينة وعاصم وحمزة وبإسكان الهاء عند ابى عمرو وبإشباع ضمة الهاء عند الباقين لانها صارت بخلاف الالف موصولة بمتحرك. والمعنى يرضى الشكر والايمان لاجلكم ومنفعتكم لانه سبب لفوزكم بسعادة الدارين لا لانتفاعه تعالى به وفى التأويلات النجمية يعنى لا يرضى لكفركم لانه موجب للعذاب الشديد ويرضى لشكركم لانه موجب لمزيد النعمة وذلك لان رحمته سبقت غضبه يقول يا مسكين انا لا ارضى لك ان لا تكون لى يا قليل الوفاء كثير التجني فان أطعتني شكرتك وان ذكرتنى ذكرتك وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى بيان لعدم سراية كفر الكافر الى غيره أصلا. والوزر الحمل الثقيل ووزره اى حمله. والمعنى ولا تحمل نفس حاملة للوزر حمل نفس اخرى من الذنب والمعصية [بلكه هر يك بردارنده وزر خود بردارد چنانكه كناه كسى در دفتر ديكر نمى نويسند] كه كناه دكران بر تو نخواهند نوشت ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ اى رجوعكم بالبعث بعد الموت لا الى غيره فَيُنَبِّئُكُمْ عند ذلك: وبالفارسية [پس خبر دهد شما را] بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى بما كنتم تعملونه فى الدنيا من اعمال الكفر والايمان اى يجازيكم بذلك ثوابا وعقابا كما قال الكاشفى [و
اخبار از آن بمحاسبه ومجازات باشد] وفى تفسير ابى السعود فى غير هذا المحل عبر عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم تنبيها على انهم كانوا جاهلين بحال ما ارتكبوه غافلين عن سوء عاقبته اى يظهر لكم على رؤس الاشهاد ويعلمكم أي شىء شنيع كنتم تفعلونه فى الدنيا على الاستمرار ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء إِنَّهُ تعالى عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ تعليل للتنبئة اى مبالغ فى العلم بمضمرات القلوب فكيف بالأعمال الظاهرة وأصله عليم بمضمرات صاحبة الصدور وفى الآية دليل على ان ضرر الكفر والطغيان يعود الى نفس الكافر كما ان نفع الشكر والايمان يعود الى نفس الشاكر والله غنى عن العالمين كما وقع فى الكلمات القدسية (يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم) اى على تقوى اتقى قلب رجل (ما زاد ذلك فى ملكى شيأ يا عبادى لو ان أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ) وفى آخر الحديث فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه(8/77)
وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8)
واعلم أن الشكر سببب الرضوان ألا ترى الى قوله تعالى وان تشكروا يرضه لكم ولشرف الشكر امر أنبياءه فقال لموسى فخذما آتيتك وكن من الشاكرين روى أنه أخذ التوراة وهى خمسة الواح او تسعة من الياقوت وفيها مكتوب يا موسى من لم يصبر على قضائى ولم يشكر نعمائى فليطلب ربا سواى وكان الأنبياء لمعرفتهم لفضل الشكر يبادرون اليه روى أنه عليه السلام لما تورمت قداماه من قيام الليل اى انتفختا من الوجع الحاصل من طول القيام فى الصلاة قالت عائشة رضى الله عنها أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال عليه السلام أفلا أكون عبدا شكورا اى مبالغا فى شكر ربى وفى ذلك تنبيهه على كمال فضل قيام الليل حيث جعله النبي عليه السلام شكرا لنعمته تعالى ولا يخفى أن نعمة عظيمة وشكره ايضا عظيم فاذا جعل النبي عليه السلام قيام الليل شكرا لمثل هذه نعم الجليلة ثبت أنه من أعظم الطاعات وأفضل العبادات وفى الحديث صلاة فى مسجدى هذا أفضل من عشرة آلاف فى غيره الا المسجد الحرام وصلاة فى المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فى غيره ثم قال ألا أدلكم على ما هو أفضل من ذلك قالو نعم قال رجل قام فى سودا الليل فاحسن الوضوء وصلى ركعتين يريد بهما وجه الله تعالى وعن عائشه رضى الله عنها أن النبي عليه السلام كان إذا فاته قيام الليل بعذر قضاه ضحواة اى من غير وجوب عليه بل على طريق الاحتياط فان الورد الملتزم إذا فات عن محله يلزم أن يتدارك فى وقت آخر حتى يتصل الاجر ولا ينقطع الفيض فانه بدوام التوجه يحصل دوام العطا وشرط عليه السلام ارادة وجه الله تعالى فانه تعالى لا يقبل ما كان لغيره ولذا وعدوا وعد بقوله انه عليم بذات الصدور فمن اشتمل صدره على الخلوص تخلص من يد القهره ومن اشتمل على الشرك والرياء وجد الله عند عمله فوفاه حسابه
اگر جز بحق ميرود جاده ات ... در آتش فشانند سجاده ات
اگر جانب حق ندارى نكاه ... بگويى بروز أجل آه آه
چهـ وزن آورد جايى انبان باد ... كه ميزان عدلست وديوان داد
مرايى كه چندان عمل مى نمود ... بديدند هيچش در انبان نبوت
منه آب روى ريا را محل ... كه اين آب در زير دارد وحل
جعلعنا الله وإياكم من الصالحين الصادقين المخلصين فى الأقوال والافعال والأحوال دون الفاسقين الكاذبين المرائين آمين يا كريم العفو كثير النوال وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ أصابه ووصل اليه سوء حال من فقرا ومرض او غيرهما وبالفارسية و چون آنگاه كه برسيد ايشانرا سختى قال الراغب المس يقال فى كل ما ينال الإنسان من أذى والضر يقابل بالسرآء والنعماء والضرر بالنفع دَعا رَبَّهُ فى كشف ذالك الضر حال كونه مُنِيباً إِلَيْهِ راجعا اليه مما كان يدعوه فى حالة الانابة الى الله والرجوع اليه بالتوبة واخلاص العمل والنوب رجوع الشيء مرة بعد اخرى وهذا وصف للجنس بحال بعض افراده كقوله تعالى ان الإنسان لظلوم كفار وفيه اشارة الى أن من طبيعة الإنسان انه إذا مسه ضر(8/78)
خشع وخضع والى ربه فزع وتملق بين يديه وتضرع (وفى المثنوى)
بند مى نالد بحق از درد ونيش ... صد شكايت ميكند از رنج خويش
حق همى كويد كه آخر رنج ودرد ... مر ترا لابه كان او راست كرد
در حقيقت هر عدد را روى تست ... كيميا ونافع دلجوى تست
كه ازو اندر كريزى در خلا ... استعانت جويى از لطف خدا
در حقيقت دوستان دشمن اند ... كه ز حضرت دور ومشغولت كنند
ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ اى أعطاه نعمة عظيمة من جنابه تعللى وأزال عنه ضره وكفاه امره وأصلح باله واحسن حاله من التخول وهو التعهد اى المحافظة والمراعاة اى جعله خائل مال من قولهم فلان خائل ماله إذا كان متعهدا له حسن القيام به ومن شأن الغنى الجواد أن يراعى احوال الفقراء او من الخول وهو الافتخار لان الغنى يكون متكبرا طويل الذيل اى جعله يخول اى يختال ويفتخر بالنعمة نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ اى نسى الضر الذي كان يدعو الله الى كشفه مِنْ قَبْلُ اى من قبل التخويل كقوله تعالى مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه او نسى ربه الذي كان يدعوه ويتضره اليه اما بناء على أن ما بمعنى من كما فى قوله تعالى وما خلق الذكر والأنثى واما إيذانا بأن نسيانه بلغ الى حيث لا يعرف مدعوه ما هو فضلا عن أن يعرفه من هو فيعود الى رأس كفرانه وينهمك فى كبائر عصيانه ويشرك بمعبوده ويصر على جحوده وذلك لكون دعائه المحسوس معلولا بالضر الممسوس لا ناشئا عن الشوق الى الله المأنوس (وفى المثنوى)
آن ندامت از نتيجه رنج بود ... نى ز عقل روشن چون كنج بود
چونكه شد رنج آن ندامت شد عدم ... مى نيرزد خاك آن توبه ندم
ميكند او توبه و پير خرد ... بانك لو ردوا لعادوا مى زند
وفى عرائس البقلى وصف الله اهل الضعف من اليقين إذا مسه ألم امتحانه دعاه بغير معرفته وإذا وصل اليه نعمته احتجب بالنعمة عن المنعم فبقى جاهلا من كلا الطريقين لا يكون صابرا فى البلاء ولا شاكرا فى النعماء وذلك من جهله بربه ولو أدركه بنعت المعرفة وحلاوة المحبة لبذل له نفسه حتى يفعل به ما يشاء وقال بعضهم اقل العبيد علما ومغرفة أن يكون دعاؤه لربه عند نزول ضر به فان من دعاه بسبب او لسبب فذلك دعاء معلول مدخول حتى يدعوه رغبة فى ذكره وشوقا اليه وقال الحسين من نسى الحق عند العوافي لم يجب الله دعاءه عند المحن والاضطرار ولذلك قال النبي عليه السلام لعبد الله بن عباس رضى الله عنهما تعرف الى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة وقال النهر جورى لا تكون النعمة التي تحمل صاحبها الى نسيان المنعم نعمة بل هى الى النقم اقرب
اين كله زان نعمتى كن كت زند ... از در ما دور مطرودت كند
وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً شركاء فى العبادة اى رجع الى عبادة الأوثان جمع ند وهو يقال لما يشارك فى الجوهر فقط كما فى المفردات وقال فى بحر العلوم هو المثل المخالف اى أمثالا يعتقد انها قادرة على مخالفة الله ومضادته لِيُضِلَّ الناس بذلك يعنى تا كمراه كند مردمانرا(8/79)
أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)
عَنْ سَبِيلِهِ الذي هو التوحيد. والسبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك استعين للتوحيد لانه موصل الى الله تعالى ورضاه قرى ليضل بفتح الياء اى ليزداد ضلالا او يثبت عليه والا فاصل الضلال غير متأخر عن الجعل المذكور واللام لام العاقبة فان النتيجة قد تكون غرضا فى الفعل وقد تكون غير غرض والضلال والإضلال ليسا بغرضين بل نتيجة الجعل وعاقبته قُلْ الأمر الآتي للتهديد كقوله (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) فالمعنى قل يا محمد تهديدا لذلك الضال المضل وبيانا لحاله ومآله وفى التأويلات النجمية قل للانسان الذي هذه طبيعته فى السراء والضراء تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا اى تمتعا قليلا فهو صفة مصدر محذوف او زمانا قليلا فهو صفة زمان محذوف يعنى: [از متمتعات بهر چهـ خواهى اشتغال كن در دنيا تا وقت مرك والتمتع برخوردارى كرفتن] يعنى الانتفاع إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ فى الآخرة اى من ملازميها والمعذبين فيها على الدوام [ولذتهاى دنيا در جنب شدت عذاب دوزخ بغايت محقر است] وهو تعليل لقلة التمتع وفيه من الاقناط من النجاة ما لا يخفى كأنه قيل وإذ قدا بيت قبول ما أمرت به من الايمان والطاعة فمن حقك ان تؤمر بتركه لتذوق عقوبته وفيه اشارة الى ان من صاحب فى الدنيا اهل النار وسلك على أقدام مخالفات المولى وموافقات الهوى طريق الدركات السفلى وهو صاحب النار وأهلها والى ان عمر الدنيا قليل فكيف بعمر الإنسان وان التمتع بمشتهيات الدنيا لا يغنى عن الإنسان شيأ فلا بد من الانتباه قبل نداء الاجل وصلى ابو الدرداء رضى الله عنه فى مسجد دمشق ثم قال يا اهل دمشق الا تستحيون الى متى تؤمّلون ما لا تبلغون وتجمعون ما لا تأكلون وتبنون ما لا تسكنون ان من كان قبلكم امّلوا بعيدا وبنوا مشيدا وجمعوا كثيرا فاصبح أملهم غرورا وجمعهم بورا ومساكنهم قبورا وذكر فى الاخبار ان رجلا قال لموسى عليه السلام ادعو الله ان يرزقنى ما لا فدعا ربه فاوحى الله اليه يا موسى أقليلا سألت أم كثيرا قال يا رب كثيرا قال فاصبح الرجل أعمى فغدا على موسى فتلقاه سبع فقتله فقال موسى يا رب سألتك ان ترزقه كثيرا وأكله السبع فاوحى الله اليه يا موسى انك سألت له كثيرا وكل ما كان فى الدنيا فهو قليل فاعطيته الكثير فى الآخرة فطوبى لمن ابغض الدنيا وما فيها وعمل للآخرة والمولى قبل دنو الاجل وظهور الكسل جعلنا الله وإياكم من المتيقظين آمين أَمَّنْ بالتشديد على ان أصله أم من والاستفهام بمعنى التقرير والمعنى الكافر القاسي الناسي خير حالا واحسن مالا أم من وهو عثمان بن عفان رضى الله عنه على الأشهر ويدخل فيه كل من كان على صفة التزكية ومن خفف الميم تبع المصحف لان فيه ميما واحدة فالالف للاستفهام دخلت على من ومعناه أم من هُوَ قانِتٌ كمن ليس بقانت القنوت يجيىء على معانى. منها الدعاء فقنوت الوتر دعاؤه واما دعاء القنوت فالاضافة فيه بيانية كما فى حواشى أخي چلبى. ومنها الطاعة كما فى قوله تعالى (وَالْقانِتاتِ) . ومنها القيام فالمصلى قانت اى قائم وفى الفروع وطول القيام اولى من كثرة السجود لقوله عليه السلام (أفضل الصلاة طول القنوت) اى القيام كما فى الدرر وفى الحديث (مثل المجاهد فى سبيل الله كمثل القانت الصائم) يعنى المصلى الصائم كما فى كشف الاسرار. والتعقيب بآناء الليل وبساجدا(8/80)
وقائما يخصصه اى القنوت بالقيام فالمعنى أم من هو قائم آناءَ اللَّيْلِ اى فى ساعاته واحده انى بكسر الهمزة وفتحها مع فتح النون وهو الساعة وكذا الانى والانو بالكسر وسكون النون يقال مضى أنوان وانيان من الليل اى ساعتان ساجِداً حال من ضمير قانت اى حال كونه ساجدا وَقائِماً تقديم السجود على القيام لكونه ادخل فى معنى العبادة والواو للجمع بين الصفتين. والمراد بالسجود والقيام الصلاة عبر عنها بهما لكونهما من أعظم أركانها. فالمعنى قانت اى قائم طويل القيام فى الصلاة كما يشعر به آناء الليل لانه إذا قام فى ساعات الليل فقد أطال القيام بخلاف من قام فى جزء من الليل يَحْذَرُ الْآخِرَةَ حال اخرى على الترادف او التداخل او استئناف كأنه قيل ما باله يفعل القنوت فى الصلاة فقيل يحذر عذاب الآخرة لا يمانه بالبعث وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ اى المغفرة او
الجنة لا انه يحذر ضرّ الدنيا ويرجو خيرها فقط كالكافر وفى التأويلات النجمية يشير الى القيام بأداء العبودية ظاهرا وباطنا من غير فتور ولا تقصير (يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) ونعيمها كما يحذر الدنيا وزينتها (وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) لا نعمة ربه انتهى ودلت الآية على ان المؤمن يجب ان يكون بين الخوف والرجاء يرجو رحمة ربه لعمله ويحذر عذابه لتقصيره فى عمله ثم الرجاء إذا جاوز حدّه يكون أمنا والخوف إذا جاوز حدّه يكون اياسا وكل منهما كفر فوجب ان يعتدل كما قال عليه السلام (لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا)
كر چهـ دارى طاعتى از هيبتش ايمن مباش ... ور كنه دارى ز فيض رحمتش دل بر مدار
نيك ترسان شو كه قهر اوست بيرون از قياس ... باش پس خوش دل كه لطف اوست افزون از شمار
ثم فى الآية تحريض على صلاة الليل وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال من أحب ان يهوّن الله عليه الموقف يوم القيامة فليره الله فى سواد الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه كما فى تفسير الحدادي قال ربيعة بن كعب الأسلمي رضى الله عنه كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتيت بوضوئه وحاجته فقال لى (سل) فقلت اسألك مرافقتك فى الجنة فقال (أو غير ذلك) فقلت هو ذلك قال (فاعن نفسك على كثرة السجود) اى بكثرة الصلاة قال بعض العارفين ان الله يطلع على قلوب المستيقظين فى الاسحار فيملأها نورا فترد الفوائد على قلوبهم فتستنير ثم تنتشر العوافي من قلوبهم الى قلوب الغافلين
خروسان در سحر كويد كه قم يا ايها الغافل ... سعادت آنكسى دارد كه وقت صبح بيدارست
قُلْ بيانا للحق وتنبيها على شرف العلم والعمل هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ حقائق الأعمال فيعملون بموجب علمهم كالقانت المذكور وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ما ذكر فيعملون بمقتضى جهلهم وضلالهم كالكافر. والاستفهام للتنبيه على كون الأولين فى أعلى معارج الخير وكون الآخرين فى أقصى مدارج الشر وفى بحر العلوم الفعل منزل منزلة اللازم ولم يقدّر له مفعول لان المقدر كالمذكور. والمعنى لا يستوى من يوجد فيه حقيقة العلم ومن لا يوجد إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ كلام مستقل غير داخل فى الكلام المأمور به وارد من جهته تعالى اى انما يتعظ بهذه البيانات الواضحة اصحاب العقول الخالصة من شوائب الخلل والوهم وهؤلاء(8/81)
بمعزل عن ذلك قيل قضية اللب الاتعاظ بالآيات ومن لم يتعظ فكأنه لالب له ومثله مثل البهائم وفى المفردات اللب العقل الخالص من الشوائب وسمى بذلك لكونه خالص ما فى الإنسان من قواه كاللباب من الشيء وقيل هو ما زكا من العقل فكل لب عقل وليس كل عقل لبا ولذا علق الله تعالى الاحكام التي لا تدركها الا العقول الزكية باولى الألباب نحو قوله (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) ونحو ذلك من الآيات انتهى وفى التأويلات النجمية (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ) قدر جوار الله وقربته ويختارونه على الجنة ونعيمها (وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) قدره (إِنَّما يَتَذَكَّرُ) حقيقة هذا المعنى (أُولُوا الْأَلْبابِ) وهم الذين انسلخوا من جلد وجودهم بالكلية وقد ماتوا عن انانيتهم وعاشوا بهويته انتهى وفى الآية بيان لفضل العلم وتحقير للعلماء الغير العاملين فهم عند الله جهلة حيث جعل القانتين هم العلماء قال الشيخ السهروردي فى عوارف المعارف ارباب الهمة اهل العلم الذين حكم الله تعالى لهم بالعلم فى قوله تعالى (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ) الى قوله (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي) إلخ حكم لهؤلاء الذين قاموا بالليل بالعلم فهم لموضع علمهم ازعجوا النفوس عن مقار طبيعتها ورقوها بالنظر الى اللذات الروحانية الى ذرى حقيقتها فتجافت جنوبهم عن المضاجع وخرجوا من صفة الغافل الهاجع انتهى وفى الحديث (يشفع يوم القيامة ثلاث الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء) وقال ابن عباس رضى الله عنهما خير سليمان بن داود عليهما السلام بين العلم والمال والملك فاختار العلم فاعطى المال والملك- وفى الخبر- ان الله تعالى أرسل جبرائيل الى آدم عليهما السلام بالعقل والحياء والايمان فخيره بينهن فاختار العقل فتبعاه وفى بعض الروايات أرسل بالعلم والحياء والعقل فاستقر العلم فى القلب والحياء فى العين والعقل فى الدماغ وفى الحديث (من أحب ان ينظر الى عتقاء الله من النار فلينظر الى المتعلمين فو الذي نفسى بيده ما من متعلم يختلف الى باب العلم الا كتب الله له بكل قدم عبادة سنة وبنى له بكل قدم مدينة فى الجنة ويمشى على الأرض تستغفر له ويستغفر له كل من يمشى على الأرض ويمسى ويصبح مغفور الذنب وشهدت الملائكة هؤلاء عتقاء الله من النار) وذكر ان شرف العلم فوق شرف النسب ولذا قيل ان عائشة رضى الله عنها أفضل من فاطمة رضى الله عنها ولعله المراد بقول الأمالي
وللصدّيقة الرجحان فاعلم ... على الزهراء فى بعض الخصال
لان النبي عليه السلام قال (خذوا ثلثى دينكم من عائشة) واما اكثر الخصال فالرجحان للزهراء على الصدّيقة كما دل عليه قوله عليه السلام (كمل من الرجال كثير
ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد) وفى الحديث (طلب العلم فريضة على كل مسلم) قال فى الاحياء اختلف الناس فى العلم الذي هو فرض على كل مسلم فقال المتكلمون هو علم الكلام إذ به يدرك التوحيد ويعلم ذات الله وصفاته وقال الفقهاء هو علم الفقه إذ به يعرف العبادات والحلال والحرام وقال المفسرون والمحدثون هو علم الكتاب والسنة إذ بهما يتوصل العلوم كلها وقال المتصوفة هو علم التصوّف إذ به يعرف العبد مقامه من الله تعالى. وحاصله ان كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده قوله (على كل مسلم)(8/82)
اى مكلف ذكرا كان او أنثى قال فى شرح الترغيب مراده علم ما لا يسع الإنسان جهله كالشهادة باللسان والإقرار بالقلب واعتقاد ان البعث بعد الموت ونحوه حق وعلم ما يجب عليه من العبادات وامر معايشه كالبيع والشراء فكل من اشتغل بامر شرعىّ يجب طلب علمه عليه مثلا إذا دخل وقت الصلاة تعين عليه ان يعرف الطهارة وما يتيسر من القرآن ثم تعلم الصلاة وان أدركه رمضان وجب عليه ان ينظر فى علم الصيام وان اخذه الحج وجب عليه حينئذ علمه وان كان له مال وحال عليه الحول تعين عليه علم زكاة ذلك الصنف من المال لا غير وان باع او اشترى وجب عليه علم البيوع والمصارفة وهكذا سائر الاحكام لا يجب عليه الا عند ما يتعلق به الخطاب فان قيل يضيق الوقت على نيل علم ما خوطب به فى ذلك الوقت قلنا لسنا نريد عند حلول الوقت المعين وانما نريد بقربه بحيث ان يكون له من الزمان بقدر ما يحصل ذلك العلم المخاطب به ويدخل عقيبه وقت العمل وهذا المذكور هو المراد بعلم الحال فعلم الحال بمنزلة الطعام لا بد لكل أحد منه وعلم ما يقع فى بعض الأحايين بمنزلة الدواء يحتاج اليه فى بعض الأوقات وقال فى عين العلم المراد المكاشفة فيما ورد (فضل العالم على العابد كفضلى على أمتي) إذ غيره وهو علم المعاملة تبع للعمل لثبوته شرطا له وكذا المراد المعاملة القلبية الواجبة فيما ورد (طلب العلم فريضة على كل مسلم) اى يفترض عليه علم احوال القلب من التوكل والانابة والحشية والرضى فانه واقع فى جميع الأحوال وكذلك فى سائر الأخلاق نحو الجود والبخل والجبن والجراءة والتكبر والتواضع والعفة والشره والإسراف والتقتير وغيرها ويمتنع ان يراد غير هذه المعاملات اما التوحيد فللحصول واما الصلاة فلجواز ان يتأهلها شخص وقت الضحى بالإسلام او البلوغ ومات قبل الظهر فلا يفترض عليه طلب علم تلك الصلاة فلا يستقيم العموم المستفاد من لفظة كل وكذا المراد علم الآخرة مطلقا اى مع قطع النظر عن المعاملة والمكاشفة فيما ورد (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) لئلا يفضل علماء الزمان على الصحابة فمجادلة الكلام والتعمق فى فتاوى ندر وقوعها محدث وبالجملة علم التوحيد اشرف العلوم لشرف معلومه وكل علم نافع وان كان له مدخل فى التقرب الى الله تعالى الا ان القربة التامة انما هى بالعلم الذي اختاره الصوفية المحققون على ما اعترف به الامام الغزالي رحمه الله فى منقذ الضلال. وكان المتورعون من علماء الظاهر يعترفون بفضل ارباب القلوب ويتخلفون الى مجالسهم. وسأل بعض الفقهاء أبا بكر الشبلي قدس سره اختبارا لعلمه وقال كم فى خمس من الإبل فقال اما الواجب فشاة واما عندنا فكلها لله فقال وما دليلك فيه قال ابو بكر رضى الله عنه حين خرج عن جميع ماله لله ولرسوله فمن خرج عن ماله كله فامامه ابو بكر رضى الله عنه ومن ترك بعضه فامامه عمر رضى الله عنه ومن اعطى لله ومنع لله فامامه عثمان رضى الله عنه ومن ترك الدنيا لاهلها فامامه على رضى الله عنه فكل علم لا يدل على ترك الدنيا فليس بعلم وقد قال عليه السلام (أعوذ بك من علم لا ينفع) وهو العلم الذي لا يمنع صاحبه عن المنهي ولا يجره الى المأمور به وفى كشف الاسرار [علم سه است علم خبرى وعلم الهامى وعلم غيبى. علم خبرى كوشها شنود. وعلم الهامى دلها شنود. وعلم غيبى جانها شنود. علم خبرى(8/83)
قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)
بروايت است. علم الهامى بهدايت است. علم غيبى بعنايت است. علم خبرى را كفت (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) «فقدم العلم لانه امام العمل» علم الهامى را كفت (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ) علم غيبى را كفت (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) ووراى اين همه علمى است كه وهم آدمي بدان نرسد وفهم از ان در ماند] وذلك علم الله عز وجل بنفسه على حقيقته قال الله تعالى (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) قال الشبلي قدس سره العلم خبر والخبر جحود وحقيقة العلم عندى بعد اقوال المشايخ الاتصاف بصفة الحق من حيث علمه حتى يعرف ما فى الحق وقال بعض الكبار المقامات كلها علم والعلم حجاب اى ما لم يتصل بالمعلوم ويفنى فيه وكذا الاشتغال بالقوانين والعلوم الرسمية حجاب مانع عن الوصول وذلك لان العلم الإلهي الذي يتعلق بالحقائق الالهية لا يحصل الا بالتوجه والافتقار التام وتفريغ القلب وتعريته بالكلية عن جميع المتعلقات الكونية والعلوم والقوانين الرسمية واما علم الحال فمن مقدمات السلوك فحجبه مانع لا هو نفسه وعينه ولا يدعى أحد ان العلم مطلقا حجاب وكيف يكون حجابا وهو سبب الكشف والعيان لكن لا بد من فنائه فى وجود العالم وفناء ما يقتضيه من الافتخار والتكبر والازدراء بالغير ونحوها ولكون بقائه حجابا قلما سلك العلماء بالرسوم تسأل الله سبحانه ان يزين ظواهرنا بالشرائع والاحكام وينور بواطننا بانواع العلوم والإلهام ويجعلنا من الذين يعلمون وهم الممدوحون لا من الذين لا يعلمون وهم المذمومون آمين وهو المعين قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اى قل لهم قولى هذا بعينه وفيه تشريف لهم باضافتهم الى ضمير الجلالة فان أصله يا عبادى بالياء حذفت اكتفاء بالكسرة وفى كشف الاسرار [اين خطاب با قومى است كه مراد نفس خويش بموافقت حق بدادند ورضاى الله بر هواى نفس بركزيدند تا صفت عبوديت ايشان درست كشت ورب العالمين رقم اضافت بر ايشان كشيد كه (يا عِبادِ) ومصطفى عليه السلام كفت (من مقت نفسه فى ذات الله آمنه الله من عذاب يوم القيامة) وابو يزيد بسطامى قدس سره ميكويد اگر فرداى قيامت مرا كويند كه آرزويى كن آرزوى من آنست بدوزخ اندر آيم واين نفس بر آتش عرض كنم كه در دنيا ازو بسيار پيچيدم ورنج وى كشيدم] انتهى وايضا ان أخص الخواص هم العباد الذين خلصوا من عبودية الغير من الدنيا والآخرة لكونهما مخلوقتين وآمنوا بالله الخالق ايمان الطلب شوقا ومحبة اتَّقُوا رَبَّكُمْ اى اثبتوا على تقوى ربكم لان بالايمان حصول التقوى عن الكفر والشرك او اتقوا عذابه وغضبه باكتساب طاعته واجتناب معصيته او اتقوا به عما سواه حتى تتخلصوا من نار القطيعة وتفوزوا بوصاله ونعيم جماله لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا اى عملوا الأعمال الحسنة فى هذه الدنيا على وجه الإخلاص ورأسها كلمة الشهادة فانها احسن الحسنات حَسَنَةٌ مبتدأ وخبره للذين وفى هذه الدنيا متعلق بأحسنوا وفيه اشارة الى قوله (الدنيا مزرعة الآخرة) اى حسنة ومثوبة عظيمة فى الآخرة لا يعرف كنهها وهى الجنة والشهود لان جزاء الإحسان الإحسان والإحسان ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك فالمحسن هو المشاهد وبمشاهدة الله يغيب ما سوى الله(8/84)
فلا يبقى الا هو وذلك حقيقة الإخلاص واما غير المحسن فعلى خطر لبقائه مع ما سوى الله تعالى فلا يأمن من الشرك والرياء القبيح ومن كان عمله قبيحا لم يكن جزاؤه حسنا وفى التأويلات النجمية (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) فى طلبى (فِي هذِهِ الدُّنْيا) ولا يطلبون منى غيرى حسنة اى لهم حسنة وجداني يعنى حسن الوجدان مودع فى حسن الطلب: قال الخجندي
بكوش تا بكف آرى كليد كنج وجود ... كه بى طلب نتوان يافت كوهر مقصود
تو چاكر در سلطان عشق شو چوأياز ... كه هست عاقبت كار عاشقان محمود
وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ فمن تعسر عليه التوفر على التقوى والإحسان فى وطنه فليهاجر الى حيث يتمكن فيه من ذلك كما هو سنة الأنبياء والصالحين فانه لا عذر له فى التفريط أصلا وفيه حث على الهجرة من البلد الذي يظهر فيه المعاصي وقد ورد (ان من فر بدينه من ارض الى ارض وجبت له الجنة) وانما قال بدينه احترازا عن الفرار بسبب الدنيا ولاجلها خصوصا إذا كان المهاجر اليه اعصى من المهاجر منه وفى التأويلات النجمية يشير الى حضرة جلاله انه لا نهاية لها فلا يغتر طالب بما يفتح عليه من أبواب المشاهدات والمكاشفات فيظن انه قد بلغ المقصد الأعلى والمحل الأقصى فانه لا نهاية لمقامات القرب ولا غاية لمراتب الوصول: وفى المثنوى
اى برادر بى نهايت در كهيست ... هر كجا كه ميرسى بالله مأيست
إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ الذين صبروا على دينهم فلم يتركوه للاذى وحافظوا على حدوده ولم يفرطوا فى مراعاة حقوقه لما اعتراهم فى ذلك من فنون الآلام والبلايا التي من جملتها مهاجرة الأهل ومفارقة الأوطان [والتوفية: تمام بدادن] قال فى المفردات توفية الشيء بذله وافيا كاملا واستيفاؤه تناوله وافيا. والمعنى يعطون أَجْرَهُمْ بمقابلة ما كابدوا من الصبر بِغَيْرِ حِسابٍ اى بحيث لا يحصى ويحصر وفى الحديث (انه تنصب الموازين يوم القيامة لاهل الصلاة والصدقة والحج فيوفون بها أجورهم ولا تنصب لاهل البلاء بل يصب عليهم الاجر صبا حتى يتمنى اهل المعافاة فى الدنيا ان أجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به اهل البلاء من الفضل)
تو مبين رنجورى غمديدكان ... كاندران رنجيده از بگزيدگان
هر كرا از زخمها غم بيشتر ... لطف يارش داده مرهم بيشتر
قال سفيان لما نزل (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) قال عليه السلام (رب زد لامتى) فنزل (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) فقال عليه السلام (رب زد لامتى) فنزل (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) فقال (رب زد لامتى) فنزل (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسئل النبي عليه السلام أي الناس أشد بلاء قال (الأنبياء ثم الأمثل فالامثل يبتلى الرجل على حسب دينه) فان كان فى دينه صلبا اشتد بلاؤه وان كان فى دينه ذارقة هون عليه فمازال كذلك حتى يمشى على الأرض كمن ليس له ذنب وقال صلى الله عليه(8/85)
قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)
وسلم (ان العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله فى جسده او فى ماله اوفى ولده ثم صبر على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله) وان عظم الجزاء مع عظم البلاء وان الله عز وجل إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضى فله الرضى ومن سخط فله السخط وفى عرائس البقلى وصف الله القوم بأربع خصال بالايمان والتقوى والإحسان والصبر فاما ايمانهم فهو المعرفة بذاته وصفاته من غير استدلال بالحدثان بل عرفوا الله بالله فاما تقواهم فتجريدهم أنفسهم عن الكون حتى قاموا بلا احتجاب عنه واما إحسانهم فادراكهم رؤيته تعالى بقلوبهم وأرواحهم بنعت كشف جماله واما صبرهم فاستقامتهم فى مواظبة الأحوال وكتمان الكشف الكلى وحقيقة الصبر ان لا يدعى الديمومية بعد الاتصاف بها ومعنى أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ) ارض القلوب ووسعها بوسع الحق فاذا كان العارف بهذه الأوصاف فله أجران اجر الدنيا وهو المواجيد والواردات الغريبة واجر الآخرة وهو غوصه فى بحار الآزال والآباد والفناء فى الذات والبقاء فى الصفات قال الحارث المحاسبى الصبر التهدّف لسهام البلاء وقال طاهر المقدسي الصبر على وجوه صبر منه وصبر له وصبر عليه وصبر فيه أهونه الصبر على أوامر الله وهو الذي بين الله ثوابه فقال (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ) إلخ وقال يوسف بن الحسين ليس بصابر من يتجرع المصيبة ويبدى فيها الكراهة بل الصابر من يتلذذ بصبره حتى يبلغ به الى مقام الرضى قُلْ روى ان كفار قريش قالوا للنبى عليه السلام ما يحملك على الذي أتيتنا به ألا تنظر الى ملة آبائك وسادات قومك يعبدون اللات والعزى فتأخذ بتلك الملة فقال تعالى قل يا محمد للمشركين إِنِّي أُمِرْتُ من جانبه تعالى أَنْ اى بان أَعْبُدَ اللَّهَ حال كونى مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ اى العبادة من الشرك والرياء بان يكون المقصد من العبادة هو المعبود بالحق لا غير كما فى قوله تعالى (قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ) وَأُمِرْتُ بذلك لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ من هذه الامة اى لاجل ان أكون مقدمهم فى الدنيا والآخرة لان السبق فى الدين انما هو بالإخلاص فيه فمن أخلص عدّ سابقا فاذا كان الرسول عليه السلام متصفا بالإخلاص قبل اخلاص أمته فقد سبقهم فى الدارين إذ لا يدرك المسبوق مرتبة السابق ألا ترى الى الاصحاب مع من جاء بعدهم والظاهر ان اللام مزيدة فيكون كقوله تعالى (أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) فالمعنى وأمرت ان أكون أول من اسلم من اهل زمانى لان كل نبى يتقدم اهل زمانه فى الإسلام والدعاء الى خلاف دين الآباء وان كان قبله مسلمون قال بعضهم الإخلاص ان يكون جميع الحركات فى السر والعلانية لله تعالى وحده لا يمازجه شىء وقال الجنيد قدس سره امر جميع الخلق بالعبادة وامر النبي عليه السلام بالإخلاص فيها اشارة الى ان أحدا لا يطيق تمام مقام الإخلاص سواه قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي بترك الإخلاص والميل الى ما أنتم عليه من الشرك عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ اى أخاف من عذاب يوم القيامة وهو يوم عظيم لعظمة ما فيه من الدواهي والأهوال بحسب عظم المعصية وسوء الحال وفيه زجر عن المعصية بطريق المبالغة لانه عليه السلام مع جلالة قدره إذا(8/86)
قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)
خاف على تقدير العصيان فغيره من الامة اولى بذلك ودلت الآية على ان المترتب على المعصية ليس حصول العقاب بل الخوف من العقاب فيجوز العفو عن الصغائر والكبائر: قال الصائب
محيط از چهره سيلاب كرده راه ميشويد ... چهـ انديشد كسى با عفو حق از كرد زلتها
قُلِ اللَّهَ نصب بقوله أَعْبُدُ على ما أمرت لا غيره لا استقلالا ولا اشتراكا مُخْلِصاً لَهُ دِينِي من كل شوب وهو بالاضافة لان قوله اعبد اخبار عن المتكلم بخلاف ما فى قوله مخلصا له الدين لان الاخبار فيه أمرت وما بعده صلته ومفعوله فظهر الفرقان كما فى برهان القرآن وقال الكاشفى [پاك كننده براى او كيش خود را از شرك يا خالص سازنده عمل خود را از ريا] وفى التأويلات النجمية قل الله اعبد لا الدنيا ولا العقبى واطلب بعبادتي المولى مخلصا له دينى
وكل له سؤل ودين ومذهب ... فلى انتمو سؤلى ودينى هوا كمو
ز پشت آينه روى مراد نتوان ديد ... ترا كه روى بخلق است از خدا چهـ خبر
فَاعْبُدُوا اى قد امتثلت ما أمرت به فاعبدوا يا معشر الكفار ما شِئْتُمْ ان تعبدوه مِنْ دُونِهِ تعالى. والأمر للتحديد كما فى قوله تعالى (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) قال فى الإرشاد وفيه من الدلالة على شدة الغضب عليهم ما لا يخفى كأنهم لما لم ينتهوا عما نهوا عنه أمروا به كى يحل بهم العقاب ولما قال المشركون خسرت يا محمد حيث خالفت دين آبائك قال تعالى قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ اى الكاملين فى الخسران الذي هو عبارة عن اضاعة ما يهمه وإتلاف ما لا بد منه وفى المفردات الخسران انتقاص رأس المال يستعمل فى المال والجاه والصحة والسلامة والعقل والايمان والثواب وهو الذي جعل الله الخسران المبين وهو بالفارسية [زيان: والخاسر زيانكار بگو بدرستى كه زيانكاران] الَّذِينَ [آنانند كه] فالجملة من الموصول والصلة خبران خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بالضلال واختيار الكفر لها اى أضاعوها واتلفوها إتلاف البضاعة فقوله أنفسهم مفعول خسروا وقال الكاشفى [زيان كردند در نفسهاى خود كه كمراه كشتند] وَأَهْلِيهِمْ بالضلال واختيار الكفر لهم ايضا أصله أهلين جمع اهل واهل الرجل عشيرته وذو قرابته كما فى القاموس ويفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما فى شرح المشارق لابن الملك يَوْمَ الْقِيامَةِ حين يدخلون النار بدل الجنة حيث عرضوهما للعذاب السرمدي واوقعوهما فى هلكة لاهلكة وراءها أَلا ذلِكَ الخسران هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ حيث استبدلوا بالجنة نارا وبالدرجات دركات كما فى كشف الاسرار وقال الكاشفى [بدانيد وآگاه باشيد كه آنست آن زيان هويدا كه بر هيچكس از هل موقف پوشيده نماند] وفى التأويلات النجمية الخاسر فى الحقيقة من خسر دنياه بمتابعة الهوى وخسر عقباه بارتكاب ما نهى عنه وخسر مولاه بتولي غيره ثم شرح خسرانهم بنوع بيان فقال لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ لهم خبر الظلل والضمير للخاسرين ومن فوقهم حال من ظلل والظلل جمع ظلة كغرف جمع غرقه وهى سحابه نظل وشىء كهيئة الصفة بالفارسية [سايبان] وفى كشف الاسرار ما اظلك من فوقك. والمعنى للخاسرين ظل من النار كثيرة متراكبة بعضها فوق بعض حال كون تلك الظل من فوقهم والمراد طباق وسرادقات من النار ودخانها وسمى النار ظلة لغلظها وكثافتها(8/87)
ولانها تمنع من النظر الى ما فوقهم وفيه اشعار بشدة حالهم فى النار وتهكم بهم لان الظلة انما هى للاستظلال والتبرد خصوصا فى الأراضي الحارة كأرض الحجاز فاذا كانت من النار نفسها كانت احرّ ومن تحتها اغمّ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ايضا ظُلَلٌ والمراد احاطة النار بهم من جمع جوانبهم كما قال تعالى (أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) اى فسطاطها وهو الخيمة شبه به ما يحيط بهم من النار كما سبق فى الكهف ونظير الآية قوله تعالى (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) وقوله (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) وقال بعضهم ومن تحتهم ظلل اى طباق من النار ودركات كثيرة بعضها تحت بعض هى ظلل للآخرين بل لهم ايضا عند تردّيهم فى دركاتها كما قال السدى هى لمن تحتهم ظلل وهكذا حتى ينتهى الى القعر والدرك الأسفل الذي هو للمنافقين فالظلل لمن تحتهم وهى فرش لهم وكما قال فى الاسئلة المقحمة كيف سمى ما هو الأسفل ظللا والظلال ما يكون فوقا والجواب لانها تظلل من تحتها فاضاف السبب الى حكمه ذلِكَ العذاب الفظيع هو الذي يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ فى القرآن ليؤمنوا ويحذرهم إياه بآيات الوعيد ليجتنبوا ما يوقعهم فيه وفى الوسيط يخوف الله به عباده المؤمنين يعنى ان ما ذكر من العذاب معد للكفار وهو تخويف للمؤمنين ليخافوه فيتقوه بالطاعة والتوحيد يا عِبادِ [اى بندگان من] وأصله يا عبادى بالياء فَاتَّقُونِ ولا تتعرضوا لما يوجب سخطى وهذه عظة من الله تعالى بالغة منطوية على غاية اللطف والرحمة وفيه اشارة الى ان الله تعالى خلق جهنم سوطا يسوق به عباده الى الجنة إذ ليس تحت الوجود الا ما هو مشتمل للحكمة والمصلحة فمن خاف بتخويف الله إياه من هذا الخسران فهو عبده عبدا حقيقيا ومستأهل لشرف الاضافة اليه وعن ابى يزيد البسطامي قدس سره ان الخلق يفرون من الحساب وانا اقبل عليه
فان الله تعالى لو قال لى أثناء الحساب عبدى لكفانى فعلى العاقل تحصيل العبودية وتكميلها كى يليق بخطاب الله تعالى ويكون من اهل الحرمة عند الله تعالى ألا ترى ان من خدم ملكا من الملوك يستحق الكرامة ويصير محترما عنده وهو مخلوق فكيف خدمة الخالق نقل فى آخر فتاوى الظهيرية ان الامام الأعظم أبا حنيفة رحمه الله لما حج الحجة الاخيرة قال فى نفسه لعلى لا اقدر ان أحج مرة اخرى فسأل حجاب البيت ان يفتحوا له باب الكعبة ويأذنوا له فى الدخول ليلا ليقوم فقالوا ان هذا لم يكن لاحد قبلك ولكنا نفعل ذلك لسبقك وتقدمك فى علمك واقتداء الناس كلهم بك ففتحوا له الباب فدخل فقام بين العمودين على رجل اليمنى حتى قرأ القرآن الى النصف وركع وسجد ثم قام على رجل اليسرى وقد وضع قدمه اليمنى على ظهر رجله اليسرى حتى ختم القرآن فلما سلم بكى وناجى وقال الهى ما عبدك هذا العبد الضعيف حق عبادتك ولكن عرفك حق معرفتك فهب نقصان خدمته لكمال معرفته فهتف هاتف من جانب البيت يا أبا حنيفة قد عرفت وأخلصت المعرفة وخدمت فاحسنت الخدمة فقد غفرنا لك ولمن اتبعك وكان على مذهبك الى قيام الساعة ثم ان مثل هذه العبودية ناشئة عن التقوى والخوف من الله تعالى ومطالعة هيبته وجلاله وكان عليه السلام يصلى وبصدره ازيز كازيز المرجل من البكاء. والأزيز الغليان وقيل صوته والمرجل(8/88)
وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)
قدر من نحاس كذا نقل مثل ذلك عن ابراهيم عليه السلام فحرارة هذا الخوف إذا أحاطت بظاهر الجسم وباطنه سلم الإنسان من الاحتراق وإذا مضى الوقت تعذر تدارك الحال فليحافظ على زمان الفرصة
وحشىء فرصت چوتير از چشم بيرون جسته است ... تا تو زه مى سازى اى غافل كمان خويش را
وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ [الاجتناب: با يك سو شدن] يقال اجتنبه بعد عنه. والطاغوت البالغ أقصى غاية الطغيان وهو تجاوز الحد فى العصيان فلعوت من الطغيان بتقديم اللام على العين لان أصله طغيوت بنى للمبالغة كالرحموت والعظموت ثم وصف به للمبالغة فى النعت كأن عين الشيطان طغيان لان المراد به هو الشيطان وتاؤه زائدة دون التأنيث كما قال فى كشف الاسرار التاء ليست باصلية هى فى الطاغوت كهى فى الملكوت والجبروت واللاهوت والناسوت والرحموت والرهبوت ويذكر اى الطاغوت ويؤنث كما فى الكواشي ويستعمل فى الواحد والجمع كما فى المفردات والقاموس قال الراغب وهو عبارة عن كل متعد وكل معبود من دون الله وفى القاموس الطاغوت اللات والعزى والكاهن والشيطان وكل رأس ضلال والأصنام وكل ما عبد من دون الله ومردة اهل الكتاب وقال فى كشف الاسرار كل من عبد شيأ غير الله فهو طاغ ومعبوده طاغوت وفى التأويلات النجمية طاغوت كل أحد نفسه وانما يجتنب الطاغوت من خالف هواه وعانق رضى مولاه ورجع اليه بالخروج عما سواه رجوعا بالكلية وقال سهل الطاغوت الدنيا وأصلها الجهل وفرعها المآكل والمشارب وزينتها التفاخر وثمرتها المعاصي وميراثها القسوة والعقوبة: والمعنى بالفارسية [وآنانكه بيكسو رفتند از شيطان يا بتان يا كهنه يعنى از هر چهـ بدون خداى تعالى پرستند ايشان برطرف شدند] أَنْ يَعْبُدُوها بدل اشتمال منه فان عبادة غير الله عبادة للشيطان إذ هو الآمر بها والمزين لها قال فى بحر العلوم وفيها اشارة الى ان المراد بالطاغوت هاهنا الجمع وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ واقبلوا عليه معرضين عما سواه إقبالا كليا قال فى البحر واعلم ان المراد باجتناب الطاغوت الكفر بها وبالانابة الى الله الايمان بالله كما قال تعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) وقدم اجتناب الطاغوت على الانابة الى الله كما قدم الكفر بالطاغوت على الايمان بالله على وفق كلمة التوحيد لا اله الا الله حيث قدم نفى وجود الإلهية على اثبات الالوهية لله تعالى لَهُمُ الْبُشْرى بالثواب والرضوان الأكبر على ألسنة الرسل بالوحى فى الدنيا او الملائكة عند حضور الموت وحين يحشرون وبعد ذلك وقال بعض الكبار لهم البشرى بانهم من اهل الهداية والفضل من الله وهى الكرامة الكبرى فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ فيه تصريح بكون التبشير من لسان الرسول عليه السلام وهو تبشير فى الدنيا واما تبشير الملك فتبشير فى الآخرة كما قال تعالىَ هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ)
وبالجملة تبشير الآخرة مرتب على تبشير الدنيا فمن استأهل الثاني استأهل الاول. والأصل عبادى بالياء فحذفت قيل ان الآية نزلت فى عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وطلحة والزبير حين سألوا(8/89)
أبا بكر رضى الله عنه فاخبرهم بايمانه فآمنوا حكاه المهدوى فى التكملة فيكون المعنى يستمعون القول من ابى بكر فيتبعون أحسنه وهو قول لا اله الا الله كما فى كشف الاسرار. وقال فى الإرشاد ونحوه اى فبشر فوضع الظاهر موضع ضميرهم تشريفا لهم بالاضافة ودلالة على ان مدار انصافهم بالاجتناب والانابة كونهم نقادا فى الدين يميزون الحق من الباطل ويؤثرون الأفضل فالافضل انتهى. وهذا مبنى على اطلاق القول وتعميمه جريا على الأصل يقول الفقير ويحتمل ان يكون المعنى يستمعون القول مطلقا قرآنا كان او غيره فيتبعون أحسنه بالايمان والعمل الصالح وهو القرآن لانه تعالى قال فى حقه (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) كما سيأتى فى هذه السورة وقال الراغب فى المفردات فيتبعون أحسنه اى الا بعد من الشبهة [ودر بحر الحقائق فرموده كه قول أعم است از سخن خدا وملك وانسان وشيطان ونفس. اما انسان حق وباطل ونيك وبد كويد. وشيطان بمعاصي خواند. ونفس بآرزوها ترغيب كند. وملك بطاعت دعوت نمايد. وحضرت عزت بخود خواند كما قال (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا) پس
بندگان خالص آنانند كه احسن خطاب را كه خطاب رب الأرباب است از زبان حضرت رسول استماع نموده اند پيروى كنند] وايضا ان الالف واللام فى القول للعموم فيقتضى ان لهم حسن الاستماع فى كل قول من القرآن وغيره ولهم ان يتبعوا احسن معنى يحتمل كل قول اتباع درايته والعمل به واحسن كل قول ما كان من الله او لله او يهدى الى الله وعلى هذا يكون استماع قول القوّال من هذا القبيل كما فى التأويلات النجمية وقال الكلبي يجلس الرجل مع القوم فيستمع الأحاديث محاسن ومساوى فيتبع أحسنها فيأخذ المحاسن ويحدث بها ويدع مساويها [ودر لباب كفته كه مراد از قول سخنانست كه در مجالس ومحافل كذرد واهل متابعت احسن آن اقوال اختيار ميكنند در ايشان ودر أمثال آمده] خذ ما صفا دع ما كدر
قول كس چون بشنوى در وى تأمل كن تمام ... صاف را بردار ودردى را رها كن والسلام
[وكفته اند استماع قول واتباع احسن آن عمومى دارد ومرد از قول قرآنست واحسن او محكم باشد دون منسوخ وعزيمت دون رخصت وكفته اند كه در قرآن مقابح اعدا وممادح اولياست ايشان متابعت احسن مينمايند كه مثلا طريقه موسى است عليه السلام دون سيرت فرعون] وعلى هذا وفى كشف الاسرار مثال هذا الأحسن فى الدين ان ولى القتيل إذا طالب بالدم فهو حسن وإذا عفا ورضى بالدية فهو احسن. ومن جزى بالسيئة السيئة مثلها فهو حسن وان عفا وغفر فهو احسن. وان وزن او كال فهو حسن وان أرجح فهو احسن. وان اتزن وعدل فهو حسن وان طفف على نفسه فهو احسن. وان رد السلام فقال وعليكم السلام فهو حسن وان قال وعليكم السلام ورحمة الله فهو احسن. وان حج راكبا فهو حسن وان فعله راجلا فهو احسن. وان غسل أعضاءه فى الوضوء مرة مرة فهو حسن وان غسلها ثلاثا ثلاثا فهو احسن. وان جزى من ظلمه بمثل مظلمته فهو حسن وان جازاه بحسنة فهو احسن. وان سجد او ركع ساكتا فهو جائز والجائز حسن وان فعلهما مسبحا فهو احسن. ونظير هذه(8/90)
أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19)
الآية قوله عز وجل لموسى عليه السلام (فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) وقوله (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) انتهى ما فى الكشف وهذا معنى ما قال بعضهم يستمعون قول الله فيتبعون أحسنه ويعملون بأفضله وهو ما فى القرآن من عفو وصفح واحتمال على أذى ونحو ذلك فالقرآن كله حسن وانما الأحسن بالنسبة الى الآخذ والعامل قال الامام السيوطي رحمه الله فى الإتقان اختلف الناس هل فى القرآن شىء أفضل من شىء فذهب الامام ابو الحسن الأشعري رحمه الله وبعض الائمة الاعلام الى المنع لان الجميع كلام الله ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه. وذهب آخرون من المحققين وهو الحق كلام الله فى الله أفضل من كلامه فى غيره فقل هو الله أحد أفضل من تبت يدا ابى لهب لان فيه فضيلة الذكر وهو كلام الله وفضيلة المذكور وهو اسم ذاته وتوحيده وصفاته الايجابية والسلبية وسورة تبت فيها فضيلة الذكر فقط وهو كلام الله تعالى. والاخبار الواردة فى فضائل القرآن وتخصيص بعض السور والآيات بالفضل وكثرة الثواب فى تلاوتها لا تحصى قال الامام الغزالي رحمه الله فى جوهر القرآن كيف يكون بعض الآيات والسور اشرف من بعض مع ان الكل كلام الله فاعلم نوّرك الله بنور البصيرة وقلد صاحب الرسالة عليه السلام فهو الذي انزل عليه القرآن وقال (پس قلب القرآن: وفاتحة الكتاب سور القرآن: وآية الكرسي سيدة القرآن: وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن) ومن توقف فى تعديل الآيات أول قوله عليه السلام أفضل سورة وأعظم سورة أراد فى الاجر والثواب لا ان بعض القرآن أفضل من بعض فالكل فى فضل الكلام واحد والتفاوت فى الاجر لافى كلام الله من حيث هو كلام الله القديم القائم بذاته واعلم ان استماع القول عند العارفين يجرى فى كل الأشياء فالحق تعالى يتكلم بكل لسان من العرش الى الثرى ولا يتحقق بحقيقة سماعه الا اهل الحقيقة وعلامة سماعهم انقيادهم الى كل عمل مقرب الى الله من جهة التكليف المتوجه على الاذن من امر او نهى كسماعه للعلم والذكر والثناء على الحق تعالى والموعظة الحسنة والقول الحسن والتصامم عن سماع الغيبة والبهتان والسوء من القول والخوض فى آيات الله والرفث والجدال وسماع القيان وكل محرم حجر الشارع عليه سماعه فاذا كان كذلك كان مفتوح الاذن الى الله تعالى: وفى المثنوى
پنبه آن كوش سر كوش سراست ... تا نكردد اين كران باطن كراست
وللفقير
پنبه بيرون آر از كوش دلت ... ميرسد تا صوت از هر بلبلت «1»
أُولئِكَ المنعوتون بالمحاسن الجميلة وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ للدين الحق والاتصاف بمحاسنه وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ اصحاب العقول السليمة من معارضة الوهم ومنازعة الهوى المستحقون للهداية لا غيرهم وفى الكلام دلالة على ان الهداية تحصل بفعل الله تعالى وقبول النفس لها يعنى ان لكسب العبد مدخلا فيها بحسب جرى العادة وفيه اشارة الى ان أولئك القوم هم الذين عبروا عن قشور الأشياء ووصلوا الى الباب حقائقها أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ بيان لاحوال العبدة الطاغوت
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان دفع كردون وزير سوهان إلخ(8/91)
لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)
بعد بيان احوال المجتنبين عنها. والهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء للعطف على محذوف دل عليه الكلام ومن شرطية والمفهوم من كشف الاسرار وتفسير الكاشفى كونها موصولة وحق بمعنى وجب وثبت وكلمة العذاب قوله تعالى لابليس (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) وكررت الهمزة فى الجزاء لتأكيد الإنكار والفاء فيه فاء الجزاء ثم وضع موضع الضمير من فى النار لمزيد تشديد الإنكار والاستبعاد والتنبيه على ان المحكوم عليه بالعذاب بمنزلة الواقع فى النار وان اجتهاده عليه السلام فى دعائهم الى الايمان سعى فى إنقاذهم من النار اى تخليصهم فان الانقاذ التخليص من ورطة كما فى المفردات. والمعنى أأنت يا محمد مالك امر الناس فمن حق اى وجب وثبت عليه من الكفار عدلا فى علم الله تعالى كلمة العذاب فانت تنقذه فالآية جملة واحدة من شرط وجزاء: وبالفارسية [آيا هر كسى يا آنكسى كه واجب شد برو كلمه وعيد آيا تو اى محمد مى رهانى آنرا كه در دوزخ باشد يعنى ميتوانى كه او را مؤمن سازى واز عذاب باز رهانى يعنى اين كار بدست تو نيست كه دوزخيانرا باز رهانى همچوابو لهب و پسرش عقبه وغير آن] . وفيه اشارة الى ان من حق عليه فى القسمة الاولى ان يكون مظهرا لصفات قهره الى الابد لا ينفعه شفاعة الشافعين ولا يخرجه من جهنم سخط الله وطرده وبعده جميع الأنبياء والمرسلين وانما الشفاعة للمؤمنين بدليل قوله تعالى (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) وحيث كان المراد بمن فى النار الذين قيل فى حقهم (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) استدرك بقوله تعالى لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ [ليكن آنانكه بترسيدند از عذاب پروردگار خويش وبايمان وطاعت متصف شدند] وفى التأويلات النجمية (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ) اليوم عن الشرك والمعاصي والزلات والشهوات وعبادة الهوى والركون الى غير المولى فقد انقذهم الله تعالى فى القسمة الاولى من ان يحق عليهم كلمة العذاب وحق عليهم ان يكونوا مظهر صفات لطقه الى الابد لَهُمْ غُرَفٌ [منزلهاى بلندتر در بهشت] اى بحسب مقاماتهم فى التقوى جمع غرفة وهى علية من البناء وسمى منازل الجنة غرفا كما فى المفردات مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ اى لهم علالى بعضها فوق بعض بين ان لهم درجات عالية فى جنات النعيم بمقابلة ما للكفرة من دركات سافلة فى الجحيم مَبْنِيَّةٌ تلك الغرف الموصوفة بناء المنازل على الأرض فى الرصانة والاحكام قال سعدى المفتى الظاهر ان فائدة هذا الوصف تحقيق الحقيقة وبيان كون الغرف كالظلل حيث أريد بها المعنى المجازى على الاستعارة التهكمية وفى بحر العلوم مبنية ببيت من زبرجد وياقوت ودرّ وغير ذلك من الجواهر وفى كشف الاسرار مبنية: يعنى [بخشت زرين وسيمين برآورده] وفيه اشارة بانها مبنية بايدى اعمال العاملين واحوال السالكين تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اى من تحت تلك الغرف المنخفضة والمرتفعة الْأَنْهارُ الاربعة من غير تفاوت بين العلو والسفل وَعْدَ اللَّهِ مصدر مؤكد لان قوله لهم غرف فى معنى الوعد اى وعدهم الله تلك الغرف والمنازل وعدا لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ لان الخلف نقص وهو على الله محال [والأخلاف: وعده خلاف دادن] والميعاد بمعنى الوعد وفى التأويلات النجمية وعد الله الذي وعد التائبين بالمغفرة والمطيعين بالجنة(8/92)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21) أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (26)
والمشتاقين بالرؤية والعاشقين الصادقين بالقربة والوصلة لا يخلف الله الميعاد. يعنى إذا لم يقع لهم فترة فلا محالة يصدق وعده وإذا وقع لهم ذلك فلا يلومن الا أنفسهم وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال (ان اهل الجنة ليتراءون اهل الغرف من فوقهم) المراد من أهلها اصحاب المنازل الرفيعة وتراءى القوم الهلال رأوه بأجمعهم ومنه الحديث (كما يتراءون الكوكب الدرّى الغابر فى الأفق من المشرق والمغرب) الغابر الباقي يعنى يرى التباعد بين اهل الغرف وسائر اصحاب الجنة كالتباعد المرئي بين الكوكب ومن فى الأرض وانهم يضيئون لاهل الجنة اضاءة الكوكب الدري (لتفاضل ما بينهم) يعنى يرى اهل الغرف كذلك لتزايد درجاتهم على من سواهم قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال (بلى والذي نفسى بيده رجال) يعنى يبلغها رجال وانما قرن القسم ببلوغ غيرهم لما فى وصول المؤمنين لمنازل الأنبياء من استبعاد السامعين (آمنوا بالله وصدقوا المرسلين) وفيه بشارة واشارة الى ان الداخلين مداخل الأنبياء من مؤمنى هذه الامة لانه قال وصدقوا المرسلين وتصديق جميع الرسل انما صدر منهم لا ممن قبلهم من الأمم وفى الحديث (من يدخل الجنة ينعم ولا ييأس لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه) قوله ينعم بفتح الياء والعين اى يصيب نعمة وقوله ولا ييأس بفتح الهمزة اى لا يفتقر وفى بعض النسخ بضمها اى لا يرى شدة قوله لا تبلى بفتح حرف المضارعة واللام أَلَمْ تَرَ [آيا نمى بينى يا محمد] او يا ايها الناظر أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ من تحت العرش ماءً هو المطر- روى- عن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال (المياه العذبة والرياح اللواقح من تحت صخرة بيت المقدس) يعنى كل ماء فى الأرض نهرا او غيره فهو من السماء ينزل منها الى الغيم ثم منه الى الصخرة يقسمه الله بين البقاع فَسَلَكَهُ يقال سلك المكان وسلك غيره فيه واسلكه ادخله فيه اى فادخل ذلك الماء ونظمه يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ اى عيونا ومجارى كالعروق فى الأجساد فقوله (يَنابِيعَ) نصب بنزع الخافض وقد ذكر الخافض فى قوله (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) وقوله (فِي الْأَرْضِ) بيان لمكان الينابيع كقولك لصاحبك ادخل الماء فى جدول المبطخة فى البستان وفيه ان ماء العين هو المطر يحبسه فى الأرض ثم يخرجه شيأ فشيأ فالينابيع جمع ينبوع وهو يفعول من نبع الماء ينبع نبعا مثلثة ونبوعا خرج من العين والينبوع العين التي يخرج منها الماء والينابيع الامكنة التي ينبع ويخرج منها الماء ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ [پس بيرون مى آرد بدان آب] زَرْعاً هو فى الأصل مصدر بمعنى الإنبات عبر به عن المزروع اى مزروعا مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ اصنافه من بر وشعير وغيرهما وكيفياته من الألوان والطعوم وغيرهما. وكلمة ثم للتراخى فى الرتبة او الزمان وصيغة المضارع لاستحضار الصورة قال فى المفردات اللون معروف وينطوى على الأبيض والأسود وما يركب منهما ويقال تلوّن إذا اكتسى لونا غير اللون الذي كان له ويعبر بالألوان عن الأجناس والأنواع يقال فلان اتى بألوان من الأحاديث وتناول كذا لونا من الطعام انتهى ثُمَّ يَهِيجُ اى يتم جفافه حين حان له ان يثور عن منبته يقال هاج يهيج هيجا وهيجانا وهياجا بالكسر ثار وهاج النبت(8/93)
أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22)
يبس كما فى القاموس: وبالفارسية [پس خشك ميشود آن مزروع] فَتَراهُ مُصْفَرًّا من يبسه بعد خضرته ونضرته: وبالفارسية [پس مى بينى آنرا زرد شده بعد از تازگى وسبزى] قال الراغب الصفرة لون من الألوان التي بين السواد والبياض وهى الى البياض اقرب ولذلك قد يعبر بها عن السواد ثُمَّ يَجْعَلُهُ اى الله تعالى حُطاماً فتاتا متكسرا كأن لم يغن بالأمس: وبالفارسية [ريزه ريزه ودرهم شكسته] يقال تحطم العود إذا تفتت من اليبس ولكون هذه الحالة من الآثار القوية علقت بجعل الله تعالى كالاخراج إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور مفصلا لَذِكْرى لتذكيرا عظيما [والتذكير: ياد دادن] لِأُولِي الْأَلْبابِ لاصحاب العقول الخالصة من شوائب الخلل وتنبيها لهم على حقيقة الحال يتذكرون بذلك ان حال الحياة الدنيا فى سرعة التقضي والانصرام كما يشاهدونه من حال الحطام كل عام فلا يغترون ببهجتها ولا يفتنون بفتنها
بود حال دنيا چوآن سبزه زار ... كه پس تازه بينى بفصل بهار
چوبروى وزد تند باد خزان ... يكى برگ سبزى نيابى از آن
قال فى كشف الاسرار الاشارة فى هذه الآية الى ان الإنسان يكون طفلا ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا ثم يصير الى أرذل العمر ثم آخره يخترم ويقال ان الزرع ما لم يؤخذ منه الحب الذي هو المقصود منه لا يكون له قيمة كذلك الإنسان ما لم يخل من نفسه لا يكون له قدر ولا قيمة وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (أَلَمْ تَرَ) إلخ الى إنزال ماء الفيض الروحاني من سماء القلب (فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ) الحكمة (فِي الْأَرْضِ) البشرية (ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً) من الأعمال البدنية (مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) من الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد (ثُمَّ يَهِيجُ) إلخ يشير الى اعمال المرائى تراها مخضرة على وفق الشرع ثم تجف من آفة العجب والرياء (فَتَراهُ مُصْفَرًّا) لا نور له (ثُمَّ يَجْعَلُهُ) من رياح القهر أذهبت عليه (حُطاماً) لا حاصل له الا الحسرة وقوله (إِنَّ فِي ذلِكَ) إلخ اشارة الى ان السالك إذا جرى على مقتضى عقله وعلمه يظهر منه آثار الاجتهاد ثم إذا ترقى الى مقام المعرفة تضمحل منه حالته الاولى ثم إذا بدت أنوار التوحيد استهلكت الجملة كما قالوا
فلما استبان الصبح أدرج ضوءه ... بانواره أنوار تلك الكواكب
فالتوحيد كالشمس ونورها فكما انه بنور الشمس تضمحل أنوار الكواكب فكذا بنور التوحيد تتلاشى أنوار العلوم والمعارف ويصير حالها الى الأفول والفناء ويظهر حال اخرى من عالم البقاء أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء للعطف على محذوف ومن شرطية او موصولة وخبرها محذوف دل عليه ما بعده. واصل الشرح بسط اللحم ونحوه يقال شرحت اللحم وشرحته ومنه شرح الصدر بنور الهى وسكينة من جهته تعالى وروح منه كما فى المفردات قال فى الإرشاد شرح الصدر للاسلام عبارة عن تكميل الاستعداد له فان الصدر بالفارسية [سينه] محل القلب الذي هو منبع للروح التي تتعلق بها النفس القابلة للاسلام فانشراحه مستدع لاتساع القلب واستضاءته(8/94)
بنوره فهذا شرح قبل الإسلام لا بعده والمعنى أكل الناس سواء فمن بالفارسية [پس هر كسى ويا آنكس كه] (شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ) اى خلقه متسع الصدر مستعدا للاسلام فبقى على الفطرة الاصلية ولم يتغير بالعوارض المكتسبة القادمة فيها فَهُوَ بموجب ذلك مستقر عَلى نُورٍ عظيم مِنْ رَبِّهِ وهو اللطف الإلهي الفائض عليه عند مشاهدة الآيات التكوينية والتنزيلية والتوفيق للاهتداء بها الى الحق كمن قسا قلبه وحرج صدره بسبب تبديل فطرة الله بسوء اختياره واستولت عليه ظلمات الغى والضلالة فاعرض عن تلك الآيات بالكلية حتى لا يتذكر بها ولا يغتنمها كقوله تعالى (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) يعنى ليس من هو على نور كمن هو على ظلمة فلا يستويان كما لا يستوى النور والظلمة والعلم والجهل واعلم انه لا نور ولا سعادة لمسلم الا بالعلم والمعرفة ولكل واحد من المؤمنين معرفة تختص به وانما تتفاوت درجاتهم بحسب تفاوت معارفهم والايمان والمعارف أنوار فمنهم من يضىء نوره جميع الجهات ومنهم من لا يضىء نوره الا موضع قدميه فايمان آحاد العوام نوره كنور الشمع وبعضهم نوره كنور السراج وايمان الصديقين نوره كنور القمر والنجوم على تفاوتها واما الأنبياء فنور ايمانهم كنور الشمس وأزيد فكما ينكشف فى نورها كل الآفاق مع اتساعها ولا ينكشف فى نور الشمع الا زاوية ضيقة من البيت كذلك يتفاوت انشراح الصدور بالمعارف وانكشاف سعة الملكوت لقلوب المؤمنين ولهذا جاء فى الحديث (انه يقال يوم القيامة اخرجوا من النار من فى قلبه مثقال من الايمان ونصف مثقال وربع مثقال وشعيرة وذرة) ففيه تنبيه على تفاوت درجات الايمان وبقدره تظهر الأنوار يوم القيامة فى المواقف خصوصا عند المرور على الصراط فَوَيْلٌ [پس شدت عذاب] لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ القسوة غلظ القلب وأصله من حجر قاس والمقاساة معالجة ذلك ومن اجلية وسببية كما فى قوله تعالى (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) والمعنى من أجل ذكره الذي حقه ان تنشرح له الصدور وتطمئن به القلوب اى إذا ذكر الله تعالى عندهم وآياته اشمأزوا من اجله وازدادت قلوبهم قساوة كقوله تعالى (فَزادَتْهُمْ رِجْساً) وقرئ عن ذكر الله اى فويل للذين غلظت قلوبهم عن قبول ذكر الله وعن مالك بن دينار رحمه الله ما ضرب عبد بعقوبة أعظم
من قسوة قلبه وما غضب الله على قوم الا نزع منهم الرحمة وقال الله تعالى لموسى عليه السلام فى مناجاته يا موسى لا تطل فى الدنيا املك فيقسو قلبك والقلب القاسي منى بعيد وكن خلق الثياب جديد القلب تخف على اهل الأرض وتعرف فى اهل السماء وفى الحديث (تورث القسوة فى القلب ثلاث خصال حب الطعام وحب النوم وحب الراحة) وفى كشف الاسرار [بدانكه اين قسوة دل از بسيارى معصيت خيزد عائشه صديقه رضى الله عنها كويد أول بدعتى كه بعد از رسول خدا در ميان خلق پديد آمد سيرى بود.
ذون مصرى رحمه الله كويد هركز سير نخوردم كه نه معصيتى كردم. شبلى رحمه الله كفت هيچ وقت كرسنه نه نشستم كه در دل خود حكمتى وعبرتى تازه يافتم] وفى الحديث (أفضلكم عند الله أطولكم جوعا وتفكرا وأبغضكم الى الله كل أكول شروب نؤوم كلوا(8/95)
واشربوا فى انصاف البطون فانه جزؤ من النبوة) : قال الشيخ سعدى
باندازه خور زاد اگر آدمي ... چنين پر شكم آدمي يا خمى
درون جاى قوتست وذكر نفس ... تو پندارى از بهر نانست وبس
ندارند تن پروران آگهى ... كه پر معده باشد ز حكمت تهى
أُولئِكَ البعداء الموصوفون بما ذكر من قساوة القلب: وبالفارسية [آن كروه غافلان وسنكدلان] فِي ضَلالٍ بعيد عن الحق مُبِينٍ ظاهر كونه ضلالا للناظر بأدنى نظر: يعنى [ضلالت ايشان بر هر كه اندك فهمى دارد ظاهر است] واعلم ان الآية عامة فيمن شرح صدره للاسلام بخلق الايمان فيه وقيل نزلت فى حمزة بن عبد المطلب وعلى بن ابى طالب رضى الله عنهما وابى لهب وولده. فحمزة وعلى ممن شرح الله صدره للاسلام. وابو لهب وولده من الذين قست قلوبهم فالرحمة للمشروح صدره والغضب للقاسى قلبه- روى- فى الخبر انه لما نزلت هذه الآية قالوا كيف ذلك يا رسول الله يعنى ما معنى شرح الصدر قال (إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح) فقيل ما علامة ذلك قال (الانابة الى دار الخلود) يعنى التوجه للآخرة (والتجافي عن دار الغرور) [يعنى پرهيز كردن از دنيا] (والتأهب للموت قبل نزوله) [وعزيزى درين معنا فرموده است] .
نشان آن دلى كز فيض ايمانست نورانى ... توجه باشد أول سوى دار الملك روحانى
ز دنيا روى كردانيدن وفكر أجل كردن ... كه چون مرگ اندر آيد خوش توان مردن بآسانى
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الايمان نور ينوّر الله به مصباح قلوب عباده المؤمنين والإسلام ضوء نور الايمان تستضيء به مشكاة صدورهم ففى الحقيقة من شرح الله صدره بضوء نور الإسلام فهو على نور من نظر عناية ربه. ومن امارات ذلك النور محو آثار ظلمات الصفات الذميمة النفسانية من حب الدنيا وزينتها وشهواتها واثبات حب الآخرة والأعمال الصالحة والتحلية بالأخلاق الكريمة الحميدة قال تعالى (يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) ومن اماراته ان تلين قلوبهم لذكر الله فتزداد أشواقهم الى لقاء الله تعالى وجواره فيسأمون من محن الدنيا وحمل أثقال أوصاف البهيمية والسبعية والشيطانية فيفرون الى الله ويتنورون بانوار صفاته منها نور اللوائح بنور العلم ثم نور اللوامع ببيان الفهم ثم نور المحاضرة بزوائد اليقين ثم نور المكاشفة بتجلى الصفات ثم نور المشاهدة بظهور الذات ثم أنوار جلال الصمدية بحقائق التوحيد فعند ذلك لا وجد ولا وجود ولا قصد ولا مقصود ولا قرب ولا بعد ولا وصال ولا هجران ان كل شىء هالك الا وجهه كلا بل هو الله الواحد القهار
جامى مكن انديشه ز نزديكى ودورى ... لا قرب ولا بعد ولا وصل ولا بين
قال الواسطي نور الشرح منحة عظيمة لا يحتمله أحد الا المؤيدون بالعناية والرعاية فان العناية تصون الجوارح والأشباح والرعاية تصون الحقائق والأرواح وفى كشف الاسرار [بدان كه دل آدمي را چهار پرده است. پرده أول صدر است مستقر عهد اسلام كقوله تعالى (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) . پرده دوم قلب است محل نور ايمان كقوله تعالى (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) .(8/96)
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)
پرده سوم فؤادست سراپرده مشاهده حق كقوله تعالى (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) . پرده چهارم شفافست محبط رحل عشق كقوله تعالى (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) رب العالمين چون خواهد كه رميده را بكمند لطف در راه دين خويش كشد أول نظرى كند بصد روى تا سينه وى از هوى وبدعتها پاك كردد وقدم وى بر جاده سنت مستقيم شود پس نظر كند بقلب وى تا از آلايش دنيا واخلاق نكوهيده چون عجب وحسد وكبر وريا وحرص وعداوت ورعونت پاك كردد ودر راه ورع روان شود پس نظرى كند بفؤاد وى واو را از خلائق وعلائق باز برده چشمه علم وحكمت در دل وى كشايد نور هدايت تحفه نطفه وى كرداند چنانكه كفت (فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) پس نظرى كند بشغاف وى واو را از آب وكل باز برد قدم در كوى فنا نهد ونور بر سه قسم است يكى بر زبان ويكى در دل ويكى در تن. نور زبان توحيد است وشهادت. ونور تن خدمت است وطاعت. ونور دل شوق است ومحبت. نور زبان بجنت رساند لقوله تعالى (فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ) . نور تن بفردوس رساند لقوله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا) . نور دل بلقاى دوست رساند] لقوله (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) وفى الحديث (ان لاهل النعم اعداء فاحذروهم) قال بعضهم وأجل النعم على العبد نعمة الإسلام وعدوها إبليس فاحفظ هذه النعمة وسائر النعم واحذر من النسيان والقسوة والكفران قال الحسين النوري رحمه الله قسوة القلب بالنعم أشد من قسوته بالشدة فانه بالنعمة يسكن وبالشدة يذكر وقال من همّ بشىء مما اباحه العلم تلذذا عوقب بتضييع العمر وقسوة القلب فليبك على نفسه من صرف عمره وضيع وقته ولم يدرك مراتب المنشرحين صدورهم وبقي مع القاسين قلوبهم نسألك اللهم الحفظ والعصمة اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ هو القرآن الكريم الذي لا نهاية لحسنه ولا غاية لجمال نظمه وملاحة معانيه وهو احسن مما نزل على جميع الأنبياء والمرسلين وأكمله وأكثره احكاما. وايضا احسن الحديث لفصاحته واعجازه. وايضا لانه كلام الله وهو قديم وكلام غيره مخلوق محدث. وايضا لكونه صدقا كله الى غير ذلك سمى حديثا لان النبي عليه السلام كان يحدّث به قومه ويخبرهم بما ينزل عليه منه فلا يدل على حدوث القرآن فان الحديث فى عرف العامة الخبر والكلام قال فى المفردات كل كلام يبلغ الإنسان من جهة السمع او الوحى فى يقظته او منامه يقال له حديث- روى- ان اصحاب رسول الله عليه السلام ملوا ملة فقالوا له عليه السلام حدثنا حديثا او لو حدثتنا: يعنى [چهـ شود كه براى ما سخنى فرمايند وكام طوطيان أرواح مستمعان را بحديث ازل شكر بار وشيرين كردانند سرمايه حيات ابد اهل ذوق را در يك حكايت از لب شكر فشان يست] فنزلت هذه الآية. والمعنى ان فيه مندوحة عن سائر الأحاديث كِتاباً بدل من احسن الحديث مُتَشابِهاً معانيه فى الصحة والاحكام والابتناء على الحق والصدق واستتباع منافع الخلق فى المعاد والمعاش وتناسب ألفاظه فى الفصاحة وتجاوب نظمه فى الاعجاز مَثانِيَ صفة اخرى لكتابا ووصف الواحد وهو(8/97)
الكتاب بالجمع وهو المثاني باعتبار تفاصيله كما يقال القرآن سور وآيات والإنسان عروق وعظام واعصاب وهو جمع مثنى بضم الميم وتشديد النون بمعنى مردد ومكرر لما ثنى من قصصه وانبائه وأحكامه وأوامره ونواهيه ووعده ووعيده ومواعظه او لانه ثنى فى التلاوة فلا يمل كما جاء فى نعته لا يخلق على كثرة الترداد اى لا يزول رونقه ولذة قراءته واستماعه من كثرة ترداده على ألسنة التالين وتكراره على آذان المستمعين وأذهان المتفكرين على خلاف ما عليه كلام المخلوق وفى القصيدة البردية
فلا تعد ولا تحصى عجائبها ... ولا تسام على الإكثار بالسأم
اى لا تقابل آيات القرآن مع الإكثار بالملال وفى المفردات وسمى سور القرآن مثانى لانها تثنى على مرور الأيام وتكرر فلا تدرس ولا تنقطع دروس سائر الأشياء التي تضمحل وتبطل على مرور الأيام وانما تدرس الأوراق كما روى ان عثمان رضى الله عنه حرق مصحفين لكثرة قراءته فيهما.
ويصح ان يقال للقران مثانى لما يثنى ويتجدد حالا فحالا من فوائده كما جاء فى نعته ولا تنقضى عجائبه. ويجوز ان يكون ذلك من الثناء تنبيها على انه ابدا يظهر منه ما يدعو الى الثناء عليه وعلى من يتلوه ويعلمه ويعمل به وعلى هذا الوجه وصفه بالكرم فى قوله (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) وبالمجد فى قوله (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) او هو جمع مثنى بفتح الميم واسكان الثاء مفعل من الثنية بمعنى التكرير والاعادة كما فى قوله تعالى (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) اى كرة بعد كرة او جمع مثنى بضم الميم وسكون الثاء وفتح النون اى مثنى عليه بالبلاغة والاعجاز حتى قال بعضهم لبعض ألا سجدت لفصاحته ويجوز ان يكون بكسر النون اى مثن علىّ بما هو اهله من صفاته العظمى قال ابن بحر لما كان القرآن مخالفا لنظم البشر ونثرهم حول أسماءه بخلاف ما سموا به كلامهم على الجملة والتفصيل فسمى جملته قرآنا كما سموا ديوانا وكما قالوا قصيدة وخطبة ورسالة قال سورة وكما قالوا بيت قال آية وكما سميت الأبيات لاتفاق أواخرها قوافى سمى الله القرآن لاتفاق خواتيم الآي فيه مثانى وفى التأويلات النجمية القرآن كتاب متشابه فى اللفظ مثانى فى المعنى من وجهين. أحدهما ان لكل لفظ منه معانى مختلفة بعضها يتعلق بلغة العرب وبعضها يتعلق بإشارات الحق وبعضها يتعلق باحكام الشرع كمثل الصلاة فان معناها فى اللغة الدعاء وفى احكام الشرع عبارة عن هيآت واركان وشرائط وحركات مخصوصة بها وفى اشارة الحق تعالى هى الرجوع الى الله كما جاء روحه من الحضرة بالنفخة الخاصة الى القالب فانه عبر على القيام الذي يتعلق بالسماوات ثم على الركوع الذي يتعلق بالحيوانات ثم على السجود الذي يتعلق بالنباتات ثم على التشهد الذي يتعلق بالمعادن فبالصلاة يشير الله عز وجل الى رجوع الروح الى حضرة ربه على طريق جاء منها ولهذا قال النبي عليه السلام (الصلاة معراج المؤمن) . والوجه الثاني ان لكل آية تشبها بآية اخرى من حيث صورة الألفاظ ولكن المعاني والإشارات والاسرار والحقائق مثانى فيها الى ما لا ينتهى والى هذا يشير بقوله (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً) الآية تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ استئناف مسوق(8/98)
لبيان آثاره الظاهرة فى سامعيه بعد بيان أوصافه فى نفسه وتقرير كونه احسن الحديث يقال اقشعر جلده أخذته قشعريرة اى رعدة كما فى القاموس. والجلد قشر البدن كما فى المفردات وقال بعضهم اصل الاقشعرار تغير كالرعدة يحدث فى جلد الإنسان عند الوجل والخوف وفى الإرشاد الاقشعرار التقبض يقال اقشعر الجلد إذا تقبض تقبضا شديدا وتركيبه من القشع وهو الأديم اليابس قد ضم اليه الراء ليكون باعثا ودالا على معنى زائد يقال اقشعر جلده ووقف شعره إذا عرض له خوف شديد من منكر حائل دهمه بغتة. والمراد اما بيان افراط خشيتهم بطريق التمثيل والتصوير او بيان حصول تلك الحالة وعروضها لهم بطريق التحقيق وهو الظاهر إذ هو موجود عند الخشية محسوس يدركه الإنسان من نفسه وهو يحصل من التأثر القلبي فلا ينكر. والمعنى انهم إذا سمعوا بالقرآن وقوارع آيات وعيده أصابتهم هيبة وخشية تقشعر منها جلودهم اى يعلوها قشعريرة ورعدة: وبالفارسية [لرزد ازو يعنى از خوف وعيد كه در قرآنست پوستها بر تنهاى آنانكه مى ترسند از پروردگار خود] ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ اللين ضد الخشونة ويستعمل ذلك فى الأجسام ثم يستعار للخلق ولغيره من المعاني. والجلود عبارة عن الأبدان والقلوب عن النفوس كما فى المفردات اى ثم إذا ذكروا رحمة الله وعموم مغفرته لانت أبدانهم ونفوسهم وزال عنها ما كان بها من الخشية والقشعريرة بان تبدلت خشيتهم رجاء ورهبتهم رغبة: وبالفارسية [پس نرم ميشود وآرام ميكيرد پوستها ودلهاى ايشان بسوى ياد كردن رحمت ومغفرت] وتعدية اللين بالى لتضمنه معنى السكون والاطمئنان كأنه قيل تسكن وتطمئن الى ذكر الله لينة غير منقبضة راجية غير خاشعة او تلين ساكنة مطمئنة الى ذكر الله على ان المتضمن بالكسر يقع حالا من المتضمن بالفتح. وانما اطلق ذكر الله ولم يصرح بالرحمة إيذانا بانها أول ما يخطر بالبال عند ذكره تعالى فان قلت لم ذكرت الجلود وحدها اولا ثم قرنت بها القلوب ثانيا قلت لتقدم الخشية التي هى من عوارض
القلوب فكأنه قيل تقشعر جلودهم من آيات الوعيد وتخشى قلوبهم من أول وهلة فاذا ذكروا الله ومبنى امره على الرأفة والرحمة استبدلوا بالخشية رجاء فى قلوبهم وبالقشعريرة لينا فى جلودهم. فالجملتان اشارة الى الخوف والرجاء او القبض والبسط او الهيبة والانس او التجلي والاستتار قال النهر جورى رحمه الله وصف الله بهذه الآية سماع المريدين وسماع العارفين وقال سماع المريدين بإظهار الحال عليهم وسماع العارفين بالاطمئنان والسكون فالاقشعرار صفة اهل البداية واللين صفة اهل النهاية وعن شهر بن حوشب قالت أم الدرداء رضى الله عنها انما الوجل فى قلب الرجل كاحتراق السعفة أما تجد إلا قشعريرة قلت بلى قالت فادع الله فان الدعاء عند ذلك مستجاب وذلك لانجذاب القلب الى الملكوت وعالم القدس واتصاله بمقام الانس ذلِكَ الكتاب الذي شرح أحواله هُدَى اللَّهِ [راه نمودن خداست يعن ارشاديست مر خلق را از خداى] يَهْدِي بِهِ [راه بنمايد بوى] مَنْ يَشاءُ ان يهديه من المؤمنين المتقين كما قال هُدىً لِلْمُتَّقِينَ لصرف مقدوره الى الاهتداء بتأمله فيما فى تضاعيفه من الشواهد الخفية ودلائل كونه من عند الله وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ(8/99)
اى يخلق فيه الضلالة لصرف قدرته الى مباديها واعراضه عما يرشده الى الحق بالكلية وعدم تأثره بوعده ووعيده أصلا فَما لَهُ مِنْ هادٍ يخلصه من ورطة الضلال وفى التأويلات النجمية (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ) بان يكله الى نفسه وعقله ويحرمه من الايمان بالأنبياء ومتابعتهم (فَما لَهُ مِنْ هادٍ) من براهين الفلاسة والدلائل العقلية: قال المولى الجامى قدس سره
خواهى بصوب كعبه تحقيق ره برى ... پى برده مقلد كم كرده ره مرو
وفى كشف الاسرار [يكى از صحابه روزى بآن مهتر عالم عليه السلام كفت يا رسول الله چرا رخساره ما در استماع قرآن سرخ ميكردد وآن منافقان سياه كفت زيرا كه قرآن نوريست ما را مى افروزد وايشانرا ميسوزد] يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا: قال الخجندي قدس سره
دل از شنيدن قرآن بگيردت همه وقت ... چوباطلان ز كلام حقت ملولى چيست
وفى الآية لطائف منها انه لما عقب احسنية القرآن بكونه متشابها ومثانى رتب عليه اقشعرار جلود المؤمنين ايماء الى ان ذلك انما يحصل بكونه مرددا ومكررا لان النفوس انفر شىء من حديث الوعظ والنصيحة واكثر جمودا واباء عنه فلا تلين شكيمتها ولا تنقاد طبيعتها الا ان يلقى إليها النصائح عودا بعد بدء ولهذا كان عليه السلام يكرر وعظه ثلاثا او سبعا ومنها ان الاقشعرار امر مستجلب للرحمة قال عليه السلام (إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه) اى تساقطت (كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها) وعنه عليه السلام (إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله حرمه الله على النار) ولما اتخذ الله ابراهيم خليلا القى فى قلبه الوجل حتى ان خفقان قلبه يسمع من بعيد كما يسمع خفقان الطير فى الهواء قال مسروق ان المخافة قبل الرجاء فان الله تعالى خلق جنة ونارا فلن تخلصوا الى الجنة حتى تمروا بالنار ومنها ان غاية ما يحصل للعابدين من الأحوال المذكورة فى هذه الآية من الاقشعرار والخشية والاطمئنان قال قتادة هذا نعت اولياء الله نعتهم بان تقشعر جلودهم وتطمئن قلوبهم ولم ينعتهم بذهاب عقلهم والغشيان عليهم وانما ذلك فى اهل البدع وهو من الشيطان وعن عبد الله بن عبد الله ابن الزبير قال قلت لجدتى اسماء بنت ابى بكر رضى الله عنه كيف كان اصحاب رسول الله يفعلون إذا قرئ عليهم القرآن قالت كانوا كما نعتهم الله تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم قال فقلت لها ان ناسا اليوم إذا قرئ عليهم القرآن خر أحدهم مغشيا عليه فقالت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم- وروى- ان ابن عمر رضى الله عنهما مر برجل من اهل العراق ساقط فقال ما بال هذا قالوا انه إذا قرئ عليه القرآن او سمع ذكر الله سقط فقال ابن عمر رضى الله عنه انا لنخشى الله وما نسقط وقال ابن عمر رضى الله عنهما ان الشيطان يدخل فى جوف أحدهم ما كان هذا صنيع اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كذا فى التفاسير نحو كشف الاسرار والمعالم والوسيط والكواشي وغيرها يقول الفقير لا شك ان القدح والجرح انما هو فى حق اهل الرياء والدعوى وفى حق من يقدر على ضبط نفسه
كما أشار عليه السلام بقوله (من عشق وعف وكتم ثم مات مات شهيدا) فان من غلب على حاله كان الأدب له ان لا يتحرك بشىء لم يؤذن فيه واما من غلب عليه الحال وكان فى امره محقا لا مبطلا فيكون كالمجنون حيث يسقط عنه القلم(8/100)
أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (26)
فبأى حركة تحرك كان معذورا فيها فليس حال اهل البداية والتوسط كحال اهل النهاية فان ما يقدر عليه اهل النهاية لا يقدر عليه من دونهم وكأن الاصحاب رضى الله عنهم ومن فى حكمهم ممن جاء بعدهم راعوا الأدب فى كل حال ومقام بقوة تمكينهم بل لشدة تلوينهم فى تمكينهم فلا يقاس عليهم من ليس له هذا التمكين فرب اهل تلوين يفعل ما لا يفعله اهل التمكين وهو معذور فى ذلك لكونه مغلوب الحال ومسلوب الاختيار فليجتهد العاقل فى طريق الحق بلا رياء ودعوى وليلازم الأدب فى كل امر متعلق بفتوى او تقوى وليحافظ على ظاهره وباطنه من الشين ومما يورث الرين والغين أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ الهمزة للانكار والفاء للعطف على محذوف ومن شرطية والخبر محذوف. والاتقاء بالفارسية [حذر كردن وخود را نكاه داشتن] يقال اتقى فلان بكذا إذا جعله وقاية لنفسه والتركيب يدل على دفع شىء عن شىء يضره وتقدير الكلام أكل الناس سواء فمن شأنه وهو الكافر ان يقى نفسه بوجهه الذي هو اشرف أعضائه سُوءَ الْعَذابِ اى العذاب السيّء الشديد: يعنى [زبانه آتش] كما فى تفسير الفارسي للكاشفى يَوْمَ الْقِيامَةِ لكون يده التي بها كان يتقى المكاره والمخاوف مغلولة الى عنقه كمن هو آمن وهو المؤمن لا يعتريه مكروه ولا يحتاج الى الاتقاء بوجه من الوجوه وفى التأويلات النجمية (أَفَمَنْ يَتَّقِي) توجه (بِوَجْهِهِ) لله (سُوءَ الْعَذابِ) اى عذاب السيّء (يَوْمَ الْقِيامَةِ) ويدفعه به عن نفسه كمن لا يتقى ويظلم على نفسه وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ الذين وضعوا الكفر موضع الايمان والتكذيب موضع التصديق والعصيان موضع الطاعة وهو عطف على يتقى اى ويقال لهم من جهة خزنة النار. وصيغة الماضي للدلالة على التحقيق ووضع المظهر فى مقام المضمر للتسجيل عليهم بالظلم والاشعار بعلة الأمر فى قوله ذُوقُوا [بچشيد] ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ اى وبال ما كنتم تكسبونه فى الدنيا على الدوام من الكفر والتكذيب والمعاصي وفى التأويلات النجمية اى ذوقوا ما كسبتم بأفعالكم الرديئة وأخلاقكم الدنيئة يعنى كنتم فى عين العذاب ولكن ما كنتم تجدون ذوقه لغلبة نوم الغفلة فاذا متم انتبهتم كَذَّبَ الَّذِينَ من الأمم السابقة الذين جاؤا مِنْ قَبْلِهِمْ اى من قبل كفار مكة يعنى كذبوا أنبياءهم كما كذبك قومك فَأَتاهُمُ الْعَذابُ المقدر لكل امة منهم: وبالفارسية [پس آمد بديشان عذاب الهى] مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ من الجهة التي لا يحتسبون ولا يخطر ببالهم إتيان العذاب والشر منها بينا هم آمنون رافهون إذ فوجئوا من مأمنهم فمعنى من حيث لا يشعرون أتاهم العذاب وهم آمنون فى أنفسهم غافلون عن العذاب. وقيل معناه لا يعرفون له مدفعا ولا مردا وفى التأويلات النجمية اى أتاهم العذاب فى صورة الصحة والنعمة والسرور وهم لا يشعرون انه العذاب وأشد العذاب ما يكون غير متوقع فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ اى الذل والصغار: وبالفارسية [پس بچشانيده ايشانرا خداى تعالى خوراى ورسوايى] يعنى أحسوا به احساس الذائق المطعوم فِي الْحَياةِ الدُّنْيا بيان لمكان اذاقة الخزي وذلك الخزي كالمسخ والخسف والغرق والقتل والسبي والاجلاء ونحو ذلك من فنون النكال وهو العذاب الأدنى وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ المعد لهم أَكْبَرُ من العذاب الدنيا لشدته ودوامه لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ اى لو كان من شأنهم ان(8/101)
وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)
يعلموا لعلموا ذلك واعتبروا به وما عصوا الله ورسوله وخلصوا أنفسهم من العذاب فعلى العاقل ان يرجع الى ربه بالتوبة والانابة كى يتخلص من عذاب الدنيا والآخرة وعن الشبلي قدس سره انه قال قرأت اربعة آلاف حديث ثم اخترت منها واحدا وعملت به وخليت ما سواه لانى تأملته فوجدت خلاصى ونجاتى فيه وكان علم الأولين والآخرين مندرجا فيه وذلك ان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال لبعض أصحابه (اعمل لدنياك بقدر مقامك فيها واعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها واعمل لله بقدر حاجتك اليه واعمل للنار بقدر صبرك عليها) فاذا كان الصبر على النار غير ممكن للانسان الضعيف فليسلك طريق النجاة المبعدة عن النار الموصلة الى الجنات وأعلى الدرجات وفى الحديث (ان بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بصلاة ولا قيام ولكن دخلوها بسخاء الأنفس وسلامة الصدر والنصح للمسلمين) واصل الكل هو التوحيد وعن حذيفة رضى الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول (مات رجل من قوم موسى فاذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى لملائكته انظروا هل تجدون لعبدى شيأ من الأعمال فيقولون لا نجد سوى نقش خاتمه لا اله الا الله فيقول الله تعالى لملائكته ادخلوا عبدى الجنة قد غفرت له) فاذا كان التوحيد منجيا بنقشه الظاهري فما ظنك بنقشه الباطني فلا بد من الاجتهاد لاصلاح النفس وتقوية اليقين والحمد لله على نعمة الإسلام والدين- وحكى- عن ابى على النسفي انه قال فقد مسلم حمارا فخرج فى طلبه فاستقبله مجوسى فانصرف المؤمن وقال الهى انا فقدت الدابة وهذا فقد الدين فمصيبته اكبر من مصيبتى الحمد لله الذي لم يجعل مصيبتى كمصيبته وهذا بالنسبة الى الوقت والحال واما امر المآل فعلى الاشكال كما قال فى المثنوى
هيچ كافر را بحواري منكريد ... كه مسلمان مردنش باشد اميد «1»
چهـ خبر دارى ز ختم عمر او ... تا بگرداني ازو يكباره رو
ومن الله التوفيق وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ يحتاج اليه الناظر فى امور دينه قال السمرقندي ولقد بينا لهم فيه كل صفة هى فى الغرابة اى فى غرابتها وحسنها كالمثل السائر وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة الشان كقصة الأولين وقصة المبعوثين يوم القيامة وغير ذلك. والمراد بالناس اهل مكة كما فى الوسيط ويعضده ما قال بعضهم من ان الخطاب بقوله (يا أَيُّهَا النَّاسُ) فى كل ما وقع فى القرآن لاهل مكة والظاهر التعميم لهم ولمن جاء بعدهم لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يتذكرون به ويتعظون به قُرْآناً عَرَبِيًّا اى بلغة العرب وهو حال مؤكدة من هذا على ان مدار التأكيد هو الوصف اى التأكيد فى الحقيقة هو الصفة ومفهومها. وبعضهم جعل القرآن توطئة للحال التي هى عربيا والحال الموطئة اسم جامد موصوف بصفة هى الحال فى الحقيقة ويجوز ان ينتصب على المدح اى أريد بهذا القرآن قرآنا عربيا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لا اختلاف فيه بوجه من الوجوه ولا تناقض ولا عيب ولا خلل. والفرق بينه بالفتح وبينه بالكسر ان كل ما ينتصب كالحائط والجدار والعود فهو عوج بفتح العين وكل ما كان فى المعاني والأعيان الغير المنتصبة وبفتحها فى المنتصبة كالرمح والجدار
__________
(1) در دفتر ششم در بيان داستان از سه مسافر مسلم وجهود وترسا إلخ(8/102)
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29)
ولذا قال اهل التفسير لم يقل مستقيما او غير معوج مع انه اخصر لفائدتين. إحداهما نفى ان يكون فيه عوج ما بوجه من الوجوه كما قال (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) . والثانية ان لفظ العوج مختص بالمعاني دون الأعيان وهو بالفارسية [كجى] وقال ابن عباس رضى الله عنهما (غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) اى غير مخلوق وذلك لان كونه مقروا بالالسنة ومسموعا بالآذان ومكتوبا فى الأوراق ومحفوظا فى الصدور لا يقتضى مخلوقيته إذ المراد كلام الله القديم القائم بذاته وفى حقائق البقلى قرآنا قديما ظهر من الحق على لسان حبيبه لا يتغير بتغير الزمان ولا يرهقه غبار الحدثان لا تعوجه الحروف ولا تحيط به الظرف وفى بحر الحقائق صراطا مستقيما الى حضرتنا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ علة اخرى مترتبة على الاولى فان المصلحة فى ضرب الأمثال هو التذكر والاتعاظ بها اولا ثم تحصيل التقوى. والمعنى لعلهم يعملون عمل اهل التقوى فى المحافظة على حدود الله فى القرآن والاعتبار بامثاله: وبالفارسية [شايد كه ايشان بسبب تأمل در معانى آن بپرهيزند از كفر وتكذيب] ثم أورد مثلا من تلك الأمثال فقال ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ المراد بضرب المثل هنا تطبيق حالة عجيبة بأخرى مثلها كما مر فى أوائل سورة يس ومثلا مفعول ثان لضرب ورجلا مفعوله الاول اخر عن الثاني للتشويق اليه وليتصل به ما هو من تتمته التي هى العمدة فى التمثيل وفيه خبر مقدم لقوله شركاء والجملة فى حيز النصب على الوصفية لرجلا [والتشاكس:
با يكديكر بد خويى كردن] قال فى المفردات الشكس السيّء الخلق ومتشاكسون متشاجرون بشكاسة خلقهم وفى القاموس وكندس الصعب الخلق وككتف البخيل ومتشاكسون مختلفون عسرون وتشاكسوا تخالفوا. والمعنى جعل الله تعالى للمشرك مثلا حسبما يقود اليه مذهبه من ادعاء كل من معبوديه عبوديته عبدا يتشارك فيه جماعة يتجاذبونه ويتعاورونه فى مهماتهم المتباينة فى تحسره وتوزع قلبه وَرَجُلًا اى وجعل للموحد مثلا سَلَماً خالصا لِرَجُلٍ فرد ليس لغيره عليه سبيل أصلا فالتنكير فى كل منهما للافراد اى فردا من الاشخاص لفرد من الاشخاص. والسلم بفتحتين وكقتل وفسق مصدر من سلم له كذا اى خلص نعت به مبالغة كقبولك رجل عدل او حذف منه ذو بمعنى ذا سلامة لرجل اى ذا خلوص له من الشرك. والرجل ذكر من بنى آدم جاوز حد الصغر وتخصيص الرجل لانه انطق لما يجرى عليه من الضر والنفع لان المرأة والصبى قد يغفلان عن ذلك هَلْ استفهام انكار يَسْتَوِيانِ [آيا مساوى باشد اين دو بنده] مَثَلًا من جهة الصفة والحال نصب على التمييز والوحدة حيث لم يقل مثلين لبيان الجنس وإرادته فيعم اى هل يستوى حالهما وصفاتهما يعنى لا يستويان. والحاصل ان الكافر كالعبد الاول فى كونه حيران متفرق البال لانه يعبد آلهة مختلفة اى أصناما لا يجيىء منها خير بل تكون سببا لوقوعه فى أسفل سافلين كما ان العبد يخدم ملاكا متعاسرين مختلفى الاهوية لا يصل اليه منهم منفعة أصلا والمؤمن كالعبد الثاني فى انضباط أحواله واجتماع باله حيث يعبد ربا واحدا يوصله الى أعلى عليين كما ان العبد يخدم سيدا واحدا يرضى عنه ويصل اليه بالعطاء الجزيل(8/103)
إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)
يك يار پسنده كن چويك دل دارى الْحَمْدُ لِلَّهِ حيث خصمهم كما قال مقاتل اى قطعهم بالخصومة وغلبهم واظهر الحجة عليهم ببيان عدم الاستواء بطريق ضرب المثل بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ إضراب وانتقال من بيان عدم الاستواء على الوجه المذكور الى بيان ان اكثر الناس وهم المشركون لا يعلمون ذلك مع كمال ظهوره فيبقون فى ورطة الشرك والضلال من فرط جهلهم وفى الآية اشارة الى بيان عدم الاستواء بين الذي يتجاذبه شغل الدنيا وشغل العيال وغير ذلك من الأشياء المختلفة والخواطر المتفرقة وبين الذي هو خالص لله ليس للخلق فيه نصيب ولا للدنيا نسيب وهو من الآخرة غريب والى الله قريب منيب والحاصل ان الراغب فى الدنيا شغلته امور مختلفة فلا يتفرغ لعبادة ربه وإذا كان فى العبادة يكون قلبه مشغولا بالدنيا. والزاهد قد تفرغ من جميع أشغال الدنيا فهو يعبد ربه خوفا وطمعا. والعارف قد تفرغ من الكونين فهو يعبد ربه شوقا الى لقائه فلا استواء بين البطالين والطالبين وبين المنقطعين والواصلين الحمد لله يعنى الثناء له وهو مستحق لصفات الجلال بل أكثرهم لا يعلمون كمال جماله ولا يطلعون على حسن استعدادهم بمرآتية صفات جماله وجلاله والا لعطلوا الأمور الدنيوية بأسرها وخربت الدنيا التي هى مزرعة الآخرة: وفى المثنوى
استن اين عالم اى جان غفلتست ... هوشيارى اين جهانرا آفتست «1»
هوشيارى زان جهانست و چوآن ... غالب آيد پست كردد اين جهان
هوشيارى آفتاب وحرص يخ ... هوشيارى آب واين عالم وسخ
زان جهان اندك ترشح مى رسد ... تا نلغزد در جهان حرص وحسد
كر ترشح بيشتر كردد ز غيب ... نى هنر ماند درين عالم نه عيب
فعلى العاقل الرجوع الى الله والعمل بما فى القرآن والاعتبار بامثاله حتى يكون من الذين يعلمون حقيقة الحال: وفى المثنوى
هست قرآن حالهاى انبيا ... ماهيان بحر پاك كبريا «2»
ور بخوانى ونه قرآن پذير ... انبيا وأوليا را ديده كير
ور پذيرايى چوبر خوانى قصص ... مرغ جانت تنك آيد در قفص
مرغ كو اندر قفص زندانيست ... مى نجويد رستن از نادانيست
روحهايى كز قفصها رسته اند ... انبياى رهبر شايسته اند
كان الحسن والحسين رضى الله عنهما يلعبان بين يدى النبي فاعجب بهما فاتاه جبرائيل عليه السلام بقارورة وكاغدة وفى القارورة الدم وفى الكاغدة السم فقال أتحبهما يا محمد فاعلم ان أحدهما يقتل بالسيف فهذا دمه والآخر يسقى السم وهذا سمه فقطع القلب عن الأولاد وعلق قلبه بالله تعالى من قال الله ولم يفر من غير الله الى الله لم يقل الله دع روحك وقلبك ثم قل الله كما قال الله تعالى لحبيبه عليه السلام (قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ) اى ذرهم ثم قل الله نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من المنقطعين اليه والحاضرين لديه انه هو المسئول إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ
__________
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان ديكر سؤال عائشه از حضرت مصطفى صلى الله عليه وسلم إلخ
(2) در دفتر يكم در بيان حديث من أراد ان يجلس مع الله فليجلس مع اهل التصوف إلخ(8/104)
تمهيد لما يعقبه من الاختصام يوم القيامة إذ كان كفار قريش يتربصون برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم موته: يعنى [كفار مكه ميكفتند چشم ميداريم كه محمد بميرد وازو باز رهيم] والموت صفة وجودية خلقت ضدا للحياة وفى المفردات الموت زوال القوة الحساسية الحيوانية وابانة الروح عن الجسد. والتأكيد بالنون لتنزيل المخاطب منزلة المتردد فيه تنبيها له على ظهور أدلته وحثا على النظر فيها. والمعنى انكم جميعا بصدد الموت فالموت يعمكم ولا معنى للتربص والشماتة بل هو عين الجهالة
مكن شادمانى بمرك كسى ... كه دهرت نماند پس از وى بسى
فمعنى قوله ميت وميتون: بالفارسية [مرده خواهى شد وزود بميرند] اى ستموت وسيموتون والشيء إذا قرب من الشيء يسمى باسمه فلا بد لكل من الموت قريبا وبعيدا وكل آت فهو قريب- روى- ان آدم عليه السلام لما اهبط الى الأرض قيل له لد للفناء وابن للخراب قرأ بعضهم انك مائت وانهم مائتون لانه مما سيحدث وتوضيحه ان المائت صفة حادثة فى الحال او فى المستقبل بدليل صحة قولك زيد مائت الآن او غدا بخلاف الميت فانه صفة لازمة كالسيد للعريق فى السؤدد والسائد لمن حدث له السؤدد وقيل الموت ليس ما أسند الى ابانة الروح عن الجسد بل هو اشارة الى ما يعترى الإنسان فى كل حال من الخلل والنقص وان البشر مادام فى الدنيا يموت جزأ فجزأ وقد عبر قوم عن هذا المعنى وفصلوا بين الميت والمائت فقالوا المائت هو المتخلل قال القاضي على بن عبد العزيز ليس فى لغتنا مائت على حسب ما قالوه وانما يقال موت مائت كقولنا شعر شاعر وسيل سائل قال ابن مسعود رضى الله عنه لما دنا فراق رسول الله جمعنا فى بيت أمنا عائشة رضى الله عنها ثم نظر إلينا فدمعت عيناه وقال (مرحبا بكم حياكم الله رحمكم الله أوصيكم بتقوى الله وطاعته قددنا الفراق وحان المنقلب الى الله تعالى والى سدرة المنتهى وجنة المأوى يغسلنى رجال اهل بيتي ويكفنوننى فى ثيابى هذه ان شاؤا او فى حلة يمانية فاذا غسلتمونى وكفنتمونى ضعونى على سريرى فى بيتي هذا على شفير لحدى ثم اخرجوا عنى ساعة فاول من يصلى علىّ حبيبى جبرائيل ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم ملك الموت مع جنودهم ثم ادخلوا علىّ فوجا فوجا فصلوا علىّ) فلما سمعوا فراقه صاحوا وبكوا وقالوا يا رسول الله أنت رسول ربنا وشمع جمعنا وبرهان أمرنا إذا ذهبت عنا فالى من نرجع فى أمورنا قال (تركتكم على المحجة البيضاء) اى على الطريق الواضح الواسع ليلها كنهارها اى فى الوضوح ولا يزيغ بعدها الا هالك وتركت لكم واعظين ناطقا وصامتا فالناطق القرآن والصامت الموت فاذا أشكل عليكم امر فارجعوا الى القرآن والسنة وإذا قست قلوبكم فلينوها بالاعتبار فى احوال الأموات) فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه ذلك من صداع عرض له وكان مريضا ثمانية عشر يوما يعوده الناس ثم مات يوم الاثنين كما بعثه الله فيه فغسله على رضى الله عنه وصب الماء اى ماء بئر غرس الفضل بن العباس رضى الله عنهما ودفنوه ليلة الأربعاء وسط الليل وقيل ليلة الثلاثاء فى حجرة عائشة رضى الله عنها وفى الحديث (من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فانها أفظع المصائب) وانشد بعضهم(8/105)
ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)
اصبر لكل مصيبة وتجلد ... واعلم بان المرء غير مخلد
وإذا اعترتك وساوس بمصيبة ... فاذكر مصابك بالنبي محمد
وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (إِنَّكَ مَيِّتٌ) إلخ الى نعيه عليه السلام ونعى المسلمين إليهم ليفرغوا بأجمعهم عن مأتمهم ولا تعزية فى العادة بعد ثلاث ومن لم يتفرغ عن مأتم نفسه وانواع همومه فليس له من هذا الحديث شمة فاذا فرغ قلبه عن حديث نفسه وعن الكونين بالكلية فحينئذ يجد الخير من ربه وليس هذا الحديث الا بعد فنائهم عنهم ولهذا اوحى الله تعالى الى داود عليه السلام فقال «يا داود فرغ لى بيتا اسكن فيه قال يا رب أنت منزه عن البيت كله قال فرغ لى قلبك» وقال لنبينا عليه السلام (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) يعنى قلبك وقال (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) اى قلبك عن لوث تعلقات الكونين
سالك پاك رو نخوانندش ... آنكه از ما سوى منزه نيست
وقال المولى الجامى قدس سره
روز شب در نظرت موج زنان بحر قدم ... حيف باشد كه بلوث حدث آلوده شوى
ثُمَّ إِنَّكُمْ اى انك وإياهم على تغليب ضمير المخاطب على ضمير الغائب وأكد بالنون وان كان الاختصام مما لا ينكر لتنزيل المخاطبين منزلة من يبالغ فى انكار الاختصام لانهماكهم فى الغفلة عنه يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ اى مالك أمركم تَخْتَصِمُونَ فتحتج أنت عليهم بانك بلغتهم ما أرسلت به من الاحكام والمواعظ واجتهدت فى الدعوة الى الحق حق الاجتهاد وهم قد لجوا فى المكابرة والعناد ويعتذرون بما لا طائل تحته مثل اطعنا سادتنا وكبراءنا وجدنا آباءنا وفى بحر العلوم الوجه الوجيه ان يراد الاختصام العام وان يخاصم الناس بعضهم بعضا مؤمنا او كافرا فيما جرى بينهم فى الدنيا بدلائل. منها قول النبي عليه السلام (أول من يختصم يوم القيامة الرجل والمرأة والله ما يتكلم لسانها ولكن يداها تشهدان ورجلاها عليها بما كانت تعيب لزوجها وتشهد عليه يداه ورجلاه بما كان يؤذيها. ومنها قوله عليه السلام (انا خصم عثمان بن عفان بين يدى الرب تعالى) وعن ابراهيم النخعي قالت الصحابة رضى الله عنهم ما خصومتنا ونحن اخوان فلما قتل عثمان رضى الله عنه قالوا هذه خصومتنا وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه كنا نقول ربنا واحد ونبينا واحد وديننا واحد وكتابنا واحد فما هذه الخصومة فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا نعم هو هذا. ومنها قوله عليه السلام (من كان عنده مظلمة لاخيه من عرض او شىء فليتحلله اليوم من قبل ان لا يكون دينار ولا درهم ان كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له حسنات أخذ من سيآت صاحبه فحمل عليه) قال ابن الملك يحتمل ان يكون المأخوذ نفس الأعمال بان تنجد فنصير كالجواهر وان يكون ما أعدلها من النعم والنقم إطلاقا للسبب على المسبب وعن الزبير بن العوّام رضى الله عنه قال لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثُمَّ إِنَّكُمْ) إلخ قلت اى رسول الله أيكرر علينا ما كان بيننا فى الدنيا مع خواص الذنوب اى الذنوب المخصوصة بنا سوى المخاصمات قال (نعم ليكربون عليكم حتى تؤدوا الى كل ذى حق حقه) قال الزبير(8/106)
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35)
ان الأمر إذ الشديد وفى الحديث (لا تزال الخصومة بين الناس حتى تخاصم الروح الجسد فيقول الجسد انما كنت بمنزلة جذع ملقى لا أستطيع شيأ ويقول الروح انما كنت ريحا لا أستطيع ان اعمل شيأ فضرب لهما مثل الأعمى والمقعد يحمل الأعمى المقعد فيدله المقعد ببصره ويحمله الأعمى برجليه) وفى الحديث (أتدرون من المفلس) قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال (ان المفلس من أمتي من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وكان قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا فيقضى هذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح فى النار) فان قيل قال فى آية اخرى (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ) قيل ان فى يوم القيامة ساعات كثيرة وأحوالها مختلفة مرة يختصمون ومرة لا يختصمون كما انه قال (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) وقال فى آية اخرى (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) يعنى فى حال لا يتساءلون وفى حال يتساءلون وكما انه قال (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) وفى موضع آخر (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ونحو هذا كثير فى القرآن قال بعض الكبار يوم القيامة يوم عظيم شديد يتجلى الحق فيه اولا بصفه القهر بحيث يسكت الأنبياء والأولياء ثم يتجلى باللطف فيحصل لهم انبساط فعند ذلك يشفعون قال فى التأويلات النجمية (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) اى تراجعون الحق تعالى بشفاعة اقربائكم وأهاليكم واصدقائكم بعد فراغكم من خويصة أنفسكم نسأل الله سبحانه وتعالى العناية تم الجزء الثالث والعشرون الجزء الرابع والعشرون من الاجزاء الثلاثين فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ فى الإرشاد المعنى الاول ليختصمون هو الأظهر الأنسب بهذا القول فانه مسوق لبيان حال كل من طرفى الاختصام الجاري فى شأن الكفر والايمان لا غير وفى بحر العلوم فيه دلالة بينة على ان الاختصام يوم القيامة بين الظالمين والمظلومين والمعنى اظلم من كل ظالم من افترى على الله بان أضاف اليه الشرك والولد وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ اى بالأمر الذي هو عين الحق ونفس الصدق وهو ما جاء به النبي عليه السلام إِذْ جاءَهُ اى فى مجيئه على لسان الرسول عليه السلام يعنى فاجأه بالتكذيب ساعة أتاه وأول ما سمعه من غير تدبر فيه ولا تأمل وفيه اشارة الى من يكذب على الله بادعاء انه أعطاه رتبة وحالا ومقاما وإذا وجد صديقا جاء بالصديق فى المقال والأحوال كذبه وينكر على صدقه فيكون حاصل امره يوم القيامة قوله (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) ولهذا قال تعالى أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ استفهام إنكاري وانكار النفي نفى له ونفى النفي اثبات. والثواء هو الاقامة والاستقرار والمثوى المقام والمستقر. والمعنى ان جهنم منزل ومقام للكاذبين المكذبين المذكورين وغيرهم من الكفار جزاء لكفرهم وتكذيبهم(8/107)
وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35)
وَالَّذِي جاءَ [وانكه آمد ويا آرد] بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ الموصول عبارة عن رسول الله عليه السلام ومن تبعه من المؤمنين كما فى قوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) فان المراد موسى عليه السلام وقومه أُولئِكَ الموصوفون بالصدق والتصديق هُمُ الْمُتَّقُونَ المنعوتون بالتقوى التي هى أجل الرغائب وقال الامام السهيلي رحمه الله (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) هو رسول الله (وَ) الذي (صَدَّقَ بِهِ) هو الصديق رضى الله عنه ودخل فى الآية بالمعنى كل من صدق ولذلك قال (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) انتهى وفيه على ما قال اهل التفسير انه يلزم إضمار الذي بان يقال والذي صدق به وذا غير جائز ودلت الآية على ان النبي عليه السلام يصدق ايضا بما جاء به من عند الله ويتلقاه بالقبول كما قال الله تعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) ومن هنا قال بعضهم ان النبي عليه السلام مرسل الى نفسه ايضا وهكذا وارث الرسول فانه لا يتردد فى صدق حاله وتصديق الخبر الذي يأتيه من الله تعالى فيفيض بركة حاله الى وجوده كله والى من يعتقده ويصدقه ألا ترى ان النبي عليه السلام اتى بالصدق وأفاض من بركات صدقه على ابى بكر رضى الله عنه فسمى صديقا وهكذا حال سائر الصديقين قال الحافظ
بصدق كوش كه خورشيد زايد از نفست ... كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست
يعنى ان الصادق الصديق يتولد من نفسه نفس الشمس المعنوية فتنور الأنفس كما ان الصبح الصادق تطلع بعده الشمس الصورية فتنور الآفاق بخلاف حال الكاذب فانه كالصبح الكاذب حيث تعقبه الظلمة لَهُمْ اى للمتقين بمقابلة محاسن أعمالهم فى الدنيا ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ اى كل ما يشاؤنه من جلب المنافع ودفع المضار فى الآخرة لا فى الجنة فقط لما ان بعض ما يشاؤنه من تكفير السيئات والامن من الفزع الأكبر وسائر اهوال القيامة انما يقع قبل دخول الجنة يقال اجمع العبارات لنعيم الجنة (وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) واجمع العبارات لعذاب الآخرة (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) وفى التأويلات النجمية (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) لانهم تقربوا الى الله تعالى بالاتقاء به عما سواه فاوجب الله فى ذمة كرمه ان يتقرب إليهم بإعطاء ما يشاؤن من عنده بحسب حسن استعدادهم ذلِكَ اى حصول ما يشاؤنه جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ ثواب الذين أحسنوا أعمالهم بان عملوها على مشاهدة الحق لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا قال الراغب الكفارة ما يغطى الإثم ومنه كفارة اليمين والقتل والظهار. والتكفير ستره وتغطيته حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل ويجوز ان يكون بمعنى ازالة الكفر والكفران كالتمريض بمعنى ازالة المرض واللام متصل بالمحسنين يعنى الذين أحسنوا رجاء ان يكفر الله إلخ او بالجزاء يعنى جزاهم كى يكفر عنهم كذا فى كشف الاسرار وقال المولى ابو السعود رحمه الله اللام متعلق بقوله لهم ما يشاؤن باعتبار فحواه الذي هو الوعد اى وعدهم الله جميع ما يشاؤنه من زوال المضار وحصول المسار ليكفر عنهم بموجب ذلك الوعد أسوأ الذي عملوا دفعا لمضارهم وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ ويعطيهم ثوابهم بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ اى اعطاؤنا لمنافعهم واضافة الاسوأ والأحسن الى ما بعدهما ليست(8/108)
أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40) إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41)
من قبيل اضافة المفضل الى المفضل عليه بل من اضافة الشيء الى بعضه للقصد الى التحقيق والتوضيح من غير اعتبار تفضيله عليه وانما المعتبر فيهما مطلق الفضل والزيادة لا على المضاف اليه المعين بخصوصه خلا ان الزيادة المعتبرة فيها ليست بطريق الحقيقة بل هى فى الاول بالنظر الى ما يليق بحالهم من استعظام سيآتهم وان قلت واستصغار حسناتهم وان جلت والثاني بالنظر الى لطف كرم أكرم الأكرمين من استكثار الحسنة اليسيرة ومقابلتها بالمثوبات الكثيرة وحمل الزيادة على الحقيقة وان أمكن فى الاول بناء على ان تخصيص الاسوأ بالذكر لبيان تكفير ما دونه بطريق الاولوية ضرورة استلزام تكفير الاسوأ لتكفير السيّء لكن لما لم يكن ذلك فى الأحسن كان الأحسن نظمها فى سلك واحد من الاعتبار. والجمع بين صيغتى الماضي والمستقبل فى صلة الموصول الثاني دون الاول للايذان باستمرارهم على الأعمال الصالحة بخلاف السيئة كذا فى الإرشاد واعلم ان سبب التكفير والاجر الأحسن هو الصدق وهو من المواهب لامن المكاسب فى الحقيقة وان كان حصول اثره منوطا بفعل العبد ويجرى فى القول والفعل والوعد والعزم قال ابو يزيد البسطامي قدس سره أوقفني الحق سبحانه بين يديه الف موقف فى كل موقف عرض علىّ مملكة الدارين فقلت لا أريدها فقال لى فى آخر موقف يا أبا يزيد ما تريد قلت أريد ان لا أريد قال أنت عبدى حقا وصدقا من كه باشم كه مرا خواست بود [داود طائى رحمه الله عالم وقت بود ودر فقه فريد عصر بود ودر مقام صدق چنان بود كه آن شب كه از دنيا بيرون رفت از آسمان ندا آمد كه «يا اهل الأرض ان داود الطائي رحمه الله قدم على ربه وهو غير راض» واين منزلت ومنقبت در صدق عمل چنان بود كه ابو بكر عياش حكايت كند كه در حجره وى شدم او را ديدم نشسته و پاره نان خشك در دست داشت ومى كريست كفتم] مالك يا داود فقال هذه الكسرة آكلها ولا أدرى أمن حلال هى أم من حرام [وشيخ ابو سعيد ابو الخير قدس سره را در مجلس سؤال كردند كه] يا الشيخ ما الصدق وكيف السبيل الى الله شيخ كفت الصدق وديعة الله فى عباده ليس للنفس فيه نصيب لان الصدق سبيل الى الحق وابى الله ان يكون لصاحب النفس اليه سبيل قال عليه السلام لمعاذ رضى الله عنه (يا معاذ أخلص دينك يكفك القليل من العمل) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ ادخلت همزة الإنكار على كلمة النفي فافادت معنى اثبات الكفاية وتقريرها والكفاية ما فيه سد الخلة وبلوغ المراد فى الأمر اى هو تعالى كاف عبده محمدا صلى الله عليه وسلم امر من يعاديه وناصره عليه وفيه تسلية له عليه السلام ويحتمل الجنس ففيه تسلية لكل من تحقق بمقام العبودية وعن بعض الكبار أليس الله بكاف عبده ان يعبده ويؤمن به وايضا عبده المتحقق بحقيقة هويته التي هى مبدأ الالوهية اى ألوهيته وإلهيته وفى التأويلات النجمية ان الله كاف عبده عن كل شىء ولا يكفى له كل شىء عن الله ولهذا المعنى إذ يغشى السدرة ما يغشى من نفائس الملك والملكوت لتكون للنبى عليه السلام تلك النفائس كافية عن رؤية ما زاغ البصر وما طغى بنظر القبول إليها حتى رأى من آيات ربه الكبرى وفى عرائس البقلى فيه نبذة من(8/109)
وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37)
العتاب عاتب الحق عباده بلفظ الاستفهام اى هل يجرى على قلوبهم انى اتركهم من رعايتى وحفظى كلا ومن يجترىء ان يقوم بمخاصمة من هو فى نظرى من الأزل الى الابد وفى كشف الاسرار من تبرأ من اختياره واحتياله وصدق رجوعه الى الله من أحواله ولا يستعين بغير الله من اشكاله وأمثاله آواه الله الى كنف إقباله وكفاه جميع أشغاله وفى الحديث (من أصبح وهمومه هم واحد كفاه الله هموم الدنيا والآخرة) [عبد الواحد زيد را كفتند هيچ كس را دانى كه در مراقبت خالق چنان مستغرق بود كه او را پرواى خلق نباشد كفت يكى را دانم كه همين ساعت در آيد عتبة الغلام در آمد عبد الواحد كفت اى عتبه در راه كرا ديدى كفت هيچ كس را وراه وى بازار بود انجمن خلق] وقال السيد جعفر الصادق رضى الله عنه ما رأيت احسن من تواضع الأغنياء للفقراء واحسن من ذلك اعراض الفقير عن الغنى استغناء بالله تعالى ورعايته وكفايته قال ابو بكر بن طاهر رحمه الله من لم يكف بربه بعد قوله (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) فهو من درجة الهالكين وقال ابن عطاء رحمه الله رفع جلاجل العبودية من عنقه من نظر بعد هذه الآية الى أحد من الخلق او رجاهم او خافهم او طمع فيهم
بس ترا از ما سوى امداد هو ... كفت أليس الله بكاف عبده
وَيُخَوِّفُونَكَ اى المشركون بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ اى بالأوثان التي اتخذوها آلهة من دون الله تعالى ويقولون انك تعبيها وانها لتصيبك بسوء كالهلاك او الجنون او فساد الأعضاء وقال بعض اهل التفسير ان هذه الآية اى قوله (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) نزلت مرة فى حق النبي عليه السلام ومرة فى شأن خالد بن الوليد رضى الله عنه كسورة الفاتحة حيث نزلت مرة بمكة ومرة بالمدينة [ونزولش در حق خالد بن الوليد آنست كه قومى از مشركان عرب درختى را بمعبودى كرفته بودند ودر وى ديوى در زير بيخ آن درخت قرار كرده بود نام آن ديو عزى ورب العزة آنرا سبب ضلالت ايشان كرده بود مصطفى عليه السلام خالد وليد را فرموده تا آن درخت را از بيخ برآورد وآن ديو را بكشد مشركان گرد آمدند وخالد را بترسانيدند كه عزى ترا هلاك كند يا ديوانه كند خالد از مقالت ايشان مصطفى را خبر كرد ورب العزة در حق وى اين آيت فرستاد كه (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) خالد باز كشت وآن درخت را از بيخ بكند وزير آن درخت شخصى يافت عظيم سياه كريه المنظر واو را بكشت پس مصطفى عليه السلام كفت] (تلك عزى ولن تعبد ابدا) كذا فى كشف الاسرار وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ اى ومن يجعله دالا عن الطريق القويم والفهم المستقيم حتى غفل عن كفايته تعالى وعصمته له عليه السلام وخوفه بما لا ينفع ولا يضر أصلا فَما لَهُ مِنْ هادٍ يهديه الى خير ما وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ اى ومن يرشده الى الصراط المستقيم فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ يصرفه عن مقصده او يصيبه بسوء يخل بسلوكه إذ لاراد لفعله ولا معارض لا إرادته وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان رؤية الخير والشر من غير الله ضلالة والتخويف بمن دون الله غاية الضلالة ولهذا قال (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) ولان الهادي فى الحقيقة هو الله فمن يضلل الله كيف يهديه غيره وكذلك من يهد الله فما له من مضل لان المضل على الحقيقة هو الله فمن يهده الله كيف يضله أَلَيْسَ(8/110)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38)
اللَّهُ بِعَزِيزٍ غالب منيع يعز من يعبده ذِي انْتِقامٍ من أعدائه لاوليائه اى هو عزيز ذو انتقام لان الاستفهام إذا دخل على النفي أفاد تحقيقا وتقريرا كما مر. والانتقام بالفارسية [كينه كشيدن] وفى بحر العلوم من النقمة وهى الشدة والعقوبة وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ اى هؤلاء المشركين الذين يخوفونك بآلهتهم فقلت لهم مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ من اخترع هذين الجنسين المعبر عنهما بالعالم لَيَقُولُنَّ اللَّهُ اى خلقهن الله لوضوح الدليل على اختصاصه بالخالقية واللام الاولى توطئة وتمهيد للقسم والثانية جواب له وهو سادّ مسدّ جوابين وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الايمان الفطري مركوز فى جبلة الإنسان من يوم الميثاق إذا شهدهم الله على أنفسهم فقال (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) كما قال تعالى (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) وقال عليه السلام (كل مولود يولد على الفطرة) فلا يزال يوجد فى الإنسان وان كان كافرا اثر ذلك الإقرار ولكنه غير نافع الا مع الايمان الكسبي بالله وملائكته وكتبه ورسله وبما جاؤا به قُلْ تبكيتا لهم أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أرأيتم بمعنى أخبروني جعل الرؤية وهو العلم الذي هو سبب الاخبار مجازا عن الاخبار وتدعون بمعنى تعبدون وما عبارة عن الآلهة والضر سوء الحال أيا كان من مرض وضيق معيشة وشدة والاستفهام للانكار وضمير هن راجع الى ما باعتبار الآلهة. والكشف الإظهار والازالة ورفع شىء عما يواريه ويعطيه. والمعنى بعد ما تحققتم ان خالق العالم العلوي والسفلى هو الله تعالى فاخبرونى ان آلهتكم ان أرادني الله بضر هل هن يكشفن عنى ذلك الضرر والبلاء ويدفعنه اى لا تقدر على دفعه وإزالته أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ اى او ان أرادني بنفع من صحة او غنى او غير ذلك من المنافع هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ فيمنعنها عنى اى لا تقدر على إمساك تلك الرحمة ومنعها وتعليق ارادة الضر والرحمة بنفسه عليه السلام للرد فى نحورهم حيث كانوا خوفوه مضرة الأوثان ولما فيه من الإيذان بامحاض النصح وانما قال كاشفات وممسكات ابانة لكمال ضعفها واشعارا بانوثتها كما قال (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) وهم كانوا يصفونها بالانوثة مثل العزى واللات ومناة فكأنه قال كيف أشركتم به تعالى هذه الأشياء الجمادية البعيدة من الحياة والعلم والقدرة والقوة والتمكن من الخلق هلا استحييتم من ذلك قُلْ يا محمد حَسْبِيَ اللَّهُ حسب مستعمل فى معنى الكفاية اى الله كافىّ فى جميع أموري من إصابة الخير ودفع الشر: وبالفارسية [بسست مرا خداى تعالى در رسانيدن خير وباز داشتن شر] روى انه عليه السلام لما سألهم سكتوا فنزل عَلَيْهِ تعالى لا على غيره أصلا يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ لعلمهم بان ما سواه تحت ملكوته تعالى
تو با خداى خود انداز كار ودل خوش دار ... كه رحم اگر نكند مدعى خدا بكند
وفيه اشارة الى ان من تحول عن الكافي الى غير الكافي لم يتم امره فلا بد من التوكل على رب العباد والتسليم له والانقياد [در كليله ودمنه كويد با سلطان قوى كسى طاقت ندارد وكس با او نستيزد مگر بگردن دادن ويرا مثل آن حشيش كه هركاه كه باد غلبه كيرد خود را فرا باد دهد تا در زمين همين كرداندش آخر نجات يابد وآن درخت رفته را كه كردن ننهد(8/111)
قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40) إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41)
از بيخ بركندن و چون شرار بينى وازو بترسى پيش او در زمين بغلظ تواضع كن تا برهى كه شير اگر چهـ عظيم بود اما كريم بود] فالعصمة من الله تعالى- حكى- ان سفينة مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اخطأ الجيش بأرض الروم واسر فانطلق هاربا يلتمس الجيش فاذا بأسد فقال له يا أبا الحارث انا سفينة مولى رسول الله فكان مرادى كيت وكيت فاقبل الأسد يتبصبص حتى قام الى جنبه فركب عليه فكان كلما سمع صوتا أهوى اليه فلم يزل كذلك حتى بلغ الجيش ثم رجع الأسد وفيه إشارات منها ان الحيوان المفترس لا يقدر على الإضرار إذا كان المرء فى عصمة الله فكيف الجماد. ومنها أن طاعة الله تعالى والتوكل عليه سبب النجاة من المهالك. ومنها ان الاستشفاع برسول الله والتقرب اليه بالايمان والتوحيد والعمل بسنته يهدى الى سواء الصراط كما هدى سفينة رضى الله عنه فعلى العاقل اخلاص التوحيد والاعراض عما سوى الله تعالى فانه تعالى كاف لعبده فى كل حال من الأحوال والأمور قُلْ يا قَوْمِ اى قوم من] اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ على حالتكم التي أنتم عليها من العداوة التي تمكنتم فيها فان المكانة تستعار من العين للمعنى كما يستعار هنا وحيث للزمان مع كونهما للمكان إِنِّي عامِلٌ اى على مكانتى ما استطعت ولا يزيد حالى الا قوّة ونصرة فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ بسوء اعماله ومن مفعول تعلمون والاخزاء: [دون كردن وخوار كردن ورسوا كردن وهلاك كردن] ومعانى هذه الكلمة يقرب بعضها من بعض ومنه الحديث لا تخزوا الحور اى لا تجعلوهن يستحيين من فعلكم كما فى تاج المصادر. والمعنى بالفارسية [پس زود باشد كه بدانيد آنكس را كه از ما وشما بيايد بدو عذابى كه او را رسوا كند] وهو عذاب الدنيا وخزى أعدائه دليل على غلبته فقد نصره الله وعذب أعداءه وأخزاهم يوم بدر: يعنى [حق سبحانه رسوا كرد دشمنان آن حضرت را در روز بدر كه جمعى از ايشان بدست مؤمنان كشته كشتند وكروهى بقيد مذلت وسلسله نكبت كرفتار شدند
اين سر بباد داده وآن دستها ببند ... آن كشته خوار وزار وكرفتار ومستمند
وَيَحِلُّ ينزل من أفعاله من الحلول وهو النزول عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ الى الابد لا يفارقه دائم لا ينقطع عنه وهو عذاب الآخرة يعنى أنتم الهالكون بسبب كونكم على البطلان ونحن الناجون بسبب كوننا على الحق فسوف ينكشف ربحنا وخسرانكم وسوف تظهر زيادتنا ونقصانكم وسوف يطالبكم الله ولا جواب لكم ويعذبكم ولا شفيع لكم ويدمر عليكم ولا صريخ لكم ايمان رسد بفرياد قرآن رسد بامداد إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ اى القرآن لِلنَّاسِ اى لاجلهم فانه مناط لمصالحهم فى المعاش والمعاد وقد سبق الفرق بين إليك وعليك فى أول السورة بِالْحَقِّ حال من فاعل أنزلنا حال كوننا محقين فى انزاله او من مفعوله كون ذلك الكتاب ملتبسا بالحق والصدق اى كل ما فيه حق وصواب لا ريب فيه موجب للعمل به حتما فَمَنِ اهْتَدى بان عمل بما فيه فَلِنَفْسِهِ اى انما نفع به نفسه وَمَنْ ضَلَّ بان لم يعمل بموجبه فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها لما ان وبال ضلاله مقصور عليها(8/112)
اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44) وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)
وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ الوكيل القائم على الأمر حتى يكمله اى وما وكلت عليهم لتجبرهم على الهدى وما وظيفتك الا البلاغ وقد بلغت أي بلاغ وفى الآية اشارة الى ان القرآن مذكر جوار الحق للناس الذين نسوا الله وجواره فمن تذكر بتذكيره واتعظ بوعظه واهتدى بهدايته كانت فوائد الهداية راجعة الى نفسه بان تنورت بنور الهداية فانمحى عنها آثار ظلمات صفاتها الحيوانية السبعية الشيطانية الموجبة لدخول النار (وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) فانه يوكله الى نفسه وطبيعته فتغلب عليه الصفات الذميمة فيكون حطب النار (وَما أَنْتَ) يا محمد (عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) تحفظهم من النار إذا كان فى استعدادهم الوقوع فيها وفى الحديث (انما مثلى ومثل أمتي كمثل رجل استوقد نارا فجعلت الدواب والفراش يقعن فيها وانا آخذ بحجزكم تقحمون فيه) والحجز جمع الحجزة كالكدرة وهى معقد الإزار خصه بالذكر لان أخذ الوسط أقوى فى المنع واصل تقحمون بالتشديد تتقحمون وفيه اى فى النار على تأويل المذكور يعنى انا آخذكم حتى أبعدكم عن النار وأنتم تدخلون فيها بشدة. ومعنى التمثيل ان النبي عليه السلام فى منعهم عن المعاصي والشهوات المؤدية الى النار وكونهم متقحمين متكلفين فى وقوعها مشبه بشخص مشفق يمنع الدواب عنها وهن يغلبنه وفى الحديث اخبار عن فرط شفقته على أمته وحفظهم من العذاب ولا شك فيه لان الأمم فى حجر الأنبياء كالصبيان الأغبياء فى أكناف الآباء صلوات الله عليهم وسلامه وفى الحديث (ان مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة اخرى انما هى قيعان لا تمسك ماء فذلك مثل من فقه فى دين الله ونفعه الله بما بعثني به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع لذلك رأسا) اى لم يلتفت اليه بالعمل ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به انتهى فعلم العالم العامل المعلم كالمطر الواقع على التربة الطيبة وعلم العالم المعلم الغير العامل كالمطر الواقع على الاجادب واما الذي لا يقبل الهدى أصلا فكان كالارض التي لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فكما انها ليس فيها ماء ولا كلأ فكذا الكافر والجاهل ليس فيه علم ولا عمل فلا لنفسه نفع ولا لغيره اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها يقال توفاه الله قبض روحه كما فى القاموس والأنفس جمع نفس بسكون الفاء وهى النفس الناطقة المسماة عند اهل الشرع بالروح الإضافي الإنساني السلطاني فسميت نفسا باعتبار تعلقها بالبدن وانصياعها باحكامه والتلبس بغواشيه وروحا باعتبار تجردها فى نفسها ورجوعها الى الله تعالى. فالنفس ناسوتية سفلية والروح لاهوتية علوية قالوا الروح الإنساني جوهر بسيط محرك للجسم وليس هو حالا فى البدن كالحلول السرياني ولا كالحلول الجواري ولكن له تعلق به تعلق التدبير والتصرف والروح الحيواني اثر من آثار هذا الروح على ما سبق منى تحقيقه فى سورة الاسراء عند قوله تعالى (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) فهو من الروح الإنساني كالقمر من الشمس فى استفاضة النور والبهائم تشارك فيه الإنسان وهو الروح الذي يتصرف فى تعديله وتقويته علم الطب ولا يحمل الامانة والمعرفة والتراب يأكل محله وهو البدن العامي لان الله تعالى حرم على الأرض(8/113)
ان تأكل أجساد الأنبياء والصديقين والشهداء بخلاف الروح الإنساني فانه حامل الامانة والمعرفة والايمان ويتصرف فيه علم الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة بتوسط الحكماء الإلهيين ولا يأكله التراب وهو باعتبار كونه نفسا هو النبي والولي والمشار اليه بانا والمدرج فى الخرقة بعد مفارقته عن البدن والمسئول فى القبر والمثاب والمعاقب وليس له علاقة مع البدن سوى ان يستعمله فى كسب المعارف بواسطة شبكة الحواس فان البدن آلته ومركبه وشبكته وبطلان الآلة والمركب والشبكة لا يوجب بطلان الصياد نعم بطلت الشبكة بعد الفراغ من الصيد فبطلانها غنيمة إذ يتخلص من حملها وثقلها ولذا قال عليه السلام (الموت تحفة المؤمن) اما لو بطلت الشبكة قبل الصيد فقد عظمت فيه الحسرة والندامة ولذا يقول المقصرون (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) الآية. والموت زوال القوة الحساسة
كما ان الحياة وجود هذه القوة ومنه سمى الحيوان حيوانا ومبدأ هذه القوة هو الروح الحيواني الذي محله الدماغ كما ان محل الروح الإنساني القلب الصنوبري ولا يلزم من ذلك تحيزه فيه وان كانت الأرواح البشرية متحيزة عند اهل السنة. ثم ان الإنسان مادام حيا فهو انسان بالحقيقة فاذا مات فهو انسان بالمجاز لان انسانيته فى الحقيقة انما كانت بتعلق الروح الإنساني وقد فارقه: وفى المثنوى
جان زريش وسبلت تن فارغست ... ليك تن بي جان بود مرداريست «1»
ومعنى الآية يقبض الله الأرواح الانسانية عن الأبدان بان يقطع تعلقها عنها وتصرفها فيها ظاهرا وباطنا وذلك عند الموت فيزول الحسن والحركة عن الأبدان وتبقى كالخشب اليابس ويذهب العقل والايمان والمعرفة مع الأرواح وفى الوسيط (حِينَ مَوْتِها) اى حين موت أبدانها وأجسادها على حذف المضاف يقول الفقير ظاهره يخالف قوله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) فان المفهوم منه ان الموت يطرأ على النفوس لا على البدن اللهم الا ان يقال المراد ان الله تعالى يتوفى الأرواح حين موت أبدانها بمفارقة أرواحها عنها وأسند القبض اليه تعالى لانه الآمر للملائكة القابضين وفى زهرة الرياض التوفى من الله الأمر بخروج الروح من البدن لو اجتمعت الملائكة لم يقدروا على إخراجه فالله يأمره بالخروج كما امره بالدخول ومن الملائكة المعالجة وإذا بلغت الحنجرة يأخذها ملك الموت على الايمان او الكفر انتهى على ان من خواص العباد من يتولى الله قبض روحه كما روى ان فاطمة الزهراء رضى الله عنها لما نزل عليها ملك الموت لم ترض بقبضه فقبض الله روحها واما النبي عليه السلام فانما قبضه ملك الموت لكونه مقدم الامة وكما قال ذو النون المصري قدس سره الهى لا تكلنى الى ملك الموت ولكن اقبض روحى أنت ولا تكلنى الى رضوان وأكرمني أنت ولا تكلنى الى مالك وعذبنى أنت نسأل الله الفضل على كل حال وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها قوله فى منامها متعلق بيتوفى المقدر. المنام والنوم واحد وهو استرخاء اعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد اليه وقيل هو ان يتوفى الله النفس من غير موت كما فى الآية وقيل النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل وهذه التعريفات كلها صحيح ينظرات مختلفة والمعنى
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان باز كشتن بحكايت غلام كه رقعه نوشت سوى شاه إلخ(8/114)
ويتوفى الأنفس التي لم تمت فى منامها اى يتوفاها حين نومها بان يقطع تعلقها عن الأبدان وتصرفها فيها ظاهرا لا باطنا فالنائم يتنفس ويتحرك ببقاء الروح الحيواني ولا يعقل ولا يميز بزوال الروح الإنساني ومثل النوم حال الانسلاخ عند الصوفية الا ان المنسلخ حال اليقظة أقوى حالا وشهودا من المنسلخ حال النوم وهو النائم وعبر عن الموت والنوم بالتوفى تشبيها للنائمين بالموتى لعدم تميزهم ولذا ورد النوم أخو الموت وعن على رضى الله عنه ان الروح يخرج عند النوم ويبقى شعاعه فى الجسد فلذلك يرى الرؤيا فاذا انتبه عاد روحه الى جسده بأسرع من لحظة- ويروى- ان أرواح المؤمنين تعرج عند النوم الى السماء فمن كان منهم طاهرا اى على وضوء اذن له فى السجود لله تعالى تحت العرش ومن لم يكن منهم طاهرا لم يؤذن له فيه فلذلك يستحب ان ينام الرجل على الوضوء لتصدق رؤياه ويكون له مع الله معاملات ومخاطبات قال بعضهم خلق الله الأرواح على اللطافة والأجساد على الكثافة فلما أمرت بالتعلق بالأجساد انقبضت من الاحتجاب بها فجعل الله النوم والانسلاخ سببا لسيرها فى عالم الملكوت حتى يتجدد لها المشاهدة وتزيد الرغبة فى قرب المولى وانما يستريح العبد ويجد اللذة فى النوم لانه فى يد الله وهو ارحم الراحمين ويضطرب ويجد الألم فى الموت لانه فى يد ملك الموت وهو أشد الخلائق أجمعين فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ إمساك شىء تعلق به وحفظه والقضاء الحكم اى يمسك انفس الأموات عنده ولا يردها الى البدن وذلك الإمساك انما هو فى عالم البرزخ الذي تكون الأرواح فيه بعد المفارقة من النشأة الدنيوية وهو غير البرزخ بين الأرواح المجردة والأجسام اى غير عالم المثال الذي كان النوم او الانسلاخ سببا للدخول فيه لان مراتب تنزلات الوجود ومعارجه دورية والمرتبة التي قبل النشأة الدنيوية هى من مراتب التنزلات ولها الاولية والتي بعدها هى من مراتب المعارج ولها الآخرية وايضا الصور التي تلحق الأرواح فى البرزخ الأخير انما هى صور الأعمال ونتائج الافعال السابقة فى النشأة الدنيوية بخلاف صور البرزخ الاول فلا يكون شىء منهما عين الآخرة لكنهما يشتركان فى كونهما عالما روحانيا وجوهرا نورانيا غير مادى مشتملا على مثال صور العالم وَيُرْسِلُ الْأُخْرى اى ويرسل انفس الاحياء وهى النائمة الى أبدانها عند اليقظة والنزول من عالم المثال المقيد ولعالم المثال شبه بالجوهر الجسماني فى كونه محسوسا مقداريا وبالجوهر العقلي المجرد فى كونه نورانيا فجعل الله عالم المثال وسطا شبيها بكل من الطرفين حتى يتجسد اولا ثم يتكاثف ألا ترى ان حقيقة العلم الذي هو مجرد يتجسد بالصورة التي فى عالم المثال إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى هو الوقت المضروب لموتها وهو غاية لجنس الإرسال اى لا لشخصه حتى يرد لزوم ان لا يقع نوم بعد اليقظة الاولى وعن سعيد بن جبير ان أرواح الاحياء وأرواح الأموات تلتقى فى المنام فيتعارف منها ما شاء الله ان يتعارف فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى أجسادها الى انقضاء مدة حياتها وفى الاسئلة المقحمة يقبض الروح حال النوم ثم يمسك الروح التي قضى الموت على صاحبها ووافق نومه اجله انتهى. فيكون قوله فيمسك متفرعا على قوله والتي(8/115)
لم تمت ويؤيده قوله عليه السلام (إذا أوى أحدكم الى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فانه لا يدرى ما خلف عليه ثم يقول باسمك ربى وضعت جنبى وبك ارفعه ان أمسكت نفسى فارحمها وان أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) وفيه اشارة الى ان المقصود من الحياة هو الصلاح وما عداه ينبغى ان يكون وسيلة اليه إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من التوفى على الوجهين والإمساك فى أحدهما والإرسال فى الآخر لَآياتٍ عجيبة دالة على كمال قدرته وحكمته وشمول رحمته لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فى كيفية تعلق الأرواح بالأبدان وتوفيها عنها تارة بالكلية كما عند الموت وإمساكها باقية بعد الموت لا تفنى بفناء الأبدان وما يقربها من السعادة والشقاوة واخرى عن ظواهرها فقط كما عند النوم وإرسالها حينا بعد حين الى انقضاء آجالها وانقطاع أنفاسها وفى الكواشي (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فيستدلون على ان القادر على ذلك قادر على البعث كما قال الكاشفى [براى كروهى كه تفكر كنند در امر أماته كه مشابه نوم است ودر أحيا كه
مماثلتست به يقظه ودر تورات مذكور است كه اى فرزند آدم چنانچهـ در خواب ميروى بميرد و چنانچهـ بيدار ميكردى برانگيخته شوى] فالموت باب وكل الناس داخله وفى الحديث القدسي (ما ترددت فى شىء انا فاعله كترددى فى قبض نفس عبدى المؤمن) لما كان التردد وهو التحير بين الشيئين لعدم العلم بان الأصلح أيهما محالا فى حق الله تعالى حمل على منتهاه وهو التوقف يعنى ما توقفت فيما افعله مثل توقفى فى قبض نفس المؤمن فانى أتوقف فيه وأريه ما اعددت له من النعم والكرامات حتى يميل قلبه الى الموت شوقا الى لقائى. ويجوز ان يراد من تردده تعالى إرسال اسباب الهلاك الى المؤمن من الجوع والمرض وغيرهما وعدم إهلاكه بها ثم إرسالها مرة اخرى حتى يستطيب الموت ويستحلى لقاءه كذا فى شرح السنة (يكره الموت) استئناف جواب عمن قال ما سبب ترددك أراد به شدة الموت لان الموت نفسه يوصل المؤمن الى لقاء الله فكيف يكرهه المؤمن وفى الحديث (ان أحدكم لن يرى ربه حتى يموت)
تا نميرد بنده از هستى تمام ... او نبيند حق تعالى والسلام
مرك پيش از مرك امنست اى فتى ... اين چنين فرمود ما را مصطفى
قال بعضهم [واز موت كراهت داشتن بنده را سبب آنست كه محجوبست از ادراك لذت وصال وكمال عزتى كه او را بعد از موت حاصل خواهد شد] (وانا اكره مساءته) اى ايذاءه بما يلحقه من صعوبة الموت وكربه (ولا بد له منه) اى للعبد من الموت لانه مقدر لكل نفس قال بعضهم [واگر چهـ حق تعالى كراهت دارد كه روح چنان بنده قبض كند اما چون وقت آيد از غايت محبت كه با بنده دارد حجاب جسم كه نقاب رخساره روح است براندازد]
حجاب چهره جان ميشود غبار تنم ... خوشا دمى كه ازين چهره پرده برفكنم
فعلى العاقل ان يتهيأ للموت بتحصيل حضور القلب وصفاء البال فان كثيرا من ارباب الحال والمقال وقعوا فى الاضطراب عند الحال: وفى المثنوى(8/116)
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44)
آن هنرهاى دقيق وقال وقيل ... قوم فرعونند أجل چون آب نيل «1»
سحرهاى ساحران دان جمله را ... مرك چوبى دانكه آن شد اژدها
جادويها را همه يك لقمه كرد ... يك جهان پر شب بد آن را صبح خورد
آتش ابراهيم را دندان نزد ... چون كزيده حق بود چونش كزد «2»
همچنين باد أجل بر عارفان ... نرم وخوش همچونسيم يوسفان
أَمِ اتَّخَذُوا نزلت فى اهل مكة حيث زعموا ان الأصنام شفعاؤهم عند الله فقال الله تعالى منكرا عليهم أم اتخذوا اى بل اتخذ قريش فام منقطعة بمعنى بل والهمزة مِنْ دُونِ اللَّهِ من دون اذنه تعالى شُفَعاءَ تشفع لهم عنده تعالى وهى الأصنام جمع شفيع. والشفع ضم الشيء الى مثله والشفاعة الانضمام الى آخر مسائلا عنه واكثر ما يستعمل فى انضمام من هو أعلى رتبة الى من هو ادنى ومنه الشفاعة يوم القيامة قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ الهمزة لانكار الواقع واستقباحه والتوبيخ عليه والواو للحال عند الجمهور والمعنى قل يا محمد للمشركين أفتتخذون الأصنام شفعاء ولو كانوا لا يملكون شيأ من الأشياء ولا يعقلونه فضلا عن ان يملكوا الشفاعة عند الله ويعقلوا انكم تعبدونهم: يعنى [توقع شفاعت مكنيد از جمادات وحال آنكه ايشان از قدرت وعلم بى بهره اند] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان اتخاذ الأشياء للعبادة او للشفاعة بالهوى والطبع لا بامر الله ووفق الشرع يكون ضلالة على ضلالة وان المقبول من العبادة والشفاعة ما يكون بامر الله ومتابعة نبيه عليه السلام على وفق الشرع وذلك لان حجاب العبد هو الهوى والطبع وانما أرسل الأنبياء لنفى الهوى لتكون حركات العباد وسكناتهم بامر الحق تعالى ومتابعة الأنبياء لا بامر الهوى ومتابعة النفس لان النفس وهواها ظلمانية والأمر ومتابعة الأنبياء نورانية والشهوات ظلمانية ولكن العبد إذا عبد الله بالهوى والطبع تصير عبادته ظلمانية فاذا جامع زوجته بالأمر على وفق الشرع تصير شهوته نورانية قُلْ بعد تبكيتهم وتجهيلهم بما ذكر تحقيقا للحق لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً نصب على الحال من الشفاعة اى هو الله تعالى مالك الشفاعة لا يستطيع أحد شفاعة ما الا ان يكون المشفوع له مرتضى والشفيع مأذونا له وكلاهما مفقود هاهنا قال البقلى بين انه تعالى مرجع الكل الشافع والمشفع فيه حتى يرجع العبد العارف اليه بالكلية ولا يلتفت الى أحد سواه فلا يصل اليه أحد الا به قال الله تعالى (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) ونعم ما قالت رابعة رحمها الله محبة الله تعالى ما أبقت محبة غيره ففيه اشارة الى ان محبة الرسول عليه السلام مندرجة فى محبة الله تعالى فمن أحب الله حبا حقيقيا أحب الله ان يأذن لحبيبه فى شفاعته ومن أحب رسول الله من غير محبة الله لم يؤذن له فى الشفاعة ألا ترى ان قوما افرطوا فى حب على رضى الله عنه ونسوا محبة الله فنفاهم علىّ بل احرق بعضهم لَهُ تعالى وحده مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وما فيهما من المخلوقات لا يملك أحد ان يتكلم فى امر من أموره بدون اذنه ورضاه وأشار الى ان الله تعالى هو المالك حقيقة فان ما سواه عبد ولا ملك للعبد ولو ملكه مولاه وانما
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه عارف را غداييست از نور حق إلخ.
