منه وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً اى ذكرا كثيرا فى جميع أوقاته وأحواله اى وقرن بالرجاء كثرة الذكر المؤدية الى ملازمة الطاعة وبها يتحقق الاتساء برسول الله قال الحكيم الترمذي الاسوة فى الرسول الاقتداء به والاتباع لسنته وترك مخالفته فى قول وفعل قال الشيخ سعدى
درين بحر جز مرد ساعى نرفت ... كم آن شد كه دنبال راعى نرفت
كسانى كزين راه بركشته اند ... برفتند بسيار وسركشته اند
خلاف پيمبر كسى ره كزيد ... كه هركز بمنزل نخواهد رسيد
محالست سعدى كه راه صفا ... توان رفت جز بر پى مصطفى
فمتابعة الرسول تجب على كل مؤمن حتى يتحقق رجاؤه ويثمر عمله لكونه الواسطة والوسيلة وذكر الرجاء اللازم للايمان بالغيب فى مقام النفس وقرن به الذكر الكثير الذي هو عمل ذلك المقام ليعلم ان من كان فى البداية يلزم متابعته فى الأعمال والأخلاق والمجاهدات بالنفس والمال إذ لو لم يستحكم البداية لم يفلح بالنهاية ثم إذا تجرد وتزكى عن صفات نفسه فليتابعه فى موارد قلبه كالصدق والإخلاص والتسليم ليحتظى ببركة المتابعة بالمواهب والأحوال وتجليات الصفات فى مقام القلب كما احتظى بالمكاسب والمقامات وتجليات الافعال فى مقام النفس وهكذا فى مقام الروح حتى الفناء وفى التأويلات النجمية يشير الى ما سبقت به العناية لهذه الامة فى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم كما اخبر بلفظ (لَقَدْ كانَ) اى كان (لَكُمْ) مقدرا فى الأزل ان يكون لكم عند الخروج من العدم الى الوجود (فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) اى اقتداء حسن وذلك فان أول كل شىء تعلقت به القدرة للايجاد كان روح رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله (أول ما خلق الله روحى) فالاسوة الحسنة عبارة عن تعلق القدرة بأرواح هذه الامة لاخراجهم من العدم الى الوجود عقيب إخراج روح رسول الله صلى الله عليه وسلم من العدم الى الوجود فمن أكرم بهذه الكرامة يكون له اثر فى عالم الأرواح قبل تعلقه بعالم الأشباح وبعد تعلقه بعالم الاشخاص فأما اثره فى عالم الأرواح فبتقدمه على الأرواح بالخروج الى عالم الأرواح وبرتبته فى الصف الاول بقرب روح رسول الله صلى الله عليه وسلم او فى الصف الذي يليه وبتقدمه فى قبول الفيض الإلهي وبتقدمه عند استخراج ذرات الذريات من صلب آدم فى استخراج ذراته وبإحضارها فى الحضرة وبتقدمه فى استماع خطاب ألست بربكم وبتقدمه فى اجابة الرب تعالى بقوله قالوا بلى وبتقدمه فى المعاهدة مع الله وبتأخره فى الرجوع الى صلب آدم وبتأخره فى الخروج عن أصلاب الآباء الى أرحام الأمهات وفى الخروج عن الرحم وبتأخر تعلق روحه بجسمه فان لله الذي هو المقدم والمؤخر فى هذه التقدمات والتأخرات حكمة بالغة ولها تأثيرات عجيبة يطول شرحها واما اثره فى عالم الأشباح فاعلم انه بحسب هذه المراتب فى ظهور اثر الاسوة يظهر اثرها فى عالم الأشباح عند تعلق نظر الروح بالنطفة فى الرحم اولا الى ان تتربى النطفة بنظره فى الأطوار المختلفة ويصير قالبا مسويا مستعدا لقبول تعلق الروح به فمثل القالب المسوى مع الروح كمثل الشمعة مع نقش الخاتم إذا وضع عليها يقبل جميع نقوش الخاتم فالروح المكرم إذا تعلق بالقالب المسوّى يودع فيه جميع خواصه التي استفادها من(7/157)
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24) وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27)
تلك التقدمات والتأخرات الاسوتية فكل ما يجرى على الإنسان من بداية ولادته الى نهاية عمره من الافعال والأقوال والأخلاق والأحوال كلها من آثار خواص أودعها الله فى الروح فبحسب قرب كل روح الى روح الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده عنه له اعمال ونيات تناسب حاله فى الاسوة فاما حال اهل القرب منهم فبان يكون عملهم على وفق السنة خالصا لوجه الله تعالى كما قال (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ) واما من هو دونهم فى القرب والإخلاص فبان يكون عملهم لليوم الآخر اى للفوز بنعيم الجنان كما قال تعالى (وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) اى لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ثم جعل نيل هذه المقامات مشروطا بقوله تعالى (وَذَكَرَ اللَّهَ) كثيرا لان فى الذكر وهو كلمة لا اله الا الله نفيا واثباتا وهما قدمان للسائرين الله تعالى وجناحان للطائرين بالله بهما يخرجون من ظلمات الوجود المجازى الى نور الوجود الحقيقي انتهى كلام التأويلات وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ اى الجنود المجتمعة لمحاربة النبي عليه السلام وأصحابه يوم الخندق. والحزب جماعة فيها غلظ كما فى المفردات قالُوا هذا البلاء العظيم ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ بقوله تعالى (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) الآية وقوله عليه السلام (سيشتدّ الأمر باجتماع الأحزاب عليكم والعاقبة لكم عليهم) وقوله عليه السلام (ان الأحزاب سائرون إليكم بعد تسع ليال او عشر) وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ اى ظهر صدق خبر الله ورسوله وَما زادَهُمْ ما رأوه: وبالفارسية [ونيفزود ديدن احزاب مؤمنانرا] إِلَّا إِيماناً بالله ومواعيده وَتَسْلِيماً لاوامره ومقاديره وقال الكاشفى [وكردن نهادن احكام امر حضرت رسالت پناهى را كه سعادت دو سراى دران تسليم مندرجست]
هر كه دارد چون قلم سر بر خط فرمان او ... مى نويسد بخت طغراى شرف بر نام او
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بالإخلاص رِجالٌ صَدَقُوا أتوا الصدق فى ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ من الثبات مع الرسول والمقاتلة لاعلاء الدين اى حققوا العهد بما أظهروه من أفعالهم وهم عثمان بن عفان وطلحة بن عبد الله وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وحمزة ومعصب بن عمير وانس بن النضر وغيرهم رضى الله عنهم نذروا انهم إذا لقوا حزبا مع رسول الله ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا قال الحكيم الترمذي رحمه الله خص الله الانس من بين الحيوان ثم خص المؤمنين من بين الانس ثم خص الرجال من المؤمنين فقال (رِجالٌ صَدَقُوا) فحقيقة الرجولية الصدق ومن لم يدخل فى ميادين الصدق فقد خرج من حد الرجولية واعلم ان النذر قربة مشروعة وقد اجمعوا على لزومه إذا لم يكن المنذور معصية واما قوله عليه السلام (لا تنذروا فان النذر لا يغنى من القدر شيأ) فانما يدل على ان النذر المنهي لا يقصد به تحصيل غرض او دفع مكروه على ظن ان النذر يرد من القدر شيأ فليس مطلق النذر منهيا إذ لو كان كذلك لما لزم الوفاء به وآخر الحديث (وانما يستخرج به من البخيل) وهو اشارة الى لزومه لان غير البخيل يعطى باختياره بلا واسطة النذر والبخيل انما يعطى بواسطة النذر الموجب عليه واما لو كان النذر وعدمه سواء عنده وانما نذر لتحقيق عزيمته وتوكيدها فلا كلام(7/158)
فى حسن مثل هذا النذر واكثر نذور الخواص ما خطر ببالهم وعقده جنانهم فان العقد اللساني ليس الا لتتميم العقد الجناني فكما يلزم الوفاء فى المعاقدة اللسانية فكذا فى المعاقدة الجنانية فليحافظ فانه من باب التقوى المحافظ عليها من اهل الله تعالى
طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب آزادگى چوسرو چمن
وفا كنيم وملامت كشيم وخوش باشيم ... كه در طريقت ما كافريست رنجيدن
فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ تفصيل لحال الصادقين وتقسيم لهم الى قسمين. والنحب النذر المحكوم بوجوبه وهو ان يلتزم الإنسان شيأ من اعماله ويوجبه على نفسه وقضاؤه الفراغ منه والوفاء به يقال قضى فلان نحبه اى وفى بنذره ويعبر بذلك عمن مات كقولهم قضى اجله واستوفى أكله وقضى من الدنيا حاجته وذلك لان الموت كنذر لازم فى عنق كل حيوان ومحل الجار والمجرور الرفع على الابتداء اى فبعضهم من خرج عن عهدة النذر بان قاتل حتى استشهد كحمزة ومصعب بن عمير وانس بن النضر الخزرجي الأنصاري عم انس بن مالك رضى الله عنه- روى- ان أنسا رضى الله عنه غاب عن بدر فشهد أحدا فلما نادى إبليس ألا ان محمدا قد قتل مر بعمر رضى الله عنه ومعه نفر فقال ما يقعدكم قالوا قتل رسول الله قال فما تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم جال بسيفه فوجد قتيلا وبه بضع وثمانون جراحة
بي زخم تيغ عشق ز عالم نمى روم ... بيرون شدن ز معركه بى زخم عار ماست
وَمِنْهُمْ اى وبعضهم مَنْ يَنْتَظِرُ قضاء نذره لكونه موقتا كعثمان وطلحة وغيرهما فانهم مستمرون على نذورهم وقد قضوا بعضها وهو الثبات مع رسول الله والقتال الى حين نزول الآية الكريمة ومنتظرون قضاء بعضها الباقي وهو القتال الى الموت شهيدا وفى وصفهم بالانتظار اشارة الى كمال اشتياقهم الى الشهادة
غافلان از مرك مهلت خواستند ... عاشقان كفتند نى نى زود باد
: وفى المثنوى
دانه مردن مرا شيرين شدست ... بل هم احياء پى من آمدست «1»
صدق جان دادن بود هين سابقوا ... از نبى بر خوان رجال صدقوا «2»
اى بسا نفس شهيد معتمد ... مرده در دنيا وزنده مى رود
وَما بَدَّلُوا عطف على صدقوا وفاعله فاعله اى وما بدلوا عهدهم وما غيروه تَبْدِيلًا ما لا أصلا ولا وصفا بل ثبتوا عليه راغبين فيه مراعين لحقوقه على احسن ما يكون اما الذين قضوا فظاهر واما الباقون فيشهد به انتظارهم اصدق الشهادة- روى- ان طلحة رضى الله عنه ثبت مع رسول الله يوم أحد يحميه حتى أصيبت يده وجرح أربعا وعشرين جراحة فقال عليه السلام (أوجب طلحة الجنة) وسماه النبي عليه السلام يومئذ طلحة الخير ويوم حنين طلحة الجود ويوم غزوة ذات العشيرة طلحة الفياض وقتل يوم الجمل. وفى الآية تعريض بأرباب النفاق واصحاب مرض القلب فانهم ينقضون العهود ويبدّلون العقود
فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق ز ما اين قدر نمى آيد
__________
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان بقيه قصه امير المؤمنين على رضى الله عنه إلخ
(2) در اواخر دفتر پنجم در بيان رجوع بحكايت آن مجاهد در قتال [.....](7/159)
لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24) وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25)
لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ اى وقع جميع ما وقع ليجزى الله الصادقين بما صدر عنهم من الصدق والوفاء قولا وفعلا قال فى كشف الاسرار فى الدنيا بالتمكين والنصرة على العدو وإعلاء الراية وفى الآخرة بجميل الثواب وجزيل المآب والخلود فى النعيم المقيم والتقديم على الأمثال بالتكريم والتعظيم وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ بما صدر عنهم من الأقوال والأعمال المحكية إِنْ شاءَ تعذيبهم اى ان لم يتوبوا فان الشرك لا يغفر البتة أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ اى يقبل توبتهم ان تابوا إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً ستورا على من تاب محاء لما صدر منه رَحِيماً منعما عليه بالجنة والثواب قال بعضهم امارة الرجولية الصدق فى العهد وهو ان لا يعبد غيره تعالى من الدنيا والعقبى والدرجات العليا الى ان يصل الى حضرة العلى الأعلى. فمن الصادقين من بلغ مقصده ونال مقصوده وهذا حال المنتهين. ومنهم من ينتظر البلوغ والوصول وهو فى السير وهذا حال المتوسطين وما بدلوا تبديلا بالاعراض عن الطلب والإقبال على طلب غير الله ليجزى الله الصادقين بصدقهم فى الطلب وبقدم الصدق ينزلون عند ربهم ويعذب المنافقين ان شاء وهم مدعوا الطلب بغير قدم صدق بل بقدم كذب وتلبيس ورياء فهم فى زى اهل الخرقة ولباس القوم وفى سيرة اهل الرياء والنفاق كما قال بعضهم
اما الخيام فانها كخيامهم ... وارى نساء الحي غير نسائه
فلابد من التوبة والصدق والثبات حتى تظهر الآثار من المغفرة والرحمة والهداية [اى جوانمرد عنايت ازلى كوهر صادقانرا رنكى دهد كه هر كه در ايشان نكرد اگر بيكانه بود آشنا كردد ور عاصى بود عارف كردد ور درويش بود توانكر كردد ابراهيم أدهم قدس سره كفت وقتى كشش روم در باطن من سر برزد كفتم آيا چهـ حالتست اين واز كجا افتاد اين كشش در باطن من همى سر در نهادم ورفتم تا بدار الملك روم در سرايى شدم جمعى انبوه آنجا كرد آمده زنارهاى ايشان بديدم غيرت دين در من كار كرد پيراهن از سر تا پاى فرو دريدم ونعره چند كشيدم آن روميان فراز آمدند وهمى پرسيدند كه ترا چهـ بود ودر تو چهـ صفرا افتاد كفتم من اين زنارهاى شما نميتوانم ديد كفتند همانا تو از محمديانى كفتم آرى من از محمديانم كفتند كارى سهل است بما چنين رسيد كه سنك وخاك بنبوّت محمد كواهى ميداد واز روى جماديت اين زنارهاى ما حالت آن سنك وخاك دارد اگر با تو صدقى هست از خدا بخواه تا اين زنارهاى بنبوت محمد كواهى دهند تا ما در دائره اسلام آييم ابراهيم سر بر سجده نهاد ودر الله زاريد وكفت خداوندا بر من ببخشاى وحبيب خويش را نصرت كن ودين اسلام را قوى كن هنوز آن مناجات تمام ناكرده كه هر زنارى بزبان فصيح ميكفت لا اله الا الله محمد رسول الله] وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا يعنى الأحزاب وهو رجوع الى حكاية بقية القصة اى وقع ما وقع من الحوادث ورد الله الذين كفروا حال كونهم ملتبسين بِغَيْظِهِمْ وحسرتهم: يعنى [خشمناك برفتند] والغيظ أشد الغضب وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه لَمْ يَنالُوا خَيْراً حال بعد حال(7/160)
وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27)
اى حال كونهم لم يصيبوا ما أرادوا من الغلبة وسماها خيرا لان ذلك كان عندهم خيرا فجاء على استعمالهم وزعمهم وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ بما ذكر من إرسال الريح الشديدة والملائكة
باد صبا ببست ميان نصرت ترا ... ديدى چراغ را كه كند باد ياورى
وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا على احداث كل ما يريده عَزِيزاً غالبا على كل شىء ثم اخبر بالكفاية الاخرى فقال وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ اى عاونوا الأحزاب المردودة على رسول الله والمسلمين حين نقضوا العهد مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وهم بنوا قريظة قوم من اليهود بالمدينة من خلفاء الأوس وسيد الأوس حينئذ سعد بن معاذ رضى الله عنه مِنْ صَياصِيهِمْ من حصونهم جمع صيصة بالكسر وهى ما يتحصن به ولذلك يقال لقرن الثور والظبى وشوكة الديك وهى فى مخلبته التي فى ساقه لانه يتحصن بها ويقاتل وَقَذَفَ رمى والقى فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ اى الخوف والفزع بحيث سلموا أنفسهم للقتل وأهليهم وأولادهم للاسر حسبما ينطق به قوله تعالى فَرِيقاً تَقْتُلُونَ يعنى رجالهم وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً يعنى نساءهم وصبيانهم من غير ان يكون من جهتهم حركة فضلا عن المخالفة والاسر الشد بالقيد وسمى الأسير بذلك ثم قيل لكل مأخوذ مقيد وان لم يكن مشدودا ذلك وَأَوْرَثَكُمْ [وميراث داد شما را] أَرْضَهُمْ مزارعهم وحدائقهم وَدِيارَهُمْ حصونهم وبيوتهم وَأَمْوالَهُمْ نقودهم واثاثهم ومواشيهم شبهت فى بقائها على المسلمين بالميراث الباقي على الوارثين إذ ليسوا فى الشيء منهم من قرابة ولا دين ولا ولاء فاهلكهم الله على أيديهم وجعل املاكهم وأموالهم غنائم لهم باقية عليهم كالمال الباقي على الوارث وَأَرْضاً [وشما را داد زمينى را كه] يعنى فى علمه وتقديره لَمْ تَطَؤُها باقدامكم بعد كفارس والروم وماستفتح الى يوم القيامة من الأراضي والممالك من وطئ يطأ وطئا: بالفارسية [بپاى سپردن] وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً فقد شاهدتم بعض مقدوراته من ايراث الأرض التي تسلمتموها فقيسوا عليها ما بعدها قال الكاشفى [پس قادر باشد بر فتح بلاد وتسخير آن براى ملازمان سيد عباد
لشكر عزم ترا فتح وظفر همراهست ... لا جرم هر نفس إقليم دكر مى كيرى
- روى- انه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق وكان وقت الظهيرة وصلى الظهر ودخل بيت زينب وقد غسلت شق رأسه الشريف اتى جبريل عليه السلام على فرسه حيزوم معتجرا بعمامة سوداء فقال أو قد وضعت السلاح يا رسول الله قال نعم قال جبريل ما وضعت ملائكة الله السلاح منذ نزل بك العدو ان الله يأمرك بالمسير الى بنى قريظة فانى عامد إليهم بمن معى من الملائكة فمزلزل بهم الحصون وداقهم دق البيض على الصفا فادبر بمن معه وسار حتى سطع الغبار فامر عليه السلام بلالا رضى الله عنه فاذن فى الناس من كان سامعا مطيعا فلا يصلينّ العصر الا فى بنى قريظة وقد لبس عليه السلام الدرع والمغفر وأخذ قناة بيده الشريفة وتقلد السيف وركب فرسه اللحيف بالضم والناس حوله قد لبسوا السلاح وهم ثلاثة(7/161)
آلاف واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم رضى الله عنه ودفع اللواء الى على رضى الله عنه وكان اللواء على حاله لم يحل من مرجعه من الخندق وأرسله متقدما مع بعض الاصحاب ومر عليه السلام بنفر من بنى النجار قد لبسوا السلاح فقال هل مرّبكم أحد قالوا نعم دحية الكلبي رضى الله عنه وأمرنا بحمل السلاح وقال لنا رسول الله يطلع عليكم الآن فقال ذلك جبريل فلما دنا على رضى الله من الحصون وغرز اللواء عند اصل الحصون سمع من بنى قريظة مقالة قبيحة فى حقه عليه السلام وحق أزواجه فسكت المسلمون وقالوا السيف بيننا وبينكم فلما رأى على رضى الله عنه رسول الله مقبلا امر قتادة الأنصاري ان يلزم اللواء ورجع اليه عليه السلام فقال يا رسول الله لا عليك ان لا تدنو من هؤلاء الاخابث قال لعلك سمعت منهم لى أذى قال نعم قال لو رأونى لم يقولوا من ذلك شيأ فلما دنا من حصونهم قال يا اخوان القردة والخنازير لان اليهود مسخ شبانهم قردة وشيوخهم خنازير فى زمن داود عليه السلام عند اعتدائهم يوم السبت بصيد السمك أخزاكم الله وانزل بكم نقمته أتشتمونني فجعلوا يحلفون ويقولون ما قلنا يا أبا القاسم
ما كنت فحاشا: يعنى [تو فحاش نبودى وهركز ناسزا نكفتى چونست كه امروز ما را ميكويى] ثم ان جماعة من الصحابة شغلهم ما لم يكن منه بد عن المسير لبنى قريظة ليصلوا بها العصر فاخروا صلاة العصر الى ان جاؤا بعد العشاء الاخيرة فصلوها هناك امتثالا لقوله عليه السلام (لا يصلينّ العصر الا فى بنى قريظة) وقال بعضهم نصلى ما يريد رسول الله منا ان ندع الصلاة ونخرجها عن وقتها وانما أراد الحث على الاسراع فصلوها فى أماكنهم ثم ساروا فما عابهم الله فى كتابه ولا عنفهم رسول الله لقيام عذرهم فى التمسك بظاهر الأمر فكل من الفريقين متأول ومأجور بقصده وهو دليل على ان كل مختلفين فى الفروع من المجتهدين مصيب. ومن هنا أخذ الصوفية ما ذكروا فى آداب الطريقة ان الشيخ المرشد إذا أرسل المريد لحاجة فمر فى الطريق بمسجد وقد حضرت الصلاة فانه يقدم السعى للحاجة اهتماما لا تهاونا بالصلاة. وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى قريظة خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف الله فى قلوبهم الخوف الشديد وكان حيى ابن اخطب سيد بنى النضير دخل مع بنى قريظة حصنهم حين رجعت الأحزاب فلما أيقنوا ان رسول الله غير منصرف حتى يقاتلهم قال كبيرهم كعب بن اسد يا معشر اليهود نتابع هذا الرجل ونصدقه فو الله لقد تبين لكم انه النبي الذي تجدونه فى كتابكم وان المدينة دار هجرته وما معنى من الدخول معه الا الحسد للعرب حيث لم يكن من بنى إسرائيل ولقد كنت كارها لنقض العهد ولم يكن البلاء والشؤم الا من هذا الجالس يعنى حيى بن اخطب فقالوا لا نفارق حكم التوراة ابدا ولا نستبدل به غيره اى القرآن فقال ان أبيتم علىّ هذه الخصلة فهلموا فلنقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج الى محمد وأصحابه رجالا مصلتين السيوف حتى لا نترك وراءنا نسلا يخشى عليه ان هلكنا فقالوا نقتل هؤلاء المساكين فما خير العيش بعدهم ان لم نهلك فقال فان أبيتم فان الليلة ليلة السبت وان محمدا وأصحابه قد آمنوا فيها فانزلوا لعلنا نصيب منهم غفلة فقالوا نفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يحدث فيه من كان قبلنا(7/162)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31)
فقال لهم عمرو بن سعدى فان أبيتم فاثبتوا على اليهودية واعطوا الجزية فقالوا نحن لا نقر للعرب بخراج فى رقابنا يأخذونه القتل خير من ذلك ثم قال لهم رسول الله تنزلون على حكمى فابوا فقال على حكم سعد بن معاذ سيد الأوس فرضوا به وعاهدوا على ان لا يخرجوا من حكمه فارسل عليه السلام فى طلبه وكان جريحا فى وقعة الخندق فجاء راكب حمار وكان رجلا جسيما فقال عليه السلام (قوموا الى سيدكم) فقام الأنصار فانزلوه وبه ثبت الاستقبال للقادم فحكم بقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم ونسائهم فكبر النبي عليه السلام وقال (لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة ارقعة) اى السموات السبع والمراد ان شأن هذا الحكم العلو والرفعة ثم استنزلهم وامر بان يجمع ما وجد فى حصونهم فوجدوا فيها الفا وخمسمائة سيف وثلاثمائة درع والفى رمح وخمسمائة ترس وأثاثا وأواني كثيرة وجمالا ومواشى وشياها وغيرها وخمس ذلك وجعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار لانه كان لهم منازل فرضى الكل بما صنع الله ورسوله وامر بالمتاع ان يحمل وترك المواشي هناك ترعى الشجر ثم غدا الى المدينة فامر بالأسارى وكانوا ستمائة مقاتل او اكثر ان يكونوا فى دار اسامة بن زيد رضى الله عنه والنساء والذرية وكانت سبعمائة فى دار ابنة الحارث النجارية لان تلك الدار كانت معدودة لنزول الوفود من العرب ثم خرج الى سوق المدينة فامر بالخندق فحفروا فيه حفائر فضرب أعناق الرجال والقوا فى تلك الخنادق وردوا عليهم التراب وكان المتولى لقتلهم عليا والزبير ولم يقتل من نسائهم إلا بنانة كانت طرحت رحى على خلاد بن سويد رضى الله عنه تحت الحصن فقتلته ولم يستشهد فى هذه الغزوة الإخلاد قال عليه السلام (له اجر شهيدين) ثم بعث رسول الله سعد بن زيد الأنصاري بسبايا بنى قريظة الى نجد فابتاع لهم بها خيلا وسلاحا قسمها رسول الله على المسلمين ونهى عليه السلام ان يفرق بين أم وولدها حتى يبلغ اى تحيض الجارية ويحتلم الغلام وقال (من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) واصطفى عليه السلام لنفسه منهم ريحانة بنت شمعون وكانت جميلة وأسلمت فاعتقها رسول الله وتزوجها ولم تزل عنده حتى ماتت مرجعه من حجة الوداع سنة عشر فدفنها بالبقيع وكانت هذه الوقعة فى آخر ذى القعدة سنة خمس من الهجرة وفى الآية اشارة الى انه كما ان بنى قريظة أعانوا المشركين على المسلمين فهلكوا فكذلك العلماء المداهنون أعانوا النفس والشيطان والدنيا على القلوب وأفتوا بالرخص لارباب الطلب وفتروهم عن التجريد والمجاهدة وترك الدنيا والعزلة والانقطاع وقالوا هذه رهبانية وليست من ديننا وتمسكوا بآيات واخبار لها ظاهر وباطن فأخذوها بظاهرها وضيعوا باطنها فآمنوا ببعض هو على وفق طباعهم وكفروا ببعض هو على خلاف طباعهم أولئك أعوان النفوس والشياطين والدنيا فمن قاربهم هلك كما هلكوا فى وادي المساعدات ونعوذ بالله من المخالفات وترك الرياضات والمجاهدات: وفى لمثنوى
اندرين ره مى تراش ومى خراش ... تا دمى آخر دمى فارغ مباش «1»
فان البطالة لا تثمر الا الحرمان والجد يفتح أبواب المراد من أي نوع كان يا أَيُّهَا النَّبِيُّ الرفيع الشان المخبر عن الله الرحمن قال الكاشفى [ارباب سير برانند كه سال تاسع از هجرت
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان رجوع بحكايت خواجه تاجر إلخ(7/163)
سيد عالم عليه السلام از ازواج طاهرات عزلت نمود وسوكند خورد كه يك ماه با ايشان مخالطت نكند وسبب آن بود كه از ان حضرت ثياب زينت وزيادت نفقه ميطلبيدند واو را ربحه داشتند بسبب غيرت چنانكه عادت زنان ضرائر بود فخر عالم ملول وغمناك كشته بغرفه در مسجد كه خزانه وى بود تشريف فرمود بعد از بيست ونه روز كه آن ماه بدان عدد تمام شده بود جبرائيل عليه السلام آيت تخيير فرود آورد كه] (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ) قُلْ امر وجوب فى تخييرهن وهو من خصائصه عليه السلام لِأَزْواجِكَ نسائك وهن يومئذ تسع نسوة خمس من قريش عائشة بنت ابى بكر وحفصة بنت عمر وأم حبيبة واسمها رملة بنت ابى سفيان وأم سلمة واسمها هند بنت ابى امية المخزومية وسودة بنت زمعة العامرية واربع من غير قريش زينب بنت جحش الاسدية وميمونة بنت الحارث الهلالية وصفية بنت حيى بن اخطب الخيبرية الهارونية وجويرية بنت الحارث الخزاعية المصطلقية وكانت هذه بعد وفاة خديجة رضى الله عنها إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا اى السعة والتنعم فيها وَزِينَتَها [وآرايش چون ثياب فاخره و پيرايها بتكلف] فَتَعالَيْنَ اصل تعالى ان يقوله من فى المكان المرتفع لمن فى المكان المنخفض ثم كثر حتى استوت فى استعماله الامكنة ولم يرد حقيقة الإقبال والمجيء بل أراد اجبن على ما اعرض عليكن واقبلن بارادتكن واختياركن لاحدى الخصلتين كما يقال اقبل يكلمنى وذهب يخاصمى وقام يهددنى أُمَتِّعْكُنَّ بالجزم جوابا للامر: والتمتيع بالفارسية [برخوردارى دادن] اى اعطكن المتعة: وبالفارسية [پس بياييد كه بدهم شما را متعه طلاق چنانچهـ مطلقه را دهند] سوى المهر واصل المتعة والمتاع اما ينتفع به انتفاعا قليلا غير باق بل ينقضى عن قريب ويسمى التلذذ تمتعا لذلك وهى درع وهو ما يستر البدن وملحفة وهى ما يستر المرأة عند خروجها من البيت وخمار وهو ما يستر الرأس وهى واجبة عند ابى حنيفة رضى الله عنه فى المطلقة التي لم يدخل بها ولم يسم لها مهر عند العقد ومستحبة فيما عداها والحكمة فى إيجاب المتعة جبر لما أوحشها الزوج بالطلاق فيعطيها لتنتفع بها مدة عدتها ويعتبر ذلك بحسب السعة والاقتار الا ان يكون نصف مهرها اقل من ذلك فحينئذ يجب لها الأقل منه ولا ينقص عن خمسة دراهم لان اقل المهر عشرة فلا ينقص عن نصفها وَأُسَرِّحْكُنَّ السرح شجر له ثمرة وأصله سرحت الإبل ان ترعيها السرح ثم جعل لكل إرسال فى الرعي والتسريح فى الطلاق مستعار من تسريح الإبل كالطلاق فى كونه مستعارا من طلاق الإبل وصريح اللفظ الذي يقع به الطلاق من غير نية هو لفظ الطلاق عند ابى حنيفة واحمد والطلاق والفراق والسراح عند الشافعي ومالك والمعنى أطلقكن سَراحاً جَمِيلًا طلاقا من غير ضرار وبدعة واتفق الائمة على ان السنة فى الطلاق ان يطلقها واحدة فى طهر لم يصبها فيه ثم يدعها حتى تنقضى عدتها وان طلق المدخول بها فى حيضها او طهر أصابها فيه وهى ممن تحبل فهو طلاق بدعة محرم ويقع بالاتفاق وجمع الثلاثة بدعة عند ابى حنيفة ومالك وقال احمد هو محرم خلافا للشافعى ويقع بلا خلاف بينهم واعلم ان الشارع انما كره الطلاق ندبا الى الالفة وانتظام الشمل ولما علم الله ان الافتراق لا بد منه(7/164)
وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)
لكل مجموع مؤلف لحقيقة خفيت عن اكثر الناس شرع الطلاق رحمة لعباده ليكونوا مأجورين فى أفعالهم محمودين غير مذمومين إرغاما للشيطان فانهم فى ذلك تحت اذن الهى وانما كان الطلاق ابغض الحلال الى الله تعالى لانه رجوع الى العدم إذ بائتلاف الطبائع ظهر وجود التركيب وبعد الائتلاف كان العدم فمن أجل هذه الرائحة كرهت الفرقة بين الزوجين لعدم عين الاجتماع كذا فى الفتوحات. وتقديم التمتيع على التسريح من باب الكرم وفيه قطع لمعاذيرهن من أول الأمر وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
اى تردن رسوله وصحبته ورضاه وذكر الله للايذان بجلالته عليه السلام عنده تعالى وَالدَّارَ الْآخِرَةَ اى نعيمها الذي لا قدر عنده للدنيا وما فيها جميعا فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ [مر زنان نيكوكارانرا] مِنْكُنَّ بمقابلة إحسانهن ومن للتبيين لان كلهن محسنات أصلح نساء العالمين ولم يقل لكن اعلاما بان كل الإحسان فى إيثار مرضاة الله ورسوله على مرضاة انفسهن أَجْراً عَظِيماً لا يعرف كنهه وغايته وهو السر فيما ذكر من تقديم التمتيع على التسريح وفى وصف التسريح بالجميل ولما نزلت هذه الآية بدأ عليه السلام بعائشة رضى الله عنها وكانت أحب أزواجه اليه وقرأها عليها وخيرها فاختارت الله ورسوله- وروى- انه قل لعائشة رضى الله عنها انى ذاكر لك امرا أحب ان لا تعجلى حتى تستأمرى أبويك اى تشاورى لما علم ان أبويها لا يأمرانها بفراقه عليه السلام قالت وما هو يا رسول الله فتلا عليها الآية فقالت أفي هذا استأمر أبوي بل اختار الله ورسوله والدار الآخرة [رسول را اين سخن ازو عجب آمد وبدان شاد شد واثر شادى بر بشره مبارك وى پيدا آمد] ثم اختارت الباقيات اختيارها فلما آثرنه عليه السلام والنعيم الباقي على الفاني شكر الله لهن ذلك وحرم على النبي التزوج بغيرهن فقال (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) الآية كما سيأتى واختلف فى ان هذا التخيير هل كان تفويض الطلاق إليهن حتى يقع الطلاق باختيارهن او كان تخييرا لهن بين الإرادتين على انهن ان أردن الدنيا فارقهن عليه السلام كما ينبىء عنه قوله (فَتَعالَيْنَ) إلخ فذهب البعض الى الاول وقالوا لو اخترن انفسهن كان ذلك طلاقا ولذا اختلف فى حكم التخيير فانه إذا خير رجل امرأته فاختارت نفسها فى ذلك المجلس قبل القيام او الاشتغال بما يدل على الاعراض بان تقول اخترت نفسى وقعت طلقة بائنة عند ابى حنيفة ورجعية عند الشافعي وثلاث تطليقات عند مالك ولو اختارت زوجها لا يقع شىء أصلا وكذا إذا قامت من مجلسها قبل ان تختار نفسها انقطع التخيير باتفاقهم واختلفوا فيما إذا قال أمرك بيدك فقال ابو حنيفة إذا قال أمرك بيدك فى تطليقة فاختارت نفسها يقع طلقة رجعية وان نوى الثلاث صح فلو قالت اخترت واحدة فهى ثلاث وهو كالتخيير يتوقف على المجلس وفى الآية إشارتان الاولى ان حب الدنيا وزينتها موجب للمفارقة عند صحبة النبي عليه السلام لازواجه مع انهن محال النطفة الانسانية فى عالم الصورة ليعلم ان حب الدنيا وزينتها آكد فى إيجاب المفارقة عن صحبة النبي عليه السلام لامته لان أرحام قلوبهم محل النطفة الروحانية الربانية فينبغى ان يكون أطيب وازكى لاستحقاق تلك النطفة الشريفة فان الطيبات للطيبين(7/165)
يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)
خاطرت كى رقم فيض پذيرد هيهات ... مكر اين نقش پراكنده ورق ساده كنى
والثانية ان محبة الله ورسوله والدار الآخرة موجبة للاتصال بالنبي عليه السلام والوصلة الى الله ان كانت خالصة لوجه الله فان كانت مشوبة بنعيم الجنة فله نعيم الجنة بقدر شوب محبة الله محبة نعيم وله من الاجر العظيم بحسب محبة الله فان قال قائل قد تحقق ان محبة الله إذا كانت مشوبة بمحبة غير الله توجب النقص من الاجر العظيم بقدر شوب محبة غير الله فكذلك هل يوجب النقص شوب محبة النبي عليه السلام من الاجر العظيم قلنا لا توجب النقص من الاجر العظيم بل تزيد فيه لان من أحب النبي عليه السلام فقد أحب الله كما ان من يطع الرسول فقد أطاع الله والفرق بين محبة النبي ومحبة الجنة ان محبته بالحق دون الحظ ومحبة الجنة بالحظ دون الحق فان الجنة حظ النفس كما قال تعالى (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ)
ومحبة النبي ومتابعته مؤدية الى محبة الله للعبد كقوله تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) : قال المولى الجامى
لى حبيب عربى مدنى قرشى ... كه بود در دو غمش مايه شادى وخوشى
فهم رازش نكنم او عربى من عجمى ... لاف مهرش چهـ زنم او قرشى من حبشى
ذره وارم بهوا دارىء او رقص كنان ... تا شد او شهره آفاق بخورشيد وشى
كر چهـ صد مرحله دورست ز پيش نظرم ... وجهه فى نظرى كل غداة وعشى
يا نِساءَ النَّبِيِّ توجيه الخطاب إليهن لاظهار الاعتناء بنصحهن ونداؤهن هاهنا وفيما بعده بالاضافة اليه عليه السلام لانها التي يدور عليها ما يرد عليهن من الاحكام مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ بسيئة بليغة فى القبح وهى الكبيرة: وبالفارسية [هر كه بيايد از شما بكارى ناپسنديده] مُبَيِّنَةٍ ظاهرة القبح من بين بمعنى تبين قيل هذا كقوله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) لا ان منهن من أتت بفاحشة اى معصية ظاهرة قال ابن عباس رضى الله عنهما يعنى النشوز وسوء الخلق قال الراغب الفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والأقوال انتهى يقول الفقير لعل وجه قول ابن عباس رضى الله عنهما ان الزلة منهن كسوء الخلق مما يعد فاحشة بالنسبة إليهن لشرفهن وعلو مقامهن خصوصا إذا حصل بها اذية النبي صلى الله عليه وسلم ولذا قال يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ اى يعذبن ضعفى عذاب غيرهن اى مثليه وَكانَ ذلِكَ اى تضعيف العذاب عَلَى اللَّهِ يَسِيراً لا يمنعه عنه كونهن نساء النبي بل يدعوه اليه لمراعاة حقه قال فى الاسئلة المقحمة ما وجه تضعيف العذاب لزوجات النبي عليه السلام الجواب لما كان فنون نعم الله عليهن اكثر وعيون فوائده لديهن اظهر من الاكتحال بميمون غرّة النبي عليه السلام وترداد الوحى الى حجراتهن بانزال الملائكة فلا جرم كانت عقوبتهن عند مخالفة الأمر من أعظم الأمور وأفخمها ولهذا قيل ان عقوبة من عصى الله تعالى عن العلم اكثر من عقوبة من يعصيه عن الجهل وعلى هذا ابدا. وحد الحر أعظم من حد العبد وحد المحصن أعظم من حد غير المحصن لهذه الحقيقة انتهى. وعوتب الأنبياء بما لا يعاتب به الأمم والحاصل ان الذنب يعظم بعظم جانيه وزيادة قبحه تابعة لزيادة شرف المذنب والنعمة فلما كانت الأزواج المطهرة أمهات(7/166)
المؤمنين واشراف نساء العالمين كان الذنب منهن أقبح على تقدير صدوره وعقوبة الأقبح أشد وأضعف: وفى المثنوى
آنچهـ عين لطف باشد بر عوام ... قهر شد بر عشق كيشان كرام «1»
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الثواب والعقاب بقدر نفاسة النفس وخستها يزيد وينقص وان زيادة العقوبة على الجرم من امارات الفضيلة كحد الحر والعبد وتقليل ذلك من امارات النقص وذلك لان اهل السعادة على صنفين. صنف منهم السعيد والآخر الأسعد فالسعيد من اهل الجنة والأسعد من اهل الله فاذا صدر من السعيد طاعة فاعطى بها اجرا واحدا من الجنة وان صدر منه معصية فاعطى بها عذابا واحدا من الجحيم وإذا صدر من الأسعد طاعة فاعطى اجره مرتين وذلك بان يزيد له بها درجة فى الجنة ومرتبة فى القرية وان صدر منه معصية يضاعف له العذاب ضعفين بنقص فى درجة من الجنة ونقص فى مرتبته من القربة او عذاب من ألم مس النار وعذاب من ألم مس البعد وذل الحجاب ومن هنا دعاء السرىّ السقطي قدس سره اللهم ان كنت تعذبنى بشىء فلا تعذبنى بذل الحجاب وكان ذلك على الله يسيرا ان يضاعف لهم العذاب ضعفين بخلاف الخلق لان تضعيف العذاب فى حقهم ليس بيسير لانهم يتبعون به ويعسر عليهم ذلك انتهى عصمنا الله وإياكم من العذاب وشرفنا بجزيل الثواب. ومن اسباب العذاب والتنزل عدم التوكل وترك القناعة بالواصل والسعى بلا حاصل قال عبد الواحد بن زيد سألت الله تعالى ثلاث ليال ان يرينى رفيقى فى الجنة فقيل لى يا عبد الواحد رفيقك فى الجنة ميمونة السوداء فقلت واين هى فقيل لى فى بنى فلان بالكوفة فخرجت فاذا هى قائمة تصلى وإذا بين يديها عكاز وعليها جبة صوف مكتوب عليها لاتباع ولا تشترى وإذا الغنم مع الذئاب ترعى فلا الذئاب تأكل الغنم ولا الغنم تخاف الذئاب فلما رأتنى او جزت فى صلاتها ثم قالت ارجع يا ابن زيد ليس الموعد هاهنا انما الموعد ثمة فقلت رحمك الله من أعلمك انى ابن زيد فقالت ان الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها اختلف فقلت لها عظينى فقالت ووا عجبا لواعظ يوعظ بلغني انه ما من عبد اعطى من الدنيا شيأ فابتغى اليه ثانيا الا سلبه الله حب الخلوة معه وبدله بعد القرب بعدا وبعد الانس وحشة ولهذا السر وعظ الله الأرواح المطهرة فى القرآن وذلك من فضله: قال الصائب
تا ز خاك پاى درويشى توانى سرمه كرد ... خاك در چشمت اگر در پادشاهى بنگرى
يعنى
ان جلاء البصر فى الفقر والقناعة وترك زينة الدنيا لا فى الدولة والسلطنة والنعيم الفاني فان الدنيا كدر بما فيها فعلى العاقل تخفيف الأثقال والأوزار وتكميل التجرد الى آخر جزء من عمره السيار
__________
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان كفتن جبرائيل عليه السلام مر خليل عليه السلام را إلخ(7/167)
وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31)
الجزء الثاني والعشرون من الاجزاء الثلاثين
وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ ومن تدم على الطاعة: وبالفارسية [وهر كه مداومت كند بر طاعت از شما كه ازواج پيغمبريد] قال الراغب القنوت لزوم الطاعة مع الخضوع لِلَّهِ وَرَسُولِهِ [مر خدا ورسول او را] وَتَعْمَلْ صالِحاً [وبكند كارى پسنديده نُؤْتِها أَجْرَها [بدهيم او را مزد او] مَرَّتَيْنِ مرة على الطاعة والتقوى واخرى على طلبها رضى رسول الله بالقناعة وحسن المعاشرة قال مقاتل بحسنة عشرين وَأَعْتَدْنا لَها فى الجنة زيادة على أجرها المضاعف. والاعتاد التهيئة من العتاد وهو العدة قال الراغب الاعتاد ادّخار الشيء قبل الحاجة اليه كالاعداد وقيل أصله أعددنا فابدلت تاء رِزْقاً كَرِيماً اى حسنا مرضيا قال فى المفردات كل شىء يشرف فى بابه فانه كريم وفيه اشارة الى ان الرزق الكريم فى الحقيقة هو نعيم الجنة فمن اراده يترك التنعم فى الدنيا قال عليه السلام لمعاذ رضى الله عنه (إياك والتنعم فان عباد الله ليسوا بمتنعمين) يعنى ان عباد الله الخلص لا يرضون نعيم الدنيا بدل نعيم الآخرة فان نعيم الدنيا فان
شنيدم كه جمشيد فرخ شرشت ... بسر چشمه بر بسنكى نبشت
برين چشمه چون ما بسى دم زدند ... برفتند چون چشم بر هم زدند
وفى الآية اشارة الى ان الطاعة والعمل الخالص من غير شوب بطمع الجنة ونحوها يوجب اجرا بمزيد فى القربة وبتبعيتها يوجب اجرا آخر فى درجات الجنة والعمل بالنفس يزيد فى وجودها واما العمل وفق اشارة المرشد ودلالة الأنبياء والأولياء فيخلصها من الوجود وعلامة الخلاص من الوجود العمل بالحضور والتوجه التام لا بالانقلاب والاضطراب ألا ترى ان بعض المريدين دخل التنور اتباعا لامر شيخه ابى سليمان الداراني رحمه الله فلم يحترق منه شىء وكيف يحترق ولم يبق منه سوى الاسم من الوجود وهذا هو الشهود وهو الرزق الكريم فان الكريم هو الله فيرزق المخلص من المشاهدات الربانية والمكاشفات والمكالمات مزيدا على القربة وهذا معنى قوله تعالى (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) ألا ترى ان ابراهيم الخليل عليه السلام لم يحترق فى نار النمرود بل وجد الرزق الكريم من الله الودود لان كل نعيم ظاهرى لاهل الله فانما ينعكس من نعيم باطني لهم وحقيقة الاجر انما تعطى فى النشأة الآخرة لان هذه النشأة لا تسعها لضيقها نسأل الله القنوت والعمل ونستعيذ به من الفتور والكسل فان الكسل يورث الغفلة والحجاب كما ان العمل يورث الشهود وارتفاع النقاب فان التجليات الوجودية مظاهر التجليات الشهودية ومنه يعرف سر قوله عليه السلام (دم على الطهارة يوسع عليك الرزق) فكما ان الطهارة الصورية تجلب بخاصيتها الرزق الصوري(7/168)
يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)
فكذا الطهارة المعنوية تجذب بمقتضاها الرزق المعنوي فيحصل لكل من الجسم والروح غذاؤه ويظهر سر الحياة الباقية فان اذواق الروح لا نهاية لها لا فى الدنيا ولا فى الآخرة: وفى المثنوى
اين زمين وسختيان پردست وبس ... اصل روزى از خدا دان هر نفس «1»
رزق از وى جو مجو از زيد وعمرو ... مستى از وى جو مجو از بنك وخمر
منعمى زوخواه نى از كنج ومال ... نصرت از وى خواه نى از عم وخال
اللهم اجعلنا من خلص العباد وثبت أقدامنا فى طريق الرشاد بحق النون والصاد يا نِساءَ النَّبِيِّ [اى زنان پيغمبر] لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ [نيستيد شما چون هيچ كس از زنان ديكر] واصل أحد وحد بمعنى الواحد قلبت واوه همزة على خلاف القياس ثم وضع فى النفي العام مستويا فيه المذكر والمؤنث والواحد والكثير. والمعنى لستن كجماعة واحدة من جماعات النساء فى الفضل والشرف بسبب صحبة النبي عليه السلام فان المضاف الى الشريف شريف إِنِ اتَّقَيْتُنَّ مخالفة حكم الله ورضى رسوله وهو استئناف والكلام تام على أحد من النساء ويحتمل ان يكون شرطا لخيريتهن وبيانا ان فضيلتهن انما تكون بالتقوى لا باتصالهن بالنبي عليه السلام زهد وتقوى فضل را محراب شد فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ عند مخاطبة الناس اى لا تجبن بقولكن خاضعا لينا مثل قول المطمعات: وبالفارسية [پس نرمى وفروتنى مكنيد در سخن كفتن ونياز مكوييد با مردان بيكانه] والخضوع التطامن والتواضع والسكون والمرأة مندوبة الى الغلظة فى المقالة إذا خاطبت الأجانب لقطع الاطماع فاذا اتى الرجل باب انسان وهو غائب فلا يجوز للمرأة ان تلين بالقول معه وترفق الكلام له فانه يهيج الشهوة ويورث الطمع كما قال فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ اى محبة فجور وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً بعيدا من التهمة والاطماع بجد وخشونة لا بتكسر وتغنج كما يفعله المخنث فالزنى من اسباب الهلاك المعنوي كالمرض من اسباب الهلاك الصوري وسببه الملاينة والمطاوعة
هست نرمى آفت جان سمور ... وز درشتى ميبرد جان خارپشت
وفى الآية اشارة الى ان احوال ارباب القلوب الذين اسلموا أرحام قلوبهم لتصرفات ولاية المشايخ ليست كاحوال غيرهم من الخلق فالمتقى بالله من غيره لا يخضع لشىء من الدارين فان الخضوع بالقول يجذب الى الخضوع بالقلب والعمل وكثير من الصادقين يخضعون بالقول لارباب الدنيا والأعمال الدنيوية لصلاح الآخرة ومصالح الدين بزعمهم فبالتدريج يقعون فى ورطة الهلاك ويرجعون القهقرى الى الدنيا ويستغرقون فى بحر الفضلات لضعف الخالات فلا بد من ترك المساعدات وترك الشروع فى شىء من احوال الدنيا وأعمالها الا بالمعروف والا فيكون مغلوبا بالمنكرات فنعوذ بالله من المخالفات وَقَرْنَ [وآرام كيريد] فِي بُيُوتِكُنَّ [در خانهاى خويش] قرأ نافع وعاصم وابو جعفر بفتح القاف فى المضارع من باب علم وأصله اقررن نقلت حركة الراء الاولى الى القاف وحذفت لالتقاء الساكنين ثم حذفت
__________
(1) در اواسط دفتر پنجم در بيان قصه اهل خروان وحسد ايشان إلخ(7/169)
همزة الوصل استغناء عنها فصار قرن ووزنه الحالي فلن والأصل افعلن والباقون بكسرها لما انه امر من وقر يقر وقارا إذا ثبت وسكن وأصله او قرن فحذفت الواو تخفيفا ثم الهمزة استغناء عنها فصار قرن ووزنه الحالي علن او من قريقر بكسر القاف فى المضارع فاصله اقررن نقلت كسرة الراء الى القاف ثم حذفت فاستغنى عن همزة الوصل فصار قرن ووزنه الحالي فلن. والمعنى الزمن يا نساء النبي بيوتكن واثبتن فى مساكنكن. والخطاب وان كان لنساء النبي فقد دخل فيه غيرهن- روى- ان سودة بنت زمعة رضى الله عنها من الأزواج المطهرة ما خطت باب حجرتها لصلاة ولا لحج ولا لعمرة حتى أخرجت جنازتها من بيتها فى زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقيل لها لم لا تحجين ولا تعتمرين فقالت قيل لنا (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)
ز بيكانكان چشم زن كور باد ... چوبيرون شد از خانه در كور باد
وفى الخبر (خير مساجد النساء قعر بيوتهن) وَلا تَبَرَّجْنَ قال الراغب يقال ثوب متبرج صور عليه بروج واعتبر حسنه فقيل تبرجت المرأة اى تشبهت به فى اظهار الزينة والمحاسن للرجال اى مواضعها الحسنة فيكون المعنى [اظهار پيرايها مكيند] ويدل عليه قوله فى تهذيب المصادر [التبرج: بزن خويشتن را بياراستن] قال تعالى (وَلا تَبَرَّجْنَ) واصل التبرج صعود البرج وذلك ان من صعد البرج ظهر لمن نظر اليه قاله ابو على انتهى وقيل تبرجت المرأة ظهرت من برجها اى قصرها ويدل على ذلك قوله ولا تبرجن كما فى المفردات وقال بعضهم ولا تتبخترن فى مشيكن تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى اى تبرجا مثل تبرج النساء فى ايام الجاهلية القديمة وهى ما بين آدم ونوح وكان بين موت آدم وطوفان نوح الف ومائتا سنة واثنتان وسبعون سنة كما فى التكملة. والجاهلية الاخرى ما بين محمد وعيسى عليهما السلام قال ابن الملك الجاهلية الزمان الذي كان قبل بعثته عليه السلام قريبا منها سمى به لكثرة الجهالة انتهى- روى- ان بطنين من ولد آدم سكن أحدهما السهل والآخر الجبل وكان رجال الجبل صباحا وفى نسائهم دمامة والسهل بالعكس فجاء إبليس وآجر نفسه من رجل سهلى وكان يخدمه فاتخذ شيأ مثل ما يزمر الرعاء فجاء بصوت لم يسمع الناس بمثله فبلغ ذلك من فى السهل فجاؤا يستمعون اليه واتخذوا عيدا يجتمعون اليه فى السنة فتبرج النساء للرجال وتزينوا لهن فهجم رجل من اهل الجبل عليهم فى عيدهم فرأى النساء وصباحتهن فاخبر أصحابه فتحولوا إليهم فنزلوا معهم وظهرت الفاحشة فيهن فذلك قوله (وَلا تَبَرَّجْنَ) إلخ وذلك بعد زمان إدريس قال الكاشفى [أصح آنست كه جاهليت اولى در زمان حضرت ابراهيم عليه السلام بود كه زنان لباسها بمرواريد بافته پوشيده خود را در ميان طريق بمردان عرض كردندى] وقيل الجاهلية الاخرى قوم يفعلون مثل فعلهم فى آخر الزمان. وفى الحديث (صنفان من اهل النار لم أرهما بعد) يعنى فى عصره عليه السلام لطهارة ذلك العصر بل حدثا بعده (قوم معهم سياط) يعنى أحدهما قوم فى أيديهم سياط (كأذناب البقر يضربون بها الناس) جمع سوط تسمى تلك السياط فى ديار العرب بالمقارع جمع مقرعة وهى جلد طرفها مشدود عرضه كعرض الإصبع الوسطى يضربون بها السارقين عراة وقيل هم الطوافون على أبواب الظلمة كالكلاب(7/170)
يطردون الناس عنها بالضرب والسباب (ونساء) يعنى ثانيهما نساء (كاسيات) يعنى فى الحقيقة (عاريات) يعنى فى المعنى لانهن يلبسن ثيابا رقاقا نصف ما تحتها او معناه عاريات من لباس التقوى وهن اللاتي يلقين ملاحفهن من ورائهن فتنكشف صدورهن كنساء زماننا. او معناه كاسيات بنعم الله عاريات عن الشكر يعنى نعيم الدنيا لا ينفع فى الآخرة إذا خلا عن العمل الصالح وهذا المعنى غير مختص بالنساء (مميلات) اى قلوب الرجال الى الفساد بهن او مميلات أكنافهن واكفالهن كما تفعل الرقاصات او مميلات مقانعهن عن رؤسهن لتظهر وجوههن (مائلات) اى الى الرجال او معناه متبخترات فى مشيهن (رؤسهن كأسنمة البخت) يعنى يعظمن رؤسهن بالخمر والقلنسوة حتى تشبه اسنمة البخت او معناه ينظرن الى الرجال برفع رؤسهن (المائلة) لان أعلى السنام يميل لكثرة شحمه (لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وان ريحها ليوجد مسيرة أربعين عاما) وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ التي هى اصل الطاعات البدنية وَآتِينَ الزَّكاةَ التي هى اشرف العبادات المالية اى ان كان لكن مال كما
فى تفسير ابى الليث وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فى سائر الأوامر والنواهي وقال بعضهم اطعن الله فى الفرائض ورسوله فى السنن إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ الرجس الشيء القذر اى الذنب المدنس لعرضكم وعرض الرجل جانبه الذي يصونه وهو تعليل لامرهن ونهيهن على الاستئناف ولذلك عم الحكم بتعميم الخطاب لغيرهن وصرح بالمقصود حيث قيل أَهْلَ الْبَيْتِ اى يا اهل البيت والمراد به من حواه بيت النبوة رجالا ونساء قال الراغب اهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب او دين او ما يجرى مجراهما من صناعة وبيت وبلد وضيعة فاهل الرجل فى الأصل من يجمعه وإياهم مسكن واحد ثم تجوّز به فقيل اهل بيت الرجل لمن يجمعه وإياهم نسب وتعورف فى اسرة النبي عليه السلام مطلقا إذا قيل اهل البيت يعنى اهل البيت متعارف فى آل النبي عليه السلام من بنى هاشم ونبه عليه السلام بقوله (سلمان منا اهل البيت) على ان مولى القوم يصح نسبته إليهم. والبيت فى الأصل مأوى الإنسان بالليل ثم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه وجمعه أبيات وبيوت لكن البيوت بالمسكن أخص والأبيات بالشعر ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر وصوف ووبر وبه شبه بيت الشعر وعبر عن مكان الشيء بانه بيته الكل فى المفردات وَيُطَهِّرَكُمْ من ادناس المعاصي تَطْهِيراً بليغا واستعارة الرجس للمعصية والترشيح بالتطهير لمزيد التنفير عنها وهذه كما ترى آية بينة وحجة نيرة على كون نساء النبي عليه السلام من اهل بيته قاضية ببطلان مذهب الشيعة فى تخصيصهم اهل البيت بفاطمة وعلى وابنيه اى الحسن والحسين رضى الله عنهم واما ما تمسكوا به من ان النبي عليه السلام خرج ذات يوم غدوة وعليه مرط مرجل من شعر اسود: يعنى [بروى ميزر معلم بود از موى سياه] فجلس فأتت فاطمة فادخلها فيه ثم جاء على فادخله فيه ثم جاء الحسن والحسين فادخلهما فيه ثم قال انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت فانه يدل على كونهم من اهل البيت لا ان من عداهم ليسوا كذلك ولو فرضت دلالته على ذلك لما اعتد بها لكونها فى مقابلة النص قال الكاشفى [وازين جهت است كه آل عبا بر پنج تن اطلاق ميكنند
آل العباء رسول الله وابنته ... والمرتضى ثم سبطاه إذا اجتمعوا(7/171)
وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)
قال فى كشف الاسرار [رجس در افعال خبيثه است واخلاق دنيه افعال خبيثه فواحش است ما ظهر منها وما بطن واخلاق دنيه هوا وبدعت وبخل وحرص وقطع رحم وامتثال آن رب العالمين ايشانرا بجاى بدعت سنت نهاد وبجاى بخل سخاوت وبجاى حرص قناعت وبجاى قطع رحم وصلت وشفقت آنكه كفت (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وشما را پاك ميدارد از آنكه بخود معجب باشيد يا خود را بر الله دلالى دانيد يا بطاعات واعمال خود نظرى كنيد پير طريقت كفت نظر دو است نظر انسانى ونظر رحمانى. نظر انسانى آنست كه تو بخود نكرى. ونظر رحمانى آنست كه حق بتو نكرد وتا نظر انسانى از نهاد تو رخت برنيارد نظر رحمانى بدلت نزول نكند اى مسكين چهـ نكرى تو باين طاعت آلوده خويش وآنرا بدرگاه بى نيازى چهـ وزن نهى خبر ندارى كه اعمال همه صديقان زمين وطاعات همه قدوسيان آسمان جمع كنى در ميزان جلال ذى الجلال پر پشه نسنجند ليكن او جل جلاله با بى نيازىء خود بنده را به بندگى مى پسند دو راه بندگى بوى مى نمايد] قال المولى الجامى
كاهى كه تكيه بر عمل خود كنند خلق ... او را مباد جز كرمت هيچ تكيه كاه
با او بفضل كار كن اى مفضل كريم ... كز عدل تو بفضل تو مى آورد پناه
وفى التأويلات (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) يخاطب به القلوب ان يقروا فى وكناتهم من عالم الملكوت والأرواح متوجهين الى الحضرة (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) لا تخرجوا الى عالم الحواس راغبين فى زينة الدنيا وشهواتها كما هو من عادات الجهلة (وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ) بدوام الحضور والمراقبة والعروج الى الله بالسير فان الصلاة معراج المؤمن بان يرفع يديه من الدنيا ويكبر عليها ويقبل على الله بالاعراض عما سواه ويرجع عن مقام التكبر الإنساني الى خضوع الركوع الحيواني ومنه الى خشوع السجود النباتي ثم الى القعود الجمادى فانه بهذا الطريق اهبط الى أسفل القالب فيكون رجوعه بهذا الطريق الى ان يصل الى مقام الشهود الذي كان فيه فى البداية الروحانية ثم يتشهد بالتحية والثناء على الحضرة ثم يسلم عن يمينه على الآخرة وما فيها ويسلم عن شماله على الدنيا وما فيها مستغرق فى بحر الالوهية باقامة الصلاة وادامتها (وَآتِينَ الزَّكاةَ) فالزكاة هى ما زاد على الوجود الحقيقي من الوجود المجازى فايتاؤها صرفها وافناؤها فى الوجود الحقيقي بطريق (وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) وهو لوث الحدوث (أَهْلَ الْبَيْتِ) بيت الوصول ومجلس الوحدة ويطهركم عن لوث الحدوث بشراب طهور تجلى صفات جماله وجلاله تطهيرا لا يكون بعده تلوث انتهى كما قالوا الفاني لا يرد الى أوصافه [پس اولياء كمل را خوف ظهور طبيعت نيست]
تا بنده ز خود فانىء مطلق نشود ... توحيد بنزد او محقق نشود
توحيد حلول نيست نابودن تست ... ور نه بگزاف آدمي حق نشود
حققنا الله وإياكم بحقائق التوحيد وأيدنا من عنده باشد التأييد ومحا عنا نقوش وجوداتنا وطهرنا من ادناس انانياتنا انه الكريم الجواد الرؤوف بكل عبد من العباد وَاذْكُرْنَ
[وياد كنيد اى زنان پيغمبر] اى للناس بطريق العظة والتذكير ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ(7/172)
آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ
اى من الكتاب الجامع بين كونه آيات الله البينة الدالة على صدق النبوة بنظمه المعجز وكونه حكمة منطوية على فنون العلم والشرائع وقد سبق معنى الحكمة فى سورة لقمان. وحمل قتادة الآيات على آيات القرآن والحكمة على الحديث الذي هو محض حكمة وهذا تذكير بما أنعم عليهن من كونهن اهل بيت النبوة ومهبط الوحى حثا على الانتهاء والائتمار فيما كلفن به والتعرض للتلاوة فى البيوت دون النزول فيها مع انه الا نسب لكونها مهبط الوحى لعمومها جميع الآيات ووقوعها فى كل البيوت وتكررها الموجب لتمكنهن من الذكر والتذكير بخلاف النزول وعدم تعيين التالي ليعم تلاوة جبريل وتلاوة النبي وتلاوتهن وتلاوة غيرهن تعلما وتعليما قال فى الوسيط وهذا حث لهن على حفظ القرآن والاخبار ومذاكرتهن بها للاحاطة بحدود الشريعة والخطاب وان اختص بهن فغيرهن داخل فيه لان مبنى الشريعة على هذين القرآن والسنة وبهما يوقف على حدود الله ومفترضاته انتهى. ومن سنة القاري ان يقرأ القرآن كل يوم وليلة كيلا ينساه ولا يخرج عن صدره فان النسيان وهو ان لا يمكنه القراءة من المصحف من الكبائر. ومن السنة ان يجعل المؤمن لبيته حظا من القرآن فيقرأ فيه منه ما تيسر له من حزبه ففى الحديث (ان فى بيوتات المسلمين لمصابيح الى العرش يعرفها مقربوا ملائكة السموات السبع والأرضين السبع يقولون هذا النور من بيوتات المؤمنين التي يتلى فيها القرآن) ومن السنة ان يستمع القرآن أحيانا من الغير. وكان عليه السلام يستمع قراءة أبيّ وابن مسعود رضى الله عنهما. وكان عمر رضى الله عنه يستمع قراءة ابى موسى الأشعري رضى الله عنه وكان حسن الصوت واستماع القرآن فى الصلاة فرض وفى خارجها مستحب عند الجمهور فعليك بالتذكير والتحفظ والاستماع
دل از شنيدن قرآن بگيردت همه وقت ... چوباطلان ز كلام حقت ملولى چيست
إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً بليغ اللطف والبر بخلقه كلهم خَبِيراً بليغ العلم بالأشياء كلها فيعلم ويدبر ما يصلح فى الدين ولذلك امر ونهى او يعلم من يصلح لنبوته ومن يستأهل ان يكون من اهل بيته- روى- انه تكلم رجل فى زين العابدين رضى الله عنه وافترى عليه فقال زين العابدين ان كنت كما قلت فاستغفر الله وان لم أكن نستغفر الله لك فقام اليه الرجل وقبل رأسه وقال جعلت فداءك لست كما قلت فاستغفر لى قال غفر الله لك فقال الرجل الله اعلم حيث يجعل رسالته وخرج يوما من المسجد فلقيه رجل فسبه فثارت اليه العبيد والموالي فقال لهم زين العابدين مهلا على الرجل ثم اقبل عليه وقال بالله ألا ما سترت من أمرنا ألك حاجة نعينك عليها فاستحيى الرجل فالقى عليه خميصة كانت عليه وامر له بألف درهم فكان الرجل بعد ذلك يقول اشهد انك من أولاد الرسول قال بعض الكبار القرابة طينية وهى ما كان من النسب ودينية وهى ما كان من مجانسة الأرواح فى مقام المعرفة ومشابهة الأخلاق فى مقام الطريقة ومناسبة الأعمال الصالحة فى مقام الشريعة كما قال عليه السلام (آل محمد كل تقى نقى) فاهل التقوى الحقيقية وهم العلماء بالله التابعون له عليه السلام فى طريق الهدى من جملة اهل البيت وذوى القربى وأفضل الخلق عند الله وكذا السادات الصالحون لهم(7/173)
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)
كرامة عظمى فرعايتهم راجعة الى النبي عليه السلام- روى- ان علوية فقيرة مع بناتها نزلت مسجدا بسمرقند فخرجت لطلب القوت لبناتها فمرت على امير البلد وذكرت انها علوية وطلبت منه قوت الليلة فقال ألك بينة على انك علوية فقالت ما فى البلد من يعرفنى فاعرض عنها فمضت الى مجوسى هوضا من البلد فعرضت له حالها فارسل المجوسي الى بناتها وأكرم مثواهن فرأى امير البلد فى المنام كأن القيامة قد قامت وعند النبي عليه السلام لواء وإذا قصر من زمرد اخضر فقال لمن هذا القصر يا رسول الله فقال عليه السلام (لمؤمن موحد) فقال انا مسلم موحد قال عليه السلام (ألك بينة على انك مسلم موحد) فانتبه يبكى ويلطم وجهه وسأل عن العلوية وعرفها عند المجوسي وطلبها منه فابى المجوسي فقال خذ منى الف دينار وسلمهن الىّ قال لا يكون ذلك وقد اسلمنا على يد العلوية وقد أخبرنا النبي عليه السلام بان القصر لنا- وروى- انه كان ببغداد تاجر له بضاعة يسيرة فاتفق انه صلى صلاة فى جماعة فلما سلموا قام علوى وقال ان لى بنية أريد تزويجها بحق جدى رسول الله أعطوني ما أصلح به لها جهازها فاعطاه التاجر رأس ماله وكان خمسمائة درهم فلما كان الليل رأى التاجر رسول الله فى المنام فقال له يافتى قد وصل الىّ ما اتحفتنى فاقصد الى مدينة بلخ فان عبد الله بن طاهر بها فقل له ان محمدا يقرئك السلام ويقول قد بعثت إليك وليا له عندى يد فادفع اليه خمسمائة دينار فانتبه التاجر واخبر بذلك امرأته فقالت ومن يقوم بنفقتنا الى ان ترجع من بلخ فقصد الى خباز من جيرانه وقال ان أعطيت أهلي كفايتهم مدة غيبتى أعطيتك إذا رجعت بدل كل درهم دينارا فقال الخباز ان الذي أمرك بالخروج الى بلخ أوصاني بنفقة أهلك الى رجوعك ففرح التاجر وخرج نحو بلخ فلما قرب استقبله عبد الله ابن طاهر وقال مرحبا برسول رسول الله ان الذي أرسلك الى أوصاني بالإحسان إليك فاحسن ضيافته ثلاثة ايام ثم أعطاه خمسمائة دينار وفق امره عليه السلام وأعطاه خمسمائة دينار لكونه رسول رسول الله وبعث معه جماعة او صلوه الى منزله: قال الشيخ سعدى
زر ونعمت اكنون بده كان تست ... كه بعد از تو بيرون ز فرمان تست
فروماندكانرا درون شاد كن ... ز روز فروماندكى ياد كن
نه خواهنده بر در ديكران ... بشكرانه خواهنده از در مران
جوانمردا كر راست خواهى وليست ... كرم پيشه شاه مردان عليست
بإحساني آسوده كردن دلى ... به از الف ركعت بهر منزلى
بقنطار زر بخش كردن ز كنج ... نباشد چوقيراطى از دست رنج
برد هر كسى بار در خورد زور ... كرانست پاى ملخ پيش مور
فاذا سمعت الى هذا المقال فابسط يدك بالنوال ان كان لك مال والا فالعاقل الغيور يطير ويجود بهمته إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ- روى- انه لما نزل فى نساء النبي عليه السلام الآيات المذكورة قالت نساء المؤمنين فما نزل فينا ولو كان فينا خير لذكرنا فنزلت والمعنى ان الداخلين فى السلم بعد الحرب المنقادين لحكم الله من الذكور والإناث وفى التأويلات(7/174)
النجمية المسلم هو المستسلم للاحكام الازلية بالطوع والرغبة مسلما نفسه الى المجاهدة والمكابدة ومخالفة الهوى وقد سلم المسلمون من لسانه ويده وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ المصدقين بما يجب ان يصدق به من الفريقين وفى التأويلات المؤمن من امنه الناس وقد احيى الله قلبه اولا بالعقل ثم بالعلم ثم بالفهم عن الله تعالى ثم بنور الله تعالى ثم بالتوحيد ثم بالمعرفة ثم أحياه بالله قال فى بحر العلوم ومراد أصحابنا باتحاد الايمان والإسلام ان الإسلام هو الخضوع والانقياد بمعنى قبول ما جاء به من عند الله والإذعان له وذلك حقيقة التصديق ولذلك لم يصح فى الشرع ان يحكم على أحد بانه مسلم وليس بمؤمن او مؤمن وليس بمسلم فلا يمتاز أحدهما عن الآخر ولم يريدوا الاتحاد بحسب المفهوم لان الايمان هو تصديق الله فيما اخبر من أوامره ونواهيه ومواعيده والإسلام هو الخضوع والانقياد لالوهيته وهذا لا يحصل الا بقبول الأمر والنهى والوعد والوعيد والإذعان لذلك فمن لم يقبل شيأ من هذه الاربعة فقد كفر وليس بمسلم انتهى وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ اى المداومين على الطاعات القائمين بها وفى التأويلات القنوت استغراق الوجود فى الطاعة والعبودية وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ فى القول والعمل والنية وفى التأويلات فى عقودهم وعهودهم ورعاية حدودهم والصدق نور اهدى لقلوب الصديقين بحسب قربهم من ربهم وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ على الطاعات وعن المعاصي وفى التأويلات على الخصال الحميدة وعن الصفات الذميمة وعند جريان القضاء ونزول البلاء وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ المتواضعين لله بقلوبهم وجوارحهم وفى التأويلات الخشوع اطراق السريرة عند توارد الحقيقة انتهى قال بعضهم الخشوع انقياد الباطن للحق والخضوع انقياد الظاهر له وفى القاموس الخشوع الخضوع او هو فى البدن والخشوع فى الصوت وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ بما وجب فى مالهم والمعطين للصدقات فرضا او نفلا يقال تصدق على الفقراء إذا أعطاهم الصدقة وهى العطية التي بها تبتغى المثوبة من الله تعالى وفى المفردات الصدقة ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزكاة لكن الصدقة فى الأصل تقال للمتطوع به والزكاة للواجب وقيل يسمى الواجب صدقة الواجب صدقة إذا تحرى صاحبه الصدق فى فعله وفى التأويلات والمتصدقين والمتصدقات باموالهم واعراضهم حتى لا يكون لهم مع أحد خصميه فيما ينال منهم: يعنى [بخشندگانند هم بمال وهم بنفس حق هيچ كس بر خود نكذاشته واز راه خصومت با خلق برخاسته] وحقيقة الصدقة ما يكون بالأحوال على ارباب الطلب: قال الحافظ
اى صاحب كرامت شكرانه سلامت ... روزى تفقدى كن درويش بى نوا را
وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ الصوم المفروض او مطلق الصوم فرضا او نفلا وفى التأويلات الممسكين عما لا يجوز فى الشريعة والطريقة بالقلب والقالب فيصوم القالب بالإمساك عن الشهوات ويصوم القلب بالإمساك عن رؤية الدرجات والقربات وفى المفردات الصوم فى الأصل الإمساك عن الفعل مطعما كان او كلاما او مشيا وفى الشرع إمساك المكلف بالنية من الخيط الأبيض الى الخيط الأسود عن تناول الأطيبين والاستمناء والاستقاءة وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ فى الظاهر عن الحرام وفى الحقيقة عن تصرفات المكونات اى والحافظاتها فحذف(7/175)
المفعول لدلالة المذكور عليه وفى المفردات الفرج والفرجة الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ ذكرا كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ اى والذاكراته فترك المفعول كما فى الحافظات اى بقلوبهم وألسنتهم وفى التأويلات النجمية بجميع اجزاء وجودهم الجسمانية والروحانية بل بجميع ذرات المكونات بل بالله وجميع صفاته وقال ابن عباس رضى الله عنهما يريد ادبار الصلوات وغدوا وعشيا وفى المضاجع وكلما استيقظ من نومه وكلما غدا وراح من منزله ذكر
الله انتهى والاشتغال بالعلم النافع وتلاوة القرآن والدعاء من الذكر وفى الحديث (من استيقظ من منامه وايقظ امرأته فصليا جميعا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات) وعن مجاهد لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ بسبب ما عملوا من الطاعات العشر المذكورة وجمعوا بينها وهو خبر ان والعطف بالواو بين الذكور والإناث كالمسلمين والمسلمات كالعطف بين الضدين لاختلاف الجنسين. واما عطف الزوجين على الزوجين كعطف المؤمنين والمؤمنات على المسلمين والمسلمات فمن عطف الصفة على الصفة بحرف الجمع اى عطفهما لتغاير الوصفين مَغْفِرَةً لما اقترفوا من الصغائر لانهن مكفرات بما عملوا من الأعمال الصالحات وفى التأويلات هى نور من أنوار جماله جعل مغفر الرأس روحهم يعصمهم مما يقطعهم عن الله وَأَجْراً عَظِيماً على ما صدر عنهم من الطاعات وهو الجنة واليوم سهولة العبادة ودوام المعرفة وغدا تحقيق المسئول ونيل ما فوق المأمول وفى التأويلات العظيم هو الله يعنى اجرا من واهب الطافه بتجلى ذاته وصفاته وعن عطاء بن ابى رباح من فوّض امره الى الله فهو داخل فى قوله (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) ومن أقرّ بأن الله ربه ومحمدا عليه السلام رسوله ولم يخالف قلبه لسانه فهو داخل فى قوله (وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) ومن أطاع الله فى الفرائض والرسول فى السنة فهو داخل فى قوله (وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ) ومن صان قوله عن الكذب فهو داخل فى قوله (وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ) ومن صبر على الطاعة وعن المعصية وعلى الرزية فهو داخل فى قوله (وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ) ومن صلى فلم يعرف من عن يمينه وعن شماله فهو داخل فى قوله (وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ) قال فى بحر العلوم بنى الأمر فى هذا على الأشد وليس هذا بمرضى عنه انتهى يقول الفقير بل بنى على الأسهل فانه أراد ترك الالتفات يمينا وشمالا وهو أسهل بالنسبة الى الاستغراق فى الشهود. ومن تصدق فى كل أسبوع بدرهم فهو داخل فى قوله (وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ) ومن صام من كل شهر ايام البيض فهو داخل فى قوله (وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ) ومن حفظ فرجه عما لا يحل فهو داخل فى قوله (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ) ومن صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل فى قوله (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ) وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة قال (الذاكرون الله كثيرا والذاكرات) قالوا يا رسول الله ومن الغازي فى سبيل الله قال (لو ضرب بسيفه الكفار والمشركين حتى تكسر او تخضب دما لكان ذاكر الله كثيرا أفضل(7/176)
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)
منه درجة) وعن ابى هريرة رضى الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير فى طريق مكة فمر على جپل يقال له جمدان كعثمان فقال (سيروا هذا جمدان سبق المفرّدون) قالوا ومن مفردون يا رسول الله قال (الذاكرون الله كثيرا والذاكرات) اى كثيرا والمفرّدون نقله البعض بكسر الراء وتشديدها والبعض الآخر بتخفيفها وانما لم يقولوا من المفردون لان مقصودهم من النبي عليه السلام كان ان يبين لهم ما المراد من الافراد والتفريد لا بيان من يقوم به الفعل فبينه عليه السلام بقوله (الذاكرون الله كثيرا والذاكرات) يعنى المراد من الافراد هنا ان يجعل الرجل بان لا يذكر معه غيره والمراد من كثرة ذكره ان لا ينساه على كل حال لا الذكر بكثرة اللغات قال ابن ملك وفى ذكره عليه السلام هذا الكلام عقيب قوله (هذا جمدان) لطيفة وهى ان جمدان كان منفردا ولم يكن مثله فكذا هؤلاء السادات منفردون ثابتون على السعادات يقول الفقير أشار عليه السلام بجمدان الى جبل الوجود والسير فيه وقطع طريقه بتفريد التوحيد وهو تقطيع الموحد عن الأنفس كما ان تجريد التوحيد تقطيعه عن الآفاق جعلنا الله وإياكم من السائرين الطائرين لامن الواقفين الحائرين
سالكا بى كشش دوست بجايى نرسند ... سالها كر چهـ درين راه تك و پوى كنند
وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب زينب بنت جحش بن رباب الأسدي بنت عمته اميمة بنت عبد المطلب لمولاه زيد بن حارثة وكانت زينب بيضاء جميلة وزيد اسود أفطس فابت وقالت انا بنت عمتك يا رسول الله وارفع قريش فلا أرضاه لنفسى وكذلك ابى أخوها عبد الله بن جحش فنزلت. والمعنى ما صح وما استقام لرجل ولا امرأة من المؤمنين فدخل فيه عبد الله وأخته زينب إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً مثل نكاح زينب اى قضى رسول الله وحكم وذكر الله لتعظيم امره والاشعار بان قضاءه عليه السلام قضاء الله كما ان طاعته طاعة الله تعالى أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ الخيرة بالكسر اسم من الاختيار اى ان يختاروا مِنْ أَمْرِهِمْ ما شاؤا بل يجب عليهم ان يجعلوا آراءهم واختيارهم تبعا لرأيه عليه السلام واختياره وجمع الضميرين لعموم مؤمن ومؤمنة لوقوعهما فى سياق النفي وقال بعضهم الضمير الثاني للرسول اى من امره والجمع للتعظيم وَمَنْ [وهر كه] يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فى امر من الأمور ويعمل برأيه وفى كشف الاسرار ومن يعص الله فخالف الكتاب ورسوله فخالف السنة فَقَدْ ضَلَّ طريق الحق وعدل عن الصراط المستقيم ضَلالًا مُبِيناً اى بين الانحراف عن سنن الصواب وفى التأويلات النجمية يشير الى ان العبد ينبغى ان لا يكون له اختيار بغير ما اختاره الله بل تكون خيرته فيما اختاره الله له ولا يعترض على أحكامه الازلية عند ظهورها له بل له الاحتراز عن شرّ ما قضى الله قبل وقوعه فاذا وقع الأمر فلا يخلو اما ان يكون موافقا للشرع او يكون مخالفا للشرع فان يكن موافقا للشرع فلا يخلو اما ان يكون موافقا لطبعه او مخالفا لطبعه فان يكن موافقا لطبعه فهو نعمة من الله يجب عليه شكرها وان يكن مخالفا لطبعه فيستقبله بالصبر والتسليم والرضى وان يكن مخالفا للشرع يجب عليه التوبة والاستغفار والانابة الى الله تعالى(7/177)
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41)
من غير اعتراض على الله فيما قدّر وقضى وحكم به فانه حكيم يفعل ما يشاء بحكمته ويحكم ما يريد بعزته انتهى يقول الفقير هذه الآية اصل فى باب التسليم وترك الاختيار والاعتراض فان الخير فيما اختاره الله واختاره رسوله واختاره ورثته الكمل والرسول حق فى مرتبة الفرق كما ان الوارث رسول للخلافة الكاملة فكل من الرسول والوارث لا ينطق عن الهوى لفنائه عن إرادته بل هو وحي يوحى والهام يلهم فيجب على المريد ان يستسلم لامر الشيخ المرشد محبوبا او مكروها ولا يتبع هو نفسه ومقتضى طبيعته وقد قال تعالى (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) فيمكن وجدان ماء الحياة فى الظلمات (وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) فقد يجعل فى السكر السم ومن عرف ان فعل الحبيب حبيب وان المبلى ليس لبلائه سواه طبيب لم يتحرك يمينا وشمالا ورضى جمالا وجلالا: قال الحافظ
عاشقانرا كر در آتش مى نشاند قهر دوست ... تنك چشمم كر نظر در چشمه كوثر كنم
واعلم ان الفناء عن الارادة امر صعب وقد قيل المريد من لا ارادة له يعنى لا ارادة له من جهة نفسه فله ارادة من جهة ربه فهو لا يريد الا ما يريد الله ولصعوبة إفناء الارادة فى ارادة الله وارادة رسوله وارادة وارث رسوله بقي اكثر السلاك فى حجاب الوجود وغابوا عن الشهود وحرموا من بركة المتابعة ونماء المشايعة قال بعض الكبار القهر عذاب ومن أراد ان يزول عنه حكم هذا القهر فليصحب الحق تعالى بلا غرض ولا شوق بل ينظر فى كل ما وقع فى العالم وفى نفسه فيجعله كالمراد له فيلتذبه ويتلقاه بالقبول والبشر والرضى فلا يزال من هذه حالته مقيما فى النعيم الدائم لا ينصف بالقهر ولا بالذلة وصاحب هذا المقام يحصل له اللذة بكل واقع منه او فيه او من غيره او فى غيره نسأل الله سبحانه ان يجعلنا من اهل التسليم وارباب القلب السليم ويحفظنا من الوقوع فى الاعتراض والعناد لما حكم وقضى وأراد وَإِذْ تَقُولُ- روى- انه لما نزلت الآية المتقدمة قالت زينب وأخوها عبد الله رضينا يا رسول الله اى بنكاح زيد فانكحها عليه السلام إياه وساق إليها مهرها عشرة دنانير وستين درهما وخمارا وملحفة ودرعا وإزارا وخمسين مدا من طعام وثلاثين صاعا من تمر وبقيت بالنكاح معه مدة فجاء النبي عليه السلام يوما الى بيت زيد لحاجة فابصر زينب فاعجبه حسنها فوقع فى قلبه محبتها بلا اختيار منه والعبد غير ملوم على مثله ما لم يقصد المأثم ونظرة المفاجأة التي هى النظرة الاولى مباحة فقال عليه السلام عند ذلك (سبحان الله يا مقلب القلوب ثبت قلبى) وانصرف وذلك ان نفسه كانت تمتنع عنها قبل ذلك لا يريدها ولو أرادها لخطبها وسمعت زينب التسبيحة فذكرتها لزيد بعد مجيئه وكان غائبا ففطن: يعنى [بدانست كه چيزى در دل رسول افتاد وبآنكه در حكم ازلى زينب زن رسول باشد الله تعالى محبت زينب در دل رسول افكند ونفرت وكراهت در دل زيد] فاتى رسول الله تلك الساعة فقال يا رسول الله انى أريد ان أفارق صاحبتى فقال (مالك أرأيت منها شيأ) قال لا والله ما رأيت منها إلا خبرا ولكنها تتعظم علىّ لشرفها وتؤذيني بلسانها فمنعه عليه السلام من الفرقة وذلك قوله تعالى (وَإِذْ تَقُولُ) اى واذكر وقت قولك يا محمد لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بالتوفيق للاسلام الذي هو أجل النعم وللخدمة والصحبة وفى التأويلات النجمية بان أوقعه فى معرض هذه(7/178)
الفتنة العظيمة والبلية الجسيمة وقواه على احتمالها وأعانه على التسليم والرضى فيما يجرى الله عليه وفيما يحكم به عليه من مفارقة الزوجة وتسليمها الى رسول الله وبان ذكر اسمه فى القرآن من بين الصحابة وأفرد به وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ بحسن التربية والاعتاق والتبني وفى التأويلات بقبول زينب بعد ان أنعمت عليه بايثارها عليه بقولك امسك إلخ وهو زيد بن حارثة رضى الله عنه مولاه عليه السلام وهو أول من اسلم من الموالي وكان عليه السلام يحبه ويحب ابنه اسامة شهد بدرا والخندق والحديبية واستخلفه النبي عليه السلام على المدينة حين خرج
الى بنى المصطلق وخرج أميرا فى سبع سرايا وقتل يوم مؤتة بضم الميم وبالهمزة ساكنة موضع معروف عند الكرك وقد سبق فى ترجمته عند قوله تعالى (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) فى أوائل هذه السورة قال فى الإرشاد وإيراده بالعنوان المذكور لبيان منافاة حاله لما صدر منه عليه السلام على زيد لا ينافى استحياءه منه فى بعض الأمور خصوصا إذا قارن تعيير الناس ونحوه كما سيجيئ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ [نكاه دار براى خود زن خود را يعنى زينب] وإمساك الشيء التعلق به وحفظه وَاتَّقِ اللَّهَ فى أمرها ولا تطلقها ضرارا: يعنى [از وى ضرر طلاقش مده] او تعللا بتكبرها وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ الموصول مفعول تخفى والإبداء الإظهار. يعنى [ونكاه داشتى چيزى در دل كه الله آنرا پيدا خواست كر] وهو علم بان زيدا سيطلقها وسينكحها يعنى انك تعلم بما أعلمتك انها ستكون زوجتك وأنت تخفى فى نفسك هذا المعنى والله يريد ان ينجز لك وعده ويبدى انها زوجتك بقوله (زَوَّجْناكَها) وكان من علامات انها زوجته إلقاء محبتها فى قلبه وذلك بتحبيب الله تعالى لا بمحبته بطبعه وذلك ممدوح جدا ومنه قوله عليه السلام (حبب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) وانه لم يقل أحببت ودواعى الأنبياء والأولياء من قبيل الاذن الإلهي إذ ليس للشيطان عليهم سبيل قال فى الاسئلة المقحمة قد اوحى اليه ان زيدا يطلقها وأنت تزوج بها فاخفى عن زيد سرما اوحى اليه لان ذلك السر يتعلق بالمشيئة والارادة ولا يجب على الرسل الاخبار عن المشيئة والارادة وانما يجب عليهم الاخبار والاعلام عن الأوامر والنواهي لا عن المشيئة كما انه كان يقول لابى لهب آمن بالله وقد علم ان الله أراد ان لا يؤمن ابو لهب كما قال تعالى (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) لان ذلك الذي يتعلق بعذاب ابى لهب انما هو من المشيئة والارادة فلا يجب على النبي إظهاره ولا الاخبار عنه وَتَخْشَى النَّاسَ تخاف لومهم وتعييرهم إياك به: يعنى [مى ترسى از سرزنش مردم كه كويند زن پسر را بخواست] وفى التأويلات النجمية اى تخشى عليهم ان يقعوا فى الفتنة بان يخطر ببالهم نوع انكار او اعتراض عليه او شك فى نبوته بان النبي من تنزه عن مثل هذا الميل وتتبع الهوى فيخرجهم من الايمان الى الكفر فكانت تلك الخشية إشفاقا منه عليهم ورحمة بهم انهم لا يطيقون سماع هذه الحالة ولا يقدرون على تحملها وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ وان كان فيه ما يخشى قال الكاشفى [مقرر است كه حضرت رسالت عليه السلام ترسكارترين خلق بوده زيرا كه خوف وخشيت نتيجه علمست (إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) پس بحكم (انا أعلمكم بالله وأخشاكم از همه عالميان أخشى بود ودر حديث آمده (الخوف رفيقى) ](7/179)
خوف وخشيت نتيجه علمست ... هر كرا علم بيش خشيت بيش
هر كرا خوف شد رفيق رهش ... باشد از جمله رهروان در پيش
وفى كشف الاسرار انما عوتب عليه السلام على إخفاء ما اعلمه الله انها ستكون زوجة له قالت عائشة رضى الله عنها لو كتم النبي عليه السلام شيأ من الوحى لكتم هذه الآية إذ تقول إلخ وما نزل على رسول الله آية هى أشد عليه من هذه الآية وفى التأويلات يشير الى ان رعاية جانب الحق أحق من رعاية جانب الخلق لان لله تعالى فى إبداء هذا الأمر واجراء هذا القضاء حكما كثيرة فاقصى ما يكون فى رعاية جانب الخلق ان لا يضل به بعض الضعفاء فلعل الحكمة فى اجراء هذه الحكم فتنة لبعض الناس المستحقين الضلالة والإنكار ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حىّ عن بينة وهذا كما قال (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) فالواجب على النبىّ إذا عرض له أمران فى أحدهما رعاية جانب الحق وفى الآخر رعاية جانب الخلق ان يختار رعاية جانب الحق على الخلق فان للحق تعالى فى اجراء حكم من أحكامه وإصفاء امر من أوامره حكما كثيرة كما قال تعالى فى اجراء تزويج النبي عليه السلام بزينب قوله (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها اى من زوجه وهى زينب وَطَراً قال فى القاموس الوطر محركة الحاجة او حاجة لك فيها همّ وعناية فاذا بلغتها فقد قضيت وطرك وفى الوسيط معنى قضاء الوطر فى اللغة بلوغ منتهى ما فى النفس من الشيء يقال قضى منها وطرا إذا بلغ ما أراد من حاجة فيها ثم صار عبارة عن الطلاق لان الرجل انما يطلق امرأته إذا لم يبق له فيها حاجة والمعنى فلما لم يبق لزيد فيها حاجة وتقاصرت عنها همته وطلقها وانقضت عدتها وفى التأويلات اما وطر زيد منها فى الصورة استيفاء حظه منها بالنكاح ووطره منها فى المعنى شهرته بين الخلق الى قيام الساعة بان الله تعالى ذكره فى القرآن باسمه دون جميع الصحابة وبانه اثر النبي عليه السلام على نفسه بايثار زينب وفى الاسئلة المقحمة كيف طلق زيد زوجته بعد ان امر الله ورسوله بامساكه إياها والجواب ما هذا للوجوب واللزوم وانما هو امر للاستحباب زَوَّجْناكَها هلال ذى القعدة سنة اربع من الهجرة على الصحيح وهى بنت خمس وثلاثين سنة والمراد الأمر بتزوجها او جعلها زوجته بلا واسطة عقد ويؤيده ما روى انس رضى الله عنه انها كانت تفخر على سائر ازواج النبي عليه السلام وتقول زوجكن اهاليكن وزوجنى الله من فوق سبع سموات: يعنى [سيد عالم از نزول آيت بخانه زينب آمد بى دستورى وزينب كفت يا رسول الله بى خطبه وبى گواه حضرت فرموده كه] (الله المزوج وجبريل الشاهد) وهو من خصائصه عليه السلام وأجاز الامام محمد انعقاد النكاح بغير شهود خلافا لهما قاس الامام محمد ذلك بالبيع فان النكاح بيع البضع والثمن المهر فكما ان نفس العقد فى البيع لا يحتاج الى الشهود فكذا فى باب النكاح ونظر الامامان الى المآل فانه إذا لم يكن عند الشهود بدون الإعلان فقد يحمل على الزنى فالنبى عليه السلام شرط ذلك حفظا عن الفسخ وصونا للمؤمنين عن شبهة الزنى- وروى- انها لما اعتدت قال رسول الله لزيد (ما أجد أحدا أوثق فى نفسى منك اخطب علىّ زينب) قال زيد فانطلقت فاذا هى تخمر عجينها فقلت يا زينب أبشري فان رسول الله(7/180)
يخطبك ففرجت وقالت ما انا بصانعة شيأ حتى أوامر ربى فقامت الى مسجدها ونزل القرآن زوجنا كها فزوجها رسول الله ودخل بها وما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها ذبح شاة واطعم الناس الخبز واللحم حتى امتد النهار وجعل زيد سفيرا فى خطبتها ابتلاء عظيم له وشاهد بين على قوة إيمانه ورسوخه فيه
اعتقاد من چوبيخ سرو دارد محكمى ... بيش باشد از هواى عشق وسودانه كمى
لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ اى ضيق ومشقة قال فى المفردات اصل الحرج مجتمع الشجر وتصور منه ضيق بينها فقيل للضيق حرج وللاثم حرج واللام فى لكى هى لام كى دخلت على كى للتوكيد وقال بعضهم اللام جارة لتعليل التزويج وكى حرف مصدرى كأن فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ فى حق تزوج زوجات الذين دعوهم أبناء والأدعياء جمع دعىّ وهو الذي يدعى ابنا من غير ولادة إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً اى
إذا لم يبق لهم فيهن حاجة وطلقوهن وانقضت عدتهن فان لهم فى رسول الله أسوة حسنة. وفيه دليل على ان حكمه عليه السلام وحكم الامة سواء الا ما خصه الدليل قال الحسن كانت العرب تظن ان حرمة المتبنى كحرمة الابن فبين الله ان حلائل الأدعياء غير محرمة على المتبنى وان أصابوهن اى وطئوهن بخلاف ابن الصلب فان امرأته تحرم بنفس العقد وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ اى ما يريد تكوينه من الأمور مَفْعُولًا مكوّنا لا محالة لا يمكن دفعه ولو كان نبيا كما كان تزويج زينب وكانت كالعارية عند زيد. ولذا قال حضرة الشيخ افتاده افندى قدس سره فى اعتقادنا ان زينب بكر كعائشة رضى الله عنها لان زيدا كان يعرف انها حق النبي عليه السلام فلم يمسها وذلك مثل آسية وزليخا ولكن عرفان عائشة لا يوصف ويكفينا ان ميله عليه السلام إليها كان اكثر من غيرها ولم تلد ايضا لانها فوق جميع التعينات وكانت عائشة رضى الله عنها تقول فى حق زينب هى التي كانت تساوينى فى المنزلة عند رسول الله ما رأيت امرأة قط خيرا فى الدين واتقى لله واصدق فى حديث وأوصل للرحم وأعظم صدقة من زينب [واز پس درويش نواز ومهماندار وبخشنده بود او را أم المساكين ميكفتند وأول زنى كه بعد از رسول خدا از دنيا بيرون شد زينب بود] ماتت بالمدينة سنة عشرين وصلى عليها عمر بن الخطاب رضى الله عنه ودفنت بالبقيع ولها من العمر ثلاث وخمسون سنة وأبدل الله منها لزيد جارية فى الجنة كما قال عليه السلام (استقبلتني جارية لعساء وقد أعجبتني فقلت لها يا جارية أنت لمن قالت لزيد بن حارثة) قوله استقبلتني اى خرجت من الجنة واستقبلته عليه السلام بعد مجاوزة السماء السابعة ليلة المعراج. واللعس لون الشفة إذا كانت تضرب الى السواد قليلا وذلك مستملح قاله فى الصحاح. وأبدى السهيلي حكمة لذكر زيد باسمه فى القرآن وهى انه لما نزل قوله تعالى (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) وصار يقال له زيد بن حارثة ولا يقال له زيد بن محمد ونزع عنه هذا التشريف وعلم الله وحشته من ذلك شرفه بذكر اسمه فى القرآن دون غيره من الصحابة فصار اسمه يتلى فى المحاريب. وزاد فى الآية ان قال وإذ تقول للذى أنعم الله عليه اى بالايمان فدل على انه من اهل الجنة علم بذلك قبل ان يموت وهذه فضيلة اخرى. ثم ان هذا الإيثار الذي نقل عن زيد انما يتحقق به(7/181)
مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)
السالك القوى الاعتقاد الثابت فى طريق الرشاد فانظر الى حال الاصحاب يفتح الله لك الحجاب- روى- انه عليه السلام آخى بعد الهجرة بين عبد الرحمن بن عوف من المهاجرين وبين سعد بن الربيع من الأنصار وعند ذلك قال سعد لعبد الرحمن يا عبد الرحمن انى من اكثر الأنصار مالا فانا مقاسمك وعندى امرأتان فانا مطلق إحداهما فاذا انقضت عدتها فتزوجها فقال له بارك الله لك فى أهلك ومالك كما فى انسان العيون ثم دار الزمان فصار كل امر معكوسا فرحم الله امرأ نصب نفسه لرفع البدع والهوى وجانب جرالذيل الى جانب الردى ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ اى ما صح وما استقام فى الحكمة ان يكون عليه ضيق فمن زائدة بعد النفي وحرج اسم كان الناقصة فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ اى قسم الله له وقدر كتزوج زينب من قولهم فرض له فى الديوان كذا ومنه فروض العساكر لارزاقهم سُنَّةَ اللَّهِ اسم موضوع موضع المصدر مؤكد لما قبله من نفى الحرج اى سن الله نفى الحرج سنة اى جعله طريقة مسلوكة فِي الَّذِينَ خَلَوْا مضوا قال فى المفردات الخلو يستعمل فى الزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضي فسر اهل اللغة قولهم خلا الزمان بقولهم مضى وذهب انتهى يقول الفقير الخلو فى الحقيقة حال الزمان والمكان لان المراد خلوهما عما فيهما بموت ما فيهما فافهم مِنْ قَبْلُ من الأنبياء حيث وسع عليهم فى باب النكاح وغيره ولقد كان لداود عليه السلام مائة امرأة وثلاثمائة سرية ولابنه سليمان عليه السلام ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سرية فلك التوسعة فى امر النكاح مثل الأنبياء الماضين وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ [وهست كار خدا] قَدَراً مَقْدُوراً قضاء مقضيا وحكما مبتوتا قال فى المفردات القدر اشارة الى ما بين به القضاء والكتابة فى اللوح المحفوظ وهو المشار اليه بقوله (فرغ ربك من الخلق) والخلق والاجل والرزق والمقدور اشارة الى ما يحدث حالا فحالا وهو المشار اليه بقوله (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) وفيه اشارة الى ان الله تعالى إذا قضى امر نبى او ولى لم يجعل عليه فى ذلك من حرج ولا سبب نقصان وان كان فى الظاهر سبب نقصان ما عند الخلق والذي يجرى على الأنبياء والأولياء قضاء مبرم مبنى على حكم كثيرة ليس فيه خطأ ولا غلظ ولا عبث
پير ما كفت خطا بر قلم صنع نرفت ... آفرين بر نظر پاك خطا پوشش باد
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ مجرور المحل على انه صفة للذين خلوا. ومعناه بالفارسية [آنانكه ميرسانيدند پيغامهاى خدا را بامتان خود] والمراد ما يتعلق بالرسالة وهى سفارة العبد بين الله وبين ذوى الألباب من خلقه اى إيصال الخبر من الله الى العبد وَيَخْشَوْنَهُ فى كل ما يأتون ويذرون لا سيما فى امر تبليغ الرسالة حيث لا يقطعون منها حرفا ولا تأخذهم فى ذلك لومة لاثم وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وفى وصفهم بقصرهم الخشية على الله تعريض بما صدر عنه عليه السلام من الاحتراز عن لائمة الخلق بعد التصريح فى قوله (وَتَخْشَى النَّاسَ) الآية قال بعض الكبار خشية الأنبياء من العقاب وخشية الأولياء من الحجاب وخشية عموم الخلق من العذاب وفى الاسئلة المقحمة كيف قال ويخشونه ولا يخشون أحدا الا الله ومعلوم انهم خافوا غير الله وقد خاف موسى عليه السلام حين قال له (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ(7/182)
الْأَعْلى)
وكذلك قال يعقوب عليه السلام (انى أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) وكذلك خاف نبينا عليه السلام حين قيل له (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) وكذلك اخبر الكتاب عن جماعة من الأنبياء انهم خافوا أشياء غير الله والجواب ان معنى الآية لا يعتقدون ان شيأ من المخلوقات يستقل باضرارهم ويستبد بايذائهم دون ارادة الله ومشيئته لما يعلمون ان الأمور كلها بقضاء الله وقدره فاراد بالخوف خوف العقيدة والعلم واليقين لا خوف البشرية الذي هو من الطباع الخلقية وخواص البشرية ونتائج الحيوانية وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً محاسبا لعباده على أعمالهم فينبغى ان يحاسب العبد نفسه قبل محاسبة الله إياه ولا يخاف غير الله لا فى امر النكاح ولا فى غيره إذا علم ان رضى الله وحكمه فيه واعلم ان السواك والتعطر والنكاح ونحوها من سنن الأنبياء عليهم السلام وليس لنا عبادة شرعت من عهد آدم
الى الآن ثم تستمر تلك العبادة فى الجنة الا الايمان والنكاح قال بعض الكبار من كان اتقى كانت شهوته أشد وذلك ان حرارة الشهوة الحقيقية انما هى بعد نار العشق التي بعد نور المحبة فانظركم من فرق بين شهوة اهل الحجاب وشهوة اهل الشهود فعروق اهل الغفلة ممتلئة بالدم وعروق اهل اليقظة ممتلئة بالنور ولا شك ان قوّة النور فوق قوة الدم فنسأل الله الهدى لا الحركة بالهوى- حكى- عن بعض الكبار انه قال كنت فى مجلس بعض العارفين فتكلم الى ان قال لا مخلص لاحد من الهوى ولو كان فلانا عنى به النبي عليه السلام حيث قال (حبب الىّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة) فقلت له أما تستحيى من الله تعالى فانه عليه السلام ما قال أحببت بل قال حبب فكيف يلام العبد على ما كان من عند الله بلا اختيار منه قال ثم حصل لى غم وهمّ فرأيت النبي عليه السلام فى المنام فقال لا تغتم فقد كفينا امره ثم سمعت انه قتل فى طريق ضيعة له قال بعض الكبار من أراد فهم المعاني الغامضة فى الشريعة فليتعمل فى تكثير النوافل فى الفرائض وان امكنه ان يكثر من نوافل النكاح فهو اولى إذ هو أعظم نوافل الخيرات فائدة لما فيه من الازدواج والانتاج فيجمع بين المعقول والمحسوس فلا يفوته شىء من العلم بالعالم الصادر عن الاسم الظاهر والباطن فيكون اشتغاله بمثل هذه النافلة أتم واقرب لتحصيل ما يرونه فانه إذا فعل ذلك أحبه الحق وإذا أحبه صار من اهل الله كاهل القرآن وإذا صار من اهل القرآن كان محلا للقائه وعرشا لاستوائه وسماء لنزوله وكرسيا لامره ونهيه فيظهر له منه ما لم يره فيه مع كونه كان فيه وقال كنت من ابغض خلق الله للنساء وللجماع فى أول دخولى فى الطريق وبقيت على ذلك نحو ثمانى عشرة سنة حتى خفت على نفسى المقت لمخالفة ما حبب لرسول الله صلى عليه وسلم فلما افهمنى الله معنى حبب علمت ان المراد ان لا يحبهن طبعا وانما يحبهن بتحبيب الله فزالت تلك الكراهة عنى وانا الآن من أعظم خلق الله شفقة على النساء لانى فى ذلك على بصيرة لاعن حب طبيعى انتهى- وروى- ان جماعة أتوا منزل زكريا عليه السلام فاذا فتاة جميلة قد أشرق لها البيت حسنا قالوا من أنت قالت انا امرأة زكريا فقالوا لزكريا كنا نرى نبى الله لا يريد الدنيا وقد اتخذت امرأة جميلة فقال انما تزوجت امرأة جميلة لا كف بها بصرى واحفظ بها فرجى فالمرأة الصالحة المعينة ليست من الدنيا فى الحقيقة: قال الشيخ سعدى قدس سره(7/183)
مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)
زن خوب وفرمان بر و پارسا ... كند مرد درويش را پادشا
كرا خانه آباد وهمخوابه دوست ... خدا را برحمت نظر سوى اوست
چومستور باشد زن خوبروى ... بديدار او در بهشتست شوى
ما كانَ مُحَمَّدٌ ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم. والمختار انه لا يشترط فى الإسلام معرفة اب النبي عليه السلام واسم جده بل يكفى فيه معرفة اسمه الشريف كما فى هداية المريدين للمولى أخي چلبى يقال فلان محمود إذا حمد ومحمد إذا كثرت خصاله المحمودة كما فى المفردات قال الشيخ زكريا فى شرح المقدمة الجزرية هو البليغ فى كونه محمودا وهو الذي حمدت عقائده وأفعاله وأقواله وأخلاقه سماه به جده عبد المطلب بالهام من الله فى سابع ولادته فقيل له لم سميت محمدا وليس من اسماء آبائك ولا قومك فقال رجوت ان يحمد فى السماء والأرض وقد حقق الله رجاءه وتفؤله فكان عليه السلام بخصاله المحبوبة وشمائله المرغوبة محمودا عند الله وعند الملائكة المقربين وعند الأنبياء والمرسلين وعند اهل الأرض أجمعين وان كفر به بعضهم فان ما فيه من صفات الكمال محمود عند كل عاقل. وله الف اسم كما ان لله تعالى الف اسم وجميع أسمائه مشتقة من صفات قامت به توجب له المدح والكمال فله من كل وصف اسم ألا ترى انه الماحي لان الله محابه الكفر اى سورته التي كانت قبل بعثه. والحاشر لانه الذي يحشر الناس على قدمه اى على اثره وبعده. والعاقب وهو الآتي عقيب الأنبياء. وأشار بالميم الى انه الختام لان مخرجها ختام المخارج وكذا الى بعثته عند الأربعين قال الامام النيسابورى كان من الاسم الشريف اربعة أحرف ليوافق اسم الله تعالى كما ان محمد رسول الله اثنا عشر حرفا مثل لا اله الا الله وهو من اسرار المناسبة وكذا لفظ ابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان ابن عفان وعلى بن ابى طالب لكمال مناسبتهم فى اخلاقهم لتلك الحضرة المحمدية ولهذه المناسبة يلتقى نسبهم بنسبه. فعلىّ يلتقى نسبه فى الأب الثاني. وعثمان فى الخامس. وابو بكر فى السابع. وعمر فى التاسع. ومحمد باعتبار البسط لا بحساب ابجد ثلاثمائة وثلاثة عشر مثل عدد المرسلين فانك إذا أخذت فى بسط الميمين والميم المدغم «م ى م، حا، دال» «2» يظهر لك العدد المذكور: قال المولى الجامى
محمدت چون بلا نهايه ز حق ... يافت شد نام او از آن مشتق
مى نمايد بچشم عقل سليم ... حرف حايش عيان ميان دو ميم
چون رخ حور كز كناره او ... كشته پيدا دو كوشواره او
ياد وحلقه ز عنبرين مويش ... آشكار از جانب رويش
دال آن كز همه فرودنشت ... دل بنازش كرفته بر سر دست
وفى الحديث (من ولد له مولود فسماه محمدا حبالى وتبركا باسمي كان هو ومولوده فى الجنة. ومن كان له ذو بطن فاجمع ان يسميه محمدا رزقه الله غلاما. ومن كان لا يعيش له ولد فجعل لله عليه ان يسمى الولد المرزوق محمدا عاش) ومن خصائصه البركة فى الطعام الذي عليه مسمى باسم محمد وكذا المشاورة ونحوها وينبغى ان يعظم هذا الاسم وصاحبه [در مجمع اللطائف
__________
(2) قال سيدى محمد بن احمد بنيس فى لوامع أنوار الكواكب الدري فى شرح همزية الامام البوصيرى قدس سره قال بعض العلماء فى اسم محمد ثلاث ميمات إذا بسطت كلا منهما قلت «ميم» وعدتها تسمعون فيحصل من الميمات الثلاث مائتان وسبعون. وإذا بسطت الحاء والدال قلت «دال» بخمسة وثلاثين و «حا» بتسعة فالجملة ثلاثمائة واربعة عشر فتلك عدة الرسل عليهم الصلاة والسلام اه بعبارته مصححه(7/184)
آورده كه أياز خاص پسرى داشت محمد نام واو را ملازم سلطان محمود ساخته بود روزى سلطان متوجّه طهارت خانه شده فرمود كه پسر أياز را بگوييد تا آب طهارت بيارد أياز اين سخن شنوده در تأمل افتاد كه آيا پسر من چهـ گناه كرده كه سلطان نام او بر زبان نمى راند سلطان وضو ساخته بيرون آمد ودر أياز نكريست او را انديشه مند ديد پرسيد كه سبب اثر ملال كه بر جبين تو مى بينم چيست أياز از روى نياز بموقف عرض رسانيد كه بنده زاده را بنام نخواند برترسيدم كه مبادا ترك ادبى ازو صادر شده باشد وموجب انحراف مزاج همايون كشته سلطان تبسمى فرمود وكفت اى أياز دل جمع دار كه ازو صورتى كه مكروه طبع من باشد صدور نيافته بلكه وضو نداشتم واو محمد نام داشت مرا شرم آمد لفظ محمد بر زبان من كذرد وقتى كه بى وضو باشم چهـ اين لفظ نشانه حضرت سيد أنام است
هزار بار بشويم دهن بمشك وكلاب ... هنوز نام تو بردن ادب نمى دانم
وكان رجل فى بنى إسرائيل عصى الله مائة سنة ثم مات فاخذه فالقوه فى مزبلة فاوحى الله تعالى الى موسى ان أخرجه وصل عليه قال يا رب ان بنى إسرائيل شهدوا انه عصاك مائة سنة فاوحى الله اليه انه هكذا الا انه كان كلما نشر التوراة ونظر الى اسم محمد قبله ووضعه على عينيه فشكرت له ذلك وغفرت له وزوجته سبعين حوراء قال اهل التفسير لما نكح النبي عليه السلام زينب بعد انقضاء عدتها استطال لسان المنافقين وقالوا كيف نكح زوجة ابنه لنفسه وكان من حكم العرب ان من تبنى ولدا كان كولده من صلبه فى التوريث وحرمة نكاح امرأته على الأب المتبنى وأراد الله ان يغير هذا الحكم فانزل (ما كانَ مُحَمَّدٌ) أَبا أَحَدٍ [پدر هيچ كس] مِنْ رِجالِكُمْ [از مردان شما] على الحقيقة يعنى بالنسب والولادة حتى يثبت بينه وبينه ما بين الوالد وولده من حرمة المصاهرة وغيرها ولا ينتقض عمومه بكونه أبا للطاهر والقاسم وابراهيم لانهم لم يبلغوا مبلغ الرجال لان الرجل هو الذكر البالغ: يعنى [ايشان بمبلغ رجال نرسيدند او را فى الحقيقة پسر صلبى نيست كه ميان وى وآن پسر حرمت مصاهرت باشد] ولو بلغوا لكانوا رجاله لا رجالهم وكذا الحسن والحسين رضى الله عنهما لانهما ابنا النبي عليه السلام بشهادة لفظه عليه السلام على انهما ايضا لم يكونا رجلين حينئذ بل طفلين او المقصود ولده خاصة لا ولد ولده قال فى الاسئلة المقحمة كان الله عالما فى الأزل بان لا يكون لذكور أولاد رسوله نسل ولا عقب وانما يكون نسبه لاناث أولاده دون ذكر انهم فقال (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) فعلى هذا كان الخبر من قبيل معجزاته على صدقه فان المخبر عنه قد حصل كما اخبر وقد صدق الخبر انتهى وأبناء النبي عليه السلام على الصحيح ثلاثة. القاسم وبه يكنى إذ هو أول أولاده عاش سنتين ومات قبل البعثة بمكة. وعبد الله وهو الطيب الطاهر مات فى الرضاع بعد البعثة ودفن بمكة وهما من خديجة رضى الله عنها. وابراهيم من مارية القبطية ولد فى ذى الحجة فى ثمان من الهجرة عق عنه عليه السلام بكبشين يوم سابع ولاده وحلق رأسه وتصدق بزنة شعره فضة على المساكين وامر بشعره فدفن فى الأرض ومات فى الرضاع وهو ابن ثمانية عشر شهرا ودفن بالبقيع وجلس عليه السلام على شفير(7/185)
القبر ورش على قبره ماء وعلم على قبره بعلامة ولقنه وقال (يا بنى قل الله ربى ورسول الله ابى والإسلام دينى) ومن هاهنا ذهب بعضهم الى ان الأطفال يسألون فى القبر وان العقل يكمل لهم فيسن تلقينهم وذهب جمع الى انهم لا يسألون وان السؤال خاص بالمكلف قال السيوطي لم يثبت فى التلقين حديث صحيح ولا حسن بل حديثه ضعيف باتفاق جمهور المحدثين ولهذا ذهب جمهور الامة الا ان التلقين بدعة حسنة وآخر من افتى بذلك عز الدين بن عبد السلام وانما استحبه ابن الصلاح وتبعه النووي نظرا الى ان الحديث الضعيف يعمل به فى فضائل الأعمال وحينئذ فقول الامام السبكى حديث التلقين اى تلقين النبي عليه السلام لابنه ليس له اصل اى اصل صحيح او حسن كذا فى انسان العيون وبقية الكلام فى
السؤال والتلقين سبق فى سورة ابراهيم عليه السلام عند قوله تعالى (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) الآية وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ الرسول والمرسل بمعنى واحد من أرسلت فلانا فى رسالة فهو مرسل ورسول قال القهستاني الرسول فعول مبالغة مفعل بضم الميم وفتح العين بمعنى ذى رسالة اسم من الإرسال وفعول هذا لم يأت الا نادرا وعرفا هو من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او إنسانا بخلاف النبي فانه مختص بالإنسان وهذا الفرق هو المعول عليه انتهى. والمعنى ولكن كان رسول الله وكل رسول الله ابو أمته لكن لا حقيقة بل بمعنى انه شفيق ناصح لهم وسبب لحياتهم الابدية واجب التوقير والطاعة له ولذا حرمت أزواجه عليه السلام على أمته حرمة أمهاتهم فانه من باب التعظيم وما زيد بن حارثة الا واحد من رجالكم الذين لا ولادة بينهم وبينه عليه السلام فحكم حكمهم وليس للتبنى والادعاء حكم سوى التقريب والاختصاص قال بعضهم لم يسمه لنا أبا لانه لوسماه أبا لكان يحرم نكاح أولاده كما حرمت على الامة نساؤه لكونهن أمهاتها او لانه لو سماه أبا لكان يحرم عليه ان يتزوج من نساء أمته كما يحرم على الأب ان يتزوج بابنته وتزوج بنات أمته ليس بحرام قال فى كشف الاسرار [هر چند اسم پدرى ازو بيفكند اما از همه پدران مشفق ومهربانتر بود قال عليه السلام (انا لكم مثل الوالد لولده) كفته اند شفقت او بر امت از شفقت پدران افزون بود اما او را پدر امت نخوانند از بهر آنكه در حكم ازلى رفته كه روز قيامت دران عرصه كبرى كه سرا پرده قهارى بزنند وبساط عظمت بگسترانند وترازوى عدل بياويزند وزندان عذاب از حجاب بيرون آرند جانها بگلو رسد زبانها فصيح كردد وعذرها همه باطل شود نسبها بريده كردد پدران همه از فرزندان بگريزند چنانكه رب العزت كفت (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) آدم كه پدر همكانست فرا پيش آيد بار خدايا آدم را بگذارد با فرزندان تو دان كه چهـ كنى نوح هم آن كويد ابراهيم هم آن كويد وموسى وعيسى وديكر پيغمبران هم آن كويند از سياست قيامت وفزع او همه بگريزند وبخود درماندند وبا فرزندان نپردازند وكويند (نفسى نفسى) خداوندا ما را برهان وبا فرزندان هر چهـ خواهى كن ومصطفى عربى عليه السلام رحمت وشفقت بگشاده كه بار خدايا امت من مشتى ضعيفان وبيچارگانند طاقت عذاب وعقاب تو ندارند بر ايشان ببخشاى ورحمت كن وبا محمد هر چهـ خواهى ميكن بحكم آنكه در ازل رفته كه پدران از فرزندان(7/186)
بگريزند آن روز او را پدر نخوانند تا ازيشان نكريزد واز بهر ايشان شفاعت كند وديكر او را پدر نخوانند كه اگر پدر بودى كواهىء پدر مر پسر قبول نكند در شرع واو صلوات الله عليه در قيامت بعدالت امت كواهى خواهد داد] وذلك قوله تعالى (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ قرأ عاصم بفتح التاء وهو آلة الختم بمعنى ما يختم به كالطابع بمعنى ما يطبع به. والمعنى وكان آخرهم الذي ختموا به: وبالفارسية [مهر پيغمبران يعنى بدو مهر كرده شد در نبوت و پيغمبران را بدو ختم كرده اند] وقرأ الباقون بكسر التاء اى كان خاتمهم اى فاعل الختم بالفارسية [مهر كننده پيغمبرانست] وهو بالمعنى الاول ايضا وفى المفردات لانه ختم النبوة اى تممت بمجيئه وأياما كان فلو كان له ابن بالغ لكان نبيا ولم يكن هو عليه السلام خاتم النبيين كما يروى انه قال فى ابنه ابراهيم (لو عاش لكان نبيا) وذلك لان أولاد الرسل كانوا يرثون النبوة قبله من آبائهم وكان ذلك من امتنان الله عليهم فكانت علماء أمته ورثته عليه السلام من جهة الولاية وانقطع ارث النبوة بختميته ولا يقدح فى كونه خاتم النبيين نزول عيسى بعده لان معنى كونه خاتم النبيين انه لا ينبأ أحد بعده كما قال لعلى رضى الله عنه (أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبى بعدي) وعيسى ممن تنبأ قبله وحين ينزل انما ينزل على شريعة محمد عليه السلام مصليا الى قبلته كأنه بعض أمته فلا يكون اليه وحي ولا نصب احكام بل يكون خليفة رسول الله فان قلت قد روى ان عيسى عليه السلام إذا
نزل فى آخر الزمان يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويزيد فى الحلال ويرفع الجزية عن الكفرة فلا يقبل الا الإسلام قلت هذه من احكام الشريعة المحمدية لكن ظهورها موقت بزمان عيسى وبالجملة قوله (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) يفيد زيادة الشفقة من جانبه والتعظيم من جهتهم لان النبي الذي بعده نبى يجوز ان يترك شيأ من النصيحة والبيان لانها مستدركة من بعده واما من لا نبى بعده يكون اشفق على أمته واهدى بهم من كل الوجوه
شمسه نه مسند وهفت اختران ... ختم رسل خواجه پيغمبران
(نظم)
احمد مرسل كه نوشته قلم ... حمد بنام وى وحم هم
چون شده او مظهر الله هاد ... در ره ارشاد وجودش نهاد
جمله اسباب هدى از خدا ... كرد بتقرير بديعش ادا
وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً فيعلم من يليق بان يختم به النبوة وكيف ينبغى لشانه ولا يعلم أحد سواه ذلك قال ابن كثير فى تفسير هذه الآية هى نص على انه لا نبى بعده وإذا كان لا نبى بعده فلا رسول بطريق الاولى والأحرى لان مقام الرسالة أخص من مقام النبوة فان كل رسول نبى ولا ينعكس وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله فمن رحمة الله بالعباد إرسال محمد إليهم ثم من تشريفه له ختم الأنبياء والمرسلين به وإكمال الدين الحنيف له وقد اخبز الله فى كتابه ورسوله فى السنة المتواترة عن انه لا نبى بعده ليعلموا ان كل من ادعى هذا المقام بعده كذاب أفاك دجال ضال مضل ولو تخرق وشعبذ واتى بانواع السحر والطلاسم(7/187)
والنيرنجيات فكلها محال وضلال عند اولى الألباب كما اجرى سبحانه على يدى الأسود العبسي باليمن ومسيلمة الكذاب باليمامة من الأحوال الفاسدة والأقوال الباردة ما علم كل ذى لب وفهم وحجى انهما كاذبان ضالان لعنهما الله تعالى وكذلك كل مدع لذلك الى يوم القيامة حتى يختموا بالمسيح الدجال يخلق الله معه من الأمور ما يشهد العلماء والمؤمنون بكذب ما جاء بها انتهى. ولما نزل قوله تعالى (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) استغرب الكفار كون باب النبوة مسدودا فضرب النبي عليه السلام لهذا مثلا ليتقرر فى نفوسهم وقال (ان مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل بنى بنيانا فاحسنه وأجمله الا موضع لبنة فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة فانا اللبنة وانا خاتم النبيين) قال فى بحر الكلام وصنف من الروافض قالوا بان الأرض لا تخلو عن النبي والنبوة صارت ميراثا لعلى وأولاده ويفرض على المسلمين طاعة على وكل من لا يرى اطاعته يكفر وقال اهل السنة والجماعة لا نبى بعد نبينا لقوله تعالى (وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) وقوله عليه السلام (لا نبى بعدي) ومن قال بعد نبينا نبى يكفر لانه أنكر النص وكذلك لو شك فيه لان الحجة تبين الحق من الباطل. ومن ادعى النبوة بعد موت محمد لا يكون دعواه الا باطلا انتهى وتنبأ رجل فى زمن ابى حنيفة وقال أمهلوني حتى أجيء بالعلامات فقال ابو حنيفة من طلب منه علامة فقد كفر لقوله عليه السلام (لا نبى بعدي) كذا فى مناقب الامام وفى الفتوحات المكية وانما لم يعطف المصلى السلام الذي سلم به على نفسه بالواو على السلام الذي سلم به على نبيه اى لم يقل والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين بعد قوله السلام عليك ايها النبي لانه لو عطفه عليه وقال والسلام علينا على نفسه من جهة النبوة وهو باب قد سده الله كما سد باب الرسالة عن كل مخلوق بمحمد الى يوم القيامة وتعين بهذا انه لا مناسبة بيننا وبين رسول الله فانه فى المرتبة التي لا تنبغى لنا فابتدأنا بالسلام علينا فى طورنا من غير عطف والمقام المحمدي ممنوع دخوله لنا وغاية معرفتنا بالنظر اليه كما تنظر الكواكب فى السماء وكما ينظر اهل الجنة السفلى الى من هو فى عليين. وقد وقع للشيخ ابى يزيد البسطامي فى مقام النبي قدر خرم ابرة تجليا لا دخولا فاحترق وفى الفصوص وشرحه للجامى لا نبى بعده مشرعا او مشرعا له والاول هو الآتي بالاحكام الشرعية من غير متابعة لنبى آخر قبله كموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام والثاني هو المتبع لما شرعه له النبي المقدم كانبياء بنى إسرائيل إذ كلهم كانوا داعين الى شريعة موسى فالنبوة والرسالة منقطعتان عن هذا الموطن بانقطاع الرسول الخاتم فلم يبق الا النبوة اللغوية التي هى الانباء عن الحق وأسمائه وصفاته واسرار الملكوت والجبروت وعجائب الغيب ويقال لها الولاية وهى الجهة التي تلى الحق كما ان النبوة هى الجهة التي تلى الحق فالولاية باقية دائمة الى قيام الساعة يقول الفقير كان له عليه السلام نوران نور النبوة ونور الولاية فلما انتقل من هذا الموطن بقي نور النبوة فى الشريعة المطهرة وهى باقية فكأن صاحب الشريعة حى بيننا لم يمت وانتقل نور الولاية الى باطن قطب الاقطاب يعنى ظهر فيه ظهورا تاما فكان له مرآة وهو واحد فى كل
عصر ويقال له قطب الوجود وهو مظهر التجلي(7/188)
الحقي. واما قطب الإرشاد فكثير وهم مظاهر التجلي العيني قال فى هدية المهديين اما الايمان بسيدنا محمد عليه السلام فانه يجب بانه رسولنا فى الحال وخاتم الأنبياء والرسل فاذا آمن بانه رسول ولم يؤمن بانه خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا وقال فى الأشباه فى كتاب السير إذا لم يعرف ان محمدا عليه السلام آخر الأنبياء فليس بمسلم لانه من الضروريات وفى الآية اشارة الى قطع نسبه عن الخلق لانه نفى الابوة لرجال الناس والى اثبات نسبه لاولاده وآله ففى قوله (مِنْ رِجالِكُمْ) تشريف لهم وانهم ليسوا كرجالهم بل هم المخصوصون بزيادة الانعام لا ينقطع حسبهم ونسبهم كما قال عليه السلام (كل حسب ونسب ينقطع إلا حسبي ونسبى) اى فانه يختم باب التناسل برجل من اهل البيت من صلب المهدى خاتم الخلافة العامة وخاتم الولاية الخاصة ولا يلزم من ذلك ان يكون منهم أنبياء ولو جاء بعده نبى لجاء على رضى الله عنه لانه كان منه عليه السلام بمنزلة هارون من موسى فاذا لم يكن هو نبيا لم يكن الحسنان ايضا نبيين لانهما لم يكونا أفضل من أبيهما قال بعض الكبار الحسب فى الحقيقة الفقر والنسب التقوى فمن أراد ان يرتبط برسول الله وان يكون من آله المقبولين فليرتبط بهذين [در عيون الاجوبة آورده كه صحت هر كتابى بمهر اوست حق تعالى پيغمبر را مهر كفت تا دانند كه تصحيح دعوت محبت الهى جز بمتابعت حضرت رسالتپناهى نتوان كرد (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي) وشرف بزركوارىء كتاب بمهر اوست شرف جمله أنبياء نيز بدان حضرتست وشاهد هر كتاب مهر اوست پس شاهد همه در محكمه قيامت او خواهد بود (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) و چون كتاب را مهر كردند كتاب در جهان باقى شد چون نبوت بدان حضرت سمت اختتام يافت در نبوت بسته كشت وديكر چون از همه انبيا بمهر مخصوص بختميت ايشان نيز اختصاص يافت] : وفى المثنوى
بهر اين خاتم شده است او كه بجود ... مثل او نى بود ونى خواهند بود «1»
چونكه در صنعت بود استاد دست ... نى تو كويى ختم صنعت بر تو است
قال فى حل الرموز الختم إذا كان على الكتاب لا يقدر أحد على فكه كذلك لا يقدر أحد ان يحيط بحقيقة علوم القرآن دون الخاتم ومادام خاتم الملك على الخزانة لا يجسر أحد على فتحها ولا شك ان القرآن خزانة جميع الكتب الالهية المنزلة من عند الله ومجمع جواهر العلوم الالهية والحقائق اللدنية فلذلك خص به خاتم النبيين محمد عليه السلام ولهذا السر كان خاتم النبوة على ظهره بين كتفيه لان خزانة الملك تختم من خارج الباب لعصمة الباطن وما فى داخل الخزانة. وفى الخبر القدسي (كنت كنزا مخفيا) فلا بد للكنز من المفتاح والخاتم فسمى عليه السلام بالخاتم لانه خاتمه على خزانة كنز الوجود وسمى بالفاتح لانه مفتاح الكنز الأزلي به فتح وبه ختم ولا يعرف ما فى الكنز الا بالخاتم الذي هو المفتاح قال تعالى (فاحببت ان اعرف) فحصل العرفان بالفيض الحثى على لسان الحبيب ولذلك سمى الخاتم حبيب الله لان اثر الختم على كنز الملك صورة الحب لما فى الكنز [كفته اند معنىء خاتم النبيين آنست كه رب العزة نبوت همه انبيا جمع كرد ودل مصطفى عليه السلام را معدن آن كرد ومهر نبوت
__________
(1) در أوائل دفتر ششم در بيان سؤال كردن سائلى از واعظى إلخ(7/189)
بر ان نهاد تا هيچ دشمن بموضع نبوت راه نيافت نه هواى نفس نه وسوسه شيطان ونه خطرات مذمومه وديكر پيغمبران را اين مهر نبوت نبود لا جرم از خطرات وهواجس أمين نبودند پس رب العالمين كمال شرف مصطفا را آن مهر كه در دل وى نهاد نكذاشت تا در ميان دو كتف وى آشكارا كرد تا هر كسى كه نكرستى آنرا ديدى همچوخانه كبوترى] وفى صفاته عليه السلام بين كتفيه خاتم النبوة ووجه كونه بين كتفيه يعرف مما نقله الامام الدميري فى حياة الحيوان ان بعض الأولياء سأل الله تعالى ان يريه كيف يأتى الشيطان ويوسوس فاراه الحق تعالى هيكل الإنسان فى صورة بللور وبين كتفيه شامة سوداء كالعش والوكر فجاء الخناس يتجسس من جميع جوانبه وهو فى صورة خنزير له خرطوم كخرطوم الفيل فجاء من بين الكتفين فادخل خرطومه قبل قلبه فوسوس اليه فذكر الله فخنس وراءه ولذلك سمى بالخناس لانه ينكص على عقبيه مهما حصل نور الذكر فى القلب وكان خاتمه مثل زرّ الحجلة وهو طائر على قدر الحمامة احمر المنقار والرجلين ويسمى دجاج البر قال الترمذي وزرّها بيضها قال الدميري والصواب حجلة السرير واحدة الحجال وزرّها الذي يدخل فى عروتها وكان حول ذلك الخاتم شعرات مائلة الى الخضرة مكتوب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله او محمد نبى أمين او غير ذلك كما قال فى السبعيات كان خاتم النبوة «تنجيخ هيصور توجه حيث شئت فانك منصور» والتوفيق بين الروايات بتعدد الخطوط وتنوعها بحسب الحالات والتجليات او بالنسبة الى انظار الناظرين ولكون ما بين الكتفين مدخل الشيطان كان عليه السلام يحتجم بين كتفيه ويأمر بذلك ووصاه جبريل بذلك لتضعيف مادة الشيطان وتضييق مرصده لانه يجرى وسوسته مجرى الدم وعصم عليه السلام من وسوسته لقوله (أعانني الله عليه فاسلم) اى بالختم الالهىّ وما اسلم قرين آدم فوسوس اليه لذلك وفى سفر السعادة ان النبي عليه السلام لما سحره اليهودىّ ووصل المرض الى الذات المقدسة النبوية امر بالحجامة على قبة رأسه المباركة واستعمال الحجامة فى كل متضرر فى السحر غاية الحكمة ونهاية حسن المعالجة ومن لا حظ له فى الدين والايمان يستشكل هذا العلاج وفى الحديث (الحجامة فى الرأس شفاء من سبع) من الجنون والصداع والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة يجدها فى عينيه والحجامة فى وسط الرأس وكذا بين الكتفين نافعة. وتكره فى نقرة القفاء فانها تورث النسيان قال بعضهم الحجامة فى البلاد الحارة انفع من الفصد وروى انه عليه السلام ماشكا اليه رجل وجعا فى رأسه إلا قال (احتجم) ولا وجعا فى رجليه إلا قال (اخضبه) وخير ايام الحجامة يوم الأحد والاثنين وجاء فى بعض الروايات النهى عن يوم الأحد واختار بعضهم يوم الثلاثاء وكرهه بعضهم وتكره يوم السبت والأربعاء الا ان يكون قد غلب عليه الدم وخير أزمانها الربيع بعد نصف الشهر فى السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين فالاولى ان تكون فى الربع الثالث من الشهر لانه وقت هيجان الدم وتكره فى المحاق وهو ثلاثة ايام من آخر الشهر ولا يستحب ان يحتجم فى ايام الصيف فى شدة الحر ولا فى شدة البرد فى ايام الشتاء وخير أوقاتها من لدن طلوع الشمس الى وقت الضحى وتستحب الحجامة على الريق فانها شفاء(7/190)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41)
وبركة وزيادة فى العقل والحفظ وعلى الشبع داء الا إذا كان به ضرر فليذق اولا شيأ قليلا ثم ليحتجم وإذا أراد الحجامة يستحب ان لا يقرب النساء قبل ذلك بيوم وليلة وبعده مثل ذلك ولا يدخل فى يومه الحمام وإذا احتجم او افتصد لا ينبغى ان يأكل على اثره مالحا فانه يخاف منه القروح او الجرب ولا يأكل رأسا ولا لبنا ولا شيأ مما يتخذ من اللبن ويستحب على اثره الخل ليسكن ما به ثم يحسو شيأ من المرقة ويتناول شيأ من الحلاوة ان قدر عليه كما فى بستان العارفين والله الشافي وهو الكافي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ بما هو اهله من التهليل والتحميد والتكبير ونحوها. والذكر إحضار الشيء فى القلب او فى القول وهو ذكر عن نسيان وهو حال العامة او ادامة الحضور والحفظ وهو حال الخاصة إذ ليس لهم نسيان أصلا وهم عند مذكورهم مطلقا ذِكْراً كَثِيراً فى جميع الأوقات ليلا ونهارا صيفا وشتاء وفى عموم الامكنة برا وبحرا سهلا وجبلا وفى كل الأحوال حضرا وسفرا صحة وسقما سرا وعلانية قياما وقعودا وعلى الجنوب وفى الطاعة بالإخلاص وسؤال القبول والتوفيق وفى المعصية بالامتناع منها وبالتوبة والاستغفار وفى النعمة بالشكر وفى الشدة بالصبر فانه ليس للذكر حد معلوم كسائر الفرائض ولا لتركه عذر مقبول الا ان يكون المرء مغلوبا على عقله واحوال الذاكرين متفاوتة يتفاوت اذكارهم فذكر بعضهم بمجرد اللسان بدون فكر مذكوره ومطالعة آثاره بعقله وبدون حضور مذكوره ومكاشفة أطواره بقلبه وبدون انس مذكوره ومشاهدة أنواره بروحه وبدون فنائه فى مذكوره ومعاينة أسراره بسره وهذا مردود مطلقا وذكر بعضهم باللسان والعقل فقد يذكر بلسانه ويتفكر مذكوره ويطالع آثاره بعقله لكن ليس له الحضور والانس والفناء المذكور وهو ذكر الأبرار مقبول بالنسبة الى الاول وذكر بعضهم باللسان والعقل والقلب فقط بدون الانس والفناء المذكور وهو ذكر اهل البداية من المقربين مقبول بالنسبة الى ذكر الأبرار وما تحته وذكر بعضهم باللسان والعقل والقلب والروح والسر جميعا وهو ذكر ارباب النهاية من المقربين من الأنبياء والمرسلين والأولياء الأكملين وهو مقبول مطلقا وللارشاد الى هذه الترقيات قال عليه السلام (ان هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد) قيل يا رسول الله فما جلاؤها قال (تلاوة كتاب الله وكثرة ذكره) فبكثرة الذكر يترقى السالك من مرتبة اللسان الى ما فوقها من المراتب العالية ويصقل مرآة القلب من ظلماتها واكدارها ثم ان ذكر الله وان كان يشتمل الصلاة والتلاوة والدراسة ونحوها الا ان أفضل الاذكار لا اله الا الله فالاشتغال به منفردا مع الجماعة محافظا على الآداب الظاهرة والباطنة ليس كالاشتغال بغيره [سلمى كويد مراد از ذكر كثير ذكر دلست چهـ دوام ذكر بزبان ممكن نيست] وقال بعضهم الأمر بالذكر الكثير اشارة الى محبة الله تعالى يعنى أحبوا الله لان النبي عليه السلام قال من أحب شيأ اكثر من ذكره [نشان دوستى آنست كه نكذارد كه زبان از ذكر دوست يا دل از فكر او خالى ماند]
در هيچ مكان نيم ز فكرت خالى ... در هيچ زمان نيم ز ذكرت غافل
فاوجب الله محبته بالاشارة فى الذكر الكثير وانما أوجبها بالاشارة دون العبارة الصريحة(7/191)
وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)
لان اهل المحبة هم الأحرار عن رق الكونين والحر تكفيه الاشارة وانما لم يصرح بوجوب المحبة لانها مخصوصة بقوم دون سائرا الخلق كما قال (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) فعلى هذا بقوله (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) يشير الى أحبوني احببكم
بدرياى محبت آشنا باش ... صدف سان معدن در صفا باش
وَسَبِّحُوهُ ونزهوه تعالى عما لا يليق به قال فى المفردات السبح المر السريع فى الماء اوفى الهواء والتسبيح تنزيه الله وأصله المر السريع فى عبادة الله وجعل عاما فى العبادات قولا كان او فعلا او نية بُكْرَةً وَأَصِيلًا اى أول النهار وآخره وقد يذكر الطرفان ويفهم منهما الوسط فيكون المراد سبحوه فى جميع الأوقات خصوصا فى الوقتين المذكورين المفضلين على سائر الأوقات لكونهما مشهودين على ما دل عليه قوله عليه السلام (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار) وافراد التسبيح من بين الاذكار لكونه العمدة فيها من حيث انه من باب التحلية وفى الحديث (اربع لا يمسك عنهن جنب سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر) فاذا قالها الجنب فالمحدث اولى فلا منع من التسبيح على جميع الأحوال الا ان الذكر على الوضوء والطهارة من آداب الرجال وفى كشف الاسرار [وسبحوه اى صلوا له بكرة يعنى صلاة الصبح وأصيلا يعنى صلاة العصر [اين تفسير موافق آن خبرست كه مصطفى عليه السلام كفت (من استطاع منكم ان لا يغلب على صلاة قبل طلوع الشمس ولا غروبها فليفعل) ميكويد هر كه تواند از شما كه مغلوب كارها وشغل دنيوى نكردد بر نماز بامداد پيش از برآمدن آفتاب ونماز ديكر پيش از فروشدن آفتاب با چنين كند اين هر دو نماز بذكر مخصوص كردد از بهر آنكه بسيار افتد مردم را اين دو وقت تقصير كردن در نماز وغافل بودن از ان اما نماز بامداد بسبب خواب ونماز ديكر بسبب امور دنيا ونيز شرف اين دو نماز در ميان نمازها پيداست نماز بامداد شهود فرشتكانست] لقوله تعالى (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) يعنى تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار [ونماز ديكر نماز وسطى است كه رب العزة كفت] (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) وفى الحديث (ما عجت الأرض الى ربها من شىء كعجيجها من دم حرام او غسل من زنى او نوم عليها قبل طلوع الشمس) والله تعالى يقسم الأرزاق وينزل البركات ويستجيب الدعوات فيما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس فلا بد من ترك الغفلة فى تلك الساعة الشريفة وفى الحديث (من صلى الفجر فى جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كاجر حجة وعمرة تامة تامة تامة) ومن هنا لم يزل الصوفية المتأدبون يجتمعون على الذكر بعد صلاة الصبح الى وقت صلاة الاشراق فللذكر فى هذا الوقت اثر عظيم فى النفوس وهو اولى من القراءة كما دل عليه قوله عليه السلام (ثم قعد يذكر الله) على ما فى شرح المصابيح ويؤيده ما ذكر فى القنية من ان الصلاة على النبي عليه السلام والدعاء والتسبيح أفضل من قراءة القرآن فى الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها. وذكر فى المحيط انه يكره الكلام بعد انشقاق الفجر الى صلاته وقيل بعد صلاة الفجر ايضا الى طلوع الشمس وقيل الى ارتفاعها وهو كمال العزيمة قال بعض الكبار إذا قارب(7/192)
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)
طلوع الشمس يبتدئ بقراءة المسبعات وهى من تعليم الخضر عليه السلام علمها ابراهيم التيمي وذكر انه تعلمها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وينال بالمداومة عليها جميع المتفرق فى الاذكار والدعوات وهى عشرة أشياء سبعة سبعة الفاتحة والمعوذتان وقل هو الله أحد وقل يا ايها الكافرون وآية الكرسي وسبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر والصلاة على النبي عليه السلام وآله بان يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم والاستغفار بان يقول اللهم اغفر لى ولوالدىّ ولجميع المؤمنين والمؤمنات وقوله سبعا اللهم افعل بنا وبهم عاجلا وآجلا فى الدين والدنيا والآخرة ما أنت له اهل ولا تفعل بنا وبهم يا مولانا ما نحن له اهل انك غفور حليم جواد كريم رؤف رحيم روى ان ابراهيم التيمي لما قرأ هذه بعد ان تعلمها من الخضر رأى فى المنام انه دخل الجنة ورأى الملائكة والأنبياء وأكل من طعام الجنة ومكث اربعة أشهر لم يطعم لكونه أكل من طعام الجنة ويلازم الذاكر موضعه الذي صلى فيه مستقبل القبلة الا ان يرى انتقاله الى زاوية فانه اسلم لدينه كيلا يحتاج الى حديث او نحوه مما يكره فى ذلك الوقت فان حديث الدنيا ونحوه يبطل ثواب العمل وشرف الوقت فلابد من محافظة اللسان عن غير ذكر الله ومحافظة القلب عن غير فكره فان اللسان والقلب إذا لم يتوافقا كان مجرد ولولة الواقف على الباب وصوت الحارس على السطح: وفى المثنوى
ذكر آرد فكر را در اهتزاز ... ذكر را خورشيد اين افسرده ساز «1»
اصل خود جذبه است ليك اى خواجه تاش ... كار كن موقوف آن جذبه مباش
زانكه ترك كار چون نازى بود ... نازكى درخور وجانبازى بود
نى قبول انديش ونى رد اى غلام ... امر را ونهى را مى بين مدام
مرغ جذبه ناكهان پرد زعش ... چون بديدى صبح شمع آنكه بكش
چشمها چون شد كذاره نور اوست ... مغزها مى بيند او در عين پوست
بيند اندر ذره خورشيد بقا ... بيند اندر قطره كل بحر را
نسأل الله الحركات التي تورث البركات انه قاضى الحاجات هُوَ الَّذِي [اوست آن خداونديكه] يُصَلِّي عَلَيْكُمْ يعتنى بكم بالرحمة والمغفرة والتزكية [والاعتناء: عنايت ورعايت داشتن] وَمَلائِكَتُهُ عطف على المستكن فى يصلى لمكان الفصل المغني عن التأكيد بالمنفصل اى ويعتنى ملائكته بالدعاء والاستغفار فالمراد بالصلاة المعنى المجازى الشامل للرحمة والاستغفار وهو الاعتناء بما فيه خيرهم وصلاح أمرهم وعن السدى قالت بنوا إسرائيل لموسى عليه السلام أيصلى ربنا فكبر هذا الكلام عليه فاوحى الله اليه ان قل لهم انى أصلي وان صلاتى رحمتى التي تطفئ غضبى وقيل له عليه السلام ليلة المعراج (قف يا محمد فان ربك يصلى) فقال عليه السلام ان ربى لغنى عن ان يصلى فقال تعالى (انا الغنى عن ان أصلي لاحد وانما أقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتى غضبى اقرأ يا محمد هو الذي يصلى عليكم وملائكته الآية فصلاتى رحمة لك ولامتك) فكانت هذه الآية الى قوله رحيما مما نزلت بقاب قوسين بلا وساطة جبريل عليه السلام. وفى رواية لما وصلت الى السماء السابعة قال لى جبريل رويدا اى قف
__________
(1) در أوائل دفتر ششم در بيان معنىء قوله عليه السلام ليس للماضين هم الموت إلخ(7/193)
تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)
قليلا فان ربك يصلى قلت أهو يصلى قال نعم قلت وما يقول قال (سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتى غضبى) وفى التأويلات النجمية يشير الى انكم ان تذكرونى بذكر محدث فانى قد صليت عليكم بصلاة قديمة لا أول لها ولا آخر وانكم لولا صلاتى عليكم لما وفقتم لذكرى كما ان محبتى لو لم تكن سابقة على محبتكم لما هديتم الى محبتى واما صلاة الملائكة فانما هى دعاء لكم على انهم وجدوا رتبة الموافقة مع الله فى الصلاة عليكم ببركتكم ولولا استحقاقكم لصلاة الله عليكم لما وجدوا هذه الرتبة الشريفة وفى عرائس البقلى صلوات الله اختياره للعبد فى الأزل بمعرفته ومحبته فاذا خص وجعل زلاته مغفورة وجعل خواص ملائكته مستغفرين له لئلا يحتاج الى الاستغفار بنفسه لاشتغاله بالله وبمحبته قال ابو بكر بن طاهر صلوات الله على عبده ان يزينه بانوار الايمان ويحليه بحلية التوفيق ويتوجه بتاج الصدق ويسقط عن نفسه الأهواء المضلة والإرادات الباطلة ويجعل له الرضى بالمقدور: قال الحافظ
رضا بداده بده وز جبين كره بگشاى ... كه بر من وتو در اختيار نكشا دست
لِيُخْرِجَكُمْ الله تعالى بتلك الصلاة والعناية وانما لم يقل ليخرجاكم لئلا يكون للملائكة منة عليهم بالإخراج ولانهم لا يقدرون على ذلك لان الله هو الهادي فى الحقيقة لا غير مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ الظلمة عدم النور ويعبر بها عن الجهل والشرك والفسق ونحوها كما يعبر بالنور عن أضدادها اى من ظلمات الجهل والشرك والمعصية والشك والضلالة والبشرية وصفاتها والخلقية الروحانية الى نور العلم والتوحيد والطاعة واليقين والهدى والروحانية وصفاتها والربوبية بجذبات تجلى ذاته وصفاته. والمعنى برحمة الله وبسبب دعاء الملائكة فزتم بالمقصود ونلتم الشهود وتنورتم بنور الشريعة وتحققتم بسر الحقيقة وقال الكاشفى [مراد از إخراج ادامت واستقامت است بر خروج چهـ در وقت صلات خدا وملائكه بر ايشان در ظلمات نبوده اند] وَكانَ فى الأزل قبل إيجاد الملائكة المقربين بِالْمُؤْمِنِينَ بكافتهم قبل وجوداتهم العينية رَحِيماً ولذلك فعل بهم ما فعل من الاعتناء بصلاحهم بالذات وبواسطة الملائكة فلا تتغير رحمته يتغير احوال من سعد فى الأزل
كرد عصيان رحمت حق را نمى آرد بشور ... مشرب دريا نكردد تيره از سيلابها
ولما بين عنايته فى الاولى وهى هدايتهم الى الطاعة ونحوها بين عنايته فى الآخرة فقال تَحِيَّتُهُمْ من اضافة المصدر الى المفعول اى ما يحيون به. والتحية الدعاء بالتعمير بان يقال حياك الله اى جعل لك حياة ثم جعل كل دعاء تحية لكون جميعه غير خارج عن حصول الحياة او سبب حياة اما لدنيا واما لآخرة يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ يوم لقائه تعالى عند الموت او عند البعث من القبور او عند دخول الجنة سَلامٌ تسليم عليهم من الله تعظيما لهم
خوشست از تو سلامى بما در آخر عمر ... چونامه رفت بإتمام والسلام خوشست
او من الملائكة بشارة لهم بالجنة او تكرمة لهم كما فى قوله تعالى (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) او اخبار بالسلامة من كل مكروه وآفة وشدة. وعن انس رضى الله عنه(7/194)
عن النبي عليه السلام (إذا جاء ملك الموت الى ولىّ الله سلم عليه وسلامه عليه ان يقول السلام عليك يا ولى الله قم فاخرج من دارك التي خربتها الى دارك التي عمرتها فاذا لم يكن وليا لله قال له قم فاخرج من دارك التي عمرتها الى دارك التي خربتها) يقول الفقير عمارة الدنيا بزرع الحبوب وتكثير القوت وكرى الأنهار وغرس الأشجار ورفع ابنية الدور وتزيين القصور وعمارة الآخرة بالاذكار والأعمال والأخلاق والأحوال كما قال المولى الجامى
ياد كن آنكه در شب اسرى ... با حبيب خدا خليل خدا
كفت كوى از من اى رسول كرام ... امت خويش را ز بعد سلام
كه بود پاك وخوش زمين بهشت ... ليك آنجا كسى درخت نكشت
خاك او پاك وطيب افتاده ... ليك هست از درختها ساده
غرس أشجار آن بسعى جميل ... بسمله حمد له است پس تهليل
هست تكبير نيز از ان أشجار ... خوش كسى كش جز اين نباشد كار
باغ جنات تحتها الأنهار ... سبز وخرم شود از ان أشجار
وفى الآية اشارة الى ان التحية إذا قرنت بالرؤية واللقاء إذا قرن بالتحية لا يكونان الا بمعنى رؤية البصر والتحية خطاب يفاتح به الملوك فبهذا اخبر عن علو شانهم ورفعة درجتهم وانهم قد سلموا من آفات القطيعة بدوام الوصلة قال ابن عطاء أعظم عطية المؤمنين فى الجنة سلام الله عليهم من غير واسطة
سلامت من دلخسته در سلام تو باشد ... زهى سعادت اگر دولت سلام تو يابم
وَأَعَدَّ لَهُمْ [وآماده كرد خداى تعالى براى مؤمنان با وجود تحيت بر ايشان] أَجْراً كَرِيماً ثوابا حسنا دائما وهو نعيم الجنة وهو بيان لآثار رحمته الفائضة عليهم بعدد خول الجنة عقيب بيان آثار رحمته الواصلة إليهم قبل ذلك وإيثار الجملة الفعلية دون وأجرهم اجر كريم ونحوه لمراعاة الفواصل وفيه اشارة الى سبق العناية الازلية فى حقهم لان فى الاعداد تعريفا بالإحسان السابق والاجر الكريم ما يكون سابقا على العمل بل يكون العمل من نتائج الكرم
قرب تو بأسباب وعلل نتوان يافت ... بى سابقه فضل ازل نتوان يافت
بر هر چهـ توان كرفتن او را بدلى ... تو بي بدلى ترا بدل نتوان يافت
ثم هذه الآية من اكبر نعم الله على هذه الامة ومن ادل دليل على أفضليتها على سائر الأمم ومن جملة ما اوحى اليه عليه السلام ليلة المعراج (ان الجنة حرام على الأنبياء حتى تدخلها يا محمد وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك) فاذا كانوا اقدم فى الدخول للتعظيم كانوا أفضل واكثر فى الاجر الكريم ثم ان فقراء هذه الامة اكبر شأنا من أغنيائهم. وعن انس بن مالك رضى الله عنه قال بعث الفقراء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا فقال يا رسول الله انى رسول الفقراء إليك فقال (مرحبا بك وبمن جئت من عندهم جئت من عند قوم أحبهم) فقال يا رسول الله ان الفقراء يقولون لك ان الأغنياء ذهبوا بالخير كله هم يحجون ولا نقدر عليه(7/195)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)
ويتصدقون ولا نقدر عليه ويعتقون ولا نقدر عليه وإذا مرضوا بعثوا بفضل أموالهم ذخرا لهم فقال عليه السلام (بلغ الفقراء عنى ان لمن صبر واحتسب منهم ثلاث خصال ليس للاغنياء منها شىء اما الخصلة الاولى فان فى الجنة غرفا من ياقوت احمر ينظر إليها اهل الجنة كما ينظر اهل الدنيا الى النجوم لا يدخلها الا نبى فقير او شهيد فقير او مؤمن فقير والخصلة الثانية يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وهو خمسمائة عام والخصلة الثالثة إذا قال الفقير سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر مخلصا وقال الغنى مثل ذلك لم يلحق الغنى بالفقير فى فضله وتضاعف الثواب وان أنفق الغنى معها عشرة آلاف درهم وكذلك اعمال البر كلها) فرجع الرسول إليهم وأخبرهم بذلك فقالوا رضينا يا رب رضينا ذكره اليافعي فى روض الرياحين
صائب فريب نعمت ألوان نمى خوريم ... روزىء خود ز خوان كرم مى خوريم ما
وقال
افتد هماى دولت اگر در كمند ما ... از همت بلند رها مى كنيم ما
وقال الحافظ
از كران تا بكران لشكر ظلمست ولى ... از ازل تا بابد فرصت درويشانست
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ نداء كرامة وتعظيم لان الشريف ينادى باللقب الشريف لا نداء علامة مثل يا آدم ونحوه إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً الشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصر او بصيرة وهو حال مقدرة من كاف أرسلناك فانه عليه السلام انما يكون شاهدا وقت الأداء وذلك متأخر عن زمان الإرسال نحو مررت برجل معه صقر صائدا به غدا اى مقدرا به الصيد غدا. والمعنى انا أرسلناك بعظمتنا مقدر شهادتك على أمتك بتصديقهم وتكذيبهم تؤديها يوم القيامة أداء مقبولا قبول قول الشاهد العدل فى الحكم وَمُبَشِّراً لاهل الايمان والطاعة بالجنة ولاهل المحبة بالرؤية وَنَذِيراً ومنذرا لاهل الكفر والعصيان بالنار ولاهل الغفلة بالحجاب وَداعِياً إِلَى اللَّهِ اى الى الإقرار به وبوحدانيته وبسائر ما يجب الايمان به من صفاته وأفعاله وفيه اشارة الى ان نبينا عليه السلام اختص برتبة دعوة الخلق الى الله من بين سائر الأنبياء والمرسلين فانهم كانوا مأمورين بدعوة الخلق الى الجنة وايضا دعا الى الله لا الى نفسه فانه افتخر بالعبودية ولم يفتخر بالربوبية ليصح له بذلك الدعاء الى سيده فمن أجاب دعوته صارت الدعوة له سراجا منيرا يدله على سبيل الرشد ويبصره عيوب النفس وغيها بِإِذْنِهِ اى بتيسيره وتسهيله فاطلق الاذن وأريد به التيسير مجازا بعلاقة السببية فان التصرف فى ملك الغير متعسر فاذا اذن تسهل وتيسر وانما لم يحمل على حقيقته وهو الاعلام بإجازة الشيء والرخصة فيه لانفهامه من قوله أرسلناك وداعيا الى الله وقيد به الدعوة إيذانا بانها امر صعب لا يتأتى الا بمعونة وامداد من جانب قدسه كيف لا وهى صرف الوجوه عن سمت الخلق الى الخلاق وإدخال قلادة غير معهودة فى الأعناق قال بعض الكبار باذنه اى بامره لا بطبعك ورأيك وذلك فان حكم(7/196)
الطبع مرفوع عن الكمل فلا يدعون قولا ولا عملا الا بالفناء فى ذات الله عز وجل وَسِراجاً مُنِيراً السراج الزاهر بفتيلة: يعنى [آتش پاره كه در فتيله شمعست] والسراج المنير بالفارسية [چراغ روشن ودرخشان] اعلم ان الله تعالى شبه نبينا عليه السلام بالسراج لوجوه الاول انه يستضاء به فى ظلمات الجهل والغواية ويهتدى بانواره الى مناهج الرشد والهداية كما يهتدى بالسراج المنير فى الظلام الى سمت المرام كما قال بعضهم [حق تعالى پيغمبر ما را چراغ خواند زيرا كه ضوء چراغ ظلمت را محو كند ووجود آن حضرت نيز ظلمت كفر را از عرصه جهان نابود ساخت]
چراغ روشن از نور خدايى ... جهانرا داده از ظلمت رهايى
والثاني [هر چهـ در خانه كم شود بنور چراغ باز توان يافت حقايقى كه از مردم پوشيده بود بنور اين چراغ بر مقتبسان أنوار معرفت روشن كشت]
ازو جانرا بدانش آشناييست ... وزو چشم جهانرا روشناييست
در كنج معانى بر كشاده ... وزان صاحب دلانرا مايه داده
والثالث [چراغ اهل خانه سبب أمن وراحتست ودزد را واسطه خجلت وعقوبت آن حضرت دوستانرا وسيله سلامتست ومنكرانرا حسرت وندامت] والرابع ان السراج الواحد يوقد منه الف سراج ولا ينقص من نوره شىء وقد اتفق اهل الظاهر والشهود على ان الله تعالى خلق جميع الأشياء من نور محمد ولم ينقص من نوره شىء وهذا كما روى ان موسى عليه السلام قال يا رب أريد ان اعرف خزائنك فقال له اجعل على باب خيمتك نارا يأخذ كل انسان سراجا من نارك ففعل فقال هل نقص من نارك قال لا يا رب قال فكذلك خزائنى. وايضا علوم الشريعة وفوائد الطريقة وأنوار المعرفة واسرار الحقيقة قد ظهرت فى علماء أمته وهى بحالها فى نفسه عليه السلام ألا ترى ان نور القمر مستفاد من الشمس ونور الشمس بحاله وفى القصيدة البردية
فانه شمس فضل هم كواكبها ... يظهرن أنوارها للناس فى الظلم
تو مهر منيرى همه اخترند ... تو سلطان ملكى همه لشكرند
اى ان سيدنا محمدا عليه السلام شمس من فضل الله طلعت على العالمين والأنبياء اقمارها يظهرن الأنوار المستفادة منها وهى العلوم والحكم فى عالم الشهادة عند غيبتها ويختفين عند ظهور سلطان الشمس فينسخ دينه سائر الأديان. وفيه اشارة الى ان المقتبس من نور القمر كالمقتبس من نور الشمس: وفى المثنوى
كفت طوبى من رآنى مصطفى ... والذي يبصر لمن وجهى رأى
چون چراغ نور شمعى را كشيد ... هر كه ديد آنرا يقين آن شمع ديد «1»
همچنين تا صد چراغ ار نقل شد ... ديدن آخر لقاى اصل شد
خواه از نور پسين بستان تو آن ... هيچ فرقى نيست خواه از شمعدان
والخامس انه عليه السلام يضيىء من جميع الجهات الكونية الى جميع العوالم كما ان السراج
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير من كان لله كان الله له وبيان آن(7/197)
يضيىء من كل جانب وايضا يضيىء لامته كلهم كالسراج لجميع الجهات الا من عمى مثل ابى جهل ومن تبعه على صفته فانه لا يستضيىء بنوره ولا يراه حقيقة كما قال تعالى (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) - حكى- ان السلطان محمود الغزنوي دخل على الشيخ ابى الحسن الخرقاني قدس سره وجلس ساعة ثم قال يا شيخ ما تقول فى حق ابى يزيد البسطامي فقال الشيخ هو رجل من رآه اهتدى فقال السلطان وكيف ذلك وان أبا جهل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخلص من الضلالة قال الشيخ فى جوابه انه ما رأى رسول الله وانما رأى محمد بن عبد الله يتيم ابى طالب حتى لو كان رأى رسول الله لدخل فى السعادة اى لو رآه عليه السلام من حيث انه رسول معلم هاد لا من حيث انه بشر يتيم. والسادس انه عليه السلام عرج به من العالم السفلى الى العالم العلوي ومن الملك الى الملكوت ومن الملكوت الى الجبروت والعظموت بجذبة (ادن منى) الى مقام (قابَ قَوْسَيْنِ) وقرب (أَوْ أَدْنى) الى ان نوّر سراج قلبه بنور الله بلا واسطة ملك او نبى ومن هنا قال (لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل) لانه كان فى مقام الوحدة فلا يصل اليه أحد الا على قدمى الفناء عن نفسه والبقاء بربه فناء بالكلية وبقاء بالكلية بحيث لا تبقى نار نور الالهية من حطب وجوده قدر ما يصعد منه دخان نفسى نفسى وما بلغ كمال هذه الرتبة الا نبينا عليه السلام فانه من بين سائر الأنبياء يقول أمتي أمتي وحسبك فى هذا حديث المعراج حيث انه عليه السلام وجد فى كل سماء نفرا من الأنبياء الى ان بلغ السماء السابعة ووجد هناك ابراهيم عليه السلام مستندا الى سدرة المنتهى فعبر عنه مع جبرائيل الى أقصى السدرة وبقي جبرائيل فى السدرة فادلى اليه الرفرف فركب عليه فاداه الى قاب قوسين او ادنى فهو الذي جعل الله له نورا فارسله الى الخلق وقال (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ) فاذن له ان يدعو الخلق الى الله بطريق متابعته فانه من يطع الرسول حق اطاعته فقد أطاع الله والذين يبايعونه انما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فان يده فانية فى يد الله باقية بها وكذلك جميع صفاته تفهم ان شاء الله وتنتفع بها ووصفه تعالى بالانارة حيث قال (مُنِيراً) لزيادة نوره وكماله فيه فان بعض السراج له فتور لا ينير قال الكاشفى (مُنِيراً) [تأكيد است يعنى تو چراغى نه چون چراغهاى ديكر كه آن چراغها كاهى مرده باشد وكاهى افروخته واز تو از أول تا آخر وروشنىء چراغها ببادى مقهور شود وهيچ كس نور ترا مغلوب نتواند ساخت] كما قال تعالى (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) : وفى المثنوى
هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوزد پوز او
كى شود دريا ز پوز سك نجس ... كى شود خورشيد از پف منطمس
[ديكر چراغها بشب نور دهند نه بروز وتو شب ظلمت دنيا را بنور دعوت روشن ساخته وروز قيامت را نيز به پرتو شفاعت روشن خواهى ساخت]
شد بدنيا رخش چراغ افروز ... شب ما كشت ز التفاتش روز «1»
باز فردا چراغ افروزد ... كه از ان جرم عاصيان سوزد
__________
(1) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن از طعا؟ هـ را إلخ(7/198)
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (48) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (50) تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)
[در كشف الاسرار فرموده كه حق سبحانه آفتاب را چراغ خواند كه (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) . و پيغمبر ما را نيز چراغ كفت. آن چراغ آسمانست. واين چراغ زمين. آن چراغ دنياست. واين چراغ دين. آن چراغ منازل فلكست. واين چراغ محافل ملك. آن چراغ آب وكلست. واين چراغ جان ودل بطلوع. آن چراغ از خواب بيدار شوند. وبظهور اين چراغ از خواب عدم برخاسته بعرصه گاه وجود آمده اند]
از ظلمات عدم راه كه بر وى برد ... كر نشدى نور تو شمع روان همه
[واشارت بهمين معنى فرموده از إقليم عدم مى آمدى و پيش رو آدم چراغى بود بر دستش همه از نور نخستينست] وقال بعضهم المراد بالسراج الشمس وبالمنير القمر جمع له الوصف بين الشمس والقمر دل على ذلك قوله تعالى (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً) وانما حمل على ذلك لان نور الشمس والقمر أتم من نور السراج ويقال سماه سراجا ولم يسمه شمسا ولا قمرا ولا كوكبا لانه لا يوجد يوم القيامة شمس ولا قمر ولا كوكب ولان الشمس والقمر لا ينقلان من موضع الى موضع بخلاف السراج ألا ترى ان الله تعالى نقله عليه السلام من مكة الى المدينة وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ عطف على المقدر اى فراقب احوال أمتك وبشر المؤمنين بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً اى على مؤمنى سائر الأمم فى الرتبة والشرف او زيادة على أجور أعمالهم بطريق التفضل والإحسان- وروى- ان الحسنة الواحدة فى الأمم السالفة كانت بواحدة وفى هذه الامة بعشر أمثالها الى ما لا نهاية له وقال بعضهم (فَضْلًا كَبِيراً) يعنى [بخششى بزرك زياده از مرد كار ايشان يعنى دولت لقا كه بزركتر عطايى وشريفتر جزاييست] وفى كشف الاسرار [داعى را اجابت وسائر را عطيت ومجتهد را معونت وشاكر را زيادت ومطيع را مثوبت وعاصى را إقالت ونادم را رحمت ومحب را كرامت ومشتاق را لقاء ورؤيت] قال ابن عباس رضى الله عنهما لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله عليه السلام عليا ومعاذا فبعثهما الى اليمن وقال (اذهبا فبشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا فانه قد نزل علىّ) وقرأ الآية كما فى فتح الرحمن ودل الآية والحديث وكذا قوله تعالى (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) على انه لا بأس بالجلوس للوعظ إذا أراد به وجه الله تعالى وكان ابن مسعود رضى الله عنه يذكر عشية كل خميس وكان يدعو بدعوات ويتكلم بالخوف والرجاء وكان لا يجعل كله خوفا ولا كله رجاء ومن لم يذكر لعذر وقدر على الاستخلاف فله ذلك ومنه إرسال الخلفاء الى أطراف البلاد فان فيه نفع العباد كما لا يخفى على ذوى الرشاد وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ من اهل مكة وَالْمُنافِقِينَ من اهل المدينة ومعناه الدوام اى دم واثبت على ما أنت عليه من مخالفتهم وترك اطاعتهم واتباعهم وفى الإرشاد نهى عن مداراتهم فى امر الدعوة واستعمال لين الجانب فى التبليغ والمسامحة فى الانذار كنى عن ذلك بالنهى عن طاعتهم مبالغة فى الزجر والتنفير عن النهى عنه بنظمه فى سلكها وتصويره بصورتها وَدَعْ أَذاهُمْ اى لا تبال بايذائهم لك بسبب تصلبك فى الدعوة والانذار وعن ابن مسعود رضى الله عنه قسم رسول الله قسمة فقال رجل من الأنصار ان هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله فاخبر(7/199)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)
بذلك فاحمر وجهه فقال (رحمه الله أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر)
صد هزاران كيميا حق آفريد ... كيميايى همچوصبر آدم نديد
وفى التأويلات النجمية (وَلا تُطِعِ) إلخ اى لا تتخلق بخلق من اخلاقهم ولا توافق من أعرضنا عنه وأغفلنا قلبه عن ذكرنا واضللناه من اهل الكفر والنفاق واهل البدع والشقاق وفيه اشارة الى ارباب الطلب بالصدق ان لا يطيعوا المنكرين الغافلين عن هذا الحديث فيما يدعونهم الى ما يلائم هوى نفوسهم ويقطعون به الطريق عليهم ويزعمون انهم ناصحوهم ومشفقون عليهم وهم يحسنون صنعا (وَدَعْ أَذاهُمْ) بالبحث والمناظرة على ابطالهم فانهم عن سمع كلمات الحق لمعزولون فتضيع أوقاتك ويزيد انكارهم وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فى كل الأمور خصوصا فى هذا الشان فانه تعالى يكفيكهم والعاقبة لك وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا موكولا اليه الأمور فى كل الأحوال فهو فعيل بمعنى المفعول تمييز من فاعل كفى وهو الله إذ الباء صلة والتقدير وكفى الله من جهة الوكالة فان اهل الدارين لا يكفى كفاية الله فيما يحتاج اليه فمن عرف انه تعالى هو المتكفل بمصالح عباده والكافي لهم فى كل امر اكتفى به فى كل امره فلم يدبر معه ولم يعتمد الا عليه- روى- ان الحجاج بن يوسف سمع ملبيا يلبى حول البيت رافعا صوته بالتلبية وكان إذ ذاك بمكة فقال علىّ بالرجال فاتى به اليه فقال ممن الرجل قال من المسلمين فقال ليس عن الإسلام سألتك قال فعمّ سألت قال سألتك عن البلد قال من اهل اليمن قال كيف تركت محمد بن يوسف يعنى أخاه قال تركته عظيما جسيما لباسا ركابا خراجا ولاجا قال ليس عن هذا سألتك قال فعمّ سألت قال سألتك عن سيرته قال تركته ظلوما غشوما مطيعا للمخلوق عاصيا للخالق فقال له الحجاج ما حملك على هذا الكلام وأنت تعلم مكانه منى قال أترى مكانه منك أعز مني بمكاني من الله وانا وافد بيته مصدق نبيه فسكت الحجاج ولم يحسن جوابا وانصرف الرجل من غير اذن فتعلق بأستار الكعبة وقال اللهم بك أعوذ وبك الوذ اللهم فرجك القريب ومعروفك القديم وعادتك الحسنة فخلص من يد الحجاج بسبب توكله على الله فى قوله الخشن وبعدم اطاعته وانقياده للمخلوق يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ قال فى بحر العلوم اصل النكاح الوطئ ثم قيل للعقد نكاح مجازا تسمية للسبب باسم المسبب فان العقد سبب الوطئ المباح وعليه قوله تعالى (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً) اى لا يتزوج ونظيره تسمية النبات غيثا فى قوله رعينا الغيث لانه سبب للنبات والخمر اثما لانها سبب لاكتساب الإثم وقال الامام الراغب فى المفردات اصل النكاح للعقد ثم استعير للجماع ومحال ان يكون فى الأصل للجماع ثم استعير للعقد لان اسماء الجماع كلها كنايات لاستقباحهم ذكره كاستقباح تعاطيه ومحال ان يستعير من لا يقصد فحشا اسم ما يستفظعونه لما يستحسنونه انتهى وفى القاموس النكاح الوطئ والعقد والمعنى إذا تزوجتم الْمُؤْمِناتِ وعقدتم عليهن وخص المؤمنات مع ان هذا الحكم الذي فى الآية يستوى فيه المؤمنات والكتابيات تنبيها على ان من شأن المؤمن ان لا ينكح الا مؤمنة تخيرا لنطفته ويجتنب عن مجانبة الفواسق فما بال الكوافر فالتى فى سورة المائدة تعليم ما هو جائز غير محرم من نكاح المحصنات من الذين أوتوا الكتاب وهذه فيها تعليم ما هو اولى بالمؤمنين(7/200)
من نكاح المؤمنات وقد قيل الجنس يميل الى الجنس: وفى المثنوى
جنس سوى جنس صد پره برد ... بر خيالش بندها را بر درد «1»
آن يكى را صحبت أخيار خار ... لا جرم شد پهلوى فجار جار «2»
ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ اصل الطلاق التخلية من وتاق يقال أطلقت الناقة من عقالها وطلقها وهى طالق وطلق بلا قيد ومنه استعير طلقت المرأة نحو خليتها فهى طالق اى مخلاة عن حبالة النكاح مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ اى تجامعوهن فان لمس اى اللمس كناية عن الوطئ وفائدة ثم ازاحة ما عسى يتوهم ان تراخى الطلاق ريثما تمكن الاصابة يؤثر فى العدة كما يؤثر فى النسب فلا تفاوت فى الحكم بين ان يطلقها وهى قريبة العهد من النكاح وبين ان يطلقها وهى بعيدة منه. قالوا فيه دليل على ان الطلاق قبل النكاح غير واقع لان الله تعالى رتب الطلاق على النكاح كما قال بعضهم انما النكاح عقدة والطلاق يحلها فكيف تحل عقدة لم تعقد فلو قال متى تزوجت فلانة او كل امرأة أتزوجها فهى طالق لم يقع عليه طلاق إذا تزوج عند الشافعي واحمد وقال ابو حنيفة يقع مطلقا لانه تطليق عند وجود الشرط الا إذا زوجها فضولى فانها لم تطلق كما فى المحيط وقال مالك ان عين امرأة بعينها او من قبيلة او من بلد فتزوجها وقع الطلاق وان عمم فقال كل امرأة أتزوجها من الناس كلهم لم يلزمه شىء ثم ان حكم الخلوة التي يمكن معها المساس فى حكم المساس عند ابى حنيفة وأصحابه والخلوة الصحيحة غلق الرجل الباب على منكوحته بلا مانع وطئ من الطرفين وهو ثلاثة حسىّ كمرض يمنع الوطأ ورتق وهو انسداد موضع الجماع بحيث لا يستطاع وشرعى كصوم رمضان دون صوم التطوع والقضاء والنذر والكفارة فى الصحيح لعدم وجوب الكفارة بالإفساد وكاحرام فرض او نفل فان الجماع مع الإحرام يفسد النسك ويوجب دما مع القضاء وطبعى كالحيض والنفاس إذ الطباع السليمة تنفر منها فاذا خلابها فى محل خال عن غيرهما حتى عن الأعمى والنائم بحيث أمنا من اطلاع غيرهما عليهما بلا اذنهما لزمه تمام المهر لانه فى حكم الوطئ ولو كان خصيا وهو مقطوع الأنثيين او عنينا وهو الذي لا يقدر على الجماع وكذا لو كان مجبوبا وهو مقطوع الذكر خلافا لهما وفرض الصلاة مانع كفرض الصوم للوعيد على تركها والعدة تجب بالخلوة ولو مع المانع احتياطا لتوهم شغل الماء ولانها حق الشرع والولد واعلم ان الحيض والنفاس والرتق من الاعذار المخصوصة بالمرأة واما المرض والإحرام والصوم فتعتبر فى كل من الرجل والمرأة وتعد مانعا بالنسبة الى كليهما كما فى تفسير ابى الليث. ومعنى الآية بالفارسية [پس چون طلاق دهيد زنانرا قبل از دخول يا پيش از خلوت صحيحه] فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ [پس نيست شما را برين مطلقات] مِنْ عِدَّةٍ ايام ينتظرن فيها وعدة المرأة هى الأيام التي بانقضائها تحل للزوج تَعْتَدُّونَها محله الجر على انه صفة عدة اى تستوفون عددها او تعدونها وتحصونها بالأقراء ان كانت من ذوات الحيض او بالأشهر ان كانت آيسة. وفى الاسناد الى الرجال دلالة على ان العدة حقهم كما أشعر به فما لكم. فدلت الآية على انه لا عدة على غير المدخول بها لبراءة رحمها من نطفة الغير فان شاءت تزوجت من يومها وكذا إذا تيقن بفراغ رحم الامة من ماء البائع لم يستبرئ عند
__________
(1) در اواخر دفتر چهارم در بيان مثل بازپادشاه وكمپيرزن كه بخانه او بود
(2) لم أجد(7/201)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (50)
ابى يوسف وقالا إذا ملك جارية ولو كانت بكرا او مشرية ممن لا يطأ أصلا مثل المرأة والصبى والعنين والمجبوب او شرعا كالمحرم رضاعا او مصاهرة او نحو ذلك حرم عليه وطؤها ودواعيه كالقبلة والمعانقة والنظر الى فرجها بشهوة او غيرها حتى يستبرئ بحيضة او يطلب براءة رحمها من الحمل كذا فى شرح القهستاني فَمَتِّعُوهُنَّ اى فاعطوهن المتعة وهى درع وخمار وملحفة كما سبقت فى هذه السورة وهو محمول على إيجاب المتعة ان لم يسم لها مهر عند العقد وعلى استحبابها ان سمى ذلك فانه ان سمى المهر عنده وطلق قبل الدخول فالواجب نصفه دون المتعة كما قال تعالى (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) اى فالواجب عليكم نصف ما سميتم لهن من المهر وَسَرِّحُوهُنَّ قد سبق معنى التسريح فى هذه السورة والمراد هنا اخرجوهن من منازلكم إذ ليس لكم عليهن من عدة سَراحاً جَمِيلًا اى من غير ضرار ولا منع حق وفى كشف الاسرار معنى الجميل ان لا يكون الطلاق جور الغضب او طاعة لغيره وان لا يكون ثلاثا بتا او لمنع صداق انتهى. ولا يجوز تفسير التسريح بالطلاق السنى لانه انما يتسنى فى المدخول بها والضمير لغير المدخول بها وفى التأويلات النجمية وفى الآية اشارة الى كرم الأخلاق يعنى إذا نكحتم المؤمنات ومالت قلوبهن إليكم ثم آثرتم الفراق قبل الوصال فكسرتم قلوبهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن ليكون لهن عليكم تذكرة فى ايام الفرقة واوائلها الى ان تتوطن نفوسهن على الفرقة وسرحوهن سراحا جميلا بان لا تذكروهن بعد الفراق الا بخير ولا تستردوا منهن شيأ تفضلتم به معهن فلا تجمعوا عليها الفراق بالحال والإضرار من جهة المال انتهى. وينبغى للمؤمن ان لا يؤذى أحدا بغير حق ولو كلبا او خنزيرا ولا يظلم ولو بشق تمرة ولو وقع شىء من الأذى والجور يجب الاستحلال والإرضاء ورأينا كثيرا من الناس فى هذا الزمان يطلقون ضرارا ويقعون فى الإثم مرارا يخالعون على المال بعد الخصومات كأنهم غافلون عما بعد الممات: قال المولى الجامى
هزار كونه خصومت كنى بخلق جهان ... ز بسكه در هوس سيم وآرزوى زرى
تراست دوست زر وسيم وخصم صاحب اوست ... كه كيرى از كفش آنرا بظلم وحيله كرى
نه مقتضاى خرد باشد ونتيجه عقل ... كه دوست را بگذارى وخصم را ببرى
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ [الاحلال: حلال كردن] واصل الحل حل العقدة ومنه استعير قولهم حل الشيء حلالا كما فى المفردات: والمعنى بالفارسية بدرستى كه ما حلال كرده ايم براى تو] أَزْواجَكَ نساءك اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ الاجر يقال فيما كان عن عقد وما يجرى مجرى العقد وهو ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان اواخر ويا وهو هاهنا كناية عن المهر اى مهورهن لان المهر اجر على البضع اى المباشرة وايتاؤها اما إعطاؤها معجلة او تسميتها فى العقد وأياما كان فتقييد الاحلال له عليه السلام بالايتاء ليس لتوقف الحل عليه ضرورة انه يصح العقد بلا تسمية ويجب مهر المثل او المتعة على تقديرى الدخول وعدمه بل لايتاء الأفضل له وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ [وحلال ساخته ايم بر تو آنچهـ مالك شده است دست راست تو يعنى مملوكات ترا] مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ [الافاءة: مال كسى(7/202)
غنيمت دادن] وقيل للغنيمة التي لا يلحق فيها مشقة فىء تشبيها بالفيء الذي هو الظل تنبيها على ان اشرف اعراض الدنيا يجرى مجرى ظل زائل قال الفقهاء كل ما يحل اخذه من اموال الكفار فهو فىء فالفيىء اسم لكل فائدة تفىء الى الأمير اى تعود وترجع من اهل الحرب والشرك فالغنيمة هى ما نيل من اهل الشرك عنوة والحرب قائمة فىء والجزية فىء ومال اهل الصلح فىء والخراج فىء لان ذلك كله مما أفاء الله على المسلمين من المشركين وحقيقة أفاء الله عليك فيئا لك اى غنيمة وتقييد حلال المملوكة بكونها مسبية لاختيار الاولى له عليه السلام فان المشتراة لا يتحقق بدء أمرها وما جرى عليها هكذا قالوا وهو لا يتناول مثل مارية القبطية ونحوها فان مارية ليست سبية بل أهداها له عليه السلام سلطان مصر الملقب بالمقوقس وقد قال فى انسان العيون ان سراريه عليه السلام اربع مارية القبطية أم سيدنا ابراهيم رضى الله عنه وريحانة وجارية وهبتها له عليه السلام زينب بنت جحش واخرى واسمها زليخا القرظية انتهى وكون ريحانة بنت يزيد من بنى النضير سرية اضبط على ما قاله العراقي وزوجة اثبت عند اهل العلم على ما قاله الحافظ الدمياطي. واما صفية بنت حيى الهارونية من غنائم خيبر. وجويرية بنت الحارث بن ابى صوار الخزاعية المصطلقية وان كانتا من المسبيات لكنه عليه السلام أعتقهما فتزوجهما فهما من الأزواج لا من السرايا على ما بين فى كتب السير فالوجه ان المعنى مما أفاء الله اى إعادة عليك بمعنى صيره لك ورده لك بأى جهة كانت هدية او سبية واستفتى من المولى ابى السعود صاحب التفسير هل فى تصرف الجواري المشتراة من الغزاة بلا نكاح نوع كراهية إذ فى القسمة الشرعية بينهم شبهة فافتى بانه ليس فى هذا الزمان قسمة شرعية وقع التنفيل الكلى فى سنة تسعمائة وثمان وأربعين فاذا اعطى ما يقال له بالفارسية [پنج يك] لا يبقى شبهة والنفل ما ينفله الغازي اى يعطاه زائدا على سهمه وهو ان يقول الامام او الأمير من قتل قتيلا فله سلبه او قال للسرية ما أصبتم فهو لكم او ربعه او خمسه وعلى الامام الوفاء به وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ البنت والابنة مؤنث ابن والعم أخ الأب والعمة أخته. والمعنى وأحللنا لك نساء قريش من أولاد عبد المطلب وأعمامه عليه السلام اثنا عشر وهم الحارث وابو طالب والزبير وعبد الكعبة وحمزة والمقوم بفتح الواو وكسرها مشددة وجحل بتقديم الجيم على الحاء واسمه المغيرة والجحل السقاء الضخم وقيل بتقديم الحاء المفتوحة على الجيم وهو فى الأصل الخلخال والعباس وضرار وأبو لهب وقثم والغيداق واسمه مصعب او نوفل وسمى بالغيداق لكثرة جوده ولم يسلم من أعمامه الذين أدركوا البعثة إلا حمزة والعباس وبنات أعمامه عليه السلام صباغة بنت الزبير بن عبد المطلب وكانت تحت المقداد وأم الحكم بنت الزبير وكانت تحت النضر بن الحارث وأم هانىء بنت ابى طالب واسمها فاختة وجمانة بنت ابى طالب وأم حبيبة وآمنة وصفية بنات العباس بن عبد المطلب واروى بنت الحارث بن عبد المطلب وعماته عليه السلام ست وهن أم حكيم واسمها البيضاء
وعاتكة وبرة واروى واميمة وصفية ولم تسلم من عماته اللاتي أدركن البعثة من غير خلاف الا صفية أم الزبير بن العوام أسلمت وهاجرت(7/203)
وماتت فى خلافة عمر رضى الله عنه. واختلف فى اسلام عاتكه واروى ولم يتزوج رسول الله من بنات أعمامه دينا واما بنات عماته دينا فكانت عنده منهن زينب بنت جحش بن رباب لان أمها اميمة بنت عبد المطلب كما فى التكملة وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ الخال أخ الام والخالة أختها والمراد نساء بنى زهرة يعنى أولاد عبد مناف بن زهرة لا اخوة امه ولا أخواتها لان آمنة بنت وهب أم رسول الله لم يكن لها أخ فاذا لم يكن له عليه السلام خال ولا خالة فالمراد بذلك الخال والخالة عشيرة امه لان بنى زهرة يقولون نحن أخوال النبي عليه السلام لان امه منهم ولهذا قال عليه السلام لسعد بن ابى وقاص رضى الله تعالى عنه (هذا خالى) وانما أفرد العم والخال وجمع العمات والخالات فى الآية وان كان معنى الكل الجمع لان لفظ العم والخال لما كان يعطى المفرد معنى الجنس استغنى فيه عن لفظ الجمع تخفيفا للفظ ولفظ العمة والخالة وان كان يعطى معنى الجنس ففيه الهاء وهى تؤذن بالتحديد والافراد فوجب الجمع لذلك ألا ترى ان المصدر إذا كان بغير هاء لم يجمع وإذا حدد بالهاء جمع هكذا ذكره الشيخ ابو على رضى الله عنه كذا فى التكملة اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ صفة للبنات والمهاجرة فى الأصل مفارقة الغير ومتاركته استعملت فى الخروج من دار الكفر الى دار الايمان والمعنى خرجن معك من مكة الى المدينة وفارقن اوطانهن والمراد بالمعية المتابعة له عليه السلام فى المهاجرة سواء وقعت قبله او بعده او معه وتقييد القرائب بكونها مهاجرات معه للتنبيه على الأليق له عليه السلام فالهجرة وصفهن لا بطريق التعليل كقوله تعالى (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) ويحتمل تقييد الحل بذلك فى حقه عليه السلام خاصة وان من هاجر معه منهن يحل له نكاحها ومن لم تهاجر لم تحل ويعضده قول أم هانىء بنت ابى طالب خطبنى رسول الله فاعتذرت اليه فعذرنى ثم انزل الله هذه الآية فلم أحل له لانى لم أهاجر معه كنت من الطلقاء وهم الذين اسلموا بعد الفتح اطلقهم رسول الله حين أخذهم ولفائدة التقييد بالهجرة أعاد هنا ذكر بنات العم والعمات والخال والخالات وان كن داخلات تحت عموم قوله تعالى عند ذكر المحرمات من النساء (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) وأول بعضهم الهجرة فى هذه الآية على الإسلام اى اسلمن معك فدل ذلك على انه لا يحل له نكاح غير المسلمة وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً بالنصب عطف على مفعول أحللنا إذ ليس معناه إنشاء الاحلال الناجز بل اعلام مطلق الاحلال المنتظم لما سبق ولحق. والمعنى وأحللنا لك ايضا اى أعلمناك حل امرأة مؤمنة أية امرأة كانت من النساء المؤمنات فانه لا تحل له المشركة وان وهبت نفسها قال فى كشف الاسرار اختلفوا فى انه هل كان يحل للنبى عليه السلام نكاح اليهودية والنصرانية بالمهر فذهب جماعة الى انه كان لا يحل له ذلك لقوله (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً) إِنْ وَهَبَتْ تلك المرأة المؤمنة نَفْسَها لِلنَّبِيِّ اى لك والالتفات للايذان بان هذا الحكم مخصوص به لشرف نبوته والهبة ان تجعل ملكك لغيرك بغير عوض والحرة لا تقبل الهبة ولا البيع ولا الشراء إذ ليست بمملوكة فمعناه ان ملكته بعضها بلا مهر بأى عبارة كانت من الهبة والصدقة والتمليك والبيع والشراء والنكاح والتزويج ومعنى الشرط ان اتفق ذلك اى وجد اتفاقا إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها(7/204)
شرط للشرط الاول فى استيجاب الحل فان هبتها نفسها منه لا توجب له حلها الا بإرادته نكاحها فانها جارية مجرى القبول والاستنكاح طلب النكاح والرغبة فيه والمعنى أراد النبي ان يتملك بعضها كذلك اى بلا مهر ابتداء وانتهاء خالِصَةً لَكَ مصدر كالكاذبة اى خلص لك إحلال المرأة المؤمنة خالصة اى خلوصا او حال من ضمير وهبت اى حال كون تلك الواهبة خالصة لك مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ فان الاحلال للمؤمنين انما يتحقق بالمهر او بمهر المثل ان لم يسم عند العقد ولا يتحقق بلا مهر أصلا قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ اى أوجبنا على المؤمنين فِي أَزْواجِهِمْ فى حقهن وَفى
حق ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ من الاحكام لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ متعلق بخالصة ولام كى دخلت على كى للتوكيد اى لئلا يكون عليك ضيق فى امر النكاح فقوله قد علمنا إلخ اعتراض بين قوله لكيلا يكون عليك حرج وبين متعلقه وهو خالصة لك من دون المؤمنين مقرر لما قبله من خلوص الاحلال المذكور لرسول الله وعدم تجاوزه للمؤمنين ببيان انه قد فرض عليهم من شرائط العقد وحقوقه ما لم يفرض عليه صلى الله عليه وسلم تكرمة له وتوسعة عليه اى قد علمنا ما ينبغى ان يفرض عليهم فى حق أزواجهم ومملوكاتهم وعلى أي حد وعلى أي صفة يحق ان يفرض عليهم ففرضنا ما فرضنا على ذلك الوجه وخصصناك ببعض الخصائص كالنكاح بلا مهر وولى وشهود ونحوها وفسروا المفروض فى حق الأزواج بالمهر والولي والشهود والنفقة ووجوب القسم والاقتصار على الحرائر الأربع وفى حق المملوكات بكونهن ملكا طيبا بان تكون من اهل الحرب لا ملكا خبيثا بان تكون من اهل العهد وفى الحديث (الصلاة وما ملكت ايمانكم) اى احفظوا الصلوات الخمس والمماليك بحسن القيام بما يحتاجون اليه من الطعام والكسوة وغيرها وبغير تكليف ما لا يطيقون من العمل وترك التعذيب قرنه عليه السلام بامر الصلاة اشارة الى ان حقوق المماليك واجبة على السادات وجوب الصلوات
جوانمرد وخوشخوى وبخشنده باش ... چوحق بر تو پاشد تو بر خلق پاش
حق بنده هركز فرامش مكن ... بدستت اگر نوشد وكر كهن
چوخشم آيدت بر كناه كسى ... تأمل كنش در عقوبت بسى
كه سهلست لعل بدخشان شكست ... شكسته نشايد دكرباره بست
وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً اى فيما يعسر التحرز عنه رَحِيماً منعما على عباده بالتوسعة فى مظانّ الحرج ونحوه واختلف فى انه هل كان عنده عليه السلام امرأة وهبت نفسها منه اولا فعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ما كانت عنده امرأة الا بعقد نكاح او ملك يمين وقال آخرون بل كان عنده موهوبة نفسها واختلفوا فيها فقال قتادة هى ميمونة بنت الحارث الهلالية خالة عبد الله بن عباس رضى الله عنه حين خطبها النبي عليه السلام فجاءها الخاطب وهى على بعيرها فقالت البعير وما عليه لرسول الله وقال الشعبي هى زينب بنت خزيمة الانصارية يقول الفقير ذهب الأكثر الى تلقيبها بام المساكين والملقبة به ليست زينب هذه فى المشهور وان كانت تدعى به(7/205)
فى الجاهلية بل زينب بنت جحش التي كانت تعمل بيدها وتتصدق على الفقراء والمساكين فسميت به لسخاوتها ويدل عليه قوله عليه السلام خطابا لازواجه (أسرعكن لحاقابى أطولكن يدا) اى أول من يموت منكن بعد موتى من كانت أسخى وهى زينب بنت جحش بالاتفاق ماتت فى خلافة عمر رضى الله تعالى عنه كما سبق. واما زينب بنت خزيمة فانها ماتت فى حياته عليه السلام كما قال الكاشفى [اگر واهبه زينب بوده باشد كه اشهرست وواقع است در رمضان المبارك سال سوم از هجرت وهشت ماه در حرم محترم آن حضرت بود ودر ربيع الآخر در سال چهارم وفات كرد] وقال على بن الحسين والضحاك ومقاتل هى أم شريك كزبير بنت جابر من بنى اسد واسمها غزبة فالاكثرون على انه لم يقبلها وقيل بل قبلها ثم طلقها قبل ان يدخل بها وقال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وقع فى قلب أم شريك الإسلام وهى بمكة فاسلمت ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرا فتدعوهن للاسلام وترغبهن فيه حتى ظهر أمرها لاهل مكة فاخذوها وقالوا لولا قومك لفعلنا بك ما فعلنا ولكنا نسيرك إليهم قالت فحملونى على بعير ليس تحتى شىء ثم تركونى ثلاثا لا يطعموننى ولا يسقوننى وكانوا إذا نزلوا منزلا أوقفوني فى الشمس واستظلوا فبينماهم قد نزلوا منزلا وأوقفوني فى الشمس إذا انا بأبرد شىء على صدرى فتناولته فاذا هو دلو من ماء فشربت منه قليلا ثم نزع منى ورفع ثم عاد فتناولته فشربت منه ثم رفع ثم عاد مرارا ثم رفع مرارا فشربت منه حتى رويت ثم افضت سائره على جسدى وثيابى فلما استيقظوا اذاهم بأثر الماء على ثيابى فقالوا انحللت فاخذت سقاءنا فشربت منه فقلت لا والله ولكنه كان من الأمر كذا وكذا فقالوا ان كنت صادقة لدينك خير من ديننا فلما نظروا الى أسقيتهم وجدوها كما تركوها فاسلموا عند ذلك وأقبلت الى النبي عليه السلام فوهبت نفسها له بغير مهر فقبلها ودخل عليها. وفى ذلك ان من صدق فى حسن الاعتماد على الله وقطع طمعه عما سواه جاءته الفتوحات من الغيب
هر كه باشد اعتمادش بر خدا ... آمد از غيب خدايش صد غذا
وقال عروة بن الزبير هى اى الواهبة نفسها خولة بنت حكيم من بنى سليم وكانت من المهاجرات الاول فارجأها فتزوجها عثمان بن مظعون رضى الله عنه قالت عائشة رضى الله عنها كانت خولة بنت حكيم من اللاتي وهبن انفسهن لرسول الله فدل انهن كن غير واحدة وجملة من خطبه عليه السلام من النساء ثلاثون امرأة منهن من لم يعقد عليه وهذا القسم منه من دخل به ومنه من لم يدخل به ومنهن من عقد عليه وهذا القسم ايضا منه من دخل به ومنه من لم يدخل به وفى لفظ جملة من دخل عليه ثلاث وعشرون امرأة والذي دخل به منهن اثنتا عشرة وقال ابو الليث فى البستان جميع ما تزوج من النساء اربع عشرة نسوة خديجة ثم سودة ثم عائشة ثم حفصة ثم أم سلمة ثم أم حبيبة ثم جويرية ثم صفية ثم زينب ثم ميمونة ثم زينب بنت خزيمة ثم امرأة من بنى هلال وهى التي وهبت نفسها للنبى عليه السلام ثم امرأة من كندة وهى التي استعاذت منه فطلقها ثم امرأة من بنى كليب قال فى انسان العيون لا يخفى ان أزواجه عليه السلام المدخول بهن اثنتا عشرة امرأة خديجة ثم سودة(7/206)
تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)
ثم عائشة ثم حفصة ثم زينب بنت خزيمة ثم أم سلمة ثم زينب بنت جحش ثم جويرية ثم ريحانة ثم أم حبيبة ثم صفية ثم ميمونة على هذا الترتيب فى التزوج. ومن جملة التي لم يدخل بهن عليه السلام التي ماتت من الفرح لما علمت انه عليه السلام تزوج بها غراء اخت دحية الكلبي. ومن جملتهن سودة القريشية التي خطبها عليه السلام فاعتذرت ببنيها وكانوا خمسة او ستة فقال لها خيرا. ومن جملتهن التي تعوذت منه عليه السلام وهى اسماء بنت معاذ الكندية قلن لها ان أردت ان تحظى عنده فتعوذى بالله منه فلما دخل عليها رسول الله قالت أعوذ بالله منك ظنت ان هذا القول كان من الأدب فقال عليه السلام (عذت بمعاذ عظيم الحقي باهلك) ومتعها ثلاثة أثواب. ومن جملتهن التي اختارت الدنيا حين نزلت آية التخيير وهى فاطمة بنت الضحك وكانت تقول انا الشقية اخترت الدنيا. ومن جملتهن قتيلة على صيغة التصغير زوجه إياها أخوها وهى بحضرموت ومات عليه السلام قبل قدومها عليه واوصى بان تخير فان شاءت ضرب عليها الحجاب وكانت من أمهات المؤمنين وان شاءت الفراق فتنكح من شاءت فاختارت الفراق فتزوجها عكرمة بن ابى جهل بحضرموت وفى الحديث (ما تزوجت شيأ من نسائى ولا زوجت شيأ من بناتي الا بوحي جاءنى جبريل عليه السلام من ربى عز وجل تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ قرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص وابو جعفر ترجى بياء ساكنة والباقون ترجىء بهمزة مضمومة. والمعنى واحد إذ الياء بدل من الهمزة وذكر فى القاموس فى الهمزة ارجأ الأمر أخره وترك الهمزة لغة وفى الناقص الارجاء التأخير وهو بالفارسية [واپس افكندن] قال فى كشف الاسرار الارجاء تأخير المرأة من غير طلاق والمعنى تؤخر يا محمد من تشاء من أزواجك وتترك مضاجعتها من غير نظر الى نوبة وقسم وعدل وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ يقال أوى الى كذا اى انضم وآواه غيره إيواء اى وتضمها إليك وتضاجعها من غير التفات الى نوبة وقسمة ايضا فالاختيار بيديك فى الصحبة بمن شئت ولو أياما زائدة على النوبة وكذا فى تركها او تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء او تترك تزوج من شئت من نساء أمتك وتتزوج من شئت كما فى بحر العلوم وَمَنِ ابْتَغَيْتَ اى وتؤوي إليك ايضا من ابتغيتها وطلبتها مِمَّنْ عَزَلْتَ اى طلقتها بالرجعة. والعزل الترك والتبعيد فَلا جُناحَ لا اثم ولا لوم ولا عتاب ولا ضيق عَلَيْكَ فى شىء مما ذكر من الأمور الثلاثة كما فى كشف الاسرار [درين هر سه بر تو تنكى نيست] وقال فى الكواشي من مبتدأ بمعنى الذي او شرط نصب بقوله ابتغيت وخبر المبتدأ وجواب الشرط على التقديرين فلا جناح عليك وهذه قسمة جامعة لما هو الغرض وهو اما ان يطلق واما ان يمسك وإذا امسك ضاجع او ترك وقسم او لم يقسم وإذا طلق فاما ان لا يبتغى المعزولة او يبتغيها والجمهور على ان الآية نزلت فى القسم بينهن فان التسوية فى القسم كانت واجبة عليه فلما نزلت سقط عنه وصار الاختيار اليه فيهن وكان ذلك من خصائصه عليه السلام- ويروى- ان أزواجه عليه السلام لما طلبن زيادة النفقة ولباس الزينة هجرهن شهرا حتى نزلت آية التخيير فاشفقن ان يطلقهن وقلن يا نبى الله افرض لنا من نفسك ومالك ما شئت ودعنا على حالنا فارجأ منهن خمسا أم حبيبة وميمونة وسودة(7/207)
وصفية وجويرية فكان يقسم لهن ما شاء وآوى اليه اربع عائشة وحفصة وزينب وأم سلمة فكان يقسم بينهن سواء. ويروى انه عليه السلام لم يخرج أحدا منهن عن القسم بل كان يسوى بينهن مع ما اطلق له وخير فيه الاسودة فانها رضيت بترك حقها من القسم ووهبت ليلتها لعائشة وقالت لا تطلقنى حتى احشر فى زمرة نسائك ذلِكَ اى ما ذكر من تفويض الأمر الى مشيئتك أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ [نزديكتر است بآنكه روشن شود چشمهاى ايشان] فاصله من القر بالضم وهو البرد وللسرور دمعة قارة اى باردة وللحزن دمعة حارة او من القرار اى تسكن أعينهن ولا تطمح الى ما عاملتهن به قال فى القاموس قرت عينه تقر بالكسر والفتح قرة
وتضم وقرورا بردت وانقطع بكاؤها او رأت ما كانت متشوفة اليه وقر بالمكان يقر بالكسر والفتح قرارا ثبت وسكن كاستقر وَلا يَحْزَنَّ [واندوهناك نشوند] وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ [وخوشنود باشند بآنچهـ دهى ايشانرا يعنى چون همه دانستند كه آنچهـ تو ميكنى از ارجاء وايوا. وتقريب وتبعيد بفرمان خداست ملول نميشوند] قوله كلهن بالرفع تأكيد لفاعل يرضين وهو النون اى اقرب الى قرة عيونهن وقلة حزنهن ورضاهن جميعا لانه حكم كلهن فيه سواء ثم ان سويت بينهن وجدن ذلك تفضلا منك وان رجحت بعضهن علمن انه بحكم الله فتطمئن به نفوسهن ويذهب التنافس والتغاير فرضين بذلك فاخترنه على الشرط ولذا قصره الله عليهن وحرم عليه طلاقهن والتزوج بسواهن وجعلهن أمهات المؤمنين كما فى تفسير الجلالين وَاللَّهُ وحده يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ من الضمائر والخواطر فاجتهدوا فى إحسانها وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً مبالغا فى العلم فيعلم ما تبدونه وما تخفونه حَلِيماً لا يعاجل بالعقوبة فلا تغتروا بتأخيرها فانه امهال لا إهمال
نه كردن كشانرا بگيرد بفور ... نه عذر آورانرا براند بجور
وكر خشم كيرد بكردار زشت ... چوباز آمدى ماجرا در نوشت
مكن يك نفس كار بد اى پسر ... چهـ دانى چهـ آيد بآخر بسر
وفى التأويلات النجمية لما انسلخت نفسه عليه السلام عن صفاتها بالكلية لم يبق له ان يقول يوم القيامة نفسى نفسى ومن هنا قال (اسلم شيطانى على يدى) فلما اتصفت نفسه بصفات القلب وزال عنها الهوى حتى لا ينطق بالهوى اتصفت دنياه بصفات الآخرة فحل له فى الدنيا ما يحل لغيره فى الآخرة لانه نزع من صدره فى الدنيا غل ينزع من صدره غيره فى الآخرة كما قال (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) وقال فى حقه (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) يعنى نزع الغل منه فقال الله تعالى له فى الدنيا (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ) إلخ اى على من تتعلق به إرادتك ويقع عليه اختيارك فلا حرج عليك ولا جناح كما يقول لاهل الجنة (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) (وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً) فى الأزل بتأسيس بنيان وجودك على قاعدة محبوبيتك ومحبيتك (حَلِيماً) فيما صدر منك فيحلم عنك ما لم يحلم عن غيرك انتهى قيل انما لم يقع ظله عليه السلام على الأرض لانه نور محض وليس للنور ظل وفيه اشارة الى انه أفنى الوجود الكونىّ الظلىّ وهو متجسد فى صورة البشر ليس له ظلمة المعصية وهو مغفور عن اصل قال بعض الكبار ليس فى مقدور البشر(7/208)
لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53) إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54) لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55) إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)
مراقبة الله فى السر والعلن مع الأنفاس فان ذلك من خصائص الملأ الأعلى. واما رسول الله عليه السلام فكان له هذه المرتبة فلم يوجد الا فى واجب او مندوب او مباح فهو ذاكر الله على احيانه. وما نقل من سهوه عليه السلام فى بعض الأمور فهو ليس كسهو سائر الخلق الناشئ عن رعونة الطبع وغفلته حاشاه عن ذلك بل سهوه تشريع لامته ليقتدوا به فيه كالسهو فى عدد الركعات حيث انه عليه السلام صلى الظهر ركعتين ثم سلم فقال ابو بكر رضى الله تعالى عنه صليت ركعتين فقام وأضاف إليهما ركعتين وبعض سهوه عليه السلام ناشىء عن الاستغراق والانجذاب ولذلك كان يقول (كلمينى يا حميراء) والحاصل ان حاله عليه السلام ليس كاحوال افراد أمته ولذا عامل الله تعالى به ما لم يعامل بغيره إذ هو يعلم ما فى القلوب والصدور ويحيط باطراف الأمور نسأل منه التوفيق لرضاه والوسيلة لعطاه وهو المفيض على كل نبى وولى والمرشد فى كل امر خفى وجلى لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ بالياء لان تأنيث الجمع غير حقيقى ولوجود الفصل وإذا جاز التذكير بغيره فى قوله وقال نسوة كان معه اجوز. والنساء والنسوان والنسوة بالكسر جموع المرأة من غير لفظها اى لا تحل واحدة من النساء مسلمة او كتابية لما تقرر ان حرف التعريف إذا دخل على الجمع يبطل الجمعية ويراد الجنس وهو كالنكرة يخص فى الإثبات ويعم فى النفي كما إذا حلف لا يتزوج النساء ولا يكلم الناس او لا يشترى العبيد فانه يحنث بالواحد لان اسم الجنس حقيقة فيه مِنْ بَعْدُ اى من بعد هؤلاء التسع اللاتي خيرتهن بين الدنيا والآخرة فاخترنك لانه نصابك من الأزواج كما ان الأربع نصاب أمتك منهن او من بعد اليوم حتى لو ماتت واحدة لم يحل له نكاح اخرى وانما حرّم على أمته الزيادة على الأربع بخلافه فانه عليه السلام فى بذرقة النبوة وعصمة الرسالة قد يقدر على أشياء لا يقدر عليها غيره وقد افترض الله عليه أشياء لم يفترضها على أمته لهذا المعنى وهى قيام الليل وانه إذا عمل نافلة يجب المواظبة عليها وغير ذلك وسرّ الاقتصار على الأربع ان المراتب اربع. مرتبة المعنى. ومرتبة الروح. ومرتبة المثال. ومرتبة الحس ولما كان الوجود الحاصل للانسان انما حصل له بالاجتماع الحاصل من مجموع الأسماء الغيبية والحقائق العلمية والأرواح النورية والصور المثالية والصور العلوية والسفلية والتوليدية شرع له نكاح الأربع وتمامه فى كتب التصوف وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ تبدل بحذف أحد التاءين والأصل تتبدل وبدل الشيء الخلف منه وتبدله به وأبدله منه وبدله اتخذه بدلا كما فى القاموس قال الراغب التبدل والابدال والتبديل والاستبدال جعل الشيء مكان آخر وهو أعم من العوض فان العوض هو ان يصير لك الثاني بإعطاء الاول والتبديل يقال للتغيير وان لم تأت ببدله انتهى. وقوله من ازواج مفعول تبدل ومن مزيدة لتأكيد النفي تفيد استغراق جنس الأزواج بالتحريم. والمعنى ولا يحل لك ان تتبدل بهؤلاء التسع أزواجا اخر بكلهن او بعضهن بان تطلق واحدة وتنكح مكانها اخرى: وبالفارسية [وحلال نيست ترا آنكه بدل كنى بديشان از زنان ديكر يعنى يكى را از ايشان طلاق دهى وبجاى او ديكرى را نكاح كنى] أراد الله لهنّ كرامة وجزاء على ما اخترن رسول الله والدار الآخرة لا الدنيا وزينتها ورضين بمراده فقصر رسوله عليهن ونهاه عن تطليقهن والاستبدال بهن(7/209)
وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ الواو عاطفة لمدخولها على حال محذوفة قبلها ولو فى أمثال هذا الموقع لا يلاحظ لها جواب: والاعجاب [شكفتى نمودن وخوش آمدن] قال الراغب العجب والتعجب حالة تعرض للانسان عند الجهل بسبب الشيء وقد يستعار للروق فيقال أعجبني كذا اى راقنى والحسن كون الشيء ملائما للطبع واكثر ما يقال الحسن بفتحتين فى تعارف العامة فى المستحسن بالبصر. والمعنى ولا يحل لك ان تستبدل بهن حال كونك لو لم يعجبك حسن الأزواج المستبدلة وجمالهن ولو أعجبك حسنهن اى حال عدم إعجاب حسنهن إياك وحال إعجابه اى على كل حال ولو فى هذه الحالة فان المراد استقصاء الأحوال: وبالفارسية [بشكفت آرد ترا خوبى ايشان] قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما
هى اسماء بنت عميش الخثعمية امرأة جعفر بن ابى طالب لما استشهد أراد رسول الله ان يخطبها فنهاه الله عن ذلك فتركها فتزوجها ابو بكر بإذن رسول الله فهى ممن أعجبه حسنهن وفى التكملة قيل يريد حبابة اخت الأشعث بن قيس انتهى وفى الحديث (شارطت ربى ان لا أتزوج الا من تكون معى فى الجنة) فاسماء او حبابة لم تكن أهلا لرسول الله فى الدنيا ولم تستأهل ان تكون معه فى مقامه فى الجنة فلذا صرفها الله عنه فانه تعالى لا ينظر الى الصورة بل الى المعنى
چون ترا دل أسير معنى بود ... عشق معنى ز صورت اولى بود
حسن معنى نمى شود سپرى ... عشق آن باشد از زوال برى
اهل عالم همه درين كارند ... بحجاب صور كرفتارند
وفى الحديث (من نكح امرأة لمالها وجمالها حرم مالها وجمالها ومن نكحها لدينها رزقه الله مالها وجمالها) إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ استثناء من النساء لانه يتناول الأزواج والإماء: يعنى [حلال نيست بر تو زنان پس ازين نه تن كه دارى مكر آنچهـ مالك آن شود دست تو يعنى بتصرف تو درآيد وملك تو كردد] فانه حل له ان يتسرى بهن قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ملك من هؤلاء التسع مارية القبطية أم سيدنا ابراهيم رضى الله تعالى عنه وقال مجاهد معنى الآية لا يحل لك اليهوديات ولا النصرانيات من بعد المسلمات ولا ان تبدل بالمسلمات غيرهن من اليهود والنصارى يقول لا تكون أم المؤمنين يهودية ولا نصرانية الا ما ملكت يمينك أحل الله له ما ملكت يمينه من الكتابيات ان يتسرى بهن وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً يقال رقبته حفظته والرقيب الحافظ وذلك اما لمراعاة رقبة المحفوظ واما لرفعه رقبته. والرقيب هو الذي لا يغفل ولا يذهل ولا يجوز عليه ذلك فلا يحتاج الى مذكر ولا منبه كما فى شرح الأسماء للزورقى اى حافظا مهيمنا فتحفظوا ما أمركم به ولا تتخطوا ما حد لكم وفى الآية الكريمة امور منها ان الجمهور على انها محكمة وان رسول الله عليه السلام مات على التحريم ومنها ان الله لما وسع عليه الأمر فى باب النكاح حظيت نفسه بشرب من مشاربها موجب لانحراف مزاجها كمن أكل طعاما حلوا حارا صفراويا فيحتاج الى غذاء حامض بارد دافع للصفراء حفظا للصحة فالله تعالى من كمال عنايته فى حق حبيبه غذاه بحامض (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) الآية لاعتدال المزاج القلبي والنفسي فهو من باب تربية نفس النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها انه تعالى لما ضيق الأمر(7/210)
على الأزواج المطهرة فى باب الصبر بما أحل للنبى عليه السلام ووسع امر النكاح عليه وخيره فى الارجاء والإيواء اليه كان احمض شىء فى مذاقهن وأبرد شىء لمزاج قلوبهن فغذاهن بحلاوة (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) وسكن بها برودة مزاجهن حفظا لسلامة قلوبهن وجبرا لانكسارها فهو من باب تربية نفوسهن ومنها ان فيها ما يتعلق بمواعظ نفوس رجال الامة ونسائها ليتعظوا بأحوال النبي عليه السلام واحوال نسائه ويعتبروا بها (وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من احوال النبي عليه السلام واحوال أزواجه واحوال أمته (رَقِيباً) يراقب مصالحهم ومنها ان المراد بهؤلاء التسع عائشة وحفصة وأم حبيبة وسودة وأم سلمة وصفية وميمونة وزينب وجويرية اما عائشة رضى الله عنها فهى بنت ابى بكر رضى الله عنه تزوجها عليه السلام بمكة فى شوال وهى بنت سبع وبنى بها فى شوال على رأس ثمانية أشهر من الهجرة وهى بنت تسع وقبض عليه السلام عنها وهى بنت ثمانى عشرة ورأسه فى حجرها ودفن فى بيتها وماتت وقد قارفت سبعا وستين سنة فى شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وصلى عليها ابو هريرة بالبقيع ودفنت به ليلا وذلك فى زمن ولاية مروان بن الحكم على المدينة من خلافة معاوية وكان مروان استخلف على المدينة أبا هريرة رضى الله عنه لما ذهب الى العمرة فى تلك السنة واما حفصة رضى الله عنها فهى بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأمها زينب اخت عثمان بن مظعون اخوه عليه السلام من الرضاعة تزوجها عليه السلام فى شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة قبل أحد بشهرين وكانت ولادتها قبل النبوة بخمس سنين وقريش تبنى البيت وبلغت ثلاثا وستين وماتت بالمدينة فى شعبان سنة خمس وأربعين وصلى عليها مروان بن الحكم وهو امير المدينة يومئذ وحمل سريرها وحمله ايضا ابو هريرة رضى الله عنه واما أم حبيبة رضى الله عنها واسمها رملة فهى بنت ابى سفيان بن حرب رضى الله عنه هاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش الى ارض الحبشة الهجرة الثانية وتنصر عبيد الله هناك وثبتت هى على الإسلام وبعث رسول الله عمرو بن امية الضمري الى النجاشي ملك الحبشة فزوجه عليه السلام إياها وأصدقها النجاشي عن رسول الله اربعمائة دينار وجهزها من عنده وأرسلها فى سنة سبع واما سودة رضى الله عنها
فهى بنت زمعة العامرية وأمها من بنى النجار لانها بنت أخي سلمى بن عبد المطلب واما أم سلمة واسمها هند فهى بنت ابى امية المخزومية تزوجها عليه السلام ومعها اربع بنات ماتت فى ولاية يزيد بن معاوية وكان عمرها أربعا وثمانين سنة ودفنت بالبقيع وصلى عليها ابو هريرة رضى الله عنه واما صفية رضى الله عنها فهى بنت حيى سيد بنى النضير من أولاد هارون عليه السلام قتل حيى مع بنى قريظة واصطفاها عليه السلام لنفسه فاعتقها فتزوجها وجعل عتقها صداقها وكانت رأت فى المنام ان القمر وقع فى حجرها فتزوجها عليه السلام وكان عمرها لم يبلغ سبع عشرة ماتت فى رمضان سنة خمس وخمسين ودفنت بالبقيع واما ميمونة رضى الله عنها فهى بنت الحارث الهلالية تزوجها عليه السلام وهو محرم فى عمرة القضاء سنة سبع وبعد الاحلال بنى بها بسرف ماتت سنة احدى وخمسين وبلغت ثمانين سنة ودفنت بسرف الذي هو محل الدخول بها وهو ككتف موضع قرب التنعيم واما زينب رضى الله عنها فهى بنت جحش بن رباب(7/211)
الاسدية وقد سبقت قصتها فى هذه السورة واما جويرية فهى بنت الحارث الخزاعية سبيت فى غزوة المصطلق وكانت بنت عشرين سنة ووقعت فى سهم ثابت بن قيس فكاتبها على تسع آواق فادى عليه السلام عنها ذلك وتزوجها وقيل انها كانت بملك اليمين فاعتقها عليه السلام وتزوجها توفيت بالمدينة سنة ست وخمسين وقد بلغت سبعين سنة وصلى عليها مروان بن الحكم وهو والى المدينة يومئذ وهؤلاء التسع مات عنهن صلى الله عليه وسلم وقد نظمهن بعضهم فقال
توفى رسول الله عن تسع نسوة ... إليهن تعزى المكرمات وتنسب
فعائشة ميمونة وصفية ... وحفصة تتلوهن هند وزينب
جويرية مع رملة ثم سودة ... ثلاث وست ذكرهن ليعذب
ومنها ان الآية دلت على جواز النظر الى من يريد نكاحها من النساء وعن ابى هريرة ان رجلا أراد ان يتزوج امرأة من الأنصار فقال له النبي عليه السلام (انظر إليها فان فى أعين نساء الأنصار شيأ) قال الحميدي يعنى الصغر وذلك ان النظر الى المخطوبة قبل النكاح داع للالفة والانس وامر النبي عليه السلام أم سلمة خالته من الرضاعة حين خطب امرأة ان تشم هى عوارضها اى أطراف عارضى تلك المرأة لتعرف ان رائحتها طيبة او كريهة وعارضا الإنسان صفحتا خدّيه وبالاعذار يجوز النظر الى جميع الأعضاء حتى العورة الغليظة وهى تسعة الاول تحمل الشهادة كما فى الزنى يعنى ان الرجل إذا زنى بامرأة يجوز النظر الى فرجهما ليشهد بانه رآه كالميل فى المكحلة والثاني أداء الشهادة فان أداء الشهادة بدون رؤية الوجه لا يصح والثالث حكم القاضي والرابع الولادة للقابلة والخامس البكارة فى العنة والرد بالعيب والسادس والسابع الختان والخفض فالختان للولد سنة مؤكدة والخفض للنساء وهو مستحب وذلك ان فوق ثقبة البول شيأ هو موضع ختانها فان هناك جلدة رقيقة قائمة مثل عرف الديك وقطع هذه الجلدة هو ختانها وفى الحديث (الختان سنة للرجال مكرمة للنساء ويزيد لذتها ويجف رطوبتها) والثامن ارادة الشراء والتاسع ارادة النكاح ففى هذه الاعذار يجوز النظر وان كان بالشهوة لكن ينبغى ان لا يقصدها فان خطب الرجل امرأة أبيح له النظر إليها بالاتفاق فعند احمد ينظر الى ما يظهر غالبا كوجه ورقبة ويد وقدم وعند الثلاثة لا ينظر غير الوجه والكفين كما فى فتح الرحمن ومنها ان من علم انه تعالى هو الرقيب على كل شىء راقبه فى كل شىء ولم يلتفت الى غيره قال الكاشفى [وكسى كه از سر رقيبى حق آگاه كردد او را از مراقبه چاره نيست]
چودانستى كه حق دانا وبيناست ... نهان وآشكار خويش كن راست
والتقرب بهذا الاسم تعلقا من جهة مراقبته تعالى والاكتفاء بعلمه بان يعلم ان الله رقيبه وشاهده فى كل حال ويعلم ان نفسه عدو له وان الشيطان عدو له وانهما ينتهزان الفرص حتى يحملانه على الغفلة والمخالفة فيأخذ منها حذره بان يلاحظ مكانها وتلبيسها ومواضع انبعاثها حتى يسد عليها المنافذ والمجاري ومن جهة التخلق ان يكون رقيبا على نفسه كما(7/212)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)
ذكر وعلى من امره الله بمراقبته من اهل وغيره وخاصية هذا الاسم جمع الضوال والحفظ فى الأهل والمال فصاحب الضالة يكثر من قراءته فتنجمع عليه ويقرأه من خاف على الجنين فى بطن امه سبع مرات وكذلك لو أراد سفرا يضع يده على رقبة من يخاف عليه المنكر من اهل وولد يقوله سبعا فانه يأمن عليه ان شاء الله ذكره ابو العباس الفاسى فى شرح الأسماء الحسنى نسأل الله سبحانه وتعالى ان يحفظنا فى الليل والنهار والسر والجهار ويجعلنا من اهل المراقبة الى ان تخلو منا هذه الدار يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [آورده اند كه چون حضرت پيغمبر عليه السلام زينب را رضى الله عنها بحكم ربانى قبول فرموده وليمه ترتيب نمود ومردم را طلبيده دعوتى مستوفى داد و چون طعام خورده شد بسخن مشغول كشتند وزينب در كوشه خانه روى بديوار نشسته بود حضرت عليه السلام ميخواست كه مردمان بروند آخر خود از مجلس برخاست وبرفت صحابه نيز برفتند وسه كس مانده همچنان سخن ميكفتند حضرت بدر خانه آمد وشرم ميداشت كه ايشانرا عذر خواهد وبعد از انتظار بسيار كه خلوت شد آيت حجاب نازل شد]- وروى- ان ناسا من المؤمنين كانوا ينتظرون وقت طعام رسول الله فيدخلون ويقعدون الى حين إدراكه ثم يأكلون ولا يخرجون وكان رسول الله يتأذى من ذلك فقال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ حجراته فى حال من الأحوال إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ الا حال كونكم مأذونا لكم ومدعوا إِلى طَعامٍ [پس آن هنكام درآييد] وهو متعلق بيؤذن لانه متضمن معنى يدعى للاشعار بانه لا يحسن الدخول على الطعام من غير دعوة وان اذن به كما أشعر به قوله غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ حال من فاعل لا تدخلوا على ان الاستثناء وقع على الظرف والحال كأنه قيل لا تدخلوا بيوت النبي الا حال الاذن ولا تدخلوها الا غير ناظرين اناه اى غير منتظرين وقت الطعام او إدراكه وهو بالقصر والكسر مصدر انى الطعام إذا أدرك قال فى المفردات الانا إذا كسر اوله قصر وإذا فتح مد وانى الشيء يأنى قرب اناه ومثله آن يئين اى حان يحين. وفيه اشارة الى حفظ الأدب فى الاستئذان ومراعاة الوقت وإيجاب الاحترام وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا استدراك من النهى عن الدخول بغير اذن وفيه دلالة بينة على ان المراد بالاذن الى الطعام هو الدعوة اليه اى إذا اذن لكم فى الدخول ودعيتم الى الطعام فادخلوا بيوته على وجوب الأدب وحفظ احكام تلك الحضرة فَإِذا طَعِمْتُمْ الطعام وتناولتم فان الطعم تناول الغذاء: وبالفارسية [پس چون طعام خورديد] فَانْتَشِرُوا فتفرقوا ولا تمكثوا: وبالفارسية [پس پراكنده شويد از خانهاى او] هذه الآية مخصوصة بالداخلين لاجل الطعام بلا اذن وأمثالهم والا لما جاز لاحد ان يدخل بيوته بالاذن لغير الطعام ولا اللبث بعد الطعام لامر مهم وَلا مُسْتَأْنِسِينَ [الاستئناس: انس كرفتن] وهو ضد الوحشة والنفور لِحَدِيثٍ الحديث يستعمل فى قليل الكلام وكثيره لانه يحدث شيأ فشيأ وهو عطف على ناظرين او مقدر بفعل اى ولا تدخلوا طالبين الانس لحديث بعضكم او لحديث اهل البيت بالتسمع له: وبالفارسية [ومنشينيد آرام كرفتكان براى سخن بيكديكر](7/213)
وفى التأويلات النجمية إذا انتهت حوائجكم فاخرجوا ولا تتغافلوا ولا يمنعكم حسن خلقه من حسن الأدب ولا يحملنكم فرط احتشامه على الإبرام عليه وكان حسن خلقه جسرهم على المباسطة معه حتى انزل الله هذه الآية إِنَّ ذلِكُمْ اى الاستئناس بعد الاكل الدال على اللبث كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ [مى رنجاند وآزرده كند پيغمبر را] لتضييق المنزل عليه وعلى اهله وأشغاله فيما لا يعنيه. والأذى ما يصل الى الإنسان من ضرر اما فى نفسه او فى جسمه او فتياته دنيويا كان او أخرويا فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ محمول على حذف المضاف اى من إخراجكم بدليل قوله وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ فانه يستدعى ان يكون المستحيى منه امرا حقا متعلقا بهم لانفسهم وما ذلك الا إخراجهم. يعنى ان إخراجكم حق فينبغى ان لا يترك حياء ولذلك لم يتركه الله ترك الحي وأمركم بالخروج والتعبير عن عدم الترك بعدم الاستحياء للمشاكلة وكان عليه السلام أشد الناس حياء وأكثرهم عن العورات اغضاء وهو التغافل عما يكره الإنسان بطبيعته. والحياء رقة تعترى وجه الإنسان
عند فعل ما يتوقع كراهته او ما يكون تركه خيرا من فعله قال الراغب الحياء انقباض النفس عن القبائح وتركه لذلك- روى- ان الله تعالى يستحيى من ذى الشيبة المسلم ان يعذبه فليس يراد به انقباض النفس إذ هو تعالى منزه عن الوصف بذلك وانما المراد به ترك تعذيبه وعلى هذا ما روى ان الله تعالى حى اى تارك للمقابح فاعل للمحاسن ثم فى الآية تأديب للثقلاء قال الأحنف نزل قوله تعالى (فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) فى حق الثقلاء فينبغى للضيف ان لا يجعل نفسه ثقيلا بل يخفف الجلوس وكذا حال العائد فان عيادة المرضى لحظة قيل للاعمش ما الذي اعمش عينيك قال النظر الى الثقلاء قيل
إذا دخل الثقيل بأرض قوم ... فما للساكنين سوى الرحيل
وقيل مجالسة الثقيل حمى الروح وقيل لأنوشروان ما بال الرجل يحمل الحمل الثقيل ولا يحمل مجالسة الثقيل قال يحمل الحمل بجميع الأعضاء والثقيل تنفرد به الروح. قيل من حق العاقل الداخل على الكرام قلة الكلام وسرعة القيام. ومن علامة الأحمق الجلوس فوق القدر والمجيء فى غير الوقت. وقد قالوا إذا اتى باب أخيه المسلم يستأذن ثلاثا ويقول فى كل مرة السلام عليكم يا اهل البيت ثم يقول أيدخل فلان ويمكث بعد كل مرة مقدار ما يفرغ الآكل من أكله ومقدار ما يفرغ المتوضئ من وضوئه والمصلى بأربع ركعات من صلاته فان اذن دخل وخفف وإلا رجع سالما عن الحقد والعداوة. ولا يجب الاستئذان على من أرسل اليه صاحب البيت رسولا فاتى بدعوته قال فى كشف الاسرار [ادب نهايت قال است وبدايت حال حق جل جلاله أول مصطفى را عليه السلام بأدب بيارست پس بخلق فرستاد: كما قال (أدبني ربى فاحسن تأديبى) . عام را هر عضوى از اعضاى ظاهر ادبى بايد والا هالكند. وخاص را هر عضوى از اعضاى باطن ادبى بايد والا هالكند. وخاص الخاص در همه اوقات ادب بايد قال المولى الجامى
أدبوا النفس ايها الأحباب ... طرق العشق كلها آداب(7/214)
مايه دولت ابد ادبست ... مايه رفعت خرد ادبست
چيست آن داد بندگى دادن ... بر حدود خداى ايستادن
قول وفعل از شنيدن وديدن ... بموازين شرع سنجيدن
با حق وخلق وشيخ ويار ورفيق ... ره سپردن بمقتضاى طريق
حركات جوارح واعضا ... راست كردن بحكم دين هدا
خطرات وخواطر وأوهام ... پاك كردن ز شوب نفس تمام
دين واسلام در ادب طلبيست ... كفر وطغيان ز شوم بي ادبيست
ومن الله التوفيق للآداب الحسنة والافعال المستحسنة وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً الماعون وغيره فَسْئَلُوهُنَّ اى المتاع مِنْ وَراءِ حِجابٍ من خلف ستر: وبالفارسية [از پس پرده] ويقال خارج الباب ذلِكُمْ اى سؤال المتاع من وراء الحجاب أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ اى اكثر تطهيرا من الخواطر النفسانية والخيالات الشيطانية فان كل واحد من الرجل والمرأة إذا لم ير الآخر لم يقع فى قلبه شىء قال فى كشف الاسرار نقلهم عن مألوف العادة الى معروف الشريعة ومفروض العبادة وبين ان البشر بشر وان كانوا من الصحابة وازواج النبي عليه السلام فلا يأمن أحد على نفسه من الرجال والنساء ولهذا شدد الأمر فى الشريعة بان لا يخلو رجل بامرأة ليس بينهما محرمية كما قال عليه السلام (لا يخلوّن رجل بامرأة فان ثالثهما الشيطان) وكان عمر رضى الله عنه يحب ضرب الحجاب عليهن محبة شديدة وكان يذكره كثيرا ويود ان ينزل فيه وكان يقول لو أطاع فيكن ما رأتكن عين وقال يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فنزلت- وروى- انه مر عليهن وهن مع النساء فى المسجد فقال احتجبن فان لكن على النساء فضلا كما ان لزوجكن على الرجال الفضل فقالت زينب انك يا ابن الخطاب لتغار علينا والوحى ينزل فى بيوتنا: يعنى [اگر مراد الله بود خود فرمايد وحاجت بغيرت تو نباشد تا درين حديث بودند بر وفق قول عمر رضى الله عنه آيت حجاب فرود آمد (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ) إلخ وعن عائشة رضى الله عنها ان ازواج النبي عليه السلام كن يخرجن الليل لحاجتهن وكان عمر يقول للنبى احجب نساءك فلم يكن يفعل فخرجت سودة بنت زمعة ليلة من الليالى عشيا وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة حرصا على ان تنزل آية الحجاب فانزلها الله تعالى وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال [وبعد از نزولش حكم شد تا همه زنان پرده فرو كذاشتند] ولم يكن لاحد ان ينظر الى امرأة من نساء رسول الله متنقبة كانت او غير متنقبة: يعنى [بعد از نزول آيت حجاب هيچ كس را روا نبود كه در زنى از زنان رسول نكرستند اگر در نقاب بودى يا بى نقاب] واستدل بعض العلماء بأخذ الناس عن ازواج النبي عليه السلام من وراء الحجاب على جواز شهادة الأعمى إذا تيقن الصوت وهو مذهب مالك واحمد ولم يجزها ابو حنيفة سواء كانت فيما يسمع اولا خلافا لابى يوسف فيما إذا تحملها بصيرا فان العلم حصل له بالنظر وقت التحمل وهو العيان فاداؤه صحيح إذ لا خلل(7/215)
فى لسانه وتعريف المشهود عليه يحصل بذكر نسبه ولابى حنيفة انه يحتاج فى أدائها الى التمييز بين الخصمين وهو لا يفرق بينهما الا بالنغمة وهى لا تعتبر لانها تشبه نغمة اخرى ويخاف عليه التلقين من الخصم والمعرفة بذكر النسب لا تكفى لانه ربما يشاركه غيره فى الاسم والنسب وهذا الخلاف فى الدين والعقار لا فى المنقول لان شهادته لا تقبل فيه اتفاقا لانه يحتاج الى الاشارة والدين يعرف ببيان الجنس والوصف والعقار بالتحديد وكذا قال الشافعي تجوز شهادة الأعمى فيما رآه قبل ذهاب بصره او يقر فى اذنه فيتعلق به حتى يشهد عند قاض به وَما كانَ لَكُمْ اى وما صح وما استقام لكم أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ اى ان تفعلوا فى حياته فعلا يكرهه ويتأذى به وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ [زنان او را كه مدخول بها باشد] مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد وفاته او فراقه أَبَداً فان فيه تركا لمراعاة حرمته فانه اب وأزواجه أمهات ويقال لانهن أزواجه فى الدنيا والآخرة كما قال عليه السلام (شارطت ربى ان لا أتزوج الا من تكون معى فى الجنة] ولو تزوجن لم يكنّ معه فى الجنة لان المرأة لآخر أزواجها لما روى ان أم الدرداء رضى الله عنها قالت لابى الدرداء رضى الله عنه عند موته انك خطبتنى من ابوىّ فى الدنيا فانكحاك فانى أخطبك الى نفسى فى الآخرة فقال لها لا تنكحى بعدي فخطبها معاوية بن ابى سفيان فاخبرته بالذي كان وأبت ان تتزوجه- وروى- عن حذيفة رضى الله عنه انه قال لامرأته ان أردت ان تكونى زوجى فى الجنة فلا تتزوجى بعدي
فان المرأة لآخر أزواجها- وروى- فى خبر آخر بخلاف هذا وهو ان أم حبيبة رضى الله عنها قالت يا رسول الله ان المرأة منا إذا كان لها زوجان لايهما تكون فى الآخرة فقال (انها تخير فتختار أحسنهما خلقا منها) ثم (قال يا أم حبيبة ان حسن الخلق ذهب بالدنيا والآخرة) والحاصل انه يجب على الامة ان يعظموه عليه السلام ويوقروه فى جميع الأحوال فى حال حياته وبعد وفاته فانه بقدر ازدياد تعظيمه وتوقيره فى القلوب يزداد نور الايمان فيها وللمريدين مع الشيوخ فى رعاية أمثال هذا الأدب أسوة حسنة لان الشيخ فى قومه كالنبى فى أمته كما سبق بيانه عند قوله (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) وفى الآية اشارة الى ان قوى النفس المحمدية من جهة الراضية والمرضية والمطمئنة بطبقاتها بكلياتها متفردة بالكمالات الخاصة للحضرة الاحمدية دنيا وآخرة فافهم سر الاختصاص والتشريف ثم ان اللاتي طلقهن النبي عليه السلام اختلف فيهن ومن قال بحلهن فلانه عليه السلام قطع العصمة حيث قال (أزواجي فى الدنيا هن أزواجي فى الآخرة) فلم يدخلن تحت الآية والصحيح ان من دخل بها النبي عليه السلام ثبتت حرمتها قطعا فخص من الآية التي لم يدخل بها لما روى ان الأشعث بن قيس تزوج المستعيذة فى ايام خلافة عمر رضى الله عنه فهمّ برجمهما فاخبر بانه عليه السلام فارقها قبل ان يمسها فترك من غير نكير وسبب نزول الآية ان طلحة بن عبيد الله التيمي قال لئن مات محمد لا تزوجن عائشة وفى لفظ تزوج محمد بنات عمنا ويحجبهن عنا يعنى يمنعنا من الدخول على بنات عمنا لانه وعائشة كانا من بنى تيم ابن مرة فقال لئن مات لا تزوجن عائشة من بعده فنزل فيه قوله تعالى (وَما كانَ لَكُمْ) الآية قال الحافظ السيوطي وقد كنت فى وقفة شديدة(7/216)
إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54) لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)
من صحة هذا الخبر لان طلحة أحد العشرة المبشرين بالجنة أجل مقاما من ان يصدر منه ذلك حتى رأيت انه رجل آخر شاركه فى اسمه واسم أبيه ونسبته كما فى انسان العيون إِنَّ ذلِكُمْ يعنى ايذاءه ونكاح أزواجه من بعده كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً اى ذنبا عظيما وامرا هائلا [زيرا كه حرمت آن حضرت لازمست در حيات او وبعد از وفات او بلكه حيات وممات او در اداى حقوق تعظيم يكسانست چهـ خلعت خلافت ولباس شفاعت كبرى پس از وفات بر بالاى اعتدال او دوخته اند]
قباى سلطنت هر دو كون تشريفست ... كه جز بقامت زيباى او نيامد راست
ثم بالغ فى الوعيد فقال إِنْ تُبْدُوا على ألسنتكم [يعنى آشكارا كنيد] شَيْئاً مما لا خير فيه كنكاحهن وفى التأويلات من ترك الأدب وحفظ الحرمة وتعظيم شأنه صلى الله عليه وسلم أَوْ تُخْفُوهُ فى صدوركم: يعنى [بزبان نياريد زيرا كه نكاح عائشة رضى الله عنها در دل بعض كذشته بود وبزبان نياورده] كذا قال الكاشفى فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً بليغ العلم بظاهر كل شىء وباطنه فيجازيكم بما صدر عنكم من المعاصي البادية والخافية لا محالة وعمم ذلك ليدخل فيه نكاحهن وغيره قال فى كشف الاسرار [چون ميدانى كه حق تعالى بر اعمال واحوال تو مطلع است ونهان وآشكاراى تو ميداند ومى بيند پيوسته بر دركاه او باش افعال خود را مهذب داشته باتباع علم وغذاى حلال ودوام ورد واقوال خود را رياضت داده بقراءت قرآن ومداومت عذر ونصيحت خلق واخلاق خود پاك داشته از هر چهـ غبار راه دين است وسد منهج طريقت چون بخل وريا وطمع است وآرايش سخا وتوكل وقناعت وكلمه «لا اله الا الله» بر هر دو حالت مشتمل است «لا اله» نفى آلايش است و «الا الله» اثبات وآرايش چون بنده كويد «لا اله» هر چهـ آلايش است وحجاب راه از بيخ بكند آنكه جمال «الا الله» روى نمايد وبنده را بصفات آرايش بيارايد واو را آراسته و پيراسته فرا مصطفى برد تا ويرا بامتى قبول كند واگر اثر «لا اله» بر وى ظاهر نبود وجمال خلعت «الا الله» بر وى نبيند او را بامتى فرا نپذيرد وكويد سحق سحقا] : قال المولى الجامى
«لا» نهنكيست كائنات آشام ... عرش تا فرش او كشيده بكام
هر كجا كرده آن نهنك آهنك ... از من وما نه بوى مانده نه رنك
كر چهـ «لا» داشت تيركىء عدم ... دارد «الا» فروغ نور قدم
چون كند «لا» بساط كثرت طى ... دهد «الا» ز جام وحدت مى
تا نسازى حجاب كثرت دور ... ندهد آفتاب وحدت نور
كر زمانى ز خود خلاص شوى ... مهبط فيض نور خاص شوى
جذب آن فيض يابد استيلا ... هم ز «لا» وارهى هم از «الا»
هر كه حق داد نور معرفتش ... كائن بائن بود صفتش
جان بحق تن بغير حق كائن ... تن ز حق جان ز غير حق بائن
لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ استئناف لبيان من لا يجب الاحتجاب عنهم- روى- انه لما نزلت(7/217)
آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب يا رسول الله او نكلمهن ايضا اى كالاباعد من وراء حجاب فنزلت ورخص الدخول على نساء ذوات محارم بغير حجاب: يعنى [هيچ كناهى نيست بر زنان در نمودن روى بپدران خويش] وَلا أَبْنائِهِنَّ [ونه بپسران خويش] وَلا إِخْوانِهِنَّ [ونه ببرادران ايشان] وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ [ونه بپسران برادران ايشان] وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ [ونه بپسران خواهران ايشان] فهؤلاء ينظرون عند ابى حنيفة الى الوجه والرأس والساقين والعضدين ولا ينظرون الى ظهرها وبطنها وفخذها وأبيح النظر لهؤلاء لكثرة مداخلتهن عليهن واحتياجهن الى مداخلتهن وانما لم يذكر العم والخال لانهما بمنزلة الوالدين ولذلك سمى العم أبا فى قوله (وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) او لانه كره ترك الاحتجاب منهما مخافة ان يصفاهن لا بنائهما وابناؤهما غير محارم لجواز النكاح بينهم وكره وضع الخمار عندهما وقد نهى عن وصف المرأة لزوجها بشرة امرأة اخرى ومحاسنها بحيث يكون كأنه ينظر إليها فانه يتعلق قلبه بها فيقع بذلك فتنة وَلا نِسائِهِنَّ يعنى المؤمنات فتنظر المسلمة الى المسلمة سوى ما بين السرة والركبة وابو حنيفة يوجب ستر الركبة فالمراد بالنساء نساء اهل دينهن من الحرائر فلا يجوز للكتابيات الدخول عليهن والتكشف عندهن او المراد المسلمات والكتابيات وانما قال ولا نسائهن لانهن من اجناسهن فيحل دخول الكتابيات عليهن وقد كانت النساء الكوافر من اليهوديات وغيرهن يدخلن على نساء النبي عليه السلام فلم يكن يحتجبن ولا امرن بالحجاب وهو قول ابى حنيفة واحمد ومالك وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ من العبيد والإماء فيكون عبد المرأة محرما لها فيجوز له الدخول عليها إذا كان عفيفا وان ينظر إليها كالمحارم وقد أباحت عائشة النظر لعبدها وقالت لذكوان انك إذا وضعتني فى القبر وخرجت فانت حر وقيل من الإماء خاصة فيكون العبد حكمه حكم الأجنبي معها قال فى بحر العلوم وهو اقرب الى التقوى لان عبد المرأة كالاجنبى خصيا كان او فحلا واين مثل عائشة واين مثل عبدها فى العبيد لا سيما فى زماننا هذا وهو قول ابى حنيفة وعليه الجمهور فلا يجوز لها الحج ولا السفر معه وقد أجاز رؤيته الى وجهها وكفيها إذا وجد الامن من الشهوة ولكن جواز النظر لا يوجب المحرمية وقد سبق بعض ما يتعلق بالمقام فى سورة النور فارجع لعلك تجد السرور وَاتَّقِينَ اللَّهَ فيما امرتن من الاحتجاب واخشين حتى لا يراكن غير هؤلاء ممن ذكر وعليكن بالاحتياط ما قدرتن قال الكاشفى [پس عدول كرد از غيبت بخطاب بجهت تشديد وامر فرمود كه اى زنان در پس حجاب قرار كيريد وبترسيد از خداى و پرده شرم از پيش برنداريد] إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً لا يخفى عليه خافية من الأقوال والافعال ولا يتفاوت فى علمه الا ما كان والأوقات والأحوال
چونكه خدا شد بخفايا كواه ... كرد شما را همه لحظه نكاه
ديده بپوشيد ز نامحرمان ... دور شويد از ره وهم وكمان
در پس زانوى حيا ووقار ... خوش بنشينيد بصبر وقرار(7/218)
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)
وفى التأويلات النجمية يشير بالآية الى تسكين قلوبهن بعد فطامهن عن مألوفات العادة ونقلهن الى معروف الشريعة ومفروض العبادة فمنّ عليهن وعلى اقربائهن بانزاله هذه الرخصة لانه ما أخرجهن وما خلى سبيل الاحتياط لهن مع ذلك فقال (وَاتَّقِينَ اللَّهَ) فيهن وفى غيرهن بحفظ الخواطر وميل النفوس وهمها (إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من اعمال النفوس واحوال القلوب (شَهِيداً) حاضرا وناظرا إليها قال ابو العباس الفاسى الشهيد هو الحاضر الذي لا يغيب عنه معلوم ولا مرئى ولا مسموع ومن عرف انه الشهيد عبده على المراقبة فلم يره حيث نهاه ولم يفقده حيث امره واكتفى بعلمه ومشاهدته عن غيره فالله تعالى لا يغيب عنه شىء فى الدنيا والآخرة وهو يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم وشاهد منهم
ذره نيست در مكين ومكان ... كه نه علمش بود محيط بر آن
عدد ريك در بيابانها ... عدد بركها ببستانها
همه نزديك او بود ظاهر ... همه در علم او بود حاضر
وخاصية هذا الاسم الرجوع عن الباطل الى الحق حتى انه إذا أخذ من الولد العاق من جبهته شعر وقرئ عليه او على الزوجة كذلك الفا فانه يصلح حالها كما فى شرح الأسماء للفاسى نسأل الله سبحانه ان يصلح أحوالنا وأقوالنا وأفعالنا ويوجه الى جنابه الكريم آمالنا إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ اعلم ان الملائكة عند اهل الكشف من أكابر اهل الله على قسمين. قسم تنزلوا من مرتبة الأرواح الى مرتبة الأجسام فلهم أجسام لطيفة كما ان للبشر أجساما كثيفة وهم المأمورون بسجود آدم عليه السلام ويدخل فيهم جميع الملائكة الارضية والسماوية أصاغرهم وأكابرهم كجبريل وغيره بحيث لا يشذ منهم فرد أصلا. وقسم بقوافى عالم الأرواح وتجردوا عن ملابس الجسمانية لطيفة كانت او كثيفة وهم المهيمون الذين أشير إليهم بقوله تعالى (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) وهم غير مأمورين بالسجود إذ ليس لهم شعور أصلا لا بانفسهم ولا بغيرهم من الموجودات مطلقا لاستغراقهم فى بحر شهود الحق. والإنسان أفضل من هذين القسمين فى شرف الحال ورتبة الكمال لانه مخلوق بقبضتى الجمال والجلال بخلاف الملائكة فانهم مخلوقون بيد الجمال فقط كما أشير اليه بقوله
ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت
وذلك لان العشق يقتضى المحنة وموطنها الدنيا ولذا اهبط آدم من الجنة والمحنة من باب التربية وهى من آثار الجلال والمراد بالملائكة هاهنا هو القسم الاول لانهم يشاركون مؤمنى البشر فى الجمال والوجود الجسماني فكما ان مؤمنى البشر كلهم يصلون على النبي فكذا هذا القسم من الملائكة مع ان مقام التعظيم يقتضى التعميم كما لا يخفى على ذى القلب السليم فاعرف واضبط ايها اللبيب الفهيم يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ اى يعتنون بما فيه خيره وصلاح امره ويهتمون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه وذلك من الله تعالى بالرحمة ومن الملائكة بالدعاء والاستغفار. فقوله يصلون محمول على عموم المجاز إذ لا يجوز ارادة معنيى المشترك معا فانه لا عموم للمشترك مطلقا اى سواء كان بين المعاني تناف أم لا قال القهستاني الصلاة من الله(7/219)
الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن الانس والجن القيام والركوع والسجود والدعاء ونحوها ومن الطير والهوام التسبيح اسم من التصلية وكلاهما مستعمل بخلاف الصلاة بمعنى أداء الأركان فان مصدرها لم يستعمل فلا يقال صليت تصلية بل صلاة وقال بعضهم الصلاة من الله تعالى بمعنى الرحمة لغير النبي عليه السلام وبمعنى التشريف بمزيد الكرامة للنبى والرحمة عامة والصلاة خاصة كما دل العطف على التغاير فى قوله تعالى (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) وقال بعضهم صلوات الله على غير النبي رحمة وعلى النبي ثناء ومدحة قولا وتوفيق وتأييد فعلا وصلاة الملائكة على غير النبي استغفار وعلى النبي اظهار للفضيلة والمدح قولا والنصرة والمعاونة فعلا وصلاة المؤمنين على غير النبي دعاء وعلى النبي طلب الشفاعة قولا واتباع السنة فعلا يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ اعتنوا أنتم ايضا بذلك فانكم اولى به وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً بان تقولوا اللهم صل على محمد وسلم او صلى الله عليه وسلم بان يقال اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد وسلم لقوله عليه السلام (إذا صليتم علىّ فعمموا) والا فقد نقصت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كما فى شرح القهستاني وقال الامام السخاوي فى المقاصد الحسنة لم اقف عليه اى على هذا الحديث بهذا اللفظ ويمكن ان يكون بمعنى صلوا علىّ وعلى أنبياء الله فان الله بعثهم كما بعثني انتهى. وخص اللهم ولم يقل يا رب ويا رحمن صل لانه اسم جامع دال على الالوهية وعلامة الإسلام فى قوله لا اله الا الله فناسب ذكره وقت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لانه عليه السلام جامع لنعوت الكمال مشتمل على اسرار الجمال والجلال وخص اسم محمد لان معناه المحمود مرة بعد اخرى فناسب مقام المدح والثناء. والمراد بآله الأتقياء من أمته فدخل فيه بنوا هاشم والأزواج المطهرة وغيرهم جميعا قال فى شرح الكشاف وغيره معنى قوله اللهم صل على محمد اللهم عظمه فى الدنيا بإعلاء دينه وإعظام ذكره واظهار دعوته وابقاء شريعته وفى الآخرة بتشفيعه فى
أمته وتضعيف اجره ومثوبته واظهار فضله عن الأولين والآخرين وتقديمه على كافة الأنبياء والمرسلين ولما لم يكن حقيقة الثناء فى وسعنا أمرنا ان نكل ذلك اليه تعالى فالله يصلى عليه بسؤالنا
سلام من الرحمن نحو جنابه ... لان سلامى لا يليق ببابه
فان قلت فما الفائدة فى الأمر بالصلاة قلت اظهار المحبة للصلاة كما استحمد فقال قل الحمد لله إظهارا لمحبة الحمد مع انه هو الحامد لنفسه فى الحقيقة ومعنى سلم اجعله يا رب سالما من كل مكروه كما قال القهستاني وقال بعضهم [التسليم هنا بمعنى: آفرين كردن] ويجيىء بمعنى [پاك ساختن وسپردن وفروتنى كردن وسلامت دادن] وفى الفتوحات المكية ان السلام انما شرع من المؤمنين لان مقام الأنبياء يعطى الاعتراض عليهم لامرهم الناس بما يخالف أهواءهم فكأن المؤمن يقول يا رسول الله أنت فى أمان من اعتراضي عليك فى نفسى وكذلك السلام على عباد الله الصالحين فانهم كذلك يأمرون الناس بما يخالف أهواءهم بحكم الإرث للانبياء واما تسليمنا على أنفسنا فان فينا ما يقتضى الاعتراض واللوم منا علينا فنلزم نفوسنا التسليم(7/220)
فيه لنا ولا نعترض كما يقول الإنسان قلت لنفسى كذا فقالت لا ولم نقف على رواية عن النبي عليه السلام فى تشهده الذي كان يقوله فى الصلاة هل كان يقول مثلنا السلام عليك ايها النبي او كان يقول السلام علىّ او كان لا يقول شيأ من ذلك ويكتفى بقوله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فان كان يقول مثل ما أمرنا نقول فى ذلك وجهان. أحدهما ان يكون المسلم عليه هو الحق وهو مترجم عنه كما جاء فى سمع الله لمن حمده. والوجه الثاني انه كان يقام فى صلاته فى مقام الملائكة مثلا ثم يخاطب نفسه من حيث المقام الذي أقيم فيه ايضا من كونه نبيا فيقول السلام عليك ايها النبي فعل الأجنبي فكأنه جرد من نفسه شخصا آخر انتهى كلام الفتوحات قالوا السلام مخصوص بالحي والنبي عليه السلام ميت وأجيب بان المؤمن لا يموت حقيقة وان فارق روحه جسده فالنبى عليه السلام مصون بدنه الشريف من التفسخ والانحلال حى بالحياة البرزخية ويدل عليه قوله (ان الله ملائكة سياحين يبلغوننى عن أمتي السلام) وفى الحديث (ما من مسلم يسلم علىّ الا رد الله علىّ روحى حتى اردّ عليه السلام) ويؤخذ من هذا الحديث انه حى على الدوام فى البرزخ الدنيوي لانه محال عادة ان يخلو الوجود كله من واحد يسلم على النبي فى ليل او نهار. فقوله رد الله علىّ روحى اى أبقى الحق فىّ شعور خيالى الحسى فى البرزخ وادراك حواسى من السمع والنطق فلا ينفك الحس والشعور الكلى عن الروح المحمدي وليس له غيبة عن الحواس والأكوان لانه روح العالم وسره الساري قال الامام السيوطي وللروح بالبدن اتصال بحيث يسمع ويشعر ويرد السلام فيكون عليه السلام فى الرفيق الأعلى وهى متصلة بالبدن بحيث إذا سلم المسلم على صاحبها رد عليه السلام وهى فى مكانها هناك وانما يأتى الغلط هنا من قياس الغائب على الشاهد فيعتقد ان الروح من جنس ما يعهد من الأجسام التي إذا شغلت مكانا لم يمكن ان تكون فى غيره وهذا غلط محض وقد رأى النبي موسى عليهما السلام ليلة المعراج قائما يصلى عليه وهو فى الرفيق الأعلى ولا تنافى بين الامرين فان شأن الأرواح غير شأن الأبدان ولولا لطافة الروح ونورانيتها ما صح اختراق بعض الأولياء الجدران ولا كان قيام الميت فى قبره والتراب عليه او التابوت فانه لا يمنعه شىء من ذلك عن قعوده وقد صح ان الإنسان يمكن ان يدخل من الأبواب الثمانية للجنة فى آن واحد لغلبة الروحانية مع تعذره فى هذه النشأة الدنيوية. وقد مثل بعضهم بالشمس فانها فى السماء كالارواح وشعاعها فى الأرض وفى الحديث (ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام) ولعل المراد ان يرد السلام بلسان الحال لا بلسان المقال لانهم يتأسفون على انقطاع الأعمال عنهم حتى يتحسرون على رد السلام وثوابه قال الشيخ المظهر التسليم على الأموات كالتسليم على الاحياء واما قوله عليه السلام (عليكم السلام تحية الموتى) اى بتقديم عليكم فمبنى على عادة العرب وعرفهم فانهم كانوا إذا سلموا على قبر يقدمون لفظ عليكم فتكلم عليه السلام على عادتهم وينبغى ان يقول المصلى
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد باعادة كلمة على فان اهل السنة التزموا إدخال على على الآل ردا على الشيعة فانهم منعوا ذكر على بين النبي وآله وينقلون فى ذلك حديثا وهو (من فصل بينى وبين آلى بعلى لم ينله شفاعتى) قاله القهستاني والعصام وغيرهما وقال(7/221)
محمد الكردي هذا غير ثابت وعلى تقدير الثبوت فالمراد به على بن ابى طالب بان يجعل عليا من آله دون غيرهم فيكون فيه تعريض للشيعة فانهم الذين يفصلون بينه وبين آله به لفرط محبتهم له ولذا قال عليه السلام لعلى (هلك فيك اثنان محب مفرط ومبغض مفرط) فالمحب المفرط الروافض والمبغض الخوارج ونحن فيما بين ذلك انتهى كلامه ولا يقول فى الصلاة وارحم محمدا فانه يوهم التقصير إذ الرحمة تكون بإتيان ما يلام عليه وهو الأصح كما ذكره شرف الدين الطيبي فى شرح المشكاة وقال فى الدر الصحيح انه يكره قال الشيخ على فى اسئلة الحكم حرمت الصدقة على رسول الله وعلى آله لان الصدقة تنشأ عن رحمة الدافع لمن يتصدق عليه فلم يرد الله ان يكون مرحوم غيره ولهذا نهى بعض الفقهاء عن الترحم فى الصلاة عليه تأدبا لتلك الحضرة وان كانت الرواية وردت به كما ذكره صدر الشريعة ويتصل به قراءة الفاتحة لروحه المطهرة فالشافعى وأصحابه منعوا ذلك لروحه ولارواح سائر الأنبياء عليهم السلام لان العادة جرت بقراءة الفاتحة لارواح العصاة فيلزم التسوية بأرواحهم مع ان فى الدعاء بالترحم التحقير وجوزه ابو حنيفة وأصحابه لانه عليه السلام دعا لبعض الأنبياء بالرحمة كما قال (رحم الله أخي موسى. ورحم الله أخي لوطا) وقال بين السجدتين (اللهم اغفر لى وارحمني) وقال فى تعليم السلام (السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته) فليس أحد مستغنيا عن الرحمة. وايضا فائدة القراءة ونحوها عائدة إلينا كما قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر الصلاة على النبي فى الصلاة وغيرها دعاء من العبد المصلى لمحمد صلى الله عليه وسلم بظهر الغيب وقد ورد فى الحديث الصحيح (ان من دعا لاخيه بظهر الغيب قال له الملك ولك بمثله) وفى رواية (ولك بمثليه) فشرع ذلك رسول الله وامر الله به فى قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) ليعود هذا الخير من الملك الى المصلى انتهى وفى الدعاء ايضا حكمة جليلة قال بعض الكبار اما الوسيلة فهى أعلى درجة فى الجنة اى جنة عدن وهى لرسول الله حصلت له بدعاء أمته فعلى ذلك الحق سبحانه حكمة أخفاها فانا بسببه نلنا السعادة من الله وبه كنا خير امة أخرجت للناس وبه ختم الله لنا كما ختم به النبيين وهو عليه السلام بشر كما امر ان يقول ولنا وجه خاص الى الله نناجيه منه ويناجينا وكذلك كل مخلوق له وجه خاص الى الله فامرنا عن امر الله ان ندعو له بالوسيلة حتى ينزل فيها بدعاء أمته وهذا من باب الغيرة الالهية ان فهمت قال فى التأويلات النجمية يشير بهذا الاختصاص الى كمال العناية فى حق النبي وفى حق أمته. اما فى حق النبي فانه يصلى عليه صلاة تليق بتلك الحضرة المقدسة عن الشبه والمثال مناسبة لحضرة نبوته بحيث لا يفهم معناها سواها. واما فى حق أمته فهو انه تعالى أوجب على أمته الصلاة عليه ثم جازاهم بكل صلاة عليه عشر صلوات من صلاته وبكل سلام عشرا لان من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وهذه عناية مختصة بالنبي وأمته ولصلاة الله على عباده مراتب بحسب مراتب العباد ولها معان كالرحمة والمغفرة والوارد والشواهد والكشوف والمشاهدة والجذبة والقرب والشرب والري والسكر والتجلي والفناء فى الله والبقاء بالله فكل هذا من قبيل الصلاة على العبد وقال بعضهم صلوات الله على النبي تبليغه الى المقام المحمود وهو مقام الشفاعة لامته وصلوات الملائكة دعاؤهم له بزيادة(7/222)
مرتبته واستغفارهم لامته وصلوات الامة متابعتهم له ومحبتهم إياه والثناء عليه بالذكر الجميل وهذا التشريف الذي شرف الله به نبينا عليه السلام أتم من تشريف آدم عليه السلام بامر الملائكة بالسجود له لانه لا يجوز ان يكون الله تعالى مع الملائكة فى هذا التشريف وقد اخبر تعالى عن نفسه بالصلاة على النبي ثم عن الملائكة
عقل دورانديش ميداند كه تشريفى چنين ... هيچ دين پرور نديد وهيچ پيغمبر نيافت
يصلى عليه الله جل جلاله ... بهذا بدا للعالمين كماله
بجامه خانه دين خلعت درود وسلام ... چوكشت دوخته بر قامت تو آمد راست
نشان حرمت صلوا عليه بر نامت ... نوشته اند و چنين منصبى شريف تر است
[بعد از نزول آيت صلوات هر دو رخسار مبارك آن حضرت از غايت مسرت برافروخته كشت وفرمود كه تهنيت كوييد مرا كه آيت بر من فرود آمد كه دوستر است نزديك من از دنيا وهر چهـ در اوست]
نورى از روزن اقبال در افتاد مرا ... كه از ان خانه دل شد طرب آباد مرا
عن الأصمعي قال سمعت المهدى على منبر البصرة يقول ان الله أمركم بامر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته فقال (إِنَّ اللَّهَ) إلخ آثره صلى الله عليه وسلم من بين الرسل واختصكم بها من بين الأمم فقابلوا نعمة الله بالشكر وانما بدأ تعالى بالصلاة عليه بنفسه إظهارا لشرفه ومنزلته وترغيبا للامة فانه تعالى مع استغنائه إذا كان مصليا عليه كان الامة اولى به لاحتياجهم الى شفاعته وتقوية لصلوات الملائكة والمؤمنين فان صلاة الحق حق وصلاة غيره رسم والرسم يتقوى بمقارنة الحق
از كنه وصف تو كه تواند كه دم زند ... وصفى سزاى تو نكند خداى تو
واشارة الى انه عليه السلام مجلى تام لانوار الجمال والجلال ومظهر جامع لنعوت الكمال به فاض الجود وظهر الوجود ثم ثنى بملائكة قدسه فانهم مقدمون فى الخلقة واهل عليين فى الصورة خائفون كبنى آدم من نوازل القضاء ومستعيذون بالله من مثل واقعة إبليس وهاروت وماروت فاحتاجوا الى الصلاة على النبي عليه السلام ليحصل لهم جمعية الخاطر والحفظ من المحن والبليات ببركة الصلوات وايضا ليظهر لصلوات المؤمنين رواج بسبب موافقة صلواتهم كما ورد فى آمين وايضا لما خلق آدم رأوا أنوار محمد عليه السلام على جبينه فصلوا عليه وقتئذ فلما تشرف بخلقه الوجود قيل لهم هذا هو الذي كنتم تصلون عليه وهو نور فى جبين آدم فصلوا عليه وهو موجود بالفعل فى العالم. ثم ثلث بالمؤمنين من برية جنه وأنسه فان المؤمنين محتاجون الى الصلاة عليه أداء لبعض حقوق الدعوة والابوة فانه عليه السلام بمنزلة الأب للامة وقد أجاد فى التعليم والتربية والإرشاد وبالغ فى لوازم الشفقة على العباد وثناء المعلم واجب على المتعلم وشكر الأب لازم على الابن
ميان باغ جهان از زلال فيض حبيب ... نهال جان مرا صد هزار نشو ونماست
وايضا فى الصلوات شكر على كونه أفضل الرسل وكونهم خير الأمم وايضا فيها إيجاب حق(7/223)
الشفاعة على ذمة ذلك الجناب فان الصلوات ثمن الشفاعة فاذا أدوا الثمن هذا اليوم يرجى ان يحرزوا المثمن يوم القيامة
بضاعت بچندان كه آرى برى ... اگر مفلسى شرمسارى برى
ألا ايها الاخوان صلوا وسلموا ... على المصطفى فى كل وقت وساعة
فان صلاة الهاشمي محمد ... تنجى من الأهوال يوم القيامة
وبقدر صلواتهم عليه تحصل المعارفة بينهم وبينه وعلامة المصلى يوم القيامة ان يكون لسانه ابيض وعلامة التارك ان يكون لسانه اسود وبهما تعرف الامة يومئذ وايضا فيها مزيد القربات وذلك لان بالصلوات تزيد مرتبة النبي فتزيد مرتبة الامة لان مرتبة التابع تابعة لمرتبة المتبوع كما أشار اليه حضرة المولى جلال الدين الرومي فى المعراجية بقوله
صلوات بر تو آرم كه فزوده باد قربت ... چهـ بقرب كل بگردد همه جزؤها مقرب
وايضا فيها اثبات المحبة ومن أحب شيأ اكثر ذكره قال بعضهم صيغة المضارع: يعنى (يُصَلُّونَ) [دلالت بر آن ميكند كه ملائكه پيوسته در كفتن صلواتند پس درود دهنده متشبه باشد بديشان وبحكم (من تشبه بقوم فهو منهم) از طهارت وعصمت كه لوازم ذات ملائكه است محتظى كردد وبا عالم روحانى آشنايى يابد]
يا سيد أنام درود وصلات تو ... ورد زبان ماست مه وسال وصبح وشام
نزديك تو چهـ تحفه فرستيم ما ز دور ... در دست ما همين صلاتست والسلام
قال سهل بن عبد الله التستري قدس سره الصلاة على محمد أفضل العبادات لان الله تولاها هو وملائكته ثم امر بها المؤمنين وسائر العبادات ليس كذلك يعنى ان الله تعالى امر بسائر العبادات ولم يفعله بنفسه قال الصديق الأكبر رضى الله عنه الصلاة عليه امحق للذنوب من الماء البارد للنار وهى أفضل من عتق الرقاب لان عتق الرقاب فى مقابلة العتق من النار ودخول الجنة والسلام على النبي عليه السلام فى مقابلة سلام الله وسلام الله أفضل من الف حسنة قال الواسطي صل عليه بالأوقار ولا تجعل له فى قلبك مقدار اى لا تجعل لصلواتك عليه مقدرا تظن انك تقضى به من حقه شيأ بصلواتك عليه استجلاب رحمة على نفسك به وفى الحديث (ان لله ملكا أعطاه سمع الخلائق وهو قائم على قبرى إذا مت الى يوم القيامة فليس أحد من أمتي يصلى علىّ صلاة إلا سماه باسمه واسم أبيه قال يا محمد صلى عليك فلان كذا وكذا ويصلى الرب على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا) وفى الحديث (إذا صليتم علىّ فاحسنوا علىّ الصلاة فانكم تعرضون علىّ باسمائكم واسماء آبائكم وعشائركم وأعمامكم) ومن احسان الصلوات حضور القلب وجمع الخاطر وقد قال بعضهم انما تكون الصلوات على النبي طاعة وقربة ووسيلة واستجابة إذا قصد بها التحية والتوسل والتقرب الى حضرة النبوة الاحمدية فانه بهذه المناسبة يحصل له التقرب الى الحضرة الاحدية ألا ترى ان التقرب الى القمر كالتقرب الى الشمس فانه مرآتها ومطرح أنوارها وفى الحديث (من صلى واحدة امر الله حافظه ان لا يكتب عليه ثلاثة ايام) ورأت امرأة ولدها بعد موته يعذب فحزنت لذلك(7/224)
ثم رأته بعد ذلك فى النور والرحمة فسألته عن ذلك فقال مر رجل بالمقبرة فصلى على النبي عليه السلام واهدى ثوابها للاموات فجعل نصيبى من ذلك المغفرة فغفرلى- وحكى- عن سفيان الثوري رحمه الله انه قال بينا انا أطوف بالبيت إذ رأيت رجلا لا يرفع قدما الا وهو يصلى على النبي عليه السلام فقلت يا هذا انك تركت التسبيح والتهليل وأقبلت بالصلاة على النبي عليه السلام فهل عندك فى هذا شىء فقال من أنت عافاك الله فقلت انا سفيان الثوري فقال لولا انك غريب فى اهل زمانك لما أخبرتك عن حالى ولا اطلعتك على سرى ثم قال خرجت انا وابى حاجين الى بيت الله الحرام حتى إذا كنا فى بعض المنازل مرض ابى ومات واسود وجهه وازرقت عيناه وانتفخ بطنه فبكيت وقلت انا لله وانا اليه راجعون مات ابى فى ارض غربة هذه الموتة فجذبت الإزار على وجهه فغلبتنى عيناى فنمت فاذا انا برجل لم ار أجمل منه وجها ولا أنظف ثوبا ولا أطيب ريحا فدنا من ابى فكشف الإزار عن وجهه ومسح على وجهه فصار أشد بياضا من اللبن ثم مسح على بطنه فعاد كما كان ثم أراد ان ينصرف فقمت اليه فامسكت بردائه وقلت يا سيدى بالذي أرسلك الى ابى رحمة فى ارض غربة من أنت فقال أو ما تعرفنى انا محمد رسول الله كان أبوك هذا كثير المعاصي غير انه كان يكثر الصلاة علىّ فلما نزل به ما نزل استغاث بي فاغثته وانا غياث لمن يكثر الصلاة علىّ فى دار الدنيا فانتبهت فاذا وجه ابى قد ابيض وانتفاخ بطنه قد زال
يا من يجيب دعا المضطر فى الظلم ... يا كاشف الضر والبلوى مع السقم
شفع نبيك فى ذلى ومسكنتى ... واستر فانك ذو فضل وذو كرم
قال كعب بن عجرة رضى الله عنه لما نزل قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) قمنا اليه فقلنا اما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك يا رسول الله قال (قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد) كما فى تفسير التيسير وهى الصلاة التي تقرأ فى التشهد الأخير على ما هو الأصح ذكرها الزاهدي رواية عن محمد. والمعنى اللهم صل على محمد صلاة كاملة كما دل عليه الإطلاق. وقوله وعلى آل محمد من عطف الجملة اى وصل على آله مثل الصلاة على ابراهيم وآله فلا يشكل بوجوب كون المشبه به أقوى كما هو المشهور ذكره القهستاني وقال فى الضياء المعنوي هذا تشبيه من حيث اصل الصلاة لا من حيث المصلى عليه لان نبينا أفضل من ابراهيم فمعناه اللهم صل على محمد بمقدار فضله وشرفه عندك كما صليت على ابراهيم بقدر فضله وشرفه وهذا كقوله تعالى (فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) يعنى اذكروا الله بقدر نعمه وآلائه عليكم كما تذكرون آباءكم بقدر نعمهم عليكم وتشبيه الشيء بالشيء يصح من وجه واحد وان كان لا يشبهه من كل وجه كما قال تعالى (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ) من وجه واحد وهو تخليقه عيسى من غير اب انتهى [ودر شرح مشكاة مذكور است كه تشبيهى كه در كما صليت واقع شده نه از قبيل الحاق ناقص است بكامل بلكه از باب بيان حال ما لا يعرف است بما يعرف يعنى بسبب نزول(7/225)
آيت (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) درود ابراهيم وآل او ميان اهل ايمان اشتهار تام داشت وهمه دانسته بودند كه خداى بر ابراهيم درود وبركت فرستاده پس حضرت پيغمبر فرمود كه از خداى درخواهيد كه فرستد بر من صلواتى مشهور ومعروف مانند صلوات ابراهيم وكويند كاف در «كما» براى تأكيد وجود آيد نه براى قرآن در وقوع چنانچهـ (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً) زيرا كه تربيت واقعست از والدين ورحمت مطلوب الوقوع براى ايشان پس فائده كاف تأكيد است در وجود رحمت يعنى إيجاد كن رحمت ايشانرا إيجادي محقق ومقرر است پس ميكويد إرسال كن صلوات را بر حبيب خود ووجود ده آنرا همچنانچهـ قبل ازين وجود داده بودى براى خليل خود] وهذا المعنى قريب مما فى الضياء المعنوي كما سبق [وكفته اند حضرت پيغمبر در ضمن اين تشبيه مر امت خود را طريق تواضع تعليم فرموده وبتكريم آباء اشارتى نموده يعنى با آنكه صلوات من أكمل واشرفست از درود ابراهيم آنرا در رتبه أقوى وارفع ميدارم وحرمت ابوت ويرا فرو نمى كذارم ومانند اين در كسر نفس ونفى غائله تكبر بسيار از آن حضرت مروى ومذكور است چنانچهـ] (انا أول من ينشق عنه الأرض ولا فخر وانا حبيب ولا فخر وانا أكرم الأولين والآخرين على الله ولا فخر ولا تفضلونى على موسى. ولا تخيرونى على ابراهيم. ولا ينبغى لاحد ان يقول انا خير من يونس) وانما صلينا على ابراهيم وعلى آل ابراهيم لانه حين تم بناء البيت دعو للحجاج بالرحمة فكافأناهم بذلك وقال الامام النيسابورى لانه سأل الله ان يبعث نبيا من ذرية إسماعيل فقال (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ) ولذا قال عليه السلام (انا دعوة ابى ابراهيم) فكافأه وشكره واثنى عليه مع نفسه بالصلاة التي صلى الله وملائكته عليه وهذه الصلاة من الحق عليه هى قرة عين لانه أكمل مظاهر الحق ومشاهد تجلياته ومجامع أسراره وفى الخبر ان ابراهيم عليه السلام رأى فى المنام جنة عريضة مكتوب على أشجارها لا اله الا الله محمد رسول الله فسأل جبريل عنها فاخبره بقصتها فقال يا رب اجر على لسان امة محمد ذكرى فاستجاب الله دعاءه وضم فى الصلاة مع محمد عليهما السلام وايضا أمرنا بالصلاة على ابراهيم لان قبلتنا قبلته ومناسكنا مناسكه والكعبة بناؤه وملته متبوعة الأمم فاوجب الله على امة محمد ثناءه يقول الفقير كان ابراهيم عليه السلام قطب التوحيد الذاتي وصلوات الله عليه
أتم من صلواته على سائر أصفيائه وكان أمته اكثر استعدادا من الأمم السالفة حتى بعث الله غيره الى جميع المراتب من الافعال والصفات والذات وان لم يظهر حكمها تفصيلا كما فى هذه الامة المرحومة ولذا اختص ببناء الكعبة اشارة الى سر الذات ولذا لم يتكرر الحج تكرر سائر العبادات وامر نبينا باتباع ملته اى باعتبار الجمع دون التفصيل إذ لا متمم لتفاصيل الصفات الا هو ولذلك لم يكن غيره خاتما فلهذه المعاني خص ابراهيم بالذكر فى الصلاة وشبه صلوات نبينا بصلاته دون صلوات غيره فاعرف ثم ان الآية الكريمة دلت على وجوب الصلاة والسلام على نبينا عليه السلام وذلك لان النفس الانسانية منغمسة غالبا فى العلائق البدنية والعوائق الطبيعية كالاكل والشرب ونحوها وكالاوصاف الذميمة والأخلاق(7/226)
الرديئة والمفيض تعالى وتقدس فى غاية التنزه والتقدس فليس بينهما مناسبة والاستفاضة منه انما تحصل بواسطة ذى جهتين اى جهة التجرد وجهة التعلق كالحطب اليابس بين النار والحطب الرطب وكالغضروف بين اللحم والعظم وتلك الواسطة حضرة صاحب الرسالة عليه السلام حيث يستفيض من جهة تجرده ويفيض من جهة تعلقه فالصلاة عليه واجبة عقلا كما انها واجبة شرعا اى بهذه الآية لكن مطلقا اى فى الجملة إذ ليس فيها تعرض للتكرار كما فى قوله تعالى (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) وقال الطحاوي تجب الصلاة عليه كلما جرى ذكره على لسانه او سمعه من غيره قال فى بحر العلوم وهو الأصح لان الأمر وان كان لا يقتضى التكرار الا ان تكرار سبب الشيء يقتضى تكراره كوقت الصلاة لقوله عليه السلام (من ذكرت عنده فلم يصل علىّ فدخل النار فابعده الله) اى من رحمته وفى الحديث (لا يرى وجهى ثلاثة أقوام أحدها العاق لوالديه والثاني تارك سنتى والثالث من ذكرت عنده فلم يصل علىّ) وفى الحديث (اربع من الجفاء ان يبول الرجل وهو قائم وان يمسح جبهته قبل ان يفرغ وان يسمع النداء فلا يشهد مثل يشهد المؤذن وان اذكر عنده فلا يصلى علىّ) فان قلت الصلاة على النبي لم تخل عن ذكره ولو وجبت كلما ذكر لم نجد فراغا من الصلاة عليه مدة عمرنا قلت المراد من ذكر النبي الموجب للصلاة عليه الذكر المسموع فى غير ضمن الصلاة عليه وقيل تجب الصلاة فى كل مجلس مرة فى الصحيح وان تكرر ذكره كما قيل فى آية السجدة وتشميت العاطس وان كان السنة ان يشمت لكل مرة الى ان يبلغ الى ثلاث ثم هو مخير ان شاء شمته وان شاء تركه وكذلك تجب الصلاة فى كل دعا فى اوله وآخره وقيل تجب فى العمر مرة كما فى اظهار الشهادتين والزيادة عليها مندوبة والذي يقتضيه الاحتياط وتستدعيه معرفة علو شأنه ان يصلى عليه كلما جرى ذكره الرفيع كما قال فى فتح الرحمن المختار فى مذهب ابى حنيفة انها مستحبة كلما ذكر وعليه الفتوى وفى تفسير الكاشفى [وفتوى بر آنست كه نام آن حضرت هر چند تكرار يابد يك نوبت درود واجبست وباقى سنت] اى يستحب تكرارها كلما ذكر بخلاف سجود التلاوة فانه لا يندب تكراره بتكرير التلاوة فى مجلس واحد. والفرق ان الله تعالى غنى غير محتاج بخلاف النبي عليه السلام كما فى حواشى الهداية للامام الخبازى ولو تكرر اسم الله فى مجلس واحد او فى مجالس يجب لكل مجلس ثناء على حدة بان يقول سبحان الله او تبارك الله او جل جلاله او نحو ذلك فان تعظيم الله لازم فى كل زمان ومكان ولو تركه لا يقضى بخلاف الصلاة على النبي عليه السلام لانه لا يخلو عن تجدد نعم الله الموجبة للثناء فلا يخلص للقضاء وقت بخلاف الصلاة على النبي فتبقى دينا فى الذمة فتقضى لان كل وقت محل للاداء وفى قاضى خان رجل يقرأ القرآن ويسمع اسم النبي لا تجب عليه الصلاة والتسليم لان قراءة القرآن على النظم والتأليف أفضل من الصلاة على النبي فاذا فرغ من القرآن ان صلى عليه كان حسنا وان لم يصل لا شىء عليه اما الصلاة عليه فى التشهد الأخير كما سبق فسنة عند ابى حنيفة ومالك وشرط لجواز الصلاة عند الشافعي وركن عند احمد فتبطل الصلاة عندهما بتركها عمدا كان او سهوا لقوله عليه(7/227)
السلام (لا صلاة لمن لم يصل علىّ فى صلاته) قلنا ذلك محمول على نفى
الكمال ولو كانت فريضة لعلمها النبي عليه السلام الاعرابى حين علمه اركان الصلاة واما الصلاة على غير الأنبياء فتجوز تبعا بان يقول اللهم صل على محمد وعلى آله. ويكره استقلالا وابتداء كراهة تنزيه كما هو الصحيح الذي عليه الأكثرون فلا يقال اللهم صل على ابى بكر لانه فى العرف شعار ذكر الرسل. ومن هنا كره ان يقال محمد عز وجل مع كونه عزيزا جليلا ولتأديته الى الاتهام بالرفض لانه شعار اهل البدع وقد نهينا عن شعارهم وفى الحديث (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقف مواقف التهم) واما السلام فهو فى معنى الصلاة فلا يستعمل الغائب فلا يفرد به غير الأنبياء فلا يقال علىّ عليه السلام كما تقول الروافض وتكتبه وسواء فى هذا الاحياء والأموات. واما الحاضر فيخاطب به فيقال السلام عليك او عليكم وسلام عليك او عليكم وهذا مجمع عليه. والسلام على الأموات عند الحضور فى القبور من قبيل السلام على الحاضر وقد سبق واما افراد الصلاة عن ذكر السلام وعكسه فقد اختلفت الروايات فيه منهم من ذهب الى عدم كراهته فان الواو فى وسلموا لمطلق الجمع من غير دلالة على المعية وعن ابراهيم النخعي ان السلام اى قول الرجل عليه السلام يجزى عن الصلاة على النبي عليه السلام لقوله تعالى (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) ولكن لا يقتصر على الصلاة فاذا صلى او كتب اتبعها التسليم ويستحب الترضي والترحم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الأخيار فيقال ابو بكر وابو حنيفة رضى الله عنه او رحمه الله او نحو ذلك فليس رضى الله عنه مخصوصا بالصحابة بل يقال فيهم رحمه الله ايضا. والأرجح فى مثل لقمان ومريم والخضر والإسكندر المختلف فى نبوته ان يقال رضى الله عنه او عنها ولو قال عليه السلام او عليها السلام لا بأس به وقال الامام اليافعي فى تاريخه والذي أراه ان يفرق بين الصلاة والسلام والترضي والترحم والعفو. فالصلاة مخصوصة على المذهب الصحيح بالأنبياء والملائكة. والترضي مخصوص بالصحابة والأولياء والعلماء. والترحم لمن دونهم. والعفو للمذنبين. والسلام مرتبة بين مرتبة الصلاة والترضي فيحسن ان يكون لمن منزلته بين منزلتين اعنى يقال لمن اختلف فى نبوتهم كلقمان والحضر وذى القرنين لا لمن دونهم. ويكره ان يرمز للصلاة والسلام على النبي عليه الصلاة والسلام فى الخط بان يقتصر من ذلك على الحرفين هكذا «عم» او نحو ذلك كمن يكتب «صلعم» يشير به الى صلى الله عليه وسلم. ويكره حذف واحد من الصلاة والتسليم والاقتصار على أحدهما وفى الحديث (من صلى علىّ فى كتاب لم تزل صلاته جارية له مادام اسمى فى ذلك الكتاب) كما فى أنوار المشارق لمفتى حلب ثم ان للصلوات والتسليمات مواطن فمنها ان يصلى عند سماع اسمه الشريف فى الاذان قال القهستاني فى شرحه الكبير نقلا عن كنز العباد اعلم انه يستحب ان يقال عند سماع الاولى من الشهادة الثانية (صلى الله عليك يا رسول الله) وعند سماع الثانية (قرة عينى بك يا رسول الله) ثم يقال (اللهم متعنى بالسمع والبصر) بعد وضع ظفر الا بهامين على العينين فانه صلى الله عليه وسلم يكون قائدا له الى الجنة انتهى قال بعضهم [پشت ابهامين بر چشم(7/228)
ماليده اين دعا بخواند (اللهم متعنى) إلخ. ودر صلوات نجمى فرموده كه ناخن هر دو إبهام را بر چشم نهد بطريق وضع نه بطريق مد. ودر محيط آورده كه پيغمبر صلى الله عليه وسلم بمسجد درآمد ونزديك ستون بنشست وصديق رضى الله عنه در برابر آن حضرت نشسته بود بلال رضى الله عنه برخاست وباذان اشتغال فرمود چون كفت اشهد ان محمدا رسول الله ابو بكر رضى الله عنه هر دو ناخن ابهامين خود را بر هر دو چشم خود نهاده كفت «قرة عينى بك يا رسول الله» چون بلال رضى الله عنه فارغ شد حضرت رسول صلى الله عليه وسلم فرموده كه يا أبا بكر هر كه بكند چنين كه تو كردى خداى بيامرزد كناهان جديد وقديم او را اگر بعمد بوده باشد اگر بخطإ وحضرت شيخ امام ابو طالب محمد بن على المكي رفع الله درجته در قوت القلوب روايت كرده از ابن عيينه
رحمه الله كه حضرت پيغمبر عليه الصلاة والسلام بمسجد درآمد در دهه محرم وبعد از آنكه نماز جمعه ادا فرموده بود نزديك أسطوانة قرار كرفت وابو بكر رضى الله عنه بظهر ابهامين چشم خود را مسح كرد وكفت قرة عينى بك يا رسول الله و چون بلال رضى الله عنه از أذان فراغتى روى نمود حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمود كه اى أبا بكر هر كه بگويد آنچهـ تو كفتى از روى شوق بلقاى من وبكند آنچهـ تو كردى خداى دركذارد كناهان ويرا آنچهـ باشد نو وكهنه خطا وعمد ونهان وآشكارا ومن درخواستكيم جرايم ويرا ودر مضمرات برين وجه نقل كرده] وفى قصص الأنبياء وغيرها ان آدم عليه السلام اشتاق الى لقاء محمد صلى الله عليه وسلم حين كان فى الجنة فاوحى الله تعالى اليه هو من صلبك ويظهر فى آخر الزمان فسأل لقاء محمد صلى الله عليه وسلم حين كان فى الجنة فاوحى الله تعالى اليه فجعل الله النور المحمدي فى إصبعه المسبحة من يده اليمنى فسبح ذلك النور فلذلك سميت تلك الإصبع مسبحة كما فى الروض الفائق. او اظهر الله تعالى جمال حبيبه فى صفاء ظفرى ابهاميه مثل المرآة فقبل آدم ظفرى ابهاميه ومسح على عينيه فصار أصلا لذريته فلما اخبر جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القصة قال عليه السلام (من سمع اسمى فى الاذان فقبل ظفرى ابهاميه ومسح على عينيه لم يعم ابدا) قال الامام السخاوي فى المقاصد الحسنة ان هذا الحديث لم يصح فى المرفوع والمرفوع من الحديث هو ما اخبر الصحابي عن قول رسول الله عليه السلام وفى شرح اليماني ويكره تقبيل الظفرين ووضعهما على العينين لانه لم يرد فيه حديث والذي فيه ليس بصحيح انتهى يقول الفقير قد صح عن العلماء تجويز الاخذ بالحديث الضعيف فى العمليات فكون الحديث المذكور غير مرفوع لا يستلزم ترك العمل بمضمونه وقد أصاب القهستاني فى القول باستحبابه وكفانا كلام الامام المكي فى كتابه فانه قد شهد الشيخ السهروردي فى عوارف المعارف بوفور علمه وكثرة حفظه وقوة حاله وقبل جميع ما أورده فى كتابه قوت القلوب ولله در ارباب الحال فى بيان الحق وترك الجدال ومنها ان يصلى بعد سماع الاذان بان يقول (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته) فانه عليه السلام وعد لقائله الشفاعة العظمى(7/229)
ومنها ان يصلى عند ابتداء الوضوء ثم يقول (بسم الله) وبعد الفراغ منه فانه يفتح له أبواب الرحمة وفى المرفوع (لا وضوء لمن لم يصل على النبي عليه السلام) ومنها ان يصلى عند دخول المسجد ثم يقول (اللهم افتح لى أبواب رحمتك) وعند الخروج ايضا ثم يقول (اللهم افتح لى أبواب فضلك واعصمني من الشيطان) وكذا عند المرور بالمساجد ووقوع نظره عليها ويصلى فى التشهد الأخير كما سبق وقبل الدعاء وبعده فان الصلوات مقبولة لا محالة فيرجى ان يقبل الدعاء بين الصلاتين ايضا وفى المصابيح عن فضالة بن عبيد رضى الله عنه قال دخل رجل مسجد الرسول فصلى فقال اللهم اغفر لي وارحمني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عجلت ايها المصلى إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو اهله وصل علىّ ثم ادعه) قال ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله تعالى وصلى على النبي عليه السلام فقال له النبي عليه السلام (ايها المصلى ادع تجب) وفى الحديث (ما من دعاء الا بينه وبين الله حجاب حتى يصلى على محمد وعلى آل محمد فاذا فعل ذلك انخرق الحجاب ودخل الدعاء وإذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء) ذكره فى الروضة وسره ما سبق من ان نبينا عليه السلام هو الواسطة بيننا وبينه تعالى والوسيلة ولا بد من تقديم الوسيلة قبل الطلب وقد قال الله تعالى (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ)
بي بدرقه درود او هيچ دعا ... البته بمنزل اجابت نرسد
وقد توسل آدم عليه السلام الى الله تعالى بسيد الكونين فى استجابة دعوته وقبول توبته كما جاء فى الحديث (لما اعترف آدم بالخطيئة قال يا رب اسألك بحق محمد ان تغفر لى فقال الله تعالى يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال لانك إذ خلقتنى بيدك ونفخت
فىّ من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله فعرفت انك لم تضف الى اسمك الا اسم أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم انه لا حب الخلق الىّ فغفرت لك ولولا محمد لما خلقتك) رواه البيهقي فى دلائله
از نسل آدمي تو ولى به ز آدمي ... شك نيست اندر اين كه بود در به از صدف
سلطان انبيا كه بدرگاه كبريا ... چون او نيافت هيچ كسى عزت وشرف
ويصلى بعد التكبير الثاني فى صلاة الجنازة على الاستحباب عند ابى حنيفة ومالك وعلى الوجوب عند الشافعي واحمد وكذا فى خطبة الجمعة على هذا الاختلاف بين الائمة وكذا فى خطبة العيدين والاستسقاء على مذهب الشافعي والإمامين فانه ليس فى الاستسقاء خطبة ولا أذان واقامة عند الامام بل ولا صلاة بجماعة وانما فيه دعاء واستغفار ويصلى فى الصباح والمساء عشرا ومن صلى بعد صلاة الصبح والمغرب مائة فان الله يقضى له مائة حاجة ثلاثين فى الدنيا وسبعين فى الآخرة وبعد ختم القرآن وهو من مواطن استجابة الدعاء ويصلى قبل الاشتغال بالذكر منفردا او مجتمعا فان الملائكة يحضرون مجالس الذكر ويوافقون اهله فى الذكر والدعاء والصلوات. وعند ابتداء كل امر ذى بال وفى ايام شعبان ولياليها فانه عليه السلام أضاف شعبان الى نفسه ليكثر فيه أمته الصلوات عليه [ودر آثار آمده كه در آسمان درياييست كه انرا درياى بركات كويند وبر لب آن دريا درختيست كه آنرا درخت تحيات خوانند وبر ان(7/230)
درخت مرغيست كه مسمى بمرغ صلوات واو را پر بسيارست چون بنده مؤمن در ماه شعبان برسيد آخر الزمان صلوات فرستد آن مرغ بدان دريا فرو شود وغوطه زده بيرون آيد وبر ان درخت نشيند و پرهاى خود را بيفشاند حق تعالى از هر قطره آب كه از پر وى بچكد فرشته بيافريند وآن همه بحمد وثناى حق تعالى مشغول كردند وثواب ايشان در ديوان عمل درود دهنده رقم ثبت يابد ودر خبر آمده كه يك درود در ماه شعبان برابرست با ده درود در غير آن]
شعبان شهر رسول الله فاغتنموا ... صيام أيامه الغر الميامين
صلوا على المصطفى فى شهره وارجوا ... منه الشفاعة يوم الحشر والدين
ويصلى يوم الجمعة وليلته فان الجمعة سيد الأيام ومخصوص بسيد الأنام فللصلوات فيه مزية وزيادة مثوبة وقربة ودرجة وفى الحديث (ان أفضل أيامكم يوم الجمعة خلق فيه آدم وفيه النفخة وفيه الصعقة فاكثروا علىّ من الصلاة فيه فان صلاتكم معروضة علىّ) قيل يا رسول الله كيف تعرض عليك صلاتنا وقدر ممت اى بليت قال (ان الله حرم على الأرض ان تأكل أجساد الأنبياء) وفى الحديث (من صلى علىّ يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين سنة ومن صل علىّ كل يوم خمسمائة مرة لم يفتقر ابدا) [ودر ازهار الأحاديث آيد كه حق تعالى بعضى از ملائكه مقربين روز پنجشنبه از دائره چرخ برين بمركز زمين فرستد با صحيفها از نقره وقلمها از زر تا بنويسند صلواتى را كه مؤمنان در شب وروز جمعه برسيد عالم مى فرستد]
بروز جمعه درود محمد عربى ... ز روى قدر ز ايام ديكر افزونست
وعن بعض الكبار ان من صلى على النبي عليه السلام ليلة الجمعة ثلاثة آلاف رأى فى منامه ذلك الجناب العالي ذكره على الصفي فى الرشحات ويصلى عند الركوب: يعنى [در همه سفرها در وقت نشستن بر مركب بايد كفت كه] بسم الله والله اكبر وصل على محمد خير البشر ثم يتلو قوله تعالى (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) ويصلى فى طريق مكة: يعنى [در راه حرم كعبه چون كسى خواهد كه بر بلندى رود تكبير بايد كفت و چون روى بنشيب آرد صلوات بايد فرستاد] وعند استلام الحجر يقول (اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك وسنة نبيك) ثم يصلى على النبي عليه السلام. ويصلى على جبل الصفا والمروة وبعد الفراغ من التلبية ووقت الوقوف عند المشعر الحرام وفى طريق المدينة وعند وقوع النظر عليها وعند طواف الروضة المقدسة وحين التوجه الى القبر المقدس [هر كه نزديك قبر آن حضرت ايستاده آيت (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ) تا آخر بخواند وهفتاد بار بگويد] صلى الله عليك يا محمد [فرشته ندا كند كه] صلى الله عليك يا فلان [بخواه حاجتى كه دارى كه هيچ حاجت تو رد نمى شود] ويصلى بين القبر والمنبر ويكبر ويدعو. ويصلى وقت استماع ذكره عليه السلام كما سبق. وكذا وقت ذكر اسمه الشريف وكتابته: يعنى [كاتب را صلوات بايد فرستاد بزبان وبدست نيز بايد نوشت] ويصلى عند ابتداء درس الحديث وتبليغ السنن فيقول (الحمد لله رب العالمين أكمل الحمد على كل حال والصلاة والسلام الأتمان(7/231)
والأكملان على سيد المرسلين كلما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون اللهم صل عليه وعلى آله وسائر النبيين وآل كل وسائر الصالحين نهاية ما ينبغى ان يسلكه السالكون) ويصلى عند ابتداء التذكير والعظة اى بعد الحمد والثناء لانه موطن تبليغ العلم المروي عنه عليه السلام ووقت كفاية المهم ورفع الهم ووقت طلب المغفرة والكفارة فان الصلاة عليه محاء الذنوب ووقت المنام والقيام منه وحين دخول السوق لتربح تجارة آخرته وحين المصافحة لاهل الإسلام وحين افتتاح الطعام فيقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وطيب أرزاقنا وحسن أخلاقنا وفى الشرعة والسنة فى أكل الفجل بضم الفاء وسكون الجيم بالفارسية [ترب] ان يذكر النبي عليه السلام فى أول قضمة: يعنى [در أول دندان برو زدن] لئلا يوجد ريحه: يعنى [تا دريافته نشود رايحه آن] قال بعضهم المقصود الأصلي من الفجل ورقه كما قالوا المطلوب من الحمام العرق ومن الفجل الورق ويصلى عند اختتام الطعام فيقول (الحمد لله الذي أطعمنا هذا ورزقناه من غير حول منا وقوة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وتنزل البركات اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم ويصلى عند قيامه من المجلس فيقول (صلى الله وملائكته على محمد وعلى أنبيائه) فانه كفارة اللهو واللغو الواقعين فيه ويصلى عند العطسة عند البعض وكرهه الأكثرون كما قال فى الشرعة وشرحها. ولا يذكر اسم النبي عند العطاس بل يقول الحمد لله. ولا وقت الذبح حتى لو قال بسم الله واسم محمد لا يحل لانه لا يقع
الذبح خالصا لله ولو قال بسم الله وصلى الله على محمد يكره. ولا وقت التعجب فان الذكر عند التعجب ان يقول سبحان الله ويصلى عند طنين الاذن ثم يقول (ذكر الله بخير من ذكرنى) وفى خطبة النكاح فيقول (الحمد لله الذي أحل النكاح وحرم السفاح والصلاة والسلام على سيدنا محمد الداعي الى الله القادر الفتاح وعلى آله وأصحابه ذوى الفلاح والنجاح) وعند شم الورد وفى مسند الفردوس (الورد الأبيض خلق من عرقى ليلة المعراج. والورد الأحمر خلق من عرق جبريل. والورد الأصفر خلق من عرق البراق) وعن انس رضى الله عنه رفعه (لما عرج بي الى السماء بكت الأرض من بعدي فنبت الأصفر من نباتها فلما ان رجعت قطر عرقى على الأرض فنبت ورد احمر ألا من أراد ان يشم رائحتى فليشم الورد الأحمر) قال ابو الفرج النهرواني هذا الخبر يسير من كثير مما أكرم الله به نبيه عليه السلام ودل على فضله ورفيع منزلته كما فى المقاصد الحسنة
ز كيسوى او نافه بو يافته ... كل از روى او آبرو يافته
[در خبر آمده كه هر كل بوى كند وبر من صلوات نفرستد جفا كرده باشد با من] ويصلى عند خطور ذلك الجناب بباله وعند ارادة ان يتذكر ما غاب عن الخاطر فان بركة الصلوات تخطر على القلب ومن آداب المصلى ان يصلى على الطهارة وقد سبق حكاية السلطان محمود عند قوله تعالى (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ) إلخ الآية وان يرفع صوته عند أداء الحديث [ودر آثار آمده كه برداريد آواز خود را در اداى صلوات كه رفع الصوت بوقت اداى درود صيقليست كه غبار شقاق و ژنكار نفاق را از مراياء قلوب مى زدايد(7/232)
نام تو صيقليست كه دلهاى تيره را ... روشن كند چوآينهاء سكندرى
وان يكون على المراقبة وهو حضور القلب وطرد الغفلة وان يصحح نيته وهو ان تكون صلواته امتثالا لامر الله وطلبا لرضاه وجلبا لشفاعة رسوله وان يستوى ظاهره وباطنه فان الذكر اللساني ترجمان الفكر الجناني فلا بد من تطبيق أحدهما بالآخر والا فمجرد الذكر اللساني من غير حضور القلب غير مفيد وان يصلى ورسول الله صلى الله عليه وسلم مشهود لديه كما يقتضيه الخطاب فى قوله السلام عليك فان لم يكن يراه حاضرا وسامعا لصلاته فاقل الأمران يعلم انه عليه السلام يرى صلاته معروضة عليه وإلا فهي مجرد حركة لسان ورفع صوت واعلم ان الصلوات متنوعة الى اربعة آلاف وفى رواية الى اثنى عشر الفا على ما نقل عن الشيخ سعد الدين محمد الحموي قدس سره كل منها مختار جماعة من اهل الشرق والغرب بحسب ما وجدوه رابطة المناسبة بينهم وبينه عليه السلام وفهموا فيه الخواص والمنافع منها ما سبق فى أوائل الآية وهو قوله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم [در رياض الأحاديث آورده كه پيغمبر عليه السلام فرمود كه در بهشت درختيست كه آنرا محبوبه كويند ميوه او خردترست از أنار وبزركترست از سيب وآن ميوه ايست سفيدتر از شير وشيرين تر از عسل ونرم تر از مسكه نخورد از آن ميوه الا كسى كه هر روز مداومت كند بر كفتن] اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم ومنها قوله (اللهم صل على محمد النبي كما امرتنا ان نصلى عليه وصل على محمد النبي كما ينبغى ان يصلى عليه وصل على محمد بعدد من صلى عليه وصل على محمد النبي بعدد من لم يصل عليه وصل على محمد النبي كما تحب ان يصلى عليه) من صلى هذه الصلوات صعد له من العمل المقبول ما لم يصعد لفرد من افراد الامة وأمن من المخاوف مطلقا خصوصا إذا كان على طريق يخاف فيه من قطاع الطريق واهل البغي
هست از آفات دوران ومخافات زمان ... نام او حصن حصين وذكر او دار الامان
ومنها قوله (اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وعلى المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات) من صلى هذه الصلوات كثر ماله يوما فيوما ومنها قوله (اللهم صل على محمد وآله عدد ما خلقت اللهم صل على محمد وآله ملئ ما خلقت اللهم صل على محمد وآله عدد كل شىء اللهم صل على محمد وآله ملئ كل شىء اللهم
صل على محمد وآله عدد ما أحصاه كتابك اللهم صل على محمد وآله ملئ ما أحصاه كتابك اللهم صل على محمد وآله عدد ما أحاط به علمك اللهم صل على محمد وآله ملئ ما أحاط به علمك) قال الكاشفى [اين صلوات ثمانيه منسوبست بنجبا وايشان هشت تن اند در هر زمانى زياده وكم نشوند حضرت شيخ قدس سره در فتوحات فرمود كه ايشان اهل علم اند بصفات ثمانيه ومقام ايشان كرسى است يعنى كشف ايشان از ان تجاوز نتواند نمود ودر علم تيسير كواكب از جهت كشف واطلاع نه بروجه اصطلاح قدمى راسخ دارند وسلطان ابراهيم بن أدهم قدس سره ايشانرا در قبة الملائكة ديده در حرم مسجد أقصى وهر يك يك كلمه ازين صلوات بوى آموخته اند فرموده كه ما را ببركات اين كلمات تصرفات كلى هست واحوال ومواجيد بجهت اين ورد بر ما غلب مى كند وفوائد(7/233)
اين بسيارست نقلست كه حضرت ابراهيم أدهم بقيه عمر بر اداى اين صلوات مواظبت مى نموده ومنها قوله (اللهم صل على سيدنا محمد مفرّق فرق الكفر والطغيان ومشتت بغاة جيوش القرين والشيطان وعلى آل محمد وسلم) [از حضرت شيخ المشايخ سعد الدين الحموي قدس سره روايت كرده اند كه اگر كسى از وسوسه شيطان ودغدغه نفس وهوى متضرر باشد بايد كه پيوست بدين نوع صلوات فرستد تا از شر شياطين وهمزات ايشان مأمون ومحفوظ باشد] ومنها قوله (اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم بعدد ما فى جميع القرآن حرفا حرفا وبعدد كل حرف الفا الفا) من قاله من الحفاظ بعد تلاوة حزب من القرآن استظهر بميامنه فى الدنيا والآخرة واستفاد من فائدته صورة ومعنى ومنها قوله اللهم صل على سيدنا محمد ما اختلف الملوان وتعاقب العصران وكرّ الجديدان واستقل الفرقدان وبلغ روحه وأرواح اهل بيته منا التحية والسلام وبارك وسلم عليه كثيرا) [آورده اند كه كسى نزد سلطان غازى محمود غزنوى آمد وكفت مدتى بود كه حضرت پيغمبر را عليه السلام ميخواستم كه در خواب ببينم وغمى كه در دل دارم بآن دلدار غمخوار بازگويم]
همه شب ديده بعمدا نكشايم از خواب ... بو كه در خواب بدان دولت بيدار رسم
[قضا را سعادت مساعده نموده شب دوش بدان دولت بيدار رسيدم ورخسار جانفزاى جهان آرايش «كالقمر ليلة البدر وكالروح ليلة القدر» ديدم چون آن حضرت را منبسط يافتم كفتم يا رسول الله هزار درم قرض دارم اداى ويرا قادر نيستم ومى ترسم كه أجل در رسد ووام در كردن من بماند حضرت پيغمبر عليه السلام فرمود كه نزد محمود سبكتكين رو واين مبلغ ازو بستان كفتم يا سيد البشر شايد از من باور نكند ونشانى طلبد كفت بگو بدان نشانى كه در أول شب كه تكيه ميكنى سى هزار بار بر من درود مى دهى وباخر شب كه بيدار ميشوى سى هزار نوبت ديكر صلوات مى فرستى وام مرا ادا كن سلطان محمود بگريه درآمد واو را تصديق كرده قرضش ادا كرد وهزار درم ديكرش بداد اركان دولت متعجب شده كفتند اى سلطان اين مرد را درين سخن محال كه كفت تصديق كردى وحال آنكه ما در أول شب وآخر با توييم ونمى بينم كه بصلوات اشتغال ميكنى واگر كسى بفرستادن درود مشغول كردد وبجدي وجهدى كه زياده از ان در حين تصور نيايد در تمام اوقات وساعات شبانه روز شصت هزار بار صلوات نميتواند فرستاد باندك فرصتى در أول وآخر شب چكونه اين صورت تيسييرپذير باشد سلطان محمود فرمود كه من از علما شنوده بودم كه هر كه يكبار بدين نوع صلوات فرستد كه (اللهم صل على سيدنا محمد ما اختلف الملوان إلخ) چنان باشد كه ده هزار بار صلوات فرستاده باشد ومن در أول شب سه نوبت ودر آخر شب سه كرت اين را مى خوانم و چنان ميدانم كه شصت هزار صلوات فرستاده ام پس اين درويش كه پيغام سيد أنام عليه الصلاة السلام آورده است كفت آن كريه كه كردم از شادى بود كه سخن علما راست بوده وحضرت رسول عليه الصلاة والسلام بران كواهى داده] ومنها قوله (اللهم صل على محمد وآل محمد بعدد كل داء ودواء)(7/234)
[مولانا شمس الدين كيشى وقتى كه در ولايت وى وباى عام بوده حضرت
رسالت را عليه السلام در واقعه ديده وكفته يا رسول الله مرا دعايى تعليم ده كه ببركت آن از بليه طاعون ايمن شوم آن حضرت فرموده كه هر كه بدين نوع بر من صلوات دهد از طاعون أمان يابد]
اگر ز آفت دوران شكسته حال شوى ... أمان طلب ز جناب مقدس نبوى
وگر سهام حوادث ترا نشانه كند ... پناه بر بحصار درود مصطفوى
ومنها قوله (اللهم صل على محمد بعدد ورق هذه الأشجار. وصل على محمد بعدد الورد والأنوار. وصل على محمد بعدد قطر الأمطار. وصل على محمد بعدد رمل القفار. وصل على محمد بعدد دواب البراري والبحار.) [در ذخيرة المذكرين آورده كه يكى از صلحاى امت در ايام بهار بصحرا بيرون شد وسرسبز أشجار وظهور أنوار وازهار مشاهده نمود كفت «يا رب صل على محمد بعدد ورق إلخ» هاتفى آواز داد كه اى درود دهنده در رنج انداختى كرام الكاتبين را بجهت نوشتن ثواب اين كلمات ومستوجب درجها بنوشتيدى كار از سر كير كه هرچهـ از بدى كرده بودى درين وقت بيامرزند] ومنها قوله (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسلم صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات. وتقضى لنا بها جميع الحاجات. وتطهرنا بها من جميع السيئات. وترفعنا بها عندك أعلى الدرجات. وتبلغنا بها أقصى الغايات. من جميع الخيرات فى الحياة وبعد الممات.) [در شفاء السقم آورده كه فاكهانى در كتاب فجر منير از شيخ ابو موسى ضرير رحمه الله نقل ميكند با جمعى مردم در كشتى نشسته بوديم ناكاه بادى كه او را ريح اقلابيه كويند وزيدن آغاز كرد وملاحان مضطرب شدند چهـ ار كشتى از ان باد سالم راندى از نوادر شمردندى اهل كشتى ازين حال واقف كشت غريو وزارى درگرفتند ودل بر مرگ نهاده يكديكر را وصيت ميكردند ناكاه چشم من در خواب شد وحضرت رسالت را صلى الله عليه وسلم ديدم كه بكشتى درآمد وكفت يا أبا موسى اهل كشتى را بگو تا هزار بار صلوات فرستند بدين نوع كه (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد إلخ) بيدار شدم وقصه با ياران كفتم وآن كلمات بر زبان من جارى بود باتفاق مى خوانديم نزديك به سيصد عدد كه خوانده شد آن باد بياراميد وكشتى بسلامت بگذشت]
على المصطفى صلوا فان صلاته ... أمان من الآفات والخطرات
تحيته اصل الميامن فاطلبوا ... بها جملة الخيرات والبركات
ومنها قوله (الصلاة والسلام عليك يا رسول الله. الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله. الصلاة والسلام عليك يا خليل الله. الصلاة والسلام عليك يا صفى الله. الصلاة والسلام عليك يا نجى الله.
الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله. الصلاة والسلام عليك يا من اختاره الله. الصلاة والسلام عليك يا من زينه الله. الصلاة والسلام عليك يا من أرسله الله. الصلاة والسلام عليك يا من شرفه الله. الصلاة والسلام عليك يا من عظمه الله. الصلاة والسلام عليك يا من كرمه الله. الصلاة والسلام عليك يا سيد المرسلين. الصلاة والسلام عليك يا امام المتقين. الصلاة والسلام عليك يا خاتم النبيين. الصلاة والسلام عليك يا شفيع المذنبين. الصلاة والسلام عليك يا رسول(7/235)
رب العالمين. الصلاة والسلام عليك يا سيد الأولين. الصلاة والسلام عليك يا سيد الآخرين. الصلاة والسلام عليك يا قائد المرسلين. الصلاة والسلام عليك يا شفيع الامة. الصلاة والسلام عليك يا عظيم الهمة. الصلاة والسلام عليك يا حامل لواء الحمد. الصلاة والسلام عليك يا صاحب المقام المحمود. الصلاة والسلام عليك يا ساقى الحوض المورود. الصلاة والسلام عليك يا اكثر الناس تبعا يوم القيامة. الصلاة والسلام عليك يا سيد ولد آدم. الصلاة والسلام عليك يا أكرم الأولين والآخرين. الصلاة والسلام عليك يا بشير. الصلاة والسلام عليك يا نذير. الصلاة والسلام عليك يا داعى لله باذنه والسراج المنير. الصلاة والسلام عليك يا نبى التوبة. الصلاة والسلام عليك يا نبى الرحمة. الصلاة والسلام عليك يا مقفى. الصلاة والسلام عليك يا عاقب. الصلاة والسلام عليك يا حاشر. الصلاة والسلام عليك يا مختار. الصلاة والسلام عليك يا ماحى. الصلاة والسلام عليك يا احمد. الصلاة والسلام عليك يا محمد صلوات الله وملائكته ورسله وحملة عرشه وجميع خلقه عليك وعلى آلك وأصحابك ورحمة الله وبركاته) [اين صلوات را صلوات فتح كويند چهل كلمه است صلواتى مباركست ونزد علما معروف ومشهور وبهر مرادى كه بخوانند حاصل كردد هر كه چهل بامداد بعد از اداى فرض بگويد كار فرو بسته او بگشايد وبر دشمن ظفر يابد واگر در حبس بود حق سبحانه وتعالى او را رهايى بخشد وخواص او بسيارست وحضرت عارف صمدانى امير سيد على همدانى قدس سره بعضى ازين صلوات در آخر أوراد فتحيه إيراد فرموده اند وشرط خواندن اين صلوات آنست كه حضرت پيغمبر را صلى الله تعالى عليه وسلم حاضر بيند ومشافهه با ايشان خطاب كند ومنها قوله (السلام عليك يا امام الحرمين. السلام عليك يا امام الخانقين. السلام عليك يا رسول الثقلين. السلام عليك يا سيد من فى الكونين وشفيع من فى الدارين. السلام عليك يا صاحب القبلتين. السلام عليك يا نور المشرقين وضياء المغربين. السلام عليك يا جد السبطين الحسن والحسين عليك وعلى عترتك وأسرتك وأولادك واحفادك وأزواجك وافواجك وخلفائك ونقبائك ونجبائك وأصحابك واحزابك واتباعك واشياعك سلام الله والملائكة والناس أجمعين الى يوم الدين والحمد لله رب العالمين) [اين را تسليمات سبعه كويند كه هفت سلامست هر كه بكارى درماند ومهمات او فرو بسته باشد هفت روزى بعد از نمازى يازده بار صلوات فرستد پس اين را تسليمات هفت بار بخواند مهم كفايت شود وحاجت روا كردد]
يا نبى الله السلام عليك ... انما الفوز والفلاح لديك
بسلام آمدم جوابم ده ... مرهمى بر دل خرابم نه
پس بود جاه واحترام مرا ... يك عليك از تو صد سلام مرا
زارىء من شنو تكلم كن ... كريه من نكر تبسم كن
لب بجنبان پى شفاعت من ... منكر در كناه وطاعت من
قال الكاشفى [فى تفسيره وفى تحفة الصلوات ايضا در كيفيت صلاة أحاديث متنوعه وارد شده وامام نووى فرموده كه أفضل آنست كه جمع نمايند ميان أحاديث طرق مذكوره(7/236)
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60)
چهـ اكثر آن بصحت پيوسته وألفاظ وارده را بتمام بيارند برين وجه كه] (اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم فى العالمين انك حميد مجيد) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ يقال أذى يؤذى أذى واذية واذاية ولا يقال إيذاء كما فى القاموس ولكن شاع بين اهل التصنيف استعماله كما فى التنبيه لابن كمال. ثم ان حقيقة التأذى وهو بالفارسية [آزرده شدن] فى حقه تعالى محال فالمعنى يفعلون ما يكرهه ويرتكبون ما لا يرضاه بترك الايمان به ومخالفة امره ومتابعة هواهم ونسبة الولد والشريك اليه والإلحاد فى أسمائه وصفاته ونفى قدرته على الاعادة وسب الدهر ونحت التصاوير تشبيها بخلق الله تعالى ونحو ذلك وَرَسُولَهُ بقولهم شاعر ساحر كاهن مجنون وطعنهم فى نكاح صفية الهارونية وهو الأذى القولى وكسر رباعيته وشج وجهه الكريم يوم أحد ورمى التراب عليه ووضع القاذورات على مهر النبوة عبد الله بن مسعود [كفت ديدم رسول خدايرا عليه السلام در مسجد حرام در نماز بود سر بر سجود نهاده كه آن كافر بيامد وشكنبه شتر ميان دو كتف وى فروگذاشت رسول همچنان در سجود بخدمت الله ايستاده وسر از زمين برنداشت تا آنكه كه فاطمه زهرا رضى الله عنها بيامد وآن از كتف مبارك وى بينداخت وروى نهاد در جمع قريش وآنچهـ سزاى ايشان بود كفت] ونحو ذلك من الأذى الفعلى ويجوز ان يكون المراد بايذاء الله ورسوله إيذاء رسول الله خاصة بطريق الحقيقة وذكر الله لتعظيمه والإيذان بجلالة مقداره عنده وان ايذاءه عليه السلام إيذاء له تعالى لانه لما قال (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ) فمن آذى رسوله فقد آذى الله قال الامام السهيلي رحمه الله ليس لنا ان نقول ان أبوي النبي صلى الله عليه وسلم فى النار لقوله عليه السلام (لا تؤذوا الاحياء بسبب الأموات) والله تعالى يقول (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) الآية يعنى يدخل التعامل المذكور فى اللعنة الآتية ولا يجوز القول فى الأنبياء عليهم السلام بشىء يؤدى الى العيب والنقصان ولا فيما يتعلق بهم وعن ابى سهلة بن جلاد رضى الله عنه ان رجلا أم قوما فبصق فى القبلة ورسول الله ينظر اليه فقال عليه السلام حين فرغ (لا يصل بكم هذا) فاراد بعد ذلك ان يصلى بهم فمنعوه واخبروه بقول رسول الله فذكر ذلك لرسول الله فقال (نعم) وحسبت انه قال انك آذيت الله ورسوله كما فى الترغيب للامام المنذرى قال العلماء إذا كان الامام يرتكب المكروهات فى الصلاة كره الاقتداء به لحديث ابى سهلة هذا وينبغى للناظر وولى الأمر عزله لانه عليه السلام عزله بسبب بصاقه فى قبلة المسجد وكذلك تكره الصلاة بالموسوس لانه يشك فى افعال نفسه كما فى فتح القريب وانما يكره للامام ان يؤم قوما وهم له كارهون بسبب خصلة توجب الكراهة او لان فيهم من هو اولى منه واما ان كانت كراهتهم بغير سبب يقتضيها فلا تكره إمامته لانها كراهة غير مشروعة فلا تعتبر ومن الاذية ان لا يذكر اسمه الشريف بالتعظيم والصلاة والتسليم: وفى المثنوى
آن دهان كژ كرد واز تسخر بخواند ... مر محمد را دهانش كژ بماند «1»
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان كژ ماندن آن شخص گستاخ كه نام پيغمبر بتمسخر برد(7/237)
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)
باز آمد كاى محمد عفو كن ... اى ترا الطاف علم من لدن
من ترا أفسوس مى كردم ز جهل ... من بدم أفسوس را منسوب واهل
چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد
ور خدا خواهد كه پوشد عيب كس ... كم زند در عيب معيوبان نفس
لَعَنَهُمُ اللَّهُ طردهم وابعدهم من رحمته فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ بحيث لا يكادون ينالون فيهما شيأ منها وَأَعَدَّ لَهُمْ مع ذلك عَذاباً مُهِيناً يصيبهم فى الآخرة خاصة اى نوعا من العذاب يهانون فيه فيذهب بعزهم وكبرهم قال فى التأويلات لما استحق المؤمنون بطاعة الرسول والصلاة عليه صلاة الله فكذلك الكافرون استحقوا بمخالفة الرسول وإيذائه لعنة الله فلعنة الدنيا هى الطرد عن الحضرة والحرمان من الايمان ولعنة الآخرة الخلود فى النيران والحرمان من الجنان وهذا حقيقة قوله (وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) قال فى فتح الرحمن يحرم أذى النبي عليه السلام بالقول والفعل بالاتفاق واختلفوا فى حكم من سبه والعياذ بالله من المسلمين. فقال ابو حنيفة والشافعي هو كفر كالردة يقتل ما لم يتب وقال مالك واحمد يقتل ولا تقبل توبته لان قتله من جهة الحد لا من جهة الكفر واما الكافر إذا سبه صريحا بغير ما كفر به من تكذيبه ونحوه. فقال ابو حنيفة لا يقتل لان ما هو عليه من الشرك أعظم ولكن يؤدب ويعزر. وقال الشافعي ينتقض عهده فيخير فيه الامام بين القتل والاسترقاق والمنّ والفداء ولا يرد مأمنه لانه كافر لا أمان له ولو لم يشترط عليه الكف عن ذلك بخلاف ما إذا ذكره بسوء يعتقده ويتدين به كتكذيب ونحوه فانه لا ينتقض عهده بذلك الا باشتراط. وقال مالك واحمد يقتل ما لم يسلم واختار جماعة من ائمة مذهب احمد ان سابه عليه السلام يقتل بكل حال منهم الشيخ تقى الدين بن تيمية وقال هو الصحيح من المذهب وحكم من سب سائر أنبياء الله وملائكته حكم من سب نبينا عليه السلام واما من سب الله تعالى والعياذ بالله من المسلمين بغير الارتداد عن الإسلام ومن الكفار بغير ما كفروا به من معتقدهم فى عزير والمسيح ونحو ذلك فحكمه حكم من سب النبي صلى الله عليه وسلم نسأل الله العصمة والهداية ونعوذ به من السهو والزلل والغواية انه الحافظ الرقيب وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يفعلون بهم ما يتأذون به من قول او فعل بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا اى بغير جناية يستحقون بها الاذية وتقييد اذاهم به بعد إطلاقه فى الآية السابقة للايذان بان أذى الله ورسوله لا يكون الا غير حق واما أذى هؤلاء فقد يكون حقا وقد يكون غير حق والآية عامة لكل أذى بغير حق فى كل مؤمن ومؤمنة. فتشمل ما روى ان عمر رضى الله عنه خرج يوما فرأى جارية مزينة مائلة الى الفجور فضربها فخرج أهلها فآذوا عمر باللسان. وما روى ان المنافقين كانوا يؤذون عليا رضى الله عنه ويسمعونه ما لا خير فيه. وما سبق من قصة الافك حيث اتهموا عائشة بصفوان السهمي رضى الله عنهما. وما روى ان الزناة كانوا يتبعون النساء إذا برذن بالليل لطلب الماء او لقضاء حوائجهن وكانوا لا يتعرضون الا للاماء ولكن ربما كان يقع منهم التعرض للحرائر ايضا جهلا او تجاهلا لاتحاد الكل فى الزي واللباس حيث كانت تخرج الحرة والامة فى درع(7/238)
وخمار وما سيأتى من اراجيف المرجفين وغير ذلك مما يثقل على المؤمن فَقَدِ احْتَمَلُوا الاحتمال مثل الاكتساب بناء ومعنى كما فى بحر العلوم وقال بعضهم تحملوا لان الاحتمال بالفارسية [برداشتن] بُهْتاناً افتراء وكذبا عليهم من بهته فلان بهتانا إذا قال عليه ما لم يفعله: وبالفارسية [دروغى بزرگ] وَإِثْماً مُبِيناً اى ذنبا ظاهرا وقال الكاشفى: يعنى [سزاوار عقوبت بهتان ومستحق عذاب كناه ظاهر ميشوند] واعلم ان أذى المؤمنين قرن بأذى الرسول عليه السلام كما ان أذى الرسول قرن بأذى الله ففيه اشارة الى ان من آذى المؤمنين كان كمن آذى الرسول ومن آذى الرسول كان كمن آذى الله تعالى فكما ان المؤذى لله وللرسول مستحق الطرد واللعن فى الدنيا والآخرة فكذا المؤذى للمؤمن- روى- ان رجلا شتم علقمة رضى الله عنه فقرأ هذه الآية وعن عبد الرحمن بن سمرة رضى الله عنه قال خرج النبي عليه السلام على أصحابه فقال (رأيت الليلة عجبا رأيت رجالا يعلقون بألسنتهم فقلت من هؤلاء يا جبريل فقال هؤلاء الذين يرمون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا) وفى الحديث القدسي (من
آذى لى وليا فقد بارزني بالمحاربة) : يعنى [هر كه دوستى را از دوستان من بيازارد آن آزارنده جنك مرا ساخته واز آزار آن دوست جفاى من خواسته وهر كه جنك مرا سازد ويرا بلشكر انتقام مقهور كنم واو را بخوارى اندر جهان مشهور سازم]- روى- ان ابن عمر رضى الله عنهما نظر يوما الى الكعبة فقال ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك واوحى الله الى موسى عليه السلام لو يعلم الخلق إكرامي الفقراء فى مجلى قدسى ودار كرامتى للحسوا أقدامهم وصاروا ترابا يمشون عليهم فوعزتى ومجدى وعلوى وارتفاع مكانى لاسفرّن لهم عن وجهى الكريم واعتذر إليهم بنفسي واجعل شفاعتهم لمن برهم فىّ او آواهم فىّ ولو كان عشارا وعزتى ولا أعز مني وجلالى ولا أجل منى انى اطلب نارهم ممن عاداهم حتى أهلكه فى الهالكين: قال الشيخ سعدى قدس سره
نكوكار مردم نباشد بدش ... نورزد كسى بد كه نيك آيدش
نه هر آدمي زاده از دد بهست ... كه دد ز آدمى زاده بد بهست
بهست از دد انسان صاحب خرد ... نه انسان كه در مردم افتد چودد
يعنى خاصمه وافترسه كالاسد مثلا قال فضيل رحمه الله والله لا يحل لك ان تؤذى كلبا ولا خنزيرا بغير ذنب فكيف ان تؤذى مسلما وفى الحديث (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) بان لا يتعرض لهم بما حرم من دمائهم وأموالهم واعراضهم قدم اللسان فى الذكر لان التعرض به اسرع وقوعا واكثر وخص اليد بالذكر لان معظم الافعال يكون بها واعلم ان المؤمن إذا أوذي يلزم عليه ان لا يتأذى بل يصبر فان له فيه الاجر فالمؤذى لا يسعى فى الحقيقة الا فى إيصال الاجر الى من آذاه ولذا ورد (واحسن الى من أساء إليك) وذلك لان المسيئ وان كان مسيئا فى الشريعة لكنه محسن فى الحقيقة
بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من أساء(7/239)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ اى نسائك وكانت تسعا حين توفى عليه السلام وهن عائشة وحفصة وأم حبيبة وأم سلمة وسودة وزينب وميمونة وصفية وجويرية وقد سبق تفاصيلهن نسبا واوصافا وأحوالا وَبَناتِكَ وكانت ثمانى أربعا صلبية ولدتها خديجة وهى زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضى الله عنهن متن فى حياته عليه السلام الا فاطمة فانها عاشت بعده ستة أشهر. وأربعا ربائب ولدتها أم سلمة وهى برة وسلمة وعمرة ودرة رضى الله عنهن وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ فى المدينة يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ مقول القول [والادناء: نزديك كردن] من الدنو وهو القرب. والجلباب ثوب أوسع من الخمار دون الرداء تلويه المرأة على رأسها وتبقى منه ما ترسله الى صدرها بالفارسية [چار] ومن للتبعيض لان المرأة ترخى بعض جلبابها وتتلفع ببعض [والتلفع: جامه بسر تا پاى درگرفتن] والمعنى يغطين بها وجوههن وأبدانهن وقت خروجهن من بيوتهن لحاجة ولا يخرجن مكشوفات الوجوه والأبدان كالاماء حتى لا يتعرض لهن السفهاء ظنا بانهن إماء وعن السدى تغطى احدى عينيها وشق وجهها والشق الآخر الا العين ذلِكَ اى ما ذكر من التغطى أَدْنى اقرب أَنْ يُعْرَفْنَ ويميزن من الإماء والقينات اللاتي هن مواقع تعرض الزناة واذاهم كما ذكر فى الآية السابقة فَلا يُؤْذَيْنَ من جهة اهل الفجور بالتعرض لهن قال انس رضى الله عنه مرت لعمر بن الخطاب جارية متقنعة فعلاها بالدرة وقال يا لكاع تتشبهين بالحرائر القى القناع وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً لما سلف من التفريط وترك الستر رَحِيماً بعباده حيث يراعى مصالحهم حتى الجزئيات منها وفى الآية تنبيه لهن على حفظ انفسهن ورعاية حقوقهن بالتصاون والتعفف. وفيه اثبات زينتهن وعزة قدرهن (ذلِكَ) التنبيه (أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ) ان لهن قدرا ومنزلة وعزة فى الحضرة (فَلا يُؤْذَيْنَ) بالاطماع الفاسدة والأقوال الكاذبة (وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً) لهن بامتثال الأوامر (رَحِيماً) بهن بإعلاء درجاتهن كما فى التأويلات النجمية واعلم انه فهم من الآية شيآن الاول ان نساء ذلك الزمان كن لا يخرجن لقضاء حوائجهن الا ليلا تسترا وتعففا وإذا خرجن نهارا لضرورة يبالغن فى التغطى ورعاية الأدب والوقار وغض البصر عن الرجال الأخيار والأشرار ولا يخرجن الا فى ثياب دنيئة فمن خرجت من بيتها متعطرة متبرجة اى مظهرة زينتها ومحاسنها للرجال فان عليها ما على الزانية من الوزر: قال الشيخ سعدى قدس سره
چوزن راه بازار كيرد بزن ... وگر نه تو در خانه بنشين چوزن
ز بيكانكان چشم زن كور باد ... چوبيرون شد از خانه در كور باد
وعلامة المرأة الصالحة عند اهل الحقيقة ان يكون حسنها مخافة الله وغناها القناعة وحليها العفة اى التكفف عن الشرور والمفاسد والاجتناب عن مواقع التهم. يقال ان المرأة مثل الحمامة إذا نبت لها جناح طارت كذلك الرجل إذا زين امرأته بالثياب الفاخرة فلا تجلس فى البيت
چوبينى كه زن پاى بر جاى نيست ... ثبات از خردمندى وراى نيست(7/240)
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60)
كريز از كفش در دهان نهنك ... كه مردن به از زندكانى به ننك
قال الجامى
چومرد از زن بخوش خويى كشد بار ... ز خوش خويى ببد بويى كشد كار
مكن بر كار زن چندان صبورى ... كه افتد رخنه در رسد غيورى
قيل لا خير فى بنات الكفرة وقد يؤذى عليهن فى الأسواق وتمر عليهن أيدي الفساق يعنى انها فى الابتذال بحيث لا يميل إليها اكثر الرجال والغالب عليها النظر الى الأجانب والميل الى كل جانب فأين نساء الزمان من رابعة العدوية رحمها الله فانها مرضت مرة مرضا شديدا فسئلت عن سببه فقالت نظرت الى الجنة فادبنى ربى وعاتبنى فاخذنى المرض من ذلك العتاب فاذا كان الناظر الى الجنة فى معرض الخطاب والعتاب لكونها مادون الله تعالى مع كونها دار كرامته وتجليه فما ظنك بالناظر الى الدنيا وحطامها ورجالها ونسائها والثاني ان الدنيا لم تخل عن الفسق والفجور حتى فى الصدر الاول فرحم الله امرأ غض بصره عن اجنبية فان النظرة تزرع فى القلب شهوة وكفى بها فتنة قال ابن سيرين رحمه الله انى لأرى المرأة فى منامى فاعلم انها لا تحل لى فاصرف بصرى فيجب ان لا يقرب امرأة ذات عطر وطيب ولا يمس يدها ولا يكلمها ولا يمازحها ولا يلاطفها ولا يخلو بها فان الشيطان يهيج شهوته ويوقعه فى الفاحشة وفى الحديث (من فاكه امرأة لم تحل له ولا يملكها حبس بكل كلمة الف عام فى النار ومن التزم امرأة حراما) اى اعتنقها (قرن مع الشيطان فى سلسلة ثم يؤمر به الى النار) والعياذ بالله من دار البوار لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ لام قسم والانتهاء الانزجار عما نهى عنه: وبالفارسية [باز ايستيدن] والمعنى والله لئن لم يمتنع المنافقون عما هم عليه من النفاق وأحكامه الموجبة للايذاء وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ضعف ايمان وقلة ثبات عليه او فجور من تزلزلهم فى الدين وما يستتبعه مما لا خير فيه او من فجورهم وميلهم الى الزنى والفواحش وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ الرجف الاضطراب الشديد يقال رجف الأرض والبحر وبحر رجاف والرجفة الزلزلة والإرجاف إيقاع الرجفة والاضطراب اما بالفعل او بالقول وصف بالارجاف الاخبار الكاذب لكونه متزلزلا غير ثابت وفى التاج [الإرجاف: خبر دروغ افكندن] والمعنى لئن لم ينته المخبرون بالأخبار الكاذبة فى الفريقين عماهم عليه من نشر اخبار السوء عن سرايا المسلمين بان يقولوا انهزموا وقتلوا وأخذوا وجرى عليهم كيت كيت وأتاكم العدو وغير ذلك من الأراجيف المؤذية الموقعة لقلوب المسلمين فى الاضطراب والكسر والرعب لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ جواب القسم المضمر [الإغراء: برانگيختن بر چيز] يقال غرى بكذا اى لهج به ولصق واصل ذلك من الغراء وهو ما يلصق به وقد أغريت فلانا بكذا إغراء الهجته به والضمير فى بهم لاهل النفاق والمرض والإرجاف اى لنأمرنك بقتالهم واجلائهم او بما يضطرهم الى الجلاء ولنحرضنك على ذلك: وبالفارسية [هر آينه ترا بركماريم بريشان ومسلط سازيم وامر كنيم بقتل ايشان] ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها عطف على جواب القسم وثم للدلالة على ان الجلاء ومفارقه(7/241)
مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62) يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63)
جوار الرسول أعظم ما يصيبهم اى لا يساكنونك: وبالفارسية [پس همسايكى نكند با تو در مدينه] فان الجار من يقرب مسكنه [والمجاورة: با كسى همسايكى كردن] إِلَّا قَلِيلًا زمانا او جوارا قليلا ريثما يتبين حالهم من الانتهاء وعدمه وفى بحر العلوم ريثما يرتحلون بانفسهم وعيالهم مَلْعُونِينَ مطرودين عن الرحمة والمدينة وهو نصب على الشتم والذم اى اشتم واذم او على الحال على ان حرف الاستثناء داخل على الظرف والحال معا اى لا يجاورونك الا حال كونهم ملعونين أَيْنَما ثُقِفُوا فى أي مكان وجدوا وأدركوا: وبالفارسية [هر كجا يافته شوند] قال الراغب الثقف الحذق فى ادراك الشيء وفعله يقال ثقفت كذا إذا أدركته ببصرك لحذق فى النظر ثم قد تجوز به فاستعمل فى الإدراك وان لم يكن معه ثقافة أُخِذُوا [كرفته شوند يعنى بايد كه بگيرند ايشانرا] وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا [وكشته كردند يعنى بكشند كشتنى را بخوارى وزارى] يعنى الحكم فيهم الاخذ والقتل على جهة الأمر فما انتهوا عن ذلك كما فى تفسير ابى الليث وقال محمد بن سيرين فلم ينتهوا ولم يغر الله بهم والعفو عن الوعيد جائز لا يدخل فى الخلف كما فى كشف الاسرار سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ مصدر مؤكد اى سن الله ذلك فى الأمم الماضية سنة وجعله طريقة مسلوكة من جهة الحكمة وهى ان يقتل الذين نافقوا الأنبياء وسعوا فى توهين أمرهم بالارجاف ونحوه أينما ثقفوا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا تغييرا أصلا اى لا يبدلها لابتنائها على أساس الحكمة التي عليها يدور فلك التشريع اولا يقدر أحد على ان يبدلها لانّ ذلك مفعول له لا محالة وفى الآية تهديد للمنافقين عبارة ومن بصددهم من منافقى اهل الطلب من المتصوفة والمتعرفة الذين يلبسون فى الظاهر ثيابهم ويتلبسون فى الباطن بما يخالف سيرتهم وسرائرهم وانهم لو لم يمتنعوا عن أفعالهم ولم يتغيروا عن أحوالهم لا جرى معهم سنته فى التبديل والتغيير على من سلف من نظائرهم ولكل قوم عقوبة بحسب جنايتهم مالك بن دينار رضى الله عنه [كفت كه از حسن بصرى پرسيدم كه عقوبت عالم چهـ باشد كفت مردن دل كفتم مردن دل از چهـ باشد كفت از جستن دنيا «فلا بد من احياء القلب وإصلاح الباطن» نقلست كه جنيد بغدادى قدس سره جامه بر سم علماى دانشمندان پوشيدى او را كفتند اى پير طريقت چهـ بود اگر براى اصحاب مرقع در پوشى كفت اگر دانشمندى بمرقع كار مى شود از آتش وآهن لباس ساختمى ودر پوشيدمى ولكن هر ساعت در باطن من ندايى ميكنند كه «ليس الاعتبار بالخرقة انما الاعتبار بالحرفة»
اى درونت برهنه از تقوى ... وز برون جامه ريا دارى
پرده هفت رنك در مكذار ... تو كه در خانه بوريا دارى
نقلست كه وقتى نماز شام حسن بصرى بدر صومعه حبيب أعجمي كذشت وى اقامت نماز شام كفته بودى وبنماز ايستاد حسن درآمد وشنيد كه «الحمد» را «الهمد» ميخواند كفت نماز او درست نبود بدو اقتدا نكرد وخود نماز بگذارد چون شب بخفت حق را تبارك وتعالى بخواب ديد اى بار خدا رضاى تو در چهـ چيز است كفت يا حسن رضاى من در تو(7/242)
يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63)
يافته بودى واين نماز مهر نمازهاى تو خواسته بود اما ترا سقم عبادت از صحت نيت بازداشت بسى تفاوتست از زبان راست كردن تا دل] فعلى العاقل ان لا يميل الى الشقاوة والنفاق بل الى الإخلاص والوفاق ويقال هاتان الآيتان فى الزنادقة تستثقلهم اهل كل ملة فى الدنيا كما فى كشف الاسرار. والزنديق هو الملحد المبطن للكفر قال ابو حنيفة رضى الله عنه اقتلوا الزنديق وان قال تبت. قال بعضهم الزنديق من يقول ببقاء الدهر اى لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شىء من المحرمات ويقول ان الأموال مشتركة وفى قبول توبته روايتان والذي يرجح عدم قبولها قاتله الله ومن يليه من الملاحدة ولعنهم على حدة وحفظ الأرض من ظهورهم وشرورهم يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ [مى پرسند ترا مردمان] عن وقت قيامها والساعة جزء من اجزاء الزمان ويعبر بها عن القيامة تشبيها بذلك لسرعة حسابها كما قال (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) كان المشركون يسألونه عليه السلام عن ذلك استعجالا بطريق الاستهزاء والتعنت والإنكار واليهود امتحانا لما أن الله تعالى عمى اى أخفى وقتها فى التوراة وسائر الكتب قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ لا يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا [كويند از خلفاى يكى بخواب ديد ملك الموت را ازو پرسيد كه عمر من چند مانده است او پنج انكشت اشارت كرد تعبير خواب از بسيار كس پرسيدند معلوم نشد امام أعظم ابو حنيفه را رضى الله عنه خواندند كفت اشارت بپنج علمست كه كس نداند وآن پنج علم درين آيتست كه الله تعالى كفت (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) الآية خلعت نيكو دادش اما نپوشيد] وَما يُدْرِيكَ أي شىء يجعلك داريا وعالما بوقت قيامها اى لا يعلمك به شىء أصلا فانت لا تعرفه وليس من شرط النبي ان يعلم الغيب بغير تعليم من الله تعالى: وبالفارسية [و چهـ چيز ترا دانا كرد بآن] لَعَلَّ السَّاعَةَ [شايد كه قيامت] تَكُونُ شيأ قَرِيباً او تكون الساعة فى وقت قريب فتكون تامة وانتصاب قريبا على الظرفية وفيه تهديد للمستعجلين وإسكات للمتعنتين قالوا من اشراط الساعة ان يقول الرجل افعل غدا فاذا جاء غد خالف قوله فعله وان ترفع الأشرار وتوضع الأخيار ويرفع العلم ويظهر الجهل ويفشو الزنى والفجور ورقص القينات وشرب الخمور ونحو ذلك من موت الفجأة وعلوّ أصوات الفساق فى المساجد والمطر بلا نبات وفى الحديث (لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش وحتى يعبد الدرهم والدينار) الى غير ذلك وذكر أمورا لم تحدث فى زمانه ولا بعده وكانت إذا هبت ريح شديدة تغير لونه عليه السلام وقال (تخوفت الساعة) وقال (ما امدّ طرفى ولا أغضه الا وأظن الساعة قد قامت) يعنى موته فان الموت الساعة الصغرى اى موت كل انسان كما ان موت اهل القرن الواحد هى الساعة الوسطى نسأل الله التدارك قال المولى الجامى قدس سره
كار امروز را مباش أسير ... بهر فردا ذخيره برگير
روز عمرت بوقت عصر رسيد ... عصر تو تا نماز شام كشيد
خفتن خواب مرك نزديكست ... موج كرداب مرك نزديكست(7/243)
إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67)
فانتبه قد أقيمت الساعة ... ان عمر الخلائق ساعه
إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ على الإطلاق لا منكرى الحشر ولا معاندى الرسول فقط اى طردهم وابعدهم من رحمته العاجلة والآجلة ولذلك يستهزئون بالحق الذي لا بد لكل خلق من انتهائه اليه والاهتمام بالاستعداد له وَأَعَدَّ لَهُمْ مع ذلك سَعِيراً نارا مسعورة شديدة الاتقاد يقاسونها فى الآخرة: وبالفارسية [آماده كرد براى عذاب ايشان آتشى افروخته] يقال سعر النار واسعرها وسعرها أوقدها خالِدِينَ فِيها مقدّرا خلودهم فى السعير أَبَداً دائما: وبالفارسية [در حالتى كه جاويد باشند در ان يعنى هميشه در آتش معذب مانند] أكد الخلود بالتأييد والدوام مبالغة فى ذلك لا يَجِدُونَ وَلِيًّا يحفظهم وَلا نَصِيراً يدفع العذاب عنهم ويخلصهم منه يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ظرف لعدم الوجدان اى يوم تصرف وجوههم فيها من جهة الى جهة كاللحم ليشوى فى النار او يطبخ فى القدر فيدور به الغليان من جهة الى جهة ومن حال الى حال او يطرحون فيها مقلوبين منكوسين وتخصيص الوجوه بالذكر للتعبير عن الكل وهى الجملة بأشرف الاجزاء وأكرمها ويقال تحول وجوههم من الحسن الى القبيح ومن حال البياض الى حال السواد يَقُولُونَ استئناف بيانى كأنه قيل فماذا يصنعون عند ذلك فقيل يقولون متحسرين على ما فاتهم يا لَيْتَنا يا هؤلاء فالمنادى محذوف ويجوز ان يكون يا لمجرد التنبيه من غير قصد الى تعيين المنبه: وبالفارسية [كاشكى ما] أَطَعْنَا اللَّهَ فى دار الدنيا فيما أمرنا ونهانا وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا فيما دعانا الى الحق فلن نبتلى بهذا العذاب وَقالُوا اى الاتباع عطف على يقولون والعدول الى صيغة الماضي للاشعار بان قولهم هذا ليس مسببا لقولهم السابق بل هو ضرب اعتذار أرادوا به ضربا من التشفي بمضاعفة عذاب الذين القوهم فى تلك الورطة وان علموا عدم قبوله فى حق خلاصهم منها رَبَّنا [اى پروردگار ما] إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا يعنون قادتهم ورؤساء هم الذين لقنوهم الكفر والتعبير عنهم بعنوان السيادة والكبر لتقوية الاعتذار والا فهم فى مقام التحقير والاهانة. والسادة جمع سيد وجمع الجمع سادات وقد قرئ بها للدلالة على الكثرة قال فى الوسيط وسادة احسن لان العرب لا تكاد تقول سادات. والكبراء جمع كبير وهو مقابل الصغير والمراد الكبير رتبة وحالا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا اى صرفونا عن طريق الإسلام والتوحيد بما زينوا لنا الكفر والشرك يقال أضله الطريق وأضله عن الطريق بمعنى واحد اى اخطأ به عنه: وبالفارسية [پس كم كردند راه ما را يعنى ما را از راه ببردند وبافسون وافسانه فريب دادند] والالف الزائدة فى الرسولا والسبيلا لاطلاق الصوت لان اواخر آيات السورة الالف والعرب تحفظ هذا فى خطبها واشعارها قال فى بحر العلوم قرأ ابن كثير وابو عمرو وحمزة وحفص والكسائي (أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) بغير الف فى الوصل. وحمزة وابو عمرو ويعقوب فى الوقف ايضا والباقون بالألف فى الحالين تشبيها للفواصل بالقوافي فان زيادة الالف لاطلاق الصوت وفائدتها الوقف والدلالة على ان الكلام قد انقطع وان ما بعده مستأنف واما حذفها(7/244)
رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)
فهو القياس اى فى الوصف والوقف رَبَّنا تصدير الدعاء بالنداء المكرر للمبالغة فى الجؤار واستدعاء الاجابة آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ اى مثلى العذاب الذي أوتيناه لانهم ضلوا وأضلوا فضعف لضلالهم فى أنفسهم عن طريق الهداية وضعف لاضلالهم غيرهم عنها وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً اى شديدا عظيما واصل الكبير والعظيم ان يستعملا فى الأعيان ثم استعيرا للمعانى: وبالفارسية [وبر ايشان راندن بزرك كه بآن خواندن نباشد ومقرر است كه هر كرا حق تعالى براند ديكرى نتواند كه بخواند]
هر كه را قهر تو راند كه تواند خواندن ... وانكه را لطف تو خواند نتوانش راندن
وقرئ كثيرا اى كثير العدد اى اللعن على اثر اللعن اى مرة بعد مرة ويشهد للكثرة قوله تعالى (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) قال فى كشف الاسرار [محمد بن ابى السرى مردى بود از جمله نيك مردان روزكار كفتا بخواب نمودند مرا كه در مسجد عسقلان كسى قرآن مى خواند باينجا رسيد كه (وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) من كفتم كثيرا وى كفت كبيرا باز نكرستم رسول خدايرا ديدم در ميان مسجد كه قصد مناره داشت فرا پيش وى رفتم كفتم «السلام عليك يا رسول الله استغفر لى» رسول از من بركشت ديكر بار از سوى راست وى درآمدم كفتم «يا رسول الله استغفر لى» رسول اعراض كرد برابر وى بايستادم كفتم يا رسول الله سفيان بن عيينه مرا خبر كرد از محمد بن المنكدر از جابر بن عبد الله كه هركز از تو نخواستند كه كفتى «لا» چونست كه سؤال من رد ميكنى ومرادم نميدهى رسول خدا تبسمى كرد آنكه كفت (اللهم اغفر له) پس كفتم يا رسول الله ميان من واين مرد خلافست او ميكويد (وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) ومن ميكويم (كثيرا) رسول همچنان بر مناره ميشد وميكفت] (كثيرا كثيرا كثيرا) ثم ان الله تعالى اخبر بهذه الآيات عن صعوبة العقوبة التي علم انه يعذبهم بها وما يقع لهم من الندامة على ما فرطوا حين لا تنفعهم الندامة ولا يكون سوى الغرامة والملامة
حسرت از جان او برآرد دود ... وان زمان حسرتش ندارد سود
بسكه ريزد ز ديده أشك ندم ... غرق كردد ز فرق تا بقدم
آب چشمش شود در ان شيون ... آتشش را بخاصيت روغن
كاش اين كريه پيش ازين كردى ... غم اين كار بيش ازين كردى
اى بمهد بدن چوطفل صغير ... مانده در دست خواب غفلت أسير
پيش از ان كت أجل كند بيدار ... كر بمردى ز خواب سر بردار
اللهم أيقظنا من الغفلة وادفع عنا الكسر واستخدمنا فيما يرضيك من حسن العمل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا فى ان تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل نزلت فى شأن زينب وما سمع فيه من مقالة الناس كما سبق وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال قسم النبي عليه السلام قسما فقال رجل ان هذه القسمة ما أريد بها وجه الله فاتيت النبي عليه السلام فاخبرته فغضب حتى رأيت الغضب فى وجهه ثم قال (يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا) كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى كقارون وأشياعه وغيرهم من سفهاء بنى إسرائيل كما سيأتى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ(7/245)
مِمَّا قالُوا
اصل البراءة التفصى مما تكره مجاورته اى فاظهر براءة موسى عليه السلام مما قالوا فى حقه اى من مضمونه ومؤداه الذي هو الأمر المعيب فان البراءة تكون من العيب لا من القول وانما الكائن من القول التخلص وَكانَ موسى عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً فى الوسيط وجه الرجل يوجه وجاهة فهو وجيه إذا كان ذا جاه وقدر قال فى تاج المصادر [الوجاهة: خداوند قدر وجاه شدن] والمعنى ذا جاه ومنزلة وقربة فكيف يوصف بعيب ونقيصة وقال ابن عباس رضى الله عنهما وجيها اى حظيا لا يسأل الله شيأ الا أعطاه وفيه اشارة الى ان موسى عليه السلام كان فى الأزل عند الله مقضيا له بالوجاهة فلا يكون غير وجيه بتعيير بنى إسرائيل إياه كما قيل
ان كنت عندك يا مولاى مطرحا ... فعند غيرك محمول على الحذف
وفى المثنوى
كى شود دريا ز پوز سك نجس ... كى شود خورشيد از پف منطمس
وفى البستان
أمين وبدانديش طشتند ومور ... نشايد درو رخنه كردن بزور «1»
واختلفوا فى وجه أذى موسى عليه السلام فقال بعضهم ان قارون دفع الى زانية مالا عظيما على ان تقول على رأس الملأ من بنى إسرائيل انى حامل من موسى على الزنى فاظهر الله نزاهته عن ذلك بان أقرت الزانية بالمصانعة الجارية بينها وبين قارون وفعل بقارون ما فعل من الخسف كما فصل فى سورة القصص
كند از بهر كليم الله چاه ... در چهـ افتاد وبشد حالش تباه
چون قضا آيد شود تنك اين جهان ... از قضا حلوا شود رنج دهان
اين جهان چون قحبه مكاره بين ... كس ز مكر قحبه چون باشد أمين
او بمكرش كرد قارون در زمين ... شد ز رسوايى شهير عالمين
وقال بعضهم قذفوه بعيب فى بدنه من برص وهو محركة بياض يظهر فى ظاهر البدن لفساد مزاج او من ادرة وهى مرض الأنثيين ونفختهما بالفارسية [مادخايه] وذلك لفرط تستره حياء فاطلعهم الله على براءته وذلك ان بنى إسرائيل كانوا يغتسلون عراة ينظر بعضهم الى سوءة بعضهم اى فرجه وكان موسى عليه السلام يغتسل وحده قال ابن ملك وهذا مشعر بوجوب التستر فى شرعه فقال بعضهم والله ما يمنع موسى ان يغتسل معنا الا انه آدر على وزن افعل وهو من له ادرة فذهب مرة موسى يغتسل فوضع ثوبه على حجر قيل هو الحجر الذي يتفجر منه الماء ففر الحجر بثوبه اى بعد ان اغتسل وأراد ان يلبس ثوبه فاسرع موسى خلف الحجر وهو عريان وهو يقول ثوبى حجر ثوبى حجر اى دع ثوبى يا حجر فوقف الحجر عند بنى إسرائيل ينظرون اليه فقالوا والله ما بموسى من بأس وعلموا انه ليس كما قالوا فى حقه فاخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا فضربه خمسا او ستا او سبعا او اثنتي عشرة ضربة بقي اثر الضربات فيه قال فى انسان العيون كان موسى عليه السلام إذا غضب يخرج شعر رأسه من قلنسوته وربما اشتعلت قلنسوته نارا لشدة غضبه ولشدة غضبه لما فر الحجر بثوبه ضربه مع انه لا ادراك له
__________
(1) در أوائل دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن از طعانه را إلخ(7/246)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70)
ووجه بانه لما فر صار كالدابة والدابة إذا جمحت بصاحبها يؤدبها بالضرب انتهى يقول الفقير للجمادات حياة حقانية عند اهل الله تعالى فهم يعاملونها بها معاملة الاحياء: قال فى المثنوى
باد را بى چشم اگر بينش نداد ... فرق چون ميكرد اندر قوم عاد «1»
كر نبودى نيل را آن نور ديد ... از چهـ قبطى را ز سبطى ميكزيد
كر نه كوه وسنك با ديدار شد ... پس چرا داود را آن يار شد
اين زمين را كر نبودى چشم جان ... از چهـ قارونرا فرو خورد آنچنان
وفى القصة اشارة الى ان الأنبياء عليهم السلام لا بد وان يكونوا متبرئين من النقص فى اصل الخلقة وقد يكون تبريهم بطريق خارق للعادة كما وقع لموسى من طريق فرار الحجر كما شاهدوه ونظروا الى سوأته وفى الخصائص الصغرى ان من خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم انه لم تر عورته قط ولو رآها أحد طمست عيناه وقال بعضهم فى وجه الأذى ان موسى خرج مع هارون الى بعض الكهوف فرأى سريرا هناك فنام عليه هارون فمات ثم ان موسى لما عاد وليس معه هارون قال بنوا إسرائيل قتل موسى هارون حسدا له على محبة بنى إسرائيل إياه فقال لهم موسى ويحكم كان أخي ووزيري أترونني اقتله فلما أكثروا عليه قام فصلى ركعتين ثم دعا فنزل السرير الذي نام عليه فمات حتى نظروا اليه بين السماء والأرض فصدقوه وان هارون مات فيه فدفنه موسى فقيل فى حقه ما قيل كما ذكر حتى انطلق موسى ببني إسرائيل الى قبره ودعا الله ان يحييه فاحياه الله تعالى وأخبرهم انه مات ولم يقتله موسى عليه السلام وقد سبقت قصة وفاة موسى وهارون فى سورة المائدة فارجع إليها وفى التأويلات النجمية يشير الى هذه الامة بكلام قديم ازلى ان لا يكونوا كامة موسى فى الإيذاء فانه من صفات السبع بل يكونوا أشداء على الكفار رحماء بينهم ولهذا المعنى قال صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يأمن جاره بوائقه) وقال (المؤمن من امنه الناس) وقوله (لا تَكُونُوا) نهى عن كونهم بنفي هذه الصفة عنهم اى كونوا ولا تكونوا بهذه الصفة لتكونوا خير امة أخرجت للناس فكانوا ولم يكونوا بهذه الصفة وفيه اشارة الى ان كل موجود عند إيجاده بامركن مأمور بصفة مخصوصة به ومنهى عن صفة غير مخصوصة به فكان كل موجود كما امر بامر التكوين ولم يكن كما نهى بنهي التكوين كما قال تعالى للنبى صلى الله عليه وسلم (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) بالاستقامة بامر التكوين عند الإيجاد فكان كما امر وقال تعالى ناهيا له نهى التكوين (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) فلم يكن من الجاهلين كما نهى عن الجهل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ فى رعاية حقوقه وحقوق عباده فمن الاول الامتثال لامره ومن الثاني ترك الأذى لا سيما فى حق رسوله قال الواسطي التقوى على اربعة أوجه. للعامة تقوى الشرك. وللخاصة تقوى المعاصي.