(2) در أوائل دفتر يكم در بيان قصه هلاك كردن باد قوم هود عليه السلام إلخ [.....](8/117)
وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)
هو عارية عنده والعارية مردودة الى مالكها ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ يوم القيامة لا الى أحد سواه لا استقلالا ولا اشتراكا فيفعل يومئذ ما يريد وفى الكواشي يحصى أعمالكم ثم الى حسابه ترجعون اى تردون فيجازيكم فاحذروا سخطه واتقوا عذابه فياربح الموحدين يومئذ ويا خسارة المشركين وفى الحديث (شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي) والمراد امة الاجابة فالكفر اكبر الكبائر وصاحبه مخلد فى النار لا شفاعة له فان قلت الحكم فى المكروه ان يستحق مرتكبه حرمان الشفاعة كما ذكر فى التلويح فيكون حرمان اهل الكبائر اولى قلت استحقاق حرمانها لا يوجب الحرمان بالفعل [شيخ علاء الدولة در عروه كويد جميع فرق إسلامية اهل نجاتند ومراد از ناجيه در حديث (ستفرق أمتي على نيف وسبعين فرقة والناجية منها واحدة) ناجيه بي شفاعتيست] واعلم ان افتخار الخلق فى الدنيا بعشرة ولا ينفع ذلك يوم القيامة الاول المال فلو نفع المال لاحد لنفع قارون قال الله تعال (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ) والثاني الولد فلو نفع الولد لاحد لنفع ابراهيم عليه السلام أباه آزر قال تعالى (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) والثالث الجمال فلو نفع الجمال لنفع اهل الروم لأن لهم تسعة أعشار الجمال قال الله تعالى (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) والرابع الشفاعة فلو نفعت الشفاعة لنفع الرسول من أحب إيمانه قال تعالى (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) كأنه قال أنت شفيعى فى الجنايات لا شريكى فى الهدايات والخامس الحيلة فلو نفعت الحيلة لنفع الكفار مكرهم قال تعالى (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) والسادس الفصاحة فلو نفعت الفصاحة لنفعت العرب قال تعالى (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) والسابع العز فلو نفع العز لنفع أبا جهل قال تعالى (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) والثامن الأصدقاء فلو نفع الأصدقاء لنفعوا الفساق قال الله تعالى (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) والتاسع الاتباع فلو نفع التبع لنفع الرؤساء قال تعالى (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا) والعاشر الحسب فلو نفع الحسب لنفع يعقوب اليهود لانهم أولاد يعقوب قال تعالى (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) وقال الشيخ سعدى [خاكستر اگر چهـ نسب عالى دارد كه آتش جوهر علويست وليكن چون بنفس خود هنرى ندارد با خاك برابر است قيمت شكر نه از نى است كه آن خاصيت ويست]
چون كنعانرا طبيعت بى هنر بود ... پيمبر زادگى قدرش نيفزود
هنر بنماى اگر دارى نه كوهر ... كل از خارست وابراهيم از آزر
فاذا عرفت هذه الجملة فارجع الى الله تعالى من الأسباب الغير النافعة وذلك بكمال الايمان والتقوى وَإِذا [و چون وآنگاه كه] ذُكِرَ اللَّهُ حال كونه وَحْدَهُ اى منفردا دون آلهة المشركين والعامل فى إذا قوله اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ انقبضت ونفرت قلوب الذين لا يصدقون بيوم القيامة. والشمز نفور النفس مما تكره وتشمز وجهه تقبض والاشمئزاز هو ان يمتلىء القلب غيظا وغما ينقبض منه أديم الوجه وهو غاية ما يمكن من الانقباض ففيه مبالغة فى بيان حالهم القبيحة وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ(8/118)
قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (48) فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (49)
اى من دون الله يعنى الأوثان فرادى او مع ذكر الله إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ يفرحون ويظهر فى وجوههم البشر وهو اثر السرور لفرط افتتانهم بها ونسيانهم الحق. والاستبشار هو ان يمتلىء القلب سرورا حتى تنبسط له بشرة الوجه وهو نهاية ما يمكن من الانبساط ففيه مبالغة ايضا فى بيان حالهم القبيحة والعامل فى إذا هو العامل فى إذا المفاجأة تقديره وقت ذكر الذين من دونه فاجأوا وقت الاستبشار: والمعنى بالفارسية [آنگاه ايشان تازه وفرحناك شوند بجهت فراموشى از حق ومشغولى بباطل اما كار مؤمن بر عكس اينست از ياد خداى تعالى شادان وبذكر ما سوى غمكين است]
نامت شنوم دل از فرح زنده شود ... قال من از اقبال تو فرخنده شود
از غير تو هر جا سخن آيد بميان ... خاطر بهزاران غم پراكنده شود
- حكى- ان بعض الصلحاء ذكر عند رابعة العدوية الدنيا وذمها فقالت من أحب شيأ اكثر ذكره واعلم ان هؤلاء المشركين كامثال الصبيان فكما انهم يفرحون بالافراس الطينية والأسود الخشبية وبمذاكرة ما هو لهو ولعب فكذا اهل الأوثان لكون نظرهم مقصورا على الصور والأشباح فكل قلب لا يعرف الله فانه لا يأنس بذكر الله ولا يسكن اليه ولا يفرح به فلا يكون مسكن الحق اوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام يا موسى أتحب ان نسكن معك ببيتك فخر لله ساجدا ثم قال يا رب وكيف تسكن معى فى بيتي فقال يا موسى أما علمت انى جليس من ذكرنى وحيث ما التمسنى عبدى وجدنى كما فى المقاصد الحسنة فعلم ان من ذكر الله فالله تعالى جليسه ومن ذكر غير الله فالشيطان جليسه: قال الشيخ
اگر مرده مسكين زبان داشتى ... بفرياد وزارى فغان داشتى
كه اى زنده چون هست إمكان كفت ... لب از ذكر چون مرده برهم مخفت
چوما را بغفلت بشد روزكار ... تو بارى دمى چند فرصت شمار
وفى الحديث (إذا كان يوم حار فقال الرجل لا اله الا الله ما أشد حر هذا اليوم اللهم أجرني من حر جهنم قال الله تعالى لجهنم ان عبدا من عبيدى استجارنى من حرك فانى أشهدك انى قد أجرته وان كان يوم شديد البرد فقال العبد لا اله الا الله ما أشد برد هذا اليوم اللهم أجرني من زمهرير جهنم قال الله تعالى لجهنم ان عبدا من عبادى استجارنى من زمهريرك وانى أشهدك انى قد أجرته) قالوا وما زمهرير جهنم قال (بيت يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة برده بعضه من بعض) : وفى المثنوى
در حديث آمد كه مؤمن در دعا ... چون أمان خواهد ز دوزخ از خدا «1»
دوزخ از وى هم أمان خواهد بجان ... كه خدايا دور دارم از فلان
فعلى العاقل ان لا ينقطع عن الذكر ويستبشر به فالله تعالى معه معينه قُلِ اللَّهُمَّ الميم بدل من حرف النداء والمعنى قل يا محمد يا الله فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ نصب بالنداء اى يا خالق السموات والأرض على اسلوب بديع عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ يا عالم كل ما غاب عن العباد وكل ما شهدوه اى التجئ يا محمد اليه تعالى بالدعاء لما تحيرت فى امر الدعوة وضجرت
__________
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان حديث جزيا مؤمن فان نورك اطفأ نارى إلخ(8/119)
وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47)
من شدة شكيمتهم فى المكابرة والعناد فانه القادر على الأشياء بجملتها والعالم باحوالها برّمتها أَنْتَ وحدك تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ اى بينى وبين قومى وكذا بين سائر العباد فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اى يختلفون فيه من امر الدين اى تحكم حكما يسلمه كل مكابر ويخضع له كل معاند وهو العذاب الدنيوي او الأخروي والثاني انسب بما بعد الآية وفيه اشارة الى اختلاف بين الموحدين والمشركين فان الموحدين باشروا الأمور بالشرع على ما اقتضاه الأمر والمشركين بالطبع على ما استدعاه الشهوة والهوى والله تعالى يحكم بينهم فى الدنيا والآخرة. اما فى الدنيا فبالعفو والفضل والكرم وتوفيق التوبة والانابة وإصلاح ذات البين. واما فى الآخرة فبالعدل والنصفة وانتقام بعضهم من بعض- كان الربيع- بكسر الباء من المحدثين لا يتكلم الا فيما يعنيه فلما قتل الحسين رضى الله عنه قيل الآن يتكلم فقرأ قل اللهم الى قوله يختلفون وروى انه قال قتل من كان يجلسه النبي عليه السلام فى حجره ويضع فاه على فيه وعن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح صلاته من الليل يقول (اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بامرك انك تهدى من شئت الى صراط مستقيم) وفى الآية اشارة الى ان الحاكم الحقيقي هو الله تعالى وكل حكمه وقضائه عدل محض وحكمة بخلاف حكم غيره تعالى وفى الحديث (ليس أحد يحكم بين الناس إلا جيء يوم القيامة مغلولة يداه الى عنقه فكفه العدل وأسلمه الجور) وقال فى روضة الأخيار كان عمر بن هبيرة امير العراق وخراسان فى ايام مروان بن محمد فدعا أبا حنيفة الى القضاء ثلاث مرات فابى فحلف ليضربنه بالسياط وليسجننه وفعل حتى انتفخ وجه ابى حنيفة ورأسه من الضرب فقال الضرب بالسياط فى الدنيا أهون علىّ من مقامع الحديد فى الآخرة ونعم ما قال من قال
بو حنيفة قضا نكرد وبمرد ... تو بميرى اگر قضا نكنى
وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً حال من ما اى لو ان لهم جميع ما فى الدنيا من الأموال والذخائر وَمِثْلَهُ مَعَهُ [ومانند آن همه مالها بآن] لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ يقال افتدى إذا بذل المال عن نفسه فان الفداء حفظ الإنسان من النائبة بما يبذله عنه اى لجعلوا كل ذلك فدية لانفسهم من العذاب الشديد لكن لا مال يوم القيامة ولو كان لا يقبل الافتداء به وهذا وعيد شديد واقناط لهم من الخلاص وفى التأويلات النجمية يشير الى ان هذه الجملة لا يقبل يوم القيامة لدفع العذاب واليوم هاهنا تقبل ذرة من الخير ولقمة من الصدقة وكلمة من التوبة والاستغفار كما انهم لو تابوا وبكوا فى الآخرة بالدماء لا يرحم بكاؤهم وبدمعة واحدة اليوم يمحى كثير من ذنوبهم: وفى المثنوى
آخر هر كريه آخر خنده ايست ... مرد آخر بين مبارك بنده ايست «1»
أشك كان از بهر او بارند خلق ... كوهر است وأشك پندارند خلق «2»
ألا ترى الى دموع آدم وحواء عليهما السلام حيث صارت جواهر فى الدنيا فكيف فى العقبى
__________
(1) لم أجد
(2) در اواسط دفتر يكم در بيان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ان سعدا لغيور إلخ(8/120)
وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (48) فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (49)
وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ يقال بدا الشيء بدوّا وبداء اى ظهر ظهورا بينا. والاحتساب الاعتداد بالشيء من جهة دخوله فيما يحسبه اى ظهر لهم يوم القيامة من فنون العقوبات ما لم يكن فى حسابهم فى الدنيا وفى ظنهم انه نازل بهم يومئذ قال الكاشفى [پنداشت ايشان آن بود كه بوسيله شفاعت بتان رتبه قرب يابند] وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا سيآت أعمالهم او كسبهم حين تعرض عليهم صحائفهم وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ اى نزل وأصاب وأحاط بهم وبال استهزائهم وجزاء مكرهم وكانوا يستهزؤن بالكتاب والمسلمين والبعث والعذاب ونحو ذلك وهذه الآية اى قوله (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ) إلخ غاية فى الوعيد لا غاية وراءها ونظيره فى الوعد قوله تعالى (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) وفى التأويلات النجمية وفى سماع هذه الآية حسرة لاصحاب الانتباه وفى بعض الاخبار ان قوما من المسلمين من اصحاب الذنوب يؤمر بهم الى النار فاذا وافوها يقول لهم مالك من أنتم فان الذين جاؤا قبلكم من اهل النار وجوههم مسودة وعيونهم زرق وانكم لستم بتلك الصفة فيقولون نحن لم نتوقع ان نلقاك وانما انتظرنا شيأ آخر قال الله تعالى وبدا لهم من الله الى يستهزؤن وقال ابو الليث يعملون أعمالا يظنون ان لهم ثوابا فيها فلم تنفعهم مع شركهم فظهرت لهم العقوبة مكان الثواب وفى كشف الاسرار [از حضرت رسالت عليه السلام تفسير آيت (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ) إلخ پرسيدند فرمود] هى الأعمال حسبوها حسنات فوجدوها فى كفة السيئات وقال بعضهم ظاهر الآية يتعلق باهل الرياء والسمعة افتضحوا يوم القيامة عند المخلصين وعن سفيان الثوري رحمه الله انه قرأها فقال ويل لاهل الرياء ثلاثا
پنداشت مرايى كه عملهاى نكوست ... مغزى كه بود خلاصه كار ز دوست
چون پرده ز روى كار برداشته كشت ... بر خلق عيان شد كه نبود الا پوست
[يكى از مشايخ يعنى محمد بن المنكدر بوقت حلول أجل جزع ميكرد پرسيدند كه سبب چيست فرمود كه مى ترسم چيزى ظاهر كردد كه من آنرا در حساب نمى داشتم] قال سهل اثبتوا لانفسهم أعمالا فاعتمدوا عليها فلما بلغوا الى المشهد الأعلى رأوها هباء منثورا فمن اعتمد على الفضل نجا ومن اعتمد على أفعاله بدا له منها الهلاك وفى عرائس البقلى رحمه الله هذه الآية خير من الله للذين فرحوا بما وجدوا فى البدايات مما يغترّبه المغترون وقاموا به وظنوا ان لا مقام فوق مقامهم فلما رأوا بخلاف ظنونهم ما لاهل معارنه وأحبابه وعشاقه من درجات المعرفة وحقائق التوحيد ولطائف المكاشفات وغرائب المشاهدات ماتوا حسرة. فانظر الى هذه المعاني الشريفة فى هذا المقام فان كلا منها يحتمله الكلام بل وأزيد منها على ما لا يخفى على ذوى الافهام واجتهد فى ان يبدو لك من الثواب ما لم يكن يخطر ببالك ان تكون مثابا به وذلك بالإخلاص والفناء التام حتى يكون الله عندك عوضا عن كل شىء فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا اخبار عن الجنس بما يفعله غالب افراده والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها اى ان المشركين ليشمئزون عن ذكر الله وحده ويستبشرون بذكر الآلهة فاذا مسهم ضر اى أصابهم سوء حال من مرض وفقر ونحوهما دعوا لدفعه من اشمأزوا عن ذكره وهو الله تعالى لمناقضتهم وتعكيسهم(8/121)
قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (50) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (51) أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)
فى التسبب حيث جعلوا الكفر سببا فى الالتجاء الى الله بان أقاموه مقام الايمان مع ان الواجب ان يجعل الايمان سببا فيه ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا أعطيناه إياها تفضلا فان التخويل مختص بما كان بطريق التفضل لا يطلق على ما اعطى بطريق الجزاء قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ اى على علم منى بوجوه كسبه: يعنى [وجوه كسب وتحصيل آنرا دانستم وبكياست وكفايت من حاصل شد] او بانى ساعطاه لمالى من الفضل والاستحقاق او على علم من الله باستحقاقى: يعنى [خدا دانست كه من مستحق اين نعمتم] والهاء لما ان جعلت موصولة بمعنى ان الذي أوتيته وللنعمة ان جاءت كافة والتذكير لما ان المراد شىء من النعمة وقسم منها ثم قال تعالى ردا لما قاله بَلْ [نه چنين است ميكويد] هِيَ اى النعمة ويجوز ان يكون تأنيث الضمير باعتبار الخبر وهو قوله فِتْنَةٌ للانسان اى محنة وابتلاء له أيشكر أم يكفر تقول فتنت الذهب إذا أدخلته النار لتنظر ما جودته وتختبره وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ اى اكثر الناس لا يَعْلَمُونَ ان التخويل استدراج وامتحان قَدْ قالَهَا اى تلك الكلمة او الجملة وهى قوله (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وهم قارون وقومه حيث قال انما أوتيته على علم عندى وهم راضون به يعنى لما رضى قومه بمقالته جمعوا معه وقال بعضهم يجوز ان يكون جميع من تقدمنا من الخيار والشرار فيجوز ان يوجد فى الأمم المتقدمة من يقول تلك الكلمة غير قارون ايضا ممن أبطرته النعمة واغتر بظاهرها فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ من متاع الدنيا ويجمعون منه يعنى ان النعمة لم تدفع عنهم النقمة والعذاب ولم ينفعهم ذلك يقال اغنى عنه كذا إذا كفاه كما فى المفردات فَأَصابَهُمْ [پس رسيد ايشانرا] سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا جزاء سيآت أعمالهم واجزية ما كسبوا وتسميتها سيآت لانها فى مقابلة سيآتهم وجزاء سيئة سيئة مثلها ففيه رمز الى ان جميع أعمالهم من قبيل السيئات والمعنى انهم ظنوا ان ما آتيناهم لكرامتهم علينا ولم يكن كذلك لانهم وقعوا فى العذاب ولم تنفعهم أموالهم وهذا كما قال اليهود (نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) فقال تعالى خطابا لحبيبه عليه السلام (قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) يعنى ان المكرم المقرب عند الله لا يعذبه الله وانما يعذب الخائن المهين المهان ثم أوعد كفار مكة فقال وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ المشركين المعاصرين لك يا محمد ومن للبيان او للتبعيض اى افرطوا فى الظلم والعتوّ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا من الكفر والمعاصي كما أصاب أولئك والسين للتأكيد وقد أصابهم اى أصابهم حيث قحطوا سبع سنين وقتل أكابرهم يوم بدر وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ الله تعالى عن تخلى ذاتهم بحسب أعمالهم واخلاقهم وقال الكاشفى [عاجز كنندكان ما را از تعذيب يا پيشى گيرندگان بر عذاب] يعنى يدركهم العذاب ولا ينجون منه بالهرب أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أقالوا ذلك ولم يعلموا او اغفلوا ولم يعلموا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ ان يبسط له اى يوسعه فان بسط الشيء نشره وتوسيعه: يعنى [نه براى رفعت قدر او بلكه بمحض مشيت] وَيَقْدِرُ لمن يشاء ان يقدره له اى يقتر ويضيق له من غير ان يكون لاحد مدخل ما فى ذلك حيث حبس عنهم الرزق سبعا ثم بسط لهم سبعا وقال الكاشفى [وننك ميكند(8/122)
بر هر كه ميخواهد نه براى خوارى وبى مقدارىء او بلكه از روى حكمت]- روى- انهم أكلوا فى سنى القحط الجيف والجلود والعظام والعلهز وهو الوبر بان يخلط الدم باوبار الإبل ويشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع فلم ينفعهم ذلك حيث أصروا على الكفر والعناد إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من القبض والبسط لَآياتٍ دالة على ان الحوادث كافة من الله تعالى بوسط عادى او غيره لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إذ هم المستدلون بتلك الآيات على مدلولاتها وفى الآيات فوائد منها ان من خصوصية نفس الإنسان ان تضطرّ الى الله تعالى بالدعاء والتضرع فى الشدة والضر والبلاء فلا عبرة بهذا الرجوع بالاضطرار الى الله تعالى لانه إذا أنعم الله عليه بالخلاص والعافية من تلك الشدة والبلاء اعرض عن الله ويكفر بالنعمة ويقول ان ما أوتيته على علم عندى وانما العبرة بالرجوع الى الله والتعرف اليه
فى الرخاء كما قال عليه السلام (تعرّف الى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة) ومنها ان المدعين يقولون نحن اهل الله فاذا وصل إليهم بلاؤه فزعوا اليه ليرفع عنهم البلاء طلبا لراحة أنفسهم ولا يرون المبلى فى البلاء وهم مشركون فى طريق المعرفة فاذا وصل إليهم نعمة ظاهرة احتجبوا بها فاذا هم اهل الحجاب من كلا الطرفين احتجبوا بالبلاء عن المبلى وبالنعمة عن المنعم قال الجنيد رضى الله عنه من يرى البلاء ضرا فليس بعارف فان العارف من يرى الضر على نفسه رحمة والضر على الحقيقة ما يصيب القلوب من القسوة والرين والنعمة اقبال القلوب على الله تعالى ومن رأى النعمة على نفسه من حيث الاستحقاق فقد جحد النعمة ومنها ان اكثر اهل النعمة لا يعلمون فتنة النعمة وسوء عاقبتها وببطر النعمة والاغترار بها تقسو قلوبهم وتستولى عليهم الغفلة وتطمئن نفوسهم بها وتنسى الآخرة والمولى ومنها ان نعمة الدنيا والآخرة وسعادتهما وكذا نقمتهما وشقاوتهما مبنية على مشيئة الله تعالى لا على مشيئة العباد فالاوجب للمؤمنين ان يخرجوا عن مشيئتهم ويستسلموا لمشيئة الله وحكمه وقضائه
كليد قدر نيست در دست كس ... تواناى مطلق خدايست وبس
قال بعضهم
هر چهـ بايد بهر كه ميشايد ... تو دهى آنچنانكه مى بايد
تو شناسى صلاح كار همه ... كه تويى آفريدگار همه
ومنها ان ضيق حال اللبيب وسعة حال الأبله دليل على الرزاق وتقديره ويرد بهذه الآية على من يرى الغنى من الكيس والفقر من العجز اوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام أتدري لم رزقت الأحمق قال يا رب لا قال ليعلم العاقل ان طلب الرزق ليس بالاحتيال فالكل بيد الله ألا الى الله تصير الأمور وبه ظهر فساد قول ابن الراوندي
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه ... وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك الأوهام حائرة ... وصير العالم النحرير زنديقا
اى كافرا نافيا للصانع العدل الحكيم قائلا لو كان له الوجود لما كان الأمر كذلك ولقد احسن من قال(8/123)
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)
كم من اديب فهم عقله ... مستكمل العقل مقل عديم
ومن جهول مكثر ماله ... ذلك تقدير العزيز العليم
يعنى ان من نظر الى التقدير علم ان الأمور الجارية على اهل العالم كلها على وفق الحكمة وعلى مقتضى المصلحة ففيه ارشاد الى اثبات الصانع الحكيم لا الى نفى وجوده قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ قال الراغب السرف تجاوز الحد فى كل ما يفعله الإنسان وان كان ذلك فى الانفاق أشهر وقوله تعالى (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) يتناول الإسراف فى الأموال وفى غيرها انتهى. وتعدية الإسراف بعلى لتضمين معنى الجناية والمعنى افرطوا فى الجناية عليها بالإسراف فى المعاصي وارتكاب الكبائر والفواحش قال البيضاوي ومن تبعه اضافة العباد تخصصه بالمؤمن على ما هو عرف القرآن يقول الفقير قوله تعالى (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) ينادى على خلافه لان العباد فسر هاهنا ببخت نصر وقومه وكانوا كفارا بالاتفاق الا ان يدعى الفرق بين الاضافة بالواسطة وبغيرها وقال فى الوسيط المفسرون كلهم قالوا ان هذه الآية نزلت فى قوم خافوا ان اسلموا ان لا يغفر لهم ما جنوا من الذنوب العظام كالشرك وقتل النفس والزنى ومعاداة النبي عليه السلام والقتال معه فانزل الله هذه الآية وفرح النبي عليه السلام بهذه الآية ورآها أصحابه من أوسع الآيات فى مغفرة الذنوب انتهى وقال فى التكملة روى ان وحشيا قاتل حمزة رضى الله عنه كتب الى النبي عليه السلام يسأله هل له من توبة وكتب انه كان قد سمع فيما انزل الله بمكة من القرآن آيتين أيأستاه من كل خير وهما قوله تعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ) الى قوله (مُهاناً) فنزلت (إِلَّا مَنْ تابَ) إلخ فكتب بها رسول الله عليه السلام فخاف وحشي وقال لعلى لا أبقى حتى اعمل عملا صالحا فانزل الله (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) إلخ فقال وحشي انى أخاف ان لا أكون من مشيئة الله فانزل الله تعالى (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) إلخ فاقبل وحشي واسلم انتهى وعلى كل تقدير فخصوص السبب لا ينافى عموم اللفظ فدخل فيه كل مسرف لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) القنوط أعظم اليأس وفى المفردات اليأس من الخير: وبالفارسية [نوميد شدن از خير] والرحمة من الله تعالى الانعام والإعطاء والتفضل: وبالفارسية [بخشايش] وهو لا يكون فى الترتيب الوجودي الا بعد المغفرة التي هى ان يصون الله عبده من ان يمسه العذاب دل عليه قوله (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ولذا قالوا فى المعنى لا تيأسوا من مغفرته اولا وتفضله ثانيا نوميد مشو كه نااميدى كفر است [در معالم التنزيل آورده كه ابن مسعود رضى الله عنه در مسجد در آمد ديد كه واعظى ذكر آتش دوزخ وسلاسل وأغلال ميكند فرمود كه اى مذكر چرا نوميد مى كردانى مردمانرا مكر نخواندى آنرا كه ميفرمايد] قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ إلخ واعلم ان القنوط من رحمة الله علامة زوال الاستعداد والسقوط عن الفطرة بانقطاع الوصلة بين الحق والعبد إذ لو بقي شىء فى العبد من نوره الأصلي لادرك اثر رحمته الواسعة السابقة على غضبه فرجاء وصول(8/124)
ذلك الأثر اليه لاتصاله بعالم النور بتلك البقية وان أسرف وفرط فى جنب الله واما الياس فدليل الاحتجاب الكلى واسوداد الوجه فالله تعالى يغفر الذنوب جميعا بشرط بقاء نور التوحيد فى القلب فاذا لم يبق دخل فى قوله (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) فالقنوط من أعظم المصائب وقد أمهل تعالى عباده تفضلا منه الى وقت الغرغرة فلو رجع العبد الى الله قبل آخر نفس يتنفسه قبل إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ حال كونها جَمِيعاً كأنه قيل ما سبب النهى عن القنوط من الرحمة فاجيب بان سبب النهى هو (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) عفوا لمن يشاء ولو بعد حين بتعذيب فى الجملة وبغيره حسبما يشاء فهو وعد بغفران الذنوب وان كثرت وكانت صغائر او كبائر بعدد الرمال والأوراق والنجوم ونحوها. والعموم بمعنى الخصوص لان الشرك ليس بداخل فى الآية اجماعا وهى ايضا فى العاصي مقيدة بالمشيئة لان المطلق محمول على المقيد وسيجيئ بقية الكلام على الآية قال عليه السلام (ان الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالى انه هو الغفور الرحيم) وقال عليه السلام (ان تغفر اللهم فاغفر جما وأي عبد لك لا الما) يعنى
[چون آمرزى خداوندا همه بيامرز وآن كدام بنده است كه او كناه نكرده است] والفرق بين العفو والمغفرة هو ان حقيقة العفو هو المحو كما أشير اليه بقوله تعالى (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) والتبديل الذي أشير اليه بقوله (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) هو من مقام المغفرة قاله الشيخ الكبير رضى الله عنه فى شرح الأربعين حديثا ثم قال فى مقام التعليل إِنَّهُ تعالى هُوَ وحده الْغَفُورُ الرَّحِيمُ الاول اشارة الى محو ما يوجب العقاب والثاني الى التفضل بالثواب وصيغة المبالغة راجعة الى كثرة الذنوب وكثرة المغفور والمرحوم قال الأستاذ القشيري قدس سره التسمية بيا عبادى مدح والوصف بانهم أسرفوا ذم فلما قال يا عبادى طمع المطيعون ان يكونوا هم المقصودين بالآية فرفعوا رؤسهم ونكس العاصي رأسه وقال من انا حتى يقول لى هذا فقال الله تعالى (الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) فانقلب الحال فهؤلاء الذين نكسوا رؤسهم انتعشوا وزالت زلتهم والذين رفعوا رؤسهم اطرقوا وزالت صولتهم ثم قوى رجاؤهم بقوله على أنفسهم يعنى ان أسرفت لا تقنط من رحمة الله بعد ما قطعت اختلافك الى بابنا فلا ترفع قلبك عنا. والالف واللام فى الذنوب للاستغراق والعموم وجميعا تأكيد له فكأنه قال اغفر ولا اترك وأعفو ولا أبقى فان كانت لكم جناية كثيرة عميمة فلى بشأنكم عناية قديمة وفى كشف الاسرار [بدانكه از آفريدگان حق تعالى كمال كرامت دو كروه راست يكى فرشتكان وديكر آدميان «ولهذا جعل الأنبياء والرسل منهم دون غيرهم» وغايت شرف انسانى در دو چيز است در عبوديت ودر محبت عبوديت محض صفت فرشتكانست وعبوديت ومحبت هر دو صفت آدميان است فرشتكانرا عبوديت محض داد كه صفت خلق است وآدميان را بعد از عبوديت خلعت محبت داد كه صفت حق است تا از بهر اين امت ميكويد (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)
ودر عبوديت نيز آدميان را فضل داد بر فرشتكانكه عبوديت فرشتكان بى اضافت كفت (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) وعبوديت آدميان باضافت كفت (يا عِبادِيَ) آنكه بر مقتضاى محبت فضل خود بر ايشان تمام(8/125)
كرد وعيبها ومعصيتهاى ايشان بانوار محبت بپوشيد و پرده ايشان ندريد نه بينى كه زلت بر ايشان قضا كرد وبآن همه زلات نام عبوديت از ايشان نيفكند وبا ذكر زلت ومعصيت تشريف اضافت از ايشان باز نستد كفت (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) وآنكه پرده ايشان نكاه داشت كه عين كناهان اظهار نكرد بلكه مجمل ياد كرد سربسته وعين آن پوشيده كفت (أَسْرَفُوا) إسراف كردند كزاف كردند از بهر آنكه در أرادت وى مغفرت ايشان بود نه پرده دريد نه اسم عبوديت بيفكند «سبحانه ما ارافه بعباده» موسى عليه السلام كفت «الهى تريد المعصية من العباد وتبغضها» كفت «يا موسى ذاك تأسيس لعفوى» يعنى معصيت بندگان بارادت تست آنكه آنرا دشمن ميدارى وبنده را بمعصيت دشمن ميكيرى حق جل جلاله كفت آن بنياد عفو وكرم خويش است كه مى نهم خزينه رحمت ما پر است اگر عاصيان نباشند ضايع ماند قال الكاشفى بيمارستان جرم وعصيانرا شربت راحت جز درين دار الشفا حاصل نشود وسركردانان بيابان نفس وهوا را زاد طريق نجات جز بمدد آن آيت ميسر نكردد]
ندارم هيچ كونه توشه راه ... بجز لا تقنطوا من رحمة الله
تو فرمودى كه نوميدى مياريد ... ز من لطف وعنايت چشم داريد
بدين معنى بسى اميدواريم ... ببخشا زانكه بس اميد داريم
اميد دردمندانرا دوا كن ... دل اميدوارن را روا كن
وقال المولى الجامى قدس سره
بلى نبود درين ره نااميدى ... سياهى را بود رو در سفيدى
ز صد دردى كراميدت نيابد ... بنوميدى جكر خوردن نشايد
در ديكر ببايد زد كه ناكاه ... از ان در سوى مقصود آورى راه
قال عليه السلام (ما أحب ان تكون لى الدنيا وما فيها بها) اى ما أحب ان املك الدنيا وما فيها بدل هذه الآية فالباء فى بها للبدلية والمقابلة: وبالفارسية [دوست نمى دارم كه دنيا وما فيها مرا باشد بعوض اين آيت چهـ اين آيت از دنيا وهر چهـ در دنيا باشد بهتر است] وذلك لان الله تعالى منّ على من أسرف من عباده ووعد لهم مغفرة ذنوبهم جميعا ونهاهم ان يقنطوا من رحمته الواسعة واعلم ان الآية لا تدل على غفران جميع الذنوب لجميع الناس بل على غفران جميع ذنوب من شاء الله غفران ذنوبه فلا تنافى الأمر بالتوبة وسبق تعذيب العصاة والأمر بالإخلاص فى العمل والوعيد بالعذاب فالله تعالى لا يغفر الشرك الا بالتوبة والرجوع عنه ويغفر ما دون ذلك من الصغائر والكبائر بالتوبة وبدونها لمن يشاء لا لكل أحد من اهل الذنوب- روى- ان ابن مسعود رضى الله عنه قرأ هذه الآية ان الله يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء فحمل المطلق على المقيد وذلك لانه لا يجرى فى ملكه الا ما يشاء يقول الفقير ان اهل السنة لم يشترطوا التوبة فى غفران الذنوب مطلقا اى سواء كانت صغائر او كبائر سوى الشرك ودل عليه آثار كثيرة روى ان الله تعالى يقول يوم القيامة لبعض عصاة المؤمنين سترتها عليك فى الدنيا اى الذنوب وانا اغفرها لك اليوم فهذا وأمثاله(8/126)
وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)
يدل على المغفرة بلا توبة والفرق بين الشرك وسائر المعصية هو ان الكافر لا يطلب العفو والمغفرة لمعاصيه وقوله تعالى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) انما هو بالنسبة الى حال الغرغرة فالشرك وسائر المعاصي لا يغفر فى تلك الحال وان وجدت التوبة وهذا لا ينافى المغفرة بدون التوبة بالنسبة الى المعاصي سوى الشرك فان مغفرته مخالفة للحكمة وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (جعل الله الرحمة مائة جزء فامسك عنده تسعة وتسعين وانزل فى الأرض جزأ واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها وهو يمص ان تصيبه) فهذا مما يدل على كمال الرجاء والبشارة للمسلمين لانه حصل فى هذه الدار من رحمة واحدة ما حصل من النعم الظاهرة والباطنة فما ظنك بمائة رحمة فى الدار الآخرة قال يحيى بن معاذ رحمه الله فى كتاب الله كنوز موجبة للعفو عن جميع المؤمنين. منها قوله تعالى (قُلْ يا عِبادِيَ) إلخ ولذا قال العلماء أرجى آية فى القرآن لاهل التوحيد هذه الآية وقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) وقوله (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) وذلك ان كل نبى مرسل مظهر لبعض احكام الرحمة ولذا كانت رسالته مقيدة ومقصورة على طائفة مخصوصة ولما كان نبينا عليه السلام مظهر حقيقة الرحمة كانت بعثته عامة وقيل فيه (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) وتم ظهور حكم رحمانيته بالشفاعة التي بها تظهر سيادته على جميع الناس حتى ان من يكون له درجة الشفاعة من الملائكة والأنبياء والمؤمنين لا يشفعون الا بعده فلا تقنطوا أيتها الامة المرحومة من رحمة الله المطلقة ان الله يغفر الذنوب جميعا بشفاعة من هو مظهر تلك الرحمة قال الجامى
ز مهجورى برآمد جان عالم ... ترحم يا نبى الله ترحم
اگر چهـ غرق درياى كناهم ... فتاده خشك لب بر خاك راهيم
تو ابر رحمتى آن به كه كناهى ... كنى در حال لب خشكان نكاهى
وَأَنِيبُوا يا عبادى إِلى رَبِّكُمْ اى ارجعوا الى ربكم بالتوبة من المعاصي وَأَسْلِمُوا لَهُ اى أخلصوا العمل لوجهه فان السالم بمعنى الخالص مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ فى الدنيا والآخرة ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ لا تمنعون من عذاب الله ان لم تتوبوا قبل نزوله يعنى [هيچكس در دفع عذاب شما نصرت ندهد] والظاهر من آخر الآية ان الخطاب للكفار فالمعنى فارجعوا ايها الناس من الشرك الى الايمان وأخلصوا له تعالى التوحيد قال سيد الطائفة الجنيد قدس سره انقطعوا عن الكل بالكلية فما يرجع إلينا بالحقيقة أحد وللغير عليه اثر وللاكوان على سره خطر ومن كان لنا حرا مما سوانا وفى الاسئلة المقحمة الفرق بين التوبة والانابة ان التائب يرجع الى الله خوفا من العقوبة والمنيب يرجع حياء منه وشوقا اليه قال ابراهيم بن أدهم قدس سره إذا صدق العبد فى توبته صار منيبا لان الانابة ثانى درجة التوبة وفى التأويلات النجمية التوبة لاهل البداية وهى الرجوع من المعصية الى الطاعة ومن الاوبة للمتوسط وهى الرجوع من الدنيا الى الآخرة ومن الانابة لاهل النهاية وهى الرجوع(8/127)
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58) بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (59)
مما سوى الله الى الله بالفناء فى الله قال فى كشف الاسرار [انابت بر سه قسم است. يكى انابت پيغمبران كه نشانش سه چيز است بيم داشتن با بشارت آزادى وخدمت كردن بأشرف پيغمبرى وباز بلا كشيدن با دلهاى پر شادى وجز از پيغمبران كس را طاقت اين انابت نيست. دوم انابت عارفانست كه نشانش سه چيز است از معصيت بدر بودن واز طاعت خجل بودن ودر خلوت با حق انس داشتن رابعه عدويه در حالت انس بجايى رسيد كه ميكفت «حسبى من الدنيا ذكرك ومن الآخرة رؤيتك» عزيزى كفت از سر حالت آتش خويش وديكرانرا پند مى داد]
اگر در قصر مشتاقان ترا يك روز بارستى ... ترا با اندهان عشق اين جادو چهـ كارستى
وكر رنكى ز كلزار حديث او بديدى تو ... بچشم تو همه كلها كه در باغست خارستى
[سوم انابت توحيد است كه دشمنانرا وبيكانكانرا با آن خواند كفت (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) ونشان اين انابت آنست كه با قرار زبان واخلاص دل خدايرا يكى داند ودر ذات بى شبيه ودر قدر بى نظير ودر صفات بيهمتا. كفته اند توحيد دو بابست توحيد اقرار كه عامه مؤمنانراست بظاهر آيد تا زبان ازو خبر دهد واهل اين توحيد را دنيا منزل وبهشت مطلوب ودوم توحيد معرفت كه عارفان وصديقانراست بجان آيد تا وقت وحال ازو خبر دهد واهل اين توحيد را بهشت منزل ومولى مقصود]
وأسكر القوم دور كأس ... وكان سكرى من المدير
[آن كس را كه كار با كل افتد كل بويد وآنكس كه كارش با باغبان افتد بوسه بر خار زند چنانكه جوانمرد كفت]
از براى آنكه كل شاكرد رنك روى اوست ... كر هزارت بوسه شد بر شريك خار زن
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ اى القرآن كقوله تعالى (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) او العزائم دون الرخص قال البيضاوي ومن تبعه ولعله ما هو انحبى واسلم كالانابة والمواظبة على الطاعة وقال الحسن الزموا طاعته واجتنبوا معصيته فان الذي انزل عليكم من ثلاثة أوجه ذكر القبيح لتجتنبوه وذكر الأحسن لتؤثروه وذكر الأوسط لئلا يكون عليكم جناح فى الإقبال عليه او الاعراض عنه وهو المباحات وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ما انزل الله منه ما يكون حسنا وهو ما يدعو به الى الله قال الله تعالى (وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ) مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ اى البلاء والعقوبة بَغْتَةً [ناكهان] قال الراغب البغتة مفاجأة الشيء من حيث لا يحتسب ويجوز ان يكون المراد بالعذاب الآتي بغتة هو الموت لانه مفتاح العذاب الأخروي وطريقه ومتصل به وَأَنْتُمْ لغفلتكم لا تَشْعُرُونَ لا تدركون بالحواس مجيئه لتتداركوا وتتأهبوا: وبالفارسية [وشما نمى دانيد آمدن او را تا در مقام تدارك وتأهب آييد] أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ مفعول له للافعال السابقة التي هى الانابة والإخلاص واتباع القرآن والتنكير لان القائل بعض الأنفس او للتكثير والتعميم ليشيع فى كل النفوس والمعنى افعلوا ما ذكر من المأمورات يعنى أمرتكم به كراهة ان تقول كل نفس: وبالفارسية [ومبادا كه هر كس كويا فردا از شما] يا حَسْرَتى بالألف بدلا من ياء الاضافة إذا صله(8/128)
أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58) بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (59)
يا حسرتى تقول العرب يا حسرتى يا لهفى ويا حسرتا ويا لهفا ويا حسرتاى ويا لهفاى بالجمع بين العوضين تقول هذه الكلمة فى نداء الاستغاثة كما فى كشف الاسرار. والحسرة الغم على ما فاته والندم عليه كأنه انحسر الجهل عنه الذي حمله على ما ارتكبه وقال بعضهم الحسرة ان تأسف النفس أسفا تبقى منه حسيرا اى منقطعة. والمعنى يا حسرتى وندامتى احضرى فهذا أوان حضورك: وبالفارسية [اى پشيمانى من] عَلى ما فَرَّطْتُ اى على تفريطى وتقصيرى فما مصدرية قال الراغب الافراط ان يسرف فى التقدم والتفريط ان يقصر فان الفرط المتقدم فِي جَنْبِ اللَّهِ فى جانبه وهو طاعته واقامة حقه وسلوك طريقه قال فى كشف الاسرار العرب تسمى الجانب جنبا [اين كلمه بر زبان عرب بسيار بود و چنانست كه مردمان كويند در جنب فلان توانكر شدم از پهلوى فلان مال بدست آوردم] وقال الراغب اصل الجنب الجارحة جمعه جنوب ثم استعير فى الناحية التي تليها كاستعارة سائر الجوارح لذلك نحو اليمين والشمال وقيل جنب الحائط وجانبه وقوله فى جنب الله اى فى امره وحده الذي حده لنا انتهى وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ان هى المخففة واللام هى الفارقة والسخر الاستهزاء ومحل الجملة النصب على الحال. والمعنى فرطت والحال انى كنت فى الدنيا من المستهزئين بدين الله واهله قال قتادة لم يكفهم ما ضيعوا من طاعة الله حتى سخروا باهل طاعته: در سلسلة الذهب فرمود
روز آخر كه مرك مردم خوار ... كند از خواب غفلتش بيدار
يادش آيد كه در جوار خداى ... سالها زد بجرم وعصيان واى
هر چهـ در شصت سال يا هفتاد ... كرده از خير وشر پيش افتاد
يك بيك پيش چشم او آرند ... آشكارا بروى او دارند
بگذراند ز كنبد والا ... بانك وا حسرتا وواويلا
حسرت از جان او برآرد دود ... وان زمان حسرتش ندارد سود
قال الفارسي يقول الله تعالى من هرب منى أحرقته اى من هرب منى الى نفسه أحرقته بالتأسف على فوتى إذا شهد غدا مقامات ارباب معارفى يدل عليه قوله يا حسرتا إلخ إذ لا يقوله الا متحرق أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي بالإرشاد الى الحق لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ من الشرك والمعاصي وفى الخبر (ما من أحد من اهل النار يدخل النار حتى يرى مقعده من الجنة فيقول لو ان الله هدانى لكنت من المتقين) فيكون عليه حسرة أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ عيانا ومشاهدة لَوْ أَنَّ لِي لو للتمنى [اى كاشكى مرا بودى] كَرَّةً رجعة الى الدنيا يقال كر عليه عطف وعنه رجع والكرة المرة والحملة كما فى القاموس فَأَكُونَ بالنصب جواب التمني: يعنى [تا باشم آنجا] مِنَ الْمُحْسِنِينَ فى العقيدة والعمل واو للدلالة على انها لا تخلو عن هذه الأقوال تحيرا وتعللا بما لا طائل تحته وندما حيث لا ينفع وقيل ان قوما يقولون هذا وقوما يقولون ذاك بَلى يعنى [ترا ارشاد كردند] ان قلت كلمة بلى مختصة بايجاب النفي ولا نفى فى واحدة من تلك المقالات(8/129)
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60) وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (61) اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (63) قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)
قلت انها رد للثانية وكلمة لو تتضمن النفي لانها لامتناع الثاني لامتناع الاول اى لو ان الله هدانى لكنت من المتقين ولكن ما هدانى فقال تعالى بلى قد هديتك وقَدْ جاءَتْكَ آياتِي آيات القرآن وهى سبب الهداية وفصله عن قوله (لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي) لما ان تقديمه على الثالث يفرق القرائن الثلاث التي دخلها او وتأخير لو ان الله هدانى إلخ يخل بالترتيب الوجودي لانه يتحسر بالتفريط عند تطاير الكتب ثم يتعلل يفقد الهداية عند مشاهدة احوال المتقين واغتباطهم ثم يتمنى الرجعة عند الاطلاع على النار ورؤية العذاب وتذكير الخطاب باعتبار المعنى وهو الإنسان وروى ان النبي عليه السلام قرأ قد جاءتك بالتأنيث وكذا ما بعدها خطابا للنفس فَكَذَّبْتَ بِها قلت انها ليست من الله وَاسْتَكْبَرْتَ تعظمت عن الايمان بها وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ بها وفى التأويلات النجمية (بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي) من الأنبياء ومعجزاتهم والكتب وحكها ومواعظها واسرارها وحقائقها ودقائقها وإشاراتها (فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ) عن اتباعها والقيام بشرائطها (وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) اى كافرى النعمة بما أنعم الله به عليك من نعمة وجود الأنبياء وإنزال الكتب واظهار المعجزات قالت المعتزلة هذه الآيات الثلاث تدل على ان العبد مستقل بفعله من وجوه. الاول ان المرأ لا يتحسر بما سبق منه الا إذا كان يقدر على ان يفعل. والثاني ان من لا يكون الايمان بفعله لا يكون مفرطا فيه. والثالث انه لا يستحق الذم بما ليس من فعله والجواب ان هذه الآيات لا تمنع تأثير قدرة الله تعالى فى فعل العبد ولا ما فيه اسناد الفعل الى العبد حيث قال (بَلى قَدْ جاءَتْكَ) إلخ ونحو قوله تعالى (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) يدل على بطلان مذهبهم وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ بان وصفوه بما لا يليق بشانه كاتخاذ الولد والصاحبة والشريك وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ مبتدأ وخبر والجملة حال قد اكتفى فيها بالضمير عن الواو على ان الرؤية بصرية او مفعول ثان لها على انها عرفانية. والمعنى تراهم حال كونهم او تراهم مسودة الوجوه بما ينالهم من الشدة او بما يتخيل من ظلمة الجهل: وبالفارسية [رويهاى ايشان سياه كرده شد پيش از دخول دوزخ وآن علامت دوزخيانست كه] (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) سئل الحسن عن هذه الآية (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) إلخ فقال هم الذين يقولون الأشياء إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا لم نفعل وفى التأويلات النجمية يشير الى ان يوم القيامة تكون الوجوه بلون القلب فالقلوب الكاذبة لما كانت مسودة بسواد الكذب وظلمته تلونت وجوههم بلون القلوب قال يوسف ابن الحسين رحمه الله أشد الناس عذابا يوم القيامة من ادعى فى الله ما لم يكن له ذلك او اظهر من أحواله ما هو خال عنها أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ [آيا نيست در دوزخ يعنى هست] مَثْوىً مقام لِلْمُتَكَبِّرِينَ عن الايمان والطاعة وفى التأويلات النجمية اى الذين تكبروا على اولياء الله وامتنعوا عن قبول النصح والموعظة وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا الشرك والمعاصي اى من جهنم بِمَفازَتِهِمْ مصدر ميمى بمعنى الفوز من فاز بالمطلوب اى ظفر به قال الراغب الفوز الظفر مع حصول السلامة والباء متعلقة بمحذوف هو حال من الموصول(8/130)
اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (63)
مفيدة لمفازة تنجيتهم من العذاب لنيل الثواب اى ينجيهم الله من مثوى المتكبرين حال كونهم ملتبسين بفوزهم بمطلوبهم الذي هو الجنة لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ حال اخرى من الموصول مفيدة لكون نجاتهم وفوزهم بالجنة غير مسبوقة بمساس العذاب والحزن قال فى كشف الاسرار لا يمس أبدانهم أذى وقلوبهم حزن ويجوز ان تكون المفازة من فاز منه اى نجا منه والباء للملابسة وقوله تعالى (لا يَمَسُّهُمُ) إلخ تفسير وبيان لمفازتهم اى ينجيهم بسبب مفازتهم التي هى تقواهم كما يشعر به إيراده فى حيز الصلة واما على اطلاق المفازة على سببها الذي هو التقوى فليس المراد نفى دوام المساس والحزن بل دوام نفيهما وفى الآية اشارة الى ان الذين اتقوا بالله عما سوى الله لا يمسهم سوء القطيعة والهجران ولا هم يحزنون على ما فاتهم من نعيم الدنيا والآخرة إذ فازوا بقربة المولى وهو فوز فوق كل فوز فالمتقون فازوا بسعادة الدارين اليوم عصمة وغدا رؤية واليوم عناية وغدا كفاية وولاية نسأل الله سبحانه ان يعصمنا مما يؤدى الى الحجاب ويجعلنا فى حمايته فى كل باب وفى الآية ترغيب للتقوى فانها سبب للنجاة وبها تقول جهنم جز يا مؤمن فان نورك اطفأ نارى وبها يخاف الخلائق من المتقى ألا ترى ان رسول الروم لما دخل على امير المؤمنين عمر رضى الله عنه أخذته الرعدة والخوف: قال فى المثنوى
هيبت حقست اين از خلق نيست ... هيبت اين مرد صاحب دلق نيست «1»
هر كه ترسيد از حق وتقوى كزيد ... ترسد از وى جن وانس وهر كه ديد
وفى البستان
توهم كردن از حكم داور مپيج ... كه كردن نپيچد ز حكم تو هيچ
محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن كذارد ترا
وجاء الى ذى النون المصري رحمه الله بعض الوزراء وطلب الهمة واظهر الخشية من السلطان فقال له لو خشيت انا من الله كما تخشى أنت من السلطان لكنت من جملة الصديقين
كر نبودى اميد راحت ورنج ... پاى درويش بر فلك بودى
ور وزير از خدا بترسيدى ... همچنان كز ملك ملك بودى
نسأل الله سبحانه ان يجعلنا مخلصين له اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ من خير وشر وايمان وكفر لكن لا بالجبر بل بمباشرة الكاسب لاسبابها قال فى التأويلات النجمية دخل افعال العباد واكسابهم فى هذه الجملة ولا يدخل هو وكلامه فيها لان المخاطب لا يدخل تحت الخطاب ولانه تعالى يخلق الأشياء بكلامه وهو كلمة كن وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ يتولى التصرف فيه كيفما يشاء. والوكيل القائم على الأمر الزعيم با كماله والله تعالى هو المتكفل بمصالح عباده والكافي لهم فى كل امر ومن عرف انه الوكيل اكتفى به فى كل امره فلم يدبر معه ولم يعتمد الا عليه وخاصية هذا الاسم نفى الحوائج والمصائب فمن خاف ريحا او صاعقة او نحوهما فليكثر منه فانه يصرف عنه ويفتح له أبواب الخير والرزق لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جمع مقليد او مقلاد وهو المفتاح او جمع إقليد على
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را خفته در زير ضرمابن(8/131)
قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)
الشذوذ كالمذاكير جمع ذكر والا ينبغى ان يجمع على أقاليد. والاقليد بالكسر معرب كليد وهو فى الفارسي بمعنى المفتاح فى العربي وان كان شائعا بين الناس بمعنى الفعل. والمعنى له تعالى وحده مفاتيح خزائن العالم العلوي والسفلى لا يتمكن من التصرف فيها غيره: وبالفارسية [مرور است كليدهاى خزائن آسمان وزمين يعنى مالك امور علوى وسفلى است وغير او را تصرفى در آن ممكن نيست همچنانكه دخل در خزينها متصور نيست مكر كسى را كه مفاتيح آن بدست اوست] وعن عثمان رضى الله عنه انه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المقاليد فقال (تفسيرها لا اله الا الله والله اكبر وسبحان الله وبحمده واستغفر الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم هو الاول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيى ويميت وهو على كل شىء قدير) والمعنى على هذا ان لله هذه الكلمات يوحد بها ويمجد بها وهى مفاتيح خير السموات والأرض من تكلم بها أصابه: يعنى [اين كلمات مفاتيح خيرات آسمان وزمينست هر كه بدان تكلم كند بنقود فيوض آن خزائن برسد وكفته اند خزائن آسمان بارانست وخزائن زمين كياه وكليد اين خزينها بدست تصرف اوست هركاه خواهد باران فرستد وهر چهـ خواهد از نباتات بروياند] وفى الخبر ان رسول الله عليه السلام قال (أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فعرضت علىّ فقلت لا بل أجوع يوما وأشبع يوما) : قال الصائب
افتد هماى دولت اگر در كمند ما ... از همت بلند رها ميكنيم ما
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان له مفاتيح خزائن لطفه وهى مكنونة فى سموات القلوب وله مفاتيح خزائن قهره وهى مودعة فى ارض النفوس يعنى لا يملك أحد مفاتيح خزان لطفه وقهره الا هو وهو الفتاح وبيده المفتاح يفتح على من يشاء خزائن لطفه فى قلبه فيخرج ينابيع الحكمة منه وجواهر الأخلاق الحسنة ويفتح على من يشاء أبواب خزائن قهره فى نفسه فيخرج عيون المكر والخدع والحيل منها وفنون الأوصاف الذميمة ولهذا السر قال صلى الله تعالى عليه وسلم (مفتاح القلوب لا اله الا الله) ولما سأله عثمان رضى الله عنه عن تفسير مقاليد السموات والأرض قال (لا اله الا الله والله اكبر) إلخ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ التنزيلية والتكوينية المنصوبة فى الآفاق والأنفس أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ خسرانا لاخسار وراءه لانهم اختاروا العقوبة على الثواب وفتحوا أبواب نفوسهم بمفتاح الكفر والنفاق نسأل الله تعالى ان يجعلنا ممن ربحت تجارته لا ممن خسرت صفقته قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ اى أبعد مشاهدة هذه الآيات فغير الله اعبد تأمروننى بذلك ايها الجاهلون وتأمرونى اعتراض للدلالة على انهم أمروه عقيب ذلك بان يعبد غير الله وقالوا استلم آلهتنا نؤمن بالهلك لفرط غباوتهم وأصله تأمروننى بإظهار النونين ثم أدغمت اولاهما وهى علم الرفع فى الثانية وهى للوقاية وقد قرأ ابن عامر على الأصل اى باظهارها ونافع بحذف الثانية فانها تحذف كثيرا وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اى من الرسل عليهم السلام لَئِنْ أَشْرَكْتَ فرضا: وبالفارسية [اگر شرك آرى] وافراد الخطاب باعتبار كل واحد لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ اى ليبطلن ثواب عملك وان كنت كريما على وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ(8/132)
بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70)
فى صفقتك بسبب حبوط عملك واللام الاولى موطئة للقسم والأخريان للجواب وهو كلام وارد على طريقة الفرض لتهييج الرسل واقناط الكفرة والإيذان بغاية شناعة الإشراك وقبحه وكونه بحيث ينهى عنه من لا يكاد يمكن ان يباشره فكيف بمن عداه قال التفتازانيّ فالمخاطب هو النبي عليه السلام وعدم اشراكه مقطوع به لكن جيىء بلفظ الماضي ابرازا للاشراك فى معرض الحاصل على سبيل الفرض والتقدير تعريضا لمن صدر عنهم الإشراك بانه قد حبطت أعمالهم وكانوا من الخاسرين وقال فى كشف الاسرار هذا خطاب مع الرسول عليه السلام والمراد به غيره وقال ابن عباس رضى الله عنهما هذا ادب من الله لنبيه عليه السلام وتهديد لغيره لان الله تعالى قد عصمه من الشرك ومداهنة الكفار وقال الكاشفى [وأصح آنست كه مخاطب بحسب ظاهر پيغمبرانند واز روى حقيقت افراد مسلمانان امت ايشان هر يك را مى فرمايد كه اگر شرك آرى هر آينه تباه كردد كردار تو كه در وقت ايمان واقع شده وهر آينه باشى از زيانكاران كه بعد از وقت دولت دين بنكبت شرك مبتلى كردد] قال ابن عطاء هذا شرك الملاحظة والالتفات الى غيره واطلاق الإحباط من غير تقييد بالموت على الكفر يحتمل ان يكون من خصائصهم لان الإشراك منهم أشد وأقبح وان يكون مقيدا بالموت كما صرح به فى قوله تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) فيكون حملا للمطلق على المقيد فمذهب الشافعي ان نفس الكفر غير محبط عنده بل المحبط الموت على الكفر واما عند غيره فنفس الكفر محبط سواء مات عليه أم لم يمت وفى المفردات حبط العمل على اضرب. أحدها ان تكون الأعمال دنيوية فلا تغنى فى الآخرة غناء كما أشار اليه تعالى بقوله (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) . والثاني ان تكون أعمالا اخروية لكن لم يقصد صاحبها بها وجه الله تعالى كما روى (يؤتى برجل يوم القيامة فيقال له بم كان اشتغالك فيقول بقراءة القرآن فيقال له كنت تقرأ ليقال فلان قارئ وقد قيل ذلك فيؤمر به الى النار) . والثالث ان تكون أعمالا صالحة لكن بإزائها سيآت تربى عليها وذلك هو المشار اليه بخفة الميزان انتهى. وعطف الخسران على الحبوط من عطف المسبب على السبب وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الإنسان ولو كان نبيا لئن وكل الى نفسه ليفتحن بمفتاح الشرك والرياء أبواب خزائن قهر الله على نفسه وليحبطن عمله بان يلاحظ غير الله بنظر المحبة ويثبت معه فى الإبداع سواه بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ رد لما أمروه ولولا دلالة التقديم على القصر لم يكن كذلك والفاء جواب الشرط المحذوف تقديره لا تعبد ما أمرك الكفار بعبادته بل ان عبدت فاعبد الله فحذف الشرط وأقيم المفعول مقامه وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ انعامه عليك ومن جملته التوحيد والعبادة وكذا النبوة والرسالة الحاصلتان بفضله وكرمه لا بسعيك وعملك واعلم ان الشكر على ثلاث درجات. الاولى الشكر على المحاب وقد شاركت المسلمين فى هذا الشكر اليهود والنصارى والمجوس. والثانية الشكر على المكاره وهذا الشاكر أول من يدعى الى الجنة لان الجنة حفت بالمكاره والثالثة ان لا يشهد غير المنعم فلا يشهد النعمة والشدة وهذا الشهود والتلذذ به أعلى اللذات لانه فى مقام السر فالعاقل يجتهد فى الإقبال على الله(8/133)
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)
والتوجه اليه من غير التفات الى يمين وشمال- روى- ان ذا النون المصري قدس سره أراد التوضي من نهر فرأى جارية حسناه فقالت لذى النون ظننتك اولا عاقلا ثم عالما ثم عارفا ولم تكن كذلك اى لا عاقلا ولا عالما ولا عارفا قال ذو النون ولم قالت فان العاقل لا يكون بغير وضوء لعلمه بفضائله والعالم لا ينظر الى الحرام فان العالم لا بد وان يكون عاملا والعارف لا يميل الى غير الله فان مقتضى العرفان ان لا يختار على المحبوب الحقيقي سواه لكون حسنه من ذاته وحسن ما سواه مستفادا منه والغير وان كان مظهرا لتجليه ولكن النظر اليه قيد والحضور فى عالم الإطلاق هو التفريد الذي هو تقطيع الموحد عن الأنفس والآفاق
خداست در دو جهان هست جاودان جامى ... وما سواه خيال مزخرف باطل
نسأل الله سبحانه هذا التوحيد الحقيقي- روى- عبد الله بن عباس رضى الله عنهما وعبد الله ابن مسعود رضى الله عنه ان حبرا من اليهود اتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال يا محمد أشعرت ان الله يضع يوم القيامة السموات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والماء والثرى والشجر على إصبع وجميع الخلائق على إصبع ثم يهزهنّ ويقول انا الملك اين الملوك فضحك رسول الله عليه السلام تعجبا منه وتصديقا له فانزل الله هذه الآية وهى قوله تعالى وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ القدر بمعنى التعظيم كما فى القاموس فالمعنى ما عظموا الله حق تعظيمه حيث جعلوا له شريكا بما لا يليق بشأنه العظيم ويقال قدر الشيء قدره من التقدير كما فى المختار. فالمعنى ما قدروا عظمته تعالى فى أنفسهم حق عظمته وقال الراغب فى المفردات ما عرفوا كنهه يقول الفقير هذا ليس فى محله فان الله تعالى وان كان لا يعرف حق المعرفة بحسب كنهه ولكن تتعلق به تلك المعرفة بحسبنا فالمعنى هاهنا ما عرفوا الله حق معرفته بحسبهم لا بحسب الله إذ لو عرفوه بحسبهم ما أضافوا اليه الشريك ونحوه فافهم وفى التأويلات النجمية ما عرفوا الله حق معرفته وما وصفوه حق وصفه وما عظموه حق تعظيمه فمن اتصف بتمثيل او جنح الى تعطيل حاد عن ألسنة المثلى وانحرف عن الطريقة الحسنى وصفوا الحق بالأعضاء وتوهموا فى نعته الاجزاء فما قدروا الله حق قدره انتهى وَالْأَرْضُ جَمِيعاً حال لفظا وتأكيد معنى ولذا قال اهل التفسير تأكيد الأرض بالجميع لان المراد بها الأرضون السبع او جميع أبعاضها البادية والغائرة اى الظاهرة وغير الظاهرة من باطنها وظاهرها ووسطها قوله والأرض مبتدأ خبره قوله قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ القبضة المرة من القبض أطلقت بمعنى القبضة وهى المقدار المقبوض بالكف تسمية بالمصدر او بتقدير ذات قبضته وفى المفردات القبض التناول بجمع الكف نحو قبض السيف وغيره ويستعار القبض لتحصيل الشيء وان لم يكن فيه مراعاة الكف كقولك قبضت الدار من فلان اى حزتها قال الله تعالى (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ) اى فى حوزه حيث لا تمليك للعبد انتهى تقول للرجل هذا فى يدك وفى قبضتك اى فى ملكك وان لم يقبض عليه بيده. والمعنى والأرض جميعا مقبوضه يوم القيامة اى فى ملكه وتصرفه من غير منازع يتصرف فيها تصرف الملاك فى ملكهم وانها اى جميع الأرضين وان عظمن فما هن بالنسبة الى قدرته تعالى الا قبضة واحدة ففيه تنبيه على غاية عظمته وكمال(8/134)
قدرته وحقارة الافعال العظام بالنسبة الى قدرته ودلالة على ان تخريب العالم أهون شىء عليه على طريقة التمثيل والتخييل من غير اعتبار القبضة حقيقة ولا مجازا على ما فى الإرشاد ونحوه وعلى هذه الطريقة قوله تعالى وَالسَّماواتُ مبتدأ مَطْوِيَّاتٌ خبره بِيَمِينِهِ متعلق بمطويات اى مجموعات ومدرجات من طويت الشيء طيا اى أدرجته إدراجا او مهلكات من الطى بمعنى مضى العمر يقال طوى الله عمره. وقوله بيمينه اى بقوته واقتداره فانه يعبر بها عن المبالغة فى الاقتدار لانها أقوى من الشمال فى عادة الناس كما فى الاسئلة المقحمة قال ابن عباس رضى الله عنهما ما السموات السبع والأرضون السبع فى يد الله الا كخردلة فى يد أحدكم قال بعضهم الآية من المتشابهات فلا مساغ لتأويلها وتفسيرها غير الايمان بها كما قال تعالى (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا)
وقال اهل الحقيقة المراد بهذه القبضة هى قبضة الشمال المضاف إليها القهر والغضب ولوازمهما وعالم العناصر وما يتركب ويتولد منها ومن جملة ذلك صورة آدم العنصرية واما روحانيته فمضافة الى القبضة المسماة باليمين ودل على ما ذكر ذكر اليمين فى مقابل الأرض وصح عن النبي عليه السلام اطلاق الشمال على احدى اليدين اللتين خلق الله بهما آدم عليه السلام كما فى شرح الأربعين حديثا للشيخ الكبير قدس سره الخطير وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (يقبض الله السموات بيمينه والأرضين بيده الاخرى ثم يهزهنّ ويقول انا الملك اين ملوك الأرض) كما فى كشف الاسرار وفيه اشعار بإطلاق الشمال على اليد الاخرى فالشمال فى حديثه عليه السلام والقبضة فى هذه الآية واحدة فان قلت كيف التوفيق بينه وبين قوله عليه السلام (كلتا يدى ربى يمين مباركة) وقول الشاعر
له يمينان عدلا لا شمال له ... وفى يمينيه آجال وأرزاق
قلت كون كل من اليدين يمينا مباركة بالاضافة اليه تعالى ومن حيث الآثار فيمين وشمال إذ لا تخلو الدنيا والآخرة من اللطف والقهر والجمال والجلال والبسط والقبض والروح والجسم والطبيعة والعنصر ونحو ذلك وظهر مما ذكرنا كون السموات خارجة عن حد الدنيا لاضافتها الى اليمين وان كانت من عالم الكون والفساد اللهم الا ان يقال العناصر مطلقا مضافة الى الأرض المقبوضة بالشمال واما ملكوتها وهو باطنها كباطن آدم وباطن السموات كالارواح العلوية فمضاف الى السموات المقبوضة باليمين فالسموات من حيث عناصرها داخلة فى حد الدنيا سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ما ابعد وما أعلى من هذه قدرته وعظمته عن اشراكهم ما يشركونه من الشركاء فما على الاول مصدرية وعلى الثاني موصولة سئل الجنيد قدس سره عن قوله (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ) فقال متى كانت منشورة حتى صارت مطوية سبحانه نفى عن نفسه ما يقع فى العقول من طيها ونشرها إذ كل الكون عنده كالخردلة او كجناح بعوضة او اقل منها قال الزروقى رحمه الله إذا أردت استعمال حزب البحر للسلامة من عطبه فقدم عند ركوبه (بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) الى قوله (عَمَّا يُشْرِكُونَ) إذ قد جاء فى الحديث انه أمان من الغرق ومن الله الخلاص يقول الفقير(8/135)
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68)
التخصيص هو ان من عرف الله حق معرفته قد لا يحتاج الى ركوب السفينة بل يمشى على الماء كما وقع لكثير من اهل التصرف ففيه تنبيه على العجز وتعريف للقصور. وايضا ان الأرض إذا كانت فى قبضته فالبحر الذي فوقها متصلا بها يكون ايضا فى قبضته فينبغى ان يخاف من سطوته فى كل مكان ويشتغل بذكره فى كل آن بخلوص الجنان وصدق الإيقان يقال ان الشرك جلى وخفى فالجلى من العوام الكفر والخفي منهم التوحيد باللسان مع اشتغال القلب بغير الله تعالى وهو شرك جلى من الخواص والخفي منهم الالتفات الى الدنيا وأسبابها وهو جلى من أخص الخواص والخفي منهم الالتفات الى الآخرة يقال ان السبب لانشقاق زكريا عليه السلام فى الشجرة كان التفاته الى الشجرة حيث قال اكتمينى أيتها الشجرة كما ان يوسف عليه السلام قال لساقى الملك اذكرني عند ربك فلبث فى السجن بضع سنين فاقطع نظرك عما سوى الله وانظر الى حال الخليل عليه السلام فانه لما القى فى النار أتاه جبرائيل وقال ألك حاجة يا ابراهيم فقال اما إليك فلا فجعل الله له النار بردا وسلاما وكان قطبا واماما
نكر تا قضا از كجا سير كرد ... كه كورى بود تكيه بر غير كرد
قال عبد الواحد بن زيد لابى عاصم البصري رحمه الله كيف صنعت حين طلبك الحجاج قال كنت فى غرفتى فدقوا على الباب ودخلوا فدفعت بي دفعة فاذا انا على ابى قبيس بمكة فقال عبد الواحد من اين كنت تأكل قال كانت تأتى الىّ عجوز وقت إفطاري بالرغيفين الذين كنت آكلهما بالبصرة قال عبد الواحد تلك الدنيا أمرها الله ان تخدم أبا عاصم هكذا حال من توكل على الله وانقطع اليه عما سواه فالله لا يخيب عبدا لا يرجو الا إياه وَنُفِخَ فِي الصُّورِ المراد النفخة الاولى التي هى للاماتة بقرينة النفخة الآتية التي هى للبعث والنفخ نفخ الريح فى الشيء: وبالفارسية [دميدن] يقال نفخ بفمه اخرج منه الريح والنفخ فى القرآن على خمسة أوجه الاول نفخ جبريل عليه السلام فى جيب مريم عليها السلام كما قال تعالى (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) اى نفخ جبرائيل فى الجيب بامرنا فسبحان من أحبل رحم امرأة وأوجد فيها ولدا بنفخ جبرائيل والثاني نفخ عيسى عليه السلام فى الطين كما قال تعالى (فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ) وهو الخفاش فسبحان من حول الطين طيرا بنفخ عيسى والثالث نفخ الله تعالى فى طين آدم عليه السلام كما قال تعالى (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) اى أمرت الروح بالدخول فيه والتعلق به فسبحان من انطق لحما وابصر شحما واسمع عظما واحيى جسدا بروح منه والرابع نفخ ذى القرنين الحديد فى النار كما قال تعالى حكاية عنه (قالَ انْفُخُوا) الآية فسبحان من حول قطعة حديد نارا بنفخ ذى القرنين والخامس نفخ اسرافيل عليه السلام فى الصور كما قال تعالى (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) فسبحان من اخرج الأرواح من الأبدان بنفخ واحد كما يطفأ السراج بنفخ واحد وتوقد النار بنفخ واحد وسبحان من رد الأرواح الى الأبدان بنفخ واحد وهذا كله دليل على قدرته التامة العامة. والصور قرن من نور ألقمه الله اسرافيل وهو اقرب الخلق الى الله تعالى وله جناح بالمشرق وجناح بالمغرب والعرش على كاهله وان قدميه قد خرجتا من الأرض السفلى حتى بعدتا عنها مسيرة مائة عام على ما رواه وهب وعظم دائرة القرن مثل ما بين السماء والأرض وفى الدرة الفاخرة للامام الغزالي(8/136)
رحمه الله الصور قرن من نور له اربع عشرة دائرة الدائرة الواحدة كاستدارة السماء والأرض فيه ثقب بعدد أرواح البرية وباقى ما يتعلق بالنفخ والصور قد سبق فى سورة الكهف والنمل فارجع فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ يقال صعق الرجل إذا أصابه فزع فاغمى عليه وربما مات منه ثم استعمل فى الموت كثيرا كما فى شرح المشارق لابن الملك قال فى المختار صعق الرجل بالكسر صعقة غشى عليه وقوله تعالى (فَصَعِقَ مَنْ) إلخ اى مات انتهى فالمعنى خروا أمواتا من الفزع وشدة الصوت إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ) جبرائيل واسرافيل وميكائيل وملك الموت عليهم السلام فانهم يموتون من بعد قال السدى وضم بعضهم إليهم ثمانية من حملة العرش فيكون المجموع اثنى عشر ملكا وآخرهم موتا ملك الموت- وروى- النقاش انه جبرائيل كما جاء فى
الخبر ان الله تعالى يقول حينئذ يا ملك الموت خذ نفس اسرافيل ثم يقول من بقي فيقول بقي جبرائيل وميكائيل وملك الموت فيقول خذ نفس ميكائيل حتى يبقى ملك الموت وجبرائيل فيقول تعالى مت يا ملك الموت فيموت ثم يقول يا جبرائيل من بقي فيقول تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام وجهك الدائم الباقي وجبرائيل الميت الفاني فيقول يا جبرائيل لا بد من موتك فيقع ساجدا يخفق بجناحيه فيموت فلا يبقى فى الملك حى من انس وجن وملك وغيرهم الا الله الواحد القهار وقال بعض المفسرين المستثنى الحور والولدان وخزنة الجنة والنار وما فيهما لانهما وما فيهما خلقا للبقاء والموت لقهر المكلفين ونقلهم من دار الى دار ولا تكليف على اهل الجنة فتركوا على حالهم بلا موت. وهذا الخطاب بالصعق متعلق بعالم الدنيا والجنة والنار عالمان بانفرادهما خلقا للبقاء فهما بمعزل عما خلق للفناء فلم يدخل أهلهما فى الآية فتكون آية الاستثناء مفسرة لقوله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) وغيرهما من الآيات فلا تناقض يقول الفقير يرد عليه انه كيف يكون هذا الخطاب بالصعق متعلقا بعالم الدنيا وقد قال الله تعالى (مَنْ فِي السَّماواتِ) وهى اى السماوات خارجة عن حد الدنيا ولئن سلم بناء على ان السموات السبع كالارض من عالم الكون والفساد فيبقى الفلك الثامن الذي هو الكرسي والتاسع الذي هو العرش خارجين عن حد الآية فيلزم ان لا يفنى أهلهما عموما وخصوصا من الملائكة الذين لا يحصى عددهم الا الله على انهم من اهل التكليف ايضا قال الامام النسفي فى بحر الكلام قال اهل الحق اى اهل السنة والجماعة سبعة لا تفنى العرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار وأهلهما من ملائكة الرحمة والعذاب والأرواح اى بدلالة هذه الآية وقال شيخ العلماء الحسن البصري قدس سره المراد بالمستثنى هو الله تعالى وحده ويؤيده ما قاله الغزالي رحمه الله حدثنى من لا أشك فى علمه ان الاستثناء واقع عليه سبحانه خاصة يقول الفقير فيه بعد من حيث الظاهر لأنه يلزم ان يشاء الله نفسه فيكون شائيا ومشيئا وقد أخرجوه فى نحو قوله تعالى (وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) وغيرهما إذ الله ليس من اهل السموات والأرض وان كان الها فهى كما قال (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) وقال بعض المحققين الصعق أعم من الموت فلمن لم يمت الموت ولمن مات الغشية فاذا نفخ الثانية فمن مات حى ومن غشى عليه أفاق وهو القول المعوّل عليه عند ذوى التحقيق يقول الفقير(8/137)
فيدخل إدريس عليه السلام فانه مات ثم احيى وادخل الجنة فتعمه الغشية دون الموت الا ان يكون ممن شاء الله واما موسى عليه السلام فقد جزى بصعقته وغشيته فى الطور فالموت عام لكل أحد إذ لو بقي أحد لاجاب الله تعالى حيث يقول لمن الملك اليوم فقال لله الواحد القهار قال فى اسئلة الحكم واما قوله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) فمعناه عند المحققين قابل للهلاك فكل محدث قابل لذلك بل هالك دائم وعدم محض بالنسبة الى وجه نفسه إذ لكل شىء وجهان وجه الى نفسه ووجه الى ربه فالوجه الاول هالك وعدم والثاني عين ثابت فى علمه قائم بربه وان كان له ظل ظاهر فكل محدث قابل للهلاك والعدم وان لم يهلك وينعدم بخلاف القديم الأزلي ويؤيد ذلك المعنى ان العرش لم يرو فيه خبر بانه يهلك فلتكن الجنة مثله يقول الفقير اما ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه سأل جبرائيل عن هذه الآية من الذين لم يشأ الله ان يصعفهم قال هم الشهداء المتقلدون أسيافهم حول العرش كما فى كشف الاسرار وكذا ما قال جعفر الصادق رضى الله عنه اهل الاستثناء محمد صلى الله تعالى عليه وسلم واهل بيته واهل المعرفة وما قال بعضهم هم اهل التمكين والاستقامة كل ذلك وما شاكله فمبنى على تفسير الصعق بالغشي إذ الشهداء ونحوهم من الصديقين وان كانوا احياء عند ربهم لكنهم لا يذوقون الموت مرة اخرى والا لتحققوا بالعدم الأصلي وهو مخالف لحكمة الله تعالى وانما شأنهم الفزع والغشيان فيحفظهم الله تعالى عن ذلك فالارواح
والاحياء مشتركون فى ذلك الا من شاء الله- حكى- ان واحدا رؤى فى المنام ذا شيب وكان قد مات وهو شاب فقيل له فى ذلك فقال لما قبر المرسى القائل بخلق القرآن فى قبره فى هذه المقبرة هجمت عليه جهنم بغيظ وزفير فشاب شعرى من ذلك الفزع والهول وله نظائر كثيرة ودخل فى الأرواح من يقال لهم الأرواح العالية المهيمة فانهم لا يموتون لكونهم أرواحا ولا يغشى عليهم إذ ليس لهم خبر عما سوى الله تعالى بل هم المستغرقون فى بحر الشهود فعلى هذا يكون المراد بالنفخة فى الآية نفخة غير نفخة الاماتة وسيأتى البيان فى النفخات فان قلت فما الفرق بين الصعق الذي فى هذه الآية وبين الفزع الذي فى آية النمل وهى قوله تعالى (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) قلت لا شك ان الصعق بمعنى الموت غير الفزع وكذا بمعنى الغشي إذ ليس كل من له فزع مغشيا عليه هذا ما تيسر لى فى هذا المقام وحقيقة العلم عند الله الملك العلام ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى نفخة اخرى هى النفخة الثانية على الوجه الاول واخرى. يحتمل النصب على ان يكون الظرف قائما مقام الفاعل واخرى صفة لمصدر منصوب على المفعول المطلق والرفع على ان يكون المصدر المقدر قائما مقام الفاعل فَإِذا هُمْ اى جميع الخلائق قِيامٌ جمع قائم اى قائمون من قبورهم على أرجلهم او متوقفون فالقيام بمعنى الوقوف والجمود فى مكانهم لتحيرهم يَنْظُرُونَ يقلبون أبصارهم فى الجوانب كالمبهوتين او ينتظرون ماذا يفعل بهم ويقال ينظرون الى السماء كيف غيرت والى الأرض كيف بدلت والى الداعي كيف يدعوهم الى الحساب والى الآباء والأمهات كيف ذهبت شفقتهم عنهم واشتغلوا بانفسهم والى خصمائهم ماذا يفعلون بهم وفى الحديث (انا أول من ينشق عنه القبر. وأول من يحيى من(8/138)
الملائكة اسرافيل لينفخ فى الصور. وأول من يحيى من الدواب براق النبي عليه السلام. وأول من يستظل فى ظل العرش رجل انظر معسرا ومحا عنه. وأول من يرد الحوض فقراء الامة والمتحابون فى الله. وأول من يكسى يوم القيامة ابراهيم الخليل عليه السلام لانه القى فى النار عريانا. وأول من يكسى حلة من النار إبليس. وأول من يحاسب جبرائيل لانه كان أمين الله الى رسله. وأول ما يقضى بين الناس فى الدماء. وأول ما يحاسب به الرجل صلاته. وأول ما تسأل المرأة عن صلاتها ثم بعلها. وأول ما يسأل العبد يوم القيامة عن النعيم بان يقال له ألم أصحح جسمك وأروك من الماء البارد. وأول ما يوضع فى الميزان الخلق الحسن. وأول ما يوضع فى ميزان العبد نفقته على اهله. وأول ما يتكلم من الآدمي فخذه وكفه. وأول خصمين جاران. وأول من يشفع يوم القيامة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء. وأول من يدخل الجنة من هذه الامة ابو بكر رضى الله عنه. وأول من يسلم عليه الحق ويصافحه عمر رضى الله عنه. وأول من يدخل من الأغنياء عبد الرحمن بن عوف من العشرة المبشرة) قال فى المدارك دلت الآية على ان النفخة اثنتان الاولى للموت والثانية للبعث والجمهور على انها ثلاث. الاولى للفزع كما قال (يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ) والثانية للموت. والثالثة للاعادة انتهى فان كانت النفخة اثنتين يكون معنى صعق خروا أمواتا وان كانت ثلاثا يكون معناه مغشيا عليهم فتكون هذه النفخة اى الثالثة بعد نفخة الاحياء يوم القيامة كما ذهب اليه البعض وقال سعد المفتى دل ظاهر الأحاديث على ان النفخات اربع المذكورتان فى سورة يس للاماتة ثم الاحياء ونفخة للارعاب والإرهاب فيغشى عليهم ثم للافاقة والإيقاظ والذي يفهم من خريدة العجائب ان نفخة الفزع هى اولى النفخات فانه إذا وقعت اشراط الساعة ومضت امر الله صاحب الصور ان ينفخ نفخة الفزع ويديمها ويطولها فلا يبرح كذا عاما يزداد الصوت كل يوم شدة فيفزع الخلائق وينحازون الى أمهات الأمصار وتعطل الرعاة السوائم وتأتى الوحوش والسباع وهى مذعورة من هول الصيحة فتختلط بالناس ويؤول الأمر الى تغير الأرض والسماء عما هما عليه وبين نفخة الفزع والنفخة الثانية أربعون سنة ثم تقع نفخة الثانية والثالثة وبينهما أربعون سنة او شهرا او يوما او ساعة قال الامام الغزالي رحمه الله اختلف الناس
فى أمد المدة الكائنة بين النفختين فاستقر جمهورهم على انها أربعون سنة وحدثنى من لا أشك فى علمه ان أمد ذلك لا يعلمه الا الله تعالى لانه من اسرار الربوبية فاذا أراد الله احياء الخلق يفتح خزانة من خزائن العرش فيها بحر الحياة فتمطر به الأرض فاذا هو كمنىّ الرجال بعد ان كانت عطشى فتحيى وتهتز ولا يزال المطر عليها حتى يعمها ويكون الماء فوقها أربعين ذراعا فاذا الأجسام تنبت من عجب الذنب وهو أول ما يخلق من الإنسان بدئ منه ومنه يعود وهو عظم على قدر الحمصة وليس له مخ فاذا نبت كما نبت البقل تشتبك بعضها فى بعض فاذا رأس هذا على منكب هذا ويد هذا على جنب هذا وفخذ هذا على حجر هذا لكثرة البشر والصبى صبى والكهل كهل والشيخ شيخ والشاب شاب ثم تهب ريح من تحت العرش فيها نار فتنسف ذلك عن الأرض وتبقى الأرض بارزة مستوية كأنها صحيفة واحدة ثم يحيى الله اسرافيل فينفخ(8/139)
وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70)
فى الصور من صخرة بيت المقدس فتخرج الأرواح لها دوىّ كدوىّ النحل فتملأ الخافقين ثم تذهب كل نفس الى جثتها باعلام الله تعالى حتى الوحش والطير وكل ذى روح فاذا الكل قيام ينظرون ثم يفعل الله بهم ما يشاء: قال الشيخ سعدى قدس سره
چودر خاكدان لحد خفت مرد ... قيامت بيفشاند از موى كرد
سر از جيب غفلت برآور كنون ... كه فردا نماند بحسرت نكون
بران از دو سرچشمه ديده جوى ... ور آلايشى دارى از خود بشوى
وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ صارت عرصات القيامة مشرقة ومضيئة وذلك حين ينزل الله على كرسيه لفصل القضاء بين عباده بِنُورِ رَبِّها النور الضوء المنتشر المعين على الابصار اى بما اقام فيها من العدل استعير له النور لانه يزين البقاع ويظهر الحقوق كما يسمى الظلم ظلمة وفى الحديث (الظلم ظلمات يوم القيامة) يعنى شدائده يعنى الظلم سبب لشدائد صاحبه او الظلم سبب لبقاء الظالم فى الظلمة حقيقة فلا يهتدى الى السبيل حين يسعى نور المؤمنين بين أيديهم ولكون المراد بالنور العدل أضيف الاسم الجليل الى ضمير الأرض فان تلك الاضافة انما تحسن إذا أريد به تزين الأرض بما ينشر فيها من الحكم والعدل او المعنى أشرقت بنور خلقه الله فى الأرض يوم القيامة بلا توسط أجسام مضيئة كما فى الدنيا يعنى يشرق بذلك النور وجه الأرض المبدلة بلا شمس ولا قمر ولا غيرهما من الاجرام المنيرة ولذلك اى ولكون المعنى ذلك أضيف اى النور الى الاسم الجليل وقال سهل قلوب المؤمنين يوم القيامة تشرق بتوحيد سيدهم والاقتداء بسنة نبيهم وفى التأويلات النجمية (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ) ارض الوجود (بِنُورِ رَبِّها) إذا تجلى لها وقال بعضهم هذا من المكتوم الذي لا يفسر كما فى تفسير ابى الليث وَوُضِعَ الْكِتابُ اى الحساب والجزاء من وضع المحاسب كتاب المحاسبة بين يديه او صحائف الأعمال فى أيدي العمال فى الايمان والشمائل واكتفى باسم الجنس عن الجمع إذ لكل أحد كتاب على حدة. والكتاب فى الأصل اسم للصحيفة مع المكتوب فيه. وقيل وضع الكتاب فى الأرض بعد ما كان فى السماء يقول الفقير هذا على إطلاقه غير صحيح لان كتاب الأبرار فى عليين وكتاب الفجار فى سجين فالذى فى السماء يوضع فى الأرض حتى اللوح المحفوظ واما ما فى الأرض فعلى حاله وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ الباء للتعدية وَالشُّهَداءِ للامم وعليهم من الملائكة والمؤمنين وفيه اشارة الى ان النبيين والشهداء إذا دعوا للقضاء والحكومة والمحاسبة فكيف يكون حال الأمم واهل المعاصي والذنوب
دران روز كز فعل پرسند وقول ... أولوا العزم را تن بلرزد ز هول
بجايى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا
وَقُضِيَ [حكم كرده شود] بَيْنَهُمْ اى بين العباد بِالْحَقِّ بالعدل وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ بنقص ثواب وزيادة عقاب على ما جرى به الوعد وكما فتح الآية بإثبات العدل ختمها بنفي الظلم وَوُفِّيَتْ [وتمام داده شود] كُلُّ نَفْسٍ من النفوس المكلفة ما عَمِلَتْ اى جزاء ما عملت من الخير والشر والطاعة والمعصية وَهُوَ تعالى أَعْلَمُ(8/140)
منهم ومن الشهداء بِما يَفْعَلُونَ إذ هو خالق الافعال فلا يفوته شىء من أفعالهم وانما يدعو الشهداء لتأكيد الحجة عليهم قال ابن عباس رضى الله عنهما إذا كان يوم القيامة بدل الله الأرض غير الأرض وزاد فى عرضها وطولها كذا وكذا فاذا استقر عليها أقدام الخلائق برّهم وفاجرهم أسمعهم الله كلامه يقول ان كتابى كانوا يكتبون ما أظهرتم ولم يكن لهم علم بما أسررتم فانا عالم بما أظهرتم وبما أسررتم، محاسبكم اليوم على ما أظهرتم وعلى ما أسررتم ثم اغفر لمن شاء منكم قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الملك لا سبيل له الى معرفة باطن العبد فى قول أكثرهم وقال فى ريحان القلوب الذكر الخفي ما خفى عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت وهو خاص به صلى الله عليه وسلم ومن له به أسوة حسنة انتهى يقول الفقير لا شك ان الحفظة تستملى من خزنة اللوح المحفوظ فيعرفون كل ما وقع من العبد من فعل ظاهر وعزم باطن ولكن يجوز ان يكون من الاسرار ما لا يطلع عليه غيره سبحانه وتعالى واعلم انه إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى اين اللوح المحفوظ فيؤتى به وله صوت شديد فيقول الله اين ما سطرت فيك من توراة وزبور وإنجيل وفرقان فيقول يا رب نقله منى الروح الامين فيؤتى به وهو يرعد وتصطك ركبتاه فيقول الله تعالى يا جبريل هذا اللوح يزعم انك نقلت منه كلامى ووحيي أصدق فيقول نعم يا رب فيقول فما فعلت فيه فيقول أنهيت التوراة الى موسى والزبور الى داود والإنجيل الى عيسى والقرآن الى محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وعليهم أجمعين وأنهيت الى كل رسول رسالته والى اهل الصحف صحائفهم فاذا النداء يا نوح فيؤتى به ترعد فرائصه وتصطك ركبتاه فيقول يا نوح زعم جبرائيل انك من المرسلين قال صدق يا رب فقال فما فعلت مع قومك قال دعوتهم ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائى الا فرارا فاذا النداء يا قوم نوح فيؤتى بهم زمرة واحدة فيقول لهم هذا نوح زعم انه بلغكم الرسالة فيقولون يا رب كذب ما بلغنا شيأ ثم ينكرون الرسالة ثم يقول الله تعالى يا نوح ألك بينة عليهم فيقول نعم يا رب بينتى عليهم محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فيقولون كيف ذلك ونحن أول الأمم وهم آخر الأمم فيؤتى بالنبي عليه السلام فيقول الله تعالى يا محمد هذا نوح يستشهد بك فيشهد له بتبليغ الرسالة ويتلو (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) الى آخر السورة فيقول الله تعالى قد وجب عليكم الحق وحقت كلمة العذاب على الكافرين فيؤمر بهم زمرة واحدة الى النار من غير وزن اعمال ووضع حساب وهكذا يفعل بسائر الأمم أجمعين فان القرآن نطق بهم وبأحوالهم وقد جاء ان رجلا يقف بين يدى الله فيقول يا عبد السوء كنت مجرما عاصيا فيقول لا والله ما فعلت فيقال له عليك بينة فيؤمر بحفظته فيقول كذبوا علىّ فتشهد جوارحه عليه ويؤمر به الى النار فيجعل يلوم جوارحه فيقولون ليس من اختيارنا أنطقنا الله الذي انطق كل شىء وهكذا يشهد الزمان والمكان ونحوهما فطريق الخلاص ان لا تشهد اليوم غير الله وتشتغل بذكره وطاعته عما سواه قال الشيخ سعدى
دريغست كه فرموده ديو زشت ... كه دست ملك بر تو خواهد نوشت
روا دارى از جهل وناپاكيت ... كه پاكان نويسند ناپاكيت(8/141)
وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)
طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى بر انگيز وعذرى بكوى
كه يك لحظه صورت نبندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان
وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ مع امامهم حال كونهم زُمَراً جماعة جماعة وبالفارسية [كروه كروه] جمع زمرة وهى الجمع القليل ومنه قيل شاة زمرة قليلة الشعر واشتقاقها من الزمر وهو الصوت إذا الجماعة لا تخلو عنه. والسوق بالفارسية [راندن] اى سيقوا إليها بعد اقامة الحساب بامر يسير من قبلنا وذلك بالعنف والاهانة حال كونهم أفواجا متفرقة بعضها فى اثر بعض مترتبة حسب ترتب طبقاتهم فى الضلالة والشرارة وتتلقاهم جهنم بالعبوسة كما تلقوا الأوامر والنواهي والآمرين والناهين بمثل ذلك حَتَّى إِذا جاؤُها حتى هى التي تحكى بعد الجملة: يعنى [تا چون بيايند بدوزخ بر صفت ذلت وخوارى] وجواب إذا قوله فُتِحَتْ أَبْوابُها السبعة ليدخلوها كما قال تعالى (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) وفائدة إغلاقها الى وقت مجيئهم تهويل شأنها وإيقاد حرها قال فى اسئلة الحكم اهل النار يجدونها مغلقة الأبواب كما هى حال السجون فيقفون هنالك حتى يفتح لهم اهانة لهم وتوبيخا يقول الفقير هذا من قبيل العذاب الروحاني وهو أشد من العذاب الجسماني فليس وقوفهم عند الأبواب اولى لهم من تعجيل العذاب يؤيده ان الكافر حين يطول قيامه فى شدة وزحمة وهول يقول يا رب أرحني ولو كان بالنار وفيه اشارة الى الأوصاف الذميمة النفسانية السبعة وهى الكبر والبخل والحرص والشهوة والحسد والغضب والحقد فانها أبواب جهنم وكل من يدخل فيها لا بد له من ان يدخل من باب من ابوابها فلا بد من تزكيتها وتخلية النفس عنها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها تقريعا وتوبيخا وزيادة فى الإيلام والتوجيع واحدها خازن وهو حافظ الخزانة وما فيها والمراد حفظة جهنم وزبانيتها وهم الملائكة الموكلون بتعذيب أهلها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ من جنسكم آدميون مثلكم ليسهل عليكم مراجعتهم وفهم كلامهم يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وهو ما انزل الله على الأنبياء وَيُنْذِرُونَكُمْ يخوفونكم لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا اى وقتكم هذا وهو وقت دخولهم النار لا يوم القيامة وذلك لان الاضافة اللامية تفيد الاختصاص ولا اختصاص ليوم القيامة بالكفار وقد جاء استعمال اليوم والأيام مستفيضا فى اوقات الشدة فلذلك حمل على الوقت وفيه دليل على انه لا تكليف قبل الشرع من حيث انهم عللوا توبيخهم بإتيان الرسل وتبليغ الكتب قالُوا بَلى قد أتونا وتلوا علينا. وانذرونا فاقرّوا فى وقت لا ينفعهم الإقرار والاعتراف وَلكِنْ حَقَّتْ وجبت كَلِمَةُ الْعَذابِ وهى قوله تعالى لابليس (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ عَلَى الْكافِرِينَ وقد كنا ممن تبع إبليس فكذبنا الرسل وقلنا ما نزل الله من شىء ان أنتم الا تكذبون امروز قدر پند عزيزان شناختيم قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها اى مقدرا خلودكم فيها وإبهام القائل لتهويل المقول وفيه اشارة الى ان الحكمة الالهية اقتضت إظهارا لصفة القهر ان يخلق النار ويخلق(8/142)
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)
لها أهلا كما انه تعالى خلق الجنة وخلق لها أهلا إظهارا لصفة اللطف فلهذه الحكمة قيل فى الأزل قهرا وقسرا ادخلوا أبواب جهنم وهى الصفات الذميمة السبع التي مر ذكرها خالدين فيها بحيث لا يمكن الخروج من هذه الصفات الذميمة بتبديلها كما يخرج المتقون منها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ اى بئس منزل المتكبرين عن الايمان والطاعة والحق جهنم: وبالفارسية [بد آرامگاهست متكبرانرا دوزخ] واللام للجنس ولا يقدح ما فيه من الاشعار بان كونهم مثواهم جهنم لتكبرهم عن الحق فى ان دخولهم النار بسبق كلمة العذاب عليهم فانها انما حقت عليهم بناء على تكبرهم وكفرهم فتكبرهم وسائر مقابحهم مسببة عن ذلك السبق وفيه اشارة الى ان العصاة صنفان صنف منهم متكبرون وهم المصرون متابعوا إبليس فلهم الخلود فى النار وصنف منهم متواضعون وهم التائبون متابعوا آدم فلهم النجاة وبهذا الدليل ثبت ان ليس ذنب اكبر بعد الشرك من الكبر بل الشرك ايضا يتولد من الكبر كما قال تعالى أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) وهذا تحقيق قوله تعالى (الكبرياء ردائى والعظمة إزاري فمن نازعنى فيهما ألقيته فى النار) ولهذا المعنى قال صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من الكبر) فقال رجل ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا قال (ان الله جميل يحب الجمال) الكبر بطر الحق وغمط الناس اى تضييع الحق فى أوامر الله ونواهيه وعدم تقاته واستحقار الناس وتعيبهم ذكر الخطابي فى تأويل الحديث وجهين أحدهما ان المراد التكبر عن الايمان والثاني ان ينزع عنه الكبر بالتعذيب او بالعفو فلا يدخل الجنة مع ان يكون فى قلبه مثقال ذرة منه كما قال تعالى (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) ويمكن ان يقال معناه ان الكبر مما لو جازى الله بأدنى مقداره لكان جزاؤه عدم دخول الجنة ولكن تكرم بان لا يجازى به بل يدخل كل موحد الجنة كذا فى شرح المشارق لابن الملك يقول الفقير ان الحديث واقع بطريق التغليظ والتشديد والوجه الثاني للخطابى بعيد لكون جميع الخطايا كذلك فلا معنى حينئذ للتخصيص: قال المولى الجامى
جمعست خيرها همه در خانه ونيست ... آن خانه را كليد بغير از فروتنى
شرها بدين قياس بيك خانه است جمع ... وانرا كليد نيست بجز مائى ومنى
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ حال كونهم زُمَراً جماعات متفاوتين حسب تفاوت مراتبهم فى الفضل وعلو الطبقة وذلك قبل الحساب او بعده يسيرا او شديدا وهو الموافق لما قبل الآية من قوله وَوُضِعَ الْكِتابُ والسائقون هم الملائكة بامر الله تعالى يسوقونهم مساق إعزاز وتشريف بلا تعب ولا نصب بل بروح وطرب للاسراع بهم الى دار الكرامة والمراد المتقون عن الشرك فهؤلاء عوام اهل الجنة وفوق هؤلاء من قال الله تعالى فيهم (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ) وفوقهم من قال فيهم (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) وفرق بين من يساق الى الجنة وبين من قرب اليه الجنة وفى الحقيقة اهل السوق هم الظالمون واهل الزلفة المقتصدون واهل الوفاء السابقون واعلم انه إذا نفخ فى الصور نفخة الاعادة واستوى كل واحد من الناس على قبره يأتى كل منهم عمله فيقول له قم وانهض الى المحشر(8/143)
فمن كان له عمل جيد يشخص له عمله بغلا. ومنهم من يشخص له عمله حمارا. ومنهم من يشخص له عمله كبشا تارة يحمله وتارة يلقيه وبين يدى كل واحد منهم نور شعشعانى كالمصباح وكالنجم وكالقمر وكالشمس بقدر قوة ايمانهم وصلاح حالهم وعن يمينه مثل ذلك النور وليس عن شمائلهم نور بل ظلمة شديدة يقع فيها الكفار والمرتابون والمؤمن يحمد الله تعالى على ما أعطاه من النور ويهتدى به فى تلك الظلمة. ومن الناس من يسعى على قدميه وعلى طرف بنانه قيل لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كيف يحشر الناس يا رسول الله قال (اثنان على بعير وخمسة على بعير وعشرة على بعير) وذلك انهم إذا اشتركوا فى عمل يخلق الله لهم من أعمالهم بعيرا يركبون عليه كما يبتاع جماعة مطية يتعاقبون عليها فى الطريق فاعمل هداك الله عملا يكون لك بعيرا خالصا من الشرك. ومنه يعلم حال التشريك فى ثواب العمل فالاولى ان يهدى من المولى لكل ثواب على حدة من غير تشريك الآخر فيه- روى- ان رجلا من بنى إسرائيل ورث من أبيه ما لا كثيرا فابتاع بستانا فحبسه على المساكين وقال هذا بستانى عند الله وفرق دراهم عديدة فى الضعفاء وقال اشترى بها من الله جوارى وعبيدا وأعتق رقابا كثيرة وقال هؤلاء خدمى عند الله والتفت يوما الى رجل أعمى يمشى تارة ويكب اخرى فابتاع له مطية يسير عليها وقال هذه مطيتى عند الله اركبها قال عليه السلام فى حقه (والذي نفسى بيده لكأننى انظر إليها وقد جيىء بها اليه مسرجة ملجمة يركبها ويسير بها الى الموقف)
در خير بازست وطاعت وليك ... نه هر كس تواناست بر فعل نيك
حَتَّى إِذا جاؤُها [تا چون بيايند به بهشت] وَفُتِحَتْ أَبْوابُها اى والحال انه قد فتحت ابوابها الثمانية لئلا يصيبهم وصب الانتظار مع ان دار الفرح والسرور لا تغلق للاضياف والوافدين باب الكرم فان قلت يرد على كون أبواب الجنان مفتحة لهم عند مجيئهم إليها قوله عليه السلام (انا أول من يستفتح باب الجنة) قلت قد حصل الفتح المقدم على الوصول بدعوته عليه السلام بالاستفتاح ولو لم يكن دعاؤه قد سبق لما فتحت ثم تبقى الأبواب بدعائه مفتوحة الى ان يفرغ من الحساب فاذا جاء اهل الجنة بعد الحساب والصراط يجدونها مفتوحة ببركة دعائه المقدم على ذلك وفى الحديث (انا أول من يقرع باب الجنة والجنة محرمة على جميع الأمم حتى أدخلها انا وأمتي الاول فالاول) يقول الفقير اولية الاستفتاح والقرع تمثيل لاولية الدخول فلا حاجة الى توجيه آخر وعرف كون أبواب الجنة ثمانية بالأخبار كما قال عليه السلام (ان للجنة لثمانية أبواب ما منها بابان الا بينهما سير الراكب سبعين عاما وما بين كل مصراعين من مصارع الجنة مسيرة سبع سنين) وفى رواية (مسيرة أربعين سنة) وفى رواية (كما بين مكة وبصرى) وقيل عرف بواو الثمانية وفيه ان واو الثمانية غير مطردة وقد سبق ما يتعلق بهذه الواو فى آخر سورة التوبة قال بعضهم كون أبواب النار سبعة وأبواب الجنة ثمانية لان الجنة منه تعالى فضل والنار عدل والفضل اكثر من العدل والجنة من الرحمة والنار من الغضب والرحمة
سابقة وغالبة على الغضب وقيل ليس فى النار الا الجزاء(8/144)
وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)
والزيادة فى العذاب جور وفى الثواب كرم وقيل لأن الاذان سبع كلمات والاقامة ثمان كذلك أبواب جهنم سبعة وأبواب الجنة ثمانية فمن اذن واقام غلقت عنه أبواب النيران السبعة وفتحت له أبواب الجنة الثمانية وجواب إذا محذوف اى كان ما كان مما يقصر عنه البيان وقال بعضهم وفتحت جواب إذا والواو زائدة للايذان بأنها كانت مفتحة عند مجيئهم وَقالَ لَهُمْ اى للمتقين عند دخولهم الجنة خَزَنَتُها حفظة الجنة رضوان وغيره من الملائكة سَلامٌ عَلَيْكُمْ من جميع المكاره والآلام فهو خبر لا تحية (وقال الكاشفى) درود بر شما با سلامتى وايمنى لازم حال شما وهذا لعوام اهل الجنة واما لخواصهم فيقول الله سلام قولا من رب رخيم فان السلام فى الجنة من وجوه فالسلام الاول وان كان سلام الله ولكن بالواسطة والثاني سلام خاص بلا واسطة بعد دخولهم فى الحضرة طِبْتُمْ طهرتم من دنس المعاصي او طبتم نفسا بما أبيح لكم من النعيم واز حضرت مرتضى كرم الله وجهه منقولست كه چون بهشتيان بدير بهشت رسند آنجا درختى بينند كه از زير آن دو چشمه بيرون مى آيد پس در يك چشمه غسل كنند ظاهر ايشان پاكيزه شود واز ديكرى بياشامند باطن ايشان منور ومطهر كردد ودرين حال ملائكة كويند پاك شديد بظاهر وباطن فَادْخُلُوها اى الجنة خالِدِينَ والفاء للدلالة على أن طيبهم سبب لدخولهم وخلودهم سوآء كان طيبا بعفوا وبتعذيب إذ كل منهما مطهر وانما طهر ظاهرهم لحسن إقرارهم وأعمالهم البدنية وباطنهم لحسن نياتهم وعقائدهم وفى عرائس البقلى ذكر الله وصف غبطة الملائكة على منازل الأولياء والصديقين وذلك قوله سلام عليكم طبتم اى أنتم فى مشاهدة جماله ابدا طيبين بلذة وصاله سالمين عن الحجاب وذلك أن الله تعالى قد احسن انى النبيين والمرسلين وأفاضل المؤمنين بالمعارف والأحوال والطاعات والإذعان ونعيم الجنان ورضى الرحمن والنظر الى الديان مع سماع تسليمه وكلامه وتبشيره بتأييد الرضوان ولم يثبت للملائكة مثل ذلك
ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت
ومن آثار العشق كونه مأمورا بالجهاد والصبر على البلايا والمحن والرزايا اى المصائب وتحمل مشاق العبادات لاجل الله تعالى وليس للملائكة العشق ولا الابتلاء الذي هو من أحكامه وان كانوا يسبحون الليل والنهار لا يفترون فرب عمل يسير أفضل من تسبيح كثيروكم من نائم أفضل من قائم وكون أجسادهم من نور وأجساد البشر من لحم وشحم ودم لا يفضلهم عليهم فى الحقيقة فان الله تعالى لا ينظر الى الصور فرب ماء حياة فى ظلمات (قال الصائب)
فروغ كوهر من از نژاد خورشيدست ... بتيركى نتوان كرد پايمال مراد
(وقال)
بر بساط بوريا سير دو عالم ميكنيم ... با وجود نى سوارى برق جولانيم ما
وَقالُوا وكويند مؤمنان چون به بهشت درايند الْحَمْدُ لِلَّهِ جميع المحامد مخصوص به تعالى الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ راست كرد با ما وعده خود را به بعث وثواب قال جعفر(8/145)
الصادق رضى الله عنه هو حمد العارفين الذين استقروا فى دار القرار مع الله وقوله الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن حمد الواصلين قال سهل رضى الله عنه منهم من حمد الله على تصديق وعده ومنهم من حمد الله لانه يستوجب الحمد فى كل الأحوال لما عرف من نعمه وما لا يعرفه وهو ابلغ لكونه حال الخواص وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ يريدون المكان الذي استقروا فيه من ارض الجنة على الاستعارة وايراثها إعطاؤها وتمليكها مخلفة عليهم من أعمالهم او تمكينهم من التصرف فيما فيها تمكين الوارث فيما يرثه وفى التأويلات النجمية صدق وعده للعوام بقوله وأورثنا- الأرض الى آخره وصدق وعده للخواص يقوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة وصدق وعده لاخص الخواص بقوله ان المتقين فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر فنعم اجر العاملين العاشقين نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ قال فى تاج المصادر التبوؤ كرفتن جاى. أخذ من المباءة وهى المحلة ويتعدى الى مفعول واحد وقال ابو على يتعدى الى مفعولين ايضا انتهى وبوأت له مكانا سويته وهيأنه والمعنى بالفارسية جاى ميكريم از بهشت هر كجا مى خواهيم ونزول وقرار ميكنيم. اى يتبوأ كل واحد منا فى اى مكان اراده من جنة
الواسعة لا من جنة غيره على أن فيها مقامات معنوية لا يتمانع واردوها كما قال فى التفسير الكبير قال حكماء الإسلام الجنة نوعان الجنات الجسمانية والجنات الروحانية فالجنات الجسمانية لا تحتمل المشاركة واما الروحانية فحصولها لواحد لا يمنع حصولها لآخرين وفى تفسير- الفاتحة للفنارى رحمه الله اعلم أن الجنة جنتان جنة محسوسة وجنة معنويه والعقل يعقلهما معا كما أن العالم عالمان لطيف وكثيف وغيب وشهادة والنفس الناطقة المخاطبة المكلفة لها نعيم بما تحمله من العلوم والمعارف من طريق نظرها ونعيم بما تحمله من اللذات والشهوات مما تناله بالنفس الحيوانية من طريق قواها الحسية من أكل وشرب ونكاح ولباس وروائح ونغمات طيبة وجمال حسى فى نساء كاعبات ووجوه حسان وألوان متنوعة وأشجار وانهار كل ذلك تنقله الحواس الى النفس الناطقة فتلتذبه ولو لم يلتذ الا الروح الحساس الحيواني لا النفس الناطقة لكان الحيوان يلتذ بالوجه الجميل من المرأة او الغلام بالألوان.
واعلم أن الله خلق هذه الجنة المحسوسة يطالع الأسد الذي هو الاقليد وبرجه وهو الأسد وخلق الجنة المعنوية التي هى روح هذه الجنة المحسوسة من الفرح الإلهي من صفة الكمال والابتهاج والسرور فكانت الجنة المحسوسة كالجسم والمعقولة كالروح وقواه ولهذا سماها الحق الدار الحيوان لحيانها وأهلها يتنعمون فيها حسا ومعنى والجنة ايضا أشد تنعما باهلها الداخلين فيها وكذا تطلب ملئها من الساكنين وقد ورد خبر عن النبي عليه السلام ان الجنة اشتاقت الى بلال وعلى وعمار وسليمان انتهى ما فى التفسير المذكور وفى الخبران الجنان تستقبل الى اربعة نفر صائمى رمضان وتالى القرآن وحافظى اللسان ومطعمى الجيران يقول الفقير على هذ السر يدور قوله عليه السلام فى حق جبل أحد بالمدينة أحد يحبنا ونحبه وذلك لأنه ملحق بالجنان كسائر المواضع الشريفة فله الحياة والإدراك وان كان خارجا عن دائرة العقل الجزئى وقال فى الاسئلة المقحمة كيف قال حيث نشاء ومعلوم أن بعضهم لا ينزل مكان غيره(8/146)
وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)
الا بإذن صاحبه والجواب ان هذا وأمثاله مبالغات يعبر بها عن احوال السعة والرفاهية ثم قد قيل لا يخلق الله فى قلوب اهل الجنة خاطرا يخالف أحكامهم التي كانوا مكلفين بها فى دار الدنيا انتهى وفى الكواشي هذه اشارة الى السعة والزيادة على قدر الحاجة لا ان أحدا ينزل فى غير منزله وفى فتح الرحمن روى أن امة محمد تدخل اولا الجنة فتنزل حيث تشاء منها ثم يدخل سائر الأمم فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ الجنة يعنى بس نيكوست ثواب فرمان برندكان قال بعض الكبار ما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير ولا ترك محرم ولا مكروه إلا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص يناله من دخلها وما من عمل إلا وله جنة يقع التفاضل فيها بين أصحابها والتفاضل على مراتب فمنها بالسن ولكن فى الطاعة والإسلام فيفضل كبير السن على صغير السن إذا كانا على مرتبة واحدة من العمل ومنها بالزمان فان العمل فى رمضان وفى يوم الجمعة وفى ليلة القدر وفى عشر ذى الحجة وفى عاشوراء أعظم من سائر الزمان ومنها بالمكان فالصلاة فى المسجد الحرام أفضل منها فى مسجد المدينة وهى من الصلاة فى المسجد الأقصى وهى منها فى سائر المساجد ومنها بالأحوال فان الصلاة بالجماعة أفضل من صلاة الشخص وحده ومنها بنفس الأعمال فان الصلاة أفضل من اماطة الأذى ومنها فى العمل الواحد فالمتصدق على رحمه صاحب صلة رحم وصدقة وكذا من اهدا هدية لشريف من اهل البيت أفضل من أن يهدى لغيره او احسن اليه ومن الناس من يجمع فى الزمن الواحد أعمالا كثيرة فيصرف سمعه وبصره ويده فيما ينبغى فى زمان صومه وصدقته بل فى زمان صلاته فى زمان ذكره فى زمان نيته من فعل وترك فيؤجر فى الزمن الواحد من وجوه كثيرة فيفضل غيره ممن ليس له ذلك نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من الجامعين بين صالحات الأعمال والمسارعين الى حسنات الافعال.
چواز جايكاه دويدن كرو ... نبردى هم افتان وحيران برو
كران باد پايان برفتند تيز ... تو بى دست و پااز نشستن بخيز
وَتَرَى الْمَلائِكَةَ يا محمد يوم القيامة بعد أن أحياهم الله وقال الكاشفى يعنى وقتى كه در مقعد صدق ورتبه قرب باشى بينى ملائكه را حَافِّينَ محدقين مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ اى حوله ومن مزيدة او لابتداء الحفوف يقال حفوا حوله حفوفا طافوا به واستداروا ومنه الآية اى محيطين بأحفة العرش اى جوانبه وبالفارسة حلقه كرفته كرد عرش وطواف كنندكان بجوانب آن يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ الجملة حال ثانية او مقيدة للاولى اى ينزهونه تعالى عما لا يليق به حال كونهم ملتبسين بحمده ذاكرين له بوصفى جلاله وإكرامه تلذذا به يعنى يقولون سبحان الله وبحمده به تسبيح نفى ناسزا ميكنند از ذات الهى وبحمد اثبات صفات سزا ميكنند ويرا وفيه اشعار بان أعلى اللذائذ هو الاستغراق فى شؤون الحق وصفاته يقول الفقير كما أن العرش يطوفه الملائكة مسبحين حامدين كذلك الكعبة يطوفها المؤمنون ذاكرين شاكرين وسر الدوران أن عالم الوحدة لا قيد فيه ولا جهات كقلب العارف(8/147)
حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (4)
ولما كانت الكعبة صورة الذات الاحدية امر بطوافها ودورانها فالفرق بين الطواف وبين الصلاة ان الطواف اطلاق ظاهرا وباطنا والصلاة قيد ظاهرا واطلاق باطنا وانما قلنا بكونها قيدا فى الظاهر لأنه لا بد فيها من التقييد بجهة من جهات الكعبة وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ اى بين الخلق بِالْحَقِّ بالعدل بإدخال بعضهم النار وبعضهم الجنة او بين الملائكة بإقامتهم فى منازلهم على حسب تفاضلهم وفى آكام المرجان الملائكة وان كانوا معصومين جميعا فبيتهم تفاضل فى الثواب حسب تفاضل أعمالهم وكما أن رسل البشر يفضلون على افراد الامة فى المراتب كذلك رسل الملائكة على سائرهم وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اى على ما قضى بيننا بالحق وانزل كلامنا منزلته التي هى حقه والقائلون هم المؤمنون ممن قضى بينهم او الملائكة وطى ذكرهم لتعينهم وتعظيمهم وفى التأويلات النجمية وقضى بينهم بالحق يعنى بين الملائكة وبين الأنبياء والأولياء بما اعطى كل فرقة منهم من المراتب والمنازل ما اعطى وقيل يعنى وقال كل فريق منهم الحمد لله رب العالمين على ما أنعم علينا به (وقال الكاشفى) همچنانكه در ابتداى خلق آسمان زمين ستايش خود فرمود كه الحمد لله الذي خلق السموات والأرض بوقت استقرار اهل آسمان وزمين در منازل خويش همان ستايش كرد تا دانند كه در فاتحه وخاتمه مستحق حمد وثنا اوست يعنى ينبغى ان يحمد فى أول كل امر وخاتمته.
در خور ستايش نبود غير تو كس ... جا كه ثناييست ترا زيبد وبس
فاذا كان كل شىء يسبح بحمده فالانسان اولى بذلك لأنه أفضل قال بعض العارفين.
ثنا گو تا ثنا يابى شكر گو تا عطايابى ... رضا ده تا رضا يابى ورا جو تا ورا يابى
وقال عليه السلام إذا أنعم الله على عبده نعمة فيقول العبد الحمد لله فيقول الله انظروا الى عبدى أعطيته ما قدر له فاعطانى ما لا قيمة له معناه أن الانعام أحد الأشياء المعتادة كأطعام الجائع وإرواء العطشان وكسوة العاري وقوله الحمد لله معناه أن كل حمد أتى به أحد فهو لله فيدخل فيه محامد ملائكة العرش والكرسي وأطباق السماء والأنبياء والأولياء والعلماء وما سيذكرونه الى وقت قوله وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين وهى بأسرها متناهية وما لا نهايه له مما سيأتونها ابد الآباد ولذلك قال أعطيته نعمة واحدة لا قدر لها فاعطانى من الشكر ما لا حدله قال كعب الأحبار عوالم الله تعالى لا تحصى لقوله تعالى وما يعلم جنود ربك الا هو فهو تعالى مربى الكل بما يناسب لحاله ظاهرا وباطنا نسأل الله سبحانه ان يوفقنا لحمده على نعمه الظاهرة والباطنة اولا وآخرا تمت سورة الزمر بعون الله الخالق القوى والقدر فى يوم السبت السابع والعشرين من شعبان المنتظم فى شهور سنة 1112
التفسير سورة المؤمن
مكية وآيها خمس او ثمان وثمانون بسم الله الرحمن الرحيم
حم اسم للسورة ومحله الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف اى هذه السورة مسماة(8/148)
بحم نزلت منزلة الحاضر المشار اليه لكونها على شرف الذكر والحضور وقال صلى الله عليه وسلم حم اسم من اسماء الله تعالى وكل اسم من اسماء الله تعالى مفتاح من مفاتيح خزآئنه تعالى فمن اشتغل باسم من الأسماء الالهية يحصل بينه وبين هذا الاسم اى بين سره وروحه مناسبة بقدر الاشتغال ومتى قويت تلك المناسبة بحسب قوة الاشتغال يحصل بينه وبين مدلوله الحقيقي مناسبة اخرى فحينئذ يتجلى له الحق سبحانه من مرتبة ذلك الاسم ويفيض عليه ما شاء بقدر استعداده وكل أسمائه تعالى أعظم عند الحقيقة وقال ابن عباس رضى الله عنهما الر وحم ون حروف الرحمن مقطعة فى سور وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بسر بينه وبين حبيبه محمد عليه السلام لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل وذلك ان الحاء والميم هما حرفان من وسط اسم الله وهو رحمن وحرفان من وسط اسم نبيه وحبيبه محمد عليه السلام فكما أن الحرفين سر اسميهما فهما يشيران الى القسم بسر كان بينهما ان تنزيل الكتاب إلخ وقال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله فى حم الحي الملك وزاد بعضهم بان قال حم فواتح أسمائه الحليم الحميد الحق الحي الحنان الحكيم الملك المنان المجيد وقال الكاشفى حا اشارت بحكم حق كه خط ومنع ورد برو كشيده نشود وميم اما نيست بملك او كه كرد زوال وفنا كرد سر اوقات آن راه نيابد وقال البقلى الحاء حياة الأزل والميم منهل المحبة فمن خصه الله تعالى بقربه سقاه من عين حياته حتى يكون حيا بحياته لا يعتريه الفناء بعد ذلك وينطق من حاء الحياة بعبارة الحكمة ومن ميم المحبة من إشارات العلوم المجهولة ما لا يعرفها الا الواردون على مناهل القدم والبقاء وفى شرح حزب البحر حم اشارة الى الحماية ولذلك قال عليه السلام يوم أحد ليكن شعاركم حم لا ينصرون اى بحماية الله لا ينصرون اى الأعداء لأن الله تعالى مولى الذين آمنوا ولا مولى للكافرين فتحصل العناية بالحماية والحماية من حضرة الافعال ويقال حم الأمر بضم الحاء وتشديد الميم اى قضى وقدر وتم ما هو كائن او حم امر الله اى قرب او يوم القيامة قال قد حم يومى فسر قوم قوم بهم غفلة ونوم قال فى كشف الاسرار حا اشارتست بمحبت وميم اشارتست بمنت ميكويد اى بحاى محبت من دوست كشته نه به هنر خود اى بميم منت من مرا يافته نه بطاعت خود اى من ترا دوست كرفته وتو مرا نشاخته اى من ترا خواسته وتو مرا نادانسته اى من ترا بوده وتو مرا بوده صد هزار كس بر دركاه ما ايستاده ما را خواستند ودعاها كردند بايشان التفات نكرديم وشما را اى امت احمد بى خواست شما كفت أعطيتكم قبل ان تسألونى وأجبتكم قبل ان تدعونى وغفرت لكم قبل ان تستغفرونى آن رغبت وشوق أنبياء كذشته بتو تا خليل مى كفت واجعل لى لسان صدق فى الآخرين وكليم ميكفت اجعلنى من امة محمد نه از ان بود كه افعال تو با ايشان شرح داديم كه اگر افعال شما با ايشان كفتيم همه دامن از شما درچيدندى ليكن از ان بود كه إفضال وانعام خود با شما ايشانرا شرح داديم پيش از شما وهركرا بركزيديم يكان يكان بركزيديم چنانكه اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران چون نوبت شما را رسيد على العموم والشمول كفتيم كنتم خير امة همه بركزيد(8/149)
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)
كان ما آيد جاى ديكر كفت اصطفينا من عبادنا در تحت اين خطاب هم زاهد وهم عابد است هم ظالم وهم مظلوم (روى) موسى عليه السلام قال يا رب هل أكرمت أحد أمثل ما أكرمتني أسمعتني كلامك فقال تعالى ان لى عبادا أخرجهم فى آخر الزمان وأكرمهم بشهر رمضان وانا أكون اقرب إليهم منك فانى كلمتك بينى وبينك سبعون الف حجاب فاذا صامت امة محمد وابيضت شفاههم واصفرت ألوانهم ارفع تلك الحجب وقت إفطارهم
روزى كه سر از پرده برون خواهى كرد ... دانم كه زمانه را زبون خواهى كرد
كر زيب وجمال ازين فزون خواهى كرد ... يا رب چهـ جكرهاست كه خون خواهى كرد
يا موسى طوبى لمن غطش كبده وجاع بطنه فى رمضان فانى لا أجازيهم دون لقائى وخلوف فمهم عندى أطيب من ريح المسك ومن صام يوما استوجب ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال موسى أكرمني بشهر رمضان قال تعالى هذا لامة محمد عليه السلام فانظر لا كرامه تعالى وحمايته لهذه الامة المرحومة فانها بين الأمم بهذه الكرامة موسومه بل كلها منها محرومة تَنْزِيلُ الْكِتابِ خبر بعد خبر على أنه مصدر اطلق على المفعول اى المنزل مبالغة مِنَ اللَّهِ صلة للتنزيل والأظهر ان تنزيل مبتدأ ومن الله خبره فيكون المصدر على معناه وقوله من الله اى لا كما يقوله الكفار من انه اختلقه محمد الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ لعل تخصيص الوصفين لما فى القرآن من الاعجاز وانواع العلم الدالين على القدرة الكاملة والعلم البالغ وفى فتح الرحمن العزيز الذي لا مثل له العليم بكل المعلومات (وقال الكاشفى) العزيز خداى تعالى غالب كه قادر است به تنزيل آن العليم دانا بهر چهـ فرستاد بهر كس در هر وقت غافِرِ الذَّنْبِ صفة اخرى للجلالة والاضافة حقيقية لأنه لم يرد به زمان مخصوص لأن صفات الله ازلية منزهة عن التجدد والتقيد بزمان دون زمان وان كان تعلقها حادثا بحسب حدوث المتعلقات كالذنب فى هذا المقام واسم الفاعل يجوز ان يراد به الاستمرار بخلاف الصفة المشبهة والغافر الساتر والذنب الإثم يستعمل فى كل فعل يضر فى عقباه اعتبارا بذنب الشيء اى آخره ولم يقل غافر الذنوب بالجمع ارادة للجنس كما فى الحمد لله والمعنى ساتر جمع الذنوب صغائرها وكبائرها بتوبة وبدونها ولا يفضح صاحبها يوم القيامة كما يقتضيه مقام المدح العظيم وَقابِلِ التَّوْبِ القبول پذيرفتن والقابل الذي يستقبل الدلو من البئر فياخذها والقابلة التي تقبل الولد عند الولادة وقبلت عذره وتوبة وغير ذلك والتوب مصدر كالتوبة وهو ترك الذنب على أحد الوجوه وهو ابلغ وجوه الاعتذار فان الاعتذار على ثلاثة أوجه اما ان يقول المعتذر لم افعل او يقول فعلت لاجل كذا او فعلت واسأت وقد أقلعت ولا رابع لذلك وهذ الثالث هو التوبة والتوبة فى الشرع هو ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منه والعزيمة على ترك المعاودة وتدارك ما امكنه ان يتدارك من الأعمال بالاعادة فمتى اجتمعت هذه الاربعة فقد كملت شرائط التوبة فالتوبة هى الرجوع عما كان مذموما فى الشرع الى ما هو محمود فى الدين والاستغفار عبارة عن طلب المغفرة بعد رؤية قبيح المعصية والاعراض عنها فالتوبة مقدمة على الاستغفار والاستغفار(8/150)
لا يكون توبة بالإجماع ما لم يقل معه تبت واسأت ولا أعود اليه ابدا فاغفر لى يا رب وتوسيط الواو بين الغافر والقابل لافادة الجمع بين محو الذنوب وقبول التوبة فى موصوف واحد بالنسبة الى طائفة هى طائفة المذنبين التأنبين فالمغفرة بمحو الذنوب بالتوبة والقبول بجعل تلك التوبة طاعة مقبولة يثاب عليها فقبول التوبة كناية عن انه تعالى يكتب تلك التوبة للتائب طاعة من الطاعات والا لما قبلها لأنه لا يقبل الا ما كان طاعة او لتغاير الوصفين إذ ربما يتوهم الاتحاد بان يذكر الثاني لمجرد الإيضاح والتفسير او لتغاير موقع الفعلين ومتعلقهما لأن الغفر هو الستر مع بقاء الذنب وذلك لمن لم يتب من اصحاب الكبائر فان التائب من الذنب كمن لا ذنب له والقبول بالنسبة الى التائبين عنها وفى الاسئلة المقحمة قدم المغفرة على التوبة ردا على المعتزلة ليعلم انه تعالى ربما يغفر من غير توبة (وفى كشف الاسرار) توبه مؤخر آمد وغفران مقدم بر مقتضاى فضل وكرم اگر من كفتى توبه پذيرم پس كناه آمرزم خلق پنداشتندى كه تا از بنده توبه نبود از الله مغفرت نيايد نخست بيامرزم وآنكه توبه پذيرم تا عالميان دانند چنانكه بتوبة آمرزم اگر توبه مقدم غفران بودى توبه علت غفران بودى وغفران ما را علت نيست وفعل ما بحيله نيست نخست بيامرزم وبزلال إفضال بنده را پاك كردانم تا چون قدم بر بساط ما نهد بر پاكى نهد چون كرما آيد بصفت پاكى آيد همانست كه چاى ديكر كفت ثم تاب عليهم ليتوبوا غافرم آن عاصى را كه توبه نكرد قابلم آنرا كه توبه كرد مراد از
غفران ذنب درين موضع غفران ذنب غير تائبست بدليل آنكه واو عطف در ميان آورد ومعطوف ديكر باشد ومعطوف عليه ديكر ليكن هر دو را حكم يكسان باشد چنانكه كويى جاءنى زيد وعمرو زيد ديكرست وعمرو ديكر لكن هر دو را حكم يكيست در آمدن اگر حكم مخالف بودى عطف خطا بودى واگر هر دو يكى بودى هر دو غلط بودى شَدِيدِ الْعِقابِ اسم فاعل كما قبله مشدد العقاب كأن ذين بمعنى مؤذن فصح جعله نعتا للمعرفة حيث يراد به الدوام والثبوت وليس بصفة مشبهة حتى تكون الاضافة لفظية بان يكون من اضافة الصفة الى فاعلها ولئن سلم فالمراد الشديد عقابه باللام فحذفت للازدواج مع غافر الذنب وقابل التوب فى الخلو عن الالف واللام (قال فى كشف الاسرار) أول صفت خود كرد وكفت غافر الذنب وقابل التوب وصفت او محل تصرف نيست پذيرنده تغيير وتبديل نيست پس چون حديث عقوبت كرد شديد العقاب كفت شديد صفت عقوبت نهاد وعقوبت محل تصرف هست و پذيرنده تبديل وتغيير هست كفت سخت عقوبتهم لكن اگر خواهم سست كنم وآنرا بگردانم كه در ان تصرف كنجد تغيير وتبديل پذيرد ذِي الطَّوْلِ الطول بالفتح الفضل يقال لفلان على فلان طول اى زيادة وفضل واصل هذه الكلمة من الطول الذي هو خلاف القصر لأنه إذا كان طويلا ففيه كمال وزيادة كما انه إذا كان قصيرا ففيه قصور ونقصان وسمى الغنى ايضا طولا لأنه ينال به من المرادات ما لا ينال عند الفقر كما أنه بالطول ينال ما لا ينال بالقصر كذا فى تفسير الامام فى سورة النساء والمراد هاهنا الفضل بترك العقاب المستحق وإيراد صفة واحدة فى جانب الغضب بين صفات(8/151)
الرحمة دليل سبقها ورجحانها وفى عرائس البقلى غافر الذنب يستر ذنوب المؤمنين بحيث ترفع عن أبصارهم حتى ينسوها ويقبل عذرهم حين افتقروا اليه بنعت الاعتذار بين يديه شديد العقاب لمن لا يرجع الا المآب بان عذبه بذل الحجاب ذى الطول لاهل الفناء بكشف الجمال وفى الوسيط نقلا عن ابن عباس رضى الله عنهما غافر الذنب لمن يقول لا اله الا الله وهم أولياؤه واهل طاعته وقابل التوب من الشرك شديد العقاب لمن لا يوحده ذى الطول ذى الغنى عما لا يوحده ولا يقول لا اله الا الله (وفى كشف الاسرار) سنت خداوندست بنده را بآيت وعيد ترساند تا بنده در ان شكسته وكوفته كردد سوزى وكذارى در بندگى بنمايد زارى وخوارى بر خود نهد آنكه رب العزه بنعت رأفت ورحمت بآيت وعد تدارك دل وى كند وبفضل ورحمت خود او را بشارت دهد بنده در سماع شديد العقاب بسوزد وبگدازد وبزبان انكسار كويد.
پر ز آب دو ديده و پر آتش جكرم ... پر باد دو دستم و پر از خاك سرم
باز در سماع ذى الطول بنازد ودل بيفروزد بزبان افتخار كويد
چهـ كند عرش كه او غاشيه من نكشد ... چون بدل غاشيه حكم قضاى تو كشم
ابو بكر الشبلي قدس سره يكروز چون مبارزان دست اندازان همى رفت ومى كفت لو كان بينى وبينك بحار من نار لخضتها اگر درين راه صدر هزار درياى آتشست همه بديده كذاره كنم وباك ندارم ديكر روز او را ديدند كه مى آمد سر فرو افكنده چون محرومى درمانده ترم ميكفت المستغاث منك بك فرياد از حكم تو زنهار از قهر تو نه با تو امر آرام نه بى تو كارم بنظام نه روى آنكه باز آيم نه زهره آنكه بگريزم.