وللخاص من الأولياء تقوى التوصل بالافعال. وللانبياء تقواهم منه اليه وَقُولُوا فى أي شأن من الشؤون قَوْلًا سَدِيداً مستقيما مائلا الى الحق من سد يسد سدادا صار صوابا ومستقيما فان السداد الاستقامة بقال سدد السهم نحو الرمية إذا لم يعدل به عن سمتها وخص القول الصدق بالذكر وهو ما أريد به وجه الله ليس فيه شائبة غير وكذب أصلا لان التقوى
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان هر حسى مدرك را از آدمي نيز مدركاتى ديكر است إلخ(7/247)
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)
صيانة النفس عما تستحق به العقوبة من فعل او ترك فلا يدخل فيها وقال بعضهم القول السديد داخل فى التقوى وتخصيصه لكونه أعظم أركانها قال الكاشفى [قول جامع درين باب آنست كه قول سديد سخنست كه صدق باشد نه كذب وصواب بود نه خطا وجد بود نه هزل چنين سخن كوييد] والمراد نهيهم عن ضده اى عما خاضوا فيه من حديث زينب الجائر عن العدل والقصد: يعنى [دروغ مكوييد وناراستى مكنيد در سخن چون حديث افك] وقصة زينب وبعثهم على ان يسددوا قولهم فى كل باب لان حفظ اللسان وسداد القول رأس الخير كله- حكى- ان يعقوب بن إسحاق المعروف بابن السكيت من أكابر علماء العربية جلس يوما مع المتوكل فجاء المعتز والمؤيد ابنا المتوكل فقال أيما أحب إليك ابناى أم الحسن والحسين قال والله ان قنبرا خادم على رضى الله عنه خير منك ومن ابنيك فقال سلوا لسانه من قفاه ففعلوا فمات فى تلك الليلة ومن العجب انه انشد قبل ذلك للمعتز والمؤيد وكان يعلمهما فقال
يصاب الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فعثرته فى القول تذهب رأسه ... وعثرته فى الرجل تبرا على مهل
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ يوفقكم للاعمال الصالحة او يصلحها بالقبول والاثابة عليها وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ويجعلها مكفرة باستقامتكم فى القول والفعل وفيه اشارة الى ان من وفقه الله لصالح الأعمال فذلك دليل على انه مغفور له ذنوبه وَمَنْ [وهر كه] يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فى الأوامر والنواهي التي من جملتها هذه التكليفات والطاعة موافقة الأمر والمعصية مخالفته فَقَدْ فازَ فى الدارين والفوز الظفر مع حصول السلامة فَوْزاً عَظِيماً عاش فى الدنيا محمودا وفى الآخرة مسعودا او نجا من كل ما يخاف ووصل الى كل ما يرجو وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الايمان لا يكمل الا بالتقوى وهو التوحيد عقدا وحفظ الحدود جهدا ولا يحصل سداد اعمال التقوى الا بالقول السديد وهى كلمة لا اله الا الله فبالمداومة على قول هذه الكلمة بشرائطها يصلح لكم اعمال التقوى فسداد أقوالكم سبب لسداد أعمالكم وبسداد الأقوال وسداد الأعمال يحصل سداد الأحوال وهو قوله ويغفر لكم ذنوبكم وهو عبارة عن رفع الحجب الظلمانية بنور المغفرة الربانية ومن يطع الله فيما امره ونهاه ويطع الرسول فيما أرشده الى صراط مستقيم متابعته فقد فاز فوزا عظيما بالخروج عن الحجب الوجودية بالفناء فى وجود الهوية والبقاء ببقاء الربوبية انتهى وقال بعضهم من يطع الله ورسوله فى التزكية ومحو الصفات فقد فاز بالتحلية والاتصاف بالصفات الالهية وهو الفوز العظيم وفى صحيح مسلم عن جابر رضى الله عنه (اما بعد فان خير الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدى هدى محمد) اى خير الإرشاد إرشاده صلى الله عليه وسلم واعلم ان إطاعة الله تعالى فى تحصيل مراتب التوحيد من الافعال والصفات والذات وإطاعة الرسول بالاستمساك بحبل الشريعة فان النجاة من بحر الجحود وظلمة الشرك اما بنور الكشف او بسفينة الشريعة اما الاول فهو ان يعتصم الطالب فى طلبه بالله حتى يهتدى اليه بنوره ويؤتيه الله العلم من لدنه واما الثاني فهو ان(7/248)
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)
يكتفى بالإقرار بالوحدانية والايمان التقليدى والعمل بظواهر الشرع- روى- ان الامام احمد بن حنبل رضى الله عنه لما راعى الشريعة بين جماعة كشفوا العورة فى الحمام قيل له فى المنام ان الله جعلك للناس اماما برعايتك الشريعة [نقلست كه در بغداد چون معتزله غلبه كردند كفتند ويرا تكليف بايد كردن تا قرآنرا مخلوق كويد پس عزم كردند واو را بسراى خليفه بردند سرهنكى بود بر در سراى كفت اى امام مردانه باش كه وقتى من دزدى كردم وهزار چوبم زدند ومن مقر نكشتم تا عاقبت رهايى يافتم من كه در باطل چنين صبر كردم تو كه بر حقى اوليتر باشى بصبر كردن احمد كفت آن سخن او مرا عظيم يارى داد وتأثير كرد پس او را مى بردند واو پير وضعيف بود دو دستش از پس برون كشيدند وهزار تازيانه بزدندش كه قرآنرا مخلوق كوى نكفت ودر ان ميان بند ازارش كشاده شد ودستش بسته بود در حال دو دست از غيب پديد آمد وبه بست وآن از آن بود كه بارى تنها در حمام بود خواست كه إزار بگشايد وبشويد آنرا ترك كرد ونكشود كفت اگر خلق حاضر نيست خداى تعالى حاضر است چون اين برهان ديدند بگذاشتند]
در ره حق كشيده اند بلا ... اين بلا شد سبب بقرب وو لا
صبر وتقوى وطاعت مولى ... نزد عارف ز هر شرف اولى
إِنَّا هذه النون نون العظمة والكبرياء عند العلماء فان الملوك والعظماء يعبرون عن أنفسهم بصيغة الجمع ونون الأسماء والصفات عند العرفاء فانها متعددة ومتكثرة عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ يقال عرض لى امر كذا اى ظهر وعرضت له الشيء اى اظهرته له وأبرزته اليه وعرضت الشيء على البيع وعرض الجند إذا امرّهم عليه ونظر ما حالهم والامانة ضد الخيانة والمراد هنا ما ائتمن عليها وهى على ثلاث مراتب المرتبة الاولى انها التكاليف الشرعية والأمور الدينية المرعية ولذا سميت امانة لانها لازمة الوجود كما ان الامانة لازمة الأداء وفى الإرشاد عبر عن التكاليف الشرعية بالامانة لانها حقوق مرعية أودعها الله المكلفين وائتمنهم عليها وأوجب عليهم تلقيها بحسن الطاعة والانقياد وأمرهم بمراعاتها والمحافظة عليها وأدائها من غير إخلال بشىء من حقوقها انتهى وتلك الامانة هى العقل اوّلا فان به يحصل تعلم كل ما فى طوق البشر تعلمه وفعل ما فى طوقهم فعله من الجميل وبه فضل الإنسان على كثير من الخلائق ثم التوحيد والايمان باليوم الآخر والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد وصدق الحديث وحفظ اللسان من الفضول وحفظ الودائع وأشدها كتم الاسرار وقضاء الدين والعدالة فى المكيال والميزان والغسل من الجنابة والنية فى الأعمال والطهارة فى الصلاة وتحسين الصلاة فى الخلوة والصبر على البلاء والشكر لدى النعماء والوفاء بالعهود والقيام بالحدود وحفظ الفرج الذي هو أول ما خلق الله من الإنسان وقال له هذه امانة استودعتكها والاذن والعين واليد والرجل وحروف التهجي كما نقله الراغب فى المفردات وترك الخيانة فى قليل وكثير لمؤمن ومعاهد وغير ذلك مما امر به الشرع وأوجبه وهى بعينها المواثيق والعهود التي أخذت من الأرواح فى عالمها ووضعت امانة فى(7/249)
الجوهر الجمادى صورة المسمى بالحجر الأسود لسيادته بين الجواهر وألقمه الحق تلك المواثيق وهو أمين الله لتلك الامانة والمرتبة الثانية انها المحبة والعشق والانجذاب الإلهي التي هى ثمرة الامانة الاولى ونتيجتها وبها فضل الإنسان على الملائكة إذ الملائكة وان حصل لهم المحبة فى الجملة لكن محبتهم ليست بمبنية على المحن والبلايا والتكاليف الشاقة التي تعطى الترقي إذ الترقي ليس الا للانسان فليس المحنة والبلوى إلا له ألا ترى الى قول الحافظ
شب تاريك وبيم موج وكردابى چنين هائل ... كجا دانند حال ما سبكباران ساحلها
أراد بقوله «شب تاريك» جلال الذات وبقوله «بيم موج» خوف صفات القهر وبقوله «كرداب» درّ در بحر العشق وهى الامتحانات الهائلة والبرازخ المخوفة وبقوله «سبكباران ساحل» الزهاد والملائكة الذين بقوا فى ساحل بحر العشق وهو بر الزهد والطاعة المجردة وهم اهل الامانة الاولى ومن هذا القبيل ايضا قوله
فرشته عشق نداند كه چيست قصه مخوان ... بخواه جام كلابى بخاك آدم ريز
وقول المولى الجامى
ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت
[در لوامع آورده كه آن بو العجبى كه عشق را در عالم بشريتست در مملكت ملكيت نيست كه ايشان سايه پرورد لطف وعصمت اند ومحبت بى درد را قدر وقيمتى نيست عشق را طائفه درخورند كه صفت (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) سرمايه بازار ايشان وسمت (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا) پيرايه روزكار ايشانست ملكى را بينى كه اگر جناحى را بسط كند خافقين را در زير جناح خود آرد اما طاقت حمل اين معنى ندارد وآن بيچاره آدمى زادى را بينى پوستى در استخوانى كشيده بيباك واز شراب بلا در قدح ولا چشيده ودر وى تغير نيامده آن چراست زيرا كه آن صاحب دلست] والقلب يحمل ما لا يحمل البدن والمرتبة الثالثة انها الفيض الإلهي بلا واسطة ولهذا سماه بالامانة لانه من صفات الحق تعالى فلا يتملكه أحد وهذا الفيض انما يحصل بالخروج عن الحجب الوجودية المشار إليها بالظلومية والجهولية وذلك بالفناء فى وجود الهوية والبقاء ببقاء الربوبية وهذه المرتبة نتيجة المرتبة الثانية وغايتها فان العشق من مقام المحبة الصفاتية وهذا الفيض والفناء من مقام المحبوبية الذاتية وفى هذا
المقام يتولد من القلب طفل خليفة الله فى الأرض وهو الحامل للامانة فالمرتبة الاولى للعوام والثانية للخواص والثالثة لاخص الخواص والاولى طريق الثانية وهى طريق الثالثة ولم يجد سر هذه الامانة الا من اتى البيت من الباب وكل وجه ذكره المفسرون فى معنى الامانة حق لكن لما كان فى المرتبة الاولى كان ظرفا ووعاء للامانة ولبه ما فى المرتبة الثانية ولب اللب ما فى المرتبة الثالثة ومن الله الهداية الى هذه المراتب والعناية فى الوصول الى جميع المطالب ثم المراد بالسماوات والأرض والجبال هى أنفسها أعيانها وأهاليها وذلك لان تخصص الإنسان بحمل الامانة يقتضى ان يكون المعروض عليه ما عداه من جميع الموجودات أيا مّا كان حيوانا او غيره وانما خص فى مقام الحمل ذلك لانه أصلب الأجسام وأثبتها وأقواها كما خص الافلاك فى(7/250)
قوله (لولاك لما خلقت الافلاك) لكونها أعظم الأجسام ولهذا السر لم يقل فابوا ان يحملوها بواو العقلاء فان قلت ما ذكر من السموات وغيرها جمادات والجمادات لا ادراك لها فما معنى عرض الامانة عليها قلت للعلماء فيه قولان الاول انه محمول على الحقيقة وهو الأنسب بمذهب اهل السنة لانهم لا يؤولون أمثال هذا بل يحملونها على حقيقتها خلافا للمعتزلة وعلى تقدير الحقيقة فيه وجهان أحدهما أدق من الآخر الاول ان للجمادات حياة حقانية دل عليها كثير من الآيات نحو قوله (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ)
وقوله (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) وقوله (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) وقوله (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) وقوله (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر اكثر العقلاء بل كلهم يقولون ان الجمادات لا تعقل فوقفوا عند بصرهم والأمر عندنا ليس كذلك فاذا جاءهم عن نبى او ولى ان حجرا كلمه مثلا يقولون خلق الله فيه العلم والحياة فى ذلك الوقت والأمر عندنا ليس كذلك بل سر الحياة سار فى جميع العالم وقد ورد (ان كل شى سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له) ولا يشهد الا من علم وقد أخذ الله بابصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء الله كنحن واضرابنا فانا لا نحتاج الى دليل فى ذلك لكون الحق تعالى قد كشف لنا عن حياتها وأسمعنا تسبيحها ونطقها وكذلك اندكاك الجبل لما وقع التجلي انما كان ذلك منه لمعرفته بعظمة الله ولولا ما عنده من معرفة العظمة لما تدكدك انتهى ومثله ما روينا ان حضرة شيخنا وسندنا روح الله روحه ووالى فى البرزخ فتوحه دعا مرة من عنده للافطار فجلسنا له وبين يديه ماء وكعك مبلول وكان لا يأكل فى اواخر عمره الا الكعك المجرد فقال أثناء الإفطار ان لهذا الخبر روحا حقانيا فظاهره يرجع الى الجسد وروحه يرجع الى الروح فيتقوى به الجسم والروح جميعا: وفى المثنوى
علم وحكمت زايد از لقمه حلال ... عشق ورقت آيد از لقمه حلال «1»
ثم قال ولكل موجود روح اما حيوانى او حقانى فجسد الميت له روح حقانى غير روحه الحيواني الذي فارقه ألا ترى ان الله تعالى لو أنطقه لنطق فنطقه انما هو لروحه وقد جاء ان كل شىء يسبح بحمده حجرا او شجرا او غير ذلك وما هو الا لسريان الحياة فيه حقيقة ولذا سبح الجبال مع داود وحمل الريح سليمان عليه السلام وجذبت الأرض قارون وحن الجذع فى المسجد النبوي وسلم الحجر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك مما لا لا يحصى: وفى المثنوى
چون شما سوى جمادى مى رويد ... محرم جان جمادان چون شويد «2»
از جمادى عالم جانها رويد ... غلغل اجزاى عالم بشنويد
چون ندارد جان تو قنديلها ... بهر بينش كرده تأويلها
والوجه الثاني ان الله تعالى ركب العقل والفهم فى الجمادات المذكورة عند عرض الامانة
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان تعظيم كردن ساحران موسى را إلخ [.....]
(2) در أوائل دفتر سوم در بيان حكايت ماركيرى كه اژدهاى افسرده را مرده پنداشت إلخ(7/251)
كما ركب العقل وقبول الخطاب فى النملة السليمانية والهدهد وغيرهما من الطيور والوحوش والسباع بل وفى الحجر والشجر والتراب فهن بهذا العقل والإدراك سمعن الخطاب وانطقهن الله بالجواب حيث قال لهن أتحملن هذه الامانة على ان يكون لكنّ الثواب والنعيم فى الحفظ والأداء والعقاب والجحيم فى الغدر والخيانة فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها الإباء شدة الامتناع فكل اباء امتناع وليس كل امتناع اباء وَأَشْفَقْنَ مِنْها قال فى المفردات الإشفاق عناية مختلطة بخوف لان المشفق يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه فاذا عدى بمن فمعنى الخوف فيه اظهر وإذا عدى بعلى فمعنى العناية فيه اظهر كما قال فى تاج المصادر [الإشفاق: ترسيدن ومهربانى كردن] ويعدى بعلى وأصلهما واحد. والمعنى وحفن من الامانة وحملها وقلن يا رب نحن مسخرات بامرك لا نريد ثوابا ولا عقابا ولم يكن هذا القول منهن من جهة المعصية والمخالفة بل من جهة الخوف والخشية من ان لا يؤدين حقوقها ويقعن فى العذاب ولو كان لهن استعداد ومعرفة بسعة الرحمة واعتماد على الله لما أبين وكان العرض عرض تخيير لا عرض الزام وإيجاب لان المخالفة والإباء عن التكليف الواجب يوجب المقت والسقوط عن درجة الكمال ولم يذكر تعالى توبيخا على الإباء ولا عقوبة والقول الثاني انه محمول على الفرض والتمثيل فعبر عن اعتبار الامانة بالنسبة الى استعدادهن بالعرض عليهن لاظهار مزيد الاعتناء بامرها والرغبة فى قبولهن لها وعن عدم استعدادهن لقبولها بالاباء والإشفاق منها لتهويل أمرها ومزيد فخامتها وعن قبولها بالحمل لتحقيق معنى الصعوبة المعتبرة فيها بجعلها من قبيل الأجسام الثقيلة التي يستعمل فيها القوى الجسمانية التي هى أشدها وأعظمها ما فيهن من القوة والشدة فالمعنى ان تلك الامانة فى عظم الشأن بحيث لو كلفت هاتيك الاجرام العظام التي هى مثل فى الشدة والقوة مراعاتها وكانت ذات شهود وادراك لا بين قبولها وأشفقن منها ولكن صرف الكلام عن سننه بتصوير المفروض بصورة المحقق روما لزيادة تحقيق المعنى المقصود بالتمثيل وتوضيحه وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ عند عرضها عليه كما قال الامام القشيري [امانتها بر انها عرض نمود وبر انسان فرض نمود آنجا كه عرض بود سر باز زدند واينجا كه فرض بود در معرض حمل آمدند] والمراد بالإنسان الجنس بدليل قوله (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا) اى تكلفها والتزمها مع ما فيه من ضعف البنية ورخاوة القوة لان الحمل انما يكون بالهمة لا بالقوة قال فى الإرشاد وهو اما عبارة عن قبولها بموجب استعداده الفطري او عن اعترافه يوم الميثاق بقوله بلى ولما حملها قال الله تعالى (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) [واين را در ظاهر مثالى هست درختانى كه اصل ايشان محكم ترست وشاخ ايشان بيشتر بار ايشان خردتر وسبكتر باز درختانى كه ضعيف ترند وسست تر بار ايشان شكرف تر است وبزركتر چون خربزه وكدو ومانند آن ليكن اينجا لطيفه ايست آن درخت كه بار او شكرف تر است وبزركتر طاقت كشيدن آن ندارد او را كفتند بار كران از كردن خويش بر فرق زمين نه تا عالميان بدانند كه هر كجا ضعيفى است مربىء او لطف حضرت عزت است اينست سر] (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) فالانسان اختص بالعشق وقبول الفيض بلا واسطة وحمله(7/252)
من سائر المخلوقات لاختصاصه باصابة رشاش النور الإلهي وكل روح أصابه رشاش نور الله صار مستعدا لقبول الفيض الإلهي بلا واسطة وكان عرض العشق والفيض عاما على المخلوقات وحمله خاصا بالإنسان لان نسبة الإنسان مع المخلوقات كنسبة القلب مع الشخص فالعالم شخص وقلبه الإنسان فكما ان عرض الروح عام على الشخص الإنساني وقبوله وحمله مخصوص بالقلب بلا واسطة ثم من القلب بواسطة العروق الممتدة يصل عكس الروح الى جميع الأعضاء فيكون متحركا به كذلك عرض العشق والفيض الإلهي عام لاحتياج الموجودات الى الفيض وقبوله وحمله خاص بالإنسان ومنه يصل عكسه الى سائر المخلوقات ملكها وملكوتها فاما الى ملكها وهو ظاهر الكون اعنى الدنيا فيصل الفيض اليه بواسطة صورة الإنسان من صنائعه الشريفة وحرفه اللطيفة التي بها العالم معمور ومزين واما الى ملكوتها وهو بامركن باطن الكون اعنى الآخرة فيصل الفيض إليها بواسطة روح الإنسان
وهو أول شىء تعلقت به القدرة فيتعلق الفيض الإلهي من امركن اولا بالروح الإنساني ثم يفيض منه الى عالم الملكوت فظاهر العالم وباطنه معمور بظاهر الإنسان وباطنه وهذا سر الخلافة المخصوصة بالإنسان وقال بعضهم المراد بالإنسان آدم وقد روى عن ابن مسعود رضى الله عنه انه قال مثلت الامانة كالصخرة الملقاة ودعيت السماوات والأرض والجبال إليها فلم يقربوا منها وقالوا لا نطيق حملها وجاء آدم من غير ان دعى وحرك الصخرة وقال لو أمرت بحملها لحملتها فقلن له احمل فحملها الى ركبتيه ثم وضعها وقال لو أردت ان ازداد لزدت فقلن له احمل فحملها الى حقوه ثم وضعها وقال لو أردت ان ازداد لزدت فقلن له احمل فحملها حتى وضعها على عاتقه فاراد ان يضعها فقال الله مكانك فانها فى عنقك وعنق ذريتك الى يوم القيامة
آسمان بار امانت نتوانست كشيد ... قرعه فال بنام من ديوانه زدند
وفى كشف الاسرار [چون آسمان وزمين وكوهها بترسيدند از پذيرفتن امانت وباز نشستند از برداشتن آن رب العزة آدم را كفت (انى عرضت الامانة على السموات والأرض والجبال فلم يطقنها وأنت آخذها بما فيها قال يا رب وما فيها قال ان أحسنت جوزيت وان اسأت عوقبت قال بين اذنى وعاتقى) يعنى آدم بطاعت وخدمت بنده وار درآمد وكفت برداشتم ميان كوش ودوش خويش رب العالمين كفت اكنون كه برداشت ترا در ان معونت وقوت دهم] اجعل لبصرك حجابا فاذا خشيت ان تنظر الى ما لا يحل لك فارخ حجابه واجعل للسانك لحيين وغلقا فاذا خشيت ان تتكلم بما لا يحل فاغلقه واجعل لفرجك لباسا فلا تكشفه على ما حرمت عليك شيخ جنيد قدس سره [فرموده كه نظر آدم بر عرض حق بود نه بر امانت لذت عرض ثقل امانت را برو فراموش كردانيد لاجرم لطف ربانى بزبان عنايت فرموده كه برداشتن از تو ونكاه داشتن از من چون تو بطوع بار مرا برداشتى من هم از ميان همه تر برداشتم] (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) - وروى- ان آدم عليه السلام قال احمل الامانة بقوتي أم بالحق فقيل من يحملها يحمل بنا فان ما هو منا لا يحمل إلا بنا فحملها
راه او را بدو توان پيمود ... بار او را بدو توان برداشت
قال بعضهم
آن بار كه از بردن آن عرش أبا كرد ... با قوت او حامل آن بار توان بود(7/253)
- القصة-[خلعت حمل امانت جز بر قامت با استقامت انسان كه منشور (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) او بر نام نامى نوشته اند راست نيامد و چون كارى بدين عظمت وفهمى بدين ابهت نامزد او شد جهت دفع چشم زخم حسود آن شياطين كه دشمن ديرينه اند سپند (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا) بر آتش غيرت افكندند تا كور شود هر آنكه نتواند ديد] كما قال إِنَّهُ اى الإنسان كانَ ظَلُوماً لنفسه بمعصية ربه حيث لم يف بالامانة ولم يراع حقها جَهُولًا بكنه عاقبتها يعنى [نادان بعقوبت خيانت اگر واقع شود] والظلم وضع الشيء فى غير موضعه المختص به اما بنقصان او بزيادة واما بعدول عن وقته او مكانه ومن هذا ظلمت السقاء إذا تناولته فى غير وقته ويسمى ذلك اللبن الظلم وظلمت الأرض إذا حفرتها ولم تكن موضعا للحفر وتلك الأرض يقال لها المظلومة والتراب الذي يخرج منها ظليم والظلم يقال فى مجاوزة الحد الذي يجرى مجرى النقطة فى الدائرة ويقال فيما يكثر ويقل من التجاوز ولذا يستعمل فى الذنب الصغير والكبير ولذا قيل لآدم فى تقدمه ظالم وفى إبليس ظالم وان كان بين الظلمين بون بعيد قال بعض الحكماء الظلم ثلاثة. أحدها بين الإنسان وبين الله وأعظمه الكفر والشرك والنفاق. والثاني ظلم بينه وبين الناس. والثالث ظلم بينه وبين نفسه وهذه الثلاثة فى الحقيقة للنفس فان الإنسان أول مايهم بالظلم فقد ظلم نفسه
أول بظالمان اثر ظلم ميرسد ... پيش از هدف هميشه كمان تار ميكند
والجهل خلو النفس من العلم وهو على قسمين ضعيف وهو الجهل البسيط وقوى وهو الجهل المركب الذي لا يدرى صاحبه انه لا يدرى فيكون محروما من التعلم ولذا كان قويا قال فى الإرشاد وقوله انه إلخ اعتراض وسط بين الحمل وغايته للايذان من أول الأمر بعدم وفائه بما عهده
وتحمله اى انه كان مفرطا فى الظلم مبالغا فى الجهل اى بحسب غالب افراده الذين لم يعملوا بموجب فطرتهم السليمة او عهودهم يوم الأرواح دون من عداهم من الذين لم يبدلوا فطرة الله وجروا على ما اعترفوا بقولهم بلى وقال بعضهم الإنسان ظلوم وجهول اى من شأنه الظلم والجهل كما يقال الماء طهور اى من شأنه الطهارة واعلم ان الظلومية والجهولية صفتا ذم عند اهل الظاهر لانهما فى حق الخائنين فى الامانة فمن وضع الغدر والخيانة موضع الوفاء والأداء فقد ظلم وجهل قال فى كشف الاسرار [عادت خلق آنست كه چون أمانتي عزيز بنزديك كسى نهند مهرى بر وى نهند وآن روز كه باز خواهند مهر را مطالعت كنند اگر مهر بر جاى بود او را ثناها كويند أمانتي بنزديك تو نهادند از عهد ربوبيت (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) ومهرى كه بر وى نهادند چون عمر بآخر رسد وترا بمنزل خاك برند آن فرشته درآيد وكويد «من ربك» آن مطالعت كه ميكند تا مهر روز أول بر جاى هست يا نه] قال الحافظ
از دم صبح ازل تا آخر شام ابد ... دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود
وقال اهل الحقيقة هما صفتا مدح اى فى حق مؤدى الامانة فان الإنسان ظلم نفسه بحمل الامانة لانه وضع شيأ فى غير موضعه فافنى نفسه وأزال حجبها الوجودية وهى المعروفة بالانانية(7/254)
وجهل ربه فانه فى أول الأمر يخب هذه البهيمية التي تأكل وتشرب وتنكح وتحمل الذكورية والأنوثية اللتين اشترك فيهما جميع الحيوانات وما يدرى ان هذه الصورة الحيوانية قشر وله لب هو محبوب الحق الذي قال (يُحِبُّهُمْ) وهو محب الحق الذي قال (يُحِبُّونَهُ) فاذا عبر عن قشر جسمانية الظلمانية ووصل الى لب روحانية النورانية ثم علم ان هذا اللب النورانى ايضا قشر فان النبي صلى الله عليه وسلم قال (ان لله سبعين الف حجاب من نور وظلمة) فعبر عن القشر الروحاني ايضا ووصل الى لبه الذي هو محبوب الحق ومحبه فقد عرف نفسه وإذا عرف نفسه فقد عرف ربه بتوحيد لا شرك فيه وجهل ما سوى الله تعالى بالكلية وايضا ان الجهول هو العالم لان نهاية العلم هو الاعتراف بالجهل فى باب المعرفة والعجز عن درك الإدراك ادراك قال المولى الجامى قدس سره
غير انسان كسش نكرد قبول ... زانكه انسان ظلوم بود وجهول
ظلم او آنكه هستىء خود را ... ساخت فانى بقاى سرمد را
جهل او آنكه هر چهـ جز حق بود ... صورت آن ز لوح دل نزدود
نيك ظلمى كه عين معدلتست ... نغز جهلى كه مغز معرفتست
اى نكرده دل از علائق صاف ... مزن از دانش خلائق لاف
زانكه در عالم خدا دانى ... جهل علمست علم نادانى
فلو لم يكن للانسان قوة هذه الظلومية والجهولية لما حمل الامانة وبهذا الاعتبار صح تعليل الحمل بهما وقال بعض اهل التفسير وتبعهم صاحب القاموس ان الوصف بالظلومية والجهولية انما يليق بمن خان فى الامانة وقصر عن حقها لا بمن يتحملها ويقبلها فمعنى حملها الإنسان اى خانها والإنسان الكافر والمنافق من قولك فلان حامل للامانة ومحتمل لها بمعنى انه لا يؤديها الى صاحبها حتى تزول عن ذمته ويخرج من عهدتها بجعل الامانة كأنها راكبة للمؤتمن عليها كما يقال ركبته الديون فما يحمل إذا كناية عن الخيانة والتضيع والمعنى انا عرضنا الطاعة على هذه الاجرام العظام فانقادت لامر الله انقيادا يصح من الجمادات واطاعت له إطاعة تليق بها حيث لم تمتنع عن مشيئته وإرادته إيجادا وتكوينا وتسوية على هيآت مختلفة وإشكال متنوعة كما قال (أَتَيْنا طائِعِينَ) والإنسان مع حياته وكمال عقله وصلاحه للتكليف لم يكن حاله فيما يصح منه ويليق به من الانقياد لاوامر الله ونواهيه مثل حال تلك الجمادات بل مال الى ان يكون محتملا لتلك الامانة مؤديا إياها ومن ثم وصف بالظلم حيث ترك أداء الامانة وبالجهل حيث اخطأ طريق السعادة ففى هذا التمثيل تشبيه انقياد تلك الاجرام لمشيئة الله إيجادا وتكوينا بحال مأمور مطيع لا يتوقف عن الامتثال فالحمل فى هذا مجاز وفى التمثيل السابق على حقيقته وليس فى هذا المعنى حذف المعطوف مع حرف العطف بخلافه فى محل الحمل على التحمل فان المراد حينئذ وحملها الإنسان ثم غدر بالحمل حتى يصح التعليل بقوله انه كان إلخ فاعرف هذا المقام والقول ما قالت حذام قال فى الاسئلة المقحمة كيف عرض الامانة عليه مع علمه بحاله من كونه ظلوما جهولا والجواب هذا سؤال طويل(7/255)
لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)
الذيل فانه تعالى قد بعث الرسل مبشرين ومنذرين الى جميع الخلق ليدعوهم الى الايمان مع علمه السابق بان يؤمن بعضهم ويكفر بعضهم والخطاب عم الكل مع علمه باختلاف أحوالهم فى الايمان والكفر فهذا من قبيله وسبيله فانه مالك الأعيان والآثار على الإطلاق وقد قال ابن عباس رضى الله عنهما كان ظلوما بحق الامانة جهولا بما يفعل من الخيانة يعنى لم تكن الخيانة عن عمد وقصد بل كانت عن جهل وسهو كما قال (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) والسهو والنسيان مغفور والجهل فى بعض المواضع معذور الهنا اصنع بنا ما أنت اهله ولا تصنع بنا ما نحن اهله: قال الشيخ سعدى قدس سره
بر در كعبه سائلى ديدم ... كه همى كفت ميكرستى خوش
من نكويم كه طاعتم بپذير ... قلم عفو بر كناهم كش
لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ الذين ضيعوا الامانة بعد ما قبلوها وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الذين خانوا فى الامانة بعدم قبولها رأسا قال فى الإرشاد اشارة الى الفريق الاول اى حملها الإنسان ليعذب الله بعض افراده الذين لم يراعوها ولم يقابلوها بالطاعة على ان اللام للعاقبة فان التعذيب وان لم يكن غرضا له من الحمل لكن لما ترتب عليه بالنسبة الى بعض افراده ترتب الأغراض على الافعال المعللة بها ابرز فى معرض الغرض اى كان عاقبة حمل الإنسان لها ان يعذب الله هؤلاء من افراده لخيانتهم الامانة وخروجهم عن الطاعة بالكلية قال فى بحر العلوم ويجوز ان تكون اللام علة لعرضنا اى عرضنا ليظهر نفاق المنافقين واشراك المشركين فيعذبهما الله وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ الذين حفظوا الامانة وراعوا حقها قال فى الإرشاد اشارة الى الفريق الثاني اى كان عاقبة حمله لها ان يتوب الله على هؤلاء من افراده اى يقبل توبتهم لعدم خلعهم ربقة الطاعة عن رقابهم بالمرة وتلافيهم لما فرط منهم من فرطات قلما يخلو عنها الإنسان بحكم جبليته وتداركهم لها بالتوبة والانابة والالتفات الى الاسم الجليل اولا لتهويل الخطب وتربية المهابة والإظهار فى موضع الإضمار ثانيا لابراز مزيد الاعتناء بامر المؤمنين توفية لكل من مقامى الوعيد والوعد حقه وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً مبالغا فى المغفرة والرحمة حيث تاب عليهم وغفر لهم فرطاتهم وأثاب بالفوز على طاعاتهم وفى التأويلات النجمية هذه اللام لام الصيرورة والعاقبة يشير الى ان الحكمة فى عرض الامانة ان يكون الخليقة فى أمرها على ثلاث طبقات. طبقة منها تكون الملائكة وغيرهم ممن لم يحملها فلا يكون لهم فى ذلك ثواب ولا عقاب. وطبقة منها من يحملها ولم يؤد حقها وقد خان فيها وهم المنافقون والمنافقات والمشركون والمشركات الذين حملوها بالظلومية على أنفسهم وضيعوها بجهولية قدرها فما رعوها حق رعايتها فحاصل أمرهم العذاب المؤبد. وطبقة منها من يحملها ويؤدى حقها ولم يخن فيها ولكن لثقل الحمل وضعف الانسانية يتلعثم فى بعض الأوقات فيرجع الى الحضرة بالتضرع والابتهال معترفا بالذنوب وهم المؤمنون والمؤمنات فيتوب الله عليهم لقوله (وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) والحكمة فى ذلك ليكون كل طبقة من الطبقات الثلاث مرآة يظهر فيها جمال(7/256)
صفة من صفاته. فالطبقة الاولى إذا لم يحملوا الامانة وتركوا نفعها لضرها فهم مرآة جمال صفة عدله. والطبقة الثانية إذ حملوها طمعا فى نفعها ولم يؤدوا حقها وقد خانوا فيها بان باعوها بعوض من الدنيا الفانية فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين فهم مرآة يظهر فيها جمال صفة قهره. والطبقة الثالثة إذ حملوها بالطوع والرغبة والشوق والمحبة وأدوا حقها بقدر وسعهم ولكن كما قيل لكل جواد كبوة وقع فى بعض الأوقات قدم صدقهم عند ربهم فى حجر بلاء وابتلاء بغير اختيارهم ثم اجتباهم ربهم فتاب عليهم وهداهم بجذبات العناية الى الحضرة فهم مرآة يظهر فيها جمال فضله ولطفه وذلك قوله تعالى وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً للمؤمنين بفضله وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء انتهى قال بعض العارفين الحكمة الالهية اقتضت ظهور المخالفة من الإنسان ليظهر منه الرحمة والغفران: قال الحافظ
سهو وخطاى بنده كرش نيست اعتبار ... معنىء عفو ورحمت آمرزگار چيست
وفى الحديث القدسي (لو لم تذنبوا لذهبت بكم وخلقت خلقا يذنبون ويستغفرون فاغفر لهم) وفى الحديث النبوي (لو لم تذنبوا لخشيت عليكم أشد من الذنب ألا وهو العجب) ولهذه الحكمة خلق الله آدم بيديه اى بصفاته الجلالية والجمالية فظهر من صفة الجلال قابيل والمخالفة ومن صفة الجمال هابيل والموافقة وهكذا يظهر الى يوم قيام الساعة وليس الحديثان المذكوران واردين على سبيل الحث على الذنب فان قضية البعثة إصلاح العالم وهو لا يوجد الا بترك الكفر والشرك والمعاصي ولكن على سبيل الحث على التوبة والاستغفار ابراهيم أدهم قدس سره [كفت فرصت مى جستم تا كعبه را خالى يابم از طواف وحاجتى خواهم هيج فرصتى نيافتم تا شبى باران عظيم بود كعبه خالى ماند طواف كردم ودست در حلقه زدم وعصمت خواستم ندا آمد كه چيزى مى خواهى كه كسى را نداده ام اگر من عصمت دهم آنگاه درياى غفارى وغفورى
ورحمانى ورحيمىء من كجا شود پس كفتم «اللهم اغفر لى ذنوبى» آوازى شنودم كه از همه جهان با ما سخن كوى واز خود مكوى كه سخن تو ديكران كويند ودر مناجات كفت يا رب العزة مرا از ذل معصيت با عز طاعت آور وديكر كفت الهى آه «من عرفك لم يعرفك فكيف حال من لم يعرفك» آه آنكه ترا مى داند ترا نمى داند پس چكونه باشد حال كسى كه ترا نميداند ابراهيم كفت پانزده سال مشقت كشيدم تا ندايى شنودم كه] كن عبدا فاسترح يعنى ليست الراحة الا فى العبودية للمولى والاعراض عن الهوى من الأدنى والأعلى فلا راحة لعبد الدنيا ومادون المولى لا فى الاولى ولا فى العقبى فاذا وقع تقصير او سهو او نسيان فالله تعالى يحكم اسميه الغفور الرحيم بمحوه ويعرض عنه ولا يثبته فى صحيفة ولا يناقش عليه ولا يعذب به بل من العصاة من يبدل الله سيآتهم حسنات هذا قال أبيّ بن كعب رحمه الله كانت سورة الأحزاب تقارب سورة البقرة او أطول منها وكان فيها آية الرجم وهى «إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله العزيز الحكيم» ثم رفع أكثرها من الصدور ونسخ وبقي ما بقي وفى الحديث (من قرأ سورة الأحزاب وعلمها اهله وما ملكت يمينه اعطى الامان من عذاب القبر)(7/257)
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5)
اللهم اختم لنا بالخير واعصمنا من كل سوء وضير وآمنا من البلايا وفتنة القبر ومحاسبة الحشر تمت سورة الأحزاب بعون الله الوهاب يوم الأحد الثامن عشر من شهر الله المحرم سنة عشر ومائة والف
تفسير سورة سبأ
اربع وخمسون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الالف واللام لاستغراق الجنس واللام للتمليك والاختصاص اى جميع افراد المدح والثناء والشكر من كل حامد ملك لله تعالى ومخصوص به لا شركة لاحد فيه لانه الخالق والمالك كما قال الَّذِي لَهُ خاصة خلقا وملكا وتصرفا بالإيجاد والاعدام والاحياء والاماتة ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى جميع الموجودات فاليه يرجع الحمد لا الى غيره وكل مخلوق اجرى عليه اسم المالك فهو مملوك له تعالى فى الحقيقة وان الزنجي لا يتغير عن لونه لان سمى كافورا والمراد على نعمه الدنيوية فان السموات والأرض وما فيها خلقت لانتفاعنا فكلها نعمة لنا دينا ودنيا فاكتفى بذكر كون المحمود عليه فى الدنيا عن ذكر كون الحمد ايضا فيها وقد صرح فى موضع آخر كما قال (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ) وهذا القول اى الحمد لله إلخ وان كان حمدا لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ بيان لاختصاص الحمد الأخروي به تعالى اثر بيان اختصاص الدنيوي به على ان الجار متعلق اما بنفس الحمد او بما تعلق به الخبر من الاستقرار وإطلاقه عن ذكر ما يشعر بالمحمود عليه ليعم النعم الاخروية كما فى قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) وقوله (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ) الآية وما يكون ذريعة الى نيلها من النعم الدنيوية كما فى قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) اى لما جزاؤه هذا من الايمان والعمل الصالح يقال يحمده اهل الجنة فى ستة مواضع أحدها حين نودى (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) فاذا يميز المؤمنون من الكافرين يقولون (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) كما قال نوح عليه السلام حين أنجاه الله من قومه والثاني حين جاوزوا الصراط قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) والثالث لما دنوا الى باب الجنة واغتسلوا بماء الحياة ونظروا الى الجنة قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا)
والرابع لما دخلوا الجنة واستقبلتهم الملائكة بالتحية قالوا (الحمد لله الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ) والخامس حين استقروا فى منازلهم قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) والسادس كلما فرغوا من الطعام قالوا (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) والفرق بين الحمدين مع كون نعمتى الدنيا والآخرة بطريق التفضل ان الاول على نهج العبادة والثاني على وجه التلذذ كما يتلذذ العطشان بالماء البارد لا على وجه الفرض والوجوب وقد ورد فى الخبر (انهم يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس) [وكفته اند مجموع اهل آخرت مرو را حمد كويند دوستان او را بفضل ستايند ودشمنان بعدل] يقول الفقير فيه نظر لان الآخرة المطلقة كالعاقبة الجنة مع ان المقام يقتضى ان يكون ذلك من ألسنة اهل الفضل إذ لا اعتبار بحال اهل(7/258)
يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)
العدل كما لا يخفى وَهُوَ الْحَكِيمُ الذي احكم امور الدين والدنيا ودبرها حسبما تقتضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة الْخَبِيرُ بليغ الخبرة والعلم ببواطن الأشياء ومكنوناتها ثم بين كونه خبيرا فقال يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ الولوج الدخول فى مضيق اى يعلم ما يدخل فيها من البزور والغيث ينفذ فى موضع وينبع من آخر والكنوز والدفائن والأموات والحشرات والهوام ونحوها وايضا يعلم ما يدخل فى ارض البشرية بواسطة الحواس الخمس والاغذية الصالحة والفاسدة من الحلال والحرام وَما يَخْرُجُ مِنْها كالحيوان من جحره والزرع والنبات وماء العيون والمعادن والأموات عند الحشر ونحوها وايضا ما يخرج من ارض البشرية من الصفات المتولدة منها والأعمال الحسنة والقبيحة وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ كالملائكة والكتب والمقادير والأرزاق والبركات والأمطار والثلوج والبرد والانداء والشهب والصواعق ونحوها وايضا ما ينزل من سماء القلب من الفيوض الروحانية والإلهامات الربانية وَما يَعْرُجُ يصعد فِيها كالملائكة والأرواح الطاهرة والابخرة والادخنة والدعوات واعمال العباد ولم يقل «إليها» لان قوله تعالى (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) يشير الى ان الله تعالى هو المنتهى لا السماء ففى ذكر «فى» اعلام بنفوذ الأعمال فيها وصعودها منها. وايضا وما يعرج فى سماء القلب من آثار الفجور والتقوى وظلمة الضلالة ونور الهدى وقال بعضهم [آنچهـ بالا ميرود ناله تائبانست وآه مفلسان كه چون سحركاه از خلوتخانه سينه ايشان روى بدرگاه رحمت پناه آرد فى الحال رقم قبول بر وى افتد كه (انين المذنبين أحب الىّ من زجل المسبحين) غلغل تسبيح شيخ ار چند مقبولست ليك آه درد آلود رندانرا قبول ديكرست بداود عليه السلام وحي آمد كه اى داود آن ذلت كه از تو صادر شد بر تو مبارك بود داود كفت بار خدا ذلت چكونه مبارك باشد كفت اى داود پيش از ان ذلت هر بار كه بدرگاه ما آمدى ملك وار مى آمدى با كرشمه وناز طاعت واكنون مى آيى بنده وار مى آيى با سوز ونياز مفلسى] وَهُوَ الرَّحِيمُ للحامدين ولمن تولاه الْغَفُورُ للمقصرين ولذنوب اهل ولايته فاذا كان الله متصفا بالخلق والملك والتصرف والحكمة والعلم والرحمة والمغفرة ونحوها من الصفات الجليلة فله الحمد المطلق والحمد هو الثناء على الجميل الاختياري من جهة التعظيم من نعمة وغيرها كالعلم والكرم واما قولهم الحمد لله على دين الإسلام فمعناه على تعليم الدين وتوفيقه والحمد القولى هو حمد اللسان وثناؤه على الحق بما اثنى به بنفسه على لسان أنبيائه والحمد الفعلى هو الإتيان بالأعمال البدنية ابتغاء لوجه الله والحمد الحالي هو الاتصاف بالمعارف والأخلاق الالهية والحمد عند المحنة الرضى عن الله فيما حكم به وعند النعم الشكر فيقال فى الضراء الحمد لله على كل حال نظرا الى النعمة الباطنة دون الشكر لله خوفا من زيادة المحنة لان الله تعالى قال (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) والحمد على النعمة كالروح للجسد فلا بد من إحيائها وابلغ الكلمات فى تعظيم صنع الله وقضاء شكر نعمته الحمد لله ولذا جعلت زينة لكل خطبة وابتداء لكل مدحة وفاتحة(7/259)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3)
لكل ثناء وفضيلة لكل سورة ابتدئت بها على غيرها وفى الحديث (كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم) اى اقطع فله الحمد قبل كل كلام بصفات الجلال والإكرام
حمد او تاج تارك سخنست ... صدر هر نامه نو وكهنست
قال فى فتوح الحرمين
احسن ما اهتم به ذو الهمم ... ذكر جميل لولى النعم
چون نعم اوست برون از خيال ... كيف يؤديه لسان المقال
نعمت او بيشتر از شكر ماست ... شكر هم از نعمتهاى خداست
وعن رفاعة بن رافع رضى الله عنه قال كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه صلى الله عليه وسلم من الركوع قال (سمع الله لمن حمده) فقال رجل وراءه ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال (من المتكلم آنفا) قال الرجل انا قال (لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها اولا) وانما ابتدرها هذا العدد لان ذلك عدد حروف هذه الكلمات فلكل حرف روح هو المثبت له والمبقى لصورة ما وقع النطق به فبالارواح تبقى الصور وبنيات العمال وتوجهات نفوسهم ترتفع حيث منتهى همة العامل وللملائكة مراتب منها مخلوقة من الأنوار القدسية والأرواح الكلية ومنها من الأعمال الصالحة والاذكار الخالصة بعضها على عدد بعض كلمات الاذكار وبعضها على عدد حروف الاذكار وبعضها على عدد الحروف المكررة وبعضها على عدد اركان الأعمال على قدر استعداد الذاكرين وقوتهم الروحية وهمتهم العلية. وفى الحديث المذكور دليل على ان من الأعمال ما يكتبه غير الحفظة مع الحفظة ويختصم الملأ الأعلى فى الأعمال الصالحة ويستبقون الى كتابة اعمال بنى آدم على قدر مراتبهم وتفصيل سر الحديث فى شرح الأربعين لحضرة الشيخ الاجل صدر الدين القنوى قدس سره وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ [نمى آيد بما قيامت] وعبر عن القيامة بالساعة تشبيها لها بالساعة التي هى جزء من اجزاء الزمان لسرعة حسابها قال فى الإرشاد أرادوا بضمير المتكلم جنس البشر قاطبة لا أنفسهم او معاصرهم فقط كما أرادوا بنفي إتيانها نفى وجودها بالكلية لا عدم حضورها مع تحققها فى نفس الأمر وانما عبروا عنه بذلك لانهم كانوا يوعدون بإتيانها ولان وجود الأمور الزمانية المستقبلة لا سيما اجزاء الزمان لا تكون الا بالإتيان والحضور وفى كشف الاسرار [منكران بعث دو كروه اند كروهى كفتند (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) يعنى ما در كمانيم برستاخيز يقين نميدانيم كه خواهد بود ورب العالمين ميكويد ايمان بنده وقتى درست شود كه برستاخيز وآخرت بيكمان باشد: وذلك قوله (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) كروهى ديكر كفتند (لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) رستاخيز بما نيايد ونخواهد بود] قُلْ بَلى رد لكلامهم واثبات لما نفوه من إتيان الساعة على معنى ليس الأمر الا إتيانها [در لباب كفته كه ابو سفيان بلات وعزى سوكند خورد كه بعث ونشور نيست حق تعالى فرمود كه اى حبيب من تو هم سوكند خور كه] وَرَبِّي الواو للقسم: يعنى [بحق آفريدگار من بزودى] لَتَأْتِيَنَّكُمْ(7/260)
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5)
الساعة البتة: يعنى [بيايد بشما قيامت] وهو تأكيد لما قبله عالِمِ الْغَيْبِ نعت لربى او بدل منه وهو تشديد للتأكيد يريد ان الساعة من الغيوب والله عالم بكلها والغيب ما غاب عن الخلق على ما قال بعضهم العلقة غيب فى النطفة والمضغة غيب فى العلقة والإنسان غيب فى هذا كله والماء غيب فى الهواء والنبات غيب فى الماء والحيوان غيب فى النبات والإنسان غيب فى هذا كله والله تعالى قد أظهره من هذه الغيوب وسيظهره بعد ما كان غيبا فى التراب وفائدة الأمر باليمين ان لا يبقى للمعاندين عذر أصلا لما انهم كانوا يعرفون أمانته ونزاهته عن وصمة الكذب فضلا عن اليمين الفاجرة وانما لم يصدقوه مكابرة وهذا الكفر والتكذيب طبيعة النفوس الكاذبة المكذبة فمن وكله الله بالخذلان الى طبيعة نفسه لا يصدر منه الا الإنكار ومن نظره الله الى قلبه بنظر العناية فلا يظهر منه عند سماع قوله (قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ) الا الإقرار والنطق بالحق لا يَعْزُبُ عَنْهُ [العزوب: در شدن] والعازب المتباعد فى طلب الكلأ وعن اهله اى لا يبعد عن علمه ولا يغيب مِثْقالُ ذَرَّةٍ المثقال ما يوزن به وهو من الثقل وذلك اسم لكل سنج كما فى المفردات. والذرة النملة الصغيرة الحميراء وما يرى فى شعاع الشمس من ذرات الهواء اى وزن أصغر نملة او مقدار الهباء فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ اى كائنة فيهما وفيه اشارة الى علمه بالأرواح والأجسام وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ المثقال وَلا أَكْبَرُ منه ورفعهما على الابتداء فلا وقف عند اكبر والخبر قوله تعالى إِلَّا مسطور ومثبت فِي كِتابٍ مُبِينٍ هو اللوح المحفوظ المظهر لكل شىء وانما كتب جريا على عادة المخاطبين لا مخافة نسيان وليعلم انه لم يقع خلل وان اتى عليه الدهر والجملة مؤكدة لنفى العزوب لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ علة لقوله (لَتَأْتِيَنَّكُمْ) وبيان لما يقتضى إتيانها فاللام للعلة عقلا وللمصلحة والحكمة شرعا أُولئِكَ الموصوفون بالايمان والعمل لَهُمْ بسبب ذلك مَغْفِرَةٌ ستر ومحو لما صدر عنهم مما لا يخلو عنه البشر وَرِزْقٌ كَرِيمٌ لا تعب فيه ولا منّ عليه وَالَّذِينَ سَعَوْا [بشتافتند] فِي آياتِنا القرآنية بالرد والطعن فيها ومنع الناس عن التصديق بها مُعاجِزِينَ اى مسابقين كى يفوتونا قال فى البحر ظانين فى زعمهم وتقديرهم انهم يفوتوننا وان كيدهم للاسلام يتم لهم وفى المفردات السعى المشي السريع وهو دون العدو ويستعمل للجد فى الأمر خيرا كان او شرا وأعجزت فلانا وعاجزته جعلته عاجزا اى ظانين ومقدرين انهم يعجزوننا لانهم حسبوا ان لا بعث ولا نشور فيكون لهم ثواب وعقاب وهذا فى المعنى كقوله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا) وقال فى موضع اخر اى اجتهدوا فى ان يظهروا لنا عجزا فيما أنزلناه من الآيات: وبالفارسية [وميكوشند در انكه ما را عاجز آرند و پيش شوند] أُولئِكَ الساعون لَهُمْ بسبب ذلك عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ من للبيان والرجز سوء العذاب اى من جنس سوء العذاب أَلِيمٌ بالرفع صفة عذاب اى شديد الإيلام ويجيىء الرجز بمعنى القذر والشرك والأوثان كما فى قوله وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ سماها رجزا لانها تؤدى الى العذاب وكذا سمى كيد الشيطان رجزا فى قوله تعالى (وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ)(7/261)
وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9) وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)
لانه سبب العذاب وفى المفردات اصل الرجز الاضطراب وهو فى الآية كالزلزلة وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مستأنف مسوق للاستشهاد باولى العلم على الجهلة الساعين فى الآيات اى يعلم أولوا العلم من اصحاب رسول الله ومن شايعهم من علماء الامة او من آمن من علماء اهل الكتاب كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار ونحوهما والاول اظهر لان السورة مكية كما فى التكملة الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ اى النبوة والقرآن والحكمة والجملة مفعول أول لقوله يرى هُوَ ضمير فصل يفيد التوكيد كقوله تعالى (هُوَ خَيْراً لَهُمْ) الْحَقَّ بالنصب على انه مفعول ثان ليرى وَيَهْدِي عطف على الحق عطف الفعل على الاسم لانه فى تأويله كما فى قوله تعالى (صَافَّاتٍ) اى وقابضات كأنه قيل ويرى الذين أوتوا العلم الذي انزل إليك الحق وهاديا إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الذي هو التوحيد والتوشح بلباس التقوى وهذا يفيد رهبة لان العزيز يكون ذا انتقام من المكذب ورغبة لان الحميد يشكر على المصدق وفيه ان دين الإسلام وتوحيد الملك العلام هو الذي يتوصل به الى عزة الدارين والى القربة والوصلة والرؤية فى مقام العين كما ان الكفر والتكذيب يتوصل به الى المذمة والمذلة فى الدنيا والآخرة والى البعد والطرد والحجاب عما تعاينه القلوب الحاضرة والوجوه الناظرة قال بعض الكبار يشير بالآية الى الفلاسفة الذين يقولون ان محمدا صلى الله عليه وسلم كان حكيما من حكماء العرب وبالحكمة اخرج هذا الناموس الأكبر يعنون النبوة والشريعة ويزعمون ان القرآن كلامه انشأه من تلقاء نفسه يسعون فى هذا المعنى مجاهدين جهدا تاما فى ابطال الحق واثبات الباطل فلهم أسوأ الطرد والابعاد لان القدح فى النبوة ليس كالقدح فى سائر الأمور. واما الذين أوتوا العلم من عند الله موهبة منه لا من عند الناس بالتكرار والبحث فيعلمون ان النبوة والقرآن والحكمة هو الحق من ربهم وانما يرون هذه الحقيقة لانهم ينظرون بنور العلم الذي أوتوه من الحق تعالى فان الحق لا يرى الا بالحق كما ان النور لا يرى الا بالنور ولما كان يرى الحق بالحق كان الحق هاديا لاهل الحق وطالبيه الى طريق الحق وذلك قوله (وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) فهو العزيز لانه لا يوجد الا به وبهدايته والحميد لانه لا يرد الطالب بغير وجدان كما قال (ألا من طلبنى وجدنى) قال موسى عليه السلام اين أجدك يا رب قال يا موسى إذا قصدت الىّ فقد وصلت الىّ: قال المولى الجامى
هر چهـ جز حق ز لوح دل بتراش ... بگذر از خلق جمله حق را باش
رخت همت بخطه جان كش ... بر رخ غير خط نسيان كش
بكسلى خويش از هوا وهوس ... روى دل در خداى دارى پس
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا منكرى البعث وهم كفار قريش قالوا بطريق الاستهزاء مخاطبا بعضهم لبعض هَلْ نَدُلُّكُمْ [يا دلالت كنيم ونشان دهيم شما را] عَلى رَجُلٍ يعنون به النبي صلى الله عليه وسلم وانما قصدوا بالتنكير الهزؤ والسخرية يُنَبِّئُكُمْ اى يحدثكم ويخبركم بأعجب الأعاجيب ويقول لكم إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ الممزق مصدر بمعنى التمزيق وهو بالفارسية [پراكنده كردن] واصل التمزيق التفريق يقال مزق ثيابه(7/262)
أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8)
اى فرقها والمعنى إذا متم وفرقت أجسادكم كل تفريق بحيث صرتم رفاتا وترابا إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ اى مستقرون فيه: وبالفارسية [در آفرينش تو خواهيد بود يعنى زنده خواهيد كشت] وجديد فعيل بمعنى فاعل عند البصريين من جدّ فهو جديد كقل فهو قليل وبمعنى المفعول عند الكوفيين من جدّ النساج الثوب إذا قطعه قال فى المفردات يقال جددت الثوب إذا قطعته على وجه الإصلاح وثوب جديد أصله المقطوع ثم جعل لكل ما أحدث انشاؤه والخلق الجديد اشارة الى النشأة الثانية والجديدان الليل والنهار والعامل فى إذا محذوف دل عليه ما بعده اى تنشأون خلقا جديدا ولا يعمل فيها مزقتم لاضافتها اليه ولا ينبئكم لان التنبئة لم تقع وقت التمزيق بل تقدمت ولا جديد لان ما بعد انّ لا يعمل فيما قبلها أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فيما قاله وهذا ايضا من كلام الكفار واصل افترى أافترى بهمزة الاستفهام المفتوحة الداخلة على همزة الوصل المكسورة للانكار والتعجب فحذفت همزة الوصل تخفيفا مع عدم اللبس والفرق بين الافتراء والكذب ان الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه ومعنى الافتراء بالفارسية [دروغ بافتن] اى اختلق محمد على الله كذبا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ [يا بدو جنونى هست] اى جنون يوهمه ذلك ويلقيه على لسانه من غير قصد والجنون حائل بين النفس والعقل وهذا حصر للخبر الكاذب بزعمهم فى نوعيه وهما الكذب على عمد وهو المعنىّ بالافتراء والكذب لا عن عمد وهو المعنىّ بالجنون فيكون معنى أم به جنة أم لم يفتر فعبر عن عدم الافتراء بالجنة لان المجنون لا افتراء له لان الكذب عن عمد ولا عمد للمجنون فالاخبار حال الجنة قسيم للافتراء الأخص لا الكذب الأعم ثم أجاب الله عن ترديدهم فقال بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ اى ليس محمد من الافتراء والجنون فى شىء كما زعموا وهو مبرأ منهما بل هؤلاء القائلون الكافرون بالحشر والنشر واقعون فِي الْعَذابِ فى الآخرة وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ فى الدنيا اى البعيد عن الصواب والهدى بحيث لا يرجى الخلاص منه ووصف الضلال بالبعد على الاسناد المجازى للمبالغة إذ هو فى الأصل وصف الضال لانه الذي يتباعد عن المنهاج المستقيم وكلما ازداد بعدا عنه كان أضل وتقديم العذاب على ما يوجبه ويؤدى اليه وهو الضلال للمسارعة الى بيان ما يسوؤهم وجعل العذاب والضلال محيطين بهم احاطة الظرف بالمظروف لان اسباب العذاب معهم فكأنهم فى وسطه ووضع الموصول موضع ضميرهم للتنبيه على ان علة ما اجترءوا عليه كفرهم بالآخرة وما فيها فنون العقاب ولولاه لما فعلوا ذلك خوفا من غائلته وحاصل الآية اثبات الجنون الحقيقي لهم فان الغفلة عن الوقوع فى العذاب وعن الضلال الموجب لذلك جنون أي جنون واختلال عقل أي اختلال إذ لو كان فهمهم وادراكهم تاما وكاملا لفهموا حقيقة الحال ولما اجترءوا على سوء المقال قال بعض الكبار كما ان الطفل الصغير يسبى الى بعض البلاد فينسى وطنه الأصلي بحيث لو ذكر به لم يتذكر كذلك نفس الإنسان القاسي قلبه ان ذكر بالآخرة وهو وطنه الأصلي لم يتذكر ويكفر به ويقول مستهزئا ما يقول ولا يتفكر ان اجزاءه كانت متفرقة حين كان هو ذرة أخرجت من صلب آدم كيف جمع الله(7/263)
أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9)
ذرات شخصه المتفرقة وجعلها خلقا جديدا كذلك يجمع الله اجزاءه المتفرقة للبعث
بامرش وجود از عدم نقش بست ... كه داند جز او كردن از نيست هست
دكر ره بكتم عدم در برد ... وزانجا بصحراى محشر برد
دهد روح كر تربت آدمي ... شود تربت آدم در ان يكدمى
كسى كو بخواهد نظير نشور ... بگو در نكر سبزه را در ظهور
كه بعد خزان بشكفد چند كل ... بجوشد زمين در بهاران چومل
أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ الفاء للعطف على مقدر اى افعلوا ما فعلوا من المنكر المستتبع للعقوبة فلم ينظروا الى ما أحاط بهم من جميع جوانبهم بحيث لا مفرّ لهم وهو السماء والأرض فانهما امامهم وخلفهم وعن يمينهم وشمالهم حيثما كانوا وساروا: وبالفارسية [آيا نمى نكرند كافران بسوى آنچهـ در پيش ايشانست از آسمان وزمين] ثم بين المحذور المتوقع من جهتهما فقال إِنْ نَشَأْ جريا على موجب جناياتهم نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ كما خسفناها بقارون وخسف به الأرض غاب به فيها فالباء للتعدية: وبالفارسية [فرو بريم ايشانرا بزمين] أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ كما أسقطناها على اصحاب الايكة لاستيجابهم ذلك بما ارتكبوه من الجرائم والكسف كقطع لفظا ومعنى جمع كسفة قال فى المفردات ومعنى الكسفة قطعة من السحاب والقطن ونحو ذلك من الأجسام المتخلخلة ومعنى إسقاط الكسف من السماء إسقاط قطع من النار كما وقع لاصحاب الايكة وهم قوم شعيب كانوا اصحاب غياض ورياض وأشجار ملتفة حيث أرسل الله عليهم حرا شديدا فرأوا سحابة فجاؤا ليستظلوا تحتها فامطرت عليهم النار فاحترقوا إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من السماء والأرض من حيث احاطتهما بالناظر من جميع الجوانب او فيما تلى من الوحى الناطق بما ذكر لَآيَةً لدلالة واضحة لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ شأنه الانابة والرجوع الى ربه فانه إذا تأمل فيهما اوفى الوحى المذكور ينزجر عن تعاطى القبيح وينيب اليه تعالى قال فى المفردات النوب رجوع الشيء مرة بعد اخرى والانابة الى الله الرجوع اليه بالتوبة واخلاص العمل وفى الآية حث بليغ على التوبة والانابة وزجر عن الجرم والجناية وان العبد الخائف لا يأمن من قهر الله طرفة عين فان الله قادر على كل شىء يوصل اللطف والقهر من كل ذرة من ذرات العالم قال ابراهيم بن أدهم قدس سره إذا صدق العبد فى توبته صار منيبا لان الانابة ثانى درجة التوبة وقال ابو سعيد القرشي المنيب الراجع عن كل شىء يشغله عن الله الى الله وقال بعضهم الانابة الرجوع منه اليه لا من شىء غيره فمن رجع من غيره اليه ضيع أحد طرفى الانابة والمنيب على الحقيقة من لم يكن له مرجع سواه ويرجع اليه من رجوعه ثم يرجع من رجوع رجوعه فيبقى شبحا لا وصف له قائما بين يدى الحق مستغرقا فى عين الجمع سرى سقطى قدس سره [كويد معروف كرخى را روح الله روحه بخواب ديدم در زير عرش خداى واله ومدهوش واز حق ندايى رسيد بملائكة اين مرد كيست كفتند خداوندا تو داناترى كفت معروف از دوستىء ما واله كشته است جز بديدار(7/264)
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)
ما بهوش نيايد وجز بلقاى ما از خود خبر نيابد] فهذه هى حقيقة الرجوع ومن هذا القبيل ما حكى عن ابراهيم بن أدهم قدس سره انه حج الى بيت الله الحرام فبينما هو فى الطواف إذ بشاب حسن الوجه قد اعجب الناس حسنه وجماله فصار ابراهيم ينظر اليه ويبكى فقال بعض أصحابه انا لله وانا اليه راجعون غفلة دخلت على الشيخ بلا شك ثم قال يا سيدى ما هذا النظر الذي يخالطه البكاء فقال ابراهيم يا أخي انى عقدت مع الله عقدا لا اقدر على فسخه والا كنت ادنى هذا الفتى منى واسلم عليه لانه ولدي وقرة عينى تركته صغيرا وخرجت فارّا الى الله تعالى وها هو قد كبر كما ترى وانى لاستحيى من الله ان أعود الى شىء خرجت منه
هجرت الخلق كلا فى هواكا ... وأيتمت العيال لكى اراكا
فلو قطعتنى فى الحب اربا ... لما سكن الفؤاد الى سواكا
قال بعضهم هجر النفس مواصلة الحق ومواصلة النفس هجر الحق ومن الله الإيصال الى مقام الوصال وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا اعطى الله تعالى داود اسما ليس فيه حروف الاتصال فدل على انه قطعه عن العالم بالكلية وشرفه بألطافه الخفية والجلية فان بين الاسم والمسمى مناسبة لا يفهمها الا اهل الحقيقة وقد صح ان الألقاب والأسماء تنزل من صوب السماء والفضل الزيادة والتنوين للنوع اى نوعا من الفضل على سائر الأنبياء مطلقا سواء كانوا أنبياء بنى إسرائيل او غيرهم كما دل عليه قوله تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) والفاضل من وجه لا ينافى كونه مفضولا من وجه آخر وهذا الفضل هو ما ذكر بعد من تأويب الجبال وتسخير الطير وإلانة الحديد فانه معجزة خاصة به وهذا لا يقتضى انحصار فضله فيها فانه تعالى أعطاه الزبور كما قال فى مقام الامتنان والتفضل (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) قال فى التأويلات النجمية والفرق بين داود وبين نبينا صلى الله عليه وسلم انه ذكر فضله فى حق داود على صفة النكرة وهى تدل على نوع من الفضل وشىء منه وهو الفيض الإلهي بلا واسطة كما دل عليه كلمة منا وقال فى حق نبينا صلى الله عليه وسلم (وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً)
والفضل الموصوف بالعظمة يدل على كمال الفضل وكذا قوله فضل الله لما أضاف الفضل الى الله اشتمل على جميع الفضل كما لو قال أحد دار فلان اشتملت على جميع الدور انتهى بنوع من التغيير. ويجوز ان يكون التنكير للتفخيم ومنا لتأكيد فخامته الذاتية لفخامته الاضافية على ان يكون المفضل عليه غير الأنبياء فالمعنى إذا ولقد آتينا داود بلا واسطة فضلا عظيما على سائر الناس كالنبوة والعلم والقوة والملك والصوت الحسن وغير ذلك يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ بدل من آتينا بإضمار قلنا او من فضلا بإضمار قولنا والتأويب على معنيين. أحدهما الترجيع وهو بالفارسية [نغمه كردانيدن] لانه من الأوب وهو الرجوع. والثاني السير بالنهار كله فالمعنى على الاول رجعى معه التسبيح وسبحى مرة بعد مرة قال فى كشف الاسرار اوّبى سبحى معه إذا سبح وهو بلسان الحبشة انتهى: وبالفارسية [باز كردانيدن آواز خود را با داود در وقت تسبيح او يعنى موافقت كنيد با وى] وذلك بان يخلق الله تعالى فيها صوتا مثل صوته كما خلق الكلام فى شجرة موسى عليه السلام فكان كلما سبح سمع من الجبال ما يسمع من المسبح ويعقل معنى(7/265)
معجزة له قالوا فمن ذلك الوقت يسمع الصدى من الجبال وهو ما يرده الجبل على المصوت فيه فان قلت قد صح عند اهل الحقيقة ان للاشياء جميعا تسبيحا بلسان فصيح ولفظ صريح يسمعه الكمل من اهل الشهود فما معنى الفضل فيه لداود قلت الفضل موافقة الجبال له بطريق خرق العادة كما دل عليه كلمة مع فان قلت قد ثبت ايضا عندهم ان اذكار العوالم متنوعة فمتى سمع السالك من الأشياء الذكر الذي هو مشغول به فكشفه خيالى غير صحيح يعنى انه خيال أقيم له فى الموجودات وليس له حقيقة وانما الكشف الصحيح الحقيقي هو ان يسمع من كل شىء ذكرا غير ذكر الآخر قلت لا يلزم من موافقة الجبال لداود ان لا يكون لها تسبيح آخر فى نفسها مسموع لداود كما هى فيه والمعنى على الثاني سيرى معه حيث سار: يعنى [سير كنيد با او هر جا كه رود وهركاه كه خواهد واين معجزه داود بود كه با او روان شدى] ولعل تخصيص الجبال بالتسبيح او السير لانها على صور الرجال كما دل عليه ثباتها وَالطَّيْرَ بالنصب عطفا على فضلا يعنى وسخرنا له الطير لان ايتاءها إياه عليه السلام لتسخيرها له فلا حاجة الى إضماره ولا الى تقدير المضاف اى تسبيح الطير كما فى الإرشاد: وبالفارسية [ومسخر كرديم ويرا مرغان تا در وقت ذكر با او موافق بودندى] نزل الجبال والطير منزلة العقلاء حيث نوديت نداءهم إذ ما من حيوان وجماد الا وهو منقاد لمشيئته ومطيع لامره فانظر إذ من طبع الصخور الجمود ومن طبع الطيور النفور ومع هذا قد وافقته عليه السلام فاشد منها القاسية قلوبهم الذين لا يوافقون ذكرا ولا يطاوعون تسبيحا وينفرون من مجالس اهل الحق نفور الوحوش بل
يهجمون عليها باقدام الإنكار كأنهم الأعداء من الجيوش قال المولى الجامى فى شرح الفصوص وانما كان تسبيح الجبال والطير لتسبيحه لانه لما قوى توجهه عليه السلام بروحه الى معنى التسبيح والتحميد سرى ذلك الى أعضائه وقواه فانها مظاهر روحه ومنها الى الجبال والطير فانها صور أعضائه وقواه فى الخارج فلا جرم يسبحن لتسبيحه وتعود فائدة تسبيحها اليه يعنى لما كان تسبيحها ينشأ من تسبيحه لا جرم يكون ثوابه عائدا اليه لا إليها لعدم استحقاقها لذلك انتهى والحاصل ان الذكر من اللسان يعبر الى ان يصل الى الروح ثم ينعكس النور من الروح الى جبال النفس وطير القلب ثم بالمداومة ينعكس من النفس الى البدن فيستوعب جميع اجزاء البدن ظاهرها وباطنها ثم ينعكس من اجزائه العنصرية الى العناصر الاربعة مفردها ومركبها وينعكس من النفس الى النفوس اعنى النفس النامية والنفس الحيوانية والنفس السماوية والنفس النجومية وينعكس من الروح الإنساني الى عالم الأرواح الى ان يستوعب جميع العالم ملكه وملكوته وإليهما الاشارة بالجبال والطير فيذكر العالم بما فيه موافقة للذاكر ثم يعبر الذكر عن المخلوقات ويصعد الى رب العالمين كما قال (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) فيذكره الله تعالى فيكون ذاكرا ومذكورا متصفا بصفة الرب وبخلقه ويكون الفضل فى حقه كونه مذكورا للحق ثم ان الله تعالى ما بعث نبيا الا حسن الوجه حسن الصوت وكان لداود عليه السلام حسن صوت جدا زائد على غيره كما انه كان ليوسف عليه السلام حسن زائد على حسن غيره [هر كاه كه(7/266)
أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14) لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)
داود بزبور خواندن مشغول شدى سباع ووحوش از منازل خود بيرون آمده استماع آواز دلنوازش كردندى وطيور از نغمات جانفزايش مضطرب كشته خود از منزل بر زمين افكندندى
ز صوت دلكشش جان تازه كشتى ... روانرا ذوق بى اندازه كشتى
سپهر چنك پشت ارغنون ساز ... از ان پر حالت نشنوده آواز
وكفتند چون داود تسبيح كفتى كوهها بصدا ويرا مدد دادندى ومرغان برز بر سر وى كشيده بألحان دلاويز امداد نمودندى وهر كس كه آواز وى شنيدى از لذت آن نغمه بيخود كشتى واز ان وجد وسماع بودى كه در يك مجلس چهار صد جنازه بركرفتندى]
چوكردد مطرب من نغمه پرداز ... ز شوقش مرغ روح آيد بپرواز
قال القرطبي حسن الصوت هبة الله تعالى وقد استحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بتزيين الصوت وبالترجيع ما لم يكن لحنا مفسدا مغيرا للمبنى مخرجا للنظم عن صحة المعنى لان ذلك سبب للرقة واثارة الخشية كما فى فتح القريب [شبى داود عليه السلام با خود كفت «لا عبدّن الله تعالى عبادة لم يعبده أحد بمثلها» اين بكفت وبر كوه شد تا عبادت كند وتسبيح كويد در ميانه شب وحشتي بوى درآمد ورب العالمين آن ساعت كوه را فرمود تا انس دل داود را با وى تسبيح وتهليل مساعدت كند چندان آواز تسبيح وتهليل از كوه پديد آمد كه آواز داود در جنب آن ناچيز كشت با خود كفت] كيف يسمع صوتى مع هذه الأصوات فنزل ملك وأخذ بعضد داود وأوصله الى البحر فوضع قدمه عليه فانفلق حتى وصل الى الأرض تحته فوضع قدمه عليها حتى انشقت فوصل الى الحوت تحت الأرض ثم الى الصخرة تحت الحوت فوضع قدمه على الصخرة فظهرت دودة وكانت تنشر فقال له الملك يا داود ان ربك يسمع نشير هذه الدودة فى هذا الموضع من وراء السبع الطباق فكيف لا يسمع صوتك من بين أصوات الصخور والجبال فتنبه داود لذلك ورجع الى مقامه
همه آوازها در پيش حق باز ... اگر پيدا اگر پوشيده آواز
كسى كو بشنود آواز از حق ... شود در نفس خود خاموش مطلق
اللهم أسمعنا كلامك وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ اللين ضد الخشونة يستعمل فى الأجسام ثم يستعار للمعانى وإلانة الحديد بالفارسية [نرم كردانيدن آهن] اى جعلناه لينا فى نفسه كالشمع والعجين والمبلول يصرفه فى يده كيف يشاء من غير احماء بنار ولا ضرب بمطرقة او جعلناه بالنسبة الى قوته التي آتيناها إياه لينا كالشمع بالنسبة الى سائر قوى البشرية وكان داود اوتى شدة قوة فى الجسد وان لم يكن جسيما وهو أحد الوجهين لقوله ذا الأيد فى سورة ص أَنِ اعْمَلْ اى أمرناه بان عمل على ان ان مصدرية حذف منها الباء سابِغاتٍ اى دروعا واسعة تامة طويلة قال فى القاموس سبغ الشيء سبوغا طال الى الأرض والنعمة انسغت ودرع سابغة تامة طويلة انتهى ومنه استعير إسباغ الوضوء او إسباغ النعمة كما فى المفردات وهو عليه السلام أول من اتخذها وكانت قبل ذلك صفائح حديد مضروبة قالوا(7/267)
كان عليه السلام حين ملك على بنى إسرائيل يخرج متنكرا فيسأل الناس ما تقولون فى داود فيثنون عليه فقيض الله له ملكا فى صورة آدمي فسأله على عادته فقال نعم الرجل لولا خصلة فيه فسأله عنها فقال لولا انه يأكل ويطعم عياله من بيت المال ولو أكل من عمل يده لتمت فضائله فعند ذلك سأل ربه ان يسبب له ما يستغنى به عن بيت المال فعلمه تعالى صنعة الدروع فكان يعمل كل يوم درعا ويبيعها باربعة آلاف درهم او بستة آلاف ينفق عليه وعلى عياله الفين ويتصدق بالباقي على فقراء بنى إسرائيل [در لباب كويد چون وفات فرمود هزار ذره در خزانه او بود] وفى الحديث (كان داود لا يأكل الا من كسب يده] وفى الآية دليل على تعلم اهل الفضل الصنائع فان العمل بها لا ينقص بمرتبتهم بل ذلك زيادة فى فضلهم إذ يحصل لهم التواضع فى أنفسهم والاستغناء عن غيرهم وفى الحديث (ان خير ما أكل المرء من عمل يده) قال الشيخ سعدى قدس سره
بياموز پرورده را دست رنج ... وكر دست دارى چوقارون كنج
بپايان رسد كيسه سيم وزر ... نكردد تهى كيسه پيشه ور
وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ التقدير بالفارسية [اندازه كردن] والسرد فى الأصل خرز ما يخشن ويغلظ كخرز الجلد ثم استعير لنظم الحديد ونسج الدروع كما فى المفردات وقيل لصانع الدروع سراد وزراد بابدال الزاء من السين وسرد كلامه وصل بعضه ببعض واتى به متتابعا وهو انما يكون مقبولا إذا لم يخل بالفهم والمعنى اقتصد فى نسجها بحيث تناسب حلقها: وبالفارسية [واندازه نكه دار در بافتن آن «يعنى حلقها مساوى» در هم افكن تا وضع آن متناسب افتد] ولا تصرف جميع أوقاتك اليه بل مقدار ما يحصل به القوة واما الباقي فاصرفه الى العبادة وهو الأنسب بما بعده وفى التأويلات النجمية يشير الى إلانة قلبه والسابغات الحكم البالغة التي ظهرت ينابيعها من قلبه على لسانه (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) الحديث بان تتكلم بالحكمة على قدر عقول الناس
نكته كفتن پيش كژفهمان ز حكمت بيكمان ... جوهرى چند از جواهر ريختن پيش خرست
وَاعْمَلُوا خطاب لداود واهله لعموم التكليف صالِحاً عملا صالحا خالصا من الأغراض إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ لا أضيع عمل عامل منكم فاجازيكم عليه وهو تعليل للامر او لوجوب الامتثال به وفى التأويلات النجمية أشار بقوله (وَاعْمَلُوا صالِحاً) الى جميع أعضائه الظاهرة والباطنة ان تحمل فى العبودية كل واحدة منها عملا يصلح لها ولذلك خلقت انى بعمل كل واحدة منكن بصير وبالبصارة خلقتكن انتهى. والبصير هو المدرك لكل موجود برؤيته ومن عرف انه البصير راقبه فى الحركات والسكنات حتى لا يراه حيث نهاه او يفقده حيث امره وخاصية هذا الاسم وجود التوفيق فمن قرأه قبل صلاة الجمعة مائة مرة فتح الله بصيرته ووفقه لصالح القول والعمل وان كان الإنسان لا يخلو عن الخطأ يقال كان داود عليه السلام يقول اللهم لا تغفر للخطائين غيرة منه وصلابة فى الدين فلما وقع له ما وقع من الزلة كان يقول اللهم اغفر للمذنبين ويقال لما تاب الله عليه اجتمع الانس والجن والطير بمجلسه فلما رفع صوته(7/268)
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12)
وأدار لسانه فى حنكه على حسب ما كان من عادته تفرقت الطيور وقالت الصوت صوت داود والحال ليست تلك الحال فبكى داود عليه السلام وقال ما هذا يا رب فاوحى الله اليه يا داود هذا من وحشة الزلة وكانت تلك من انس الطاعة
قدم نتوان نهاد آنجا كه خواهى ... بفرمان رو بفرمان كن نكاهى
كه هر كاو نه بامر حق قدم زد ... چوشمع از سر برآمد تيز دم زد
وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ اى وسخرنا له الريح وهى الصبا غُدُوُّها اى جريها وسيرها بالغداة اى من لدن طلوع الشمس الى زوالها وهو وقت انتصاف النهار: وبالفارسية [بامداد بردن باد او را] شَهْرٌ مسيرة شهر اى مسير دواب الناس فى شهر قال الراغب الشهر مدة معروفة مشهورة باهلال الهلال او باعتبار جزء من اثنى عشر جزأ من دوران الشمس من نقطة الى تلك النقطة. والمشاهرة المعاملة بالشهر كما ان المسانهة والمياومة المعاملة بالسنة واليوم وَرَواحُها اى جريها وسيرها بالعشي اى من انتصاف النهار الى الليل: وبالفارسية [ورفتن او شبانكاه] شَهْرٌ مسيرة شهر ومسافته يعنى كانت تسير فى يوم واحد مسيرة شهرين للراكب. والجملة اما مستأنفة او حال من الريح وعن الحسن كان يغدو بدمشق مع جنوده على البساط فيقيل بإصطخر وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع وإصطخر بوزن فردوس بلدة من بلاد فارس بناها لسليمان صخر الجنى المراد بقوله (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ) ثم يروح اى من إصطخر فيكون رواحه بكابل وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع وكابل بضم الباء الموحدة ناحية معروفة من بلاد الهند وكان عليه السلام يتغدى بالري ويتعشى بالسمرقند والري من مشاهير ديار الديلم بين قومس والجبال وسمرقند أعظم مدينة بما وراء النهر اى نهر جيحون ويحكى- ان بعضهم رأى مكتوبا فى منزل بناحية دجلة كتبه بعض اصحاب سليمان نحن نزلناه وما بنيناه ومبنيا وجدناه غدونا من إصطخر فقلناه ونحن رائحون عنه فبائتون بالشام ان شاء الله قال فى كشف الاسرار [كفته اند سفر وى از زمين عراق بود تا بمرو واز آنجا تا ببلخ واز آنجا تا در بلاد ترك شدى وبلاد ترك باز بريدى تا زمين چين آنكه سوى راست ز جانب مطلع آفتاب بركشتى بر ساحل دريا تا بزمين قندهار واز آنجا تا بمكران وكرمان واز آنجا تا بإصطخر فارس نزولكاه وى بود يكچند آنجا مقام كردى واز آنجا بامداد برفتى وشبانكاه بشام بودى بمدينه تدمر ومسكن ومستقر وى تدمر بود] وكان سليمان امر الشياطين قبل شخوصه من الشام الى العراق فبنوها له بالصفاح والعمد والرخام الأبيض والأصفر وقد وجدت هذه الأبيات منقورة فى صخرة بأرض الشام انشأها بعض اصحاب سليمان
ونحن ولا حول سوى حول ربنا ... نروح الى الأوطان من ارض تدمر
إذا نحن رحنا كان ريث رواحنا ... مسيرة شهر والغدوّ لآخر
أناس شر والله طوعا نفوسهم ... بنصر ابن داود النبي المطهر
متى يركب الريح المطيعة أرسلت ... مبادرة عن شهرها لم تقصر(7/269)
تظلهمو طير صفوف عليهم و ... متى رفرفت من فوقهم لم تبتر
قال مقاتل كان ملك سليمان ما بين مصر وكابل وقال بعضهم جميع الأرض وهو الموافق لما اشتهر من انه ملك الدنيا بأسرها اربعة اثنان من اهل الإسلام وهما الإسكندر وسليمان واثنان من اهل الكفر وهما نمرود وبخت نصر [بعض كبار كفته كه سليمان عليه السلام اسبان نيكويى عيب داشت همچون مرغان با پر چون آن قصه فوت نماز بيفتاد تيغ بركشيد وكردن اسبان مى بريد كفتند كه اكنون كه بترك اسبان بگفتى ما باد مركب تو كرديم «من كان لله كان الله له» هر كه بترك نظر خود بگريد نظر الله بدلش پيوند هيچ كس نبود كه بترك چيزى نكفت از بهر خدا كه نه عوضى به از آنش ندادند مصطفى عليه السلام جعفر را رضى الله عنه بغزو فرستاد وامارت جيش بوى داد لواى اسلام در دست وى بود كفار حمله آوردند ويك دستش بينداختند لوا بديگر دست كرفت يك زخم ديكر بر او زدند وديگر دستش بينداختند بعد از ان هفتاد ونه زخم برداشت شهيد از دنيا بيرون شد او را بخواب ديدند كه «ما فعل الله بك» گفت «عوّضنى الله من اليدين جناحين أطير بهما فى الجنة حيث أشاء مع جبريل وميكائيل» اسما بنت عميس كفت رسول خدا ايستاده بود ناكاه كفت «وعليكم السلام» كفتم «على من ترد السلام يا رسول الله» جواب سلام كه ميدهى هيچ كس را نمى بينم كه بر تو سلام ميكند كفت «ان جعفر بن ابى طالب مر مع جبريل وميكائيل» اى جعفر دست بدادى اينك پر جزاى تو اى سليمان اسبان بدادى اينك اسبان در بر وبحر حمال تو اى محب صادق اگر بحكم رياضت ديده فدا كردى و چشم نثار اينك لطف ما ديده تو وفضل ما سمع تو وكرام ما چراغ وشمع تو «فاذا أحببته كنت له سمعا يسمع بي وبصرا يبصر بي ويدا يبطش بي» أول مرد كوينده شود پس داننده شود پس رونده شود پس پرنده شود اى مسكين ترا هركز آرزوى آن نبود كه روزى مرغ دلت از قفس ادبار نفس خلاص يابد وبر هواى رضاى حق پرواز كند بجلال قدر بار خدا كه جز نواخت «أتيته هرولة» استقبال تو نكند
چهـ مانى بهر مردارى چوزاغان اندرين پستى ... قفس بشكن چوطاوسان يكى بر پر برين بالا
قفس قالب است وامانت مرغ جان پر او عشق پرواز او إرادات أفق او غيب منزل او در دركاه كه مرغ امانت ازين قفس بشريت بر أفق غيب پرواز كند كروبيان عالم قدس دستها بديده خويش بازنهند تا از برق اين جمال ديدهاى ايشان نسوزد] وفى التأويلات النجمية يشير قوله (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) الى آخره الى القلب وسيره الى عالم الأرواح وسرعته فى السير للطافته بالنسبة الى كثافة النفس وإبطائها فى السير وذلك لان مركب النفس فى السير البدن وهو كثيف بطيء السير ومركب القلب فى السير هو الجذبة الالهية وهى من صفات لطفه كما قال عليه السلام (قلوب العباد بيد الله يقلبها كيف يشاء) وتقليبها الى الحضرة برياح العناية واللطف كما قال عليه السلام (قلب المؤمن كريشة فى فلاة يقلبها الريح ظهرا لبطن وبطنا لظهر) وهو حقيقة قوله ولسليمان الريح اى لسليمان القلب سخرنا ريح العناية ليسير بها وهو ابن داود الروح وبساطه الذي كان مجلسه ويجرى به الريح هو السر ولهذا المعنى قيل ان سليمان فى سيره لاحظ(7/270)
ملكه يوما فمال الريح ببساطه فقال سليمان للريح استوى فقالت الريح استوانت ما دمت مستويا بقلبك كنت مستوية ملت فملت كذلك حال السر والقلب وريح العناية إذا زاغ القلب أزاغ الله بريح الخذلان بساط السر فان الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم انتهى: وفى المثنوى
همچنين تاج سليمان ميل كرد ... روز روشن را برو چون ليل كرد
كفت تاجا كژ مشو بر فرق من ... آفتابا كم مشو از شرق من
راست مى كرد او بدست آن تاج را ... باز كژ مى شد برو تاج اى فتى
هشت بارش راست كرد وكشت كژ ... كفت تاجا چيست آخر كژ مغژ
كفت اگر صد ره كنى تو راست من ... كژ روم چون كژ روى اى مؤتمن
پس سليمان اندرون وراست كرد ... دل بر آن شهرت كه بودش كرد سرد
بعد از ان تاجش همان دم راست شد ... آنچنانكه تاج را ميخواست شد
پس ترا هر غم كه پيش آيد ز درد ... بر كسى تهمت منه بر خويش كرد
- حكى- ان رجلا سقاء بمدينة بخارى كان يحمل الماء الى دار صائغ مدة ثلاثين سنة وكان لذلك الصائغ زوجة صالحة فى نهاية الحسن والبهاء فجاء السقاء على عادته يوما وأخذ بيدها وعصرها فلما جاء زوجها من السوق قالت ما فعلت اليوم خلاف رضى الله تعالى فقال ما صنعت شيأ فالحت عليه فقال جاءت امرأة الى دكانى وكان عندى سوار فوضعته فى ساعدها فأعجبنى بياضها فعصرتها فقالت الله اكبر هذه حكمة خيانة السقاء اليوم فقال الصائغ أيتها المرأة انى تبت فاجعلينى فى حل فلما كان الغد جاء السقاء وتاب وقال يا صاحبة المنزل اجعليني فى حل فان الشيطان قد أضلني فقالت امض فان الخطأ لم يكن الا من الشيخ الذي فى الدكان فانه لما غير حاله مع الله بمس الاجنبية غير الله حاله معه بمس الأجنبي زوجته ومثل ذلك من عدل الله تعالى والله تعالى غيور إذا رأى عبده فيما نهاه يؤاخذه بما يناسب حاله وفعله فاذا عرف العبد ان الحال هذا وجب عليه ان يترك الجفاء والأذى ويسلك طريق العدل والانصاف ولا يأخذ سمت الجور والاعتساف والشقاق والخلاف وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ اى اذبنا وأجرينا لسليمان عين النحاس المذاب اساله من معدنه كما الان الحديد لداود فنبع منه نبوع الماء من الينبوع ولذلك سمى عينا: وبالفارسية [وجارى كرديم براى سليمان چشمه مس كداخت را تا از معدن بيرون آمدى چون آب روان واز ان مس هر چهـ ميخواست ميساخت وآن در موضعى بود از يمن بقرب صنعاء] قال فى كشف الاسرار لم يعمل بالنحاس قبل ذلك فكل ما فى أيدي الناس من النحاس فى الدنيا من تلك العين يقول الفقير يرد عليه ان فى بعض البلاد معدن النحاس يلتقط جوهره منه اليوم يذاب ويعمل فكيف يكون ما فى أيدي الناس مما اعطى سليمان الا ان يقال ان أصله كان من تلك العين كما ان المياه كلها تخرج من تحت الصخرة فى بيت المقدس على ما ورد فى بعض الآثار وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ جملة من مبتدأ وخبر. يعنى [از طائفه جن است كسى كه(7/271)
يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)
كار كردى پيش سليمان] بِإِذْنِ رَبِّهِ بامره كما ينبىء عنه قوله تعالى وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا الزيغ الميل عن الاستقامة اى ومن يعدل من الجن ويمل عما أمرناه به من طاعة سليمان ويعصه نُذِقْهُ [بچشانيم او را] مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ اى عذاب النار فى الآخرة- وروى- عن السدى انه كان معه ملك بيده سوط من نار كلما استعصى عليه الجنى ضربه من حيث لا يراه ضربة أحرقته بالنار وفيه اشارة الى تسخير الله لسليمان صفات الشيطنة كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم (ان الله سلطنى على شيطانى فاسلم على يدى فلا يأمرنى الا بخير) فاذا كانت القوى الباطنة مسخرة كانت الظاهرة الصورية ايضا مسخرة فتذهب الظلمة ويجيىء النور ويزول الكدر ويحصل السرور وهذا هو حال الكمل فى النهايات يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ تفصيل لما ذكر من عملهم مِنْ مَحارِيبَ بيان لما يشاء جمع محراب قال فى القاموس المحراب الغرفة وصدر البيت وأكرم مواضعه ومقام الامام من المسجد والموضع ينفرد به الملك فيتباعد عن الناس انتهى وفى المفردات محراب المسجد قيل سمى بذلك لانه موضع محاربة الشيطان والهوى او لكون حق الإنسان فيه ان يكون حريبا اى مسلوبا من أشغال الدنيا ومن توزع الخاطر وقيل الأصل فيه ان محراب البيت صدر المجلس ثم لما اتخذت المساجد سمى صدرها به وقيل بل المحراب اصل فى المسجد وهو اسم خص به صدر المسجد وسمى صدر البيت محرابا تشبيها بمحراب المسجد وهذا أصح انتهى. والمعنى من قصور حصينة ومساكن شريفة سميت بذلك لانها يذب عنها ويحارب عليها وأدرج فى تفسير الجلالين ايضا قال المفسرون فبنت الشياطين لسليمان تدمر كتنصر وهى بلدة بالشام والابنية العجيبة باليمن وهى صرواج ومرواج وبينون وسلحين وهيذة وهنيذة وفلتوم وغمدان ونحوها وكلها خراب الآن وعملوا له بيت المقدس فى غاية الحسن والبهاء [اصحاب سير كفته اند كه رب العالمين در نژاد ابراهيم عليه السلام بركت كرد چنانكه كس طاقت شمردن نسل آن نداشت خصوصا در روزكار داود عليه السلام داود خواست كه عدد بنى إسرائيل بداند ايشان كه در زمين فلسطين مسكن داشتند روزكارى دراز مى شمردند وبسر نرسيدند ونوميد كشتند پس وحي آمد بداود كه چون ابراهيم آن خواب كه او را نموديم بذبح فرزند تصديق ووفا كرد من او را وعده دادم كه در نسل وى بركت كنم اين كثرت ايشان از آنست اما ايشان فراوانى از خويشتن ديدند وخودبين كشتند لا جرم عدد ايشان كم كنم اكنون مخيراند ميان سه بليه آن يكى كه اختيار كنند بر ايشان كمارم يا قحط ونياز وكرسنكى يا دشمن سه ماه يا وبا وطاعون سه روز داود بنى إسرائيل را جمع كرد وايشانرا درين سه بليت مخير كرد از هر سه طاعون اختيار كردند كفتند اين يكى آسانتر است وار فضيحت دورتر پس همه جهاز مرك بساختند غسل كردند وخنود بر خود ريختند وكفن در پوشيدن وبصحرا بيرون رفتند با اهل وعيال وخرد وبزرك در ان صعيد بيت المقدس پيش از بنا نهادن آن وداود بصخره سجود درافتاد وايشان دعا وتضرع كردند(7/272)
رب العالمين طاعون بر ايشان فرود كشاد يك شبان روز چندان هلاك شدند كه بعد از ان بدو ماه ايشانرا دفن توانستند كرد چون يك شبان روز از طاعون بگذشت رب العالمين دعاى داود اجابت وتضرع ايشان روا كرد وآن طاعون از ايشان برداشت بشكر آنكه رب العالمين در ان مقام بر ايشان رحمت كرد بفرمود تا آنجا مسجدى سازند كه پيوسته آنجا ذكر الله ودعا وتضرع رود پس ايشان در كار ايستادند ونخست مدينه بيت المقدس بنا نهادند وداود بر دوش خود سنك ميكشيد وخيار بنى إسرائيل همچنان سنك مى كشيدند تا يك قامت بنا بر آوردند پس وحي آمد بداود كه اين شهرستانرا بيت المقدس نام نهاديم قدمكاه پيغمبران وهجرتكاه ونزولكاه پاكان ونيكان] قال بعض الكبار أراد داود عليه السلام بنيان بيت المقدس فبناه مرارا فلما فرغ منه تهدّم فشكا ذلك الى الله فاوحى الله اليه ان بيتي هذا لا يقوم على يدى من سفك الدماء فقال داود يا رب ألم يك ذلك فى سبيلك قال بلى ولكنهم أليسوا عبادى فقال يا رب اجعل بنيانه على يدى
من هو منى فاوحى الله اليه ان ابنك سليمان يبنيه فانى أملكه بعدك وأسلمه من سفك الدماء وأقضي إتمامه على يده وسبب هذا ان الشفقة على خلق الله أحق بالرعاية من الغيرة فى الله بإجراء الحدود المفضية الى هلاكهم ولكون اقامة هذه النشأة اولى من هدمها فرض الله فى حق الكفار الجزية والصلح ابقاء عليهم ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولى الدم أخذ الفدية او العفو فان ابى فحينئذ يقتل ألا تراه سبحانه إذا كان اولياء الدم جماعة فرضى واحد بالدية او عفا وباقى الأولياء لا يرون الا القتل كيف يراعى من عفا ويرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا ثم نرجع الى القصة فصلوا فيه زمانا [كفته اند داود در آن روز صد وبيست وهفت سال بود چون سال وى بصد و چهل رسيد از دنيا بيرون شد وسليمان بجاى وى نشست] وكان مولد سليمان بغزة وملك بعد أبيه وله اثنتا عشرة سنة ولما كان فى السنة الرابعة من ملكه فى شهر أيار سنة تسع وثلاثين وخمسمائة لوفاة موسى عليه السلام ابتدأ سليمان فى عمارة بيت المقدس وإتمامه حسبما تقدم وصية أبيه اليه وجمع حكماء الانس والجن وعفاريت الأرض وعظماء الشياطين وجعل منهم فريقا يبنون وفريقا يقطعون الصخور والعمد من معادن الرخام وفريقا يغوصون فى البحر فيخرجون منه الدر والمرجان وكان فى الدر ما هو مثل بيضة النعامة والدجاجة وبنى مدينة بيت المقدس وجعلها اثنى عشر ربضا وانزل كل ربض منها سبطا من أسباط بنى إسرائيل وكانوا اثنى عشر سبطا ثم بنى المسجد الأقصى بالرخام الملون وسقفه بألواح الجواهر الثمينة ورصع سقوفه وحيطانه باللئالئ واليواقيت وأنبت الله شجرتين عند باب الرحمة إحداهما تنبت الذهب والاخرى تنبت الفضة فكان كل يوم ينزع من كل واحدة مائتى رطل ذهبا وفضة وفرش المسجد بلاطة من ذهب وبلاطة من فضة وبألواح الفيروزج فلم يكن يومئذ فى الأرض بيت ابهى ولا أنوار من ذلك المسجد كان يضيىء فى الظلمة كالقمر ليلة البدر وفرغ منه فى السنة الحادية عشرة من ملكه وكان ذلك بعد هبوط آدم عليه السلام باربعة آلاف واربعمائة واربع عشرة سنة وبين عمارة سليمان لمسجد بيت المقدس والهجرة النبوية المحمدية على صاحبها ازكى السلام الف وثمانمائة(7/273)
وقريب من سنتين ولما فرغ من بناء المسجد سأل الله ثلاثا حكما يوافق حكمه وسأله ملكا لا ينبغى لاحد من بعده وسأله ان لا يأتى الى هذا المسجد أحد لا يريد الا الصلاة فيه إلا خرج من خطيئته كيوم ولدته امه قال عليه السلام نرجو ان يكون قد أعطاه إياه ولما رفع سليمان يده من البناء جمع الناس فاخبرهم انه مسجد لله تعالى وهو امره ببنائه وان كل شىء فيه لله من انتقص شيأ منه فقد خان الله تعالى ثم اتخذ طعاما وجمع الناس جمعا لم ير مثله ولا طعام اكثر منه وقرب القرابين لله تعالى واتخذ ذلك اليوم الذي فرغ منه فيه عيدا قال سعيد بن المسيب لما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس تغلقت أبوابه فعالجها سليمان فلم تنفتح حتى قال فى دعائه بصلوات ابى داود وافتتح الأبواب فتفتحت فوزع له سليمان عشرة آلاف من قراء بنى إسرائيل خمسة آلاف بالليل وخمسة آلاف بالنهار فلا يأتى ساعة من ليل ولانهار الا والله يعبد فيها واستمر بيت المقدس على ما بناه سليمان اربعمائة سنة وثلاثا وخمسين سنة حتى قصده بخت نصر فخرب المدينة وهدمها ونقض المسجد وأخذ جميع ما كان فيه من الذهب والفضة والجواهر وحمله الى دار مملكته من ارض العراق واستمر بيت المقدس خرابا سبعين سنة ثم أهلك بخت نصر ببعوضة دخلت دماغه وذلك انه من كبر الدماغ وانتفاخه فعل ما فعل من التخريب والقتل فجازاه الله تعالى بتسليط أضعف حيوان على دماغه
نه هركز شنيديم در عمر خويش ... كه بد مرد را نيكى آمد به پيش
وَتَماثِيلَ جميع تمثال بالكسر وهو الصورة على مثال الغير اى وصور الملائكة والأنبياء على صورة القائمين والراكعين والساجدين على ما اعتادوه فانها كانت تعمل حينئذ فى المساجد من زجاج ونحاس ورخام ونحوها ليراها الناس ويعبدوا
مثل عباداتهم ويقال ان هذه التماثيل رجال من نحاس وسأل ربه ان ينفخ فيها الروح ليقاتلوا فى سبيل الله ولا يعمل فيهم السلاح وكان إسفنديار رويين تن منهم كما فى تفسير القرطبي- وروى- انهم عملوا أسدين فى أسفل كرسيه ونسرين فوقه فاذا أراد ان يصعد بسط الأسدان ذراعيهما فارتقى عليهما: يعنى [چون سليمان خواستى كه بتخت برآيد آن دو شير بازوهاى خود برافراختندى تا پاى بر ان نهاده بالا رفتى] وإذا قعد اظله النسران بأجنحتهما فلما مات سليمان جاء أفريدون ليصعد الكرسي ولم يدر كيف يصعد فلما دنا منه ضربه الأسد على ساقه فكسر ساقه ولم يجسر أحد بعده ان يدنو من ذلك الكرسي واعلم ان حرمة التصاوير شرع جديد وكان اتخاذ الصور قبل هذه الامة مباحا وانما حرم على هذه الامة لان قوم رسولنا صلى الله عليه وسلم كانوا يعبدون التماثيل اى الأصنام فهى عن الاشتغال بالتصوير وابغض الأشياء الى الخواص ما عصى الله به وفى الحديث (من صور صورة فان الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها ابدا) وهذا يدل على ان تصوير ذى الروح حرام قال الشيخ الأكمل هل هو كبيرة اولا فيه كلام فعند من جعل الكبيرة عبارة عما ورد الوعيد عليه من الشرع فهو كبيرة واما من جعل الكبيرة منحصرة فى عدد محصور فهذا ليس من جملته فيكون الحديث محمولا على المستحل او على استحقاق العذاب المؤبد واما تصوير ما لا روح له فرخص فيه وان كان مكروها من حيث انه اشتغال بما لا يعنى قال فى نصاب الاحتساب(7/274)
ويحتسب على من يزخرف البيت بنقش فيه تصاوير لان الصورة فى البيت سبب لامتناع الملائكة عن دخوله قال جبريل عليه السلام «انا لا ندخل بيتا فيه كلب او صورة» ولو زخرفه بنقش لا صورة فيه لا بأس به وفى ملتقط الناصري لو هدم بيتا مصورا فيه بهذه الاصباغ تماثيل الرجال والطيور ضمن قيمة البيت وإصباغه غير مصورة انتهى فاذا منع من التصاوير فى البيت فاولى ان يمنع منها فى المسجد ولذا محيت رؤس الطيور فى المساجد التي كانت كنائس وفيها تماثيل وجاء فى الفروع انه يكره ان يكون فوق رأس المصلى او بين يديه او بحذائه صورة وأشدها كراهة ان يكون امام المصلى ثم فوق رأسه ثم على يمينه ثم على يساره ثم خلفه قيل ولو كانت خلفه لا يكره لانه لا يشبه عبادة الصنم وفيه اهانة لها ولو كانت تحت قدميه لا يكره قال فى العناية قيل إذا كانت خلفه لا تكره الصلاة ويكره كونها فى البيت لان تنزيه مكان الصلاة عما يمنع دخول الملائكة مستحب لا يقال فعلى هذا لا يكره كونها تحت القدم فيه ايضا لانا نقول فيه من التحقير والاهانة ما لا يوجد فى الخلف فلا قياس لوجود الفارق ثم الكراهة إذا كانت الصورة كبيرة بحيث تبدو وتظهر للناظر بلا تأمل فلو كانت صغيرة بحيث لا تتبين تفاصيل اعضائها الا بتأمل لا يكره لان الصغير جدا لا يعبد ولو قطع رأسها لا يكره لانها لا تعبد بلا رأس عادة ومعنى قطع الرأس ان يمحى رأسها بخيط يخاط عليها وينسج حتى لم يبق للرأس اثر أصلا بل طمست هيئته قطعا ولو خيط ما بين الرأس والجسد لا يعتبر لان من الطيور ما هو مطوق فيكون احسن فى العين ولو محى وجه الصورة فهو كقطع رأسها بخلاف قطع يديها ورجليها ولا تكره الصلاة على بساط مصور لانه اهانة وليس بتعظيم ان لم يسجد عليها لان السجود عليها يشبه عبادة الأصنام واطلق الكراهة فى المبسوط لان البساط الذي يصلى عليه معظم بالنسبة الى سائر البسط فكان فيه تعظيم الصورة وقد أمرنا باهانتها وفى حواشى أخي چلبى إذا كان التمثال تمثال ما يعظم الكفار كشكل الصليب مثلا لا ريب فى كراهة السجدة عليه ألا يرى الى ظهير الدين حيث قال الأصل فيه ان كل ما يقع تشبها بهم فيما يعظمون يكره الاستقبال بالصلاة اليه ولو كانت الصورة على وسادة ملقاة او بساط مفروش لم يكره لانها توطأ فكأنه استهانة بالصورة بخلاف ما لو كانت الوسادة منصوبة كالوسائد الكبار او كانت على الستر لانها تعظيم لها وفى الخلاصة الصورة إذا كانت على وسادة او بساط لا بأس باستعمالهما وان كان يكره اتخاذهما وان كانت على الإزار والستر فمكروه ولا يفسد
صلاته فى كل الفصول لوجود شرائط الجواز والنهى لمعنى فى غير المنهي عنه وتعاد على وجه غير مكروه وهو الحكم فى كل صلاة أديت مع الكراهة كما لو ترك تعديل الأركان كما فى الكافي وَجِفانٍ [وميكردندى يعنى شياطين براى سليمان از كاسهاى چوبين وغير آن] وهى جمع جفنة وهى القصعة العظيمة فان أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تليها تشبع العشرة ثم الصحفة تشبع الخمسة ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ثم الصحفة تشبع الرجل فتفسير الجفان بالصحاف كما فعله البعض منظور فيه قال سعدى المفتى والجفنة خصت بوعاء الاطعمة كما فى المفردات كَالْجَوابِ كالحياض الكبار أصله الجوابى بالياء كالجوارى جمع جابية من الجباية لاجتماع الماء فيها وهى(7/275)
من الصفات الغالبة كالدابة قال الراغب يقال جبيت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابية ومنه استعير جبيت الخراج جباية قيل كان يقعد على الجفنة الفا رجل فيأكلون منها وكان لمطبخه كل يوم اثنا عشر الف شاة والف بقرة وكان له اثنا عشر الف خباز واثنا عشر الف طباخ يصلحون الطعام فى تلك الجفان لكثرة القوم وكان لعبد الله بن جدعان من رؤساء قريش وهو ابن عم عائشة الصديقة رضى الله عنها جفنة يستظل بظلها ويصل إليها المتناول من ظهر البعير ووقع فيها صبى فغرق وكان يطعم الفقراء كل يوم من تلك الجفنة وكان لنبينا صلى الله عليه وسلم قصعة يحملها اربعة رجال يقال لها الغراء اى البيضاء فلما دخلوا فى الضحى وصلوا صلاة الضحى اتى بتلك القصعة وقد ثرد فيها فالتفوا حولها اى اجتمعوا فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعرابي ما هذه الجلسة فقال عليه السلام (ان الله جعلنى عبدا كريما ولم يجعلنى جبارا عنيدا) ثم قال (كلوا من جوانبها ودعوا ذروتها يبارك فيها) قال فى الشرعة ولا بركة فى القصاع الصغار ولتكن قصعة الطعام من خزف او خشب فانهما اقرب الى التواضع. ويحرم الاكل فى الذهب والفضة وكذا الشرب منهما. ويكره فى آنية النحاس إذا كان غير مطلىّ بالرصاص. وكذا فى آنية الصفر وهو بضم الصاد المهملة وسكون الفاء شىء مركب من المعدنيات كالنحاس والأسرب وغير ذلك يقال له بالفارسية [روى] بترقيق الراء فانه بتفخيمها بمعنى الوجه وَقُدُورٍ راسِياتٍ القدر بالكسر اسم لما يطبخ فيه اللحم كما فى المفردات. والجمع قدور. والراسيات جمع راسية من رسا الشيء يرسو إذا ثبت ولذلك سميت الجبال الرواسي والمعنى وقدور ثابتات على الأثافي لا تنزل عنهما لعظمها ولا تحرك من أماكنها وكان يصعد عليها بالسلال وكانت باليمن [وهنوز در بعض از ولايات شام ديكهاى چنين از سنك تراشيده موجودست] وكانت تتخذ القدور من الجبال او هى قدور النحاس وكانت موضوعة على الأثافي او كانت اثافيها منها كما فى الكواشي وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (وَجِفانٍ) الى آخره الى مأدبة الله التي لا نهاية لها التي يأكل منها الأولياء إذ يبيتون عنده كما قال عليه السلام (أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) اعْمَلُوا يا آلَ داوُدَ فنصبه على النداء والمراد به سليمان لان هذا الكلام قد ورد فى خلال قصته وخطاب الجمع للتعظيم او أولاده او كل من ينفق عليه او كل من يتأتى منه الشكر من أمته كما فى بحر العلوم والمعنى وقلنا له او لهم اعملوا شُكْراً نصب على العلة اى اعملوا له واعبدوه شكرا لما أعطيتكم من الفضل وسائر النعماء فانه لا بد من اظهار الشكر كظهور النعمة او على المصدر لا عملوا لان العمل للمنعم شكر له فيكون مصدرا من غير لفظه او لفعل محذوف اى اشكروا شكرا او حال اى شاكرين او مفعول به اى اعملوا شكرا ومعناه انا سخرنا لكم الجن يعملون لكم ما شئتم فاعملوا أنتم شكرا على طريق المشاكلة قال بعض الكبار قال تعالى فى حق داود (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا) فلم يقرن بالفضل الذي آتاه شكرا يطلبه منه ولا اخبر انه أعطاه هذا الفضل جزاء لعمل من اعماله ولما طلب الشكر على ذلك الفضل بالعمل طلبه من آل داود لامنه ليشكره الآل على ما أنعم به على داود فهو فى(7/276)
حق داود عطاء نعمة وإفضال وفى حق آله عطاء لطلب المعاوضة منهم فداود عليه السلام ليس يطلب منه الشكر على ذلك العطاء وان كانت
الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على انعامه وهبته فلم يكن ذلك الشكر الواقع منهم مبنيا على طلب من الله سبحانه بل تبرعوا بذلك من عند نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه من غير ان يكون مأمورا بالقيام على هذا الوجه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلما قيل له فى ذلك قال (أفلا أكون عبدا شكورا) وفى التأويلات النجمية يشير الى شكر داود الروح وسليمان القلب من آله السر والخفي والنفس والبدن فان هؤلاء كلهم من مولدات الروح فشكر البدن استعمال الشريعة بجميع أعضائه وجوارحه ومحال الحواس الخمس ولهذا قال اعملوا. وشكر النفس باقامة شرائط التقوى والورع. وشكر القلب بمحبة الله وخلوه عن محبة ما سواه. وشكر السر مراقبته من التفاته لغير الله. وشكر الروح ببذل وجوده على نار المحبة كالفراش على شعلة الشمع. وشكر الخفي قبول الفيض بلا واسطة فى مقام الوحدة ولهذا سمى خفيا لانه بعد فناء الروح فى الله يبقى فى قبول الفيض فى مقام الوحدة مخفيا بنور الوحدة على نفسه وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ قليل خبر مقدم للشكور وقال الكاشفى وصاحب كشف الاسرار [واندكى از بندگان من سپاس دارند [والشكور المبالغ فى أداء الشكر على النعماء والآلاء بان يشكر بقلبه ولسانه وجوارحه اكثر أوقاته واغلب أحواله ومع ذلك لا يوفى حقه لان التوفيق للشكر نعمة تستدعى شكرا آخر لا الى نهاية ولذلك قيل الشكور من يرى عجزه عن الشكر
حق شكر حق نداند هيچ كس ... حيرت آمد حاصل دانا وبس
آن بزركى كفت با حق در نهان ... كاى پديد آرنده هر دو جهان
اى منزه از زن وفرزند وجفت ... كى توانم شكر نعمتهات كفت
پيك حضرت دادش از ايزد پيام ... كفتش از تو اين بود شكر مدام
چون درين راه اين قدر بشناختى ... شكر نعمتهاى ما پرداختى
قال الامام الغزالي رحمه الله احسن وجوه الشكر لنعم الله تعالى ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعاته وذلك ايضا بالتوفيق وعن جعفر بن سليمان سمعت ثابتا يقول ان داود جزأ ساعات الليل والنهار على اهله فلم تكن تأتى ساعة من ساعات الليل والنهار الا وانسان من آل داود قائم يصلى وعن النبي عليه السلام (إذا كان يوم القيامة نادى مناد ألا ان داود اشكر العابدين وأيوب صابر الدنيا والآخرة) وفى التأويلات النجمية وبقوله (قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) يشير الى قلة من يصل الى مقام الشكورية وهو الذي يكون شكره بالأحوال. فللعوام شكرهم بالأقوال كقوله تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ) . وللخواص شكرهم بالأعمال كقوله (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) . ولخواص الخواص شكرهم بالأحوال وهو الاتصاف بصفة الشكورية والشكور هو الله تعالى لقوله تعالى (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) بان يعطى على عمل فان عشرا من ثواب باق كل ما كان عندكم ينفد وما عنده الى السرمد ان الله كثير الإحسان فاعمل(7/277)
فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)
شكرا ايها الإنسان فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ القضاء الحكم والفصل والموت زوال القوة الحساسة اى لما حكمنا على سليمان بالموت وفصلناه به عن الدنيا ما دَلَّهُمْ [دلالت نكرد ديوانرا] عَلى مَوْتِهِ [بر مرك سليمان] إِلَّا [مكر] دَابَّةُ الْأَرْضِ اى الارضة وهى دويبة تأكل الخشب بالفارسية [كرمك چوب خور] أضيفت الى فعلها وهو الأرض بمعنى الاكل ولذا سميت الأرض مقابل السماء أرضا لانها تأكل أجساد بنى آدم يقال ارضت الارضة الخشبة أرضا اكلتها فارضت أرضا على ما لم يسم فاعله فهى مأروضة تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ اى عصاه التي يتوكأ عليها من النسيء وهو التأخير فى الوقت لان العصا يؤخر بها الشيء ويزجر ويطرد فَلَمَّا خَرَّ سقط سليمان ميتا قال الراغب خر سقط سقوطا يسمع منه خرير والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ من تبينت الشيء إذا علمته بعد النباسه عليك اى علمت الجن علما يقينيا ينتفى عنده الشكوك والشبه بعد التباس الأمر عليهم أَنْ اى انهم لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما غاب عن حواسهم كما يزعمون ما لَبِثُوا [درنك نمى كردند يكسال] فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ [در عذاب خوار كننده] يعنى التكاليف الشاقة والأعمال الصعبة التي كانوا يعملونها والحاصل انهم لو كان لهم علم بالغيب كما يزعمون لعلموا موت سليمان ولما لبثوا بعده حولا فى تسخيره الى ان خر فلما وقع ما وقع علموا انهم جاهلون لا عالمون. ويجوز ان يؤخذ تبينت من تبين الشيء إذا ظهر وتجلى فتكون ان مع ما فى حيزها بدل اشتمال من الجن نحو تبين زيد جهله اى ظهر للانس ان الجن لو كانوا يعلمون الى آخره واصل القصة انه لما دنا أجل سليمان عليه السلام كان أول ما ظهر من علاماته انه لم يصبح الا ورأى فى محرابه شجرة نابتة كما قال فى المثنوى
هر صباحى چون سليمان آمدى ... خاضع اندر مسجد أقصى شدى
نو كياهى رسته ديدى اندرو ... پس بگفتى نام ونفع خود بگو
تو چهـ دارويى چىء نامت چهـ است ... تو زيان كه ونفعت بر كى است
پس بگفتى هر كياهى فعل ونام ... كه من آنرا جانم واين را حمام
من مرين را زهرم واو را شكر ... نام من اينست بر لوح از قدر
پس طبيبان از سليمان زان كيا ... عالم ودانا شدندى مقتدا
تا كتبهاى طبيبى ساختند ... جسم را از رنج مى پرداختند
اين نجوم وطب وحي انبياست ... عقل وحس را سوى بى سوره كجاست
هم بر ان عادت سليمان سنى ... رفت در مسجد ميان روشنى
قاعده هر روز را مى جست شاه ... كه ببيند مسجد اندر نو كياه
پس سليمان ديد اندر كوشه ... نو كياهى رسته همچون خوشه
ديد پس نادر كياهى سبز وتر ... مى ربود آن سبزيش نور از بصر
كفت نامت چيست بر كو بى دهان ... نام من خروب اى شاه جهان(7/278)
كفت فعلت چيست وز تو چهـ رود ... كفت من رستم مكان ويران شود
من كه خروبم خراب منزلم ... من خرابى مسجد آب وكلم
پس سليمان آن زمان دانست زود ... كه أجل آمد سفر خواهد نمود
كفت تا من هستم اين مسجد يقين ... در خلل نايد ز آفات زمين
تا كه من باشم وجود من بود ... مسجد أقصى مخلخل كى شود
پس خرابى مسجد ما بى گمان ... نبود الا بعد مرك ما بدان
مسجد است آن دل كه چشمش ساجد است ... يار بد خروب هر جا كه مسجد است
يار بد چون رست در تو مهر او ... هين ازو بگريز وكم كن كفت وكو
بر كن از بيخش كه كر سر برزند ... مر ترا ومسجدت را بركند
[پس از ان سليمان بملك الموت رسيد وكفت چون ترا بقبض روح من فرمايند مرا خبر ده ملك الموت بوقتى كه او را فرمودند آمد واو را خبر داد كفت نماند از عمر تو الا يك ساعت اگر وصيتي ميكنى يا كارى از بهر مرك ميسازى بساز] فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب فقام يصلى قال فى كشف الاسرار [پس بآخر كار عصاى خود پيش كرفت وتكيه بر آن كرد وهر دو كف زير سر نهاد وآن عصا او را همچنان پناهى كشت وملك الموت در آن حال قبض روح وى كرد ويكسال برين صفت بر آن عصا تكيه زده بماند وشياطين همجنان در كار ورنج وعمل خويش مى بودند ونمى دانستند كه سليمان را وفات رسيد] ولا ينكرون احتباسه عن الخروج الى الناس لطول صلاته قبل ذلك وقال الكاشفى فى تفسيره [چون سليمان دركذشت وبشستند وبرو نماز كذاردند واو را بر عصا تكيه دادند ومرك او بموجب وصيت او فاش نكردند وديوان از دور زنده مى پنداشتند وبهمان كار كه نامزد ايشان بود قيام نمودند تا بعد از يكسال أسفل عصاى او را دوده بخورد سليمان بر زمين افتاد همكنانرا موت او معلوم شد] قال بعضهم كانت الشياطين تجتمع حول محرابه أينما صلى فلم يكن شيطان ينظر اليه فى صلاته الا احترق فمر به شيطان فلم يسمع صوته ثم رجع فلم يسمع صوته ثم نظر فاذا سليمان قد خر ميتا ففتحوا عنه فاذا العصا قد اكلتها الارضة فارادوا ان يعرفوا وقت موته فوضعوا الارضة على العصا فاكلت منها فى يوم وليلة مقدارا فحسبوا على ذلك النحو فوجدوه قد مات منذ سنة وكانوا يعملون بين يديه ويحسبونه حيا ولو علموا انه مات لما لبثوا فى العذاب سنة وقال فى كشف الاسرار [وعذاب ايشان از جهت سليمان آن بودى چون بر يكى از ايشان خشم كرفتى] كان قد حبسه فى دنّ وشدّ رأسه بالرصاص او جعله بين طبقتين من الصخر فالقاه فى البحر او شدّ رجليه بشعره الى عنقه فالقاه فى الحبس ثم ان الشياطين قالوا للارضة لو كنت تأكلين الطعام اتيناك بأطيب الطعام ولو كنت تشربين من الشراب سقيناك أطيب الشراب ولكن ننقل إليك الماء والطين فهم ينقلون ذلك حيث كانت ألم تر الى الطين الذي يكون فى جوف الخشب فهو ما يأتيها به الشياطين تشكرا لها قال القفال قد دلت هذه الآية على ان الجن لم يسخروا الا(7/279)
لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)
لسليمان وانهم تخلصوا بعد موته من تلك الأعمال الشاقة: يعنى [چون بدانستند كه سليمان را وفات رسيد فى الحال فرار نموده در شعاب جبال وأجواف بوادي كريختند واز رنج وعذاب بازرستند] وانما تهيأ لهم التسخير والعمل لان الله تعالى زاد فى أجسامهم وقواهم وغير خلقهم عن خلق الجن الذين لا يرون ولا يقدرون على شىء من هذه الأعمال الشاقة مثل نقل الأجسام الثقال ونحوه لان ذلك كان معجزة لسليمان عليه السلام قالت المعتزلة الجن أجسام رقاق ولرقتها لا نراها ويجوز ان يكثف الله أجسام الجن فى زمان الأنبياء دون غيره من الازمنة وان يقويهم بخلاف ما هم عليه فى غير زمانهم قال القاضي عبد الجبار ويدل على ذلك ما فى القرآن من قصة سليمان انه كشفهم له حتى كان الناس يرونهم وقواهم حتى يعملون له الأعمال الشاقة واما تكثيف أجسامهم وأقدارهم عليها فى غير زمان الأنبياء فانه غير جائز لكونه نقضا للعادة قال اهل التاريخ كان سليمان عليه السلام ابيض جسيما وضيئا كثير الشعر يلبس البياض وكان عمره ثلاثا وخمسين سنة وكانت وفاته بعد فراغ بناء بيت المقدس بتسع وعشرين سنة يقول الفقير هو الصحيح اى كون وفاته بعد الفراغ من البناء لا قبله بسنة على ما زعم بعض اهل التفسير وذلك لوجوه الاول ما فى المرفوع من ان سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله ثلاثا فاعطاه اثنتين ونحن نرجو ان يكون قد أعطاه الثالثة وقد سبق فى تفسير قوله تعالى (مِنْ مَحارِيبَ) والثاني اتفاقهم على ان داود أسس بيت المقدس فى موضع فسطاس موسى وبنى مقدار قامة انسان فلم يؤذن له فى الإتمام كما مر وجهه ثم لما دنا اجله وصى به الى ابنه سليمان وبعيد ان يؤخر سليمان وصية أبيه الى آخر عمره مع ما ملك مدة أربعين سنة والثالث قصة الخروب التي ذكرها الاجلاء من العلماء فانها تقتضى ان سليمان صلى فى المسجد الأقصى بعد إتمامه زمانا كثيرا وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى كمال قدرته وحكمته وانه هو الذي سخر الجن والانس لمخلوق مثلهم وهم الألوف الكثيرة والوحوش والطيور ثم قضى عليه الموت وجعلهم مسخرين لجثة بلا روح وبحكمته جعل دابة الأرض حيوانا ضعيفا مثلها دليلا لهذه الألوف الكثيرة من الجن والانس تدلهم بفعلها على علم ما لم يعلموا وفيه ايضا اشارة الى انه تعالى جعل فيها سببا لايمان امة عظيمة وبيان حال الجن انهم لا يعلمون الغيب وفيه اشارة اخرى ان نبيين من الأنبياء اتكئا على عصوين وهما موسى وسليمان فلما قال موسى هى عصاى اتوكأ عليها قال ربه ألقها فلما القاها جعلها ثعبانا مبينا يعنى من اتكأ على غير فضل الله ورحمته يكون متكؤه ثعبانا ولما اتكأ سليمان على عصاه فى قيام ملكه بها واستمسك بها بعث الله أضعف دابة وأخسها لابطال متكئه ومتمسكه ليعلم ان من قام بغيره زال بزواله وان كل متمسك بغير الله طاغوت من الطواغيت ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها انتهى كلامه لَقَدْ اى بالله لقد كانَ لِسَبَإٍ كجبل وقد يمنع من الصرف باعتبار القبيلة اى كان لقبيلة سبأ وهم أولاد سبأ بن يشجب بالجيم على ما فى القاموس ابن يعرب بن قحطان بن عامر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام. وسبأ لقب عبد شمس بن يشجب وانما لقب به لانه أول من سبى كما قاله السهيلي(7/280)
وهو يجمع قبائل اليمن. ويعرب بن قحطان أول من تكلم بالعربية فهو ابو عرب اليمن يقال لهم العرب العاربة. ويقال لمن تكلم بلغة إسماعيل العرب المستعربة وهى لغة اهل الحجاز فعربية قحطان كانت قبل إسماعيل عليه السلام وهو لا ينافى كون إسماعيل أول من تكلم بالعربية لانه أول من تكلم بالعربية البينة المحضة وهى عربية قريش التي نزل بها القرآن وكذا لا ينافى ما قيل ان أول من تكلم بالعربية آدم فى الجنة فلما اهبط الى الأرض تكلم بالسريانية وجاء (من احسن ان يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسية فانه يورث النفاق) واشتهر على ألسنة الناس انه صلى الله عليه وسلم (قال انا افصح من نطق بالضاد) قال جمع لا اصل له ومعناه صحيح لان المعنى انا افصح العرب لكونهم هم الذين ينطقون
بالضاد ولا توجد فى غير لغتهم كما فى انسان العيون لعلى بن برهان الدين الحلبي فِي مَسْكَنِهِمْ بالفارسية [نشستكاه] والمعنى فى بلدهم الذي كانوا فيه باليمن وهو مأرب كمنزل على ما فى القاموس بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث ليال وهى المرادة بسبا بلدة بلقيس فى سورة النمل قال السهيلي مأرب اسم ملك كان يملكهم كما ان كسرى اسم لكل من ملك الفرس. وخاقان اسم لكل من ملك الصين. وقيصر اسم لكل من ملك الروم. وفرعون لكل من ملك مصر. وتبع لكل من ملك الشحر واليمن وحضر موت. والنجاشي لكل من ملك الحبشة وقيل مأرب اسم قصر كان لهم ذكره المسعودي قال فى انسان العيون ويعرب بن قحطان قيل له ايمن لان هودا عليه السلام قال له أنت ايمن ولدي وسمى اليمن يمنا بنزوله فيه آيَةٌ علامة ظاهرة دالة بملاحظة الأحوال السابقة واللاحقة لتلك القبيلة من الإعطاء والترفية بمقتضى اللطف ثم من المنع والتخريب بموجب القهر على وجود الصانع المختار وقدرته على كل ما يشاء من الأمور البديعة ومجازاته للمحسن والمسيء وما يعقلها الا العالمون وما يعتبرها الا العاقلون جَنَّتانِ بدل من آية والمراد بهما جماعتان من البساتين لا بستانان اثنان فقط عَنْ يَمِينٍ جماعة عن يمين بلدتهم واليمين فى الأصل الجارحة وهى اشرف الجوارح لقوتها وبها تعرف من الشمال وتمتاز عنها وَشِمالٍ وجماعة عن شمالها كل واحدة من تينك الجماعتين فى تقاربها وتضامها كأنها جنة واحدة او بستانان لكل رجل منهم عن يمين مسكنه وعن شماله كُلُوا حكاية لما قال لهم نبيهم تكميلا للنعمة وتذكيرا لحقوقها او لسان الحال او بيان لكونهم أحقاء بان يقال لهم ذلك مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ من انواع الثمار وَاشْكُرُوا لَهُ على ما رزقكم باللسان والجنان والأركان بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ استئناف مبين لما يوجب الشكر المأمور به اى بلدتكم بلدة طيبة وربكم الذي رزقكم ما فيها من الطيبات وطلب منكم الشكر رب غفور لفرطات من يشكره فمعنى طيبة انها لم تكن سبخة بل لينة حيث أخرجت الثمار الطيبة او انها طيبة الهواء والماء كما قال الكاشفى [اين شهرى كه خداى تعالى در وى روزى ميدهد شهرى پاكيزه است هواى تن درست وآب شيرين وخاك پاك]
شهرى چوبهشت از نكويى ... چون باغ ارم بتازه رويى
وفى فتح الرحمن وطيبتها انها لم يكن بها بعوض ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية(7/281)
فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20)
ولا غيرها من المؤذيات وكان يمر بها الغريب وفى ثيابه القمل فتموت كلها لطيب هوائها ومن ثمة لم يكن بها آفات وامراض ايضا وعن ابن عباس رضى الله عنهما كانت أطيب البلاد هواء واخصبها. وكانت المرأة تخرج من منزلها الى منزل جارتها وعلى رأسها المكتل فتعمل بيديها وتسير فيما بين الأشجار فيمتلىء المكتل مما يتساقط فيه من انواع الثمار من غير ان تمديدها والى هذا المعنى أشير بعبارة الجنة إذ حال الجنة يكون هكذا. ولله تعالى جنان فى الأرض كجنانه فى السماء وأفضلها الجنة المعنوية التي هى القلب وما يحتويه من انواع المعارف والفيوض والكشوف فالطيب من الأشياء ما يستلذه الحواس ومن الإنسان من تطهر عن نجاسة الجهل والفسق وقبائح الأعمال وتطيب بالعلم والايمان ومحاسن الافعال قال بعض الكبار بلدة طيبة بلدة الإنسانية قابلة لبذر التوحيد وكلمة لا اله الا الله ورب غفور يستر عيوب أوليائه بنور مغفرته ويغفر ذنوبهم لعزة معرفته انتهى وبسببهم يغفر ذنوب كثير من عباده ويقبل حسناتهم [نقلست عبد الله بن مبارك رضى الله عنه در حرم محترم يكسال از حج فارغ شده بود بخواب ديد كه دو فرشته درآمدندى ويكى از ديكرى پرسيدى كه خلق امسال چند جمع آمدند ديكرى كفت سيصد هزار من كفتم حج چند كس مقبول افتاد كفتند حج هيچ كس عبد الله كفت چون اين شنودم اضطرابى در من پديد آمد كفتم آخر اين همه خلق از أطراف جهان با اين همه رنج وتعب مى آمدند واين همه ضايعست كفتند كفشكريست در دمشق على بن موفق كويند او اينجا نيامده است وليكن حج او را قبول كردند واين جمله را در كار او كردند] وكان حجه انه قال جمعت ثلاثمائة وخمسين درهما للحج فمرت بي حامل فقالت ان هذه الدار يجيىء منها رائحة طعام فاذهب وخذ شيأ منه لى لئلا يسقط حملى قال فذهبت فاخبرت القصة لصاحب الدار فبكى وقال ان لى أولادا لم يذوقوا طعاما منذ أسبوع فقمت اليوم وجئت بلحم من ميتة حمار فهم يطبخونه فهو لنا حلال فانا مضطرون ولك حرام فكيف أعطيك منه قال على فلما سمعت ذلك منه احترق فؤادى ودفعت المبلغ المذكور اليه وقلت حجى هذا فتقبل الله تعالى ذلك منه بقبول حسن ووهب له جميع الحجاج
بإحساني آسوده كردن دلى ... به از الف ركعت بهر منزلى
يعنى فى طريق مكة المشرفة فَأَعْرَضُوا اى أولاد سبأ عن الوفاء واقبلوا على الجفاء وكفر والنعمة وتعرضوا للنقمة وضيعوا الشكر فبدلوا وبدل لهم الحال. يقال اعرض اى اظهر عرضه اى ناحيته قال ابن عباس رضى الله عنهما بعث الله تعالى ثلاثة عشر نبيا الى ثلاث عشرة قرية باليمن فدعوهم الى الايمان والطاعة وذكروهم نعمه تعالى وخوفوهم عقابه فكذبوهم وقالوا ما نعرف له علينا من نعمة فقولوا لربكم فليحبس عنا هذه النعمة ان استطاع فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ الإرسال مقابل الإمساك والتخلية وترك المنع سَيْلَ الْعَرِمِ السيل أصله مصدر كالسيلان بمعنى [رفتن آب] وجعل اسما للماء الذي يأتيك ولم يصبك مطره والعرم من العرامة وهى الشدة والصعوبة يقال عرم كنصر وضرب وكرم وعلم عرامة وعراما بالضم فهو عارم وعرم اشتد وعرم الرجل إذا شرس خلقه اى ساء وصعب أضاف السيل الى العرم اى الصعب وهو(7/282)
من اضافة الموصوف الى صفته بمعنى سيل المطر العرم او الأمر العرم. والمعنى بالفارسية [پس فرستاديم وفروكشاديم بر ايشان سيل صعب ودشوار] وقال ابن عباس رضى الله عنهما العرم اسم الوادي: يعنى [نام وادي كه آب از جانب او آمد] وقال بعضهم العرم السد الذي يحبس الماء ليعلوا على الأرض المرتفعة: يعنى [عرم بند آبست بلغة حمير] وقال بعضهم هو الجرذ الذكر أضاف السيل اليه لان الله تعالى أرسل جرذانا برية كان لها أنياب من حديد لا يقرب منها هرة الا قتلتها فنقبت عليهم ذلك السد: يعنى [بند را سوراخ كرد] فغرقت جنانهم ومساكنهم ويقال لذلك الجرذ الخلد بالضم لاقامته عند حجره وهو الفار الأعمى الذي لا يدرك الا بالسمع قال ارسطو كل حيوان له عينان الا الخلد وانما خلق كذلك لانه ترابى جعل الله له الأرض كالماء للسمك وغذاؤه من باطنها وليس له فى ظاهرها قوت ولا
نشاط ولما لم يكن له بصر عوّضه الله حدة السمع فيدرك الوطء الخفي من مسافة بعيدة فاذا أحس بذلك جعل يحفر فى الأرض قيل ان سمعه بمقدار بصر غيره وفى طبعه الهرب من الرائحة الطيبة ويهوى رائحة الكراث والبصل وربما صيد بها فانه إذا شمها خرج إليها فاذا جاع فتح فاه فيرسل الله له الذباب فيسقط عليه فيأخذه ودمه إذا اكتحل به ابرأ العين كما فى حياة الحيوان قال الكاشفى [در مختار آورده كه فرزندان سبا را در حوالى مأرب از ولايت يمن منزلى بود در ميان دو كوه از أعلى تا أسفل آن منزل هـژده فرسخ وشرب ايشان در اعلاى وادي بود از چشمه در پايان كوى كاه بودى كه فاضل آب از اوديه يمن با آب ايشان ضم شدى وخرابى كردى] قال ابو الليث كان الماء لا يأتيهم من مسيرة عشرة ايام حتى يجرى بين الجبلين [از بلقيس كه از واليه ولايت ايشان بود درخواست كردند تا سدى بست بسنك وقار در دهانه كوه تا آبهاى أصلي وزائدى از امطار وعيون آنجا جمع شدند] وقال السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام كان الذي بنى السد سبأ بن يشجب بناه بالرخام وساق اليه سبعين واديا ومات قبل ان يستتمه فاتم بعده انتهى [وسه ثقبه بر آن سد ترتيب كرد تا أول ثقبه أعلى بگشايند وآب بمزروعات وباغها وخود برند و چون وفا نكند وكمتر شود وسطى وبآخر سفلى چون سيزده پيغمبر را تكذيب كردند و پيغمبر آخرين در زمان پادشاه ذى الاوغار بن جيشان بعد از رفع عيسى بديشان آمد واو را بسيار رنجانيدند حق سبحانه وتعالى موشهاى دستى در زير بند ايشان پديد آورده بفرمود تا سوراخ كردند ونيم شب كه همه در خواب بودند بند شكسته شد وسيل درآمده منازل وحدائق ايشان مغمور كشت وبسيار مردم و چهارپاى هلاك كشت] وقال فى فتح الرحمن فارسلنا عليهم السيل الذي لا يطاق فخرب السد وملأ ما بين الجبلين وحمل الجنات وكثيرا من الناس ممن لم يمكنه الفرار اى الى الجبل وأغرق أموالهم فتفرقوا فى البلاد فصاروا مثلا وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ المذكورتين وآتيناهم بدلهما: وبالفارسية [وبدل داديم ايشانرا بباغهاى ايشان] والتبديل جعل الشيء مكان آخر والباء تدخل على المتروك على ما هى القاعدة المشهورة جَنَّتَيْنِ ثانى مفعولى بدلنا ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ صفة لجنتين ويقال فى الرفع ذواتا بالألف وهى تثنية(7/283)
ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17)
ذات مؤنث ذى بمعنى الصاحب والاكل بضم الكاف وسكونه اسم لما يؤكل والخمط كل نبت أخذ طعما من مرارة حتى لا يمكن أكله والمعنى جنتين صاحبتى ثمر مرّ: وبالفارسية [دو باغ خداوند ميوهاى تلخ] فيكون الخمط نعتا للاكل وجاء فى بعض القراآت باضافة الاكل الى الخمط على ان يكون الخمط كل شجر مر الثمر او كل شجر له شوك او هو الأراك على ما قاله البخاري والاكل ثمره قال فى المختار الخمط ضرب من الأراك له حمل يؤكل وتسمية البدل جنتين للمشاكلة والتهكم وَأَثْلٍ معطوف على أكل لا على خمط فان الأثل هو الطرفاء بالفارسية [كز] او شجر يشبهه أعظم منه ولا ثمر له: قال الشيخ سعدى قدس سره
اگر بد كنى چشم نيكى مدار ... كه هركز نيارد كز انگور بار
وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ وهو معطوف ايضا على أكل قال البيضاوي وصف السدر بالقلة لما ان جناه وهو النبق مما يطيب أكله ولذلك يغرس فى البساتين انتهى فالسدر شجر النبق على ما فى القاموس وقال المولى ابو السعود والصحيح ان السدر صنفان صنف يؤكل من ثمره وينتفع بورقه لغسل اليد وصنف له ثمرة عفصة لا تؤكل أصلا وهو البرى الذي يقال له الضال والمراد هاهنا هو الثاني فكان شجرهم من خير الشجر فصيره الله من شر الشجر بسبب أعمالهم القبيحة والحاصل ان الله تعالى أهلك أشجارهم المثمرة وأنبت بدلها غير المثمرة ذلِكَ اشارة الى مصدر قوله تعالى جَزَيْناهُمْ فمحله النصب على انه مصدر مؤكد له اى ذلك الجزاء الفظيع جزيناهم لاجزاء آخر او الى ما ذكر من التبديل فمحله النصب على انه مفعول ثان له اى ذلك التبديل جزيناهم لا غيره بِما كَفَرُوا بسبب كفرانهم النعمة حيث نزعناها منهم ووضعنا مكانها ضدها او بسبب كفرهم بالرسل وفى هذه الآية دليل على بعث الأنبياء بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام فانه روى ان الواقعة المذكورة كانت فى الفترة التي بينهما وما قيل من انه لم يكن بينهما نبى يعنى نبى به ذو كتاب كذا فى بحر العلوم فلا يشكل قوله عليه السلام (ليس بينى وبينه نبى) اى رسول مبعوث بشريعة مستقلة بل كل من بعث كان مقررا لشريعة عيسى وقد سبق تحقيق هذا المبحث مرارا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ اى وما نجازى هذا الجزاء الا المبالغ فى الكفران او الكفر. فهل وان كان استفهاما فمعناه النفي ولذلك دخلت الا فى قوله الا الكفور قال فى القاموس هل كلمة استفهام وقد يكون بمعنى الجحد وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا وفى الآية اشارة الى ان المؤمن الشاكر يربط بشكره النعم الصورية والمعنوية من الإيقان والتقوى والصدق والإخلاص والتوكل والأخلاق الحميدة وغير الشاكر يزيل بكفرانه هذه النعم فيجد بدلها الفقر والكفر والنفاق والشك والأوصاف الذميمة ألا ترى الى حال بلعم فانه لم يشكر يوما على نعمة الايمان والتوفيق فوقع فيما وقع من الكفر والعياذ بالله تعالى. فلما غرس اهل الكفر فى بستان القلب والروح الأشجار الخبيثة لم يجدوا الا الأثمار الخبيثة فما عوملوا الا بما استوجبوا وما حصدوا الا ما زرعوا وما وقعوا الا فى الحفرة التي حفروا(7/284)
وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18)
كما قيل «يداك اوكتا وفوك نفخ» وهذا مثل مشهور يضرب لمن يتحسر ويتضجر مما يرد عليه منه يقال او كأعلى سقائه إذا شده بالوكاء والوكاء للقربة وهو الخيط الذي يشد به فوها وقد ورد فى العبارة النبوية (فمن وجد خيرا فليحمد الله) اى الذي هو ينبوع الرحمة والخير (ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه) : وفى المثنوى
داد حق اهل سبا را بس فراغ ... صد هزاران قصر وايوانها وباغ
شكر آن نكزاردند آن بدرگان ... در وفا بودند كمتر از سكان
مر سكانرا لقمه نانى ز در ... چون رسد بر در همى بندد كمر
پاسبان وحارس در ميشود ... كر چهـ بر وى جور سختى ميرود
هم بر ان در باشدش باش وقرار ... كفر دارد كرد غيرى اختيار
بيوفايى چون سكانرا عار بود ... بيوفايى چون روا دارى نمود
وَجَعَلْنا عطف على كان لسبأ وهو بيان لما أوتوا من النعم البادية فى مسايرهم ومتاجرهم بعد حكاية ما أوتوا من النعم الحاضرة فى مساكنهم ومحاضرهم وما فعلوا بها من الكفران وما فعل بهم من الجزاء تكملة لقصتهم وانما لم يذكر الكل معا لما فى التثنية والتكرير من زيادة تنبيه وتذكير والمعنى وجعلنا مع ما آتيناهم فى مساكنهم من فنون النعم بَيْنَهُمْ اى بين بلادهم اليمنية وَبَيْنَ الْقُرَى الشامية الَّتِي بارَكْنا فِيها [بركت داده ايم در ان] يعنى بالمياه والأشجار والثمار والخصب والسعة فى العيش للاعلى والأدنى والقرية اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس بلدة كانت او غيرها والمراد هنا فلسطين وأريحا وأردن ونحوها والبركة ثبوت الخير الإلهي فى الشيء والمبارك ما فيه ذلك الخير قُرىً ظاهِرَةً اصل ظهر الشيء ان يحصل على ظهر الأرض فلا يخفى وبطن الشيء ان يحصل فى بطنان الأرض فيخفى ثم صار مستعملا فى كل ما برز للبصر والبصيرة اى قرى متواصلة يرى بعضها من بعض لتقاربها فهى ظاهرة لا عين أهلها او راكبة متن الطريق ظاهرة للسابلة غير بعيدة عن مسالكهم حتى تخفى عليهم [ودر عين المعاني آورده كه از مأرب كه منزل اهل سبا بود تا شام چهار هزار وهفتصد ديه بود متصل از سبا تا بشام] وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ [التقدير: اندازه كردن] والسير المضي فى الأرض اى جعلنا القرى فى نسبة بعضها الى بعض على مقدار معين يليق بحال أبناء السبيل قيل كان الغادي من قرية يقيل فى الاخرى والرائح منها يبيت فى اخرى الى ان يبلغ الشام لا يحتاج الى حمل ماء وزاد وكل ذلك كان تكميلا لما أوتوا من انواع النعماء وتوافيرا لها فى الحضر والسفر سِيرُوا فِيها على ارادة القول بلسان المقال والحال فانهم لما مكنوا من السير وسويت لهم أسبابه فكأنهم أمروا بذلك واذن لهم فيه اى وقلنا لهم سيروا فى تلك القرى لمصالحكم لَيالِيَ وَأَيَّاماً اى متى شئتم من الليالى والأيام حال كونكم آمِنِينَ اصل الامن طمأنينة النفس وزوال الخوف اى آمنين من كل ما تكرهونه من الأعداء واللصوص والسباع بسبب كثرة الخلق ومن الجوع والعطش بسبب عمارة المواضع لا يختلف الامن فيها باختلاف الأوقات او سيروا فيها آمنين وان تطاولت مدة سفركم وامتدت ليالى(7/285)
فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)
وأياما كثيرة او سيروا فيها ليالى اعماركم وأيامها لا تلقون فيها الا الامن لكن لا على الحقيقة بل على تنزيل تمكينهم من السير المذكور وتسوية مباديه وأسبابه على الوجه المذكور منزلة أمرهم بذلك فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا [المباعدة والبعاد: از كسى دور شدن وكسى را دور كردن] والسفر خلاف الحضر وهو فى الأصل كشف الغطاء وسفر الرجل فهو سافر وسافر خص بالمفاعلة اعتبارا بان الإنسان قد سفر عن المكان والمكان سفر عنه ومن لفظ السفر اشتقت السفرة لطعام السفر ولما يوضع فيه من الجلد المستدير وقال بعضهم وسمى السفر سفرا لانه يسفر اى يكشف عن اخلاق الرجال ويستخرج دعاوى النفوس ودفائنها قال اهل التفسير بطر اهل سبأ النعمة وسئموا طيب العيش وملوا العافية فطلبوا الكد والتعب كما طلب بنوا إسرائيل الثوم والبصل مكان السلوى والعسل وقالوا لو كان جنى جناننا ابعد لكان أجدر ان نشتهيه وسألوا ان يجعل الله بينهم وبين الشام مفاوز وقفارا ليركبوا فيها الرواحل ويتزودوا الأزواد ويتطاولوا فيها على الفقراء: يعنى [توانكرانرا بر درويشان حسد آمد كه ميان ما وايشان در رفتن هيچ فرقى نيست پياده ومفلس اين راه همچنان ميرود كه سواره وتوانكر (فَقالُوا) پس كفتند اغنياى ايشان اى پروردگار ما دورى افكن ميان منازل سفرهاى ما: يعنى بيابانها پديد كن از منزلى بمنزلى تا مردم بى زاد وراحله سفر نتوانند كرد] فعجل لهم الاجابة بتخريب تلك القرى المتوسطة وجعلها بلقعا لا يسمع فيها داع ولا مجيب وفى المثنوى
آن سبا ز اهل صبا بودند وخام ... كارشان كفران نعمت با كرام
باشد آن كفران نعمت در مثال ... كه كنى با محسن خود تو جدال
كه نمى بايد مرا اين نيكويى ... من برنجم زين چهـ رنچهـ ميشوى
لطف كن اين نيكويى را دور كن ... من نخواهم عافيت رنجور كن
پس سبا كفتند باعد بيننا ... شيننا خير لنا خذ زيننا
ما نمى خواهيم اين ايوان وباغ ... نى زنان خوب ونى أمن وفراغ
شهرها نزديك همديكر بدست ... آن بيابانست خوش كانجاد دست
يطلب الإنسان فى الصيف الشتا ... فاذا جاء الشتا أنكر ذا
فهو لا يرضى بحال ابدا ... لا بضيق لا بعيش رغدا
قتل الإنسان ما اكفره ... كلما نال هدى أنكره
وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ حين عرّضوها للسخط والعذاب بالشرك وترك الشكر وعدم الاعتداد بالنعمة وتكذيب الأنبياء فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ قال ابن الكمال الأحاديث مبنى على واحده المستعمل وهو الحديث كأنهم جمعوا حديثا على أحدثة ثم جمعوا الجمع على الأحاديث اى جعلنا اهل سبا اخبارا وعظة وعبرة لمن بعدهم بحيث يتحدث الناس بهم متعجبين من أحوالهم ومعتبرين بعاقبتهم ومآلهم وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ اى فرقناهم غاية التفريق على ان الممزق مصدر او كل مطرح ومكان تفريق على انه اسم مكان وفى عبارة التمزيق الخاص بتفريق المتصل وخرقه من تهويل الأمر والدلالة على شدة التأثير والإيلام ما لا يخفى اى مزقناهم تمزيقا لا غاية وراءه(7/286)
وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20)
بحيث تضرب به الأمثال فى كل فرقة ليس بعدها وصال فيقال تفرقوا أيدي سبأ اى تفرقوا تفرق اهل هذا المكان من كل جانب وكانوا قبائل ولدهم سبأ فتفرقوا فى البلاد [تا يكى از ايشان دو مأرب نمايد قبيله غسان از ايشان بشام رفت وقضاعه بمكة واسد ببحرين وانمار بيثرب وجذام بتهامة واز دبعمان] إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من قصتهم لَآياتٍ عظيمة ودلالات كثيرة وعبرا وحججا واضحة قاطعة على الوحدانية والقدرة قال بعضهم جمع الآيات لانهم صاروا فرقا كثيرة كل منهم آية مستقلة لِكُلِّ صَبَّارٍ عن المعاصي ودواعى الهوى والشهوات وعلى البلايا والمشاق والطاعات شَكُورٍ على النعم الإلهية فى كل الأوقات والحالات او لكل مؤمن كامل لان الايمان نصفان نصف صبر ونصف شكر [در كشف الاسرار آورده كه اهل سبا در خوش حال وفارغ بالى مى كذرانيدند بسبب بى صبرى بر عافيت وناشكرى بر نعمت رسيد بديشان آنچهـ رسيد]
اى روزكار عافيت شكرت نكفتم لا جرم ... دستى كه در آغوش بود اكنون بدندان مى كزم
وفى المثنوى
چون ز حد بردند اصحاب سبا ... كه به پيش ما وبابه از صبا «1»
ناصحانشان در نصيحت آمدند ... از فسوق وكفر مانع مى شدند
قصد خون ناصحان ميداشتند ... تخم فسق وكافرى مى كاشتند
بهر مظلومان همى كندند چاه ... در چهـ افتادند ومى كفتند آه
صبر آرد آرزو رانى شتاب ... صبر كن والله اعلم بالصواب «2»
قال بعض الكبار ان طلب الدنيا وشهواتها هو طلب البعد عن الله وعن حضرته والميل الى الدنيا والرغبة فى شهواتها من خسة النفس وركاكة العقل وهو ظلم على النفس فمن قطعته الدنيا عن الحضرة جعله الله عبرة لاهل الطلب وأوقعه فى وادي الهلاك فلا بد من الصبر عن الدنيا وشهواتها والشكر على نعمة العصمة وتوفيق العبودية جعلنا الله وإياكم من الراغبين اليه والمعتمدين عليه وعصمنا من الرجوع عن طريقه والضلال بعد إرشاده وتوفيقه انه الرحمن الذي بيده القلوب وتقليبها من حال الى حال وتصريفها كيف يشاء فى الأيام والليال وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ التصديق بالفارسية [راستى يافتن] وضمير عليهم الى اهل سبأ لتقدم ذكرهم والظاهر انه راجع الى الناس كما يشهد به ما بعده. وإبليس مشتق من الإبلاس وهو الحزن المعترض من شدة اليأس كما فى المفردات ابلس يئس وتحير ومنه إبليس او هو أعجمي انتهى والظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض ومظنة الشيء بكسر الظاء موضع يظن فيه وجوده والمعنى وبالله لقد وجد إبليس ظنه بسبأ حين رأى انهماكهم فى الشهوات صادقا فَاتَّبَعُوهُ اى اتبع اهل سبأ الشيطان فى الشرك والمعصية إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الفريق الجماعة المنفردة عن الناس ومن بيانية اى الا جماعة هم المؤمنون لم يتبعوه فى اصل الدين وتقليلهم بالاضافة الى الكفار او تبعيضية اى الافريقا من فرق المؤمنين لم يتبعوه وهم المخلصون
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان باقى قصه اهل سبا
(2) در اواخر دفتر يكم در بيان خاتمه دفتر أول(7/287)
وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)
او وجد ظنه ببني آدم صادقا فاتبعوه الافريقا من المؤمنين وذلك انه حين شاهد آدم عليه السلام قد أصغى الى وسوسته قال ان ذريته أضعف منه عزما ولذا قال لاضلنهم وقال الكاشفى [شيطان لعين كمان برده بود كه من بر بنى آدم بسبب شهوت وغضب كه در نهاد ايشان نهاده اند دست يابم وايشانرا كمراه كنم كمان او درباره اهل غوايت راست شد] او قال انا نارى وآدم طينى والنار تأكل الطين او ظن عند قول الملائكة (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان إبليس لم يكن متيقنا ان يقدر على الإغواء والإضلال بل كان ظانا بنفسه انه يقدر على إغواء من لم يطع الله ورسوله فلما زين لهم الكفر والمعاصي وكانوا مستعدين لقبولها حكمة لله فى ذلك وقبلوا منه بعض ما أمرهم به على وفق هواهم وتابعوه بذلك صدق عليهم ظنه اى وجدهم كما ظن فيهم: قال الشيخ سعدى قدس سره
نه إبليس در حق ما طعنه زد ... كز إينان نيايد بجز كار بد
فغان از بديها كه در نفس ماست ... كه ترسم شود ظن إبليس راست
چوملعون پسند آمدش قهر ما ... خدايش برانداخت از بهر ما
كجا سر برآريم ازين عار وننك ... كه با او بصلحيم وبا حق بجنگ
نظر دوست نادر كند سوى تو ... چودر روى دشمن بود روى تو
ندانى كه كمتر نهد دوست پاى ... چوبيند كه دشمن بود در سراى
وَما كانَ لَهُ اى لابليس عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ السلطان القهر والغلبة ومنه السلطان لمن له ذلك اى تسلط واستيلاء بالوسوسة والاستغواء وإلا فهو ما سل سيفا ولا ضرب بعصا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ استثناء مفرغ من أعم العلل ومن موصولة منصوبة بنعلم. والعلم ادراك الشيء بحقيقته والعالم فى وصف الله تعالى هو الذي لا يخفى عليه شىء والشك اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما وفى نظم الصلة الاولى بالفعلية دلالة على الحدوث كما ان فى نظم الثانية بالاسمية اشعارا بالدوام وفى مقابلة الايمان بالشك إيذان بان ادنى مرتبة الكفر يوقع فى الورطة وجعل الشك محيطا وتقديم صلته والعدول الى كلمة من مع انه يتعدى بفي للمبالغة والاشعار بشدته وانه لا يرجى زواله فانه إذا كان منشأ الشك متعلقه لا امرا غيره كيف يزول وان من كان حاله على خلاف هذا يكون مرجوّ الفلاح. والمعنى وما كان تسلطه عليهم الا ليتعلق علمنا بمن يؤمن بالآخرة متميزا ممن هو فى شك منها تعلقا حاليا يترتب عليه الجزاء فعلم الله قديم وتعلقه حادث إذ هو موقوف على وجود المكلف فى عالم الشهادة فلا يظن ظان بالله ظن السوء ان الله جل جلاله لم يكن عالما باهل الكفر واهل الايمان وانما سلط عليهم إبليس ليعلم به المؤمن من الكافر فان الله بكمال قدرته وحكمته خلق اهل الكفر مستعدا للكفر وخلق اهل الايمان مستعدا للايمان كما قال عليه السلام (خلق الجنة وخلق لها أهلا وخلق النار وخلق لها أهلا) وقال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) فالله تعالى كان عالما بحال الفريقين قبل خلقهم وهو الذي خلقهم على ما هم به وانما سلط الله الشيطان على بنى آدم لاستخراج(7/288)
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22)
جواهرهم من معادن الانسانية كما تسلط النار على المعادن لتخليص جوهرها فان كان الجوهر ذهبا فيخرج منه الذهب وان كان الجوهر نحاسا فيخرج منه النحاس فلا تقدر النار ان تخرج من معدن النحاس الذهب ولا من معدن الذهب النحاس فسلط عليهم لانهم معادن كمعادن الذهب والفضة وهو نارى يستخرج جواهرهم من معادنهم بنفخة الوساوس فلا يقدر ان يخرج من كل معدن الا ما هو جوهره
در زمين كر نيشكر ور خوردنى است ... ترجمان هر زمين بنت وى است
وقال بعضهم العلم هنا مجاز عن التمييز والمعنى الا لتميز المؤمن بالآخرة من الشاك فيها فعلل التسلط بالعلم والمراد ما يلزمه وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ محافظ عليه بالفارسية [نكهبانست] فان فعيلا ومفاعلا صيغتان متآخيتان وقال بعضهم هو الذي يحفظ كل شىء على ما هو به والحفيظ من العباد من يحفظ ما امر بحفظه من الجوارح والشرائع والأمانات والودائع ويحفظ دينه عن سطوة الغضب وخلابة الشهوة وخداع النفس وغرور الشيطان فانه على شفا جرف هار وقد اكتنفته هذه الملكات المفضية الى البوار قال بعض الحكماء الالهية اسباب الحفظ الجد والمواظبة وترك المعاصي واستعمال السواك وتقليل النوم وصلاة الليل وقراءة القرآن نظرا وشرب العسل وأكل الكندر مع السكر وأكل احدى وعشرين زبيبة حمراء كل يوم على الريق ومن خاصية هذا الاسم وهو الحفيظ ان من علقه عليه لو نام بين السباع ما ضرته ومن حفظ الله تعالى ما قال ذو النون رضى الله عنه وقعت ولولة فى قلبى فخرجت الى شط النيل فرأيت عقربا يعدو فتبعته فوصل الى ضفدع على الشط فركب ظهره وعبر به النيل فركبت السفينة واتبعته فنزل وعدا الى شاب نائم وإذا بأفعى بقربه تقصده فتواثبا وتلادغا وماتا وسلم النائم قال ابراهيم الخواص قدس سره كنت فى طريق مكة فدخلت الى خربة بالليل وإذا فيها سبع عظيم فخفت فهتف بي هاتف اثبت فان حولك سبعين الف ملك يحفظونك وهذا من لطف الله باوليائه فواحد يحفظ عليه اعماله ليجازيه وآخر يحفظه فيدفع عنه الآفات اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام واحفظنا برأفتك التي لا ترام وارحمنا بقدرتك علينا فلا تهلك وأنت ثقتنا ورجاؤنا يا ارحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين قُلِ يا محمد للمشركين إظهارا لبطلان ما هم عليه وتبكيتا لهم ادْعُوا نادوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ قال فى القاموس الزعم مثلثة القول الحق والباطل والكذب ضد واكثر ما يقال فيما يشك فيه وفى المفردات الزعم حكاية قول يكون مظنة الكذب ولهذا جاء فى القرآن فى كل موضع ذم القائلين به والمعنى زعمتموهم آلهة وهما مفعولا زعم ثم حذف الاول وهو ضمير الراجع الى الموصول تخفيفا لطول الموصول بصلته والثاني وهو آلهة لقيام صفته اعنى قوله مِنْ دُونِ اللَّهِ مقامه والمعنى ادعوا الذين عبدتموهم من دون الله فيما يهتمكم من جلب نفع ودفع ضر لعلهم يستجيبون لكم ان صح دعواكم ثم أجاب عنه اشعارا بتعين الجواب وانه لا يقبل المكابرة فقال بطريق الاستئناف لبيان حالهم لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ من خير وشر ونفع وضر وقد سبق معنى المثقال والذرة فى أوائل هذه السورة فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ(7/289)
وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)
اى فى امر ما من الأمور وذكرهما للتعميم عرفا يعنى ان اهل العرف يعبرون بهما عن جميع الموجودات كما يعبرون بالمهاجرين والأنصار عن جميع الجماعة أو لأن آلهتهم بعضها سماوية كالملائكة والكواكب وبعضها ارضية كالاصنام أو لأن الأسباب القريبة للخير والشر سماوية وارضية وَما لَهُمْ اى لآلهتهم فِيهِما فى السموات والأرض مِنْ شِرْكٍ اى شركة لا خلقا ولا ملكا ولا تصرفا وَما لَهُ اى لله تعالى مِنْهُمْ من آلهتهم مِنْ ظَهِيرٍ من عون يعينه فى تدبير أمورهما. تلخيصه انه تعالى غنى عن كل خلقه وآلهتهم عجزة عن كل شىء: وفى المثنوى
نيست خلقش را دكر كس مالكى ... شركتش دعوى كند جز هالكى «1»
ذات او مستغنيست از ياورى ... بلكه يابد عون ازو هر سرورى «2»
وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ وهى طلب العفو او الفضل للغير من الغير يعنى ان الشافع شفيع للمشفوع له فى طلب نجاته او زيادة ثوابه ولذا لا تطلق الشفاعة على دعاء الرجل لنفسه واما دعاء الامة للنبى عليه السلام وسؤالهم له مقام الوسيلة فلا يطلق عليه الشفاعة اما لاشتراط العلو فى الشفيع واما لاشتراط العجز فى المشفوع له وكلاهما منتف هاهنا عِنْدَهُ تعالى كما يزعمون اى لا توجد رأسا لقوله تعالى (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) وانما علق النفي بنفعها لا بوقوعها تصريحا بنفي ما هو غرضهم من وقوعها إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ استثناء مفرغ من أعم الأحوال اى لا تنفع الشفاعة فى حال من الأحوال الا كائنة لمن اذن له اى لاجله وفى شأنه من المستحقين للشفاعة واما من عداهم من غير المستحقين لها فلا تنفعهم أصلا وان فرض وقوعها وصدورها عن الشفعاء إذ لم يأذن لهم فى شفاعتهم بل فى شفاعة غيرهم فعلى هذا يثبت حرمانهم من شفاعة هؤلاء بعبارة النص ومن شفاعة الأصنام بدلالته إذ حين حرموها من جهة القادرين على شفاعة بعض المحتاجين إليها فلان يحرموها من جهة العجزة عنها اولى حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ التفزيع من الاضداد فانه التخويف وازالة الخوف والفزع: وبالفارسية [بترسانيدن واندوه وابردن] وهذا يعدى بعن كما فى هذا المقام والفزع انقباض ونفار يعترى الإنسان من الشيء المخيف وهو من جنس الجزع ولذا لا يقال فزعت من الله كما يقال خفت منه والمعنى حتى إذا ازيل الفزع عن قلوب الشفعاء والمشفوع لهم من المؤمنين واما الكفرة فهم عن موقف الاستشفاع بمعزل وعن التفزيع عن قلوبهم بألف منزل وحتى غاية لما ينبىء عنه ما قبلها من الاشعار بوقوع الا لمن اذن له فانه يشعر بالاستئذان المستدعى الترقب والانتظار للجواب كأنه سئل كيف يؤذن لهم فقيل يتربصون فى موقف الاستئذان والاستدعاء ويتوقفون على وجل وفزع زمانا طويلا حتى إذا ازيل الفزع عن قلوبهم بعد اللتيا والتي وظهرت لهم تباشير الاجابة قالُوا اى المشفوع لهم إذ هم المحتاجون الى الاذن والمهتمون بامره ماذا [چهـ چيز] قالَ رَبُّكُمْ اى فى شأن الاذن قالُوا اى الشفعاء لانهم المباشرون للاستئذان بالذات المتوسطون بينهم وبينه تعالى بالشفاعة الْحَقَّ اى قال ربنا القول الحق وهو الاذن فى الشفاعة للمستحقين لها وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ من
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان مجاوبات موسى كه صاحب عقل بود إلخ
(2) لم أجد(7/290)
قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)
تمام كلام الشفعاء قالوه اعترافا بغاية عظمة جناب العزة وقصور شأن كل من سواه اى هو المتفرد بالعلو والكبرياء شأنا وسلطانا ذاتا وصفة قولا وفعلا ليس لاحد من اشراف الخلائق ان يتكلم الا باذنه قال بعضهم العلى فوق خلقه بالقهر والاقتدار والعلى الرفيع القدر وإذا وصف به تعالى فمعناه انه يعلو ان يحيط به وصف الواصفين بل وعلم العارفين والعبد لا يتصور ان يكون عليا مطلقا إذ لا ينال درجة الا ويكون فى الوجود ما هو فوقها وهى درجات الأنبياء والملائكة نعم يتصور ان ينال درجة لا يكون فى جنس الانس من يفوقها وهى درجة نبينا عليه السلام ولكنه علو إضافي لا مطلق والتخلق بهذا الاسم بالجنوح الى معالى الأمور والبعد عن سفسافها وفى الحديث (ان الله يحب معالى الأمور ويبغض سفسافها) وعن على رضى الله عنه علو الهمة من الايمان: قال الصائب
چون بسير لا مكان خود ميروم از خويشتن ... همچوهمت توسنى در زير زين داريم ما
وخاصية هذا الاسم الرفع عن أسافل الأمور الى أعاليها فيكتب ويعلق على الصغير فيبلغ وعلى الغريب فيجمع شمله وعلى الفقير فيجد غنى بفضل الله تعالى واما الكبير فهو الذي يحتقر كل شىء فى جنب كبريائه وقيل فى معنى الله اكبر اى اكبر من ان يقال له اكبر او يدرك كنه كبريائه غيره قال بعض الكبار معنى قول المصلى الله اكبر بلسان الظاهر الله اكبر ان يقيد ربى حال من الأحوال بل هو تعالى فى كل الأحوال اكبر ومن عرف كبرياءه نسى كبرياء نفسه والكبير من العباد هو العالم التقى المرشد للخلق الصالح لان يكون قدوة يقتبس من أنواره وعلومه ولهذا قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلّم فذلك يدعى عظيما فى ملكوت السماء وخاصية هذا الاسم فتح باب العلم والمعرفة لمن اكثر من ذكره وان قرأه على طعام وأكله الزوجان وقع بينهما وفق وصلح وفى الأربعين الادريسية يا كبير أنت الذي لا تهتدى العقول لوصف عظمته قال السهروردي إذا اكثر منه المديان ادى دينه واتسع رزقه وان ذكره معزول عن رتبته سبعة ايام كل يوم الفا وهو صائم فانه يرجع الى مرتبته ولو كان ملكا قُلْ مَنْ استفهام بمعنى [كه] بالفارسية يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ بانزال المطر وَالْأَرْضِ بإخراج النبات امر عليه السلام بتبكيت المشركين بحملهم على الإقرار بان آلهتهم لا يملكون مثقال ذرة فيهما وان الرازق هو الله تعالى فانهم لا ينكرونه كما ينطق به قوله تعالى (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ ... فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ) وحيث كانوا يتلعثمون فى الجواب مخافة الإلزام قيل له عليه السلام قُلِ اللَّهُ يرزقكم إذ لا جواب سواه عندهم ايضا اعلم ان الرزق قسمان ظاهر وهو الأقوات والاطعمة المتعلقة بالأبدان وباطن وهو المعارف والمكاشفات المتعلقة بالأرواح وهذا اشرف القسمين فان ثمرته حياة الابد وثمرة الرزق الظاهر قوة الى مدة قريبة الأمد والله تعالى هو المتولى لخلق الرزقين والمتفضل بالايصال الى كلا الفريقين ولكنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفى الحديث (طلب الحلال فريضة بعد الفريضة) اى فريضة الايمان والصلاة وفى الحديث (من أكل الحلال أربعين يوما نور الله قلبه واجرى ينابيع الحكمة من قلبه) وفى الحديث (ان لله ملكا على بيت المقدس ينادى كل ليلة من أكل حراما لم يقبل منه صرف(7/291)
قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30)
ولا عدل) اى نافلة وفريضة [وكفته اند از پاكى مطعم وحلالى قوت صفاى دل خيزد واز صفاى دل نور معرفت افزايد وبا نور معرفت مكاشفات ومنازلات در پيوندد] : وفى المثنوى
لقمه كان نور افزود وكمال ... آن بود آورده از كسب حلال
روغنى كايد چراغ ما كشد ... آب خوانش چون چراغى را كشد
علم وحكمت زايد از لقمه حلال ... عشق ورقت آيد از لقمه حلال
چون ز لقمه تو حسد بينى ودام ... جهل وغفلت زايد آنرا دان حرام
هيچ كندم كارى وجو بر دهد ... ديده اسبى كه كره خر دهد
لقمه تخمست وبرش انديشها ... لقمه بحر وكوهرش انديشها
زايد از لقمه حلال اندر دهان ... ميل خدمت عزم رفتن آن جهان
وَإِنَّا [وديكر بگو با ايشان كه بدرستىء ما] أَوْ إِيَّاكُمْ عطف على اسم ان يعنى [با شما] لَعَلى هُدىً [بر راه راستيم] أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [يا در كمراهى آشكار] اى وان أحد الفريقين من الذين يوحدون المتوحد بالرزق والقدرة الذاتية ويحصونه بالعبادة والذين يشركون به فى العبادة الجماد النازل فى ادنى المراتب الامكانية لعلى أحد الامرين من الهدى والضلال المبين وهذا بعد ما سبق من التقرير البليغ الناطق بتعيين من هو على الهدى ومن هو فى الضلال ابلغ من التصريح بذلك لجريانه على سنن الانصاف المسكت للخصم الألد ونحوه قول الرجل فى التعريف لصاحبه الله يعلم ان أحدنا لكاذب: يعنى [اين سخن چنانست دو كس در خصومت باشند يكى محق ويكى مبطل محق كويد از ما يكى دروغ زنست ناچار ومقصد وى ازين سخن تكذيب مبطل باشد وتصديق خويش همانست كه رسول عليه السلام كفت متلاعنين را] الله يعلم ان أحدكما كاذب فهل منكما تائب وأو هاهنا لمجرد إبهام واظهار نصفة لا للشك والتشكيك وقال بعضهم أو هاهنا بمعنى الواو: يعنى انا وإياكم لعلى هدى ان آمنا او فى ضلال مبين ان لم نؤمن انتهى واختلاف الجارين للايذان بان الهادي الذي هو صاحب الحق كمن استعلى على مكان مرتفع ينظر الأشياء ويتطلع عليها او ركب فرسا جوادا يركضه حيث يشاء والضال كأنه منغمس فى ظلام لا يرى شيأ ولا يدرى اين يتوجه او متردى فى بئر عميق او محبوس فى مطمورة لا يستطيع الخروج منها قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا [الاجرام: جرم كردن] والجرم بالضم الذنب وأصله القطع واستعير لكل اكتساب مكروه كما فى المفردات اى فعلنا واكتسبنا من الصغائر والزلات التي لا يخلو منها مؤمن وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ من الكفر والكبائر بل كل مطالب بعمله وكل زرّاع يحصد زرعه لا زرع غيره برفتند وهر كس درود آنچهـ كشت وهذا ابلغ فى الانصاف وابعد من الجدل والاعتساف حيث أسند فيه الاجرام وان أريد به الزلة وترك الاولى الى أنفسهم ومطلق العمل الى المخاطبين مع ان أعمالهم اكبر الكبائر قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا يوم القيامة عند الحشر والحساب ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ [الفتح: كشادن وحكم كردن] اى يحكم بيننا ويفصل بعد ظهور حال كل منا ومنكم بان يدخل المحقين الجنة(7/292)
قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)
والمبطلين النار وَهُوَ الْفَتَّاحُ الحاكم الفيصل فى القضايا المنغلقة اى المشكلة الْعَلِيمُ بما ينبغى ان يقضى به وبمن يقضى له وعليه ولا يخفى عليه شىء من ذلك كما لا يخفى عليه ما عدا ذلك قال الزروقى الفتاح المتفضل بإظهار الخير والسعة على اثر ضيق وانغلاق باب للارواح والأشباح فى الأمور الدنيوية والاخروية وقال بعض المشايخ الفتاح من الفتح وهو الإفراج عن الضيق كالذى يفرج تضايق الخصمين فى الحق بحكمه والذي يذهب ضيق النفس بخيره وضيق الجهل بتعليمه وضيق الفقر ببذله قال الامام الغزالي رحمه الله الفتاح هو الذي بعنايته ينفتح كل منغلق وبهدايته ينكشف كل مشكل فتارة يفتح الممالك لانبيائه ويخرجها من أيدي أعدائه ويقول انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وتارة يرفع الحجاب عن قلوب أوليائه ويفتح لهم الأبواب الى ملكوت سمائه وجمال كبريائه ويقول ما يفتح للناس من رحمة فلا ممسك لها ومن بيده مفاتيح الغيب ومفاتيح الرزق فبالاحرى ان يكون فتاحا وينبغى ان يتعطش العبد الى ان يصير بحيث ينفتح بلسانه مغاليق المشكلات الالهية وان يتيسر بمعونته ما تعسر على الخلق من الأمور الدينية والدنيوية ليكون له حظ من اسم الفتاح وخاصية هذا الاسم تيسير الأمور وتنوير القلب والتمكين من اسباب الفتح فمن قرأه فى اثر صلاة الفجر احدى وسبعين مرة ويده على صدره طهر قلبه وتنور سره وتيسر امره وفيه تيسير الرزق وغيره والعليم مبالغة العالم وهو من قام به العلم ومن عرف انه تعالى هو العالم بكل شىء راقبه فى كل شىء واكتفى بعلمه فى كل شىء فكان واثقا به عند كل شىء ومتوجها له بكل شىء قال ابن عطاء الله متى آلمك عدم اقبال الناس عليك او توجههم بالذم إليك فارجع الى علم الله فيك فمصيبتك بعدم قناعتك بعلمه أشد من مصيبتك بوجود الأذى منهم وخاصية هذا الاسم تحصيل العلم والمعرفة فمن لازمه عرف الله حق معرفته على الوجه الذي يليق به وفى شمس المعارف من انبهم عليه امر او كشف سر من اسرار الله فليدم عليه فانه يتيسر له ما سأل ويعرف الحكمة فيما طلب وان أراد فتح باب الصفة الالهية فتح له باب من العلم والعمل قُلْ أَرُونِيَ [بنماييد بمن] الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ اى ألحقتموهم: يعنى [بربسته آيد] قال فى تاج المصادر [الإلحاق: در رسيدن ودر رسانيدن] بِهِ تعالى شُرَكاءَ أريد بامرهم اراءة الأصنام مع كونها بمرأى منه عليه السلام اظهار خطأهم العظيم واطلاعهم على بطلان رأيهم اى ارونيها لا نظر بأى صفة الحقتموها بالله الذي ليس كمثله شىء مع استحقاق العبادة هل يخلقون وهل يرزقون وفيه مزيد تبكيت لهم بعد الزام الحجة عليهم كَلَّا ردع لهم عن المشاركة بعد ابطال المقايسة كما قال ابراهيم عليه السلام أف لكم ولما تعبدون بعد ما حجهم يعنى: [اين انبازى درست نيست] بَلْ هُوَ اى الله وحده او الشان كما قال هو الله أحد اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ اى الموصوف بالغلبة القاهرة والحكمة الباهرة فاين شركاؤكم التي هى اخس الأشياء وأذلها من هذه الرتبة العالية: يعنى [بس كه با او دم شركت تواند زد وحده لا شريك له صفتش وهو الفرد اصل معرفتش شرك را سوى وحدتش ده نه عقل از كنه ذاتش آگه نه هست در راه كبريا وجلال شرك نالائق وشريك محال] والتقرب باسم العزيز فى التمسك(7/293)
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)
بمعناه وذلك برفع الهمة عن الخلائق فان العز فيه ومن ذكره أربعين يوما فى كل يوم أربعين مرة أعانه الله تعالى وأعزه فلم يحوجه لاحد من خلقه وفى الأربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب على امره فلا شىء يعادله قال السهروردي من قرأه سبعة ايام متواليات كل يوم الفا أهلك خصمه وان ذكره فى وجه العسكر سبعين مرة ويشير إليهم بيده فانهم ينهزمون والتقرب باسم الحكيم ان تراعى حكمته فى الأمور فتجرى عليها مقدما ما جاء شرعا ثم عادة سلمت من معارض شرعى وخاصيته دفع الدواهي وفتح باب الحكمة فمن اكثر ذكره صرف عنه ما يخشاه من الدواهي وفتح له باب من الحكمة والحكمة فى حقنا إصابة الحق فى القول والعمل وفى حق الله تعالى معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الاحكام قال بعضهم الحكمة تقال بالاشتراك على معنيين. الاول كون الحكيم بحيث يعلم الأشياء على ما هى عليه فى نفس الأمر. والثاني كونه بحيث تصدر عنه الافعال المحكمة الجامعة وقد سبق باقى البيان فى تفسير سورة لقمان ومن الله العون على تحصيل العلم والاجتهاد فى العمل ومعرفة الأشياء على ما هى عليه وَما أَرْسَلْناكَ يا محمد اى ما بعثناك: والإرسال بالفارسية [فرستادن] إِلَّا إرسالا كَافَّةً عامة شاملة لِلنَّاسِ محيطة بأحمرهم وأسودهم من الكف بمعنى المنع لانها إذا عمتهم وشملتهم فقد كفتهم ان يخرج منها أحد منهم فانتصاب كافة على انها صفة مصدر محذوف والتاء للتأنيث والجار متعلق بها ويجوز ان تكون حالا من الكاف والتاء للمبالغة كتاء علامة اى ما أرسلناك فى حال من الأحوال الا حال كونك جامعا لهم فى الإبلاغ لان الكف يلزم الجمع وفى كشف الاسرار الكافة هى الجامعة للشىء المانعة له عن التفرق ومنه الكفاف من العيش وقولك كف يدك اى اجمعها إليك ولا يجوز ان يكون حالا من الناس لامتناع تقدم الحال على صاحبها المجرور كامتناع تقدم المجرور على الجار قال الراغب وما أرسلناك الا كافا لهم عن المعاصي والتاء فيه للمبالغة انتهى بَشِيراً حال كونك بشيرا بالفارسية [مژده دهنده] للمؤمنين بالجنة وللعاشقين بالرؤية وَنَذِيراً وحال كونك منذرا بالفارسية [بيم كننده] للكافرين بالنار وللمنكرين بالحجاب وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ذلك فيحملهم جهلهم على المخالفة والعصيان وكرر ذكر الناس تخصيصا للجهل بنعمتي البشارة والنذارة ونعمة الرسالة بهم وانهم هم الذين لا يعلمون فضل الله بذلك عليهم ولا يشكرونه وذلك لان العقل لا يستقل بإدراك جميع الأمور الدنيوية والاخروية والتمييز بين المضار والمنافع فاحتاج الناس الى التبشير والانذار وبيان المشكلات من جهة اهل الوحى قال صاحب كشف الاسرار [صديق صديقان عالم كرد شراك نعلين چاكران وى بود وبيكانكان منكران او را كاذب ميكفتند صداى وحي غيب عاشق سمع عزيز وى بود او را كاهى ميخواندند عقول همه عقول عقلاء عالم از ادراك نور شراك غرا وعاجز بود وكافران نام او ديوانه نهادند آرى ديدهاى ايشان بحكم لطف ازل توتياى صدق نيافته وبچشمهاى ايشان كحل اقبال حق نرسيده واز آنست كه او را نشناختند] ودلت الآية على عموم رسالته وشمول بعثته وفى الحديث (فضلت على الأنبياء(7/294)
بست أعطيت جوامع الكلم) وهى ما يكون ألفاظه قليلة ومعانيه كثيرة (ونصرت بالرعب) يعنى نصرنى الله بإلقاء الخوف فى قلوب أعدائي (من مسيرة شهر بينى وبينهم) وجعل الغاية شهرا لانه لم يكن بين بلده وبين أحد من أعدائه المحاربين له اكثر من شهر (وأحلت لى الغنائم) يعنى ان من قبله من الأمم كانوا إذا غنموا الحيوانات تكون ملكا للغانمين دون الأنبياء فخص نبينا عليه السلام بأخذ الخمس والصفي وإذا غنموا غيرها من الامتعة والاطعمة والأموال جمعوه فتجيىء نار بيضاء من السماء فتحرقه حيث لا غلول وخص هذه الامة المرحومة بالقسمة بينهم كاكل لحم القربان فان الله أحله لهم زيادة فى أرزاقهم ولم يحله لمن قبلهم من الأمم (وجعلت لى الأرض طهورا ومسجدا) يعنى أباح الله لامتى الصلاة حيث كانوا تخفيفا لهم وأباح التيمم بالتراب عند فقد الماء ولم يبح الصلاة للامم الماضية الا فى كنائسهم ولم يجز التطهر لهم الا بالماء (وأرسلت الى الخلق كافة) اى فى زمنه وغيره ممن تقدم او تأخر بخلاف رسالة نوح عليه السلام فانها وان كانت عامة
لجميع اهل الأرض لكنها خصت بزمانه قال فى انسان العيون والخلق يشتمل الانس والجن والملك والحيوانات والنبات والحجر قال الجلال السيوطي وهذا القول اى إرساله للملائكة رجحته فى كتاب الخصائص وقد رجحه قبلى الشيخ تقى الدين السبكى وزاد انه مرسل لجميع الأنبياء والأمم السابقة من لدن آدم الى قيام الساعة ورجحه ايضا البارزى وزاد انه مرسل الى جميع الحيوانات والجمادات وزيد على ذلك انه مرسل الى نفسه وذهب جمع الى انه لم يرسل للملائكة منهم الحافظ العراقي والجلال المحلى وحكى الفخر الرازي فى تفسيره والبرهان النسفي فيه الإجماع فيكون قوله عليه السلام (أرسلت الى الخلق كافة) وقوله تعالى (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) من العام المخصوص ولا يشكل عليه حديث سلمان رضى الله عنه إذا كان الرجل فى ارض واقام الصلاة صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى طرفاه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده لانه يجوز ان يكون ذلك صادرا عن بعثته إليهم يقول الفقير دل كونه أفضل المخلوقات على عموم بعثته لجميع الموجودات ولذا بشر بمولده اهل الأرض والسماء وسلموا عليه حتى الجماد بفصيح الأداء فهو رحمة للعالمين ورسول الى الخلق أجمعين: قال حضرة الشيخ العطار قدس سره
داعىء ذرات بود آن پاك ذات ... در كفش تسبيح از ان كفتى حصات
قال بعضهم
ترا دادند منشور سعادت ... وزان پس نوع انسان آفريدند
پرى را جمله در خيل تو كردند ... پس آنگاهى سليمان آفريدند
وختم به النبيون اى فلا نبى بعده لا مشرعا ولا متابعا كما بين فى سورة الأحزاب وفى التأويلات النجمية يشير الى ان إرسال ماهية وجودك التي عبرت عنها مرة بنوري وتارة بروحى من كتم العدم الى عالم الوجود لم يكن منا الا لتكون بشيرا ونذيرا للناس كافة من اهل الأولين والآخرين والأنبياء والمرسلين وان لم يخلقوا بعد لاحتياجهم لك من بدء الوجود فى هذا الشأن وغيره الى الابد كما قال صلى الله عليه وسلم (الناس محتاجون الى شفاعتى حتى ابى(7/295)
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30)
ابراهيم) فاما فى بدء وجودهم فالارواح لما حصلت فى عالم الأرواح باشارة كن تابعة لروحك احتاجت الى ان تكون لها بشيرا ونذيرا لتعلقها بالأجسام لانها علوية بالطبع لطيفة نورانية والأجسام سفلية بالطبع كثيفة ظلمانية لا تتعلق بها ولا تميل إليها لمضادة بينهما فتحتاج الى بشير يبشرها بحصول كمال لها عند الاتصال بها لترغب إليها وتحتاج الى نذير ينذرها بانها ان لم تتعلق بالأجسام تحرم من كمالها وتبقى ناقصة غير كاملة كمثل حبة فيها شجرة مركوزة بالقوة فان تزرع وترب بالماء تخرج الشجرة من القوة الى الفعل الى ان تبلغ كمال شجرة مثمرة فالروح بمثابة الأكار المربى فبعد تعلق الروح بالقالب واطمئنانه واتصافه بصفته يحتاج الى بشير بحسب مقامه يبشره بنعيم الجنة وملك لا يبلى ثم يبشره بقرب الحق تعالى ويشوقه الى جماله ويعده بوصاله ونذير ينذره اولا بنار جهنم ثم يوعده بالبعد عن الحق ثم بالقطيعة والهجران وإذا أمعنت النظر وجدت شجرة الموجودات منبتة من بذر روحه صلى الله عليه وسلم وهو ثمرة هذه الشجرة من جميع الأنبياء والمرسلين وهم وان كانوا ثمرة هذه الشجرة ايضا ولكن وجدوا هذه المرتبة بتبعيته كما انه من بذر واحد يظهر على الشجرة ثمار كثيرة بتبعية ذلك البذر الواحد فيجد كل بشير ونذير فرعا لاصل بشيريته ونذيريته والذي يدل على هذا التحقيق قوله تعالى (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) دخلت شجرات الموجودات كلها تحت الخطاب وبقوله (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) يشير الى ان اكثر الناس الذين هم اجزاء وجود الشجرة وما وصلوا الى رتبة الثمرية لا يعلمون حقيقة ما قررنا لان احوال الثمرة ليست معلومة للشجرة الا لثمرة مثلها فى وصفها لتكون واقفة بحالها نداند آدم كامل جز آدم وَيَقُولُونَ اى المشركون من فرط جهلهم وغاية غيهم مخاطبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به بطريق الاستهزاء مَتى [كى باشد] هذَا الْوَعْدُ المبشر به والمنذر عنه يعنى الجنة والنار إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى دعوى الوقوع والوجود قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ اى وعد يوم وهو يوم البعث مصدر ميمى لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ اى عن ذلك الميعاد عند مفاجأته فالجملة صفة للميعاد ساعَةً [مقدار اندك از زمان] وَلا تَسْتَقْدِمُونَ [الاستئخار: پس شدن. والاستقدام: پيش شدن] وفى هذا الجواب من المبالغة فى التهديد ما لا يخفى حيث جعل الاستئخار فى الاستحالة كالاستقدام الممتنع عقلا وفى التأويلات النجمية يشير الى ارباب الطلب واستعجالهم فيما وعدوهم من رتبة الثمرية يعنى متى نصل الى الكمال الذي بشرتمونا به وبقوله (قُلْ لَكُمْ) الى آخره يجيبهم كما ان لثمرة كل شجرة وقتا معلوما لادراكها وبلوغها الى كمالها كذلك لكل سالك وقت معلوم لبلوغه الى رتبة كماله كما قال تعالى (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) ولهذا السر قال تعالى مع حبيبه عليه السلام (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) هذا يشير الى ان لنيل كل مقام صبرا مناسبا لذلك المقام كما ان النبي عليه السلام لما كان من اولى العزم من الرسل امر بصبر اولى العزم من الرسل كما قال مولانا جلال الدين الرومي قدس سره(7/296)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34)
صبر آرد آرزو را نى شتاب ... صبر كن والله اعلم بالصواب
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى كفار قريش لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ الذي ينزل على محمد وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ اى ولا بما نزل قبله من الكتب القديمة الدالة على البعث كالتوراة والإنجيل قال فى كشف الاسرار [چشمى كه مستعمل شده مملكت شيطان باشد ما را چون شناسد. دلى كه ملوث تصرف ديو بود از كجا جلال عزت قرآن بداند. دلى بايد بضمان أمان وحرم كرم حق پناه يافته تا راه بر رسالت ونبوت ما برد. شمعى بايد بزلال اقبال ازل شسته تا جلال عزت قرآن او را بخود راه دهد. ديده بايد از رمص كفر خلاص يافته واز خواب شهوت بيدار شده تا معجزات وآيات ما بيند ودريابد. اى جوانمرد هر كه جمالى ندارد كه با سلطان نديمى كند چهـ كند تا كلخانيانرا حريقى نكند]
در مصطبها هميشه فراشم من ... شايسته صومعه كجا باشم من «1»
هر چند قلندرى وقلاشم من ... تخمى باميد درد مى پاشم من
وَلَوْ تَرى يا محمد او يا من يليق بالخطاب إِذِ الظَّالِمُونَ المنكرون للبعث لانهم ظلموا بان وضعوا الإنكار موضع الإقرار مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ اى محبوسون فى موقف المحاسبة على أطراف أناملهم وجواب لو محذوف اى لرأيت امرا فظيعا شنيعا تقصر العبارة عن تصويره: يعنى [هر آينه به بينى امرى صعب وكارى دشوار] وانما دخلت لو على المضارع مع انها للشرط فى الماضي لتنزيله منزلة الماضي لان المترقب فى اخبار الله كالماضى المقطوع به فى تحقق وقوعه او لاستحضار صورة الرؤية ليشاهدها المخاطب يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ اى يرد من رجع رجعا بمعنى رد إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ اى يتحاورون ويتراجعون القول ويتجاذبون أطراف المجادلة: وبالفارسية [محاوره ميكنند سخن بر هم ميكردانند وجواب ميكويند] ثم أبدل منه قوله يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا [الاستضعاف: ضعيف شمردن] اى يقول الاتباع الذين عدوا ضعفاء وقهروا: وبالفارسية [زبون وبيچاره كرفتكان] لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا [سركشى ميكردند در دنيا] اى للرؤساء الذين بالغوا فى الكبر والتعظم عن عبادة الله وقبول قوله المنزل على أنبيائه واستتبعوا الضعفاء فى الغى والضلال لَوْلا أَنْتُمْ اى لولا اضلالكم وصدكم لنا عن الايمان لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ اى أنتم منعتمونا من الايمان واتباع الرسول كأنه قيل فماذا قال الذين استكبروا فقيل قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا منكرين لكونهم الصادين لهم عن الايمان مثبتين ذلك لانفسهم اى المستضعفين أَنَحْنُ [آيا ما] صَدَدْناكُمْ منعناكم وصرفناكم عَنِ الْهُدى [از قبول ايمان وهدايت] بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ اى الهدى اى لم نصدكم عنه كقولك ما انا أقلت هذا تريد لم اقله مع انه مقول لغيرى فان دخول همزة الاستفهام الإنكاري على الضمير يفيد نفى الفعل عن المتكلم وثبوته لغيره كما قال بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ فى الاجرام فبسبب ذلك صددتم أنفسكم عن الايمان وآثرتم التقليد وفى هذا تنبيه للكفار على ان طاعة بعضهم لبعض فى الدنيا تصير سبب عداوة فى الآخرة وتبرى بعضهم من بعض وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا مجيبين لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا
__________
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان خاتمه(7/297)
وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34)