وكر باز آيم همى نه بينم جاهى ... ور بگريزم همى نه دانم راهى
كفتند اى شبلى آن دى چهـ بود امروز چيست كفت آرى جغد كه طاوس را نه بيند لاف جمال زند لكن جغد جغدست وطاوس طاوس لا إِلهَ إِلَّا هُوَ هيچ خداى نيست كه مستحق پرستش باشد مكروا. فيجب الإقبال الكلى على طاعته فى أوامره ونواهيه إِلَيْهِ تعالى فحسب لا الى غيره لا استقلالا ولا اشتراكا الْمَصِيرُ اى رجوع الخلق فى الآخرة فيجازى كلا من المطيع والعاصي وفى التأويلات النجمية غافر الذنب لاوليائه بان يتوب عليهم وقابل التوب بان يوفقهم للاخلاص فى التوبة لأنهم مظاهر صفات لطفه شديد العقاب لمن لا يؤمن ولا يتوب لانهم مظاهر صفات قهره ذى الطول لعموم خلقه بالإيجاد من العدم وإعطاء الحياة والرزق وايضا غافر الذنب لظالمهم وقابل التوب لمقتصدهم شد العقاب لمشركهم ذى الطول لسابقهم ولما كان من سنة كرمه ان سبقت رحمته غضبه غلبت هاهنا أسامي صفات لطفه على اسم صفة قهره بل من عواطف إحسانه ومراحم طوله وانعامه جعل اسم صفة قهره بين ثلاثة اسماء من صفات لطفه فصار مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان فاذا هبت رياح العناية من مهب الهداية وتموج البحران فيتلاشى البرزخ باصطكاك البحرين ويصير الكل بحرا واحدا وهو بحر لا اله الا هو اليه المصير فاذا كان اليه المصير فقد طاب المسير. عمر بن الخطاب رضى الله عنه دوستى داشت با وى برادر كفته(8/152)
مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (4)
در دين مردى عاقل پارسا ومتعبد رفتى آن دوست بشام بود وكسى از نزديك وى آمده بود عمر رضى الله عنه حال آن دوست از وى پرسيد كفت چهـ ميكند ان برادر ما وحال وى چيست اين مرد كفت او برادر إبليس است نه برادر تو يعنى كه فترنى در راه وى آمده وسر نهاده در خمر وزمر وانواع فساد عمر كفت چون باز كردى مرا خبر كن تا بوى نامه نويسم پس اين نامه نوشت بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر الى فلان ابن فلان سلام عليك انى احمد إليك الله الذي لا اله الا هو غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذالطول لا اله الا هو اليه المصير چون آن نامه بوى رسيد صدق الله ونصح عمر كلام خدا را ستست ونصيحت عمر نيكو بسيار بگريست وتوبه كرد وحال وى نيكو شد بعد از ان عمر ميكفت هكذا افعلوا بأخيكم إذا زاغ سددوه ولا تكونوا عليه عونا للشيطان وفيه اشارة الى انه لا يهجر الأخ بذنب واحد بل ينصح ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ الجدال المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة ومعنى المفاوضة بالفارسية كارى راندن پاكسى وأصله من جدلت الحبل أحكمت فتله فكأن المتجادلين يفتل كل واحد الآخر عن رأيه قال ابو العالية نزلت فى الحارث ابن قيس أحد المستهزئين. يعنى از جمله مستهزيان بود وسخت خصومت بباطل در انكار وتكذيب قرآن والمعنى ما يخاصم فى آيات الله بالطعن فيها بان يقول فى حقها سحرا وشعرا وأساطير الأولين او نحو ذلك وباستعمال المقدمات الباطلة لاد حاضه وإزالته وابطاله لقوله تعالى وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فحمل المطلق على المقيد وأريد الجدال بالباطل إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا بها واما الذين آمنوا فلا يخطر ببالهم شائبة شبهة منها فضلا عن الطعن فيها واما الجدال فيها لحل مشكلاتها واستنباط حقائقها وابطال شبه اهل الزيغ والضلال فمن أعظم الطاعات كجهاد فى سبيل الله ولذلك قال عليه السلام ان جدالا فى القرآن كفر بتنكير جدالا الدال على التنويع للفرق بين جدال وجدال ومما حرره حضرة شيخى وسندى فى مجموعة من مجموعات هذا الفقير فى ذيل هذه الآية قوله فكفار الشريعة يجادلون فى آيات القرآن الرسمى فيكون جدالهم رسميا لكونه فى الآيات الرسمية فهم كفار الرسوم كما انهم كفار الحقائق وكفار الحقيقة يجادلون فى آيات القرآن الحقيقي فيكون جدالهم حقيقيا لكونه فى الآيات الحقيقية فهم كفار الحقائق فقط لا كفار الرسوم فعليك يا ولدي الحقي سمى الذبيح بترك الكفر والجدال مطلقا حتى تكون عند الله وعند الناس مؤمنا حقا ومسلما صدقا هذا سبيل الصواب والرشاد واليه الدعوة والإرشاد وعلينا وعليكم القبول والاسترشاد وهو الفرض الواجب على جميع العبادة انتهى فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ الفاء جواب شرط محذوف والغرة غفلة فى اليقظة والتقلب بالفارسية كرديدن قال فى المفردات التقلب التصرف والبلاد شهرها قال الراغب البلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه وإقامتهم فيه وجمعه بلاد وبلدان والمعنى فاذا علمت انهم محكوم عليهم بالكفر فلا يغررك إمهالهم وإقبالهم فى دنياهم وتقلبهم فى بلاد الشاء واليمن للتجارات المربحة وهى رحلة الشتاء والصيف يعنى بدل مبارك ايشانرا(8/153)
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (5) وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6) الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)
فرصتى ومهلتى هست فانهم مأخوذون عما قريب بسبب كفرهم أخذ من قبلهم من الأمم كما قال كذبت إلخ قال فى عين المعاني فلا يغررك ايها المغرور والمراد غيره صلى الله تعالى عليه وسلم خطاب للمقلدين من المسلمين انتهى وفى الآية اشارة الى أن اهل الحرمان من كرامات اولياء الله وذوق مشاربهم ومقاماتهم يصرون على انكارهم تخصيص الله عباده بالآيات ويعترضون عليهم بقلوبهم فيجادلون فى جحد الكرامات وسيفتضحون كثيرا ولكنهم لا يميزون بين رجحانهم ونقصانهم فلا يغررك تقلبهم فى البلاد لتحصيل العلوم فان تحصيل العلوم إذا كان مبنيا على الهوى والميل الى الدنيا فلا يكون له نور يهتدى به الى ما خصص به عباده المخلصين (قال المولى الجامى)
بيچاره مدعى كند اظهار علم وفضل ... نشناخته قبول ودر جيد از ردى
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ اى قبل قريش قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ اى الذين تحزبوا على الرسل وعادوهم وحاربوهم بعد قوم نوح مثل عاد وثمود واضرابهم وبدأ بقوم نوح إذ كان أول رسول فى الأرض لان آدم انما أرسل الى أولاده وَهَمَّتْ قصدت عند الدعاء والهم عقد القلب على فعل شىء قبل ان يفعل من خير أو شر كُلُّ أُمَّةٍ من تلك الأمم المعاتبة بِرَسُولِهِمْ قال فى الاسئلة المقحمة لم يقل برسولها لأنه أراد بالامة هاهنا الرجال دون النساء وبذلك فسروه وقال فى عين المعاني برسولهم تغليب للرجال لِيَأْخُذُوهُ من الاخذ بمعنى الاسر والأخيذ الأسير اى ليأسروه ويحبسوه ليعذبوه او يقتلوه وبالفارسية تا بگيرند او را وهر آزار كه خواهند بوى رسانند وفيه اشارة الى ان كل عصر يكون فيه صاحب ولاية لا بد له من ارباب الجحود والإنكار واهل الاعتراض كما كانوا فى عهد كل نبى ورسول وَجادَلُوا وخصومت كردند با پيغمبران خود بِالْباطِلِ الذي لا اصل ولا حقيقة له أصلا قال فى فتح الرحمن الباطل ما كان فائت المعنى من كل وجه مع وجود الصورة اما لانعدام الاهلية او لانعدام المحلية كبيع الخمر وبيع الصبى لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ اى ليزيلوا بذلك الباطل الحق الذي لا محيد عنه كما فعل هؤلاء فَأَخَذْتُهُمْ بالإهلاك جزاء لهمهم بالأخذ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ اى عقابى الذي عاقبتهم به فان آثار دمارهم كما ترونها حين تمرون على ديارهم عبرة للناظرين ولآخذن هؤلاء ايضا لاتحادهم فى الطريقة واشتراكهم فى الجريمة كما ينبىء عنه قوله وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ اى كما وجب وثبت حكمه تعالى وقضاؤه بالتعذيب على أولئك الأمم المكذبة المتحزية على رسلهم المجادلة بالباطل لادحاض الحق به وجب ايضا عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا اى كفروا ربك وتحزبوا عليك وهموا بما لم ينالوا فالمصول عبارة عن كفار قومه عليه السلام وهم قريش لا عن الأمم المهلكة أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ فى حيز النصب بحذف لام التعليل وإيصال الفعل اى لأنهم مستحقوا أشد العقوبات وأفظعها التي هى عذاب النار وملازموها ابدا لكونهم كفارا معاندين متحزبين على الرسول عليه السلام كدأب من قبلهم من الأمم المهلكة فهم لسائر فنون العقوبات أشد استحقاقا وأحق استيجابا فعلة واحدة(8/154)
الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7)
تجمعهم وهى انهم اصحاب النار وقيل هو فى محل الرفع على أنه بدل من كلمة ربك بدل الكل والمعنى مثل ذلك الوجوب وجب على الكفرة المهلكة كونهم من اصحاب النار اى كما وجب إهلاكهم فى الدنيا بعذاب الاستئصال كذلك وجب تعذيبهم بعذاب النار فى الآخرة فالتشبيه واقع حالتيهم والجامع للطرفين إيجاب العذاب ومحل الكاف على التقديرين النصب على انه نعت لمصدر محذوف فى الآية اشارة الى ان الإصرار مؤدى الى الاخذ والانتقام فى الدنيا والآخرة فعلى العاقل ان يرجع الى الله ويتوب ويتعظ بغيره قبل ان يتعظ الغير به
چوبركشته بختي در افتد به بند ... ازو نيك بختان بگيرند پند
تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب
عصمنا الله وإياكم من اسباب سخطه الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ العرش هو الجسم المحيط بجميع الأجسام سمى به لارتفاعه او للتشبيه بسرير الملك فى ممكنه عليه عند الحكم لنزول احكام قضائه وقدره منه ولا صورة ولا جسم ثمة وهو الفلك التاسع خلقه الله من جوهرة خضراء وبين القائمتين من قوائمه خفقان الطير المسرع ثمانين الف عام والمراد أن حملة العرش أفضل كما ان خادم اشرف الكائنات مطلقا وهو جبرائيل الخادم للنبى عليه السلام اشرف وفى الحديث ان الله امر جميع الملائكة ان يغدوا ويروحوا بالسلام على حملة العرش تفضيلا لهم على سائرهم وهم اربعة من الملائكة يسترزق أحدهم لبنى آدم وهو فى صورة رجل والثاني للطيور وهو فى صورة نسر والثالث للبهائم وهو فى صورة ثور والرابع للسباع وهو فى صورة اسد وبينهم وبين العرش سبعون حجابا من نور وإذا كان يوم القيامة يكون حملته ثمانية دل عليه قوله تعالى ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية وفى بعض الروايات كلهم فى صورة الأوعال والعرش على قرونهم او على ظهورهم لما أخرجه الترمذي وابو داود فى حديث طويل آخره ثم فوق السابعة بحربين أعلاه وأسفله كما بين سماء الى سماء وفوق ذلك ثمانية او عال بين أظلافهن وركبهن ما بين سماء الى سماء ثم فوق ظهورهن العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء الى سماء وفى الحديث اذن لى ربى ان أحدث عن ملك من حملة عرشه ما بين شحمة اذنه الى عاتقه مسيرة سبعمائة عام وروى ان حملة العرش أرجلهم فى الأرض السفلى ورؤسهم قد خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم وهم أشد خوفا من اهل السماء السابعة وكل اهل سماء أشد خوفا من اهل السماء التي دونها قال ابن عباس رضى الله عنهما لما خلق الله تعالى حملة العرش قال لهم احملوا عرشى فلم يطيقوا فخلق كل ملك من أعوانهم مثل جنود من فى السموات والأرض من الملائكة والخلق فلم يطيقوا فخلق مثل ما خلق عدد الحصى والثرى فلم يطيقوا فقال جل جلاله قولوا لا حول ولا قوة الا بالله فلما قالوا استقلوا العرش فنفذت أقدامهم فى الأرض السابعة على متن الثرى فقال ابن عباس رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتفكروا فى عظمة ربكم ولكن تفكروا فى خلقه فان خلقا من الملائكة يقال له اسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله وقدماه فى الأرض السفلى فانه ليتضاءل من عظمة الله حتى يصير كالوصع وهو بالصاد المهملة(8/155)
الساكنة وتحرك طائر أصغر من العصفور كما فى القاموس وان الله خلق العرش من جوهرة خضرآء له ألف ألف رأس وستمائة ألف رأس فى كل رأس ألف ألف وستمائة ألف لسان يسبح بألف الف لغة ويخلق الله بكل لغة من لغات العرش خلقا فى ملكوته يسبحه ويقدسه بتلك اللغة والعرش يكسى كل يوم سبعين ألف لون من نور لا يستطيع ان ينظر اليه خلق من خلق الله والأشياء كلها فى العرش كحلقة ملقاة فى فلاة واحتجب الله بين العرش وحامليه سبعين حجابا من نار وسبعين حجابا من ماء وسبعين حجابا من ثلج وسبعين حجابا من در ابيض وسبعين حجابا من زبرجد أخضر وسبعين حجابا من ياقوت احمر وسبعين من نور وسبعين من ظلمة ولا ينظر أحدهم الى العرش مخافة ان يصعق يقول الفقير دل ما ذكر من الروايات على ان حملهم إياه اى العرش محمول على حقيقته وليس بمجاز عن حفظهم وتدبيرهم كما ذهب اليه بعض المفسرين ولعمرى كونه مع سعة دائرته وعظم محله على قرون الملائكة او على ظهورهم او على كواهلهم ادل على كمال عظمة الله وجلال شأنه فالملائكة الاربعة اليوم والثمانية يوم القيامة كالاسطوانات له فكما أن القصر محمول على الأسطوانات فكذا العرش محمول على الملائكة فلا ينافى ذلك ما صح من قوائمه وكونه بحيث يحيط الأجسام لانه يجوز ان يكون معلقا فى الحقيقة وان الملائكة تحمله بالكلية وَمَنْ حَوْلَهُ فى محل الرفع بالعطف على قوله الذين وحول الشيء جانبه الذي يمكنه أن يحول اليه ومحل الموصول الرفع على الابتداء خبره قوله يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ اى ينزهونه تعالى
عن كل ما لا يليق بشأنه الجليل ملتبسين بحمده على نعمائه التي لا تتناهى وفى فتح الرحمن يقولون سبحان ذى العزة والجبروت سبحان ذى الملك والملكوت سبحان الملك الحي الذي لا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح وجعل التسبيح أصلا والحمد حالا لأن الحمد مقتضى حالهم دون التسبيح لأنه انما يحتاج اليه لعارض الرد على من يصفه بما لا يليق به قيل حول العرش سبعون الف صف من الملائكة يطوفون به مهللين مكبرين ومن ورائهم سبعون ألف صف قياما قد وضعوا أيديهم على عواتقهم رافعين أصواتهم بالتهليل والتكبير ومن ورائهم مائة ألف صف قد وضعوا أيمانهم على شمائلهم ما منهم أحد الا وهو يسبح بما لا يسبح به الآخر وما وراءهم من الملائكة لا يعلم حدهم الا الله ما بين جناحى أحدهم مسيرة ثلاثمائة عام در معالم از شهر بن حوشب نقل ميكند كه حمله عرش هشت اند چهار ميكويند سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك و چهار ديكر ميكويند سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك وكوييا ايشان بنسبت كرم الهى با ذنوب بنى آدم ابن كلمات ميكويند وفى بعض التفاسير كأنهم يرون ذنوب بنى آدم وفى هذه الكلمات فوائد كثيرة پير طريقت ابو القاسم بشر ياسين كه از جمله مشاهير علما ومشايخ دهر بود شيخ ابو السعيد الخير را كفت اين كلمات از ما ياد كير و پيوسته ميكوى ابو سعيد كفت اين كلمات ياد كرفتم و پيوسته ميكفتم واز ان منتفع شدم وَيُؤْمِنُونَ بِهِ اى بربهم ايمانا حقيقا بحالهم والتصريح به مع اغنياء ما قبله عن ذكره لاظهار فضيلة الايمان وإبراز شرف(8/156)
اهله وقد قيل أوصاف الاشراف اشراف الأوصاف يقول الفقير أشار بالايمان الى انهم فى مرتبة الإدراك بالبصائر محجوبون عن إدراكه تعالى بالأبصار كحال البشر ما داموا فى موطن الدنيا واما فى الجنة فقيل لا يراه الملائكة وقيل يراه منهم جبريل خاصة مرة واحدة ويراه المؤمنون من البشر فى الدنيا بالبصائر وفى الآخرة بالأبصار لأن قوله لا تدركه الابصار قد استثنى منه المؤمنون فبقى على عمومه فى الملائكة والجن وذلك لأن استعداد الرؤية انما هو لمؤمنى البشر لكمالهم الجامع وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا
استغفارهم شفاعتهم وحملهم على التوبة والهامهم ما يوجب المغفرة وفيه اشعار بأنهم يطلعون على ذنوب بنى آدم وتنبيه على ان المشاركة فى الايمان توجب النصح والشفقة وان تخالفت الأجناس لانها أقوى المناسبات وأتمها كما قال تعالى انما المؤمنون اخوة ولذلك قال الفقهاء قتل الأعوان والسعاة والظلمة فى الفترة مباح وقاتلهم مثاب وان كانوا مسلمين لأن من شرط الإسلام الشفقة على خلق الله والفرح بفرحهم والحزن بحزنهم وهم على عكس ذلك وقلما يندفع شرهم بالحبس ونحوه قال الامام قد ثبت أن كمال السعادة مربوط بامرين التعظيم لامر الله والشفقة على خلق الله ويجب ان يكون الاول مقدما على الثاني فقوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به مشعر بالتعظيم لامر الله ويستغفرون للذين آمنوا بالشفقة على خلق الله انتهى قال مجاهد يسألون ربهم مغفرة ذنوب المؤمنين من حين علموا امر هاروت وماروت او لقولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء قال الراغب المغفرة من الله ان يصون العبد عن ان يمسه العذاب والاستغفار طلب ذلك بالمقال والفعال فان الاستغفار بالمقال فقط فعل الكاذبين ثم لا يلزم من الآية افضلية الملائكة على البشر حيث اشتغلوا بالاستغفار للمؤمنين من غير أن يتقدم الاستغفار لانفسهم لاستغنائهم وذلك لأن هذا بالنسبة الى عوام المؤمنين واما خواصهم وهم الرسل فهم أفضل منهم على الإطلاق وانما يصلون عليهم بدل الاستغفار لهم تعظيما لشأنهم ونعم ما قال ابو الليث رحمه الله فى الآية بيان فضل المؤمنين لأن الملائكة مشتغلون بالدعاء لهم وفى التأويلات النجمية يشير الى أن الملائكة كما أمروا بالتسبيح والتحميد والتمجيد لله تعالى فكذلك أمروا بالاستغفار والدعاء لمذنبى المؤمنين لأن الاستغفار للمذنب ويجتهدون فى الدعاء لهم فيدعون لهم بالنجاة ثم برفع الدرجات كما قال رَبَّنا على ارادة القول اى يقولون ربنا على انه بيان لاستغفارهم او حال اى قائلين وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً نصب على التمييز والأصل وسعت رحمتك وعلمك لا ذاتك لامتناع المكان فى حقه فازيل عن أصله للاغراق فى وصفه بالرحمة والعلم كأن ذاته رحمة
وعلم واسعان كل شىء وتقديم الرحمة وان كان العلم أشمل واقدم تعلقا من الرحمة لأنها المقصودة بالذات هاهنا وفى عين المعاني ملأت كل شىء نعمة وعلما به يقول الفقير دخل فى عموم الآية الشيطان ونحوه لأن كل موجود فله رحمة دنيوية البتة وأقلها الوجود وللشيطان انظار الى يوم الدين ويكون من الرحمة الدنيوية الى غير ذلك فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ الفاء لترتيب الدعاء على ما قبلها من سعة الرحمة والعلم فما بعد الفاء(8/157)
رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8)
مسبب عن كل واحد من الرحمة والعلم إذ المعنى فاغفر للذين علمت منهم التوبة من الكفر والمعاصي واتباع سبيل الايمان والطاعة وفيه اشارة الى أن الملائكة لا يستغفرون الا لمن تاب ورجع عن اتباع الهوى واتبع بصدق الطلب وصفاء النية سبيل الحق تعالى وفى الاسئلة المقحمة قوله فاغفر إلخ صيغة دالة على أن الشفاعة للتائبين والجواب ان الشفاعة للجميع ولكن لما كانت حاجة التائب إليها اظهر قرنوه بالذكر ثم لا يجب على الله قبول توبة التائب عندنا انتهى والأظهر ان التخصيص للحث على التوبة والاتباع وهو اللائح بالبال ومن اعجب ما قيل فى هذا المقام قول البقلى فى تأويلاته عجبت من رحمة الملائكة كيف تركوا المصرين على الذنوب عن استغفارهم هذه قطعة زهد وقعت فى مسالكم اين هم من قول سيد البشر عليه السلام حين أذاه قومه اللهم اهد قومى فانهم لا يعلمون عمموا الأشياء بالرحمة ثم خصوا منها التائبين يا ليت لوبقوا على القول الاول وسألوا الغفران لمجموع التائبين والعاصين انتهى يقول الفقير العاصي اما مؤمن او كافر والثاني لا تتعلق به المغفرة لانها خاصة بالمؤمنين مطلقا فلما علم الملائكة ان الله لا يغفر ان يشرك به خصوها بالتائبين ليخرج المشركون وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ امر من وقى يقى وقاية وهى حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره اى واحفظهم من عذاب جهنم وهو تصريح بعد اشعار للتأكيد وذلك لأن معنى الغفران إسقاط العذاب وفيه اشارة الى أنه بمجرد التوبة لا تحصل النجاة فلا بد من الثبات عليها وتخليص العمل من شوب الرياء والسمعة وتصفية القلب عن الأهواء والبدع رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ عطف على قهم وتوسيط النداء بينهما للمبالغة فى الجؤار وهو رفع الصوت بالدعاء والتضرع والاستغاثة جَنَّاتِ عَدْنٍ در بوستانهاى اقامت الَّتِي وَعَدْتَهُمْ اى وعدتهم إياها وقد وعد الله بان يدخل من قال لا اله الا الله محمد رسول الله جنات عدن اما ابتداء أو بعد ان يعذبهم بقدر عصيانهم وروى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال لكعب الأحبار ما جنات عدن قال قصور من ذهب فى الجنة يدخلها النبيون وائمة العدل فعلى هذا يكون جنات عدن موضع اهل الخصوص لا اهل العموم ومثلها الفردوس إذ لكل مقام عمل يخص به فاذا كان العمل أخص وارفع كان المقام ارقى وأعلى وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ فى محل النصب عطف على الضمير فى وأدخلهم والمعنى وادخل معهم من صلح من هؤلاء صلاحا مصححا لدخول الجنة فى الجملة وان كان دون صلاح أصولهم وذلك ليتم سرورهم ويتضاعف ابتهاجهم وفيه اشارة الى ان بركة الرجل التائب تصل الى آبائه وأزواجه وذرياته لينالوا بها الجنة ونعيمها قال سعيد ابن جبير يدخل المؤمن الجنة فيقول اين ابى أين ولدي اين زوجى فيقال انهم لم يعملوا مثل عملك فيقول انى كنت اعمل لى ولهم فيقال أدخلوهم الجنة
اميد است از آنان كه طاعت كنند ... كه بى طاعتانرا شفاعت كنند
وعن انس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة نودى فى أطفال المسلمين ان اخرجوا من قبوركم فيخرجون من قبورهم فينادى فيهم ان(8/158)
وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)
امضوا الى الجنة زمرا فيقولون يا ربنا ووالدينا معنا فينادى فيهم الثانية ان امضوا الى الجنة زمرا فيقولون ووالدينا معنا فيتبسم الرب تعالى فيقول ووالديكم معكم فيثب كل طفل الى أبويه فيأخذون بايديهم فيدخلونهم الجنة فهم اعرف بآبائهم وأمهاتهم يومئذ من أولادكم الذين فى بيوتكم وفى الواقعات المحمودية نقلا عن حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره من كان من اهل الجنة وزوجته لم تكن كذالك يخلق الله تعالى مثل زوجته فى الجنة فيتسلى بها فان قلت كيف يكون التسلي بمثلها قلت لا يعلم انها مثلها فلو ظن انها مثلها لا عينها لا يتسلى بل يحزن والجنة دار السرور لا دار الحزن ولذلك أرسل آدم عليه السلام الى لدنيا لئلا يحزن فى الجنة إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ
الغالب الذي لا يمتنع عليه مقدور يعنى از هيچ مقدور عاجز نشوى الْحَكِيمُ الذي لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة الباهرة من الأمور التي من جملتها انجاز الوعد والوفاء به وفى التأويلات النجمية أنت العزيز تعز التائبين وتحبهم وان أذنبوا الحكيم فيما لم تعصم محبيك عن الذنوب ثم تتوب عليهم
ز من سر ز حكمت بدر مى برم ... كه حكمت چنين ميرود بر سرم
وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ اى احفظهم عما يسوؤهم يوم القيامة وادفع عنهم العقوبات لأن جزاء السيئة سيئة فتسميتها سيئة اما لأن السيئة اسم للملزوم وهو الأعمال السيئة فاطلق على اللازم وهو جزاؤها او المعنى قهم جزاء السيئات على حذف المضاف على أن السيئات بمعنى الأعمال السيئة وهو تعميم بعد تخصيص لقوله وقهم عذاب الجحيم وعذاب القبر وموقف القيامة والحساب والسؤال والصراط ونحوها او مخصوص بمن صلح من الاتباع والاول دعاء للاصول وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ اى يوم القيامة فَقَدْ رَحِمْتَهُ لأن المعافى من العذاب مرحوم ويجوز أن يكون المراد بالسيئات الاول المعاصي فى الدنيا فمعنى قوله ومن تق إلخ ومن تقه المعاصي فى الدنيا فقد رحمته فى الآخرة كأنهم طلبوا لهم السبب بعد ما سألوا المسبب وفى التأويلات النجمية وقهم السيئات يعنى بعد ان تابوا لئلا يرجوا الى المعاصي والذنوب ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته يحيلون الأمر فيه على رحمته وبرحمته لم يسلط على المؤمن اراذل خلقه وهم الشياطين وقد قيض لشفاعته أفاضل من خلقه وهم الملائكة المقربون قال مطرف انصح عباد الله للمؤمنين الملائكة واغش الخلق للمؤمنين الشياطين وَذلِكَ المذكور من الرحمة والوقاية هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الفوز الظفر مع حصول السلامة اى هو الظفر العظيم الذي لا مطمع وراءه لطامع وبالفارسية آن پيروزى بزركست چهـ هر كه امروز در پناه عصمت الهيست فردا در سايه رحمت نامتناهى خواهد بود ودرين باب كفته اند
امروز كسى را در آرى به پناه ... فردا بمقام قربتش بخشى راه
وانرا كه رهش نداده بر دركاه ... فردا چهـ كند كه نكند ناله وآه
يقول الفقير ظهر من الآيات العظام ومن استغفار الملائكة الكرام ان بناء الإنسان محتاج الى المعاونة لكونه تحت ثقل حمل الامانة العظمى وهو المنور بنور لطفه وجماله تعالى وهو المحترق بنار قهره وحلاله سبحانه فطريقه طريق صعب وليس مثله أحد وما أشبه حاله مع الملائكة بحال الديك مع البازي قال للديك ما اعرف اقل وفاء منك لأن أهلك يربونك(8/159)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10) قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11) ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14)
من البيضة ثم إذا أكبرت لا يدنو منك أحد الا طرت هاهنا وهاهنا وانا أوخذ من الجبال فيحبسون عينى ويجيعوننى ويجعلوننى فى بيت مظلم وإذا اطلقونى على الصيد فآخذه وأعود إليهم فقال الديك لأنك ما رأيت بازيا فى سفود وهى الحديدة التي يشوى بها اللحم وكم قد رأيت ديو كافى سفا فيد ثم يجيب على من يطلب الفوز أن يناله من طريقه فكل سعادة فى الآخرة فبذرها مزروع فى الدنيا ولا بد للعاقل من التقديم لنفسه قال لقمان رحمه الله يا بنى لا تكون الذرة أيسر منك تجمع فى صيفها لشتائها قبل اشتداد الشتاء وطلب ضفدع من الذرة ذخيرة فقالت لم ترنمت فى الصيف فى أطراف الأنهار وتركت الادخار للشتاء (قال الشيخ سعدى)
كنون با خرد بايد انباز كشت ... كه فردا نماند ره بازگشت
اى لا يبقى يوم القيامة طريق للرجوع الى الدنيا إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ المناداة والنداء الدعوة ورفع الصوت وذلك ان الكفار يمقتون فى جهنم أنفسهم الامارة بالسوء التي وقعوا فيما وقعوا من العذاب المخلد باتباع هواها اى يغضبون عليها حتى يأكلون أناملهم ويبغضونها أشد البغض وينكرونها أشد الإنكار ويظهرون ذلك على رؤوس الاشهاد فعند ذلك تناديهم الملائكة وهم خزنة جهنم من مكان بعيد تنبيها على بعدهم عن الحق وبالفارسية بوقتى كه كفار بدوزخ درايند وبانفسها دشمن آغاز كرده روبان عتاب وملامت بگشايند كه چرا در زمان اختيار ايمان نياوردند ملائكه آواز ميدهند ايشانرا وكويند لَمَقْتُ اللَّهِ جواب قسم محذوف والمقت البغض الشديد لمن يراه متعاطيا لقبيح والبغض نفار النفس من الشيء ترغب عنه وهو ضد الحب وهو انجذاب النفس الى الشيء الذي ترغب فيه ومقت الله غضبه وسخطه وهو مصدر مضاف الى فاعله وحذف مفعوله لدلالة المقت الثاني عليه والمعنى والله لمقت الله أنفسكم الامارة بالسوء أَكْبَرُ بزركترست مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ اذكروا إِذْ تُدْعَوْنَ فى الدنيا من جهة الأنبياء إِلَى الْإِيمانِ فتأبون قبوله فَتَكْفُرُونَ بالله تعالى وتوحيده اتباعا لانفسكم ومسارعة الى هواها ويجوز ان يتعلق إذ بالمقت الاول ولا يقدح فيه وجود الخبر فى البين لأن فى الظروف اتساعا فالمعنى غضب الله تعالى حين اغضبتموه فى الدنيا حين كفرتم اكبر مقتكم أنفسكم اليوم يقول الفقير دل قوله إذ تدعون إلخ على أن سبب المقت هو الكفر كأنه قال اذكروا ذلك فهو سبب المقت فى الدنيا والآخرة والدخول فى النار المحرقة القاهرة كما قال فيما سيأتى ذلكم بأنه إذا دعى الله إلخ وحقيقته ان الله تعالى أحب المحبين فى الحقيقة كما أن النفس أعدى الأعداء فمن صرف محبة أحب المحبين الى أعدى الأعداء وجرى على حكمه صرف الله نظره عنه وأبغضه (كما قال الشيخ سعدى)
نظر دوست نادر كند سوى تو ... چودر روى دشمن بود روى تو
كرت دوست بايد كزو بر خورى ... نبايد كه فرمان دشمن برى
ندانى كه كمتر نهد دوست پاى ... چوبيند كه دشمن بود در سراى
ومقت الله على الكفر أزلى خفى لم يظهر اثره الا فى وقت وجود الكفر من الكافر وأبدى(8/160)
قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11)
لأنه لا ينقطع بانقطاع الدنيا فالكافر مغضوب فى الدنيا والآخرة وانما كان مقت الله اكبر من مقت العبد لأن مقت العبد مأخوذ من مقت الله إذ لو لم يأخذه الله بجريمته لما وقع فى مقت نفسه ولأن أشد العقوبات آثار سخط الله وغضبه على العباد كما أن أجل النعم آثار رضاه عنهم فاذا عرف الكافر فى الآخرة ان ربه عليه غضبان فلا شىء أصعب على قلبه منه على انه لا بكاء ينفعه ولا غناء يزيل عنه ما هو فيه ويدفعه ولا يسمع منه تضرع ولا يرجى له حيلة نسأل الله عفوه وعطاه وهو حسبنا مما سواه قالُوا اى الكفرة حين خوطبوا بهذا الخطاب رَبَّنا اى پروردگار ما را أَمَتَّنَا اماتتين اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا احياءتين اثْنَتَيْنِ فهما صفتان لمصدر الفعلين المذكورين وفى الامانتين والاحياءتين وجوه الاول ما قال الكاشفى نقلا من التبيان ذريت آدم را كه از ظهر او بيرون آورد وميثاق از ايشان فرا كرفت بميرانيد اماته نخستين آنست ودر رحم كه نطفه بودند زنده كرد پس در دنيا بميرانيد ودر آخرت زنده كردانيد فَاعْتَرَفْنا أقررنا بسبب ذلك بِذُنُوبِنا لا سيما انكار البعث يعنى الأنبياء دعونا الى الايمان بالله وباليوم الآخر وكنا نعتقد كالدهرية ان لا حياة بعد الموت فلم نلتفت الى دعوتهم ودمنا على الاعتقاد الباطل حتى متنا وبعثنا فشاهدنا ما نحن ننكره فى الدنيا وهو الحياة بعد الموت فالآن نعترف بذنوبنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ نوع خروج من النار سريع او بطيء او نوع من الأعمال مِنْ سَبِيلٍ من طريق فنسلكه ونتخلص من العذاب او هل الى خروج الى الدنيا من سبيل فنعمل غير الذي كنا نعمل كما قال هل الى مرد من سبيل فيقال فحذف الجواب كما فى عين المعاني او الجواب ما بعده من قوله ذلكم إلخ كما فى غيره والثاني انهم أرادوا بالاماتة الاولى خلقهم أمواتا وذلك فى الرحم قبل نفخ الروح كما قال تعالى وكنتم أمواتا فاحياكم وبالثانية اماتتهم عند انقضاء آجالهم على ان الاماتة جعل الشيء عادم الحياة وأرادوا بالاحياء الأول الاحياء قبل الخروج من البطن وبالثاني احياء البعث ولا يلزم منه ان لا عذاب فى القبر ولا حياة ولا موت فانهم انما لم يذكروها لان حياة القبر ليست كحياة الدنيا ولا كحياة الآخرة كما فى الاسئلة المقحمة وقد ثبت بالتواتر أن النبي عليه السلام استعاذ من عذاب القبر واجمع السلف على ذلك قبل ظهور اهل البدع حتى قال بعضهم فى قوله تعالى ومن اعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا انه أراد فى القبر لانا نشاهد كثيرا منهم عيشهم ارغد فى الدنيا من عيش كثير من المؤمنين والثالث انهم أرادوا بالاماتة الاولى ما بعد حياة الدنيا وبالثانية ما بعد حياة القبر وبالاحياءتين ما فى القبر وما عند البعث قال فى الإرشاد وهو الأنسب بحالهم واما حديث لزوم الزيادة على النص ضرورة تحقق حياة الدنيا فمدفوع لكن لا بما قيل من عدم اعتدادهم بها لزوالها وانقضائها وانقطاع آثارها وأحكامها بل بان مقصودهم احداث الاعتراف بما كانوا ينكرونه فى الدنيا والتزام العمل بموجب ذلك الاعتراف ليتوسلوا بذلك الى الرجوع الى الدنيا وهو الذي أرادوه بقولهم فهل الى خروج من سبيل مع نوع استبعاد له واستشعار يأس منه لا انهم قالوه بطريق القنوط المحض ولا ريب فى أن الذي كانوا ينكرونه ويفرعون عليه فنون الكفر والمعاصي ليس الا(8/161)
ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13)
الاحياء بعد الموت واما الاحياء الاول فلم يكونوا لينظموه فى سلك ما اعترفوا به وزعموا ان الاعتراف يجديهم نفعا وانما ذكروا الموتة الاولى لترتبها عليهما ذكرا حسب ترتبها عليهما وجودا والرابع على ما فى التأويلات النجمية انهم أرادوا اماتة القلوب واحياء النفوس ثم اماتة الأبدان وإحياءها بالبعث ذلِكُمْ قال فى الإرشاد جواب لهم باستحالة حصول ما يرجونه ببيان ما يوجبها من أعمالهم السيئة اى ذلكم الذي أنتم فيه من العذاب وهو مبتدأ خبره قوله بِأَنَّهُ اى بسبب ان الشان إِذا دُعِيَ اللَّهُ فى الدنيا اى عبد وَحْدَهُ اى حال كونه منفردا فهو فى موضع الحال من الجلالة كَفَرْتُمْ اى بتوحيده وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ اى ان يجعل له شريك تُؤْمِنُوا اى بالاشراك به وتصدقوه وتسارعوا فيه ولفظ الاستقبال تنبيه على انهم لو ردوا لعادوا الى الشرك وفى الإرشاد فى إيراد إذا وصيغة الماضي فى الشرطية الاولى وان وصيفة المضارع فى الثانية ما لا يخفى من الدلالة على كمال سوء حالهم وحيث كان حالكم كذلك فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الذي لا يحكم الا بالحق الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ عن ان يشرك به إذ ليس كمثله شىء فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله وقد حكم بانه لا مغفرة للمشرك ولا نهاية لعقوبته فلا سبيل لكم الى الخروج ابدا قيل كأن الحرورية أخذوا قولهم لا حكم الا لله من هذا وقيل للخوارج حرورية لتجلبتهم بحروراء واجتماعهم فيها وهى كحلولاء وقد تقصر قرية بالكوفة والخوارج قوم من زهاد الكوفة خرجوا عن طاعة على رضى الله عنه عند التحكيم بينه وبين معاوية وذلك انه لما طالت محاربة على ومعاوية اتفق الفريقان على التحكيم الى ابى موسى الأشعري وعمرو بن العاص رضى الله عنهما فى امر الخلافة وعلى ارتضى بما يريانه فقال القوم المذكور ان الحكم الا لله فقال على رضى الله عنه كلمة حق أريد بها باطل وكانوا اثنى عشر ألف رجل أنكروا الخلافة واجتمعوا ونصبوا راية الخلاف وسفكوا الدماء وقطعوا السبيل فخرج إليهم على رضى الله عنه وأمرهم بالرجوع فأبوا الا القتال فقاتلهم بالنهر وان هى كزعفران بليدة قديمة بالقرب من بغداد فقتلهم واستأصلهم ولم ينج منهم الا قليل وهم الذين قال عليه السلام فى حقهم يخرج قوم من أمتي فى آخر الزمان يحقر أحدكم صلاته فى جنب صلاتهم وصومه فى جنب صومهم ولكن لا يجاوز ايمانهم تراقيهم وقال عليه السلام الخوارج كلاب النار والحاصل ان الخوارج من الفرق الضلالة لفسادهم فى الاعتقاد وبانكار الحق وفساد الاعتقاد ساء حال اكثر العباد فى اكثر البلاد خصوصا فى هذه الاعصار فعلى العاقل ان يجيب دعوة الله ودعوة رسوله قولا وعملا وحالا واعتقادا حتى يفوز بالمرام ويدخل دار السلام ولا يكون كالذين أرادوا ان يتداركوا الحال بعد مضى الفرصة
ملوث مكن دامن از كرد شوى ... كه ناكه ز بالا ببندند جوى
مكو مرغ دولت ز قيدم بجست ... هنوزش سر رشته دارى بدست
وكر دير شد كزم روباش و چست ... ز دير آمدن غم ندارد درست
المراد الترغيب فى التوبة ولو فى الشيب وقرب الموت هُوَ تعالى وحده الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ دلائل قدرته وشواهد وحدته فى الأنفس والآفاق رعاية لمصالح اديانكم وفيه(8/162)
فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14)
اشارة الى ان ليس للانسان ان يرى ببصيرته حقائق الأشياء الا بإراءة الحق تعالى إياه وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً اى سبب رزق وهو المطر مراعاة لمصالح أبدانكم فان آيات الحق بالنسبة الى حياة الأديان بمنزلة الأرزاق بالنسبة الى حياة الأبدان وَما يَتَذَكَّرُ التذكر پند كرفتن اى ما يتعظ وما يعتبر بتلك الآيات الباهرة ولا يعمل بمقتضاها إِلَّا مَنْ يُنِيبُ يرجع الى الله تعالى عن الإنكار ويتفكر فيما أودعه فى تضاعيف مصنوعاته من شواهد قدرته الكاملة ونعمته الشاملة الظاهرة والباطنة الموجبة لتخصيص العبادة به تعالى ومن ليس كذلك وهو المعاند فهو بمعزل من التذكر والاتعاظ فاذا كان الأمر كذلك اى كما ذكر من اختصاص التذكر بمن ينيب فَادْعُوا اللَّهَ فاعبدوه ايها المؤمنون مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ اى حال كونكم مخلصين له دينكم وطاعتكم من الشرك والالتفات الى ما سواه بموجب انابتكم اليه وايمانكم به وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ذلك وغاظهم إخلاصكم قال الكاشفى واگر چهـ كار هند كافران واخلاص شما در توحيد او زيرا كه ايشان بنعمت ايمان كافرند وشما بران نعمت شاكر پس ميان شما منافرتست واعمال واقوال شما مرغوب ومحبوب ايشان نيست چنانچهـ كردار وكفتار ايشان نيز در نزد شما مكروه ومبغوض است
زاهدى در سماع رندان بود ... زان ميان كفت شاهد بلخى
كر ملولى ز ما ترش منشين ... كه تو هم در ميان ما تلخى
وفى الآية اشارة الى ان المدعو من الله تعالى ينبغى ان يكون لذاته تعالى مخلصا غير مشوب بشىء من مقاصد الدنيا والآخرة ولو كان على كراهة كافر النفس فانها تميل الى مشاربها
خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا
فلا بد من الإخلاص مطلقا فاعمل لربك خالصا طيبا فانه طيب لا يقبل الا الطيب وفى الحديث يؤجر ابن آدم فى نفقته كلها إلا شيئا وضعه فى الماء والطين قال حضرت الشيخ صدر الدين الفتوى قدس سره فى كشف سر هذا لحديث وإيضاح معناه اعلم ان صور الأعمال اعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وان كان من حيث الصيغة مطلقا فالاحوال والقرائن تخصصه وذلك ان بناء المساجد والرباطات ومواضع العبادات يؤجر الباني لها عليها بلا خلاف
چون بود قصدش از ريا منفك ... مزد يابد بران عمل بيشك
فالمراد بالمذكور هنا انما هو البناء الذي لم يقصد صاحبه الا تنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة وإذا كان كذلك فمطمح همة الباني ومقصده لا يتجاوز هذا العلم فلا يكون لبنائه ثمرة ونتيجة فى الآخرة لأنه لم يقصد امرا ورلء هذه الدار فافعاله اعراض زائلة لا موجب لتعديها من هنا الى الآخرة فلا اثمار لها فلا اجر وبالفارسية
هر كه ميخواهد از عمارت كل ... فسحت دار ونزهت منزل
يا تفاخر ميانه اقران ... كه بنا كرد مسجدى ويران(8/163)
رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)
چون بإخلاص همت عامل ... متجاوز نشد ز عالم كل
نفقاتش در آب وكل موضوع ... ماند واو ز أجران بود مقطوع
بلكه در حج وعمره وصلوات ... چون بود بهر عاجلت نفقات
همه ماند در آب وكل مرهون ... ندهد اجر صانع بيچون
هركرا از عمارت كل وآب ... هست مقصود كسب قرب وثواب
چون ز كل در كذشت همت وى ... نفقاتش همه رود در پى
نفقاتش چوقطع كرد اين راه ... عندكم بود كشت عند الله
كل ما كان عندكم ينفد ... دام ما عنده الى السرمد
قال تعالى ما عندكم ينفد وما عند الله باق والمرجو من الله تعالى ان يجعلنا من اهل الاختصاص بفيض كمال الإخلاص رَفِيعُ الدَّرَجاتِ خبر آخر لقوله هو والرفيع صفة مشبهة أضيفت الى فاعلها بعد النقل الى فعل بالضم كما هو المشهور وتفسيره بالرفع ليكون من اضافة اسم الفاعل الى المفعول بعيد فى الاستعمال كما فى الإرشاد والدرجة مثل المنزلة لكن يقال للمنزلة درجة إذا اعتبرت بالصعود دون الامتداد على نحو درجة السطح والسلم قاله الراغب وفى أنوار المشارق الدرجة ان كانت بمعنى المرقاة فجمعها درج وان كانت بمعنى المرتبة والطبقة فجمعها درجات واختلف العلماء فى تفسير هذه الآية ففى الإرشاد هو تعالى رفيع الدرجات ملائكته اى مرتفعة معارجهم ومقاعدهم الى العرش وفى تفسير ابى الليث خالق السموات ورافعها مطلقا بعضها فوق بعض من طبق الى طبق خمسمائة عام (وفى كشف الاسرار) بردارنده درجهاى بندگانست وبر يكديگر چهـ در دنيا چهـ در عقبا در دنيا آنست كه كفت ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم يعنى بر داشت شما را زير يكديكر در جهاى افزونى يكى را بدانش يكى را بنسب يكى را بمال يكى را بشرف يكى را بصورت يكى را بقوت جاى ديكر كفت ورفضا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا يعنى برداشتيم ايشانرا بر يكديكر در عز ومال در رزق ومعيشت يكى مالك يكى مملوك يكى خادم يكى مخدوم يكى فرمانده يكى فرمانبر اما درجات آنست كفت وللآخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا هر كه در دنيا بمعرفت وطاعت افزونتر در عقبى بحق نزديكتر وكرامت وى بيشتر فهو رافع الدرجات فى الدنيا بتفاوت الطبقات وفى العقبى بتباين المراتب والمقامات روى ان أسفل اهل الجنة درجة ليعطى مثل ملك الدنيا كلها عشر مرار وانه ليقول اى رب لو أذنت لى أطعمت اهل الجنة وسقيتهم لم ينقص ذلك مما عندى شيأ وان له من الحور العين ثنتين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا وقال بعضهم رافع درجات انبياست عليهم السلام درجه آدم را بصفوت برداشت ونوح را بدعوت وابراهيم را بخلت وموسى را بقربت وعيسى را بزهادت ومحمد را بشفاعت وقال بعضهم رافع درجات العصاة بالنجاة والمطيعين بالمثوبات وذى الحاجات بالكفايات والأولياء بالكرامات والعارفين بالارتقاء عن الكونين والمحبين بالفناء عن المحبية والبقاء بالمحبوبية(8/164)
عزيزى فرموده كه لا يوجد البقاء الا بالفناء تا شربت فنا ننوشى.
بنوش درد فنا كر بقا همى خواهى ... كه زاد راه بقاى دردى خراباتست
ز حال خويش فنا شود درين ره اى عطار ... كه باقى ره عشاق فانى الذاتست
يقول الفقير حقيقة الآية عند السادات الصوفية قدس الله أسرارهم انه تعالى رفيع درجات أسمائه وصفاته وطبقات ظهوراته فى تنزلاته واسترسالاته فانه تعالى خلق العقل الاول وهو أول ما وجد من الكائنات وهو آدم الحقيقي الاول والروح الكلبي المحمدي والعلم الأعلى وهو أول موجود تحقق بالنعم الالهية وآخر الموجودات تحققا بهذه النعم هو عيسى عليه السلام لأنه لا خليفة لله بعده الى يوم القيامة بل لا يبقى بعد انتقاله وانتقال من معه مؤمن على وجه الأرض فضلا عن ولى كامل وفى الحديث لا تقوم الساعة وفى الأرض من يقول الله الله اى الملازم الذكر لا الذكر فى الجملة فلا بد للمصلى من أن يستحضر عند قوله صراط الذين أنعمت عليهم جميع من أنعم الله عليه من العلم الأعلى الى عيسى ثم خلق الله النفس الكلية التي منها وجدت النفوس الناطقة كلها وهى حواء الحقيقية الاولى ثم أوجد الطبيعة الكلية التي فى الأجسام الجزئية وبواسطتها ظهر الفعل والانفعال فى الأشياء ثم الهباء ثم الشكل الكلى وهو الهيولى الجسمية ثم جسم الكلى ثم الفلك الأطلس الذي هو العرش الكريم ثم الكرسي على ما ذكره داود القيصري واما حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فلم يجعل الفلك الأطلس هو العرش بعينه فالترتيب عنده العرش ثم الكرسي ثم فلك الأطلس سمى به لخلوه عن الكواكب كخلو الأطلس عن النقش ثم المنازل ثم سماء كيوان ثم سماء المشترى ثم سماء المريخ ثم سماء الشمس ثم سماء الزهرة ثم سماء عطارد ثم سماء القمر ثم عنصر النار ثم عنصر الهولء ثم عنصر الماء ثم عنصر التراب ثم المعدن ثم النبات ثم الحيوان ثم الملك ثم الجن ثم الإنسان الذي هو مظهر الاسم الجامع ثم ظهر فى مرتبته التي هى مظهر الاسم الرفيع فتم الملك والملكوت وهذه الحقائق كلها درجات الهية ومراتب رحمانية دل عليها قوله تعالى رفيع الدرجات ذُو الْعَرْشِ خبر آخر لقوله هواى هو تعالى مالك العرش العظيم المحيط بأكناف العالم العلوي والسفلى وله اربعمائة ركن من الركن الى الركن اربعمائة الف سنة خلقه فوق السموات السبع وفوق الكرسي إظهارا لعظمته وقدرته لا مكانا لذاته فانه الآن على ما كان عليه وانما ذكره على حد العقول لأن العقول لا تصل الا الى مثله والا فهو اقل من خردلة فى جنب جلاله تعالى وعظمته ايضا خلقه ليكون مطافا لملائكته وليكون قبلة الدعاء ومحل نزول البركات لأنه مظهر لاستواء الرحمة الكلية ولذا ترفع الأيدي الى السماء وقت الدعاء لأنه بمنزلة ان يشير سائل الى الخزانة السلطانية ثم يطلب من السلطان ان يفيض عليه سجال العطاء من هذه الخزانة قال العلماء يكره النظر الى السماء فى الصلاة واما فى غيرها فكرهه بعض ولم يكرهه الأكثرون لأن السماء قبلة الدعاء وايضا خلقه ليكون موضع كتاب الأبرار كما قال تعالى ان كتاب الأبرار لفى عليين وليكون مرءاة للملائكة فانهم يرون الآدميين من تلك المرآة ويطلعون على(8/165)
أحوالهم كى يشهدوا عليهم يوم القيامة وليكون ظلة لاهل المحشر من الأبرار والمقربين يوم تبدل السموات والأرض وليكون محلا لاظهار شرف محمد صلى الله تعالى عليه وسلم كما قال تعالى عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا وهو مقام تحت العرش فيه يظهر اثر الشفاعة العظمى للمؤمنين ويقال ان الله تعالى رفع من كل شىء شيأ المسك من الطيب والعرش من الأماكن والياقوت من الجواهر والشمس من الأنوار والقرآن من الكتب والعسل من الحلوى والحرير من اللباس والزيتون من الأشجار والأسد من السباع وشهر رمضان من الشهور والجمعة من الأيام وليلة القدر من الليالى والتوحيد من المقال والصلاة من الفعال ومحمدا عليه السلام من الرسل وأمته من الأمم هذا إذا كان العرش بمعنى الجسم المحيط ويقال العرش الملك والبسطة والعز يقال فلان ثل عرشه اى زالت قوته ومكنته وروى أن عمر رضى الله عنه رؤى فى المنام فقيل له ما فعل الله بك قال لولا ان تداركنى الله لئل عرشى فيكون معنى ذو العرش على ما فى التأويلات النجمية ذو الملك العظيم لأنه تعالى خلقه ارفع الموجودات وأعظمها جثة إظهارا للعظمة وايضا ذو عرش القلوب فانها العرش الحقيقي لأن الله تعالى استوى على العرش
بصفة الرحمانية ولا شعور للعرش به واستوى على قلوب أوليائه بجميع الصفات وهم العلماء بالله مستغرقين فى بحر معرفته فاذا كان العرش الصوري والمعنوي فى قبضة قدرته وهو مستول عليه ومتصرف فيه لا مالك ولا متصرف له غيره لا يصح ان يشرك به مطلقا بل يجب ان يعبد ظاهرا وباطنا حقا وصدقا يُلْقِي الرُّوحَ بيان لانزال الرزق المعنوي الروحاني من الجانب العلوي بعد بيان إنزال الرزق الجسماني منه ولذا وصف نفسه بكونه رفيع الدرجات وذا العرش لأن آثار الرحمة مطلقا انما تظهر من جانب السماء خصوصا العرش مبدأ جميع الحركات والمعنى ينزل الوحى الجاري من القلوب منزلة الروح من الأجساد فكما ان الروح سبب لحياة الأجسام كذلك الوحى سبب لحياة القلوب فان حياة القلوب انما هى بالعارف الالهية الحاصلة بالوحى فاستعير الروح للوحى لأنه يحيى به القلب يخروجه من الجهل والحيرة الى المعرفة والطمأنينة وسمى جبرائيل روحا لأنه كان يأتى الأنبياء بما فيه حياة القلوب وسمى عيسى روح الله لأنه كان من نفخ جبرائيل وأضيف الى الله تعظيما. واعلم أن ما سوى الله تعالى اما جسمانى واما روحانى والقسمان مسخران تحت تسخيره تعالى اما الجسماني فاعظمه العرش فقوله ذو العرش يدل على استيلائه على جميع عالم الأجسام كله وقوله يلقى الروح يدل على أن الروحانيات ايضا مسخرات لامره فان جبرائيل إذا كان مسخرا له فى تبليغ الوحى الى الأنبياء وهو من أفاضل الملائكة فما ظنك بغيره واما الوحى نفسه فهو من الأمور المعنوية وانما يتصور بصورة اللفظ عند الإلقاء مِنْ أَمْرِهِ بيان للروح الذي أريد به الوحى فانه امر بالوحى وبعث للمكلف عليه فيما يأتيه ويذره فليس المراد بالأمر هنا ما هو بمعنى الشان او حال منه اى حال كونه ناشئا ومبتدأ من امره تعالى عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وهو الذي اصطفاه لرسالته وتبليغ الاحكام إليهم وقال الضحاك الروح جبرائيل اى يرسله الى من يشاء من أجل امره يخاطب بهذا(8/166)
يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)
من كره نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وفى التأويلات النجمية روح الدراية للمؤمنين وروح الولاية للعارفين وروح النبوة للنبيين وفى الآية دليل على ان النبوة عطائية لاكسبية وكذا الولاية فى الحقيقة إذ لا ينظر الى الأسباب الخارجة بل الى الاختصاص الإلهي لِيُنْذِرَ غاية للالقاء اى لينذر الله تعالى او الملقى عليه او الروح والانذار دعوة إبلاغ مع تخويف يَوْمَ التَّلاقِ اما ظرف للمفعول الثاني اى لينذر الناس العذاب يوم التلاق وهو يوم القيامة او هو المفعول الثاني اتساعا او أصالة فانه من شدة هو له وفطاعته حقيق بالإنذار أصالة وسمى يوم القيامة يوم التلاق لانه تتلاقى فيه الأرواح والأجساد واهل السموات والأرض والعابدون والمعبودون والعاملون والأعمال والأولون والآخرون والظالمون والمظلومون واهل النار مع الزبانية يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ بدل من يوم التلاق يقال برز بروزا خرج الى البراز اى الفضاء كتبرز وظهر بعد الخفاء كبرز بالكسر اى خارجون من قبورهم او ظاهرون لا يسترهم شىء من جبل او اكمة او بناء لكون الأرض يومئذ مستوية ولا عليهم ثياب انما هم عراة مكشوفون كما فى الحديث يحشرون حفاة عراة غرلا جمع حاف وهو من لا نعل له وجمع عار وهو من لا لباس عليه وجمع اغرل وهو الأقلف الذي لم يختن اى غير مختونين الا قوما ماتوا فى الغربة مؤمنين لم يزنوا فانهم يحشرون وقد كسوا ثيابا من الجنة وقوما ايضا من امة محمد عليه السلام فانه عليه السلام قال يوما بالغوا فى أكفان موتاكم فان أمتي يحشر بأكفانها وسائر الأمم حفاة عراة لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ما من أعيانهم وأعمالهم الجلية والخفية السابقة واللاحقة مع كثرتهم كما قال تعالى يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية وكانوا فى الدنيا يتوهمون انهم إذا استتروا بالحيطان والحجب فان الله لا يراهم ويخفى عليه أعمالهم فهم يومئذ لا يتوهمون ذلك أصلا لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ اى يقال حين بروزهم وظهور أحوالهم اى ينادى مناد لمن الملك اليوم فيجيب اى ذلك المنادى بعينه ويقول لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ او يجيبه اهل المحشر مؤمنهم وكافرهم لحصول العلم الضروري بالوحدانية للكافر ايضا لكن الكافر يقوله صغارا وهو انا وعلى سبيل التحسر والندامة والمؤمن ابتهاجا وتلذذا إذ كان يقوله فى الدنيا ايضا وهذا يسمى سؤال التقرير وقيل ان المجيب إدريس عليه السلام فان قلت كيف خص ذلك بيوم مخصوص والملك لله فى جميع الأيام والأوقات قلت هو وان كان لله فى جميع الأيام الا انه سبحانه ملك عباده فى الدنيا ثم تكون دعاويهم منقطعة يوم القيامة لا يدعى مدع ملكا ولا ملكا يومئذ ولذا قال لمن الملك اليوم (قال فى كشف الاسرار) در ان روز رازها آشكار شود پردهاى متواريان درند توانكران بى شكر را در مقام حساب بدارند ودرويشان بي صبر را جامه نفاق از سر بركشند آتش فضيحت در طيلسان عالمان بى عمل زنند خاك ندامت بر فرق قراء مرائى ريزند يكى از خاك وحشت بيرون مى آيد چنانكه خاكستر از ميان آتش يكى چنانكه دراز ميان صدف يكى ميكويد اين الفرار من الله يكى ميكويد اين الطريق الى الله يكى ميكويد ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها يكى ميكويد(8/167)
الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)
الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن آن روز پادشاهان روى زمين را مى آرند ودست سلطنت ايشان برشته عزل بر بسته ندا آيد كه پادشاهى كرا سزد مكر ان واحد قهار را كه بر همه شاهان پادشاهست و پادشاهىء وى نه بحشم وسپاهست سلطان جهان بملك ومال وبنعمت وسوار و پياده ودر كاه فخر كنند وملك الهى بر خلاف اينست كه او جل جلاله رسوم كون را آتش بينيازى در زند وعالم را هباء منثور كرداند وتيغ قهر بر هياكل أفلاك زند ندا دهد كه لمن الملك اليوم كراز هره آن بود كه اين خطاب را جواب دهد جز او اى مسكين قيامت كه سران وسرهنكان دين را در پناه كرم الهى جاى دهد ندانم كه ترا باين سينه آلوده وعمل شوريده كجا نسانند ورختت كجا نهند اى مسكين اگر بيمارى آخر ناله كو واگر در باطنت آتشيست دودى كو واگر مرد بازركانى سالها بر أمد سودى كو طيلسان موسى ونعلين هارونت چهـ سود چون بزير رداء فرعون دارى صد هزار ويجوز ان يكون قوله لمن الملك اليوم إلخ حكاية لما دل عليه ظاهر الحال فى ذلك اليوم من زوال الأسباب وارتفاع الوسائط إذ لولا الأسباب لما ارتاب المرتاب واما حقيقة الحال فناطقة بذلك دائما وقيل السائل والمجيب هو الله تعالى وحده وذلك بعد فناء الخلق فيكون ابتداء كلام من الله تعالى وهاهنا لطيفة وهى ان سورة الفاتحة نصفها ثناء لله ونصفها دعاء للعبد فاذا دعا واحد يجب على الآخر التأمين فاذا قلت ولا الضالين كأنه يقول ينبغى ان أقول آمين فكن أنت يا عبدى نائبا عنى وقل آمين وإذا كان يوم القيامة وأقول انا لمن الملك اليوم يجب عليك ان تقول لله الواحد القهار وأنت فى القبر فاكون انا نائبا عنك وأقول لله الواحد القهار قال ابن عطاء لولا سوء طبائع الجهال وقلة معرفتهم لما ذكر الله قوله لمن الملك اليوم فان الملك لم يزل ولا يزال له وهو المالك على الحقيقة وذلك لما جهلوا حقه وحجبوا عن معرفته وشاهدوا الملك وحقيقته فى الآخرة الجأهم الاضطرار الى ان قالوا لله الواحد القهار فالواحد الذي بطل به الاعداد والقهار الذي قهر الكل على العجز بالإقرار له بالعبودية طوعا وكرها قال شيخى وسندى روح الله روحه فى قوله لله الواحد القهار ترتيب أنيق فان الذات الاحدية تدفع بوحدتها الكثرة وبقهرها الآثار فيضمحل الكل فلا يبقى سوى الله تعالى وفى التأويلات النجمية يومهم بارزون اى خارجون من وجودهم بالفناء لا يخفى على الله منهم شىء من وجودهم عند افنائه حتى لا يبقى له غير الله فيقول الله تعالى لمن الملك اليوم يعنى ملك الوجود وهذا المقام الذي أشار اليه الجنيد قدس سره بقوله ما فى الوجود سوى الله فاذا لم يكن لغير الله ملك الوجود يكون هو الداعي والمجيب فيقول لله الواحد القهار لأنه تعالى تجلى بصفة القهارية فما بقي الداعي ولا المجيب غير الله
جامى معاد ومبدأ ما وحدتست وبس ... ما در ميانه كثرت موهوم والسلام
الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ اما من تتمة الجواب او حكاية لما سيقوله تعالى يومئذ عقيب السؤال والجواب اى تجزى كل نفس من النفوس البرة والفاجرة من خير أو شر لا ظُلْمَ الْيَوْمَ بنقص ثواب او زيادة عذاب يعنى نه از ثواب كسى كم كنند ونه بر عقاب(8/168)
وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18)
كسى افزايند ونه كسى را بگناه كسى بگيرند ونه نيكى را پاداش بدى دهند إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ اى سريع حسابه تماما إذ لا يشغله تعالى شأن عن شأن فيحاسب الخلائق مع كثرتهم فى اقرب زمان ويصل إليهم ما يستحقونه سريعا فيكون تعليلا لقوله تعالى اليوم تجزى إلخ فان كون ذلك اليوم بعينه يوم التلاق ويوم البروز ربما يودهم استبعاد وقوع الكل فيه وعن ابن عباس رضى الله عنه إذا أخذ فى حسابهم لم يقل اهل الجنة الا فيها ولا اهل النار الا فيها قوله لم يقل من قال يقيل قيلولة وهى النوم فى نصف النهار (قال فى كشف الاسرار) هر كه اعتقاد كرد كه او را روزى در پيش است كه در ان روز با وى سؤالى وجوابى وحسابى وعتابى هست وشب وروز بيقرار بود دمبدم مشغول ومستغرق كار بود ميزان تصرف از دست فرو نهد بعيب كس ننكرد همه عيب خود را مطالعه كند همه حساب خود كند در خبر است حاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا وتهيئوا للعرض الأكبر يكى از بزركان دين روزى نامه نوشت ودر خانه عاريتى بود كفتا خواستم كه آن را خاك بركنم تا خشك شود بر خاطرم كذشت نبايد كه فردا از عهده اين مظلمه بيرون نتوانم آمد هاتفى آواز داد سيعلم المستخف بترتيب الكتاب ما يلقى عند الله غدا من طول الحساب آرى فردا روز عرض وحساب بداند كه چهـ كرد آنكس كه نامه خويش بخاك خانه كسان خشك كرد وفى الحديث يقول الله انا الملك انا الديان لا ينبغى لأحد من اهل الجنة ان يدخل الجنة ولا لأحد من اهل النار ان يدخل النار وعنده مظلمة حتى اقتص منه وتلا عليه السلام هذه الآية وفى بعض الروايات لأقتص من القرباء للجماء اى قصاص مقابلة لا تكليف
در وعده اهل ظلم حالى عجبست ... ورزيدن ظلم را وبالى عجبست
از ظلم پرهيز كه در روز جزا ... لا ظلم اليوم كو شمالى عجبست
وَأَنْذِرْهُمْ خوفهم يا محمد يعنى اهل مكة يَوْمَ الْآزِفَةِ منصوب على انه مفعول به لانذرهم لانه المنذر به والآزفة فاعلة من أزف الأمر على حد علم إذا قرب والمراد القيامة ولذا انث ونظيره ازفت الآزفة اى قربت القيامة وسميت بالآزفة لازوفها وهو القرب لأن كل آت قريب وان استبعد اليائس امده وفى الحديث بعثت انا والساعة كهاتين ان كادت لتسبقنى والاشارة بهاتين الى السبابة والوسطى يعنى ان ما بينى وبين الساعة بالنسبة الى ما مضى من الزمان مقدار فضل الوسطى على السبابة شبه القرب الزمانى بالقرب المساحي لتصوير غاية قرب الساعة ثم فى الازوف اشعار بضيق الوقت ولذا عبر عن القيامة بالساعة وقيل اتى امر الله فعبر عنها بلفظ الماضي تنبيها على قربها وضيق وقتها كما فى المفردات وقال بعضهم انذرهم يوم الخطة الآزفة اى وقتها وهى مشارقة اهل النار دخولها والخطة بالضم الأمر والقصة واكثر ما يستعمل فى الأمور العصبة التي تستحق ان تخط وتكتب لغرابتها كما فى حواشى سعدى المفتى إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ جمع حنجرة وهى الحلقوم وهى بالفارسية كلو والجملة بدل من يوم الآزفة فان القلوب ترتفع عن أماكنها من شدة الفزع(8/169)
يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)
فتلتصق بحلوقهم فلا تعود فيستروحوا ويتنفسوا ولا تخرج فيستريحوا بالموت وقيل يلتفخ السحر خوفا اى الرئة فيرتفع القلب الى الحنجرة كاظِمِينَ حال من اصحاب القلوب على المعنى إذ الأصل إذ قلوبهم لدى حناجرهم بناء على أن التعريف اللامى بدل من التعريف الإضافي يقال كظم غيظه اى رد غضبه وحبسه فى نفسه بالصبر وعدم اظهار الأثر والمعنى كاظمين على الغم والكربة ساكتين حال امتلائهم بهما يعنى لا يمكنهم ان ينطقوا ويصرحوا بما عندهم من الحزن والخوف من شدة الكربة وغلبة الغم عليهم فقوله إذا لقلوب لدى الحناجر تقرير للخوف الشديد وقوله كاظمين تقرير للعجز عن الكلام فان الملهوف إذا قدر على الكلام وبث الشكوى حصل له نوع خفة وسكون وإذا لم يقدر عظم اضطرابه واشتد حاله ما لِلظَّالِمِينَ اى الكافرين مِنْ حَمِيمٍ اى قريب مشفق يعنى هيچ خويشى مشفق ويار مهربان عذاب ايشان را دفع كند وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ وشفيع مشفع على معنى نفى الشفاعة والطاعة معا وعلى ان يطاع مجاز عن يجاب وتقبل شفاعته لأن المطيع فى الحقيقة يكون أسفل حالا من المطاع وليس فى الوجود من هو أعلى حالا من الله تعالى حتى يكون مطاعا له تعالى وفى الآية بيان أن لا شفاعة فى حق الكفار لأنها وردت فى ذمهم وانما قبل للظالمين موضع للكافرين وان كان أعم منهم ومن غيرهم من العصاة بحسب الظاهر تسجيلا لهم بالظلم ودلالة على اختصاص انتفاء كل واحد من الحميم والشفيع المشفع بهم فثبت أن لعصاة المسلمين حميما وشفيعا ومشفعا وهو النبي عليه السلام وسائر الأنبياء والمرسلين والأولياء المقربين والملائكة أجمعين يَعْلَمُ ميداند خداى تعالى خائِنَةَ الْأَعْيُنِ اى النظرة الخائنة للاعين واسناد الخيانة الى النظرة مجاز لأن الخائن هو الناظر او يعلم خائنة الأعين على انها مصدر كالعافية كقوله تعالى ولا تزال تطلع على خائنة منهم والخيانة مخالفة الحق بنقض العهد فى السر ونقيضها الامانة والمراد هنا استراق النظر الى غير المحرم كفعل اهل الريب والنظرة الثانية اليه وفى الخبر يا ابن آدم لك النظرة الاولى معفوة لوقوعها مفاجأة دون الثانية لكونها مقارنة للقصد وهى من قبيل زنى النظر (وفى المثنوى)
كر زناى چشم حظى مى برى ... نى كباب از پهلوى خود ميخورى
وذلك لأن النظر سهم مسموم من سهام إبليس وللنظرة تزرع فى القلب شهوة وكفى بها فتنة (قال الكاشفى) چشم نظر بانچهـ حرامست يا غمز كردن بمعايب مردم اى الرمز بالعين على وجه العيب
دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب برادر فرو كير ودوست
يا كذب در رؤيت وعدم رؤيت يعنى يدعى الرؤية كاذبا او ينكرها وفى التأويلات النجمية خائنة أعين المحبين استحسانهم شيأ غير المحبوب والنظر الى غير المحبوب وفى معناها قيل
فعينى إذا استحسنت غيركم ... أمرت الدموع بتأديبها
حكى أن بعضهم مر بدكان وفيه نطاق معلق فتعلق به نظره فاستحسنه ثم لما تباعد عن الدكان(8/170)
فقد النطاق من محله فاتبعه صاحب الدكان ففتش عنه فوجده على وسطه وكان ذلك عقوبة من الله عليه لاستحسانه ذلك النطاق حتى انهم بسرقته وعوقب عليه قال ابو عثمان خيانة العين هو ان لا يغضها عن المحارم ويرسلها الى الهوى والشهوات وقال ابو بكر الوارق يعلم من يمد عينيه الى الشيء معتبرا ومن يمد عينيه لارادة الشهوة وقال ابو جعفر النيسابورى زنى العارف نظره بالشهوة امام قشيرى فرمود كه خيانت چشمهاى محبان آنست كه در أوقات مناجات خواب را پيرامن آن كذارند چنانكه در زبور آمده كه دروغ كويد هر كه دعوى محبت من كند و چون شب در آيد چشم او بخواب رود (ع) ومن نام عينا نام عنه وصالنا
خواب را با ديده عاشق چهـ كار ... چشم او چون شمع باشد اشكبار
چشمهاى عاشقانرا خواب نيست ... يك نفس ان چشمها بى آب نيست
وَما تُخْفِي الصُّدُورُ من الضمائر والاسرار مطلقا خيرا كانت او شرا ثبت بهذا ان افعال القلوب معلومة لله تعالى وكذا افعال الجوارح تكون لأن أخفاها وهى خائنة الأعين إذا كانت معلومة لله تعالى وكذا افعال الجوارح تكون لأن أخفاها وهى خائنة الأعين إذا كانت معلومة لله تعالى فعلمه تعالى سائر افعال الجوارح يكون اولى والحاكم إذا بلغ فى العلم الى هذا الحد وجب ان يكون خوف المجرم منه أشد وأقوى فقوله تعالى يعلم إلخ فى قوة التعليل للامر بالإنذار وفى التأويلات النجمية وما تخفى الصدور من متمنيات النفوس ومستحسنات القلوب ومرغوبات الأرواح فالحق به خبير ويكون السالك موقوفا بها حتى يخرج من تعلقها وقال بعضهم خيانته فى الصدور أن لا يصير فى مقام القبض ليجرى عليه احكام الحقيقة ثم ينكشف له عالم البسط فقد وصف الله خيانة العيون وخفايا الصدور وقال لا يخفى عليه شىء من ذلك وذلك ان العين باب من أبواب القلب فاذا رأت شيأ يكون حظ القلب منه يعلم ذلك نفسه فيطلب الحظ منه ومن القلب الى العين باب يجرى عليها حركة هواجس النفس تحتها على النظر الى شىء فيه لها نصيب فاذا تحققت ذلك علمت ان خيانة الأعين متعلقة بما تخفى الصدور وإذا كان العارف عارفا بنفسه وراضها برياضات طويلة وطهرها بمجاهدات كثيرة وزمها بزمام الخوف وآداب الشريعة صارت صافية من حظوظها ولكن بقيت فى سرها جبلتها على الشهوات ففى كل لحظة يجرى فى سرها طلب حظوظها ولكنها سترتها عن العقل وأخفتها عن الروح من خوفها فاذا وجدت الفرصة خرجت الى رؤية العين فتنظر الى مرادها فتسرق حظها من النظر الى المحارم وذلك النظر خفى وتلك الشهوة خفية وصفهما الله سبحانه فى هذه الآية واستعاذ منهما النبي عليه السلام حيث قال أعوذ بك من شهوة خفية ثم ان الروح العاشق إذا احتجب عن مشاهدة جمال الأزل ينقبض ويطلب حظه ولا يقدر ان ينظر الى الحق فيطلب ذلك من الصورة الانسانية التي فيها آثار الروحانية فينظر من منظره الى منظر العقل ومن منظر العقل الى منظر القلب ومن منظر القلب الى منظر النفس ومن منظر النفس الى منظر الصورة وينظر من العين الى جمال المستحسنات لينكشف له ما استتر(8/171)
وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24)
عنه من شواهد الحق فتذهب النفس معه وتسرق بحثه حظها من النظر بالشهوة فذلك النظر منها غير مرضى فى الشرع والطريقة والحقيقة وكذا نظر الروح الى الحق بالوسائط خيانة فيلزم عليه أن يصبر على الانقباض الى أن يتجلى له جمال الحق بغير واسطة (قال الشيخ سعدى)
چرا طفل يك روزه هوشش نبرد ... كه در صنع ديدن چهـ بالغ چهـ خرد
محقق همى بيند اندر ابل ... كه در خوبرويان چين و چكل
ومن الله التوفيق لنظر التحقيق وَاللَّهُ يَقْضِي يحكم بِالْحَقِّ اى بالصدق والعدل فى حق كل محسن ومسىء لانه المالك الحاكم على الإطلاق فلا يقضى بشىء الا وهو حق وعدل يستحقه المكلف ويليق به ففيه تشديد لخوف المكلف وَالَّذِينَ يَدْعُونَ اى يعبدونهم مِنْ دُونِهِ تعالى وهم الأصنام وبالفارسية وآنان هم را كه مى پرستند مشركان بدون خدا لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ حكمى نمى كنند ايشان بچيزى زيرا كه اگر جماداند ايشانرا قدرت بدان نيست واگر حيوانند مخلوق ومملوك اند ومخلوق را قوت حكم وفرمان نيست وفى الإرشاد هذا تهكم بهم لأن جمادا لا يقال فى حقه يقضى ولا يقضى إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ تقرير لعلمه تعالى بخائنة الأعين وقضائه بالحق فان من يسمع ما يقولون ويبصر ما يفعلون إذا قضى قضى بالحق ووعيد لهم على ما يفعلون ويقولون وتعريض بحال ما يدعون من دونه فانهم عريانون عن التلبس بهاتين الصفتين فكيف يكونون معبودين وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى يقضى للاجانب بالبعاد وبالوصال لاهل الوداد ويخرج السالكين من تعلقات اوصافهم على ما قضى به وقدر فى الأزل وان كان بواسطة ايمانهم وأعمالهم الصالحة ان الله قد سمع سؤال الحوائج فى الأزل وهم بعد فى العدم وكذا سمع انين نفوس المذنبين وحنين قلوب المحبين وابصر بحاجاتهم ثم انه لما بالغ فى تخويف الكفار بأحوال الآخرة اردفه بالتخويف بأحوال الدنيا فقال أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ آيا سفر نميكنند مشركان مكه در زمين شام ويمن براى تجارت فَيَنْظُرُوا يجوز ان يكن منصوبا بالعطف على يسيروا وان يكون منصوبا على أنه جواب الاستفهام كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ اى مآل حال من قبلهم من الأمم المكذبة لرسلهم كعاد وثمود وأضرابهم وكانت ديارهم ممر تجار قريش كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً قدرة وتمكنا من التصرفات وانما جيىء بضمير الفصل مع أن حقه التوسط بين معرفتين كقوله أولئك هم المفلحون لمضاهاة افعل من للمعرفة فى امتناع دخول اللام عليه وَآثاراً فِي الْأَرْضِ مثل القلاع الحصينة والمدن المتينة فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ عاقبهم واهلكهم بسبب كفرهم وتكذيبهم وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ من عذاب الله مِنْ واقٍ يقيهم ويحفظهم ذلِكَ اى ما ذكر من الاخذ بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ اى بالمعجزات او بالاحكام الظاهرة فَكَفَرُوا بها وكذبوا رسلهم فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ أخذا عاجلا إِنَّهُ قَوِيٌّ متمكن مما يريد غاية التمكن شَدِيدُ الْعِقابِ لاهل الشرك لا يعتبر عقاب دون عقابه فهؤلاء قد شاهدوا مصارعهم وآثار هلاكهم فبأى وجه أمنوا أن يصيبهم مثل(8/172)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24)
ما أصابهم من العذاب واعلم أن اهل السعادة قد شكروا الله على نعمة الوجود فزادهم نعمة الايمان فشكروا نعمة الايمان فزادهم نعمة الولاية فشكروا نعمة الولاية فزادهم نعمة القرب والمعرفة فى الدنيا ونعمة الجوار فى الآخرة واهل الشقاوة قد كفروا نعمة الوجود فعذبهم الله بالكفر والبعاد والطرد واللعن فى الدنيا وعذبهم فى الآخرة بالنار وانواع التعذيبات وفى قوله ذلك بانهم إلخ اشارة الى أن بعض السالكين والقاصدين الى الله تعالى ان لم يصل الى مقصوده يعلم أن موجب حجابه وحرمانه اعتراض خامر قلبه على شيخه او على غيره من المشايخ فى بعض أوقاته ولم يتداركه بالتوبة والانابة فان الشيوخ بمحل الأنبياء للمريدين وفى الخبر الشيخ فى قومه كالنبى فى أمته (وفى المثنوى)
كفت پيغمبر كه شيخى رفته پيش ... چونبى باشد ميان قوم خويش
انه قوى على الانتقام من الأعداء للاولياء شديد العقاب فى الانتقام من الأعداء وفى شرح الأسماء للزروقى القوى هو الذي لا يلحقه ضعف فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله فلا يمسه نصب ولا تعب ولا يدركه قصور ولا عجز فى نقض ولا إبرام ومن عرف أن الله تعالى هو القوى رجع اليه عن حوله وقوته وخاصيته ظهور القوة فى الوجود فما تلاه ذو همة ضعفة إلا وجد القوة ولا ذو جسم ضعيف الا كان له ذلك ولو ذكره مظلوم بقصد إهلاك الظالم الف مرة كان له ذلك وكفى امره وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى ملتبسا بِآياتِنا وهى المعجزات التسع وَسُلْطانٍ مُبِينٍ اى وحجة قاهرة ظاهرة كالعصا أفردت بالذكر مع اندراجها تحت الآيات تفخيما لشأنها فهو من قبيل عطف الخاص على العام إِلى فِرْعَوْنَ بسوى فرعون كه أعظم عمالقه مصر بود ودعواى ربوبيت ميكرد وَهامانَ وهامان وزير او بود وخصهما بالذكر لأن الإرسال إليهما إرسال الى القوم كلهم لكونهم تحت تصرف الملك والوزير تابعين لهما والناس على دين ملوكهم وَقارُونَ خص بالذكر لكونه بمنزلة الملك من حيث كثرة أمواله وكنوزه ولا شك أن الإرسال الى قارون متاخر عن الإرسال الى فرعون وهامان لأنه كان اسرائيليا ابن عم موسى مؤمنا فى الأوائل اعلم بنى إسرائيل حافظا للتوراة ثم تغير حاله بسبب الغنى فنافق كالسامرى فصار ملحقا بفرعون وهامان فى لكفر والهلاك فاحفظ هذا ودع ما قاله اكثر اهل التفسير فى هذا المقام فَقالُوا فى حق ما أظهره من المعجزات خصوصا فى امر العصا انه ساحِرٌ او ساحرست كه خارق عادت مى نمايد از روى سحر وقالوا فيما ادعاه فى رسالة رب العالمين انه كَذَّابٌ دروغ كويست در انكه مى كويد خداى هست ومن رسول اويم والكذاب الذي عادته الكذب بان يكذب مرة بعد اخرى ولم يقولوا سحار لأنهم كانوا يزعمون أنه ساحر وأن سحرتهم اسحر منه كما قالوا يأتوك بكل سحار عليم وفيه تسلية لرسول الله عليه السلام وبيان عاقبة من هو أشد من قريش بطشا وأقربهم زمانا وفى التأويلات النجمية يشير بقوله ولقد أرسلنا إلخ الى انه تعالى من عواطف إحسانا يرسل أفضل خلقه فى وقته الى من هو أرذل خلقه ويبعث أخص عباده الى اخس عباده ليدعوه الى حضرة جلاله لاصلاح حاله بفضله ونواله(8/173)
فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)
والعبد من خسة طبعه وركاكة عقله يقابله بالتكذيب وينسبه الى السحر والله تعالى إظهارا لحكمه وكرمه لا يعجل عقوبته ويمهله الى أوان ظهور شقوته فيجعله مظهر صفة قهره ويبلغ موسى كمال سعادته فيجعله مظهر صفة لطفه
نردبان خلق اين ما ومنيست ... عاقبت زين نردبان افتاد نيست
هر كه سركش بود او مقهور شد ... هر كه خالى بود او منصور شد
فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا وهو ما ظهر على يده من المعجزات القاهرة قالُوا لاستكمال شقاوتهم اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ اى تابعوه فى الايمان والقائل فرعون وذووا الرأى من قومه او فرعون وحده لأنه بمنزلة الكل كما قال سنقتل أبناءهم ونستحيى نساءهم وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ اى ابقوا بناتهم احياء فلا تقتلوهن وبالفارسية وزنده بگذارد دختران ايشانرا تا خدمت زنان قبط كنند والمعنى أعيدوا عليهم القتل وذلك أنه قد امر بالقتل قبيل ولادة موسى عليه السلام بأخبار المنجمين بقرب ولادته ففعله زمانا طويلا ثم كف عنه مخافة ان تفنى بنو إسرائيل وتقع الأعمال الشاقة على القبط فلما بعث موسى وأحس فرعون بنبوته أعاد القتل غيظا وحنقا وتا دلهاى بنى إسرائيل بشكند وموسى را يارى ندهند ظنا منهم انه المولود الذي حكم المنجمون والكهنة بذهاب ملك فرعون على يده وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ فرعون وقومه او غيرهم اى وما مكرهم وسوء صنيعهم وبالفارسية بنسبت انبيا ومؤمنان إِلَّا فِي ضَلالٍ مكر در كم راهى وبيهودكى اى فى ضياع وبطلان لا يغنى عنهم شيأ وينفذ عليهم لا محالة القدر المقدور والقضاء المحتوم وفى التأويلات النجمية عزم على إهلاك موسى وقومه واستعان على ذلك بجنده وخيله ورجله إتماما لاستحقاقهم العذاب ولكن من حفظ الحق تعالى كان كما قال وما كيد الكافرين الا فى ضلال اى فى ازدياد ضلالتهم بربهم يشير الى أن من حفر بئر الولي من أوليائه ما يقع فيه الا حافره وبذلك اجرى الحق سنته انتهى (حكى) أن مفتى الشام افتى بقتل الشيخ محيى الدين بن العربي قدس سره فدخل الحوض للغسل فظهرت يد فخنقته فاخرج من الحوض وهو ميت وحكى أن شابا كان بأمر وينهى فحبسه الرشيد فى بيت وسد المنافذ ليهلك فيه فبعد ايام رؤى فى بستان يتفرج فاحضره الرشيد فقال من اخرجك قال الذي أدخلني البستان فقال من أدخلك البستان قال الذي أخرجني من البيت فتعجب الرشيد فبكى وامر له بالإحسان وبأن يركب فرسا وينادى بين يديه هذا رجل أعزه الله وأراد الرشيد اهانته فلم يقدر الأعلى إكرامه واحترامه وَقالَ فِرْعَوْنُ لملئه ذَرُونِي خلوا عنى واتركوني يقال ذره اى دعه يذره تركا ولا تقل وذرا وأصله وذره يذره كوسعه يسعه لكن ما نطقوا بماضيه ولا بمصدره ولا باسم الفاعل كما فى القاموس أَقْتُلْ مُوسى فانى اعلم أن صلاح ملكى فى قتله وكان اذاهم بقتل موسى عليه السلام كفه ملأه بقولهم ليس هذا بالذي تخافه فانه اقل من ذلك وأضعف وما هو الا بعض السحرة وبقولهم إذا قتلته ادخلت على الناس شبهة واعتقدوا أنك عجزت عن معارضته بالحجة وعدلت الى المقارعة بالسيف وأوهم اللعين انهم(8/174)
وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27)
هم الكافون له عن قتله ولو لاهم لقتله وما كان الذي يكفه الا ما فى نفسه من الفزع الهائل وذلك أنه تيقن نبوة موسى ولكن كان يخاف ان هم بقتله أن يعاجل بالهلاك وَلْيَدْعُ رَبَّهُ الذي يزعم أنه أرسله كى يمنعه منى يعنى تا قتل من ازو بازدارد. وهو يخاف منه ظاهرا ويخاف من دعاء ربه باطنا والا فما له يقيم له وزنا ويتكلم بذلك إِنِّي أَخافُ ان لم اقتله أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ اى يغير ما أنتم عليه من الدين الذي هو عبارة عن عبادته وعبادة الأصنام لتقربهم اليه أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ ما يفسد دنياكم من التحارب والتهارج ان لم يقدر على تبديل دينكم بالكلية فمعنى او وقوع أحد الشيئين وفى الآية اشارة الى أن فرعون من عمى قلبه ظن أن الله يذره ان يقتل موسى بحوله وقوته او يذره قومه ولم يعلم أن الله يهلكه ويهلك قومه وينجى موسى وقومه وقد خاف من تبديل الدين او الفساد فى الأرض ولم يخف هلاك نفسه وهلاك قومه وفساد حالهم فى الدارين وَقالَ مُوسى اى لقومه حين سمع بما يقوله اللعين من حديث قتله عليه السلام إِنِّي عُذْتُ من پناه كرفتم وفرياد وزنهار خواستم والعوذ الالتجاء الى الغير والتعلق به بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ خص اسم الرب لأن المطلوب هو الحفظ والتربية وإضافته اليه وإليهم للحث على موافقته فى العياذ به تعالى والتوكل عليه فان فى تظاهر النفوس تأثيرا قويا فى استجلاب الاجابة وهو السبب الأصلي فى اجتماع الناس لاداء الصلوات الخمس والجمعة والأعياد والاستسقاء ونحوها مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ متعظم عن الايمان وبالفارسية از هر كردن كشى ولم يسم فرعون بل ذكره بوصف يعمه وغيره من جبابرة أركانه وغيرهم لتعميم الاستعاذة والاشعار بعلة القساوة والجراءة على الله وهى التكبر وما يليه من عدم الايمان بالبعث يقول الفقير واما قول الرازي وتبعه القاضي لم يسم فرعون رعاية لحق التربية التي كانت من فرعون له عليه السلام فى صغره فمدخول بان موسى عليه السلام قد شافهه باسمه فى غير هذا الموضع كما قال وانى لأظنك يا فرعون مثبورا وهذا أشد من قوله من فرعون على تقدير التسمية من حيث صدوره مشافهة وصدوره من فرعون مغايبة لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ صفة لما قبله عقبه به لأن طبع المتكبر القاسي وشأنه ابطال الحق وتحقير الخلق لكنه قد ينزجر إذا كان مقرا بالجزاء وخائفا من الحساب واما إذا اجتمع التكبر والتكذيب بالبعث كان اظلم واطغى فلا عظيمة الا ارتكبها فيكون بالاستعاذة اولى وأحرى وسئل الامام ابو حنيفة رضى الله عنه اى ذنب أخوف على سلب الايمان قال ترك الشكر على الايمان وترك خوف الخاتمة وظلم العباد فان من كان فيه هذه الخصال الثلاث فالاغلب ان يخرج من الدنيا كافرا الامن أدركته السعادة وفى الخبر ان الله تعالى سخر الريح لسليمان عليه السلام فحملته وقومه على السرير حتى سمعوا كلام اهل السماء فقال ملك لآخر الى جنبه لو علم الله فى قلب سليمان مثقال ذرة من كبر لاسفله فى الأرض مقدار ما رفعه من الأرض الى السماء وفى الحديث ما من أحد الا وفى رأسه سلسلتان إحداهما الى السماء السابعة والاخرى الى الأرض السابعة فاذا تواضع رفعه الله بالسلسلة التي فى السماء السابعة وإذا تكبر وضعه الله بالسلسلة التي فى الأرض السابعة(8/175)
وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28)
فالمتكبر أيا كان مقهور لا محالة كما يقال أول ما خلق الله درة بيضاء فنظر إليها بالهيبة فذابت وصارت ماء وارتفع زبدها فخلق منه الأرض فافتخرة الأرض وقالت من مثلى فخلق الله الجبال فجعلها أوتادا فى الأرض فقهر الأرض بالجبال فتكبرت الجبال فخلق الحديد وقهر الجبال به فتكبر الحديد فقهره بالنار فتكبرت النار فخلق الماء فقهرها به فتكبر الماء فخلق السحاب ففرق الماء فى الدنيا فتكبر السحاب فخلق الرياح ففرقت السحاب فتكبرت الرياح فخلق الآدمي حتى جعل لنفسه بيتا وكنا من الحر والبرد والرياح فتكبر الآدمي فخلق النوم فقهره به فتكبر النوم فخلق المرض فقهره به فتكبر المرض فخلق الموت فتكبر فقهره بالذبح يوم القيامة حيث يذبح بين الجنة والنار كما قال تعالى وانذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر يعنى إذ ذبح الموت فالقاهر فوق الكل هو الله تعالى كما قال وانا فوقهم قاهرون ثم ان الكبر من أشد صفات النفس الامارة فلا بد من اذالته (قال المولى الجامى)
لاف بى كبرى مزن كان از نشان پاى مور ... در شب تاريك بر سنك سيه پنهان ترست
وز درون كردن برون آسان مكير انرا كزان ... كوه را كندن بسوزن از زمين آسان ترست
وَقالَ رَجُلٌ چون خبر قتل موسى فاش شد ودوستان اندوهگين ودشمنان شادمان كشتند. ولكن لما استعاذ موسى عليه السلام بالله واعتمد على فضله ورحمته فلا جرم صانه الله من كل بلية وأوصله الى كل امنية وقيض له إنسانا أجنبيا حتى ذب عنه بأحسن الوجوه فى تسكين تلك الفتنة كما حكى الله عنه بقوله وقال رجل مُؤْمِنٌ كائن مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فهو صفة ثانية لرجل وقوله يكتم إيمانه صفة ثالثة قدم الاول اعنى مؤمن لكونه اشرف الأوصاف ثم الثاني لئلا يتوهم خلاف المقصود وذلك لأنه لواخر عن يكتم إيمانه لتوهم أن من صلته فلم يفهم أن ذلك الرجل كان من آل فرعون وآل الرجل خاصته الذين يؤول اليه أمرهم للقرابة او الصحبة او الموافقة فى الدين وكان ذلك الرجل المؤمن من أقارب فرعون اى ابن عمه وهو منذر موسى بقوله ان الملأ يأتمرون بك ليقتلوك كما سبق فى سورة القصص واسمه شمعان بالشين المعجمة وهو أصح ما قيل فيه قاله الامام السهيلي وفى تاريخ الطبري اسمه جبر وقيل حبيب النجار وهو الذي عمل تابوت موسى حين أرادت امه ان تلقيه فى اليم وهو غير حبيب النجار صاحب يس وقيل خربيل بن نوحائيل او حزقيل ويدل عليه قوله عليه السلام سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار صاحب يس وعلى بن ابى طالب كرم الله وجهه وهو رضى الله عنه أفضلهم كما فى انسان العيون نقلا عن العرائس وقال ابن الشيخ فى حواشيه روى عن النبي عليه السلام أنه قال الصديقون ثلاثة حبيب النجار مؤمن آل يس ومؤمن آل فرعون الذي قال أتقتلون رجلا ان يقول ربى الله والثالث ابو بكر الصديق وهو أفضلهم انتهى. يقول الفقير يمكن ان يقال لا مخالفة بين هاتين الروايتين لما أن المراد تفضيل ابى بكر فى الصديقية وتفضيل على فى السبق وعدم صدور الكفر عنه ولو لحظة فافضلية كل منهما من جهة اخرى ثم أن الروايتين دلتا على كون ذلك الرجل قبطيا وايضا أن فرعون(8/176)
أصغى الى كلامه واستمع منه ولو كان إسرائيليا لكان عدوا له فلم يكن ليصغى اليه قال فى التكملة فان قلت الآل قد يكون فى غير القرابة بدليل قوله تعالى ادخلوا آل فرعون أشد العذاب ولم يرد الا كل من كان على دينه من ذوى قرابته وغيرهم فالجواب أن هذا الرجل لم يكن من اهل دين فرعون وانما كان مؤمنا فاذا لم يكن من اهل دينه فلم يبق لوصفه بأنه من آله الا ان يكون من عشيرته انتهى وقيل كان إسرائيليا ابن عم قارون او أبوه من آل فرعون وامه من بنى إسرائيل فيكون من آل فرعون صلة يكتم وفيه انه لا مقتضى هنا لتقديم المتعلق وايضا أن فرعون كان يعلم ايمان بنى إسرائيل ألا ترى الى قوله أبناء الذين آمنوا معه فكيف يمكنهم ان يفعلوا كذلك مع فرعون وقيل كان عربيا موحدا ينافقهم لاجل المصلحة يَكْتُمُ إِيمانَهُ اى يستره ويخفيه من فرعون وملئه لا خوفا بل ليكون كلامه بمحل من القبول وكان قد آمن بعد مجيىء موسى او قبله بمائة سنة وكتمه فلما بلغه خبر قصد فرعون بموسى قال أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أتقصدون قتله ظلما بلا دليل والاستفهام إنكاري أَنْ يَقُولَ اى لأن يقول او كراهة ان يقول رَبِّيَ اللَّهُ وحده لا شريك له والحصر مستفاد من تعريف طرفى الجملة مثل صديقى زيد لا غير وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ اى والحال أنه قد جاءكم بالمعجزات الظاهرة التي شاهدتموها مِنْ رَبِّكُمْ لم يقل من ربه لأنهم إذا سمعوا أنه جاءهم بالبينات من ربهم دعاهم ذلك الى التأمل فى امره والاعتراف به وترك المكابرة معه لأن ما كان من قبل رب الجميع يجب اتباعه وانصاف مبلغه وعن عروة بن الزبير قال قلت لعبد الله بن عمر رضى الله عنهما حدثنى باشد شىء صنعه المشركون برسول الله عليه السلام قال اقبل عقبة بن ابى معيط ورسول الله يصلى عند الكعبة او لقيه فى الطواف فأخذ بمجامع ردآئه عليه السلام فلوى ثوبه على عنقه وخنقه خنقا شديدا وقال له أنت الذي تنهانا عما يعبد آباؤنا فقال عليه السلام انا ذاك فاقبل ابو بكر
رضى الله عنه فأخذ بمنكبيه عليه السلام والتزمه من ورائه ودفعه عن رسول الله وقال أتقتلون رجلا ان يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم رافعا صوته وعيناه تسفحان دمعا اى تجريان حتى أرسلوه وفيه بيان أن ما تولى ابو بكر من رسول الله كان أشد مما تولاه الرجل المؤمن من موسى لأنه كان يظهر إيمانه وكان بمجمع طغاة قريش وحكى ابن عطية فى تفسيره عن أبيه أنه سمع أبا الفضل ابن الجوهري على المنبر يقول وقد سئل ان يتكلم فى شىء من فضائل الصحابة رضى الله عنهم فاطرق قليلا ثم رفع رأسه فقال
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدى
ماذا ترون من قوم قرنهم الله تعالى بنبيه وخصهم بمشاهدته وتلقى الروح وقد اثنى الله على رجل مؤمن من آل فرعون كتم إيمانه واسره فجعله فى كتابه واثبت ذكره فى المصاحف لكلام قاله فى مجلس من مجالس الكفر واين هو من عمر بن الخطاب رضى الله عنه إذ جرد سيفه بمكة وقال والله لا اعبد الله سرا بعد اليوم فكان ما كان من ظهور الدين بسيفه ثم أخذهم الرجل المؤمن بالاحتجاج من باب الاحتياط بايراده فى صورة الاحتمال من الظن(8/177)
يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)
بعد القطع بكون قتله منكرا فقال وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ لا يتخطاه وبال كذبه وضرره فيحتاج فى دفعه الى قتله يعنى أن الكاذب انما يقتل إذا تعدى ضرر كذبه الى غيره كالزنديق الذي يدعو الناس والمبتدع الذي يدعو الناس الى بدعته وهذا لا يقدر على ان يحمل الناس على قبول ما أظهره من الدين لكون طباع الناس آبية عن قبوله ولقدرتكم على منعه من اظهار مقالته ودينه وَإِنْ يَكُ صادِقاً فى قوله فكذبتموه وقصدتم له بسوء يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ اى ان لم يصبكم كله فلا اقل من إصابة بعضه وفى بعض ذلك كفاية لهلاكهم فذكر البعض ليوجب الكل لا أن البعض هو الكل وهذا كلام صادر عن غاية الانصاف وعدم التعصب ولذلك قدم من شقى الترديد كونه كاذبا وصرح باصابة البعض دون الجميع مع أن الرسول صادق فى جميع ما يقوله وانما الذي يصيب بعض ما يعده دون بعض هم الكهان والمنجمون ويجوز ان يكون المعنى يصبكم ما يعدكم من عذاب الدنيا وهو بعض ما يعدهم لأنه كان يتوعدهم بعذاب الدنيا والآخرة كأنه خوفهم بما هو ظهر احتمالا عندهم وفى عين المعاني لأنه وعد النجاة بالايمان والهلاك بالكفر وقد يكون البعض بمعنى الكل كما فى قوله
قد يدرك المتأنى بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل
وقوله تعالى ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه اى جميعه وفى قوله تعالى يريد الله ان يصيبكم ببعض ذنوبكم اى بكلها كما فى كشف الاسرار وقال ابو الليث بعض هنا صلة يريد يصبكم الذي يعدكم إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ وهو الذي يتجاوز الحد فى المعصية او هو السفاك للعدم بغير حق كَذَّابٌ وهو الذي يكذب مرة بعد اخرى وقيل كذاب على الله لان الكذب عليه ليس كالكذب على غيره وهو احتجاج آخر ذو وجهين أحدهما أنه لو كان مسرفا كذابا لما هداه الله تعالى الى البينات ولما أيده بتلك المعجزات وثانيهما انه ان كان كذلك خذله الله وأهلكه فلا حاجة لكم الى قتله ولعله أراهم وهو عاكف على المعنى الاول لتلين شكيمتهم وقد عرض به لفرعون لأنه مسرف حيث قتل الأبناء بلا جرم كذاب حيث ادعى الالوية لا يهديه الله سبيل الصواب ومنهاج النجاة بل يفضحه ويهدم امره يا قَوْمِ اى كروه من لَكُمُ الْمُلْكُ والسلطنة الْيَوْمَ حال كونكم ظاهِرِينَ غالبين عالين على بنى إسرائيل والعامل فى الحال وفى قوله اليوم ما تعلق به لكم فِي الْأَرْضِ اى ارض مصر لا يقاومكم أحد فى هذا الوقت فَمَنْ پس كيست كه يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ من اخذه وعذابه إِنْ جاءَنا اى فلا تفسدوا أمركم ولا تتعرضوا لبأس الله بقتله فانه ان جاءنا لم يمنعنا منه أحد وانما نسب ما يسرهم من الملك والظهور فى الأرض إليهم خاصة ونظم نفسه فى سلكهم فيما يسوءهم من مجيىء بأس الله تطبيقا لقلوبهم وإيذانا بأنه مناصح لهم ساع فى تحصيل ما يجديهم ودفع ما يرديهم سعيه فى حق نفسه ليتأثروا بنصحه قالَ فِرْعَوْنُ بعد ما سمع نصحه إضرابا عن المجادلة وبالفارسية كفت فرعون مر آن مومن را كه از قتل موسى نهى كرد وجمعى ديكر را كه نزد وى حاضر بودند ما أُرِيكُمْ اى ما أشير عليكم إِلَّا ما أَرى واستصوبه من قتله قطعا لمادة الفتنة وَما أَهْدِيكُمْ(8/178)
وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)
بهذا الرأى إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ اى الصواب فهو من الرأى يقال رأى فيه رأيا اعتقد فيه اعتقادا وراءيته شاورته ولما نقل رأى من الرأى الى باب افعل عدى الى الضمير المنصوب ثم استثني استثناء مفرغا فقيل الا ما ارى ويجوز ان يكون من الرؤية بمعنى العلم يقال رآه بعينه اى أبصره ورآه بقلبه اى علمه فيتعدى الى مفعولين ثانيهما الا ما ارى والمعنى لا أعلمكم الا ما اعلم ولا اسر عنكم خلاف ما أظهره ولقد كذب حيث كان مستشعرا للخوف الشديد ولكنه كان يظهر الجلادة وعدم المبالاة ولولاه لما استشار أحدا ابدا (وفى المثنوى) ان استشارة كانت من عادته حتى أنه كان يلين قلبه فى بعض الأوقات من تأثير كلام موسى عليه السلام فيميل الى الايمان ويستشير امرأته آسية فتشير عليه بالايمان ومتابعة موسى ويستشير وزيره هامان فيصده عن ذلك (وفى المثنوى)
پس بگفتى تا كنون بودى خديو ... بند كردى زنده پوشى را بريو
همچوسنك منجنيقى آمدى ... آن سخن بر شيشه خانه او زدى
هر چهـ صد روز آن كليم خوش خصاب ... ساختى در يكدم او كردى خراب
عقل تو دستور مغلوب هواست ... در وجودت رهزن راه خداست
واى آن شه كه وزير شن اين بود ... جاى هر دو دوزخ پر كين بود
مر هوا را تو وزير خود مساز ... كه برارد جان پاكت از نماز
شاد آن شاهى كه او را دستكير ... باشد اندر كار چون آصف وزير
شاه عادل چون قرين او شود ... نام او نور على نور بود
شاه چون فرعون وهامانش وزير ... هر دو را نبود ز بدبختى كزير
پس بود ظلمات بعضا فوق بعض ... نى خرد يار ونه دولت روز عرض
نسأل الله زكاء الروح وصفاء القلب وَقالَ الَّذِي آمَنَ من آل فرعون مخاطبا لقومه واعظا لهم وفى الحديث أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائز وذلك من أجل علة الخوف والقهر ولأن الجهاد بالحجة والبرهان اكبر من الجهاد بالسيف والسنان يا قَوْمِ اى كروه من إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ فى تكذيب موسى عليه السلام والتعرض له بسوء كالقتل والأذى مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ مثل ايام الأمم الماضية يعنى وقائعهم العظيمة وعقوباتهم الهائلة على طريق ذكر المحل وارادة الحال فان قلت الظاهر ان يقال مثل ايام الأحزاب إذ لكل حزب يوم على حدة قلت جمع الأحزاب مع تفسيره بالطوائف المختلفة المتباينة الأزمان والأماكن اغنى عن جميع اليوم إذ بذلك ارتفع الالتباس وتبين أن المراد الأيام مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ الدأب العادة المستمر عليها والشان ومثل بدل من الاول والمراد بالدأب واليوم واحد إذا لمعنى مثل حال قوم نوح وشانهم فى العذاب وبالفارسية مانند حال كروه نوح كه بطوفان هلاك شدند وَعادٍ وكروه عاد كه بباد صرصر مستأصل كشتند وَثَمُودَ وقوم ثمود كه بيك صيحه مردند وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ومانند حال آنانكه از پس ايشان بودند چون اهل مؤتفكه كه شهر ايشان زود بركشت و چون اصحاب ايكه كه بعذاب يوم(8/179)
وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)
الظلة كرفتار شدند وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ فلا يهلكم قبل ثبوت الحجة عليهم ولا يعاقبهم بغير ذنب ولا يخلى الظالم منهم بغير انتقام پس شما هم ظلم مكنيد تا معذب نكرديد وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ أصله يوم التنادى بالياء على أنه مصدر تنادى القوم بعضهم بعضا تناديا بضم الدال ثم كسر لاجل الياء وحذف الياء حسن فى الفواصل وهو بالفارسية يكديكر را آواز دادن. ويوم نصب على الظرف اى من ذلك اليوم لما فيه من العذاب على المصرين والمؤذين او على المفعول به اى عذاب يوم التناد حذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه فاعرف فاعرابه والمراد بيوم التناد يوم القيامة لأنه ينادى فيه بعضهم بعضا للاستغاثة كقولهم فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا وهيچ كس بفرياد كس نمى رسد او يتصايحون بالويل والثبور بنحو قولهم يا ويلنا من بعثنا وما لهذا الكتاب او يتنادى اصحاب الجنة واصحاب النار يعنى ينادى اصحاب الجنة اصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا من الجنة والنعيم المقيم حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم من عذاب النار حقا قالوا نعم ونادى اصحاب النار اصحاب الجنة ان أفيضوا علينا من الماء او مما رزقكم الله (قال الكاشفى) يا بعد از ذبح موت ندا كنند كه يا اهل الجنة خلود ولا موت ويا اهل النار خلود ولا موت يا در آن روز منادى ندا كنند كه فلان نيك بخت شد كه هركز بدبخت نشود وفلان بدبختى كشت كه تا ابد نيك بختى نيابد يَوْمَ تُوَلُّونَ بدل من يوم التناد يعنى روزى كه بركردانيده شويد از موقف حساب وبرويد مُدْبِرِينَ حال كونكم منصرفين عنه الى النار يعنى بازگشتگان از آنجا بسوى دوزخ وحال كونكم ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ اى مالكم من عاصم يعصمكم من عذابه تعالى ويحفظكم وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ وهر كرا خدا فرود كذارد در ضلالت فَما لَهُ مِنْ هادٍ يهديه الى طريق النجاة قاله لما ايس من قبولهم وفى الآيات اشارة الى أن الله تعالى إذا شاء بكمال قدرته إظهارا لفضله ومنته يخرج الحي من الميت كما اخرج من آل فرعون مؤمنا حيا قلبه بالايمان من بين كفار أموات قلوبهم بالكفر ليتحقق قوله تعالى ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها وإذا شاء اظهار عزته وجبروته يعمى ويصم الملوك والعقلاء مثل فرعون وقومه لئلا يبصروا آيات الله الظاهرة ولا يسمعوا الحجج الباهرة مثل ما نصحهم بها مؤمن آلهم ليتحقق قوله تعالى ومن يضلل الله فما له من هاد وقوله ولكن حق القول منى الاية كما فى التأويلات النجمية وأسند الإضلال الى الله تعالى لأنه خالق الضلالة وانما الشيطان ونحوه من الوسائط فالجاهل يرى القلم مسخرا للكاتب والعارف يعلم أنه مسخر فى يده لله تعالى لأنه خالق الكاتب والقلم وكذا فعل الكاتب وفى قوله تعالى فما له من هاد اشارة الى أن التوفيق والاختيار للواحد القهار فلو كان لآدم لاختار قابيل ولو كان لنوح لاختار كنعان ولو كان لابراهيم لأختار آزر ولو كان لموسى لاختار فرعون ولو كان لمحمد عليه وعليهم السلام لاختار عمه أبا طالب يقال سبعة عام وسبعة فى جنبها خاص الأمر عام والتوفيق خاص والنهى عام والعصمة خاص والدعوة عام والهداية خاص والموت عام والبشارة خاص والحشر يوم القيامة عام والسعادة خاص وورود النار عام والنجاة منها خاص والتخليق(8/180)
وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)
عام والاختيار خاص يعنى ليس كل من خلقه الله اختاره بل خص منه قوما وكذا خلق أمورا وأشياء فخص منها البعض ببعض الخواص ثم العجب أن مثل موسى عليه السلام يكون وسط قومه لا يهتدون به وذلك لأن صاحب المرة لا يجد حلاوة العسل والضرير لا يرى الشمس وليس ذلك الا من سوء المزاج وفساد الحال وفقدان الاستعداد.
عنكبوت از طبع عنقا داشتى ... از لعابى خيمه كى افراشتى
ثم قال مؤمن آل فرعون بطريق التوبيخ وَلَقَدْ جاءَكُمْ يا اهل مصر يُوسُفُ بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم الخليل عليهم السلام مِنْ قَبْلُ اى من قبل موسى بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات الواضحة التي من جملتها تعبير الرؤيا وشهادت الطفل على براءة ذمته وقد كان بعث الى القبط قبل موسى بعد موت الملك وكان فرعون هو فرعون موسى عاش الى زمانه وذلك لأن فرعون موسى عمر اكثر من اربعمائة سنة وكان بين ابراهيم وموسى تسعمائة سنة على ما رواه ابن قتيبة فى كتاب المعارف فيجوز ان يكون بين يوسف وموسى مدة عمر فرعون تقريبا فيكون الخطاب لفرعون وجمع لأن المجيء اليه بمنزلة المجيء الى قومه والا فأهل عصر موسى لم يروا يوسف بن يعقوب والأظهر على نسبة احوال الآباء الى الأولاد وتوبيخ المعاصرين بحال الماضين اى ولقد جاء ايها القبط آباءكم الأقدمين وهذا كما قال الله تعالى فلم تقتلون أنبياء الله من قبل وانما أراد به آباءهم لأنهم هم القاتلون ثم لا يلزم من هذا ان يكون فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف على ما ذهب اليه البعض وقيل المراد يوسف بن افرائيم بن يوسف الصديق اقام نبيا عشرين سنة فَما زِلْتُمْ من زال ضد ثبت اى دمتم فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ من الدين الحق حَتَّى هذا هَلَكَ بالموت يعنى تا آنگاه كه بمرد قُلْتُمْ ضما الى تكذيب رسالته تكذيب رسالة من بعده لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا وقال الكاشفى چون سخن اين رسول نشنيديم ديكرى نخواهد آمد از ترس آنكه در قول او تردد كنيم. وفى الآية اشارة الى أن فى الإنسان ظلومية وجهولية لو خلى وطبعه لا يؤمن بنبي من أنبياء ولا بمعجزاتهم انها آيات الحق تعالى وهذه طبيعة المتقدمين والمتأخرين منهم وانما المهتدى من يهديه الله بفضله وكرمه ومن انكارهم الطبيعي انهم ما آمنوا بنبوة يوسف فلما هلك أنكروا ان يكون بعده رسول الله وذلك من زيادة شقاوة الكافرين كما ان من كمال سعادة المؤمنين أن يؤمنوا بالأنبياء قبل نبيهم كَذلِكَ اى مثل ذلك الإضلال الفظيع يُضِلُّ اللَّهُ كمراه سازد خداى تعالى در بوادىء طغيان مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ فى عصيانه مُرْتابٌ فى دينه شاك فى معجزات أنبيائه لغلبة الوهم والتقليد الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بدل من الموصول الاول لأنه بمعنى الجمع إذ لا يريد مسرفا واحدا بل كل مسرف والمراد بالمجادلة رد الآيات والطعن فيها بِغَيْرِ سُلْطانٍ متعلق بيجادلون اى بغير حجة وبرهان صالحة للتمسك بها فى الجملة أَتاهُمْ صفة سلطان كَبُرَ عظم من هو مسرف مرتاب او الجدال مَقْتاً اى من جهة البغض الشديد والنفور القوى عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا قال ابن عباس رضى الله عنه بمقتهم الذين آمنوا بذلك الجدال كَذلِكَ اى مثل ذلك الطبع الفظيع يَطْبَعُ اللَّهُ مهر(8/181)
مى نهد خداى تعالى واز هدى محجوب ميكند عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ بر هر دل شخص متكبر كه سركش انداز فرمان بردارى خودكامه كه خود را از ديكران برتر داننده فيصدر عنه أمثال ما ذكر من الإسراف والارتياب والمجالة بالباطل قال الراغب الجبار فى صفة الإنسان يقال لمن جبر نقيصته اى أصلحها بادعاء منزلة من التعالي لا يستحقها وهذا لا يقال الأعلى طريقة الذم ويسمى السلطان جبار القهره الناس على ما يريده او لاصلاح أمورهم فاجبر تارة يقال فى الإصلاح المجرد وتارة فى القهر المجرد وقال ابو الليث على قلب كل متكبر جبار ومثله فى كشف الاسرار حيث قال بالفارسية بر دل هر كردن كشى. فقوله قلب بغير تنوين بإضافته الى متكبر لأن المتكبر هو الإنسان وقرأ بعضهم بالتنوين بنسبة الكبر الى القلب على أن المراد صاحبه لأنه متى تكبر القلب تكبر صاحبه وبالعكس والخبر زنى العينين النظر يعنى زنى صاحبهما قال فى الكواشي وكل على القراءتين لعموم الطبع جميع القلب لا لعموم جميع القلوب.
يقول الفقير اعلم أن الطابع هو الله تعالى والمطبوع هو القلب وسبب الطبع هو التكبر والجبارية وحكمه ان لا يخرج من القلب ما فيه من الكفر والنفاق والزيغ والضلال فلا يدخل فيه ما فى الخارج من الايمان والإخلاص والسداد والهدى وهو أعظم عقوبة من الله عليه فعلى العاقل ان يتشبث بالأسباب المؤدية الى شرح الصدر لا الى طبع القلب قال ابراهيم الخواص قدس سره دوآء القلب خمسة قراءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع الى الله عند السحر ومجالسة الصالحين وقال الحسن البصري حادثوا هذه القلوب بذكر الله فانها سريعة الدثور وهو بالفارسية ژنك افكندن كارد وشمشير والمحادثة بزدودن. وهذا بالنسبة الى القلب القابل للمحادثة إذ رب قلب لا يقبل ذلك
آهنى را كه موريانه بخورد ... نتوان برد ازو بصيقل ژنك
با سيه دل چهـ سود كفتن وعظ ... نرود ميخ آهنين در سنك
وفى الحديث انى ليفان على قلبى وانى لاستغفر الله فى كل يوم مائة مرة وقد تكلموا فى تأويله عن الجنيد البغدادي قدس سره ان العبد قد ينتقل من حال الى ارفع منها وقد يبقى من الاولى بقية يشرف عليها من الثانية فيصححها ويقال بين العبد والحق ألف مقام او مائة من نور وظلمة فعلى هذا كان عليه السلام كلما جاز عن مقام استغفر فهو يقطع جميع الحجب كل يوم وذلك يدل على نهاية بلوغه الى حد الكمال وجلالة قدره عند الملك المتعال. يقول الفقير لعل الغين اشارة الى لباس البشرية والماهية الامكانية الساتر للقلب عن شهود حضرة الاحدية ولما كان عليه السلام بحيث يحصل له الانكشاف العظيم كل يوم من مائة مرتبة وهى مراتب الأسماء الحسنى باحديتها لم يكن على قلبه اللطيف غين أصلا وأشار بالاستغفار الى مرتبة التبديل اى تبديل الغين بالمعجمة عينا بالمهملة والعلم شهودا فصار المقام بحيث كان له غين فازا له بالاستغفار إرشادا للامة والا فلا غين فى هذا المقام والاستغفار وان وهمه العامي قليل الاستبصار وفى الآية ذم للمتكبر والجبار وقال عليه السلام يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة فى صورة الذر يطأهم الناس لهوانهم على الله وذلك لان الصورة المناسبة لحال المتكبر الجبار صورة الذر كما لا يخفى على اهل القلب(8/182)
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41)
وَقالَ فِرْعَوْنُ لوزيره قصدا الى صعود السموات لغاية تكبره وتجبره قال الكاشفى پس در اثناى مواعظ خربيل فرعون انديشه كرد كه ناكاه سخن در مستمعان اثر نكند وزير خود را طلبيد وخود را ومردم بچيز ديكر مشغول كردانيد يا هامانُ قال فى كشف الاسرار كان هامان وزير فرعون ولم يكن من القبط ولا من بنى إسرائيل يقال انه لم يغرق مع فرعون وعاش بعده زمانا شقيا محزونا يتكفف الناس ابْنِ امر من بنى يبنى يعنى بنا كن لِي براى من صَرْحاً اى بناء مكشوفا ظاهرا على الناظر عاليا مشيدا بالآجر كما قال فى القصص فاوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا ولهذا كره الآجر فى القبور كما فى عين المعاني اى لأن فرعون أول من اتخذه وهوه من صرح الشيء بالتشديد إذا ظهر فانه يكون لازما ايضا لَعَلِّي شايد كه من أَبْلُغُ برسم وصعود مينكم الْأَسْبابَ اى الطرق أَسْبابَ السَّماواتِ بيان لها يعنى راهها از آسمانى بآسمانى. وفى ابهامها ثم إيضاحها تفخيم لشأنها وتشويق للسامع الى معرفتها فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى بقطع الهمزة ونصب العين على جواب الترجي اى انظر اليه قال فى تاج المصادر الاطلاع ديده ورشدن. وفى عين المعاني الاستعلاء على شىء لرؤيته وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ اى موسى كاذِباً فيما يدعيه من الرسالة يقول الفقير لم يقل كذابا كما قال عند إرساله اليه لأن القائل هنا هو فرعون وحده وحيث قال كذاب رجع المبالغة الى فرعون وهارون وقارون فافهم اعلم أن اكثر المفسرين حملوا هذا الكلام على ظاهره وذكروا فى كيفية بناء ذلك الصرح حكاية سبقت فى القصص وقال بعضهم ان هذا بعيد جدا من حيث أن فرعون ان كان مجنونا لم يجز حكاية كلامه ولا إرسال رسول يدعوه وان كان عاقلا فكل عاقل يعلم بديهة انه ليس فى قوة البشر وضع بناء ارفع من الجبل وانه لا يتفاوت فى البصر حال السماء بين ان ينظر من أسفل الجبل ومن أعلاه فامتنع اسناده الى فرعون فذكروا لهذا الكلام توجهين يقربان من العقل الاول انه أراد ان يبنى له هامان رصدا فى موضع عال ليرصد منه احوال الكواكب التي هى اسباب سماوية تدل على الحوادث الارضية فيرى هل فيها ما يدل على إرسال الله إياه والثاني ان يرى فساد قول موسى عليه السلام بأن اخباره من اله السماء ويتوقف على اطلاعه عليه ووصوله اليه وذلك لى يتأتى الا بالصعود الى السماء وهو مما لا يقوى عليه إلا لسان وان كان اقدر اهل الأرض كالملوك فاذا لم يكن طريق الى رؤيته وإحساسه وجب نفيه وتكذيب من ادعى أنه رسول من قبله وهو موسى فعلى هذا التوجيه الثاني يكون فرعون من الدهرية الزنادقة وشبهته فاسدة لأنه لا يلزم من امتناع كون الحس طريقا الى معرفة الله امتناع معرفته مطلقا إذ يجوز ان يعرف بطريق النظر والاستدلال بالآثار كما قال ربكم آبائكم الأولين وقال رب المشرق والمغرب وما بينهما ولكمال جهل اللعين بالله وكيفية استنبائه أورد الوهم المزخرف فى صورة الدليل وقال الكلبي اشتغل فرعون بموسى ولم يتفرغ لبنائه وقال بعضهم قال فرعون ذلك تمويها وبعضهم قال لغلبة جهله والظاهر أن الله تعالى إذا شاء يعمى ويصم من شاء فخلى فرعون ونفسه ليتفرغ لبناء الصرح ليرى منه آية(8/183)
اخرى له وتتأكد العقوبة وذلك لأن الله تعالى هدمه بعد بنائه على ما سبق فى القصص وايضا هذا من مقتضى التكبر والتجبر الذي نقل عنه كما مثله عن بخت نصر فانه ايضا لغاية عتوه واستكباره بنى صرحا ببابل على ما سبقت قصته وايضا كيف يكون من الدهرية والمنقول المتواتر عنه أنه كان يتضرع الى الله تعالى فى خلوته لحصول مهامه ومن الله الفهم والعناية والدراية ويدل على ما ذكرنا ايضا قوله تعالى وَكَذلِكَ اى ومثل ذلك التزيين البليغ المفرط زُيِّنَ آرايش داده شد لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ اى عمله السيّء فانهمك فيه انهما كالا يرعوى عنه بحال وَصُدَّ صرف ومنع عَنِ السَّبِيلِ اى سبيل الرشاد والفاعل فى الحقيقة هو الله تعالى وبالتوسط هو الشيطان ولذا قال زين لهم الشيطان أعمالهم وهذا عند اهل السنة واما عند المعتزلة فالمزين والصاد هو الشيطان وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ ونبود مكر فرعون در ساختن قصر ودر ابطال
آيات إِلَّا فِي تَبابٍ اى خسار وهلاك وفى التأويلات النجمية يشير الى أن من ظن أن الله سبحانه وتعالى فى السماء كما ظن فرعون فانه فرعون وقته ولو لم يكن من المضاهاة بين من يعتقد أن الله سبحانه فى السماء وبين الكافر الا هذا لكفى به فى زيغ مذهبه وغلط اعتقاده فان فرعون غلط إذ توهم ان الله فى السماء ولو كان فى السماء لكان فرعون مصيبا فى طلبه من السماء وقوله وكذلك إلخ يدل على أن اعتقاده بأن الله فى السماء خطأ وانه بذلك مصدود عن سبيل الله وما كيد فرعون فى طلب الله من السماء الا فى تباب اى خسران وضلال انتهى وعن النبي عليه السلام ان الله تعالى احتجب عن البصائر كما احتجب عن الابصار وان الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم يعنى لو كان فى السماء لما طلبه اهل السماء ولو كان فى الأرض لما طلبه اهل الأرض فاذا هو الآن على ما كان عليه قبل من التنزه عن المكان وفى هدية المهديين إذا قال الله فى السماء وأراد به المكان يكفر اتفاقا لأنه ظاهر فى التجسيم وان لم يكن له نية يكفر عند أكثرهم وان أراد به الحكاية عن ظاهر الاخبار لا يكفر وعن معاوية بن الحكم السلمى رضى الله عنه أنه قال أتيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقلت يا رسول الله ان جارية لى كانت ترعى غنما لى فجئتها وفقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فاسفت عليها وكنت من بنى آدم فلطمتها اى على وجهها وعلى رقبتها أفأعتقها عنها فقال لها رسول الله اين الله فقالت فى السماء فقال من انا فقالت أنت رسول الله فقال عليه السلام أعتقها فانها مؤمنة.
اعلم انه قد دل الدليل العقلي على استحالة حصر الحق فى اينية والشارع لما علم أن الجارية المذكورة ليس فى قوتها ان تتعقل موجدها الأعلى تصوير فى نفسها خاطبها بذلك ولو أنه خاطبها بغير ما تصورته فى نفسها لارتفعت الفائدة المطلوبة ولم يحصل القبول فكان من حكمته عليه السلام ان سأل مثل هذه الجارية بمثل هذا السؤال وبمثل هذه العبارة ولذلك لما اشارت الى السماء قال فيها انها مؤمنة يعنى مصدقة بوجود الله تعالى ولم يقل انها عالمة لانها صدقت قول الله وهو الله فى السموات ولو كانت عالمة لم تقيده بالسماء فعلم أن للعالم ان يصحب الجاهل فى جهله تنزلا لعقله والجاهل لا يقدر على صحبته العالم بغير تنزل كذا فى الفتوحات(8/184)
وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39)
المكية وفيه ايضا أنه لا يلزم من الايمان بالفوقية الجهة فقد ثبتت فانظر ماذا ترى وكن اهل السنة من الورى انتهى (وفى المثنوى)
قرب نى بالا نه پستى رفتن است ... قرب حق از حبس هستى رستن است
نيست را چهـ جاى بالا است وزير ... نيست را زود ونه دورست ونه دير
يقول الفقير يعرف من هذا الكلام أن وجود الأشياء وماهياتها الممكنة اعتباري والاعتباري لا وجود له حقيقة وانما يقوم بوجود الله تعالى لقيام الظل بذي الظل فاذا كان وجود الموجودات فى حكم العدم فما معنى كون وجود الله تعالى متقيدا بالعدم بان يظهر فى اينية مخصوصة دون غيرها سبحانه فافهم وَقالَ الَّذِي آمَنَ اى مؤمن آل فرعون يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ فيما دللتكم عليه أصله يا قومى اتبعونى أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ اى سبيلا يصل سالكه الى المقصود والرشد والرشاد الاهتداء لمصالح الدين والدنيا وفيه تعريض بان ما يسلكه فرعون وقومه سبيل الغى والضلال وفيه اشارة الى ان لهداية مودعة فى اتباع الأنبياء والأولياء وللولى ان يهدى سبيل الرشاد بتبعية النبي عليه السلام كما يهدى النبي اليه ومن الهداية قوله يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ اسم بمعنى المتعة وهى التمتع والانتفاع لا بمعنى السلعة لأن وقوعه خبرا عن الحياة الدنيا يمنع منه اى تمتع يسيرو انتفاع قليل لسرعة زوالها لأن الدنيا بأسرها ساعة فكيف عمر انسان واحد وبالفارسية بساط عيش او باندك فرصتى در نوردند ونامه معاشرت او را رقم ابطال در سر كشند.
بباغ دهر كه بس تازه رنك وخوش بويست ... مباش غره كه رنج خزان ز پى دارد
زمان زمان بد مد ريح نكبت وادبار ... چهـ رنك وبو كه نشانى از ان نكذارد
قال محمد بن على الترمذي قدس سره لم تزل الدنيا مذمومة فى الأمم السالفة عند العقلاء منهم وطالبوها مهانين عند الحكماء الماضية وما قام داع فى امة إلا حذر متابعة الدنيا وجمعها والحب لها ألا ترى الى مؤمن آل فرعون كيف قال اتبعون أهدكم سبيل الرشاد كأنهم قالوا وما سبيل الرشاد قال انما هذه إلخ يعنى لن تصل الى سبيل الرشاد وفى قلبك محبة للدنيا وطلب لها وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ لخلودها ودوام ما فيها فالدآئم خير من المنقضى قال بعض العارفين لو كانت الدنيا ذهبا فانيا والآخرة خزفا باقيا لكانت الآخرة خيرا من الدنيا فكيف والدنيا خزف فان والآخرة ذهب باق وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نام على حصير فقام وقد اثر فى جسده فقال ابن مسعود رضى الله عنه يا رسول الله لو امرتنا ان نبسط لك لنفعل فقال مالى وللدنيا وما انا والدنيا الا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها وعن انس بن مالك رضى الله عنه أن النبي عليه السلام قال يا بنى اكثر ذكر الموت فانك إذا أكثرت ذكر الموت زهدت فى الدنيا ورغبت فى الآخرة وأن الآخرة دار قرار والدنيا غرارة والمغرور من اغتر بها.
تو غافل در انديشه سود مال ... كه سرمايه عمر شد پايمال
چهـ خوش كفت با كودك آموزگار ... كه كارى نكرديم وشد روزكار(8/185)
مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41)
مَنْ هر كه عَمِلَ فى الدنيا سَيِّئَةً كردارى بد فَلا يُجْزى فى الآخرة إِلَّا مِثْلَها عدلا من الله سبحانه فخلود الكافر فى النار مثل لكفره ولو ساعة لأبدية اعتقاده واما المؤمن الفاسق فعقابه منقطع إذ ليس على عزم ان يبقى مصرا على المعصية وفى الآية دليل على أن الجنايات سوآء كانت فى النفوس او الأعضاء او الأموال تغرم بامثالها والزائد على الأمثال غير مشروع وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً وهو ما طلب به رضى الله تعالى اى عمل كان من الأعمال المشروعة مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ذكرهما ترغيبا لهما فى الصالحات وَهُوَ اى والحال أنه مُؤْمِنٌ بالله واليوم الآخر جعل العمل عمدة والايمان حالا للايذان بانه لا عبرة بالعمل بدون الايمان إذ الأحوال مشروطة على ما تقرر فى علم الأصول فَأُولئِكَ الذين عملوا ذلك يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها روزى داده شوند از فواكه پاكيزه ومطاعم لذيذه بِغَيْرِ حِسابٍ اى بغير تقدير وموازنة بالعمل بل أضعافا مضاعفة فضلا من الله ورحمة وفى التأويلات النجمية بغير حساب اى مما لم يكن فى حساب العبدان يرزق مثله وعن ابى هريرة رضى الله عنه أنه قال أخبرني رسول الله عليه السلام أن اهل الجنة إذ ادخلوها نزلوا فيها يفضل أعمالهم اى بأعمالهم الفاضلة ثم يؤذن لهم فى مقدار يوم الجمعة من ايام الدنيا فيبرزون ويبرز لهم عرشه ويتبدى لهم فى روضة من رياض الجنة فتوضع لهم منابر من نور ومنابر من لؤلؤ ومنابر من ياقوت ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة ويجلس أدناهم وما هو دنى على كثبان المسك والكافور ما يرون أن اصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا قال ابو هريرة رضى الله عنه قلت يا رسول الله وهل يرى ربنا قال نعم هل تتمارون فى رؤية الشمس والقمر ليلة البدر قلنا لا قال كذلك لا تتمارون فى رؤية ربكم تبارك وتعالى ولا يبقى فى ذلك المجلس رجل الا حاضره الله محاضرة حتى يقول للرجل منهم يا فلان ابن فلان أتذكر يوم قلت كذا وكذا فيذكره بعض عثراته فى الدنيا فيقول او لم تغفر لى فيقول بلى فبسعة مغفرتى بلغت منزلتك هذه فبينماهم على ذلك إذ غشيهم سحابة فامطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه قط ويقول ربنا قوموا الى ما اعددت لكم من الكرامة فخذوا ما شتهيتم فنأتى سوقا قد حفت بالملائكة لم تنظر العيون الى مثلها ولم تسمع الاذان ولم يخطر على القلوب فيحمل لنا ما اشتهينا ليس يباع فيها ولا يشترى وفى ذلك السوق يلقى اهل الجنة بعضهم بعضا قال فيقبل الرجل ذو المنة المرتفعة فيلقى من هو دونه وما فيهم دنى فيروعه ما عليه من اللباس فما ينقضى آخر حديثه حتى يتخيل عليه ما هو احسن منه وذلك أنه لا ينبغى لأحد ان يحزن فيها ثم ننصرف الى منازلنا فيتلقانا أزواجنا فيقلن مرحبا وأهلا لقد جئت وان ربك من الجمال ما هو أفضل مما فارقتنا عليه فيقول انا جالسنا اليوم ربنا الجبار ويحق لنا ان ننقلب بمثل ما انقلبنا وَيا قَوْمِ قال الكاشفى آل فرعون از سخنان خربيل فهم كردند كه ايمان آورده است زبان ملامت بگشادند كه شرم ندارى كه از پرستش فرعون روى بعبادت ديكرى مى آرى خربيل تكرار ندا كرد از روى تنبيه تا شايد از خواب غفلت بيدار شوند پس(8/186)
تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)
كفت اى كروه من ما لِي الاستفهام للتوبيخ أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ من النار بالتوحيد وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ بالاشراك قوله أدعوكم فى موضع الحال من المنوي فى الخبر وتدعوننى عطف عليه ومدار التعجب دعوتهم إياه الى النار لا دعوته إياهم الى النجاة كأنه قيل أخبروني كيف هذا الحال أدعوكم الى الخير وتدعوننى الى الشر وقد جعله بعضهم من قبيل مالى أراك حزينا اى مالك تكون حزينا فيكون المعنى ما لكم أدعوكم إلخ تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ بدل والدعاء كالهداية بالى واللام وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ اى بشركته له تعالى فى المعبودية عِلْمٌ والمراد نفى المعلوم وهو ربوبية ما يزعمون إياه شريكا بطريق الكناية وهو من باب نفى الشيء بنفي لازمه وفيه اشعار بان الالوهية لا بد لها من برهان موجب للعلم بها وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الذي لم يكن له كفوا أحد واما المخلوقات فبعضها اكفاء بعض وايضا الى القادر على تعذيب المشركين الْغَفَّارِ لمن تاب ورجع اليه القادر على غفران المذنبين لا جَرَمَ هر آينه قاله الكاشفى وقال غيره كلمة لارد لما دعوه اليه من الكفر والإشراك وجرم فعل ماض بمعنى حق وفاعله قوله تعالى أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ اى الى عبادته واشراكه لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ اى حق ووجب عدم دعوة آلهتكم الى عبادة نفسها أصلا ومن حق المعبود ان يدعو الناس الى عبادته بإرسال الرسل وإنزال الكتب وهذا الشأن منتف عن الأصنام بالكلية لأنها فى الدنيا جمادات لا تستطيع دعاء غيرها وفى الآخرة إذا انشأها الله حيوانا ناطقا تبرأ من عبدتها أو المعنى حق وثبت عدم استجابة دعوة لها اى ليس لها استجابة دعوة لا فى الدنيا بالبقاء والصحة والغنى ونحوها ولا فى الآخرة بالنجاة ورفعة الدرجات وغيرهما كما قال تعالى ان تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم فكيف تكون الأصنام ربا وليس لها قدرة على اجابة دعاء الداعين ومن شأن الرب استجابة الدعوات وقضاء الحاجات وقيل جرم بمعنى كسب وفاعله مستكن فيه اى كسب ذلك الدعاء الى الكفر والإشراك بطلان دعوته اى بطلان دعوة المدعو اليه بمعنى ما حصل من ذلك الا ظهور بطلان دعوته كأنه قيل انكم تزعمون أن دعاءكم الى الإشراك يبعثنى على الإقبال عليه وانه سبب الاعراض وظهور بطلانه وقيل جرم فعل من الجرم وهو القطع كما أن بد من لا بد فعل من التبديد والمعنى لا قطع لبطلان ألوهية الأصنام اى لا ينقطع فى وقت ما فينقلب حقا فيكون جرم اسم لا مبنيا على الفتح لا فعلا ماضيا كما هو على الوجهين الأولين وفى القاموس لا جرم اى لا بد أو حقا او لا محالة او هذا أصله ثم كثر حتى تحول الى معنى القسم فلذلك يجاب عنه باللام يقال لا جرم لآتينك وَأَنَّ مَرَدَّنا مرجعنا إِلَى اللَّهِ اى بالموت ومفارقة الأرواح الأجساد وما را جزا خواهد داد وهو عطف على أن ما تدعوننى داخل فى حكمه وكذا قوله تعالى وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ اى فى الضلال والطغيان كالاشراك وسفك الدماء هُمْ أَصْحابُ النَّارِ اى ملازموها فَسَتَذْكُرُونَ اى فسيذكر بعضكم بعضا عند معاينة العذاب ما أَقُولُ لَكُمْ من النصائح ولكن لا ينفعكم الذكر حينئذ(8/187)
وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ أرده اليه ليعصمنى من كل سوء قاله لما أنهم كانوا توعدوه بالقتل قال فى القاموس فوض اليه الا مررده اليه انتهى وحقيقة التفويض تعطيل الارادة فى تدبير الله تعالى كما فى عين المعاني وكمال التفويض ان لا يرى لنفسه ولا للخلق جميعا قدرة على النفع والضر كما فى عرائس البقلى قال بعضهم التفويض قبل نزول القضاء والتسليم بعد نزوله إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ يعلم المحق من المبطل فيحرس من يلوذبه من المكاره ويتوكل عليه وفى كشف الاسرار معنى تفويض كار با خداوندكار كذاشتن است در سه چيز در دين ودر قسم ودر حساب خلق اما تفويض در دين آنست كه بتكلف خود در هر چهـ الله ساخته نياميزى و چنانكه ساخته وى ميكردد با آن ميسازى وتفويض در قسم آنست كه بهانه دعا با حكم او معارضه نكنى وباستقصاى طلب تعيين خود را متهم نكنى وتفويض در حساب آنست كه اگر ايشانرا بدى بينى آنرا شقاوت نشمرى وبترسى واگر
بر نيكى بينى آنرا سعادت نشمرى واميد دارى وبر ظاهر هر كس فرو آيى وبصدق ايشانرا مطالبت نكنى ويقرب من هذا حديث ابى هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان رجلين كانا فى بنى إسرائيل متحابين أحدهما مجتهد فى العبادة والآخر كان يقول مذنب فجعل المجتهد يقول أقصر أقصر عن ما أنت فيه قال فيقول خلنى وربى فانما على ذنب استعظمه فقال أقصر فقال خلنى وربى أبعثت على رقيبا فقال والله لا يغفر الله لك ابدا ولا يدخلك الجنة ابدا قال فبعث الله إليهما ملكا فقبض أرواحهما فاجتمعا عنده فقال للمذنب ادخل الجنة برحمتي وقال للآخر أتستطيع ان تحظر على عبدى رحمتى فقال لا يا رب قال اذهبوا به الى النار قال ابو هريرة والذي نفسى بيده لتكلم بكلمة او بقت بدنياه وآخرته ودلت الآية على أن الله تعالى مطلع على العباد وأحوالهم فلا بد من تصحيح الحال ومراقبة الأحوال روى أن ابن مسعود رضى الله عنه خرج مع بعض الاصحاب رضى الله عنهم الى الصحراء فطبخوا الطعام فلما تهيأوا للأكل رأوا هنالك راعيا يرعى اغناما فدعوه الى الطعام فقال الراعي كلوا أنتم فانى صائم فقالوا له بطريق التجربة كيف تصوم فى مثل هذا اليوم الشديد الحرارة فقال لهم ان نار جهنم أشد حرا منه فاعجبهم كلامه فقالوا له بع لنا غنما من هذه الأغنام نعطك ثمنه مع حصة من لحمه فقال لهم هذه الأغنام ليست لى وانما هى لسيدى ومالكى فكيف أبيع لكم مال الغير فقالوا له قل لسيدك انه أكله الذئب أو ضاع فقال الراعي اين الله فاعجبهم كلامه زيادة الاعجاب ثم لما عادوا الى المدينة اشتراه ابن مسعود من مالكه مع الأغنام فاعتقه ووهب الأغنام له فكان ابن مسعود يقول له فى بعض الأحيان بطريق الملاطفة اين الله وروى أن نبيا من الأنبياء كان يتعبد فى جبل وكان فى قربه عين جارية فجاز بها فارس وشرب منها ونسى عندها صرة فيها الف دينار فجاء آخر فاخذ الصرة ثم جاء رجل فقير على ظهره جزمة حطب فشرب واستلقى ليستريح فرجع الفارس لطلب الصرة فلم يرها فأخذ الفقير فطلبها منه فلم يجدها عنده فعذبه حتى قتله فقال ذلك النبي الهى ما هذا أخذ الصرة بل أخذها ظالم آخر وسلطت هذا الظالم عليه حتى قتله فاوحى الله تعالى(8/188)
فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)
اليه ان اشتغل بعبادتك فليس معرفة مثل هذا من شأنك ان هذا الفقير قد قتل أبا الفارس فمكنته من القصاص وان أبا الفارس قد كان أخذ ألف دينار من مال آخذ الصرة فرددته اليه من تركته ذكره الغزالي رحمه الله (قال الحافظ)
دركاه خانه كه ره عقل وفضل نيست ... فهم ضعيف وراى فضولى چرا كنند
فَوَقاهُ اللَّهُ آورده اند كه فرعون فرمود تا خربيل را بكشند وى كريخته روى بكوهى نهاد وبنماز مشغول شد حق سبحانه تعالى لشكر سباع را برانگيخت تا بكرد وى در آمده آغاز پاسبانى كردند نتيجه تفويض بزودى در وى رسيد يعنى فوض أمره الى الله فكفاه الله در كشف الاسرار آمده كه فرعون از خواص خود جمعى را از عقب او فرستاد چون بوى رسيدند ونماز وى ونكهبانى سباع مشاهده كرده بترسيدند ونزد فرعون آمده صورت حال باز كفتند همه را سياست كرد تا آن سخن فاش نكردد وقال بعضهم منهم من أكلته السباع ومنهم من رجع الى فرعون فاتهمه وصلبه فاخبر الله عن الحال خربيل بقوله فوقاه الله اى حفظه من سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا شدائد مكرهم وما هموا به من الحاق انواع العذاب بمن خالفهم وبالفارسية پس نكاه داشت او را خداى از بديهاى آنچهـ انديشيدند در راه او. وقيل نجا خربيل مع موسى عليه السلام وَحاقَ نزل وأصاب بِآلِ فِرْعَوْنَ اى بفرعون وقومه وعدم التصريح به للاستغناء بذكرهم عن ذكره ضرورة أنه اولى منهم بذلك من حيث كونه متبوعا لهم ورئيسا ضالا مضلا سُوءُ الْعَذابِ اى الغرق وهذا فى الدنيا ثم بين عذابهم فى البرزخ بقوله النَّارُ يُعْرَضُونَ اى فرعون وآله عَلَيْها اى على النار ومعنى عرضهم على النار إحراق أرواحهم وتعذيبهم بها من قولهم عرض الأسارى على السيف إذا قتلوا به قال فى القاموس عرض القوم على السيف قتلهم وعلى السوط ضربهم غُدُوًّا وَعَشِيًّا اى فى أول النهار وآخره وذكر الوقتين اما للتخصيص واما فيما بينهما فالله تعالى اعلم بحالهم اما أن يعذبوا بجنس آخر او ينفس عنهم واما للتأبيد كما فى قوله تعالى ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا اى على الدوام قال ابن مسعود رضى الله عنه أن أرواح آل فرعون فى أجواف طير سود يعرضون على النار مرتين فيقال يا آل فرعون هذه داركم قال ابن الشيخ فى حواشيه هذا يودن بان العرض ليس بمعنى التعذيب والإحراق بل بمعنى الإظهار والإبراز وان الكلام على القلب كما فى قولهم عرضت الناقة على الحوض فان أصله عرضت الحوض على الناقة بسوقها اليه وإيرادها عليه فكذاهنا اصل الكلام تعرض عليهم اى على أرواحهم بأن يساق الطير التي أرواحهم فيها اى فى أجوافها الى النار وفى الحديث أن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى ان كان من اهل الجنة فمن الجنة وان كان من اهل النار فمن النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة.
يعنى اينست جاى تو تا كه برانگيزد ترا خداى بسوى وى در روز قيامت يقول الفقير اما كون أرواحهم فى أجواف طيرسود فليس المراد ظرفية الأجواف للارواح حتى لا يلزم التناسخ بل هو تصوير لصور أرواحهم البرزخية واما العرض بمعنى الإظهار فلا يقتضى عدم التعذيب فكل روح اما معذب او منعم وللتعذيب والتنعيم مراتب ولأمر ما(8/189)
ذكر الله تعالى عرض أرواح آل فرعون على النار فان غرضها ليس كعرض سائر الأرواح الخبيثة قال فى عين المعاني قال رجل للاوزاعى رأيت طيرا لا يعلم عددها الا الله تخرج من البحر بيضاء ثم ترجع عشيا سوداء فما هى قال أرواح آل فرعون تعرض وتعود والسواد من الإحراق هذا ما دامت الدنيا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ وتعود الأرواح الى الأبدان يقال للملائكة أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ اى عذاب جهنم فانه أشد مما كانوا فيه فانه للروح والجسد جميعا وهو أشد مما كان للروح فقط كما فى البرزخ وذلك ان الأرواح بعد الموت ليس لها نعيم ولا عذاب حسى جسمانى ولكن ذلك نعيم او عذاب معنوى روحانى حتى تبعث أجسادها فترد إليها فتعذب عند ذلك حسا ومعنى او تنعم ألا ترى الى بشر الحافى قدس سره لما رؤى فى المنام قيل له ما فعل الله بك قال غفر لى وأباح لى نصف الجنة اى نعيم الروح واما النصف الآخر الذي هو نعيم الجسد فيحصل بعد الحشر ببدنه والاكل الذي يراه الميت بعد موته فى البرزخ هو كالاكل الذي يراه النائم فى النوم فكما أنه تتفاوت درجات الرؤيا حتى ان منهم من يستيقظ ويجد أثر الشبع او الري فكذا تختلف احوال الموتى فالشهداء احياء عند ربهم كحياة الدنيا ونعيمهم قريب من نعيم الحس فافهم جدا ويجوز ان يكون المعنى ادخلوا آل فرعون أشد عذاب جهنم فان عذابها ألوان بعضها أشد من بعض وفى الحديث أهون اهل النار عذابا رجل فى رجليه نعلان من ناريغلى مهما دماغه وفى التأويلات النجمية ويوم تقوم الساعة يشير الى مفارقة الروح البدن بالموت فان من مات فقد قامت قيامته ادخلوا آل فرعون أشد العذاب وذلك فان أشد عذاب فرعون النفس ساعة المفارقة لأنه يفطم عن جميع مألوفات الطبع دفعة واحدة والفطام عن المألوف شديد وقد يكون الألم بقدر شدة التعلق به انتهى (قال الحافظ)
غلام همت آنم كه زير چرخ كبود ... ز هر چهـ رنك تعلق پذير آزادست
(وقال غيره)
الفت مكير همچوالف هيچ با كسى ... تا بسته الم نشوى وقت انقطاع
ثم فى الآية دليل على بقاء النفس وعذاب القبر لأن المراد بالعرض التعذيب فى الجملة وليس المراد انهم يعرضون عليها يوم القيامة لقوله بعده ويوم تقوم الساعة إلخ وإذا ثبت فى حق آل فرعون ثبت فى حق غيرهم إذ لا قائل بالفصل وكان عليه السلام لا يصلى صلاة الا وتعوذ بعدها من عذاب القبر قال عليه السلام من كف أذاه عن الناس كان حقا على الله ان يكف عنه أذى القبر وروى عن سالم بن عبد الله أنه قال سمعت ابى يقول أقبلت من مكة على ناقة لى وخلفى شىء من الماء حتى إذا مررت بهذه المقبرة مشيرا الى مقبرة محصوسة بين مكة والمدينة خرج رجل من المقبرة يشتعل من قرنه الى قدمه نارا وإذا فى عنقه سلسلة تشتعل نارا فوجهت الدابة نحوه انظر الى العجب فجعل يقول يا عبد الله صب على من الماء فخرج رجل من القبر أخذ بظرف السلسلة فقال لا تصب عليه الماء ولا كرامة فمديده حتى انتهى به الى القبر فاذا معه سوط يشتعل نارا فضربه حتى دخل القبر قال وهب بن منبه من قرأ(8/190)
وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50) إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52)
بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله رفع الله العذاب عن صاحب القبر أربعين سنة كذا فى زهرة الرياض قال العلماء عذاب القبر هو عذاب البرزخ أضيف الى القبر لأنه الغالب والأفكل ميت أراد الله تعذيبه ما له ما أراد به قبر أو لم يقبر بان صلب او غرق فى البحر او احرق حتى صار رمادا وذرى فى الجو قال امام الحرمين من تفرقت اجزاؤه يخلق الله الحياة فى بعضها او كلها ويوجه السؤال عليها ومحل العذاب والنعيم أي فى القبر هو الروح والبدن جميعا باتفاق اهل السنة قال اليافعي وتختص الأرواح دون الأجساد بالنعيم والعذاب ما دامت فى عليين او سجين وفى القبر يشترك الروح والجسد قال الفقيه ابو الليث الصحيح عندى أن يقر الإنسان بعذاب القبر ولا يشتغل بكيفيته وفى الاخبار الصحاح أن بعض الموتى لا ينالهم فتنة القبر كالانبياء والأولياء والشهداء قال الحكيم الترمذي إذا كان الشهيد لا يسأل فالصديق اولى بان لا يفتن هو المنخلع عن صفات النفس والشهيد هو اهل الحضور والصحيح هو اهل الاستقامة فى الدين ورؤى بعضهم بعد موته على حال حسنة فسئل عن سببها فقال كنت اكثر قول لا اله الا الله فاكثر منها اى من هذه المقالة الحسنة والكلمة الطيبة اللهم اختم لنا بالخير والحسنى وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ التحاج بالتشديد التخاصم كالمحاجة اى واذكر يا محمد لقومك وقت تخاصم اهل النار فى النار سوآء كانوا آل فرعون او غيرهم ثم شرح خصومتهم بقوله فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ منهم فى القدر والمنزلة والحال فى الدنيا يعنى بيچارگان وزبونان قوم لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا اى أظهروا الكبر باطلا وهم رؤساؤهم ولذا لم يقل للكبرآء لأنه ليس الكبرياء صفتهم فى نفس الأمر إِنَّا كُنَّا لَكُمْ فى الدنيا تَبَعاً جمع تابع كخدم فى جمع خادم قال فى القاموس التبع محركة التابع يكون واحد او جمعا اى اتباعا فى كل حال خصوصا فيما دعوتمونا اليه من الشرك والتكذيب يعنى سبب دخول ما در دوزخ ببدى شما فَهَلْ أَنْتُمْ پس آيا هستيد شما مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ بالدفع او بالحمل يقال ما يغنى عنك هذا اى ما يجزيك وما ينفعك ونصيبا وهو الحظ المنصوب اى المعين كما فى المفردات منصوب بمضمر يدل عليه مغنون فان اغنى إذا عدى بكلمة عن لا يتعدى الى مفعول آخر بنفسه اى رافعون عنا نصيبا اى بعضا وجزأ من النار باتباعنا إياكم فقد كنا ندفع المئونة عنكم فى الدنيا قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا چهـ جاى اين سخن است إِنَّا كُلٌّ اى كلنا نحن وأنتم وبهذا صح وقوعه مبتدأ فِيها خبر اى فى النار فكيف نغنى عنكم ولو قدرنا لاغنينا عن أنفسنا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ بماهية كل أحد فادخل المؤمنين الجنة على تفاوتهم فى الدرجات والكافرين النار على طبقاتهم فى الدركات ولا معقب لحكمه وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ من الضعفاء والمستكبرين جميعا لما ذاقوا شدة العذاب وضاقت حيلهم لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ اى القوام بتعذيب اهل النار جمع خازن والخزن حفظ الشيء فى الخزانة ثم يعبر به عن كل حفظ كحفظ السر ونحوه قاله الراغب ووضع جهنم موضع الضمير للتهويل والتفظيع وهم اسم لنار الله الموقدة ادْعُوا رَبَّكُمْ شافعين لنا يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً اى فى مقدار يوم واحد من ايام الدنيا مِنَ الْعَذابِ اى شيأ منه فقوله يوما ظرف ليخفف ومفعوله محذوف ومن العذاب بيان لذلك المحذوف(8/191)
قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50)
واقتصارهم فى الاستدعاء على تخفيف قدر يسير من العذاب فى مقدار قصير من الزمان دون رفعه رأسا او تخفيف قدر كثير منه فى زمان مديد لعلمهم بعدم كونه فى خيز الإمكان قالُوا اى الخزنة بعد مدة أَوَلَمْ تَكُ الهمزة للاستفهام والواو للعطف على مقدارى الم تنبهوا على هذا ولم تك تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ فى الدنيا على الاستمرار بِالْبَيِّناتِ بالحجج الواضحة الدالة على سوء عاقبة ما كنتم عليه من الكفر والمعاصي أرادوا بذلك إلزامهم وتوبيخهم على اضاعة اوقات الدعاء وتعطيل اسباب الاجابة قالُوا بَلى اى أتونا بها فكذبناهم كما فى سورة الملك قالُوا إذا كان الأمر كذلك يعنى چون كار برين منوالست فَادْعُوا أنتم فان الدعاء لمن يفعل ذلك مما يستخيل صدوره عنا ولم يريدوا بامرهم بالدعاء اطماعهم فى الاجابة بل اقناطهم منها واظهار حقيقتهم حسبما صرحوا به فى قولهم وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ لأنفسهم فالمصدر مضاف الى فاعله او وما دعاء غيرهم لهم تخفيف العذاب عنهم فالمصدر مضاف الى مفعوله إِلَّا فِي ضَلالٍ اى فى ضياع وبطلان لا يجاب لأنهم دعوا فى غير وقته اختلف العلماء فى أنه هل يجوز ان يقال يستجاب دعاء الكافرين فمنعه الجمهور لقوله تعالى وما دعاء الكافرين الا فى ضلال ولأن الكافر لا يدعو الله لانه لا يعرفه لأنه وان أقربه لما وصفه بما لا يليق به نقض إقراره وما روى فى الحديث ان دعوة المظلوم وان كان كافرا تستجاب فمحمول على كفران النعمة وجوزه بعضهم لقوله تعالى حكاية عن إبليس رب أنظرني اى أمهلني ولا تمتنى سريعا فقال الله تعالى انك من المنظرين فهذه اجابة وبالجواز يفتى (قال الشيخ سعدى)
مغى در بروى از جهان بسته بود ... بتى را بخدمت ميان بسته بود
پس از چند سال آن نكوهيده كيش ... قضا حالتى صعبش آورد پيش
بپاى بت آمد باميد خبر ... بغلطيد بيچاره بر خاك دير
كه در مانده ام دست كير اى صنم ... بجان آمدم رحم كن بر تنم
بزاريد در خدمتش بارها ... كه هيچش بسامان نشد كارها
بتى چون برارد مهمات كس ... كه نتواند از خود براند مكس
بر آشفت كاى پاى بند ضلال ... بباطل پرستيدمت چند سال
مهمى كه در پيش دارم برآر ... وكرنه بخواهم ز پروردگار
هنوز از بت آلوده رويش بخاك ... كه كامش برآورد يزدان پاك
حقائق شناسى درين خيره شد ... سر وقت صافى برو تيره شد
كه سركشته دون باطل پرست ... هنوزش سر از خمر بتخانه مست
دل از كفر ودست از خيانت نشست ... خدايش برآورد كامى كه چشد
فرو رفت خاطر درين مشكلش ... كه پيغامى آمد درون دلش
كه پيش صنم پير ناقص عقول ... بسى كفت وقولش نيامد قبول
كر از دركه ما شود نيرزد ... پس آنكه چهـ فرن از صنم تا صمد
دل اندر صمد بايد اى دوست بست ... كه عاجزترند از صنم هر كه هست(8/192)
إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52)
محالست اگر سر برين در نهى ... كه باز آيدت دست حاجت تهى
فاذا ثبت أن الله تعالى يجيب الدعوات لا ما سواه من الأصنام ونحوها فلا بد من توحيده واخلاص الطاعة والعبادة له وعرض الافتقار اليه إذ لا ينفع الغير لا فى الدنيا ولا فى الآخرة جعلنا الله وإياكم من التابعين للهدى والمخفوظين من الهوى إِنَّا نون العظمة او باعتبار الصفات او المظاهر لَنَنْصُرُ رُسُلَنا النصر العون وَالَّذِينَ آمَنُوا اى اتباعهم فِي الْحَياةِ الدُّنْيا بالحجة والظفر والانتقام لهم من الكفرة بالاستئصال والقتل والسبي وغير ذلك من العقوبات ولا يقدح فى ذلك ما قد يتفق لهم من صورة المغلوبية امتحانا إذ العبرة انما هى بالعواقب وغالب الأمر وايضا ما يقع فى بعض الأحيان من الانهزام انما كان بعارض كمخالفة امر الحاكم كما فى غزوة أحد وكمطلب الدنيا والعجب والغرور كما فى بعض وقائع المؤمنين وايضا أن الله تعالى ينتقم من الأعداء ولو بعد حين كما بعد الموت الا ترى أن الله تعالى انتقم ليحيى عليه السلام بعد استشهاده من بنى إسرائيل بتسليط بخت نصر حتى قتل به سبعون الفا قال عبد الله بن سلام رضى الله عنه ما قتلت امة نبيا الا قتل به منهم سبعون الفا ولا قتلوا خليفة الا قتل به خمسة وثلاثون الفا واما قصة الحسنين رضى الله عنهما فكثرة القتلى لهما باعتبار جدهما عليه السلام وحاصله أن علماء هذه الامة كانبياء بنى إسرائيل فاذا انضم الى شرفهم شرف الانتساب الى النبي عليه السلام بالسيادة الصورية قربا او بعدا تضاعف قدرهم فكان الإكرام إليهم بمنزلة الإكرام الى النبي عليه السلام وكذا الاهانة والظاهر فى دفع التعارض بين قوله تعالى انا لننصر رسلنا وبين قوله ويقتلون النبيين بغير الحق ما قال ابن عباس رضى الله عنهما والحسن رضى الله عنه من انه لم يقتل من الانبيا الا من لم يؤمر بقتال وكل من امر بقتال نصر كما فى تفسير القرطبي فى البقرة وكان زكريا ويحيى وشعيب ونحوهم عليهم السلام ممن لم يؤمر بالقتال. يقول الفقير حقيقة النصرة للخواص انما هى بالامداد الملكوتي وقد يجيىء الامداد من جهة البلاء الصوري فالقتل ونحوه كله من قبيل الامداد بالترقي والحمد الله الذي بيده الخير قال شيخ الشهير بافتاده أفندى قدس سره كان النبي عليه السلام قادرا على تخليص الحسنين رضى الله عنهما بالشفاعة من الله تعالى لكنه رأى كمالهما بالشهادة راجحا على الخلاص وفى التأويلات النجمية كمال النصرة فى الظفر على أعدى عدوك وهى نفسك التي بين جنبيك هو الجهاد الأكبر ولا يمكن الظفر على النفس الا بنصرة الحق تعالى للقلب إذا تحقق عند العبد أن الخلق أشباح يجرى عليهم احكام القدر فالولى لا عدو له ولا صديق الا الله ولهذا قال عليه السلام أعوذ بك منك (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) جمع شاهد كصاحب واصحاب اى لننصرنهم فى الدنيا والآخرة وعبر عن يوم القيامة بذلك للاشعار بكيفية النصرة وانها تكون عند جمع الأولين والآخرين بشهادة الاشهاد للرسل بالتبليغ وعلى الكفرة بالتكذيب وهم الملائكة والمؤمنون من امة محمد عليه السلام قال تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) بدل من اليوم الاول والمعذرة بمعنى العذر وقد سبق معناه فى الاول السورة اى لا ينفعهم عذرهم عن كفرهم لو اعتذروا فى بعض الأوقات لأن معذرتهم باطلة فيقال(8/193)
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55) إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)
لهم اخسأوا ولا تكلمون ويجوز أن يكون عدم نفع المعذرة لأنه لا يؤذن لهم فيتعذرون فيكون من نفى المقيد والقيد لا معذرة ولا نفع يومئذ وفى عرائس البيان ظلمهم عدولهم عن الحق الى الخلق واعتذارهم فى الآخرة لا فى الدنيا وفيه اشارة الى ان المؤثر هو سوابق العنايات لا الأوقات (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ) اى البعد عن الرحمة (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) اى جهنم بخلاف المؤمنون العارفين فانها تنفعهم لتنصلهم يعنى از كناه بيزارى نمودن لكونه فى وقته ولهم من الله الرحمة ولهم حسن الدار وانما قال سوء الدار فان جهنم حرها شديد وقعرها بعيد وحليها حديد وشرابها صديد وكلامها هل من مزيد وأسوأ الظالمين المشركون كما قال تعالى حكاية عن لقمان ان الشرك لظلم عظيم وأسوأ المشركين المنافقون كما قال تعالى ان المنافقين فى الدرك الأسفل من النار لاستهزائهم بالمؤمنين فليحذر العاقل عن الظلم سوآء كان لنفسه بالاشراك والمعصية او لغيره بكسر العرض وأخذ المال ونحوهما وليتذكر الإنسان يوما يقول فيه الظالمون ربنا أخرجنا منها نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل فيجيبهم الله تعالى او لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير وروى أن اهل النار يبكون بكاء شديدا حتى الدم فيقول مالك ما احسن هذا البكاء لو كان فى الدنيا (قال الشيخ سعدى)
كنونت كه چشمست اشكى بيار ... زبان در دهانست عذرى بيار
كنون بايدت عذر تقصير كفت ... نه چون نفس ناطق ز كفتن بخفت
كنون بايد اى خفته بيدار بود ... چومرك اندر آيد ز خوابت چهـ سود
كنون وقت تخمست اگر بدروى ... كراميد دارى كه خرمن برى
فعلم انه لا تنفع المعذرة والبكاء فى الآخرة فليتدارك العاقل تقصيره فى الدنيا بالندامة والصلاح والتقوى ليستريح فى الآخرة ويصل الى الدرجات العلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصلحاء فمن أراد اللحوق بزمرتهم فليكن على حالهم وسيرتهم فان الله ينصرهم فى دنياهم وآخرتهم فان طاعة الله وطاعة الرسول توصل العبد الى المرام والى حيز القبول (روى) أن بعض الصحابة رضى الله عنهم قال للنبى عليه السلام كيف نراك بالجنة وأنت فى الدرجات العلى فانزل الله تعالى ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا فلا بد من الاطاعة وعلى تقدير المخالفة فباب التوبة مفتوح عن كعب الاخبار أن رجلا من بنى إسرائيل أراد الاغتسال من فاحشة فى نهر فناداه النهر اما تستحيى من الله تعالى فتأب الرجل ثم عبد الله تعالى مع اثنى عشر رجلا فبعد زمان أرادوا العبور عن النهر المذكور فتخلف صاحب الاغتسال استحياء فقال النهر إن أحدكم إذا غضب على ولده فتاب هو قبل توبته فاعبدوا الله على شاطىء فأقاموا هناك زمانا فمات صاحب الاغتسال فناداهم النهر إن ادفنوه على شاطىء فدفنوه وأصبحوا وقد أنبت الله على قبره اثنى عشر سروا على عدد العابدين وكان ذلك أول سرو أنبت الله فى الأرض وكل من مات دفنوه هناك وكان بنو إسرائيل يزورون قبورهم (وَلَقَدْ آتَيْنا) بمحض فضلنا(8/194)
هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)
(مُوسَى) ابن عمران (الْهُدى) ما يهتدى به من المعجزات والصحف والشرائع وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ الايراث ميراث دادن. والمراد بالكتاب التوراة ولما كان الايراث الحقيقي انما يتعلق بالمال تعذر حمله على معناه هنا فاريد التبرك مجازا اشعارا بأن ميراث الأنبياء ليس الا العلم والكتاب الهادي فى باب الدين والمعنى وتركنا عليهم من بعد موسى التوراة إذ سائر ما اهتدى به فى امر الدين قد ارتفع بموت موسى عليه السلام وبالفارسية ميراث داديم بنى إسرائيل را يعنى فرزندان يعقوب را تورات يعنى باقى كذاشتيم در ميان ايشان تورات را فهم ورثوا التوراة بعضهم من بعض قرنا بعد قرن هُدىً مفعوله اى هداية وبيانا من الضلالة او مصدر بمعنى اسم الفاعل على أنه حال اى هاديا يعنى راه نماينده وَذِكْرى تذكرة وعظة او حال كونه مذكرا يعنى پند دهنده لِأُولِي الْأَلْبابِ لذوى العقول السليمة العاملين بما فى تضاعيفه دون الذين لا يعقلون والفرق بين الهدى والذكرى ان الهدى ما يكون دليلا على شىء آخر وليس من شرطه ان يذكر شيأ آخر كان معلوما ثم صار منسيا واما الذكرى فليس من ذلك وكتب الأنبياء مشتملة على هذين القسمين فان بعضها دلائل فى أنفسها وبعضها مذكرات لما ورد فى الكتب الالهية المتقدمة فَاصْبِرْ مترتب على قوله انا لننصر رسلنا وقوله ولقد آتينا إلخ فالجملة المعترضة البيان والتأكيد لصرة الرسل كأنه قيل إذا سمعت ما وعدت به من نصرة الرسل وما فعلناه بموسى فاصبر على ما أصابك من اذية المشركين فهو غير منسوخ بآية السيف إذ الصبر محمود فى كل المواطن إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ بالنصرة وظهور الإسلام على الأديان كلها وفتح مكة ونحوها حَقٌّ لا يحتمل الا خلاف أصلا واستشهد بحال موسى وفرعون وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ تداركا لما فرط منك من ترك الاولى فى بعض الأحيان فانه تعالى كافيك فى نصرة دينك وإظهاره على الدين كله وفى عين المعاني واستغفر من ذنب ان كان منك وقيل هذا تعبد من الله لرسوله ليزيد به درجة وليصير ذلك سنة لمن بعده وفى عرائس البقلى واستغفر لما جرى على قلبك من احكام البشرية وايضا استغفر لوجودك فى وجود الحق فان كون الحادث فى كون القديم ذنب وقيل واستغفر لذنب أمتك وفيه أن هذا لا يجرى فى قوله تعالى واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات كما سيأتى فى سورة محمد وقال ابن الشيخ فى حواشيه والظاهر أنه تعالى يقول ما أراد أن يقوله وان لم يجر لنا أن نضيف اليه عليه السلام ذنبا انتهى يقول الفقير كلام ابن الشيخ شيخ الكلمات وذلك لأن مرتبة النبوة ارفع من مرتبة الولاية فان أحدا من الامة وان كان وأصلا الى أقصى الغايات بحسب مرتبته فهو لا يدرى حال النبي فوقه إذ لا ذوق له من مرتبته فكيف يضيف اليه ذنبا لا يعرفه فلا يطمع على حقيقة الذنب المضاف إليه عليه السلام الا الله كالتصلية فى قوله تعالى ان الله وملائكته يصلون على النبي فانها سر غامض بينه تعالى وبين رسوله فليس لاحد سبيل الى معرفته ومن هذا لقبيل سهوه عليه السلام فى بعض المواضع فانه ليس من قبيل السهوى الذي تعرفه الامة.
ندانم كدامين سخن كويمت ... كه والاترى ز آنچهـ من كويمت(8/195)
إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56)
وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ اى ودم على التسبيح ملتبسا مقرونا وبحمده تعالى او على قوله سبحان الله وبحمده فالمقصود من ذكر العشى والابكار الدلالة على المداومة عليهما فى جميع الأوقات بناء على ان الابكار عبارة عن أول النهار الى نصفه والعشى عبارة عن نصف النهار الى أول النهار من اليوم الثاني فيدخل فيهما كل الأوقات وفى الآية اشارة الى قلب الطالب الصادق بالتصبر على أذى النفس والهوى والشيطان ان وعد الله حق فى نصرة القلب المجاهد مع كافر النفس وظفره عليها واستغفر لذنبك ايها القلب اى مما سرى إليك من صفات النفس وتخلقت باخلاقها فاستغفر لهذا الذنب فانه صدأ مرءاة القلب ودم عل الطاعات وملازمة الاذكار فانه تصفو مرءاة القلب عن صدأ الأخلاق الذميمة قالوا ظاهر البدن من عالم الشهادة والقلب من عالم الملكوت وكما ينحدر من معارف القلب آثار الى الجوارح كذلك قد يرتفع من احوال الجوارح التي هى من عالم الشهادة آثار الى القلب فاذا لا بد من الاشتغال بظواهر الأعمال إصلاحا للحال وتنويرا وتصفية للبال فمن ليس له فى الدنيا شغل وقد ترك الدنيا على أهلها فما له لا يتنعم بخدمة الله تعالى فيلزم ان يديم العمل لله من غير فتور اما ظاهرا او باطنا قلبا وقالبا والا فباطنا وترتيب ذلك أنه يصلى مادام منشرحا والنفس مجيبة فان سئم تنزل من الصلاة الى التلاوة فان مجرد التلاوة أخف على النفس من الصلاة فان سئم التلاوة ايضا يذكر الله بالقلب واللسان فهو أخف من القراءة فان سئم الذكر ايضا يدع ذكر اللسان ويلازم المراقبة والمراقبة علم القلب بنظر الله تعالى اليه فما دام هذا العلم ملازما للقلب فهو مراقب والمراقبة عين الذكر وأفضله وان عجز عن ذلك ايضا وتملكته الوساوس وتزاحم فى باطنه حديث النفس فلينم وفى النوم السلامة وإلا فكثرة حديث النفس تقسى القلب ككثرة الكلام لأنه كلام من غير لسان فيحترز من ذلك فيقيد الباطن بالمراقبة والرعاية كما يقيد الظاهر بالعمل وانواع الذكر والتسبيح وبداوم الإقبال على الله ودوام الذكر بالقلب واللسان يرتقى القلب الى ذكر الذات ويصير حينئذ بمثابة العرش فالعرش قلب الكائنات فى عالم الخلق والحكمة والقلب عرش فى عالم الأمر والقدرة فاذا اكتحل القلب بنور ذكر الذات وصار بحرا مواجا من نسيمات القرب جرى فى جداول اخلاق النفس صفاء النعوت والصفات وتحقق التخلق بأخلاق الله تعالى
غير ذكر خدا چهـ سر چهـ جهر ... نيست دلرا نصيب وجانرا بهر
نور حق چون ز دل ظهور كند ... ظلمت تن چهـ شر وشور كند
وفى الحديث رأيت رجلا من أمتي يتقى وهج النار وشررها عن وجهه بيده فجاءته صدقته فصارت سترا على وجهه ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه بينه وبين الله حجاب فجاء حسن خلقه وأخذ بيده وادخله على الله ورأيت رجلا من أمتي غلقت أبواب الجنة له فجاءت شهادة ان لا اله الا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة جعلنا الله وإياكم من اهل الأخلاق والأحوال وصالحات الأعمال إِنَّ الَّذِينَ آورده اند كه كفار مكه در باب قرآن وبعث مجادله ميكردند كه قرآن سخن خدا نيست نعوذ بالله وبعث محالست حق(8/196)
سبحانه وتعالى آيت فرستاد كه إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ ويجحدون بها بِغَيْرِ سُلْطانٍ حجة قاهرة أَتاهُمْ فى ذلك من جهته تعالى وتقييد المجادلة بذلك مع استحالة إتيانه للايذان بأن التكلم فى امر الدين لا بد من استناده الى سلطان مبين البتة إِنَّ نافية فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ خبر لأن عبر بالصدر عن القلب لكونه موضع القلب وفى الحصر اشعار بان قلوبهم قد خلت عن كل شىء سوى الكبر أي ما فى قلوبهم الا تكبر عن الحق وتعظم عن التفكر والتعلم او الا ارادة الرياسة والتقدم على النبي والمؤمنين او الا ارادة ان تكون النبوة لهم دونك يا محمد حسدا وبغيا ولذلك يجادلون فيها لأن فيها موقع جدال ما او أن لهم شيأ يتوهم ان يصلح مدارا لمجادلتهم فى الجملة واعتبرت الارادة فى هذين الوجهين لأن نفس الرياسة والنبوة ليستا فى قلوبهم ما هُمْ بِبالِغِيهِ صفة كبر فالضمير راجع الى الكبر بتقدير المضاف اى ما هم ببالغي مقتضى كبرهم وهو دفع الآيات فانى انشر أنوارها فى الآفاق وأعلى قدرك او ما هم بمدركى مقتضى ذلك الكبر وهو ما أرادوه من الرياسة والنبوة فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ اى التجئ اليه فى السلامة من كيد من يحسد ويبغى عليك إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لأقوالكم الْبَصِيرُ لأفعالكم وقيل المجادلون هم اليهود وكانوا يقولون لرسول الله عليه السلام لست صاحبنا المذكور فى التوراة بل هو المسيح بن داود (وفى تفسير الكاشفى) بلكه او ابو يوسف بن مسيح بن داود است يريدون ان الدجال يخرج فى آخر الزمان ويبلغ سلطانه البر والبحر وتسير معه الأنهار وهو آية من آيات الله فيرجع إلينا الملك فسمى الله تمنيهم ذلك كبرا ونفى أن يبلغوا متمناهم فان الدجال وان كان يخرج فى آخر الزمان لكنه ومن تبعه من اليهود يقتلهم عيسى والمؤمنون بحيث لا ينجو منهم واحد فمعنى قوله فاستعذ بالله اى من فتنة الدجال فانه ليس فتنة أعظم من فتنته قال عليه السلام تعوذوا بالله من عذاب النار فقالوا نعوذ بالله من عذاب النار ثم قال تعوذوا بالله من عذاب القبر فقالوا نعوذ بالله من عذاب القبر ثم قال تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن فقالوا نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ثم قال تعوذوا بالله من فتنة الدجال فقالوا نعوذ بالله من فتنة الدجال (وقال الكاشفى) ببايد دانست كه دجال آدمي است ز آدميان ديكر بقد بلندتر وبجثه بزركتر ويك چشم است وظهور او يكى از علامات قيامتست و پيغمبر امارات ظهور او بيان كرد كه مردم بسه سال پيش از خروج وى بقحط وغلا مبتلا شوند سال أول آسمان از آنچهـ باريدى ثلثى باز كيرد يعنى إمساك ميكند وزمين از آنچهـ ازو روييدى ثلثى نكاه دارد سال دوم دو ثلث باز كيرند ودر سال سوم نه از آسمان باران آيد ونه از زمين كياه رويد ويكون غذآء المؤمنين يومئذ التسبيح والتقديس كأهل السماء پس دجال بيرون آيد وبا وى سحر وتمويه بسيار بود وبيشتر خلق متابعت وى كنند الا من عصمه الله تعالى وديوان دارد كه متمثل شوند بصورت آدميان پس يكى را كويد اگر پدر ومادر ترا زنده كنم اقرار كنى بربوبيت من كويد آرى فى الحال ديوان بصورت أبوين او متشكل شوند واو را كويند اى فرزند متابعت وى كن كه آفريدگار تست.(8/197)
لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)
القصة همه شهرها را بگيرد الا مكة ومدينه را كه ملائكه پاسبانى كنند و چون كار بر مؤمنان به تنك آيد حق سبحانه وتعالى عيسى عليه السلام را از آسمان فرو فرستد تا دجال را بكشد ولشكر او كه اغلب يهود باشند بتمامى مستأصل كرداند وشمه از نزول عيسى در سوره زخرف مذكور خواهد شد وفى الحديث لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم انه لرسول الله وقال عليه السلام ان بين يدى الساعة كذابين قريب من ثلاثين كلهم يزعم انه لرسول الله وقال عليه السلام ان بين يدى الساعة كذابين فاحذروهم كما فى المصابيح وهم الائمة المضلون نعوذ بالله من فتنة الدجاجلة ومن كل فتنة مضلة قال المفسرون قوله ان الذين يجادلون الآية وان نزل فى مشركى مكة لكنه عام لكل مجادل مبطل فان العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب ففيه اشارة الى مدعى اهل الطلب ومجادلتهم مع ارباب الحقائق فيما آتاهم الله من فضله بغير حجة وبرهان بل حسدا من عند أنفسهم وليس ما نعهم فى قبول الحق وتصديق الصديقين وتسليمهم فيما يشيرون اليه من الحقائق والمعاني الأكبر مما كان من وصف إبليس إذ أبى واستكبر وقال انا خير منه وهذه الصفة مركوزة فى النفوس كلها ولهذا المعنى بعض الجهلة المغترين بالعلوم ينكرون على بعض مقالات المشايخ الراسخين فى العلوم فهؤلاء المدعون المنكرون لا يصلون الى مرادهم ولا يدركون رتبة اهل الحقائق ولهذا قال بعضهم لا تنكر فان الإنكار شؤم والمنكر من هذا الحديث محروم فيها ايها الطالب المحق استعذ بالله من شر نفسك والنفوس المتمردة وجميع آفات تعوقك عن الحق وتقطع عليك طريق الحق (قال فى كشف الاسرار) كفته اند اين مجادلان داعيان بدعت اند ومنكران صفات حق واين مجادلت اقتحام مكلفانست وخوض معترضان وجدال مبتدعان وتأويل جهميان وساخته اشعريان وتزوير فلسفيان وقانون طبايعيان در هر عصرى قوم فراديد آمدند چون غيلان قدرى وبشر مرسى وشيطان الطاق وابن ابى داود وجهم صفوان وعمر وعبيد وأمثال ايشان كه صفات حق را منكر شدند ودين قديم بگذاشتند وكتاب وسنت سست ديدند وراى وقياس محكم داشتند مقصود ايشان آنست كه كتاب وسنت باز پس دارند ومعقول فرا پيش اين آرزوى بزركست كه در دل دارند وهركز نخواهند رسيد بآن آرزوى خويش (وفى المثنوى)
شمع حق را پف كنى تو اى عجوز ... هم تو سوزى هم سرت اى كنده پوز
كى شود دريا ز پوز سك نجس ... كى شود خورشيد از پف منطمس
هر كه بر شمع خدا آرد تفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او
چون تو خفاشان بسى بينند خواب ... كين جهان ماند يتيم از آفتاب
اى بريده آن لب وحلق ودهان ... كى كند تف سوى مه يا آسمان
تف برويش باز كردد بى شكى ... تف سوى كردون نيابد مسلكى
تا قيامت تف برو بارد ز رب ... همچوتبت بر روان بو لهب
لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ تحقيق للحق وتبيين لاشهر ما يجادلون فيه وهو امر(8/198)
وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (59) وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64)
البعث أَكْبَرُ أعظم فى القدرة مِنْ خَلْقِ النَّاسِ مرة ثانية وهى الاعادة فمن قدر على خلق الأعظم الأقوى بلا اصل ولا مادة وجب أن يقدر على خلق الأذل الأضعف من الأصل والمادة بطريق الاولى فكيف يقرون بأن الله خلق السموات والأرض وينكرون الخلق الجديد يوم البعث وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يعنى الكفار لا يَعْلَمُونَ أن الاعادة أهون من البداية لقصورهم فى النظر والتأمل لفرط غفلتهم واتباعهم لاهوائهم وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ اى الغافل والمستبصر فالمراد بالأعمى من عمى قلبه عن رؤية الآيات والاستدلال بها والبصير من أبصرها قال الشاعر
ايها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف يلتقيان
هى شامية إذا ما استقلت ... وسهيل إذا استقل يمانى
اى فكما لا تساوى بينهما فكذلك بين المؤمن والكافر والعالم والجاهلى وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قدمه لمجاورة البصير وهو باب من أبواب البلاغة والمراد بهم المحسنون وَلَا الْمُسِيءُ اسم جنس يعم المسيئين والمعنى وما يستوى المحسن والمسيء اى الصالح والطالح فلا بد أن يكون لهم حالة اخرى يظهر فيها ما بين الفريقين من التفاوت وهى فيما بعد البعث وهو احتجاج آخر على حقيقة البعث والجزاء وزيادة ولا فى المسيء لتأكيد النفي لطول الكلام بالصلة ولأن المقصود نفى مساواته للمحسن لأنه كما لا يساوى المحسن المسيء فيما يستحقه المسيء من الحقارة والهوان كذلك لا يساوى المسيء المحسن فيما يستحقه المحسن من الفضل والكرامة والعاطف فى قوله والذين عطف الموصول بما عطف عليه على الأعمى والبصير مع أن المجموع اى مجموع الغافل والمستبصر هو مجموع المسيء والمحسن لتغاير الوصفين يعنى أن المقصود فى الأولين الى العلم فان العمى والبصيرة فى القلب وفى الآخرين الى العمل لأن الايمان والأعمال فى الجوارح وإلا ففي الحقيقة المراد بالبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات واحد وبالأعمى والمسيء واحد ويجوز ان يراد الدلالة بالصراحة والتمثيل على أن يتحد الوصفان فى المقصود بأن يكون المراد بالأولين ايضا المحسن والمسيء فالصراحة بالنسبة الى الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسيء والتمثيل بالنسبة الى ما قبله فان الأعمى والبصير من قبيل التمثيل قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ قوله قليلا صفة مصدر محذوف وما تأكيد معنى القلة وتذكرون على الخطاب بطريق الالتفات على أن يكون الضمير للكفار وفائدة الالتفات فى مقام التوبيخ هو اظهار العنف الشديد والإنكار البليغ والمعنى تذكرا قليلا تتذكرون ايها الكفار المجادلون يعنى وان كنتم تعلمون أن التبصر خير من الغفلة ولا يستويان وكذا العمل الصالح خير من العمل الفاسد لكنكم لا تتذكرون الا تدكرا قليلا او تتذكرون أصلا فانه قد يعبر بقلة الشيء عن عدمه مثل ان يقال فلان قليل الحياء اى لاحياء له (قال فى تاج المصادر) التذكر ياد كردن ويا ياد آوردن و پند كرفتن إِنَّ السَّاعَةَ ان القيامة ومروجه التسمية بها مرارا لَآتِيَةٌ أكد با للام لأن المخاطبين هم الكفار وجرد فى طه حيث قال ان الساعة آتية لكون المخبر ليس بشاك فى الخبر كذا فى برهال القرآن لا رَيْبَ فِيها اى(8/199)
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)
فى مجيئها لوضوح شوآهدها ومنها ما ذكر بقوله لخلق السموات إلخ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يعنى الكفار لا يُؤْمِنُونَ لا يصدقون بها لقصور أنظارهم على الظواهر وقوة الفهم بالمحسوسات وهذا الكفر والتكذيب طبيعة النفوس الا من عصمه الله تعالى ونظر الى قلبه بنظر العناية (روى) أن الصراط سبع قناطر فيسأل العبد عند القنطرة الاولى عن الايمان وهو أصعب القناطر وأهواها قرارا فان أتى بالايمان نجا وان لم يأت به تردى الى أسفل السافلين ويسأل فى الثانية عن الصلاة وفى الثالثة عن الزكاة وفى الرابعة عن صيام شهر رمضان وفى الخامسة عن الحج وفى السادسة عن الأمر بالمعروف وفى السابعة عن النهى عن المنكر فان أجاب فى الكل نجاو الا تردى فى النار
كرد بعث محمد عربى ... تا بود خلق را رسول ونبى
هر چهـ ثابت شود بقول ثقات ... كه محمد عليه الف صلات
داد ما را خبر بموجب آن ... واجب آمد بآن ز ما ايمان
فالاساس هو الايمان والتوحيد ثم يبنى عليه سائر الواجبات قال مالك بن دينار رحمه الله رأيت جماعة فى البصرة يحملون جنازة وليس معهم أحد ممن يشيع الجنازة فسألنهم عنه فقالوا هذا من كبار المذنبين قال فصليت عليه وأنزلته فى قبره ثم انصرفت الى الظل فنمت فرأيت ملكين نزلا من السماء فشقا قبره ونزل أحد هما فى القبر وقال اكتبه من اهل النار لأنه لم تسلم جارحة منه عن الذنب فقال الآخر لا تعجل ثم نزل هو فقال لصاحبه قد اختبرت قلبه فوجدته مملوأ بالايمان فاكتبه مرحوما فاذا صلح القلب بالتوحيد والايمان بالله وباليوم الآخر يرجى أن يتجاوز الله عن سيئاته ثم أن الساعة ارتاب فيها المرتابون مع وضوح شواهدها واما اهل الايمان والعيان فرأوها كأنها حاضرة (روى) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل حارثة كيف أصبحت يا حارثة قال أصبحت مؤمنا حقا قال يا حارثة ان لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك قال عزفت نفسى عن الدنيا اى زهدت وانصرفت فاظمأت نهارها وأسهرت ليلها واستوى عندى حجرها وذهبها وكأنى انظر الى اهل الجنة يتزاورون والى اهل النار يتضاغون اى يصوتون باكين وكأنى انظر الى عرش ربى بارزا فقال عليه السلام أصبت فالزم ومن كلمات امير المؤمنين على رضى الله عنو لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا
حال خلد وجحيم دانستم ... بيقين آنچنانكه مى بايد
كر حجاب از ميانه بركيرند ... آن يقين ذره نيفزايد
فظهر أن هذا حال اهل العيان فأين المحجوب عن هذا فلما كانا لا يستويان فى الدنيا علما ومعرفة وشهودا كذلك لا يستويان فى الآخرة درجة وقربة وجودا نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من الصالحين المحسنين الفائزين بمطالب الدنيا والدين والآخرة وَقالَ رَبُّكُمُ ايها الناس ادْعُونِي وحدونى واعبدوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ اى اثبكم بقرينة قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي يتعظمون عن طاعتى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ حال كونهم داخِرِينَ اى صاغرين أذلاء فان الدخور بالفارسية خوار شدن من دخر كمنع(8/200)
وفرح صغر وذل وان فسر الدعاء بالسؤال كان الاستكبار الصارف عنه منزلا منزلة الاستكبار عن العبادة فاقيم الثاني مقام الاول للمبالغة او المراد بالعبادة الدعاء فانه من أفضل ابوابها فاطلق العام على الخاص مجازا (قال الكاشفى) مراد از دعا سؤالست يعنى بخواهيد كه خزانه من مالا مالست وكرم من بخشنده آمال كدام كداست نياز پيش آورده كه نقد مراد بر كف اميدش ننهادم وكدام محتاج زبان سؤال كشاد كه رقعه حاجتش را بتوقيع اجابت موشح نساختم
بر آستان أرادت كه سر نهاد شبى ... كه لطف دوست برويش دريچهـ نكشود
يقال ادعوني بلا غفلة استجب لكم بلا مهلة ادعوني بلا خفاء استجب لكم بالوفاء ادعوني بلا خطا استجب لكم بالعطاء ادعوني بشرط الدعاء وهو الاكل من الحلال قيل الدعاء مفتاح الحاجة وأسنانه لقمة الحلال قال الحكيم الترمذي قدس سره من دعا الله ولم يعمر قبل ذلك سبيل الدعاء بالتوبة والانابة وأكل الحلال واتباع السنن ومراعاة السر كان دعاؤه مردودا وأخشى ان يكون جوابه الطرد واللعن ويقال كل من دعاه استجاب له اما بما سأله او بشىء آخر هو خير له منه ويقال الكافر ليس يدعوه حقيقة لأنه انما يدعو من له شريك والله تعالى لا شريك له وكذا المعطلة لأنهم انما يعبدون الها لا صفات له من الحياة والسمع والبصر والكلام والقدرة والارادة بزعمهم فهم لا يعبدون الله تعالى وكذا المشبهة انما يدعون إلها له جوارح وأعضاء والله تعالى منزه عن ذلك فانه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير قال الشافعي رحمه الله من انتهض لطلب مدبره فان اطمأن الى موجود ينتهى اليه فكره فهو مشبه وان اطمأن الى نفى محض فهو معطل وان اطمأن الى موجود واعتراف بالعجز إن إدراكه فهو موحد فأهل السنة يثبتون لله تعالى صفات ثبوتية وينزهونه عما لا يليق به فهم انما يدعون الله تعالى فما من مؤمن يدعو الله ويسأله شيأ الا أعطاه اما فى الدنيا واما فى الآخرة ويقول له هذا ما طلبت فى الدنيا وقد ادخرته لك الى هذا اليوم حتى يتمنى العبد انه ليته لم يعط شيأ فى الدنيا ويقال لم يوفق العبد للدعاء الا لارادة الله اجابته لكن وقوع الاجابة حقيقة انما يكون فى الزمان المتعين للدعاء كالسلطان إذا كان فى وقت الفرح والاستبشار لا يرد السائل البتة قال الفضيل بن عياض والناس وقوف بعرفات ما تقولون لو قصد هؤلاء الوفد بعض الكرماء يطلبون منه دانقا أكان يردهم فقالوا لا فقال والله للمغفرة فى جنت كرم الله أهون على الله من الدانق فى جنت كرم ذلك الرجل فعرفات وزمان الوقوف من مظان الاجابة وكذا جميع امكنة العبادات واوقات الطاعات لأن الله تعالى إذا رأى عبده حيث امر رضى عنه واستجاب دعاءه ونعم ما قال سفيان حيث قال بعضهم ادع الله فقال ترك الذنوب هو الدعاء قال بعض العارفين بالله الصلاة أفضل الحركات والصوم أفضل السكنات والتضرع فى هياكل العبادات يحل ما عقدته الافلاك الدائرات ولا بد من حسن الظن بالله (حكى) عن بعض البله وهو فى طواف الوداع أنه قال له رجل وهو يمازحه هل أخذت من الله براءتك من النار فقال الأبله له وهل أخذ الناس ذلك ققال نعم فبكى ذلك الأبله ودخل الحجر وتعلق بأستار الكعبة وجعل يبكى ويطلب من الله أن يعطيه كتابه بعتقه من النار فجعل أصحابه والناس يطوفون يعرفونه ان فلانا مزح معك وهو لا يصدقهم(8/201)
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61)
بل بقي مستمرا على حاله فبينما هو كذلك سقطت عليه ورقة من طرف الميزاب فيها براءته وعتقه من النار فسر بها وأوقت الناس عليها وكان من آية ذلك الكتاب انه يقرأ من كل ناحية على السواء لا يتغير كلما قلبت الورقة انقلبت الكتابة لانقلابها فعلم الناس أنه من عند الله وكفته اند دعا لفظى جامع است بيست خصلت از خصال حسنات در ضمن آن مجتمع همچون معجونى ساخته از اخلاط متفرق وآن عبادتست واخلاص وحمد وشكر وثنا وتهليل وتوحيد وسؤال ورغبت ورهبت وندا وطلب مناجات وافتقار وخضوع وتذلل ومسكنت واستعانت واستكانت والتجاء رب العالمين باين كلمات مختصر چهـ كفت ادعوني استجب لكم ترابا اين بيست خصلت ترا ميدهد تا بدانى كه اين قرآن جوامع الكلم است قال فى ترويح القلوب الأدب فى ابتداء كل توجه او دعاء او اسم التوبة وذكر محامد الله والثناء عليه والتشفع بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم والصلاة عليه وهو مفتاح باب السعادة وأكل الحلال وهو الترياق المجرب والتبري من الحول والقوة وترك الالتجاء لغير الله وحسن الظن بالله وجمع الهمة وحضور القلب وغاية الدعاء اظهار الفاقة والا فالله يفعل ما يريد
جز خضوع وبندگى واضطرار ... اندرين حضرت ندارد اعتبار
فى الحديث إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها وإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم وما سئل الله شيأ أحب اليه من أن يسأل العافية كما فى كشف الاسرار ومنه عرف أن مسح اليدين على الوجه عقيب الدعاء سنة وهو الأصح كما فى القنية قال فى الاسرار المحمدية كان عليه السلام يأمر أصحابه بمسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء ويحرض عليه وسر ذلك أن الإنسان حال دعائه متوجه الى الله تعالى بظاهره وباطنه ولذا يشترط حضور القلب فيه وصحة الاستحضار فسر الرفع والمسح أن اليد الواحدة تترجم عن توجهه بظاهره واليد الاخرى عن توجهه بباطنه واللسان مترجم عن جملته ومسح الوجه هو التبرك والتنبيه على الرجوع الى الحقيقة الجامعة بين الروح والبدن لأن وجه الشيء حقيقة والوجه الظاهر مظهرها والمستحب ان يرفع يديه عند الدعاء الى حذآء صدره كذا فعله النبي عليه السلام كما رواه ابن عباس رضى الله عنهما والأفضل أن يبسط كفيه ويكون بينهما فرجة وان قلت ولا يضع احدى يديه على الاخرى فان كان وقت عذر او برد فأشار بالمسبحة قام مقام بسط كفيه والسنة ان يخرج يديه حين الدعاء من كميه قال سلطان العارفين ابو يزيد البسطامي قدس سره دعوت الله ليلة فاخرجت احدى يدى والاخرى ما قدرت على إخراجها من شدة البرد فنعست فرأيت فى منامى ان يدى الظاهر مملوءة نورا والاخرى فارغة فقلت ولم ذلك يا رب فنوديت ان اليد التي خرجت للطلب ملأناها والتي توارت حرمت ثم ان قوله ادعوني استجب لكم يشير الى أن معنى ادعوني اطلبوا منى اى لا تطلبوا من غيرى فان من كنت له يكون له ما كان لى وان من يطلبنى يجدنى كما قال الا من طلبنى وجدنى (قال الشيخ سعدى)
خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا
نسأ الله تعالى أن يجعلنا من الداعين العابدين له بالإخلاص اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ بيافريد لَكُمُ(8/202)
براى منفعت شما اللَّيْلَ شب تيره را لِتَسْكُنُوا فِيهِ ولتستريحوا فان الليل لكونه باردا رطبا تضعف فيه القوى المحركة ولكونه مظلما يؤدى الى سكون الحواس فتستريح النفس والقوى والحواس بقلة اشغالها وأعمالها كما قال ابن هيصم جعل الليل مناسبا للسكون من الحركة لان الحركة على وجهين حركة طبع من الحرارة وحركة اختيار من الخطرات المتتابعة بسبب الحواس فخلق الليل مظلما لتنسد الحواس وباردا لتسكن الحركة ولذا قيل للبرد القر لاجل أن البرد يقتضى السكون والحر الحركة وَالنَّهارَ مُبْصِراً اى مبصرا فيه او به يعنى يبصر به المبصرون الأشياء ولكونه حارا يقوى الحركات فى اكتساب المعاش فاسناد الابصار الى النهار مجاز فيه مبالغة ولقصد المبالغة عدل به عن التعليل الى الحال بان قال مبصرا دون لتبصروا فيه او به يعنى أن نفس النهار لما جعل مبصرا فهم أن النهار لكمال سببيته للابصار وكثرة آثار القوة الباصرة فيه جعل كأنه هو المبصر فان قيل فلم لم
يسلك هناك سبيل المبالغة قلنا لأن نعمة النهار لشبهها بالحياة أتم واولى من نعمة الليل التي تشبه الموت فكانت أحق بالمبالغة إذا المقام مقام الامتنان ولأن الليل يوصف بالسكون لسكون هوائه وصفا مجازيا متعارفا فسلوك سبيل المبالغة فيه يوقع الاشتباه كما أشير اليه فى الكشاف ثم إذا حملت الآية على الاحتباك وقيل المراد جعل لكم الليل مظلما لتسكنوا فيه والنهار مبصرا لتنتشروا فيه ولتبتغوا من فضل الله فحذف من الاول بقرينة الثاني ومن الثاني بقرينة الاول لم يحتج الى ما ذكر كذا أفاده سعدى المفتى قال بعضهم جعل الليل لتسكنوا فيه الى روح المناجاة والنهار مبصرا لتبصروا فيه بوادي القدرة وفيه اشارة الى ليل البشرية ليسكن اهل الرياضات والمجاهدات فيه الى استرواح القلوب ساعة فساعة لئلا يمل من مداومة لذكر والتعبد وحمل أعباء الامانة والى نهار الروحانية لجعله مظهرا للجد والاجتهاد فى الطلب والتصبر على التعب وسكون الناس فى الليل على اقسام اهل الغفلة يسكنون الى استراحة النفوس والأبدان واهل الشهوة يسكنون الى أمثالهم الى من الرجال والنسوان واهل الطاعة يسكنون الى حلاوة أعمالهم وبسطهم واستقلالهم واهل المحبة يسكنون الى انين النفوس وحنين القلوب وضراعة الاسرار واشتعال الأرواح بنار الشوق وهم يعدمون القرار فى ليلهم ونهارهم أولئك اصحاب الاشتياق ابدا فى الاحتراق
هر كه از درد خدا آگاه شد ... ذكر وفكرش دائما الله شد
إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عظيم عَلَى النَّاسِ بخلق الليل والنهار لا يوازيه فضل ولا يدانيه وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ تكرير الناس لتنصيص تخصيص الكفران بهم بايقاعه على صريح اسمهم الظاهر الموضوع موضع الضمير الدال على أن ذلك كان شأن الإنسان وخاصته فى الغالب اى لا يشكرون فضل الله وإحسانه لجهلهم بالمنعم وإغفالهم مواضع النعم اى رفعة شأنها وعلو قدرها وإذا فقدوا شيأ منها يعرفون قدرها مثل ان يتفق لبعض والعياذ بالله أن يحبسه بعض الظلمة فى بئر عميق مظلم مدة مديدة فانه حينئذ يعرف قدر نعمة الهولء الصافي وقدر نعمة الضوء(8/203)
ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64)
يكى را عسس دست بر بسته بود ... همه شب پريشان ودلخسته بود
بكوش آمدش در شب تيره رنك ... كه شخصى همى نالد از دست تنك
شنيد اين سخن دزد مسكين وكفت ... ز بيچارگى چند نالى بخفت
برو شكر يزدان كن اى تنك دست ... كه دستت عسس تنك برهم نبست
يعنى فلك القدرة على الكسب
نداند كسى قدر روز خوشى ... مكر روزى افتد بسختى كشى
زمستان درويش بس تنك سال ... چهـ سهلست پيش خداوند مال
چهـ دانند جيحونيان قدر آب ... زوا ماند كان پرس در آفتاب
كسى قيمت تندرستى شناخت ... كه يكچند بيچاره در تب كداخت
ببانگ دهل خواجه بيدار گشت ... چهـ داند شب پاسبان چون كذشت
ذلِكُمُ المتفرد بالافعال المقتضية للالوهية والربوبية اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اخبار مترادفة تخصص السابقة منها اللاحقة وتقررها قال فى كشف الاسرار كل هاهنا بمعنى البعض وقيل عام خص منه ما لا يدخل فى الخلق فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فكيف ومن اى وجه تصرفون عن عبادته خاصة الى عبادة غيره كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ اى مثل ذلك الافك العجب الذي لا وجه له ولا مصحح أصلا اى كما صرف قومك وهم قريش عن الحق وحرموا من التحلي به مع قيام الدلائل يؤفك ويصرف عنه كل جاحد قبلهم او بعدهم بآياته اى آية كانت لا إفكا آخر له وجه ومصحح فى الجملة قال الراغب الافك كل مصروف عن وجهه الذي يحق ان يكون عليه ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب المؤتفكات وقوله أنى تؤفكون اى تصرفون من الحق فى الاعتقاد الى الباطل ومن الصدق فى المقال الى الكذب ومن الجميل فى الفعل الى القبيح ورجل مأفوك اى مصروف عن الحق الى الباطل والجحود نفى ما فى القلب إثباته واثبات ما فى القلب نفيه وتجحد تخصص بفعل ذلك فعلى العبد أن يقر بمولاه وبآياته فانه خالقه ورازقه وجاء فى أحاديث المعراج قل لأمتك ان احببتم أحدا لإحسانه إليكم فانا اولى به لكثرة نعمى عليكم وان خفتم أحدا من اهل السماء والأرض فأنا اولى بذلك لكمال قدرتى وان أنتم رجوتم أحدا فأنا اولى به لأنى أحب عبادى وان أنتم استحييتم من أحد لجفائكم إياه فأنا اولى بذلك لان منكم الجفاء ومنى الوفاء وان أنتم آثرتم أحدا باموالكم وأنفسكم فأنا اولى به لأنى معبودكم وان صدقتم أحدا وعده فأنا اولى بذلك لانى انا الصادق ففى العبودية والمعرفة شرف عظيم قال على رضى الله عنه ما يسرنى ان لومت طفلا وادخلت الجنة ولم اكبر فاعرف وذلك لأن الإنسان خلق للعبادة والمعرفة فاذا ساعده العمر والوقت يجب عليه ان يجتهد الى ان يترقى الى ذروة المطالب ويصل الى مرتبة استعداده فاذا أهمل وتكاسل فمات كان كالصبى الذي مات فى صباه خاليا عن حلية الكمالات والسعادات نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المجتهدين اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ لمصالحكم وحوائجكم الْأَرْضَ قَراراً مستقرا اى موضع(8/204)
قرار ومكان ثبات وسكون فان القرار كما يجيىء بمعنى الثبات والسكون يجيىء بمعنى ما قر فيه وبمعنى المطمئن من الأرض كما فى القاموس قال ابن عباس رضى الله عنهما قرارا اى منزلا فى حال الحياة وبعد الممات وَالسَّماءَ بِناءً البناء بمعنى المبنى اى قبة مبنية مرفوعة فوقكم ومنه ابنية العرب لمضاربهم وذلك لأن السماء فى نظر العين كقبة مضروبة على فضاء الأرض وفى التأويلات النجمية خلق الأرض لكم استقلالا ولغيركم طفيليا وتبعا لتكون مقركم والسماء ايضا خلق لكم لتكون سقفكم مستقلين به وغيركم تبع لكم فيه وقال بعضهم جعل الأرض قرارا لأوليائه والسماء بناء لملائكته وفيه اشارة الى قوله أوليائي تحت قبابى اى مستورون تحت قباب الملكوت لا تنكشف أحوالهم الا لمن عرفه الله تعالى وفى الآية بيان لفضله تعالى المتعلق بالمكان بعد بيان فضله المتعلق بالزمان وقوله تعالى وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ بيان لفضله المتعلق بأنفسهم والفاء فى فأحسن تفسيرية فان الإحسان عين التصوير كما قوله عليه السلام ان الله أدبني فأحسن تأديبى فان الإحسان عين التأديب فان تأديب الله لمثله لا يكون إلا حسنا بل احسن والمعنى صوركم احسن تصوير حيث خلقكم منتصبى القامة بادى البشرة متناسبى الأعضاء والتخطيطات متهيئين لمزاولة الصنائع واكتساب الكمالات قال ابن عباس رضى الله عنهما خلق ابن آدم قائما معتدلا يأكل ويتناول بيده وغير ابن آدم بفيه وفيه اشارة الى أنه تعالى جعل ارض البشرية مقرا للروح وجمع سماء الروحانية فى عالم صوركم ولم يجمعها فى صورة شىء آخر من الملائكة والجن والشياطين والحيوانات والى هذا المعنى أشار بقوله تعالى لقد خلقنا الإنسان فى احسن تقويم وايضا فأحسن صوركم إذ جعلها مرءاة جماله كما قال عليه السلام كل جميل من جمال الله وانما جعلكم جميلا ليحبكم كما قال عليه السلام ان الله جميل يحب الجمال وبالفارسية حسن صورت انسانى در آنست كه او مرآت جهان نماست بهمه حقائق
علوى وسفلى ومجموع دقايق صورى ومعنوى را جامعست وأنوار معرفت ذات وآثار شناخت صفات از آينه جامعه او لامع.
اى صورت تو آينه سر وجود ... روشن زرخت پرتو أنوار شهود
مجموعه هر دو كونى ونيست چوتو ... در مملكت صورت ومعنى موجود
وفيه اشارة الى تخطئة الملائكة فيما قبحو الإنسان وقالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء فان الحسن ليس ما يستحسنه الناس بل ما يستحسنه الحبيب كأن الله يقول ان الواشين قبحوا صورتكم عندنا بل الملائكة كتبوا فى صحيفتكم قبيح ما ارتكبتم ومولاكم احسن صوركم عنده بان محا من ديوانكم الزلات واثبت فى ذلك الحسنات كما قال تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت وقال فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات فحسن الصورة والمعنى مخصوص بالإنسان وهو المدار وما سواه دائر عليه (قال الصائب)
اسرار چار دفتر ومضمون نه كتاب ... در نقطه تو ساخته ايزد نهان همه
وز بهر خدمت تو فلكها چوبندگان ... ز اخلاص بسته اند كمر بر ميان همه
پيش تو سر بخاك مذلت نهاده اند ... با آن علوم ومرتبه روحانيان همه(8/205)
هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71)
وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ من المأكولات اللذيذة ومتميز كردانيد روزى شما از روزى حيوانات قال فى التأويلات النجمية ليس الطيب ما يستطيبه الخلق بل الطيب ما يستيبه الحق فانه طيب لا يقبل الا طيبا فالطيب الذي يقبله الله من العبد وهو من مكاسبه الكلم الطيب وهى كلمة لا اله الا الله كما قال تعالى اليه يصعد الكلم الطيب والطيب الذي هو من مواهب الله تعالى هو تجلى صفات جماله وجلاله وإليهما أشار بقوله ورزقكم من الطيبات والحاصل أن الطيب انواع طيب الأرزاق وطيب الاذكار وطيب الحالات ذلِكُمُ الذي نعت بما ذكر من النعوت الجليلة اللَّهُ خبر لذلكم رَبُّكُمْ الذي يستوجب منكم العبادة خبر آخر فَتَبارَكَ اللَّهُ صفة خاصة بالله تعالى اى تقدس وتنزه وتعالى بذاته عن أن يكون له شريك فى العبادة إذ لا شريك له فى شىء من تلك النعم رَبُّ الْعالَمِينَ پروردگار عالميان از انس وجن وجز آن اى مالكهم ومربيهم والكل تحت ملكوته مفتقر اليه فى ذاته ووجوده وسائر أحواله جميعا بحيث لو انقطع فيضه عنه آنا لا نعدم بالكلية هُوَ الْحَيُّ اوست زنده اى المنفرد بالحياة الذاتية الحقيقية لا يموت ويميت الخلق لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إذ لا موجود يدانيه فى ذاته وصفاته وأفعاله فَادْعُوهُ فاعبدوه خاصة لاختصاص ما يوجبه به تعالى مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ اى الطاعة من الشرك الجلى والخفي قائلين الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ عن ابن عباس رضى الله عنهما من قال لا اله الا الله فليقل على اثرها الحمد لله رب العالمين وفى التأويلات النجمية هو الحي اى له الحيات الحقيقية الازلية الابدية ومن هو حى باحيائه من نور صفاته كما قال تعالى فاحييناه وجعلنا له نورا ويشير بقوله لا اله الا هو بعد قوله هو الحي الى أن الذي يحيى بحياته ونور صفاته لن يبلغ رتبة الالهية فادعوه بالالهية مخلصين له الدين اى مقرين له بالعبودية من غير دعوى بالربوبية كمن ادعى بها بقوله انا الحق وقول من قال سبحانى ما أعظم شانى الحمد لله رب العالمين يعنى فيما أنزلكم وبلغكم مقام الوحدة بفضله ورحمته لأنها مقام لا يسع للانسان بلوغه بمجرد سعيه من دون فضل ربه (قال الصائب)
نيستم از كشش جذبه رحمت نوميد ... كرچهـ از قلزم وحدت بكنار افتادم
واعلم أنه كمالا بضل العبد الى مقام الوحدة الا بفصل الله كذلك لا ينجو من دعوى هذا المقام الا بفضله تعالى اما بتربية من عنده بلا سبب صورى واما بإرشاد مرشد كامل قد وصل الى غاية الغايات فاذا لم يساعده شىء من ذلك بقي سكران ووقع فيما وقع كما نقل عن بعض اهل الوله من السلف قُلْ روى أن كفار قريش قالوا يا محمد ألا تنظر الى ملة أبيك عبد الله وملت جدك عبد المطلب فتأخذ بهما فأنزل الله تعالى قل يا محمد إِنِّي نُهِيتُ النهى الزجر عن الشيء أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى الأصنام لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي اى وقت مجيى الآيات القرآنية من ربى وذلك لأنه لا نهى ولا وجوب عند اهل السنة الا بعد ورود الشرع ويجوز أن يقال كان منهيا عن عبادتها عقلا بحسب دلالة الشواهد على التوحيد فأكد النهى بالشرع ويجوز أنه نهى له عليه السلام والمراد غيره وفى قوله من ربى اشارة الى أن دلائل التوحيد وشواهد أنوار الحقيقة لا تطلع الا من مطلع الهداية الازلية ولكن ينبغى للملتمسين أن يتوجهوا الى ذلك الجانب بالاعراض عن السوي وترك أصنام البدع والهوى(8/206)
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67)
در كعبه دلست شب وروز روى دل ... چون آفتاب سجده بهر در نميكنم
وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ بان انقاد له وأخلص له دينى قال ابن الشيخ يقال اسلم امره لله اى سلم وذلك انما يكون بالرضى والانقياد لحكمه وأسلمت له الشيء إذا جعلته سالما خالصا له وعلى التقديرين يكون مفعول اسلم محذوفا اى ان اسلم امرى وأخلص توحيدى وطاعتى له قال فى برهان القرآن مدح سبحانه نفسه وختم ثلاث آيات على التوالي بقوله رب العالمين وليس له فى القرآن نظير وفى الآية اشارة الى أنه عليه السلام مع كمال نبوته ورسالته وقربه بربه وعظم قدره عنده وريه من أصفى الشراب الطهور الذي هو تجلى ذاته وصفاته لو لم يسلم لرب العالمين بالعبودية وترك الربوبية له لم يكن مسلما فعلى العاشق ان يضبط نفسه القدسية عن اثبات الالهية لغيره تعالى فى مقام الوحدة عند غلبات السكر من لذاذة شراب التجلي فان الرب رب والعبد عبد والأدب مع الله مقبول بزركى كفت اى اهل معنى بنگريد كه با منصور حلاج چهـ كردند تا با مدعيان چهـ خواهند كردن بزركى كفت چون منصور أبا الحق كفت واو را در بغداد بر دار مى كردند آن شب تا روز بزير آن دار بودم نماز ميكردم چون روز شد هاتفى آواز داد كه اطلعناه على سر من أسرارنا فأفشى سرنا فهذا جزاء من يفشى سر الملوك قال بعض العارفين الملوك لا يعفون عمن تعرض لمملكتهم او لحرمهم او أفشى سرهم (قال الجامى)
رسيد جان بلب ودم نميتوانم زد ... كه سر عشق همى ترسم آشكار شود
قيل للشيخ ابى سعيد قدس سره أن فلانا يمشى على الماء قال ان السمك والضفدع كذلك فقيل ان فلانا يطير فى الهولء فقال ان الطيور كذلك فقيل ان فلانا يصل الى الشرق والغرب فى آن واحد فقال ان إبليس كذلك فقيل فما الكمال عندك قال ان تكون فى الظاهر مع الخلق وفى الباطن مع الحق وهذا مقام الاستقامة فان اهله راسخ فى التمكين بل وفى تلوين التمكين فلا يصدر عنه افشاء الاسرار ودعوى ما يقع به الفتنة بين الناس فطوبى لمن وقف عند الأدب وعامل جميعا مع الرب قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره فى حق السيد نسيمى قد فهم فهما حسنا ولكنه اظهر بعض شىء كان للستر انتهى وقد جعله الشيخ بالى الصوفي من زمرة الزنادقة والملاحدة فلا بد من رعاية الشرع المطهر فى كل مقام هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ يا بنى آدم مِنْ تُرابٍ اى فى ضمن خلق أبيكم آدم ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ اى ثم خلكم خلقا تفصيليا من منى قال الراغب النطفة الماء الصافي ويعبر بها عن ماء الرجل اى ماء الصلب يوضع فى الرحم كما قال ابن سينا
لا تكثرن من الجماع فانه ... ماء الحياة يصب فى الأرحام
والمعنى خلق أصلكم آدم من تراب ثم خلقكم من نطفة نسلا يعد نسل او خلق كل واحد منكم من التراب بمعنى أن كل انسان مخلوق من المنى وهو من الدم وهو من الاغذية الحيوانية والنباتية والحيوانية لا بد ان تنتهى الى النباتية وإلا لزم ان يتسلسل الحيوانيات الى غير النهاية والنبات انما يتولد من الماء والتراب او خلق قالبكم فى بدء أمركم من الذرة الترابية التي استخرجها من صلب آدم ثم ادعها فى قطرة نطفة بنيه ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ وهى الدم الجامد لأن المنى(8/207)
هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)
يصير على هذا الشكل بعد أربعين يوما فى بطن الام ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا الطفل الولد مادام ناعما كما فى المفردات والصغير من كل شىء او المولود كما فى القاموس وحد الطفل من أول ما يولد الى أن يستهل صارخا الى انقضاه ستة أعوام كما فى التفسير الفاتحة للفنارى والطفل مفرد لا جمع كما وهم وقوله او الطفل الذين لم يظهروا الآية محمول على الجنس وكذا هو فى هذا المقام جنس وضع موضع الجمع اى الأطفال او المعنى ثم يخرج كل واحد منكم من رحم الام حال كونه طفلا لتكبروا شيأ فشيأ ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ كما لكم فى القوة والعقل وبالفارسية بغايت قوت خود كه منتهاى شبابست قال فى القاموس الأشد واحد جاء على بناء الجمع بمعنى القوة وهو ما بين ثمانى عشرة سنة الى ثلاثين وفى كشف الاسرار يقال إذا بلغ الإنسان احدى وعشرين سنة دخل فى الأشد وذلك حين اشتد عظامه وقويت أعضاؤه ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً اى تصيروا الى حالة الشيخوخة والشيخ يقال لمن طعن فى السن واستبانت فيه او من خمسين او احدى وخمسين الى آجر عمره او الى ثمانين كما فى القاموس (قال فى كشف الاسرار) يقال إذا ظهر البياض بالإنسان فقد شاب وإذا دخل فى الهرم فقد شاخ قال الشاعر
فمن عاش شب ومن شب شاب ... ومن شاب شاخ ومن شاخ مات
روى أن أبا بكر رضى الله عنه قال يا رسول الله قد شبت فقال شيبتنى هود وأخواتها يعنى سورة هود وكان الشيب برسول الله صلى الله عليه وسلم قليلا يقال كان شاب منه احدى وعشرون شعرة بيضاء ويقال سبع عشرة شعرة وقال انس رضى الله عنه لم يكن فى رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء وقال بعض الصحابة ما شاب رسول الله وسئل آخر منهم فأشار الى عنفقته يعنى كان البياض فى عنفقته اى فى شعيرات بين الشفة السفلى والذقن وانما اختلفوا لقلتها يقال كان إذا ادهن خفى شيبه وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى يقبض روحه ويموت مِنْ قَبْلُ اى من قبل الشيخوخة بعد بلوغ الأشد او قبله ايضا وَلِتَبْلُغُوا متعلق بفعل مقدر بعده اى ولتبلغوا أَجَلًا مُسَمًّى وقتا محدودا معينا لا تتجاوزونه هو وقت الموت او يوم القيامة يفعل ذلك اى ما ذكر من خلقكم من تراب وما بعده من الأطوار المختلفة ولكون المعنى على هذا لم يعطف على ما قبله من لتبلغوا ولتكونوا وانما قلنا او يوم القيامة لأن الآية تحتوى على جميع مراتب الإنسان من مبدأ فطرته الى منتهى امره فجاز أن يراد ايضا يوم الجزاء لأنه المقصد الأقصى واليه كمية الأحوال وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ولكى تعقلوا ما فى ذلك الانتقال من طور الى طور من فنون الحكم والعبر وتستدلوا به على وجود خالق القوى والقدر هُوَ الَّذِي يُحْيِي الأموات كما فى الأرحام وعند البعث وَيُمِيتُ الاحياء كما عند انقضاء الاجل وفى القبر بعد السؤال وايضا يحيى القلوب الميتة بنور ربوبيته ولطفه ويميت القلوب بنار قهره فاذا حيى القلب مات النفس وإذا مات القلب حيى النفس قال الحسين النوري قدس سره هو الذي احيى العالم بنظره فمن لم يكن به وبنظره حيا فهو ميت وان نطق او تحرك (ع) خوشا دلى كه ز نور خدا بود روشن فَإِذا قَضى أَمْراً القضاء بمعنى التقدير عبر به عن لازمه الذي هو ارادة التكوين كأنه قيل إذا قدر شيأ من الأشياء وأراد كونه فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ من غير توقف على شىء من(8/208)
الأشياء أصلا: يعنى [تكوين او را احتياج بآلتى وعدتى وفرصتى نيست]
فعل او را كه عيب وعلت نيست ... متوقف بهيچ آلت نيست
از خم زلف كاف وطره نون ... هر زمان شكلى آورد بيرون
وهذا تمثيل لتأثير قدرته تعالى فى المقدورات عند تعلق إرادته بها وتصوير لسرعة ترتب المكونات على تكوينه من غير ان يكون هناك امر او مأمور حقيقة وذهب بعضهم الى انه حقيقة وان الله تعالى مكون الأشياء بهذه الكلمة فيقول بكلامه الأزلي لا بالكلام الحادث الذي هو المركب من الأصوات والحروف كن اى أحدث فيكون اى فيحدث ولما لم يتعلق خطاب التكوين بالفهم واشتمل على أعظم الفوائد وهو الوجود جاز تعلقه بالمعدوم وفى كشف الاسرار فيكون مرة واحدة لا يثنى قوله وفى التكملة قوله كن لا يخلو اما ان يكون قبل وجود المأمور او بعد وجوده فان قيل قبل وجوده ادى ذلك الى مخاطبة المعدوم ولا يصح فى العقل وان قيل بعد وجوده ادى ذلك الى ابطال معنى كن لان المأمور إذا كان موجودا قبل الأمر فلا معنى للامر بالكون والجواب ان الأمر مقارن للمأمور لا يتقدم ولا يتأخر عنه فمع قوله كن يوجد المأمور وهذه كمسألة الحركة والسكون فى الجوهر فانه إذا قدرنا جوهرا ساكنا بمحل ثم انتقل الى محل آخر فانما انتقل بحركة فلا تخلوا الحركة من ان تطرأ عليه فى المحل الاول او فى الثاني فان قيل فى الاول فقد اجتمعت مع السكون وان قيل فى الثاني فقد انتقل بغير حركة وان قيل لم تطرأ فى هذا ولا فى هذا فقد طرأت عليه فى غير محل وكل هذا محال والجواب ان الحركة هى معنى خصصه بالمحل الثاني فنفس اخلائه للمحل الاول هى نفس شغله للمحل الثاني واعلم ان الله تعالى انزل الحروف الثمانية والعشرين وجعل حقائقها الثمانية والعشرين منزلا على ما فصل عند قوله تعالى رَفِيعُ الدَّرَجاتِ وجعل مفاصل اليدين ايضا ثمانية وعشرين اربعة عشر فى يد واحدة واخرى فى اخرى على ان يكون لكل إصبع ثلاثه مفاصل الا الإبهام وجعل كل إصبع مظهرا لاصل من الأصول الخمسة فالابهام مظهر القدرة والمسبحة مظهر الحياة والوسطى مظهر العلم والبنصر مظهر الارادة والخنصر مظهر القول ولما كان العلم أعم حيطة جعل متوسطا بين الأصلين اللذين فى يمينه وهى الحياة والقدرة وبين الأصلين اللذين فى يساره وهى الارادة والقول وانما سقط عن اصل القدرة المفصل الثالث لان كل واحد من الاربعة عام التعلق بخلاف القدرة فانها محجورة الحكم غير مطلقة لانه لا يتعلق حكمها الا بالممكن فلم يعم نفوذه ولعدم عموم حكم القدرة جعل مظهرها الذي هو الإبهام ذا مفصلين ولكون امر القدرة مبهما وكيفية تعلقها بالمقدور شيأ غامضا سمى المظهر بالإبهام فلا يجوز البحث عن كيفية تعلق القدرة بالمقدور كما لا يجوز البحث عن كيفية وجود الباري وعن كيفية العذاب بعد الموت ونحو ذلك مما هو من الغوامض: قال المولى الجامى فى الارادة والقدرة
فعلهايى كه از همه اشيا ... نوبنو در جهان شود پيدا
كر ارادى بود چوفعل بشر ... ور طبيعى بود چوميل بشر
منبعث جمله از مشيت اوست ... مبتنى بر كمال حكمت اوست(8/209)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71)
نخلد بى ارادتش خارى ... نكسلد بى مشيتش
تارى فى المثل كر جهانيان خواهند ... كه سر مويى از جهان كاهند
كر نباشد چنان أرادت او ... نتوان كاستن سر يك مو
ور همه در مقام آن آيند ... كر بر آن ذره بيفزايند
ندهد بى ارادت او سود ... نتوانند ذره افزود
بعد از ان قدرتش بود كامل ... مر مرادات را همه شامل
اثر آن بهر عدم كه رسيد ... رخت با خطه وجود كشيد
وحقيقة الاحياء والاماتة ترجع الى الإيجاد ولكن الوجود إذا كان هو الحياة سمى فعله احياء وإذا كان هو الموت سمى فعله اماتة ولا خالق للموت والحياة الا الله ولا مميت ولا محيى الا الله تعالى فهو خالق الحياة ومعطيها لكل من شاء حياته على وجه يريده ومديمها لمن أراد دوامها له كما شاء بسبب وبلا سبب وكذا خالق الموت ومسلطه على من شاء من الاحياء متى شاء وكيف شاء بسبب وبلا سبب ومن عرف انه المحيي المميت لم يهتم بحياة ولا موت بل يكون مفوضا مستسلما فى جميع أحواله لمن بيده الحياة والموت كما قال ابراهيم عليه السلام (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) الآية وخاصية المحيي وجود الالفة فمن خاف الفراق او الحبس فليقرأه على جسده عدده وخاصية الاسم المميت ان يكثر منه المسرف الذي لم تطاوعه نفسه على الطاعة فانها تفعلها وتموت عن أوصافها المانعة عن القيام بامر الله تعالى ثم ان الماء مظهر الاسم المحيي والتراب مظهر الاسم المميت وهكذا الموجودات مع اسماء الله تعالى أَلَمْ تَرَ [آيا نمى نكرى] إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ فى دفعها وابطالها أَنَّى يُصْرَفُونَ اى انظر يا محمد الى هؤلاء المكابرين المجادلين فى آياته تعالى الواضحة الموجبة للايمان بها الزاجرة عن الجدال فيها وتعجب من أحوالهم الشنيعة وآرائهم الركيكة كيف يصرفون عن تلك الآيات القرآنية والتصديق بها الى تكذيبها مع تعاضد الدواعي الى الإقبال عليها بالايمان وانتفاء الصوارف عنها بالكلية. وتكرير ذم المجادلة فى اربعة مواضع فى هذه السورة اما لتعدد المجادل بان يكون فى أقوام مختلفة او المجادل فيه بان يكون فى آيات مختلفة او للتأكيد الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ اى بكل القرآن والجملة فى محل الجر على انها بدل من الموصول قال فى الإرشاد انما وصل الموصول الثاني بالتكذيب دون المجادلة لان المعتاد وقوع المجادلة فى بعض المواد لا فى الكل وصيغة الماضي للدلالة على التحقق كما ان صيغة المضارع فى الصلة الاولى للدلالة على تجدد المجادلة وتكررها وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا من سائر الكتب فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ كنه ما فعلوا من الجدال والتكذيب عند مشاهدتهم لعقوباته وهى جملة مستأنفة مسوقة للتهديد إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ ظرف ليعلمون وهو اسم للزمن الماضي ويعلمون مستقبل لفظا ومعنى واما المكان فظاهر مثل قولك سوف أصوم أمس وذا لا يجوز. وجوابه ان وقت العلم مستقبل تحقيقا وماض تنزيلا وتأويلا لان ما سيعلمونه يوم القيامة فكأنهم علموه فى الزمن الماضي لتحقق وقوعه فسوف بالنظر الى الاستقبال التحقيقى وإذ بالنظر الى المضي التأويلى. والاغلال جمع غل(8/210)
فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76)
بالضم وهو ما يقيد به فيجعل الأعضاء وسطه وغل فلان قيد به اى وضع فى عنقه او يده الغل والأعناق جمع عنق بالفارسية [كردن] والمعنى على ما فى كشف الاسرار [آنگاه كه غلها كه در دستهاى ايشان در كردنهاى ايشان كنند] يعنى تغل أيديهم الى أعناقهم مضمومة إليها وَالسَّلاسِلُ عطف على الاغلال والجار فى نية التأخير وهو جمع سلسلة بالكسر بالفارسية [زنجير] وذلك لان السلسلة بالفتح إيصال الشيء بالشيء ولما كان فى السلسلة بالكسر إيصال بعض الخلق بالبعض سميت بها يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ السحب الجر بعنف ومنه السحاب لان الريح تجره وسحبه كمنعه جره على وجه الأرض فانسحب والحميم الماء الذي تناهى حره قال فى القاموس الحميم الماء الحار والماء البارد ضد والقيظ والعرق اى على التشبيه كما فى المفردات والجملة حال من فاعل يعلمون او من ضمير أعناقهم. اى حال كونهم مسحوبين اى مجرورين تجرهم على وجوههم خزنة جهنم بالسلاسل الى الحميم اى الماء المسخن بنار جهنم ولا يكون الا شديد الحرارة جدا لان ما سخن بنار الدنيا التي هى جزء واحد من سبعين جزأ من نار جهنم إذا كان لا يطاق حرارته فكيف ما يسخن بنار جهنم وفى كلمة فى اشعار بإحاطة حرارة الماء لجميع جوانبهم كالظرف للمظروف حتى كأنهم فى عين الحميم ويسحبون فيها وقال مقاتل يسحبون فى الحميم اى فى حر النار كما فى قوله تعالى (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) والظاهر ان معنى يسحبون فى النار اى يجرون الى النار على وجوههم كما فى هذا المقام- حكى- انه توفيت النوار امرأة الفرزدق فخرج فى جنازتها وجوه اهل البصرة وخرج فيها الحسن البصري فقال الحسن للفرزدق يا أبا فراس ما اعددت لهذا اليوم قال شهادة ان لا اله الا الله منذ ثمانين سنة فلما دفنت قام الفرزدق على قبرها وانشد هذه الأبيات
أخاف وراء القبر ان لم يعافنى ... أشد من القبر التهابا واضيقا
إذ جاءنى يوم القيامة قائد ... عنيف وسواق يسوق فرزدقا
لقد خاب من أولاد آدم من مشى ... الى النار مغلول القلادة ازرقا
فبكى وابكى الحاضرين ثُمَّ اى بعد الجر بالسلاسل الى الحميم فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ يحرقون بالنار وهى محيطة بهم من سجر التنور إذا ملأه بالوقود ومن كانوا فى النار وكانت هى محيطة بهم وصارت أجوافهم مملوءة بها لزم ان يحرقوا بها على ابلغ الوجوه فهم يملأون بالنار كائنين فيها ويحرقون والمراد بيان انهم يعذبون بانواع العذاب وينقلون من لون الى لون قال فى كشف الاسرار [عذاب دوزخيان انواعست يكى از آن سلاسل است در دست زبانيه زنجيرهاى آتشين كه دوزخيانرا بدان ببندند هر زنجيرى هفتاد كز هر كزى هفتاد حلقه اگر يك حلقه آن بر كوههاى دنيا نهند چون از زير بگذارد آن زنجيرها بدن كافران فرو كنند وبزيرش بيرون كشند زنجير ايشانرا در حميم كشند حميم آب كرمست جوشان اگر يك قدح از آن بدرياهاى دنيا فرو ريزند همه زهر شود قدحى از آن بدست كافران دهند هر چهـ بر روى ويست از پوست وكوشت و چشم وبينى همه اندر آن قدح افتد اينست(8/211)
ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75)
كه رب العزة كفت (يَشْوِي الْوُجُوهَ) چون حميم بشكم رسد هر چهـ اندر شكم بود بزير بيرون شود فذلك قوله (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) واز آن حميم بر سر ايشان ميريزند تا پوست وكوشت و پى ورك از ايشان فرو ريزند استخوان بماند سوخته ندا آيد كه (يا مالك جدد لهم العذاب فانى مجددلهم الأبدان) كفته اند كه عاصيان مؤمنانرا ده چيز نباشد روى ايشان سياه نبود چشم ايشان ازرق نبود در كردن غل نبود در دست ايشان زنجير نبود نوميدى نبود جاويد فرقت وقطيعت ولعنت نبود چون حرارت وزبانه آتش بايشان رسد ندا آيد كه] (يا نار كفى عن وجوه من سجد لى فلا سبيل لك على مساجدهم) اللهم أجرنا من نارك انا عائذون بجوارك ثُمَّ اى بعد الإحراق قِيلَ لَهُمْ اى يقال لهم على سبيل التوبيخ والتقريع وصيغة الماضي للدلالة على التحقق أَيْنَ [كجااند] ما [آنانكه] يعنى أصنام كُنْتُمْ فى الدنيا على الاستمرار تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [انباز آورديد وكرفتيد بجز الله معبود بحق] اى رجاء شفاعتهم ادعوهم ليشفعوا لكم ويعينوكم وهو نوع آخر من تعذيبهم قالُوا اى يقولون ضَلُّوا غابوا اى الشركاء عَنَّا عن أعيننا وان كانوا قائمين اى غير هالكين من قول العرب ضل المسجد والدار اى لم يعرف موضعهما وكذلك كل شىء قائم او غيرها لك لكنك لا تهتدى اليه وذلك قبل ان يقرن بهم آلهتهم فان النار فيها امكنة متعددة وطبقات مختلفة فلا مخالفة بينه وبين قوله تعالى (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) أو ضاعوا عنا فلم نجد ما كنا نتوقع منهم على ان يكون ضل بمعنى ضاع وهلك تنزيلا لوجودهم منزلة الضياع والهلاك لفقدهم النفع الذي يتوقعونه منهم وان كانوا مع المشركين فى جميع الأوقات بَلْ تبين لنا انا لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا نعبد مِنْ قَبْلُ اى فى الدنيا بعبادتهم شَيْئاً لما ظهر لنا اليوم انهم لم يكونوا شيأ يعتدبه كقولك حسبته شيأ فلم يكن: وبالفارسية يعنى بر ما روشن شد كه چيزى را نمى پرستيده ايم بلكه ايشانرا كه عبادت مى كرديم هيچ چيزى نبوده اند معتبر وما ايشانرا چيزى نمى پنداشتيم] كَذلِكَ اى مثل ذلك الضلال الفظيع وهو ضلال آلهتهم عنهم على التفسيرين المذكورين لقوله ضلوا يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ حيث لا يهتدون فى الدنيا الى شىء من العقائد والأعمال ينفعهم فى الآخرة فهو ناظر الى التفسير الثاني او كما ضل عنهم آلهتهم يضلهم عن آلهتهم حتى لو تطالبوا لم يصادفوا اى لم يجد أحدهم الآخر فهو ناظر الى التفسير الاول وإضلال الحق عبده هو عدم عصمته إياه ممانهاه عنه وعدم معونته وإمداده بما يتمكن به من الإتيان بما امره به او الانتهاء عما نهاه عنه كما فى تفسير الفاتحة للشيخ صدر الدين القنوى قدس سره. وفى نسخة الطيبي (كَذلِكَ) اى مثل ذلك الإضلال وهو الأوفق لما عرف من العادة القرآنية وهو ان تكون الاشارة الى مصدر الفعل المتأخر قال سعدى المفتى قلت بل الآية اى بل لم نكن إلخ كقوله (وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) يفزعون الى الكذب لحيرتهم واضطرابهم ومعنى قوله (كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ) انه تعالى يحيزهم فى أمرهم حتى يفزعون الى الكذب مع علمهم بانه لا ينفعهم ذلِكُمْ الإضلال ايها الكفار والالتفات للمبالغة فى التوبيخ وفى تفسير الجلالين اى(8/212)
ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76)
العذاب الذي نزل بكم وهو العذاب المذكور بقوله (إِذِ الْأَغْلالُ) إلخ قال ابن الشيخ ولا يخلو عن بعد بِما الباء للسببية كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ فى الدنيا بِغَيْرِ الْحَقِّ وهو الشرك والطغيان والباء صلة الفرح قال فى القاموس الفرح السرور والبطر انتهى والبطر النشاط والأشر وقلة احتمال النعمة والأشر شدة البطر وهو ابلغ من البطر والبطر ابلغ من الفرح وفى المفردات الفرح انشراح الصدر بلذة عاجلة ولم يرخص الا فى الفرح بفضل الله وبرحمته وبنصر الله والبطر دهش يعترى الإنسان من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها الى غير وجهها وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ المرح شدة الفرح والنشاط والتوسع فيه اى تتوسعون فى البطر والأشر: وبالفارسية [مى نازيديد از خود وبتكبر مى خراميديد] قال ارسطوا من افتخر ارتطم يعنى [در كل أفاد] : قال الصائب.
پست وبلند پيش سموم فنا يكيست ... چون تاك بر درخت دويدن چهـ فائده
ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ اى ابوابها السبعة المقسومة لكم: يعنى [هر طائفه بدر كه درآييد] خالِدِينَ فِيها مقدار خلودكم فى الآخرة فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ اى عن الحق جهنم: وبالفارسية [پس بد آرامگاهيست كردن كشانرا دوزخ] وكان مقتضى النظم فبئس مدخل المتكبرين ليناسب عجز الكلام صدره كما يقال زر بيت الله فنعم المزار فصل فى المسجد الحرام فنعم المصلى لكن لما كان الدخول المقصود بالخلود سبب الثواء اى الاقامة عبر بالمثوى الذي هو محل الاقامة فاتحد آخر الكلام باوله وفى الآية اشارة الى ان كل شهوة من شهوات الدنيا وزينة من زينها باب من أبواب جهنم النفس فى الدنيا وباب من أبواب جهنم النار فى العقبى وجب ترك الشهوات والزين والافتخار بالدنيا وبزخارفها حتى تغلق أبواب جهنم مطلقا وهكذا يضل الله من ليس له استعداد للهداية حيث يريهم شيأ مجازيا فى صورة وجود حقيقى وزينته فيضلون به عن الصراط المستقيم ولا يدرون ان الدنيا سراب وخيال ومنام
غافل مشو ز پرده نيرنك روزكار ... سير خزان در آيينه نو بهار كن
وفى الآية ذم الكبر فلا بد من علاجه بضده وهو التواضع وعن بعض الحكماء افتخر الكلأ فى المفازة على الشجر فقال انا خير منه يرعانى البهائم التي لا تعصى الله طرفة عين فقال انا خير منك يخرج منى الثمار ويأكلها المؤمنون وتواضع القصب قال لا خير فىّ لا أصلح للمؤمنين ولا للبهائم فلما تواضع رفعه الله وخلق فيه السكر الذي هو احلى شىء فلما نظر الى ما وضع الله فيه من الحلاوة تكبر فاخرج الله منه رأس القصب حتى اتخذ منه الآدميون المكنسات فكنسوا بها القاذورات فهذا حال كبر غير المكلف فكيف حال المكلف واعلم ان فرعون علا فى الأرض حتى ادعى الربوبية فاخذه الله نكال الآخرة والاولى اى بالغرق فى الدنيا والإحراق فى الآخرة وعلا قارون بكثرة ماله فخسف الله به وبداره الأرض وعلا إبليس حين امتنع عن السجدة فلعنه الله لعنة ابدية وعلا قريش على المؤمنين حتى قتلوا والقى جيفهم فى بئر ذليلين وهكذا حال كل متكبر بغير الحق الى يوم القيامة فانه ما نجا أحد من المتكبرين ولا ينجو وفى المثنوى:(8/213)
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (81)
آنچهـ در فرعون بود اندر تو هست ... ليك اژدرهات محبوس چهست «1»
نفس اژدرهاست او كى مرده است ... از غم بى آلتى افسرده است
كر بيابد آلت فرعون او ... كه بامر او همى رفت آب جو
آنكه او بنياد فرعونى كند ... راه صد موسى وصد هارون زند
كرمكست آن اژدها از دست فقر ... پشه كردد ز جاه ومال صقر
هر خسى را اين تمنا كى رسد ... موسىء بايد كه اژدرها كشد
صد هزاران خلق ز اژدرهاى او ... در هزيمت كشته شد از راى او
يعنى ان النفس كثعبان عظيم وقتلها عن أوصافها ليس بسهل بل يحتاج الى همة عالية والى جهاد كثير بلا فتور فَاصْبِرْ يا محمد على اذية قومك لك بسبب تلك المجادلات وغيرها الى ان يلاقوا ما أعد لهم من العذاب إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ اى وعده بتعذيبهم حق كائن لا محالة فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ اى فان نرك: وبالفارسية [پس اگر بنماييم بتو] وما مزيدة لتأكيد الشرطية ولذا لحقت النون الفعل ولا تلحقه مع ان وحدها فلا تقول ان تكرمنى أكرمك بنون التأكيد بل اما تكرمنى أكرمك بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ وهو القتل والاسر وجوابه محذوف اى فذاك أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل ان تراه: وبالفارسية [اگر بميرانيم ترا پيش از ظهور آن عذاب] فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ وهو جواب نتوفينك اى يردون إلينا يوم القيامة لا الى غيرنا فنجازيهم بأعمالهم [پس هيچ وجه ايشانرا فرو نخواهيم كذاشت وحق سبحانه وتعالى درين دنيا بعضى از عذاب كفار بسيد ابرار عليه السلام نمود از قتل واسر وقحط وجز آن وباقى عقوبات ايشان در عقبى خواهد بود]
دوستان هر دو عالم شاد وخرم مى زيند ... دشمنان در محنت وغم اين سرا وآن سرا
اما سرور الأولياء فى الآخرة فظاهر واما سرورهم فى الدنيا فان الحق بايديهم وهم راضون عن الله على كل حال فى الفقر والغنى والصحة والمرض فلا يكدّرهم شىء من الاكدار لشهودهم المبلى فى البلاء وتهيئهم لنعيم الآخرة واما غم الأعداء فى الدنيا فمما لا حاجة الى بيانه إذ من كان مع النفس فى الدنيا كيف يستريح ومن كان مع سخط الله فى الآخرة كيف يضحك وفى الآية اشارة الى كيفية القدوم على الله فان كان العبد عاصيا فيقدم على مولاه وهو عليه غضبان وان كان مطيعا فيقدم عليه قدوم الحبيب المشتاق على الحبيب بهار عمر ملاقات دوستان باشد وَلَقَدْ أَرْسَلْنا- روى- ان الذين كانوا يجادلون فى آيات الله اقترحوا معجزات زائدة على ما أظهره الله على يده عليه السلام من تفجير العيون واظهار البساتين وصعود السماوات ونحوها مع كون ما أظهره من المعجزات كافية فى الدلالة على صدقه فانزل الله تعالى قوله (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) رُسُلًا ذوى عدد كثير الى قومهم مِنْ قَبْلِكَ اى من قبل بعثتك يا محمد او من قبل زمانك مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ قوله منهم خبر مقدم لقوله من قصصنا عليك والجملة صفة لرسلا وقص عليه بين اى بيناهم وسميناهم لك فى القرآن فانت تعرفهم وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت ماركيرى كه اژدهاى افسرده را مرده إلخ(8/214)
لم نسمهم لك ولم نخبرك بهم قال الكاشفى [بعضى از ايشان آنهااند كه خوانده ايم قصهاى ايشان بر تو كه آن بيست ونه پيغمبراند] وفى عين المعاني هم ثمانية عشر [وبعضى آنانند كه قصه ايشان نخوانده ايم بر تو اما نام ايشان دانسته اليسع وغير او وبعضى آنست كه نه نام ايشان دانسته ونه قصه ايشان شنيده ودر ايمان بديشان تعيين عدد ومعرفت ايشان بانساب وأسامي شرط نيست] وعن على رضى الله عنه ان الله بعث نبيا اسود وفى التكملة عبدا حبشيا وهو ممن لم يقصص الله عليه يقول الفقير لعل معناه ان الله بعث نبيا اسود الى السودان فلا يخالف ما ورد من ان الله تعالى ما بعث نبيا الا حسن الاسم حسن الصورة حسن الصوت وذلك لان فى كل جنس حسنا بالنسبة الى جنسه. والحاصل ان المذكور قصصهم من الأنبياء افراد معدودة وقد قيل عدد الأنبياء مائة واربعة وعشرون الفا قال فى شرح المقاصد روى عن ابى ذر الغفاري رضى الله عنه انه قال قلت لرسول الله عليه السلام كم عدد الأنبياء فقال (مائة الف واربعة وعشرون الفا) فقلت فكم الرسل فقال (ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا) لكن ذكر بعض العلماء ان الاولى ان لا يقتصر على عددهم لان خبر الواحد على تقدير اشتماله على جميع الشرائط لا يفيد الا الظن ولا يعتبر الا فى العمليات دون الاعتقاديات وهاهنا حصر عددهم يخالف ظاهر قوله تعالى (مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا) إلخ. ويحتمل ايضا مخالفة الواقع واثبات من ليس بنبي ان كان عددهم فى الواقع اقل مما يذكر ونفى النبوة عمن هو نبى ان كان اكثر فالاولى عدم التنصيص على عدد. وفى رواية (مائتا الف واربعة وعشرون الفا) كما فى شرح العقائد للتفتازانى قال ابن ابى شريف فى حاشيته لم ار هذه الرواية وقال المولى محمد الرومي فى المجالس ومما يجب الايمان به الرسل والمراد من الايمان بهم العلم بكونهم صادقين فيما أخبروا به عن الله فانه تعالى بعثهم الى عباده ليبلغوهم امره ونهيه ووعده ووعيده وأيدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم أولهم آدم وآخرهم محمد عليه السلام فاذا آمن بالأنبياء السابقة فالظاهر انه يؤمن بانهم كانوا أنبياء فى الزمان الماضي لا فى الحال إذ ليست شرائعهم بباقية واما الايمان بسيدنا محمد عليه السلام فيجب بانه رسولنا فى الحال وخاتم الأنبياء والرسل فاذا آمن بانه رسول ولم يؤمن بانه خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا ومن قال آمنت بجميع الأنبياء ولا اعلم آدم نبى أم لا فقد كفر ثم انه لم يبين فى القرآن عدد الأنبياء كم هم وانما المذكور فيه باسم العلم على ما ذكر بعض المفسرين ثمانية وعشرون وهم آدم ونوح وإدريس وصالح وهود وابراهيم وإسماعيل وإسحاق ويوسف ولوط ويعقوب وموسى وهارون وشعيب وزكريا ويحيى وعيسى وداود وسليمان والياس واليسع وذو الكفل وأيوب ويونس ومحمد وذو القرنين وعزير ولقمان على القول بنبوة هذه الثلاثة الاخيرة وفى الأمالي
وذو القرنين لم يعرف نبيا ... كذا لقمان فاحذر عن جدال
وذلك لان ظاهر الادلة يشير الى نفى النبوة عن الأنثى وعن ذى القرنين ولقمان ونحوهما كتبع فانه عليه السلام (قال لا أدرى أهو نبى أم ملك) وكالخضر فانه قيل نبى وقيل ولى وقيل رسول فلا ينبغى لاحد ان يقطع بنفي او اثبات فان اعتقاد نبوة من ليس بنبي كفر كاعتقاد نفى نبوة(8/215)
نبى من الأنبياء يعنى إذا كان متفقا على نبوته او عدم نبوته واما إذا كان فيه خلاف فلا يكفر لانه كالدليل الظنى والكفر فى القطعي وفى فتح الرحمن فى سورة البقرة والمذكورون فى القرآن باسم العلم ستة وعشرون نبيا وهم محمد وآدم وإدريس ونوح وهود وصالح وابراهيم ولوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيوب وذو الكفل وشعيب وموسى وهارون وداود وسليمان وعزير ويونس وزكريا ويحيى وعيسى والياس واليسع صلوات الله عليهم أجمعين وأشير الى اشمويل بقوله تعالى (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ) وأشير الى ارميا
بقوله (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ) وأشير الى يوشع بقوله (وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ) وأشير الى اخوة يوسف بقوله (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ) والأسباط ذكروا اجمالا وهم من ذرية أولاد يعقوب الاثني عشر نبيا وكان فيهم أنبياء وفى لقمان وذى القرنين خلاف كالخضر انتهى قال بعض الحكماء يجب على المؤمن ان يعلم صبيانه ونساءه وخدمه اسماء الأنبياء الذين ذكرهم الله تعالى فى كتابه حتى يؤمنوا بهم ويصدقوا بجميعهم ولا يظنوا ان الواجب عليهم الايمان بمحمد عليه السلام فقط لا غير فان الايمان بجميع الأنبياء سواء ذكر اسمه فى القرآن او لم يذكر واجب على المكلف فمن ثبت تعينه باسمه يجب الايمان به تفصيلا ومن لم يعرف اسمه يجب الايمان به اجمالا- وحكى- ابن قتيبة فى المعارف ان الأنبياء مائة الف واربعة وعشرون الفا الرسل منهم ثلاثمائة وخمسة عشر منهم خمسة عبرانيون وهم آدم وشيث وإدريس ونوح وابراهيم وخمسة من العرب هود وصالح وإسماعيل وشعيب ومحمد عليهم السلام قال فى التكملة هذا الذي ذكر ابن قتيبة لا يصح لانه قد روى انه كان من العرب نبى آخر وهو خالد بن سنان بن غيث وهو من عبس بن بغيض روى عن النبي عليه السلام انه قال فيه (ذلك نبى إضاعة قومه) وردت ابنته على رسول الله عليه السلام فسمعته يقرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فقالت كان ابى يقول هذا قال ابن قتيبة وأول أنبياء بنى إسرائيل موسى وآخرهم عيسى قال فى التكملة صاحبها وهذا عندى غير صحيح لانه ان أراد أول الرسل فقد قال الله تعالى حكاية عن قول الرجل المؤمن من آل فرعون (وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ) فقد اخبر انه أرسل إليهم يوسف وهو اما ابن يعقوب او ابن افرائيم بن يوسف بن يعقوب على الخلاف المتقدم وان أراد النبوة خاصة فيوسف واخوته أنبياء وهم بنو إسرائيل لان يعقوب عليه السلام هو إسرائيل وأول الأنبياء آدم وآخرهم محمد عليهم السلام وروى ابن سلام وغيره عن عائشة رضى الله عنها انها قالت لا تقولوا لا نبى بعد محمد وقولوا خاتم النبيين لانه ينزل عيسى بن مريم حكما عدلا واماما مفسطا فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها قال فى التكملة وقول عائشة لا تقولوا لا نبى بعد محمد انما ذكر والله اعلم لئلا يتوهم المتوهم رفع ما روى من نزول عيسى بن مريم فى آخر الزمان وعلى الحقيقة فلا نبى بعد رسول الله عليه السلام لان عيسى وان نزل بعده فهو موجود قبله حى الى ان ينزل وإذا نزل فهو متبع لشريعته مقاتل عليها فلا يخلق نبى بعد محمد ولا تجدد شريعة بعد شريعته فعلى هذا يصح ولا نبى بعده. وقد روى فى اسماء النبي عليه السلام فى كتاب الشمائل وغيره والعاقب الذي ليس بعده(8/216)
نبى فهذه زيادة وان لم يذكرها مالك فهى موجودة فى غير الموطأ ويحتمل ان تكون من قبل النبي او من قبل الراوي فان كانت من قبل النبي عليه السلام فحسبك بها حجة وان كانت من قبل الراوي فقد صح بها ان اطلاق هذا اللفظ غير ممتنع ولا معارضة بينه وبين حديث عائشة كما ذكرنا والمراد به لا تقولوا لا نبى بعده يعنى لا يوجد فى الدنيا نبى فان عيسى ينزل الى الدنيا ويقاتل على شريعة النبي عليه السلام والمراد بقوله عليه السلام فى الحديث والعاقب الذي ليس بعده نبى ولا يبعث بعده نبى ينسخ شريعته وهذا معنى قوله (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) اى الذي ختمت النبوة والرسالة به لان نبوة عيسى قبله فنبوته عليه السلام ختمت النبوات وشريعته ختمت الشرائع انتهى ما فى التكملة وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى ان الحكمة البالغة الازلية اقتضت انا نبعث قبلك رسلا ونجزى عليهم وعلى أممهم أحوالا ثم نقص عليك من انبائهم ما نثبت به فؤادك ونؤدبك بتأدبهم لتتعظ بهم ولا نقدمك بالرسالة عليهم ليتعظوا بك فان السعيد من يتعظ بغيره هر طبيدن قاصدى باشد دل آگاه را (وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) لاستغنائك عن ذلك تخفيفا لك عما لا يعينك وهذا امارة كمال العناية فيما قص عليه وفيما لم يقصص عليه وَما كانَ لِرَسُولٍ اى
وما صح وما استقام لرسول منهم أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ تقترح عليه [يعنى بيارد معجزه كه نشانه نبوت او باشد] إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فان المعجزات تشعب فنونها عطايا من الله تعالى قسمها بينهم حسبما اقتضته مشيئته المبنية على الحكم البالغة كسائر القسم ليس لهم اختيار فى إيثار بعضها ولا استبداد بإتيان المقترح بها وفيه تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كأنه قيل ما من رسول من قبلك سواء كان مذكورا او غير مذكور أعطاه الله آيات معجزات إلا جادله قومه فيها وكذبوه عنادا وعبثا فصبروا وظفروا فاصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا: وفى المثنوى
صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همچوصبر آدم نديد «1»
فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ بالعذاب فى الدنيا والآخرة قُضِيَ بِالْحَقِّ حكم بين الرسل ومكذبيهم بانجاء المحق وإهلاك المبطل وتعذيبه وَخَسِرَ هلك او تحقق وتبين انه خسر هُنالِكَ اى وقت مجىء امر الله وهو اسم مكان استعير للزمان الْمُبْطِلُونَ اى المتمسكون بالباطل على الإطلاق فيدخل فيهم المعاندون المقترحون دخولا أوليا قال فى القاموس الباطل ضد الحق وأبطل جاء بالباطل فالمبطل صاحب الباطل والمتمسك به كما ان المحق صاحب الحق والعامل به ولم يقل وخسر هنالك الكافرون لما سبق من نقيض الباطل الذي هو الحق كما فى برهان القرآن وفى الآية اشارة الى انه يجب الرجوع الى الله قبل ان يجىء امره وقضاؤه بالموت والعذاب فانه ليس بعده الا الأحزان
تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب
چهـ سود از پشيمانى آيد بكف ... چوسرمايه عمر كردى تلف
كسى كر چهـ بد كرد هم بد نكرد ... كه پيش از قيامت غم خويش خورد
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان صبر كردن لقمان عليه السلام چون ديد كه داود عليه السلام إلخ(8/217)
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (81)
يعنى [پيش از قيامت موت زيرا كه مرد قيامت او برخاست] اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ اى خلق الإبل لاجلكم ومصلحتكم جمع نعم بفتحتين وهو فى الأصل الراعية والكثير استعماله فى الإبل لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ من لابتداء الغاية ومعناها ابتداء الركوب والاكل منها اى تعلقهما بها او للتبعيض اى لتركبوا وتأكلوا بعضها لا على ان كلا من الركوب والاكل مختص ببعض معين منها بحيث لا يجوز تعلقه بما تعلق به الآخر بل على ان كل بعض منها صالح لكل منهما وتغيير النظم فى الجملة الثانية لمراعاة الفواصل مع الاشعار باصالة الركوب لان الغرض انما يكون فى المنافع والركوب متعلق بالمنفعة لانه إتلاف المنفعة بخلاف الاكل فانه متعلق بالعين لانه إتلاف العين ولا يقدح فى ذلك كون الاكل ايضا من المنافع ولهذا جاء (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا) وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ اخر غير الركوب والاكل كالبانها واوبارها وجلودها وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ اى فى قلوبكم بحمل أثقالكم عليها من بلد الى بلد وقال الكاشفى [تا برسيد بمسافرت بر آن بحاجتي كه در سينهاى شماست از سود ومعامله] وهو عطف على قوله لتركبوا منها وحاجة مفعول لتبلغوا وَعَلَيْها اى على الإبل فى البر وَعَلَى الْفُلْكِ اى السفن فى البحر تُحْمَلُونَ نظيره (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) قال فى الإرشاد ولعل المراد به حمل النساء والولدان عليها بالهودج وهو السر فى فصله عن الركوب والجمع بينها وبين الفلك لما بينهما من المناسبة التامة حتى تسمت سفائن البر وانما قال وعلى الفلك ولم يقل فى الملك كما قال (قُلْنَا احْمِلْ فِيها) للمزاوجة اى ليزاوج ويطابق قوله (وَعَلَيْها) فان محمولات الانعام مستعلية عليها فذكرت كلمة الاستعلاء فى الفلك ايضا للمشاكلة وفى المدارك الايعاء ومعنى الاستعلاء كلاهما مستقيم لان الفلك وعاء لمن يكون فيها حمولة له يستعليها فلما صح المعنيان صحت العبارتان وقال بعض المفسرين المراد بالانعام فى هذا المقام الأزواج الثمانية وهى الإبل والبقر والضأن والمعز باعتبار ذكورتها وأنوثتها فمعنى الركوب والاكل منها تعلقهما بالكل لكن لا على ان كلا منهما يجوز تعلقه بكل منها ولا على ان كلا منهما مختص ببعض معين منها بحيث لا يجوز تعلقه بما تعلق به الآخر بل على ان بعضها يتعلق به الاكل فقط كالغنم وبعضها يتعلق به كلاهما كالابل والبقر والمنافع تعم الكل وبلوغ الحاجة عليها يعم البقر وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى خلق النفس البهيمية الحيوانية لتكون مركبا لروحكم العلوي (وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ) من مشاهدة الحق ومقامات القرب ولكم فى صفاتها منافع وهى الشهوة الحيوانية ومنفعتها انها مركب العشق والغضب وان مركب الصلابة فى الدين والحرص مركب الهمة وبهذه المركب يصل السالك الى المراتب العلية كما قال (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ) اى صفات القلب (تُحْمَلُونَ) الى جوار الحق تعالى
چون بيخبران دامن فرصت مده از دست ... تا هست پر وبال ز عالم سفرى كن
يُرِيكُمْ آياتِهِ
دلائله الدالة على كمال قدرته ووفور رحمته أَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ
فان كلا منها من الظهور بحيث لا يكاد يجرأ على إنكارها من له عقل فى الجملة وهو ناصب لأى واضافة الآيات الى الاسم الجليل لتربية المهابة وتهويل إنكارها فان قلت كان الظاهر ان(8/218)
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)
يقال فأية آيات الله بتاء التأنيث لكون أي عبارة عن المؤنث لاضافته إليها قلت تذكير أي هو الشائع المستفيض والتأنيث قليل لان التفرقة بين المذكر والمؤنث فى الأسماء غير الصفات نحو حمار وحمارة وانسان وانسانة غريب وهى فى أي اغرب لابهامه فان قصد التمييز والتفرقة ينافى الإبهام وهذا فى غير النداء فان اللغة الفصيحة الشائعة ان تؤنث أيا الواقعة فى نداء المؤنث كما فى قوله تعالى (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) ولم يسمع ان يقال يا ايها المرأة بالتذكير اعلم ان جميع اجزاء العالم آيات بينات وحجج واضحات ترشدك الى وحدانية الله تعالى وكمال قدرته لكن هداية الله تعالى الى جهة الإرشاد وكيفيته اصل الأصول قال بعض الكبار فى سبب توبته كنت مستلقيا على ظهرى فسمعت طيورا يسبحن فاعرضت عن الدنيا وأقبلت على المولى وخرجت فى طلب المرشد فلقيت أبا العباس الخضر فقال لى اذهب الى الشيخ عبد القادر فانى كنت فى مجلسه فقال ان الله جذب عبدا اليه فارسله الىّ إذا لقيته قال فلما جئت اليه قال مرحبا بمن جذبه الرب بألسنة الطير وجمع له كثيرا من الخير فاذا أراد الله بعبده خيرا يجذبه اليه بما شاء ولا تفرقة بين شىء وشىء فمن له بصيرة يرى فى مرائى الأشياء جمال الوحدة
محقق همى بيند اندر ابل ... كه در خوب رويان چين و چكل
ثم ان أعظم الآيات أنبياء الله وأولياؤه إذ تجلى الحق من وجوههم بنعت العزة والكبرياء للعالمين وأي منكر أعظم ممن ينكر على هذه الآيات الساطعة والبراهين الواضحة قال سهل اظهر آياته فى أوليائه وجعل السعيد من عباده من صدقهم فى كراماتهم وأعمى أعين الأشقياء عن ذلك وصرف قلوبهم عنهم ومن أنكر آيات أوليائه فانه ينكر قدرة الله فان القدرة الالهية تظهر على الأولياء الأمارات لاهم بانفسهم يظهرونها والله تعالى يقولَ يُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ)
ثم ان الإنكار بعد التعريف والاعلام أشد منه قبله فطوبى لمن أخذ باشارة المرشد وإرشاده ولا يكون فى زمرة المنكرين الضالين قال حجة الإسلام العجب منك انك تدخل بيت غنى فتراه مزينا بانواع الزين فلا ينقطع تعجبك منه ولا تزال تذكره وتصف حسنه طول عمرك وأنت تنظر الى بيت عظيم وهو العالم لم يخلق مثله لا تتحدث فيه ولا تلتفت بقلبك ولا تتفكر فى عجائبه وذلك لعمى القلب المانع عن الشهود والرؤية ونعم ما قيل
برك درختان سبز در نظر هوشيار ... هر ورقى دفتريست معرفت كردكار
ولا بد لتحصيل هذه المرتبة من التوسل بالأسباب وأعظمها الذكر فى جميع الأوقات الى ان يفتح مفتح الأبواب أَفَلَمْ يَسِيرُوا الهمزة للاستفهام التوبيخي والفاء للعطف على مقدر اى أقعدوا اى قومك وهم قريش فلم يسيروا ولم يسافروا فِي الْأَرْضِ [در زمين عاد وثمود] فَيَنْظُرُوا ويعتبروا جواب الاستفهام: وبالفارسية [تا بنگرند كه] كَيْفَ كانَ [چهـ كونه بود] عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم المهلكة يعنى انهم قد ساروا فى أطراف الأرض وسافروا الى جانب الشام واليمن وشاهدوا مصارع المكذبين من الأمم السالفة وآثارهم فليحذروا من مثل عذابهم فلا يكذبوك يا محمد ثم بين مبادى احوال الأمم المتقدمة وعواقبها فقال كانُوا اى تلك الأمم أَكْثَرَ عددا مِنْهُمْ اى من قومك وَأَشَدَّ قُوَّةً(8/219)
فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83)
فى الأبدان والعدد وَآثاراً فِي الْأَرْضِ باقية بعدهم من الابنية والقصور والمصانع وهى جمع مصنعة بفتح النون وضمها شىء كالحوض يجمع فيه ماء المطر ويقال له الصهريج ايضا وتغلط فيه العامة من الأتراك فيقولون صارنج واكثر بلاد العرب محتاجة الى هذا لقلة الماء الجاري والآبار وفى التأويلات النجمية (وَآثاراً فِي الْأَرْضِ) بطول الأعمار وقيل هى آثار أقدامهم فى الأرض بعظم اجرامهم- وحكى- عن الشيخ محيى الدين بن العربي قدس سره انه قال قد اجتمعت بجماعة من قوم يونس عليه السلام سنة خمس وثمانين وخمسمائة بالأندلس حيث كنت فيه وقست اثر رجل واحد منهم فى الأرض فرأيت طول قدمه ثلاثة أشبار وثلثى شبر فَما أَغْنى عَنْهُمْ يقال اغنى عنه كذا إذا كفاه ونفعه وهو إذا استعمل بعن يتعدى الى مفعول كما سبق اى لم يغن عنهم لم يدفع ولم ينفع ما كانُوا يَكْسِبُونَ كسبهم او مكسوبهم من الأموال والأولاد وترتيب العساكر فاذا لم تفدهم تلك المكنة العظيمة الا الخيبة والخسار فكيف هؤلاء الفقراء المساكين. ويجوز ان تكون ما الاولى استفهامية بمعنى أي شىء اغنى عنهم ذلك وما الثانية على التقديرين فاعل اغنى وهذه الفاء بيان عاقبة كثرتهم وشدة قوتهم وما كانوا يكسبون بذلك زعما منهم ان ذلك يغنى عنهم فلم يترتب عليه إلا عدم الإغناء فهذا الاعتبار جرى مجرى النتيجة وان كان عكس الغرض ونقيض المطلوب كما فى قولك وعظته فلم يتعظ اى لم يترتيب عليه إلا عدم الاتعاظ مع انه عكس المتوقع فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات والدلالات الواضحة وهذه الفاء تفسير وتفصيل لما أبهم وأجمل من عدم الإغناء فهى تعقيبية وتفسيرية إذ التفسير يعقب المفسر وقد كثر فى الكلام مثل هذه الفاء ومبناها على التفسير بعد الإبهام والتفصيل بعد الإجمال فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ لقوله (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) اى أظهروا الفرح بذلك واستحقروا علم الرسل ولمراد بالعلم ما لهم من العقائد الزائغة والشبه الباطلة كما قالوا لا نبعث ولا نعذب وما أظن الساعة قائمة ونحو ذلك وتسميتها علما مع ان الاعتقاد الغير المطابق للواقع حقه ان يسمى جهلا للتهكم بهم فهى علم على زعمهم لا فى الحقيقة او المراد علم الصنائع والتنجيم والطبائع وهو اى علم الطبائع علم الفلاسفة فان الحكماء كانوا يصغرون علوم الأنبياء ويكتفون بما يكسبونه بنظر العقل ويقولون نحن قوم مهتدون فلا حاجة بنا الى من يهدينا كما قال سقراط لما ظهر موسى عليه السلام نحن قوم مهذبون لا حاجة بنا الى تهذيب غيرنا: قال المغربي
علم بى دينان رها كن جهل را حكمت مخوان ... از خيالات وظنون اهل يونان دم مزن
وكان يكنى فى الجاهلية بابى الحكم لانهم يزعمون انه عالم ذو حكمة فكناه النبي فى الإسلام بابى جهل لانه لو كان له علم حقيقة لآمن بالرسول عليه السلام: قال الحافظ
سراى ومدرسه وبحث علم وطاق ورواق ... چهـ سود چون دل دانا و چشم بينا نيست
وفى التأويلات النجمية من العلم اى من شبه المعقولات والمخيلات والموهومات ويجوز ان يرجع عندهم للرسل على ان المراد بالعلم هو العلم الذي أظهره رسلهم وبفرح الكفار به ضحكهم منه واستهزاؤهم به ويؤيده قوله تعالى وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ اى نزل(8/220)
فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)
بالكفار وأصابهم وبال استهزائهم بالأنبياء واستحقارهم لعلومهم وما أخبروا به من العذاب ونجوه فلم يعجزوا الله فى مراده منهم وفى المثنوى
آن دهان كژ كرد وز تسخر بخواند ... مر محمد را دهانش كژ بماند «1»
باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف وعلم من لدن
من ترا أفسوس ميكردم ز جهل ... من بدم أفسوس را منسوب واهل
چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد
پس سپاس او را كه ما را در جهان ... كرد پيدا از پس پيشينيان «2»
تا شنيدم آن سياستهاى حق ... بر قرون ماضيه اندر سبق
تا كه ما از حال آن كركان پيش ... همچوروبه پاس خود داريم بيش
امت مرحومه زين رو خواندمان ... آن رسول حق وصادق در بيان
استخوان و پشم آن كركان عيان ... بنگريد و پند كيريد اى مهان
عاقل از سر بنهد اين هستى وباد ... چون شنيد انجام فرعونان وعاد
ور نه بنهد ديكران از حال او ... عبرتى كيرند از إضلال او
نسأل الله التوفيق للعلم الذي يوصل الى التحقيق
نتوان بقيل وقال ز ارباب حال شد ... منعم نمى شود كسى از كفت وكوى كنج
فلا بد من الانقياد للحق والاجتهاد فى العمل: قال الخجندي
در علم محققان جدل نيست ... از علم مراد جز عمل نيست
قال فى الروضة صلى الحجاج فى جنب ابن المسيب فرآه يرفع قبل الامام ويضع رأسه فلما سلم أخذ بثوبه حتى فرغ من صلاته ودعائه ثم رفع نعله على الحجاج فقال يا سارق ويا خائن تصلى على هذه الصفة لقد هممت ان اضرب بها وجهك وكان الحجاج حاجا فرجع الى الشام وجاء واليا على المدينة ودخل من فوره المسجد قاصدا مجلس سعيد بن المسيب فقال له أنت صاحب الكلمات قال نعم انا صاحبها قال جزاك الله من معلم ومؤدب خيرا ما صليت بعدك الا ذاكرا قولك فلا بد من الحركة بمقتضى العلم فَلَمَّا رَأَوْا اى الأمم السالفة المكذبة بَأْسَنا شدة عذابنا فى الدنيا ووقعوا فى مذلة الخيبة ومنه قوله تعالى (بِعَذابٍ بَئِيسٍ) اى شديد قالُوا مضطرين آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [بخداى يكتا] وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ اى بسبب الايمان به يعنون الأصنام مُشْرِكِينَ يعنى [از انباز كه ميكفتيم بيزار وبرى كشتيم] وهذه الفاء لمجرد التعقيب وجعل ما بعدها تابعا لما قبلها واقعا عقيبه لان مضمون قوله تعالى (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ) إلخ هوانهم كفروا فصار مجموع الكلام بمنزلة ان يقال فكفروا ثم لما رأوا بأسنا آمنوا فَلَمْ يَكُ أصله لم يكن حذفت النون لكثرة استعماله يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ اى تصديقهم بالوحدانية اضطرارا وقوله ايمانهم يجوز ان يكون اسم كان وينفعهم خبره مقدما عليه وان يكون فاعل ينفعهم واسم كان ضمير الشان المستتر فيه لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا اى عند رؤية عذابنا والوقوع فيه لامتناع قبوله حينئذ امتناعا عاديا كما يدل عليه قوله (سُنَّتَ اللَّهِ)
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان كژ ماندن دهان آن شخصى كستاخ كه نام پيغمبر بتمسخر برد
(2) در اواخر دفتر يكم در بيان ادب كردن شير كرك را إلخ(8/221)
إلخ زيرا در وقت معاينه عذاب تكليف مرتفع ميشود وايمان در زمان تكليف مقبولست نه در وقت يأس] فامتنع القبول لانهم لم يأتوا به فى الوقت المأمور به ولذلك قيل فلم يك بمعنى لم يصح ولم يستقم فانه ابلغ فى نفى النفع من لم ينفعهم ايمانهم وهذه الفاء للعطف على آمنوا كأنه قيل فآمنوا فلم ينفعهم لان النافع هو الايمان الاختياري الواقع مع القدرة على خلافه ومن عاين نزول العذاب لم يبق له القدرة على خلاف الايمان فلم ينفعه وعدم نفعه فى الدنيا دليل على عدم نفعه فى الآخرة سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ قوله سنة من المصادر المؤكدة وخلت من الخلوّ يستعمل فى الزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضي فسر اهل اللغة قولهم خلا الزمان بقولهم مضى وذهب اى سن الله عدم قبول ايمان من آمن وقت رؤية البأس ومعاينته سنة ماضية فى عباده مطردة اى فى الأمم السالفة المكذبة كلها ويجوز ان ينتصب سنة على التحذير اى احذروا سنة الله المطردة فى المكذبين السابقين. والسنة الطريقة والعادة المسلوكة وسنة الله طريقة حكمته وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ قوله هنالك اسم مكان فى الأصل موضوع للاشارة الى المكان قد استعير فى هذا المقام للزمان لانه لما أشير به الى مدلول قوله (لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) ولما للزمان تعين ان يراد به الزمان تشبيها له بالمكان فى كونه ظرفا للفعل كالمكان. والمعنى على ما قال ابن عباس رضى الله عنهما هلك الكافرون بوحدانية الله المكذبون وقت رؤيتهم البأس والعذاب وقال الزجاج الكافر خاسر فى كل وقت ولكنه تبين لهم خسرانهم إذا رأوا العذاب ولم يرج فلاحهم ولم يقل وخسر هنالك المبطلون كما فيما سبق لانه متصل بايمان غير مجدد ونقيض الايمان الكفر كما فى برهان القرآن اى فحسن موقعه كما حسن موقع قوله المبطلون على ما عرف سره فى موقعه اعلم ان فى ايمان البأس واليأس تفاصيل اقررها ذلك فانظر ماذا ترى قال فى الأمالي
وما ايمان شخص حال بأس ... بمقبول لفقد الامتثال «1»
قوله بأس بالباء الموحدة وبسكون الهمزة لم يقل يأس بالياء المثناة لموافقة قوله تعالى (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) فاشتمل على ما بالموحدة والمثناة واصل البأس الشدة والمضرة وحال اليأس هو وقت معاينة العذاب وانكشاف ما جاءت به الاخبار الالهية من الوعد والوعيد وحال اليأس هو وقت الغر غرة التي تظهر عندها احكام الدار الآخرة عليه بعد تعطيل قواه الحسية ويستوى فى حال البأس بالموحدة الايمان والتوبة لقوله تعالى (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ) الآية ورجاء الرحمة انما يكون فى وقته وبظهور الوعيد خرج الوقت من اليد ولم يتصور الامتثال ووقع الايمان ضروريا خارجا عن الاختيار ألا ترى ان ايمان الناس لا يقبل عند طلوع الشمس من مغربها لانه ايمان ضرورى فلا يعتبر لانه يجوز ان يكون ايمان المضطر لغرض النجاة من الهلاك بحيث لو تخلص لعاد لما اعتاد وقد قال العلماء الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا إذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة. واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيد كما فى حواشى الشيخ فى سورة الانعام: وفى المثنوى
آن ندامت از نتيجه رنج بود ... بي ز عقل روشن چون كنج بود
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان آنكه عهد كردن أحمق وقت كرفتارى إلخ(8/222)
چونكه شد رنج آن ندامت شد عدم ... مى نيرزد خاك آن توبه ندم
ميكند او توبه و پير خرد ... بانك لو ردوا لعادوا ميزند
فيكون الايمان والندم وقت ظهور الوعيد الدنيوي كالايمان والندم وقت وجود الوعيد الأخروي بلا فرق فكما لا ينفع هذا كذلك لا ينفع ذاك لان الآخرة وما فى حكمها من مقدماتها فى الحكم سواء ولذلك ورد من مات فقد قامت قيامته وذلك لان زمان الموت آخر زمان من ازمنة الدنيا وأول زمان من ازمنة الآخرة فباتصال زمان الموت بزمان القيامة كان فى حكمه فايمان فرعون وأمثاله عند الغرق ونحوه من قبيل ما ذكر من الايمان الاضطراري الواقع عند وقوع الوعيد الذي ظهوره فى حكم ظهور احوال الآخرة ومشاهدته فى حكم مشاهدة العذاب الأخروي. فحال البأس بالموحدة كحال الغرغرة من غير فرق فكما لا يقبل الايمان حال الغرغرة فكذا حال البأس ففرعون مثلا لم يقبل إيمانه حال الغرق لكونه حال البأس وان كان قبل الغرغرة فافهم جدا فانه من مزالق الاقدام واما ايمان اليأس بالياء المثناة التحتية وهو الايمان بعد مشاهدة احوال الآخرة ولا تكون الا عند الغرغرة ووقت نزع الروح من الجسد ففى كتب الفتاوى انه غير مقبول بخلاف توبة اليأس فانها مقبولة على المختار على ما فى هداية المهديين لان الكافر اجنبى غير عارف بالله وابتدأ ايمانا والفاسق عارف وحاله حال البقاء والبقاء أسهل من الابتداء. فمثل ايمان اليأس شجر غرس فى وقت لا يمكن فيه النماء ومثل توبة اليأس شجر نابت اثمر فى الشتاء عند ملاءمة الهواء. والدليل على قبول التوبة مطلقا قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) هكذا قالوا وهو يخالف قوله تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) قال البغوي فى تفسيره لا تقبل توبة عاص ولا ايمان كافر إذا تيقن بالموت انتهى ومراده عند الاشراف على الموت والصيرورة الى حال الغرغرة والا فقد قال المحققون قرب الموت لا يمنع من قبول التوبة بل المانع من قبولها مشاهدة الأحوال التي عندها يحصل العلم بالله تعالى على سبيل الاضطرار على ما فى حواشى ابن الشيخ فى سورة النساء وقرب الموت لا ينافى التيقن بالموت بظهور أسبابه واماراته دل عليه قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) الآية اى عند حضور اماراته وظهور آثاره من العلل والأمراض إذ لا اقتدار على الوصية عند حضور نفس الموت. ومن هذا القبيل ما فى روضة الاخبار من انه قال عمرو بن العاص رضى الله عنه عند احتضاره لابنه عبد الله يا بنىّ من يأخذ المال بما فيه من التبعات فقال من جدع الله انفه ثم قال احملوه الى بيت مال المسلمين ثم دعا بالغل والقيد فلبسهما ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ان التوبة مبسوطة ما لم يغرغر ابن آدم بنفسه) ثم استقبل القبلة فقال «اللهم امرتنا فعصينا ونهيتنا فارتكبنا هذا مقام العائذ بك فان تعف فاهل العفو أنت وان تعاقبت فبما قدمت يداى لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين» فمات وهو مغلول مقيد فبلغ الحسن بن على رضى الله عنهما فقال استسلم الشيخ حين أيقن بالموت ولعله ينفعه انتهى. واتى بصيغة الترجي(8/223)
لانه لاقطع وهو من باب الإرشاد ايضا على ما حكى انه لما مات عثمان بن مظعون رضى الله عنه وهو اخوه عليه السلام من الرضاعة وغسل وكفن قبل النبي عليه السلام بين عينيه وبكى وقالت امرأته خولة بنت حكيم رضى الله عنها طبت هنيئا لك الجنة يا أبا السائب فنظر إليها النبي عليه السلام نظرة غضب وقال (وما يدريك) فقالت يا رسول الله ما رسك وصاحبك فقال عليه السلام (وما أدرى ما يفعل بي) فاشفق الناس على عثمان رضى الله عنه ثم ان السبب فى عدم قبول التوبة عند الاحتضار انا مكلفون بالايمان الغيبى لقوله تعالى (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) وفى ذلك الوقت يكون الغيب عيانا فلا تصح. وايضا لا شبهة فى ان كل مؤمن عاص يندم عند الاشراف على الموت وقد ورد (ان التائب من الذنب كمن لا ذنب له) فيلزم منه ان لا يدخل أحد من المؤمنين النار وقد ثبت ان بعضهم يدخلونها. واما قولهم ان من شرط التوبة عن الذنب العزم على ان لا يعود اليه وذلك انما يتحقق مع ظن التائب التمكن من العود فيخالفه ما قال الآمدى
انه إذا اشرف على الموت اى قرب من الاحتضار فندم على فعله صحت توبته بإجماع السلف وان لم يتصور منه العزم على ترك الفعل لعدم تصور الفعل فهو مستثنى من عموم معنى التوبة وهو الندم على الماضي والترك فى الحال والعزم على ان لا يعود فى المستقبل كما فى شرح العقائد للمولى رمضان واما اطلاق الآية التي هى قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) فمقيد بالآية السابقة وهى قوله تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ) الآية وبقوله عليه السلام (ان الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر رضى الله عنهما وهو يشمل توبة المؤمن والكافر فالايمان وكذا التوبة لا يعتبر حالة اليأس بالمثناة بخلافهما قبل هذه الحالة ولو بقليل من الزمان رحمة من الله تعالى لعباده المذنبين. فمعنى الاحتضار هو وقت الغرغرة وقرب مفارقة الروح من البدن لا حضور أوائل الموت وظهور مقدماته مطلقا وقس عليه حال البأس بالموحدة بقي انه لما قتل على رضى الله عنه من قال لا اله الا الله قال عليه السلام (لم قتلته يا على) قال على علمت انه ما قال بقلبه فقال عليه السلام (هل شققت قلبه) فهذا يدل على ان ايمان المضطر والمكره صحيح مقبول ولعله عليه السلام اطلع بنور النبوة على ايمان ذلك المقتول بخصوصه فقال فى حقه ما قال والعلم عند الله المتعال هذا وذهب الامام مالك الى ان الايمان عند اليأس بالمثناة مقبول صحيح فقالوا ان الايمان عند التيقن صحيح عنده لو لم يرد الدليل ذلك الايمان فايمان فرعون مثلا مردود عنده بدليل قوله (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ) الآية وانما لم يرده مالك مطلقا لعدم النصوص الدالة عنده على عدم صحة الايمان فى تلك الساعة هكذا قالوا وفيه ضعف تام ظاهر واسناده الى مالك لا يخلو عن سماحة كما لا يخفى هذا ما تيسر لى فى هذا المقام من الجمع والترتيب والترجيح والتهذيب ثم اسأل الله لى ولكم ان يشد عضدنا بقوة الايمان ويحلينا بحلية العيان والإيقان ويختم لنا بالخير والحسنى ويبشرنا بالرضوان والزلفى ويجعلنا من الطائرين الى جنابه والنازلين عند بابه واللائقين بخطابه بحرمة الحواميم وما اشتملت عليه من السر العظيم(8/224)
حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)
تمت حم المؤمن يوم السبت الثامن والعشرين من ذى القعدة الشريف من شهور سنة اثنتي عشرة ومائة والف
تفسير سورة حم السجدة
وآيها ثلاث او اربع وخمسون بسم الله الرحمن الرحيم
حم خبر مبتدأ محذوف اى هذه السورة مسماة بحم فيكون اطلاق الكتاب عليها فى قوله كتاب إلخ باعتبار انها من الكتاب وجزء من اجزائه وقيل حم اسم للقرآن فيكون اطلاق الكتاب عليه حقيقة وانما افتتح السورة بحم لان معنى حم بضم الحاء وتشديد الميم على ما قاله سهل قدس سره قضى ما هو كائن: يعنى [بودنى همه بودم كردنى همه كردم راندنى همه راندم كزيدنى همه كزيدم پذيرفتنى همه پذيرفتم برداشتنى همه برداشتم افكندنى همه افكندم آنچهـ خواستم كردم آنچهـ خواهم كنم آنرا كه پذيرفتم بدان ننكرم كه ازو جفا ديدم بلكه عفو كنم ودر كذارم واز كفته او باز نيايم] ما يبدل القول ولما كانت هذه السورة مصدرة بذكر الكتاب الذي قدرت فيه الاحكام وبينت ناسب ان تفتح بحم رعاية لبراعة الاستهلال وانما سميت هذه السورة السبع بحم لاشتراكها فى الاشتمال على ذكر الكتاب والرد على المجادلين فى آيات الله والحث على الايمان بها والعمل بمقتضاها ونحو ذلك قال بعض العرفاء معنى الحاء والميم اى هذا الخطاب والتنزيل من الحبيب الأعظم الى المحبوب المعظم. وايضا هو قسم اى بحياتي ومجدى هذا تنزيل او بحياتك ومشاهدتك يا حبيبى ويا محبوبى او بالحجر الأسود والمقام فانهما يا قوتتان من يواقيت الجنة وسران عظيمان من اسرار الله فناسب ان يقسم بهما. او هذه الحروف تنزيل إلخ نزل بها جبرائيل عليه السلام من عند الله [ميكويد اين حروف تهجى كه حا وميم از ان جمله است فرو فرستاده رحمانست چنانكه كودك را كويى چومى آموزى يا كويى در لوح چهـ نوشته كويد الف وباء نه خود اين دو حرف خواهد بلكه جمله حروف تهجى خواهد اين همچنان است وحروف تهجى بر آدم عليه السلام نازل بوده وقرآن مشتمل شده بر آن جمله] فهى اصل كل منزل وفى الحديث (من قرأ القرآن فاعربه) يعنى [هر كه خواند قرآنرا ولحن نكند در وى] (فله بكل حرف خمسون حسنة ومن قرأ ولحن فيه فله بكل حرف عشر حسنات أما انى لا أقول الم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف) يقول الفقير لعل سر العدد ان القراءة فى الأصل للصلاة وكان اصل الصلوات الخمس خمسين فلذا اجرى الله تعالى على القارئ الفصيح بمقابلة كل حرف خمسين اجرا واما العشر فهى ادنى الحسنات كما قال الله تعالى (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) قال الكاشفى [اسم أعظم الهى در حروف مقطعه مخفيست وهر كس در استخراج اين قادر نيست] : قال الكمال الخجندي قدس سره
كرت دانستن علم حروفست آرزو صوفى ... نخست افعال نيكو كن چهـ سود از خواندن اسما
تَنْزِيلٌ خبر بعد خبر اى منزلة لان التعبير عن المفعول بالمصدر مجاز مشهور كقولهم(8/225)
كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4)
هذا الدرهم ضرب الأمير اى مضروبه ومعنى كونها منزلة انه تعالى كتبها فى اللوح المحفوظ وامر جبرائيل ان يحفظ تلك الكلمات ثم ينزل بها على رسول الله عليه السلام ويؤديها اليه فلما حصل تفهيم هذه الكلمات بواسطة نزول جبرائيل سمى ذلك تنزيلا والا فالكلام النفسي القائم بذات الله تعالى لا يتصور فيه النزول والحركة من الأعلى الى الأسفل مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ متعلق بتنزيل مؤكد لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الاضافية ونسبة التنزيل الى الرحمن الرحيم للايذان بان القرآن مدار للمصالح الدينية والدنيوية واقع بمقتضى الرحمة الربانية وذلك لان المنزل ممن صفته الرحمة الغالبة لا بد وان يكون مدارا للمصالح كلها وقال الكاشفى (مِنَ الرَّحْمنِ) [از خداى بخشنده بهداية نفوس عوام (الرَّحِيمِ) مهربان برعايت قلوب خواص] وفى التأويلات النجمية يشير بالحاء فى حم الى الحكمة وبالميم الى المنة اى منّ على عباده بتنزيل حكمة من الرحمن الأزلي الذي سبقت رحمته غضبه فخلق الموجودات برحمانية الرحيم الابدى الذي وسعت رحمته كل شىء الى الابد وهى كتاب قال بعض العارفين إذا فاض بحر الرحمة تلاشى كل زلة لان الرحمة لم تزل ولا تزال والزلة لم تكن ثم كانت وما لم يكن ثم كان كيف يقاوم ما لم يزل ولا يزال: قال الصائب
محيط از چهره سيلاب كرد راه ميشويد ... چهـ انديشه كسى با عفو حقّ از كرد زلتها
وقال الشيخ سعدى قدس سره
همى شرم دارم ز لطف كريم ... كه خوانم كنه پيش عفوش عظيم
كِتابٌ خبر آخر مشتق من الكتب وهو الجمع فسمى كتابا لانه جمع فيه علوم الأولين والآخرين فُصِّلَتْ آياتُهُ بينت بالأمر والنهى والحلال والحرام والوعد والوعيد والقصص والتوحيد قال الراغب فى قوله (أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) هو اشارة الى ما قال (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً) فمن أنصف علم انه ليس فى يد الخلق كتاب اجتمع فيه من العلوم المختلفة مثل القرآن قُرْآناً عَرَبِيًّا نصب على المدح اى أريد بهذا الكتاب المفصل آياته قرآنا عربيا او على الحالية من كتاب لتخصصه بالصفة ويقال لها الحال الموطئة وهو اسم جامد موصوف بصفة هى الحال فى الحقيقة وقد سبق غير مرة: والمعنى بالفارسية [در حالتى كه قرآنيست تازى يعنى بلغت عرب تا بسهولت خوانند وفهم كنند] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان القرآن قديم من حيث انه كلام الله وصفته والعربية كسوة مخلوقة كساها الله تعالى ومن قال ان القرآن أعجمي يكفر لانه معارضة لقوله تعالى (قُرْآناً عَرَبِيًّا) وبوجود كلمة عجمية فيه معربة لا يخرج عن كونه عربيا لان العبرة للاكثر وذلك كالقسطاس فانه رومى معرب بمعنى الميزان والسجيل فانه فارسى معرب سنك وكل والصلوات فانه عبرانى معرب صلوتا بمعنى المصلى والرقيم فانه رومى بمعنى الكلب والطور فانه الجبل بالسرياني لِقَوْمٍ اى عرب يَعْلَمُونَ اى كائنا لقوم يعلمون معانيه لكونه على لسانهم فهو صفة اخرى لقرآنا وفى التأويلات النجمية (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) العربية والعربية بحروفها مخلوقة والقرآن منزه عنها بَشِيراً صفة اخرى لقرآنا اى بشيرا لمن صدقه وعرف قدره وادي(8/226)
وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)
حقه بالجنة والوصول وَنَذِيراً لمن كذبه ولم يعرف قدره ولم يؤد حقه بالنار والفراق او بشيرا لمن اقبل الى الله بنعت الشوق ونذيرا لمن اقبل الى نفسه ونظر الى طاعته او بشيرا لاوليائه بنيل المقامات ونذيرا لهم يحذرهم من المخالفات لئلا يسقطوا من الدرجات او بشيرا بمطالعة الرجاء ونذيرا بمطالعة الخوف او بشيرا للعاصين بالشفاعة والغفران ونذيرا للمطيعين ليستعملوا الأدب والأركان فى طاعة الرحمن او بشيرا لمن اخترناهم واصطفيناهم ونذيرا لمن أغويناهم فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ عن تدبره مع كونه على لغتهم والضمير لاهل مكة او العرب او المشركين دال عليه ما سيجيئ من قوله (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ سماع تفكر وتأمل حتى يفهموا جلالة قدره فيؤمنوا به وفى التأويلات النجمية فاعرض أكثرهم عن أداء حقه فهم لا يسمعون بسمع القبول والانقياد وفيه اشارة الى ان الأقل هم اهل السماع وانما سمعوا بان أزال الله تعالى بلطفه ثقل الآذان فامتلأت الأذهان بمعاني القرآن سئل عبد الله ابن المبارك عن بدء حاله فقال كنت فى بستان فاكلت مع إخواني وكنت مولعا اى حريصا بضرب العود والطنبور فقمت فى جوف الليل والعود بيدي وطائر فوق رأسى يصيح على شجرة فسمعت الطير يقول (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) الآية فقلت بلى وكسرت العود فكان هذا أول زهدى وقد ورد فى التوراة انه تعالى قال «يا عبدى أما تستحيى منى إذ يأتيك كتاب من بعض اخوانك وأنت فى الطريق تمشى فتعدل عن الطريق وتقعد لاجله وتقرأه وتتدبره حرفا حرفا حتى لا يفوتك منه شىء وهذا كتابى أنزلته إليك انظره كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت فيه عليك لتتأمل طوله وعرضه ثم أنت معرض عنه او كنت أهون عليك من بعض اخوانك. يا عبدى يقعد إليك بعض اخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغى الى حديثه بكل قلبك فان تكلم متكلم او شغلك شاغل عن حديثه او مات اليه ان كف وها انا مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عنى أفجعلتنى أهون عندك من بعض اخوانك» كذا فى الاحياء وَقالُوا اى المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند دعوته إياهم الى الايمان والعمل بما فى القرآن قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ جمع كنان وهو الغطاء الذي يكنّ فيه الشيء اى يحفظ ويستر اى فى اغطية متكاثفة مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ اى تمنعنا من فهم ما تدعونا اليه وتورده علينا وحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه وحذف متعلق حرف الجر ايضا شبهوا قلوبهم بالشيء المحوى المحاط بالغطاء المحيط له بحيث لا يصيبه شىء من حيث تباعدها عن ادراك الحق واعتقاده قال سعدى المفتى ورد هنا كلمة فى وفى الكهف على لان القصد هنا الى المبالغة فى عدم القبول والاكنة إذا احتوت عليها احتواء الظرف على المظروف لا يمكن ان يصل إليها شىء وليست تلك المبالغة فى على والسياق فى الكهف للعظمة فيناسبه اداة الاستعلاء وَفِي آذانِنا وَقْرٌ اى صمم قال فى القاموس الوقر ثقل فى الاذن او ذهاب السمع كله شبهوا أسماعهم بآذان بها صمم من حيث انها تمج الحق ولا تميل الى استماعه وفى التأويلات النجمية (وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) ما ينفعنا كلامك قالوه حقا وان قالوا على سبيل الاستهانة والاستهزاء لان قلوبهم فى اكنة حب الدنيا وزينتها مقفولة(8/227)
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8) قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10)
بقفل الشهوات والأوصاف البشرية ولو قالوا ذلك على بصيرة لكان ذلك منهم توحيدا فتعرضوا للمقت لما فقدوا من صدق القلب وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ ستر عظيم وعطاء غليظ يمنعنا عن التواصل والتوافق ومن للدلالة عن ان الحجاب مبتدأ من الجانبين بحيث استوعب ما بينهما من المسافة المتوسطة المعبر عنها بالبين ولم يبق ثمة فراغ أصلا فيكون حجابا قويا عريضا مانعا من التواصل بخلاف ما لو قيل بيننا وبينك حجاب فانه يدل على مجرد حصول الحجاب فى المسافة المتوسطة بينهم وبينه من غير دلالة على ابتدائه من الطرفين فيكون حجابا فى الجملة لا كما ذكر شبهوا حال أنفسهم مع رسول الله عليه السلام بحال شيئين بينهما حجاب عظيم يمنع من ان يصل أحدهما الى الآخر ويراه ويوافقه وانما اقتصروا على ذكر هذه الأعضاء الثلاثة لان القلب محل المعرفة والسمع والبصر أقوى ما يتوسل به الى تحصيل المعارف فاذا كانت هذه الثلاثة محجوبة كان ذلك أقوى ما يكون من الحجاب نعوذ بالله تعالى قال بعضهم قلوبهم فى حجاب من دعوة الحق وأسماعهم فى صمم من نداء الحق وهواتفه وجعل بينهم وبين الحق حجاب من الوحشة والإبانة ولذا وقعوا فى الإنكار ومنعوا من رؤية الآثار
در چشم اين سياه دلان صبح كاذبست ... در روشنى اگر يد بيضا شود كسى
فَاعْمَلْ على دينك إِنَّنا عامِلُونَ على ديننا قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ اى ما إلهكم الا اله واحد لا غيره وهذا تلقين للجواب عما ذكره المشركون اى لست من جنس مغاير لكم حتى يكون بينى وبينكم حجاب وتباين مصحح لتباين الأعمال والأديان كما ينبىء عنه قولكم فاعمل اننا عاملون بل انما انا بشر وآدمي مثلكم مأمور بما أمرتم به حيث أخبرنا جميعا بالتوحيد بخطاب جامع بينى وبينكم فان الخطاب فى إلهكم محكىّ منتظم للكل لا انه خطاب منه عليه السلام للكفرة كما فى مثلكم وفى الآية اشارة الى ان البشر كلهم متساوون فى البشرية مسدود دونهم باب المعرفة اى معرفة الله بالوحدانية بالآلات البشرية من العقل وغيره وانما فتح هذا الباب على قلوب الانبيا بالوحى وعلى قلوب الأولياء بالشواهد والكشوف وعلى قلوب المؤمنين بالإلهام والشرح كما قال تعالى (فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) كما فى التأويلات النجمية قال الحسن رضى الله عنه علمه الله التواضع بقوله (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) ولهذا كان يعود المريض ويشيع الجنازة ويركب الحمار ويجيب دعوة العبد وكان يوم قريظة والنضير على حمار مخطوم بحبل من ليف عليه إكاف من ليف [عجب كاريست كه كاه مركب وى براق بهشتى وكاه مركب خركى آرى مركب مختلف بود اما در هر دو حالت راكب يك صفت ويك همت ويك أرادت بود اگر بر براق بود در سرش نخوت نبوت واگر بر حمار بود برخسار عز نبوتش غبار مذلت نبود]
خلق خوش عود بود انجمن مردم را ... چون زنان خود مفكن بر سر مجمردا من
فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ من جملة المقول والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من ايحاء الوحدانية فان ذلك موجب لاستقامتهم اليه تعالى بالتوحيد والإخلاص فى الأعمال وعدّى فعل(8/228)
الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7)
الاستقامة بالى لما فيه من معنى الاستواء اى فاستووا اليه بذلك. والاستقامة الاستمرار على جهة واحدة وَاسْتَغْفِرُوهُ مما كنتم عليه من سوء العقيدة والعمل وفى المقاصد الحسنة قال صلى الله عليه وسلم (استقيموا ولن تحصوا) اى لن تستطيعوا ان تستقيموا فى كل شىء حتى لا تميلوا وقال (شيبتنى هود وأخواتها) لما فيها من قوله فاستقم قال بعضهم إذا وقع العلم والمعرفة فاستغفروه من علمكم وادراككم به ومعاملتكم له ووجودكم فى وجوده فانه تعالى أعظم من ادراك الخليقة وتلاصق الحدثان بجناب جلاله وقال بعضهم الاستقامة مساواة الأحوال مع الافعال والأقوال وهو ان يخالف الظاهر الباطن والباطن الظاهر فاذا استقمت استقامت أحوالك واستغفر من رؤية استقامتك واعلم ان الله تعالى هو الذي قومك لا انك استقمت وَوَيْلٌ [وسختى عذاب] لِلْمُشْرِكِينَ ترهيب وتنفير لهم عن الشرك اثر ترغيبهم فى التوحيد الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ لا يؤمنون بوجوبها ولا يؤتونها وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ أعاد الضمير تأكيدا كافِرُونَ اى بالبعث بعد الموت والثواب والعقاب [وبدان جهتى نفقه نمى كنند كه مكافات آن سراريرا باور ندارند] وهو عطف على لا يؤتون داخل فى حيز الصلة. واختلافهما بالفعلية والاسمية لما ان عدم ايتائها متجدد والكفر امر مستمر قالت الشافعية فى تهديد المشرك على شكره وعدم ايتائه الزكاة دليل على ان المشرك حال شركه مخاطب بايتاء الزكاة إذ لولاه لما استحق بعدم ايتائها الوعيد المذكور وإذا كان مخاطبا بايتاء الزكاة يكون مخاطبا بسائر فروع الإسلام إذ لا قائل بالفصل فيعذب على ترك الكل واليه ذهب مشايخنا العراقيون. وذهب غيرهم الى انهم مخاطبون باعتقاد وجوبها لا بايقاعها فيعاقبون على تركهم اعتقاد الوجوب على ما فصل فى الأصول. ومن أصحابنا من قال انهم مخاطبون بالفروع بشرط تقديم الإسلام كما ان المسلم مخاطب بالصلاة بشرط تقديم الوضوء وقال المولى ابو السعود فى تفسيره وصف الله المشركين بانهم لا يؤتون الزكاة لزيادة التحذير والتخويف من منع الزكاة حيث جعل من أوصاف المشركين وقرن بالكفر بالآخرة حيث قيل وهم بالآخرة هم كافرون يقال الزكاة قنطرة الإسلام فمن قطعها نجا ومن تخلف عنها هلك قال ابن السائب كان المشركون يحجون ويعتمرون ولا يزكون أموالهم وهم كافرون قال الكاشفى [وجه تخصيص منع زكات از سائر أوصاف مشركان آنست كه مال محبوب انسانست وبذل او نفس را سخت تر باشد از اعمال ديكر پس در إيراد اين صفت اشارتيست ببخل ايشان وعدم شفقت بر خلق وبخل أعظم رذائل واكبر ذمايم است وكفته اند توانكرى كه او را سخا نبود چون تنست كه جان ندارد ويا چون درختى كه بر ندهد] قال الشيخ سعدى قدس سره