عطف على الجملة الاستئنافية وإضراب على اضرابهم وابطال له بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة اى بل صدّنا مكركم بنا فى الليل والنهار وحملكم إيانا على الشرك والأوزار فحذف المضاف اليه وأقيم مقامه الظرف اتساعا يعنى اتسع فى الظرف باجرائه مجرى المفعول به كقوله «يا سارق الليلة اهل الدار» او جعل ليلهم ونهارهم ما كرين مجازا إِذْ تَأْمُرُونَنا ظرف للمكر اى بل مكركم الدائم وقت أمركم لنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً نقول له شركاء على ان المراد بمكرهم اما نفس أمرهم بما ذكر كما فى قوله تعالى (يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) فان الجعلين المذكورين نعمة من الله أي نعمة واما امور اخر مقارنه للامر داعية الى الامتثال به والترغيب والترهيب ونحو ذلك وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ الندامة التحسر فى امر فائت اى أضمر الفريقان الندامة على ما فعلا من الضلال والإضلال حين ما نفعتهم الندامة وأخفاها كل منهما عن الآخر مخافة التعيير وهو بالفارسية [سرزنش كردن] او أظهروها فانه من الاضداد إذ الهمزة تصلح للاثبات والسلب كما فى أشكيته وهو المناسب لحالهم وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا يقال فى رقبته غل من حديد اى قيد وطوق واصل الغل توسط الشيء ومنه الغل للماء الجاري خص بما يقيد به فيجعل الأعضاء وسطه كما فى المفردات والمعنى ونجعل الاغلال يوم القيامة فى أعناق الذين كفروا بالحق لما جاءهم فى الدنيا من التابعين والمتبوعين وإيراد المستقبل بلفظ الماضي من جهة تحقق وقوعه والإظهار فى موضع الإضمار حيث لم يقل فى أعناقهم للتنويه بذمهم والتنبيه على موجب اغلالهم هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى لا يجزون الاجزاء ما كانوا يعملون فى الدنيا من الكفر والمعاصي والا بما كانوا يعملونه على نزع الجار فلما قيدوا أنفسهم فى الدنيا ومنعوها عن الايمان بتسويلات الشيطان الجنى والانسى جوزوا فى الآخرة بالقيد وفى الفروع وكره جعل الغل فى عنق عبده لانه عقوبة اهل النار قال القهستاني الغل الطوق من حديد الجامع لليد الى العنق المانع عن تحرك الرأس انتهى وهو معتاد بين الظلمة وقال الفقيه انه فى زماننا جرت العادة بذلك إذا خيف من الإباق كما فى الكبرى. ولا يكره ان يجعل قيدا فى رجل عبده لانه سنة المسلمين فى السفهاء واهل الفساد فلا يكره فى العبد إذ فيه تحرز عن إباقه وصيانة لماله وحل ربطه بالحبل ونحوه قال فى نصاب الاحتساب واما ما اعتاده اهل الحسبة فى إطاقة السوقيين بعد تحقق جنايتهم وخيانتهم فاصله ما ذكر فى ادب القاضي للخصاف ان شاهد الزور يطاق به اى يجعل فى عنقه الطوق وهو ما يقال له بالفارسية [تخته كله] ويجوز ان تكون الاطافة بالفاء وذلك للتشهير بين الناس وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ من القرى: وبالفارسية [نفرستاديم در هيچ ديهى وشهرى] قال فى كشف الاسرار القرية المصر تقرى أهلها وتجمعهم مِنْ نَذِيرٍ نبى ينذر أهلها بالعذاب إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها المترف كمكرم المتنعم والموسع العيش والنعمة من الترفة بالضم وهو التوسع فى النعمة يقال اترفه نعمه وأترفته النعمة أطغته اى قال رؤساء تلك القرية المتكبرون المتنعمون بالدنيا لرسلهم إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ على زعمكم من التوحيد(7/298)
وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)
والايمان كافِرُونَ منكرون على مقابلة الجمع بالجمع وهذه الآية جاءت لتسلية النبي عليه السلام اى يا محمد هذه سيرة اغنياء الأمم الماضية فلا يهمك امر أكابر قومك فتخصيص المتنعمين بالتكذيب مع اشتراك الكل فيه اما لانهم المتبوعون او لان الداعي المعظم الى التكذيب والإنكار هو التنعم المستتبع للاستكبار وَقالُوا اى الكفار المترفون للفقراء المؤمنين فخرا بزخارف الدنيا وبما هو فتنة لهم نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً منكم فى الدنيا وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فى الآخرة على تقدير وقوعها لان المكرم فى الدنيا لا يهان فى الآخرة قُلْ يا محمد ردا عليهم إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ ويوسعه لِمَنْ يَشاءُ ان يبسطه له ويوسعه من مؤمن وكافر وَيَقْدِرُ اى يضيق على من يشاء ان يقدره عليه ويضيقه من مؤمن وكافر حسب اقتضاء مشيئته المبنية على الحكم البالغة فلا ينقاس على ذلك امر الثواب والعقاب اللذين مناطهما الطاعة وعدمها فليس فى التوسيع دلالة على الإكرام كما انه ليس فى التضييق دلالة على الاهانة وفى الحديث (الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر والآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر)
أديم زمين سفره عام اوست ... برين خوان يغما چهـ دشمن چهـ دوست
وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ وهم اهل الغفلة والخذلان لا يَعْلَمُونَ حكمة البسط والقدر فيزعمون ان مدار البسط هو الشرف والكرامة ومدار القدر هو الذل والهوان ولا يدرون ان الاول كثيرا ما يكون بطريق الاستدراج والثاني بطريق الابتلاء ورفع الدرجات قال الصائب
نفس را بدخو بناز ونعمت دنيا مكن ... آب ونان سير كاهل ميكند مزدور را
وَما [ونيست] أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ كلام مستأنف من جهته تعالى مبالغة فى تحقيق الحق اى وما جماعة أموالكم وأولادكم ايها الناس بِالَّتِي بالجماعة التي فان الجمع المكسر عقلاؤه وغير عقلائه سواء فى حكم التأنيث او بالخصلة التي فيكون تأنيث الموصول باعتبار تأنيث الصفة المحذوفة تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى نصب مصدرا بتقربكم كانبتكم من الأرض نباتا والزلفى والزلفة والقربى والقربة بمعنى واحد وقال الأخفش زلفى اسم مصدر كأنه قال بالتي تقربكم عندنا تقريبا إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً استثناء من مفعول تقربكم اى وما الأموال والأولاد تقرب أحدا الا المؤمن الصالح الذي أنفق أمواله فى سبيل الله وعلم أولاده الخير ورباهم على الصلاح والطاعة او من مبتدأ خبره ما بعده كما فى الكواشي فيكون الاستثناء منقطعا كما فى فتح الرحمن فَأُولئِكَ المؤمنون العاملون ثابت لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ على ان الجار والمجرور خبر لما بعده والجملة خبر لاولئك واضافة الجزاء الى الضعف من اضافة المصدر الى المفعول أصله فاولئك لهم ان يجازوا الضعف ثم جزاء الضعف ثم جزاء الضعف ومعناه ان يضاعف لهم الواحدة من حسناتهم عشرا فما فوقها الى سبعمائة الى ما لا يحصى بِما عَمِلُوا بسبب ما عملوا من الصالحات وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ اى غرفات الجنة وهى قصورها ومنازلها الرفيعة جمع غرفة وهى البيت فوق البناء يعنى كل بناء يكون(7/299)
وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38)
علوا فوق سفل آمِنُونَ من جميع المكاره والآفات كالموت والهرم والمرض والعدو وغير ذلك وفى الآية اشارة الى انه لا تستحق الزلفى عند الله بالمال والأولاد مما زين للناس حبه وحب غير الله يوجب البعد عن الله كما قال صلى الله عليه وسلم (حبك الشيء يعمى ويصم) يعنى يعميك عن رؤية غيره ويصمك عن دعوة غيره وهذا امارة كمال البعد فان كمال البعد يورث العمى والصمم ولكن من موجبات القربة الأعمال الصالحة والأحوال الصافية والأنفاس الزكية بل العناية السابقة والهداية اللاحقة والرعاية الصادقة فاهل هذه الأسباب هم اهل الدرجات والا من من الهجران والقطيعة واما المنقطعون عن هذه الأسباب المفتخرون بما لا ينفع يوم الحساب وهم اهل الغفلات والدعوى والترهات فلهم الدركات والخوف الغالب فى جميع الحالات: قال الصائب
نميدانند اهل غفلت انجام شراب آخر ... بآتش مى روند اين غافلان از راه آب آخر
قال ابراهيم بن أدهم قدس سره لرجل أدرهم فى المنام أحب إليك أم دينار فى اليقظة قال دينار فى اليقظة فقال كذبت لان الذي تحبه فى الدنيا كانك تحبه فى المنام والذي لا تحبه فى الآخرة كأنك لا تحبه فى اليقظة ودخل عمر بن الخطاب رضى الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فى داره فوجده فى بيت منخفض السطح وقد اثر فى جنبه الحصير فقال ما هذا قال (يا عمر اما تأثير الحصير فى جنبى فحبذا خشونة بعدها لين واما السطح فسطح القبر يكون اخفض من هذا فنحن تركنا الدنيا لاهلها وهم تركوا لنا الآخرة وما مثلى ومثل الدنيا الا كراكب سار فى يوم صائف فاستظل تحت شجرة ثم راح وتركها) فالعاقل من لم يغتر بزينة الدنيا ويسعى الى مرضاة المولى
هر كه كوته كند بدنيا دست ... پر بر آرد چوجعفر طيار
فالاولى ان يأخذ الباقي ويترك الفاني- حكى- ان سلطانا كان يحب واحدا من وزرائه اكثر من غيره فحسدوه وطعنوا فيه فاراد السلطان ان يظهر حقيقة الحال فاضافهم فى دار مزينة بانواع الزينة ثم قال ليأخذ كل منكم ما أعجبه فى الدار فاخذ كل منهم ما أعجبه من الجواهر والمتاع وأخذ الوزير المحسود السلطان وقال ما أعجبني الا أنت فالانسان لم يجيىء الى هذه الدار المزينة الا للامتحان فانه كالعروس وهى لا تلتفت الى ما ينثر عليها فان التفتت فمن دناءة الهمة ونقصان العقل فاليوم يوم الفرصة وتدارك الزاد لسفر المعاد
از رباط تن چوبگذشتى دكر معموره نيست ... زاد راهى بر نمى دارى ازين منزل چرا
نسأل الله سبحانه ان يقطع رجاءنا من غيره مطلقا ويجعل عزمنا اليه صدقا واقبالنا عليه حقا وَالَّذِينَ هم كفار قريش يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا القرآنية بالرد والطعن فيها ويجتهدون فى ابطالها حال كونهم مُعاجِزِينَ ظانين انهم يعجزوننا ويفوتوننا فلا يكون لهم مؤاخذة بمقابلة ذلك قال فى تاج المصادر [المعاجزة: بر كسى پيشى كرفتن در كارى] وقد سبق فى أوائل السورة أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ من الإحضار وهو بالفارسية [حاضر كردن] اى مدخلون لا يغيبون عنه ولا ينفعهم ما اعتمدوا عليه وفى التأويلات النجمية(7/300)
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)
هم الذين لا يحترمون الأنبياء والأولياء ولا يرعون حق الله فى السر فهم فى عذاب الاعتراض عليهم وعذاب الوقوع بشؤم ذلك فى ارتكاب محارم الله ثم فى عذاب السقوط من عين الحق: وفى المثنوى
چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد «1»
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ اى يوسعه عليه تارة وَيَقْدِرُ لَهُ اى يضيقه عليه تارة اخرى ابتلاء وحكمة فهذا فى شخص واحد باعتبار وقتين وما سبق فى شخصين فلا تكرار وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ما موصولة بمعنى الذي: وبالفارسية [آنچهـ] مبتدأ خبره قوله فَهُوَ يُخْلِفُهُ او شرطية بمعنى أي شىء: وبالفارسية [هر چهـ] نصب بقوله أنفقتم ومن شىء بيان له وجواب الشرط قوله فهو يخلفه [والانفاق: نفقه كردن] يقال نفق الشيء مضى ونفد اما بالبيع نحو نفق البيع نفاقا واما بالموت نحو نفقت الدابة نفوقا واما بالفناء نحو نفقت الدراهم تنفق وأنفقتها [والأخلاف: بدل باز دادن از مال وفرزند] يقال اخلف الله له وعليه إذا أبدل له ما ذهب عنه والمعنى الذي او أي شىء أنفقتم فى طاعة الله وطريق الخير والبر فالله تعالى يعطى خلفا له وعوضا منه اما فى الدنيا بالمال او بالقناعة التي هى كنز لا يفنى واما فى الآخرة بالثواب والنعيم او فيهما جميعا فلا تخشوا الفقر وأنفقوا فى سبيل الله وتعرضوا لالطاف الله عاجلا وآجلا وفى التأويلات النجمية وما أنفقتم من شىء من الموجود او الوجود فهو يخلفه من الموجود الفاني بالموجود الباقي ومن الوجود المجازى بالوجود الحقيقي فمن الخلف فى الدنيا الرضى بالعدم والفقر صورة ومعنى وهو أتم من السرور بالموجود والوجود
افتد هماى دولت اگر در كمند ما ... از همت بلند رها ميكنيم ما
وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ اى خير من اعطى الرزق فان غيره كالسلطان والسيد والرجل بالنسبة الى جنده وعبده وعياله واسطة فى إيصال رزقه ولا حقيقة لرازقيته والله تعالى يعطى الكل من خزائن لا تفنى وفى التأويلات النجمية يشبر الى انه خير المنفقين لان خيرية المنفق بقدر خيرية النفقة فما ينفق كل منفق فى النفقة فهو فان وما ينفق الله من نفقة ليخلفه بها فهى باقية والباقيات خير من الفانيات انتهى قال فى بحر العلوم لما كانت اقامة مصالح العباد من أجل الطاعات واشرف العبادات لانها من وظيفة الأنبياء والصالحين دلهم الله فى الآية على طرف منها حثا عليها كما قال عليه السلام حثا لامته عليها (الخلق كلهم عيال الله وأحبهم اليه انفعهم لعياله) قال العسكري هذا على التوسع والمجاز كأن الله تعالى لما كان المتضمن لارزاق العباد والكافل بها كان الخلق كالعيال له وفى الحديث (ان لله املاكا خلقهم كيف يشاء وصورهم على ما يشاء تحت عرشه ألهمهم ان ينادوا قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فى كل يوم مرتين ألا من وسع على عياله وجيرانه وسع الله عليه فى الدنيا والآخرة ألا من ضيق ضيق الله عليه ألا ان الله قد اعطاكم لنفقة درهم على عيالكم خير من سبعين قنطارا) والقنطار كجبل أحد وزنا (أنفقوا ولا تخشوا ولا تضيقوا ولا تقتروا وليكن اكثر نفقتكم يوم الجمعة) وفى الحديث (كل معروف صدقة وكل ما أنفق الرجل على نفسه واهله كتب له به صدقة
__________
(1) دراوائل دفتر يكم در بيان كژ ماندن دهان آن شخص كستاخ إلخ(7/301)
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41) فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (42) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45)
وما وقى الرجل به عرضه كتب له به صدقة) ومعنى كل معروف صدقة ان الانفاق لا ينحصر فى المال بل يتناول كل بر من الأموال والأقوال والافعال والعلوم والمعارف وانفاق الواصلين الى التوحيد الحقانى والمعرفة الذاتية أفضل واشرف لان نفع الأموال للاجساد ونفع المعارف للقلوب والأرواح ومعنى ما وقى به عرضه ما اعطى الشاعر وذا اللسان المتقى وفى الحديث (ان لكل يوم نحسا فادفعوا نحس ذلك اليوم بالصدقة) وفى الحديث (ينادى مناد كل ليلة لا دواء للموت وينادى آخر ابنوا للخراب وينادى مناد هب للمنفق خلفا وينادى مناد هب للممسك تلفا) : قال الحافظ
احوال كنج قارون كايام داد بر باد ... با غنچهـ باز كوييد تا زر نهان ندارد
وفى المثنوى
آن درم دادن سخى را لايقست ... جان سپردن خود سخاى عاشقست «1»
نان دهى از بهر حق نانت دهند ... جان دهى از بهر حق جانت دهند
هر كه كارد كردد انبارش تهى ... ليكش اندر مزرعه باشد بهى
وانكه در أنبار ماند وصرفه كرد ... اشپش وموش وحوادثهاش خورد
جمله در بازار زان كشتند بند ... تا چهـ سود افتاد مال خود دهند «2»
وفى الحديث (يؤجر ابن آدم فى نفقته كلها إلا شيئا وضعه فى الماء والطين) قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى فى شرح هذا الحديث اعلم ان صور الأعمال اعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وان كان من حيث الصيغة مطلقا فالاحوال والقرائن تخصصه وذلك ان بناء المساجد والرباطات ومواضع العبادات يؤجر الباني لها عليها بلا خلاف فالمراد بالمذكور هنا انما هو البناء الذي لم يقصد صاحبه الا التنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة وإذا كان كذلك فمطمح همة الباني ومقصده لا يتجاوز هذا العالم فلا يكون لبنائه ثمرة ونتيجة فى الآخرة لانه لم يقصد بما فعله امرا وراء هذه الدار فافعاله اعراض زائلة لا موجب لتعديها من هنا الى الآخرة فلا اثمار لها فلا اجر انتهى اعلم ان العلماء تكلموا فى الانفاق والظاهر انه بحسب طبقات الناس. فمنهم من ينفق جميع ما ملكه توكلا على الله تعالى كما فعله الصديق لقوة يقينه. ومنهم من ينفق بعضه ويمسك بعضه لا للتنعم بل للانفاق وقت الحاجة. ومنهم من يقتصر على أداء الواجب قال الغزالي رحمه الله الاكتفاء بمجرد الواجب حد البخلاء فلا بد من زيادة عليه لو شئت يسيرا فبين هذه الطبقات تفاوت فى الدرجات وقد أسلفنا الكلام على الانفاق فى اواخر سورة الفرقان فارجع اليه واعتمد عليه جعلنا الله وإياكم من اهل البذل والإحسان بلا إمساك وادّخار واخلف خيرا مما أنفقنا فان خزائنه لا تفنى وبحر جوده زخار وهو المعطى المفيض كل ليل ونهار وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ اى واذكر يا محمد لقومك يوم يحشر الله اى يجمع المستكبرين والمستضعفين وما كانوا يعبدون من دون الله حال كونهم جَمِيعاً مجتمعين لا يشد أحد منهم وقال بعضهم هؤلاء المحشورون بنوا مليح من خزاعة كانوا يعبدون الملائكة ويزعمون انهم بنات الله
__________
(1) در اواسط دفتر يكم در بيان قربانى كردن سروان عرب باميد قبول افتادن
(2) در اواخر دفتر سوم در بيان جواب كفتن مهمان ايشانرا ومثل آوردن بدفع حارس إلخ(7/302)
قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41) فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (42)
لذلك سترهم فان قلت لم لم يقولوا ذلك فى حق الجن مع انهم مستورون ايضا عن أعين الناس قلت لان الملائكة سماوية والجن ارضية وهم اعتقدوا ان الله تعالى فى السماء ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ توبيخا للمشركين العابدين وإقناطا لهم من شفاعتهم كما زعموا أَهؤُلاءِ اى الكفار: وبالفارسية [آيا اين كروه اند كه] إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ فى الدنيا وإياكم نصب بيعبدون وتخصيص الملائكة لانهم اشرف شركائهم بطريق الاولوية قالُوا متنزهين عن ذلك وهو استئناف بيانى سُبْحانَكَ تنزيها لك عن الشرك وفى كشف الاسرار [پاكى ترا است از آنكه غير ترا پرستند] أَنْتَ وَلِيُّنا الولي خلاف العدو اى أنت الذي نواليه مِنْ دُونِهِمْ [بجز مشركان يعنى ميان ايشان هيچ دوستى نيست وحاشا كه بپرستش ايشان رضا داده باشيم] ثم اضربوا عن ذلك ونفوا انهم عبدوهم حقيقة بقولهم بَلْ كانُوا من جهلهم وغوايتهم يَعْبُدُونَ الْجِنَّ اى الشياطين حيث أطاعوهم فى عبادة غير الله وقيل كانوا يتمثلون لهم ويتخيلون انهم الملائكة فيعبدونهم وعبر عن الشياطين بالجن لاستتارهم عن الحواس ولذا أطلقه بعضهم على الملائكة ايضا أَكْثَرُهُمْ الأكثر هاهنا بمعنى الكل والضمير للمشركين كما هو الظاهر من السوق اى كل المشركين وقال بعضهم الضمير للانس والأكثر بمعناه اى اكثر الانس بِهِمْ اى الجن وبقولهم الكذب الملائكة بنات الله مُؤْمِنُونَ مصدقون ومتابعون ويغترون بما يلقون إليهم من انهم يشفعون لهم وفى الآية اشارة الى انه كما يعبد قوم الملائكة بقول الشيطان وتتبرأ الملائكة منهم يوم القيامة كذلك من يعبد الله بقول الوالدين او الاستاذين او اهل بلده او بالتعصب والهوى كما يعبده اليهود والنصارى والصابئون والمجوس واهل البدع والأهواء يتبرأ الله منه ويقول انا بريىء من ان اعبد بقول الغير وبقول من يعبدنى بالهوى او باعانة اهل الهوى فان من عبدنى بالهوى فقد عبد الهوى ومن عبدنى باعانة اهل الهوى إياه على ان يعبدنى فقد عبد اهل الهوى لانه ما عبدنى مخلصا كما أمرته ولهذا المعنى أمرنا الله ان نقول فى عبادته فى الصلاة إياك نعبد اى لم نعبد غيرك وإياك نستعين على عبادتك باعانتك لا باعانة غيرك وبقوله (أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) يشير الى ان اكثر مدعى الإسلام باهل الهوى مؤمنون اى بتقليدهم وتصديقهم فيما ينتمون اليه من البدع والاعتقاد السوء كذا فى التأويلات النجمية: قال الصائب
چهـ قدر راه بتقليد توان پيمودن ... رشته كوتاه بود مرغ نوآموخته را
فَالْيَوْمَ اى يوم الحشر لا يَمْلِكُ [الملك بالحركات الثلاث: خداوند شدن] بَعْضُكُمْ يعنى المعبودين لِبَعْضٍ يعنى العابدين نَفْعاً بالشفاعة وَلا ضَرًّا اى دفع ضر وهو العذاب على تقدير المضاف إذ الأمر فيه كله لله لان الدار دار جزاء ولا يجازى الخلق أحد غير الله قال فى الإرشاد تقييد هذا الحكم بذلك اليوم مع ثبوته على الإطلاق لانعقاد رجائهم على تحقيق النفع يومئذ وهذا الكلام من جملة ما يقال للملائكة عند جوابهم بالتنزه والتبري مما نسب إليهم الكفرة يخاطبون على رؤس الاشهاد إظهارا لعجزهم وقصورهم عند عبدتهم وتنصيصا على ما يوجب خيبة رجائهم بالكلية والفاء ليست لترتيب ما بعدها(7/303)
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43)
من الحكم على جواب الملائكة فانه محقق أجابوا بذلك أم لابل لترتيب الاخبار به عليه وَنَقُولُ فى الآخرة لِلَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالكفر والتكذيب فوضعوهما موضع الايمان والتصديق وهو عطف على يقول للملائكة لا على يملك كما قيل لانه مما يقال يوم القيامة خطابا للملائكة مترتبا على جوابهم المحكي وهذا حكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما سيقال للعبدة يومئذ اثر حكاية ما سيقال للملائكة ذُوقُوا الذوق فى الأصل وان كان فيما يقل تناوله كالاكل فيما يكثر تناوله الا انه مستصلح للكثير عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ فى الدنيا بِها متعلق بقوله تُكَذِّبُونَ وتصرون على القول بانها غير كائنة فقد وردتموها وبطل ظنكم ودعواكم وفى التأويلات يشير الى ان من علق قلبه بالاغيار وظن صلاح حاله من الاحتيال والاستعانة بالأمثال والاشكال نزع الله الرحمة من قلوبهم فتتركهم وتشوش أحوالهم فلا لهم من الاشكال والأمثال معونة ولا لهم من عقولهم فى أمورهم استبصار ولا الى الله رجوع الا فى الدنيا فان رجعوا اليه فى الآخرة لا يرحمهم ولا يجيبهم ويذيقهم عذاب نار البعد والقطيعة لكونهم ظالمين اى عابدين غير الله تعالى [احمد حرب كفت خداى تعالى خلق را آفريده تا او را بيكانكى شناسند وشريك نسازند ورزق داد تا او را برزاقى بدانند وميراند تا او را بقهارى شناسند «ألا ترى ان الموت يذل الجبابرة ويقهر الفراعنة» وزنده كردانيد تا او را بقادرى بدانند چونكه قادر مطلق اوست انسان ببايد كه عجز خود را بداند وعدم طاقت او در زير بار قهرش شناسند ورجوع كند باختيار نه باضطرار واز حق شناسد توفيق هر كار]
نكشود صائب از مدد خلق هيچ كار ... از خلق روى خود بخدا مى كنيم ما
اعلم ان من عبد الجن وأطاع الشيطان فيما شاء وهو زوال دينه يكون عذابه فى التأبيد كعذاب إبليس ومن أطاع النفس فيما شاءت وهى المعصية يكون عذابه على الانقطاع ومن أطاع الهوى فيما شاء وهو الشهوات يكون له شدة الحساب من أجاب إبليس ذهب عنه المولى ومن أجاب النفس ذهب عنه الورع ومن أجاب الهوى ذهب عنه العقل وكان يحيى عليه السلام مع جلالة قدره وعدم همه بخطيئة يخاف من عذاب النار ويبكى فى الليل والنهار والغافل كيف يأمن من سلب الايمان مع كثرة العصيان وله عدو مثل الشيطان فلا بد من التوبة عن الميل الى غير الله تعالى فى جميع الأحوال والتضرع والبكاء فى البكر والآصال لتحصل النجاة من النيران والفوز بدرجات الجنان والتنعم بنعيم القرب وشهود الرحمن
ز پشت آينه روى مراد نتوان ديد ... ترا كه روى بخلق است از خدا چهـ خبر
وَإِذا تُتْلى اى تقرأ قراءة متتابعة بلسان الرسول عليه السلام عَلَيْهِمْ اى على مشركى مكة آياتُنا القرآنية حال كونها بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على حقية التوحيد وبطلان الشرك قالُوا مشيرين الى النبي عليه السلام ما هذا إِلَّا رَجُلٌ تنكيره للتهكم والتلهي والا فرسول الله كان علما مشهورا بينهم يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ اى يمنعكم ويصرفكم عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ من الأصنام منذ ازمنة متطاولة فيستتبعكم بما يستبدعه من غير ان يكون هناك دين الهى: يعنى [مدعاى او آنست كه شما از بت پرستيدن منع كند(7/304)
وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45)
وبدين وآيين كه احداث كرده در آورد وتابع خود سازد] واضافة الآباء الى المخاطبين لا الى أنفسهم لتحريك عرق العصبية منهم مبالغة فى تقريرهم على الشرك وتنفيرهم عن التوحيد وَقالُوا ما هذا القرآن إِلَّا إِفْكٌ كلام مصروف عن جهته لعدم مطابقة ما فيه من التوحيد والبعث الواقع مُفْتَرىً بإسناده الى الله تعالى والافتراء الكذب عمدا قالوه عنادا ومكابرة والا فقد قال كبيرهم عتبة بن ربيعة والله ما هو شعر ولا كهانة ولا سحر وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ اى للقرآن على ان العطف لاختلاف العنوان بان يراد بالأول معناه وبالثاني نظمه المعجز ووضع المظهر موضع المضمر إظهارا للغضب عليهم ودلالة على ان هذا لا يجترئ عليه الا المتمادون فى الكفر المنهمكون فى الغى والباطل لَمَّا جاءَهُمْ من الله تعالى ومعنى التوقع فى لما انهم كذبوا به وجحدوه على البديهة ساعة أتاهم وأول ما سمعوه قبل التدبر والتأمل أَنْ بمعنى ما النافية هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ظاهر سحريته لا شبهة فيه. والسحر من سحر يسحر إذا خدع أحدا وجعله مدهوشا متحيرا وهذا انما يكون بان يفعل الساحر شيأ يعجز عن فعله وإدراكه المسحور عليه كما فى شرح الأمالي وقال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية السحر مأخوذ من السحر وهو ما بين الفجر الاول والفجر الثاني واختلاطته وحقيقته اختلاط الضوء والظلمة فما هو بليل لما خالطه من ضوء الصبح ولا هو بنهار لعدم طلوع الشمس للابصار فكذلك ما فعله السحرة ما هو باطل محقق فيكون عدما فان العين أدركت امرا ما لا تشك فيه ولا هو حق محض فيكون له وجود فى عينه فانه ليس هو فى نفسه كما تشهد العين ويظنه الرائي انتهى قال الشيخ الشعراني فى الكبريت الأحمر هو كلام نفيس ما سمعنا مثله قط وَما آتَيْناهُمْ اى مشركى مكة مِنْ كُتُبٍ اى كتبا فان من الاستغراقية داخلة على المفعول لتأكيد النفي يَدْرُسُونَها يقرأونها فيها دليل على صحة الإشراك كما فى قوله تعالى (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) وقوله (أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ) وفى إيراد كتب بصيغة الجمع تنبيه على انه لا بد لمثل تلك الشبهة من نظائر الادلة والدرس قراءة الكتاب بامعان النظر فيه طلبا لدرك معناه والتدريس تكرير الدرس قال الراغب فى المفردات درس الشيء معناه بقي اثره وبقاء الأثر يقتضى انمحاءه فى نفسه ولذلك فسر الدروس بالانمحاء وكذا درس الكتاب ودرست العلم تناولت اثره بالحفظ ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن ادامة القراءة بالدرس وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ يدعوهم الى الشرك وينذرهم بالعقاب على تركه وقد بان من قبل ان لا وجه له بوجه من الوجوه فمن اين ذهبوا هذا المذهب الزائغ وهو تجهيل لهم وتسفيه لآرائهم ثم هددهم بقوله وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم المتقدمة والقرون الماضية كما كذب قومك من قريش وَما بَلَغُوا [ونرسيدند قريش ومشركان مكه] مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ اى عشر ما آتينا أولئك من قوة الأجسام وكثرة الأموال والأولاد وطول الأعمار. فالمعشار بمعنى العشر كالمرباع بمعنى الربع قال الواحدي المعشار والعشير والعشر جزء من العشرة وقيل المعشار عشر العشر فَكَذَّبُوا رُسُلِي عطف على وكذب الذين(7/305)
قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50) وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54)
إلخ بطريق التفصيل والتفسير كقوله تعالى (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) إلخ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ اى إنكاري لهم بالاستئصال والتدمير فأى شىء خطر هؤلاء بجنب أولئك فليحذروا من مثل ذلك: وبالفارسية [پس چهـ كونه بود ناپسند من ايشانرا وعذاب دادن] وفى الآية اشارة الى ان صاحب النظر إذا دل الناس على الله ودعاهم اليه قال أخدانهم السوء وإخوانهم الجهلة وأعوانهم الغفلة من الأقارب وأبناء الدنيا وربما كان ذلك من العلماء السوء الذين اسكرتهم محبة الدنيا وقال صلى الله عليه وسلم فيهم (أولئك قطاع الطريق على العباد) هذا رجل يريد اصطيادكم واستتباعكم لتكونوا من اتباعه وأعوانه ومريديه ويصدكم عن مذاهبكم ويطمع فى أموالكم ومن ذا الذي يطيق ان يترك الدنيا بالكلية وينقطع عن أقاربه وأهاليه ويضيع أولاده ويعق والديه وليس هذا طريق الحق وانك لاتتمم هذا الأمر ولا بدلك من الدنيا ما دمت تعيش وأمثال هذا حتى يميل ذلك المسكين عن قبول النصح فى الإقبال على الله والاعراض عن الدنيا وربما كان هذا من خواطره الدنية وهواجس نفسه الردية فيهلك ويضل كما هلكوا وضلوا فليعتبر الطالب بمن كان قبله من منكرى المشايخ ومكذبى الورثة ما كان عاقبة أمرهم الا الحرمان فى الدنيا من مراتب الدين والعذاب فى الآخرة بنار القطيعة وليحذر من الاستماع الى العائقين له عن طريق العاشقين فانهم اعداء له فى صورة الأحباب: وفى المثنوى
آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست
قال المولى الجامى فى درة التاج
چون سكندر بقصد آب حيات ... كرد عزم عبور بر ظلمات
بزمينى رسيد پهن وفراخ ... راند خيل وحشم در ان كستاخ
هر كجا مى شد از يسار ويمين ... بود پر سنكريزه روى زمين
كرد روى سخن بسوى سپاه ... كاى همه كرده كم ز ظلمت راه
اين همه كوهر است بى شك وريب ... كيسه تان پر كنيد ودامن وجيب
هر كرا بود شك در إسكندر ... آن حكايت نيامدش باور
كفت در زير نعل لعل كه ديد ... درّ وكوهر برهكذر كه شنيد
وانكه آيينه سكندر بود ... سرّ جانش در ومصوّر بود
هر چهـ از وى شنيد باور داشت ... آنچهـ مقدور بود از ان برداشت
چون بريدند راه تاريكى ... تافت خورشيدشان ز نزديكى
آن يكى دست ميكزيد كه چون ... زين كهر بر نداشتم افزون
وان دكر خون همى كريست كه آه ... نفس وشيطان زدند بر من راه
كاشكى كز كهر بكردم بار ... بر سكندر نكردمى انكار
تا نيفتادمى از ان تقصير ... در حجاب وخجالت وتشوير
فقس عليه مصدّق القرآن ومكذبه قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ الوعظ زجر يقترن به تخويف وقال الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب والعظة والموعظة الاسم اى(7/306)
ما أنشدكم وانصح لكم الا بخصلة واحدة هى أَنْ تَقُومُوا من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتفرقوا من مجمعكم عنده فالقيام على حقيقته بمعنى القيام على الرجلين ضد الجلوس ويجوز ان يكون بمعنى القيام بالأمر والاهتمام بطلب الحق لِلَّهِ لاجله تعالى ورضاه لا للمراء والرياء والتقليد حال كونكم متفرقين مَثْنى اثنين اثنين وَفُرادى واحدا واحدا قال الراغب الفرد الذي لا يختلط به غيره فهو أعم من الوتر وأخص من الواحد وجمعه فرادى انتهى وفى المختار الفرد الوتر وجمعه افراد وفرادى بالضم على غير القياس كأنه جمع فردان ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا التفكر طلب المعنى بالقلب: يعنى [تفكر جست وجوى دلست در طلب معنى] اى تتفكروا فى امره صلى الله عليه وسلم فتعلموا ما نافية بِصاحِبِكُمْ المراد الرسول عليه السلام مِنْ جِنَّةٍ اى جنون يحمله على دعوى النبوة العامة كما ظننتم وفائدة التقييد بالاثنين والفرادى ان الاثنين إذا التجئا الى الله تعالى وبحثا طلبا للحق مع الانصاف هديا اليه وكذا الواحد إذا تفكر فى نفسه مجردا عن الهوى بخلاف كثرة الجمع فانه يقل فيها الانصاف غالبا ويكثر الخلاف ويثور غبار الغضب ولا يسمع الا نصرة المذهب. وفى تقديم مثنى إيذان بانه أوفق واقرب من الاطمئنان فان الاثنين إذا قعدا بطريق المشاورة فى شأن الرسول عليه السلام وصحة نبوته من غير هوى وعصبية وعرض كل منهما محصول فكره على الآخر ادى النظر الصحيح الى التصديق ويحصل العلم على العلم وفى الفتوحات المكية قدس الله سر صاحبها الواحدة ان يقوم الواعظ من أجل الله اما غيرة واما تعظيما وقوله (مَثْنى) اى بالله ورسوله فانه من أطاع الرسول فقد أطاع الله فيقوم صاحب هذا المقام بكتاب الله وسنة رسوله لا عن هوى نفس ولا تعظيم كونى ولا غيرة نفسية وقوله (وَفُرادى) اى بالله خاصة او برسوله خاصة انتهى هذا إذا علقت (ما بِصاحِبِكُمْ) بمحذوف كما قدر فلا يوقف إذا على تتفكروا ويجوز ان يكون الوقف تاما عند تتفكروا على معنى ثم تتفكروا فى امره عليه السلام وما جاء به لتعلموا حقيقته فقوله (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) استئناف مسوق من جهته تعالى للتنبيه على طريقة النظر والتأمل بان مثل هذا الأمر العظيم الذي تحته ملك الدنيا والآخرة لا يتصدى لا دعائه الا مجنون لا يبالى بافتضاحه عند مطالبته بالبرهان وظهور عجزه او مؤيد من عند الله مرشح للنبوة واثق بحجته وبرهانه وإذ قد علمتم انه عليه السلام أرجح العالمين عقلا وأصدقهم قولا وانزههم نفسا وأفضلهم علما وأحسنهم عملا واجمعهم للكمالات البشرية وجب ان تصدقوه فى دعواه فكيف وقد انضم الى ذلك معجزات تخر لها صم الجبال أَنْ ما هُوَ صاحبكم إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ مخوف لكم بلسان ينطق بالحق بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ اى قدام عذاب الآخرة ان عصيتموه لانه مبعوث فى نسم الساعة اى أولها وقربها وذلك لان النسم النفس ومن قرب منك يصل إليك نفسه وفى التأويلات النجمية (بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) فى الدنيا والآخرة لينجيكم منه والعذاب الشديد الجهل والنكرة والجحود والإنكار والطرد واللعن من الله تعالى وفى الآخرة الحسرة والندامة والخجلة عند السؤال وفى بعض الاخبار انه عذاب من يسألهم الحق فيقع عليهم من الخجل(7/307)
قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50)
ما يقولون عنده عذبنا يا ربنا بما شئت من انواع العقوبة ولا تعذبنا بهذا السؤال قُلْ ما اى شىء سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ جعل على تبليغ الرسالة فَهُوَ لَكُمْ والمراد نفى السؤال رأسا: يعنى [هيچ اجرى نخواهم] كقول من قال لمن لم يعطه شيأ ان أعطيتني شيأ فخذه وقال بعضهم لما نزل قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال عليه السلام لمشركى مكة (لا تؤذوني فى قرابتى) فكفوا عن ذلك فلما سب آلهتهم قالوا لن ينصفنا يسألنا ان لا نؤذيه فى قرابته وهو يؤذينا بذكر آلهتنا بسوء فنزل (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) ان شئتم آذوهم وان شئتم امتنعوا إِنْ أَجْرِيَ اى ما اجرى وثوابى إِلَّا عَلَى اللَّهِ فانما اطلب ثواب الله لا عرض الدنيا وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ مطلع يعلم صدقى وخلوص نيتى وفيه اشارة الى انه من شرط دعوة الخلق الى الله ان تكون خالصة لوجه الله لا يشوبها طمع فى الدنيا والآخرة: قال الشيخ سعدى قدس سره
زيان ميكند مرد تفسير دان ... كه علم وادب ميفروشد بنان
كجا عقل با شرع فتوى دهد ... كه اهل خرد دين بدنيا دهد
قال الامام الزروقى الشهيد هو الحاضر الذي لا يغيب عنه معلوم ولا مرئى ولا مسموع ومنه عرف ان الشهيد عبد حافظ على المراقبة واتقى بعلمه ومشاهدته عن غيره قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ القذف الرمي البعيد بنحو الحجارة والسهم ويستعار لمعنى الإلقاء والباء للتعدية اى يلقى الوحى وينزله على من يجتبيه من عباده فالاجتباء ليس لعلة والاصطفاء ليس لحيلة او يرمى به الباطل فيدمغه ويزيله عَلَّامُ الْغُيُوبِ بالرفع صفة محمولة على محل ان واسمها او بدل من المستكن فى يقذف او خبر ثان لان اى عالم بطريق المبالغة بكل ما غاب عن خلقه فى السموات والأرض قولا كان او فعلا او غيرهما قال بعض الكبار من أدمن ذكر يا علام الغيوب الى ان يغلب عليه منه حال فانه يتكلم بالمغيبات ويكشف ما فى الضمائر وتترقى روحه الى العالم العلوي ويتحدث بامور الكائنات والحوادث. وايضا هو نافع لقوة الحفظ وزوال النسيان وفى التأويلات انما ذكر الغيوب بلفظ الجمع لانه عالم بغيب كل أحد وهو ما فى ضمير كل أحد وانه تعالى عالم بما يكون فى ضمير أولاد كل أحد الى يوم القيامة وانما قال علام بلفظ المبالغة ليتناول علم معلومات الغيوب فى الحالات المختلفة كما هى بلا تغير فى العلم عند تغير المعلومات من حال الى حال بحيث لا يشغله شأن حال عن حال قُلْ جاءَ الْحَقُّ اى الإسلام والتوحيد وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ ابدأ الشيء فعله ابتداء [والاعادة: باز كردانيدن] والمعنى زال الشرك وذهب بحيث لم يبق اثره أصلا مأخوذ من هلاك الحي فانه إذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة فجعل مثلا فى الهلاك بالكلية- روى- ابن مسعود رضى الله عنه ان النبي عليه السلام دخل مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فجعل يطعنها بعود فى يده ويقول (جاء الحق وزهق الباطل قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ عن الطريق الحق كما تزعمون وتقولون لقد ضللت حين تركت دين آبائك فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي فان وبال ضلالى عليها لانه بسببها إذ هى الحاملة عليه بالذات(7/308)
وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51)
والامارة بالسوء وبهذا الاعتبار قوبل الشرطية بقوله وَإِنِ اهْتَدَيْتُ الى الطريق الحق فَبِما يُوحِي فبسبب ما يوحى إِلَيَّ رَبِّي من الحكمة والبيان فان الاهتداء بتوفيقه وهدايته وفيه اشارة الى منشأ الضلالة نفس الإنسان فاذا وكلت النفس الى طبعها لا يتولد منها الا الضلالة وان الهداية من مواهب الحق تعالى ليست النفس منشأها ولذلك قال تعالى (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) إِنَّهُ تعالى سَمِيعٌ قَرِيبٌ يعلم قول كل من المهتدى والضال وفعله وان بالغ فى اخفائهما قال بعض الكبار سميع بمنطق كل ناطق قريب لكل شىء وان كان بعيدا منه
دوست نزديكتر از من بمن است ... وين عجبتر كه من از وى دورم
چهـ كنم با كه توان كفت كه او ... در كنار من ومن مهجورم
قال بعضهم السميع هو الذي انكشف كل موجود لصفة سمعه فكان مدركا لكل مسموع من كلام وغيره وخاصية هذا الاسم اجابة الدعاء فمن قرأه يوم الخميس خمسمائة مرة كان مجاب الدعوة وقرب الله من العبد بمعنى انه عند ظنه كما قال (انا عند ظن عبدى بي) وقال بعضهم هو قريب من الكل لظهوره على العموم وان لم يره الا اهل الخصوص لانه لا بد للرؤية من ازالة كل شىء معترض وحائل وهى حجب العبد المضافة الى نفسه وسئل الجنيد عن قرب الله من العبد فقال هو قريب لا بالاجتماع بعيد لا بالافتراق وقال القرب يورث الحياء ولذا قال بعضهم نعره كمتر زن كه نزديكست يار يشير الى حال اهل الشهود فانهم يراعون الأدب مع الله فى كل حال فلا يصيحون كما لا يصيح القريب للقريب واما اهل الحجاب فلهم ذلك لان قربهم بالهم لا بالشهود وكم من فرق بينهما وفى الآية اشارة الى انه لا يصير المرء ضالا بتضليل الآخر إياه فان الضال فى الحقيقة من خلق الله فيه الضلالة بسبب اعراضه عن الهدى كما انه لا يكون كافرا با كفار الغير إياه فان الكافر فى الحقيقة من قبل الكفر واعرض عن الايمان والى انه لا تزر وازرة وزر اخرى وان كل شاة معلقة برجلها اى كل واحد مجزى بعمله لا بعمل غيره فالصالح مجزى بأعماله الصالحة وأخلاقه الحسنة ولا ضرر له من الأعمال القبيحة لغيره وكذا الفاسق مجزى بعمله السوء ولا نفع له من صالحات غيره
هر كه او نيك ميكند يابد ... نيك وبد هر چهـ ميكند يابد
وقيل للنابغة حين اسلم أصبوت يعنى آمنت بمحمد قال بلى غلبنى بثلاث آيات من كتاب الله فاردت ان أقول ثلاثة أبيات من الشعر على قافيتها فلما سمعت هذه الآية تعبت فيها ولم أطق فعلمت انه ليس من كلام البشر وهى هذه (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) الى قوله (إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) وَلَوْ تَرى يا محمد أو يا من يفهم الخطاب ويليق به إِذْ فَزِعُوا اى حين يفزع الكفار ويخافون عند الموت او البعث او يوم بدر وجواب لو محذوف اى لرأيت امرا هائلا وجيء بالماضي لان المستقبل بالنسبة الى الله تعالى كالماضى فى تحققه وعن ابن عباس رضى الله(7/309)
وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54)
عنهما ان ثمانين الفا وهم السفياني وقومه يخرجون فى آخر الزمان فيقصدون الكعبة ليخربوها فاذا دخلوا البيداء وهى ارض ملساء بين الحرمين كما فى القاموس خسف بهم فلا ينجو منهم الا السرىّ الذي يخبر عنهم وهو جهينة فلذلك قيل عند جهينة الخبر اليقين قال الكاشفى [از تمام لشكر دو كس نجات يابند يكى به بشارت بمكة برود وديكرى كه ناجى جهنى كويند روى او بر قفا كشته خبر قوم بسفيانى رساند] فَلا فَوْتَ الفوت بعد الشيء عن الإنسان بحيث يتعذر إدراكه اى فلا فوت لهم من عذاب الله ولا نجاة بهرب او تحصن ويدركهم ما فزعوا منه وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ اى من ظهر الأرض الى بطنها او من الموقف الى النار او من صحراء بدر الى قليبها وهو البئر قبل ان تبنى بالحجارة وقال ابو عبيدة هى البئر العادية القديمة او من تحت أقدامهم إذا خسف بهم وحيث كانوا فهم قريب من الله والجملة معطوفة على فزعوا وَقالُوا عند معاينة العذاب آمَنَّا بِهِ اى بمحمد عليه السلام لانه مر ذكره فى قوله (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) فلا يلزم الإضمار قبل الذكر وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ التناوش بالواو التناول السهل بالفارسية [كرفتن] من النوش يقال تناوش وتناول إذا مديده الى شىء يصل اليه ومن همزه فاما انه أبدل من الواو همزة لانضمامه نحو أقتت فى وقتت وادؤر فى أدور واما ان يكون من النأش وهو الطلب كما فى المفردات والمعنى ومن اين لهم ان يتناولوا الايمان تناولا سهلا مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ فان الايمان انما هو فى حيز التكليف وهى الدنيا وقد بعد عنهم بارتحالهم الى الآخرة وهو تمثيل حالهم فى الاستخلاص بالايمان بعد ما فات عنهم وبعد بحال من يريد ان يتناول الشيء من غلوة وهى غاية قدر رمية كتناوله من مقدار ذراع فى الاستحالة وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ اى بمحمد او بالعذاب الشديد الذي انذرهم أيا مِنْ قَبْلُ من قبل ذلك فى وقت التكليف تابوا وقد أغلقت الأبواب وندموا وقد تقطعت الأسباب فليس الا الخسران والندم والعذاب والألم
فخل سبيل العين بعدك للبكا ... فليس لايام الصفاء رجوع
قال الحافظ
چوبر روى زمين باشى توانايى غنيمت دان ... كه دوران ناتوانيها بسى زير زمين دارد
اى لا يقدر الإنسان على شىء إذا مات وصار الى تحت الأرض كما كان يقدر إذا كان فوق الأرض وهو حى وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ الباء للتعدية اى يرجمون بالظن الكاذب ويتكلمون بما لم يظهر لهم فى حق الرسول من المطاعن او فى العذاب من قطع القول بنفيه كما قالوا وما نحن بمعذبين مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ من جهة بعيدة من حاله عليه السلام حيث ينسبونه الى الشعر والسحر والكهانة والكذب ولعله تمثيل لحالهم فى ذلك بحال من يرمى شيأ لا يراه من مكان بعيد لا مجال للظن فى لحوقه وهو معطوف على وقد كفروا به على حكاية الحال الماضية او على قالوا فيكون تمثيلا لحالهم بحال القاذف فى تحصيل ما ضيعوه من الايمان فى الدنيا وَحِيلَ بَيْنَهُمْ اى أوقعت الحيلولة والمنع بين هؤلاء الكفار وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ من نفع الايمان والنجاة من النار كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ اى بأشياعهم من كفرة الأمم الماضية إِنَّهُمْ كانُوا(7/310)
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5)
فى الدنيا فِي شَكٍّ مما وجب به الايمان واليقين كالتوحيد والبعث ونزول العذاب على تقدير الإصرار مُرِيبٍ [بتهمت افكنده ودلرا مضطرب سازنده وشوراننده] قال اهل التفسير مريب موقع لهم فى الريبة والتهمة من ارابه إذا أوقعه فى الريبة او ذى ريبة من اراب الرجل إذا صار ذا ريبة ودخل فيها وكلاهما مجاز فى الاسناد الا ان بينهما فرقا وهو ان المريب من الاول منقول ممن يصلح ان يكون مريبا من الاشخاص والأعيان الى المعنى وهو الشك اى يكون صفة من أوقع فى الريب حقيقة وقد جعل فى الآية صفة نفس الشك الذي هو معنى من المعاني والمريب من الثاني منقول من صاحب الشك الى الشك اى انهم كانوا فى شك ذى شك كما تقول شعر شاعر وانما الشاعر فى الحقيقة صاحب الشعر وانما أسند الشاعرية الى الشعر للمبالغة وإذا كان حال الكفرة الشك فى الدنيا فلا ينفعهم اليقين فى الآخرة لانه حاصل بعد معاينة العذاب والخروج من موطن التكليف وقد ذموا فى هذه الآيات بالشك والكفر
والرجم بالغيب فليس للمرء ان يبادر الى انكار شىء الا بعد العلم اما بالدليل او بالشهود قال فى الفتوحات المكية لا يجوز لاحد المبادرة الى الإنكار إذا رأى رجلا ينظر الى امرأة فى الطريق مثلا فربما يكون قاصدا خطبتها او طبيبا فلا ينبغى المبادرة للانكار الا فيما لا يتطرق اليه احتمال وهذا يغلط فيه كثير من المذنبين لا من اصحاب الدين لان صاحب الدين أول ما يحتفظ على نفسه ولا سيما فى الإنكار خاصة وقد ندبنا الحق الى حسن الظن بالناس لا الى سوء الظن فصاحب الدين لا ينكر قط مع الظن لانه يعلم ان بعض الظن اثم ويقول لعل هذا من ذلك البعض وإثمه ان ينطق به وان وافق العلم فى نفس الأمر وذلك انه ظن وما علم فنطق فيه بامر محتمل وما كان له ذلك فمعلوم ان سوء الظن بنفس الإنسان اولى من سوء ظنه بالغير وذلك لانه من نفسه على بصيرة وليس هو من غيره على بصيرة فلا يقال فى حقه ان فلانا أساء الظن بنفسه بل انه عالم بنفسه وانما عبرنا بسوء الظن بنفسه اتباعا لتعبيرنا بسوء الظن بغيره فهو من تناسب الكلام والى الآن ما رأيت أحدا من العلماء استبرأ لدينه هذا الاستبراء فالحمد لله الذي وفقنا لاستعماله انتهى كلام الشيخ فى الفتوحات
هميشه در صدد عيب جوئى خويشيم ... نبوده ايم پى عيب ديكران هركز
والله الموفق لصالحات الأعمال وحسنات الأخلاق تمت سورة سبأ فى اصيل يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الاول من سنة ست عشرة ومائة والف
تفسير سورة الملائكة
مكية وآيها خمس وأربعون بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ اى كل المحامد مختصة بالله تعالى لا تتجاوز منه الى من سواه وهو وان كان فى الحقيقة حمد الله لذاته بذاته لكنه تعليم للعباد كيف يحمدونه واعلم ان الحمد يتعلق بالنعمة والمحنة إذ تحت كل محنة منحة فمن النعمة العطاس وذلك لانه سبب لانفتاح المسام اى ثقب الجسد واندفاع الابخرة المحتبسة عن الدماغ الذي فيه قوة التذكر والتفكر فهو بحران الرأس كما ان العرق(7/311)
بحران بدن المريض ولذا أوجب الشارع الحمد للعاطس قال ابن عباس رضى الله عنهما من سبق العاطس بالحمد لله وقى وجع الرأس والأضراس ومن المحنة التجشي وفى الحديث (من عطس او تجشا فقال الحمد لله على كل حال دفع الله بها عنه سبعين داء أهونها الجذام) والتجشى تنفس المعدة: وبالفارسية [بدروغ شدن] وذلك لان التجشى انما يتولد من امتلاء المعدة من الطعام فهو من المصائب فى الدين خصوصا إذا وقع حال الصلاة ويدل عليه انه عليه السلام كان يقول عند كل مصيبة (الحمد لله على كل حال) ثم رتب الحمد على نعمة الإيجاد اولا إذ لا غاية وراءها إذ كل كمال مبنى عليها فقال فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إضافته محضة لانه بمعنى الماضي فهو نعت للاسم الجليل ومن جعلها غير محضة جعله بدلا منه وهو قليل فى المشتق والمعنى مبدعهما وخالقهما ابتداء من غير مثال سبق من الفطر بالفتح بمعنى الشق او الشق طولا كما ذهب اليه الراغب كأنه شق العدم باخراجهما منه والفطر بالكسر ترك الصوم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما كنت أدرى ما فاطر السموات حتى اختصم الىّ أعرابيان فى بئر فقال أحدهما انا فطرتها اى ابتدأت حفرها قال المبرد فاطر خالق مبتدىء ففيه اشارة الى ان أول كل شىء تعلقت به القدرة سموات الأرواح وارض النفوس واما الملائكة فقد خلقت بعد خلق أرواح الإنسان ويدل عليه تأخير ذكرهم كما قال جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا إضافته محضة ايضا على انه نعت آخر للاسم الجليل ورسلا منصوب بجاعل واسم الفاعل بمعنى الماضي وان كان لا يعمل عند البصريين الا معرفا باللام الا انه بالاضافة أشبه المعرف باللام فعمل عمله فالجاعل بمعنى المصير والمراد بالملائكة جبرائيل واسرافيل وميكائيل وعزرائيل والحفظة ونحوهم ويقال لم ينزل اسرافيل على نبى الا على محمد صلى الله عليه وسلم نزل فاخبره بما هو كائن الى يوم القيامة ثم عرج وفى انسان العيون نزل عليه ستة أشهر قبل نبوته فكان عليه السلام يسمع صوته ولا يرى شخصه. والرسل جمع رسول بمعنى المرسل والمعنى مصير الملائكة وسائط بينه تعالى وبين أنبيائه والصالحين من عباده يبلغون إليهم رسالاته بالوحى والإلهام والرؤيا الصادقة قال بعض الكبار الإلقاء اما صحيح او فاسد فالصحيح الهىّ ربانى متعلق بالعلوم والمعارف او ملكى روحانى وهو الباعث على الطاعة وعلى كل ما فيه صلاح ويسمى إلهاما والفاسد نفسانى وهو ما فيه حظ النفس ويسمى هاجسا او شيطانى وهو ما يدعو الى معصية ويسمى وسواسا أُولِي أَجْنِحَةٍ صفة لرسلا وأولوا بمعنى اصحاب اسم جمع لذو كما ان أولاء اسم جمع لذا وانما كتبت الواو بعد الالف حالتى الجر والنصب لئلا يلتبس بالى حرف الجر وانما كتبوه فى الرفع حملا عليهما. والاجنحة جمع جناح بالفارسية [پر وبال] مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ صفات لا جنحة فهى فى موضع خفض ومعناها اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة واربعة اربعة اى ذوى اجنحة متعددة متفاوتة فى العدد حسب تفاوت مالهم من المراتب ينزلون بها من السماء الى الأرض ويعرجون او يسرعون بها فان ما بين السماء والأرض وكذا ما بين السموات مسيرة خمسمائة سنة وهم يقطعونها فى بعض الأحيان فى وقت واحد ففى تعدد الاجنحة اشارة الى كمالية استعداد بعض الملائكة على بعض والمعنى ان من الملائكة خلقا لكل منهم جناحان(7/312)
وخلقا لكل منهم ثلاثة وخلقا آخر لكل منهم اربعة قال الكاشفى [مثنى دو دو براى طيران وثلاث سه سه ورباع چهار چهار براى آرايش] انتهى- وروى- ان صنفا من الملائكة له ستة اجنحة بجناحين منها يلفون أجسادهم وبآخرين منها يطيرون فيما أمروا به من جهته تعالى وجناحان منها مرخيان على وجوههم حياء من الله تعالى ويفهم من كلام بعضهم ان الطيران بكل الاجنحة كما قال عرف تعالى الى
العباد بأفعاله وندبهم الى الاعتبار بها فمنها ما يعلمونه معاينة من السماء والأرض وغيرهما ومنها ما سبيل إثباته الخبر والنقل لا يعلم بالضرورة ولا بدليل العقل فالملائكة منه ولا يتحقق كيفية صورتهم وأجنحتهم وانهم كيف يطيرون بأجنحتهم الثلاثة والاربعة لكن على الجملة يعلم كمال قدرته وصدق حكمته انتهى- وروى- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه رأى جبريل ليلة المعراج وله ستمائة جناح منها اثنان يبلغان من المشرق الى المغرب ودل هذا وكذا كل ما فيه زيادة على الأربع انه تعالى لم يرد خصوصية الاعداد ونفى ما زاد عليها وذكر السهيلي ان المراد بالاجنحة فى حق الملائكة صفة ملكية وقوة روحانية وليست كاجنحة الطير ولا ينافى ذلك وصف كل جناح منها بانه يسد ما بين المشرق والمغرب هذا كلامه كما فى انسان العيون يقول الفقير لا يجوز العدول عن الظاهر مع إمكان الحمل على الحقيقة وقد تظاهرت الروايات الدالة على اثبات الاجنحة للملائكة وان لم تكن كاجنحة الطير من حيث ان الله تعالى باين بين صور المخلوقات والملائكة وان كانوا روحانيين لكن لهم أجسام لطيفة فلا يمنع ان يكون للاجسام اجنحة جسمانية كما لا يمنع ان يكون للارواح اجنحة روحانية نورانية كما ثبت لجعفر الطيار رضى الله عنه والحاصل ان المناسب لحال العلويين ان يكونوا طائرين كما ان المناسب لحال السفليين ان يكونوا سائرين ومن أمعن النظر فى خلق الأرض والجو عرف ذلك ويؤيد ما قلنا ان البراق وان كان فى صورة البغل فى الجملة لكنه لما كان علويا اثبت له الجناح نعم ان الاجنحة من قبيل الاشارة الى القوة الملكية والاشارة لا تنافى العبارة هذا وفى كشف الاسرار وردت فى عجائب صور الملائكة اخبار يقال ان حملة العرش لهم قرون وهم فى صورة الأوعال: يعنى [بزان كوهى] وفى الخبر (ان فى السماء ملائكة نصفهم ثلج ونصفهم نار تسبيحهم يا من يؤلف بين الثلج والنار الف بين قلوب المؤمنين) وقيل لم يجمع الله فى الأرض لشىء من خلقه بين الاجنحة والقرون والخراطيم والقوائم الا لاضعف خلقه وهو البعوض وفيه ايضا [هر چند كه فرشتكان مقربان دركاه عزت اند وطاوسان حضرت با اين مرتبت خاكيان مؤمنان بر ايشان شرف دارند] كما قال عليه السلام (المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده) فالملائكة وان طاروا من الأرض الى السماء فى اسرع وقت فاهل الشهود طاروا الى ما فوق السماء فى لمحة بصر فلهم اجنحة من العقول السليمة والألباب الصافية والتوجهات المسرعة والجذبات المعجلة اجتهدوا وسلكوا ثم صاروا ثم طاروا طيرانا عجز عنده الملائكة وحاروا واليه الاشارة بقوله عليه السلام (لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل)
بر بساط بوريا سير دو عالم ميكنيم ... با وجود نى سوارى برق جولانيم ما(7/313)
چون باوج حق پريم عاجز شود از ما ملك ... كرد باد لامكانى طرفه سيرانيم ما
يَزِيدُ الله تعالى: يعنى [زياده ميكند ومى افزايد] فان زاد مشترك بين اللازم والمتعدى وليس فى اللغة ازاد فِي الْخَلْقِ فى أي خلق كان من الملائكة وغيرهم فاللام للجنس والخلق بمعنى المخلوق ما يَشاءُ كل ما يشاء ان يزيده بموجب مشيئته ومقتضى حكمته من الأمور التي لا يحيط بها الوصف فليس تفاوت احوال الملائكة فى عدد الاجنحة وكذا تفاوت احوال غيرهم فى بعض الأمور تستدعيه ذواتهم بل ذلك من احكام المشيئة ومقتضيات الحكم وذلك لان اختلاف الأصناف بالخواص والفصول بالأنواع ان كان لذواتهم المشتركة لزم تنافى لوازم الأمور المتفقة وهو محال والآية متناولة لزيادات الصور والمعاني فمن الاولى حسن الصورة خصوصا الوجه قيل ما بعث الله نبيا الأحسن الشكل وكان نبينا عليه السلام أملح: يعنى [بر يوسف عليه السلام مليحتر وشيرين تر بود] فمن قال كان اسود يقتل كما فى هدية المهديين الا ان لا يريد التقبيح بل الوصف بالسمرة والأسود العرب كما ان الأحمر العجم كما قال عليه السلام (بعثت الى الأسود والأحمر) آن سيه چرده كه شيرينىء عالم با اوست ومنها ملاحة العينين واعتدال الصورة وسهولة اللسان وطلاقته وقوة البطش والشعر الحسن والصوت الحسن وكان نبينا عليه السلام طيب النغمة وفى الحديث (لله أشد اذنا للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب قينة الى
قينته) اى من استماع مالك جارية مغنية أريد هنا المغنية وفى الحديث (زينوا القرآن بأصواتكم) اى أظهروا زينته بحسن أصواتكم والا فجل كلام الخالق ان يزينه صوت مخلوق ورخص تحسين الصوت والتطريب ما لم يتغير المعنى بزيادة او نقصان فى الحروف
چنانكه ميرود از جاى دل بوقت سماع ... هم از سماع بمأواى خود كند پرواز
خدايرا حدىء عاشقانه سر كن ... كه بى حدى نشود قطع راه دور ودراز
ومنها حسن الخط وفى الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (الخط الحسن يزيد الحق وضحا) وهو بالفتح الضوء والبياض وفى الحديث (عليكم بحسن الخط فانه من مفاتيح الرزق) يقول الفقير حسن الخط مما يرغب فيه الناس فى جميع البلاد فاستكمال صنعة الكتابة من الكمالات البشرية وان كانت من الزيادات لا من المقاصد وقد يتعيش بعض الفقراء بمنافع قلمه ولا يحتاج الى الغير فتكون المنة لله على كل حال
برو بحسن خطت دل فراخ كن يارا ... ز تنكدستى مبر شكوه اهل دنيا را
ومن الثانية كمال العقل وجزالة الرأى وجراءة القلب وسماحة النفس وغير ذلك من الزيادات المحمودة [در حقايق سلمى آورده كه تواضع در اشراف وسخا در اغنيا وتعفف در فقرا وصدق در مؤمنان وشوق در محبان امام قشيرى فرموده كه علو همت است همت عالى كسى را دهد كه خود خواهد] فالمراد بعلو الهمة التعلق بالمولى لا بالدنيا والعقبى
همايى چون تو عالى قدر حرص استخوان حيفست ... دريغا سايه همت كه بر نااهل افكندى(7/314)
مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)
ويقال يزيد فى الجمال والكمال والدمامة يقول الفقير هذا المعنى لا يناسب مقام الامتنان كما لا يخفى على اهل الإذعان إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ بليغ القدرة على كل شىء ممكن وهو تعليل بطريق التحقيق للحكم المذكور فان شمول قدرته تعالى لجميع الأشياء مما يوجب قدرته على ان يزيد كل ما يشاؤه إيجابا بينا فقد ابان سبحانه ان قدرته شاملة لكل شىء ومن الأشياء الانقاذ من الشهوات والإخراج من الغفلات والإدخال فى دائرة العلم والشهود الذي هو من باب الزيادات فمن استعجز القدرة الالهية فقد كفر ألا ترى الى حال ابراهيم بن أدهم حيث تجلى الله له بجمال اللطف الصوري اولا وأعطاه الجاه والسلطنة ثم منّ له باللطف المعنوي ثانيا حيث أنقذه من حبس العلاقات وخلصه من أيدي الكدورات وشرفه بالوصول الى عالم الإطلاق والدخول فى حرم الوفاق- حكى- انه كان سبب خروج ابراهيم بن أدهم عن اهله وماله وجاهه ورياسته وكان من أبناء الملوك انه خرج يوما يصطاد فاثار ثعلبا ثم أرنبا فبينما هو فى طلبه إذ هتف به هاتف ألهذا خلقت أم بهذا أمرت ثم هتف به من قربوس سرجه والله ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فاخذ جبة الراعي من صوف فلبسها وأعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان- وحكى- ان الشيخ أبا الفوارس شاهين بن شجاع الكرماني رضى الله عنه خرج للصيد وهو ملك كرمان فامعن فى الطلب حتى وقع فى برية مقفرة وحده فاذا هو بشاب راكب على سبع وحوله سباع فلما رأته ابتدرت نحوه فزجرها الشاب عنه فلما دنا اليه سلم عليه وقال له يا شاه ما هذه الغفلة عن الله اشتغلت بدنياك عن آخرتك وبلذتك وهواك عن خدمة مولاك انما اعطاك الله الدنيا لتستعين بها على خدمته فجعلتها ذريعة الى الاشتغال عنه فبينما الشاب يحدثه إذ خرجت عجوز بيدها شربة ماء فناولتها الشاب فشرب ودفع باقيها الى الشاه فشربه فقال ما شربت شيأ الذّمنه ولا أبرد ولا أعذب ثم غابت العجوز فقال الشاب هذه الدنيا وكلها الله الى خدمتى فما احتجت الى شىء الا أحضرته الىّ حين يخطر ببالي أما بلغك ان الله تعالى لما خلق الدنيا قال لها يا دنيا من خدمنى فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه فلما رأى ذلك تاب وكان منه ما كان فهذان الملكان بالكسر صارا ملكين بالفتح بقدرة الله تعالى فجاء فى حقهما يزيد فى الخلق ما يشاء والله الموفق ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ ما شرطية فى محل النصب بيفتح. والفتح فى الأصل ازالة الاغلاق وفى العرف الظفر ولما كان سببا للارسال والإطلاق استعير له بقرينة لا مرسل له مكان الفاتح وفى الإرشاد عبر عن إرسالها بالفتح إيذانا بانها انفس الخزائن وأعزها منالا وتنكيرها للاشاعة والإبهام اى أي شىء يفتح الله من خزائن رحمته أية رحمة كانت من نعمة وصحة وعلم وحكمة الى غير ذلك: وبالفارسية [آنكه بگشايد خداى براى مردمان وفرستد بديشان از بخشايش خويش چون نعمت وعافيت وصحت] فَلا مُمْسِكَ لَها اى لا أحد من المخلوقات يقدر على إمساكها وحبسها فانه لا مانع لما أعطاه قيل الفتح ضربان فتح الهى وهو النصرة بالوصول الى العلوم والهدايات التي هى ذريعة الى الثواب والمقامات(7/315)
المحمودة فذلك قوله (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) وقوله (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) والثاني فتح دنيوى وهو النصرة فى الوصول الى اللذات البدنية وذلك قوله (ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) وقوله (لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) وَما يُمْسِكْ اى أي شىء يمسكه ويحبسه ويمنعه فَلا مُرْسِلَ لَهُ اى لا أحد من الموجودات يقدر على إرساله وإعطائه فانه لا معطى لما منعه. واختلاف الضمير بالتذكير والتأنيث لما ان مرجع الاول مفسر بالرحمة ومرجع الثاني مطلق فى كل ما يمسكه من رحمته وغضبه. ففى التفسير الاول وتقييده بالرحمة إيذان بان رحمته سبقت غضبه اى فى التعلق والا فهما صفتان لله تعالى لا تسبق إحداهما الاخرى فى ذاتهما مِنْ بَعْدِهِ على تقدير المضاف اى من بعد إمساكه ومنعه كقوله (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ) اى من بعد هداية الله وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب على كل
ما يشاء من الأمور التي من جملتها الفتح والإمساك فلا أحد ينازعه الْحَكِيمُ الذي يفعل ما يشاء حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة وعن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه كان النبي عليه السلام يقول فى دبر الصلاة (لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد) وهو بالفتح الحظ والإقبال فى الدنيا اى لا ينفع الفتى المحظوظ حظه منك اى بدل طاعتك وانما ينفع العمل والطاعة وعن معاذ رضى الله عنه مرفوعا (لا تزال يد الله مبسوطة على هذه الامة ما لم يرفق خيارهم بشرارهم ويعظم برّهم فاجرهم ويعن قراؤهم امراءهم على معصية الله فاذا فعلوا نزع الله يده عنهم) صاحب كشف الاسرار [كويد ارباب فهم بدانند كه اين آيت در باب فتوح مؤمنان وارباب عرفانست وفتوح آنرا كويند كه ناجسته وناخواسته آيد وآن دو قسمت يكى مواهب صوريه چون رزق نامكتسب وديكر مطالب معنويه وآن علم لدنيست ناآموخته]
دست لطفش منبع علم وحكم ... بى قلم بر صفحه دل زد رقم
علم اهل دل نه از مكتب بود ... بلكه از تلقين خاص رب بود
فعلى العاقل ان يجتهد حتى يأتى رزقه الصوري والمعنوي بلا جهد ومشقة وتعب- روى- عن الشيخ ابى يعقوب البصري رضى الله عنه انه قال جعت مرة فى الحرم عشرة ايام فوجدت ضعفا فحدثتنى نفسى ان اخرج الى الوادي لعلى أجد شيأ يسكن به ضعفى فخرجت فوجدت سلجمة مطروحة فاخذتها فاذا برجل جاء فجلس بين يدىّ ووضع قمطرة وقال هذه لك فقلت كيف خصصتنى بها فقال اعلم انا كنا فى البحر منذ عشرة ايام فاشرفت السفينة على الغرق فنذر كل واحد منا نذرا ان خلصنا الله ان يتصدق بشىء ونذرت انا ان خلصنى الله ان أتصدق بهذه على أول من يقع عليه بصرى من المجاورين وأنت أول من لقيته قلت افتحها ففتحها فاذا فيها كعك ممصر ولوز مقشر وسكر كعاب فقبضت قبضة من ذا وقبضة من ذا وقلت ردّ الباقي الى صبيانك هدية متى إليهم وقد قبلتها ثم قلت فى نفسى رزقك يسير إليك منذ عشرة ايام وأنت تطلبه من الوادي(7/316)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4)
صائب فريب نعمت ألوان نمى خوريم ... روزىء خود ز خوان كرم ميخوريم ما
وقال
كشاد عقده روزى بدست تقدير است ... مكن ز رزق شكايت ازين وآن زنهار
اللهم افتح لنا خير الباب وارزقنا مما رزقت اولى الألباب انك مفتح الأبواب يا أَيُّهَا النَّاسُ عامة فاللام للجنس او يا اهل مكة خاصة فاللام للعهد اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ نعمة رسمت بالتاء فى أحد عشر موضعا من القرآن ووقف عليها بالهاء ابن كثير وابو عمرو والكسائي ويعقوب اى انعامه عليكم ان جعلت النعمة مصدرا وكائنة عليكم ان جعلت اسما اى راعوها واحفظوها بمعرفة حقها والاعتراف بها وتخصيص العبادة والطاعة بمعطيها سواء كانت نعمة خارجة كالمال والجاه او نعمة بدنية كالصحة والقوة او نعمة نفسية كالعقل والفطنة ولما كان ذكر النعمة مؤديا الى ذكر المنعم قال بطريق الاستفهام الإنكاري هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ اى هل خالق مغاير له تعالى موجود اى لا خالق سواه على ان خالق مبتدأ محذوف الخبر زيدت عليه من تأكيدا للعموم وغير الله نعت له باعتبار محله كما انه نعت له فى قراءة الجر باعتبار لفظه قال فى الاسئلة المفحمة اى حجة فيها على المعتزلة الجواب انه تعالى اخبر بان لا خالق غيره وهم يقولون نحن نخلق أفعالنا وقوله من صلة وذلك يقتضى غاية النفي والانتفاء يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ اى المطر من السماء والنبات من الأرض وهو كلام مبتدأ لا محل له من الاعراب ولا مساغ لكونه صفة اخرى لخالق لان معناه نفى وجود خالق موصوف بوصفى المغايرة والرازقية معا من غير تعرض لنفى وجود ما اتصف به المغايرة فقط ولا لكونه خبرا للمبتدأ لان معناه نفى رازقية خالق مغاير له تعالى من غير تعرض لنفى وجوده رأسا مع انه المراد حتما وفائدة هذا التعريف انه إذا عرف انه لا رازق غيره لم يعلق قلبه بأحد فى طلب شىء ولا يتذلل للانفاق لمخلوق وكما لا يرى رزقه من مخلوق لا يراه من نفسه ايضا فيتخلص من ظلمات تدبيره واحتياله وتوهم شىء من أمثاله واشكاله ويستريح بشهود تقديره قال شيخى وسندى روّح الله روحه فى بعض تعليقاته يا مهموما بنفسه كنت من كنت لو ألقيتها إلينا وأسقطت تدبيرها وتركت تدبيرك لها واكتفيت بتدبيرنا لها من غير منازعة فى تدبيرنا لها لاسترحت جعلنا الله وإياكم هكذا بفضله آمين لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وإذا تبين تفرده تعالى بالالوهية والخالقية والرازقية فَأَنَّى فمن أي وجه تُؤْفَكُونَ تصرفون عن التوحيد الى الشرك وعن عبادته الى عبادة الأوثان فالفاء لترتيب انكار عدولهم عن الحق الى الباطل على ما قبلها وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ اى وان استمر المشركون على ان يكذبوك يا محمد فيما بلغت إليهم فلا تحزن واصبر فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ أولوا شأن خطير وذووا عدد كثير مِنْ قَبْلِكَ فصبروا وظفروا وَإِلَى اللَّهِ لا الى غيره تُرْجَعُ الْأُمُورُ من الرجع وهو الرد اى ترد اليه عواقبها فيجازى كل صابر على صبره وكل مكذب على تكذيبه وفى التأويلات النجمية يشير الى تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم واولياء أمته وتسهيل الصبر على الاذية إذا علم ان الأنبياء عليهم السلام استقبلهم مثل ما استقبله وانهم لما صبروا لله كفاهم علم انه يكفيه بسلوك(7/317)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5)
سبيلهم والاقتداء بهم وليعلم ارباب القلوب ان حالهم مع الأجانب من هذه الطريقة كاحوال الأنبياء مع السفهاء من أممهم وانهم لا يقبلون منهم الا القليل من اهل الارادة وقد كان اهل الحقائق ابدا منهم فى مقاساة الاذية ولا يتخلصون الا بستر حالهم عنهم والعوام اقرب الى هذه الطريقة من القراء المتقشفين والعلماء الذين هم لهذه الأصول منكرون واقرار المقرين وانكار المنكرين ليس يرجع إليهم بل يرجع الى تقدير عليم حكيم يعلم المبدأ والمعاد ويدبر على وفق إرادته الأحوال فعلى العاقل ان يختار طريق العشق والإقرار وان كان فيه الأذى والملامة ويجتنب عن طريق النفي والإنكار وان كان فيه الراحة والسلامة فان ذرة من العشق خير للعاشقين من كثير من اعمال العابدين: قال الحافظ
هر چند غرق بحر كناهم ز صد جهت ... كر آشناى عشق شوم غرق رحمتم
وطريق العشق هو التوحيد واثبات الهوية بالتفريد كما قال (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وهو كناية عن موجود غائب والغائب عن الحواس الموجود فى الأزل هو الله تعالى وهو ذكر كل من المبتدى والمنتهى اما المبتدى ففى حقه غيبة لانه من اهل الحجاب واما المنتهى ففى حقه حضور لانه من اهل الكشف فلا يشاهد الا الهوية المطلقة وهو مركب فى الحس من حرفين وهما (هـ و) وفى العقل من حرفين ايضا وهما (اى) فكانت حروفه فى الحس والعقل اربعة لتدل على الإحاطة التربيعية التي هى احاطة هو الاول والآخر والظاهر والباطن ولما كانت الاولية والآخرية اعتبارين عقليين دل عليهما بالألف والياء ولما كانت الظاهرية والباطنية اعتبارين حسيين دل عليهما بالهاء والواو فالف هو غيب فى هائه وياؤه غيب فى واوه واعلم ان الذكر خير من الجهاد فان ثواب الغزو والشهادة فى سبيل الله حصول الجنة والذاكر جليس الحق تعالى كما قال (انا جليس من ذكرنى) وشهود الحق أفضل من حصول الجنة ولذلك كانت الرؤية بعد حصول الجنة وشرط الذكر الحضور بالقلب والروح وجميع القوى
حضور قلب ببايد كه حق شود مشهود ... وكر نه ذكر مجرد نمى دهد يك سود
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ بالبعث والجزاء حَقٌّ ثابت لا محالة لا خلف فيه وفى التأويلات النجمية يشير الى ان كل ما وعد به الله من الثواب والعقاب والدرجات فى الجنة والدركات فى النار والقربات فى أعلى عليين وفى مقعد صدق عند مليك مقتدر والبعد الى أسفل سافلين حق فاذا علم ذلك استعد للموت قبل نزول الموت ولم يهتم للرزق ولم يتهم الرب فى كفاية الشغل ونشط فى استكثار الطاعة ورضى بالمقسوم فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا بان يذهلكم التمتع بها عن طلب الآخرة والسعى لها وتقطعكم زينتها وشهواتها عن الرياضات والمجاهدات وترك الأوطان ومفارقة الاخوان فى طريق الطلب والمراد نهيهم عن الاغترار بها وان توجه النهى صورة إليها وفى بعض الآثار (يا ابن آدم لا يغرنك طول المهلة فانما يعجل بالأخذ من يخاف الفوت) وعن العلاء بن زياد رأيت الدنيا فى منامى قبيحة عمشاء ضعيفة عليها من كل زينة فقلت من أنت أعوذ بالله منك فقالت انا الدنيا فان سرك ان يعيذك الله منى فابغض الدراهم يعنى لا تمسكها عن النفقة فى موضع الحق وفى الحديث(7/318)
إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9) مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)
(الدنيا غنيمة الأكياس وغفلة الجهال) وذلك لان الأكياس يزرعون فى مزرعة الدنيا انواع الطاعات فيغتنمون بها يوم الحصاد بخلاف من جهل ان الدنيا مزرعة الآخرة
نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى پيش دانا به از عالميست
دل اندر دلارام دنيا مبند ... كه ننشست با كس كه دل برنكند
وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ وكرمه وعفوه وسعة رحمته الْغَرُورُ فعول صيغة مبالغة كالشكور والصبور وسمى به الشيطان لانه لا نهاية لغروره: بالفارسية [فريفتن] وفى المفردات الغرور كل ما يغر الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان وقد فسر بالشيطان إذ هو أخبث الغارين وبالدنيا لما قيل الدنيا تغر وتضر وتمر. والمعنى ولا يغرنكم بالله الشيطان المبالغ فى الغرور بان يمنيكم المغفرة مع الإصرار على المعاصي قائلا اعملوا ما شئتم ان الله غفور يغفر الذنوب جميعا وانه غنى عن عبادتكم وتعذيبكم فان ذلك وان أمكن لكن تناول الذنوب بهذا التوقع من قبيل تناول السم اعتمادا على دفع الطبيعة فالله تعالى وان كان أكرم الأكرمين مع اهل الكرم لكنه شديد العقاب مع اهل العذاب [بزركان فرموده اند كه يكى مصائد إبليس تسويفست در توبه يعنى توبه بنده را در تأخير افكند كه فرصت باقيست عشرت نقد از دست مده
امشب همه شب يار ومى وشاهد باش ... چون روز شود توبه كن وزاهد باش
[عاقل بايد كه بدين فريب از راه نرود واز نكته «الفرصة تمر مر السحاب» غافل نكردد] عذر با فردا فكندى عمر فردا را كه ديد إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ عداوة قديمة بما فعل بأبيكم ما فعل لا تكاد تزول وتقديم لكم للاهتمام به فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا بمخالفتكم له فى عقائدكم وأفعالكم وكونكم على حذر منه فى جميع أحوالكم [از بزركى پرسيدند كه چكونه شيطانرا دشمان كيريم كفت از پى آرزو مرويد ومتابع هواى نفس مشويد وهر چهـ كنيد بايد كه موافق شرع ومخالف طبع بود] فلا تكفى العداوة باللسان فقط بل يجب ان تكون بالقلب والجوارح جميعا ولا يقوى المرء على عداوته الا بملازمة الذكر ودوام الاستعانة بالرب فان من هجم عليه كلاب الراعي يشكل عليه دفعها الا ان ينادى الراعي فانه يطردها بكلمة منه إِنَّما يَدْعُوا الشيطان حِزْبَهُ جماعته واتباعه قال فى التأويلات حزبه المعرضون عن الله المشتغلون بغير الله لِيَكُونُوا اى حزبه مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ: يعنى [جز اين نيست كه مى خواند شيطان باتباع هوى وميل بدنيا كروه خود را يعنى پيروان وفرمان برداران را تا باشند در آخرت با آواز ياران آتش يعنى ملازمان دوزخ] قال فى الإرشاد تقرير لعداوته وتحذير من طاعته بالتنبيه على ان غرضه فى دعوة شيعته الى اتباع الهوى والركون الى ملاذ الدنيا ليس تحصيل مطالبهم ومنافعهم الدنيوية كما هو مقصد المتحابين فى الدنيا عند سعى بعضهم فى حاجة بعض بل هو توريطهم والقاؤهم فى العذاب المخلد من حيث لا يحتسبون الَّذِينَ كَفَرُوا اى ثبتوا على الكفر بما وجب به الايمان وأصروا عليه لَهُمْ بسبب كفرهم واجابتهم لدعوة الشيطان(7/319)
أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)
عَذابٌ شَدِيدٌ معجل ومؤجل. فمعجله تفرقة قلوبهم وانسداد بصائرهم وخساسة همتهم حتى انهم يرضون بان يكون معبودهم الأصنام والهوى والدنيا والشيطان. ومؤجله عذاب الآخرة وهو مما لا تخفى شدته وصعوبته وَالَّذِينَ آمَنُوا ثبتوا على الايمان واليقين وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى الطاعات الخالصة لله تحصيلا لزيادة نور الايمان لَهُمْ بسبب ايمانهم وعملهم الصالح الذي من جملته عداوة الشيطان مَغْفِرَةٌ عظيمة وهى فى المعجل ستر ذنوبهم ولولا ذلك لافتضحوا وفى المؤجل محوها من ديوانهم ولولا ذلك لهلكوا وَأَجْرٌ كَبِيرٌ لا غاية له وهو اليوم سهولة العبادة ودوام المعرفة وما يناله فى قلبه من زوائد اليقين وخصائص الأحوال وانواع المواهب وفى الآخرة تحقيق المسئول ونيل ما فوق المأمول قيل مثل الصالحين وما زينهم الله به دون غيرهم مثل جند قال لهم الملك تزينوا للعرض علىّ غدا فمن كانت زينته احسن كانت منزلته عندى ارفع ثم يرسل الملك فى السر بزينة عنده ليس عند الجند مثلها الى خواص مملكته واهل محبته فاذا تزينوا بزينة الملك فخروا على سائر الجند عند العرض على الملك فالله تعالى وفقهم للاعمال الصالحة وزينهم بالطاعات الخالصة وحلاهم بالتوجهات الصافية بتوفيقه الخاص قصدا الى الاصطفاء والاختصاص فميزهم بها فى الدنيا عن سائرهم وبأجورها العظيمة فى الآخرة لمفاخرهم فليحمد الله كثيرا من استخدمه الله واستعمله فى طريق طاعته وعبادته فان طريق الخدمة قلّ من يسلكه خصوصا فى هذا الزمان وسبيل العشق ندر من يشرع فيها من الاخوان: قال الحافظ
نشان اهل خدا عاشقيست با خود دار ... كه در مشايخ شهر اين نشان نمى بينم
ولله عباد لهم قلوب الهموم عمارتها والأحزان أوطانها والعشق والمحبة قصورها وبروجها
أحبك حبين حب الهوى ... وحبا لانك اهل لذاكا
فاما الذي هو حب الهوى ... فذكر شغلت به عن سواكا
واما الذي أنت اهل له ... فكشفك للحجب حتى اراكا
ولا حمد فى ذا ولا ذاك لى ... ولكن لك الحمد فى ذا وذاكا
نسأل الله سبحانه ان يعمر قلوبنا بانواع العمارات ويزين بيوت بواطننا بأصناف الإرادات ويحشرنا مع خواص عباده الذين لهم اجر كبير وثواب جزيل ويشرفنا بمطالعة أنوار وجهه الجميل انه المرجو فى الاول والآخر والباطن والظاهر أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ [التزيين:
آراستن] سُوءُ عَمَلِهِ اى قبيح عمله بالفارسية [زشت وبد] فَرَآهُ حَسَناً فظنه جميلا لان رأى إذا عدّى الى مفعولين اقتضى معنى الظن والعلم والمعنى ابعد تباين عاقبتى الفريقين يكون من زين له الكفر من جهة الشيطان فانهمك فيه كمن استقبحه واجتنبه واختار الايمان والعمل الصالح اى لا يكون فحذف ما حذف لدلالة ما سبق عليه فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ الى آخره تقرير له وتحقيق للحق ببيان ان الكل بمشيئة الله تعالى اى فانه تعالى يضل مَنْ يَشاءُ ان يضله لاستحسانه الضلال وصرف اختياره اليه فيرده الى أسفل سافلين وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ ان يهديه لصرف اختياره الى الهدى فيرفعه الى أعلى عليين(7/320)
فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ الفاء للسببية فان ما سبق سبب للنهى عن التحسر. والذهاب المضىّ وذهاب النفس كناية عن الموت. والحسرة شدة الحزن على ما فات والندم عليه كأنه انحسر عنه الجهل الذي حمله على ما ارتكبه: وقوله حسرات مفعول له والجمع للدلالة على تضاعف اغتمامه عليه السلام على أحوالهم او على كثرة قبائح أعمالهم الموجبة للتأسف والتحسر وعليهم صلة تدهب كما يقال هلك عليه حبا ومات عليه حزنا ولا يجوز ان يتعلق بحسرات لان المصدر لا تتقدم عليه صلته والمعنى إذا عرفت ان الكل بمشيئة الله فلا تهلك نفسك للحسرات على غبهم وإصرارهم والغموم على تكذيبهم وانكارهم: وبالفارسية [پس بايد كه نرود جان تو يعنى هلاك نشود براى حسرتهاى متوالى كه مى خورى وتأسفهاى كوناكون كه دارى بر فعلهاى ناخوش ايشان كه هر يك متتضىء حسرت است] فقد بذلت لهم النصح وخرجت عن عهدة التبليغ فلا مشقة لك من بعد وانما المشقة عليهم فى الدنيا والآخرة لانهم سقطوا عن عينك ومن سقط عن عينك فقد سقط عن عين الله فلا يوجد أحد يرحمه إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بليغ العلم بِما يَصْنَعُونَ يفعلون من القبائح فيجازيهم عليها جزاء قبيحا فانهم وان استحسنوا القبائح لقصور نظرهم فالقبيح لا يكون حسنا ابدا واعلم ان الكافر يتوهم ان عمله حسن كما قال تعالى (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) ثم الراغب فى الدنيا يجمع حلالها وحرامها ولا يتفكر فى زوالها ولا فى ارتحاله عنها قبل كمالها فقد زين له سوء عمله
شد قواى جمله اجزاى جسمت درفنا ... با هزاران آرزو دست وكريبانى هنوز
ثم الذي يتوهم انه إذا وجد نجاته ودرجاته فى الجنة فقد استراح واكتفى فقد زين له سوء عمله حيث تغافل عن حلاوة مناجاة ربه فانها فوق نعيم الجنان
ماييم وهمين عاشقى ولذت ديدار ... زاهد تو برو در طلب خلد برين باش
فمن زين له الدنيا بشهواتها ليس كمن زين له العقبى بدرجاتها ومن زين له نعيم العقبى ليس كمن زين له جمال المولى اى لا يستوى هذا وذاك فاصرف الى الاشهى هواك والله تعالى هو مبدأ كل حسن فمن وصل اليه حسن بحسن ذاته وصفاته وأفعاله واعماله ومن وجده وجد كل شىء ومن لم يجده لم يجد شيأ وان وجد الدنيا كلها [نقلست كه ابراهيم بن أدهم قدس سره روزى بر لب دجله نشسته بود خرقه مى دوخت سوزنش بدريا افتد يكى ازو پرسيد كه ملك چنان از دست دادى چهـ يافتى اشارت بدريا كرد كه سوزنم بدهيد قرب هزار ماهى از دريا بر آمدند هر يكى سوزن زرين بر لب كرفته كفت سوزن من خواهم ماهيكه ضعيف بر آمد وسوزن او آورد بستد وكفت كمترين چيزى كه يافتم اين است باقى تو ندانى] فهذا من ثمرات الهداية الخاصة ونتائج النيات الخالصة والأعمال الصالحة وحسن الحال مع الله تعالى ولا يحصل الا لمن أخذ الأمر من طريقه فاصلح الطبيعة فى مرتبة الشريعة والنفس فى مرتبة الطريقة وحسن ما حسنه الشرع والعقل السليم وقبح ما قبحه كل منهما فاما اصحاب الأهواء والبدع فقد زين لهم سوء أعمالهم(7/321)
وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9)
ونياتهم من جهة الشيطان فضلوا طريق الهدى والسنة نسأل الله سبحانه ان يجعلنا على صراطه المستقيم الذي سلكه اهل الدين القويم ويهدينا الى الأعمال الحسنة ويحلينا بالأخلاق المستحسنة وَاللَّهُ وحده وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ الإرسال فى القرآن على معنيين. الاول بمعنى [فرستادن] كما فى قوله تعالى (إِنَّا أَرْسَلْناكَ) . والثاني بمعنى [فرو كشادن] كما فى قوله تعالى (أَرْسَلَ الرِّياحَ) وفى المفردات الإرسال يقال فى الإنسان وفى الأشياء المحبوبة والمكروهة وقد يكون ذلك للتسخير كارسال الريح والمطر وقد يكون ببعث من له اختيار نحو إرسال الرسل وقد يكون ذلك بالتخلية وترك المنع نحو (أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ) والإرسال يقابل الإمساك. والرياح جمع ريح بمعنى الهواء المتحرك أصله روح ولذا يجمع على أرواح واما أرياح قياسا على رياح فخطأ قال صاحب كشف الاسرار [الله است كه فرو كشايد بتقدير وتدبير خويش بهنگام دربايست وباندازه دربايست بادهاى مختلف از مخارج مختلف] أراد بها الجنوب والشمال والصبا فانها رياح الرحمة لا الدبور فانها رياح العذاب اما الجنوب فريح تخالف الشمال مهبها من مطلع سهيل الى مطلع الثريا واما الشمال بالفتح ويكسر فمهبها بين مطلع الشمس وبنات النعش او من مطلع الشمس الى مسقط النسر الطائر ولا تكاد تهب ليلا واما الصبا فمهبها من جانب المشرق إذا استوى الليل والنهار سميت بها لانها تصبو إليها النفوس اى تميل ويقال لها القبول ايضا بالفتح لانها تقابل الدبور او لانها تقابل باب الكعبة او لان النفس تقبلها فَتُثِيرُ سَحاباً تهيجه وتنشره بين السماء والأرض لانزال المطر فانه مزيد ثار الغبار إذا هاج وانتشر ساطعا قال فى تاج المصادر [الاثارة: برانگيختن كرد وشورانيدن زمين وميغ آوردن باد] والسحاب جسم يملأه الله ماء كما شاء وقيل بخار يرتفع من البحار والأرض فيصيب الجبال فيستمسك ويناله البرد فيصير ماء وينزل واصل السحب الجر كسحب الذيل والإنسان على الوجه ومنه السحاب لجره الماء وصيغة المضارع مع مضى أرسل وسقنا لحكاية الحال الماضية استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على كمال القدرة والحكمة ولان المراد بيان إحداثها لتلك الخاصية ولذلك أسند إليها فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ السوق بالفارسية [راندن] والبلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه وإقامتهم فيه ولاعتبار الأثر قيل بجلده بلد اى اثر والبلد الميت هو الذي لانبت فيه قد اغبر من القحط قال الراغب الموت يقال بإزاء القوة النامية الموجودة فى النبات ومقتضى الظاهر فساقه اى ساق الله ذلك السحاب وأجراه الى الأرض التي تحتاج الى الماء وقال فسقناه الى بلد التفاتا من الغيبة الى التكلم دلالة على زيادة اختصاصه به تعالى وان الكل منه والوسائط اسباب وقال الى بلد ميت بالتنكير فصدا به الى بعض البلاد الميتة وهى بلاد الذين تبعدوا عن مظان الماء فَأَحْيَيْنا الفاءات الثلاث للسببية فان ما قبل كل واحدة منها سبب لمدخولها غير ان الاولى دخلت على السبب بخلاف الأخيرتين فانهما دخلتا على المسبب بِهِ اى بالمطر النازل من السحاب المدلول عليه بالسحاب فان بينهما تلازما فى الذهن كما فى الخارج او بالسحاب فانه سبب السبب الْأَرْضَ اى صيرناها(7/322)
مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)
خضراء بالنبات بَعْدَ مَوْتِها اى يبسها كَذلِكَ النُّشُورُ الكاف فى حيز الرفع على الخبرية اى مثل ذلك الاحياء الذي تشاهدونه احياء الموتى وإخراجهم من القبور يوم الحشر فى صحة المقدورية وسهولة التأتى من غير تفاوت بينهما أصلا سوى الالف فى الاول دون الثاني فالآية احتجاج على الكفرة فى انكارهم البعث حيث دلهم على مثال يعاينونه وعن ابى رزين العقيلي قال قلت يا رسول الله كيف يحيى الله الموتى قال (اما مررت بواد ممحلا ثم مررت به خضرا) قلت بلى قال (فكذلك يحيى الله الموتى) او قال (كذلك النشور) وقال بعضهم فى آية كذلك النشور اى فى كيفية الاحياء فكما ان احياء الأرض بالماء فكذا احياء الموتى كما روى ان الله تعالى يرسل من تحت العرش ماء كمنى الرجال فينبت به الأجساد كنبات البقل ثم يأمر اسرافيل فيأخذ الصور فينفخ نفخة ثانية فتخرج الأرواح من ثقب الصور كامثال النحل وقد ملأت ما بين السماء والأرض فيقول الله ليرجعن كل روح الى جسده فتدخل الأرواح فى الأرض الى الأجساد ثم تدخل فى الخياشيم فتمشى فى الأجساد مشى السم فى اللديغ ثم تنشق الأرض فيخرجون حفاة عراة وفى الآية اشارة الى انه تعالى من سنته إذا أراد احياء ارض يرسل الرياح فتثير سحابا ثم يوجه ذلك السحاب الى الموضع الذي يريد تخصيصا له كيف يشاء ويمطرها هنالك كيف يشاء كذلك إذا أراد احياء قلب عبد يرسل اولا رياح الرجاء ويزعج بها كوامن الارادة ثم ينشىء فيه سحاب الاحتياج ولوعة الانزعاج ثم يأتى بمطر الجود فينبت به فى القلب ازهار البسط وأنوار الروح ويطيب لصاحبه العيش والحضور
يا رب از ابر هدايت برسان بارانى ... پيشتر زانكه چوكردىء زمان برخيزم
المقصود طلب الهداية الخاصة الى الفيض الإلهي الذي يحصل عند الفناء التام مَنْ كانَ [هر كه باشد] يُرِيدُ الْعِزَّةَ الشرف والمنعة بالفارسية [ارجمندى] قال الراغب العز حالة مانعة للانسان من ان يغلب من قولهم ارض عزاز اى صلبة والعزيز الذي يقهر ولا يقهر والعزة يمدح بها تارة كما قال تعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ويذم بها اخرى كعزة الكافرين وذلك ان العزة التي لله ولرسوله وللمؤمنين هى الدائمة الباقية وهى العزة الحقيقية والعزة التي للكافرين هى التعزز وهو فى الحقيقة ذل والمراد بما فى الآية المشركون المتعززون بعبادة الأصنام والمنافقون المتعززون بالمشركين فَلِلَّهِ وحده لا لغيره الْعِزَّةَ حال كونها جَمِيعاً اى عزة الدنيا وعزة الآخرة لا يملك غيره شيأ منها اى فليطلبها من عنده تعالى بطاعته وتقواه لا من عند غيره فاستغنى عن ذكره بذكر دليله إيذانا بان اختصاص العزة به تعالى موجب لتخصيص طلبها به تعالى ونظيره قولك من أراد العلم فهو عند العلماء اى فليطلبه من عندهم لان الشيء لا يطلب الا عند صاحبه ومالكه فقد أقمت الدليل مقام المدلول واثبت العزة فى آية اخرى لله ولرسوله وللمؤمنين وجه الجمع بينهما ان عز الربوبية والالهية لله تعالى وصفا وعز الرسول وعز المؤمنين له فعلا ومنة وفضلا فاذا العزة لله جميعا قال الكاشفى [وبعزة او رسول ومؤمنان متعززند عزت در موافقت اوست ومذلت در مخالفت او](7/323)
عزيزى كه هر كه از درش سر بتافت ... بهر در كه شد هيچ عزت نيافت
وفى الحديث (ان ربكم يقول كل يوم انا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز) ثم بين ما يطلب به العزة وهو الايمان والعمل الصالح فقال إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ
الضمير الى الله تعالى وهو الظاهر. والصعود الذهاب فى المكان العالي استعير لما يصل من العبد الى الله كما استعير النزول لما يصل من الله الى العبد. والكلم بكسر اللام جنس كنمر كما ذهب اليه الجمهور ولذا وصف بالمذكر لا جمع كلمة كما ذهب اليه البعض واصل الطيب الذي به يطلب العزة لا الى الملائكة الموكلين باعمال العباد فقط وهو يعز صاحبه ويعطى مطلوبه بالذات وقال بعضهم الكلم يتناول الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن والذكر من قوله (سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر) ونحو ذلك مما كان كلاما طيبا وقيل اليه يصعد اى الى سمائه ومحل قبوله وحيث يكتب الأعمال المقبولة لا الى الله كما قال (إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) وقال الخليل (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) اى ذاهب الى الشام الذي
أمرني بالذهاب اليه فالظاهر ان الكتبة يصعدون بصحيفته الى حيث امر الله ان توضع او يصعد هو بنفسه قال بعض الكبار بعض الأعمال ينتهى الى سدرة المنتهى وبعضها يتعدى الى الجنة وبعضها الى العرش وبعضها يتجاوز العرش الى عالم المثال وقد يتعدى من عالم المثال الى اللوح ثم الى المقام القلمى ثم الى العماء وذلك بحسب تفاوت مراتب العمال فى الصدق والإخلاص وصحة التصور والشهود والعيان. فعلى هذا فبعض الأعمال يتجاوز السماء وعالم الأجسام كلها فيكون محل قبوله ما فوقها مما ذكر فسدر الانتهاآت إذا كثيرة بعضها فوق بعض الى مرتبة العماء نسأل الله قبول الأعمال وصحت توجه البال وقوة الحال وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ الرفع يقال تارة فى الأجسام الموضوعة إذا اعليتها عن مقرها وتارة فى البناء إذا طولته وتارة فى الذكر إذا نوهته وتارة فى المنزلة إذا شرفتها كما فى المفردات وفى مرجع المستكن فى يرفعه وجوه. الاول انه للكلم فان العمل لا يقبل الا بالتوحيد ويؤيده القراءة بنصب العمل يعنى ان التوحيد يصعد بنفسه ويرفع العمل الصالح بان يكون سببا لقبوله ألا ترى ان اعمال الكفار مردودة محبطة لوجود الشرك. والثاني انه للعمل فانه يحقق الايمان ويقويه ولا ينال الدرجات العالية الا به كما فى الإرشاد وقال الشيخ التوحيد انما قبل بسبب الطاعة إذ هو مع العصيان لا ينفع اى لا يمنع العقاب والاولى ما فى الإرشاد فان الأعمال كالمراقى وقول بلا عمل كثريد بلا دسم وسحاب بلا مطر وقوس بلا وتر وقال الكاشفى فى الآية [وعمل شايسته بر ميدارد آنرا وبمحل قبول ميرساند چهـ مجرد قول بى عمل صالح كه اخلاصست نافع نيست. يا كلم طيب دعاست وعمل صالح صدقه مساكين ودر غالب اجابت دعوات بتصدقاتست. يا كلم طيب دعاى ائمه است وعمل تأمين جماعتيان. يا كلم تكبير غزاست وعمل شمشير زدن. يا كلم استغفار است وعمل ندم ودرين همه صور بردارنده كلمه عمل است] . والثالث انه لله تعالى يعنى يتقبله قال ابن عطية وهذا أرجح الأقوال وتخصيص العمل بهذا الشرف على هذا الوجه لما فيه من الكلفة وقال فى حل الرموز قالوا كلمة «لا اله الا الله(7/324)
محمد رسول الله» تصعد الى الله بنفسها وغيرها من الاذكار والأعمال ترفعها الملائكة كما قال تعالى (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) اى يرفعه الحق ويقبله على أيدي الملائكة من الحفظة والسفرة وقد روى ان دعوة اليتيم وكذا دعوة المظلوم تصعد الى الله بنفسها اى من غير ملائكة وفيه معنى آخر وهو ان يرفعه بمعنى يجعله ذا قدر وقيمة مثل ثوب رفيع ومرتفع: يعنى [قدر ومرتبه او رفيع سازد مراد عمل موحد مخلص است كه هيچ چيزى بقيمت آن نيست وكاريرا كه بآن آميخته باشد از همه چيزى خوارتر وبى مقدارتر است]
كرت بيخ اخلاص در بوم نيست ... ازين در كسى چون تو محروم نيست
زر قلب آلوده بى قيمت است ... زريرا كه خالص بود حرمت است
وفى التأويلات النجمية بقوله (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ) يشير الى ان الإنسان خلق ذليلا مهينا محتاجا الى كل شىء ولا يحتاج شىء الى شىء كاحتياج الإنسان الى الأشياء كلها ولا يحتاج الى كل شىء الا الإنسان والذلة قرين الحاجة فمن ازدادت حاجته ازدادت مذلته (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) لعدم احتياجه وكل شىء ذليل له لاحتياجه اليه فكلما كان احتياج الإنسان كاملا كان ذله كاملا فقال تعالى من كان الى آخره اى لا يطلب العزة من غير الله لانه ذليل ايضا لله فبقدر قطع النظر عن الأشياء وطلب العزة منها تنقص ذلة العبد وتزيد عزته الى ان لا يبقى له الاحتياج الى غير الله ولا يزول الاحتياج والافتقار الى غير الله من القلوب الا بنفي لا اله واثبات الا الله فبالنفى تنقطع تعلقاته عن الكونين وبالاثبات يتوجه بالكلية الى الحق تعالى فاذا لم يبق له تعلق ترجع حقيقة الكلمة الى الحضرة كما ان النار تستزل من الفلك الأثير باصطكاك الحجر والحديد ثم يوقد بها شجرة فالنار تأكل الشجرة وتفنيها من الحطبية وتبقيها بالنارية الى ان تفنى الشجرة بالكلية فلما لم يبق من وجود الحطب شىء ترجع النار الى الأثير وهذا سرّ قول الله (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) والعمل الصالح هو اركان الشريعة فاول ركن منها كمال استنزال نار نور الله من اثير الحضرة باصطكاك حديد «لا اله الا الله» وحجر القلب القاسي فلما وقعت النار فى شجرة الوجود الإنساني عمل العبد بركن من الأركان الخمسة التي بنى الإسلام عليها والأركان الاربعة الباقية هى العمل الصالح الذي يقلع اصل الشجرة من ارض الدنيا ويقطعها قطعا تستعد به لقبولها النار واشتعالها بالنار واحتراقها بها لتقع النار الى ان تحترق الشجرة بالكلية وترفع بالعبور عن الشجرة الى اثير الحضرة ولما كانت الشجرة مشتعله بتلك النار آنس موسى عليه السلام من جانب الطور نارا فلما أتاها نودى من شاطىء الوادي الايمن فى البقعة المباركة من الشجرة على لسان الشعلة (إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) تأمله تفهم ان شاء الله تعالى وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة وفى القاموس المكر الخديعة وهذا بيان لحال الكلم الخبيث والعمل السيّء وأهلهما بعد بيان حال الكلم الطيب والعمل الصالح وانتصاب السيئات على انها صفة للمصدر المحذوف فان يمكر لازم لا ينصب المفعول به اى يمكرون المكرات السيئات وهى مكرات قريش بالنبي عليه السلام فى دار الندوة وتدارؤهم الرأى فى احدى الثلاث التي هى(7/325)
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)
الإثبات والقتل والإخراج كما حكى الله عنهم فى سورة الأنفال بقوله (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) لَهُمْ بسبب مكراتهم عَذابٌ شَدِيدٌ فى الدنيا والآخرة لا يدرك غايته ولا يبالى عنده بما يمكرون به وَمَكْرُ أُولئِكَ المفسدين الذين أرادوا ان يمكروا به عليه السلام. وضع اسم الاشارة موضع ضميرهم للايذان بكمال تميزهم بما هم فيه من الشر والفساد عن سائر المفسدين واشتهارهم بذلك هُوَ خاصة دون مكر الله بهم وفى الإرشاد لا من مكروا به يَبُورُ يهلك ويفسد فان البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك والفساد ولقد ابارهم الله تعالى ابارة بعد ابارة مكراتهم حيث أخرجهم من مكة وقتلهم واثبتهم فى قليب بدر فجمع عليهم مكراتهم الثلاث التي اكتفوا فى حقه عليه السلام بواحدة منهن قل كل يعمل على شاكلته فللمكر السيّء قوم أشقياء غاية أمرهم الهلاك وللكلم الطيب والعمل الصالح قوم سعداء نهاية شأنهم النجاة قال مجاهد وشهر بن حوشب المراد بالآية اصحاب الرياء وفى التأويلات النجمية بقوله (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) يشير الى الذين يظهرون الحسنات بالمكر ويخفون السيئات من العقائد الفاسدة ليحسبهم الخلق من الصالحين الصادقين (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) وشدة عذابهم فى تضعيف عذابهم فانهم يعذبون بالسيئات التي يخفونها ويضاعف لهم العذاب بمكرهم فى اظهار الحسنات دون حقيقتها كما قال تعالى (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) اى مكرهم يبوّرهم ويهلكهم انتهى وانما تظهر الكرامات بصدق المعاملات قال ابو يزيد البسطامي قدس سره [كفت شبى خانه روشن كشت كفتم اگر شيطانست من از ان عزيزترم وبلند همت كه او را در من طمع افتد واگر از نزديك تست بگذار تا از سراى خدمت بسراى كرامت رسم] فالخدمة فى طريق الحق بالخلوص وسيلة الى ظهور الأنوار وانكشاف الاسرار وقد قيل ليس الايمان بالتمني يعنى لا بد للتصديق من مقارنة العمل ولا بد لتحقيق التصديق من صدق المعاملة فمن وقع فى التمني المجرد فقد اشتهى جريان السفينة فى البر
كر همه علم عالمت باشد ... بى عمل مدعى وكذابى
حفظنا الله وإياكم من ترك المحافظة على الشرائع والاحكام وشرفنا بمراعاة الحدود والآداب فى كل فعل وكلام انه ميسر كل مراد ومرام وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ دليل آخر على صحة البعث والنشور اى خلقكم ابتداء من التراب فى ضمن خلق آدم خلقا اجماليا لتكونوا متواضعين كالتراب. وفى الحديث (ان الله جعل الأرض ذلولا تمشون فى مناكبها وخلق بنى آدم من التراب ليذلهم بذلك فابوا الا نخوة واستكبارا ولن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من كبر) وقال بعضهم من تراب تقبرون وتدفنون فيه وفى التأويلات النجمية يشير الى انكم ابعد شىء من المخلوقات الى الحضرة لان التراب أسفل المخلوقات وكثيفها فان فوقه ماء وهو ألطف منه وفوق الماء هواء وهو ألطف منه وفوق الهواء اثير وهو ألطف من الهواء وفوق الأثير السماء وهى ألطف من الأثير ولكن لا تشبه(7/326)
لطافة السماء بلطافة ما تحتها من العناصر لان لطافة العناصر من لطافة الأجسام ولطافة السموات من لطافة الاجرام. فالفرق بينهما ان لطافة الأجسام تقبل الخرق والالتئام ولطافة السموات لا تقبل الخرق والالتئام وفوق كل سماء سماء هى ألطف منها الى الكرسي وهو ألطف من السموات وفوقه العرش وهو ألطف من الكرسي وفوقه عالم الأرواح وهو الطف من العرش ولكن لا تشبه لطافة الأرواح بلطافة العرش والسموات لانها لطافة الاجرام فالفرق بينهما ان لطافة الاجرام قابلة للجهات الست ولطافة الأرواح غير قابلة للجهات وفوق الأرواح هو الله القاهر فوق عباده وهو ألطف من الأرواح ولكن لطافته لا تشبه لطافة الأرواح لان لطافة الأرواح نورانية علوية محيطة بما دونها احاطة العلم بالمعلوم والله تعالى فوق كل شىء وهو منزه عن هذه الأوصاف ليس كمثله شىء وهو السميع البصير العليم ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ النطفة هى الماء الصافي الخارج من بين الصلب والترائب قل او كثر اى ثم خلقكم من نطفة خلقا تفصيليا لتكونوا قابلين لكل كمال كالماء الذي هو سر الحياة ومبدأ العناصر الاربعة وقال بعضهم خلقكم من تراب يعنى آدم وهو اصل الخلق ثم من نطفة ذرية منه
بالتناسل والتوالد وفى التأويلات يشير الى انه خلقكم من أسفل المخلوقات وهى النطفة لان التراب نزل دركة المركبية ثم دركة النباتية ثم دركة الحيوانية ثم دركة الانسانية ثم دركة النطفة فهى أسفل سافلى المخلوقات وهى آخر خلق خلقه الله تعالى من اصناف المخلوقات كما ان أعلى الشجرة آخر شىء يخلقه الله وهو البذر الذي يصلح ان توجد منه الشجرة فالبذر آخر صنف خلق من اصناف اجزاء الشجرة ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً أصنافا احمر وابيض واسود او ذكرانا وإناثا وعن قتادة جعل بعضكم زوجا لبعض وفى التأويلات يشير الى ازدواج الروح والقالب فالروح من أعلى مراتب القرب والقالب من أسفل دركات البعد فبكمال القدرة والحكمة جمع بين اقرب الأقربين وابعد الأبعدين ورتب للقالب فى ظاهره الحواس الخمس وفى باطنه القوى البشرية ورتب للروح المدركات الروحانية ليكون بالروح والقالب مدركا لعوالم الغيب والشهادة كلها وعالما بما فيها خلافة عن حضرة الربوبية عالم الغيب والشهادة
آدمي شاه وكائنات سپاه ... مظهر كل خليفه الله
وَما نافية تَحْمِلُ [بر نكيرد يعنى از فرزند] مِنْ أُنْثى [هيچ زنى] من مزيدة لاستغراق النفي وتأكيده والأنثى خلاف الذكر ويقالان فى الأصل اعتبارا بالفرجين كما فى المفردات وَلا تَضَعُ [وننهد آنچهـ در شكم اوست يعنى نزايد] إِلَّا حال كونها ملتبسة بِعِلْمِهِ تابعة لمشيئته قال فى بحر العلوم بعلمه فى موضع الحال والمعنى ما يحدث شىء من حمل حامل ولا وضع واضع الا وهو عالم به يعلم مكان الحمل ووضعه وأيامه وساعاته وأحواله من الخداج والتمام والذكورة والأنوثة وغير ذلك وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ ما نافية [والتعمير: عمر دادن] والمعمر من أطيل عمره ويقال للمعمر ابن الليالى. وقوله من معمر اى من أحد ومن زائدة لتأكيد النفي كما فى من أنثى وانما سمى معمرا باعتبار مصيره يعنى هو من باب(7/327)
تسمية الشيء بما يأول اليه والمعنى وما يمد فى عمر أحد وما يطول: وبالفارسية [وزندكانى داده نشود هيچ درازى عمرى] وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ العمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة وعن ابن عمر رضى الله عنهما انه قرأه من عمره بجزم الميم وهما لغتان مثل نكر ونكر والضمير راجع الى المعمر والنقصان من عمر المعمر محال فهو من التسامح فى العبارة ثقة بفهم السامع فيراد من ضمير المعمر ما من شأنه ان يعمر على الاستخدام والمعنى ولا ينقص من عمر أحد لكن لا على معنى لا ينقص من عمره بعد كونه زائدا بل على معنى لا يجعل من الابتداء ناقصا: وبالفارسية [وكم كرده نشود از عمر معمرى ديكر يعنى كه بعمر معمر أول نرسد] إِلَّا فِي كِتابٍ اى اللوح او علم الله او صحيفة كل انسان إِنَّ ذلِكَ المذكور من الخلق وما بعده مع كونه محارا للعقول والافهام عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لاستغنائه عن الأسباب فكذلك البعث وفى بحر العلوم ان ذلك اشارة الى ان الزيادة والنقص على الله يسير لا يمنعه منه مانع ولا يحتاج فيه الى أحد واعلم ان الزيادة والنقصان فى الآية بالنسبة الى عمرين كما عرفت والا فمذهب اكثر المتكلمين وعليه الجمهور ان العمر يعنى عمر شخص واحد لا يزيد ولا ينقص وقيل الزيادة والنقص فى عمر واحد باعتبار اسباب مختلفة أثبتت فى اللوح مثل ان يكتب فيه ان حج فلان فعمره ستون والا فاربعون فاذا حج فقد بلغ الستين وقد عمر وإذا لم يحج فلا يجاوز الأربعين فقد نقص من عمره الذي هو الغاية وهو الستون وكذا ان تصدق او وصل الرحم فعمره ثمانون والا فخمسون واليه أشار عليه السلام بقوله (الصدقة والصلة تعمر ان الديار وتزيدان فى الأعمار) وفى الحديث (ان المرء ليصل رحمه وما بقي من عمره الا ثلاثة ايام فينسئه الله الى ثلاثين سنة وانه ليقطع الرحم وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيرده الله الى ثلاثة ايام) وفى الحديث (بر الوالدين يزيد فى العمر والكذب ينقص الرزق والدعاء يرد القضاء) قال بعض الكبار لم يختلف أحد من علماء الإسلام فى ان حكم القضاء والقدر شامل لكل شىء ومنسحب على جميع الموجودات ولوازمها من الصفات والافعال والأحوال وغير ذلك
. فما الفرق بين ما نهى النبي عليه السلام عن الدعاء فيه كالارزاق المقسومة والآجال المضروبة وبين ما حرّض عليه كطلب الاجارة من عذاب النار وعذاب القبر ونحو ذلك فاعلم ان المقدورات على ضربين ضرب يختص بالكليات وضرب يختص بالجزئيات التفصيلية فالكليات المختصة بالإنسان قد اخبر عليه السلام انها محصورة فى اربعة أشياء وهى العمر والرزق والاجل والسعادة او الشقاوة وهى لا تقبل التغير فالدعاء فيها لا يفيد كصلة الرحم الا بطريق الفرض يعنى لو أمكن ان يبسط فى الرزق ويؤخر فى الاجل لكان ذلك بالصلة والصدقة فان لهما تأثيرا عظيما ومزيّة على غيرهما ويجوز فرض المحال إذا تعلق بذلك الحكمة قال تعالى (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) واما الجزئيات ولوازمها التفصيلية فقد يكون ظهور بعضها وحصوله للانسان متوقفا على اسباب وشروط ربما كان الدعاء والكسب والسعى والعمل من جملتها بمعنى انه لم يقدّر حصوله بدون الشرط او الشروط وقال ابن الكمال اما الذي يقتضيه النظر الدقيق فهو ان المعمر الذي قدر له العمر الطويل يجوز ان يبلغ حد ذلك العمر وان لا يبلغه(7/328)
وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)
فيزيد عمره على الاول وينقص على الثاني ومع ذلك لا يلزم التغيير فى التقدير وذلك لان المقدر لكل شخص انما هو الأنفاس المعدودة لا الأيام المحدودة والأعوام المعدودة ولاخفاء فى ان ايام ما قدر من الأنفاس تزيد وتنقص بالصحة والحضور والمرض والتعب فافهم هذا السر العجيب حتى ينكشف لك سر اختيار بعض الطوائف حبس النفس ويتضح وجه كون الصدقة والصلة سببا لزيادة العمر انتهى وقيل المراد من النقص ما يمر من عمره وينقص فانه يكتب فى الصحيفة عمره كذا وكذا سنة ثم يكتب تحت ذلك ذهب يوم ذهب يومان وهكذا حتى يأتى على آخره كما قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الله تعالى جعل لكل نسمة عمرا تنتهى اليه فاذا جرى عليه الليل والنهار نقص من عمره بالضرورة وقد قيل نقصان العمر صرفه الى غير مرضاة الله تعالى: قال الحافظ قدس سره
فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق زما اين قدر نمى آيد
وقال
اوقات خوش آن بود كه با دوست بسر رفت ... باقى همه بى حاصلى وبى خبرى بود
وقال المولى الجامى قدس سره
هر دم از عمر كرامى هست كنج بى بدل ... ميرود كنج چنين هر لحظه بر باد آه آه
وقال الشيخ سعدى قدس سره
هر دم از عمر ميرود نفسى ... چون نكه ميكنم نمانده بسى
عمر برفست وآفتاب تموز ... اندكى ماند وخواجه غره هنوز
أيقظنا الله وإياكم وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ اصل البحر كل مكان واسع جامع للماء الكثير ويقال للمتوسع فى العلم بحر وفى القاموس البحر الماء الكثير عذبا او ملحا وقال بعضهم البحر فى الأصل يقال للملح دون العذب فقوله وما يستوى البحران إلخ انما سمى العذب بحرا لكونه مع الملح كما يقال للشمس والقمر قمران قال فى اخوان الصفا فان قيل ما البحار يقال هى مستنقعات على وجه الأرض حاصرة للمياه المجتمعة فيها هذا البحر عَذْبٌ طيب بالفارسية [شيرين] فُراتٌ بليغ عذوبته بحيث يكسر العطش قال فى تاج المصادر [الفروتة: خوش شدن آب] والنعت فعال ويقال للواحد والجمع سائِغٌ شَرابُهُ سهل انحدار مائه فى الحلق لعذوبته فان العذب لكونه ملائما للطبع تجذبه القوة الجاذبة بسهولة. والسائغ بالفارسية [كوارنده] يقال ساغ الشراب سهل مدخله والشراب ما شرب والمراد هنا الماء وَهذا البحر الآخر مِلْحٌ [تلخست] قال فى المفردات الملح الماء الذي تغير طعمه التغير المعروف وتجمد ويقال له ملح إذا تغير طعمه وان لم يتجمد فيقال ماء ملح وقلما تقول العرب مالح ثم استعير من لفظ الملح الملاحة فقيل رجل مليح أُجاجٌ شديد ملوحته بحيث يحرق بملوحته وهو نقيض الفرات قال فى خريدة العجائب الحكمة فى كون ماء البحر ملحا أجاجا لا يذاق ولا يساغ لئلا ينتن من تقادم الدهور والأزمان وعلى ممرّ الاحقاب والأحيان فيهلك من نتنه العالم الأرضي ولو كان عذبا(7/329)
لكان كذلك ألا ترى الى العين التي بها ينظر الإنسان الأرض والسماء والعالم والألوان وهى شحمة مغمورة فى الدمع وهو ماء مالح والشحم لايصان الا بالملح فكان الدمع مالحا لذلك المعنى انتهى. واما الأنهار العظيمة العذبة فلجريانها دائما لم يتغير طعمها ورائحتها فان التغير انما يحصل من الوقوف فى مكان وَمِنْ كُلٍّ اى من كل واحد من البحرين المختلفين طعما تَأْكُلُونَ ايها الناس لَحْماً طَرِيًّا غضا جديدا من الطراء [والطراوة: بالفارسية ميخوريد كوشتى تازه يعنى ماهى] وصف السمك بالطراوة وهى: بالفارسية [تازه شدن] لتسارع الفساد اليه فيسارع الى أكله طريا ومضى باقى النقل فى سورة النحل وَتَسْتَخْرِجُونَ اى من المالح خاصة ولم يقل منه لانه معلوم حِلْيَةً زينة اى لؤلؤا ومرجانا وفى الاسئلة المقحمة أراد بالحلية اللآلى واللآلى انما تخرج من ملح أجاج لا من عذب فرات فكيف أضافها الى البحرين والجواب قد قيل ان اللآلى تخرج من عذب فرات وفى الملح عيون من ماء عذب ينعقد فيه اللؤلؤ والمرجان انتهى قال فى الخريدة اللؤلؤ يتكون فى بحر الهند وفارس والمرجان ينبت فى البحر كالشجر وإذا كلس المرجان عقد الزئبق فمنه ابيض ومنه احمر ومنه اسود وهو يقوى العين كحلا وينشف رطوبتها تَلْبَسُونَها اى تلبس تلك الحلية نساؤكم ولما كان تزينهن بها لاجل الرجال فكأنها زينتهم ولباسهم ولذا أسند إليهم وفى الحديث (كلم الله البحرين فقال للبحر الذي بالشام يا بحر انى قد خلقتك وأكثرت فيك من الماء وانى حامل فيك عبادا لى يسبحوننى ويحمدوننى ويهللوننى ويكبروننى فما أنت صانع بهم قال أغرقهم قال الله تعالى فانى احملهم على ظهرك واجعل بأسك فى نواصيك) وقال للبحر الذي باليمن (انى قد خلقتك وأكثرت فيك الماء وانى حامل فيك عبادا يسبحوننى ويحمدوننى ويهللوننى ويكبروننى فما أنت صانع بهم قال أسبحك وأحمدك واهللك وأكبرك معهم واحملهم على ظهرى قال الله تعالى فانى أفضلك على البحر الآخر بالحلية والطري) كذا فى كشف الاسرار وَتَرَى الْفُلْكَ السفينة فِيهِ اى فى كل منهما وافراد ضمير الخطاب مع جمعه فيما سبق وما لحق لان الخطاب لكل أحد يأتى منه الرؤية دون المنتفعين بالبحرين فقط مَواخِرَ يقال سفينة ماخرة إذا جرت تشق الماء مع صوت والجمع المواخر كما فى المفردات والمعنى شواق للماء بجريها مقبلة ومدبرة بريح واحدة لِتَبْتَغُوا [تا طلب كنيد] واللام متعلق بمواخر مِنْ فَضْلِهِ اى من فضل الله تعالى بالنقلة فيها قال فى بحر العلوم ابتغاء الفضل التجارة وهى أعظم اسباب سعة الرزق وزيادته قال عليه السلام (تسعة أعشار رزق أمتي فى البيع والشراء) وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ اى ولتشكروا على ذلك الفضل وحرف الترجي للايذان بكونه مرضيا عنده تعالى
وفى بحر العلوم وكى تعرفوا نعم الله فتقوموا بحقها سيما انه جعل المهالك سببا لوجود المنافع وحصول المعايش واعلم ان الله تعالى ذكر هذه الآية دلالة على قدرته وبيانا لنعمته وقال بعضهم ضرب البحر العذب والملح مثلا للمؤمن والكافر فكما لا يستوى البحران فى الطعم فكذا المؤمن والكافر [يكى از حلاوت ايمان عين عذب عرفانست وديكر از مرارت عصيان بحر أجاج كفر وطغيان آن آب(7/330)
حيات آمد واين نقش سرابست اين عين خطا باشد وآن محض صوابست] فقوله ومن كل إلخ اما استطراد فى صفة البحرين وما فيهما من النعم والمنافع او تفضيل للاجاج على الكافر من حيث انه يشارك العذب فى منافع كثيرة كالسمك وجرى الفلك ونحوهما والكافر خلا من المنافع بالكلية على طريقة قوله تعالى (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) ورحم الله أبا الليث حيث قال فى تفسيره ومن كل يظهر شىء من الصلاح يعنى يلد الكافر المسلم مثل ما ولد الوليد بن المغيرة خالد بن الوليد وابو جهل عكرمة بن ابى جهل والاشارة بالبحر العذب الى الروح وصفاته الحميدة ومشربه الواردات الربانية وبالملح الى النفس وصفاتها الذميمة ومشربها الشهوات الحيوانية ولنا سفينتان الشريعة والطريقة فسفينة الشريعة تجرى من بحر الروح الى بحر النفس فيها أحمال الأوامر والنواهي وسفينة الطريقة تجرى من بحر الروح الى الحضرة فيها أحمال الاسرار والحقائق والمعاني والمقصود الوصول الى الحضرة على قدمى الشريعة والطريقة وفى كشف الاسرار [اين دو درياى مختلف يكى فرات ويكى أجاج. مثال دو درياست كه ميان بنده وخداست يكى درياى هلاك ديكر درياى نجات. در درياى هلاك پنج كشتى روانست. يكى حرص. وديكر رياست. ديكر اصرار بر معاصى. چهارم غفلت پنجم قنوط. هر كه در كشتىء حرص نشيند بساحل حسرت رسد. هر كه در كشتىء قنوط نشيند بساحل كفر رسد اما درياى نجات بساحل عطا رسد. هر كه در كشتىء زهد نشيند بساحل قربت رسد هر كه در كشتىء معرفت نشيند بساحل انس رسد. هر كه در كشتىء توحيد نشيند بساحل مشاهده رسد. پير طريقت موعظتى بليغ كفته ياران ودوستان خود را كفت اى عزيزان وبرادران هنكام آن آمد كه ازين درياى هلاك نجات جوييد واز ورطه فترت برخيزيد نعيم باقى باين سراى فانى نفروشيد نفس بخدمت بيكانه است بيكانه را مپروريد دل بى يقظت غول است تا بغول صحبت مداريد نفس بى آكاهى باد است با باد عمر مكذرانيد باسمي ورسمى از حقيقت قانع مباشيد از مكر نهانى ايمن منشينيد از كار خاتمه ونفس باز پسين همواره بر حذر باشيد شيرين سخن ونيكو نظمى كه آن جوانمرد كفته است]
اى دل ار عقبيت بايد چنك ازين دنيا بدار ... پاك بازي پيشه كير وراه دين كن اختيار
پاى در دنيا نه وبردوز چشم نام وننك ... دست در عقبى زن وبربند راه فخر وعار
چون زنان تا كى نشينى بر اميد رنك وبوى ... همت اندر راه بند كامزن مردانه وار
چشم آن نادان كه عشق آورد بر رنك صدف ... والله ار ديدش رسد هركز بدر شاهوار
قال بعض اهل المعرفة (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ) اى الوقتان هذا بسط وصاحبه فى روح وهذا قبض وصاحبه فى نوح هذا فرق وصاحبه يوصف بالعبودية وهذا جمع وصاحبه فى شهود الربوبية [بنده تا در قبض است خوابش چون خواب غرق شدكان خوردش چون خورد بيماران عيشش چون عيش زندانيان بسزاى نياز خويش مى زيد بخوارى وراه مى برد بزارى وبزبان(7/331)
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)
تذلل مى كويد پر آب دو چشم و پر آتش جكرم پر باد دو دستم و پر از خاك سرم چون زارى وخوارى بغايت رسد وتذلل وعجزى ظاهر كردد رب العزة تدارك دل وى كند در بسط وانبساط بر دل وى كشايد وقت وى خوش كردد دلش با مولى پيوسته وسر باطلاع حق آراسته وبزبان شكر ميكويد الهى محنت من بودى دولت من شدى اندوه من بودى راحت من شدى داغ من بودى چراغ من شدى جراحت من بودى مرهم من شدى] نسأل الله الخلاص من البرازخ والقيود والوصول الى الغاية القصوى من الوجدان والشهود انه رحيم ودود يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ اى يدخل الله الليل فى النهار باضافة بعض اجزاء الليل الى النهار فينقص الاول ويزيد الثاني كما فى فصلى الربيع والصيف وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ باضافة بعض اجزاء النهار الى الليل كما فى فصلى الخريف والشتاء وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ [ورام كرد آفتاب وماه را يعنى مسخر فرمان خود ساخت] وفى بحر العلوم معنى تسخير الشمس والقمر تصييرهما نافعين للناس حيث يعلمون بمسيرهما عدد السنين والحساب انتهى يقول الفقير ومنه يعلم حكمة الإيلاج فانه بحركة النيرين تختلف الأوقات وتظهر الفصول الاربعة التي تعلق بها المصالح والأمور المهمة ثم قوله وسخر عطف على يولج واختلافهما صيغة لما ان إيلاج أحد الملوين فى الآخر متجدد حينا فحينا واما تسخير النيرين فلا تعدد فيه وانما المتعدد والمتجدد آثاره وقد أشير اليه بقوله تعالى كُلٌّ اى كل واحد من الشمس والقمر يَجْرِي اى بحسب حركته الخاصة وحركته القسرية على المدارات اليومية المتعددة حسب تعدد ايام السنة جريا مستمرا لِأَجَلٍ وقت مُسَمًّى معين قدره الله تعالى لجريانهما وهو يوم القيامة فحينئذ ينقطع جريهما وقال بعضهم يجرى الى أقصى منازلهما فى الغروب لانهما يغربان كل ليلة فى موضع ثم يرجعان الى ادنى منازلهما فجريانهما عبارة عن حركتيهما الخاصتين بهما فى فلكيهما. والاجل المسمى عبارة عن منتهى دوريتهما ومدة الجريان للشمس سنة وللقمر شهر فاذا كان آخر السنة ينتهى جرى الشمس وإذا كان آخر الشهر ينتهى جرى القمر قال فى البحر والمعنى فى التحقيق يجرى لادراك أجل على ان الجري مختص بإدراك أجل ذلِكُمُ مبتدأ اشارة الى فاعل الأفاعيل المذكورة اشارة تجوّز فان الأصل فى الاشارة ان تكون حسية ويستحيل إحساسه تعالى وما فيه من معنى البعد للايذان بغاية العظمة اى ذلك العظيم الشان الذي أبدع هذه الصنائع البديعة اللَّهُ خبر رَبُّكُمْ خبر ثان لَهُ الْمُلْكُ خبر ثالث اى هو الجامع لهذه الأوصاف من الالهية والربوبية والمالكية لما فى السموات والأرض فاعرفوه ووحدوه وأطيعوا امره وَالَّذِينَ تَدْعُونَ [وآنان را كه مى خوانيد ومى پرستيد] مِنْ دُونِهِ اى حال كونكم متجاوزين الله وعبادته ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ هو القشرة البيضاء الرقيقة الملتفة على النواة كاللفافة لها وهو مثل فى القلة والحقارة كالنقير الذي هو النكتة فى ظهر النواة ومنه ينبت النخل والفتيل الذي فى شق النواة على هيئة الخيط المفتول والمعنى لا يقدرون على ان ينفعوكم مقدار القطمير إِنْ تَدْعُوهُمْ اى الأصنام للاصنام للاعانة وكشف الضر(7/332)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)
لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ لانهم جماد والجماد ليس من شأنه السماع وَلَوْ سَمِعُوا على الفرض والتمثيل مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ فانهم لالسان لهم او ما أجابوكم لملتبسكم لعجزهم عن النفع بالكلية فان من لا يملك نفع نفسه كيف يملك نفع غيره قال الكاشفى يعنى [قادر نيستند بر إيصال منافع ودفع مكاره] وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ اى يجحدون باشراككم لهم وبعبادتكم إياهم بقولهم ما كنتم إيانا تعبدون وانما جيىء بضمير العقلاء لان عبدتهم كانوا يصفونهم بالتمييز جهلا وغباوة ولانه أسند إليهم ما يسند الى اولى العلم من الاستجابة والسمع ويجوز ان يريد كل معبود من دون الله من الجن والانس والأصنام فغلب غير الأصنام عليها كما فى بحر العلوم وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ اى لا يخبرك يا محمد بالأمر مخبر مثل خبير أخبرك به وهو الحق سبحانه فانه الخبير بكنه الأمور دون سائر المخبرين والمراد تحقيق ما اخبر به من حال آلهتهم ونفى ما يدعون لهم من الالهية [صاحب لباب آورده كه اضافت مثل بخداى جائز نيست پس اين مثليست در كلام عرب شايع كشته واستعمال كنند در اخبار مخبرى كه سخن او فى نفس الأمر معتمد عليه باشد] قال الزروقى الخبير هو العليم بدقائق الأمور التي لا يتوصل إليها غيره الا بالاختيار والاحتيال وقال الغزالي هو الذي لا يعزب عنه الاخبار الباطنة ولا يجرى فى الملك والملكوت شىء ولا تتحرك ذرة ولا تسكن ولا تضطرب نفس ولا تطمئن الا ويكون عنده خبرها
بر احوال نابوده علمش بصير ... بر اسرار ناكفته لطفش خبير
وحظ العبد من ذلك ان يكون خبيرا بما يجرى فى بدنه وقلبه من الغش والخيانة والتطوف حول العاجلة وإضمار الشر واظهار الخير والتحمل بإظهار الإخلاص والإفلاس عنه ولا يكون خبيرا بمثل هذه الخفايا الا بإظهار التوحيد واخفائه وتحقيقه والوصول الى الله بالاعراض عن الشرك وما يكون متعلق العلاقة والميل
غلام همت آنم كه زير چرخ كبود ... ز هر چهـ رنك تعلق پذيرد آزادست
وذلك ان التعلق بما سوى الله تعالى لا يفيد شيأ من الجلب والسلب فانه كله مخلوق والمخلوق عاجز وليست القدرة الكاملة الا لله تعالى فوجب توحيده والعبادة له والتعلق به وخاصية الاسم الخبير حصول الاخبار بكل شىء فمن ذكره سبعة ايام أتته الروحانية بكل خبر يريده من اخبار السنة واخبار الملوك واخبار القلوب وغير ذلك كذا فى شمس المعارف ومن كان فى يد شخص يؤذيه فليكثر ذكره يصلح حاله كذا فى شرح الأسماء الحسنى للشيخ الزروقى يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ الفقراء جمع فقير كالفقائر جمع فقيرة والفقير المكسور الفقار والفقر [پشت كسى شكستن] ذكره فى تاج المصادر فى باب ضرب وجعله فى القاموس من حد كرم وقال الراغب فى المفردات يقال افتقر فهو مفتقر وفقير ولا يكاد يقال فقر وان كان القياس يقتضيه انتهى. وفهم من هذا ان الفقير صيغة مبالغة كالمفتقر بمعنى ذى الاحتياج الكثير والشديد والفقر وجود الحاجة الضرورية وفقد ما يحتاج اليه وتعريف الفقراء للمبالغة فى فقرهم فانهم لكثرة افتقارهم وشدة احتياجهم هم الفقراء فحسب وان افتقار(7/333)
سائر الأخلاق بالنسبة الى فقرهم بمنزلة العدم. والمعنى يا ايها الناس أنتم المحتاجون الى الله تعالى بالاحتياج الكثير الشديد فى أنفسكم وفيما يعرض لكم من امر مهم او خطب ملم فان كل حادث مفتقر الى خالقه ليبديه وينشئه اولا ويديمه ويبقيه ثانيا ثم الإنسان محتاج الى الرزق ونحوه من المنافع فى الدنيا مع دفع المكاره والعوارض والى المغفرة ونحوها فى العقبى فهو محتاج فى ذاته وصفاته وأفعاله الى كرم الله وفضله قال بعض الكبار ان الله تعالى ما شرّف شيأ من المخلوقات بتشريف خطاب أنتم الفقراء الى الله حتى الملائكة المقربين سوى الإنسان وذلك ان افتقار المخلوقات الى افعال الله تعالى من حيث الخلق ونحوه وافتقار الإنسان الى ذات الله وصفاته فجميع المخلوقات وان كانت محتاجة الى الله تعالى لكن الاحتياج الحقيقي الى ذات الله وصفاته مختص بالإنسان من بينها كمثل سلطان له رعية وهو صاحب جمال فيكون افتقار جميع رعاياه الى خزائنه وممالكه ويكون افتقار عشاقه الى عين ذاته وصفاته فيكون غنى كل مفتقر بما
يفتقر اليه فغنى الرعية يكون بالمال والملك وغنى العاشق يكون بمعشوقه
كام عاشق دولت ديدار يار ... قصد زاهد جنت ونقش ونكار
هر چهـ جز عشق حقيقى شد وبال ... هر چهـ جز معشوق باقى شد خيال
هست در وصلت غنا اندر غنا ... هست در فرقت غم وفقر وعنا
ومن الكمالات الانسانية الاحتياج الى الاسم الأعظم من جميع وجوه الأسماء الالهية بحسب مظهريته الكاملة واما غيره من الموجودات فاحتياجهم انما هو بقدر استعدادهم فهو احتياج بوجه دون وجه ولذا ورد (الفقر فخرى وبه افتخر) وهذا صحيح بمعناه وان اختلف فى لفظه كما قال عليه السلام (اللهم أغنني بالافتقار إليك ولا تفقرنى بالاستغناء عنك) قال فى كشف الاسرار [صحابه را فقرا نام نهاد] حيث قال (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) وقال (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) [وآن تلبيس توانكرى حال ايشانست تا كس توانكرىء ايشان نداند اين چنانست كه كفته اند] ارسلانم خوان تا كس به نداند كه كه ام [پيران طريقت كفته اند بناى دوستى بر تلبيس نهاده اند سليمانرا نام ملكى تلبيس فقر بود آدم را نام عصيان تلبيس صفوت بود ابراهيم را التباس نعمت تلبيس خلت بود زيرا كه شرط محبت غير تست ودوستان حال خود بهر كس ننمايند كسى كه از كون ذره ندارد وبكونين نظرى ندارد وهمواره نظر الله پيش چشم خود دارد او را فقير كويند از همه درويش است وبحق توانكر «انما الغنى غنى القلب» توانكرى در سينه مى بايد نه در خزينه فقير اوست كه خود را در دو جهان جز از حق دست آويز نكند ونظر خود ندارد چهار تكبير بر ذات وصفات خود كند چنانكه آن جوانمرد كفت]
نيست عشق لايزالى را در ان دل هيچ كار ... كاو هنوز اندر صفات خويش مانداست استوار
هر كه در ميدان عشق نيكوان نامى نهاد ... چار تكبيرى كند بر ذات او ليل ونهار
وَاللَّهُ هُوَ وحده الْغَنِيُّ المستغنى على الإطلاق فكل أحد يحتاج اليه لان أحدا(7/334)
إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17) وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18) وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22)
لا يقدر ان يصلح امره الا بالأعوان لان الأمير ما لم يكن له خدم وأعوان لا يقدر على الامارة وكذا التاجر يحتاج الى المكارين والله الغنىّ عن الأعوان وغيرها وفى الاسئلة المقحمة معناه الغنىّ عن خلقه فلو لم يخلقهم لجاز ولو ادام حياتهم لابتلاهم كلفهم او لم يكلفهم فالكل عنده بمثابة واحدة لانه غنى عنهم خلافا للمعتزلة حيث قالوا لو لم يكلفهم معرفته وشكره لم يكن حكيما وهذا غاية الخزي ويفضى الى القول بان خلقهم لنفع او دفع وهو قول المجوس بعينه حيث زعموا وقالوا خلق الله الملائكة ليدفع بهم عن نفسه أذى الشيطان انتهى الْحَمِيدُ المنعم على جميع الموجودات حتى استحق عليهم الحمد على نعمته العامة وفضله الشامل فالله الغنىّ المغني قال الكاشفى [ببايد دانست كه ماهيات ممكنه در وجود محتاجند بفاعل (وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) اشارة با آنست وحق سبحانه وتعالى بحسب كمال ذاتى خود از وجود عالم وعالميان مستغنيست (وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ) عبارت از آنست و چون ظهور كمال أسمائي موقوفست بر وجود اعيان ممكنات پس در إيجاد آن كه نعمتيست كبرى مستحق حمد است وثنا كلمه (الْحَمِيدُ) بدان ايمايى مينمايد وازين رباعى پى بدين معنى توان برد]
تا خود كردد بجمله أوصاف عيان ... واجب باشد كه ممكن آيد بميان
ور نه بكمال ذاتى از آدميان ... فردست وغنى چنانكه خود كرد بيان
إِنْ يَشَأْ اى الله تعالى يُذْهِبْكُمْ عن وجه الأرض ويعدمكم كما قدر على ايجادكم وبقائكم وَيَأْتِ [وبيارد] بِخَلْقٍ مخلوق جَدِيدٍ مكانكم وبدلكم ليسوا على صفتكم بل مستمرون على الطاعة فيكون الخلق الجديد من جنسهم وهو الآدمي او يأت بعالم آخر غير ما تعرفونه: يعنى [يا كروهى بيارد كس نديده ونشنيده بود] فيكون من غير جنسهم وعلى كلا التقديرين فيه اظهار الغضب للناس الناسين وتخويف لهم على سرفهم ومعاصيهم وفيه ايضا من طريق الاشارة تهديد لمدعى محبته وطلبه اى ان لم تطلبوه حق الطلب يفنكم ويأت بخلق جديد فى المحبة والطلب وَما ذلِكَ اى ما ذكر من الاذهاب بهم والإتيان بآخرين عَلَى اللَّهِ متعلق بقوله بِعَزِيزٍ بمتعذر ولا صعب ومتعسر بل هو هين عليه يسير لشمول قدرته على كل مقدور ولذلك يقدر على الشيء وضده فاذا قال لشىء كن كان من غير توقف ولا امتناع وقد أهلك القرون الماضية واستخلف الآخرين الى ان حاء نوبة قريش فناداهم بقوله يا ايها الناس وبين انهم محتاجون اليه احتياجا كليا وهو غنى عنهم وعن عبادتهم ومع ذلك دعاهم الى ما فيه سعادتهم وفوزهم وهو الايمان والطاعة وهم مع احتياجهم لا يجيبونه فاستحقوا الهلاك ولم يبق الا المشيئة ثم انه تعالى شاء هلاكهم لاصرارهم فهلك بعضهم فى بدر وبعضهم فى غيره من المعارك وخلق مكانهم من يطيعونه تعالى فيما أمرهم به ونهاهم عنه ويستحقون بذلك فضله ورحمته واستمر الافناء والإيجاد الى يومنا هذا لكن لا على الاستعجال بل على الامهال فانه تعالى صبور لا يؤاخذ العصاة على العجلة ويؤخر العقوبة ليرجع التائب ويقلع المصر ففى الآية وعظ وزجر لجميع الأصناف من الملوك ومن دونهم فمن أهمل امر الجهاد لم يجد المهرب من بطش رب العباد ومن ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فقد(7/335)
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)
جعل نفسه عرضة للهلاك والخطر وعلى هذا فقس فينبغى للعاقل المكلف ان يعبد الله ويخافه ولا يجترىء على ما يخالف رضاه ولا يكون أسوأ من الجمادات مع ان الإنسان اشرف المخلوقات قال جعفر الطيار رضى الله عنه كنت مع النبي عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام (بلغ منى السلام الى هذا الجبل وقل له يسقيك ان كان فيه ماء) قال فذهبت اليه وقلت السلام عليك ايها الجبل فقال الجبل بنطق لبيك يا رسول رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلامى الى رسول الله وقل له منذ سمعت قوله تعالى (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) بكيت لخوف ان أكون من الحجارة التي هى وقود النار بحيث لم يبق فىّ ماء وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى يقال وزر يزر من الثاني وزرا بالفتح والكسر ووزر يوزر من الرابع حمل. والوزر الإثم والثقل والوازرة صفة للنفس المحذوفة وكذا اخرى والمعنى لا تحمل نفس آثمة يوم القيامة اثم نفس اخرى بحيث تتعرى منه المحمول عنها بل انما تحمل كل منهما وزرها الذي اكتسبته بخلاف الحال فى الدنيا فان الجبابرة يأخذون الولي بالولى والجار بالجار واما فى قوله تعالى (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ) من حمل المضلين اثقالهم وأثقالا غير اثقالهم فهو حمل أثقال ضلالهم مع أثقال اضلالهم وكلاهما أوزارهم ليس فيها شىء من أوزار غيرهم ألا يرى كيف كذبهم فى قولهم (اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) بقوله (وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ) ومنه يعلم وجه تحميل معاصى المظلومين يوم القيامة على الظالمين فان المحمول فى الحقيقة جزاء الظلم وان كان يحصل فى الظاهر تخفيف حمل المظلوم ولا يجرى الا فى الذنب المتعدى كما ذكرناه فى اواخر الانعام وفيه اشارة الى ان لله تعالى فى خلق كل واحد من الخلق سرا مخصوصا به وله مع كل واحد شان آخر فكل مطالب بما حمل كما ان كل بذر ينبت بنبات قد أودع فيه ولا يطالب بنبات بذر آخر لانه لا يحمل الا ما حمل عليه كما فى التأويلات النجمية: قال الشيخ سعدى
رطب ناورد چوب خرزهره بار ... چهـ تخم افكنى بر همان چشم دار
وَإِنْ تَدْعُ صيغة غائبة اى ولو دعت: وبالفارسية [واگر بخواند] مُثْقَلَةٌ اى نفس أثقلتها الأوزار والمفعول محذوف اى أحدا قال الراغب الثقل والخفة متقابلان وكل ما يترجح عما يوزن به او يقدّر به يقال هو ثقيل وأصله فى الأجسام ثم يقال فى المعاني أثقله الغرم والوزر انتهى. فالثقل الإثم سمى به لانه يثقل صاحبه يوم القيامة ويثبطه عن الثواب فى الدنيا إِلى حِمْلِها الذي عليها من الذنوب ليحمل بعضها قيل فى الأثقال المحمولة فى الظاهر كالشىء المحمول على الظهر حمل بالكسر وفى الأثقال المحمولة فى الباطن كالولد فى البطن حمل بالفتج كما فى المفردات لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ لم تجب لحمل شىء منه وَلَوْ للوصل كانَ اى المدعو المفهوم من الدعوة وترك ذكره ليشمل كل مدعو ذا قُرْبى ذا قرابة من الداعي كالاب والام والولد والأخ ونحو ذلك إذ لكل واحد منهم يومئذ شأن يغنيه وحمل يعجزه ففى هذا دليل انه تعالى لا يؤاخذ بالذنب الا جانيه وان الاستغاثة بالاقربين غير نافعة لغير المتقين عن ابن عباس رضى الله عنهما يلقى الأب والام ابنه فيقول يا بنى احمل عنى بعض ذنوبى فيقول لا أستطيع حسبى ما علىّ وكذا يتعلق الرجل بزوجته فيقول لها انى كنت لك زوجا فى الدنيا(7/336)
فيثنى عليها خيرا فيقول قد احتجت الى مثقال ذرة من حسناتك لعلى أنجو بها مما ترين فتقول ما أيسر ما طلبت ولكن لا أطيق انى أخاف مثل ما تخوفت
هيچ رحمى نه برادر به برادر دارد ... هيچ خيرى نه پدر را به پسر مى آيد
دختر از پهلوى مادر بكند قصد فرار ... دوستى از همه خويش بسر مى آيد
قال فى الإرشاد هذه الآية نفى للتحمل اختيارا والاولى نفى له اجبارا. والاشارة ان الطاعة نور والعصيان ظلمة فاذا اتصف جوهر الإنسان بصفة النور او بصفة الظلمة لا تنقل تلك الصفة من جوهره الى جوهر انسان آخر أياما كان ألا ترى ان كل أحد عند الصراط يمشى فى نوره لا يتجاوز منه الى غيره شىء وكذا من غيره اليه إِنَّما تُنْذِرُ يا محمد بهذه الانذارات. والانذار الإبلاغ مع التخويف الَّذِينَ يَخْشَوْنَ يخافون رَبَّهُمْ حال كونهم بِالْغَيْبِ غائبين عن عذابه واحكام الآخرة او عن الناس فى خلواتهم: يعنى [در خلوتها اثر خشيت بر ايشان ظاهرت نه در صحبتها] فهو حال من الفاعل او حال كون ذلك العذاب غائبا عنهم فهو حال من المفعول وَأَقامُوا الصَّلاةَ اى راعوها كما ينبغى وجعلوها منارا منصوبا وعلما مرفوعا قال فى كشف الاسرار وغاير بين اللفظين لان اوقات الخشية دائمة واوقات الصلاة معينة منقضية. والمعنى انما ينفع إنذارك وتحذيرك هؤلاء من قومك دون من عداهم من اهل التمرد والفساد وان كنت نذيرا للخلق كلهم وخص الخشية والصلاة بالذكر لانهما أصلا الأعمال الحسنة الظاهرية والباطنية. اما الصلاة فانها عماد الدين. واما الخشية فانها شعار اليقين وانما يخشى المرء بقدر علمه بالله كما قال تعالى (إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) فقلب لم يكن عالما خاشيا يكون ميتا لا يؤثر فيه الانذار كما قال تعالى (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا) ومع هذا جعل تأثير الانذار مشروطا بشرط آخر وهو اقامة الصلاة وامارة خشية قلبه بالغيب محافظة الصلاة فى الشهادة وفى الحديث (ان بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) وَمَنْ [وهر كه] تَزَكَّى تظهر من اوضار الأوزار والمعاصي بالتأثر من هذه الانذارات وأصلح حاله بفعل الطاعات فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ لاقتصار نفعه عليها كما ان من تدنس بها لا يتدنس الا عليها ويقال من يعطى الزكاة فانما ثوابه لنفسه وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ اى الرجوع لا الى غيره استقلالا واشتراكا فيجازيهم على تزكيهم احسن الجزاء واعلم ان ثواب التزكى عن المعاصي هو الجنة ودرجاتها وثواب التزكى عن التعلق بما سوى الله تعالى هو جماله تعالى كما أشار اليه بقوله (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) فمن رجع الى الله بالاختيار لم يبق له بما دونه قرار: قال الشيخ سعدى قدس سره
ندادند صاحب دلان دل بپوست ... وكر ابلهى داد بى مغز اوست
مى صرف وحدت كسى نوش كرد ... كه دنيى وعقبى فراموش كرد
والأصل هو العناية وعن ابراهيم المهلب السائح رضى الله عنه قال بينا انا أطوف وإذا بجارية متعلقة بأستار الكعبة وهى تقول بحبك لى ألا رددت علىّ قلبى فقلت يا جارية من اين تعلمين انه يحبك قالت بالعناية القديمة جيش فى طلبى الجيوش وأنفق الأموال حتى أخرجني(7/337)
وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22)
من بلاد الشرك وأدخلني فى التوحيد وعرفنى نفسى بعد جهلى إياها فهل هذا يا ابراهيم الا لعناية او محبة قلت وكيف حبك له قالت أعظم شىء واجله قلت وكيف هو قالت هوارق من الشراب واحلى من الجلاب. وانما تتولد معرفة الله من معرفة النفس بعد تزكيتها كما أشار اليه (من عرف نفسه فقد عرف ربه) ففى هذا ان الولد يكون أعظم فى القدر من الوالد فافهم رحمك الله وإياي بعنايته وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ تمثيل للكافر والمؤمن فان المؤمن من ابصر طريق الفوز والنجاة وسلكه بخلاف الكافر فكما لا يستوى الأعمى والبصير من حيث الحس الظاهري إذ لا بصر للاعمى كذلك لا يستوى الكافر والمؤمن من حيث الإدراك الباطني ولا بصيرة للكافر بل الكافر أسوأ حالا من الأعمى المدرك للحق إذ لا اعتبار بحاسة البصر لاشتراكها بين جميع الحيوانات وفيه اشارة الى حال المحجوب والمكاشف فان المحجوب أعمى عن مطالعة الحق فلا يستوى هو والمكاشف الذي كوشف له عن وجه السر المطلق وقال الكاشفى (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى) [وبرابر نيست نابينا يعنى كافر يا جاهل يا كمراه (وَالْبَصِيرُ) وبينا يعنى مؤمن يا عالم يا راه يافته] وَلَا لتأكيد نفى الاستواء الظُّلُماتُ جمع ظلمة وهى عدم النور وَلَا للتأكيد النُّورُ هو الضوء المنتشر المعين للابصار تمثيل للباطل والحق. فالكافر فى ظلمة الكفر والشرك والجهل والعصيان والبطلان لا يبصر اليمين من الشمال فلا يرجى له الخلاص من المهالك بحال. والمؤمن فى نور التوحيد والإخلاص والعلم والطاعة والحقانية بيده الشموع والأنوار أينما سار. وجمع الظلمات مع افراد النور لتعدد فنون الباطل واتحاد الحق يعنى ان الحق واحد وهو التوحيد فالموحد لا يعبد الا الله تعالى واما الباطل فطرقه كثيرة وهى وجوه الإشراك فمن عابد للكواكب ومن عابد للنار ومن عابد للاصنام الى غير ذلك فالظلمات كلها لا تجد فيها ما يساوى ذلك النور الواحد وفيه اشارة الى ظلمة النفس ونور الروح فان المحجوب فيها ما يساوى ذلك النور الواحد وفيه اشارة الى ظلمة النفس ونور الروح فان المحجوب فى ظلمة الغفلات المتضاعفة والمكاشف فى نور الروح واليقظة وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ قدم الأعمى على البصير والظلمات على النور والظل على الحرور ليتطابق فواصل الآي وهو تمثيل للجنة والنار والثواب والعقاب والراحة والشدة. الظل بالفارسية [سايه] قال الراغب يقال لكل موضع لاتصل اليه الشمس ظل ولا يقال الفيء الا لما رال عنه الشمس ويعبر بالظل عن العز والمنعة وعن الرفاهية انتهى. والحرور الريح الحارة بالليل وقد تكون بالنهار وحر الشمس والحر الدائم والنار كما فى القاموس فعول من الحر غلب على السموم وهى الريح الحارة التي تؤثر تأثير السم تكون غالبا بالنهار. والمعنى كما لا يستوى الظل والحرارة من حيث ان فى الظل استراحة للنفس وفى الحرارة مشقة وألما كذلك لا يستوى ما للمؤمن من الجنة التي فيها ظل وراحة وما للكافر من النار التي فيها حرارة شديدة وفيه اشارة الى ان البعد من الله تعالى كالحرور فى إحراق الباطن والقرب منه كالظل فى تفريح القلب وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ تمثيل آخر للمؤمنين والكافرين ابلغ من الاول ولذلك كرر الفعل واوثرت صيغة الجمع فى الطرفين تحقيقا للتباين بين افراد الفريقين والحي ما به القوة الحساسة(7/338)
إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (23) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (25) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (26) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27)
والميت ما زال عنه ذلك وجه التمثيل ان المؤمن منتفع بحياته إذ ظاهره ذكر وباطنه فكر دون الكافر إذ ظاهره عاطل وباطنه باطل وقال بعض العلماء هو تمثيل للعلماء والجهال وتشبيه الجهلة بالأموات شائع ومنه قوله
لا تعجبن الجهول خلته ... فاته الميت ثوبه كفن
لان الحياة المعتبرة هى حياة الأرواح والقلوب وذلك بالحكم والمعارف ولا عبرة بحياة الأجساد بدونها لاشتراك البهائم فيها قال بعض الكبار الاحياء عند التحقيق هم الواصلون بالفناء التام الى الحياة الحقيقية وهم الذين ماتوا بالاختيار قبل ان يموتوا بالاضطرار ومعنى موتهم إفناء أفعالهم وصفاتهم وذواتهم فى افعال الحق وصفاته وذاته وازالة وجودياتهم بالكلية طبيعة ونفسا واليه الاشارة بقوله عليه السلام (من أراد ان ينظر الى ميت متحرك فلينظر الى ابى بكر) فالحياة المعنوية لا يطرأ عليها الفناء بخلاف الحياة الصورية فانها تزول بالموت فطوبى لاهل الحياة الباقية وللمقارنين بهم والآخذين عنهم قال ابراهيم الهروي كنت بمجلس ابى يزيد البسطامي قدس سره فقال بعضهم ان فلانا أخذ العلم من فلان قال ابو يزيد المساكين أخذوا العلوم من الموتى ونحن أخذنا العلم من حى لا يموت وهو العلم اللدني الذي يحصل من طريق الإلهام بدون تطلب وتكلف: قال الشيخ سعدى قدس سره
نه مردم همين استخوانند و پوست ... نه هر صورتى جان ومعنى دروست
نه سلطان خريدار هر بنده ايست ... نه در زير هر ژنده زنده ايست
إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ كلامه اسماع فهم واتعاظ وذلك بإحياء القلب مَنْ يَشاءُ ان يسمعه فينتفع بانذارك وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ جمع قبر وهو مقر الميت وقبرته جعلته فى القبر. وهذا الكلام ترشيح لتمثيل المصرين على الكفر بالأموات وإشباع فى إقناطه عليه السلام من ايمانهم وترشيح الاستعارة اقترانها بما يلائم المستعار منه شبه الله تعالى من طبع على قلبه بالموتى فى عدم القدرة على الاجابة فكما لا يسمع اصحاب القبور ولا يجيبون كذلك الكفار لا يسمعون ولا يقبلون الحق إِنْ ما أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ منذر بالنار والعقاب واما الاسماع البتة فليس من وظائفك ولا حيلة لك اليه فى المطبوع على قلوبهم الذين هم بمنزلة الموتى وقوله (إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ) إلخ وقوله (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وقوله (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) وغير ذلك لتمييز مقام الالوهية عن مقام النبوة كيلا يشتبها على الامة فيضلوا عن سبيل الله كما ضل بعض الأمم السالفة فقال بعضهم عزير ابن الله وقال بعضهم المسيح ابن الله وذلك من كمال رحمته لهذه الامة وحسن توفيقه يقول الفقير أيقظه الله القدير ان قلت قد ثبت انه عليه السلام امر يوم بدر بطرح أجساد الكفار فى القليب ثم ناداهم بأسمائهم وقال (هل وجدتم ما وعد الله ورسوله حقا فانى وجدت ما وعدني الله حقا) فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله كيف تكلم أجساد الأرواح فيها فقال عليه السلام (ما أنتم باسمع لما أقول منهم غير انهم لا يستطيعون ان يردوا شيأ) فهذا الخبر يقتضى ان النبي عليه السلام اسمع من فى القليب وهم موتى وايضا تلقين الميت بعد الدفن للاسماع والا فلا(7/339)
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24)
معنى له. قلت اما الاول فيحتمل ان الله تعالى احيى اهل القليب حينئذ حتى سمعوا كلام رسول الله توبيخا لهم وتصغيرا ونقمة وحسرة والا فالميت من حيث هو ميت ليس من شأنه السماع وقوله عليه السلام (ما أنتم باسمع) إلخ يدل على ان الأرواح اسمع من الأجساد مع الأرواح لزوال حجاب الحس وانخراقه. واما الثاني فانما يسمعه الله ايضا بعد احيائه بمعنى ان يتعلق الروح بالجسد تعلقا شديدا بحيث يكون كما فى الدنيا فقد اسمع الرسول عليه السلام وكذا الملقن باسماع الله تعالى وخلق الحياة والا فليس من شأن أحد الاسماع كما انه ليس من شأن الميت السماع والله اعلم قال بعض العارفين [اى محمد عليه السلام دل در بو جهل چهـ بندى كه او نه از ان اصلست كه طينت خبيث وى نقش نكين تو پذيرد دل در سلمان بند كه پيش از انكه تو قدم در ميدان بعثت نهادى چندين سال كرد عالم سركردان در طلب تو مى كشت ونشان تو ميجست] ولسان الحال يقول
كرفت خواهم من زلف عنبرينت را ... ز مشك نقش كنم برك ياسمينت را
بتيغ هندى دست مرا جدا نكند ... اگر بگيرم يك ره سر آستينت را
إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ حال من المرسل بالكسر اى حال كوننا محقين او من المرسل بالفتح اى حال كونك محقا او صفة لمصدر محذوف اى إرسالا مصحوبا بالحق وأرسلناك بالدين الحق الذي هو الإسلام او بالقرآن بَشِيراً حال كونك بشيرا للمؤمنين بالجنة: وبالفارسية [مژده دهنده] وَنَذِيراً منذرا للكافرين بالنار: وبالفارسية [بيم كننده] وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ اى ما من امة من الأمم السالفة واهل عصر من الاعصار الماضية الْأَخِلَّاءُ مضى قال الراغب الخلاء المكان الذي لا ساتر فيه من بناء وساكن وغيرهما. والخلو يستعمل فى الزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضىّ فسر اهل اللغة قولهم خلا الزمان بقولهم مضى وذهب فِيها اى فى تلك الامة نَذِيرٌ [بيم وآگاه كننده] من نبى او عالم ينذرهم والاكتفاء بالإنذار لانه هو المقصود الأهم من البعثة قال فى الكواشي واما فترة عيسى فلم يزل فيها من هو على دينه وداع الى الايمان وفى كشف الاسرار والآية تدل على ان كل وقت لا يخلو من حجة خبرية وان أول الناس آدم وكان مبعوثا الى أولاده ثم لم يخل بعده زمان من صادق مبلغ عن الله او آمر يقوم مقامه فى البلاغ والأداء حين الفترة وقد قال تعالى (أيحسب الإنسان ان يترك سدى) لا يؤمر ولا ينهى فان قيل كيف يجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى (لتنذر قوما ما انذر آباؤهم فهم غافلون) قلت معنى الآية ما من امة من الأمم الماضية الا وقد أرسلت إليهم رسولا ينذرهم على كفرهم ويبشرهم على ايمانهم اى سوى أمتك التي بعثناك إليهم يدل على ذلك قوله (وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) وقوله (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) وقيل المراد ما من امة هلكوا بعذاب الاستئصال الا بعد ان أقيم عليهم الحجة بإرسال الرسول بالاعذار والانذار انتهى ما فى كشف الاسرار وهذا الثاني هو الأنسب بالتوفيق بين الآيتين يدل عليه ما بعده من قوله (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ الخ) والا فلا يخفى ان اهل الفترة ما جاءهم نذير على ما نطق به قوله تعالى (ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) ويدل(7/340)
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (25) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (26) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27)
ايضا ان كل امة أنذرت من الأمم ولم تقبل استؤصلت فكل امة مكذبة معذبة بنوع من العذاب وتمام التوفيق بين الآيتين يأتى فى يس وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ [واگر معاندان قريش ترا دروغ زن دارند وبر تكذيب استمرار نمايند پس بايشان وبتكذيب آنان مبالات مكن] فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم العاتية أنبياءهم جاءَتْهُمْ [آمدند بديشان] وهو وما بعده استئناف او حال اى كذب المتقدمون وقد جاءتهم رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ اى المعجزات الظاهرة الدالة على صدق دعواهم وصحت نبوتهم وَبِالزُّبُرِ كصحف شيث وإدريس وابراهيم عليهم السلام جمع زبور بمعنى المكتوب من زبرت الكتاب كتبته كتابة غليظة وكل كتاب غليظ الكتابة يقال له زبور كما فى المفردات وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ اى المظهر للحق الموضح لما يحتاج اليه من الاحكام والدلائل والمواعظ والأمثال والوعد والوعيد ونحوها كالتوارة والإنجيل والزبور على ارادة التفصيل دون الجمع اى بعض هذه المذكورات جاءت بعض المكذبين وبعضها بعضهم لا ان الجميع جاءت كلا منهم ثُمَّ أَخَذْتُ بانواع العذاب الَّذِينَ كَفَرُوا ثبتوا على الكفر وداوموا عليه وضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بما فى حيز الصلة والاشعار بعلية الاخذ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ اى إنكاري بالعقوبة وتعييرى عليهم: وبالفارسية [پس چكونه بود انكار من بر ايشان بعذاب وعقاب] قال فى كشف الاسرار [پيدا كردن نشان ناخوشنودى چون بود حال كردانيدن من چون ديدى] قال ابن الشيخ الاستفهام للتقرير فانه عليه السلام علم شدة الله عليهم فحسن الاستفهام على هذا الوجه فى مقابلة التسلية يحذر كفار هذه الامة بمثل عذاب الأمم المكذبة المتقدمة والعاقل من وعظ بغيره
نيك بخت آنكسى بود كه دلش ... آنچهـ نيكى دروست بپذيرد
ديكرانرا چو پند داده شود ... او از ان پند بهره بركيرد
ويسلى ايضا رسوله عليه السلام فان التكذيب ليس ببدع من قريش فقد كان اكثر الأولين مكذبين وجه التسلي انه عليه السلام كان يحزن عليهم وقد نهى الله عن الحزن بقوله (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) وذلك لانهم كانوا غير مستعدين لما دعوا اليه من الايمان والطاعة فتوقع ذلك منهم كتوقع الجوهرية من الحجر القاسي
توان پاك كردن ز ژنك آينه ... وليكن نيايد ز سنك آينه
مع ان الحزن للحق لا يضيع كما ان امرأة حاضت فى الموقف فقالت آه فرأت فى المنام كأن الله تعالى يقول أما سمعت انى لا أضيع اجر العاملين وقد أعطيتك بهذا الحزن اجر سبعين حجة قال بعض الكبار لا يخفى ان اجر كل نبى فى التبليغ يكون على قدر ما ناله من المشقة الحاصلة له من المخالفين وعلى قدر ما يقاسيه منهم وكل من رد رسالة نبى ولم يؤمن بها أصلا فان لذلك النبي اجر المصيبة وللمصاب اجر على الله بعدد من رد رسالته من أمته بلغوا ما بلغوا وقس على هذا حال الولي الوارث الداعي الى الله على بصيرة أَلَمْ تَرَ الاستفهام تقريرى والرؤية قلبية اى ألم تعلم يعنى قد علمت يا محمد او يا من يليق به الخطاب أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ بقدرته(7/341)
وحكمته مِنَ السَّماءِ اى من الجهة العلوية سماء او سحابا ماءً مطرا فَأَخْرَجْنا بِهِ اى بذلك الماء. والالتفات من الغيبة الى التكلم لاظهار كمال الاعتناء بفعل الإخراج لما فيه من الصنع البديع المنبئ عن كمال القدرة والحكمة ولان الرجوع الى نون العظمة اهيب فى العبارة وقال الكاشفى [عدول متكلم جهت تخصيص فعل است يعنى ما تواناييم كه بيرون آريم بدان آب] ثَمَراتٍ جمع ثمرة وهى اسم لكل ما يطعم من أحمال الشجر مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وصف سببى للثمرات اى أجناسها من الرمان والتفاح والتين والعنب وغيرها او أصنافها على ان كلا منها ذو اصناف مختلفة كالعنب فان اصنافه تزيد على خمسين وكالتمر فان اصنافه تزيد على مائة او هيآتها من الصفرة والحمرة والخضرة والبياض والسواد وغيرها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ مبتدأ وخبر. والجدد جمع جدة بالضم بمعنى الطريقة التي يخالف لونها ما يليها سواء كانت فى الجبل او فى غيره والخطة فى ظهر الحمار تخالف لونه وقد تكون للظبى جدتان مسكيتان تفصلان بين لونى ظهره وبطنه ولما لم يصح الحكم على نفس الجدد بانها من الجبال احتيج الى تقدير المضاف فى المبتدأ اى ومن الجبال ما هو دو جدد اى خطط وطرائق متلونة يخالف لونها لون الجبل فيؤول المعنى الى ان من الجبال ما هو مختلف ألوانه لان بيض صفة جدد وحمر عطف على بيض فتلا عليه السلام القرائن الثلاث فان ما قبلها فاخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها وما بعدها ومن الناس والدواب والانعام مختلف ألوانه اى منهم بعض مختلف ألوانه فلا بد فى القرينة المتوسطة بينهما من ارتكاب الحذف ليؤول المعنى الى ما ذكر فيحصل تناسب القرائن وفى المفردات اى طرائق ظاهرة من قولهم طريق مجدود اى مسلوك مقطوع ومنه جادة الطريق وفى الجلالين الطرائق تكون فى الجبال كالعروق بِيضٌ جمع ابيض صفة جدد وَحُمْرٌ جمع احمر وفى كشف الاسرار [واز كوهها راهها پيدا شده از روندكان خطها سپيد وخطها سرخ در كوههاى سپيد وكوههاى سرخ] حمل صاحب كشف الاسرار الجدد على الطرائق المسلوكة والظاهر هو الاول لان المقام لبيان ما هو خلقى على ان كون الطريقة بيضاء لا يستلزم كون الجبال كذلك إذ للجبال عروق لونها يخالف لونها وكذا العكس وهو ان كون الجبل ابيض لا يقتضى كون الطريقة كذلك فمن موافق ومن مخالف مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها اى ألوان تلك الجدد البيض والحمر بالشدة والضعف. فقوله بيض وحمر وان كان صفة لجدد الا ان قوله مختلف ألوانها صفة لكل واحدة من الجدد البيض والحمر بمعنى ان بياض كل واحدة من الجدد البيض وكذا حمرة الجدد الحمر يتفاوتان بالشدة والضعف. فقوله بيض وحمر وان كان صفة لجدد فرب ابيض أشد بياضا من ابيض آخر وكذا رب أحمر أشد حمرة من احمر آخر فنفس البياض مختلف وكذا نفس الحمرة فلذلك جمع لفظ ألوان مضافا الى ضمير كل واحد من البيض والحمر فيكون كل واحد منهما من قبيل
الكلى المشكك. ويحتمل ان يكون قوله مختلف ألوانها صفة ثالثة لجدد فيكون ضمير ألوانها للجدد فيكون تأكيدا لقوله بيض وحمر ويكون اختلاف ألوان الجدد بان يكون بعضها ابيض وبعضها احمر فتكون الحدد كلها على لونين بياض(7/342)
وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)
وحمرة الا انه عبر عن اللونين بالألوان لتكثر كل واحد منهما باعتبار محاله كذا فى حواشى ابن الشيخ يقول الفقير من شاهد جبال ديار العرب فى طريق الحج وغيرها وجد هذه الاقسام كلها فانها وجددها مختلفة متلونة وَغَرابِيبُ سُودٌ عطف على بيض فيكون من تفاصيل الجدد والصفات القائمة بها كالبيض والحمر كأنه قيل ومن الجبال ذو جدد بيض وحمر وسود غرابيب. وانما وسط الاختلاف لانه علم من الوصف بالغرابيب انه ليس فى الأسود اختلاف اللون بالشدة والضعف. ويجوز ان يكون غرابيب عطفا على جدد فلا يكون داخلا فى تفاصيل الجدد بل يكون قسيمها كأنه قيل ومن الجبال مخطط ذو جدد ومنها ما هو على لون واحد وهو السواد فالغرض من الآية اما بيان اختلاف ألوان طرائق الجبال كاختلاف ألوان الثمرات فترى الطرائق الجبلية من البعيد منها بيض ومنها حمر ومنها سود واما بيان اختلاف ألوان الجبال نفسها وكل منها اثر دال على القدرة الكاملة كذا فى حواشى ابن الشيخ. والغرابيب جمع غربيب كعفريت يقال اسود غربيب اى شديد السواد الذي يشبه لون الغراب وكذا يقال اسود حالك كما يقال اصفر فاقع وابيض يقق محركة واحمر قان لخالص الصفرة وشديد البياض والحمرة وفى الحديث (ان الله يبغض الشيخ الغربيب) يعنى الذي يخضب بالسواد كما فى تفسير القرطبي والذي لا يشيب كما فى المقاصد الحسنة والسود جمع اسود فان قلت إذا كان الغربيب تأكيدا للاسود كالفاقع مثلا للاصفر ينبغى ان يقال وسود غرابيب بتقديم السود إذ من حق التأكيد ان يتبع المؤكد ولا يتقدم عليه قلت الغرابيب تأكيد لمضمر يفسره ما بعده والتقدير سود غرابيب سود فالتأكيد إذا متأخر عن المؤكد وفى الإضمار ثم الإظهار مزيد تأكيد لما فيه من التكرار وهذا أصوب من كون السود بدلا من الغرابيب كما ذهب اليه الأكثر حتى صاحب القاموس كما قال واما غرابيب سود بدل لان تأكيد الألوان لا يتقدم وَمِنَ النَّاسِ [واز آدميان] وَالدَّوَابِّ [واز چهار پايان] جمع دابة وهى ما يدب على الأرض من الحيوان وغلب على ما يركب من الخيل والبغال والحمير ويقع على المذكر وَالْأَنْعامِ [واز چرندكان] جمع نعم محركة وقد يسكن عينه الإبل والبقر والضأن والمعز دون غيرها فالخيل والبغال والحمير خارجة عن الانعام والمعنى ومنهم بعض مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ او وبعضهم مختلف ألوانه بان يكون ابيض واحمر واسود ولم يقل هنا ألوانها لان الضمير يعود الى البعض الدال عليه من كَذلِكَ تم الكلام هنا وهو مصدر تشبيهى لقوله مختلف اى صفة لمصدر مؤكد تقديره مختلف اختلافا كائنا كذلك اى كاختلاف الثمار والجبال إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ يعنى [هر كه نداند قدرت خدايرا بر آفريدن اشيا وعالم نبود بتحويل هر چيزى از حالى بحالي چكونه از خداى تعالى ترسد (إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ) إلخ وفى الإرشاد وهو تكملة لقوله تعالى (إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) بتعيين من يخشاه من الناس بعد بيان اختلاف طبقاتهم وتباين مراتبهم اما فى الأوصاف المعنوية فبطريق التمثيل واما فى الأوصاف الصورية فبطريق التصريح توفية لكل واحدة منها حقها اللائق بها من البيان(7/343)
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29)
اى انما يخشاه تعالى بالغيب العالمون به وبما يليق به من صفاته الجليلة وأفعاله الجميلة لما ان مدار الخشية معرفة المخشى والعلم بشؤونه فمن كان اعلم به تعالى كان أخشى منه كما قال عليه السلام (انا أخشاكم لله وأتقاكم له) ولذلك عقب بذكر أفعاله الدالة على كمال قدرته وحيث كان الكفرة بمعزل عن هذه المعرفة امتنع إنذارهم بالكلية انتهى. وتقديم المخشى وهو المفعول للاختصاص وحصر الفاعلية اى لا يخشى الله من بين عباده الا العلماء ولو اخر لانعكس الأمر وصار المعنى لا يخشون الا الله وبينهما تغاير ففى الاول بيان ان الخاشين هم العلماء دون غيرهم وفى الثاني بيان ان المخشى منه هو الله دون غيره وقرأ ابو حنيفة وعمر بن عبد العزيز وابن سيرين برفع اسم الله ونصب العلماء على ان الخشية استعارة للتعظيم فان المعظم يكون مهيبا فالمعنى انما يعظمهم الله من بين جميع عباده كما يعظم المهيب المخشى من الرجال بين الناس وهذه القراءة وان كانت شاذة لكنها مفيدة جدا وجعل عبد الله بن عمر الخشية بمعنى الاختيار اى انما يختار الله من بين عباده العلماء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ [غالبست در انتقام كشيدن از كسى كه نترسد از عقوبت او] غَفُورٌ للخاشين وهو تعليل لوجوب الخشية لدلالته على انه معاقب للمصر على طغيانه غفور للتائب من عصيانه ومن حق من هذه صفته ان يخشى قيل الخشية تألم القلب بسبب توقع مكروه فى المستقبل يكون تارة بكثرة الجناية من العبد وتارة بمعرفة جلال الله وهيبته وخشية الأنبياء من هذا القبيل فعلى المؤمن ان يجتهد فى تحصيل العلم بالله حتى يكون أخشى الناس فبقدر مراتب العلم تكون مراتب الخوف والخشية- روى- عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل يا رسول الله أينا اعلم قال (أخشاكم لله سبحانه وتعالى انما يخشى الله من عباده العلماء) قالوا يا رسول الله فأى الاصحاب أفضل قال (من إذا ذكرت الله اعانك وإذا نسيت ذكرك) قالوا فأى الاصحاب شر قال (الذي إذا ذكرت لم يعنك وإذا نسيت لم يذكرك) قالوا فأى الناس شر قال (اللهم اغفر للعلماء العالم إذا فسد فسد الناس) كذا فى تفسير ابى الليث علم چندانكه بيشتر خوانى چون عمل در تو نيست نادانى نسأل الله سبحانه ان يجعلنا عالمين ومحققين وفى الخوف والخشية صادقين ومحققين إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ اى يداومون على تلاوة القرآن ويعملون بما فيه إذ لا تنفع التلاوة بدون العمل والتلاوة القراءة أعم متتابعة كالدراسة والأوراد الموظفة والقراءة منها لكن التهجي وتعليم الصبيان لا يعد قراءة ولذا قالوا لا يكره التهجي للجنب والحائض والنفساء بالقرآن لانه لا يعد قارئا وكذا لا يكره لهم التعليم للصبيان وغيرهم حرفا حرفا وكلمة كلمة مع القطع بين كل كلمتين وَأَقامُوا الصَّلاةَ بآدابها وشرائطها وغاير بين المستقبل والماضي لان اوقات التلاوة أعم بخلاف اوقات الصلاة وكذا اوقات الزكاة المدلول عليها بقوله وَأَنْفَقُوا فى وجوه البر: يعنى [از دست بيرون كنند درويشانرا] مِمَّا رَزَقْناهُمْ أعطيناهم: يعنى [از آنچهـ روزى داده ايم ايشانرا سِرًّا وَعَلانِيَةً وهى ضد السر واكثر ما يقال ذلك فى المعاني دون الأعيان يقال اعلنته فعلن اى فى السر والعلانية او انفاق سر وعلانية او ذوى سر وعلانية بمعنى مسرين ومعلنين كيفما اتفق من غير قصد إليهما وقال الكاشفى (سِرًّا) [پنهان از خوف آنكه بريا آميخته نكردد (وَعَلانِيَةً)(7/344)
لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31)
وآشكار بطمع آنكه سبب رغبت ديگران گردد بتصدق] فالاولى هى المسنونة والثانية هى المفروضة وفيهما اشارة الى علم الباطن والظاهر وفيه بعث للمنفق على الصدقة فى سبيل الله فى عموم الأوقات والأحوال يَرْجُونَ خبر ان تِجارَةً تحصيل ثواب بالطاعة والتاجر الذي يبيع ويشترى وعمله التجارة وهى التصرف فى رأس المال طالبا للربح قيل وليس فى كلامهم تاء بعدها جيم غير هذه اللفظة واما تجاه فاصله وجاه وتجوب فالتاء فيه للمضارعة لَنْ تَبُورَ البوار فرط الكساد والوصف بائر. ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد عبر بالبوار عن الهلاك مطلقا ومن الهلاك المعنوي ما فى قولهم خذوا الطريق ولو دارت وتزوجوا البكر ولو بارت واسكنوا المدن ولو جارت. والمعنى لن تكسد ولن تهلك مطلقا بالخسران أصلا: وبالفارسية [فاسد نبود وزيان بدان نرسيد بلكه در روز قيامت متاع اعمال ايشان رواجى تمام يابد] قال فى الإرشاد قوله (لَنْ تَبُورَ) صفة للتجارة جىء بها للدلالة على انها ليست كسائر التجارات الدائرة بين الربح والخسران لانه اشتراء باق بفان والاخبار برجائهم من أكرم الأكرمين عدة قطعية بحصول مرجوهم لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ [التوفية: تمام بدادن] والاجر ثواب العمل وهو متعلق بلن تبور على معنى انه ينتفى عنها الكساد وتنفق عند الله ليوفيهم بحسب أعمالهم وخلوص نياتهم أجور أعمالهم من التلاوة والاقامة والانفاق فلا وقف على لن تبور وَيَزِيدَهُمْ [وزياده كند بر ثواب ايشانرا] مِنْ فَضْلِهِ اى جوده وتفضله وخزائن رحمته ما يشاء مما لم يخطر ببالهم عند العمل ولم يستحقوا له بل هو كرم محض ومن فضله يوم القيامة نصبهم فى مقام الشفاعة ليشفعوا فيمن وجبت لهم النار من الأقرباء وغيرهم إِنَّهُ غَفُورٌ تعليل لما قبله من التوفية والزيادة اى غفور لفرطاتهم وفى بحر العلوم ستار لكل ما صدر عنهم مما من شأنه ان يستر محاءله عن قلوبهم وعن ديوان الحفظة شَكُورٌ لطاعاتهم اى مجازيهم عليها ومثيب وفى التأويلات النجمية غفور يغفر تقصيرهم فى العبودية شكور يشكر سعيهم مع التقصير بفضل الربوبية قال ابو الليث الشكر على ثلاثة أوجه. الشكر ممن دونه يكون بالطاعة وترك مخالفته. والشكر ممن هو شكله يكون بالجزاء والمكافاة. والشكر ممن فوقه يكون رضى منه باليسير كما قال بعضهم الشكور هو المجازى بالخير الكثير على العمل اليسير والمعطى بالعمل فى ايام معدودة نعما فى الآخرة غير مجذوذة ومن عرف انه الشكور شكر نعمته وآثر طاعته وطلب رحمته وشهد منته قال الغزالي رحمه الله واحسن وجوه الشكر لنعم الله ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعاته وخاصية هذا الاسم انه لو كتبه احدى وأربعين مرة من به ضيق فى النفس وتعب فى البدن وثقل فى الجسم وتمسح به وشرب منه برىء بإذن الله تعالى وان تمسح به ضعيف البصر على عينيه وجد بركة ذلك وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وهو القرآن ومن للتبيين او للجنس او للتبعيض هُوَ الْحَقُّ الصدق لا كذب فيه ولا شك مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ اى حال كونه موافقا لما قبله من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء فى العقائد واصول الاحكام وهو حال مؤكدة اى احقه مصدقا لان حقيته لا تنفك عن هذا التصديق إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ(7/345)
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)
متعلق بقوله لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ وتقديمه عليه لمراعاة الفاصلة التي على حرف الراء اى محيط ببواطن أمورهم وظواهرها فلو كان فى أحوالك ما ينافى النبوة لم يوح إليك مثل هذا الحق المعجز الذي هو عيار على سائر الكتب يعرف صدقها منه وتقديم الخبير للتنبيه على ان العمدة فى ذلك العلم والإحاطة هى الأمور الروحانية وفى التأويلات النجمية (إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ) من اهل السعادة واهل الشقاوة (لَخَبِيرٌ) لانه خلقهم (بَصِيرٌ) بما يصدر منهم من الأخلاق والأعمال انتهى فقد اعلم الله تعالى حقية القرآن ووعد على تلاوته والعمل به الاجر الكثير ولا يحصل اجر التلاوة للامى إذ لا تلاوة له بل للقارىء فلا بد من التعلم والاشتغال فى جميع الأوقات:
قال المولى الجامى
چون ز نفس وحديثش آيى تنك ... بكلام قديم كن آهنك
مصحفى جو چوشاهد مهوش ... بوسه زن در كنار خويشش كش
حرف او كن حواس جسمانى ... وقف او كن قواى روحانى
دل بمعنى زبان بلفظ سپار ... چشم بر خط نه ونقط بگذار
وفى الحديث (إذا كان يوم القيامة وضعت منابر من نور مطوقة ينور عند كل منبر ناقة من نوق الجنة ينادى مناد اين من حمل كتاب الله اجلسوا على هذه المنابر فلا روع عليكم ولا حزن حتى يفرغ الله مما بينه وبين العباد فاذا فرغ الله من حساب الخلق حملوا على تلك النوق الى الجنة) وفى الحديث (ان أردتم عيش السعداء وموت الشهداء والنجاة يوم الحشر والظل يوم الحرور والهدى يوم الضلالة فادرسوا القرآن فانه كلام الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان فى الميزان) ذكر فى القنية ان الصلاة على النبي عليه السلام والدعاء والتسبيح أفضل من قراءة القرآن فى الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها. فالمستحب بعد الفجر مثلا ذكر الله تعالى كما هو عادة الصوفية الى ان تطلع الشمس فان هذا الوقت وان جاز فيه قضاء الفوائت وسجدة التلاوة وصلاة الجنازة ولكن يكره التطوع فهو منهى عنه فيه وكذا المنذورة وركعتا الطواف وقضاء تطوع إذا أفسده لانها ملحقة بالنفل إذ سبب وجوبها من جهته جعلنا الله وإياكم من المغتنمين بتلاوة كتابه والمتشرفين بلطف خطابه والواصلين الى الأنوار والاسرار ثُمَّ للترتيب والتأخير اى بعد ما أوحينا إليك او بعد كتب الأولين كما دل ما قبله على كل منهما وسئل الثوري على ماذا عطف بقوله ثم قال على ارادة الأزل والأمر المقضى اى بعد ما أردنا فى الأزل أَوْرَثْنَا الْكِتابَ اى ملكنا بعظمتنا ملكا تاما وأعطينا هذا القرآن عطاء لا رجوع فيه قال الراغب الوراثة انتقال قينة إليك عن غيرك من غير عقد ولا ما يجرى مجرى العقد وسمى بذلك المنتقل عن الميت ويقال لكل من حصل له شىء من غير تعب قدورث كذا انتهى وسيأتى بيانه الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا الموصول مع صلته مفعول ثان لاورثنا. والاصطفاء فى الأصل تناول صفو الشيء بالفارسية [بركزيدن وعباد اينجا بموضع كرامت است اگر چهـ كه نسبت عبوديت آدم را حقيقت است] كما فى كشف الاسرار والمعنى بالفارسية [آنان را كه بركزيديم از بندگان ما «وهم الامة باسرهم»(7/346)
زيرا آن روز كه اين آيت آمد مصطفى عليه السلام سخت شاد شد واز شادى كه بوى رسيد سه بار بكفت] أمتي ورب الكعبة والله تعالى اصطفاهم على سائر الأمم كما اصطفى رسولهم على جميع الرسل وكتابهم على كل الكتب وهذا الايراث للمجموع لا يقتضى الاختصاص بمن يحفظ جميع القرآن بل يشمل من يحفظ منه جزأ ولو انه الفاتحة فان الصحابة رضى الله عنهم لم يكن واحد منهم يحفظ جميع القرآن ونحن على القطع بانهم مصطفون كما فى المناسبات قال الكاشفى [عطارا ميراث خواند چهـ ميراث مالى باشد كه بى تعب طلب بدست آيد همچنين عطيه قرآن بى جست وجوى مؤمنان بمحض عنايت ملك منان بديشان رسيد وبيكانكان را در ميراث دخل نيست دشمنان نيز وبهرهاى اهل قرآن متفاوتست هر كس بقدر استحقاق واندازه استعداد خود از حقائق قرآن بهره مند شوند] زين بزم يكى جرعه طلب كرد يكى جام وفى التأويلات النجمية انما ذكر بلفظ الميراث لان الميراث يقتضى صحة النسب او صحة السبب على وجه مخصوص فمن لا سبب له ولا نسب له فلا ميراث له فالسبب هاهنا طاعة العبد والنسب فضل الرب فاهل الطاعة هم اهل الجنة كما قال تعالى (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) فهم ورثوا الجنة بسبب الطاعة واصل وراثتهم بالسببية المبايعة التي جرت بينهم وبين الله بقوله (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) فهؤلاء أطاعوا الله بانفسهم وأموالهم فادخلهم الله الجنة جزاء بما كانوا يعملون واهل الفضل هم اهل الله وفضله معهم بان أورثهم المحبة والمعرفة والقربة كما قال (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) الآية ولما كانت الوراثة بالسبب والنسب وكان السبب جنسا واحدا كالزوجية وهما صاحبا الفرض وكان النسب من جنسين الأصول كالآباء والأمهات والفروع كل ما يتولد من الأصول كالاولاد والاخوة والأخوات وأولادهم والأعمام وأولادهم وهم صاحب فرض وعصبية فصار مجموع الورثة ثلاثة اصناف صنف صاحب الفرض بالسبب وصنف صاحب الفرض بالنسب وصنف صاحب الباقي وهم العصبة كذلك الورثة هاهنا ثلاثة اصناف كما قال تعالى فَمِنْهُمْ اى من الذين اصطفينا من عبادنا ظالِمٌ لِنَفْسِهِ فى