زر ونعمت اكنون بده كان تست ... كه بعد از تو بيرون ز فرمان تست
كسى كوى دولت ز دنيا برد ... كه با خود نصيبى بعقبى برد
مسلم كسى را بود روزه داشت ... كه درمانده را دهد نان چاشت
وگر نه چهـ حاجت كه زحمت برى ... ز خود بازگيرى وهم خودخورى(8/229)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8)
نه بخشنده بر حال پروانه شمع ... نكه كن كه چون سوخت در پيش جمع
ببخش اى پسر كآدمى زاده صيد ... بإحسان توان كرد ووحشي بقيد
كرامت جوانمردى ونان دهيست ... مقالات بيهوده طبل تهيست
وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه فسر لا يؤتون الزكاة بقوله لا يقولون لا اله الا الله فانها زكاة الأنفس. والمعنى لا يطهرون أنفسهم من الشرك بالتوحيد فانما المشركون نجس قال فى كشف الاسرار [ذكر زكات در قرآن بر دو وجهست يا در نماز پيوسته يا منفرد كفته آنچهـ در نماز پيوسته چنانست كه (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) هذا وأشباهه مراد باين زكات مالست كه الله فرض كرده بر خداوندان مال وآنچهـ منفرد كفته چنانست كه [وحنانا من لدنا وزكاة: خيرا منه زكاة: وما أوتيتم من زكاة: قد أفلح من تزكى: مراد باين پاكى است وزيادتى وديندارى] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ اى غير ممنون عليهم على طريق الحذف والإيصال. والمعنى لا يمن به عليهم فيتكدر بالمنة يقال من عليه منا أنعم ومنة امتن والمنة فى الأصل النعمة الثقيلة التي لا يطلب معطيها اجرا ممن أعطاها اليه ثم استعملت بمعنى الامتنان اى عد النعمة: وبالفارسية [منت نهادن] وجميع ما يعطيه الله عباده فى الآخرة تفضل منه وكرم وليس شىء منه بواجب عند اهل السنة والجماعة وما كان بطريق التفضل وان صح الامتنان عليه لكنه تعالى لا يفعله فضلا منه وكرما او غير ممنون بمعنى لا ينقطع أجرهم وثوابهم فى الآخرة بل دائم أبدى من مننت الحبل قطعته او غير محسوب كما قال تعالى (بِغَيْرِ حِسابٍ) قال فى القاموس (أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) محسوب او مقطوع وفى الآية اشارة الى ان من آمن ولم يعمل صالحا لم يؤجر الا ممنونا اى ناقصا وهو اجر الايمان ونقصانه من ترك العمل الصالح فيدخل النار ويخرج منها بأجر الايمان ويدخل الجنة ولكنه لا يصل الى الدرجات العالية المنوطة بالأعمال البدنية مثل الصلاة والصوم والحج ونحوها وفى كشف الاسرار سدى رحمه الله [كفت اين آيت در شان بيماران وزمنان و پيران ضعيف فرو آمد ايشان كه از بيمارى وضعيفى وعاجزى از طاعت وعبادت الله باز مانند وبأداى حق وى نرسند وبآن سبب اندوهگين وغمكين باشند رب العالمين ايشانرا در ان بيمارى هم آن ثواب ميدهد كه در حال صحت بطاعت وعبادت ميداد مصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم كفت] (ان العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض قيل للملك الموكل به اكتب له مثل عمله إذا كان طليقا حتى أطلقه او اكفته الىّ) يعنى [در ان وقت كه خوش بود تا كه كزارم وى را يا پيش خودش آرم] وفى رواية اخرى قال صلى الله تعالى عليه وسلم (ما من أحد من المسلمين يصاب ببلاء فى جسده الا امر الله الحافظين الذين يحفظانه فقال اكتبا لعبدى فى كل يوم وليلة مثل ما كان يفعل من الخير مادام فى وثاقي) يعنى [در بند من است عبد الله بن مسعود رضى الله عنه كفت يا رسول خدا نشسته بوديم كه رسول بر آسمان نكريست وتبسم كرد كفتم يا رسول الله تبسم از چهـ كردى و چهـ حال بر تو مكشوف كشت كفت عجب آيد مرا از بنده مؤمن كه از بيمارى بنالد وجزع كند اگر بدانستى كه او را در ان بيمارى چهـ(8/230)
قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9)
كرامتست وبالله چهـ قربت همه عمر خود در ان بيمارى خواستى اين ساعت كه بر اسمان مى نكرستم دو فرشته فرود آمدند وبنده كه پيوسته در محراب عبادت بود او را طلب كردند در ان محراب او را نيافتند بيمار ديدند آن بنده از عبادت باز ماند فرشتكان بحضرت عزت باز كشتند كفتند بار خدايا فلان بنده مؤمن هر شبانروزى حسنات وطاعات وى مينوشتيم اكنون كه او را در حبس بيمارى كردى هيچ عمل وطاعت وى نمى نويسم از حق جل جلاله فرمان آمد كه (اكتبوا لعبدى العمل الذي كان يعمله فى يومه وليلته ولا تنقصوا منه شيأ فعلىّ اجر ما حبسته وله اجر ما كان صحيحا) يعنى بر من است اجر حبس وى ومر او راست اجر آنكه صحيح بود وتن درست] قال فى عقد الدرر إذا علم الله صدق نية عبده فى الحج والجهاد والصدقات وغيرها من الطاعات وعجز عن ذلك إعطاء اجره وان لم يعمل ذلك العمل كما روى (ان العبد إذا نام بنية الصلاة من الليل فلم ينتبه كتب له اجر ذلك وكان عليه نور صدقه) وهكذا روى (إذا مرض العبد او سافر وعجز عما كان يعمل فى حال الصحة والاقامة ان الله تعالى يقول للملائكة اكتبوا لعبدى مثل ما كان يعمل وهو صحيح مقيم) وقد دل على ذلك القرآن كما قال تعالى (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) الى قوله (أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ) فعلى العبد ان لا يقطع رجاءه عن الله ويرضى بقضائه: وفى المثنوى
ناخوشى او خوش بود در جان من ... جان فداى يار دل رنجان من «1»
عاشقم بر رنج خويش ودرد خويش ... بهر خشنودىء شاه فرد خويش
قُلْ أَإِنَّكُمْ [آيا شما] لَتَكْفُرُونَ انكار وتشنيع لكفرهم وان واللام لتأكيد الإنكار بِالَّذِي اى بالعظيم الشان الذي خَلَقَ الْأَرْضَ قدر وجودها اى حكم بانها ستوجد فِي يَوْمَيْنِ فى مقدار يومين من ايام الآخرة ويقال من ايام الدنيا كما فى تفسير ابى الليث [واگر خواستى بيك لحظه بيافريدى لكن خواست كه با خلق نمايد كه سكونت وآهستگى به از شتاب وعجله وبندگانرا نسبتى باشد بسكونت كار كردن وبراه آهستگى رفتن] وفى عين المعاني تعليما للتأنى واحكاما لدفع الشبهات عن توهن المصنوعات تحقيقا لاعتبار الملائكة عند الإحضار وللعباد عند الاخبار وان أمكن الإيجاد فى الحال بلا امهال انتهى
زود در چاه ندامت سرنكون خواهد فتاد ... هر كه پاى خود كذارد بى تأمل بر زمين
[امام ابو الليث آورده كه روز يكشنبه بيافريد وروز دوشنبه بگسترانيد] وسيجيئ تحقيقه ويجوز ان يراد خلق الأرض فى يومين اى فى نوبتين على ان ما يوجد فى كل نوبة يوجد بأسرع ما يكون فيكون اليومان مجازا عن دفعتين على طريق ذكر الملزوم وارادة اللازم وقال سعدى المفتى الظاهر ان اليوم على هذا التفسير بمعنى مطلق الوقت انتهى وجه حمل اليومين على المعنيين المذكورين ان اليوم الحقيقي انما يتحقق بعد وجود الأرض وتسوية السموات وإبداع نيراتها وترتيب حركاتها يعنى ان اليوم عبارة عن زمان كون الشمس
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير قول حكيم سنايى قدس سره(8/231)
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10)
فوق الأرض ولا يتصور ذلك قبل خلق الأرض والسماء والكواكب فكيف يتصور خلق الأرض فى يومين وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً عطف على تكفرون داخل فى حكم الإنكار والتوبيخ وجمع الانداد باعتبار ما هو الواقع لا بان يكون مدار الإنكار هو التعدد اى وتجعلون له أندادا بمعنى تصفون له شركاء واشباها وأمثالا من الآلهة والحال انه لا يمكن ان يكون له ند واحد فضلا عن الانداد وامر الله تعالى رسوله عليه السلام بان ينكر عليهم أمرين. الاول كفرهم بالله بالحادهم فى ذاته وصفاته كالتجسم واتخاذ الصاحبة والولد والقول بانه لا يقدر على احياء الموتى وانه لا يبعث البشر رسلا. والثاني اثبات الشركاء والانداد له تعالى فالكفر المذكور او لا مغاير لاثبات الانداد له ضرورة عطف أحدهما على الآخر ذلِكَ العظيم الشأن الذي فعل ما ذكر من خلق الأرض فى يومين وهو مبتدأ خبره قوله رَبُّ الْعالَمِينَ اى خالق جميع الموجودات ومربيها دون الأرض خاصة فكيف يتصور ان يكون اخس مخلوقاته ندّاله تعالى وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ عطف على وخلق داخل فى حكم الصلة. والجعل ابداعى والمراد تقدير الجعل لا الجعل بالفعل والمراد بالرواسى الجبال الثابتة المستقرة: وبالفارسية [كوههاى بلند پايدار] يقال رسا الشيء يرسو ثبت وارساه غيره ومنه المرساة وهو انجر السفينة وقفت على الانجر بالفارسية [لنكر] مِنْ فَوْقِها متعلق بجعل او بمضمر هو صفة لرواسى اى كائنة من فوقها مرتفعة عليها لتكون منافعها ظاهرة للطلاب وليظهر للناظر ما فيها من وجوه الاستدلال والا فالجبال التي أثبتت فوق الأرض لا تمنعها عن الميلان ولو كانت تحتها كاساطين الغرف او مركوزة فيها كالمسامير لمنعتها عنه عن ابن عباس رضى الله عنهما أول ما خلق الله من شىء خلق القلم وقال له اكتب قال يا رب ما اكتب قال اكتب القدر فجرى بما يكون من ذلك الى يوم القيامة ثم خلق النون ثم رفع بخار الماء ففتق منه السماوات ثم بسط الأرض على ظهر النون فاضطرب النون فمادت الأرض اى مالت فاوتدت بالجبال اى أحكمت وأثبتت قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره لما خلق الله الأرض على الماء تحركت ومالت فخلق الله من الابخرة الغليظة الكثيفة الصاعدة من الأرض بسبب هيجانها الجبال فسكن ميل الأرض وذهبت تلك الحركة التي لا يكون معها استقرار فطوّق الأرض بجبل محيط بها وهو من صخرة خضراء وطوق الجبل بحية عظيمة رأسها بذنبها رأيت من الابدال من صعد جبل قاف فسألته عن طوله علوا فقال صليت الضحى فى أسفله والعصر فى أعلاه يعنى بخطوة الابدال وهى من المشرق الى المغرب يقول الفقير لعل هذا من قبيل البسط فى السير الملكوتي والا فما بين السماء والأرض كما بين المشرق والمغرب وهى خمسمائة عام على ما قالوا وعن وهب ان ذا القرنين اتى على جبل قاف فرأى حوله جبالا صغارا فقال ما أنت قال انا قاف قال فما هذه الجبال حولك قال هى عروقى وليست مدينة الا وفيها عرق منها فاذا أراد الله ان يزلزل مدينة أمرني فحركت عرقى ذلك فتزلزلت تلك المدينة قال يا قاف أخبرني بشىء من عظمة الله فقال ان شأن ربنا لعظيم وان من ورائي مسيرة خمسمائة عام من جبال ثلج يحطم بعضها بعضا لولا ذلك لاحرقت من نار جهنم والعياذ بالله منها وذكر اهل الحكمة ان مجموع ما عرف فى الأقاليم السبعة من الجبال مائة وثمانية وسبعون جبلا منها ما طوله عشرون فرسخا ومنها مائة فرسخ الى الف فرسخ وفى زهرة الرياض أول جبل(8/232)
نصب على وجه الأرض ابو قبيس وعدد الجبال ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول وجعل الله فى الجبال خصائص منها ان تجر البرودة الى نفسها وجعلها خزائن المياه والثلوج تدفعها بامر الخالق الى الخلق بالمقادير لكل ارض قدر معلوم على حسب استعدادها ومنها خلق الاودية لمنافع العباد وأودع فيها انواع المعادن من الذهب والفضة والحديد وانواع الجواهر وهى خزانة الله وحصنه ودليل على قدرته وكمال حكمته وهى سجن الوحوش والسباع ليلا وشرف الله الجبال بعرض الامانة عليها وفيها التسبيح والخوف والخشية وجعلها كراسى أنبيائه عليهم السلام كاحد لنبينا والطور لموسى وسرنديب لآدم والجودي لنوح صلوات الله على نبينا وعليهم
أجمعين وكفى شرفا بذلك وانها بمنزلة الرجال فى الأكوان يقال للرجل الكامل جبل رأى بعض الأولياء مناما فى الليلة التي هلك فيها رجال بغداد على يد هولاكوخان ان جبال العراقين ذهبت من وجه الأرض بهبوب الرياح المظلمة على بغداد فوصل الخبر ان هولاكوخان قد دخل مدينة بغداد وقتل من الرجال الأولياء والعلماء والصلحاء والأمراء وسائر الناس مالا يحصى عددا ولذا قال بعضهم رواسى الجبال أوتاد الأرض فى الصورة والأولياء أوتاد الأرض فى الحقيقة فكما ان الجبال مشرفة على سائر الأماكن كذلك الأولياء مشرفون على سائر الخلائق دل عليه قوله (مِنْ فَوْقِها) يعنى من فوق العامة فكما ان جبل قاف مشرف على كل جبل كذلك القطب الغوث الأعظم مشرف على كل ولى وبه قوام الأولياء والرواسي دونه ومن خواص الأولياء من يقال لهم الأوتاد وهم اربعة واحد يحفظ المشرق بإذن الله تعالى ويقال له عبد الحي وواحد يحفظ المغرب ويقال عبد العليم وواحد يحفظ الشمال ويقال له عبد المريد وواحد يحفظ الجنوب ويقال له عبد القادر وكان الشافعي رحمه الله فى زمانه من الأوتاد الاربعة على ما نص عليه الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات. وببركات الأولياء يأتى المطر من السماء ويخرج النبات من الأرض وبدعائهم يندفع البلاء عن الخلق وان حياتهم ومماتهم سواء فانهم ماتوا عن أوصاف وجودهم بالاختيار قبل الموت بالاضطرار فهم احياء على كل حال ولذا قيل
مشو بمرك زامداد اهل دل نوميد ... كه خواب مردم آگاه عين بيداريست
وَبارَكَ فِيها اى قدر بان يكثر خير الأرض بان يخلق انواع الحيوان التي من جملتها الإنسان واصناف النبات التي منها معايشهم ببذر وغيره وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها القوت من الرزق ما يمسك الرمق ويقوم به بدن الإنسان يقال فاته يقوته إذا أطعمه قوته والمقيت المقتدر الذي يعطى كل أحد قوته ومن بلاغات الزمخشري إذا حصلتك ياقوت هان علىّ الدر والياقوت والمعنى حكم تعالى بالفعل بان يوجد فيما سيأتى لاهل الأرض من الأنواع المختلفة أقواتها المناسبة لها على مقدار معين تقتضيه الحكمة فالمراد باقوات الأرض أرزاق سكانها بمعنى قدّر أقوات أهلها على حذف المضاف بان عين لكل نوع ما يصلحه ويعيش به [ويا براى اهل هر موضعى از زمين روزى مقدر كرد چون كندم وجو وبرنج وخرما وكوشت وأمثال آن هر يك أزينها غالب أقوات بلد است] وقال بعض العارفين كل خلق لهم عنده تعالى رزق(8/233)
مخصوص فرزق الروحانيين المشاهدة ورزق الربانيين المكاشفة ورزق الصادقين المعرفة ورزق العارفين التوحيد ورزق الأرواح الروح ورزق الأشباح الاكل والشرب وهذه الأقوات تظهر لهم من الحق فى هذه الأرض التي خلقت معبدا للمطيعين ومرقدا للغافلين
جلوه تقدير در زندان كل دارد مراد ... ور نه بالاتر بود از نه فلك جولان من
فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ من ايام الآخرة او من ايام الدنيا كما سبق وهو متعلق بحصول الأمور المذكورة لا بتقديرها اى قدر حصولها فى يومين يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء على ما سيأتى وانما قيل فى اربعة ايام اى تتمة اربعة ايام بالفذلكة ومجموع العدد لانه باليومين السابقين يكون اربعة ايام كأنه قيل نصب الراسيات وتقدير الأقوات وتكثير الخيرات فى يومين آخرين بعد خلق الأرض فى يومين وانما لم يحمل الكلام على ظاهره بان يجعل خلق الأرض فى يومين وما فيها فى اربعة ايام لانه قد ثبت ان خلق السموات فى يومين فيلزم ان يكون خلق المجموع فى ثمانية ايام وليس كذلك فانه فى ستة ايام على ما تكرر ذكره فى القرآن وذكر فى البرهان انما لم يذكر اليومين على الانفراد لدقيقة لا يهتدى إليها كل أحد وهى ان قوله (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) صلة الذي (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) عطف على تكفرون (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) عطف على قوله (خَلَقَ الْأَرْضَ) وهذا ممتنع فى الاعراب لا يجوز فى الكلام وهو فى الشعر من أقبح الضرورات لا يجوز ان يقول جاءنى الذي يكتب وجلس ويقرأ لانه لا يحال بين صلة الموصول وما يعطف عليه بأجنبي من الصلة فاذا امتنع هذا لم يكن بد من إضمار فعل يصح الكلام به ومعه فتضمن خلق الأرض بعد قوله ذلك رب العالمين خلق الأرض وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها فى اربعة ايام
ليقع هذا كله فى اربعة ايام انتهى وقال غيره (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) عطف على خلق وحديث لزوم الفصل بجملتين خارجتين عن حيز الصلة مدفوع بان الاولى متحدة بقوله تعالى (لَتَكْفُرُونَ) فهو بمنزلة الاعادة له والثانية اعتراضية مقررة لمضمون الكلام بمنزلة التأكيد فالفصل بهما كلا فصل فالوجه فى الجميع دون الانفراد ما سبق سَواءً مصدر مؤكد لمضمر هو صفة لايام اى استوت تلك الأيام سواء اى استواء يعنى فى اربعة ايام كاملة مستوية بلا زيادة ولا نقصان لِلسَّائِلِينَ متعلق بمحذوف تقديره هذا الحصر فى الاربعة للسائلين عن مدة خلق الأرض وما فيها القائلين فى كم خلقت الأرض وما فيها فالسؤال استفتائى واللام للبيان او بقدّر قال فى بحر العلوم وهو الظاهر اى قدر فيها أقواتها لاجل السائلين اى الطالبين لها المحتاجين إليها من المقتاتين فان اهل الأرض كلهم طالبون للقوت محتاجون اليه فالسؤال استعطائى واللام للاجل قال ابن عباس رضى الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا رديفه يقول (خلق الله الأرواح قبل الأجسام بأربعة آلاف سنة وخلق الأرزاق قبل الأرواح باربعة آلاف سنة سواء لمن سأل ولمن لم يسأل وانا من الذين لم يسألوا الله الرزق ومن سأل فهو جهل) وهذا الخبر يشير الى ان اللام فى للسائلين متعلق بسواء واليه الاشارة فى تأويلات البقلى حيث قال لا يزيد الرزق بالسؤال ولا ينقص وفيه تأديب لمن لم يرض بقسمته
كشاد عقده روزى بدست تقدير است ... مكن ز رزق شكايت ازين وآن زنهار(8/234)
ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14)
وفى الحديث (من جاع او احتاج فكتمه عن الناس كان حقا على الله ان يفتح له رزق سنة من حلال) فالعمدة الصبر وترك الشكاية والتوكل والاشتغال بالذكر قال انس رضى الله عنه خرجت مع النبي عليه السلام الى شعب فى المدينة ومعى ماء لطهوره فدخل النبي عليه السلام واديا ثم رفع رأسه واومأ الى بيده ان اقبل فاتيته فدخلت فاذا بطير على شجرة وهو يضرب بمنقاره فقال عليه السلام (هل تدرى ما يقول) قلت لا قال (يقول اللهم أنت العدل الذي لا تجور حجبت عنى بصرى وقد جعت فاطعمنى) فاقبلت جرادة فدخلت بين منقاره ثم جعل يضرب منقاره بمنقاره فقال عليه السلام (أتدري ما يقول) قلت لا فقال (من توكل على الله كفاه ومن ذكره لا ينساه) قال عليه السلام (يا انس من ذا الذي يهتم للرزق بعد ذلك اليوم الرزق أشد طلبا لصاحبه من صاحبه له) : قال الصائب
رزق اگر بر آدمي عاشق نمى باشد چرا ... از زمين كندم كريبان چاك مى آيد چرا
ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ شروع فى بيان كيفية التكوين اثر بيان كيفية التقدير ولعل تخصيص البيان بما يتعلق بالأرض وأهلها لما ان بيان اعتنائه تعالى بامر المخاطبين وترتب مبادى معايشهم قبل خلقهم مما يحملهم على الايمان ويزجرهم عن الكفر والطغيان وبيان ثم يجيىء بعد تمام الآيات. والاستواء ضد الاعوجاج من قولهم استوى العود إذا اعتدل واستقام حمل فى هذا المقام على معنى القصد والتوجه لان حقيقته من صفات الأجسام وخواصها والله تعالى متعال عنها. والمعنى ثم قصد نحو السماء بإرادته ومشيئته قصدا سويا وتوجه اليه توجها لا يلوى على غيره اى من غير ارادة خلق شىء آخر يضاهى خلقها يقال استوى الى مكان كذا كالسهم المرسل إذا توجه اليه توجها مستويا من غير ان يلوى على غيره. وفى ثم اظهار كمال العناية بإبداع العلويات وَهِيَ دُخانٌ الواو للحال والضمير الى السماء لانها من المؤنثات السماعية والدخان اجزاء ارضية لطيفة ترتفع فى الهواء مع الحرارة وفى المفردات الدخان العثان المستصحب للهب والبخار اجزاء مائية رطبة ترتفع فى الهواء مع الشعاعات الراجعة من سطوح المياه. والمعنى والحال ان السماء دخان اى امر ظلمانى يعد كالدخان وهو المرتفع من النار فهو من قبيل التشبيه البليغ واطلاق السماء على الدخان باعتبار المآل قال الراغب قوله تعالى (وَهِيَ دُخانٌ) اى هى مثل الدخان اشارة الى انها لا تماسك بها انتهى. عبر بالدخان عن مادة السماء يعنى الهيولى والصورة الجسمية او عن الاجزاء المتصغرة التي ركبت هى منها يعنى الاجزاء التي لا تتجزأ واظلامها ابهامها قبل حلول المنور كما فى الحواشي السعدية ولما كانت أول حدوثها مظلمة صحت تسميتها بالدخان تشبيها لها به من حيث انها اجزاء متفرقة غير متواصلة عديمة النور كالدخان فانه ليس له صورة تحفظ تركيبه كما فى حواشى ابن الشيخ وقال بعضهم وهى دخان اى دخان مرتفع من الماء يعنى السماء بخار الماء كهيئة الدخان: وبالفارسية [وحال آنكه دخان بود يعنى بخار آب بهيأت دخان] كما فى تفسير الكاشفى- يروى- ان أول ما خلق الله العرش على الماء والماء ذاب من جوهرة خضراء او بيضاء فاذابها ثم القى فيها نارا فصار الماء يقذف بالغثاء فخلق الأرض من الغثاء ثم استوى الى الدخان الذي صار من الماء(8/235)
فسمكه سماء ثم بسط الأرض فكان خلق الأرض قبل خلق السماء وبسط الأرض وإرساء الجبال وتقدير الأرزاق وخلق الأشجار والدواب والبحار والأنهار بعد خلق السماء لذلك قال الله تعالى (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) هذا جواب عبد الله بن عباس رضى الله عنهما لنافع ابن الأرزق الحروري
كفى را منبسط سازد كه اين فرشيست پس لايق ... بخاريرا برافرازد كه اين سقفيست پس زيبا
از ان سقف معلق حسن تصويرش بود ظاهر ... بدين فرش مطبق لطف تدبيرش بود پيدا
فَقالَ لَها اى للسماء وَلِلْأَرْضِ التي قدر وجودها ووجود ما فيها ائْتِيا اى كونا وأحدثا على وجه معين وفى وقت مقدر لكل منكما هو عبارة عن تعلق إرادته تعالى بوجودهما تعلقا فعليا بطريق التمثيل بعد تقدير أمرهما من غير ان يكون هناك آمر ومأمور كما فى قوله كن بان شبه تأثير قدرته فيهما وتأثرهما عنها بامر آمر نافذ الحكم يتوجه نحو المأمور المطيع فيتمثل امره فعبر عن الحالة المشبهة بما يعبر به عن الحالة المشبهة بها طَوْعاً أَوْ كَرْهاً مصدران واقعان فى موقع الحال. والطوع الانقياد ويضاده الكره اى حال كونكما طائعتين منقادتين او كارهتين اى شئتما ذلك او أبيتما وهو تمثيل لتحتم تأثير قدرته تعالى فيهما واستحالة امتناعهما من ذلك لا اثبات الطوع والكره لهما لانهما من أوصاف العقلاء ذوى الارادة والاختيار والأرض والسماء من قبيل الجمادات العديمة الارادة والاختيار قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ اى منقادين وهو تمثيل لكمال تأثرهما بالذات عن القدرة الربانية وحصولهما كما أمرتا به وتصوير لكون وجودهما كما هما عليه جاريا على مقتضى الحكمة البالغة فان الطوع منبىء عن ذلك والكره موهم لخلافه فان قلت انما قيل طائعين على وزن جمع العقلاء الذكور لا طائعتين حملا على اللفظ او طائعات حملا على المعنى لانها سموات وأرضون قلت باعتبار كونهما فى معرض الخطاب والجواب فلما وصفتا باوصاف العقلاء عوملتا معاملة العقلاء وجمعتا لتعدد مذلولهما ونظيره ساجدين فى قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) وفى التأويلات النجمية يشير الى انه بالقدرة الكاملة انطق السماء والأرض المعدومة بعد ان أسمعها خطاب ائتيا طوعا او كرها لتجيبا وقالتا اتينا طائعين وانما ذكرهما بلفظ التأنيث فى البداية لانهما كانتا معدومتين مؤنثتين وانما ذكرهما فى النهاية بلفظ التذكير لانه احياهما واعقلهما وهما فى العدم فاجابا بقولهما اتينا طائعين جواب العقلاء وفى حديث (ان موسى عليه السلام قال يا رب لو ان السموات والأرض حين قلت لهما ائتيا طوعا او كرها عصتاك ما كنت صانعا بهما قال كنت آمر دابة من دوابى فتبتلعهما قال يا رب واين تلك الدابة قال فى مرج من مروجى قال واين ذلك المرج قال فى علم من علمى) قال بعضهم أجاب ونطق من الأرض اولا موضع الكعبة ومن السماء ما بحذائها فجعل الله تعالى لها حرمة على سائر الأرض حتى كانت كعبة(8/236)
فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)
الإسلام وقبلة الأنام ويقال اجابه من الأرض اولا الأردن من بلاد الشام فسمى لسان الأرض واما أول بلدة بنيت على وجه الأرض فهى بلخ بخراسان بناها كيومرث ثم بنى الكوفة ابنه هو سنك وكيومرث من أولاد مهلائيل بن قينان بن انوش بن شيث كان عمره سبعمائة سنة وقال ابن عباس رضى الله عنهما اصل طينة النبي عليه السلام من سرة الأرض بمكة فهذا يشعر بانه ما أجاب من الأرض إلا ذرة المصطفى وعنصر طينة المجتبى عليه السلام فلهذا دعيت الأرض من تحت الكعبة وكانت أم القرى فهو عليه السلام اصل الكل فى التكوين روحا وجسدا والكائنات بأسرها تبع له ولهذا يقال النبي الأمي لانه أم الكل وأسه فان قلت ورد فى الخبر الصحيح (تربة كل شخص مدفنه) فكان يقتضى ان يكون مدفنه عليه السلام بمكة حيث كانت تربته منها قلت لما تموج الماء رمى ذلك العنصر الشريف والزبد اللطيف والجوهر المنيف فوقع جوهره عليه السلام الى ما يحاذى تربته بالمدينة المنورة وفى تاريخ مكة ان عنصره الشريف كان فى محله يضيئ الى وقت الطوفان فرماه الموج فى الطوفان الى محل قبره الشريف لحكمة الهية وغيرة ربانية يعرفها اهل الله تعالى ولذا لا خلاف بين علماء الامة فى ان ذلك المشهد الأعظم والمرقد الأكرم أفضل من جميع الأكوان من العرش والجنان. فذهب الامام مالك واستشهد بذلك وقال لا اعرف اكبر فضل لابى بكر وعمر رضى الله عنهما من انهما خلقا من طينة رسول الله عليه السلام لقرب قبرهما من حضرة الروضة المقدسة المفضلة على الأكوان بأسرها وكان عليه السلام مكيا مدنيا وحنينه الى مكة لتلك المناسبة وتربته وبالمدينة الحكمة قال الامام السهروردي رحمه الله لما قبض عزرائيل عليه السلام قبضة الأرض وكان إبليس قد وطئ الأرض بقدميه فصار بعض الأرض بين قدميه وبعضها موضع اقدامه فخلقت النفوس الامارة من مماس قدم إبليس فصارت النفوس الامارة مأوى الشرور وبعض الأرض لم يصل إليها قدم إبليس فمن تلك التربة اصل طينة الأنبياء والأولياء عليهم السلام وكانت طينة رسول الله موضع نظر الله من قبضة عزرائيل لم تمسها قدم إبليس فلم يصبه حظ جهل النفس الامارة بل صار منزوع الجهل موفرا حظه من العلم فبعثه الله بالعلم والهدى وانتقل من قلبه الشريف الى القلوب الشريفة ومن نفسه القدسية المطمئنة فوقعت المناسبة فى اصل طهارة الطينة فكل من كان اقرب مناسبة فى ذلك الأصل كان أوفر حظا من القبول والتسليم والكمال الذاتي ثم بعض من كان اقرب مناسبة الى النبي عليه السلام فى الطهارة الذاتية وأوفر حظا من ميراثه اللدني قد ابعد فى أقاصي الدنيا مسكنا ومدفنا وذلك لا ينافى قربه المعنوي فان ابعاده فى الأرض كابعاد النبي عليه السلام من مكة الى المدينة بحسب المصلحة: قال الحافظ
كرچهـ دوريم بياد تو قدح مينوشيم ... بعد منزل نبود در سفر روحانى
فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ تفسير وتفصيل لتكوين السماء المجمل المعبر عنه بالأمر وجوابه لا انه فعل مرتب على تكوينها والضمير للسماء على المعنى فانه فى معنى الجمع لتعدد مدلوله فسبع سموات حال او هو اى الضمير مبهم يفسره سبع سموات كضمير ربه رجلا فسبع سموات تمييز. والمعنى خلقهن حال كونهن سبع سموات او من جهة سبع سموات خلقا(8/237)
إبداعيا اى على طريق الاختراع لا على مثال واتقن امرهن بان لا يكون فيهن خلل ونقصان حسبما تقضيه الحكمة وفى التأويلات النجمية يشير الى ان سماء القلب سبعة أطوار كما قال تعالى (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) فالطور الاول من القلب يسمى الكركر وهو محل الوسوسة والثاني الشغاف وهو مثوى المحبة كما قال تعالى (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) والسابع حب القلب وهو مورد التجلي وموضع الكشوف ومركز الاسرار ومهبط الأنوار فِي يَوْمَيْنِ فى وقت مقدر بيومين وهما يوم الخميس ويوم الجمعة خلق السماوات يوم الخميس وما فيها من الشمس والقمر والنجوم فى يوم الجمعة وقد بين مقدار زمان خلق الأرض وخلق ما فيها عند بيان تقديرهما فكان خلق الكل فى ستة ايام حسبما نص عليه فى مواضع من التنزيل وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها عطف على فقضاهن. والإيحاء عبارة عن التكوين كالامر مقيد بما قيد به المعطوف عليه من الوقت قال راغب يقال للابداع امر وقد حمل على ذلك فى هذه الآية والمعنى خلق فى كل
منها ما فيها من الملائكة والنيرات وغير ذلك مما لا يعلمه الا الله واظهر ما اراده كما قال قتادة والسدىّ. او اوحى اى القى الى اهل كل منها أوامره وكلفهم ما يليق بهم من التكاليف فمنهم قيام لا يقعدون الى قيام الساعة ومنهم سجود لا يرفعون رؤسهم ابدا الى غير ذلك فهو بمعناه ومطلق عن القيد المذكور والآمر هو الله والمأمور اهل كل سماء وأضيف الأمر الى نفس السماء للملابسة لانه إذا كان مختصا بالسماء فهو ايضا بواسطة أهلها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ التفات الى نون العظمة لابراز مزيد العناية بالأمر اى بكواكب تضىء فى الليل كالمصابيح فانها ترى كلها متلألئة على السماء الدنيا كأنها فيها: وبالفارسية [وبياراستيم آسمان نزديكتر بچراغها يعنى ستاركان كه چو چراغ درخشان باشند] فالمراد بالمصابيح جميع الكواكب النيرة التي خلق الله فى السماوات من الثوابت والسيارات وليس كلها فى السماء الدنيا وهى التي تدنو وتقرب من اهل الأرض فان كل واحد من السيارات السبع فى فلك والثوابت مركوزة فى الفلك الثامن الا ان كونها مركوزة فيما فوق السماء الدنيا لا ينافى كونها زينة لها لانا نرى جميع الكواكب كالسرج الموقدة فيها وقيل ان فى كل سماء كواكب تضىء وقيل بل الكواكب مختصة بالسماء الدنيا ويقال زين السماء بانوار الكروبيين كما زين الأرض بالأنبياء والأولياء وزين قلوب العارفين بانوار المعرفة وجعل فيها مصابيح الهداية وضياء التوحيد وزين جوارح المؤمنين بالخدمة وزين الجنة بنور مناجاة العارفين وزهرة خدمة العارفين
نورى از پيشانىء صاحب دلان در يوزه كن ... شمع خود را مى برى دل مرده زين محفل چرا
وَحِفْظاً مصدر مؤكد لفعل معطوف على زينا اى وحفظنا السماء الدنيا من الآفات ومن المسترقة حفظا وهى الشياطين الذين يصعدون السماء لاستراق السمع فيرمون بشهاب صادر من نار الكواكب منفصل عنها ولا يرجمون بالكواكب أنفسها لانها قارة فى الفلك على حالها وما ذلك الا كقبس يؤخذ من النار والنار باقية بحالها لا ينتقص منها شىء والشهاب شعلة نار ساقطة ذلِكَ الذي ذكر بتفاصيله تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ المبالغ فى القدرة فله بليغ قدرة على كل مقدور والمبالغ فى العلم فله بليغ علم بكل معلوم قال الكاشفى (ذلِكَ [آنچهـ(8/238)
ياد كرده از بدائع آفرينش (تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) آفريدن واندازه كردن غالبست كه در ملك خود بقدرت هر چهـ خواهد كند دانا كه هر چهـ سازد از روى حكمت است] فعلى هذا التفصيل لا دلالة فى الآية الكريمة على الترتيب بين إيجاد الأرض وإيجاد السماء وانما الترتيب بين التقدير والإيجاد واما على تقدير كون الخلق وما عطف عليه من الافعال الثلاثة على معانيها الظاهرة فيكون خلق الأرض وما فيها متقدما على خلق السماء وما فيها وعليه أطباق اكثر اهل التفسير ويؤيده قوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) وقيل ان خلق جرم الأرض مقدم على خلق السماوات لكن دحوها وخلق ما فيها مؤخر لقوله تعالى (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) ثم هذا على تقدير كون كلمة ثم للتراخى الزمانى واما على تقدير كونها للتراخى الرتبى على طريق الترقي من الأدنى الى الأعلى يفضل خلق السماوات على خلق الأرض وما فيها كما جنح اليه الأكثرون فلا دلالة فى الآية الكريمة على الترتيب كما فى الوجه الاول قال الشيخ النيسابورى خلق السماء قبل خلق الأرض ليعلم ان فعله خلاف افعال الخلق لانه خلق اولا السقف ثم الأساس ورفعها على غير عمد دلالة على قدرته وكمال صنعه- وروى- انه تعالى خلق جرم الأرض يوم الأحد ويوم الاثنين ودحاها وخلق ما فيها يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء وخلق السماوات وما فيهنّ يو الخميس ويوم الجمعة وخلق آدم فى آخر ساعة منه وهى الساعة التي تقوم فيها القيامة وسمى الجمعة لاجتماع المخلوقات وتكاملها ولما لم يخلق الله فى يوم السبت شيأ امتنع بنوا إسرائيل من الشغل فيه كما فى فتح الرحمن والظاهر انه ينبغى ان يكون المراد به انه تعالى خلق العالم فى مدة لو حصل فيها فلك وشمس وقمر لكان مبدأ تلك المدة أول يوم الأحد وآخرها آخر يوم الجمعة كما فى حواشى ابن الشيخ وبه يندفع ما قال سعدى المفتى فيه إشكال لا يخفى فانه لا يتعين اليوم قبل خلق
السماوات والشمس فضلا عن تعينه وتسميته باسم الخميس والجمعة وقال ابن عطية والظاهر من القصص فى طينة آدم ان الجمعة التي خلق فيها آدم قد تقدمتها ايام وجمع كثيرة وان هذه الأيام التي خلق الله فيها المخلوقات هى أول الأيام لانه بايجاد الأرض والسماء والشمس وجد اليوم وفى الحديث فى خلق يوم الجمعة (انه اليوم الذي فرض على اليهود والنصارى فاضلته وهداكم الله تعالى له) اى أمروا بتعظيمه والتفرع للعبادة فيه فاختار اليهود من عند أنفسهم بدله السبت لانهم يزعمون انه اليوم السابع الذي استراح فيه الحق من خلق السماوات والأرض وما فيهن من المخلوقات اى بناء على ان أول الأسبوع الأحد وانه مبدأ الخلق وهو الراجح وفى كلام بعضهم أول الأسبوع الأحد لغة واوله السبت عرفا اى فى عرف الفقهاء فى الايمان ونحوها واختارت النصارى من قبل أنفسهم بدل يوم الجمعة يوم الأحد اى بناء على انه أول يوم ابتدأ الله فيه بايجاد المخلوقات فهو اولى بالتعظيم وقد جاء فى المرفوع (يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله فهو فى الأيام كشهر رمضان فى الشهور وساعة الاجابة فيه كليلة القدر فى رمضان) وجاء (ان الله تعالى خلق يوما فسماه الأحد ثم خلق ثانيا فسماه الاثنين ثم خلق ثالثا فسماه الثلاثاء ثم خلق رابعا فسماه الأربعاء ثم خلق خامسا فسماه الخميس)(8/239)
وبه يندفع ما قال السهيلي تسمية هذه الأيام طارئة ولم يذكر الله منها فى القرآن الا يوم الجمعة والسبت والعرب أخذوا معانى الأسماء من اهل الكتاب فالقوا عليها هذه الأسماء اتباعا لهم فلم يسمها رسول الله عليه السلام بالأحد والاثنين الى غير ذلك الا حاكيا للغة قومه لا مبتدأ بتسميتها هذا كلام السهيلي وفى السبعيات أكرم الله موسى بالسبت وعيسى بالأحد وداود بالاثنين وسليمان بالثلاثاء ويعقوب بالأربعاء وآدم بالخميس ومحمدا صلوات الله عليه وعليهم بالجمعة وهذا يدل على ان اليهود لم يختاروا يوم السبت والنصارى يوم الأحد من عند أنفسهم فليتأمل الجمع وقد سئل صلى الله عليه وسلم عن يوم السبت فقال (يوم مكر وخديعة) لانه اليوم الذي اجتمعت فيه قريش فى دار الندوة للاستشارة فى امره عليه السلام. وسئل عن يوم الأحد فقال (يوم غرس وعمارة) لان الله تعالى ابتدأ فيه خلق الدنيا وعمارتها. وسئل عن يوم الاثنين فقال (يوم سفر وتجارة) لان فيه سافر شعيب عليه السلام فاتجر فربح فى تجارته وسئل عن يوم الثلاثاء فقال (يوم دم) لان فيه حاضت حواء وقتل ابن آدم أخاه وفيه قتل جرجيس وزكريا ويحيى ولده وسحرة فرعون وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون وبقرة بنى إسرائيل ولهذا نهى النبي عليه السلام عن الحجامة يوم الثلاثاء أشد النهى وقال (فيه ساعة لا يرقأ فيها الدم) وفيه نزل إبليس الأرض وفيه خلقت جهنم وفيه سلط الله ملك الموت على أرواح بنى آدم وفيه ابتلى أيوب عليه السلام وفى بعض الروايات ابتلى يوم الأربعاء وفى روضة الاخبار قيل كان الرسم فى زمن ابى حنيفة ان يوم البطالة يوم السبت فى القراءة لا يقرأ فى يوم السبت ثم فى زمن الخصاف كان مترددا بين الاثنين ويوم الثلاثاء. وسئل عن يوم الأربعاء قال (يوم نحس أغرق فيه فرعون وقومه وأهلك عاد وثمود وقوم صالح) وآخر أربعاء فى الشهر الشام وجاء (يوم الأربعاء لا أخذ ولا عطاء) وورد فى الآثار النهى عن قص الأظفار يوم الأربعاء وانه يورث البرص وقد تردد فيه بعض العلماء فابتلى نعوذ بالله وفى حديث (لا يبدو جذام ولا برص الا يوم الأربعاء) وكره بعضهم عيادة المريض فيه ويحمد فيه الاستحمام والدعاء مستجاب فيه بعد الزوال قبل وقت العصر لانه عليه السلام استجيب له الدعاء على الأحزاب فى ذلك الوقت وقد بنى على موضع الدعاء مسجد فى المدينة يقال له مسجد الاستجابة يزار الآن وفى الحديث (ما من شىء بدىء يوم الابعاء الا وقدتم) فينبغى البداءة بنحو التدريس فيه وكان صاحب الهداية يوقف ابتداء الأمور على الأربعاء ويروى هذا الحديث ويقول كان هكذا يفعل ابى ويرويه عن شيخه احمد بن عبد الرشيد. وسئل عن يوم الخميس فقال (يوم قضاء الحوائج) لان فيه دخل ابراهيم
عليه السلام على ملك مصر فاكرمه وقضى حاجته وأعطاه هاجر وهو يوم الدخول على السلطان وفى الحديث (من احتجم يوم الخميس فحم مات فى ذلك المرض) . وسئل عن يوم الجمعة فقال (يوم نكاح وخطبة) ايضا نكح فيه آدم حواء ويوسف زليخا وموسى بنت شعيب وسليمان بلقيس وصح انه عليه السلام نكح فيه خديجة وعائشة رضى الله عنهما وعن ابن مسعود رضى الله عنه (من قلم أظفاره يوم الجمعة اخرج الله منه داء وادخل فيه شفاء) وقال الأصمعي دخلت على الرشيد يوم الجمعة وهو(8/240)
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14)
يقلم الأظفار فقال قلم الأظفار يوم الجمعة من السنة وبلغني انه ينفى الفقر فقلت يا امير المؤمنين وأنت تخشى الفقر فقال وهل أحد أحشى للفقر منى وعن على رضى الله عنه رفعه من صام يوم الجمعة صبرا واحتسابا اعطى عشرة ايام غرزهر لا تشاكلهن ايام الدنيا ومن سالت من عينه قطرة يوم الجمعة قبل الرواح اوحى الى ملك الشمال اطو صحيفة عبدى فلا تكتب عليه خطيئة الى مثلها من الجمعة الاخرى قال بعض العارفين شرف الازمنة وفضيلتها يكون بحسب شرف الأحوال الواقعة فيها من حضور المحبوب ومشاهدته قال عمر بن الفارض قدس سره
وعندى عيدى كل يوم ارى به ... جمال محياها بعين قريرة
وكل الليالى ليلة القدر ان دنت ... كما كل ايام اللقا يوم جمعة
وليوم الجمعة خواص تجيىء فى محلها ان شاء الله تعالى وفى الحديث أكثروا الصلاة على فى الليلة الزهراء واليوم الأغر فان صلاتكم تعرض على فأدعو لكم واستغفر والمراد بالليلة الزهراء ليلة الجمعة لتلألؤ أنوارها وباليوم الأغر يوم الجمعة لبياضه ونورانيته وفى الحديث من صلى على فى يوم الجمعة وليلة الجمعة مائة مرة قضى الله له مائة حاجة سبعين من حوائج الدنيا وثلاثين من حوائج الاخرة ثم يوكل الله بذلك ملكا يدخله على فى قبرى كما تدخل عليكم الهدايا يخبرني بمن صلى على باسمه ونسبه الى عشيرته فأثبته عندى فى صحيفة بيضاء لأن علمى بعد موتى كعلمى فى حياتى
بروز جمعه درود محمد عربى ... ز روى قدر ز ايام ديكر افزونست
ز اختصاص كه او را بحضرت نبويست ... درو ثواب درود از قياس بيرونست
ثم ان الليل والنهار خزانتان ما أودعتهما ادتاه وانهما يعملان فيك فاعمل فيهما جعلنا الله وإياكم من المراقبين للاوقات فَإِنْ أَعْرَضُوا متصل يقوله قل أإنكم إلخ فان اعرض كفار قريش عن الايمان بعد هذا البيان وهو بيان خلق الاجرام العلوية والسفلية وما بينهما فَقُلْ لهم أَنْذَرْتُكُمْ اى أنذركم وأخوفكم وصيغة الماضي للدلالة على تحقق الانذار المنبئ عن تحقق المنذر صاعِقَةً اى عذابا هائلا شديد الوقع كأنه صاعقة يعنى ان الصاعقة فى الأصل قطعة من النار تنزل من السماء فتحرق ما أصابته استعيرت هنا للعذاب الشديد تشبيها له بها فى الشدة والهول وفى المفردات الصاعقة الصوت الشديد من الجو ثم يكون فيها نار فقط او عذاب او موت وهى فى ذاتها شىء واحد وهذه الأشياء تأثيرات منها وبالفارسية صاعقه از عذاب بيهوش سازنده وهلاك كنند مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ مانند عذاب قوم عاد كه باد صرصر بود وَثَمُودَ وعذاب قوم ثمود كه صيحه جبرائيل عليه السلام بوده اى لم يبق فى حقكم علاج الا إنزال العذاب الذي نزل على من قبلكم من المعاندين المتمردين المعرضين عن الله وطلبه وطلب رضاه فهم سلف لكم فى التكذيب والجحود والعناد وقد سلكتم طريقهم فتكونون كأمثالهم فى الهلاك قال مقاتل كان عاد وثمود ابني عم وموسى وقارون ابني عم والياس واليسع ابني عم وعيسى ويحيى ابني خالة وتخصيص اين دو قوم بجهت آنست كه در سفر رجلة الشتاء والصيف بر مواضع اين دو كروه كذشته آثار عذاب مشاهده ميكرده اند إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ الظاهر انه من اطلاق الجمع على المثنى فان الجائى هود الى عاد(8/241)
وصالح الى ثمود والجملة حال من صاعقة عاد اى مثل صاعقتهم كائنة فى وقت مجيىء الرسل إليهم فكذبوهم فالمراد كون متعلق الظرف حالا منها لأن الصاعقة قطعة نار تنزل من السماء فتحرق فهى جثة والزمان كما لا يكون صفة للجثة لا يكون حالا منها مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ متعلق بجاءتهم اى من جميع جوانبهم واجتهدوا بهم من كل جهة من جهات الإرشاد وطرق النصيحة تارة بالرفق وتارة بالعنف وتارة بالتشويق واخرى بالترهيب فليس المراد الجهات الحسية والأماكن المحيطة بهم او من جهة الزمان الماضي بالإنذار عما جرى فيه على الكفار من الوقائع ومن جهة الزمان المستقبل بالتحذير عما أعد لهم فى الآخرة ويحتمل ان يكون عبارة عن الكثرة كقوله تعالى يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فيراد بالرسل ما يعم المتقدمين منهم والمتأخرين او ما يعم رسل الرسل ايضا والا فالجائى رسولان كما سبق وليس فى الاثنين كثرة أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ اى بان لا تعبدوا ايها القوم اى يأمرونهم بعبادة الله وحده فان مصدرية ناصبة للفعل وصلت بالنهى كما توصل بالأمر فى مثل قوله ان طهرا (قال الكاشفى) در آمدند ودعوت كردند بانكه مپرستيد مكر خدايرا قالُوا استخفافا برسلهم لَوْ شاءَ رَبُّنا اى إرسال الرسل فانه ليس هنا فى ان تقدر المفعول مضمون جواب الشرط كثير معنى لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً اى لارسلهم بدلكم ولم يتخالجنا شك فى أمرهم فامنا بهم لكن لما كان ارسالهم بطريق الانزال قيل لانزل فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ على زعمكم فهو ليس إقرارا منهم بالإرسال كافِرُونَ قال فى بحر العلوم الفاء وقعت فى جواب شرط محذوف تقديره إذا أنتم بشر مثلنا من غير فضلكم علينا ولستم بملائكة فانا لا نؤمن بكم وبما جئتم به ولا يجب ان يكون ما دخلت عليه فعلا لجواز دخولها على الجملة الاسمية المركبة من مبتدأ وخبر وقال سعدى المفتى اشارة الى نتيجة قياسهم الفاسد الاستثنائى نقيض تاليه (قال الكاشفى) مشركان در بند صورت انبيا مانده از مشاهده معنى ايشان غافل بودند
چند صورت بينى اى صورت پرست ... هر كه معنى ديد از صورت پرست
ديده صورت پرستى را ببند ... تا شوى از نور معنى بهره مند
روى ان أبا جهل قال فى ملاء من قريش قد التبس علينا امر محمد عليه السلام فلو التمستم لنا رجلا عالما بالشعر والكهانة والسحر فكلمه ثم أتانا ببيان من امره فقال عتبة بن ربيعة والله لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر وعلمت من ذلك علما وما يخفى على فاتاه فقال أنت يا محمد خير أم هاشم أنت خير أم عبد المطلب أنت خير أم عبد الله فبم تشتم آلهتنا وتضللنا فان كنت تريد الرياسة عقدنا لك اللواء فكنت رئيسنا وان كان بك الباءة اى الجماع والشهوة زوجناك عشر نسوة تختارهن من بنات قريش وان كان بك المال جمعنا لك ما تستغنى به ورسول الله عليه السلام ساكت فلما فرغ عتبة قال عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم حم الى قوله مثل صاعقة عاد وثمود فامسك عتبة على فيه عليه السلام وناشده بالرحم يعنى عتبه در شنيدن كلام خداى عز وجل چنان مبهوت ومدهوش كشت كه جاى سخن در وى نماند وبا آخر دست بر دهن رسول نهاد وكفت بحق رحم كه نيز بخوانى كه طاقتم برسيد ودرين سخن سركردان وحيران شدم ورجع الى اهله متحيرا من امره عليه السلام ولم يرجع(8/242)
فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (16) وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (18) وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20)
الى قريش ولم يخرج وكانوا منتظرين لخبره فلما احتبس عنهم قالوا ما نرى عتبة الا قد صبا يعنى صابى ومائل دين محمد شد فانطلقوا اليه وقالوا يا عتبة ما حبسك عنا الا انك قد صبأت فغضب ثم قال والله لقد كلمته فاجابنى بشىء والله ما هو شعر ولاكهانة ولا سحر ولما بلغ صاعقة عاد وثمود أمسكت بفيه وناشدته بالرحم ان يكف وقد علمتم ان محمدا إذا قال شيئا لم يكذب فخفت ان ينزل بكم العذاب راى من آنست كه اين مرد را فرو كذاريد با دين خويش وتعرض نرسانيد اگر عرب برو دست يابند خود شغل شما كفايت كردند واگر او بر عرب دست يابد ملك او ملك شماست وعز او عز شماست ابو جهل كفت چنان ميدانم كه سحر او بر تو اثر كرده وترا از حال خود بگردانيده عتبه كفت راى من اينست كه شما هر چهـ ميخواهيد بكنيد فكان من أمرهم الإصرار حتى قتلوا فى وقعة بدر وابى الله الا ان يتم نوره ويظهر دينه فما كان الا ما أراد الله دون ما أرادوا فَأَمَّا عادٌ لما كان التفصيل مسببا عن الإجمال السابق ادخل عليه الفاء السببية پس آماده كرده وعاديان فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ در زمين احقاق در بلاد يمن اى تعظموا فيها على أهلها بِغَيْرِ الْحَقِّ اى بغير الاستحقاق للتعظيم وركنوا الى قوة نفوسهم وَقالُوا اغترارا بتلك القوة الموقوفة على عظم الأجسام مَنْ استفهام أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً وكان طول كل واحد منهم ثمانية عشر ذراعا وبلغ من قوتهم أن الرجل كان يقتلع الصخرة من الجبل ويجعلها حيث شاء وكانوا يظنون انهم يقدرون على دفع العذاب بفضل قوتهم فخانتهم قواهم لما استمكن منهم بلواهم وقد رد الله عليهم بقوله أَوَلَمْ يَرَوْا آيا ندانستند مغرور شدكان بقوت خود اى أغفلوا ولم يعلموا علما جليا شبيها بالمشاهدة والعيان أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ وخلق الأشياء كلها خصوصا الاجرام العظيمة كالسموات والجبال ونحوها وانما أورد فى حيز الصلة خلقهم دون خلق السموات والأرض لادعائهم الشده فى القوة هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً اى قدرة لأن قدرة الخالق لا بد وان تكون أشد من قدرة المخلوق إذ قدرة المخلوق مستفادة من قدرة الخالق والقوة عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف ولما كانت صيغة التفضيل تستلزم اشتراك المفضل المفضل عليه فى الوصف الذي هو مبدأ اشتقاق افعل ولا اشتراك بينه تعالى وبين الإنسان فى هذه القوة لكونه منزها عنها أريد بها القدرة مجازا لكونها مسببة عن القوة بمعنى صلابة البنية وَكانُوا وبودند وقوم عاد كه از روى تعصب بِآياتِنا المنزلة على الرسل يَجْحَدُونَ الجحود الإنكار مع العلم اى ينكرونها وهم يعرفون حقيقتها كما يجحد المودع الوديعة وينكرها فهو عطف على فاستكبروا وما بينهما اعتراض للرد على كلمتهم الشنعاء والمعنى أنهم جمعوا بين الاستكبار وطلب العلو فى الأرض وهو فسق وخروج عن الطاعة بترك الإحسان الى الخلق وبين الجحود بالآيات وهو كفر وترك لتعظيم الحق فكانوا فسقة كفرة وهذان الوصفان لما كانا أصلي جميع الصفات الذميمة لا جرم سلط الله عليهم العذاب كما قال فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً لتقلعهم من أصولهم اى باردة تهلك وتحرق بشدة بردها كاحراق النار بحرها من الصر وهو البرد الذي(8/243)
يصر اى يجمع ويقبض اى ريحا عاصفة تصر صرأى تصوت فى هبوبها من الصرير وبالفارسية باد صرصر بآواز مهيب قيل انها الدبور مقابل القبول اى الصبا التي تهب من مطلع الشمس فيكون الدبور ما تهب من مغربها والصرصر تكرير لبناء الصر قال الراغب الصر الشد والصرة ما يعقد فيه الدراهم والصرصر لفظه من الصر وذلك يرجع الى الشد لما فى البرودة من التعقيد إذ هى من الفعليات لأنها كشيفة من شأنها تفريق المتشاكلات وجمع المختلفات فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ جمع نحسة من نحس نحسا نقيض سعد سعدا كلاهما على وزن علم والنحسان زحل والمريخ وكذا آخر شباط وآخر شوال ايضا من الأربعاء الى الأربعاء وذلك سبع ليال وثمانية ايام يعنى كانت الريح من صبيحة الأربعاء لثمان بقين من شوال الى غروب الأربعاء الآخر وهو آخر الشهر ويقال لها ايام الحسوم وسيأتى تفصيلها فى سورة الحاقة وما عذب قوم الا فى يوم الأربعاء وقال الضحاك امسك
الله عنهم المطر ثلاث سنين ودامت الرياح عليهم من غير مطر وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه إذا أراد الله بقوم خيرا أرسل عليهم المطر وحبس عنهم كثرة الرياح وإذا أراد بقوم شرا حبس عنهم المطر وسلط عليهم كثرة الرياح والمعنى فى ايام منحوسات مشئومات ليس فيها شىء من الخير فنحوستها أن الله تعالى ادام تلك الرياح فيها على وتيرة وحالة واحدة بلا فتور وأهلك القوم بها لا كما يزعم المنجمون من أن بعض الأيام قد يكون فى حد ذاته نحسا وبعضها سعدا استدلالا بهذه الآية لأن اجزاء الزمان متساوية فى حد ذاتها ولا تمايز بينها الا بحسب تمايز ما وقع فيها من الطاعات والمعاصي فيوم الجمعة سعد بالنسبة الى المطيع نحس بالنسبة الى العاصي وان كان سعدا فى حد نفسه قال رجل عند الأصمعي فسد الزمان فقال الأصمعي
ان الجديدين فى طول اختلافهما ... لا يفسد ان ولكن يفسد الناس
وقيل ندم زماننا والعيب فينا ... ولو نطق الزمان إذا هجانا
وقال الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره الملابس إذا فصلت وخيطت فى وقت رديىء اتصل بها خواص رديئة انتهى يقول الفقير لعله أراد عروض الرداءة لها بسبب من الأسباب كيوم الأربعاء بما وقع فيه من العذاب لا أن الله خلقه رديئا فلا تنافى بين كلامه وبين ما سبق والظاهر أن الله تعالى خلق اجزاء الزمان والمكان على تفاوت وكذا سائر الموجودات كما لا يخفى لِنُذِيقَهُمْ بالريح العقيم عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا اضافة العذاب الى الخزي من قبيل اضافة الموصوف الى الصفة على طريق التوصيف بالمصدر للمبالغة اى العذاب الخزي اى الذليل المهان على ان الذليل المهان فى الحقيقة اهل العذاب لا العذاب نفسه وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ وهر آينه عذاب آن سراى أَخْزى اى أذل وأزيد خزيا من عذاب الدنيا وبالفارسية سختتر است از روى رسوايى. وهو فى الحقيقة ايضا وصف للمعذب وقد وصف به العذاب على الاسناد المجازى لحصول الخزي بسببه وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ بدفع العذاب عنهم بوجه من الوجوه لا فى الدنيا ولا فى الآخرة لأنهم لم ينصروا الله ودينه واما المؤمنون فانهم وان كانوا(8/244)
وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17)
ضعفاء فقد نصرهم الله لأنهم نصروا الله ودينه فعجبا من القوة فى جانب الضعف وعجبا من الضعف فى جانب القوة وفى الحديث انكم تنصرون بضعفائكم اى الضعفاء الداعين لكم بالنصرة وقال خالد بن برمك اتقوا مجانيق الضعفاء اى دعواتهم يقول الفقير انما عذبت عاد بريح صرصر لأنهم اغتروا بطول قاماتهم وعظم أجسادهم وزيادة قوتهم فظنوا أن الجسم إذا كان فى القوة والثقل بهذه المرتبة فهو يثبت فى مكانه ويستمسك ولا يزيله عن مقره شىء من البلاء فسلط الله عليهم الريح فكانت أجسامهم كريشة فى الهولء وكان عليه السلام يجثو على ركبتيه عند هبوب الرياح ويقول اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها لنا رياحا اى رحمة ولا تجعلها ريحا اى عذابا وأراد به أن اكثر ما ورد فى القرآن من الريح بلفظ المفرد فهو عذاب نحو فارسلنا عليهم ريحا صرصرا وأرسلنا عليهم الريح العقيم وان جاء فى الرحمة ايضا نحو وجرين بهم بريح طيبة وكل ما جاء بلفظ الجمع على الرياح فهو رحمة لا غير ويقول عليه السلام اى عند هبوب الرياح وعند سماع الصوت والرعد والصواعق ايضا اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك وفى الحديث لا تسبوا الريح فاذا رأيتم ما تكرهون فقولوا اللهم انا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به (كما فى المصابيح) ريح صرصر باد نفس اژدهاست قلب ازو در اضطراب ومكرهاست هر كه پابر جا شود در عهد دين پايدارش ميكند حق چون زمين وَأَمَّا ثَمُودُ اى قبيلة ثمود فهو غير منصرف للعلمية والتأنيث ومن نونه وصرفه جعله اسم رجل وهو الجد الأعلى للقبيلة فَهَدَيْناهُمْ الهداية هنا عبارة عن الدلالة على ما يوصل الى المطلوب سوآء ترتب عليها الاهتداء أم لا كما فى قوله تعالى وانك لتهدى الى صراط مستقيم وليست عبارة عن الدلالة المقيدة بكونها موصلة الى البغية كما فى قوله تعالى والله لا يهدى القوم الكافرين والمعنى فدللناهم على الحق بنصب الآيات التكوينية وإرسال الرسل وإنزال الآيات الشريفة ورحمنا عليهم بالكلية فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى حقيقة الاستحباب ان يتحرى الإنسان فى الشيء ان يحبه واقتضى تعديته بعلى معنى الإيثار والاختيار كما فى المفردات اى اختاروا الضلالة من عمى البصيرة وافتقادها على الهداية والكفر على الايمان والمعصية على الطاعة قال صاحب الكشف فى لفظ الاستحباب ما يشعر بأن قدرة الله تعالى هى المؤثرة وان لقدرة العبد مدخلا ما فان المحبة ليست اختيارية بالاتفاق وإيثار العمى حبا وهو الاستحباب من الاختيارية واعترض عليه سعدى المفتى فى حواشيه بأنه كيف لا تكون المحبة اختيارية ونحن مكلفون بمحبة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولا تكليف بغير الاختياري ألا يرى الى قوله عليه السلام لعمر رضى الله عنه الآن يا عمر يعنى فى قول عمر ورسول الله آخذ بيده يا رسول الله أنت أحب الى من كل شىء الا نفسى فقال عليه السلام لا والذي نفسى بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال عمر الآن والله أنت أحب الى من نفسى فقال الآن يا عمر اى صار إيمانك كاملا والجواب على ما فى شرح المشارق لابن الملك أن المراد من هذه المحبة محبة الاختيار(8/245)
وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (18)
لا محبة الطبع لأن كل أحد مجبول على حب نفسه أشد من غيرها فمعنى الحديث لا يكون إيمانك كاملا حتى تؤثر رضاى على رضى نفسك وان كان فيه هلاكك ونظيره قوله تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة فهم مع احتياجهم آثروا أنفسهم على أنفسهم وكذا المحب آثر رضى المحبوب على رضى نفسه مع كون محبته لنفسه أشد من محبته له وقيل ان ثمود فى الابتداء آمنوا وصدقوا ثم ارتدوا وكذبوا فاجراهم مجرى إخوانهم فى الاستئصال فتكون الهداية بمعنى الدلالة المقيدة قال ابن عطاء البسوا لباس الهداية ظاهرا وهم عوارى فيتحقق عليهم لباس الحقيقة فاستحبوا العمى على الهدى فردوا الى الذي سبق لهم فى الأزل يعنى أن جبلة القوم كانت جبلة الضلالة فمالوا الى ما جبلوا عليه من قبول الضلال فان السوابق تؤثر فى العواقب بدون العكس فلا عبرة بالهداية المتوسطة لأنها عارضة (قال الحافظ) چون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست آن به كه كار خود بعنايت رها كنند فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ الهون مصدر بمعنى الهوان والذلة يقال هان هونا وهوانا ذل كما فى القاموس وصف به العذاب للمبالغة اى اخذتهم داهية العذاب المهين كأنه عين الهوان وبالفارسية صاعقه عذاب خواركننده يعنى صيحه جبرائيل ايشانرا هلاك كرده فالصاعقة هى العذاب الهون شبه بها لشدته وهو له كما بين فيما سبق وقيل صاعقة من السماء اى نار فاهلكتهم وأحرقتهم فيكون من اضافة النوع الى الجنس بتقدير من اى من جنس العذاب المهين الذي بلغ فى إفادة الهوان للمعذب الى حيث كان عين الهوان بِما كانُوا يَكْسِبُونَ من اختيار الضلالة والكفر والمعصية قال الكاشفى بسبب آنچهـ بودند كسب كردند از تكذيب صالح وعقر ناقة يقول الفقير اما حكمة الابتلاء بالصيحة فلعدم استماعهم الحق من لسان صالح عليه السلام مع أن الاستحباب المذكور صفة الباطن وبالصيحة تنشق المرارة فيفسد الداخل والخارج واما بالنار فلأحراقهم باطن ولد الناقة بعقر امه فابتلوا بالإحراق الظاهر ألا ترى ان يعقوب ذبح جديا بين يدى امه فابتلى بفراق يوسف واحتراقه على ما قاله البعض وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا من تلك الصاعقة وكانوا مائة وعشرة انفس وَكانُوا يَتَّقُونَ الشرك او عقر الناقة وفيه اشارة الى التنجية من عذاب النار وهى انواع فمنهم من نجاهم من غير ان رأوا النار عبروا القنطرة ولم يعلموا وقوم كالبرق الخاطف وهم الاعلام وقوم كالراكض وهم ايضا الأكابر وقوم على الصراط يسقطون وتردهم الملائكة على الصراط فبعد وبعد وقوم بعد ما دخلوا النار فمنهم من تأخذه الى كعبيه ثم الى ركبتيه ثم الى حقويه فاذا بلغت القلب قال الحق تعالى للنار لا تحرقى قلبه فانه محترق فى وقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا وصاروا حمما الامتحاش سوخته شدن والحمم جمع حممة بالضم وهو الفحم كما فى القاموس وفى الحديث يدخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار ثم يقول الله تعالى أخرجوا من النار من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من ايمان فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون فى نهر الحياة فينبتون كما نبت الحبة فى جانب السيل واشارت الآية الى ان سبب النجاة من النار هو الايمان والتقوى وهما من صفات القلب فاذا هرب العبد من(8/246)
وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20)
مقام النفس ودخل فى مقام القلب كان آمنا سالما من انواع الألم فى الدنيا والآخرة والا كان معذبا (حكى) أن أبا يزيد البسطامي قدس سره دخل الحمام يوما فاصابه الحر فصاح فسمع نداء من الزوايا الأربع يا أبا يزيد مالم تسلط عليك نار الدنيا لم تذكرنا ولم تستغث بنا وفيه اشارة الى أن المقبول هو التدارك وقت الاختيار والايمان وقت التكلف وإلا خرج الأمر من اليد ولا تفيد الصيحة وقت الوقوع فى العذاب تو پيش از عقوبت در عفو كوب كه سودى ندارد فغان زير چوب والكافر تنزل عليه ملائكة العذاب والمؤمن تصافحه الملائكة قال الله تعالى اسمع يا موسى ما أقول فالحق ما أقول انه من تكبر على مسكين حشرته يوم القيامة على صورة الذر ومن تواضع لعالم رفعته فى الدنيا والآخرة ومن رضى بهتك ستر مسلم هتكت ستره سبعين مرة ومن أهان مسلما فقد بارزني بالمحاربة ومن أمن بي صافحته الملائكة فى الدنيا والآخرة جهرا اللهم وفقنا لما ترضى وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ الحشر إخراج الجماعة من مقرهم وازعاجهم عنه الى الحرب وغيرها ولا يقال الا فى الجماعة ويوم منصوب با ذكر المقدر والمعنى واذكر يا محمد لقومك يوم يحشر أعداء الله المذكورون من عاد وثمود لا الأعداء من الأولين والآخرين بمعنى انهم يجمعون الى النار كقوله قل ان الأولين والآخرين لمجموعون الى ميقات يوم معلوم لما سياتى من قوله تعالى فى امم قد خلت من قبلهم من الجن والانس والتعبير بالاعداء للذم والإيذان بعلة ما يحيق بهم من فنون العذاب إِلَى النَّارِ الى موقف الحساب إذ هناك تتحقق الشهادة الآتية لا بعد تمام السؤال والجواب وسوقهم الى النار والتعبير عنه بالنار اما للايذان بانها عاقبة حشرهم وانهم على شرف دخولها واما لأن حسابهم يكون على شفيرها وفى الآية اشارة الى ان من لم يمتثل الى أوامر الله ولم يجتنب عن نواهيه ولم يتابع رسوله فهو عدو الله وان كان مؤمنا بالله مقرا بوحدانيته وان ولى الله من كان يؤمن بالله ورسله ويمتثل أوامر الله فى متابعة الرسول ويحشر الأولياء الى الله وجنته كما يحشر الأعداء الى نار البعد وجحيمه فَهُمْ يُوزَعُونَ يقال وزعته عن كذا كوضع كففته اى يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا وهو كناية عن كثرة اهل النار وفيه اشارة الى ان فى الوزع عقوبة لهم حَتَّى إِذا ما جاؤُها غاية ليحشر وليوزعون اى حتى إذا حضروا النار جميعا وبالفارسية تا وقتى كه بيابند بآتش وما مزيدة لتاكيد اتصال الشهادة بالحضور يعنى ان وقت مجيئهم النار لا بد ان يكون وقت الشهادة عليهم شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ إلخ لأنهم كانوا استعملوها فى معاصى الله بغير اختيارهم فشهدت الآذان بما سمعت من شر وأفرد السمع لكونه مصدرا فى الأصل وَأَبْصارُهُمْ بما نظرت الى حرام وَجُلُودُهُمْ ظواهر أنفسهم وبشراتهم بما لا مست محظورا والجلد قشر البدن وقيل المراد بالجلود الجوارح والأعضاء وأول عضوى كه تكلم كند زان كف دست راست بود بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فى الدنيا ويقال تخبر كل جارحة بما صدر من أفاعيل صاحبها لا ان كلا منها تخبر بجناياتها المعهودة فقط فالموصول عبارة عن جميع أعمالهم السيئة وفنون كفرهم ومعاصيهم وتلك الشهادة بان ينطقها الله كما انطق اللسان إذ ليس نطقها باغرب من نطق(8/247)
وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24)
اللسان عقلا وكما انطق الشجرة والشاة المشوية المسمومة بان يخلق فيها كلاما كما عند اهل السنة فان البنية ليست بشرط عندهم للحياة والعقل والقدرة كما عند المعتزلة وفى حواشى سعدى المفتى بان ينطقها لا على ان تكون تلك الأعضاء آلاته ولا على ان تكون القدرة والارادة آلة فى الانطاق وكيف وهى كارهة لما نطقوا به بل على ان تكون الأعضاء هى الناطقة بالحقيقة موصوفة بالقدرة والارادة وفيه تأمل انتهى روى انه عليه السلام ضحك يوما حتى بدت نواجذه ثم قال الا تسألون مم ضحكت قالوا مم ضحكت يا رسول الله قال عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة قال يقول يا رب أليس قد وعدتني ان لا تظلمنى قال فان لك ذلك قال فانى لا اقبل شاهدا الا من نفسى قال الله تعالى او ليس كفى بي شهيدا وبالملائكة الكرام الكاتبين فيقول اى رب اجرتنى من الظلم فلن اقبل على شاهدا الا من نفسى قال فيختم على فيه وتتكلم الأركان بما كان يعمل قال عليه السلام فيقول لهن بعدا لكن وسحقا عنكن كنت أجادل وهذه الرواية تنطق بان المراد بالجلود الجوارح وفيه اشارة الى ان الجماد فى الآخرة يكون حيوانا ناطقا كما قال تعالى وان الدار الآخرة لهى الحيوان وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ توبيخا لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا وصيغة جمع العقلاء فى خطاب الجلود وكذا فى قوله تعالى قالوا أنطقنا إلخ لوقوعها فى موقع السؤال والجواب المختصين بالعقلاء ولعل تخصيص الجلود لأنها بمرائى منهم بخلاف غيرها او لأن الشهادة منها اعجب وابعد إذ ليس شانها الإدراك بخلاف السمع والبصر والمراد الإدراك اللازم للشهادة وهو الابصار او الاسماع إذ الشهادة لا تكون الا بالمعاينة او السماع والإدراك اللمسى لا مدخل له فى الشهادة فيحصل التعجب والبعد وعن ابن عباس رضى الله عنهما المراد بشهادة الجلود شهادة الفروج لأنها لا تخلو عن الجلود والله حيى يكنى وهو الأنسب بتخصيص السؤال بها فى قوله وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا ما نشهد به من الزنى أعظم جناية وقبحا واجلب للخزى والعقوبة مما يشهد به السمع والابصار من الجنايات المكتسبة بتوسطها (قالُوا) اى الجلود (أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) ناطق واقدرنا على بيان الواقع فشهدنا عليكم بما عملتم بواسطتنا من القبائح وما كتمناها وفى الآية اشارة الى ان الأرواح والأجسام متساوية فى قدرة الله تعالى ان شاء جعل الأرواح بوصف الأجسام صما بكما عميا فهم لا يعقلون وان شاء جعل الأجسام بوصف الأرواح تنطق وتسمع وتبصر وتعقل (وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) واز عدم بوجود آورد (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فان من قدر على خلقكم وانشائكم اولا وعلى اعادتكم ورجعكم اى ردكم الى جزائه ثانيا لا يتعجب من إنطاقه لجوار حكم وفى تفسير الجلالين هو ابتداء اخبار عن الله تعالى وليس من كلام الجلود ولعل صيغة المضارع مع ان هذه المحاورة بعد البعث والرجع لما ان المراد بالرجع ليس مجرد الرد الى الحياة بالبعث بل ما يعمه وما يترتب عليه من العذاب الخالد المترقب عند التخاطب على تغليب المتوقع على الواقع على ان فيه مراعاة الفواصل يقول الفقير قد ثبت فى علم الكلام ان الله تعالى قد خلق كلا من الحواس لادراك أشياء مخصوصة كالسمع للاصوات والذوق للطعوم والشم للروائح لكن ذلك الإدراك بمحض خلق الله تعالى من غير تأثير الحواس فلا يمتنع(8/248)
وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)
ان يخلق عقيب صرف الباصرة ادراك الأصوات مثلا وان لم يكن واقعا بالفعل وقد صح ان موسى عليه السلام سمع كلام الله تعالى من كل جانب بكل جانب وقس عليه الرؤية ليلة المعراج فانه عليه السلام كان بصرا محضا فى صورة الجسم وكذلك اللسان فانه مخلوق للنطق لكن الله تعالى إذا أراد كان جميع البدن لسانا مع ان الإنسان لما تشرف بالحياة والنطق كان جميع اجزائه ناطقا حكيما كما كان حيا حقيقة وذلك لاضافته الى الحي الناطق بل وسر الحياة والنطق سار فى جميع اجزاء العالم فضلا عن أعضاء بنى آدم وقد ورد ان كل شىء سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له يوم القيامة فهذه الشهادة من باب النطق لا عن علم وتعقل فليحذر العبد عن شهادة الأعضاء وكذا المكان والزمان وعن علاء بن زياد قال ليس يوم يأتى من ايام الدنيا الا يتكلم ويقول يا ايها الناس انى يوم جديد وانا على ما يعمل فى شهيد وانى لو غربت شمسى لم ارجع إليكم الى يوم القيامة قال الصائب
غبار قابله عمر چون نمايان نيست ... دو اسبه رفتن ليل ونهار را درياب
وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ قوله ان يشهد فى موضع النصب بإسقاط الخافض اى من ان يشهد لأن استتر لا يتعدى بنفسه او فى موضع الجر على تقدير المصاف اى مخافة ان يشهد ولا فى الموضعين زائدة لتاكيد النفي وهذه حكاية لما سيقال للاعداء يومئذ من جهته تعالى بطريق التوبيخ والتقريع تقرير الجواب الجلود والمعنى وما كنتم تستترون فى الدنيا عند مباشرتكم الفواحش مخافة ان تشهد عليكم جوارحكم بذلك لأنها كانت أجساما صامتة غير ناطقة ولم يكن فى حسابكم ما استقبلكم كما كنتم تستترون من الناس بالحيطان والحجب وظلمة الليل مخافة الافتضاح عندهم بل كنتم جاحدين بالبعث والجزاء راسا فضلا عن شهادة الأعضاء وفيه تنبيه على ان المؤمن ينبغى ان يتحقق ان لا يمر عليه حال الا وعليه رقيب وان الله معه أينما كان وفى الحديث أفضل ايمان المرء ان يعلم ان الله معه حيث كان يار با تست هر كجا هستى جاى ديكر چهـ خواهى اى او باش با تو در زير يك كليم چواوست پس برو اى حريف خود را باش فعلى العبد ان يحفظ نفسه ويحاسبها قبل ان تحاسب قال البقلى فى عرائسه من باشر المعصية تظهر آثارها على جوارحه لا يقدر ان يسترها ولو كان عالما بنفسه يستغفر فى السر عند الله حتى تضمحل آثارها ولا يرى وجود تلك الآثار صاحب كل نظرة قال ابو عثمان رحمه الله من لم يذكر فى وقت مباشرته الذنوب شهادة جوارحه عليه يجترىء على الذنوب ومن ذكر ذلك حين مباشرتها ربما تلحقه العصمة والتوفيق فيمنعانه عنها وفضوح الدنيا فالنار ولا العار وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ عند استتاركم أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ من القبائح المخفية فلا يظهرها فى الآخرة على تقدير وقوعها ولذلك اجترأتم على ما فعلتم يشير الى معتقد الفلاسفة الزنادقة فانهم يعتقدون ان الله لا يكون عالم الجزئيات وفيه إيذان بان شهادة الجوارح بإعلامه تعالى حينئذ لا بانها كانت عالمة بما شهدت به عند صدوره عنهم وادخل الكثير لكونهم يزعمون ان الله يعلم ما يجهر به دون ما يسر عن ابن مسعود رضى الله عنه كنت مستترا بأستار الكعبة فدخل ثلاثة نفر ثقفيان وقرشى او قرشيان وثقفى كثير شحم بطونهم قليل فقه بطونهم قيل(8/249)
وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24)
الثقفي عبدياليل والقرشيان ختناه ربيعة وصفوان بن امية فقال أحدهم أترون أن الله يسمع ما نقول قال الآخر يسمع ان جهرنا ولا يسمع ان أخفينا فذكرت ذلك للنبى عليه السلام فانزل الله تعالى وما كنتم تسترون إلخ فالحكم المحكي حينئذ يكون خاصا بمن كان على ذلك الاعتقاد من الكفرة ولعل الأنسب ان يراد بالظن معنى مجازى يعم المعنى الحقيقي وما جرى مجراه من الأعمال المنبئة عنه كما فى قوله تعالى يحسب أن ما له أخلده فان معناه يعمل عمل من يظن أن ما له يبقيه حيا ليعم ما حكى من الحال جميع اصناف الكفرة فتدبر كذا فى الإرشاد وَذلِكُمْ الظن ايها الأعداء وهو مبتدأ خيره قوله ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ والا فالله تعالى عالم بجميع الكليات والجزئيات لأنه متجل بأسمائه وصفاته فى جميع الموجودات وهو خالق الأعمال وسائر الاعراض والجواهر والمطلع على البواطن والسرائر كما على الظواهر والتغاير بين العنوانين امر جلى لظهوران ظن عدم علم الله غير الظن بالرب فيصح ان يكون خبر اله أَرْداكُمْ خبر آخر له اى أهلككم وطرحكم فى النار فَأَصْبَحْتُمْ اى صرتم بسبب ذلك الظن السوء الذي أهلككم مِنَ الْخاسِرِينَ از زيانكاران إذ صار ما منحوا لسعادة الدارين من القوة العاقلة والأعضاء سببا لشقاء النشأتين اما كونها سببا لشقاء الآخرة فظاهر واما كونها سببا لشقاء الدنيا فمن حيث انها كانت مفضية فى حقهم بسوء اختيارهم الى الجهل المركب بالله سبحانه وصفاته واتباع الشهوات وارتكاب المعاصي وفى التأويلات النجمية من الخاسرين الذين خسروا بذر أرواحهم فى ارض أجسادهم بان لم يصل اليه ماء الايمان والعمل الصالح ففسد حتى صاروا بوصف الأجساد صما بكما عميا فهم لا يعقلون وفى بحر العلوم من الخاسرين اى الكاملين فى الخسران حيث ظننتم بالله ظن السوء وسوء الظن بالله من اكبر الكبائر كحب الدنيا وقال الحسن رحمه الله ان قوما الهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا وما لهم حسنة يقول أحدهم انى احسن الظن بربي وكذب لو أحسن الظن لأحسن العمل وتلا قوله تعالى وذلكم ظنكم الآية فالظن اثنان ظن ينجى وهو ما قارن حسن الاعتقاد وصالح العمل وظن يردى وهو ما لم يقارن ذلك فلا بد من السعى درين دركاه سعى هيچكس ضايع نميكردد بقدر آنچهـ فرمان ميبرى فرمان روا كردى فَإِنْ يَصْبِرُوا فى النار على العذاب وأمسكوا عن الاستغاثة والجزع مما هم فيه انتظارا للفرج زاعمين أن الصبر مفتاح الفرج فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ اى محل ثواء واقامة أبدت لهم بحيث لاخلاص لهم منها فلا ينفعهم صبرهم والالتفات الى الغيبة للاشعار بأبعدهم عن حيز الخطاب والإبقاء فى غاية دركات النار وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا اى يسألوا العتبى وهو الرجوع الى ما يحبونه جزعا مما هم فيه فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ اى المجابين الى العتبى فيكون صبرهم وجزعهم سوآء فى أن شيأ منهما لا يؤدى الى الخلاص ونظيره قوله تعالى سوآء علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص (قال فى تاج المصادر) الاعتاب خشنود كردن والاستعتاب از كسى حق خواستن كه ترا خشنود كند وآشتى خواستن وفى القاموس العتبى الرضى واستعتبه أعطاه العتبى كاعتبه وطلب اليه العتبى ضد وفى المفردات اعتبته أزلت عنه عتبه نحو أشكيته(8/250)
وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29) إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)
ومنه فما هم من المعتبين والاستعتاب ان يطلب من الإنسان ان يذكر عتبه فيعتب والعتب الشدة والأمر الكريه والغلظة التي يجدها الإنسان فى نفسه على غيره وَقَيَّضْنا لَهُمْ التقييض تقدير كردن وسبب ساختن اى قدرنا وقرنا للكفرة فى الدنيا قُرَناءَ جمع قرين اى أخذنا من شياطين الانس والجن وأصدقاء يستولون عليهم استيلاء القيض على البيض وهو القشر الأعلى وفيه حجة على القدرية فان هذا على التخلية بينهم وبين التوفيق لاجله صاروا قرناء هم وهم لا يقولون بموجب الآية فَزَيَّنُوا لَهُمْ اى قرناؤهم ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ من امور الدنيا واتباع الشهوات وَما خَلْفَهُمْ من امور الآخرة حيث أروهم أن لا بعث ولا حساب ولا مكروه قط جعل امر الدنيا بين أيديهم كما يقال قدمت المائدة بين أيديهم والآخرة لما كانت تأتيهم بعد هذا جعلت خلفهم كما يقال لمن يجيىء بعد الشخش انه خلفه وهذا هو الذي تقتضيه ملاحظة الترتيب الوجودي وقيل ما بين أيديهم الآخرة لأنها قدامهم وهم متوجهون إليها وما خلفهم الدنيا لأنهم يتركونها خلفهم وفى عرائس البيان زينت النفس الشهوات والشياطين التسويف والامهال وهذا ما بين أيديهم وما خلفهم قال الجنيد لا تألف النفس الحق ابدا وقال ابن عطاء النفس قرين الشيطان والفه ومتبعه فيما يشير اليه مفارق للحق مخالف له لا يألف الحق ولا يتبعه قال الله تعالى وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم من طول الأمل وما خلفهم من نسيان الذنوب در سر اين غافلان طول امل دانى كه چيست آشيان كردست مارى در كبوتر خانه وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ اى ثبت وتقرر عليهم كلمة العذاب وتحقيق موجبها ومصداقها وهى قوله لأملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ونحوه فِي أُمَمٍ حال من الضمير المجرور اى كائنين فى جملة امم وقيل فى بمعنى مع وهذا كما ترى صريح فى ان المراد بأعداء الله فيما سبق المعهودون من عاد وثمود لا الكفار من الأولين والآخرين كما قيل قَدْ خَلَتْ صفة الأمم اى مضت مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ على الكفر والعصيان كدأب هؤلاء الكفار إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ تعليل لاستحقاقهم العذاب والضمير للاولين والآخرين ز نقد معرفت امروز مفلس ز سود آخرت فردا تهى دست وفى كشف الاسرار إذا أراد الله بعبد خيرا قيض له قرناء خير يعينونه على الطاعة ويدعونه إليها وإذا أراد الله بعبد سوأ قيض له اخدان سوء يحملونه على المخالفات ويدعونه إليها ومن ذلك الشيطان فانه مسلط على الإنسان بالوسوسة وشر من ذلك النفس الامارة بالسوء تدعو اليوم الى ما فيه هلاكها وهلاك العبد وتشهد غدا عليه بما دعته اليه واوحى الى داود عليه السلام عاد نفسك يا داود فقد عزمت على معاداتك ولهذا قال عليه السلام رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر وفى الخبر من مقت نفسه فى ذات الله امنه الله من عذاب يوم القيامة قير ابو على دقاق را قدس سره پرسيدند كه خويشتن را چهـ كونه مى بينى كفت چنان مى بينم كه اگر پنجاه ساله عمر مرا بر طبقى نهند وكرد هفت آسمان وهفت زمين بگردانند مرا از هيچ ملك مقرب در آسان شرم نبايد داشت واز هيچ آفريده در زمين حلالى نبايد خواست اى مرد بدين صفت كه شنيدى بوقت نزع كوزه آب پيش وى(8/251)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28)
داشتند كفتند در حرارت جان داد جكر را تبريدى بده كفت هنكام آن نيست كه اين دشمن أصلي را واين نفس ناكس را شربتى سازم نبايد كه چون قوت يابد دمار از من بر آرد
نفس اژدرهاست او كى مرده است ... از غم بى آلتى افسرده است
كر بيابد آلتى فرعون او ... كه بامر او همى رفعت آب جو
آنكه او بنياد فرعونى كند ... راه صد موسى وصد هارون زند
وإذا كانت النفس بهذه الشقاوة والخسارة فلا بد من إصلاحها وتزكيتها لئلا يحق عليها القول وتدخل النار مع الداخلين واصل الخسارة إفساد الاستعداد الفطري كأفساد بعض الأسباب البيضة فانها إذا فسدت لم ينتفع بها نسال الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الرابحين لا من الخاسرين وان يكون عونا لنا على النفس وإبليس وسائر الشياطين وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا من رؤساء المشركين لأعقابهم واشقيائهم او قال بعضهم لبعض لا تَسْمَعُوا مشنويد وكوش منهيد لِهذَا الْقُرْآنِ لسماعه وَالْغَوْا فِيهِ اللغو من الكلام ما لا يعتد به وهو الذي لاعن روية وفكر فيجرى مجرى اللغاء وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور اى ائتوا فيه بالباطل من الكلام الذي لا طائل تحته وعارضوه بالخرافات وهى الهذيان والأحاديث التي لا اصل لها مثل قصة رستم وإسفنديار وبانشاء الارجاز والاشعار وبالتصدية والمكاء اى التصفيق والصفير وارفعوا أصواتكم بها لتشوشوا على القارئ فيختلط عليه ما يقرأه لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ اى تغلبونه على قراءته فيترك القراءة ولا يتمكن السامع ايضا من سماعه أرادوا بذلك التلبيس والتشويش الاذية وايضا خافوا من انه لو سمعه الناس لآمنوا به وكان ذلك غالبا شان ابى جهل وأصحابه وفيه اشارة الى ان من شأن النفوس المتمردة إنشاء اللغو والباطل وحديث النفس على الدوام اشتغالا للقلوب بها عن استماع الإلهامات الربانية لعلها تغلب عليها ولم تعلم ان من استغرق فى سماع اسرار الغيب فليس له عما سوى الله خبر ولا لحديث النفس فيه اثر فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اى فو الله لنذيقن هؤلاء القائلين واللاغين او جميع الكفرة وهم داخلون فيهم دخولا أوليا عَذاباً شَدِيداً لا يقادر قدره كما دل التنكير والوصف وهذا تهديد شديد لأن لفظ الذوق انما يذكر فى القدر القليل يؤتى به لأجل التجربة وإذا كان ذلك الذوق وهو قدر قليل عذابا شديدا فقس عليه ما بعده وفيه اشارة الى ان الله تعالى إذا تجلى للقلوب احترقت النفوس بالفناء عن أوصافها وهو عذابها فكانت كأهل الجزية والخراج فى ارض الإسلام فكما كان اهل الايمان فى سلامة من اذاهم فكذا القلوب مع النفوس إذ لا كفر واعتراض مع الايمان والتسليم وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ اى جزاء سيئات أعمالهم التي هى فى أنفسها أسوأ فاذا كانت أعمالهم أسوأ كان جزاؤها كذلك فالاسوأ قصد به الزيادة المطلقة وانما أضيف الى ما عملوا للبيان والتخصيص وعن ابن عباس رضى الله عنهما عذابا شديدا يوم بدر وأسوأ الذي كانوا يعملون فى الآخره ذلِكَ المذكور من الجزاء وهو مبتدأ خبره قوله جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ اى جزاء معد لاعدائه النَّارُ عطف بيان للجزاء او ذلك خبر مبتدأ محذوف اى الأمر ذلك على أنه عبارة عن مضمون الجملة لا عن الجزاء وما بعده جملة مستقلة مبنية لما قبلها او النار مبتدأ(8/252)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)
خبره قوله لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ اى هى بعينها دار إقامتهم لا انتقال لهم منها على أن فى للتجريد لا للظرفية وهو ان ينتزع من امر ذى صفة امر آخر مثله مبالغة لكماله فيها كما يقال فى البيضة عشرون منا من حديد وقيل هى على معناها اى للظرفية والمراد أن لهم فى النار المشتملة على الدركات دار مخصوصة هم فيها خالدون جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ منصوب بفعل مقدر أي يجزون جزاء والباء الاولى متعلقة بجزاء والثانية بيجحدون وقدمت عليه لمراعاة الفواصل اى بسبب ما كانوا يجحدون بآياتنا الحقة او يلغون فيها وذكر الجحود لكونه سببا للغو وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا وهم متقلبون فيما ذكر من العذاب رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ اى أرنا الشيطانين اللذين حملانا على الضلال بالتسويل والتزيين من نوعى الجن والانس لأن الشيطان بين جنى وانسى بدليل قوله شياطين الانس والجن وقوله من الجنة والناس ويقال أحدهما قابيل بن آدم سن القتل بغير حق والذي من الجن إبليس سن الكفر والشرك فيكون معنى أضلانا سنا لنا الكفر والمعصية كما فى عين المعاني ويشهد لهذا القول الحديث المرفوع ما من مسلم يقتل ظلما الا كان على ابن آدم كفل من دمه لأنه أول من سن القتل أخرجه الترمذي ويروى أن قابيل شدت ساقاه بفخذيه يدور مع الشمس حيث دارت يكون فى الشتاء فى حظيرة ثلج وفى الصيف فى حظيرة نار نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا اى ندسهما انتقاما منهما لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ اى ذلا ومهانة او نجعلهما فى الدرك الأسفل من النار تشفيا منهما بذلك ليكونا من الأسفلين مكانا وأشد عذابا منا وفى الآية اشارة الى أن النفوس إذا فنيت عن أوصافها بنار أنوار التجلي وذاقت حلاوة القرب تلتمس من ربها اطلاعها على بقايا الأوصاف الشيطانية والحيوانية التي جبلت النفوس عليها ليمكنها منها فتجعلها تحت أقدام همتها بافنائها فتعلوبها الى مقامات القرب ليكونا من الأسفلين وتكون من الأعلون وهذا انما يكون فى الترقي من مقام الى مقام إذ بقية المقام الأدنى لا تزول الا بالترقي الى المقام الأعلى وهكذا الى نهاية المقامات فعلى العبد ان يجتهد حتى يخرج من الدنيا مع فناء النفس لامع بقائها فانه إذا خرج منها بالفناء خلص من الجزع والا وقع فيه كما وقع الكفرة ولا فائدة فى الجزع يوم القيامة وفى الآية تنبيه على أن الأخلاء يومئذ أعداء فالخليل للمؤمن فى الدارين ليس الا الله وكان رجل له حبيب فتوفى فجزع عليه جزعا شديدا حتى صار مجنونا فذكر حاله لأبى يزيد البسطامي قدس سره فأتى اليه وهو مقيد فى دار المرضى فقال له ابو يزيد يا هذا غلطت فى الابتداء حيث أحببت الحي الذي يموت وهلا أحببت الحي الذي لا يموت فأفاق المجنون من جنونه واقبل على عبادة الله حتى صار من جملة الكبراء (وفى المثنوى)
چون ز علت وارهيدى اى رهين ... سركه را بگذار وميخور انكبين
تخت دل معمور شد پاك از هوا ... بروى الرحمن على العرش استوى
حكم بر دل بعد ازين بى واسطه ... حق كند چون يافت دل اين رابطه
يشير الى أنه لا بد من رياضة النفس الى أن تتخلص من العلة فما دامت العلة فلتقنع بالخل فاذا ذهبت فقد حكم عليها القلب وليس شأنه الا ابقاء الحلاوى واطعام اللذائذ بل لو طهر السر عما سوى الله(8/253)
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)
استوى الرحمن على عرش القلب فكان دوران العبد مع الله فى كل حال فلا يجد الا الحضور والسكون نسأل الله ذلك الفوز العظيم إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ اعترافا بربوبيته وإقرارا بوحدانيته فربنا الله من باب صديقى زيد يفيد الحصر ثُمَّ اسْتَقامُوا اى ثبتوا على الإقرار بقولهم ربنا الله ومقتضياته بان لا تزل قدمهم عن طريق العبودية قلبا وقالبا ولا تتخطاه وفيه يندرج كل العبادات والاعتقادات بصفة الدوام الى وقت الوفاة فثم للتراخى فى الزمان او فى الرتبة فان الاستقامة لها الشان كله يعنى ان المنتهى وهى الاستقامة لكونه مقصودا أعلى حالا من المبدأ وهو الإقرار واستقامة الإنسان لزومه للمنهج المستقيم وما روى عن الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم فى معناها من الثبات على الايمان كما روى عن عمر رضى الله عنه ومن اخلاص العمل كما روى عن عثمان رضى الله عنه ومن أداء الفرائض كما روى عن على رضى الله عنه فبيان لجزئياتها انس ابن مالك رضى الله عنه كفت آن روز كه اين آيت فرود آمد رسول خدا شاد شد واز شادى كفت أمتي ورب الكعبة وذلك لان اليهود والنصارى لم تستقم على دينهم حتى قالوا عزير ابن الله والمسيح ابن الله ونحو ذلك وكفروا بنبوة رسول الله عليه السلام ومن الاستقامة ان لا يرى المرء النفع والضر الا من الله ولا يرجو من أحد دون الله ولا يخاف أحدا غيره وعن سفيان بن عبد الله الثقفي رضى الله عنه قلت يا رسول الله أخبرني بأمر أعتصم به قال قل ربى الله ثم استقم قال قلت ما أخوف ما يخاف على فأخذ رسول الله بلسان نفسه وقال هذا وكان الحسن إذا تلا هذه الآية قال اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة (صاحب كشف الاسرار) فرموده كه ربنا الله عبارت از توحيد اقرارست كه عائد مؤمنان راست ثم استقاموا اشارت بتوحيد معرفت كه عارفان وصديقان راست توحيد اقرار آنست كه الله را يكتا كويى وتوحيد معرفت آنست كه او را يكتا شناسى يعنى از همه جهت بوحدت او بينا كردى با آنكه در عالم وحدت جهت نيست نى جهت مى كنجد اينجا نى صفت نى تفكر نى بيان نى معرفت آتشى از سر وحدت برفروخت غير واحد هر چهـ پيش آمد بسوخت ابو يزيد بسطامى قدس سره وقتى بر مقام علم ايستاده بود از توحيد اقرار نشان ميداد مريدى كت اى شيخ خدايرا شناسى كفت در كل عالم خود كسى باشد كه خدايرا نشناسد يا نداند وقتى ديكر غريق بحر توحيد معرفت بود وحريق نار محبت او را كفتند خدايرا شناسى كفت من كه باشم كه او را شناسم ودر كل عالم خود كسى باشد كه او را شناسد
در عشق تو من كيم كه در منزل من ... از وصل رخت كلى دمد بر كل
من پير طريقت كفت صحبت با حق دو حرفست اجابت واستقامت اجابت عهدست استقامت وفا اجابت شريعت است واستقامت حقيقت درك شريعت هزار سال بساعتى در توان يافت ودرك حقيقت ساعتى بهزار سال در نتوان يافت وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى يوم الميثاق لما خوطبوا بقوله ألست بربكم قالوا بلى اى ربنا الله وهم الذريات المستخرجة من ظهر آدم عليه السلام أقروا بربوبيته ثم استقاموا على إقرارهم بالربوبية ثابتين على أقدام العبودية لما اخرجوا الى عالم الصورة ولهذا ذكر بلفظ ثم لأنه للتراخى فأقروا فى(8/254)
عالم الأرواح ثم استقاموا فى عالم الأشباح وهم المؤمنون بخلاف المنافقين والكافرين فانهم أقروا ولم يستقيموا على ذلك فاستقامة العوام فى الظاهر بالأوامر والنواهي وفى الباطن بالايمان والتصديق واستقامة الخواص فى الظاهر بالتجريد عن الدنيا وترك ذينتها وشهواتها وفى الباطن بالتفريد عن نعيم الجنان شوقا الى لقاء الرحمن وطلب العرفان واستقامة الأخص فى الظاهر برعاية حقوق المتابعة على وفق المبايعة بتسليم النفس والمال وفى الباطن بالتوحيد فى استهلاك الناسوتية فى اللاهوتية ليستقيم بالله مع الله فانيا عن الانانية باقيا بالهوية بلا ارب من المحبوب مكتفيا عن عطائه ببقائه ومن مقتضى جوده بدوام فنائه فى وجوده تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ من جهته تعالى يمدونهم فيما يعرض لهم من الأمور الدينية والدنيوية بما يشرح صدورهم ويدفع عنهم الخوف والحزن بطريق الإلهام كما أن الكفرة يمدهم ما قيض لهم من قرناء السوء بتزيين القبائح وكذا تننزل عند
الموت بالبشرى وفى القبر وعند البعث إذا قاموا من قبورهم إِنَّ مفسرة بمعنى اى او مخففه من الثقيلة والأصل بانه والهاء ضمير الشان اى يتنزلون ملتبسين بهذه البشارة وهى أَلَّا تَخافُوا ما تقدمون عليه من امر الآخرة فلا ترون مكروها فان الخوف غم يلحق لتوقع المكروه وَلا تَحْزَنُوا على ما خلفتم من اهل وولد فانه تعالى يخلفكم عليهم بخير ويعطيكم فى الجنة اكثر من ذلك واحسن ويجمع بينكم وبين أهاليكم وأولادكم المسلمين فى الجنه فان الجزن غم يلحق من فوات نافع او حصول ضار وفى التأويلات النجمية الخوف انما يكون فى المستقبل من الوقت وهو بحلول مكروه او فوات محبوب والملائكة يبشرونهم بان كل مطلوب لهم سيكون وكل محذور لهم لا يكون والحزن من حزونة الوقت والذي هو راض بجميع ما يجرى مستسلم للاحكام الازلية فلا حزونة فى عيشه بل من يكون قائما بالله وهائما فى الله دائما مع الله لا يدركه الخوف والحزن والملائكة يبشرونهم ان لا تخافوا ولا تحزنوا على فوات العناية فى السابقة وَأَبْشِرُوا اى سروا وبالفارسية شاد شويد فان الابشار شاد شدن بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فى الدنيا على ألسنة الرسل هذا من بشارتهم فى أحد المواطن الثلاثة وعن ثابت بلغنا إذا انشقت الأرض يوم القيامة ينظر المؤمن الى حافظيه قائمين على رأسه يقولان له لا تخف ولا تحزن وابشر بالجنة الموعودة وانك سترى اليوم أمورا لن ترى مثلها فلا تهولنك فانما يراد بها غيرك وفى التأويلات النجية وابشروا بجنة الوصلة فان الوعد صار نقدا فما بقي الوعد والوعيد وما هو الا عيد فى القيد فاوعد الله للعوام من جميع الثواب للخواص من حسن المآب نقد لأخص الخواص من اولى الألباب (ع) جنت نقدست اينجا حالت ذوق وحضور ويقال لا تخافوا من عزل الولاية ولا تحزنوا على ما أسلفتم من الجناية وابشروا بحسن العناية فى البداية لا تخافوا فطا لما كنتم من الخائفين ولا تحزنوا فقد كنتم من العارفين وابشروا بالجنة فلنعم اجر العاملين فردا هر چهـ شرايعست همه را قلم نسخ در كشند نماز وروزه حج وجهاد روا باشد كه بپايان رسد ومنسوخ شود اما عقد محبت وعهد معرفت هركز نشايد كه منسوخ شود چون در بهشت روى هر روزى كه بر تو بگذرد از شناخت حق سبحانه وتعالى بر تو عالمى كشاده شود كه پيش از ان نبوده(8/255)
نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)
اين كاريست كه هركز بسر نيايد ومبادا كه بسر آيد
تا من بريم پيشه وكارم اينست ... آرام وقرار وغمكسارم اينست
روزم اينست وروزكارم اينست ... جوينده صيدم وشكارم اينست
قال البقلى قدس سره عجبت ممن استقام مع الله فى مشاهدته وادراك جماله كيف يطيق الملائكة ان يبشروه اين الملك والفلك بين الحبيب والمحب وليس ورلء بشارة الحق بشارة فان بشارة الحق سمعوها قبل بشارة الملائكة بقوله الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ليس لهم خوف القطيعة ولا حزن الحجاب وهم فى مشاهدة الجبار وقول الملائكة هاهنا معهم تشريف لهم لأنهم يحتاجون الى مخاطبة القوم وهم احباؤنا فى نسب المعرفة وخدامنا من حيث الحقيقة الا ترى كيف سجدوا لأبينا نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
إلخ من بشاراتهم فى الدنيا اى اعوانكم فى أموركم نلهمكم الحق ونرشدكم الى ما فيه خيركم وصلاحكم بدل ما كانت الشياطين تفعل بالكفرة ولعل ذلك عبارة عما يخطر ببال المؤمنين المستمرين على الطاعات من ان ذلك بتوفيق الله وتأييده لهم بواسطة الملائكة قال جعفر رضى الله عنه من لاحظ فى اعماله الثواب والأغراض كانت الملائكة أولياءه ومن عملها على مشاهدته تعالى فهو وليه لأنه يقول الله ولى الذين آمنوا وَفِي الْآخِرَةِ
نمدكم بالشفاعة ونتلقاكم بالكرامة حين يقع بين الكفرة وقرنائهم ما يقع من التعادي والتخاصم وفى التأويلات النجمية يشير الى ولاية الرحمة للعوام وولاية النصرة للخواص وولاية المحبة لأخص الخواص فبولاية الرحمة للعوام فى الحياة الدنيا يوفقهم لأقامة الشريعة وفى الآخرة يجازيهم بالجنة وبولاية النصرة للخواص فى الحياة الدنيا يسلطهم على أعدى عدوهم وهو نفسهم الامارة بالسوء ليجعلوها مزكاة من أخلاقها الذميمة وأوصافها الدنيئة وفى الآخرة بجذبة ارجعي الى ربك وبولاية المحبة لأخص الخواص فى الحياة الدنيا يفتح عليهم أبواب المشاهدات والمكاشفات وفى الآخرة يجعلهم من اهل القربات والمعاينات ومن ولاية الله تعالى عفو الزلل فان الزلل لا يزاحم الأزل ابو يزيد بسطامى قدس سره در راهى ميرفت او از جمعى بكوش وى رسيد خواست كه آن حال باز داند فرا رسيد كه كودكى را ديد در كل سياه افتاده وخلقى بنظاره ايستاده ناكاه مادر آن كودك از كوشه در دويد وخود را در ميان كل افكند وآن كودك را بركرفت وبرفت ابو يزيد چون آن بديد وقتش خوش كشت نعره بزد ايستاده وميكفت شفقت بيامد آلايش ببرد ومحبت بيامد معصيت ببرد وعنايت بيامد جنايت ببرد العذر عندى لك مبسوط والذنب عن مثلك محطوط قال الحافظ بپوش دامن عفوى بذلت من مست كه آب روى شريعت بدين قدر نرود وَلَكُمْ
لا لغيركم من الأعداء فِيها
اى فى الآخرة ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ
من فنون اللذائذ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ
ما تتمنون وبالفارسية هر چهـ شما آرزو خواهيد افتعال من الدعاء بمعنى الطلب وهو أعم من الاول إذ لا يلزم ان يكون كل مطلوب مشتهى كالفضائل العلمية وان كان الاول أعم ايضا من وجه بحسب حال الدنيا فالمريض لا يريد ما يشتهيه ويضر مرضه الا ان يقال التمني أعم من الارادة وعدم الاكتفاء بعطف ما تدعون على ما تشتهى بان يقول وما تدعون للاشباع فى البشارة(8/256)
نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)
والإيذان باستقلال كل منهما نُزُلًا رزقا كائنا مِنْ غَفُورٍ للذنوب العظام مبدل للسيئات بالحسنات رَحِيمٍ بالمؤمنين من اهل الطاعات بزيادة الدرجات والقربات قوله نزلا حال مما تدعون اى من الموصول او من ضميره المحذوف اى ما تدعونه مفيدة لكون ما يتمنونه بالنسبة الى ما يعطون من عظائم الأمور كالنزل وهو ما يهيأ للنزيل اى الضيف من الرزق كأنه قيل وثبت لكم فيها الذي تدعونه حال كونه كالنزل للضيف واما اصل كرامتكم فمما لا يخطر ببالكم فضلا عن الاشتهاء او التمني وفى التأويلات النجمية نزلا اى فضلا وعطاء وتقدمة لما سيديم الى الأزل من فنون الأعطاف واصناف الألطاف وذلك لأن عطاء الله تعالى يتجدد فى كل آن خصوصا لاهل الاستقامة من أكامل الإنسان ويظهر فى كل وقت وموطن ما لم يظهر قبله وفى غيره ويكون ما فى الماضي كالنزل لما يظهر فى الحال ومن هنا قالوا ما ازداد القوم شربا الا ازداد وا عطشا وذلك لأنه لا نهاية للسير الى الله فى الدنيا والآخرة (وفى المثنوى)
هر كه جز ماهى ز آبش سير شد ... هر كه بى روزيست روزش دير شد
وفيه اشارة الى ان بعض الناس لا نصيب له من العشق والذوق والتجلي ويومه ينقضى بالهموم وتطول حسرته ولذلك كان يوم القيامة خمسين الف سنة قال ابن الفارض فى آخر القصيدة الخمرية على نفسه فليبك من ضاع عمره وليس له منها نصيب ولا سهم (وقال الصائب)
ازين چهـ سود كه در كلستان وطن دارم ... مرا كه عمر چونركس بخواب ميكذرد
ومن الناس من له نصيب من هذا الأمر لكن لا على وجه الكمال ومنهم من لم يحصل له الري أصلا وهو حال الكمل (حكى) ان يحيى بن معاذ الرازي رضى الله عنه كتب الى ابى يزيد البسطامي قدس سره سكرت من كثرة ما شربت من كأس حبه فكتب اليه ابو يزيد.
شربت الحب كأسا بعد كأس ... فما نفد الشراب ولا رويت
أشار الى ان حصول الرىّ انما هو للصعفاء واما الأقوياء فانهم يقولون هل من مزيد ولو شربوا سبعة أبحر جعلنا الله وإياك هكذا من فضله وَمَنْ استفهام والمعنى بالفارسية وكيست أَحْسَنُ نيكوتر قَوْلًا از جهت سخن مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ اى الى توحيده وطاعته وَعَمِلَ صالِحاً فيما بينه وبين ربه وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ابتهاجا بانه منهم او اتخاذ اللاسلام دينا ونحلة إذ لا يقبل طاعة بغير دين الإسلام من قولهم هذا قول فلان اى مذهبه لا انه تكلم بذلك وفيه رد على من يقول انا مسلم ان شاء الله فانه تعالى قال مطلقا غير مقيد بشرط ان شاء الله وقال علماء الكلام ان قاله للشك فهو كفر لا محالة وان كان للتأدب مع الله واحالة الأمور الى مشيئة الله او للشك فى العاقبة والمآل لا فى الآن والحال وللتبرك بذكر الله او التبري من تزكية نفسه والاعجاب بحاله فجائز لكن الاولى تركه لما انه يوهم الشك وحكم الآية عام لكل من جمع ما فيها من الخصال الحميدة التي هى الدعوة والعمل والقول وان نزلت فى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم او فى أصحابه رضى الله عنهم او فى المؤذنين فانهم يدعون الناس الى الصلاة فان قلت السورة بكمالها مكية بلا خلاف والاذان انما شرع بالمدينة قلت(8/257)
يجعل من باب ما تأخر حكمه عن نزوله وكم فى القرآن منه واليه ذهب بعض الحفاظ كابن حجر وغيره اعلم ان للدعوة مراتب الاولى دعوة الأنبياء عليهم السلام فانهم يدعون الى الله بالمعجزات والبراهين وبالسيف وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى ان احسن قول قاله الأنبياء والأولياء قولهم بدعوة الخلق الى الله وكان عليه السلام مخصوصا بهذه الدعوة كما قال تعالى يا ايها النبي انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وهو ان يكتفى بالله من الله لم يطلب منه غيره
خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا
وقال وعمل صالحا اى كما يدعو الخلق الى الله يأتى بما يدعوهم اليه يعنى سلكوا طريق الله الى ان وصلوا الى الله وصولا بلا اتصال ولا انفصال فيسلوكهم ومناراتهم عرفوا الطريق الى الله ثم دعوا بعد ما عرفوا الطريق اليه الخلق الى الله وقال اننى من المسلمين لحكمه الراضين بقضائه وتقديره والمرتبة الثانية دعوة العلماء فانهم يدعون الى الله تعالى بالحجج والبراهين فقط (قال الكاشفى) امام ابو الليث فرموده كه مراد يعنى از آيت مذكوره علمااند كه معالم دين بمردم آموزند وعمل صالح ايشان آنست كه هر چهـ دانند بدان كار كنند با محتسبانند كه قواعد امر معروف ونهى منكر را تمهيد دهند وعمل صالح ايشان صبر وتحمل است بر آنچهـ بديشان رسد از مكاره ثم ان العلماء ثلاثة اقسام عالم بالله غير عالم بامر الله وعالم بامر الله غير عالم بالله وعالم بالله وبامر الله اما الاول فهو عبد استولت المعرفة الالهية على قلبه فصار مستغرقا فى مشاهدة الجلال وصفات الكبرياء فلا يتفرغ لتعلم علم الاحكام الا قدر ما لا بد له واما الثاني فهم الذين عرفوا الحلال والحرام ودقائق الاحكام ولكنهم لا يعرفون اسرار جلال الله وجماله اما مع الإقرار باصحاب هذا الشان او بانكارهم والثاني ليس من عداد العلماء واما العالم بالله وباحكامه فهم الجامعون لفضائل القسمين الأولين وهم تارة مع الله بالحب والارادة وتارة مع الخلق بالشفقة والرحمة فاذا رجعوا الى الخلق صاروا معهم كواحد منهم كأنهم لا يعرفون الله وإذا خلوا مع ربهم صاروا مشتغلين بذكره كأنهم لا يعرفون الخلق وهذا سبيل المرسلين والصديقين فالعارف يدعو الخلق الى الله ويذكر لهم شمائل القدم ويعرفهم صفات الحق وجلال ذاته ويحبب الله فى قلوبهم ثم يقول بعد كماله وتمكينه اننى واحد من المسلمين من تواضعه ولطف حاله
از ژنك كبر آينه خويش ساده كن ... در زير پانظر كن وحج پياده كن
والمرتبة الثالثة الدعوة بالسيف وهى للملوك فانهم يجاهدون الكفار حتى يدخلون فى دين الله وطاعته فالعلماء خلف الانبيا فى عالم الأرواح والملوك خلف الأنبياء فى عالم الأجسام والمرتبة الرابعة دعوة المؤذنين الى
الصلاة وهى أضعف مراتب الدعوة الى الله وذلك أن ذكر كلمات الاذان وان كان دعوة الى الصلاة لكنهم يذكرون تلك الألفاظ الشريفه بحيث لا يحيطون بمعناها ولا يقصدون الدعوة الى الله فاذا لم يلتفتوا الى مال الوقف وراعوا شرائط الاذان ظاهرا وباطنا وقصدوا بذلك مقصدا صحيحا كانوا كغيرهم من اهل الدعوة فضيل رفيده كفت مؤذن بودم در روزكار اصحاب رضى الله عنهم عبد الله بن مسعود وعاصم بن هبرة مرا كفت چون ز بانك نماز فارغ شوى بگو وانا من المسلمين نبينى كه رب العالمين(8/258)
كفت وقال اننى من المسلمين وفى الحديث الملك فى قريش والقضاء للانصار والاذان للحبشة وفيه مدح لبلال الحبشي رضى الله عنه وكذا فى الآية تعظيم لشأنه خصوصا لأنه مؤذن الداعي الى الله على بصيرة وهو المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم (صاحب عين المعاني) آورده كه چون بلال بانك نماز آغاز كردى يهود كفتندى كلاغ ندا مى كند وبنماز ميخواند وسخنان بيهوده بر زبان ايشان كذشتى اين آيت نازل شد وبر تقديرى كه مؤذنان باشند عمل صالح ايشان آنست در ميان أذان واقامت دو ركعت نماز كذارند قال عمر رضى الله عنه لو كنت مؤذنا ما باليت أن لا أحج ولا أجاهد ولا اعتمر بعد حجة الإسلام (صاحب كشف الاسرار) فرموده كه حق جل وعلا مؤذنان امت احمد پنج كرامت كرده حسن الثناء وكمال العطاء ومقارنة الشهداء ومرافقة الأنبياء والخلاص من دار الشقاء كرامت أول ثناء جميل است وسند خداوند كريم كه در حق مؤذن ميكويد ومن احسن قولا إلخ احسن بر لفظ مبالغت كفت همچنانكه تعظيم قرآنرا كفت الله نزل احسن الحديث قرآن احسن الآيات است وبانك نماز احسن الكلمات زيرا درو تكبير وتعظيم واثبات وحدانيت خداوند أعلى واثبات نبوت مصطفى وفى الخبر من كثرت ذنوبه فليؤذن بالأسحار عمر بن الخطاب رضى الله عنه كفت يا رسول الله اين وقت سحر را باين معنى چهـ خاصيت است كفت والذي بعث بالحق محمدا ان النصارى إذا ضربت نواقيسها فى اديارها فيثقل العرش على مناكب حملة العرش فيتوقعون المؤذنين من أمتي فاذا قال المؤذن الله اكبر الله اكبر خف العرش على مناكب حملة العرش قال الامام السيوطي رحمه الله أول ما حدث التسبيح بالأسحار على المنابر فى زمن موسى عليه السلام حين كان بالتيه واستمر بعده الى أن كان زمن داود عليه السلام وبنى بيت المقدس فرتب فيه عدة يقومون بذلك البيت على الآلات وبغيره بلا آلات من الثلث الأخير من الليل الى الفجر الى ان خرب بيت المقدس بعد قتل يحيى عليه السلام وقام اليهود على عيسى عليه السلام فبطل ذلك فى جملة ما بطل من شرائع بنى إسرائيل واما فى هذه الملة المحمدية فكان ابتداء عمله بمصر وسببه ان مسلمة بن مخلد الصحابي رضى الله عنه بنى وهو امير مصر منارا بجامع عمرو واعتكف فيه فسمع أصوات النواقيس عالية فشكا ذلك الى شرحبيل بن عامر عريف المؤذنين فقال انى أمد الاذان من نصف الليل الى قرب الفجر فانهم لا ينقسون إذا أذنت ففعل ثم لما كان احمد بن طولون رتب جماعة نوبا يكبرون ويسبحون ويحمدون ويقولون قصائد زهدية وجعل لهم ارزاقا واسعة ومن ثمة اتخذ الناس قيام المؤذنين فى الليل على المنابر فلما ولى السلطان صلاح الدين بن أيوب امر المؤذنين فى وقت التسبيح أن يعلنوا بذكر العقيدة الأشعرية فواظب المؤذنون على ذكرها كل ليلة الى وقتنا هذا انتهى يقول الفقير آل الأمر فى زمننا هذا فى بلاد الروم الى أن السلاطين من ضعف حالهم فى الدين صاروا مغلوبين فانتقل كثير من البلاد الإسلامية الى اهل الحرب فجعلوا المساجد كنائس والمنارات مواضع النواقيس ولما كان الناس على دين ملوكهم صار الأمر فى البلاد الباقية فى أيدي المسلمين الى الوهن والهدم بحيث تخربت بعض المحلات بالكلية مع المساجد(8/259)
الواقعة فيها وتعطل بعضها عن العمار من المسلمين بسبب توطن اهل الذمة فيها وبقيت المساجد بينهم غريبة فتعالوا نبك على غربة هذا الدين واما كمال العطاء فما روى أن النبي عليه السلام قال المؤذنون أمناء المؤمنين على صلاتهم وصيامهم ولحومهم ودمائهم لا يسألون الله شيأ الا أعطاهم ولا يشفعون بشىء الا شفعوا فيه قال ويغفر للمؤذن مدى صوته يعنى آمرزيده ميشويد مؤذن بمقدار آنكه آواز وى رسد
ويشهد له كل شىء سمع صوته من شجر او حجر او مدر او رطب او يابس ويكتب للمؤذن بكل انسان صلى معه فى ذلك المسجد مثل حسناته واما مقارنة الشهداء فما روى أن النبي عليه السلام قال من اذن فى سبيل الله ايمانا واحتسابا جمع بينه وبين الشهداء فى الجنة واما مرافقة الأنبياء فما روى أن رجلا جاء الى النبي عليه السلام فقال يا رسول الله من أول الناس دخولا الجنة قال الأنبياء قال ثم من قال الشهداء قال ثم من قال مؤذنوا مسجدى هذا قال ثم من قال سائر المؤذنين على قدر أعمالهم وقال عليه السلام من أذن عشرين سنة متوالية اسكنه الله تعالى مع ابراهيم عليه السلام فى الجنة واما الخلاص من دار الأشقياء فما روى أن النبي عليه السلام قال إذا قال المؤذن الله اكبر الله اكبر أغلقت أبواب النيران السبعة وإذا قال اشهد ان لا اله الا الله فتحت أبواب الجنة الثمانية وإذا قال اشهد أن محمدا رسول الله أشرفت عليه الحور العين وإذا قال حى على الصلاة تدلت ثمار الجنة وإذا قال حى على الفلاح قالت الملائكة افلحت وأفلح من أجابك وإذا قال الله اكبر الله اكبر قالت الملائكة كبرت كبيرا وعظمت عظيما وإذا قال لا اله الا الله قال الله تعالى حرمت بدنك وبدن من أجابك على النار وفى الحديث المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة اى يكونون سادات واكثر الناس ثوابا او جماعات او رجاء لأن من رجا شيأ أطال اليه عنقه والناس حين يكونون فى الكرب يكون المؤذنون اكثر رجاء بأن يؤذن لهم فى دخول الجنة كان ذلك جزاء مد أعناقهم عند رفع أصواتهم او طول العنق كناية عن الفرح كما أن خضوعها كناية عن الحزن او معناه إذا وصل العرق الى أفواه الناس يوم القيامة طالت أعناق المؤذنين فى الحقيقة لئلا ينالهم ذلك ومن أجاب دعوة المؤذنين يكون معه قال الفقهاء يقطع سامع الاذان كل عمل باليد والرجل واللسان حتى تلاوة القرآن ان كان فى غير المسجد وان كان فيه فلا يقطع ولا يسلم على أحد وامارده فقد اختلفوا فيه فقيل يجوز وقيل لا يجوز ويشتغل بالاجابة واختلفوا فى الوجوب والاستحباب فقال بعضهم الاجابة واجبة عند الاذان والاقامة منهم صاحب التحفة والبدائع وقال الآخرون هى مستحبة وعليه صاحب الهداية ويستحب ان يقول عند سماع الاولى من الشهادة الثانية صلى الله تعالى عليك يا رسول الله وعند سماع الثانية قرة عينى بك يا رسول الله ثم يقول اللهم متعنى بالسمع والبصر بعد وضع ظفر الا بهامين على العينين كما فى شرح القهستاني وفى تحفة الصلوات للكاشفى صاحب التفسير نقلا عن الفقهاء الكبار ويقول بعد الاذان اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته ويقول عند أذان المغرب خصوصا اللهم هذا اقبال ليلك وادبار نهارك وأصوات دعاتك فاغفر لى وأول(8/260)
من اذن فى السماء جبرائيل وأم ميكائيل عليهما السلام عند البيت المعمور وأول من أذن فى الإسلام بلال الحبشي رضى الله عنه وكان أول مشروعيته فى أذان الصبح قالت النوار أم زيد بن ثابت كان بيتي أطول بيت حول المسجد فكان بلال يؤذن فوقه من أول ما أذن الى ان بنى رسول الله عليه السلام مسجده فكان يؤذن بعده على ظهر المسجد وقد رفع له شىء فوق ظهره وأول من اقام عبد الله بن زيد وزاد بلال فى أذان الصبح بعد الحيعلات الصلات خير من النوم مرتين فاقرها عليه السلام اى اليقظة الحاصلة للصلاة خير من الراحة الحاصلة بالنوم ويقول المجيب عنده صدقت وبالخير نطقت وعند قوله فى الاقامة قد قامت الصلاة أقامها الله وادامها ويقيم من اذن لا غيره الا بأذنه وفى بعض الروايات أنه عليه السلام اذن مرة واحدة فى السفر على راحلته ويروى ان بلالا كان يبدل الشين فى اشهد سينا فقال عليه السلام سين بلال عند الله شين كما فى انسان العيون (وفى المثنوى)
آن بلال صدق در بانك نماز ... حى راهى هى همى خواند از نياز
تا بگفتند اى پيمبر نيست راست ... اين خطا اكنون كه آغاز بناست
اى نبى واى رسول كردكار ... يك موذن كو بود افصح بيار
عيب باشد أول دين وصلاح ... لحن خواندن لفظ حى على الفلاح
خشم پيغمبر بجوشيد وبكفت ... يك دو رمزى از عنايات نهفت
كاى خسان نزد خداى هى بلال ... بهتر از صد حى حى وقيل وقال
وا مشورانيد تا من رازتان ... وا نگويم آخر وآغاز نان
وأول من زاد الاذان الاول فى الجمعة عثمان رضى الله عنه زاده ليؤذن اهل السوق فيأتون الى المسجد وكان فى زمانه عليه السلام وزمان ابى بكر رضى الله عنه وعمر رضى الله عنه أذان واحد حين يجلس الامام على المنبر والتذكير قبل الاذان الاول الذي هو التسبيح أحدث بعد السبعمائة فى زمن الناصر محمد بن قلوون لاجل التبكير المطلوب فى الجمعة وأول ما أحدثت الصلاة والسلام على النبي عليه السلام بعد تمام الاذان فى زمن السلطان المنصور الحاجي ابن الأشرف شعبان بن حسن بن محمد بن قلوون فى اواخر القرن الثامن وأول من أحدث أذان اثنين معابنوا امية وأول من وضع احدى يديه عند اذنيه فى الاذان ابن الأصم مؤذن الحجاج بن يوسف وكان المؤذنون يجعلون أصابعهم فى آذانهم وأول من رقى منارة مصر للاذان شرحبيل المذكور وفى عرافته بنى مسلمة المنابر للأذان بامر معاوية ولم تكن قبل ذلك وأول من عرف على المؤذنين سالم بن عامر اقامه عمرو بن العاص فلما مات عرف عليهم أخاه شرحبيل وأول من رزق المؤذنين عثمان رضى الله عنه والجهر واجب فى الاذان لأعلام الناس ولذا سن ان يكون فى موضع عال ولو اذن لنفسه خافت واما التكبيرات فى الصلاة فالمؤذن يرفع صوته لتبليغ التكبير لمن بعد عن الامام من المقتدين فان كان فى صوت الامام كفاية فالتبليغ مكروه كما فى انسان العيون يقول الفقير اما سر عدد المنارات فى الحرم(8/261)
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)
النبوي وهى اليوم خمس فاشارة الى الأوقات الخمسة فهو صورة الدعوات الخمس فى الساعات الأربع والعشرين المشتمل عليها الليل والنهار وأول من قدر الساعات الاثنتى عشرة نوح عليه السلام فى السفينة ليعرف بها مواقيت الصلوات واما سر عددها فى الحرم المكي وهى سبع الآن فاشارة الى مراتب الدعوة الى الفناء وهى سبع عدد الأسماء السبعة التي آخرها القهار فان الكعبة اشارة الى الذات الاحدية ومراتبها عروجا هى مراتب الفناء إذ البقاء انما هو بعد النزول ولذا امر عليه السلام بالهجرة الى المدينة لتتحقق مرتبة البقاء فللكعبة منارة اخرى هى الثامنة من المنارات وهى منارة البقاء لكنها فى بطن الكعبة مدفونة تحتها ولم يكن لها ظهور فوق الأرض الا بحسب المكاشفة كوشفت عنها حين مجاورتى فى الحرم وكان للحرم المكي فى الأوائل خمسون منارة على ما طالعته فى تاريخ القطبي بعضها فى الحرم وبعضها على رءوس الجبال التي هى بينها كل ذلك لاعلام الأوقات فهى اشارة الى اصل الصلوات المفروضة ليلة المعراج وهى خمسون حتى خففها الله تعالى فبقيت منها خمس ولله فى كل شىء حكمة عجيبة ومصلحة بديعة وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ بيان لمحاسن الأعمال الجارية بين العبد وبين الرب ترغيبا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى الصبر على اذية المشركين ومقابلة اسائتهم بالإحسان ولا الثانية مزيدة لتأكيد النفي اى لا تستوى الخصلة الحسنة والسيئة فى الجزاء وحسن العاقبة فانك إذا صبرت على أذيتهم وجهالتهم وتركت الانتقام منم ولم تلتفت الى سفاهتهم فقد استوجبت التعظيم فى الدنيا والثواب فى الآخرة وهم بالضد من ذلك فلا يكن أقدامهم على تلك السيئة مانعا لك من الاشتغال بهذه الحسنة وإذا فسرت الحسنة والسيئة بالجنس على ان يكون المعنى لا تستوى الحسنات إذ هى متفاوته فى أنفسها كشعب الايمان التي أدناها اماطة الأذى ولا السيئات لتفاوتها ايضا من حيث انها كبائر وصغائر لم تكن زيادة لا الثانية لتأكيد النفي على ما أشير اليه فى الكشاف ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ بيان لحسن عاقبة الحسنة اى ادفع السيئة حين اعترضتك من بعض أعاديك بالتي هى احسن ما يمكن دفعها به من الحسنات كالاحسان الى من أساء فانه احسن من العفو.
بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من اسا
وكان عليه السلام يقول صل من قطعك واعف عمن ظلمك واحسن الى من أساء إليك وما امر عليه السلام غيره بشىء الا بعد التخلق به وإخراجه مخرج الجواب عن سؤال من قال كيف اصنع مع ان الظاهر ان يقول فادفع بالفاء السببية للمبالغة ولذلك وضع احسن موضع الحسنة لأنه ابلغ فى الدفع بالحسنة فان من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما دونها فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ بيان لنتيجة الدفع المأمور به اى فاذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق اى المخالف مثل الولي الشفيق روى انها نزلت فى ابى سفيان ابن حرب وذلك انه لان للمسلمين بعد الشدة اى شدة عداوته بالمصاهرة التي جعلت بينه وبين النبي عليه السلام ثم اسلم فصار وليا بالإسلام حميما بالقرابة از امام أعظم نقلست كسى بمن رسانند كه مرا بد مى كويد من در شان او سخن نيكوتر مى كويم تا وقتى من يابم كه او نيكوئى من ميكويد(8/262)
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36) وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)
بدى در قفا عيب من كرد وخفت ... بتر زو قريبى كه آورد وگفت
عدو را بالطاف كردن ببند ... كه نتوان بريدن بتيغ اين كمند
چودشمن كرم بيند ولطف وجود ... نيايد دگر خبث ازو در وجود
چوبا دوست دشوار گيرى وتنك ... نخواهد كه بيند ترا نقش رنك
وگر خواجه با دشمنان نيك خوست ... كسى بر نيايد كه كردند دوست
قال البقلى بين الله هاهنا ان الخلق الحسن ليس كالخلق السيّء وأمرنا بتبديل الأخلاق المذمومة بالأخلاق المحمودة واحسن الأخلاق الحلم إذ يكون به العدو صديقا والبعيد قريبا حين دفع غضبه بحلمه وظلمه بعفوه وسوء جانبه بكرمه قال ابن عطاء لا يستوى من احسن الدخول فى خدمتنا والخروج منها ومن أساء الأدب فى الخدمة فان سوء الأدب فى القرب أصعب من سوء الأدب فى البعد فقد يصفح عن الجهال فى الكبائر ويؤاخذ الصديقون باللحظة والالتفات وَما يُلَقَّاها التلقية چيزى پيش كسى آوردن اى وما يلقى وما يعطى هذه الخصلة والسجية التي هى مقابلة الاساءة بالإحسان وبالفارسية وندهند اين خصلت كه مقابله بديست بنيكى إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا اى شأنهم الصبر فانها تحبس النفس عن الانتقام وَما يُلَقَّاها وعطا نكنند اين خصلت وصفت إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ من الفضائل النفسانية والقوة الروحانية فان الاشتغال بالانتقام لا يكون الا لضعف النفس وتأثرها من الواردات الخارجية فان النفس إذا كانت قوية الجوهر لم تتأثر من الواردات الخارجية وإذا لم تتأثر منها لم يصعب عليها تحمل ولم تشتغل بالانتقام والحاصل انه يلزم تزكية النفس حتى يستوى الحلو والمر ويكون حضور المكروه كغيبته ففى الآية مدح لهم بفعل الصبر والحظ النصيب المقدر قال الجنيد قدس سره فى قوله وما يلقيها الا ذو حظ عظيم اى ما يوفق لهذا المقام الا ذو حظ من عناية الحق فيه وقال ابن عطاء ذو معرفة بالله وأيامه وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ أصله ان ما على ان ان شرطية وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط والاستلزام فلذا لحقت نون التأكيد بفعل الشرط فانها لا تلحق الشرط ما لم يؤكد والنزع شبه النخس كما فى الإرشاد شبه به وسوسة الشيطان لانها بعث على الشر وتحريك على ما لا ينبغى وجعل نازغا على طريقة جدجده فمن ابتدائية اى نزغ صادر من جهته او أريد واما ينزغنك نازغ وصفا للشيطان بالمصدر فكلمة من تجريدية جرد من الشيطان شيطانا آخر وسمى نازغا والمعنى وان يوسوس إليك الشيطان ويصرفك عما وصيت به من الدفع بالتي هى احسن ودعاك الى خلافه فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ من شره ولا تطعه إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ باستعاذتك الْعَلِيمُ بنيتك وفى جعل ترك الدفع بالأحسن من آثار نزغات الشيطان مزيد تحذير وتنفير عنه وفى الآية اشارة الى ان النبي او الولي لا ينبغى ان يكون آمنا من مكر الله وان الشيطان صورة مكر الحق تعالى بل يكون على حذر من نزغاته فليستعذ بالله من همزاته فلا يذرها ان تصل الى القلب بل يرجع اليه فى أول الخطرة فانه ان لم يخالف أول الخطرة صار فكرة ثم بعد ذلك يحصل(8/263)
العزم على ما يدعو اليه الشيطان ثم ان لم يتدارك ذلك تحصل الزلة فان لم يتدارك بحسن الرجعة صار قسوة ويتمادى به الوقت فهو يخطر كل آفة ولا يتخلص العبد من نزغات الشيطان الا بصدق الاستعانة بالله والإخلاص فى العبودية قال الله تعالى ان عبادى ليس لك عليهم سلطان فكلما زاد العبد فى تبريه من حوله وقوته وأخلص بين يدى الله تعالى بتضرعه واستعانته زاد الله فى حفظه ودفع الله الشيطان عنه بل يسلط عليه ليسلم على يديه كذا فى التأويلات النجمية قال البقلى هذا تعليم لامته إذ كان الشيطان اسلم على يده قال فى حياة الحيوان أجمعت الامة على على عصمة النبي عليه السلام من الشيطان وانما المراد تحذير غيره من فتنة القرين ووسوسته له واغوائه فاعلمنا انه معنا لنحترز منه حسب الإمكان
آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست
وفى الحديث ما منكم من أحد الا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة قالوا وإياك قال وإياي ولكن الله أعانني عليه فاسلم فلا يأمرنى الا بخير قال سفيان ابن عيينة معناه فاسلم من شره فان الشيطان لا يسلم وقال غيره هو على صيغة الفعل الماضي ويدل عليه ما قاله عليه السلام فضلت على آدم بخصلتين كان شيطانى كافرا فاعاننى الله عليه فاسلم وكن أزواجي عونا لى وكان شيطان آدم كافرا وزوجته عونا على خطيئته فهذا صريح فى اسلام قرين النبي عليه السلام وان هذا خاص بقرين النبي عليه السلام فيكون
عليه السلام مختصا بإسلام قرينه كذا فى آكام المرجان يقول الفقير لا شك ان الشيطان لا يدخل فى دائرة الإسلام حقيقة كما ان النفس لا تتبدل حقيقتها كما قال يوسف الصديق عليه السلام ان النفس لامارة بالسوء بل تتبدل صفتها فالنبى والولي والعدو فى هذا سوآء الا ان النبي معصوم والولي محفوظ والعدو موكول ولذا لم يقولوا ان النبي والولي ليس لهما نفس أصلا بل قالوا هو معصوم ومحفوظ فدل على اصل النفس وهذا من مزالق الاقدام فلا بد من حسن الفهم وصحة الكشف فمعنى اسلام شيطان النبي عليه السلام دخوله فى السلم كأهل الذمة فى دار الإسلام حيث لا يقدرون على اذية المسلمين بحال ولكن فرق بين اسلام قرين النبي وقرين الولي كما دل عليه لفظ العصمة والحفظ فان العصمة تعم الذات كلها والحفظ يتعلق بالجوارح مطلقا ولا يشترط استصحابه فى السر فقد تخطر للولى خواطر لا يقتضيها طريق الحفظ لكن يظهر لها حكم على الجوارح صاحب كشف الاسرار فرموده كه نزغ شيطان سورة غضب است يعنى تيزىء خشم كه از حد اعتدال در كذرد وبتهود كشد واز ان خصلتهاى بد خيزد چون كبر وعجب وعداوت اما اصل خشم از خود بيفكندن ممكن نباشد زيرا كه آن در خلقت است و چون از حد اعتدال بكاهد بد دلى بود وبى حميتى باشد و چون معتدل بود آنرا شجاعت كويند واز ان حلم وكرم وكظم غيظ خيزد وفى الخبر خلق الغضب من النار التي خلق منها إبليس وفى الحديث الغضب من نار الشيطان الا ترى الى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه والمتغاضبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان يعنى دو كس بر يكديكر غضب ميكند باطل ميكويد ودروغ(8/264)
وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)
ميسازند فان التهاتر بر يكديكر دعوىء باطل كردن كما فى تاج المصادر وقال صلى الله تعالى عليه وسلم إذا غضبت وكنت قائما فاقعد وان كنت قاعدا فقم فاستعذ بالله من الشيطان عصمنا الله وإياكم من كيده ورد مكره اليه فلا نتوكل ولا نعتمد الا عليه وَمِنْ آياتِهِ واز نشانهاى قدرت الهيست اللَّيْلُ وَالنَّهارُ قال الامام المرزوقي الليل بإزاء النهار والليلة بإزاء اليوم وَالشَّمْسُ المشتمل عليها النهار يعنى خورشيد عالم آراى چون جام سيماب وَالْقَمَرُ المشتمل عليه الليل يعنى هيكل ماه كاه چون نعل زرين وكاه چون سر سيمين كل منها مخلوق من مخلوقاته مسخر لأمره يعنى تعاقب الليل والنهار على الوجه الذي يتفرع عليه منافع الخلق ومصالحهم وتذلل الشمس والقمر لما يراد منهما من اظهر العلامات الدالة على وجوده تعالى ووحدانيته وكمال علمه وحكمته.
بر صنع اله بيعدد برهانست ... در برگ كلى هزار كون الوانست
روز ارچهـ سپيد وروشن وتابانست ... آنرا كه نديد روز شب يكسانست
رب العزة كفت ربى اگر خواهى كه در ولايتم نكرى لله ملك السموات والأرض واگر خواهى كه در سپاهم نكرى لله جنود السموات والأرض ورخواهى كه در فعلم نكرى فانظر الى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها درخواهى كه در صنعم نگرى ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر وخواهى كه فردا در من نكرى امروز از صنع من با من نكر بديده دل الم تر الى ربك كيف مد الظل تا فردا بفضل من دو نكرى بديده سر وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ لأنهما من جملة مخلوقاته المسخرة لاوامره مثلكم والمراد الأمر التكويني لا التكليفي إذ لا علم لهما ولا اختيار عند اهل الظاهر واما عند اهل الحقيقة فالامر بخلافه ويدل عليه (قول الشيخ سعدى) همه از بهر تو سركشته وفرمان بردار شرط انصاف نباشد كه تو فرمان نبرى وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ الضمير للاربعة لأن حكم جماعة ما لا يعقل حكم الأنثى وان كان المناسب تغليب المذكر وهو ما عدا الشمس على المؤنث وهو الشمس او لأنها عبارة عن الآيات وتعليق الفعل بالكل مع كفاية بيان مخلوقية الشمس والقمر للايذان بكمال سقوطهما عن رتبة المسجودية بنظمهما فى سلك الأغراض التي لا قيام لها بذاتها وهو السر فى نظم الكل فى آياته تعالى (وفى المثنوى)
آفتاب از امر حق طباخ ماست ... ابلهى باشد كه كوييم او خداست
آفتابت كر بگيرد چون كنى ... آن سياهى زو نو چون بيرون كنى
نى بدرگاه خدا آرى صداع ... كه سياهى را ببر داده شعاع
كر كشندن نيمشب خورشيد كو ... تا نيابى با أمان خواهى ازو
حادثات اغلب بشب واقع شود ... وان زمان معبود تو غايب بود
سوى حق كر راستانه خم شوى ... وارهى از اختران محرم شوى
إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تعالى لا غيره تَعْبُدُونَ اى ان كنتم تعبدون إياه لا تسجدوا لغيره(8/265)
فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38)
فان السجود أقصى مراتب العبادة فلا بد من تخصيصه به تعالى ولعل ناسا منهم كانوا يسجدون للشمس والقمر كالصابئين فى عبادتهم الكواكب ويزعمون أنهم يقصدون بالسجود لهما السجود لله فنهوا عن هذه الواسطة فامروا ان لا يسجدوا الا الله الذي خلق الأشياء فان قيل لم لم يجز أن تكون الشمس قبلة للناس عند سجودهم قلنا لأنها جوهر مشرق عظيم الرفعة لها منافع فى صلاح احوال الخلق فلو اذن فى جعلها قبلة فى الصلاة بان يتوجه إليها ويركع ويسجد نحوها لربما غلب على بعض الأوهام أن ذلك الركوع والسجود للشمس لالله بخلاف الأحجار المعينة فانها ليس فى جعلها قبلة ما يوهم الالهية وعن عكرمة قال ان الشمس إذا غربت دخلت بحرا تحت العرش فتسبح الله حتى إذا هى أصبحت استعفت ربها من الخروج فقال الرب ولم ذلك والرب اعلم قالت انى إذا خرجت عبدت من دونك فقال لها الرب اخرجى فليس عليك من ذلك شىء حسبهم جهنم ابعثها إليهم من ثلاثة عشر ألف ملك يقودونها حتى يدخلوهم فيها وفى الحديث ليس فى أمتي رياء ان رأوا فبالاعمال فاما الايمان فثابت فى قلوبهم أمثال الجبال واما الكبر فان أحدهم إذا وضع جبهته لله تعالى ساجدا فقد برىء من الكبر فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا اى تعظموا عن امتثال أمرك فى ترك السجود لغير الله وأبوا الا اتخاذ الواسطة فذلك لا يقلل عدد من يخلص عبادته لله فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ فان الملائكة المقربين عند الله فهو علة للجزاء المحذوف يُسَبِّحُونَ لَهُ ينزهونه عن الانداد وسائر ما لا يليق به بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ اى دائما وفى جميع الأوقات وظهر من هذا التقرير أن تخصيص الملائكة مع وجود غيرهم من العباد المخلصين لكثرتهم وايضا الشمس والقمر عندهم فيردون العبادة عنهما غيرة بتخصيصها بالله تعالى وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ السامة الملالة اى لا يفترون ولا يملون من التسبيح والعبادة فان التسبيح منهم كالتنفس من الناس وبالفارسية وايشان ملول وسير نمى شوند از كثرت عبادت وبسيارى ستايش و پرستش روى أن لله ملكا يقال له حو قبائيل له ثمانية عشر الف جناح ما بين الجناح الى الجناح خمسمائة عام فخطر له خاطر هل فوق العرش شىء فزاده الله مثلها اجنحة اخرى فكان له ستة وثلاثون ألف جناح بين الجناح الى الجناح خمسمائة عام ثم اوحى الله ايها الملك طرفطار مقدار عشرين ألف سنة فلم ينل راس قائمة من قوائم العرش ثم ضاعف الله له فى الجناح والقوة وامره أن يطير فطار مقدار ثلاثين ألف سنة فلم ينل ايضا فأوحى الله اليه ايها الملك لو طرت الى نفخ الصور مع أجنحتك وقوتك لم تبلغ ساق عرشى فقال الملك سبحان ربى الأعلى فانزل الله سبح اسم ربك الأعلى فقال عليه السلام اجعلوها فى سجودكم قال عبد العزيز المكي فى هذه الآية سبحان الذي من عرفه لا يسأم من ذكره سبحان الذي من انس به استوحش من غيره سبحان الذي من أحبه اعرض بالكلية عما سواه وفى التأويلات المنجمية لا تتخذوا ما كشف لكم عند تجلى شمس الروح من المعقولات وأنواع العلوم الدقيقة مقصدا ومعبدا كما اتخذت الفلاسفة ولا تتخذوا ايضا ما شهدتم عند تجلى شواهد الحق فى قمر القلب من المشاهدات ومكاشفات العلوم الدينية مقصدا ومعبدا كما اتخذ بعض ارباب السلوك ووقفوا عند عقبات العرفان والكرامات فشغلوا بالمعرفة عن المعروف وبالكرامات(8/266)
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)
عن المكرم واتخذوا المقصود والمعبود حضرة جلال الله الذي خلق ما سواه منازل السائرين به اليه ان كنتم من جملة المحبين الصادقين الذين إياه يعبدون طمعا فى وصاله والوصول اليه لا من الذين يعبدونه خوفا من النار وطمعا فى الجنة فان استكبر اهل الأهواء والبدع ولا يوفقون للسجود بجميع الوجود فالذين عند ربك من أرواح الأنبياء والأولياء ينزهونه عن احتياجه الى سجدة أحد من العالمين وهم لا يسئمون من التسبيح والتنزيه (قال الكاشفى) اين سجده يازدهم است از سجدات قرآنى وحضرة شيخ اكبر قدس سره الأطهر در فتوحات اين را سجدة احتماد كفت وفرموده كه اگر در آخر آيت اولى سجده ايشان شرط باشد چهـ مقارنست بقول ان كنتم إياه تعبدون واگر بعد از آيت دوم بسجود روند سجده نشاط ومحبت بود چهـ مقرونست باين كلمات وهم لا يسأمون والحاصل أن قوله تعبدون موضح السجود عند الشافعي ومالك لاقتران الأمر به يعنى تا سجده مقترن امر باشد وعند ابى حنيفة وفى وجه عن الشافعي وعند احمد آخر الآية وهم لا يسأمون لأنه تمام المعنى وكل من الائمة على أصله فى السجود فابو حنيفة هو واجب ومالك وهو فضيلة والشافعي واحمد هو سنة وَمِنْ آياتِهِ دلائل قدرته تعالى أَنَّكَ يا محمد او يا ايها الناظر تَرَى الْأَرْضَ حال كونها خاشِعَةً يابسة لانبات فيها متطامنة يعنى فرسوده وخشك شده. مستعار من الخشوع بمعنى التذلل شبه يبس الأرض وخلوها عن الخير والبركة يكون الشخص خاشعا ذليلا عاريا لا يؤبه به الدناءة هيئته فهى استعارة تبعية بمعنى يابسة جدبة فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ الاهتزاز التحرك اى تحركت بالنبات يعنى بجنبش درآيد رستن كياه ازو وَرَبَتْ وانتفخت لأن النبت إذا دنا ان يظهر ارتفعت له الأرض وانتفخت ثم تصدعث عن النبات اى انشقت يقال ربا ربوا وربا زاد ونما والفرس ربوا انتفح من عدو أو فزع وقال الراغب وربت اى زادت زيادة المتربى إِنَّ الَّذِي أَحْياها بما ذكر بعد موتها والاحياء فى الحقيقة إعطاء الحياة وهى صفة تقتضي الحس والحركة فالمراد بإحياء الأرض تهييج القوى النامية فيها واحداث نضارتها بانواع النباتات لَمُحْيِ الْمَوْتى بالبعث إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الأشياء التي من جملتها الاحياء قَدِيرٌ مبالغ فى القدرة وقد وعد بذلك فلا بد من ان يفى به والحكمة فى الاحياء هو المجازاة والمكافاة وفى الآية اشارة الى احياء النفوس واحياء القلوب اما الاول فلائن ارض البشرية قد تصير يابسة عند فقد ان الدواعي والأسباب فاذا نزل عليها ماء الابتلاء والاستدراج تراها تهتز بنباتات المعاصي وأشجار المناهي (فى المثنوى)
آتشت را هيزم فرعون نيست ... زانكه چون فرعون او را عون نيست
نفس اژدرهاست او كى مرده است ... از غم بى آلتى افسرده است
كرمك است آن اژدها از ده ست فقر ... پشه كردد ز جاه ومال صقر
ولذا كان أصعب دعاه عليه ان يقال له اذاقك الله طعم نفسك فانه من ذاق طعم نفسه واستحلى ما عنده وشغل به عن المقصود فلا يرجى فلاحه ابدا واما احياء القلوب فبنور الايمان وصدق(8/267)
إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)
الطلب وغلبات الشوق وذلك عند نزول مطر اللطف وماء الرحمة وعن بعض الصالحين قال رأيت سمنون فى الطواف وهو يتمايل فقبصت على يده وقلت له يا شيخ بموقفك بين يديه الا أخبرتني بالأمر الذي أوصلك اليه فلما سمع بذكر الموقف بين يديه سقط مغشيا عليه فلما أفاق انشد
ومكتئب لج السقام بجسمه ... كذا قلبه بين القلوب سقيم
يحق له لومات خوفا ولوعة ... فموقفه يوم الحساب عظيم
ثم قالى يا أخي أخذت نفسى بخصال أحكمتها فاما الخصلة الاولى أمت منى ما كان حيا وهو هوى النفس وأحييت منى ما كان ميتا وهو القلب واما الثانية فانى أحضرت ما كان عنى غائبا وهو حظى من الدار الآخرة وغيبت ما كان حاضرا عندى وهو نصيبى من الدنيا واما الثالثة فانى أبقيت ما كان فانيا عندى وهو التقى وأفنيت ما كان باقيا عندى وهو الهوى واما الرابعة فانى آنست بالأمر الذي منه تستوحشون وفررت من الأمر الذي اليه تسكنون أشار الى الاستئناس بالله وبذكره والى الاستيحاش مما سوى الله وهو المراد بحسن الخاتمة واما التوحش من الله والانس بما سواه فهو المراد بسوء العاقبة نعوذ بالله وربما كان سوء العاقبة بالخروج من الدنيا بغير ايمان وكان فى زمان حاتم الأصم نباش فحضر مجلس حاتم يوما فتاب على يده وأحياه الله بسبب نفس حاتم فقال له حاتم كم نبشت من القبور فقال سبعة آلاف قال فى كم سنة قال فى عشرين سنة فغشى على حاتم فلما أفاق قال قبور المسلمين أم قبور الكافرين قال بل قبور المسلمين فقال كم قبرا وجدت صاحبه على غير القبلة قال وجدت ثلاثمائة قبر صاحبه على القبلة والباقون على غير القبلة فغشى على حاتم وذلك لأن خوف كل أحد بحسب مقامه من المعرفة فاذا عرف المرء أن فى امامه موتا وابتلاء ثم حشرا وامتحانا لا يزال فى ناحية وربما يغلب عليه حاله فيغشى عليه قال بعضهم إذا عرج بروح المؤمن الى السماء قالت الملائكة سبحان الذي نجى هذا العبد من الشيطان يا ويحه كيف نجا ولكثرة فتن الشيطان وتشبثها بالقلوب عزت السلامة فلا بد من الاستقامة فى الله وادامة الذكر والاستعاذة بالله من كل شيطان مضل وفتنة مهلكة إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ الإلحاد فى الأصل مطلق الميل والانحراف ومنه اللحد لأنه فى جانب القبر ثم خص فى العرف بالانحراف عن الحق الى الباطل اى يميلون عن الاستقامة فِي آياتِنا بالطعن فيها بأنها كذب او سحر او شعر وبتحريفها يحملها على المحامل الباطلة لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا فنجازيهم بالحادهم ثم نبه على كيفية الجزاء فقال أَفَمَنْ آيا كسى كه يُلْقى فِي النَّارِ على وجهه وهم الكفرة بانواعهم خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً من النار يَوْمَ الْقِيامَةِ وهم المؤمنون على طبقاتهم قابل الإلقاء فى النار بالإتيان آمنا مبالغة فى احماد حال المؤمنين بالتنصيص على انهم آمنون يوم القيامة من جميع المخاوف فلو قال أم من يدخل الجنة لجاز من طريق الاحتمال أن يبدلهم الله من بعد خوفهم أمنا ولك ان تقول الآية من الاحتباك حذف من الاول مقابل الثاني ومن الثاني مقابل الاول والتقدير أفمن يأتى خائفا ويلقى فى النار خير أم من يأتى آمنا ويدخل الجنة يعنى ان الثاني خير(8/268)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41)
من الاول اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ من الأعمال المؤدية الى ما ذكر من الإلقاء فى النار والإتيان آمنا وآثروا ما شئتم فانكم لا تضرون الا أنفسكم وفيه تهديد شديد لظهور أن ليس المقصود الأمر بكل عمل شاؤا قال فى الاسئلة المقحمة هو امر وعيد ومعناه أن المهلة ما هى لعجزو لا لغفلة وانما يعجل من يجاف الفوت وهو ابلغ اسباب الوعيد إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم بحسب أعمالكم.
حيل ومكر رها كن كه خدا مى داند ... نقد مغشوش مياور كه معامل بيناست
وفى الآية تخويف لأهل الشطح والطامات الذين يريدون العزة عند العامة ويزعقون ويمزقون ثيابهم ويجلسون فى الزوايا ويتزهدون وينظرون فى تصانيف المشايخ ويقولون عليها ما يجهلون ويتزخرفون وينتظرون دخول الأمراء عليهم ويدعون المكاشفة والأحوال والمواجيد لا يخفى على الله كذبهم وزورهم وبهتانهم ونياتهم الفاسدة وقلوبهم الغافلة وكذا على أوليائه من الصديقين والعارفين الذين يرون خفايا قلوب الخلق بنور الله لو رأيتهم كيف يفتضحون يوم القيامة على رؤوس الاشهاد وترى اهل الحق ينظرون الى الحق بابصار نافذة وقلوب عاشقة لا يستوى اصحاب النار واصحاب الجنة وقد وصف النبي هؤلاء الملحدين وشبههم بالفراعنة وشبه قلوبهم بقلوب الذئاب كما قال عليه السلام يخرج فى أمتي أقوام لسانهم لسان الأنبياء وقلوبهم كقلوب الفراعنة وقال فى موضع آخر كقلوب الذئاب يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا قال بعضهم معنى هذه الآية ان الذين يجترئون علينا على غير سبيل الحرمة فانه لا يخفى علينا جراءتهم علينا وتعديهم فى دعواهم وقال ابن عطاء فى هذه الآية ان المدعى عن غير حقيقة سيرى منا ما يستحقه من تكذيبه على لسانه وتفضيحه فى أحواله إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ اى القرآن فيكون من وضع الظاهر موضع ضمير الآيات لَمَّا جاءَهُمْ اى بادهوه بالكفر والإنكار ساعة جاءهم وأول ما سمعوه من غير اجالة فكروا عادة نظر وكذبوا به على البديهة قبل التدبر ومعرفة التأويل قوله ان الذين إلخ بدل من قوله ان الذين يلحدون إلخ بدل الكل بتكرير العامل وخبر ان هو الخبر السابق وهو لا يخفون علينا لأن الحادهم فى الآيات كفر بالقرءان فلهذا اكتفى بخبر الاول عن الثاني الا أنه غير معهود الا فى الجار والمجرور لشدة الاتصال قال الرضى ولا يتكرر فى للنظ فى البدل من العوامل الا حرف الجر لكونه كبعض حروف المجرور وقيل مستأنف وخبرها محذوف مثل سوف نصليهم نارا وذلك بعد قوله حميد وقال الكسائي سد مسد الخبر السابق وَإِنَّهُ إلخ جملة حالية مفيدة لغاية شناعة الكفر به اى والحال أن الذكر لَكِتابٌ عَزِيزٌ اى كثير المنافع عديم النظير فهو من العز الذي هو خلاف الذل او منيع لا تتأتى معارضته وابطاله وتحريفه فهو من العزة بمعنى الغلبة فالقرءآن وان كان لا يخلو عن طعن باطل من الطاعنين وتأويل فاسد من المبطلين الا أنه يؤتى بحفظة ويقدر له فى كل عصر منعة يحرسونه بابطال شبه اهل الزيغ والأهواء ورد تأويلاتهم الفاسدة فهو غالب بحفظ الله إياه وكثرة منعته على كل من يتعرض له بالسوء امام قشيرى قدس سره فرموده كه قرآن عزيز است زيرا كلام رب عزيزست كه ملك عزيز بر رسول عزيز آورده(8/269)
لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)
براى امت عزيز با آنكه نامه دوست است بنزديك دوست ونامه دوست نزد دوستان عزيز باشد
ز نام ونامه تو يافتم عز وكرامت ... هزار جان كرامى فداى خامه ونامت
قال ابن عطاء عزيز لانه لا يبلغ حد حقيقية حقه لعزه فى نفسه وعز من انزل عليه وعز من خوطب به من أوليائه واهل صفوته لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ صفة اخرى لكتاب اى لا يتطرق اليه الباطل ولا يجد اليه سبيلا من جهة من الجهات حتى يصل اليه ويتعلق به اى متى رامو فيه ان يكون ليس حقا ثابتا من عند الله وابطالا له لم يصلوا اليه ذكر اظهر الجهات وأكثرها فى الاعتبار وهو جهة القدام والخلف وأريد الجهات بأسرها فيكون قوله لا يأتيه الباطل من بين إلخ استعارة تمثيلية شبه الكتاب فى عدم تطرق الباطل إليه بوجه من الوجوه بمن هو محمى بحماية غالب قاهر يمنع جاره من أن يتعرض له العدو من جهة من جهاته ثم أخرجه مخرج الاستعارة بان عبر عن المشبه بما عبر به عن المشبه به فقال لا يأتيه إلخ او لا يأتيه الباطل فيما اخبر عما مضى ولا فيما اخبر عن الأمور الآتية او الباطل هو الشيطان لا يستطيع ان يغيره بان يزيد فيه او ينقص منه او لا يأتيه التكذيب من الكتب التي قبله ولا يجيئ بعده كتاب يبطله او ينسخه تَنْزِيلٌ اى هو تنزيل او صفة اخرى لكتاب مفيده لفخامته الاضافية بعد إفادة فخامته الذاتية وكل ذلك لتأكيد بطلان الكفر بالقرءان مِنْ حَكِيمٍ اى حكيم مانع عن تبديل معانيه باحكام مبانيه حَمِيدٍ اى حميد مستحق للتحميد بالهام معانيه او يحمده كل خلق فى كل مكان بلسان الحال والمقال بما وصل اليه من نعمه وفى التأويلات النجمية ان من عزة الكتاب لا يأتيه الباطل يعنى اهل الخذلان من بين يديه بالايمان به ولا من خلفه بالعمل به تنزيل من حكيم ينزل بحكمته على من يشاء من عباده لمن يشاء ان يعمل به حميد فى أحكامه وأفعاله لأنها صادرة منه بالحكمة وعن على رضى الله عنه قال سمعت رسول الله عليه السلام يقول (ألا انها) الضمير للقصة (ستكون فتنة فقلت ما المخرج منها يا رسول الله قال كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار) بيان لمن والجبار إذا اطلق على انسان يشعر بالصفة المذمومة ينبه بذلك على ان ترك القرآن والاعراض عنه وعن العمل به انما هو الجبر والحماقة (قصمه الله) كسره وأهلكه دعاء عليه او خبر (ومن ابتغى الهدى فى غيره أضله الله) دعاء عليه واخبار بثبوت الضلالة فان طلب الشيء فى غير محله ضلال (وهو حبل الله) اى عهده وامانه الذي يؤمن به العذاب وقيل هو نور هداه وفى الحديث القرآن كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض اى نور ممدود وقيل هو السبب القوى والوصلة الى من يوثق عليه فيتمسك به من أراد التجافي عن دار الغرور والانابة الى دار السرور (المتين) اى القوى يعنى هو السبب القوى المأمون الانقطاع المؤدى الى رحمة الرب (وهو الذكر) اى القرآن ما يتذكر به ويتعظ به (الحكيم) اى المحكم آياته اى قوى ثابت لا ينسخ الى يوم القيامة او ذو الحكمة فى تأليفه (وهو الصراط المستقيم الذي لا تزيغ به الأهواء) اى لا يميل بسببه اهل الأهواء يعنى لا يصير به مبتدعا وضالا (ولا تلتبس به الالسنة) اى لا يختلط به غيره بحيث يشتبه كلام الرب بكلام غيره لكونه معصوما (ولا يشبع منه العلماء) اى لا يحيط(8/270)
مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43)
علمهم بكنهه بل كلما تفكروا تجلت لهم معان جديدة كانت فى حجب مخفية (ولا يخلق) خلق الشيء يخلق بالضم فيهما خلوقة إذا بلى اى لا يزول رونقه ولا يقل اطروانه ولذة قراءته واستماعه (عن كثرة الرد) اى عن تكرر تلاوته على ألسنة التالين وآذان المستمعين وأذهان المتفكرين مرة بعد أخرى بل يصير كل مرة يتلوه التالي اكثر لذة على خلاف ما عليه كلام المخلوقين وهذه احدى الآيات المشهورة (ولا تنضى عجائبه) اى لا ينتهى أحد الى كنه معانيه العجيبة وفوائده الكثيرة (هو الذي لم تنته الجن) أي لم تقف إذ سمعته حتى (قالوا انا سمعنا قرءانا عجبا) مصدر وصف به للمبالغة اى عجيبا لحسن نظمه (يهدى الى الرشد) اى يدل الى الايمان والخير (فآمنا به) وصدقناه (من قال به صدق ومن عمل به رشد) اى يكون راشدا مهديا (ومن حكم به صدق ومن دعا اليه هدى الى صراط مستقيم) كذا فى المصابيح وفى الحديث يدعى يوم القيامة بأهل القرآن فيتوج كل انسان بتاج لكل تاج سبعون ألف ركن ما من ركن الا وفيه ياقوتة حمراء تصيئ من مسيرة كذا من الأيام والليالى ثم يقال له أرضيت فيقول نعم فيقول له الملكان اللذان كانا عليه يعنى الكرام الكاتبين زده يا رب فيقول الرب اكسوه حلة الكرامة فيلبس حلة الكرامة ثم يقال له أرضيت فيقول نعم فيقول ملكاه زده يا رب فيقول لأهل القرآن ابسط يمينك فتملأ من الرضوان اى رضوان الله ويقال له ابسط شمالك فتملأ من الخلد ثم يقال له أرضيت فيقول نعم يا رب فيقول ملكاه زده يا رب فيقول الله انى قد أعطيته رضوانى وخلدى ثم يعطى من النور مثل الشمس فيشيعه سبعون ألف ملك الى الجنة فيقول الرب انطلقوا به الى الجنة فاعطوه بكل حرف حسنة وبكل حسنه درجة ما بين الدرجتين مسيرة مائة عام وفى حديث آخر يجاء بأبويه فيفعل بهما من الكرامة ما فعل بولدهما تكرمة لصاحب القرآن فيقولان من اين لنا هذا فيقول بتعليمكما ولدكما القرآن
بخردى درش زجر وتعليم كن ... به نيك وبدش وعده وبيم كن
هر آن طفل كو جور آموزگار ... نه بيند جفا بيند از روزكار
ما يُقالُ لَكَ إلخ تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عما يصيبه من اذية الكفار اى ما يقال فى شأنك وشأن ما انزل إليك من القرآن من جهة كفار قومك إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ الا مثل ما قد قيل فى حقهم وفى حق الكتب السماوية المنزلة عليهم مما لا خير فيه من الساحر والكاهن والمجنون والأساطير ونحوها إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لانبيائه ومن آمن بهم وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ لاعدائهم الذين لم يؤمنوا بهم وبما انزل إليهم والتزموا الاذية وقد نصر من قبلك من الرسل وانتقم من أعدائهم وسيفعل مثل ذلك بك وبأعدائك ايضا وفيه اشارة الى حال الأولياء ايضا فانهم ورثة الأنبياء فلهم أعداء وحساد يطلقون ألسنتهم فى حقهم باللوم والطعن بالجنون والجهل ونحو ذلك ولكنهم يصيرون على الجفاء والأذى فيظفرون بمراداتهم كما صبر الأنبياء فظفروا وفى آية اخرى ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى آتاهم نصرنا اى ظاهرا بهلاك القوم او بإجابة الدعوة وباطنا بالتخلق بالأخلاق الالهية مثل الصبر فانه نصر(8/271)
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)
اى نصر إذ به يحصل المرام (وفى المثنوى)
صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همچوصبر آدم نديد
وبذلك ينقلب الإنسان بالصبر من حال الى حال اخرى احسن من الاولى كما ينقلب النحاس بالإكسير فضة او ذهبا ودلت الآية على أنه ليس من الحكمة ان يقطع لسان الخلق بعضهم عن بعض الا ترى انه تعالى لم يقطع لسان الخلق عن ذاته الكريمة حتى قالوا فى حقه تعالى ان له صاحبة وولدا ونحو ذلك فكيف غيره تعالى من الأنبياء والمرسلين والأولياء والمقربين فالنار لا ترتفع من الدنيا الا يوم القيامة وانما يرتفع الاحتراق بها كما وقع لابراهيم عليه السلام وغيره من الخواص فكل البلايا كالنار فبطون الأولياء وقلوب الصديقين فى سلامة من الاحتراق بها فانه لا يجرى الا ما قضاه الله تعالى ومن آمن بقضاء الله سلم من الاعتراض والانقباض وهكذا شأن الكبار نسأل الله الغفار السلامة من عذاب النار وَلَوْ جَعَلْناهُ اى الذكر قُرْآناً أَعْجَمِيًّا منتظما على لغة العجم مؤلفا عليها والأعجمي فى الأصل يقال لذات من لا يفصح عن مراده بلغة لسانه وان كان من العرب ولكلامه الملتبس الذي لا يوضح المعنى المقصود اطلق هاهنا على كلام مؤلف على لغة العجم بطريق الاستعارة تشبيها له بكلام من لا يفصح من حيث أنه لا يفهم معناه بالنسبة الى العرب وهذا جواب لقول قريش تعنتا هلا انزل القرآن بلغة العجم. يعنى قرآن چرا بلعت عجم فروا نيامد لَقالُوا هر آينه ميكفتند كفار قريش لَوْلا حرف تحضيض بمعنى هلا وحرف التحضيض إذا دخل على الماضي كان معناه اللوم والتوبيخ على ترك الفعل فهو فى الماضي بمعنى الإنكار فُصِّلَتْ آياتُهُ اى بينت بلسان نفقهه من غير ترجمان عجمى وهو من كان منسوبا الى امة العجم فصيحا كان او غير فصيحءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ انكار مقرر للتحضيض فالهمزة الاولى همزة الاستفهام المعنى بها الإنكار والأعجمي كلام لا يفهم معناه ولغة العجم كذلك بالنسبة الى العرب كما أشير اليه آنفا والياء ليست للنسبة الحقيقة بل للمبالغة فى الوصف كالأحمرى والمعنى لأنكروا وقالوا أكلام او قرآن أعجمي ورسول او مرسل اليه عربى اى لقالوا كيف أرسل الكلام العجمي الى القوم العرب فكان ذلك أشد لتكذيبهم على ان الإقرار مع كون المرسل إليهم امة جمة لما ان المراد بيان التنافي والتنافي بين الكلام وبين المخاطب به لا بيان كون المخاطب واحدا او جمعا وقرأ هشام أعجمي على الاخبار لا على الاستفهام والإنشاء اى بهمزة واحدة هى من اصل الكلمة فالتفصيل يجوز أن يكون بمعنى التفريق والتمييز لا بمعنى التبيين كما فى القراءة الاولى فالمعنى ولو جعلنا المنزل كله أعجميا لقالوا لولا فرقت آياته وميزت بأن جعل بعضها أعجميا لافهام العجم وبعضها عربيا لافهام العرب أعجمي وعربى والمقصود بيان أن آيات الله على اى وجه جاءتهم وجدوا فيها متعنتا يتعللون به لأن القوم غير ضالبين للحق وانما يتبعون أهواءهم.
در چشم اين سياه دلان صبح كاذبست ... در روشنى اگر يد بيضا شود كسى
وفى التأويلات النجمية يشير الى ازاحة العلة لمن أراد أن يعرف صدق الدعوة وصحة(8/272)
الشريعة فانه لا نهاية للتعليل بمثل هذه التعللات لأنه تعالى لو جعل القرءان أعجميا وعربيا لقالوا لولا جعله عبرانيا وسريانيا قُلْ هُوَ اى الذكر لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً يهديهم الى الحق والى طريق مستقيم وَشِفاءٌ لما فى الصدور من شك وشبهة او شفاء حيث استراحوا به من كد الفكرة وتحيرا لخواطر او شفاء لضيق صدور المريدين لما فيه من التنعم بقراءته والتلذذ بالتفكر فيه او شفاء لقلوب المحبين من لواعج الاشتياق لما فيه من لطائف المواعيد او شفاء لقلوب العارفين لما يتوالى عليها من أنوار التحقيق وآثار خطاب الرب العزيز وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ مبتدأ خبره قوله فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ اى ثقل وصمم على أن التقدير هواى القرآن فى آذنهم وقر على أن وقر خبر للضمير المقدر وفى آذانهم متعلق بمحذوف وقع حالا لو قر لبيان محل الوقر وهو أوفق لقوله تعالى وَهُوَ اى القرآن عَلَيْهِمْ اى على الكفار المعاندين عَمًى وذلك لتصامهم عن سماعه وتعاميهم عما يريهم من الآيات وهو بفتح الميم المنونة اى ذو عمى على معنى عميت قلوبهم عنه وهو مصدر عمى يعمى كعلم وفى المفردات محتمل لعمى البصر والبصيرة جميعا وقرأ ابن عباس رضى الله عنهما بكسر الميم بمعنى خفى وبالفارسية واين كتاب بر ايشان پوشيد كيست تا جلوه جمال كمال او نه بينند أُولئِكَ البعداء الموصوفون بما ذكر من التصامم عن الحق الذي يسمعونه والتعامي عن الآيات الظاهرة التي يشاهدونها يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ تمثيل لهم فى عدم قبولهم واستماعهم للقرآن بمن ينادى ويصيح به من مسافة بعيدة لا يكاد يسمع من مثلها الأصوات يعنى مثل ايشان چون كسيست كه او را از مسافه دور ودراز بخواندند نه خواننده را بيند ونه آواز او را شنود پس او را از ان ندا چهـ نفع رسد
نادىء اقبال ميكويد كه اى ناقلابلان ... ما بسى نزديك نزديك وشما بس دور دور
قال الشيخ سعدى در جامع بعلبك كلمه چند بر طريق وعظ ميكفتم با طائفه افسرده ودل مرده وراه از عالم صورت بمعنى نبرده ديدم كه نفسم در نمى كيرد وآتشم در هيزم تر ايشان اثر نمى كنند دريغ آمدم تربيه ستوران وآينه دارى در محله كوران وليكن در معنى باز بود وسلسله سخن دراز ودر بيان اين آيت كه كفت خداى تعالى ونحن اقرب اليه من حبل الوريد سخن بجايى رسيده بود كه ميكفتم
دوست نزديكتر از من بمنست ... وين عجبتر كه من از وى دورم
چهـ كنم با كه توان كفت كه او ... در كنار من ومن مهجورم
من از شرح اين سخن مست وفضله قدح در دست كه رونده از كنار مجلس كذر كرد ودور آخر برو اثر كرد نعره چنان زد كه ديكران در موافقت او در خروش آمدند وخامان مجلس در جوش كفتم سبحان الله دوران با خبر در حضورست ونزديكان بي بصر دور
فهم سخن چون نكند مستمع ... قوت طبع از متكلم مجوى
فسحت ميدان أرادت بيار ... تا بزند مرد سخن كوى كوى
وعن الضحاك ينادون يوم القيامة بأقبح اسمائهم من مكان بعيد يعنى يقال يا فاسق يا منافق يا كذا(8/273)
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46) إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48) لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49)
ويا كذا فيكون ذلك أشد لتوبيخهم وخزيهم وفى التأويلات النجمية أولئك ينادون من مكان بعيد لأن النداء انما يجيىء من فوق أعلى عليين وهم فى أسفل السافلين من الطبيعة الانسانية وهم ابعد البعداء وقال ذو النون رحمه الله من وقر سمعه وصم عن نداء الحق فى الأزل لا يسمع ندائه عند الإيجاد وان سمعه كان عليه عمى ويكون عن حقائقه بعيدا وذلك انهم نودوا عن بعد ولم يكونو بالقرب نسأل الله القرب على كل حال وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ اى وبالله لقد آتيناه التوراة فاختلف فيها فمن مصدق لها ومن مكذب وغيروها من بعده بخمسمائة عام وهكذا حال قومك فى شأن ما آتيناك من القرآن فمن مؤمن به ومن كافر وان كانوا لا يقدرون على تحريفه فانا له لحافظون فالاختلاف فى شأن الكتب عادة قديمة للامم غير مختص بقومك ففيه نسلية له عليه السلام وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ فى حق أمتك المكذبة وهى العدة بتأخير عذابهم والقصل بينهم وبين المؤمنين من الخصومة الى يوم القيامة بنحو قوله تعالى بل الساعة موعدهم وقوله تعالى ولكن يؤخرهم الى أجل مسمى لَقُضِيَ فى الدنيا وحكم بَيْنَهُمْ باستئصال المكذبين كما فعل بمكذبى الأمم السالفة يقول الفقير انما لم يفعل الاستئصال لأن نبينا عليه السلام كان نبى الرحمة ولان مكة كانت مهاجر الأنبياء والمرسلين ومهبط الملائكة المقربين بانواع رحمة رب العالمين فلو وقع فيها الاستئصال لكانت مثل ديار عاد وثمود ووقعت النفرة لقلوب الناس وقد دعا ابراهيم عليه السلام بقوله فاجعل افئدة من الناس تهوى إليهم فكان من حكمته ان لا يجعل الحرم المبارك الآمن مصارع السوء وان يقيه من نتائج سخطه وَإِنَّهُمْ اى كفار قومك لَفِي شَكٍّ مِنْهُ اى من القرآن مُرِيبٍ موجب للاضطراب موقع فيه وبالفارسية كمانى باضطراب آورده وتمامه فى آخر سورة سبأ فارجع والشك عبارة عن تساوى الطرفين ولتردد فيهما من غير ترجيح والوهم ملاحظة الطرف المرجوح وكلاهما تصور لا حكم معه اى لا تصديق معه أصلا مَنْ هر كه عَمِلَ صالِحاً بان آمن بالكتب وعمل بموجبها فَلِنَفْسِهِ فعمله او فنفعه لنفسه لا لغيره وَمَنْ أَساءَ وهر كه بكند عمل بد والاساءة بدى كردن فَعَلَيْها ضرره لا على غيرها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فيفعل بهم ما ليس له ان يفعله بل هو العادل المتفضل الذي يجازى كل أحد بكسبه وهو اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله مبنى على تنزيل ترك اثابة المحسن بعمله او اثابة الغير بعمله وتنزيل التعذيب بغير إساءة او بإساءة غيره منزلة الظلم الذي يستحيل صدوره عن سبحانه اى هو منزه عن الظلم يقال من ظلم وعلم أنه يظلم فهو ظلام وقال بعضهم أصله وما ربك بظالم ثم نقل مع نفيه الى صيغة المبالغة فكانت المبالغة راجعة الى النفي على معنى أن الظلم منفى عنه نفيا مؤكدا مضاعفا ولو جعل النفي داخلا على صيغة المبالغة بتضعيف ظالم بدون نفيه ثم ادخل عليه النفي لكان المعنى أن تضعيف الظلم منفى عنه تعالى ولا يلزم منه نفيه عن أصله والله تعالى منزه عن الظلم مطلقا ويجوز ان يقال صيغة المبالغة باعتبار كثرة العبيد لا باعتبار كثرة الظلم كما قال تعالى ولا يظلم ربك أحدا وفى الحديث القدسي انى حرمت الظلم على نفسى وعلى عبادى ألا فلا تظالموا بفتح التاء أصله تتظالموا(8/274)
إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47)
والظلم هو التصرف فى ملك الغير او مجاوزة الحد وهذا محال فى حق الله تعالى لأن العالم كله ملك وليس فوقه أحد يحدله حدا ولا تجاوز عنه فالمعنى تقدست وتعاليت عن الظلم وهو ممكن فى حق العباد ولكن الله منعهم عنه وفى الحديث من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام وفى حديث آخر من مشى خلف ظالم سبع خطوات فقد أجرم قال الله تعالى انا من المجرمين منتقمون وكان من ديدن السلطان بسمرقند الامتحان بنفسه مرات لطلبة مدرسته المرتبين أعالي واواسط وأداني بعد تعيين جماعة كثيرة من العدول غير المدرس للامتحان من الأفاضل حذرا من الحيف وكان يعد الحيف فى الرتبة بين المستعدين من قبيل الكفر فى الدين واكثر المستعدين فى هذا الزمان على الخذلان والحرمان قال الصائب تير بختي لازم طبع بلند افتاده است پاى خود را چون تواند داشتن روشن چراغ فينبغى للعاقل ان يسارع الى الأعمال الصالحة دائما خصوصا فى زمان انتشار الظلم والفساد وغلبة الهوى على النفوس والطباع فان الثبات على الحق فى مثل ذلك الوقت أفضل وأعظم قال ابن الماجشون وهواى الماجشون كان من اهل المدينة وكان مع عمر بن عبد العزيز فى ولايته على المدينة لما خرج روح ابى وضعناه على السرير فدخل عليه غاسل فرأى عرقا يتحرك فى أسفل قدمه فمكث ثلاثة ايام ثم استوى جالسا وقال ائتوني بسويق فأتوا به فشرب فقلنا له خبرناما رأيت قال عرج بروحى فصعد بي الملك حتى اتى الى السماء الدنيا فاستفتح ففتح له حتى انتهى الى السابعة فقيل له من معك قال الماجشون فقيل لم يؤذن له بعد بفي من عمره كذا ثم هبط بي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وابو بكر عن يمينه وعمر عن يساره وعمر بن عبد العزيز بين يديه فقلت للملك انه لفريب المقعد من رسول الله عليه السلام قال انه عمل بالحق فى زمن الجور وانهما عملا بالحق فى زمن الحق بقومي كه نيكى پسندد خداى
دهد خسرو عادل ونيك راى ... چوخواهد كه ويران كند عالمى
كند ملك در پنجه ظالمى ... ومن الله الامن والسلامة
الجزء الخامس والعشرون من الاجزاء الثلاثين إِلَيْهِ تعالى لا الى غيره يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ إذا سئل عن القيامة يقال الله يعلم إذ لا يعلمها الا الله فاذا جاعت يقضى بين المحسن والمسيء بالجنة والنار وَما نافية تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ من مزيدة للتنصيص على الاستغراق فانه قبل دخولها يحتمل نفى الجنس ونفى الوحدة والمعنى بالفارسية وبيرون نيايد هيچ ميوه مِنْ أَكْمامِها من اوعيتها يعنى الكفرى قبل أن ينشق وقيل قشرها الأعلى من الجوز واللوز والفستق وغيرها جمع كم بالكسر وهو وعاء الثمرة وغلافها اى ما يغطى الثمرة كما أن الكم بالضم ما يغط اليد من القميص وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى(8/275)
وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48)
وبار نكيرد هيچ ماده از انسان وسائر حيوانات وَلا تَضَعُ حملها بمكان على وجه الأرض إِلَّا بِعِلْمِهِ استثناء مفرغ من أعم الأحوال ولم يذكر متعلق العلم للتعميم اى وما يحدث شىء من خروج ثمرة ولا حمل حامل ولا وضع واضع ملابسا بشىء من الأشياء الا ملابسا بعلمه المحيط واقعا حسب تعلقه به يعلم وقت خروج الثمرة من أكمامها وعددها وسائر ما يتعلق بها من انها تبلغ او ان النضج او تفسد قبل ونحوه ووقت الحمل وعدد أيامه وساعاته وأحواله من الحداج والتمام والذكورة والأنوثة والحسن والقبح وغير ذلك ووقت الوضع وما يتعلق به ولعل ذكر هذه الجمل الثلاث بعد ذكر الساعة لاشتمالها على جواز البعث واحياء الموتى وفى حواشى ابن الشيخ المعنى أن اليه يضاف علم الساعة اى علم وقت وقوع القيامة فاذا سئلت عنه فرد العلم اليه فقل الله اعلم كما يرد اليه علم جميع الحوادث الآتية من الثمار والنبات وغيرهما (روى) أن منصورا الدوانقى أهمه مدة عمره فرآى فى منامه شخصا اخرج يده من البحر وأشار بالأصابع الخمس فاستفتى العلماء فى ذلك فتأولوه بخمس سنين وبخمسة أشهر وبغير ذلك حتى قال ابو حنيفة تأويله ان مفاتح الغيب خمسة لا يعلمها الا الله وان ما طلبت معرفته لا سببل لك اليه اخذه ابو حنيفة رحمه الله من قوله عليه السلام مفاتح الغيب خمسة وتلا قوله تعالى ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس باى ارض تموت يقول الفقير ظهر من هذا وجه الجمع بين علم الساعة وعلم خروج الثمرات إذ هو داخل فى تتزيل الغيث لانه بالغيث والرياح تخرج النباتات وتظهر الثمرات وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ اى اذكر يا محمد لقومك يوم يناديهم الله أَيْنَ شُرَكائِي بزعمكم كما نص عليه فى قوله تعالى اين شركائى الذين زعمتم وبالفارسية كجااند انبازان بزعم شما قالُوا آذَنَّاكَ اى أخبرناك وأعلمناك ما مِنَّا نيست از ما مِنْ شَهِيدٍ من أحد يشهد لهم بالشركة إذ تبرأنا منهم لما عاينا الحال فيكون السؤال عنهم للتوبيخ والشهيد من الشهادة او ما منا من أحد يشهدهم لأنهم ضلوا عنهم حينئذ فهم لا يبصرونهم فى ساعة التوبيخ فالشهيد من الشهود قال فى حواشى سعدى المفتى والظاهر أنه كقولهم والله ربنا ما كنا مشركين بل الاشارة بقولهم آذناك الى هذا القول الذي أجابوا به او لا متعمدين للكذب انتهى وفى الإرشاد قولهم آذناك امّا لأن هذا التوبيخ مسبوق بتوبيخ آخر مجاب بهذا الجواب او لأن معناه الإنشاء لا الاخبار بايذان قد كان انتهى وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ اى غاب عن المشركين الآلهة التي كانوا يعبدونها من قبل يوم القيامة او ظهر عدم نفعهم فكان حضورهم كغيبتهم وَظَنُّوا اى أيقنوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ مهرب وبالفارسية ويقين دانند كه إذ عذاب وعقوبت نيست ايشانرا هيچ كريز كاهى من حاص يحيص حيصا ومحيصا إذا هرب وفى المفردات أصله من قولهم وقع فى حيص بيص اى فى شدة وحاص عن الحق يحيص اى حاد عنه الى شدة ومكروه وفى القاموس حاص عنه عدل وحاد والمحيص المحيد والمعدل والميل والمهرب والظن معلق عنه بحرف النفي والتعليق ان يوقع بعده ما ينوب عن المفعولين جميعا وفى الآية اشارة الى أن الله تعالى ينادى فيقول اين شركائى الذين كانوا يرون انهم يخلقون(8/276)
لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49)
أفعالهم وأعمالهم قالوا آذناك ما منا من شهيد يشهد أنه خالق فعله وكوشفوا بأنه لا خالق الا الله وهم المعتزلة وقد سئل الرستغفنى عن المناكحة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا يجوز كما فى مجمع الفتاوى وذلك لأن اهل الاعتزال مشركون بقولهم ان العباد خالقون لأفعالهم وقد قال تعالى ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا اى يوحدوا ويقولوا لا خالق الا الله ولا وجود فى الحقيقة الا لله وضل عنهم يوم القيامة ما كانوا يدعون من قبل ان له وجودا وزال وبطل (ع) چهـ كونه غير تو بيند كسى كه غير تو نيست وأيقنوا مالهم من مهرب الى الله عند قيام الساعة بتجلى صفة القهارية ولو كانوا ارباب اللطف فى الدنيا لنالوا لطفه فى العقبى فعلى العاقل ان يهرب ويفر الى الله تعالى كما قال ففروا الى الله فاذا فر اليه انس به والأنيس لا يخاف من قهر الأنيس إذ هو على الملاطفة معه على كل حال قال ذو النون المصري قدس سره ركبنا مرة فى مركب وركب معناشاب صبيح وجهه مشرق فلما توسطنا فقد صاحب المركب كيسافيه مال ففتش كل من فى المركب فلما وصلوا الى الشاب ليفتشوه وثب وثبة من المركب حتى جلس على امواج البحر وقام له الموج على مثال السرير ونحن ننظر اليه من المركب وقال يا مولاى ان هولاء اتهموني وانى اقسم عليك يا حبيب قلبى ان تأمر كل دابة فى هذا المكان ان تخرج رأسها وفى أفواهها جواهر قال ذو النون فماتم كلامه حتى رأينا دواب البحر امام المركب قد أخرجت رؤوسها وفى فم كل واحدة منها جوهرة تتلألأ وتلمع ثم وثب الشاب من الموج الى البحر وجعل يتبختر على وجه الماء ويقول إياك نعبد وإياك نستعين حتى غاب عن بصرى فحملنى هذا على السياحة وذكرت قوله عليه السلام لا يزال فى أمتي ثلاثون قلوبهم على قلب إبراهيم خليل الرحمن وكلما مات منهم واحد أبدل الله مكانه واحدا ظهر من هذه الحكاية أن الله تعالى تجلى لذلك الشاب بصفة اللطف فسلم من قهر البحر وذلك لتحققه بحقيقة قوله إياك نعبد فانه ان اختصاص العبادة يحصل اختصاص التوحيد وبالتوحيد الحقانى يزول كل ما كان من طريق القهر لأن من قهر وجوده لا يقهر مرة اخرى ولما شاهد ذو النون هذه الحال من الشاب لأنها حال تنافى حال اهل الدنيا (كما قال الشيخ المغربي)
هيچ كس كر چهـ ز حالى نيست خالى در جهان ... ليكن اين حالى كه ما را هست حال ديكر است
سلك طريق اللطف وساح فى الأرض حتى وصل الى اللطيف الخبير لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ اى لا يمل ولا يضجر وبالفارسية ملول نميشود كافر فهذا وصف للجنس بوصف غالب افراده لما أن اليأس من رحمة الله لا يتأتى الا من الكافر وسيصرح به مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ اى من دعائه الخير وطلبه السعة فى النعمة واسباب المعيشة فحذف الفاعل وأضيف الى المفعول والمعنى أن الإنسان فى حال اقبال الخير اليه لا ينتهى الى درجة الا ويطلب الزيادة عليها ولا يمل من طلبها ابدا وفيه اشارة الى أن الإنسان مجبول على طلب الخير بحيث لا تتطرق اليه السآمة فبهذه الخصلة بلغ من بلغ رتبة خير البرية وبها بلغ من بلغ دركة شر البرية وذلك لأنه لما خلق لحمل الامانة التي اشفق منها البرية وأبين ان يحملنها وهى عبارة عن الفيض الإلهي بلا واسطة وذلك فيض لا نهاية له فاحملها احتاج الإنسان الى طلب غير متناه فطلب بعضهم هذا الطلب(8/277)
وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)
فى تحصيل الدنيا وزينتها وشهواتها واستيفاء لذاتها فما سئم من الطلب وصار شر البرية (قال الحافظ)
تا كى غم دنياى دنى اى دل دانا ... حيفست ز خوبى كه شود عاشق زشتى
وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ اى العسر والضيق فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ اى يبالغ فى قطع الرجاء من فضل الله ورحمته وبالفارسية واگر برسد ويرا بدى چون تنكى وتنكدستى وبيمارى پس نوميدست از راحت اميد برنده از رحمت والقنوط عبارة عن يأس مفرط يظهر اثره فى الشخص فيتضاءل وينكسر فبهذا ظهر الفرق بين اليأس والقنوط وفى التأويلات النجمية وان مشه الشر وهو فطامه عن مألوفات نفسه وهواه فيؤوس قنوط لا يرجو زوال البلايا والمحن لعدم علمه بربه وانسداد الطريق على قلبه فى الرجوع الى الله ليدفع عنه ذلك (قال الحافظ)
سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشه بگيتى دژم نخواهد ماند
وفيه اشارة الى أن الإنسان لا يدعو عارفا بربه طاعة لربه بل لتحصيل مراده واربه ولهذا وقع فى ورطة الفرار واليأس عند ظهور اليأس وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا من عندنا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ اى أصابته وذلك بتفريج تلك الضراء عنه كالمرض والضيق بالرحمة كالصحة والسعة لَيَقُولَنَّ هذا الخير لِي اى حقى وصل الى لأنى استحقه لمالى من الفضل وعمل البر فاللام للاستحقاق اولى لا لغيرى فلا يزول عنى ابدا فاللام للاختصاص فيكون اخبارا عن لازم الاستحقاق لاعن نفسه كما فى الوجه الاول ومعنى الدوام استفيد من لام الاختصاص لأن ما يختص بأحد الظاهر انه لا يزول عنه فذلك المسكين لم ير فضل الله وتوفيقه فادعى الاستحقاق فى الصورة الاولى واشتغل بالنعمة عن المنعم وجهل أن الله تعالى أعطاه ليبلوه أيشكر أم يكفر فلو أراد لقطعها منه وذلك فى الصورة الثانية وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً اى تقوم وتحضر وتكون فيما سياتى كما يزعم محمد وَلَئِنْ رُجِعْتُ رددت إِلى رَبِّي على تقدير قيامها وبعثت وهو الذي أرادوا بقولهم ان نظن إلا ظنا فلا يخالف وما أظن الساعة قائمة لأن المراد الظن منه الكامل إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى وهو جواب القسم لسبقه الشرطية اى للحالة الحسنى من الكرامة يعنى استحقاق من مر نعمت وكرمت را ثابت است خواه در دنيا خواه در عقبا (ع) زهى تصور باطل زهى خيال محال اعتقد أن ما أصابه من نعم الدنيا لاستحقاقه لها وان نعم الآخرة كذلك لأن سبب الإعطاء متحقق فى الآخرة ايضا وهو استحقاقه إياها فقاس امر الاخرة على امر الدنيا بالوهم المحض والامنية الكاذبة وعن بعضهم للكافر أمنيتان يقول فى الدنيا ولئن رجعت إلخ وفى الآخرة يا ليتنى كنت ترابا وهيچكدام از ين معنى وجودى نخواهد كرفت وعن بعض اهل التفسيران لى عنده للحسنى اى الجنة يقول ذلك استهزاء فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا اى لنعلمنهم بحقيقة أعمالهم حين أظهرناها بصورها الحقيقية فيرون انها مقابح يهان عليها لا محاسن يكرم عليها وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ لا يعرف كنهه ولا يمكنهم التفصى منه كأنه لغلظته يحيط بجميع جهانهم وقد كان معذبا فى الدنيا بعذاب(8/278)
وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51)
الطرد والبعد ولكن لمالم يجد ذوق العذاب وألمه اذاقه الله تعد انتباهه من نومة غفلته اى بعد الموت لقول على كرم الله وجهه الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا وفى بحر العلوم غليظ اى شديد او عظيم ومن ابتدائية او بيانية والمبين محذوف كأنه قيل ولنذيقنهم عذابا مهينا من عذاب كبير بدل ما اعتقدوه لانفسهم من الإكرام والإعزاز من الله تعالى يقول الفقير يجوز ان يقال وصف العذاب بالغلظة لغلظة بدن المعذب به قال حضرة الشيخ صد الدين القنوى قدس سره الغالب على الأشقياء خواص التركيب ولكثافة كما أشار اليه عليه السلام بقوله ان غلظ جلد الكافر يوم القيامة مسيرة ثلاثة ايام وكما نبه الحق على ذلك بقوله كلا ان كتاب الفجار لفى سجين وهو العالم السفلى المضاف الى اليد المسماة بالقبضة وبالشمال ايضا وقال فى اصحاب اليمين كلا ان كتاب الأبرار لفى عليين وهذا مثل قوله والسموات مطويات بيمينه والسر فى أن الأبرار وكتابهم فى عليين هو ان اجزاء نشأتهم الكثيفة وقواهم الطبيعة المزاجية تجوهرت وزكت واستحالت بالتقديس والتزكية الحاصلين بالعلم والعمل والتحلية بالصفات المحمودة والأخلاق السنية قوى وصفات ملكية ثابتة زكية ذاتية لنفوسهم المطمئنة كما اخبر الحق عن ذلك بقوله فى بيان احوال النفوس قد أفلح من زكاها وكما أشار اليه عليه السلام فى دعائه اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها والحال فى الأشقياء بعكس ذلك فان قواهم وصفاتهم الروحانية لما استهلكت فى القوى الطبيعة المتصفة باحكام اعتقاداتهم وظنونهم الفاسدة وأفعالهم الرديئة واخلاقهم المذمومة زمان بقائهم السنين الكثيرة فى هذه النشأة وهذه الدار ركبها الحق فى النشأة الحشرية بحيث يحصل منها ما اقتضى ان يكون غلظ جلد بدن أحدهم مسيرة ثلاثة ايام عكس ما نبهت عليه من حال الأبرار ولهذا ورد فى شأن النشأة الجنانية أن أصحابها يظهرون فى الوقت الواحد فى الصور المتعددة منعمين فى كل طائقة من أهاليهم منقلبين فيما اشتهوا من الصور وليس هذا الا من أجل ما ذكرنا من استهلاك اجزاء نشأتهم الكثيفة فى لطائف جواهرها وانصباغها بصفاتها وغلبة خواص نفوسهم وقواهم الروحانية على قوى أمزجتهم الطبيعية فصاروا كالملائكة يظهرون فيما شاؤا من الصور
بال بگشا وصفير از شجر طوبى زن ... حيف باشد چوتو مرغى كه أسير قفسى
وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ اى عن الشكر على انعامه وهذا نوع آخر من طغيان الكافر إذا أصابه الله بنعمة أبطرته النعمة وكأنه لم يلق شدة قط فنسى المنعم وكفر بنعمته بترك الشكر وَنَأى بِجانِبِهِ الناى دور شدن ويعدى بنفسه وبعن كما فى تاج المصادر اى تباعد بكليته عن الشكر لا بجانبه فقط ولم يمل الى الشكر والطاعة تكبرا وتعظما فالجانب مجاز عن النفس كما فى قوله تعالى فى جنب الله ويجوز ان يراد به عطفه فيكون على حقيقية وعبارة عن الانحراف والازورار لأن نأى الجانب عن الشكر يستلزم الانحراف عنه كما قالوا ثنى عطفه وتولى بركنه فالباء للتعدية وفى التأويلات النجمية إذا خلناه الى الطبيعة الانسانية وهى الظلومية والجهولية لا يميز بين العطاء والبلاء فكثير مما يتوهمه عطاء وهو مكر واستدراج هو يسديمه وكثير مما هو فضل فى نقمة وعطاء فى الشر وهو يظنه بلاء فيكرهه بل إذا أنعمنا(8/279)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52)
عليه صاحبه بالبطر وإذا ابليناه قابله بالضجر بل وإذا أنعمنا عليه اعجب بنفسه فتكبر مختالا فى زهوه لا يشكر ربه ولا يذكر فضله ويشتغل بالنعمة عن المنعم ويتباعد عن بساط طاعته فكالمستغنى عنايهيم على وجهه (قال الحافظ)
ببال و پر مرو از ره كه تير پرتابى ... هوا كرفت زمانى ولى بخاك نشست
وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ اى إذا مس هذا الإنسان المعرض المتكبر جنس الشر كالبلاء والمحنة وانما جيىء بلفظ الماضي وإذا لأن المراد الشر المطلق الذي حصوله مقطوع به فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ اى فهو ذو دعاء كثير كما يقال أطال فلان الكلام والدعاء واعرض اى اكثر فهو مستعار مماله عرض متسع للاشعار بكثرته فان العريض يكون ذا اجزاء كثيرة وامتداد فمعنى الاتساع يؤخذ من تنكير عريض فانه يدل على التعظيم ومعنى الامتداد يؤخذ من معنى الطول اللازم للعرض وهواى عريض ابلغ من طويل إذا لطون أطول الامتدادين فاذا كان عرضه كذلك اى متسعا فما ظنك بطوله ولعن شأن بعض غير البعض الذي حكى عنه اليأس والقنوط إذ اليأس والقنوط ينافيان الدعاء لأنه فرع الطمع والرجاء او شأن الكل فى بعض الأوقات وقيل قنوط من الصنم دعاء لله او قنوط بالقلب ذعاء باللسان قُلْ أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني لأن الرؤية سبب للاخبار إِنْ كانَ اى القرآن مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ من غير نظرو اتباع دليل مع تعاضد موجبات الايمان به مِنْ استفهام أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ اى من أضل منكم فوضع الموصول موضع الضمير شرحا لحالهم وتعليلا لمزيد ضلالهم وخلافهم بانه لكونهم فى شقاق بعيد فان من كفر بما نزل من عند الله بان قال أساطير الأولين ونحوه فقد كان مشاقا لله اى معاديا ومخالفا له خلافا بعيدا عن الوفاق ومعاداة بعيدة عن الموالاة ولا شك أن من كان كذا فهو فى غاية الضلال وفى الاية اشارة الى أن كل بلاء وعناء ونعمة ورحمة ومضرة ومسرة ينزل بالعبد فهو من عند الله فان استقبله بالتسليم والرضى صابرا شاكرا للمولى فى الشدة الرخاء والسرآء والضراء فهو من المهتدين المقربين وان استقبله بالكفر والجزع بالخذلان فهو من الأشقياء المبعدين المضلين وفى الحديث القدسي إذا وجهت الى عبد من عبيدى مصيبة فى بدنه او ماله او ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة ان انصب له ميزانا وانشر له ديوانا وفى الحديث إذا أحب الله عبدا ابتلاه إذا أحبه حبا شديدا افتناه فان صبر ورضى اجتباه قيل يا رسول الله وما افتناؤه قال ان لا يبقى له مالا ولا ولدا قال بعض الكبار النعمة توجب الاعراض كما قال الله تعالى وإذا أنعمنا على الإنسان إلخ ومس الضر يوجب الإقبال على الله كما قال الله تعالى وإذا مسه الشر إلخ فالله تعالى رحيم على العبد بدفع النعمة والصحة عنه لأنها مظنة الاعراض والبلاء للولاء كاللهب للذهب فالبلاء كالنار فكما أن النار لا تبقى من الحطب شيئا الا وأحرقته فكذا البلاء لا يبقى من ضر الوجود شيئا فالطريق الى الله على جادة المحنة اقرب من جادة المنحة إذ الأنبياء والأولياء جاؤا وذهبوا من طريق البلاء وقد ثبت أن النار لا ترتفع من الدنيا ابدا فكيف يؤمل العاقل الراحة فى الدنيا فهى دار محنة وقد ورد الدنيا سجن المؤمن فالمؤمن لا يستريح فى الدنيا ولا يخلو من قلة او علة او ذلة وله راحة عظمى فى الآخرة والكافر خاسر فى الدنيا والآخرة فعلى العبد ان يمشى على الصراط السوي(8/280)
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)
ويخاف من الزلق ومن مكر الله تعالى (قال لحافظ)
چهـ جاى من كه بلغزد سپهر شعبده باز ... از ين حيل كه در انبانه بهانه يست
سَنُرِيهِمْ زود باشد كه بنمايم ايشانرا يعنى كفار قريش را آياتِنا الدالة على حقيقة القرآن وكونه من عند الله فِي الْآفاقِ جمع أفق وهى الناحية من نواحى الأرض وكذا آفاق السماء نواحيها وأطرافها والآفاق ما خرج عنك وهو العالم الكبير من الفرش الى العرش والأنفس ما دخل فيك وهو العالم الصغير وهو كل انسان بانفراده والمراد بالآيات الآفاقية ما خبرهم النبي عليه السلام من الحوادث الآتية كغلبة الروم على فارس فى بضع سنين وآثار النوازل الماضية الموافقة لما هو المضبوط المقرر عند اصحاب التواريخ والحال انه عليه السلام أمي لم يقرأ ولم يكتب ولم يخالط أحد او ما يسر الله له ولخلفائه من الفتوح والظهور على آفاق الدنيا والاستيلاء على بلاد المشارق والمغارب على وجه خارق للعادة إذ لم يتيسر أمثالها لاحد من خلفاء الأرض قبلهم وَفِي أَنْفُسِهِمْ هو ما ظهر فيما بين اهل مكة من القحط والخوف وما حل بهم يوم بدر ويوم الفتح من القتل والمقهورية ولم ينقل إلينا أن مكة فتحت على يد أحد قبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكذا قتل أهلها واسرهم وقيل فى الآفاق اى فى أقطار السموات والأرض من الشمس والقمر والنجوم وما يترتب عليها من الليل والنهار والاضواء والضلال والظلمات ومن النبات والأشجار والأنهار وفى أنفسهم من لطيف الصنعة وبديع الحكمة فى تكوين الاجنة فى ظلمات الأرحام وحدوث الأعضاء العجيبة والتراكيب الغريبة كقوله تعالى وفى أنفسكم أفلا تبصرون واعتذر بان معنى السين مع أن إراءة تلك الآيات قد حصلت قبل ذلك انه تعالى سيطلعهوم على تلك لايات زمانا فزمانا ويزيدهم وقوفا على حقائقها يوما فيوما قالوا الآفاق هو العالم الكبير والأنفس هو العلم الصغير وهر چهـ از دلائل قدرت در عالم كبير است نمودار آن عالم صغير است وتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر جميع آنچهـ در عالم است مفصلا در نشأن انسان است مجملا بل انسان عالم صغير عالم مجملست از روى صورت وعالم انسان كبير اما از روى قدرت مرتبه انسان كبيرست وعالم انسان صغير
اى آنكه تراست ملك إسكندر وجم ... از حرص مباش در پى نيم درم
عالم همه در تست وليكن از جهل ... پنداشته تو خويش را در عالم
فجسم الإنسان كالعرش ونفسه كالكرسى وقلبه كالبيت المعمور واللطائف القلبية كالجنان والقوى الروحانية كالملائكة والعينان والأذنان والمنخران والسبيلان والثديان والسرة والفم كالبروج الاثني عشر والقوة الباصرة والسامعة والذائقة والشامة واللامسة والناطقة والعاقلة كالكواكب السبعة السيارة وكما أن رياسة الكواكب بالشمس والقمر واحد هما يستمد من الآخر فكذلك رياسة القوى بالعقل والنطق وهو اى النطق مستمد من العقل وكما أن فى العالم الكبير ستين وثلاثمائة يوم فكذا فى الإنسان ستون وثلاثمائة مفصل وكما أن للقمر ثمانية وعشرين منزلا يدور فيها فى كل شهر فكذا فى الفم ثمانية وعشرون مخرجا للحروف وكما أن القمر يظهر فى خمس عشرة ليلة ويخفى فى الباقي كذلك التنوين والنون الساكنة(8/281)
يخفيان عند ملاقاتهما خمسة عشر حرفا وكما أن فى العالم الكبير أرضا وجبالا ومعادن وبحارا وأنهارا وجداول وسواقى فجسد الإنسان كالارض وعظامه كالجبال التي هى أوتاد الأرض ومخه كالمعادن وجوفه كالبحار وامعاؤه كالانهار وعروقه كالجداول والسواقى وشحمه كالطين وشعره كالنبات ومنبت الشعر كالتربة الطيبة وأنسه كالعمران وظهره كالمفاوز ووحشته كالخراب وتنفسه كالرياح وكلامه كالرعد وأصواته كالصواعق وبكاؤه كالمطر وسروره كضوء النهار وحزنه كظلمة الليل ونومه كالموت ويقظته كالحياة وولادته كبدء سفره وايام صباه كالربيع وشبابه كالصيف كهولته كالخريف وشيخوخته كالشتاء وموته كانقضاء مدة سفره والسنون من عمره كالبلدان والشهور كالمنازل والا سابيع كالفراسخ وأيامه كالاميال وأنفاسه كالخطى فكلما تنفس نفسا كأنه يخطو خطوة الى اجله
هر دم از عمر ميرود نفسى ... چون نكه ميكنم نماند بسى
وله فى كل يوم اثنا عشر ألف نفس وفى كل ليلة كذلك فيوم القيمة ينظر فى كل نفس أخرجه فى غفلة عن ذكر الله فى اطول حسرة من مضى نفس من أنفاسه بالغفلة ثم الأرض سبع طباق ارض سوداء وغبراء وحمراء وصفرآء وبيضاء وزرقاء وخضرآء فنظائرها من الإنسان فى جسمه الجلد والشحم واللحم والعروق والعصب والقصب والعظام وهذه المرة السوداء بمنزلة الهواء لحرارته ورطوبته وهذا البلغم بمنزلة الماء لبرودته ولزوجته وكما أن المياه مختلفة فمنها الحلو والمالح والمنتن كذلك مياه بدن الإنسان هذا ماء العين ملح لأن العين شحمة ولولا ملوحة مائها لفسدت وهذا الريق عذب ولولا ذلك ما استعذب طعام ولا شراب وهذا الماء الذي فى صماخ الأذنين مر لأنهما عضوان مفتوحان لا انطباق لهما حتى أن نتن الماء يصد كل شىء عن اذنه ولو أن دودة دخلتهما لماتت لمرارة ذلك الماء ونتنه ولولا ذلك لوصل الديدان الى دماغه فافسده ثم فيه اخلاق جميع الحيوانات فهو كالملك من جهة المعرفة والصفاء وكالشيطان من جهة المكر والكدورة وكالاسد فى الجراءة والشجاعة وكالبهيمة فى الجهل وكالنمر فى الكبر وكالفهد والأسد فى الغضب وكالذئب فى الإفساد والاغارة وكالحمار فى الصبر وكذا كالحمار والعصفور فى الشهوة وكالثعلب فى الحيلة وكالفارة والنملة فى الحرص والجمع وكالكلب فى البخل وكذا فى الوفاة وكالخنزير فى الشره وكالحية فى الحقد وكالجمل فى الحلم وكذا فى الحقد وكالديك فى السخاوة وكالبوم فى الصناعة وكالهرة فى التواضع والتملق وكالغراب فى البكور وكالبازى والسلحفاة فى الهمة الى غير ذلك ويزيد على الجميع بالنظر ووجود التمييز والاستدلال بالشاهد على الغائب وانواع الحرف والصناعات فهذه كلها آيات الله تعالى فى أنفسنا فتبارك الله احسن الخالقين (قال الصائب)
عجبتر از تو ندارد جهان تماشا كاه ... چرا بچشم تعجب بخود نظر نكنى (وقال)
اى راز نه فلك ز وجودت عيان همه ... در دادن تو حاصل دريا وكان همه
پيش تو سر بخاك مذلت نهاده اند ... با آن علوم ومرتبه روحانيان همه(8/282)
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)
در كوش كرده خلقه فرمان پذير تست ... خاك وهوا وآتش وآب روان همه
حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ بذلك أَنَّهُ الْحَقُّ اى القرآن او الرسول فالقصر المستفاد من تعريف المسند حقيقى ادعائى او الله او التوحيد فالقصر إضافي تحقيقي اى لا الشركاء ولا التشريك والضمائر فى سنريهم وفى أنفسهم ولهم للمشارفين على الاهتداء منهم او للجميع على أنه من وصف الكل بوصف البعض كما فى حواشى سعدى المفتى وجمعى ضمير را عائد بآدميان دارند يعنى بنمايم مردمانرا دلائل آفاقى وآيات انفسى فعبارة الآية مقام التوحيد واشارتها مقام التجريد والتفريد وظهور الحق فى مظاهر الآفاق والأنفس وتبينه بآيات توحيده المرئية فيهما توحيد واستقطاع التوحيد الموحد عن الالتفات الى الآفاق تجريد وعن النظر الى الأنفس تفريد لكن هذا التوحيد والتجريد والتفريد كونى لا الهى لأنه باعتبار ظهور الحق فى المظاهر الكونية دون الالهية ففوقها توحيد وتجريد وتفريد الهى باعتبار ظهور الحق فى مظاهر الالهية من مراتب التعينات الذاتية والاسمائية والصفاتية والافعالية والكونى من الإلهي بمنزلة الظاهر من الباطن فمرتبة التعين ذاتيا اولا وصفاتيا ثانيا وافعاليا ثالثا مرتبة التوحيد ومرتبة اللاتعين الذي فوق التعين مطلقا مرتبة التجريد ومرتبة الجامعية بين المرتبتين مرتبة التفريد إذ الفرد الحقيقي الاولى جمعية المراتب الثلاث مطلقا وجميع العلوم والأعمال والآثار جمالية او جلالية شؤونات ذاتية مستجنة فى غيب الذات او لا وصور واعيان علمية ثابتة فى عرصة العلم ثانيا وحقائق موجودات عينية متحققة فى عرصة العين ولهذا التحقق العيني والوجود الخارجي خلق الله الأنفس والآفاق والسموات والأرضين والملأ الأعلى والأسفل حتى يكون المعلوم مرئيا ومشاهدا ويتم الأمر الإلهي الجمالي والجلالي والكمالي ويكمل مطلقا بالوجود العيني الخارجي حكمه الأزلي الابدى جلاء واستجلاء سر بحر بى كرانرا موج بر صحرا نهاد كنج مخفى آشكارا شد نهان آمد پديد أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ استئناف وارد لتوبيخهم على ترددهم فى شأن القرآن وعنادهم المحوج الى إراءة الآيات وعدم اكتفائهم باخباره تعالى والهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام والباء مزيدة للتأكيد اى ألم يغن ولم يكف ربك أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ بدل منه اى الم يغنهم عن إراءة الآيات الموعودة المبينة لحقية القرآن ولم يكفهم فى ذلك انه تعالى شهيد على جمع الأشياء وقد اخبر بانه من عنده فعدم الكفاية معتبر بالنسبة إليهم كما يصرحه قوله تعالى أَلا كلمة تنبيه إِنَّهُمْ اى كفار مكة فِي مِرْيَةٍ شك عظيم وشبهة شديدة مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ بالبعث والجزاء فانهم استبعدوا احياء الموتى بعد ما تفرقت اجزاؤهم وتبددت أعضاؤهم وفيه اشارة الى أن الشك أحاط بجميع جوانبهم احاطة الظرف بالمظروف لاخلاص لهم منه وهم مستمرون دائمون فيه أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ الإحاطة ادراك الشيء بكماله اى عالم بجميع الأشياء جملها وتفاصيلها وظواهرها وبواطنها فلا يخفى عليه خافية منهم وهو مجاز بهم على كفرهم ومريتهم لا محالة ومرجع تأكيد العلم الى تأكيد الوعيد
علم بى جهل وقدرت بى عجز ... خاص مر حضرت الهى راست(8/283)
هر چهـ بايد در انفس وآفاق ... كند از حكم پادشاهى راست
واحاطة الله سبحانه وتعالى عند العارفين بالموجودات كلها عبارة عن تجليه بصور الموجودات فهو سبحانه بأحدية جميع أسمائه سار فى الموجودات كلها ذاتا وحياة وعلما وقدرة الى غير ذلك من الصفات والمراد بإحاطته تعالى هذه السراية ولا يعزب عنه ذرة فى السموات والأرض وكل ما يعزب يلحق بالعدم وقالوا هذه الإحاطة ليست كاحاطة الظرف بالمظروف ولا كاحاطة الكل بأجزائه ولا كاحاطة الكلى بجزئياته بل كاحاطة الملزوم بلازمه فان التعينات اللاحقة لذاته المطلقة انما هى لوازم له بواسطة او بغير واسطة وبشرط او بغير شرط ولا تقدح كثرة اللوازم فى وحدة الملزوم ولا تنافيها والله اعلم بالحقائق واعلم ان الأشياء كلها قد اتفقت على الشهادة بوحدة خالقها وانه مظهرها من كتم العدم والمظهر لا يفارق المظهر فى معرفة ارباب البصائر فسبحان من هو عند كل شى ومعه وقبله ومن هاهنا قال بعضهم ما رأيت شيأ الا ورأيت الله معه وقال بعضهم ما رأيت شيأ الا ورأيت الله بعده وقال بعضهم ما رأيت شيأ الا ورأيت الله قبله فمنهم من يرى
الأشياء به ومنهم من يراه بالأشياء والى الاول الاشارة بقوله او لم يكف بربك انه على كل شىء شهيد والى الثاني بقوله سنريهم آياتنا فى الآفاق فالاول صاحب مشاهدة ودرجة الصديقين والثاني صاحب استدلال ودرجة العلماء الراسخين فما بعدها الا درجة الغافلين المحجوبين وفى الآيات إشارات منها ان الخلق لا يرون الآيات الا بإراءة الله إياهم ومنها أن الله تعالى خلق الآفاق ونفس الإنسان مظهر آياته ومنها أنه ليس للآفاق شعور على الآيات وعلى مظهريتها للايات بخلاف الإنسان ومنها أن نفس الإنسان مرءاة مستعدة لمظهرية جميع آيات الله ومظهريتها بإراءة الحق تعالى بحيث يتبين له أنه الحق ويبين لغيره أنه الحق ومنها أن العوام يتبين لهم باختلاف الليل والنهار والأحداث التي تجرى فى احوال العالم واختلاف الأحوال التي تجرى عليهم من الطفولية الى الشيخوخة واختلاف احكام الأعيان مع اختلاف جواهرها فى التجانس وهذه هى آيات حدوث العالم واقتفاء المحدث بصفاته ومنها أن الخواص يتبين لهم ببصائر قلوبهم من شواهد الحق واختلاف الأحوال فى القبض والبسط والجمع والفرق والحجب والجذب والستر والتجلي والكشوف والبراهين وأنوار الغيب وما يجدونه من حقائق معاملاتهم ومنازلاتهم بإراءة الحق تعالى ومنها أن أخص الخواص بتبين لهم بالخروج من ظلمات حجب الانسانية الى نور الحضرة الربانية بتجلى صفات الجمال والحلال وكشف القناع الحقيقي عن العين والعيان ولهذا قال او لم يكف بربك اى بإراءة آياته وتعريف ذاته وصفاته بكشف القناع ورفع الأستار انه على كل شىء شهيد لا يغيب عن قدرته شىء وبقوله ألا انهم فى مرية من لقاء ربهم يشير الى أن اهل الصورة لقى شك من تجويز ما يكاشف به اهل الحقيقة من انواع المشاهدات والمعاينات الا انه بكل شىء محيط وهو قادر على التجلي لكل شىء كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم إذا تجلى الله لشىء خضع له تمت سورة حم السجدة فى العشر العاشر من العشر الاول من صفر الخير من سنة ثلاث عشرة ومائة والف(8/284)
حم (1) عسق (2) كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)
سورة حم عسق وتسمى سورة الشورى
مكية وهى ثلاث وخمسون آية بسم الله الرحمن الرحيم
حم عسق اسمان للسورة ولذلك فصل بينهما فى الكتابة وعد آيتين بخلاف كهيعص والمص والمر فانها آية واحدة فالفصل لتطابق سائر الحواميم وفى القاموس آل حاميم وذوات حاميم السور المفتتحة بها ولا تقل حواميم وقد جاء فى شعر وهو اسم الله الأعظم او قسم او حروف الرحمن مقطعة وتمامه الرون انتهى روى الطبري أنه جاء رجل الى ابن عباس رضى الله عنهما وعنده حذيفة اليماني رضى الله عنه فسأله عن تفسير حم عسق فأطرق واعرض عنه حتى أعاد عليه ثلاثا فاعرض فقال له حذيفة انا أنبئك بها قد عرفت لم كرهها وتركها نزلت فى رجل من اهل بيته يقال له عبد الله او عبد الا له ينزل على نهر من انهار المشرق فيبنى عليه مدينتين يشق النهر بينهما شقا فاذا أراد الله زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ينزل على إحداهما نارا ليلا فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها وتصبح صاحبتها سالمة متعجبة كيف أفلتت فما هو إلا بياض يومها حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم اى من اله المدينتين ثم يخسف الله بها وبهم جميعا فى الليلة القابلة فذلك قوله تعالى حم عسق اى عزمة من عزمات الله وفتنة حم اى قضى وقدر عدلا منه سيكون واقعا فى هاتين المدينتين ونظير هذا التفسير ما روى جرير بن عبد الله البجلي رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول تبنى مدينتان بين دخلة ودجيل وقطربل والصراة يجتمع فيهما جبابرة الأرض يجبى إليهما الخزائن يخسف بهما وفى رواية باهلهما فلهما اسرع ذهابا فى الأرض من الوتد الحديد فى الأرض الرخوة قوله دخلة بالخاء المعجمة على وزن حمزة قرية كثيرة التمر ودجيل بالجيم كزبير شعب من دجلة نهر بغداد وقطربل بالضم وتشديد الباء الموحدة او بتخفيفها موضعان أحدهما بالعراق ينسب اليه الخمر والصراة بالفتح نهر بالعراق وقال الضحاك قضى عذاب سيكون واقعا وأرجو ان يكون قد مضى يوم بدر وذكر الثعلبي والقشيري أن النبي عليه السلام لما نزلت هذه الآية عرف الكآبة فى وجهه اى اثر الخزن والملالة فقيل يا رسول الله ما أحزنك قال أخبرت ببلايا تنزل بامتى من خسف ومسخ ونار تحشرهم وريح تقذفهم فى البحر وآيات متتابعات متصلات بنزول عيسى وخروج الدجال كفته اند حاحرفست وميم مهلكه وعين عذاب وسين مسخ وقاف قذف وثعلبى كويد ابن عباس رضى الله عنهما حم عسق خواندى وكفتى على رضى الله عنه فتنهارا باين دو لفظ دانست وروى عن على رضى عنه أنه كان يستفيد علم الفتن والحروب من هذه الحروف التي فى او آئل السور وقال شهر بن حوشب حم عسق حرب يذل فيها العزيز ويعز فيها الذليل من قريش ثم تفضى الى العرب الى العجم ثم هى متصلة الى خروج الدجال يقول الفقير الفتن المتصلة بخروج الدجال بعضها قد مضى وبعضها سيقع فيما بين المائتين بعد الالف دل عليه حم وهو ثمان وأربعون والعين وهو سبعون والسين وهو ستون والقاف وهو مائة لأنه(8/285)
كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)
قد صح أن الدجال متأخر عن المهدى وان المهدى يخرج على رأس لمائة الثالثة او على اربعة ومائتين فيقع قبيل ظهور المهدى الطامات الكبرى وقال عطاء الحاء حرب وهو موت ذريع فى الناس وفى الحيوان حتى يبيدهم ويفنيهم والميم تحويل ملك من قوم الى قوم والعين عدو لقريش يقصدهم ثم ترجع إليهم الدولة لحرمة البيت والسين هو استئصال بالسنين كسنى يوسف عليه السلام وسبى يكون فيهم والقاف قدرة الله نافذة فى ملكوت الأرض لا يخرجون من قدرة الله وهى نافذة فيهم وقال ابن عباس رضى الله عنهما الحاء حكم الله والميم ملك الله والعين علو الله والسين سنا الله والقاف قدرة الله اقسم الله بها فكأنه يقول فبحكمى وملكى وعلوى وسناى وقدرتى لا أعذب عبدا قال لا اله الا لله مخلصا فلقينى بها ومعناه على ما قال ابو الليث فى تفسيره لا يعذبه عذابا دائما خالدا وفى الحديث افتتحوا صبيانكم لا اله الا الله ولقنوا امواتكم لا اله الا الله والحكمة فى ذلك أن حال الصبيان حال حسن لا غل ولا غش فى قلوبهم وحال الموتى حال الاضطرار فاذا قلتم فى أول ما يجرى عليكم القلم وآخر ما يجف عليكم القلم فعسى الله ان يتجاوز ما بين ذلك ويقال الحاء من الرحمن والميم من المجيد والعين من العليم والسين من القدوس والقاف من القاهر ويقال الحاء حلمه والميم مجده والعين عظمته والسين سناه والقاف قدرته ويقال ان القاف اسم لجبل يحيط بالدنيا در كشف اسرار آورده كه اين حروف ايمائيست بان عطايا كه حق سبحانه وتعالى بحضرت رسالت ارزانى داشت حاء حوض مورود اوست يعنى حوض كوثر كه تشنه لبان امت را از ان سيراب كردانند وميم ملك ممدود او كه از مشرق تا بمغرب بتصرف امت او درآيد وعين عز موجود او كه أعز همه اشيا نزد حق سبحانه بوده وسين سناء مشهود او كه مرتبه هيچكس برتبه رفعت او همه نرسيد وقاف مقام محمود او كه در شب معراج درجه او ادناست ودر روز قيامت شفاعت كبرى
مقام تو محمود ونامت محمد ... بدين سان مقامى ونامى كه دارد
وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بحاء حبه وميم محبوبه محمد وعين عشقه على سيده وقاف قريه الى سيده بكمال لا يبلغه أحد من خلقه يقول الفقير الحاء هو الحجر الأسود والميم مقام ابراهيم والعين عين زمزم والسين والقاف سقياها فمن استلم الحجر الأسود سادسيادة معنوية ومن صلى خلف المقام أكرم الله بالخلة ومن دعا عند زمزم اجابه الله ومن شرب من زمزم سقاه الله شرابا طهورا لا يبقى فيه وجعا ولا مرضا كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الكاف فى حيز النصب على أنه مفعول ليوحى والجلالة قاعله اى مثل ما فى هذه السورة من المعاني يوحى الله العزيز الحكيم إليك فى سائر السور والى من قبلك من الرسل فى كتبهم على ان مناط المماثلة هو الدعوة الى التوحيد والإرشاد الى الحق وما فيه صلاح العباد فى المعاش والمعاد ويجوز ان يكون الكاف فى حيز النصب على انه نعت لمصدر مؤكد ليوحى اى مثل ايحاء هذه السورة يوحى الله العزيز الحكيم إليك عند ايحاء سائر السور والى سائر الرسل عند ايحاء كتبهم إليهم لا ايحاء مغايرا على أن مدار المثلية كونه بواسطة الملك وانما ذكر بلفظ المضارع مع أن مقتضى المقام ان يذكر بلفظ الماضي ضرورة ان الوحى الى الذين من قبله(8/286)
لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)
قد مضى دلالة على استمرار الوحى وتجدده وقتا فوقتا وان ايحاء مثله عادته تعالى ويجوز ان يكون إيذانا ان الماضي والمستقبل بالنسبة اليه تعالى واحد كما فى الكواشي والعزيز الحكيم صفتان مقررتان لعلوشان الموحى به لأنه اثر من اتصف بكمال القدرة والعلم لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى ان الله تعالى يختص به جميع ما فى العوالم العلوية والسفلية خلقا وملكا وعلما وَهُوَ الْعَلِيُّ الشان الْعَظِيمُ الملك والقدرة والحكمة او هو العلى اى المرتفع عن مدارك العقول إذ ليس كذاته ذات ولا كصفاته صفات ولا كاسمه اسم ولا كفعله فعل وهو العظيم الذي يصغر عند ذكره وصف كل شىء سواه والعظيم من العباد الأنبياء والعلماء الوارثون لهم فالنبى عظيم فى حق أمته والشيخ عظيم فى حق مريده والأستاذ فى حق تلميذه وانما العظيم المطلق هو الله تعالى تَكادُ السَّماواتُ نزديك شد كه آسمانها يَتَفَطَّرْنَ التفطر شكافته شدن واصل الفطر الشق طولا اى يتشققن من عظمة الله وخشيته وإجلاله كقوله تعالى لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله مِنْ فَوْقِهِنَّ اى يبتدىء التفطر من جهتهن الفوقانية الى جهتهن التحتانية وتخصيصها لما أن أعظم الآيات وادلها على العظمة والجلال من تلك الجهة من العرش والكرسي وصفوف الملائكة المرتجة بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل حول العرش وما لا يعلم كنهه الا الله من آثار الملكوت العظمى فكان المناسب ان يكون تفطر السموات مبتدأ من تلك الجهة بان يتفطر او لا أعلى السموات ثم وثم الى ان ينتهى الى أسفلها بان لا تبقى سماء الا سقطت على الاخرى ويقال تتشققن من دعاء الولد له كما قال تعالى فى سورة مريم تكاد السموات ينفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا فتخصيصها للدلالة على التفطر من تحتهن بالطريق الاولى لأن تلك الكلمة الشنعاء الواقعة فى الأرض إذا اثرت فى جهة الفوق فلأن تؤثر فى جهة التحت اولى وقيل لنزول العذاب منهن وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ينزهونه تعالى عما لا يليق به من الشريك والولد وسائر صفات الأجسام ملتبسين بحمده تعالى يعنى تسبيح وحمد با هم ميكويند چهـ يكى نفى ناسزاست ويكى اثبات سزا فقدم التسبيح على الحمد لان التخلية مقدمة على التحلية وهذا جانب الاستفاضة من الله والقبول ثم أشارا جانب الافاضة والتأثير بقوله وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ اى للمؤمنين بالشفاعة لقوله تعالى ويسغفرون للذين آمنوا فالمطلق محمول على المقيد او للمومن والكافر بالسعي فيما يستدعى مغفرتهم من الشفاعة والإلهام وترتيب الأسباب المقربة الى الطاعة واستدعاء تأخير العقوبة جمعا فى ايمان الكافر وتوبة الفاسق وهذا لا ينافى كون الملائكة لاعنين للكفار من وجه آخر كما قال تعالى أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وفى الحديث ما فيها موضع اربع أصابع الا وملك واضع جبهته ساجد الله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض وهذا يدل على ان المراد بالملائكة فى الآية ملائكة السموات كلها وقال مقاتل حملة العرش واليه ذهب الكاشفى فى تفسيره ويدل عليه قوله تعالى فى أوائل حم المؤمن الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا يقول الفقير تخصيص ملائكة العرش لا ينافى(8/287)
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10) فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)
من عداهم فلعله من باب الترقي لان آية حم المؤمن مقيدة بحملة العرش واستغفار المؤمنين وهذه الآية مطلقة فى حق كل من الملائكة والاستغفار أَلا اعلموا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ يغفر ذنوب المقبلين الرَّحِيمُ يرحم بان يرزقهم جنته وقربه ووصاله وبرحمته يأمر الملائكة بالاستغفار لبنى آدم مع كثرة عصيانهم والكفار الذين يرتكبون الشرك والذنوب العظام لا يقطع رزقهم ولا صحتهم ولا تمتعاتهم من الدنيا وان كان يريد ان يعذبهم فى الآخرة يقول الفقير ان الملائكة وان كانوا يستغفرون للمؤمنين فالمؤمنون يسلمون عليهم كما يقولون فى التشهد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين إذ لا يعصون ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون فالمنة لله تعالى على كل حال وفى الآية اشارة الى ان قوما من الجهلة يقولون على الله ما لا يعلمون ومن عظم افترائهم تكاد السموات تنشق من فوقهم لان الله تعالى البسها أنوار قدرته وأدخلها روح فعله حتى عقلت عبوديته صانعها وعرفت قدسه وطهارته عن قول الزائغين واشارة الملحدين والملائكة يقدسون الله عما يقولون فيه من الزور والبهتان والدعاوى الباطلة ويستغفرون للمؤمنين الذين لم يبلغوا حقيقة عبوديته فانهم هم القابلون للاصلاح لاعترافهم بعجزهم وقصورهم دون المصرين المبتدعين
فاسد شده راز روزكار وارون ... لا يمكن ان يصلحه العطارون
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ شركاه وأندادا واشركوهم معه فى العبادة اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ رقيب على أحوالهم وأعمالهم مطلع ليس بغافل فيجازيهم لا رقيب عليهم الا هو وحده ومعنى الحفيظ بالفارسية نكهبان وقال فى المفردات معناه محفوظ لا يضيع كقوله علمها عند ربى فى كتاب لا يضل ربى ولا ينسى وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ بموكول اليه أمرهم حتى تسأل عنهم وتؤخذ بهم وانما وظيفتك الانذار وتبليغ الاحكام وفيه اشارة الى ان كل من عمل بمتابعة هواه وترك لله حدا او نقض له عهدا فهو متخذ الشياطين اولياء لانه يعمل باوامرهم وأفعاله موافقة لطباعهم الله حفيظ عليهم باعمال سرهم وعلانيتهم ان شاء عذبهم وان شاء عفا عنهم وما أنت عليهم بوكيل لتمنعهم عن معاملاتهم فعلى العاقل أن لا يتخذ من دون الله اولياء بل يتفرد بمحبة الله وولايته كما قال تعالى قل الله ثم ذرهم حتى يتولاه فى جميع أموره وما أحوجه الى أحد سواه وقال الأستاذ ابو على الدقاق قدس سره ظهرت علة بالملك يعقوب بن الليث أعيت الأطباء فقالوا له فى ولايتك رجل صالح يسمى سهل ابن عبد الله لو دعالك لعل الله يستجيب له فاستحضره فقال ادع الله لى فقال كيف يستجاب دعائى فيك وفى حبسك مظلومون فاطلق كل من حبسه فقال سهل اللهم كما أريته ذل المعصية فأره عز الطاعة وفرج عنه فعوفى فعرض ما لا على سهل فأبى ان يقبله فقيل له لو قبلته ودفعته الى الفقراء فنظر الى الحصباء فى الصحراء فاذا هى جواهر فقال من يعطى مثل هذا يحتاج الى مال يعقوب بن الليث فالمعطى والمانع والضار والنافع هو الله الولي الوكيل الذي لا اله غيره
نقش او كردست ونقاش من اوست ... غير اگر دعوى كند او ظلم جوست
وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا ذلك اشارة الى مصدر أوحينا ومحل الكاف النصب(8/288)
على المصدرية وقرءانا عربيا مفعول لأوحينا اى ومثل ذلك الإيحاء البديع البين المفهم أوحينا إليك ايحاء لا ليس فيه عليك وعلى قومك (وقال الكاشفى) وهمچنانكه وحي كرديم بهر پيغمبر بزبان قوم او ووحي كرديم بتو قرآنى بلغت عرب كه قوم تواند تا كه فهم حاصل شود لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى اى لتخوف اهل مكة بعذاب الله على تقدير إصرارهم على الكفر والعرب تسمى اصل كل شىء بالأم وسميت مكة أم القرى تشريفا لها وإجلالا لاشتمالها على البيت المعظم ومقام إبراهيم ولما روى من أن الأرض دحيت من تحتها فمحل القرى منها محل البنات من الأمهات وَمَنْ حَوْلَها من العرب وهذا اى التبيين بالعرب لا ينافى عموم رسالته لأن تخصيص الشيء بالذكر لا ينافى حكم ما عداه وقيل من اهل الأرض كلها وبذلك فسره البغوي فقال قرى الأرض كلها وكذا القشيري حيث قال العالم محدق بالكعبة ومكة لأنهما سرة الأرض پس همه اهالى بلاد بر حوالى ويند قال فى التأويلات النجمية يشير الى إنذار نفسه الشريفة لانها أم قرى نفوس آدم وأولاده لأنه صلى الله
تعالى عليه وسلم هو الذي تعلقت القدرة بايجاده قبل كل شىء كما قال أول ما خلق الله روحى ومنه تنشأ الأرواح والنفوس ولهذا المعنى قال آدم ومن دونه تحت لوائى يوم القيامة فالمعنى كما يوحى إليك والى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم لينذروا الأمم كذلك أوحينا قرءانا عربيا لتنذر نفسك الشريفة بالقرءان العربي لأن نفسك عربية ومن حولها من نفوس اهل العالم لأنها محدقة بنفسك الشريفة ولذلك قال تعالى وما أرسلناك الا رحمة للعالمين وقال عليه السلام بعثت الى الخلق كافة
مه طلعتى كه بر قد قدرش بريده اند ... ديباى قم فانذر وإستبرق دنا
وَتُنْذِرَ اهل مكة ومن حولها يَوْمَ الْجَمْعِ اى بيوم القيامة وما فيه من العذاب لأنه يجمع فيه الخلائق من الأولين والآخرين واهل السموات واهل الأرض والأرواح والأشباح والأعمال والعمال فالباء محذوف من اليوم كما قال لتنذر بأسا شديدا اى ببأس شديد كما قاله ابو الليث فيكون مفعولا به لا ظرفا كما فى كشف الاسرار وقد سبق غير ذلك فى حم المؤمن عند قوله تعالى لتنذر يوم التلاق لا رَيْبَ فِيهِ اعتراض لا محل له اى لا بد من مجيىء ذلك اليوم وليس بمرتاب فيه فى نفسه وذاته لانه لا بد من جزاء العاملين من المنذرين والمنذرين واهل الجنة واهل النار وارتياب الكفار فيه لا يعتد به او لا شك فى الجمع انه كائن ولا بد من تحققه فَرِيقٌ وهم المؤمنون فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ وهم الكافرون فِي السَّعِيرِ اى النار سميت بها لالتها بها وذلك بعد جمعهم فى الموقف لأنهم يجمعون فيه اولا ثم يفرقون بعد الحساب والتقدير منهم فريق على أن فريق مبتدأ حذف خبره وجاز الابتداء بالنكرة لأمرين تقديم خبرها وهو الجار والمجرور المحذوف ووصفها بقوله فى الجنة والضمير المجرور فى منهم للمجموعين لدلالة لفظ الجمع عليه فان المعنى يوم يجمع الخلائق فى موقف الحساب وفى التأويلات النجمية وتنذر يوم الجمع بين الأرواح والأجساد لا شك فى كونه وكما أنهم اليوم فريقان فريق فى جنة القلوب وراحات(8/289)
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8)
الطاعات وحلاوات العبادات وتنعمات القربات وفريق فى سعير النفوس وظلمات المعاصي وعقوبات الشرك والجحود فكذلك غدا فريق هم اهل اللقاء فريق هم اهل الشقاء والبلاء وفى الحديث ان الله خلق للجنة خلقا وهم فى أصلاب آبائهم وعنه عليه السلام ان الله خلق الخلق وقضى القضية وأخذ ميثاق النبيين وعرشه على الماء فاهل الجنة أهلها واهل النار أهلها وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفى يده كتابان وفى رواية خرج ذات يوم قابضا على كفيه ومعه كتابان فقال أتدرون ما هذان الكتابان قلنا لا يا رسول الله فقال للذى فى يده اليمنى هذا كتاب من رب العالمين بأسماء اهل الجنة واسماء آبائهم وعشائرهم وعدتهم قبل ان يستقروا نطفا فى الأصلاب وقبل ان يستقروا نطفا فى الأرحام إذ هم فى الطينة منجدلون فليس بزآئد فيهم ولا بناقص منهم إجمال من الله عليهم الى يوم القيامة فقال عبد الله بن عمرو ففيم العمل إذا فقال اعملوا وسددوا وقاربوا فان صاحب الجنة يختم له بعمل اهل الجنة وان عمل اى عمل وان صاحب النار يختم له بعمل اهل النار وان عمل اى عمل ثم قال فريق فى الجنة وفريق فى السعير عدل من الله تعالى قوله سددوا وقاربوا اى اقصدوا السدادى الصواب ولا تفرطوا فتجهدوا أنفسكم فى العبادة لئلا يفضى ذلك بكم الى الملال فتتركوا العمل كما فى المقاصد الحسنة للامام السخاوي ونظيره قوله عليه السلام ان هذا الدين يسرو لن يشاد الدين أحد الا غلبه يعنى ان الدين يشتمل على اعمال سهلة فمن تكلف والتزم فى عبادات شاقة وتكلفات لربما لم يتيسر إقامتها عليه فتغلب عليه فالكسب طريق الجنة ولا بد منه وان علم أنه من اهل الجنة
كسب را همچون زراعت دان عمو ... تا نكارى دخل نبود آن تو
وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ اى فى الدنيا والضمير لجميع الناس المشار إليهم بالفريقين أُمَّةً واحِدَةً فريقا واحدا وجماعة واحدة مهتدين او ضالين وهو تفصيل لما أجمله ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله على دين واحد وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ ان يدخله فِي رَحْمَتِهِ وجنته ويدخل من يشاء ان يدخله فى عذابه ونقمه ولا ريب فى أن مشيئته تعالى لكل من الادخالين تابعة لاستحقاق كل من الفريقين لدخول مدخله ومن ضرورة اختلاف الرحمة والعذاب اختلاف حال الداخلين فيهما قطعا فلم يشأ جعل الكل امة واحدة بل جعلهم فريقين وَالظَّالِمُونَ اى المشركون ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ اى مالهم ولى ما يلى أمرهم ويغنيهم وينفعهم فمن مزيدة لاستغراق النفي وَلا نَصِيرٍ يدفع العذاب عنهم ويخلصهم منه وفيه إيذان بان الإدخال فى العذاب من جهة الداخلين بموجب سوء اختيارهم لا من جهته تعالى كما فى الإدخال فى الرحمة قال سعدى المفتى فى حواشيه لعل تغيير المقابل حيث لم يأت المقابل ويدخل من يشاء فى نقمته بل عدل الى ما فى النظم للمبالغة فى الوعيد فان فى نفى من يتولاهم وينصرهم فى دفع العذاب عنهم دلالة على ان كونهم فى العذاب امر معلوم مفروغ عنه وايضا فيه سلوك طريق وإذا مرضت فهو يشفين وايضا ذكر السبب الأصلي فى جانب الرحمة ليجتهدوا فى الشكر(8/290)
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9)
والسبب الظاهري فى جانب النقمة ليرتدعوا عن الكفر وفى التأويلات النجمية ولو شاء الله لجعلهم امة واحدة كالملائكة المقربين لا يعصون الله ما أمرهم الآية او جعلهم كالشياطين المبعدين المطرودين المتمردين ولكن الحكمة الالهية اقتضت ان يجعلهم مركبين من جوهر الملكي والشيطاني ليكونوا مختلفين بعضهم الغالب عليه الوصف الملكي مطيعا لله تعالى وبعضهم الغالب عليه الوصف الشيطاني متمردا على الله تعالى ليكونوا مظاهر صفات لطفه وقهره مستعدين لمرء آتية صفات جماله وجلاله متخلقين بأخلاقه وهذا سر قوله تعالى وعلم آدم الأسماء كلها ومن هاهنا قالت الملائكة سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا ويدل على هذا التأويل قوله ولكن يدخل من يشاء فى رحمته اى ليكون مظهر صفات لطفه والظالمون ما لهم من ولى ولا نصير اى ليكونوا مظاهر صفات قهره أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة وما فيها من بل للانتقال من بيان ما قبلها الى بيان ما بعدها والهمزة لانكار الوقوع ونفيه على ابلغ وجه وأكده لا لانكار الواقع واستقباحه كما قيل إذ المراد بيان أن ما فعلوا أليس من اتخاذ الأولياء فى شىء لأن ذلك فرع كون الأصنام اولياء وهو أظهر الممتنعات اى بل اتخذوا متجاوزين الله اولياء من الأصنام وغيرها لاف دوستى ايشان مى زند هيهات فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ جواب شرط محذوف كأنه قيل بعد ابطال ولاية ما اتخذوه اولياء ان أرادوا اولياء فى الحقيقة فالله هو الولي الذي يجب ان يتولى ويعتقد أنه المولى والسيد لاولى سواه وهو متولى الأمور من الخير والشر والنفع والضر (قال فى كشف الاسرار) الله اوست كه يار فرياد رس است قال سعد المفتى ولك ان تحمل الفاء على السببية الداخلة على السبب لكون ذكره مسببا عن ذكر السبب فانحصار الولي فى الله سبب لانكار اتخاذ الأولياء من دون الله كما يجوز ان يقال أتضرب زيدا فهو أخوك على معنى لا ينبغى ان تضربه فانه أخوك وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى اى من شأنه ذلك ليس فى السماء والأرض معبود يحيى الموتى غيره وهو قول ابراهيم عليه السلام ربى الذي يحيى ويميت ولما نزل العذاب بقوم يونس عليه السلام لجأوا الى عالم فيهم كان عنده من العلم شىء وكان يونس ذهب مغاضبا فقال لهم قولوا يا حى حين لا حى يا حى محيى الموتى يا حى لا اله الا أنت فقالوها فكشف عنهم العذاب يقول الفقير سره أن الله تعالى انما يرسل العذاب للاماتة والإهلاك وفى الحي والمحيي ما يدفع ذلك إذ لا تجتمع الحياة والموت فى محل واحد وفيه اشارة الى غلبة الرحمة والشفقة وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فهو الحقيق بان يتخذ وليا فليتحصوه بالاتخاذ دون من لا يقدر على شىء
اوست قادر بحكم كن فيكون ... غير او جمله عاجزند وزبون
عجز را سوى قدرتش ره نيست ... عقل ازين كارخانه آگه نيست
وفى التأويلات النجمية وهو يحيى الموتى اى النفوس والقلوب الميتة ويميت النفوس والقلوب اليوم وغدا وهو على كل شىء قدير من الإيجاد والاعدام وقال الواسطي رحمه الله يحيى القلوب بالتجلى ويميت الأنفس بالاستتار وقال سهل لا يحيى النفوس حتى تموت اى من أوصافها(8/291)
وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10) فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)
وقال بعضهم فيه شكاية من المشغولين بغيره الباقين فى حجاب الوسائط يعرض نفسه بالجمال والحلال على المقصرين ليجذب بحسنه وجماله قلوبهم الى محبته وعشقه ويحييها بنور أنسه وسنا قدسه فلا بد للمرء من الاجتهاد والتضرع الى رب العباد ليصل الى المطلوب ويعانق المحبوب (قال فى المثنوى)
پيش يوسف نازش وخوبى مكن ... جز نياز واه يعقوبى مكن
از بهاران كى شود سرسبز سنك ... خاك شو با كل بروى رنك رنك
سالها تو سنك بودى دلخراش ... آزمون را يك زمانى خاك باش
ففى هذا الفناء حياة عظيمة ألا ترى أن الأرض تموت عن نفسها وقت الخريف فيحييها الله تعالى وقت الربيع بما لا مزيد عليه وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ حكاية لقول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم للمؤمنين لقوله بعده ذلكم الله ربى إلخ اى ما خالفكم الكفار فيه من امور الدين فاختلفتم أنتم وهم فَحُكْمُهُ راجع إِلَى اللَّهِ وهو اثابة المحقين وعقاب المبطلين يوم الفصل والجزاء فعلى هذا لا يجوز ان يحمل على الاختلاف بين المجتهدين لأن الاجتهاد بحضرته عليه السلام لا يجوز وفى التأويلات النجمية يشير الى اختلاف العلماء فى شىء من الشرعيات والمعارف الالهية فالحكم فى ذلك الى كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام واجماع الامة وشواهد القياس او الى اهل الذكر كما قال تعالى فسئلوا اهل الذكران كنتم لا تعلمون ولا يرجعون الى العقول المشوبة بافة الوهم والخيال فان فيها للنفس والشيطان مدخلا بإلقاء الشبهات وادنى الشبهة فى التوحيد كفر وقد زلت أقدام جميع اهل الأهواء والبدع والفلاسفة عن الصراط المستقيم والدين القويم بهذه المزلة ذلِكُمُ الحاكم العظيم الشان وهو مبتدأ اللَّهِ خبر رَبِّي ومالكى لقب لله عَلَيْهِ خاصة لا على غيره تَوَكَّلْتُ فى كل أموري التي من جملتها رد كيد أعداء الدين وَإِلَيْهِ لا الى أحد سواه أُنِيبُ ارجع فى كل ما يعن لى من معضلات الأمور التي منها كفاية شرهم والنصر عليهم وحيث كان التوكل امرا وحدا مستمرا والانابة متعددة متجددة حسب تجدد موادها اوثر فى الاول صيغة الماضي وفى الثاني صيغة المضارع وفيه اشارة الى أنه إذا اشتغلت قلوبكم بحديث نفوسكم لا تدرون أبا لسعادة جرى حكمكم أم بالشقاوة مضى اسمكم فكلوا الأمر فيه الى الله واشتغلوا فى الوقت بامر الله دون التفكر فيما ليس لعقولكم سبيل الى معرفته وعلمه من عواقبكم فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خبر آخر لذلكم اى خالق الآفاق من العلويات والسفليات ويدخل فيه بطريق الاشارة الأرواح والنفوس جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ اى من جنسكم أَزْواجاً نساء وحلائل وبالفارسية چفتال وَمِنَ الْأَنْعامِ اى وجعل للانعام من جنسها أَزْواجاً او خلق لكم من الانعام أصنافا يعنى خلق كرد از چهار پايان صنفهاى كوناكون إكراما لكم لترتفقوا بها إذ يطلق الزوج على معنى الصنف كما فى قوله تعالى وكنتم أزواجا ثلثة او ذكورا وإناثا فانه يطلق على مجموع الزوجين وهو خلاف الفرد يَذْرَؤُكُمْ يكثركم ايها الناس والانعام من الذرء وهو البث قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق والشيء كثره ومنه(8/292)
الذرية مثلثة لنسل الثقلين فِيهِ اى فى هذا التدبير وهو جعل الناس والانعام أزواجا يكون بينهم توالد فاجتير فيه على به مع أن التدبير ليس ظرفا للبث والتكثير بل هو سبب لهما لأن هذا التدبير كالمنبع والمعدن لهما ففيه تغليبان تغليب المخاطب على الغائب حيث لم يقل يذرأكم واياهن لأن الانعام ذكرت بلفظ الغيبة وتغليب العقلاء على غيرهم حيث لم يقل يذرأها وإياكم فان كم مخصوص بالعقلاء لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ المثل كناية عن الذات كما فى قولهم مثلك لا يفعل كذا على قصد المبالغة فى نفيه عنه فانه إذا نفى عمن يناسبه كان نفيه عنه اولى وهذا لا يتوقف على ان يتحقق مثل فى الخارج بل يكفى تقدير المثل ثم سلكت هذه الطريقة فى شأن من لا مثل له والشيء عبارة عن الموجود وهو اسم لجميع المكونات عرضا كان او جوهرا وعند سيبويه الشيء ما يصح ان يعلم ويخبر عنه موجودا او معدوما والمعنى ليس كذاته شىء من شأن من الشؤون التي من جملتها هذا التدبير البديع لأن ذاته لا يماثل ذات أحد بوجه من الوجوه ولا من جميع الوجوه لأن الأشياء كلها اما أجسام او اعراض تعالى ربنا عن ذلك ولا كاسمه اسم كما قال تعالى هل تعلم له سميا ولا كصفته صفة الا من جهة موافقة اللفظ ولمحال كل المحال ان تكون الذات القديمة مثلا للذات الحادثة وان يكون لها صفة حادثة كما استحال ان تكون للذات المحدثة صفة قديمة
ذات ترا صورت او پيوندند ... تو بكس وكس بتو مانندند
جل المهيمن ان تدرى حقيقته ... من لا له المثل لا تضرب له مثلا
(وفى المثنوى)
ذات او را در تصور كنج كو ... تا در آيى در تصور مثل او
هذا ما عليه المحققون والمشهور عند القوم ان الكاف زائدة فى خبر ليس وشىء اسمها والتقدير ليس مثله شىء والا كان المعنى ليس مثل مثله شىء وهو محال قال بعضهم لعل من قال الكاف زائدة أراد أنه يعطى مغنى ليس مثله شىء غير انه آكد لما ذكر من انه إذا نفى عمن يناسبه كان نفيه عنه اولى وقال بعضهم كلمة مثل هى الزائدة والتقدير ليس كهو شىء ودخول الكاف على الضمائر لا يجوز فالوجه الرجوع الى طريق الكناية لأن القول بزيادة ما له فائدة جليلة وبلاغة مقبولة بعيد كل البعد قال فى بحر العلوم ومما يجب التنبه له ان المثل عبارة عن السماوات فى بعض الصفات لا فى جميعها كما زعم كثير من المحققين فانه سهو بدليل قول تعالى قل انما انا بشر مثلكم يوحى الى الآية فانه ثبت مماثلته بالاشتراك والمساواة فى وصف البشرية فقط لا فى جميع الأوصاف كما لا يخفى للقطع بأن بينه وبينهم مخالفة بوجوه كثيرة من اختصاصه بالنبوة والرسالة والوحى الى غير ذلك ألا يرى ألى قوله يوحى الى كيف اثبت المخالفة بان خصصه بالايحاء اليه ذكرا فظهر أن ما ذكره الامام الغزالي رحمه الله من أن المثل عبارة عن المساوى فى جميع الصفات ليس كما ينبغى انتهى يقول الفقير انما جاء التخصيص من قبل قوله بشر كما فى قوله زيد مثل عمرو فى النحو والا فلو قال انا مثلكم لأفادت المماثلة فى جميع الصفات كما فى قوله زيد مثل عمرو اى من كل الوجوه قال الامام الراغب فى المفردات المثل عبارة عن المشابه لغيره فى معنى من المعاني اى معنى(8/293)
كان وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة وذلك أن الند يقال لما يشارك فى الجوهر فقط والشبه يقال فيما يشاركه فى القدر والمساحة فقط والمثل عام فى جميع ذلك ولهذا لما أراد الله سبحانه وتعالى نفى التشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال تعالى ليس كمثله شىء انتهى وحيث ترى فى مرءاة القلب صورة او خطر بالخاطر مثال وركنت النفس الى كيفيته فليجزم بأن الله بخلافه إذ كل ذلك من سمات الحدوث لدخوله فى دائرة التحديد والتكييف اللازمين للمخلوقين المنزه عنهما الخالق ولقد اقسم سيد الطائفة الجنيد قدس سره بانه ما عرف الله الا الله وقال بعض سادات الصوفية قدس الله أسرارهم المثل ليس بزآئد عند اهل الحقيقة فان الهاء كناية عن الهوية الذاتية والمثل اشارة الى التجلي الإلهي والمعنى ليس كالتجلى الإلهي الذي هو أول التجليات شىء إذ هو محيط بكل التجليات الباقية المرتبة عليه قال الواسطي قدس سره امور التوحيد كلها خرجت من هذا الاية ليس كمثله شى لأنه ما عبر عن الحقيقة بشىء الا والعلة مصحوبة والعبارة منقوضة لأن الحق تعالى لا ينعت على أقداره لان كل ناعت مشرف على المنعوت وجل ان يشرف عليه المخلوق (قال الشيخ سعدى)
نه بر اوج ذاتش برد مرغ وهم ... نه در ذيل وصفش رسد دست فهم
توان در بلاغت بسحبان رسيد ... كنه در نه بيچون سبحان رسيد
چهـ خاصان درين ره فرس رانده اند ... بلا احصى از تك فرو مانده اند
وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ المبالغ فى العلم بكل ما يسمع ويبصر قال الزروقى السميع الذي انكشف كل موجود لصفة سمعه فكان مدركا لكل مسموع من كلامه وغيره والبصير الذي يدرك كل موجود برؤيته والسمع والبصر صفتان من صفاته المنعوتة نابتتان له تعالى كما يليق بوصفه الكريم ورده بعضهم للعلم ولا يصح انتهى قال الغزالي رحمه الله السمع فى حقه عبارة عن صفة ينكشف بها كمال صفات المسموعات والبصر عبارة عن الوصف الذي به ينكشف كمال نعوت والمبصرات وسمع العبد قاصر فانه يدرك ما قرب لا ما بعد بجارحة وربما بطل السمع بعظم الصوت وانما حظ العبد منه امر ان أحدهما ان يعلم أن الله سميع فيحفظ لسانه والثاني ان يعلم أن الله لم يخلق له السمع الا ليسمع كلامه وحديث رسوله فيستفيد به الهداية الى طريق الله فلا يستعمل سمعه الا فيه واستماع صوت الملاهي حرام وان سمع بغتة فلا اثم عليه والواجب عليه ان يجتهد حتى لا يسمع لأنه عليه السلام ادخل إصبعه فى اذنه كما فى البزازية وفى الحديث استماع صوت الملاهي معصية والجلوس عليها فسق والتلذذ بها كفر على وجه التهديد وبصر العبد قاصر إذ لا يمتد الى ما بعد ولا يتغلغل الى باطن ما قرب منه وحظه الديني أمران ان يعلم أنه خلق له البصر لينظر الى الآيات الآفاقية والانفسية وان يعلم أنه بمرأى من الله ومسمع اى بحيث يراه ويسمعه فمن قارف معصية وهو يعلم ان الله يراه فما اجسره واخسره ومن ظن أنه لا يراه فما اكفره قال فى كشف الاسرار ثم قال وهو السميع البصير لئلا يتوهم أنه لا صفات له كما لا مثل له فقد تضمنت الآية اثبات الصفة ونفى التشبيه والتوحيد كله بين هذين الحرفين اثبات صفة من غير تشبيه ونفى تشبيه من غير تعطيل فمن نزل عن الإثبات(8/294)
لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12) شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14) فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15) وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16) اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)
وادعى اتقاء التشبيه وقع فى التعطيل ومن ارتقى عن الظاهر وادعى اتقاء التعطيل حصل على التشبيه واخطأ وجه الدليل وعلى الله قصد السبيل وفى التأويلات النجمية أن قوما وقعوا فى تشبيه ذاته بذات المخلوقين فوصفوه بالحد والنهاية والكون والمكان وأقبح قولا منهم من وصفه بالجوارح والآلات وقوم وصفوه بما هو تشبيه فى الصفات فظنوا أن بصره فى حدقة وسمعه فى عضو وقدرته فى يد الى غير ذلك وقوم قاسوا حكمه على حكم عباده فقالوا ما يكون من الحق قبيحا فمنه قبيح وما يكون من الخلق حسنا فمنه حسن فهؤلاء كلهم اصحاب التشبيه والحق تعالى مستحق التنزيه لا التشبيه محقق بالتحصيل دون التعطيل والتمثيل مستحق التوحيد دون التحديد موصوف بكمال الصفات مسلوب عن العيوب والنقصان لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال الجواليقي فى كتابه المعرب المقليد المفتاح فارسى معرب لغة فى الاقليد والجمع مقاليد فالمقاليد المفاتيح وهى كناية عن الخزائن وقدرته عليها وحفظه لها وفيه مزيد دلالة على الاختصاص لأن الخزائن لا يدخلها ولا يتصرف فيها الا من بيده مفاتيحها (وقال الكاشفى) كليدهاى آسمانها وزمينها يعنى مفاتيح رزق چهـ خزانه آسمان مطر است وكنجينه زمين نبات قال ابن عطاء مقاليد الأرزاق صحة التوكل ومقاليد القلوب صحة المعرفة بالله ومقاليد العلوم فى الجوع
ندارند تن پروران آگهى ... كه پر معده باشد ز حكمت تهى
وقال بعضهم مقاليد سمواته ما فى قلوب ملائكته من احكام الغيوب ومقاليد ارضه ما أودع الحق صدور أوليائه من عجائب القلوب يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ يوسع ويضيق إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ مبالغ فى الإحاطة به فيفعل كل ما يفعل على ما ينبغى ان يفعل عليه فلا يوسع الرزق الا إذا علم أن سعته خير للعبد وكذا التضييق وفى التأويلات النجمية له مفاتيح سموات القلوب وفيها خزآئن لطفه ورحمته وارض النفوس وفيها خزآئن قهره وعزته فكل قلب مخزن لنوع من الطافه فبعضها مخزن المعرفة وبعضها مخزن المحبة وبعضها مخزن الشوق وبعضها مخزن الارادة وغير ذلك من الأحوال كالتوحيد والتفريد والهيبة والانس والرضى وغير ذلك وكل نفس مخزن لنوع من أوصاف قهره فبعضها مخزن النكرة وبعضها مخزن الجحود وبعضها مخزن الإنكار وغير ذلك من الأخلاق الذميمة كالشرك والنفاق والحرص والكبر والبخل والشره والغضب والشهوة وغير ذلك وفائدة التعريف أن المقاليد له قطع أفكار العباد من الخلق اليه فى جلب ما يريدونه ودفع ما يكرهونه فانه تعالى يوسع ويضيق رزق النفوس ورزق القلوب والخلق بمعزل عن هذا الوصف وفى الحديث لا اله الا الله مفتاح الجنة ولا شك أن الجنة جنتان جنة صورية هى دار النعيم وجنة معنوية هى القلب ومفتاح كليتهما هو التوحيد وهو بيد الله يعطيه من يشاء من عباده ويجعله من اهل النعيم مطلقا ثم ان الرزق الصوري هى المأكولات والمشروبات الحسية والرزق المعنوي هى العلوم الحقيقية والمعارف الالهية فالاول داخل فى الآية بطريق العبارة والثاني بطريق الاشارة (وفى المثنوى)(8/295)
شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)
فهم نان كردن نه حكمت اى رهى ... زانكه حق كفتت كلو من رزقه
رزق حق حكمت بود در مرتبت ... كان كلو كيرت نباشد عاقبت
اين دهان بستى دهانى باز شد ... كه خورنده لقمهاى راز شد
كر ز شير ديو تن را وا برى ... در فطام او بسى حكمت خورى
نسأل الله فيضه وعطاه بحق مصطفاه شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ شرع بمعنى سن وجعل سنة وطريقا واضحا اى سن الله لكم يا امة محمد من التوحيد ودين الإسلام واصول الشرائع والاحكام وبالفارسية وراه روشن ساخت شمار از دين ما وَصَّى بِهِ نُوحاً التوصية وصيت كردن وفرمودن والوصية التقدم الى الغير بما يعمل به مقترنا يوعظه اى امر به نوحا امرا مؤكدا فان التوصية معربة عن تأكيد الأمر والاعتناء بشأن المأمور به قدم نوح عليه السلام لأنه أول أنبياء الشريعة فانه أول من اوحى اليه الحلال والحرام وأول من اوحى اليه تحريم الأمهات والأخوات والبنات وسائر ذوات المحارم فبقيت تلك الحرمة الى هذا الآن وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ اى وشرع لكم الذي أوحينا الى محمد عليه السلام وتغيير التوصية الى الإيحاء فى جانب النبي صلى الله وسلم للتصريح برسالته القامع لانكار الكفرة والالتفات الى نون العظمة لاظهار كمال الاعتناء بايحائه وهو السر فى تقديمه على ما بعده مع تقدمه عليه زمانا وتقديم توصية نوح للمسارعة الى بيان كون المشروع لهم دينا قديما والتعبير بالأصل فى الموصولات وهو الذي للتعظيم وتوجيه الخطاب اليه عليه السلام بطريق التلوين للتشريف والتنبيه على أنه تعالى شرعه لهم على لسانه وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى وجه تخصيص هؤلاء الخمسة بالذكر انهم أكابر الأنبياء ومشاهيرهم من اولى العزم واصحاب الشرائع العظيمة والاتباع الكثيرة أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ محله النصب على أنه بدل من مفعول شرع والمعطوفين عليه او رفع على الاستئناف كأنه قيل وما ذلك المشروع المشترك بين هؤلاء الرسل فقيل هو اقامة الدين اى دين الإسلام الذي هو توحيد الله وطاعته والايمان بكتبه ورسله وباليوم الآخر وسائر ما يكون الرجل به مؤمنا والمراد بإقامته تعديل أركانه وحفظه من ان يقع فيه زيغ او المواظبة عليه والتشمر له وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ فى الدين الذي هو عبارة عن الأصول والخطاب متوجه الى أمته عليه السلام فهذه وصية لجميع العباد واعلم أن الأنبياء عليهم السلام مشتركون ومتفقون فى اصل الدين وجميعهم أقاموا الدين وقاموا بخدمته وداموا بالدعوة اليه ولم يتخلفوا فى ذلك وباعتبار هذا الاتفاق والاتحاد فى الأصول قال الله تعالى ان الدين عند الله الإسلام من غير تفرقة بين نبى ونبى ومختلفون فى الفروع والاحكام قال تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا وهذا لاختلاف الناشئ من اختلاف الأمم وتفاوت طبائعهم لا يقدح فى ذلك الاتفاق ثم امر عباده باقامة الدين والاجتماع عليه ونهاهم عن التفرق فيه فان يد الله ونصرته مع الجماعة وانما يأكل الذئب الشاة البعيدة النافرة والمنفردة عن الجماعة اوصى حكيم أولاده عند موته وكانوا جماعة فقال لهم ائتوني بعصى فجمعها فقال لهم اكسروها وهى مجموعة فلم يقدروا على ذلك ثم فرقها فقال خذوا واحدة واحدة فاكسروها فكسروها(8/296)
فقال لهم هكذا أنتم بعدي لن تغلبوا ما اجتمعتم فاذا تفرقتم تمكن منكم عدوكم فاهلككم وكذا القائمون بالدين إذا اجتمعوا على إقامته ولم يتفرقوا فيه لم يقهرهم عدو وكذا الإنسان فى نفسه إذا اجتمع فى نفسه على اقامة الدين لم يغلبه شيطان من الانس والجن بما يوسوس به اليه مع مساعدة الايمان والملك بإقامته له قال على رضى الله عنه لا تتفرقوا فان الجماعة رحمة والفرقة عذاب وكونوا عباد الله إخوانا قال سهل الشرائع مختلفة وشريعة نوح هو الصبر على أذى المخالفين انتهى فعلى هذا فشريعة ابراهيم عليه السلام هو الانقياد والتسليم وشريعة موسى عليه السلام هو الاشتياق الى جمال الرب الكريم وشريعة عيسى عليه السلام هو الزهد والتجرد العظيم وشريعة نبينا عليه السلام هو الفقر الحقيقي المغبوط عند كل ذى قلب سليم كما قال اللهم أغنني بالافتقار إليك وهذه الشرائع الباطنة باقية ابدا ومن اصول الدين التوجه الى الله تعالى بالكلية فى صدق الطلب وتزكية النفس عن الصفات الذميمة وتصفية القلب عن تعلقات الكونين وتخلية الروح بالأخلاق الربانية ومراقبة السر لكشف الحقائق وشواهد الحق وكان نبينا عليه السلام قبل البعثة متعبدا فى الفروع بشرع من قبله مطلقا آدم وغيره وفى كلام الشيخ الأكبر قدس سره
الأطهر تعبده عليه السلام قبل نبوته كان بشريعة ابراهيم عليه السلام حتى جاءه الوحى وجاءته الرسالة ولم يكن على ما كان عليه قومه باتفاق الائمة واجماع الامة فالولى الكامل يجب عليه متابعة العمل بالشريعة المطهرة حتى يفتح الله له فى قلبه عين الفهم عنه فيلهم معانى القرآن ويكون من المحدثين بفتح الدال ثم يصير الى ارشاد الخلق (وفى المثنوى)
لوح محفوظست او را پيشوا ... از چهـ محفوظست محفوظ از خطا
نى نجومست ونه رملست ونه خواب ... وحي حق والله اعلم بالصواب
كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ اى عظم وشق عليهم ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ يا محمد من التوحيد ورفض عبادة الأصنام واستبعدوه حيث قالوا أجعل الآلهة الها واحدا ان هذ الشيء عجاب وقال قتادة شهادة ان لا اله الا الله وحده ضاق بها إبليس وجنوده فابى الله الا ان يظهرها على من ناواها اى عاداها اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ قال الراغب جبيت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابية ومنه استعير جبيت الخراج جباية والاجتباء الجمع على طريق الاصطفاء وهو هنا مأخوذ من الجباية ونهى جلب الخراج وجمعه لمناسبة النهى عن التفرق فى الدين ولأن الاجتباء بمعنى الاصطفاء لا يتعدى بالى الا باعتبار تضمين معنى الضم والصرف والمعنى الله يجتلب الى ما تدعوهم اليه من يشاء ان يجتلبه اليه وهو من صرف اختياره الى ما دعى اليه وَيَهْدِي إِلَيْهِ بالإرشاد والتوفيق وامداد الألطاف مَنْ يُنِيبُ يقبل اليه ويجوز ان يكون الضمير لله فى كلا الموضعين فالمعنى الله يجمع الى جنابه على طريق الاصطفاء من يشاء من عباده بحسب استعداده ويهدى اليه بالعناية من ينيب واجتباء الله تعالى العبد تخصيصه إياه بفيض الهى يتحصل منه انواع من النعم بلا سعى من العبد وذلك للانبياء عليهم السلام ولبعض من يقاربهم من الصديقين والشهداء (قال الكاشفى) يعنى هر كه از همه اعراض كند وحق را خواهد(8/297)
وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14)
حق سبحانه راه راست بدو نمايد
نخست از طالبى از جمله بگذر رو بدو آور ... كر آن حضرت ندا آرد كه اى سركشته راه اينك
وفى التأويلات النجمية يشير بقوله الله يجتبى اليه الآية الى مقامى المجذوب والسالك فان المجذوب من الخواص اجتباه الله فى الأزل وسلكه فى سلك من يحبهم واصطنعه لنفسه وجذبه عن الدارين بجذبة توازى عمل الثقلين فى مقعد صدق عند مليك مقتدر والسالك من العوام الذين سلكهم فى سلك من يحبونه موفقين للهداية على قدمى الجهد والانابة الى سبيل الرشاد من طريق العناد انتهى والانابة نتيجة التوبة فاذا صحت التوبة حصلت الانابة الى الله تعالى قال بعض الكبار من جاهد فى اقامة الدين فى مقام الشريعة والطبيعة يهديه الله الى إقامته فى مقام الطريقة والنفس ومن اقامه فى هذا المقام يهديه الله الى إقامته فى مقام المعرفة والروح ومن اقامه فى هذا المقام يهديه الله الى إقامته فى مقام الحقيقة والسر ومن اقامه فى هذا المقام تم امره وكمل شأنه فى العلم والعرفان والذوق والوجدان والشهود والعيان واليه يشير قوله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فعليك بإتيان جميع القرب قدر الاستطاعة فى كل زمان وحال فان المؤمن لن تخلص له معصية ابدا من غير ان تخالطها طاعة لأنه مؤمن بها انها معصية فان أضاف الى هذا التخليط استغفارا وتوبة فطاعة على طاعة وقربة على قربة فيقوى جزاء الطاعة التي خالطها العمل السيّء وهو الايمان بانها معصية والايمان من أقوى القرب وأعظمها عند الله فانه الأساس الذي ابتنى عليه جميع القرب وقال تعالى فى الخبر الصحيح وان تقرب منى شبرا تقربت منه ذراعا وان تقرب الى ذراعا تقربت منه باعا وان أتاني يمشى أتيته هرولة وكان قربه تعالى من العبد ضعف قرب العبد منه وعلى كل حال لا يخلو المؤمن من الطاعة والقرب والعمل الصالح يمحو الخطايا فان العبد إذا رجع عن السيئة وأناب الى الله وأصلح عمله أصلح الله شأنه وأعاد عليه نعمه الفائتة (عن ابراهيم بن أدهم قدس سره) بلغني أن رجلا من بنى إسرائيل ذبح عجلا بين يدى امه فيبست يده فبينما هو جالس إذ سقط فرخ من وكره وهو يتبصبص فأخذه ورده الى وكره فرحمه الله تعالى لذلك ورد عليه يده بما صنع والوكر بالفتح عش الطائر بالفارسية آشيان والتبصبص التملق وتحريك الذنب وفى الآية اشارة الى اهل الوحدة والرياء والسمعة فكما أن المشركين بالشرك الجلى يكبر عليهم امر التوحيد فكذا المشركون بالشرك الخفي يكبر عليهم امر الوحدة والإخلاص نسأل الله سبحانه ان يجذبنا اليه بجذبة عنايته ويشرفنا بخاص هدايته وَما تَفَرَّقُوا اى وما تفرق اليهود والنصارى فى الدين الذي دعوا اليه ولم يؤمنوا كما آمن بعضهم فى حال من الأحوال او فى وقت من الأوقات إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ اى إلا حال مجيىء العلم او الا وقت مجيىء العلم بحقية ما شاهدوا فى رسول الله والقرآن من دلائل الحقية حسبما وجدوه فى كتابهم او العلم بمبعثه بَغْياً بَيْنَهُمْ من بغى بمعنى طلب وحقيقة البغي الاستطالة بغير حق كما فى المفردات اى لابتغاء طلب الدنيا وطلب ملكها وسياستها وجاهها وشهرتها وللحمية الجاهلية لالأن لهم فى ذلك شبهة وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ وهى العدة(8/298)
فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15)
بتأخير العقوبة إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى اى وقت معين معلوم عند الله هو يوم القيامة او آخر أعمار هم المقدرة لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ لأوقع القضاء بينهم باستئصالهم لاستيجاب جنايتهم لذلك قطعا وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ اى وان المشركين الذين أوتوا الكتاب اى القرآن من بعد ما اوتى اهل الكتاب كتابهم والا يراث فى الأصل ميراث دادن لَفِي شَكٍّ مِنْهُ اى من القرآن والشك اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما ومُرِيبٍ موقع فى القلق اى الاضطراب ولذلك لا يؤمنون الا لمحض البغي والمكابرة بعد ما علموا بحقيته كدأب اهل الكتابين والريبة قلق النفس واضطرابها ويسمى الشك بالريب لأنه يقلق النفس ويزيل الطمأنينة والظاهر أن شك مريب من باب جدجده اى وصف الشك بمريب بمعنى ذى ريب مبالغه فيه وفى القاموس اراب الأمر صار ذاريب فَلِذلِكَ اى فلاجل ما ذكر من التفرق والشك المريب او فلأجل أنه شرع لهم الدين القويم القديم الحقيق بان يتنافس فيه المتنافسون فَادْعُ الناس كافة الى اقامة ذلك الدين والعمل بموجبه فان كلا من تفرقهم وكونهم فى شك مريب ومن شرع ذلك الدين لهم على لسان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سبب للدعوة اليه والأمر بها وليس المشار اليه ما ذكر من التوصية والأمر بالإقامة والنهى عن التفرق جتى يتوهم شائبة التكرار وفيه اشارة الى افتراق اهل الأهواء والبدع ثنتين وسبعين فرقة ودعوتهم الى صراط مستقيم السنة لابطال مذاهبهم وفى الحديث (من انتهر) اى منع بكلام غليظ (صاجب بدعة) سيئه مما هو عليه من سوء الاعتقاد والفحش من القول والعمل (ملأ الله قلبه أمنا وايمانا ومن أهان صاحب بدعة آمنه الله يوم القيامة من الفزع الأكبر) وهو حين الانصراف الى النار كما قال ابن السماك ان الخوف المنصرف للمتفرقين قطع نياط قلوب العارفين وقال فى البزازية روى ان ابن المبارك رؤى فى المنام فقيل له ما فعل ربك بك فقال عاتبنى وأوقفني ثلاثين سنة بسبب انى نظرت باللطف يوما الى مبتدع فقال انك لم تعاد عدوى فى الدين فكيف حال القاعد بعد الذكر مع القوم الظالمين وَاسْتَقِمْ عليه وعلى الدعوة اليه كَما أُمِرْتَ واوحى إليك من عند الله تعالى والمراد الثبات والدوام عليهما لأنه كان مستقيما فى هذا المعنى وفى الحديث شيبتنى هود وأخواتها فقيل له لم ذلك يا رسول الله فقال لأن فيها فاستقم كما أمرت وهذا الخطاب له عليه السلام بحسب قوته فى امر الله وقال هو لأمته بحسب ضعفهم استقيموا ولن تخصوا اى لن تطيقوا الاستقامة التي أمرت بها فحقيقة الاستقامة لا يطيقها الا الأنبياء وأكابر الأولياء لانها الخروج من المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدى الحق على حقيقة الصدق (قال الكاشفي) در تبيان آورده كه وليد مغيره بآن حضرت كفت از دين ودعوى كه دارى رجوع كن تا من نصفى از اموال خود بتو دهم وشيبه وعده كرده كه اگر بدين پدران بازآيى دختر خود در عقد تو ارم اين آيت نازل شد كه بر دعوت خود مقيم ودر دين وملت خود مستقيم باش وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ المختلفة الباطلة والضمير للمشركين وكانوا يهوون ان يعظم عليه السلام آلهتهم وغير ذلك وفى الخبر لكل شىء آفة وآفة الدين الهوى(8/299)
هوا وهوس را نماند ستيز ... چوبيند سرپچهـ عقل تيز
وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ اى كتاب كان من الكتب المنزلة لا كالذين آمنوا ببعض منها وكفروا ببعض وذلك فان كلمة ما من ألفاظ العموم وفيه اشارة الى وجوب الايمان بجميع الحقائق وان اختلف مظاهرها فان كلها الهام صحيح من الله تعالى وَأُمِرْتُ بذلك لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ بين شريفكم ووضيعكم فى تبليغ الشرائع والاحكام وفصل القضايا عند المحاكمة والمخاصمة الى فاللام على حقيقتها والمأمور به محذوف او زائدة والباء محذوفة اى أمرت بأن اعدل وأسوي بين شريفكم ووضيعكم فلا أخص البعض بامر او نهى قوله وقل آمنت إلخ تعليم من الله لاستكمال القوة النظرية وقوله وأمرت إلخ لاستكمال القوة العملية روى أن داود عليه السلام قال ثلاث خصال من كن فيه فهو الفائز القصد فى الغنى والفقر والعدل فى الرضى والغضب والخشية فى السر والعلانية وثلاث من كن فيه
أهلكته شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه واربع من أعطيهن فقد اعطى خير الدنيا والآخرة لسان ذاكر وقلب شاكر وبدن صابر وزوجة مؤمنة وفى التأويلات النجمية لأعدل بينكم اى لأسوى بين اهل الأهواء وبين اهل السنة بترك البدعة ولزوم الكتاب والسنة ليندفع الافتراق ويكون الاجتماع اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ اى خالقنا جميعا ومتولى أمورنا لا الأصنام والهوى لَنا أَعْمالُنا لا يتخطانا جزاؤها ثوابا كان او عقابا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا يجاوزكم آثارها لا نستفيد بحسناتكم ولا يتضرر بسيئاتكهم لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الحجة فى الأصل البرهان والدليل ثم يقال لا حجة بيننا وبينكم اى لا إيراد حجة بيننا ويراد به لا خصومة بيننا بناء على أن إيراد الحجة من الجانبين لازم للخصومة فيكنى بذكر اللازم عن الملزوم فالمعنى لا محاجة ولا خصومة لأن الحق قد ظهر ولم يبق للمحاجة حاجة ولا للمخالفة محمل سوى المكابرة وفيه اشارة الى أنه لا خصومة بالإهداء والمعصية اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا يوم القيامة وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ مرجع الكل لفصل القضاء فيظهر هناك حالنا وحالكم وليس فى الآية الا ما يدل على المتاركة فى المقاولة لا مطلقا حتى لا تكون منسوخة بآية القتال يعنى هذه الآية انما تدل على المتاركة القولية لحصول الاستغناء عن المحاجة القولية معهم لأنهم قد عرفوا صدقه من الحجج وانما كفروا عنادا وبعد ما ظهر الحق وصاروا محجوبين كيف يحتاج الى المحاجة القولية فلا يبقى بعد هذا الا السيف او الإسلام وقد قوتلوا بعد ذلك فعلى العبد قبول الحق بعد ظهوره والمشي خلف النصح بعد اضاءة نوره فان المصير الى الله والدنيا دار عبور وان الحضور فى الآخرة والدنيا دار التفرق والفتور فلا بد من التهيؤ للموت قال ابراهيم بن أدهم قدس سره لرجل فى الطواف اعلم انك لا تنال درجة الصالحين حتى تجوز ست عقبات أولاها تغلق باب النعمة وتفتح باب الشدة والثانية تغلق باب العز وتفتح باب الذل والثالثة تغلق باب الراحة وتفتح باب الجهد والرابعة تغلق باب النوم وتفتح باب السهر والخامسة تغلق باب الغنى وتفتح باب الفقر والسادسة تغلق باب الأمل وتفتح باب الاستعداد للموت وانشدوا(8/300)
وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16) اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)
ان لله عبادا فطنا ... طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا ... انها ليست لحى وطنا
جعلوها لجة واتخذوا ... صالح الأعمال فيها سفنا
(وفى المثنوى)
ملك بر هم زن تو آدم وار زود ... تا بيابى همچواو ملك خلود
اين جهان خود حبس جانهاى شماست ... هين رويدان سو كه صحراى شماست
وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ اى يخاصمون فى دينه نبيه وهو مبتدأ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ اى من بعد ما استجاب له الناس ودخلوا فيه لظهور حجته ووضوح محجته والتعبير عن ذلك بالاستجابة باعتبار دعوتهم اليه وفيه اشارة الى أنهم استجابوا له تعالى يوم الميثاق بقولهم بلى حين قال لهم الست بربكم ثم لما نزلوا من عالم الأرواح الى عالم الأجسام نسوا الإقرار والعهد فأخذوا فى المحاجة والإنكار بخلاف المؤمنين فانهم ثبتوا على التصديق والإقرار (قال الحافظ)
از دم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود
حُجَّتُهُمْ متبدأ ثان داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ خبر الثاني والجملة خبر الاول اى زالة ز آئلة باطلة يعنى ناچيز ونابر جاى بل لا حجة لهم أصلا وانما عبر عن أباطيلهم بالحجة مجاراة معهم على زعمهم الباطل والمجاراة بالفارسية رفتن وبا كسى چيزى وا راندن وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ عظيم لمكابرتهم الحق بعد ظهوره وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ على كفرهم الشديد وضلالهم البعيد لا يعرف كنهه وهو عذاب النار يقول الفقير وجه الغضب والعذاب ان الدين الحق وما جاء به من القرآن سبب الرحمة والنعمة فاذا اعرضوا عنهما وجدوا عند الله الغضب والنقمة بدلهما نعوذ بالله من ذلك وهذا من نتائج أحوالهم وثمرات أعمالهم
ابرا كر آب زندكى بارد ... هركز از شاخ بيد برنخورى
با فرومايه روزكار مبر ... كزنى بور يا شكر نخورى
اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ اى جنس الكتاب حال كونه ملتبسا بِالْحَقِّ فى أحكامه واخباره بعيدا من الباطل او بما يحق انزاله من العقائد والاحكام وَالْمِيزانَ اى وانزل الميزان اى الشرع الذي يوزن به الحقوق ويسوى بين الناس على ان يكون لفظ الميزان مستعارا للشرع تشبيها له بالميزان العرفي من حيث يوزن به الحقوق الواجبة الأداء سوآء كان من حقوق الله او من حقوق العباد او انزل نفس العدل والتسوية بان انزل الأمر به فى الكتب الالهية فيكون تسمية العدل بالميزان تسمية المسمى باسم آلته فان الميزان آلة العدل او انزل آلة الوزن والوزن معرفة قدر الشيء يعنى منزل كردانيد ترازو را كه موزونات رابان سنجد تا در باره خزنده وفروشنده ستم نرود فيكون المراد بالميزان معناه الأصلي وانزاله اما حقيقة لما روى أن جبرائيل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه الى نوح عليه السلام فقال له مرقومك يزنوا به وقيل نزل آدم عليه السلام بجميع آلات الصنائع واما مجاز عن إنزال الأمر به(8/301)
يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (18) اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19) مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22)
واستعماله فى الإيفاء والاستيفاء ودر عين المعاني آورده كه مراد از ميزان حضرت بهتر كائنات محمد است صلى الله تعالى عليه وسلم قانون عدل بدل وتمهيد مى بايد ونزال وإرسال اوست وفى التأويلات النجمية يشير الى كتاب الايمان الذي كتب الله فى القلوب وميزان العقل يوزن به احكام الشرع والخير والشر والحسن والقبح فانهما قرينان متلازمان لا بد لاحد هما من الآخر وسماهما البصيرة فقال قد جاءكم بصائر من ربكم فمن ابصر فلنفسه ومن عمى فعليها ففى انتفاء أحدهما انتفاء الآخر كما قال تعالى صم بكم عمى فهم لا يعقلون فنفى العقل والبصيرة بانتفاء الايمان وَما يُدْرِيكَ الإدراء بمعنى الاعلام اى اى شىء يجعلك داريا اى عالما بحال الساعة التي هى من العظم والشدة والخفاء بحيث لا يبلغه دراية أحد وانما يدرى ذلك بوحي منا وبالفارسية و چهـ چيز دانا كرد بر او چهـ دانى قال الراغب كل موضع ذكر فى القرآن وما ادراك فقد عقب ببيانه نحو وما ادراك ماهيه نار حامية وكل موضع ذكر فيه وما يدريك لم يعقبه بذلك نحو وما يدريك لعل الساعة قريب لَعَلَّ السَّاعَةَ التي يخبر بمجيئها الكتاب الناطق بالحق قَرِيبٌ اى شىء قريب او قريب مجيئها والا فالفعيل بمعنى الفاعل لا يستوى فيه المذكر والمؤنث عند سيبويه فكان الظاهر ان يقال قريبة لكونه مسند الى ضمير الساعة الا أنه قد ذكر لكونه صفة جارية على غير من هى له وقيل القريب بمعنى ذات قرب على معنى النسب وان كان على صورة اسم الفاعل كلا بن وتامر بمعنى ذو لبن وذو تمر اى لبنى وتمرى لا على معنى الحدث كالفعل فلما لم يكن فى معنى الفعل حقيقة لم يلحقه تاء التأنيث او الساعة بمعنى البعث تسمية باسم ما حل فيه وقال الزمخشري لعل مجيىء الساعة قريب بتقدير المضاف والمعنى أن القيامة على جناح الإتيان فاتبع الكتاب يا محمد واعمل به وواظب على العدل قبل ان يفاجئك اليوم الذي يوزن فيه الأعمال ويوفى جزاؤها امام زاهدى فرموده كه لعل براى تحقيق است يعنى البتة ساعتى كه بدان قيامت قائم شود نزديكست وفيه زجرهم عن طول الأمل وتنبيههم على انتظار الاجل وهجومه نبهنا الله تعالى وإياكم أجمعين آمين يَسْتَعْجِلُ بِهَا شتاب ميكنند بساعت يعنى بامد او الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها استعجال انكار واستهزاء ولا يشفقون منها ويقولون متى هى ليتها قامت حتى يظهر لنا الحق اهو الذي نحن عليه أم الذي عليه محمد وأصحابه فانهم لما لم يؤمنوا بها لم يخافوا ما فيها فهم يطلبون وقوعها استبعادا لقيامها والعجلة طلب الشيء وتحريه قبل أوانه وَالَّذِينَ آمَنُوا بها مُشْفِقُونَ مِنْها خائفون منها مع اعتنائها لتوقع الثواب فان المؤمنين يكونون ابدا بين الخوف والرجاء فلا يستعجلون بها يعنى ترسانند از قيامت چهـ ميدانند كه خداى تعالى با ايشان چهـ كند ومحاسبه ومجازات بر چهـ وجه بود فالآية من الاحتباك ذكر الاستعجال اولا دليلا على حذف ضده ثانيا والإشفاق ثانيا دليلا على حذف ضده اولا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ اى الكائن لا محالة وفيه اشارة الى ان المؤمنين لا يتمنون الموت خوف الابتلاء بما بعده فيستعدون له وإذا ورد لم يكرهوه وذلك ان الموت لا يتمناه الا جاهل او مشتاق أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ يجادلون فيها وينكرون مجيئها عنادا(8/302)
اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)
من المرية فمعناه فى الأصل تداخلهم المرية والشك فيؤدى ذلك الى المجادلة ففسر المماراة بلازمها قال الراغب المرية التردد فى الأمر وهوا خص من الشك والمماراة المحاجة فيما فيه مرية انتهى ويجوز ان يكون من مريت الناقة إذا مسحت ضرعها بشدة الحلب فيكون تفسيره بيجادلون حملا له على الاستعارة التبعية بأن شبه المجادلة بمماراة الحالب للضرع لاستخراج ما فيه من اللبن من حيث أن كلا من المتجادلين يستخرج ما عند صاحبه بكلام فيه شدة لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ عن الحق فان البعث أشبه الغائبات بالمحسوسات لأنه كاحياء الأرض بعد موتها فمن لم يهتد الى تجويزه فهو من الاهتداء الى ما وراءه ابعد وابعد وصف الضلال بالبعد من المجاز العقلي لأن العبد فى الحقيقة للضال لأنه هو الذي يتباعد عن الطريق فوصف به فعله ويحتمل ان يكون المعنى فى ضلال ذى بعد او فيه بعد لأن الضال قد يضل عن الطريق مكانا قريبا وبعيدا وفى التأويلات النجمية لفى ضلال بعيد لأنه ازلى وفى الآية امور الاول ذم الاستعجال ولذا قيل العجلة من الشيطان الا فى ستة متواضع أداء الصلاة إذا دخل الوقت ودفن الميت إذا حضر وتزويج البكر إذا أدركت وقضاء الدين إذا وجب واطعام الضيف إذا نزل وتعجيل التوبة إذا أذنب والثاني الايمان والتصديق فانه الأصل وذلك بجميع ما يكون به المرء مؤمنا خصوصا الساعة وكذا الاستعداد لها بالأعمال الصالحات روى أن رجلا من الاعراب قال للنبى صلى الله عليه وسلم متى الساعة فقال عليه السلام وما اعددت لها قال لا شىء الا انى أحب الله ورسوله فقال أنت مع من أحببت ولا شك أن من أحب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أحب الاقتداء به فى جميع الأحوال فاذا كان محبا لرسول الله والاقتداء به كان رسول الله محبا له كما قال عليه السلام متى ألقى احبائى فقال أصحابه بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله او لسنا احباءك فقال أنتم أصحابي احبائى قوم لم يرونى وآمنوا بي انا إليهم بالاشواق وخصهم بالاخوة فى الحديث الآخر فقال أصحابه نحن اخوانك يا رسول الله قال لا أنتم أصحابي وإخواني الذين يأتون بعدي آمنوا بي ويرونى وقال للعامل منهم اجر خمسين منكم قالوا بل منهم يا رسول الله قال بل منكم رددها ثلاثا ثم قال لأنكم تجدون على الخير أعوانا والثالث مدح العلم لكن إذا قرن بالخوف والخشية والعمل كان امدح فان العلم ليس جالبا للسودد الا من حيث طرده الجهل فلا تعجب بعلمك فان فرعون علم بنبوة موسى وإبليس علم حال آدم واليهود علموا بنبوة محمد وحرموا التوفيق للايمان والرابع ذم الشك والتردد فلا بد من اليقين الصريح بل من العيان الصحيح كما قال على كرم الله وجهه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا
حال خلد وجحيم دانستم ... بيقين آنچنانكه مى بايد
كر حجاب از ميانه بركيرند ... آن يقين ذره نيفزايد
والخامس ان السعادة والشقاوة از ليتان وانما يشقى السعيد لكون سعادته عارضة وانما يسعدا لشقى لكون شقاوته عارضة فكل يرجع الى أصله فنسأل الله الهدى ونعوذ به من الهوى اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ اى بر بليغ البر بهم يفيض عليهم من فنون الطافه ما لا يكاد يناله أيدي الافكار والظنون قوله من فنون الطافه يؤخذ ذلك من صيغة لطيف فانها للمبالغة وتنكيره ايضا(8/303)
وقوله ما لا يكاد إلخ مأخذه مادة الكلمة فان اللطف إيصال نفع فيه دقة يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ أن يرزقه كيفما يشاء فيخص كلا من عباده الذين عمهم جنس لطفه بنوع من البر على ما تقتضية مشيئته المبنية على الحكم البالغة فلا مخالفة بين عموم الجنس وخصوص النوع يعنى أن المخصوص بمن يشاء هو نوع البر وصنفه وذلك لا ينافى عموم جنس بره بجميع عباده على ما أفادته اضافة العباد الى ضميره تعالى حتى يلزم التناقص بين الكلامين فالله تعالى يبرهم جميعا لا بمعنى ان جميع انواع البر واصنافه يصل الى كل أحد فانه مخالف للحكمة الالهية إذ لا يبقى الفرق حينئذ بين الا على والأدنى بل يصل بره إليهم على سبيل التوزيع بان يخص أحد بنعمة وآخر بأخرى فيرجع بذلك كل واحد منهم الى الآخر فيما عنده من النعمة فينتظم به أحوالهم ويتم اسباب معاشهم وصلاح دنياهم وعمارتها فيؤدى ذلك الى فراغهم لاكتساب سعادة الآخرة وقال بعضهم يرزق من يشاء بغير حساب إذا الآيات القرآنية يفسر بعضها بعضا وَهُوَ الْقَوِيُّ الباهر القدرة الغالب على كل شىء وهو يناسب عموم لطفه للعباد والقوة فى الأصل صلابة البنية وشدتها المضادة للضعف ولما كانت محالا فى حق الله تعالى حملت على القدرة لكونها مسببة عن القوة الْعَزِيزُ المنيع الذي لا يغلب وهو يلائم تخصيص من يشاء بما يشاء قال بعض الكبار لطفه بعباده لطف الجذبة للوصلة وايضا لطيف بعباده بأن جعلهم عباده لا عباد الدنيا ولا عباد النفس والهوى والشيطان خاطب العابدين بقوله لطيف بعباده اى يعلم غوامض أحوالكم من دقيق الرياء والتصنع لئلا يعجبوا بأحوالهم وأعمالهم وخاطب العصاة بقوله لطيف لئلا ييأسوا من إحسانه وخاطب الفقراء بقوله لطيف اى انه محسن بكم لا يقتلكم جوعا فانه محسن بالكافرين فكيف بالمؤمنين
أديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست
وخاطب الأغنياء بقوله لطيف ليعلمو أنه يعلم دقائق معاملاتهم فى جميع المال من غير وجه بنوع تأويل ومن لطفه بعباده انه جعلهم مظهر صفات لطفه ومن لطفه بعباده انه عرفهم انه لطيف ولولا لطفه ما عرفوه ومن لطفه بعباده انه زين أسرارهم بانوار العرفان وكاشفهم بالعين والعيان در فصول آورده كه لطيف چند معنى دارد أول مهربان امام قشيرى فرموده كه لطف اوست كه بيشتر از كفايت بدهد وكمتر از قوت كار فرمايد دوم تو از نده وكذا نوازندكى سوم پوشيده كار كسى بر قضا وقدر او راه نبرد ودركاه او چهـ و چون دخل ندارد
كسى ز چون و چرا دم نمى تواند زد ... كه نقش كار حوادث وراى چون و چراست
چرا مكو كه چرا دست بسته قدرست ... ز چون ملاف كه چون تير پايمال قضاست
در موضح آورده كه لطيف آنست كه عوامض امور را بعلم داند وجرائم مجهور را بحلم كذراند در كشف الاسرار آورده كه لطيف آنست كه نعمت بقدر خود داد وشكر بقدر بنده خواست وقال بعضهم اللطيف الذي ينسى العباد ذنوبهم فى الآخرة لئلا يتشوشوا وقال ابو سعيد الخراز قدس سره الله لطيف بعباده موجود فى الظاهر والباطن والأشياء كلها موجودة(8/304)
به لكن يوجد ذكره فى قلب العبد مرة ويفقد مرة ليجدد بذلك افتقاره اليه وقال جعفر الصادق رضى الله عنه لطفه فى الرزق الحلال وتقسيمه على الأحوال يعنى انه رزقك من الطيبات ولم يدفعه إليك مرة واحدة وقال على بن موسى رضى الله عنه هو تضعيف الاجر وقال الجنيد قدس سره هو الذي لطف باوليائه فعرفوه ولو لطف بأعدائه ما جحدوه وقيل هو الذي ينشر المناقب ويستر المثالب وقال بعضهم لطف وى بود از تو طاعات موقت خواست ومثوبات مؤبد داد خدايرا لطف است وهم قهر بلطف او كعبه ومسجدها را بنا كردند وبقهر او كليساها وبتكدها برآوردند پس بعضى بطريق لطف سلوك ميكند بسبب توفيق وبعضى بطريق قهر ميرود بمقتضاى خذلان مؤذنى بود چندين سال بانك نماز كفته روزى بر مناره رفت ديده وى بر زنى ترسا افتاد تعشق كرد چون از مناره فرو آمد بدر سرايش رفت قصه با وى بكفت آن زن كفت اگر دعوى راستست ودر عشق صادقى موافقت شرطست زنار بر ميان بايد بست آن بدبخت بطمع آن زن زنار ترسايى بربست وخمر خورد و چون مست گشت قصد آن زن كرد زن بگريخت ودر خانه شد آن بدبخت بر بام رفت تا بحيلتى خويشتن را در ان خانه افكند بخذلان ازلى از بام درفتاد وبترسايى هلاك شد چندين سال مؤذنى كرد در شرائع اسلام ورزيد وبعاقبت بترسايى هلاك شد وبمقصود نرسد (قال الحافظ)
حكم مستورى ومستى همه بر خاتمتست ... كس نداست كه آخر بچهـ حالت برود
وقال الامام الغزالي رحمه الله اللطيف من يعلم دقائق المصالح وغوامضها وما دق منها وما لطف ثم يسلك فى إيصالها الى المستصلح سبيل الرفق دون العنف وإذا اجتمع الرفق فى الفعل واللطف فى العلم والإدراك ثم معنى اللطف ولا يتصور كمال ذلك فى العلم والفعل الا الله وحده ومن لطفه خلقه الجنين فى بطن امه فى ظلمات ثلاث وحفظه فيها وتغديته بواسطة السرة الى ان ينفصل فيستقل بالتناول للغذاء بالفم ثم الهامه إياه عند الانفصال التقام الثدي وامتصاصه ولو فى ظلمات الليل من غير تعليم ومشاهدة بل تتفتق البيضة عن الفرخ وقد ألهمه التقاط الحب فى الحال ثم تأخير خلق السن من أول الخلقة الى وقت انباته للاستغناء باللبن عن السن ثم انباته السن بعد ذلك عند الحاجة الى طحن الطعام ثم تقسيم الأسنان الى عريضة للطحن والى أنياب للكسر والى ثنايا حادة الأطراف للقطع ثم استعمال اللسان الذي الغرض الا ظهر منه النطق ورد الطعام الى المطحن كالمجرفة فيكون الإنسان فى زمرة الجمادات وأول نعمة عليه أن الله تعالى كرمه فنقله من عالم الجماد الى عالم النبات ثم عظم شأنه فنقله من عالم النبات الى عالم الحيوان فجعله حساسا متحركا بالارادة ثم نقله الى عالم الإنسان فجعله ناطقا وهى نعمه اخرى أعظم مما سبق ومن لطفه أنه يسر لهم الوصول الى سعادة الابد بسعى خفيف فى مدة قصيرة وهو العمر القليل ومن لطفه إخراج اللبن الصافي من بين فرث ودم وإخراج الجواهر النفيسة من الأحجار الصلبة وإخراج العسل من النحل والا بريسم من الدود والدر من الصدف الى غير ذلك وحظ العبد من هذا الوصف الرفق بعباد الله والتلطف بهم فى الدعوة الى الله والهداية الى سعادة الآخرة من غير ازراء وعنف ومن غير(8/305)
مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)
تعصب وخصام واحسن وجوه اللطف فيه الجذب الى قبول الحق بالشمائل والسير المرضية والأعمال الصالحة فانها أوقع والطف من الألفاظ المزينة ولذلك قال عليه السلام صلوا كما رأ يتمونى أصلي ولم يقل صلوا كما قلت لكم لأن الفعل أرجح فى نفس المقتدى من القول (وفى المثنوى)
پند فعلى خلق را جذاب تر ... كه رسد در جان هر با گوش كر