العمل بالكتاب وهو المرجأ لامر الله اى الموقوف امره لامر الله اما يعذبه واما يتوب عليه وذلك لانه ليس من ضرورة وراثة الكتاب مراعاته حق رعايته لقوله تعالى (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا) الآية ولا من ضرورة الاصطفاء المنع عن الوصف بالظلم هذا آدم عليه السلام اصطفاه الله كما قال (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ) وهو القائل (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) الآية سئل ابو يزيد البسطامي قدس سره أيعصى العارف الذي هو من اهل الكشف فقال نعم (وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً) يعنى ان كان الحق قدر عليه فى سابق علمه شيأ فلا بد من وقوعه واعلم ان الظلم ثلاثة. ظلم بين الإنسان وبين الله وأعظمه الكفر والشرك والنفاق وظلم بينه وبين الناس. وظلم بينه وبين نفسه وهو المراد بما فى الآية كما فى المفردات وتقديم الظلم بالذكر لا يدل على تقديمه فى الدرجة لقوله تعالى (فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ)
كما فى(7/347)
الاسئلة المقحمة وقال بعضهم قدم الظالم لكثرة الفاسقين ولان الظلم بمعنى الجهل والركون الى الهوى مقتضى الجبلة والاقتصاد والسبق عارضان وقال ابو الليث الحكمة فى تقديم الظالم وتأخير السابق كى لا يعجب السابق بنفسه ولا ييأس الظالم من رحمة الله يعنى [ابتداء بظالم كرد تا شرم زده نكردند وبرحمت بى غايت او اميدوار باشند]
نيايد از من آلوده طاعت خالص ... ولى برحمت وفضلت اميدوارى هست
وقال القشيري فى الإرث يبدأ بصاحب الفرض وان قل نصيبه فكذا هاهنا بدأ بالظالم ونصيبه اقل من نصيب الآخرين [وكفته اند تقديم ظالم از روى فضلست وتأخيرش از راه عدل وحق سبحانه فضل را از عدل دوستر دارد وتأخير سابق جهت آنست كه تا بثواب كه دخول جنانست اقرب باشد يا بجهت آنكه اعتماد بر عمل خود نكند وبطاعت معجب نكردد كه عجب آتشيست كه چون برافروخته شود هزار خرمن عبادت بدو سوخته شود]
اى پسر عجب آتشى عجبست ... كرم ساز تنور بو لهبست
هر كجا شعله ازو افروخت ... هر چهـ از علم وزهد ديد بسوخت
وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ يعمل بالكتاب فى اغلب الأوقات ولا يخلو من خلط الشيء: وبالفارسية [وهست از ايشان كه راه ميان رفت نه هنر سابقان ونه تفريط ظالمان] فان الاقتصاد بالفارسية [ميان رفتن در كار] وانما قال مقتصد بصيغة الافتعال لان ترك الإنسان للظلم فى غاية الصعوبة وَمِنْهُمْ سابِقٌ اصل السبق التقدم فى السير ويستعار لاحراز الفضل فالمعنى متقدم الى ثواب الله وجنته ورحمته بِالْخَيْراتِ بالأعمال الصالحة بضم التعليم والإرشاد الى العلم والعمل والخير ما يرغب فيه الكل كالعقل والعدل والفضل والشيء النافع وضده الشر قال بعض الكبار وهذه الخيرات على قسمين. قسم من كسب العبد بتقديم الخيرات. وقسم من فضل الرب بتواتر الجذبات الى ان يسبق على الظالم لنفسه وعلى المقتصد بالسير بالله فى الله وان كان مسبوقا بالذكر فى الأخير كما كان حال النبي عليه السلام مسبوقا بالخروج فى آخر الزمان للرسالة سابقا بالرجوع الى الحضرة ليلة المعراج على جميع الأنبياء والرسل كما اخبر عن حال نفسه وحال سابقى أمته بقوله (نحن الآخرون السابقون) اى الآخرون خروجا فى عالم الصورة السابقون وصولا الى عالم الحقيقة وعن جعفر الصادق رضى الله عنه بدأ بالظالمين اخبارا انه لا يتقرب اليه الا بكرمه وان الظلم لا يؤثر فى الاصطفاء ثم ثنى بالمقتصدين لانهم بين الخوف والرجاء ثم ختم بالسابقين لئلا يأمن أحد مكره وكلهم فى الجنة بحرمة كلمة الإخلاص وقد روى ان عمر رضى الله عنه قال على المنبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له) وقال ابو بكر بن الوراق رتبهم هذا الترتيب على مقامات الناس لان احوال العبد ثلاث معصية وغفلة ثم توبة ثم قربة فاذا عصى دخل فى حيز الظالمين وإذا تاب دخل فى جملة المقتصدين وإذا صحت التوبة وكثرت العبادة والمجاهدة دخل فى عداد السابقين. والسابق على ضربين سابق ولد سابقا وعاش سابقا ومات سابقا وسابق ولد سابقا وعاش ظالما ومات سابقا فاسم الظالم عليهم عارية إذا ولدوا سابقين(7/348)
وماتوا سابقين ولا عبرة بالظلم العارض بل العبرة بالأزل والابد لا بالبرزخ بينهما فاما من ولد ظالما وعاش ظالما ومات ظالما من هذه الامة فهو من اهل الكبائر الذين قال النبي عليه السلام فيهم (شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي) فعلى هذا المقتصد من مات على التوبة والسابق من عاش فى الطاعة ومات فى الطاعة. او السابق هو الذي ترجحت حسناته بحيث صارت سيآته مكفرة وهو معنى قوله عليه السلام (اما الذين سبقوا فاولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) . واما المقتصد فاولئك يحاسبون حسابا يسيرا. واما الذين ظلموا فاولئك يحبسون فى طول المحشر ثم يتلقاهم الله برحمته وهاهنا مقالات اخر كثيرة ذكرنا بعضا منها على ترتيب الآية وهو ان المراد بالطوائف الثلاث التالي للقرآن تلاوة مجردة والقارئ له العامل به والقارئ العامل بما فيه والمعلم له. او من استغنى بماله ومن استعنى بدينه ومن استغنى بربه. او الذي يدخل المسجد وقد أقيمت الصلاة والذي يدخله وقد اذن والذي يدخله قبل تأذين المؤذن وانما كان الاول ظالما لانه نقص نفس الاجر فلم يحصل لها ما حصل لغيرها. او الذي يعبد الله على الغفلة والعادة والذي يعبده على الرغبة والرهبة والذي يعبده على الهيبة. او الذي شغله معاشه عن معاده والذي اشتغل بالمعاش والمعاد جميعا والذي شغله معاده عن معاشه. او من يرتكب المعاصي غير مستحل لها ولا جاحد تحريمها ومن لا يزيد من الطاعات على الفرائض والواجبات ومن يكثر الطاعات ويبلغ النهاية فيها مع اجتناب المعاصي. او من هو معذب ناج ومن هو معاتب ناج ومن هو مقرب ناج. او الذي ترك الحرام والذي ترك الشبهة والذي ترك الفضل فى الجملة. او الذي رجحت سيآته والذي ساوت حسناته سيآته والذي رجحت حسناته. او من ظاهره خير من باطنه ومن استوى ظاهره وباطنه ومن باطنه خير من ظاهره. او من اسلم بعد فتح مكة ومن اسلم بعد الهجرة قبل الفتح ومن اسلم قبل الهجرة. او اهل البدو: يعنى [اهل باديه كه نه كمر جهاد
بندند ونه دولت جماعت يابند] واهل الحضر اى الأمصار وهم اصحاب الجماعات والجمعات واهل الجهاد فى سبيل الله. او من لا يبالى من اين أخذ من الحلال او الحرام ومن أخذ من الحلال ومن ترك الدنيا لما انه فى حلالها حساب وفى حرامها عذاب. او الذي يطلب فوق القوت والكفاف والذي يطلب القوت لا الزيادة عليه والذي يتوكل على الله ويجعل جميع جهده فى طاعته. او الذي يدخل الجنة بشفاعة الشافعين والذي يدخلها برحمة الله وفضله والذي ينجو بنفسه وينجو غيره بشفاعته. او الذي يضيع العمر فى الشهوة والمعصية والذي يحارب فيهما والذي يجتهد فى الزلات لان محاربة الصديقين فى الزلات ومحاربة الزاهدين فى الشهوات ومحاربة التائبين فى الموبقات. او من يطلب الدنيا تمتعا ومن يطلبها تلذذا ومن يتركها تزاهدا. او الذي يطلب ما لم يؤمر بطلبه وهو الرزق والذي يطلب ما امر به وما لم يؤمر به والذي يطلب مرضاة الله ومحبته. او اصحاب الكبائر وارباب الصغائر والمجتنب عنهما جميعا فهذا القائل انما حمل الأمر على أشده. او من يشتغل بعيب غيره ولا يصلح عيب نفسه ومن يطلب عيب نفسه ويطمع فى عيب غيره ايضا ومن يشتغل بعيب نفسه ولا يطلب عيب غيره أصلا. او الجاهل والمتعلم والعالم [يا آنكه انصاف ستاند وندهد وآنكه هم ستاند وهم دهد وآنكه او دهد(7/349)
ونستاند يا طالب نجات ودرجات ومناجات يا ناظر از خود بخود ونكرنده از خود بآخرت وناظر از حق بحق يا آنكه پيوسته در خواب غفلت باشد وآنكه كاهى بيدار كردد وآنكه هميشه بيدار بود] . او الزاهد لانه ظلم نفسه بترك حظه من الدنيا والعارف والمحب. او الذي يجزع عند البلاء والصابر على البلاء والمتلذذ بالبلاء. او من ركن الى الدنيا ومن ركن الى العقبى ومن ركن الى المولى
نعيم هر دو جهان ميكنند بر ما عرض ... دل از ميانه تمنا ندارد الا دوست
. او من جاد بنفسه ومن جاد بقلبه ومن جاد بروحه. او من له علم اليقين ومن له عين اليقين ومن له حق اليقين. او الذي يحب الله لنفسه والذي يحبه له والذي أسقط عنه مراده لمراد الحق لم ير لنفسه طلبا ولا مرادا لغلبة سلطان الحق عليه. او من يراه فى الآخرة بمقدار ايام الدنيا فى كل جمعة مرة ومن يراه فى كل يوم مرة ومن هو غير محجوب عنه ولو ساعة. او من هو فى ميدان العلم ومن هو فى ميدان المعرفة ومن هو فى ميدان الوجد. او السالك والمجذوب والمجذوب السالك فالسالك هو المتقرب والمجذوب هو المقرب والمجذوب السالك هو المستهلك فى كمالات القرب الفاني عن نفسه الباقي بربه. او من هو مضروب بسوط الأمل مقتول بسيف الحرص مضطجع على باب الرجاء ومن هو مضروب بسوط الحسرة مقتول بسيف الندامة مضطجع على باب الكرم ومن هو مضروب بسوط المحبة مقتول بسيف الشوق مضطجع على باب الهيبة
اگر عاشقى خواهى آموختى ... بكشتن فرج يابى از سوختن
مكن كريه بر كور مقتول دوست ... قل الحمد لله كه مقبول اوست
فالظالم على هذه الأقاويل كلها هو المؤمن واما قول من قال الظالم لنفسه آدم عليه السلام والمقتصد ابراهيم عليه السلام والسابق محمد عليه السلام ففيه ان الآية فى حق هذه الامة الا ان يعاد الضمير فى قوله منهم الى العباد مطلقا فان قلت هل يقال ان آدم ظلم نفسه قلت هو قد اعترف بالظلم لنفسه فى قوله (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) وان كان الأدب الإمساك عن مثل هذا المقال فى حقه وان كان له وجه فى الجملة كما قال الراغب الظلم يقال فى مجاوزة الحق الذي يجرى مجرى نقطة الدائرة ويقال فيما يقل ويكثر من التجاوز ولهذا يستعمل فى الذنب الكبير والصغير ولذلك قيل لآدم ظالم فى تعديه ولابليس ظالم وان كان بين الظلمين بون بعيد انتهى بِإِذْنِ اللَّهِ جعله فى كشف الاسرار متعلقا بالاصناف الثلاثة على معنى ظلم الظالم وقصد المقتصد وسبق السابق بعلم الله وإرادته. والظاهر تعلقه بالسابق كما ذهب اليه اجلاء المفسرين على معنى بتيسيره وتوفيقه وتمكينه من فعل الخير لا باستقلاله وفيه تنبيه على عزة منال هذه الرتبة وصعوبة مأخذها قال القشيري قدس سره كأنه قال يا ظالم ارفع رأسك فانك وان ظلمت فما ظلمت الا نفسك ويا سابق اخفض رأسك فانك وان سبقت فما سبقت الا بتوفيقى ذلِكَ السبق بالخيرات هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ من الله الكبير لا ينال الا بتوفيقه او ذلك الا يراث والاختيار فيكون بالنظر الى جمع المؤمنين من الامة وكونه فضلا لان القرآن(7/350)
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38)
أفضل الكتب الالهية وهذه الامة المرحومة أفضل جميع الأمم السابقة وفى التأويلات النجمية اى الذي ذكر من الظالم مع السابق فى الايراث والاصطفاء ودخول الجنة ومن دقائق حكمته انه تعالى ما قال فى هذا المعرض الفضل العظيم لان الفضل العظيم فى حق الظالم ان يجمعه مع السابق فى الفضل والمقام كما جمعه معه فى الذكر جَنَّاتُ عَدْنٍ يقال عدن بمكان كذا إذا استقر ومنه المعدن لمستقر الجواهر كما فى المفردات اى بساتين استقرار وثبات واقامة بلا رحيل لانه لا سبب للرحيل عنها وهو اما بدل من الفضل الكبير بتنزيل السبب منزلة المسبب او مبتدأ خبره قوله تعالى يَدْخُلُونَها جمع الضمير لان المراد بالسابق الجنس وتخصيص حال السابقين وما لهم بالذكر والسكوت عن الفريقين الآخرين وان لم يدل على حرمانهما من دخول الجنة مطلقا لكن فيه تحذير لهما من التقصير وتحريض على السعى فى ادراك شئون السابقين وقال بعضهم المراد بالاصناف الثلاثة الكافر والمنافق والمؤمن او اصحاب المشأمة واصحاب الميمنة ومن أريد بقوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) او المنافقون والمتابعون بالإحسان واصحاب النبي عليه السلام او من يعطى كتابه وراء ظهره ومن يعطى كتابه بشماله ومن يعطى كتابه بيمينه فعلى هذه الأقوال لا يدخل الظالم فى الجنات لكونه غير مؤمن وحمل هذا القائل الاصطفاء على الاصطفاء فى الخلقة وإرسال الرسول إليهم وإنزال الكتاب والاول هو الأصح وعليه عامة اهل العلم كما فى كشف الاسرار قال ابو الليث فى تفسير أول الآية وآخرها دليل على ان الأصناف الثلاثة كلهم مؤمنون فاما أول الآية فقوله (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ) فاخبر انه اعطى الكتاب لهؤلاء الثلاثة واما آخر الآية فقوله (يَدْخُلُونَها) إذ لم يقل يدخلانها- وروى- عن كعب الأحبار انه قيل له ما منعك ان تسلم على يدى رسول الله عليه السلام قال كان ابى مكننى من جميع التوراة إلا ورقات منعنى ان انظر فيها فخرج ابى يوما لحاجة فنظرت فيها فوجدت فيها نعت امة محمد وان يجعلهم الله يوم القيامة ثلاثة أثلاث يدخلون الجنة بغير حساب وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ويدخلون الجنة وثلث تشفع لهم الملائكة والنبيون فاسلمت وقلت لعلى أكون من الصنف الاول وان لم أكن من الصنف الثاني او من الصنف الثالث فلما قرأت القرآن وجدتها فى القرآن وهو قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ) الى قوله (يَدْخُلُونَها) وفى التأويلات النجمية لما ذكرهم أصنافا ثلاثة رتبها ولما ذكر حديث الجنة والتنعم والتزين فيها ذكرهم على الجمع (جَنَّاتُ عَدْنٍ) الآية نبه على ان دخولهم الجنة لا باستحقاق بل بفضله وليس فى الفضل تميز فيما يتعلق بالنعمة دون ما يتعلق بالمنعم لان فى الخبر (ان من اهل الجنة من يرى الله سبحانه فى كل جمعة بمقدار ايام الدنيا مرة ومنهم من يراه فى كل يوم مرة ومنهم من هو غير محجوب عنه لحظة) كما سبق يُحَلَّوْنَ [التحلية: با زيور كردن] اى يلبسون على سبيل التزين والتحلي نساء ورجالا خبر ثان او حال مقدرة فِيها اى فى تلك الجنات مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ من الاولى تبعيضية والثانية بيانية. وأساور جمع اسورة وهو جمع سوار مثل كتاب وغراب معرب «دستواره» والمعنى يحلون بعض أساور من ذهب لانه أفضل من سائر افرادها اى بعضا سابقا لسائر الأبعاض(7/351)
وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34)
كما سبق المسورون به غيرهم وقال فى سورة هل اتى (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) قيل يجمع لهم الذهب والفضة جميعا وهو أجمل او بعضهم يحلون بالذهب وهم المقربون وبعضهم يحلون بالفضة وهم الأبرار وَلُؤْلُؤاً بالنصب عطفا على محل من أساور. واللؤلؤ الدر سمى بذلك لتلألئه ولمعانه والمعنى ويحلون لؤلؤا قال الكاشفى [چنانچهـ پادشاهان عجم] وقرىء بالجر عطفا على ذهب اى من ذهب مرصع باللؤلؤ ومن ذهب فى صفاء اللؤلؤ وذلك لانه لم يعهد الاسورة من نفس اللؤلؤ الا ان تكون بطريق النظم فى السلك وقال فى بحر العلوم عطف على ذهب فانهم يسورون بالجنسين أساور من ذهب ومن لؤلؤ وذلك على الله يسيروكم من امر من امور الآخرة يخالف امور الدنيا وهذا منها وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ لا كحرير الدنيا فانه لا يوجد من معناه فى الدنيا الا الاسم واللباس اسم ما يلبس: وبالفارسية [جامه و پوشش] والحرير من الثياب مارق كما فى المفردات وثوب يكون سداه ولحمته إبريسما وان كان فى الأصل الإبريسم المطبوخ كما فى القهستاني. ويحرم لبسه على الرجال دون النساء الا فى الحرب ولكن لا يصلى فيه الا ان يخاف العدو او لضرورة كحكة او جرب فى جسده او لدفع القمل ولا يلبسه وان لم يتصل بجلده وهو الصحيح وجاز ان يكون عروة القميص وزره حريرا كالعلم فى الثوب ولا بأس ان يشد خمارا اسود من الحرير على العين الرامدة والناظرة الى الثلج وان تكون التكة حريرا ورخص قدر اربع أصابع كما هى. وقيل مضمومة ولا يجمع المتفرق من الحرير. ويجوز عند الامام ان يجعل الحرير تحت رأسه وجنبه ويكره عندهما وبه أخذ اكثر المشايخ. وعلى هذا الخلاف تعليق الحرير على الجدر والأبواب ولا بأس بالجلوس على بساط الحرير والصلاة على السجادة منه وبوضع ملاءة الحرير على مهد الصبى. ويلبس الرجل فى الحرب وغيره بلا كراهة اجماعا ما سداه إبريسم ولحمته غيره سواء كان مغلوبا او غالبا او مساويا للحرير وهو الصحيح. ويلبس عكسه اى ما لحمته إبريسم وسداه غيره فى حرب فقط. وكره إلباس الصبى ذهبا او حريرا لئلا يعتاده والإثم على الملبس لان الفعل مضاف اليه. وكذا يكره كل لباس خلاف السنة والمستحب ان يكون من القطن والكتان او الصوف. وأحب الألوان البياض. ولبس الأخضر سنة. ولبس الأسود مستحب ولا بأس بالثوب الأحمر كما فى الزاهدي الكل من القهستاني وقد سبق باقى البيان فى سورة الحج وغيرها وَقالُوا اى ويقولون عند دخول الجنة حمدا لربهم على ما صنع بهم وصيغة الماضي للدلالة على التحقق:
وبالفارسية [وكويند اين جمع چون از حفره دوزخ برهند وبروضه بهشت برسند] الْحَمْدُ لِلَّهِ اى الإحاطة باوصاف الكمال لمن له تمام القدرة الَّذِي أَذْهَبَ أزال عَنَّا بدخولنا الجنة الْحَزَنَ الحزن بفتحتين والحزن بالضم والسكون واحد وهو خشونة الأرض وخشونة فى النفس لما يحصل فيه من الغم ويضاده الفرح وفى التأويلات النجمية سمى الحزن حزنا لحزونة الوقت على صاحبه وليس فى الجنة وهى جوار الحضرة حزونة وانما هى رضى واستبشار انتهى والمراد جنس الحزن سواء كان حزن الدنيا او حزن الآخرة من هم المعاش وحزن زوال النعم والجوع والعطش وقوت من الحلال وخوف السلطان ودغدغة التحاسد والتباغض وحزن الاعراض والآفات ووسوسة إبليس والسيئات(7/352)
الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)
ورد الطاعات وسوء العاقبة والموت واهوال يوم القيامة والنار والمرور على الصراط وخوف المفراق وتدبير الأحوال وغير ذلك وفى الحديث (ليس على اهل لا اله الا الله وحشة فى قبورهم ولا فى محشرهم ولا فى منشرهم وكأنى باهل لا اله الا الله يخرجون من قبورهم ينفضون التراب عن وجوههم ويقولون الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن) قال ابو سعيد الخراز قدس سره اهل المعرفة فى الدنيا كأهل الجنة فى الآخرة فتركوا الدنيا فى الدنيا فتنعموا وعاشوا عيش الجنانيين بالحمد والشكر بلا خوف ولا حزن
جنت نقدست اينجا ذوق ارباب حضور ... در دل ايشان نباشد حزن وغم تا نفخ صور
إِنَّ رَبَّنا المحسن إلينا مع اساءتنا لَغَفُورٌ للمذنبين فيبالغ فى ستر ذنوبهم الفائتة للحصر شَكُورٌ للمطيعين فيبالغ فى اثابتهم فان الشكر من الله الاثابة والجزاء الوفاق وفى التأويلات غفور للظالم لنفسه شكور للمقتصد والسابق وانما قدم ما للظالم رفقا بهم لضعف أحوالهم انتهى ثم وصفوا الله بوصف آخر هو شكر له فقالوا الَّذِي أَحَلَّنا أنزلنا يقال حلت نزلت من حل الأحمال عند النزول ثم جرد استعماله للنزول فقيل حل حلولا وأحله غيره والمحلة مكان النزول كما فى المفردات دارَ الْمُقامَةِ مفعول ثان لاحل وليست بظرف لانها محدودة. والمقامة بالضم مصدر تقول اقام يقيم اقامة ومقامة اى دار الاقامة التي لا انتقال عنها ابدا فلا يريد النازل بها ارتحالا منها ولا يراد به ذلك مِنْ فَضْلِهِ اى من انعامه وتفضله من غير ان يوجبه شىء من قبلنا من الأعمال فان الحسنات فضل منه ايضا فلا واجب عليه وذلك ان دخول الجنة بالفضل والرحمة واقتسام الدرجات بالأعمال والحسنات هذا مخلوق تحت رق مخلوق مثله لا يستحق على سيده عوضا لخدمته فكيف الظن بمن له الملك على الإطلاق أيستحق من يعبده عوضا على عبادته تعالى الله عما يقول المعتزلة من الإيجاب وفى التأويلات وبقوله (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ) من فضله كشف القناع عن وجه الأحوال كلها فدخل كل واحد من الظالم والمقتصد والسابق فى مقام أحله الله فيه من فضله لا بجهده وعمله وان الذي ادخله الله الجنة جزاء بعمله فتوفيقه للعمل الصالح ايضا من فضل الله وهذا حقيقة قوله عليه السلام (قبل من قبل لا لعلة ورد من رد لا لعلة) لا يَمَسُّنا المس كاللمس وقد يقال فى كل ما ينال الإنسان من أذى والمعنى: بالفارسية [نميرسد ما را] فِيها
اى فى دار الاقامة فى وقت من الأوقات نَصَبٌ تعب بدن ولا وجع كما فى الدنيا وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ كلال وفتور إذ لا تكليف فيها ولا كدّ: وبالفارسية [ماندكى وملال چهـ كلفتى ومحنتى نيست در وى بلكه همه عيش وحضور وفرح وسرورست] وإذا أرادوا ان يروه لا يحتاجون الى قطع مسافة وانتظار وقت بل هم فى غرفهم يلقون فيها تحية وسلاما وإذا رأوه لا يحتاجون الى تحديق مقلة فى جهة يرونه كما هم بلا كيفية كل صفة لهم أرادت الرؤية لقوله تعالى (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) والفرق بين النصب واللغوب ان النصب نفس المشقة والكلفة واللغوب ما يحدث منه من الفتور للجوارح قال ابو حيان هو لازم من تعب البدن فهى الجديرة لعمرى بان يقال فيها(7/353)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)
علياء لا تنزل الأحزان ساحتها ... لومسها حجر مسته سراء
والتصريح بنفي الثاني مع استلزام نفى الاول له وتكرير الفعل المنفي للمبالغة فى بيان انتفاء كل منهما- روى- عن الضحاك رحمه الله قال إذا دخل اهل الجنة الجنة استقبلهم الولدان والخدم كأنهم اللؤلؤ المكنون فبعث الله من الملائكة من معه هدية من رب العالمين وكسوة من كسوة الجنة فيلبسه فيريد ان يدخل الجنة فيقول الملك كما أنت ويقف ومعه عشرة خواتيم من خواتيم الجنة هدية من رب العالمين فيضعها فى أصابعه مكتوب فى أول خاتم منها (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) وفى الثاني مكتوب (ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ) وفى الثالث مكتوب (رفعت عنكم الأحزان والهموم) وفى الرابع مكتوب (زوجناكم الحور العين) وفى الخامس مكتوب (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) وفى السادس مكتوب (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا) وفى السابع مكتوب (أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) وفى الثامن مكتوب (صرتم آمنين لا تخافوا ابدا) وفى التاسع مكتوب (رافقتم النبيين والصديقين والشهداء) وفى العاشر مكتوب (فى جوار من لا يؤذى الجيران) ثم يقول الملك (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) فلما دخلوا (قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) الى آخر الآية [اى جوانمرد. قدر ترياق مار كزيده داند. قدر آتش سوزان پروانه داند. قدر پيرهن يوسف يعقوب غمكين داند او كه مغرور سلامت خويش است اگر او را ترياق دهى قدر آن چهـ داند جان بلب رسيده بايد تا قدر ترياق بداند درويشى دل شكسته غم خورده اندوه كشيده بايد تا قدر اين شناسد وعز اين خطاب بداند كه (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) باش تا فردا كه آن درويش دلريش را در حظيره قدس بر سرير سرور نشانند وآن غلمان وولدان چاكروار پيش تخت دولت او سماطين بر كشند شب محنت بپايان رسيده خورشيد سعادت از أفق كرامت بر آمده وحضرت عزت از الطاف وكرم روى بدرويش نهاده بزبان ناز ودلال همى كويد بنعت شكر (الْحَمْدُ لِلَّهِ) إلخ
نماند اين شب تاريك ميرسد سحرش ... نماند ابر ز خورشيد ميرود كدرش
نسأل الله الانكشاف وَالَّذِينَ كَفَرُوا جحدوا بوجود الله تعالى او بوحدته لَهُمْ بمقابلة كفرهم الذي هو اكبر الكبائر وأقبح القبائح نارُ جَهَنَّمَ التي لا تشبه نارا لا يُقْضى عَلَيْهِمْ لا يحكم عليهم بموت ثان: يعنى [وقتى كه در دوزخ باشند] فَيَمُوتُوا ويستريحوا من العذاب ونصبه بإضمار ان لانه جواب النفي وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها طرفة عين بل كلما خبت زيد استعارها: يعنى [هر كاه كه آتش فرو نشيند زياده كنند إحراق والتهاب او را] وقوله كلما خبت لا يدل على تخفيف عنهم بل على نقصان فى النار ثم يزداد كما فى كشف الاسرار قوله عنهم نائب مناب الفاعل ومن عذابها فى موقع النصب او بالعكس وان كانت زائدة يتعين له الرفع كَذلِكَ اى مثل هذا الجزاء الفظيع نَجْزِي [جزا ميدهيم] كُلَّ كَفُورٍ مبالغ فى الكفر او فى الكفران لاجزاء أخف وادنى منه وَهُمْ اى الكفار يَصْطَرِخُونَ فِيها يستغيثون: وبالفارسية [فرياد ميخواهند در(7/354)
دوزخ] والاصطراخ افتعال من الصراخ وهو الصياح بجهد وشدة دخلت الطاء فيه للمبالغة كدخولها فى الاصطبار والاصطفاء والاصطناع والاصطياد استعمل فى الاستغاثة بالفارسية [فرياد خواستن وشفاعت كردن خواستن] لجهر المستغيث صوته رَبَّنا بإضمار القول يقولون ربنا أَخْرِجْنا من النار وخلصنا من عذابها وردنا الى الدنيا نَعْمَلْ صالِحاً [عمل پسنديده] اى نؤمن بدل الكفر ونطيع بدل المعصية وذلك لان قبول الأعمال مبنى على الايمان غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قيدوا العمل الصالح بهذا الوصف اشعارا بانهم كانوا يحسبون ما فعلوه صالحا والآن تبين خلافه إذ كان هوى وطبعا ومخالفة: يعنى [اكنون عذاب را معاينه ديديم ودانستيم كه كردار ما در دنيا شايسته نبود] أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ جواب من جهته تعالى وتوبيخ لهم والهمزة للانكار والنفي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام [والتعمير: زندكانى دادن] والعمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة وما نكرة موصوفة او مصدر يراد به الزمان كقولك آتيك غروب الشمس [والتذكر: پند كرفتن] والمعنى ألم نعطكم مهلة ولم نعمركم عمرا او تعميرا او وقتا وزمنا يتذكر فيه من تذكر والى الثاني مال الكاشفى حيث قال بالفارسية [آيا زندكانى نداديم وعمر ارزانى نداشتيم شما را آن مقدار پند كيريد ودر ان عمر هر كه
خواهد كه پند كيرد] ومعنى يتذكر فيه اى يتمكن فيه المتذكر من التذكر والتفكر لشأنه وإصلاح حاله وان قصر الا ان التوبيخ فى المطاولة أعظم يعنى إذا بلغ حد البلوغ يفتح الله له نظر العقل فيلزم حينئذ على المكلف ان ينظر بنظر العقل الى المصنوعات فيعرف صانعها ويوحده ويطيعه فاذا بلغ الى الثماني عشرة او العشرين او ما فوق ذلك يتأكد التكليف ويلزم الحجة أشد من الاول وفى الحديث (اعذر الله الى امرئ واخر اجله حتى بلغ ستين سنة) اى أزال عذره ولم يبق منه موضعا للاعتذار حيث أمهله طول هذه المدة ولم يعتذر ولعل سر تعيين الستين ما قال عليه السلام (أعمار أمتي ما بين الستين الى السبعين) وأقلهم من يجوز ذلك فاذا بلغ الستين وجاوزها كانت السبعون آخر زمان التذكر لان ما بعدها زمان الهرم وفى الحديث (ان لله ملكا ينادى كل يوم وليلة أبناء الأربعين زرع قددنا حصاده وأبناء الستين ما قدمتم وما عملتم وأبناء السبعين هلموا الى الحساب) وكان الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره إذا قام اليه شاب ليتوب يقول يا هذا ما جئت حتى طلبوك ولا قدمت من سفر الجفاء حتى استحضروك يا هذا ما تركناك لما تركتنا ولا نسيناك لما نسيتنا أنت فى اعراضك وعيننا تحفظك ثم حركناك لقربنا وقدمناك لانسنا. وكان إذا قام اليه شيخ ليتوب يقول يا هذا اخطأت وابطأت كبرسنك وتمردجنك هجرتنا فى الصبى فعذرناك وبادرتنا فى الشباب فمهلناك فلما قاطعتنا فى المشيب مقتناك فان رجعت إلينا قبلناك
دل ز دنيا زودتر كردد جوانانرا خنك ... كهنكى از سردىء آبست مانع كوزه را
وكان جماعة من الصحابة ومن بعدهم إذا بلغ أربعين سنة او رأى شيبا بالغ فى الاجتهاد وطوى الفراش واقبل على قيام الليل واقل معاشرة الناس ولا فرق فى ذلك بين الأربعين فما دونها(7/355)
إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38)
لان الاجل مكتوم لا يدرى متى يحل أيقظنا الله وإياكم من رقدة الغافلين وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ عطف على الجملة الاستفهامية لانها فى معنى قد عمرناكم من حيث ان همزة الإنكار إذا دخلت على حرف النفي أفادت التقرير كما فى قوله تعالى (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا) إلخ لانه فى معنى قد شرحنا إلخ والمراد بالنذير رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه الجمهور او ما معه من القرآن او العقل فانه فارق بين الخير والشر او موت الأقارب والجيران والاخوان او الشيب وفيه ان مجيىء الشيب ليس بعام للجميع عموم ما قبله قال الكاشفى [واكثر علما بر آنند كه مراد از نذير شيب است چهـ زمان شيب فرو نشاننده شعله حياتست وموسم پيرى ژنك فزاينده آيينه ذات]
نوبت پيرى چوزند كوس درد ... دل شود از خوشدلى وعيش فرد
در تن وأندام در آيد شكست ... لرزه كند پاى ز سستى چودست
موى سفيد از أجل آرد پيام ... پشت خم از مرك رساند سلام
قيل أول من شاب من ولد آدم عليه السلام ابراهيم الخليل عليه السلام فقال ما هذا يا رب قال هذا وقار فى الدنيا ونور فى الآخرة فقال رب زدنى من نورك ووقارك وفى الحديث (ان الله يبغض الشيخ الغربيب) اى الذي لا يشيب كما فى المقاصد الحسنة وقال فى الكواشي يجوز ان يراد بالنذير كل ما يوزن بالانتقال فلا بد من التنبه عند مجيئه ولذا قال اهل الأصول الصحيح من قولى محمد ان الحج يجب موسعا يحل فيه التأخير الا إذا غلب على ظنه انه إذا اخر يفوت فاذا مات قبل ان يحج فان كان الموت فجأة لم يلحقه اثم وان كان بعد ظهور امارات يشهد قلبه بانه لواخر يفوت لم يحل له التأخير ويصير مضيقا عليه لقيام الدليل فان العمل بدليل القلب أوجب عند عدم دلالته [در موضح آورده كه چون دوزخيان استغاثه كنند وبفرياد آيند وكويند خدايا ما را بدنيا فرست تا عمل خير كنيم بمقدار زمان دنيا از أول إبداع تا آخر انقطاع فرياد كنند تا حق سبحانه وتعالى جواب فرمايد كه زندكانى دادم شما را ونذير فرستادم بشما كويند بلا زندكانى يافتيم ونذير را ديديم خداى تعالى فرمايد] فَذُوقُوا [پس بچشيد عذاب دوزخ فالفاء لترتيب الأمر بالذوق على ما قبلها من التعمير ومجيىء النذير فَما الفاء للتعليل لِلظَّالِمِينَ على أنفسهم بالكفر والشرك مِنْ نَصِيرٍ يدفع العذاب عنهم وفيه اشارة الى انهم كانوا فى الدنيا نائمين ولذا لم يذوقوا الألم فلما ماتوا وبعثوا وتيقظوا تيقظا تاما ذاقوا العذاب وأدركوه إِنَّ اللَّهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
اى يختص بالله علم كل شىء فيهما غاب عن العباد وخفى عليهم فكيف يخفى عليه أحوالهم وانهم لوردوا الى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه إِنَّهُ
تعالى عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ
لم يقل ذوات الصدور لارادة الجنس وذات تأنيث ذى بمعنى صاحب والمعنى عليم بالمضمرات صاحبة الصدور اى القلوب: وبالفارسية [داناست بچيزها كه مضمر است در سينها] فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه وجعلت الخواطر القائمة بالقلب صاحبة له بملازمتها وحلولها كما يقال للبن ذو الإناء ولولد المرأة وهو جنين ذو بطنها فالاضافة لادنى ملابسة وفى التأويلات(7/356)
هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا (39) قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا (40) إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)
النجمية اى عالم بإخلاص المخلصين وصدق الصادقين وهما من غيب سموات القلوب وعالم بنفاق المنافقين وجحد الجاحدين وهما من غيب ارض النفوس انتهى ففيه وعد ووعيد وحكم الاول الجنة والقربة وحكم الثاني النار والفرقة قيل لا يا رب الا ما لا خير فيه قال كذلك لا ادخل النار من عبادى الا من لا خير فيه وهو الايمان
در خلائق روحهاى پاك هست ... روحهاى شيره كلناك هست
واجبست اظهار اين نيك وتباه ... همچنان اظهار كندمها ز كاه
هُوَ اى الله تعالى وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ جمع خليفة واما خلفاء فجمع خليف وكلاهما بمعنى المستخلف اى جعلكم خلفاء فى ارضه والقى إليكم مقاليد التصرف فيها وسلطكم على ما فيها وأباح لكم منافعها او جعلكم خلفاء ممن كان قبلكم من الأمم وأورثكم ما بايديهم من متاع الدنيا لتشكروه بالتوحيد والطاعة وفيه اشارة الى ان كل واحد من الأفاضل والأراذل خليفة من خلفائه فى ارض الدنيا. فالافاضل يظهرون جمال صنائعه فى مرآة اخلاقهم الربانية وعلومهم اللدنية. والأراذل يظهرون كمال بدائعه فى مرآة حرفهم وصنعة أيديهم. ومن خلافتهم ان الله تعالى استخلفهم فى خلق كثير من الأشياء كالخبز فانه تعالى يخلق الحنطة بالاستقلال والإنسان بخلافته يطحنها ويخبزها وكالثوب فانه تعالى يخلق القطن والإنسان يغزله وينسج منه الثوب بالخلافة وهلم جرا فَمَنْ [پس هر كه] كَفَرَ منكم نعمة الخلافة بان يخالف امر مستخلفه ولا ينقاد لاحكامه ويتبع هواه فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ اى وبال كفره وجزاؤه وهو الطرد واللعن والنار لا يتعداه الى غيره وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً قال الراغب المقت البغض الشديد لمن يراه متعاطيا لقبيح: يعنى [نتيجه كفر ايشان بنسبت مكر بغض ربانى كه سبب غضب جاودانى همان تواند بود] وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً [مكر زيانى در آخرت كه حرمانست از جنت] والتكرير لزيادة التقرير والتنبيه على ان اقتضاء الكفر لكل واحد من الامرين الهائلين القبيحين بطريق الاستقلال والاصالة. والتنكير للتعظيم اى مقتا عظيما ليس وراءه خزى وصغار وخسارا عظيما ليس بعده شر وتبار قُلْ تبكيتا لهم أَرَأَيْتُمْ [آيا ديديد] شُرَكاءَكُمُ اى آلهتكم وأصنامكم والاضافة إليهم حيث لم يقل شركائى لانهم جعلوهم شركاء الله وزعموا ذلك من غير ان يكون له اصل ما أصلا الَّذِينَ تَدْعُونَ [ميخوانيد ايشانرا ومى پرستيد] مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونكم متجاوزين دعاء الله وعبادته أَرُونِي أخبروني: وبالفارسية [بنماييد وخبر كنيد مرا] وذلك لان الرؤية والعلم سبب الاخبار فاستعمل الاراءة فى الاخبار وهو بدل من أرأيتم بدل اشتمال كأنه قيل أخبروني عن شركائكم أروني ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أي جزء من اجزاء الأرض استبدوا بخلقه دون الله والمراد من الاستفهام نفى ذلك: وبالفارسية [اين شركا چهـ چيز آفريده اند از زمين وآنچهـ درو برويست] أَمْ لَهُمْ [آيا هست ايشانرا] شِرْكٌ فِي السَّماواتِ شركة مع الله فى خلق السموات ليستحقوا بذلك شركة فى الالوهية(7/357)
إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)
ذاتية أَمْ آتَيْناهُمْ اى الشركاء ويجوز ان يكون الضمير للمشركين كِتاباً ينطق بانا اتخذناهم شركاء فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ اى حجة ظاهرة من ذلك الكتاب بان لهم شركة جعلية ولما نفى انواع الحجج فى ذلك اضرب عنه بذكر ما حملهم عليه وهو التقرير فقال بَلْ [نه چنين است بلكه] إِنْ نافية اى ما يَعِدُ الظَّالِمُونَ [وعده نمى دهند مشركان برخى ايشان كه أسلاف يا رؤسا واشرافند] بَعْضاً [برخى ديكر را كه اخلاف ويا اراذل واتباعند] إِلَّا غُرُوراً باطلا لا اصل له وهو قولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله وهو تغرير محض يسفه بذلك آراءهم وينبئهم على ذميم أحوالهم وأفعالهم وخسة هممهم ونقصان عقولهم باعراضهم عن الله وإقبالهم على ما سواه فعلى العاقل ان يصحح التوحيد ويحققه ولا يرى الفاعل والخالق الا الله وعن ذى النون رضى الله عنه قال بينا انا أسير فى تيه بنى إسرائيل إذا انا بجارية سوداء قد استلبها الوله من حب الرحمن شاخصة ببصرها نحو السماء فقلت السلام عليك يا أختاه فقالت وعليك السلام يا ذا النون فقلت لها من اين عرفتنى يا جارية فقالت يا بطال ان الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ثم أدارها حول العرش فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف فعرفت روحى روحك فى ذلك الجولان فقلت انى لاراك حكيمة علمينى شيأ مما علمك الله فقالت يا أبا الفيض ضع على جوارحك ميزان القسط حتى يذوب كل ما كان لغير الله ويبقى القلب مصفى ليس فيه غير الرب فحينئذ يقيمك على الباب ويوليك ولاية جديدة ويأمر الخزان لك بالطاعة فقلت يا أختاه زيدينى فقالت يا أبا الفيض خذ من نفسك لنفسك وأطع الله إذا خلوت يجبك إذا دعوت ولن يستجيب الا من قلب غير غافل وهو قلب الموحد الحقيقي الذي زال عنه الشرك مطلقا
اگر چهـ آينه دارى از براى رخش ... ولى چهـ سود كه دارى هميشه آينه تار
بيا بصيقل توحيد ز آينه بزدآى ... غبار شرك كه تا پاك كردد از ژنكار
إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى يحفظهما بقدرته فان الإمساك ضد الإرسال وهو التعلق بالشيء وحفظه أَنْ تَزُولا الزوال الذهاب وهو يقال فى كل شىء قد كان ثابتا قبل اى كراهة زوالهما عن أماكنهما فان الممكن حال بقائه لا بد له من حافظ فعلى هذا يكون مفعولا له او يمنعهما من ان تزولا لان الإمساك منع يقال أمسكت عنه كذا اى منعته فعلى هذا يكون مفعولا به وَلَئِنْ زالَتا اى والله لئن زالت السموات والأرض عن مقرهما ومركزهما بتخليتهما كما يكون يوم القيامة إِنَّ نافية اى ما أَمْسَكَهُما [نكاه ندارد ايشانرا] اى ما قدر على إعادتهما الى مكانهما مِنْ أَحَدٍ [هيچ يكى] ومن مزيدة لتأكيد نفى الإمساك عن كل أحد مِنْ بَعْدِهِ من للابتداء اى من بعد إمساكه تعالى او من بعد الزوال والجملة سادة مسد الجوابين للقسم والشرط إِنَّهُ سبحانه كانَ حَلِيماً غير معاجل بالعقوبة التي تستوجبها جنايات الكفار حيث أمسكهما وكانتا جديرتين بان تهدّا هدّا لعظم كلمة الشرك غَفُوراً لمن رجع عن كلمة الكفر وقال بالوحدانية والحلم ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب كما فى المفردات والفرق بين الحليم والصبور(7/358)
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42)
ان المذنب لا يأمن العقوبة فى صفة الصبور كما يأمنها فى صفة الحليم يعنى ان الصبور يشعر بانه يعاقب فى الآخرة بخلاف الحليم كما فى المفاتيح ولعل هذا بالنسبة الى المؤمنين دون الكفار قال فى بحر العلوم الحليم مجازى اى يفعل بعباده فعل من يحلم على المسيء ولا يعاجلهم بالعقوبة مع تكاثر ذنوبهم وفى شرح الأسماء للامام الغزالي رحمه الله تعالى الحليم هو الذي يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الأمر ثم لا يستفزه غضب ولا يعتريه غيظ ولا يحمله على المسارعة الى الانتقام مع غاية الاقتدار عجلة وطيش فعلى العاقل ان يتخلق بهذا الاسم بان يصفح عن الجنايات ويسامح فى المعاملات بل يجازى الاساءة بالإحسان فانه من كمالات الإنسان
بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من أساء
- روى- عن بعضهم انه كان محبوسا وكان يعرض غدوة وعشية ليقتل فرأى النبي عليه السلام فى النوم فقال له اقرأ وأشار الى هذا الآية فقال كم اقرأ فقال اربعمائة مرة فقرأ فلم يذكر عشرين ليلة حتى اخرج. ولعل سره ان السموات والأرض اشارة الى الأرواح والأجساد فكما ان الله تعالى يحفظ عالم الصورة من أوجه وحضيضه فكذا يحفظ ما هو أنموذجه وهو عالم الإنسان. وايضا ان الجاني وان كان مستحقا للعقوبة لكن مقتضى الاسم الحليم ترك المعاجلة بل الصفح بالكلية ففى مداومة الآية استعطاف واستنزال للرحمة على الجسم والروح وطلب بقائهما واعلم ان التوحيد سبب لنظام العالم باسره ألا يرى انه لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله الله اى لا يوجد من يوحد توحيدا حقيقيا فانه إذا انقرض اهل هذا التوحيد وانتقل الأمر من الظهور الى البطون يزول العالم وينتقض اجزاؤه لانه إذا يكون كجسد بلا روح والروح إذا فارق الجسد يتسارع الى الجسد البلى والفساد ففى الآية اخبار عن عظيم قدرة الله على حفظ السموات والأرض وامساكهما عن الزوال والذهاب وان الإنسان الكامل من حيث انه خليفة الله هو العماد المعنوي فيه يحفظ الله عالم الأرواح والأجسام وفى الفتوحات المكية لا بد فى كل إقليم او بلد او قرية من ولى به يحفظ الله تلك الجهة سواء كان اهل تلك الجهة مؤمنين او كفارا- يروى- ان آخر مولود فى النوع الإنساني يكون بالصين فيسرى بعد ولادته العقم فى الرجال والنساء ويدعوهم الى الله فلا يجاب فى هذه الدعوة فاذا قبضه الله وقبض مؤمنى زمانه بقي من بقي مثل البهائم لا يحلون حلالا ولا يحرمون حراما فعليهم تقوم الساعة وتخرب الدنيا وينتقل الأمر الى الآخرة
مدار نظم امور جهان انسانست ... جميع اهل جهان جسم وجان انسانست
فناى عالم صورت برحلتش مربوط ... مقام بود سما اوت كرد بأرض هبوط
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ اقسم حلف أصله من القسامة وهى ايمان تقسم على اولياء المقتول ثم صار اسما لكل حلف كما فى المفردات والضمير لمشركى مكة: والمعنى بالفارسية [وسوكند خوردند اهل مكه بخداى تعالى] جَهْدَ أَيْمانِهِمْ مصدر فى موقع الحال اى جاهدين فى ايمانهم. والجهد والجهد الطاقة والمشقة. وقيل الجهد بالفتح المشقة وبالضم الوسع والايمان(7/359)
اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)
بالفتح جمع يمين واليمين فى الحلف مستعار من اليمين بمعنى اليد اعتبارا بما يفعل المحالف والمعاهد عنده قال الراغب اى حلفوا واجتهدوا فى الحلف ان يأتوا به على ابلغ ما فى وسعهم انتهى وكان اهل الجاهلية يحلفون بآبائهم وبالأصنام وبغير ذلك وكانوا يحلفون بالله ويسمونه جهد اليمين وهى اليمين المغلظة كما قال النابغة
حلفت فلم اترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مطلب
اى كما ان الله تعالى أعلى المطالب كذلك الحلف به أعلى الاحلاف- روى- ان قريشا بلغهم قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اهل الكتاب كذبوا رسلهم فقالوا لعن الله اليهود والنصارى أتتهم الرسل فكذبوهم وحلفوا لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ اى والله لئن جاء قريشا نبى منذر لَيَكُونُنَّ أَهْدى أطوع وأصوب دينا مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ [از يكى امتان كذشته] اى من كل من اليهود والنصارى وغيرهم لان احدى شائعة. والأمم جمع فليس المراد احدى الامتين اليهود والنصارى فقط ولم يقل من الأمم بدون احدى لانه لو قال لجاز ان يراد بعض الأمم وقوله فى اواخر الانعام (أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا) اى اليهود والنصارى ثم قوله (أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ) اى الى الحق لا ينافى العموم لان تخصيص الطائفتين وكتابيهما انما هو لاشتهارهما بين الأمم واشتهارهما فيما بين الكتب السماوية وقال بعضهم معنى من احدى الأمم من الامة التي يقال لها احدى الأمم تفضيلا لها على غيرها فى الهدى والاستقامة ومنه قولهم للداهية هى احدى الدواهي اى العظيمة واحدى سبع اى احدى ليالى عاد فى الشدة وفى الآية اشارة الى ان الإنسان لما كان مركبا من الروح والجسد فبروحانيته يميل الى الدين وما يتعلق به وببشريته يميل الى الدنيا وما يتعلق بها الكافر والمؤمن فيه سواء الا ان الكافر إذا مال الى شىء من الدين بحسب غلبة روحانيته على بشريته وعاهد عليه ثم وقع فى معرض الوفاء به لم توافقه نفسه لانها مائلة الى الكفر راغبة عن الدين وظلمة الكفر تحرّضه على نقض العهد فينقضه وان المؤمن إذا مال الى شىء من الدنيا بحسب غلبة بشريته على روحانيته وعاهد عليه وهو يريد الوفاء به يمنعه نور إيمانه عن ذلك ويحرضه على نقض العهد فينقضه وكذلك المريد الصادق إذا اشتد عليه القبض وملت نفسه من مقاساة شدة الرياضة والمجاهدة يمنى نفسه بنوع من الرخص استمالة لها وربما عاهد الله عليه ويؤكد الشيطان فيه عهده ويمنيه وبعده فاذا وقع فى معرض الوفاء وأراد ان يفى بعده فاذا صدقت إرادته تسبق عزيمته وتحرك سلسلة طلبه فينقض عهده مع النفس ويجدد عهد الطلب مع الله ويتمسك بدوام الذكر وملازمته الى ان يفتح الله بمفتاح الذكر باب قلبه الى الحضرة ويزهق بمجىء الحق باطل ما تمناه فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ وأي نذير أفضل الكل واشرف الأنبياء والرسل عليهم السلام ما زادَهُمْ اى النذير او مجيئه على التسبب إِلَّا نُفُوراً تباعدا عن الحق والهدى: وبالفارسية [مكر رميدن از حق ودور شدن] اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ بدل من نفورا او مفعول له يعنى عتوا على الله وتكبرا عن الايمان به: وبالفارسية [كردن كشى از فرمان(7/360)
الهى] قال فى بحر العلوم الاستكبار التكبر كالاستعظام والتعظم لفظا ومعنى انتهى قال بعض الكبار ان الله تعالى قد انشأك من الأرض فلا ينبغى لك ان تعلو على أمك
ز خاك آفريدت خداوند پاك ... پس اى بنده افتادگى كن چوخاك
وَمَكْرَ السَّيِّئِ عطف على استكبارا او على نفورا وأصله ان مكروا المكر السيّء فحذف الموصوف استغناء بوصفه ثم بدل ان مع الفعل بالمصدر ثم أضيف اتساعا قال فى تاج المصادر [المكر: تاريك شدن شب] ومنه اشتق المكر لانه السعى بالفساد فى خفية وقال الراغب المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة وذلك ضربان محمود وهو ان يتحرى بذلك فعل جميل وعلى ذلك قوله (وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) ومذموم وهو ان يتحرى به فعل قبيح انتهى ومنه الآية ولذا وصف بالسيىء والمعنى ما زادهم الا المكر السيّء فى دفع امره عليه السلام بل وفى قتله وإهلاكه: وبالفارسية [وآنكه مكر كردند مكرى بد يعنى حيله انديشيدند در هلاك كردن آن تدبير] وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ قال
فى القاموس حاق به يحيق حيقا وحيوقا وحيقانا أحاط به كاحاق وحاق بهم العذاب أحاط ونزل كما فى المختار والحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله والمعنى ولا يحيط المكر السيّء الا باهله وهو الماكر وقد حاق بهم يوم بدر: وبالفارسية [واحاطه نميكنند مكر بد مكر باهل وى يعنى مكر هر ماكرى بوى احاطه كند وأطراف وجوانب وى فرو كيرد وهر چهـ در باب قصد كسى انديشيده باشد درباره خود مشاهد نمايد] قال فى بحر العلوم المعنى الا حيقا ملصقا باهله وهو استثناء مفرغ فيجب ان يقدر له مستثنى منه عام مناسب له من جنسه فيكون التقدير ولا يحيق المكر السيّء حيقا الا حيقا باهله وفى الحديث (لا تمكروا ولا تعينوا ماكرا فان الله يقول ولا يحيق المكر السيّء الا باهله ولا تبغوا ولا تعينوا باغيا فان الله يقول انما بغيكم على أنفسكم) واما قوله عليه السلام (انصر أخاك ظالما او مظلوما) فمعناه بالنسبة الى نصرة الظالم ان تنصره على إبليس الذي يوسوس فى صدره بما يقع منه فى الظلم بالكلام الذي تستحليه النفوس وتنقاد اليه فتعينه على رد ما وسوس اليه الشيطان من ذلك وفى حديث آخر (المكر والخديعة فى النار) يعنى أصحابهما لانهما من اخلاق الكفار لا من اخلاق المؤمنين الأخيار وفى أمثالهم من حفر لاخيه جبا وقع فيه منكبا فلا يصيب الشر الا اهل الشر [وابن باميين را درين باب قطعه است اين دو بيت اينجا ثبت افتاد]
در باب من ز روى حسد يكدو ناشناس ... دمها زدند وكوره تزوير تافتند
ز اعمال نفسهم همه نيكى بمن رسيد ... وايشان جزاى فعل بد خويش يافتند
جعلنا الله وإياكم ممن صفا قلبه من الغل والكدر وحفظنا من الوقوع فى الخطر فَهَلْ يَنْظُرُونَ النظر هنا بمعنى الانتظار اى ما ينتظرون: وبالفارسية [پس آيا انتظار ميبرند مكذبان ومكاران يعنى نمى برند و چشم نمى دارند] إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ اى سنة الله فى الأمم المتقدمة بتعذيب مكذبيهم وماكريهم. والسنة الطريقة وسنة النبي طريقته التي كان يتحراها وسنة الله طريقة حكمته فَلَنْ الفاء لتعليل ما يفيده الحكم بانتظارهم العذاب من مجيئه تَجِدَ [پس نيابى تو البته] لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا بان يضع موضع العذاب(7/361)
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44)
غير العذاب وهو الرحمة والعفو وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا بان ينقله من المكذبين الى غيرهم [والتحويل: بگردانيدن] ونفى وجدان التبديل والتحويل عبارة عن نفى وجودهما بالطريق البرهاني وتخصيص كل منهما بنفي مستقل لتأكيد انتفائهما وفى الآية تنبيه على ان فروع الشرائع وان اختلفت صورها فالغرض المقصود منها لا يختلف ولا يتبدل وهو تطهير النفس وترشيحها للوصول الى ثواب الله وجواره كما فى المفردات أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ الهمزة للانكار والنفي والواو للعطف على مقدر اى اقعد مشركوا مكة فى مساكنهم ولم يسيروا ولم يمضوا فى الأرض الى جانب الشام واليمن والعراق للتجارة فَيَنْظُرُوا بمشاهدة آثار ديار الأمم الماضية العاتية كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ جاؤا مِنْ قَبْلِهِمْ اى هلكوا لما كذبوا الرسل وآثار هلاكهم باقية فى ديارهم وَكانُوا اى والحال ان الذين من قبلهم كعاد وثمود وسبأ كانوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً [سخترين از مكيان از روى توانايى] وأطول أعمارا فما نفعهم طول المدى وما اغنى عنهم شدة القوى وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ [الاعجاز: عاجز كردن] واللام ومن لتأكيد النفي والمعنى استحال من كل الوجوه ان يعجز الله تعالى شىء ويسبقه ويفوته فِي السَّماواتِ وَلا تأكيد آخر لما النافية ففى هذا الكلام ثلاثة تأكيدات فِي الْأَرْضِ [پس هر چهـ خواهد كند وكسى بر حكم او پيشى نكيرد] إِنَّهُ تعالى كانَ عَلِيماً بليغ العلم بكل شىء فى العالم مما وجد ويوجد قَدِيراً بليغ القدرة على كل ممكن ولذلك علم بجميع أعمالهم السيئة فعاقبهم بموجبها فمن كان قادرا على معاقبة من قبلهم كان قادرا على معاقبتهم إذا كانت أعمالهم مثل أعمالهم والآية وعظ من الله تعالى ليعتبروا
نرود مرغ سوى دانه فراز ... چون دكر مرغ بيند اندر بند
پند كير از مصائب دكران ... تا نكيرند ديكران ز تو پند
والاشارة انه ما خاب له تعالى ولى ولا ربح له عدو فقد وسع لاوليائه فضلا كثيرا ودمر على أعدائه تدميرا وسبب الفضل والولاية هو التوحيد كما ان سبب القهر والعداوة هو الشرك قال بعض الكبار ما أخذ الله من أخذ من الأمم الا فى آخر النهار كالعنين وذلك لان اسباب التأثير الإلهي المعتاد فى الطبيعة قد مرت عليه وما اثرت فيه فدل على ان العنة فيه استحكمت لا تزول فلما عدمت فائدة النكاح من لذة وتناسل فرق بينهما إذ كان النكاح موضوعا للالتذاذ او للتناسل أولهما معا او فى حق طائفة لكذا وفى حق اخرى لكذا وفى حق اخرى للمجموع وكذلك اليوم فى حق من أخذ من الأمم إذا انقضت دورته وقع الاخذ الإلهي فى آخره انتهى كلامه قدس سره واعلم ان الله تعالى أمهل عباده ولم يأخذهم بغتة ليروا ان العفو والإحسان أحب اليه من الاخذ والانتقام وليعلموا شفقته وبره وكرمه وان رحمته سبقت غضبه ثم انهم إذا لم يعرفوا الفضل من العدل واللطف من القهر والجمال من الجلال أخذهم فى الدنيا والآخرة بانواع البلاء والعذاب وهى تطهير فى حق المؤمن وعقوبة محضة فى حق الكافر لانه ليس من اهل التطهير إذ التطهير انما يتعلق بلوث المعاصي غير الكفر(7/362)
وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)
عصمنا الله وإياكم مما يوجب سخطه وعذابه وعقابه وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ جميعا بِما كَسَبُوا من المعاصي: وبالفارسية [واگر مؤاخذه كرد خداى تعالى مردمانرا بجزاى آنچهـ كسب ميكنند از شرك ومعصيت چنانكه مؤاخذه كرد امم ماضيه] ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها الظهر بالفارسية [پشت] والكناية راجعة الى الأرض وان لم يسبق ذكرها لكونها مفهومة من المقام مِنْ دَابَّةٍ من نسمة تدب عليها من بنى آدم لانهم المكلفون المجازون ويعضده ما بعد الآية او من غيرهم ايضا فان شؤم معاصى المكلفين يلحق الدواب فى الصحارى والطيور فى الهواء بالقحط ونحوه ولذا يقال من أذنب ذنبا فجميع الخلق من الانس والدواب والوحوش والطيور والذر خصماؤه يوم القيامة وقد أهلك الله فى زمان نوح عليه السلام جميع الحيوانات الا ما كان منها فى السفينة وذلك بشؤم المشركين وسببهم وقال بعض الائمة ليس معناه ان البهيمة تؤخذ بذنب ابن آدم ولكنها خلقت لابن آدم فلا معنى لابقائها بعد إفناء من خلقت له وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وقت معين معلوم عند الله وهو يوم القيامة فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ [پس چون بيايد وقت هلاك ايشان] فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً فيجازيهم عند ذلك بأعمالهم ان خيرا فخير وان شرا فشر
آنرا بلوامع رضا بنوازد ... اين را بلوامع غضب بگدازد
كس را بقضاي قدرتش كارى نيست ... آنست صلاح خلق كو ميسازد
وفى الآية اشارة الى انه ما من انسان الا ويصدر منه ما يستوجب المؤاخذة ولكن الله تعالى بفضله ورحمته يمهل ثم يؤاخذ من كان اهل المؤاخذة ويعفو عمن هو اهل العفو ففى الآية بيان حلمه تعالى وارشاد للعباد الى الحلم فان الحلم حجاب الآفات وملح الأخلاق وساد أحنف بن قيس بعقله وحلمه حتى كان يتجرد لامره مائة الف سيف وكان أمراء الأمصار يلتجئون اليه فى المهمات وهو المضروب به المثل فى الحلم وقال له رجل دلنى على المروءة فقال عليك بالخلق الفسيح والكف عن القبيح ثم قال ألا ادلك على أدوى الداء قال بلى قال اكتساب الذم بلا منفعة ومن بلاغات الزمخشري «البأس والحلم حاتمى واحنفى:
والدين والعلم حنيفى وحنفى» وفيه لف ونشر على الترتيب والبأس الشجاعة وفيها السخاوة إذ لا تكون الشجاعة الا بسخاوة النفس ولا تكون السخاوة الا بالشجاعة فان المال محبوب لا يصدر إنفاقه الا ممن غلب على نفسه. والجود منسوب الى حاتم بن عبد الله بن سعد الطائي.
والحلم منسوب الى الأحنف المذكور. والدين منسوب الى ابراهيم بن الحنيف معلم ابى حنيفة رحمه الله. والعلم منسوب الى ابى حنيفة وفى هذا المعنى قيل
الفقه زرع ابن مسعود وعلقمة ... حصاده ثم ابراهيم دوّاس
نعمان طاحنه يعقوب عاجنه ... محمد خابز والآكل الناس
ثم ان الحلم لا بد وان يكون فى محله كما قيل
ارى الحلم فى بعض المواضع ذلة ... وفى بعضها عزا يسود فاعله
وكذلك الإحسان فانه انما يحسن إذ وقع فى موقعه
هر آنكس كه بر دزد رحمت كند ... ببازوى خود كاروان ميزند(7/363)
يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)
ثم ان البصير هو المدرك لكل موجود برؤيته وخاصية هذا الاسم وجود التوفيق فمن قرأه قبل صلاة الجمعة مائة مرة فتح الله بصيرته ووفّقه لصالح القول والعمل نسأل الله سبحانه ان يفتح بصيرتنا الى جانب الملكوت ويأخذنا عن التعلق بعالم الناسوت ويحلم عنا باسمه الحليم ويختمنا بالخير ويجعلنا ممن اتى بقلب سليم تمت سورة الملائكة فى اواخر شهر الله رجب من سنة عشر ومائة والف من هجرة من له أكمل الشرف
تفسير سورة يس
ثلاث وثمانون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
يس اما مسرود على نمط التعديل فلا حظ له من الاعراب او اسم للسورة وعليه الأكثر فمحله الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى هذه يس او النصب على انه مفعول لفعل مضمر اى اقرأ يس ويؤيد كونه اسم السورة قوله عليه السلام (ان الله تعالى قرأ طه ويس قبل ان خلق آدم بألفي عام فاذا سمعت الملائكة قالوا طوبى لامة ينزل عليهم هذا وطوبى لالسن تتكلم بهذا وطوبى لا جواف تحمل هذا) [ودر خبرست كه چون دوستان حق در بهشت رسند از جناب جبروت ندا آيد كه از ديكران بسيار بشنيديد وقت آن آمد كه از ما شنويد «فيسمعهم سورد الفاتحة وطه ويس» مصطفى عليه السلام كفت] (كأن الناس لم يسمعوا القرآن حين سمعوا الرحمن يتلوه عليهم) كما فى كشف الاسرار وقال بعضهم ان الحروف المقطعة اسماء الله تعالى ويدل عليه ان عليا رضى الله عنه كان يقول «يا كهيعص يا حمعسق» فيكون مقسما به مجرورا او منصوبا بإضمار حرف القسم وحذفه والمراد بحذفه ان لا يكون اثره باقيا وبإضماره ان يبقى اثره مع عدم ذكره ففى نحو الله لافعلن يجوز النصب بنزع الخافض واعمال فعل القسم المقدر ويجوز الجر ايضا بإضمار حرف الجر اى اقسم بيس اى الله تعالى وفى الإرشاد لا مساغ للنصب بإضمار فعل القسم لان ما بعده مقسم به وقد أبوا الجمع بين القسمين على شىء واحد قبل انقضاء الاول وقال بعض الحكماء الالهية انها اسماء ملائكة هم اربعة عشر كما سبق بيانه فى طسم وعن ابن عباس رضى الله عنهما وهو قول كثير منهم ان معنى (يس) يا انسان فى لغة طى على ان المراد به رسول الله عليه السلام ولعل أصله يا انيسين تصغير انسان للتكبير فان صيغة التصغير قد تكون لاظهار العطف والتعظيم ولا سيما ان المتكلم بصيغة التصغير هو الله تعالى وهو لا يقول ولا يفعل الا ما هو صواب وحكمة فتكون «يا» من يس حرف نداء و «سين» شطر انيسين فلما كثر النداء به فى ألسنتهم اقتصروا على شطره الثاني للتخفيف كما قالوا فى القسم من الله أصله ايمن الله [واين خطاب با صورت رد بشريت مصطفاست عليه السلام چنانكه جاى ديكر كفت (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) از آنجا كه انسانيت وجنسيت آنست او مشاكل خلق است واين خطاب با انسان بر وفق آنست واز آنجا كه(7/364)
شرف نبوتست وتخصيص رسالت خطاب با وى اينست كه (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) واين خطاب كه با صورت وبشريت از بهر آن رفت كه تا نقاب غيرت سازند وهر نامحرمرا بر جمال وكمال وى اطلاع ندهند اين چنانست كه كويند] ارسلانم خوان تا كس نه بداند كه كيم وعن ابن الحنفية معناه يا محمد دليله قوله بعده انك لمن المرسلين وفى الحديث (ان الله سمانى بسبعة اسماء محمد واحمد وطه ويس والمزمل والمدثر وعبد الله) ويؤيده انه يقال لاهل البيت آل يس كما قيل سلام على ال طه ويس سلام على ال خير النبيين لله دركمو يا آل ياسينا يقول الفقير يحتمل ان يكون المراد بآل يس أول من عظمه الله تعالى بما فى سورة يس فلا يحصل التأييد وقال الكاشفى [حقيقت آنست كه در كلام عرب از كلمه بحرفى تعبير ميكنند چنانچهـ قد قلت لها قفى فقالت ق اى وقفت پس ميشايد كه حرف سين اشارت بكلمه يا سيد البشر او يا سيد الأولين والآخرين وحديث (انا سيد ولد آدم) تفسير اين حرف بود] كما قال فى العرائس لم يمدح عليه السلام بذلك نفسه ولكن اخبر عن معنى مخاطبة الحق إياه بقوله يس انتهى [وديكر ببايد دانست كه از ميان حروف سين را سويت اعتداليه هست كه ميان زبر وبينات او توافق وتساوى هست وهيچ حرفى ديكر آن حال ندارد لا جرم مخصوص بحضرت ختميه است صلى الله عليه وسلم كه عدالت حقيقى خواه در طريق توحيد وخواه در احكام شرع بدو اختصاص دارد
تراست مرتبه اعتدال در همه حال ... كه در خصائص توحيد اعدل از همه
تمكن است ترا در مقام جمع الجمع ... بدين فضيلت مخصوص افضلى از همه
واز فحواى كلمات سابقه روايح رياحين قلب القرآن يس استشمام ميتواند نمود] وسيجيئ تمامه فى آخر السورة ان شاء الله تعالى وقال نعمة الله النقشبندي يا من تحقق بينبوع بحر اليقين وسبح سالما من الانحراف والتلوين وشيخ نجم الدين [كفت قسمست بيمن نبوت حبيب وبسر مطهر او] وقال البقلى اقسم بيد القدرة الازلية وسناء الربوبية وقال القشيري الياء يشير الى يوم الميثاق والسين الى سره مع الأحباب كأنه قال بحق يوم الميثاق وسرى مع الأحباب والقرآن إلخ وذهب قوم الى ان الله تعالى لم يجعل لاحد سبيلا الى ادراك معانى الحروف المقطعة فى أوائل السور وقالوا ان الله تعالى متفرد بعلمها ونحن نؤمن بانها من جملة القرآن العظيم ونكل علمها اليه تعالى ونقرأها تعبدا وامتثالا لامر الله وتعظيما لكلامه وان لم نفهم منها ما نفهمه من سائر الآيات [در ينابيع آورده كه هر حرفى از حروف مقطعه را سريست از اسرار خزانه غيب كه حضرت حق حبيب خود را بر آن اطلاع داده بعد از ان جبرائيل بر آن نازل شده وجز خدا ورسول مقبول كسى بر آن وقوف ندارد] قال الشيخ ابن نور الدين فى بعض وارداته سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اسرار المتشابهات من الحروف فقال هى من اسرار المحبة بينى وبين الله فقلت هل يعرفها أحد فقال ولا يعرفها جدى ابراهيم(7/365)
وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4)
عليه السلام هى من اسرار الله تعالى التي لا يطلع عليها نبى مرسل ولا ملك مقرب ويؤيده ما فى الاخبار ان جبريل عليه السلام نزل بقوله تعالى (كهيعص) فلما قال كاف قال النبي عليه السلام (علمت) فقال ها فقال (علمت) فقال يا فقال (علمت) فقال عين فقال (علمت) فقال صاد فقال (علمت) فقال جبريل كيف علمت ما لم اعلم يقول الفقير لا شك انه عليه السلام وصل الى مقام فى الكمال لم يصل اليه أحد من كمل الافراد فضلا عن الغير ويدل عليه عبوره ليلة المعراج جميع المواطن والمقامات فلهذا جاز ان يقال لم يعرف أحد من الثقلين والملائكة ما عرفه النبي عليه السلام فان علوم الكل بالنسبة الى علمه كقطرة من البحر فله عليه السلام علم حقائق الحروف بما لا مزيد عليه بالنسبة الى ما فى حد البشر واما غيره فلهم علم لوازمها وبعض حقائقها بحسب استعداداتهم وقابلياتهم هذا ما يعطيه الحال والله تعالى اعلم بالخفايا والاسرار وما ينطوى عليه كتابه ويحيط به خطابه وَالْقُرْآنِ بالجر على انه مقسم به ابتداء الْحَكِيمِ اى الحاكم كالعليم بمعنى العالم فانه يحكم بما فيه من الاحكام او المحكم من التناقض والعيب ومن التغير بوجه ما كما قال تعالى (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) وهو الذي احكم نظمه وأسلوبه واتقن معناه وفحواه او ذى الحكمة اى المتظمن لها والمشتمل عليها فانه منبع كل حكمة ومعدن كل عظة فيكون بمعنى النسب مثل تامر بمعنى ذى تمر او هو من قبيل وصف الكلام بصفة المتكلم به اى الحكيم قائله إِنَّكَ يا أكمل الرسل وأفضل الكل وهو مخاطبة المواجهة بعد شرف القسم بنفسه وهو مع قوله لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ جواب للقسم والجملة لرد انكار الكفرة بقولهم فى حقه عليه السلام لست مرسلا وما أرسل الله إلينا رسولا. والإرسال قد يكون للتسخير كارسال الريح والمطر وقد يكون ببعث من له اختيار نحو إرسال الرسل كما فى المفردات قال فى بحر العلوم هو من الايمان الحسنة البديعة لتناسب بين المرسل به والمرسل اليه اللذين أحدهما المقسم المنزل والآخر المقسم عليه المنزل اليه انتهى وهذه الشهادة منه تعالى من جملة ما أشير اليه بقوله تعالى (قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) ولم يقسم الله لاحد من أنبيائه بالرسالة فى كتابه الإله قال فى انسان العيون من خصائصه عليه السلام ان الله تعالى اقسم على رسالته بقوله (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) : قال الشيخ سعدى قدس سره
ندانم كدامين سخن كويمت ... كه والاترى زانچهـ من كويمت
ترا عز لولاك تمكين بس است ... ثناى توطه ويس بس است
ومعنى ثناء طه انه عليه السلام صلى فى الليالى حتى تورمت قدماه فقال تعالى طه اى يا طه او يا طالب الشفاعة وهادى البشر ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى اى لتقع به فى التعب وقال بعضهم الطاء تسعة والهاء خمسة معناه يا من هو كالقمر المنير ليلة البدر ومعنى ثناء يس ما ذكر من الاقسام على رسالته مع انه يحتمل ان يراد بيس يا سيد البشر ونحوه على ما سلف وذلك ثناء من الله أي ثناء عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ خبر آخر لان اى متمكن على توحيد وشرائع موصلة الى الجنة والقربة والرضى واللذة واللقاء وفى موضع انك لعلى هدى مستقيم [يعنى كه تو از مرسلانى بر طريقى راست بر دينى درست وشريعتى پاك وسيرتى پسنديده](7/366)
تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)
كما فى كشف الاسرار فان قلت أي حاجة الى قوله على (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ومن المعلوم ان الرسل لا يكونون الا على صراط مستقيم قلت فائدته وصف الشرع بالاستقامة صريحا وان دل عليه (لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) التزاما فجمع بين الوصفين فى نظام واحد كأنه قال انك لمن المرسلين الثابتين على طريق ثابت استقامته وقد نكره ليدل به على انه أرسل من بين الصراط على صراط مستقيم لا يوازيه صراط ولا يكتنه وصفه فى الاستقامة فالتنكير للتفخيم وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (يس) الى (مُسْتَقِيمٍ) الى سيادة النبي عليه السلام والى انه ما بلغ أحد من المرسلين الى رتبته فى السيادة وذلك لانه تعالى اقسم بالقرآن الحكيم انه لمن المرسلين على صراط مستقيم الى قاب قوسين من القرب او ادنى اى بل ادنى من كمال القرب كما قال صلى الله عليه وسلم (لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل) فان لكل نبى مرسل سيرة الى مقام معين على صراط مستقيم هو صراط الله كما ان النبي عليه السلام اخبر انه رأى ليلة المعراج فى كل سماء بعض الأنبياء حتى قال عليه السلام (رأيت موسى عليه السلام فى السماء السادسة ورأى ابراهيم عليه السلام فى السماء السابعة) وقد عبر عنهم الى كمال رتبة ما بلغ أحد من العالمين إليها تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ نصب على المدح بإضمار اعنى والتقدير اعنى بالقرآن الحكيم تنزيل العزيز الرحيم انك لمن المرسلين لتنذر إلخ وهو مصدر بمعنى المفعول اى المنزل كما تقول العرب هذا الدرهم ضرب الأمير اى مضروبه عبر به عن القرآن لكمال عراقته فى كونه منزلا من عند الله تعالى كأنه نفس التنزيل [وتنزيل بناء كثرات ومبالغه است اشارت است كه اين قرآن بيكبار از آسمان فرو آمد بلكه بكرات ومرات فرو آمد بمدت بيست وسه سال سيزده سال بمكة وده سال بمدينه نجم نجم آيت آيت سورت سورت چنانكه حاجت بود ولائق وقت بود] والعزيز الغالب على جميع المقدورات المتكبر الغنى عن طاعة المطيعين المنتقم ممن خالفه ولم يصدق القرآن وخاصية هذا الاسم وجود الغنى والعز صورة او حقيقة او معنى فمن ذكره أربعين يوما فى كل يوم أربعين مرة أعانه الله تعالى وأعزه فلم يحوجه الى أحد من خلقه وفى الأربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب على امره فلا شىء يعادله قال السهروردي من قرأ سبعة ايام متواليات كل يوم الفا أهلك الله خصمه وان ذكره فى وجه العسكر سبعين مرة ويشير إليهم بيده فانهم ينهزمون والرحيم المتفضل على عباده المؤمنين بانزال القرآن ليوقظهم من نوم الغفلة ونعاس النسيان وخاصية هذا الاسم رقة القلب والرحمة للمخلوقين فمن داومه كل يوم مائة كان له ذلك ومن خاف الوقوع فى مكروه ذكره مع قرينه وهو اسم الرحمن او حمله وفى الأربعين الادريسية يا رحيم كل صريخ ومكروب وغياثه ومعاذه قال السهروردي إذا كتبه ومحاه بماء وصب فى اصل شجرة ظهر فى ثمرها البركة ومن شرب من ذلك اشتاق لكاتبه وكذا ان كتب مع اسم الطالب والمطلوب وامه فانه يهيم ويدركه من الشوق ما لا يمكنه الثبات معه ان كان وجها يجوز فيه ذلك والا فالعكس قال فى الإرشاد وفى تخصيص الاسمين الكريمين المعربين عن الغلبة التامة والرأفة العامة حث على الايمان به ترهيبا وترغيبا حسبما نطق به قوله تعالى (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) وفى التأويلات النجمية يشير الى ان القرآن تنزيل من عزيز غنى لا يحتاج(7/367)
لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10) إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11)
الى تنزيله لعلة بل هو رحيم اقتضت رحمته تنزيل القرآن فانه حبل الله يعتصم به الطالب الصادق ويصعد الى سرادقات عزته وعظمته وفى كشف الاسرار [عزيز به بيكانكان رحيم بمؤمنان اگر عزيز بود بى رحيم هركز او را كسى نيابد واگر رحيم بود بى عزيز همه كس او را يابد عزيز است تا كافران در دنيا او را ندانند رحيم است در عقبى تا مؤمنان او را بينند]
دست رحمت نقاب خود بكشيد ... عاشقان ذوق وصل او بچشيد
ماند اهل حجاب در پرده ... ببلاى فراق او مرده
لِتُنْذِرَ متعلق بتنزيل اى لتخوف بالقرآن قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ ما نافية والجملة صفة مبينة لغاية احتياجهم الى الانذار. والمعنى لتنذر قوما لم ينذر آباؤهم الأقربون لتطاول مدة الفترة ولم يكونوا من اهل الكتاب ويؤيده قوله تعالى (وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) يعنى العرب وقوله (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ) الى قوله (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ويجوز ان تكون ما موصولة او موصوفة على ان تكون الجملة مفعولا ثانيا لتنذر بحذف العائد. والمعنى لتنذر قوما العذاب الذي أنذره او عذابا أنذره آباؤهم الأبعدون فى زمن إسماعيل عليه السلام وانما وصف الآباء فى التفسير الاول بالاقربين وفى الثاني بالابعدين لئلا يلزم ان يكونوا منذرين وغير منذرين فآباؤهم الأقدمون أتاهم النذير لا محالة بخلاف آبائهم الأدنين وهم قريش فيكون ذلك بمعنى قوله (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ) فان قلت كيف هذا وقد وقعت الفترات فى الازمنة بين نبى ونبى حسبما يحكى فى التواريخ واما الحديث فقيل كان خالد مبعوثا الى بنى عبس خاصة دون غيرهم من العرب وكان بين عهد عيسى وعهد نبينا عليه السلام. ويقال ان قبره بناحية جرجان على قلة جبل يقال له خدا وقد قال فيه الرسول عليه السلام لبعض من بناته جاءته (يا بنت نبى ضيعه قومه) كذا فى الاسئلة المقحمة ويحتمل التوفيق بوجه آخر وهو ان المراد بالامة التي خلافيها نذير هى الامة المستأصلة فانه لم يستأصل قوم إلا بعد النذير والإصرار على تكذيبه وايضا ان خلو النذير فى كل عصر يستلزم وجوده فى كل ناحية والله اعلم فَهُمْ غافِلُونَ متعلق بنفي الانذار مترتب عليه. والضمير للفريقين اى لم ينذر آباؤهم فهم جميعا لاجله غافلون عن الايمان والرشد وحجج التوحيد وادلة البعث والفاء داخلة على الحكم المسبب عما قبله فالنفى المتقدم سبب له يعنى ان عدم إنذارهم هو سبب غفلتهم ويجوز ان يكون متعلقا بقوله لتنذر ردا لتعليل إنذاره فالضمير للقوم خاصة اى فهم غافلون بما انذر آباؤهم الأقدمون لامتداد المدة فالفاء داخلة على سبب الحكم المتقدم. والغفلة ذهاب المعنى عن النفس والنسيان ذهابه عنها بعد حضوره قال بعضهم الغفلة نوم القلب فلا تعتبر حركة اللسان إذا كان القلب نائما ولا يضر سكونه إذا كان متيقظا ومعنى التيقظ ان يشهده تعالى حافظا له رقيبا عليه قائما بمصالحه: قال المولى الجامى قدس سره
رب تال يفوه بالقرآن ... وهو يفضى به الى الخذلان
لعنتست اين كه بهر لهجه وصوت ... شود از تو حضور خاطر فوت
فكر حسن غنا برد هوشت ... متكلم شود فراموشت(7/368)
لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)
نشود بر دل تو تابنده ... كين كلام خداست يا بنده
حكم لعنت ز قفل بى اخلاص ... نيست با قارئان قرآن خاص
پس مصلى كه در ميان نماز ... ميكند بر خداى عرض نياز
چون در صدق نيست باز برو ... ميكند لعنت آن نماز برو
وفى الحديث (الغفلة فى ثلاث الغفلة عن ذكر الله والغفلة فيما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس وغفلة الرجل عن نفسه فى الدين) وفى كشف الاسرار [غافلان دواند يكى از كار دين غافل واز طلب إصلاح خود بى خبر سر بدنيا در نهاده ومست شهوت كشته وديده فكرت وعبرت بر هم نهاده حاصل وى آنست كه رب العزه كفت (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) وفى الخبر (عجبت لغافل وليس بمغفول عنه) [ديكر غافلى است پسنديده از كار دنيا وترتيب معاش غافل سلطان حقيقت بر باطن وى استيلا نموده در مكاشفه جلال احديت چنان مستهلك شده كه از خود غائب كشته نه از دنيا خبر دارد نه از عقبا بزبان حال ميكويد]
اين جهان در دست عقلست آن جهان در دست روح ... پاى همت بر قفاى هر دو ده سالار زن
قالوا الصوفي كائن بائن
هر كه حق داد نور معرفتش ... كائن بائن بود صفتش
جان بحق تن بغير حق كائن ... تن ز حق جان ز غير حق بائن
ظاهر او بخلق پيوسته ... باطن او ز خلق بگسسته
از درون آشنا وهمخانه ... وز برون در لباس بيكانه
فاهل هذه الصفة هم المتيقظون حقيقة وان ناموا لانه لا تنام عين العارفين وما سواهم هم النائمون حقيقة وان سهروا لانه لم تنفتح أبصار قلوبهم [ودر وصايا واردست كه يا على با مردكان منشين على رضى الله عنه كفت يا رسول الله مردكان كيانند كفت اهل جهلت وغفلت] اللهم اجعلنا من اهل العلم والعرفان والإيقان والشهود والعيان وشرفنا بلقائك فى الدارين واصرفنا عن ملاحظة الكونين آمين لَقَدْ اللام جواب القسم اى ولله لقد حَقَّ الْقَوْلُ وجب وتحقق عَلى أَكْثَرِهِمْ اى اكثر القوم الذين تنذرهم وهم اهل مكة فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ اى بانذارك إياهم والفاء داخلة على الحكم المسبب عما قبله واختلفوا فقال بعضهم القول حكم الله تعالى انهم من اهل النار وفى المفردات علم الله بهم وقال بعضهم القول كناية عن العذاب اى وجب على أكثرهم العذاب. والجمهور على ان المراد به قوله تعالى لابليس عند قوله (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) وهو المعنى بقوله (وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) وهذا القول لما تعلق بمن تبع إبليس من الجنّ والانس وكان اكثر اهل مكة ممن علم الله منهم الإصرار على اتباعه واختيار الكفر الى ان يموتوا كانوا ممن وجب وثبت عليهم مضمون هذا القول لكن لا بطريق الجبر من غير ان يكون من قبلهم ما يقتضيه بل بسبب إصرارهم الاختياري على الكفر والإنكار وعدم(7/369)
إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8)
تأثرهم من التذكير والانذار ولما كان مناط ثبوت القول وتحققه عليهم إصرارهم على الكفر الى الموت كان قوله (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) متفرعا فى الحقيقة على ذلك لا على ثبوت القول قال الكاشفى [مراد آنانند كه خداى تعالى ميدانست كه ايشان بر كفر ميرند يا بر شرك كشته شوند چون ابو جهل وإضراب او] وحقيقة هذا المقام ان الكل سعيدا كان او شقيا يجرون فى هذه النشأة على مقتضى استعداداتهم فالله تعالى يظهر أحوالهم على صفحات أعمالهم لا يجبرهم فى شىء أصلا فمن وجد خيرا فليحمد الله تعالى ومن وجد غيره فلا يلومن الا نفسه والأعمال امارات وليست بموجبات فان مصير الأمور فى النهاية الى ما جرى به القدر فى البداية وفى الخبر الصحيح روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله تعالى عنهما قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى يديه كتابان فقال للذى فى يده اليمنى (هذا كتاب من رب العالمين فيه اسماء اهل الجنة واسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ابدا) ثم قال للذى بشماله (هذا كتاب من رب العالمين فيه اسماء اهل النار واسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ابدا) ثم قال بيده فنبذهما ثم قال (فرغ ربكم من العباد فريق فى الجنة وفريق فى السعير) وحكم الله تعالى على الأكثر بالشقاوة فدل على ان الأقل هم اهل السعادة وهم الذين سمعوا فى الأزل خطاب الحق ثم إذا سمعوا نداء النبي عليه السلام أجابوه لما سبق من الاجابة لنداء الحق. وانما كان اهل السعادة اقل لان المقصود من الإيجاد ظهور الخليفة من العباد وهو يحصل بواحد مع ان الواحد على الحق هو السواد الأعظم فى الحقيقة قال بعض الكبار من رأى محمدا عليه السلام فى اليقظة فقد رأى جميع المقربين لانطوائهم فيه ومن اهتدى بهداه فقد اهتدى بهدى جميع النبيين. والإسلام عمل. والايمان تصديق. والإحسان رؤية او كالرؤية فشرط الإسلام الانقياد وشرط الايمان الاعتقاد وشرط الإحسان الاشهاد فمن آمن فقد أعلى الدين ومن أعلاه فقد تعرض لعلوه وعزه عند الله تعالى ومن كفر فقد أراد اطفاء نور الله والله متم نوره: وفى المثنوى
هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوز و پوز او «1»
لما قال المشركون يوم أحد اعل هبل اعل هبل إذ لهم الله وهبلهم وهو صنم كان يعبد فى الجاهلية وهو الحجر الذي يطأه الناس فى العتبة السفلى من باب بنى شيبة وهو الآن مكبوب على وجهه وبلط الملوك فوقه البلاط فان كنت تفهم مثل هذه الاسرار والا فاسكت والله تعالى حكيم يضع الأمور كلها فى مواضعها فكل ما ظهر فى العالم فهو حكمة وضعه فى محله لكن لا بد من الإنكار لما أنكره الشارع فاياك والغلط إِنَّا بمقتضى قهرنا وجلالنا جَعَلْنا خلقنا او صيرنا فِي أَعْناقِهِمْ جمع عنق بالفارسية [كردن] والضمير الى اكثر اهل مكة أَغْلالًا عظيمة ثقالا جمع غل بالضم وهو ما يشد به اليد الى العنق للتعذيب والتشديد سواء كان من الحديد او غيره وقال القهستاني الغل الطوق من حديد الجامع لليد الى العنق المانع عن تحرك الرأس وفى المفردات اصل الغلل تدرع الشيء وتوسطه ومنه الغلل للماء الجاري مختص بما يقيد به فيجعل الأعضاء وسطه وغل فلان قيد به وقيل للبخيل هو مغلول اليد قال تعالى
__________
(1) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن از طعانه را إلخ(7/370)
وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9)
(وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) انتهى فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ الفاء للنتيجة او التعقيب. والأذقان جمع ذقن وهو مجتمع اللحيين بالفارسية [زنخدان] اى فالاغلال منتهية الى أذقانهم بحيث لا يتمكن المغلول معها من تحرك الرأس والالتفات: وبالفارسية [پس آن غلها وزنجيرها پيوسته شده بزنخدانهاى ايشان ونمى كذارند كه سرها بجنبانند] ووجه وصول الغل الى الذقن هو اما كونه غليظا عريضا يملأ ما بين الصدر والذقن فلا جرم يصل الى الذقن ويرفع الرأس الى فوق واما كون طوق الغل الذي يجمع اليدين الى العنق بحيث يكون فى ملتقى طرفيه تحت الذقن حلقة يدخل فيها رأس العمود الواصل بين ذلك الطوق وبين قيد اليد خارجا عن الحلقة الى الذقن فلا يخليه يحرك رأسه فَهُمْ مُقْمَحُونَ رافعون رؤسهم غاضون أبصارهم فان الاقماح رفع الرأس الى فوق مع غض البصر يقال قمح البعير قموحا فهو قامح إذا رفع رأسه عند الحوض بعد الشرب اما لارتوائه او لبرودة الماء او لكراهة طعمه وأقمحت البعير شددت رأسه الى خلف وأقمحه الغل إذا ترك رأسه مرفوعا من ضيقه قال بعضهم لفظ الآية وان كان ماضيا لكنه اشارة الى ما يفعل بهم فى الآخرة كقوله تعالى (وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآية ولهذا قال الفقهاء كره جعل الغل فى عنق عبده لانه عقوبة اهل النار قال الفقيه ان فى زماننا جرت العادة بذلك إذا خيف من الإباق بخلاف التقييد فانه غير مكروه لانه سنة المسلمين فى المتمردين هذا والجمهور على ان الآية تمثيل لحال الأكثر فى تصميمهم على الكفر وعدم امتناعهم عنه وعدم التفاتهم الى الحق وعدم انعطاف أعناقهم نحوه بحال الذين غلت أعناقهم فوصلت الاغلال الى أذقانهم وبقوا رافعين رؤسهم غاضين أبصارهم فهم ايضا لا يلتفتون الى الحق ولا يعطفون أعناقهم نحوه ولا يطأطئون رؤسهم له ولا يكادون يرون الحق او ينظرون الى جهته وقال الراغب قوله فهم مقمحون تشبيه بحال البعير ومثل لهم وقصد الى وصفهم بالتأبى عن الانقياد للحق وعن الإذعان لقبول الرشد والتأبى عن الانفاق فى سبيل الله انتهى: وفى المثنوى
كفت أغلالا فهم به مقمحون ... نيست آن أغلال بر ما از برون «1»
بند پنهان ليك از آهن را بتر ... بند آهن را كند پاره بتر
بند آهن را توان كردن جدا ... بند غيبى را نداند كس دوا
مرد را زنبور اگر نيشى زند ... طبع او آن لحطه بر دفعى تند
زخم نيش اما چواز هستىء تست ... غم قوى باشد نكردد دردست
قال النقشبندي هى أغلال الأماني والآمال وسلاسل الحرص والطمع بمزخرفات الدنيا الدنية وما يترتب عليها من اللذات الوهمية والشهوات البهيمية وَجَعَلْنا اى خلقنا لهم من كمال غضبنا عليهم وصيرنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ [از پيش روى ايشان] سَدًّا [ديوارى وحجابى] قرأه حفص بالفتح والباقون بالضم وكلاهما بمعنى وقيل ما كان من عمل الناس بالفتح وما كان من خلق الله بالضم وَمِنْ خَلْفِهِمْ [واز پس ايشان] سَدًّا [پرده ومانعى] فَأَغْشَيْناهُمْ [الاغشاء: بر پوشانيدن وكور كردن] والمضاف محذوف
__________
(1) در اواخر دفتر يكم در بيان مرتد شدن كاتب وحي إلخ(7/371)
والتقدير غطينا أبصارهم وجعلنا عليها غشاوة وهو ما يغشى به الشيء: وبالفارسية [پس بپوشيديم چشمهاى ايشانرا] فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ الفاء داخلة على الحكم المسبب عما قبله لان من احاطه السد من جميع جوانبه لا يبصر شيأ إذ الظاهر ان المراد ليس جهتى القدام والخلف فقط بل يعم جميع الجهات الا ان جهة القدام لما كانت اشرف الجهات وأظهرها وجهة الخلف كانت ضدها خصت بالذكر والآية اما تتمة للتمثيل وتكميل له أي تكميل اى وجعلنا مع ما ذكر من امامهم سدا عظيما ومن ورائهم سدا كذلك فغطينا بهما أبصارهم فهم بسبب ذلك لا يقدرون على أبصار شىء ما أصلا. واما تمثيل مستقل فان ما ذكر من جعلهم محصورين بين سدين هائلين قد غطينا بهما أبصارهم بحيث لا يبصرون شيأ قطعا كاف فى الكشف عن فظاعة حالهم وكونهم محبوسين فى مطمورة الغى والجهالات محرومين من النظر فى الادلة والآيات قال الامام المانع من النظر فى الآيات والدلائل قسمان. قسم يمنع من النظر فى الآيات التي فى أنفسهم فشبه ذلك بالغل الذي يجعل صاحبه مقمحا لا يرى نفسه ولا يقع بصره على بدنه. وقسم يمنع من النظر فى آيات الآفاق فشبه بالسد المحيط فان المحاط بالسد لا يقع نظره على الآفاق فلا تتبين له الآيات التي فى الآفاق كما ان المقمح لا تتبين له الآيات التي فى الأنفس فمن ابتلى بهما حرم من النظر بالكلية لان الدلائل والآيات مع كثرتها منحصرة فيهما كما قال تعالى (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ) وقوله تعالى (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ) مع قوله (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) إلخ اشارة الى عدم هدايتهم لآيات الله تعالى فى الأنفس والآفاق [محققان كويند كه سد پيش طول املست وطمع بقا وسد عقب غفلت از جنايات كذشته وقلت ندم واستغفار برو هر كه او را دو سد چنين احاطه كرده باشد هر آينه چشم او پوشيده باشد از نظر در دلائل قدرت ونه بيند راه فلاح وهدايت] : وفى المثنوى
خلفهم سدا فاغشيناهمو ... مى نه بيند بند را پيش و پس او
رنك صحرا دارد آن سدى كه خاست ... او نمى داند كه آن سر قضاست
شاهد تو سد روى شاهد است ... مرشد تو سد كفت مرشد است
[وآوردند كه ابو جهل سوكند خورد بلات وعزى كه اگر پيغمبر را عليه السلام در نماز بيند سر مبارك او نعوذ بالله بشكند وعرب را ازو باز رهاند روزى ديد كه آن حضرت نماز مى كرد ودر حرم كعبه آن ملعون سنكى برداشت ونزد آن حضرت آمد و چون دست بالا برد كه سنك بر وى زند دست او بر كردن چنبر شده سنك بر دست او چسبيد در كردنش بماند نوميد بازگشت قوم بنى مخزوم دست او را بجهد بسيار از كردن او دور كردند واين آيت يعنى (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ) إلخ آمد كه ما ايشانرا باز داشتيم چنانچهـ مغلولان از كارها باز داشته شوند ومخزومى ديكر كه وليد بن مغيره است كفت من بروم وبدين سنك محمد را عليه السلام بكشم نعوذ بالله چون بنزديك آن حضرت آمد نابينا شد تا حس وآواز مى شنيد وكس را نديد] فرجع الى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه وأخبرهم بالحال فنزل فى حقه قوله تعالى (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) إلخ فيكون ضمير الجمع فى الآيتين(7/372)
وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10) إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11)
على طريقة قولهم بنوا فلان فعلوا كذا والفاعل واحد منهم [وكفته اند اين آيت حرزى نيكوست كسى را كه از دشمن ترسد اين آيت بر روى دشمن خواند الله تعالى شر آن دشمن از وى بازدارد دشمن را از وى در حجاب كند چنانكه با رسول خدا كرد آن شب كه كافران قصد وى كردند بدر سراى وى آمدند تا بر سر وى هجوم برند رسول خدا على را رضى الله عنه بر جاى خود خوابانيد وبيرون آمد وبايشان بر كذشت واين آيت مى خواند (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا) إلخ ودشمنان او را نديدند ودر حجاب بماندند رسول بر كذشت وقصد مدينه كرد وآن ابتداى هجرت بود] كذا فى كشف الاسرار وقال فى انسان العيون لما خرج عليه السلام من بيته الشريف أخذ حفنة من تراب ونثره على رؤس القوم عند الباب وتلا (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) الى قوله (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) فاخذ الله تعالى أبصارهم عنه عليه السلام فلم يبصروه وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ اى مستو عند اكثر اهل مكة إنذارك إياهم وعدمه لان قوله (أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) وان كانت جملة فعلية استفهامية لكنه فى معنى مصدر مضاف الى الفاعل فصح الاخبار عنه فقد هجر فيه جانب اللفظ الى المعنى ومنه «تسمع بالمعيدي خير من ان تراه» وهمزة الاستفهام وأم لتقرير معنى الاستواء والتأكيد فان معنى الاستفهام منسلخ منهما رأسا بتجريدهما عنه لمجرد الاستواء كما جرد حرف النداء عن الطلب لمجرد التخصيص فى قولهم «اللهم اغفر لنا أيتها العصابة» فكما ان هذا جرى على صورة النداء وليس بنداء كذلك (أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) على صورة الاستفهام وليس باستفهام لا يُؤْمِنُونَ [نمى كردند ايشان كه علم قديم موت ايشان بر كفر حكم كرده است بسبب اختيار ايشان] وهو استئناف مؤكد لما قبله مبين لما فيه من إجمال ما فيه الاستواء قال فى كشف الاسرار اى من أضله الله هذا الضلال لم ينفعه الانذار- روى- ان عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى دعا غيلان القدري فقال يا غيلان بلغني انك تتكلم فى القدر فقال يا امير المؤمنين انهم يكذبون علىّ قال يا غيلان اقرأ أول سورة يس الى قوله (أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) فقال غيلان يا امير المؤمنين والله لكأنى لم اقرأها قط قبل اليوم أشهدك يا امير المؤمنين انى تائب مما كنت أتكلم به فى القدر فقال عمر بن عبد العزيز اللهم ان كان صادقا فتب عليه وثبته وان كان كاذبا فسلط عليه من لا يرحمه واجعله آية للمؤمنين قال فاخذه هشام بن عبد الملك فقطع يديه ورجليه قال بعضهم انا رأيته مصلوبا على باب دمشق دلت الحكاية على ان القدرية هم الذين يزعمون ان كل عبد خالق لفعله ولا يرون الكفر والمعاصي بتقدير الله تعالى وقال الامام المطرزي فى المغرب والقدرية هم الفرقة المجبرة الذين يثبتون كل الأمر بقدر الله وينسبون القبائح اليه سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ولما بين كون الانذار عندهم كعدمه عقبه ببيان من يتأثر منه فقيل إِنَّما تُنْذِرُ اى ما ينفع إنذارك الا مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ اى القرآن بالتأمل فيه او الوعظ والتذكير ولم يصر على اتباع خطوات الشيطان وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ اى خاف عقابه تعالى والحال انه غائب عن العقاب على انه حال من الفاعل او والحال ان العقاب غائب عنه اى قبل نزول العقاب وحلوله(7/373)
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17)
على انه حال من المفعول او حال كونه غائبا عن عيون الناس فى خلوته ولم يغتر برحمته فانه منتقم قهار كما انه رحيم غفار وكيف يؤمن سخطه وعذابه بعد ان قال (إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ) ومن كان نعمته بسبب رحمته اكثر فالخوف منه أتم مخافة ان يقطع عنه النعم المتواترة فظهر وجه ذكر الرحمن مع الخشية مع ان الظاهر ان يذكر معها ما ينبئ عن القهر وفى التأويلات النجمية (وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) اى بنور غيبتى يشاهد وخامة عاقبة الكفر والعصيان ويتحقق عنده بشواهد الحق كمالية حلاوة الايمان ورفعة رتبة العرفان فَبَشِّرْهُ اى من اتبع وخشى وحد الضمير مراعاة للفظ من بِمَغْفِرَةٍ عظيمة لذنوبه وَأَجْرٍ كَرِيمٍ حسن مرضى لاعماله الصالحة لا يقادر قدره وهو الجنة وما فيها مما أعده الله لعباده الجامعين بين اتباع ذكره وخشيته والفاء لترتيب البشارة او الأمر بها على ما قبلها من اتباع الذكر والخشية يقول الفقير رتب التبشير بمثنى على مثنى فالتأمل فى القرآن او التأثر من الوعظ يؤدى الى الايمان المؤدى الى المغفرة لان الله تعالى يغفر ما دون الشرك لمن يشاء والخشية تؤدى الى الحسنات المؤدية الى الاجر الكريم لانه تعالى قال (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) قال بعضهم الانذار لا يؤثر الا فى اصحاب الذكر لانهم فى مشاهدة عظمة المذكور فبركة موعظة الصادق تزيد لهم تعظيم الله تعالى وإجلاله وإذا زاد هذا المعنى زادت العبودية وزال التعب وحصل الانس مع الرب واعلم ان الجنة دار جمال وانس وتنزل الهى لطيف. واما النار فهى دار جلال وجبروت فالاسم الرب مع اهل الجنة والاسم الجبار مع اهل النار ابد الآبدين ودهر الداهرين وقد قال تعالى (هؤلاء للجنة ولا أبالي وهؤلاء للنار ولا أبالي) وانما كان الحق تعالى لا يبالى بذلك لان رحمته سبقت غضبه فى حق الموحدين او فى حق المشركين ويكون المراد بالرحمة رحمة الإيجاد من العدم لانها سابقة على سبب الغضب الواقع منهم فلذلك كان تعالى لا يبالى بما فعل بالفريقين. ولو كان المراد من عدم المبالاة ما توهمه بعضهم لما وقع الاخذ بالجرائم ولا وصف الحق نفسه بالغضب ولا كان البطش الشديد هذا كله من المبالاة والتهم بالمأخوذ كذا فى الفتوحات المكية إِنَّا من مقام كمال قدرتنا والجمع للتعظيم ولكثرة الصفات وقال بعضهم لما فى احياء الموتى من حظ الملائكة وينافيه الحصر الدال عليه قوله نَحْنُ قال فى البحر كرر الضمير لتكرير التأكيد نُحْيِ الْمَوْتى
نبعثهم بعد مماتهم ونجزيهم على حسب أعمالهم فيظهر حينئذ كمال الإكرام والانتقام للمبشرين والمنذرين من الأنام والاحياء جعل الشيء حيا ذا حس وحركة والميت من اخرج روحه وقد اطلق النبي عليه السلام لفظ الموتى على كل غنى مترف وسلطان جائر وذلك فى قوله عليه السلام (اربع يمتن القلب الذنب على الذنب وكثرة مصاحبة النساء وحديثهن وملاحاة الأحمق تقول له ويقول لك ومجالسة الموتى قيل يا رسول الله وما مجالسة الموتى قال كل غنى مترف وسلطان جائر) وفى التأويلات النجمية نحيى قلوبا ماتت بالقسوة بما نمطر عليها من صوب الإقبال والزلفة انتهى فالاحياء إذا مجاز عن الهداية وَنَكْتُبُ اى نحفظ ونثبت فى اللوح المحفوظ يدل عليه آخر الآية او يكتب رسلنا وهم الكرام الكاتبون وانما أسند(7/374)
اليه تعالى ترهيبا ولانه الآمر به ما قَدَّمُوا اى اسلفوا من خير وشر وانما اخر الكتابة مع انها مقدمة على الاحياء لانها ليست مقصودة لذاتها وانما تكون مقصودة لامر الاحياء ولولا الاحياء والاعادة لما ظهر للكتابة فائدة أصلا وَآثارَهُمْ اثر الشيء حصول ما يدل على وجوده اى آثارهم التي ابقوها من الحسنات كعلم علموه او كتاب الفوه او حبيس وقفوه او بناء شىء من المساجد والرباطات والقناطر وغير ذلك من وجوه البرّ: قال الشيخ سعدى
نمرد آنكه ماند پس از وى بجاى ... پل ومسجد وخان ومهمان سراى
هر آن كو نماند از پسش يادگار ... درخت وجودش نياورد بار
ور كرفت آثار خيرش نماند ... نشايد پس از مرك الحمد خواند
ومن السيئات كوظيفة وظفها بعض الظلمة على المسلمين مسانهة او مشاهرة وسكة أحدثها فيها تحسيرهم وشىء أحدث فيه صدّ عن ذكر الله من الحان وملاهى ونحوه قوله تعالى (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ)
اى بما قدم من اعماله واخر من آثاره: وفى المثنوى
هر كه بنهد سنت بد اى فتى ... تا در افتد بعد او خلق از عمى
جمع كردد بر وى آن جمله بزه ... كو سرى بودست وايشان دم غزه
فعلى العدول ان يرفعوا الأحداث التي فيها ضرر بين للناس فى دينهم ودنياهم والا فالراضى كالفاعل وكل مجزى بعمله
از مكافات عمل غافل مشو ... كندم از كندم برويد جو ز جو
كين چنين كفتست پير معنوى ... كاى برادر هر چهـ كارى بدروى
وقال بعض المفسرين هى آثار المشائين الى المساجد ولعل المراد انها من جملة الآثار كما فى الإرشاد- روى- ان جماعة من الصحابة بعدت دورهم عن المسجد النبوي فارادوا النقلة الى جوار المسجد فقال عليه السلام (ان الله يكتب خطواتكم ويثيبكم عليها فالزموا بيوتكم) والله تعالى لا يترك الجزاء على الخطى سواء كانت فى حسنة او فى سيئة وفى الحديث (أعظم الناس اجرا من يصلى ثم ينام) واختلف فيمن قربت داره من المسجد هل الأفضل له ان يصلى فيه او يذهب الى الأبعد فقالت طائفة الصلاة فى الأبعد أفضل لكثرة الثواب الحاصل بكثرة الخطى وقال بعضهم الصلاة فى الأقرب أفضل لما ورد (لا صلاة لجار المسجد الا فى المسجد) ولاحياء حق المسجد ولماله من الجوار وان كان فى جواره مسجد ليس فيه جماعة وبصلاته فيه يحصل الجماعة كان فعلها فى مسجد الجوار أفضل لما فيه من عمارة المسجد واحيائه بالجماعة واما لو كان إذا صلى فى مسجد الجوار صلى وحده فالبعيد أفضل ولو كان إذا صلى فى بيته صلى جماعة وإذا صلى فى المسجد صلى وحده ففى بيته أفضل قال بعضهم جار المسجد أربعون دارا من كل جانب وقيل جار المسجد من سمع النداء قال فى مجمع الفتاوى رجل لو كان فى جواره مسجدان يصلى فى أقدمهما لان له زيادة حرمة وان كانا سواء أيهما اقرب يصلى هناك وان كان فقيها يذهب الى الذي قومه اقل حتى يكثر بذهابه وان لم يكن فقيها يخير قالوا كل ما فيه الجماعة كالفرائض والتراويح فالمسجد فيه أفضل فثواب المصلين فى البيت بالجماعة(7/375)
دون ثواب المصلين فى المسجد بالجماعة وفى الحديث (صلاة الرجل فى جماعة تضعف على صلاته فى بيته وفى سوقه (خمسة وعشرين ضعفا) وفى رواية (سبعة وعشرين) وذلك لان فرائض اليوم والليلة سبع عشرة ركعة والرواتب عشر فالجميع سبع وعشرون واكثر العلماء على ان الجماعة واجبة وقال بعضهم سنة مؤكدة وفى الحديث (لقد هممت ان آمر رجلا يصلى بالناس وانظر الى أقوام يتخلفون عن الجماعة فاحرّق بيوتهم) وهذا يدل على جواز إحراق بيت المتخلف عن الجماعة لان الهم على المعصية لا يجوز من الرسول عليه السلام لانه معصية فاذا جاز إحراق البيت على ترك الواجب او السنة المؤكدة فما ظنك فى ترك الفرض وفى الحديث (بشروا المشائين فى الظلم الى المساجد بالنور التام يوم القيامة) وفيه اشارة الى ان كل ظلمة ليست بعذر لترك الجماعة بل الظلمة الشديدة واطلاق اللفظ يشعر بان المتحرى للافضل ينبغى ان لا يتخلف عن الجماعة بأى وجه كان الا ان يكون العذر ظاهرا والاعذار التي تبيح التخلف عن الجماعة هى المرض الذي يبيح التيمم ومثله كونه مقطوع اليد والرجل من خلاف او مفلوجا او لا يستطيع المشي او أعمى والمطر والطين والبرد الشديد والظلمة الشديدة فى الصحيح وكذا الخوف من السلطان او غيره من المتغلبين جعلنا الله وإياكم ممن قام بامره فى جميع عمره وَكُلَّ شَيْءٍ من الأشياء كائنا ما كان سواء كان ما يصنعه الإنسان او غيره وهو منصوب بفعل مضمر يفسره قوله أَحْصَيْناهُ ضبطناه وبيناه قال ابن الشيخ اصل الإحصاء العد ثم استعير للبيان والحفظ لان العد يكون لاجلهما وفى المفردات الإحصاء التحصيل بالعدد يقال أحصيت كذا وذلك من لفظ الحصى واستعمال ذلك فيه لانهم كانوا يعتمدون عليه فى العد اعتمادنا فيه على الأصابع فِي إِمامٍ مُبِينٍ اصل عظيم الشان مظهر لجميع الأشياء مما كان وما سيكون وهو اللوح المحفوظ سمى اماما لانه يؤتم به ويتبع قال الراغب الامام المؤتم به إنسانا كان يقتدى بقوله وبفعله او كتابا او غير ذلك محقا كان او مبطلا وجمعه ائمة نحو قوله تعالى (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) اى بالذي يقتدون به وقيل بكتابهم (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) فقد قيل اشارة الى اللوح المحفوظ انتهى. وفى الإحصاء ترغيب وترهيب فان المحصى لم يصح منه الغفلة فى حال من الأحوال بل راقب نفسه فى كل وقت ونفس وحركة وسكنة وخاصية هذا الاسم تسخير القلوب فمن قرأه عشرين مرة على كل كسرة من الخبر والكسر عشرون فانه يسخر له الخلق فان قلت ما فائدة تسخير الخلق قلت دفع المضرة او جلب
المنفعة وأعظم المنافع التعليم والإرشاد واختار بعض الكبار ترك التصرف والالتفات الى جانب الخلق بضرب من الحيل فان الله تعالى يفعل ما يريد والا هم تسخير النفس الامارة حتى تنقاد للامر وتطيع للحق فمن لم يكن له امارة على نفسه كان ذليلا فى الحقيقة وان كان مطاعا فى الظاهر وفى التأويلات النجمية (وَكُلَّ شَيْءٍ) مما يتقربون به إلينا (أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) اى أثبتنا آثاره وأنواره فى لوح محفوظ قلوب احبابنا انتهى واعلم ان قلب الإنسان الكامل امام مبين ولوح الهى فيه أنوار الملكوت منتقشة واسرار الجبروت منطبعة مما كان فى حد البشر دركه وطوق العقل الكلى كشفه وانما يحصل هذا بعد التصفية بحيث لم يبق فى القلب(7/376)
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13)
صورة ذرة مما يتعلق بالكونين ومعنى التصفية ازالة المتوهم ليظهر المتحقق فمن لم يدر المتوهم من المتحقق حرم من المتحقق: قال المولى الجامى قدس سره
سككى مى شد استخوان بدهان ... كرده ره بر كنار آب روان
بسكه آن آب صاف وروشن بود ... عكس آن استخوان در آب نمود
برد بيچاره سك كمان كه مكر ... هست در آب استخوان دكر
لب چوبگشاد سوى آن بستاد ... استخوان از دهان در آب فتاد
نيست را هستىء تو هم كرد ... بهر آن نيست هست را كم كرد
فعلى العاقل ان يجلو المرآة ليظهر صورة الحقيقة وحقيقة الوجود ويحصل كمال العيان والشهود نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من اهل الصفوة ويحفظنا من الكدورات والهفوة انه غاية المقصود ونهاية الأمل من كل علم وعمل وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ الى قوله خامدون يشير الى اصناف الطافه مع أحبائه وانواع قهره مع أعدائه كما فى التأويلات النجمية امر الله تعالى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بانذار مشركى مكة بتذكيرهم قصة اصحاب القرية ليحترزوا عن ان يحل بهم ما نزل بكفار اهل تلك القرية قال فى الإرشاد ضرب المثل يستعمل على وجهين. الاول فى تطبيق حالة غريبة بحالة اخرى مثلها فالمعنى اجعل اصحاب القرية مثلا لاهل مكة فى الغلو فى الكفر والإصرار على تكذيب الرسل اى طبق حالهم بحالهم على ان مثلا مفعول ثان واصحاب القرية مفعوله الاول اخر عنه ليتصل به ما هو شرحه وبيانه. والثاني فى ذكر حالة غريبة وبيانها للناس من غير قصد الى تطبيقها بنظيرة لها فالمعنى اذكر وبين لهم قصة هى فى الغرابة كالمثل فقوله اصحاب القرية اى مثل اصحاب القرية على تقدير المضاف كقوله (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) وهذا المقدر بدل من الملفوظ او بيان له والقرية انطاكية من قرى الروم وهى بالفتح والكسر وسكون النون وكسر الكاف وفتح الياء المخففة قاعدة بلاد يقال لها العواصم وهى ذات عين وسور عظيم من صخر داخله خمسة اجبل دورها اثنا عشر ميلا كما فى القاموس ويقال لها انتاكية بالتاء بدل الطاء وهو المسموع من لسان الملك فى قصة ذكرت فى مشارع الاشواق قال الامام السهيلي نسبت انطاكية الى انطقيس وهو اسم الذي بناها ثم غيرت وفى التكملة وكانت قصتهم فى ايام ملوك الطوائف وفى بحر العلوم انطاكية من مدائن النار بشهادة النبي عليه السلام حيث قال (اربع مدائن من مدائن الجنة مكة والمدينة وبيت المقدس وصنعاء اليمن واربع مدائن من مدائن النار انطاكية وعمورية وقسطنطينية وظفار اليمن) وهو كقطام بلد باليمن قرب صنعاء اليه ينسب الجزع وهو بالفتح خرز فيه سواد وبياض يشبه به الأعين وكانت انطاكية احدى المدن الأربع التي يكون فيها بطارقة النصارى وهى انطاكية والقدس والاسكندرية ورومية ثم بعدها قسطنطينية قال فى خريدة العجائب رومية الكبرى مدينة عظمية فى داخلها كنيسة عظيمة طولها ثلاثمائة ذراع وأركانها من نحاس مفرع مغطى كلها بالنحاس الأصفر وبها كنيسة ايضا بنيت على هيئة بيت المقدس وبها الف حمام والف فندق وهو الخان ورومية اكبر من ان يحاط بوصفها ومحاسنها وهى(7/377)
إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14)
للروم مثل مدينة فرانسة للافرنج كرسى ملكهم ومجتمع أمرهم وبيت ديانتهم وفتحها من اشراط الساعة إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ بدل من اصحاب القرية بدل الاشتمال لاشتمال الظروف على ما حل فيها كأنه قيل واجعل وقت مجيىء المرسلين مثلا او بدل من المضاف المقدر كأنه قيل واذكر لهم وقت مجيىء المرسلين وهم رسل عيسى عليه السلام الى اهل انطاكية إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ بدل من إذ الاولى اى وقت ارسالنا اثنين الى اصحاب القرية وهما يحيى ويونس ونسبة إرسالهما اليه تعالى بناء على انه بامره تعالى فكانت الرسل رسل الله. ويؤيده مسألة فقهية وهى ان وكيل الوكيل بإذن الموكل بان قال الموكل له اعمل برأيك يكون وكيلا للموكل لا للوكيل حتى لا ينعزل بعزل الوكيل إياه وينعزل إذا عزله الموكل الاول فَكَذَّبُوهُما اى فاتياهم فدعواهم الى الحق فكذبوهما فى الرسالة بلا تراخ وتأمل وضربوهما وحبسوهما على ما قال ابن عباس رضى الله عنهما وسيأتى فَعَزَّزْنا اى قوينا هما فحذف المفعول لدلالة ما قبله عليه ولان القصد ذكر المعزز به وبيان تدبيره اللطيف الذي به عز الحق وذل الباطل يقال عزز المطر الأرض إذا لبدها وسددها وارض عزاز اى صلبة وتعزز اللحم اشتد وعز كأنه حصل فى هزاز يصعب الوصول اليه وفى تاج المصادر [التعزيز والتعزة: ليرومند كردند] ومنه الحديث (انكم لمعزز بكم) اى مشدد [وفرو نشاندن باران زمين را] انتهى بِثالِثٍ هو شمعون الصفار ويقال له شمعون الصخرة ايضا رئيس الحواريين وقد كان خليفة عيسى عليه السلام بعد رفعه الى السماء قال فى التكملة اختلف فى المرسلين الثلاثة فقيل كانوا أنبياء رسلا أرسلهم الله تعالى وقيل كانوا من الحواريين أرسلهم عيسى بن مريم الى اهل القرية المذكورة ولكن لما كان إرساله إياهم عن امره أضاف الإرسال اليه انتهى علم منه ان الحواريين لم يكونوا أنبياء لا فى زمان عيسى ولا بعد رفعه واليه الاشارة بقوله عليه السلام (ليس بينى وبينه نبى) اى بين عيسى وان احتمل ان يكون المراد النبي الذي يأتى بشريعة مستقلة وهو لا ينافى وجود النبي المقرر للشريعة المتقدمة فَقالُوا اى جميعا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ مؤكدين كلامهم لسبق الإنكار لما ان تكذيبهما تكذيب للثالث لاتحاد كلمتهم قال فى كشف الاسرار [قصه آنست كه رب العالمين وحي فرستاد بعيسى عليه السلام كه من ترا بآسمان خواهم برد حواريان را يكان يكان ودوان دوان بشهرها فرست تا خلق را بدين حق دعوت كنند عيسى ايشانرا حاضر كرد ورئيس ومهتر ايشان شمعون وايشانرا يكان يكان ودوان دوان قوم بقوم فرستاد وشهر شهر ايشانرا نامزد مى زد وايشانرا كفت چون من بآسمان رفتم شما هر كجا كه معين كرده ام ميرويد ودعوت ميكنيد واگر زبان آن قوم ندانيد در آن راه كه ميرويد شما را فرشته پيش آيد جامى شراب بر دست نهاده از ان شراب نورانى باز خوريد تا زبان ان قوم بدانيد ودو كس را بشهر أنطاكية فرستاد] وكانوا عبدة أصنام وقال اكثر اهل التفسير أرسل إليهم عيسى اثنين قبل رفعه ولما أمرهما ان يذهبا الى القرية قالا يا نبى الله انا لا نعرف لسان القوم فدعا الله لهما فناما بمكانهما فاستيقظا وقد حملتهما الملائكة والقتهما الى ارض انطاكية فكلم كل واحد صاحبه بلغة القوم فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له وهو حبيب النجار الذي ينحت الأصنام وهو صاحب(7/378)
يس لان الله تعالى ذكره فى سورة يس فى قوله تعالى (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) فسلما عليه فقال من أنتما فاخبراه بانهما من رسل عيسى [آمده ايم تا شما را بر دين حق دعوت كنيم وراه راست وملت پاك شما نماييم كه دين حق توحيد است وعبادت خداى يكتا پير كفت شما را بر راستى اين سخن هيچ معجزه هست كفتند آرى] نحن نشفى المريض ونبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله وكان للرسل من المعجزة ما للانبياء بدعاى عيسى [پير كفت مرا پسريست ديوانه ويا خود دير كاه تا وى بيمار است ودرد وى علاج اطبا نپذيرد خواهم كه او را به بينيد ايشانرا بخانه برد] فدعوا الله تعالى ومسحا المريض فقام بإذن الله صحيحا
قدم نهادى وبر هر دو ديده جا كردى ... بيكنفس دل بيمار را دوا كردى
فآمن حبيب وفشا الخبر وشفى على أيديهما
خلق كثير وبلغ حديثهما الى الملك واسمه بحناطيس الرومي او انطيخس او شلاحن فطلبهما فاتياه فاستخبر عن حالهما فقالا نحن رسل عيسى ندعوك الى عبادة رب وحده فقال ألنا رب غير الهتنا قالا نعم وهو من او جدك وآلهتك من آمن به دخل الجنة ومن كفر به دخل النار وعذب فيها ابدا فغضب وضربهما وحبسهما فانتهى ذلك الى عيسى فارسل ثالثا وهو شمعون لينصرهما فانه رفع بعده كما قاله البعض فجاء القرية متنكرا اى لم يعرف حاله ورسالته وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به ورفعوا حديثه الى الملك فانس به وكان شمعون يظهر موافقته فى دينه حيث كان يدخل معه على الصنم فيصلى ويتضرع وهو يظن انه من اهل دينه كما قال الشيخ سعدى فى قصة صنم سومنات لما دخل الكنيسة متنكرا وأراد ان يعرف كيفية الحال
بتك را يكى بوسه دادم بدست ... كه لعنت برو باد وبر بت پرست
بتقليد كافر شدم روز چند ... برهمن شدم در مقالات زند
فقال شمعون للملك يوما بلغني انك حبست رجلين دعواك الى اله غير إلهك فهل لك ان تدعوهما فاسمع كلامهما واخاصمهما عنك فدعاهما. وفى بعض الروايات لما جاء شمعون الى انطاكية دخل السجن اولا حتى انتهى الى صاحبيه فقال لهما ألم تعلما انكما لا تطاعان الا بالرفق واللطف
چوبينى كه جاهل بكين اندر است ... سلامت بتسليم دين اندر است
قال وان مثلكما مثل امرأة لم تلد زمانا من دهرها ثم ولدت غلاما فاسرعت بشأنه فاطعمته الخبز قبل أوانه فغص به فمات فكذلك دعوتكما هذا الملك قبل او ان الدعاء ثم انطلق الى الملك يعنى بعد التقرب اليه استدعاهما للمخاصمة فلما حضرا قال لهما شمعون من أرسلكما قالا الله الذي خلق كل شىء وليس له شريك فقال صفاه واو جزا قالا يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قال وما برهانكما على ما تدعيانه قالا ما يتمنى الملك فجيىء بغلام مطموس العينين اى كان لا يتميز موضع عينيه من جبهته فدعوا الله حتى انشق له موضع البصر فاخذا بندقتين من الطين فوضعهما فى حدقتيه فصارتا مقلتين ينظر بهما فتعجب الملك فقال له شمعون أرأيت لوسألت آلهك حتى يصنع مثل هذا فيكون لك وله الشرف قال ليس لى عنك سر مكتوم ان(7/379)
قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17)
إلهنا لا يبصر ولا يسمع ولا يضر ولا ينفع ثم قال له الملك ان هنا غلاما مات منذ سبعة ايام كان لا بيه ضيعة قد خرج إليها واهله ينتظرون قدومه واستأذنوا فى دفنه فامرتهم ان يؤخروه حتى يحضر أبوه فهل يحييه ربكما فامر بإحضار ذلك الميت فدعوا الله علانية ودعا شمعون سرا فقام الميت حيا بإذن الله [كفت چون جانم از كالبد جدا كشت مرا بهفت وادئ آتش بگذرانيدند از آنكه بكفر مرده ام] وانا أحذركم عما أنتم فيه من الشرك فآمنوا [وكفت اينك درهاى آسمان مى بينم كشاده وعيسى پيغمبر ايستاده زير عرش واز بهر اين ياران شفاعت ميكند وميكويد كه بار خدايا ايشانرا نصرت ده كه ايشان رسولان من اند] حتى أحياني الله وانا اشهد ان لا اله الا الله وان عيسى روح الله وكلمته وان هؤلاء الثلاثة رسل الله قال الملك ومن الثلاثة قال الغلام شمعون وهذان فتعجب الملك فلما رأى شمعون ان قول الغلام قد اثر فى الملك أخبره بالحال وانه رسول المسيح إليهم ونصحه فآمن الملك فقط كما حكاه القشيري خفية على خوف من عتاة ملئه وأصر قومه فرجموا الرسل بالحجارة وقالوا ان كلمتهم واحدة وقتلوا حبيب النجار وأبا الغلام الذي احيى لانه ايضا كان قد آمن ثم ان الله تعالى بعث جبريل فصاح عليهم صيحة فما تواكلهم كما سيجيئ تمام القصة وقال وهب بن منبه وكعب الأحبار بل كفر الملك ايضا وأصروا جميعا هو وقومه على تعذيب الرسل وقتلهم ويؤيده حكاية تماديهم فى اللجاج والعناد وركوبهم متن المكابرة فى الحجاج ولو آمن الملك وبعض قومه كما قال بعضهم لكان الظاهر ان يظاهروا الرسل ويساعدوهم قبلوا فى ذلك او قتلوا كدأب النجار الشهيد ولم ينقل ذلك مع ان الناس على دين ملوكهم لا سيما بعد وضوح البرهان قالُوا اى اهل انطاكية الذين لم يؤمنوا مخاطبين للثلاثة ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ آدمي مِثْلُنا هو من قبيل قصر القلب فالمخاطبون وهم الرسل لم يكونوا جاهلين بكونهم بشرا ولا منكرين لذلك لكنهم نزلوا منزلة المنكرين لاعتقاد الكفار ان الرسول لا يكون بشرا فنزلوهم منزلة المنكرين للبشرية لما اعتقدوا التنافي بين الرسالة والبشرية فقلبوا هذا الحكم وعكسوه وقالوا ما أنتم الا بشر مثلنا اى أنتم مقصورون على البشرية ليس لكم وصف الرسالة التي تدعونها فلا فضل لكم علينا يقتضى اختصاصكم بالرسالة دوننا ولو أرسل الرحمن الى البشر رسلا لجعلهم من جنس أفضل منهم وهم الملائكة على زعمهم وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ من وحي سماوى ومن رسول يبلغه فكيف صرتم رسلا وكيف يجب علينا طاعتكم وهو تتمة الكلام المذكور لانه يستلزم الإنكار ايضا إِنْ أَنْتُمْ اى ما أنتم إِلَّا تَكْذِبُونَ فى دعوى رسالته قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ بعلمه الحضوري إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وان كذبتمونا استشهدوا بعلم الله وهو يجرى مجرى القسم فى التوكيد مع ما فيه من تحذيرهم معارضة علم الله وزادوا اللام المؤكدة لما شاهدوا منهم من شدة الإنكار وَما عَلَيْنا اى من جهة ربنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ اى الا تبليغ رسالته تبليغا ظاهرا مبينا بالآيات الشاهدة بالصحة فانه لا بد للدعوى من البينة وقد خرجنا من عهدته فلا مؤاخذة لنا بعد ذلك من جهة ربنا وليس فى وسعنا اجباركم على الايمان ولا ان نوقع(7/380)
قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19) وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21)
فى قلوبكم العلم بصدقنا فان آمنتم والا فينزل العذاب عليكم وفيه تعريض لهم بان انكارهم للحق ليس لخفاء حاله وصحته بل هو مبنى على محض العناد والحمية الجاهلية قالُوا لما ضاقت عليهم الحيل ولم يبق لهم علل إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ اصل التطير التفاؤل بالطير فانهم يزعمون ان الطائر السانح سبب للخير والبارح سبب للشر كما سبق فى النمل ثم استعمل فى كل ما يتشاءم به والمعنى انا تشاءمنا بكم جريا على ديدن الجهلة حيث كانوا يتيمنون بكل ما يوافق شهواتهم وان كان مستجلبا لكل شر ووبال ويتشاءمون بكل ما لا يوافقها وان كان مستتبعا لسعادة الدارين وقال النقشبندي قد تشاءمنا بقدومكم إذ منذ قدمتم الى ديارنا ما نزل القطر علينا وما أصابنا هذا الشر الا من قبلكم اخرجوا من بيننا وارجعوا الى أوطانكم سالمين وانتهوا عن دعوتكم ولا تتفوهوا بها بعد. وكان عليه السلام يحب التفاؤل ويكره التطير والفرق بينهما ان الفأل انما هو من طريق حسن الظن بالله والتطير انما هو من طريق الاتكال على شىء سواه وفى الخبر لما توجه النبي عليه السلام نحو المدينة لقى بريدة بن اسلم فقال (من أنت يا فتى) قال بريدة فالتفت عليه السلام الى ابى بكر فقال (برد أمرنا وصلح) اى سهل ومنه قوله (الصوم فى الشتاء الغنيمة الباردة) ثم قال عليه السلام (ابن من أنت يافتى) قال ابن اسلم فقال عليه السلام لابى بكر رضى الله عنه (سلمنا من كيدهم) وفى الفقه لو صاحت الهامة او طير آخر فقال رجل يموت المريض يكفر ولو خرج الى السفر ورجع فقال ارجع لصياح العقعق كفر عند البعض وفى الحديث (ليس عبد الا سيدخل فى قلبه الطيرة فاذا أحس بذلك فليقل انا عبد الله ما شاء الله لا قوة الا بالله لا يأتى بالحسنات الا الله ولا يذهب بالسيئات الا الله اشهد ان الله على كل شىء قدير ثم يمضى بوجهه) يعنى يمضى مارّا بوجهه اى بجهة وجهه فعدى يمضى بالباء لتضمين معنى المرور قالوا من تطير تطيرا منهيا عنه حتى منعه مما يريده من حاجته فانه قد يصيبه ما يكرهه كما فى عقد الدر لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا والله لئن لم تمتنعوا عن مقالتكم هذه ولم تسكتوا عنا: وبالفارسية [واگر نه باز ايستيد از دعواى خود] لَنَرْجُمَنَّكُمْ [الرجم:
سنكسار كردن] اى لنرمينكم بالحجارة وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ [وبشما رسد از ما عذابى درد نماى] اى لا نكفى برجمكم بحجر او حجرين بل نديم ذلك عليكم الى الموت وهو العذاب الأليم او ليمسنكم بسبب الرجم منا عذاب مؤلم. وفسر بعضهم الرجم بالشتم فيكون المعنى لا نكتفى بالشتم بل يكون شتمنا مؤديا الى الضرب والإيلام الحسى- حكى- ان دباغا مر بسوق العطارين فغشى عليه وسقط فاجتمع عليه اهل السوق وعالجوه بكل ما يمكن من الأشياء العطرة فلم يفق بل اشتد عليه الحال ولم يدر أحد من اين صار مصروعا ثم اخبر اقرباؤه بذلك فجاء اخوه وفى كمه شىء من نجاسة الكلب فسحقه حتى إذا وصلت رائحته الى شمه أفاق وقام وهكذا حال الكفار كما قال جلال الدين قدس سره فى المثنوى
ناصحان او را بعنبر يا كلاب ... مى دوا سازند بهر فتح باب
مر خبيثانرا نشايد طيبات ... در خور ولايق نباشد اى ثقات
چون ز عطر وحي كم كشتند وكم ... بد فغان شان كه تطيرنا بكم(7/381)
قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19)
رنج وبيماريست ما را زين مقال ... نيست نيكو وعظتان ما را بفال
كر بياغازيد نصحى آشكار ... ما كنيم آن دم شما را سنكسار
ما بلغو ولهو فربه كشته ايم ... در نصيحت خويش را نسرشته ايم
هست قوت ما دروغ ولاف ولاغ ... شورش معده است ما را زين بلاغ
هر كرا مشك نصيحت سود نيست ... لا جرم با بوى بد خو كردنيست
مشركانرا از ان نجس خواندست حق ... كاندرون پشك زادند از سبق
كرم كو زادست در سركين ابد ... مى نكرداند بعنبر خوى خود
قالُوا اى المرسلون لاهل انطاكية طائِرُكُمْ اى سبب شؤمكم مَعَكُمْ لا من قبلنا وهو سوء اعتقادكم وقبح أعمالكم فالطائر بمعنى ما يتشاءم به مطلقا أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بهمزتين استفهام وشرط اى وعظتم بما فيه سعادتكم وخوّفتم: وبالفارسية [آيا اگر پند داده مى شويد] وجواب الشرط محذوف ثقة بدلالة ما قبله عليه اى تطيرتم او توعدتم بالرجم والتعذيب بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ إضراب عما تقتضيه الشرطية من كون التذكير سببا للشؤم او مصححا للتوعد اى ليس الأمر كذلك بل أنتم قوم عادتكم الإسراف فى العصيان والتجاوز فيه عن الحد فلذلك أتاكم الشؤم او فى الظلم والعدوان ولذلك توعدتم وتشاءمتم بمن يجب إكرامه والتبرك به. وهؤلاء القوم فى الحقيقة هم النفس وصفاتها فانها أسرفت فى موافقة الطبع ومخالفة الحق فكل من كان فى يد مثل هذه النفس فهو لا يبالى بالوقوع فى المهالك ولا يزال يدعو الناس الى ما سلكه من شر المسالك
هر كرا باشد مزاج وطبع سست ... او نخواهد هيچ كس را تن درست
وكل من تخلص عنها وزكاها أفلح هو ومن تبعه ولذا وعظ الأنبياء والأولياء وذكروا ونبهوا الناس على خطاهم وإسرافهم وردوهم عن طريقة أسلافهم ولكن الذكرى انما تنفع المؤمنين- حكى- ان غلام الخليل سعى بالصوفية الى خليفة بغداد وقال انهم زنادقة فاقتلهم ولك ثواب جزيل فاحضرهم الخليفة وفيهم الجنيد والشبلي والنوري فامر بضرب فتقدم ابو الحسين النوري فقال السياف أتدري الى ما تبادر فقال نعم فقال وما يعجلك فقال اوثر أصحابي بحياة ساعة فتحير السياف وانهى الأمر الى الخليفة فتعجب الخليفة ومن عنده من ذلك فامر بان يختبر القاضي حالهم فقال القاضي يخرج الىّ واحد منهم حتى ابحث معه فخرج اليه ابو الحسين النوري فالقى اليه القاضي مسائل فقهية فالتفت عن يمينه ثم التفت عن يساره ثم اطرق ساعة ثم اجابه عن الكل ثم أخذ يقول وبعد فان لله عبادا إذا قاموا قاموا بالله وإذا نطقوا نطقوا بالله وسرد كلاما ابكى القاضي ثم سأله القاضي عن التفاته فقال سألتنى عن المسائل ولا اعلم لها جوابا فسألت عنها صاحب اليمين فقال لا علم لى ثم سألت صاحب الشمال فقال لا علم لى فسألت قلبى فاخبرنى قلبى عن ربى فاجبتك بذلك فارسل القاضي الى الخليفة ان كان هؤلاء زنادقة فليس على وجه الأرض مسلم [خليفه ايشانرا بخواند وكفت حاجتى خواهيد كفتند حاجت ما آنست كه ما را فراموش كنى نه بقبول خود ما را(7/382)
وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)
مشرف كردانى نه برد مهجور كه ما را رد تو چون قبول تست خليفه بسيار بگريست وايشانرا باكرامى تمام روانه كرد چون در نهاد خليفه وقاضى عدل وانصاف سرشته مى شد لا جرم بجانب حق ميل كردند ودر حق صوفيه محققين طريقه ظلم وإسراف سالك نشدند] عصمنا الله وإياكم من مخالفة الحق الصريح بعد وضوحه بالبرهان الصحيح وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ ابعد جوانب انطاكية: وبالفارسية [وآمد از دورتر جايى از ان شهر] رَجُلٌ فيه اشارة الى رجولية الجائى وجلادته وتنكيره لتعظيم شأنه لا لكونه رجلا منكورا غير معلوم فانه رجل معلوم عند الله تعالى وكان منزله عند أقصى باب فى المدينة وفى مجيئه من أقصى المدينة بيان لكون الرسل أتوا بالبلاغ المبين حتى بلغت دعوتهم الى أقصى المدينة حيث آمن الرجل وكان دور السور اثنى عشر ميلا كما سبق يَسْعى حال كونه يسرع فى مشيه فان السعى المشي السريع وهو دون العدو كما فى المفردات. والمراد حبيب بن مرى النجار المشهور عند العلماء بصاحب يس كما سبق وجهه وفى بعض التواريخ كان من نسل الإسكندر الرومي وانما سمى حبيب النجار لانه كان ينحت أصنامهم يقول الفقير هذا ظاهر على تقدير ان يكون إيمانه على أيدي الرسل وهو الذي عليه الجمهور واما قوله عليه السلام (سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين على بن ابى طالب وصاحب يس ومؤمن آل فرعون) فمعناه انهم لم يسجدوا للصنم ولم يخلوا بما هو من اصول الشرائع ولا يلزم من نحت الأصنام السجدة لها والأظهر انه كان نجارا كما فى التعريف للسهيلى ولا يلزم من كونه نجارا كونه ناحتا للاصنام وقد قالوا انه ممن آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهما ستمائة سنة. وكان سبب إيمانه به انه كان من العلماء بكتاب الله ورأى فيه نعته ووقت بعثته فآمن به ولم يؤمن بنبي غيره عليه السلام قبل مبعثه وقد آمن به قبل مبعثه ايضا غير حبيب النجار كما قال السيوطي أول من اظهر التوحيد بمكة وما حولها قس بن ساعدة وفى الحديث (رحم الله قسا انى لارجو يوم القيامة ان يبعث امة وحده) وورقة بن نوفل ابن عم خديجة رضى الله عنها وزيد بن عمرو بن نفيل وكذا آمن به عليه السلام قبل مبعثه واظهر التوحيد تبع الأكبر وقصته انه اجتاز بمدينة الرسول عليه السلام وكان فى ركابه مائة الف وثلاثون الفا من الفرسان ومائة الف وثلاثة عشر الفا من الرجالة فاخبر ان اربعمائة رجل من اتباعه من الحكماء والعلماء تبايعوا ان لا يخرجوا منها فسألهم عن الحكمة فقالوا ان شرف البيت انما هو برجل يخرج يقال له محمد هذه دار إقامته ولا يخرج منها فبنى فيها لكل واحد منهم دارا واشترى له جارية وأعتقها وزوجها منه وأعطاهم عطاء جزيلا وكتب كتابا وختمه ورفعه الى عالم عظيم منهم وامره ان يدفع ذلك الكتاب لمحمد صلى الله عليه وسلم ان أدركه وفى ذلك الكتاب انه آمن به وعلى دينه وبنى له صلى الله عليه وسلم دارا ينزلها إذا قدم تلك البلدة ويقال انها دار ابى أيوب وانه من ولد ذلك العالم الذي دفع اليه الكتاب فهو عليه السلام لم ينزل الا فى داره ووصل اليه عليه السلام الكتاب المذكور على يد بعض ولد العالم المسطور فى أول البعثة او حين هاجر وهو بين مكة والمدينة ولما قرئ عليه قال (مرحبا بتبع الأخ الصالح) ثلاث مرات وكان إيمانه قبل مبعثه بألف سنة ويقال(7/383)
اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21)
ان الأوس والخزرج من أولاد أولئك العلماء والحكماء. وذكر انه حفر قبر بصنعاء قبل الإسلام فوجد فيه امرأتان لم تبليا وعند رؤسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب هذا قبر فلانة وفلانة ابنتي تبع ماتتا وهما تشهدان ان لا اله الا الله ولا تشركان به وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما وفى الحديث (من مات وهو يعلم لا اله الا الله دخل الجنة) وانما لم يقل من مات وهو يؤمن او يقول ليعلمنا ان كل موحد لله فى الجنة يدخلها من غير شفاعة ولو لم يوصف بالايمان كقس ابن ساعدة واضرابه ممن لا شريعة بين أظهرهم يؤمنون بها وبصاحبها فقس موحد لا مؤمن كما فى الفتوحات المكية [كفتند حبيب نجار خانه داشت در آن كوشه از شهر بدورتر جايى از مردمان وكسب كردى هر روز آنچهـ كسب وى بود يك نيمه بصدقه دادى ويك نيمه بخرج عيال كردى وخدايرا پنهان عبادت كردى وكس از حال وى خبر نداشتى تا آن روز كه رسولان عيسى را رنجانيدند وجفا كردند از ان منزل خويش بشتاب بيامد وايمان خويش آشكارا كرد وكفته اند اهل أنطاكية دارها بردند وآن رسولانرا با چهل تن كه ايمان آورده بودند كلوهاى شان سوراخ كردند ورسنها بگلو در كشيدند واز دار بياويختند خبر بحبيب نجار رسيد كه خدايرا مى پرستيد در غارى چنانكه ابدال در كوه نشينند واز خلق عزلت كيرند بشتاب از منزل خويش بيامد] قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فما قال عند ما جاء ساعيا ووصل الى المجمع ورآهم مجتمعين على الرسل قاصدين قتلهم فقيل قال يا قَوْمِ أصله يا قومى معناه: بالفارسية [اى كروه من] خاطبهم بيا قوم لتأليف قلوبهم واستمالتها نحو قبول نصيحته وللاشارة الى انه لا يريد بهم الا الخير وانه غير متهم بارادة السوء بهم قال بعضهم وكان مشهورا بينهم بالورع واعتدال الأخلاق اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ المبعوثين إليكم بالحق تعرض لعنوان رسالتهم حثالهم على اتباعهم [قتاده كفت چون بيامد نخست رسولانرا بديد كفت شما باين دعوت كه ميكنيد هيچ مزد ميخواهيد كفتند ما هيچ مزد نميخواهيم وجز اعلاى كلمه حق واظهار دين الله مقصود نيست حبيب قوم را بكفت] اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ [نمى خواهند از شما] أَجْراً اجرة ومالا على النصح وتبليغ الرسالة وَهُمْ مُهْتَدُونَ الى خير الدين والدنيا والمهتدى الى طريق الحق الموصل الى هذا الخير إذا لم يكن متهما فى الدعوة يجب اتباعه وان لم يكن رسولا فكيف وهم رسل ومهتدون ومن قال الإيغال هو ختم الكلام بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها تكون الآية عنده مثالا له لان قوله وهم مهتدون مما يتم المعنى بدونه لان الرسول مهتد لا محالة الا ان فيه زيادة حث على اتباع الرسل وترغيب فيه فقوله من لا يسألكم بدل من المرسلين معمول لاتبعوا الاول والثاني تأكيد لفظى للاول قال فى الإرشاد تكرير للتأكيد وللتوسل به الى وصفهم بما يرغبهم فى اتباعهم من التنزه عن الغرض الدنيوي والاهتداء الى خير الدنيا والدين انتهى وفيه ذم للمتشيخة المزوّرين الذين يجمعون بتلبيساتهم أموالا كثيرة من الضعفاء الحمقى المائلين نحو أباطيلهم كما فى التأويلات النقشبندية
ره كاروان شير مردان زنند ... ولى جامه مردم إينان كنند(7/384)
وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26)
عصاى كليمند بسيار خوار ... بظاهر چنين زرد روى ونزار
[چون حبيب آن قوم را نصيحت كرد ايشان كفتند] وأنت مخالف لديننا ومتابع لهؤلاء الرسل فقال وَما لِيَ وأي شىء عرض لى لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي خلقنى وأظهرني من كتم العدل وربانى بانواع اللطف والكرم وقد سبق الفطر فى أول فاطر وهذا تلطف فى الإرشاد بايراده فى معرض المناصحة لنفسه وإمحاض النصح حيث أراهم انه اختار لهم ما يختار لنفسه والمراد لنفسه والمراد تقريعهم على ترك عبادة خالقهم الى عبادة غيره كما ينبئ عنه قوله وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ مبالغة فى التهديد اى اليه تعالى لا الى غيره تردون ايها القوم بعد البعثة للمجازاة او للمحاسبة قال فى فتح الرحمن أضاف الفطرة الى نفسه والرجوع إليهم لان الفطرة اثر النعمة وكانت عليه اظهر وفى الرجوع معنى الزجر وكان بهم أليق قال بعض العارفين العبودية ممزوجة بالفطرة والمعرفة فوق الخلقة والفطرة وهذا المعنى مستفاد من قول النبي عليه السلام (كل مولود يولد على الفطرة) ولو كانت المعرفة ممزوجة بالفطرة لما قال (وأبواه يهودانه ويمجسانه وينصرانه) بل المعرفة تتعلق بكشف جماله وجلاله صرفا بالبديهة بغير علة واكتساب لقوله (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) قال بعضهم العبد الخالص من عمل على رؤية الفطرة لا غير وأجل منه من يعمل على رؤية الفاطر ثم عاد على المساق الاول وهو إبراز الكلام فى صورة النصيحة لنفسه فقال أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ اى دون الذي فطرنى وهو الله تعالى آلِهَةً باطلة وهى الأصنام وهو انكار ونفى لاتخاذ الآلهة على الإطلاق اى لا اتخذ ثم استأنف لتعليل النفي فقال إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ يعنى [اگر خواهد رحمن ضررى بمن رسد] والضر اسم لكل سوء ومكروه يتضر ربه لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ اى الآلهة شَيْئاً اى لا تنفعنى شيأ من النفع إذ لا شفاعة لهم فتنفع فنصب شيأ على المصدرية وقوله لا تغن جواب الشرط والجملة الشرطية استئناف لا محل لها من الاعراب وَلا يُنْقِذُونِ الانقاذ التخليص اى لا يخلصوننى من ذينك الضر والمكروه بالنصرة والمظاهرة وهو عطف على لا تغن وعلامة الجزم حذف نون الاعراب لان أصله لا ينقذوننى وهو تعميم بعد تخصيص مبالغة بهما فى عجزهم وانتفاء قدرتهم قال الامام السهيلي ذكروا ان حبيبا كان به داء الجذام فدعا له الحوارى فشفى فلذلك قال ان يردن الرحمن إلخ انتهى وقال بعضهم ان المريض كان ابنه كما سبق الا ان يقال لا مانع من ابتلاء كليهما او ان مرض ابنه فى حكم مرض نفسه فلذا أضاف الضر الى نفسه ويحتمل ان الضر ضر القوم لانه روى شفاء كثير من مرضاهم على يدى الرسل فاضافه حبيب الى نفسه على طريقة ما قبله من الاستمالة وتعريفا للاحسان بهم بطريق اللطف إِنِّي إِذاً اى إذا اتخذت من دونه آلهة لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ فان اشراك ما ليس من شأنه النفع ولا دفع الضر بالخالق المقتدر الذي لا قادر غيره ولا خير إلا خيره ضلال بين لا يخفى على أحد ممن له تمييز فى الجملة إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ الذي خلقكم ورباكم بانواع النعم وانما قال آمنت بربكم وما قال آمنت بربي ليعلموا ان ربهم هو الذي يعبده فيعبدوا ربهم ولو قال انى آمنت بربي لعلهم يقولون أنت تعبد ربك ونحن نعبد(7/385)
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26)
ربنا وهو آلهتهم فَاسْمَعُونِ اجيبونى فى وعظي ونصحى واقبلوا قولى كما يقال سمع الله لمن حمده اى قبله فالخطاب للكفرة شافههم بذلك إظهارا للتصلب فى الدين وعدم المبالاة بالقتل. واضافة الرب الى ضميرهم لتحقيق الحق والتنبيه على بطلان ما هم عليه من اتخاذ الأصنام أربابا كما فى الإرشاد وانما أكده إظهارا لصدوره عنه بكمال الرغبة والنشاط ولما فرغ من نصيحته لهم وثبوا عليه فوطئوه بأرجلهم حتى خرجت امعاؤه من دبره ثم القى فى البئر وهو قول ابن مسعود رضى الله عنه وقال السدى رجموه يعنى [ايشان او را سنك مى زدند تا هلاك شد وهو يقول رب اهد قومى آن دليل است بر كمال وفرط شفقت وى بر خلق اين آنچنان است كه ابو بكر الصديق بنى تيم را كفت آنكه كه او را مى رنجانيدند واز دين حق با دين باطل ميخواندند كفت «اللهم اهد بنى تيم فانهم لا يعلمون يأمروننى بالرجوع من الحق الى الباطل» كمال شفقت ومهربانىء ابو بكر رضى الله عنه بر خلق خدا غرفه بود از بحر نبوت عربى عليه السلام بآن خبر كه كفت (ما صب الله تعالى شيأ فى صدرى الا وصببته فى صدر ابى بكر) وخلق مصطفى عليه السلام با خلق چنان بود كه كافران بقصد وى برخاسته بودند ودندان عزيز وى ميشكستند ونجاست بر مهر نبوت مى انداختند وآن مهتر عالم دست شفقت بر سر ايشان نهاده كه] (اللهم اهد قومى فانهم لا يعلمون) : وفى المثنوى
طبع را كشتند در حمل بدى ... نا حمولى كر بود هست ايزدى «1»
اى مسلمان خود ادب اندر طلب ... نيست الا حمل از هر بي ادب
وقال الحسن خرقوا خرقا فى حلق حبيب فعلقوه من وراء سور المدينة وقيل نشروه بالمنشار حتى خرج من بين رجليه وقيل القى فى البئر وهو الرس وقبره فى سوق انطاكية قيل طوّل معهم الكلام ليشغلهم بذلك عن قتل الرسل الى ان قال انى آمنت بربكم فاسمعون فوثبوا عليه فقتلوه وباشتغالهم بقتله تخلص الرسل كما فى حواشى ابن الشيخ وكذا قال الكاشفى [وبقولي آنست بسلامت بيرون رفتند وحبيب كشته شد وقولى آنست كه پيغمبران وملك ومؤمنان كشته شدند] كما قال ابو الليث فى تفسيره وقتلوا الرسل الثلاثة
چون سفيهانراست اين كار وكيا ... لازم آمد يقتلون الانبيا «2»
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قيل له اى لحبيب النجار ذلك لما قتلوه إكراما له بدخولها حينئذ كسائر الشهداء وقيل معناه البشرى بدخول الجنة وانه من أهلها يدخلها بعد البعث لا انه امر بدخولها فى الحال لان الجزاء بعد البعث وانما لم يقل قيل له لان الغرض بيان المقول لا المقول له لظهوره وللمبالغة فى المسارعة الى بيانه والجملة استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من حكاية حاله ومقاله كأنه قيل كيف كان لبقاء ربه بعد ذلك التصلب فى دينه والتسخى بروحه لوجهه تعالى فقيل قيل ادخل الجنة وكذا قوله تعالى قالَ الى آخره فانه جواب عن سؤال نشأ من حكاية حاله كأنه قيل فماذا قال عند نيله تلك الكرامة السنية فقيل قال متمنيا علم قومه بحاله ليحملهم ذلك على اكتساب مثله بالتوبة عن الكفر والدخول فى الايمان
__________
(1) در أوائل دفتر چهارم در بيان تحمل كردن از هر بي ادبى إلخ
(2) در أوائل دفتر دوم در بيان آمدن دوستان بيمارستان جهة پرسش ذو النون(7/386)
بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31)
والطاعة جريا على سنن الأولياء فى كظم الغيظ والترحم على الأعداء وليعلموا انهم كانوا على خفاء عظيم فى امره وانه كان على الحق وان عداوتهم لم تكسبه إلا سعادة يا لَيْتَ قَوْمِي يا فى مثل هذا المقام لمجرد التنبيه من غير قصد الى تعيين المنبه [اى كاشكى قوم من] يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي ما موصولة اى بالذي غفر لى ربى بسببه ذنوبى او مصدرية اى بمغفرة ربى والباء صلة يعلمون او استفهامية وردت على الأصل وهو ان لا تحذف الالف بدخول الجار والباء متعلقة بغفر اى بأى شىء غفر لى ربى يريد به تفخيم شأن المهاجرة عن ملتهم والمصابرة على اذيتهم لاعزاز الدين حتى قتل وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ اى المنعمين فى الجنة وان كان على النصف إذ تمامه انما يكون بعد تعلق الروح بالجسد يوم القيامة وفى الحديث المرفوع (نصح قومه حيا وميتا) [اگر آن قوم اين كرامت ديدندى ايشان نيز ايمان آوردندى] وهكذا ينبغى للمؤمن ان يكون ناصحا للناس لا يلتفت الى تعصبهم وتمردهم ويستوى حاله فى الرضى والغضب قال حمدون القصار لا يسقط عن النفس رؤية الخلق بحال ولو سقط عنها فى وقت لسقط فى المشهد الأعلى فى الحضرة ألا تراه فى وقت دخول الجنة يقول يا ليت قومى يعلمون يحدّث نفسه إذ ذاك يقول الفقير وذلك لان حجاب الإمكان الذي هو متعلق بجانب النفس والخلق والكثرة لا يزول ابدا وان كان الانسلاخ التام ممكنا لا كامل البشر عند كمال الشهود فان هذا الانسلاخ لا يخرجهم عن حد الحدوث والإمكان بالكلية والا يلزم ان ينقلب الحادث الممكن واجبا قديما وهو محال قال فى كشف الاسرار [نشان كرامت بنده آنست كه مردوار درآيد وجان ودل وروزكار فداى حق ودين اسلام كند چنانكه حبيب كرد تا از حضرت عزت اين خلعت كرامت بدو رسيد كه (ادْخُلِ الْجَنَّةَ) دوستان او چون بآن عقبه خطرناك رسند بايشان خطاب آيد (أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) باز ايشانرا بشارت دهند كه (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ) احمد بن حنبل رحمه الله در نزع بود بدست اشارت مى كرد وبزبان دند نه مى كفت عبد الله پسرش كوش بر دهان او نهاد تا چهـ شنود او در خويشتن مى كفت «لا بعد لا بعد» پسرش كفت اى پدر اين چهـ حالتست كفت اى عبد الله وقتى با خطر است بدعا مددى ده اينك إبليس بر ايستاده وخاك ادبار بر سر مى ريزد وميكويد كه جان ببردى از زخم ما ومن ميكويم «لا بعد» هنوز نه با يك نفس مانده جاى خطر است نه جاى أمن وكار موقوف بعنايت حق. امير المؤمنين على رضى الله عنه كويد يكى را در خاك مى نهادم سه بار روى او بجانب قبله كردم هر بار روى از قبله بگردانيد پس ندايى شنيد كه اى على دست بدار آنكه ما ذليل كرديم تو عزيز نتوانى كرد وكذا العكس در خبر آيد كه بنده مؤمن چون از سراى فانى روى بدان منزل بقا نهد غسال او را بدان تخته چوب خواباند تا بشويد از جناب قدم بنعت كرم خطاب آيد كه اى مقربان دركاه درنكريد چنانكه آن غسال ظاهر او بآب ميشويد ما باطن او بآب رحمت ميشوييم ساكنان حضرت جبروت كويند پادشاها ما را خبر كن تا آنچهـ نورست كه از دهان وى شعله مى زند وكويد از نور جلال ماست كه از باطن وى بر ظاهر تجلى ميكند(7/387)
وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29)
حبيب نجار چون بآن مقام دولت رسيد او را كفتند (ادْخُلِ الْجَنَّةَ) اى در آي درين جاى ناز دوستان وميعاد را ز محبان ومنزل آسايش مشتاقان تا هم طوبى بينى هم زلفى هم حسنى. طوبى عيش بي عتابست. وزلفى ثواب بي حسابست. وحسنى ديدار بي حجابست حبيب چون آن نواخت وكرامت ديد كفت (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) إلخ آرزو كرد كه كاشكى قوم من دانستندى كه ما كجا رسيديم و چهـ ديديم نواخت حق ديديم وبمغفرت الله رسيديم]
آنجاى كه ابرار نشستند نشستيم ... صد كونه شراب از كف اقبال چشيديم
ما را همه مقصود بخشايش حق بود ... المنة لله كه بمقصود رسيديم
تم الجزء الثاني والعشرون الجزء الثالث والعشرون من الاجزاء الثلاثين وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ اى قوم حبيب وهم اهل انطاكية مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد قتله مِنْ جُنْدٍ [عسكر] مِنَ السَّماءِ لاهلاكهم والانتقام منهم كما فعلناه يوم بدر والخندق بل كفينا أمرهم بصيحة ملك وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ وما صح فى حكمتنا ان ننزل لاهلاك قومه جندا من السماء لما انا قدرنا لكل شىء سببا حيث أهلكنا بعض الأمم بالحاصب وبعضهم بالصيحة وبعضهم بالخسف وبعضهم بالاغراق وجعلنا إنزال الجند من السماء من خصائصك فى الانتصار من قومك وفى الآية استحقار لاهل انطاكية ولاهلاكهم حيث اكتفى فى استئصالهم بما يتوسل به الى زجر نحو الطيور والوحوش من صيحة عبد واحد مأمور وايماء الى تفخيم شأن الرسول عليه السلام لانه إذا كان ادنى صيحة ملك واحد كافيا فى إهلاك جماعة كثيرة ظهر ان إنزال الجنود من السماء يوم بدر والخندق لم يكن الا تعظيما لشأنه وإجلالا لقدره لا لاحتياج الملائكة الى المظاهرة والمعاونة فانه قيل كما لم ينزل عليهم جندا من السماء لم يرسل إليهم جندا من الأرض ايضا فما فائدة قوله من السماء فالجواب انه ليس للاحتراز بل لبيان ان النازل عليهم من السماء لم يكن الا صيحة واحدة أهلكتهم باسرهم إِنْ كانَتْ اى ما كانت الاخذة او العقوبة على اهل انطاكية إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً [مكر يك فرياد كه جبرائيل هر دو بازي در شهر ايشان كرفته صيحه زد] فَإِذا هُمْ [پس آنجا ايشان] خامِدُونَ ميتون لا يسمع لهم حس ولا يشاهد لهم حركة شبهوا بالنار الخامدة رمزا الى ان الحي كالنار الساطعة فى الحركة والالتهاب والميت كالرماد يقال خمدت النار سكن لهبها ولم ينطفئ جمرها وهمدت إذا طفىء جمرها قال فى الكواشي لم يقل هامدون وان كان ابلغ لبقاء أجسادهم بعد هلاكهم ووقعت الصيحة فى اليوم الثالث من قتل(7/388)
يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)
حبيب والرسل او فى اليوم الذي قتلوهم فيه. وفى رواية فى الساعة التي عادوا فيها بعد قتلهم الى منازلهم فرحين مستبشرين وانما عجل الله عقوبتهم غضبا لاوليائه الشهداء فانه تعالى يغضب لهم كما يغضب الأسد لجروه نسأل الله ان يحفظنا من موجبات غضبه وسخطه وعذابه يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ المصرين على العناد تعالى فهذه من الأحوال التي حقها ان تحضرى فيها وهى ما دل عليه قوله تعالى ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ فان المستهزئين بالناصحين الذين نيطت بنصائحهم سعادة الدارين أحقاء بان يتحسروا ويتحسر عليهم المتحسرون وقد تلهف على حالهم الملائكة والمؤمنون من الثقلين فقوله (يا حَسْرَةً) نداء للحسرة عليهم والحسرة وهى أشد الغم والندامة على الشيء الفائت لا تدعى ولا يطلب اقبالها لانها مما لا تجيب والفائدة فى ندائها مجرد تنبيه المخاطب وايقاظه ليتمكن فى ذهنه ان هذه الحالة تقتضى الحسرة وتوجب التلهف فان العرب تقول يا حسرة يا عجبا للمبالغة فى الدلالة على ان هذا زمان الحسرة والتعجب والنداء عندهم يكون لمجرد التنبيه وقد جوز ان يكون تحسرا عليهم من جهة الله بطريق الاستعارة لتعظيم ماجنوه على أنفسهم شبه استعظام الله لجنايتهم على أنفسهم بتحسر الإنسان على غيره لاجل ما فاته من الدولة العظمى من حيث ان ذلك التحسر يستلزم استعظام ما أصاب ذلك الغير والإنكار على ارتكابه والوقوع فيه ويؤيده قراءة يا حسرتا لان المعنى يا حسرتى ونصبها لطولها بما تعلق بها من الجار اى لكونها مشابهة بالمنادى المضاف فى طولها بالجار المتعلق وفى بحر العلوم قوله (ما يَأْتِيهِمْ) إلخ حكاية حال ماضية مستمرة اى كانوا فى الدنيا على الاستمرار يستهزئون بمن يأتيهم من الرسول من غاية الكبر ويستحقرون ويستنكفون عن قبول دينه ودعوته وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن استهزاء قومه وفى تفسير العيون قوله (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) بيان حال استهزائهم بالرسل اى يقال يوم القيامة يا حسرة وندامة على الكفار حيث لم يؤمنوا برسلهم وقوله (ما يَأْتِيهِمْ الخ) تفسير لسبب الحسرة النازلة بهم وفى الحديث (ان المستهزئين بالناس فى الدنيا يفتح لهم يوم القيامة باب من أبواب الجنة فيقال لهم هلم هلم فيأتيه أحدهم بكربه وغمه فاذا أتاه اغلق دونه فلا يزال يفعل به ذلك حتى يفتح له الباب فيدعى اليه فلا يجيب من الإياس) وقال مالك بن دينار قرأت فى زبور داود طوبى لمن لم يسلك سبيل الآثمين ولم يجالس الخطائين ولم يدخل فى هزؤ المستهزئين: وفى المثنوى
پاره دوزى ميكنى اندر دكان ... زير اين دكان تو مدفون دو كان
هست اين دكان كر آيى زود باش ... تيشه بستان وتكش را مى تراش
تا كه تيشه ناكهان بر كان نهى ... از دكان و پاره دوزى وارهى
پاره دوزى چيست خورد آب ونان ... مى زنى اين پاره بر دلق كران
هر زمان مى درد اين دلق تنت ... پاره بر وى مى زنى زين خوردنت
پاره بر كن ازين قعر دكان ... تا بر آرد سر به پيش تو دو كان
پيش از ان كين مهلت خانه كرى ... آخر آيد تو نبردى زو برى(7/389)
أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31)
پس ترا بيرون كند صاحب دكان ... وين دكانرا بر كند از روى كان
تو ز حسرت كاه بر سر مى زنى ... كاه ريش خام خود بر ميكنى
كاى دريغا آن من بود اين دكان ... كور بودم بر نخوردم زين مكان
اى دريغا بود ما را برد باد ... تا ابد يا حسرة شد للعباد
أَلَمْ يَرَوْا وعيد للمشركين فى مكة بمثل عذاب الأمم الماضية ليعتبروا ويرجعوا عن الشرك اى ألم يعلم اهل مكة كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ كم خبرية. والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد اى كثرة إهلاكنا من قبلهم من المذكورين آنفا ومن غيرهم بشؤم تكذيبهم وقوله ألم يروا معلق عن العمل فيما بعده لان كم لا يعمل فيها ما قبلها وان كانت خبرية لان أصلها الاستفهام خلا ان معناه نافذ فى الجملة كما نفذ فى قولك ألم تر ان زيدا لمنطلق وان لم يعمل فى لفظه فالجملة منصوبة المحل بيروا أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ بدل من أهلكنا على المعنى اى ألم يعلموا كثرة إهلاكنا القرون الماضية والأمم السالفة كونهم اى الهالكين غير راجعين إليهم اى الى هؤلاء المشركين اى اهلكوا إهلاكا لا رجوع لهم من بعده فى الدنيا: وبالفارسية [ومشاهده نكردند كه هلاك شدكان سوى إينان بازنمى گردند يعنى بدنيا معاودت نمى كنند] أفلا يعتبرون ولم لا ينتبهون فكما انهم مضوا وانقرضوا الى حيث لم يعودوا الى ما كانوا فكذلك هؤلاء سيهلكون وينقرضون اثرهم ثم لا يعودون وقال بعضهم ألم يروا ان خروجهم من الدنيا ليس كخروج أحدهم من منزله الى السوق او الى بلد آخر ثم عودته الى منزله عند إتمام مصلحته هناك بل هو مفارق من الدنيا ابدا فكونهم غير راجعين إليهم عبارة عن هلاكهم بالكلية ويجوز ان يكون المعنى ان الباقين لا يرجعون الى المهلكين بسبب الولادة وقطعنا نسلهم وأهلكناهم كما فى التفسير الكبير [سلمان فارسى رضى الله عنه هر كاه كه بخرابى بر كذشتى توقف كردى دل بدادند ومال ورفتكان آن منزل ياد كردى كفتى كجايند ايشان كه اين بنا نهادند واين مسكن ساختند وبزارى بناليدى وجان بر در باختند تا آن غرفها بياراستند چون دلبران نهادند و چون كل بشكفتند برك بريختند ودر كل خفتند]
سل الطارم العالي الذرى عن قطينه ... نجا ما نجا من بؤس عيش ولينه
فلما استوى فى الملك واستعبد العدى ... رسول المنايا تله لجبينه
وهذه الآية ترد قول اهل الرجعة اى من يزعم ان من الخلق من يرجع قبل القيامة بعد الموت كما حكى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قيل له ان قوما يزعمون ان عليا رضى الله عنه مبعوث قبل يوم القيامة فقال بئس القوم نحن إذا نكحنا نساءه وقسمنا ميراثه اى لو كان راجعا لكان حيا والحي لا تنكح نساؤه ولا يقسم ميراثه كما قال الفقهاء إذا بلغ الى المرأة وفاة زوجها فاعتدت وتزوجت وولدت ثم جاء زوجها الاول فهى امرأته لانها كانت منكوحته ولم يعترض شىء من اسباب الفرقة فبقيت على النكاح السابق ولكن لا يقربها حتى تنقضى عدتها من النكاح الثاني. ويجب إكفار الروافض فى قولهم بان عليا وأصحابه يرجعون(7/390)
وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32) وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35)
الى الدنيا فينتقمون من أعدائهم ويملأون الأرض قسطا كما ملئت جورا وذلك القول مخالف للنص نعم ان روحانية على رضى الله عنه من وزراء المهدى فى آخر الزمان على ما عليه اهل الحقائق ولا يلزم من ذلك محذور قطعا لان الأرواح تعين الأرواح والأجسام فى كل وقت وحال فاعرف هذا وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ ان نافية وتنوين كل عوض عن المضاف اليه. ولما بمعنى الا. وجميع فعيل بمعنى مفعول جمع بين كل وجميع لان الكل يفيد الإحاطة دون الاجتماع والجميع يفيد ان المحشر يجمعهم. ولدينا بمعنى عندنا ظرف لجميع او لما بعده. والمعنى ما كل الخلائق الا مجموعين عندنا محضرون للحساب والجزاء وهذه الآية بيان لرجوع الكل الى المحشر بعد بيان عدم الرجوع الى الدنيا وان من مات ترك على حاله ولو لم يكن بعد الموت بعث وجمع وحبس وعقاب وحساب لكان الموت راحة للميت ولكنه يبعث ويسأل فيكرم المؤمن والمخلص والصالح والعادل ويهان الكافر والمنافق والمرائى والفاسق والظالم فيفرح من يفرح ويتحسر من يتحسر فللعباد موضع التحسر ان لم يتحسروا اليوم واعلم انه غلبت على اهل زماننا مخالفة اهل الحق ومعاداة اولياء الله واستهزاؤهم ألا ترون انهم يستمعون القول من المحققين فيتبعون اقبحه ويقعون فى اولياء الله ويستهزئون بهم وبكلماتهم المستحسنة الا من يشاء الله به خيرا من اهل النظر وارباب الارادة وقليل ما هم فكما ان الله تعالى هدد كفار الشريعة فى هذا المقام من طريق العبارة كذلك هدد كفار الحقيقة من طريق الاشارة فانه لم يفت منهم أحد ولم ينفلت من قبضة القدرة الى يومنا هذا ولم يكن لواحد منهم عون ولا مدد وكلهم رجعوا اليه واحضروا لديه وعوتبوا بل عوقبوا على ما هم عليه ثم اعلم ان الله تعالى جعل هذه الامة آخر الأمم فضلا منه وكرما ليعتبروا بالماضين وما جعلهم عبرة لامة اخرى وانه تعالى قد شكا لهم من كل امة وما شكا الى أحد من غيرهم شكايتهم الا ما شكا الى نبيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج كما قال عليه السلام (شكا ربى من أمتي شكايات. الاولى انى لم أكلفهم عمل الغد وهم يطلبون منى رزق الغد. والثانية انى لا ادفع أرزاقهم الى غيرهم وهم يدفعون عملهم الى غيرى. والثالثة انهم يأكلون رزقى ويشكرون غيرى ويخونون معى ويصالحون خلقى. والربعة ان العزة لى وانا المعز وهم يطلبون العز من سواى. والخامسة انى خلقت النار لكل كافر وهم يجتهدون ان يوفعوا أنفسهم فيها)
فغان از بديها كه در نفس ماست ... نه فعل نكو هست نه كفتار راست
دو خواهنده بودن بمحشر فريق ... ندانم كدامين دهندم طريق
خدايا دو چشمم ز باطل بدوز ... بنورم كه فردا بنارت مسوز
وَآيَةٌ علامة عظيمة ودلالة واضحة على البعث والجمع والإحضار وهو خبر مقدم للاهتمام به وقوله لَهُمُ اى لاهل مكة اما متعلق بآية لانها بمعنى العلامة او بمضمر هو صفة لها والمبتدأ قوله الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ اليابسة الجامدة: وبالفارسية [خشك وبي كياه] أَحْيَيْناها استئناف مبين لكيفية كون الأرض الميتة آية كأن قائلا قال كيف تكون آية(7/391)
وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34)
فقال أحييناها والاحياء فى الحقيقة إعطاء الحياة وهى صفة تقتضى الحس والحركة والمعنى هاهنا هيجنا القوى النامية فيها وأحدثنا نضارتها بانواع النباتات فى وقت الربيع بانزال الماء من بحر الحياة وكذلك النشور فانا نحيى الأبدان البالية المتلاشية فى الأجداث بانزال ورشحات من بحر الجود فنعيدهم احياء كما ابدعناهم اولا من العدم وَأَخْرَجْنا مِنْها اى من الأرض حَبًّا الحب الذي يطحن والبزر الذي يعصر منه الدهن وهو جمع حبة والمراد جنس الحبوب التي تصلح قواما للناس من الارز والذرة والحنطة وغيرها فَمِنْهُ اى فمن الحب يَأْكُلُونَ تقديم الصلة ليس لحصر جنس المأكول فى الحب حتى يلزم ان لا يؤكل غيره بل هو لحصر معظم المأكول فيه فان الحب معظم ما يؤكل ويعاش به ومنه صلاح الانس حتى إذا قلّ قلّ الصلاح وكثر الضر والصياح وإذا فقد فقد النجاح باختلال الأشباح والأرواح ولامر ما قال عليه السلام (أكرموا الخبز فان الله أكرمه فمن أكرم الخبز أكرمه الله) وقال عليه السلام (أكرموا الخبز فان الله سخر له بركات السموات والأرض والحديد والبقر وابن آدم ولا تسندوا القصعة بالخبز فانه ما اهانه قوم الا ابتلاهم الله بالجوع) وقال عليه السلام (اللهم متعنا بالإسلام وبالخبز فلولا الخبز ما صمنا ولا صلينا ولا حججنا ولا غزونا وارزقنا الخبز والحنطة) كما فى بحر العلوم قال فى شرعة الإسلام ويكرم الخبز بأقصى ما يمكن فانه يعمل فى كل لقمة يأكلها الإنسان من الخبز ثلاثمائة وستون صانعا أولهم ميكائيل الذي يكيل الماء من خزانة الرحمة ثم الملائكة التي تزجر السحاب والشمس والقمر والافلاك وملائكة الهواء ودواب الأرض وآخرهم الخباز: قال الشيخ سعدى قدس سره
ابر وباد ومه وخورشيد وفلك در كارند ... تا تو نانى بكف آرى وبغفلت نخورى
همه از بهر تو سر كشته وفرمان بردار ... شرط انصاف نباشد كه تو فرمان نبرى
ومن إكرام الخبز ان يلتقط الكسرة من الأرض وان قلت فيأكلها تعظيما لنعمة الله تعالى وفى الحديث (من أكل ما يسقط من المائدة عاش فى وسعة وعوفى فى ولده وولد ولده من الحمق) ويقال ان التقاط الفتات مهور الحور العين ولا يضع القصعة على الخبز ولا غيرها الا ما يؤكل به من الادام. ويكره مسح الأصابع والسكين بالخبز الا إذا أكله بعده وكذا يكره وضع الخبز جنب القصعة لتستوى. وكذا يكره أكل وجه الخبز او جوفه ورمى باقيه لما فى كل ذلك من الاستخفاف بالخبز والاستخفاف بالخبز يورث الغلاء والقحط كذا فى شرح النقاية والعوارف- وذكر- ان الارز خلق من عرق النبي عليه السلام. زعم بعضهم ان اهل الهند لما منعوا من إخراجه الى الروم أطعموه البط ثم ذبحوه فاخرجوه خيفة منهم بهذه الحيلة قال بعض الكبار من لم يأكل الارز بهذا الزعم فليأكل السم وَجَعَلْنا فِيها وخلقنا فى الأرض جَنَّاتٍ بساتين مملوءة مِنْ نَخِيلٍ جمع نخلة وَأَعْنابٍ جمع عنب اى من انواع النخل والعنب ولذلك جمعا دون الحب فان الدال على الجنس مشعر بالاختلاف ولا كذلك الدال على الأنواع فان قلت لم ذكر النخيل دون التمور حتى يطابق الحب والأعناب فى كونها مأكولة لان التمور والحب والأعناب كلها مأكولة دون النخيل قلت لاختصاص شجرها بمزيد النفع وآثار الصنع(7/392)
وذلك لانها أول شجرة استقرت على وجه الأرض وهى عمتنا لانها خلقت من فضل طينة آدم عليه السلام وهى تشبه الإنسان من حيث استقامة قدّها وطولها وامتياز ذكرها من بين النبات واختصاصها باللقاح ورائحة طلعها كرائحة المنى ولطلعها غلاف كالمشيمة التي يكون الولد فيها ولو قطع رأسها ماتت كما قالوا اقرب الجماد الى النبات المرجان لانه ينبت فى البحر كالنبات ويكون له أغصان واقرب النبات الى الحيوان النخل لانها تموت بقطع رأسها ولا تثمر بدون اللقاح كما ذكر واقرب الحيوان الى الإنسان الفرس: يعنى [از حيثيت شعور وزيركى] ويرى المنامات كبنى آدم ولو أصاب جمار النخلة آفة هلكت والجمار من النخلة كالمخ من الإنسان وإذا تقارب ذكورها وإناثها حملت حملا كثيرا لانها تستأنس بالمجاورة وإذا كانت ذكورها بين إناثها القحتها بالريح وربما قطع الفها من الذكور فلا تحمل لفراقه ويعرض لها العشق وهو ان تميل الى نخلة اخرى ويخف حملها وتهزل وعلاجه ان يشد بينها وبين معشوقها الذي مالت اليه بحبل او يعلق عليها سعفة منه او يجعل فيها من طلعه ومن خواص النخلة ان مضغ خوصها يقطع رائحة الثوم وكذا رائحة الخمر واما العنب فقد جاء فى بعض الكتب المنزلة أتكفرون بي وانا خالق العنب وله خواص كثيرة وكذا الزبيب روى انه اهدى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبيب فقال (بسم الله كلوا نعم الطعام الزبيب يشد العصب ويذهب الوصب ويطفئ الغضب ويرضى الرب ويطيب النكهة ويذهب البلغم ويصفى اللون) وماء الكرم الذي يتقاطر من قضبانها بعد كسحها ينفع للجرب شربا ويجمع ويسقى للمشغوف بالخمر بعد شرب الخمر من غير علمه فيبغض الخمر قطعا وأول من استخرج الخمر جمشيد الملك فانه توجه مرة الى الصيد فرأى فى بعض الجبال كرمة وعليها عنب فظنها من السموم فامر بحملها حتى يجرّ بها ويطعم العنب لمن يستحق القتل فحملوه فتكسرت حباته فعصروها وجعلوا ماءها فى ظرف فما عاد الملك الى قصره إلا وقد تخمر العصير فاحضر رجلا وجب عليه القتل فسقاه من ذلك فشربه بكره ومشقة ونام نومة ثقيلة ثم انتبه وقال اسقوني منه فسقوه ايضا مرارا فلم يحدث فيه الا السرور والطرب فسقوا غيره وغيره فذكروا انهم انبسطوا بعد ما شربوه ووجدوا سرورا وطربا فشرب الملك فاعجبه ثم امر بغرسه فى سائر البلاد وكانت الخمر حلالا فى الأمم السالفة فحرمها الله تعالى علينا لانها مفتاح لكل شر وجالبة لكل سوء وضرّ ومميتة للقلب ومسخطة للرب وفى الحديث (خير خلكم خل خمركم) وذلك لان انقلاب الخمر الى الخل مرضاة للرب وفيه خواص كثيرة واكثر الناس السعال والتنحنح فى مجلس معاوية فامر بشرب
خل الخمر والخل ورد فيه (نعم الادام) وقد تعيش به كثير من السلف الكرام نسأل لله القناعة على الدوام وَفَجَّرْنا الفجر شق الشيء شقا واسعا كما فى المفردات قال بعضهم التفجير كالتفتيح لفظا ومعنى وبناء التفعيل للتكثير: والمعنى بالفارسية [در كشاديم وروانه كرديم] فِيها اى فى الأرض مِنَ الْعُيُونِ جمع عين وهى فى الأصل الجارحة ويقال لمنبع الماء عين تشبيها بها فى الهيئة وفى سيلان الماء منها ومن عين الماء اشتق ماء معين اى ظاهر للعيون ومعنى من العيون من ماء العيون فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه او العيون(7/393)
لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35)
ومن مزيدة على رأى الأخفش واعلم ان تفجير الأنهار والعيون فى البلاد رحمة من الله تعالى على العباد إذ حياة كل شىء من الماء وللبساتين منه النضارة والنماء. والعيون اما جارية واما غير جارية والجارية غير الأنهار إذ هى اكثر وأوسع من العيون ومنبعها غير معلوم غالبا كالنيل المبارك حيث لم يوجد رأسه وغير الجارية هى الآبار. وفى الدنيا عيون وآبار كثيرة وفى بعضها خواص زائدة كعين شبرم وهى بين أصفهان وشيراز وهى من عجائب الدنيا وذلك ان الجراد إذا وقعت بأرض يحمل إليها من ذلك العين ماء فى ظرف او غيره فيتبع ذلك الماء طيور سود تسمى السمر مر ويقال له السوادية بحيث ان حامل الماء لا يضعه الى الأرض ولا يلتفت وراءه فتبقى تلك الطيور على رأس حامل الماء فى الجو كالسحابة السوداء الى ان يصل الى الأرض التي بها الجراد فتصيح الطير عليها فتقتلها فلا يرى شىء من الجراد متحركا بل يموت من أصوات تلك الطيور يقول الفقير فى حد الروم ايضا عين يقال لها ماء الجراد وهى مشهورة فى جميع البلاد الرومية ينقل ماؤها من بلدة الى بلدة لقتل الجراد إذا استولت وقد حصلت تلك الخاصية لها بنفس من أنفاس بعض الأولياء وان كان التأثير فى كل شىء من الله تعالى ولهذا نظائر منها ان فى قبر ابراهيم بن أدهم قدس سره ثقبة إذا قصد ظالم بسوء البلدة التي فيها ذلك القبر المنيف يخرج من تلك الثقبة نحل وزنابير تلسعه ومن يتبعه فيتفرقون: وفى المثنوى
أوليا را هست قوت از آله ... تير جسته باز كرداند ز راه
نسأل الله العصمة والتوفيق والشرب من عين التحقيق لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ متعلق بجعلنا وتأخيره عن تفجير العيون لانه من مبادى الأثمار اى وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب ورتبنا مبادى أثمارها ليأكلوا من ثمر ما ذكر من الجنات والنخيل ويواظبوا على الشكر أداء لحقوقنا ففيه اجراء الضمير مجرى اسم الاشارة وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ عطف على ثمره وأيديهم كناية عن القوة لان أقوى جوارح الإنسان فى العمل يده فصار ذكر اليد غالبا فى الكناية ومثله ذلك بما قدمت ايديكم وفى كلام العجم [بدست خويش كردم بخويشتن] وأنت لا تنوى اليد بعينها كما فى كشف الاسرار والمعنى وليأكلوا من الذي عملته أيديهم وهو ما يتخذ منه من العصير والدبس ونحوهما وقيل ما نافية والمعنى ان الثمر بخلق الله تعالى لا بفعلهم ومحل الجملة النصب على الحالية ويؤكد الاول قراءة عملت بلا هاء فان حذف العائد من الصلة احسن من الحذف من غيرها أَفَلا يَشْكُرُونَ انكار واستقباح لعدم شكرهم النعم المعدودة والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى يرون هذه النعم او يتنعمون بها فلا يشكرونها بالتوحيد والتقديس والتحميد [صاحب بحر الحقائق فرموده كه معنىء آيت بزبان اهل اشارت آنست كه زمين دلرا زنده كرديم بباران عنايت وبيرون آورديم از آن حب طاعت تا أرواح از آن غذا مى يابند وساختيم بوستانها از نخيل اذكار وأعناب أشواق وعيون حكمت در وى روان كرديم تا از اثمار مكاشفات ومشاهدات تمتع مى كيرند از نتايج اعمال كه كرده اند از صدقات وخيرات آيا سپاس دارى نميكنند يعنى سپاس نمى بايد داشت برين نعم ظاهره وباطنه تا موجب مزيد آن شود كه] (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)(7/394)
سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36) وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)
كر شكر كنى زياده كردد نعمت ... وز دل ببرد دغدغه بيش وكمت
پس زود بسر منزل مقصود رسى ... از منهج شكر آگه نلغزد قدمت
سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها سبحان علم للتسبيح الذي هو التبعيد عن السوء اعتقادا وقولا اى اعتقاد البعد عنه والحكم به فان العلم كما يكون علما للاشخاص كزيد وعمرو وللاجناس كاسامة يكون للمعانى ايضا لكن علم الأعيان لا يضاف وهذا لا يجوز بغير اضافة كما فى الآية أقيم مقام المصدر وبين مفعوله بإضافته اليه والمراد بالأزواج الأصناف والأنواع جمع زوج بالفارسية [جفت] خلاف الفرد ويقال للانواع ازواج لان كل نوع زوج بقسميه. وفى سبحان استعظام ما ذكر فى حيز الصلة من بدائع آثار قدرته وروائع نعمائه الموجبة للشكر وتخصيص العبادة به والتعجب من إخلال الكفرة بذلك والحالة هذه فان التنزيه لا ينافى التعجب. والمعنى اسبح الذي أوجد الأصناف والأنواع سبحانه اى انزهه عما لا يليق به عقدا وعملا تنزيها خاصا به حقيقا بشأنه فهو حكم منه تعالى بتنزهه وبراءته عن كل ما لا يليق به كما فعله الكفار من الشرك وما تركوه من الشكر وتلقين للمؤمنين ان يقولوه ويعتقدوا مضمونه ولا يخلوا به ولا يغفلوا عنه وقال بعضهم سبحان مصدر كغفران أريد به التنزه التام والتباعد الكلى عن السوء على ان تكون الجملة اخبار من الله بالتنزه والمعنى تنزه تعالى بذاته عن كل لا ما يليق به تنزها خاصا ومن هو خالق الأصناف والأنواع كيف يجوز ان يشرك به ما لا يخلق شيأ بل هو مخلوق عاجز قال ابن الشيخ والتنزيه يتناول التنزيه بالقلب وهو الاعتقاد الجازم وباللسان مع ذلك الاعتقاد وهو الذكر الحسن وبالأركان معهما جميعا وهو العمل الصالح والاول هو الأصل والثاني ثمرة الاول والثالث ثمرة الثاني وذلك لان الإنسان إذا اعتقد شيأ ظهر من قلبه على لسانه وإذا قال ظهر صدقه فى مقاله من افعال جوارحه فاللسان ترجمان الجنان والأركان ترجمان اللسان مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ بيان للازواج والمراد كل ما ينبت فيها من الأشياء المذكورة وغيرها وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ اى خلق الأزواج من أنفسهم اى الذكر والأنثى وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ اى والأزواج مما لا يطلعهم على خصوصياته لعدم قدرتهم على الإحاطة بها ولما انه لم يتعلق بها شىء من مصالحهم الدينية والدنيوية قال القرطبي اى من اصناف خلقه فى البر والبحر والسماء والأرض ثم يجوز ان يكون ما يخلقه لا يعلمه البشر ويعلمه الملائكة ويجوز ان لا يعلمه مخلوق يقال دواب البحر والبر الف صنف لا يعلم الناس أكثرها قال فى بحر العلوم ويجوز ان يكون المعنى مما لا يدركون كنهه مما خلق من الأشياء من الثواب والعقاب كما قال عليه السلام (اربع لا تدرك غايتها شرور النفس وخداع إبليس وثواب اهل الجنة وعقاب اهل النار) ومنه الروح فانه ما بلغنا ان الله تعالى اطلع أحدا على حقيقة الروح وفى الآية اشارة الى انه ما من مخلوق الا وقد خلق شفعا إذ الفردية من أخص أوصاف الربوبية كما قال عبد العزيز المكي رحمه الله خلق الأزواج كلها ثم قال (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ليستدل بذلك ان خالق الأشياء منزه عن الزوج والى ان فى كل شىء دليلا على وجوده تعالى ووحدته وكمال قدرته قال فى كشف الاسرار [هر يكى بر هستى الله كواه وبر يكانكىء وى نشان نه كواهى دهنده را خرد نه نشان دهنده را زبان](7/395)
وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37)
وفى كل شىء له آية ... تدل على انه واحد
قال فى أنيس الوحدة وجليس الخلوة [وقتى پادشاهى بود او را بكفر وزندقه ميلى بود وزيري داشت عاقل ومسلمان خواست كه پادشاهرا از ان بازآورد وعادت وزير آنچنان بود كه هر سال پادشاهرا يكبار ضيافت كردى چون وقت ضيافت در رسيد پادشاهرا دعوت كرد بزمين شورستان كفت آنجاى چهـ جاى ميزبانيست وزير گفت آنجا بوستانهاى خوش وانهار دلكش روان وعمارتهاى گران ظاهر شده است بي آنكه كسى مباشرت وأقدام نموده پادشاه چون اين سخن دور از عقل شنيد بخنديد وگفت در عقل چهـ گونه گنجد كه بنا بى بنا كننده ظاهر شود وزير كفت ظاهر شدن عالم علوى وسفليست با چندين عجائب وغرائب بي آفريدگارى چهـ كونه معقول بود پادشاهرا اين سخن عظيم خوش آمد واو را سعادت وهدايت روى نمود]
چشمها وكوشها را بسته اند ... جز مرا آنها كه از خود رسته اند «1»
جز عنايت كى كشايد چشم را ... جز محبت كى نشاند خشم را
چون كريزم زانكه بي تو زنده نيست ... بي خداونديت بود بنده نيست «2»
توبه بي توفيقت اى نور بلند ... چيست جز بدريش توبه ريش خند
نسأل الله الوقوف على أسراره والاستتارة بانوار آثاره انه الظاهر فى المجالى بحسن أسمائه وصفاته والباطن بحقائق كمالاته فى غيب ذاته وَآيَةٌ لَهُمُ اى علامة عظيمة لاهل مكة على كمال قدرتنا وهو مبتدأ خبره قوله اللَّيْلُ المظلم كأنه قيل كيف كان آية فقيل نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ المضيء اى نزيل النهار ونكشفه على مكان الليل ونلقى ظله بحيث لا يبقى معه شىء من ضوئه الذي هو شعاع الشمس فى الهواء مستعار من السلخ وهى ازالة ما بين الحيوان وجلده من الاتصال وان غلب فى الاستعمال تعليقه بالجلد يقال سلخت الإهاب بمعنى أخرجتها عنه فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ داخلون فى الظلام مفاجأة فان إذا للمفاجأة اى ليس لهم بعد ذلك امر سوى الدخول فيه وفيه رمز الى ان الأصل هو الظلمة والنور عارض متداخل فى الهواء فاذا خرج منه اظلم فعلى هذا المعنى كان الواقع عقيب اذهاب الضوء عن مواضع ظلمة الليل هو ظهور الظلمة كما كان الواقع عقيب سلخ الإهاب هو ظهور المسلوخ واما على معنى الإخراج فالواقع بعده وان كان هو الابصار دون الاظلام والمقام مقام ان يقال فاذا هم مبصرون لكن لما كان الليل زمان ترح وألم وعدم أبصار والنهار وقت فرح وسرور وأبصار جعل الليل كأنه يفاجئهم عقيب إخراج النهار من الليل بلا مهلة إذ زمان السرور ليس فيه مهلة حكما وان كان ممتدا بخلاف زمان الغم فانه كان فيه المهلة وان كان قصيرا كما قيل سنة الوصل سنة وسنة الهجر سنة وقيل
ويوم لا أراك كألف شهر ... وشهر لا أراك كالف عام
قال الحافظ
آندم كه با تو باشم يكساله هست روزى ... واندم كه بي تو باشم يكلحظه هست سالى
محن الزمان كثيرة لا تنقضى ... وسروره يأتيك كالاعياد
__________
(1) در أوائل دفتر سوم در بيان تمنى كردن هاروت وماروت آمدن بزمين را [.....]
(2) در أوائل دفتر ششم در بيان حواله كردن مرغ كرفتارى خود را إلخ(7/396)
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)
وفى الخبر عن سلمان رضى الله عنه قال الليل موكل به ملك يقال له شراهيل فاذا حان وقته أخذ خرزة سوداء فدلاها من قبل المغرب فاذا نظرت إليها الشمس وجبت اى سقطت فى اسرع من طرفة العين وقد أمرت ان لا تغرب حتى ترى الخرزة فاذا غربت جاء الليل وقد نشرت الظلمة من تحت جناحى الملك فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجىء ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من قبل المطلع فاذا رأتها الشمس طلعت فى طرفة عين وقد أمرت ان لا تطلع حتى ترى الخرزة البيضاء فاذا طلعت جاء النهار وقد نشر النور من تحت حناحى الملك فلنور النهار ملك موكل ولظلمة الليل ملك موكل عند الطلوع والغروب كما وردت الاخبار ذكره السيوطي فى كتاب الهيئة السنية قال فى كشف الاسرار [بزركى را پرسيدند كه شب فاضلتر يا روز جواب داد كه شب فاضلتر كه در همه شب آسايش وراحت بود والراحة من الجنة ودر روز همه رنج ودشوارى بود اندر طلب معاش والمشقة من النار] يقول الفقير فكون النهار زمان سرور بالنسبة الى العامة ايضا إذا كانت ليلة الإفطار فان للصائم فرحة عند ذلك كما ورد فى الحديث [وبزركى كفت شب حظ مخلصانست كه عبادت بإخلاص كنند ريا دران نه وروز حظ مرائيانست كه عبادت بر پاكنند اخلاص دران نه وحي آمد ببعض انبيا كه] كذب من ادعى محبتى إذا جنه الليل نام عنى أليس كل محب يحب خلوة حبيبه ها انا مطلع عليكم اسمع وارى وفى التأويلات النجمية (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ) البشرية (نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) الروحانية (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) بظلمة الخلقية فان الله خلق الخلق بظلمة ثم رش عليهم من نوره وَالشَّمْسُ معطوف على الليل اى وآية لهم الشمس المضيئة المشرقة على صحائف الكائنات كاشراق نور الوجود المطلق الفائض على هياكل الموجودات حسب التجليات الالهية كأنه قيل كيف كانت آية فقيل تَجْرِي او حال كونها جارية وسائرة لِمُسْتَقَرٍّ لَها فيه وجوه الاول ان اللام فى لمستقر للتعليل والمستقر اسم مكان اى تجرى لبلوغ مستقر وحد معين ينتهى اليه دورها فى آخر السنة فشبه بمستقر المسافر إذا قطع سيره والثاني ان اللام بمعنى الى والمستقر كبد السماء اى وسطها والمعنى تجرى الى ان تبلغ الى وسط السماء وتستقر فيه شبه بطؤ حركتها فيه بالوقفة والاستقرار والا فلا استقرار لها حقيقة كما قال فى المفردات الزوال يقال فى شىء قد كان ثابتا ومعلوم ان لاثبات للشمس فكيف يقال زوال الشمس فالجواب قالوه لاعتقادهم فى الظهيرة ان لها ثباتا فى كبد السماء وكما قال فى شرح التقويم فان قلت لم سميت السيارة بها وليست السموات بساكنة قلت لسرعة حركتها بالنسبة الى حركة الكواكب الباقية فان حركتها فى غاية البطء ولذلك تسمى ثوابت والثالث ان اللام لام العاقبة والمستقر مصدر ميمى اى تجرى بحيث يترتب على جريها استقرارها فى كل برج من البروج الاثني عشر على نهج مخصوص بان تستقر فى كل برج شهرا ويأخذ الليل من النهار فى نصف الحول والنهار من الليل فى النصف الآخر منه وتبلغ نهاية ارتفاعها فى الصيف ونهاية انحطاطها فى الشتاء ويترتب عليه اختلاف الفصول الاربعة وتهيئة اسباب معاش الأرضيات وتربيتها والرابع ان المعنى المنتهى مقدر لكل يوم من المشارق والمغارب فان لها فى دورها ثلاثمائة وستين(7/397)
مشرقا ومغربا تطلع كل يوم من مطلع وتغرب من مغرب ثم لا تعود إليها الى العام القابل فالمستقر اسم زمان اى تجرى الى زمان استقرارها وانقطاع حركتها عند خراب العالم أو إلى وقت قرارها وتغير حالها بالطلوع من مغربها كما قال أبو ذر رضى الله عنه دخلت المسجد ورسول الله عليه السلام جالس فلما غابت الشمس قال عليه السلام (يا أبا ذر أتدري اين تذهب هذه الشمس) فقلت الله ورسوله اعلم فقال (تذهب تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك ان تسجد ولا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها ويقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله والشمس تجرى لمستقر لها) وفهم من الحديث ان المستقر ايضا تحت العرش والمراد بالسجدة الانقياد ويجوز ان تكون على حقيقتها فان الله تعالى قادر على ان يخلق فيها حياة وإدراكا يصح معهما سجدتها كما سبق نظائرها قال بعض العارفين تسجد بروحها عند العرش كما تسجد الروح
عند النوم إذا باتت على طهارة قال امام الحرمين وغيره من الفضلاء لا خلاف ان الشمس تغرب عند قوم وتطلع عند قوم آخرين والليل يطول عند قوم ويقصر عند قوم آخرين وعند خط الاستواء يكون الليل والنهار مستويين ابدا والأرض مدورة مسيرة خمسمائة عام كأنها نصف كرة مدورة فيكون وسطها ارفع ولذلك سموا الجزيرة التي هى وسط الأرض كلها المستوي فيها الليل والنهار قبة الأرض وحول الأرض البحر الأعظم المحيط فيه ماء غليظ منتن لا تجرى فيه المراكب وحول هذا البحر جبل قاف خلق من زمرد اخضر وسماء الدنيا مقبية عليه ومنه خضرتها وسئل الشيخ ابو حامد رضى الله عنه عن بلاد بلغار كيف يصلون لان الشمس لا تغرب عندهم الا مقدار ما بين المغرب والعشاء ثم تطلع فقال يعتبر صومهم وصلاتهم بأقرب البلاد إليهم والأصح عند اكثر الفقهاء انهم يقدرون الليل والنهار ويعتبرون بحسب الساعات كما قال عليه السلام فى حق الدجال (يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة فيقدر الصلاة والصيام فى زمنه) ذلِكَ الجري البديع المنطوى على الحكم العجيبة التي تتحير فى فهمها العقول والافهام تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الغالب بقدرته على كل مقدور الْعَلِيمِ المحيط علمه بكل معلوم قال فى المفردات التقدير تبيين كمية الشيء وتقدير الله الأشياء على وجهين أحدهما بإعطاء القدرة. والثاني ان يجعلها على مقدار مخصوص ووجه مخصوص حسبما اقتضته الحكمة وذلك ان فعل الله ضربان ضرب أوجده بالفعل ومعنى إيجاده بالفعل إظهاره. وضرب أجراه بالقوة وقدره على وجه لا يتأتى غير ما قدر فيه كتقديره فى النواة ان ينبت منها النخل دون التفاح والزيتون وتقدير منى الآدمي ان يكون منه الإنسان دون سائر الحيوانات فتقدير الله على وجهين. أحدهما بالحكم منه ان يكون كذا ولا يكون كذا اما على سبيل الوجوب واما على سبيل الإمكان. والثاني بإعطاء القدرة عليه وفى الآية اشارة الى شمس نور الله فانها (تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) وهو قلب استقر فيه رشاش نور الله (ذلِكَ) المستقر (تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ) الذي لا يهتدى اليه أحد الا به (الْعَلِيمِ) الذي يعلم حيث يجعل رسالته فليس كل قلب مستقرا لذلك النور فلا بد من التهيئة والتصقيل الى ان يتلطف ويزول منه كل ثقيل مما يتعلق بظلمات الكون والفساد(7/398)
وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)
كوهر أنوار را دلهاى پاك آمد صدف وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ بالنصب بإضمار فعل يفسره الظاهر كما فى زيدا ضربته اى وقدرنا القمر قدرناه اى قدرنا له وعينا مَنازِلَ وهى ثمان وعشرون مقسومة على الاثني عشر برجا كما استوفينا الكلام عليها فى أوائل سورة يونس ينزل القمر كل ليلة فى واحدة من تلك المنازل لا يتخطاها ولا يتقاصر عنها فاذا كان فى آخر منازله دق واستقوس ويستتر ليلتين ان كان الشهر ثلاثين او ليلة ان كان تسعة وعشرين وقد صام عليه السلام ثمانية او تسعة رمضانات خمسة منها كانت تسعة وعشرين يوما والباقي ثلاثين وقد قال عليه السلام (شهرا العيد لا ينقصان) اى حكمهما إذا كانا تسعا وعشرين مثل حكمهما إذا كانا ثلاثين فى الفضل وقد صح ان دور هذه الامة هو الدور القمري العربي الذي حسابه مبنى على الشهر لا الدور الشمسى الذي مبنى حسابه على الأيام حَتَّى عادَ [تا عود كرد ماه] وقال ابن الشيخ حتى صار القمر فى آخر الشهر وأول الشهر الثاني فى دقته واستقواسه واصفراره كَالْعُرْجُونِ فعلون من الانعراج وهو الاعوجاج وهو عود العذق ما بين شماريخه الى منبته من النخلة. والعذق بالكسر فى النخل بمنزلة العنقود فى الكرم بالفارسية [خوشه خرما] . والشماريخ جمع شمراخ او شمروخ ما عليه البسر من العيدان الْقَدِيمِ العتيق فاذا قدم وعتق دق وتقوس واصفر شبه به القمر فى آخر الشهر فى هذه الوجوه الثلاثة اى فى عين الناظر وان كان فى الحقيقة عظيما بنفسه فالقديم ما تقادم عهده بحكم العادة ولا يشترط فى اطلاق لفظ القديم عليه مدة بعينها إذ يقال لبعض الأشياء قديم وان لم يمض عليه حول وقيل اقل هذا القديم الحول فمن حلف كل مملوك قديم لى فهو حر عتق من مضى عليه الحول قال فى كشف الاسرار [از روى حكمت كفته اند كه زيادت ونقصان ماه از آنست كه در ابتداى آفرينش نور او بر كمال بود بخود نظرى كرد عجبى در وى پيدا شد رب العزة جبريل را فرمود تا پر خويش بر روى ماه زد وآن نور از وى بستاد ابن عباس رضى الله عنهما كفت آن خطها كه بر روى ماه مى بينيد نشان پر جبرائيل است نور از وى بست اما نقش بر جاى بماند ونقش كلمه توحيد است بر پيشانى ماه نبشت «لا اله الا الله محمد رسول الله» يا خود حروفى كه از ان اسم جميل حاصل ميشود چون نور از ماه بستدند او را از خدمت دركاه منع كردند ماه از فرشتكان مدد خواست تا از بهر وى شفاعت كردند كفتند بار خدايا ماه در خدمت دركاه عزت خوى كرده هيچ روى آن دارد كه بيكباركى او را مهجور كنى رب العزه شفاعت ايشان قبول كرد واو را دستورى داد تا هر ماهى بيكبار سجود كند در شب چارده اكنون هر شب كه برآيد وبوقت خدمت نزديكتر مى كردد نور وى مى افزايد تا شب چهارده كه وقت سجود بود نورش بكمال رسد باز چون از چهارده دركذرد هر شب در نور وى نقصان مى آيد از بساط خدمت دورتر مى كردد] وقيل شبيه الشمس عبد يكون ابدا فى ضياء معرفته وهو صاحب تمكين غير متلون أشرقت شمس معرفته من بروج سعادته دائما لا يأخذه كسوف ولا يستره حجاب. وشبيه القمر عبد تكون أحواله فى التنقل وهو صاحب تلوين له من البسط ما يرقيه(7/399)
الى حد الوصال ثم يرد الى الفترة ويقع فى القبض مما كان به من صفاء الحال فيتناقص ويرجع الى نقصان امره الى ان يرفع قلبه من وقته ثم يجود عليه الحق فيوفقه لرجوعه عن فترته وافاقته من سكرته فلا يزال يصفو حاله الى ان يقرب من الوصال ويرتقى الى ذروة الكمال فعند ذلك يقول بلسان الحال ما زلت انزل من ودادك منزلا تتحير الألباب عند نزوله وفى التأويلات النجمية وبقوله (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) يشير الى قمر القلب فان القلب كالقمر فى استفادة النور من شمس الروح اولا ثم من شمس شهود الحق تعالى ثانيا وله ثمانية وعشرون منزلا على حسب حروف القرآن كما ان للقمر ثمانية وعشرون منزلا فالقلب ينزل فى كل حين منها بمنزل وهذه اسماؤها الالفة والبر والتوبة والثبات والجمعية والحلم والخلوص والديانة والذلة والرأفة والزلفة والسلامة
والشوق والصدق والضرر والطلب والظمأ والعشق والغيرة والفتوة والقربة والكرم واللين والمروءة والنور والولاية والهداية واليقين فاذا صار الى آخر منازله فقد تخلق بخلق القرآن واعتصم بحبل الله وله آن ان يعتصم بالله ولهذا قال الله تعالى لنبيه فى قطع منازل العبودية (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) ويقال للمؤمن فى الجنة اقرأ وارق يعنى اقرأ القرآن وارتق فى مقامات القرب وبقوله (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) يشير الى سير قمر القلب فى منازله فاذا الف الحق تعالى فى أول منزله ثم بر بالايمان والعمل الصالح ثم تاب وتوجه الى الحضرة ثم ثبت على تلك التوبة جعل له الجمعية مع الله فيستنير قمر قلبه بنور ربه حتى يصير بدرا كاملا ثم يتناقص بدنوه من شمس شهود الحق تعالى قليلا كلما ازداد دنوه من الشمس ازداد فى نفسه نقصانا الى ان يتلاشى ويخفى ولا يرى له اثر وهذا مقام الفقر الحقيقي الذي افتخر به النبي صلى الله عليه وسلم فى قوله (الفقر فخرى) لانه عليه السلام كلما ازداد دنوه الى الحضرة ليلة المعراج ازداد فى فقره عن الوجود كما اخبر الله تعالى عنه بقوله (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) كمل هاهنا فقره عن الوجود فوجده الله تعالى عائلا فاغناه بجوده انتهى واعلم ان القمر مرآة قابلة لان تكتسب النور من قرص الشمس حسب المحاذاة بينهما ولما كان دور الشمس بطيئا كان ظهور اثرها دائرا على حصول الفصول الاربعة التي هى الربيع والصيف والخريف والشتاء ولما كان دور القمر سريعا كان ظهور اثره فى الكون سريعا والى القمر ينظر القلب فى سرعة الحركة ولهذا السر اسكن الله آدم فى فلك القمر لمناسبة باطنه به فى سرعة حركاته وتقلباته. ثم ان القمر مرئى مدرك واما الشمس فى إشراقها واضاءتها وتلألؤ شعاعها لا تدرك كيفيتها وكميتها على ما هى عليه من تمنعها وامتناعها واحتيج الى طريق يتوصل به الى ابصارها بقدر الوسع فافادت الفكرة والخبرة ان يأخذ الإنسان اناء كثيفا ويملأه ماء صافيا نظيفا ويضعه فى مقابلة الشمس لتنعكس صورة من الشمس فى الماء فيلاحظ الإنسان الشمس بغير دفع تلألؤ الاضواء ويراها فى أسفل قعر الإناء فان اللطيف من شأنه القبول والكثيف من شأنه الإمساك فقبل الماء وامسك الإناء وهذا تدبير من يريد أبصار الشمس الظاهرة بمقلته(7/400)
لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)
الباصرة فاذا كان الشمس الظاهرة المتناهية لا يدرك عكسها بالاستعدادات السابقة والتدبيرات اللاحقة فما ظنك بشمس عالم الاحدية الالهية الربوبية الغير المتناهية وان نسبتها اليه فى الانارة والاضاءة والظهور والإظهار ودفع أنوار العظمة ليست الا كذرّة فى الآفاق والسبع الطباق او كقطرة بالنسبة الى البحار الزاخرة او كجزء لا يتجزأ بالنسبة الى الدنيا والآخرة سبحان الله وله المثل الأعلى فى الأرض والسماء فاذا عرفت هذا المثال عرفت حال القلب مع شمس الربوبية وانعكاس نورها فيه: قال الشيخ المغربي قدس سره
نخست ديده طلب كن پس آنگهى ديدار ... از آنكه يار كند جلوه بر أولو الابصار
ترا كه چشم نباشد چهـ حاصل از شاهد ... ترا كه كوش نباشد چهـ سود از كفتار
اگر چهـ آينه دارى از براى رخش ... ولى چهـ سود كه دارى هميشه آينه تار
بيا بصيقل توحيد ز آينه بزدآى ... غبار شرك كه تا پاك كردد از ژنكار
وقال ايضا
كجا شود بحقيقت عيان جمال حقيقت ... اگر مظاهر وآينه مجاز نباشد
مجوى در دل ما غير دوست ز آنكه نيابى ... از آنكه در دل محمود جز أياز نباشد
به پيش عقل مكو قصهاى عشق كه آنرا ... قبول مى نكند آنكه عشقباز نباشد
لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها هو ابلغ من لا ينبغى للشمس كما ان أنت لا تكذب بتقديم المسند اليه آكد من لا تكذب أنت لاشتمال الاول على تكرر الاسناد. ففى ذكر حرف النفي مع الشمس دون الفعل دلالة على ان الشمس مسخرة لا يتيسر لها الا ما أريد بها وقدر لها وينبغى من الانفعال وثلاثيه بغى يبغى بمعنى طلب تجاوز الاقتصار فيما يتحرى تجاوزه او لم يتجاوز واما استعمال انبغى ماضيا فقليل قال فى كشف الاسرار يقال بغيت الشيء فانبغى لى اى استسهلته فتسهل لى وطلبته فتيسر لى والمعنى لا الشمس يصح لها ويتسهل: وبالفارسية [نه آفتاب سزد مرورا وشايد] أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ فى سرعة سيره فان القمر اسرع سيرا حيث يقطع فلكه ويدور فى منازله الثماني والعشرين فى شهر واحد بخلاف الشمس فانها ابطأ منه حيث لا تقطع فلكها ولا تدور فى تلك المنازل المقسومة على الاثني عشر برجا الا فى سنة فيكون مقام الشمس فى كل منزلة ثلاثة عشر يوما فهى لا تدرك القمر فى سرعة سيره فانه تعالى جعل سيرها ابطأ من سير القمر واسرع من سير زحل وهو كوكب السماء السابعة وذلك لان الشمس كاملة النور فلو كانت بطيئة السير لدامت زمانا كثيرا فى مسامتة شىء واحد فتحرقه ولو كانت سريعة السير لما حصل لها لبث فى بقعة واحدة بقدر ما يخرج النبات من الأرض والأوراق والثمار من الأشجار وبقدر ما ينضج الثمار والحبوب ويجف فلو أدركت القمر فى سرعة سيره لكان فى شهر واحد صيف وشتاء فيختل بذلك احكام الفصول وتكوّن النبات وتعيش الحيوان ويجوز ان يكون المعنى ليس للشمس ان تدرك القمر فى آثاره ومنافعه مع قوة نورها وإشراقها فان لكل واحد منهما آثارا ومنافع تخصه وليس للآخر ان يدركه فيها كما قالوا الثمرة تنضجها الشمس ويلونها القمر ويعطيها الطعم الكوكب وقالوا ان سهيلا(7/401)
وهو كوكب يمنىّ يعطى الحجر اللون الأحمر فيصير عقيقا. ويجوز ان يكون معنى ان تدرك القمر اى فى مكانه فان القمر فى السماء الدنيا والشمس فى السماء الرابعة فهى لا تدركه فى مكانه ولا يجتمعان فى موضع اولا تدركه فى سلطانه اى نوره الذي هو برهان لوجوده فان نوره انما يكون بالليل فليس للشمس ان تجامعه فى وقت من اوقات ظهور سلطانه بان تطلع بالليل فتطمس نوره فسلطان القمر بالليل وسلطان الشمس بالنهار ولو أدركت الشمس القمر لذهب ضوءه وبطل سلطانه ودخل النهار على الليل وفى بعض التصاوير لا ينبغى للشمس ان تدرك سلطان القمر فتراه ناقصا وذلك ان الله تعالى لما قبض نور القمر سأله القمر ان لا ترى الشمس نقصانه وقال بعض الكبار جعل الله شهورنا قمرية ولم يجعلها شمسية تنبيها من الله تعالى للعارفين من عباده ان آية القمر بمحوه عن العالم الظاهر لمن اعتبر فى قوله تعالى وتدبر (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) اى فى علو المرتبة والشرف فكان ذلك تقوية لكتم آياتهم التي أعطاها للمحمديين العربيين وأجراها وأخفاها فيهم يعنى ان آيات المحمديين ليست بظاهرة فى ظواهرهم غالبا كآية القمر وستظهر كراماتهم فى الآخرة التي هى آثار ما فى بواطنهم من العلوم والكشوف والحقائق والخوارق وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ اى ولا الليل يسبق النهار فيعجزه من ان ينتهى اليه ويجيء الليل بعده ولكن الليل يعاقب النهار ويناوبه وقيل المراد بهما آيتاهما وهما النيران وبالسبق سبق القمر الى سلطان الشمس فى محو نورها فيكون عكسا للاول فالمعنى لا يصح للقمر ايضا ان يطلع فى وقت ظهور سلطان الشمس وضوئها بحيث يغلب نورها ويصير الزمان كله ليلا فهما يسيران الدهر ولا يدخل أحدهما على الآخر ولا يجتمعان إلا عند ابطال الله هذا التدبير ونقض هذا التأليف وتطلع الشمس من مغربها ويجتمع معها القمر كما قال تعالى (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) وذلك من اشراط الساعة فان قلت إذا كان هذا عكس ما ذكر قبله كان المناسب ان يقال ولا الليل مدرك النهار قلت إيراد السبق مكان الإدراك لانه الملائم لسرعة سيره وفيه اشارة الى انه كما لا يصير القمر شمسا والشمس قمرا فكذلك قمر القلب بتوجهه الى شمس شهود الحق يتنور بنورها
كما قال تعالى (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) ولكنه لا يصير الرب تعالى عبدا ولا العبد ربا فان للرب الربوبية وللعبد العبودية تعالى الله عما يقول اصحاب الحلول وارباب الفضول وَكُلٌّ اى وكلهم على ان التنوين عوض عن المضاف اليه الذي هو الضمير العائد الى الشمس والقمر والجمع باعتبار التكاثر العارض لهما بتكاثر مطلعهما فان اختلاف الأحوال يوجب تعددا ما فى الذات او الى الكواكب فان ذكرهما مشعر بها فِي فَلَكٍ مخصوص معين من الافلاك السبعة وفى بحر العلوم فى جنس الفلك كقولهم كساهم الأمير حلة يريدون كساهم هذا الجنس والفلك مجرى الكواكب ومسيرها وتسميته بذلك لكونه كالفلك كما فى المفردات والجار متعلق يَسْبَحُونَ السبح المر السريع فى الماء او فى الهواء واستعير لمر النجوم فى الفلك كما فى المفردات وقال فى كشف الاسرار السبح الانبساط فى السير كالسباحة فى الماء وكل من انبسط فى شىء فقط سبح فيه والمعنى يسيرون بانبساط(7/402)
وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44)
وسهولة لا مزاحم لهم سير السابح فى سطح الماء واخرج السيوطي فى كتاب الهيئة السنية خلق الله بحرا دون السماء جاريا فى سرعة السهم قائما فى الهواء بامر الله تعالى لا يقطر منه قطرة يجرى فيه الشمس والقمر والنجوم فذلك قوله تعالى (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) والقمر يدور دوران العجلة فى لجة غمر ذلك البحر فاذا أحب الله ان يحدث الكسوف حرف الشمس عن العجلة فتقع فى غمر ذلك البحر ويبقى سائرا على العجلة النصف او الثلث او ما شاء الرب تعالى للحكمة الربانية واقتضاء الاستعداد الكونى قال المنجمون قوله تعالى (يَسْبَحُونَ) يدل على ان الشمس والقمر والكواكب السيارة احياء عقلاء لان الجمع بالواو والنون لا يطلق على غير العقلاء وقال الامام الرازي ان أرادوا القدر الذي يصح به التسبيح فنقول به لان كل شىء يسبح بحمده وان أرادوا شيأ آخر فذلك لم يثبت والاستعمال لا يدل عليه كما فى قوله تعالى فى حق الأصنام (ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) وقوله (أَلا تَأْكُلُونَ) وقال الامام النسفي جمع يسبحون بالواو والنون لانه تعالى وصفها بصفات العقلاء كالسباحة والسبق والإدراك وان لم يكن لها اختيار فى افعالها بل مسخرة عليها يفعل بها ذلك تجبرا يقول الفقير هنا وجه آخر هو ان صيغة العقلاء باعتبار مبادى حركات الافلاك والنجوم فان مبادى حركاتها جواهر مجردة عن مواد الافلاك فى ذواتها ومتعلقة بها فى حركاتها ويقال لتلك الجواهر النفوس الفلكية على انه ليس عند اهل الله شىء خال عن الحياة فان سرّ الحياة سار فى جميع الأشياء ارضية كانت او سماوية لا سيما الشمس والقمر اللذان هما عينا هذا التعين الكونى
جمله ذرات زمين وآسمان ... مظهر سرّ حياتست اى جوان
كى تواند يافتن آنرا خرد ... هست او سرى خرد كى پى برد
نسأل الله تعالى حقيقة الإدراك والحفظ عن الزلق والهلاك وَآيَةٌ لَهُمْ اى علامة عظيمة لاهل مكة على كمال قدرتنا وهو خبر مقدم لقوله أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ [الحمل:
برداشتن] قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق والشيء كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين انتهى قال الراغب الذرية أصلها الصغار من الأولاد وان كان يقع على الصغار والكبار فى المتعارف ويستعمل فى الواحد والجمع وأصله الجمع انتهى ويطلق على النساء ايضا لا سيما مع الاختلاط مجازا على طريقة تسمية المحل باسم الحال لانهم مزارع الذرية كما فى حديث عمر رضى الله عنه حجوا بالذرية يعنى النساء وفى الحديث نهى عن قتل الزراري يعنى النساء والمعنى انا حملنا أولادهم الكبار الذين يبعثونهم الى تجاراتهم فِي الْفُلْكِ [در كشتى] وهو هاهنا مفرد بدليل وصفه بقوله الْمَشْحُونِ اى المملوء منهم ومن غيرهم والشحناء عداوة امتلأت منها النفوس كما فى المفردات او حملنا صبيانهم ونساءهم الذين يستصحبونهم: يعنى [برداشتيم فرزندان خرد وزنان ايشانرا كه آنان را قوت سفر نيست بر خشكى] وتخصيص الذرية بمعنى الضعفاء الذين يستصحبونهم فى سفر البحر مع ان تسخير البحر والفلك نعمة فى حق أنفسهم ايضا لما ان استقرارهم فى السفن أشق واستمساكهم فيها اعجب وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ(7/403)
وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43)
مما يماثل الفلك ما يَرْكَبُونَ من الإبل فانها سفائن البر فتعريف الفلك للجنس لان المقصود من الآية الاحتجاج على اهل مكة ببيان صحة البعث وإمكانه. استدل عليه اولا بإحياء الأرض الميتة وجعلها سببا لتعيشهم. ثم استدل عليه بتسخير الرياح والبحار والسفن الجارية فيها على وجهه يتوسلون بها الى تجارات البحر ويستصحبون من يهمهم حمله من النساء والصبيان كما قال تعالى (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) . وقيل تعريفه للعهد الخارجي والمراد فلك نوح عليه السلام المذكور فى قوله (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) فيكون المعنى انا حملنا ذريتهم اى أولادهم الى يوم القيامة فى ذلك الفلك المشحون منهم ومن سائر الحيوانات التي لا تعيش فى الماء ولولا ذلك لما بقي للآدمى نسل ولا عقب وخلقنا لهم من مثله اى مما يماثل ذلك الفلك فى صورته وشكله من السفن والزوارق: وبالفارسية [چون زورق وصندل وناو] فان قلت فعلى هذا لم لم يقل حملناهم وذريتهم مع ان أنفسهم محمولون ايضا قلت اشارة الى ان نعمة التخليص عامة لهم ولا ولادهم الى يوم القيامة ولو قيل حملناهم لكان امتنانا بمجرد تخليص أنفسهم من الغرق وجعل السفن مخلوقة لله تعالى مع كونها من مصنوعات العباد ليس لمجرد كونها صنعتهم باقدار الله تعالى والهامه بل لمزيد اختصاص أهلها بقدرته تعالى وحكمته حسبما يعرب عنه قوله تعالى (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) والتعبير عن ملابستهم بهذه السفن بالركوب لانها باختيارهم كما ان التعبير عن ملابسة ذريتهم بفلك نوح بالحمل لكونها بغير شعور منهم واختيار واما قوله تعالى فى سورة المؤمنينَ عَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ)
فبطريق التغليب وجعل بعضهم المعنى الثاني اظهر لانه إذا أريد بمثل الفلك الإبل لكان قوله (وَخَلَقْنا لَهُمْ) إلخ فاصلابين متصلين لان قوله (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ) متصل بالفلك واعتذر عنه فى الإرشاد بان حديث خلق الإبل فى خلال الآية بطريق الاستطراد لكمال التماثل بين الإبل والفلك فكأنها نوع منه وقيل المراد بالذرية الآباء والأجداد فان الذرية تطلق على الأصول والفروع لانها من الذرء بمعنى الخلق فيصلح الاسم للاصل والنسل لان بعضهم خلق من بعض فالآباء ذريتهم لان منهم ذرأ الأبناء. وفيه ان الذرية فى اللغة لم تقع الا على الأولاد وعلى النساء كما ذكر اللهم الا ان يراد ذرية أبيهم آدم عليه السلام وهم الأصول والفروع الى قيام الساعة والعلم عند الله تعالى [كفتند سه چيز را الله تعالى راند بكمال قدرت خويش شتران در صحرا وميغ در هوا وكشتى در دريا] وفهم من الامتنان بالحمل جواز ركوب البحر الامن دخول الشمس العقرب الى آخر الشتاء فانه لا يجوز ركوبه حينئذ لانه من الإلقاء الى التهلكة كما فى شرح حزب البحر للشيخ الزروقى قدس سره وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ إلخ من تمام الآية فانهم معترفون بمضمونه كما ينطق به قوله تعالى (وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) وفى تعليق الإغراق وهو بالفارسية [غرقه كردن] بمحض المشيئة اشعار بانه قد تكامل ما يوجب هلاكهم من معاصيهم ولم يبق الا تعلق مشيئته تعالى به قال فى بحر العلوم وهو محمول على الفرض والتقدير بدليل قوله (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا) إلخ والمعنى ان نشأ إغراقهم نغرقهم فى اليم مع ما حملناهم فيه من الفلك(7/404)
إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44)
وبالفارسية [واگر خواهيم اهل كشتى را كه مراد ذريت مذكوره است غرقه سازيم ودر آب كشيم] فان الغرق الرسوب فى الماء فَلا صَرِيخَ لَهُمْ فعيل بمعنى مفعول اى مصرخ وهو المغيب بالفارسية [فريادرس] والصريخ ايضا صوت المستصرخ والمعنى فلا مغيث لهم يحرسهم من الغرق ويدفعه عنهم قبل وقوعه: وبالفارسية [پس هيچ فريادرسى نيست مر ايشانرا كه از غرقه شدن نكاه دارد] قبل الوقوع وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ ينجون منه بعد وقوعه يقال أنقذه واستنقذه إذا خلصه من ورطة ومكروه إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ استثناء مفرغ من أعم العلل الشاملة للباعث المتقدم والغاية المتأخرة اى لا يغاثون ولا ينقذون لشىء من الأشياء الا لرحمة عظيمة ناشئة من قبلنا داعية الى الاغاثة والانقاذ: وتمتع بالفارسية [برخوردارى وانتفاع دادن] بالحياة مترتب عليهما الى زمان قدر لآجالهم وفى الآية رد على ما زعم الطبيعي من ان السفينة تحمل بمتقضى الطبيعة وان المجوف لا يرسب فقال تعالى فى رده ليس الأمر كذلك بل لو شاء الله تعالى إغراقهم لأغرقهم وليس ذلك بمقتضى الطبيعة والا لماطر أعليها آفة ورسوب والاشارة الى ان المنعم عليه ينبغى ان لا يأمن فى حال النعمة عذاب الله تعالى فان كفار الأمم السالفة آمنوا من بطشه تعالى فاخذوا من حيث لا يشعرون فكيف يأمن اهل مكة واهل السفينة لكن لا يعرفون قدر النعمة الا بعد تحولها عنهم ولا قدر العافية الا بعد الابتلاء بمصيبة قال الشيخ سعدى [پادشاهى با غلام عجمى در كشتى نشسته بود غلام دريا را هركز نديده بود ومحنت كشتى نكشيده كريه وزارى در نهاد ولرزه بر اندامش افتاد چندانكه ملاطفت كردند آرام نكرفت ملك را عيش ازو منغص شد چاره ندانستند حكيمى در ان كشتى بود ملك را كفت اگر فرمان دهى من او را بطريقي خاموش كنم كفت غايت لطف باشد فرمود تا غلام را بدريا انداختند بارى چند غوطه بخورد مويش كرفتند وسوى كشتى آوردند بهر دو دست در سكان كشتى آويخت چون برآمد بگوشه بنشست وقرار كرفت ملك را عجب آمد و پرسيد درين چهـ حكمت بود كفت اى خداوند أول محنت غرق شدن نچشيده بود قدر سلامت كشتى نمى دانست همچنان قدر عافيت كسى داند كه بمصيبت كرفتار آيد
اى سير ترا نان جوين خوش ننمايد ... معشوق منست آنكه بنزديك تو زشتست
حوران بهشتى را دوزخ بود اعراف ... از دوزخيان پرس كه اعراف بهشتست
فلا بد من مقابلة النعمة بالشكر والعطاء بالطاعة والاجتهاد فى طريق التوحيد والمعرفة فان المقصود من الامهال هو تدارك الحال وفى التأويلات النجمية (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)
يشير الى حمله عباده فى سفينة الشريعة خواصهم فى بحر الحقيقة وعوامهم فى بحر الدنيا فان من نجا من تلاطم امواج الهوى فى بحر الدنيا انما نجا بحمله للعناية فى سفينة الشريعة وكذا من نجا من تلاطم امواج الشبهات فى بحر الحقيقة انما نجا بحمله لعواطف احسان ربه فى سفينة الشريعة بملاحية ارباب الطريقة (وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) وهو جناح همة المشايخ الواصلين الكاملين (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ) يعنى العوام فى بحر الدنيا والخواص فى بحر الحقيقة بكسر سفينة الشريعة فمن ركب من المتمنين بحر الحقيقة بلا سفينة الشريعة او كسروا(7/405)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45) وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50)
السفينة اغرقوا فادخلوا نارا (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا) وهم المشايخ فانهم صورة رحمة الحق تعالى (وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) اى الى حين تدركهم العناية الازلية انتهى وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اى لكفار مكة بطريق الانذار: وبالفارسية [و چون كفته شود مر كافرانرا كه اتَّقُوا [بترسيد] ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ اى العقوبات النازلة على الأمم الماضية الذين كذبوا رسلهم واحذروا من ان ينزل بكم مثلها ان لم تؤمنوا جعلت الوقائع الماضية باعتبار تقدمها عليهم كأنها بين أيديهم وَما خَلْفَكُمْ من العذاب المعد لكم فى الآخرة بعد هلاككم جعلت احوال الآخرة باعتبار انها تكون بعد هلاكهم كأنها خلفهم او ما بين ايديكم من امر الآخرة فاعملوا لها وما خلفكم من الدنيا فلا تغتروا بها وقيل غير ذلك وما قدمناه اولى لان الله خوف الكفار فى القرآن بشيئين أحدهما العقوبات النازلة على الأمم الماضية والثاني عذاب الآخرة لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ اما حال من واو اتقوا اى راجين ان ترحموا او غاية لهم اى كى ترحموا فتنجوا من ذلك لما عرفتم ان مناط النجاة ليس الا رحمة الله وجواب إذا محذوف اى اعرضوا عن الموعظة حسبما اعتادوه وتمرنوا عليه وزادوا مكابرة وعنادا كما دلت عليه الآية الثانية
كسى را كه پندار در سر بود ... مپندار هركز كه حق بشنود
ز علمش ملال آيد از وعظ ننك ... شقايق بباران نرويد ز سنك
وفى التأويلات النجمية (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) اى احذروا من الدنيا وما فيها من شهواتها ولذائذها (وَما خَلْفَكُمْ) من الآخرة وما فيها من نعيمها وحورها وقصورها وأشجارها وأثمارها وأنهارها وفيها ما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين منها (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) بمشاهدة الجمال ومكاشفة الجلال وكمالات الوصال وقال بعضهم (اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) من احوال القيامة الكبرى (وَما خَلْفَكُمْ) من احوال القيامة الصغرى فان الاولى تأتى من جهة الحق والثانية تأتى من جهة النفس بالفناء فى الله وبالتجرد عن الهيآت البدنية فى الثانية والنجاة منها والرحمة هى الخلاص من الغضب بالكلية فانه ما دامت فى النفس بقية فالعبد لا يخلو عن غضب وحجاب وتشديد بلاء وعذاب وَما نافية تَأْتِيهِمْ تنزل إليهم مِنْ مزيدة لتأكيد العموم آيَةٍ تنزيلية كائنة مِنْ تبعيضية آياتِ رَبِّهِمْ التي من جملتها هذه الآيات الناطقة بما فصل من بدائع صنع الله وسوابغ آلائه الموجبة للاقبال عليها والايمان بها إِلَّا كانُوا عَنْها متعلق بقوله مُعْرِضِينَ يقال اعرض اى اظهر عرضه اى ناحيته والجملة حال من مفعول تأتى والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال اى وما تأتيهم من آية من آيات ربهم فى حال من الأحوال الا حال اعراضهم عنها على وجه التكذيب والاستهزاء ويجوز ان يراد بالآيات ما يعم الآيات التنزيلية والتكوينية فالمراد بإتيانهم ما يعم نزول الوحى وظهور تلك الأمور لهم والمعنى ما يظهر لهم آية من الآيات الشاهدة بوحدانيته تعالى وتفرده بالالوهية الا كانوا تاركين للنظر الصحيح فيها المؤدى الى الايمان به تعالى فكل ما فى الكون فهو صورة صفة من صفاته تعالى وسر من اسرار ذاته
مغربى آنچهـ عالمش خواند ... عكس رخسار تست در مرآت(7/406)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47)
وآنچهـ او آدمش همى داند ... نسخه عالمست مظهر ذات
وقال المولى الجامى قدس سره
جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات
ثم ان أعظم الآيات واكبر العلامات الرجال البالغون الكاملون فى الدين من ارباب الحقيقة واهل اليقين فمن وفق للقبول والتسليم وتربى بتربيتهم الحسنة الى ان يحصل على القلب السليم نجا وكان مقبلا مقبولا. ومن قابلهم بالاعراض ونازلهم بالاعتراض هلك وكان مدبرا مردودا قال بعض الكبار من عدم الانصاف ايمان الناس بما جاء من اخبار الصفات على لسان الرسل وعدم الايمان بها إذا اتى بها أحد من العلماء الوارثين لهم فان البحر واحد وإذا لم يؤمنوا بما جاءت به الأولياء فلا اقل من ان يأخذوه منهم على سبيل الحكاية وكما جاءت الأنبياء بما تحيله العقول من الصفات وآمنا به كذلك يجب الايمان بما جاء به الأولياء المحفوظون وكما سلمنا ما جاء به الأصل كذلك نسلم ما جاء به الفرغ بجامع الموافقة انتهى واما قول ابى حنيفة رضى الله عنه ما أتانا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين وما أتانا عن الصحابة رضى الله عنه فنأخذ تارة ونترك اخرى وما أتانا عن التابعين فهم رجال ونحن رجال فانما هو بالنظر الى الاجتهاد الظاهر الذي يختلف فيه العلماء والاعراض فيه انتقال من الأدنى الى الأعلى بحسب الدليل الأقوى وقد يفتح الله على الطالب على لسان شيخه بعلوم لم تكن عند الشيخ لحسن أدبه مع الله ومع شيخه وسأل الأعمش أبا حنيفة عن مسائل فاجاب فقال الأعمش من اين لك هذا قال مما حدثتنا به فقال يا معشر الفقهاء أنتم الأطباء ونحن الصيادلة وهى الجماعة المنسوبة الى الصندل وهو شجر طيب الرائحة قلبت النون ياء كما يقال صندلانى وصيدلانى والمراد من يبيع مواد الادوية. ومن علامة العلم المكتسب دخوله فى ميزان العقول وعلامة العلم الموهوب ان لا يقبله ميزان الا فى النادر وترده العقول من حيث افكارها. ومن أعظم المكر بالعبد ان يرزق العلم ويحرم العمل به او يرزق العمل ويحرم الإخلاص فيه فاذا رأيت يا أخي هذا من نفسك او علمته من غيرك فاعلم ان المقبل به ممكور به فالاقبال الى الله تعالى انما هو بالإخلاص فان وجه الرياء الى الغير حفظنا الله تعالى وإياكم وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى للكافرين بطريق النصيحة أَنْفِقُوا على المحتاجين مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ اى بعض ما اعطاكم بطريق التفضل والانعام من انواع الأموال فان ذلك مما يرد البلاء ويدفع المكاره قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بالصانع تعالى وهم زنادقة كانوا بمكة. والزنديق من لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شىء من الأشياء لِلَّذِينَ آمَنُوا تهكما بهم وبما كانوا عليه من تعليق الأمور بمشيئة الله تعالى حيث كانوا يقولون لو شاء الله لاغنى فلانا ولو شاء الله لاعزه ولو شاء لكان كذا وكذا وانما حمل على التهكم لان المعطلة ينكرون الصانع فلا يكون جوابهم المذكور عن اعتقاد وجدّ أَنُطْعِمُ من أموالنا حسبما تعظوننا به: وبالفارسية [آيا طعام دهيم] اى لا نطعم فان الهمزة للانكار والطعام فى الأصل البر وقوله عليه السلام فى ماء زمزم (انه طعام طعم وشفاء سقم) فتنبيه منه انه غذاء بخلاف سائر المياه مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ اى على(7/407)
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48)
زعمكم: يعنى [خدا كه بزعم شما قادرست بر اطعام خلق بايستى كه ايشانرا طعام دهد چون او طعام نداد ما نيز نمى دهيم إِنْ أَنْتُمْ [نيستيد شما اى مؤمنان] إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ الضلال العدول عن الطريق المستقيم ويضاده الهداية ويقال الضلال لكل عدول عن المنهج عمدا كان او سهوا يسيرا كان او كثيرا ولهذا صح ان يستعمل فيمن يكون منه خطأ ما كما فى المفردات. والمعنى فى خطأ بين بالفارسية [كمراهى آشكارا] حيث تأمروننا بما يخالف مشيئة الله تعالى [واين سخن از ايشان خطا بود براى آنكه بعض مردم را خداى تعالى توانكر ساخته وبعضى را درويش كذشته وبجهت ابتلا حكم فرموده كه اغنيا مال خدايرا بفقرا دهند پس مشيت را بهانه ساختن وامر الهى را كه بانفاق فرموده فرو كذاشتن محض خطا وعين جفاست
درويش را خدا بتوانگر حواله كرد ... تا كار او بسازد وفارغ كند دلش
از روى بخل اگر نشود ملتفت بوى ... فردا بود ندامت واندوه حاصلش
وفى الحديث (لو شاء الله لجعلكم اغنياء لا فقير فيكم ولو شاء لجعلكم فقراء لا غنى فيكم ولكنه ابتلى بعضكم ببعض لينظر كيف عطف الغنى وكيف صبر الفقير) وهذه الآية ناطقة بترك شفقتهم على خلق الله وجملة التكاليف ترجع الى أمرين التعظيم لامر الله والشفقة على خلق الله وهم قد تركوا الامرين جميعا وقد تمسك البخلاء بما تمسكوا به حيث يقولون لا نعطى من حرم الله ولو شاء لاغناه نعم لو كان مثل هذا الكلام صادرا عن يقين وشهود وعيان لكان مفيدا بل توحيدا محضا يدور عليه كمال الايمان ولكنهم سلكوا طريق التقليد والإنكار والعناد ومن لم يهد الله فما له من هاد وكان لقمان يقول إذا مر بالأغنياء يا اهل النعيم لا تنسوا النعيم الأكبر وإذا مر بالفقراء يقول إياكم ان تغبنوا مرتين وعن على رضى الله عنه ان المال حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لا قوام قال الفضيل رحمه الله من أراد عز الآخرة فليكن مجلسه مع المساكين نسأل الله تعالى فضله الكثير ولطفه الوفير فانه مسبب الأسباب ومنه فتح الباب: وفى المثنوى
ما عيال حضرتيم وشير خواه ... كفت الخلق عيال للاله «1»
آنكه او از آسمان باران دهد ... هم تواند كو ز رحمت نان دهد
كل يوم هو فى شأن بخوان ... مرورا بي كار وبي فعلى مدان «2»
وَيَقُولُونَ اى اهل مكة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إنكارا واستبعادا مَتى [كى است] هذَا الْوَعْدُ بقيام الساعة والحساب والجزاء. ومعنى طلب القرب فى هذا اما بطريق الاستهزاء واما باعتبار قرب العهد بالوعد. والوعد يستعمل فى الخير والشر والنفع والضر والوعيد فى الشر خاصة. والوعد هنا يتضمن الامرين لانه وعد بالقيامة وجزاء العباد ان خيرا فخير وان شرا فشر قال فى كشف الاسرار انما ذكر بلفظ الوعد دون الوعيد لانهم زعموا ان لهم الحسنى عند الله ان كان الوعد حقا يقول الفقير هذا انما يتمشى فى المشركين دون المعطلة وقد سبق انهم زنادقة كانوا بمكة إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ
__________
(1) در أوائل دفتر يكم در بيان ياز ترجيح نخجيران توكل را بر جهد وكسب إلخ
(2) در اواخر دفتر يكم در بيان قصه آنكس كه در يارى بكفت إلخ(7/408)
مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50)
فى وعدكم فقولوا متى يكون وهذا الاستعجال بهجوم الساعة والاستبطاء لقيام القيامة انما وقع تكذيبا للدعوة وإنكارا للحشر والنشر ولو كان تصديقا وإقرارا واستخلاصا من هذا السجن وشوقا الى الله تعالى ولقائه لنفعهم جدا ولما قامت عليهم القيامة عند الموت كما لا تقوم على المؤمنين بل يكون الموت لهم عيدا وسرورا: وفى المثنوى
خلق در بازار يكسان مى روند ... آن يكى در ذوق وديكر دردمند
همچنان در مرك وزنده مى رويم ... نيم در خسران ونيمى خسرويم
ما يَنْظُرُونَ جواب من جهته والنظر بمعنى الانتظار اى ما ينتظر كفار مكة إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً لا تحتاج الى ثانية هى النفخة الاولى التي هى نفخة الصعق والموت والصيحة رفع الصوت تَأْخُذُهُمْ مفاجأة وتصل الى جميع اهل الأرض. والاخذ حوز الشيء وتحصيله وذلك تارة بالتناول نحو (مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) وتارة بالقهر نحو (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) ويقال أخذته الحمى ويعبر عن الأسير بالمأخوذ والأخيذ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ أصله يختصمون فقلبت التاء صادا ثم أسكنت وأدغمت فى الصاد الثانية ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين وخاصمته نازعته واصل المخاصمة ان يتعلق كل واحد بخصم الآخر بالضم اى جانبه وان يجذب كل واحد خصم الجوالق من جانب وهو الجانب الذي فيه العروة. والمعنى والحال انهم يتخاصمون ويتنازعون فى تجاراتهم ومعاملاتهم ويشتغلون بامور دنياهم حتى تقوم الساعة وهم فى غفلة عنها فلا يغتروا لعدم ظهور علامتها ولا يزعموا انها لا تأتيهم عن ابن عباس رضى الله عنهما قال تهيج الساعة والرجلان يتبايعان قد نشرا اثوابهما فلا يطويانها والرجل يلوط حوضه فلا يستقى منه والرجل قد انصرف بلبن لقحته فلا يطعمه والرجل قد رفع أكلته الى فيه فلا يأكلها ثم تلا (تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) - روى- ان الله تعالى يبعث ريحا يمانية ألين من الحرير وأطيب رائحة من المسك فلا تدع أحدا فى قلبه مثقال ذرة من الايمان الا قبضته ثم يبقى شرار الخلق مائة عام لا يعرفون دينا وعليهم تقوم الساعة وهم فى أسواقهم يتبايعون فان قلت هم ما كانوا منتظرين بل كانوا جازمين بعدم الساعة والصيحة قلت نعم الا انهم جعلوا منتظرين نظرا الى ظاهر قولهم متى يقع لان من قال متى يقع الشيء الفلاني يفهم من كلامه انه ينتظر وقوعه فَلا يَسْتَطِيعُونَ الاستطاعة استفعال من الطوع وذلك وجود ما يصير به الفعل متأتيا اى لا يقدرون تَوْصِيَةً مصدر بالفارسية [وصيت كردن] والوصية اسم من الإيصاء يقال وصيت الشيء بالشيء إذا وصلته به وسمى الزام شىء من مال او نفقة بعد الموت بالوصية لانه لما اوصى به اى أوجب والزم وصل ما كان من امر حياته بما بعده من امر مماته والتنكير للتعميم اى فى شىء من أمورهم إذ كانت فيما بين أيديهم قال ابن الشيخ لا يستطيعون توصية ما ولو كانت بكلمة يسيرة فاذا لم يقدروا عليها يكونون أعجز عما يحتاجون فيه الى زمان طويل من أداء الواجبات ورد المظالم ونحوها لان القول أيسر من الفعل فاذا عجزوا عن أيسر ما يكون من القول تبين ان الساعة لا تمهلهم بشىء ما واختيار الوصية من جنس الكلمات لكونها أهم بالنسبة الى المحتضر فالعاجز(7/409)
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53) فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (54) إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55)
عنها يكون أعجز عن غيرها وَلا إِلى أَهْلِهِمْ الأهل يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء والأقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما فى شرح المشارق لابن الملك قال الراغب اهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب وعبر باهل الرجل عن امرأته يَرْجِعُونَ ان كانوا فى خارج أبوابهم بل تبغتهم الصيحة فيموتون حيث ما كانوا: وبالفارسية [پس نتوانند وصيت كردن با حاضران ونه بسوى ايشان كر غائب باشند بازگردند يعنى مجال از بازار بخانه رفتن نداشته باشند الحاصل در ان وقت كه در بازار بخصومت وجدال ومعاملات مشغول باشند ومهمات دنيايى سازند يكبار اسرافيل بصور در دمد وهمه خلق بر جاى بميرند] الا ما شاء الله كما يأتى فى سورة الزمر ان شاء الله تعالى واعلم ان الموت يدرك الإنسان سريعا والإنسان لا يدرك كل الأماني فعلى العبد ان يتدارك الحال بقصر الآمال:
قال الشيخ سعدى قدس سره
تو غافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد پايمال
غبار هوى چشم عقلت بدوخت ... شموس هوس كشت عمرت بسوخت
خبر دارى اى استخوان قفس ... كه جان تو مرغيست نامش نفس
چومرغ از قفس رفت وبگسست قيد ... دكر ره نكردد بسعى تو صيد
نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى پيش دانا به از عالميست
سكندر كه بر عالمى حكم داشت ... در ان دم كه بگذشت عالم كذاشت
ميسر نبودش كزو عالمى ... ستانند ومهلت دهندش دمى
دل اندر دلارام دنيا مبند ... كه ننشست با كس كه دل بر نكند
سر از جيب غفلت برآور كنون ... كه فردا نمانى بحسرت نكون
طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى برانگيز وعذرى بكوى
كه يك لحظه صورت نبندد أمان ... چو پيمانه پر شد بدور زمان
دعا عمرو بن العاص رضى الله عنه حين احتضاره بالغل والقيد فلبسهما ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ان التوبة مبسوطة ما لم يغر غر ابن آدم بنفسه) ثم استقبل القبلة فقال اللهم امرتنا فعصينا ونهيتنا فارتكبنا هذا مقام العائذ بك فان تعف فاهل العفو أنت وان تعاقب فيما قدمت يداى سبحانك لا اله الا أنت انى كنت من الظالمين فمات وهو مغلول مقيد فبلغ الحسن بن على رضى الله عنهما فقال استسلم الشيخ حين أيقن بالموت ولعله ينفعه ومن السنة حسن الوصية عند الموت وان كان الذي يوصى عند الموت كالذى يقسم ماله عند الشبع. ومن مات بغير وصية لم يؤذن له فى الكلام بالبرزخ الى يوم القيامة ويتزاور الأموات ويتحدثون وهو ساكت فيقولون انه مات من غير وصية فيوصى بثلث ماله وعن ابن عباس رضى الله عنهما الضرار فى الوصية من الكبائر ويوصى بإرضاء خصومه وقضاء ديونه وفدية صلاته وصيامه جعلنا الله وإياكم من المتداركين لحالهم والمتفكرين فى مآلهم والمكثرين من صالحات الأعمال والمنتقلين من الدنيا على اللطف والجمال وَنُفِخَ فِي الصُّورِ اى ينفخ(7/410)
قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)
فى الصور وصيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع والنفخ نفخ الريح فى الشيء: وبالفارسية [در دميد] والجمهور على اسكان واو الصور وفيه وجهان أحدهما انه القرن الذي ينفخ فيه اسرافيل عليه السلام وفيه بعدد كل روح ثقبة هى مقامه فالمعنى ونفخ فى القرن نفخا هو سبب لحياة الموتى. والثاني جمع صورة كصوف جمع صوفة ويؤيد هذا الوجه قراءة بعض القراء ونفخ فى الصور بفتح الواو فالمعنى ونفخ فى الصور الأرواح وذلك ايضا بنفخ القرن والمراد النفخة الثانية التي يحيى الله بها كل ميت لا النفخة الاولى التي يميت الله بها كل حى وبينهما أربعون سنة تبقى الأرض على حالها مستريحة بعد ما مر بها من الأهوال العظام والزلازل وتمطر سماؤها وتجرى مياهها وتطعم أشجارها ولا حى على ظهرها من المخلوقات فاذا مضى بين النفختين أربعون عاما أمطر الله من تحت العرش ماء غليظا كمنى الرجال يقال له ماء الحيوان فتنبت أجسامهم كما ينبت البقل وتأكل الأرض ابن آدم الأعجب الذنب فانه يبقى مثل عين الجرادة لا يدركه الطرف فينشأ الخلق من ذلك وتركب عليه اجزاؤه كالهباء فى شعاع الشمس فاذا تكاملت الأجساد يحيى الله تعالى اسرافيل فينفخ فى الصور فيطير كل روح الى جسده ثم ينشق عنه القبر فَإِذا هُمْ بغتة من غير لبث اى الكفار كما دل عليه ما بعد الآية مِنَ الْأَجْداثِ اى القبور جمع جدث محركة وهو القبر كما فى القاموس فان قيل اين يكون فى ذلك الوقت أجداث وقد زلزلت الصيحة الجبال أجيب بان الله يجمع اجزاء كل ميت فى الموضع الذي أقبر فيه فيخرج من ذلك الموضع وهو جدثه إِلى رَبِّهِمْ اى الى دعوة ربهم ومالك أمرهم على الإطلاق وهى دعوة اسرافيل للمنشور او الى موقف ربهم الذي أعد للحساب والجزاء وقد صح ان بيت المقدس هى ارض المحشر والمنشر وكل من الجارين متعلق بقوله يَنْسِلُونَ كما دل عليه قوله (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً) اى يسرعون بطريق الإجبار دون الاختيار لقوله تعالى (لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) من نسل الثعلب ينسل اسرع فى عدوه والمصدر نسل ونسلان وإذا المفاجأة بعد قوله (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) اشارة الى كمال قدرته تعالى والى ان مراده لا يتخلف عن إرادته زمانا حيث حكم بان النسلان وهو سرعة المشي وشدة العدو يتحقق فى وقت النفخ لا يتخلف عنه مع ان النسلان لا يكون الا بعد مراتب وهى جمع الاجزاء المتفرقة والعظام المتفتتة وتركيبها واحياؤها وقيام الحي ثم نسلانه فان قيل قال تعالى فى آية اخرى (فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) وقال هاهنا (فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) والقيام غير النسلان وقد صدر كل واحد منهما فى موضعه بإذا المفاجأة فيلزم ان يكونا معا والجواب من وجهين. الاول ان القيام لا ينافى المشي السريع لان الماشي قائم ولا ينافى النظر ايضا. والثاني ان الأمور المتعاقبة التي لا يتخلل بينها زمان ومهلة تجعل كأنها واقعة فى زمان واحد كما إذا قيل مقبل مدبر قالُوا اى الكفار فى ابتداء بعثهم من القبور منادين لويلهم وهلاكهم من شدة ما غشيهم من امر القيامة يا وَيْلَنا احضر فهذا أوانك ووقت مجيئك وقال الكاشفى [اى واى بر ما] فويل منادى أضيف الى ضمير المتكلمين وهو كلمة عذاب وبلاء كما ان ويح كلمة رحمة مَنْ استفهام بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا كان حفص يقف على مرقدنا وقفة لطيفة دون قطع نفس(7/411)
إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53)
لئلا يتوهم ان اسم الاشارة صفة لمرقدنا ثم يبتدئ هذا ما وعد الرحمن على انها جملة مستأنفة ويقال لهذه الوقفة وقفة السكت وهى قطع الصوت مقدارا اخصر من زمان النفس. والبعث [برانگيختن] والمرقد اما مصدر اى من رقادنا وهو النوم او اسم مكان أريد به الجنس فينتظم مراقد الكل اى من مكاننا الذي كنا فيه راقديين: وبالفارسية [كه برانگيخته يعنى بيدار كرد ما را ز خوابكاه ما] فان كان مصدرا تكون الاستعارة الاصلية تصريحية فالمستعار منه الرقاد والمستعار له الموت والجامع عدم ظهور الفعل والكل عقلى وان كان اسم مكان تكون الاستعارة تبعية فيعتبر التشبيه فى المصدر لان المقصود بالنظر فى اسم المكان وسائر المشتقات انما هو المعنى القائم بالذات وهو الرقاد هاهنا لا نفس الذات وهى هاهنا القبر الذي ينام فيه واعتبار التشبيه فى المقصود الأهم اولى قال فى الاسئلة المقحمة ان قيل اخبر الكفار بانهم كانوا فى القبر قبل البعث فى حال الرقاد وهذا يرد عذاب القبر قلت انهم لاختلاط عقولهم يظنون انهم كانوا نياما او ان الله تعالى يرفع عنه العذاب بين النفختين فكأنهم يرقدون فى قبورهم كالمريض يجد خفة ما فينسلخ عن الحس بالمنام فاذا بعثوا بعد النفخة الآخرة وعاينوا القيامة دعوا بالويل ويؤيد هذا الجواب قوله عليه السلام (بين النفختين أربعون سنة وليس بينهما قضاء ولا رحمة ولا عذاب الا ما شاء ربك) او ان الكفار إذا عاينوا جهنم وانواع عذابها وافتضحوا على رؤس الاشهاد وصار عذاب القبر فى جنبها كالنوم قالوا من بعثنا من مرقدنا وذلك ان عذاب القبر روحانى فقط وقول الامام الأعظم رحمه الله ان سؤال القبر للروح والجسد معا أراد به بيان شدة تعلق أحدهما بالآخر كارواح الشهداء ولذا عدوا احياء واما عذاب يوم القيامة فجسدانى وروحانى وهو أشد من الروحاني فقط هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ جملة من مبتدأ وخبر وما موصولة والعائد محذوف اى هذا البعث هو الذي وعده الرحمن فى الدنيا وأنتم قلتم متى هذا الوعد إنكارا وصدق فيه المرسلون بانه حق وهو جواب من قبل الملائكة او المؤمنين عدل به عن سنن سؤال الكفار تذكيرا لكفرهم وتقريعا لهم عليه وتنبيها على ان الذي يهمهم هو السؤال عن نفس البعث ماذا هو دون الباعث كأنهم قالوا بعثكم الرحمن الذي وعدكم ذلك فى كتبه وأرسل إليكم الرسل فصدقوكم فيه وليس بالبعث الذي تتوهمونه وهو بعث النائم من مقده حتى تسألوا عن الباعث وانما هذا البعث الأكبر ذو الافزاع والأهوال إِنْ كانَتْ اى ما كانت النفخة الثانية المذكورة إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً حصلت من نفخ اسرافيل فى الصور وقيل صيحة البعث هو قول اسرافيل على صخرة بيت المقدس أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة والأعضاء المتمزقة والشعور المنتشرة ان الله المصور الخالق يأمركنّ ان تجتمعن لفصل القضاء فاجتمعوا وهلموا الى العرض والى جبار الجبابرة يقول الفقير الظاهر ان هذا ليس غير النفخ فى الحقيقة فيجوز ان يكون المراد من أحدهما المراد من الآخر او ان يقال ذلك أثناء النفخ بحيث يحصل هو والنفخ معا إذ ليس من ضرورة التكلم على الوجه المعتاد حتى يحصل التنافي بينهما فَإِذا هُمْ بغتة من غير لبث ما طرفة عين وهم مبتدأ خبره قوله جَمِيعٌ(7/412)
فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (54) إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55)
اى مجموع وقوله لَدَيْنا اى عندنا متعلق بقوله مُحْضَرُونَ للفصل والحساب وفيه من تهوين امر البعث والحشر والإيذان باستغنائهما عن الأسباب ما لا يخفى كما هو عسير على الخلق يسير على الله تعالى لعدم احتياجه الى مزاولة الأسباب ومعالجة الآلات كالخلق وانما امره إذا أراد شيأ ان يقول له كن فيكون وفى الآية اشارة الى الحشر المعنوي الحاصل لاهل السلوك فى الدنيا وذلك ان العالم الكبير صورة الإنسان وتفصيله فكما انه تتلاشى اجزاؤه وقت قيام الساعة بالنفخ الاول ثم تجتمع بالنفخ الثاني فيحصل الوجود بعد العدم كذلك الإنسان العاشق يتفرق انياته ويتقطع تعيناته وقت حصوله العشق بالجذبة القوية الالهية ثم يظهر ظهورا آخر فيحصل البقاء بعد الفناء فاذا وصل الى هذه المرتبة يكون هو اسرافيل وقته كما جاء فى المثنوى
هين كه اسرافيل وقتند أوليا ... مرده را ز ايشان حياتست ونما
جان هر يك مرده از كور تن ... بر جهد ز آوازشان اندر كفن
فالرقاد هو غفلة الروح فى جدث البدن ولا يبعثه فى الحقيقة غير فضل الله تعالى وكرمه ولا يفنيه عنه الا تجلى من جلاله والأنبياء والأولياء عليهم السلام وسائط بين الله تعالى وبين ارباب الاستعداد فمن ليس له قابلية الحياة لا ينفعه النفخ
همه فيلسوفان يونان وروم ... ندانند كرد انكبين از زقوم
ز وحشي نيايد كه مردم شود ... بسعى اندر وتربيت كم شود
بكوشش نرويد كل از شاخ بيد ... نه زنكى بگرمابه كردد سفيد
نسأل الله المحسان كثير الإحسان فَالْيَوْمَ اى فيقال للكفار حين يرون العذاب المعد لهم اليوم اى يوم القيامة وهو منصوب بقوله لا تُظْلَمُ نَفْسٌ من النفوس برة كانت او فاجرة والنفس الذات والروح ايضا شَيْئاً نصب على المصدرية اى شيأ من الظلم بنقص الثواب وزيادة العقاب وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى الاجزاء ما كنتم تعملونه فى الدنيا على الاستمرار من الكفر والمعاصي والأوزار ايها الكفار على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه للتنبيه على قوة التلازم والارتباط بينهما كأنهما شىء واحد او الا بما كنتم تعملونه اى بمقابلة او بسببه فقوله لا تُظْلَمُ نَفْسٌ ليأمن المؤمن وقوله وَلا تُجْزَوْنَ إلخ لييأس الكافر فان قلت ما الفائدة فى إيثار طريق الخطاب عند الاشارة الى يأس المجرم والعدول عن الخطاب عند الاشارة الى أمان المؤمن فالجواب ان قوله (لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) يفيد العموم وهو المقصود فى هذا المقام فانه تعالى لا يظلم أحدا مؤمنا كان او مجرما واما قوله (لا تُجْزَوْنَ) فانه يختص بالكافر فانه تعالى يجزى المؤمن بما لم يعمله من جهة الوراثة وجهة الاختصاص الإلهي فانه تعالى يختص برحمته من يشاء من المؤمنين بعد جزاء أعمالهم فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله أضعافا مضاعفة
فضل او بى نهايت و پايان ... لطف او از تصورت بيرون
فيض او هم سعد آرا مبذول ... اجر او ميشده غير ممنون
إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ إلخ من جملة ما سيقال لهم يومئذ زياده لحسرتهم وندامتهم فان الاخبار(7/413)
بحسن حال أعدائهم اثر بيان سوء حالهم مما يزيدهم مساءة على مساءة الْيَوْمَ اى يوم القيامة مستقرون فِي شُغُلٍ قال فى المفردات الشغل بضم الغين وسكونها العارض الذي يذهل الإنسان وفى الإرشاد والشغل هو الشان الذي يصد المرء ويشغله عما سواه من شؤونه لكونه أهم عنده من الكل اما لا يجابه كمال المسرة والبهجة او كمال المساءة والغم والمراد هنا هو الاول والتنوين للتفخيم اى فى شغل عظيم الشان فاكِهُونَ خبر آخر لان من الفكاهة بفتح الفاء وهى طيب العيش والنشاط بالتنعم واما الفكاهة بالضم فالمزاح والشطارة اى حديث ذوى الانس ومنه قول على رضى الله عنه لا بأس بفكاهة يخرج بها الإنسان من حد العبوس والمعنى متنعمون بنعيم مقيم فائزون بملك كبير. ويجوز ان يكون فاكهون هو الخبر وفى شغل متعلق به ظرف لغوله اى متلذذون فى شغل فشغلهم شغل التلذذ لا شغل فيه تعب كشغل اهل الدنيا. والتعبير عن حالهم هذه بالجملة الاسمية قبل تحققها تنزيل للمترقب المتوقع منزلة الواقع للايذان بغاية سرعة تحققها ووقوعها ولزيادة مساءة المخاطبين بذلك وهم الكفار ثم ان الشغل فسر على وجوه بحسب اقتضاء مقام البيان ذلك منها افتضاض الابكار وفى الحديث (ان الرجل ليعطى قوة مائة رجل فى الاكل والشرب والجماع) فقال رجل من اهل الكتاب ان الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة فقال عليه السلام (يفيض من جسد أحدهم عرق مثل المسك الأذفر فيضمر بذلك بطنه) وفى الحديث (ان أحدهم ليفتض فى الغداة الواحدة مائة عذراء) قال عكرمة فتكون الشهوة فى أخراهن كالشهوة فى اولاهن وكلما افتضها رجعت على حالها عذراء ولا تجد وجمع الافتضاض أصلا كما فى الدنيا وجاء رجل فقال يا رسول الله أنفضي الى نسائنا فى الجنة كما نفضى إليهن فى الدنيا قال (والذى نفسى بيده ان المؤمن ليفضى فى اليوم الواحد الى الف عذراء) [عبد الله بن وهب كفت كه در جنت غرفه ايست كه ويرا عاليه كفته مى شود در وى حوريست ويرا غنچهـ كفته مى شود هر كاه كه دوست خداى بوى آيد آيد بوى جبرائيل اذن دهد ويرا پس برخيزد بر اطرافش با وى چهار هزار كنيزك باشد كه جمع كنند دامنهاى وى وكيسوهاى ويرا بخور كنند از براى وى بمجمرهاى بي آتش. كفته اند در صحبت بهشتيان منى ومذى وفضولات نباشد چنانكه در دنيا بلى لذت صحبت آن باشد كه زير هر تار موى يك قطره عرق بيايد كه رنكش رنك عرق بود وبويش بوى مشك] وفى الفتوحات المكية ولذة الجماع هناك تضاعف على لذة جماع اهل الدنيا أضعافا مضاعفة فيجد كل من الرجل والمرأة لذة لا يقدر قدرها لو وجداها فى الدنيا غشى عليهما من شدة حلاوتها لكن تلك اللذة انما تكون بخروج ريح إذ لا منى هناك كالدنيا كما صرحت به الأحاديث فيخرج من كل من الزوجين ريح كرائحة المسك وليس لاهل الجنة ادبار مطلقا لان الدبر انما خلق فى الدنيا مخرجا للغائط ولا غائط هناك ولولا ان ذكر الرجل او فرج المرأة يحتاج اليه فى جماعهم لما كان وجد فى الجنة فرج لعدم البول فيها ونعيم اهل الجنة مطلق والراحة فيها مطلقة الاراحة النوم فليس عندهم من نعيم راحته شىء لانهم لا ينامون ولا يعرف شىء الا بصده ومنها سماع الأصوات الطيبة والنغمات اللذيذة [چون بنده مؤمن در بهشت آرزوى سماع(7/414)
كند رب العزت اسرافيل را بفرستد تا بر جانب راست وى بايستد وقرآن خواندن كيرد داود بر چپ بايستد زبور خواندن كيرد بندد سماع همى كند تا وقت وى خوش كردد وجان وى در شهود جانان مستغرق رب العزت در آن دم پرده جلال بردارد ديدار بنمايد بنده بجام شراب طهور بنوازد طه ويس خواندن كيرد جان بنده آنكه بحقيقت در سماع آيد] ثم انه ليس فى الجنة سماع المزامير والأوتار بل سماع القرآن وسماع أصوات الابكار المغنية والأوراق والأشجار ونحو ذلك كما سبق بعض ما يتعلق بهذا المقام فى أوائل سورة الروم واواخر الفرقان قال بعض العلماء السماع محرك للقلب مهيج لما هو الغالب عليه فان كان الغالب عليه الشهوة والهوى كان حراما والا فلا قال
بعض الكبار إذا كان الذكر بنغمة لذيذة فله فى النفس اثر كما للصورة الحسنة فى النظر ولكن السماع لا يتقيد بالنغمات المعروفة فى العرف إذ فى ذلك الجهل الصرف فان الكون كله سماع عند صاحب الاستماع فالمنتهى غنى عن تغنى اهل العرف فان محركه فى باطنه وسماعه لا يحتاج الى الأمر العارض الخارج المقيد الزائد ومنها التزاور: يعنى [شغل ايشان در بهشت زيارت يكديكرست اين بزيارت آن ميرود وآن بزيارت اين مى آيد وقتى پيغمبران بزيارت صديقان وأوليا وعلما روند وقتى صديقان وأوليا وعلما بزيارت پيغمبران روند وقتى همه بهم جمع شوند بزيارت دركاه عزت وحضرت الهيت روند] وفى الحديث (ان اهل الجنة يزورون ربهم فى كل يوم جمعة فى رحال الكافور وأقربهم منه مجلسا اسرعهم اليه يوم الجمعة وابكرهم غدوا) قال بعض الكبار ان اهل النار يتزاورون لكن على حالة مخصوصة وهى ان لا يتزاور الا اهل كل طبقة مع اهل طبقته كالمحرور يزور المحرورين والمقرور يزور المقرورين فلا يزور المقرور محرورا وعكسه بخلاف اهل الجنة للاطلاق والسراح الذي لاهلها المشاكل للنعيم ضد ما لاهل النار من الضيق والتقييد ومنها ضيافة الله تعالى [خدايرا عز وجل دو ضيافت است مر بندگانرا يكى اندر ربض بهشت بيرون بهشت ويكى اندر بهشت ولكن آن ضيافت كه در بهشت است متكرر ميشود چنانكه] رؤيت وما ظنك بشغل من سعد بضيافة الله والنظر الى وجهه وفى الحديث (إذا نظروا الى الله نسوا نعيم الجنة) ومنها شغلهم عما فيه اهل النار على الإطلاق وشغلهم عن أهاليهم فى النار لا يهمهم ولا يبالون بهم ولا يذكرونهم كيلا يدخل عليهم تنغيص فى نعيمهم: يعنى [بهشتيانرا چندان ناز ونعيم بود كه ايشانرا پرواى اهل دوزخ نبود به خبر ايشان پرسند نه پرواى ايشان دارند كه نام ايشان برند] وذلك لان الله تعالى ينسيهم ويخرجهم من خاطرهم إذ لو خطر ذكرهم بالبال تنغص عيش الوقت [وكفته اند شغل بهشتيان ده چيز است ملكى كه در وعزل نه. جوانى كه با او پيرى نه صحتى بر دوام كه با او بيمارى نه. عزى پيوسته كه با او ذل نه. راحتى كه با او شدت نه. نعمتى كه با او محنت نه بقائي كه با او فنا نه، حياتى كه با او مرك نه. رضايى كه با او سخط نه. انسى كه با او وحشت نه] والظاهر ان المراد بالشغل ما هم فيه من فنون الملاذ التي تلهيهم عما عداها بالكلية أي شغل كان وفى الآية اشارة الى ان اهل النار لا نعم لهم من الطعام والشراب والنكاح وغيرها لان النعيم من تجلى الصفات الجمالية وهم ليسوا من اهله لان حالهم القهر والجلال(7/415)
هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)
غير ان بعض الكبار قال اما اهل النار فينامون فى اوقات ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك هو القدر الذي ينالهم من النعيم فنسأل الله العافية انتهى وهذا كلام من طريق الكشف وليس ببعيد إذ قد ثبت فى تذكرة القرطبي ان بعض العصاة ينامون فى النار الى وقت خروجهم منها ويكون عذابهم نفس دخولهم فى النار فانه عار عظيم وذل كبير ألا يرى ان من حبس فى السجن كان هو عذابا له بالنسبة الى مرتبته وان لم يعذب بالضرب والقيد ونحوهما ثم انا نقول والعلم عند الله تعالى [ودر بحر الحقائق كويد مراد از اصحاب جنت طالبان بهشت اند كه مقصد ايشان نعيم جنات بود حق سبحانه وتعالى ايشانرا بتنعم مشغول كرداند وآن حال اگر چهـ نسبت با دوزخيان از جلائل احوال است نسبت با طالبان حق بغايت فرو مى نمايد واينجا سر «اكثر اهل الجنة البله» پى توان برد] وعن بعض ارباب النظر انه كان واقفا على باب الجامع يوم الجمعة والخلق قد فرغوا من الصلاة وهم يخرجون من الجامع قال هؤلاء حشو الجنة وللمجالسة أقوام آخرون وقد قرئ عند الشبلي رحمه الله قوله تعالى (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ) إلخ فشهق شهقة وغاب فلما أفاق قال مساكين لو علموا انهم عما شغلوا لهلكوا: يعنى [بيچارگان اگر دانند كه از كه مشغول شده اند فى الحال در ورطه هلاك مى افتند ودر كشف الاسرار از شيخ الإسلام الأنصاري نقل ميكند كه مشغول نعمت بهشت از ان عامه مؤمنانست اما مقربان حضرت از مطالعه شهود وملاحظه نور وجود يك لحظه با نعيم بهشت نپردازند] قال على رضى الله عنه لو حجبت عنه ساعة لمت
روزيكه مرا وصل تو در چنك آيد ... از حال بهشتيان مرا ننك آيد
وربى تو بصحراى بهشتم خوانند ... صحراى بهشت بر دلم تنك آيد
وفى التأويلات النجمية ان الله تعالى عبادا استخصهم للتخلق بأخلاقه فى سر قوله (كنت سمعه وبصره فى يسمع وبي يبصر) فلا يشغلهم شأن اشتغالهم بأبدانهم مع أهلهم عن شأن شهود مولاهم فى الجنة كما انهم اليوم مستديمون لمعرفته بأى حال من حالاتهم ولا يقدح اشتغالهم باستيفاء حظوظهم من معارفهم فعلى العاقل ان يكون فى شغل الطاعات والعبادات لكن لا يحتجب به عن المكاشفات والمعاينات فيكون له شغلان شغل الظاهر وهو من ظاهر الجنة وشغل الباطن وهو من باطنها فمن طلبه تعالى لم يضره ان يطلب منه لان عدم الطلب مكابرة له فى ربوبيته ومن طلب منه فقط لم ينل لقاءه قال يحيى بن معاذ رضى الله عنه رأيت رب العزة فى منامى فقال لى يا معاذ كل الناس يطلبون منى الا أبا يزيد فانه يطلبنى واعلم ان كل مطلوب يوجد فى الآخرة فهو ثمرة بذر طلبه فى الدنيا سواء تعلق بالجنة او بالحق كما قال عليه السلام (يموت المرء على ما عاش فيه ويحشر على ما مات عليه) هُمْ إلخ استئناف مسوق لبيان كيفية شغلهم وتفكههم وتكميلها بما يزيدهم بهجة وسرورا من شركة أزواجهم لهم فيما هم فيه من الشغل والفكاهة وهم مبتدأ والضمير لاصحاب الجنة وَأَزْواجُهُمْ عطف عليه والمراد نساؤهم اللاتي كن لهم فى الدنيا او الحور العين او اخلاؤهم كما فى قوله تعالى (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) ويجوز ان يكون الكل مرادا فقوله وأزواجهم(7/416)
اشارة الى عدم الوحشة لان المنفرد يتوحش إذا لم يكن له جليس من معارفه وان كان فى أقصى المراتب ألا ترى انه عليه السلام لحقته الوحشة ليلة المعراج حين فارق جبريل فى مقامه فسمع صوتا يشابه صوت ابى بكر رضى الله عنه فزالت عنه تلك الوحشة لانه كان يأنس به وكان جليسه فى عامة الأوقات ولامر ما نهى النبي عليه السلام عن ان يبيت الرجل منفردا فى بيت فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ قوله متكئون خبر المبتدأ والجاران صلتان له قدمتا عليه لمراعاة الفواصل ويجوز ان يكون فى ظلال خبرا ومتكئون على الأرائك خبرا ثانيا. والظلال جمع ظل كشعاب جمع شعب والظل ضد الضح بالفارسية [سايه] او جمع ظلة كقباب جمع قبة وهى الستر الذي يسترك من الشمس. والأرائك جمع اريكة وهى كسفينة سرير فى حجلة وهى محركة موضع يزين بالثياب والستور للعروس كما فى القاموس قال فى المختار الاريكة سرير متخذ مزين فى قبة او بيت فاذا لم يكن فيه سرير فهو حجلة اى لا اريكة وتسميتها بالاريكة اما لكونها فى الأصل متخذة من الأراك وهو شجر يتخذ منه المسواك او لكونها مكانا للاقامة فان اصل الاروك الاقامة على رعى الأراك ثم تجوز به فى سائر الاقامات. والاتكاء الاعتماد بالفارسية [تكيه زدن] اى معتمدون فى ظلال على السرر فى الحجال والاتكاء على السرر دليل التنعم والفراغ قال فى كشف الاسرار [معنى آنست كه ايشان وجفتان ايشان زير سايهااند بناها وخيمها كه از براى ايشان ساخته اند خيمهاست از مرواريد سفيد چهار فرسنك در چهار فرسنك آن خيمه زده شصت ميل ارتفاع آن ودران خيمه سريرها وتختها نهاده هر تختي سيصد كزار ارتفاع آن بهشتى چون خواهد كه بر ان تخت شود تخت بزمين پهن باز شود تا بهشتى آسان بى رنج بر ان تخت شود] فان قيل كيف يكون اهل الجنة فى ظلال والظل انما يكون حيث تكون الشمس وهم لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا أجيب بان المراد من الظل ظل أشجار الجنة من نور العرش لئلا يبهر أبصار اهل الجنة فانه أعظم من نور الشمس وقيل من نور قناديل العرش كذا فى حواشى ابن الشيخ وقال فى المفردات ويعبر بالظل عن العز والمنعة وعن الرفاهة قال تعالى (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ) اى فى عزة ومنعة وأظلني فلان اى حرسنى وجعلنى فى ظله اى فى عزه ومنعته وندخلهم ظلا ظليلا كناية عن نضارة العيش انتهى وقال الامام فى سورة النساء ان بلاد العرب كانت فى غاية الحرارة فكان الظل عندهم من أعظم اسباب الراحة وهذا المعنى جعلوه كناية عن الراحة قال عليه السلام (السلطان ظل الله فى الأرض) وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى يقول لاقوام فارغين عن الالتفات
الى الكونين مراقبين للمشاهدات ان اصحاب الجنة اليوم فى شغل فاكهون هم وأزواجهم اى اشكالهم فارغبوا أنتم الىّ واشتغلوا بي وتنعموا بنعيم وصالى وتلذذوا بمشاهدة جمالى فانه لا لذة فوقها رزقنا الله وإياكم ذلك: قال الحافظ
صحبت حور نخواهم كه بود عين قصور ... با خيال تو اگر با دگرى پردازم
وقال ايضا نعيم اهل جهان پيش عاشقان يك جو(7/417)
لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)
لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ إلخ بيان لما يتمتعون به فى الجنة من المآكل والمشارب ويتلذذون به من الملاذ الجسمانية والروحانية بعد بيان ما لهم فيها من مجالس الانس ومحافل القدس تكميلا لبيان كيفية ما هم فيه من الشغل والبهجة والفاكهة الثمار كلها والمعنى لهم فى الجنة غاية مناهم فاكهة كثيرة من كل نوع من انواع الفواكه عظيمة لا توصف جمالا وبهجة وكمالا ولذة كما روى ان الرمانة منها تشبع السكن وهو اهل الدار والتفاحة تنفتق عن حوراء عيناء وكل ما هو من نعيم الجنة فانما يشارك نعيم الدنيا فى الاسم دون الصفة وفيه اشارة الى ان لا جوع فى الجنة لان التفكه لا يكون لدفع ألم الجوع وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ الجملة معطوفة على الجملة السابقة وعدم الاكتفاء بعطف ما يدعون على فاكهة لئلا يتوهم كون ما عبارة عن توابع الفاكهة وتتماتها وما عبارة عن مدعو عظيم الشان معين او مبهم. ويدعون أصله يدتعيون على وزن يفتعلون من الدعاء لا من الادّعاء بمعنى الإتيان بالدعوى: وبالفارسيه [دعوى كردن بر كسى] فبناء افتعل الشيء فعله لنفسه وإعلاله انه استثقلت الضمة على الياء فنقلت الى ما قبلها فحذفت لاجتماع الساكنين فصار يدتعون ثم أبدلت التاء دالا فادغمت الدال فى الدال فصار يدعون والمعنى ولهم ما يدعون الله به لانفسهم من مدعو عظيم الشان او كل ما يدعون به كائنا ما كان من اسباب البهجة وموجبات السرور قال ابن الشيخ اى ما يصح ان يطلب فهو حاصل لهم قبل الطلب كما قال الامام ليس معناه انهم يدعون لانفسهم شيأ فيستجاب لهم بعد الطلب بل معناه لهم ذلك فلا حاجة الى الدعاء كما إذا سألك أحد شيأ فقلت لك ذلك وان لم تطلبه ويجيئ الادعاء بمعنى التمني كما قال فى تاج المصادر [الادعاء: آرزو خواستن] من قولهم ادع على ما شئت بمعنى تمنه علىّ فالمعنى ولهم ما يتمنونه: وبالفارسية [ومر ايشانرا آنچهـ خواهند وآرزو برند وابن عباس رضى الله عنهما كفت كه بهشتى از أطعمه واشربه بي آنكه بزبان آرد پيش خود حاضر بيند] سَلامٌ بدل من ما يدعون كأنه قيل ولهم سلام وتحية يقال لهم قَوْلًا كائنا مِنْ جهة رَبٍّ رَحِيمٍ اى يسلم عليهم من جهته تعالى بواسطة الملك او بدونها مبالغة فى تعظيمهم فقولا مصدر مؤكد لفعل هو صفة لسلام وما بعده من الجار متعلق بمضمر هو صفة له والاوجه ان ينتصب قولا على الاختصاص اى بتقدير اعنى فان المقام مقام المدح من حيث ان هذا القول صادر من رب رحيم فكان جديرا بان يعظم امره وفى الحديث (بينا اهل الجنة فى نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤسهم فاذا الرب تعالى قد اشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا اهل الجنة فذلك قوله سلام قولا من رب رحيم فينظر إليهم وينظرون اليه فلا يلتفتون الى شىء من النعيم ما داموا ينظرون اليه حتى يحتجب عنهم فيبقى نوره وبركته عليهم فى ديارهم)
سلام دوست شنيدن سعادتست وسلامت ... بوصل يار رسيدن فضيلتست وكرامت
قال فى كشف الاسرار [معنى سلام آنست كه سلمت عبادى من الحرقة والفرقة واشارت رحمت درين موضع آنست كه ايشانرا برحمت خويش قوت وطاقت دهد تا بي واسطه كلام حق بشنوند وديدار وى بينند وايشانرا دهشت وحيرت نبود] وفى التأويلات النجمية(7/418)
وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)
يشير الى ان سلامه تبارك وتعالى كان قولا منه بلا واسطة وأكده بقوله رب ليعلم انه ليس بسلام على لسان سفير وقوله رحيم فالرحمة فى تلك الحالة ان يرزقهم الرؤية حال ما يسلم عليهم ليكمل لهم النعمة وفى حقائق البقلى سلام الله ازلى الى الابد غير منقطع عن عباده الصادقين فى الدنيا والآخرة لكن فى الجنة يرفع عن آذانهم جميع الحجب فيسمعون سلامه وينظرون الى وجهه كفاحا.
سلامت من دلخسته در سلام تو باشد ... زهى سعادت اگر دولت سلام تو يابم
قال فى كشف الاسرار [سلام خداوند كريم بر بندگان ضعيف دو ضرب است يكى بسفير وواسطه ويكى بي سفير وبي واسطه اما آنچهـ بواسطه است أول سلام مصطفاست عليه السلام: وذلك فى قوله (إِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) اى محمد چون مؤمنان بر تو آيند ونواخت ما طلبند تو بنيابت ما بر ايشان سلام كن وبكوى (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) باز چون روزكار حيات بنده برسد وبريد مرك در رسد در ان دم زدن باز پسين ملك الموت را فرمان آيد كه تو بريد حضرت مايى بفرمان ما قبض روح بنده ميكنى نخست او را شربت شادى ده ومرهمى بر دل خسته بر وى نه بر وى سلام كن ونعمت بر وى تمام كن اينست كه رب العزت كفت (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً) آن فرشتكان ديكر كه أعوان ملك الموت اند چون آن نواخت وكرامت بينند همه كويند (سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) اى بنده مؤمن خوشدلى وديعت جان تسليم كردى نوشت باد وسلام ودرود مر ترا باد از سراى حكم قدم در ساخت بهشت نه كه كار كار تست ودولت دولت تو واز ان پس چون از حساب وكتاب ديوان قيامت فارغ شود بدر بهشت رسد ورضوان او را استقبال كند كويد (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) سلام ودرود بر شما خوش كشتيد و پاك آمديد و پاك زندكانى كرديد اكنون در رويد درين سراى جاودان وناز ونعيم بى كران واز ان پس كه در بهشت آيد بغرفه خويش آرام كيرد فرستادگان ملك آيند واو را مژده دهند وسلام رسانند وكويند (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) چون كوش بنده از شنيدن سلام واسطه پر شود واز درود فرشتگان پر شود آرزوى ديدار حق وسلام وكلام متكلم مطلق كند كويد بزبان افتقار در حالت انكسارى بساط انبساط كه. اى معدن ناز من اين نياز من تا كى. اى شغل جان من اين شغل جان من تا كى. اى همراز دل من اين انتظار دل من تا كى. اى ساقى سر من اين تشنكى من تا كى. اى مشهود جان من اين خبر پرسيدن من تا كى. خداوندا موجود دل عارفانى در ذكر يكانه آرزوى مشتاقانى در وجود يكانه هيچ روى آن دارد خداوندا كه ديدار بنمايى وخود سلام كنى برين بنده] فيتجلى الله عز وجل ويقول سلام عليكم يا اهل الجنة فذلك قوله (سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) قيل سبعة أشياء ثواب لسبعة اغضاء لليد (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً) للرجل (ادْخُلُوها بِسَلامٍ) للبطن (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) للعين (وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) للفرج (وَحُورٌ عِينٌ) للاذن (سَلامٌ قَوْلًا) للسان (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وَامْتازُوا يقال مازه عنه يميزه ميزا اى عزله(7/419)
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)
ونحاه فامتاز والتمييز الفصل بين المتشابهات ودل الامتياز على انه حين يحشر الناس يختلط المؤمن والكافر والمخلص والمنافق ثم يمتاز أحد الفريقين عن الآخر كقوله تعالى (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) وهو عطف قصة سوء حال هؤلاء وكيفية عقابهم على قصة حسن حال أولئك ووصف ثوابهم وكان تغيير السبك لتخييل كمال التباين بين الفريقين وحاليهما ويجوز ان يكون معطوفا على مضمر ينساق اليه حكاية حال اهل الجنة كأنه قيل بعد بيان كونهم فى شغل عظيم الشان وفوزهم بنعيم مقيم يقصر عنه البيان فليقروا بذلك عينا وامتازوا عنهم وانفردوا الْيَوْمَ وهو يوم القيامة والفصل والجزاء أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ الى مصيركم فكونوا فى السعير وفنون عذابها ولهبها بدل الجنة لهم وألوان نعمها وطربها: وبالفارسية [وجدا شويد آن روز اى مشركان از موحدان واى منافقان از مخلصان كه شما بزندان دشمنان مى رانند وايشانرا ببوستان دوستان خوانند] وعن قتادة اعتزلوا عما ترجون وعن كل خير او تفرقوا فى النار لكل كافر بيت من النار ينفرد به ويردم بابه بالنار فيكون فيه ابد الآبدين لا يرى ولا يرى وهو على خلاف ما للمؤمن من الاجتماع بالاخوان وعذاب الفرقة عن القرناء والاصحاب من أسوأ العذاب وأشد العقاب وفى التأويلات يشير الى امتياز المؤمن والكافر فى المحشر والمنشر بابيضاض وجه المؤمن واسوداد وجه الكافر وبايتاء كتاب المؤمن بيمينه وبايتاء كتاب الكافر بشماله وبثقل الميزان وبخفته وبالنور وبالظلمة وثبات القدم على الصراط وزلة القدم عن الصراط وغير ذلك قال بعض الكبار اعلم ان اهل النار الذين لا يخرجون منها اربع طوائف المتكبرون والمعطلة والمنافقون والمشركون ويجمعها كلها المجرمون قال تعالى (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) اى المستحقون لان يكونوا أهلا لسكنى النار فهؤلاء اربع طوائف هم الذي لا يخرجون من النار من انس وجن وانما جاء تقسيمهم الى اربع طوائف من غير زيادة لان الله تعالى ذكر عن إبليس انه يأتينا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ولا يدخل أحد النار الا بواسطته فهو يأتى للمشرك من بين يديه ويأتى للمتكبر عن يمينه ويأتى للمنافق عن شماله ويأتى للمعطل من خلفه وانما جاء للمشرك من بين يديه لان المشرك بين يديه جهة غيبية فاثبت وجود الله ولم يقدر على إنكاره فجعله إبليس يشرك بالله فى ألوهيته شيأ يراه ويشاهده وانما جاء للمتكبر من جهة اليمين لان اليمين محل القوة فلذلك تكبر لقوته التي أحس بها من نفسه وانما جاء للمنافق من جهة شماله الذي هو الجانب الأضعف لكون المنافق أضعف الطوائف كما ان الشمال أضعف من اليمين ولذلك كان فى الدرك الأسفل من النار ويعطى كتابه بشماله وانما جاء للمعطل من خلفه لان الخلف ما هو محل نظر فقال له ما ثم شىء فهذه اربع مراتب لاربع طوائف ولهم من كل باب من أبواب جهنم جزء مقسوم وهى منازل عذابهم فاذا ضربت الأربع التي هى المراتب فى السبعة أبواب كان الخارج ثمانية وعشرين منزلا عدد منازل القمر وغيره من الكواكب السيارة انتهى كلامه أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ إلخ من جملة ما يقال لهم يوم القيامة بطريق التقريع والإلزام والتبكيت بين الأمر بالامتياز وبين الأمر بدخول جهنم بقوله تعالى (اصْلَوْهَا الْيَوْمَ)(7/420)
وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)
إلخ والعهد والوصية التقدم بامر فيه خير ومنفعة والمراد هاهنا ما كلفهم الله تعالى على ألسنة الرسل من الأوامر والنواهي التي من جملتها قوله تعالى (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) وقوله تعالى (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) وغيرها من الآيات الكريمة الواردة فى هذا المعنى والمراد ببني آدم المجرمون: والمعنى بالفارسية [آيا عهد نكرده ام شما را يعنى عهد كردم وفرمودم شما را] أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ان مفسرة للعهد الذي فيه معنى القول بالأمر والنهى او مصدرية حذف منها الجار اى ألم اعهد إليكم فى ترك عبادة الشيطان والمراد بعبادة الشيطان عبادة غير الله لان الشيطان لا يعبده أحد ولم يرد عن أحد انه عبد الشيطان الا انه عبر عن عبادة غير الله بعبادة الشيطان لوقوعها بامر الشيطان وتزيينه والانقياد فيما سوّله ودعا اليه بوسوسته فسمى إطاعة الشيطان والانقياد له عبادة له تشبيها لها بالعبادة من حيث ان كل واحد منهما ينبئ عن التعظيم والإجلال ولزيادة التحذير والتنفير عنها ولوقوعها فى مقابلة عبادته تعالى قال ابن عباس رضى الله عنهما من أطاع شيأ عبده دل عليه (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) والمعنى بالفارسية [نپرستيد شيطانرا يعنى بتان بفرموده شيطان] إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ اى ظاهر العداوة لكم يريد ان يصدكم عما جبلتم عليه من الفطرة وكلفتم به من الخدمة وهو تعليل لوجوب الانتهاء عن المنهي عنه ووجه عداوة إبليس لبنى آدم انه تعالى لما أكرم آدم عليه السلام عاداه إبليس حسدا والعاقل لا يقبل من عدوه وان كان ما يلقاه اليه خيرا إذ لا أمن من مكره فان ضربة الناصح خير من تحية العدو قال الشيخ سعدى قدس سره [دشمن چون از همه حيلتى درماند سلسله دوستى بجنباند پس آنگاه بدوستى كارها كند كه هيچ دشمن نتواند كرد]
حذر كن ز آنچهـ دشمن كويد آن كن ... كه بر زانو زنى دست تغابن
كرت راهى نمايد راست چون تير ... از آن بر كرد وراه دست چپ كير
قال بعض الكبار اعلم ان عداوة إبليس لبنى آدم أشد من معاداته لابيهم آدم عليه السلام وذلك ان بنى آدم خلقوا من ماء والماء منافر للنار واما آدم فجمع بينه وبين إبليس اليبس الذي فى التراب فبين التراب والنار جامع ولهذا صدقه لما اقسم له بالله انه لناصح وما صدقه الأبناء لكونه لهم ضدا من جميع الوجوه فبهذا كانت عداوة الأبناء أشد من عداوة الأب ولما كان العدو محجوبا عن ادراك الابصار جعل الله لنا علامات فى القلب من طريق الشرع نعرفه بها تقوم لنا مقام البصر فنتحفظ بتلك العلامة من القائه واعانة الله عليه بالملك الذي جعله الله مقابلاله غيبا بغيب انتهى وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى كمال رأفته وغاية مكرمته فى حق بنى آدم إذ يعاتبهم معاتبة الحبيب للحبيب ومناصحة الصديق للصديق وانه تعالى يكرمهم ويجعلهم عن ان يعبدوا الشيطان لكمال رتبتهم واختصاص قربتهم بالحضرة وغاية ذلة الشيطان وطرده ولعنه من الحضرة وسماه عدوا لهم وله وسمى بنى آدم الأولياء والأحباب وخاطب المجرمين منهم كالمعتذر الناصح لهم ألم اعهد إليكم ألم انصح ألم أخبركم عن خباثة الشيطان وعداوته لكم وانكم أعز من ان تعبدوا مثله ملعونا مهينا وَأَنِ اعْبُدُونِي(7/421)
وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)
لان مثلكم يستحق لعبادة مثلى فانى انا العزيز الغفور وانى خلقتكم لنفسى وخلقت المخلوقات لاجلكم وعززتكم وأكرمتكم بان أسجدت لكم ملائكتى المقربين وعبادى المكرمين وهو عطف على ان لا تعبدوا وان فيه كما هى فيه اى وحدونى بالعبادة ولا تشركوا بها أحدا وتقديم النهى على الأمر لما ان حق التخلية التقدم على التحلية ولتصل به قوله تعالى هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ فانه اشارة الى عبادته تعالى التي هى عبارة عن التوحيد والإسلام وهو المشار اليه بقوله تعالى (هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ) والمقصود بقوله تعالى (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) والتنكير للتفخيم قال البقلى طلب الحق منهم ما خلق فى فطرتهم من استعداد قبول الطاعة اى اعبدوني بي لابكم فهذا صراط مستقيم حيث لا تنقطع العبودية عن العباد ابدا ولا يدخل فى هذا الصراط اعوجاج واضطراب أصلا وكل قول يقبل الاختلاف بين المسلمين الا قول «لا اله الا الله محمد رسول الله» فانه غير قابل للاختلاف فمعناه متحقق وان لم يتكلم به أحد قال الواسطي من عبد الله لنفسه فانما يعبد نفسه ومن عبده لاجله فانه لم يعرف ربه ومن عبده بمعنى ان العبودية جوهرة فطرة الربوبية فقد أصاب ومن علامات العبودية ترك الدعوى واحتمال البلوى وحب المولى وحفظ الحدود والوفاء بالعهود وترك الشكوى عند المحنة وترك المعصية عند النعمة وترك الغفلة عند الطاعة قال بعض الكبار لا يصح مع العبودية رياسة أصلا لانها ضد لها ولهذا قال المشايخ رضوان الله عليهم آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الجاه واعلم انه كم نصح الله ووعظ وانذر وحذر ووصل القول وذكر ولكن المجرمين لم يقبلوا النصح ولم يتعظوا بالوعظ ولم يعملوا بالأمر بل عملوا بامر الشيطان وقبلوا إغواءه إياهم فليرجع العاقل من طريق الحرب الى طريق الصلح: قال الشيخ سعدى قدس سره
نه إبليس در حق ما طعنه زد ... كز إينان نيايد بجز كار بد
فغان از بديها كه در نفس ماست ... كه ترسم شود ظن إبليس راست
چوملعون پسند آمدش قهر ما ... خدايش برانداخت از بهر ما
كجا بر سر آيم ازين عار وننك ... كه با او بصلحيم وبا حق بجنگ
نظر دوست تا در كند سوى تو ... كه در روى دشمن بود روى تو
ندانى كه كمتر نهد دوست پاى ... چوبيند كه دشمن بود در سراى
وقال ايضا من طريق الاشارة
نه ما را در ميان عهد ووفا بود ... جفا كردى وبد عهدى نمودى
هنوزت ار سر صلحست باز آي ... كزان محبوبتر باشى كه بودى
وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً جواب قسم محذوف والخطاب لبنى آدمه وفى الإرشاد الجملة استئناف مسوق لتشديد التوبيخ وتأكيد التقريع ببيان ان جناياتهم ليست بنقض العهد فقط بل به وبعدم الاتعاظ بما شاهدوا من العقوبات النازلة على الأمم الخالية بسبب طاعتهم للشيطان والخطاب لمتأخريهم الذين من جملتهم كفار مكة(7/422)
هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63)
خصوا بزيادة التوبيخ والتقريع لتضاعف جناياتهم والجبل بكسر الجيم وتشديد اللام الخلق اى المخلوق ولما تصور من الجبل العظم قيل للجماعة العظيمة جبل تشبيها بالجبل فى العظم واسناد الإضلال الى الشيطان مجاز والمراد سببيته كما فى قوله تعالى (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) والا فالهداية والإضلال والإرشاد والإغواء صفة الله تعالى فى الحقيقة بدليل قوله عليه السلام (بعثت داعيا ومبلغا وليس الىّ من الهدى شىء وخلق إبليس مزينا وليس اليه من الضلالة شىء) والمعنى وبالله لقد أضل الشيطان منكم خلقا كثيرا يعنى صار سببا لضلالهم عن ذلك الصراط المستقيم الذي أمرتكم بالثبات عليه فاصابهم لاجل ذلك ما أصابهم من العقوبات الهائلة التي ملأ الآفاق اخبارها وبقي مدى الدهر آثارها وقال بعضهم وكيف تعبدون الشيطان وتنقادون لامره مع انه قد أضل منكم يا بنى آدم جماعة متعددة من بنى نوعكم فانحرفوا بإضلاله عن سواء السبيل فحرموا من الجنة الموعودة لهم أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ الفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى أكنتم تشاهدون آثار عقوباتهم فلم تكونوا تعقلون انها لضلالهم وطاعتهم إبليس او فلم تكونوا تعقلون شيأ أصلا حتى ترتدعوا عما كانوا عليه كيلا يحيق بكم العقاب وقال الكاشفى [آيا نيستيد شما كه تعقل كنيد وخود را در دام فريب او بيفكنيد] وفى كشف الاسرار هو استفهام تقريع على تركهم الانتفاع بالعقل وفى الحديث (قسم الله العقل ثلاثة اجزاء فمن كانت فيه فهو العاقل حسن المعرفة بالله) اى الثقة بالله فى كل امر والتفويض اليه والائتمار له على نفسك وأحوالك والوقوف عند مشيئته لك فى كل امر دنيا وآخرة وحسن الطاعة لله وهو ان تطيعه فى كل أموره وحسن الصبر لله وهو ان تصبر فى النوائب صبرا لا يرى عليك فى الظاهر اثر النائبة كذا فى درر الأصول وفى التأويلات النجمية (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً) عن صراط مستقيم عبوديتى وأبعدكم عن جوارى وقربتى (أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) لتعلموا ان الرجوع الى الحق اولى من التمادي فى الباطل فلا تظلموا على أنفسكم وارجعوا الى ربكم واعلم ان العقل نور يستضاء به كما قال فى المثنوى
كر بصورت وا نمايد عقل رو ... تيره باشد روز پيش نور او «1»
ور مثال احمقى پيدا شود ... ظلمت شب پيش او روشن بود
اندك اندك خوى كن با نور روز ... ور نه خفاشىء بمانى بي فروز
عقل كل را كفت ما زاغ البصر ... عقل جزئى ميكند هر سو نظر «2»
ثم اعلم ان الجاهل الأحمق والضال المطلق فى يد الشيطان يقوده حيث يشاء ولو علم حقيقة الحال وعقل ان الله الملك المتعال واهتدى الى طريق التوحيد والطاعة لحفظه الله من تلك الساعة فان التوحيد حصنه الحصين ومن دخل فيه أمن من مكر العدو المهين ومن خرج عنه طالبا للنجاة أدركه الهلاك ومات فى يد الآفات ومن أهمل نفسه فلم يتحرك لشىء كان كمجنون لا يعرف شمسا من فىء فنسأل الله الاشتغال بطاعته واستيعاب الأوقات بعبادته وطرد الشيطان بانوار الخدمة وقهر النفس بانواع الهمة هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ ايها المرجون تُوعَدُونَ اى توعدونها على ألسنة الرسل فى الدنيا فى أزمنتها المتطاولة
__________
(1) در اواسط دفتر چهارم در بيان بيان رسول عليه السلام سبب تفضيل واختيار كردن او إلخ
(2) در اواسط دفتر چهارم در بيان آلوختن پيشه كوركنى قابيل إلخ(7/423)
اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)
بمقابلة عبادة الشيطان مثل قوله تعالى (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) وغير ذلك وهو استئناف يخاطبون به من خزنة جهنم بعد تمام التوبيخ والتقريع والإلزام والتبكيت عند اشرافهم على شفير جهنم اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ يقال صلى اللحم كرمى يصليه صليا شواه وألقاه فى النار وصلى النار قاسى حرها وأصله اصليوها فاعل كاحشيوا وهو امر تنكيل واهانة كقوله تعالى (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) والمعنى ادخلوها وقاسوا حرها وفنون عذابها اليوم بكفركم المستمر فى الدنيا وفى ذكر اليوم ما يوجب شدة ندامتهم وحسرتهم يعنى ان ايام لذاتكم قد مضت ومن هذا الوقت واليوم وقت عذابكم قال ابو هريرة رضى الله عنه أوقدت النار الف عام فابيضت ثم أوقدت الف عام فاحمرت ثم أوقدت الف عام فاسودت فهى سوداء كالليل المظلم وهى سجن الله تعالى لمجرمين قال النبي عليه السلام لجبرائيل (ما لى لم أر ميكائيل ضاحكا قط) قال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار قال بعضهم ذكر النار شديد فكيف القطيعة والفضيحة فيها ولذا ورد فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة وعن السرى السقطي رحمه الله اشتهى ان أموت ببلدة غير بغداد مخافة ان لا يقبلنى قبرى فافتضح عندهم وقال العطار رحمه الله لو ان نارا أوقدت فقيل من قبل الرحمن من القى نفسه فيها صار لاشيا لخشيت ان أموت من الفرح قبل ان اصل الى النار لخلاصى من العذاب الابدى فانظر الى انصاف هؤلاء السادات كيف أساءوا الظن بانفسهم مع انهم موحدون توحيدا حقيقيا عابدون عارفون وقد جعل دخول النار مسببا عن الكفر والشرك والأوزار
خدايا بعزت كه خوارم مكن ... بذل كنه شرمسارم مكن
مرا شرمسارى ز روى تو بس ... دكر شرمسارم مكن پيش كس
بلطفم بخوان يا بران از درم ... ندارد بجز آستانت سرم
بحقت كه چشمم ز باطل بدوز ... بنورت كه فردا بنازم مسوز
الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ الختم فى الأصل الطبع ثم استعير للمنع والأفواه جمع فم واصل فم فوه بالفتح وهو مذهب سيبويه والبصريين كثوب وأثواب حذفت الهاء حذفا على غير قياس لخفائها ثم الواو لاعتدالها ثم أبدل الواو المحذوفة ميما لتجانسهما لانهما من حروف الشفة فصار فم فلما أضيف رد الى أصله ذهابا به مذهب أخواته من الأسماء وقال الفراء جمع فوه بالضم كسوق وأسواق وفى الآية التفات الى الغيبة للايذان بان ذكر أحوالهم القبيحة استدعى ان يعرض عنهم ويحكى أحوالهم الفظيعة لغيرهم مع ما فيه من الإيماء الى ان ذلك من مقتضيات الختم لان الخطاب لتلقى الجواب وقد انقطع بالكلية والمعنى نمنع أفواههم من النطق ونفعل بها ما لا يمكنهم معه ان يتكلموا فتصير أفواههم كأنها مختومة فتعترف جوارحهم بما صدر عنها من الذنوب وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ باستنطاقنا إياها بِما كانُوا يَكْسِبُونَ فتنطق الأربع بما كسبوه من السيئات والمراد جميع الجوارح لا ان كل عضو يعترف بما صدر منه [والكسب: حاصل(7/424)
كردن كسى چيزى را والمعنى بالفارسية [امروز مهر مى نهيم بر دهنهاى ايشان چون ميكويد كه مشرك نبوده ايم وتكذيب رسل نكرده وشيطانرا نپرستيده وسخن كويد با ما دستهاى ايشان وكواهى دهد پايهاى ايشان بآنچهـ بودند در دنيا ميكردند] قال بعضهم لما قيل لهم (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) جحدوا وقالوا والله ربنا ما كنا مشركين وما عبدنا من دونك من شىء وما اطعنا الشيطان فى شىء من المنكرات فيختم على أفواههم وتعترف جوارحهم بمعاصيهم. والختم لازم للكفار ابدا. اما فى الدنيا فعلى قلوبهم كما قال تعالى (خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) . واما فى الآخرة فعلى أفواههم ففى الوقت الذي كان الختم على قلوبهم كان قولهم بأفواههم كما قال تعالى (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ) فلما ختم على أفواههم ايضا لزم ان يكون قولهم باعضائهم لان الإنسان لا يملك غير القلب واللسان والأعضاء فاذا لم يبق القلب واللسان تعين الجوارح والأركان وفى كشف الاسرار [روز قيامت عمل كافران بر كافران عرضه كنند وصحيفهاى كردار ايشان بايشان نمايند آن رسواييها بينند وكردها بر مثال كوههاى عظيم انكار كنند وخصومت دركيرند وبر فرشتكان دعوى دروغ كنند كويند ما اين كه در صحيفهاست نكرده ايم وعمل ما نيست همسايكان بر ايشان كواهى دهند همسايكانرا دروغ زن كيرند اهل وعشيرت كواهى دهند وايشانرا نيز دروغ زن كيرند پس رب العزت مهر بر دهنهاى ايشان نهد وجوارح ايشان بسخن آرد تا بر كردهاى ايشان كواهى دهند] وعن انس رضى الله عنه كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال (هل تدرون مم اضحك) قلنا الله ورسوله اعلم قال (فى مخاطبة العبد ربه يقول يا رب ألم تجرنى من الظلم يقول بلى فيقول لا أجيز عن نفسى الا شاهدا منى فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا فيختم على فيه ويقال لاركانه انطقى فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول بعدا لكنّ وسحقا فعنكنّ كنت أناضل) اى أدافع وأول عظم من الإنسان ينطق يوم يختم على الأفواه فخذه من رجله الشمال وكفه كما جاء فى الحديث. والسر فى نطق الأعضاء والجوارح بما صدر عنها ليعلم ان ما كان عونا على المعاصي صار شاهدا فلا ينبغى لاحد ان يلتفت الى ما سوى الله ويصحب أحدا غير الله لئلا يفتضح ثمة بسبب صحبته
نكشود صائب از مدد خلق هيچ كار ... از خلق روى خود به خدا ميكنيم ما
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الغالب على الأفواه الكذب كما قال (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) والغالب على الأعضاء الصدق ويوم القيامة يوم يسأل الصادقين عن صدقهم فلا يسأل الأفواه فانها كثيرة الكذب ويسأل الأعضاء فانها كثيرة الصدق فتشهد بالحق اما الكفار فشهادة أعضائهم عليهم مبيدة لهم واما العصاة من المؤمنين الموحدين فقد تشهد عليهم أعضاؤهم بالعصيان ولكن تشهد لهم بعض أعضائهم ايضا بالإحسان كما جاء فى بعض الاخبار المروية المسندة ان عبدا تشهد عليه أعضاؤه بالزلة فتتطاير شعرة من جفن عينيه فتستأذن بالشهادة له فيقول الحق تعالى تكلمى يا شعرة جفن عين عبدى واحتجى عن عبدى(7/425)
وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67) وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68) وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70)
فتشهد له بالبكاء من خوفه فيغفر له وينادى مناد هذا عتيق الله بشعرة [در كشف الاسرار فرمود كه چنانكه جوارح اعدا بر افعال بد ايشان كواهى ميدهد همچنين اعضاى بر طاعت ايشان اقامت شهادت كند چنانچهـ در آثار آورده اند كه حق سبحانه وتعالى بنده مؤمن را خطاب كند كه چهـ آورده او شرم دارد كه عبادات وخيرات خود بر شمارد حق سبحانه اعضاى ويرا بسخن درآورد تا هر يك اعمال خود را باز كويند انامل كواهى بر دهد بر تسبيحات] كما قال عليه السلام لبعض النساء (عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس واعقدن بالأنامل فانهن مسئولات مستنطقات) يعنى بالشهادة يوم القيامة ولذا سن عد الاذكار بالأصابع وان لم يعلم العقد المعهود يعدّهن بأصابعه كيف شاء كما فى الاسرار المحمدية وقال بعض العرفاء معنى الختم على الأفواه وتكلم الأيدي وشهادة الأرجل تغيير صورهم وحبس ألسنتهم عن النطق وتصوير أيديهم وأرجلهم على صورة تدل بهيآتها وأشكالها على أعمالها وتنطق بألسنة أحوالها على ما كان من هيئة افعالها انتهى. فكما ان هيئة أعضاء المجرمين تدل على قبح أحوالهم وسوء أفعالهم كذلك شكل جوارح المؤمنين يدل على حسن أحوالهم وجمال أفعالهم وكل اناء يترشح بما فيه فطوبى للسعداء ومن يتبعهم فى زيهم وهيآتهم وطاعاتهم وعباداتهم
پى نيك مردان بيايد شتافت ... كه هر كين سعادت طلب كرد يافت
وليكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى
پيمبر كسى را شفاعت كرست ... كه بر جاده شرع پيغمبرست
وَلَوْ نَشاءُ لو للمضى ان دخل على المضارع ولذا لا يجزمه اى ولو أردنا عقوبة المشركين فى الدنيا هم اهل مكة لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ طمس الشيء ازالة اثره بالكلية يقال طمسته اى محوته واستأصلت اثره كما فى القاموس اى لسوينا أعينهم ومحوناها بان أزلنا ضوءها وصورتها بحيث لا يبدو لها شق ولا جفن وتصير مطموسة ممسوخة كسائر أعضائهم:
وبالفارسية [هر آينه ناپيدا كنيم يعنى رقم محو كشيم بر چشمهاى ايشان] يعنى كما اعمينا قلوبهم ومحونا بصائرهم لو نشاء لاعمينا أبصارهم الظاهرة وازلناها بالكلية فيكون عقوبة على عقوبة فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ الاستباق افتعال: وبالفارسية [بر يكديكر پيش كرفتن] والصراط من السبيل مالا التواء فيه بل يكون على سبيل القصد وانتصابه بنزع الجار لان الصراط مسبوق اليه لا مسبوق اى فارادوا ان يستبقوا ويتبادروا الى الطريق الواسع الذي اعتادوا سلوكه: وبالفارسية [پس پيشى كيرند وآهنك كنند راهى را كه در سلوك آن معتادند] فَأَنَّى يُبْصِرُونَ اى فكيف يبصرون الطريق وجهة السلوك الى مقاصدهم حين لاعين لهم للابصار فضلا عن غيره اى لا يبصرون لان أنى بمعنى كيف وكيف هنا انكار فتفيد النفي وحاصله تهديد لاهل مكة بالطمس فان الله تعالى قادر على ذلك كما فعل بقوم لوط حين كذبوه وراودوه عن ضيفه وفى التأويلات النجمية يشير الى طمس عين الظاهر بحيث لا يكون لها شق فكيف تبكى حتى تشهد بالبكاء على صاحبها ويشير ايضا الى طمس عين(7/426)
وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67)
الباطن فاذا كانت مطموسة كيف يبصر بها الحق والباطل ليرجع من الباطل الى الحق وإذا لم يبصر بها الحق كيف يخاف من الباطل ليحترق قلبه بنار الخوف فيسيل منه الدمع ليشهد له بالبكاء من الخوف
كريه وزارى دليل رهبتست ... هر كرا اين نيست اهل شقوتست
وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ المسخ تحويل الصورة الى ما هو أقبح منها سواء كان ذلك التحويل بقلبها الى صورة البهيمية مع بقاء الصورة الحيوانية او بقلبها حجرا ونحوه من الجمادات بابطال القوى الحيوانية. والمعنى ولو نشاء نسقطهم عن رتبة التكليف ودرجة الاعتبار لغيرنا صورهم بان جعلناهم قردة وخنازير كما فعلنا بقوم موسى اى بنى إسرائيل فى زمان داود عليه السلام او بان جعلناهم حجارة ومدرة وهذا أشد من الاول وأقبح لان الاول خروج عن رتبة الانسانية الى الحيوانية وهذا عن الحيوانية الى الجمادية التي ليس فيها شعور أصلا وقطعا عَلى مَكانَتِهِمْ بمعنى المكان الا ان المكانة أخص كالمقامة والمقام اى مكانهم ومنزلهم الذي هم فيه قعود: وبالفارسية [بر جاى خويش تا هم آنجا افسرده شوند] وقال بعضهم لاقعدناهم على أرجلهم وازمناهم فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا ذهابا وإقبالا الى جانب امامهم اى لم يقدروا ان يبرحوا مكانهم بإقبال. أصله مضوى قلبت الواو ياء وأدغمت الياء فى الياء وكسرت الضاد قبل الياء لتسلم الياء ومن قرأ مضيا بكسر الميم فانما كسرها اتباعا للضاد وَلا يَرْجِعُونَ اى ولا رجوعا وإدبارا الى جهة خلفهم فوضع موضع الفعل لمراعاة الفاصلة وليس مساق الشرطين لمجرد بيان قدرته تعالى على ما ذكر من عقوبة الطمس والمسخ بل لبيان انهم بما هم عليه من الكفر ونقض العهد وعدم الاتعاظ بما شاهدوا من آثار دثار أمثالهم أحقاء بان يفعل بهم فى الدنيا تلك العقوبة كما فعل بهم فى الآخرة عقوبة الختم وان المانع من ذلك ليس الا عدم تعلق المشيئة الالهية به كأنه قيل لو نشاء عقوبتهم بما ذكر من الطمس والمسخ لفعلناها لكنا لم نفعل جريا على سنن الرحمة العامة والحكمة التامة الداعيتين الى إمهالهم زمانا الى ان يتوبوا ويؤمنوا ويشكروا النعمة او الى ان يتولد منهم من يتصف بذلك قال بعض الحكماء المسخ ضربان خاص وهو تشويه الخلق بالفتح وعام فى كل زمان وهو تبديل الخلق بالضم وذلك ان يصير الإنسان متخلقا بخلق ذميم من اخلاق بعض الحيوانات نحو ان يصير فى شدة الحرص كالكلب او الشره كالخنزير او الغمارة كالثور. فعبارة الآية فى تحويل الصورة واشارتها فى تحويل الصفات الانسانية بالصفات السبعية والشيطانية فلا يقدرون على ازالة هذه الصفات ولا يقدرون على رجوعهم الى صفاتهم الانسانية فمن مسخه الله فى الدنيا بصفات حشره فى صورة صفته الممسوخة كما جاء فى الحديث الصحيح (ان آزر يحشر على صفة ضبع) قال فى حياة الحيوان فى الحديث يلقى ابراهيم عليه السلام أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له ابراهيم ألم اقل لك لا تعص فيقول أبوه فاليوم لا أعصيك فيقول ابراهيم يا رب انك وعدتني ان لا تخزينى يوم يبعثون فأى خزى اخزى من ان يكون ابى فى النار فيقول الله تعالى انى حرمت الجنة على الكافرين ثم يقال يا ابراهيم ما تحت رجليك فينظر فاذا(7/427)
وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68)
هو بذبح متلطخ وهو بكسر الذال والخاء المعجمتين ذكر الضباع الكثيرة الشعر فيؤخذ بقوائمه ويلقى فى النار والحكمة فى كون آزر مسخ ضبعا دون غيره من الحيوان ان الضبع تغفل عما يجب التيقظ له وتوصف بالحمق فلما لم يقبل آزر النصيحة من اشفق الناس عليه وقبل خديعة عدوه الشيطان أشبه الضبع الموصوفة بالحمق لان الصياد إذا أراد ان يصيدها رمى فى حجرها بحجر فتحسبه شيأ تصيده فنخرج لتأخذه فتصاد عند ذلك ولان آزر لو مسخ كلبا او خنزيرا كان فيه تشويه لخلقه فاراد الله تعالى إكرام ابراهيم عليه السلام بجعل أبيه على هيئة متوسطة قال فى المحكم يقال خزيته اى ذللته فلما خفض ابراهيم عليه السلام له جناح الذل من الرحمة لم يخز بصفة الذل يوم القيامة فاذا كان حال ابراهيم فما ظنك بغيره ممن لم يأت الله بقلب سليم فينبغى ان لا يلتفت الى الاكتساب بل يؤخذ بصالحات الأعمال وخالصات الأحوال نرجو من الله المتعال ان لا يفضحنا يوم السؤال وَمَنْ نُعَمِّرْهُ [التعمير:
زندكانى دادن] والعمر مدة عمارة البدن بالروح اى ومن نطل عمره فى الدنيا: وبالفارسية [هر كرا عمر دراز دهيم] نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ [التنكيس: نكونسار كردن] وهو ابلغ والنكس أشهر وهو قلب الشيء على رأسه ومنه نكس الولد إذا خرج رجله قبل رأسه والنكس فى المرض ان يعود فى مرضه بعد افاقته والنكس فى الخلق وهو بالفارسية [آفرينش] الرد الى أرذل العمر والمعنى نقلبه فيه ونخلقه على عكس ما خلقناه اولا فلا يزال يتزايد ضعفه وتتناقص قوته وتنتقض بنيته ويتغير شكله وصورته حتى يعود الى حالة شبيهة بحال الصبى فى ضعف الجسد وقلة العقل والخلو عن الفهم والإدراك
أراني كل يوم فى انتقاص ... ولا يبقى على النقصان شىء
أَفَلا يَعْقِلُونَ اى أيرون ذلك فلا يعقلون ان من قدر على ذلك يقدر على ما ذكر من الطمس والمسخ فانه مشتمل عليهما وزيادة غير انه على تدرج وان عدم إيقاعهما لعدم تعلق مشيئه تعالى بهما نزد قدرت كارها دشوار نيست وفى البحر فان لم نفعلها بكم فى الدنيا نفعلها بكم فى الآخرة ان لم تتوبوا عن الكفر والمعاصي فانه روى ان بعض الناس من هذه الامة يحشرون على صورة القردة وبعضهم على صورة الخنازير وبعضهم منكوسين أرجلهم فوق وجوههم يسحبون عليها وبعضهم عميا وبعضهم صما وبكما وبعضهم يمضغنون ألسنتهم فهى مدلاة على صدورهم يسيل القيح من أفواههم يتقذرهم اهل الجمع الى عير ذلك وسيجيئ تفصيله فى محله قال ابو بكر الوراق قدس سره من عمره الله بالغفلة فان الأيام والأحوال مؤثرة فيه حالا فحالا من طفولة وشباب وكهولة وشيبة الى ان يبلغ ما حكى الله عنه من قوله (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ)
ومن أحياه الله بذكره فان تلون الأحوال لا يؤثر فيه فانه متصل الحياة بحياة الحق حى به وبقربه قال الله تعالى (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) قال فى كشف الاسرار [اين بندگانرا تنبيهى است عظيم بيدار كردن ايشان از خواب غفلت يعنى كه خود را دريابيد وروزكار جوانى وقوت بغنيمت داريد وعمل كنيد پيش از انكه(7/428)
وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69)
نتوانيد (قال النبي صلى الله عليه وسلم اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك وفراغك قبل شغلك [پس اگر روزكار جوانى ضايع كند ودر عمل تقصير كند بر سر پيرى وعجز عذرى باز خواهد هم نكو بود] قال النبي عليه السلام (إذا بلغ الرجل تسعين سنة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وكتب أسير الله فى الأرض وشفع فى اهل بيته وإذا بلغ مائة سنة استحيى الله عز وجل منه ان يحاسبه) اى رضى عنه وسامح فى حسابه: قال الشيخ سعدى قدس سره
دلم ميدهد وقت وقت اين اميد ... كه حق شرم دارد ز موى سفيد
عجب دارم ار شرم دارد ز من ... كه شرمم نمى آيد از خويشتن
وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ رد وابطال لما كانوا يقولون فى حقه عليه السلام من انه شاعر وما يقوله شعر والظاهر فى الرد ان يقال انه ليس بشاعر وان ما يتلوه عليكم ليس بشعر الا ان عدم كونه شاعرا لما كان ملزوما لعدم كون معلمه علمه الشعر نفى اللازم وأريد نفى الملزوم بطريق الكناية التي هى ابلغ من التصريح قال الراغب يقال شعرت أصبت الشعر ومنه استعير شعرت كذا اى علمت علما فى الدقة كاصابة الشعر وسمى الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته فالشعر فى الأصل اسم للعلم الدقيق فى قولهم ليت شعرى وصار فى التعارف اسما للموزون المقفى من الكلام والشاعر المختص بصناعته وفى القاموس الشعر غلب على منظوم القول لشرفه بالوزن والقافية وان كان كل علم شعرا والجمع اشعار يقال شعر به كنصر وكرم علم به وفطن له وعقله والشعر عند الحكماء القدماء ليس على وزن وقافية ولا الوزن والقافية ركن فى الشعر عندهم بل الركن فى الشعر إيراد المقدمات المخيلة فحسب ثم قد يكون الوزن والقافية معينين فى التخيل فان كانت المقدمة التي تورد فى القياس الشعرى مخيلة فقط تمحض القياس شعريا وان انضم إليها قول اقناعى تركبت المقدمة من معنيين شعرى واقناعى وان كان الضميم اليه قولا يقينيا تركبت المقدمة من شعرىّ وبرهانىّ قال بعضهم الشعر اما منطقى وهو المؤلف من المقدمات الكاذبة واما اصطلاحى وهو كلام مقفى موزون على سبيل القصد والقيد الأخير يخرج ما كان وزنه اتفاقيا كآيات شريفة اتفق جريان الوزن فيها اى من بحور الشعر الستة عشر نحو قوله تعالى (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا) وقوله (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ) وقوله (نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) ونحو ذلك وكلمات شريفة نبوية جاء الوزن فيها اتفاقيا من غير قصد اليه وعزم عليه نحو قوله عليه السلام حين عثر فى بعض الغزوات فاصاب إصبعه حجر فدميت
هل أنت الا إصبع دميت ... وفى سبيل الله ما لقيت
وقوله يوم حنين حين نزل ودعا واستنصر او يوم فتح مكة
انا النبي لا كذب ... انا ابن عبد المطلب
وقوله يوم الخندق
باسم الإله وبه بدانا ... ولو عبدنا غيره شقينا(7/429)
وغير ذلك سواء وقع فى خلال المنثورات والخطب أم لا. والمراد بالشعر الواقع فى القرآن الشعر المنطقي سواء كان مجردا عن الوزن أم لا والشعر المنطقي اكثر ما يروج بالاصطلاحى قال الراغب قال بعض الكفار للنبى عليه السلام انه شاعر فقيل لما وقع فى القرآن من الكلمات الموزونة والقوافي وقال بعض المحصلين أرادوا به انه كاذب لان ظاهر القرآن ليس على أساليب الشعر ولا يخفى ذلك على الاغتم من العجم فضلا عن بلغاء العرب فانما رموه بالكذب لان اكثر ما يأتى به الشاعر كذب ومن ثمة سموا الادلة الكاذبة شعرا قال الشريف الجرجاني فى حاشية المطالع والشعر وان كان مفيدا للخواص والعوام فان الناس فى باب الاقدام والاحجام أطوع للتخييل منهم للصدق الاان مداره على الا كاذيب ومن ثمة قيل احسن الشعر أكذبه فلا يليق بالصادق المصدوق لما شهد به قوله تعالى (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) الآية والمعنى وما علمنا محمدا الشعر بتعليم القرآن على معنى ان القرآن ليس بشعر فان الشعر كلام متكلف موضوع ومقال مزخرف مصنوع منسوج على منوال الوزن والقافية مبنى على خيالات وأوهام واهية فاين ذلك من التنزيل الجليل الخطر المنزه عن مماثلة كلام البشر المشحون بفنون الحكم والاحكام الباهرة الموصلة الى سعادة الدنيا والآخرة ومن اين اشتبه عليهم الشؤون واختلط بهم الظنون قاتلهم الله انى يؤفكون وفى الآية اشارة الى ان النبي عليه السلام معلم من عند الله لانه تعالى علمه علوم الأولين والآخرين وما علمه الشعر لان الشعر قرآن إبليس وكلامه لانه قال رب اجعل لى قرآنا قال تعالى قرآنك الشعر قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى قوله تعالى (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) اعلم ان الشعر محل للاجمال واللغز والتورية اى وما رمزنا لمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم شيأ ولا ألغزنا ولا خاطبناه بشىء ونحن نريد شيأ ولا اجملنا له الخطاب حيث لم يفهم انتهى وهل يشكل على هذه الحروف
المقطعة فى أوائل السور ولعله رضى الله عنه لا يرى ان ذلك من قبيل المتشابه او ان المتشابه ليس مما استأثر الله بعلمه وفى التأويلات النجمية يشير قوله (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) الى ان كل اقوال واعمال واحوال تجرى على العباد فى الظاهر والباطن كلها تجرى بتعليم الحق تعالى حتى الحرف والصنائع وذلك سر قوله تعالى (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) وتعليمه الصنائع لعباده على ضربين بواسطة وبغير واسطة اما بالواسطة فبتعليم بعضهم بعضا واما بغير الواسطة فكما علم داود عليه السلام صنعة اللبوس وكل حرفة وصنعة يعملها الإنسان من قريحته بغير تعليم أحد فهى من هذا القبيل انتهى: وفى المثنوى
قابل تعليم وفهمست اين جسد ... ليك صاحب وحي تعليمش دهد
جمله حرفتها يقين از وحي بود ... أول او ليك عقل آنرا فزود
هيچ حرفت را بين كين عقل ما ... داند او آموختن بي اوستا
كر چهـ اندر مكر موى اشكاف بد ... هيچ بيشه رام بي استاد شد
ثم حكى قصة قابيل فانه تعلم حفر القبر من الغراب حتى دفن أخاه هابيل بعد قتله وحمله على عاتقه أياما (وَما يَنْبَغِي لَهُ) البغاء الطلب والانبغاء انفعال منه يقال بغيته اى طلبته فانطلب(7/430)
قال الراغب هو مثل قوله النار ينبغى ان تحرق الثوب اى هى مسخرة للاحراق والمعنى وما يصح لمحمد الشعر ولا يتسخرّ ولا يتسهل ولا يتأتى له لو طلبه اى جعلناه بحيث لو أراد قرض الشعر لم يتأت له ولم يكن لسانه يجرى به الا منكسرا عن وزنه بتقديم وتأخير او نحو ذلك كما جعلناه اميا لا يهتدى للخط ولا يحسنه ولا يحسن قراءة ما كتبه غيره لتكون الحجة اثبت وشبهة المرتابين فى حقية رسالته ادحض فانه لو كان شاعرا لدخلت الشبهة على كثير من الناس فى ان ما جاء به يقوله من عند نفسه لانه شاعر صناعته نظم الكلام وقال فى انسان العيون والحاصل ان الحق الحقيق بالاعتماد وبه تجتمع الأقوال ان المحرم عليه صلى الله عليه وسلم انما هو إنشاء الشعر اى الإتيان بالكلام الموزون عن قصد وزنه وهذا هو المعنى بقوله (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) فان فرض وقوع كلام موزون منه عليه السلام لا يكون ذلك شعرا اصطلاحا لعدم قصد وزنه فليس من الممنوع منه والغالب عليه انه إذا انشد بيتا من الشعر متمثلا به او مسندا لقائله لا يأتى به موزونا وادعى بعض الأدباء انه عليه السلام كان يحسن الشعر اى يأتى به موزونا قصدا ولكنه كان لا يتعاطاه اى لا يقصد الإتيان به موزونا قال وهذا أتم وأكمل مما لو قلنا انه كان لا يحسنه وفيه ان فى ذلك تكذيبا للقرآن وفى التهذيب للبغوى من أئمتنا قيل كان عليه السلام يحسن الشعر ولا يقوله والأصح انه كان لا يحسنه ولكن كان يميز بين جيد الشعر ورديئه ولعل المراد بين الموزون منه وغير الموزون ثم رأيته فى ينبوع الحياة قال كان بعض الزنادقة المتظاهرين بالإسلام حفظا لنفسه وماله يعرض فى كلامه بان النبي عليه السلام كان يحسن الشعر يقصد بذلك تكذيب كتاب الله تعالى فى قوله (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) الآية الكل فى انسان العيون يقول الفقير أغناه الله القدير هذا ما قالوه فى هذا المقام وفيه إشكال كما لا يخفى على ذوى الافهام لانهم حين حملوا الشعر فى هذا الكلام على المنطقي ثم بنوا قوله وما ينبغى له على القريض لم يتجاوب آخر النظم باوله والظاهر ان المراد وما ينبغى له من حيث نبوته وصدق لهجته ان يقول الشعر لان المعلم من عند الله لا يقول الا حقا وهذا لا ينافى كونه فى نفسه قادرا على النظم والنثر ويدل عليه تمييزه بين جيد الشعر ورديئه اى موزونه وغير موزونه على ما سبق ومن كان مميزا كيف لا يكون قادرا على النظم فى الإلهيات والحكم لكن القدرة لا تستلزم الفعل فى هذا الباب صونا عن اطلاق لفظ الشعر والشاعر الذي يوهم التخييل والكذب وقد كان العرب يعرفون فصاحته وبلاغته وعذوبة لفظه وحلاوة منطقه وحسن سرده والحاصل ان كل كمال انما هو مأخوذ منه كما سبق فى اواخر الشعراء. وكان أحب الحديث اليه صلى الله عليه وسلم الشعر اى ما كان مشتملا على حكمة او وصف جميل من مكارم الأخلاق او نصرة الإسلام او ثناء على الله ونصيحة للمسلمين. وايضا كان ابغض الحديث اليه صلى الله عليه وسلم الشعر اى ما كان فيه كذب وقبح وهجو ونحو ذلك. واما ما روى من انه عليه السلام كان يضع لحسان فى المسجد منبرا فيقوم عليه يهجو من كان يهجو رسول الله والمؤمنين فذلك من قبيل المجاهدة التي أشير إليها فى قوله (جاهدوا باموالكم وأنفسكم وألسنتكم)
شاعران شيران شدند وهجوشان ... همچو چنكال و چودندانست دان(7/431)
لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70)
تيز كن دندان وموزى قطع كن ... اين چنين باشد مكافات بدان
إِنْ هُوَ اى ما القرآن إِلَّا ذِكْرٌ اى عظة من الله تعالى وارشاد للانس والجن كما قال تعالى (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) وَقُرْآنٌ مُبِينٌ اى كتاب سماوى بين كونه كذلك او فارق بين الحق والباطل يقرأ فى المحاريب ويتلى فى المعابد وينال بتلاوته والعمل بما فيه فوز الدين فكم بينه وبين ما قالوا. فعطف القرآن على الذكر عطف الشيء على أحد أوصافه فان القرآن ليس مجرد الوعظ بل هو مشتمل على المواعظ والاحكام ونحوها فلا تكرار قال فى كشف الاسرار [هر پيغمبرى كه آمد برهان نبوت وى از راه ديدها درآمد چون آتش ابراهيم وعصا ويد بيضاء موسى واحياء موتاى عيسى عليهم السلام وبرهان نبوت محمد عربى از راه دلها در آمد بل هو آيات بينات فى صدور الذين أوتوا العلم اگر چهـ مصطفى را نيز معجزات بسيار بود كه محل اطلاع ديدها بود چون انشقاق قمر وتسبيح حجر وكلام ذئب واسلام ضب وغير آن اما مقصود آنست كه موسى تحدى بعصا كرد وعيسى تحدى بإحياء موتى كرد ومصطفى عليه السلام تحدى بكلام كرد (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) عصاى موسى هر چند درو صفت ربانى تعبيه بود از درخت عوسج بود ودم عيسى هر چند كه درو لطف الهى تعبيه بود اما وديعت سنيه بشر بود اى محمد تو كه مى روى دمى و چوبى با خود مبر چوب نفقه خران باشد ودم نصيب بيماران تو صفت قديم ما قرآن مجيد با خود ببر تا معجزه تو صفت ما بود] لِيُنْذِرَ اى القرآن متعلق بقوله وقرآن او بمحذوف دل عليه قوله الا ذكر وقرآن اى الا ذكر انزل لينذر ويخوف مَنْ كانَ حَيًّا اى عاقلا فهيما يميز المصلحة من المفسدة ويستخدم قلبه فيما خلق له ولا يضيعه فيما لا يعنيه فان الغافل بمنزلة الميت وجعل العقل والفهم للقلب بمنزلة الحياة للبدن من حيث ان منافع القلب منوطة بالعقل كما ان منافع البدن منوطة بالحياة وفيه اشارة الى ان كل قلب تكون حياته بنور الله وروح منه يفيده الانذار ويتأثر به وامارة تأثره الاعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة والمولى وقال بعضهم من كان حيا اى مؤمنا فى علم الله فان الحياة الابدية بالايمان يعنى ان ايمان من كان مؤمنا فى علم الله بمنزلة الحياة للبدن لكونه سببا للحياة الابدية قال ابن عطاء من كان فى علم الله حيا أحياه الله بالنظر اليه والفهم عنه والسماع منه والسلام عليه وقال الجنيد الحي من كان حياته بحياة خالقه لا من تكون حياته ببقاء نفسه ومن كان بقاؤه ببقاء نفسه فانه ميت فى وقت حياته ومن كان حياته بربه كان حقيقة حياته عند وفاته لانه يصل بذلك الى رتبة الحياة الاصلية وتخصيص الانذار بمن كان حى القلب مع انه عام له ولمن كان ميت القلب لانه المنتفع به وَيَحِقَّ الْقَوْلُ اى يجب كلمة العذاب وهو (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) عَلَى الْكافِرِينَ المصرين على الكفر لانه إذا انتفت الريبة الا المعاندة فيحق القول عليهم وفى إيرادهم بمقابلة من كان حيا اشعار بانهم لخلوهم عن آثار الحياة وأحكامها التي هى المعرفة أموات فى الحقيقة كالجنين ما لم ينفخ فيه الروح فالمعرفة تؤدى الى الايمان والإسلام والإحسان التي لا يموت أهلها بل ينتقل من مكان الى مكان قال(7/432)
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76)
حضرة شيخى وسندى روح الله روحه حالة النوم وحالة الانتباه اشارة الى الغفلة ويقظة البصيرة فوقت الانتباه كوقت انتباه القلب فى أول الأمر ثم الحركة الى الوضوء اشارة الى التوبة والانابة ثم الشروع فى الصلاة اشارة الى التوجه الإلهي والعبور من عالم الملك والناسوت والدخول فى عالم الملكوت ففى الحركات بركات كما أشار اليه المولوى فى قوله
فرقتى لو لم تكن فى ذا السكوت ... لم يقل انا اليه راجعون
ثم ان الانذار صفة النبي عليه السلام فى الحقيقة وقد قرئ لتنذر بتاء الخطاب ثم صفة وارثه الأكمل الذي هو على بصيرة من امره قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ان الوعظ لا يليق بمن لم يعرف المراتب الأربع لانه يعالج مرض الصفراء بعلاج البلغم او السوداء نعم يحصل له الثواب إذا كان لوجه الله تعالى ولكن لا يحصل الترقي قدر ذرة فانه لا بد ان يعرف الواعظ ان أية آية تتعلق بالطبيعة وأية آية تتعلق بالنفس ولذلك بكى الاصحاب دما فمن وجب عليه القول الأزلي بموت قلبه وقساوته كالكافرين والغافلين فلا يتأثر بالإنذار إذ الباز الأشهب انما يصيد الصيد الحي فنسأل الله الحياة واليقظة والتأثر من كل الانذار والتنبيه والعظة أَوَلَمْ يَرَوْا الهمزة للانكار والتعجيب والواو للعطف على مقدر والضمير للمشركين من اهل مكة اى ألم يتفكروا ولم يعلموا علما يقينيا هو فى حكم المعاينة اى قد رأوا وعلموا أَنَّا بمقتضى جودنا خَلَقْنا لَهُمْ اى لاجلهم وانتفاعهم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا العمل كل فعل من الحيوان يقصد فهوا خص من الفعل اى مما تولينا احداثه بالذات لم يشاركنا فيه غيرنا بمعاونة وتسبب وذكر الأيدي واسناد العمل إليها استعارة تمثيلية من عمل يعمل بالأيدي لانه تعالى منزه عن الجوارح قال الكاشفى [ميان مردمان مثاليست هر كارى كه تنها كند كويند من اين مهم بدست خود ساخته ام يعنى ديكر مرا در ساختن يارى نداده] وانما تخاطب العرب بما يستعملون فى مخاطباتهم [اينجا نيز ميفرمايد كه ما آفريديم براى ايشان بخود بي مشاركت غيرى] قال الراغب الأيدي جمع يد بمعنى الجارحة خص لفظ اليد لقصورنا إذ هي أجل الجوارح التي يتولى بها الفعل فيما بيننا وقال العتبى الأيدي هنا القوة والقدرة وقوله عملت أيدينا حكاية عن الفعل وان لم يباشر الفعل باليد هذا كقوله جرى بناء هذه القنطرة وهذا القصر على يدى فلان. وفى الخبر على اليد ما أخذت حتى تؤديه فالامانة مؤداة وان لم تباشر باليد فيقول مالى فى يد فلان او اليتيم تحت يد القيم فاليد يكنى بها عن الملكة والضبط وقال فى الاسئلة المقحمة الأيدي هنا صلة وهو كقوله (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) ومذهب العرب الكناية باليد والوجه عن الجملة انتهى وهذه المعاني متقاربة فى الحقيقة أَنْعاماً مفعول خلقنا اخر جمعا بينه وبين أحكامه المتفرعة عليه بقوله تعالى (فَهُمْ الخ) جمع نعم وهو المال الراعية وهى الإبل والبقر والغنم والمعز مما فى سيره نعومة اى لين ولا يدخل فيها الخيل والبغال والحمر لشدة وطئها الأرض وخص بالذكر من بين سائر ما خلق الله من المعادن والنبات والحيوان غير الانعام لما فيها من بدائع الفطرة كما فى الإبل وكثرة المنافع كما فى البقر والغنم اى الضأن والمعز فَهُمْ لَها مالِكُونَ قال ابن الشيخ(7/433)
وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76)
الفاء للسببية ومالكون من ملك السيد والتصرف اى فهم لسبب ذلك مالكون لتلك الانعام بتمليكنا إياها وهم متصرفون فيها بالاستقلال يختصون بالانتفاع بها لا يزاحمهم فى ذلك غيرهم وَذَلَّلْناها لَهُمْ [التذليل: خوار وذليل ومنقاد كردن] والذل بالضم ويكسر ضد الصعوبة وفى المفردات الذل ما كان عن قهر والذل ما كان بعد تصعب وشماس من غير قهر وذلت الدابة بعد شماس ذلا وهى ذلول ليست بصعبة. والمعنى وصيرنا تلك الانعام منقادة لهم:
وبالفارسية [رام كرديم انعام را براى ايشان] بحيث لا تستعصى عليهم فى شىء مما يريدون بها من الركوب والحمل والسوق الى ما شاؤا والذبح مع كمال قوتها وقدرتها فهو نعمة من النعم الظاهرة ولهذا الزم الله الراكب ان يشكر هذه النعمة ويسبح بقوله (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) فَمِنْها رَكُوبُهُمْ بفتح الراء بمعنى المركوب كالحلوب بمعنى المحلوب اى فبعض منها مركوبهم اى معظم منافعها الركوب وقطع المسافات وعدم التعرض للحمل لكونه من تتمات الركوب قال الكاشفى [پس بعضى از ان مركوب ايشانست كه بران سوارى كنند چون شتر] والركوب فى الأصل كون الإنسان على ظهر حيوان وقد يستعمل فى السفينة والراكب اختص فى التعارف بممتطى البعير [والامتطاء: مركب ومطيه كرفتن] وَمِنْها يَأْكُلُونَ اى وبعض منها يأكلون لحمه وشحمه وَلَهُمْ فِيها اى فى الانعام المركوبة والمأكولة مَنافِعُ اخر غير الركوب والاكل كالجلود والاصواف والأوبار والاشعار والنسيلة اى النتائج وكالحراثة بالثيران وَمَشارِبُ من اللبن جمع مشروب والشرب تناول كل مائع ماء كان او غيره أَفَلا يَشْكُرُونَ اى أيشاهدون هذه النعم التي يتنعمون بها فلا يشكرون المنعم بها بان يوحدوه ولا يشركوا به فى العبادة فقد تولى المنعم احداث تلك النعم ليكون إحداثها ذريعة الى ان يشكروها فجعلوها وسيلة الى الكفران كما شكا مع حبيبه وقال وَاتَّخَذُوا اى مع هذه الوجوه من الإحسان مِنْ دُونِ اللَّهِ اى متجاوزين الله المتفرد بالقدرة المتفضل بالنعمة آلِهَةً من الأصنام وأشركوها به تعالى فى العبادة لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ رجاء ان ينصروا من جهتهم فيما أصابهم من الأمور او ليشفعوا لهم فى الآخرة ثم استأنف فقال لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ اى لا تقدر آلهتهم على نصرهم والواو لوصفهم الأصنام باوصاف العقلاء وَهُمْ اى المشركون لَهُمْ اى لآلهتهم جُنْدٌ عسكر مُحْضَرُونَ اثرهم فى النار اى يشيعون عند مساقهم الى النار ليجعلوا وقودا لها: وبالفارسية [سپاه اند حاضر كرده شدكان فردا كه لشكر ايشانند با ايشان حاضر شوند در دوزخ] قال الكواشي روى انه يؤتى بكل معبود من دون الله ومعه اتباعه كأنهم جنده فيحضرون فى النار هذا لمن امر بعبادة نفسه او كان جمادا
عابد ومعبود باشد در جحيم ... حسرت ايشان شود تا كه عظيم
فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ الفاء لترتيب النهى على ما قبله والنهى وان كان بحسب الظاهر متوجها الى قولهم لكنه فى الحقيقة متوجه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى له عن التأثر منه(7/434)
بطريق الكناية على ابلغ وجه وآكده فان النهى عن اسباب الشيء ومباديه المؤدية اليه نهى عنه بالطريق البرهاني وابطال للسببية. وقد يوجه النهى الى المسبب ويراد النهى عن السبب كما فى قوله لا ارينك هاهنا يريد به نهى مخاطبه عن الحضور لديه والمراد بقولهم ما ينبئ عنه ما ذكر من اتخاذهم الأصنام آلهة فان ذلك مما لا يخلو عن التفوه بقولهم هؤلاء آلهتنا وانهم شركاء الله تعالى فى المعبودية وغير ذلك مما يورث الحزن كذا فى الإرشاد قال ابن الشيخ الفاء جزائية اى إذا سمعت قولهم فى الله ان له شريكا وولدا وفيك انك كاذب شاعر وتألمت من اذائهم وجفائهم فتسل بإحاطة علمى بجميع أحوالهم وبانى أجازيهم على تكذيبهم إياك واشراكهم بي إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ قال فى الإرشاد تعليل صريح للنهى بطريق الاستئناف بعد تعليله بطريق الاشعار فان العلم بما ذكر مستلزم للمجازاة قطعا اى نعلم بعلمنا الحضوري عموم ما يضمرون فى صدورهم من العقائد الفاسدة ومن العداوة والبغض وجميع ما يظهرون بألسنتهم من كلمات الكفر والشرك بالله والإنكار للرسالة فنجازيهم على جميع جناياتهم الخافية والبادية
بآشكار ونهان هر چهـ كفتى وكردى ... جزا دهد بتو داناى آشكار ونهان
وتقديم السر على العلن اما للمبالغة فى بيان شمول علمه تعالى لجميع المعلومات كأن علمه تعالى بما يسرون اقدم منه بما يعلنون مع استوائهما فى الحقيقة فان علمه تعالى بمعلوماته ليس بطريق حصول صورها بل وجود كل شىء فى نفسه علم بالنسبة اليه تعالى وفى هذا المعنى لا يختلف الحال بين الأشياء البارزة والكامنة واما لان مرتبة السر متقدمة على مرتبة العلن إذ ما من شىء يعلن الا وهو او مباديه مضمر فى القلب قبل ذلك فتعلق علمه بحالته الاولى متقدم على تعلقه بحالته الثانية حقيقة وفى
الآية اشارة الى ان كلام الأعداء الصادر من العداوة والحسد جدير ان يحزن قلوب الأنبياء مع كمال قوتهم وانهم ومتابعيهم مأمورون بعدم الالتفات وتطييب القلوب فى مقاساة الشدائد فى الله بان لها ثمرات كريمة عند الله وللحساد مطالب بها عند الله كما قال (إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) من الحسد والضغائن (وَما يُعْلِنُونَ) من العداوة والطعن وانواع الجفاء وإذا علم العبد ان ألمه آت من الحق هان عليه ما يقاسيه لا سيما إذا كان فى الله كما فى التأويلات النجمية قال بعض الكبار ليخفف ألم البلاء علمك بان الله هو المبتلى هر چهـ از جانان مى آيد صفا باشد مرا هذا قال فى برهان القرآن قوله (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ) وفى يونس (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) تشابها فى الوقف على قولهم فى السورتين لان الوقف عليه لازم وان فيهما مكسورة فى الابتداء لا فى الحكاية ومحكى القول فيهما محذوف ولا يجوز الوصل لان النبي صلى الله عليه وسلم منزه عن ان يخاطب بذلك انتهى قال فى بحر العلوم قوله (إِنَّا) إلخ تعليل للنهى على الاستئناف ولذلك لو قرئ انا بفتح الهمزة على حذف لام التعليل جاز وعليه تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم (لبيك ان الحمد والنعمة لك) كسر ابو حنيفة وفتح الشافعي وكلاهما تعليل انتهى وفى الكواشي وزعم بعضهم ان من فتح (إِنَّا) بطلت صلاته وكفر وليس كذلك لانه لا يخلو اما ان يفتحها تعليلا فمعناه كالمكسورة او يفتحها بدلا من قولهم وليس بكفر(7/435)
أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)
ايضا لجواز ان يخاطب هو صلى الله عليه وسلم والمراد غيره نحو (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) بل ان اعتقد ان محمدا عليه السلام يحزن لعلمه تعالى سرهم وعلانيتهم فقد كفر او يفتحها معمولة قولهم عند من يعمل القول بكل حال وليس بكفر ايضا انتهى كلامه باجمال أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ كلام مستأنف مسوق لبيان بطلان انكارهم البعث بعد ما شاهدوا فى أنفسهم أوضح دلائله واعدل شواهده كما ان ما سبق مسوق لبيان بطلان اشراكهم بالله بعد ما عاينوا فيما بايديهم ما يوجب التوحيد والإسلام. والهمزة للانكار والتعجيب والواو للعطف على مقدر والرؤية قلبية والنطفة الماء الصافي ويعبر بها عن ماء الرجل- روى- ان جماعة من كفار قريش منهم أبيّ بن خلف ووهب بن حذافة بن جمح وابو جهل والعاص بن وائل والوليد بن المغيرة اجتمعوا يوما فقال أبيّ بن خلف ألا ترون الى ما يقول محمد ان الله يبعث الأموات ثم قال واللات والعزى لاذهبن اليه ولا خصمنه وأخذ عظما باليا فجعل يفته بيده ويقول يا محمد ان الله يحيى هذا بعد ما رمّ قال عليه السلام (نعم ويبعثك ويدخلك جهنم) فنزلت ردا عليه فى إنكاره البعث لكنها عامة تصلح ردا لكل من ينكره من الإنسان لان الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وفى الإرشاد وإيراد الإنسان موضع المضمر لان مدار الإنكار متعلق بأحواله من حيث هو انسان كما فى قوله تعالى (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) والمعنى ألم يتفكر الإنسان المنكر للبعث أيا من كان ولم يعلم علما يقينيا انا خلقناه من نطفة: وبالفارسية [آيا نديد وندانست أبيّ وغير او آنرا كه ما بيافريديم او را از آبى مهين در قرارى مكين چهل روز او را در طور نطفه نكه داشتيم تا مضغه كشت مصطفى عليه السلام كفت (ان خلق أحدكم يجمع فى بطن امه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله عز وجل اليه ملكا بأربع كلمات فيقول اكتب اجله ورزقه وانه شقى او سعيد) آنكه تقطيع هيكل او صورت شخص او در ظهور آورديم واو را كسوت بشريت پوشانيديم واز ان قرار مكين باين فضاى رحيب آورديم واز بستان پر از خون او را شير صافى داديم وبعقل وفهم وسمع وبصر ودل وجان او را بياراستيم وبقبض وبسط ومشى وحركات او را قوت داديم و چون از ان نطفه باين رتب رسانيديم وسخن كوى ودلير كشت] فَإِذا هُوَ [پس آنگاه او] خَصِيمٌ شديد الخصومة والجدال بالباطل مُبِينٌ اى مبين فى خصومته او مظهر للحجة وهو عطف على الجملة المنفية داخل فى حيز الإنكار والتعجيب كأنه قيل أو لم ير انا خلقناه من اخس الأشياء وامهنها ففاجأ خصومتنا فى امر يشهد بصحته وتحققه مبدأ فطرته شهادة بينة فهذا حال الإنسان الجاهل الغافل ونعم ما قيل
اعلمه الرماية كل يوم ... فلما اشتد ساعده رمانى
اعلمه القوافي كل حين ... فلما قال قافية هجانى
وما قيل
لقد ربيت جروا طول عمرى ... فلما صار كلبا عض رجلى(7/436)
وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)
قال السمرقندي العامل فى إذا المفاجأة معنى المفاجأة وهو عامل لا يظهر استغنى عن إظهاره بقوة ما فيها من الدلالة عليه ولا يقع بعدها الا الجملة المركبة من المبتدأ والخبر وهو فى المعنى فاعل لان معنى (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) فاجأه خصومة بينة كما ان معنى قوله (إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) فاجأهم قنوطهم او مفعول اى فاجأ الخصومة وفاجأوا القنوط يعنى خاصم خالقه مخاصمة ظاهرة وقنطوا من الرحمة وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا عطف على الجملة الفجائية اى ففاجأ خصومتنا وضرب لنا مثلا اى أورد فى شأننا قصة عجيبة فى نفس الأمر وهى فى الغرابة والبعد عن العقول كالمثل وهى انكار احيائنا العظام ونفى قدرتنا عليه قال ابن الشيخ المثل يستعار للامر العجيب تشبيها له فى الغرابة بالمثل العرفي الذي هو القول السائر ولا شك ان نفى قدرة الله على البعث مع انه من جملة الممكنات وانه تعالى على كل شىء قدير من اعجب العجائب وَنَسِيَ خَلْقَهُ عطف على ضرب داخل فى حيز الإنكار والتعجيب والمصدر مضاف الى المفعول اى خلقنا إياه من النطفة اى ترك التفكر فى بدء خلقه ليدله ذلك على قدرته على البعث فانه لا فرق بينهما من حيث ان كلا منهما احياء موات وجماد وقال البقلى فى خلق الإنسان والوجوه الحسان من علامات قدرته اكثر مما يكون فى الكون لان الكونين والعالمين فى الإنسان مجموعون وفيه علمه معلوم لو عرف نفسه فقد عرف ربه لان الخليقة مرآة الحقيقة تجلت الحقيقة فى الخليقة لاهل المعرفة ورب قلب ميت أحياه بجمالته بعد موته بجهالته قالَ استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ عن حكاية ضرب المثل كأنه قيل أي مثل ضرب او ماذا قال فقيل قال مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ منكرا له أشد النكير مؤكدا له بقوله وَهِيَ رَمِيمٌ اى بالية أشد البلى بعيدة من الحياة غاية البعد حيث لا جلد عليها ولا لحم ولا عروق ولا اعصاب يقال رمّ العظم يرم رمة بكسر الراء فيهما اى بلى فهو رميم وعدم تأنيث الرميم مع وقوعه خبرا للمؤنثة لانه اسم لما بلى من العظام غير صفة كالرفات وقد تمسك بظاهر الآية الكريمة من اثبت للعظم حياة وبنى عليه الحكم بنجاسة عظم الميت وهو الشافعي ومالك واحمد واما أصحابنا الحنفية فلا يقولون بنجاسته كالشعر ويقولون المراد بإحياء العظام ردها الى ما كانت عليه من الغضاضة والرطوبة فى بدن حى حساس واختلفوا فى الآدمي هل يتنجس بالموت تقال ابو حنيفة يتنجس لانه دموى الا انه يطهر بالغسل كرامة له وتكره الصلاة عليه فى المسجد وقال الشافعي واحمد لا يتنجس به ولا تكره الصلاة عليه فيه وعن مالك خلاف والأظهر الطهارة واما الصلاة عليه فى المسجد فالمشهور من مذهبه كراهتها كقول ابى حنيفة قُلْ يا محمد تبكيتا لذلك الإنسان المنكر بتذكير ما نسيه من فطرة الدالة على حقيقة الحال وإرشاده الطريقة للاشتشهاد بها يُحْيِيهَا اى تلك العظام الَّذِي أَنْشَأَها أوجدها أَوَّلَ مَرَّةٍ اى فى أول مرة ولم تكن شيأ فان قدرته كما هى لاستحالة التغير فيها والمادة على حالها فى القابلية اللازمة لذاتها وهو من النصوص القاطعة الناطقة بحشر الأجساد استدلالا بالابتداء على الاعادة وفيه رد على من لم يقل به وتكذيب له وَهُوَ اى الله المنشئ بِكُلِّ خَلْقٍ(7/437)
عَلِيمٌ
مبالغ فى العلم بتفاصيل كيفيات الخلق والإيجاد إنشاء وإعادة محيط بجميع الاجزاء المتفتتة المتبددة لكل شخص من الاشخاص أصولها وفروعها وأوضاع بعضها من بعض من الاتصال والانفصال والاجتماع والافتراق فيعيد كلا من ذلك على النمط السابق مع القوى التي كانت قبل وفى بحر العلوم بليغ العلم بكل شىء من المخلوقات لا يخفى عليه شىء من الاجزاء المتفتتة وأصولها وفروعها فاذا أراد ان يحيى الموتى يجمع اجزاءهم الاصلية ويعيد الأرواح إليها ويحيون كما كانوا احياء وهو معنى حشر الأجساد والأرواح وبعث الموتى قال القاضي عضد الدين فى المواقف هل يعدم الله الاجزاء البدنية ثم يعيدها او يفرقها ويعيد فيها التأليف والحق انه لم يثبت ذلك ولا نجزم فيه نفيا ولا اثباتا لعدم الدليل على شىء من الطرفين وقوله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) لا يرجح أحد الاحتمالين لان هلاك الشيء كما يكون باعدام اجزائه يكون ايضا بتفريقها وابطال منافعها انتهى. فالجسم المعاد هو المبتدأ بعينه
اى بجميع عوارضه المشخصة سواء قلنا ان المبتدأ قد فنى بجميع أعضائه وصار نفيا محضا وعدما صرفا ثم انه تعالى إعادة باعادة اجزائه الاصلية وصفاته الحالة فيها او قلنا ان المبتدأ قد فنى بتفرق اجزائه الاصلية وبطلان منافعها ثم انه تعالى الف بين الاجزاء المتفرقة وضم بعضها الى بعض على النمط السابق وخلق فيها الحياة واعلم ان المنكرين للحشر منهم من لم يذكر فيه دليلا ولا شبهة بل اكتفى بمجرد الاستبعاد وهم الأكثرون كقولهم (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) وقولهم (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) ومن قال (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) قاله على طريق الاستبعاد فابطل الله استبعادهم بقوله (وَنَسِيَ خَلْقَهُ) اى نسى انا خلقناه من تراب ثم من نطفة متشابهة الاجزاء ثم جعلنا له من ناصيته الى قدمه أعضاء مختلفة الصور وما اكتفينا بذلك حتى او دعناه ما ليس من قبيل هذه الاجرام وهو النطق والعقل اللذان بهما استحق الإكرام فان كانوا يقنعون بمجرد الاستبعاد فهلا يستبعدون خلق الناطق العاقل من نطفة قذرة لم تكن محلا للحياة أصلا ويستبعدون إعادة النطق والعقل الى محل كانا فيه ومنهم من ذكر شبهة وان كانت فى آخرها تعود الى مجرد الاستبعاد وهى على وجهين. الاول انه بعد العدم لم يبق شيأ فكيف يصح على العدم الحكم بالوجود فاجاب تعالى عن هذه الشبهة بقوله (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) يعنى انه كما خلق الإنسان ولم يك شيأ مذكورا كذلك يعيده وان لم يبق شيأ مذكورا. والثاني ان من تفرقت اجزاؤه فى مشارق العالم ومغاربه وصار بعضه فى أبدان السباع وبعضه فى حواصل الطيور وبعضه فى جدران المنازل كيف يجتمع وابعد من هذه انه لو أكل انسان إنسانا وصارت اجزاء المأكول داخلة فى اجزاء الآكل فان أعيدت اجزاء الآكل لا يبقى للمأكول اجزاء تتخلق منها أعضاؤه وان أعيدت الاجزاء المأكولة الى بدن المأكول وأعيد المأكول بأجزائه لا تبقى للآكل اجزاء يتخلق منها فابطل الله هذه الشبهة بقوله (وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) ووجهه ان فى الآكل اجزاء اصلية واجزاء فضلية وفى المأكول ايضا كذلك فاذا أكل انسان إنسانا صارت الاجزاء الاصلية للمأكول(7/438)
الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81)
فضلة بالنسبة الى الآكل والاجزاء الاصلية للآكل وهى ما كان قبل الاكل هى التي تجمع وتعاد مع الآكل والاجزاء المأكولة مع المأكول والله بكل خلق عليم يعلم الأصل من الفضل فيجمع الاجزاء الاصلية للآكل ويجمع الاجزاء الاصلية للمأكول وينفخ فيه الروح وكذلك يجمع الاجزاء المتفرقة فى البقاع المتباعدة بحكمته وقدرته قال بعض الأفاضل لما كان تمسكهم بكون العظام رميمة من وجهين. أحدهما اختلاط اجزاء الأبدان والأعضاء بعضها مع بعض فكيف يميز اجزاء بدن من اجزاء رميمة يابسة جدا مع ان الحياة تستدعى رطوبة البدن. أشار الى جواب الاول بقوله (وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) فيمكنه تمييز اجزاء الأبدان والأعضاء. والى جواب الثاني بقوله الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً بدل من الموصول الاول وعدم الاكتفاء بعطف الصلة للتأكيد ولتفاوتها فى كيفية الدلالة.