ثم أن الأرزاق صورية ومعنوية فالصورية ظاهرة والمعنوية هى علم التوحيد والمعارف الالهية التي تتغذى بها الأرواح يقال غذآء الطبيعة الاكل والشرب وغذآء النفس التكلم بما لا يعنى وغذآء القلب الفكر وغذآء الروح علم التوحيد من حيث الافعال والصفات والذات وسائر المعارف الالهية مما لا نهاية لها والمنظر الإلهي فى الوجود الإنساني هو القلب فاذا صلح هو بالتوحيد والذكر ونور الايمان والعرفان صلح سائر الأحوال ومن الله البر واللطف والإحسان والنوال والإفضال مَنْ هر كه كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ الحرث فى الأصل إلقاء البذر فى الأرض يطلق على الزرع الحاصل منه ويستعمل فى ثمرات الأعمال ونتائجها بطريق الاستعارة المبنية على تشبيهها بالغلال الحاصلة من البذور المتضمن لتشبيه الأعمال بالبذور من حيث انها فائدة تحصل بعمل الدنيا ولذلك قيل الدنيا مزرعة الآخرة والمعنى من كان يريد بأعماله ثواب الآخرة (نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ تضاعف له ثوابه بالواحد عشرة الى سبعمائة فما موقها (قال الكاشفى) چنانكه كشت دانه مى افزايد تا يكى از ان بسيار ميشود همچنين عمل مؤمن روز بروز افزونى ميكيرد تا حدى كه يك ذره برابر كوه أحد ميشود ولم يقل فى حقه وله فى الدنيا نصيب مع أن الرزق المقسوم له يصل اليه لا محالة للاستهانة بذلك والاشعار بأنه فى جنب ثواب الآخرة ليس بشىء ولذلك قال سليمان عليه السلام لتسبيحة خير من ملك سليمان كفته اند كه بر سليمان عليه السلام مال وملك وعلم عرضه كردند كه زين سه يكى اختيار كن سليمان علم اختيار كرد مال وملك فرا فرود نداد
دنيا طلبى بهره دنيات دهند ... عقبى طلبى هر دو بيك جات دهند
فان قيل ظاهر اللفظ يدل على أن من صلى لاجل طلب الثواب او لاجل دفع العقاب فانه تصح صلاته واجمعوا على انها لا تصح لأن الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا إذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيد لأنه يكون عليلا مريضا والجواب أن الحرث لا يتأتى الا بإلقاء البذر الصحيح فى الأرض والبذر الصحيح الجامع للخيرات والسعادات ليس الا عبودية الله تعالى فلا يكون العمل أخرويا الا بان يطلب فيه رضى الله وَمَنْ كانَ يُرِيدُ بأعماله حَرْثَ الدُّنْيا وهو متاعها وطيباتها والمراد الكافر أو المنافق حيث كانوا مع المؤمنين فى المغازي وغرضهم الغنيمة ودخل فيه اصحاب الأغراض الفاسدة جميعا نُؤْتِهِ مِنْها اى شيأ منها حسبما قسمنا له لا ما لا يريده ويبتغيه فمنها متعلق بكائنا المحذوف الواقع صفة للمفعول الثاني ويجوز أن يكون كلمة من للتبعيض اى بعضها ومآل المعنى واحد دلت الآية على أن طالب الدنيا لا ينال مراده(8/306)
من الدنيا وفى الحديث من كانت نيته الاخرة جمع الله شمله وجعل غناه فى قلبه وأتته الدنيا وهى راغمة ومن كانت نيته الدنيا فرق الله عليه امره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا الا ما كتب الله له وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ من مزيدة للاستغراق اى ما له نصيب ما فى الاخرة إذ كانت همته مقصورة على الدنيا ولكل امرئ مانوى فيكون محروما من ثواب الاخرة بالكلية وقال الامام الراغب ان الإنسان فى دنياه حارث وعمله حرثه ودنياه محرثه ووقت الموت وقت حصاده والآخرة بيدره ولا يحصد الا ما زرعه ولا يكيل الا ما حصده (حكى) أن رجلا ببلخ امر عبده ان يزرع حنطة فزرع شعيرا فرآه وقت الحصاد وسأله فقال العبد زرعت شعيرا على ظن أن ينبت حنطة فقال مولاه يا أحمق هل رأيت أحدا زرع شعيرا فحصد حنطة فقال العبد فكيف تعصى أنت وترجو رحمته وتغتر بالأماني ولا تعمل العمل الصالح
از رباط تن چوبگذشتى دكر معموره نيست ... زاد راهى بر نميدارى ازين منزل چرا
وكما ان فى البيد
رمكيا لا وموازين وأمناء وحفاظا وشهودا كذلك فى الآخرة مثل ذلك وكما أن للبيدر تذرية وتمييزا بين النقاوة والحطام كذلك فى الآخرة تمييز بين الحسنى والآثام فمن عمل لآخرته بورك له فى كيله ووزنه وجعل له منه زادا للابد ومن عمل لدنياه خاب سعيه وبطل عمله فاعمال الدنيا كشجرة الخلاف بل كالدفلى والحنظل فى الربيع يرى غض الأوراق حتى إذا جاء حين الحصاد لم ينل طائلا وإذا حضر مجتناه فى البيدر لم يفد نائلا ومثل اعمال الاخرة كشجرة الكرم والنخل المستقبح المنظر فى الشتاء فاذا حان وقت القطاف والاجتناء افادتك زادا وادخرت عدة وعتادا ولما كانت زهرات الدنيا رائقة الظاهر خبيثة الباطن نهى الله تعالى عن الاغترار بها فقال ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى فالقذر قذر وان كان فى ظرف من الذهب فالعاقل لا يتناوله وفى التأويلات النجمية من كان يريد حرث الآخرة بجهده وسعيه نزد له فى حرثه بهدايتنا وتوفيق مزيد طاعتنا وصفاء الأحوال فى المعارف بعنايتنا اليوم ونزيده فى الآخرة قربة ومكانة ورفعة فى الدرجات وشفاعة الأصدقاء والقرابات ومن كان يريد حرث الدنيا مكتفيا به نؤته منها اى من آفات حب الدنيا من عمى القلب وبكمه وصممه وسفهه والحجب التي تتولد منها الأخلاق الذميمة النفسانية والأوصاف الرديئة الشيطانية والصفات السبعية والبهيمية الحيوانية وماله فى الآخرة من نصيب اى فى الأوصاف الروحانية والأخلاق الربانية وفى عرائس البيان حرث الآخرة مشاهدته ووصاله وقربه وهذا للعارفين وحرث الدنيا الكرامات الظاهرة ومن شغلته الكرامات احتجب بها عن الحق وما يريد من حرث الدنيا فهو معرفة الله ومحبته وخدمته والا فلا يزن الكون عند اهل المعرفة ذرة قال بعضهم فى هذه الآية من عمل لله محبة له لا طلبا للجزاء صغر عنده كل شىء دون الله ولا يطلب حرث الدنيا ولا حرث الآخرة بل يطلب الله عن الدنيا والآخرة وقال سهل حرث الدنيا القناعة وحرث الآخرة الرضى وقال ايضا حرث الآخرة القناعة فى الدنيا والمغفرة فى الآخرة والرضى من الله فى كل الأحوال وحرث الدنيا قضاء الوطر منها والجمع منها والافتخار بها ومن كان بهذه الصفة فما له فى الاخرة من نصيب قال(8/307)
أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)
الشيخ العطار قدس سره
همچوطفلان منكر اندر سرخ وزرد ... چون زنان مغرور رنك وبو مكرد
فالدنيا امرأة عجوز ومن افتخر بزينتها وزخار فها فهو فى حكم المرأة فعلى العاقل تحصيل الجاه الا خروى بالأعمال الصالحة الباقية فان الدنيا وما فيها بأسرها زائلة فانية كما قال لبيد
ألا كل شىء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل
والمراد نعيم الدنيا أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة قيل للاضطراب عن قوله شرع لكم من الدين والهمزة للتقرير والتحقيق وشركاؤهم شياطينهم من الانس والجن والضمير للمشركين من قريش والاضافة على حقيقتها والمعنى بل لهم شركاء من الشياطين اى نظراء يشاركونهم فى الكفر والعصيان ويعاونونهم عليه بالتزيين والإغراء شَرَعُوا لَهُمْ بالتسويل وبالفارسية نهاده اند براى ايشان يعنى بياراسته اند در دل ايشان مِنَ الدِّينِ الفاسد ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ كالشرك وانكار البعث والعمل للدنيا وسائر مخالفات الشريعة وموافقات الطبيعة لأنهم لا يعلمون غيرها وتعالى الله عن الاذن فى مثل هذا والأمر به والدين للمشاكلة لأنه ذكر فى مقابلة دين الله او للتهكم وقيل شركاؤهم أوثانهم فالهمزة للانكار فان الجماد الذي لا يعقل شيأ كيف يصح ان يشرع دينا والحال أن الله تعالى لم يشرع لهم ذلك الدين الباطل واضافتها إليهم لأنهم الذين جعلوها شركاء لله واسناد الشرع إليها مع كونها بمعزل عن الفاعلية اسناد مجازى من قبيل اسناد الفعل الى السبب لأنها سبب ضلالتهم وافتنانهم كقوله تعالى انهم اضللن كثيرا من الناس وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ اى القضاء السابق بتأخير العذاب او العدة بان الفصل يكون يوم القيامة والفصل القضاء بين الحق والباطل كما فى القاموس ويوم الفصل اليوم الذي فيه يبين الحق من الباطل ولفصل بين الناس بالحكم كما فى المفردات لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ حكم كرده شده بودى ميان كافران ومؤمنان يا ميان مشركان وشركاء وهر يك جزا بسزا يافته بودندى اما وعده فصل ميان ايشان در قيامتست وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فى الآخرة اى نوع من العذاب متفاقم ألمه وبالفارسية عذابى درو نان دائم وبى انقطاع بود واقام المظهر مقام المضمر تسجيلا عليهم بالظلم ودلالة على ان العذاب الأليم الذي لا يكتنه كنهه انما يلحقهم بسبب ظلمهم وانهما كهم فيه وفى الآية إشارات منها ان كفار النفوس شرعوا عند استيلائهم على الدين بالهوى للارواح والقلوب ما لم يرض به الله من مخالفات الشريعة وموافقات الطبيعة كاهل الحرب شرعوا لا سارى المسلمين عند استيلائهم عليهم ما ليس فى دينهم من أكل لحم الخنزير وشرب الخمر وعقد الزنار ونحوها فلا بد من التوجه الى الله ليندفع الشر وينعكس الأمر (روى) ان سالم بن عوف رضى الله عنه اسره العدو فشكاه أبوه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام اتق الله واكثر قول لا حول ولا قوة الا بالله ففعل فجاء ابنه ومعه مائة من الإبل (قال الحافظ)
سروش عالم غيبم بشارتى خوش داد ... كه كس هميشه بگيتى دژم نخواهد ماند(8/308)
تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22)
ومنها أن الله تعالى لم يقض بين الخلق بالتكاليف والمجاهدات قبل البلوغ لضعف البشرية وثقل حمل الشريعة واخر بحكمته تكاليف الشرع تربية للقالب ليحصل القوة لقمع الطبع (قال الصائب)
تا چهـ آيد روشن است از دست اين يك قطعه خاك ... چرخ نتوانست كردن زه كمان عشق را
ومنها أن من ظلم نفسه بمتابعة الهوى فله عذاب اليم بعد البلوغ من الفطام عن المألوفات الطبيعية بالاحكام الشرعية وهذا العذاب للنفس والطبيعة رحمة عظيمة للقلب والروح ولذا من قال هذه الطاعات جعلها الله عذابا علينا من غير تأويل كفر فان أول مراده بالتعب لا يكفر ولو قال لو لم يفرض الله لكان خيرا لنا بلا تأويل كفر لأن الخير فيما اختاره الله الا ان يؤول ويريد بالخير الا هون والا سهل وفى القصيدة البردية
وراعها وهى فى الأعمال سائمة ... وان هى استحلت المرعى فلا تسم
اى راع النفس فى اشتغالها بالأعمال عما هو مفسد ومنقص للكمال من الرياء والعجب والغفلة والضلال وان عدت النفس بعض التطوعات حلوا واعتادت به والفت فاجتهد فى ان تقطع نفسك عنها واشتغل بما هو أشق عليها لأن اعتبار العبادة انما هو بامتيازها عن العادة وانما ترتفع الكلفة مطلقا عن العارفين
كم حسنت لذة للمرء قاتلة ... من حيث لم يدران السم فى الدسم
يعنى كثيرا من المرات زينت النفس لذة للمرء من اللذات قاتلة للمرء كالدسم والمرء لا يدرى أن السم فى الدسم لا سيما إذا كان المرء من اهل المحبة والوداد فهلاكه فى لذة الطعام وطيب الرقاد ومن الله التوفيق لاصلاح النفس وتزكيتها تَرَى الظَّالِمِينَ اى المشركين يوم القيامة يا من بصلح للرؤية مُشْفِقِينَ خائفين مِمَّا كَسَبُوا اى إشفاقا ناشئا من السيئات التعملوها فى الدنيا ومن أجلها فكلمة من للتعليل وليست صلة مشفقين حتى يحتاج الى تقدير المضاف هنا مع أنه ايضا معنى صحيح لأن الاول ابلغ وادخل فى الوعيد وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ اى وباله وجزاؤه لا حق بهم لا محالة اشفقوا أو لم يشفقوا والجملة حال من ضمير مشفقين او اعتراض قال سعدى المفتى يعنى ينعكس الحال فى الآخرة فالآمنون فى الدنيا يشفقون فى الآخرة والمشفقون فى الدنيا يأمنون فى الآخرة (وفى المثنوى)
لا تخافوا هست نزل خائقان ... هست در خور از براى خائف آن
هر كه ترسد مرورا ايمن كنند ... هر دل ترسنده را ساكن كنند
آنكه خوفش نيست چون كويى مپرس ... درس چهـ دهى نيست او محتاج درس
وفيه اشارة الى أن عذاب اهل الهوى والشهوات واقع بهم اما فى الدنيا بكثرة الرياضات وانواع المجاهدات لتزكية النفس من أوصافها وتحليتها بأضدادها واما فى الآخرة بورودها النار لتنقيتها وعذاب الدنيا أهون فلا بد من الاجتهاد قبل فوات الوقت وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى استعملوا تكاليف الشرع لقمع الطبع وكسر الهوى وتزكية النفس وتصفية القلب وتحلية الروح فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ مستقرون فى أطيب بقاعها(8/309)
ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26) وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)
وأنزهها فان روضة الأرض تكون كذلك وبالفارسية اندر مرغزارهاى بهشت اند يعنى خوشترين بقعها ونزهت فزاى ترين آن قال فى حواشى الكشاف الروضة اسم لكل موضع فيه ماء وعشب وفى كشف الاسرار هى الأماكن المتسعة المونقة ذات الرياحين والزهر انتهى وفى الحديث ثلاث يجلون البصر النظر الى الخضرة والى الماء الجاري والى الوجه الحسن قال ابن عباس رضى الله عنها والإثمد عند النوم قال الراغب قوله فى روضات الجنات اشارة الى ما أعد لهم فى العقبى من حيث الظاهر وقيل اشارة الى ما أهلهم له من العلوم والأخلاق التي من تخصص بها طاب قلبه لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ اى ما يشتهونه من فنون المستلذات حاصل لهم عند ربهم على ان عند ربهم ظرف للاستقرار العامل فى لهم وقيل ظرف ليشاؤون على ان يكون عبارة عن كونهم عند الله والآية من الاحتباك أنبت الإشفاق اولا دليلا على حذف الا من ثانيا والجنات ثانيا دليلا على حذف النيران اولا ذلِكَ المذكور من اجر المؤمنين هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ الذي يصغر دونه ما لغيرهم من الدنيا او تحقر عنده الدنيا بحذافيرها من أولها الى آخرها وهذا فى حق الامة واما النبي عليه السلام فمخصوص بالفضل العظيم كما قال تعالى وكان فضل الله عليك عظيما ذلِكَ اى الفضل الكبير وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي اى الثواب الذي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى يبشرهم به على لسان النبي عليه السلام فحذف الجار ثم العائد الى الموصول لأنهم لا يجوزون حذف المفعول الجار والمجرور الا على التدريج بخلاف مثل السمن منوان بدرهم اى منه (قال الكاشفى) وتقديم خبر باين كرامتها جهت ازدياد سرور مؤمنانست وآنكه دانند كه عمل ايشان ضائع نيست پس در مراسم عبوديت اجتهاد نمايند وبر وظائف عبادت بيفزايند
كار نيكو كن اگر مرد نكو ميطلبى ... كز چرا هر كه نكوتر بنكوكار دهند
كار اگر نيست ترا در طمع اجر مباش ... مزد مزدور باندازه كردار دهند
يقول الفقير وجه تخصيص الروضة وتعميم المشيئة أن اكثر بلاد العرب خالية عن الأنهار الجارية والروضات وانهم لا يجدون كل المشتهيات فيشوقهم بذلك ليكونوا على اهبة وتدارك ولا يقيسوا الآخرة على الدنيا فان الدنيا محل البلاء والآفات والآخرة دار النعيم والضيافات وتدارك كل مافات فمن أحب مولاه اجتهد فى طريق رضاه قال شقيق البلخي قدس سره رأيت فى طريق مكة مقعدا يزحف على الأرض فقلت له من اين أقبلت قال من سمرقند قلت وكم لك فى الطريق فذكر أعواما تزيد على العشرة فرفعت طرفى انظر اليه متعجبا فقال لى يا شقيق ملك تنظر الى فقلت متعجبا من ضعف مهجتك وبعد سفرتك فقال لى يا شقيق اما بعد سفرتى فالشوق يقربها واما ضعف مهجتى فمولاها يحملها يا شقيق أتعجب من عبد ضعيف يحمله المولى اللطيف فمن وصل اليه بشارة الله بفضله وجوده هان عليه بذل وجوده قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ روى أنه اجتمع المشركون فى مجمع لهم فقال بعضهم أترون محمدا يس. ل على ما يتعاطاه اجرا يعنى هيچ دريافته آيد كه محمد عملى كه مباشر آنست از إبلاغ مزدى ميخواهد يا نى فنزلت والمعنى لا اطلب منكم على ما انا عليه من التبليغ(8/310)
والبشارة كما لم يطلب الأنبياء من فبلى أَجْراً اى نفعا قال سعدى المفتى فسر الاجر بالنفع ليظهر جعل استثناء المودة منه متصلا مع أن ادعاء كونها من افراد الاجر يكفى فى ذلك كما فى قوله (وبلدة ليس بها أنيس الا اليعافير والا العيس) وفى التأويلات النجمية قل يا محمد لا اسألكم على التبشير أجرا لأن الله ليس يطلب منكم على الفضل عوضا فانا ايضا لا اسألكم على التبشير أجرا فان المؤمن أخذ من الله خلقا حسنا فكما أن الله تعالى بفضله يوفق العبد للايمان ويعطى الثواب لمن آمن به وليس يرضى بان يعطيك فضله مجانا بل يعطيك عليه اجرا كذلك ليس يرضى لرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم بان يطلب منك اجرا على التبليغ والتبشير بل يشفع لك ايضا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى المودة مودة الرسول عليه السلام والقربى مصدر كالزلفى بمعنى القرابة التي هى بمعنى الرحم وفى للسببية وبمعنى اللام متعلقة بالمودة ومودته كناية عن ترك اذيته والجري على موجب قرابته سمى عليه السلام المودة اجرا واستثناها منه تشبيها لها به والاستثناء من قبيل قول من قال
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب
وذلك لأنه لا يچور من النبي عليه السلام ان يطلب الا جرايا كان على تبليغ الرسالة لأن الأنبياء لم يطلبوه وهو اولى بذلك لأنه أفضل ولأنه صرح بنفيه فى قوله قل ما اسألكم عليه من اجر ولأن التبليغ واجب عليه لقوله تعالى بلغ ما انزل إليك وطلب الاجر على أداء الواجب لا يليق ولأن متاع الدنيا اخس الأشياء فكيف يطلب فى مقابلة تبليغ الوحى الإلهي الذي هو أعز الأشياء لأن العلم جوهر ثمين والدنيا خزف مهين ولأن طلب الاجر يوهم التهمة وذلك ينافى القطع بصحة النبوة فمعنى الآية لا اسألكم على التبليغ اجرا أصلا الا ان تودونى لاجل قرابتى منكم وبسببها وتكفوا عنى الأذى ولا تعادونى ان كان ذلك اجرا يختص بي لكنه ليس بأجر لأنه لم يكن بطن من بطونكم يا قريش الا وبينى وبينها قرابة فاذا كانت قرابتى قرابتكم فصلتى ودفع الأذى عنى لازم لكم فى الشرع والعادة والمروءة سوآء كان منى التبليغ اولا وقد كنتم تتفاخرون بصلة الرحم ودفع الأذى عن الأقارب فما لكم تؤذوننى والحال ما ذكر ويجوز ان يراد بالقربى اهل قرابته عليه السلام على إضمار المضاف وبالمودة مودة أقربائه وترك اذيتهم فكلمة فى على هذا للظرفية والظرف حال من المودة والمعنى الا ان تودوا اهل قرابتى مودة ثابتة متمكنة فيهم روى أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال على وفاطمة وابناى اى الحسن والحسين رضى الله عنهم ويدل عليه ما روى عن على رضى الله عنه أنه قال شكوت الى رسول الله عليه السلام حسد الناس لى فقال اما ترضى ان تكون رابع اربعة اى فى الخلافة أول من يدخل الجنة انا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن أيماننا
وشمائلنا وذرياتنا خلف أزواجنا قال سعدى المفتى فيه ان السورة مكية من غير استثناء منها ولم يكن لفاطمة حينئذ أولاد وعنه عليه السلام حرمت الجنة على من ظلم اهل بيتي وآذاني فى عترتى ومن اصطنع صنيعة الى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه فأنا أجازيه عليها غدا إذا لقينى يوم القيامة وقال رسول الله صلى الله عليه(8/311)
وسلم من مات على حب آل محمد مات شهيدا الا ومن مات على حب آل محمد مات مغفور اله الا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا الا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الايمان الا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير الا ومن مات على حب آل محمد يزف الى الجنة كما تزف العروس الى بيت زوجها الا ومن مات على حب آل محمد فتح له فى قبره بابان الى الجنة الا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة الا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة الا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله الا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا الا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة وآل محمد هم الذين يؤول أمرهم اليه عليه السلام فكل من كانه مآل امر هم اليه أكمل وأشد كانواهم الآل ولا شك أن فاطمة وعليا والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله أشد التعلقات بالنقل المتاتر فوجب ان يكونوا هم الآل در تفسير ثعلبى آورده كه خويشان حضرت رسول الله بنو هاشم اند وبنو المطلب كه خمس بر ايشان قسمت بايد كرد وفى الكواشي قرابته عليه السلام فاطمة وعلى وابناهما او آل على وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس او من حرمت عليهم الصدقة وهم بنو هاشم وو بنو المطلب وقيل آل الرسول أمته الذين قبلوا دعوته قال ابن عطاء لا اسألكم على دعوتكم اجرا الا ان تتود دوا الى بتوحيد الله وتتقربوا اليه بدوام طاعته وملازمة او امره وقال الحسين كل من تقرب الى الله بطاعته وجبت عليكم محبته اى فان المحب يحب المحب لكونهما محبين لمحبوب وأحد وكذا المطيع مع المطيع لشركتهما فى الا طاعة والانقياد (حكى) عن الشيخ ابن العربي قدس سره أنه قال بلغني عن رجل انه يبغض الشيخ أبا مدين فكرهت ذلك الشخص لبغضه الشيخ أبا مدين فرأيت رسول الله فى المنام فقال لى لم تكره فلانا فقلت لبغضه فى ابى مدين فقال أليس يحب الله ورسوله فقلت له بلى يا رسول الله فقال لى فلم تبغضه لبغضه أبا مدين وما تحبه لحبه الله ورسوله فقلت له يا رسول الله الى الآن انى والله زللت وغفلت فاما الآن فأنا تائب وهو من أحب- الناس الى فلقد نبهت ونصحت صلى الله عليك وسلم فلما استيقظت جئت الى منزله فاخبرته بما جرى فبكى واعتد الرؤيا تنبيها من الله فزال بغضه أبا مدين وأحبه وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً اى يكتسب اى حسنة كانت سيما حب آل رسول الله قال الراغب اصل القرف والاقتراف قشر اللحاء عن الشجرة والجليدة عن الجذع وما يؤخذ منه قرف واستعير الاقتراف للاكتساب حسنيا كان او سوئيا وفى الاساءة اكثر استعمالا ولهذا يقال الاعتراف يزيل الاقتراف نَزِدْ لَهُ فِيها اى فى الحسنة يعنى براى آن حسنه كما قال الكاشفى حُسْناً بمضاعفة والتوفيق لمثلها والإخلاص فيها وبزيادة لا يصل العبد إليها بوسعه مما لا يدخل تحت طوق- البشر إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لمن أذنب شَكُورٌ لمن أطاع بتوفية الثواب والتفضل عليه بالزيادة فالشكر من الله مجاز عن هذا المعنى لأن معناه الحقيقي وهو فعل ينىء عن تعظيم المنعم لكونه منعما لا يتصور من الله لامتناع ان ينعم عليه أحد حتى يقابل بالشكر شبهت الاثابة والتفضل بالشكر من حيث ان كل واحد منهما يتضمن الاعتداد بفعل الغير وإكراما لاجله(8/312)
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24)
وفى بحر العلوم او معتد بالحسنة القليلة حتى يضاعفها فان القليل عند الله كثيرو فى الحديث ان عيسى بن مريم قال أخبرني يا رب عن هذه الامة المرحومة فأوحى الله اليه انها امة محمد حكماء علماء كأنهم من الحكمة والعلم أنبياء يرضون باليسير من العطاء وارضى منهم باليسير من العمل ادخل أحدهم الجنة بان يقول لا اله الا الله قال الامام الغزالي رحمه الله العبد يتصور ان يكون شاكرا فى حق عبد آخر مرة بالثناء عليه بإحسانه اليه واخرى بمجازاته اكثر مما صنعه اليه وذلك من الخصال الحميدة قال رسول الله عليه السلام من لم يشكر الناس لم يشكر الله واما شكره لله تعالى فلا يكون الا بنوع من المجاز والتوسع فانه ان اثنى فثناؤه قاصر لأنه لا يحصى ثناء عليه فان أطاع فطاعته نعمة اخرى من الله عليه بل عين شكره نعمة اخرى ورلء النعمة المشكورة وانما احسن وجوه الشكر لنعم الله ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعته وذلك ايضا بتوفيق الله وتيسيره
عطايست هر موى ازو بر تنم ... چهـ كونه بهر موى شكرى كنم
ترا آنكه چشم ودهان داد وكوش ... اگر عاقلى در خلافش مكوش
أَمْ يَقُولُونَ أم منقطعة اى بل أيقولون يعنى كفار مكة على انه إضراب عن قوله أم لهم شركاء إلخ افْتَرى محمد عَلَى اللَّهِ كَذِباً بدعوى النبوة وتلاوة القرآن على ان الهمزة للانكار التوبيخي كأنه قيل أيتمالكون ان ينسبوا مثله عليه السلام وهو هو الى الافتراء لا سيما الافتراء على الله الذي هو أعظم الفري وأفحشها والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ استشهاد على بطلان ما قالوا ببيان أنه عليه السلام لو افترى على الله لمنعه من ذلك قطعا وتحقيقه ان دعوى كون القرآن افتراء على الله قول منهم بأنه تعالى لا يشاء صدوره عن النبي بل يشاء عدم صدوره عنه ومن ضرورته منعه عنه قطعا فكأنه قيل لو كان افتراء عليه تعالى لشاء عدم صدوره عنه وان يشأ ذلك يختم على قلبك بحيث لم يخطر ببالك معنى من معانيه ولم تنطق بحرف من حروفه وحيث لم يكن الأمر كذلك بل تواتر الوحى حينا فحينا تبين أنه من عند الله كما قال فى التأويلات النجمية يعنى انك ان افترينه ختم الله على قلبك ولكنك لم تكذب على ربك فلم يختم على قلبك يعنى مهر نهد بر دل تو و پيغام خويش از ان ببرد وفيه اشارة الى أن الملائكة والرسل والورثة محفوظون عن المغالطة فى بيان الشريعة والافتراء على الله فى شىء من الأشياء در حقائق سلمى از سهل بن عبد الله التستري قدس سره نقل ميكند كه مهر شوق ازلى ومحبته لم يزلى بر دلى تو نهد تا التفات بغير نكنى واز اجابت واباى خلق فارغ كردى وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ استئناف مقرر لنفى الافتراء غير معطوف على يختم كما ينبىء عنه اظهار الاسم الجليل وصيغة المضارع للاستمرار وكتبت يمح فى المصحف بحاء مرسلة كما كتبوا ويدع الإنسان ويدع الداع وسندع الزبانية مما ذهبو فيه الى الحذف والاختصار نظرا الى اللفظ وحملا للوقف على الوصل يعنى أن سقوط الواو لفظا للالتقاء الساكنين حال الوصل وخطا ايضا حملا للخط على اللفظ(8/313)
وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25)
اى على أنه خلاف القياس وليس سقوطها منه لكونه مجزو ما بالعطف على ما قبله لاستحالة المعنى لأنه تعالى يمحو الباطل مطلقا لا معلقا بالشرط والمعنى ومن عادته تعالى ان يمحو الباطل ويثبت الحق بوحيه او بقضائه فلو كانه افتراء كما زعموا لمحقه ودفعه ويجوز ان يكونه عدة لرسول الله عليه السلام بانه تعالى يمحو الباطل الذي هم عليه عن البهت والتكذيب ويثبت الحق الذي هو عليه بالقرءان او بقضائه الذي لا مرد له بنصرته عليم فالصيغة على هذا للاستقبال إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ بما تضمره القلوب فيجرى عليها أحكامها اللائقة بها من المحو والإثبات (قال الكاشفى) راستى تو ومظنه افتراي ايشان بتو برو مخفى نيست ولم يقل ذوات الصدور لارادة الجنس وذات هاهنا تأنيث ذى بمعنى صاحب فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه اى عليم بالمضمرات صاحبة الصدور وهى الخواطر القائمة بالقلب من الدواعي والصوارف الموجودة فيه وجعلت صاحبة للصدور بملازمتها وحلولها فيها كما يقال للبن ذو الإناء ولولد المرأة هو جنين ذو بطنها وفى الآية اشارة الى أن الله تعالى يتصرف فى عباده بما يشاء من ابعاد قريب وادناء بعيد (روى) أن رجلا مات فاوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام مات ولى من أوليائي فاغسله فجاء موسى عليه السلام فوجده قد طرحه الناس فى المزابل لفسقه فقال موسى عليه السلام يا رب أنت تسمع مقالة الناس فقال الله يا موسى انه تشفع عند موته بثلاثة أشياء لو سأل من جميع المذنبين لغفرت لهم الاول انه قال يا رب أنت تعلم انى وان كنت ارتكبت المعاصي بتسويل الشيطان وقرين السوء ولكنى كنت أكرهها بقلبي والثاني انى وان كنت مع الفسقة بارتكاب المعاصي ولكن الجلوس مع الصالحين أحب الى والثالث لو استقبلني صالح وفاجر كنت اقدم حاجة الصالح فبهذه الثلاثة أدناه الله منه وجعله من المقربين عنده بعد ما أبعده هو والناس فعلى العاقل إصلاح الصدر والسريرة وفى الخبر ان الله لا ينظر الى صوركم وأموالكم بل الى قلوبكم وأعمالكم يعنى ان كانت لكم قلوب واعمال صالحة تكونوا مقبولين مطلقا والا فلا وربما يهتدى الى الطريق المستقيم من مضى عمره فى الضلال وذلك لأن شقاوته كانت شقاوة عارضة والعبرة للحكم الأزلي والسعادة الاصلية فاذا كان كذالك فيمحو الله الباطل وهو الكفر ويثبت الحق وهو الإسلام وربما يختم على قلب من مضى وقته على الطاعة فيصير عاقبة الى المعصية بل الى الكفر كبلعام وبرصيصا ونحوهما مما كانت شقاوته اصلية وسعادته عارضة (قال الحافظ)
چون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست ... آن به كه كار خود بعنايت رها كنند
والله المعين وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ بالتجاوز عما تابوا عنه لأنه ان لم يقبل كان إغراء بالمعاصي عدى القبول بعن لتضمنه معنى التجاوز قال ابن عباس رضى الله عنهما هى عامة للمؤمن والكافر والولي والعدو ومن تاب منهم قبل الله توبته والتوبة هى الرجوع عن المعاصي بالندم عليها والعزم ان لا يعاودها ابدا وقال السرى البوشنجي هو ان لا تجد حلاوة الذنب فى القلب عند ذكره (وروى) جابر رضى الله عنه ان أعرابيا دخل مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم(8/314)
وقال اللهم انى استغفرك وأتوب إليك وكبر فلما فرغ من صلاته قال له على رضى الله عنه يا هذا ان سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذابين وتوبتك هذه تحتاج الى التوبة فقال يا امير- المؤمنين وما التوبة قال التوبة اسم يقع على ستة معان على الماضي من الذنوب بالندامة وتضييع الفرائض بالاعادة ورد المظالم واذابة النفس فى الطاعة كما ربيتها فى المعصية واذاقتها مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية والبكاء بدل كل ضحك ضحكته وفى الأثر لله تعالى افرح بتوبة العبد من المضل الواجد ومن العقيم الوالد ومن الظمآن الوارد فمن تاب الى الله توبة نصوحا أنسى الله حافظيه وبقاع الأرض خطاياه (روى) عبد العزيز بن اسمعيل قال يقول الله تعالى ويح ابن آدم يذنب الذنب ثم يستغفر فاغفر له لا هو يترك ذنوبه ولا هو ييأس من رحمتى أشهدكم انى قد غفرت له وفى التأويلات النجمية إذا أراد الله تعالى ان يتوب على عبد من عباده ليرجع من أسفل سافلين البعد الى أعلى عليين القرب يخلصه
من رق عبودية ما سواه بتصرف جذبات العناية ثم يوفقه للرجوع بالتقرب اليه كما قال من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا اى من تقرب الى شبرا بالتوبة تقربت اليه ذراعا بالقبول ولو لم يكن القبول سابقا على التوبة لما تاب كما قال بعضهم لبعض المشايخ ان أتب الى الله هل يقبل قال ان يقبل الله تتوبو فى الخبر أن بعض مواضع الجنة تبقى خالية فيخلق الله تعالى خلقا جديدا فيملأها بهم اگر روا باشد از روى كرم كه خلقى آفريند عبادت نابرده ورنج نابرده درجات جنت بايشان دهد او بر سرو سزاوار بر كه بندگان ديرينه را ودرويشان دلخسته راز در بيرون نكند واز ثواب وعطاى خود محروم نكرداند فكيف بالتائبين منهم والمستغفرين وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ صغيرها وكبيرها غير الشرك لمن يشاء بمحض رحمته وشفاعة شافع وان لم يتوبوا وهو مذهب اهل السنة وفى التأويلات النجمية ويعفو عن كثير من الذنوب التي لا يطلع العبد عليها ليتوب عنها وايضا ويعفو عن كثير من الذنوب قبل التوبة ليصير العبد به قابلا للتوبة والا لما تاب وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ كائنا ما كان من خير وشر فيجازى التائب ويتجاوز عن غير التائب حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح وفى التأويلات النجمية ويعلم ما تفعلون من السيئات والحسنات مما لا تعلمون انها من السيئات والحسنات فبتلك الحسنات يعفو عن السيئات وعن عرائس البقلى يقبل توبتهم حين خرجوا من النفس والكون وصاروا أهلا له مقدسين بقدسه ويعفو عن سيئاتهم ما يخطر بقلوبهم من غير ذكره ويعلم ما تفعلون من التضرع بين يديه فى الخلوات وفى صحف ابراهيم عليه السلام على العاقل ان يكون له ساعات ساعة يناجى فيها ربه ويفكر فى صنع الله وساعة يحاسب نفسه فيما قدم وأخر وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال فى المطعم والمشرب وغيرهما وروى ان رجلا قال للدينورى رحمه الله ما اصنع فكلما وقفت على باب المولى صرفنى البلوى فقال كن كالصبى مع امه فكلما ضربته يجزع بين يديها ويتضرع فلا يزال كذلك حتى تضمنه إليها وفى الخبران بعض المذنبين يرفع يده الى جناب الحق فلا ينظر اليه اى بعين الرحمة ثم يدعو ثانيا فيعرض عنه ثم يدعو ويتضرع ثالثا فيقول يا ملائكتى قد استحييت من عبدى وليس له رب غيرى فقد غفرت له(8/315)
وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)
واستحيت اى حصلت مرامه فانى استحيى من تضرع العباد
كرم بين ولطف خداوندكار ... كنه بنده كردست واو شرمسار
ومعنى استحيائه تعالى تركه تخييب العبد فى رجائه وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ الفاعل ضمير اسم الله والموصول مفعول به على إضمار المضاف اى ويستجيب الله دعاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات اى المؤمنين الصالحين إذا دعوه ويثيبهم على طاعاتهم يعنى يعطيهم الثواب فى الآخرة والاثابة معنى مجازى للاجابة لأن الطاعة لما شبهت بدعاء ما يترتب عليها من النواب كانت الانابة عليها بمنزلة اجابة الدعاء فعبر بها عنها ومنه قوله عليه السلام أفضل الدعاء الحمد لله يعنى اطلق الدعاء على الحمد لله لشبهه به فى طلب ما يترتب عليه ويجوز ان يكون التقدير ويستجيب الله لهم فحذف اللام كما فى قوله وإذا كالوهم اى كالوا لهم قال سعدى المفتى الأظهر حمل الكلام على إضمار المضاف فانه كالمنقاس بخلاف حذف الجار وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ على ما سألوا منه تفضلا وكرما ويجوز ان يكون الموصول فاعل الاستجابة والاستجابة فعلهم لا فعل الله تعالى واستجاب بمعنى أجاب او على ان يكون السين للطلب على أصلها فعلى هذا الوجه يكون ويزيدهم من فضله معطوفا على مقدر والمعنى ويستجيبون لله بالطاعة ويزيدهم على ما استحقوه من الثواب تفضلا ويؤيد هذا الوجه ما روى عن ابراهيم ابن أدهم قدس سره انه قيل ما لنا ندعو فلا نجاب قال لأنه دعاكم فلم تجيبوه ثم قرأ والله يدعو الى دار السلام ويستجيب الذين آمنوا فاشار بقراءته والله يدعو الى دار السلام الى ان الله تعالى دعا عباده وبقراءته ويستجيب الذين آمنوا الى انه لم يجيب الى دعائه الا البعض قال فى بحر العلوم هذا الجواب مع سؤاله ليس بمرضى عند اهل التحقيق من علماء الاخبار بل الحق الصريح ان الله يجيب دعاء كل عبد مؤمن بدليل قول النبي عليه السلام ان العبد لا يخطئه من الدعاء أحد ثلاث اما ذنب يغفر واما خير يدخر واما خير يعمل رواه انس رضى الله عنه وقوله عليه السلام ما من مسلم ينصب وجهه لله فى مسألة الا أعطاه إياها اما ان يعجلها له واما ان يدخرها له وقوله عليه السلام ان المؤمن ليؤجر فى كل شىء حتى فى الكظ عند الموت وقوله عليه السلام ان الله يدعو بعبده يوم القيامة فيقول انى قلت ادعوني استجب لكم فهل دعوتنى فيقول نعم فيقول أرأيت يوم نزل امر كذا وكذا مما كرهت فدعوتنى فجعلت لك فى الدينا فيقول نعم ويقول دعوتنى يوم نزل بك كذا فلم تر فرجا فقد ادخرته لك فى الجنة حتى يقول العبد ليته لم يستجب لى فى الدنيا دعوة رواه جابر رضى الله عنه وبدليل قوله عليه السلام من اعطى الدعاء لم يحرم من الاجابة وقال على رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحب الله عبدا صب عليه البلاء صبا وثجه عليه ثجا فاذا دعا العبد ربه قال جبريل اى رب اقض حاجته فيقول تعالى دعه فانى أحب ان اسمع صوته فاذا دعا يقول تعالى لبيك عبدى وعزتى لا تسألنى شيأ الا أعطيك ولا تدعونى بشىء الا استجيب فاما ان اعمل لك واما ان ادخر لك أفضل منه والأحاديث فى هذا الباب كثيرة وان الله يجيب الدعوات كلها من عبده المؤمن ولا يخيبه فى شى من دعواته(8/316)
وكيف يخيب ولا يجيب من إذا لم يسأله عبده يغضب عليه قال ابو هريرة رضى الله عنه قال النبىء عليه السلام ان الله يغضب على من لم يسأله ولا يفعل ذلك أحد غيره انتهى ما فى بحر العلوم يقول الفقير هذا كله مسلم مقبول فانه يدل على أن دعاء المؤمن المطيع لربه مستجاب على كل حال ولكن لا يلزم منه ان يستجاب لكل مؤمن فان بعضا من الذنوب يمنع الاستجابة ويرد الدعوة كما إذا كان الملبوس والمشروب حراما والقلب لاهيا غافلا وعلى الداعي مظالم وحقوق للعباد ونحو ذلك وبدل على ما ذكرنا ما قال عليه السلام لسعد بن ابى وقاص رضى الله عنه حين قال له يا رسول الله ادع الله ان يستجيب دعائى يا سعد اجتنب الحرام فان كل بطن دخل فيه لقمة من حرام لا تستجاب دعوته أربعين يوما وايضا ما قال عليه السلام الرجل يطيل السفر اى
فى طريق الحق اشعث اغبر يمديده الى السماء قائلا يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذى بالحرام فانى يستجاب لذلك الرجل دعاؤه وايضا ما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأنت يا عم لواطعته أطاعك إطاعتي حين قال له عمه ابو طالب ما أطوعك ربك يا محمد وغير ذلك ثم ان الزيادة فى الآية مفسرة بالشفاعة لمن وجبت له النار وبالرؤية فان الجنان ونعيمها مخلوقة تقع فى مقابلة مخلوق مثلها وهو عمل العبد والرؤية مما يتعلق بالقديم ولا تقع الا فى مقابلة القديم وهو الفضل الرباني (وفى كشف الاسرار) بنده كه بديدار الله رسد بفضل الله ميرسد نه از طاعت خود وفى الخبر الصحيح إذا دخل اهل الجنة الجنة نودوا يا اهل الجنة ان لكم عند الله موعدا يريد ان ينجزكموه فيكشف الحجاب فينظرون اليه ابو بكر الشبلي قدس سره وقتى در غلبات وجد وخروش كفت اى بار خدا فردا همه را نابينا انگيز تا جز من ترا كس نبيند باز وقتى ديكر كفت بار خدا يا شبلى را نابينا انگيز كه دريغ بود كه چون منى ترا بيند وآن سخن أول غيرت بود بر جمال از ديده اغيار وآن سخن ديكر غيرت بود بر جمال از ديده خود ودر راه جوانمردان اين قدم از ان قدم تمام ترست وعزيز تر
از رشك تو پر كنم دل وديده خويش ... تا اين تو نه بيند ونه آن را بيش
وچون حق تعالى ديدار خود را دوستانرا كرامت كند بتقاضاى جمال خود كند نه بتقاضاى بنده كه بشر محض را هركز زهره آن نبود كه با اين تقاضا پيدا آيد وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بدل ما للمؤمنين من الثواب والفضل المزيد (قال الكاشفى) مر ايشانراست عذابى سخت كه ذل حجاب ودوام عقابست وهيچ عقاب بدتر از مذلت حجاب نيست
ز هيچ رنج تو مطلق دلم نتابد روى ... جز آنكه بند كنى در حجاب حرمانش
وفى التأويلات النجمية لما ذكر انه تعالى يقبل توبة التائبين ومن لم يتب يغفر زلتهم والمطيعون يدخلهم الجنة فلعله يخطر ببال أحدهم ان هذه النار لمن هى قال الله تعالى والكافرون لهم عذاب شديد فلعله خطر ببالهم ان العصاة من المؤمنين لا عذاب لهم فقال والكافرون لهم عذاب شديد فدليل الخطاب ان المؤمنين لهم عذاب ولكن ليس بشديد ثم ان العبد لو لم يتب خوفا من النار ولا طمعا فى الجنة لكان من حقه ان يتوب ليقبل الحق سبحانه توبته ثم ان(8/317)
وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)
العامي ابدا منكسر القلب فاذا علم ان الله يقبل الطاعة من المطيعين يتمنى ان له طاعة ميسرة ليقبلها الله فيقول الحق عبدى ان لم يكن لك طاعة تصلح للقبول فلك توبة ان أتيت بها تصلح لقبولها وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لو وسعه عليهم لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ لطغوا فى الأرض وعصوا فمن العصمة ان لا تجد او لظلم بعضهم على بعض لان الغنى مبطرة مأشرة اى داع الى البطر والأشر او البغي بمعنى الكبر فيكون كناية عن الفساد وقال ابن عباس رضى الله عنهما بغيهم فى الأرض طلبهم منزلة بعد منزلة ومركبا بعد مركب وملبسا بعد ملبس وقال بعضهم لو أن الله تعالى رزق العباد من غير كسب لتفرغوا للفساد فى الأرض ولكن شغلهم بالكسب حتى لا يتفرغوا للفساد ونعم ما قيل
ان الشباب والفراغ والجده ... مفسدة للمرء اى مفسده
اى داعية الى الفساد ومعنى الفراع عدم الشغل ولزوم البغي على بسط الرزق على الغالب والا فقد يكون الفقير مستكبرا وظالما يعنى ان البغي مع الفقر اقل لأن الفقر مؤد الى الانكسار والتواضع غالبا ومع الغنى اكثر واغلب لأن الغنى مؤد الى البغي غالبا فلو عم البسط كل واحد من العباد لغلب البغي وانقلب الأمر الى عكس ما عليه الآن (قال الكاشفى) واين در غالبست چهـ ذى النورين رضى الله عنه مالدارترين مردم بودند وهركز از ايشان بغى وطغيان ظاهر نشد وكفته اند مال دنيا بمثال بارانست كه بر تمام زمين بارد واز هر قطعه از ان كياه ديكر رويد
باران كه در لطافت طبعش خلاف نيست ... در باغ لاله رويد ودر شوره بوم خس
وچون اغلب طباع خلق بجانب هوى وهوس مائلست و پرورش صفات سبعى وبهيمى بر ايشان غالب ومال دنيا درين أبواب قوى ترين اسبابست پس اگر حق سبحانه وتعالى روزى بر خلق فراخ كرداند اكثر باغي وطاغى كردند وكفا بحال فرعون وهامان وقارون ونحوهم عبرة قال عليه السلام ان أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وكثرتها (قال الصائب) نفس را بدخو بناز ونعمت دنيا مكن آب ونان وسير كاهل ميكند مزدور را وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ اى بتقدير يعنى باندازه كما فى كشف الاسرار (وقال الكاشفى) بتقدير ازلى وفى القاموس قدر الرزق قسمه والقدر قياس الشيء بالشيء وفى بحر العلوم يقال قدره قدر او قدرا وقوله عليه السلام فان غم عليكم فاقدروا بكسر الدال والضم خطأ رواية اى فقدروا عدد الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوما ما يَشاءُ ان ينزله مما تقتضيه مشيئته وهو مفعول ينزل إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ محيط بخفايا أمورهم وجلاياها فيقدر لكل واحد منهم فى كل وقت من أوقاتهم ما يليق بشأنهم فيفقر ويغنى ويمنع ويعطى ويقبض ويبسط حسبما تقتضيه الحكمة الربانية ولو أغناهم جميعا لبغوا ولوا فقرهم لهلكوا روى انس بن مالك رضى الله عنه عن النبي عليه السلام عن جبرائيل عن الله تعالى انه قال من أهان لى وليا فقد بارزني بالمحاربة وانى لأسرع شىء الى نصرة أوليائي وانى لأغضب لهم كما يغضب الليث الجريء وما تقرب الى عبدى المؤمن بمثل أداء(8/318)
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31)
ما افترضت عليه وما زال عبدى المؤمن يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا مؤيدا ان دعانى أجبته وان سألنى أعطيته وما ترددت فى شىء انا فاعله ترددى فى قبض روح عبدى المؤمن يكره الموت واكره مساءته ولا بدله منه وان من عبادى المؤمنين لمن يسألنى الباب من العبادة فاكفه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الغنى ولو أفقرته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا السقم ولو اصححته لأفسده ذلك انى أدبر امر عبادى بعلمي بقلوبهم انى بعبادي خبير بصير وكان يقول انس رضى الله عنه اللهم انى من عبادك المؤمنين الذين لا يصلحهم الا الغنى فلا تفقرنى برحمتك وفى التأويلات النجمية يشير الى قلب الفقير كأنه يقول انما لم ابسط ايها الفقير عليك الدنيا لما كان لى من المعلوم انى لو وسعت عليك لطغوت وسعيت فى الأرض بالفساد ويشير ايضا الى وعيد الحريص على الدنيا لينتبه من نوم الغفلة ويتحقق له ان لو بسط الله له الرزق بحسب الطلب لكان سبب بغيه وطغيانه وفساد حاله ولتسكن نائرة حرصه على الدنيا ثم قال بطريق الاستدراك ان لم أوسع عليك الرزق لصلاح حالك لم امنع عنك الكل ولكن ينزل بقدر ما يشاء لعلمه بصلاح ذلك وهو قوله انه بعباده خبير بصير روى ان اهل الصفة رضى الله عنهم تمنو الغنى فنزلت يعنى اصحاب صفه كه بفقر فاقه ميكذرانيدند روزى در خاطر ايشان كذشت كه چهـ باشد كه ما توانكر شويم ومال خود بفلان وفلان چيز صرف كنيم اين آيت آمد قال خباب بن الأرض رضى الله عنه فينا نزلت هذه الآية وذلك انا نظرنا الى اموال بنى قريظة والنضير وبنى قينقاع فتمنيناها فانزل الله تعالى الآية قال سعدى المفتى وفيه أن الآية حينئذ مدنية فكان ينبغى ان يستثنى وقيل نزلت فى العرب كانوا إذا اخصبوا تحاربوا وإذا اجدبوا اى أصابهم الجدب والقحط انتجعوا اى طلبو الماء والكلاء وتضرعوا وفى ذلك يقول الشاعر
قوم إذا نبت الربيع بأرضهم ... نبتت عداوتهم مع البقل
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ اى المطر الذي يغيث الناس من الجدب ولذالك خص بالنافع منه فان المطر قد يضر وقد لا يكون فى وقته قال الراغب الغيث يقال فى المطر والغوث فى النصرة مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا اى يئسوا منه وتقييد تنزيله بذلك مع تحققه بدونه ايضا لتذكير كمال النعمة فان حصول النعمة بعد اليأس والبلية أوجب لكمال الفرح فيكون ادعى الى الشكر وَيَنْشُرُ و پراكنده كند رَحْمَتَهُ اى بركات الغيث ومنافعه فى كل شىء من السهل والجبل والنبات والحيوان وفى فتح الرحمن وينشر رحمته وهى الشمس وذلك تعديد نعمة غير الاولى وذلك أن المطر إذا جاء بعد القنوط حسن موقعه فاذا ادام سئم وتجيىء الشمس بعده عظيمة الوقع وَهُوَ الْوَلِيُّ المالك السيد الذي يتولى عباده بالإحسان ونشر الرحمة (قال الكاشفى) واوست دوست مؤمنان وسازنده كار ايشان بفرستادن باران ونشر رحمت واحسان(8/319)
تو از فشاندن تخم اميد دست مدار ... كه در كرم نكند ابر نوبهار إمساك
الْحَمِيدُ المستحق للحمد على ذلك وغيره لا غيره وقال بعضهم وهو الولي اى مولى المطر ومتصرفه يرسله مرة بعد مرة الحميد اى الأهل لأن يحمد على صنعه إذ لا قبح فيه لأنه بالحكمة ودل الغيث على الاحتياج وعند الاحتياج تتقوى العزيمة والله تعالى يجيب دعوة المضطر وقيل لعمر رضى الله عنه اشتد القحط وقنط الناس فقال مطروا اذن وأراد هذه الآية (وفى المثنوى)
تا فرود آيد بلاي دافعى ... چون نباشد إذ تضرع شافعى
تا سقاهم ربهم آيد خطاب ... تشنه باش الله اعلم بالصواب
وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحرا ينزل منه أرزاق الحيوانات يوحى الله اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء حتى ينتهى الى سماء الدنيا ويوحى الى السماء ان غربليه فتغربله فليس من قطرة تقطر الا ومعها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة الا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان من يوم الطوفان من ماء فانه نزل بغير كيل ووزن وروى أن الملائكة يعرفون عدد المطر ومقداره فى كل عام لأنه لا يختلف فيه البلاد وفى الحديث ما من سنة بامطر من اخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافي والبحار وفى الحديث القدسي لو أن عبادى أطاعوني سقيتهم المطر بالليل واطلعت الشمس عليهم بالنهار وما اسمعتهم صوت الرعد قال سفيان رحمه الله ليس الخائف من عصر عينيه وبكى انما الخائف من ترك الأمر الذي يخاف منه وروى مرفوعا ما من ساعة من ليل ولا نهار الا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء وفيه اشارة الى دوام فيضه تعالى ظاهرا وباطنا والا لانتقل الوجود الى العدم وفى الآية اشارة الى أن العبد إذا ذبل غصن وقته وتكدر صفو ورده وكسف شمس أنسه وبعد بالحضرة وساحات القرب عهده فربما ينظر الحق بنظر رحمته فينزل على سره امطار الرحمة ويعود عوده طريا وينبت من مشاهد أنسه وردا جنيا وفى عرائس البيان يكشف الله لهم أنوار جماله بعد ان ايسوا من وجدانهم فى مقام القبض وينشر عليهم لطائف بسط القرب لأن وليهم وحبيبهم محمود بلسان افتقارهم قال ابن عطا ان الله تعالى يربى عباده بين طمع ويأس فاذا طمعوا فيه أيأسهم بصفاتهم وإذا ايسوا أطمعهم بصفاته وإذا غلب على العبد القنوط وعلم العبد ذلك واشفق منه أتاه من الله الفرج ألا تراه يقول وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا معناه ينزل غيث رحمته على قلوب أوليائه فينبت فيها التوبة والانابة والمراقبة والرعاية ابر جود باران وجود ريزد سحاب إفضال در اقبال فشاند كل وصال در باغ نوال شكفته كردد آخر كار باول كار باز شود يقول الفقير لا شك أن القبض والبسط يتعاقبان وان الإنسان لا يضحك دائما ولا يبكى دائما ومن أعاجيب ما وقع لى فى هذا الباب هو انه أغار العرب على الحجاج فى طريق الشام فى سنة الألفات الاربعة وكنت إذ ذاك معهم فتجردت باختياري عن جميع ما معى غير القميص والسراويل ومشيت على وجهى فقيل لى فى باطني على يمينك فأخذت(8/320)
وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29)
اليمين حتى لم يبق لى طاقة على المشي من الجوع والعطش فوقعت على الرمل فأيست من الحياة وليس معى أحد الا الله فقيل لى فى سمعى قول الشاعر
عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... بكون وراءه فرج قريب
ثم ان الله تعالى فرج عنى بعد ساعات بما يطول بيانه بل يجب خفاؤه وهو الولي الحميد وَمِنْ آياتِهِ اى دلائل قدرته تعالى خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ على ما هما عليه من تعاجيب الصنائع فانها بذاتها او صفاتها تدل على شؤونه العظيمة قال فى الحواشي السعدية قوله فانها اشارة الى ما تقرر فى الكلام من المسالك الاربعة فى الاستدلال على وجود الصانع تعالى حدوث الجواهر وإمكانها وحدوث الاعراض القائمة بها وإمكانها ايضا وفيه اشارة الى ان خلق السموات من اضافة الصفة الى الموصوف اى السموات المخلوقة انتهى وَما بَثَّ فِيهِما عطف على السموات او الخلق ومعنى بث فرق يعنى پراكنده كرده وقال الراغب اصل البث اثارة الشيء وتفريقه كبث الريح التراب وبث النفس ما نطوت عليه من الغم والسرور وقوله وبث اشارة الى إيجاده تعالى ما لم يكن موجودا وإظهاره إياه مِنْ دابَّةٍ حى على اطلاق اسم المسبب على السبب اى الدبيب مجازا أريد به سببه وهو الحياة فتكون الدابة بمعنى الحي فتتناول الملائكة ايضا لأن الملائكة ذووا حركت طيارون فى السماء وان كانوا لا يمشون على الأرض ويجوز أن يكون المعنى مما تدب على الأرض فان ما يختص بأحد الشيئين المجاورين يصح نسبته إليهما يعنى ما يكون فى أحد الشيئين يصدق انه فيهما فى الجملة كما فى قوله تعالى يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وانما يخرج من الملح وقد جوزان يكون للملائكة مشى مع الطيران فيوصفون بالدبيب وان يخلق الله فى السماء حيوانات يمشون فيها مشى الأناسي على الأرض كما ينبىء عنه قوله تعالى ويخلق ما لا تعلمون وقد روى ان النبي عليه السلام قال فوق السابعة بحربين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض ثم فوق ذلك ثمانية او عال بين ركبهن وأظلافهن كما بين السماء والأرض ثم فوقه العرش العظيم يقول الفقير يقول الفقير ان للملائكة أحوالا شتى وصورا مختلفة لا يقتضى موطنهم الحصر فى شىء من المشي والطيران فطير انهم اشارة الى قوتهم فى قطع المسافة وان كان ذلك لا ينافى ان يكون لهم اجنحة ظاهرة فلهم اجنحة يطيرون بها ولهم ارجل يمشون بها والله اعلم وَهُوَ تعالى عَلى جَمْعِهِمْ اى حشر الأجسام بعد البعث للمحاسبة إِذا يَشاءُ فى اى وقت يشاء قَدِيرٌ متمكن منه يعنى تواناست ومتمكن از ان وغير عاجز در ان قوله هو مبتدأ وقدير خبره وعلى جمعهم متعلق بقدير وإذا منصوب بجمعهم لا بقدير لفساد المعنى فان المقيد بالمشيئة جمعه تعالى لا قدرته وإذا عند كونها بمعنى الوقت كما تدخل على الماضي تدخل على المضارع قال تعالى والليل إذا يغشى وفى الآية اشارة الى سموات الأرواح وارض الأجساد وما بث فيهما من دابة النفوس والقلوب فلا مناسبة بين كل واحد منهم فان بين الأرواح والأجساد بونا بعيدا فى الفناء لان الجسد من أسفل سافلين والروح من أعلى عليين والنفس تميل الى الشهوات الحيوانية الدنيوية والقلب يميل الى الشواهد الروحانية الاخروية الربانية وهو على جمعهم على طلب الدنيا وزينتها وعلى طلب الآخرة ودرجاتها وعلى طلب الحضرة وقرباتها إذا يشاء قدير والحشر على انواع عام وهو خروج(8/321)
وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31)
الأجساد من القبور الى المحشر يوم النشور وخاص وهو خروج الأرواح الاخروية من قبور الأجسام الدنيوية بالسير والسلوك فى حال حياتهم الى عالم الروحانية يحرق الحجب الظلمانية وأخص وهو خروج الاسرار من قبور الروحانية الى عالم الهوية بقطع الحجب النورانية فعند ذلك يرجع الإنسان الى أصله رجوعا اختياريا مرضيا ليس فيه شائبة غضب أصلا ونعم الرجوع والقدوم وهو قدوم الحبيب على الحبيب والخلوة معه
خلوت كزيده را بتماشا چهـ حاجتست ... چون روى دوست هست بصحرا چهـ حاجتست
ولا يمكن الخروج من النفس الا بالله وكان السلف يجهدون فى إصلاح نفوسهم وكسر مقتضاها وقمع هواها (حكى) ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه مر وعلى ظهره قربة ماء فقيل له فى ذلك فقال ليس لى حاجة الى الماء وانما أردت به كسر نفسى لما حصل لها من إطاعة ملوك الأطراف ومجىء الوفود فكما انه لا بعث الى المحشر الا بعد فناء ظاهر الوجود فكذا لا حشر الى الله الا بعد فناء باطنه نسأل الله سبحانه ان يوصلنا الى جنابه وَما أَصابَكُمْ وهر چهـ شما را رسدا اى مؤمنان فما شرطية وقال بعضهم موصول مبتدأ دخلت الفاء فى خبره لئضمنه معنى الشرط اى الذي وصل إليكم ايها الناس مِنْ مُصِيبَةٍ اى مصيبة كانت من الآلام والأسقام والقحط والخوف حتى خدش العود وعثرة القدم واختلاج العرق وغير ذلك فى البدن او فى المال او فى الأهل والعيال ويدخل فيها الحدود على المعاصي كما انه يدخل فى قوله ويعفوا عن كثير ما لم يجعل له حد فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ اى فهو بسبب معاصيكم التي اكتسبتموها فان ذكر الأيدي لكون اكثر الأعمال مما يزاول بها فكل نكد لاحق انما هو بسبب ذنب سابق أقله التقصير (وفى المثنوى)
هر چهـ بر تو آيد از ظلمات غم ... آن ز بى باكى وگ ستاخيست هم
وفى الحديث لا يرد القدر الا بالدعاء ولا يزيد فى العمر الا البر وان الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه قوله لا يرد إلخ لان من جملة القضاء ردا لبلاء بالدعاء فالدعاء سبب لدفع البلاء وجلب الرحمة كما ان الترس سبب لدفع السلاح والماء سبب لخروج النباتات من الأرض قال الضحاك ما تعلم رجل القرآن ثم نسيه الا بذنب واى معصية أقبح من نسيان القرآن وتلا الآية وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ من الذنوب فلا يعاقب عليها ولولا عفوه وتجاوزه ما ترك على ظهرها من دابة وفى الآية تسلية لقلوب العباد واهل المصائب يعنى ان أصابتكم مصيبة الذنوب والمعاصي الموجبة للعقوبة الاخروية الابدية تداركناها باصابة المصيبة الدنيوية الفانية لتكون جزاء لما صدر منكم من سوء الأدب وتطهير لما تلوثتم به من المعاصي ثم إذا كثرت الأسباب من البلايا على عبد وتوالى عليه ذلك فليفكر فى أفعاله المذمومة لم حصلت منه حتى يبلغ جزاء ما يفعله مع عفو الكثير هذا المبلغ فعند هذا يزداد حزنه وأسفه وخجلته لعلمه بكثرة ذنوبه وعصيانه وغاية كرم ربه وعفوه وغفرانه قيل لابى سليمان الداراني قدس سره ما بال العقلاء أزالوا اللوم عمن أساء إليهم قال لانهم علموا ان الله تعالى انما ابتلاهم بذنوبهم وقرأ هذه الاية وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ فائتين ما قضى عليكم من المصائب(8/322)
وان هربتم من أقطار الأرض كل مهرب يعنى إذا أراد الله ابتلاءكم وعقوبتكم فلا تفوتونه حيثما كنتم ولا تسبقونه ولا تقدرون ان تمنعوه من تعذيبكم وبالفارسية ونيستيد عاجز كنندكان خدايرا از إنفاذ امر يا از عذاب كردن مستحق قال اهل اللغة أعجزته اى صيرته عاجزا وأعجزته فيه سبقته قال فى تفسير المناسبات لما كان من يعاقب بمادون الموت ربما ظن انه عاجز قال وما أنتم اى أجمعون العرب وغيرهم بمعجزين فى الأرض لو أريد محقكم بالكلية ولا فى شىء اراده منكم كائنا ما كان وَما لَكُمْ اى عند الاجتماع فكيف عند الانفراد مِنْ دُونِ اللَّهِ المحيط بكل شىء عظمة وكبرا وعزة مِنْ وَلِيٍّ يكون متوليا لشىء من أموركم بالاستقلال يحميكم من المصائب وَلا نَصِيرٍ يدفعها عنكم وهذه الآية الكريمة داعية لكل أحد الى المبادرة عند وقوع المعصية الى محاسبة النفس ليعرف من اين أتى فيبادر الى التوبة عنه لينقذ نفسه من الهلكة وفائدة ذلك وان كان الكل بخلقه وإرادته اظهار الخضوع والتذلل
واستشعار الحاجة والافتقار الى الله الواحد القهار ولولا ورود الشريعة لم يوجد سبيل الى هذه الكمالات البديعة ومثل هذه التنبيهات تستخرج من العبد ما أودع فى طبيعته وركز فى غريزته كغرس وزرع سيق اليه ماء وشمس لاستخراج ما فى طبيعته من المعلومات الالهية والحكم العلية قال الامام الواحدي رحمه الله هذه الآية أرجى آية فى كتاب الله لان الله جعل ذنب المؤمن صنفين صنفا كفر عنهم بالمصائب وصنفاعفا عنه فى الدنيا وهو كريم ولا يرجع فى الآخرة فى عفوه فهذه سنة الله مع المؤمنين واما الكافر فلا يعجل له عقوبة ذنبه حتى يوافى به يوم القيامة قال بعضهم إذا كسب العبد شيأ من الجرائم فهو من اسباب القهر ويكون محجوبا به فاذا كان أهلا لله تعالى يعاقبه الله فى الدنيا ببعض المصائب ويخرجه من ذلك الحجاب والا فيمهله فى ضلالته والآية مخصوصة بالمجرمين فان ما أصاب غيرهم من الأنبياء وكمل الأولياء والأطفال والمجانين فلأسباب اخر لا بما كسبت أيديهم لانهم معصومون محفوظون منها التعريض للاجر العظيم بالصبر عليه قال بعضهم شوهد منه عليه السلام كرب عند الموت ليحصل لمن شاهده من اهله ومن غيرهم من المسلمين الثواب لما يلحقهم عليه من المشقة كما قيل بمثل ذلك فى حكمة ما يشاهد من حال الأطفال من الكرب الشديد وفى نوادر الأصول للحكيم الترمذي قدس سره البلاء على ثلاثة اضرب منها تعجيل عقوبة للعبد كمثل ما نزل بيوسف عليه السلام من لبثه فى السجن بالهم الذي هم به ومن لبثه بعد مضى المدة فى السجن بقوله إذ كرنى عند ربك فانسيه الشيطان ذكر ربه ولبث فى السجن بضع سنين ومنها امتحانه ليبرز ما فى ضميره فيظهر لحلقه درجته اين هو من ربه كمثل ما نزل بأيوب عليه السلام قال تعالى انا وجدناه صابرا نعم العبد انه أواب ومنها كرامته ليزداد عنده قربة وكرامة كمثل ما نزل بيحيى بن زكريا عليهما السلام ولم يعمل خطيئة قط ولم يهم بها فذبح ذبحا واهدى رأسه الى بغى من بغايا بنى إسرائيل وقد سأل النبي عليه السلام العافية من كل ذلك حيث قال واسأل الله العافية من كل بلية والعافية ان يكون فى كل وجه من هذه الوجوه إذا حل به شىء من ذلك ان لا يكله الى نفسه ولا يخذله اى يكلاءه ويرعاه فى كل من هذه الوجوه هذا(8/323)
وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35) فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36)
وجه والوجه الآخر ان يسأله ان يعافيه من كل شىء فيه شدة فان الشدة انما يحل أكثرها من أجل الذنوب فكانه يسأل ان يعافيه من البلاء ويعفو عنه الذنوب التي من أجلها تحل الشدة بالنفس فقد قال عز وجل وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفوا عن كثير وقال تعالى ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر فعلى العاقل ان يسأل العفو والعافية فى الدين والدنيا والآخرة فاذا ابتلى بشىء من البلايا صبر عليه ليكون مأجورا ومفكرا عنه ذنوبه ومصححا له حاله ومصفى باله ونعم ما قيل ترى الناس دهنا فى القوارير صافيا ولم تدر ما يجرى على رأس سمسم (وقال الحافظ)
شكر كمال حلاوت پس از رياضت يافت ... نخست در شكن تنك از آن مكان كيرد
(وما قال)
كويند سنك لعل شود در مقام صبر ... آرى شود وليك بخون جكر شود
نسأل الله العافية وَمِنْ آياتِهِ دلائل وحدته تعالى وقدرته وعظمته وحكمته الْجَوارِ السفن الجارية وهى بالياء فى الأصل حذفت الكسر الدال عليها فِي الْبَحْرِ در دريا كَالْأَعْلامِ جمع علم بفتحتين بمعنى الجبل وكل مرتفع علم أي كالجبال على الإطلاق لا التي عليها النار للاهتداء خاصة وبالفارسية مانند كوها در عظمت فقوله جوار جمع جارية بمعنى سائرة صفة للسفن المقدرة وفى البحر متعلق بالجوار وحال منه ان كانت الجارية جامدة اسما للسفينة بالغلبة سميت بها لجريها وكالاعلام حال منه على التقديرين إِنْ يَشَأْ اى الله تعالى وهو شرط جوابه قوله يُسْكِنِ الرِّيحَ التي تجريها يعنى ساكن كرداند بادى را كه سبب رفتن كشتى است فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ عطف على قوله يسكن وظل بمعنى صار وركدت السفينة إذا سكنت وثبتت اى فيصرن تلكن السفن ثوابت بعد ما كانت جوارى برياح طيبة وحاصل المعنى فيبقين ثوابت على ظهر البحر غير جاريات لا غير متحركات أصلا و چون آن كشتيها ساكن شوند بسبب سكون باد اهل كشتى در كرداب اضطراب افتد إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من السفن اللاتي يجرين تارة ويركدن تارة اخرى على حسب مشيئة الله تعالى لَآياتٍ عظيمة فى أنفسها كثيرة فى العدد دالة على ما ذكر من شؤونه لِكُلِّ صَبَّارٍ بليغ الصبر على احتمال البلايا فى طاعة الله تعالى شَكُورٍ بليغ الشكر له على نعمائه باستعمال كل عضو من الأعضاء فيما خلق له (وقال الكاشفى) مرهر صبر كننده را در كشتى سپاس دارنده برقت خروج از كشتى ويجوز أن يكون مجموع صبار شكور كناية عن الآتي بجميع ما كلف به من الافعال والتروك فالمعنى لكل مؤمن كامل فى خصائل الايمان وثمراتها ترجع كلها الى الصبر والشكر فان الايمان نصفه صبر عن المعاصي ونصفه شكر وهو الإتيان بالواجبات أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا عطف على يسكن يقال أوبقه أهلكه كما فى القاموس والايباق بالفارسية هلاك كردن كما فى تاج المصادر والمعنى ان يشأ يسكن الريح فيركدن او يرسلها فتغرق بعضها اى السفن بعدله وإيقاع الايباق عليهن مع انه حال أهلهن للمبالغة والتهويل يعنى ان المراد إهلاك أهلها بسبب ما كسبوا من الذنوب موجباب الهلاك على إضمار المضاف او التجوز بعلاقة الحلول قال سعدى المفتى والظاهر انه لا منع من ابقاء الكلام على حقيقته فالآية مثل قوله تعالى وما أصابكم من مصيبة(8/324)
وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35) فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36)
إلخ اى يوبق سفائنهم بشؤم ما كسبوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ فلا يوبق أموالهم انتهى واجراء حكمه على العفو فى قوله تعالى ويعف عن كثير لما ان المعنى او يرسلها فيوبق ناسا وينجى آخرين بطريق العفو عنهم وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا عطف على علة مقدرة مثل لينتقم منهم وليعلم الذين يكذبون ويسعون فى دفعه وابطاله وقرىء بالرفع على الاستئناف عطفا على الشرطية وبالجزم عطفا على يعف فيكون المعنى وان يشأ يجمع بين إهلاك قوم وإنجاء قوم وتحذير قوم ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ اى من مهرب من العذاب والجملة معلق عنها الفعل فكما لا مخلص لهم إذا وقفت السفن او عصفت الرياح كذا لا مهرب لهم من عذابه بعد البعث فلا بد من الاعتراف بان الضار والنافع ليس الا الله وان كل امر عرض فانما هو بتأثيره وفى الآيات إشارات منها ان الله تعالى حثهم على الفكرة المنبهة لهم فى السفن التي تجرى فى البحار فيرسل الله الرياح تارة ويسكنها اخرى وما يريهم من السلامة والهلاك والاشارة فى هذا الى إمساك الناس فى خلال فتن الوقت عن الأنواع المختلفة ثم حفظ العبد فى إيواء السلامة وذلك يوجب خلوص الشكر الموجب له جزيل المزيد ومنها كما ان السفن تجرى فى البحر بالريح الطيبة فتصل الى الساحل كذلك بعض الهمم تجرى فى الدنيا بريح العناية فتصل الى الحضرة وكما ان لبعض السفن وقفة لانقطاع الريح فكذا لبعض الهمم بانقطاع الفيض وكما ان بعضها نهلك فكذا بعض النفوس فى بحر الدنيا نعوذ بالله تعالى ومنها ان الريح لا تتحرك بنفسها بل لها محرك الى ان ينتهى الى المحرك الاول الذي لا محرك له وهو الله تعال فلا يجوز الاعتماد على الريح فى استواء السفينة وسيرها والا فقد جاء الشرك فى توحيد الافعال والجهل بحقائق الأمور ومنها ان الصابر من صبره الله والشكور من شكره الله فان الصبر الحقيقي والشكر الحقيقي لا يكون الا لمن كان صبره بالله وشكره بالله فانه تعالى هو الصبور الشكور ومنها أن علم الله قديم ليس بحادث واما علم الخلق فحادث متأخر ولذلك قال ويعلم إلخ فالعاقل يرى عاقبة الأمر فيحذر كما قيل (ع) در انتهاى كار خود از ابتدا ببين فَما أُوتِيتُمْ پس آنچهـ داده شده آيد مِنْ شَيْءٍ مما ترغبون ايها الناس وتتنافسون فيه من مال ومعاش وأولاد فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا اى فهو متاعها ومنفعتها تتمتعون وتنتفعون به مدة حياتكم القليلة فيزول ويفنى فما موصولة متضمنة لمعنى الشرط من حيث ان إيتاء ما أوتوا سبب للتمتع به فى الحياة الدنيا ولذا دخلت الفاء فى جوابها وقدر المبتدأ لان الجواب لا يكون الا جملة يعنى ان سببيته مقصود فيها الاعلام لتضمنها الترغيب فى الشكر بخلاف الثانية وهى قوله تعالى وما عند الله إلخ فان المقصود فيها بيان حال ان ما عند الله سبب للخيرية والدوام وقد يقال ان ما شرطية على انها مفعول ثان لأوتيتم بمعنى أعطيتم والاول وهو ضمير المخاطبين قائم مقام الفاعل ومن شىء بيان لها لما فيها من الإبهام وَما عِنْدَ اللَّهِ من ثواب الآخرة أشير اليه آنفا خَيْرٌ ذاتا لخلوص نفعه وهو خبر ما وَأَبْقى زمان حيث لا يزول ولا يفنى بخلاف ما فى أيدي الناس وفيه اشارة الى ان الراحات فى الدنيا لا تصفو ومن الشوائب لا تخلو وان اتفق لبعضهم منها فى الأحايين فانها سريعة الزوال وشيكة الارتحال وما عند الله من الثواب الموعود خير وأبقى من هذا القليل الموجود بل ما عند الله من الألطاف الخفية والمقامات العلية(8/325)
والمواهب السنية خير وأبقى مما فى الدنيا والآخرة لِلَّذِينَ آمَنُوا أخلصوا فى الايمان وهو متعلق بأبقى وفى الحواشي السعدية الظاهر ان اللام للبيان اى للبيان من له هذه النعمة وقد بينه ابو الليث فى تفسيره بقوله ثم بين لمن يكون ذلك الثواب فقال للذين آمنوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ لا على غيره تعالى اى خصوا ربهم بالتوكل عليه فيما يعرض لهم من الأمور لا يسندون امرا الا اليه ولا يعتمدون الا عليه وعن على رضى الله عنه انه تصدق ابو بكر رضى الله عنه بما له كله فلامه جمع من المسلمين فنزلت
مستغرق كار خود چنانم كه دكر ... پرواى ملامتكر بى كارم نيست
بين
ان ثواب الاخرة مع كونه خيرا مما فى الدنيا وأبقى يحصل لمن اتصف بصفات وجمع بينهما وهو الايمان والتوكل وما ذكر بعدهما فالمؤمن والكافر يستويان فى ان الدنيا متاع لهما يتمتعان بها كما قال فى البستان
أديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست
وإذا صار الى الآخرة كان ما عند الله خيرا للمؤمن فمن عرف فناء متاع الدنيا وتيقن ان ما عند الله خير وأبقى ترك الدنيا واختار العقبى وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (حكى) انه كان لهرون الرشيد ابن فى سن ست عشرة فزهد فى الدنيا وتجرد واختار العبادة فمر يوما على الرشيد وحوله وزراؤه فقالوا لقد فضح هذا الولد امير المؤمنين بين الملوك بهذه الهيئة الدنية فدعاه هرون الرشيد وقال يا بنى لقد فضحتنى بحالك هذه فلم يجبه الولد ثم التفت فرأى طائرا على حائط فقال ايها الطائر بحق خالقك الا جئت على يدى فقعد الطائر على يده ثم قال ارجع الى مكانك فرجع ثم دعاه الى يد امير المؤمنين فلم يأت فقال لابيه بل أنت فضحتنى بين الأولياء بحبك للدنيا وقد عزمت على مفارقتك ثم خرج من بلده ولم يأخذ الا خاتما ومصحفا ودخل البصرة وكان يعمل يوم السبت عمل الطين ولا يأخذ الا درهما ودانقا للقوت قال ابو عامر الواعظ البصري رحمه الله استأجرته يوما فعمل عمل عشرة وكان يأخذ كفا من الطين ويضعه على الحائط ويركب الحجارة بعضها على بعض فقلت هذه افعال الأولياء فانهم معانون ثم طلبته يوما فوجدته مريضا فى خربة فقال (يا صاحبى لا تغترر بتنعم
فالعمر ينفذ والنعيم يزول) ... وإذا حملت الى القبور جنازة
فاعلم بابك بعدها محمول) ثم وصانى بالغسل والتكفين فى جبته فقلت يا حبيبى ولم لا أكفنك فى الحديد فقال الحي أحوج الى الجديد من الميت يا أبا عامر الثياب تبلى والأعمال تبقى ثم قال ادفع هذا المصحف والخاتم الى الرشيد وقل له يقول لك ولدك الغريب لا تدومن على غفلتك قال ابو عامر فلما غسلته وكفنته بما اوصى ودفنته دفعت المصحف والخاتم الى الرشيد وحكيت ما جرى فبكى وقال فيم استعملت قرة عينى وقطعة كبدى قلت فى الطين والحجارة قال استعملته فى ذلك وله اتصال برسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما عرفته قال ثم أنت غسلته قلت نعم فقيل يدى وجعلها على صدره ثم زار قبره ثم رأيته فى المنام على سرير عظيم فى قبة عظيمة فسألته عن حاله فقال صرت الى رب راض أعطاني مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب(8/326)
وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)
بشرو آلى على نفسه الشريفة اى قال والله الذي خلقنى لا يخرج عبد من الدنيا كخروجى الا أكرمه مثل كرامتى قال بعضهم ما ظهر من افعالك وطاعتك لا يساوى اقل نعمة من نعيم الدنيا من سمع وبصر وكيف ترجو بها نجاة الآخرة فالنعيم كله بالفضل لا بالاستحقاق ودخل ابن السماك على بعض الخلفاء وفى يده كوز ماء وهو يشربه فقال عظنى فقال لو لم تعد هذه الشربة الا ببذل جميع أموالك والا بقيت عطشانا فهل كنت تعطيه قال نعم فقال لو لم تعط الا بملكك كله فهل كنت تتركه قال نعم فقال لا تفرح بملك لا يستوى بشربة ماء يعنى فشربة ماء عند العطش أعظم من ملك الأرض كلها بل كل نفس كذلك فلو أخذ لحظة ثم انقطع الهولء عنه مات ولو حبس فى بيت حمام حار او بئر عميق مات فعلى العبد التوغل فى العبادة شكرا لنعم الله تعالى ومن أفضل الطاعات التوكل وهو ترك التدبير والانخلاع عن الحول والقوة قال الجنيد قدس سره حقيقة التوكل ان يكون العبد مع الله بعد وجوده كما كان قبل وجوده وهو مقتضى الحال كما ان الكسب مقتضى العلم (روى) ان النوري قدس سره تعبد مع عالم فى مسجد وكان النوري يجمع ما نبذه الناس فى آخر النهار ويغسله ويأكل معه فسأله سائل فاعطاه فقال له رفيقه العالم قد قنعنا من الدنيا بما يطرحه الناس وأنت تنفقه ايها العابد لو كان معك علم فبعد ساعة جاء طعام من غنى فأكلا ثم قال النوري ايها العالم لو كان معك حال فانظر حال التوكل واليقين والاتكال على الملك المتعال من خصائص توحيد الافعال الحاصل بإصلاح الطبيعة فى مقام الشريعة پاك وصافى شو واز چاه طبيعت بدراى كه صفايى ندهد آب تراب آلوده وَالَّذِينَ إلخ فى موضع الجر عطفا على الذين آمنوا عطف الصفة على الصفة لان الذات واحدة والعطف انما هو بين الصفات يَجْتَنِبُونَ الاجتناب با يك سو شدن وترك كردن كَبائِرَ الْإِثْمِ الإثم الذنب كما فى القاموس وقال الراغب الإثم والأثام اسم للافعال المبطئة عن الثواب وقوله تعالى فيهما اثم كبيراى فى تناو لهما إبطاء عن الخيرات وتسمية الكذب اثما كتسمية الإنسان حيوانا لكونه من جملتهم والكبيرة ما أوجب الله عليه الحد فى الدنيا والعذاب فى الآخرة وفى المفردات الكبيرة متعارفة فى كل ذنب تعظم عقوبته والمعنى يجتنبون الكبائر من هذا الجنس فالاضافة بمعنى من ولكون المراد جنس الإثم لم يقل كبائر الآثام قال فى كشف الاسرار أضاف الكبائر الى الإثم فان اثم الصغيرة مغفور إذا اجتنب الكبيرة كما قال الله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيأتكم قرأ حمزة والكسائي وخلف كبير الإثم على التوحيد ارادة الجنس قال الراغب قوله والذين يجتنبون كبائر الإثم وقوله ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه قيل أريد بهما الشرك لقوله ان الشرك لظلم عظيم قال ابن عباس كبير الإثم هو الشرك قال الامام الرازي هو عندى ضعيف لان ذكر الايمان يغنى عنه يقول الفقير لا يغنى فانه بالايمان يحصل الاجتناب عن مطلق الشرك الشامل للجلى والخفي بل عن الجلى فقط وقد اطلق عليه السلام الشرك على الرياء حيث قال اتقوا الشرك الأصغر فالقول ما قال ترجمان القرآن رضى الله عنه وقرأ الباقون(8/327)
كبائر الإثم على ارادة جميع المعاصي الموبقة وهو الشرك بالله اى الكفر مطلقا وان لم يعبد الصنم وقتل النفس بغير حق سوآء قتل نفسه او غيره وقذف المحصنة اى شتم الحرة المكلفة المسلمة العفيفة التي أحصنها الله عن القبائح والزنى وهو وطئ فى قبل المرأة خال عن ملك وشبهة فوطئ البهيمة واللواطة ليس بزنى والسحر ويقتل الساحر ذكرا كان او أنثى إذا كان سعيه بالإفساد والإهلاك فى الأرض واما إذا كان سعيه بالكفر فيقتل الذكر وتضرب الأنثى وتحبس وأكل مال اليتيم الا بجهة الشرع كما قال الله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هى احسن واما ما اخذه قضاة الزمان حقا للقسمة فأصله مشروع إذا لم يعين له من بيت المال حق وكميته مشكلة وعقوق الوالدين المسلمين إذا كان مؤديا الى اضاعة الحقوق والا فلا صاعة المخلوق فى معصية الخالق واما إذا كانا كافرين قال الله تعالى فى حقهما وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك
به علم فلا تطعمها والإلحاد فى الحرم اى الذنب فيه ولو صغيرة فالكبيرة فيه كبيرتان وقيل الإلحاد فيه منع الناس عن عمارته ومن عمارته الحج فالأعراب الذين يقطعون طريق الحجاج فى هذه الزمان ان استحلوا ذلك كفروا والا أثموا انما كبيرا وأكل الربا اى الانتفاع بالربا سوآء كان أكلا او غيره وانما ذكر أكله لكونه معظم منافعه والسرقة ونصابها عند ابى حنيفة قدر عشرة دراهم عينا او قيمة وهذا نصاب السرقة فى حق القطع واما فى حق العيب فأخذ ما دون عشر يعد سرقة ايضا شرعا ويعد عيبا حتى يرد العبد به على بائعه وشرب الخمر وقطع الطريق خصوصا إذا كان مع أخذ المال فانه فوق السرقة وشهادة الزور واليمين الغموس وسوء الظن بالله وحب الدنيا ولعن الرجل والديه سوآء كان بوسط او بغيره ومعنى بوسط ان يسب أبا رجل وامه فيسب هو أباه وامه واذية الرسول عليه السلام فانها فوق عقوق الوالدين وسب الشيخين ابى بكر وعمر رضى الله عنهما قال القهستاني سب أحد من الصحابة ليس بكفر كما فى خزانة المفتين وغيرها لكن فى مجموع النوازل لو قال أحد من يسب الشيخين او يلعنهما رضى الله عنهما لم يقتص منه فانه كافر لان سبهما ينصرف الى سب النبي عليه السلام وسب الختنين ليس بكفر كما فى الخلاصة وهو مشكل لان سب اهل العلم على وجه الاهانة إذا كان كفرا فكيف لا يكون سب الختنين كفرا وسب العالم بالعلوم الدينية على وجه المزاح فانه يعزر والإصرار على الصغيرة فانه عليه السلام قال لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار وقد قال الامام علاء الدين التركستانى الحنفي رحمه الله فى منظومته عدد الكبائر سبعون فمنها الغناء بالكسر والمد وقد يقصر وهو رفع الصوت بالاشعار والأبيات على نحو مخصوص قال الامام الغزالي رحمه الله فى الاحياء واحتجوا على حرمة الغناء بما رواه ابو امامة رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال ما رفع أحد صوته بغناء الا بعث الله له شيطانين على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك قال بعضهم المراد به الغناء الذي يحرك من القلب ما هو مراد الشيطان من الشهوة ومحبه المخلوقين لا ما يحرك الشوق الى الله ويرغب فى الآخرة ومنها الظلم والغيبة والتجسس والتطفيف فى الكيل والوزن والكبر والعجب والحسد وترك الوفاء بالعهد والخيانة فى نسوة الجيران وترك الصلاة والصوم والزكاة والحج(8/328)
إذا كان له استطاعة وفى الطريق أمن ونسيان القرآن وكتم الشهادة وقطع الرحم والسعى بين اثنين بالفساد والحلف بغير الله والسجدة لمخلوق فانها كعبادة الصنم وترك الجمعة والجماعة وان يقول لمسلم يا كافر ومصادقة الأمير الجائر ونكاح الكف وفى الحديث ناكح الكف ملعون وهو من يعالج ذكره بيده حتى يدفق كما فى شرح المنار لابن الملك وقال الرهاوي لم أجده فى كتب الحديث وانما ذكره المشايخ فى كتب الفقه وفى حواشى البخاري والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الى قوله فاولئك هم العادون اى الظالمون المتجاوزون الحلال الى الحرام قال ابن جريج سألت عطاء عنه قال سمعت ان قوما يحشرون وأيديهم حبالى وأظنهم هؤلاء نعم يباح عند ابى حنيفة واحمد إذا خاف على نفسه الفتنة وأراد تسكين الشهوة وكذلك يباح الاستمناء بيد امرأته وجاريته عند الضرورة ومنها تعييب أحد من الناس والقصاص بغير عدل وترك العدل فى القسم وترك الشكر فى القسم واللواطة وإتيان المرأة فى الحيض والسرور بالغلاء والخلوة بالاجنبية وإتيان البهيمة وقد كان بعض الجهال من الزهاد يفعله تسكينا للشهوة ثم علم حرمته وتاب وفى نوادر ابى يوسف وطئ بهيمة نفسه تذبح وتحرق ان لم تكن مأكولة وان كانت مما يؤكل تذبح ولا تحرق وان كانت لغيره تدفع الى الفاعل على القيمة وتذبح وتحرق وقال بعضهم تؤكل وفى الأجناس من أصحابنا من قال تذبح وتحرق على وجه الاستحباب اما بهذا الفعل لا يحرم أكل الحيوان المأكول كذا فى خزانة الفتاوى ومنها تصديق الكاهن وهو الذي يخبر عن الكوائن فى مستقبل
الزمان ويدعى معرفة الاسرار ومطالعة علم الغيب واللعب بالنردشير وفى الحديث من لعب بالشطرنج والنرد شير فكأنما غمس يده فى دم الخنزير الشطرنج معرب صد رنك ورنك فى الفارسية الحيلة والنرد شير اللعب المعروف بالنرد قال صاحب الهداية يكره اللعب بالنرد والشطرنج والاربعة عشر وكل لهو لانه ان قامر بها فالميسر حرام بالنص وهو اسم لكل قمار وان لم يقامر فهو عبث ومنها النياحة واستباحتها واظهار الصلاح وإخفاء الفسق وتعييب الطعام واستماع الملاهي وفى الحديث استماع صوت الملاهي معصية والجلوس عليها فسق والتلذذ بها كفر وهو على وجه التهديد ولو امسك شيا من المعازف كالطنبور والمزمار ونحوهما يأثم وان كان لا يستعملهما لان امساكهما يكون للهو عادة ومنها الرقص بالرباب ونحوه ودخول بيت الغير بغير اذنه والنظر فيه والنظر الى الوجه المليح عن شهوة قان الصبيح فى حكم النساء بل أشد ولذا قيل ان مع كل امرأة شيطاتين ومع كل غلام ثمانية عشر شيطانا وكان محمد بن الحسن صبيحا وكان ابو حنيفة رحمه الله يجلسه فى درسه خلف ظهره او خلف سنرية المسجد حتى لا يقع عليه بصره مخافة من خيانة العين مع كمال تقواه وفى بستان الفقيه ويكره مجالسة الأحداث والصبيان والسفهاء لانه يذهب بالمهابة ورؤى واحد فى المنام بعد موته وقد اسود وجهه فسئل عن ذلك فقال نظرت الى غلام فاحترق وجهى فى النار ومنها ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والسخرية وأخذ الصلة والعطاء من اهل الجور وقال قوم ان صلات السلاطين تحل للغنى والفقير إذا لم يتحقق انها حرام وانما التبعة على المعطى قال الامام الغزالي رحمه الله إذا كان ظاهر الإنسان(8/329)
الصلاح والستر فلا حرج عليك فى قبول صلاته وصدقته ولا يلزمك البحث بان تقول فسد الزمان فان هذا سوء ظن بذلك الرجل المسلم وَالْفَواحِشَ واز كارها زشت جمع فاحشة وهى القبيحة او المفرطة فى القبح قال فى القاموس الفاحشة الزنى وما يشتد قبحه من الذنوب فيكون عطف الفواحش على الكبائر من عطف البعض على الكل إيذانا بكمال شناعته وقيل هما واحد والعطف لتغاير الوصفين كانه قيل يجتنبون المعاصي وهى عظيمة عند الله فى الوزن وقبيحة فى العقل والشرع وفى التأويلات النجمية كبائر الإثم حب الدنيا ومتابعة الهوى فانها رأس كل خطيئة ومنشأها والفواحش هى الاشتغال بطلب الدنيا وصرفها فى اتباع الهوى وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ إذا ظرفية عمل فيها يغفرون والجملة الاسمية هى المعطوفة على الصلة وهى يجتنبون عطف اسمية على فعلية والتقدير والذين يجتنبون وهم يغفرون لا انها شرطية والاسمية جوابها لخلوها عن الفاء وما زائدة مع إذا فانها وان كانت تزاد مع إذا التي للشرط لكن فى إذا الزمانية معنى الشرط وهو ترتب مضمون جملة على اخرى فتضمنت معنى حرف الشرط فلذلك اختير بعدها الفعل لمناسبة الفعل الشرط وإذا الزمانية للمستقبل وان كانت داخلة على المضي كما عرف فى النحو والغضب ثوران دم القلب ارادة الانتقام ولذلك قال عليه السلام اتقوا الغضب فانه جمرة توقد فى قلب ابن آدم ألم تروا الى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه وقوله هم مبتدأ ويغفرون خبر والمغفرة هنا بمعنى العفو والتجاوز والحلم وكظم الغيظ والمعنى وهم يعفون ويتجاورون ويحلمون ويكظمون الغيظ وقت غضبهم على أحد ويتجرعون كاسات الغضب النفسانية بأفواه القلوب الروحانية الربانية ويسكنون صورة الصفة الشيطانية وبالفارسية ووقتى كه خشم كيرند بر مردمان نيست رنجى وزيانى ومكروهى كه بديشان رسانند ايشان در ميكذرانند انرا وعفو ميكنند وفيه دلالة على انهم الاخصاء بالمغفرة حال الغضب لعزة منالها لا يريل الغضب اخلاقهم كسائر الناس وذلك لان تقديم الفاعل المعنوي او التقديم مطلقا يفيد الاختصاص ثم يجور فى النظم ان يكون هم تأكيدا للفاعل فى قوله غضبوا وعلى هذا فيغفرون جواب الشرط كذا فى الحواشي السعدية قال بعض الكبار فى قوله للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون اشارة الى مقام الرضى وتوحيد الافعال والصفات فتوحيد الافعال بإصلاح الطبيعة وتوحيد الصفات بإصلاح النفس بالاجتناب عن كبائر الإثم وفواحش الشرك والسيئات والاحتراز
عن الغضب وسائر رذائل الصفات قيل لبعض الأنبياء إذا خرجت من بيتك غدا فكل من استقبلك اولا واستر الثاني وأعرض عن الثالث فلما كان الغد استقبله جبل عظيم فقصد الى أكله امتثالا للامر فصار تفاحة فأكلها فوجدها ألذ الأشياء ثم وجد طشتا من ذهب فكلما ستره خرج ثم رأى مزابل فأعرض عنها فقيل اما الجبل فالشدة والغضب فعند ظهورها ترى كالجبل فبالصبر وقصد الهضم تصير حلوا
تحمل نمايد چورهرت نخست ... ولى شهد كردد چودر طبع رست
واما الطشت فالحسنات وحسن الحال فكلما قصد صاحبها الى سترها انكشفت
اگر مسك خالص ندارى مكوى ... وكر هست خود فاش كردد ببوى(8/330)
وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38)
واما المزابل فالدنيا
جاى روح پاك عليين بود ... كرم باشد كش وطن سركين بود
وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ نزلت فى الأنصار دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الايمان فاستجابوا له اى لرسول الله من صميم القلب كما هو المفهوم من اطلاق الاستجابة وفيه اشارة الى ان الاستجابة للرسول استجابة للمرسل فهو من عطف الخاص على العام لمزيد التشريف وذلك لان الاستجابة داخلة فى الايمان فما وجه العطف مع عدم التغاير بين الوصفين ولا يلزم فيه ان تكون الآية مدنية فان كثيرا منهم اسلموا بمكة قبل الهجرة وفى الآية اشارة الى استجابة خطاب ارجعي الى ربك فانها استجابة مخصوصة بالنفس حاصلة لها بالسلوك وَأَقامُوا الصَّلاةَ من أوصاف الأنصار ايضا والمراد الصلوات الخمس فانهم يجدون أوقاتها وان كان تفاوت قليل فى ساعات الليل والنهار فى الحرمين الشريفين على ما جربناه قال العلماء من الناس من لم يجد وقت المغرب والعشاء لانه يطلع الفجر حين تغرب الشمس فيسقط عنهم ما لا يجدون وقته وهذا كما ان رجلا إذا قطع يداه مع المرفقين او رجلاه مع الكعبين ففرائض وضوئه ثلاث لفوات محل الرابعة وانما ذكر اقامة الصلاة ولم يذكر غيرها من العبادات كايتاء الزكاة والصوم مثلا لانه ما بين العبد والايمان الا اقامة الصلاة كما انه ما بينه وبين الكفر الا ترك الصلاة فاذا اقام الصلاة فقد آمن واقام الدين كما إذا تركها فقد كفر وهدم الدين وفى الحديث أول ما يحاسب العبد يوم القيامة بصلاته فان صلحت أفلح وأنجح وان فسدت فقد خاب وخسر وقال عليه السلام أول ما يحاسب الرجل على صلاته فان كملت والا أكملت بالنافلة ثم يأخذ الأعمال على قدر ذلك وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ مصدر كالفتيا بمعنى التشاور وأصله من الشور وهو الإخراج تسمى به لان كل واحد من المتشاورين فى الأمر يستخرج من صاحبه ما عنده والمعنى وأمرهم ذو شورى لا ينفردون برأى حتى يتشاوروا ويجتمعوا عليه وبالفارسية كار ايشان با مشورتست ميان ايشان قال سعدى المفتى فان قلت لا حاجة الى إضمار المضاف لظهور صحته وشأنهم تشاور قلت المصدر المضاف من صيغ العموم فيكون المعنى جميع أمورهم تشاور ولا صحة له الا ان يقصد المبالغة فى كثرة ملا بستهم به وعلى هذا فيجوز أن يكون قوله ذو شورى لبيان حاصل المعنى انتهى وكانوا قبل الهجرة وبعدها إذا حزبهم امر اجتمعوا وتشاوروا وذلك من فرط تدبرهم وتفقههم فى الأمور
مشورت بهر آن صواب آمد ... در همه كار مشورت بايد
وفى عين المعاني وأمرهم شورى بينهم حين سمعوا بظهوره عليه السلام فاجتمع رأيهم فى دار ابى أيوب على الايمان به والنصر له وقيل لها العموم اى لا يستبدون برأيهم فيما لا وحي فيه من امر الدين بل يشاورون الفقهاء وقيل فى كل ما يعرض من الأمور انتهى قال على رضى الله عنه نعم الموازنة المشاورة وبئس الاستعداد الاستبداد قال حكيم اجعل سرك الى واحد ومشورتك الى ألف وقيل ان من بدأ بالاستخارة وثنى بالاستشارة لحقيق ان لا يضل رأيه قال الإسكندر لا يستحقر الرأى الجزيل من الرجل الحقير فان الدرة لا يستهان بها لهوان غائصها يقال اعقل(8/331)
الرجال لا يستغنى عن مشاورة اولى الألباب وأفره الدواب لا يستغنى عن السوط وأورع النساء لا يستغنى عن الزوج وفى الآية اشارة الى التمسك بذيل ارادة المشايخ فى السلوك الى لحضرة ليتسلكوا بمشاورتهم وإرشادهم لا باسترسال النفس والهوى وتلقين الشيطان كما قال الجنيد قدس سره من لم يكن له أستاذ فاستاذه الشيطان وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ من الأموال يُنْفِقُونَ اى فى سبيل الخير ولا التفات الى انفاق الكافر فانه لم يستجب لربه بالايمان والطاعة فخيره محبط بكفره ولعل فصله عن قرينه بذكر المشاورة لوقوعها عند اجتماعهم للصلوات كما فى الإرشاد وقال سعدى المفتى ثم ان إدخال هذه الجملة فى مرهم العين لعله لمزيد الاهتمام بشأن التشاور للمبادرة الى التنبيه على ان استجابتهم للايمان كانت عن بصيرة ورأى سديد انتهى وفى الآية دلالة على فضيلة الانفاق والتوكل على الغنى الخلاق (حكى) ان بعض الشيوخ اخذه الناس ليشهدوا عند سلطان المغرب بفسقه وبكونه واجب القتل فمر الشيخ فى الطريق بخباز فاستقرض منه نصف خبز فتصدق به فلما حضروا فى الديوان شهد واله بالخير ولم يقدر وأعلى خلافه وذلك
ببركة الصدقة كما قال عليه السلام اتقوا النار ولو بشق تمرة فاذا كان نصف تمرة وقاية من النار الكبرى فكيف لا يكون نصف خبز وقاية من النار الصغرى رسول الله فرموده است كه صدقه نهانى خشم حق را بنشاند ودر موقف قيامت صدقه را سايه است كه از حرارت آفتاب آن روز نكاه دارد ودو سايه صدقه خود آسوده باشد تا حكم خلق بآخر رسد (قال الصائب)
زمان خويش بإحسان تمتعى بردار ... مشو چوكنج بنامى چواژدها قانع
سئل الشبلي قدس سره عن الزكاة فقال اما عليك ففى عشرين درهما خمسة دراهم واما على ففى عشرين درهما عشرون درهما يعنى ان مذهب الصوفية بذل الكل والتوجه من الأسباب الى المسبب فقال هذا مذهب من فقال مذهب ابى بكر الصديق رضى الله عنه وذلك ان الصديق رضى الله عنه أنفق جميع ماله للتجرد والخلاص من الشح ولم يبق له شىء يتستر به فارسلت اليه فاطمة رضى الله عنها خرقة فتستر بها وعزم الى مجلس النبي عليه السلام فنزل جبرائيل عليه السلام على زى ابى بكر فسأله النبي فقال ان ملائكة السماء كلهم على هذا الزي اتباعا لابى بكر ثم قال ان الله تعالى يسلم عليك ويقول قل لابى بكر رضى الله عنه هل رضى منى فقد رضيت عنه وعلم منه ان ترك الدنيا وسيلة الى رضى الله تعالى كما ان ترك ما سوى الله موصل الى الله ثم ان الانفاق لا ينحصر فى المال بل يتناول كل برو معروف كما قال عليه السلام كل معروف صدقة والمراد ما عرف فيه رضى الله تعالى من الأموال والأقوال الافعال وانفاق الواصلين الى التوحيد والمعرفة أشرف وأفضل لان نفع الأموال للاجساد ونفع المعارف للقلب والأرواح در كشف الاسرار فرموده كه ابو بكر شبلى بيش از انكه قدم در كوى طريقت نهاد پيش از ايشان ببغداد ميرسيد عادت داشت كه دزديده بمجلس جنيد رفتى روزى بر زبان جنيد برفت كه اگر همه بت پرستان وناكسان عالم را بفردوس أعلى فرود آرد هنوز حق سبحانه وتعالى كرم خود را نكزارده باشد شبلى از جاى برجست(8/332)
نعره زنان وجامه در آن كفت منم از ناكسان چهـ كويى مرا پذيرد درين حال جنيد كفت اى جوان بمراسلت موسى وهرون چندين سال فرعون مدبر را ميخواندند تا بپذيرد اگر سوخته موحد كه به پاى خود آيد او را چون نپذيرد شبلى در كار آمد وهر چهـ داشت از ضياع وأثواب واموال جمله در باخت ومجرد ماند انكه كفت اى شيخ مرا چهـ بايد كرد كفت در بازار بايد شد ودر يوزه بايد كرد همچنان كرد تا چنان كشت كه كس بوى خبرى ندارد پس جنيد تازيانه بوى داد وكفت درين سردابه شو درد را باندوه وخشم باب حسرت سپار وهركاه كه خبر حق بر خاطر كذر كند باين تازيانه اندامهاى خويش در هم شكن شبلى سه سال در ان سردابه آب حسرت از ديدكان همى ريخت وبروزكار كذشته دريغ وتحسر همى خورد بعد از سه سال سكرى در وى پديد آمد همچومستان واله وسر كردان از ان سردابه برون آمد كاردى بدست كرفت ودر بغداد همى كشت وميكفت بجلال قدر حق كه هر كه نام دوست برد باين كارد سرش از تن جدا كنم آن خبر بجنيد رسيد جنيد كفت او را شربتى داده اند مست كشته از مستى وبيخودى ميكويد آنچهـ ميكويد چون با خود آيد ساكن شود يكسال در ان مقامش بداشتند چون از ان مقام دركذشت دامن خويش پر از شكر كرده بكرد محلها ميكشت وميكفت هر كه بگويد الله دهانش پر از شكر كنم پس عشق وى روى در خرابى نهاد پيوسته در همه اوقات همى كفت الله تا روزى كه جنيد كفت يا أبا بكر اگر دوست غايبست اين غيب كردن چراست واگر حاضر است اين كستاخى وترك ادب از كجاست سخن جنيد او را ساكن كرد پس جنيد بفرمود تا او را بحمام بردند وموى چند ساله از سر وى فرو كردند آنكه دست وى كرفت وبمسجد شو نيزيه برد هشتاد كس از جوانمردان طريقت وسلاطين حقيقت حاضر بودند چون ابو الحسين نورى وابو على رودبارى وسمنون المحب ورويم بغدادى وجعفر خلدى وأمثال ايشان جنيد كفت اى مشايخ واصحاب هر چهـ پير سرى سقطى
از رياضت ومجاهده از ما بديد ما ازين كودك بديديم اگر اجازت فرماييد با لباس بگرداند باشد كه بركات اين لباس او را بر استقامت دين بدارد واگر حق اين لباس فرو نهد لباس خود از وى داد خود بستاند جنيد بر پاى خاست ومرقع از سر خود بركشيد ودر كردن شبلى افكند يقول الفقير فى هذه الحكاية إشارات منها ان الشبلي قدس سره خرج من جميع ماله فصار نظير الصديق رضى الله عنه من هذه الامة
صائب حريف سيلىء باد خزان نه ... پيش از خزان خود بفشان برك وبار را
ومنها ان الجنيد قدس سره أنفق على الشبلي من معارفه وأنعم عليه حال إرشاده من عوارفه لان الغنى مأمور بانفاق بعض ماله عند وجد ان مصارفه (قال الحافظ)
اى صاحب كرامت شكرانه سلامت ... روزى تفقدى كن درويش بى نوا را
ومنها ان المريد لا يصلح لخرقة المشايخ الا بعد الاستعداد لها بمدة وان الخرقة من شأن اهل التجرد (قال الجامى)(8/333)
وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)
وصلش مجوى در اطلس شاهى كه دوخت عشق ... اين جامه بر تنى كه نهان زير ژنده بود
ومنها ان ابتداء الأمر من الله وانتهاءه ايضا الى الله الا الى الله تصير الأمور والله خير وأبقى چند پويد بهواي تو بهر سو حافظ يسر الله طريقا بك يا ملتمسى وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ معطوف على ما قبله من الموصول والاصابة بالفارسية پرسيدن والبغي الظلم والتجاوز عن الحد والقصر المفهوم من تقديم هم إضافي والانتصار طلب النصرة وفى تاج المصادر داد ستدن والمعنى إذا وصل إليهم الظالم والتعدي من ظالم متعد ينتقمون ويقتصون ممن بغى عليهم على الوجه الذي جعله الله ورخصه لهم لا يتجاوزون ذلك الحد المعين وهو رعاية المماثلة واما غيرهم فليسوا كذلك فهذا هو معنى التخصيص هنا وبه ايضا تندفع المخالفة بين وصفين كل منهما على طريق القصر وهذا وصف لهم بالشجاعة بعد وصفهم بسائر أمهات الفضائل من الدين والتيقظ والحلم والسخاء وذلك لان البغي انما يصيبهم من اهل الشوكة والغلبة وإذا انتقموا منهم على الحد المشروع كراهة التذلل باجتراء الفساق عليهم وردعا للجانى عن الجراءة على الضعفاء فقد ثبت شجاعتهم وصلابتهم فى دين الله وكان النخعي رحمه الله إذا قرأ هذه الآية يقول كانوا يكرهون ان ينالوا أنفسهم فتجترىء عليهم السفهاء قال الشاعر
ولا يقيم على ضيم يراد به ... الا الأذلان غير الحي والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته ... وذا يشج فلا يرثى له أحد
اى لا يصبر على ظلم يراد فى حقه الا الأذلان اللذان هما فى غاية الذل وهما الحمار المربوط على الذل بقطعة حبل بالية والوتد الذي يدق ويشق رأسه فلا يرحم له أحد ولفظ البيت خبر والمعنى نهى عن الصبر على الظلم وتحذير وتنفير للسامعين عنه فان قلت لما كان عطف الذين استجابوا من عطف الخاص تضمن وصف المعطوف عليه وصف المعطوف قلت هذا الانتصار لا ينافى وصفهم بالغفران فان كلا منهما فضيلة محمودة فى موقع نفسه ورزيلة مذمومة فى موقع صاحبه فان الحلم عن العاجز وعورات المكرام محمود وعن المتغلب وهفوات اللئام مذموم فانه إغراء على البغي وعليه قول من قال
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وان أنت أكرمت اللئيم تمردا
فوضع الندا فى موضع السيف بالعلى ... مضر كوضع السيف فى موضع الندا
فالعفو على قسمين أحدهما ان يصير العفو سببا لتسكين الفتنة ورجوع الجاني عن بغايته فايات العفو محمولة على هذا القسم فزال التناقض فمن أخذ حقه من ظالم غير عاد لامر الله فهو مطيع وقال ابن زيد وبعض المالكية جعل الله المؤمنين صنفين صنفا يعفون عن ظالميهم فبدأ بذكرهم فى قوله وإذا ما غضبوا هم يغفرون وصنفا ينتصرون من ظالميهم وقال بعضهم الاول وصف الخواص وهذا وصف العوام (وقال الكاشفى) چون برسد ايشانرا ستمى از كافران ايشان از دشمنان خود انصاف بستانند بشمشير يعنى از ايشان انتقام كشند زيرا كه انتقام از كفار فرض است وجهاد كردن با ايشان لازم واشارت الآية الى(8/334)
وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)
ان الظالم مغلوب قال على كرم الله وجهه لا ظفر مع البغي
هر كه از راه بغى خيرى جست ... ظفر از راه او عنان برتافت
ور ظفر يافت منفعت نكرفت ... پس چنانست آن ظفر كه بتافت
وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ و پاداش كرداريد سَيِّئَةٌ مِثْلُها كرداريست مانند آن رهو بيان لوجه كون الانتصار من الخصال الحميدة مع كونه فى نفسه إسائة الى الغير بالاشارة الى ان البادي هو الذي فعله لنفسه فان الافعال مستتبعة لأجزيتها حتما ان خيرا فخير وان شرا فشر وفيه تنبيه على حرمة التعدي واطلاق السيئة على الثانية مع انها جزاء مشروع مأذون فيه وكل مأذون حسن لا سيىء لانها تسوء من نزلت به او للازدواج يعنى المشاكلة كما فى قوله تعالى فان عاقبتم وعلى هذا فالسيئة مقابل الحسنة بخلافها فى الوجه الاول والمعنى انه يجب إذا قوبلت الاساءة ان تقابل بمثلها من غير زيادة قال الحسن إذا قال لعنك الله او أخزاك الله فلك ان تقول أخزاك الله او لعنك الله وإذا شتمك فلك ان تشتمه بما شتم ما لم يكن فيه حد كلفظ الزنى او كلمة لا تصلح فلا تجرى المقابلة فى الكذب والبهتان قال فى التنوير قال لآخر يا زانى فقال له الآخر لا بل أنت الزاني حدا بخلاف ما لو قال له مثلا يا خبيث فقال أنت تكافئا ولو لم يجب بل رفع الأمر الى القاضي ليؤدبه جاز وعن بعض الفقهاء فى هذه الآية وقد قيل انه الشافعي رحمه الله ان للانسان ان يأخذ من مال من خانه مثل ما خانه من غير علمه واستشهد فى ذلك بقول النبي عليه السلام لهند زوجة ابى سفيان خذى من ماله ما يكفيك وولدك فأجاز لها أخذ ذلك بغير اذنه كذا ذكره القرطبي فى تفسيره فَمَنْ عَفا عن المسيء اليه جنايته اى ترك القصاص (وقال الكاشفى) پس هر كه عفو كند از ستمكار خود كه مسلمان باشد وترك انتقام نمايد از وى وَأَصْلَحَ بينه وبين من يعاديه بالعفو والإغضاء قال فى الحواشي السعدية الفاء للتفريع اى إذا كان الواجب فى الجزاء رعاية المماثلة من غير زيادة وهى عسرة جدا فالاولى العفو والإصلاح إذا كان قابلا للاصلاح بأن لم يصر على البغي وفى الحديث ما زاد الله عبد العفو إلا عزا فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ عدة مبهمة منبئة عن عظمة شأن الموعود وخروجه عن الحد المعهود إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ البادئين بالسيئة والمتعدين فى الانتقام وهو استئناف تعليلى متعلق بقوله وجزاء إلخ وقوله قمن عفا إلخ اعتراض يعنى انما شرعت المجازاة وشرطت المساواة لانه لا يحب الظالمين وذكر ان أبا بكر الصديق رضى الله عنه كان عند النبي صل الله عليه وسلم ورجل من المنافقين يسبه وابو بكر لم يجبه ورسول الله ساكت يتبسم فأجابه ابو بكر فقام النبي عليه السلام وذهب فقال ابو بكر يا رسول الله مادام يسبنى كنت جالسا فلما أجبته قمت فقال النبي عليه السلام ان ملكا كان يجيبه عنك فلما أجبته ذهب المك وجاء الشيطان وانا لا أكون فى مجلس يكون هناك الشيطان فنزل فمن عفا وأصلح فاجره على الله وفى الحديث إذا كان يوم القيامة نادى مناد اين العافون عن الناس هلموا الى ربكم وخذوا أجوركم وحق لكل مسلم إذا عفا ان يد خله الجنة
عفو از كناه سيرت اهل فتوتست ... بي حلم وعفو كار فتوت تمام نيست(8/335)
وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45)
وعنه عليه السلام إذا جمع الله الخلائق يوم القيمة نادى مناد أين أهل الفضل فيقوم ناس وهم قليلون فينطلقون سراعا الى الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون انا نراكم سراعا الى الجنة فمن أنتم فيقولون نحن اهل الفضل فيقولون وما كان فضلكم فيقولون كنا إذا ظلمنا صبرنا وإذا أسيئ إلينا اغتفرنا وإذا جهل علينا حلمنا فيقولون لهم ادخلوا الجنة فنعم اجر العاملين وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ارباب القلوب الذين أصابهم الظلم من قبل أنفسهم هم ينتصرون من الظالم وهو نفسهم بكج عنانها عن الركض فى ميدان المخالفة وجزاء سيئة صدرت من النفس من قبل الحرص او الشهوة او الغضب او البخل او الجبن او الحسد او الكبر او الغل سيئة تصدر من القلب مثل ما يصادف علاجها اى يضد تلك الأوصاف فان العلاج بأضدادها ولا يجاوز عن حد المعالجة فى رياضة النفس وجهادها فان لنفسك عليك حقا فمن عفا عن المبالغة فى رياضة النفس وجهادها بعد ان أصلح النفس بعلاج أضداد أو صافها فاجره على الله بان يتصف بصفاته فان من صفاته العفو وهو عفو يحب العفو فيكون العبد عفوا محبو بالله تعالى انه لا يحب الظالمين الذين يضعون شدة الرياضة مع النفس موضع العفو وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ اللام لام الابتداء ومن شرطية لدخول الفاء فى جوابها وهو فاولئك او موصولة ودخلت الفاء لشبه الموصول بالشرط وقوله بعد ظلمه من اضافة المصدر الى المفعول اى بعد ما ظلم وقرىء به وتذكير الضميرين باعتبار لفظ من والمعنى ولمن انتقم واقتص بعد ظلم الظالم إياه يعنى فى الحقوق المالية والجزاء فيما إذا ظفر بالجنس عندنا وعند الشافعي بغير الجنس ايضا فَأُولئِكَ المنتصرون فهو اشارة الى من والجمع باعتبار المعنى ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ بالمعاتبة او المعاقبة لانهم فعلوا ما أبيح لهم من الانتصار يا ايشانرا كناهى نيست والسبيل الطريق الذي فيه سهولة والآية دفع لما تضمنه السياق من اشعار سد باب الانتصار إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ اى يبتدئو انهم بالإضرار او يعتدون فى الانتقام وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ
اى يتكبرون فيها تجبرا وإفسادا أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الظلم والبغي بغير الحق لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بسبب ظلمهم وبغيهم وَلَمَنْ صَبَرَ على الأذى واللام للابتدآء ومن موصولة مبتدأ وَغَفَرَ لمن ظلمه ولم ينتصر وفوض امره الى الله تعالى وعن على رضى الله عنه الجزع اتعب من الصبر
در حوادث بصبر كوش كه صبر ... برضاى خداى مقرونست
إِنَّ ذلِكَ منه لانه لا بد من العائد الى المبتدأ فحذف ثقة بغاية ظهوره كما فى قوله السمن منوان بدرهم وفى حواشى سعدى المفتى قد يقال لا حاجة الى تقدير الراجع لان ذلك اشارة الى صبره لا الى مطلق الصبر فهو متضمن للضمير فان قلت ان دلالة الفعل انما هى على الزمان ومطلق الحدث كما قرر فالظاهر رجوع الضمير اليه قلت نعم ولكن اسناده الى ضمير من يفيده لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ اى من معزومات الأمور اى مما يحب العزم عليه من الأمور بايجاب العبد على نفسه لكونه من الأمور المحمودة عند الله تعالى والعزم عقد القلب على إمضاء الأمر والعزيمة الرأى الجد كما فى المفردات وبالفارسية از مهم ترين كارها است واين(8/336)
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44)
فى الحقيقة از كار مردانست كه همه كس را قوت اين نباشد كه جفا كشد ووفا كند (قال الحافظ) جفا خوريم وملامت كشيم وخوش باشيم كه در طريقت ما كافريست رنجيدن قال فى برهان القرآن قوله تعالى ان ذلك لمن عزم الأمور وفى لقمان من عزم الأمور لان الصبر على الوجهين صبر على مكروه ينال الإنسان ظلما فمن قتل بعض أعزته وصبر على المكروه ليس كمن مات بعض أعزته فالصبر على الاول أشد والعزم عليه او كد وكان ما فى هذه السورة من الجنس الاول لقوله ولمن صبرو غفر فأكد الخبر باللام والآية فى المواد التي لا يؤدى العفو فيها الى الشر كما أشير اليه فان العفو مندوب اليه ثم قد ينعكس الأمر فى بعض الأحوال فيرجع ترك العفو مندوبا اليه وذلك إذا احتيج الى كف زيادة البغي وقطع مادة الأذى (يحكى) ان رجلا سب رجلا فى مجلس الحسن رحمه الله فكان المسبوب يكظم ويعرق فيمسح العرق ثم قام فتلا هذه الاية فقال الحسن عقلها والله وفهمها إذ ضيعها الجاهلون قال ابو سعيد القرشي رحمه الله الصبر على المكاره من علامات الانتباه فمن صبر على مكروه يصيبه ولم يجزع أورثه الله تعالى حالة الرضى وهو أجل الأحوال ومن جزع من المصائب وشكاها وكله الله الى نفسه ثم لم ينفعه شكواه وقال بعضهم من صبر فى البلوى من غير شكوى وعفا بالتجاوز عن الخصم فلا يبقى لنفسه عليه دعوى بل يبرأ خصمه من جهة ما عليه من كل دعوى فى الدنيا والعقبى ان ذلك لمن عزم الأمور وروى ان ازواج النبي عليه السلام اجتمعن فارسلن فاطمة رضى الله عنها اليه يطلبن منه ان يحبهن كعائشة فدخلت عليه وهو مع عائشة فى مرطها وهو بالكسر كساء من صوف او خز فقالت ما قلن رضى الله عنهن فقال عليه السلام لفاطمة أتحبينني فقال نعم قال فاحبيها اى عائشة فرجعت إليهن فاخبرتهن بما قال لها اى لفاطمة فقلن لم تصنعى شيأ فاردن ان يرسلنها ثانيا فلم ترض فارسلن زينب بنت جحش رضى الله عنها وكانت ازهد أزواجه حتى قالت عائشة فى حقها لم ارقط امرأة خيرا فى الدين من زينب وكانت لها منزلة عنده عليه السلام تضاهى منزلة عائشة فقالت ان نساءك يسألنك العدل فى بنت ابن ابى قحافة يعنى يسألنك التسوية بينهن وبين عائشة فى المحبة ثم أقبلت على عائشة فشتمتها فلما استطالت عليها استقبلتها عائشة وعارضتها بالمدافعة حتى قهرتها وأسكتتها وفى الكشاف ان زينب أسمعت بحضرته وكان ينهاها فلا تنتهى فقال لعائشة دونك فانتصرى اى تقديم واقربى فانتقمى من زينب فأفحمتها فقال عليه السلام انها ابنة ابى بكر اشارة الى كمال فهمها وحسن منطقها قال ابن الملك وفى الحديث دلالة على جواز الانتقام بالحق لكن العفو أفضل لقوله تعالى فمن عفا وأصلح فأجره على الله (قال الصائب) در جنك ميكند لب خاموش كار تيغ دادن جواب مردم نادان چهـ لازمست وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ يخلق فيه الضلالة من الهوى او بتركه على ما كان عليه من ظلم الناس فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ من ناصر يتولاه من بعد خذلانه تعالى إياه وبالفارسية وهر كرا كمراه سازد خداى تعالى پس نيست مر او را هيچ دوستى كه كار سازى كند پس از فرو كذشتن خداى تعالى مر او را وَتَرَى الظَّالِمِينَ الخطاب لكل من يتأتى منه الرؤية البصرية والظالمون المشركون والعاصون لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ اى حين يرونه وصيغة الماضي للدلالة على التحقق يَقُولُونَ(8/337)
وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45)
إلخ فى موضع الحال من الظالمين لان الرؤية بصرية هَلْ آيا هست إِلى مَرَدٍّ بمعنى الرد أي الرجعة الى الدنيا مِنْ سَبِيلٍ هيچ راهى يا جاده تا برويم وتدارك ما فات كنيم از ايمان وعمل صالح وقد سبق بيانه فى قوله فى حم المؤمن فهل الى خروج من سبيل وَتَراهُمْ تبصرهم ايها الرائي حال كونهم يُعْرَضُونَ عَلَيْها اى على النار المدلول عليها بالعذاب وقد سبق معنى العرض فى حم المؤمن عند قوله النار يعرضون عليها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ من للتعليل متعلق بخاشعين اى حال كونهم خاضعين حقيرين بسبب ما لحقهم من الذل والهوان وقد يعلق من الذل بينظرون ويوقف على خاشعين يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ الطرف مصدر فى الأصل ولهذا لم يجمع وهو تحريك الجفن وعبر به عن النظر إذ كان تحريك الجفن يلازم النظر كما فى المفردات والمعنى حال كونهم يبتدىء نظرهم الى النار من تحريك لاجفانهم ضعيف يعنى يسارقون النظر الى النار خوفا منها وذلة فى أنفسهم كما ينظرون الى المقتول الى السيف فلا يقدر ان يملأ عينيه منه وهكذا نظر الناظر الى المكاره لا يقدر ان يفتح أجفانه عليها ويملأ عينيه منها كما يفعل فى نظره الى المحاب وقال الكلبي ينظرون بأبصار قلوبهم ولا ينظرون بأبصار ظواهر هم لانهم يسحبون على وجوههم او لانهم يحشرون عميا فينظرون كنظر الأعمى إذا خاف حساء يقول الفقير لا حاجة الى حمل الآية على ما ذكر من الوجهين لان لهم يوم القيامة أحوالا شتى بحسب المواطن فكل من النظر والسحب والحشر أعمى ثابت صحيح وفى الآية اشارة الى ان النفوس التي لم تقبل الصلاح بالعلاج فى الدنيا تتمنى الرجوع الى الدنيا يوم القيامة لتقبل الصلاح بعلاج الرياضات الشرعية والمجاهدات الطريقية وتخشع إذ لم تخشع فى الدنيا من القهار فلا تنفعها ندامة ولا نسمع منها دعوة ولها نظر من طرف خفى من خجالة المؤمنين إذ يعيرونها بما ذكروها فلم تسمع وهى نفوس الظالمين (كما قال السعدي)
ترا خود بماند سر از تنك پيش ... كه كردت برآيد عملهاى خويش
برادر ز كار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار
وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا وجاهدوا فى الله تعالى حق جهاده وربحوا على ربهم إِنَّ الْخاسِرِينَ اى المتصفين بحقيقة الخسران وهو انتقاص رأس المال وينسب الى الإنسان فيقال خسر فلان والى الفعل فيقال خسرت تجارته ويستعمل ذلك فى القنيات الخارجة كالمال والجاه فى الدنيا وهو الأكثر وفى القنيات النفيسة كالصحة والسلامة والعقل والايمان والثواب وهو الذي جعله الله الخسران المبين وكل خسران ذكره الله فى القرآن فهو على هذا المعنى الا خير دون الخسران المتعلق بالقنيات الدنيوية والتجارات البشرية وخبران قوله تعالى الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ آنانند كه زيان كردند بنفسهاى خويش وكسان خود بالتعريض للعذاب الخالد يَوْمَ الْقِيامَةِ اما ظرف لخسروا والقول فى الدنيا او لقال اى يقولون لهم حين يرونهم على تلك الحالة وصيغة الماضي للدلالة على تحققه (وقال الكاشفى) زيان در نفسها آنست آنرا بعبادت بتان مستوجب آتش دوزخ كردانيدند وزمان زيان در اهالى اگر دوزخى اند بانكه ايشانرا از ايمان باز داشتند واگر بهشتى اند بانكه از ديد از ايشان محروم ماندند قال ابن الملك فى شرح المشارق الأهل(8/338)
وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (46) اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (48) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)
يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع وفى التأويلات النجمية ان الخاسرين الذين خسروا أنفسهم بابطال استعدادهم إذ صرفوه فى طلب الدنيا وزخارفها والالتذاذ بها وخسروا أهليهم إذ لم بقوا أنفسهم وأهليهم نارا بقبول الايمان وأداء الشرائع أَلا بدانيد إِنَّ الظَّالِمِينَ اى المشركين الذين كانوا فى جهنم شهوات النفس جثيا فى الدنيا فِي عَذابٍ مُقِيمٍ فى الآخرة الى الا بد وبالفارسية در عذابى پيوسته اند يعنى باقى وبى انقطاع اما من تمام كلامهم او تصديق من الله لهم وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ بدفع العذاب عنهم مِنْ دُونِ اللَّهِ حسبما كانوا يرجون ذلك فى الدنيا وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ وهر كرا كمراه سازد خداى تعالى فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ يؤدى سلوكه الى النجاة وفى التأويلات النجمية ومن يضلل الله بان يشغله بغيره فماله من سبيل يصل به الى الله تعالى قال ذو النون المصري قدس سره رأيت جارية فى جبل انطاكية فقالت لى الست ذا النون قلت كيف عرفت قالت عرفتك بمعرفة الحبيب ثم قالت ما السخاء قلت البذل والعطاء قالت ذاك سخاء الدنيا فما سخاء الدين قلت المسارعة الى طاعة رب العالمين قالت تريد شيأ قلت نعم قالت تأخذ العشرة بواحد لقوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فاين السخاء قلت فما السخاء عندك قالت انما هو أن يطلع على قلبك فلا يرى فيه غيره ويحك يا ذا النون انى أريد ان اسأل شيأ منذ عشرين سنة واستحيى منه مخافة أن أكون كأجير السوء إذا عمل طلب الاجرة فلا تعمل الا تعظيما لهيبته فعلم ان إخراج الغير من القلب والاشتغال بالله تعالى من أوصاف الخواص فمن اهتدى به ربح ومن ضل عنه خسر وهو بيد الله تعالى إذ هو الولي فعلى العبد ان يسأل الهداية ويطلب العناية حتى يخرجه الله من ظلمات نفسه الامارة الى أنوار تجليات الروحانية ويجعل له اليه سبيلا ينجو به من المهالك (حكى) ان شيخا حج مع شاب فلما احرم قال لبيك فقيل له لا لبيك فقال الشاب للشيخ ألا تسمع هذا الجواب فقال كنت اسمع هذا الجواب منذ سبعين سنة قال فلأى شىء تتعب فبكى الشيخ فقال فالى اى باب ألتجئ فقيل له قد قبلناك فهذا من هداية الله الخاصة فافهم جدا (قال الصاحب)
بنوميدى مده تن كرچهـ در كام نهنك افتى ... كه دارد در دل كرداب بحر
عشق ساحلها اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ إذا دعاكم الى الايمان على لسان نبيه عليه السلام مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ اى لا يرده الله بعد ما حكم به على ان من صلة مرد أي من قبل ان يأتى من الله يوم لا يمكن رده وفى تعليق الأمر بالاستجابة باسم الرب ونفى المرد والإتيان بالاسم الجامع نكتة لا تخفى كما فى حواشى سعدى المفتى ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ اى مفر تلتجئون اليه اى ما لكم مخلص ما من العذاب على ما دل عليه تأكيد النفي بمن استغراقية والملجأ بالفارسية پناه وكريزكاه وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ اى انكار ما لما اقترفتموه لانه مدون فى صحائف أعمالكم وتشهد عليكم جوارحكم وهو مصدر أنكر على خلاف ولعل المراد الإنكار المنجى والا فهم يقولون والله ربنا ما كنا مشركين وغير ذلك ولذلك تشهد عليهم أعضاؤهم قال الجنيد قدس سره استجابة الحلق لمن يستمع هواتفه وأوامره وخطابه فيتحقق له الاجابة بذلك السماع ومن يستمع الهواتف كيف يجيب وأتى له محل الجواب وفى التأويلات النجمية(8/339)
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (48)
يشير بقوله استجيبوا لربكم للعوام الى الوفاء بعهده والقيام بحقه والرجوع عن مخالفته الى موافقته وللخواص الى الاستسلام للاحكام الازلية والاعراض عن الدنيا وزينتها وشهواتها اجابة لقوله تعالى والله يدعوا الى دار السلام ولأخص الخواص من اهل المحبة الى صدق الطلب بالاعراض عن الدارين متوجها لحضرة الجلال ببذل الوجود فى نيل الوصول والوصال مجيبا لقوله وداعيا الى الله باذنه والطريق اليوم الى الاستجابة مفتوح وعن قريب سيغلق الباب على القلوب بغتة ويأخذ فلتة وذلك قوله تعالى من قبل ان يأتى إلخ ونعم ما قال الشاعر
تمتع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشية من عرار
اى استمتع بشم عرار نجد وهى وردة ناعمة صفرآء طيبة الرائحة فانا نعدمه إذا أمسينا لخروجنا من أرض نجد ومنابته فالاشارة الى شم عرار الحقيقة فانه انما يكون مادام الروح الإنساني فى نجد الوجود الشهودى وحده فان انتقل منه الى حد البرزخ بزوال شمس الحياة والانتهاء الى عشية العمر فلا يمكن شمه أصلا
چون بى خبران دامن فرصت مده از دست ... تا هست پر وبال ز عالم سفرى كن
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً تلوين للكلام وصرف له عن خطاب الناس بعد أمرهم بالاستجابة وتوجيه له الى الرسول عليه السلام اى فان لم يستجيبوا واعرضوا عما تدعوهم اليه فما أرسلناك رقيبا ومحاسبا عليهم وحافظا لاعمالهم وبالفارسية نكهبانى كه از عمل بد ايشانرا نكاه دارى وفيه تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ اى ما يجب عليك الا تبليغ الرسالة وقد فعلت فلا يهمنك اعراضهم وفى التأويلات النجمية فان أعرضوا عن الله بالإقبال على الدارين ولم يجيبوا فما أرسلناك عليهم حفيظا تحفظهم من الالتفات الى الدارين لان الحفظ من شانى لامن شأنك فانى حفيظ فليس عليك الا تبليغ الرسالة ثم نحن نعلم بما نعاملهم بالتوفيق او بالخذلان قال الغزالي رحمه الله فى شرح الأسماء الحفيظ من العباد من يحفظ جوارحه وقلبه ويحفظ دينه من سطوة الغضب وخلابة الشهوة وخداع النفس وغرور الشيطان فانه على شفا جرف هار وقد اكتنفته هذه المهلكات المفضية الى النار وقد عرف كلها من لسان الشارع صلى الله عليه وسلم فليسارع العبد الى دفع الموبقات وجلب المنجيات بإصلاح النفس والتخلق بالأخلاق الالهية فان النفس طاغية مؤدية الى الإفلاس والخسار وفى الحديث أتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال عليه السلام المفلس من أمتي من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتى قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا او سفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل ان يقضى أخذ من خطاياهم وطرحت عليه ثم يطرح فى النار فلا ينبغى للعاقل ان يبقى مع النفس فانه إذا نزل عليه العذاب غضبا للنفس لا يجد وليا يتولاه ولا نصيرا ينصره ولا ملجأ يفر اليه فهذه حال المعرضين واما حال المقبلين القابلين للبلاغ والإرشاد فالله تعالى يحفظهم مما يخافونه يوم المعاد
خجل آنكس كه رفت وكار نساخت ... كوس رحلت زدند وبار نساخت
وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا از نزديك(8/340)
خود رَحْمَةً اى نعمة من الصحة والغنى والأمن فَرِحَ بِها بطر لاجلها (وقال الكاشفى) خوش شود بدان وشادى كند اعلم ان نعمة الله وان كانت فى الدنيا عظيمة الا انها بالنسبة الى سعادات الآخرة كالقطرة بالنسبة الى البحر فلذلك سمى الانعام بها اذاقة وبالفارسية چشانيدن فالانسان إذا حصل له هذا القدر الحقير فى الدنيا فرح به ووقع فى العجب والكبر وظن انه فاز بكل المنى ودخل فى قصر السعادات ولذا ضعف اعتقاده فى سعادات الآخرة والا لاختار الباقي على الفاني لان الفاني كالخزف مع انه قليل والباقي كالذهب مع انه كثير
افتد هماى دولت اگر در كمند ... ما از همت بلند رها ميكنيم ما
وَإِنْ تُصِبْهُمْ اى الإنسان لان المراد به الجنس سَيِّئَةٌ اى بلاء من مرض وفقر وخوف مما يسوءهم بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ بسبب ما عملت أنفسهم من كفرانهم بنعم الله وعصيانهم فيها وذكر الأيدي لان اكثر الأعمال تباشر بها فجعل كل عمل كالصادر بالأيدي على طريق التغليب فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ قال الراغب كفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها
وأعظم الكفر جحودهم الوحدانية او النبوة او الشريعة والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا والمعنى فان الإنسان بليغ الكفر ينسى النعمة بالكلية ويذكر البلية ويستعظمها ولا يتأمل سببها بل يزعم انها أصابته بغير استحقاق لها واسناد هذه الخصلة الى الجنس مع كونها من خواص المجرمين لغلبتهم فيما بين الافراد يعنى انه حكم على الجنس بحال اغلب افراده للملابسة على المجاز العقلي وتصدير الشرطية الاولى بإذا مع اسناد الاذاقة الى نون العظمة للتنبيه على ان إيصال النعمة محقق الوجود كثير الوقوع وانه مقتضى الذات كما ان تصدير الثانية بان واسناد الاصابة الى السيئة وتعليلها بأعمالهم للايذان بندرة وقوعها وانها بمعزل عن الانتظام فى سلك الارادة بالذات ووضع الظاهر موضع الضمير للتسجيل على ان هذا الجنس مرسوم بكفران النعم امام ابو منصور ما تريدى رحمه الله فرموده كه كفران مؤمن آنست كه ترك شكر كند قال بعض الكبار (ع) در شكر همچو چشمه ودر صبر خاره ايم وعن على رضى الله عنه إذا وصلت إليكم أطراف النعمة قلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر يعنى من لم يشكر النعم الحاصلة لديه الواصلة اليه حرم النعم الغائبة منه القاصية عنه
چون بيابى تو نعمتى در چند ... خرد باشد چونقطه
موهوم شكران يافته فرو مكزار ... كه زنا يافته شوى محروم
وعنه رضى الله عنه ايضا أقل ما يلزمكم لله ان لا تستعينوا بنعمه على معاصيه قال الحسن إذا استوى يوماك فانت ناقص قيل كيف ذاك قال ان الله زادك فى يومك هذا نعما فعليك ان تزداد فيه شكرا وقد مد الله عمر بعض الإنسان واكثر عليه فضله كنمرود وفرعون ونحوهما ثم انهم لم يزداد وأكل يوم الا كفرانا فعاملهم الله بالعدل حتى هلكوا أقبح الهلاك وفى الآية اشارة الى ان من خصوصية الإنسان إذا وكله الله الى نفسه ان لا يشكر على ما فتح الله عليه من المواهب الالهية وفتوحات الغيب وانواع الكرامات التي تربى بها أطفال الطريقة ليزيده الله بل ينظر الى نفسه بالعجب ويفشى سره على الحاق إراءة وسمعة فيغلق الله أبواب الفتوحات بعد فتحها(8/341)
لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)
(قال الصائب)
نجام بت پرست بود به ز خود پرست ... در قيد خود مباش وبقيد فرنك باش
ومن الله العون (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اى يختص به ملك العالم كله لا يقدر أن يملكه أحد سواه فله التصرف فيه وقسمة النعمة والبلية على أهله وليس عليهم الا الشكر فى النعمة والصبر فى البلية والرضى والتسليم للاحكام الازلية وبالفارسية وخدايراست پادشاهى آسمانها وزمينها يَخْلُقُ ما يَشاءُ مما يعلمونه ومما لا يعلمونه على اى صورة شاء يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً من الأولاد يعنى مى بخشد هر كرامى خواهد دختران فلا يجعل معهن ذكورا يعنى پسران مثل ما وهب لشعيب ولوط عليهما السلام والهبة ان تجعل ملكك لغيرك بغير عوض والوهاب هو الله تعالى لانه يعطى كلا على قدر استحقاقه ولا يريد عوضا والإناث جمع أنثى خلاف الذكر والجملة بدل من يخلق بدل البعض قدم الإناث لانها اكثر لتكثير النسل او لتطبيب قلوب آبائهن إذ فى التقديم تشريف لهن وإيناس بهن ولذلك جعلن من مواهب الله تعالى مع ذكر اللام الانتفاعية او لرعاية الترتيب الواقع اولا فى الهبة بنوع الإنسان فانه تعالى وهب اولا لآدم زوجته حواء عليهما السلام بأن ولدها منه وخلقها من قصيراه وهى أسفل الأضلاع او آخر ضلع فى الجنب كما فى القاموس قال فى الكواشي ويجوز انهن قد من توبيخا لمن كان يئدهن ونكرن ايماء الى ضعفهن ليرحمن فيحسن إليهن قال فى الشرعة وشرحه ويزداد فرحا بالبنات مخالفة لاهل الجاهلية فانهم يكرهونها بحيث يدفنونها فى التراب فى حال حياتها وفى الحديث من بركة المرأة تبكيرها بالبنات اى يكون أول ولدها بنتا ألم تسمع قوله تعالى يهب لمن يشاء إناثا الاية حيث بدا بالإناث وفى الحديث من ابتلى من هذه البنات بشىء فأحسن إليهن اى بالتزويج بالاكفاء ونحوه كن له سترا من النار والنبي عليه السلام سماهن المجهزات المؤنسات اى المهيا جهازهن سماهن بها تفاؤلا وتيمنا والمؤنسات للوالدين والأزواج وفى الحديث سألت الله ان يرزقنى ولدا بلا مؤونة فرزقنى البنات وفى الحديث القدسي خطابا للبنت حين ولدت انزلى وأنا عون لأبيك وفى الحديث لا تكرهوا البنات فانى ابو البنات يقول الفقير معناه ان كونه عليه السلام أبا لبنات يكفى فى عدم كراهة البنات إذ لا يختار الله له الا ما هو خير ومن لم يرض بما اختاره له تعرض لسخط الله وكم ترى فى هذا الزمان من السخط على البنات اقتداء بأهل الجاهلية ولو كان لهم أسوة حسنة فى رسول الله لاحبوا ما أحبه وكان لهم فى ذلك شرف عظيم وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ من الأولاد يعنى پسران ولا يكون فيهم إناث كما وهب ابراهيم عليه السلام من غير ان يكون فى ذلك مدخل لاحد ومجال اعتراض با اختيار حق نبود اختيار ما با نور آفتاب چهـ باشد شرار ما والذكور جمع ذكر ضد الأنثى عرف الذكور للمحافظة على الفواصل او لجبر التأخير يعنى ان الله تعالى اخر الذكور مع انهم أحقاء بالتقديم فتدارك تأخيرهم بتعريفهم لان فى التعريف العهدي تنويها وتشهيرا كأنه قيل ويهب لمن يشاء الفرسان اعلام الذين لا يخفون عليكم وفى الحديث ان أولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور وأموالهم لكم ان احتجتم إليها أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً معنى التزويج هنا جفت قرين كردن كما فى تاج المصادر والذكران جمع ذكر والمعنى يقرن بين الصنفين فيههما جميعا بان يولد له الذكور والإناث مثل ما وهب(8/342)
لنبينا صلى الله عليه وسلم إذ كان له من البنين ثلاثة على الصحيح قاسم وعبد الله وابراهيم ومن البنات اربع زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضى الله عنهن وقال بعضهم معنى يزوجهم ان تلد غلاما ثم جارية ثم غلاما او تلد ذكرا وأنثى توأمين وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً بى فرزند ونازاينده فلا تلد ولا يولد له كعيسى ويحيى عليهما السلام فانهما ليس لهما أولاد اما عيسى فلم يتزوج وان كان يتزوج حين نزوله فى آخر الزمان ويكون له بنات واما يحيى فقد تزوج ولكن لم يقرب لكونه عزيمة فى شريعته وبعضهم لم يكن له أولاد وان حصل له قربان النساء واصل العقم اليبس المانع من قبول الأثر والعقيم من النساء التي لا