والشجر من النبت ماله ساق. والخضرة أحد الألوان بين البياض والسواد وهو الى السواد اقرب فلهذا سمى الأسود اخضر والأخضر اسود. وقيل سواد العراق للموضع الذي تكثر فيه الخضرة ووصف الشجر بالأخضر دون الخضراء نظرا الى اللفظ فان لفظ الشجر مذكر ومعناه مؤنث لانه جمع شجرة كثمر وثمرة والجمع مؤنث لكونه بمعنى الجماعة. والمعنى خلق لاجلكم ومنفعتكم من الشجر الأخضر كالمرخ والعفار نارا والمرخ بالخاء المعجمة شجر سريع الورى والعفار بالعين المهملة كسحاب شجر آخر تقدح منه النار قال الحكماء لكل شجر نار الا العناب فمن ذلك يدق القصار الثوب عليه ويتخذ منه المطرقة والعرب تتخذ زنودها من المرخ والعفار وهما موجودان فى اغلب المواضع من بوادي العرب يقطع الرجل منهما غصنين كالمسواكين وهما أخضران يقطر منهما الماء فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهو أنثى فتنقدح النار بإذن الله تعالى وذلك قوله تعالى فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ إذا للمفاجأة والجار متعلق بتوقدون والضمير راجع الى الشجر [والإيقاد: آتش افروختن] اى تشعلون النار من ذلك الشجر لا تشكون فى انها نار تخرج منه كذلك لا تشكون فى ان الله يحيى الموتى ويخرجهم من القبور للسؤال والجزاء من الثواب والعقاب فان من قدر على احداث النار وإخراجها من الشجر الأخضر مع ما فيه من المائية المضادة لها بكيفية كان اقدر على إعادة الغضاضة الى ما كان غضا فطرأ عليه اليبوسة والبلى وعلم منه ان الله تعالى جامع الاضداد ألا يرى انه جمع الماء والنار فى الخشب فلا الماء يطفئ النار ولا النار تحرق الخشب ويقال ان الله تعالى خلق ملائكة نصف أبدانهم من الثلج ونصفها من النار فلا الثلج يطفئ النار ولا النار تذيب الثلج وفى الآية اشارة الى شجر اخضر البشرية ونار المحبة فمصباح القلوب انما يوقد منه قال بعض الكبار ظاهر البدن من عالم الشهادة والقلب من عالم الملكوت وكما تنحدر من معارف القلب آثار الى الجوارح فكذلك قد ترتفع من احوال الجوارح التي هى من عالم الشهادة آثار الى القلب والحاصل انه ينقدح الظاهر بالأعمال فيحدث منها نور يتنور به البال ويزيد الحال
ادخلوا الأبيات من ابوابها ... واطلبوا الأغراض من أسبابها
نسأل الله الدخول فى الطريق والوصول الى منزل التحقيق أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ(7/439)
وَالْأَرْضَ
الهمزة للانكار وانكار النفي إيجاب والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام فهمزة الإنكار وان دخلت على حرف العطف ظاهرا لكنها فى التحقيق داخلة على كلمة النفي قصدا الى اثبات القدرة له وتقريرها. والمعنى أليس القادر المقتدر الذي انشأ الأناسي أول مرة وأليس الذي جعل لهم من الشجر الأخضر نارا وأليس الذي خلق السموات اى الاجرام العلوية وما فيها والأرض اى الاجرام السفلية وما عليها مع كبر جرمهما وعظم شأنهما: وبالفارسية [آيا نيست آنكس كه بيافريد آسمانها وزمينها با بزركى اجرام ايشان] بِقادِرٍ فى محل النصب لانه خبر ليس عَلى أَنْ يَخْلُقَ فى الآخرة مِثْلَهُمْ اى مثل الأناسي فى الصغر والحقارة بالنسبة إليهما ويعيدهم احياء كما كانوا فان بديهة العقل قاضية بان من قدر على خلقهما فهو على خلق الأناسي اقدر كما قال تعالى (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) او مثلهم فى اصول الذات وصفاتها وهو المعاد فان المعاد مثل الاول فى الاشتمال على الاجزاء الاصلية والصفات المشخصة وان غايره فى بعض العوارض لان اهل الجنة جرد مرد وان الجهنمى ضر سه مثل أحد وغير ذلك وقال شرف الدين الطيبي لفظ مثل هاهنا كناية عن المخاطبين نحو قولك مثلك يجود اى على ان يخلقهم وفى التأويلات النجمية قال ان الاعادة فى معنى الابتداء فاذا أقررتم بالابتداء فأى إشكال بقي فى جواز الاعادة فى الانتهاء ثم قال الذي قدر على خلق النار فى الاغصان من المرخ والعفار قادر على خلق الحياة فى الرمة البالية ثم زاد فى البيان بان قال القدرة على مثل الشيء كالقدرة عليه لاستوائهما بكل وجه وانه يحيى النفوس بعد موتها فى العرصة كما يحيى الإنسان من النطفة والطير من البيضة ويحيى القلوب بالعرفان لاهل الايمان كما يحيى نفوس اهل الكفر بالهوى والطغيان
دل عاشق چوباغ وفيض حق ابر بهار آسا ... حيات تازه بخشد حق دمادم باغ دلها را
بَلى جواب
من جهته تعالى وتصريح بما أفاده الاستفهام الإنكاري من تقرير ما بعد النفي وإيذان بتعين الجواب نطقوا به او تلعثموا فيه مخافة الإلزام قال ابن الشيخ هى مختصة بايجاب النفي المتقدم ونقضه فهى هاهنا لنقض النفي الذي بعد الاستفهام اى بلى انه قادر كقوله تعالى (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) اى بلى أنت ربنا وفى المفردات بلى جواب استفهام مقترن بنفي نحو (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) . ونعم يقال فى الاستفهام المجرد نحو (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ) ولا يقال هاهنا بلى فاذا قيل ما عندى شىء فقلت بلى فهو رد لكلامه فاذا قلت نعم فاقرار منك انتهى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ عطف على ما يفيده الإيجاب اى بلى هو قادر على ذلك والمبالغ فى العلم والخلق كيفا وكما وقال بعضهم كثير المخلوقات والمعلومات يخلق خلقا بعد خلق ويعلم جميع الخلق- ذكر البرهان الرشيدي- ان صفات الله تعالى التي على صيغة المبالغة كلها مجاز لانها موضوعة للمبالغة ولا مبالغة فيها لان المبالغة ان يثبت للشىء اكثر مما له وصفاته تعالى متناهية فى الكمال لا يمكن المبالغة فيها. وايضا فالمبالغة تكون فى صفات تفيد الزيادة والنقصان وصفات الله منزهة عن ذلك واستحسنه الشيخ تقى الدين السبكى وقال الزركشي فى البرهان التحقيق ان صيغة المبالغة قسمان. أحدهما ما تحصل المبالغة فيه بحسب زيادة الفعل. والثاني بحسب زيادة(7/440)
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)
المفعولات ولا شك ان تعددها لا يوجب للفعل زيادة إذ الفعل الواقع قد يقع على جماعة متعددين وعلى هذا القسم تنزل صفات الله وارتفع الاشكال ولهذا قال بعضهم فى حكيم معنى المبالغة فيه تكرار حكمه بالنسبة الى الشرائع وقال فى الكشاف المبالغة فى التواب للدلالة على كثرة من يتوب عليه من عباده او لانه بليغ فى قبول التوبة ينزل صاحبها منزلة من لم يذنب قط لسعة كرمه إِنَّما أَمْرُهُ اى شأنه تعالى إِذا أَرادَ شَيْئاً وجود شىء من الأشياء خلقه أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ اى ان يعلق به قدرته فَيَكُونُ قرئ بالنصب على ان يكون معطوف على يقول والجمهور على رفعه بناء على انه فى تقدير فهو يكون بعطف الجملة الاسمية على الاسمية المتقدمة وهى قوله انما امره ان يقول له كن فالمعنى فهو يحدث من غير توقف على شىء آخر أصلا. وهذا تمثيل لتأثير قدرته تعالى فيما اراده بامر الآمر المطاع للمأمور المطيع فى سرعة حصول المأمور به من غير توقف على شىء ما وهو قول ابى منصور الماتريدى لانه لا وجه لحمل الكلام على الحقيقة إذ ليس هناك قول ولا آمر ولا مأمور لان الأمر ان كان حال وجود المكون فلا وجه للامر وان كان حال عدمه فكذلك إذ لا معنى لان يؤمر المعدوم بان يوجد نفسه قال النقشبندي والتعقيب فى فيكون انما نشأ من العبارة والا فلا تأخير ولا تعقيب فى سرعة نفوذ قضائه سبحانه [وكويند اين كن كلمه علامتيست كه چون ملائكه بشنوند دانند كه خير حادث خواهد شد]
حرفيست كاف ونون ز تو امير صنع او ... از قاف تا بقاف بدين حرف كشته دال
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الارادة الازلية كما تعلقت بايجاد المكونات تعلقت القدرة الازلية على وفق الحكمة الازلية بالمقدورات الى الابد على وفق الارادة باشارة امر كن فيكون الى الابد ما شاء فى الأزل انتهى فان قلت إرادته قديمة فلو كان القول قديما صار المكون قديما قلت تعلق الارادة حادث فى وقت معين وهو وقت وجود المكون فى الخارج والعين فلا يلزم ذلك وعن بعض الكبار فى قوله عليه السلام (ان الله فرد يحب الفرد) ان مقام الفردية يقتضى التثليث فهو ذات وصفة وفعل وامر الإيجاد يبتنى على ذلك واليه الاشارة بقوله (إِنَّما أَمْرُهُ) إلخ فهو ذات وارادة وقول والقول مقلوب اللقاء بعد الاعلال فليس عند الحقيقة هناك قول وانما لقاء الموجد اسم فاعل بالموجد اسم مفعول وسريان هويته اليه وظهور صفته وفعله فيه فافهم هذه الدقيقة وعليها يدور سر قوله تعالى (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) إذ لا نفخ هناك أصلا وانما هو تصوير قال الحسين النوري قدس سره ابدأ الأكوان كلها بقوله كن اهانة وتصغيرا ليعرف الخلق اهانتها ولا يركنوا إليها ويرجعوا الى مبدئها ومنشئها فشغل الخلق زينة الكون فتركهم معه واختار من خواصه من أعتقهم من رق الكون وأحياهم به فلم يجعل للعلل عليهم سبيلا ولا للآثار فيهم طريقا
محو معنى وفارع از صورم ... نيست از جلوه صور خبرم
تا شدم از سواى حق فانى ... يافتم من وجود حقانى
شد ز من غائب عالم أكوان ... ديده ام كشت پر ز نور جهان(7/441)
فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)
فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ الملكوت والرحموت والرهبوت والجبروت مصادر زيدت الواو والتاء فيها للمبالغة فى الملك والرحمة والرهبة والجبر قال فى المفردات الملكوت مختص بملك الله تعالى والملك ضبط الشيء والتصرف فيه بالأمر والنهى اى فاذا تقرر ما يوجب تنزهه تعالى وتنزيهه أكمل إيجاب من الشئون المذكورة كالانشاء والاحياء وان إرادته لا تتخلف عن مراده ونحو ذلك فنزهوا الله الذي بيده اى تحت قدرته وفى تصرف قبضته ملك كل شىء وضبطه وتصرفه عما وصفوه تعالى به من العجز وتعجبوا مما قالوه فى شأنه تعالى من النقصان: وبالفارسية [پس وصف كنيد به پاكى وبي عيبى آنكسى را كه بدست اقتدار اوست پادشاهى همه چيز] وَإِلَيْهِ لا الى غيره إذ لا مالك سواه على الإطلاق تُرْجَعُونَ تردون بعد الموت فيجازيكم بأعمالكم وهو وعد للمقرين ووعيد للمنكرين:
يعنى [وعده دوستانست ووعيد دشمنان اينانرا شديد العقابست وآنان را] طوبى لهم وحسن مآب فالخطاب للمؤمنين والكافرين وفى التأويلات النجمية اثبت لكل شىء ملكوتا وملكوت الشيء ما هو الشيء به قائم ولو لم يكن للشىء ملكوت يقوم به لما كان شىء والملكوتات قائمة بيد قدرته (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بالاختيار اهل القبول وبالاضطرار اهل الرد عصمنا الله من الرد بفضله وسعة كرمه اه وعن ابن عباس رضى الله عنهما كنت لا اعلم ما روى فى فضل يس وقراءتها كيف خصت به فاذا انه لهذه الآية وفى الحديث (اقرأوا سورة يس على موتاكم) قال الامام وذلك لان الإنسان حينئذ ضعيف القوة وكذا الأعضاء لكن القلب يكون مقبلا على الله تعالى بكليته فاذا قرئ عليه هذه السورة الكريمة تزداد قوة قلبه ويشتد تصديقه بالأصول فيزداد اشراق قلبه بنور الايمان وتتقوى بصيرته بلوامع العرفان انتهى يقول الفقير أغناه الله القدير وايضا ان المشرف على النزع يناسبه خاتمة السورة إذ الملكوت الذي هو الروح القائم هو به وسر الفائض عليه من ربه يرجع الى أصله حينئذ وينسلخ عن عالم الملك وقتئذ واليه الاشارة بالقول المذكور لابن عباس رضى الله عنهما وفى الحديث (ان لكل شىء قلبا وقلب القرآن يس)
خدايت لشكرى داده ز قرآن ... پس آنكه قلب آن لشكر ز يس
قيل انما جعل يس قلب القرآن اى أصله ولبه لان المقصود الأهم من إنزال الكتب بيان انهم يحشرون وانهم جميعا لديه محضرون وان المطيعين يجازون بأحسن ما كانوا يعملون ويمتاز عنهم المجرمون وهذا كله مقرر فى هذه السورة بأبلغ وجه وأتمه ونقل عن الغزالي انه انما كانت قلب القرآن لان الايمان صحته بالاعتراف بالحشر والنشر وهذا المعنى مقرر فيها بأبلغ وجه فشابهت القلب الذي يصح به البدن وقال ابو عبد الله القلب امير على الجسد وكذلك يس امير على سائر السور موجود فيه كل شىء. ويجوز ان يقال فى وجه شبهه بالقلب انه لما كان القلب غائبا عن الاحساس وكان محلا للمعانى الجليلة وموطنا للادراكات الخفية والجلية وسببا لصلاح البدن وفساده شبه الحشر به فانه من عالم الغيب وفيه يكون انكشاف(7/442)
الأمور والوقوف على حقائق المقدور وبملاحظته وإصلاح أسبابه تكون السعادة الابدية وبالاعراض عنه وإفساد أسبابه يبتلى بالشقاوة السرمدية وقال النسفي يمكن ان يقال فى كونه قلب القرآن ان هذه السورة ليس فيها الا تقرير الأصول الثلاثة الوحدانية والرسالة والحشر وهو الذي يتعلق بالقلب والجنان واما الذي باللسان والأركان ففى غير هذه السورة فلما كان فيها اعمال القلب لا غير سماها قلبا. وآخر الحديث المذكور (من قرأها يريد بها وجه الله غفر الله له واعطى من الاجر كأنما قرأ القرآن ثنتين وعشرين مرة وأيما مسلم قرئ عنده إذا نزل به ملك الموت يس نزل بكل حرف منها عشرة املاك يقومون بين يديه صفوفا يصلون عليه ويستغفرون له ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه وأيما مسلم قرأ يس وهو فى سكراته لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان بشربة من الجنة يشربها وهو على فراشه ويقبض روحه وهو ريان ويمكث فى قبره وهو ريان ولا يحتاج الى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان) وفى الحديث (ان فى القرآن لسورة تشفع لقارئها ويغفر لسامعها تدعى فى التوراة المعمة) قيل يا رسول الله وما المعمة قال (تعم صاحبها بخير الدارين وتدفع عنه أهاويل الآخرة وتدعى الدافعة والقاضية) قيل يا رسول الله وكيف ذلك قال (تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضى له كل حاجة) وفى الحديث (من قرأها عدلت له عشرين حجة ومن سمعها كان له ثواب صدقة الف دينار فى سبيل الله ومن كتبها ثم شربها ادخلت جوفه الف دواء والف نور والف بركة والف رحمة ونزع منه كل داء وغل) وفى الحديث (من قرأ سورة يس فى ليلة أصبح مغفورا له) وعن يحيى بن كثير قال بلغنا انه من قرأ يس حين يصبح لم يزل فى فرح حتى يمسى ومن قرأها حين يمسى لم يزل فى فرح حتى يصبح وفى الحديث (اقرأوا يس فان فيها عشر بركات ما
قرأها جائع إلا شبع وما قرأها عار الا اكتسى وما قرأها اعزب الا تزوج وما قرأها خائف الا أمن وما قرأها مسجون الا فرج وما قرأها مسافر الا أعين على سفره وما قرأها رجل ضلت له ضالة الا وجدها وما قرئت عند ميت الا خفف عنه وما قرأها عطشان الا روى وما قرأها مريض الا برىء) وفى الحديث (يس لما قرئت له) وفى الحديث (من دخل المقابر وقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات) وفى ترجمة الفتوحات [و چون ببالين محتضر حاضر شوى سوره يس بخوان شيخ اكبر قدس سره ميفرمايد كه وقتى بيمار بودم ودرين مرض مرا غشيانى شد بحدى كه مرا از جمله مردكان شمردند در ان حالت قومى ديدم منظرهاى كريه وصورتهاى قبيح ميخواستند كه بمن أذيتي رسانند وشخصى ديدم بغايت خوب روى با قوت تمام واز وى بوى خوش مى آمد آن طائفه را از من دفع كرد وتا بدان حد كه ايشانرا مقهور كردانيد واو را پرسيدم تو كيستى كفت من سوره يس ام از تو دفع ميكنم چون از ان حالت بهوش آمدم پدر خود را ديدم كه ميكريست وسوره يس ميخواند در ان لحظه ختم كرد او را از آنچهـ مشاهده كرده بودم خبر دادم وبعد از ان بمدتى از رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بمن رسيد كه (اقرأوا على موتاكم يس) قال الامام اليافعي قد جاء فى الحديث (ان عمل الإنسان يدفن معه فى قبره(7/443)
وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5)
فان كان العمل كريما أكرم صاحبه وان كان لئيما آلمه) اى ان كان عملا صالحا آنس صاحبه وبشره ووسع عليه قبره ونورّه وحماه من الشدائد والأهوال وان كان عملا سيئا فزع صاحبه وروّعه واظلم عليه قبره وضيقه وعذبه وخلى بينه وبين الشدائد والأهوال والعذاب والوبال كما جاء فى المثنوى
در زمانه مر ترا سه همره اند ... آن يكى وافى واين يك غدرمند
آن يكى ياران وديكر رخت ومال ... وآن سوم وافيست وان حسن الفعال
مال نايد با تو بيرون از قصور ... يار آيد ليك آيد تا بكور
چون ترا روز أجل آيد به پيش ... يار كويد از زبان حال خويش
تا بدينجا بيش همره نيستم ... بر سر كورت زمانى بيستم
فعل تو وافيست زو كن ملتحد ... كه در آيد با تو در قعر لحد
پس پيمبر كفت بهر اين طريق ... با وفاتر از عمل نبود رفيق
كر بود نيكو ابد يارت شود ... ور بود بد در لحد مارت شود
وعن بعض الصالحين فى بعض بلاد اليمن انه لما دفن بعض الموتى وانصرف الناس سمع فى القبر صوتا ودقا عنيفا نم خرج من القبر كلب اسود فقال له الشيخ الصالح ويحك أىّ شىء أنت فقال انا عمل الميت قال فهذا الضرب فيك أم فيه قال فى وجدت عنده سورة يس وأخواتها فحالت بينه وبينى وضربت وطردت قال اليافعي قلت لما قوى عمله الصالح غلب عمله الصالح وطرد عنه بكرم الله ورحمته ولو كان عمله القبيح أقوى لغلبه وافزعه وعذبه نسأل الله الكريم الرحيم لطفه ورحمته وعفوه وعافيته لنا ولاحبابنا ولاخواننا المسلمين اللهم أجب دعانا بحرمة سورة يس تمت سورة يس فى ثانى ذى القعدة الشريف من الشهور المنسلكة فى سلك سنة عشر ومائة والف
تفسير سورة الصافات
احدى او اثنتان وثمانون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
وَالصَّافَّاتِ صَفًّا الواو للقسم والصافات جمع صافة بمعنى جماعة صافة فالصافات بمعنى الجماعات الصافات ولو قيل والصافين وما بعدها بالتذكير لم يحتمل الجماعات. والصف ان يجعل الشيء على خط مستقيم كالناس والأشجار: وبالفارسية [رسته كردن] تقول صففت القوم من باب ردّ فاصطفوا إذا أقمتم على خط مستو لاداء الصلاة او لاجل الحرب. اقسم الله سبحانه بالملائكة الذين يصفون للعبادة فى السماء ويتراصون فى الصف اى بطوائف الملائكة الفاعلات للصفوف على ان المراد إيقاع نفس الفعل من غير قصد الى المفعول واللاتي يقفن صفا صفا فى مقام العبودية والطاعة: وبالفارسية [وبحق فرشتكان صف بر كشيده در مقام عبوديت صف بر كشيدنى] او الصافات أنفسها اى الناظمات لها فى سلك الصفوف بقيامها فى مواقف الطاعة ومنازل الخدمة وفى الحديث (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم) قلنا وكيف تصف الملائكة عند ربهم قال (يتمون الصفوف المقدّمة ويتراصون فى الصف) [والتراص: نيك در يكديكر بايستادن] وكان عمر بن الخطاب رضى الله(7/444)
فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3)
عنه إذا أراد ان يفتتح بالناس الصلاة قال استووا تقدم يا فلان تأخر يا فلان ان الله عز وجل يرى لكم بالملائكة أسوة يقول والصافات صفا: يعنى [خداى تعالى مى نمايد بر شما را به بملائكة اقتدا كويد] والصافات صفا وعن ابن عباس رضى الله عنهما ترد الملائكة صفوفا صفوفا لا يعرف كل ملك منهم من الى جانبه لم يلتفت منذ خلقه الله تعالى وفى القاموس والصافات صفا الملائكة المصطفون فى الهواء يسبحون ولهم مراتب يقومون عليها صفوفا كما يصطف المصلون انتهى وقال بعضهم الصافات أجنحتها فى الهواء منتظرة لامر الله تعالى فيما يتعلق بالتدبير وقيل غير ذلك وقوله تعالى فى اواخر هذه السورة (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) يحتمل الكل قال بعض الكبار الملائكة على ثلاثة اصناف مهيمون فى جلال الله تعالى تجلى لهم فى اسمه الجليل فهيمهم وأفناهم عنهم فلا يعرفون نفوسهم ولا من هاموا فيه وصنف مسخرون ورأسهم القلم الأعلى سلطان عالم التدوين والتسطير وصنف اصحاب التدبير للاجسام كلها من جميع الأجناس كلها وكلهم صافون فى الخدمة ليس لهم شغل غير ما أمروا به وفيه لذتهم وراحتهم وفى الآية بيان شرف الملائكة حيث اقسم بهم وفضل الصفوف وقد صح ان الشيطان يقف فى فرجة الصف فلا بد من التلاصق والانضمام والاجتماع ظاهرا وباطنا فَالزَّاجِراتِ زَجْراً يقال زجرت البعير إذا حثثته ليمضى وزجرت فلانا عن سوء فانزجر اى نهيته فانتهى فزجر البعير كالحث له وزجر الإنسان كالنهى وفى كشف الاسرار الزجر الصرف عن الشيء بتخويف وفى المفردات الزجر طرد بصوت ثم يستعمل فى الطرد تارة وفى الصوت اخرى وفى تاج المصادر [الزجر:
تهديد كردن وبانك بر ستور زدن تا برود] اى الفاعلات للزجر او الزاجرات لمانيط بها زجره من الاجرام العلوية والسفلية وغيرها على وجه يليق بالمزجور ومن جملة ذلك زجر العباد عن المعاصي وزجر الشيطان عن الوسوسة والإغواء وعن استراق السمع كما سيأتى قال بعضهم يعنى الملائكة الذين يزجرون السحاب ويؤلفونه ويسوقونه الى البلد الذي لامطربه فَالتَّالِياتِ ذِكْراً مفعول التاليات واما صفا وزجرا فمصدران مؤكدان لما قبلهما بمعنى صفا بديعا وزجرا بليغا اى التاليات ذكرا عظيم الشأن من آيات الله وكتبه المنزلة على الأنبياء عليهم السلام وغيرهما من التسبيح والتقديس والتحميد والتمجيد. او المراد بالمذكورات نفوس العلماء العمال الصافات أنفسها فى صفوف الجماعات وأقدامها فى الصلاة الزاجرات بالمواعظ والنصائح التاليات آيات الله الدارسات شرائعه وأحكامه. او طوائف الغزاة الصافات أنفسهم فى مواطن الحرب كأنهم بنيان مرصوص. او طوائف قوادهم الصافات لهم فيها الزاجرات الخيل للجهاد سوقا والعدو فى المعارك طردا التاليات آيات الله وذكره وتسبيحه فى تضاعيف ذلك لا يشغلهم عن الذكر مقابلة العدوّ وذلك لكمال شهودهم وحضورهم مع الله وفى الحديث (ثلاثة أصوات يباهى الله بهن الملائكة الاذان والتكبير فى سبيل الله ورفع الصوت بالتلبية) . او نفوس العابدين الصفات عند اداء الصلاة بالجماعة الزاجرات الشياطين بقراءة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم التاليات القرآن بعدها ويقال فالتاليات ذكرا اى الصبيان يتلون فى الكتاب فان الله تعالى يحول العذاب عن الخلق مادامت تصعد هذه الاربعة الى السماء أولها أذان المؤذنين(7/445)
إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4)
والثاني تكبير المجاهدين. والثالث تلبية الملبين. والرابع صوت الصبيان فى الكتاب [صاحب تأويلات فرموده كه سوكند ميخورد بنفوس سالكان طريق توحيد كه در مواقف مشاهده صف بركشيده دواعى شيطانى ونوازع شهوات نفسانى را زجرى نمايند وبانواع ذكر لسانى يا قلبى يا سرى يا روحى بحسب احوال خود اشتغال ميفرمايند] وفى التأويلات النجمية (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) يشير الى صفوف الأرواح وجاء انهم لما خلقوا قبل الأجساد كانوا فى اربعة صفوف. كان الصف الاول أرواح الأنبياء والمرسلين. وكان الصف الثاني الرواح الأولياء والأصفياء. وكان الصف الثالث أرواح المؤمنين والمسلمين. وكان الصف الرابع أرواح الكفار والمنافقين (فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) هى الإلهامات الربانية الزاجرات للعوام عن المناهي والخواص عن رؤية الطاعات والأخص عن الالتفات الى الكونين (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) هم الذاكرون الله تعالى كثيرا والذاكرات انتهى وهذه الصفات ان أجريت على الكل فعطفها بالفاء للدلالة على ترتيبها فى الفضل اما بكون الفضل للصف ثم للزجر ثم للتلاوة او على العكس وان أجريت كل واحدة منهن على طوائف معينة فهو للدلالة على ترتب الموصوفات فى مراتب الفضل بمعنى ان طوائف الصافات ذوات فضل والزاجرات أفضل والتاليات ابهر فضلا او على العكس وفى تفسير الشيخ وغيره وجاء بالفاء للدلالة على ان القسم بمجموع المذكورات إِنَّ إِلهَكُمْ يا اهل مكة فان الآية نزلت فيهم إذ كانوا يقولون بطريق التعجب أجعل الآلهة الها واحدا او يا بنى آدم: وبالفارسية [وبدرستى كه خداى شما در ذات وحدانيت خود] لَواحِدٌ لا شريك له فلا تتخذوا آلهة من الأصنام والدنيا والهوى والشيطان. والجملة جواب للقسم والفائدة فيه مع ان المؤمن مقر من غير حلف والكافر غير مقرّ ولو بالحلف تعظيم المقسم به واظهار شرفه وتأكيد المقسم عليه على ما هو المألوف فى كلامهم وقد انزل القرآن على لغتهم وعلى أسلوبهم فى محاوراتهم وقيل تقدير الكلام فيها وفى مثلها ورب الصافات ورب التين والزيتون وفى المفردات الوحدة الانفراد والواحد فى الحقيقة هو الشيء الذي لا جزء له البتة ثم يطلق على كل موجود حتى انه ما من عدد الا ويصح وصفه به فيقال عشرة واحدة ومائة واحدة فالواحد لفظ مشترك يستعمل فى خمسة أوجه. الاول ما كان واحدا فى الجنس او فى النوع كقولنا الإنسان والفرس واحد فى الجنس وزيد وعمرو واحد فى النوع. والثاني ما كان واحدا بالاتصال اما من حيث الخلقة كقولك شخص واحد واما من حيث الصناعة كقولك حرفة واحدة. والثالث ما كان واحدا لعدم نظيره اما فى الخلقة كقولك الشمس واحدة واما فى دعوى الفضيلة كقولك فلان واحد دهره وكقولك هو نسيج وحده. والرابع ما كان واحد الامتناع التجزى فيه اما لصغره كالهباء واما لصلابته كالماس. والخامس للمبتدأ اما لمبدأ العدد كقولك واحد اثنين واما لمبدأ الخط كقولك النقطة الواحدة والوحدة فى كلها عارضة فاذا وصف الله عز وجل بالواحد فمعناه هو الذي لا يصح عليه التجزى ولا التكثر ولصعوبة هذه الوحدة قال الله تعالى (وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) انتهى قال الغزالي رحمه الله الواحد هو الذي لا يتجزى(7/446)
رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5)
ولا يثنى اما الذي لا يتجزى فكالجواهر الواحد الذي لا ينقسم فيقال انه واحد بمعنى انه لا جزء له وكذا النقطة لا جزء لها والله تعالى واحد بمعنى انه يستحيل تقدير الانقسام على ذاته واما الذي لا يثنى فهو الذي لا نظير له كالشمس مثلا فانها وان كانت قابلة للقسمة بالوهم متجزئة فى ذاتها لانها من قبيل الأجسام فهى لا نظير لها الا انه يمكن لها نظير فما فى الوجود موجود ينفرد بخصوص وجود الا ويتصور ان يشاركه فيه غيره الا الله تعالى فانه الواحد المطلق ازلا وابدا فالعبد انما يكون واحدا إذا لم يكن فى أبناء جنسه نظير له فى خصلة من خصال الخير وذلك بالاضافة الى أبناء جنسه وبالاضافة الى الوقت إذ يمكن ان يظهر فى وقت آخر مثله وبالاضافة الى بعض الخصال دون الجميع فلا وحدة على الإطلاق الا لله تعالى انتهى. ولا يوحده تعالى حق توحيده الا هو إذ كل شىء وحده اى اثبت وجوده وفعله بتوحيده فقد جحده بإثبات وجود نفسه وفعله واليه الاشارة بقول الشيخ ابى عبد الله الأنصاري قدس سره تعالى
ما وحد الواحد من واحد ... إذ كل من ينعته جاحد
فاذا أفنى الوجود المجازى صح التوحيد الحقيقي الذاتي وكل شىء من الأشياء عين مرآة توحيده كما قالوا
ففى كل شىء له آية ... تدل على انه واحد
وذلك لان كل شىء واحد بهويته او بانتهائه الى الجزء الذي لا يتجزى او بغير ذلك
تا دم وحدت زدى حافظ شوريده حال ... خامه توحيد كش بر ورق اين وآن
قال الشيخ الزروقى فى شرح الأسماء من عرف انه الواحد أفرد قلبه له فكان واحدا به وقد فسر قوله عليه السلام (ان الله وتر يحب الوتر) يعنى القلب المنفرد له وخاصة هذا الاسم الواحد إخراج الكون من القلب فمن قرأه الف مرة خرج الخلائق من قلبه فكفى خوف الخلق وهو اصل كل بلاء فى الدنيا والآخرة وسمع عليه السلام رجلا يقول فى دعائه اللهم انى اسألك باسمك الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال (سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به اعطى) وفى الأربعين الادريسية يا واحد الباقي أول كل شىء وآخره قال السهروردي يذكره من توالت عليه الافكار الرديئة فتذهب عنه وان قرأه الخائف من السلطان بعد صلاة الظهر خمسمائة مرة فانه يأمن ويفرج همه ويصادقه اعداؤه رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما خبر ثان لان اى مالك السموات والأرض وما بينهما من الموجودات ومربيها ومبلغها الى كمالاتها وَرَبُّ الْمَشارِقِ اى مشارق الشمس وهى ثلاثمائة وستون مشرقا تشرق كل يوم من مشرق منها وبحسبها تختلف المغارب ولذلك اكتفى بذكرها يعنى إذا كانت المشارق بهذا العدد تكون المغارب ايضا بهذا العدد فتغرب فى كل يوم من مغرب منها واما قوله تعالى (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) فهما مشرقا الصيف والشتاء ومغرباهما وقوله رب المشرق والمغرب أراد به الجهة فالمشرق جهة والمغرب جهة وإعادة الرب فى المشارق لغاية ظهور آثار الربوبية فيها وتجددها كل يوم كما ذكر آنفا. تلخيصه هو رب جميع الموجودات وربوبيته لذاته لا لنفع يعود اليه بخلاف(7/447)
إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)
تربية الخلق والربوبية بمعنى المالكية والخالقية ونحوهما عامة وبمعنى التربية خاصة بكل نوع بحسبه فهو مربى الأشباح بانواع نعمه ومربى الأرواح بلطائف كرمه ومربى نفوس العابدين باحكام الشريعة ومربى قلوب المشتاقين بآداب الطريقة ومربى اسرار المحبين بانوار الحقيقة والرب عنوان الادعية فلا بد للداعى من استحضاره لسانا وقلبا حتى يستجاب فى دعائه اللهم ربنا انك أنت الواحد وحدة حقيقية ذاتية لا انقسام لك فيها فاجعل توحيدنا توحيدا حقانيا ذاتيا سريا لا مجازية فيه وانك أنت الرب الكريم الرحيم فكما انك ربنا وخالقنا فكذا مربينا ومولينا فاجعلنا فى تقلبات انواع نعمك شاغلين بك فارغين عن غيرك وأوصل إلينا من كل خيرك إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا اى القربى منكم ومن الأرض واما بالنسبة الى العرش فهى البعدى. والدنيا تأنيث الأدنى بمعنى الأقرب بِزِينَةٍ عجيبة بديعة الْكَواكِبِ بالجر بدل من زينة على ان المراد بها الاسم اى ما يزان به لا المصدر فان الكواكب بانفسها وأوضاع بعضها عن بعض زينة وأي زينة وفيه اشارة الى ان الزينة التي تدرك بالبصر يعرفها الخاصة والعامة والى الزينة التي يختص بمعرفتها الخاصة وذلك أحكامها وسيرها والكواكب معلقة فى السماء كالقناديل او مكوكبة عليها كالمسامير على الأبواب والصناديق وكون الكواكب زينة للسماء الدنيا لا يقتضى كونها مر كوزة فى السماء الدنيا ولا ينافى كون بعضها مركوزة فيما فوقها من السموات لان السموات إذا كانت شفافة واجراما صافية فالكواكب سواء كانت فى السماء الدنيا او فى سماوات اخرى فهى لا بد وان تظهر فى السماء الدنيا وتلوح منها فتكون سماء الدنيا مزينة بالكواكب والحاصل ان المراد هو التزيين فى رأى العين سواء كانت اصول الزينة فى سماء الدنيا او فى غيرها وهذا مبنى على ما ذهب اليه اهل الهيئة من ان الثوابت مركوزة فى الفلك الثامن وما عدا القمر فى السنة المتوسطة وان لم يثبت ذلك فحقيقة العلم عند الله تعالى وَحِفْظاً منصوب بعطفه على زينة باعتبار المعنى كأنه قيل انا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا برمى الشهب مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ اى خارج عن الطاعة متعر عن الخير من قولهم شجر امرد إذا تعرى من الورق ومنه الأمرد لتجرده عن الشعر وفى التأويلات النجمية بقوله (إِنَّا زَيَّنَّا) إلخ يشير الى الرأس فانه بالنسبة الى البدن كالسماء مزين (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) الحواس وايضا زين سماء الدنيا بالنجوم وزين قلوب أوليائه بنجوم المعارف والأحوال وكما حفظ السموات بان جعل النجوم للشياطين رجوما كذلك زين القلوب بانوار التوحيد فاذا قرب منها الشياطين رجموهم بنور معارفهم كما قال (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) يعنى من شياطين الانس وحكى ان أبا سعيد الخراز قدس سره رأى إبليس فى المنام فاراد ان يضربه بالعصا فقال يا أبا سعيد انا لا أخاف العصا وانما أخاف من شعاع شمس المعرفة بسوزد نور پاك اهل عرفان ديو نارى را لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى اصل يسمعون يتسمعون فادغمت التاء فى السين وشددت والتسمع وتعديته بالى لتضمنه معنى الإصغاء. والملأ جماعة يجتمعون على رأى فيملأون(7/448)
دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)
العيون رواء والنفوس جلالة وبهاء والملأ الأعلى الملائكة او اشرافهم او الكتبة وصفوا بالعلو لسكونهم فى السموات العلى والجن والانس هم الملأ الأسفل لانهم سكان الأرض وهذا كلام مبتدأ مسوق لبيان حالهم بعد بيان حفظ السماء منهم مع التنبيه على كيفية الحفظ وما يعتريهم فى أثناء ذلك من العذاب. والمعنى لا يتطلبون السماء والإصغاء الى الملائكة الملكوتية: يعنى [ملائكه كه مطلع اند بر بعضى از اسرار لوح با يكديكر [ميكويند ايشانرا نمى شنوند بلكه طاقت شنودن وكوش فرا نهادن ندارند] وَيُقْذَفُونَ القذف الرمي البعيد ولاعتبار البعد فيه قيل منزل قذف وقذيف وقذفته بحجر رميت اليه حجرا ومنه قذفه بالفجور اى يرمون: وبالفارسية [وانداخته مى شوند] مِنْ كُلِّ جانِبٍ من جميع جوانب السماء إذا قصدوا الصعود إليها دُحُوراً علة للقذف اى للدحور وهو طرد يقال دحره دحرا ودحورا إذا طرده وأبعده وَلَهُمْ فى الآخرة غير ما فى الدنيا من عذاب الرجم بالشهب عَذابٌ واصِبٌ دائم غير منقطع من وصب الأمر وصوبا إذا دام قال فى المفردات الوصب السقم اللازم إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ استثناء من واو يسمعون ومن بدل منه. والخطف الاختلاس بسرعة والمراد اختلاس الكلام اى كلام الملائكة مسارقة كما يعرب عنه تعريف الخطفة اى لا يسمع جماعة الشياطين الا الشيطان الذي خطف اى اختلس الخطفة اى المرة الواحدة يعنى كلمة واحدة من كلام الملائكة: وبالفارسية [وانرا قوت استماع كلام ملائكه نيست مكر كسى كه در ربايد يك ربودن يعنى بدزدد سخنى از فرشته] فَأَتْبَعَهُ اى طبعه ولحقه: وبالفارسية [پس از پى درآيد او را] قال ابن الكمال الفرق بين اتبعه وتبعه انه يقال اتبعه اتباعا إذا طلب الثاني اللحوق بالأول وتبعه تبعا إذا مر به ومضى معه شِهابٌ قال فى القاموس الشهاب ككتاب شعلة من نار ساطعة انتهى والمراد هنا ما يرى منقضا من السماء ثاقِبٌ قال فى المفردات الثاقب النير المضيء يثقب بنوره واضاءته ما يقع عليه انتهى اى مضىء فى الغاية كأنه يثقب الجو بضوئه يرجم به الشياطين إذا صعدوا لاستراق السمع وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال بينما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جالس فى نفر من أصحابه إذ رمى بنجم فاستتار فقال عليه السلام (ما كنتم تقولون لمثل هذا فى الجاهلية) فقالوا يموت عظيم او يولد عظيم فقال (انه لا يرمى لموت أحد ولا لحياته ولكن الله إذا قضى امرا يسبحه حملة العرش واهل السماء السابعة يقولون) اى اهل السماء السابعة (لحملة العرش ماذا قال ربكم فيخبرونهم فيستخبر اهل كل سماء اهل سماء حتى ينتهى الخبر الى السماء الدنيا فيتخطب الجن فيرمون فما جاؤا به على وجهه فهو حق ولكنهم يزيدون فيه ويكذبون فما ظهر صدقه فهو من قسم ما سمع من الملائكة وما ظهر كذبه فهو من قسم ما قالوه) قيل كان ذلك فى الجاهلية ايضا لكن غلظ المنع وشدّد حين بعث النبي عليه السلام. قيل هيئة استراقهم ان الشياطين يركب بعضهم بعضا الى السماء الدنيا فيسمع من فوقهم الكلام فيلقيه الى من تحته ثم هو يلقيه الى الآخر حتى الى الكاهن فيرمون بالكوكب فلا يخطئ ابدا فمنهم من يقتل ومنهم من يحرق بعض أعضائه واجزائه ومنهم من يفسد عقله وربما(7/449)
فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ (11) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12) وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (13) وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14) وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (15) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (17) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (18)
أدركه الشهاب قبل ان يلقيه وربما ألقاه قبل ان يدركه ولاجل ان يصيبهم مرة ويسلمون اخرى لا يرتدعون عن الاستراق بالكلية كراكب البحر للتجارة فانه قد يصيبه الموج وقد لا يصيبه فلذا يعود الى ركوب البحر رجاء السلامة ولا يقال ان الشيطان من النار فلا يحترق لانه ليس من النار الصرف كما ان الإنسان ليس من التراب الخالص مع ان النار القوية إذا استولت على الضعيفة استهلكتها ثم ان المراد بالشهاب شعلة نار تنفصل من النجم لا انه النجم نفسه لانه قار فى الفلك على حاله وقالت الفلاسفة ان الشهب انما هى اجزاء نارية تحصل فى الجو عند ارتفاع الابخرة المتصاعدة واتصالها بالنار التي دون الفلك انتهى وقال بعض كبار اهل الحقيقة لولا الأثير الذي هو بين السماء والأرض ما كان حيوان ولا نبات ولا معدن فى الأرض لشدة البرد الذي فى السماء الدنيا فهو يسخن العالم لتسرى فيه الحياة بتقدير العزيز العليم وهذا الأثير الذي هو ركن النار متصل بالهواء والهواء حار رطب ولما فى الهواء من الرطوبة إذا اتصل بهذا الأثير اثر فيه لتحركه اشتعالا فى بعض اجزاء الهواء الرطبة فبدت الكواكب ذوات الأذناب لانها هواء محترق لا مشتعل وهى سريعة الاندفاع وان أردت تحقيق هذا فانظر الى شرر النار إذا ضرب الهواء النار بالمروحة يتطاير منها شرر مثل الخيوط فى رأى العين ثم تنطفئ كذلك هذه الكواكب وقد جعلها الله رجوما للشياطين الذين هم كفار الجن كما قال الله تعالى انتهى كلامه قدس سره قال بعضهم لما كان كل نير يحصل فى الجو مصابيح لاهل الأرض فيجوز ان تنقسم الى ما تكون باقية على وجه الدهر آمنة من التغير والفساد وهى الكواكب المركوزة فى الافلاك والى ما لا تبقى بل تضمحل وهو الحادث بالبخار الصاعد على ما ذهب اليه الفلاسفة او بتحريك الهواء الأثير واشعاله على ما ذهب اليه بعض الكبار فلا يبعد ان يكون هذا الحادث رجما للشيطان يقول الفقير أغناه الله القدير قول بعض الكبار يفيد حدوث بعض الكواكب ذوات الاذناب من التحريك المذكور وهى الكواكب المنقضة سواء كانت ذوات أذناب اولا وهذا لا ينافى ارتكاز الكواكب الغير الحادثة فى أفلاكها او تعليقها فى السماء او بايدى الملائكة كالقناديل المعلقة فى المساجد او كونها ثقبا فى السماء او عروقا نيرة من الشمس على ما ذهب الى كل منها طائفة من اهل الظاهر والحقيقة قال قتادة جعل الله النجوم لثلاث زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها فمن تأول فيها غير ذلك فقد تكلف ما لا علم له به. فعلى طالب الحق ان يرجم شيطانه بنور التوحيد والعرفان كيلا يحوم حول جنانه ويكون كالملأ الأعلى فى الاشتغال بشانه
كاه كويى أعوذ وكه لا حول ... ليك فعلت بود مكذب قول
بحقيقت بسوز شيطانرا ... ساز از نور حال درمانرا
فَاسْتَفْتِهِمْ خطاب للنبى عليه السلام والضمير لمشركى مكة [والاستفتاء: فتواى خواستن] والفتيا والفتوى الجواب عما يشكل من الاحكام يقال استفتيته فافتانى بكذا قال بعضهم الفتوى من الفتى وهو الشاب القوى وسمى الفتوى فتوى لان المفتى يقوى السائل فى جواب الحادثة وجمعه فتاوى بالفتح والمراد بالاستفتاء هنا الاستخبار كما فى قوله تعالى فى قصة اهل(7/450)
بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12)
الكهف (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) وليس المراد سؤال الاستفهام بل التوبيخ. والمعنى فاستخبر يا محمد مشركى مكة توبيخا واسألهم سؤال محاجة أَهُمْ [آيا ايشان] أَشَدُّ خَلْقاً أقوى خلقة وامتن بنية او أصعب على الخالق خلقا او أشق إيجادا أَمْ مَنْ اى أم الذي خَلَقْنا من الملائكة والسماء والأرض وما بينهما والمشارق والكواكب والشهب الثواقب والشياطين المردة ومن لتغليب العقلاء على غيرهم إِنَّا خَلَقْناهُمْ اى خلقنا أصلهم وهو آدم وهم من نسله مِنْ طِينٍ لازِبٍ لاصق يلصق ويعلق باليد لارمل فيه قال فى المفردات اللازب الثابت الشديد الثبوت ويعبر باللازب عن الواجب فيقال ضربة لازب اه والباء بدل من الميم والأصل لازم مثل مكة وبكة كما فى كشف الاسرار والمراد اثبات المعاد ورد استحالتهم وتقريره ان استحالة المعاد اما لعدم قابلية المادة ومادتهم الاصلية هى الطين اللازب الحاصل من ضم الجزء المائى الى الجزء الأرضي وهما باقيان قابلان الانضمام بعد واما لعدم قدرة الفاعل وهو باطل فان من قدر على خلق هذه الأشياء العظيمة قادر على ما يعتد به بالاضافة إليها وهو خلق الإنسان وإعادته سيما ومن الطين اللازب بدأهم وقدرته ذاتية لا تتغير فهى بالنسبة الى جميع المخلوقات على السواء [پس هر كاه خورشيد قدرت از أفق أرادت طلوع نمايد ذرات مقدورات در هواى إبداع وفضاى اختراع بجلوه درآيند] قدس سره كاينك ز عدم سوى وجود آمده ايم قال الشيخ سعدى قدس سره
بامرش وجود از عدم نقش بست ... كه داند جز او كردن از نيست هست
دكر ره بكتم عدم در برد ... واز آنجا بصحراى محشر برد
وفى الآية اشارة الى انه تعالى أودع فى الطينة الانسانية خصوصية لزوب ولصوق يلصق بكل شىء صادقه فصادف قوما الدنيا فلصقوا بها وصادف قوما الآخرة فلصقوا بها وصادف قوما نفحات الطاف الحق فلصقوا بها فاذابتهم وجذبتهم عن انانيتهم بهويتها كما تذيب الشمس الثلج وتجذبه إليها فطوبى لعبد لم يتعلق بغير الله تعالى: قال الحافظ
غلام همت آنم كه زير چرخ كبود ... ز هر چهـ رنك تعلق پذيرد آزادست
بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ قال سعدى المفتى إضراب عن الأمر بالاستفتاء اى لا تستفتهم فانهم معاندون ومكابرون لا ينفع فيهم الاستفتاء وانظر الى تفاوت حالك وحالهم أنت تعجب من قدرة الله تعالى على خلق هذه الخلائق العظيمة ومن قدرته على الاعادة وانكارهم للبعث وهم يسخرون من تعجبك وتقريرك للبعث وقال قتادة عجب نبى الله من هذا القرآن حين انزل وضلال بنى آدم وذلك ان النبي عليه السلام كان يظن ان كل من يسمع القرآن يؤمن به فلما سمع المشركون القرآن فسخروا منه ولم يؤمنوا عجب من ذلك النبي عليه السلام فقال الله تعالى (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) والسخرية الاستهزاء والعجب والتعجب حالة تعرض للانسان عند الجهل بسبب الشيء ولهذا قال بعض الحكماء العجب ما لا يعرف سببه ولهذا قيل(7/451)
وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (13) وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14) وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (15) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (17) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (18)
لا يصح على الله التعجب إذ هو علام الغيوب لا يخفى عليه خافية. والعجب فى صفة الله تعالى قد يكون بمعنى الإنكار الشديد والذم كما فى قراءة بل عجبت بضم التاء وقد يكون بمعنى الاستحسان والرضى كما فى حديث (عجب ربكم من شاب ليست له صبوة ونخوة) وفى فتح الرحمن هى عبارة عما يظهره الله فى جانب المتعجب منه من التعظيم والتحقير حتى يصير الناس متعجب منه انتهى وسئل الجنيد عن هذه الآية فقال ان الله تعالى لا يعجب من شىء ولكن الله وافق رسوله فقال (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) اى هو كما تقوله وفى المفردات بل عجبت ويسخرون اى عجبت من انكارهم البعث لشدة تحققك بمعرفته ويسخرون بجهلهم. وقرأ بعضهم بل عجبت بضم التاء وليس ذلك اضافة التعجب الى نفسه فى الحقيقة بل معناه انه مما يقال عنده عجبت او تكون عجبت مستعارة لمعنى أنكرت نحو (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) انتهى وَإِذا ذُكِّرُوا اى ودأبهم المستمر انهم إذا وعظوا بشىء من المواعظ: وبالفارسية [و چون پند داده شون به چيزى لا يَذْكُرُونَ لا يتعظون: وبالفارسية [ياد نكنند آنرا وبدان پند پذير نشوند] وفيه اشارة الى انهم نسوا الله غاية النسيان بحيث لا يذكرونه وإذا ذكروا يعنى بالله تعالى لا يتذكرون وَإِذا رَأَوْا آيَةً اى معجزة تدل على صدق القائل بالبعث يَسْتَسْخِرُونَ [الاستسخار: أفسوس داشتن] والسين والتاء للمبالغة والتأكيد اى يبالغون فى السخرية والاستهزاء او للطلب على أصله اى يستدعى بعضهم من بعض ان يسخر منها: يعنى [يكديكر را بسخريه مى خوانند] وَقالُوا إِنْ هذا [نيست اين كه ما ديدم] ان نافية بمعنى ما وهذا اشارة الى ما يرونه من الآية الباهرة إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ
ظاهر سحريته وفيه اشارة الى ان اهل الإنكار إذا رأوا رجلا يكون آية من آيات الله يسخرون منه ويعرضون عن الايمان به ويقولون لما يأتى به ان هذا الا سحر مبين لانسداد بصائرهم عن رؤية حقيقة الحال بغطاء الإنكار ونسبة اهل الهدى الى الضلال
چون نباشد چشم ويرا نورجان ... كفت وكوى وجه باقى شد خيال
أَإِذا اى أنبعث إذا مِتْنا وبالفارسية [آيا برانگيختگان باشيم چون ميريم ما] وَكُنَّا تُراباً [وباشيم خاك] وَعِظاماً [واستخوانهاى بى گوشت و پوست] اى كان بعض اجزائنا ترابا وبعضها عظاما وتقديم التراب لانه منقلب من الاجزاء البالية أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ اى لا نبعث فان الهمزة للانكار الذي يراد به النفي وتقديم الظرف لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه الى حالة منافية له غاية المنافاة أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ الهمزة للاستفهام والواو للعطف وآباؤنا رفع على الابتداء وخبره محذوف عند سيبويه اى وآباؤنا الأولون اى الأقدمون ايضا مبعوثون ومرادهم زيادة الاستبعاد بناء على انهم اقدم فبعثهم ابعد على زعمهم قُلْ تبكيتا لهم نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ نعم بفتحتين يقع فى جواب الاستخبار المجرد من النفي ورد الكلام الذي بعد حرف الاستفهام والخطاب لهم ولآبائهم على التغليب. والدخور أشد الصغار والذلة يقال ادخرته فدخر أي أذللته فذل والجملة حال من فاعل ما دل عليه نعم اى كلكم مبعوثون والحال انكم صاغرون أذلاء على رعم منكم(7/452)
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (19) وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (20) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23)
فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ لا تحتاج الى نعم الاخرى وهى اما ضمير مبهم يفسره خبره او ضمير البعثة المذكورة فى ضمن نعم لان المعنى نعم مبعوثون والجملة جواب شرط مضمر او تعليل لنهى مقدر اى إذا امر الله بالبعث فانما هى إلخ اولا تستصعبوه فانما هى إلخ. والزجرة الصيحة من زجر الراعي غنمه او ابله إذا صاح عليها وهى النفخة الثانية فَإِذا هُمْ إذا للمفاجأة والضمير للمشركين وفى بعض التفاسير للخلائق كلهم اى فاذا هم قائمون من مراقدهم احياء يَنْظُرُونَ حيارى او يبصرون كما كانوا او ينتظرون ما يفعل بهم وَقالُوا اى المبعوثون وصيغة الماضي للدلالة على التحقق والتقرر يا وَيْلَنا الويل الهلاك اى يا هلاكنا احضر فهذا أوان حضورك وقال الكاشفى [اى واى بر ما] هذا يَوْمُ الدِّينِ تعليل لدعائهم الويل بطريق الاستئناف اى اليوم الذي نجازى فيه بأعمالنا وانما علموا ذلك لانهم كانوا يسمعون فى الدنيا انهم يبعثون ويحاسبون ويجزون بأعمالهم فلما شاهدوا البعث أيقنوا بما بعده ايضا فتقول لهم الملائكة بطريق التوبيخ والتقريع هذا يَوْمُ الْفَصْلِ اى القضاء او الفرق بين فريقى الهدى والضلال الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ اى كنتم على الاستمرار تكذبون به وتقولون انه كذب ليس له اصل ابدا فيقول الله تعالى للملائكة احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا الحشر يجيىء بمعنى البعث وبمعنى الجمع والسوق وهو المراد هاهنا دون الاول كما لا يخفى والمراد بالظالمين المشركون من بنى آدم [جمع كنيد وبهم آريد آنان را كه ستم كردند بر خود بشرك] وَأَزْواجَهُمْ اى أشباههم من اهل الشرك والكفر والنفاق والعصيان عابد الصنم مع عبدته وعابد الكواكب مع عبدتها واليهود مع اليهود والنصارى مع النصارى والمجوس مع المجوس وغيرهم من الملل المختلفة ويجوز ان يكون المراد بالأزواج نساءهم اللاتي على دينهم او قرناءهم من الشياطين كل كافر مع شيطانه فى سلسلة وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من الأصنام ونحوها زيادة فى تحسيرهم وتخجيلهم فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ الضمير للظالمين وأزواجهم ومعبوديهم اى فعرّفوهم طريق جهنم ووجهوهم إليها وفيه تهكم بهم ويقال الظالم فى الآية عام على من ظلم نفسه وغيره فيحشر كل ظالم مع من كان معينا له اهل الخمر مع اهل الخمر واهل الزنى مع اهل الزنى واهل الربا مع اهل الربا وغيرهم كل مع مصاحبه [در قوت القلوب آورده كه يكى از عبد الله بن مبارك قدس سره پرسيد كه من خياطم وأحيانا براى ظلمه چامه مى دوزم ناكاه از عوان ايشان نباشيم ابن مبارك فرمودنى تو كه از أعوان نيستى بلكه از ظالمانى أعوان ظلمه آنهااند كه سوزن ورشته بتو ميفروشند] وفى الفروع ويكره للخفاف والخياط ان يستأجر على عمل من زى الفساق ويأخذ فى ذلك اجرا كثيرا لانه اعانة على المعصية [نقليست كه يكبار امام أعظم رضى الله عنه را محبوس كردند يكى از ظلمه بيامد كه مرا قلمى تراش كن كفت ترسم كه از ان قوم باشم كه حق تعالى ميفرمايد] (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) اى اتباعهم وأعوانهم واقرانهم المقتدين بهم فى أفعالهم وفى الحديث (امرؤ القيس قائد لواء الشعراء الى النار) كما فى تذكرة القرطبي
يار ظالم مباش تا نشوى ... روز حشر از شماره ايشان(7/453)
وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (25) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27) قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28)
- ويروى- ان ابن المبارك رؤى فى المنام فقيل له ما فعل بك ربك فقال عاتبنى وأوقفني ثلاث سنة بسبب انى نظرت باللطف يوما الى مبتدع فقال انك لم تعاد عدوى فكيف حال القاعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين وفى الروضة يجيب دعوة الفاسق والورع ان لا يجيب ويكره للرجل المعروف الذي يقتدى به ان يتردد الى رجل من اهل الباطل وان يعظم امره بين الناس فانه يكون مبتدعا ايضا ويكون سببا لترويج امره الباطل واتباع الناس له فى اعتقاده الفاسد وفعله الكاسد. والحاصل ان ارباب النفوس الامارة كانوا يدلون فى الدنيا على صراط الجحيم من حيث الأسباب من الأقوال والافعال والأخلاق فلذا يحشرون على ما ماتوا وكذلك من أعان صاحب فترة فى فترته او صاحب زلة فى زلته كان مشاركا له فى عقوبته واستحقاق طرده واهانته كما اشتركت النفوس والأجساد فى الثواب والعقاب نسأل الله العمل بخطابه والتوجه الى جنابه والسلوك بتوفيقه والاهتداء الى طريقه انه المعين وَقِفُوهُمْ قفوا امر من وقفه وقفا بمعنى حسبه لا من وقف وقوفا بمعنى دام قائما فالاول متعد والثاني لازم. والمعنى احبسوا المشركين ايها الملائكة عند الصراط كما قال بطريق التعليل إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عما ينطق به وقوله تعالى ما لَكُمْ [چيست بشما كه] لا تَناصَرُونَ حال من معنى الفعل فى مالكم اى ما تصنعون حال كونكم غير متناصرين وحقيقته ما سبب عدم تناصركم وان لا ينصر بعضكم بعضا بالتخليص من العذاب كما كنتم تزعمون فى الدنيا كما قال ابو جهل يوم بدر نحن جميع منتصر: يعنى [ما همه هم پشتيم يكديكر را تا كين كشيم از محمد] وتأخير هذا السؤل الى ذلك الوقت لانه وقت تنجز العذاب وشدة الحاجة الى النصرة وحالة انقطاع الرجاء منها بالكلية فالتوبيخ والتقريع حينئذ أشد وقعا وتأثيرا وفى الحديث (لا تزال قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن اربعة عن شبابه فيم أبلاه وعن عمره فيم أفناه وعن ماله من اين اكتسبه وفيم أنفقه وعن عمله ماذا عمل به) قال بعض الكبار مقام السؤال صعب قوم يسألهم الملك وقوم يسألهم الملك فالذين تسألهم الملائكة أقوام لهم اعمال صالحة تصلح للعرض والكشف وأقوام لهم اعمال لا تصلح للكشف وهم قسمان الخواص يسترهم الحق عن اطلاع الخلق عليهم فى الدنيا والآخرة وأقوام هم اهل الزلات يخصهم الله تعالى برحمته فلا يفضحهم واما الأغيار والأجانب فيقال لهم كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا فاذا قرأوا كتابهم يقال لهم فما جزاء من عمل هذا فيقولون جزاؤه النار فيقال لهم ادخلوا بحكمكم كما ان جبرائيل جاء فى صورة البشر الى فرعون وقال ما جزاء عبد عصى سيده وادعى العلو عليه وقدرباه بانواع نعمه قال جزاؤه الغرق قال اكتب لى فكتب له صورة فتوى فلما كان يوم الغرق اظهر الفتوى وقال كن غريقا بحكمك على نفسك. ويجوز ان يقال لهم فى بعض احوال استيلاء الفزع عليهم ما لكم لا تناصرون فيكون منقطعا عما قبله قال فى بحر العلوم والآية نص قاطع ينطق بحقية الصراط وهو جسر ممدود على متن جهنم أدق من الشعر واحد من السيف يعبره اهل الجنة وتزل به أقدام اهل النار وأنكره بعض المعتزلة لانه لا يمكن العبور عليه وان أمكن فهو تعذيب للمؤمنين وأجيب بان الله قادر(7/454)
بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27) قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28)
ان يمكن من العبور عليه ويسهله على المؤمنين حتى ان منهم من يجوزه كالبرق الخاطف ومنهم كالريح الهابّة ومنهم كالجود الى غير ذلك: وفى سلسلة الذهب للمولى الجامى
هر كه باشد ز مؤمن وكافر ... بر سر پل كنندشان حاضر
هر كه كافر بود چوبنهد پاى ... قعر دوزخ بود مر او را جاى
مؤمنانرا ز حق رسد تأييد ... ليك بر قدر قوت توحيد
هر كرا بر طريقت نبوى ... ره نبودست غير راست روى
دوزخ از نور او كند پرهيز ... بگذرد همچوبرق خاطف تيز
يا چومرغ پران وباد وزان ... يا چو چيزى دكر سبكتر از ان
وانكه ضعفى بود در ايمانش ... نبود زان كذشتن آسانش
بلكه در رنج آن كذركه تنك ... باشد او را بقدر ضعف درنك
ليك يابد خلاص آخر كار ... كرچهـ بيند مشقت بسيار
وفى الحديث (إذا اجتمع العالم والعابد على الصراط قيل للعابد ادخل الجنة وتنعم بعبادتك وقيل للعالم قف هاهنا فاشفع لمن أحببت فانك لا تشفع لاحد الا شفعت فقام مقام الأنبياء) وقد جاء فى الفروع رجلان تعلما علما كعلم الصلاة او نحوها أحدهما يتعلم ليعلم الناس والآخر يتعلم ليعمل به فالاول أفضل لان منفعة تعليم الخلق اكثر لكونه خيرا متعديا فكان هو أفضل من الخير اللازم لصاحبة وقد جاء فى الآثار (ان مذاكرة العلم ساعة خير من احياء الليلة) خصوصا إذا كان مما يتعلق بالعلم بالله وقد قل اهله فى هذا الزمان وانقطعت مذاكرته عن اللسان لانقطاع ذوق الجنان وانسداد البصيرة والعياذ بالله من الخذلان والحرمان بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ [الاستسلام: كردن نهادن] يقال استسلم للشىء إذا انقاد له وخضع وأصله طلب السلامة. والمعنى منقادون ذليلون خاضعون بالاضطرار لظهور عجزهم وانسداد باب الحيل عليهم اسلم بعضهم بعضا وخذ له عن عجز فكل مستسلم غير منتصر كقوم متحابين انكسرت سفينتهم فوقعوا فى البحر فاسلم كل واحد منهم صاحبه الى الهلكة لعجزه عن تنجية نفسه فضلا عن غيره بخلاف حال المتحابين فى الله: قال الحافظ
يار مردان خدا باش كه در كشتىء نوح ... هست خاكى كه بآبى نخرد طوفانرا
وَأَقْبَلَ حينئذ [والإقبال: پيش آمدن وروى فرا كسى كردن] يقال اقبل عليه بوجهه وهو ضد الأدبار بَعْضُهُمْ هم الاتباع او الكفرة عَلى بَعْضٍ هم الرؤساء او القرناء حال كونهم يَتَساءَلُونَ يسأل بعضهم بعضا سؤال توبيخ بطريق الخصومة والجدال ولذا فسر بيتخاصمون كأنه قيل كيف يتساءلون فقيل قالُوا اى الاتباع للرؤساء او الكفرة للقرناء إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا فى الدنيا عَنِ الْيَمِينِ عن القوة والإجبار فنتجبروننا على الغى والضلال فاتبعناكم خوفا منكم بسبب القهر والقوة وبها يقع اكثر الأعمال. او عن الناحية التي كان منها الحق فتصرفوننا عنها كما فى المفردات. او عن الجهة التي كنا نأمنكم منها لحلفكم انكم على الحق فصدقناكم فانتم اضللتمونا كما فى فتح الرحمن فاليمين(7/455)
قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29) وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (30) فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31) فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (32) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (33) إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34) إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35)
إذا بمعنى الحلف والاول أوفق للجواب الآتي كما فى الإرشاد ويقال من أتاه الشيطان من جهة اليمين أتاه من قبل الدين لتلبيس الحق عليه. ومن أتاه من جهة الشمال أتاه من قبل الشهوات. ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل تكذيب القيامة. ومن أتاه من خلفه أتاه من قبل تخويفه بالفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده فلم يصل رحما ولم يؤد زكاة وفى الآية إشارتان الاولى ان دأب اهل الدنيا انهم يلقون ذنب بعضهم على بعض ويدفعون عن أنفسهم ويبرئون اعراض الاخوان من تهمة الذنوب ويتهمون أنفسهم بها كما كان عيسى عليه السلام إذا رأى قد سرق شيأ يقول له أسرقت فيقول لا والذي لا اله الا هو فيقول عيسى صدقت وكذبت عيناى. والثانية ان من كان مؤمنا حقيقيا لا يقدر أحد على إضلاله ومن كان مؤمنا تقليديا يضل بإضلال اهل الهوى والبدع ويزول إيمانه بأدنى شبهة كما أشار بنفي الايمان فى الجواب الآتي قالُوا استئناف بيانى كأنه قيل فماذا قال الرساء او القرناء فقيل قالوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ اى لم نمنعكم من الايمان بالقوة والقهر او بنحو ذلك بل لم تؤمنوا باختياركم وأعرضتم عنه مع تمكنكم منه وآثرتم الكفر عليه وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ من قهر وتسلط نسلب به اختياركم. والسلاطة التمكن من القهر سلطه فتسلط ومنه سمى السلطان بمعنى الغالب والقاهر والسلطان يقال فى السلاطة ايضا ومنه ما فى الآية ونظائرها بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ مختارين للطغيان مصرين عليه والطغيان مجاوزة الحد فى العصيان فَحَقَّ عَلَيْنا اى لزم وثبت علينا قَوْلُ رَبِّنا وهو قوله (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) إِنَّا لَذائِقُونَ اى السناب الذي ورد به الوعيد: وبالفارسية [بدرستى كه چشندكانيم عذاب را در ان روز] فَأَغْوَيْناكُمْ فدعوناكم الى الغى والضلال دعوة غير ملجئة فاستجبتم لنا باختياركم الغى على الرشد: وبالفارسية [پس ما شما را دعوت كرديم بگمراهى وكژ راهى بجهت آنكه] إِنَّا كُنَّا غاوِينَ ثابتين على الغواية فلا عتب علينا فى تعرضنا لاغوائكم بتلك المرتبة من الدعوة لتكونوا امثالنا فى الغواية: وبالفارسية [ما بوديم كمراهان خواستيم كه شما نيز مثل ما باشيد در مثل است كه خرمن سوخته خرمن سوخته طلبد
من مستم وخواهم كه تو هم مست شوى ... تا همچومن سوخته همدست شوى
حق سبحانه وتعالى فرمود كه] فَإِنَّهُمْ اى الاتباع والمتبوعين يَوْمَئِذٍ [آن روز] فِي الْعَذابِ متعلق بقوله مُشْتَرِكُونَ حسبما كانوا مشتركين فى الغواية إِنَّا كَذلِكَ اى مثل ذلك الفعل البديع الذي تقتضيه الحكمة التشريعية وهو الجمع بين الضالين والمضلين فى العذاب نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ المتناهين فى الاجرام وهم المشركون كما يعرب عنه التعليل بقوله تعالى إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ بطريق الدعوة والتلقين بان يقال قولوا لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ يتعظمون عن القول وقع ذكر لا اله الا الله فى القرآن فى موضعين. أحدهما فى هذه السورة. والثاني فى سورة القتال فى قوله (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) وليس فى القرآن لهما ثالث وفى التلويح لا يخفى ان الاستثناء هاهنا بدل من اسم لا على المحل والخبر محذوف اى لا اله موجود فى الوجود الا الله انتهى قال الهندي ويجوز فى المستثنى النصب على الاستثناء(7/456)
وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37) إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (38) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (39) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (40)
ولا يضعف الا فى نحو لا اله الا الله من حيث انه يوهم وجها ممتنعا وهو الابدال من اللفظ انتهى قال العصام لان إيهام البدل هاهنا من اللفظ إيهام الكفر وبينه وبين قصد المخبر بالتوحيد تناف وَيَقُولُونَ أَإِنَّا [آيا ما] لَتارِكُوا آلِهَتِنا [ترك كنندكانيم عبادات خداى خود را] لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ اى لاجل قول شاعر مغلوب على عقله يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم وهمزة الاستفهام للانكار اى ما نحن بتاركي عبادة آلهتنا وهى الأصنام: وبالفارسية [ما بسخن او ترك عبادت أصنام نكنيم] ولقد كذبوا فى ذلك حيث جننوه وشعروه وقد علموا انه أرجح الناس عقلا وأحسنهم رأيا وأشدهم قولا وأعلاهم كعبا فى المآثر والفضائل كلها وأطولهم باعا فى العلوم والمعارف بأسرها ويشهد بذلك خطبة ابى طالب فى تزويج خديجة الكبرى فى محضر بنى هاشم ورؤساء مضر على ما سبق فى سورة آل عمران عند قوله تعالى (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ) الآية بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ اى ليس الأمر على ما قالوه من الشعر والجنون بل جاء محمد بالحق وهو التوحيد وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ جميعا فى مجيئهم بذلك فما جاء به هو الذي اجمع عليه كافة الرسل فاين الشعر والجنون من ساحته الرفيعة
هر كرا در عقل كل باشد كمال ... نيست او مجنون اى شوريده حال
إِنَّكُمْ بما فعلتم من الإشراك وتكذيب الرسول والاستكبار لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ والالتفات الى الخطاب لاظهار كمال الغضب عليهم وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اى الاجزاء ما كنتم تعملونه من السيئات او الا ما كنتم تعملونه منها قال ابن الشيخ ولما كان المقام مظنة ان يقال كيف يليق بالكريم الرحيم المتعالي عن النفع والضر ان يعذب عباده أجاب عنه بقوله (وَما تُجْزَوْنَ) إلخ وتقريره ان الحكمة تقتضى الأمر بالخير والطاعة والنهى عن القبيح والمعصية ولا يكمل المقصود من الأمر والنهى الا فى الترغيب فى الثواب والترهيب بالعقاب ولما وقع الاخبار بذلك وجب تحقيقه صونا للكلام عن الكذب فلهذا السبب وقعوا فى العذاب انتهى فعلى العاقل ان يحذر من يوم القيامة وجزائه فينتقل من الإنكار الى الإقرار ومن الشك الى اليقين ومن الكبر الى التواضع ومن الباطل الى الحق ومن الفاني الى الباقي ومن الشرك الى التوحيد ومن الرياء الى الإخلاص وسئل عن على رضى الله عنه ما علامة المؤمن قال اربع. ان يطهر قلبه من الكبر والعداوة. وان يطهر لسانه من الكذب والغيبة. وان يطهر قلبه من الرياء والسمعة. وان يطهر جوفه من الحرام والشبهة وأعظم الكبر ان يتكبر عن قول لا اله الا الله الذي هو أساس الايمان وخير الاذكار وكلمة الإخلاص وبه يترقى العبد الى جميع المراتب الرفيعة لكن بشرائطه وأركانه [حسن بصرى را پرسيدند كه چهـ كويى درين خبر كه] (من قال لا اله الا الله دخل الجنة) قال لمن عرف حدها وادى حقها
هر كرا از خدا بود تأييد ... نشود كار او بجز توحيد
ذكر توحيد مايه حالست ... چون از ان بگذرى همه قالست
إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ استثناء منقطع من ضمير ذائقون وما بينهما اعتراض جيىء به مسارعة(7/457)
أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (41) فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (42) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (43)
الى تحقيق الحق ببيان ان ذوقهم العذاب ليس الا من جهتهم لا من جهة غيرهم أصلا ولكون الاستثناء منقطعا والا بمعنى لكن قال فى كشف الاسرار تم الكلام هاهنا اى عند قوله تعالى (إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) والمعنى انكم لذائقوا العذاب الأليم لكن عباد الله المخلصين لا يذوقونه. والمخلصون بالفتح من أخلصه الله لدينه وطاعته واختاره لجناب حضرته كقوله تعالى (وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) اى اصطفاهم الله تعالى فلهم سلامة من الأزل الى الابد. والمخلص بالكسر من أخلص عبادته لله تعالى ولم يشرك بعبادته أحدا كقوله تعالى (وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) وحقيقة الفرق بينهما على ما قال بعض العارفين ان الصادق والمخلص بالكسر من باب واحد وهو من تخلص من شوائب الصفات النفسانية مطلقا والصديق والمخلص بالفتح من باب واحد وهو من تخلص من شوائب الغيرية ايضا والثاني أوسع فلكا واكثر احاطة فكل صديق ومخلص بالفتح صادق ومخلص بالكسر من غير عكس فرحم الله حفصا حيث قرأ بالفتح حيثما وقع فى القرآن أُولئِكَ إلخ استئناف فكأن سائلا سأل ما لهؤلاء المخلصين من الاجر والثواب فقيل أولئك الممتازون عما عداهم بالاضافة والإخلاص لَهُمْ بمقابلة إخلاصهم فى العبودية رِزْقٌ لا يدانيه رزق ولا يحيط به وصف على ما يفيده التنكير والرزق اسم لما يسوقه الله الى الحيوان فيأكله مَعْلُومٌ الخصائص من حسن المنظر ولذة الطعم وطيب الرائحة ونحوها من نعوت الكمال والظاهر ان معناه معلوم وجودا وقدرا وحسنا ولذة وطيبا ووقتا بكرة وعشيا او دواما كل وقت اشتهوه فان فيه فراغ الخاطر وانما يضطرب اهل الدنيا فى حق الرزق لكون أرزاقهم غير معلومة لهم كما فى الجنة
تشنكانرا نمايد اندر خواب ... همه عالم بچشم چشمه آب
هر كرا چشمه شد جدا لب او ... كى بماند بآنكه در لب جو
فَواكِهُ بدل من رزق جمع فاكهة وهى كل ما يتفكه به اى يتنعم باكله من الثمار كلها رطبها ويابسها وتخصيصها بالذكر لان أرزاق اهل الجنة كلها فواكه اى ما يأكل بمجرد التلذذ دون الاقتيات: وبالفارسية [قوت كرفتن] لانهم مستغنون عن القوت لكون خلقتهم على حالة تقتضى البقاء فهى محكمة محفوظة من التحلل المحوج الى البدل بخلاف خلقة اهل الدنيا فانها على حالة تقتضى الفناء فهى ضعيفة محتاجة الى ما يحصل به القوام اللهم الا خلقة بعض الافراد المصونة من التحلل والتفسخ دنيا وبرزخا وقال بعضهم لان الفواكه من اتباع سائر الاطعمة فذكرها مغن عن ذكرها يقول الفقير والظاهر ان الاقتصار على الفواكه للترغيب والتشويق من حيث انه لا يوجد فى اغلب ديار العرب خصوصا فى الحجاز انواع الفواكه وَهُمْ مُكْرَمُونَ عنده لا يلحقهم هوان وذلك أعظم المثوبات وأليقها باولى الهمم وقال بعضهم لما فصل خصائص رزقهم بين ان ذلك الرزق يصل إليهم بالتعظيم والإكرام لان مجرد المطعوم من غير إعزاز وإكرام يليق بالبهائم ولما ذكر مأكولهم وصف مساكنهم فقال فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ النعيم النعمة اى فى جنات ليس فيها الا النعيم فالاضافة للاختصاص والظرف يقرر محل الرزق والإكرام او خبر آخر(7/458)
عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (44) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (47) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48)
لقول هم مثل قوله عَلى سُرُرٍ [بر تختهاى آراسته] جمع سرير وهو الذي يجلس عليه من السرور إذ كان كذلك لاولى النعمة وسرير الميت يشبه به فى الصورة وللتفاؤل بالسرور الذي يلحق بالميت برجوعه الى الله وخلاصه من السجن المشار اليه بقوله عليه السلام (الدنيا سجن المؤمن) ويجوز ان يتعلق على سرر بقوله مُتَقابِلِينَ اى حال كونهم متقابلين على سرر وهو حال من الضمير فى قوله على سرر: والمعنى بالفارسية [روى در روى يكديكر تا بديدار هم شاد وخرم باشند] والتقابل وهو ان ينظر بعضهم وجه بعض أتم للسرور والانس وقيل لا ينظر بعضهم الى قفا بعض لدوران الاسرة بهم ثم ان استئناس بعضهم برؤية بعض صفة الأبرار فان من صفة الأحرار ان لا يستأنسوا الا بمولاهم وسئل يحيى بن معاذ رضى الله عنه هل يقبل الحبيب بوجهه على الحبيب فقال وهل يصرف الحبيب وجهه عن الحبيب وذلك لكون أحدهما مرآة للآخر فالله تعالى يتجلى للمقربين كل لحظة فيدوم عليهم انسهم الباطن حال كون ظواهرهم مستغرقة فى نعيم الجنان: قال الكمال الخجندي
دولت آن نيست كه يابم دو جهان زير نكين ... دولت اينست وسعادت كه ترا يافته ام
ولما ذكر مأكل المخلصين ومسكنهم ذكر بعده صفة شربهم فقال يُطافُ عَلَيْهِمْ استئناف مبنى على ما نشأ عن حكاية تكامل مجالس انسهم. والطواف الدوران حول الشيء وكذا الاطافة كما قال فى التهذيب [الاطافة: كرد چيزى بر كشتن] : والمعنى بالفارسية [كردانيده ميشود بر ايشان يعنى ساقيان بهشت وخادمان بر سر ايشان مى كردانند] بِكَأْسٍ [جامى تر] اى باناء فيه خمر فان الكأس يطلق على الزجاجة مادام فيها خمر والا فهو قدح واناء مِنْ مَعِينٍ صفة كأس اى كائنة من شراب معين اى ظاهر للعين او من نهر معين اى جار على وجه ارض الجنة فان فى الجنة أنهارا جارية من خمر كأنهار جارية من ماء قال فى المفردات هو من قولهم معن الماء جرى فهو معين وقيل ماء معين هو من العين والميم زائدة فيه انتهى وفى الآية اشارة الى ان قوما شربوا ومشربهم الشراب بالكأس والشراب معين محسوس وقوما شربوا ومشربهم الحب والحب مغيب مستور وقوما شربوا ومشربهم المحبوب هو سر مكنون
نسيم الحب يحييكم ... رحيق الحب يلهيكم
من المحبوب يأتيكم ... الى المحبوب ينهيكم
بَيْضاءَ لونا أشد من لون اللبن والخمر البيضاء لم تر فى الدنيا ولن ترى وهذا من جملة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت. وبيضاء تأنيث ابيض صفة ايضا لكأس وكذا قوله لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لكل من يشرب منها. ووصفها بلذة اما للمبالغة اى كأس لذيذة عذبة شهية طيبة صارت فى لذتها كأنها نفس اللذة او لانها تأنيث اللذ بمعنى اللذيذ وصفها باللذة بيانا لمخالفتها لخمور الدنيا لانقطاع اللذة عن خمور الدنيا كلها رأسا بالكلية لا فِيها غَوْلٌ بخلاف خمور الدنيا فان فيها غولا كالصداع ووجع البطن وذهاب العقل والإثم فهو من قصر المسند اليه على المسند. يعنى ان عدم الغول مقصور على الاتصاف بفي إذ خمور الجنة لا تتجاوز الاتصاف بفي كخمور الدنيا: وبالفارسية [نيست دران شراب آفتى وعلتى كه بر(7/459)
وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48)
خمر دنيا مرتب است چون فساد حال وذهاب عقل وصداع سر وخواب وجز آن] وهى صفة لكأس ايضا وبطل عمل لا وتكررت لتقدم خبرها. والغول اسم بمعنى الغائلة يطلق على كل اذية ومضرة قال فى المفردات قال تعالى فى صفة خمر الجنة (لا فِيها غَوْلٌ) نفيا لكل ما نبه عليه بقوله (وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) وبقوله (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ)
انتهى يقال غاله الشيء إذا اخذه من حيث لم يدر وأهلكه من حيث لا يحس به ومنه سمى السعلاة غولا بالضم والسعلاة سحرة الجن كما سبق فى سورة الحجر قال فى بحر العلوم ومنه الغول الذي يراه بعض الناس فى البوادي ولا يكذبه ولا ينكره الا المعتزلة من جميع اصناف الناس حتى جعلوه من كذبات العرب مع انه يشهد بصحته قوله عليه السلام (إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان) انتهى قال ابن الملك عند قوله عليه السلام (لا عدوى ولا طيرة ولا غول) هو واحد الغيلان وهى نوع من الجن كانت العرب يعتقدون انه فى الفلاة يتصرف فى نفسه ويتراءى للناس بألوان مختلفة وإشكال شتى ويضلهم عن الطريق ويهلكهم فان قيل ما معنى النفي وقد قال عليه السلام (إذا تغولت الغيلان) اى تلونت لونا بصور شتى (فعليكم بالأذان) أجيب بانه كان ذلك فى الابتداء ثم دفعه الله عن عباده. او يقال المنفي ليس وجود الغول بل ما يزعمه العرب من تصرفه فى نفسه انتهى اى من تلونه بالصور المختلفة واغتياله اى إضلاله وإهلاكه والغول يطلق على ما يهلك كما فى المفردات: وفى المثنوى ذكر حق كن بانك غولانرا بسوز أخذ ذكر الحق من الاذان فى الحديث وأراد بالغيلان ما يضل السالك أيا كان وَلا هُمْ اى المخلصون عَنْها اى عن خمر الجنة يُنْزَفُونَ يسكرون من نزف الشارب فهو نزيف ومنزوف إذا ذهب عقله من السكر وبالكسر من انزف الرجل إذا سكر وذهب عقله او نفد شرابه وفى المفردات نزف الماء نزحه كله من البئر شيأ بعد شىء ونزف دمه ودمعه اى نزح كله ومنه قيل سكران نزف اى نزف فمه بسكره. وقرئ ينزفون اى بالكسر من قولهم انزف القوم إذا نزف ماء بئرهم انتهى ثم انه أفرد هذا بالنفي مع اندراجه فيما قبله من نفى الغول عنها لما انه من معظم مفاسد الخمر كأنه جنس برأسه. والمعنى لا فيها نوع من انواع الفساد من مغص اى وجع فى البطن او صداع او حمى او عربدة اى سوء خلق والمعربد مؤذ نديمه فى سكره قاموس اى لا لغو ولا تأثيم ولا هم يسكرون وفى بحر العلوم وبالجملة ففى خمر الدنيا انواع من الفساد من السكر وذهاب العقل ووقوع العداوة والبغضاء والصداع والخسارة فى الدين والدنيا حتى جعل شاربها كعابد الوثن ومن القيء والبول وكثيرا ما تكون سببا للقتال والضراب والزنى وقتل النفس بغير حق كما شوهد من أهلها ولا شىء من ذلك كله فى خمر الجنة قال بعض العرفاء جميع البلاء والارتكابات ليس الا لكثافتنا فلولا هذه الكثافة لما عرض لنا الأمراض والأوجاع ولم يصدر منا ما يقبح فى العقول والأوضاع ألا يرى انه لا مرض فى عالم الآخرة ولا شىء مما يتعلق بالكثافة ولكن معرفة الله تعالى لا تحصل لو لم تكن تلك الكثافة فهى مدار الترقي والتنزل ولذلك لا يكون للملائكة ترق وتدل فهم على خلقتهم وجبلتهم الاصلية وَعِنْدَهُمْ(7/460)
كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (49) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52)
اى عند المخلصين قاصِراتُ الطَّرْفِ القصر الحبس والمنع وطرف العين جفنه والطرف تحريك الجفن وعبر به عن النظر لان تحريك الجفن يلازمه النظر. والمعنى حور قصرن أبصارهن على أزواجهن لا يمددن طرفا الى غيرهم ولا يبغين بهم بدلا لحسنهم عندهن ولعفتهن كما فى بعض التفاسير عِينٌ صفة بعد صفة لموصوف ترك ذكره للعلم به. جمع عيناء بمعنى واسعة العين وأصله فعل بالضم كسرت الفاء لتسلم الياء والمعنى حسان الأعين وعظامها قال فى المفردات يقال للبقر الوحشي عيناء وأعين لحسن عينه وبها شبه الإنسان كَأَنَّهُنَّ اى القاصرات بَيْضٌ بفتح الباء جمع بيضة وهو المعروف سمى البيض لبياضه والمراد به هنا بيض النعام: يعنى [خايه شتر مرغ] مَكْنُونٌ ذكر المكنون مع انه وصف به الجمع فينبغى ان يؤنث اعتبارا للفظ الموصوف ومكنون اى مستور من كننته اى جعلته فى كن وهو السترة شبهن بيض النعام المصون من الغبار ونحوه فى الصفاء والبياض المخلوط بأدنى صفرة فان ذلك احسن ألوان الأبدان اى لم تنله الأيدي فان ما مسته الأيدي يكون متدنسا وقال الطبري اولى الأقاويل ان يقال ان البيض هو الجلدة التي فى داخل القشرة قبل ان يمسها شىء لانه مكنون يعنى هو البيض أول ما ينحى عنه قشره يقول الفقير أغناه الله القدير ذكر الله تعالى فى هذه الآيات ما كان لذة الجسم ولذة الروح. اما لذة الجسم فالتنعم بالفواكه وانواع النعم والخمر التي لم يكن عند العرب أحب منها والتمتع بالأزواج الحسان. واما لذة الروح فالسرور الحاصل من الإكرام والانس الحاصل من صحبة الاخوان والانبساط الحاصل من النظر الى وجوه الحسان وفى الحديث (ثلاث يجلين البصر النظر الى الخضرة والى الماء الجاري والى الوجه الحسن) قال ابن عباس رضى الله عنهما والإثمد عند النوم نسأل الله لقاءه وشهوده ونطلب منه فضله وجوده
دارم اندك روشنايى در بصر ... بي جمال او ولى فيه النظر
قال بعض العرفاء البيضة حلال لطيف ولكن اهل التصوف لا يأكلها لانها ناقصة وانما كمالها إذا كانت دجاجة وكذا لا يحصل منها الشبع التام وكذا من مرق العمارة لعدم طهارته فلتكن هذه المسألة نقلا وفاكهة لاهل الارادة ومن الله الوصول الى اسباب السعادة فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ معطوف على يطاف اى ليشرب عباد الله المخلصون فى الجنة فيتحادثون على الشراب كما هو عادة الشرب فى الدنيا فيقبل بعضهم على بعض حال كونهم يتساءلون عن الفضائل والمعارف وعما جرى عليهم ولهم فى الدنيا: وبالفارسية [مى پرسند از احوال دنيا وماجراى ايشان با دوست ودشمن] فالتعبير عنهم بصيغة الماضي للتأكيد والدلالة على تحقق الوقوع حتما وفى الآية اشارة الى ان اهل الجنة هم الذين كانوا ممن لم يقبلوا على الله بالكلية وان كانوا مؤمنين موحدين والا كانوا فى مقعد صدق مع المقربين قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ فى تضاعيف محاوراتهم وأثناء مكالماتهم إِنِّي كانَ لِي فى الدنيا قَرِينٌ مصاحب وجليس: وبالفارسية [مرا يارى وهمنشينى بود] يَقُولُ لى على(7/461)
أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59)
طريقة التوبيخ بما كنت عليه من الايمان والتصديق بالبعث أَإِنَّكَ [آيا تو] لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ المعتقدين والمقرين بالبعث أَإِذا مِتْنا [آيا چون بميريم] وَكُنَّا تُراباً [وخاك كرديم] وَعِظاماً [واستخوانهاى كهنه] أَإِنَّا لَمَدِينُونَ جمع مدين من الدين بمعنى الجزاء ومنه كما تدين تدان اى لمبعوثون ومحاسبون ومجزيون اى لا نبعث ولا نجزى قالَ اى ذلك القائل بعد ما حكى لجلسائه مقالة قرينه فى الدنيا هَلْ أَنْتُمْ [آيا شما] مُطَّلِعُونَ [الاطلاع: ديده ور شدن] اى ناظرون الى اهل النار لاريكم ذلك القرين المكذب بالبعث يريد بذلك بيان صدقه فيما حكاه فقال جلساؤه أنت اعرف به منا فاطلع أنت فَاطَّلَعَ عليه: يعنى [فرو نكيرد بر ايشان] فَرَآهُ اى قرينه فِي سَواءِ الْجَحِيمِ فى وسط جهنم: وبالفارسية [در ميان آتش دوزخ] وسمى وسط الشيء سواء لاستواء المسافة منه الى جميع الجوانب قال ابن عباس رضى الله عنهما فى الجنة كوى ينظر منها أهلها الى اهل النار ويناظرونهم لان لهم فى توبيخ اهل النار لذة وسرورا يقول الفقير لا شك ان الجنة فى جانب الأوج والنار فى طرف الحضيض فلاهل الجنة النظر الى النار وأهلها كما ينظر اهل الغرف الى من دونهم واما سرورهم لعذابهم مع كونهم مؤمنين رحماء فلان يوم القيامة يوم ظهور اسم المنتقم والقهار ونحوهما فكما انهم فى الدنيا رحماء بينهم أشداء على الكفار كذلك لا يرحمون الأعداء كما لا يرحمهم الله إذ لو رحمهم لادخلهم الجنة نسأل الله ثوابه وجنته قالَ اى القائل مخاطبا لقرينه متشمتا به حين رآه على صورة قبيحة تَاللَّهِ إِنْ اى ان الشان كِدْتَ قاربت: وبالفارسية [بخداى كه نزديك تو بودى كه] لَتُرْدِينِ [مرا هلاك كردى وتباه] اى لتهلكنى بالإغواء والردى الهلاك والارداء الإهلاك وأصله تردينى بياء المتكلم فحذفت اكتفاء بالكسرة وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي بالهداية والعصمة لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ الإحضار لا يستعمل الا فى الشر كما فى كشف الاسرار اى من الذين احضروا العذاب كما أحضرته أنت وامثالك وفى التأويلات النجمية (وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي) حفظه وعصمته وهدايته (لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) معكم فيما كنتم فيه من الضلالة فى البداية وفيما أنتم فيه من العذاب والبعد فى النهاية وانما اخبر الله تعالى عن هذه الحالة قبل وقوعها ليعلم ان غيبة الأشياء وحضورها عند الله سواء لا يزيد حضورها فى علم الله شيأ ولا ينقص عيبتها من علمه شيأ سواء فى علمه وجودها وعدمها بل كانت المعدومات فى علمه موجودة
برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پيدا و پنهان بنزدش يكيست
أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ رجوع الى محاورة جلسائه بعد إتمام الكلام مع قرينه سرورا بفضل الله العظيم والنعيم المقيم فان تذكر الخلود فى الجنة لذة عظيمة والهمزة للتقرير وفيها معنى التعجب والفاء للعطف على مقدر يقتضيه نظم الكلام اى أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين اى بمن شأنه الموت إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى التي كانت فى الدنيا وهى متناولة لما فى القبر بعد الاحياء للسؤال قاله تصديقا لقوله تعالى (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) اى لا نموت فى الجنة ابدا سوى موتتنا الاولى فى الدنيا ونصبها على المصدر من اسم الفاعل يعنى انه مستثنى مفرغ معرب(7/462)
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63)
على حسب العوامل منصوب بميتين كما ينصب المصدر بالفعل المذكور قبله فى مثل قولك ما ضربت زيدا الا ضربة واحدة كأنه قيل وما نحن نموت موتة الا موتتنا الاولى وقيل نصبها على الاستثناء المنقطع بمعنى لكن الموتة الاولى قد كانت فى الدنيا وقيل الا هنا بمعنى بعد وسوى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ كالكفار فان النجاة من العذاب ايضا نعمة جليلة مستوجبة للتحدث بها كما ان العذاب محنة عظيمة مستدعية لتمنى الموت كل ساعة وعن ابى بكر الصديق رضى الله عنه الموت أشد مما قبله وأهون مما بعده وفى الآية اشارة الى ان من مات الموتة الاولى وهى الموتة الارادية عن الصفات النفسانية الحيوانية فقد حيى بحياة روحانية ربانية لا يموت بعدها ابدا بل ينقل المؤمن من دار الى دار فى جوار الحق ولا يعذب بنار الهجران وآفة الحرمان
هر كه فانى شد از أرادت خويش ... زندكى يافت او ز مهجت خويش
از عذاب والم مسلم كشت ... در جوار خدا منعم كشت
إِنَّ هذا اى الأمر العظيم الذي نحن فيه من النعمة والخلود والا من من العذاب لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الفوز الظفر مع حصول السلامة اى لهو السعادة والظفر بكل المراد إذ الدنيا وما فيها تحتقر دونه كما تحتقر القطرة من البحر المحيط والحبة من البيدر الكبير لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ اى لنيل هذا المرام الجليل يجب ان يعمل العاملون ويجتهد المجتهدون لا للحظوظ الدنيوية السريعة الانقطاع المشوبة بفنون الآلام والبلايا والصداع قال الكاشفى [از براى اين نعمتها پس بايد كه عمل كنندكان نه براى مال وجاه دنيا كه پر شرف زوال وصدد انتقال است]
كر بار كشى بار نكارى بارى ... ور كار كنى براى يارى بارى
ور روى بخاكراهى خواهى ماليد ... بر خاك ره طرفه سوارى بارى
ويحتمل ان يكون قوله ان هذا إلخ من كلام رب العزة فهو ترغيب فى طلب ثواب الله بطاعته ويقال فليحتمل المحتملون الأذى لانه قد حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات كما قال جلال الدين الرومي قدس سره
حفت الجنة بمكروهاتنا ... حفت النيران من شهواتنا
يعنى جعلت الجنة محفوفة بالأشياء التي كانت مكرهة لنا وجعلت النار محاطة بالأشياء التي محبوبة لنا فما بين المرء وبين الجنة حجاب الا المكاره وهو حجاب عظيم صعب خرقه وما بين النار وبينه حجاب الا الشهوات وهو حجاب حقير سهل لاهله والعياذ بالله من الإقبال على الشهوات والأدبار عن الكرامات فى الجنات قال فى كشف الاسرار [پس عارفان سزاتراند كه بر اميد ديدار جلال احديت ويافت حقائق قربت وتباشير صبح وصلت ديده ديده ودل فرا كنند وجان وروان درين بشارت نثار كنند] يعنى ان هبت نفحة من نفحات الحق من جنات القدس أو شم رائحة من نسيم القرب او بدت شطبة من الحقائق وتباشير الوصلة حق للعارف ان يقول ان هذا لهو الفوز العظيم وبالحرى ان يقول (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) بل لمثل هذه الحالة تبذل الأرواح وتفدى الأشباح كما قيل
على مثل ليلى يقتل المرء نفسه ... وان بات من سلمى على اليأس طاويا(7/463)
أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63)
والحاصل ان لكل من العابدين والعارفين حصة من اشارة هذا فى الآية وكان بعض الصلحاء يصلى الضحى مائة ركعة ويقول لهذا خلقنا وبهذا أمرنا يوشك اولياء الله ان يكفوا ويحمدوا اى على ما آتاهم الله فى مقابلة مجاهداتهم وطاعاتهم من الاجر الجزيل والثواب الجميل. وقد ثبت ان كثيرا من الصلحاء تلوا عند النزع قوله تعالى لمثل هذا الى آخر ما أشير اليه لما شاهده من حيث مقامه فنسأل الله القلب السليم فى الدنيا والنعيم المقيم فى العقبى ولله تعالى ألطاف لا تحويها الافكار- حكى- ان موسى عليه السلام سأل ربه تعالى من ادنى اهل الجنة منزلة فقال رجل يجيىء بعد ما دخل اهل الجنة الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول رب وكيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذهم فيقال له أترضى ان يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت يا رب فيقول لك ذلك ومثله ومثله فيقول فى الخامسة رضيت يا رب فيقول هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول رضيت يا رب قال موسى عليه السلام فمن أعلاهم منزلة فقال أولئك الذين أردت غرس كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم ترعين ولم تسمع اذن ولم يخطر على قلب بشر والكل فوز لكن الفوز بالأعلى فوز عظيم ألا ترى انه لا تستوى الرعية والسلطان فى الدنيا فان كان للرعية عباء فللسلطان قباء وان كان لهم حجرة فله غرفة وان كان لهم كسرة خبز فله ألوان نعمة وهكذا فقد تفاوتت الهمم فى الدنيا واختلف الأغراض ولذا تفاوت المراتب فى العقبى وتباين الأعواض فمن وجد الله تعالى وجد الجنة ايضا بكل ما فيها ولكن ليس كل من يجد الجنة بأسرها يصل الى الله تعالى والانس به والاحتظاظ بلقائه المستغرق جميع الأوقات وشهوده المستوعب لكل الحالات فكن عالى الهمة فان علو الهمة من الايمان وغاية الايمان الإحسان ونهايته الاستغراق فى شهود المنان أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ الهمزة للتقرير والمراد حمل الكفار على اقرار مدخولها وذلك اشارة الى نعيم الجنة. وخير وارد على سبيل التهكم والاستهزاء بهم وانتصاب نزلا على الحالية وهو ما يهيأ من الطعام الحاضر للنازل اى الضيف ومنه إنزال الأجناد لارزاقهم. والزقوم اسم شجرة صغيرة الورق مرة كريهة الرائحة تكون بتهامة يعرفها المشركون سميت بها الشجرة الموصوفة بقوله انها شجرة إلخ وفى المفردات شجرة الزقوم عبارة عن أطعمة كريهة فى النار ومنه استعير زقم فلان وتزقم إذا ابتلع شيأ كريها. والمعنى ان نعم الجنة والرزق المعلوم للمؤمنين فيها خير طعاما يعنى ان الرزق المعلوم نزل اهل الجنة واهل النار نزلهم شجرة الزقوم اى ثمرها فايهما خير فى كونهما نزلا وفى ذكره دلالة على ان ما ذكره من النعيم لاهل الجنة بمنزلة ما يعد ويرفع للنازل ولهم وراء ذلك ما تقصر عنه الافهام وكذلك الزقوم لاهل النار ويقال اصل النزل الفضل والزيادة والريع ومنه قولهم العسل ليس من إنزال الأرض اى من ريعها وما يحصل منها فاستعير للحاصل من الشيء فانتصاب نزلا على التمييز. والمعنى أذلك الرزق المعلوم الذي حاصله اللذة والسرور خير حاصلا أم شجرة الزقوم التي حاصلها الألم والغم إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ محنة وعذابا لهم فى الآخرة فان الفتن فى اللغة الإحراق او ابتلاء فى الدنيا حيث فتنوا وضلوا عن الحق بسببه فان الفاتن قد يطلق على المضل عن الحق فان الكفار لما سمعوا كون هذه الشجرة فى النار فتنوا به فى دينهم وتوسلوا به الى الطعن(7/464)
إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68)
فى القرآن والنبوة والتمادي فى الكفر وقالوا كيف يمكن ذلك والنار تحرق الشجر ولم يعلموا ان من قدر على خلق حيوان يعيش فى النار ويتلذذ بها اقدر على خلق الشجر فى النار وحفظه من الإحراق إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ اى تنبت فى قعر جهنم فمنبتها فى قعرها وأغصانها ترتفع الى دركاتها ولما كان اصل عنصرها النار لم تحرق بها كسائر الأشجار ألا ترى ان السمك لما تولد فى الماء لم يغرق بخلاف ما لم يتولد فيه ولعله رد على ابن الزبعرى وصناديد قريش وتجهيل لهم حيث قال ابن الزبعرى لهم ان محمدا يخوفنا بالزقوم والزقوم بلسان البربر الزبد والتمر فادخلهم ابو جهل بيته وقال يا جارية زقمينا فاتتهم بالزبد والتمر فقال استهزاء تزقموا فهذا ما توعدكم به محمد فقال تعالى (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) فليس الزقوم ما فهم هؤلاء الجهلة الضلال طَلْعُها اى حملها وثمرها الذي يحرج منها ويطلع مستعار من طلع النخلة لمشاركته له فى الشكل. والطلع شىء يخرج من النخل كأنه نعلان مطبقان والحمل بينهما منضود كَأَنَّهُ [كويا او] رُؤُسُ الشَّياطِينِ فى تناهى القبح والهول لان صورة الشيطان أقبح الصور وأكرهها فى طباع الناس وعقائدهم ومن ثمة إذا وصفوا شيأ بغاية القبح والكراهة قالوا كأنه شيطان وان لم يروه فتشبيه الطلع برؤس الشياطين تشبيه بالمخيل كتشبيه الفائق فى الحسن بالملك قال تعالى حكاية (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) وفيه اشارة الى ان من كان هاهنا معلوماته فى قبح صفات الشياطين يكون هناك مكافاته فى قبح صورة الشياطين فَإِنَّهُمْ [پس دوزخيان] لَآكِلُونَ مِنْها اى من الشجرة ومن طلعها فالتأنيث مكتسب من المضاف اليه فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ لغلبة الجوع او للقسر على أكلها وان كرهوها ليكون ذلك نوعا آخر من العذاب وفيه اشارة الى انهم كانوا لها فى مزرعة الآخرة اعنى الدنيا زارعين فما حصدوا الا ما زرعوا. والمالئ اسم فاعل من ملأ الإناء ماء يملؤه فهو مالئ ومملوء. والبطون جمع بطن وهو خلاف الظهر فى كل شىء ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها اى على الشجرة التي ملأوا منها بطونهم بعد ما شبعوا منها وغلبهم العطش وطال استسقاؤهم كما ينبىء عنه كلمة ثم فتكون للتراخى الزمانى ويجوز ان تكون للرتبى من حيث ان كراهة شرابهم وبشاعته لما كانت أشد وأقوى بالنسبة الى كراهة طعامهم كان شرابهم ابعد من طعامهم من حيث الرتبة فيكونون جامعين بين أكل الطعام الكريه البشيع وشرب شراب الاكره الابشع لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ الشوب الخلط والحميم الماء الحار الذي قد انتهى حره اى شرابا من دم او قيح اسود او صديد ممزوجا مشوبا بماء حار غاية الحرارة يقطع أمعاءهم ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ اى مصيرهم لَإِلَى الْجَحِيمِ اى الى دركاتها او الى نفسها فان الزقوم والحميم نزل يقدّم إليهم قبل دخولها وقيل الجحيم خارج عنها لقوله تعالى (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) يذهب بهم عن مقارهم ومنازلهم من الجحيم الى شجره الزقوم فيأكلون منها الى يتملئوا ثم يسقون من الحميم ثم يردون الى الجحيم كما يرد الإبل عن موارد الماء ويؤيده قراءة ابن مسعود «ثم ان منقلبهم» وفى الحديث (يا ايها الناس اتقوا الله ولا تموتن الا وأنتم مسلمون فلو ان قطرة من الزقوم قطرت لامرّت(7/465)
إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (71) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (72) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (74)
على اهل الدنيا معيشتها فكيف بمن هو طعامه وشرابه وليس له طعام غيره إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ تعليل لاستحقاقهم ما ذكر من فنون العذاب بتقليد الآباء فى الدين من غير ان يكون لهم ولآبائهم شىء يتمسك به أصلا. والالفاء بالفاء الوجدان: وبالفارسية [يافتن] وضالين مفعول ثان لقوله الفوا بمعنى وجدوا. والمعنى وجدوهم ضالين فى نفس الأمر عن الهدى وطلب الحق ليس لهم ما يصلح شبهة فضلا عن صلاحية الدليل فَهُمْ اى الكافرون الظالمون عَلى آثارِهِمْ اى آثار الآباء جمع اثر بالفارسية [پى] يُهْرَعُونَ يسرعون من غير ان يتدبروا انهم على الحق اولا مع ظهور كونهم على الباطل بأدنى تأمل والاهراع. الاسراع الشديد كأنهم يزعجون ويحثون حثا على الاسراع على آثارهم وَلَقَدْ جواب قسم اى وبالله لقد ضَلَّ [كمراه شد] قَبْلَهُمْ اى قبل قومك قريش أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ من الأمم السابقة أضلهم إبليس ولم يذكر لان فى الكلام دليلا فاكتفى بالاشارة وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ [وبتحقيق ما فرستاديم در ميان ايشان] يعنى الأكثرين مُنْذِرِينَ اى أنبياء اولى عدد كثير ذوى شأن خطير بينوا لهم بطلان ما هم عليه وانذروهم عاقبته الوخيمة فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ اى آخر امر الذين انذروا من الهول والفظاعة والهلاك لما لم يلتفتوا الى الانذار ولم يرفعوا لهم رأسا. والخطاب اما للرسول او لكل أحد ممن يتمكن من مشاهدة آثارهم وسماع اخبارهم وحيث كان المعنى انهم اهلكوا إهلاكا فظيعا استثنى منهم المخلصون بقوله تعالى إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ اى الذين أخلصهم الله بتوفيقهم للايمان والعمل بموجب الانذار يعنى انهم نجوا مما أهلك به كفار الأمم الماضية وفى الآية تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ببيان انه تعالى أرسل قبله رسلا الى الأمم الماضية فانذروهم بسوء عاقبة الكفر والضلال فكذبهم قومهم ولم ينتهوا بالإنذار وأصروا على الكفر والضلال فصبر الرسل على اذاهم واستمروا على دعوتهم الى الله تعالى فاقتدبهم وما عليك الا البلاغ ثم ان عاقبة الإصرار الهلاك وغاية الصبر النجاة والفوز بالمراد فعلى العاقل تصحيح العمل بالإخلاص وتصحيح القلب بالتصفية قال الواسطي مدار العبودية على ستة أشياء التعظيم والحياء والخوف والرجاء والمحبة والهيبة. فمن ذكر التعظيم يهيج الإخلاص. ومن ذكر الحياء يكون العبد على خطرات قلبه حافظا. ومن ذكر الخوف يتوب العبد من الذنوب ويأمن من المهالك. ومن ذكر الرجاء يسارع الى الطاعات. ومن ذكر المحبة يصفو له الأعمال. ومن ذكر الهيبة يدع التملك والاختيار ويكون تابعا فى إرادته لارادة الله تعالى ولا يقول الا سمعنا واطعنا وقد صح ان ذا القرنين لما دخل الظلمات قال لعسكره ليرفع كل منكم من الأحجار التي تحت أقدام الافراس فانها جواهر فمن رفع بلغ نهاية الغنى ومن خالف وأنكر ندم وبقي فى التحسر ابدا
كاشكى بهر امتحان بارى ... كردمى نان ذخيره مقدارى
تا كنون نقد وقت من كشتى ... وقتم اينسان بمقت نكذشتى
كاشكى كز كهر بكردم بار ... بر سكندر نكردمى انكار
تا نيفتادمى از آن تقصير ... در حجاب وخجالت وتشوير(7/466)
وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77)
اين بود حال كافر ومسلم ... كاو درين تنك موطن ومظلم
چون رسيد از خدا كتاب ورسول ... آن برد پيش رفت اين بقبول
نزدند از سر فساد وغلو ... كافران جز در عناد وعتو
مؤمنان كرده در پيمبر روى ... هم سمعنا وهم اطعنا كوى
شد بلايا نهايت انكار ... شد عطايا نهايت اقرار
ومن الله التوفيق بطريق التحقيق وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ نوع تفصيل لحسن عاقبة المنذرين بالكسر وسوء خاتمة المنذرين بالفتح. والنداء الدعاء بقرينة فلنعم المجيبون. والمعنى وبالله لقد دعانا نوح وهو أول المرسلين حين أيس من ايمان قومه بعد ما دعاهم اليه أحقابا ودهورا فلم يزدهم دعاؤه الا فرارا ونفورا فاجبناه احسن الاجابة حيث أوصلناه الى مراده من نصرته على أعدائه والانتقام منهم بأبلغ ما يكون فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ اى فو الله لنعم المجيبون نجن فحذف ما حذف ثقة بدلالة ما ذكر عليه والجمع دليل العظمة والكبرياء وَنَجَّيْناهُ [التنجية: نجات دادن] وَأَهْلَهُ [وكسان او] مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ [از اندوه بزرك] اى من الغرق او من أذى قومه دهرا طويلا. والكرب الغم الشديد والكربة كالغمة واصل ذلك من كرب الأرض وهو قلبها بالحفر فالغم يثير النفس اثارة ذلك ويصح ان يكون الكرب من كربت الشمس إذا دنت للمغيب وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ نسله هُمُ فحسب الْباقِينَ حيث أهلكنا الكفرة بموجب دعائه رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا وقد روى انه مات كل من كان معه فى السفينة غير ابنائه وأزواجهم وهم الذين بقوا متناسلين الى يوم القيامة قال قتادة انهم كلهم من ذرية نوح وكان له ثلاثة أولاد سام وحام ويافث. فسام ابو العرب وفارس والروم واليهود والنصارى. وحام ابو السودان من المشرق الى المغرب والسند والهند والنوبة والزنج والحبشة والقبط والبربر وغيرهم. ويافث ابو الترك والخزر ويأجوج ومأجوج وما هنالك قال فى كشف الاسرار [اصحاب التواريخ كفتند فرزندان يافث هفت بودند نامهاى ايشان ترك وخزر وصقلاب وتاريس ومنسلك وكمارى وصين ومسكن ايشان ميان مشرق ومهب شمال بود وهر چهـ ازين جنس مردم اند از فرزندان اين هفت برادرانند وهمچنين فرزندان حام بن نوح هفت بودند نامهاى ايشان سند وهند وزنج وقبط وحبش ونوب وكنعان ومسكن ايشان ميان چنوب ودبور وصبا بود وجنس سياهان همه از فرزندان اين هفت برادرانند اما فرزندان سام ميكويند پنج بودند وقومى ميكويند كه هفت بودند ارم وارفخشد وعالم ويفر واسود وتارخ وتورخ ارم پدر عاد وثمود بود ارفحشد پدر عرب بود از ايشان فالغ وقحطان بود فالغ جد ابراهيم عليه السلام قحطان ابو اليمن بود وعالم پدر خراسان واسود پدر فارس ويفر پدر روم بود وتورخ پدر ارمين بود صاحب أرمينية وتارخ پدر كرمان بود واين ديار وأقطاع همه بنام ايشان باز ميخوانند وبعد از نوع خليفه وى سام بود بر سر فرزندان نوح فرمانده بود وكارساز ومسكن وى زمين عراق بود وايران شهر] وقيل يشتوا بأرض خوخى ويصيف بالموصل [ونوح را پسر چهارمين بود نام او يام] وهو الغريق(7/467)
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (78) سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (80) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (81) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (82) وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83)
ولم يكن له عقب وَتَرَكْنا عَلَيْهِ أبقينا على نوح فِي الْآخِرِينَ من الأمم: وبالفارسية [در ميان پسينيان] سَلامٌ عَلى نُوحٍ اى هذا الكلام بعينه وهو وارد على الحكاية كقولك قرأت سورة أنزلناها فلم ينتصب السلام لان الحكاية لا تزال عن وجهها. والمعنى يسلمون عليه تسليما ويدعون له على الدوام امة بعد امة فِي الْعالَمِينَ بدل من قوله فى الآخرين لكونه ادل منه على الشمول والاستغراق لدخول الملائكة والنقلين فيه. والمراد الدعاء بثبات هذه التحية واستمرارها ابدا فى العالمين من الملائكة والثقلين جميعا. وفى تفسير القرطبي جاءت الحية والعقرب لدخول السفينة فقال نوح لا احملكما لانكما سبب الضر والبلاء فقالا احملنا فنحن نضمن لك ان لا نضر أحدا ذكرك فمن قرأ حين يخاف مضرتهما (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) لم يضراه ذكره القشيري وفى التأويلات النجمية يشير بهذا الى ان المستحق لسلام الله هو نوح روح الإنسان لانه ما جاء ان الله سلم على شىء من العالمين غير الإنسان كما قال تعالى ليلة المعراج (السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته) فقال عليه السلام (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) وما قال وعلى ملائكتك المقربين. وانما كان اختصاص الإنسان بسلام من بين العالمين لانه حامل الامانة الثقيلة التي اعرض عنها غيره فكان أحوج شىء الى سلام الله ليعبر بالامانة على الصراط المستقيم الذي هو أدق من الشعرة واحد من السيف ولهذا قال النبي عليه السلام (تكون دعوة الرسل حينئذ رب سلم سلم) وهل سمعت ان يكون لغير الإنسان العبور على الصراط وانما اختصوا بالعبور على الصراط لانهم يؤدون الامانة الى أهلها وهو الله تعالى فلا بد من العبور على صراط الله الموصل اليه لاداء الامانة إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ الكاف متعلقة بما بعدها اى مثل ذلك الجزاء الكامل من اجابة الدعاء وابقاء الذرية والذكر الجميل وتسليم العالمين ابدا نجزى الكاملين فى الإحسان لاجزاء ادنى منه فهو تعليل لما فعل بنوح من الكرامات السنية بانه مجازاة له على إحسانه إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ تعليل لكونه من المحسنين بخلوص عبوديته وكمال إيمانه وفيه اظهار لجلالة قدر الايمان وأصالة امره وترغيب فى تحصيله والثبات عليه وفى كشف الاسرار خص الايمان بالذكر والنبوة اشرف منه بيانا لشرف المؤمنين لا لشرف نوح كما يقال ان محمدا عليه السلام من بنى هاشم قال عباس بن عطاء ادنى منازل المرسلين أعلى مراتب النبيين وادنى مراتب النبيين أعلى مراتب الصديقين وادنى مراتب الصديقين أعلى مراتب المؤمنين ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ اى المغايرين لنوح واهله وهم كفار قومه أجمعين [والإغراق: غرقه كردن يعنى آنكه ديكرانرا بآب كشتيم] وهو عطف على نجيناه. وثم لما بين الانجاء والإغراق من التفاوت وكذا إذا كان عطفا على تركنا وليس للتراخى لان كلا من الانجاء والإبقاء انما هو بعد الإغراق دون العكس كما يقتضيه التراخي وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ اى ممن شايع نوحا وتابعه فى اصول الدين لَإِبْراهِيمَ وان اختلفت فروع شريعتيهما ويجوز ان يكون بين شريعتيهما اتفاق كلى او أكثري وعن ابن عباس رضى الله عنهما من اهل دينه وعلى سنته او ممن شايعه على التصلب(7/468)
إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89)
فى دين الله ومصابرة المكذبين وما كان بينهما الأنبياء هود وصالح وكان بين نوح وابراهيم الفان وستمائة وأربعون سنة وفى بعض التفاسير ان الضمير عائد الى حضرة صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم وان كان غير مذكور فابراهيم وان كان سابقا فى الصورة لكنه متابع لرسول الله فى الحقيقة ولذا اعترف بفضله ومدح دينه ودعا فيه حيث قال (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ) الآية
پيش آمدند بسى انبيا وتو ... كر آخر آمدى همه را پيشوا تويى
خوان خليل هست نمكدان خوان تو ... بر خوان اصطفا نمك انبيا تويى
إِذْ جاءَ رَبَّهُ منصوب باذكر بِقَلْبٍ سَلِيمٍ الباء للتعدية اى بقلب سليم من آفات القلوب بل من علاقة من دون الله مما يتعلق بالكونين ومعنى مجيئه به ربه إخلاصه له كأنه جاء به متحضنا إياه بطريق التمثيل والا فليس القلب مما ينقل من مكان الى مكان حتى يجاء به إِذْ قالَ إلخ بدل من إذ الاولى لِأَبِيهِ آزر بن باعر بن ناحور بن فالغ بن سالح بن ارفخشد ابن سام بن نوح وَقَوْمِهِ وكانوا عبدة الأصنام ماذا تَعْبُدُونَ استفهام إنكاري وتوبيخ اى أي شىء تعبدون أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ الافك أسوأ الكذب اى أتريدون آلهة من دون الله إفكا اى للافك فقدم المفعول على الفعل للعناية ثم المفعول له على المفعول به لان الأهم مكافحتهم بانهم على افك آلهتهم وباطل شركهم فَما ظَنُّكُمْ اى أي شىء ظنكم فما مبتدأ خبره ظنكم بِرَبِّ الْعالَمِينَ إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره ان يغفل عنكم او لا يؤاخذكم بما كسبت ايديكم اى لا ظن فكيف القطع قال فى كشف الاسرار [در دل ابراهيم بود كه بتان ايشان را كيدى سازد تا حجت بر ايشان الزام كنند وآشكارا نمايد كه ايشان معبودى را نشايند روزى پدر وياران وى كفتند كه اى ابراهيم بيا تا بصحرا بيرون شويم وبعيدگاه ما برويم] فَنَظَرَ ابراهيم نَظْرَةً فِي النُّجُومِ جمع نجم وهو الكواكب الطالع اى فى علمها وحسابها إذ لو نظر الى النجوم أنفسها لقال الى النجوم وكان القوم يتعاطون علم النجوم فعاملهم من حيث كانوا لئلا ينكروا عليه واعتل فى التخلف عن عيدهم اى عن الخروج معهم الى معبدهم فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ قال فى المفردات السقم والسقم المرض المختص بالبدن والمرض قد يكون فى البدن وفى النفس. وقوله انى سقيم فمن التعريض والاشارة به اما الى ماض واما الى مستقبل واما الى قليل مما هو موجود فى الحال إذ كان الإنسان لا ينفك من خلل يعتريه وان كان لا يحس به ويقال مكان سقيم إذا كان فيه خوف انتهى وقال ابن عطاء انى سقيم من مخالفتكم وعبادتكم الأصنام او بصدد الموت فان من فى عنقه الموت سقيم وقد فوجىء رجل فاجتمع عليه الناس وقالوا مات وهو صحيح فقال أعرابي أصحيح من الموت فى عنقه وأيا ما كان فلم يقل الا عن تأول فان العارف لا يقع فى انهتاك الحرمة ابدا وكان ذلك من ابراهيم لذب عن دينه وتوسل الى الزام قومه قال عز الدين بن عبد السلام الكلام وسيلة الى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل اليه بالصدق والكذب جميعا فالكذب فيه حرام فان أمكن التوصل اليه بالكذب دون الصدق فالكذب فيه مباح ان كان(7/469)
فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90) فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (92) فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94)
تحصيل ذلك المقصود مباحا. وواجب ان كان ذلك المقصود واجبا فهذا ضابطه وفى الاسئلة المقحمة ومن الناس من يجوّز الكذب فى الحروب لاجل المكيدة والخداع وإرضاء الزوجة والإصلاح بين المتهاجرين والصحيح ان ذلك لا يجوز ايضا فى هذه المواضع لان الكذب فى نفسه قبيح والقبيح فى نفسه لا يصير حسنا باختلاف الصور والأحوال وانما بجوز فى هذه المواضع بتأويل وتعريض لا بطريق التصريح. ومثاله يقول الرجل لزوجته إذا كان لا يحبها كيف لا أحبك وأنت حلالى وزوجتى وقد صحبتك وأمثال هذه فاما إذا قال صريحا بانى أحبك وهو يبغضها فيكون كذبا محضا ولا رخصة فيه. مثاله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد النهضة نحو يمينه كان يسأل عن منازل اليسار ليشبه على العدو من أي جانب يأتيه واما إذا كان يقصد جانبا ويقول امضى الى جانب آخر فهذه من قبيلها انتهى. وكان القوم يتطيرون من المريض فلما سمعوا من ابراهيم ذلك هربوا منه الى معبدهم وتركوه فى بيت الأصنام فريدا ليس معه أحد وذلك قوله تعالى فَتَوَلَّوْا عَنْهُ فاعرضوا وتفرقوا عن ابراهيم مُدْبِرِينَ هاربين مخافة العدوى اى السراية وقال بعضهم ان المراد بالسقم هو الطاعون وكان اغلب الأسقام وكانوا يخافون العدوى يقول الفقير المشهور ان الطاعون قد فشا فى بنى إسرائيل ولم يكن قبلهم الأعلى رواية كما قال عليه السلام (الطاعون رجز أرسل على بنى إسرائيل او على من كان قبلكم) فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ اى ذهب إليها فى خفية وأصله الميل بحيلة من روغة الثعلب وهو ذهابه فى خفية وحيلة قال فى القاموس راغ الرجل والثعلب روغا وروغانا مال وحاد عن الشيء وفى تاج المصادر [الروغ والروغان: روباهى كردن] [والروغ: پنهان سوى چيزى شدن] وفى التهذيب [الروغ والروغان: دستان كردن] فَقالَ للاصنام استهزاء [چون ديد ايشانرا آراسته وخوانهاى طعام در پيش ايشان نهاده] أَلا تَأْكُلُونَ [آيا نمى خوريد ازين طعامها] وكانوا يضعون الطعام عند الأصنام لتحصل له البركة بسببها ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ اى ما تصنعون غير ناطقين بجوابى: وبالفارسية [چيست شما را كه سخن نمى كوييد ومرا جوابى ندهيد] فَراغَ عَلَيْهِمْ فمال مستعليا عليهم حال كونه يضربهم ضَرْباً بِالْيَمِينِ او حال كونه ضاربا باليمين فالمصدر بمعنى الفاعل اى ضربا شديدا قويا وذلك لان اليمين أقوى الجارحتين وأشدهما وقوة الآلة تقتضى قوة الفعل وشدته وقيل بسبب الحلف وهو قوله (وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ فلما رجعوا من عيدهم الى بيت الأصنام وجدوها مكسورة: يعنى [پاره پاره كشته] فسألوا عن الفاعل فظنوا ان ابراهيم عليه السلام فعله فقيل فائتوا به فَأَقْبَلُوا اى توجه المأمورون بإحضاره إِلَيْهِ الى ابراهيم قال ابن الشيخ اليه يجوز ان يتعلق بما قبله وبما بعده يَزِفُّونَ حال من واو اقبلوا اى يسرعون من زفيف النعام وهو ابتداء عدوها قال فى المفردات اصل الزفيف فى هبوب الريح وسرعة النعامة التي تخلط الطيران بالمشي وزفزف النعام إذا اسرع ومنه استعير زف العروس استعارة ما تقتضى السرعة لا لاجل مشيها ولكن(7/470)
قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99)
للذهاب بها على خفة من السرور قالَ اى بعد ما أتوا به وجرى بينهم وبينه من المحاورات ما نطق به قوله تعالى (قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ) الى قوله (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) أَتَعْبُدُونَ همزة الاستفهام للانكار ما تَنْحِتُونَ ما تنحتونه من الأصنام فما موصولة. والنحت نحت الشجر والخشب ونحوهما من الأجسام: وبالفارسية [تراشيدن يعنى آيا مى پرستيد آنچهـ مى تراشيد از سنك و چوب بدست خود] وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ حال من فاعل تعبدون مؤكدة للانكار والتوبيخ اى والحال انه تعالى خلقكم والخالق هو الحقيق بالعبادة دون المخلوق وَما تَعْمَلُونَ اى وخلق ما تعملونه من الأصنام وغيرها فان جواهر أصنامهم ومادتها بخلقه تعالى وشكلها وان كان بفعلهم لكنه باقدار الله تعالى إياهم عليه وخلقه ما يتوقف عليه فعلهم من الدواعي والعدد والأسباب فلم يلزم ان يكون الشيء مخلوقا لله تعالى ومعمولا لهم وظهر من فحوى الآية ان الافعال مخلوقة لله تعالى مكتسبة للعباد حسبما قالته اهل السنة والجماعة وبالاكتساب يتعلق الثواب والعقاب: قال المولى الجامى
فعل ما خواه زشت وخواه نكو ... يك بيك هست آفريده او
نيك وبد كر چهـ مقتضاى قضاست ... اين خلاف رضا وآن برضاست
قالُوا [كفت نمرود وخواص او] وقال السهيلي فى التعريف قائل هذه المقالة لهم فيما ذكر الطبري اسمه الهيزن رجل من اعراب فارس وهم الترك وهو الذي جاء فى الحديث (بينا رجل يمشى فى حلة يتبختر فيها فخسف به فهو يتجلجل فى الأرض الى يوم القيامة) ابْنُوا لَهُ بُنْياناً [بنا كنيد براى سوختن ابراهيم بنايى واز هيزم پر ساخته آتش در ان زنيد]- روى- عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال بنوا حائطا من حجر طوله فى السماء ثلاثون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا وملأوه حطبا واشعلوه نارا وطرحوه فيها كما قال فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ فى النار الشديدة الإيقاد: وبالفارسية [پس طرح كنيد ودر افكنيد او را در آتش سوزان] من الجحمة وهى شدة التأجج والالتهاب واللام عوض عن المضاف اليه اى ذلك البنيان فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً اى شرا وهو ان يحرقوه بالنار عليه السلام لما قهر لهم بالحجة وألقمهم الحجر قصدوا ان يكيدوا به ويحتالوا لاهلاكه كما كاد أصنامهم بكسره إياهم لئلا يظهر للعامة عجزهم والكيد ضرب من الاحتيال كما فى المفردات فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ الأذلين بابطال كيدهم وجعله برهانا نيرا على علو شانه عليه السلام بجعل النار عليه بردا وسلاما على ما سبق تفصيل القصة فى سورة الأنبياء فان قلت لم ابتلاه تعالى بالنار فى نفسه قلت لان كل انسان يخاف بالطبع من ظهور صفة القهر كما قيل لموسى عليه السلام (وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى) فاراه تعالى ان النار لا تضر شيأ الا بإذن الله تعالى وان ظهرت بصورة القهر وصفته وكذلك اظهر الجمع بين المتضادين بجعلها بردا وسلاما وفيه معجزة قاهرة لاعدائه فانهم كانوا يعبدون النار والشمس والنجوم ويعتقدون وصف الربوبية لها فاراهم الحق تعالى انها لا تضر الا بإذن الله تعالى وقد ورد فى الخبر ان النمرود لما شاهد النار كانت على ابراهيم بردا وسلاما قال ان ربك لعظيم نتقرب اليه بقرابين فذبح تقربا اليه(7/471)
وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99)
آلافا كثيرة فلم ينفعه لاصراره على اعتقاده وعمله وسوء حاله: قال المولى الجامى
يافت ناكاه آن حكيمك راه ... پيش جمعى ز اولياء الله
فصل دى بود ومنقلى آتش ... شعله ميزد ميان ايشان خوش
شد بتقريب آتش ومنقل ... از خليلى برى ز نقص وخلل
ذكر آن قصه كهن بتمام ... كه برو نار كشت برد وسلام
آن حكيمك ز جهل واستكبار ... كفت بالطبع محرق آمد نار
آنچهـ بالطبع محرقست كجا ... كردد از مقتضاى طبع جدا
يكى از حاضران ز غيرت دين ... كفت هين دامنت بيار وببين
منقل آتشش بدامان ريخت ... آتش خجلتش ز جان انكيخت
كفت در كن ميان آتش دست ... هيچ كرمى ببين در آتش هست
چون نه دستش بسوخت نى دامن ... شد از ان جهل او برو روشن
طبع را هم مسخر حق ديد ... جانش از تيركىء عقل رهيد
اگر آن علم او يقين بودى ... قصه او كى اينچنين بودى
علم كامد يقين ز بيم زوال ... بيقين ايمن است در همه حال
وَقالَ ابراهيم بعد ما أنجاه الله تعالى من النار قاله لمن فارقه من قومه فيكون ذلك توبيخا لهم او لمن هاجر معه من اهله فيكون ذلك ترغيبا لهم إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي اى مهاجر من ارض حرّان او من بابل او قرية بين البصرة والكوفة يقال لها هرمز بحره الى حيث أمرني ربى وهو الشام او الى حيث اتجرد فيه لعبادته تعالى أي موضع كان فان الذهاب الى ذات الرب محال إذ ليس فى جهة وفى بحر العلوم ولعله امره الله تعالى بان يهجر دار الكفر ويذهب الى موضع يقدر على زيارة الصخرة التي هى قبلته وعلى عمارة المسجد الحرام او هى القرية التي دفن فيها كما امر نبينا بالجهرة من مكة الى المدينة وفى بعض التواريخ دفن ابراهيم بأرض فلسطين وهى بكسر الفاء وفتح اللام وسكون السين المهملة البلاد التي بين الشام وارض مصر منها الرملة وغزة وعسقلان وغيرها سَيَهْدِينِ الى مقصدى الذي أردت وهو الشام او الى موضع يكون فيه صلاح دينى وبت القول بذلك لسبق الوعد او للبناء على عادته تعالى معه ولم يكن كذلك حال موسى حيث قال (عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) ولذلك اتى بصيغة التوقع وهذه الآية اصل فى الهجرة من ديار الكفر الى ارض يتمكن فيها من اقامة وظائف الدين والطاعة وأول من فعل ذلك ابراهيم هاجر مع لوط وصار الى الأرض المقدسة قال فى كشف الاسرار [بر ذوق اهل معرفت (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي) اشارتست بانقطاع بنده ومعنىء انقطاع با حق بريدنست در بدايت بجهد ودر نهايت بكل بدايت تن در سعى وزبان در ذكر وعمر در جهد ونهايت با خلق عاريت وبا خود بيكانه واز تعلق آسوده]
وصل ميسر نشود جز بقطع ... قطع نخست از همه ببريدنست
فمن بقي له فى القلب لمحة للعالم باسره الملك والملكوت لم ينفتح له باب العلم بالله من حيث المشاهدة(7/472)
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)
ولم يدخل عالم الحقيقة واسطى [كفت خليل از خلق بحق مى شد وحبيب از حق بخلق مى آمد او كه از خلق بحق شود حق را بدليل شناسد واو كه از حق بخلق آيد دليل را بحق شناسد]- روى- ان ابراهيم عليه السلام لما جعل الله النار عليه بردا وسلاما وأهلك عدوه النمرود وتزوج بسارة وكانت احسن النساء وجها وكانت تشبه حواء فى حسنها عزم الانتقال من ارض بابل الى الشام [پس روى مبارك بشام نهاد ودر ان راه هاجر بدست ساره خاتون افتاد وآنرا بإبراهيم بخشيد و چون هاجر ملك يمين وى شد دعا كرده كه] رَبِّ [اى پرودگار من] هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ المراد ولد كامل الصلاح عظيم الشأن فيه اى بعض الصالحين يعيننى على الدعوة والطاعة ويؤنسنى فى الغربة يعنى الولد لان لفظ الهبة على الإطلاق خاص به وان كان قد ورد مقيدا بالأخ (فى قوله وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) ولقوله تعالى فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فانه صريح فى ان المبشر به غير ما استوهبه عليه السلام. والغلام الطارّ الشارب والكهل ضد او من حين يولد الى ان يشيب كما فى القاموس وقال بعض اهل اللغة الغلام من جاوز العشر واما من دونها فصبى والحليم من لا يعجل فى الأمور ويتحمل المشاق ولا يضطرب عند إصابة المكروه ولا يحركه الغضب بسهولة. والمعنى بالفارسية [پس مژده داديم او را بفرزندى بردبار يعنى چون ببلوغ رسد حليم بود] ولقد جمع فيه بشارات ثلاث بشارة انه غلام وانه يبلغ أوان الحلم فان الصبى لا يوصف بالحلم وانه يكون حليما وأي حلم يعادل حلمه حين عرض عليه أبوه الذبح وهو مراهق فاستسلم قال الكاشفى [پس خداى تعالى إسماعيل را از هاجر بوى ارزانى داشت وبحكم سبحانه از زمين شام هاجر يسر آورده را بمكة برد وإسماعيل آنجا نشو ونما يافت] فَلَمَّا بَلَغَ الغلام مَعَهُ مع ابراهيم السَّعْيَ الفاء فصيحة معربة عن مقدر اى فوهبنا له فنشأ فلما بلغ رتبة ان يسعى معه فى أشغاله وحوائجه ومصالحه ومعه متعلق بالسعي وجاز لانه ظرف فيكفيه رائحة من الفعل لا يبلغ لاقتضائه بلوغهما معا حد السعى ولم يكن معا كذا فى بحر العلوم. وتخصيصه لان الأدب أكمل فى الرفق والاستصلاح فلا نستسعيه قبل أوانه لانه استوهبه لذلك وكان له يومئذ ثلاث عشرة سنة قالَ ابراهيم يا بُنَيَّ [اى پسرك من تصغير شفقت است] إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ قربانا لله تعالى اى ارى هذه الصورة بعينها او ما هذه عبارته وتأويله وقيل انه رأى ليلة التروية كأن قائلا يقول له ان الله يأمرك بذبح ابنك هذا فلما أصبح روّى فى ذلك من الصباح الى الرواح أمن الله تعالى هذا الحلم أم من الشيطان فمن ثمة سمى يوم التروية فلما امسى رأى مثل ذلك فعرف انه من الله تعالى فمن ثمة سمى يوم عرفة ثم رأى فى الليلة الثالثة فهم بنحره فسمى اليوم يوم النحر فَانْظُرْ ماذا منصوب بقوله تَرى من الرأى فيما ألقيت إليك: وبالفارسية [پس در نكر درين كار چهـ چيزى بينى رأى تو چهـ تقاضا ميكند] فانما يسأله عما يبديه قلبه ورأيه أي شىء هل هو الإمضاء او التوقف فقوله ترى من الرأى الذي يخطر بالبال لا من رؤية العين وانما شاوره فيه وهو امر محتوم ليعلم ما عنده فيما نزل من بلاء الله تعالى فتثبت قدمه ان جزع ويأمن ان سلم ويكتسب(7/473)
فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103)
المثوبة عليه بالانقياد له قبل نزوله وتكون سنة فى المشاورة. فقد قيل لو شاور آدم الملائكة فى أكله من الشجرة لما فرط منه ذلك قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ [كفت اى پدر بكن] ما تُؤْمَرُ [آنچهـ فرموده شدى بدان] اى ما تؤمر به فحذف الجار اولا على القاعدة المطردة ثم حذف العائد الى الموصول بعد انقلابه منصوبا بايصاله الى الفعل او حذفا دفعة او افعل أمرك اضافة المصدر الى المفعول وتسمية المأمور به امرا وصيغة المضارع حيث لم يقل ما أمرت للدلالة على ان الأمر متعلق به متوجه اليه مستمر الى حين الامتثال به ولعله فهم من كلامه انه رأى ذبحه مأمورا به ولذا قال ما تؤمر وعلم ان رؤيا الأنبياء حق وان مثل ذلك لا يقدمون عليه الا بامر وانما امر به فى المنام دون اليقظة مع ان غالب وحي الأنبياء ان يكون فى اليقظة ليكون مبادرتهما الى الامتثال ادل على كمال الانقياد والإخلاص. قالوا رؤيا الأنبياء حق من قبيل الوحى فانه يأتيهم الوحى من الله ايقاظا إذ لا تنام قلوبهم ابدا ولانه لطهارة نفوسهم ليس للشيطان عليهم سبيل وفى اسئلة الحكم لم امر الله تعالى ابراهيم بذبح ولده فى المنام ورؤيا الأنبياء حق وقتل الإنسان بغير حق من أعظم الكبائر قيل امره فى المنام دون اليقظة لانه ليس شىء ابغض الى الله من قتل المؤمن سَتَجِدُنِي [زود باشد كه يابى مرا] ثم استعان بالله فى الصبر على بلائه حيث استثنى فقال إِنْ شاءَ اللَّهُ ومن أسند المشيئة الى الله تعالى والتجأ اليه لم يعطب مِنَ الصَّابِرِينَ على الذبح او على قضاء الله تعالى قال الذبيح من الصابرين ادخل نفسه فى عداد الصابرين فرق عليه وموسى عليه السلام تفرد بنفسه حيث قال للخضر (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً فخرج. والتفويض اسلم من التفرد وأوفق لتحصيل المرام ولما كان إسماعيل فى مقام التسليم والتفويض الى الله تعالى وقف وصبر ولما كان موسى فى صورة المتعلم ومن شأن المتعلم ان يتعرض لاستاذه بالاعتراض فيما لم يفهمه خرج ولم يصبر وقال بعضهم ظاهر موسى تعرض وباطنه تسليم ايضا لانه انما اعترض على الخضر بغيرة الشرع فَلَمَّا أَسْلَما اى استسلم ابراهيم وابنه لامر الله وانقادا وخضعاله: وبالفارسية [پس هنكام كه كردن نهادند خدايرا] يقال سلم لامر الله واسلم واستسلم بمعنى واحد قرىء بهن جميعا وأصلها من قولك سلم هذا لفلان إذا خلص له ومعناه سلم ان ينازع فيه وقولهم سلم لامر الله واسلم له منقولان منه ومعناهما أخلص نفسه لله وجعلها سالمة وكذلك معنى استسلم استخلص نفسه لله تعالى وعن قتادة فى أسلما اسلم ابراهيم ابنه وإسماعيل نفسه وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ قال فى القاموس تله صرعه وألقاه على عنقه وخده. والجبين أحد جانبى الجبهة فللوجه فوق الصدغ جبينان عن يمين الجبهة وشمالها قال الراغب اصل التل المكان المرتفع والتليل العنق وتله للجبين أسقطه على التل او على تليله وقال غيره صرعه على شقه فوقع جبينه على الأرض لمباشرة الأمر بصبر وجلد ليرضيا الرحمن ويحزنا الشيطان وكان ذلك عند الصخرة من منى او فى الموضع المشرف على مسجد منى او فى المنحر الذي ينحر فيه اليوم- وروى- ان إبليس عرض لابراهيم عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم عرض له عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم مضى ابراهيم لامر الله تعالى وعزم على الذبح ومنه شرع رمى الجمرات فى الحج فهو(7/474)
وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105)
من واجبات الحج يجب بتركه الفدية باتفاق الائمة قال فى التأويلات النجمية ومن دقة النظر فى رعاية آداب العبودية فى حفظ حق الربوبية فى القصة ان إسماعيل امر أباه ان يشد يديه ورجليه لئلا يضطرب إذا مسه ألم الذبح فيعاتب ثم لماهم بذبحه قال افتح القيد عنى فانى أخشى ان أعاتب فيقال لى أمشدود اليد حبيبى يطيعنى
ولو بيد الحبيب سقيت سما ... لكان السم من يده يطيب
وقد قيل ضرب الحبيب يطيب
از دست تو مشت بر دهان خوردن ... خوشتر كه بدست خويش نان خوردن
وَنادَيْناهُ أَنْ مفسرة لمفعول ناديناه المقدر اى ناديناه بلفظ هو قولنا يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا بالعزم على الإتيان بالمأمور به وترتيب مقدماته: وبالفارسية [بدرستى كه راست كردى خوابى كه ديده بودى] وفى شرح الفصوص للمولى الجامى اى حققت الصورة المرئية وجعلتها صادقة مطابقة للصورة الحسية الخارجية بالاقدام على الذبح والتعرض لمقدماته وقد قيل انه امرّ السكين بقوته على حلقه مرارا فلم يقطع ثم وضع السكين على قفاه فانقلب السكين
آن توكل تو خليلانه ترا ... تا نبرد تيغت إسماعيل را
فعند ذلك وقع النداء وفى الخبر سأل نبينا عليه السلام جبريل هل أصابك مشقة وتعب فى نزولك من السماء قال نعم فى اربعة مواضع. الاول حين القى ابراهيم فى النار كنت تحت العرش قال الله تعالى أدرك عبدى فادركته وقلت له هل لك من حاجة فقال اما إليك فلا. والثاني حين وضع ابراهيم السكين على حلق إسماعيل كنت تحت العرش قال الله تعالى أدرك عبدى فادركته طرفة عين فقلبت السكين. والثالث حين شبحك الكفار وكسروا رباعيتك يوم أحد قال الله تعالى أدرك دم حبيبى فانه لو سقط من دمه على الأرض قطرة ما أخرجت منها نباتا ولا شجرا فقبضت دمك بكفى ثم رميته فى الهواء. والرابع حين القى يوسف فى الجب قال الله تعالى أدرك عبدى فادركته قبل ان وصل الى قعر الجب وأخرجت حجرا من أسفل البئر فاجلسته عليه. وجواب لما محذوف إيذانا بعدم وفاء التعبير بتفاصيله كأنه قيل كان ما كان مما لا يحيط به نطاق البيان من استبشارهما وشكرهما لله تعالى على ما أنعم به عليهما من رفع البلاء بعد حلوله والتوفيق لما لم يوفق أحد لمثله واظهار فضلهما بذلك على العالمين مع إحراز الثواب العظيم الى غير ذلك قال بعض العارفين الإنسان مجبول على حب الولد فاقتضت غيرة الخلة ومقام المحبة ان يقطع علاقة القلب عن غيره فامر بذبح ولده امتحانا واختبارا له ببذل أحب الأشياء فى سبيل الله من غير توقف واشعارا للملائكة بانه خليل الله لا يسعه غير الحق فليس المبتغى منه تحصيل الذبح انما هو اخلاء السر عنه وترك عادة الطبع وقال المولى الجامى غلبت عليه محبة الحق حتى تبرأ من أبيه فى الحق ومن قومه وتصدى لذبح ابنه فى سبيل الله وخرج عن جميع ماله مع كثرته المشهورة لله تعالى- ورد- فى الخبر انه كان له خمسة آلاف قطيع من الغنم فتعجب الملائكة من كثرة ماله مع خلته العظيمة عند الله فخرج يوما خلف غنمه وكلاب قطائع الأغنام عليها اطواق الذهب فطلع ملك فى صورة آدمي على شرف الوادي فسبح قائلا سبوح قدوس رب الملائكة والروح فلما سمع الخليل تسبيح حبيبه أعجبه وشوّقه نحو لقائه فقال يا انسان كرر ذكر ربى فلك نصف مالى فسبح(7/475)
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)
بالتسبيح المذكور فقال كرر تسبيح خالقى فلك جميع أموالي مما ترى من الأغنام والغلمان وكانوا خمسة آلاف غلام فانصفت الملائكة وسلمت بخلته كما سلمت بخلافة آدم وهذا من جملة الاسرار التي جعل بها أبا ثانيا لنا يقول الفقير أغناه الله القدير سمعت من شيخى قدس سره انه قال ان ابراهيم له الاحراز بجميع مراتب التوحيد من الافعال والصفات والذات وذلك لان الحجب الكلية ثلاثة هى المال والولد والبدن فتوحيد الافعال انما يحصل بالفناء عن المال وتوحيد الصفات بالفناء عن الولد وتوحيد الذات بالفناء عن الجسم والروح فتلك الحجب على الترتيب بمقابلة هذه المقامات من التوحيد فاخذ الله من ابراهيم المال تحقيقا للتوحيد الاول وابتلاه بذبح الولد تحقيقا للتوحيد الثاني وبجسمه حين رمى به فى نار نمرود تحقيقا للتوحيد الثالث فظهر بهذا كله فناؤه فى الله وبقاؤه بالله حققنا الله وإياكم بحقيقة التوحيد وأوصلنا وإياكم الى سر التجريد والتفريد إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ تعليل لتفريج تلك الكربة عنهما باحسانهما واحتج به من جوز النسخ قبل وقوع المأمور به فانه عليه السلام كان مأمورا بالذبح ولم يحصل قال فى اسئلة المقحمة وهذه القصة حجة على المعتزلة فان الآية تدل على ان الله تعالى قد يأمر بالشيء ولا يريده فانه تعالى امر ابراهيم بذبح ولده ولم يرد ذلك منه والمعتزلة لا يجوزون اختلاف الأمر والارادة إِنَّ هذا [بدرستى كه اين كار] لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ الابتلاء البين الذي يتميز فيه المخلص من غيره او المحنة البينة الصعوبة إذ لا شىء أصعب منها قال البقلى اخبر سبحانه وتعالى ان هذا بلاء فى الظاهر ولا يكون بلاء فى الباطن لان فى حقيقته بلوغ منازل المشاهدات وشهود اسرار حقائق المكاشفات وهذا من عظائم القربات واصل البلاء ما يحجبك عن مشاهدة الحق لحظة ولم يقع هذا البلاء بين الله وبين أحبابه قط فالبلاء لهم عين الولاء قال الحريري البلاء على ثلاثة أوجه على المخالفين نقم وعقوبات وعلى السابقين تمحيص وكفارات وعلى الأولياء والصديقين نوع من الاختبارات
جاميا دل بغم ودرد نه اندر ره عشق ... كه نشد مرد ره آنكس كه نه اين درد كشيد
وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ بما يذبح بدله فيتم به الفعل المأمور وهو فرى الأوداج وانهار الدم اى جعلنا الذبح بالكسر اسم لما يذبح فداء له وخلصناه به من الذبح: وبالفارسية [وفدا داديم إسماعيل را بكبشى] والفادي فى الحقيقة هو ابراهيم وانما قال وفديناه لانه تعالى هو المعطى له والآمر به على التجوز فى الفداء او الاسناد عَظِيمٍ اى عظيم الجثة سمين وهى السنة فى الأضاحي كما قال عليه السلام (عظموا ضحاياكم فانها على الصراط مطاياكم) او عظيم القدر لانه يفدى به الله نبيا ابن نبى وأي نبيى من نسله سيد المرسلين وفى التأويلات النجمية انما سمى الذبح عظيما لانه فداء نبيين عظيمين أحدهما أعظم من الآخر وهما إسماعيل ومحمد عليهما السلام لانه كان محمد فى صلب إسماعيل انتهى وفى اسئلة الحكم لم عظم الله الذبح مع ان البدن أعظم فى القربان من الكبش لانها تنوب عن سبعة الجواب لشدة المناسبة بين الكبش وبين النفس المسلمة الفانية فى الله فانه خلق مستسلما للذبح فحسب فيكون الكبش فى الآخرة صورة الموت يذبح على الصراط كما كان صورة الفناء الكلى والتسليم والانقياد ولذلك المعنى عظمه الله تعالى لان فضل كل(7/476)
شىء بالمعنى لا بالصورة إذ فضل الصورة تابع لفضل المعنى بخلاف البدنة فان المقصود الأعظم منها الركوب وحملّ الأثقال عليها قيل كان ذلك كبشا من الجنة وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه الكبش الذي قربه هابيل فتقبل منه وكان يرعى فى الجنة حتى فدى به إسماعيل وحينئذ تكون النار التي نزلت فى زمن هابيل لم تأكله بل رفعته الى السماء وحينئذ يكون قول بعضهم فنزلت النار فاكلته محمولا على التسمح كما فى انسان العيون. ويحتمل ان تتجسم الروح كما تتجسم المعاني وتبقى ابدا فلا ينافى ان تأكله النار فى زمن هابيل ان يذبحه ابراهيم ثانيا وروى انه هرب من ابراهيم عند الجمرة فرماه بسبع حصيات حتى اخذه فبقى سنة فى الرمي وروى انه رمى الشيطان حين تعرض له بالوسوسة عند ذبح ولده كما سبق وروى انه لما ذبحه قال جبريل «الله اكبر الله اكبر» فقال الذبيح «لا اله الا
الله والله اكبر» فقال ابراهيم «الله اكبر ولله الحمد» فبقى سنة واعلم ان الذبح ثلاثة وهو ذبح هابيل ثم ذبح ابراهيم ثم ذبح الموت فى صورة الكبش. وكذا الفداء فانه فداء إسماعيل بكبش هابيل وفداء المؤمنين يوم القيامة يفدى عن كل مؤمن بكافر يأخذ المؤمن بناصيته فيلقيه فى النار وفداء الله عن الحياة الابدية بالموت يذبح فى صورة الكبش على الصراط فيلقى به فى النار بشارة لاهل الجنة بالخلود الدائم وتبكيتا لاهل النار بالعقوبة الدائمة ففيه اشارة الى مراتب التوحيد فذبح هابيل اشارة الى توحيد الافعال وذبح يحيى الى توحيد الصفات وذبح ابراهيم الى توحيد الذات لانه مظهر توحيد الذات والفناء الكلى فى ذات الله تعالى فذبحه أعظم من كل ذبح وفداؤه أتم من كل فداء قالوا ان الدم إذا تعين على الحاج فلا يسقط عمن تعين عليه ولما تعين ذبح ولد ابراهيم لم يسقط عنه الدم أصلا ففداه الله تعالى بكبش عظيم حيث جعله بدل إفساد نبى مكرم فحصل الدم وبعد ان وجب فلا يرتفع ولذا من نذر بذبح ولده لزمه شاة عند الحنفية فصارت صورة ولد ابراهيم صورة الكبش يساق الى الجنة يدخل فيها فى أي صورة شاء فذبحت صورة الكبش ولبست صورة ولد ابراهيم صورة الكبش وهذا سبب العقيقة التي كل انسان مرهون بعقيقته ولو لم يفد الله بالكبش لصار ذبح الناس واحدا من أبنائهم سنة الى يوم القيامة وتحقيق المقام انه كان كبش ظهر فى صورة ابن ابراهيم فى المنام لمناسبة واقعة بينهما وهى الاستسلام والانقياد فكان مراد الله الكبش لا ابن ابراهيم فما كان ذلك المرئي عند الله الا الذبح العظيم متمثلا فى صورة ولده ففدى الحق ولده بالذبح العظيم وهذا كما ان العلم يرى فى صورة اللبن فليس ما يرى فى حضرة الخيال عين اللبن وحقيقته فلو تجاوز ابراهيم عليه السلام عما رآه فى حضرة الخيال الى المعنى المقصود منه بان يعبر ذبح ابنه فى منامه بذبح الكبش الذي فى صورته لما ظهر لاهل الآفاق كمال فنائه وتمام استسلامه وكذلك انقياد ابنه لكن الله سبحانه أراد اراءة استسلامهما واظهار انقيادهما لامره تعالى فاخفى عليه تعبير رؤياه وستر المقصود من المنام حتى صدق الرؤيا وفعل ما فعل لتلك الحكمة العلية) واختلف (فى ان الذبيح إسماعيل او إسحاق فذهب اكثر المفسرين الى الاول لوجوده ذكرت فى التفاسير ولان قرنى الكبش كانا معلقين بالكعبة الى ان احترق البيت واحترق القرنان فى ايام ابن الزبير والحجاج ولم يكن(7/477)
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114)
إسحاق ثمة وفى فضائل القدس كان فى السلسلة التي فى وسط القبة على صخرة الله درة يتيمة وقرنا كبش ابراهيم وتاج كسرى معلقات فيها ايام عبد الملك بن مروان فلما صارت الخلافة الى بنى هاشم حولوا الى الكعبة حرسها الله انتهى يقول الفقير هذا يقتضى ان لا تأكل النار الكبش الذي جاء فداء لان بقاء القرن من موجبات ذلك وأكل النار القربان كان عادة الهية من لدن آدم الى زمان نبينا عليه السلام ثم رفع عن قربان هذه الامة اللهم الا ان يحمل على أحد وجوه. الاول ان معنى أكل النار القربان إحراقه بحيث يخرج عن الانتفاع به وهذا لا يوجب كون القرنين حريقين بالكلية. والثاني ان الذي كان يحرقه النار ليس جثة القربان بمجموعها من القرن الى القدم بل ثروبه وأطايب لحمه كما روى ان بنى إسرائيل كانوا إذا ذبحوا قربانا وضعوا ثروبه وأطايب لحمه فى موضع فيدعو النبي فتأتى نار فتأكله فلا يلزم ان يكون جميع اجزائه مأكولة محروقة. والثالث انه محمول على التمسح كما سبق فى قربان هابيل فان قلت قد صح ان عبد المطلب نذر ان يذبح ولدا ان سهل الله حفر بئر زمزم او بلغ بنوه عشرة فلما سهل الله فخرج السهم على عبد الله والد رسول الله منعه أخواله ففداه بمائة من الإبل ولذلك سنت الدية بمائة فقد روى انه فرق لحموم القرابين المذكورة الى الفقراء ولم تأكلها النار فكيف كان سنة الهية بين جميع الملل قلت المتقرب ان كان جاهليا فلا شك ان قربانه غير معتدبه وان كان اسلاميا فلابد ان يكون فى محضر نبى من الأنبياء إذ هو الذي يدعو فتأتى النار كما لا يخفى على من له حظ او فى من علم التفسير والتأويل) وذهب (الى الثاني بعض ارباب الحقائق والتوفيق بين الروايتين عند التحقيق ان صورة الذبح جرى فى الظاهر الى حقيقة إسماعيل اولا ثم سرى ثانيا الى حقيقة إسحاق لتحققه ايضا بمقام الإرث الابراهيمى من التسليم والتفويض والانقياد الذي ظهر فى صورة الكبش ولهذا السر اشتركا فى البشارة الالهية (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ) فكان إسماعيل وإسحاق مختلفين فى الصورة والتشخص متفقين فى المعنى والحقيقة فان شئت قلت ان الذبيح هو إسماعيل وان شئت قلت انه إسحاق فانت مصيب فى كل من القولين فى الحقيقة لما عرفت ان أحدهما عين الآخر فى التحقق بسر ابراهيم عليه وعليهما السلام الى يوم القيام وَتَرَكْنا عَلَيْهِ اى أبقينا على ابراهيم فِي الْآخِرِينَ من الأمم سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ اى هذا الكلام بعينه كما سبق فى قصة نوح كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ الكاف متعلقة بما بعدها وذلك اشارة الى ابقاء ذكره الجميل فيما بين الأمم لا الى ما أشير اليه فيما سبق فلا تكرار اى مثل ذلك الجزاء الكامل نجزى المحسنين لا جزاء ادنى منه يعنى ان ابراهيم من المحسنين وما فعلناه به مما ذكر مجازاة له على إحسانه إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ الراسخين فى الايمان على وجه الإيقان والاطمئنان وفى التأويلات النجمية اى من عبادنا المخلصين لا من عباد الدنيا والهوى والسوي وَبَشَّرْناهُ اى ابراهيم: والتبشير بالفارسية [مژده دادن] وهو الاخبار بما يظهر سرورا فى المخبر به ومنه تباشير الصبح لما ظهر من أوائل ضوئه بِإِسْحاقَ من سارة رضى الله عنها نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ اى مقضيا بنبوته مقدرا كونه من الصالحين(7/478)
وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114)
وبهذا الاعتبار وقعا حالين ولا حاجة الى وجود المبشر به وقت البشارة فان وجود ذى الحال ليس بشرط وانما الشرط مقارنة تعلق الفعل به لاعتبار معنى الحال وفى التأويلات النجمية (نَبِيًّا) اى ملهما من الحق تعالى كما قال بعضهم حدثنى قلبى عن ربى (مِنَ الصَّالِحِينَ) اى من المستعدين لقبول الفيض الإلهي بلا واسطة انتهى. وفى ذكر الصلاح بعد النبوة تعظيم لشأنه وايماء الى انه الغاية لها لتضمنها معنى الكمال والتكميل بالفعل على الإطلاق وقد سبق الكلام المشبع فيه فى اواخر سورة يوسف وَبارَكْنا عَلَيْهِ على ابراهيم فى أولاده: وبالفارسية [وبركت داديم بر ابراهيم] وَعَلى إِسْحاقَ بان أخرجنا من صلبه أنبياء من بنى إسرائيل وغيرهم كايوب وشعيب او أفضنا عليهما بركات الدين والدنيا وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ فى عمله او لنفسه بالايمان والطاعة وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ بالكفر والمعاصي مُبِينٌ ظاهر ظلمه وفيه تنبيه على ان الظلم فى أولادهما وذريتهما لا يعود عليهما بعيب ولا نقيصة وان المرء يجازى بما صدر من نفسه طاعة او معصية لا بما صدر من أصله وفرعه كما قال (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وان النسب لا تأثير له فى الصلاح والفساد والطاعة والعصيان فقد يلد الصالح العاصي والمؤمن الكافر وبالعكس ولو كان ذلك بحسب الطبيعة لم يتغير ولم يتخلف وفيه قطع لاطماع اليهود المفاخرين بكونهم أولاد الأنبياء وفى الحديث (يا بنى هاشم لا يأتينى الناس بأعمالهم وتأتونى بانسابكم) الواو فى وتأتونى واو الصرف ولهذا نصب وتأتونى حذف نون تأتون علامة للنصب وهذه النون نون الوقاية اى لا يكون اعمال الناس وانسابكم مجتمعين فائتونى بالأعمال والغرض تقبيح افتخارهم لديه عليه السلام بالأنساب حين يأتى الناس بالأعمال
أتفخر باتصالك من علىّ ... واصل البولة الماء القراح
وليس بنافع نسب زكى ... تدنسه صنائعك القباح
وقال بعضهم
وما ينفع الأصل من هاشم ... إذا كانت النفس من باهله
وقبيلة باهلة عرفوا بالدناءة لانهم كانوا يأكلون بقية الطعام مرة ثانية ويأكلون نقى عظام الميتة
كر بنگرى بأصل همه بنى آدمند ... زان اعتبار جمله عزيز ومكرمند
بيش اند ناس صورت نسناس سيرتان ... خلقى كه آدمند بخلق وكرم كمند
وفى المثل «ذهب الناس وما بقي الا النسناس» وهم الذين يتشبهون بالناس وليسوا بالناس او هم خلق فى صورة الناس وقال بعضهم
اصل را اعتبار چندان نيست ... روى همچوورد خندان نيست
مى ز غوره شود شكر از نى ... عسل از نحل حاصلست بقي
فعلى العاقل ترك الاغترار بالأنساب والاحساب والاجتهاد فيما ينفعه يوم الحساب وكان زين العابدين رضى الله عنه يقول اللهم انى أعوذ بك ان تحسن فى لوامع العيون علانيتى وتقبح سريرتى ومن الله التوفيق وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ المنان فى صفة الله تعالى المعطى ابتداء من غير ان يطلب عوضا يقال منّ عليه منا إذا أعطاه شيأ ومنّ عليه منة إذا أعد(7/479)
وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (115) وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (116) وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (117) وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (118) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ (119) سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121) إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122)
نعمته عليه وامتن وهو مذموم من الخلق لا من الحق كما قال تعالى (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ) والمعنى وبالله لقد أنعمنا على موسى وأخيه هارون بالنبوة وغيرها من النعم الدينية والدنيوية وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما وهم بنو إسرائيل مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ من تعذيب فرعون وأذى قومه القبط وقد سبق معنى الكرب فى هذه السورة ولما كانت النتيجة عبارة عن التخليص من المكروه وهى لا تقتضى الغلبة اتبعها بقوله وَنَصَرْناهُمْ اى موسى وهارون وقومهما فَكانُوا بسبب ذلك هُمُ فحسب الْغالِبِينَ على عدوهم فرعون وقومه غلبة لا غاية وراءها بعد ان كان قومهما فى اسرهم وقسرهم مقهورين تحت أيديهم وفيه اشارة الى تنجية موسى القلب وهارون السر من غرق بحر الدنيا وماء شهواتها ونصرتهما مع صفاتهما على فرعون النفس وصفاتها فليصبر المجاهدون على انواع البلاء الى ان تظهر آثار الولاء فان آخر الليل ظهور النهار وغاية الخريف والشتاء طلوع الازهار والأنوار: قال الحافظ
چهـ جورها كه كشيدند بلبلان از دى ... ببوى آنكه دكر نوبهار باز آمد
وَآتَيْناهُمَا بعد ذلك المذكور من النتيجة الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ اى البليغ والمتناهي فى البيان والتفصيل وهو التوراة فانه كتاب مشتمل على جميع العلوم التي يحتاج إليها فى مصالح الدين والدنيا قال تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ) . فاستبان مبالغة بان بمعنى ظهر ووضح وجعل الكتاب بالغا فى بيانه من حيث انه لكماله فى بيان الاحكام وتمييز الحلال عن الحرام كأنه يطلب من نفسه ان يبينها ويحمل نفسه على ذلك وقيل هذه السين كهى فى قوله يستسخرون فان بان واستبان وتبين واحد نحو عجل واستعجل وتعجل فيكون معناه الكتاب المبين وَهَدَيْناهُمَا بذلك الكتاب الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ الموصل الى الحق والصواب بما فيه من تفاصيل الشرائع وتفاريع الاحكام وفى كشف الاسرار وهديناهما دين الله الإسلام اى ثبتناهما عليه واستعير الصراط المستقيم من معناه الحقيقي وهو الطريق المستوي للدين الحق وهو ملة الإسلام وهذا امر تحقق عقلا فقد نقل اللفظ الى امر معلوم من شانه ان ينص عليه ويشار اليه اشارة عقلية ولاجل تحققه سميت هذه الاستعارة بالتحقيقية وفيه اشارة الى إيتاء العلوم الحقيقية والإلهامات الربانية والهداية بذلك الى الحضرة الواحدية والاحدية وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ اى أبقينا عليهما فيما بين الأمم الآخرين هذا الذكر الجميل والثناء الجزيل فهم يسلمون عليهما ويقولون سلام على موسى وهارون ويدعون لهما دعاء دائما الى يوم الدين إِنَّا كَذلِكَ اى مثل هذا الجزاء الكامل نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ لذين هما من جملتهم لا جزاء قاصرا عنه إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ يشير الى ان طريق الإحسان هو الايمان فالايمان هو مرتبة الغيب والإحسان هو مرتبة المشاهدة ولما كان الايمان ينشأ عن المعرفة كان الأصل معرفة الله والجري على مقتضى العلم فالانسان من حيث ما يتغذى نبات ومن حيث ما يحس ويتحرك حيوان ومن حيث الصورة التخطيطية فكصورة فى جدار وانما فضيلته بالنطق والعلم والفهم وسائر الكمالات البشرية وفى الحديث (ما فضلكم(7/480)
وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132)
ابو بكر بكثير صوم ولا صلاة ولكن بسرّ وقر فى صدره) ومن آثار هذا السر الموقور ثباته يوم موت الرسول عليه السلام وعدم تغيره كسائر الاصحاب حيث صعد المنبر وقرأ (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) الآية فكان إيمانه أقوى وثباته او فى ومشاهدته أعلى وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ اى الى بنى إسرائيل وهو الياس بن ياسين بن شير بن فخاص بن الغيرار بن هارون ابن عمران وهو من سبط هارون أخي موسى بعث بعد موسى هذا هو المشهور وعليه الجمهور ودل عليه ما فى بعض المعتبرات ان الموجود من الأنبياء بأبدانهم العنصرية اربعة اثنان فى السماء إدريس وعيسى واثنان فى الأرض الخضر والياس فادريس والياس اثنان من حيث الهوية والتشخص وقال جماعة من العلماء منهم احمد بن حنبل ان الياس هو إدريس اى أخنوخ ابن متوشلخ بن لمك وكان قبل نوح كما قالوا خمسة من الأنبياء لهم اسمان الياس هو إدريس ويعقوب هو إسرائيل ويونس هو ذو النون وعيسى هو المسيح ومحمد هو احمد صلوات الله عليهم أجمعين ووافقهم فى ذلك بعض أكابر الكاشفين فعلى هذا معناه ان هوية إدريس مع كونها قائمة فى انيته وصورته فى السماء الرابعة ظهرت وتعينت فى آنية الياس الباقي الى الآن فتكون من حيث العين والحقيقة واحدة ومن حيث التعين الصوري اثنتين كنحو جبرائيل وميكائيل وعزرائيل يظهرون فى الآن الواحد فى مائة الف مكان بصور شتى كلها قائمة لهم وكذلك أرواح الكمل كما يروى عن قضيب البان الموصلي قدس سره انه كان يرى فى زمان واحد فى مجالس متعددة مشتغلا فى كل بامر غير ما فى الآخر وليس معناه ان العين خلع الصورة الادريسية ولبس الصورة الالياسية والا لكان قولا بالتناسخ إِذْ قالَ اى اذكر وقت قوله لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ اى عذاب الله تعالى: وبالفارسية [آيا نمى ترسيد از عذاب الهى] أَتَدْعُونَ بَعْلًا أتعبدونه اى لا تعبدوه ولا تطلبوا منه الخير. والبعل هو الذكر من الزوجين ولما تصور من الرجل استعلاء على المرأة فجعل سائسها والقائم عليها شبه كل مستعل على غيره به فسمى باسمه فسمى العرب معبودهم الذي يتقربون به الى الله بعلا لاعتقادهم ذلك. فالبعل اسم صنم كان لاهل بك من الشام وهو البلد المعروف اليوم ببعلبك وكان من ذهب طوله عشرون ذراعا وله اربعة أوجه وفى عينيه ياقوتتان كبيرتان فتنوا به وعظموه حتى اخدموه اربعمائة سادن وجعلوهم أنبياءه فكان الشيطان يدخل جوفه ويتكلم بشريعة الضلالة والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ وتتركون عبادته اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ بالنصب على البدلية من احسن الخالقين والتعرض لذكر ربوبيته تعالى لآبائهم للاشعار ببطلان آرائهم ايضا. ثم ان الخلق حقيقة فى الاختراع والإنشاء والإبداع ويستعمل ايضا بمعنى التقدير والتصوير وهو المراد به هاهنا لان الخلق بمعنى الاختراع لا يتصور من غير الله حتى يكون هو أحسنهم كما قال الراغب ان قيل قوله (فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) يدل على انه يصح ان يوصف غيره بالخلق قيل ذلك معناه احسن المقدرين او يكون على تقدير ما كانوا يعبدون ويزعمون ان غير الله يبدع فكأنه قيل وهب ان هاهنا مبدعين وموجدين فالله تعالى أحسنهم إيجادا على ما يعتقدون كما قال خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم انتهى. وعبد الخالق عند الصوفية المتحققين(7/481)
فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132)
هو الذي يقدر الأشياء على وفق مراد الحق لتجليه له بوصف الخلق والتقدير فلا يقدر الا بتقديره له تعالى قال الامام الغزالي رحمه الله إذا بلغ العبد فى مجاهدة نفسه بطريق الرياضة فى سياستها وسياسة الخلق مبلغا ينفرد فيه باستنباط امور لم يسبق إليها ويقدر مع ذلك على فعلها والترغيب فيها كان كالمخترع لما لم يكن له وجود قبل إذ يقال لواضع الشطرنج انه الذي وضعه واخترعه حيث وضع ما لم يسبق اليه انتهى يقول الفقير ان بعض الكمل كانوا يتركون فى مكانهم بدلا منهم على صورتهم وشكلهم ويكونون فى امكنة فى آن واحد كما روى عن قضيب البان فيما سبق فهو من اسرار هذا المقام لانه انما يقدر عليه بعد المظهرية للاسم الخالق والوصول الى سره فاعرف واكتم وصن وصم فَكَذَّبُوهُ اى الياس فَإِنَّهُمْ بسبب تكذيبهم إياه لَمُحْضَرُونَ لمدخلون فى النار والعذاب لا يغيبون منها ولا يخفف عنهم كقوله (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) لان الإحضار المطلق مخصوص بالشر عرفا إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ استثناء متصل من فاعل كذبوه وفيه دلالة على ان من قومه من لم يكذبه ولم يحضر فى العذاب وهم الذين أخلصهم الله تعالى بتوفيقهم للايمان والعمل بموجب الدعوة والإرشاد وَتَرَكْنا عَلَيْهِ وأبقينا على الياس فِي الْآخِرِينَ من الأمم سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ اى هذا الكلام بعينه فيدعون له ويثنون عليه الى يوم القيامة وهو لغة فى الياس كسيناء فى سينين فان كل واحد من طور سيناء وطور سينين بمعنى الآخر زيد فى أحدهما الياء والنون فكذا الياس والياسين وقرىء باضافة آل الى ياسين لانهما فى المصحف مفصولان فيكون ياسين أبا الياس والآل هو نفس الياس إِنَّا كَذلِكَ مثل هذا الجزاء الكامل نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إحسانا مطلقا ومن جملتهم الياس إِنَّهُ لا شبهة ان الضمير لالياس فيكون الياس والياسين شخصا واحدا وليس الياسين جمع الياس كما دل عليه ما قبله من قوله سلام على نوح وسلام على ابراهيم وسلام على موسى وهرون مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ قال الكاشفى [ايمان اسميست من جميع كمالات صورى ومعنوى ونام بندگى بتشريفيست خاص از براى اهل اختصاص]
اگر بنده خويش خوانى مرا ... به از مملكت جاودانى مرا
شهانى كه با بخت فرخنده اند ... همه بندگان ترا بنده اند
- روى- انه بعث بعد موسى عليه السلام يوشع بن نون ثم كالب بن يوقنا ثم حزقيل ثم لما قبض الله حزقيل النبي عظمت الأحداث فى بنى إسرائيل ونسوا عهد الله وعبدوا الأوثان وكانت الأنبياء من بنى إسرائيل يبعثون بعد موسى بتجديد ما نسوا من التوراة وبنو إسرائيل كانوا متفرقين بأرض الشام وكان سبط منهم حلوا ببعلبك ونواحيها من ارض الشام وهم السبط الذين كان منهم الناس فلما أشركوا وعبدوا الصنم المذكور وتركوا العمل بالتوراة بعث الله الياس إليهم نبيا وتبعه يسع بن أخطوب وآمن به وكان على سبط الياس ملك اسمه أجب وكان له امرأة يقال لها ازبيل يستخلفها على رعيته إذا غاب عنهم وكانت تبرز للناس وتقضى بينهم وكانت قتالة للانبياء والصالحين يقال انها هى التي قتلت يحيى بن زكريا عليهما السلام وقد تزوجت سبعة من ملوك بنى إسرائيل وقتلتهم كلهم غيلة وكانت معمرة يقال انها ولدت سبعين ولدا وكان لزوجها(7/482)
أجب جار صالح يقال له مزدكى وكانت له جنينة يعيش منها فى جنب قصرهما فحسدته فى ذلك حتى إذا خرج الملك الى سفر بعيد أمرت جمعا من الناس ان يشهدوا على مزدكى انه سب زوجها أجب فاطاعوها فيه وكان فى حكم ذلك الزمان يحل قتل من سبب الملك إذا قامت عليه البينة فاحضرته فقالت له بلغني انك شتمت الملك فانكر فاحضرت الشهود فشهدوا عليه بالزور فامرت بقتله وأخذت جنينة غصبا ثم لما قدم الملك اوحى الله الى الياس ان يخبرهما بان الله قد غضب عليهما لوليه مزدكى حين قتلاه ظلما وآلى على نفسه انهما ان لم يتوبا عن صنيعهما ولم يردا الجنينة على ورثة مزدكى ان يهلكهما فى جوف الجنينة ثم يدعهما جيفتين ملقاتين حتى تتعرى عظامهما من لحومهما فلما سمعا ذلك اشتد غضبهما الى الياس ولم يظهر منهما ولا من قومهما الا المخالفة والعصيان والإصرار الى ان هم الملك بتعذيب الياس وقتله فلما أحس الياس بالشر خرج من بينهم لان الفرار مما لا يطاق من سنن المرسلين وارتقى الى أصعب جبل وارفعه فدخل مغارة فيه يقال انه بقي فيها سبع سنين يأكل من نبات الأرض وثمار الشجر وهم فى طلبه قد وضعوا عليه العيون والله تعالى ستره كما وقع مثله لاصحاب الكهف فلما طال عصيانهم دعا عليهم بالقحط والجوع سبع سنين فقال الله تعالى يا الياس انا ارحم بخلقي من ذلك وان كانوا ظالمين ولكن أعطيك مرادك ثلاث سنين فقحطوا بتلك المدة فلم يقلعهم ذلك عن الشرك ولما رأى ذلك منهم الياس دعا الله تعالى بان يريحه منهم فقيل له اخرج يوم كذا الى موضع كذا فما جاءك من شىء فاركبه ولا تهبه فخرج الياس فى ذلك اليوم ومعه خادمه أليسع فوصل الموضع الذي امر فاستقبله فرس من نار وجميع الآلة من النار حتى وقف بين يديه فركب عليه فانطلق به الفرس الى جانب السماء فناداه أليسع ما تأمرنى فقذف اليه الياس بكسائه من الجو الأعلى: يعنى [كه ترا خليفه خويش كردم بر بنى إسرائيل] ورفع الله الياس من بين أظهرهم وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وكساه الريش فكان إنسيا ملكيا ارضيا سماويا وقال بعضهم كان قد مرض وأحس بالموت فبكى فاوحى الله اليه لم تبكى أحرصا على الدنيا أم جزعا من الموت أم خوفا من النار قال لا ولكن وعزتك جلالك انما جزعى كيف يحمدك الحامدون بعدي ولا أحمدك ويذكرك الذاكرون بعدي ولا أذكرك ويصوم الصائمون بعدي ولا أصوم ويصلى المصلون بعدي ولا أصلي فقيل له يا الياس لاؤخرنك الى وقت لا يذكرنى ذاكر يعنى يوم القيامة وسلط الله على قومه عدوا لهم من حيث لا يشعرون فاهلكم وقتل أجب وامرأته ازبيل فى جنينة مزدكى فلم تزل جيفتاهما ملقاتين فيها الى ان بليت لحومهما ورمت عظامهما ونبأ الله أليسع وبعثه الى بنى إسرائيل وأيده فآمنت به بنو إسرائيل وكانوا يعظمونه ويطيعونه وحكم الله فيهم قائم الى ان فارقهم أليسع- روى- ان الياس والخضر عليهما السلام يصومان شهر رمضان ببيت المقدس ويوافيان الموسم فى كل عام وهما آخر من يموت من بنى آدم وقيل ان الياس موكل بالفيافي جمع فيفاة بمعنى الصحراء والحضر موكل بالبحار
وذكر انهما يقولان عند افتراقهما من الموسم ما شاء الله ما شاء الله لا يسوق الخير الا الله. ما شاء الله ما شاء الله لا يصرف السوء الا الله(7/483)
وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133) إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138)
ما شاء الله ما شاء الله ما يكون من نعمة فمن الله. ما شاء الله ما شاء الله توكلنا على الله حسبنا الله ونعم الوكيل [محمد بن احمد العابد كويد در مسجد أقصى نشسته بودم روز آدينه بعد از نماز ديكر كه دو مرد ديدم يكى بر صفت وهيئت ما وآن ديكر شخصى عظيم بود قدى بلند و پيشانى فراخ پهن صدر وذراعين اين شخص عظيم از من دور نشست وآن پير كه بر صفت وقد ما بود فرا پيش آمد وسلام كرد جواب سلام دادم وكفتم «من أنت رحمك الله» تو كيستى وآنكه از ما دور نشسته است كيست كفت من خضرم واو برادرم الياس از كفتار ايشان در دل من هراس آمد وبلرزيدم خضر كفت «لا بأس عليك نحن نحبك» ما ترا دوست داريم چهـ انديشه برى. آنكه كفت هر كه روز آدينه نماز ديكر بگزارد وروى بسوى قبله كند وتا بوقت فرو شدن آفتاب همى كويد «يا الله يا رحمن» رب العزة دعاى وى مستجاب كرداند وحاجت وى روا كند كفتم «آنستني آنسك الله بذكره» كفتم طعام تو چهـ باشد كفت كرفس وكماءة كفتم طعام الياس چهـ باشد كفت دو رغيف خوارى هر شب وقت إفطار كفتم مقام او كجا باشد كفت در جزائر دريا كفتم شما كى فراهم آييد كفت چون يكى از اولياء الله از دنيا بيرون شود هر دو بر وى نماز كنيم ودر موسم عرفات فراهم آييم وبعد از فراغ مناسك او موى من باز كند ومن موى او باز كنم كفتم اولياء الله را همه شناسى كفت قومى معدود را شناسم كفت چون رسول خدا صلوات الله عليه از دنيا بيرون شد زمين بالله ناليد كه «بقيت لا يمشى علىّ نبى الى يوم القيامة» رب العالمين كفت من از اين امت مردانى را بديدارم دلها انبيا باشد. آنكه خضر برخاست تا رود من نيز برخاستم تا با وى باشم كفت تو با من نتوانى بود من هر روز نماز بامداد بمكة كزارم در مسجد حرام وهمچنان نشينم نزديك ركن شامى در حجر تا آفتاب برآيد آنكه طواف كنم ودو ركعت خلف المقام بگزارم ونماز پيشين بمدينه مصطفى عليه السلام كزارم ونماز شام بطور سينا ونماز خفتن بر سد ذو القرنين وهمه شب آنجا پاس دارم چون وقت صبح باشد نماز بامداد با مكه برم در مسجد حرام] وَإِنَّ لُوطاً هو لوط بن هاران أخي ابراهيم الخليل عليه السلام لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ الى قومه وهم اهل سدوم بالدال المهملة فكذبوه وأرادوا إهلاكه فقال رب نجنى وأهلي مما يعملون فنجاه الله واهله فذلك قوله تعالى إِذْ نَجَّيْناهُ اى اذكر وقت تنجيتنا إياه ولا يتعلق بما قبله لانه لم يرسل إذ نجى وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ [وهمه اهل بيت او را از دختران وغير ايشان] إِلَّا عَجُوزاً هى امرأة الخائنة واهلة كانت كافرة وكان نكاح الوثنيات والاقامة عليهن جائزا فى شريعته وسميت المرأة المسنة عجوزا لعجزها عن كثير من الأمور كما فى المفردات فِي الْغابِرِينَ صفة لها بمعنى الا عجوزا مقدرا غبورها لان الغبور لم يكن صفتها وقت تنجيتهم فلم يكن بد من تقدير مقدر أي الباقين فى العذاب والهلاك وقيل للباقى غابر تصورا بتخلف الغبار عن الذي يعدو فيخلفه او الماضين الهالكين وقيل غابر تصور المضي الغبار عن الأرض. والمعنى بالفارسية [مكر پيره زنى كه زن او بود چهـ او اقرار كرفت در بازارماندكان بعذاب وبا لوط همراهى نكرد: قال الشيخ سعدى(7/484)
ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138)
با بدان يار كشت همسر لوط ... خاندان نبوتش كم شد
سك اصحاب كهف روزى چند ... پى نيكان كرفت ومردم شد
ثُمَّ دَمَّرْنَا
التدمير إدخال الهلاك على الشيء اى أهلكنا الْآخَرِينَ
بالائتفاك بهم وامطار الحجارة عليهم فانه تعالى لم يرض بالائتفاك حتى اتبعه مطرا من حجارة: وبالفارسية [پس هلاك كردم ديكرانرا از قوم وى وديار ايشان وقتى زير وزبر ساختيم] فان فى ذلك شواهد على جلية امره وكونه من جملة المرسلين وتقدم ذكر قصته فى سورة هود والحجر فارجع وَإِنَّكُمْ
يا اهل مكة لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ
اى على ديار قوم لوط المهلكين ومنازلهم فى متاجركم الى الشام وتشاهدون آثار هلاكهم فان سدوم فى طريق الشام وهو قوله تعالى (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) مُصْبِحِينَ
حال من فاعل تمرون اى حال كونكم داخلين فى الصباح وَبِاللَّيْلِ
اى وملتبسين بالليل اى مساء ولعلها وقعت بقرب منزل يمر به المرتحل عنه صباحا والقاصد له مساء ويجوز ان يكون المعنى نهارا وليلا على ان يعمم المرور للاوقات كلها من الليل والنهار ولا يخصص بوقتى الصباح والمساء أَفَلا تَعْقِلُونَ
اى أفتشاهدون ذلك فلا تعقلون حتى تعتبروا به وتخافوا ان يصيبكم مثل ما أصابهم فان من قدر على إهلاك اهل سدوم واستئصالهم بسبب كفرهم وتكذيبهم كان قادرا على إهلاك كفار مكة واستئصالهم لاتحاد السبب ورجحانه لانهم اكفر من هؤلاء وأكذب كما يشهد به قوله (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ) وكان النبي عليه السلام يقول لابى جهل (ان هذا أعتى على الله من فرعون) فعلى العاقل ان يعتبر ويؤمن بوحدانية الحق ويرجع الى أبواب فضله وكرمه ورحمته ويؤدب عجوز نفسه الامارة ويحملها على التسليم والامتثال كى لا تهلك مع اهل القهر والجلال قال بعض الكبار لا بد من نصرة لكل داخل طريق اهل الله عز وجل ثم إذا حصلت فاما ان يعقبها رجوع الى الحال الاول من العبادة والاجتهاد وهم اهل العناية الإلهية واما ان لا يعقبها رجوع فلا يفلح بعد ذلك ابدا انتهى اى فيكون كالمصر على ذنبه ابتداء وانتهاء ثم ان الله تعالى ركب العقل فى الوجود الإنساني ومن شأنه ان يرى ويختار ابدا الأصلح والأفضل فى العواقب وان كان على النفس فى المبدأ مؤونة ومشقة واما الهوى فهو على ضد ذلك فانه يؤثر ما يدفع به المؤذى فى الوقت وان كان يعقبه مضرة من غير نظر منه فى العواقب كالصبى الرمد الذي يؤثر أكل الحلاوات واللعب فى الشمس على أكل الإهليلج والحجامة ولهذا قال النبي عليه السلام (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات)
تو بر كره توسنى در كمر ... نكر تا نپيچد ز حكم تو سر
اگر پالهنك از كفت در كسيخت ... تن خويشتن كشت وخونت بريخت
ففيه اشارة الى فكر العواقب وجاء فى الأمثال [وقتى زنبورى مورى را ديد كه بهزار حيله دانه بخانه مكشيد ودر ان رنج بسيارى ديد او را كفت اى مور اين چهـ رنجست كه بر خود نهاده واين چهـ بارست كه اختيار كرده بيا مطعم ومشرب من ببين كه هر طعام كه(7/485)
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)
لطيف ولذيذترست تا از من زياده نيايد بپادشاهان نرسد هر آنجا كه خواهم كزينم وخورم درين سخن بود كه برپريد وبدكان قصابى بر مسلوخى نشست قصاب كارد كه در دست داشت بر ان زنبور مغرور زد ودو پاره كرد وبر زمين انداخت ومور بيامد و پاى كشان او را مى برد وكفت «رب شهوة ساعة أورثت صاحبها حزنا طويلا» زنبور كفت مرا بجايى مبر كه نخواهم مور كفت هر كه از روى حرص وشهوت جايى نشيند كه خواهد بجايى كشندش كه نخواهد] نسأل الله ان يوفقنا لاصلاح الطبيعة والنفس ويجعل يومنا خيرا من الأمس فى التوجه الى جنابه والرجوع الى بابه انه هادى القلوب الراجعة فى الأوقات الجامعة ومنه المدد كل يوم لكل قوم وَإِنَّ يُونُسَ
ابن متى بالتشديد وهو اسم أبيه او امه وفى كشف الاسرار اسم أبيه متى واسم امه تنجيس كان يونس من أولاد هود كما فى أنوار المشارق وهو ذو النون وصاحب الحوت لانه التقمه. واما ذو النون المصري من اولياء هذه الامة فقيل انما سمى به لانه ركب سفينة مع جماعة فقد واحد منهم ياقوتا فلم يجده فآل رأيهم الى ان هذا الرجل الغريب قد سرقه فعوتب عليه فانكر الشيخ فحلف فلم يصدقوه بل أصروا على انه ليس الا فيه فلما اضطر توجه ساعة فاتى جميع الحوت من البحر فى فيها يواقيت فلما رأوا ذلك اعتذروا عن فعلتهم فقام وذهب الى البحر ولم يغرق بإذن الله تعالى فسمى ذا النون لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
الى بقية ثمود وهم اهل نينوى بكسر النون الاولى وفتح الثانية وقيل بضمها قرية على شاطئ دجلة فى ارض الموصل وفى كلام الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر قد اجتمعت بجماعة من قوم يونس سنة خمس وثمانين وخمسمائة بالأندلس حيث كنت فيه وقست اثر رجل واحد منهم فى الأرض فرأيت طول قدمه ثلاثة أشبار وثلثى شبر انتهى ولما بعث إليهم دعاهم الى التوحيد أربعين سنة وكانوا يعبدون الأصنام فكذبوه وأصروا على ذلك فخرج من أظهرهم وأوعدهم حلول العذاب بهم بعد ثلاث او بعد أربعين ليلة ثم ان قومه لما أتاهم امارات العذاب بان أطبقت السماء غيما اسود يدخن دخانا شديدا ثم يهبط حتى يغشى مدنيتهم حتى صار بينهم وبين العذاب قدر ميل أخلصوا الله تعالى بالدعاء والتضرع بان فرقوا بين الأمهات والأطفال وبين الأتن والجحوش وبين البقر والعجول وبين الإبل والفصلان وبين الضأن والحملان وبين الخيل والافلاء ولبسوا المسوح ثم خرجوا الى الصحراء متضرعين ومستغفرين حتى ارتفع الضجيج الى السماء فصرف الله عنهم العذاب وقبل توبتهم ويونس ينتظر هلاكهم فلما امسى سأل محتطبا مر بقومه كيف كان حالهم فقال هم سالمون وبخير وعافية وحدثه بما صنعوا فقال لا ارجع الى قوم قد كذبتهم وخرج من ديارهم مستنكفا خجلا منهم ولم ينتظر الوحى وتوجه الى جانب البحر وذلك قوله تعالى إِذْ أَبَقَ
اى اذكر وقت إباقه اى هربه وأصله الهرب من السيد لكن لما كان هربه من قومه بغير اذن ربه حسن إطلاقه عليه بطريق المجاز تصويرا لقبحه فانه عبد الله فكيف يفر بغير الاذن والى اين يفر والله محيط به وقد صح انه لا يقبل فرض الآبق ولا نفله حتى يرجع فاذا كان الأدنى مأخوذا بزلة فكيف الأعلى إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
اى المملوء من الناس(7/486)
فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)
والدواب والمتاع ويقال المجهز الذي فرغ من جهازه يقال شحن السفينة ملأها كما فى القاموس- روى- ان يونس لما دخل السفينة وتوسطت البحر احتسبت عن الجري ووقفت فقال الملاحون هنا عبد آبق من سيده وهذا رسم السفينة إذا كان فيها عبد آبق لا تجرى وقال الامام فقال الملاحون ان فيكم عاصيا والا لم يحصل فى السفينة ما نراه من غير ريح ولا سبب ظاهر وقال التجار قد جربنا مثل هذا فاذا رأينا نقترع فمن خرج سهمه نرميه فى البحر لان غرق الواحد خير من غرق الكل فاقترعوا ثلاث مرات فخرجت القرعة على يونس فى كل مرة وذلك قوله تعالى فَساهَمَ
المساهمة المقارعة: يعنى [با كسى قرعه زدن] والسهم ما يرمى به من القداح ونحوه. والمعنى فقارع اهل الفلك من الآبق والقوا السهام على وجه القرعة. والمفهوم من تفسير الكاشفى ان الضمير الى يونس: يعنى [يونس قرعه زد باهل كشتى سه نوبت] فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
فصار من المغلوبين بالقرعة وأصله المزلق عن مقام الظفر والغلبة قال فى القاموس دحضت رجله زلقت والشمس زالت والحجة دحوضا بطلت انتهى. فالادحاض بالفارسية [باطل كردن حجت] وحين خرجت القرعة على يونس قال انا العبد الآبق او يا هؤلاء انا والله العاصي فتلفف فى كسائه ثم قام على رأس السفينة فرمى بنفسه فى البحر: يعنى [يونس كليم در سر خود كشيده خود را در بحر افكند] فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ الالتقام الابتلاع: يعنى [لقمه كردن وفرو بردن] يقال لقمت اللقمة والتقمتها إذا ابتلعتها اى فابتلعه السمك العظيم قال الكاشفى [حق تعالى وحي فرستاد بماهى كه در آخرين ديارها باشد تا پيش كشتى آمده دهن باز كرده] وقال فى كشف الاسرار فصادفه حوت جاء من قبل اليمن فابتلعه فسفل به الى قرار الأرضين حتى سمع تسبيح الحصى وَهُوَ مُلِيمٌ حال من مفعول التقمه اى داخل فى الملامة ومعنى دخوله فى الملامة كونه يلام سواء استحق اللوم أم لا او آتى بما يلام عليه فيكون المليم بمعنى من يستحق اللوم سواء لاموه أم لا يقال الام الرجل إذا اتى بما يلام عليه او يلوم نفسه: يعنى [واو ملامت كننده بود نفس خود را كه چرا از قوم كريختى] فالهمزة على هذا للتعدية لا على التقديرين الأولين- روى- ان الله تعالى اوحى الى السمكة انى لم اجعله لك رزقا ولكن جعلت بطنك له وعاء فلا تكسرى منه عظما ولا تقطعى منه وصلا فمكث فى بطن الحوت أربعين ليلة كما دل عليه كونه منبوذا على الساحل وهو سقيم قال الكاشفى [سه روز يا هفت روز أشهر آنست كه چهل روز در شكم ماهى بود وآن ماهى هفت دريا را بكشت وحق سبحانه وتعالى كوشت و پوست او را نازك وصافى ساخته بود چون آبگينه تا يونس عجائب وغرائب بحر را مشاهده كرد و پيوسته بذكر حق سبحانه وتعالى اشتغال داشت] فَلَوْلا أَنَّهُ [پس اگر نه آنست كه يونس] كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ فى بطن الحوت وهو قوله (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) او من الذاكرين الله كثيرا بالتسبيح مدّة عمره وعن سهل من القائمين بحقوق الله قبل البلاء ذكرا او صلاة او غيرهما لَلَبِثَ لمكث حيا او ميتا فِي بَطْنِهِ اى فى بطن الحوت إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ يعنى [تا آن روز كه خلق را برانگيزند از قبور] قال فى كشف الاسرار(7/487)
فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148) فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150)
فيه ثلاثة أوجه. أحدها يبقى هو والحوت الى يوم البعث. والثاني يموت الحوت ويبقى هو فى بطنه. والثالث يموتان ثم يحشر يونس من بطنه فيكون بطن الحوت قبرا له الى يوم القيامة فلم يلبث لكونه من المسبحين وفيه حث على إكثار الذكر وتعظيم لشأنه واشارة الى ان خلاص يونس القلب إذا التقمه حوت النفس لا يكون الا بملازمة ذكر الله ومن اقبل عليه فى السراء أخذ بيده عند الضراء والعمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر وإذا صرع يجد متكئا وفى الوسيط كان يونس عبدا صالحا ذاكر الله فلما وقع فى بطن الحوت قال الله (فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) الآية وان فرعون كان عبدا طاغيا ناسيا ذكر الله (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ) قال الله تعالى (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ) وعن الشافعي انفس ما يداوى به الطاعون التسبيح لان الذكر يرفع العقوبة والعذاب كما قال الله تعالى (فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) وعن كعب قال سبحان الله يمنع العذاب وعن عمر رضى الله عنه انه امر بجلد رجل فقال فى أول جلده سبحان الله فعفا عنه
ذكر حق شافع بود دركاه را ... راضى وخشنود كند الله را
قال فى كشف الاسرار [خداوند كريم چون يونس را در شكم ماهى بزندان كرد نام الله چراغ ظلمت او بود يا الله انس ورحمت او بود هر چند كه از روى ظاهر ماهى بلاي يونس بود اما از روى باطن خلوتكاه وى بود ميخواست بي زحمت اغيار با دوست رازى كويد چنانكه يونس را در شكم ماهى خلوتكاه ساختند خليل را در ميان آتش نمرود خلوتكاه ساختند وصديق اكبر را با مهتر عالم در ان كوشه غار خلوتكاه ساختند همچنين هر كجا مؤمنين وموحدين است او را خلوتكاهى است وآن سينه عزيز وى است وغار سر وى نزول كاه لطف الهى وموضع نظر ربانى] روى ابو هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (سبح يونس فى بطن الحوت فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا ربنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة فقال تعالى ذلك عبدى يونس عصانى فحبسته فى بطن الحوت فى البحر قالوا العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه فى يوم وليلة عمل صالح قال نعم فشفعوا له فامر الحوت فقذفه بالساحل فى ارض نصيبين) وهى بلدة قاعدة ديار ربيعة وذلك قوله تعالى فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به. والعراء ممدودا مكان لا سترة فيه وهو من التعري سمى به الفضاء الخالي عن البناء والأشجار المظلة لتعريه عما يستر اهله ومعارى الإنسان الأعضاء التي من شأنها ان تعرى كاليد والوجه والرجل. والاسناد المعبر فى قوله فنبذناه من قبيل اسناد الفعل الى السبب الحامل على الفعل فالمعنى فحملنا الحوت على لفظه ورميه بالمكان الخالي عما يغطيه من شجر او نبت وَهُوَ سَقِيمٌ اى عليل البدن من أجل ما ناله فى بطن الحوت من ضعف بدنه فصار كبدن الطفل ساعة يولد لا قوة له او بلى لحمه ونتف شعره حتى صار كالفرخ ليس عليه شعر وريش ورق عظمه وضعف بحيث لا يطيق حر الشمس وهبوب الرياح وفيه اشارة الى ان القلب وان تخلص من سجن النفس وبحر الدنيا يكون سقيما بانحراف مزاجه القلبي بمجاورة صحبة النفس واستراق طبعها وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ اى فوقه مظللة عليه شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ يفعيل مشتق(7/488)
وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148)
من قطن بالمكان إذا اقام به كاشتقاق الينبوع من نبع فهو موضوع لمفهوم كلى متناول للقرع والبطيخ والقثاء والقثد والحنظل ونحوها مما كان ورقه كله منبسطا على وجه الأرض ولم يقم على ساق واحدته يقطينة وفى القاموس اليقطين ما لا ساق له من النبات ونحوه وبهاء القرعة الرطبة انتهى اطلق هنا على الفرع استعمالا للعام فى بعض جزئياته قال ابن الشيخ ولعل اطلاق اسم الشجر على القرع مع ان الشجر فى كلامهم اسم لكل نبات يقوم على ساقه ولا ينبسط على وجه الأرض مبنى على انه تعالى أنبت عليه شجرة صارت عريشا لما نبت تحتها من القرع بحيث استولى القرع على جميع أغصانها حتى صارت كأنها شجرة من يقطين وكان هذا الإنبات كالمعجزة ليونس فاستظل بظلها وغطته باوراقها عن الذباب فانه لا يقع عليها كما يقع على سائر العشب وكان يونس حين لفظه البحر متغيرا يؤلمه الذباب فسترته الشجرة بورقها. قيل لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم انك تحب القرع قال (أجل هى شجرة أخي يونس) وعن ابى يوسف لو قال رجل ان رسول الله كان يحب القرع مثلا فقال الآخر انا لا أحبه فهذا كفر يعنى إذا قاله على وجه الاهانة والاستخفاف والا فلا يكفر على ما قاله بعض المتأخرين وروى انه تعالى قيض له اروية وهى الأنثى من الوعل تروح عليه بكرة وغشية فيشرب من لبنها حتى اشتد لحمه ونبت شعره وعادت قوته وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ هم قومه الذين هرب منهم والمراد إرساله السابق وهو إرساله إليهم قبل ان خرج من بينهم والتقمه الحوت. اخبر اولا بانه من المرسلين على الإطلاق ثم اخبر بانه قد أرسل الى مائة الف جمة وكان توسيط تذكير وقت هربه الى الفلك وما بعده بينهما لتذكير سببه وهو ما جرى بينه وبين قومه من إنذاره إياهم عذاب الله وتعيينه لوقت حلوله وتعللهم وتعليقهم لايمانهم بظهور اماراته ليعلم ان ايمانهم الذي سيحكى بعد لم يكن عقيب الإرسال كما هو المتبادر من ترتب الايمان عليه بالفاء بل بعد اللتيا والتي أَوْ يَزِيدُونَ اى فى مرأى الناظر فانه إذا نظر إليهم قال انهم مائة الف او يزيدون عليها عشرين الفا او ثلاثين او سبعين فاو التي للشك بالنسبة الى المخاطبين إذا الشك على الله محال والغرض وصفهم بالكثرة وهذا هو الجواب عن كل ما يشبه هذا كقوله (عُذْراً أَوْ نُذْراً. لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى. لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) وغير ذلك فَآمَنُوا اى بعد ما شاهدوا علائم حلول العذاب ايمانا خالصا فَمَتَّعْناهُمْ اى بالحياة الدنيا وابقيناهم إِلى حِينٍ قدره الله سبحانه لهم وهذا كناية عن رد العذاب عنهم وصرف العقوبة- روى- ان يونس عليه السلام نام يوما تحت الشجرة فاستيقظ وقد يبست فخرج من ذلك العراء ومر بجانب مدينة نينوى فرأى هنالك غلاما يرعى الغنم فقال له من أنت يا غلام فقال من قوم يونس قال فاذا رجعت إليهم فاقرأ عليهم منى السلام وأخبرهم انك قد لقيت يونس ورأيته فقال الغلام ان تكن يونس فقد تعلم ان من يحدث ولم يكن له بينة قتلوه وكان فى شرعهم ان من كذب قتل فمن يشهد لى فقال له يونس تشهد لك هذه الشجرة وهذه البقعة فقال الغلام ليونس مرهما بذلك فقال لهما إذا جاءكما هذا الغلام فاشهدا له قالتا نعم فرجع الغلام الى قومه فاتى الملك فقال انى لقيت يونس وهو(7/489)
يقرأ عليكم السلام فامر الملك ان يقتل فقال ان لى بينة فارسل معه جماعة فانتهوا الى الشجرة والبقعة فقال لهما الغلام أنشدكما الله عز وجل اى اسألكما بالله تعالى هل أشهدكما يونس قالتا نعم فرجع القوم مذعورين فاتوا الملك فحدثوه بما رأوا فتناول الملك يد الغلام فاجلسه فى منزله وقال له أنت أحق منى بهذا المقام والملك فاقام بهم الغلام أربعين سنة- روى- فى بعض التفاسير ان قومه آمنوا فسألوه ان يرجع إليهم فابى يونس لان النبي إذا هاجر لم يرجع إليهم مقيما فيهم- وروى- انه لما استيقظ فوجد انه قد يبست الشجرة فاصابته الشمس حزن لذلك حزنا شديدا فجعل يبكى فبعث الله اليه جبرائيل وقال قل له أتحزن على شجرة لم تخلقها أنت ولم تنبتها ولم تربها وانا الذي خلقت مائة الف من الناس او يزيدون تريد منى ان استأصلهم فى ساعة واحدة
وقد تابوا وتبت عليهم فاين رحمتى يا يونس وانا ارحم الراحمين وما احسن ما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ترغيبا للعبد فيما يوصله الى ما خلق له وتفضيلا لهذا الموصل على هدم النشأة الانسانية وان كان ذلك الهدم واقعا بموجب الأمر وكان للهادم رتبة إعلاء كلمة الله وثواب الشهادة (ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من ان تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر الله) اى ما هو خير لكم مما ذكر ذكر الله تعالى فابقاه هذه النشأة أفضل من هدمها وان كان بالأمر وفى كشف الاسرار [در قصه آورده اند كه چون يونس عليه السلام از ان ظلمت نجات يافت واز ان محنت برست وبا ميان قوم خود شد وحي آمد بوى كه فلان مرد فخارى را كوى تا آن خنورهاى ويرانها كه باين يكسال ساخته و پرداخته همه بشكند وبتلف آرد يونس باين فرمان كه آمده اندوهگين كشت وبر ان فخار بخشايشى كرد وكفت بار خدايا مرا رحمت مى آيد بر ان مرد كه يكساله عمل وى تباه خواهى كرد ونيست خواهد شد الله تعالى كفت اى يونس بخشايش مى نمايى بمردى كه عمل يكساله وى تباه ونيست ميشود وبر صد هزار مرد از بندگان من بخشايش ننمودى وهلاك وعذاب ايشان خواستى «يا يونس لم تخلقهم ولو خلقتهم لرحمتهم» بشر حافى را رحمه الله بخواب ديدند كفتند حق تعالى با تو چهـ كرد كفت با من عتاب كرد كفت اى بشر آن همه خوف ووجل در دنيا ترا از بهر چهـ بود «اما علمت ان الرحمة والكرم صفتى» فردا مصطفى عربى را عليه السلام در كنهكاران امت شفاعت دهد تا آنكه كه كويد خداوند مرا در حق كسانى شفاعت ده كه هر نيكى نكرده اند فيقول الله عز وجل يا محمد اين يكى مراست حق من وسزاى منست آنكه خطاب آيد كه «اخرجوا من النار من ذكرنى مرة فى مقام او خاف منى فى وقت» اين آن رحمتست كه سؤال در وى كم كشت اين آن لطف است كه انديشه در وى نيست كشت اين آن كرم است كه وهم درو متحير كشت اين آن فضلست كه حد آن از غايت اندازه دركذشت. اى بنده اگر طاعت كنى قبول بر من. ور سؤال كنى عطا بر من. ور كناه كنى عفو بر من. آب در جوى من. راحت در كوى من. طرب در طلب من. انس با جمال من. سرور ببقاى من. شادى بلقاى من] قال الكاشفى (فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) [پس برخوردارى داديم ايشانرا تا هنكام أجل ايشان وبعد از انكه متقاضى أجل باسترداد وديعت روح(7/490)
فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150)
متوجه كردد نه بمدافعت ابطال منع او ميسر است ونه ببذل اموال دفع او متصور]
روزى كه أجل دست كشايد بستيز ... وز بهر هلاك بركشد خنجر تيز
نه وقت جدل بود نه هنكام دخيل ... نه روى مقاومت نه ياراى كريز
وصارت قصة يونس آخر القصص لما فيها من ذكر عدم الصبر على الأذى والإباق كما انهم أخروا ذكر الحلاج فى المناقب لما صدر منه من الدعوى على الإطلاق ولعل عدم ختم هذه القصة وقصة لوط بما ختم به سائر القصص من ذكر السلام وما يتبعه للتفرقة بينهما وبين ارباب الشرائع الكبار واولى العزم من الرسل او اكتفاء بالتسليم الشامل لكل الرسل المذكورين فى آخر السورة قاله البيضاوي والشيخ رشيد الدين فى كشف الاسرار وأورده المولى ابو السعود فى تفسيره بصيغة التمريض يقول الفقير وجهه ان الياس ويونس سواء فى ان كلا منهما ليس من ارباب الشرائع الكبار واولى العزم من الرسل فلا بد لتخصيص أحدهما بالسلام من وجه وان التسليم المذكور فى آخر السورة شامل لكل من ذكر هنا ومن لم يذكر فحينئذ كان الظاهر ان يقتصر على ذكر سلام نوح ونحوه ثم يعمم عليهم وعلى غيرهم ممن لم يكن فى درجتهم فَاسْتَفْتِهِمْ [پس پرس از ايشان] اى إذا كان الله موصوفا بنعوت الكمال والعظمة والجلال متفردا بالخلق والربوبية وجميع الأنبياء مقرين بالعبودية داعين للعبيد الى حقيقة التنزيه والتوحيد فاستخبر على سبيل التوبيخ والتجهيل قريشا وبعض طوائف العرب نحو جهينة وبنى سلمة وخزاعة وبنى مليح فانهم كانوا يقولون ان الله تعالى تزوج من الجن فخرجت منها الملائكة فهم بنات الله ولذا يسترهن عن العيون فاثبتوا الأولاد لله تعالى ثم زعموا انها من جنس الإناث لا من جنس الذكور وقسموا القسمة الباطلة حيث جعلوا الإناث لله تعالى وجعلوا الذكور لانفسهم فانهم كانوا يفتخرون بذكور الأولاد ويستنكفون من البنات ولذا كانوا يقتلونهن ويدفنونهن حياء قال تعالى (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) الآية ومن هنا انه من رأى فى المنام انه اسود وجهه فانه يولد له بنت والذي يستنكف منه المخلوق كيف يمكن إثباته للخالق كما قال تعالى أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ اللاتي هن أوضع الجنسين (وَلَهُمُ الْبَنُونَ الذين هم ارفعهما وفيه تفضيل لانفهسم على ربهم وذلك مما لا يقول به من له ادنى شىء من العقل وهذا كقوله تعالى (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) اى قسمة جائرة غير عادلة وفيه اشارة الى كمال جهالة الإنسان وضلالته إذا وكل الى نفسه الخسيسة وخلى الى طبيعته الركيكة انه يظن بربه ورب العالمين نقائص لا يستحقها ادنى عاقل بل غافل من اهل الدنيا
برى ذاتش از تهمت ضد وجنس ... غنى ذاتش از تهمت جن وانس
نه مستغنى از طاعتش پشت كست ... نه بر حرف او جاى انكشت كس
ثم انتقل الى تبكيت آخر فقال أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً الإناث ككتاب جمع الأنثى اى بل أم خلقنا الملائكة الذين هم من اشرف الخلائق وابعدهم من صفات الأجسام ورذائل الطبائع إناثا والأنوثة من اخس صفات الحيوان ولو قيل لادناهم فيك انوثة لتمزقت نفسه(7/491)
أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (153) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (156) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (157) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158)
من الغيظ لقائله ففى جعلهم الملائكة إناثا استهانة شديدة بهم وَهُمْ شاهِدُونَ حال من فاعل خلقنا مفيد للاستهزاء والتجهيل اى والحال انهم حاضرون حينئذ فيقدمون على ما يقولون فان أمثال هذه الأمور لا تعلم الا بالمشاهدة إذ لا سبيل الى معرفتها بطريق العقل الصرف بالضرورة او بالاستدلال إذ الأنوثة ليست من لوازم ذاتهم بل من اللوازم الخارجية وانتفاء النقل مما لا ريب فيه فلا بد ان يكون القائل بانوثتهم شاهدا اى حاضرا عند خلقهم إذ اسباب العلم هذه الثلاثة فكيف جعلوهم إناثا ولم يشهدوا خلقهم ثم استأنف فقال أَلا حرف تنبيه: يعنى [بدانكه] إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ اى من أجل كذبهم الاسوء وهو متعلق بقوله لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ [بزاد خداى تعالى يعنى براى او بزادند آن] يعنى مبنى مذهبهم الفاسد ليس الا الافك الصريح والافتراء القبيح من غير ان يكون لهم دليل او شبهة قطعا. والولد يعم الذكور والإناث والقليل والكثير وفيه تجسيم له تعالى وتجويز الفناء عليه لان الولادة مختصة بالأجسام القابلة للكون والفساد وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فى قولهم ذلك كذبا بينا لا ريب فيه أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ بفتح الهمزة على انما همزة استفهام للانكار والاستبعاد دخلت على الف الافتعال أصله أاصطفى فحذفت همزة الافتعال التي هى همزة الوصل استغناء عنها بهمزة الاستفهام. والاصطفاء أخذ صفوة الشيء لنفسه اى أتقولون انه اختار البنات على البنين مع نقصانهن رضى بالاخص الأدنى: وبالفارسية [آيا بركزيد خداى تعالى دخترانرا كه مكروه طباع شمااند به پسران كه ماده افتخار واستظهار شما ايشانند] ما لَكُمْ أي شىء لكم فى هذه الدعوى وقال الكاشفى [چيست شما را قسمت] كَيْفَ تَحْكُمُونَ على الغنى عن العالمين بهذا الحكم الذي تقضى ببطلانه بديهة العقول ارتدعوا عنه فانه جور: وبالفارسية [چكونه حكم ميكنيد ونسبت ميدهيد بخداى آنرا كه براى خود نمى پسنديد] قال ابن الشيخ جملتان استفهاميتان ليس لاحديهما تعلق بالأخرى من حيث الاعراب استفهم اولا عما استقر لهم وثبت استفهام انكار ثم استفهم استفهام تعجب من حكمهم هذا الحكم الفاسد وهو ان يكون احسن الجنسين لانفسهم وأخسهما لربهم أَفَلا تَذَكَّرُونَ بحذف احدى التاءين من تتذكرون والفاء للعطف على مقدر اى أتلاحظون ذلك فلا تتذكرون بطلانه فانه مركوز فى عقل زكى وغبى ثم انتقل الى تبكيت آخر فقال أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ اى هل لكم حجة واضحة نزلت عليكم من السماء بان الملائكة بنات الله ضرورة ان الحكم بذلك لا بد له من سند حسى او عقلى وحيث انتفى كلاهما فلا بد من سند نقلى فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ
الناطق بصحة دعواكم: وبالفارسية [پس بياريد آن كتاب منزل را] فالباء للتعدية إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ
فيها فاذا لم ينزل عليكم كتاب سماوى فيه ذكر ذلك الحكم فلم تصرون على الكذب ثم التفت الى الغيبة للايذان بانقطاعهم عن الجواب وسقوطهم عن درجة الخطاب واقتضاء حالهم ان يعرض عنهم ويحكى جناياتهم لآخرين فقال وَجَعَلُوا بَيْنَهُ تعالى وَبَيْنَ الْجِنَّةِ الجنة بالكسر جماعة الجن والملائكة كما فى القاموس والمراد هنا الملائكة(7/492)
سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160) فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163) وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164)
وسموا جنة لاجتنانهم واستتارهم عن الابصار ومنه سمى الجنين وهو المستور فى بطن الام والجنون لانه خفاء العقل. والجنة بالضم الترس لانه يجن صاحبه ويستره. والجنة بالفتح لانها كل بستان ذى شجر يستر باشجاره الأرض فمن له اجتنان عن الأعين جنس يندرج تحته الملائكة والجن المعروف قالوا الجن واحد ولكن من خبث من الجن ومرد وكان شرا كله فهو شيطان ومن طهر منهم ونسك وكان خيرا فهو ملك قال الراغب الجن يقال على وجهين أحدهما للروحانيين المستترة عن الحواس كلها بإزاء الانس فعلى هذا يدخل فيه الملائكة والشياطين فكل ملائكة جن وليس كل جن ملائكة وقيل بل الجن بعض الروحانيين وذلك ان الروحانيين ثلاثة أخيار وهم الملائكة واشرار وهم الشياطين واوساط فهم أخيار واشرار وهم الجن ويدل على ذلك قوله تعالى (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) الى قوله (وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) نَسَباً النسب والنسبة اشتراك من جهة الأبوين وذلك ضربان نسب بالطول كالاشتراك بين الآباء والأبناء ونسب بالعرض كالنسبة بين الاخوة وبنى العم وقيل فلان نسيب فلان اى قريبه. والمعنى وجعل المشركون بما قالوا نسبة بين الله وبين الملائكة واثبتوا بذلك جنسية جامعة له وللملائكة وفى ذكر الله الملائكة بهذا الاسم فى هذا الموضع اشارة الى ان من صفته الاجتنان وهو من صفات الاجرام لا يصلح ان يناسب من لا يجوز عليه ذلك وفيه اشارة الى جنة الإنسان وقصور نظر عقله عن كمال احدية الله وجلال صمديته إذا وكل الى نفسه فى معرفة ذات الله وصفاته فيقيس ذاته على ذاته وصفاته على صفاته فيثبت له نسبا كما له نسب ويثبت له زوجة وولدا كما له زوجة وولد ويثبت له جوارح كما له جوارح ويثبت له مكانا كما له مكان تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا وهو يقول تبارك وتعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
جهان متفق بر الهيتش ... فرو مانده از كنه ماهيتش
بشر ماوراى جلالش نيافت ... بصر منتهاى كمالش نيافت
نه ادراك در كنه ذاتش رسد ... نه فكرت بنور صفاتش رسد
ثم ان هذا وهو قوله تعالى (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ) إلخ عبارة عن قولهم الملائكة بنات الله وانما أعيد ذكره تمهيدا لما يعقبه من قوله وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ اى وبالله لقد علمت الجنة التي عظموها بان جعلوا بينها وبينه تعالى نسبا وهم الملائكة إِنَّهُمْ اى الكفرة لَمُحْضَرُونَ النار معذبون بها لا يغيبون عنها لكذبهم وافرائهم فى ذلك والمراد به المبالغة فى التكذيب ببيان ان الذي يدعى هؤلاء المشركون لهم تلك النسبة ويعلمون انهم اعلم منهم بحقيقة الحال يكذبونهم فى ذلك ويحكمون بانهم معذبون لاجله حكما مؤكدا قال فى كشف الاسرار [نحويان كفتند چون ان از قفاى علم وشهادت آيد مفتوح بايد مكر كه در خبر لام آيد آنكه مكسور باشد] كقول العرب اشهد ان فلانا عاقل وان فلانا لعاقل وجهه ان ان المكسورة لا تغير معنى الجملة واللام الداخلة على الخبر لتأكيد معنى الجملة ثم ان الله تعالى نزه نفسه عما قالوه من الكذب فقال سُبْحانَ اللَّهِ اى تنزه تعالى(7/493)
إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160) فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163) وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164)
تنزها لائقا بجنابه عَمَّا يَصِفُونَ به من الولد والنسب او نزهوه تنزيها عن ذلك او ما ابعد وما انزه من هؤلاء خلقه وعبيده عما يضاف اليه من ذلك فهو تعجب من كلمتهم الحمقاء وجعلتهم العوجاء إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ استثناء منقطع من الواو فى يصفون اى يصفه هؤلاء بذلك ولكن المخلصين الذين أخلصهم الله بلطفه من الواث الشكوك والشبهات ووفقهم للجريان بموجب اللب برءاء من ان يصفوه به وجعل ابو السعود قوله سبحان الله عما يصفون بتقدير قول معطوف على علمت الملائكة ان المشركين لمعذبون لقولهم ذلك وقالوا سبحان الله عما يصفون به من الولد والنسب لكن عباد الله المخلصين الذين نحن من جملتهم برءاء من ذلك الوصف بل نصفه بصفات العلى فيكون المستثنى ايضا من كلام الملائكة فَإِنَّكُمْ ايها المشركون عود الى خطابهم لاظهار كمال الاعتناء بتحقيق مضمون الكلام وَما تَعْبُدُونَ ومعبوديكم وهم الشياطين الذين أغووهم ما أَنْتُمْ ما نافية وأنتم خطاب لهم ولمعبوديهم تغليبا للمخاطب على الغائب عَلَيْهِ الضمير لله وعلى متعلقة بقوله بِفاتِنِينَ الفاتن هنا بمعنى المضل والمفسد يقال فتن فلان على فلان امرأته اى أفسدها عليه واضلها حاملا إياها على عصيان زوجها فعدى الفاتن بعلى لتضمينه معنى الحمل والبعث. والمعنى ما أنتم بفاتنين أحدا من عباده اى بمضلين ومفسدين بحمله على المعصية والخلاف فمفعول فاتنين محذوف إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ منهم اى داخلها لعلمه تعالى بانه يصر على الكفر بسوء اختياره ويصير من اهل النار لا محالة فيضلون بتقدير الله من قدر الله ان يكون من اهل النار واما المخلصون منهم فانهم بمعزل عن افسادهم واضلالهم فهم لا جرم برءاء من ان يفتنوا بكم ويسلكوا مسلككم فى وصفه تعالى بما وصفتموه به. قوله صال بالكسر أصله صالى على وزن فاعل من الصلى وهو الدخول فى النار يقال صلى فلان النار يصلى صليا من الباب الرابع دخل فيها واحترق فاعل كقاض فلما أضيف الى الجحيم سقط التنوين وأفرد حملا على لفظ من واحتج اهل السنة والجماعة بهذه الآية وهى قوله (فَإِنَّكُمْ) إلخ على انه لا تأثير لالقاء الشيطان ووسوسته ولا لاحوال معبودهم فى وقوع الفتنة وانما المؤثر هو قضاء الله وتقديره وحكمه بالشقاوة ولا يلزم منه الجبر وعدم لوم الضال والمضل بما كسبا لما أشير اليه من انهم لا يقدرون على إضلال أحد الا إضلال من علم الله منه اختيار الكفر والإصرار عليه وعلم الله وتقديره وقضاؤه فعلا من افعال المكلفين لا ينافى اختيار العبد وكسبه
هر كه در فعل خود بود مختار ... فعل او دور باشد از إجبار
بهر آن كرد امر ونهى عباد ... تا شود ظاهر انقياد وعناد
زايد از انقياد حب ورضا ... وز خلاف وعناد سوء قضا
پس بود امر ونهى شرط ظهور ... فعلها را ز بنده مأمور
وَما مِنَّا حكاية اعتراف الملائكة للرد على عبدتهم كأنه قيل ويقول الملائكة الذين جعلتموهم بنات الله وعبدتموهم بناء على ما زعمتم من ان بينهم وبينه تعالى مناسبة وجنسية(7/494)
وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166) وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (168) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (169)
جامعة وما منا أحد اى ملك على حذف الموصوف واقامة الصفة مقامه فالموصوف المقدر فى الآية مبتدأ وقوله إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ صفة وما منا مقدم خبره اى أحد استثنى منه من له مقام معلوم ليس منا يعنى لكل واحد منا مرتبة فى المعرفة والعبادة والانتهاء الى امر الله فى تدبير العالم مقصور عليها لا يتجاوزها ولا يستطيع ان ينزل عنها قدر ظفر خضوعا لعظمته وخشوعا لهيبته وتواضعا لجلاله كما روى فمنهم راكع لا يقيم صلبه وساجد لا يرفع رأسه ففيه تنبيه على فساد قول المشركين انهم أولاد الله لان مبالغتهم فى اظهار العبودية تدل على اعترافهم بالعبودية فكيف يكون بينه تعالى وبينهم جنسية قال ابن عباس رضى الله عنهما ما فى السموات موضع شبر الا وعليه ملك يصلى او يسبح بل والعالم مشحون بالأرواح فليس فيه موضع بيت ولا زاوية الا وهو معمور بما لا يعلمه الا الله ولذا امر النبي عليه الصلاة والسلام بالتستر فى الخلوة وان لا يجامع الرجل امرأته عريانين وقال السدى (إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) فى القربة والمشاهدة وقال ابو بكر الوراق قدس سره (إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) يعبد الله عليه كالخوف والرجاء والمحبة والرضى: يعنى [مراد مقامات سنيه است چون خوف ورجا ومحبت ورضا كه هر يك از مقربان حظائر ملكوت ومقدسان صوامع جبروت در مقامى از ان ممكن اند] وفى التأويلات النجمية يشير الى ان للملك مقاما معلوما لا يتعدى حده وهو مقام الملك الروحاني او الكروبى فالروحانى لا يعبر عن مقامه الى مقام الكروبى والكروبى لا يقدم على مقام الروحاني فلا عبور لهم من مقامهم الى مقام فوق مقامهم ولا نزول لهم الى مقام دون مقامهم ولهم بهذا فضيلة على انسان بقي فى أسفل سافلين فى الدرك الأسفل من النار وللذين عبروا منهم عن أسفل سافلين بالايمان والعمل الصالح وصعدوا الى أعلى عليين بل ساروا الى مقام قاب قوسين بل طاروا الى منزل او أدنى فضيلة عليهم ولهذا أمروا بسجدة اهل الفضل منهم فقعوا له ساجدين فللانسان ان يتنزل من مقام الانسانية الى دركة الحيوانية كقوله تعالى (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ) وله ان يترقى بحيث يعبر عن المقام الملكي ويقال له تخلقوا بأخلاق الله انتهى وقال جعفر رضى الله عنه الخلق مع الله على مقامات شتى من تجاوز حده هلك فللانبياء مقام المشاهدة والمرسل مقام العيان وللملائكة مقام الهيبة وللمؤمنين مقام الدنو وللعصاة مقام التوبة وللكفار مقام الغفلة والطرد واللعنة وقال الحسين قدس سره المريدون يتحولون من مقام الى مقام والمرادون يتجاوزون المقامات الى رب المقامات وقال بعضهم العارف يأكل فى هذه الدار الحلوى والعسل فهذا مقامه والكامل المحقق يأكل فيها الحنظل لا يتلذذ فيها بنعمة لاشتغاله بما كلفه الله تعالى من الشكر عليها وغير ذلك من تحمل هموم الناس فكم من فرق بين المقامين واهل الفناء وان تألموا هنا ولكن ذلك ليس بالم بل أشد العذاب والألم فيما إذا رأى اهل الذوق مراتب اهل الفناء فوقهم واقله التألم من تقدمهم
باش تا فانى شود احوال تو ... بگذرد از حال كل تا حال تو
از مقامى ساز بقعه خويش را ... كه بماند جمله زير بال تو
وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ فى مواقف الطاعة ومواطن الخدمة: وبالفارسية [وبدرستى كه(7/495)
وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166) وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (168) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (169)
ما صف كشيدكانيم در مواقف در طاعات ومواضع خدمت] قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر ليس للملائكة نافلة انما هم دائما فى فرائض بعدد أنفاسهم فلا نفل لهم بخلاف البشر انتهى قيل ان المسلمين انما اصطفوا فى الصلاة منذ نزلت هذه الآية وليس يصطف أحد من اهل الملل فى صلاتهم غير المسلمين يقول الفقير الاصطفاف فى الصلاة حصل بفعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فى أول ما صلى من الصلوات وهى صلاة الظهر فانه لما نزل من المعراج وزالت الشمس امر فصيح بأصحابه الصلاة جامعة فاجتمعوا فصلى به عليه السلام جبريل وصلى النبي عليه السلام بالناس الا ان يتفق نزول الآية فى ذلك الوقت ولكن كلام القائل يقتضى كونهم مقيمين للصلاة فرادى قبل نزولها كما قال قتادة كان الرجال والنساء يصلون معا حتى نزلت (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) فتقدم الرجال وتأخر النساء فكانوا يصلون منفردين حتى نزلت (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ المقدسون لله تعالى عن كل ما لا يليق بجناب كبريائه وتحلية كلامهم بفنون التأكيد لابراز صدوره عنهم بكمال الرغبة والنشاط قال البيضاوي ولعل الاول اشارة الى درجاتهم فى الطاعات وهذا فى المعارف انتهى قال بعض الكبار للملائكة الترقي فى العلم لا فى العمل فلا يترقون بالأعمال كما لا نترقى باعمال الآخرة إذا انتقلنا إليها واما الإنسان فله الترقي فى العلم والعمل ولو ان الملائكة ما كان لها الترقي فى العلم ما قبلت الزيادة حين علمه الأسماء كلها فانه زادهم علما بالأسماء لم يكن عندهم قال البقلى رحمه الله لما كانوا من اهل المقامات افتخروا بمقاماتهم فى العبودية من الصلاة والتسبيح ولو كانوا من اهل الحقائق فى المعرفة لفنوا عن ملاحظة طاعاتهم من استيلاء أنوار مشاهدة الحق وفى التأويلات النجمية ولو كان من مفاخر الملك ان يقولوا وانا لنحن الصافون يعنى فى الصلاة والعبودية فان للانسان معه شركة فى هذا وللانسان صف يحبه الله وليس للملك فيه شركة وذلك قوله (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) وان يقولوا (وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) ايضا للانسان معهم شركة ومن مفاخر الإنسان ان يقولوا انا لنحن المحبون وانا لنحن المحبوبون وهم المخصوصون به فى الترقي من مقام المحبية الى مقام المحبوبية انتهى وهذا بالنسبة الى أكاملهم وأفاضلهم
لفظ انسان يكى ولى هر كس ... زده از وى بقدر خويش نفس
جنبش هر كسى ز جاى ويست ... روى هر كس بفكر ورأى ويست
تا بر اهل طلب خداى مجيد ... متجلى نشد باسم مريد
بارادت كسى نشد موصوف ... بمحبت كسى نشد معروف
وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ ان هى المخففة من الثقيلة وضمير الشان محذوف واللام هى الفارقة بينها وبين النافية وفى الإتيان بان المخففة واللام اشارة الى انهم كانوا يقولون ما قالوه مؤكدين جادّين فيه فكم بين أول أمرهم وآخره. والمعنى وان الشان كان قريش تقول قبل المبعث لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ اى كتابا من كتب الأولين من التوراة والإنجيل: وبالفارسية [اگر بودى نزديك ما كتابى كه سبب بند ونصيحت بودى] لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ(7/496)
فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (170) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177)
اى لاخلصنا العبادة لله ولما خالفنا كما خالفوا فَكَفَرُوا بِهِ الفاء فصيحة اى فجاءهم ذكر أي ذكر سيد الاذكار وكتاب مهيمن على سائر الكتب والاسفار وهو القرآن فكفروا به وأنكروه وقالوا فى حقه وفى حق من انزل عليه ما قولوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ اى عاقبة كفرهم وغائلته من المغلوبية فى الدنيا والعذاب العظيم فى العقبى وهو وعيد لهم وتهديد وفيه اشارة الى تنزل الإنسان الى الدرك الأسفل والى ان مآل الدعوى بلا تطبيق للصورة بالمعنى خزى وقهر وجلال عصمنا الله الملك الكريم المتعال قال بعضهم وكان الملامية الذين هم أكابر القوم لا يصلون مع الفرائض الا ما لا بد منه من مؤكدات النوافل خوفا ان يقوم بهم دعوى انهم أتوا بالفرائض على وجه الكمال الممكن وزادوا على ذلك فانه لا نفل الا عن كمال فرض ونعم ما فهموا ولكن ثم ما هو أعلى وهو ان يكثروا من النوافل توطئة لمحبة الله لهم ثم يرون ذلك جبرا لبعض ما فى فرائضهم من النقص وفى الحديث (حسنوا نوافلكم فبها تكمل فرائضكم) وفى المرفوع (النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن أحدكم هديته وليطيبها) ولكون الهدية سببا للمحبة قال عليه السلام (تهادوا تحابوا) واعلم ان القرآن ذكر جليل انزل تذكيرا للناس وطردا للوسواس الخناس فانه كلما ذكر الإنسان خنس الشيطان اى تأخر والقرآن وان كان كله ذكرا لكن ما كل آي القرآن يتضمن ذكر الله فان فيه حكاية الاحكام المشروعة وفيه قصص الفراعنة وحكايات أقوالهم وكفرهم وان كان فى ذلك الاجر العظيم من حيث هو قرآن بالاصغاء الى القارئ إذا قرأه من نفسه وغيره فذكر الله إذا سمع فى القرآن أتم من استماع قول الكافرين فى الله ما لا ينبغى فالاول من قبيل استماع القول الأحسن والثاني من استماع القول الحسن فاعرف ذلك. ويستحب لقارىء القرآن فى المصحف ان يجهر بقراءته ويضع يده على الآية يتتبعها فيأخذ اللسان حظه من الرفع ويأخذ البصر حظه من النظر واليد حظها من المس وكان كبار السلف يقرأون على سبيل التأنى والتدبر للوقوف على أسراره وحقائقه كما حكى ان الشيخ العطار قدس سره كان يختم فى اوائله فى كل يوم ختمة وفى كل ليلة ختمة ثم لما آل الأمر الى الشهود وأخذ الفيض من الله ذى الجود بقي فى السبع الاول من القرآن اكثر من عشرين سنة ومن الله العناية والهداية وَلَقَدْ سَبَقَتْ اى وبالله لقد تقدمت فى الأزل او كتبت فى اللوح المحفوظ ثم ان السبق والتقدم الموقوف على الزمان انما هو بالنسبة الى الإنسان والا فالامر بالاضافة الى الله كائن على ما كان كَلِمَتُنا وعدنا على ما لنا من العظمة لِعِبادِنَا الذين أخلصوا لنا العبادة فى كل حركة وسكون الْمُرْسَلِينَ الذين زدناهم على شرف الإخلاص فى العبودية شرف الرسالة ثم فسر ذلك الوعد بطريق الاستئناف فقال إِنَّهُمْ لَهُمُ خاصة الْمَنْصُورُونَ فمن نصرناه فلا يغلب كما ان من خذلناه لا يغلب ثم عمم فقال إِنَّ جُنْدَنا
اى من المرسلين واتباعهم المؤمنين والجند العسكرهُمُ
اى لا غيرهمْ غالِبُونَ
على أعدائهم فى الدنيا والآخرة وان رؤى انهم مغلبون فى بعض المشاهد لان العاقبة لهم والحكم للغالب والنادر كالمعدوم والمغلوبية لعارض كمخالفة امر الحاكم(7/497)
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177)
وطمع الدنيا والعجب والغرور ونحو ذلك لا تقدح فى النصر المقضى بالذات. والنصر منصب شريف لا يليق الا بالمؤمن واما الكافر فشأنه الاستدراج وغاية الخذلان وقال بعضهم لم يرد بالنصر هذا النصر المعهود بل الحجة لان الحق انما يتبين من الباطل بالحجة لا بالسيف فاراد بذلك ان الحجة تكون للانبياء على سائر الأمم فى اختلاف الأطوار والاعصار وقال الحسن البصري رحمه الله أراد بالنصرة هذه النصرة بعينها دون الحجة ثم قال ما انتهى الى ان نبيا قتل فى حرب قط يقول الفقير أراد الحسن المأمور بالحرب منصور لا محالة بخلاف غير المأمور وهو التوفيق بين قوله تعالى (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ) ونظائره وبين هذه الآية وأمثالها والحاصل ان المؤمنين المخلصين هم المنصورون والغالبون لان المستند الى غير الله خصوصا الى الحصون والقلاع المبنية من الأحجار هو المنهزم المدمر المغلوب المقهور
تكيه بر غير بود جهل وهوى ... نيست انجام اعتماد سوى
ثم ان جنده تعالى هم مظاهر اسمه العزيز والمنتقم ومظاهر قوله (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ) وفى التأويلات النجمية جنده الذين نصبهم لنشر دينه وأقامهم لنصر الحق وتبيينه فمن أراد إذلالهم فعلى أذقانه يخرّ والجند كما ورد فى الحديث جندان جند الوغى وجند الدعاء فلا بد لجند الوغى من عمل الوغى وشغل الحرب ولجند الدعاء من عمل الدعاء وشغل الأدب فمن وجد فى قلبه الحضور واليقظة فليطمع فى الاجابة ومن وجد الفتور والغفلة فليخف عدم الاصابة
كى دعاى تو مستجاب شود ... كه بيك روى در دو محرابى
وفى الحديث (لانزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناواهم) اى عاداهم (حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال) ولا شك ان الملوك العثمانية خاتمة هذه الطائفة وعيسى والمهدى عليهما السلام خاتمة الخاتمة والصيحة الواحدة الآخذة كل من بقي على الأرض عند قيام الساعة من الكفرة الفجرة خاتمة خاتمة الخاتمة فَتَوَلَّ عَنْهُمْ اى إذا علمت ان النصرة والغلبة لك ولاتباعك فاعرض عن كفار مكة واصبر على اذاهم حَتَّى حِينٍ اى مدة يسيرة وهى مدة الكف عن القتال فالآية محكمة لا منسوخة بآية القتال وَأَبْصِرْهُمْ على أسوأ حال وأفظع نكال حل بهم من القتل والاسر والمراد بالأمر بأبصارهم الإيذان بغاية قربه كأنه بين يديه يبصره فى الوقت والا فمتعلق الابصار لم يكن حاضرا عند الأمر فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ما يقع حينئذ من الأمور وفى التأويلات وابصر أحوالهم فسوف يبصرون جزاء ما عملوا من الخير والشر انتهى. وسوف للوعيد ليتوبوا ويؤمنوا دون التبعيد لان تبعيد الشيء المحذر منه كالمنافى لارادة التخويف به ولما نزل (فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) قالوا استعجالا واستهزاء لفرط جهلهم متى هذا فنزل قوله تعالى أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ اى أبعد هذا التكرير من الوعيد يستعجلون بعذابنا والهمزة للانكار والتعجب يعنى تعجبوا من هذا الأمر المستنكر: وبالفارسية [آيا بعذاب ما شتاب ميكنند ووقت نزول آن مى پرسند] وفى التوراة «أبى يغترون أم علىّ يجترئون» : يعنى [بمهلت دادن وفرا كذشتن من فريفته شوند يا بر من ديرى كنند ونمى ترسند] فَإِذا نَزَلَ العذاب الموعود بِساحَتِهِمْ(7/498)
وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179) سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)
قال فى المفردات الساحة المكان الواسع ومنه ساحة الدار انتهى وفى حواشى ابن الشيخ الساحة الفناء الخالي عن الابنية وفناء الدار بالكسر ما امتد من جوانبها معدا لمصالحها: وبالفارسية [پيشگاه منزل] والمعنى بفنائهم وقربهم وحضرتهم كأنه جيش قد هزمهم فاناخ بفنائهم بغتة فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ فبئس صباح المنذرين صباحهم اى صباح من انذر بالعذاب وكذبه فلم يؤمن واللام للجنس فان افعال المدح والذم تقتضى الشيوع والإبهام والتفصيل فلا يجوز ان تكون للعهد. والصباح مستعار من صباح الجيش المبيت لوقت نزول العذاب ولما كثرت منهم الاغارة فى الصباح سموها صباحا وان وقعت ليلا قال الكاشفى [آورده اند كه در ميان عرب قتل وغارت واسر بسيار بود هر لشكر كه قصد قبيله داشتندى شب همه شب راه پيموده وقت سحر كه خواب كرانيست بحواله ايشان آمدندى ودست بقتل وغارت واسر وتاراج بر كشاده قوم را مستأصل كردندى وبدين سبب كه اغلب غارت در صباح واقع مى شد غارت را صباح نام نهادند وهر چند در وقتى ديكر وقوع يافتى همان صباح كفتندى] وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اثر تسلية وتأكيد لوقوع الميعاد غب تأكيد مع ما فى اطلاق الفعلين عن المفعول من الإيذان بان ما يبصره عليه السلام من فنون المسار وما يبصرون من انواع المضار لا يحيط به الوصف والبيان وفى البرهان حذف الضمير من الثاني اكتفاء بالأول سُبْحانَ رَبِّكَ خطاب للنبى عليه السلام وقوله رَبِّ الْعِزَّةِ بدل من الاول عَمَّا يَصِفُونَ اى نزه يا محمد من هو مربيك ومكلك ومالك العزة والغلبة على الإطلاق عما يصفه المشركون به مما لا يليق بجناب كبريائه من الأولاد والأزواج والشركاء وغير ذلك من الأشياء التي من جملتها ترك نصرتك عليهم كما بدل عليه استعجالهم بالعذاب قال فى بحر العلوم أضاف الرب الى العزة لاختصاصه بها كأنه قيل ذى العزة كقولك صاحب صدق لاختصاصه بالصدق فلا عزة الا له على ان العزة ذاتية او لمن أعزه من الأنبياء وغيرهم فالعزة حادثة كائنة بين خلقه وهى وان كانت صفة قائمة بغيره تعالى الا انها مملوكة له مختصة به يضعها حيث يشاء كما قال تعالى (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) وفيه اشعار بالسلوب والإضافات كما فى قوله تعالى (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) وذلك ان قوله سبحان اشارة الى السلوب كالجلال فان كل منهما يفيد ما أفاد الآخر فى قولنا سبحان ربنا عن الشريك والشبيه وجل ربنا عنهما. وقوله ربك رب العزة اشارة الى الإضافات كالاكرام وانما قدم السلب على الاضافة لان السلوب كافية فيها ذاته من حيث هو هو بخلاف الإضافات فانه لا بد فى تحققها من غيره لان الاضافة لا توجد الا عند وجود المضافين قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام سبحان الله كلمة مشتملة على سلب النقص والعيب عن ذات الله وصفاته فما كان من أسمائه سلبا فهو مندرج تحت هذه الكلمة كالقدوس وهو الطاهر من كل عيب والسلام وهو الذي سلم من كل آفة فنفينا بسبحان الله كل عيب عقلناه وكل نقص فهمناه. ثم ان المرسلين لما كانوا وسائط بين الله وبين عباده نبه على علو شانهم بقوله وَسَلامٌ وسلامة ونجاة من كل المكاره وفوز(7/499)
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)
بجميع المآرب عَلَى الْمُرْسَلِينَ الذين يبلغون رسالات الله الى الأمم ويبينون لهم ما يحتاجون اليه من الأمور الدينية والدنيوية أولهم آدم وآخرهم محمد عليهم السلام فهو تعميم للرسل بالتسليم بعد تخصيص بعضهم فيما سبق لان تخصيص كل واحد بالذكر يطول وفى الحديث (إذا سلمتم علىّ فسلموا على المرسلين فانما انا أحدهم) كما فى فتح الرحمن وحواشى ابن الشيخ وغيرهما وفى الحديث (إذا صليتم علىّ فعمموا) اى للآل والاصحاب قال فى المقاصد الحسنة لم اقف عليه بهذا اللفظ ويمكن ان يكون بمعنى صلوا علىّ وعلى أنبياء الله فان الله بعثهم كما بعثني انتهى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ قال الشيخ عز الدين الحمد لله كلمة مشتملة على اثبات ضروب الكمال لذاته وصفاته تعالى فما كان من أسمائه متضمنا للاثبات كالعليم والقدير والسميع والبصير فهو مندرج تحتها فاثبتنا بالحمد لله كل كمال عرفناه وكل جلال أدركناه قال المولى ابو السعود هذا اشارة الى وصفه تعالى بصفاته الكريمة الثبوتية بعد التنبيه على اتصافه بجميع صفاته السلبية وإيذان باستتباعها للافعال الجميلة التي من جملتها إفاضته عليهم من فنون الكرامات السنية والكمالات الدينية والدنيوية واسباغه عليهم وعلى من اتبعهم من فنون النعماء الظاهرة والباطنة الموجبة لحمده تعالى واشعار بان ما وعده من النصرة والغلبة قد تحقق. والمراد تنبيه المؤمنين على كيفية تسبيحه وتحميده والتسليم على رسله الذين هم وسائط بينهم وبينه عز وجل فى فيضان الكمالات الدينية والدنيوية عليهم ولعل توسط التسليم على المرسلين بين تسبيحه تعالى وتحميده لختم السورة الكريمة بحمده مع ما فيه من الاشعار بان توفيقه عليهم من جملة نعمه الموجبة للحمد انتهى وقال بعضهم والحمد لله على إهلاك الكافرين وإنجاء المؤمنين وعلى كل حال يعنى هو المحمود فى كل من الحالات ساء أم سرّ نفع أم ضرّ
در بلا ودر ولا الحمد خوان ... اين بود آيين پاك عاشقان
وعن على رضى الله تعالى عنه من أحب ان يكتال بالمكيال الاوفى من الاجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه من مجلسه سبحان ربك إلخ وفى بعض النسخ من أحب ان يكال له واليه الاشارة بقوله الكاشفى [هر كه دوست ميدارد كه برو پيمايند مزد ثواب را به پيمانه بزركتر بايد كه آخر كلام او از مجلس اين آيت باشد] يقول الفقير أصلحه الله القدير فللمؤمن ان يتدارك حاله بشيئين قبل ان يقوم من مجلسه أحدهما بجلب الاجر الجزيل وهو بالآية المذكورة. والثاني بالكفارة وهو بما أشار اليه النبي عليه السلام فى قوله (من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه فقال قبل ان يقوم سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا أنت استغفرك وأتوب إليك فقد غفر له) يعنى من الصغائر ما لم يتعلق بحق آدمي كالغيبة كما فى شرح الترغيب المسمى بفتح القريب فعلى العاقل ان لا يغفل فى مجلسه بل يذكر ربه لانسه ويختمه بما هو من باب التخلية والتحلية والتصفية والتجلية وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين تمت سورة الصافات والحمد لله رب الكائنات فى أوائل المحرم من سنة احدى عشرة ومائة والف تمت الجلد السابع ويليه الجلد الثامن ان شاء الله تعالى اوله سورة ص(7/500)
الجزء الثامن
من تفسير روح البيان تفسير روح البيان للأمام الشّيخ إسماعيل حقّي البروسوي المتوفى سنة 1137 هـ الجزء الثامن دار الفكر للطباعة والنّشر والتوزيع(8/1)
ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2) كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3) وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4)
تفسير سورة ص
مكية آيها ست او ثمان وثمانون
بسم الله الرحمن الرحيم ص خبر مبتدأ محذوف اى هذه سورة ص كما مر فى أخواته [بعضى برآنند كه حروف مقطعه براى إسكات كفارست كه هر وقت كه حضرت محمد عليه السلام در نماز وغير آن قرآن بجهر تلاوت فرمودى ايشان از روى عناد صفير زدندى ودست بر دست كوفتندى تا آن حضرت در غلط افتد حق سبحانه وتعالى اين حروف فرستاد تا ايشان بعد از استماع آن متأمل ومتفكر شده از تغليط باز مى ماندند] وقال الشعبي ان لله تعالى فى كل كتاب سرا وسره فى القرآن فواتح السور وقال بعضهم ص مفتاح اسمه الصادق والصبور والصمد والصانع وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بصاد صمديته فى الأزل وبصاد صانعيته فى الوسط وبصاد صبوريته الى الابد وبصاد صدق الذي جاء بالصدق وصاد صديقية الذي صدق به وبصاد صفوته فى مودته ومحبته اهـ وقال ابن جبير رضى الله عنه (ص) يحيى الله به الموتى بين النفختين وقال ابن عباس رضى الله عنهما (ص) كان بحرا بمكة وكان عليه عرش الرحمن إذ لا ليل ولا نهار وفى بعض المعتبرات كان جبلا بمكة ومضى شرح هذا الكلام فى أول (المص) وقيل فى (ص) معناه ان محمدا عليه السلام صاد قلوب الخلائق واستمالها حتى أمنوا به كما قال فى انسان العيون ومما لا يكاد يقضى منه العجب حسن تدبيره عليه السلام للعرب الذين هم كالوحوش الشاردة كيف ساسهم واحتمل جفاءهم وصبر على اذاهم الى ان انقادوا اليه واجتمعوا عليه صلى الله عليه وسلم واختاروه على أنفسهم وقاتلوا دونه أهلهم وآباءهم وأبناءهم وهجروا فى رضاه أوطانهم انتهى يقول الفقير أغناه الله القدير سمعت(8/2)
بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2) كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3)
شيخى وسندى قدس سره وهو يقول ان قوله تعالى (ق) اشارة الى مرتبة الاحدية التي هى التعيين الاول كما فى سورة الإخلاص المصدرة بكلمة قل المبتدأة بحرف ق وقوله ص اشارة الى مرتبة الصمدية التي هى التعيين الثاني المندرجة تحته مرتبة بعد مرتبة وطورا بعد طور الى آخر المراتب والأطوار وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ الواو للقسم. والذكر الشرف والنباهة او الذكرى والموعظة او ذكر ما يحتاج اليه فى امر الدين من الشرائع والاحكام وغيرها من أقاصيص الأنبياء واخبار الأمم الماضية والوعد والوعيد وحذف جواب القسم فى مثل ذلك غير عزيز والتقدير على ما هو الموافق لما فى أول يس ولسياق الآية ايضا وهو عجبوا إلخ ان محمدا الصادق فى رسالته وحق نبوته ليس فى حقيته شك ولا فيما انزل عليه من القرآن ريب بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا من رؤساء اهل مكة فهو إضراب عن المفهوم من الجواب فِي عِزَّةٍ قال الراغب العزة حالة مانعة للانسان من ان يغلب ويمدح بالعزة تارة كما فى قوله (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) لانها الدائمة الباقية وهى العزة الحقيقية ويذم بها اخرى كما فى قوله تعالى (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ) لان العزة التي هى التعزز وهى فى الحقيقة ذل وقد تستعار للحمية والانفة المذمومة وذلك فى قوله تعالى (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ انتهى وقد حمل اكثر اهل التفسير العزة فى هذا المقام على الثاني لما قالوا بل هم فى استكبار عن الاعتراف بالحق والايمان وحمية شديدة: وبالفارسية [در سركشى اند از قبول حق] وَشِقاقٍ اى مخالفة لله وعداوة عظيمة لرسول الله عليه السلام فلذا لا ينقادون وفى التأويلات النجمية وبقوله (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) يشير الى القسم بالقرآن الذي هو مخصوص بالذكر وذلك لان القرآن قانون معالجات القلوب المريضة وأعظم مرض القلب نسيان الله تعالى كما قال (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) وأعظم علاج مرض النسيان بالذكر كما قال (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) ولان العلاج بالضد وبقوله (بَلِ الَّذِينَ) إلخ يشير الى انحراف مزاج قلوب الكفار بمرض نسيان الله من اللين والسلامة الى الغلظة والقساوة ومن التواضع الى التكبر ومن الوفاق الى الخلاف ومن الوصلة الى الفرقة ومن المحبة الى العداوة ومن مطالعة الآيات الى الاعراض عن البحث فى الادلة والسير للشواهد كَمْ مفعول قوله أَهْلَكْنا ومن فى قوله مِنْ قَبْلِهِمْ لابتداء الغاية وقوله مِنْ قَرْنٍ تمييز. والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد. والمعنى قرنا كثيرا أهلكنا من القرون المتقدمة اى امة من الأمم الماضية بسبب الاستكبار والخلاف فَنادَوْا عند نزول بأسنا وحلول نقمتنا استغاثة او توبة واستغفارا لينجوا من ذلك: وبالفارسية [پس ندا كردند وآواز بلند برداشتند تا كسى ايشانرا بفرياد رسد] وَلاتَ حِينَ مَناصٍ حال من ضمير نادوا اى نادوا واستغاثوا طلبا للنجاة والحال ان ليس الحين حين مناص اى فوت وفرار ونجاة لكونه حالة اليأس: وبالفارسية [ونيست آن هنكام وقت رجوع بگريزگاه] فقوله لا هى المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث للتأكيد كما زيدت على رب وثم وخصت بنفي الأحيان ولم يبرز الا أحد معموليها اسمها او خبرها والأكثر حذف اسمها وفى بعض التفاسير لات بمعنى ليس بلغة اهل اليمن انتهى. والوقف عليها بالتاء عند الزجاج وابى على وعند الكسائي نحو قاعدة وضاربة وعند ابى عبيد على لا(8/3)
وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4)
ثم يبتدئ تحين مناص لانه عنده ان هذه التاء تزاد مع حين فيقال كان هذا تحين كان ذاك كذا فى الوسيط. والمناص المنجأ اى النجاة والفوت عن الخصم على انه مفعل من ناصه ينوصه إذا فاته أريد به المصدر ويقال ناص ينوص اى هرب ويقال اى تأخر ومنه ناص قرنه اى تأخر عنه حينا وفى المفردات ناص الى كذا التجأ اليه وناص عنه تنحى ينوص نوصا. والمناص الملجأ انتهى [در معالم فرموده كه عادت كفار مكى آن بود كه چون در كار زار كار بر ايشان زار شدى گفتندى مناص مناص يعنى بكرزيد حق سبحانه وتعالى خبر ميدهد كه بهنگام حلول عذاب در بدر خلاص مناص خواهند گفت وآنجا جاى گريز نخواهد بود] وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ اى عجب كفار اهل مكة من ان جاءهم منذر ينذرهم النار اى رسول من جنسهم بل أدون منهم فى الرياسة الدنيوية والمال على معنى انهم عدوا ذلك خارجا عن احتمال الوقوع وأنكروه أشد الإنكار لا انهم اعتقدوا وقوعه وتعجبوا منه قالوا ان محمدا مساو لنا فى الخلقة الظاهرة والأخلاق الباطنة والنسب والشكل والصورة فكيف يعقل ان يختص من بيننا بهذا المنصب العالي ولم يتعجبوا من ان تكون المنحوتات آلهة وهذه مناقضة ظاهرة فلما تحيروا فى شأن النبي عليه السلام نسبوه الى السحر والكذب كما قال حكاية وَقالَ الْكافِرُونَ وضع فيه الظاهر موضع المضمر غضبا عليهم وإيذانا بانه لا يتجاسر على مثل ما يقولونه الا المتوغلون فى الكفر والفسوق هذا [اين منذر] ساحِرٌ فيما يظهره من الخوارق كَذَّابٌ فيما يسنده الى الله من الإرسال والانزال لم يقل كاذب لرعاية الفواصل ولان الكذب على الله ليس كالكذب على غيره ولكثرة الكذب فى زعمهم فانه يتعلق بكل آية من الآيات القرآنية بخلاف اظهار الخوارق فانه قليل بالنسبة اليه هكذا لاح لى هذا المقام وفى التأويلات النجمية لما كانوا منحرفى مزاج القلوب لمرض نسيان الحق جاءت النبوة على مذاق عقولهم المتغيرة سحرا والصدّيق كذابا قال الكاشفى [چهـ تيره رايى كه أنوار لمعات وحي را از تاريكى سحر امتياز نكند و چهـ بى بصيرتى كه آثار شعاع صدق را از ظلمات كذب باز نشناسند]
كشته طالع آفتابى اينچنين عالم فروز ... ديده خفاش را يكذره از وى نورنه
از شعاع روز روشن روى كيتى مستنير ... تيركئ شب هنوز از ديدّ وى دورنه
واعلم ان اثبات النبوة والولاية سهل بالنسبة الى اهل العناية والتوفيق فان قلوبهم ألفت الاعراض عما سوى الله بخلاف اهل الإنكار والخذلان فان قلوبهم الفت الاعراض عن الله فلذا صحبتهم الوقيعة فى أنبياء الله وأوليائه قال الأستاذ ابو القاسم الجنيد رضى الله عنه التصديق بعلمنا هذا ولاية يعنى الولاية الصغرى دون الكبرى قال اليافعي والناس على اربعة اقسام. القسم الاول حصل لهم التصديق بعلمهم والعلم بطريقتهم والذوق لمشربهم وأحوالهم. والقسم الثاني حصل لهم التصديق والعلم المذكور دون الذوق. والقسم الثالث حصل لهم التصديق دونهما. والقسم الرابع لم يحصل لهم من الثلاثة شىء نعوذ بالله من الحرمان ونسأله التوفيق والغفران فهم الذين أطالوا ألسنتهم فى حق الخواص ورموهم بالسحر والكذب والجنون لكونهم ليسوا من المحارم فى شأن من الشؤون: وفى المثنوى(8/4)
أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9)
چون خدا خواهد كه پرده كس درد ... ميلش اندر طعنه پاكان برد
أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً الهمزة للانكار والاستبعاد. والآلهة جمع اله وحقه ان لا يجمع إذ لا معبود فى الحقيقة سواه تعالى لكن العرب لاعتقادهم ان هاهنا معبودات جمعوه فقالوا آلهة. والها واحدا مفعول ثان لجعل لانه بمعنى صير اى صيرهم الها واحدا فى زعمه وقوله لا فى فعله لان جعل الأمور المتعددة شيأ واحدا بحسب الفعل محال [آورده اند كه بعد از اسلام حمزة وعمر رضى الله عنهما اشراف قريش چون وليد وابو سفيان وابو جهل وعتبه وشيبه وأمية از روى اضطراب نزد ابو طالب آمده در مرض موت او گفتند اى عبد مناف تو بزرگتر ومهترمايى آمده ايم تا ميان ما وبرادر زاده خود حكم فرمايى كه يك يك از سفهاى قوم را مى فريبد ودين محدث وآيين مجدد خود را بديشان جلوه ميدهد سنك تفرقه در مجمع ما افكنده است ونزديك بآن رسيده كه دست تدارك از اطفاى اين نائره عاجز آيد ابو طالب آن حضرت را صلى الله تعالى عليه وسلم طلبيد وگفت اى محمد قوم تو آمده اند وايشانرا از تو مدعاييست يكبارگى طرف انحراف مورد متمناى ايشان تأمل نماى حضرت عليه السلام فرمود اى معشر قريش مطلوب شما از من چهـ چيزست گفتند آنكه دست از نقض دين ما بداري وسب آلهه ما فروگذارى تا ما نيز متعرض تو ومتابعان تو نشويم حضرت عليه السلام فرمود كه من هم از شما مى طلبم كه بيك كلمه با من متفق شويد تا ممالك غرب شما را مسخر شود وأكابر عجم كمر فرمان بردارى شما بربندند گفتند آن كلمه كدامست سيد عالم عليه السلام فرمود كه «لا اله الا الله محمد رسول الله» بيكبار اشراف قريش از ان حضرت اعراض نموده كفتند] أجعل إلخ اى أصير محمد بزعمه الآلهة الها واحدا بان نفى الالوهية عنهم وقصرها على واحد ولم يعلموا انهم جعلوا الا له الواحد الهة إِنَّ هذا [بدرستى كه يگانگى خداى تعالى] لَشَيْءٌ عُجابٌ العجاب بمعنى العجيب وهو الأمر الذي يتعجب منه كالعجب الا ان العجيب ابلغ منه والعجاب بالتشديد ابلغ من العجاب بالتخفيف مثل كبار فى قوله (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) فانه ابلغ من الكبار بالتخفيف ونحوه طويل وطوال. والمعنى بليغ فى العجب لانه خلاف ما اتفق عليه آباؤنا الى هذا الآن وقال بعضهم [نيك شكفت چهـ سيصد وشصت بت كه ما داريم كار يك شهر مكه راست نمى توانند كرد يك خداى كه محمد ميكويد كار تمام عالم چون سازد] يعنى انهم ما كانوا اهل النظر والبصيرة بل اوهامهم كانت تابعة للمحسوسات فقاسوا الغائب على الشاهد وقالوا لا بد لحفظ هذا العالم الكبير من آلهة كثيرة يحفظونه بامره وقضائه تعالى ولم يعرفوا الإله ولا معنى الإلهية فان الإلهية هى القدرة على الاختراع وتقدير قادرين على الاختراع غير صحيح لما يجب من وجوده التمانع بينهما وجوازه وذلك يمنع من كمالها ولو لم يكونا كاملى الوصف لم يكونا الهين وكل امر جرّ ثبوته سقوطه فهو مطروح. باطل وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ الانطلاق الذهاب والملأ الاشراف لا مطلق الجماعة ويقال لهم ملأ لانهم إذا حضروا مجلسا ملأت العيون وجاهتهم والقلوب مهابتهم اى وذهب الاشراف من قريش وهم خمسة وعشرون عن مجلس ابى طالب بعد ما أسكتهم رسول الله عليه السلام بالجواب الحاضر(8/5)
مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7)
وشاهدوا تصلبه عليه السلام فى الدين وعزيمته على ان يظهره على الدين كله ويئسوا مما كانوا يرجونه بتوسط ابى طالب من المصالحة على الوجه المذكور أَنِ مفسرة للمقول المدلول عليه بالانطلاق لان الانطلاق عن مجلس التقاول لا يخلو عن القول اى وانطلق الملأ منهم بقول هو قول بعضهم لبعض على وجه النصيحة امْشُوا سيروا على طريقتكم وامضوا فلا فائدة فى مكالمة هذا الرجل. وحكى المهدوى ان قائلها عقبة بن ابى معيط وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ اى واثبتوا على عبادتها متحملين لما تسمعونه فى حقها من القدح وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الكفار إذا تراضوا فيما بينهم بالصبر على آلهتهم فالمؤمنون اولى بالصبر على عبادة معبودهم والاستقامة فى دينهم بل الطالب الصادق والعاشق الوامق اولى بالصبر والثبات على قدم الصدق فى طلب المحبوب المعشوق إِنَّ هذا تعليل للامر بالصبر أو لوجوب الامتثال به اى هذا الذي شاهدناه من محمد من امر التوحيد ونفى آلهتنا وابطال أمرنا لَشَيْءٌ يُرادُ من جهته عليه السلام امضاؤه وتنفيذه لا محالة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه لا قول يقال من طرف اللسان أو أمر يرجى فيه المسامحة بشفاعة او امتناع فاقطعوا اطماعكم عن استنزاله عن رأيه بواسطة ابى طالب وشفاعته وحسبكم ان لا تمنعوا من عبادة آلهتكم بالكلية فاصبروا عليها وتحملوا ما تسمعونه فى حقها من القدح وسوء المقالة هذا ما ذهب اليه المولى ابو السعود فى الإرشاد وقال فى تفسير الجلالين لامر يراد بنا ومكر يمكر علينا وقال سعدى المفتى وسنح بالبال انه يجوز ان يكون المراد ان دينكم لشئ يستحق ان يطلب ويعض عليه بالنواجذ فيكون ترغيبا وتعليلا للامر السابق وقال بعضهم [بدرستى كه مخالفت محمد با ما چيز نيست كه خواسته اند بما از حوادث زمان واز وقوع آن چاره نيست] يقول الفقير امده الله القدير بالفيض الكثير ويجوز ان يكون المعنى ان الصبر والثبات على عبادة الآلهة التي هى الدين القديم يراد منكم فانه أقوى ما يدفع به امر محمد كما قالوا نتربص به ريب المنون فيكون موافقا لقرينه فى الاشارة الى المذكور فيما قبله او ان شأن محمد لشئ يراد دفعه واطفاء نائرته بأى وجه كان قبل ان يعلو ويشيع كما قيل علاج واقعه پيش از وقوع بايد كرد ودل عليه اجتماعهم على مكره عليه السلام مرارا فابى الله الا ان يتم نوره ما سَمِعْنا بِهذا الذي يقوله من التوحيد فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ ظرف لغو سمعنا اى فى الملة التي أدركنا عليها آباءنا وهى ملة قريش ودينهم الذي هم عليه فانها متأخرة عما تقدم عليها من الأديان والملل وفيه اشارة الى ركون الجهال الى التقليد والعادة وما وجدوا عليه أسلافهم من الضلال وأخطأ طريق العبادة
ترسم نرسى بكعبه اى أعرابي ... كين ره كه تو ميروى بتركستانست
والملة كالدين اسم لما شرع الله لعباده على يد الأنبياء ليتوصلوا به الى ثواب الله وجواره فاطلاق كل منهما على طريقة المشركين مجاز مبنى على التشبيه إِنْ هذا نافية بمعنى ما إِلَّا اخْتِلاقٌ [الاختلاق دروغ كفتن از نزد خود] اى كذب اختلقه من عند نفسه قال(8/6)
أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9)
فى المفردات وكل موضع استعمل فيه الخلق فى وصف الكلام فالمراد به الكذب ومن هذا امتنع كثير من الناس من اطلاق لفظ الخلق على القرآن وعلى هذا قوله ان هذا الا اختلاق أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا ونحن رؤساء الناس واشرافهم وأكبرهم سنا وأكثرهم أموالا وأعوانا وأحقاء بكل منصب شريف ومرادهم انكار كون القرآن ذكرا منزلا من الله تعالى. وأمثال هذه المقالات الباطلة دليل على ان مناط تكذيبهم ليس الا الحسد على اختصاصه عليه السلام بشرف النبوة من بينهم وحرمانهم منه وقصر النظر على متاع الدنيا وغلطوا فى القصر والقياس. اما الاول فلان الشرف الحقيقي انما هو بالفضائل النفسانية دون الخارجية واما الثاني فلان قياس نفسه عليه السلام بانفسهم فاسد إذ هو روح الأرواح واصل الخليقة فأنى يكون هو مثلهم واما الصورة الانسانية فميراث عام من آدم عليه السلام لا تفاوت فيها بين شخص وشخص نعم وجهه عليه السلام كان يلوح منه أنوار الجمال بحيث لم يوجد مثله فيما بين الرجال
اى حسن سعادت زجبين تو هويدا ... اين حسن چهـ حسنست تقدس وتعالى
وفيه اشارة الى حال اكثر علماء زماننا وعبادهم انهم إذا رأوا عالما ربانيا من ارباب الحقائق يخبر عن حقائق لم يفهموها ويشير الى دقائق لم يذوقوها دعتهم النفوس المتمردة الى تكذيبه فيجحدونه بدل الاغتنام بانفاسه والاقتباس من أنواره ويقولون أكوشف هو بهذه الحقائق من بيننا ويقعون فى الشك من أمرهم كما قال تعالى بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي اى القرآن او الوحى بميلهم الى التقليد واعراضهم عن النظر فى الادلة المؤدية الى العلم بحقيته وليس فى عقيدتهم ما يجزمونه فهم مذبذبون بين الأوهام ينسبونه تارة الى السحر واخرى الى الاختلاق وفيه اشارة الى ان القرآن قديم لانه سماه الذكر ثم اضافه الى نفسه ولا خفاء بان ذكره قديم لان الذكر المحدث يكون مسبوقا بالنسيان وهو منزه عنه بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ فى لما دلالة على ان ذوقهم العذاب على شرف الوقوع لانها للتوقع اى بل لم يذوقوا بعد عذابى فاذا ذاقوه تبين لهم حقيقة الحال وفيه تهديد لهم اى سيذوقون عذابى فيلجئهم الى تصديق الذكر حين لا ينفع التصديق وفيه اشارة الى انهم مستغرقون فى بحر عذاب الطرد والبعد ونار القطيعة لكنهم عن ذوق العذاب بمعزل لغلبة الحواس الى ان يكون يوم تبلى السرائر فتغلب السرائر على الصور والبصائر على البصر فيقال لهم ذوقوا العذاب يعنى كنتم معذبين وما كنتم ذائقى العذاب فالمعنى لو ذاقوا عذابى ووجدوا ألمه لما قدموا على الجحود دل على هذا قوله عليه السلام (الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا)
شو ز خواب كران جان بيدار ... تا جمالش عيان ببين اى يار
أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ أم منقطعة بمعنى بل والهمزة وهى للانكار. والخزائن جمع خزانة بالكسر بمعنى المخزن اى بل أعندهم خزائن رحمته تعالى يتصرفون فيها حسبما بشاؤن حتى يصيبوا بها من شاؤا ويصرفوها عمن شاؤا ويتحكموا فيها بمقتضى آرائهم فيتخيروا للنبوة بعض صناديدهم. والمعنى ان النبوة عطية من الله تعالى(8/7)
أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (10) جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ (11) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (12) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (13) إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (14)
يتفضل بها على من يشاء من عباده لا مانع له فانه العزيز اى الغالب الذي لا يغالب الوهاب الذي له ان يهب كل ما يشاء
چون ز حال مستحقان آگهى ... هر چهـ خواهى هر كرا خواهى دهى
ديگرانرا اين تصرف كى رواست ... اختيار اين تصرفها تراست
أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما ترشيح اى تربية لما سبق اى بل الهم ملك هذه العوالم العلوية والسفلية حتى يتكلموا فى الأمور الربانية ويتحكموا فى التدابير الإلهية التي يستأثر بها رب العزة والكبرياء فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ جواب شرط محذوف. والارتقاء الصعود قال الراغب السبب الحبل الذي يصعد به النخل وقوله تعالى (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) اشارة الى قوله (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ) فيه وسمى كل ما يتوصل به الى شىء سببا انتهى. والمعنى ان كان لهم ما ذكر من الملك فليصعدوا فى المعارج والمناهج التي يتوصل بها الى العرش حتى يستووا عليه ويدبروا امر العالم وينزلوا الوحى الى ما يختارون ويستصوبون وفيه من التهكم بهم مالا غاية وراءه جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ الجند جمع معد للحرب وما مزيدة للتقليل والتحقير نحو أكلت شيأما وهنالك مركب من ثلاث كلمات احداها هنا وهو اشارة الى مكان قريب والثانية اللام وهى للتأكيد والثالثة الكاف وهى للخطاب قالوا واللام فيها كاللام فى ذلك فى الدلالة على بعد المشار اليه. والهزم الكسر يقال هزم العدو كسرهم وغلبهم والاسم الهزيمة وهزمه يهزمه فانهزم غمزه بيده فصارت فيه حفرة كما فى القاموس. والحزب جماعة فيها غلظ كما فى المفردات قال ابن الشيخ جند خبر مبتدأ محذوف ومن الأحزاب صفته اى جملة الأحزاب وهم القرون الماضية الذين تحزبوا وتجمعوا على الأنبياء بالتكذيب فقهروا وهلكوا ومهزوم خبر ثان للمبتدأ المقدر او صفة لجند وهنالك ظرف لمهزوم او صفة اخرى لجند وهو اشارة الى الموضع الذي تقاولوا وتحاوروا فيه بالكلمات السابقة وهو مكة اى سيهزمون بمكة وهو اخبار بالغيب لانهم انهزموا فى موضع تكلموا فيه بهذه الكلمات وقال بعضهم هنالك اشارة الى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب اى الاجابة والمطاوعة لمثل ذلك القول العظيم من قولهم لمن ينتدب لامر ليس من اهله لست هنالك فان هواهم الزائغ وحسدهم البالغ حملهم على ان يقولوا أأنزل عليه الذكر من بيننا فانتدبوا له ووضعوا أنفسهم فى مرتبة ان يقولوا ذلك العظيم فانه لاستلزامه الاعتراض على مالك الملك والملكوت لا ينبغى لاحد ان يجترئ عليه ويضع نفسه فى تلك المرتبة. والمعنى هم كجند ما من الكفار المتحزبين على الرسل مهزوم مكسور عما قريب فلا تبال بما يقولون ولا تكترث بما يهذون ففيه اشارة الى عجزهم وعجز آلهتهم يعنى ان هؤلاء الكفار ليس معهم حجة ولا لاصنامهم من النفع والضر مكنة ولا فى الدفع والرد عن أنفسهم قوة وسمعت من فم حضرة شيخى وسندى قدس سره يقول استناد الكفار الى الأحجار ألا ترى الى القلاع والحصون واستناد المؤمنين الى «لا اله الا الله محمد رسول الله» ألا ترى انهم لا يتحصنون بحصن سوى التوكل على الله تعالى وهو يكفيهم كما قال تعالى(8/8)
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (12) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (13) إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (14)
(لا اله الا الله حصنى فمن دخل حصنى أمن من عذابى) انتهى كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ اى قبل قومك يا محمد وهم قريش قَوْمُ نُوحٍ اى كذبوا نوحا وقد دعاهم الى الله وتوحيده الف سنة إلا خمسين عاما وَعادٍ قوم هود وَفِرْعَوْنُ موسى عليه السلام ذُو الْأَوْتادِ جمع وتد محركة وبكسر التاء وهو ما غرز فى الأرض او الحائط من خشب: وبالفارسية [ميخ] اى ذو الملك الثابت لانه استقام له الأمر اربعمائة سنة من غير منازع وأصله ان يستعمل فى ثبات الخيمة بان يشد أطنابها على أوتاد مركوزة فى الأرض فان أطنابها إذ اشتدت عليها كانت ثابتة فلا تلقيها الريح على الأرض ولا تؤثر فيها ثم استعير لثبات الملك ورسوخ السلطنة واستقامة الأمر بان شبه ملك فرعون بالبيت المطنب استعارة بالكناية واثبت له لوازم المشبه به وهو الثبات بالأوتاد تخييلا. وجه تخصيص هذه الاستعارة ان اكثر بيوت العرب كانت خياما وثباتها بالأوتاد ويجوز ان يكون المعنى ذو الجموع الكثيرة سموا بذلك لانهم يشدون البلاد والملك ويشد بعضهم بعضا كالوتد يشد البناء والخباء فتكون الأوتاد استعارة تصريحية وفى الحديث (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) اى لا يتقوى فى امر دينه ودنياه الا بمعونة أخيه كما ان بعض البناء يتقوى ببعضه ويكفى دليلا على كثرة جموع فرعون انه قال فى حق بنى إسرائيل ان هؤلاء لشرذمة قليلون مع انهم كانوا ينيفون على ستمائة الف مقاتل سوى الصغير والشيخ. ويجوز ان يكون الأوتاد حقيقة لا استعارة فانه على ما روى كانت له أوتاد من حديد يعذب الناس عليها فكان إذا غضب على أحد مده مستلقيا بين اربعة أوتاد وشد كل يد وكل رجل منه الى سارية وكان كذلك فى الهواء بين السماء والأرض حتى يموت او كان يمد الرجل مستلقيا على الأرض ثم يشد يديه ورجليه ورأسه على الأرض بالأوتاد يقول الفقير هذه الرواية هى الأنسب لما ذكروه فى قصة آسية امرأة فرعون فى سورة التحريم من انها لما آمنت بموسى أوتد لها فرعون باوتاد فى يديها ورجليها كما سيجئ وَثَمُودُ قوم صالح قال ابن عباس رضى الله عنهما ان قوم صالح آمنوا به فلما مات صالح رجعوا بعده عن الايمان فاحيى الله صالحا وبعثه إليهم ثانيا فاعلمهم انه صالح فكذبوه فاتاهم بالناقة فكذبوه فعقروها فاهلكهم الله قال الكاشفى [بعضى ايمان آوردند وجمعى تكذيب نمودند وبسبب عقر ناقه هلاك شدند] وَقَوْمُ لُوطٍ قال مجاهد كانوا اربعمائة الف بيت فى كل بيت عشرة وقال عطاء ما من أحد من الأنبياء الا ويقوم معه يوم القيامة قوم من أمته إلا لوط فانه يقوم وحده كما فى كشف الاسرار وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ اصحاب الغيضة من قوم شعيب بالفارسية [اهل بيشه] قال الراغب الأيك شجر ملتف واصحاب الايكة قيل نسبوا الى غيضة كانوا يسكنونها وقيل هى اسم بلد كما فى المفردات أُولئِكَ الْأَحْزابُ بدل من الطوائف المذكورة يعنى المتحزبين اى المجتمعين على أنبيائهم الذين جعل الجند المهزوم يعنى قريشا منهم إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ استئناف جييء به تهديدا لما يعقبه اى ما كل حزب وجماعة من أولئك الأحزاب الا كذب رسوله على نهج مقابلة الجمع بالجمع لتدل على انقسام الآحاد بالآحاد كما فى قولك ركب القوم دوابهم والاستثناء مفرغ أمن أعم الاحكام(8/9)
وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (15) وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (16) اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19)
فى حيز المبتدأ اى ما كل واحد منهم محكوما عليه بحكم الا محكوم عليه بانه كذب الرسل ويجوز ان يكون قوله (أُولئِكَ الْأَحْزابُ) مبتدأ وقوله (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) خبره محذوف العائد اى ان كل منهم فَحَقَّ عِقابِ اى ثبت ووقع على كل منهم عقابى الذي كانت توجبه جناياتهم من اصناف العقوبات المفصلة فى مواقعها وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ الاشارة الى كفار مكة بهؤلاء تحقير لشأنهم وتهوين لامرهم وما ينتظر هؤلاء الكفرة الذين هم أمثال أولئك الطوائف المذكورة المهلكة فى الكفر والتكذيب إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً هى النفخة الثانية اى ليس بينهم وبين حلول ما أعد لهم من العقاب الفظيع الاهى حيث أخرت عقوبتهم الى الآخرة لما ان تعذيبهم بالاستئصال حسبما يستحقونه والنبي عليه السلام بين أظهرهم خارج عن السنة الالهية المبنية على الحكم الباهرة كما نطق به قوله تعالى (وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ثم ان الانتظار يحتمل ان يكون حقيقة او استهزاء فهم وان كانوا ليسوا بمنتظرين لان تأتيهم الصيحة الا انهم جعلوا منتظرين لها تنبيها على قربها منهم فان الرجل انما ينتظر الشيء ويمد طرفه اليه مترقبا فى كل آن حضوره إذا كان الشيء فى غاية القرب منه ما لَها مِنْ فَواقٍ اى ما للصيحة من توقف مقدار فواق ففيه تقدير مضاف هو صفة لموصوف مقدر. والفواق بالضم كغراب ويفتح كما فى القاموس ما بين حلبتى الحالب من الوقت لان الناقة تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لا درار اللبن ثم تحلب ثانية يعنى إذا جاء وقت الصيحة لم تستأخر هذا القدر من الزمان كقوله تعالى (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً) وهو عبارة عن الزمان اليسير وفى الحديث (من اعتكف قدر فواق فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل) وفى الحديث (من قاتل فى سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة) وفى الآيتين اشارة الى تسلية قلب النبي عليه السلام وتصفيته عن الاهتمام بكفار مكة لئلا يضيق قلبه من تكذيبهم ولا يحزن عليهم لكفرهم فان هؤلاء الأحزاب كذبوا الرسل كما كذبه قومه وكانوا أقوياء متكثرين عددا وقومه جندا قليلا من تلك المتحزبين ثم انهم كانوا مظهر القهر وحطب نار الغضب ما اغنى عنهم جمعهم وقوتهم أبدانا وكثرتهم أسبابا فكذا حال قريش فانتظارهم ايضا اثر من آثار القهر الإلهي ونار من نيران الغضب القهارى وَقالُوا بطريق الاستهزاء والسخرية عند سماعهم بتأخير عقابهم الى الآخرة والقائل النضر بن الحرث بن علقمة بن كندة الخزاعي واضرابه وكان النضر من شياطينهم ونزل فى شأنه فى القرآن بضع عشرة آية وهو الذي قال (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) رَبَّنا وتصدير دعائهم بالنداء للامعان فى الاستهزاء كأنهم يدعون ذلك بكمال الرغبة والابتهال عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ القط القطعة من الشيء من قطه إذا قطعه والمراد هنا القسط والنصيب لانه قطعه من الشيء مفرزة قال الراغب اصل القط الشيء المقطوع عرضا كما ان القدّ هو المقطوع طولا والقط النصيب المفروض كأنه قط وافرز وقد فسر ابن عباس رضى الله عنهما الآية به انتهى. فالمعنى عجل لنا قسطنا وحظنا من العذاب الذي توعدنا به محمد ولا تؤخره الى يوم الحساب الذي مبدأه الصيحة المذكورة ويقال لصحيفة(8/10)
اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17)
الجائزة ايضا قط لانها قطعة من القرطاس. فالمعنى عجل لنا صحيفة اعمالنا لننظر فيها قال سهل ابن عبد الله التستري رحمه الله لا يتمنى الموت الا ثلاثة رجل جاهل بما بعد الموت او رجل يفر من أقدار الله عليه او مشتاق محب لقاء الله وفيه اشارة الى ان النفوس الخبيثة السفلية يميل طبعها الى السفليات وهى فى الدنيا لذائذ الشهوات الحيوانية وفى الآخرة دركات أسفل سافلين جهنم كما ان القلوب العلوية اللطيفة يميل طبعها الى العلويات وهى فى الدنيا حلاوة الطاعة ولذاذة القربات وفى الآخرة درجات أعلى عليين الجنات وكما ان الأرواح القدسية تشتاق بخصوصيتها الى شواهد الحق ومشاهدات أنوار الجمال والجلال ولكل من هؤلاء الأصناف جذبة بالخاصية جاذبة بلا اختيار كجذبة المغناطيس للحديد وميلان طبع الحديد الى المغناطيس من غير اختيار بل باضطرار كذا فى التأويلات النجمية: وفى المثنوى
ذره ذره كاندرين ارض وسماست ... جنس خود را همچوكاه وكهرباست
اصْبِرْ يا محمد عَلى ما يَقُولُونَ اى ما يقوله كفار قريش من المقالات الباطلة التي من جملتها قولهم فى تعجيل العذاب ربنا عجل لنا إلخ فعن قريب سينزل الله نصرك ويعطيهم سؤلهم قال شاه الكرماني الصبر ثلاثة أشياء ترك الشكوى وصدق الرضى وقبول القضاء بحلاوة القلب قال البقلى كان خاطر النبي عليه السلام ارق من ماء السماء بل الطف من نور العرش والكرسي من كثرة ما ورد عليه من نور الحق فلكمال جلاله فى المعرفة كان لا يحتمل مقالة المنكرين وسخرية المستهزئين لا انه لم يكن صابرا فى مقام العبودية وَاذْكُرْ من الذكر القلبي اى وتذكر عَبْدَنا المخصوص بعنايتنا القديمة داوُدَ ابن ايشا من سبط يهودا بن يعقوب عليه السلام بينه وبين موسى عليه السلام خمسمائة وتسع وستون سنة وقام بشريعة موسى وعاش مائة سنة ذَا الْأَيْدِ يقال آد يئيد ايدا مثل باع يبيع بيعا اشتد وقوى. والأيد القوة كما فى القاموس والقوة الشديدة كما فى المفردات اى ذا القوة فى الدين القائم بمشاقه وتكاليفه وفى الكواشي ويجوز ان يراد القوة فى الجسد والدين انتهى واعلم انه تعالى ذكر اولا قوة داود فى امر الدين ثم زلته بحسب القضاء الأزلي ثم توبته بحسب العناية السابقة وامره عليه السلام بتذكر حاله وقوته فى باب الطاعة ليتقوى على الصبر ولا يزل عن مقام استقامته وتمكينه كما زل قدم داود فظهرت المناسبة بين المسندين واتضح وجه عطف واذكر على اصبر إِنَّهُ أَوَّابٌ من الأوب وهو الرجوع اى رجاع الى الله ومرضاته اى عن كل ما يكره الله الى ما يحب الله وهو تعليل لكونه ذا الأيد ودليل على ان المراد به القوة فى امر الدين وما يتعلق بالعبادة لا قوة البدن لان كونه راجعا الى مرضاة الله لا يستلزم كونه قوى البدن وقد روى انه لم يكن جسيما كسائر الأنبياء بل قصير القامة واكثر القوى البدنية كان فيمن زاده الله بسطة فى جسمه وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى كماليته فى العبودية بانه لم يكن عبد الدنيا ولا عبد الآخرة وانما كان عبدنا خالصا مخلصا وله قوة فى العبودية ظاهرا وباطنا. فاما قوته ظاهرا فبانه قتل جالوت وكثيرا من جنوده بثلاثة أحجار رماها عليهم. واما قوته فى الباطن فلانه كان اوابا وقد سرت اوابيته فى الجبال والطير فكانت تؤوب(8/11)
إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18)
معه انتهى. ومن قوة عبادة داود كان يصوم يوما ويفطر يوما وذلك أشد الصوم وكان ينام النصف الاول من الليل ويقوم النصف الأخير منه مع سياسة الملك وفى بعض التفاسير كان ينام النصف الاول من الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وهو الموافق لما فى المشارق من قوله عليه السلام (أحب الصيام الى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما وأحب الصلاة الى الله) اى فى النوافل (صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه) وانما صار هذا النوع أحب لان النفس إذا نامت الثلثين من الليل تكون أخف وانشط فى العبادة إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ بيان لفضله مع داود اى ذللناها ومع متعلق بالتسخير وايثارها على اللام لكون تسخير الجبال له عليه السلام لم يكن بطريق تفويض التصرف فيها اليه كتسخير الريح وغيرها لسليمان عليه السلام لكون سيرها معه بطريق التبعية له فتكون مع على حالها ويجوز ان تكون مع متعلقة بما بعدها وهو قوله يُسَبِّحْنَ اى حال كونها تقدس الله تعالى مع داود لم يقل مسبحات للدلالة على تجدد التسبيح حالا بعد حال قال فى كشف الاسرار كان داود يسمع ويفهم تسبيح الجبال على وجه تخصيصه به كرامة له ومعجزة انتهى واختلفوا فى كيفية التسبيح فقيل بصوت يتمثل له وهو بعيد وقيل بلسان الحال وهو ابعد وقيل بخلق الله فى جسم الجبل حياة وعقلا وقدرة ونطقا فحينئذ يسبح الله كما يسبح الاحياء العقلاء وهذا لسان اهل الظاهر واما عند اهل الحقيقة فسر الحياة سار فى جميع الموجودات حيوانا او نباتا او جمادا فالحياة فى الكل حقيقة لا عارضية او حالية او تمثيلية لكن انما يدركها كمل المكاشفين فتسبيح الجبال مع داود على حقيقته لكن لما كان على كيفية مخصوصة وسماعه على وجه غريب خارج عن العقول كان من معجزات داود عليه السلام وكراماته وقد سبق مرارا تحقيق هذا المقام بما لا مزيد عليه من الكلام بِالْعَشِيِّ فى آخر النهار وَالْإِشْراقِ فى أول النهار ووقت الاشراق هو حين تشرق الشمس اى تضيئ ويصفو شعاعها وهو وقت الضحى واما شروقها فطلوعها يقال شرقت الشمس ولما تشرق وعن ابن عباس رضى الله عنهما كنت امر بهذه الآية لا أدرى ما هى حتى حدثتنى أم هانى بنت ابى طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم فتح مكة فدعا بوضوء فتوضأ وفى البخاري واغتسل فى بيتها ثم صلا الضحى ثمانى ركعات وقال (يا أم هانى هذه صلاة الاشراق) ومن هنا قال بعضهم من دخل مكة وأراد ان يصلى الضحى أول يوم اغتسل وصلاها كما فعله عليه السلام يوم فتح مكة وقال بعضهم صلاة الضحى غير صلاة الاشراق كما دل عليه قوله عليه السلام (من صلى الفجر بجماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان له كاجر حجة وعمرة تامة تامة) وهى صلاة الاشراق كما فى شرح المصابيح وقوله عليه السلام (صلاة الأوابين حين تدمض الفصال من الضحى) والمعنى أن صلاة الضحى تصلى إذا وجد الفصيل حر الشمس من الرمضاء اى من الأرض التي اشتد حرها من شدة وقع الشمس عليها فان الرمض شدة وقع الشمس على الرمل وغيره والفصيل الذي يفصل ويفطم عن الرضاع من الإبل وخص الفصال هنا بالذكر لانها التي ترمض لرقة جلد رجلها وفيه اشارة الى مدحهم بصلاة الضحى فى الوقت الموصوف(8/12)
وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19)
لان الحر إذا اشتد عند ارتفاع الشمس تميل النفوس الى الاستراحة فيرد على قلوب الأوابين المستأنسين بذكر الله تعالى ان ينقطعوا عن كل مطلوب سواه يقول الفقير يمكن التوفيق بين الروايتين بوجهين. الاول يحتمل ان يكون الاشراق من أشرق القول إذا دخلوا فى الشروق اى الطلوع فلا يدل على الضحى الذي هو الوقت المتوسط بين طلوع الشمس وزوالها. والثاني ان أول وقت صلاة الاشراق هو ان ترتفع الشمس قدر رمح وآخر وقتها هو أول وقت صلاة الضحى فصلاة الضحى فى الغداة بإزاء صلاة العصر فى العشى فلا ينبغى ان تصلى حتى تبيض الشمس طالعة ويرتفع كدرها بالكلية وتشرق بنورها كما يصلى العصر إذا اصفرت الشمس فقوله عليه السلام (هذه صلاة الاشراق) اما بمعنى انها اشراق بالنسبة الى آخر وقتها واما بمعنى انها ضحى باعتبار أول وقتها قال الشيخ عبد الرحمن البسطامي قدس سره فى ترويح القلوب يصلى اربع ركعات بنية صلاة الاشراق فقد وردت السنة يقرأ فى الركعة الاولى بعد الفاتحة سورة والشمس وضحاها وفى الثانية والليل إذا يغشى وفى الثالثة والضحى وفى الرابعة ألم نشرح لك ثم إذا حان وقت صلاة الضحى وهو إذا انتصف الوقت من صلاة الصبح الى الظهر يصلى صلاة الضحى. واقل صلاة الضحى ركعتان او اربع ركعات او اكثر الى ثنتى عشرة ركعة ولم ينقل أزيد منها بثلاث تسليمات وان شئت بست تسليمات ورد فى فضلها اخبار كثيرة من صلاها ركعتين فقد ادى ما عليه من شكر الأعضاء لان الصلاة عمل بجميع الأعضاء التي فى البدن ومن صلاها ثنتى عشرة ركعة بنى له قصر من ذهب فى الجنة وللجنة باب يقال له الضحى فاذا كان يوم القيامة نادى مناد اين الذين كانوا يدومون على صلاة الضحى هذا بابكم فادخلوه برحمة الله عز وجل وَالطَّيْرَ عطف على الجبال جمع طائر كركب وراكب وهو كل ذى جناح يسبح فى الهواء مَحْشُورَةً حال من الطير والعامل سخرنا اى وسخرنا الطير حال كونها محشورة مجموعة اليه من كل جانب وناحية: وبالفارسية [جمع كرده شد نزد وى وصف زده بالاى سروى] وكانت الملائكة تحشر اليه ما امتنع عليه منها كما فى كشف الاسرار عن ابن عباس رضى الله عنهما كان إذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح واجتمعت اليه الطير فسبحت وذلك حشرها وانما لم يراع المطابقة بين الحالين بان يقال يحشرن لان الحشر جملة ادل على القدرة منه متدرجا كما يفهم من لفظ المضارع كُلٌّ اى كل واحد من الجبال والطير لَهُ اى لاجل داود اى لاجل تسبيحه فهو على حذف المضاف أَوَّابٌ رجاع الى التسبيح إذا سبح سبحت الجبال والطير معه: وبالفارسية [باز كرداننده آواز خود با وى بتسبيح] ووضع الأواب موضع المسبح لانها كانت ترجع التسبيح والمرجع رجاع لانه يرجع الى فعله رجوعا بعد رجوع. والفرق بينه وبين ما قبله وهو يسبحن. ان يسبحن يدل على الموافقة فى التسبيح وهذا يدل على المداومة عليها وقيل الضمير لله اى كل من داود والجبال والطير لله أواب اى مسبح مرجع لله. التسبيح والترجيع بالفارسية [نغمت كردانيدن]- روى- ان الله تعالى لم يعط أحدا من خلقه ما اعطى داود من حسن الصوت فلما وصل الى الجبال الحان داود تحركت من لذة السماع فوافقته فى الذكر والتسبيح ولما سمعت الطيور نغماته صفرت بصفير التنزيه والتقديس ولما(8/13)
وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (20) وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24)
أصغت الوحوش الى صوته ودنت منه حتى كانت تؤخذ بأعناقها فقبل الكل فيض المعرفة والحالة بحسب الاستعداد ألا ترى الى الهدهد والبلبل والقمري والحمامة ونحوها
دانى چهـ كفت مرا آن بلبل سحرى ... تو خود چهـ آدمي كز عشق بيخبرى
اشتر بشعر عرب در حالتست وطرب ... كر ذوق نيست ترا كژ طبع جانورى
فالتأثر والحركة والبكاء ونحوها ليست من خواص الإنسان فقط بل إذا نظرت بنظر الحقيقة وجدتها فى الحيوانات بل فى الجمادات ايضا لكونها احياء بالحياة الحقيقية كما أشير اليه فيما سبق قال الكاشفى [يكى از أوليا سنكى را ديد كه چون قطرات باران آب ازو ميچكد ساعتى توقف كرد بتأمل در ان نكريست سنك با وى بسخن در آمد كه اى ولى خدا چندين سالست كه خداى تعالى مرا آفريده واز بيم سياست او أشك حسرت ميريزم آن ولى مناجات كرد كه خدايا اين سنك را ايمن كردان دعاى او باجابت پيوسته مژده أمان بدان سنك رسيد آن ولى بعد از مدتى ديكر باره همانجا رسيد وآن سنك را ديد كه از نوبت أول بيشتر قطرها ميريخت فرمود كه اى سنك چون ايمن شدى اين كريه از چيست جواب داد كه أول مى كريستم از خوف عقوبت وحالا ميكريم از شادى أمن وسلامت
از سنك كريه بين ومكو آن ترشحست ... در كوه ناله بين ومپندار كان صداست
قال بعض كبار المكاشفين سبحت الجبال وكذا الطير لتسبيح داود ليكون له عملها لان تسبيحها لما كان لتسبيحه منتشأ منه لا جرم يكون ثوابه عائدا اليه لا إليها لعدم استحقاقها لذلك بخلاف الإنسان فانه إذا وافقه انسان آخر فى ذكره وتسبيحه او عمل بقوله يكون له مثل ثواب ذكره وتسبيحه لاحيائه وايقاظه فهو صيده وأحق به وانما كان يسبح الجبال والطير لتسبيحه لانه لما قوى توجهه عليه السلام بروحه الى معنى التسبيح والتحميد سرى ذلك الى أعضائه وقواه فانها مظاهر روحه ومنها الى الجبال والطير فانها صور أعضائه وقواه فى الخارج فلا جرم يسبحن لتسبيحه وتعود فائدة تسبيحها اليه وخاصية العشى والاشراق ان فيهما زيادة ظهور أنوار قدرته وآثار بركة عظمته وان وقت الضحى وقت صحو اهل السكر من خمار شهود المقامات المحمودة وان العشى وقت اقبال المصلين الى المناجاة وعرض الحاجات وَشَدَدْنا مُلْكَهُ قوينا ملكه بالهيبة والنصرة ونحوهما قال الكاشفى [ومحكم كرديم پادشاهى ويرا بدعاى مظلومان. يا بوزراى نصيحت كنندكان. يا بكوتاه كردن ظلم از رعيت. يا بالقاى رعب وى در دل أعادي. يا بيافتن زره وساختن آلات حرب. يا به بسيارى لشكر. يا بكثرت پاسپانان چهـ هر شب سى وشش هزار مرد پاس خانه وى ميداشتند] وقيل كان أربعون الف لابسى درع يحرسونه فاذا أصبح قيل ارجعوا فقد رضى عنكم نبى الله وكان نبينا عليه السلام يحرس ايضا الى نزول قوله تعالى (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) ومن ذلك أخذ السلاطين الحرس فى السفر والحضر فلا يزالون يحرسونهم فى الليالى ولهم اجر فى ذلك وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه ادعى رجل على آخر بقرة وعجز عن اقامة البينة فاوحى الله تعالى الى داود عليه السلام ان اقتل المدعى عليه فاعلم الرجل فقال صدقت يا نبى الله ان الله لم يأخذنى بهذا(8/14)
الذنب ولكن بانى قتلت أبا هذا غيلة فقتله فقال الناس ان أذنب أحد ذنبا أظهره الله عليه فقتله فهابوه وعظمت هيبته فى القلوب. والغيلة بالكسر هو ان يخدع شخصا فيذهب به الى موضع فاذا صار اليه قتله وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ اى العلم بالأشياء على ماهى عليه والعمل بمقتضاه ان كان متعلقا بكيفية العمل واعلم ان الحكمة نوعان. أحدهما الحكمة المنطوق بها وهى علم الشريعة والطريقة. والثاني الحكمة المسكوت عنها وهى اسرار الحقيقة التي لا يطلع عليها عوام العلماء على ما ينبغى فيضرهم او يهلكهم كما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجتاز فى بعض سكك المدينة مع أصحابه فاقسمت عليه امرأة ان يدخلوا منزلها فدخلوا فرأوا نارا موقدة وأولاد المرأة يلعبون حولها فقالت يا نبى الله الله ارحم بعباده أم انا با ولادى فقال عليه السلام (بل الله ارحم فانه ارحم الراحمين) فقالت يا رسول الله أتراني أحب ان القى ولدي فى النار فقال (لا) فقالت فكيف يلقى الله عبيده فيها وهو ارحم بهم قال الراوي فبكى رسول الله عليه السلام فقال (هكذا اوحى الى) وَفَصْلَ الْخِطابِ لبيان تلك الحكمة على الوجه المفهم كما فى شرح الفصوص للمولى الجامى رحمه الله فيكون بمعنى الخطاب الفاصل اى المميز والمبين او الخطاب المفصول اى الكلام الملخص الذي ينبه المخاطب
على المرام من غير التباس وفى شرح الجندي يعنى الإفصاح بحقيقة الأمر وقطع القضايا والاحكام باليقين من غير ارتياب ولا شك ولا توقف فيكون بمعنى فصل الخصام بتمييز الحق من الباطل فالفصل على حقيقته وأريد بالخطاب المخاصمة لاشتمالها عليه وفى التأويلات النجمية (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) فى الظاهر بان جعلناه أشد ملوك الأرض (وَ) فى الباطن بان (آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) والحكمة هى انواع المعارف من المواهب وفصل الخطاب بيان تلك المعارف با دل دليل واتل قليل انتهى وانما سمى به اما بعد لانه يفصل المقصود عما سبق تمهيدا له من الحمد والصلاة وقال زياد أول من قال فى كلامه اما بعد داود عليه السلام فهو فصل الخطاب ورد بانه لم يثبت عنه انه تكلم بغير لغته واما بعد لفظة عربية وفصل الخطاب الذي أوتيه داود هو فصل الخصومة كما فى انسان العيون اللهم الا ان يقال ان صح هذا القول لم يكن ذلك بالعربية على هذا النظم وانما كان بلسانه عليه السلام وقال علىّ رضى الله عنه فصل الخطاب ان يطلب البينة من المدعى ويكلف اليمين من أنكر لان كلام الخصوم لا ينقطع ولا ينفصل الا بهذا الحكم قالوا كان قبل ذلك قد علق الله سلسلة من السماء وامره بان يقضى بها بين الناس فمن كان على الحق يأخذ السلسلة وتصل يده إليها ومن كان ظالما لا يقدر على أخذ السلسلة فاتفق ان رجلا غصب من رجل آخر لؤلؤا فجعل اللؤلؤ فى جوف عصاه ثم خاصم المدعى الى داود عليه السلام فقال ان هذا قد أخذ لؤلؤا وانى صادق فى مقالتى فجاء وأخذ السلسلة ثم قال المدعى عليه خذ منى العصا فاخذ عصاه فقال انى دفعت اللؤلؤ اليه وانى صادق فى مقالتى فجاء وأخذ السلسلة فتحير داود فى ذلك ورفعت السلسلة وامر عليه السلام بان يقضى بالبينات والايمان فذلك قوله (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) يعنى العلم والفهم وفصل الخطاب يعنى القضاء بالبينات والايمان على الطالبين والمدعى عليهم كذا فى تفسير الامام ابى الليث رحمه الله وكان(8/15)
وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23)
الحكم فى شرعنا ايضا بذلك لانه اسدّ الطرق واحسن الوسائل فى كل مسئلة من المسائل لكل سائل وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ استفهام معناه التعجب والتشويق الى استماع ما فى حيزه للايذان بانه من الاخبار البديعة التي حقها ان لا تخفى على أحد. والنبأ الخبر العظيم والخصم بمعنى المخاصم واصل المخاصمة ان يتعلق كل واحد بخصم الآخر بالضم اى جانبه ولما كان الخصم فى الأصل مصدرا متساويا افراده وجمعه اطلق على الجمع فى قوله تعالى إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ يقال تسور المكان إذا علا سوره وسور المدينة حائطها المشتمل عليها وقد يطلق على حائط مرتفع وهو المراد هنا. والمراد من المحراب البيت الذي كان داود عليه السلام يدخل فيه ويشتغل بطاعة ربه قيل كان ذلك البيت غرفة وسمى ذلك البيت محرابا لاشتماله على المحراب على طريقة تسمية الشيء بأشرف اجزائه وإذ متعلقة بمحذوف وهو التحاكم اى نبأ تحاكم الخصم إذ تسوروا المحراب اى تصعدوا سور الغرفة ونزلوا اليه. والمراد بالخصم المتسورين جبرائيل وميكائيل بمن معهما من الملائكة على صورة المدعى والمدعى عليه والشهود والمزكين من بنى آدم إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ بدل مما قبله فَفَزِعَ مِنْهُمْ الفزع انقباض ونفار يعترى الإنسان من الشيء المخيف وهو من جنس الجزع ولا يقال فزعت من الله كما يقال خفت منه وانما فزع منهم لانه كان الباب مغلقا وهو يتعبد فى البيت فنزلوا عليه بغتة من فوق اى من غير الباب على خلاف العادة وفيه اشارة الى كمال ضعف البشرية مع انه كان أقوى الأقوياء إذ فزع منهم ولعل فزع داود كان لاطلاع روحه على انه تنبيه له وعتاب فيما سلف منه كما سيأتى فلما رأوه فزعا قالُوا ازالة لفزعه لا تَخَفْ منا قال فى التأويلات النجمية يشير الى انه لا تخف من صورة أحوالنا فانا جئنا لتحكم بيننا بالحق ولكن خف من حقيقة أحوالنا فانها كشف أحوالك التي جرت بينك وبين خصمك أوريا خَصْمانِ اى نحن فريقان متخاصمان على تسمية مصاحب الخصم خصما تجوزا والحاصل انه اطلق لفظ الخصم فيما سبق على الجمع بدليل تسوروا ثم ثنى بتأويل الفريق وهم وان لم يكونوا فريقين بل شخصين اثنين بدليل ان هذا أخي الآية لكن جعل مصاحب الخصم خصما فكانا بمن معهما فريقين من الخصوم فحصل الانطباق بين صيغة التثنية فى قوله خصمان وبين ما مر من ارادة الجمع بَغى [ستم وجور كرد] بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ هو على الفرض وقصد التعريض بداود لا على تحقيق البغي من أحدهما فلا يلزم الكذب إذ الملائكة منزهون عنه فلا يحتاج الى ما قيل ان المتخاصمين كانا لصين دخلا عليه للسرقة فلما رآهما اخترعا الدعوى كما فى شرح المقاصد فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ بالعدل: وبالفارسية [پس حكم كن در ميان ما براستى] وَلا تُشْطِطْ [الاشطاط: پيدا كردن واز حد در كذشتن] من الشطط وهو مجاوزة الحد وتخطى الحق. والمعنى لا تجر فى الحكومة وهو تأكيد للامر بالحكم بالحق والمقصود من الأمر والنهى الاستعطاف وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ الى وسط طريق الحق بزجر الباغي عما سلكه من طريق الجور وإرشاده الى منهاج العدل إِنَّ هذا استئناف لبيان ما فيه الخصومة أَخِي فى الدين او فى الصحبة(8/16)
قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24)
والتعرض لذلك تمهيد لبيان كمال قبح ما فعل به صاحبه لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ قرأ حفص عن عاصم ولى بفتح الياء والباقون بإسكانها على الأصل نَعْجَةٌ واحِدَةٌ النعجة هى الأنثى من الضأن وقد يكنى بها عن المرأة والكناية والتعريض ابلغ فى المقصود وهو التوبيخ فان حصول العلم بالمعرض به يحتاج الى تأمل فاذا تأمله واتضح قبحه كان ذلك أوقع فى نفسه واجلب لخجالته وحيائه فَقالَ أَكْفِلْنِيها اى ملكنيها وحقيقته اجعلنى اكفلها كما اكفل ما تحت يدى والكافل هو الذي يعولها وينفق عليها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ اى غلبنى فى مخاطبته إياي محاجة بان جاء بحجاج لم اقدر على رده وعن ابن عباس رضى الله عنهما كان أعز منى وأقوى على مخاطبتى لانه كان الملك فالمعنى كان اقدر على الخطاب لعزة ملكه كما فى الوسيط قالَ داود بعد اعتراف المدعى عليه او على تقدير صدق المدعى والا فالمسارعة الى تصديق أحد الخصمين قبل سماع كلام الآخر لا وجه له وفى الحديث (إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض لاحدهما حتى تسمع من الآخر) لَقَدْ ظَلَمَكَ جواب قسم محذوف قصد به عليه السلام المبالغة فى انكار فعل صاحبه وتهجن طعمه فى نعجة من ليس له غيرها مع ان له قطيعا منها بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ السؤال مصدر مضاف الى مفعوله وتعديته الى مفعول آخر بالى لتضمنه معنى الاضافة والضم كأنه قيل بضم نعجتك الى نعاجه على وجه السؤال والطلب وفى هذا اشارة الى ان الظلم فى الحقيقة من شيم النفوس فان وجدت ذا عفة فالعلة كما قال يوسف (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي) الآية فالنفوس جبلت على الظلم والبغي وسائر الصفات الذميمة ولو كانت نفوس الأنبياء عليهم السلام كذا فى التأويلات النجمية يقول الفقير هذا بالنسبة الى اصل النفوس وحقيقتها وإلا فنفوس الأنبياء مطمئنة لا امارة إذ لم يظهر فيهم الا آثار المطمئنة وهى أول مراتب سلوكهم وقد أشار الشيخ الى الجواب بقوله فان وجدت إلخ فاعرف ذلك فانه من مزالق الاقدام وقد سبق التحقيق فيه فى سورة يوسف ثم قال داود عليه السلام حملا للنعجة على حقيقتها لا على كونها مستعارة للمرأة وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ اى الشركاء الذين خلطوا أموالهم جمع خليط كظريف والخلطة الشركة وقد غلبت فى الماشية لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ اى ليتعدى غير مراعى لحق الصحبة والشركة: يعنى [از حق خود زياده مى طلبند] إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ منهم فانهم يجتنبون عن البغي والعدوان وَقَلِيلٌ ما هُمْ وهم قليل فهم مبتدأ وقليل خبره قدم عليه للاهتمال به وانما أفرد تشبيها بفعيل بمعنى مفعول وما مزيدة لتأكيد القلة او للابهام او التعجب من قلة الموصوفين بالايمان وصالح العمل وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ الظن مستعار للعلم الاستدلالي لما بينهما من المشابهة. يعنى ان الظن الغالب لما كان يقارب العلم استعير له فالظن يقين لكنه ليس بيقين عيان فلا يقال فيه الا العلم. وما فى انما كافة والمعنى وعلم داود بما جرى فى مجلس الحكومة انما فعلنا به الفتنة والامتحان لا غير بتوجيه الحصر الى نفس الفعل بالقياس الى ما يغايره من الافعال فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ اثر ما علم ان ما صدر عنه ذنب كما استغفر آدم عليه السلام بقوله ربنا ظلمنا أنفسنا إلخ وموسى عليه السلام بقوله تبت إليك وغيرهما من الأنبياء(8/17)
فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (25) يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)
الكرام على ما بين فى موضعه وَخَرَّ سقط حال كونه راكِعاً اى ساجدا على تسمية السجود ركوعالانه مبدأه لانه لا يكون ساجدا حتى يركع وفى كل من الركوع والسجود التحنى والخضوع وبه استشهد ابو حنيفة وأصحابه فى سجدة التلاوة على ان الركوع يقوم مقام السجود او خرّ للسجود راكعا اى مصليا إطلاقا للجزء وارادة لكل كأنه احرم بركعتى الاستغفار والدليل على الاول اى على ان الركوع هاهنا بمعنى السجود ما رواه ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه السلام كان يقول فى سجدة ص وسجدة الشكر (اللهم اكتب لى عندك بها اجرا واجعلها لى عندك ذخرا وضع عنى بها وزرا واقبلها منى كما قبلت من عبدك داود سجدته) وَأَنابَ اى رجوع الى الله تعالى بالتوبة من جميع المخالفات التي هى الزلات وما كان من قبيل ترك الاولى والأفضل لان حسنات الأبرار سيآت المقربين وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه السلام سجد فى ص (وقال سجدها داود توبة ونسجدها شكرا) وهذه السجدة من عزائم السجود عند ابى حنيفة ومالك رحهما الله وكل منهما على أصله فابو حنيفة يقول هى واجبة ومالك هى فضيلة وعند الشافعي واحمد سجدة شكر. تستحب فى غير الصلاة فلو سجد بها فى الصلاة بطلت عندهما كما فى فتح الرحمن وقال الكاشفى [اين سجده نزد امام أعظم سجده عزيمت است وميكويد بتلاوت وى سجده بايد كرد در نماز وغير نماز ونزد امام شافعى از عزائم نيست واز امام احمد درين سجده دو روايتست واين سجده دهم است بقول امام أعظم ودر فتوحات مكيه اين را سجده انابت كفته وفرموده كه] يقال لها سجدة الشكر فى حضرة الأنوار لان داود سجدها شكرا فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ اى ما استغفر منه وكان ذلك فى شهر ذى الحجة كما فى بحر العلوم- وروى- انه عليه السلام بقي فى سجوده أربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه الا لصلاة مكتوبة او لما لا بد منه ولا يرقأ دمعه حتى نبت منه العشب حول رأسه ولم يشرب ماء الا ثلثاه دمع وجهد نفسه راغبا الى الله فى العفو عنه حتى كاد يهلك واشتغل بذلك عن الملك حتى وثب ابن له يقال له ايشا على ملكه فاجتمع اليه اهل الزيغ من بنى إسرائيل فلما نزلت توبته بعد الأربعين وغفر له حاربه فهزمه وقد قال نبينا عليه السلام (إذا بويع لخليفتين) اى لأحدهما اولا وللآخر بعده (فاقتلوا الآخر منهما) لانه كالباغى هذا إذا لم يندفع الا بقتله وَإِنَّ لَهُ اى داود عِنْدَنا لَزُلْفى لقربة وكرامة بعد المنفرة كما وقع لآدم عليه السلام. والزلفى القربة والازلاف التقريب والازدلاف الاقتراب ومنه سميت المزدلفة لقربها من الموقف وعن مالك بن دينار فى قوله (وَإِنَّ لَهُ) إلخ يقول الله تعالى لداود عليه السلام وهو قائم بساق العرش يا داود مجدنى بذلك الصوت الرخيم اللين فيقول كيف وقد سلبتنيه فى الدنيا فيقول انى أرده عليك فيرفع داود صوته بالزبور فيستفرغ نعيم اهل الجنة كما فى الوسيط وَحُسْنَ مَآبٍ حسن مرجع فى الجنة وفى كشف الاسرار هو الجنة يعنى الجنة هى مآب الأنبياء والأولياء واصل هذه القصة ان داود عليه السلام رأى امرأة رجل يقال له أوريا بن حنانا ويقال لها بنشاوع او بنشاويع بنت شايع فمال قلبه إليها وابتلى بعشقها وحبها من غير اختيار منه كما ابتلى نبينا عليه السلام بزينب رضى الله عنها لما رآها يوما حتى قال يا مقلب القلوب فسأله داود ان يطلقها فاستحيى ان يرده ففعل فتزوجها وهى(8/18)
أم سليمان عليه السلام وكان ذلك جائزا فى شريعته معتادا فيما بين أمته غير مخل بالمروءة حيث كان يسأل بعضهم بعضا ان ينزل عن امرأته فيتزوجها إذا أعجبته خلا انه عليه السلام لعظم منزلته وارتفاع مرتبته وعلو شانه نبه بالتمثيل على انه لم يكن ينبغى له ان يتعاطى ما يتعاطاه آحاد أمته ويسأل رجلا ليس له الا امرأة واحدة ان ينزل عنها فيتزوجها مع كثرة نسائه بل كان يجب عليه ان يصبر على ما امتحن به كما صبر نبينا عليه السلام حتى كان طالب الطلاق هو زوج زينب وهو زيد المذكور فى سورة الأحزاب لا هو عليه السلام اى لم يكن هو عليه السلام طالب الطلاق قال البقلى عشق داود عليه السلام
لعروس من عرائس الحق حين تجلى الحق منها له فانه كان عاشق الحق فسلاه بواسطة من وسائطه وهذه القصة تسلية لقلب نبينا عليه الصلاة والسلام حيث أوقع الله فى قلبه محبة زينب فضاق صدره فقال سبحانه (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) وفرح بذلك وزادله محبة الله والشوق الى لقائه قال ابو سعيد الخراز قدس سره زلات الأنبياء فى الظاهر زلات وفى الحقيقة كرامات وزلف ألا ترى الى قصة داود حين احسن باوائل امره كيف استغفر وتضرع ورجع فكان له بذلك عنده زلفى وحسن مآب صدق ابو سعيد فيما قال لان بلاء الأنبياء والأولياء لا ينقص اصطفائيتهم بل يزيدهم شرفا على شرفهم وذلك لان مقام الخلافة مظهر الجمال والجلال فيتحقق بتجليات الجلال بالافتتان والابتلاء وفى ذلك ترق له كما قال فى التأويلات النجمية ان من شأن النبي والولي ان يحكم كل واحد منهم بين الخصوم بالحق كما ورد الشرع به بتوفيق الله وان الواجب عليهم ان يحكموا على أنفسهم بالحق كما يحكمون على غيرهم كما قال تعالى (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) فلما تنبه داود انه ما حكم على نفسه بالحق كما حكم على غيره استغفر ورجع الى ربه متضرعا خاشعا باكيا بقية العمر معتذرا عما جرى عليه فتقبل الله منه ورحم عليه وعفا عنه كما قال (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) اى لقربة بكل تضرع وخضوع وخشوع وبكاء وانين وحنين وتأوّه صدر منه (وَ) له بهذه المراجعات (حُسْنَ مَآبٍ) عندنا انتهى وفى الحديث (اوحى الله تعالى الى داود يا داود قل للعاصين ان يسمعونى ضجيج أصواتهم فانى أحب ان اسمع ضجيج العاصين إذا تابوا الىّ يا داود لن يتضرع المتضرعون الى من هو أكرم منى ولا يسأل السائلون أعظم منى جودا وما من عبد يطيعنى الا وانا معطيه قبل ان يسألنى ومستجيب له قبل ان يدعونى وغافر له قبل ان يستغفرنى) وقد أنكر القاضي عياض ما نقله المؤرخون والمفسرون فى هذه القصة وو هى قولهم فيها ونقل عن ابن عباس وابن مسعود رضى الله عنهم انهما قالا ما زاد داود على ان قال للرجل انزل لى عن امرأتك وأكفلنيها فعاتبه الله على ذلك ونبه عليه وأنكر عليه شغله بالدنيا قال وهذا هو الذي ينبغى ان يعول عليه من امره- وحكى- بعضهم ان أوريا كان خطب تلك المرأة: يعنى [أوريا آن زن را خطبه كرده بود او را بخواسته واز قوم وى اجابت يافته ودل بر وى نهاده «فاما عقد نكاح» هنوز نرفته بود «فلما غاب أوريا» يعنى بغزا رفت] وكان من غزاة البلقاء ثم خطبها داود فزوجت منه لجلال قدره فاغتم لذلك أوريا فعاتبه الله على ذلك فكان ذنبه ان خطب على خطبة أخيه المسلم مع عدم احتياجه لانه(8/19)
يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)
كانت تحت نكاحه وقتئذ تسع وتسعون امرأة ولم يكن لاوريا غير من خطبها يقول الفقير دل نظم القرآن على الرواية فقوله (أَكْفِلْنِيها) دل على انها كانت تحت نكاح أوريا وايضا دل لفظ (الْخَصْمِ) على ان أوريا بصدد الخصام ولا يكون بهذا الصدد الا بكونها تحت نكاحه مطلوبة منه بغير حسن رضاه وصفاء قلبه ومجرد جواز استنزال الرجل عن امرأته فى شريعتهم لا يستلزم جواز الجبر فلما طلقها أوريا استحياء من داود بقيت الخصومة بينه وبين داود إذ كان كالجبر كما دل (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) فكان السائل العزيز الغالب فهاتان الروايتان أصح ما ينقل فى هذه القصة فانهم وان أكثروا القول فيها لكن الأنبياء منزهون عما يشين بكمالهم او لا يزين بجمالهم خصوصا عما يقوله القصاص من حديث قتل أوريا وسببية داود فى ذلك بتزوج امرأته ولذلك قال على رضى الله عنه من حدث بحديث داود عليه السلام على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين وذلك حد الفرية على الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين وفى الفتوحات المكية فى الباب السابع والخمسين بعد المائة ينبغى للواعظ ان يراغب الله فى وعظه ويجتنب عن عن كل ما كان فيه تجر على انتهاك الحرمات مما ذكره المؤرخون عن اليهود من ذكر زلات الأنبياء كداود ويوسف عليهما السلام مع كون الحق اثنى عليهم واصطفاهم ثم الداهية العظمى ان يجعل ذلك فى تفسير القرآن ويقول قال المفسرون كذا وكذا مع كون ذلك كله تأويلات فاسدة بأسانيد واهية عن قوم غضب الله عليهم وقالوا فى الله ما قصه الله علينا فى كتابه وكل واعظ ذكر ذلك فى مجلسه مقته الله وملائكته لكونه ذكر لمن فى قلبه مرض من العصاة حجة يحتج بها ويقول إذا كان مثل الأنبياء وقع فى مثل ذلك فأى شىء انا فعلم ان الواجب على الواعظ ذكر الله وما فيه تعظيمه وتعظيم رسله وعلماء أمته وترغيب الناس فى الجنة وتحذيرهم من النار واهوال الموقف بين يدى الله تعالى فيكون مجلسه كله رحمة انتهى كلام الفتوحات على صاحبه أعلى التجليات قال الشيخ الشعراني قدس سره فى الكبريت الأحمر وكذلك لا ينبغى له ان يحقق المناط فى نحو قوله تعالى (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ولا نحو قوله (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) وقوله (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ) فان العامة إذا سمعوا مثل ذلك استهانوا بالصحابة ثم احتجوا بأفعالهم انتهى كلامه قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين رضى الله عنه وحكاياته وما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم فانه يهيج بغض الصحابة والطعن فيهم وهم اعلام الدين وما وقع بينهم من المنازعات فيحمل على محامل صحيحة فلعل ذلك الخطأ فى الاجتهاد لا لطلب الرياسة او الدنيا كما لا يخفى انتهى والحاصل ان معاصى الخواص ليست كمعاصى غيرهم بان يقعوا فيها بحكم الشهوة الطبيعية وانما تكون معاصيهم بالخطأ فى التأويل فاذا اظهر الله لهم فساد ذلك التأويل الذي أداهم الى ذلك الفعل حكموا على أنفسهم بالعصيان وتابوا ورجعوا الى حكم العزيز المنان يا داوُدُ اى فغفر ناله ذلك وقلنا له يا داود إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ الخلافة النيابة عن الغير اما لغيبة المنوب عنه واما لموته واما لعجزه واما لتشريف المستخلف وعلى هذا الوجه الأخير استخلف الله أولياءه فى الأرض إذ الوجوه الاول محال فى حق(8/20)