تقبل ماء الفحل وفى القاموس العقم بالضم هرمة تقع فى الرحم فلا تقبل الولد ورجل عقيم لا يولد له فالعقم كما يقع صفة للمرأة يقع صفة للرجل بان يكون فى مائه ما يمنع العلوق من الاعذار وتغيير العاطف فى الثالث لانه قسيم المشترك بين القسمين وهو أي المشترك بينهما مفهوم الصنف الوحد فالثالث جامع بين الصنفين فلو ذكر ايضا بالواو ولربما توهم من أول الأمر انه قسيم لكل من القسمين لا للمشترك بينهما لانه حال عما فى الرابع من الإفصاح يعنى انه لا حاجة اليه فى الرابع لا فصاحه بانه قسيم المشترك بين الاقسام المتقدمة وهو هبة الولد ولا يشتبه على أحد ان العقم يقابلها فلا حاجة الى التنبيه على ذلك إِنَّهُ تعالى عَلِيمٌ بليغ العلم بكل شى مما كان وما يكون قَدِيرٌ بليغ القدرة على كل مقدور فيفعل ما فيه حكمة ومصلحة (وقال الكاشفى) داناست بانچهـ مى دهد تواناست بانچهـ ميسازد دانايى او از جهل مقدس ومبراست وتوانايى او از عجز منزه ومعرا علم او برطرف از شائبه جهل فتور وقدرتش پاك از آلايش نقصان وقصوره وعلم ان الإنسان اما ان لا يكون له ولد او يكون له ولد ذكر او أنثى او ذكر وأنثى وقد وقد استوفى فى الآية جميع الاقسام فالمعنى ان الله تعالى يجعل احوال العباد فى حق الأولاد مختلفة على ما تقتضيه المشيئة فيهن فيهب لبعض اما صنفا واحدا من ذكر او أنثى واما صنفين ويعقم آخرين فلا يهب لهم ولد قط فالاولاد ذكورا وإناثا من مواهب الله تعالى وعطاياه ولذا سن لمن يبشر بالمولود انه يستبشر به ويراه نعمة أنعم الله بها عليه ففى الحديث ريح الولد من ريح الجنة وقال عليه السلام الولد فى الدنيا نور وفى الآخرة سرور وقد ورد سوداء ولود خير من حسناء عقيم وذلك لان التناسل انما هو بالولود ويعرف كونها ولودا بالصحة والشباب ولا ينفى الولد الذي يولد على فراشه فان الله تعالى يفضحه يوم القيامة ويكتب عليه من الذنب بعدد النجوم والرمال والأوراق وقيل معنى الاية يهب لمن يشاء إناثا اى الدنيا ويهب لمن يشاء الذكور اى الآخرة او يزوجهم ذكرانا وإناثا اى الدنيا والاخرة ويجعل من يشاء عقيما اى لا دنيا ولا عقبى كذا فى كشف الاسرار وفيه اشارة الى انوثة الدنيا وذكورة الآخرة قال امير خسرو دهلوى بهران مردار چندب كاه زارى كاه زور چون غيلواجى كه شش مه ماده وشش مه تر است وفى التأويلات النجمية يشير الى ارباب الولاية من المشايخ المستكملين يهب لبعضهم من المريدين الصادقين الأتقياء الصلحاء وهم بمثابة الإناث لا نصرف لهم فى غيرهم بالتزويج والتسليك ويهب لبعضهم من المريدين الصديقين المحبين الواصلين الكاملين المستكملين المخرجين وهم بمثابة الذكور لاستعداد تصرفهم فى الطالبين ويهب لبعضهم من الجنسين المذكورين المتصرفين فى الغير وغير المتصرفين ويجعل بعض المشايخ عقيما لا مريد له انه(8/343)
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)
عليم بمن يجعله متصرفا وغير متصرف فى المريد قدير على ما يشاء ان يجعله متصرفا او غير متصرف يقول الفقير هذا التفاوت بينهم اما راجع إليهم لحكمة أخفاها الله تعالى واما الى اهالى زمانهم فانهم متفاوتون كتفاوت الأمم فماذا يصنع الكاملون المكملون إذا لم يكن فى الناس استعداد قال الحافظ)
كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض ... ور نه هر سنك كلى لؤلؤ ومرجان نشود
وَما كانَ لِبَشَرٍ اى وما صح لفرد من افراد البشر يا محمد أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ بوجه من الوجوه إِلَّا وَحْياً اصل الوحى الاشارة السريعة وانما سمى الوحى وحيا لسرعته فان الوحى عين الفهم عين الافهام عين المفهوم منه كما يذوقه اهل الإلهام من الأولياء وقد عرف بعضهم الوحى بأنه ما تقع به الاشارة القائمة مقام العبارة فى غير عبارة وقال الراغب ويقال للكلمة الالهية التي تلقى الى أنبيائه وأوليائه وحي يقول الفقير يعلم منه ان الوحى والإلهام واحد فى الحقيقة وانما قيل الوحى فى الأنبياء والإلهام فى الأولياء تأدبا كما قيل دعوة الأنبياء وارشاد الأولياء فاستعملوا الدعوة فى الأنبياء والإرشاد فى الأولياء مع انهما أمر واحد فالوحى اما بإلقاء فى الروع كما ذكر عليه السلام ان روح القدس نفث فى روعى واما بالهام نحو قوله وأوحينا الى أم موسى ان أرضعيه واما بتسخير نحو قوله تعالى واوحى ربك الى النحل او بنام كقوله عليه السلام انقطع الوحى وبقيت المبشرات رؤيا المؤمن فهذه الأنواع دل عليها قول الا وحيا فمعناه الا بانه يوحى اليه ويلهمه ويقذف فى قلبه كما اوحى الى أم موسى والى ابراهيم فى ذبح ولده والى داود الزبور فى صدره قاله مجاهد وسيأتى تحقيق الآية ان شاء الله تعالى أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ بان يسمعه كلامه الذي يخلقه فى بعض الاجرام من غير ان يبصر السامع من يكلمه فهو تمثيل له بحال الملك المحتجب الذي يكلم بعض خواصه من ورلء الحجاب يسمع صوته ولا يرى شخصه والا فالله تعالى منزه عن الاستتار بالحجاب الذي هو من خواص الأجسام فالحجاب يرجع الى المستمع لا الى الله تعالى المتكلم وذلك كما كلم الله تعالى موسى فى طوى والطور ولذا سمى كليم الله لانه سمع صوتا دالا على كلام الله من غير ان يكون ذلك الصوت مكتسبا لاحد من الخلق بل تولى الله تخليقه إكراما له وغيره يسمعون صوتا مكتسبا للعباد فيفهمون به كلام الله هذا مذهب امامنا ابى منصور ذكره فى كتاب التأويلات وذهب ابو الحسن الأشعري الى ان موسى سمع كلام الله من غير واسطة صوت او قرآة والى هذا ذهب ابن فورك من الاشعرية قال فى كشف الاسرار كلمه وبينهما حجاب من نار (وقال الكاشفى) يا موسى سخن كفت واو در پس حجاب نور بود در موضح آورده كه خداى تعالى با پيغمبر عليه السلام سخن كفت از وراى حجابين يعنى حضرت رسالت پناه عليه السلام وراى دو حجاب بود كه سخن خداى تعالى شنيد حجابى از زر سرخ وحجابى از مرواريد سفيد مسيره ميان هر دو حجاب هفتاد سال راه بود يقول الفقير هذا من غوامض العلوم فان نبينا عليه السلام أعلى كعبا من موسى عليه السلام فما معنى ان الله تعالى كلم موسى من وراء حجاب واحد وكلم نبينا من ورلء حجابين وان حصل فرق بين حجاب وحجاب ولعل المراد بالحجابين حجاب الياقوتة الحمراء الذي يلى جانب الخلق وحجاب الدرة البيضاء الذي يلى عالم الأمر وكلاهما عبادة عن الروح المحمدي والحقيقة الاحمدية واشارة بكون مسافة ما بين الحجابين مسيرة سبعين ألف حجاب بين الرب والعبد فمعنى(8/344)
ان النبي عليه السلام سمع كلام الله من ورلء هذين الحجابين ان الله تعالى كلمه وبينهما الحقيقة الجامعة البرزخية وليس ذلك بحجاب فى الحقيقة كما ان المرآة ليست بحجاب للناظر وكذا القناع بالنسبة الى العروس فافهم جدا أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا اى ملكا من الملائكة اما جبريل او غيره قال ابن عباس رضى الله عليهما لم ير جبرائيل الا اربعة من الأنبياء موسى وعيسى وزكريا ومحمد عليه السلام قال فى عين المعاني عسى انه أراد برؤيته كما هو والا فهو سفير الوحى انتهى فَيُوحِيَ ذلك الرسول الى المرسل اليه الذي هو الرسول البشرى بِإِذْنِهِ اى بامره تعالى وتيسيره ما يَشاءُ ان يوحيه اليه وهذا هو الذي جرى بينه تعالى وبين
الأنبياء عليهم السلام فى عامة الأوقات من الكلام فيكون اشارة الى التكلم بواسطة الملك (روى) ان النبي عليه السلام قال من الأنبياء من يسمع الصوت فيكون بذلك نبيا ومنهم من ينفث فى اذنه وقلبه فيكون بذلك نبيا وان جبرائيل يأتينى فيكلمنى كما يكلم أحدكم صاحبه وعن عائشة رضى الله عنها ان الحارث بن هشام رضى الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحى فقال أحيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو أشده على فيفصم عنى وقد وعيت عنه ما قال وأحيانا يتمثل الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليتفصد عرقا والتفصد والانفصاد فرو دويدن إِنَّهُ عَلِيٌّ متعال عن صفات المخلوقين لا يأتى جريان المفاوضة بينه تعالى وبينهم الا بأحد الوجوه المذكورة حَكِيمٌ يجرى أفعاله على سنن الحكمة فيكلم تارة بواسطة واخرى بدونها اما إلهاما او خطابا وفى التأويلات النجمية يشير الى ان البشر مهما كان محجوبا بصفات البشرية موصوفا بأوصاف الخلقية الظلمانية الانسانية لا يكون مستعدا ان يكلمه الله الا بالوحى او بالإلهام فى النوم واليقظة او من ورلء حجاب بالكلام الصريح او يرسل رسولا من الملائكة فيوحى باذنه ما يشاء انه على بعلو القدم لا يجانسه محدث حكيم فيما يساعد البشر بافناء انانيته بهويته فاذا أفنيت البشرية وارتفعت الحجب وتبدلت كينونته بكينونة الحق حتى به يسمع وبه يبصر وبه ينطق فيكلمه الله تعالى شفاها وبه يسمع العبد كلامه كفا حاكما كان حال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فى سر فأوحى الى عبده ما اوحى انتهى يعنى مصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم شب معراج از حق سخن شنيد بى واسطه وكان آمن الرسول مما شافهه به الحق تعالى من غير حجاب وكذا قوله هو الذي يصلى عليكم وملائكته إلخ وكذا بعض سورة الضحى وبعض سورة الم نشرح ولزم من سماع كلامه مشافهة رؤيته بلا حجاب وكذا حال المؤمنين يوم القيامة فانهم يرون ربهم كما يرون القمر ليلة البدر ويسمعون كلامه بلا حجاب فالوحى إذا قسمان مشافهة وغير مشافهة وعليه يحمل ما روى ان اليهود قالت للنبى صلى الله عليه وسلم ألا تكلم الله وتنظر اليه ان كنت نبيا كما كلمه موسى ونظر اليه فانا لن نؤمن حتى تفعل ذلك فقال عليه السلام لم ينظر موسى الى الله فتزلت فأشار الى ان الكلام حصل لموسى ولكن من وراء حجاب دون النظر وكذا للنبى عليه السلام مادام على حال البشرية وكذا ما روى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت من زعم ان محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ثم قالت او لم تسمعوا ربكم يقول(8/345)
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)
وتلت هذه الآية وما كان لبشر إلخ فاشارت الى مرتبة الحجاب وسره ان الله تعالى قال وما كان لبشر فعبر بعنوان البشرية وليس من حد البشر أن يرى ربه عيانا وهو فى حد الدنيا باق على بشريته او يكلمه الله كفاحا قال حضرة الشيخ لاكبر قدس سره الأطهر فى تلقيح الأذهان تكليم الله البشر فى ثلاث مراتب كما قال سبحانه وما كان لبشر إلخ فالكل وحي ولكن بعضه بلا واسطة عند خروجه عن حد البشرية الا انك ان كنت أنت السامع لم تحصل على هذه المشاهدة الذاتية حتى تكون أنت المسمع فمشاهدة الذات لا تتم مع المناجاة وبعضه بواسطة عند الرجوع الى البشرية ولا تزال هكذا حتى تفنى عن نفس السماع وتبقى مشاهدا للحق لتسمع نفسه بنفسه فانه من تحقق بالإنفاق حتى يسمع وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه سمع قوله واتخذه وكيلا انتهى قال الشيخ روزبهان البقلى فى عرائس البيان كانت لى واقعة فى ابتداء الأمر وذلك انى شاهدت الحق بالحق وكاشف لى مشاهدة جماله وخاطبنى من حيث الأرواح لا من حيث الأشباح فغلب على سكر ذلك وأفشيت حالى بلسان السكر فتعرض لى واحد من أهل العلم وسألنى كيف تقول ذلك وان الله سبحانه وتعالى أخبرنا بأنه لم يخاطب أحدا من الأنبياء والرسل الا من وراء حجاب كما قال وما كان لبشر إلخ فقلت صدق الله هذا إذا كانوا فى حجاب البشرية فاذا خرجوا بشرط الأرواح الى عالم الغيب ورأوا الملكوت ألبسهم الله أنوار قربه وكحل عيونهم بنور ذاته وألبس أسماعهم قوة من قوى الربوبية وكشف لهم سر الغيرة وحجاب المملكة وخاطبهم كفاحا وعيانا ولنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم أخص خاصية إذ هو مصطفى فى الأزل بالمعارج والمشاهدة فاذا صار جسمه روحه وكان واحدا من كل الوجوه صعد الى الملكوت ورأى الحق بنور الجبروت وسمع خطابه بلا واسطة ورأى الحق بلا حجاب إذا لحجاب وصف المخلوقين والحق منزه عن ان يحجبه شىء (وحكى) ان الامام جعفر الصادق رضى الله عنه قال له شخص أرنى ربى فقال أو لم تسمع ان الله تعالى يقول لموسى لن ترانى مع انه نبى عظيم قال ان من هذه الملة الاحمدية من يقول رأى قلبى ربى ومنهم من يقول لا أعبد ربا لم أره فلما لم يمسك عن مسألته امر جعفر بان يلقى ذلك الشخص فى الدجلة ففعلوا فقال يا ابن رسول الله الغياث قال الصادق يا ماء اغمسه حتى فعل ذلك مرارا يعنى استغاث بالصادق فلما انقطع رجاؤه عن الخلق قال الهى الغياث صادق كفت بياوريدش بركرفتند وبياوردند وآبى كه مانده بود از كوش وبينى او ريختند چون با خود آمد كفت بآن حق را ديدى كفت تا خيال اغيار مى مانده دست در غير مى زدم حجاب مى بود چون پناه بكلى بوى آوردم ومضطر شدم روزنه در دل من كشاده شد وبدانجا نكريستم آنچهـ مى جستم ديدم وتا اضطرار نبود آن نبود صادق كفت تا صادق را مى خواند مى صديق نبودى اكنون آن كوچهـ روزنه راه نكاه دار كه جهان خدا بدينجا فروست فقد علمت من هذا التقرير ان الآية تدل على جواز الرؤية لا على امتناعها وانما تدل على الامتناع حال البشرية وبقائها وجود عين غباريست در ره
ديدار ... غبار مانع ديدار ميشود هش دار
وَكَذلِكَ اى مثل ذلك الإيحاء البديع(8/346)
او كما أوحينا الى سائر رسلنا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا هو القرآن الذي هو للقلوب بمنزلة الروح للابدان حيث يحييها حياة طيبة اى يحصل لها به ما هو مثل الحياة وهو العلم النافع المزيل للجهل الذي هو كالموت وقال الراغب سمى القرآن روحا لكونه سببا للحياة الاخروية الموصوفة فى قوله وان الدار الآخرة لهى الحيوان ومعنى من أمرنا بالفارسية بفرمان ما او روحا ناشئا ومبتدأ من أمرنا وقد سبق فى حم المؤمن وقيل هو جبرائيل ومعنى ايحائه اليه عليه السلام إرساله اليه بالوحى فان قلت كيف علم الرسول عليه السلام فى أول الأمر ان الذي تجلى له جبرائيل وان الذي سمعه كلام الله تعالى قلت خلق الله تعالى له علما ضرور يا علم به ذلك والعلم الضروري يوجب الايمان الحقيقي ويتولد من ذلك اليقين والخشية فان الخشية على قدر المعرفة ما كُنْتَ تَدْرِي قبل الوحى فى أربعين سنة والمراد وحي النبوة مَا الْكِتابُ اى
اى شىء هو يعنى چون قرآن منزل نبود ندانستى آنرا والنفي معلق للفعل عن العمل وما بعده ساد مسد المفعولين ومحل ما كنت إلخ حال من كاف إليك كما فى تفسير الكواشي وَلَا الْإِيمانُ اى الايمان بتفاصيل ما فى تضاعيف الكتاب من الأمور التي لا تهتدى إليها العقول لا الايمان بما يستقل به العقل والنظر فان درايته عليه السلام له مما لا ريب فيه قطعا فان اهل الوصول اجتمعوا على ان الرسل عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحى معصومين من الكبائر ومن الصغائر الموجبة لنفرة الناس عنهم قبل البعثة وبعدها قضلا عن الكفر وهو مراد من قال لا يعرف القرآن قبل الوحى ولا شرائع الايمان ومعالمه وهى ايمان كما قال تعالى وما كان الله ليضيع ايمانكم اى صلاتكم سماها ايمانا لانها من شعب الايمان ويدل عليه انه عليه السلام قيل له هل عبدت وثناقط قال لا قيل هل شربت خمرا قط قال لا وما زلت اعرف ان الذين هم عليه كفر وما كنت أدرى ما الكتاب ولا الايمان اى الايمان الشرعي المتعلق بتفاصيل الاحكام ولذلك انزل فى الكتاب ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان قال ابن قتيبة لم تزل العرب على بقايا من دين اسمعيل من الحج والختان والنكاح وإيقاع الطلاق والغسل من الجنابة وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والمصاهرة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كانوا عليه فى مثل هذه الشرائع وكان يوحد ويبغض اللات والعزى ويحج ويعتمر ويتبع شريعة ابراهيم عليه السلام ويتعبد بها حتى جاءه الوحى وجاءته الرسالة فقول البيضاوي وهو دليل على انه لم يكن متعدا قبل النبوة بشرع ممنوع فان عدم الدراية لا يلزمه عدم التعبد بل يلزمه سقوط الإثم ان لم يكن تقصير فالحق ان المراد هو الايمان بما لا طريق اليه الا السمع وقال بعضهم هذا تخصيص بالوقت يعنى كان هذا قبل البلوغ حين كان طفلا وفى المهد ما كان يعرف الايمان وهو ضعيف لانه عليه السلام أفضل من يحيى وعيسى عليهما السلام وقد اوتى كل الحكم والعلم صبيا وقال بعضهم هو من باب حذف المضاف اى ولا اهل الايمان يعنى من الذي يؤمن ومن الذي لا يؤمن قبل ان ظهر ايمان من آمن وكفر من كفر كما قال ابن الفضل اهله لانه ظن ان أبا طالب يؤمن كما قال عليه السلام أردنا اسلام ابى طالب وأراد الله اسلام العباس فكان ما أراد الله دون ما أردنا(8/347)
صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)
وهو ضعيف ايضا لانه عليه السلام لا يدرى بعد الوحى ايضا جميع من يؤمن ومن يصر الى آخر العمر وَلكِنْ جَعَلْناهُ اى الروح الذي أوحينا إليك والجعل بمعنى التصيير لا بمعنى الخلق وحقيقته أنزلناه نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ هدايته بالتوفيق للقبول والنظر فيه مِنْ عِبادِنا وهو الذي يصرف اختياره نحو الاهتداء به وَإِنَّكَ لَتَهْدِي تقرير لهدايته تعالى وبيان لكيفيتها ومفعول لتهدى محذوف ثقة بغاية الظهور أي وانك لتهدى بهذا النور وترشد من نشاء هدايته إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ هو الإسلام وسائر الشرائع والاحكام والصراط من السبيل ما لا التواء فيه اى لا اعوجاج بل يكون على سبيل القصد صِراطِ اللَّهِ بدل من الاول الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ خلقا وملكا واضافة الصراط الى الاسم الجليل ووصفه بالذي إلخ لتفخيم شأنه وتقرير استقامته وتأكيد وجوب سلوكه فان كون جميع ما فيهما من الموجودات له تعالى خلقا وملكا وتصرفا مما يوجب ذلك أتم إيجاب قال بعضهم دعونا أقواما فى الأزل فأجابوا فأنت تهديهم إلينا وتدلهم علينا وانما كان عليه السلام هاديا لانه نور كالقرءآن ولمناسبة نوره مع نور الايمان والقرآن قيل كان خلقه القرآن
اى نور الهى ز جبين تو هويدا ... سر ازل از نور جمالت شده پيدا
أَلا كلمة تذكرة لتبصرة او تنبيه لحجة وبالفارسية بدانيد كه إِلَى اللَّهِ لا الى غيره تَصِيرُ الْأُمُورُ اى امور ما فيهما قاطبة بارتفاع الوسائط والتعلقات يعنى يوم القيامة فيحمل تصير على معنى الاستقبال ففيه من الوعد للمهتدين الى الصراط المستقيم والوعيد للضالين عنه ما لا يخفى وقال فى بحر العلوم الى الله تصير امور الخلائق كلها فى الدنيا والآخرة فلا يدبرها الا هو حيث لا يخرج امر من الأمور من قضائه وتقديره ونزد محققان بازگشت همه امور در همه اوقات واحوال بحضرت اوست وبارتفاع حجب ووسائط مشاهده اين معنى دست دهد صورت كثرت حجب وحدتست غيبت ما مانع نور حضور ديده دل باز كشا وببين سر الى الله تصير الأمور وذلك لان الله مبدأ كل ومرجعه ومصيره اما بالفناء الاختياري او بالفناء الاضطراري يكبار حسن بصرى رحمه الله بجنازه رفت چون مرده را در كور نهادند وخاك راست كردند حسن بر سر آن خاك نشست و چندان بدان كريست كه خاك كل شد پس كفت اى مردمان أول آخر بحدست آخر دنيا نكرى كورست وأول أخرت نكرى كورست كه القبر منزل من منازل الاخرة چهـ مى نازيد بعالمى كه آخرش اينست يعنى كور و چون نمى ترسيد از عالمى كه اولش اينست يعنى كور چون أول آخرش اينست اى اهل غفلت كار أول وآخر بسازيد
شب كور خواهى منور چوروز ... ازينجا چراغ عمل برفروز
بران خورد سعدى كه بيخى نشاند ... كسى برد خرمن كه تخمى فشاند
وعن سهل بن ابى الجعد احترق مصحف فلم يبق الا قوله تعالى ألا الى الله تصير الأمور وغرق مصحف فانمحى كل شىء الا ذلك كذا فى عين المعاني للسجاوندى تمت سورة الشورى فى أواخر شهر ربيع الآخر المنتظم فى شهور سنة ثلاث عشرة مائة وألف سورة الزخرف تسع وثمانون آية مكية.(8/348)
حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (5)
سورة الزخرف
بسم الله الرحمن الرحيم
حم اى القرآن مسمى بحم او هذه السورة مسماة به يقول الفقير امده الله القدير حم اشارة الى الاسمين الجليلين من أسمائه تعالى وهما الحنان والمنان فالحنان هو الذي يقبل على من اعرض عنه وفى القاموس الحنان كشداد اسم لله تعالى ومعناه الرحيم انتهى والمنان هو الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال كما قال فى القاموس المنان من اسماء الله تعالى المعطى ابتداء انتهى وقد جعل فى داخل الكعبة ثلاث أسطوانات الاولى اسطوانة الحنان والثانية اسطوانة المنان والثالثة اسطوانة الديان وانما أضيفت الى الله تعالى تعظيما كما قيل بيت الله وناقة الله فاشار بهذه الأسماء الثلاثة حيث جعلت فى داخل الكعبة المشار بها الى الذات الاحدية الى ان مقتضى الذات هو الرحمة والعطاء فى الدنيا والمجازاة والمكافاة فى الآخرة وبرحمته انزل القرآن كما قال مقسما به وَالْكِتابِ بالجر على انه مقسم به اما ابتداء او عطف على حم على تقدير كونه مجرورا بإضمار باء القسم على ان مدار العطف المغايرة فى العنوان ومناط تكرير القسم المبالغة فى تأكيد مضمون الجملة القسمية الْمُبِينِ اى البين لمن أنزل عليهم لكونه بلغتهم وعلى أساليبهم فيكون من أبان بمعنى بان اى ظهر او المبين لطريق الهدى من طرق الضلالة الموضح لكل ما يحتاج اليه فى أبواب الديانة فيكون من ابان بمعنى اظهر وأوضح وقال سهل بين فيه الهدى من الضلالة والخير من الشر وبين سعادة السعداء وشقاوة الأشقياء وقال بعضهم المراد بالكتاب الخط والكتابة يقال كتبه كتبا وكتابا خطه اقسم به تعظيما لنعمته فيه إذ فيه كثرة المنافع فان العلوم انما تكاملت بسبب الخط فالمتقدم إذا استنبط علما وأثبته فى كتاب وجاء المتأخر وزاد عليه تكاثرت به الفوائد يقول الفقير لعل السبب فى حمل الآيه على هذا المعنى الغير الظاهر لزوم اتحاد المقسم به والمقسم عليه على تقدير حملها على القرآن وليس بذلك كما يأتى إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا ان قلت هذا يدل على ان القرآن مجعول والمجعول مخلوق وقد قال عليه السلام القرآن كلام الله غير مخلوق قلت المراد بالجعل هنا تصيير الشيء على حالة دون حالة فالمعنى انا صيرنا ذلك الكتاب قرءانا عربيا بانزاله بلغة العرب ولسانها ولم نصيره أعجميا بانزاله بلغة العجم مع كونه كلامنا وصفتنا قائمة بذاتنا عرية عن كسوة العربية منزهة عنها وعن توابعها لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ كلمة لعل مستعارة لمعنى كى وهو التعليل وسببية ما قبلها لما بعدها لكون حقيقة الترجي والتوقع ممتنعة فى حقه تعالى لكونها مختصة بمن لا يعلم عواقب الأمور وحاصل معناها الدلالة على ان الملابسة بالأول لاجل ارادة الثاني من شبه الارادة بالترجي فقوله لعلكم تعقلون فى موضع النصب على المفعول له وفعل الله تعالى وان كان لا يعلل بالغرض لكن فيه مصلحة جليلة وعاقبة حميدة فهى كلمة علة عقلا وكلمة مصلحة شرعا مع ان منع التعليل بالغرض العائد الى العباد بعيد عن الصواب جدا لمخالفته كثيرا من النصوص والمعنى لكى تفهموا القرآن العربي وتحيطوا بما فيه من النظم الرائق والمعنى الفائق وتقفوا على ما تضمنه من الشواهد الناطقة بخروجه عن طوق البشر وتعرفوا حق النعمة فى ذلك وتنقطع أعذاركم بالكلية إذ لو(8/349)
وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)
أنزلناه بغير لغة العرب ما فهمتموه فقوله انا جعلناه قرءانا عربيا جواب للقسم لكن لا على ان مرجع التأكيد جعله كذلك كما قيل بل ما هو غايته التي يعرب عنها قوله تعالى لعلكم تعقلون فانها المحتاجة للتأكيد لكونها منبئة عنى الاعتناء بأمرهم وإتمام النعمة عليهم وازاحة اعذارهم كذا فى الإرشاد وقال بعضهم أقسم بالقرءان على انه جعله قرءانا عربيا فالقسم والمقسم عليه من بدائع الاقسام لكونهما من واحد فالمقسم به ذات القرآن العظيم والمقسم عليه وصفه وهو جعله قرءانا عربيا فتغايرا فكأنه قيل والقرآن المبين انه ليس بمجرد كلام مفترى على الله وأساطير بل هو الذي تولينا انزاله على لغة العرب فهذا هو المراد بكونه جوابا لا مجرد كونه عربيا إذ لا يشك فيه وانما جعله مقسما به اشارة الى انه ليس عنده شىء أعظم قدرا وأرفع منزلة منه حتى يقسم به فان المحب لا يؤثر على محبوبه شيأ فاقسم ليكون قسمه فى غاية الوكادة وكذا لا أهم من وصفه فيقسم عليه وَإِنَّهُ اى ذلك الكتاب فِي أُمِّ الْكِتابِ اى فى اللوح المحفوظ فانه اصل الكتاب اى جنس الكتب السماوية فان جميعها مثبتة فيه على ما هى عليه عند الأنبياء ومأخوذة مستنسخه منه قال الراغب قوله فى أم الكتاب اى فى اللوح المحفوظ وذلك لكون كل منسوبا اليه ومتولدا فيه والكتاب اسم للصحيفة مع المكتوب فيها لَدَيْنا اى عندنا لَعَلِيٌّ رفيع القدر بين الكتب شريف حَكِيمٌ ذو حكمة بالغة او محكم لا يتطرق اليه نسخ بكتاب آخر ولا تبديل وهما اى على وحكيم خبر ان لان وما بينهما بيان لمحل الحكم كانه قيل بعد بيان اتصافه بما ذكر من الوصفين الجليلين هذا فى أم الكتاب الذي هو اشرف مكان وأعزه لدينا والجملة استئناف لا محل لها من الاعراب وهذا كما قال فى الجلالين يريد انه يثبت عند الله فى اللوح المحفوظ بهذه الصفة واعلم ان اللوح المحفوظ خلقه الله تعالى من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور عرضه كما بين السماء والأرض ينظر الله تعالى فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق بكل نظرة ويحيى ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء وفى الخبر إن أحرف القرآن فى اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف وان تحت كل حرف معانى لا يحيط بها الا الله تعالى ولذا لم يقم لفظ مقام لفظه ولا حرف مقام حرفه فهو معجز من حيث اللفظ والمعنى ولما كان القلب الإنساني هو اللوح الحقيقي المعنوي نزل على قلبه عليه السلام القرآن واستقر فيه الى الابد دنيا وآخرة وكذا نزل من حيث المعنى على قلوب ورثته عليه السلام كما اخبر عنه ابو يزيد قدس سره وكما ان الله تعالى ينظر كل يوم فى اللوح المحفوظ ثلاثمائة وستين نظرة كذلك ينظر فى لوح القلب ذلك العدد فيمحو ما يشاء ويثبت والمراد باليوم هو اليوم الآتي المنبسط عند الله الى الف سنة وأشير إليها بعدد ايام السنة فافهم جدا فان كان القلب لوح الله تعالى فينبعى للعبد ان يمحو عنه آثار الغير ويزينه بما يليق به فانه لمنظر الإلهي قال بعض الكبار إذا كان ميل المرء الى الشهوة والصورة والخلق يشتغل بتزيين ظاهره باللباس المعتبر عند الناس وإذا كان ميله الى المحبة والحقيقة والحق يشتغل بتزيين باطنه بما يعتبر عند الله ولا يلتفت الى ظاهره بل يكتفى بما يحفظه من الحر والبرد اى شىء كان وقال بعض الكبار تتبع كتاب الله فى الليل والنهار يوصلك الى مقام لاحرار لان كل ما يؤدى(8/350)
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (5)
الى ذكر الله تعالى فهو علاج القلوب المريضة لان أعظم الأمراض القلبية هو نسيان الله تعالى كما قال نسوا الله فنسيهم ولا شك انه علاج امر بضده وهو ذكر الله كما قال فاذكرونى أذكركم
دلت آيينه خداى نماست ... روى آيينه تو تيره چپراست
صيقلى دارى صيقلى ميزن ... تا كه آيينه ات شود روشن
صيقل آن اگر نه آگاه ... نيست جز لا اله الا الله
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ بعد ما بين علو شأن القرآن العظيم وحقق ان انزاله على لغتهم ليعقلوه ويؤمنوا به ويعملوا بموجبه عقب ذلك بانكار ان يكون الأمر بخلافه فقيل أفنضرب عنكم الذكر والفاء للعطف على محذوف يقتضيه المقام والمعنى أنهملكم فتحى القرآن عنكم ونبعده ونترك الأمر والنهى والوعد والوعيد مجاز من قولهم ضرب الغرائب عن الحوض استعارة تمثيلية شبه حال الذكر وتنحيته بحال غرائب الإبل وذودها ثم استعمل ما كان مستعملا فى تلك القصة هاهنا والمراد بالغرائب البعران الأجانب والإبل إذا وردت الماء ودخلت بينها ناقة غريبة من غيرها ذيدت وطردت عن الحوض وفيه اشعار باقتضاء الحكمة توجه الذكر إليهم بملازمته لهم كأنه يتهافت عليهم صَفْحاً الصفح الاعراض بقال صفح كمنع اعرض وترك وعنه عفا والسائل رده كأصفحه وسمى العفو صفحا لانه اعراض عن الانتقام من صفحة الوجه لان من اعرض عنك فقد اعطاك صفحة وجهه والمعنى إعراضا عنكم على انه مفعول له للمذكور او صافحين على انه حال او مصدر من غير لفظه فان تنحية الذكر عنهم اعراض أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ السرف تجاوز الحد فى كل فعل يفعله الإنسان اى لان كنتم منهمكين فى الإسراف فى المعاصي مصرين عليه على معنى ان حالكم وان اقتضى تخليتكم وشأنكم حتى تموتوا على الكفر والضلالة وتبقوا فى العذاب الخالد لكنا لسعة رحمتنا لا نفعل ذلك بل نهديكم الى الحق بإرسال الرسول الامين وإنزال الكتاب المبين در تبيان كفته كه بسبب شرك شما قرآنرا بآسمان نخواهيم برد كه دانسته ايم كه زود بيايند قومى كه بدو بگروند وباحكام آن عمل كنند وانما يرتفع القرآن فى آخر الزمان قال قتادة والله لو كان هذا القرآن رفع حين رده أوائل هذه الامة لهلكو او لكن عاد بعائدة ورحمته فكرره عليهم عشرين سنة او ما شاء الله كفتا والله كه اگر در صدر آن امت رب العزت قرآن از زمين برداشتى بكفر كافران ورد ايشان خلق همه هلاك كردندى ويك كس نماندى لكن حق تعالى بانكار وكفر ايشان ننكريست بفضل ورحمت خود نكريست همچنان قرآن روز بروز مى فرستاد تمامى بيست سال يا زياده تا كار دين تمام كشف واسلام قوى شد وفيه اشارة الى ان من لم يقطع اليوم خطابه عمن تمادى فى عصيانه وأسرف فى اكثر شانه كيف يمنع غدا لطائف غفرانه وكرائم إحسانه عمن لم يقصر فى إيمانه ولم يدخل خلل فى عرفانه وان تلطخ بعصيانه
دارم از لطف ازل جنت فردوس طمع ... كرچهـ دربانىء ميخانه فراوان كردم
پير طريقت در مناجات خويش كفته الهى توانى كه از بنده ناسزا مى بينى وبعقوبت نشتابى از بنده كفر مى شنوى ونعمت از وى باز نكيرى ثواب وعفو بر وى عرضه ميكنى و پيغام وخطاب خود او را باز خوانى واگر باز آيد وعده مغفرت ميدهى كه ان(8/351)
وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (7) فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (8) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11)
ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
چون با دشمن بدكردار چنينى ... چهـ كويم كه دوست نكوكار را چونى
دوستانرا كجا كنى محروم ... تو كه با دشمنان نظر دارى
وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ كم خبرية فى موضع النصب على انه مفعول مقدم لارسلنا ومن نبى تمييز وفى الأولين متعلق بأرسلنا او بمحذوف مجرور على انه صفة لنبى والمعنى كثيرا من الأنبياء أرسلنا فى الأمم الأولين والقرون الماضية وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ضمير يأتيهم الى الأولين وهو حكاية حال ماضية مستمرة لان ما انما تدخل على مضارع فى معنى الحال او على ماض قريب منها اى كانوا على ذلك والمعنى بالفارسية ونيايد بايشان هيچ پيغمبرى مكر أفسوس كردند برو يعنى ان عادة الأمم مع الأنبياء الذين يدعونهم الى الدين الحق هو التكذيب والاستهزاء فلا ينبغى لك ان تتأذى من قومك بسبب تكذيبهم واستهزائهم لان المصيبة إذا عمت خفت فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ اى من هؤلاء القوم المسرفين وهم قريش بَطْشاً تمييز وهو الظاهر أو حال من فاعل أهلكنا اى باطشين قال الراغب البطش تناول الشيء بصولة والاخذ بشدة يعنى اقرباى ايشانرا هلاك كرديم وشدت وشوكت ايشان ما را عاجز نداشت فهو وعد له عليه السلام ووعيد لهم بمثل ما جرى على الأولين ووصفهم بأشدية البطش لاثبات حكمهم لهؤلاء بطريق الاولوية وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ اى سلف فى القرآن غير مرة ذكر قصتهم التي حقها ان تسير مسير المثل وهم قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم وفى الآية اشارة الى كمال ظلومية نفس الإنسان وجهوليته وكمال حلم الله وكرمه وفضل ربوبيته بانهم وان بالغوا فى اظهار اوصافهم الذميمة واخلاقهم اللئيمة بالاستهزاء مع الأنبياء والمرسلين والاستخفاف بهم الى ان كذبوهم وسعوا فى قتلهم من اهل الأولين والآخرين وكذلك يفعلون اهل كل زمان مع ورثة الأنبياء من العلماء المتقين والمشايخ السالكين الناصحين لهم والداعين الى الله والهادين لهم فالله تعالى لم يقطع عنهم مراحم فضله وكرمه وكان يبعث إليهم الأنبياء وينزل عليهم الكتب ويدعوهم الى جنابه وينعم عليهم بعفوه وبغفرانه ومن غاية افضاله وإحسانه تأديبا وترهيبا بعباده أهلك بعض المتمردين المتمادين فى الباطل ليعتبر المتأخرون من المتقدمين
چوبركشته بختي در افتد به بند ... ازو نيك بختان بگيرند پند
قال فى كشف الاسرار عجب كاريست هر كجا كه حديث دوستان دركيرند آستان بيكانكان در ان پيوندد وهر كجا كه لطافتى وكرامتى نمايد قهرى وسياستى در برابر آن نهد هر كجا كه حقيقى است مجازى آفريده تا بر روى حقيقت تمرد افشاند وهر حجتى شبهتى آميخت تا رخساره حجت مى خراشد هر كجا كه علمى است جهلى پيدا آورده تا بر سلطان علم بر مى آويزد هر كجا كه توحيدست شركى پديد آورد تا با توحيد طريق منازعت مى سپرد وبعدد هر دوستى هزار دشمن آفريده بعدد هر صديقى هزار زنديق آورده هر كجا مسجد است كليسايى در برابر او بنا كرده هر كجا صومعه خراباتى هر كجا طيلسانى زنارى هر كجا إقراري إنكاري هر كجا عابدى جاحدى هر كجا دوستى دشمنى هر كجا صادقى فاسقى
جور دشمن چهـ كند كر نكشد طالب دوست ... كنج ومار وكل وخار وغم وشادى(8/352)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11)
بهمند از شرق تا غرب بر زينت ونعمت كرده ودر هر نعمتى تعبيه محنتى در پيش ساخته من نكد الدنيا مضرة الزرنيخ ومنفعة الهليلج پير طريقت كفت آدمي را سه حالتست سر بيان مشغولست يا طاعت است كه او را از ان سودمندى است يا معصيت كه او را از ان پشيمانى است يا غفلت است كه او را زيانكارى است پند نيكوتر از قرآن چيست وناصح مهربان ترا ز مولى كيست سرمايه فراح ترا ز ايمان چيست رابح ترا ز تجارت بالله چيست مكر كه آدمي را بزبان خرسندى ويقطيعت رضا دادنى واو را از مولى بيزارى بيداران روز كردد كه ببود بوى هر چهـ بودنى است پند آنكه پذيرد كه باو رسد آنچهـ رسيدنى است اين صفت آن قوم كه رب العزة ميكويد فاهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين نسأل الله العصمة وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ يعنى قومك وهم قريش مَنْ استفهام بمعنى كه بالفارسية خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى الاجرام العلوية والسفلية لَيَقُولُنَّ اعترافا بالصانع خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ فى حكمه وملكه الْعَلِيمُ بأحوال خلقه چهـ اين نوع آفرينش كار جاهل وعاجز نتواند بود پس درين آيت اخبار ميكند از غايت جهل انسان كه مقرند بآفريننده قوى ودانا وعبادت غير او ميكويد قال فى الإرشاد ليسندن خلقها الى من هذا شأنه فى الحقيقة وفى نفس الأمر لا انهم يعبرون عنه بهذا العنوان وقد جوز ان يكون ذلك عين عبارتهم وفى فتح الرحمن ومقتضى جواب قريش ان يقولوا خلقهن الله فلما ذكر الله تعالى المعنى جاءت العبارة عن الله بالعزيز العليم ليكون ذلك توطئة لما عدده بعد من أوصافه التي ابتدأ الاخبار بها وقطعها عن الكلام الذي جكى معناه عن قريش وهو قوله الذي وفى الآية اشارة الى ان فى جبلة الإنسان معرفة لله مركوزة وذلك لان الله تعالى ذرأ ذريات بنى آدم من ظهورهم وأشهدهم على أنفسهم بخطاب ألست بربكم فأسمعهم خطابه وعرفهم ربوبيته وفقهم لاجابته حتى قالوا بلى فصار ذلك الإقرار بذر ثمرة إقرارهم بخالقية الله تعالى فى هذا العالم لكن الله تعالى لعزته لا يهتدى الى سرادقات عزته الا من أعز الله تعالى بجذبات عنايته وهو العليم الذي يعلم حيث يجعل
رسالاته اسم أعظم بكند كار خود اى دل خوش باش ... كه بتلبيس وحيل ديو سليمان
نشود الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً استئناف من جهته تعالى والجعل بمعنى تصيير الشيء على حالة دون حالة والمهد والمهاد المكان الممهد الموطأ لقوله تعالى جعل لكم الأرض فراشا اى بسطها لكم تستقرون فيها وبالفارسية ساخت براى شما زمين را بساطى كسترده تا قراركاه شما باشد وفى بحر العلوم جعل الأرض مسكنا لكم تقعدون عليها وتنامون وتنقلبون كما ينقلب أحدكم على فراشه ومهاده وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا تسلكونها فى اسفاركم لامور الدين والدنيا جمع سبيل وهو من الطرق ما هو معتاد السلوك وقال الراغب السبيل الطريق الذي فيه سهولة لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ اى لكى تهتدوا لسلوكها الى مقاصدكم يعنى بسوى بلاد وديارى كه خواهيد او بالتفكر فيها الى التوحيد الذي هو المقصد الأصلي وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ بمقدار ووزن ينفع العباد والبلاد ولا يضرهم وبالفارسية آبى باندازه حاجت ومصلحت يعنى نه بسيار غرق شدن باشد چون طوفان ونه اندك كه(8/353)
وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14) وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16)
مهمات زراعت وغير او را كفايت نكند وهذه عادة الله فى عامة الأوقات وقد ينزل بحسب الحكمة ما يحصل به السيول فيضرهم وذلك فى عشرين او ثلاثين سنة مرة ابتلاء منه لعباده وأخذا لهم بما اقترفوا فَأَنْشَرْنا بِهِ اى أحيينا بذلك الماء والانشار احياء الميت بالفارسية زنده كردن مرده را بَلْدَةً مَيْتاً مخفف من الميت بالتشديد اى خالية عن النماء والنبات بالكلية شبه زوال النماء عنها بزوال الحياة عن البدن وتذكير ميتا لان البلدة فى معنى البلد والمكان والفضاء وقال سعدى المفتى لا يبعد والله تعالى اعلم ان يكون تأنيث البلد وتذكير الميت اشارة الى بلوغ ضعف حاله الغاية والالتفات الى نون العظمة لاظهار كمال العناية بأمر الاحياء والاشعار بعظم خطره كَذلِكَ اى مثل ذلك الاحياء الذي هو فى الحقيقة إخراج النبات من الأرض تُخْرَجُونَ اى تبعثون من قبوركم احياء تشبيه احيائهم بإحياء البلدة الميت كما يدل على قدرة الله تعالى وحكمته مطلقا فكذلك يدل على قدرته على القيامة والبعث وفى التعبير عن إخراج النبات بالانشار الذي هو احياء الموتى وعن احيائهم بالإخراج تفخيم لشان الإنبات وتهوين لامر البعث لتقويم سند الاستدلال وتوضيح منهاج القياس وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى نزل من سماء الروح ماء الهداية فأحيى به بلدة القلب الميت كذلك يخرج العبد من ظلمات ارض الوجود الى نور الله تعالى فانه مادام لم يحى قلبه بماء الهداية لم يخرج من ظلمات ارض الوجود كما ان البذر ما لم يحى فى داخل الأرض بالمطر لم يظهر فى ظاهرها فكان الفيض سبب النور (روى) ان أم الحسن البصري رضى الله عنه كانت مولاة أم سلمة رضى الله عنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وربما غابت لحاجة فيبكى فتعطيه أم سلمة ثديها فيشربه فنال الحكمة والفصاحة من بركة ذلك وايضا حياة القلب بأسباب منها الغذاء الحلال نقلست كه اويس القرني رضى الله عنه يكبار سه شبانروز هيچ نخورده بود بيرون آمد بر راه يك دينار افتاده بود كفت از كسى افتاده باشد روى كردانيد تا كياه از زمين برچيند وبخورد ناكاه ديد كه كوسفندى مى آيد وكرده كرم در دهان كرفته پيش وى بنهاد واو كفت مكر از كسى ربوده باشد روى بگردانيد كوسفند بسخن در آمد كفت من بنده آن كسم تو بنده وى بستان روزى از بنده خداى كفت دست دراز كردم تا كرده بر كيرم كرده در دست خويش ديدم وكوسفند ناپديد شد يقول الفقير لعله كان من الأرواح العلوية وانما تمثل بصورة الغنم من حيث أن اويس كان الراعي ومن حيث ان الغنم كان صورة لانقياد والاستسلام وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى جعل للناس طرقا مختلفة من الهداية والضلالة فاما طريق الهداية فبعدد أنفاس الخلائق وكلها موصلة الى الله تعالى واما طريق الضلالة فليس شىء منها موصلا الى الرحمة بل الى الغضب فليسارع العبد الى قبول دعوة داعى الرحمة كلمفيل خواص هذه الامة وأفضل الطرق طريق الذكر والتوحيد ولذا امر الله بالذكر الكثير
پيش روشن دلان بحر صفا ... ذكر حق كوهرست ودن دريا
پرورش ده بقعر آن كهرى ... كه نيايد بلب از ان اثرى
تا خدا سازدش بنصرت وعون ... كوهرى قيمتش فزون ز دو كون
وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها اى اصناف المخلوقات بأسرها كما قال مما تنبت الأرض ومن(8/354)
لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14)
أنفسهم ومما لا يعلمون لا يشذ شىء منها عن إيجاده واختراعه وعن ابن عباس رضى الله عنهما الأزواج الضروب والأنواع كالحلو والحامض والأبيض والأسود والذكر والأنثى وقيل كل ما سوى الله فهو زوج كفوق وتحت ويمين وشمال وقدام وخلف وماض ومستقبل وذات وصفات وأرض وسماء وبر وبحر وشمس وقمر وليل ونهار وصيف وشتاء وجنة ونار الى غير ذلك مما لا يحصى وكونها أزواجا يدل على انها ممكنة لوجود وان محدثها فرد منزه عن المقابل والمعارض وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ اى السفن الجارية فى البحر وَالْأَنْعامِ اى الإبل والدواب يعنى چهارپايان ما تَرْكَبُونَ اى ما تركبونه فى البحر والبر على تغليب أحد اعتباري الفعل لقوته على الاخر فان ركب يعدى الى الانعام بنفسه يقال ركبت الدابة والى الفلك بواسطة حرف الجر يقأل ركبت فى الفلك وتقديم البيان على المبين للمحافظة على الفاصلة النونية وتقديم الفلك على الانعام لان الفلك أدل دليل على القدرة الباهرة والحكمة البالغة لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ اى لتستعلوا على ظهور ما تركبونه من الفلك والانعام والظهور للانعام حقيقة لا للفلك فدل على تغليب الانعام على الفلك وإيراد لفظ ظهور بصيغة الجمع مع ان ما أضيف مفرد اليه للمعنى لان مرجع الضمير جمع فى المعنى وان كان مفردا فى اللفظ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ عليكم إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ المراد لذكر بالقلوب لانه هو الأصل وله الاعتبار فقد ورد ان الله لا ينظر الى صوركم وأعمالكم بل الى قلوبكم ونياتكم وبه يظهر وجه إيثار تذكروا على تحمدوا والمعنى ثم تذكروا نعمة ربكم بقلوبكم إذا استعليتم عليه معترفين بها مستعظمين لها ثم تحمد وعليها بألسنتكم وَتَقُولُوا متعجبين من ذلك سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا المركوب يعنى پاكست آن خداى كه رام ونرم كردانيد وزير دست ساخت براى ما اين كشتى واين حيوانرا تا بمدد ركوب بر ايشان قطع بر وبحر ميكنيم وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ اى مطيقين بتذليلها يعنى ليس عندنا من القوة والطاقة ان نقرن هذه الدابة والفلك وان تضبطها فسبحان من سخر لنا هذا بقدرته وحكمته وهذا من تمام ذكر نعمته تعالى إذ بدون اعتراف المنعم عليه بالعجز عن تحصيل النعمة لا يعرف قدرها ولا حق المنعم بها قال فى القاموس اقرن للامر اطاقه وقوى عليه كاستقرن وعن لامر ضعف ضد انتهى والاقران بالفارسية طاقت چيزى داشتن وفى كشف الاسرار تقول أقرنت الرجل إذا ضبطته وساويته فى القوة وصرت له قرنا وقال غيره أصله وجده قرينه لان الصعب لا يكون قرينا للضعيف يعنى ان من وجد شيأ قرينه لم يصعب عليه وهو معنى أطاقه وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ اى راجعون بالموت وبالفارسية باز كردنده كانيم در آخر بر مركبى كه جنازه كويند وآخر مركبى از مراكب دنيا آنست
هش دار وعنان كشيده رو آخر كار ... بر مركب چوبين ز جهان خواهى رفت
وفيه إيذان بان حق الراكب ان يتأمل فيما يلابسه من المسير ويتذكر منه المسافرة العظمى التي هى الانقلاب الى الله تعالى فيبنى أموره فى مسيره ذلك على تلك الملاحظة ولا يخطر بباله فى شىء مما يأتى ويذر امرا ينافيها ومن ضرورته ان يكون ركوبه لامر مشروع كالحج وصلة الرحم وطلب العلم ونحو ذلك وايضا ان الركوب(8/355)
موقع فى الخطر والخوف من حيث ان راكب الدابة لا يأمن من عثارها او شموسها مثلا والهلاك بذلك وكذا راكب السفينة لا يأمن انكسارها وانقلابها وغرقها فينبغى للراكب ان لا يغفل عن الله لحظة ويستعد للقائه ويعلم ان الموت اقرب اليه من شراك نعله وان كل نفس يتنفسه كأنه آخر الأنفاس قال بعضهم أجل نعمة الله على العباد ان يقويهم على نفوسهم الامارة وينصرهم عليها حتى يركبوا عليها ويميتوها بالمجاهدات حتى تستقيم فى طاعة الله وإذا استقامت وجب عليهم شكر النعمة ومن لم يعرف نعم الله عليه الا فى مطعمه ومشربه ومركبه فقد صغر نعم الله عليه ثم ان تسخير النفوس بعد استوائها فى إطاعة الله يكون بتسخير الله لا بالكسب والمجاهدة ولذا قال سبحان الذي إلخ وانما ذكر
الانقلاب فى الآخر لان رجوع النفس الى الله انما هو بعد تسخيرها المذكور وقال بعضهم وانا الى ربنا لمنقلبون كما جئنا أول مرة كما قال كما بدأنا أول خلق نعيده اى كما بدأ خلقنا باشارة امر كن واخرج أرواحنا من كتم العدم الى عالم الملكوت بنفخته الخاصة ردنا الى أسفل سافلين القالب وهو عالم الملك ثم بجذبة ارجعي الى ربك اعادنا على مركب النفوس من عالم الملك الى ساحل بحر الملكوت ثم سخر لنا فلك القلوب وسيرنا فى بحر الملكوت الى عالم الربوبية روى على بن ابى ربيعة انه شهد عليا رضى الله تعالى عنه حين ركب فلما وضع رجله فى الركاب قال بسم الله فلما استوى قال الحمد لله ثم قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون ثم حمد ثلاثا وكبر ثلاثا ثم قال لا اله الا أنت ظلمت نفسى فاغفر لى انه لا يغفر الذنوب الا أنت ثم ضحك فقيل له ما يضحكك يا امير المؤمنين قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل ما فعلت وقال مثل ما قلت ثم ضحك فقلنا مم ضحكت يا رسول الله قال يعجب ربنا عز وجل من عبده إذا قال لا له الا أنت ظلمت نفسى فاغفر لى انه لا يغفر الذنوب الا أنت ويقول علم عبدى ان لا يغفر الذنوب غيرى وفى عين المعاني كان صلى الله تعالى عليه وسلم إذا ركب هلل وكبر ثلاثا ويقال قبل هذا الحمد لله الذي حملنا فى البر والبحر ورزقنا من الطيبات وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا ومن علينا الايمان والقرآن وبنبينا محمد صلى الله عليه وسلم سبحان الذي سخر لنا الاية وفى كشف الاسرار كان الحسن ابن على رضى الله عنهما يقولها ويروى عن الحسن رضى الله عنه انه كان إذا ركب دابة قال الحمد لله الذي هدانا للاسلام والحمد الله الذي أكرمنا بالقرءان والحمد لله الذي من علينا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين قال صلى الله تعالى عليه وسلم ما من أحد من أمتي استوى على ظهر دابة فقال كما امره الله الا غفر له وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركب العبد الدابة فلم يذكر اسم الله عليها ردفه الشيطان وقال له تغن فان قال لا احسن اى الغناء قال له تمن يعنى تكلم بالباطل فلا يزال فى أمنيته حتى ينزل وروى ان قوما ركبوا فى سفر وقالو سبحان الذي الآية وفيهم رجل على ناقة رازمة لا نتحرك هزالا فقال اما انا فمقرن مطيق لهذه فسقط عنها بوثبتها واندقت عنقه وروى عن الحسن بن على رضى الله عنهما انه كان إذا عثرث دابته قال اللهم لا طير الا طيرك ولا خير الا خيرك ولا اله غيرك ولا ملجأ ولا منجى(8/356)
وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16)
منك الا إليك ولا حول ولا قوة الا بك هذا إذا ركب الدابة واما إذا ركب فى السفينة فيقول بسم الله مجراها ومرساها ان ربى لغفور رحيم وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً الجاعلون هم قبائل من العرب قالوا ان الله صاهر الجن فولدت له الملائكة وقال بعضهم هو رد على بنى مليح حيث قالوا الملائكة بنات الله ومليح بالحاء المهملة كزبير حى من خزاعة والجعل هنا بمعنى الحكم بالشيء والاعتقاد به جعلت زيدا أفضل الناس اى حكمت به ووصفته والمراد بالعباد الملائكة وهو حال من جزأ قال فى القاموس الجزء البعض واجزأت الام ولدت الإناث وجعلوا له من عباده جزا اى إناثا انتهى ولذا قال الزجاج والمبرد والماوردي الجزء عند اهل العربية البنات يقال اجزأت المرأة إذا ولدت البنات ولذا قال الراغب جزء الشيء ما تتفوم به جملته وجعلوا له من عباد جزأ قيل ذلك عبارة عن الإناث من قولهم اجزأت المرأة أنت بأنثى وقال جار الله ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالإناث وادعاء ان الجزء فى لغة العرب اسم للاناث وما هو الا كذب على العرب ووضع مستحدث ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه اجزأت المرأة ثم صنعوا بيتا وقالوا ان اجزأت حمدة يوما فلا عجب زوجتها من بنات الأوس مجزتة انتهى يقول الفقير لم يكن الجزء فى الأصل بمعنى الإناث وانما ذكره اهل اللغة أخذا من الآية لانه فيها بمعنى الولد المفسر بالإناث فذكره فى اللغات لا ينافى حدوثه وانما عبر عن الولد بالجزء لانه بعض أبيه وجزء منه كما قال عليه السلام ان فاطمة منى اى قطعة منى وقال فاطمة بضعة منى والبضعة بالفتح القطعة من اللحم واثبات الولد له تعالى مستلزم للتركيب المستلزم للامكان المنافى للوجوب لذاتى فالله تعالى يستحيل ان يكون له ولد هو جزء من والده لانه واحد وحدة حقيقية ومعنى الآية واعتقد المشركون وحكموا واثبتوا له تعالى ولدا حال كون ذلك الولد من الملائكة الذين هم عباده فقالوا الملائكة بنات الله بعد اعترافهم بألسنتهم واعتقادهم ان خالق السموات والأرض هو الله فكيف يكون له ولد والولادة من صفات الأجسام وهو خالق الأجسام كلها ففيه تعجيب من جهلهم وتنبيه على قلة عقولهم حيث وصفوه بصفات المخلوقين واشارة الى ان الولد لا يكون عبد أبيه والملائكة عباد الله فكيف تكون البنات عبادا وقيل الجزء هاهنا بمعنى النصيب كما فى قوله تعالى لكل باب منهم جزء مقسوم اى نصيب ومعنى الآية معنى قوله جعلو الله مما ذرا من الحرث والانعام نصيبا وذلك انهم جعلوا البنات لله والبنين لانفسهم كما يجىء إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ ظاهر الكفر مبالغ فيه او مظهر لكفره ولذلك يقولون ما يقولون سبحانه عما يصفون
بى زن وفرزند شد ذات أحد ... از ازل فرد وصمد شد تا ابد
أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ مفعول اتخذ والبنات بالفارسية دختران وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ وشما را خالص كرد وبركزيد به پسران أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة على انها للانكار والتوبيخ والتعجيب من شأنهم وتنكير بنات لتربية الحقارة كما ان تعريف البنين لتربية الفخامة وقدم البنات لكون المنكر عليهم نسبتهن الى الله فكان ذكرهن أهم بالنظر الى مقصود المقام والالتفات الى خطابهم لتأكيد الإلزام وتشديد التوبيخ والاصفاء الإيثار وبالفارسية بركزيدن يقال اصفيت فلانا بكذا اى آثرته به والمعنى(8/357)
وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20)
بل اتخذ من خلقه البنات التي هى اخس الصنفين واختار لكم البنين الذين هم أفضلهما على معنى هبوا انكم اجترأتم على اضافة جنس الولد اليه سبحانه وتعالى مع ظهور استحالته وامتناعه اما كان لكم شىء من العقل ونبذة من الحياء حتى اجترأتم على ادعاء انه تعالى آثركم على نفسه بخير الصنفين وأعلاهما وترك لنفسه شرهما وأدناهما فان الإناث كانت ابغض الأولاد عندهم ولذا وأدوهن ولو اتخذ لنفسه البنات واعطى البنين لعباده لزم ان يكون حال العبد أكمل وأفضل من حال الله ويدفعه بديهة العقل وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا الالتفات للايذان باقتصاء ذكر قبائحهم ان يعرض عنهم ويحكى لغيرهم تعجبا منها وضرب هنا بمعنى جعل المتعدى الى مفعولين حذف الاول منهما لا بمعنى بين ومثلا بمعنى شبيه لا بمعنى القصة العجيبة كما فى قولهم ضرب له المثل بكذا والمعنى وإذا اخبر أحد المشركين بولادة ما جعله مثلا له تعالى وشبيها إذ الولد لابدان يجانس الوالد ويماثله ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا الظلول هنا بمعنى الصيرورة اى صار أسود فى الغاية من سوء ما بشر به ولذا من رأى فى المنام ان وجهه اسود ولدت له بنت ويجوز أن يكون اسوداد الوجه عبارة عن الكراهة وَهُوَ كَظِيمٌ اى والحال انه مملوء من الكرب والكأبة يقال رجل كظيم ومكظوم اى مكروب كما فى القاموس يقول الفقير هذه صفة المشركين فانهم جاهلون بالله غافلون عن خفى لطفه تحت جلى قهره واما الموحدون فحالهم الاستبشار بما ورد عن الله أيا كان إذ لا يفرقون بين أحد من رسله كما ان الكريم لا يغلق بابه على أحد من الضيفان والفاني عما سوى الله تعالى ليس له مطلب وانما مطلبه ما أراد الله كذشتم از سر مطلب تمام شد مطلب نقاب چهره مقصود بود مطلبها أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ تكرير للانكار والهمزة لإنكار الواقع واستقباحه ومن منصوب بمضمر معطوف على جعلوا والتنشئة التربية وبالفارسية پروردن والحلية ما يتحلى به الإنسان وبتزين وبالفارسية آرايش والجمع حلى بكسر الحاء وضمها وفتح اللام والمعنى او جعلوا من شانه ان يربى فى الزينة وهو عاجز عن ان يتولى لامره بنفسه يعنى البنات وقال سعدى المفتى لعل القدير اجترءوا على مثل هذه العظيمة وجعلوا (وقال الكاشفى) آيا كسى كه پرورده كردد در پيرايه يعنى بناز پرورش يابد واو را قوت حرب ميدان دارى نباشد وَهُوَ مع ما ذكر من المقصود فِي الْخِصامِ مع من يخاصمه ويجادله اى فى الجدال الذي لا يكاد يخلو الإنسان منه فى العادة غَيْرُ مُبِينٍ غير قادر على تقرير دعواه واقامة حجته كما يقدر الرجل عليه لنقصان عقله وضعف رأيه وربما يتكلم عليه وهو يريدان يتكلم له وهذا بحسب الغالب والا فمن الإناث من هو اهل الفصاحة والفاضلات على الرجل قال الأحنف سمعت كلام ابى بكر رضى الله عنه حتى مضى وكلام عمر رضى الله عنه حتى مضى وكلام عثمان رضى الله عنه حتى مضى وكلام على رضى الله عنه حتى مضى لا والله ما رأيت ابلغ من عائشة رضى الله عنها وقال معاوية رضى الله عنه ما رأيت ابلغ من عائشة ما أغلقت بابا فارادت فتحه الا فتحته ولا فتحت بابا فارادت اغلاقه الا غلقته ويدل عليه قوله عليه السلام فى حقها انها ابنة ابى بكر اشعارا بحسن فهمها وفصاحة منطقها كما سبق (قال الكاشفى) عرب را شجاعت وفصاحت فخر بودى واغلب زنان ازين دو حليه عاطل مى باشد حق تعالى(8/358)
وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)
فرمود كه آيا كسى اينچنين باشد خداى تعالى او را بفرزندى ميكيرد قال اهل التفسير اضافة غير لا نمنع عمل ما بعده فى الجار المتقدم لانه بمعنى النفي كأنه قال وهو لا يبين فى الخصام ومثله مسألة لكتاب انا زيدا غير ضارب قال فى كشف الاسرار فى الآية تحليل ليس الذهب والحرير للنساء وذم لتزين الرجال بزينة النساء وقال فى بحر العلوم وفى الاية دلالة بينة لكل ذى عقل سليم على ترك النشو فى الزينة والنعومة والحذر عنه لانه تعالى جعله من المعايب والمذام ومن صفات الإناث ويعضده قول النبي عليه السلام لمعاذ إياك والتنعم فان عباد الله ليسوا بمتنعمين والتنعم استعمال ما فيه النعومة واللين من المأكولات والملبوسات غدا
كر لطيفست وكر سرسرى ... چوديرت بدست اوفتد خوش خورى
ومن الكلمات الحكمية ثم على اوطأ الفراش اى وقت غلبة النوم وكل ألذ الطعام اى وقت غلبة الجوع والعجب كل العجب من علماء عصرك ومتفقهة زمانك يتلون هذه الآية ونحوها والأحاديث المطابقة لها فى المعنى ثم لا يتأملونها تأملا صحيحا ولا يتبعون فيها نبيهم الكريم فى ترك الزينة والتنعم همچوطفلان منكر اندر شرخ وزرد چون زنان مغرور رنك وبو مكرد (وقال بعضهم)
خويشتن آراى مشو چون بهار ... تا نبود بر تو طمع روزكار
وفيه اشارة الى ان المرء المتزين كالمرأة فالعاقل يكتفى بما يدفع الحر والبرد ويجتهد فى تزيين الباطل فانه المنظر الإلهي ولو كانت للنساء عقول راجحة لما ملن الى التزين بالذهب والفضة والحلي والحلل اما يكتفى للمرء والمرأة مضمون ما قيل
نشد عزيزتر از كعبه اين لباس پرست ... بجامه كه بسالى رسد قناعت كن
وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً بيان لتضمن كفرهم المذكور لكفر آخر وتقريع لهم بذلك وهو جعلهم أكمل العباد وأكرمهم على الله انقصهم رأيا وأخسهم صنفا يعنى ملائكه كه مجاور ان صوامع عبادت وملازمان مجامع عبوديت اند دختران نام مى نهند والبنات لا تكن عبادا والولد لا يكون عبد أبيه ففيه تكذيب لهم فى قولهم الملائكة بنات الله أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ من الشهود بمعنى الحضور لا من الشهادة اى أحضروا خلق الله تعالى إياهم فشاهدوهم إناثا حتى يحكموا بأنوثتهم فان ذلك انما يعلم بالمشاهدة وهو تجهيل لهم وتهكم بهم فانهم انما سمعوه من آبائهم وهم ايضا كذابون جاهلون وفيه تخطئة للمنجمين واهل الحكمة المموهة فى كثير من الأمور فانهم بعقولهم القاصرة حكموا على الغيب منجمى بخانه خود در آمد مرد بيكانه را ديد با زن خود بهم نشسته دشنام داد وسقط كفت وفتنه وآشوب بر خاست صاحب دلى برين حال واقف شد وكفت تو بر اوج فلك چهـ دانى چيست چوندانى كه در سراى تو كيست قال العماد الكاتب اجمع المنجمون فى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة فى جميع البلاد على خراب العالم فى شعبان عند اجتماع الكواكب الستة فى الميزان بطوفان الريح وخوفوا بذلك ملوك الأعاجم والروم فشرعوا فى حفر مغارات ونقلوا إليها الأزواد والماء وتهيئوا فلما كانت الليلة التي عينها المنجمون بمثل ريح عاد ونحن جلوس عند السلطان والشموع تتوقد فلا تتحرك ولم نر ليلة فى ركودها مثلها سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ هذه فى ديوان أعمالهم يعنى يكتب الملك ما شهدوا بها على الملائكة وَيُسْئَلُونَ عنها يوم القيامة وهو وعيد قال(8/359)
وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20)
سعدى المفتى السين فى ستكتب للتأكيد ويحتمل ان يكون للاستعطاف الى التوبة قبل كتابة ما قالوه ولا علم لهم به وفى الحديث كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يسار الرجل وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات فاذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشرا وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح الله او يستغفر قال ابن جريج هما ملكان أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره والذي عن يمينه يكتب الحسنات بغير شهادة صاحبه والذي عن يساره لا يكتب الا بشهادة صاحبه ان قعد فاحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وان مشى فاحدهما امامه والآخر خلفه وان نام فاحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه والكفار لهم كتاب وحفضة كما للمؤمنين فان قيل فالذى يكتب عن يمينه إذا اى شىء يكتب ولم يكن لهم حسنة يقال له الذي عن شماله يكتب بإذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وان لم يكتب قال بعض المحدثين تجتنب الملائكة بنى آدم فى حالين عند الغائط وعند الجماع وفى شرح الطريقة يكره الكلام فى الخلاء وعند قضاء الحاجة أشد كراهة لان الحفظة تتأذى بالحضور فى ذلك الموضع الكريه لاجل كتابة الكلام فلا بد للمرء من الأدب والمراقبة والمسارعة الى الخير دون الشر وفى الحديث عند الله خزآئن الخير والشر مفاتيحها الرجال فطوبى لمن جعله مفتاحا للخير ومغلاقا للشر وويل لمن جعله مفتاحا للشر ومغلاقا للخير ثم فى الآية اشارة الى ان الله تعالى أمهل عباده ولم يأخذهم بغتة فى الدنيا ليرى العباد أن العفو والإحسان أحب اليه من الاخذ والانتقام وليتوبوا من الكفر والمعاصي
بيا تا براريم دستى ز دل ... كه نتوان برآورد فرد از كل
نريزد خدا آب روى كسى ... كه ريزد كناه آب چشمش بسى
ومن الله التوفيق لما يحبه ويرضاه وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ بيان لفن آخر من كفرهم اى قال المشركون العابدون للملائكة لو شاء الرحمن عدم عبادتنا للملائكة مشيئة ارتضاء ما عبدناهم أرادوا بذلك ان ما فعلوه حق مرضى عنده تعالى وانهم انما يفعلونه بمشيئة الله تعالى لا الاعتذار من ارتكاب ما ارتكبوه بأنه بمشيئة الله إياه منهم مع اعترافهم بقبحه حتى ينتهض ذمهم به دليلا للمعتزلة ومبنى كلامهم الباطل على مقدمتين إحداهما ان عبادتهم لهم بمشيئة الله تعالى والثانية ان ذلك مستلزم لكونها مرضية عنده تعالى ولقد أخطأوا فى الثانية حيث جهلوا ان المشيئة عبارة عن ترجيح بعض الممكنات على بعض كائنا ما كان من غير اعتبار الرضى والسخط فى شىء من الطرفين ولذلك جهلوا بقوله ما لَهُمْ بِذلِكَ اى بما أرادوا بقولهم ذلك من كون ما فعلوه بمشيئة لارتضاء لا بمطلق المشيئة فان ذلك محقق ينطق به ما لا يحصى من الآيات الكريمة مِنْ عِلْمٍ يستند الى سند ما إِنْ هُمْ اى ما هم إِلَّا يَخْرُصُونَ يكذبون فان الخرص الكذب وكل قول بالظن والتخمين سوآء طابق الواقع أم لا قال الراغب كل قول مقول عن ظن وتخمين يقال له خرص سوآء كان ذلك مطابقا للشىء او مخالفا له من حيث ان صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولا سماع بل اعتمد فيه على الظن والتخمين كفعل الخارص فى خرصه وكل من قال قولا على هذا النحو يسمى كاذبا وان كان مطابقا للقول المخبر به كما حكى عن قول المنافقين فى قوله تعالى إذا جاءك المنافقون قالوا(8/360)
أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)
نشهد انك لرسول الله الى قوله ان المنافقين لكاذبون يقول الفقير اسناد المشيئة الى الله ايمان وتوحيد ان صدر من المؤمن والا فكفر وشرك لانه من العناد والعصبية والجهل بحقيقة الأمر فلا يعتبر ثم اضرب عنه الى ابطال ان يكون لهم سند من جهة النقل فقيل أَمْ آتَيْناهُمْ آيا داده ايم ايشانرا كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ اى من قبل القرآن او الرسول او من قبل ادعائهم ينطق بصحة ما يدعونه من عبادة غير الله وكون الملائكة بناته فَهُمْ بِهِ اى بذلك الكتاب مُسْتَمْسِكُونَ وعليه معولون ومقرر است كه ايشانرا كتابى نداده ايم پس ايشانرا حجتى نقلا وعقلانيست يقال استمسك به إذا اعتصم به قال فى تاج المصادر الاستمساك چنك در زدن ويعدى بالباء وفى المفردات إمساك الشيء التعلق به وحفظه واستمسكت بالشيء إذا تحريت الإمساك بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ الامة الدين والطريقة التي تؤم اى تقصد قال الراغب الامة كل جماعة يجمعهم امر اما دين واحد او زمان واحد او مكان واحد سواء كان الأمر الجامع تسخيرا او اختيارا وقوله انا وجدنا آباءنا على امة اى على دين مجتمع عليه انتهى وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ مهتدون خبر ان والظرف صلة لمهتدون قدم عليه للاختصاص ويستعمل بعلى لضمنه معنى الثبوت والأثر بفتحتين بقية الشيء والآثار الاعلام وسنن النبي عليه السلام آثاره قال الراغب اثر الشيء حصول ما يدل على وجوده ومن هذا يقال للطريق المستدل به على من تقدم آثار والآثار بالفارسية پيها والمعنى لم يأتوا بحجة عقلية او نقلية بل اعترفوا بان لا سند لهم سوى تقليد آبائهم الجهلة مثلهم چهـ قدر را بتقليد توان پيمودن رشته كوتاه بود مرغ نوآموخته را وفيه ذم للتقليد وهو قبول قول الغير بلا دليل وهو جائز فى الفروع والعمليات ولا يجوز فى اصول الدين والاعتقاديات بل لا بد من النظر والاستدلال لكن ايمان المقلد صحيح عند الحنفية والظاهرية وهو الذي اعتقد جميع ما وجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وإرسال الرسل وما جاؤا به حقا من غير دليل لان النبي عليه السلام قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والإماء من غير تعليم الدليل ولكن المقلد يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوبه عليه والمقصود من الاستدلال هو الانتقال من الأثر الى المؤثر ومن المصنوع الى الصانع تعالى باى وجه كان لا ملاحظة الصغرى والكبرى وترتيب المقدمات للانتاج على قاعدة المعقول فمن نشأ فى بلاد المسلمين وسبح الله عند رؤية صنائعه فهو خارج عن حد التقليد كما فى فصل الخطاب والعلم الضروري أعلى من النظري إذ لا يزول بحال وهو مقدمة الكشف والعيان وعند الوصول الى الشهود لا يبقى الاحتياج الى الواسطة (ع) ساكنان حرم از قبله نما آزادند (وفى المثنوى)
چون شدى بر بامهاى آسمان ... سرد باشد جست وجوى نردبان
وَكَذلِكَ اى والأمر كما ذكر من عجزهم عن الحجة وتشبئهم بذيل التقليد ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ در دهى ومجتمعى مِنْ نَذِيرٍ نبى منذر قوم من عذاب الله إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها جبابرتها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ طريقة ودين وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ سننهم وأعمالهم مُقْتَدُونَ قوله ما أرسلنا إلخ استئناف دال على ان التقليد فيما بينهم ضلال قديم ليس لاسلافهم ايضا سند غيره وتخص المترفين(8/361)
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)
بتلك المقالة للايذان بان التنعم وحب البطالة هو الذي صرفهم عن النظر الى التقليد يقال أترفته النعمة اى أطغته والمراد بالمترفين الأغنياء والرؤساء الذين أبطرتهم النعمة وسعة العيش فى الدنيا وأشغلتهم عن نعيم الآخرة ويدخل فيهم كل من بتمادي فى الشهوات ويتبالغ فى النفرة من لوازم الدين من الشرائع والاحكام وفى الحديث ما بال أقوام يشرفون المترفين ويستخفون بالعابدين يعملون بالقرآن ما وافق أهواءهم وما خالف أهواءهم تركوه فعند ذلك يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض يسعون فيما يدرك بغير سعى من القدر المحتوم والرزق المقسوم والاجل المكتوب ولا يسعون فيما لا يدرك الا بالسعي من الاجر الموفور والسعى المشكور والتجارة التي لا تبور قال بعضهم ان الله تعالى ضمن لنا الدنيا وطلب منا الآخرة فليته طلب منا الدنيا وضمن لنا الآخرة فعلى العاقل الاقتفاء على آثار المهتدين وعمارة لآخرة كما عليه ارباب اليقين (قال الصائب)
بر نمى آيى بنعمتهاى ألوان زينهار ... تا توان غم خورد فكر نعمت ألوان مكن
كار عاقل نيست بند خويش محكم ساختن ... عمر خود را صرف در تعمير اين زندان مكن
قالَ اى كل نذير من أولئك المنذرين لاممهم عند تعللهم بتقليد آبائهم أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ اى أتقتدون بآبائكم ولو جئتكم بِأَهْدى اى بدين اهدى وارشد مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ اى من الضلالة التي ليست من الهداية فى شىء وانما عبر عنها بذلك مجاراة معهم على مسلك الانصاف قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ اى قال كل امة لنذيرها انا بما أرسلت به كافرون وان كان اهدى مما كنا فيه اى ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه وقد أجمل عند الحكاية للايجاز كما فى قوله تعالى يا ايها الرسل كلوا من الطيبات وفيه اقرار منهم بتصميمهم على تقليد آبائهم فى الكفر والضلال واقناط للنذير من ان ينظروا ويتفكروا فيه
خلق را تقليدشان بر باد داد ... كه دو صد لعنت برين تقليد باد
كرچهـ عقلش سوى بالا ميبرد ... مرغ تقليدش به پستى مى پرد
فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ پس ما انتقام كشيديم از مقلدان معاند باستئصال ايشان إذ لم يبق لهم عذر أصلا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ من الأمم المذكورين فلا تكترث بتكذيب قومك فان الله ينتقم منهم باسمه المنتقم القاهر القابض قال على رضى الله عنه السعيد من وعظ بغيره يعنى نيكبخت آن بود كه چون ديكريرا پند دهند واذكار ناشايسته وكفتار ناپسنديده باز دارند او از ان پند عبرت كيرد (روى) عن الشعبي انه قال خرج اسد وذئب وثعلب يتصيدون فاصطادوا حمار وحش وغزالا وأرنبا فقال الأسد للذئب اقسم فقال حمار الوحش للملك والغزال لى والأرنب للثعلب قال فرفع الا سديده وضرب رأس الذئب ضربة فاذا هو منجدل بين يدى الأسد ثم قال للثعلب اقسم هذه بيننا فقال الحمار يتغدى به الملك والغزال يتعشى به والأرنب بين ذلك فقال الأسد ويحك ما اقضاك من علمك هذا القضا فقال القضاء الذي نزل برأس الذئب فالانسان مع كونه اعقل الموجودات لا يعتبر وفى بعض الكتب سأل بعض الملوك بنته البكر عن ألذ الأشياء فقالت الخمر والجماع والولاية فهم بقتلها فقالت والله ما ذقتها ولكنى ارى ما فيك من الخمار والصداع ثم أراك تعاودها وارى ما تلاقى أمي من نصب الولادة والألم والاشراف على الموت ثم أراها فى فراشك إذا طهرت من نفاسها واسمع ما يجرى على عمالك(8/362)
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28) بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (29) وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (30) وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)
عند انعزالهم من الضرب والحبس والمصادرة ثم أراهم يطلبون الأعمال بأنم حرص ولا يعتبرون بما جرى عليهم وعلى غيرهم فعرفت ان هذه الثلاث ألذ الأشياء فعفا الملك عنها (قال الشيخ سعدى)
ندانستى كه بينى بند بر پاى ... چودر كوشت نيايد پند مردم
دكر ره كر ندارى طاقت نيش ... مكن انكشت در سوراخ كژدم
وجاء فى الأمثال المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين وفيه اشارة الى حال النفس الناسية القاسية فانها مع ما تذوق فى الدنيا من وبال سيئاتها تعود الى ما كانت عليه نسأل الله العصمة والتوفيق والعفو والعافية وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ اى واذكر يا محمد لقومك قريش وقت قول إبراهيم عليه السلام بعد الخروج من النار لِأَبِيهِ تارخ الشهير بآزر وكان ينحت الأصنام وَقَوْمِهِ المكبين على التقليد وعبادة الأصنام كيف تبرأ مما هم فيه بقوله إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ وتمسك بالبرهان ليسلكوا مسلك الاستدلال او ليقتدوا به ان لم يكن لهم بد من التقليد فانه اشرف آبائهم وبرآء بفتح الباء مصدر نعت به مبالغة ولذلك يستوى فيه المذكر والمؤنث والواحد والمتعدد يقال نحن البرآء واما البريىء فهو يؤنث ويجمع يقال بريىء وبريئون وبريئة وبريئات والمعنى انى بريىء من عبادتكم لغير الله ان كانت ما مصدرية او من معبودكم ان كانت موصولة حذف عائدها إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي استثناء منقطع ان كانوا عبدة الأصنام اى لكن الذي خلقنى لا ابرأ منه والفطر ابتداء خلق من غير مثال من قولهم فطرت البئر إذا انشأت حفرها من غير اصل سابق او متصل على ان ما نعم اولى العلم وغيرهم وانهم كانوا يعبدون الله والأصنام او صفة على ان ما موصوفة اى انى بريىء من آلهة تعبدونها غير الذي فطرنى فان الا بمعنى غير لا يوصف بها الا جمع منكور غير محصور وهو هنا آلهة كما هو مذهب ابن الحاجب فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ اى سيثبتنى على الهداية او سيهدينى الى ماوراء الذي هدانى اليه الى الآن ولذا أورد كلمة التسويف هنا بعد ما قال فى الشعراء فهو يهدين بلا تسويف والاوجه ان السين للتأكيد دون التسويف وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار اى دوام الهداية حالا واستقبالا وَجَعَلَها اى جعل ابراهيم كلمة التوحيد التي كان ما تكلم به من قوله اننى الى سيهدين عبارة عنها يعنى ان البراءة من كل معبود سوى الله توحيد للمعبود بالحق وقول بلا اله الا الله كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ اى فى ذريته حيث وصاهم بها كما نطق به قوله تعالى ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب الآية فالقول المذكور بعد الخروج من النار وهذا الجعل بعد حصول الأولاد الكبار فلا يزال فيهم نسلا بعد نسل من يوحد الله ويدعو الى توحيده وتفريده الى قيام الساعة قال الراغب العقب مؤخر الرجل واستعير للولد وولد الولد انتهى فعقب الرجل ولده الذكور والإناث وأولادهم وما قيل من ان عقب الرجل أولاده لذكور كما وقع فى أجناس العاطفى او أولاده البنات كما نقل عن بعض الفقهاء فكلا القولين ضعيف جدا مخالف للغة لا يوثق به لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ علة للجعل والضمير للعقب واسناد الرجوع إليهم من وصف الكل بحال الأكثر والترجي راجع الى ابراهيم عليه السلام اى جعلها باقية فى عقبه وخلفه رجاء ان يرجع إليها من أشرك منهم بدعاء الموحد قال بعضهم فى سبب(8/363)
بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (29) وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (30)
تكريم وجه على بن ابى طالب بان يقال كرم الله وجه انه نقل عن والدته فاطمة بنت اسد بن هاشم انها كانت إذا أرادت ان تسجد للصنم وهو فى بطنها يمنعها من ذلك ونظر فيه البعض بان قال عبادة قريش صنما وان كانت مشهورة عند الناس لكن الصواب خلافه لقول ابراهيم عليه السلام واجنبنى وبنى ان نعبد الأصنام وقول الله فى حقه وجعلها كلمة باقية فى عقبه وجوابه فى سورة ابراهيم فارجع وفى الآية اشارة الى ان كل من ادعى معرفة الله والوصول اليه بطريق العقل والرياضة والمجاهدة من غير متابعة الأنبياء وارشاد الله من الفلاسفة والبراهمة والرهابنة فدعواه فاسد ومتمناه كاسد (قال الشيخ سعدى)
درين بحر جز مرد راعى نرفت ... كم آن شد كه دمبال داعى نرفت
كسانى كزين راه بركشته اند ... برفتند وبسيار سركشته اند
خلاف پيمبر كسى ره كزيد ... كه هركز بمنزل نخواهد رسيد
واشارة اخرى ان بعد اهل العناية يهتدون الى معرفة الله بإرشاد الله وان لم يبلغه دعوة نبى او ارشاد ولى او نصح ناصح ولا يتقيد بتقليد آبائه واهل بلده من اهل الضلالة والأهواء والبدع ولا تؤثر فيه شبههم ودلائلهم المعقولة المشوبة بالوهم والخيال ولا يخاف فى الله لومة لائم كما كان حال ابراهيم عليه السلام كذلك فان الله تعالى أرشده من غير ان يبلغه دعوة نبى او ارشاد ولى او نصح ناصح فلما آتاه الله رشده دعا قومه الى التوحيد ووصى به بنيه لعلهم يرجعون عن الشرك وفيه اشارة الى ان الرجوع الى الله على قدمى اعتقاد اهل السنة والجماعة والأعمال الصالحة على قانون المتابعة بنور هذه الكلمة الباقية بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ إضراب عن محذوف اى فلم يحصل ما رجاه بل متعت منهم هؤلاء المعاصرين للرسول من اهل مكة وَآباءَهُمْ بالمد فى العمر والنعمة فاغتروا بالمهلة وانهمكوا فى الشهوات وشغلوا بها عن كلمة التوحيد حَتَّى جاءَهُمُ اى هؤلاء الْحَقُّ اى القرآن وَرَسُولٌ اى رسول مُبِينٌ ظاهر الرسالة واضحها بالمعجزات الباهرة او مبين للتوحيد بالآيات البينات والحجج فحتى ليست غاية للتمتع بل لما تسبب عنه من الاغترار المذكور وما يليه وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ لينبههم عماهم فيه من الغفلة ويرشدهم الى التوحيد ازدادوا كفرا وعتوا وضموا الى كفرهم السابق معاندة الحق والاستهانة به حيث قالُوا هذا الحق والقرآن سِحْرٌ وهو إراءة الباطل فى صورة الحق وبالفارسية جادويى وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ باور نداريم كه آن من عند الله است فسموا القرآن سحرا وكفروا به وفيه اشارة الى ارباب الدين واهل الحق فان اهل الأهواء والبدع والضلالة ينظرون الى الحق واهله كمن ينظر الى السحر وساحره وينطقون بكلمة الكفر بلسان الحال وان كانوا يمسكون بلسان المقال واعلم ان الكفر والتكذيب والإنكار من أوصاف اهل الجحيم لانه كما ان الجحيم مظهر قهر الله تعالى فكذا الأوصاف المذكورة من امارات قهر الله تعالى فمن وجد فيه شىء من ذلك فقد اقتضت المناسبة ان يدخل النار وان الايمان والتصديق والإقرار من أوصاف اهل الجنة لانه كما ان الجنة مظهر لطف الله تعالى فكذا الأوصاف المذكورة من آثار لطف الله تعالى فمن وجد فيه شىء من ذلك فقد اقتضت المناسبة ان يدخل الجنة ولكن التصديق على اقسام فقسم باللسان(8/364)
وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)
وهو الذي يشترك فيه المطيع والعاصي والخواص والعوام وهو مفيد فى الآخرة إذ لا يخلد صاحبه فى النار وقسم بالأركان والطاعات والاذكار واسباب اليقين فذلك تصديق الأنبياء والأولياء والصديقين والصالحين وبه يسلم صاحبه من الآفات مطلقا وفى الحديث كل أمتي يدخلون الجنة الا من أبى قيل ومن أبى يا رسول الله قال من أطاعنى دخل الجنة ومن عصانى فقد أبى أراد عليه السلام من أطاعني وصدقنى فيما جئت به من الاعتقاد والعلم والعمل ومن عصانى فى ذلك فيكون المراد بالامة امة الدعوة والاجابة جميعا استثنى منه امة الدعوة وذلك فان الامة تطلق تارة على كافة الناس وهم امة الدعوة واخرى على المؤمنين وهم امة الاجابة فامة الاجابة امة دعوة ولا ينعكس كليا فاحذر الإباء والزم البقاء تنعم فى جنة المأوى فان طريق النجاة هى الطاعات والأعمال الصالحات فمن غرته الأماني واعتاد أملا طويلا فقد خسر خسر انا مبينا نسأل الله سبحانه ان يجعلنا كما أمر فى كتابه المبين آمين وَقالُوا اهل مكة لَوْلا حرف تحضيض نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ من احدى القريتين مكة والطائف عَظِيمٍ بالمال والجاه كالوليد بن المغيرة المخزومي بمكة وعروة ابن مسعود الثقفي بالطائف فهو على نهج قوله تعالى يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان اى من أحدهما وذلك لان من للابتدآء وكون الرجل الواحد من القريتين بعيد فقدر المضاف ومنهم من لم يقدر مضافا وقال أراد على رجل كائن من القريتين كلتيهما والمراد به عروة المذكور لانه كان يسكن مكة والطائف جميعا وكان له فى مكة اموال يتجر بها وكان له فى الطائف بساتين وضياع فكان يتردد إليهما فصار كأنه من أهلهما يقول الفقير هنا وجه خفى وهو ان النسبة الى القريتين قد تكون بالمهاجرة من إحداهما الى الاخرى كما يقال المكي المدني والمصري الشامي وذلك بعد الاقامة فى إحداهما اربع سنين صرح بذلك اهل اصول الحديث ثم انهم لم يتفوهوا بهذه الكلمة العظيمة حسد أعلى نزوله على الرسول عليه السلام دون من ذكر من عظمائهم من اعترافهم بقرآنيته بل استدلالا على عدمها بمعنى انه لو كان قرءانا لنزل على أحد هذين الرجلين بناء على ما زعموا من ان الرسالة منصب جليل لا يليق به الا من له جلالة من حيث المال والجاه ولم يدروا ان العظيم من عظمه الله وأعلى قدره فى الدارين لامن عظمه الناس إذ رب عظيم عندهم حقير عند الله وبالعكس وان الله يختص برحمته من يشاء وهو أعلم حيث يجعل رسالته وفى قولهم عظيم تعظيم لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعظم شأنه وفخم أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ انكار فيه تجهيل لهم وتعجيب من تحكمهم والمراد بالرحمة النبوة يعنى أبيدهم مفاتيح الرسالة والنبوة فيضعونها حيث شاؤا يعنى تا بر هر كه خواهند در نبوت بگشايند نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ اى اسباب معيشتهم والمعيشة ما يعيش به الإنسان ويتغذى به ويجعله سببا فى قوام بنيته إذا العيش الحياة المختصة بالحيوان وهو يعم الحلال والحرام عند اهل السنة والجماعة فِي الْحَياةِ الدُّنْيا قسمة تقتضيها مشيئتنا المبنية على الحكم والمصالح ولم نفوض أمرنا إليهم علما منا بعجزهم عن تدبيرها بالكلية كما دل عليه تقديم المسند اليه وهو نحن(8/365)
إذ هو للاختصاص والحاصل نحن قسمنا أرزاقهم فيما بينهم وهو ادنى من الرسالة فلم نترك اختيارها إليهم والا لضاعوا وهلكوا فما ظنهم فى امر الدين اى فكيف نفوض اختيار ما هو أفضل وأعظم وهو الرسالة وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ فى الرزق وسائر مبادى المعاش دَرَجاتٍ نصب بنزع الخافض اى الى درجات متفاوتة بحسب القرب والبعد حسبما نقتضيه الحكمة فمن ضعيف وقوى وفقير وغنى وخادم ومخدوم وحاكم ومحكوم لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا من التسخير والاستخدام ولكون المراد هنا الاستخدام دون الهزؤ لانه لا يليق التعليل به اجمع القراء على ضم السين فى الرواية المشهورة عنهم فما كان من التسخير فهو مضموم وما كان من الهزؤ فهو مكسور والمعنى ليستعمل بعضهم بعضا فى مصالحهم ويسخر الأغنياء باموالهم الأجراء الفقراء بالعمل فيكون بعضهم لبعض سبب المعاش هذا بماله وهذا بعمله فيتم قوام العالم لا لكمال
فى الموسع ولا لنقض فى المقتر وَرَحْمَتُ رَبِّكَ اى النبوة وما يتبعها من سعادة الدارين خَيْرٌ لاهلها مِمَّا يَجْمَعُونَ اى يجمع هؤلاء الكفار من حطام الدنيا الدنية الفانية والعظيم من رزق من تلك الرحمة العظيمة لا مما يجمعون من الدنيء الحقير يظنون ان العظمة به وفيه اشارة الى ان الله تعالى يعطى لفقير من فقراء البلد لا يؤبه به ما لا يعطى لعلمائه وافاضله من حقائق القرآن وأسراره فان قسمة الولاية بيده كقسمة النبوة فما لا يحصل بالدرس قد يحصل بالوهب وكما ان فى صورة المال تسخير بعضهم لبعض لاجل الغنى فكذا فى صورة العلم والولاية تسخيره بعضهم لبعض للتربية وكل من العلم والولاية والنبوة خير من الدنيا وما فيها من الأموال والأرزاق (قال بعضهم) المعيشة انواع ايمان وصدق وارادة وعلم وخدمة وتوبة وانابة ومحبة وشوق وعشق ومعرفة وتوحيد وفراسة وكرامة ووارد وقناعة وتوكل ورضى وتسليم فتفاوت اصحاب هذه المقامات كما نتفاوت ارباب الرزق وكذلك يتفاوتون فى المعرفة مثلا فان بعضهم أعلى فى المعرفة من بعض وان اشتركوا فى نفس المعرفة وقس عليه صاحب المحبة ونحوها هذا للمقلين اليه وللمدبرين كمن يأكل النعم اللذيذة والحشرات المضرة وقال بعضهم بابن لله بينهم بمعرفة كيد النفس ووسوسة الشيطان فالاعرف أفضل من العارف وطريقه لذكر قال سهل الذكر لله خير من كثرة الأعمال اى إذا كان خالصا ودر حقائق سلمى أورده كه تفاوت درجات بأخلاق حسنه است
خوى هر كه نيكوتر درجه او بلندتر ... يكى خوب كردار وخوش خوى بود
كه بد سيرتانرا نكو كوى بود ... بخوابش كسى ديد چون در كذشت
كه بارى حكايت كن از سركذشت ... دهانى بخنده چوكل باز كرد
چوبلبل بصوت خوش آغاز كرد ... كه بر من نكردند سختى بسى
كه من سخت نكرفتمى بر كسى
قالت الفلاسفة ان الكمالات البشرية مشروطه بالاستعداد والمذهب الحق ان جميع المقامات كالنبوة والولاية وغيرهما وكذا السلطنة والوزارة ونحوهما اختصاصية عطائية غير كسبية ولا مشروطة بشىء من الاستعداد ونحوه فان الاستعداد ايضا عطاء من الله تعالى كما قيل داد حق را قابليت شرط نيست بلكه شرط قابليت داد حق وظهوره بالتدريج بحصول شرائطه وأسبابه بوهم(8/366)
وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35) وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39)
المحجوب فيظن انه كسبى بالتعمل وحاصل بالاستعداد وليس كذلك فى الحقيقة فالله تعالى هو الولي يتولى امر عباده فيفعل ما تقتضيه حكمته ولا دخل لشىء من ذلك نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن رفعهم الى درجات الكمال بحرمة أكامل الرجال وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً بتقدير المضاف مثل كراهة ان يكون الناس فان لولا لانتفاء الثاني لوجود الاول ولا تحقق لمدلول لولا ظاهرا والمعنى ولولا كراهة ان يرغب الناس فى الكفر إذا رأوا الكفار فى سعة وتنعم لحبهم الدنيا وتوهم ان ذلك الفضيلة فى الكفار فيجمعوا ويكونوا فى الكفر امة واحدة لَجَعَلْنا لحقارة الدنيا وهو انها عندنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ اى لشر الخلائق وأدناهم منزله كما قال تعالى أولئك هم شر البرية لِبُيُوتِهِمْ بدل اشتمال من لمن او اللام بمعنى على وجمع الضمير باعتبار معنى من كما ان افراد المستكن فى يكفر باعتبار لفظها والبيوت والأبيات جمع بيت وهو اسم لمبنى مسقف مدخله من جانب واحد بنى للبيتوتة قال الراغب أصل البيت مأوى الإنسان بالليل ثم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه والبيوت بالمسكن أخص والأبيات بالشعر ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر ومن صوف ووبر وبه شبه بيت الشعر سُقُفاً متخذة مِنْ فِضَّةٍ جمع سقف وهو سماء البيت والفضة جسم ذائب صابر منطرق ابيض رزين بالقياس الى باقى الأجساد وبالفارسية نقره سميت فضة لتفضضها وتفرقها فى وجوه المصالح وَمَعارِجَ عطف على سقفا جمع معرج بفتح الميم وكسرها بمعنى السلم وبالفارسية نردبان قال الراغب العروج ذهاب فى صعود والمعارج المصاعد والمعنى وجعلنا لهم مصاعد ومراقى من فضة حذف لدلالة الاول عليه عَلَيْها اى على المعارج يَظْهَرُونَ يقال ظهر عليه إذا علاه وارتقى اليه واصل ظهر الشيء ان يحصل شىء على ظهر الأرض فلا يخفى ثم صار مستعملا فى كل بارز للبصر والبصيرة والمعنى يعلون السطوح والعلالي وبالفارسية ونردبانها كه بدان بر بام آن خانها برايند وخود را بنمايند وَلِبُيُوتِهِمْ اى وجعلنا لبيوتهم ولعل تكرير ذكر بيوتهم لزيادة التقرير أَبْواباً درها والباب يقال لمدخل الشيء واصل ذلك مداخل الامكنة كباب المدينة والدار والبيت وَسُرُراً تحتها اى من فضة جمع سرير قال الراغب السرير الذي يجلس عليه من السرور إذا كان ذلك لاولى النعمة وسرير الميت تشبيه به فى الصورة وللتفاؤل بالسرور الذي يلحق الميت برجوعه الى الله وخلاصه من السجن المشار اليه بقوله عليه السلام الدنيا سجن المؤمن عَلَيْها اى على السرر يَتَّكِؤُنَ تكيه كنند والاتكاء الاعتماد وَزُخْرُفاً هو فى الأصل بمعنى الذهب ويستعار لمعنى الزينة كما قال تعالى حتى إذا أخذت الأرض زخرفها قال الراغب الزخرف الزينة المزوقة ومنه قيل للذهب زخرف كما قال تعالى او يكون لك بيت من زخرف اى ذهب مزوق قال فى تاج المصادر الزخرفة آراستن وزوق البيت زينه وصور فيه من الزئبق ثم قيل لكل منقش ومزين مزوق وان لم يكن فيه الزئبق والمعنى وزينة عظيمة من كل شىء عطفا على سقفا او ذهبا عطفا على محل من فضة فيكون اصل الكلام سقفا من فضة وزخرف(8/367)
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)
يعنى بعض السقف من فضة وبعضها من ذهب ثم نصب عطفا على محله وفى الحديث يقول الله تعالى لولا ان يجزع عبدى المؤمن لعصبت الكافر بعصابة من حديد ولصببت عليه الدنيا صبا وانما أراد بعصابة الحديد كناية عن صحة البدن يعنى لا يصدع رأسه وفى بعض الكتب الالهية عن الله تعالى لولا ان يحزن العبد المؤمن لكللت رأس الكافر بالاكاليل فلا يصدع ولا ينبض منه عرق بوجع وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا ان نافية ولما بالتشديد بمعنى الا اى وما كل ذلك المذكور من البيوت الموصوفة بالصفاة المفصلة الا شىء يتمتع به فى الحياة الدنيا لا دوام له ولا حاصل الا الندامة والغرامة وقرىء بتخفيف لما على ان ان هى المخففة واللام هى الفارقة بينها وبين الناصبة وما صلة والتقدير ان الشان كل ذلك لمتاع الحياة الدنيا وَالْآخِرَةُ بما فيها من فنون النعم التي يقصر عنها البيان عِنْدَ رَبِّكَ يعنى در حكم او لِلْمُتَّقِينَ اى عن الكفر والمعاصي
هر كس كه رخ از متاع فانى برتافت ... واندر طلب دولت باقى بشتافت
آنجا كه كمال همتش بود رسيد ... وآن چيز كه مقصود دلش بود بيافت
فان قيل قد بين الله تعالى انه لو فتح على الكافر أبواب النعم لصار ذلك سببا لاجتماع الناس على الكفر فلم لم يفعل ذلك بالمسلمين حتى يصير ذلك سببا لاجتماع الناس على الإسلام فالجواب لان الناس على هذا التقدير كانوا يجتمعون على الإسلام لطلب الدنيا وهذا الايمان ايمان المنافقين فكان من الحكمة ان يضيق الأمر على المسلمين حتى ان كل من دخل فى الإسلام فانما يدخل لمتابعة الدليل ولطلب رضى الله فحينئذ يعظم ثوابه بهذا السبب لان ثواب المرء على حسب إخلاصه ونيته وان هجرته الى ما هاجر اليه قال فى شرح الترغيب فان قيل ما الحكمة فى اختيار الله تعالى لنبيه الفقر واختياره إياه لنفسه اى مع قوله لو شئت لدعوت ربى عز وجل فأعطانى مثل ملك كسرى وقيصر فالجواب من وجوه أحدها انه لو كان غنيا لقصده قوم طمعا فى الدنيا فاختار لله له الفقر حتى ان كل من قصده علم الخلائق انه قصده طلبا للعقبى والثاني ما قيل ان الله اختار الفقر له نظر القلوب الفقراء حتى يتسلى الفقير بفقره كما يتسلى الغنى بما له والثالث ما قيل ان فقره دليل على هو ان الدنيا على لله تعالى كما قال صلى الله عليه وسلم لو كانت الدنيا تزن عند الله تعالى جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء انتهى ومعنى هو ان الدنيا على الله انه سبحانه لم يجعلها مقصودة لنفسها بل جعلها طريقا موصلا الى ما هو المقصود لنفسه وانه لم يجعلها دار اقامة ولا جزاء وانما جعلها دار رحلة وبلاء وانه ملكها فى الغالب الجهلة والكفرة وحماها الأنبياء والأولياء والابدال وأبغضها وابغض أهلها ولم يرض العاقل فيها الا بالتزود للارتحال عنها (قال الصائب)
از رباط تن چوبگذشتى دكر معموره نيست ... زاد راهى بر نمى دارى ازين منزل چرا
تداركنا الله وإياكم بفضله وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ من شرطية وبالفارسية بمعنى وهر كه ويعش بضم لشين من عشا يعشو عشا إذا تعاشى بلا آفة وتعامى اى نظر نظر العشا ولا آفة فى بصره ويقال عشى يعشى كرضى إذا كان فى بصره آفة مخلة بالرؤية قال الراغب العشا بالفتح والقصر ظلمة تعرض فى العين يقال رجل أعشى وامرأة عشواء وفى القاموس العشا سوء البصر(8/368)
بالليل والنهار وخبطه خبط عشواء ركبه على غير بصيرة من الناقة العشواء التي لا تبصر امامها والمراد بالذكر القرآن وإضافته الى الرحمن اشارة الى كونه رحمة عامة من الله او هو مصدر مضاف الى المفعول والمعنى ومن يتعام ويعرض عن القرآن او عن ان يذكر الرحمن وبالفارسية وهر كه چشم پوشد از قرآن ويا از ياد كردن خداى لفرط اشتغاله بزهرة الحياة الدنيا وانهما كه فى الحظوظ والشهوات الفانية نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً نسلطه عليه ونضمه اليه ليستولى عليه استيلاء القيض على البيض وهو القشر الا على اليابس فَهُوَ اى ذلك الشيطان لَهُ اى لذلك العاشى والمعرض قَرِينٌ بالفارسية همنشين ودمساز ومصاحب لا يفارقه ولا يزال يوسوسه ويغويه ويزين له العمى على الهدى والقبيح بدل الحسن قال عليه السلام إذا أراد الله بعبد شرا قيض له شيطانا قبل موته بسنة فلا يرى حسنا الا قبحه عنده حتى لا يعمل به ولا يرى قبيحا الا حسنه حتى يعمل به وينبغى ان يكون هذا الشيطان غير قرينه الجنى الكافر والا فكل أحد له شيطان هو قرينه كما قال صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد الا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملئكة قالوا وإياك يا رسول الله قال وإياي ولكن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرنى الا بخير (در نفحات الانس) آورد كه شيخ ابو القاسم مصرى قدس سره با يكى از مؤمنان جن دوستى داشت وقتى در مسجدى نشسته بود جنى كفت اى شيخ اين مردم را چهـ كونه مى بينى كفت بعضى را در خواب وبعضى را بى خواب كفت آنچهـ بر سرهاى ايشانست مى بينى كفتم نه چشمهاى مرا بماليد ديدم كه بر سر هر كسى بعضى را بالها بچشم فرو كذاشته وبعضى را كاهى فرو كذاريد وكاهى بالا مى پرد كفتم اين چيست كفت نشنيده كه ومن
يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين اينها شياطين اند بر سرهاى ايشان نشسته وبر هر يكى بقدر غفلت وى استيلا يافته
دريغ ودرد كه با نفس بد قرين شده ايم ... وزين معامله باد بو همنشين شده ايم
ببارگاه فلك بوده ايم رشك ملك ... ز جور نفس جفا پيشه اينچنين شده ايم
وفيه اشارة الى ان من داوم على ذكر الرحمن لم يقربه الشيطان بحال قال بعضهم من نسى الله وترك مراقبته ولم يستحى منه او اقبل على شىء من حظوظ نفسه قيض الله له شيطانا يوسوس له فى جميع أنفاسه ويغرى نفسه الى طلب هواها حتى يتسلط على عقله وعلمه وبيانه وهذا كما قال أمير المؤمنين على كرم الله وجهه الشهوة والغضب يغلبان العقل والعلم والبيان وهذا جزاء من أعرض عن متابعة القرآن ومتابعة السنة وقال بعضهم من اعرض عن الله بالإقبال على الدنيا يقيض له شيطانا وان أصعب الشياطين نفسك الامارة بالسوء فهو له ملازم لا يفارقه فى الدنيا والآخرة فهذا جزاء من ترك المجالسة مع الله بالاعراض عن الذكر فانه يقول أنا جليس من ذكرنى فمن لم يذكر ولم يعرف قدر خلوته مع الله وحاد عن ذكره واختلف الى خواطر النفسانية الشيطانية سلط الله عليه من يشغله عن الله وإذا اشتغل العبد فى خلوته بذكر ربه بنفي ما سوى الله واثبات الحق بلا اله الا لله فاذا تعرض له من يشغله عن ربه صرفته سطوات الالهية عنه ومن لم يعرف قدر فراغ قلبه واتبع شهوته(8/369)
وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39)
وفتح بابها على نفسه بقي فى يد هواه أسيرا غالبا عليه أوصاف شيطنة النفس (روى) عن سفيان بن عيينة انه قال ليس مثل من أمثال العرب الا وأصله فى كتاب الله قيل له من اين قول الناس أعط أخاك تمرة فان ابى فجمرة قال من قوله ومن يعش الآية وَإِنَّهُمْ اى الشياطين الذين قيض كل واحد منهم لواحد ممن يعشو لَيَصُدُّونَهُمْ اى يمنعون قرناءهم فمدار جمع الضميرين اعتبار معنى من كما ان مدار افراد الضمائر السابقة اعتبار لفظها عَنِ السَّبِيلِ عن الطريق المستبين الذي من حقه ان يسبل وهو الذي يدعو اليه القرآن وَيَحْسَبُونَ اى والحال ان العاشين يظنون إِنَّهُمْ اى الشياطين مُهْتَدُونَ اى السبيل المستقيم والا لما اتبعوهم او يحسبون ان أنفسهم مهتدون لان اعتقاد كون الشياطين مهتدين مستلزم لاعتقاد كونهم كذلك لاتحاد مسلكهما حَتَّى إِذا جاءَنا حتى ابتدائية داخلة على الجملة الشرطية ومع هذا غاية لما قبلها فان الابتدائية لا تنافيها والمعنى يستمر العاشون على ما ذكر من مقارنة الشياطين والصدق والحسبان الباطل حتى إذا جاءنا كل واحد منهم مع قرينه يوم القيامة قالَ مخاطبا له يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فى الدنيا بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ بعد المشرق والمغرب اى تباعد كل منهما عن الآخر فغلب المشرق وثنى وأضيف البعد إليهما يعنى ان حق ان النسبة ان يضاف الى أحد المنتسبين لان قيام معنى واحد بمحلين ممتنع بل يقوم بأحدهما ويتعلق بالآخر لكن لما ثنى المشرق بعد التغليب لم يبق مجال للاضافة الى أحدهما فاضيف إليهما على تغليب القيام على التعلق والمعنى بالفارسية اى كاشكى ميان من وتو بودى روى ميان مشرق ومغرب يعنى كاش تو از من ومن از تو دور بودى فَبِئْسَ الْقَرِينُ اى أنت وبالفارسية پس بد همنشينىء تو يعنى بئس الصاحب كنت أنت فى الدنيا وبئس الصاحب اليوم قال ابو سعيد الخدري رضى الله عنه إذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشيطان فلا يفارقه حتى يصير الى النار كما ان الملك لا يفارق المؤمن حتى يصير الى الجنة فالشيطان قرين للكافر فى الدنيا والاخرة والملك قرين المؤمن فيهما فبئس القرين الاول ونعم القرين الثاني وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ حكاية لما سيقال لهم حينئذ من جهة الله تعالى توبيخا وتقريعا اى لن ينفعكم اليوم تمنيكم لمباعدتهم إِذْ ظَلَمْتُمْ اى لاجل ظلمكم أنفسكم فى الدنيا باتباعكم إياهم فى الكفر والمعاصي وإذ للتعليل متعلق بالنفي كما قال سيبويه انها بمعنى التعليل حرف بمنزلة لام العلة أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ تعليل لنفى النفع اى لان حقكم ان تشتركوا أنتم وشياطينكم القرناء فى العذاب كما كنتم مشتركين فى سببه فى الدنيا ويجوز أن يسند الفعل اليه بمعنى لن يحصل لكم التشفي بكون قرنائكم معذبين منلكم حيث كنتم تدعون عليهم بقولكم ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ونظائره لتشفوا بذلك وفى الآية اشارة الى حال التابع والمتبوع من اهل الأهواء والبدع فان المتبوع منهم كان شيطان التابع فى الإضلال عن طريق السنه فلما فات الوقت وأدرك المقت وقعوا فى التمني الباطل قيل (فضل اليوم على الغد ان للتأخير آفات) فعلى العاقل تدارك حاله وتفكر ما له والهرب من الشيطان الأسود والأبيض قبل ان يهرب هو منه (حكى) ان عابدا عبد الله تعالى فى صومعته دهرا طويلا فولدت لملكهم ابنة(8/370)
أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (40) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (42) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)
حلف لملك ان لا يمسها الرجال فأخرجها الى صومعته وأسكنها معه لئلا يشعر أحد مكانها ولا يستخطبها قال وكبرت الابنة فخضر إبليس على صورة شيخ وخدعه بها حتى واقعها الزاهد وأحبلها فلما ظهر بها الحبل رجع اليه وقال له انك زاهدنا وانها لو ولدت يظهر زناك فتصير فضيحة فاقتلها قبل الولادة واعلم والدها انها قد ماتت فيصدقك فتنجو من العذاب والشين فقتلها الزاهد فجاء الشيطان الى الملك فى زى العلماء فأخبره بصنع الزاهد بابنته من الاحبال والفتل وقال له ان أردت ان تعرف حقيقة ما أخبرتك فانتش قبرها وشق بطنها فان خرج منها ولد فهو صدق مقالتى وان لم يخرج فاقتلنى فعل ذلك الملك فاذا الأمر كما قال فأخذ الزاهد فأركبه جملا وحمله الى بلده فصلبه فجاء الشيطان وهو مصلوب فقال له زينت بأمري وقتلت بامرى فآمن بي انجك من عذاب الملك فأدركته الشقاوة فامن به فهرب الشيطان منه ووقف من بعيد فقال الزاهد نجنى قال انى أخاف الله رب العالمين فالنفس والشيطان قرينان للانسان يغويانه الى ان يهلك دانسته ام كه دزد من از خانه منست وزيستى وبلندى ديوار فارغم أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ اى من فقد سمع القلوب أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ من فقد البصائر جمع أصم وأعمى وبالفارسية آيا تو اى محمد سخن حق توانى شنوانيد آنان را كه كوش دل كرانت يا كور د لانرا طريق حق توانى نمود بشير الى ان من سددنا بصيرته ولبسنا عليه رشده ومن صبينا فى مسامع قلبه رصاص الشقاء والحرمان لا يمكنك يا محمد مع كمال نبوتك هدايته وإسماعه من غير عنايتنا السابقة ورعايتنا اللاحقة كان عليه الصلاة والسلام يتعب نفسه فى دعاء قومه وهم لا يزيدون الأغيار وتعاميا عما يشاهدونه من شواهد النبوة وتصاما عما يسمعونه من بينات القرآن فنزلت وهو انكار تعجيب من ان يكون هو الذي يقدر على هدايتهم بعد تمرنهم على الكفر واستغراقهم فى الضلال بحيث صار عشاهم عمى مقرونا بالصمم فنزل منزلة من يدعى انه قادر على ذلك لاصراره على دعائهم قائلا انا اسمع واهدى على قصد تقوى الحكم لا التخصيص فعجب تعالى منه قال ابن الشيخ وما احسن هذا الترتيب فان الإنسان لاشتغاله بطلب الدنيا والميل الى الحظوظ الجسمانية يكون كمن بعينه رمد ضعيف ثم انه كلما ازداد اشتداده بها واشتد اعراضه عن النعيم الروحاني ازداد رمده فينتقل من ان يكون اعشى الى ان يكون أعمى وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ لا يخفى على أحد إي ومن كان فى علم الله انه يموت على الضلالة وبالفارسية وانرا كه هست در كمراهى هويدا يعنى تو قادر نيستى بر هدايت كمراهان پس بسيار تعب بر نفس خود منه وهو عطف على العمى باعتبار تغاير الوصفين ومدار الإنكار هو التمكن والاستقرار فى الضلال المفرط بحيث لا ارعواء له عنه لا توهم القصور من قبل الهادي ففيه رمز الى انه لا يقدر على ذلك الا الله وحده بالقسر والإلجاء يعنى لا يقدر على اسماع الصم وهداية لعمى وجعل الكافر مؤمنا الا لله وحده لعظم قدرته واحاطة تعلقها بكل مقدور (ع) آن به كه كار خود بعنايت رها كنيم فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ أصله ان ما على ان ان للشرط وما مزيدة للتأكيد بمنزلة لام القسم فى استجلاب النون المؤكدة اى فان قبضناك وأمتناك قبل ان نبصرك عذابهم ونشفى بذلك صدرك وصدر المؤمنين وبالفارسية پس اگر ما ببريم ترا با جوار(8/371)
أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (42) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)
رحمت خود پيش از انكه عذاب ايشان بتو بنمايم دل خوش دار فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ لا محالة فى الدنيا والاخرة
مكن شادمانى بمرك كسى ... كه دهرت نماند پس از وى بسى
قال ابن عطاء أنت أمان فيما بينهم فان قبضناك انتقمنا منهم فليغتنم العقلاء وجود الصلحاء وليجتنبوا من معاداتهم فان فى ذلك الهلاك قال يحيى بن معاذ رحمة الله عليه لله على عباده حجتان حجة ظاهرة هى الرسول وحجة باطنة هى العقول أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ او ان أردنا ان نريك العذاب الذي وعدناهم فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ لا يفوتوننا لانهم تحت قهرنا وقدرتنا وفى الآية تسلية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بانه تعالى ينتقم من أعدائه ومنكريه اما فى حال حياته واما بعد وفاته وانه قادر على انتقامهم بواسطته كما كان يوم بدر او بغير واسطة كما كان فى زمن ابى بكر رضى الله عنه وغيره فبذلك أثبته على حد الخوف والرجا ووقفه على حد التجويز لاستبداده بعلم الغيب وكذلك المقصود فى الأمر من كل أحد ان يكون من جملة نظارة التقدير ويفعل الله ما يريد (قال المولى الجامى)
اى دل تا كى فضولى وبو العجبى ... از من نشان عاقبت مى طلبى
سركشته بود خواه ولى خواه نبى ... در وادئ ما أدرى ما يفعل بي
وفى الحديث إذا أراد الله بامة خيرا قبض الله نبيها قبلها فجعله لها فرطا وسلفا وإذا أراد الله بامة عذابا عذبها ونبيها حى لنقرعينه لما كذبوه وعصوه قالوا كل نبى قد رأى النقمة فى أمته غير نبينا عليه السلام فان الله أكرمه فلم ير فى أمته الا الذي تقربه عينه وأبقى النقمة بعده وهى البلايا الشديدة (روى) انه عليه السلام أرى ما يصيب أمته بعده فما رؤى مستبشرا ضاحكا حتى قبض وفى الحديث حياتى خير لكم ومماتى خير لكم قالوا هذا خيرنا فى حياتك فما خيرنا فى مماتك فقال تعرض على أعمالكم كل عشية الإثنين والخميس فما كان من خير حمدت الله تعالى وما كان من شر استغفر الله لكم ولذلك استحب صوم يوم الاثنين والخميس وقد قال عليه السلام تفتح أبواب الجنة كل اثنين وخميس يعنى مفتوح مى شود أبواب جنت در هر دو شنبه و پنجشنبه يعنى لشرفهما لكون يوم الاثنين يوم ولادة النبي عليه السلام ويوم الخميس يوم عرض الأعمال على الله سبحانه وتعالى واعلم ان كل أحد يشرب من كأس الموت يقال أوحى الله تعالى الى نبينا عليه السلام فقال يا محمد احبب من شئت فانك مفارقه واعمل ما شئت فانك ملاقيه غدا وعش ما شئت فانك ميت
منه دل برين سال خورده مكان ... كه كنبد نيايد برو كردكان
وكر پهلوانى وكر تيغ زن ... نخواهى بدر بردن الا كفن
فرو رفت جم را يكى نازنين ... كفن كرد چون كرمش ابريشمين
بدخمه در آمد پس از چند روز ... كه بر وى بگريد بزارى وسوز
چو پوسيده ديدش حرير كفن ... بفكرت چنين كفت با خويشتن
من از كرم بركنده بودم بزور ... بكندند ازو باز كرمان كور
فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ اى امسك بالقرءان الذي انزل عليك بمراعاة أحكامه سواء عجلنا لك المعهود او أخرناه الى يوم الآخرة إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ اى طريق سوى لا عوج له وهو طريق التوحيد ودين الإسلام وفى التأويلات النجمية فاعتصم بالقرءان فانه حبل الله المتين بان تتخلق بخلقه وتدور معه حيث يدور وقف حيث ما أمرت وثق فانك على صراط مستقيم تصل به الى حضرة جلالنا وَإِنَّهُ اى القرآن الذي اوحى إليك لَذِكْرٌ(8/372)
لشرف عظيم لَكَ خصوصا وَلِقَوْمِكَ وأمتك عموما كما قال عليه السلام ان لكل شىء شرفا يباهى به وان بها أمتي وشرفها القرآن فالمراد بالقوم الامة كما قال مجاهد وقال بعضهم ولقومك من قريش حيث يقال ان هذا الكتاب العظيم إنزال الله على رجل من هؤلاء قال فى الكواشي أولاهم بذلك الشرف الأقرب فالاقرب منه عليه السلام كقريش ثم بنى هاشم وبنى المطلب قال ابن عطاء شرف لك بانتسابك إلينا وشرف لقومك بانتسابهم إليك اى لان الانتساب الى العظيم الشريف عظيم شرف ثم جمع الله النبي مع قومه فقال وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ يوم القيامة عنه وعن قيامكم بحقوقه وعن تعظيمكم وشكركم على ان رزقتموه وخصصتم به من بين العالمين وفى التأويلات النجمية وان القرآن به شرف الوصول لك ولمتابعيك وسوف تسألون عن هذا الشرف والكرامة هل أديتم حقه وقمتم بأداء شكره ساعين فى طلب الوصول والوصال أم ضيعتم حقه وجعلتموه وسيلة الاستنزال الى الدرك بصرفه فى تحصيل المنافع الدنيوية والمطالب النفسانية انتهى قال بعضهم علوم العارفين مبنية على الكشف والعيان وعلوم غيرهم من الخواطر الفكرية والأذهان وبداية طريقهم التقوى والعمل الصالح وبداية طريق غيرهم مطالعة الكتب والاستمداد من المخلوقين فى حصول المصالح ونهاية علومهم الوصول الى شهود حضرة الحي القيوم ونهاية علوم غيرهم تحصيل الوظائف والمناصب وجمع الخطام الذي لا يدوم
زيان ميكند مرد تفسيردان ... كه علم وادب مى فروشد بنان
كجا عقل با شرع فتوى دهد ... كه اهل خرد دين بدنيا دهد
فكما ان العالم الغير العامل والجاهل الغير العامل سواء فى كونهما مطروحين عن باب الله تعالى وكذا العارف الغير العامل والغافل الغير العامل سواء فى كونهما مردودين عن باب الله تعالى لان مجرد العلم والمعرفة ليس سبب القبول والقدر ما لم يقارن العمل بالكتاب والسنة بل كون مجردهما سبب الفلاح مذهب الحكماء الغير الاسلامية فلا بد معهما من العمل حتى يكونا سببا للنجاة كما هو مذهب اهل السنة والحكماء الاسلامية والإنسان اما حيوانى وهم الذين غلبت عليهم أوصاف الطبيعة واحوال الشهوة من الاكل والشرب والمنام ونحوها واما شيطانى وهم الذين غلبت عليهم أوصاف النفس واحوال الشيطنة كالكبر والعجب والحسد وغيرها واما ملكى وهم الذين غلبت عليهم أوصاف الروح واحوال الملكية من العلم والعمل والذكر والتسبيح ونحوها فمن تمسك بالقرءان وعمل بما فيه علمه الله ما لم يعلم وجعله من اهل الكشف والعيان فيكون من الذين يتلون آيات الله فى الآفاق والأنفس ويكاشفون عن حقائق القرآن فهذا الشرف العظيم لهذه الامة لانه ليس لغيرهم هذا القرآن وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال موسى يا رب هل فى الأمم امة أكرم عليك ممن ظللت عليهم الغمام وأنزلت عليهم المن والسلوى قال يا موسى ان فضل امة محمد على الأمم كفضلى على خلقى فقال موسى الهى اجعلنى من امة محمد قال يا موسى لن تدركهم ولكن أتشتهى ان تسمع كلامهم قال نعم يا رب فنادى يا امة محمد فقالوا لبيك اللهم لبيك لا شريك لك والخير كله بيديك فجعل الله تلك الاجابة من شعائر الحج ثم قال يا امة محمد ان رحمتى سبقت غضبى قد غفرت لكم قبل ان تعصونى وأعطيتكم قبل ان تسألونى فمن لقينى منكم بشهادة ان لا اله(8/373)
وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)
الا الله وان محمدا رسول الله أسكنته الجنة ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر وعدد القطر وعدد النجوم وعدد ايام الدنيا وفى التوراة فى حق هذه الامة أناجيلهم فى صدورهم اى يحفظون كتابهم (وفى المثنوى)
تو ز قرآن اى پسر ظاهر مبين ... ديو آدم را نه بيند جز كه طين
ظاهر قرآن چوشخص آدميست ... كه نقوشش ظاهر وجانش خفيست
وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا قوله من أرسلنا فى محل النصب على انه مفعول اسأل وهو على حذف المضاف لاستحالة السؤال من الرسل حقيقة والمعنى واسأل أممهم وعلماء دينهم كقوله تعالى فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك وفائدة هذا المجاز التنبيه على ان المسئول عنه عين ما نطقت به ألسنة الرسل لا ما يقوله أممهم وعلماؤهم من تلقاء أنفسهم أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ اى هل حكمنا بعبادة الأوثان وهل جاءت فى ملة من مللهم والمراد به الاستشهاد بإجماع الأنبياء على التوحيد والتنبيه على انه ليس ببدع ابتدعه حتى يكذب ويعادى له فانه أقوى ما حملهم على التكذيب والمخالفة قال ابن الشيخ السؤال يكون لرفع الالتباس ولم يكن رسول الله يشك فى ذلك وانما الخطاب له والمراد غيره قالت عائشة رضى الله عنها لما نزلت هذه الآية قال عليه السلام ما انا بالذي أشك وما انا بالذي اسأل وجعل الزمخشري السؤال فى الاية مجازا عن النظر فى اديانهم والفحص عن مللهم على انه نظير قولهم سل الأرض من شق أنهارك وغرس أشجارك وجنى ثمارك وللآية وجه آخر بحملها على ظاهرها من غير تقدير مضاف وهو ما روى انه عليه السلام لما اسرى به الى المسجد الأقصى حشر اليه الأنبياء والمرسلون من قبورهم ومثلوا له فاذن جبرائيل ثم اقام وقال يا محمد تقدم فصل بإخوانك الأنبياء والمرسلين فلما فرغ من الصلاة قال له جبرائيل زعمت قريش ان لله شريكا وزعمت اليهود والنصارى ان لله ولدا سل يا محمد هؤلاء النبيين هل كان لله شريك ثم قرأ واسأل من أرسلنا إلخ فقال عليه السلام لا اسأل وقد اكتفيت ولست بشاك فيه فلم يشك فيه ولم يسأل وكان اثبت يقينا من ذلك قال ابو القاسم المفسر فى كتاب التنزيل له ان هذه الآية أنزلت على النبي عليه السلام ببيت المقدس ليلة المعراج فلما أنزلت وسمعها الأنبياء عليهم السلام أقروا لله تعالى بالوحدانية وقالوا بعثنا بالتوحيد (صاحب عين المعاني) آورده كه در آثار آمده كه ميكائيل از جبرائيل پرسيد كه سيد عالم عليه السلام اين سؤال كرد از انبيا جبرائيل كفت كه يقين او از ان كاملتر وايمان او از ان محكمترست كه اين سؤال كند آنكه در كشف كرده استقلال كى توجه كند باستدلال (وفى المثنوى)
آينه روشن كه صد صاف وجلى ... جهل باشد بر نهادر صيقلى
پيش سلطان خوش نشسته دل قبول ... زشت باشد جستن نامه ورسول
وفى الاية اشارة الى ان بعثة جميع الرسل كانت على النهى غن عبادة غير الله من النفس والهوى والشيطان او شىء من الدنيا والآخرة كقوله تعالى وما أمروا الا لعبدوا الله مخلصين له الدين اى ليقصدوه فانه المقصود ويطلبوه فانه المطلوب والمحبوب والمعبود قال بعض الكبار لا تطلب مولاك مع شىء من الدنيا والآخرة ولا من الظاهر والباطن ولا من العلم والعرفان ولا من الذوق والوجدان ولا من الشهود والعيان بل اطلبه بلا شىء حتى تكون طالبا خالصا مخلصا له الدين وإذا كنت(8/374)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (47) وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48) وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (50)
طالبا لمولاك بدون شىء تنجو من رق الغير وتكون حرا باقيا فى رق مولاك فحينئذ تكون عبدا محضا لمولى واحد فيصلح تسميتك عبد الله والعبد فقير إذ كل ما فى يده لمولاه غنى بغنى الله إذ كل خزآئنه له ومن إشارات هذا المقام ما قال عليه السلام يؤتى بالعبد الفقير يوم القيامة فيعتذر الله اليه كما يعتذر الرجل الى الرجل فى الدنيا ويقول وعزتى وجلالى ما زويت الدنيا عنك لهوانك على ولكن لما اعددت لك من الكرامة والفضيلة اخرج يا عبدى الى هذه الصفوف وانظر الى من أطعمك او كساك وأراد بذلك وجهى فخذ بيده فهو لك والناس يومئذ قد ألجمهم العرق فيتخلل الصفوف وينظر من فعل به ذلك فى الدنيا فيأخذ بيده ويدخله الجنة
كليد كلشن فردوس دست احسانست ... بهشت مى طلبى از سر درم برخيز
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى حال كونه ملتبسا بِآياتِنا التسع الدالة على صحة نبوته إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ اى اشراف قومه والإرسال الى الاشراف إرسال الى الأرذال لانهم تابعون لهم فَقالَ موسى لهم إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ لكم فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا ليسعدوا وينتهوا وينتفعوا بها إِذا همان وقت هُمْ ايشان مِنْها اى من تلك الآيات يَضْحَكُونَ إذا اسم بمعنى الوقت نصب على المفعولية لفا جأوا المقدر ومحل لما نصب على انه ظرف له اى فاجأوا وقت ضحكهم منها اى استهزأوا بها وكذبوها أول ما رأوها ولم يتأملوا فيها وقالوا سحر وتخييل ظلما وعلوا وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ من الآيات وبالفارسية ننموديم ايشانرا هيچ معجزه إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها الاخت تأنيث الأخ وجعلت التاء فيها كالعوض عن المحذوف منه اى أعظم عن الآية التي تقدمتها ليكون العذاب أعظم ولما كانت الآية مونثا عبر عنها بالاخت وسماها أختها فى اشتراكهما فى الصحة والصدق وكون كل منهما نظيرة الاخرى وقرينتها وصاحبتها فى ذلك وفى كونها آية (وفى كشف الاسرار) اين آنست كه پارسيان كويند كه همه از يكديكر نيكوتر مهتر وبهتر والمقصود وصف الكل بالكبر الذي لا مزيد عليه فهو من باب الكناية يقول الفقير الظاهر ان الكلام من باب الترقي وعليه عادة الله تعالى الى وقت الاستئصال وقال بعضهم الا وهى مختصة بضرب من الاعجاز مفضلة بذلك الاعتبار على غيرها يقول الفقير فالآيات متساوية فى أنفسها متفاوتة بالاعتبار كالآيات القرآنية فانها متساوية فى كونها كلام الله تعالى متفاوتة بالنسبة الى طبقاتها فى المعاني فالمراد على هذا بالافعل هى الزيادة من وجه وهى مجاز لان المصادر التي تتضمنها الافعال والأسماء موضوعة للماهية لا للفرد المنتشر قال بعض الكبار ان الله تعالى لم يأتهم بشىء من الآيات الا كان أوضح مما قبله ولم يقابلوه الا بجفاء أوحش مما قبله من ظلومية طبع الإنسان وكفوريته وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ اى عاقبناهم بالسنين والطوفان والجراد والدم والطمس ونحوها وكانت هذه الآيات دلالات ومعجزات لموسى وزجرا وعذابا للكافرين لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ اى لكى يرجعوا عماهم عليه من الكفر فان من جهولية نفس الإنسان ان لا يرجع الى الله على أقدام العبودية الا ان يجر بسلاسل البأساء والضراء الى الحضرة فكلمة لعل مستعارة لمعنى كى وهو التعليل كما سبق فى أول هذه السورة وتفسيره بارادة ان يرجعوا عن الكفر الى الايمان كما فسره أهل الاعتزال خطأ محض لا ريب فيه لان الارادة(8/375)
وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (50)
تستلزم المراد بخلاف الأمر التكليفي فانه قد يأمر بما لا يريد والذي يريده فهو واقع البتة وَقالُوا اى فرعون وقومه فى كل مرة من العذاب لما ضاق نطاق بشريتهم يا ايه الساحر نادوا بذلك فى مثل تلك الحالة اى عند طلب كشف العذاب بدعائه لغاية عتوهم وغاية حماقتهم او سبق ذلك الى لسانهم على ما ألفوه من تسميتهم إياه بالساحر لفرط حيرتهم (قال سعدى) المفتى والا ظهران النداء كان باسمه العلم كما فى الأعراف لكن حكى الله تعالى هنا كلامهم لا بعبارتهم بل على وفق ما أضمرته قلوبهم من اعتقادهم انه ساحر لاقتضاء مقام التسلية ذلك فان قريشا ايضا سموه ساحرا وسموا ما أتى به سحرا وعن الحسن قالوه على الاستهزاء وقال ابن بحر اى الغالب بالسحر نحو خصمته وقال بعضهم قالوه تعظيما فان السحر كان عندهم علما عظيما وصفة ممدوحة والساحر فيهم عظيم الشان فكأنهم قالوا يا ايها العالم بالسحر الكامل الحاذق فيه ادْعُ لَنا رَبَّكَ ليكشف عنا العذاب قال فى التأويلات النجمية ما قالوا مع هذا الاضطرار يا ايها الرسول وما قالوا ادع لنا ربنا لانهم ما رجعوا الى الله بصدق النية وخلوص القعيدة ليروه بنور الايمان رسولا ويروا الله ربهم وانما رجعوا بالاضطرار لخلاص أنفسهم لالخلاص قلوبهم بِما عَهِدَ عِنْدَكَ ما مصدرية والباء للسببية وأصل العهد بمعنى التوصية ان يتعدى بالى الا انه أورد بدلها لفظ عندك اشعارا بأن تلك الوصية مرعية محفوظة عنده لا مضيعة ملغاة قال الراغب العهد حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال وعهد فلان الى فلان بعهد اى ألقى العهد اليه وأوصاه بحفظه والمعنى بسبب عهده عندك بالنبوة فان النبوة تسمى عهد الله وبالفارسية بسبب آن عهدى كه نزديك تو نهاده است او من استجابة دعوتك او من كشف العذاب عمن اهتدى قال بعضهم الأظهر ان الباء فى الوجه الاول للقسم اى ادع الله بحق ما عندك من النبوة إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ اى لمؤمنون على تقدير كشف العذاب عنا بدعوتك وعد منهم معلق بشرط الدعاء ولذا تعرضوا للنبوة على تقدير صحتها وقالوا ربك لا ربنا فانه انما يكون ربهم بعد الايمان لانهم قائلون بربوبية فرعون فَلَمَّا پس آن هنكام كه كَشَفْنا ببرديم وازاله كرديم عَنْهُمُ الْعَذابَ بدعاء موسى إِذا هُمْ همان زمان ايشان يَنْكُثُونَ النكث فى الأصل نقض الحبل والغزل ونحو ذلك وبالفارسية تا باز دادن ريسمان واستعير لنقض العهد والمعنى فاجأوا وقت نقض عهدهم بالاهتداء وهو الايمان اى بادروا النكث ولم يؤخروه وعادوا الى كفرهم وأصروا عليه ولما نقضوا عهودهم صاروا ملعونين ومن آثار لعنهم الغرق كما يأتى فعلى العاقل الوفاء بالعهد (حكى) ان النعمان بن المنذر من ملوك العرب جعل لنفسه فى كل سنة يومين فاذا خرج فاول من يطلع عليه فى يوم نعمه يعطيه مائة من الإبل ويغنيه وفى يوم بؤسه يقتله فلقيه فى يوم بؤسه رجل طاقى فأيقن بقتله وقال حيى الله الملك ان الاحتياج والضرورة قد حملانى على الخروج فى هذا اليوم ولكن لا يتفاوت الأمر فى قتلى بين أول النهار وآخره فان رأى الملك ان يأذن لى فى ان أوصل الى أهلي وأولادى القوت وأودعهم ثم أعود فرق له النعمان وقال لا يكون ذلك الا بضمان رجل منا فان لم ترجع قتلناه قال شريك ابن على ضمانه على فذهب الطاقي ثم رجع قريبا من المساء فلما رآه النعمان اطرق رأسه ثم رفع وقال ما رأيت(8/376)
وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54)
مثلكما اما أنت ايها الطاقي فما تركت لاحد فى الوفاء مقاما يفتخر به واما أنت يا شريك فما تركت لكريم سماحة فلا أكون اخس الثلاثة ألا وانى قد رفعت يوم بؤسى عن الناس كرامة لكما ثم احسن الى الطاقي وقال ما حملك على ذلك قال دينى فمن لا وفاء له لا دين له فظهر أن الوفاء سبب النجاة (وفى المثنوى)
جرعه بر خاك وفا آنكس كه ريخت ... كى تواند صيد دولت زو كريخت
وأول مراتب الوفاء منا هو الإتيان بكلمتي الشهادة ومن الله منع الدماء والمال وآخرها منا الاستغراق فى بحر التوحيد بحيث يغفل عن نفسه فضلا عن غيره ومن الله الفوز باللقاء الدائم وعن بعضهم انه سافر للحج على قدم التجريد وعاهد الله انه لا يسأل أحدا شيأ فلما كان فى بعض الطريق مكث مدة لا يفتح عليه بشىء فعجز عن المشي ثم قال هذا حال ضرورة تؤدى الى تهلكة بسبب الضعف المؤدى الى الانقطاع وقد نهى الله عن إلقاء النفس الى التهلكة ثم عزم على السؤال فلماهم بذلك انبعث من باطنه خاطر رده عن ذلك العزم ثم قال أموت ولا انقض عهدا بينى وبين الله فمرت القافلة وانقطع ذلك البعض واستقبل القبلة مضطجعا ينتظر الموت فبينما هو كذلك إذ هو بفارس قائم على رأسه معه اداوة فسقاه وأزال ما به من الضرورة فقال له تريد القافلة فقال واين منى القافلة فقال قم وسار معه خطوات ثم قال قف هاهنا والقافلة تأتيك فوقف وإذا بالقافلة مقبلة من خلفه وهذا من قبيل طى المكان كرامة من الله تعالى لاهل الشهود والحضور
نتوان بقيل وقال زار باب حال شد ... منعم نميشود كسى از كفت وكوى كنج
وَنادى فِرْعَوْنُ بنفسه او بمناد امره بالنداء فِي قَوْمِهِ فى مجمعهم وفيما بينهم بعد أن كشف العذاب عنهم مخافة ان يؤمنو قالَ كفت از روى عظمت وافتخار يا قَوْمِ اى كروه من يعنى قبطيان أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهى أربعون فرسخا فى أربعين (قال الكاشفى) آيا نيست مرا مملكت مصر از اسكندريه تا سر حد شام وفى فتح الرحمن وهو من نحو الاسكندرية الى أسوال بطول النيل وأسوان بالضم بلد بصعيد مصر كما فى القاموس قال فى روضة الاخبار مصر بلدة معروفة بناها مصر بن حام بن نوح وبه سميت مصر مصرا وفى القاموس مصروا المكان تمصيرا جعلوه مصرا فتمصر ومصر للمدينة المعروفة سميت لتمصرها او لانه بناها مصر بن نوح وقال بعضهم مصر بلد معروف من مصر الشيء يمصره إذا قطعه سمى به لانقطاعه عن الفضاء بالعمارة انتهى وَهذِهِ الْأَنْهارُ اى انهار النيل فاللام عوض عن المضاف اليه (قال فى كشف الاسرار) آب نيل بسيصد وشصت جوى منقسم بوده والمراد هنا الخلجان الكبار الخارجة من النيل ومعظمها اربعة انهر نهر الملك وهو نهر الاسكندرية ونهر طولون ونهر دمياط ونهر تنيس وهو كسكين بلد بجزيرة من جزائر بحر الروم قرب دمياط ينسب إليها الثياب الفاخرة كما فى القاموس تَجْرِي مِنْ تَحْتِي اى من تحت قصرى او امرى (قال الكاشفى) چهار جوى بزرك در باغ او ميرفت واز زير قصرهاى او ميكذشت والواو اما عاطفة لهذه الأنهار على ملك فتجرى حال منها او للحال فهذه مبتدا والأنهار صفتها وتجرى خبر للمبتدأ قال فى خريدة العجائب ليس فى الدنيا نهر أطول من النيل لان مسيرته شهران فى الإسلام(8/377)
أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52)
وشهران فى لكفر وشهران فى البرية واربعة أشهر فى الخراب ومخرجه من بلاد جبل القمر خلف خط الاستواء وسمى جبل القمر لان القمر لا يطلع عليه أصلا لخروجه عن خط الاستواء وميله عن نوره وضوئه يخرج من بحر الظلمة اى البحر الأسود ويدخل تحت جبل القمر وليس فى الدنيا نهر يشبه بالنيل إلا نهر مهران وهو نهر السند أَفَلا تُبْصِرُونَ ذلك يريد به استعظام ملكه وعن هرون الرشيد لما قرأها قال لاولينها اخس عبيدى فولاها الخصيب وكان على وضوئه وكان اسود أحمق عقل وكفايت آن سياه بحدى بود كه طائفه حراث مصر شكايت آوردندش كه پنبه كاشته بوديم بر كنار نيل وباران بى وقت آمد وتلف شد كفت پشم بايستى كاشتن تا تلف نشدى دانشمندى اين سخن بشنيد وبخنديد وكفت
اگر روزى بدانش بر فزودى ... ز نادان تنك روزى تر نبودى
بنادانان چنان روزى رساند ... كه دانايان ازو حيران بماند
وعن عبد الله بن طاهر انه وليها فخرج إليها فلما شارفها ووقع عليها بصره قال أهي القرية التي افتخر فيها فرعون حتى قال أليس لى ملك مصر والله لهى اقل عندى من أن أدخلها فثنى عنانه قال الحافظ ابن ابى الفرج بن الجوزي يوما فى قول فرعون وهذه الأنهار تجرى من تحتى ويحه افتخر بنهر ما أجراه ما أجراه افتخار از رنك وبو واز مكان هست شادى وفريب كودكان أَمْ أَنَا خَيْرٌ مع هذا الملك والبسط وأم منقطعة بمعنى بل انا خير والهمزة للتقرير اى لحملهم على الإقرار كأنه قال اثر ما عدد اسباب فضله ومبادى خيريته أثبت عندكم واستقر لديكم انى انا خير وهذه حال من هذا إلخ وقال ابو الليث يعنى انا خير وأم للصلة والمحققون على ان أم هاهنا بمعنى بل التي تكون للانتقال من كلام الى كلام آخر من غير اعتبار استفهام كما فى قوله تعالى فى سورة النمل أم ماذا كنتم تعملون وقال سعدى المفتى ويجوز أن يكون النظم من الاحتباك ذكر الابصار اولا دلالة على حذف مثله ثانيا والخيرية ثانيا دلالة على حذف مثله اولا والمعنى اهو خير منى فلا تبصرون ما ذكرتكم به أم انا خير منه لانكم تبصرونه مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ضعيف حقير من المهانة وهى الفلة وَلا يَكادُ يُبِينُ الكلام ويوضحه لرتة فى لسانه فكيف يصلح للنبوة والرسالة يريد انه ليس معه من آيات الملك والسياسة ما يعتضده ويتقوى به كما قال قريش لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم وهو فى نفسه حال عما يوصف به الرجال من الفصاحة والبلاغة وكان الأنبياء كلهم فصحاء بلغاء قاله افتراء على موسى وتنفيصا له فى أعين الناس باعتبار ما كان فى لسانه من نوع رتة حدثت بسبب الجمرة وقد كانت ذهبت عنه لقوله تعالى قال قد أوتيت سؤلك يا موسى والرتة غير اللثغة وهى حبسة فى اللسان تمنعه من الجريان وسلاسة لتكلم يقول الفقير الأنبياء عليهم السلام سالمون من العيوب والعاهات المنفرة كما ثبت فى محله وقد كان للشيخ عبد المؤمن المدفون فى بروسة عقدة فى لسانه وعند ما ينقل الاحياء فى الجامع الكبير تنحل بإذن الله تعالى فاذا كان حال الولي هكذا فكيف حال الموفر حظا من كل كمال كموسى وغيره من الأنبياء عليهم السلام حين أداء الوحى الإلهي وقد جربنا عامة من كان ألثغ او نحوه فوجدناهم منطيقين عند تلاوة القرآن وهو من آثار(8/378)